×
☰ فهرست و مشخصات
تهذيب اللغة12

الجزء الثاني عشر

الجزء الثاني عشر
 [تتمة كتاب حرف الضاد]
 [تتمة كتاب الثلاثي الصحيح من حرف الضاد]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
 (أبواب) الضاد و الدال‏
ض د ت- ض د ظ- ض د ذ- ض د ث:
مهملات.
ض د ر
استعمل من وجوهه: [رضد].
رضد:
قرأتُ في «نوادر الأعراب»: رَضَدْتُ المتاعَ فارتَضد، و رَضَمتُه فارتضم: إذا نَضَدّته. قالوا: و رَضَمْتُه فارتضم: إذا كَسَرته فانكسر.
ض د ل‏
. مهمل.
ض د ن:
استعمل من وجوهه: [نضد، ضدن‏].
ضدن:
أما ضَدَن فإن اللّيثَ أهمله.
و قال ابنُ دُريد: ضَدَنْتُ الشي‏ء ضَدْناً: إذا أصلحْتَه وَ سهلتَه، لغة يمانيّة، تفرّد به.
نضد:
قال الليث: يقال: نَضَد و ضَمَد: إذا جَمع و ضَمّ. و نَضَد الشي‏ءَ بعضَه إلى بعض مُتّسِقاً، أو بعضَه على بعضٍ.
و النَّضَدُ: الاسم، و هو من حُرّ المتَاع، يُنَضَّدُ بعضُه فوق بعض، و ذلك الموضعُ يُسمّى نَضَداً.
الحَرّانيُّ عن ابن السِّكّيت، قال: النَّضَدُ:
مصدر نَضَدْتُ المتاعَ أنضِده نضْداً.
و النَّضَدُ: متاعُ البيت، و الجميع أنضاد.
قال النابغة:
خَلَّتْ سبيلَ أَتِيٍّ كان يَحبِسُه             و رَفّعَتْه إلى السِّجْفيْن فالنَّضَدِ
و
في الحديث: «أن الوَحْيَ احتبس أيّاماً فلمّا نزل استبطأه النبيُّ صلّى اللّه عليه و سلّم فذكر أن احتباسه كان لكلب تحت نَضَد لهم»
. قالَ الليث: النَّضَدُ: السّريرُ في بيت النابغة، و هو غلط، إنما النَّضَدُ ما فسّره ابن السكّيت، و هو بمعنى المنضود. قال اللّه جلّ و عزّ: وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ (29)
 [الواقعة: 29]، و قال في موضع آخر:
... لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ
 [قَ: 10].
قال الفَرّاء: يعني الكُفُرَّى ما دام في أكمامه فهو نضيد، و معناهُ منضودٌ بعضُه فوقَ بعض، فإذا خَرج من أكمامه فليس بنَضِيد.
و قال غيره في قوله: وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ (29)
هو الذي نُضِد بالحَمْل من أوله إلى آخره أو بالوَرَق ليس دونَه سُوقٌ بارزة.
و قيل في قوله: «إن الكَلبَ كان تحتَ نَضَدٍ لهم»، أي: أنه كان تحت مِشْجَب‏

5
تهذيب اللغة12

نضد ص 5

نُضّدت عليه الثيابُ و الأثاثُ. و سُمّيَ السّريرُ نَضَداً لأنَّ النَّضدَ عليه.
أبو عبيد عن الأصمعي قال: النَّضَدُ: هم الأعمامُ و الأخوالُ، قال الأعشى:
فقوْمُك إنْ يَضمنُوا جارةً             و كانوا بموضع أنْضادِها
أراد أنهم كانوا بموضع ذوِي شرفِها.
و أما قول رؤبة يصف جيشاً:
إذا تدانَى لم يُفَرَّج أَجَمُه             يُرْجِف أَنْضادَ الجبالِ هَزَمُه‏
فإن أنضادَ الجبالِ ما تراصَفَ من حجارتها بعضها فوق بعض.
ض د ف‏
أهمله اللّيْث.
ضفد:
و قال ابن شُمَيل: المُضْفَئِدُّ من الناس و الإبل: المُنْزَوِي الجلد، البَطِينُ البادِن.
و قال الأصمعيُّ: اضْفَأَدَّ الرَّجلُ يَضْفَئِدُّ اضْفِئْداداً: إذا انتفَخَ من الغضب.
ض د ب:
مهمل الوجوه.
ض د م‏
استعمل من وجوهه: [ضمد].
ضمد:
قال الليث: ضَمَدْتُ رأسه بالضِّماد:
و هي خِرقَةٌ تُلَفُّ على الرأس عند الادّهان و الغَسْل و نحو ذلك. و قد يُوضع الضِّمادُ على الرأس للصُّداع يُضَمَّد به. قال:
و المَضْدُ لغةٌ يمانيةٌ. و
في حديث طلحة:
 «أنه ضَمَد عينَه بالصبر».
قال شمِر: يقال: ضمَدْتُ الجُرْح: إذا جَعلتَ عليه الدواء. و قال: ضَمّدْتُه بالزَّعْفران و الصبر، أي: لطَخْتُه، و ضمّدتُ رأسَه: إذا لَفَفْتَه بخرقة.
و يقال: ضَمِد الدّمُ عليه، أي: يَبِس و قَرِتَ. و أقرأَنا ابن الأعرابي للنابغة:
* و ما هُرِيق على غَرِيّك الضَّمَدُ*
و فسره فقال: الضّمَدُ الذي ضُمِّد بالدم.
و قال الغَنَوِيّ: يقال: ضَمِد الدمُ على حلْق الشاة: إذا ذُبحت فسال الدمُ و يَبِس على جِلدها.
و يقال: رأيت على الدابة ضمْداً من الدّم و هو الذي قَرَتَ عليه و جَفّ. و لا يقال:
الضَّمَدُ إلا على الدابة، لأنه يجي‏ء منه فيَجْمُد عليه.
قال: و الغَرِيُّ في بيت النابغة مُشَبَّهٌ بالدابة.
و قال أبو مالك: اضْمُدْ عليك ثيابك، أي: شُدّها. و أَجِدْ ضَمْدَ هذا العِدْل.
و قال ابن هانى‏ء: هذا ضِمَادٌ، و هو الدواء الذي يُضَمّدُ به الجرح، و جمعهُ ضَمائد.
الحرّاني عن ابن السكيت: ضَمَدْتُ الجرحَ و غيرَه أضْمِدُه ضَمْداً. قال:
و الضَّمْدُ أيضاً: رَطْبُ النَّبْت و يابِسُه: إذا اختَلطا. يقال: الإبلُ تأكل من ضَمْد

6
تهذيب اللغة12

ضمد ص 6

الوادي، أي: من رَطْبِه و يابسه.
و يقال: أُعْطيك من ضَمْد هذه الغنم، أي: من صغيرتِها و كبيرتها، و دقيقِها و جَلِيلها.
و قد أَضْمَدَ العَرْفَجُ: إذا تَجَوّفَتْه الخُوصة و لم تَبْدُر منه، أي: كانت في جوفه.
و يقال: ضَمِدَ عليه يَضْمَد ضَمَداً: إذا غَضِبت عليه.
قال أبو يوسف: و سمعت منتعجاً الكلابيّ و أبا مَهْدِيّ يقولان: الضَّمَدُ: الغابرُ الباقي من الحق؛ تقول: لنا عند بني فلان ضَمَدٌ، أي: غابرٌ من حقّ، من مَعْقُلَة أو دَيْن. قال: و الضَّمَدُ: أن تُخالّ المرأةُ ذاتُ الزّوج رجلًا غير زوجها أو رجلين؛ حكاه عن أبي عمرو، و أنشد:
لا يُخْلِصُ الدهرَ خليلٌ عَشْراً             ذات الضِّماد أو يَزُورَ القبْرَا
إني رأيتُ الضَّمْدَ شيئاً نُكْراً
قال: لا يدوم رجلٌ على امرأته، و لا امرأةٌ على زوجها إلّا قَدْرَ عَشْرِ ليالٍ للغَدْر في الناس في هذا العام، لأنه رأَى الناس كذلك في ذلك العام فوصف ما رأَى.
و قال أبو ذُؤَيْب:
أرَدْتِ لَكَيْمَا تَضْمُدِيني و صاحِبي             ألا لا أحِبِّي صاحِبي و دَعِيني‏
قال: و الضَّمَدُ: بفتح الميم في الأصل و اللسان الحقد. يقال: ضَمِد عليه يَضمِد في الأصل و اللسان ضَمَداً، قال النابغة:
و من عصاكَ فعاقِبْه معاقبةً             تنهي الظَّلومَ و لا تَقْعد على ضَمَدِ
سلمةُ عن الفراء قال: الضِّماد: أن تصادق المرأةُ اثنين أو ثلاثةً في القَحْط لتأكُلَ عند هذا و هذا لتَشْبَع، و اللّه أعلم.
 (أبواب) الضاد و التاء
ض ت ظ- ت ذ- ض ت ث- ض ت ر- ض ت ل:
مهملات.
ض ت ن‏
 [نتض‏]:
قال الليث: يقال: نَتَض المحارُ نَتُوضاً: إذا خرج به داءٌ فأثار القُوَباءَ ثم تقشَّر طرائق بعضها من بعض. قال:
و أَنْتَضَ العُرْجون و هو شي‏ء طويل من الكَمْأَة يَنْقشر أعاليه، و هو ينتض عن نفسِه كما ننتض الكَمْأَةُ الكَمْأَةَ، و السنُّ السنَّ إذا خرجتْ فرفعتْها عن نفسها؛ لم يجي‏ء إلّا هذا.
قلت: هذا صحيح، و قد سمعتُ نحواً منه من العَرَب.
و قال أبو زيد: من مُعاياة العرب قولُهم:
ضأنٌ بذِي تُنَاتِضَهُ تقطع رَدْغَةَ الماء بعَنَقٍ و إرخاء. قال: يسكِّنُون الرَّدْغة في هذه الكلمة وحدها.
ض ت ف، ض ت ب، ض ت م:
مهملات.

7
تهذيب اللغة12

ض ت ف 7

و أهملت [الضاد مع الظاء و] الضاد مع الذال إلى آخر الحروف.
 (أبواب) الضاد و الثاء
ض ث ر- ض ث ل- ض ث ن- ض ث ف:
مهملات.
ض ث ب‏
استعمل من وجوهه: [ضبث‏].
ضبث:
قال الليث: الضَّبْثُ: قَبضك بكفِّك على الشي‏ء. و الناقةُ الضَّبُوث: التي يُشَكّ في سِمَنها و هُزالها حتى تُضبثَ باليد؛ أي: تُجَسّ باليد. و قال ابن شُميْل:
الضَّبْثَةُ من سِمات الإبل إِنما هي حَلْقَةٌ ثم لها خطوطٌ من وَرائها و قُدّامها، يقال:
بعير مَضْبُوثٌ، و به الضَّبْثَة و قد ضَبَثه ضَبْثاً، و يكون الضَّبْث في الفخذ في عُرْضها.
أبو عبيد عن الكِسائي: الضَّبْثُ: الضَّربُ، و قد ضُبِث به.
و قال شَمِر: ضَبَث به: إذا قَبَض عليه و أَخَذَه، و رَجل ضُبَاثيّ: شديدُ الضَّبْثة، أي القبضة، و أَسَدٌ ضُبَاثيٌّ. و قال رؤبة:
* و كم تخطّتْ من ضُبَاثيٍّ أضِمْ*
ض ث م‏
ضثم:
قال اللّيث: الضَّيْثَم: اسمٌ من أسماء الأسَد، فَيْعَل من ضَثَم.
قلت: لم أسمَع ضَيْثَم في أسماء الأسد بالياء، و قد سمعتُ ضَبْثَم بالباء، و الميم زائدة، أصله مِنَ الضَّبْث، و هو القَبْض على الشي‏ء، و هذا هو الصحيح. و اللّه أعلم.
 (أبواب) الضاد و الراء
ض ر ل:
مهمل.
ض ر ن:
استعمل منه: [نضر، رضن‏].
نضر:
روَيْنا عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «نَضَّر اللّه عبداً سَمِعَ مَقالتي فوَعاها، ثم أدّاها إلى من لم يَسْمَعْها».
قال شَمِر: رَوَى الرُّواةُ هذا الحرف بالتخفيف. قال: و رُوِي عن أبي عُبيدة بالتخفيف، و فسّره فقال: جعله اللّه ناضراً. قال: و رُوِي عن الأصمعي فيه التشديد، نضَّر اللّه وجهَه؛ و أنشد:
نَضَّر اللّه أعظُماً دَفَنُوها             بِسِجِسْتانَ طَلحةَ الطَّلَحاتِ‏
و أنشد شَمِر قولَ جرير:
* و الوجْهُ لا حَسَناً و لا مَنْضورا*
لا يكون إلّا مِن: نَضَرَه اللّه بالتخفيف، و فسّره و قال شَمِر: و سمعتُ ابن الأعرابي يقول: نَضَره اللَّهُ فَنَضر يَنْضُر، و نَضِر يَنْضَر.
و روى ثعلب عن ابن الأعرابي: نَضَر اللّه وجْهَه، و نَضِر و أنضَر، و نَضره اللّه بالتخفيف، و أَنْضر.

8
تهذيب اللغة12

نضر ص 8

و قال الفرّاء في قول اللّه جلّ و عزّ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (22)
 [القيامة: 22]، قال مُشرِقةٌ بالنعيم: قال: و قوله: تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24)
 [المطففين: 24]، قال:
بَريقُه و نَداه.
و قال الزجاج في قول اللّه تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (22) إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ (23)
 [القيامة:
22، 23] قال: نَضَرتْ بنعيم الجنة، و النَّظرِ إلى ربها جلّ و عزّ.
قلتُ: و معنى‏
قوله صلّى اللّه عليه و سلّم: «نضّر اللّه عبدا»
، أي: نعَّم اللّه عبداً. و النَّضرةُ: النِّعمة.
و قال أبو عُبيد: أخْضَر ناضِرٌ: معناه:
ناعم.
أبو العباس عن ابن الأعرابي قال: النّاضِرُ في جميع الألوان.
قلتُ: كأنه يُجيز أن يقال: أبيضُ ناضرٌ، و أخضرُ ناضرٌ، و أحمرُ ناضرٌ، و معناه:
الناعم الذي له بَريقٌ من رَفِيفه و نَعْمته.
و قال اللّيثُ: نَضَر اللّوْنُ و الورق و الشجرُ يَنْضُر نَضْرةً و نُضوراً و نَضارةً، و هو ناضرٌ:
حَسَنٌ. و قد نَضَر ه اللّه و أنضره.
و يقال: جارِيَةٌ غَضّةٌ نضرةٌ، و غلامٌ غَضٌّ نضِير. و قد أنْضر الشجرُ: إذا اخضَرّ ورقُه؛ و ربما صار النَّضْر نعتاً، يقال:
شي‏ءٌ نَضْرٌ و نَضير و ناضر. و يقال: أخضرُ ناضِر، كما يقال: أبيضُ ناصِعٌ.
أبو عبيد: النّضِيرُ: الذّهَب.
و قال الأعشى:
إذا جُرِّدتْ يوماً حسِبْت خَمِيصةً             عليها و جِرْيالَ النَّضيرِ الدُّلامصا
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: النَّضْرةُ: السَّبيكةُ من الذّهَب. و النَّضْرة: نعيمُ الوجه.
ابن شُمَيل عن أبي الهُذَيل: نَضر اللّه وجهَه، و نَضر وجهُه سواء.
أبو عمرو: و هو النُّضار و النَّضْر و النَّضِير للذهب. و
في حديث إبراهيم: لا بأسَ أن يشرب في قَدَح النُّضار.
قال شَمِر: قال بعضهم: معنى النضار هذه الأقداحُ الحُمُر الجيشانيّة، سُمِّيت نُضاراً.
قال: و قال ابن الأعرابي: النُّضار: النَّبْع.
قال: و النُّضارُ: شجرُ الأثْل. و النُّضارُ:
الخالصُ من كل شي‏ء. و قال يحيى بن نُجيم: كلُّ أثْلٍ ينبت في جَبَل فهو نُضَار.
و قال الأعشى:
تراموْا به غَرَباً أو نُضاراً
و قال المُؤَرِّج: النُّضار من الخلاف يُدفَن خشبُه حتى يَنْضر، ثم يعمل فيكون أمكنَ لعامله في تَرْقيقه. و قال ذو الرُّمَّة:
نُقِّح جِسمي عند نُضار العُودِ             بعد اضطراب العُنُق الأُمْلُودِ
قال: نُضاره حُسْنُ عُودِه، و أنشد:
* القَوْمُ نَبْع و نُضارٌ و عُشَرْ*
و زعم أن النُّضار تُتَّخَذ منه الآنية التي‏

9
تهذيب اللغة12

نضر ص 8

يُشْرب فيها. قال: و هي أجوَدُ العِيدان التي يُتَّخذ منها الأقداح.
و قال الليث: النُّضارُ: الخالصُ من جَوْهر التِّبر و الْخشب؛ و جمعه أنْضر. يقال:
قَدحٌ نُضار، يُتَّخذ من أَثْلٍ وَرْسِيّ اللَّوْن يكون بالغَوْر. قال: و ذهبٌ نُضارٌ؛ صار ههنا نعتاً. و النَّضْرُ: الذهبُ، و جمعه أنْضر. و أنشد:
كَناحِلَةٍ من زَيْنها حَلْيَ أنْضُرٍ             بغير نَدى مَن لا يُبَالي اعْتِطالها
. رضن:
قال الليث: المرْضُون: شِبْه المنْضُود من حجارة أو نحوِ ذلك، يُضَمّ بعضُها إلى بعض في بناء أو غيره. و في «نوادر الأعراب»: رُضِن على قَبْره، و ضُمِد و نُضِدَ ورُثِدَ، كلُّه واحد.
ض ر ف‏
ضفر، ضرف، فرض، [رفض‏]، رضف:
مستعملة.
ضفر:
قال الليثُ: الضفْرُ: حِقْفٌ من الرَّمْل عَرِيضٌ طويلٌ؛ و منهم من يُثَقِّل. و أنشد:
* عَرَانِكٌ من ضَفَرٍ مأْطُورِ*
أبو عُبيد عن أبي عَمرو: الضَّفْرة من الرمل: المنعقِّد بعضُه على بعض؛ و جمعه ضَفِر.
و قال الأصمعي: أَفَر و ضَفَر: إذا وَثَب في عَدْوِه و نحو ذلك.
قال أبو عمرو: و
في حديث عليّ: «أن طَلْحَة بن عُبيد اللّه نازعه في ضَفِيرة و كان عليٌّ ضَفَرها في وادٍ، و كانت إحدى عُدْوَتَي الوادي له، و الأُخرى لطلحة؛ فقال طلحة: حَمَل علَى السُّيول و أَضَرَّ بي».
قال شَمِر: قال ابنُ الأعرابي: الضَّفِيرةُ مثل المُسَنّاة المستطيلة في الأرض، فيها خَشَبٌ و حجارة؛ و منه‏
الحديث: «فقام على ضَفِير السُّدّة».
قلت: أُخِذت الضَّفيرةُ من الضَّفْر، و هو نَسجٌ قَوِيُّ الشّعر و إدخالُ بعضه في بعض معترضاً؛ و منه قيل للبِطَان المُعَرَّض: ضَفْرٌ و ضَفِير.
و يقال للذُّؤابة: ضَفِيرة: و كلُّ خصلةٍ من خُصَل الشّعرِ تُضْفَر قُواها فهي ضفيرة و جمعها ضفائر. و
في حديث أمّ سَلَمة أنها قالت للنبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم: «إني امرأة أشُدّ ضَفْرَ رأسي أ فأنقضُه للغُسْل؟» فقال: «إنما يَكفيك ثلاثُ حَثَيَاتٍ من الماء».
قال الأصمعي: الضفائر و الضمائر و الجمائر، و هي غدائر المرأة، واحدتها ضَفيرة و ضَميرة و جَميرة. و قال ابن بُزُرْج:
يقال: تضافر القومُ على فلان، و تظافروا عليه، و تظاهروا بمعنًى واحد، كلّه إذا تعاونوا و تجمّعوا عليه و تضابَرُوا عليه مثلُه.

10
تهذيب اللغة12

ضفر ص 10

قال أبو زيد: الضفيرتان للرجال دون النساء، و الغدائرُ للنساء.
ضرف:
ثَعلب عن ابن الأعرابي: الضَّرِفُ:
شجرُ التِّين، و يقال لثمرة البَلَس؛ الواحدةُ ضَرفة.
قلت: و هذا غريب.
رضف:
قال اللّيث: الرَّضْفُ: حجارةٌ على وجه الأرض قد حَمِيَتْ. و شِواءٌ مَرضوفٌ: يُشْوَى على تلك الحجارة.
و الحَمَلُ المرضوفُ: تُلْقَى تلك الحجارةُ إذا احمرت في جوفه حتى ينشوي الحَمَل.
و الرَّضْفَةُ: سِمَةٌ تُكْوَى برضفةٍ من حجارة حيثُما كانت.
و الرَّضْفُ: جِرْمُ عظامٍ في الرُّكْبة، كالأصابع المضمومة قد أخذَ بعضُها بعضاً؛ و الواحدة رَضْفَةٌ. و منهم من يُثَقِّل فيقول: رَضَفة.
أبو عُبَيد عن أبي عُبيدة: جاء فلانٌ بمُطْفِئَة الرّضْف.
و قال الليث: مُطْفِئةُ الرَّضْف: شَحْمةٌ إذا أصابت الرَّضْفَة ذابت فأخْمَدَته.
قال: و أصلُها أنها داهيةٌ أنْسَتْنا التي قبلها فأطفأتْ حرّها.
قلت: و القولُ ما قال أبو عُبَيْدة.
و قال شَمِر: قال الأصْمَعِيّ: الرَّضْفُ:
الحجارةُ المُحْماة بالنار أو الشمس؛ واحدتُها رَضْفة. قال الكُمَيْت بن زيد:
أَجِيبُوا رُقَى الآسِي النَّطَّاسِيِّ و احذَرُوا             مُطَفِّئَةَ الرَّضْفِ التي لا شِويَ لها
قال: و هي الحيّةُ التي تمُرُّ على الرّضْف فيُطْفِى‏ءُ سَمُّهُ نارَ الرّضف.
قال أبو عمرو: الرّضْفُ: حجارةٌ يُوقَد عليها حتى إذا صارت لَهَباً أُلْقِيَتْ في القِدْرِ مع اللحم فأنْضَجَتْه. و قال الكُمَيْت:
و مَرْضُوفةٍ لم تُؤْنِ في الطَّبْخ طاهياً             عَجِلتُ إلى مُحْوَرِّها حين غَرْغَرَا
و
في حديث حُذيفة أنه ذكر فِتَناً فقال:
 «أتتكم الدُّهَيْماءُ تَرْمِي بالنَّشَف، ثم التي تليها تَرْمي بالرَّضْف»
. قلت: و رأيت الأعراب يأخذون الحجارةَ فيُوقدون عليها فإذا حَمِيَت رَضَفُوا بها اللّبن الحَقِين الذي قد بَرَد. و رُبّما رَضَفُوا الماءَ للخيل إذا بَرَد الزّمان.
قال النَّضرُ في كتاب «الخيل»: و أما رَضْفُ رُكبَتَي الفرسِ فما بين الكُراع و الذّراع، و هي أعظمٌ صغارٌ مجتمعةٌ في أعلى رأسِ الذراع.
و قال شَمِر: سمعت أعرابيّاً يصف الرضائف و قال: يُعمَد إلى الْجَدْيِ فيُلْبَأُ من لبن أمّه حتى يمتلى‏ء ثم يذبح فيُزَقَّق من قِبل قفاه، ثم يُعمَد إلى حجارة فتُحرق بالنار، ثم توضع في بطنه حتى يَنْشويَ.

11
تهذيب اللغة12

رضف ص 11

و أنشد بيت الكُميت الذي كتبناه.
فرض:
قال اللّه عز و جلّ: سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَ فَرَضْناها
 [النور: 1]، و قُرى‏ء: (و فَرَّضناها) فمن خفّف أراد: ألزمناكم العملَ بما فُرِض فيها. و من شدد فعلى وجهين:
أحدهما على التكثير على معنى: إنّا فرَضنا فيها فُروضاً؛ و يكون على معنى بيّنا و فصّلنا ما فيها من الحلال و الحرام و الحدود.
و قال جلّ و عزّ: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ‏
 [التحريم: 2]، أي: بيّنها.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الفَرْضُ:
الحَزُّ في القِدْح و في الزَّنْد و في البُسْر و غيره. قال: و منه فرضُ الصلاة و غيرها إنما هو لازمٌ للعبد كلزوم الحَزّ للقِدْح.
قال: و الفَرضُ ضربٌ من التمر؛ و أنشد:
* إذا أكلتُ سمكاً و فَرْضاً*
قال: و الفَرْضُ: الهِبَة. يقال: ما أعطاني قَرضاً و لا فَرْضاً.
قال: و الفَرْضُ: القراءة. يقال: فرَضْتُ جُزئي، أي: قرأتُه.
قال: و الفَرضُ: السُّنة. فرَض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، أي: سنّ.
و قال غيره: فرض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، أي:
أوجب وجوباً لازماً. و هذا هو الظاهر.
أبو عُبَيْد: الفَرضُ: التُّرسُ.
و أنشد:
أرِقْتُ له مِثلَ لَمْعِ البَشير             قَلَّبَ بالكَفِّ فَرضاً خَفيفَا
و قال اللّه جلّ و عزّ: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ‏
 [البقرة: 197]، أي: أوجبه على نفسه بإحرامه.
و قال الليث: الفَرْضُ: جُنْدٌ يَفترِضون.
و قال الأصمعي: يقال: فرض له في العطاء يَفرِض فَرضاً. قال: و أفرض له:
إذا جعل له فريضة.
و الفَرْضُ: مصدر كلِّ شي‏ءٍ تَفْرِضه فتوجبه على إنسان بقدْرٍ معلوم؛ و الاسم الفريضة.
و قال الأصمعيّ: فَرَض مِسواكه فهو يَفرضُه فَرضاً: إذا قَرضه بأسنانه.
قال: و الفارِضُ: الضَّخْمُ من كلّ شي‏ء؛ الذَّكَر و الأنثى فيه سواء، و لا يقال:
فارضةٌ.
قال اللّه جلّ و عزّ: لا فارِضٌ وَ لا بِكْرٌ عَوانٌ‏
 [البقرة: 68].
قال الفرّاء: الفارِضُ: الهَرِمةُ، و البِكر:
الشَّابَّةُ.
و يقال من الفارض: فَرَضَتْ و فَرُضَت، و لم يُسمع بِفَرَضَ.
و قال الكسائي: الفارض: الكبيرةُ العظيمة؛ و قد فَرَضت تفرِض فُروضاً.
ثعلب عن ابن الأعرابي: الفارض:
الكبير.

12
تهذيب اللغة12

فرض ص 12

و قال أبو الهيثم: الفارضُ: المُسِنّة.
و قال الأصمعي: الفُرْضةُ: المَشْرَعةُ، و جمعُها فِراض. يقال: سقاها بالفِراض؛ أي: من فُرْضَة النهر. و الفُرْضةُ: هي الثُّلْمةُ التي تكون في النهر. و فُرضَةُ القوْس: الحَزُّ الذي يقع عليه الوَتر.
و فرضةُ الزَّنْد: الحَزُّ الذي فيه.
و أخبرني المُنْذِرِيُّ عن أبي الهيْثم أنه قال:
فرائضُ الإبل: التي تحت الثَّنِيِّ و الرُّبُع.
يقال للقَلُوص التي تكون بنتَ سنةٍ و هي تؤخذ في خمس و عشرين: فريضةٌ. و للتي تؤخذ في ست و ثلاثين و هي بنت لبون بنت سنتين: فريضةٌ. و للتي تؤخذ في سِتّ و أربعين و هي حِقّةٌ و هي بنتُ ثلاثِ سنين:
فريضةٌ، و للتي تُؤخذ في إحدى و ستين:
جَذَعَةٌ، و هي فريضتُها، و هي بنتُ أربع سنين؛ فهذه فرائضُ الإبل.
و قال غيره: سُمِّيت فريضةً لأنها فُرِضَتْ، أي: أُوجِبت في عددٍ معلوم من الإبل، فهي مَفروضةٌ و فريضة، و أُدخِلت الهاء فيها لأنها جُعلت اسماً لا نعتاً.
و قال الليثُ: لِحْيَةٌ فارضةٌ: إذا كانت ضخمةً.
و يقال: أضمر عَلَيَّ ضِفْناً فارضاً، و ضفينَةً فارضاً بغير هاءٍ، أي: عظيماً كأنه ذو فَرْض، أي: حَزّ. و قال الرّاجز:
* يا رُبَّ ذي ضِفْن عليّ فارض*
و رجالٌ فُرَّضٌ ضخام، واحدُهم فارض.
أبو عُبَيد عن أبي زيد: الفَرْض: العَطِيَّة و قد أفرضتُه إفراضاً.
ابن السِّكِّيت: يقال: ما لهم إلا الفريضتان، و هما الجَذَعةُ من الغنم، و الحِقّةُ من الإبل.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: يقال لذَكَر الخَنَافس: المُفَرَّض و الحَوّازُ و الكَبَرْتَلُ.
أبو عبَيد: يقال للرجل إذا لم يكن عليه ثوب: ما عليه فِرَاض. و قال أبو الهيثم:
معناه: ما عليه سِتر.
رفض:
قال الليث: الرَّفْضُ: تركُك الشي‏ءَ، تقول: رفَضَني فرفَضتُه. قال: و الروافض:
جنودٌ تركوا قائدَهم و انصرفوا، فكلّ طائفة منهم رافضة. و النَّسَب إليهم رافِضِيّ.
و
ذكر عُمر بن شَبَّة عن الأصمعي أنه قال:
سُمُّوا رافضةً لأنهم كانوا بايعوا زيدَ بنَ عليّ ثم قَالوا له: ابْرَأْ من الشَّيْخَيْن نُقاتلْ معك، فأبى، و قال: كانَا وزيرَيْ جَدِّي، فلا أَبرَأُ منهما، فرفَضوه و ارْفَضُّوا عنه، فسُمُّوا رافضة.
و قال ابنُ السكّيت: في القِرْبةِ رَفْضٌ من الماء، و في المَزادة رَفضٌ من الماء، و هو الماءُ القليلُ، هكذا رَفْض بسكون الفاء.
و أمّا أبو عُبَيد فإنه رَوَى عن أبي زيد أنه قال: في القِرْبة رَفَضٌ من ماء و من لَبَن مثل الجُزْعة، و قد رَفَّضْتُ فيها تَرْفيضاً.

13
تهذيب اللغة12

فرض ص 12

قال: و قال الفرّاء: الرَّفَض: الماءُ القليل.
و قال ابن السكّيت: يقال: رَفَضْتُ إبلي أَرْفِضُها رفضاً: إذا تركتَها و خلّيتَها و تركتَها تَبَدَّد في مَرعاها و تَرعَى حيث أحبّت، و لا تَثْنِيها عن وجهٍ تريده، و هي إبلٌ رافضة، و إبلٌ رافِض و إرْفاض رَفَضتْ تَرفِض، أي: ترعَى وحدَها و الراعي يُبصِرها قريباً منها أو بعيداً لا تُتعِبُه و لا يَجمعها، و قال الراجز:
سَقْياً بحيثُ يُهمَل المُعَرَّض             و حيثُ يَرْعَى وَ رَعِي و أرفِضُ‏
و قال غيره: رُمحٌ رَفيض: إذا تقصَّد و تكسَّر. و أنشد:
و وَالَى ثلاثاً و اثنتَيْن و أربعاً             و غادرَ أُخرى في قناةِ رَفِيضِ‏
و ارفَضّ الدمعُ ارفِضَاضاً: إذا تتابَع سَيَلانُه و قَطَرانه، و يقال: راعٍ و قُبَضَةٌ رُفَضَة، فالقُبَضَة. التي يسوقُها و يجمَعُها، فإذا صارت إلى الموضع الذي تحبه و تهواه تركَها ترعَى كيف شاءت، فهي إبلٌ رَفَضٌ.
و سمعتُ أعرابياً يقول: القومُ رَفَضٌ في البيوت، أراد أنهم تفرّقوا في بيوتِهم.
و الناسُ أَرفاض في السَّفر، أي: متفرِّقون و يقال: لشَرَك الطريق إذا تفرّقتْ. رِفَاضٌ.
و قال رُؤْبة:
* بالعِيسِ فوقَ الشَّرَك الرِّفَاض*
و هي أخاديدُ الجادّة المتفرِّقة. و مَرافِض الأرض: مَساقِطُها من نواحي الجبال و نحوِها الواحد مَرْفَض. و ترفَّض الشي‏ءُ:
إذا تكسَّر.
أبو عُبَيد عن الفرّاء: أَرفَض القومُ إبلَهم:
إذا أرسلوها بلا رِعاء، و قد رفَضَت الإبلُ إذا تفرّقتْ.
ض ر ب‏
ضرب، ضبر، رضب، ربض، برض، بضر: مستعملة.
ضرب:
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال:
الضَّربُ: الشكْلُ في القَدّ و الخَلْق.
الحرّانيّ عن ابن السِّكِّيت قال: الضَّربُ الصِّنف من الأشياء؛ يقال: هذا من ضَربِ ذاك، أي: من نحوه، و جمعُه ضروب. قال: و الضَّربُ: الرجلُ الخفيف اللّحم. و أنشد قَول طرَفة:
أنا الرجلُ الضَّرْب الذي تعرفونه             خَشَاشٌ كرأْسِ الحيَّة المتوقِّدِ
قال: و الضربُ: مصدر ضربتُه ضَرْباً.
و ضربْتُ في الأرض: أَبتغِي الخيرَ من الرِّزق. و قال اللّه تعالى: وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ‏
 [النساء: 101]، أي: سافرتُم.
و الضرْبُ أيضاً من المطَر: الخفيفُ.
و قال اللّه جلّ و عزّ: أَ فَنَضْرِبُ عَنْكُم‏

14
تهذيب اللغة12

ضرب ص 14

الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ (5) [الزخرف: 5]، معناه: أ فنضرب القرآنَ عنكم و لا ندعوكم إلى الإيمان به صَفْحاً، أي: معرضين عنكم. أقامَ (صَفْحاً)- و هو مَصدر- مقام صافِحين، و هذا تقريعٌ لهم و إيجابُ الحجة عليهم و إن كان لفظُه لفظَ استفهام.
و يقال: ضرَبْتُ فلاناً عن فلان، أي:
كفَفْتُه عنه، فأَضرَبَ عنه إضراباً: إذا كفّ و الأصل فيه: ضرْبُ الرجل دابّتَه أو راحلتَه عن وجهٍ نَحَاهُ: إذا صرفه عن وجهٍ يريده، و كذلك قَرَعه و أقْرَعه مثلُه.
و قال الليث: أضرَبَ فلانٌ عن الأمر فهو مُضرِب: إذا كَفَّ. و أنشد:
أصبحتُ عن طلب المعيشةِ مُضرِباً             لمَّا وثِقتُ بأن مالَكَ مالي‏
قال: و المُضرِب: المقيمُ في البيت، يقال: أضرَب فلانٌ في بيته، أي أقام فيه. و يقال: أضرَبَ خُبْزُ المَلَّة فهو مُضْرِب: إذا نَضج و آن له أن يُضرَب بالعصا. و يُنفَض عنه رمادُه و ترابُه.
و قال ذو الرُّمة يصف خُبْزةً:
و مضروبةٍ في غير ذنبٍ بريئةٍ             كسرتُ لأصحابي على عَجَلٍ كسراً
ابن السكيت: يقال: أضرب عن الأمر إضراباً. أضرب في بَيْته: إذا أقام؛ حكاها أبو زيد. قال: و سمعتُها من جماعة من الأعراب.
و قد أَضرب الرجُل الفَحل الناقةَ يُضْرِبها إضراباً، فضربها الفحلُ يَضربها ضَرْباً و ضِراباً و قد ضَرب العِرق يضرب ضرباناً وَ ضَرب في الأرض ضَرباً.
و قال اللّيث: ضَربتِ المخَاضُ: إذ شالتْ بأَذنابها، ثم ضَربتْ بها فُروجها و مَشَت؛ فهي ضَوَارِبُ.
و قال أبو زيد: ناقةٌ ضارب: و هي التي تكون ذَلُولًا، فإذا لَقِحَتْ ضربَتْ حالِبَها من قُدّامها؛ و أنشد:
* بأَبْوَالِ المخَاضِ الضَّوَارِبِ*
و قال أبو عبيدة: أراد جمع ناقةٍ ضارِب؛ روَاه ابنُ هانى‏ء.
و قال اللّيث: ضربَ يده إلى عمل كذا، و ضرب على يَدِ فلان: إذا مَنعه عن أمرٍ أَخذ فيه؛ كقولك: حَجَرَ عليه.
قال: و الطَّيْر الضَّوارب: المخترقاتُ في الأرض؛ الطالباتُ أرزاقَها.
و ضرب الدهرُ من ضربَاته، إن كان كَذَا و كذا.
و ضربَ العِرْق ضرباً و ضربَاناً: إذا آلمه.
و قال: الضَّريبةُ: كلُّ شي‏ء ضربته بسَيْفك من حَي أو ميِّت؛ و أَنشد لجرير:
و إذا هَزَزْتَ ضريبةً قطَّعتها             فضيْتَ لا كَزِماً و لا مَبْهُورا

15
تهذيب اللغة12

ضرب ص 14

و قال ابن السكيت: الضّريبة: الصُّوف أو الشَّعر يُنفش ثم يُدْرَج ليُغزَل؛ فهي ضرائبُ و الضريبةُ: الخليقة؛ يقال: خُلق الإنسانُ على ضرائب شتى، و قولُ اللّه عزّ و جلّ: فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً (11)
 [الكهف: 11]، معناه:
أَنمنَاهم. و الأصل في ذلك: أنَّ النائم لا يسمَع إذا نام، و
في الحديث «فَضَرَبَ اللّهُ عَلَى أَصْمِخَتِهِم»
، أي: ناموا فلم ينتبهوا.
و الصِّماخ: ثَقْب الأُذُن.
و يقال: ضرب البعير جهَازه: و ذلك إذا نَفَرَ فلم يَزلْ يَلتبط يَنْزُو حتى طَوَّحَ عن ظهره كلَّ ما عليه من أدَاته و حِمْله.
شمر عن ابن الأعرابي: ضُربت الأرض و جُلدت و صُفِعت، و قد ضرِب البَغْلُ و جَلِدَ و صَقِع.
قال: و أضربَ الناسُ و أُجلدوا و أُصقعوا كلّ هذا من الضّريب و الصقيع و الجليد الّذي يقعُ بالأرض.
و قال اللّيث: أَضربت السَّمائمُ الماء حتى أنشفته الأرضُ. و الرِّيحُ و البَرْد يُضرب النباتَ إضراباً، و قد ضرب النباتُ ضرباً فهو نباتٌ ضرب، أضرَّ به البَرْد.
أبو زيد: أرضٌ ضربةٌ: إذا أصابَها الجَليدُ فأحرق نباتَها. و قد ضَربت الأرضُ ضَرباً، و أَضربهَا الضّريب إضراباً.
أبو عُبيد عن الأصمعيّ: إذا صُبَّ بعضُ اللّبن على بعض فهو الضريب.
قال: و قال بعض أهل البادية: لا يكون ضريباً إلّا مِنْ عِدّةٍ من الإبل، فمنه ما يكون رَقيقاً، و منه ما يكون خاثراً.
و قال ابن أحمر:
و ما كنتُ أَخشى أن تكونَ منيّتي             ضَريبَ جلاد الشَّوْلِ خَمْطاً و صافِيا
و ذكر اللّحياني أسماءَ قِداح المَيْسر الأوّل و الثاني ثمّ قال: و الثالث الرَّقيب، و بعضُهم يسمِّيه الضَّرِيب؛ و فيه ثلاثة فُروض، و له غُنْم ثلاثة أنصباءَ إن فازَ، و عليه غُرْمُ ثلاثة أنصباء إن لم يَفُز.
و قال غيرُه: ضَريبُ القِداح هو الموكَّل بها، و أَنشدَ للكُمَيت:
و عَدَّ الرَّقيبُ خِصَالَ الضريبِ             لا عَنْ أَفَانِينَ وَكْساً قِمارَا
و يقال: فلان ضَريبُ فلان، أي: نظيرُه.
قال: و الضريبُ: الشهيد؛ و أنشد بعضُهم قَول الجميح يَمدَح قوماً:
يَدِبُّ حُمَيَّا الكأسِ فيهمْ إذا انْتَشَوْا             دَبيبَ الدُّجى وَسْطَ الضريب المُعَسّلِ‏
و قال ابن السّكيت: الضربُ: العسلُ الأبْيض الغليظ؛ يقال: قد استضرب العسلُ: إذا غَلُظَ؛ و أَنشَد:
* كأَنَّما رِيقَتُه مِسْكٌ عليه ضربُ*
و الضرَبُ: يُذكَّر و يؤنَّث، و قال الهذَلي في تأنيثه:

16
تهذيب اللغة12

ضرب ص 14

فما ضَرَبٌ بيضاءُ يأوِي مَلِيكُها             إلى طُنُفٍ أَعيَا بِرَاقٍ و نازِلِ‏
و قال الليث: الاضطرابُ: تَضرُّبُ الوَلَد في البَطْن. و يقال: اضطَرب الحَبْلُ بين القوم: إذا اختلفتْ كَلِمتُهم.
و رجلٌ مضطربُ الخَلْق: طويلٌ غيرُ شديدِ الأَسر.
و الضَّاربُ: السابح في الماء؛ و قال ذو الرُّمّة:
* كأنّني ضاربٌ في غَمْرةٍ لَجِبُ*
قال: و الضَّرْب يقع على جميع الأعمال إلّا قليلًا: ضَرْبٌ في التّجارة، و في الأرض، و في سبيل اللّه.
و الضَّريبةُ: الغَلَّة تُضرَب على العبد؛ يقال: كم ضريبةُ عبدِك في كلّ شهر.
و الضَّريبة: الصُّوفُ يُضرَب بالمِطرَق.
و الضَّرِيبة: الطبيعة؛ يقال: إنه لكَريم الضَّرائب.
و الضَّرائبُ: ضرائبُ الأَرَضين في وظائف الخَراج عليها.
و الضاربُ: الوادِي الكثيرُ الشجَر؛ يقال:
عليك بذلك الضارِب فانْزِلْه؛ و أَنشَد:
لَعمرُك إنّ البيتَ بالضارِبِ الّذي             رأيتَ و إن لَم آتِهِ ليَ شائِقُ‏
أبو العبّاس عن ابن الأعرابي: ضَرّبَتْ عَيْنُه و سَدّت و حَجَّلت، أي: غارت.
أبو عُبيد عن الأصمعيّ: الدِّيمةُ: مَطرٌ يدوم مع سكون؛ و الضَرْب فوق ذلك قليلًا.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: المَضارِبُ:
الحَيلُ في الحُروب. قال: و التّضريبُ:
تحريضُ الشُّجاع في الحَرْب؛ يقال:
ضرَبَه و حرَّضه.
قال: و المِضْرَبُ: فُسْطاطُ المَلِك.
و يقال: ضَربتْ فيه فلانةُ بِعرْقٍ ذِي أَشَبٍ:
إذا عَرَّقت فيه عِرْقَ سَوْء.
و المُضارَبَة: أن تعطِيَ إنساناً من مالِك ما يتجّر فيه، على أن يكون الرِّبْح بينكما؛ و كأنّه مأخوذٌ من الضَّرْب في الأرض لطَلَب الرِّزق، قال اللّه تعالى: وَ آخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ‏
 [المزمل: 20]، و على قياسِ هذا المعنى.
يقال للعامل: ضارِب؛ لأنّه هو الّذي يَضرِبُ في الأرض.
و جائزٌ أن يكون كلُّ واحد منهما يُضارِبُ صاحبَه، و كذلك المُقَارِض.
و قال النَّضر: المُضارِبُ: صاحبُ المال و الّذي يأخذ المالَ كلاهما مُضارِب، هذا يُضارِبُه و ذاكَ يُضارِبُه. و بساطٌ مُضَرَّبٌ:
إذا كان مَخِيطاً و فلانٌ يَضرِب المجدَ، أي: يَكسِبُه و يَطْلُبه. و قال الكُمَيت:
رَحْبُ الغِناءِ اضطرابُ المَجدِ رَغْبَتُهُ             و المجدُ أنفعُ مضروب لِمُضْطَرِب‏

17
تهذيب اللغة12

ضرب ص 14

و يقال للرّجل إذا خاف شيئاً فخَرِق في الأرض جُبْناً: قد ضَرَب بذَقَنه الأرض.
و قال الرّاعي يصف غِرْباناً، خافتْ صَقْراً:
ضَواربُ بالأَذقان مِن ذي شَكِيمَةٍ             إذا ما هَوَى كالنَّيْزَكِ المتوقِّدِ
أي: مِنْ صَقْر ذي شَكِيمة، و هو شدّةُ نفسه.
و يقال: رأيتُ ضَرْبَ نِساءٍ، أي: رأيت نساء. و قال الراعي:
و ضَرْبَ نِساءٍ لو رآهنّ ضارِبٌ             له ظُلّةٌ في قُلَّةٍ ظَلَّ رانِيَا
و قال أبو زيد: يقال: ضَرَبتُ له الأرضَ كلَّها، أي: طَلَبْته في كلّ الأرض. و يقال:
جاءَ فلانٌ يَضرِب، أي: يُسرع. و قال المُسيّب:
فإنَّ الذي كنتُم تَحذَرونْ             أَتَتْنَا عيونٌ به تَضرِبُ‏
قلتُ: و مِن هذا
قولُ عليّ رضي اللّه عنه حين ذَكَر فِتنةً. و قال: فإذا كان ذلك ضَرَب يَعسوبُ الدِّين بذَنَبه‏
، أي: أَسرَع الذَّهابَ في الأرضِ فراراً من الفِتَن؛ و أنشَدني بعضُهم:
و لكنْ يُجابُ المستغيثُ و خَيْلُهمْ             عليها كُمَاةٌ بالمنِيّة تَضرِبُ‏
أي: تُسرع. يقال: جاءنا راكبٌ يَضرِب و يُذَبِّب، أي: يُسرع.
و قال ابنُ السكّيت: يقال للنّاقة إذا كانت مَهزولةً: ما يُرِمُّ فيها مَضرَبْ. يقول: إذا كُسِر قَصَبُها لَم يُصَبْ فيه مُخّ. و يقال: ما لفِلان مَضْرَبُ عَسَلةٍ، و لا يُعرَف له مَضرِبُ عَسَلةٍ: إذا لم يكن له نَسَبٌ معروف، و لا يُعرف إعراقُه في نَسَبه.
و قال أبو عبيدة: ضَرَبَ الدهرُ بيننا، أي:
بَعَّد ما بيننا. و قال ذو الرّمة:
فإن تَضرِب الأيّامُ يا مَيَّ بينَنَا             فلا ناشِرٌ سِرّاً و لا متغيِّرُ
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: ضَرْبُ الأَرضِ: البولُ و الغائطُ في حُفَرها.
قال: و الضارب: المتحرِّك، و الضارِب:
الطويل من كلّ شي‏ء؛ و منه قوله:
* و رابَعَتْني تحتَ ليلٍ ضارِبِ*
و
في الحديث: النَّهْيُ عن ضَرْبة الغائص‏
، و هو أن يقول الغَائِصُ للتاجر: أغُوص غَوْصَةً فما أخرجتُه فهو لك بكذا؛ فيتَّفقان على ذلك، و نَهَى عنه لأنّه غَرَر، و قولُ اللّه جلّ و عزّ: وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ
 [يس: 13]. قال أبو إسحاق: معنى قوله:
وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا
: اذكر لهم مثلا.
و يقال: عِنْدي من هذا الضَّرْب، أي:
على هذا المِثال. فمعنى: اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا
: مَثِّل لَهُم مَثَلًا.
قال: و «مَثَلًا» منصوبٌ لأنّه مفعولٌ به.
و نَصَب قولَه: «أَصْحابَ الْقَرْيَةِ» لأنّه بَدَل‏

18
تهذيب اللغة12

ضرب ص 14

من قوله: «مَثَلًا»؛ كأنه قال: اذكرْ لهم أصحابَ القَرْية، أي: خَبَر أصحابَ القَرْية.
رضب:
قال الليث: الرُّضابُ: ما يَرْضُبُ الإِنسانَ مِن رِيقه؛ كأنّه يمتصّه. و إذا قَبَّل جاريتَه رَضَبَ ريقَتَها.
و قال ابن الأعرابيّ: الرُّضَابُ: فُتاتُ المِسْك. و الرَّضْب: الفِعْل. قال:
و المَراضِبُ: الأَرْياقُ العَذْبة.
و قال أيضاً: الرُّضابُ: قِطَعُ الثَّلْج و السُّكّر و البَرَد؛ قاله عُمارة بنُ عَقيل.
و الرُّضاب: لُعاب العَسَل، و هو رَغْوَتُه.
و قال اللّيث: الراضِبُ: ضَرْبٌ من السِّدْر، و الواحدة راضِبَة.
و قال أبو عمرو: رَضَبَت السماءُ و هَضَبَتْ، و مطرٌ رَاضب، أي: هاطِل.
قال الأصمعيّ: رُضاب الفَم: ما تَقطَّع من رِيقِه. و رُضاب النَّدَى: ما تَقطَّع منه على الشَّجَر، و رُضابُ المِسْك: قِطَعُه.
برض:
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: البُهمَى أوّلُ ما يَبدُو منها البارِض؛ فإذا تَحرَّك قليلًا فهو جَمِيم، و قال لَبيد:
يَلْمُجُ البارِضَ لَمْجاً فِي النَّدَى             مِن مَرابيعِ رِياضٍ و رِجَلْ‏
و قال اللّيث: يقال: بَرَض النَّباتُ يبرُض بُرُوضاً، و هو أوّل ما يُعرَف و يتناوَل منه النَّعَم.
أبو عبيد عن أبي زيد قال: إذا كانت العَطيَّة يسيرةً قلتَ: بَرَضْتُ له أبْرُض بَرْضاً. و يقال: إنّ المال لَيَتَبرَّض النّباتَ تبرُّضاً، و ذلك قبلَ أن يَطول و يكون فيه شِبَع المال، فإذا غَطَّى الأرضَ و وَفَّى فهو جَميم.
و تَبرَّضْتُ ماءَ الحِسْيِ: إذَا أخذتَه قليلًا قليلًا. و تبرَّضْتُ فلاناً: إذا أصبْتَ منه الشي‏ءَ بعد الشي‏ء و تَبلَّغْتَ به. و أمّا قولُ امرى‏ء القَيْس:
* ... فانتَحَى لليَرِيض*
فإن اليَريض بياءيْن و الراء بينهما، و هو وادٍ بعينِه. و من رَواه: البَريض بالباء قَبْلَ الرّاء فقد صَحَّف. و قولُه:
و قد كنتُ بَرّاضاً لها قبلَ وصْلها             فكيف ولَدَّتْ حَبْلها بحِباليَا
معناه: أنَّه كان يُنيلُها الشي‏ءَ بعد الشي‏ء قبل أن واصَلَتْه، فكيف و قد عَلِقْتُها الآن و عَلِقَتْني.
و البَرّاضُ بنُ قيس: أحدُ فُتَّاكِ العَرب معروفٌ، و بفتْكه بعُرْوة الرَّحّال هاجَتْ حربُ الفِجار بين كِنانة و قيسِ غَيْلان.
و قال الليث: التبرُّضُ: التبلُّغُ بالبُلْغة من العَيْش، و التطلُّبُ له من هُنا و هنا قليلًا قليلًا.
و تَبرّضتُ سَمَلَ الحَوضِ: إذا كان ماؤُه‏

19
تهذيب اللغة12

برض ص 19

قليلًا، فأخذتُه قليلًا قليلًا.
و قال الشاعر:
و في حِياض المَجْد فامتلأَتْ به             بالرّيّ بعدَ تَبرُّض الأسْمال‏
قال المبْرِض و البَرَّاض: الذي يأكل كلّ شي‏ء من مالِه و يُفْسِده.
أبو العباس عن ابن الأعرابيّ: رجل مَبْروض، و مَضْفُوهٌ و مَطْفُوهٌ و مَضْيُوفٌ و مَحْدُودٌ: إذا نَفِد ما عندَه من كثرة عَطائه.
ربض:
أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ قال:
الرَّبْضُ و الرُّبْضُ و الرَّبَضُ: الزَّوجةُ أو الأم أو الأخْت تُقرِّب ذا قرابَتِها.
قال: و يقال في مَثَل: مِنْك رَبضُك و إن كان سماراً.
قال: و الرّبَضُ: قيّم بيته.
و الرَّبَضُ: امرأةٌ تُرْبضه و يأْوِي إليها، و أنشد البيت:
جاء الشّتاءُ و لمّا اتَّخِذْ رَبضاً             يا وَيْحَ كَفِّيَ من حَفْر القَراميصِ‏
قال: و الرّبْضُ و الرُّبْض: وسَطُ الشي‏ء.
و الرَّبَضُ: حَريمُ المسجد، و قال اللَّحياني نحوه. قال: و يقال: ما ربض امرؤٌ مثلَ أخت.
أبو عبيد عن الأصمعي قال: رَبضُ الرجل، و رُبضُه امرأته.
و قال اللحياني: يقال: إنه لرُبُضٌ عن الحاجات و عن الأسفار- على فُعُل- أي: لا يخرج فيها. قال: و الرَّبض فيما قال بعضُهم: أساسُ المدينة و البناء و الرّبَض: ما حولَه من خارج.
و قال بعضهم: هما لُغَتان. قال:
و الرِّبْضَة: الجماعة من الغَنَم و الناس؛ يقال: فبها رِبْضَةٌ مِن الناس، و يقال: أتانا بتَمْرٍ مثل رُبضَة الخَروف، أي: قَدْرَ الخَروف الرابض.
و
روي عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «مثل المنافِقَ مَثلُ الشّاة بين الرَّبْضَين، إذا أتتْ هذه نطحَتْها»، و بعضُهم رواه: «بين الرَّبِيضَيْن»
، فمن قال: «بين الربضين» أراد مربضي غنمين، إِذا أتت مَربِض هذه الغنم نطحها غنمه، و إذا أتت مَرْبَض الأخرى نطحها غنمه. و من رواه: «بين الربيضين» فالرَّبَض: الغَنَمُ نفسُها، و منه قول الحارث بن حِلِّزة:
عنتا باطِلًا و ظُلْماً كما يُعْتَرُ             عن حَجْرة الرَّبِيضِ الظِّباءُ
أراد النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بهذا المَثَل قولَ اللّه جلّ ثناؤه: مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى‏ هؤُلاءِ وَ لا إِلى‏ هؤُلاءِ [النساء: 143].
و قال الليث: الرَّبيضُ: شاء برُعاتِها اجتَمعتْ في مَربِضها.
قال: و الرُّبُوضُ: مَصْدَرُ الشي‏ء الرَّابض،

20
تهذيب اللغة12

ربض ص 20

و كلّ شي‏ء يَبرُك على أربعةٍ فقد رَبَض رُبُوضاً.
و يقال: ربَضت الغنمُ، و بَركَت الإبل، و جَثَمت الطيرُ جُثُوماً. و الثَّورُ الوَحْشيّ يَربِض في كِناسه و قول العَجَّاج:
* و اعتادَ أرباضاً لها آريُّ*
أراد بالأرباض جمع رَبَض، شبّه كِناسَ الثّور بمأوَى الغَنَم.
و قال ابن الأعرابي: الرّبَضُ و المَرْبَضُ و المَرْبِض و الرّبِيض: مجتَمَع الحَوايا.
و
رُوي عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه بَعثَ الضَحّاكَ بنَ سُفيانَ إلى قومه و قال: «إذا أتيتَهمْ فارْبِض في دارِهم ظَبْياً»
، قال القُتَيْبيّ: رُوِي عن ابن الأعرابي أنه أراد: أَقِمْ في دارِهِم آمِناً لا تَبْرح، كأنّك ظبيٌ في كِناسه، قد أَمِن حَيثُ لا يَرَى إنسِيّاً.
قلت: و فيه وجهٌ آخر، و هو أنه عليه السلام أَمَرَه أن يأتيَهم كالمتوجّس لأنه بين ظَهراني الكَفَرة، فمتى رَابَه منهم رَيْبٌ نَفر عنهم شارِداً.
و
في حديث أمّ مَعْبَد «أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم لمّا قالَ عندها دَعا بإناء يُرْبِضُ الرَّهْط»
. قال أبو عبيد: معناه: أنّه يروِيهم حتى يُختِّرهم فيَناموا لكَثْرة اللبن الّذي شَرِبوه.
و قال الرّياشيّ: أربضت الشَّمسُ: إذا اشتدّ حَرُّها حتى تَربِضَ الشاةُ من شدّة الرَّمْضاء.
و قال أبو عبيد: الأَرْباضُ: حِبالُ الرَّحْل، و قال ذو الرُّمة يذكر إِبِلًا:
إذا غَرَّقَتْ أَرباضُها ثِنْي بَكَرةٍ             يتَيْماءَ لم تُصبِح رءُوماً سَلُوبُها
و قال الليث: ربَضُ البَطْن: ما وَلِيَ الأرض من البَعِير إذا بَرَك، و الجميعُ الأَرْباض، و أنشد:
* أسْلَمَتْها مَعاقِدُ الأَرْباض*
قلتُ: غَلط الليثُ في الرَّبَض و فيما احتجّ له به، فأمّا الرَّبَضُ فهو ما تَحوَّى من مَصارِين البَطْن، كذلك قال أبو عبيد، و أمّا مَعاقِدُ الأرْباض فالأرباض ههنا الحِبال، و منه قول ذي الرُّمّة:
إذا مَطَوْنا نَسُوعَ الرَّحْل مُصعَدَةً             سَلكْن أخْراتَ أرْباضِ المَدِاريجِ‏
و الأخَرات: حَلَقُ الحِبال.
و قال أبو عُبَيد: الرِّبُوضُ: الشجرة العظيمة، و قال ذو الرّمّة:
* تجوَّفَ كلَّ أرْطَاةٍ رُبُوضٍ*
و سِلسِلةٌ رَبوض: ضَخْمة، و منه قولُه:
و فالوا رَبُوضٌ ضَخْمَةٌ في جِرانِه             و أسمر من جِلْدِ الذِّراعيْن مُقْفَلُ‏
أراد بالرَّبوض: سِلسلةً أُوثِق بها، جعلها ضخمةً ثقيلةً.
و أراد الأسمَر: قِدّاً غُلَّتْ يدُه به فيَبِس عليه.

21
تهذيب اللغة12

ربض ص 20

الليث: أرنَبَةٌ رابِضةٌ: إذا كانت ملتزِقة بالوَجْه، هو من أمثالهم في الرّجُل الذي يَتعَيَّنُ الأَشيَاء فيصيبُها بعَيْنه. قولُهم: لا تقومُ لفُلان رابضة، و ذلك إذا قَتَل كلَّ شي‏ء يصيبه بعَيْنِه.
و
رُوِي عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه ذكر أشراطَ الساعة، و منها يود أن تَنْطِق الرُّوَيْبِضَة في أمور العامّة، قيل: و ما الرُّوَيْبِضَةُ يا رسولَ اللّه؟ قال: «الرجل التّافِه ينطق في أمر العامّة».
قال أبو عُبيد: و ممّا يُثبت حديثَ الرُّوَيْبِضة
الحديثُ الآخَرُ: «من أشراط الساعة أن يُرَى رِعاءُ الشاءِ رؤُوسَ النّاس».
قلتُ: الرُّوَيْبضة تصغيرُ الرابضةُ، كأنه جَعَل الرابضة راعِيَ الرَّبض، و أدخَل فيه الهاء مبالغةً في وصفه، كما يقال: رجل داهِية.
و قيل: إنه قيل للتافه من النّاس: رابِضة و رُوَيْبِضة، لرُبوضِه في بَيْته، و قلّة انبعاثِه في الأمور الجسيمة، و منه يقال: رجل رُبُض عن الحاجات و الأسفار: إذا كان يَنهَض فيها.
و قال أبو زيد: الرَّبَض: سَفِيفٌ يُجعَل مِثلَ البِطَان فيُجعل في حَقْوَيِ الناقة حتى يُحاوِزَ الوَرِكَين من الناحيتين جميعاً، و في طرَفيْه حَلَقتان يُعقَد فيهما الأنساع، ثم يُشَدّ به الرَّحْل، و جمعُه أرْباض.
أبو عُبيد عن الكسائي: الرُّبْض: وَسَطُ الشي‏ء، و الرُّبض: نواحيه. و أنكَر شَمِر أن يكون الرُّبْضُ وَسَط الشي‏ء، و قال:
الرُّبْض: ما مَسّ الأَرْض منه. و يقال للدّابة هي فَخْمة الرِّبْضة، أي: فخمة آثار المَرْبض.
ضبر:
قال الليث: ضَبَر الفَرسُ يَضْبُر ضَبْراً:
إذا عَدَا.
أبو عُبَيد عن الأصمعي و قال: إذا وَثَب الفرسُ فوقعَ مجموعة يداه لذلك الضَّبْر.
يقال: ضَبَر يضبُر.
و قال ابن الأعرابي: الضَّبْرُ جماعةٌ من القَوْم يَغْزُون على أرجُلِهم، يقال: خرج ضَبْرٌ من بني فلان، و منه قولُ ساعدَة بن جُؤيّةُ الهُذَليّ:
بينا هُمُ يوماً كذلك رَاعهُمْ             ضَبْرُ لَبُوسُهمُ الحديدُ مُؤلَّبُ‏
و يقال: فلان ذو ضَبَارة في خَلْقه: إذا كان وثيق الخَلْق، و به سُمِّيَ ضُبارَة، و ابنُ ضَبارة كان رَجُلًا من رؤساء أجناد بني أُميّة.
و
في حديث الزُّهْري «أنّه ذكر بني إسرائيل فقال: جعل اللّه عِنَبَهم الأراك، و جَوْزَهُم الضَّبْرَ و رمّانهم المَظَّ».
أبو عبيد عن الأصمعي: الضَّبْرُ: جَوْزُ البَرَّ. و المَظّ: رُمّان البَرّ.
أبو العباس عن ابن الأعرابي قال:

22
تهذيب اللغة12

ضبر ص 22

الضبْر: القَفْزُ. و الضَّبْر: الشَّدُّ. و الضَّبْر:
جمع الأجْزاء. و أنشد:
مضبورةً إلى شبا حدائدا             ضَبَرَ براطيلَ إلى جَلَامِدا
قال: و الضَّبْر الذي يُسمّيه أهلُ الحَضَر جَوزاً بواو الضَّبْر: الرَّجّالة. و المَضْبُور:
المجمّع الخَلْق الأمْلس.
و يقال للمِنْجَل: مَضْبُور.
و قال الليث: الضَّبْرُ: شِدّةُ تَلزيز العظامِ و اكتنازِ اللّحم. و جَمَلٌ مضبَّرُ الظَّهر، و أَنشد:
* مُضبَّر اللَّحْيَيْن بَسْراً مِنْهَسَا*
و
في حديث النبي صلّى اللّه عليه و سلّم «أنه ذكر قوماً يَخْرجون من النار ضَبائر»
، كأنَّها جمعُ ضِبَارَة، مثل: عمارة و عمائر. و الضَّبائر:
جماعاتُ الناس.
و يقال: رأيتهمْ ضبائر، أي: جماعاتٍ في تفرقة.
و قال ابن السكِّيت: يقال: جاء فلانٌ بإضبارَةٍ من كُتُب، و بإضْمامة من كُتب، و هي الأضابير و الأضاميم أو فلان ذُو ضَبارَةٍ: إذا كان مشدّدَ الخَلْق.
و قال الليث: إضبارَةٌ من صحف أو سِهام، أي: حُزمة. و ضِبارةٌ لغةٌ أو ضَبّرتُ الكُتب تضبيراً: جمعتُها.
قلت: و غيرُ الليث لا يجيز ضُبارةً من كُتُب، و يقول: إنما هي إضبَارَة.
و قال الليث: الضَّبْرُ: جِلْدَةٌ تُغَشَّى خَشَباً تُقَرَّبُ إلى الحصُون لقِتال أهلِها، و الجميع الضُّبُور.
قال ابن الفرج: الضِّبْن و الضِّبْر: الإبط، و أنشد:
و لا يَئوبُ مُضْمَراً قد ضَبْرِي             زادِي و قد شَوَّلَ زادُ السَّفْرِ
أي: لا أَخبأُ طعامي في السَّفَر فأَوب به إلى بَيْتي، و قد نَفِد زادُ أَصْحابي، و لكن أُطعِمُهم إياه. و معنى: شَوَّل: خَفَّ و قلَّ، كما تُشوِّل المَزَادةُ: إذا بقي فيها جُزَيْعةٌ من ماء.
بضر:
قال أبو العبّاس: قال سلمة: قال الفَرّاء: البضْر: نَوْفُ الجاريةِ قبل أن تُخْفَض.
قال: و قال المفضَّل: من العرب من يبدل الظّاءَ ضاداً، فيقول: قد اشتَكى ضَهْرِي.
و منهم من يُبدل الضّادَ ظاءاً فيقول: قد عَظّت الحرْبُ بني تَميم.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: البُضَيْرة تصغيرُ البَضْرة و هي بُطُولُ الشي‏ء، و منه قولُهم: ذهب دمُه بِضْراً مِضْراً خِضْراً، أي: هَدَراً.
و رَوَى أبو عُبَيد عن الكسائيّ: ذهب دمُه خَضِراً مَضِراً أو ذهب بِطْراً (بالطاء).

23
تهذيب اللغة12

ض ر م 24

ض ر م‏
ضرم، ضمر، رمض، رضم، مضر، مرض: مستعملات.
ضرم:
قال الليث و غيره: الضرَمُ من الحَطَب: ما الْتَهَب سريعاً، و الواحدة ضَرْمة.
و الضَّرَمُ: مصدرُ ضَرِمَت النارُ تَضرَم ضَرَماً. و ضرِم الأسدُ: إذا اشتدَّ حَرُّ جَوْفه من الجُوع، و كذلك كلُّ شي‏ء يشتدّ جوعُه من اللَّواحِم.
أبو عُبَيد عن أبي عمرو: الضَّرِم: الجائع، قال: و قال الأصمعي: ما بالدار نافخُ ضَرَمة، أي: ما بها أحد.
قلت: و الضِّرام: ما دَقّ من الحَطَب و لم يكن جَزْلًا يثقبه النارُ، الواحد ضَرَم و ضَرمة و منه قولُ الشاعر:
أَرَى خَللَ الرَمادِ وَمِيضَ جَمْرٍ             أُحاذِرُ أن يَشِبَّ له ضِرامُ‏
و يقال: أضرَمْتُ النارَ فاضْطَرَمَتْ، و ضَرَّمتُها فَضرَمَتْ و تضرّمَتْ.
و قال زهير:
* و تَضْرَ إذا ضَرَّيْتُموها فتَضرِم*
و قال الليث: الضَّرِيمُ: اسمٌ للحريق، و أَنشَد:
* شَدّاً كما تُشَيِّع الضَّريمَا*
شَبّه حَفيفَ شَدِّه بحفيف النار إذا شَيَّعْتَها بالحَطَب، أي: ألقيتَ عليها ما يُذْكيها به؛ قاله الأصمعيّ.
و قال اللّيْثُ: الضَّرَمُ: شِدّةُ العَدْو.
و يقال: فرسي ضَرِمُ العَدْوِ، و منه قولُ جرير:
* ضَرِمِ الرَّفاقِ مُناقِلِ الأَجْرالِ*
و قال أبو زيد: ضَرِمَ فلانٌ عند الطَّعام ضَرَاماً: إِذا جَدَّ في أَكْله لا يَدفَع منه شيئاً.
و يقال: ضَرِمَ عليه تَضرّم: إذا احتَدَمَ غَضَباً.
و قال ابن شُميل: المُضْطَرِم: المُغْتَلِمُ من الجِمال، تراه كأنه قد حُسْحِسَ بالنار.
و قد أضْرَمَتْه الغُلْمة.
رضم: 
أبو العبّاس عن ابن الأعرابي، يقال:
إنّ عَدْوَك لرَضَمان، أي: بطي‏ء. و إنّ أَكْلَك لَسَلَجَان، و إن قَضاءكَ لَلِيّان.
قال شَمِر: قال الأصمعي: الرِّضامُ:
صُخور عِظامٌ أمثالُ الجُزر واحدتها رَضْمة. و يقال: بنى فلان دارَه فرضم فيها الحجارة رَضْماً، و منه قيل: رَضَم البعيرُ بنفسه: إذا رَمَى بنفسِه. و قال لَبِيد:
حُفِزَت و زايلَها السَّرابُ كأنها             أجزاعُ بِيشة أَثْلُها و رِضَامُها
و قال أبو عمرو: الرِّضامُ: حِجارةٌ تجمع واحدتها رَضْمَة و رَضْم، و أَنْشَد:
* يَنْصَاحُ من جِبْلَةِ رَضْمٍ مُدَّهقْ*

24
تهذيب اللغة12

رضم ص 24

أي: من حجارةٍ مَرْضومة.
و قال شَمِر: يقال: رَضْمٌ و رَضَمٌ للحجارة المَرْضومة.
و قال رُؤبة:
* حَدِيدُه و قِطْرُهُ و رَضمُهُ*
و قال الليث: بِرْذَوْنٌ مَرْضومُ العَصَب: إذا تشنّج و صار فيه كالعَقَد، و أَنشد:
* مُبيَّن الأَمْشاشِ مَرضُوم العَصَبْ*
و قال النضر: طائِرٌ رُضمَة، و قد رَضَمت، أي: نَبَتت، و رَضَم الرجلُ في بيتِه، أي:
سَقَط و لا يَخرُج من بيته. و رَمَأَ كذلك.
و قد رَضَم يَرضِم رُضوماً. و رُضام: اسم موضع.
رمض:
قال اللّيْثُ: الرّمَضُ: حَرُّ الحجارة من شدّةِ حرّ الشمس، و الاسمُ الرّمْضاء.
و رَمِض الإنسانُ رمْضاً: إذا مَشَى على الرّمْضاء، و الأرضُ رَمِضَة.
الحرّانيُّ عن ابن السكيت: الرَمْضُ:
مصدرُ رَمَضْتُ النَّصْلَ أَرمِضُهُ رَمْضاً: إذا جعلته بين حَجَرين ثم دقَقْتَه ليَرِقَّ.
قال: و الرّمَضُ: مصدرُ رَمِض الرجلُ يَرمَض رَمَضاً: احتَرَق قدماه في شدّة الحرّ، و أَنشَد:
فهنّ معترِضاتٌ و الحَصَى رَمِضٌ             و الرِّيح ساكنةٌ و الظلُّ معتدِلُ‏
و يقال: رَمِضَت الغنمُ تَرمَض رَمَضاً: إذا رَعَتْ في شدّة الحرّ فتَحْبَن رئاتُها و أكبادُها، يُصيبها فيها قُروح.
و
في الحديث: «صَلاةُ الأوّابين إذا رَمِضَت الفِصَال»
، و هي الصلاةُ الّتي سَنّها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في وقت الضُّحى عند ارتفاع النهار.
و رَمَضُ الفِصالِ: أن تَحترِق الرّمْضاءُ، و هو الرّمل، فتَبرُك الفِصال مِن شدّة حَرّها و إحراقِها أَخفافَها و فَراسِنَها.
و يقال: رَمّض الراعِي مَواشِيه و أرمَضَها:
إذا رعاها في الرّمْضاء أو أَرْبَضَها عليها.
و
قال عمرُ بنُ الخطّاب لراعي الشاة:
عليكَ و الظَّلَفَ من الأرض لا تُرَمِّضها.
و الظَلَفُ من الأرض: المكانُ الغَليظ الّذي لا رَمْضَاءَ فيه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: المَرْموضُ:
الشِّواءُ الكَبِس. و مَررْنا على مَرْمِض شاةٍ و مَنْدَةِ شاةٍ. و قد رمضْتُ الشاةَ فأنا أُرْمِضُها رَمْضاً، و هو ألا يَسلُخها إذا ذبَحَها و يَبقُر بَطنُها، و يُخرج حُشْوتَها، ثم يُوقِدَ على الرِّضافِ حتى تحمَرَّ فتصيرَ ناراً تتّقد، ثم يَطْرَحها في جوف الشَّاة و يكسر ضلوعَها لتنطبق على الرِّضاف، و لا يزال يتابع عليها الرِّضافَ المُحْرَقة حتى يعلَم أنها قد أنْضَجَتْ لحمُها، ثم يُقشَر عنها جِلدُها الذي يُسلَخ عنها، و قد انشوَى عنها لحْمُها؛ يقال: لحمٌ مَرْمُوض، و قد رُمِض رَمْضاً. و الرّمِيض: قريبٌ من‏

25
تهذيب اللغة12

رمض ص 25

الحَنِيذ، غير أن الحَنيذ يُكْبَس ثم يُوقَد فوقَه.
أبو عُبَيد عن الكسائيّ: أتيتُ فلاناً فلم أُصِبْه فرمَّضتُ ترْمِيضاً.
قال شمر: تَرْمِيضُه أن ينتظِره ثم يَمضِي.
اللَّيث: الرمَضُ: حُرْقَةُ القَيْظ. و قد أرمضَني هذا الأمرُ فرمِضْتُ؛ قال رُؤْبة:
و من تَشَكَّى مَضْلَةَ الإِرْماضِ             أو خُلَّةً أحْرَكْتُ بالإحماضِ‏
و قال أبو عمرو: الإرْماضُ: كلُّ ما أَوْجَعَ؛ يقال: أرْمَضَني، أي: أَوْجَعَني.
و الرّمَضِيُّ من السَّحاب و المَطَر: ما كان في آخِر القَيْظ و أوّلِ الخريف؛ فالسحابُ رَمَضِيٌّ، و المطرَ رَمضي. و إنما سُمِّي رَمَضِيّاً، لأنه يُدرِك سُخونةَ الشمس و حَرَّها.
سلَمة عن الفرّاء يقال: هذا شهرُ رمضان، و هما شهرَا ربيع؛ و لا يُذكرُ الشهر مع سائر أسماءِ الشهور العربية، يقال: هذا شعبانُ قد أَقْبَل.
و قال جل و عز: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ‏
 [البقرة: 185].
و قال أبو ذُؤيب:
به أبلَتْ شَهْرَيْ رَبيعٍ كليْهِما             فقد مارَ فيها نَسْؤُها و اقْتِرَارها
و قال مُدرِكٌ الكلابيّ فيما روى ابن الفَرَج: ارْتمزَتِ الفَرَسُ بالرّجُل، و ارتَمَضَتْ به، أي: وثَبَتْ به.
مرض:
قال الليث: المريضُ معروف، و الجميع المَرْضَى.
قال: و التمريض: حُسنُ القيام على المريض. يقال: مَرَّضتُ المريضَ تمريضاً: إذا قُمتَ عليه.
و تمرِيض الأمر: أن تُوَهِّنه و لا تُحْكمه.
و يقال: قلبٌ مرِيض من العداوة و من النِّفاق.
قال اللّه تعالى: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ*
 [البقرة:
10]، أي: نِفاق.
ثعلب عن ابن الأعرابي: أصل المَرَض النُّقْصان: بَدَنٌ مرِيض: ناقِصُ القوّة.
و قلبٌ مريض: ناقصُ الدِّين.
و مَرَّض فلانٌ في حاجتي: إذا نقصَتْ حركتُه فيها.
و أخبرَني المنذِرِيّ عن بعض أصحابه أنه قال: المَرَض: إظْلامُ الطبيعة و اضطرابُها بعد صفائها و اعتدالها.
قال: و المَرَض: الظُّلَمة.
و أنشد أبو العبّاس:
و ليلةٍ مرِضَت من كل ناحية             فلا يضي‏ءُ لها شمسٌ و لا قمر
قال: مَرِضَتْ، أي: أظلَمَتْ و نقَص نُورُها.

26
تهذيب اللغة12

مرض ص 26

و قال أبو عُبيدة في قوله: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ*
 معناه: شكٌّ و نِفاق.
قال: و المرَض في القَلْب يَصلُح لكلّ ما خَرج به الإنسانُ عَن الصحّة في الدِّين.
و قال الليث: المَراضَانِ: وادِيان مُلتقاهما واحدٌ.
قلت: المَراضان و المَرَايض: مواضع في ديار تميم بين كاظمة و النَّقِيرة فيها أحْساء، و ليست من باب المَرَض، و الميم فيها ميم مَفعَل، من استراض الوادِي: إذا استنقع فيه الماء.
و يقال: أرض مريضةٌ: إذا ضاقت بأهلها، و أرض مريضة: إذا كثُر بها الهَرْج و الفِتن و القَتْل.
و قال أوسُ بن حَجَر:
ترَى الأرض مِنَّا بالفضاءِ مريضةً             مُعَضَّلةً مِنّا بجَمْع عَرَمْرَم‏
و ليلةٌ مريضةٌ: مظلمة لا تُرى فيها كواكبُها.
و قال الراعي:
و طَخْياء من لَيلِ التَّمام مريضةٍ             أجَنّ العَماءُ نجمها فهو ماصِحُ‏
و رَأْيٌ مريضٌ: فيه انحراف عن الصواب، قال الشاعر:
رأيتُ أبَا الوليد غَداةَ جَمْعٍ             به شَيْبٌ و ما فَقَد الشَّبابَا
و لكنْ تحتَ ذاكَ الشَّيبِ حَزْمٌ             إذا ما ظَنَّ أمرَض أو أصَابَا
أمرَضَ: أي: قارَبَ الصواب و إن لَم يُصِب كلَّ الصَّواب.
و يقال: أتيت فلاناً فأمرَضتُه: أي: وجدتُه مريضاً. و أمْرض بنو فلانٍ: إذا مَرِضتْ نَعَمُهُم فهم ممْرِضون.
مضر:
قال الليث: لبنٌ مضيرٌ: شديد الحموضة. قال: و يقال: إن مُضَرَ كان مُولَعاً بشُرْبه فسمِّي به.
أبو عُبَيد عن أبي زيد: الماضر: اللّبن الذي يَحذِي اللسان قبل أن يُدرك. و قد مَضر يَمضرُ مُضوراً، و كذلك النبيذ.
قال: و قال أبو البَيْداء: اسم مُضَر مشتقٌّ منه.
و قيل: سُمِّي مُضَراً لبيَاض لونِه. من مَضِيرة الطَّبِيخ.
قلتُ: و المضِيرةُ عند العرب: أن يُطبَخ اللحمُ باللَّبن البَحْت الصَّريح، الذي قد حَذَى اللسانَ حتى يَنضَج اللحمُ و تَخْثُر المَضيرة و ربّما خَلَطُوا الحليبَ بالحَقِين للمَضِيرة، و هي حينئذ أطيبُ ما تكون.
و قال الليثُ: يُقال: فلانٌ يتمَضَّر، أي:
يتعصّب لمُضَر.
أبو عُبَيْد عن الكسائيّ يقال: ذهب دمُه خَضِراً مَضِراً: إذا ذَهب هَدَراً.
و قال أبو سعيد: ذهب دمُه خِضْراً مِضْراً،

27
تهذيب اللغة12

مضر ص 27

أي: هنيئاً مريئاً.
قال: و العرب تقول: مَضّرَ اللَّهُ لك الثناء، أي: طيّبه، و تُماضِرُ اسم امرأة.
ضمر:
رُوي عن حُذيفة أنه قال في خطبته:
اليومَ مِضْمارٌ، و غداً السِّباق، و السَّابقُ مَن سَبَقَ إلى الجنّة.
قال شَمِر: أراد اليومَ العمل في الدنيا للاسْتباق إلى الجنّة؛ كالفَرس يُضَمَّر قبل أن يُسابَق عليه.
و قال الليث: الضُّمْرُ من الهُزال و لُحوق البَطْن و الفعلُ ضَمَرَ يَضمُر ضُموراً.
و قَضيبٌ ضامر، و قد انضَمَرَ: إذا ذَهب ماؤه.
قال: و المِضمار: موضعٌ تُضمَّر فيه الخيل، و تَضمِيرها أن تُعْلَف قُوتاً بعد سِمَنها.
قلتُ: و قد يكون المِضمار وقتاً للأيام التي تُضمَّر فيها الخيلُ للسباق أو للرَّكْض إلى العَدُوّ، و تضميرُها أن تُشدّ عليها سُروجُها، و تُجَلَّلَ بالأجِلَّة حتى تعرَق تحتَها فيذهَب رَهَلُها و يشتدّ لحمها، و يُحمل عليها غِلمانٌ خِفافٌ يُجرونها البردين و لا يُعَنِّفُون بها، فإذا ضُمِّرَتْ و اشتدّتْ لحومُها أُمِنَ عليها القَطْع عند حُضْرها و لم يَقْطَعْها الشَّدُّ، فذلك التَّضْمير الّذي تعرفه العرب، و يُسمونه مِضماراً و تَضْميراً.
و قال الليث: الضَمِرُ: الشي‏ء الذي تُضمِره في ضمير قَلْبِك، تقول: أضمرتُ صَرْف الحرف: إذا كان متحركاً فأسكَنْتَه.
قال: و الضَّمْرُ من الرجال: المُهَضَّم البطن، الخفيف الجسم. و امرأة ضَمْرة و قد تَضمَّر وجهُها: إذا انضمّتْ جلدتُه من الهزال.
و
رُوِي عن عمر بن عبد العزيز أنّه كتب إلى مَيْمون بن مِهران في مَظالم كانت في بيت المال أن يردَّها على أربابِها و لا يأخذ منها زكاةَ عامها، فإنّه كان مالًا ضِماراً.
قال أبو عُبيد: الضِّمارُ: هو الغائب الذي يُرْجَى، فإذا رُجِيَ فليس بِضمار؛ و قال الراعي:
طلَبْن مَزَارَه فأَصبْن منه             عطاءً لَم يكن عِدَةً ضِمارَا
و قال الأعشى:
أرَانا إذا أَضْمَرَتْكَ البِلَا             دُ تُجْفَى و تُقْطَع مِنّا الرَّحِمْ‏
أراد: إذا غيّبتْك البلادُ.
و قال الليث: الضِّمارُ من العِداتِ ما كان ذا تَسْويف، و أنشد بيتَ الراعي.
قال: و اللؤلُؤ المضطمِر: الذي فيه بعض الانضماد، و أنشد قولَ الشاعر:

28
تهذيب اللغة12

ضمر ص 28

تلأْلأَتِ الثُّرَيَّا فاستنارتْ             تلألُؤَ لؤلؤٍ فيه اضطِمارُ
قال: و الضُمْران من دِقّ الشجر.
قلت: ليس الضُّمْران من دِقّ الشجر و له هَدَبٌ كهَدَب الأرْطَى. و منه قولُ عُمَر بن لَجأ:
تحْسِبْ مُجْتَلّ الإماءِ الخُدَّم             من هَدَبِ الضُّمْران لم يحطَّمِ‏
و قال الأصمعي فيما رَوَى ابن السكّيت له أنه قال في قول النابغة:
* فهابَ ضُمران منهُ حيثُ يُوزِعُهُ*
قال: و رواه أبو عُبيدة صُمْرَانُ، و هو اسم كَلْبٍ في الروايتين معاً.
و قال الليث: الضَّيْمُران و الضَّوْمَران: نوعٌ من الرياحين.
و قال الأصمعي: الضَمِيرة و الضَّفِيرةُ:
الغَدِيرةُ من ذَوائب الرَّأْس، و جمعها ضمائر.
و قال الفرّاء: ذهبوا بِمَالِي ضِماراً مثل قِماراً؛ قال: و هو النَّسِيئةُ أيضاً.
قال: و التَّضْمير: حُسْنُ ضَفْر الضَّمِيرة و حُسْنُ دَهْنِها.
أبواب الضاد و اللّام‏
ض ل ن‏
استعمل من وجوهها: [نضل‏].
نضل:
قال الليث: يقال: نَضَل فلانٌ فلاناً:
إذا فَضلَه في مُراماة فَغَلبه. و خرجَ القومُ يَنْتَضِلون: إذا استَبقوا في رَمْي الأَغْراض.
و فلان نَضِيلِي: و هو الذي يُرَامِيه و يُسابِقه.
و يقال: فلانٌ يُناضِل عن فلان: إذا نضح عنه و دافَع. و المُناضَلةُ: المفاخَرةُ.
قال الطّرِمَّاح:
مَلِكٌ تَدِينُ له المُلو             ك و لا يُجاثيه المُناضِل‏
و انتَضَل القومُ: إذا تَفاخَروا. و قال لَبيد:
فانتضَلْنَا و ابنُ سَلْمَى قاعِدٌ             كعَتيق الطَّيْرِ يغْضَى و يُحَلُ‏
ثعلب عن ابن الأعرابي: النضَلُ و التّبديدُ:
التَّعَبُ. و قد نَضِل ينضَل نضَلًا.
و تَنضّلتُ الشي‏ءَ: إذا استخرجته.
أبو عُبيد عن الفرّاء: تنضّلتُ منهم نَضْلةً، و اجْتَلْتُ منهم جَوْلًا، معناه: الاختيار.
أبو عُبيد عن أبي عُبيدة: تَنَضَّلْتُ الشي‏ءَ أخرجتُه.
ض ل ف‏
استعمل من وجوهه: [فضل‏].
فضل:
قال الليث: الفضلُ معروف.
و الفاضِلَةُ: الاسم. و الفِضَال: اسمٌ للتفاضُل. و الفُضالة: ما فَضَل من شي‏ء.
و الفَضْلةُ: البقيّةُ من كل شي‏ء.
و الفَضِيلةُ: الدرجةُ الرفيعة في الفَضْل.

29
تهذيب اللغة12

فضل ص 29

و التّفَضُّلُ: التطول على غيرِك.
و قال اللّه جلّ و عزَّ: يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ‏
 [المؤمنون: 24]، معناه: يريد أن يكون له الفضلُ عليكم في القَدْر و المَنزِلة، و ليس من التفضُّل الذي هو بمعنى الإفضال و التطوُّل.
و قال الليث: التفضُّل: التَّوَشُّح. و رجلٌ فُضُلٌ و متفضِّل. و امرأة فُضلٌ و متفضِّلة.
و عليها ثوبٌ فُضل و هي أن تُخالِف بين طرفيه على عاتِقها و تتوشّح به.
أبو عبيد عن أبي زيد: فلانٌ حَسَنُ الفِضْلة، من التفضّل بالثوب الواحد.
قال الأصمعي: امرأة فُضلٌ في ثوبٍ واحد.
و قال الليث: الفِضالُ: الثوبُ الواحدُ يتفضَّل به الرجُل يَلبَسُه في بيته. و أنشد:
و أَلْقِ فِضَالَ الوَهْنِ عنك بوَثْبَةٍ             حَوارِيةٍ قد طالَ هذا التفضُّلُ‏
قال: و أفضلَ الرجُل على فلان: أنالَه من فضله و أحسَنَ إليه.
و أفضَل فلانٌ من الطعام و غيره: إذا تركَ منه شيئاً و رجلٌ مِفضالٌ: كثيرُ الخير و المعروف.
و يقال: فَضَلَ فلانٌ على فلان: إذا غَلَب عليه. و فَضَلْتُ الرجَل: غلبتُه. و أنشد:
شِمالُك تَفْضُل الأَيمان إلّا             يَمينَ أبيكَ نائِلُها الغَزِيرُ
ابن السكيت: فَضِل الشي‏ء يَفضَل، و فَضَل يَفضُل.
قال: و قال أبو عُبيدة: فضِل منه شي‏ء قليل؛ فإِذا قالوا يَفضُل ضموا الضاد فأَعادُوها إلى الأصل. قال: و ليس في الكلام حَرْفٌ من السالم يُشبه هذا.
قال: و زعم بعض النحويين أنه يقال:
حَضِرَ القاضي امرأَةٌ، ثم يقولون: يَحضُر.
و قال غيره: فواضِلُ المال: ما يأتيك من مَرافِقه و غَلّته.
و العرب تقول: إذا عَزَب المال قلّت فَواضِلهُ، يقول: إذا بعُدت الضَّيْعَةُ قلّت مرافِقُ صاحبها منها، و كذلك الإبل إذا عَزَبتْ قلَّ انتفاع رَبِّها بدَرِّها.
و قال الشاعر:
سَأَبْغِيكَ مالًا بالمدينة إِنني             أَرى عازِبَ الأموال قلَّتْ فَواضِلُهْ‏
و العربُ تسمِّي الخَمر فِضَالًا.
و منه قولُ الأعشى:
 و الشارِبون إِذا الذِّوارعُ أُغْلِبَتْ             صَفْوَ الفِضَال بطارفٍ و تِلادِ
و فُضُولُ الغنائم: ما فَضَل من القَسْم منها.
و قال ابن عَنمةَ:

30
تهذيب اللغة12

فضل ص 29

لَكَ المِرْباعُ منها و الصَّفايا             و حُكْمُكَ و النَّشيطةُ و الفُضولُ‏
و فَضَلاتُ الماء: بقاياه.
و التفاضُل بين القوم: أن يكون بعضُهم أفضلَ من بعض.
و رجلٌ فاضِلٌ: ذو فُضْلٍ. و رجل مَفْضول:
قد فَضَلَه غيرُه.
و
قال النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم: «شهِدتُ في دار عبدِ اللّه بن جُدْعانَ حِلْفاً لو دُعِيتُ إلى مِثلِه في الإسلام لأجبْتُ»
يعني حِلْفَ الفُضول.
و سُمِّيَ حِلْفَ الفُضول لأنّه قام به رجالٌ يقال لهم: الفَضلُ بن الحارث، و الفضلُ بنُ وَدَاعة و الفُضَيْلُ بن فَضالة؛ فقيل: حِلْف الفضول جَمْعاً لأسماء هؤلاء.
و الفُضُولُ جمعُ فَضْل، كما يقال: سَعْد و سُعود، و كان عَقَدهُ المُطَيَّبُون و هم خمس قبائل، و قد ذكرتُها في باب الحِلْفِ من كتاب الحاء.
أبو عبيد عن أبي زيد: المِفْضَلُ: الثوْبُ الذي تتفضَّل به المرأة.
ثعلب عن ابن الأعرابي: يقال للخياط:
القَرَارِيّ و الفُضُوليّ، و يقال: فُضِّل فلانٌ على غيره: إذا غُلِبَ بالفَضْل على غيره.
و الفَضْلتان: فَضْلَةُ الماءِ في المزاد، و فَضْلَة الخَمر في الرِّكوة.
ض ل ب‏
أهمله الليث.
 [ضأبل‏]:
و ذكر أبو عُبيد عن الأصمعي في باب الدواهي. جاء فلان بالضَّئبِل و النِّئطِل، و هما الداهية، و قال الكميت:
أَلَا يَفزَع الأقوامُ ممّا أَظلَّهمْ             و لمّا تَجِئْهُمْ ذاتُ وَدْقَيْنِ ضِئْبِلُ‏
و إن كانت الهمزةُ أصليَّة فالكلمة رباعيّة.
ض ل م‏
ضمل، لضم: [مستعملة].
لضم:
قال الليث: اللَّضْمُ: العُنْف و الإلحاحُ على الرّجل. يقال: لضَمْته أُلْضِمُه لَضْماً، أي: عَنُفْتُ عليه و أَلْحَمْتُ. و أنشد:
مَنَنْتَ بنائلٍ و لَضَمْتَ أُخْرَى             برَدٍّ ما كذَا فِعْلُ الكِرامِ‏
قلتُ: و لا أَعرِف اللَّضْمَ و لا هذا الشِّعر، و هو مُنْكر.
ضمل:
أهمله الليث.
و رَوَى عمْرو عن أبيه أنه قال: الضَّمِيلة:
المرأةُ الزَّمِنَةُ.
قال:
و خَطَب رجلٌ إلى معاويةَ بنتاً له عَرْجاء، فقال: إنها ضَمِيلة، فقال: إني أردتُ أن أتشرَّف بمصاهَرَتِك، لا أُرِيدها للسِّباق في الْحَلبة، فزَوَّجَه إيّاها.
أبواب الضاد و النون‏
ض ن ف‏
ضفن، نضف، نفض: مستعملة.

31
تهذيب اللغة12

ضمل ص 31

نضف:
أبو تراب عن الحُصَيْنِيّ قال:
أنضفَت الناقة و أوضَفَت: إذا خَبَّتْ.
و أَوْضَفْتُها فوضَفَت: إذا فعلت.
و قال الليث: النَّضَفُ: هو الصَعْتَر، الواحدة نَضَفَة، و أَنشَد:
ظَلَّا بأَقْرِية التُّفّاحِ يَوْمَهُما             يُنبِّشان أصولَ المَغْدِ و النَّضَفَا
أبو العباس عن ابن الأعرابي: أنضفَ الرجلُ: إذا دام على أَكْل النَّضَف، و هو الصَّعْتَر. قال: و مرّ بنا قومٌ نَضِفُون نَجِسُون؛ بمعنى واحد.
أبو عُبَيد عن الفرّاء: نَضَف الفصيلُ ضَرْعَ أمّه يَنْضِفُه و يَنْضُفُه و انتَضَفَه: إذا شَرِب جميعَ ما فيه.
ثعلب عن ابن الأعرابي: النَّضَف: إبداءُ الحُصَاص.
و قال غيرُه: رجلٌ ناضفٌ و مِنْضف، و خاضِفٌ و مِخْضَفٌ: إذا كان ضرّاطاً.
و أنشد:
* و أين موالينا الضّفافُ المنَاضِفُ*
ضفن:
أبو عُبيد عن أبي زيد: ضَفنت إلى القوم أضْفِن ضَفْناً: إذا أتيتهم حتى تجلس إليهم.
و ضَفَن الرجلُ بغائطه يَضفِن ضفناً: إذا تغوط.
و قال ابن الأعرابي: الضَّفْن: إبداء العاذر.
و قال أبو زيد: ضَفَنْتُ مع الضَّيف أضفِن ضَفْناً: إذا جئتَ معه، و هو الضَّيْفَن، و أَنشَد:
إذا جاء ضيفٌ جاء للضَّيفِ ضَيْفَنٌ             فأوْدَى بما يُقْرَى الضُّيوف الضيَّافِنُ‏
و قال شَمِر: الضَّفْنُ: ضَمُّ الرجلِ ضرعَ الشاة حين يَحلُبها.
ثعلب عن ابن الأعرابي: ضَفَنوا عليه:
مالُوا عليه و اعتمدوه بالجوْرِ. و ضَفَنْتُ إليه: إذا تَرَعْتَ إليه و أردتَه.
و قال أبو زيد: ضَفَن الرجلُ المرأةَ ضَفْناً:
إذا نَكَحها. قال: و أصلُ الضَّفْن أن يضمّ بيَدِه ضَرْعَ الناقة حين تَحلُبها.
و قال الليث: الضَّفْنُ: ضَرْبُك بظَهْرِ قَدَمِك استَ الشَّاة و نحوِها. قال: و الاضطِفانُ:
أن تَضرِب به استَ نفسِك.
أبو عُبيد عن الفرّاء قال: إذا كان الرجل أحمقَ و كان مع ذلك كثيرَ اللَّحْم ثقيلًا قيل: هو ضِفْنٌ و ضَفَنْدَد.
و قال ابن الأعرابي: هو الضِّفِنُّ و الضَّفنّ.
و قال الليث: امرأة ضِفَنّةٌ: إذا كانت رِخوةً ضخمة.
نفض:
أبو العبَّاس عن ابن الأعرابي:
النَّفْضُ: التحريكُ. و النَّفْضُ: تَبَصُّر الطّريق. و النَّفْضُ: القراءة، و يقال: فلان‏

32
تهذيب اللغة12

نفض ص 32

يَنفُض القرآنَ كلَّه ظاهراً، أي: يقرؤه.
قال: و النَفَضَى: الحَرَكة. و يقال: أخذتْه حُمَّى نافِضٍ، و حُمَّى بنافِض، و حمَّى نافِضٌ.
أبو عُبيد عن الأصمعيّ: إذا كانت الحمّى نافِضاً قيل: نفضَتْه فهو منفوض.
و قال ابن الأعرابيّ: النِّفْضُ خُرْء النَّحْل.
قال: و النُّفَاضُ: الجَدْبُ، و منه قولُهم النُّفاض يُقطِّر الجَلَب. يقول: إذا أجدَبُوا جَلَبوا الإبلَ قِطاراً قِطاراً.
و الإنفاضُ: المجَاعةُ و الحاجة. و يقال:
نفَضْنا حَلَائِبَنَا نَفْضاً، و استنفَضْناها استِنْفاضاً، و ذلك إذا استقصَوْا عليها في حَلبها فلم يَدعُوا في ضُروعها شيئاً من اللَّبن، و قال ذو الرُّمّة:
كِلَا كَفْأَتَيْها تُنْفِضان و لم يَجِد             له ثِيلَ سَقْب في النِّتاجَيْن لامِسُ‏
و يروى تُنْفَضان، و معناه: تُسْتَبْرآن، مِن قولِك: نفضْتُ المكانَ: إذا نظرتَ إلى جميع ما فيه حتى تعرفَه.
و قال زهيرٌ يصف بقرةً فقدتْ ولدَها:
و تَنفُض عنها غَيْبَ كلِّ خَميلَةٍ             و تَخشَى رُماةَ الغَوْث من كلِّ مَرْصَدِ
و من رواه تَنْفَضان أو تُنْفِضان فمعناه: أَنّ كلّ واحدةً من الكَفْأَتين تُلقِي ما في بطونها من أجِنّتها فتوجَد إناثاً ليس فيها ذكر. أراد أنها كلَّها مآنِيثُ تُنْتِج الإناثَ و ليست بمَذاكيرَ تلدِ الذُّكْران.
و استِنْفاضُ البائِلِ ذكَرَه و انتِفاضه:
استبراؤه ممّا فيه من بقيّة البَوْل.
و قال الليث: يقال: استنفَضَ ما عندَه، أي: استخرَجَه؛ و قال رُؤبة:
* صَرَّحَ مَدْحِي لك و استِنفاضِي*
ابن السكّيت قال: النَّفِيضة: الذين يَنفُضون الطَريق. و قالت الجهنية فيه:
يَرِدُ المياهُ حَضيرةً و نَفِيضةً             وِرْدَ القَطاةِ إذا اسمألَّ التُّبَّعُ‏
سَلَمة عن الفرّاء قال: حضِيرة الناس هي الجماعةُ. قال: و نَفِيضتُهم هي الجماعة.
شَمِر عن ابن الأعرابيّ: حَضِيرَةٌ يَحضُرها الناس، و نَفِيضَةٌ ليس عليها أحد.
و قال الليث: النَّفَضةُ: قوم يُبعَثون يَنفُضون الأرضَ، هل بها عدوّ أَو خوف.
الحرّاني عن ابن السكّيت قال: النَّفْض:
مصدرُ نَفضتَ الثوبَ نَفْضاً. و النَّفَض: ما وَقَع من الشي‏ء إذا نفضْتَه. و نَفَضُ العِضاةِ: خَبْطُها، و ما طاحَ من حَمْل الشجرة فهو نَفَض.
و قال الليث: النَّفَض: من قُضْبان الكَرْم بعد ما ينضُرُ الوَرَقُ و قبلَ أن يَتعلَّق حَوالِقُه و هو أغَضُّ ما يكون و أرخَصُه؛ و قد انتَفَض الكَرْمُ عند ذلك، و الواحدةُ نَفْضَة جزم و تقول: أنفضَتْ جُلَّة التَّمْر: إذا أنفضت فيها من التمر.

33
تهذيب اللغة12

نفض ص 32

و النَّفْض: أن تأخذَ بيَدِك شيئاً فتنفُضَه تزَعْزِعُه و تُتَرْتِرَه و تَنفض الترابَ عنه. قال:
و نَفَض الشجرة حين تَنتَفِضُ ثَمرتُها.
و النفَض: ما تَساقَط من غير نَفْض في أُصول الشَّجَر مِن أنواع الثمر.
قال: و نُفُوضُ الأَمْر: راشانُها، و هي فارسيَّة، إنما هي أَشرافُها.
أبو عُبَيد عن أبي عمرو: النِّفاض: إزَارٌ منْ أُزُر الصِّبْيان، و أنشد:
* جارِيةٌ بيضاءُ في نِفَاضِ*
قال شَمِر: قال ابن شُميل: إذا لُبس الثوبُ الأحمرُ أو الأصفرُ فذهب بعضُ لونِه قيل: قد نَفَضَ صِبْغُه نَفْضاً.
و قال ذو الرُّمَّة:
كسَاكَ الذي يَكْسُو المكَارِمَ حُلَّةً             من المجد لا تَبلَى بَطيئاً نُفُوضُها
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: النُّفَاضةُ:
ضُوازَةُ السِّواك و نُفاثتُه.
و قال ابن شُميل: قومٌ نَفَضٌ، أي: نَفَضُوا زادَهم. و أنفَضَ القومُ: إذا فَنِيَ زادُهم.
ض ن ب‏
نضب، نبض، ضبن: مستعملة.
نضب:
الليث: نضَب الماءُ يَنضُب نُضُوباً:
إذا ذَهب في الأرض.
و نَضَب الدَّبَرُ: إذا اشتَدّ أثَرُهُ في الظَّهر:
و نَضَبتِ المفازةُ: إذا بَعُدَتْ.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: الناضبُ:
البعيدُ، و منه قيل للماء إذا ذَهَبَ: نَضَب، أي: بَعُدَ.
و قال أبو زيد: إنّ فُلاناً لنَاضِبُ الخَيْر، أي: قليلُ الخير، و قد نَضَب خيرُه نُضوباً، و أنشد:
إذا رَأَيْن غَفْلةً من راقِبِ             يُومِين بالأعْيُنِ و الحَواجِبِ‏
* إيماءَ بَرْقٍ في عَماءٍ ناضِبِ*
أبو عُبيد: و من الأشجار التَّنَضُبُ، واحدتُها تَنْضُبَته.
قلتُ: هي شجرة ضَخْمةُ يقطَع منها العَمَد للأَخْبِية.
و قال شَمِر: نَضَّبَتِ الناقَةُ، و تَنْضِيبُها: قِلَّةُ لَبَنِها، و طولُ فُواقِها و بِطَاءُ دِرَّتِها.
نبض:
أبو عبيد عن أبي عمرو: أنْبَضْتُ القوسَ و أنضَبْتُها: إذا جذبتَ وتَرَها لتُصوِّت.
قلت: و هذا من المقلوب.
و قال الليث: نبضَ العِرْقُ يَنبِضُ نَبَضاناً، و هو تحرُّكُه؛ و ربما أنبضَتْه الحُمَّى و غيرُها من الأمْراض.
و مَنْبِضُ القَلْب: حيث تراه يَنبِض، و حيث تجد هَمْسَ نَبضاتِه.
قال: و النابض: اسم للغَضَب.
و قال النابغة في إنباض القِسِيّ:

34
تهذيب اللغة12

نبض ص 34

أنْبَضوا مَعْجِس القِسِيِّ و أَبرَقْ             نا كما تُوعِد الفُحولُ الفُحُولا
أبو عبيد عن الأحمر: ما له حَبَضٌ و لا نَبَض، أي: ما يتحرّك.
و قال الأصمعي: النَّبْضُ: التحرّك، و لا أعرف الحَبَض.
و قال الليث: المَنَابض: المنادف، و هي المحابض، و أنشد:
لُغامٌ على الخَيْشُوم بعد هِبابه             كمحلوجِ عُطْبٍ طيّرته المنابضُ
قال: و الواحد منها مِنْبَض و مِحْبَض.
ضبن:
قال الليث: الضِّبْنُ: ما تحت الإبْطِ و الكَشْح.
و تقول: اضْطَبنْتُ شيئاً، أي: حَمَلْتُه في ضِبْنِي، و رُبَّما أَخذَه بيد فرفعه إلى فُوَيْق سُرّته. قال: فأوّلُه الإبْط، ثم الضَّبْن، ثم الحَضْنُ، و أنشد:
لمّا تَغَلَّق عنه قَيْضُ بَيْضَتِه             آوَاه في ضِبْنِ مَطْنِيِّ به نَصَبُ‏
ثعلب عن ابن الأعرابي: ضُبْنَةُ الرَّجُل و ضَبْنَتُه و ضَبِنَته: خاصَّتُه و بطانَته و زافِرَتُه، و كذلك ظاهِرَتُه و ظِهَارَتُه.
و قال غيره: ضِبْنةُ الرجل: عِيالُه.
و قال اللِّحياني: يقال: ضَبَنْتَ عنّا الهَدِيَّة، أو ما كان من معروف، نَضْبِن ضَبْناً، قال: و قال الأصمعي: ضَبَنَتْ تَضْبِنُ ضَبْناً و خَضَنَتْ تخضِن خَضْناً كلُّه بمعنى واحد:
إذا كفَفْتَ و صَرَفْتَ.
عن الفراء قال: نحن في ضبينه و في حريمه و ظله و ذمته و خضارته و حضره و ذراه و حشاه و كنفه، كله بمعنى واحد.
و في «النَّوَادر»: ماءٌ ضَبْنٌ و مَضْبونٌ، و لَزْنٌ و مَلْزُون، و لَزِنٌ و ضَبِنٌ: إذا كان مَشْفُوهاً كثير الورد لا فَضْلَ فيه.
و قال الليث: الضَّوْبانُ: الحَمَل المُسِنّ القوِيُّ. و منهم من يقول: ضُوْبان، بضمّ الضاد.
و قال الشاعر:
تقَرّبْتُ ضُوباناً قد اخضرّ نابُه             فلا ناضِحِي وانٍ و لا القَرْبُ شَوّلا
قلت: من قال: ضَوْباناً، احتَمَل أن تكون النون لامَ الفِعل، و يكون على مثال فَوْعال، و من جعله فُعْلاناً جعله من ضابَ يَضُوب.
ض ن م‏
ضمن، نضم: [مستعملان‏].
أهملَ الليث: نضم.
نضم:
أبو العباس عن عمرو عن أبيه أنه قال: النَّضْمُ: الْحِنطةُ الحادِرة السَّمينة، واحدتُها نَضْمة، و هو صحيح.
ضمن:
ثعلب عن سلمة عن الفراء: ضَمِنتْ يدُه ضمانةً، بمنزلة الزمانة. و رجل‏

35
تهذيب اللغة12

ضمن ص 35

مضمون اليد: مثل مخبول اليد. و قوم ضَمْنى: أي زمنى.
أبو العبّاس عن ابن الأعرابي: فلانٌ ضامِنٌ و ضَمِين، و كافِلٌ و كَفيل. و مِثْلُها سامِنٌ و سَمِين، و ناضِر و نَضِيرٌ، و شاهِدٌ و شَهِيد.
و يقال: ضَمِنْتُ الشي‏ءَ أضمَنُه ضَماناً، فأنا ضامنٌ و هو مَضْمون.
و
في حديث عبد اللّه بن عُمَر: «و مَن اكتَتَب ضَمِناً بعثَه اللّه ضَمِناً يومَ القيامة»
. قال أبو عُبيد: قال أبو عَمْرو و الأحمر:
الضَّمِن الذي به زَمَانَةٌ في جَسَده، من بَلاءٍ أوْ كَسْر أو غيرِه، و أنشد:
ما خِلْتُني زِلْتُ بعدَكمْ ضَمِناً             أشْكُو إليكمْ حُمُوَّةَ الأَلَمِ‏
قال: و الاسمُ الضَمَن و الضَّمَان.
و قال ابن أحمر:
ليكَ إله الخَلْقِ أرفَعُ رَغْبتي             عِيَاذاً و خوفاً أن تُطيلَ ضمَانِيَا
و كان قد أصابه بعضُ ذلك، فالضَّمان هو الدّاء نفسُه.
و معنى الحديث: أن يكتبَ الرجلُ أنّ به زَمانةً ليتخلّف عن الغَزْو و لا زَمانةً به، و إنما يَفعل ذلك اعتلالًا. و معنى يكتب يسأل أن يُكتَب في جُمْلة الزّمْنَى و لا يُندَب للجهاد، و إذا أَخَذ خَطّاً من أميرِ جُنْده فقد اكتتبه.
و
في الحديث: «أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم نَهَى عن بَيْع المَلاقيح و المضامين»
. و قد مرّ تفسير الملاقيح.
و أما المضامينُ فإن أبا عُبَيد قال: هي ما في أَصْلاب الفُحول. و أنشد غيره في ذلك:
إن المَضامِين التي في الصُّلْبِ             ماءُ الفُحُولِ في الظُّهورِ الحُدْبِ‏
ثعلب عن ابن الأعرابي يقال: ما أَغنَى فلانٌ عنّي ضِمْناً، و هي الشِّسْع، أي: ما أَغْنَى عنّي شيئاً و لا قَدْرَ شِسْع.
و
في كتاب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم لأُكَيْدِرَ دُومَةِ الجَنْدَلِ: «إنّ لنا الضّاحيَةَ من الضَّحْل و البُودَ و المَعَامِيَ، و لكم الضامِنَةُ من النَّخل و المَعِين».
قال أبو عُبيد: الضّاحِية من الضَّحْل: ما ظهر و بَرَز و كان خالصاً من العِمارة.
و الضّامنة من النَّخْل: ما كان داخلًا في العِمارة.
قلت: سمّيتْ ضامِنةً لأن أربابها ضَمِنوا عمارتَها، فهي ذاتُ ضَمان، كما قال اللّه جلّ و عزَّ: فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ* [الحاقة: 21]، أي: ذات رِضاً.
و
في حديث آخر: «من ماتَ في سبيل اللّه فهو ضامِنٌ على اللّه»
، أي: هو ذو ضَمان‏

36
تهذيب اللغة12

ضمن ص 35

على اللّه. و هذا مَذهَب سيبويه و الخليل.
و قال الليث: كلّ شي‏ء أُحْرِزَ فيه شي‏ءٌ فقد ضُمِّنه. و أنشد:
* ليس لِمَن ضُمِّنَه تَرْبِيتُ*
أي: ليس للّذي يُدفَن في القبر تَرْبِيتٌ، أي: لا يُرَبّيه القَبْر.
و قال الليث: المضمَّن من الشِّعر: ما لم يتمَّ معاني قَوافيه إلا بالبيت الّذي يليه، كقول الراجز:
يا ذَا الذي في الحُبِّ يَلْحَى أمَا             و اللَّهِ لو عُلِّقْتَ منه كَما
عُلِّقْتُ من حُبِّ رَخِيمٍ لما
قال: و هي أيضاً مشطورةٌ مضمَّنة، أي:
أُلقِيَ من كلّ بيت نِصفٌ، و بُنِي على نِصف.
قال: و كذلك المضمَّن للأصوات أن تقول للإنسان: قِفْ قُلَى، بإشمام اللام إلى الحركة.
و
رُوِي عن عِكرِمة أنه قال: لا تَشترِ لبَن الغَنم و البقرِ مُضمَّناً، لأن اللّبن يزيدُ في الضَّرْع و يَنقُص، و لكن اشتره كَيْلًا مُسمًّى.
و قال شَمِر: قال أبو معاذ: يقول: لا تَشتَرِه و هو في الضَّرْع. يقال: شَرابُك مُضمّن: إذا كان في كُوز أو إناء.
أبو زيد: يقال: فلان ضَمِنٌ على أصْحابه و كلٌّ عليهم، و هما واحد. و إنّي لَفِي غَفَلٍ عن هذا و غُفُول و غَفْلة، بمعنًى واحدٍ.
 [أبواب:
ض ف ب- ض ف م- ض ب م:
مهملة] «1».
__________________________________________________
 (1) أهملها الليث. و انظر «العين» (7/ 50.

37
تهذيب اللغة12

ض ف ب 37

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
أبواب الثلاثي المعتل من حرف الضاد
ض ص- ض س- ض ز:
أهملها الليث كلُّها.
و قد جاء الضاد و السين و الضاد و الزاي في المعتلّ مستعملين.
 [ض س- ض ز
 (و ا ي ء)] فأمّا الضّادُ و السِّين فإن المُنْذِرِيَّ أخبرَني عن الطُّوشيّ عن أبي جعفر الخرّاز عن ابن الأعرابي أنه قال:
 [ضوز- ضيس‏]:
الضَّوْزُ: لَوْكُ الشي‏ء.
و الضَّوْسُ: أكلُ الطَّعام، و أما الضّاد و الزّايُ فإن اللّه جلّ و عزّ قال في كتابه:
تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى‏ (22)
 [النجم: 22].
و روَى المفضّل بن سَلَمة عن أبيه عن الفرّاء أنه قال في قوله: قِسْمَةٌ ضِيزى‏
، أي: جائرة.
قال: و القُرّاء جميعُهم على ترك همز:
ضِيزى‏
قال: و من العرب من يقول: ضِيزَى و لا يَهمِز. و بعضُهم يقول: ضِئْزَى و ضُؤْزَى، بالهمز، و لم يَقْرَأ بها أحد نعلمه.
قال: و ضِيزَى فُعْلَى، و إن رأيتَ أوَّلَها مكسوراً، و هي مِثْلُ بِيض و عِين، كان أوَّلُها مضموماً فكَرِهوا أن يُترَك على ضَمِّه، فيقال: بُوضٌ و عُونٌ، و الواحدةُ بَيْضَاءُ و عَيْناءُ، فكسَروا أولها لتكون بالياء، و يتألّف الجمع و الأثنان و الواحد.
و كذلك كرهوا أن يقولوا: ضُوزَى، فتصير بالواو و هي من الياء. و إنما قضيتُ على أوّلها بالضم، لأنَّ النُّعوت للمؤنث تأتي إمّا بفَتْح و إمَّا بضم، فالمَفْتُوح مِثْل سَكْرَى و عَطْشَى، و المضموم مِثل الأُنثى و الحُبلَى. و إذا كان اسماً ليس بنعتٍ كَسَرُوا أوَّله كالذِّكرى و الشِّعرى.
و قال ابن الأعرابي: يقال: ما أغنى عَنّي ضَوْزَ سِوَاك، و أَنشَد:
تعَلَّمَا يا أَيُّها العَجُوزَانْ             ما ههُنا ما كنْتُما تَضُوزان‏
* فروِّزَا الأمرَ الذي تَرُوزَان*

38
تهذيب اللغة12

ضوز ضيس‏ ص 38

و أخبرني الحَرَّاني عن ابن السكيت:
يقال: ضِزْتُه حَقَّه، أي: نقَصَتْهُ. قال:
و أفادني ابن اليزيديّ عن أبي زيد في قوله جلّ و عزّ: تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى‏ (22)
قال: جائرة؛ يقال: ضاز يَضِيزُ ضَيْزاً، و أَنشد:
إذا ضازَ عَنَّا حَقَّنا في غَنيمةٍ             تقنَّعَ جارَانَا فلَم يتَرَمْرَما
قال: و ضأَزَ يَضْأَزُ مِثلُه. و أنشد أبو زيد:
إن تَنْأَ عنَّا نَنتَقِصْك و إنْ تُقِم             فحظُّكَ مَضْؤوزٌ و أنفُكَ راغِمُ‏
و قال أبو الهيثم: ضِزْتُ فلاناً أضيزُ ضَيْزاً: جُرْتُ عليه.
و قال ابن الأعرابي: تقول العرب: قسمةٌ ضُؤْزَى (بالضمّ و الهمز) و ضُوزَى (بالضم بلا همز) و ضِئْزَى (بالكسر و الهمز) و ضِيزَى (بالكسر و ترك الهمز). قال:
و معناها كُّلها الجَوْرُ؛ روى ذلك كله عنه أبو العباس أحمد بن يحيى.
و رَوَى سَلَمة عن الفرَّاء قال: الضُّوَازة:
شظيّةٌ مِنَ السِّواك.
قلتُ: ضازَ يَضُوز: إذا أَكَلَ. و ضازَ يَضِيز: إذا جارَ.
ض ط
 (و ا ي ء) أهملَه الليث.
 [ضوط- ضيط]:
و قال أبو زيد في «النوادر»: ضاطَ الرجلُ في مَشْيه فهو يَضيِطُ ضَيَطاناً، و حاكَ يَحِيكُ حَيَكاناً: إذا حَرّك مَنْكِبَيه و جَسَدَه حين يمشي، و هو الكثير اللَّحم الرِّخْوُ.
و أقرأَني الإيادَيُّ لشَمِر عن أبي عبيد عن أبي زيد: الضَّيَطانُ أن يُحَرِّك مَنْكِبَيه حين يمشي مع كثرةِ لَحْمٍ. ثم أَقرأَنيه المنذريُّ عن أبي الهيثم: الضَّيَكَان بالكاف بدل الطَّاء فإذاً هُما لُغَتان بمعنًى واحد.
الحرّاني عن ابن السكّيت عن الكلابيّ:
الضَّوِيطَةُ: الْحَمْأَةُ و الطين.
و روى ثعلب عن ابن الأعرابيّ: يقال للحَيْس: ضَوِيطَةُ.
و قال غيرُه: رَجل ضَوِيطةٌ أحمقُ، و أنشد:
أَيَردُّني ذاكَ الضَّوِيطَةُ عن هَوَى             نفسِي و يَفعلُ غيرَ فِعل العاقِلِ‏
و سمعتُ أبا حمزة يقول: يقال: أَضْوَط الزِّيارَ على الفَرَس، أي: زَيَّرَهُ به.
و قال الفراء: إذا عُجِن العجينُ رقيقاً فهو الضَّوِيطة، و الوَرِيخَةُ. و في فمه ضَوَط، أي: عَوَج.
ض د
 (و ا ي ء) استُعمل منه: [ضأد، رأض، ضود].
ضأد
أبو عُبَيد عن أبي زيد: الضُؤْدَةُ: الزُّكام، و قد ضُئدَ فهو مَضْئود. و أضأَده اللّه، أَي:
أَزْكَمه.

39
تهذيب اللغة12

ضأد ص 39

و قال الليث: هو الضُؤاد، و قد ضُئِد: إذا زُكِم.
دأض:
أهمَلَه اللّيث؛ و أَنشَد الباهليّ:
و قد فَدَى أعناقَهُنّ المَحْصُن             و الدَّأْضُ حتى لا يكون غَرْضُ‏
قال: و يقول: فَدَاهُنّ ألبانُهن من أن يُنْحَرْن، قال: و الغَرْضُ: أن يكون في جُلودها نقصان.
قال: و الدَّأَضُ و الدَّأَصُ- بالضاد و الصاد-: ألّا يكون في جلودها نقصان.
و قد دَئِضَ يَدْأَض دَأَضاً، و دَئَصَ يَدْأَصُ دَأَصاً.
قلتُ: و رواه أبو زيد بالظاء فقال:
* و الدَّأْظُ حتى لا يكون غَرْضُ*
و كذلك أقرأَنِيه المُنذرِيّ عن أبي الهيْثم، و فسّره فقال: الدَّأْظ: السِّمَنُ و الامتلاء.
يقول: لا يُنْحَرْنَ نَفاسةً بهنّ لسِمَنِهِنّ و حُسنهن.
 [ضود]:
ثعلب عن ابن الأعرابي:
الضَّوادِي: الفُحْش.
و قال ابن بُزُرْج: يقال: ضادَى فلانٌ فلاناً، و ضادَّه بمعنًى واحد. و إنه لصاحبُ ضَدًى- مِثل قَفاً- من المُضادّة، أخرجه من التضعيف.
ض ت- ض ظ- ض ذ- ض ث:
أهملت مع حروف العلّة.
باب الضاد و الزاء
ض ر
 (و ا ي ء) ضَرَا، (ضَرِي)، وضر، رضي، روض، ريض، أرض، ورض، ضور، ضير.
ضرا:
الأصمعيّ: ضَرَا العِرْقُ يَضْرُو ضَرْواً:
إذا اهتزّ و نَفَرَ بالدّم.
و قال العجَّاج:
* مِمّا ضَرَا العِرْقُ به الضَّرِيُّ*
ثعلب عن ابن الأعرابي: ضَرَى يَضرِي:
إذا سال و جَرَى.
قال:
و نَهَى عليّ رضي اللّه عنه عن الشُّرب في الإناء الضّارِي.
قال: و معناه:
السائل، لأنه يُنقص الشُرْب. قال:
و ضَرِيَ النَّبيذُ يضرى: إذا اشتدّ.
قلتُ أنا: الضَّارِي من الآنية: الإناءُ الذي ضُرِّيَ بالخَمْر، فإذا جُعِل فيه العَصيرُ صارَ مُسكِراً، و أصلُه من الضَّراوة و هي الدُّرْبة و العادَة.
و رَوَى أبو عُبيد عن أبي زيد قال: لَذِمْتُ به لَذَماً، و ضَرِيتُ به ضَرًى وَ دَرِبْتُ به دَرَباً.
قال شمِر: الضَّراوةُ: العادة يقال: ضَرِيَ بالشي‏ء: إذا اعتاده فلا يكاد يصبِر عنه.
و ضَرِيَ الكلبُ بالصيد: إذا تَطَعَّمَ بلَحْمه و دَمِه. و الإناءُ الضّارِي بالشّراب، و البيتُ الضّاري باللَّحم مِن كثرة الاعتياد حتى‏

40
تهذيب اللغة12

ضرا ص 40

يَبقَى فيه ريحُه. و أما قول الأخطل:
لمّا أتَوْه بمصباحٍ و مِبْزَلهِمْ             سارت إليه سُؤْرَ الأبجُل الضّارِي‏
فإن بعضهم قال: الضّاري: السائلُ بالدّم؛ من ضَرا يَضْرُو. و قيل: الأَبْجلُ الضارِي:
العِرْقُ من الدّابة الذي اعتاد التودِيج، فإذا حان حِينُه و وُدِّج كان سؤرُ دمه أشَدَّ؛ و لكلِّ وَجْهٌ.
و
في حديث عمَر: «إن للَّحِم ضَراوةً كضَراوة الْخَمر».
أراد أنّ له عادةً طَلّابةً لأكلها كعادة الخمر، و شدّة شهوةِ شارِبها لاستدعائها، و من اعتاد الْخَمرَ و شُرْبَها أَسرَف في النّفقة حِرْصاً على شُرْبها، و كذلك من اعتاد اللحم و أَكله لم يَكَد يَصبِر عنه، فدخل في باب المُسرِف في نَفَقته، و قد نَهَى اللّه عزّ و جلَّ عن الإسراف.
و قال الأصمعيّ: ضَرِيَ الكلبُ يَضرَى ضَراوةً: إذا اعتاد الصّيدَ.
و يقال: كَلْبٌ ضِرْوٌ، و كَلْبة ضِرْوة، و الجميع أَضْرٍ و ضِراء.
و يقال أيضاً: كلبٌ ضارٍ، و كَلْبةٌ ضارِية.
قال: و الضَّرَاء ما وَراك من شجر.
و قال شَمِر: قال بعضهم: الضَّرَاء: البَرازُ و الفَضاء. و يقال: أرضٌ مستويةٌ فيها شجر؛ فإذا كانت في هَبْطةٍ فهي غَيْضَة.
و قال ابن شُميل: الضَّرَاءُ: المستوِي من الأرض؛ يقال: لأَمْشِيَنَّ لك الضَّرَاء.
قال: و لا يقال: أرضٌ ضَرَاءٌ، و لا مَكانٌ ضَرَاء.
قال: و نزلْنا بضَراءٍ من الأرْض؛ أي:
بأَرْضٍ مستوِية؛ و قال بِشْرُ:
عَطَفْنا لهمْ عَطْفَ الضَّرُوس مِن المَلَا             بشَهْباءَ لا يَمشي الضَّرَاءَ رَقيبُها.
قال: و يقال: لا أَمْشِي له الضَّراء و لا الْخَمرَة؛ أي: أُجاهِرُه و لا أُخاتِله.
قال شَمِر: و قال أبو عمرو: الضَّراءُ:
الاستخفاء.
و يقال: ما وَاراكَ من أَرْضٍ فهو الضَّرَاء، و ما واراك من شجرٍ فهو الخَمَرَ.
و هو يَدِبُّ له الضَّرَاءَ: إذا كان يَختِله.
و قال ابن شُميل: ما واراكَ من شي‏ء و ادّرأْتَ به فهو الخَمَر، الوَهْدةُ: خَمَرٌ.
و الأكمَةُ: خَمَر، و الجَبَلُ: خَمَرٌ.
و الشجرُ: خَمَر. و كلُّ ما وَاراكَ فهو خَمَر.
و قال أبو زيد: مكانٌ خَمِر: إذا كان يغطِّي كلَّ شي‏ء و يُوارِيه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: الضِّرْوُ و البُطْمُ: الحبّةُ الخَضْراء.
و قال الليث: الضَّرْوُ: ضَرْبٌ من الشَّجَر يُجعَل وَرقُه في العِطْر، و يقال: ضِرْو.
قال: و هو المحْلَب، و يقال: حَبّة

41
تهذيب اللغة12

ضأد ص 39

الْخَضْراء، و أَنشدَ غيرُه:
هنيئاً لعُود الضِّرْوِ شَهْدٌ يَنالُه             على خَضِراتٍ ماؤهُنّ رَفِيفُ‏
أراد عُودَ سِواكٍ من شَجَرة الضَّرْو: إذا استاكتْ به هذه الجارية كان الرِّيقُ الّذي يَبتلّ به السِّواكُ مِن فيها كالشَّهْد.
ضور- ضير:
أخبَرَني المنذريُّ عن الحَرّاني عن ابن السكّيت: يقال: ضارَني يَضيرُني، و يَضُورني ضَيْراً.
سَلَمة عن الفرّاء؛ قرأ بعضُهم: لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً [آل عمران: 120]، يَجعله من الضَّيْر.
قال: و زعم الكسائيّ أنّه سَمِع بعضَ أهلِ العالية يقول: ما ينفعني ذاكَ و لا يَضُورُني.
و الضّرُّ واحد. قال اللّه جلّ و عزّ: قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى‏ رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (50)
 [الشعراء:
50]، معناه: لا ضَرَّ.
أبو عُبَيد عن الفرّاء قال: الضُّورةُ من الرّجال: الحقيرُ الصغيرُ الشّأن.
قلتُ: و أقرأَنيه الإياديّ عن شَمِر بالراء، و أقرأنيه المنذريُّ روايةً عن أبي الهيثم:
الضُّؤْزَةُ، بالزّاي مهموزاً، و قال لي:
كذلك ضبطتُه عنه.
قلتُ: و كلاهما صحيح.
و رَوَى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ، قال: الضُّورَةُ: الضعيفُ من الرّجال.
و الضَّوْرَةُ: الجَوْعة. وافَق ابنُ الأعرابيِّ الفرّاءَ.
و رَوى عَمرو عن أبيه أنه قال: الضَّوْرُ:
شِدّةُ الجُوع.
و رَوَى أبو عبيد عن أبي عمرو: هو يَتلَعْلَع من الجُوع؛ أي: يتضَوّر.
و قال اللّيث: التضوُّر: صِيَاحٌ و تَلَوٍّ عند الضّرب من الوَجع.
قال: و الثعلبُ يتضوّر في صِياحه.
و رَوى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ أنه قال: هذا رجلٌ ما يَضِيرُك عليه نَحْتاً للشّعر، و لحناً للشِّعر، أي: ما يَزيدك على قوله الشّعر. و نحو ذلك قال ابن السكّيت: و كذلك ما يُزَنِّدُك و ما يُزَرْنِقُك على قوله الشعر.
وضر:
قال الليث: الوَضَرُ: وَسَخُ الدَّسَم و اللّبن، و غُسالةُ السِّقَاء و القَصْعَة و نحوه، و أَنشدَ:
إن تَرْحَضُوها تَزِد أعْراضُكمْ طَبَعاً             أو تتركوها فسُودٌ ذاتُ أَوْضارِ
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: يقال للغُنْدُورة:
وَضْرَى، يعني أمّ سويد.
و قال شمر: يقال: وَضِرَ الإناء يَوْضَر وَضَراً: إذا اتّسخ، و يكون الوَضَر من الصُّفرة و الحُمْرة و الطِّيب، ثم ذكر
حديث‏

42
تهذيب اللغة12

وضر ص 42

عبد الرّحمن بن عوْف حين رأى النبيُّ صلّى اللّه عليه و سلّم به وَضَراً من صُفْرة فقال له: «مَهْيَم»
المعنى: أنه رأى به لَطْخاً من خَلوق أو طِيب له لون، فسأله عنه فأَخبَرَه أنّه تزوّج.
روض- ريض:
يقال: رُضْتُ الدابّة أَرُوضُها رَوْضاً و رِياضةً: إذا علّمتَها السَّيْرةَ و ذلّلتَها، و قال امرؤ القيس:
* و رُضْتُ فذَلّتْ صَعَبةً أيَّ إذْلالِ*
دَلَّ بقَوْله: أيَّ إذْلال، أنّ معنى قوله:
رُضْتُ: ذللّتُ، لأنه أقام الإذلالَ مُقامَ الرّياضة.
و قال الأصمعيّ و غيرُه: الرَّيِّض من الدّوَاب: الّذي لم يَقبل الرّياضة و لَم يَمْهَر السَّيْرة، و لم يَذِلَّ لراكبِه فيصرّفه كيف يشاء.
و يقال: قصيدة رَيِّضةُ القَوافي: إذا كانت صعبةً لم يَقتضِب الشُّعراءُ قوافيَها و لا عَرُوضَها. و أَمْرٌ رَيِّض: إذا لم يُحكم تدبيرُه.
أبو عُبَيد عن الكسائي: استَراضَ الوادي:
إذا استَنقَع فيه الماءُ.
و قال شَمِر: كأنَ الرَّوضة سُمّيتْ رَوْضَةً لاستراضة الماءِ فيها.
و قال غيرُه: أراضَ الوادِي إراضَةً: إذا استراضَ الماءُ فيه أيضاً.
و
في حديث أمّ مَعبد الْخُزاعيّة «أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و صاحبَيْه لمّا نَزَلوا عليها و حَلَبُوا شاتَها الحائلَ شَرِبوا من لَبنِها و سَقَوْها، ثم حَلَبوا في الإناء حتى امتلأ، ثم أراضُوا»
. قال أبو عُبَيد: معنى: «أَراضُوا»، أي:
صَبُّوا اللّبَن على اللبن. ثم قال: أَراضُوا من المُرِضَّةِ و هي الرَّثيئة.
قال: و لا أعلمُ في هذا الحديث حرفاً أغربَ منه.
و قال غيرُه: معنى قولها: «أراضُوا»، أي:
شَرِبوا عَلَلًا بعد نَهَل. أرادت أنّهم شَرِبوا حتّى رَوُوا فَنَقَعُوا بالرّيّ عَلَلًا، و هو من أَراضَ الوادي و استراضَ: إذا استَنقَع فيه الماء. و أراضَ الحوضُ: إذا اجتمع فيه الماءُ؛ و يقال لذلك الماء: رَوْضة، و أنشد شَمِر قولَ الرّاجز:
* و روضةٍ سَقيْتُ منها نِضْوَتي*
قلت: و رياضُ الصَّمَّان و الحَزْن في البادِية: قِيعانُ سُلْقانٍ واسعةٌ مطمئنّةٌ بين ظَهرانَيْ قِفافٍ و جَلَدٍ من الأرض يَسيل فيها ماءُ سيولِها فيستريض فيها، فتُنبِت ضُروباً من العُشْب و البُقول، و لا يُسرع إليها الهَيْج و الذُّبول، و إذا أعشبتْ تلك الرياضُ و تَتابَع عليها السُّمِيُّ رَتعتِ العربُ وَ نَعَمُها جمعاء. و إذا كانت الرياض في أعالي البِراق و القِفَاف فهي السُّلْقان، و أحدها سَلَق. و إذا كانت في الوِطاءات فهي رِيَاض، و في بعض تلك الرياض حَرَجات من السِّدْر البَرِّيّ، و ربَّما كانت‏

43
تهذيب اللغة12

روض ريض ص 43

الروضةُ واسعةً يكون تقديرها مِيلًا في ميل، فإذا عَرُضتْ جدّاً فهي قِيَعانٌ و قِيعةٌ، واحدُها قاع. كلُّ ما يَجتمِع في الإخاذ و المَسَاكات و التَّناهي فهي رَوْضة عند العرب.
و قال الأصمعيّ: الرَّوْض نحوُ النِّصف من القِرْبة. و يقال: في المَزادة رَوْضَةٌ من الماء، كقولك: فيها شَوْلٌ من الماء.
و قال أبو عمرو: أراضَ الخوضُ فهو مُرِيض. و في الحوض رَوْضة من الماء:
إذا غَطَّى الماءُ أسفَلَه و أَرْضَه.
و قال: هي الرَّوضَةُ و الرِّيضةُ و الأرِيضَة و المُسترِيضَةُ.
و قال الليث: تُجمع الرَّوضةُ رِياضاً و رِيضاناً.
قلتُ: و إذا كان البلد سَهْلًا يَنْشَف الماء لسُهُولَته، و أسفَلَ السُّهولة صَلابةٌ تُمسِك الماءَ فهو مَرَاضٌ، و جمعُه مَرائض، و مَرَاضات، و إذا احتاجوا إلى مِياه المَرائض حَفَروا فيها جِفاراً فشَرِبوا منها و استَقَوْا من أحسائها إذا وجدوا مِياهَها عَذْبةً.
و رُوي عن ابن المسيّب أنه كَرِه المُرَاوَضَة.
قال شمر: المُرَاوَضة: أن تُواصِفَ الرجلَ بالسِّلْعة ليست عِنْدَك.
قلت: و هو بَيْعُ المُواصَفة عند الفقهاء.
و أَجازَه بعضُ الفقهاء إذا وافَقَتِ السِّلْعةُ الصفةَ الّتي وصَفها البائعُ: و أَبَى الآخرون إجازَتها، إلا أن تكون الصفةُ مضمونةً إلى أجل معلوم.
ورض:
قال اللّيثُ: وَرَضَت الدَّجاجةُ: إذا كانت مُرْخِمةً على البَيْض، ثم قامت فوضَعَت بمَرَّةٍ واحدة.
قال: و كذلك التَّوْريضُ في كلّ شي‏ء.
قلتُ: هذا عندي تصحيف، و الصوابُ وَرَّصَتْ- بالصاد-.
أخبرني المنذريّ عن ثعلب عن سَلَمة عن الفرّاء قال: وَرَّص الشيخ، بالصّاد: إذا استَرخَى حِتَار خَوْرانه فأَبْدَى.
و قال أبو العبّاس: قال ابن الأعرابيّ:
أَوْرَصَ و وَرَّصَ: إذا رَمَى بغائطِه. و أما التَّوريضُ، بالضّاد، فله معنًى غيرُ ما ذكره اللّيثُ.
و قال أبو العبّاس: قال ابن الأعرابي:
المُوَرِّضُ: الذي يَرْتاد الأرضَ و يَطلُب الكلأ، و أنشد قولَ ابنِ الرِّقَاع:
حَسِبَ الرائِدُ المُوَرِّضُ أن قَدْ             ذَرَّ منها بكلّ نَبْ‏ءٍ صِوارُ
ذرَّ: أي: تَفرَّق. النَّبْ‏ءُ: ما نَبَا من الأرض.
و قال: يقال: نَوَيْتُ الصومَ و أَرَّضْتُه، و وَرَّضْتُه، و رَمَّضْتُه، و بَيَّتُّهُ، و خَمَّرْتُه،

44
تهذيب اللغة12

ورض ص 44

و بَنَّنْتُه، و دَسَّسْتُه، بمعنًى واحد.
و
في الحديث: «لا صِيَامَ لمن لم يُوَرِّض مِنَ اللّيل».
قلت: و أحسبُ الأصلَ فيه مهموزاً، ثم قُلِبت الهمزة واواً.
أرض:
الحرّاني عن ابن السكيت قال:
الأرْضُ: التي عليها الناس. و الأرْضُ:
سُفلَةُ البعير و الدّابة؛ يقال: بعيرٌ شديدُ الأرْض: إذا كان شديدَ القوائم. و أنشَد:
و لَم يُقلِّب أرضَها البَيْطارُ             و لا لحَبْلَيْه بها حَبَارُ
يعني: لم يُقلِّب قوائمها لعلَّة بها، و قال سُوَيد بن كراع:
فركِبناها على مَجْهولِها             بصِلابِ الأَرضِ فيهنّ شَجَعْ‏
و قال خُفَافُ بن نَدْبة السُّلَميّ:
إذا ما اسْتَحَمَّتْ أرضُه من سَمَائِه             جَرَى و هو مَوْدُوعٌ و واعدُ مَصْدَقِ‏
قال: و الأرْضُ: الرِّعْدةُ. و
رُوي عن ابن عبّاس أنه قال: أَزُلْزِلَت الأرضُ أم بي أرْضٌ‏
، أي: بي رِعْدَة.
و يقال: بي أَرْضٌ فآرِضُوني، أَي:
دَاوُوني. و قال ذو الرُّمَّة:
إذا تَوَجَّسَ رِكْزاً من سَنابِكها             أو كان صاحِبَ أَرْضٍ أو به المُومُ‏
قال: و الأرضُ: الزُّكام، يقال: رجل مأْروض. و قد أُرِض فلان، و آرَضَه اللَّهُ إيراضاً.
و الأرْضُ: مصدرُ أُرِضَت الخشَبةُ تُؤْرَض فهي مأروضَة إذا وقعت الأرَضَة فيها.
قال: و الأرَض- بفتح الراء-: مَصْدَر أُرِضَت القُرْحَةُ تَأْرَض: إذا تَفَشَّتْ.
و قال أبو عُبَيْد: قال الأصمعي: إذا فسدت القُرحة و تقطَّعت.
قيل: أرضَت تأرَضُ أَرَضاً.
و قال شمر: قال ابن شميل: الأرِيضَة:
الأرض السهلة لا تميل إلّا على سَهْل و منبت، و هي ليّنة كثيرة النبات، و إنها لأَرِيضة للنبت و إنها لذات أراضة، أي:
خليقة للنبت.
قال: و قال ابن الأعرابي: أُرِضَت الأرض تأرُض أرَضاً: إذا أخصبَتْ و زكا نباتُها.
و أرضٌ أَرِيضةٌ بيّنةُ الأراضَة: إذا كانت كريمةً.
قال أبو النَّجم:
أبحرُ هِشامٍ و هو ذُو فِراضِ             بينَ فُروع النَّبْعةِ الغِضَاضِ‏
وَسْطَ بِطاحِ مكّة الإراضِ             في كل وادٍ واسِع المُفَاضِ‏

و قال أبو عمرو: الإراضُ: العِراضُ، يقال: أَرضٌ أَرِيضةٌ، أي: عريضة.
أبو عُبيد عن الأصمعي: الإراض: بِساط

45
تهذيب اللغة12

أرض ص 45

ضَخْمٌ من وَبرٍ أو صوف.
و قال أبو البَيْداء: أَرْضٌ و أُرُوضٌ. و ما أكثر أُروضَ بني فلان.
و يقال: أَرْضَ و أَرْضُون و أَرَضات. و أَرْضٌ أَرِيضةٌ للنبات: خليقة، و إنها لَذاتُ إرَاضٍ.
و قال غيره: المؤرِّضُ: الذي يَرعَى كلأَ الأرض.
و قال ابن دَالان الطائيّ:
و هم الحُلومُ إذا الرّبيعُ تجنّبتْ             و همُ الربيعُ إذا المؤرِّضُ أجدَبَا
و قال الفرّاء: يقال: ما آرَضَ هذا المكانَ، أي: ما أكثرَ عُشبَه.
و قال غيرُه: ما أحسنَه و أطيَبَه.
أبو عُبيد عن أبي عمرو: أرْضٌ أرِيضة، أي: مُخَيِّلَةٌ للنَّبت.
الأصمعيّ: تأَرَّضَ فلانٌ بالمكان: إذا ثبت فلَم يَبْرح.
و قيل: التأرُّضُ: التأنّي و الانتظار، و أنشد:
و صاحبٍ نبّهتُه ليَنهضَا             فقامَ عجلانَ و ما تأَرَّضا
 يَمسَح بالكفّين وجْهاً أبيضَاً             إِذا الكَرَى في عَيْنِه تمَضْمَضَا

و يقال: تركْتُ الحيّ يتأرّضون المنزِلَ، أي: يرتادون بَلداً ينزِلونه للنُّجْعة.
و قال ابن الأعرابيّ في قول أمّ معبد الخُزاعيَّة: «فَشرِبوا حتى أَرَاضوا»، أي:
ناموا على الإراض، و هو البِسَاط.
قلت: و القولُ ما قاله غيرُه: إنه بمعنى نَفَعوا و رَوُوا.
رضي:
قال الليث: رَضِيَ فلانٌ يَرضَى رِضًى. و الرَّضِيُّ: المَرْضِيُّ، و الرِّضا مقصورٌ.
قلتُ: و إذا جعلتَ الرِّضا مصدَر راضيتُه رِضاءً و مُراضاةً فهو ممدود: و إذا جعلتَه مصدرَ رَضِيَ يَرضَى رِضىً فهو مقصور.
و قال أبو العبّاس عن ابن الأعرابي:
الرَّضِيُّ: المُطِيعُ. و الرَّضيُّ: المُحِبّ.
و الرِّضيّ: الضامن.
و من أسماء النساء: رُضَيَّا- بوَزْن التُّريَا- و تكبيرهما رَضْوَى و ثَرْوَى.
و رَضْوَى: اسمُ جبل بعَيْنَه و المَرْضاةُ و الرُّضْوَان: مصدَران.
و القرَّاء كلهم قرءوا الرِّضوانَ- بكسر الراء- إلّا ما رُوِي عن عاصم أنه قال:
رُضوَان، و هما لغتان.
و يقال: فلان مَرْضِيٌّ، و من العرب من يقول: مَرْضُوٌّ، لأنه من بَنات الواو، و اللّه أعلم.

46
تهذيب اللغة12

ض ل 47

باب الضاد و اللام‏
ض ل‏
 (و ا ي ء) استُعمل من جميع وجوهه: [ضول، ضلا، لضا].
ضول:
قال أبو زيد في كتاب الهمز: ضَؤُل الرجلُ يَضْؤُل ضآلةً و ضُؤُولة: إذا قَال رأْيُه. و ضَؤُل ضُؤولةً و ضآلة: إذا صَغُر.
و قال الليث: الضئيلُ نعتٌ للشي‏ء، في ضَعِفه و صِغَره و دقّته، و جمعُه ضُؤلاءُ و ضَئيلون. و الأنثى ضئيلة، و أنشد شَمِر لبعض بني أَسَد:
أنا أبو المِنهالِ بعضَ الأحيان             ليس عليَّ نَسَبي بضُؤْلان‏
أراد بضَئِيل.
و
في الحديث: «إنّ العَرْشَ على مَنكِب إسرافيلَ، و إنه ليتضاءل من خَشْيَة اللّه حتى يصيرَ مثلَ الوَصَع»
، يريد يتصاغَر و يتحاقَر تَواضُعاً للَّه، و خشيةً للربّ تبارك و تعالى.
و الضّالُ- غير مهموز-: هو السِّدْرُ البَرّيّ، و الواحدةُ ضالَةٌ.
و يقال: خَرج فلانٌ بضالَتِه، أي:
بسلاحِه.
و الضّالَةُ: السلاحُ أجمع، يقال: إنه لكامِل الضّالَة، و الأصلُ في الضّالَة:
النِّبالُ و القِسيُّ التي تُسَوَّى و تُنحت من شَجَر الضَّالِ.
و قال بعض الأنصار:
أبو سليمانَ و صُنْع المُقْعَدِ             و مُجْنَأٌ من مَسْكِ ثَوْرٍ أَجْوَدِ
و ضَالَةٌ مِثلُ الجحِيمِ المُوقَد             و مؤْمِن بما تَلَا محمّد

أراد بالضّالَة: السهامَ، شَبّه نصالَها في حِدّتها بنارٍ مُوقَدةٍ.
و قال ابنُ الأعرابيّ: الضُّؤُولةُ: الهُزال.
ضلا:
أهملَه الليث.
و روى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ قال:
ضَلَا: إذا هَلَك.
 [لضا]:
قال: و لضَا: إذا حَذَق الدِّلالة.
باب الضاد و النون‏
ض ن‏
 (و ا ي ء) ضني، ضنأ، ضأن، ضون، وضن، نضا، نوض، أنض.
ضني:
و قال الليث: ضَنِي الرجلُ يَضْنَى ضَنًى شديداً: إذا كان به مرَضٌ مُخامِر، و كلما ظنّ أنه قد بَرَأ نُكِس، و قد أضناه المَرَض إضْنَاءً.
سلمةُ عن الفرّاء: العرب تقول: رجلٌ ضَنًى و دَنف، و قَومٌ ضَنًى، أي: ذوُو ضنًى و كذلك قومٌ عَدْلٌ ذَوُو عَدْل و صَوْمٌ و نَوْم.
و قال ابن الأعرابي: رجل ضنًى، و امرأة ضَنًى، و قومٌ ضَنًى، و هو المُضْنَى من‏

47
تهذيب اللغة12

ضني ص 47

المرض.
و قومٌ ضَنًى، أي: ذوو ضَنًى، و كذلك قومٌ عَدْلٌ ذَوو عَدْل.
و قال: تَضَنَّى الرجلُ: إذا تمارَض.
و أَضنَى: إذا لَزِم الفِراشَ، من الضَّنَى.
و يقال: رجلٌ ضَنٍ، و رجلان ضَنِيَان، و امرأة ضَنِيَة، و قوم أَضناءٌ.
و يقال: أضناه المَرَضُ و أنضَاه بمعنًى واحد.
ضنأ:
قال أبو زيد: ضنأَتِ المرأةُ ضَنْأ و ضُنُوءاً: إذا وَلَدَتْ.
و قال أبو عُبيد: قال أبو عمرو: الضَّنْ‏ءُ:
الوَلَد، مهموز ساكن النون، و قد يقال له:
الضِّن‏ء.
قال: و قال الأُمَوِيّ: قال أبو المفضّل- أعرابيٌّ من بني سَلامة من بني أسد قال-:
الضَّنْ‏ءُ: الولد، و الضِّنْ‏ءُ: الأصل، و أنشد:
و ميراث ابن آجَرَ حيثُ ألْقَتْ             بأصْل الضِّنْ‏ء ضِئْضِئة الأصيلِ‏
أراد ابن هاجَر، و هو إسماعيل.
الليث: ضنَتِ المرأةُ تضْنُو: إذا كثُر ولدُها، و قال أبو عُبيد: قال أبو عمرو:
و هي الضّانية.
و يقال: ضَنَأتِ الماشيةُ: إذا كثُر نِتاجُها قال: و ضِنْ‏ءُ كلّ شي‏ء: نَسْلُه.
أبو عُبَيد عن الكسائيّ: امرأةٌ ضانئة و ماشية، معناهما أن يَكثُر ولدُهما، و قد ضَنَتْ تَضْنُو ضَناءً، و ضَنأَتْ تضنُؤ ضَنْأً مهموز.
رَوَى شَمِر عن أبي عُبَيد فيما قرأْتُ على الإياديّ: اضطَبَأْتُ منه: استحيَيْتُ، رواه بالياء عن الأُمَويّ.
و أَخبَرني الإياديّ عن أبي الهَيْثم أنّه قال:
إنما هو اضْطَنَأْتُ بالنّون؛ و أَنشَد:
إذا ذُكِرَتْ مَسعاةُ والِده اضطنى             و لا يَضْطَنِي من فعْل أهلِ الفَضائِل‏
و أخبَرَني أبو المفضّل عن الحرّاني عن ابن السّكيت أنّه أنشَده:
تَزَاءَك مُضْطَنِئٌ آرِمٌ             إذا ائْتَبَّهُ الإدُّ لا يَفْطَؤْهْ‏
قال: و التَّزاؤُك: الاستحياء. آرِم، أي:
يُواصِل، لا يَفْطأُه، أي: لا يَقهَره.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الضُّنَى:
الأَوْلاد. قال: و الضِّنَى- بالكسر-:
الأوجاعُ المُخِيفة.
و قال ابن دُرَيد في كتاب «الجَمْهرة»: قعد فلِان مَقعَد ضُنْأةٍ، أي: مَقْعَد ضَرورة، و معناه الأَنفَة.
قلت أنا: أحسَب قولَ ابن دُرَيد من الاضطِناء، و هو الاستحياء.

48
تهذيب اللغة12

ضأن ضون ص 49

ضأن- ضون:
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الضّانةُ- غيرُ مهموز-: البُرَةُ التي يُبْرَى بها البَعِيرُ؛ ذكرها غيرُ واحد منهم.
و قال ابن الأعرابي: التّضَوُّن: كثرةُ الوَلَد.
قال: و الضَّوْن: الإنْفَحة.
أبو عُبَيد عن أبي زيد: الضَّيْوَنُ: الهِرُّ، و جمعُه الضَّيَاوِن.
و من مَهموزِه: الضَّأْنُ و الضَّأَن؛ مثلُ المَعْز و المَعَز، و تُجمع ضَئِيناً.
و قال الليث: الضَّأْن: ذواتُ الأصْواف من الغَنَم؛ و يقال للواحدة: ضائنة، و رَجلٌ ضائن؛ قال بعضُهم: هو اللّيّن كأَنَّهُ لَفْجة. و قال آخَرُ: هو الذي لا يزال حسنَ الجِسْم قليلَ الطُّعْم.
و يقال: رَمْلةٌ ضائنة، و هي البيضاءُ العَرِيضة، و قال الجَعْدِيّ:
* إلى نَعَجٍ من ضائِن الرَّمْلِ أَعْفَرَا*
و يقال: اضْأَنْ ضَأْنَك، و امْعَزْ مَعْزَك، أي:
اعْزِل ذا مِنْ ذَا. و قد ضأَنْتُها: إذا عزلتَها.
و قال محمد بن حَبيب: قال ابن الأعرابيّ: رجلٌ ضائنٌ: إذا كان ضعيفاً، و رجلٌ ماعِزٌ: إذا كان حازماً مانعاً ما وراءَه.
قال: و الضِّئنِيّ: السِّقاءُ الذي يُمخَض به الرائبُ يسمَّى ضِئْنِيّاً إذا كان ضَخْماً من جلد الضَّأْن.
و قال حُمَيْدُ بن ثَوْر:
و جاءَتْ بضِئْنِيِّ كأنّ دَوِيَّهُ             ترَنُّمُ رَعْدٍ جاوَبَتْهُ الرَّوَاعِدُ.
وضن:
سَلَمة عن الفرّاء قال: الميضَانة:
القُفّة، و هي المَرْجُونة و القَفْعة، و أنشد:
لا تَنْكِحنّ بعدها حَنّانَهْ             ذات قَتارِيد لها مِيْضَانَهْ‏
قال: حَنّ و هَنّ، أي: بكى.
و قال اللّه جلّ و عزّ: عَلى‏ سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15)
 [الواقعة: 15].
قال الفرّاء: الموْضُونةُ: المَنْسُوجةُ، و إنما سَمّت العربُ وَضينَ الناقةِ وَضِيناً لأنه منسوج.
و يقال: وضَنَ فلانٌ الحجر و الآجُر بعضُه فوق بعضٍ: إذا أشْرَجه: فهو مَوْضون.
و قال الليث: الوَضْن: نسجُ السَّرِيرِ و أشباهِه بالجوهر و الثياب، و هو مَوْضُونٌ.
قال: و الوَضِينُ: البِطَانُ العَرِيض.
و قال حُميد بن ثوْر:
على مُصْلَخِمٍّ ما يكاد جَسِيمُه             يَمُدُّ بِعطْفَيه الوَضِينَ المسَمَّما
المسمَّمُ: المزيَّنُ بالسُّموم، و هي خَرَزٌ.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: التَّوَضُّن:
التّحبُّبُ. و التوَضُّنُ: التذَلُّلُ. و الوُضْنَةُ:
الكرسيُّ المنسوجُ.
و قال شَمِر: المَوْضونةُ: الدِّرْعُ المَنْسوجة.
و قال بعضهم: دِرْعٌ مَوْضونةٌ: مُقاربة

49
تهذيب اللغة12

وضن ص 49

النَّسْج مثل الموضُونة.
و قال رجل من العرب لامرأته: ضِنِيه- يَعني مَتاعَ بيتها- أي: قارِبي بعضَه من بعض.
و قيل: الوَضْنُ: النَّضْد، يقال: وَضَن متاعَه بعضَه فوق بعض.
نوض:
قال ابن المظفَّر: النَّوْضُ: وُصْلةُ ما بين العَجُز و المَتْن. و لكل امرأة نَوْضان:
و هما لَحْمتان مُنتبِرَتانُ مُكتنفتا قَطَنها، يعني وَسَط الوَرِك، و قال رُؤبة:
إذا اعْتَزَمْنَ الرَّهْوَ في انتِهاضِ             جاذَبْنَ بالأصلابِ و الأنْواضِ‏
قال: و النَّوْضُ: شِبْه التَّذَبْذُب و التَّعَثْكُل، يقال: ناضَ يَنُوض نَوْضاً.
و قال أبو عمرو: الأنواضُ: مدافع الماء، و قال رؤبة:
غُرِّ الذُّرَى ضَواحِك الإِيماضِ             يُسقَى به مَدافِعُ الأنْواضِ‏
و قال ابن الأعرابي: الأنواضُ: الأوْدية، واحدها نَوْض.
و رَوَى أبو العبّاس عنه أنه قال: النَّوْضُ:
الحركة، و التَّفَرّض. و النَّوْضُ:
العُصْعُص.
و قال الكسائي: العَرَب تُبدِل من الصاد ضاداً، فتقول: ما لَكَ مِن هذا مناض، أي: مناص.
و قال أبو الحسن اللّحياني: يقال: فلان ما يَنُوض لحاجةٍ، و ما يَقدِر أن يَنُوص، أي: يتحرك لشي‏ء.
و قد ناضَ و ناصَ مَناضاً و مَناصاً: إذا ذَهب في الأرض.
و قال ابن الأعرابي: نوّضْتُ الثوبَ بالصِّبغ تَنْويضاً، أي: ضرّجْته. و أَنشدَ في صِفَة الأسد:
في غِيلِهِ جِيفُ الرِّجال كأنه             بالزَّعْفران من الدّماء مُنَوَّضُ‏
أي: مُضَرَّج. أخبرني به المنذري عن أبي العبّاس أحمد بن يحيى عنه.
أبو تراب عن أبي سعيد البغدادي قال:
الأنْوَاضُ و الأنْواطُ واحد، و هي ما نُوِّط على الإبل إذا أُوقِرَتْ، و قال رُؤْبة:
* جاذَبْنَ بالأصلابِ و الأنْواضِ*
أنض:
أبو عُبَيد عن أبي زيد: أنَضْت اللحمَ إيناضاً: إذا شَوَيْتَه و لم تُنْضِجْه.
و قال الليث: لحمٌ أَنِيض: فيه نُهُوأةٌ، و قال زُهَير:
يُلَجْلِجُ مُضغةً فيها أَنِيض             أصَلّتْ فهي تحتَ الكَشْح داءُ
و قد أَنُض أَناضَةٌ فهو أَنِيض.
أبو العباس عن ابن الأعرابي قال:
الإناضُ: إدْراكُ النَّخْل، و منه قولُ لَبيد:
* و أَناضَ العَيْدانُ و الجَبّارُ*

50
تهذيب اللغة12

أنض ص 50

و يُروَى: و أنِيض.
أبو عُبَيد عن أبي عمرو: إذا أَدْرَك حَمْلُ النَّخْلةِ فهو الإناض.
نضا:
قال الليث: نَضَا الحِنّاءُ يَنْضُو عن اللّحية، أي: خَرَج و ذَهب عنه.
و نُضَاوةُ الحِنّاء: ما يؤخذ من الخِضاب ما يَذهبُ لونُه في اليَد و الشَّعْر. و قال كُثيّر يخاطب عَزّة:
و يا عَزَّ للوَصْلِ الذي كان بينَنا             نَضَا مِثلَ ما يَنْضُو الخِضَابُ فَيخلَقُ‏
و نَضَا الثوبُ عن نفسِه الصِّبْغ: إذا أَلقاه.
و نَضَت المرأةُ ثَوْبها عن نفسِها، و منه قول امرى‏ء القيس:
فجئْتُ و قد نَضَّت لنومٍ ثِيابَها             لَدَى السِّتْر إلّا لِبْسَةَ المتفضِّلِ‏
و الدّابةُ تنضو الدّوابَّ: إذا خرجتْ من بينها.
و رملةٌ تنضو الرِّمال فهي تَخرُج منها.
و نَضَا السهم، أي: مَضَى.
و قال رُؤبة:
يَنْضُون في أجوازِ ليلٍ غاضِي             نَضْوَ قِداحِ النابلِ المواضي‏
الحراني عن ابن السكّيت: نَضَوْتُ ثيابي عنّي: إذا ألقيتها عنك.
و قد نَضَوْتُ الجُلَّ عن الفرس نَضْواً، و قد نضا خِضابُه يَنْضو نَضْواً.
و نَضَا الفَرسُ الخيلَ يَنْضوها: إذا تَقدَّمها و انْسَلَخَ منها. و النِّضْو: البعير المهزول و جمعه أنضاء، و الأنثى نِضْوَة. و يقال لأَنْضاء الإبل: نِضْوان أيضاً.
و يقال: أَنْضى وجه الرجل، و نَضَا على كذا و كذا: إذا أَخْلَق.
و قال اللّيْثُ: المُنْضِي: الرجل الّذي صار بعيرُه نِضْواً، و قد أَنْضاه السَّفر.
و انتضَى السيفَ: إذا استلَّه من غِمْده.
و نَضَا سَيْفَه: إذا سَلَّه. و سَهْمٌ نِضْوٌ: إذا فَسَد من كَثْرَة ما رُميَ به حتى أَخلَق، و نَضِيُّ السَّهْمِ: قِدْحُه، و هو ما جَاوزَ من السّهم الرِّيشَ إلى النَّصْل، و قال الأعشى:
غرَّ نَضِيُّ السّهمِ تحتَ لَبانِه             و جالَ على وَحْشِيِّه لم يُعَثِّمِ‏
و نَضِيُّ الرُّمْح: ما فوقَ المَقْبِض مِن صدرِه، و أَنشدَ:
و ظَلَّ لِثِيرانِ الصَّريمِ غمَاغِمُ             إذا دَعَسُوها بالنَّضِيّ المُعَلَّبِ‏
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ، أوّلُ ما يكون القِدْح قبل أن يُعمَل: نَضِيٌّ، فإن نُحِت فهو مَخْشوب و خَشِيب، فإذا لُيِّن فهو مُخلَّق.
قال: و قال أبو عَمْرو: النَّضِيُّ: نَصْلُ السَّهْم.
قلتُ: و قولُ الأعشى يحقِّق قولَ أبي عمرو. و قال ابن دُريد: نَضِيُّ العُنُق:

51
تهذيب اللغة12

نضا ص 51

عَظْمُه، و نَضِيُّ السَّهم: عُودُه قبلَ أن يُراشَ.
و قال أبو عُبَيدة: نَضَا الفَرَسُ يَنْضُو نُضُوّاً:
إذا أَدْلى فأَخرَج جُرْدانَه.
قال: و اسمُ الجُرْدان: النَّضِيُّ. و يقال:
نَضَا فلانٌ موضعَ كذا يَنْضُوه: إذا جاوَزَه و خَلَّفه نيض.
أبو العباس عن ابن الأعرابي قال: النَّيْضُ بالياء: ضَرَبان العِرْق مِثْلُ النَّبْض سواء.
باب الضاد و الفاء
ض ف‏
 (و ا ي ء) ضفا، ضيف، فضا، فيض، فوض، وفض، وضف، فضأ.
ضفا:
قال اللّيث: يقال: ضَفَا الشَّعَرُ يَضْفُو:
إذا كَثُر. و شَعرٌ ضَافٍ، و ذَنَبٌ ضافٍ، و أَنشد قوله:
* يضافٍ فوَيقَ الأرض ليسَ بأَعزَل*
ودِيمَةٌ ضافِية، و هي تَضفو ضَفواً: إذا أَخْصبت الأرضُ منها.
و الضَّفْوُ: السَّعةُ و الخَيْر و الكَثْرة، و أَنشدَ:
إذا الهَدَفُ المعْزالُ صَوّبَ رأسَه             و أَعجَبَه ضَفْوٌ من الثَّلةِ الخُطْلِ‏
و قال الأصمعيّ: ضَفَا مالُه يَضْفو ضَفْواً و ضُفُوّاً: إذا كَثُر.
و ضَفَا الحَوْضُ يَضْفُو: إذا فاضَ من امتلائه و أَنشَد:
* يَضْفُو و يُبْدي تارةً عن قَعْرِه*
يقول: يمتلى‏ء فتَشْربُ الإبل ماءَه حتى يَظهَر قَعرُه. و الضّفُّ: جانب الشي‏ء، و هما ضفواه، أي: جانباه.
ضيف:
في حديث النبي صلّى اللّه عليه و سلّم «أنه نَهَى عن الصّلاة إذا تَضيّفَتِ الشمسُ للغُروب»
. قال أبو عُبَيد: قال أبو عُبَيدة: قولُه:
 «تضيَّفَتْ»: مالَتْ للغُروب، يقال منه: قد ضافَتْ فهي تَضِيف: إذا مالَت.
و قال أبو عُبيد: و منه سُمِّي الضَّيْف ضَيْفاً، يقال منه: ضِفْت فلاناً: إذا مِلْتَ إليه و نزلتَ عليه، و أضفتُه: إذا أمَلْتَه إليك، و أنزَلْتَه عليك، و لذلك قيل: هو مُضافُ إلى كذا و كذا، أي: مُحَالٌ إليه، و قال امرؤ القيس:
فلمّا دخلناهُ أضفْنا ظهورَنا             إلى كلّ حَارِيٍّ جَديدٍ مُشطبِ‏
أي: أسندْنا ظهورَنا إليه و أمَلْناها، و منه قيل للدَّعِيّ: مُضافٌ، لأنّه مُسنَد إلى قوم ليس منهم.
و يقال: ضافَ السهمُ يَضِيف: إذا عَدَل عن الهدف، و هو من هذا، و فيه لغةٌ أخرى ليست في الحديث: صَافَ السهمُ بمعنى ضافَ، و الذي جاء في الحديث بالضاد.
أبو عُبَيد عن الأصمعي: أضافَ الرجلُ من الأمر: إذا أشفَق، و أنشد قول‏

52
تهذيب اللغة12

ضيف ص 52

الهُذَليّ:
و كنتُ إذا جارِي دَعَا لمَضُوفَةٍ             أُشَمِّر حتى يَنصُفَ الساقَ مِئزَرِي‏
يعني الأمر: يشفق منه الرجل.
أراد بالمَضُوفة: الأمر يُشْفَق منه.
و يقال: أضاف فلانٌ فلاناً إلى كذا فهو يُضيفه إضافةً: إذا ألجأَه إلى ذلك.
و المضافُ: الملجأْ المُحرَج المثقَلُ بالشر.
و قال الشاعر:
فما إنْ وَجْدُ مُعْوِلَةٍ ثَكول             بواحدِها إذا يَغْزُو تُضِيفُ‏
أي: تُشْفِقُ عليه و تخاف أن يُصَاب فتَشْكَلُهُ.
و يقال: ضِفتُ الرجل و تضيّفْتُه: إذا نزلت به و صرتَ له ضيفاً. و أَضفْتُه: إذا أنزلْتَه عليك و قرّبْته. و المضاف: المُلْجَأُ و المُلْزَقُ بالقوم.
و الضِّيفُ: جانب الوادي. و قد تضَايف الوادي: إذا تضَايقَ.
و ضِيفا الوادي: جانباه.
و قال أبو زيد: الضِّيفُ: الجنب.
و قال الراجز:
 يَنْتَبعْنَ عَوْداً يشتكي الأَظَلَّا             إذا تضايَفْن عليه انْسَلَّا
يعني: إذا صِرْنَ منه قريباً إلى جَنْبه.
و قال شَمر: سمعت رجاءَ بن سلمةَ الكوفيّ يقول: ضَيّفْتُه: إذا أطعمْتَه.
قال: و التَّضيفُ: الإطعام.
قال: و أضافه: إذا لم يُطْعِمْهُ.
و قال رجاء في قراءة ابن مسعود: فأبوا أن يضيفوهما [الكهف: 77]، أي:
يطعموهما.
و أُخبرت عن أبي الهيثم أنه قال: يقال:
أضافه و ضيَّفَهُ بمعنًى واحد؛ كقولك:
أكرمه و كَرَّمه.
قال: و قول اللّه: فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما
، معناه: أن يجعلوهما ضَيْفَيْنِ لهم.
و روَى سلمةَ عن الفرّاء في قوله: فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما
 سألاهم الإضافة فلم يفعلوا، و لو قُرِئتْ (أن يُضيفوهما) كان صواباً.
قال: و تضيّفْتُه: سألته أن يُضيفني.
قال: و تضيّفْتُه: آتيته ضيفاً.
و قال الأعشى:
تضيّفْتُه يوماً فأكرمَ مقعدي             و أَصْفَدني عَلَى الزَّمانة قائدا
يقول: أعطاني خادماً يقودُني. و زمانَتُه:
ذهابُ بَصَرِه.
و قال الفرزدق:
و منَّا خطيبٌ لا يُعَابُ و قائلٌ             و مَنْ هو يَرْجو فضلَهُ المتضيِّف‏

53
تهذيب اللغة12

ضيف ص 52

أي: و منا مَن يرجو المتضيّفُ الذي ينزل به ضيفاً فضله.
أبو عُبَيد عن الكسائي: امرأة ضيْفه بالهاء، و أنشد قول البَعيث:
لَقًى حَمَلَتْه أمُّه و هي ضَيْفَةٌ             فجاءت بيَتْنٍ للضيافة أَرْشمَا
و قال أبو الهيثم: معنى قوله: و هي ضيْفَةٌ، أي: ضافت يوماً فحبِلْت به في غير دار أهلها فجاءت بولد شَرِه.
و قال أبو الهيثم: و يقال: ضافت المرأة:
حاضتْ؛ لأنها مالت من الطُّهر إلى الْحَيْضِ، فأراد أنها حملتْه و هي حائض.
و قيل: معنى قوله: و هي ضيفة، أي:
ضافت قوماً فحبلت به في غير دار أهلها.
فضا:
قال الليث: الفضَاءُ: المكان الواسع.
و الفعلُ فَضَا يَفْضُو فُضُوّاً فهو فاضٍ.
و قال رؤبة:
أَفرَخَ قَيْضُ بيضها المُنْقَاضِ             عنكم كِراماً بالمقام الفاضي‏
و يقال: أفضى فلانٌ إلى فلان: إذا وَصل إليه؛ و أَصله أنه صار في فُرْجته و فضَائه.
أبو العباس عن ابن الأعرابي: أفضى الرجلُ: دخل على أهله.
قال: و أفضى أيضاً: إذا جامعها.
قال: و الإفضاء في الحقيقة: الانتهاء؛ و منه قولُ اللّه جلّ و عزّ: وَ كَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَ قَدْ أَفْضى‏ بَعْضُكُمْ إِلى‏ بَعْضٍ‏
 [النساء:
21]، أي: انتهى وَ أَوَى.
و قال: و أفضى: إذا افْتَقَرَ.
و يقال: أفضى الرجلُ جاريته: جامعهَا فصَيَّرَ مسلَكيْهَا مَسْلَكاً واحداً، و هي المفضاة من النساء.
و قال الفرّاء: العرب تقول: لا يُفضِ اللَّهُ فاك؛ من أفْضَيْت.
قال: و الأفضاء: أن تسقط ثناياه من تحت و من فوق و كلُّ أضراسه؛ حكاه شَمِر للفرّاء.
قلتُ: و من هذا إفضاء المرأة: إذا انْقطع الحِتار الّذي بين مسلَكَيْهَا.
و قال شَمِر: الفضاء: ما استوى من الأرض و اتسع.
قال: و الصحراءُ فضاءٌ.
قال: و مكانٌ فاضٍ و مُفْضٍ، أي: واسع.
و أرضٌ فضاءٌ و بَرَازٌ. و الفاضي: البارز.
و قال أبو النّجم يصف فرسَه:
أما إذا أمْسَى فَمُفْضٍ مَنْزِلُهْ             نجعلُه فِي مَرْبَطٍ و نجعلُه‏
مفضٍ: واسعٌ. و المُفْضَى: المتّسع.
و قال رُؤبة:
* خَوْقَاءُ مُفْضَاها إلى مُنْخاق*
أي: مُتّسعها. و قال أيضاً:
جاوَزْته بالقَوْم حتى أَفضَى‏

54
تهذيب اللغة12

فضا ص 54

بهمْ و أمضَى سَفَرٌ ما أمْضى‏
قال: أفضى بهم: بلغ بهم مكاناً واسعاً أَفضى بهم إليه حتى انقطع ذلك الطريق إلى شي‏ء يعرفونه.
و قال ابن شُميل: الفضَاءُ ما استوى من الأرض. و قد أَفضيْنَا إلى الفضاء، و جمعه أَفضِيَة.
و قال أبو زيد: يقال: تركتُ الأمر فضاً، أي: تركتُه غير مُحْكم.
و قال أبو مالك: يقال: ما بقيَ في كِنانته إلّا سَهْمٌ فضاً، أي: واحدٌ.
و يقال: بقيتُ من أقراني فَضَا، أي: بقيتُ وَحْدي؛ و لذلك قيل للأمر الضعيف غير المُحكَم: فَضاً، مقصورٌ.
و يقال: متاعُهم بينَهم فَوْضى فَضاً، أي:
مختلطٌ مشترك.
و قال اللِّحياني أمرُهم فوْضَى بينهم، وفضاً بينهم، أي: سواء بينهم، و أنشد:
طعامُهُم فَوْضَى فَضاً في رِحالِهمْ             و لا يُحْسِنون الشرَّ إلّا تَنادِيا
و يقال: هذا تمرٌ فَضاً في العَيْبَة مع الزَّبيب، أي: مختلِط، و أنشد:
فقلتُ لها يا خالتي لَكِ ناقتي             و تمْرٌ فَضاً في عَيْبَتي و زَبيبٌ‏
أي: منثور.
و يقال: الناس فَوْضَى: إذا كانوا لا أميرَ عليهم و لا مَن يَجْمَعهم.
فيض- فوض:
قال الأصمعيّ: فاضت عينُه تفيض فَيْضاً: إذا سالت. اللحياني: فاض الماءُ يفيض فيضاً و فُيوضاً و فيضاناً.
و فَاضَ الحديثُ: إذا انْتَشَرَ.
و يقال: أفاضت العينُ الدمعَ تُفيضه إفاضةً.
و أفاضَ فلانٌ دَمعَه، و أفاض إناءَه إفاضَةً:
إذا أَتْأَقَهُ. و قال اللّه جلّ و عزّ: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ‏
 [البقرة: 198].
قال أبو إسحاق: دلّ بهذا اللفظ أنّ الوقوف بها واجبٌ، لأن الإفاضة لا تكون إلّا بعد وقوف. و معنى:
أَفَضْتُمْ‏
؛ دفَعْتم بكثرة.
يقال: أفاض القومُ في الحديث: إذا اندَفَعوا فيه و أَكثروا.
و أفاضَ البعيرُ بجَرَّته: إذا رَمَى بها مفرَّقةً كثيرة.
و قال الراعي:
و أَفَضْنَ بعدَ كظومِهنّ بجرّةٍ             من ذي الأباطِح إذْ رَعَيْنَ حَقيلا
و أفاضَ الرجُل بالقِداح إفاضةً: إذا ضَرَب بها؛ لأنها تقع مُنْبَثَّةً متفرقة و يجوز:
أفاضَ على القِداح.
و قال أبو ذؤيب الهذليّ يصفُ الْحُمُر:
و كأنهنّ رِبابةٌ و كأنَّه             يَسَرٌ يُفيضُ على القِداح و يَصْدَع‏

55
تهذيب اللغة12

فيض فوض ص 55

قال: و كلُّ ما في اللغة من باب الإفاضة فليس يكونُ إلّا عن تفرُّق أو كثرة.
و قال الأصمعيّ: أرض ذاتُ فُيوض: إذا كان فيها ما يفيض حتى يعلو.
و يقال: أعطى فلانٌ فلاناً غَيْضاً من فَيْض، أي: أعطاه قليلًا من كثير و نهر البصرة يسمى الغيض. و قال اللحياني:
يقال: شارك فلان فلاناً شركة مفاوضة، و هو أن يكون مالهما جميعاً من كل شي‏ء يَمْلِكانِه بينهما.
و يقال: أمرُهم فَيْضُوضَى بينهم، و فَيْضِيضى و فَوْضُوضى بينهم.
قال: و هذه الأحرف الثلاثة يجوز فيها المد و القصر.
و قال أبو زيد: القومُ فَيْضوضَى أمرُهم، و فَيْضُوضَى فيما بينهم: إذا كانوا مختلطين، يلبَس هذا ثوبَ هذا، و يأكل هذا طعامَ هذا، لا يؤامِرُ واحدٌ منهم صاحبَه فيما يفعَل في أمره.
و قال الليث: تقول: فوّضتُ الأمرَ إليه، أي: جعلتُه إليه.
قال اللّه جلَّ و عزَّ: وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ‏
 [غافر: 44]، أي، أَتَّكل عليه و صار الناس فَوْضَى، أي: متفرِّقين، و هو جماعة الفائض، و لا يُفرد كما لا يُفرد الواحد من المتفرِّقين.
و يقال: الوحْشُ فَوْضى، أي: متفرِّقة تتردّد. و الناسُ فَوْضَى: لا سَراةَ لهم تجمعهم.
و فاضَ الماءُ و المطرُ و الخيرُ: إذا كثر، يَفيض فَيْضاً.
و فاضَ صدرُ فلانٍ بسِرّه: إذا امتلأ.
و الحوضُ فائضٌ، أي: ممتلى‏ءٌ يسيل الماءُ من أعلاه.
قال الليث: و حديثٌ مُسْتفاض: مأخوذٌ فيه، قد استفاضوه، أي: أخذوا فيه.
قال: و مَن قال مستفيض فإنه يقول: ذائع في الناس؛ مثلُ الماء المستفيض.
قلت: قال الفرّاء و الأصمعيّ و ابنُ السّكيت و عامّةُ أهل اللغة: لا يقال:
حديثٌ مستفاض قالوا: و هو لَحْنٌ ليس من كلام العرب، إنما هو مولّد من كلام الحاضرة. و الصواب: حديثٌ مستفيض، أي: منتشرٌ شائع في الناس، و قد جاء في شعر بعض المُحَدثين:
* في حديثٍ من أمره مُستفاض*
و ليس بالفصيح من كلامهم.
أبو عُبَيد: امرأة مُفاضَة: إذا كانت ضَخمَة البَطن، مسترخيَةَ اللَّحْم، و هو عيبٌ في النّساء.
و استفاض المكانُ: إذا اتَّسع فهو مُستفيضُ؛ و قال ذو الرّمة:
* بحَيْثُ استفاض القِنْعُ غَرْبيَّ وَاسِطِ*
و فَيَّاض: من أسماء الرجال. و فيّاض:

56
تهذيب اللغة12

فيض فوض ص 55

اسمُ فَرَسٍ من سَوابق خَيل العَرب، و فرسٌ فَيْضٌ و سَكْبٌ: كثيرُ الجَرْي.
و
في حديثٍ جاء في ذكر الرِّجال: «ثم يكون على أثر ذلك الفَيْضُ»
. قال شَمِر: سألتُ البكراويّ عنه فقال:
الفَيْضُ: الموتُ ههنا، و لم أسمعْه من غيره إلّا أنه قال: فاضتْ نفسُه، أي:
نزعه عند خروج روحه.
و قال أبو تراب: قال ابن الأعرابي: فاض الرجل و فاظ: إذا مات. و كذلك فاظت نفسه.
و قال أبو الحسن اللحياني: فاضت نفسه الفِعْلُ للنَّفْس.
و فاض الرجلُ يَفيضُ، و فاظَ يَفيظُ فَيْظاً و فُيُوضاً.
و قال أبو ربيعة: قال الأصمعي: لا يقال:
فاضَتْ نفسُه و لا فاظَتْ؛ و إنما هو فاضَ الرجلُ و فاظَ.
و قال الأصمعي: سمعتُ أبا عمرو يقول:
لا يقال: فاظتْ نفسُه، و لكن يقال: فاظَ:
إذا مات- بالظاء- و لا يقال: فاض- بالضاد- بتّةً؛ و قال رُؤبة:
و الأَزْدُ أَمْسَى شِلْوُهمْ لُفاظا             لا يَدْفِنون منهمُ من فاظا
و قال ابن السكيت: فاظ الميت يَفيظ فَيْظاً، و يَفُوظُ فوضاً.
قال: و زعم أبو عُبَيدة: فاضت نفسُه لغةٌ لبعض بني تميم، و أنشد:
تجَمَّع الناس و قالوا عُرْسٌ             فقُقِئَتْ عينٌ و فاضت نَفْسٌ‏
فأنشده الأصمعي فقال:
* إنَّما هو: وَطَنَّ الضِّرْسُ*
و قال أبو الحسن اللِّحياني.
قال الأصمعي: حان فَوْظَه، أي: موتُه.
و قال الفرّاء: يقال: فاضَتْ نفسه تفيض فَيْضَاءً فُيوضاً، و هي في تميم و كلْب، و أفصح منها و آثر: فاظتْ نفسه فُيوظاً.
و قال أبو الحسن: قال بعضهم: فاظَ فلانٌ نفسه، أي: قاءها. و ضرَبْتُه حتى أفظتْ نفسه.
و قال شمر: قال الكسائيّ: إذا تَفَيّظوا أنفسهم، أي: تَقَيَّئُوها.
أبو عُبيد عن الكسائي: هو يَفيظُ نفسَه، و فاظت نفسُه، و فاظ هو نفسُه و أفاظَه اللّه نفسَه، و أنشد غيره:
فهتكتُ مهجةَ نفسِه فأفْضتُها             و ثأَرْته بمُعَمّم الحِلْمِ‏
و قال شمر: قال خالد بن جَنْبة: الإفاضةُ:
سُرْعة الرّكْض. و أفاضَ الراكب: إذا دفع بعيرَه شدّاً بين الجَهْد دون ذلك.
قال: و ذاك نصفُ عَدْوِ الإبل عليها الرُّكْبان، و لا تكون الإفاضةُ إلا و عليها الرُّكْبان.

57
تهذيب اللغة12

وفض ص 58

وفض:
في حديث النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «أنه أَمَر بصدقةٍ أن توضَع في الأوْفاض».
قال أبو عبيد: قال أبو عمرو: الأوْفاض:
هم الفِرَق من الناس و الأخلاط.
قال: و قال الفراء: هم الذين مع كل منهم وَفْضَة، و هي مِثل الكِنانة يُلقِي فيها طعامَه.
قال أبو عبيد: و بلغني عن شريك أنه قال في الأوفاض: هم أصلُ الصُّفّة.
قال أبو عبيد: و هذا كلّه عندنا واحد، لأنَّ أهلَ الصُّفّة إنما كانوا أخلاطاً من قبائلَ شتَّى، و أمكن أن كان يكون مع كل رجل منهم وفْضَةٌ كما قال الفراء.
و قال ابن شميل: الجَعْبةُ المستديرةُ الواسعةُ التي على فَمها طَبَق من فوقها، و الوفْضة أصغرُ منها، و أعلاها و أسفلُها مُستَوٍ، و أنشد غيره بيتَ الطِّرماح:
قد تجاوزْتُها بَهضَّاء كالجِنَّة             يَخْفون بعضَ قَرْع الوِفاض‏
الهضّاء: الجماعةُ شبّههم بالْجِنّة لمرادتهم.
سلمة عن الفراء في قول اللّه جلّ و عزّ:
كَأَنَّهُمْ إِلى‏ نُصُبٍ يُوفِضُونَ‏
 [المعارج: 43].
قال: الإيفاضُ: الإسراع.
و قال الراجز:
لأنْعَتَنْ نعامةً مِيْفاضَاً             خرجاءَ ظلَّت تَطْلُب الإضاضَا
و قال الليث: الإبلُ تَفِضُ وَفْضاً، و تَسْتَوْفِض، أوفَضَها راكبُها.
و قال ذو الرمَّة يصف ثوراً وحشيّاً:
طاوِي الحشا قَصَرتْ عنه مُحرَّجةٌ             مُسْتَوفَضٌ من بَنَاتِ القَفْر مَشْهُومُ‏
قال الأصمعي: مستوفَض، أي: أفْزَع فاستَوْفَض، و أوْفَض: إذا أسْرع.
و قال أبو زيد: يقال: مالي أراكَ مستوفضاً، أي مَذْعُوراً.
و قال أبو مالك: استُوْفِض، أي:
استُعْجل. و أنشد:
* تَعوِي البُرَى مُسْتَوْفِضاتٍ وفْضاً*
ثعلب عن ابن الأعرابي: يقال للمكان الّذي يُمسِك الماء الوفاضُ و المَسَكُ و المسَاك، فإذا لم يُمْسِك الماء فهو مُسْهِب.
وضف:
قال أبو تراب: سمعتُ خليفة الحُصَينيّ يقول: أوْضَفَتْ الناقةُ و أوْضَعَتْ: إذا خَبَّتْ. و أوضَعتُها فوَضَعَتْ و أوضفتُها فوضفت، أي: أخبيْتُها فَخَبَّتْ.
فضا:
أبو عبيد عن الأصمعي في باب الهمز: أفضأْتُ الرجلَ: أطعمْتُه.
قلت: هكذا رواه شمر لأبي عبيد بالفاء، و أنكَرَهُ شمر و حَقَّ له أن يُنْكِرَه، لأنّه مصحَّف، و الصواب: أقْضأْتُه بالقاف: إذا أطعَمْتَه، كذلك قال ابن السكيت. و قد مَر

58
تهذيب اللغة12

فضا ص 58

في باب القاف، و اللّه أعلم.
باب الضاد و الباء
ض ب‏
 (و ا ي ء) ضوب، ضيب، بيض، ضبأ، أبض، ضبا: بغير همز.
ضوب- ضيب:
أبو العباس عن سلَمة عن الفراء: ضابَ الرجلُ: إذا استَخفَى.
و باض: إذا أَقامَ بالمكان.
قال و قال ابن الأعرابيّ: ضابَ: إذا خَتَل عَدُوّاً.
و قال ابن المظفَّر: بلغني أن الضَّيْب شي‏ء من دَوابّ البحر، و لستُ على يقينٍ منه.
و قال أبو تراب: سمعتُ أبا الهَمَيْسَع الأعرابيَّ يُنشد:
إنْ تَمنَعي صَوْبَكِ صَوْبَ المَدْمَعِ             يَجرِي على الخدّ كصَيْبِ الثَّعْثَع‏
قلت: و الثّعثَع: الصَّدَفَةُ، و صَيْبُه: ما في جوْفه من حَبّ اللؤلؤ؛ شَبَّه قَطرات الدموع به.
و قال أبو عمرو: الضُّوبان من الجمال:
السمين الشديد، و قال الشاعر:
على كلّ ضُوبانٍ كأن صَريفَه             بنابَيْه صوتُ الأخْطبِ المترنِّم‏
و قال الراجز:
لمّا رأيتُ الهمّ قد أجْفاني             قَرَّبْتُ للرَّحْل و للظِّعان‏
* كلَّ نِيَافِيّ القَرَا ضُوبانِ*
و النيافيّ: الطويلُ المشرِف.
بيض:
أبو العباس عن ابن الأعرابي قال:
باض يَبوضُ بَوْضاً: إذا أقام بالمكان.
و باضَ يَبوضُ بَوْضاً: إذا حسُن وجهُه بعد كَلَف؛ و مثلُه بَضَّ يَبَضُّ بَضَضاً. قال:
و بَضَا: إذا أقام بالمكان أيضاً.
أبو عُبَيد عن العَدَبَّس الكِنانيّ: باضت البُهْمى: سقَطتْ نِصالُها.
و قال غيره: باض الحرُّ: إذا اشتدّ.
و روَى سَلَمة عن الفراء: باض: إذا أقام بالمكان.
أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال:
باض السحابُ: إذا أمطر. و أنشد:
باض النعامُ به فنَفّر أهلَه             إلّا المقيمَ على الدَّوا المتأَفِّنِ‏
قال: أراد مَطَراً وقَع بنَوْء النعائم. يقول:
إذا وقع هذا المطرُ هرَب العقلاء و أقامَ الرجلُ الأحمق.
و قال الليث: البَيضُ معروف، و الواحدة بَيضة. و دَجاجة بَيوض، و دجاجٌ بُيُضٌ للجماعة، مثلُ: حُيُدٍ جمع حَيود، و هي التي تحيد عنك.
و بَيْضةُ الحديد معروفة. و بيضةُ الإسلام:
جماعتُهم.
و الجاريةُ بَيْضَةُ الخِدْرِ، لأنها في خِدرها مكنونة.

59
تهذيب اللغة12

بيض ص 59

قال امرؤ القيس:
و بَيْضةِ حِدْرٍ لا يرامُ خِباؤُها             تمتَّعْت من لَهوٍ بها غيرَ مُعْجَلِ‏
و يقال: ابْتيضَ القومُ: إذا استُبيحتْ بيْضَتهم و ابتاضَهم العَدُوُّ: إذا استأصَلَهم.
قال: و يقال: غُراب بائِضٌ، و ديكٌ بائض، و هما مثل الوالد.
قلت: يقال: دَجاجةٌ بائض بغير هاء، لأن الدِّيك لا يبيض.
و قال الليث: بيْضةُ العُقْر: مَثَلٌ يُضْرَب و ذلك أن تُغْتَصب الجارية فتُفْتَضّ فتجرَّب ببَيضة، و تسمى تلك البيضةُ بيضةَ العُقر.
و قال غيرُ الليث: بَيضة العُقْر: بيْضةٌ يبِيضُها الديك مرّة واحدةً ثم لا تعود، تُضرَبُ مَثلًا لمن يصنعُ صَنيعةً إلى إنسان ثمّ لا يَرُبُّها بمثلِها.
و قال الليث: بيْضة البَلَد: هي تَرِيكة النَّعامة.
و قال أبو حاتم في كتابه في الأضداد:
فلانٌ بيْضةُ البلد: إذا ذُمَّ، أي: قد أُفرِد و خُذل فلا ناصرَ له.
قال: و قد يقال ذلك في المدح، و أنشد بيت المتلمِّس في موضع الذّمّ:
لكنّه حَوْض مَن أَؤْدَى بإخوتِه             رَيْبُ الزمان فأضحى بيضةَ البَلدِ
و قال الراعي لابن الرِّفاع العامليّ في مثل هذا المعنى:
تأبَى قُضاعة أن تَعْرِفْ لكم نسَباً             و ابْنَا نِزارٍ فأنْتُم بيضةُ البَلَدِ
كان وجْه الكلام أن تعرفَ؛ فسكّن الفاء لحاجتِه إلى الحركة مع كثرة الحركات.
أراد أنه لا نَسَب له و لا عَشرةَ تَحميه.
و قال حسان بنُ ثابت في المَدْح ببَيْضة البَلَد:
أَرى الجلابيبَ قد عَزُّوا و قد كثُروا             و ابنُ الفُرَيعةِ أَمسى بيْضةَ البَلدِ
قال: و هذا مَدْح، و ابن الفُريعَة أبوه، و أراد بالجلابيب: سَفِل الناس و عَثْرَاءَهم.
قلت: و ليس ما قاله أبو حاتم بجيِّد، و معنى قول حسَّان: أن سَفِل الناس عَزُّوا بعد ذِلّتهم و كَثروا بعد قلتهم، و ابن الفُريعَة الذي كان ذا ثروةٍ و ثراءِ عِزٍّ أُخِّر عن قديم شرفِه و سُودَدِه و استُبِدّ بإمضاء الأمور دونَه و دون وَلَدِه، فهو بمنزِلة بيْضة البَلَد التي تبِيضها النعامة ثم تترُكها بالفَلاة فلا تَحضنها فتَبقَى تَريكةً بالفَلاة لا تُصان و لا تحضَن.
و روَى أبو عمرو عن أبي العباس أنه قال:
العربُ تقول للرجل الكريم: هو بَيْضةُ البَلَد يمدحونه. و يقولون للآخر: هو بيْضة البلد: إذا ذَمُّوه.
قال: فالممدوح يُراد به البَيْضة التي تَصونُها النعامة و تُوقِّيها الأذى، لأنّ فيها

60
تهذيب اللغة12

بيض ص 59

فرخَها فالممدوح من ههنا، فإذا انفلقَتْ و انقاضتْ عن فَرْخها رَمَى بها الظَّليم فتَقَع في البلد القَفْر، عن ههنا ذُمَّ الآخَر.
و قال أبو زيد: البَيْضةُ: بيْضةُ الحِبْن.
و البَيْضةُ: أصلُ القوم و مجتمعُهم، و يقال:
أتاهم العدوُّ في بَيْضتِهم، و قد ابْتِيضَ القومُ: إذا أُخِذَتْ بَيْضتُهم، عَنْوة.
و بيْضة القَيْظ: شِدَّة حرِّه.
قال الشمّاخ:
طَوَى ظمأها في بَيْضة القَيْظ بعد ما             جَرَى في عَنانِ الشِّعْرَيَيْنِ الأماعِز
و البَيْضة: بَيْضةُ الخُصية.
ابن نجدة عن أبي زيد فيما رَوَى أحمدُ بن يحيى عنه:
يقال لوَسَط الدار: بَيْضةٌ، و لجماعةِ المُسْلمين: بَيْضة، و لوَرَمٍ في رُكْبة الدّابة:
بيْضةً.
و قال ابن شميل: أفرَخَ بيْضةُ القَوم: إذا ظهر مكتومُ أمْرِهم. و أفرَخت البيضةُ: إذا صار فيها فَرخ.
شمر عن ابن الأعرابي: البِيضةُ، بكَسرِ الباء: أرض بالدَّ وَ حَفَروا بها حتّى أتتْهم الرِّيح من تحتهم فرفعتْهم و لم يَصِلوا إلى الماء.
قال شمر: و قال غيره: البِيضةُ: أرضٌ بَيضاءُ لا نَباتَ بها، و السَّوْرَة: أرضٌ بها نَخِيل، و قال رؤبة:
يَنْشقُّ عَنّي الحَزْنُ و البَرِّيتُ             و البِيضَةُ البَيْضاءُ و الخُبُوتُ‏
قلتُ: رأيتُ بخطّ شمر: البِيضة، بكسر الباء، ثم حكي عن ابن الأعرابيّ قولَه.
و قال ابن حبيب في بيت جَرير:
قَعيدكما اللّه الّذي أنتُما له             ألَمْ تَسمعا بالبَيْضَتين المُنادِيا
ثم قال: البِيضة- بالكسر-: بالحَزْن لبَني يَرْبوع. قال: و البَيْضة- بالفتح-:
بالصَّمّان لبني دَارِم.
و قال أبو سعيد الضّرير: يقالُ لِما بين العُذَيْب و العقَبة: بَيْضة. قال: و بعد البَيْضة البَسِيطةُ.
سَلَمة عن الفرّاء قال: الأبيَضان: الماءُ و الحِنْطة. قال: و الأبْيضان عِرْقا الوَرِيد.
ثعلبٌ عن ابن الأعرابيّ: يقال: ذَهَب أبيَضاهُ شَحْمه و شبَابُه و نحو ذلك. قال أبو زيد:
و قال أبو عُبَيدة: الأبيَضان: الشَّحْمُ و اللَّبن.
و قال الأصمعيّ: الأبيَضان: الخُبز و الماء و لَم يَقُله غيرُه. و قيل: الأبيَضان: اللّبَن و الماء، و أنشد أبو عُبَيد:
و لكنه يأتي إلَى الحَوْلِ كلُّه             و ما لِيَ إلّا الأبْيَضانِ شراب‏

61
تهذيب اللغة12

بيض ص 59

من الماء أو من دَرِّ وَجْنَاء ثَرَّةٍ             لها حالبٌ لا يَشتكِي و حِلابُ‏
و قال ابن السكّيت: الأبيَضان: اللّبن و الماء، و احتجّ بهذا البيت.
أبو عُبَيد عن الكسائيّ: ما رأيتُه مُذْ أجْرَدان، و مُذْ جَرِيدان و أبيضان: يريد:
يومين أو شهرين.
و قال الليث و غيرُه: إذا قالت العرب:
فلانٌ أبيَضُ، و فلانة بيضاءُ فالمعنى نَقاءُ العِرْض من الدَّنَس و العُيُوب، و من ذلك قولُ زُهير يَمْدَح رَجُلًا:
أشمّ أبيَض فيّاض يُفَكِّك عَنْ             أيْدي العُناةِ و عن أعناقِها الرِّبَقا
و قال الآخر:
أُمُّكَ بيضاءُ من قضاعةَ في الْ             بيت الذي تَستظَلّ في طُنُبِهْ‏
و هذا كثيرٌ في كلامِهم و شعرهم، لا يَذهبون به إلى بياضِ اللّون، و لكنّهم يريدون المَدحَ بالكرم و نَقاء العِرْض من العيوب و الأَدْناس.
و إذا قالوا: فلانٌ أبيَضُ الوَجْه، و فلانة بيضاءُ الوَجْه، أرادوا نَقاءَ اللَّون من الكَلَف و السّوادِ الشائن.
و قال أبو عُبَيد: قال الكسائي: بايضني فلان فبضته، من البياض.
و يقال: بَيّضتُ الإناءَ و السِّقاءَ: إذا ملأتهُ.
و بَيْضاءُ بني جَذِيمة في حدود الخَطّ بالبَحْرين، كانت لعبد القيس و بَني جَذيمة، و فيها نَخِيل كثيرةٌ و أحساءٌ عَذْبة، و آطام جَمّةٌ، و قد أقمت بها مع القَرامِطة قَيْضة.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: البَيْضاء:
الشَّمس؛ و أنشدَ قولَ الشاعر أحسَبه ذا الرُّمَّة:
و بَيْضاء لم تُطبَع و لم تَدْرِ ما الخَنَا             تَرَى أعيُنَ الفِتْيان من دُونها خُزْرَا
و البَيْضاء: القِدْر؛ قال ذلك أبو عَمْرو.
قال: و يقال للقِدر أيضاً: أمُّ بَيْضاءَ.
و أَنشدَ قولَ الشاعر:
و إذْ ما يُريحُ الناسَ صَرْماءُ جَوْنةٌ             يَنُوسُ عليها رَحْلُها ما يُحَوَّلُ‏
فقلتُ لها يا أُمَّ بَيْضاءَ فِتيةٌ             يَعُودكِ منهمْ مُرحِلون و عُيَّل‏
قال الكسائي: (ما) في معنى الّذي في قوله: و إذْ ما يُريح، قال: و صَرْمَاءُ خَبرَ الّذي.
و قال ابنُ الأعرابيّ: البَيضاء: حِبالَةُ الصائد. و أَنشَد:
و بَيْضاء مِن مال الفَتَى إنْ أراحَها             أَفادَ و إلّا مالُه مالُ مُقتِرِ
يقول: إنْ نشب فيها عَيْرٌ فجَرَّها بقِيَ صاحبُها مُقْتراً.
سَلَمة عن الفرّاء: العَرَبُ لا تقول حَمِر

62
تهذيب اللغة12

بيض ص 59

و لا بَيض و لا صِفر، و ليس ذلك بشي‏ء، إنما يُنظَر في هذا إلى ما سُمع من العرب، يقال: ابيَّض و ابياضّ، و احمرّ و احمارَّ.
قال: و العَربُ تقول: فلانة مُسْودةٌ و مُبْيضةٌ: إذا وَلدتِ البيضانَ و السُّودَان، و أَكثَرُ ما يقولون مُوضحة: إذا وَلَدَت البِيضان.
قال: و لُعبةٌ لهم يقولون: أَبِيض حَبالا، و أَسِيدي حبالا.
قال: و لا يقال: ما أبيَض فلاناً، و ما أحمَر فلاناً، من البياض و الحُمرة، و قد جاء ذلك نادِراً في شِعْرٍ قديم:
أمّا المُلوكُ فأنْتَ اليومَ ألأَمهمْ             لُؤْماً و أبيَضهم سِربالَ طبّاخ‏
و يقال: بيّضتُ الإناءَ: إذا فرّغْتَه، و بيّضْتُه: إذا مَلأْتَه؛ و هذا من الأضداد.
و قال ابن بُزُرْج: قال بعضُ العرب: يكون على الماءِ بَيْضاءُ القِيْظ، و ذلك عند طلوع الدَّبَران إلى طُلوع سُهَيل.
قلتُ: و الذي حفظتُه عن العرب: يكون على الماء حَمْراءُ القَيْظ؛ و حِمِرُّ القَيْظ، و حَمَارَّةُ القَيْظ.
و مَبِيضُ النَّعام و الطَّيرِ كله: الموضعُ الذي يبيضُ فيه.
و المُبَيِّضَةُ الذين يُبَيِّضون راياتِهم، و هم الحَرُورِيَّة، و جمع الأَبْيَض و البَيضاء:
بِيض.
أبض:
أبو العبّاس عن ابن الأعرابي قال:
الأبْض: الشَّدّ. و الأبْض: التَّخْلِيةُ.
و الأبْضُ: السكون. و الأبْض: الحَرَكة، و أَنشَد:
* تَشْكو العُروقَ الآبِضاتِ أَبْضَا*
قلتُ: و الأبْضُ: شَدُّ يَدِ البعير بالإباض، و هو عِقالٌ يُنشَب في رُسْغ يدِه و هو قائم، فيُثْنَى بالعِقَال إلى عَضُده و يُشَدُّ. و يُصَغَّر الإباضُ أُبَيْضاً.
و مَأْبِضا البَعيرِ: ما بطن من رُكْبَتَي يدِه إلى مُنتهَى مِرْفَقَيه. و يقال للغُراب: مُؤْتَبِضُ النَّسَا، لأنّه يَحجِل كأنّه مَأْبُوض، و قال الشاعر:
و ظَلَّ غُرابُ البَيْن مؤتَبِض النَّسَا             لَه في ديارِ الجارَتَين نَعِيقُ‏
و قال أبو عُبَيدة: يُستحبّ من الفَرَس تأَبُّض رِجْليه و شَنَجُ نَساه.
قال: و يعرفُ شَنَجُ نَسَاه بتأبُّض رِجْلَيه و تَوَتُّرهما إذا مَشَى.
قال: و الإباضُ: عِرْقٌ في الرِّجْل؛ يقال للفرس إذا تَوتر ذلك العِرقُ منه: مُتأبِّض.
و قال ابن شميل: فرسٌ أبُوضُ النَّسا كأنه يَأْبِض رِجْلَيه من سُرْعَة رفعهما عند وضعهما.
أبو عُبَيد عن أبي زيد: الأُبُضُ: الدّهر، و قال رؤبة:
* في حِقْبةٍ عِشْنا بذاكَ أُبْضَا*

63
تهذيب اللغة12

أبض ص 63

و جمعُه آباض.
و قال لَبيد يصف إبَل أخيه:
كأن هِجَانها متأبِّضاتٍ             و في الأَقْرانِ أصوِرَةُ الرَّغامِ‏
متأبِّضات، أي: مَعْقولات بالأُبُض، و هي منصوبةٌ على الحال.
ضبا:
الحرّانيُّ عن ابن السكيت: يقال:
ضَبَتْه النارُ و الشمسُ تَضْبُوه ضَبْواً، و ضَبَحَتْه ضَبْحاً: إذا لَوَّحَتْه و غَيَّرَتْه.
 [ضبأ]:
قال اللّحياني: يقال: أَضْبَأ على ما في يديه و أَضْبَى و أَضَبّ: إذا أمسَكَ.
قال: و أَضبَأَ على ما في نفسِه: إذا كَتَمه.
و أَضَبّ على ما في نفسه، أي: سَكَنت.
و قال أبو زيد: ضبَأْتُ في الأرض ضَبَأ و ضُبُوءاً: إذا اختبأَتَ.
أبو عُبَيد عن أبي زيد: أضبَأَ الرجُل على الشي‏ء إضْباءً: إذا سَكَت عليه و كَتَمه، و هو مُضْبِئٌ عليه.
قال: و قال الكسائيّ: أضبَيْتُ على الشي‏ء: إذا أشرفْتَ عليه أن أظْفَر به.
و قال الليث: ضَبَأَه الذئبُ يَضْبَأُ: إذا لَزِق بالأرض أو بِشَجر ليَختِلَ الصَّيْدَ؛ و من ذلك سمِّي الرجلُ ضابئاً، و أنشدَ:
إلَّا كُمَيْتاً كالقَناةِ و ضابِئاً             بالفَرْجِ بين لَبانِه و يَدِهْ‏
يصف الصَّيادَ أنه ضبأَ في فُروج ما بين يدَيْ فرسِه ليَخْتِلَ به الوَحْش، و كذلك الناقة تُعلَّم ذلك، و أَنشَدْ:
لمَّا تَفَلَّق عنه قَيْضُ بَيْضتِه             آواه في ضِبْن مَضْبِيٍّ به نَضَبُ‏
قال: و المَضْبَأُ: المَوْضعُ الذي يكون فيه، يقال للناس: هذا مَضْبَؤكم، أي:
موضعكم، و جمعُه مَضابئ.
و قال الليث: الأَضْباءُ: وَعْوَعةُ جَرْوِ الكَلْب إذا وَحْوَح، و هو بالفارسيّة فحنجه.
قلتُ: هذا عندي تصحيف. و صوابُه:
الأصْياء- بالصاد- من صأَى يَصْأَى، و هو الصَّئِيُّ.
أبو عُبَيدة عن الأُمَوي: اضطبأْتُ منه: إذا استحييت.
قلت: و قد مَرَّ تفسيره و تفسير اضْطَنَأْتُ بالنون.
و أخبَرَني المنذريُّ عن أبي أحمد البربريّ عن ابن السكّيت عن العُكْلِيّ أن أعرابيّاً أنشَدَه:
فَهاءَوا مُضابِئةً لم يُؤَلّ             بادِئَها البَدْءُ إذْ تَبدَؤُهُ‏
قال ابن السكّيت: المُضابِئة: الغِرارة المُثقَلة تُضْبِئُ مَن يَحْمِلُها تحتها، أي:
تُخفيه. قال: و عَنَى بها القصيدةَ المنبورة و قولُه: لم يُؤَلّ، أي: يُضعَّف بادئَها الذي ابتدأها.

64
تهذيب اللغة12

ضبأ ص 64

قال: هاءُوا، أي: هاتُوا.
باب الضاد و الميم‏
ض م‏
 (و ا ى ء) ضيم، ضمى، مضى، و ضم، ومض، أمض، (وميض)، أضم.
ضيم:
قال اللّيثُ: ضامَه في الأمر، و ضَامَهُ حَقّه يَضِيمه ضَيْما: و هو الانتقاص.
و يقال: ما ضِمْتُ أحداً، و لا ضُمْتُ، أي: ما ضامَني أحد. و المَضِيمُ:
المَظلومُ.
ضمي:
أبو العبَّاس عن ابن الأعرابي قال:
ضَمَى: إذا ظَلم.
قلتُ: كأنه مقلوبٌ عن ضامَ، و كذلك بَضَى: إذا أقام، مقلوبٌ عن باضَ.
مضى:
يقال: مضيْتُ بالمكان، أو مضَيْتُ عليه.
و قال ابن شُميل: يقال: مَضَيْتُ ببيعي، أي: أجَزْتُه. و قد ماضَيْتُه، أي: أجَزْتُه.
و يقال أيضاً: أمضَيْتُ بَيْعي، و مَضَيْتُ على بَيْعي، أي: أجزْتُه.
ابن السكّيت عن أبي عُبَيدة عن يونس:
مَضَيتُ على الأمر مُضُوّاً؛ و هذا أمرٌ مَمْضُوٌّ عليه، جاء به في باب فَعُول بفتح الفاء.
أبو عُبَيد: المُضَوَاءُ: التقدُّم.
و قال القُطاميّ:
* فإذا خَنَسْنَ مَضَى على مُضَوَائه*
و يقال: مضى الشي‏ءُ يَمضي مُضُوّاً وَ مضاءً.
قال الليث: الفَرَس يُكنى أبا المضَاء.
و يقال للرجل إذا مات: قد مَضَى.
أمض:
قال الليث: أَمِضَ الرجلُ يأمَض فهو أمِضٌ: إذا لم يُبالِ المعاتَبة، و عَزِيمتُه ماضيةٌ في قَلْبه، و كذلك إذا أبْدَى بِلسانِه غيرَ ما يُريد. قلت: لم أسمعْ أمِضَ لغير الليث و لا أعرفه.
ومض:
قال الليث: الوَمْضُ و الوَمِيضُ: مِنْ لمعَان البَرْق و كلِّ شي‏ء صافي اللّون.
و يقال: أومضَتْه فلانة بعَيْنها: إذا برّقَتْ له.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: الوَمِيضُ: أن يومِضَ البَرقُ إيماضةً ضعيفةً ثم يَخفَى ثم يُومِض، و ليس في هذا يأسٌ من مَطر قد يكون و قد لا يكون.
و قال شَمِر و غيره: يقال: ومَض البرقُ يَمِضُ، و أَوْمَض يُومِضُ، و أنشد:
تَضحَك عن غُرِّ الثّنايا ناصعٍ             مِثلِ وَمِيض البَرقِ لمَّا عَنْ وَمَضْ‏
يريد: لمَّا أنْ وَمَضَ.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: في البَرْق الإيماض و هو اللَّمْع الخَفِيّ.
أضم:
أبو عُبَيد عن الأصمعي و أبي عمرو:

65
تهذيب اللغة12

أضم ص 65

الأضَمُ: الغَضَبُ. و قد أَضِمَ يأضَم أضماً فهو أضِم.
و إضَمٌ: اسمُ جبل بعينه.
و أنشد ابن السكيت:
* شُبّتْ بأعلى عانِدَين مِنْ إضَمْ*
وضم:
رُوِي عن عمر بنِ الخطَّاب أنه قال:
إنما النّساءُ لحمٌ على وَضَم إلّا ما زُبَّ عنه.
قال أبو عبَيد عن الأصمعي: الوَضَمُ:
الخشبَة أو البارِيَة التي يوضع عليها اللّحم يقول: فهنّ في الضَّعف مِثلُ ذلك اللَّحم الّذي على الوَضَم، و شَبَّه النساءَ به لأنّ من عادة العرب في بادِيَتها إذا نُحِر بعيرٌ لجماعته يَقْتسمون لحمه أن يَقْلعوا شجراً كثيراً و يُوضَم بعضُه على بعض، و يُعَضَّى اللحمُ و يوضَع عليه، ثم يُلقَى لحمهُ عن عُراقِه و يُقطَّع على الوَضَم هَبْراً للقَسْم، و تُؤجَّج نار، فإذا سقَط جَمْرُها اشتَوى مَن حضَر شِوايةً بعد شِوايةٍ على ذلك الجَمْرِ، لا يُمنَع أحدٌ منه، فإذا وقَعتْ فيه المقاسم و أحرَز الشركاءُ مقاسِمَهم حَوَّل كلُّ شريك قَسَمه عن الوَضَم إلى بيته، و لم يَعرِض أحد لما حازَه. فشبه عمرُ النساءَ و قلَّةَ امتناعِهنّ على طُلّابهنّ من الرجال باللَّحم ما دام على الوَضم.
أبو عُبَيد عن أبي زيد: الوَضَمُ: كلُّ ما وَقَيْتَ به اللَّحمَ من الأرض، يقال:
أوضَمْتُ اللحم، و أوْضَمْتُ له.
قال: و قال الكسائيّ: إذا عملتَ له وَضَماً.
قلتَ: وَضَمْتُه أضِمُه، فإذا وضَعت اللّحم عليه قلت: أوضَمْتُه.
أبو عُبَيد عن أبي عمرو: الوَضِيمَةُ: القوْم ينزِلون على القَوْم و هم قليل فيُحسِنون إليهم و يُكرِمونهم.
باب اللفِيف من حرف الضاد
ضوى، ضاء، ضوضى، ضيضى، أضا، أضّ، آض، وضوء، يضض، الضوة، الضواة، ضأى.
ضوى:
قال الليث: الضَّوَى- مقصور-:
الضاوي، و يمدّ فيقال: ضاوِيٌّ على فاعُول. و الفِعْلُ: ضَوِيَ يَضوَى ضَوًى فهو ضاوٍ، و هذا الذي يُولَد بين الأخ و الأُختِ و بين ذَوِي المحارم.
و قال ذو الرّمّة يصفُ الزَّنْد و الزَّنْدة:
أخوها أبوها و الضَّوَى لا يضيرُها             و ساقُ أبيها أمُّها اعْتُصِرَتْ عَصْرَا
وصَفَ نارَ الزَّنْد و الزَّنْدة حين تُقتَدح منهما.
و سُئل شَمِر عن الضاوي فقال: جاء مشدَّداً، و قال: رجلٌ ضاوِيٌّ بيِّنُ الضاوِيّة.

66
تهذيب اللغة12

ضوى ص 66

و رَوَى الفرّاء أنه قال: ضاوِيٌّ: ضعيفٌ فاسدٌ، على فَاعُولُ مِثل ساكُوت. و تقول العَرَب من الضاوي مِن الهُزال: ضَوِيَ يَضوَى ضَوىً، و هو الذي خرَج ضعيفاً.
ثعلب عن ابن الأعرابي: أضْوَت المرأة؛ و هو الضوَى، و رَجُلٌ ضاوِيٌّ: إذا كان ضعيفاً، و هو الحارِضُ.
و قال الأصمعيّ: المؤَدنُ الذي يُولَد ضاوِياً.
و
في الحديث: «اغْتَرِبوا لا تُضووا»
و معناه: أنكِحُوا في الغرائب فإنّ ولدَ الغَريبة أنجَبُ و أقوَى، و أولادَ القرائب أضعَف و أضْوَى، و منه قول الشاعر:
فَتًى لم تَلِدْه بنت عَمٍّ قريبةٌ             فيَضْوَى و قد يَضوَى رَدِيدُ القَرائبِ‏
أبو العبّاس عن ابن الأعرابي: يقال:
أضْواه حَقَّه: إذا نَقصه.
و سمعتُ غيرَ واحد من العرب يقول:
ضَوَى إلينا البارحةَ رجلٌ فأعلَمنا بكَيْتَ و كَيْت، أي: أَوَى إلينا. و قد أضْواهُ الليل إلينا فغَبَقْناه و هو يَضوِي ضَيّاً.
و الضاوِيُّ: اسم فَرَسٍ كان لِغَنِيّ، و أنشد شَمِر:
غَداةَ صَبَّحْنا بطِرْفٍ أعوَجِي             مِن نَسَب الضاوِيّ ضاوِيِّ غَنِي‏
قال الليث: أضوَيتُ الأمْر: إذا لم تُحكِمه.
و الضَّوَاةُ: هَنَةٌ تخرج من حَياء الناقة قبل أن يُزايلَها ولدُها، كأنها مَثانةُ البَوْل.
و قال الشاعر يَذكر حَوْصلةَ قطاة:
لها كضَواةِ النّابِ شُدَّ بِلا عُرى             و لا خَرْزِ كفٍّ بين نَحْرٍ و مَذْبَحِ‏
قال: و الضَّوَى: وَرَمٌ يُصيب البَعيرَ في رأسه يَغلِبَ على عَيْنه و يَصْعُب لذلك خَطْمُه؛ فيقال: بعيرٌ مَضْوِيٌّ، و ربّمَا اعتَرَى الشِّدْق.
قلتُ: هو الضُّواةُ عند العرب تُشبِه الغُدَّة.
و السِّلْعةَ ضَواةٌ أيضاً و كلُّ وَرَمٍ صُلْبٍ ضَواةٌ، و هي الجَدَرَةُ أيضاً.
أبو عُبيد عن أبي زيد قال: الضَّوّةُ و العَوّةُ: الصّوت.
و قال أبو تُراب: قال أبو زيد و الأصمعي معاً: سمعتُ ضَوَّةَ القَوْم وَعوّتَهم، أي:
أصواتَهمْ.
قلتُ: و رَوَى أبو العبّاس عن ابن الأعرابي: الصَّوّةُ و العَوّةُ بالصاد.
و قال: الصَّوّةُ: الصّدَى. و العَوّة:
الصِّياح. و قال: الصَّوّةُ بالصاد، فكأنها لغتان.
ضوأ:
قال الليث: الضَّوْءُ و الضِّياء: ما أَضَاء لك.
و قال الزّجّاج في قول اللّه جلّ و عزّ:
كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ‏
 [البقرة: 20]،

67
تهذيب اللغة12

ضوأ ص 67

يقال: ضاءَ السّراجُ يَضُوء و أَضاءَ يُضِي‏ء.
قال: و اللّغةُ الثانيةُ هي المختارة.
و قال أبو عُبيد: أضاءتِ النارُ، و أضاءَها غَيرُها، و هو الضَّوءُ، و أمّا الضِّياء فلا همزَ في يائه.
و قال الليث: ضوّأتُ عن الأمر تَضْوِئةً، أي: حِدْتُ.
قلت: لم أسمعْ ضوّأتُ بهذا المعنى لغيره.
و قال أبو زيد في «نوادره»: التَّضَوُّءُ: أن يقومَ الإنسانُ في الظّلمة حيثُ يَرى بضَوء النار أهلَها و لا يَروْنَه.
قال: و عَلِق رجلٌ من العرب امرأةً، فإذا كان الليل اجتنَحَ إلى حيثُ يَرَى ضوءَ نارِها فتضوَّأَها، فقيل لها: إن فلاناً يتضوَّؤك لكيما تَحذَره فلا تُرِيه إلّا حَسَناً؛ فلمّا سمعتْ ذلك حَسرتْ عن يدَيْها إلى مَنكبيها ثم ضربتْ بكَفّها الأخرى إبْطَها و قالت: يا مُتَضَوِّئاه، هذه في استِك إلى الإِبِط، فلمّا رأى ذلك رفَضَها. يقال ذلك عند تعبير مَن لا يُبالي ما ظَهَر منه من قبيح.
ضوض:
في حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم و إخبارِه عن رؤية النار، و أنه رأى فيها قوماً إذا أتاهمْ لَهبُها ضَوْضَوا.
قال أبو عبيد: أي: ضَجُّوا و صاحوا، و المَصدَر من الضَّوضاء، و قال الحارث بن حِلِّزة:
أَجمَعوا أمرَهمْ عِشاءً فلمّا أصبَحوا             أصبحتْ لهم ضوضاءُ
ضئضئى:
في الحديث أن رجلًا جاء إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم و هو يَقسِمُ الغنائم فقال له:
اعدِل فإنّك لَم تَعدِل. فقال: «يَخرُج من ضِئْضِئِ هذا قومٌ يقرأون القرآنَ لا يُجاوِزُ تَراقِيَهم».
أبو عُبَيد عن الأمويّ: الضِّئضِئَ:
الأصْل.
و قال شَمِر: هو الصِّئصى‏ء بالصاد أيضاً.
و قال يعقوب ابن السكّيت مثله، و أنشَد:
أنا مِنْ ضِئضِئ صِدْق             أجل و في أَكرَم نَسْل‏
من عزَاني قد بَوْبَهْ             سِنْخُ ذا أكرمُ أصلِ

و معنى‏
قوله: «يخرجُ من ضئضِئِ هذا»
، أي: من أصلِه و نسلِه، و قال الراجز:
* غَيْرانُ من ضِئِضئِ أَجْمالٍ غُيُرْ*
و قال اللّيث: الضِّئِضئِ: كثرةُ النَّسْل و بَرَكَتُه.
قال: و ضِئضِئُ الضَّأْن من ذلك.
قال: و يقال: ضَيَّأَتِ المرأةُ، أي: كثُر ولدُها.
قلتُ: هذا تصحيفٌ، و صوابُه: ضَنَأت المرأةُ- بالنون و الهمز-: إذا كثُر ولدُها؛ و قد مرّ تفسيرُه.

68
تهذيب اللغة12

أضا ص 69

باب الضاد و النون‏
أضا:
أبو عبيد عن الأصمعيّ: الأَضاةُ:
الماءُ المستنقِعُ من سَيْلٍ أو غيرِه، و جمعُها أضاً- مقصور- مِثْلُ قَناةٍ و قَناً. قال:
و جمْعُ الأَضاةِ أَضاً، و جمعُ الأضَا إضاءٌ ممدودٌ.
و قال الليث: الأَضاةُ: غَديرٌ صَغيرٌ، و يقال: هو مَسيل الماءِ إلى الغدير المتَّصل بالغَدِير؛ و ثلاثُ أَضَوات، و قال أبو النجم:
وَرَدْتُه ببازلٍ نَهّاضِ             وِرْدَ القَطا مَطائَط الإياضِ‏
أَراد بالإياض: الإضَاءَ، و هو الغُدْران؛ فقَلب.
أضّ:
قال الليث: الأضُّ: المَشَقّة؛ يقال:
أضّنِي هذا الأمرُ يَؤُضُّني أضّاً. و قد ائتَضَّ فلانٌ: إذا بَلغ منه المشقّة.
و قال الفرّاء فيما روى عنه سَلَمة:
الإضَاضُ: المَلْجأ، و أَنشَد:
* خَرْجاءَ ظَلّت تَطْلب الإضاضا*
أي: تَطلب ملجأً تَلجأ إليه.
و قال أبو زيد: أَضّتْنِي إليك الحاجةُ و تؤُضُّني أضّاً، أي: أَلجأَتْني؛ و قال رُؤبة:
* و هيَ تَرى ذا حاجةٍ مُؤْتضّاً*
أي: مُضْطرّاً مُلْجَأً.
الأصمعي: ناقةٌ مؤتضّةٌ: إذا أَخَذَها كالحُرْقة عند نتاجها، فتصَلَّقتْ ظهراً لِبَطْن، و وجدت إضَاضاً، أي: حُرقةً و وجعاً يُؤلمها.
أيض:
في حديث الكسوف الّذي يرويه سَمرة بن جُنْدَبُ: «أنّ الشمس اسودّت حتى آضَتْ كأنّها تَنّومَة»
. قال أبو عُبَيد: آضتْ، أي: صارتْ، و أَنشَد قولَ كَعْب:
قَطعْتُ إذا ما الآلُ آضَ كأنّه             سيوفٌ تَنحَّى تارةً ثم تلتقي‏
الحرّاني عن ابن السّكّيت: تقول: إفعلْ ذاك أيضاً، و هو مصدَرُ آض يَئِيض أيضاً، أي: رجع. فإذا قلتَ: فعلتُ ذاك أيضاً قلتَ: أكثرتَ من أَيْضٍ، و دَعْنِي من أَيْضٍ.
و قال الليث: الأَيْضُ: صَيْرُورةُ الشي‏ء شيئاً غيره. يقال: آضَ سوادُ شعرِه بَيَاضاً.
قال: و قولُ العرب أيضاً كأنّه مأخوذ من آضَ يَئيض أيضاً، أي: عاد؛ فإذا قلتَ أيضاً تقول: عُدْ لما مَضَى.
قلتُ: و تفسيرُ أيضاً: زيادة. قلت: أيضاً عند العرَب الّذين شاهدتُهم معناه زيادةٌ و أصل آض: صار و عادَ. و اللّه أعلم.
وضأ:
قال اللّيث: الوَضَاءةُ مصدرُ الوَضي‏ءُ،

69
تهذيب اللغة12

وضأ ص 69

و هو الحَسَن النّظيف، و الفِعلُ وَضُؤَ يَوْضُؤُ وَضاءةً.
الحرّاني عن ابن السكيت قال: اسمُ الماء الّذي يُتوضَّأ به: الوَضُوء.
قال: و توضّأتُ وَضُوءاً حَسَناً.
و قال أبو حاتم: توضّأتُ وَضوءاً، و تَطهّرتُ طَهوراً.
قال: و الوَضوء: الماء، و الطَّهور مِثلُه، و لا يقال فيهما بضمّ الواو و الطاء؛ لا يقال: الوُضوء و لا الطُّهور.
قال: و قال الأصمعي: قلتُ لأبي عمرو بن العَلاء: ما الوَضُوء؟ فقال: الماء الّذي يُتوضَّأ به. قال: قلتُ: فما الوُضُوء- بالضَّم-؟ فقال: لا أعرِفُه.
و أخبَرَنا عبدُ اللّه بن هَاجَك عن ابن جبَلة قال: سمعتُ أَبا عُبَيد يقول: لا يجوز الوُضوء، إنما هو الوَضوء.
و قال ابن الأنباريّ: هو الوَضوء للماء الّذي يُتوضّأ به.
قال: و الوُضوء مصدرُ وَضوءَ يَوْضُؤُ وُضُوءاً و وَضاءةً.
و قال اللّيث: المِيضأة: مِطْهَرةٌ يُتوضّأ منها أو فيها.
قلت: و قد جاء ذكرُ المِيضأة في حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم الذي يَروِيه أبو قَتَادة؛ و هي مِفْعَلة من الوَضُوء.
يضض:
أبو عُبَيد عن أبي زيد: يَضَّض الْجِرْوُ و جَصَّصَ و فَقَّح، و ذلك إذا فَتَح عينيه.
قلت: وَ رَوَى أبو العبّاس عن سَلَمة عن الفرّاء أنه قال: يَصَّص بالياء و الصاد مِثله.
قال: و قال أبو عمرو الشَّيبانيّ: يقال:
يَضَّض و بَصَّص- بالباء- و جَصَّص بمعنًى واحد في الجِرْوِ إذا فَتح عينيْه، و هي لُغاتٌ كلُّها فَصيحةٌ مسموعة.
ضأي:
أهمَلَه اللّيث. و روَى أبو العبّاس عن ابن الأعرابي أنه قال: ضَأَى الرجلُ: إذا دَقّ جسمُه.
عمرو عن أبيه: الضَّأْضاء: صوتُ الناس في الحَرْب قال: و هو الضَّوْضاء.
قلتُ: و يقال من الضأضاة ضَأْضأَ ضأضأةً و الضُّوَيْضِئَةُ: الدَّاهيةُ.
***

70
تهذيب اللغة12

باب الرباعي من حرف الضاد ص 71

باب الرباعي من حرف الضاد
 [ضنفس‏]:
قال ابن المظفَّر: رجلٌ ضِنْفِسٌ:
رَخْوٌ لئيمٌ.
 [ضنبس‏]:
قال: و رجلٌ ضِنْبِسٌ: ضعيفُ البطش سريعُ الانكسار.
 [ضرسم‏]:
و رجلٌ ضِرْسامَةٌ: نعتُ سَوْء مِن الفَسالةِ و نحوِها.
 [ضرزم‏]:
قال: و الضَّرْزَمةُ: شِدّةُ العَضّ و التّصميمُ عليه. و يقال: أَفْعَى ضِرْسِم و ضِرْزِم: شديدَةُ العَضِّ و أنشَد:
* يُباشِر الحَرْبَ بِنابٍ ضِرْزِمِ*
أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ قال:
الضَّرْسَمُ: ذَكَرُ السّباع. و قال في موضع آخَر: من غريب أسماءِ الأسد الضَّرْصَم.
قال: و كنيتُه أبو العبّاس.
 [ضمزر]:
أبو عُبَيد عن الفرّاء قال: الضَّمْزَرُ من النساءِ: الغليظة.
و قال أبو عمرو: فحلٌ ضُمازِرٌ و ضُمارِزٌ:
غليظٌ، و أنشَد:
يَرُدُّ غَرْبَ الجُمَّح الجَوامِزِ             و شعبَ كلِّ باجِجٍ ضُمارِزِ
قال: الباجح: الفَرِحُ بمكانه الَّذي هو فيه. و يقال: في خُلُقه ضَمْرَزَة و ضُمارِز، أي: سُوءٌ و غَلَظ. و قال حَنْدَل الطَّهَوِيّ:
إنّي امرؤٌ في خُلُقِي ضُمازِرُ             و عَجْرَ فِيّاتٌ لها بوادر
قال: و الضَّمْزَرُ: الغليظُ من الأرض، و قال رُؤبة:
كأنّ حَيْدَيْ رأسِهِ المُذَكَّرِ             حَمْدانِ في ضَمْزَين فوقَ الضَّمْزَرِ
يصف فَحْلًا. قال: و الضَّمْرُ: ما غَلُظ من الأرض أيضاً.
شمِر قال أبو خَيْرة: رجلٌ ضِرْزِلٌ، أي:
شَحِيح.
أبو عُبَيد: يقال لِلنّاقة التي قد أسَنَّتْ و فيها بقيّة من شَباب: الضِّرْزِم.
 [ضفنط]:
اللّيث: رجل ضَفَنّطٌ: سمينٌ رخْوٌ ضَخْم البَطْن، بيّن الضَّفاطة.
 [ضفند]:
و قال: و امرأةٌ ضَفَنْدَةٌ و ضَفَنْدَدَةٌ:
رِخْوَةٌ، و الذَّكَر ضَفَنْدَد.
أبو عُبَيد عن الفرّاء: إذا كان مع الحُمْق في الرّجل كَثرةُ لَحْم و ثِقَلٌ قيل: رجل ضِفَنٌّ ضَفْنَدَدٌ خُجَأَة.
و قال الليث: رجل ضَفَنَّدٌ: ضَخْمٌ رِخْوٌ.
 [شرنض‏]:
و قال الليث: رجل شِرْناضٌ:

71
تهذيب اللغة12

شرنض‏ ص 71

ضَخْمٌ طويل العُنُق، و جمعه شَرانِيض.
قلتُ: هذا حرفٌ لا أحفَظُه لغير الليث، و هو منكر.
 [ضبطر]:
أبو عُبَيد عن الأمَويّ قال:
الضِّبَطْرُ: الشديد.
و قال اللّيث: هو الضخم المكتنِز. و يقال:
أسَدٌ ضِبَطْر، و جَمَل ضِبَطْر، وَ بيْتٌ ضِبَطْر، و أنشد:
* أشبَهَ أركانه ضِبَطْرَا*
 [ضفطر]:
و قال الليث: الضِّفْطار: من أسماء الضَّبّ، القبيحُ التي قَبُحَت خلقتُه و هَرِم.
 [ضفرط]:
قال: و ضَفاريطُ الوجوه: كسورُها بين الحَدّ و الأنْفِ و عند اللِّحاظين؛ كل واحد ضُفْرُوط.
 [ضمرط]:
أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ:
يقال لخُطوط الجبين: الأساريرُ و الضَّمَاريطُ، واحدها ضُمْروط. قال:
و الضُّمْروط في غير هذا: موضعٌ، يُخْتَبأُ فيه. قال: و الضَّمَاريطُ: أذنابُ الأوْدية.
 [ضبطر]:
و الضِّبَطْرُ و السِّبَطْرُ: من نعتِ الأسد بالمضاء و الشدّة. و الضَّيْثَمُ: من أسماء الأسد.
قلت: الأصلُ من الضَّبْثِ، و هو القَبْضُ على الشي‏ء بشدة؛ و منه يقال: أسدٌ ضُبَاثيٌّ.
 [ضرطم‏]:
و قال أبو سعيد الضّرِير:
الضُّرَاطِمِيُّ من أركابِ النساء: الضَّخْم الجافي، و أنشدَ بيتَ جرير:
تواجِهُ بَعْلَهَا بضُرَاطِمِيِّ             كأن على مشافره جُبَابا
و قال: هو متاعٌ هَدّارُ المشَافر يَهْدر شِفْرُه لاغْتلامها، و روى ابن شميل بيت جرير:
تُنَازعُ زوجَها بعُمارِطيٍّ             كأنَّ عَلَى مشَافِره جُبابَا
و قال عُمَارِطيُّهَا: فَرْجُهَا.
 [ضرفط]:
و قال يونس: جاء فلانٌ مُضَرْفَطاً بالحبال، أي: موثقاً.
 [ضأبل‏]:
و قال الكسائيّ: الضِّئْبِل: الدّاهية؛ و لغة بني ضَبَّه الصِّئْبِل.
قال: الضَّاد أعرف.
قلتُ: و أبو عُبيد قد جاء بالضّئْبِل بالضاد.
انتهى آخرُ كتاب الضاد، و الحمد للّه وحده، و الصلاة و السلام على من لا نبيّ بعده‏
***

72
تهذيب اللغة12

ضأبل‏ ص 72

 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
كتاب حرف الصاد
من تهذيب اللغة
أبواب المضاعف من حرف الصّاد
أُهملت الصاد مع السين و الزاي و الطاء في المضاعف.
باب الصاد و الدال‏
ص د
صد، دص: مستعملان.
 [صد]:
يقال: صَدّه يَصُدّه صَدّاً، و قال اللّه تعالى: وَ صَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ (43)
 [النمل: 43].
يقول: صدَّها عن الإيمان، العادةُ التي كانت عليها، لأنهَا نشأت و لم تعرف إلّا قوماً يعبدون الشمس، فصدّتها العادةُ، و بيّن عادتَها بقوله: إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ.
المعنى: صَدّها كونُهَا من قوم كافرين عن الإيمان.
و قال اللّه جلّ و عزّ:* وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57)
 [الزخرف: 57].
قال الفرّاء: قرى‏ء (يَصِدُّونَ)
 و (يَصُدُّون).
قال: و العربُ تقول: صَدَّ يَصِدّ و يَصُدّ، مثل: شَدّ يَشِدّ و يَشُدّ، و الاختيار (يَصِدُّونَ)
 و هي قراءة ابن عبّاس، و فسّره يَضِجُّون و يَعِجُّون.
قلت: يقال: صددتُ فلاناً عن أمرِه أصُدُّهُ صَدّاً فصَدّ يَصُدّ، يستوي فيه لفظ الواقع و اللازم. و إن كان بمعنى يَضجّ و يَعِجّ، فالوجه الجيد: صَدّ يصدّ، و من هذا قول اللّه جلّ و عزّ: إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِيَةً
 [الأنفال: 35]، فالمُكاء: الصَّفِير، و التَّصْدِية: التصفيق. و يقال: صَدّى يُصَدِّي تَصْدِيةً: إذا صَفَّق، و أصله صَدّ.
و يُصَدِّد، فكثرت الدالات فقُلِبت إحداهن ياءً، كما قالوا: قَصَّيْتُ أظفاري، و الأصل قَصَصْتُ.
قال ذلك أبو عُبَيد و ابن السكيت‏

73
تهذيب اللغة12

صد ص 73

و غيرهما.
و قال أبو الهيثم في قول اللّه جل و عز:
إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ‏
 [الزخرف:
57]، أي: يَضِجُون و يعِجّون. يقال: صَدّ يَصِدّ، مثل: ضَجَّ يَضجّ. و أما قولُ اللّه جل و عز: أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى‏ (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6)
 [عبس: 5، 6] فمعناه: تتعرّض له، و تميل إليه، و تُقبل عليه، يقال: تصدَّى فلان بفلانٍ يتصدَّى: إذا تعرّض له، و الأصل فيه أيضاً تصدَّدَ يتصدَّدُ، يقال:
تصدّيت له، أي: أقبلتُ عليه، و قال الراجز:
لما رأيتُ وَلَدِي فيهمْ مَيَلْ             إلى البيوت و تَصَدّوْا للحَجلْ‏
قلتُ: و أصله من الصَّدد، و هو ما استقبلك و صار قُبَالَتَكَ.
و قال أبو إسحاق الزجّاج: معنى قوله:
فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6)
، أي: أنت تُقبِل عليه، جعلَه من الصَّدد و هو القُبالة.
و قال الليثُ: يقال: هذه الدار على صَدَد هذه، أي: قُبالتهَا.
و قال أبو عُبيد: الصَدَد و الصَّقب: القُرْب، و نحو ذلك قال ابن السكيت.
قلتُ: فقول اللّه جل و عز: فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6)
، أي: تتقرب إليه.
و قال الليث في قوله: إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ‏
، أي: يضحكون.
قلتُ: و التفسير
عن ابن عباس: يَضِجون و يعجّون‏
و عليه العمل.
و قال أبو إسحاق في قوله جلّ و عزّ:
وَ يُسْقى‏ مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ‏
 [إبراهيم: 16، 17]، قال: الصَّديد: ما يسيل من أهل النار من الدّم و القَيْح.
و قال الليث: الصَّديدُ: الدّم المختلطُ بالقَيْح في الجُرح، يقال: أصَدّ الجُرح.
قال: و الصّديد في القرآن: ما سال من أهل النار. و يقال: بل هو الحميمُ أُغْلِي حتى خَثُر.
أبو عُبَيد عن أبي زيد قال: الصُّدّادُ في كلام قيس: سامُّ أبْرَصَ.
و قال الليث: الصَّدّاد: ضرب من الجُرْذان، و أنشد:
إذا ما رَأَى أشرافهن انطوى لها             خَفِيٌّ كصُدّادِ الجديرة أَطلَسُ‏
قال: و صَدْصَدٌ: اسمُ امرأة.
و قال شَمِر: قال الأصمعيّ: الصَّدّان:
ناحيتا الجبل، و أَنشد قولَ حُمَيد:
تَقَلقَلَ قِدْحٌ بين صَدّيْن أَشْخَصَتْ             له كَفُّ رامٍ وِجْهَةً لا يُرِيدُها
و قال أبو عمرو: الصّدّان: الجَبلان.
و قالت ليلى الأخيليَّة:
* و كُنْتَ صُنَيّاً بين صَدّيْنِ مَجْهَلا*

74
تهذيب اللغة12

صد ص 73

و الصُّنَيّ: شِعْبٌ صغيرٌ يسيل فيه الماء.
و في «نوادر الأعراب»: الصِّدَاد: ما اصْطَدّت به المرأة و هو السِّتْر.
و قال ابن بُزرج: الصَّدُود: ما دَلكْتَهُ على مِرْآة ثم كَحَلْتَ به عَيْناً.
دصّ:
قال الليث: الدَّصْدَصَةُ: ضَرْبُك المُنْخُل بكَفَّيك.
 [باب الصاد و التاء]
ص ت‏
صت:
قال الليث: الصَّتُّ: شِبْهُ الصَّدْمِ و القَهْرِ.
و رجلٌ مِصْتِيتٌ: فاضٍ متكَمِّش.
قال: و الصَّتِيتُ: الصَّوْتُ و الجَلَبَة. و
في الحديث: «قاموا صِتَّيْن»
. قال أبو عُبَيد، أي: جَماعَتين. يقال:
صَاتَّ القومُ.
قال: و قال الأصمعيّ: الصَّتِيتُ: الفِرقة.
يقال: تركتُ بني فلان صَتِيتَيْن: يعني فِرْقَتين. و قال أبو زيد مِثلَه.
قال: و قال أبو عمرو: ما زلتُ أُصَاتُّه و أُعَاثُّه صِتَاتاً و عِثَاثاً، و هي الخصومة.
و رَوَى عَمرو عن أبيه قال: الصُّتَّة:
الجماعةُ من الناس.
ص ظ- ص ذ- ص ث:
أهملت وجوهها.
باب الصاد و الرّاء
ص ر
صر، رص: [مستعملة].
 [صر]:
قال الليث: صَرَّ الجُنْدَبُ يصِرّ صَرِيراً. و صَرّ البابُ يَصِرُّ؛ و كلُّ صوتٍ شِبْهُ ذلك فهو صَرِيرٌ: إذا امتدّ، فإذا كان فيه تخفيفٌ و ترجيعٌ في إعادةٍ ضُوعِف.
كقولك: صَرْصَر الأخْطَبُ صَرْصَرةً.
الحرّاني عن ابن السكّيت: صَرّ المَحْمِل يَصِرّ صَرِيراً.
قلتُ: و الصَّقْرُ يُصَرْصِرُ صَرْصَرَةً.
و قال الزَّجاجُ في قول اللّه جلّ و عزّ:
بِرِيحٍ صَرْصَرٍ
: [الحاقة: 6] الصِّرُّ و الصِّرّة: شِدَّةُ البَرْدِ.
قال: و صَرْصَرٌ متكرِّرٌ فيها الراء؛ كما تقول: قَلقلتُ الشي‏ءَ و أَقْلَلْتُه: إذا رفعتَه من مكانه إلّا أنّ قَلْقَلتُه: رددتُه و كرَّرْتُ رَفْعَه. و أقْلَلْتُه: رفَعْتُه، و ليس فيه دليلُ تكرير. و كذلك صَرْصَرَ و صَرَّ، و صَلْصَلَ و صَلَّ: إذا سمعتَ صوتَ الصَّرير غيرَ مكرَّر.
قلتَ: صَرَّ و صَلَّ؛ فإذا أردتَ أنّ الصوت تَكرَّر قلتَ: قد صَرْصَرَ و صَلْصَلَ.
قلتُ: و قولُه: بِرِيحٍ صَرْصَرٍ
، أي:
شديدِ البَرْد جدّاً.

75
تهذيب اللغة12

صر ص 75

و قال ابن السكّيت: ريحٌ صرصر، فيه قولان:
يقال: أصلُها صَرَرٌ من الصِّرِّ و هو البَرْد، فأَبدَلوا مكانَ الرّاء الوسطى فاءَ الفعل، كما قالوا: تَجَفْجَفَ، و أصلُه تَجَفَّف.
و يقال: هو من صَرِير الباب و من الصَّرَّة و هو الضَّجَّة.
و قال اللّه جلَّ و عزَّ: فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ
 [الذاريات: 29].
قال المفسِّرون: في ضَجَّة و صَيْحة، و قال امرؤ القيس:
* جَواحِرُها في صَرّةٍ لم تَزَيِّلِ*
و قيل: (فِي صَرَّةٍ)
: في جماعة لم تتفرَّق.
و قال ابن السكّيت: يقال: صَرَّ الفرس أذُنَيه، فإذَا لم يُوقِعوا قالوا: أصَرَّ الفرسُ، و ذلك إذا جمع أذُنَيه و عَزَمَ على الشّدّ.
أبو عُبيد عن الأحمر: كانت مني صِرِّي و أَصِرِّي، و صِرَّى و أصِرَّى؛ أي: كانت منّي عزيمةً.
و قال أبو زيد: إنها مِنّي لأَصِرِّي، أي:
لحَقيقة. و أنشد أبو مالك:
قد عَلِمتْ ذاتُ الثّنايا الغُرّ             أنّ النَّدَى من شِيمَتِي أصِرِّي‏
أي: حقيقة.
شَمِر عن ابن الأعرابي: علم اللَّهُ أنها كانت منّي صِرِّي و أصِرَّى، و صِرِّي و أصِرِّي، و قائلها أبو السّمّاك الأسَدي حينَ ضَلَّتْ ناقتُه فقال: اللهمَّ إن لم تردَّها عليّ لم أصلِّ لك صلاةً، فوجَدَها عن قريب، فقال: علمَ اللَّهُ أنها منّي صِرِّي، أي: عَزْم عليه.
و قال ابن السكّيت: معناه: أنها عزيمة محتومةٌ.
قال: و هي مشتقّة من أصررتُ على الشي‏ء: إذا أقمتَ و دمتَ عليه، و منه قوله تعالى: وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى‏ ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ‏
 [آل عمران: 125].
و أخبرَني المنذريّ عن أبي الهيثم قال:
أصِرِّي، أي: اعْزِمي، و كأنّه يُخَاطِب نفسَه، من قولك: أصرَّ على فِعله يُصِرّ إصراراً: إذا عَزَم على أن يَمضي فيه و لا يَرجع.
قال: و يقال: كانت هذه الفَعْلة مِنِّي أَصِرِّي، أي: عزيمة، ثم جُعلت هذه الياءُ ألفاً، كما قالوا: بأبي أنتَ، و بِأَبَا أنْتَ، و كذلك صِرِّي، على أن تحذف الألفُ من أصِرّي لا على أنّها لغة صَرَرتُ على الشي‏ء و أصرَرت.
قال: و جاءت الخيلُ مُصِرَّةً آذانَها محدِّدةً رافعةً لها، و إنما تُصرّ آذانها: إذا جَدّت في السَّيْر.
و قال الفراء: الأصل في قولهم: كانت منّي صِرِّي و أصِري: أمْرٌ، فلما أرادوا أن‏

76
تهذيب اللغة12

صر ص 75

يغيِّروه عن مَذهَب الفعل حَوّلوا ياءَه ألفاً، فقالوا: صِرَّى و أصِرَّى، كما قالوا: نُهِي عن قَيَلٍ و قال، أُخْرِجِتَا من نيّة الفعل إلى الأسماء.
قال: و سمعتُ العرب تقول: أعْيَيْتَني من شُبَّ إلى دُبَّ، و يُخفض فيقال: من شُبٍّ إلى دُبٍّ، و معناه: فَعَل ذلك مُذْ كان صغيراً إلى أن دَبَّ كبيراً.
شمر عن ابن الأعرابي: ما لفلان صَريّ، أي: ما عندَه دِرْهم و لا دينار، و يقال ذلك في النَّفْي خاصّة.
و قال خالدُ بنُ جَنْبة: يقال للدِّرهم صَريٌّ، و ما ترك صَريّاً إلا قَبضه، و لم يُثَنِّه و لم يَجْمعه.
و قال ابن السكّيت: يقال: دِرْهمٌ صَريّ و صِريّ للَّذي له صَرير: إذا نقَرْتَه.
و
في الحديث: «لا صَرورةَ في الإسلام».
قال أبو عُبَيْد: الصَّرورة في هذا الحديث:
هو التبتل و تركُ النِّكاح.
قال: ليس ينبغي لأحد أن يقول: لا أتزوّج. يقول: ليس هذا من أخلاق المسلمين، و هو معروف في كلام العرب، و منه قولُ النابغة:
و لو أنها عرضت لأشْمَطَ راهب             عَبَدَ الإلهَ صَرورةٍ متعبِّدِ
و يعني الراهبَ الذي قد ترك النّساء.
قال: و الصَّرورة في غير هذا الذي لم يَحْجُجْ قَطّ، و هو المعروف في الكلام.
و قال ابن السكّيت: رجل صَرورةٌ و صارُورَةُ و صَرورِيّ: و هو الذي لم يَحْجُجْ.
و حكى الفراء عن بعض العرب قال:
رأيتُ قوماً صَراراً واحدُهم صَرورة.
و قال اللّحياني: حَكى الكسائيّ: رجلٌ صَرارَةٌ للّذي لم يَحْجُجْ. و رجلٌ صَرورة و صَرارَة. و صاروريّ.
فمن قال: صَرورة، فهو في الواحد و الجميع و المؤنث سواء. و كذلك من قال: صرارة و صَرَّارة و صارورة.
قال: و قال بعضهم: قوم صَراير، جمع صارورة. و من قال: صرورى و صارورى، ثنّى و جمع و أنّث.
و قال الليث: الصِّرُّ: البَرْدُ الذي يَضرب النباتَ و يُحسِّنه. الصَّرَّةُ: شدّة الصِّياح.
جاء في صَرةٍ، و جاء يَصْطَرُّ.
و الصُّرّة: صُرةُ الدّراهم و غيرها معروفة.
و الصِّرارُ: الخَيْط الذي يُشَدُّ به التَّوادِي على أخلاف الناقة و تُذَيَّر الأطْباءُ لبعَرِ الرَّطْب لئلّا يؤثِّر الصِّرارُ فيها.
قال: و الصَّرْصَرُ: دُويْبَّةٌ تحت الأرض تَصِرّ أيّام الربيع.
و صَرَّت أُذُني صَرِيراً: إذا سمعتَ لها صَوتاً و دَوِيّاً.

77
تهذيب اللغة12

صر ص 75

و قال أبو عبيد: الصَّرارِيُّ: الملّاحُ، و أنشد:
* إذا الصَّراريُّ من أهواله ارْتَسما*
الليث: الصَّرْصرانُ و الصَّرْصرانيّ: ضربٌ من السَّمك أملسُ الجِلْد ضخم و أنشد:
* مَرّتْ لظَهْر الصَّرْصَران الأدْخَنِ*
و قال أبو عمرو: الصَّرْصَرانُ: إبلٌ نَبَطيَّة يقال لها الصَّرْصَرانيّات.
و قال أبو عبيد: الصرصرانيات: الإبل التي بين العِراب و البخاتيّ، و هي الفوالج.
قال: و قال أبو عمرو: الضَّارَّةُ: العَطَش، و جمعُها صرائر، و أنشد:
فانْصاعَت الحُقْبُ لم تَقْصَعْ صَرائِرَها             و قد نَشَحْن فلارِيٌّ و لا هيمُ‏
و قال أبو عبيد: لنا قِبَلَه صارَّةٌ، و جمعُها صَوارُّ، و هي الحاجة.
ابن شُميل: أصَرَّ الزرعُ إصْراراً: إذا خَرَج أطراف السَّفَاء قبل أن يَخلص سُنْبُله فإذا خلص سنبله قيل: قد أسبل و قال في موضع آخر: يكون الزرع صَرراً حتى يَلتويَ الورق و يَيْبَس طرَف السنبل، و إن لم يجر فيه القَمْحُ.
و قال أبو عمرو: الحافِرُ المَصْرور:
المُنْقَبِض. و الأرَحّ: العريض؛ و كلاهما عَيْب، و أنشد غيره:
* لا رَحَحٌ فيه و لا اصْطِرارُ*
و قال أبو عبيد: اصْطَرّ الحافرُ اصْطراراً:
إذا كان فاحش الضِّيقِ، و أنشد:
* ليس بمصْطَرٍّ و لا فِرشاحِ*
ثعلب عن ابن الأعرابي: الصُرْصُورُ:
الفَحْلُ النَّجيب من الإبل.
قال: و الصَّرُّ: الدَّلْوُ تسترخى فتُصَرُّ، أي:
تُشد و تسمع بالمِسمَع، و هو عروةٌ في داخل الدَّلْو بإزائها عُروةٌ أخرى، و أنشد في ذلك:
إن كانتِ امَّا امَّصَرَتْ فصرَّها             إن امِّصار الدِّلوِ لا يضُرُّها
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: صَرَّ يَصِرُّ:
إذا عَطِشَ. و صَرًّ يَصُرّ: إذا جَمَع.
قال: و الصَّرَّة: تقطيبُ الوجْه من الكراهة. و الصَّرَّةُ: الشاةُ المُصرَّاة.
أبو عبيد عن الأصمعي قال: المُصْطارةُ:
الخَمر الحامض.
رص:
رُوِي عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «تراصُّوا في الصلاة».
قال أبو عُبَيد: قال الكسائي: التَّراصُّ:
أن يَلصَق بعضُهم ببعض حتى لا يكون بينهم خَلَل؛ و منه قولُ اللّه جل و عز:
بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ‏
 [الصف: 4].
و قال الليث: رصَصتُ البنيانَ رَصّاً: إذا ضممتَ بعضَه إلى بعض. و الرِّصاص معروف.

78
تهذيب اللغة12

رص 78

سلَمة عن الفرّاء قال: الرَّصاص أكثرُ من الرِّصاص.
و قال الليث: الرَّصّاصةُ و الرَّصْراصة:
حجارةٌ لازقةٌ بحوالَيِ العَيْن الجارية، و أنشد:
حجارة قَلْتٍ برَصراصةٍ             كُسِين غِشاءً من الطُّحْلُبِ‏
أبو عُبَيد عن أبي زيد قال: النِّقابُ على مارِنِ الأنف. قال: و الترصيص: ألّا يُرَى إلّا عيناها و تَميمٌ تقول: هو التَّوْصيص بالواو و قد رَصّصَتْ و وَصّصَتْ.
سلَمة عن الفراء قال: رَصَّص: إذا ألحّ في السؤال، و رصصَ النِّقابَ أيضاً.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: رَصرَصَ:
إذا ثَبت في المكان.
أبو عَمْرو: الرَّصيص: نِقابُ المرأة: إذا أدْنَتْه من عينيْها.
 [باب الصاد و اللام‏]
ص ل‏
صل، لص: [مستعملة].
صل:
أبو حاتم عن الأصمعي: سمعت لجوفِه صلِيلًا من العَطَش، و جاءت الإبلُ تَصِلّ عَطشاً، و ذلك إذا سمعتَ لأجوافها صوْتاً كالبُحّة. و قال مُزاحم العُقَيلِيُّ يصف القَطا:
غَدَت مِن عليه بعد ما تمَّ ظِمْؤُها             تَصِلُّ و عن قَيْضٍ بزيْزاءَ مَجهَلِ‏
قال ابن السكّيت في قوله: من عليه: من فوقه، يعني من فوْق الفَرْخ.
قال: و معنى: تَصِلُّ، أي: هي يابسة من العطش.
و قال أبو عُبيدة: معنى قوله: من عليه من عند فَرْخها.
و قال الأصمعي: سمعتُ صليلَ الحديد، يعني صوْتَه.
و صلَّ المِسمارُ يَصِلُّ صلِيلًا: إذا أكْرهْتَه على أن يدخُل في القَتِير فأنت تسمَع له صوتاً، و قال لَبيد:
أحكم الجُنْثيّ من عَوْراتِها             كلَّ حِرباءٍ إذا أُكرِه صلّ‏
و قال أبو إسحاق: الصَّلصالُ: الطينُ اليابسُ الذي يَصِلُّ من يُبْسِه، أي:
يصوِّت، قاله في قوله: مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ
 [الرحمن: 14]، و أنشد:
رَجَعتُ إلى صوتٍ كجِرَّة حَنْتَمٍ             إذا قُرِعتْ صِفراً من الماءِ صلَّتِ‏
و نحو ذلك قال الفراء. قال: هو طينٌ حُرٌّ خُلط برمْل فصار يُصلْصِل كالفَخّار.
قلتُ: هو صَلصال ما لم تُصِبه النار، فإذا مسّتْه النار فهو فَخّار.
و قال الأخفش نحوه، قال: و كلُّ شي‏ء له صوتٌ فهو صلْصالٌ من غير الطين.
و
رُوِي عن ابن عباس أنه قال: الصالُّ:

79
تهذيب اللغة12

صل 79

الماءُ يقعُ على الأرضِ فتنشّق، فذلك الصال.
و
قال مجاهد: الصَّلصالُ: حَمَأٌ مسنون.
قلتُ: جعلَه حَمأً مَسنوناً لأنه جعله تفسيراً للصلصال، ذهَب به إلى صلَّ، أي: أَنتَنَ.
و قال أبو إسحاق مَنْ قرأ: ء إذا صللنا في الأرض [السجدة: 10]، بالصاد فهو على ضربين: أحدهما: أَنْتَنَّا و تغيَّرْنا، و تغيرت صوَرُنا، يقال: صلَّ اللحمُ و أَصلَّ إذا أنتَن و تغيَّر.
و الضربُ الثاني: (صلَلْنا): يَبِسنا من الصلَّة، و هي الأرضُ اليابسة.
و قال الأصمعيّ: يقال: ما يَرفَعه من الصلّة من هوانِه عليه، يعني من الأرض.
و خُفٌّ حَيّد الصلة، أي: جيِّد الجِلْد.
و يقال: بالأرض صِلالٌ من مَطر، الواحدة صلَّة، و هي القطَع المتفرقة.
و قال الشاعر:
سيَكفيكَ الإله بمُسْنَماتٍ             كجَنْدَلِ لُبْنَ تَطَّرِدُ الصلالا
أبو عبيد عن الفراء: الصلاصلُ: بقايا الماءِ، واحدها صَلصلة.
ثعلب عن ابن الأعرابي: الصُّلصل:
الراعي الحاذق.
و قال الليث: الصُّلصل: طائر تسميه العجَمُ الفاخِتَة، و يقال: بل هو الذي يشبهها، و الصُّلصل: ناصيةُ الفرَس.
ثعلب عن ابن الأعرابي: الصلاصِل:
الفَواخِتُ واحدها صُلْصل. و قال في موضع آخر: الصلْصل و العِكْرِمة و السّعْدانة: الحَمامة.
عَمْرو عن أبيه: هي الجُمَّة. و الصُّلصلة للوَفْرة.
و قال ابن الأعرابي صلْصل: إذا أَوْعَد.
و صلْصل: إذا قتل سيِّد العسكر.
و قال الأصمعيّ: الصُّلْصُل: القَدَح الصغير.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الصلُّ و الصِّفصِلّ نبتان، و أنشد:
أرعَيْتُها أطيَبَ عُودٍ عُودَا             الصِّلَّ و الصِّفْصِلَ و اليَعْضِيدَا
أبو عبيد عن أبي زيد: إنه لَصِلُّ أصْلالٍ و إنّه لَهِتْر أهتار. يقال ذلك للرّجل ذي الدَّهاء و الإرْب، و أصلُ الصِّلّ من الحيّات يُشبَّه الرجل به إذا كان داهيةً؛ و قال النابغة الذُّبياني:
ماذا رُزِئْنا به من حَيّةٍ ذَكَرٍ             نَضْنَاضَةٍ بالرَّزايَا صِلِّ أَصْلالِ‏
و الصِّلِّيَان: من أطيَب الكَلأ، و له جِعْثِنَةٌ و وَرَقُه رقيقٌ.
و العَرَب تقول للرجُل يُقدم على يمينٍ كاذبة، و لا يَتَتَعْتَع: جَذَّها جَذ العَيْر

80
تهذيب اللغة12

صل 79

الصِّلِّيانة. و ذلك أن العَيْرَ إذا كَدَمَها بفيه اجتَثَّها بأَصلِها، و التشديد فيها على اللّام، و الياءُ خفيفة، و هي فِعْلِيَانة من الصَّلْي، مثل حِرْصِيانة من الحِرْص، و يجوز أن يكون من الصِّلّ، و الياء و النون زائدتان.
أبو عُبيد: قَبَرَه اللَّهُ في الصَّلَّة، و هي الأرض.
و قال الليث: يقال: صَلَّ اللّجام: إذا تَوهَّمْتَ في صوتِه حِكايَة صوتِ صَلْ، و إن توهَّمتَ ترجيعاً قلتَ: صَلصَل اللجامُ، و كذلك كلُّ يابس يُصَلْصِل.
و قال خالد بنُ كُلْثوم في قول ابن مُقبل:
ليَبْكِ بَنُو عُثمانَ ما دامَ جِذْمُهمْ             عليه بأصْلالٍ تُعَرَّى و تُخْشَبُ‏
الأصلال: السيوفُ القاطعة، و الواحد صِلّ.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: المصَلِّل:
الأسْكَفُ، و هو الإسْكافُ عند العامّة.
و المصَلِّل أيضاً: الخالصُ الكَرَم و النَّسب.
و المصَلِّل: المَطَر الجَوْدُ.
سَلَمةُ عن الفرّاء: قال: الصَّلَّة: بقيَّةُ الماء في الحوض: و الصَّلَّةُ: المَطْرة الواسعة.
و الصَّلَّةُ: الجِلْد المتين. و الصَّلّةُ: الأرض الصُّلْبة. و الصَّلة: صوتُ المِسمار إذا أُكرِه.
و قال ابن الأعرابيّ: الصَّلّة: المَطْرةُ الخفيفة. و الصَّلَّة: قُوَارَةُ الخُفّ الصُّلْبة.
لص:
قال الليث: اللِّصُّ معروفٌ، و مصدرُه اللصُوصة و اللُّصوصِيَّة و التلصُّص.
أبو عُبَيد عن الكسائيّ: هو لَصٌّ بيّن اللَّصوصِية، و فعلتُ ذلك بعد خصُوصيّة، و حَرُوريّ بيّن الحَرُوريّة.
و قال أبو عُبيد: قال أبو عمرو: الأَلَصُّ:
المجتمِعُ المَنكِبين يكادان يمُسَّان أُذُنَيه.
قال: و الألَصّ أيضاً: المتقاربُ الأضراس، و فيه لصَصَ.
الليثُ: التَّلْصِيص كالتَّرْصيص في البُنْيان.
قال رُؤبة:
* لَصَّصَ من بُنْيانِه المُلَصِّصُ*
الأصمعي: رجل أَلَصُّ و امرأة لَصّاء: إذا كان مُلتَزِقي الفَخِذَين ليس بينهما فُرْجة.
و يقال للزَّنْجيّ: ألَصّ الألْيَتَين و الفَخِذَين.
و قال أبو عُبَيدة: اللَّصَص في مَرْفَقي الفَرَس أن تنضَمَّا إلى زَوْرِه و تَلْصقا به.
قال: و يستحبّ اللَّصَصُ في مَرْفِقَي الفرس.
و قال أبو زيد: جمعُ اللَّصّ لُصوص و أَلْصاص، و امرأة لَصَّةٌ من نسوة لَصائص و لَصَّات.
باب الصاد و النون‏
ص ن‏
صن، نص: [مستعملان‏].
صن:
قال اللَّيث: الصَّنُّ: شِبْه السَّلَّة المُطْبَقَة

81
تهذيب اللغة12

صن ص 81

يُجعل فيها الطّعام.
سَلَمة عن الفرَّاء قال: الصِّنّ: بَوْل الوَبْر.
و الصِّنُّ أيضاً: أوّل يوم من أيّام العَجوز، و أنشد غيره:
فإذا انقَضَتْ أيّامُ شَهْلَتِنا             صِنٌّ و صِنَّبْرٌ مع الوَبْرِ
و قال جرير في صِنّ الوَبْرِ:
تَطَلَّى و هيَ سَيِّئَةُ المعَرَّى             بِصَنِّ الوَبْر تحسَبه مَلابَا
و أخبرَني المنذريُّ عن أبي الهيثم عن نُصَيْر الرّازيّ يقال للتَّيْس إذا هاج: قد أصَنّ فهو مُصِن. و صُنانه: ريحُه عند هِياجه.
و يقال للبَغْلَة إذا أمسكْتَها في يَدِك فأنتَنَتْ:
قد أصَنَّتْ.
و يقال للرَّجُل المُطَيَّخِ المُخْفِي كلامَه:
مُصِنَّ.
قال: و إذا تأخَّر ولدُ الناقة حتى يقع في الصَّلَا فهو مُصِنّ و هُنّ مِصِنّاتٌ مَصَانٌّ.
و قال ابن السكّيت: المُصِنّ: الرافعُ رأسَه تكبُّراً، و أنشد:
يا كَرَواناً صُكَّ فاكْبأنّا             فشَنَّ بالسَّلْحِ فلمّا شَنَّا
بَلَّ الذَّنابَى عَبَساً مُبِنَّا             أَإِبِلِي نأكُلُها مُصِنَّا

و قال أبو عمرو: أتانا فلانٌ مُصِنّاً بأَنْفه:
إذا رَفع أَنفَه من العَظَمة. و أَصَنَّ: إذا سَكَت؛ فهو مُصِنٌّ ساكِت، و أَنشَد:
قد أخَذَتْني نَعْسَةٌ أُرْدُنُّ             و مَوْهَبٌ مُبْزٍ بها مُصِنُ‏
و قال أبو عُبَيدةَ: إذا دنا نَتاجُ الفَرَسِ و ارْتَكَضَ ولدُها و تحرّك في صَلَاها فهي حينئذ مُصِنّة و قد أصنّت الفرس، و رُبَّما وقع السّقيُ في بعض حركته حتى ترى سواده من طُبييها، و السَّقيُ طرف السَّابيَاء.
قال: و قلّ ما تكونُ الفرس مُصِنَّة: إذا كانت مُذْكِرة تلد الذكور.
نص:
قال الليث: النَّصُّ: رَفْعُك الشي‏ءَ.
و نَصَّصْتُ ناقتي: إذا رَفَعْتَهَا في السَّيْرِ.
ثعلب عن ابن الأعرابي: النَّصّ: الإسناد إلى الرئيس الأكبر. و النَّصّ: التَّوقيف.
و النَّصّ: التعيين على شي‏ءٍ مّا.
و
في الحديث «أنَّ النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم حين دَفَع من عَرَفات سارَ العَنَق، فإذا وَجد فُجْوَةً نَصَّ»
. قال أبو عُبَيْد: النَّصُّ: التحريك حتّى تستخرج من الناقة أَقْصَى سَيْرِها، و أَنشَد:
* و تَقْطَع الخَرْقَ بسَيْرٍ نَصِّ*
رُوي عن عليّ أنه قال: إذا بلغ النساءُ نَصَّ الحِقَاقِ فالعَصَبَةُ أَوْلى.
قال أبو عُبيد: النَّصُّ: أصلُه منتَهى الأشياء و مبلغُ أَقصاها، و منه قيل:

82
تهذيب اللغة12

نص ص 82

نَصَصْتُ الرجلَ: إذا استقصيْتَ مسألتَه عن الشي‏ءِ حتى يستخرج كلَّ ما عندَه، و كذلك النَّصّ في السَّيْرِ إنّما هو أَقصَى ما تَقدر عليه الدابّة. قال: فَنَصّ الحِقاقِ إِنّما هو الإدرَاك.
و قال ابن المُبَارَك: نَصُّ الحِقاق: بُلُوغُ العَقْل.
و
رُوِيَ عن كعب أنّه قال: يقول الجبّارُ:
احذَروني فإنِّي لا أُناصُّ عَبْداً إلَّا عَذَّبْتُه»
، أي: لا أستقصِي عليه إلا عَذَّبْتُه؛ قاله ابن الأعرابي، و قال: نَصَّص الرجلُ غَرِيمَه:
إذا اسْتَقْصَى عليه.
و قال اللّيث: الماشطة تَنُصُّ العَروسَ فتُقْعِدُها على المِنَصَّة، و هيَ تَنْتَصُّ عليها لِتُرَى من بين النساء.
و قال شمر: النّصْنَصَةُ و النّضْنَضَةُ:
الحركة، و كل شي‏ءٍ قلقلته فقد نَصْنَصْتَه.
و قال الأصمعيّ: نَصْنَصَ لسانَه و نَضْنَضَهُ:
إذا حَرَّكه.
و قال اللَّيث: النَّضْنَضَةُ: إثْبَاتُ الْبَعيرِ رُكْبَتَيْه في الأرض، و تَحَرُّكه إذا هَمَّ بالنُّهُوضِ. قال: و انتَصَّ الشي‏ءُ و انتَصَب:
إذا استوَى و استَقامَ، و قال الرّاجز:
* فَبَاتَ مُنْتَصّاً و مَا تَكَرْدَسَا*
و قال أبو تراب: كان حَصِيصُ القوم و بَصيصُهم و نَصِيصُهم كذا و كذا، أي:
عَدَدُهم بالحاء و النون و الباء.
باب الصاد و الفاء
ص ف‏
صف، فص.
 [صف‏]:
قال الليث: الصَّفُّ معروف قال:
و الطّير الصّوَافُّ: التي تَصُفّ أجنَحتها فلا تحرِّكُها.
و الْبُدنَ الصَّوافُّ: التي تُصَفَّفُ ثمَّ تُنْحَر.
و قال أبو إسحاق في قول اللّه جلّ و عزّ:
وَ الصَّافَّاتِ صَفًّا (1)
 [الصافات: 1]، قال المفسرون: هم الملائكة، أي: هم مصطفُّون في السماء يُسبِّحون للَّه.
و قال في قوله عزّ و جلّ: فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَ‏
 [الحج: 36]، قال: صَوافَ‏
 منصوبةٌ على الحال، أي: قد صفَّت قوائمَها؛ أي: فاذكُروا اسمَ اللّه عليها في حال نحِرِها.
قال: وَ الطَّيْرُ صَافَّاتٍ‏
 [النور: 41]، باسطات أجنِحَتها.
و قال الليث: صَفَفْتُ القومَ فاصطَفُّوا.
و المَصَفُّ: المَوْقِفُ و الجميع المَصَافّ.
و الصَّفِيفُ: القَدِيدُ إذا شُرِّر في الشمس، يقال: صَفَفْتُه أصُفُّه صَفّاً.
أبو عُبَيد عن الكسائي قال: الصَّفِيفُ:
القَدِيدُ، و قد صَفَفْتُه أصُفُّه صَفّاً.
و قال امرؤ القيس:
* صَفِيفَ شِواءٍ أَو قَدِيرٍ مُعَجَّلِ*

83
تهذيب اللغة12

صف‏ ص 83

قال شَمِر: قال ابن شُميل: التَّصفيف نحوُ التّشريح، و هو أن تَقرض البَضْعة حتى تَرِقّ فترَاهَا تَشِفّ شَفِيفاً. و قد صفَفْتُ اللحم أصُفُّه صفّاً.
و قال خالدُ بنُ جَنْبَة: الصَّفِيفُ: أن يُشرّح اللحمُ غيرَ تَشريحِ القَدِيد، و لكن يُوَسَّع مثل الرُغْفان الرِّقاق، فإذا دُقّ الصَّفِيف ليؤكل فهو زِيم، و إذا تُرِك و لم يُدَقّ فهو صَفِيف.
و قال الليث: الصُّفّةُ: صُفّةُ السَّرْج.
أبو عُبَيْد عن الكسائي: صَفَفْتُ للدابة صُفّةً، أي: عملتُها له.
و قال الليث: الصُّفّة من البُنْيان. قال:
و عذابُ يوم الصُّفّة: كان قَومٌ قد عَصَوْا رسولهم فأَرسَل اللّه عليهم حَرَّاً و غَمَّاً غَشِيَهم من فَوقهم حتى هَلَكوا.
قلتُ: الذي ذكره اللّه في كتابه: عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ [الشعراء: 189]، لا عَذَابُ يوم الصُّفّة، و عُذِّب قومُ شعيب به، و لا أدري ما عذابُ يوم الصُّفّة.
و قال اللّه جلّ و عزّ: فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً (106)
 [طه: 106].
قال الفرّاء: الصَّفْصَفُ: الذي لا نَبات فيه، و هو قولُ الكَلْبيّ.
و قال ابن الأعرابيّ: الصَفْصَفُ: القَرْعاء.
و قال مجاهد: قاعاً صَفْصَفاً
: مستوياً.
شمر عن أبي عمرو: الصَّفْصَف:
المستوِي من الأرض، و جمعُه صفَاصِف.
و قيل: الصَفْصَفُ: المُستوِي الأملَس.
و قال الشاعر:
إذا رَكبْتَ داوِّيةً مُدْلَهِمّةً             و غَرَّدَ حَادِيها لها بالصَّفاصِفِ‏
أبو عُبَيد عن الأصمعي: الصَّفُوفُ: الناقةُ التي تَجمَع بين مِحْلَبَين في حَلْبة واحدة؛ و الشَّفُوعُ و القَرُونَ مِثْلُها.
قال: و الصَّفوف أيضاً: التي تَصُفّ يَدَيْها عند الحَلب.
و قال اللّحياني: يقال: تضافّوا على الماء و تَصافُّوا عليه بمعنًى واحد: إذا اجتَمَعوا عليه.
اللّيْثُ: الصَّفْصَفة: دخِيل في العربية، و هي الدُّوَيْبّة التي يسميها العَجَم السّيسك.
أبو عُبَيد: الصَّفْصافُ: الخِلافُ.
و قال الليث: هو شجَر الْخِلاف بلُغة أهلِ الشام.
فص:
أبو العبّاس عن ابن الأعرابي: فَصُّ الشَّي‏ءِ: حقيقتُه كُنْهُه. قال: و الكُنْه:
جَوْهَرُ الشي‏ء. و الكُنْهُ: نهايةُ الشي‏ء و حقيقتُه.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: إذا أصابَ الإنسانَ جُرحٌ فجَعل يَسيلُ. قيل: فَصَّ يَفِصّ فَصيصاً، و فَزّ يَفِزّ فَزِيزاً. قال: و قال‏

84
تهذيب اللغة12

فص ص 84

أبو زيد: الفُصوصُ: المَفاصلُ في العِظام كلها إلا الأصابع واحِدُها فَصّ.
و قال شَمِر: خُولِف أبو زيد في الفُصوص فقيل: إنها البَراجِم و السُّلَامَيَات.
و قال ابن شميل في كتاب «الخيل»:
الفُصوصُ من الفَرَس: مَفاصِلُ رُكبتَيه و أَرساغِه و فيها السُّلامَيَات، و هي عِظام الرُّسْغَيْن، و أنشد غيرُه في صفة الفَحْل:
قَريعُ هِجانٍ لم تُعَذَّبْ فُصوصُه             بقيد و لم يُرْكَب صَغيراً فيُجْدَعا
الحَرّاني عن ابن السكيت في باب ما جاء بالفتح، يقال: فَصُّ الخاتَم. و هو يأتيك بالأمْر من فَصِّه، أي: مَفْصِله، يُفصِّله لك. و كلُّ ملتقَى عَظْمَيْن فهو فَصّ.
و يقال للفَرَس: إن فُصُوصَه لظِمَاء، أي:
ليست برَهِلة كثيرة اللحم. و الكلامُ في هؤلاء الأحرف بالفتح.
قال أبو يوسف: و يقال: فِصُّ الخاتم و هي لغة ردية.
و قال الليث: الفَصُّ: السِّنُّ من أَسْنان الثُّوم، و أنشد شَمِر قولَ امرى‏ء القيس:
يُغالِينَ فيه الجزْء لولا هَواجِرٌ             جَنادِبُها صَرْعَى لهنّ فَصِيصُ‏
يُغالين: يُطاوِلْن، يقال: غالبْتُ فلاناً فلاناً، أي: طاوَلْتُه، و قولُه: لهنّ فَصِيصُ، أي: صَوْتٌ ضعِيف مثل الصفير. يقول: يُطاوِلْن الجَزْء لو قَدَرْنَ عليه، و لكنَّ الحَرَّ يُعْجِلُهنّ.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: الفَصافِص:
واحدتُها فِصْفِصَة و هي بالفارسية أَسْبُسْت، و أنشد للنابغة:
* من الفَصافِص بالنُّمِّيّ سِفْسِيرُ*
و قال الليث: فَصُّ العَيْن: حَدَقَتُها، و أنشد:
* بمُقْلةٍ تُوقِد فَصّاً أَزْرَقا*
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: فَصْفَص: إذا أَتَى بالخَبَر حقّاً.
قال: و يقال: ما فَصَّ في يَدَيّ شي‏ء، أي: ما بَرَدَ، و أنشد:
لأُمِّكَ وَيْلَةٌ و عليكَ أُخْرَى             فلا شاةٌ تَفِصُّ و لا بَعيرُ
و قال أبو تراب: قال حترش: قَصَصْتُ كذا مِن كذا، أي: فصلته. و انْفَصّ منه، أي: انفَصَل. و افتَصَصْتُه: افْتَرَزْتُه.
باب الصاد و البَاء
ص ب‏
صب. بص: [مستعملان‏].
 [صبّ‏]:
قال الليث: الصَّبُّ: صَبُّك الماءَ و نحوَه. و الصَّبَبُ: تَصوُّبُ نهرٍ أو طريق يكون في حُدور.
و
في صِفَةِ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم «أنّه كان إذا مَشَى كأنّما ينحطُّ في صَبَب»
. قال أبو عُبَيد: قال أبو عَمرو: الصَّبَبُ:

85
تهذيب اللغة12

صب‏ ص 85

ما انحدَرَ من الأرض، و جمعُه أصْبَاب.
و قال رُؤْبة:        

* بَلْ بَلَدٍ ذي صُعُدٍ و أصْبابْ*
و
في حديث عُتبة بن غَزْوانَ أنّه خطب الناسَ فقال: «ألّا إنّ الدنيا قد آذَنَتْ بصَرْم، و وَلَّت حَذّاء، فلَم يَبقَ فيها إلا صُبابةٌ كصُبابة الإناء»
. وَلّت حَذّاء، أي: مُسرِعةً.
و قال أبو عُبَيد: الصبابةُ: البَقِيَّةُ اليسيرةُ تَبقَى في الإناء من الشّراب؛ فإذا شَرِبها الرجل قال: تَصابَبْتُها.
و قال الشَّماخ:
لَقَوْمٌ تَصابَبْتُ المعيشةَ بَعْدَهُمْ             أَشدُّ عليّ من عِفَاءٍ تَغَيَّرا
فشبّه ما بَقي من العَيْشِ ببقيّة الشّراب يتمزّزُه و يتصَابُّه.
و
في حديث عُقْبة بنِ عامر أنّه كان يَختَضِب بالصَّبِيب.
قال أبو عُبيد: الصَّبِيب يقال: إنَّه ماء وَرَق السِّمْسم أو غيرِه من نباتِ الأرض.
و قد وُصِف لي بمصر، و لونُ مائِه أحمرُ يعلوه سواد، و منه قول علقمة بن عَبَدَةَ:
فأورَدْتُها ماءً كَأنّ جِمامَه             من الأجْنِ حِنَّاءٌ معاً و صَبِيبُ‏
و قال الليث: الدّمُ، و العُصْفُر المُخلِص؛ و أنشد:
يَبْكُون من بَعد الدُّموعِ الغُزَّرِ             دَماً سِجالًا كصبِيب العُصْفُرِ
و قال غيرُه: يقال للعَرَق صَبيبٌ، و أنشد قولَه:
* هَواجِرٌ تحْتَلِبُ الصَّبيبَا*
و قال أبو عمرة: الصَّبيبُ: الجليدُ، و أنشد في صفة الشّتاء:
و لا كلْبَ إلا والِجٌ أنفَه استَنّه             و ليس بها إلّا صَباً و صَبِيبُها
أبو العباس عن ابن الأعرابي: صبّ الرجلُ: إذا عشِق، يَصبّ صَبابةً.
و الصبابةُ: رقةُ الهوى. قال: و صُبّ الرجلُ و الشي‏ءُ: إذا مُحِق.
عمرو عن أبيه: صَبْصَب: إذا فرّق جيشاً أو مالًا.
قال الليث: رجلٌ صَبٌّ، و امرأةٌ صَبّة، و الفعل يَصبُّ إليها عِشقاً، و هو صبٌّ قال: و الصبيبُ: الدور «1». و العصفر المخلص؛ و أنشد:
يبكون من بَعد الدموع الغُزّر             دماً سجالًا كسجال العُصفُر
أبو عُبيد عن الأصمعي: خِمْسٌ صبْصَاب و بَصبَاص و حَصْحَاص، كلّ هذا السيرُ
__________________________________________________
 (1) هي محرفة عن «الدم».

86
تهذيب اللغة12

صب‏ ص 85

الذي ليست فيه وتيرة و لا فتور.
قال: و قال أبو عمر: المُتَصَبْصبُ:
الذاهب المُمحق.
و قال الأصمعي: تَصبْصبَ تَصبْصُباً: و هو أن يذهب إلا قليلًا.
و قال أبو زيد: تَصبصب القوم: إذا تفرّقوا؛ أنشد:
* حتى إذا ما يَوْمُها تَصبْصَبَا*
أي: ذهب إلَّا قليلًا.
و سمعتُ العرب تقول للحَدُور: الصبوب، و جمعها صُبُب، و هو الصب، و جمعه أصْباب.
أبو عبيد عن الأصمعي: الصُّبَّة: الجماعةُ من الناس.
و قال غيره: الصُّبّةُ: القطعة من الإبل و الشاه.
و قال شمر: قال زيد بن كُثْوة: الصُّبةُ ما بين العشْر إلى الأربعين من المِعْزَى.
قال: و الفِزْر من الضَّأْن مثلُ ذلك، و الصِّدْعَةُ نحوُها، و قد يقال في الإبل.
و قال الليث: التَّصَبْصُبُ: شدة الخِلاف و الجُرأة؛ يقال: تَصَبْصبَ علينا فلان.
و قال في قول الراجز:
* حتى إذا ما يومُها تَصبْصبَا*
أي: اشتد عليّ الخمر ذلك اليوم.
قلتُ: و قول أبي زيد أحبُّ إليّ.
و يقال: صَبَّ فلان غنم فلان: إذا عاث فيها. و صَبَّ اللّه عليهم سَوْطَ عذابه، أي:
عَذبهم. و صبَّت الحيّةُ عليه: إذا ارتفعت، فانصبّتْ عليه من فوقُ. و منه‏
حديثُ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنّه ذكر فِتَناً فقال: «لَتَعودُنَّ فيها أساوِدَ صُبّاً يَضربُ بعضكم رِقابَ بعض»
. و الأسَاوِدُ: الحيّات. و قوله: صُبّاً:
قال الزهري- و هو راوي الحديث-: هو من الصبّ.
قال: و الحيّةُ إذا أراد النَّهْسَ ارتفع ثم صَبّ.
و قال أبو عبيد نحوه. و قال: هي جمعُ صَبُوبٍ أو صابٍّ صُبُب، كما يقال شاةٌ عَزُوز و عُزْزُ، و جَدود و جُدُد.
و قال: و الذي‏
جاء في الحديث: «لتَعودُنّ أَسَاوِدَ صُبّاً»
، على فُعْل من صَبَا يَصبو إذا مال إلى الدنيا، كما يقال غازٍ و غُزّى.
أراد: لتعودُنَّ فيها أساوِد، أي: جماعاتٍ مختلفين و طوائفَ متنابِذين، صائبين إلى الفتنة، مائِلين إلى الدنيا و زُخْرُفها.
و كان ابن الأعرابي يقول: أصلُه صَبأَ عَلَى فعَل بالهمز، جمعُ صابى‏ء، من صبَأَ عليه: إذا اندرأ عليه من حيث لا يحتسبُه، ثم خُفّف همزه و نوِّن فقيل: صُبَّى مَوْزن غُزَّى.
و سمعت العرب تقول: صب فلان لفلان مغرفاً من اللبن و الماء.

87
تهذيب اللغة12

صب‏ ص 85

و يقال: صُبّ رِجْلُ فلان في القَيْد: إذا قُيّد.
و قال الفرزدق:
و ما صَبَّ رِجْلي في حديد مُجاشعٍ             مع القَدرِ إلا حاجةً لي أُريدُها
و يقال: صببتُ لفلان ماءً في قَدَح ليشربَه، و اصطبَبْتُ لنفسي ماءً من القِرْبة لأشرَبَه.
و أخبرني المنذريُّ عن أبي العباس أنه قال في تفسير قوله: كأنما ينحطّ من صَبَب، أراد أنه قويُّ البدن، فإذا مَشَى فكأنه يَمْشي على صُدور قَدَمَيه من القوة، و أنشد:
الواطِئين على صُدورِ نِعالهمْ             يَمشون في الدِّفْئِيِّ و الإبْرادِ
بص:
أبو عبيد عن الأصمعي: بَصَّ الشي‏ءُ يَبِصّ بَصِيصاً، و وبَص يَبِصُ وَبيصاً: إذا بَرَقَ و تلألأ.
و قال أبو زيْد: بَصَّصَ الجِرْوُ تَبْصيصاً: إذا فتح عَيْنه.
أبو عبيد عنه: قال شَمِر: و قال الفراء:
بصَّصَ [بَضَّضَ‏] الجِرْوُ تَبْصيصاً [تبضيضا] بالياء [بالباء].
قلتُ: و هما لغَتان، و فيه لغاتٌ قد مرَّت في حرف الضَّاد.
و قال الليث: البَصْبَصةُ: تحريكُ الكلْب ذَنَبَه طمعاً أو خَوْفاً، و الإبلُ تفعَل ذلك إذا حُدِي بها.
و قال رؤبة:
* بَصْبَصْنَ بالأذناب من لَوْحٍ وَ بَقْ*
يصف الوحشَ.
أبو عبيد عن الأصمعي: من أمثالهم في فِرار الجبَان و خضوعه بَصْبَصْنَ إذا حُدِين بالأذْنابِ.
و مثلُه قولُه: دَرْدَبَ لمّا عَضَّه الثِّقّافُ، أي: ذَلّ و خَضَع.
و قال الأصْمَعِيُّ: خِمْسٌ بَصْبَاصٌ، أي:
مُتْعِبٌ لا فُتُورَ في سَيْرِه.
و يقال: أبصَّتِ الأرضُ إِبْصَاصاً، وَ أوبَصَتْ إيباصاً: أَوَّلُ ما يَظْهَرُ نَبْتُها.
و يقال: بَصَّصَتِ الْبَراعِيمُ: إذا تفتّحتْ أكِمَّةُ زَهر الرياض.
باب الصاد و الميم‏
 [ص م‏]
صم، مص: مستعملان.
صم:
قال الليث: الصَّمَمُ في الأذن ذَهابُ سَمْعِها. و في القَناةِ: اكتنازُ جَوْفها. و في الحَجَر: صَلَابَتُه، و في الأمر: شِدَّتُه.
و يقال: أُذُنٌ صَمَّاءُ، و حَجَرٌ أصَمُّ، و فِتْنَةٌ صَمَّاء.
و قال اللَّهُ جلّ و عَزّ في صفة الكافرين:
صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ‏
 [البقرة:
171]، يقول القائل: جَعلَهم اللَّهُ صُمّاً و هم يَسْمعون، و بُكْماً و هم ناطِقون،

88
تهذيب اللغة12

صم ص 88

و عُمْياً و هم يُبْصِرون؟ و الجواب في ذلك:
أنَّ سَمْعَهم لمّا لم يَنْفعْهم لأنَّهم لم يَعُوا به ما سَمعوا، و بَصَرهم لما لم يُجْدِ عليهم لأنهم لم يَعْتَبِرُوا بما عايَنوه من قُدْرة اللّه تعالى و خَلْقِه الدَّالِّ على أنَّه واحد لا شريكَ له، و نُطقَهم لما لم يُغْنِ عنهم شيئاً إذْ لم يُؤمنوا به إيماناً يَنْفَعهم، كانوا بمنزلة مَنْ لا يَسْمَع و لا يُبْصِر و لا يَعِي، و نحوٌ من قول الشاعر:
* أصَمُّ عمّا ساءَه سَمِيعُ*
يقول: يتصامَم عمّا يَسوءُه، و إن سَمِعه فكان كأنه لم يسمعه، فهو سميع ذُو سَمْع، أصَمُّ في تَغَابِيه عمّا أُريدَ به.
و جمعُ الأصَم: صُمٌّ و صُمَّانٌ.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ من أمثالهم:
صَمِّي صَمَام. و يقال: صَمِّي ابْنَةَ الجَبَل، يضرب مَثَلًا للداهية الشديدة، كأنَّه قيل لها: اخْرَسِي يا داهية.
و كذلك يقال للحيّة التي لا تجيب الرَّاقيَ:
صَمّاء، لأنّ الرُّقَى لا تَنْفَعُها. و العَرَبُ تقول: أصَمّ اللَّهُ صَدَى فلان، أي: أهْلَكَهُ اللّه. و الصّدَى: الصوتُ الّذي يَرُدُّهُ الجَبَلُ إذا رَفعَ فيه الإنسانُ صوتَهُ، و قال امرؤ القيس:
صَمَّ صَداها و عَفَا رَسْمُهَا             و اسْتَعْجَمَتْ عن مَنْطِق السائِل‏
و منه قولُهم: صَمِّي ابْنَة الجَبَل، مهما يُقَلْ تَقُلْ، يريدون بابنةَ الجبَل: الصّدى.
و العَرَبُ تقول للحرب إذا اشتدَّتْ و سُفِكَ فيها الدِّماء الكثيرةُ: صَمَّتْ حَصَاةٌ بدَمٍ، يريدون أنّ الدِّماء لما سُفكَتْ و كثُرَتْ اسْتَنْقَعَتْ في المَعركة، فلو وقعتْ حَصاةٌ على الأرض لم يُسمع لها صوتٌ، لأنَّها لا تقعُ إلَّا في نجيع.
و يقال للدَّاهية الشديدة: صَمَّاءُ و صَمَامِ، و قال العجَّاج:
صَمَّاءُ لا يبْرِئها من الصَّمَمْ             حوادثُ الدهرِ و لا طُولُ القِدَمْ‏
و يقال للنَّذير إذا أَنْذَرَ قوماً من بَعِيدٍ و أَلْمَعَ لهم بثَوْبه: لمعَ بهمْ لَمْعَ الأصَمّ، و إن بالَغَ يَظنّ أنّه مقصّر، و ذلك أنه لما كثر إلماعُه بثوبه كان كأنهُ لا يسمعُ الجوابَ، فهو يُديمُ اللمعَ، و من ذلك قول بشر:
أشار بهم لمع الأصمِّ فأقبلوا             عرانين لا يأتيه للنصر مُجلِبُ‏
أي: لا يأتيه مُعينٌ من غير قومه، و إذا كان المعينُ من قومه لم يكن مُجلباً.
و يقال: ضربه ضربَ الأصمّ: إذا تابعَ الضربَ و بالغ فيه، و ذلك أنَّ الأصمَّ و إن بالغ يظن أنه مقصِّر فلا يُقلع، و قال الشاعر:
فأبْلِغْ بَني أسَدٍ آيةً             إضا جِئتَ سَيِّدَهُمْ و المَسُودَا
فأُوصيكُمْ بطِعَانِ الكُماةِ             فقد تَعلمون بأنْ لا خُلودَا

89
تهذيب اللغة12

صم ص 88

و ضَرْبِ الجماجِمِ ضربَ الأصَمّ             حَنْظَلَ شابةَ يَجْنِي هَبِيدَا
و يقال: دعاهُ دعوةَ الأصمّ: إذا بالغ في النّدَاء. و قال الراجزُ يصف فَلَاةً:
* يُدْعَى بها القومُ دُعاءَ الصُّمّانْ*
و هذه الأمثال التي مرّتْ في هذا الباب مسموعة من العرب و أهل اللغة المعروفين، و هي صحيحة و إن لم أعزها إلى الرواة.
أبو عُبَيْد عن الكسائيّ: الصِّمَّةُ: الشُّجاع، و جمعه صِمَم.
و قال الليث: الصِّمَّةُ من أسْمَاءِ الأسد.
قال: و الصَّمِيمُ: هُوَ الْعَظْمُ الذي به قِوَامُ العُضْو مثلُ صَمِيمِ الوَظيف، و صَمِيم الرأس، و به يقال للرجل: فُلانٌ مِنْ صَمِيمِ قومه: إذا كان من خالِصهم، و أنشد الكسائيّ:
بمَصْرَعِنَا النُّعْمانَ يَوْمَ تَأَلَّبتْ             علينا تميمٌ من شَظًى و صَمِيمِ‏
و يقال للضارب بالسّيف إذا أصابَ العظم فأَنفَذَ الضَّريبةَ: قد صَمَّمَ فهو مصمِّم، فإذا أصاب المَفْصِل فهو مُطَبِّق، و أنشد أبو عُبَيْد:
* يُصَمِّمُ أَحياناً وَ حِيناً يُطَبِّقُ*
أراد أنَّه يَضْرِبُ مرّة صميمَ العَظْم، و مرة يُصِيب المَفْصِل.
و يقال للَّذِي يَشُدُّ على القوم و لا ينْثَنِي عنهم: قد صَمَّم تَصْميماً. و صَمَّمَ الحيَّة في نَهْشِهِ: إذا نَيّبَ، و قال المتلمِّس:
فأَطْرَقَ إِطراقَ الشُّجاع و لو يرى             مَسَاغاً لِنَاباهُ الشُّجَاعُ لَصَمَّما
هكذا أَنشدَه الفَرَّاء «لناباه» على اللغة القَدِيمة لبعض العرب.
أبو عُبَيْدة: من صفات الخَيْل: الصَّمَمُ، و الأنثى صَمَمّة، و هو الشديد الأَسْرِ المَعْصوبُ الذي ليس في خلقه انتشار.
و قال الجَعديّ:
و غارةٍ تَقطَع الفَيافِيَ قد             حارَبْتُ فيها بِصِلْدِمٍ صَمَمِ‏
و يقال لصِمام القارورة: صِمّة.
و قال ابن السكيت: الصْمُّ: مصدرُ صَمَمتُ القارورةَ أَصُمُّها صَمّاً: إذا سددتَ رأسها و يقال: قد صَمَّه بالعَصا يصُمُّه صَمّاً: إذا ضَرَبه بها، و قد صَمَّه بحَجَر و الصمم في الأذن.
و قال ابن الأعْرابيّ: صُمَّ: إذا ضُرب ضَرْباً شديداً.
و قال الأصمعي في قول ابن أحمر:
أَصَمَّ دُعاءُ عاذِلتِي تَحَجَّى             بآخِرِنا و تَنْسَى أَوَّلِينَا
قال: أصمّ دعاءُها، أي: وافَق قوماً صُمّاً لا يَسمعون عَذْلَها. و يقال: ناديْته فأصْمَمْتُه، أي: صادفتُه أصَمّ.

90
تهذيب اللغة12

صم ص 88

أبو عُبَيد: الصِّمْصِم: الغَليظُ من الرجال.
قال: و قال الأصمعي: الصِّمْصِمة و الزِّمْزِمَة: الجماعةُ من الناس.
و قال النضر: الصِّمْصِمة: الأكمَةُ الغليظة التي كادت حجارتُها أن تكون منتصِبة.
و قال شَمِر: قال الأصمعي: الصَّمّان:
أرضٌ غليظة دون الجَبَل.
قلتُ: و قد شَتَوْتُ الصَّمانَ و رياضها شَتوَتَين، و هي أرضٌ فيها غِلَظ و ارتفاع، قيعان واسعةٌ و خَبَارَى تُنْبِت السِّدْرَ عَذِية، و رِياضٌ مُعْشِبة، و إذا أَخصبت الصَّمانُ رَتَعت العربُ جمْعاء.
و كانت الصَّمانُ في قديم الدهر لبني حَنْظَلة، و الحَزْن لبني يَرْبوع و الدَّهْناءُ لجماعاتهم. و الصَّمان مُتاخِم للدَّهْناء.
أبو عُبَيْد عن الأصمعيّ: الصَّمْصامةُ:
السيفُ الصارمُ الذي لا يَنثَني. قال:
و المصمِّمُ من السُّيوف: الذي يَمُرّ في العظام.
و قال الليث: الصِّمْصامة: اسمٌ للسيف القاطع، و للأَسَد. قال: و يقال: إن أوّل من سَمَّى سيفَهُ صَمْصامة: عمرُو بن معدِي كَرِبَ حين وهبَه فقال:
خليلٌ لَم أخُنْه و لم يَخُنِّي             على الصَّمصامة السَّيفِ السَّلامُ‏
قال: و من العرب من يَجعل صَمصامة معرفةً فلا يَصْرِفه إذا سَمَّى به سَيْفاً بعَيْنه؛ كقول القائل:
* تَصميمَ صَمصامةَ حينَ صَمَّمَا*
قال: و صوتٌ مُصِمٌّ، يُصِمُّ الصِّماخ.
و صَمِيمُ القَيْظ: أشدُّه حَرّاً. و صَمِيمُ الشِّتاء. أشَدُّه بَرْداً.
قال: و يقال: صَمَامِ صَمَامِ، يُحمَل على معنَييْن: على معنى تصامُّوا و اسكُتوا، و على معنى احمِلُوا على العَدُو.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: الصَمْصَم:
البخيلُ النهايةُ في البخل.
شمِر عن أبي بخَيْم قال: الصَّمَّاءُ من النُّوق اللاقح، إبِل صُمّ.
و قال المعْلُوط القُريْعيّ:
و كأن أوابيها و صُمّ مخاضها             و شافعة أم الفصال رفُود
أظنه: و شافعها و إبلٌ صُمٌّ.
مص:
قال ابن السكيت: مَصِصْتُ الرّمّان أمَصُّه قال: و مضِضْتُ من ذلك الأمر مِثله.
قلتُ: و من العَرَب من يقول: مَصَصْتُ أَمُصّ؛ و الفصيح الجيد مَصِصْتُ- بالكسر- أَمَص.
و قال الليث: يقال: مَصِصْتُه و امتصَصْتُه، و المَصُّ في مُهْلَةٍ و مُصاصَتُه: ما امتصصتَ منه.
و قال الأصمعي: يقال: مَصمَص إناءَه إذا

91
تهذيب اللغة12

مص ص 91

جعل فيه الماءَ و حرّكه، و كذلك مَضْمَضَه.
و قال اللّحياني و أبو سَعيد: إذا غَسَلَه.
و
رَوى بعضُ التابعين أنه قال: أُمِرْنا أن نُمَصْمِص من اللَّبَن و ألَّا نُمَصْمِص من التَّمْرَ.
قال أبو عُبَيد: المَصمَصة بطرَف اللِّسان و هو دون المَضْمَضَة. و المضمضةُ بالفم كلِّه، و فرق ما بينهما شبيه بالفرق ما بين القبضة و القبصة.
و
في حديثٍ مرفوع: «القتلُ في سبيل اللّه مُمَصْمِصَة»
، المعنى: أن الشهادة في سبيل اللّه مطهِّرة للشهيد من ذنوبه، ماحيةٌ خطاياه، كما يُمَصْمَصُ الإناء بالماء إذا رُقرق فيه و حُرِّك حتى يطهر، و أصله من المَوْص، و هو الغسيلُ.
قلتُ: و المصاصُ: نَبْت له قُشورٌ كثيرةٌ يابسةٌ، و يقال له: المُصّاخ، و هو الثُّدّاء، و هو ثَقُوبٌ جيّد، و أهل هَراةَ يسمّونه دِليزَاد.
و يقال: فلانٌ من مُصاص قومه، أي: من خالِصهم.
و قال رُؤبة:
* أُلاكَ يَحْمُون المُصاصَ المَحْضَنا*
و قال الليث: مُصاصُ القوم: أَصْلُ مَنبِتهم و أفضل سِطِتْهم.
قال: و الماصّةُ: داءٌ يأخذ الصبيَّ، و هي شَعَرات تَنْبُت على سَناسنِ القَفَار فلا يَنْجَع فيه طعامٌ و لا شرابٌ حتى تُنتَف من أصولها. و مَصّانّ و مَصّانّة: شَتْمُ للرجل يعيَّر برَضع الغَنَم من أخْلافها بفيه.
و قال أبو عُبَيد: يقال: رجلٌ مَصّانٌ و مَلْحانٌ و مَكّانٌ، كلُّ هذا من المَصّ، يَعنُون أنه يَرضع الغنم من اللّؤم، لا يَجتلبها فيُسمع صوتُ الحلب و لهذا قيل:
لئيم راضع.
و قال ابن السكّيت: قل يا مَصّانُ، و للأنثى يا مَصّانة، و لا تقل يا ماصَّان.
و
في حديث مرفوع: «لا تُحرِّم المَصَّةُ و لا المَصَّتان و لا الرَّضْعةُ و لا الرَّضْعتان، و لا الإملاجةُ و لا الإملاجَتان.
و يقال: أمصَّ فلانٌ فلاناً: إذا شَتَمه بالمَصَّان.
ثعلب عن ابن الأعرابي: المَصُوص:
الناقة القَمِئة.
و قال أبو زيد: المَصوصَةُ من النساء:
المهزولة من داءٍ قد خامَرَها؛ رواه ابن السكّيت عنه.
أبو عُبَيدة: من الخَيل الوَرْدُ المُصَامِصُ و هو الذي يستقري سراتَه جُدةٌ سَوْداء ليست بحالكة، و لونُها لونُ السواد، و هو وَرْدُ الجَنْبَيْنِ و صفقتي العنق و الجِرانِ و المَرَاقّ، و يعلو أَوظِفَته سوادٌ ليس بحالكِ، و الأنثى مُصَامِصة.
و قال غيره: كُمَيْتٌ مُصامِص، أي:

92
تهذيب اللغة12

مص ص 91

خالص الكُمْتة قال: و المُصامِص:
الخالصُ من كلّ شي‏ء. و إنه لمُصامِصٌ في قومه: إذا كان زاكِيَ الحَسَب خالصاً فيهم.
و قال الليث: فَرسٌ مُصامِصٌ: شديدُ تركيب العظام و المفاصلُ. و كذلك المُصمِّص و ثغرُ المصِّيصة معروفة بتشديد الصاد الأولى، و اللّه أعلم.
***

93
تهذيب اللغة12

أبواب الثلاثي الصحيح من حرف الصاد ص 94

أبواب الثلاثي الصحيح من حرف الصاد
 [ص س- ص ز:
مهمل أهمِلت الصاد و السين مع الحرف الذي يليها.
ص ط
استُعمل من جميع وجوهها مع الحروف التي تليها أحرف قليلة أهملها الليث.
منها ما رَوَى أبو العباس قال.
 [صطب‏]:
المِصْطَب: سَنْدان الحدّاد.
و رَوَى عَمرو عن أبيه: الأُصْطبَّة: مُشَاقَةْ الكَتّان.
قلت: و قد سمِعْتُ أعرابيّاً من بني فَزارة يقول لخادم له: ألا وارفَع لي على صَعيدِ الأرض مِصْطبة أَبيتُ عليها بالليل، فرَفع له من السّهْلة شِبْهَ دُكّانٍ مربّع قَدرَ ذراع من الأرض يتّقي بها من الهَوامّ بالليل.
و سمعتُ أعرابيّاً آخَر من بني حنظلةَ سماها المَصْطَفّة بالفاء.
 [صطر]:
و رَوَى أبو عُبَيد عن الكسائيّ:
المُصطارُّ: الخمرُ الحامض؛ بتشديد الراء.
قلتُ: و أصلُه من صَطَر مُفْعالٌّ منه. و أما الصِّراط و البَسْط و المُصَيْطِر، فأصل هذه الصادات سِينٌ قُلِبت مع الطاء صاداً لقُرب مَخارجِها.
 (أبواب) الصّاد و الدال‏
ص د ت- ص د ظ- ص د ذ- ص د ث:
أهملت وجوهها.
ص د ر
استعمل من وجوهها: صدر، صرد، رصد، درص.
صدر:
قال ابن المظفّر: الصَّدْرُ: أعْلى مقدَّم كلّ شي‏ء قال: و صَدْرُ القَناة: أعْلاها.
و صَدْرُ الأمر أوّله. قال: و الصُّدْرةُ من الإنسان: ما أشرَفَ من أَعْلى صَدْرِه.
قلتُ: و من هذا قول امرأة طائيَّةٍ كانت تحتَ امرى‏ء القيس ففَرِكَتْه و قالت: إني ما علمتُك إلّا ثقيلَ الصُّدْرة، سريع الهِراقة، بطي‏ءَ الإفاقة.
و قال أحمد بن يحيى: قال ابن الأعرابي: المِجْوَلُ الصُّدْرَةُ، و هي الصِّدار و الأُصْدَة و الإتْب و العَلَقة.
قلت: و العربُ تقول للقميص القصير و الدّرع القَصيرة: الصُّدْرةُ.
و قال الليث: الصِّدارُ: ثوبٌ رأسُه‏

94
تهذيب اللغة12

صدر ص 94

كالمِقْنَعَةِ و أسفْلُه يُغَشِّي الصدرَ و المنكِبين تَلبَسه المرأة.
قلتُ: و كانت المرأة الثَّكلَى إذا فَقدتْ حَميمَها فأحَدَّت عليه لبِستْ صِدَاراً من صوف، و منه قول أخي خَنساءَ:
* و لو هلكتُ لبستْ صِدَارَها*
و قال الرّاعي يصف فَلاةً:
كأنّ العِرْمَسَ الوَجْناءَ فيها             عَجُولٌ خَرّقتْ عنها الصِّدَارَا
و قال الأصمعيّ: يقال لِمَا يَلِي الصَّدْر من الدِّرْع: صِدار.
و اللّيث: التصدير: حَبلٌ يُصدَّر به البعيرُ إذا جرَّ حِمْلَه إلى خَلْف. و الحبلُ اسمه التَّصْدير، و الفعل التَّصْدير.
أبو عُبَيد عن الأصمعي: و في الرَّحْل حِزامَةٌ يقال لها: التَّصْدير قال: و الوَضِينُ للهَوْدَج، و البِطَان للقَتَب؛ و أكثرُ ما يقال الحِزامُ للسَّرج.
و قال الليث يقال: صَدِّر عن بَعيرك، و ذلك إذا خَمُص بطنُه و اضطرب تصديرُه، فيُشدُّ حبلٌ من التَّصدير إلى ما وراء الكرْكِرَة فيثبتُ التصديرُ في موضعه؛ و ذلك الحبلُ يقال له: السِّناف، قلت: الذي قاله الليث: إن التصدير حبل يُصَدَّر به البعير إذا جَرّ حمله خطأ، و الذي أراده يسمّى السِّناف و التَّصديرُ الحزامُ نفسُه.
و قال الليثُ: التصديرُ: نَصْبُ الصَّدر في الجُلوس. قال: و الأَصْدَرُ الذي أشْرفتْ صُدْرَته.
قال: و يقال: صَدَرَ فلان فلاناً: إذا أصاب صَدْرَه. و صُدِر فلان: إذا وَجِع صَدْرُه.
أبو عُبيد عن الأحمر: صَدَرْتُ عن الماء صَدَراً، و هو الاسم، فإن أردتَ المَصدَر جزمْتَ الدال، و أَنشدَنا:
و ليلةٍ قد جعلتُ الصبحَ مَوْعِدَها             صَدْرَ المَطِيّة حتى تعرف السَّدَفا
قال: صَدْر المَطِيّة مصدر.
و قال الليث: الصَّدَر: الانصراف عن الوِرْد و عن كل أمر، يقال: صَدَرُوا، و أصدَرْناهم. و طريقٌ صادر، معناه: أنّه يَصدُر بأهله عن الماء. و طريق وارِدٌ يَرِدُ بِهِم، و قال لبيد يذكر ناقتين:
 ثم أصدَرْناهُمَا في واردٍ             صَادِرٍ وَهْمٍ صُوَاهُ قد مَثَلْ‏
أراد في طريقٍ يُورَد فيه و يُصدَر عن الماء فيه. و الوَهْمُ: الضَّخم.
و قال الليث: المَصدَر: أصلُ الكلمة الّتي تصدر عنها صَوَادِرُ الأَفعال. و تفسيرُه: أن المصادر كانت أوّل الكلام، كقولك:
الذَّهاب و السمعُ و الحفظ، و إنّما صَدَرت الأفعالُ عنها، فيقال: ذهبَ ذَهاباً. و سَمِع سَمْعاً و سَمَاعاً، و حَفِظ حِفْظاً.
و قال الليث: المصدَّر من السهام: الّذي‏

95
تهذيب اللغة12

صدر ص 94

صَدْرُه غليظ. و صَدْرُ السَّهم: ما فوق نِصْفِه إلى المَرَاش.
الأصمعي: صُدِرَ الرجلُ يُصْدَرُ صَدْراً، فهو مَصْدور: إذا اشتكَى صَدْرَه، و أَنشد:
* كأنّما هو في أحشاءِ مَصْدورِ*
و يقال: صَدّرَ الفرسُ: إذا جاءَ قد سَبَق بصَدْرِه، و جاء مُصَدّراً، و قال طُفَيل الغَنَويّ يصف فرساً:
كأنّه بعدَ ما صَدَّرن مِن عَرَقٍ             سِيدٌ تَمطَّرَ جُنحَ اللّيلِ مَبْلولُ‏
 (كأنه) لهاء لفَرَسِه، (بعد ما صَدَّرْن) يعني خيلًا سَبَقْن بصُدُورهن. و العَرَقُ: الصّفُّ من الخيل. و قال دُكَين:
* مُصَدَّرٌ لا وَسَطٌ لا تالٍ*
و قال أبو سَعِيد في قوله: بعد ما صَدَّرْن من عَرَق، أي: هَرَقن صَدْراً من العَرَق و لم يَستَفرِغْنَه كلَّه.
و روي عن ابن الأعرابي أنّه رواه: بعدَ ما صدِّرْن، أي: أصاب العَرَقُ صدورَهن بعد ما عَرِقن.
و يقال للّذي يبتدى‏ءُ أمراً ثم لا يُتمّه: فلانٌ يُورِد و لا يُصدِر، فإذا أَتمَه قيل: أَورَدَ و أصدَر. و قال الفَرَزْدَقُ يخاطب جريراً:
و حسبتَ خَيَل بني كُلَيب مَصْدَراً             فغَرِقْتَ حين وقَعْتَ في القَمْقَامِ‏
يقول: اغتررتَ بخَيْل قومك و ظننتَ أنّهم يُخلِّصونك من بَحْرِي فلم يفعلوا.
و من كلام كتّاب الدّواوين أن يقال:
صُودِرَ فلانٌ العاملُ على مالٍ يؤدّيه، أي:
فورِق على مالٍ ضَمَنه.
أبو زَيد: نعجةٌ مُصدَّرَة: إذا كانت سَوداءَ الصَّدر بيضاءَ سائرِ الجسَد.
أبو عُبَيد عن الكسائي: إذا جاء الرجلُ فارغاً قيل: قد جاءَ يضرب أَصَدَريه.
قال: يعني عِطْفيه. قال: و قال الأصمعيّ مِثلَه، إلا أنّه قال بالسّين.
رصد:
أبو عُبَيد عن الأصمعي: من أَسماء المَطَر: الرّصْدُ، واحدتُها رَصَدة، و هي المطَرةُ تقع أوّلًا لما يأتي بعدها. يقال:
قد كانَ قبل هذا المطر له رَصْدة، و العِهَادُ نحوٌ منها، واحدتها عِهْدة.
و قال اللّيث: الرصَدُ كَلأٌ قليل في أرض يُرجى بها حَيَا الربيع، تقول: بها رَصَد من حَياً، و أرضٌ مُرْصِدَة: بها شي‏ءٌ من رَصَد.
شمر عن ابن شمَيْلٍ: أرضٌ مُرصِدةٌ: و هي التي مُطِرتْ و هي تُرجَى لأن تُنبِتَ. قال:
و إذا مُطرت الأرض في أوّل الشِّتاء فلا يقال لها مَرْتٌ؛ لأن بها حينئذ رَصَداً و الرصَدُ حينئذ: الرَّجاء لها، كما ترجى الحاملة.
شمر عن ابن الأعرابي: الرَّصْدةُ: ترصُد وَليّاً من المَطَر. و قال اللّه جل و عزّ:
وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً، إلى‏

96
تهذيب اللغة12

رصد ص 96

قوله: وَ إِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ‏
 [التوبة: 107] و
قال الزَّجّاج: كان رجل يقال له أبو عامر الرّاهب حارَبَ النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم و مضى إلى هِرَقْل، قال: و كان أحدَ المنافقين؛ فقال المنافقون الّذين بنَوْا مَسجِد الضِّرَار: نَبني هذا المسجد و ننتظرُ أبا عامر حتى يجي‏ء و يصلي فيه.
و قال:
الإرصادُ: الانتظارُ.
و قال غيره: الإرصاد: الإعدادُ. و كانوا قالوا نَقْضي فيه حاجتَنا و لا يُعاب علينا إذا خَلَوْنا و نَرْصُدُه لأبي عامر مجيئَه من الشام، أي: نُعِدُّه.
قلت: و هذا صحيح من جهة اللَّغة، رَوَى أبو عُبَيد عن الأصمعيّ و الكسائي:
رصَدتْ فلاناً أرصُدُه: إذا ترقّبته.
و أَرصْدتُ له شيئاً أرْصده: أعددتُ له.
و
رُوي عن ابن سيرين أنه قال: كانوا لا يَرْصدون الثِّمار في الدِّين، و ينبغي أن يُرصد العينُ في الدَّين‏
، و فسّره ابن المُبارك و قال: إذا كان على الرجل دَينٌ و عنده مِثله لم تجب عليه الزكاة، و إذا كان عليه دينٌ و أخرجتْ أرضُه ثمرةً يجب فيها العُشر لم يسقُطْ عنه العُشْرُ من أجل ما عليه من الدَّين، و نحو ذلك قال أبو عبيد.
و قال اللّيث: يقال: أنا لك مُرْصد بإحسانك حتى أكافئك به. قال:
و الإرصادُ في المكافأة بالخير، و قد جعلَه بعضهم في الشّر أيضاً، و أَنشد:
لا هُمَّ ربَّ الراكِب المُسافِر             احْفَظْه لي من أعيُن السَّواحِر
* وَ حيّةٍ تُرصِدُ بالهواجِر*

فالحية لا تُرصد إلا بالشرّ.
و قال الليث: المرصد: مواضع الرصد.
و الرّصَد أيضاً: القومُ الّذين يَرصدون الطريق، راصد، كما يقال: حارسٌ و حرس، و قال اللّه جل و عز: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (14)
 [الفجر: 14]، قال الزجاج: أي يَرْصُد من كفر به و صَدَّ عنه العذاب.
و قال غيره: المرصادُ: المكانُ الذي يرصد به الراصد العدد و هو مثل المضمار الموضع الذي تُضَمَّر فيه الخيلُ للسّباق من مَيْدانٍ و نحوه. و المرصد مثلُ المرصاد، و جمعه المراصِد.
و
حدّثنا السَّعديّ محمد بن إسحاق قال:
حدثنا القيراطي عن علي بن الحسن قال:
حدثنا الحسين عن الأعمش في قوله:
إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (14)
 قال: المرصاد:
ثلاثةُ جُسُور خلف الصّراط: جِسرٌ عليه الأمانة، و جسرٌ عليه الرحم و جسرٌ عليه الرّبّ.
قال أبو بكر ابن الأنباريّ في قولهم:
فلان يرصُدُ فلاناً، معناه: يَقْعُد له على‏

97
تهذيب اللغة12

رصد ص 96

طريقه. قال: و المَرَصد و المرْصاد عند العرب: الطريق. قال اللّه جلّ و عزّ:
وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ
 [التوبة: 5].
قال الفرّاء: معناه: اقعُدوا لهم على طريقهم إلى البيت الحرام. و قال اللّه جلّ و عزّ: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (14)
 معناه:
لبالطّريق.
و يقال للحيّة التي ترصد المارّة على الطريق: رَصيد.
و قال عرّام: الرَّصائدُ الوصائِد: مصايدُ تُعدّ للسّباع.
صرد:
 «نَهى النبيُّ صلّى اللّه عليه و سلّم عن قَتْلِ أربع: النَّملة و النّحلة و الصُّرَد و الهُدهُد».
أخبرني المنذريُّ عن إبراهيم الحربيّ أنه قال: أراد بالنملة الطويلَة القوائم التي تكون في الحِزَبات و هي لا تؤذِي، و نَهى عن قتل النحلة لأنها تُعسِّل شراباً فيه شِفاءٌ للناس، و نَهَى عن قتل الصُّرَد لأنّ العرب كانت تطَّيَّر من صَوْته، و هو الواقي عندهم، فَنهى عن قتلِه رَداً للطِّيَرَة. و نهى عن قتل الهدهد لأنه أطاع نبيّاً من الأنبياء و أعانَه.
قال شَمِر: قال ابن شميل: الصُّرَدُ: طائرٌ أبقَع ضخمُ الرأس يكون في الشَّجر، نصفُه أبيَضُ، و نصفُه أسوَد، ضخمُ المِنْقار، له بُرْثُنٌ عظيمٌ نحوٌ من القارِيَة في العِظَم، و يقال له: الأخْطبُ لاختلاف لَوْنَيه، و الصُّرَدُ لا تراه إلا في شُعْبةٍ أو شجرة لا يَقدِر عليه أحد.
قال: و قال سُكيْن النُّمَيريُّ: الصُّرَدُ صُرَدان: أحدُهما أسْبَدُ يُسمّيه أهلُ العِراق العَقْعق.
قال: و أما الصُّرَد الْهَمهام فهو البَرِّيِّ الذي يكون ينجَد في العِضاه لا تَراه في الأرض يَقفِز من شجرة إلى شجرة.
قال: و إن أصْحَر طُرِد فأُخِذ.
يقول: لو وَقَع على الأرض لم يستقل حتى يؤخذ.
قال: و يُصَرْصِر كالصَّقْر.
و قال الليث: الصُّرَد: طائر فوقَ العُصفور يَصيد العصافيرَ، و جمعه صِرْدان قلت:
غلط الليث في تفسير الصرد، و الصرد ابن شميل.
و قال ابن السكّيت: التصريدُ: شُربٌ دُون الرِّيّ، يقال: صَرَّدَ شُرْبه، أي: قَطَعه.
و يقال: صَرِد السِّقاءُ صرداً: إذا خَرجَ زُبْدُه متقطعاً فيداوَى بالماء الحار، و من ذلك أُخِذ صَرْدُ البَرْد.
و قال الليث: الصرَدُ: مصدَر الصرد من البرد. و قومٌ صَرْدَى، و رجل صَرِدٌ و مِصْرادٌ و هو الذي يشتدّ عليه البَرْد و يقلّ صبرُه عليه، و ليلةٌ صَردَة، و الاسمُ الصّرْد، مجزوم.

98
تهذيب اللغة12

صرد ص 98

و قال رُؤْبة:
* بمَطَرٍ ليس بثَلْجٍ صَرْدِ*
قال: و إذا انتهى القَلبُ عن شي‏ء صَرِد عنه كما قال:
أصبَح قَلبي صَرِدا             لا يشتهي أن يرِدَا
قال: و قد يُوصَف الجيشُ بالصَّرْد فيقال:
صَرْدٌ- مجزوم- و صَردٌ؛ كأنه من تُؤدةِ سَيْرِه جامِدٌ.
خُفافُ بن ندبة:
* صَرَدٌ تَوقَّصَ بالأبدان جُمْهور*
و التَّوَقُّصُ: ثِقَل الوَطْء على الأرض.
ثعلب، عن ابن الأعرابي: الصَّرِيدَةُ:
النَّعْجَةُ: التي قد أنحلها البَرْدُ و أضرَّ بها و جمعُها صَرائِد.
أبو عُبيد عن الأصمعي: الصُّرَّاد: سَحابٌ باردٌ نَدٍ ليس فيه ماء، و نحو ذلك.
قال أبو عمرو: قال أبو عبيد: و الصَّرْدُ و البَرْد، و رجل صَرِد. و يقال: صَرّد عطاءَه: إذا قلّلَه.
أبو عبيد عن أبي عَمرو: الصّرْد: الطَّعْن النافذ. و قد صَرِدَ السهم يَصرَد، و أنا أصْرَدْتُه، و قال اللَّعِينُ المنْقَرِيّ:
فما بُقْيا عليَّ تركتُماني             و لكنْ خِفْتُما صَرَدَ النِّبالِ‏
يخاطِب جريراً و الفرزدق.
و قال قُطرب: سهمٌ مُصَرِّد: مُصيب.
و سهم مُصْرِد، أي: مخطى‏ء، و أنشد في الإصابة للنابغة:
و لقد أصابت قلبَه من حبِّها             عن ظهرِ مِرْنانٍ بسَهْمٍ مُصْردِ
أي: مُصيب. و قال الآخَر: أصرَدَه الموتُ و قد أظَلَّا: أخطأه.
أبو زيد: يقال: أُحِبُّكَ حُبّاً صَرْداً، أي:
خالصاً. و شرابٌ صَرْد، و سَقاهُ الخمرَ صَرْداً، أي: صِرْفاً، و أنشد:
 فإن النَّبيذ الصَّرْد إن شُرْبَ وحده             على غير شي‏ء أوْجَع الكبد جُوعها
و ذهبٌ صَرْدٌ: خالصٌ. و جيشٌ صَرْدٌ: بنُو أبٍ واحدٍ لا يخالطهم غيرهم.
و قال ابن هانى‏ء: قال أبو عُبَيْدة يقال:
معه جيشٌ صَرْدٌ، أي: كلهم بنو عمّه أبو حاتم في كتابه في الأضداد: أصرد السهمُ: إذا نفذ من الرمية.
و يقال أيضاً: أصرد: إذا أَخطأ. و السهمُ المصرد: المخطى‏ء و المصيب.
و قال أبو عُبَيدة في قول اللعين: و لكن خفتما صَرَد النبال.
و قال: من أراد الصواب قال: خفتما أن تصيبكما نبالي. و من أراد الخطأ قال:
خفتما أن تخطى‏ء نبلكما. و أنشد للنظار الأسدي:
* أصرده السهمُ و قد أطلَّا*

99
تهذيب اللغة12

صرد ص 98

أي: أخطأ و قد أشرف.
شَمِر عن أبي عَمْرو: الصَّرْدُ: مكانٌ مرتفع من الجبال و هو أبرزها.
و قال الجعدي:
أسَدِيَّةٌ تُدْعَى الصِّرَاد إذا             نَشِبُوا و تحضُر جانبي شِعْر
شعرٌ: جبل. ابن السكّيت: الصُّرَدان:
عِرقان مكتنفا اللسان؛ و أنشد:
و أيُّ الناس أغدر من شآم             له صُرَدان منطلَق اللسان‏
و قال الليث: هما عِرْقان أخضران أسفل اللسان.
أبو عبيدة قال: الصُّردُ: أن يخرج وَبَرٌ أبيض في موضع الدَّبرة إذا برأت؛ فيقال لذلك الموضع: صُرد و جمعه صِرْدَان، و إياها عنى الرّاعي يصف إبلًا:
كأن مواقِعَ الصِّردَان منها             منَارَاتٌ بنين على جماد
جعل الدَّبر في أسنمة شبّهها بالمنار.
قال: و فرسٌ صَرِدٌ: إذا كان بموضع السَّرج منه بياضٌ من دَبَرٍ أصابه يقال له الصُّرد.
و قال الأصمعي: الصُّرد من الفَرَس: عِرْقٌ تحت لسانِهِ، و أنشد:
خفيفُ النَّعامة ذو مبعةٍ             كثيفُ الفَرَاشة ناتِي الصُّرَدْ
و بَنُو الصَّياد: حيٌّ من بني مُرّة بن عوف بن غطفان.
درص:
أبو عُبيد عن الأحمر: من أمثالهم في الحُجّة إذا أَضَلَّها الظالم ضَلَّ الدُّريصُ نَفَقَهُ و هو تصغير الدِّرْص، و هو وَلَد اليربوع. و نَفَقُهُ: حُجره.
و قال اللَّيث: الدَّرْصُ و الدِّرْص لغة، و الجميع الدِّرْصان، و هي أولاد الفِأَرِ و القَنِافذ و الأرانب و ما أشبه بها، و أنشد:
لَعَمْرُكَ لو تَغْدو عليّ بِدِرْصِها             عَشَرْتُ لها مالي إذا ما تَأَلَّتِ‏
و قال غيرُه: الجَنين في بطن الأوثان:
دَرْصٌ.
و قال امرؤ القيس:
أ ذلك أم جَأبٌ يُطَارِدُ أَتُناً             حَمَلْنَ فأدنى حَمْلِهِنَّ دُرُوصُ‏
يقال: دَرْص و دُرُوص و أَدْراص.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الدروص:
الناقة السريعة.
باب الصّاد و الدال مع اللام‏
ص ل د
استُعمل من وجوهه: صَلَد، دَلَص.
صلد:
قال اللّه جل و عز: فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى‏ شَيْ‏ءٍ
 [البقرة: 264].
قال الليث: يقال: حَجَر صَلدٌ أو جَبين‏

100
تهذيب اللغة12

صلد ص 100

صَلدٌ: أَمْلَسُ يابس. و إذا قلتَ: صَلْتٌ، فهو مستَوٍ. و رجلٌ أصلَدُ صَلْدٌ، أي:
بَخيلٌ جداً، و قد صَلُد صَلادَةً. و يقال:
رجلٌ صلُودٌ أيضاً.
الحرانيّ عن ابن السكّيت: الصفَا:
العريضُ من الحجارة الأملسُ. قال:
و الصِّلْداء و الصِّلداءةُ: الأرض الغليظة الصُّلبة. قال: و كلُّ حجَرٍ صُلْبٍ فكلُّ ناحيةٍ منه صَلْدٌ و أصلادٌ: جمعُ صَلْد، و أنشد:
* بَرَّاقُ أَصلادِ الجَبين الأجْلَهِ*
و قال أبو الهيثم: أصلادُ الجَبين: الموضع الذي لا شعر عليه، شُبِّه بالحَجر الأمْلَس. قال: و حَجرٌ صَلْدٌ. لا يُورِي ناراً، و حَجرٌ صَلود مِثلُه، و فرَسٌ صَلَدٌ و صلُود: إذا لم يَعْرَق، و هو مذموم.
قال: و أخبرَني أبو العباس عن ابن الأعرابي قال: صَلَدَتِ الأرض و أصلَدَتْ. و حجَرٌ صَلْدٌ و مكانٌ صلْدٌ:
صلْبٌ شديد.
و
في حديث عمرَ: «أنّه لمّا طعن سقاه الطبيب لبناً فخَرَج من موضع الطَّعْنة أبيض يَصْلِد»
، أي: يَبْرُق و يَبِصُّ و صلدتْ صَلعَة الرَّجل: إذا بَرَقَتْ، و قال الهُذَليّ:
أشْغتْ مَقاطِيعُ الرُّماةِ فُؤَادَها             إذا سَمِعتْ صوتَ المُغَرِّدِ يَصْلِدُ
يصف بقرةً وحشية. و المقاطعُ النِّضال.
و قولُه: تصلد، أي: تنتَصب.
و الصَّلُود المنفرد: قال ذلك الأصمعيّ، و أنشد:
تاللَّه يَبْقَى على الأيام ذو حِيدٍ             أدْفَى صَلُودٌ مِنَ الأوعالِ ذُو خَدَم‏
أراد بالحيد عُقَدَ قَرْنه، الواحد حَيْدٌ.
أبو عبيد عن الأصمعيّ: صَلَدَ الزّنْدُ يَصْلِد: إذا صَوّت و لم يُخرِج ناراً.
و أصلدتُه أنا قال: و صلَد المسؤولُ المسائل: إذا لم يُعطِه شيئاً.
دلص:
في «النوادر»: باب دلشاء و درصاءُ، مثل: الدلقاء. و قد دلصت و درصت.
و فيما قرأت بخط شمر قال.
قال شمر: الدَّلَاص من الدُّروع: اللَّينة.
و قال ابن شميل: هي الليّنة المَلْساء بينةُ الدَّلَص. قال: و دَلّصْتُ الشي‏ءَ: مَلَّسْته.
و قال عمرو بن كلثوم:
علينا كلُّ سابغَةٍ دِلاصٍ             تَرَى تحتَ النِّطاق لها عُضُونَا
و يقال: حَجَر دَلَّاصٌ: شديدُ المُلوسة.
الدَّلّاص: اللّيّن البَرَّاق، و أنشد:
* مَتْن الصَّفا المتزحلف الدَّلّاص*
و أخبرني المنذريُّ أنّ أعرابيّاً بفَيْدَ أَنْشَدَه:
كأنّ مَجْرَى النِّسْع من غِضَابِهِ             صَلْدٌ صفاً دُلِّص من هِضَابِهِ‏
قال: و غِضَابُ البعير: مواضع الحِزام ممّا

101
تهذيب اللغة12

دلص ص 101

يلي الظَّهر، واحدُها غَضْبة. و أَرْضٌ دَلّاصٌ و دِلاصٌ: مَلْساء.
قال الأغلب:
فهي على ما كان من نَشاصِ             بظَرِب الأرضِ و بالدِّلاصِ‏
و الدَّليص: البريق، و أنشد أبو تراب:
باتَ يَضُوزُ الصِّلِّيَانَ ضَوْزَا             ضَوْزَ العجوزِ العَصَبَ الدَّلَّوْصَا
قال: و الدَّلَّوْص: الذي يَدِيصُ.
و قال الليث: الاندِلاصُ: الانملَاصُ، و هو سرعةُ ضروج الشي‏ء من الشي‏ء و سقوطه.
و قال أبو عمرو: التَّدليص: النِّكاحُ خارج الفَرْج، يقال: دَلّص و لم يُوعِبْ، و أنشد:
و اكتَشفَتْ لنا شي‏ءٍ دَمَكْمَكِ             تقول دَلِّصْ ساعةٌ لا بل نِكَ‏
و نابٌ دَلْصاء دَرْصاءُ و دَلْقاء، و قد دلِصَتْ و دَرِصَت و دَرِقَتْ.
ص د ن‏
صدن، ندص، صند: [مستعملة].
 [صند]:
أهمل الليث صند و هو مستعمل.
رَوَى أَبو عبيد عن الأصمعيّ: الصنديد و الصِّنتيتُ: السيد الشريف.
و قال غيره: يومٌ حامِي الصناديد: إذا كان شَديد الحَرّ، و أنشد:
* حامِي الصَّنادِيد يُعَنِّي الْجُنْدُبَا*
و صنادِيد السَّحاب: ما كثُر وَبْلَه. و بردٌ صنديدٌ: شديدٌ و مَطَرٌ صنديد: وابِلٌ. و قال أبو وَجْزَةَ السعديّ:
دعتْنا لِمَسْرَى ليلةٍ رَجَبيّةٍ             جَلا برْفها جَوْنَ الصَّنادِيد مُظلما
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: الصَّناديد:
السادات، و هم الأجواد، و هم الحُلَماء، و هم حُماة العَسكر، و يقال: صندد. قال:
و الصَّناديد: الشَّدائد من الأمور و الدّواهي.
و كان الحسنُ يتعوّذ من صنادِيد القَدَر، أي: من دواهِيه، و من جنون العمل، و هو الإعجاب به، و من ملح الباطل، و هو التبختر فيه.
صدن:
قال الليث: الصيدَن: من أسماء الثعالب. فأنشد:
* بُنَى مُكَوَيْن ثُلِّما بعد صيدينِ*
و أخبَرَني الإياديّ عن شمر أنّه قال:
الصَّيْدَن: المَلِك. و الصَّيْدَنُ: الثَّعلَبُ.
و قال رؤبة:
* إنِّي إذا اسْتَغلَق بابُ الصَّيْدَنِ*
سَلَمة عن الفرّاءِ: الصَّيْدَن: الكِساءُ الصِّفِيق، و هو إلى القِصَر، ليس بذلك العظيم و لكنّه وثيقُ العَمَل.
و الصَّيْدَنُ: المَلِك أيضاً.
أبو عبيد عن العَتَابي قال الصَّيْدَنانيّ: دابةٌ تَعمَل لنفسها شيئاً في جوف الأرض و تُعَمِّيه.

102
تهذيب اللغة12

صدن ص 102

ثعلب عن ابن الأعرابي: يقال لدابة كثيرة الأَرجُل لا تُعَدّ أَرجلُها من كثرتها، و هي قِصار و طِوال: صَيْدَنانيّ، و به شُبِّه الصَّيْدَنانيّ كثرة ما عنده من الأدوية قال الأعشى يَصفُ جَمَلًا:
و زَوْراً تَرى في مِرْفَقَيْه تَجانُفاً             نَبِيلًا كبَيت الصَّيْدَناني تامِكَا
و قال ابن السكيت: أراد بالصَّيْدَنانيّ الثعلب.
و قال كُثيّر في مِثلِه:
كأنّ خَليفَيْ زَوْرِها و رَحاهُما             بُنَى مَكَويْن ثُلِّما بعد صَيْدَنٍ‏
هو: الصَّيْدَنُ و الصَّيْدَنانيّ واحد. و قال حُميدُ بنُ ثَور يصف صائداً و بيتَه:
ظَليلٌ كَبيت الصَّيْدَنانيّ قُضْبُه             من النَّبْع و الضّالِ السَّليم المثقَّفِ‏
و قيل: الصَّيْدَنانيّ المَلِك.
الصَّيْدَانُ: بِرام الحِجارة. و قال أبو ذؤيب:
* و سُودٌ من الصَّيْدَان فيها مَذانِبٌ*
و قال الليث: الصَّيْدَان: ضَرْبٌ من حَجَر الفِضّة، القطعة صَيْدَانة.
و قال ابن السكّيت: الصَّيْدانة من النساءِ:
السيّئة الخُلُق الكثيرةُ الكلام. و الصَّيْدانة:
الغُولُ. و أَنشَد:
* صَيْدَانَةٌ تُوقِد نارَ الْجنِّ*
قلتُ: الصَّيْدانُ إن جعلته فَيْعالًا فالنون أصليّة، و إن جعلته فَعْلاناً فالنّون زائدة كنون السَّكْران و السَّكْرانة. و اللّه أعلم.
ندص:
قال الليث: نَدَصَتْ عينُه نُدوصاً: إذا جَحَظتْ و كادت تَخرج من قَلْتها كما تَنْدُص عينُ الخَنيق. و رجلٌ مِنْداص: لا يزال يَندصُ على قوم بما يَكرهون، أي:
يَطْرَأُ عليهم، و يظهر بشَر.
أبو عبيد عن أبي عمرو قال: المِنْداص من النِّساء: الخفيفة الطّيّاشة.
ثعلب عن ابن الأعرابي: المِنداص من النِّساء: الرَّسْحاء. و المِنداص: الحَمقاء.
و المِنْداص: البذِيّة.
و قال اللّحياني: نَدَصتِ التَبْرة تَنْدُص ندْصاً: إذا غَمَزْتَها فخرج ما فيها.
ص د ف‏
صدف، صفد، دفص، فصد: مستعملة.
 [دفص‏]:
أهمل الليث: دفص. و روى أبو العبّاس عن ابن الأعرابي أنه قال:
الدَّوفص: البَصَل.
قلتُ: و هو حرف غريب.
صدف:
قال الليث: الصَّدَف: غِشاءُ خَلْقٍ في البَحْر تضمُّه صَدَفَتان مَفرُوجَتان عن لحم فيه روح يسمَّى المَحارَة، و في مِثلِه يكون اللّؤلؤ.
و قال الفرّاء في قوله تعالى: حَتَّى إِذا ساوى‏ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ‏
 [الكهف: 96].

103
تهذيب اللغة12

صدف ص 103

قرئ: (بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ)
 و (الصُّدُفَين) و (الصُدَفيْن). و الصَدَفة: الجانب و الناحية.
و يقال لجانب الجَبَلين إذا تحاذَيا: صُدُفان و صَدَفان لتَصادفهما، أي: تَلاقيهما يلاقي هذا الجانبُ الجانبَ الّذي يلاقيه، و ما بينهما فَجٌّ أو شِعْبٌ أو وادٍ، و مِن هذا يقال: صادفْت فلاناً، أي: لاقيْتُه.
و أخبَرَني المنذريُّ عن ابن اليزيديّ لأبي زيد قال: الصُّدُفان: جانبا الجَبَل.
و
في الحديث: «أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم كان إذا مَرّ بصَدَف مائلٍ أو هَدَف مائلٍ أَسرَعَ المَشيَ»
. قال أبو عبيد: الصَّدَف و الهَدَف واحد، و هو كلُّ بناء عظيم مرتفع.
قلتُ: و هو مثل صَدَف الجبل، شُبّه به.
أبو عبيد عن الأصمعيّ: الصَّدَف: أن يَمِيل خُفُّ البَعير من اليد أو الرِّجل إلى الجانب الوحشيّ، و قد صَدِفَ صَدَفاً. فإن مَال إلى الجانب الإنسيّ فهو القَفَد و قد قَفِد قَفَداً، و قولُ اللّه جلّ و عزّ: سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ‏
 [الأنعام: 157]، أي: يُعرضون.
و قال الليث: الصَّدَف: المَيل عن الشي‏ء، و أَصدَفَني عنه كذا و كذا.
أبو عُبيد: صَدَف و نَكب و كَنف: إذا عَدَل. و قيل في قول الأعشى:
* فَلَطْت بحجاب من دُوننا مَصْدُوف*
إنه بمعنى مَسْتور.
فصد:
قال الليث: الفَصْد: قَطْع العُروق.
و افتَصَد فلانٌ: إذا قَطَع عِرْقَه ففَصَد.
قال: و الفَصيد: دمٌ كان يُجعَل في مِعى لمن فَصْد عِرْق البعير فيُشْوَى، كان أهلُ الجاهليّة يأكلونه.
و قال أبو عبيد: من أمثالهم في الّذي يُقضَى له بعضُ حاجته دون تمامه لم يُحرَمْ مَنْ فُصْدَ له- بإسكان الصاد- و ربّما قالوا: فزْدَ له، مأخوذ من الفِصيد الّذي وَصفه الليث، يقول: كمَا يتبلّغ المُضْطرّ بالفَصيد، فاقنع أنتَ بما ارتفع لكَ من قضاءِ حاجتك و إن لم تُقضَ كلُّها.
و
في الحديث: «أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم كان إذا نَزَل عليه الوحيُ تَفصَّد عَرَقاً».
قال أبو عبيد: المتفصَّد: السائل. يقال:
هو يتفَصّد عَرَقاً، و يتبَضّع عَرَقاً.
و قال ابن شُمَيل: رأيتُ في الأرض تَفْصيداً من السَّيل، أي: تَشقُّقاً و تخدُّداً.
و قال أبو الدُّقيش: التّفصيد: أن يُنقَع بشي‏ء من ماءٍ قليل.
و يقال: فَصَد له عَطاءً، أي: قَطَع له و أَمضاه، يَفصِده فَصْداً.
و قال ابن هاني: قال ابن كثوة: الفَصيدة:
تمرٌ يعجَن و يُشابُ بشي‏ء من دَم و هو دَواءٌ يداوَى به الصِّبيان. قاله في تفسير قولهم:

104
تهذيب اللغة12

فصد ص 104

ما حُرِم مَن فُصْدَ له.
صفد:
قال اللّه جلّ و عزّ: مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ*
 [إبراهيم: 49]، و
رُوِي عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنّه قال: «إذا دخل شهرُ رمضان صُفِّدت الشياطين».
قال أبو عبيد: قال الكسائي و غيرُه في قوله: «صُفِّدَتْ» يعني شُدَّت بالأغْلال و أُوثقَتْ، يقال منه: صَفَدْتُ الرحلَ فهو مَصْفود، و صفَّدْتُه فهو مُصفَّد. و أما أصفَدْته بالألف إصفاداً، فهو أن تُعطِيَه و تَصِلَه، و الاسم من العطيّة: الصَّفَد، و كذلك الوثاق، و قال النابغة:
* فلَم أُعرضْ أبَّيْتَ اللَّعْنَ بالصَّفَدِ*
يقول: لم أمدَحْك لتُعطِيَني، و الجمع منها أصْفاد.
و قال الأعشى في العطيّة يمدَحُ رجلًا:
تضيّفْتُه يوماً فأكرَمَ مَقْعَدِي             و أصفَدَني على الزَّمانة قائِدَا
يريد: وَهب لي قائداً يَقودني.
قال: و المصدَر من العطيّة: الإصفاد، و من الوَثاق: الصَّفْد و التَّصْفيد.
و يقال للشي‏ء الذي يُوثَق به الإنسان:
الصِّفاد، و يكون من نِسْع أو قِدّ، و أنشد:
هَلّا مَنَنْتَ على أخيك مُعَبّدٍ             و العامِرِي يَقُودُه بِصِفادِ
و أخبَرَني المنذريّ عن المُفضَّل بن سَلَمة، عن أبيه عن أبي عبيدة في قول اللّه جلّ و عزّ: مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ*
 [إبراهيم:
49]، أي: الأغلال، واحدها صَفَد.
و قيل: الصَّفَد: القَيْد، و جمعُه أصفاد.
ص د ب:
مهمل.
ص د م‏
صدم، صمد، دمص، مصد:
 [مستعملة].
دصم، مدص: [مهملان‏] «1».
صدم:
قال الليث: الصَّدْمُ: ضربُ الشي‏ء الصُّلْب بشي‏ءٍ مثله، و الرجلان يَعْدُوان فيتصادَمان.
قلت: و الجيشان يتصادمان و اصطدام السَّفينتين: إذا ضَربَتْ كلُّ واحدةٍ صاحبتَها إذا جَرَيا فوقَ الماء بحَمُولَتهِما.
و
في الحديث: «الصبر عند الصَّدْمة الأولى»
، أي: عند فَوْرة المصيبة و حَمْوَتِها.
قال شَمِر: يقول: مَن صَبَر تلك الساعَة و تلقّاها بالرِّضَى فله الأجر.
قال الليث: صِدام: اسمُ فَرَس.
قلتُ: لا أدري صِدام أو صِرام.
قال: و الصُّدَامُ داءٌ يأخذ في رؤوس الدوابّ.
__________________________________________________
 (1) أهملهما الليث و كذا ابن منظور.

105
تهذيب اللغة12

صدم ص 105

و قال ابن شميل: و رجل مصدامَ: مجرب الصُّدام: داءٌ يأخذ الإبل فَتَخْمص بطونُها و تَدَعُ الماء و هي عِطاش أَيَّاماً حتى تبرأ أو تموت.
يقال منه: جمل مَصْدوم، و إبل مُصدَّمة.
و قال بعضهم: الصُّدام: ثِقَلٌ يأخذ الإنسان في رأسه، و هو الخُشام.
و العرب تقول: رماه بالصّدام و الأولق و الجذام.
أبو العبّاس عن ابن الأعرابي قال:
الصَّدْم: الدَّفْع. و الصَّدِمتان: الجَبِينان.
و الصَّدمة: النزَعة. و رجلٌ أصدَم: أنزَع.
و قال غيره: يقال: لا أفعل الأمرين صَدْمةً واحدة، أي: دَفْعةً واحدةً.
و قال عبدُ الملك بنُ مَرْوان لبعض عمَّاله:
إني ولّيتُك العِراقَين صَدْمة واحدةً، أي:
دَفْعة واحدة.
و قال أبو زيد: في الرأس الصَّدِمتان- بكسر الدال- و هما الجَبِينَان.
صمد:
الصَّمَدُ
: من أسماء اللّه جلَّ و عزَّ.
و
رَوَى الأعمش عن أبي وائل أنه قال:
الصَّمَدُ
: السيّدُ الذي قد انتهى سُؤدُدُه.
قلتُ: أمَّا اللّه تبارك و تعالى فلا نهايَة لسؤدُدِه، لأن سؤدده غير مَحْدود.
و
قال أبو عبد الرحمن السُّلَمي: الصَّمَدُ
 الذي يُصمَد إليه الأمْر فلا يُقضَى دُونَه، و هو من الرجال الذي ليس فوقَه أحد.
و
قال الحسن: الصَّمَدُ
: الدائم.
و قال ميسرة: المُصْمَت: المصْمَد.
و المُصمَت: الذي لا جَوْفَ له، و نحواً من ذلك قال الشّعْبي.
و قال أبو إسحاق: الصَّمَدُ
: الذي يَنتَهي إليه السُّودَد، و أنشد:
لقد بَكَّر النّاعي بخَيْرَيْ بني أسَدْ             بعَمرو بنِ مسعود و بالسَّيّد الصَّمَدْ
و قيل: الصمَد: الذي صَمَد إليه كلُّ شي‏ء، أي: الذي خَلَق الأشياءَ كلَّها لا يَستغني عنه شي‏ء و كلُّها دالٌّ على واحدنيّته.
و قيل: الصَّمَد: الدائِم الباقي بعد فَنَاءِ خَلْقه، و هذه الصفات كلُّها يجوز أن تكون للَّه جلّ و عزّ.
و
روي عن عمر أنه قال: أيّها الناس، إيّاكم و تَعلُّمَ الأنسابِ و الطَّعنَ فيها، و الَّذي نفسُ عمر بِيَدِه، لو قلتُ: و لا يخرج من هذا البابِ إلا صَمَدٌ ما خرج إلا أقلُّكم.
و قال شمر: الصَّمَد: السيّد الذي قد انتهى سُؤدُدُه.
و قال الليث: صمدتُ صَمْدَ هذا الأمر، أي: قصدتُ قصْدَه و اعتمدتُه.
و قال أبو زيد: صَمَده بالعصا صَمْداً: إذا ضَرَبه بها.

106
تهذيب اللغة12

صمد ص 106

و يقول: إني على صمادة من أمر: إذا أشرف عليه و حفلت به.
قال: و صَمَّد رأسَه تصميداً، و ذلك إذا لَفَّ رأسَه بِخرقة أو منديل أو ثوبٍ ما خلا العمامة، و هي الصِّمادُ.
ثعلب عن ابن الأعرابي: الصِّماد: سِدادُ القَارُورة.
و قال الليث: الصِّماد: عِفاصُ القارورة، و قد صَمَدْتها أصمِدها.
و قال الأصمعي: الصَّمَدُ
: المكان المرتفع الغليظ، و المُصمَّدُ: الصلْبُ الذي ليس فيه خَدد.
و قال أبو خَيرة: الصَّمَدُ
 و الصِّماد: ما دقَّ من غِلَظ الجَبَل و تواضَع و اطمأنَّ و نَبَت فيه الشجر.
و قال أبو عمرو: الصَّمَدُ
: الشديدُ من الأرض.
و قال الليث: الصمْدة: صخرةٌ راسيةٌ في الأَرض مستويةٌ بمَتْن الأرض، و ربما ارتفعتْ شيئاً.
و قال غيره: ناقة مِصْمادٌ و هي الباقية على القُرّ و الجَدْب، الدائمةُ الرِّسْل. و نُوقٌ مَصامِد و مَصامِيد.
و قال الأغلب:
بين طَرِيِّ سَمَكٍ و مالحِ             و لُقَّحٍ مصامدٍ مجَالِحِ‏
دمص:
أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال:
الدَّمصُ: الإسراعُ في كلّ شي‏ء، و أصله في الدَّجاجة، يقال: دَمَصت بالكَيْكَة، و يقال للمرأة إذا رمتْ ولدَها بزَحْرة واحدة: قد دَمَصَتْ به، و زَكَبَتْ به.
و قال الليث: كلَّ عِرْق من أعراق الحائط يسمَّى دِمْصاً، ما خلا العِرْق الأَسفل، فإنه دِهْص.
قال: و الدّمَص: مصدَرُ الأدمص، و هو الذي رقَّ حاجِبهُ من أُخُرٍ، و كَثُفَ من قُدُم. و ربَّما قالوا: أدمص الرّأس: إذا رَقَّ منه مواضع و قلَّ شعرُه.
و يقال: دمَصَت الكلبةُ ولدَها: إذا أسقَطَتْه، و لا يقال في الكلاب أسقَطَتْ.
عمرو عن أبيه: يقال للبَيْضة: الدَّوْمَصة و دَمَصت السباعُ إذا وَلَدَتْ، و وضعتْ ما في بطونها.
مصد:
ثعلب عن ابن الأعرابي قال:
المصْدُ: المَصُّ، مَصدَ جارِيَته و رَفَّها و مَصَّها و رَشَفَها بمعنَى واحد.
قال: و المصدُ: الرَّعد. و المصدُ: المطر.
و قال أبو زيد: يقال: ما لها مصْدةٌ، أي:
ما للأرض قُرٌّ و لا حَرّ.
و يقال: مصَدَ الرجُل جاريته و عصدها: إذا نكَحها، و أنشد:
فأَبِيتُ أعتنِقُ الثُّغورَ و أقتفي             عن مَصدها و شِفاؤها المصد

107
تهذيب اللغة12

مصد ص 107

و قال الرِّياشيّ: المصدُ: البرد. و رواه و انتهى، عن مصدها، أي: أتَّقِي أخبرنيه المنذريُّ عن الأسدي عن الرِّياشيّ.
و قال الليث: المصد: ضَرْبٌ من الرَّضاع، يقال: قبَّلها فمصدها.
أبو عبيد عن الأصمعي: المُصدانُ: أعالي الجبال، واحدها مصَاد.
قلت: ميمُ مصاد ميمُ مفْعَل و جمع، على مُصدان، كما قالوا مطيرٌ و مُطران، على توهُّم أنّ الميم فاءُ الفعل.
 (أبواب) الصاد و التاء
أهملت الصاد و التاء مع الظاء و الذال و الثاء.
ص ت ر
ترص:
عمرو عن أبيه: التَّريصُ: المحكَمُ، يقال: أترصتهُ و ترصتُه و ترّصْتُه.
قال الأصمعي: رَصنتُ الشي‏ءَ: أكملْتُه، و أتْرَصتُه: أحكمتُه، و قال الشاعر:
تَرَّصَ أفْواقَها و قَوّمها             أنبلُ عَدْوانَ كلِّها صَنَعَا
و
في الحديث: «وزِن رَجاءُ المُؤمِن و خَوفُه بميزانٍ تَرِبصٍ فما زادَ أحدُهما على الآخر»
، أي: بميزانٍ مستوٍ.
و قال الليث: تَرصَ الشي‏ء تَراصةً فهو تريص، أي: محكَم شديد. و أَتْرَصْتُه أنا إتراصاً.
و يقال: أَتْرِصْ مِيزانَك فإنه شائل، أي:
سَوِّه و أَحكِمْه.
ص ت ل‏
صلت، لصت، تلص: [مستعملة].
صلت:
قال الليث: الصَّلْتُ: الأَملسُ. رَجُل صَلْتُ الوَجْه و الخَدّ، وصَلْت الجَبين.
و سيفٌ صَلْت.
و بعضٌ يقول: لا يقال: الصّلتُ إلا لما كان فيه طولٌ. و يقال: أصلتّ السيفَ:
إذا جَرّبته. و سيفٌ صليتٌ، أي: مُنْصَلتٌ ماضٍ في الضَّريبة. و ربّما اشْتَقَّوا نَعْت أفْعَل من إفعِيلِ مثل إبليس، لأنّ اللّه عز و جل أبلَسه. و رجل مُنْصَلتٌ و أصلتيّ.
أبو عبيد عن أبي عمرو و الفرّاء:
الصَّلَتان: الرجل الشديد الصُّلْب، و كذلك الحِمار.
و قال شمر قال الأصمعيّ: الصَّلتان من الحمير المُنْجَردُ القصيرُ الشَّعر.
و قال: أَخَذه من قولك: هو مِصْلاتُ العُنُق، أي: بارِزُه مُنجردُه.
أبو عبيد عن الأحمر و الفرّاءِ: قالا:
الصَّلتان و الفَلتان و البَزَوَان و الصَّمَيان كلّ هذا من التغلب و الوَثب و نحوهِ.
و قال أبو عبيد: الصَّلتُ: السكين الكبير، و جمعُه أَصلات.
و قال شمر: قال أبو عمرو: و سكِّين‏

108
تهذيب اللغة12

صلت ص 108

صَلْت، و سَيْفٌ صَلْت، و مِخْيَطٌ صَلْت:
إذا لم يكن له غِلاف. قال: و يُرْوَى عن العُكْلِيّ أو غيره: جاءوا بصَلْتٍ مِثلِ كَتِفِ الناقة، أي: بشَفْرَةٍ عظيمة.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: سكّين صَلْتٌ، و سَيْفٌ صَلْتٌ: انْجَرَدَ من غِمْدِه. و انْصَلَتَ في الأَمر: انْجَرَدَ.
أبو عُبيد يقال: انْصَلَتَ: يَعْدُو، و انْكَدَرَ في الأمْرِ، و انْجَرَدَ يَعْدُو: إذا أسرَع بعضَ الإسراع.
قال: و قال أبو عبيدة: يقال: جاءنا بمَرَقٍ يَصْلِتُ، و لَبَنٍ يَصْلِت: إذا كان قليلَ الدّسَم، كثيرَ الماء. و يجوز: يَصْلِد بالدال، بهذا المعنى.
لصت:
أبو عُبَيد و غيره في لغة طي‏ء: يقال لِلِّص: لَصْتٌ، و جمعُه لُصوت، و أنشد:
فَتَرَكْنَ نَهداً عَيِّلًا أَبْنَاؤُهُمْ             وَ بَنِي كِنانَة كاللُّصُوتِ المُردِ
تلص:
يقال: دَلَّصَه و تَلَّصَه: إذا مَلَّسَه و لَيَّنَه.
ص ت ن‏
نصت، صنت، صتن: [مستعملة].
نصت:
قال الليث: الإنصاتُ هو السكوتُ لاستماع الحديث، قال اللّه جلّ و عزّ:
وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا
 [الأعراف: 204].
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: نَصَتَ وَ أَنْصَت و انْتَصَت بمعنًى واحد.
و قال غيره: أنْصَتَهُ و أنْصَت له. و قال الطِّرِمّاح في الانتصات:
يُخَافِتْنَ بعضَ المَضْغ من خشية الرَّدَى             و يُنْصِتْنَ للسّمع انْتِصَاتَ الْقَنَاقِنِ‏
شمر: أَنْصَتُ الرَّجُلَ، أي: سَكَتّ له.
و أنصَتُّهُ: إذا أسْكَتَّه؛ جعله من الأضداد.
و أنشد للكُمَيْت:
صَهٍ و انْصِتُونَا؛ لِلتَّحاوُر و اسْمَعُوا             تَشَهُّدَها من خُطبةٍ و ارْتجَالِها
أراد: و أنصتوا لنا. و قال آخر في المعنى الثاني:
أبوكَ الذي أَجْدَى عَلَيَّ بنصرِهِ             فأَنْصَتَ عَنِّي بعدَه كلَّ قائِلِ‏
قال الأصمعيّ: يريد فأسكت عنِّي.
و يروَى كلُّ قائِل.
صنت:
أبو عُبَيْد عن الأصمعيّ: الصِّنتيتُ:
السيّد الشريفُ؛ مثلُ الصِّنْدِيد سواء.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: الصُّنْتُوتُ: الفَرْدُ الحَرِيد.
صتن:
اللّحياني عن الأمويّ: يقال للبخيل:
الصُّوتَنُ.
ص ت ف‏
صفت:
في حديث الحسن: أن رجلًا قال:
سألته عن الذي يستيقظ فيجدُ بَلةً، قال:
أما أنت فاغتسل- و رآني صِفتاتاً.
قال‏

109
تهذيب اللغة12

صفت ص 109

الليث و غيره: الصفتاتُ: الرّجُلُ المجتمع الشد، و اختلفوا في المرأة، فقال بعضهم: صفتاتة. و قال بعضهم:
صرفتات، بلا هاءِ.
و قال بعضهم: لا تُتْعَثُ المرأة بالصِّفْتَات، بالهاءِ و لا بغير الهاء.
ابن شميل: الصفتات: التّارّ الكثير اللحم المكتنز.
ص ت ب:
مهمل‏
 [ص ت م‏]
 [مصت‏]، صمت، صتم: [مستعملى‏].
مصت:
قال الليث: المَصْتُ: لغةٌ في المسط، فإذا جعلوا مكان السّين صاداً جعلوا مكان الطّاء تاءً، و هو أَنْ يُدْخِل يَدَه فيقبضَ على الرَّحِم فَيَمْصُتَ ما فيها مَصْتاً.
صمت:
سلَمة عن الكسائيّ قال الفراء: تقول العرب: لا صمْتَ يوماً إلى الليل، و لا صَمْتَ يومٌ إلى الليل، و لا صَمْتَ يومٍ إلى الليل، فمن نصب أراد: لا تَصْمُتْ يوماً إلى الليل، و من رفع أراد: لا يُصْمَتْ يومٌ إلى الليل. و من خفض فلا سؤالَ فيه.
و قال الليث: الصّمْتُ: السكوت. و قد أخذه الصُّمَات. و قُفْلٌ مُصْمَتٌ، أي: قد أُبْهِم إغلاقُه. و بابٌ مُصْمَتٌ كذلك، و أنشد:
* و مِن دون لَيْلَى مُصْمَتَاتُ المَقاصِرِ*
ثعلب عن ابن الأعرابي: جاء بما صَاءَ و صَمَت. قال: ما صاء يعني الشاءَ و الإبلَ. و ما صَمَت يعني الذَّهبَ و الفِضَّة.
أبو عُبَيد: صَمتَ الرجلُ و أصْمَتَ بمعنًى واحد. قال: و قال أبو زيد: لقيتُه ببلدةِ إصْمِتْ، و هي القفرُ التي لا أَحَدَ بها.
و قَطَع بعضهم الألف من إصمت فقال:
* بوَحْشِ الإصْمِتَيْنِ له ذُبابُ*
أنشده شمر. و قال: يقالُ: لَقِيتُهُ بوَحْشِ إصْمِتَ، الألفُ مكسورةٌ مقطوعة.
شَمِر: الصُّمُوتُ من الدُّروع: اللّينةُ المَسِّ ليستْ بخَشِنة و لا صَدِئةٍ، و لا يكون لها صوتٌ قال النابغة:
و كلّ صَمُوتٍ نَثْلةٍ تُبَّعِيّةٍ             و نَسْجُ سُلَيْم كلّ قَضّاءَ ذَائلِ‏
قال: و السيفُ أيضاً يقال له صموتٌ لرسوبه في الضَّرِيبة، و إذا كان كذلك قَلَّ صوْتُ خروج الدّم.
و قال الزُّبيرُ بن عبد المطلب:
و يَنْفِي الجاهلَ المُخْتالَ عني             رُقاقُ الحَدِّ وَقْعَتُه صَمُوتُ‏
و يقال: بات فلانٌ على صِمَات أمرِه: إذا كان مُعْتَزِماً عليه.
و قال أبو مالك: الصِّمَاتُ: القصدُ، و أنشد:
* و حاجةٍ بِتُّ على صِماتِها*

110
تهذيب اللغة12

صمت ص 110

أي: و أنا معتزم عليها.
و من أمثالهم: إنك لا تَشْكُو إلى مُصْمِتٍ، أي: لا تشكو إلى مَن يعبأ بشكواك.
و الصُّمْتَةُ: ما يُصْمَتُ به الصبيُّ من تمر أو شي‏ء ظريف.
و قال ابن هانى‏ء يقال: ما ذُقْتُ صُمَاتاً، أي: ما ذُقْت شيئاً.
و يقال: لم يُصْمِته ذاك، بمعنى لم يَكْفِه، و أصلُه في النَّفي، و إنما يقال فيما يؤكل أو يُشرب.
و جاريةٌ صَمُوتُ الخَلْخاليْن: إذا كانت غليظَة السّاقيْن لا يُسمع لخَلْخالها صوتٌ لغموضه في رجليها.
و يقال للّوْن البَهِيم: مُصْمَت. و للذي لا جَوْفَ له مُصْمت. و فَرَسٌ مُصْمت؛ و خيلٌ مُصْمَتَاتٌ: إذا لم يكن فيها شِيَةٌ و كانت بُهْماً.
و يقال للرجل إذا اعتقل لسانُه فلم يتكلّم:
أصْمَت، فهو مُصْمِت.
و أنشد أبو عمرو:
ما إن رأيتُ من مُعَنياتِ             ذواتِ آذانٍ و جُمْجُمَاتِ‏
أَصْبَر منهن على الصُّمات‏

قال: الصُّمات: السكوتُ. و رواه الأصمعي: مِن مُغَنِّيات، أراد من صريفهن. قال: و الصُّمَاتُ العَطَشُ ههنا، روَى ذلك كلَّه عنهما أحمد بن يحيى.
قال ابن السكيت: الثوب المُصْمَتُ:
الذي لوْنُه لونٌ واحد لا يخالط لونَه لونٌ آخَرُ. وَ حَلْيٌ مُصْمَتٌ: إذا كان لا يُخالطُه غيرُه. و أدْهَمٌ مُصْمَتٌ: لا يُخالط لونَه غير الدُّهْمة.
و قال أحمد بن عُبَيد: حَلْيٌ مُصْمَتٌ معناه: قد نَشِب على لابسه فما يَتحرّك و لا يتَزعزَع، مثلُ الدُّمْلُج و الحِجْل و ما أشبهه.
صتم:
أبو عُبَيد عن أبي عمرو: صَتَمْتُ الشي‏ءَ فهو مُصَتَّم وَصَتْمٌ، أي: محكمٌ تامٌ.
الفراء قال: مالٌ صَتْمٌ، و أموال صُتْمٌ.
و يقول: عبدٌ صَتْمٌ، أي: شديد غليظ.
و جَمَلٌ صَتْمٌ، و ناقة صَتْمَةٌ.
و قال الليث: الصَّتْمُ من كل شي‏ء: ما عَظُمَ و اشتدّ. جملٌ صَتْمٌ، و بيتٌ صَتْمٌ.
و أعطيْته ألفاً صَتْماً. و قال زُهَير:
* صحيحات ألْفٍ بعدَ ألفٍ مُصَتَّم*
قال: و الحروف الصُّتْمُ: التي ليست من حروف الحَلْق.
قال غيره: صتمت له ألفاً تصطيماً، أي:
تممتها. قال: و الأصاتم جمع الأُصْطَمّة بلغة تَمِيم؛ جمعوها بالتاء كراهيةَ تفخيم أَصَاطم فردُّوا الطاء إلى التاء.
 [ص ظ:
مهمل‏]

111
تهذيب اللغة12

ص ذ 112

ص ذ
 [صذم‏]:
قال أبو حاتم: يقال: هذا قَضاءُ صَذُومُ (بالذال المعجمة) و لا يقال:
سَدوم.
ص ث‏
أهملَها الليثُ مع الحروف التي تليها.
 [صبث‏]:
و روى سَلَمة عن الفرّاء أنه قال:
الصَّبْثُ: ترقيعُ القميص و رَفْوُه. يقال:
رأيت عليه قميصاً مُصَبَّثاً، أي: مُرَقّعاً.
 (أبواب) الصاد و الزاء
ص ر ل:
مهمل.
ص ر ن‏
صنر، نصر، رصن: [مستعملة].
صنر:
الحَرّاني عن ابن السكيت قال أبو عمرو: تقول: هي الصِّنَارة- بكسر الصاد- و لا تقل: صَنَّارة.
و قال الليث: الصِّنَّارةُ: مِغْزَلُ المرأة، و هو دخيل.
و قال غيره: صِنَّارةُ المِغْزل: هي الحديدةُ المُعَقَّفةُ في رأسه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: الصِنَّارَة: السي‏ء الخُلق. و الصِّنْوَرُ: البخيل السيى‏ءُ الخلُق.
و الصنانير: البخلاء من الرجال و إن كانوا ذوي شرف.
قال: و الصّنانير: السَّيِّئُو الآداب و إن كانوا ذوِي نباهة.
رصن:
قال الليث: رصن الشي‏ء يرصن رصانة، و هو شدة الثبات. و أرصنته أنا إرصاناً.
أبو عُبَيد عن الأصمعي: رَصَنتُ الشي‏ء:
أكملته.
و قال غيره: أرصَنته: أحكمته، فهو مرصون، و قال لبيد:
أو مُسلِمٌ عَمِلتْ له عُلوِيَّةٌ             رَصنتْ ظهورَ رواجبٍ و بَنَانِ‏
أراد بالمسلم غلاماً وَشَمَتْ يدَه امرأةٌ من أهل العالية.
نصر:
ثعلب عن ابن الأعرابي: النُّصْرةُ:
المَطْرةُ التّامّة، و أرضٌ منصورةٌ و مَضْبُوطة.
و قال أبو عُبَيد: نُصِرت البلادُ: إذا مُطِرت، فهي منصورة. و نُصِر القومُ: إذا أغِيثُوا.
و قال الشاعر:
من كان أخطاه الرّبيعُ فإنما             نُصر الحجاز بِغيْث عبد الواحد
و قال أبو عمرو: نَصرْتُ أرضَ بني فلان، أي: أتيتها. و قال الرّاعي:
إذا ما انقضى الشهر الحرام فَودِّعِي‏
 [ (1) أهملها الليث مع الحروف التي تليها.]

112
تهذيب اللغة12

نصر ص 112

بلادَ تميمٍ و انْصُرِي أرضَ عامِرِ

و قال الفراء: نَصَر الغيثُ البلادَ: إِذا أنبتها.
و قال أبو خَيرة: النّواصرُ من الشِّعاب: ما جاء من مكان بعيد إلى الوادي فنصَرَ سيْلَ الوادي؛ الواحد ناصر.
و قال الليث: النَّصْرُ: عوْنُ المظلوم، و
في الحديث: «انصُرْ أخاك ظالماً أو مظلوماً»
، و تفسيره: أن يمنعه من الظُّلم إن وجَدَه ظالماً، و إن كان مظلوماً أعانه على ظالمه، و جمعُ النّاصِر أنصار.
و انتصر الرجُل: إذا امتنع مِنْ ظالمه.
قلت: و يكون الانتصارُ من الظالم:
الانتصافُ و الانتقامُ منه، قال اللّه مخبراً عن نوح و دُعائه إيّاه بأن ينصره على قومه: فَانْتَصِرْ (10) فَفَتَحْنا
 [القمر: 10، 11]، كأنه قال لربّه انتقم منهم، كما قال:
رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً [نوح: 26].
و النصيرُ: الناصرُ، قال اللّه جل و عز:
نِعْمَ الْمَوْلى‏ وَ نِعْمَ النَّصِيرُ*
 [الأنفال: 40].
و النُّصْرَةُ: حسنُ المعونة، و قال اللّه جل و عز: مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ
 [الحج: 15] الآية.
المعنى: من ظن من الكفار أن اللّه لا يُظْهر محمّداً على مَن خالَفَه فليختنق غيْظاً حتى يموتَ كمداً فإن اللّه يُظْهره و لا ينْفعُه موْتُه خَنْقاً. و الهاء في قوله: أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ‏
 للنبيّ محمدٍ صلّى اللّه عليه و سلّم.
قال أبو إسحاق: واحد النصارى في أحد القولين: نصران كما ترى؛ مثل نَدْمان و نَدامَى و الأنثى نصرانة، و أنشد:

فكِلْتاهما خَرَّتْ و أَسْجَد رأسُها             كما سَجَدَتْ نَصْرَانة لم تَحنَّفِ‏

فنَصْرانة: تأنيثُ نَصْران. و يجوز أن يكون واحدُ النصارى: نَصْرِيًّا مثلُ بعير مَهْرِيٍّ و إبلٍ مَهَارَى.
و قال الليث: زعموا أنهم نُسِبوا إلى قرية بالشام اسمُها نَصْرُونَه. و التّنَصُّرُ: الدخولُ في النّصرانية.
شمر عن ابن شميل: النَّواصِرُ: مَسايل المياه، واحدُها ناصِرة، لأنها تجي‏ء من مكان بعيد حتى تقع في مُجْتَمع الماء حيث انتهت، لأن كلَّ مَسِيل يَضِيع ماؤه فلا يقع في مُجْتَمع الماء فهو ظالم لمائه.
ص ر ف‏
صرف، صفر، رصف، رفص، فرص.
صرف:
رُوِيَ عن النبيِّ صلّى اللّه عليه و سلّم أنه ذكر المدينة فقال: «مَن أَحْدَثَ فيها حَدَثاً أو أَوَى مُحدثاً لا يُقبَل منه صَرْفٌ و لا عَدْلٌ».
قال أبو عبيد: رُوي عن مكحول أنه قال:
الصَّرْفُ: التوبة. و العَدْلُ: الفِدْيَةُ.
و قال أبو عبيد: و قيل: الصّرفُ: النافلةُ،

113
تهذيب اللغة12

صرف ص 113

و العدلُ: الفَرِيضةُ.
و
روي عن يونس أنه قال: الصّرفُ:
الحيلةُ
و منه قيل: فلان يتصرّف، أي:
يحتال. قال اللّه جل و عز: فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَ لا نَصْراً
 [الفرقان: 19]، قلت:
و هذا أشبه الأقاويل بتأويل القرآن. و يقال للرجل المحتال: صَيْرَفٌ و صَيْرَفيّ، و منه قولُ أمية بن أبي عائذ الهذلي:
قد كنتُ وَلّاجاً خَروجاً صَيْرَفاً             لم تَلْتَحِصنِي حَيصَ بَيص لحَاصِ‏
و أخبرني المنذريُّ عن أبي الهَيْثَم أنه قال:
الصَّيْرَفُ و الصَّيْرَفِي: المحتالُ المُتَقَلِّبُ في أموره المُجَرّبُ لها.
و الصَّرْفُ: التَّقَلُّبُ و الحِيلة، يقال: فلانٌ يَصْرِفُ و يتَصَرَّفُ و يصطَرِفُ لِعِيَالِه، أي:
يَكتسب لهم.
و
في حديث أبي إدريس الْخَوْلانِيّ أنه قال: «من طلب صَرْفَ الحديث يَبْتَغِي به إقبالَ وجوهِ الناس إليه لم يُرَح رائحةَ الجَنَّة».
قال أبو عُبَيْد: صَرْفُ الحديث أن يزيد فيه لِيُمِيلَ قلوبَ الناس إليه، أُخِذَ من صَرْفِ الدّراهم. و الصرفُ: الفَضْلُ، يقالُ: لهذا صَرْفٌ على هذا، أي: فضل. و يقال:
فلان لم يُحسن صَرْفَ الكلام، أي: فضلَ بعض الكلام على بعضٍ. و قيل لمن يُمَيِّز ذلك: صَيْرَفٌ و صَيرَفيّ.
و قال الليث: تصريفُ الرّياح: صَرْفُها من جهة إلى جهة. و كذلك تصريف السُّيُول و الخيول و الأمور و الآيات.
قال: و صرف الدهر: حَدَثُه و صَرْفُ الكلمةِ: إجراؤها بالتنوين و الصَّرَفُ أن تَصرِفَ إنساناً على وجهٍ يريده إلى مَصْرِف غيرِ ذلك.
و الصَّرْفَةُ: كوكبٌ واحدٌ خلْفَ خَرَاتَي الأسدِ، إذا طلع أمامَ الفجر فذاك أوّل الخريف، و إذا غاب مع طلوع الفجر فذاك أوّل الربيع، و هو من منازل القمر.
و العرب تقول: الصَّرْفَةُ: نابُ الدّهرِ، لأنها تَفْترُّ عن البرد أو عن الحرّ في الحالتيْن.
و قال الزّجّاج: تصريفُ الآيات تَبْيينُها.
و لقد صرفنا الآيات: بَيّناها.
عمرو عن أبيه: الصَّرِيفُ: الفضّة، و أنشد:
بني غُدَانةَ حَقّاً لستُم ذَهَباً             و لا صَرِيفاً و لكن أنتم خَزَفُ‏
و الصَّرِيفُ: صوتُ الأنياب و الأبواب.
أبو عبيد عن الأصمعي: الصَّرِيفُ: اللّبَنُ الذي يَنْصرِف به عن الضَّرْع حارّاً، فإذا سكنَتْ رَغْوَتهُ فهو الصَّريح.
و قال الليث: الصريفُ: الخمرُ الطيّبة.
و قال في قول الأعشى:
                       

114
تهذيب اللغة12

صرف ص 113

 صَرِيفِيّة طَيِّبٌ طَعْمُها             لها زَبَدٌ بين كُوبٍ ودَنْ‏
قال بعضهم: جعلها صَرِيفيّة لأنها أخِذت من الدَّنّ ساعتئذ كاللبن الصريف. و قيل:
نسِبت إلى صَرِيفِين، و هو نهر يَتَخَلَّجُ من الفُرات. و الصِّرفُ: الخمرُ التي لم تُمْزَج بالماء، و كذلك كلّ شي‏ء لا خِلْطَ فيه.
أبو عبيد عن الأصمعيّ: الصِّرفُ: شي‏ء أحمرُ يُدبَغ به الأدِيمُ. و أنشد:
كُمَيْتٌ غيرُ مُحْلِفةٍ و لكن             كلَوْن الصِّرِفِ عُلَّ به الأَدِيمُ‏
أي: أنها خالصة.
ثعلب عن ابن الأعرابي: الصَّرفانُ: اسمٌ.
الموت و الصَّرَفانُ: جنسٌ من التمر.
و الصَّرَفان: الرَّصاص، و منه قولُ الرّاجز:
* أمْ صَرَفاناً بارِداً شَدِيداً*
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: السّبَاعُ كلُّها تُجْعِل و تَصْرفُ إذا اشتهتِ الفحلَ، و قد صرَفت صِرافاً فهي صارِفٌ. و أكثر ما يقال ذلك للكلبة.
و قال اللّيث: حِرْمةُ الشّاءِ و الكلابِ و البقرِ. و قال المُتَنَخّل:
إن يُمْس نَشْوانَ بمَصْرُوفة             منها بِرِيٍّ و على مِرْجَل‏
قال: بمصروفة، أي: بكأس شُرِبت صِرْفاً. و على مِرْجل: أي على لحم طُبخ في مِرجل و هي القِدر.
و قال الليث: الصَّيرِفيّ من النجائب منسوبة و لا أعرفه، و لا الصدفي بالدال.
ثعلب عن ابن الأعرابي: أَصْرفَ الشاعر شِعرَهُ يُصْرِفه إصرافاً: إذا أقْوَى فيه.
و أنشد:
* بغير مُصرَفة القَوافِي*
و يقال: صَرَفْتُ فلاناً و لا يقال: أصرفته.
و تصريف الآيات تبيينها.
رصف:
الأَصْمَعِيُّ: الرَّصَفُ: صَفاً يَتَّصَل بعضُه ببعض، واحدها رَصَفه.
و قال أبو عمرو: الرَّصَفُ: صَفاً طويلٌ كأنه مَرْصُوف.
الحراني عن ابن السكِّيت قال: الرَّصفُ:
مصدرُ رَصَفْتُ السّهمَ أرْصُفُه: إذا شَدَدْتَ عليه الرِّصاف، و هي عَقَبةٌ تُشَدّ على الرَّعْط، و الرُّعْطُ مَدْخَلُ سنح النَّصْل.
و قال الأصمعي فيما يروي أبو عبيد: هي الرَّصفَة، و جمعُها الرِّصاف. و
في الحديث: ثم نظر في الرِّصاف فتحَارى أيرَى شيئاً أم لا.
و قال الليث: الرَّصَفَةُ: عَقبةٌ تُلْوَى على موضع الفُوق.
قلت: و هذا خطأ، و الصوابُ ما قال ابن السكّيت.
و الرَّصَفُ: حجارةٌ مرصوفٌ بعضُها إلى بعض. و أنشد للعَجّاج:

115
تهذيب اللغة12

رصف ص 115

فشَنّ في الإِبْرِيق منها نُزَفا             من رَصفٍ نازعَ سيْلًا رَصفَا
قال الباهلي: أراد أنَّه صَبَّ في إبريق الخمر من ماءٍ رَصفٍ نازع سيلًا كان في رَصَفٍ فصار منه في هذا، فكأنه نازعه إياه.
ثعلب عن ابن الأعرابي: أَرْصَف الرّجلُ:
إذا مَزَج شرابه بماء الرَّصف، و هو الذي يَنحدر من الجبال على الصخر فيَصْفُو، و أنشد بيت العجاج.
و قال: الرَّصفْاء من النساء: الضيّقةُ المَلاقِي و هي الرَّصُوف.
و قال الليث: يقال للقائم إذا صَفّ قَدَمَيْه:
رَصَف قدمَيْه، و ذلك إذا ضم إحداهما إلى الأخرى.
فرص:
ثعلب عن ابن الأعرابي: الفَرْصاءُ من النُّوق: التي تقوم ناحيةً، فإذا خلا الحوْضُ جاءت فشرِبتْ.
قلت: أُخذَت من الفُرْصة و هي النُّهْزة.
و قال الأصمعي: يقال: إذا جاءت فُرْصَتُك من البئر فأدْل. و فُرُّصَته ساعتُه التي يُستَقَى فيها. و يقال: بنو فلان يَتفارَصُون بئرهم، أي: يَتناوَبُونها. قلت:
معناها أنهم يتناوبون الاستقاء منها.
و قال الليث: الفُرْصة كالنُّهْزَةِ و النَّوْبة.
تقول: أصبت فرصتك يا فلان و نوبتك و نهزتك، و المعنى واحد، و الفعل أن تقول: انتهزها و افترصها و قد افترصت و انتهزت.
و
في الحديث أن النبيّ عليه السلام قال للمرأة التي أمرها بالاغتسال من المَحِيض: «خُذِي فِرْصةً مُمسّكة فتطهّري بها»
، قال أبو عبيد: قال الأصمعيّ:
الفِرْصة: القطعةُ من الصوف أو القطن أو غيره، و إنما أُخِذت من فَرصت الشي‏ء، أي: قطعته.
و يقال للحديدة التي يقطع بها الفضّة:
مِقْراض، لأنه يقطع بها، و أنشدَنا للأعشى:
و أَدْفَعُ عن أعراضكم و أُعيرُكم             لِساناً كمِفراصِ الخَفَاجِيّ ملْحَبَا
و قال غيره: يقال: افْرِصْ نعلَك، أي:
أخْرِق في أُذُنها للشِّراك.
و
في حديث النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «إني لأكره أن أرى الرجلَ ثائراً فريصُ رقبته قائماً على مُرَيَّته يضربها»
. قال أبو عمرو: الفَرِيصة: المُضغةُ القليلة تكون في الجَنْب تُرْعد من الدابة إذا فَزِعت، و جمعُها فَرِيص. و قال النابغة:
شك الفريصةَ بالمدْرى فأنقذه             شك المبيطر إذ يشفي من العضدِ
و قال أبو عبيد: هي اللّحمة التي بين الجَنْب و الكَثف التي لا تزال تُرْعَد من الدابة.

116
تهذيب اللغة12

فرص ص 116

قال: و أَحْسَب الذي في الحديث غير هذا، إنما أراد عَصَبَ الرَّقبة و عروقَها، لأنها هي التي تثور عند الغضب.
و أخبرني ابنُ هاجك عن ابن جبلة أنه سمع ابن الأعرابي فسّر الفَرِيص كما فسّره الأصمعي، فقيل له: هل يَثور الفَرِيص؟
قال: إنما يعني الشعر الّذي على الفَرِيص كما يقال: فلان ثائر الرأسِ: أي ثائر شَعرِ الرأس.
أبو عبيد عن أبي زيد: فَرَصْت الرجلَ أفْرِصه: إذا أصبتَ فريصتَه.
عمرو عن أبيه قال: الفَرِيصةُ: اللّحمَةُ التي بين الكَتِف و الصّدْر. و الفَرِيصة أُم سويد.
و روى أبو تراب للخليل أنه قال: فريصةُ الرجل: الرقبة. و فَرِيسُها: عروقُها.
و
في حديث قَيْلَة: أن جُوَيْرِيَةً لها كانت قد أخذتها الفَرْصة.
قال أبو عُبيد: العامة تقول لها: الفَرسة- بالسين و المسموع من العرب بالصاد- و هي ريحُ الحدَبة.
قال: و الفَرْسُ- بالسين-: الكَسْر.
و الفَرْص: الشّق.
و قال الليث: الفَرْصُ: شَدُّ الجلدِ بحديدة عريضة الطَّرَف تَفْرِصُه بها فَرْصاً غَمزاً؛ كما يَفْرِص الحَذَّاءُ أُذُنَي النَّعل عند عقبهما بالمِفْرَص ليجعل فيها الشِّراك.
و قال أبو عمرو: الفريصة: الاست، و هو أيضاً مرجع المرفق. و أنشد:
* جَوادٌ حين يَفْرِصُه الفَرِيصُ*
يعني حين يشُقّ جلدَه العرَقُ.
و تَفْرِيصُ أسْفل نَعْلِ القِرَاب: تَنْقيشُه بطرف الحديدة.
رفص:
أبو عُبَيد عن الأصمعي قال: هي الفُرْصةُ و الرُّفْصة: النَّوْبةُ تكون بين القوم يتَناوَبُونها على الماء.
قال الطِّرِمّاح:
* كأَوْبِ يَدَيْ ذي الرُّفْصَةِ المُتَمَتِّحِ*
أبو عُبَيْد عن أبي زيد: ارْتَفَص السّعرُ ارتفاصاً فهو مُرْتَفِص: إذا غلا و ارتفع.
قلت: كأنه مأخوذ من الرُّفْصة و هي النَّوْبَة.
صفر:
في الحديث: «لا عَدْوَى و لا هامَةَ و لا صَفَر».
قال أبو عبيد: فسّر الذي روى الحديثَ أن الصَّفَر: دوابُّ البطن.
و قال أبو عُبَيدة: سمعتُ يونس يسأل رُؤْبَةَ عن الصَّفَر فقال: هو حَيَّةٌ تكون في البطن، تصيبُ الماشيةَ و الناس.
قال: و هي عندي أعْدَى من الجَرَب عند العرب.
قال أبو عُبَيْد: فأَبطل النبيُّ صلّى اللّه عليه و سلّم أنها تُعْدِي.

117
تهذيب اللغة12

صفر ص 117

قال: و يقال: إنها تشتدّ على الإنسان و تؤذيه إذا جاع.
و قال أعشى باهلة:
* و لا يَعَضُّ على شُرْسُوفِهِ الصَّفَر*
قال: و قال أبو عُبيدة: يقال في الصفَر أيضاً: أنه تأخيرهم المُحَرَّم إلى صفر في تحريمه. و الوَجْه فيه التفسيرُ الأوّل.
و
في حديث آخر قال: «صَفْرَةٌ في سبيل اللّه خيرٌ من حُمْرِ النَّعَم»
، أي: جَوْعةٌ.
و قال التّمِيميّ: الصَّفَرُ: الجوعُ. و قيل للحيّة التي تَعُضُّ البطنَ: صَفَرٌ، لأنها تفعل ذلك إذا جاع الإنسان.
الحرّاني عن ابن السكيت: صَفِرَ الرجل يَصْفَر تصفيراً. و صَفِرَ الإناء من الطعامِ و الشراب، و الرَطْبُ من اللّبن يَصْفَر صَفَراً، أي: خلا، فهو صَفِر.
و يقال: نعوذ باللَّه من قرَع الغناء و صَفَر الإناء. و أنشد:
* و لو أَدْرَكْنَهُ صَفِرَ الوِطاب*
يقول: لو أدركتْه الخيلُ لقتلته ففرَغَت وِطابُ دَمِهِ و هي جُسمانه مِن دَمِه إذا سُفِك.
أبو حاتم عن الأصمعي قال: الصُّفارُ:
الماءُ الأصفر.
و قال اللّيثُ: صَفَرُ: شهرٌ بعد المُحَرَّم، و إذا جُمعا قيل لهما الصّفَران، قال:
و الصُّفَارُ: صَفْرَةٌ تعلو اللَّونَ و البَشَرة من داءٍ.
قال: و صاحبُه مَصْفُور، و أنشد:
* قَضْبَ الطَّبيبِ نائِطَ المَصْفُور*
و قال الليث: و الصُّفْرَةُ: لونُ الأصفر.
و فعله اللازمُ الاصفرار.
قال: و أما الاصفِيرارُ: فَعَرَضٌ يَعْرِض للإنسان، يقال: يَصْفَارُّ مرَّةً و يحمارُّ أخرى. و يقال في الأول: اصْفَرَّ يَصْفَرّ.
قال: و الصَّفِير من الصوت بالدواب: إذا سُقيت.
و الصّفَّارةُ: هَنَةٌ جوفاءُ من نُحاس يَصْفِر فيها الغلامُ للحَمام، و يصفِر فيها بالحِمار ليَشربَ.
قال: و الصِّفرُ: الشي‏ء الخالي، يقال:
صَفِرَ يَصفُر صُفُوراً فهو صِفْر، و الجميع و الذّكَرُ و الأنثى و الواحدُ فيه سواء.
و الصِّفْرُ في حساب الهِنْد: هو الدائرة في البيت يغني حسابه.
و أخبرني المنذريّ عن أبي طالب قال:
قولُهم ما في الدار صافِر.
قال أبو عُبَيدة و الأصمعي: المعنى ما في الدار أحَدٌ يَصْفِرُ به، و هذا مما جاء على لفظ فاعل، و معناه مَفْعول به، و أنشد:
خَلَت المَنازِلُ ما بها             ممّن عَهِدْتُ بهنّ صافِرْ
قال: و قال غيرُهما: ما بها صافر، أي:

118
تهذيب اللغة12

صفر ص 117

ما بها أحد، كما يقال: ما بها دَيَّار.
و قال الليث: أي ما بها أحدٌ ذو صَفِير.
و بنو الأصفَر: مُلوكُ الرُّوم.
و قال عديُّ بنُ زيد:
و بنو الأصفر الكرامُ مُلُوكُ الر             وم لم يَبقَ منهمُ مأثُورُ
و الصُّفْر: النُّحَاسُ الجيّد.
و أَبو صُفْرَة: كُنْيَةُ والدِ المُهلّب.
و الصُّفْرِيَّة: جنسٌ من الخوارج.
قال بعضهم: سُمُّوا صُفْرِيَّةً لأنهم نُسِبوا إلى صُفرة ألوانهم.
و روَى أبو حاتم عن الأصمعيّ أنه قال:
الصوابُ في الخوارج الصِّفْرِيَّة، بالكسر.
قال: و خاصَمَ رجل منهم صاحبَه في السجن فقال له: أنت و اللّه صِفرٌ من الدين؛ فسُمُّوا صِفْرِيَّة.
قال: و أما الصَّفريَّة فهم المهالبة، نُسِبوا إلى أبي صفْرَة.
أبو العباس عن ابن الأعرابيّ أنه أنشده:
يا رِيحَ بَيْنُونَة لا تَذْمِينا             جئتِ بألوان المُصْفَرِّينا
قال قوم: هو مأخوذ من الماء الأصفر، و صاحبُه يَرشَح رَشحاً مُنْتِناً.
و قال قوم: هو مأخوذٌ من الصَّفَر، و هي حَيَّاتُ البَطن.
و أخبرَني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: الصَّفَرِيَّة: من لَدُن طلوع سُهَيل إلى سُقوط الذراع، تُسمَّى أَمطارُ هذا الوقت صَفَرِية.
و قال: يطلع سهيل و الجبهة ليلة واحدة لاثني عشرة ليلة من آب.
و قال أبو سَعيد الصفَرِيَّة: ما بين تَوَلِّي القَيْظ إلى إقبال الشتاء.
و قال أبو زيد: أوّل الصفَرِيَّة طلوعُ سُهَيل و آخرُها طلوعُ السِّماك.
قال: و في أوّل الصفَرِيّة أربعون ليلةً يختلف حرُّها و بردُها تسمَّى المعتدِلات.
و قال الليث: الصفَرِيّة: نباتٌ يكونُ في أوّل الخريف تَخضرّ الأرضُ و يورق الشجر.
و قال أبو نَصْرٍ: الصّقَعِيّ أولُ النّتاج، و ذلك حين تَصقَع الشمسُ فيه رؤوسَ البَهْم صَقْعاً. و بعضُ العَرب يقول له:
الشمسيّ و القَيْظِي، ثم الصفَرِيّ بعد الصقَعِيّ و ذلك عند صِرامِ النخل، ثم الشّتوِيّ و ذلك في الربيع، ثم الدفَئِيّ و ذلك حين تَدفَأُ الشمس، ثم الصيْفِيّ ثم القَيْظِيّ، ثم الخَرَفيَّ في آخر القَيْظ.
و قال الفرّاء في قول اللّه جل و عز:
جِمالَتٌ صُفْرٌ
 [المرسلات: 33]، قال:
الصُّفر: سودُ الإبل، لا تَرى أسوَدَ من الإبل إلّا و هو مُشرَب صفْرةً، و لذلك سَمَّت العربُ سودَ الإبل صفْراً، كما

119
تهذيب اللغة12

صفر ص 117

سَمّوا الظِّباء أُدْماً لما يعلوها من الظُّلمة في بياضِها.
و قال أبو عبيد: الأصفرُ: الأسوَد. و قال الأعشى:
تلكَ خَيلِي منه و تلك رِكابي             هن صفْرٌ أولادُها كالزَّبيبِ‏
و قال الليثُ: الصفَارُ: ما بَقيَ في أصول أسنان الدابَّة من التِّبْن و العَلَف للدوابّ كلها.
و قال ابن السكّيت: السَّحَم و الصَّفار- بفتح الصاد- نَبْتان. و أَنشد:
إن العُرَيْمَة مانعٌ أرمَاحنا             ما كان من سَحَمٍ بها و صفَارِ
و الصفْراء: نَبْتٌ من العُشْب. و الصفْراء:
شِعبٌ بناحية بَدْرٍ، و يقال لها الأصافر.
و قال ابن الأعرابي: الصفَارِيّة: الصَّعْوَة.
و الصافر: الجبان.
ص ر ب‏
صبر، صرب، برص، بصر، ربص:
مُستعملة.
صبر:
أبو العباس عن ابن الأعرابي: أصبَرَ الرجلُ: إذا أَكل الصَّبِيرَة، و هي الرُّقاقةُ التي يَغْرِفُ عليها الخبازُ طعامَ العُرْس.
قال ابن عرفة في قوله تعالى: وَ اصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ‏
 [الأنفال: 46]، قال:
الصبرُ صبران هما عُدَّتان للإيمان: الصبر على طاعة اللّه و ما أمره، و الصبر عن معصية اللّه جل ثناؤه و ما نهى عنه.
و قال في قوله: لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ*
 [إبراهيم: 5]، يقال: صابر و صبّار و صبور؛ فأما الصّبور فالمقتدر على الصبر، كما يقال: قتول و ضروب، أي: فيه قدرة على ذلك. و الصبَّار: الذي يصبر وقتاً بعد وقت. و الشكور: أوكد من الشاكر و هذان خلقان مدح اللّه بهما نفسه، و قد نعت بهما خلقه.
و أصبَرَ الرجلُ: وَقَع في أُمّ صَبُّور، و هي الدَّاهية، و كذلك إذا وقع في أمِّ صبّار، و هي الحرّة.
و أصبَر الرجل: إذا جَلَس على الصَّبير الأقدر و هو الوسط من الجبال و أصبَر سَدَّ رَأسَ الحَوْجَلَة بالصِّبار، و هو السِّداد.
و يقال لِرَأسها الفعولة و العرعُرة و الأنبوب و البلبة.
و قال الليث: الصبْرُ: نقيضُ الجَزَع.
و الصبْر: نَصْبُ الإنسانِ للْقتْل، فهو مَصْبور. و الصَّبر: أن تأخذ يمينَ إنسانٍ، تقول: صبَرتُ يمينَه، أي: حلَّفْتُه، و كلُّ من حبستَه لقتلٍ أو يمينٍ فهو قتلُ صبْرٍ، و يمينُ صبْرٍ.
و
في حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم: «أنه نَهى عن قَتْل شي‏ءٍ من الدواب صَبراً».
قال أبو عُبَيد: قال أبو زيد و أبو عمرو في‏

120
تهذيب اللغة12

صبر ص 120

قوله: «صَبراً»: هو الطائر أو غيرُه من ذواتِ الرُّوح يُصْبر حيّاً ثم يُرمَى حتى يُقتَل.
قال: و أصلُ الصَّبر الحَبْس، و كلُّ من حَبَس شيئاً فقد صبرَه.
و منه‏
الحديث الآخَر في رجُلٍ أمسَكَ رجلًا و قتَلَه آخَرُ فقال: «اقتُلوا القاتل و اصبروا الصابر»
. قوله: اصبِرُوا الصابر:
يعني احبِسوا الذي حَبَسه للموت حتى يموتَ.
و منه يقال للرجال يقدَّم فتُضرَب عُنقه: قُتِل صبراً، يعني أنّه أُمْسِك على الموت، و كذلك لو حَبَس رجلٌ نفسَه على شي‏ء يريده قال: صبرتُ نفسي.
و قال عنترة يذكر حرباً كان فيها:
فصبَرْت عارِفَة لذلك حُرَّةً             تَرْسُو إذا نَفْسُ الجبَان تَطلَّعُ‏
قال أبو عُبَيد: يقولُ: إنه قد حبس نفسه، و مِن هذا يَمين الصَّبْر، و هو أن يَحبِسه، السّلطان على اليمين حتى يحلِف بها، فلو حلَف إنسانٌ من غير إحلافٍ ما قيل:
حلف صبْراً.
و قال الليث: الصبِرُ: عُصارة شجرٍ ورقُها كقُرُب السكاكين طوالٌ غِلاظٌ في خُضْرَتها غُبْرة و كُمْدَة مقشعّرة المنظر، يخرج وسطها ساقٌ عليه نَوْرٌ أصفرُ ثَمِه الرِّيح.
قال: و الصُّبَارُ: حَمل شجرة طعمُه أشدُّ حموضةً من المَصْل له عجْم أحمرُ عريضٌ يسمَّى التَّمَر الهِنْدِيّ.
ثعلب عن سَلَمة عن الفراء قال: الصُّبَار:
التَّمْر الهِنْديّ، بضم الصاد. و الصُبَار:
الحجارةُ المُلْس. قال: و الصبار: صِمامُ القارُورة.
أبو عُبَيد، عن أبي عُبَيْدةَ قال: الصُّبارة:
الحجارة، بضم الصاد قال الأعشى:
من مُبْلغُ عَمْراً بأنَّ             المَرْءَ لم يُخلق صبارَة
و قال: الصّبرُ: الأرض التي فيها حَصباء و ليست بغليظةٍ، و منه قيل للحَرّة: أمُّ صبار.
شمر عن ابن شُمَيْل: أمُّ صبَّار: هي الصَّفاة التي لا يَحيكُ فيها شي‏ء. و قال:
الصبَّارة: الأرضُ الغليظة المَشرفة الشأْسه لا تُنبتُ شيئاً، و هي نحوٌ من الجبلُ.
و قال: هي أم صبّارٍ، و لا تسمَّى صبارةً، و إنما هي قُفٌّ غليظة.
و قال الأحمر: الصُّبْرُ جانبُ الشي‏ء، و بُصْرُه مِثلُه.
و يقال: صُبْرُ الشي‏ء: أعلاه. و منهُ قولُ ابن مسعود: سِدرَة المنتهَى: صُبْرُ الجنة.
قال: صُبْرُها: أعلاها.
و قال النَّمِر يصفُ رَوْضةً:

121
تهذيب اللغة12

صبر ص 120

عَزَبَتْ و باكَرَها الرَّبيع بدِيمَةٍ             وَطْفاءَ يَملؤُها إلى أَصْبارِها
و قال غيره: أصبارُ القَبْر: نواحِيه.
و الصَّبْرة من الحجارة: ما اشتدّ و غَلُظ، و جمعُها الصَّبار، و أنشد:
كأنّ تَرنُّم الهاجاتِ فيها             قُبيلَ الصّبح أصواتَ الصَّبار
شبه نَقِيقَ الضَّفادِع بوَقْع الحجارة. و يُقال للداهية الشديدة أم صبور. و قال غيره:
يقال: وَقَع فلانٌ في أم صَبُّور، أي: في أمر لا مَنْفَذ له عنه. و قيل: أمُّ صَبّور:
هَضْبة لا مَنفَذ لها، تضْرب مَثلًا للداهية و أنشد:
أوقعَه اللَّهُ بسوءِ سَعْيِه             في أمِّ صَبُّورِ فأَوْدَى و نَشِبْ‏
و
في حديث عمَّار حين ضرَبه عثمان رحمهما اللّه- فلمّا عُوتِبَ في ضربِه إيّاه قال: هذه يَدِي لعَمّارٍ فليَصْطَبر
، معناه فليقتصّ. يقال: صَبَر فلانٌ فلاناً لوليِّ فلانٍ، أي: حَبَسه. و أَصْبَره، أي: أقصَّه منه، فاصْطَبَر، أي: اقتَصَّ.
أبو عُبَيد عن الأحمر: أقادَ السلطانُ فلاناً و أقَصَّه و أصْبَرَه بمعنى واحد: إذا قَتَلَه بقَوَد و أَباءَهُ مِثلُه.
أبو عُبَيْد، عن أبي زيد: صَبَرْت بفلان أصبر به صَبْراً: إذا كفلتَ به فأنابه صَبِيرٌ.
و قال الكسائي مثله. قال: و صَبَرْتُ الرجَل أصبره: إذا لزمتَهُ و قد أتيتُه في صَبَارّة الشِّتاء، أي: في شدّة البَرْد.
و
في الحديث عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم: «أن اللّه جلَّ و عزَّ قال: إني أنا الصبور»
. قال أبو إسحاق: الصَّبور في صِفَة اللّه تعالى الحليم، قال الأصمعيّ: أدهقتُ الكأس إلى أصحابها، أي: إلى أعاليها. قال:
و الصَّبِيرُ: السحابة البيضاء. قال: و الصَّبِيرُ الّذي يَصبرُ بعضُه فوقَ بعض درجا.
و قال أبو زيد: الصَّبِيرُ: الجَبلُ.
و قال الليث: صَبيرُ الْخُوان: رُقاقة عريضةٌ تُبْسَط تحت ما يؤكل من الطعام. و صَبيرُ القوم: زعيمُهم، و الصُّبْرة من الطعام:
مثل الصُّوفة بعضه فوق بعض.
و قال أبو العباس: الصبر: الإكراه؛ يقال:
أصبَر الحاكم فلاناً على يمين صبْرٍ، أي:
أكرَهَه.
قال: و الصّبر: الجرْأة، و منه قول اللّه جلّ و عزّ: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ
 [البقرة:
175]، أي: ما أجرأهم على عمل أهلِ النار.
و
قال أبو عَمْرو: سألت الخَلَنْجِي عن الصبر فقال: ثلاثة أنواع: الصبْرُ على طاعة الجبّار، و الصبْرُ على مَعَاصي الجبَّار، و الصبر على الصبْر على طاعته و ترِك معصيته.
و يقال: رجل صَبُور، و امرأةٌ صَبُور بغير

122
تهذيب اللغة12

صبر ص 120

هاء، و جمعُها صبُر.
بصر:
قال الليث: البَصَرُ: العيْن، إلّا أنّه مذكَّر. و البَصرُ: نَفاذٌ في القَلْب.
و البصَارة: مَصدَر البَصير، و الفعلُ بصُر يَبْصُر. و يقال: بَصُرْتُ به.
و يقال: تبصّرْتُ الشي‏ء شِبْه رَمَقْتُه.
و استَبصَر في أمره و دِينِه: إذا كان ذا بصيرة.
و قال الفراء في قول اللّه جلّ و عزّ: وَ كانُوا مُسْتَبْصِرِينَ‏
 [العنكبوت: 38]، أي: كانوا في دينهم ذوي بصائر.
قال: فنادوه: وَ كانُوا مُسْتَبْصِرِينَ‏
، أي:
معجبين بضلالتهم.
و قال أبو إسحاق: معناه: أنّهم أتَوْا ما أتَوْا و قد بُيّن لهم أَن عاقبتَه عذابُهم، و الدَّليل على ذلك قوله: فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ* [النحل: 71]، فلما بيّن لهم عاقبةَ ما نهاهم عنه كان ما فعل بهم عَدْلًا وَ كانُوا مُسْتَبْصِرِينَ‏
و قال الأخفش في قوله: بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ‏
 [طه: 96]، أي: علمتُ ما لم تعلموا، من البَصيرة. و أبصَرتُ بالعَيْن.
و قال الزجاج: بَصُر الرجلُ يَبصُرُ: إذا صار عَلِيماً بالشي‏ء، و أبصرتُ أبصِرُ:
نظرتُ، فالتأويل عَلِمْتُ بما لم تعلَموا به.
و قوله جلّ و عزَّ: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَ لَوْ أَلْقى‏ مَعاذِيرَهُ (15)
 [القيامة: 14، 15].
قال الفراء: يقول على الإنسان من نفسِه رُقَباء يَشْهَدُون عليه بعمله: اليدان و الرِّجْلان و العيْنان و الذَّكَر، و أنشد:
كأَن على ذي الطِّنْ‏ءِ عيناً بصيرةً             بمَقْعَدِه أو مَنظَرٍ هوَ ناظرُهْ‏
يُحاذِر حتى يَحسَب الناسَ كلَّهمْ             من الخوف لا تَخفَى عليهم سرائِرُهْ‏

و قال الليث: البَصيرة: اسمٌ لما اعتقد في القَلْب من الدِّين و تحقق الأمر.
ثعلب، عن ابن الأعرابي: الباصِرُ:
المُلَفِّق بين شُقَّتَيْن أو خِرْقَتَين، يقال:
رأيتُ عليه بصيرَةً من الفقر، أي: شُقَّةً ملفَّقة.
قال: و البَصيرة أيضاً: الشُّقَّة التي تكون على الْخِباء.
ابن السكيت عن أبي عمرو: البَصرُ: أن يُضَمَّ أَدِيمٌ إلى أَديم يُخَاطان كما يُخاط حَاشيَتا الثوب. و البصْر: الحِجارةُ إلى البياض، فإذا جاءُوا بالهاء قالوا:
البَصْرة، و أنشد:
* جَوانبُه من بَصْرةٍ و سِلَامِ*
و قال:
إن تَكُ جُلْمُودَ بَصْرٍ لا أؤَبِّسُهُ             أوقِدْ عليه فأَحْمِيهِ فيَنصدِع‏

123
تهذيب اللغة12

بصر ص 123

سَلمةُ عن الفرّاء قال: البِصْرُ و البَصْرة:
الحجارة البَرَّاقة.
و قال ابن شُميل: البَصَرَةُ: أرضٌ كأنها جَبَل من جِصّ، و هي التي بُنِيَتْ بالمِرْبَد؛ و إنما سُمّيت البَصْرة بَصْرَةً بها.
و قال أبو عمرو: البَصرةُ و الكَذَانُ:
كلاهما الحجارةُ التي ليست بصُلْبه.
و قال شمر: قال الفرّاء و أبو عمرو: أرضُ فلانٍ بُصْرَة- بضم الباء-: إذا كانت حَمراءُ طيّبتَه. و أرضٌ بَصِرةٌ: إذا كانت فيها حجارةٌ تَقطَع حوافرَ الدّواب. و بُصْرُ الأرض: غِلَظُها.
أبو عُبَيْد عن الأصمعيّ و أبي عمرو:
يقال: هذه بَصيرةٌ من دَم، و هي الجَدِيَةُ منها على الأرض، و أَنْشَد:
رَاحُوا بَصائِرُهمْ على أَكتافِهِمْ             و بَصيرَتِي يَعْدُو بها عَتَدٌ وَ أَي‏
يعني بالبصائرِ: دمَ أبيهم.
و قال شمر: قال ابن الأعرابي في قوله:
راحُوا بَصائِرُهم، يَعنِي ثِقْل دمائهم على أكتافهم لَم يثأروا بها.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ، قال: البَصيرة:
الدِّيَة. و البَصيرَة: مقدار الدِّرْهم من الدَّم.
البَصِيرة: التُّرْس. و البَصيرة: الثبات في الدِّين.
قال: و البصائر: الدِّيات في البيت. قال:
أَخَذُوا الدِّيات فصارت عاراً. و بصيرتي، أي: تَأْرِي قد حملتُه على فرسي لأُطالبَ به، فيَبْنِي و بينَهم فرق.
سلمة عن الفَرّاء قال: الباصَرُ: القَتَب الصغير و هي البَواصِر.
و قال في قوله: وَ آتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها
 [الإسراء: 59]، قال الفراء:
جعل الفعلَ لها، و معنى: (مُبْصِرَةً)
مضيئةً، كما قال جلّ و عزّ. وَ النَّهارَ مُبْصِراً*
 [يونس: 67]، أي: مضيئاً.
و قال أبو إسحاق: معنى (مُبْصِرَةً)
أتبصِّرهم، أي: تبيِّن لهم. و من قرأ:
 (مَبْصَرةً) فالمعنى: بيّنةً. و من قرأ:
 (مُبْصِرَةً)
 فالمعنى: مُتَبَيِّنةً. (فَظَلَمُوا بِها)، أي: ظلموا بتكذيبها.
و قال الأخفش: (مُبْصِرَةً)
، أي: مُبصَرّاً بها.
قلتُ: و القولُ ما قال الفرّاء، أراد: آتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ آيةً مُبْصِرَةً
، أي: مضيئةً.
ابن السكّيت في قولهم: أَرَيْتُه لَمْحاً باصراً، أي: نظراً بتحديقٍ شديد.
قال: و مَخرَجٌ باصرٌ مِن مخرج قولهم:
رجلٌ تامر، فمعنى باصر ذو بَصَر، و هو من أبصَرْتُ، مثل: مَوْتٍ مائِت، من أمَتُّ.
و قال الليث: رأى فلان لَمْحاً باصراً، أي: أمراً مفروغاً منه.
و أنشد:

124
تهذيب اللغة12

بصر ص 123

* و دون ذاك الأمر لمح باصر*
و قال غيره: رأيت فلاناً لمّاحاً باصراً، أي: نظر بتحديق.
قلتُ: و القولُ هو الأوّل.
و قال الليث: إذا فَتَح الجَرْوُ عينَه قيل:
بَصَّر تَبْصيراً.
و يقال: البصيرة: الدِّرع، و كلُّ ما لُبِس من السلاح فهو بَصائرُ السّلاح.
و يقال للفِراسة الصادقة: فِراسةٌ ذاتُ بصيرة.
قال: و البصيرةُ: العِبْرة، يقال: أما لك بصيرةٌ في هذا؟ أي: عِبْرةٌ تعتبر بها، و أَنشَد:
في الذّاهِبِين الأوّلينَ             من القُرون لنا بصائرْ
أي: عِبَر.
اللِّحياني عن الكسائيّ: إن فلاناً لمَعْضُوب البُصَر: إذا أصاب جِلْدَه عُضابٌ، و هو داءٌ يَخرج به.
و يقال: أعمى اللّه بصائره، أي: فِطَنَه.
و يقال: بَصَّر فلانٌ تَبْصيراً: إذا أَتَى البَصْرة.
قال ابن أحمر:
أُخبِّرُ من لاقيتُ أنِّي مُبَصِّرٌ             و كائنْ تَرَى قبلِي من الناس بَصّرَا
و قال الليث: في البَصْرَة ثلاثُ لغات:
بَصْرَة، و بِصْرة، و بُصْرة، اللّغة العالية البَصْرة.
و قال أبو إسحاق في قول اللّه جلّ و عزّ:
لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ
 [الأنعام: 103]، أعلمَ اللَّهُ جلّ و عزّ أنّه يُدرك الأبصار، و في هذا الإعلام دليلٌ على أن خَلْقَه لا يُدرِكون الأبصارَ، أي:
لا يعرفون حقيقة البَصر، و ما الشي‏ءُ الَّذي به صارَ الإنسانُ يُبصِرُ من عَيْنيه دون أن يُبصِر من غيرهما من سائر أعضائه، فأَعلَم أنّ خَلْقاً مِنْ خَلْقِه لا يُدرِك المخلوقون كُنْهَه، و لا يُحيطون بِعلمه، فكيف به جلَّ و عزّ، فالأبصارُ لا تُحيط به، وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ.
فأمّا ما جاء من الأخبار في الرؤية و صحّ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فغيرُ مدفوع، و ليس في هذه الآية دليلٌ على دَفعها، لأن معنى هذه الآية معنى إدراكِ الشي‏ء، و الإحاطة بحقيقته، و هذا مَذهبُ أهلِ السّنّة و العلم بالحديث.
و قولُه جلّ و عزّ: قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ‏
 [الأنعام: 104]، أي: قد جاءكم القرآنُ الذي فيه البيانُ و البصائر، فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ‏
 نَفْعُ ذلك، وَ مَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها ضَررُ ذلك، لأن اللّه غنيّ عن خَلْقه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: أبصَرَ الرجلُ:
إذا خَرَجَ من الكُفْر إلى بَصيرة الإيمان،

125
تهذيب اللغة12

بصر ص 123

و أنشَد:
قَحْطانُ تَضرِب رأسَ كلِّ متوَّجٍ             و على بصائرِها و إنْ لَم تُبْصِرِ
قال: بصائرُها: إسلامُها، و إذ لم تبصر في كفْرِها، و أَبصر: إذا عَلَّق على باب رَحْله بصيرةً، و هو شقة من قطن أو غيرِه.
و قال اللّحياني في قوله: بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ‏
 [طه: 96]، أي: أبصَرْتُ، و لغةٌ أخرى: بَصِرْتُ به أبْصَرُ به، و يقال:
أَبْصِرْ إليّ، أي: انظُرْ إليّ.
و بُصْرَى: قريةٌ بالشام فتُنسَب إليها السّيوف البُصْريَّة.
صرب:
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: إذا حُقِنَ اللّبَنُ أيّاماً في السِّقاء حتى اشتدّ حَمَضُه، فهو الصَّرْب و الصَّرَب، و أنشد:
أرضٌ عن الخير و السلطان نائيةٌ             فالأطْيَبان بها الطُّرْثُوثُ و الصَّرَبُ
و قال شَمِر: قال أبو حاتم: غَلِط الأصمعيّ في الصَّرَب أنه اللبن الحامِضُ.
قال: و قلتُ له: الصَّرَبُ: الصّمْغ، و الصَّرْبُ: اللبن، فعَرَفه، و قال كذلك الحَرّانيّ عن ابن السكّيت قال: الصَّرَبُ:
اللّبن الحامض.
يقال: صَرَب اللبَن في السِّقاء: إذا حَقَنَه فيه، يَصْرُبه صَرْباً، و السِّقاءُ: هي المِصْرَب و جمعُه المَصارِب.
و يقال: جاءَنا بصَربةٍ تَزْوِي الوجهَ، و أنشد:
سَيَكْفيك صَرْبَ القَوم لَحمٌ مُغرَّضٌ             و ماءُ قُدور في الجِفان مَشُوب‏
قال: و الصَّرْبُ: الصمغُ الأحمر، صمغُ الطَّلْح.
أبو عُبَيد عن الأحمر: إذا جَعل الصبيُّ يَمكُث يوماً لا يُحْدِث قيل: صَربَ لِيَسْمَن.
و قال أبو زيد: صَرَب بَوْلَه و حَقَنَه: إذا أطال حَبْسَه.
و
في حديث أَبي الأحْوص الجُشَميّ عن أبيه أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال له: «هل تُنْتَج إِبلُكَ وافيةً آذانُها فتجدَعُها، و تقول صَرْبَى»
. قال القُتَيْبي: قولُه: صَرْبَى، نحو سَكْرَى، من صَرَبْتُ اللَّبنَ في الضّرْع: إذا جمعتَه و لم تَحلُبه.
و قيل للبَحِيرة: صَرْبَى، لأنّهم كانوا لا يَحلُبونها إلا للضَّيف فيَجتمع اللّبن في ضَرْعها، كما قال محمد بن إسحاق.
و
قال سعيد بنُ المسيَّب: البَحيرة الّتي يُمْنَع دَرُّها للطّواغيت فلا يَحلُبها أحدٌ من الناس.
و قال القُتَيْبيّ: كأنّ الصَّرْبى الّتي صَرَبَت اللبَن في ضَرْعِها، أي: جمعتْه.
قال بعضهم: يجعل الصرب من الصرم‏

126
تهذيب اللغة12

صرب ص 126

و هو القطع، يجعل الباء مبدلةً من الميم، كما يقال: ضربةُ لازِمٍ و لازِب، و كأنه أصحّ التفسيرين لقوله: فتجْدع هذه فتقول صَرْبَى.
ثعلب عن ابن الأعْرَابي قال: الصربُ:
جمعُ صَرْبَى، و هي المشقوقة الأذن مثل البَحيرة في النوق. و يقال للوطب الذي يجمع فيه اللبن فيحمض: مصرب و جمعه مصارب.
و
حدّثني محمّد بنُ إسحاق قال: حدَّثنا عمر «1» بنُ شَبَّةَ قال: حدَّثنا غُنْدَر عن شُعْبَة عن أبي إسحاق قال: سمعتُ أبا الأحوص يحدِّثُ عن أبيه قال: أَتيتُ رسولَ اللَّهِ صلّى اللّه عليه و سلّم و أنا قَشِفُ الهيئة، فقال:
هل تُنْتَجُ إِبِلُكَ صِحَاحاً آذانُها، فتَعْمِدَ إلى المُوسَى فتقطَعَ آذانَها فتقول هذه بُحُر وَ تَشُقُّهَا فتقول هذه صُرُم فتحرّمها عليك و على أهلك؟ قال: نعم. قال: «فما آتاك اللّه» لك حِل و ساعِدُ اللّه أَشَدُّ و مُوساه أَحَدّ.
قلت: قد تبيَّنَ بقوله: صُرُم ما قاله ابن الأعرابي في الصَّرْب: أن الباء مُبْدَلَةٌ من الميمِ.
و قال ابن الأعرابيّ: الصِّرْبُ: البيوتُ القليلة من ضَعْفَي الأعراب.
قلتُ: و الصِّرْمُ مِثل الصِّرْب، و هو بالميم أعرَف. و يقال: كَرَصَ فلانٌ في مكْرَصِه، و صَرَبَ في مِصرَبِه، و قَرَعَ في مِقْرَعِه، كلُّهُ السِّقَاءُ يُحْقَنُ فيه اللَّبَن.
برص:
قال الليثُ: البَرَص معروف، نسألُ اللّه منه العافية. و سامّ أَبْرَص: مضافٌ غير مصروف، و الجمعُ سوامّ أبرص.
أبو عُبَيْد عن الأصْمَعِيّ قال: سامّ أبْرَصَ- بتشديد الميم- قال: و لا أدري لِمَ سُمِّيَ بهذا؟.
و قال أبو زيد: و جمعُه سَوامُّ أبْرَصَ، و لا يثنَّى أبرَص و لا يُجمَع، لأنه مُضافٌ إلى اسم معروف، و كذلك بناتُ آوَى و أُمهاتُ حُبَيْنِ و أشباهها.
و قال غيرُه: أبْرَصَ الرجلُ: إذ جاءَ بولَدٍ أَبرَص. و يُصَغَّرُ أَبْرَصُ فيقال: بُرَيْص، و يُجمع بُرْصاناً. و من الناسِ مَنْ يَجمع سامَّ أَبْرَصَ: البِرَصَةَ. و بَرِيص: نهرٌ بِدمَشْق، قال حسَّان:
يَسْقُونَ مَن وَرَدَ البَرِيصَ عليهِمُ             بَرَدَى يُصفِّقُ بالرحيقِ السَّلْسَلِ‏
ربص:
قال الليثُ: التربُّص بالشي‏ء: أن تَنْتظِرَ به يوماً مَّا، و الفِعل تربَّصْتُ به.
و قال أبو إسحاق في قول اللّه جلَّ و عزّ:
قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى‏
__________________________________________________
 (1) في المطبوعة (عمرو) و هو خطأ، انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (21/ 386)- مؤسسة الرسالة-.

127
تهذيب اللغة12

ربص ص 127

الْحُسْنَيَيْنِ [التوبة: 52]، أي: إلَّا الظَّفَرَ و إلَّا الشهادةَ، وَ نَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ‏
 إحدى الشَّرَّتَيْن: عذاباً من اللّه، أو قَتْلًا بأيدينا، فبيْنَ ما نَنتظِرُ و تنتظرون فرقٌ كبير.
و قال ابنُ السكّيت: يقال: أقامت المرأة رُبْصَتَها في بيتِ زوجِها، و هو الوقتُ الذي جُعل لزوجها إذا عُنِّنَ عنها، فإن أتاها و إلَّا فرِّقَ بينهما. و البريص:
موضع.
ص ر م‏
صرَم، رصم، صمر، رمص، مرص، مصر: مستعملة.
مرص:
قال الليث: المَرْصُ للثَّدْي و غيرِه، و هو غَمْزٌ بالأصابع. و الْمَرْسُ: الشي‏ءُ يُمرَس في الماء حتى يَتَمَيَّثَ فيه.
ثعلب عن ابن الأعرابي: المَرُوصُ و الدَّرُوسُ: النّاقَةُ السَّريعةُ.
قال: و النَّشُوصُ: العظيمةُ السَّنام.
و المَصُوصُ: القَمِئَةُ، و الشخوص: النضوة من التعب. و العَرُوصُ: الطيبةُ الرائحة إذا عَرِقَتْ.
صمر:
أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ:
التصْميرُ: الْجَمْع و المَنْع، يقال: صَمَر مَتاعَه و صَمَّرَه و أَصْمَرَه. و التَّصْمِيرُ أيضاً:
أن يَدْخُل الرجلُ في الصُّمَيْرِ و هو مَغيبُ الشمس، يقال: أَصْمَرَنا و صَمَّرْنَا، و أقْصرْنا و قَصَّرْنا، و أَعْرَجْنَا و عَرَّجْنَا بمعنًى واحد.
و قال اللّيث: صَمَرَ الماءُ يَصْمُر صُمُوراً:
إذا جرى مِن حَدُورٍ في مُسْتَوٍ، فَسَكَنَ فهو يَجرِي، و ذلك المكانُ يُسَمَّى صِمْرَ الوادي.
قال: و صَيْمَرَةُ: أرضٌ مَهْرَحان، و إليها يُنسبُ الْجُبْن الصَّيْمَرِي.
الفرّاء: أدهقْتُ الكأسَ إلى أَصْبَارِها و أَصْمَارِها، أي: إلى أعلاها الواحد صَيْر و صُمْر.
و
في حديثِ عليٍّ أنه أعطَى أبا رافع حَتِيّاً و عُكَّةَ سَمْنٍ. و قال: ادْفَعْ هذه إلى أسماءَ بِنْتِ عُمَيْس- و كانت تحتَ أَخيهِ جعفر- لِتَدْهُنَ بني أخيه من صَمَر البحر، و تُطعمهم من الحَتِيّ.
أمَّا صَمَرُ البحرِ: فهو نَتْنُ ريح غَمَقِه و وَمَدِه، و الْحَتِيُّ: سَوِيقُ الْمُقْل.
عمرو عن أبيه قال: الصُّمَارَى: الاست لنَتْنها.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: الصَّمْر:
رائحةُ السَّمَكِ الطّرِيّ. و الصَّمْرُ: غَتْمُ البَحْر إذا خَبّ و خَبِيبُه: تَناطُح أمْوَاجِه.
ابنُ دُرَيد: رَجُلٌ صَمِيرٌ: يابِسُ اللَّحم على العَظْم.
رمص:
أبو عُبَيْد: رَمَصَ اللَّهُ مصيبتَه، أي:
جَبَرها.

128
تهذيب اللغة12

رمص ص 128

و قال الليث: الرَّمَص: عَمَصٌ أبيض تَلفِظُه العَيْن فتَوْجَع له. عَينٌ رَمْصاءُ، و قد رَمِصَتْ رَمَصاً: إذا لَزِمها ذلك.
ابن دُرَيد: رَمِيص: اسمُ بلدٍ.
مصر:
أبو عُبيد عن الأصمعيّ: ناقة مَصُورٌ:
و هي التي يُتَمَصّر لبنُها قليلًا قليلًا.
و قال الليث: المَصْرُ: حَلْبٌ بأطراف الأصابع، السّبابة و الوُسْطى و الإبهام و نحو ذلك. و ناقةٌ مَصُور: إذا كان لبنُها بطي‏ءَ الخروج لا يُحلَب إلّا مَصْراً.
و التمصُّر: حَلْبُ بَقايا اللبن في الضَّرْع بعد الدَّرّ و صار مستعمَلًا في تتبُّع القِلّة، يقولون: تمتصِرُونها. و مَصَّر فلانٌ غَطاءَه تمصيراً: إذا فَرّقه قليلًا قليلًا.
و قولُ اللّه جلّ و عزّ: اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ‏
 [البقرة: 61].
قال أبو إسحاق: الأكثر في القراءة إثباتُ الألف و فيه وجهان جائزان: يرادُ بها مصرٌ من الأمصار؛ لأنهم كانوا في تِيهٍ، و جائز أن يكون أراد مصرَ بعيْنِها؛ فجعل مِصْرَ اسماً للبلد فصَرفَ، لأنه مذكَّر سُمِيَ به مذكّر. و من قرأ: (مصرَ) بغير ألفٍ أراد مِصْرَ بعينِها؛ كما قال: ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ‏
 [يوسف: 99] و لم يُصرَف، لأنه اسم المدينة فهو مذكَّر سمّيَ به مؤنث.
و قال اللّيث: المِصْرُ في كلام العرب: كلّ كُورةٍ. تُقام فيها الحُدود و يُقسَم فيها الفَيْ‏ءُ و الصدقاتُ من غير مؤامرة الخليفة، و كان عمرُ رضي اللّه عنه مَصّر الأمصارَ منها البَصْرة و الكوفة. و الأمصار عند العرب تلك.
قال: و مصر: الكورة المعروفة لا تصرف.
و قال غيره: المصر: الحد.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: قيل للكوفة و البَصْرة: المِصْران لأن عُمَر قال: لا تَجعلوا البحرَ فيما بيني و بينكم مَصِّرُوها
، أي: صيِّروها مِصْراً بين البحر و بيني، أي: حدّاً.
قال: و المِصْرُ: الحاجز بين الشيئين.
و قال عديّ بن زيد:
و جَعَل الشمسَ مِصْراً لا خَفاءَ به             بين النهار و بين الليلِ قد فَصَلَا
أي: حدّاً.
و يقال: اشتَرى الدارَ بمُصُورِها، أي:
بحُدودها.
أبو عُبَيد: الثِّيابُ المُمَصَّرة: التي فيها شي‏ءٌ من صُفْرة ليست بالكثيرة.
ثعلب عن ابن الأعرابي: ثوبٌ ممصَّر:
مصبوغٌ بالعِشْرِق، و هو نَباتٌ أحمَرُ طيّبَ الرّائحة، تستعمله العرائس، و أَنشدَ:
* مُختلِطاً عِشْرِقُهُ و كُرْكُمُهْ*

129
تهذيب اللغة12

مصر ص 129

قال: و المِصْرُ: الحدُّ في كلّ شي‏ءٍ.
و المِصْرُ: الحدُّ في الأرضين خاصّة.
قال: و المَصْرُ: تَقطُّعُ الغَزْلِ و تَمسُّخُه، امَّصَرَ الغَزْلُ: إذا تَمَسَّخه.
قال: و المُمَصَّرَة: كُبّة الغَزْل، و هي المُسَفَّرة.
و قال شمر: قيل: الممصَّرُ من الثياب: ما كان مَصْبوغاً فغُسِل.
و قال أبو سَعِيد: التَّمصير في الصَّبغ: أن يَخرج المصبوغُ مبقَّعاً لم يَستحكمْ صَبغُه.
قال: و التَّمصر في الثياب: أن تَتَمشَّق تَخرُّقاً من غير بلًى.
قال: و المَصِيرُ: المِعَى، و جمعُه مُصْران؛ كالغَدِير و الغُدْران.
و قال الليث: المَصَارين خطأ.
قلتُ: المَصارين جمعُ المُصْران، جمعته العرب كذلك على توهُّم النون أنها أصليّة، و كذلك قالوا: قُعُود و قِعْدان، ثم قَعادِين جمع الجمع. و كذلك توهَّموا الميمَ في المَصير أنها أصليّة فجَمعوها على مُصْران؛ كما قالوا لجَماعَة مَصادِ الجَبَل: مُصْدان.
رصم:
أهمله الليث.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الرَّصَم:
الدُّخولُ في الشِّعْب الضيِّق. و الصَّرْمُ:
الهِجران، في موضعه.
صرم:
قال الليث: الصَّرْمُ: دَخيل.
و الصَّرْمُ: القطعُ البائنُ للحبْل و العِذْق، و نحوُ ذلك الصِّرام؛ و قد صَرَمَ العِذْقُ عن النخلة. و أَصرَمَ النخلُ: إذا حانَ وقتُ صِرَامِه.
و الصُّرْمُ: اسمٌ للقطيعة، و فِعلُه الصَّرْم.
و المُصَارمَة بين الاثنين.
و الصَّرِيمة: إحكامُك أمراً و عَزْمُك عليه.
و قال اللّه جلّ و عزّ: فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20)
 [القلم: 20].
قال الفرّاء: (كَالصَّرِيمِ)
، يريد: اللّيلَ المسوَدَّ، و نحو ذلك قال الزجّاج.
قال: و قوله: إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ‏
 [القلم:
22]، إن كنتم عازمين على صِرام النخل.
أبو عُبَيد عن أبي عُبَيْدة: الصَّرِيمُ:
الصبح. و الصَّرِيمُ: اللَّيل.
و قال بِشر في الصَّريم بمعنى الصُّبح يصف ثَوْراً:
فباتَ يقولُ أصْبِحْ لَيْلُ حتى             تَكَشَّفَ عن صَرِيمته الظَّلَامُ‏
قال: و من الليل قولُ اللّه تعالى: فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20)
 [القلم: 20] يعني احترقتْ فصارت سوداءَ مِثْل اللّيل.
و قال الأصمعيّ و أبو عمرو في قوله:
تكشَّفَ عن صَرِيمته، أي: عن رَمْلَته التي هو فيها، يعني الثوّر، و كذلك قال ابن‏

130
تهذيب اللغة12

صرم ص 130

الأعرابي.
و قال قَتادة في قوله: فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20)
، قال: كأنها صُرِمتْ.
و قيل: الصَّرِيم: أرضٌ سَوْداء لا تُنبِت شيئاً.
و قال شَمِر: الصَّريمُ: الليل، و الصَّرِيمُ:
النهار؛ يَنْصَرم النهارُ من اللّيل، و اللّيلُ من النهار.
قال: و يُروى بيت بشر:
* تَكَشَّف عن صَرِيميه*
قال: و صَرِيماه أوّلُه و آخره.
و قال الأصمعي: الصَّرِيمةُ من الرَّمل:
قطعةٌ ضخمةٌ تَنْصَرِمُ عن سائر الرمال، و تُجمع الصَّرائم.
أبو عُبيد: الصِّرْم: الفِرْقة من الناس ليسوا بالكثير و جمعُه أصْرام.
و قال الطِّرِمّاح:
يا دارُ أقوَتْ بعد اصْرامِها             عاماً و ما يُبكيكَ من عامِها
و قال أبو زيد: الصِّرمةُ: ما بين العشر إلا الأربعين من الإبل.
ثعلب عن ابن الأعرابي: جاء فلانٌ صَرِيمَ سَحْرٍ: إذا جاء بائساً خائفاً.
و قال في موضعٍ آخر: أنا من هذا الأمر صريم سحر، أي: آيس منه.
الليث: رجل صارِمٌ، أي: ماضٍ في كلّ أمر، و قد صَرُم صرامةً.
قال: و ناقةٌ مصرَّمةٌ، و ذلك أن يُصَرَّم طُبْيُها فيُقْرَحَ عَمْداً حتى يَفْسُد الإحليل فلا يخرج اللبن فيَيْبَس، و ذلك أقوى لها.
و قال نُصير الرازي فيما روى عنه أبو الهيثم قال: ناقةٌ مصرَّمةٌ: هي التي صَرَمَها الصِّرَارُ فوقَّذَها، و ربما صُرِمَتْ عَمْداً لتَسْمَن فتُكْوَى.
قلت: و منه قولُ عنترة:
* لُعِنَتْ بمَحْروم الشَّراب مصرَّمِ*
و يقال: أصرَمَ الرجُل إصرَاماً فهو مُصْرِم:
إذا ساءَتْ حالُه و فيه تماسُك؛ و الأصلُ فيه أنه بقيتْ له صِرْمة من المال، أي:
قطعة.
و سيفٌ صارِمٌ: أي: قاطع. و صَرَامِ: من أسماء الحرب.
قال الكُمَيت:
جَرَّدَ السيفَ تَارَتين من الدَّهرِ             على حينَ دَرَّةٍ من صَرامِ‏
و قال الجعْدِيّ:
ألا أبلغْ بني شيبانَ عنِّي             فقد حَلبتْ صَرامُ لكم صَراهَا
و صَرامُ من أسماء الحرب، و في «الألفاظ» لابن السكّيت: صُرامُ: داهية، و أنشد:
* على حين دَرّةٍ من صُرامِ*
و الصَّرْماءُ: الفَلاةُ من الأرض، و قال:

131
تهذيب اللغة12

صرم ص 130

على صَرْماءَ فيها أصْرَماها             و خِرِّيتُ الفَلاةِ بها مَليل‏
قال ابن السكّيت: الأصرَمان: الذئب و الغُراب، لأنّهما انصَرَما من النّاس، أي: انقطعا.
أبو عُبَيد عن الفرّاء: فلانٌ يأكُل الصَّيْرَم في اليوم و اللّيلة: إذا كان يأكلُ الوَجْبَة.
قال أبو عُبَيدة: هي الصَّيْلَم أيضاً و هي الجَرْزَم، و أنشد:
و إن تُصِبْكَ صَيْلَمُ الصَّيالِم             لَيْلًا إلى لَيْلٍ فعيْشُ ناعِمِ‏
و قال اللّحياني: هي أكلَةٌ عند الضُّحى إلى مِثلها من الغد.
و
في الحديث: «في هذه الأمة خَمْسُ فِتَن، قد مَضَتْ أربعٌ، و بقيت واحدةٌ و هي الصَّيْرَم»
، و كأنها بمنزلة الصَّيْلَم، و هي التي تستأصل كلَّ شي‏ء.
عمرو عن أبيه: الصَّرُومُ: الناقةُ التي لا تَرِدُ النَّضِيحَ حتى يَخْلُو لها.
تَنصرِم عن الإبل، و يقال لها: القَذُور و الكَنُوف، و العَضَادُ، و الصَّدُوف، و الآزِيَة.
و قال غيرُه: الصَّيْرَم: الرأيُ المُحكَم.
و الصَّرِيمة: العزيمة.
يقال: فلانٌ ماضِي الصَّريمة، أي:
العزيمة.
و أخبرَني المنذريُّ عن المفضَّل عن أبيه:
صَرَم شَهْراً، بمعنى مكث. و اللّه أعلم.
أبواب الصاد و اللّام‏
ص ل ن‏
استعمل من وجوهها: [نصل‏].
نصل:
قال الليث: النَّصْلُ: نَصْلُ السهم، و نَصْلُ السيف، و نَصْلُ البُهْمَى و نحوَها من النبات: إذا خرجت نِصالُها.
ثعلب عن ابن الأعرابي: أنصَلْتُ الرّمْحَ و نَصَلْتُه: جعلتُ له نَصْلًا، و أنصَلْتُه:
نَزَعْتُ نَصْله.
و قال غيره: سهمٌ ناصِلٌ: إذا خرجَ منهُ نَصْلُه.
و منه قولُهم: ما بَلِلْتُ منه بأَفْوَقَ ناصِل، أي: ما ظفِرْتُ منه بسهمٍ انكسرَ فُوقُه و سَقَط نصلُه.
و سهمٌ ناصلٌ: ذو نَصْل، جاء بمعنَيين متضادَّين.
و كان يقال لرجب: مُنْصِل الألّةِ و مُنْصِل الإلال، لأنهم كانوا يَنْزِعون فيه أسنّةَ الرّماح. قال الأعشى:
تدارَكَه في مُنْصُل الألِّ بعدما             مضى غيرَ دَأْداءٍ و قد كاد يَذْهَبُ‏
أي: تداركه في آخر ساعةٍ من ساعاته.
و المُنصُل- بضم الميم و الصاد- من أسماء السَّيف.

132
تهذيب اللغة12

نصل ص 132

قاله أبو عُبَيد و غيرُه.
و نَصْلُ السيف: حديدُه.
و النَّصِيل: قال ابن شميل: هو حَجَر طويلٌ رقيقٌ كهيئة الصفيحة المحدَّدة، و جمعه النُّصُل، و هو البِرْطيل أيضاً، و يشبَّه به رأسُ البعير و خُرْطُومُهُ إذا رَجَف في سَيْرِه.
قال رؤبة يصف فحلًا:
عريض أَرْآدِ النَّصِيل سَلْجَمُهْ             ليس بِلَحْيَيْه حِجامٌ يَحْجُمُهْ‏
و قال الأصمعي: النَّصِيلُ: ما سَفَل من عينيه إلى خَطْمه، شبّهه بالحجر الطويل.
و قال أبو خِراش في النَّصيل فجعله الحجر:
و لا أَمغُر السَّاقين باتَ كأنّه             على مُحَزْئلّاتِ الإكامِ نَصيلُ‏
قال: و النَّصيلُ: قدرُ ذِراع.
و قال الأصمعي في قوله:
* بناصِلاتٍ تُحْسَب الفُئُوسا*
قال الواحدُ: نَصِيل، و هو ما تحت العين إلى الخَطْم، فيقول: تحسبها فؤوساً.
و قال ابن الأعرابي: النَّصيل: حَيثُ نَصَل لَحْيَاه.
و قال الليث: النَّصيل: مَفصِلُ ما بين العُنُق و الرأس باطنٌ من تحت اللَّحْيين.
هذا خلاف ما حفظ عن العرب.
قال: و نصل الحافِر نصولًا: إذا خرَج من موضعه فسقط كما ينْصُل الخِضَابُ و نصل فلانٌ من الجبل من موضع كذا و كذا علينا، أي: خرج.
قال: و التنصُّلْ شِبْه التَّبرُّؤ من جِناية أو ذَنْب.
و يقال للغَزْل إذا أُخْرِج من المِغْزَل:
نَصَل. و يقال: استنصَلَتِ الرِّيحُ اليَبِيسَ:
إذا اقتلعْته مِن أصلِه.
و قال ابن شُميل: النَّصْلُ: السَّهْم العَرِيض الطّويل يكون قريباً من فِتْرٍ، و المِشْقَص على النِّصف من النّصْل. قال: و السَّهم نفسُ النَّصْل، و لو التقطْتَ نَصْلًا لقلت:
ما هذا السهم معك، و لو التقطت قدحاً لم أقل ما هذا السهم معك.
أبو عُبَيد عن الكسائيّ: أنْصَلْتُ السهمَ- بالألف-: جعلتُ فيه نَصْلًا، و لم يذكر الوجه الآخر أنّ الإنصالَ بمعنى النَّزْع و الإخْراج، و هو صحيح، و لذلك قيل لرَجَبٍ مُنْصِلُ الأسِنّة.
و قال ابن الأعرابي: النَّصْل: القَهْوَبَاةُ.
بلا زِجاج. و القَهْوَبَاةُ: السِّهام الصغار.
أبو عُبَيد عن الكسائيّ: لحيةٌ ناصلٌ من الخِضاب، بغير هاءٍ.
قال: و نَصَل السَّهْمُ فيه: ثَبَتَ فلم يَخْرُج.
قال أبو عُبَيد: و قال غيرُ واحدٍ: نَصَلَ:
خَرَج.

133
تهذيب اللغة12

نصل ص 132

و قال شمر: لا أَعرف نَصَل بمعنى ثَبَت.
و نَصَلَ عندي: خَرج‏
ص ل ف‏
صلف، صفل، لصف، فصل، فلص.
لصف:
قال الليث: اللَّصَفُ: لُغَة في الأصف، و الواحدةُ لصفة، و هي ثمرةُ شجرةٍ تُجعَل في المرَق لها عُصارةٌ يُصطبغ بها تُمْرِى‏ءُ الطعام.
أبو عُبَيد عن الفرّاء: اللَّصفُ: شي‏ءٌ يَنْبتُ في أَصْل الكَبَر كأنه خيَار.
قلتُ: و هذا هو الصّحيحُ، و أما ثمر الكَبَر فإن العرب تسمِّيه الشَفَلَّج: إذا انشقّ و تفتَّح كالبُرْعومة. و لَصَافِ و ثَبْرةٌ: ماءان بناحية الشَّواجن في دِيار ضَبّة بن أُدٍّ، و قد شربتُ بهما، و إيّاهما أراد النابغةُ:
بمصطحِبَاتٍ من لَصافٍ و ثَبْرةٍ             يَزُرْنَ أَلَالا سَيرُهُنَّ التَّدافُعُ‏
أبو عُبَيد: لصَف لَوْنُه يَلْصف: إذا بَرَق و تلألأ.
صلف:
سمعتُ المنذريَّ يقول: سمعتُ أبا العبّاس يقول: إناءٌ صَلِفٌ: خالٍ لا يأخذُ من الماء شيئاً. قال: و قال: أصْلَفٌ من ثَلْج في ماءٍ، و من مِلْحٍ في ماء قال:
و الصَّلَفُ: قِلّةُ الخَير.
و امرأةٌ صِلِفة: قليلةُ الخير لا تَحظَى عند زوجها.
و قال أبو عمرو: قال أبو العباس: قال قوم: الصَّلِف مأخوذٌ من الإناء السائل، فهو لا يخالط الناسَ و لا يَصبِر على أخلاقهم.
و قال قومٌ: هو من قولهم: إناءٌ صَلِفٌ:
إذا كان ثخيناً ثقيلًا، فالصَّلَف بهذا المعنى في هذا الاختيار، و العامّة وَضَعَت الصَّلَف في غير محلِّه. قال: و قال ابن الأعرابي: الصّلفُ: الإِناءُ الصغير.
و الصَّلَفُ: الإناءُ السائل الذي لا يكاد يُمسك الماء. و الصَّلِفُ: الإناءُ الثَّقيل الثَّخين.
قال: و يقال: أصلَفَ الرجلُ: إذا قَلَّ خيرُه. و أَصلف: إذا ثَقُل روحُه، و فلانٌ صَلِفٌ: ثَقيل الرُّوح.
أبو عُبَيد من أمثالهم في الواحد و هو بخيل مع جِدَتِه: رُبَّ صَلِفٍ تحتَ الرّاعدة، قال ذلك الأصمعيّ. قال: و الصَّلفُ: قِلّة النَّزَل و الخير.
أرادوا أن هذا مع كثرة ما عندهم من المال مع قلة الصنع كالغمامة الكثيرة الرعد مع قلة مطرها.
أبو عُبيد: الصَّلِفة من النساء التي لا تَحظَى عند زوجها، و قال القُطاميّ:
لها رَوْضةٌ في القَلبِ لَم تَرْعَ مِثلَها             فَرُوكٌ و لا المستعبِراتُ الصلائف‏
و قال الليث: الصَّلَف: مجاوزَةُ قَدْر

134
تهذيب اللغة12

صلف ص 134

الظَّرْف و البَراعة و الادّعاءُ فوق ذلك.
و طعامٌ صلف: مَسِيخٌ لا طعمَ له.
و الصَلِيفُ: نعتٌ للذَّكَر. و الصَّلِيفان:
صَفْحتا العُنق.
شَمِر عن ابن الأعرابيّ: الصَّلْفاء: المكان الغلِيظُ الْجَلَد.
و قال ابن شُمَيل: هي الصَّلِفَةُ للأرض التي لا تنبت شيئاً، و كلُّ قُفّ صَلِف و ظلفٌ، و لا يكون الصَّلَف إلا في قُفّ أو شبهه.
و القاعُ القَرَقُوسُ صَلِفٌ، زعَم. قال:
البَصْرة صلفٌ أَسِيف، لأنه لا يُنبِت شيئاً.
و قال الأصمعيّ: الصَّلْفاء و الأصْلفُ: ما اشتدَّ من الأرض و صَلب.
و قال أوسُ بنُ حَجَر:
و خَبَّ سفَا قُرْيانه و توقَّدتْ             عليه من الصَّمّانَتَيْن الأصالِفُ‏
أبو العباس عن ابن الأعرابي: الصَّلْف:
خوافِي قلب النَّخْلة الواحدة صَلْفة.
و قال الأصمعيّ: خُذْ بصَلِيفه و بصلِيفَته بمعنى خذ بقَفَاه.
أبو زيد: الصَّلِيفان: رأسا الفَهْقَة من شِقَيْها.
فلص:
قال الليث: الأفلاص: التفلُّت من الكَفِّ و نحوه.
و قال عرّام: انْفَلَص مِنِّي الأمرُ و انملَصَ:
إذا أفْلت، و قد فَلَّصْته. و قد تفلَّص الرشاء من يدي و تملَّصَ بمعنى واحد.
صفل:
ثعلب عن ابن الأعرابي: أصفلَ الرجل: إذا رَعَي إبِلَه الصِّفْصلَّ، و هو نبت، و أنشد:
* الصَّل و الصِّفْصل و اليَعْضيدَا*
فصل:
قال الليث: الفَصلُ: بَوْنُ ما بين الشيئين. و الفَصْلُ من الجسَد: موضعُ المَفْصل، و بين كلّ فصلين وصلٌ، و أنشد:
وصلًا و فَصْلًا و تَجمِيعاً و مُفترقا             فَتْقاً و رَتقاً و تأليفاً لإنسانِ‏
و الفَصلُ: القضاءُ بين الحقّ و الباطل، و اسم ذلك القضاء الَّذي يَفصل فيصل.
و هو قضاءٌ فيْصلٌ و فاصل.
و أخبرني المنذريّ عن ثعلب أنه قال:
الفَصيلةُ: القِطْعةُ من أعضاء الجسد، و هي دون القَبيلة.
و قال أبو عبيد: فصيلةُ الرجل: رَهْطُه الأدْنَوْن، و كان يقال العباس: فصيلةُ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، قال اللّه جلّ و عزّ: وَ فَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ‏
 [المعارج: 13].
و قال الليث: الفَصيلة: فَخِذ الرجل من قومِه الذين هو منهم. و الفَصيلُ: من أولادِ الإبل، و جمعُه الفُصْلان.
و الفَصيلُ: حائِطٌ قَصير دون سورِ المدينة و الحِصْن. و الانفصال مُطاوَعَةُ فَصل.
و المَفْصل- بفتح الميم-: اللّسان.

135
تهذيب اللغة12

فصل ص 135

و المَفصلُ: أيضاً: كلُّ مكان في الجَبَل لا تَطلُع عليه الشّمس، قال الهذَلي:
مطافيلَ أبْكارٍ حديثٍ نِتاجُها             يُشاب بماءٍ مِثْل ماءِ المفاصِلِ‏
و قال أبو عمرو: المَفصل: مَفرق ما بين الجَبَل و السَّهل.
قال: كلُّ موضعٍ ما بين جَبَلين يَجرِي فيه الماء فهو مَفصل.
و قال أبو العُمَيثل: المفاصِلُ: صُدُوعٌ في الجبال يَسيل منها الماء، و إنما يقال لما بين الجَبَلين: الشِّعْبُ.
و الفِصال: الفِطام، قال اللّه تعالى:
وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً
 [الأحقاف:
15]، المعنى: مَدى حَمْل المرأة إلى منتهى الوقت الذي يُفصَل فيه الولد عن رَضاعها ثلاثون شهراً.
و قال هَجَريّ: خير النَّخْل ما حُوِّل فسيلُه عن منبِته.
قال: و الفَسيلة المحوَّلة تسمَّى الفَصلة، و هي الفَصلات، و قد افتصلْنا فَصلاتٍ كثيرةً في هذه السنة، أي حوّلناها.
و يقال: فَصَّلتُ الوشاحَ: إذا كان نظمُه مُفَصلًا بأن يَجعل بين كل لؤلؤتين مَرْجانةً أو شَذْرةً أو جَوهرةً تَفصل بين اثنتين من لونٍ واحد. و تَفْصيلُ الجَزور: تَعْضِيَتُه، و كذلك الشاة تفصَّل أعضاء.
و قال الخليل: الفاصلة في العَرُوض: أن يَجمع ثلاثة أحرف متحرّكة و الرابع ساكن مثل فَعِلَنْ.
قال: فإذا اجتمعت أربَعةُ أحرف متحرّكة فهي الفاضلة- بالضاد معجمة- مثل:
فعُلَتُنْ.
و الفَصل عند البصريِّين: بمنزلة العِماد عند الكوفيِّين، كقول اللّه جلّ و عزّ: إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ [الأنفال:
32]، فقوله: هُوَ فصلٌ و عِمادٌ، و نُصِب الْحَقَّ لأنّه خبرُ كانَ، و دخلتْ هُوَ لِلفصْل. و أواخِرُ الآيات في كتابِ اللّه فواصِل، بمنزلة قوافِي الشِّعر، واحِدَتُها فاصِلة.
و قولُ اللّه جلّ و عزّ: كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ‏
 [فصلت: 3]، له مَعنيان: أحدهُما:
تفصلُ آياتِه بالفواصل، و المعنى الثاني:
فصَّلناه: بيّنّاه. و قولُه جلّ و عزّ: آياتٍ مُفَصَّلاتٍ‏
 [الأعراف: 132]، بين كل آيتين مُهْلَهْ. و قيل: مُفَصَّلاتٍ‏
 مبَيَّنات، و اللّه أعلم.
و يقال: فَصل فلانٌ من عندي فُصولًا: إذا خَرَج. و فَصل منّي إليه كتابٌ: إذا نَفَذ، قال اللّه جلّ و عزّ: وَ لَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ‏
 [يوسف: 95]، أي: خرجت.
قلتُ: ففَصل يكون لازماً و واقعاً، و إذا كان واقعاً فمصدرُه الفَصل، و إذا كان لازماً فمصدرُه الفُصول.

136
تهذيب اللغة12

فصل ص 135

و قال أبو تراب: قال شَبَّاية: فصلَت المرأةُ ولدَها و فسَلَتْه، أي: فَطَمَتْه.
ص ل ب‏
صلب، صبل، بلص، بصل، لصب:
مستعملة.
صبل:
أهمله الليث. و رَوَى أبو تراب الكسائي: يقال: هذه الصِّئْبِل للدّاهية.
قال: و هي لغةٌ لبني ضَبّة.
قال: و هي بالضاد أعرَف.
قلتُ: و أبو عُبَيْد رواه الضِّئْبِل بالضاد، و لم أسمعْه بالصّاد إلا ما جاء به أبو تراب.
بلص:
شَمِر عن الرّياشيّ عن الأصمعي قال: قال الخليل بن أحمد لأعرابي: ما اسمُ هذا الطائر؟
قال: البَلَصوص. قلتُ: ما جمعُه؟
قال: البَلَنْصى. قال: فقال الخليل أو قال قائل:
* كالبَلَصُوصِ يَتبَعُ البَلَنْصَى*
قال: و نحو ذلك قال ابن شميل.
أبو عُبيد عن أبي زيد: بلأَصَ الرجلُ بَلأَصَةً: إذا فَرّ.
لصب:
أبو زيد: لَصب الجِلْدُ باللحم يَلصَب لصَباً: إذا لصقَ به من الهُزال.
أبو عُبَيْد عن الأصمعي: اللِّصْبُ: الشِّعبُ الصغير في الجَبَل، و جمعُه لُصوب.
و قال الليث: اللِّصْبُ: مَضِيق الوادِي.
و يقال: لَصِبَ السيفُ لَصَباً: إذا نَشِب في الغِمْد فلَم يَخرُج، و هو سيفٌ مِلْصاب إذا كان كذلك.
و رجل لَحِزٌ لَصبٌ: لا يُعطِي شيئاً.
و طريقٌ مُلْتَصِبٌ: ضيّق.
بصل:
البَصَلُ معروف. و البَصَل: بَيْضة الرأس من حديد، و هي المحدَّدة الوسَطِ، شُبّهتْ بالبَصَلِ.
و قال ابن شُمَيل: البَصَلة إنما هي سَقيفةٌ واحدة، و هي أكبر من التَّرْك. و قِشْرٍ متبصِّلٌ: كثيف كثيرُ القُشور، و قال لبيد:
* قُرْدَمانِيّاً و تَرْكاً كالبَصَلْ*
صلب:
الحرّاني عن ابن السكّيت: الصَّلْبُ:
مَصْدَرُ صَلَبَه يَصْلُبُه صَلْباً، و أصلُه من الصَّلِيب، و هو الوَدَك.
قال الهُذَليّ وَ ذَكر عُقاباً:
جَريمة ناهِضِ في رأسِ نِيقٍ             تَرَى لِعظامِ ما جَمعتْ صَلِيبا
أي: وَدَكاً. و يقال: قد اصْطَلَبَ الرجلُ:
إِذا جَمَع العظامَ ليَطبُخها، فيُخرِج وَدَكَها و يأتَدِم بها، و قال الكُميت:
و احْتَلَّ بَرْكُ الشِّتاءِ مَنْزِلَهُ             و باتَ شيخُ العِيال يَصْطَلِبُ‏
قال: و الصَّلَب: الصُّلب، قال العجاج:
في صَلَبٍ مِثلِ العِنانِ المؤدَمِ             إِلى سَوَاءٍ قَطَنٍ مُؤَكم‏

137
تهذيب اللغة12

صلب ص 137

و قال شَمِر: الصَّلَب نحو الحَزِيزِ، و جمعُه صِلَبة، حكاه عن الأصمعيّ. قال: و قال غيره: الصَّلَب من الأرض: أَسْنادُ الآكام و الرَّوابي، و جمعُه أَصْلاب، قال رُؤبة:
تَغْشَى قُرًى عارِيةً أَقراؤُهُ             تَحْبو إلى أَصْلابه أَمْعاؤُهُ‏
الأصمعيّ: الأصْلاب هي من الأرْض.
الصَّلَب: الشديد المُنْقاد و قولُه تَحبو، أي: تَدْنو.
و قال ابن الأعرابيّ: الأصْلابُ: ما صَلُب من الأرض و ارتفع، و أمعاؤُه: ما لان منه و انخَفض.
و قال الليث: الصُّلْبُ من الجرْي و مِن الصَّهِيل: الشديد، و أنشَد:
* ذو مَيْعَةٍ إذا تَرامَى صُلْبُهُ*
و رجلٌ صُلَّبٌ: صُلْبٌ، مثل القُلّب الحُوَّل. و رجُل صُلْب صَلِيب: ذو صَلابة، قد صَلُب. و أرضٌ صُلْبة، و الجميعُ صِلَبة.
أبو عبيد عن الأصمعيّ: الصَّلَب نَحْوٌ من الحَزِيز الغليظِ المنقاد، و جمعُه صِلَبَة مثل عِنَبَة. و الصُّلْب: موضعٌ بالصَّمان أرضُه حجارة، و بَيْن ظهرانَي الصُّلْب و قِفَافِه رياضٌ وقِيعانٌ عَذْبة المنابت، كثيرةُ العُشْب.
قال الليث: الصَّليب: ما يتّخِذه النّصارى قِبلةً. قال: و التَّصليب: خِمْرَةٌ للمرأة، و يُكرَه للرّجل أن يصلِّي في تَصلِيب العِمامة حتّى يجعلَه كَوراً بعضَه فوق بعض.
و يقال: قد تصلّب لك فلانٌ، أي: تَشدَّد.
أبو عبيد عن الكسائي: إذا كانت الحُمَّى صَالِباً قيل: صَلَبَتْ عليه، فهو مَصْلُوبٌ عليه.
و قال غيره: الصَّالِبُ: التي معها حَرُّ شديد و ليس معها بَرْد.
و قال الليث: يقال: أخذتْه الحُمَّى بصالِب.
و قال غيرُه: يقال: أَخَذَتْه حُمَّى صالِبٌ، و أخذتْه بصالِب.
و قال الليث: الصَّوْلَب و الصَّوْليب: هو البَذْر التي يُنثَر على الأرض، ثم يُكرَبُ عليه.
قلتُ: و ما أراه عربياً، و أما
قولُ العبّاس بن عبد المطّلب يَمدَح النبيَّ صلّى اللّه عليه و سلّم:
تُنقَل من صالَبٍ إلى رَحِمٍ             إذا مضى عالم بَدَا طَبَق‏
قيل: أراد بالصالب الصُّلْب. يقال: للظَّهْر صُلْبٌ و صَلَبٌ و صالَبٌ، و قال:
كأنّ حُمَّى بك مَغْرِيَّه             بين الحيازِيمِ إلى الصَّالَب‏
و
في حديث عائشة: «أن النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم كان إذا رأى التَّصليبَ في ثوبٍ قَضيَه»
، أي: قَطَع‏

138
تهذيب اللغة12

صلب ص 137

موضع التَّصليب منه.
و قال أبو عُبَيد: الصُّلّبُ: المِسَنُّ، و هو الصُّلَّبيّ، و قال امرؤ القيس:
* كحَدِّ السِّنان الصُّلَّبيّ النّحِيضِ*
أراد بالسِّنان المِسَنّ.
أبو عبيد عن أبي عمرو: إذا بلغ الرُّطَب اليُبْس فذلك التَّصْليب، و قد صَلَّب، و أنشَد المازنيُّ في صفة التَّمَر:
مُصَلَّبَةٌ من أَوْتَكى القَاعِ كُلَّما             زَهَتْها النُّعامَى خِلتَ من لَبَنٍ صَخْرا
أَوتَكَى: تَمر الشِّهْرِيز و لَبَنُ: اسمُ جبل بعينه.
و قال شمر: يقال: صلبَتْه الشمسُ تَصْلِبُه صَلْباً: إذ أحرَقَتْه، فهو مصلوبٌ مُحْرَق.
و قال أبو ذؤيب:
مستوقِدٌ في حَصاة الشمسُ تَصلُّبُه             كأنّه عَجَمٌ بالبِيدِ مَرْضُوحُ‏
و قال النّضر: الصَّليب: مِيسَمٌ في الصُّدْغ و في العُنُق، خَطَّان أحدُهما على الآخر، يقال: بَعِيرٌ مَصْلوب، و إبل مُصَلَّبة.
أبو عَمْرو: أصلبَتِ الناقةُ إصلاباً: إذا قامت و مدَّتْ عنقَها نحوَ السماء لتدِرَّ لوالدِها جَهْدَها إذا رَضَعَها، و ربّما صَرّمها ذلك، أي: قَطَع لَبنَها.
أبو عمرو: الصُّلَّبيُّ: حِجَارَةُ المِسَنّ.
و يقال: الصُّلَّبيّ: الّذي جُلِيَ و سُحِك بحجارةِ الصُّلْب، و هي حجارة يُتّخذ منها المَسانّ، و قال الشّماخ:
و كأنّ شَفْرَة خَطْمِه و جَبِينِه             لمّا تَشَرْفَ صُلَّبٌ مَفْلوقَ‏
و الصُّلْب: الشديد من الحجارة و أشدُّهما صلابَةً.
ص ل م‏
صلم، صمل، لمص، مصل، ملص:
مستعملة.
لمص:
قال الليث: اللَّمَص: شي‏ء يُباع مِثلُ الفَالُوذ لا حلاوَةَ له، يَأكُله الفِتْيان مع الدِّبْس.
سلَمةُ عن الفراء: لَمَص الرجُل: إذا أكل اللَّمَص و هو الفالوذ.
و قال شَمَر: رجلٌ لَمُوصٌ، أي: كذّاب خدّاع.
و قال عديّ بن زيد:
إنّكَ ذو عَهْدٍ و ذُو مَصْدَقٍ             مُخالِفٌ هَدْي الكَذُوبِ اللَّمُوصِ‏
صلم:
قال الليث: الصَّلْم: قَطْعُ الأُذُن و الأنْف من أصلِه. و الاصطلامُ: إذا أُبِيدَ قومٌ من أَصْلِهم قيل: اصْطُلموا.
قال: و الصيْلم: الأكلةُ الواحدة كلَّ يوم.
و الصيْلَم: الأمرُ المفني المستأصِل؛ و وقْعةٌ صَيْلَمةٌ من ذلك.
أبو عبيد: الصَّيْلَم: الدّاهية. الصيْلَمُ:

139
تهذيب اللغة12

صلم ص 139

لأنها تصْطَلِم، و قال بِشر:
غضِبتُ تميمٌ أن تَقتَّلَ عامرٌ             يومَ النِّسارِ فأُغْضِبُوا بالصَّيْلَم‏
و قال الليث: الظَّلِيمُ يسمَّى مصلَّماً لِقَصر أُذُنه و صِغَرِها قال: و الأصلم: المصلَّم من الشِّعر، و هو ضربٌ من السّريع، يجوز في قافيته فَعُلْنْ فَعْلُنْ، لقوله:
ليس على طولِ الحياةِ نَدَمٌ             و من وَراءِ الموت ما لا يُعلَمُ
و
في حديث ابن مسعود و ذَكر فِتناً فقال:
يكون الناسُ صُلاماتٍ، يضربُ بعضهم رِقابَ بعض.
قال أبو عُبَيد: قوله: صُلاماتٍ يَعنِي الفِرَق من الناس يكونون طوائفَ فتجتمع كلُّ فرقة على حِيالها تُقَاتل أخرى، و كلُّ جماعة فهي صُلامة، و أنشد أبو الجرّاح:
صُلَامَةٌ كَحُمُرِ الأبَكَ             لا ضَرعٌ فِينا و لا مُذَكِّي‏
ثعلب عن ابن الأعرابي: يقال: صَلامة بفتح الصاد. قال: و الصَّلامة: الذي في داخل نَواة النَّبِقَة يؤكل و هو الألْبوب.
و الصلَامة: القومُ المستَوون في السّنّ و الشجاعة و السّخاء.
صمل:
قال الليث: صَمَل الشي‏ءُ يَصمُل صمُولًا: إذا صلُب و اشتدّ و اكتنَز. يُوصف به الجبل و الجمَل و الرجل، قال رُؤبة:
* عن صاملٍ عاسٍ إذا ما اصْلَخْمَمَا*
يصف الجملَ.
أبو عُبَيد عن الأصمعي: الصُّمُلّ: الشديدُ الخلق العظيمُ، و الأنثى صُمُلّة.
و قال الليث: الصَّمِيلُ: السِّقاءُ اليابس.
و الصّامِلُ: الخَلَقُ. و أنشد:
إذا ذاد عن ماءِ الفُرات فلن تَرَى             أخا قِرْبَةٍ يَسقِي أخاً بَصَميلِ‏
و يقال: صَمَل بدنه و بطنُه، و أصمله الصيام، أي: أيبَسَه، قال: و الصَّوْمَلُ:
شجرةٌ بالعالية.
أبو عمرو: صَمَلَه بالعصا صملًا: إذا ضَرَبه، و أنشد:
هِراوَةٌ فيها شِفاءُ العَرِّ             صَمَلتُ عُقْفانَ بها في الجرّ
* فبُجْتُه و أَهلَه بِشَرِّ*

الجرّ: سَفْح الجبل. بُجتُه: أصبْتُه به.
و قال أبو زيد: المصمئّلُ الشديد. و يقال للدّاهية مُصمَئّلَة، و أنشد:
وَ لَم تَتَكأَدَهُم المعضِلاتُ             و لا مُصمئِلَّتُها الضِّئبِلُ‏
أبو تراب عن السُّلَمي: صَنقلَه بالعصا و صمله: إذا ضربه بها.
مصل:
قال الليث: المصلُ معروف.
و المُصُولُ: تَميُّز الماءِ من اللَّبن. و الأقطُ إذا عُلِّق مصل ماؤُه فقطَر منه، و بعضُهم يقولُ مَصلة مثل أَقْطَة.

140
تهذيب اللغة12

مصل ص 140

و شاةٌ مُمصل و ممْصال و هي التي يصير لبنُها في العُلْبة متزايلا قَبلَ أن يُحْقَنَ.
أبو عُبَيد عن الأصمعي: المُمْصل من النساء: التي تُلقِي ولدَها و هو مُضْغَة، و قد أمصلت.
الحراني عن ابن السكيت: يقال: قد أمصلْتَ بضاعةَ أهلكَ: إذا أفسدْتَها و صرفْتَها فيما لا خَيْر فيه، و قد مصَلَتْ هي. و يقال: تلك امرأة ماصلة، و هي أمصلُ الناس.
قال أبو يوسف و أنشدني الكلابيّ:
لَعَمري لقد أمصلتُ ماليَ كلَّه             و ما سُسْتِ من شي‏ءٍ فربُّكِ ماحِقُه‏
و يقال: أعطَى عَطاءً ماصلًا، أي: قليلًا.
و إِنه ليَحلُب من الناقة لبناً ماصلًا، أي:
قليلًا.
الأصمعي: مصلت استُه، أي: قَطَرتْ.
و المُصالة: قُطارة الحبّ.
و قال أبو زيد: المَصْل: ماءُ الأقِط حين يُطبَخ ثم يعصر، فعُصارة الأقِط هي المصل.
و قال أبو تراب: قال سلمان بن المغيرة:
مصل فلانٌ لفلان من حقّه: إذا خرج له منه.
و قال غيره: ما زِلتُ أُطالبه بحقّي حتى مصل به صاغراً.
ثعلب عن ابن الأعرابي: المِمْصلُ: الذي يبذلُ ماله في الفساد. و الممصل أيضاً رَاوُوق الصبّاغ.
ملص:
في الحديث: «أنّ عمرَ سأل عن إمْلَاصِ المرأة الجَنِينَ، فقال المغيرة بنُ شُعْبَة: قَضَى فيه النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم بغُرَّةٍ»
. أراد المرأة الحامل تُضرَب فتُملِص جَنِينَها، أي: تُزْلِقُه قبلَ وقتِ الوِلادة، و كلُّ ما زَلِق من اليد أو غيرِها فقد مَلِص يَمْلَص مَلَصاً.
قال الراجز:
* فَرَّ و أعطاني رِشاءً مَلِصا*
يعني: رَطْباً تزلق منه اليَدُ، فإذا فعلتَ ذلك أنتَ به.
قلتَ: أملصْتُه إمْلاصاً.
و قال الليث: إذا قبضتَ على شي‏ء فانفَلَت من يدِك قلتَ: انْمَلَص من يَدِي انْمِلاصاً، و انمَلَخ بالخاء، و أنشد ابنُ الأعرابيّ:
كأنّ تحتَ خُفِّها الوَهّاصِ             مِيظَبَ أُكمٍ نِيطَ بالمِلَاص‏
قال: الوَهّاصُ: الشَّديد. و المِلَاصُ:
الصَّفا الأبيَض. و المِيظَب: الظُّرَرْ.
عَمْرو عن أبيه قال: المَلِصة: الزّلخة و الأطوم من السَّمَك، و اللّه أعلم.

141
تهذيب اللغة12

أبواب الصاد و النون ص 142

 (أبواب) الصاد و النون‏
ص ن ف‏
صنف، صفن، نفص، نصف: مستعملة.
صنف:
قال الليث: الصَّنْفُ: طائفةٌ من كلّ شي‏ء، فكلُّ ضَرْب من الأشياء صَنْفٌ واحد على حِدَة. و التّصنيف: تمييزُ الأشياء بعضِها من بعضٍ.
ابن السكّيت: يقال: صِنْفٌ و صَنْفٌ من المَتاع، لُغَتان. و عُودٌ صَنْفِيّ للبخور لا غير.
أبو عُبَيْد: صَنِفَةُ الإزار: طُرّتُه.
أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ: صَنِفةُ الثوب: زاوِيَتُه، و للثوب أربع صَنِفات.
الليث: الصَّنِفَة و الصِّنْفة: قِطعةٌ من الثوْب، و طائفةٌ من القبيلة.
و رَوَى أبو العبَّاس عن سلمة عن الفرَّاء أنّه أنشدَه:
سَقْياً لحُلْوانَ ذي الكروم             و ما صُنِّفَ من تينه و من عِنَبِه‏
أنشده الفرّاء: صُنِّف و غيرُه رواه صَنَّف.
و قال: صُنِّف: مُيِّز، و صَنَّفَ: خَرج ورَقُه.
نصف:
قال الليث: النِّصف: أحدُ جُزْأَيِ الكمالِ. و نُصْف: لغةٌ رديئة.
الحَرّاني عن ابن السكّيت: أنصَفَ الرجلُ صاحبَه إنصافاً، و قد أعطاه النّصَفة.
و يقال: قد نَصَف النهارُ يَنصُف: إذا انتَصَف.
و قال المسيّب بن عَلَس يصفُ غائصاً في البحر على دُرّة:
نَصفَ النهارُ الماءُ غامِرُهُ             و رَفيقُه بالغَيْب ما يَدري‏
أراد انتَصَف النهارُ و الماءُ غامره فانتصَف النهارُ و لم يَخرج من الماء. و يقال: قد نَصَف الإزارُ ساقَه يَنصفُه: إذا بلغ نِصفَها، و أنشد:
و كنتُ إذا جارِي دَعَا لمَضُوفةٍ             أُشمِّر حتى يَنصُفَ الساقَ مِئْزرِي‏
و قال ابن ميادة يمدح رجلًا فقال:
تَرى سيْفَه لا يَنصُفُ السَّاقَ نَعْلُه             أجَلْ لا و إن كانت طِوالًا مَحَامِلُهْ‏
و قال: نصفَ القومَ يَنصُفُهم إذا خَدَمَهم.
و النّاصفُ و المِنصَفُ: الخادم.
ابن الأعرابيّ: نصفتُ الشي‏ء: أخذتُ نِصْفَه. و يقال للخادم: مِنصَف و مَنْصَف.
و قد نَصَفْتَه: إذا خدمْتَه، و تنصَّفْتُه مثله.
قال: و النّصيف: الخمار. و النَّصيف:
الخادم. و نَصفَ الشي‏ء: إذا بَلَغ نِصْفَه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: أَنصف الرجل:
إذا أَخَذ الحقّ و أَعطَى الحقّ. و أَنصف:
إذا سارَ نصفَ النهار. و أَنصف: إذا حَزم سيِّده.

142
تهذيب اللغة12

نصف ص 142

في حديث النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «لا تَسُبّوا أصحابي فإنّ أحدَكم لو أنفَق ما في الأرض جميعاً ما أَدرَك مُدَّ أحدِهم و لا نَصِيفَه»
. قال أبو عُبَيد: العَرَبُ تسمِّي النِّصْف النّصِيفَ، كما يقولون في العُشر: العَشِير، و في الثمن الثمِين، و أنشد:
لَم يَفْذُها مُدٌّ و لا نَصِيفُ             و لا تُمَيْرَاتٌ و لا تَعجيفُ‏
قال: و النصِيف في غير هذا الخِمار، و منه‏
الحديث الآخَر في الحُورِ العِينِ:
 «و لَنصِيفُ إحداهنّ على رأسها خيرٌ من الدّنيا و ما فيها»
، و منه قول النابغة:
سَقَط النَّصيفُ و لم تُرِد أسقاطَه             فتناولْته و اتْقتنا باليَدِ
و قال أبو سَعِيد: النَّصيف: ثوبٌ تتجلّل به المرأَة فوق ثيابها كلِّها؛ سُمِّي نصيفاً لأنه نصَف بين الناس و بينها فحجز أبصارهم عنها.
قال: و الدليلُ على صحة ما قاله: سَقَط النّصيف، لأنّ النّصيفَ إذا جُعِلَ خِماراً فسَقَط فليس لِسِتْرِها وجهَها مع كشفِها شعرَها معنًى. نَصيفُ المرأة: مَجرُها.
الليث: قَدَحٌ نَصْفانُ: بلغ الكَيْلُ نِصْفَه، و شَطْران مثله.
أبو عبيد: قَدَحٌ نَصْفان: بلغَ الكيلُ نِصْفَه.
قال: و النَّصف من النِّساء: التي بَلَغتْ خمساً و أربعين و نحوها.
و قال الليث: المرأة بين الحديثة و المُسِنَّة.
و النّصفة: اسم الإنصاف، و تفسيرُه أن تعطيَه من نفسِك النّصف، أي: تعطيه من الحقّ لنفسك.
و يقال: انتَصفْتُ من فلان، أي: أخذتُ حقّي كملًا حتى صِرْتُ و هو على النَّصيف سراء.
و النَّصفة: الْخُدّام، واحدهم ناصِف.
و المَنْصفُ من الطريق و من النَّهار و من كل شي‏ء وسَطُه.
قال: و منتصف الليل و النهار: وسطُه، و انتَصف النهارُ و نَصفَ فهو يَنصف.
قال: و الناصفةُ: صَخرةٌ تكون في مَناصِف أسنادِ الوادي و نحو ذلك من المسايل.
أبو عبيد: النّواصف: مَجارِي الماء، واحدتُها ناصفةُ، و أنشَد:
* خَلايا سَفين بالنَّواصِفِ من دَدِ*
شمر عن ابن الأعرابي: النَّاصفة من الأرض: رَحَبة بها شجر، لا تكون ناصفةً إلّا و لها شجر.
و قال غيره: تنصّفْتُ السلطانَ، أي: سألتُه أن يُنصِفني، و قول ابن هَرْمة:
أنِّي غَرِضْتُ إلى تناصُفِ وجْهِها             غَرَضَ المُحِبُّ إلى الحبيبِ الغائبِ‏
قال ابن الأعرابي: تَناصُف وجهِها:

143
تهذيب اللغة12

نصف ص 142

محاسنُها، أي: أنها كلها حَسَنة يَنصِف بعضُها بعضاً.
و قال غيره: كلّ شي‏ء بلغ نِصْفَ غيرِه فقد نصفَه، و كلُّ شي‏ء بَلَغَ نِصفَ نَفْسِه فقد أنصف.
قلتُ: و القولُ ما قال ابن السكّيت: نَصفَ النهارُ: إذا انتَصف.
و يقال: نصفتُ الشي‏ءَ: إذا أخذتَ نصفَه.
و النّصفُ: الإنصاف.
ابن شُميل: إنّ فلانَة لعلَى نَصِفها، أي:
نِصف شَبابها. و أنشد:
إنّ غُلاماً غرَّه جَرْشَبِيّةٌ             على نَصَفها من نَفْسِه لضَعِفُ‏
قال: الجَرْشَبيَّة: العَجوزُ الكبيرةُ الهَرِمة.
ثعلب عن ابن الأعرابي: أنصَف الرجلُ:
إذا سارَ نِصفَ النهارِ.
نفص:
الليث: أنْفَص الرجلُ ببوْله: إذا رَمَى به.
أبو عبيد عن الأصمعي: أخَذَ الغَنم النُّفَاصُ: و هو أن يأخذها داءٌ فتَنفِصُ بأبوالها، أي: تَدفَعُها دَفْعاً حتى تموت.
و قال أبو عمرو: نافَصْتُ الرجلَ منافَصةً، و هو أن تقول له: تَبُول أنت و أبولُ أنا، فننظرَ أيُّنا أبعَدُ بَوْلًا، و قد نافَص فنَفَصَ، و أنشد:
لَعَمرِي لقد نافَصْتَني فَنَفَصْتَني             بذِي مُشْتَفِرٍّ بَوْلهُ مُتفاوِتُ‏
أبو عبيد عن الأصمعي: أنْفصَ بالضَّحِك و أنْزَقَ و زهْزَقَ بمعنًى واحد.
و أخبرني المنذري عن ثعلب عن سَلمة عن الفراء: أنفَص بشَفَتيه كالمُتَرَمِّزِ، و هو الذي يُشير بشفَتَيه و عيْنَيْه.
صفن:
رُوِي عن البراء بن عازب أنه قال:
 «كنّا إذا صلّينا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فرفَع رأسه من الركوع قُمنا خَلْفَه صُفوناً»
. قال أبو عبيد: قوله: «صُفوناً» يُفسَّر الصافنُ تفسيرين، فبعضُ الناس يقول:
كلّ صاف قَدَميْه قائماً فهو صافِن. و القولُ الثاني: أن الصَّافن من الخيْل: الذي قد قَلَب أحدَ حَوافره و قام على ثلاثِ قوائمَ.
كان ابنُ مسعود و ابنُ عباس يقرآن قولَ اللّه جلّ و عزّ: (فاذكروا اسمَ اللَّه عليها صوافن)
 [الحج: 36]، بالنون.
فأمَّا ابن عباس ففسَّرها: مَعقولةً إحدى يدَيْها على ثلاثِ قوائم.
و أما ابن مسعود فقال: يعني قياماً.
و روي عن مجاهد نحو قول ابن عباس.
و قال الفراء: رأيتُ العربَ تَجعَل الصافِنَ القائمَ على ثلاثٍ و على غير ثلاث.
قال: و أشعارُهم تَدُلّ على أنّ الصُّفُون القيامُ خاصّة، و أنشد للطّرماح:
و قامَ المَها يُفْفِلْن كلَّ مُكبَّلٍ             كما رُصَّ أيْقاً مُذْهَبِ اللَّون صافِن‏

144
تهذيب اللغة12

صفن ص 144

قال: الصافنُ: القائم. و أما الصائن: فهو القائم على طَرْف حافرِه.
و قال أبو زيد: صفَنَ الفَرَسُ: إذا قامَ على طرف الرابعة. و العَرَب تقول لجميع الصافن: صَوَافن و صافنات و صُفُون.
و
في حديث عمر: لئن بقِيتُ لأُسوِّيَنّ بين الناس حتى يأتيَ الراعيَ حقُّه في صُفْنِه لَم يَعرَق فيه جَبِينُه.
أبو عبيد عن أبي عمرو قال: الصُّفْنُ:
خريطةٌ تكون للرّاعي فيها طَعامُه و زِنادُه و ما يَحتاج إليه.
و قال الفراء: هو شي‏ءٌ مثل الرَّكْوة يُتوضَّأ فيه، و أنشد للهُذَلِيّ:
فخضخضتُ صُفْنِيَ في جَمِّهِ             خِياضَ المُدابِر قِدْحاً عَطُوفَا
قال أبو عبيد: و يمكن أن يكون كما قال أبو عمرو و الفراء جمعاً أن يُسْتعمل الصُفْنُ في هذا و في هذا.
قال: و سمعتُ من يقول: مُصَفن بفتح الصاد، و الصَّفْنة أيضاً بالتأنيث.
أبو العباس عن ابن الأعرابي: الصَّفْنة- بفَتْح الصاد-: هي السُّفْرة التي تُجمَع بالخيط، و منه يقال: صَفَن ثيابَه في سَرْجِه: إذا جمعها.
و
رُوي عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «أنه عوَّذ عليّاً حين رَكِب و صَفَن ثيابه في سرجه»
، قال: و أمّا الصُّفْن- بضم الصاد-: فهو الرَّكوة.
قال: الصَّفَنُ: جِلْدُ الأنْثيَين- بفتح الفاء و الصاد- و جمعُه أصفان، و منه قولُ جَرِيرٍ:
* يَتْرُكْن أَصفانَ الْخُصَى جَلَاجِلا*
قلت: و الصواب ما قال ابن الأعرابي من الأحرف الثلاثة.
و قال الليث: كلّ دابة. و خَلْق شِبْه زُنْبُور يُنضِّدُ حولَ مَدخَله ورَقاً أو حَشيشاً أو نحو ذلك، ثم يُبَيِّتُ في وسطه بَيتاً لنفسه أو لِفراخه فذلك الصَّفَن، و فعلُه التَّصْفِين.
و الصافن: عِرْقٌ في باطن الصُّلْب يتّصل به طُولًا، و نِياطُ القَلْب مُعَلَّق به و يسمّى الأكْحَلُ من البعيد الصافنَ.
و قال غيرُه: الأكحلُ من الدّوابّ الأبْجَل.
و قال أبو الهيثم: الأكْحَل و الأبْجَل و الصافِن: هي العُروق التي تُفْصَد، و هي في الرِّجْل صافن و في اليَدِ أكْحَل.
عَمرو عن أبيه: صَفَنَ الفَرَس برجلِه و بَيْقَرَ بِيَدِه: إذا قام على طرف حافرِهِ.
قال: و الصّفَن أيضاً: أن يُقسَمَ الماءُ إذا قلّ بحَصاة القَسْم، و يقال لها المقْلَةُ؛ فإِن كانت من ذَهَب أو فِضّة فهِيَ البلد.
أبو عُبَيد عن أبي عَمرو: تَصَافَنَ القومُ تَصَافناً، و ذلك إذا كانوا في سَفَرٍ و لا ماءَ معهم و لا شي‏ءَ يَقْتَسِمُونه على حَصاةٍ يُلْقُونَها في الإناءِ يُصَبُّ فيه من الماءِ قدرَ ما يَغْمُر الحَصاة فيُعطاه كل رجل منهم،

145
تهذيب اللغة12

صفن ص 144

و قال الفرزدق:
فلمّا تَصافَنَّا الإداوَةَ أَجْهَشَتْ             إليَّ غُضُونُ العَنْبَرِيِّ الجُرَاضِمِ‏
شَمر عن أبي مَنْحُوف عن أبي عُبَدة:
الصَّفْنَةُ كالعَيْبة يكون فيها متاعُ الرجل و أَدَاتُه، فإذا اطرحتَ الهاءَ قلتَ صُفْن، و أنشد:
تركتُ بذي الجَنْبَيْنِ صُفْنِي وَ قِرْبَتِي             و قَدْ أَلَّبُوا خَلْفِي و قَلَّ المَسَارِبُ‏
قال: و قال أبو عمرو: الصَّفْن و الصَّفْنَةُ:
شِقْشِقةُ البَعير.
ابنُ شُميل: الصافِن: عِرْق ضَخْمٌ في باطن الساق حتَّى يَدخُل الفَخذ، فذلك الصافن.
ص ن ب‏
صبن، صنب، نصب، نبص، بصن.
بصن:
قريةٌ تُعْمَل فيها السُّتُورُ البَصَنِيَّة، و ليست بعربيّة.
صبن:
اللّحيانيّ عن الأصمعيّ: صَبَنْتَ- بالصاد- عنّا الهديّةَ تَصِبْنَ صَبْناً.
قال: و قال رجُل من بني سعْد بن زيد:
صَبَنْتَ تَصْبِن صَبْناً، و كذلك كلُّ معروفٍ إذا صرفتَه إلى غيرِه. و كذلك كَبَنْتَ وَ خَضَنْتَ و زنبت.
و قال الأصمعيّ: تأويلُ هذه الحروف:
صَرْفُ الهديّة أو المعروف عن جيرانك و معارفك إلى غيرهم.
و قال اللّيث: الصَّبْنُ: تسويةُ الكَعْبَيْن في الكَفّ ثم تَضْرِب بهما.
يقال: أَجِلْ وَ لَا تَصْبِن.
قال: و إذا خَبَأَ الرجلُ شيئاً في كَفَهِ و لا يُفطَن له كالدِّرهم و غيرِه قيل: صَبَن. فإذا صَرَف الكأسَ عمَّن هو أحقُّ بها إلى غيره قيل له: صَبَنَها، و أنشد:
صَبَنْتِ الكَأْسَ عنّا أُمَّ عمرٍو             و كان الكأسُ مَجْراها اليمِينَا
ثعلب عن ابن الأعرابي: الصَّبْنَاءُ: كَفُّ المُقَامِر إذا أمالها لِيغْدِرَ بصاحبِه يقول له شيخ البير، و هو رئيسُ المُقامِرين: لا تَصْبِن؛ لا تَصْبِن، فإنّه طَرَف من الصَّغْوِ.
و الصابون: الذي يُغْسَل به الثّياب، معروف، معرّب.
نبص:
قال ابن الأعرابي: النَّبْصاء من القِيَاسِ: المصوِّتةُ من النَّبِيص، و هو صوتُ شَفَتَيِ الغلام إذا أرادَ تزويجَ طائرٍ بِأُنثاهُ.
اللّحياني: نَبَصْتُ بالطائرِ و العصفورِ أَنْبِصُ به نَبِيصاً، أي: صوَّتُّ به. و نَبَصَ الطائرُ و العصفورُ يَنْبِصُ نَبِيصاً: إِذا صوَّت صوتاً ضعيفاً. و نحو ذلك. قال الليث: و هو صحيح من كلام العرب.
صنب:
أبو العبّاس: المِصْنَبُ: المُولَعُ بأكل‏

146
تهذيب اللغة12

صنب ص 146

الصِّناب، و هو الخَرْدل بالزَّبيب.
و
في الحديث: «أُهْدِيَ للنّبي صلّى اللّه عليه و سلّم أَرْنَبٌ بِصِنَابِهَا»
، أي: بِصِباغِها.
و منه‏
حديثُ عمر: «لو شئتُ لأمرتُ بِصَرائقَ و صِنَابٍ»
. أبو عُبَيد عن أبي عمرو: الصِّنَاب:
الخردَل و الزَّبيب.
قال: و لهذا قيل لِلْبِرْذُوْنِ: صِنَابِيّ، إنّما شُبِّه لونه بذلك.
و قال اللّيث: الصِّنَابِيّ من الدّوَابّ و الإِبل: لونٌ بَين الحُمْرَةِ و الصُّفْرة مع كثْرَةِ الشَّعَر و الوَبر.
نصب:
قال اللّيث: النّصَبُ: الإعياءُ من العَناء. و الفعل نَصِبَ يَنْصَب. فأَنْصَبَنِي هذا الأمرُ. و أمْرٌ نَاصِبٌ و مُنْصِب، و قال النابغة:
* كِلِينِي لِهَمٍّ يا أُصَيْمَةَ ناصِبِ*
قال: ناصب: بمعنى مُنْصِب. و قال ابن السكّيت: قال الأصمعيّ: ناصِب: ذي نَصَب؛ مثل: ليل نائم، ذي نوم يُنَامُ فيه. و رَجُلٌ دارعٌ: ذو دِرْع. قال: و يقال:
نُصْبٌ ناصِبٌ. مِثْلُ: مَوْتٍ مائت؛ و شِعْرٍ شاعِر.
و قال أبو عمرو في قوله: ناصبٌ: نَصَبَ نَحْوِي، أي: جَدّ؛ و يقال: نَصَبَ الرجلُ فهو ناصب و نصِبَ. و نصَبَ له الهمَّ و أنصَبَه.
و قال اللّيث: النَّصْبُ: نصْبُ الدَّاء، يقال: أصَابَهُ نَصْب من الدَّاء. قال:
و النَّصْبُ: لُغَةٌ في النصيب، و قال اللّه:
كَأَنَّهُمْ إِلى‏ نُصُبٍ يُوفِضُونَ‏
 [المعارج: 43]، و قرى‏ءَ: إلى (نَصْب).
قال أبو إسحاق: مَنْ قَرَأَ: (إلى نَصْب)، فمعناه: إلى عَلَم منصوبٍ يَسْتَبِقون إليه، و مَنْ قرأَ: (إِلى‏ نُصُبٍ)
، فمعناه: إلى أَصْنَامٍ، كقول: وَ ما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ‏
 [المائدة: 3]، و نحو ذلك.
قَال الفرّاء: قال: و النَّصْبُ واحد، و هو مصدَرٌ و جمعُه الأنْصاب.
و قال اللّيث: النُّصُبُ: جماعَةُ النَّصِيبة، و هي علامةٌ تُنصَب للقوم.
و قال الفرّاء: كأنّ النُصُبَ الآلهةُ التي كانت تُعبَد من أحجار.
قلتُ: و قد جَعل الأعشى النُّصُبَ واحداً حيث يقول:
* و ذا النُّصُبَ المَنْصوبَ لا تَنْسُكَنَّهُ*
أبو عُبَيد: النَّصائب: ما نُصِب حولَ الحوض من الأحجار؛ قال ذو الرُّمة:
هَرَقْناهُ في بادِى‏ء النَّشِيئة داثر             قديمٍ بعَهْدِ الماءَ بُقْعٍ نَصائبُهْ‏
و قال الليث: النُّصْبُ: رَفعُكَ شيئاً تَنْصِبُه قائماً منتصِباً.
و الكلِمةُ المنصوبةُ يُرفَع صَوْتُها إلى الغار الأعلى.

147
تهذيب اللغة12

نصب ص 147

و ناصَبْتُ فلاناً الشرَّ و الحربَ و العداوةَ؛ و نَصَبْنَا لهم حَرْباً، و كلُّ شي‏ء انتصب بشي‏ء فقد نَصَبْتَه. و تَيْسٌ أَنصب، و عَنْز نَصْباء: إذا كانا منتصِبَي القُرون. و ناقةٌ نَصْباءُ: مرتفِعة الصَّدْر.
أبو عُبَيد: أنصبتُ السكّينَ: جعلتُ لها نِصاباً؛ قاله أبو زيد و الكسائيّ، قالا:
و هو عَجْزُ السّكّين. و نِصابُ كلِّ شي‏ء أصله و مرجعه الذي يرجع إليه يقال: فلانٌ يَرجِع إلى نِصابِ صِدْقٍ؛ و تنْصِب صِدْق، و أصلُه مَنبِته وَ محْتِدُه.
الليث: نِصابُ الشَّمس: مَغيبُها و مَرجِعُها الّذي تَرجِعُ إليه.
غيره: ثغرٌ منصَّب: مُستوِي النِّبْتة، كأنه نُصِب مُسوِّيَ. و نَصَبْتُ للقَطاةِ شَرَكاً و نصَبتُ للقدَر نَصْباً.
قال ابن الأعرابي: المِنْصَبُ: ما يُنصَب عليه القِدْر إذا كان من حديدٍ. و تَنصَّب فلانٌ و انْتَصَب: إذا قامَ رافعاً رأسَه.
و النَّصْبُ: ضربٌ من أغانِي الأَعْراب.
و قد نصَبَ الراكب نَصْباً: إذا غَنَّى النَّصْبَ.
و
في الحديث: «لو نَصَبتَ لنا نَصْبَ العَرَب»
، أي: لو تَغَنّيْتَ.
و يَنْصُوب: موضع.
و قال شَمِر: غِنَاءُ النَّصّب: هو غِنَاءُ الرُّكْبان، و هو العَقِيرة، يقال: رَفَع عقيرتَه إذا غَنَّى النَّصْبَ.
و قال أبو عمرو: النَّصْبُ: حُدَاءٌ يُشْبه الغِناء.
أبو عُبَيد عن الأصمعي: النَّصْب: أن يسير القومُ يومَهم، و هو سيْرٌ ليِّن، و قد نَصَبُوا نصْباً.
ص ن م‏
صنم، نمص، نصم: [مستعملة].
صنم- [نصم‏]:
قال الليث: الصَّنم معروف، و الأصنام الجميع.
و روَى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ:
الصَّنَمَةُ و النَّصَمةُ الصُّورةُ الّتي تُعبَد.
قال: و الصنمَةُ: الدّاهيةُ.
قلتُ: أصلُهَا صَلمة.
نمص:
رُوِي عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم: «أنه لَعَن النامِصة و المُتَنَمِّصَة»
. قال أبو زيد: قال الفرّاء: النامِصة: الّتي تَنتِف الشَّعر من الوجه، و منه قيل للمِنقاش مِنماص، لأنّه يُنتف به و المُتَنمِّصةُ هي الّتي يُفعَل ذلك بها، قال امرؤ القيس:
* تَجَبَّر بعد الأكلِ فهوَ نَمِيصُ*
يصفُ نباتاً قد رَعَتْهُ الماشية فجرَدَته، ثمّ نبت بقَدر ما يمكن أخذُه، أي: هو بقَدْر ما يُنتف و يُجَزّ.
و قال الليث: النَّمَصُ: دِقّةُ الشَّعر و رِقّته حتّى تراه كالزَّغَب. و رجلٌ أَنمَصُ الرأسِ أَنمَصُ الحاجبِ، و ربّما كانَ أَنمصَ‏
                       

148
تهذيب اللغة12

نمص ص 148

الجَبِين. و امرأةٌ نمصَاء تَتَنَمَّص، أي: تأْمُرُ نامِصةً فتنمِص شعرَ وجهها نَمْصاً؛ أي:
تأخذه عنها بخَيْط. و النميص و المنموص:
ما أمكنك جذه من النبات.
ابن الأعرابيّ: المِنماصُ: المِظفارُ، و المِنتاشُ و المِنْقاشُ و المِنْتاخُ.
و أَقرأَني الإياديُّ لامرى‏ء القيس:
تَرَعَّت بجَبْل ابْني زُهَيْرٍ كلَيهِمَا             نُمَاصَينِ حتّى ضاقَ عنها جُلودُها
قال: نُماصين: شَهْرَين. و نُماص: شهرٌ، تقول: لم يأتني نُماصاً، أي: شهراً.
و جمعُه نُمُص و أَنمِصة. قال: رواه شَمِر لأبي عمرو.
ص ف ب:
مهمل.
ص ف م‏
استعمل منه: [فصم‏].
فصم:
في الحديث: «دُرّةٌ بيضاء ليس فيها فَصْمٌ و لا وَصْمٌ».
قال أبو عُبَيْد: الفَصْمُ- بالفاء- أن ينصدعَ الشي‏ءُ من غير أن يَبين؛ يقال منه:
فصَمْتُ الشي‏ءَ أَفصِمه فَصْماً، إذا فعلت ذلك به، فهو مفصوم؛ و قال ذو الرُّمّة يذكر غَزَالًا شَبَّهه بدُمْلُج فضّة:
كأنّه دُمْلُجٌ من فضّةِ نَبَهٌ             في مَلْعبٍ مِن جَوارِي الحيِّ مَفْصومُ‏
قال: و أمّا القَصْم- بالقاف- فأَن يَنْكسِرَ الشي‏ءُ فيَبين.
و قولُ اللّه جلّ و عزّ: لَا انْفِصامَ لَها
 [البقرة: 256]، و قيل: لا انْكسارَ لها.
و أفْصَمَ المَطَرُ: إذا أَقلَعَ. و أَفصَم الفَحْلُ:
إذا جَفَر.
و
في حديث عائشة أنَّها قالت: «رأيتُ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يُنْزَل عليه في اليوم الشديدِ البَرْدِ فيَفْصِمُ الوَحْيُ عنه، و إنَّ جَبينَه ليتفصّد عَرَقاً»
. أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: أَفْصَمَ المطرُ و أفْصَى: إذا أَقْلَعَ؛ و منه قيل: كلُّ فَحْل يُفْصِمُ إلا الإنسان؛ أي: ينقطع عن الضِّراب.
أخبَرني المنذريُّ عن أبي طالب عن أبيه عن الفرّاء. قال: فأس فَيْصَمٌ: و هي الضخمة. و فأسٌ قِيدَايَةٌ لها خُرْتٌ؛ و هو خَرق النِّصاب.
 [باب الصاد و الباء مع الميم‏]
ص ب م‏
أهمله الليث.
بصم:
و أخبَرَني المنذريُّ عن أبي العباس عن ابن الأعرابيّ أنه قال: يُقال: ما فارقْتَك شِبْراً و لا فِتْراً، و لا عَتَباً و لا رَتَباً و لا بُصْماً.
قال: و البُصْمُ ما بين الْخِنْصِر و البِنْصِر.
و قد مرّ تفسيرُ العَتَب و الرَّتَب. و اللّه تعالى أعلم.

149
تهذيب اللغة12

بصم ص 149

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
أبواب معتلّات الصاد
أهملت الصاد مع السين و مع الزاي في السالم و المعتلّ.
ص ط:
مهمل.
باب الضاد و الدال‏
 [ص د
 (و ا ي ء)] صدى، صدأ، صيد، (صاد) و صد، أصد، ديص، دصا «1»: [مستعملة].
صدى- صدأ:
قال اللّه جلّ و عزّ: وَ ما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِيَةً
 [الأنفال: 35].
قال ابن عَرَفة: التَّصدِيةُ من الصَدى، و هو الصَّوت الذي يَرُدُّهُ عليك الجبلُ.
قال: و المُكَاءُ و التَّصْدِية ليسَا بصَلاة، و لكنَّ اللّه أخبر أنهم جعلوا مكانَ الصَّلاةِ التي أُمِروا بها المُكَاءَ و التَّصْدية.
قال: و هذا كقولك: رَفَدني فلانٌ ضَرْباً و حِرْماناً، أي: جَعَلَ هذين مكانَ الرِّفْد و العَطا؛ و هو كقول الفَرَزْدَق:
قَرَيْناهُم المَأْثُورةَ البِيضَ قَبْلَها             يَثُجُّ العُروقَ الأَيْزَنِيُّ المثقَّف‏
أي: جعَلْنا لهم بَدَلَ القِرَى السيوفَ و الأسِنّة.
قال أبو العباس المبَرِّد: الصَّدَى على ستّة أوجه: أحدُها: ما يَبقَى من الميّت في قبره، و هو جُثّته.
و قال النَّمِر بن تَولَب:
أعاذِلُ إن يُصْبِحْ صَدايَ بقَفْرةٍ             بعيداً نَآني ناصِرِي و قَرِيبي‏
فصَداه: بدَنُه و جُثّته. و قوله: نآني، أي:
نأى عنّي.
قال: و الصدَى الثاني: حُشْوَة الرأس؛ يقال لها: الهامةُ و الصَّدَى، و كانت العربُ تقول: إن عظامَ المَوْتَى تَصِير هَامةً فتَطِير.
و كان أبو عُبَيدة يقول: إنهم كانوا يُسمُّون‏
__________________________________________________
 (1) أهمله الليث.

150
تهذيب اللغة12

صدى صدأ ص 150

ذلك الطائرَ الذي يَخرج من هامة الميّت إذا بَلِيَ: الصَّدَى، و جمعُه أَصْداء.
و قال أبو دُوَاد:
سُلِّط الموتُ و المَنونُ عليهمْ             فلهمْ في صَدَى المَقابر هامُ‏
و قال لَبيد:
فليسَ الناسُ بَعدَك في نَقيرٍ             و ليسوا غيرَ أَصْداءٍ وَ هَامِ‏
و الثالث: الصَّدَى: الذَّكَر من البُوم، و كانت العرب تقول: إذا قتل قتيلٌ فلم يُدرَكْ به الثَّأْر خَرَجَ من رأسه طائرٌ كالبُومة، و هي الهامة، و الذَّكَر الصَّدَى فيصيح على قبره: اسقُوني اسقوني، فإن قُتِل قاتلُه كَفّ عن صِيَاحِه، و منه قولُ الشاعر:
* أَضْرِبْكَ حتّى تَقولَ الهامةُ اسقُونِي*
و الرابع: الصَّدَى: ما يَرجِعُ من صوت الجبل، و منه قولُ امرى‏ء القيس يصف داراً دَرَسَتْ:
صَمَّ صَداها وَ عَفَا رَسْمُها             و استَعْجَمتْ عن منطقِ السّائلِ‏
و العرب تقول:
صُمّي ابنة الجبل             مهما يُقَل تَقُلْ‏
و أخبرني المنذري عن الحمّادي عن ابن أخي الأصمعيّ عن عمه قال: العَرَب تقول: الصَّدَى في الهامة، و السَّمْعُ في الدِّماغ، أصم اللّه صداه من هذا.
و أنشدني أبو الفضل عن ثعلب عن ابن الأعرابي أَنه أنشد لسدوس بن ضباب:
إني إلى كل أيسار و نَادبة             أدعو حُبَيشاً كما تدعو ابنة الجبل‏
أي: أنوّه كما ينوّه بابنة الجبل.
و قيل: ابنة الجبل هي الحية. و قيل: هي الداهية العظيمة.
و البيت الذي يليه يحقّق هذا القول الأول:
إن تَدَعْه مَوْهناً بجابته             عاري الأشاجع يسعى غير مشتَمِل‏
يقول: يعجل حبيش بجابته كما تعجل الصدى، و هو صوت الجبل.
و قال المبرّد: و الصَّدَى أيضاً العطَشُ.
يقال: صَدِي الرجل يَصْدَى صدًى فهو صدٍ و صادٍ و صيدان، و أنشد:
* ستعلم إن متنا غداً أيّنا الصّدِي*
و قال غيره: الصدَى: العطش الشديد.
و يقال: إنه لا يشتدّ حتى يَيْبَسَ الدِّماغ.
و لذلك تَنْشَقُّ جِلْدةُ جبهة من يموت عَطَشاً.
و يقال: امرأةٌ صَدْيَا و صادِيةٌ.
و الصَّدَى: السادسُ: قولُهم: فلانٌ صَدَى مالٍ: إذا كان رفيقاً بسياستها.

151
تهذيب اللغة12

صدى صدأ ص 150

و قال أبو عُبَيد: قال أبو عمرو: يقال: إنه لصَدَى مالٍ: إذا كان عالماً بها و بمصلَحتِها، و مِثلُه هو إزاءُ مالٍ.
قال أبو عبيد: و الصَّدَى أيضاً: الرجُل اللَّطيف الجَسَد.
و أخبرني الإياديّ عن شَمِر: رَوَى أبو عُبيد هذا الحَرْفَ غيرَ مهموز، و أُراه مهموزاً، كأنَّ الصَّدَى لغةٌ في الصَّدَع، و هو اللّطيفُ الجِسْم.
قال: و منه ما جاء
في الحديث: «صَدَأٌ من حديدٍ»
في ذِكر عليٍّ.
قلتُ: و قد فَسَّر أبو عُبَيد هذا الحرف على غير ما فسّره شَمِر.
رَوَي عن الأصمعيّ أنّ حمّاد بن سَلَمة رواه: «صدأ من حديد».
قال: و رواه غيرُه: «صَدَع من حديد»
، فقال عُمر: وَا دفْرَاه.
قال الأصمعيّ: و الصَّدَأ أشبَه بالمعنى، لأَنَّ الصَّدَأَ آلة ذَفَرٍ، و الصَّدَع لا ذَفَر له، و هو حِدَّة رائحةِ الشي‏ء، خبيثاً كان أو طيّباً. و أمّا الدّفَرُ- بالدال- فهو في النَّتْن خاصّة.
قلتُ: و الذي ذهب إليه شمر معناه حَسَن.
أراد أنَّه يعني علياً خفيفٌ يَخِفّ إلى الحُروب و لا يكسل و هو حديد لشدة بأسه و شجاعته؛ قال اللّه جلّ و عزّ: وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ [الحديد: 25].
و قال الليث: الصَّدَى: الذَّكَر من الهام.
و الصَّدَى: الدِّماغ نفسُه.
و يقال: بل هو الموضع الذي جُعِل فيه السَّمْع من الدّماغ، و لذلك يقال: أصَمَّ اللّه صَدَاه.
قال: و قيل: بل أصمَّ اللَّهُ صداه، مِنْ صَدَى الصوتِ الَّذي يُجيبُ صوتَ المُنادِي.
قال: و قال رؤبة في تصديق من يقول:
الصَّدَى: الدِّماغ:
لِهامِهِمْ أَرُضُّهُ و أَنْقُّخُ             أُمَّ الصَّدَى عن الصَّدَى و أَصْمَخُ‏
قال: و الصَّدَاة فِعْل للمُتَصَدِّي، و هو الذي يَرفَع رأسَه و صدرَه يتصدّى للشي‏ء يَنظُر إليه، و أنشد للطِّرِمّاح:
* لها كلَّما صاحت صداةٌ و رَكْدَةٌ*
يصف هامةً إذا صاحت تصدّتْ مرّةً و ركدَتْ أخرى.
قال: و التَّصْدِيةُ: ضربُك يداً على يَدٍ لتُسمع بذلك إنساناً، و هو من قوله:
مُكاءً وَ تَصْدِيَةً
 [الأنفال: 35] و هو التصفيق، و قد مرّ تفسيرُه في مُضاعَف الصاد.
و قولُ اللّه جلّ و عزّ: ص وَ الْقُرْآنِ [ص: 1].
قال الزّجّاج: من قرأ: (صاد) فله وجهان؛ أحدُهما: أنه هِجاءٌ موقوف‏

152
تهذيب اللغة12

صدى صدأ ص 150

فكُسِرَ لالتقاء الساكنَين. و الثاني: أنه أمرٌ من المُصاداةِ على معنى: صادِ القرآنَ بعَمَلِك، أي: قابل.
يقال: صادَيْتُه، أي: قابلتُه، و عادلْتُه.
قال: و القراءة: (صادْ)، بسكون الدال:
الوقوف عليها.
و قيل: معناه: الصادقُ اللَّهُ.
و قيل: معناه: القسم، و يكون صاد اسماً للسُّورة لا ينصرفُ.
أبو عُبيد عن أبي عمرو: صاديْتُ الرجل و داجَيْتُه و دارَيْتُه بمعنى واحد.
و قال أبو العبّاس في المُصاداة: قال أهل الكوفة: هي المداراة.
و قال الأصمعي: هي العِنايةُ بالشي‏ء.
و قال رجلٌ من العرب و قد نَتجَ ناقةً له فقال لما مَخَضَتْ:
* بِتُّ أُصاديها طولَ لَيْلِي*
و ذلك أنه كره أن يَعْقِلَها فيُعْنِتَها أو يَدَعَها فتَفْرُق، أي: تَنِدّ في الأرض فيأكُلَ الذِّئْبُ ولدَها، و ذلك مُصاداتُه إيّاها.
و كذلك الراعي يُصادِي إبِلَه إذا عَطِشَتْ قبلَ تمامِ ظِمْئِها يمنعُها عن القرَبِ.
و قال كُثَيِّر:
أيا عَزّ صَادِ القَلْبَ حتى يَوَدَّنِي             فؤادُكِ أو رُدِّي عليَّ فُؤَادِيَا
أبو عُبَيد عن الأصمعي: الصَّوادي من النَّخيل: الطِّوال.
قال أبو عُبَيد: و قد تكون الصوادي التي لا تَشْرَبُ الماءَ.
و قال ذو الرُّمّة يصفُ الأجمال:
* مِثْلَ صَوَادِي النَّخْل و السَّيَالِ*
و قال آخر:
* صَوادِياً لا تُمكِنُ اللُّصوصَا*
و قيل في قولهم: فلانٌ يتصدّى لفلان: إنه مأخوذٌ من اتّباعه صَداه.
و فيه قولٌ آخر: إنّه مأخوذٌ من الصَّدَد، فقُلِبَتْ إحدَى الدّالات في يتصدّى ياءً، و قد مرّ فيما تقدّم.
و الصدأ- مهموزٌ مقصور- الطبَع و الدَّنَس يَركب الحديدَ.
قال أبو عُبَيد: قال الأصمعي: كتيبةٌ جَأْوَاءُ: إذا كان عِلْيَتُها صَدَأَ الحديد.
و قد صَدِى‏ء الحديدُ يَصْدَأ صَدَأً.
و قال الليث: يقال: إنّه لَصاغِرٌ صَدِى‏ءٌ، أي: لزِمه صدَأُ العار و اللَّوْم.
أبو عُبَيد عن الأصمعي في باب أَلوان الإِبِل إذا خالَطَ كُمتَةَ البَعير مِثل صدإ الحديد فهو الجُؤْوَة.
و قال الليث: الصُّدْأَةُ: لونُ شُقْرَةٍ تَضْرِب إلى سوادٍ غالب؛ يقال: فرسٌ أصْدأُ و الأنثى صَدْآء، و الفعل على وجهين:
يقال: صَدِى‏ءَ يَصْدأُ، و أَصدأَني يُصْدِأُني.

153
تهذيب اللغة12

صدى صدأ ص 150

قال: و صُدَاءُ- ممدود- حَيٌّ من اليَمَن، و النسبة إليهم صُدَاوِيٌّ بمنزلة الرَّهاويّ.
قال: و هذه المَدَّة و إن كانت في الأصل ياءً أو واواً فإنها تجعل في النسبة واواً كراهيةَ التقاءِ الباءات، ألا تَرَى أنك تقول رَحًى و رَحَيان، فقد عَلمتَ أن ألفَ رَحًى ياء، و قالوا في النسبة إليها: رَحَوِيّ لتلك العلة.
شمِر: الصَّدْءاءُ: الأرضُ التي تَرَى حَجَرَها أصدأَ أَحمر، يَضرِب إلى السواد، لا تكون إلّا غليظة، و لا تكون مستويةً بالأرض، و ما تحتَ حجارة الصَّدْءاء أرضٌ غليظة، و ربما كانت طيناً و حجارة.
أبو عبيد: من أمثالِهم في الرَّجُلَين يكونان ذَوَيْ فَضْل غير أن لأحدهما فضلًا على الآخَر قولُهم: ماءٌ و لا كَصدَّاء. هكذا أَقرأَنيه المنذريُّ.
عن أبي الهيْثم بتشديد الدَّال و المَدة.
و ذكر أن المَثَل لِقَذُورَ بنت قيس بن خالد الشيَّبانيّ، و كانت زوجةَ لَقيط بنِ زُرارة، فتزوّجها بعده رجلٌ من قومها، فقال لها يوماً: أنا أجمل أَمْ لَقيطٌ؟ فقالت: ماءٌ و لا كَصدّاء، أي: أَنت جميلٌ و لستَ مِثلَه.
قال أبو عُبيد: قال المفضّل: صَدّاء: رَكِيَّةٌ ليس عندهم ماءٌ أَعذب من مائها؛ و فيها يقول ضِرارُ بن عَمرو السَّعْدِيّ:
و إني و تَهْيَامِي بزينبَ كالذي             يُطالب من أَحْواضِ صدَّاءَ مَشربَا
قال: و لا أَدرِي صدّاء، فعَّال أو فَعْلاء، فإن كان فَعَّالًا فهو من صَدا يَصدو، أَو صَدِيَ يَصدَى.
و قال شمر: صَدا الهامُ يَصدُو: إذا صاح.
و إن كانت صَدَّاءُ فَعْلَاء فهو من المضاعَف، كقولهم صَمَّاء من الصَّمَم.
أبو عُبيد عن العَدَبَّس قال: الصَّدَى هو الطائرُ الذي يَصِرّ باللّيل و يَقْفِز قَفَزاناً و يطيرُ.
قال: و الناسُ يَرَوْنه الجُنْدُب، و إنما هو الصدَى يكون في البَرارِي، فأما الجُندب فهو أصغَر من الصَّدَى يكون في البراري.
قال: و الجُدْجُد: الذي يُصِرّ بالليل أيضاً.
صيد:
يقال: صادَ الصيَّد يَصيدُه صَيْداً: إذا أَخَذه. و صِدْتُ فلاناً صَيْداً: إذا صدتَه له، كقولك: بَغَيْتُه حاجةً، أي: بغَيْتُها له.
قال الليث: مِصْيَدَةٌ: التي يُصادُ بها.
قال: و هي المِصْيَدَة، لأنها من بنات الياء المعتلّة، و جمعُ المصيدة مصايد بلا همز، مثلُ معايشَ جمع معيشة.
و العَربُ تقول: خرجْنا نَصيد بَيْضَ النَّعام و نصيدُ الكَمْأَة، و الافتعالُ منه الاصطياد، يقال: اصطادَ يَصطاد فهو مُصطاد و المَصيدُ مصْطادٌ أيضاً. و خرج فلانٌ يتصيَّد الوَحْشَ، أي: يطلبُ صيدَها.

154
تهذيب اللغة12

صيد ص 154

الحرّاني عن ابن السكّيت: الصادُ و الصِّيد و الصُيَدُ: داءٌ يصيب الإبلَ في رؤوسها فيسيل من أُنوفها مِثلُ الزَّبَد و تَسْمُو عند ذلك برؤوسها.
قال: و الصِّيد أيضاً جمعُ الأَصْيد.
و قال الليث: الصَّيَد: مصدرُ الأصيَد، و له معنيان. يقال: مَلِكٌ أَصيَدُ: لا يلتفِت إلى النّاس يميناً و شِمالًا. و الأصيَد أيضاً: من لا يستطيع الالتفاتَ إلى الناس يميناً و شمالًا من داءٍ و نحوِه.
و الفِعلُ صَيِد يَصْيدُ.
قال: و أهل الحجاز يُثْبِتون الواوَ و الياء، نحو: صَيِد و عَوِد، و غيرُهم يقول: صَادَ يَصادُ و عارَ يَعار.
قال: و دَواءُ الصَّيَد: أن يُكوَى بين عينيه فيذهب الصيَدُ، و أَنشد:
* أَشفِي المجانين و أَكْوي الأصْيدا*
أبو عبيد: الصادُ: قُدودُ الصُّفْر و النُّحاس.
قال حسّان بن ثابت:
* رأَيتُ قُدورَ الصادِ حولَ بيوتِنا*
قال: و الصَّيَداءُ: حَجَرٌ أبيضُ يُعمَل منه البِرَام. و الصَّيْدانُ: بِرامُ الحجارة، و أنشد:
* و سُودٍ من الصِّيدانِ فيها مَذانِبُ*
و قال النَّضْرُ: الصيْداء: الأرض التي تُربتُها حمراءُ غليظةُ الحجارة مستويةٌ بالأرض.
و قال أبو عُبَيد: هي الأرض الغليظة.
و قال أبو خَيْرة: الصيْداءُ: الحَصَى، و قال الشَّمَّاخ:
حَذاها من الصيْداءِ نعلًا طِراقُها             حَوامِي الكُراع المُؤْيدات العَشَاوِزِ
أي: حَذاها حَرَّةً نِعالها الصّخور.
شمر عن أبي عمرو قال: الصَّيْداءُ:
الأرض المستوية، و إذا كان فيها حَصًى فهو قاع. قال. و كان في البُرْمة صِيْدان و صَيْدَاء يكون فيها كهيئة بَريق الفضّة، و أجوده ما كان كالذّهب و أنشد:
* طِلْحٌ كضاحِية الصَّيْداءِ مَهْزولُ*
قال: و صَيْدانُ الحَصَى: صغارُها.
و قال الأصمعيّ: الصَّيْدان و الصَّيْدء: حَجرٌ أبيض تَعمَل منه البِرَام.
و قال بعضهم: الصَّيْدانُ: النُّحاس، قال كعب:
و قِدْراً تَغْرَق الأَوْصالَ فيه             من الصَّيْدان مُترَعَةً رَكُودا
وصد:
قال اللّه جلّ و عزّ: وَ كَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ
 [الكهف: 18]، قال الفرّاءُ: الوَصِيدُ و الأصيد لُغتان، الفِناء مِثلُ الوِكاف و الإكاف، و هما العِناء.
و قال ذلك يونس، و قولهم: إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) [الهمزة: 8]، و قرى‏ء (مُوصَدة).

155
تهذيب اللغة12

أصد ص 156

 [أصد]:
قال ابن السِّكيت: قال أبو عبيدة:
أَصَدْتُ و أَوْصَدْتُ: إذا أطبَقْتَ، و معنى مؤصَدَة: أي: مطبقةٌ عليهم.
و قال الليثُ: الإصاد و الأُصُد بمنزلة المُطْبَق، يقال: أطبق عليهم الإصادَ و الوِصاد و الآصِدة.
و قال ثعلب: الأُصْدةُ: الصُّدْرة، و أنشد:
مثل البِرَام غَدا في أُصْدَةٍ خَلَقٍ             لَم يستَعِنْ و حوامي الموتِ تَغْشاه‏
أبو عبيد عن الأحمر: الأصِيدُ: الفِناء:
و آصَدْت البابَ و أوْصَدْته: إذا أغلقْتَه.
و قال الأمويّ: الأصِيدةُ كالحَظيرة تعمل.
و قال أبو مالك: أصَدَتْنا مُذ اليوم، أي:
آذَبَتْنا إصادَةً. و في «النوادر»: وَصَدْتُ بالمكان أَصِد، و وتَدْتُ أَتِد: إذا ثَبَتَ.
ديص:
قال الليث: داصت الغُدَّة بين اللحم و الجلد تَدِيصُ. قال: و الانْدِياصُ: الشّي‏ءُ يَنسَل من يَدِك، تقول: انْدَاصَ علينا بشرِّه. و إنّه لمُنْداص بالشّرّ، أي: مفاجِى‏ءٌ به، وقّاعٌ فيه.
أبو عبيد عن أبي زيد: داصَ يَدِيص دَيْصاً: إذا فَرّ.
و قال الأحمر مِثلَه. قال: و الداصَةُ منه.
أبو العبّاسَ عن ابن الأعرابيّ قال:
الدَّيْصُ: نَشاطُ السّائس. و داصَ الرجُل:
إِذا خَسّ بعد رِفْعة.
الأصمعيّ: رجلٌ دَيّاصٌ: إذا كنتَ لا تَقدر أن تَقبِض عليه من شدّة عَضَلِه.
باب الصاد و التاء
ص ت‏
 (و ا ي ء)
صوت- صيت:
قال الليث: يقال: صَوّت يُصوِّت تصويتاً فهو مصوِّت، و ذلك إذا صَوّتَ بإنسان فَدعاه. و يقال: صاتَ يَصُوت صَوْتاً فهو صائت، معناه: صائح.
و قد يُسمَّى كلُّ ضَرْب من الأُغنِيات صَوتاً، و الجميع الأصوات. و رجل صَيِّتٌ: شديدُ الصوْت.
الحرّاني عن ابن السّكيت: الصَّوتُ، صَوْتُ الإنسان و غيرِه. و الصِّيتُ: الذِّكْر، يقال: قد ذهب صِيتُه في النّاس، أي:
ذكْرُه.
و قال ابن بُزْرُج: أصاتَ الرجُل بالرّجل:
إذا شَهَرَ بأمرٍ لا يَشتهيه. و انصاتَ الزّمانُ به انصياتاً: إذا اشتَهر.
و قال غيره: انصات الأمرُ: إذا استقام، و أنشد:
و نَصرُ بنُ دَهْمانَ الهُنيدةَ عاشَها             و تِسعين حولًا ثم قُوِّم فانْصَانَا
قال: انصات، أي: استقام.
و الصَّيِّتةُ بالهاء: الصَّيِّت، و قال لَبيد:
و كم مُشتَرٍ من مالِه حُسْنَ صِيتِه             لأيَّامه في كلّ مَبْدًى و مَحْضَر

156
تهذيب اللغة12

صوت صيت ص 156

و قال ابن السّكيت: رجلٌ صاتٌ: شديدُ الصّوتُ كقولهم: طانٌ كثيرُ الطَين، و كبشٌ صافٌ: كثيرٌ الصُّوف.
ص ظ. ص د. ص ت:
مهملات.
باب الصاد و الراء
ص ر
و ا ي صرى. صار. أصر. ورص. وصر.
رصا. صور.
صرى:
رُوِيَ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «إنَّ آخِرَ مَن يَدخلُ الجنَّة رجلٌ يَمشي على الصّراط فيَنكَبُّ مرّةً و يَمشِي مَرَّةً و تَسَفُعه النار، فإذا جَاوَزَ الصِّراط تُرفَع له شَجَرَةٌ فيقولُ: يا ربُّ أَدْنِني منها، فيقول اللّه، أي: عبْدِي ما يَصرِيك مِني».
قال أبو عبيد: قوله: «ما يَصْريك»: ما يَقطع سأَلتَك منّي، يقال: قد صَرَيْتُ الشي‏ءَ، أي: قطعتُه و منعتُه، و أنشد:
* هَواهُنّ إن لم يَصْرِه اللَّهُ قاتِلُهْ*
قال: و قال الأصمعي: يقال: صَرَى اللّه عَنْك شَرَّ فلان، أي: دفَعَه. قال:
و الصَّرَى: الماءُ الّذي قد طال مَكْثُه و تَغَيَّر. و هذه نُطْفَةٌ صَراةٌ. و قد صَرَى فلانٌ الماءُ في ظهرِه زَماناً، أي: حَبَسه.
و يقال: جَمَعه. و أنشد:
رُبَّ غلامٍ قد صَرَى في فِقْرَتِهْ             ماءً الشّبابِ عُنْفُوانَ سَنْبَتِهْ‏
كذا رواه شمر، و زاد: أَنعظ حتى اشتد سَمُّ سُمَتِهْ.
و
في حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم: «من اشترى مُصَرّاةً فهو بآخر النَّظَريْن إنْ شاءَ رَدَّها و رَدَّ معها صاعاً من تَمْر»
. قال أبو عُبيد: المُصَرّاة: هي النَاقة أو البقر أو الشّاة يُصرَّى اللبنُ في ضَرْعها، أي: يُجمَع و يُحبَسُ، يقال منه: صَرَيْتُ المَاء و صَرَّيْتُه.
و قال ابن بُزُرْج: صَرت الناقةُ تَصْرِي، من الصَّرْي، و هو جمع اللّبن في الضَّرْع.
و ناقة صريي و جمعها صراء، مثل: عطشى و عطاش.
الفرّاء: صَرِيَتِ الناقةُ: إذا جَفَلت و اجتمعَ لبنُها، و أَنشَد:
مَن للجَعافِرِ يا قَوْمي فَقَدْ صَرِيَتْ             و قد يُساقُ لِذاتِ الصُّرْية الحَلَبُ‏
و قال الآخر:
* و كل ذي صَرْيةٍ لا بدّ مَحلوبُ*
و قال الليث: صَرِيَ اللّبنُ يَصْرَى في الضَّرْع: إذا لم يُحلَب ففسَد طعمه، و هو لبنٌ صَرًى. و صَرِيَ الدمعُ: إذا اجتَمع فلم يَجْر.
و قالت خَنْساء:
فلَم أَملِكْ غداةَ نَعيِّ صَخْرٍ             سوابِقَ عبْرةٍ حُلِبَتْ صَراهَا

157
تهذيب اللغة12

صرى ص 157

قال: و صَرِيَ فلانٌ في يد فلانٍ: إذا بَقِيَ في يدِه رَهْناً؛ قال رؤبة:
* رَهْنَ الحَرورِيين قد صَرِيتُ*
و أَخبرَني المنذريُّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال: قيل لابنة الخُسِّ أيُّ الطعام أثقَل؟ فقالت: بَيْضُ نَعامْ، و صِرَى عامٍ بعدَ عامٍ، أي: ناقة تُغَرَّز عاماً بعد عام.
و حكى شمر عن ابن الأعرابي أنه قال:
الصَّرَى: اللّبنُ يُترَك في ضَرع الناقة فلا يُحتلب فيصير مِلْحاً ذا رِياح.
و أَخبرني عن أبي الهَيْثم أنَّه ردّ على ابن الأعرابيّ قوله: صِرَى عام بعدَ عام، و قال: كيف يكون هذا؟ و الناقةُ إنما تُحلَب ستَّةَ أشهر أو سبعةَ أشهر، في كلامٍ طويل قد وَهِمَ في أكثره، و الّذي قاله ابنُ الأعرابيّ صحيح، و رأيتُ العَرَب يَحلُبون الناقةَ من يومِ تُنْتَجُ سنةً إذا لم يَحمِلوا الفحلَ عليها كِشافاً، يغرِّزُونها بعد تمَام السّنة ليَبقَى طِرْقُها، و إذا غَرَّزُوها و لم يَحْتَلبوها، و كانت السّنة مُخصِبةً تَرَادَّ اللبنُ في ضَرْعها فخَثُر و خَبُثَ طعمُه فانمَسَخَ، و لقد حَلَبْتُ ليلةً من اللّيالي ناقةً مغرَّزَةً فلم يتهيّأ لِي شُرْبُ صَرَاها لخُبْث طعمِه و دَفْقَتِه، و إنما أرادت ابنة الخُسِّ بقولها:
صَرَى عامٍ بعد عام، لبنَ عام استقبلتْه بعد انقضاء عامٍ نُتِجَتْ فيه، و لم يَعرِف أبو الهيثم مُرَادَها، و لم يَفهم منه ما فَهِمه ابن الأعرابيّ فعَلِق يَرُدّ بتطويلٍ لا معنى فيه.
أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابيّ: صَرَى يَصرِي: إذا قَطَع، و صَرَى يَصْرِي: إذا عَطَف، و صَرَى يَصرِي: إذا تَقدَّم، و صَرَى يَصرِي: إذا تأخَّر، و صَرَى يَصرِي: إذا عَلَا، و صَرَى يَصري: إذا سَفَل، و صَرَى يَصرِي: إذا أَنْجَى إنساناً من هَلَكة و أغاثه و أَنشد:
* بين الفَراعِلِ إنْ لم يَصْرِنِي الصّارِي‏
* و قال آخر في صَرَى إذا سَفَل:
و الناشئاتِ الماشياتِ الخَيْزَرِي             كعُنُق الآرام أَوْفَى أَوْ صَرَى‏
قال: أَوْفَى: عَلَا. و صَرَى: سَفَل، و أَنشد في عَطَف:
و صَرَيْنَ بالأعناقِ في مَجْدُولةٍ             و صَلَ الصّوانعُ نِصْفَهنَّ جَديدا
و قال ابن بزرج: صَرَتِ الناقةُ عُنُقَها: إذا رفعتْه من ثِقلَ الوِقْر، و أَنشد:
* و العِيسُ بين خاضِعٍ و صَارِي*
قال: و الصارِي: الحافظ، و يقال: صَرَاه اللّه: حَفِظه اللّه.
و قال شمر: قال المنتجع: الصَّرْيانُ من الرّجال و الدوابّ: الّذي قد اجتمع الماءُ في ظهرِه، و أَنشد:
* فهو مِصَكٌّ صَمَيان صرْيان*

158
تهذيب اللغة12

صرى ص 157

و الصارِّيَّةُ من الرَّكايا: البعيدة العَهْد بالماء، فقد أَجِنَتْ و عَرْمَضَتْ.
أبو عبيد عن الأصمعيّ: الصّارِي:
المَلّاح، و جمعه صُرَّاءٌ على غير قياس.
قال: و قال أبو عمرو: ماءٌ صِرًى و صَرًى، و قد صَرِيَ يَصْرَى، و قال: صَرَيْتُ ما بينهم: أصْلَحْتُ، فأنا أَصرِي صَرْياً.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: إذا اصفرّ الحَنْظل فهو الصرَاء ممدود، واحدته صَرايةٌ، و جمعُها صَرايَا.
و قال ابن الأعرابي: أنشد أبو مَحْضة أبياتاً ثم قال: هذه بِصَراهُنّ و بِطَرَاهُنّ.
قال أبو تراب: و سألتُ الحُصينِيَّ عن ذلك فقال هذه الأبيات.
بَطرَاوِتِهنّ و صَرَاوتَهنّ، أي: بِجدّتهنّ و غَضاضَتِهنَّ.
صري: أبو عبيد عن الأحمر: صُرْتُ إليَّ الشي‏ءَ و أصَرْته: إذا أَمَلْتَه إليك، و أَنشد:
* أَصارَ سَدِيسَها مَسَدٌ مَرِيجُ*
و يقال: صاره يصوره و يصيره: إذا أماله.
و قال أبو عبيد: من قرأ: (صُرهن)، معناه: أملهن. و من قرأ: (صِرْهن) معناه:
قَطَعهن. و أنشد للخنساء:
* لظلت الشُّم منها وهْي تَنصار*
يعني: الجبال تصدع و تغرق.
و قال اللّه جلّ و عزّ: فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ [البقرة: 260].
قال الفرَّاء: ضَمت العامّة الصاد، و كان أصحابُ عبد اللّه يَكسِرونها، و هما لُغتان، فأما الضّم فكثير، و أما الكَسْر ففي هُذَيْل و سُلَيم، و أَنشدني الكسائيّ فقال:
و فَرْعٌ يَصير الجِيدَ وَحْفٌ كأنهْ             على اللِّيْث قِنْوانُ الكروم الدَّوَالح‏
يَصيرُ: يميل و كلّهم فسَّروا: فَصُرْهُنَّ):
أَمِلْهُنَّ، و أما (فَصِرْهنَّ) بالكسر فإنَّه فُسِّر بمعنى قَطِّعْهن.
قال: و لم نجد قطّعهن معروفة، و أراها إن كانت كذلك من صرَيْتُ أَصْرِي، أي:
قَطَعْتُ، فقُدمَتْ ياؤها، كما قالوا: عَثِيت و عِثْت.
و قال الزجّاج: قال أهل اللغة: معنى:
 (صُرْهُنَّ إليك): أَمِلْهُن إليك و اجمَعْهنَّ و أَنشد:
و جاءت خُلْعةً دُهْساً صَفايَا             يَصور عُنوقَها أَحوَى زَنيمُ‏
أي: يعطِفُ عُنوقَها تَيْسٌ أَحْوى.
صور:
و قال الليث: الصَّوَرُ: المَيْل، و الرجلُ يَصُور عُنُقَه إلى الشي‏ء: إذا مال نحوَه بعنُقه، و النَّعتُ أَصْوَر، و قد صَوِر.
و عُصفورٌ صَوّار: و هو الذي يُجيب الدّاعي.
و
في حديث ابن عمرَ: أنه دخَل صَوْرَ نَخْلٍ.

159
تهذيب اللغة12

صور ص 159

قال أبو عُبَيد: الصَّوْر: جِماع النخل، و لا واحدَ له من لقطه، و هذا كما يقال لجماعة البقر: صُوار.
و قال الليث: الصُّوارُ و الصِّوارُ: القطيع من البقر، و العدد أَصْوِرة، و الجميع صِيرَان. و أَصوِرَة المِسْك: نافقاتُه.
أبو عُبَيد عن الأمويّ: يقال: صرعه فتجوّرَ و تَصَوَّر: إذا سَقَطَ.
و أَخبرَني المنذريُّ عن أبي الهيثم أَنه قال في قول اللّه: وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ*
 [الكهف:
99]: اعترض قوم فأنكروا أَن يكون الصُّورُ قَرْناً، كما أَنكَروا العرشَ و المِيزان و الصراط، و ادَّعَوْا أن الصُّور جمع الصورة، كما أن الصوف جمع الصوفة، و الثُّوم جمع الثُّومة، و رَوَوْا ذلك عن أَبي عُبَيدة.
قال أَبو الهيثم: و هذا خطأٌ فاحش، و تحريفٌ لكلِم اللّه عن مواضعها، لأن اللّه جل و عز قال: وَ صَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ*
 [غافر: 64]، بفتح الواو، و لا نعلَم أَحداً من القراء قرأَها: (فأحْسَن صُورَكم)، و كذلك قال اللّه: وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ*
 [الكهف: 99] فمن قرأَها (و نُفخ في الصُّوَر) أو قرأ: (فأحسن صُوْرَكم) فقد افترَى الكَذِب و بدّل كتابَ اللّه، و كان أبو عبيدة صاحبَ أخبارٍ و غريب، و لم يكن له معرفة بالنحو.
و قال الفراء: كلُّ جمعٍ على لفظ الواحد الذكَر سبق جمعُه واحدتَه، فواحدتُه بزيادة هاء فيه، و ذلك مثل الصوف و الوَبر و الشعَر و القطْن و العشب، فكلّ واحد من هذه الأسماء اسمٌ لجميع جنسه، فإذا أُفْرِدتْ واحدتُه زيدتْ فيها هاء، لأن جميعَ هذا الباب سبق واحدتَه، و لو أن الصوفةَ كانت سابقةً للصوف لقالوا:
الصوفَةٌ و صُوَف، و بُسْرَةٌ و بُسَر، كما قالوا:
غُرْفة و غُرَف، و زُلْفَة و زُلَف.
و أما الصُّورُ القَرْنُ فهو واحد لا يجوز أن يقال واحدتُه صورَة، و إنما تُجمع صورة الإنسان صُوَراً، لأن واحدتَه سبقتْ جَمْعَه.
فالمصوِّر من صفات اللّه تعالى لتصويره صوَر الخلق. و رجل مصوَّر إذا كان معتدل الصورة. و رحل صيّر: حسن الصورة و الهيئة.
و
رَوَى سُفْيانُ عن مُطرّف عن عطيّة عن أبي سعيد الخدرِي قال: قال رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «كيف أَنْعَمُ و صاحِبُ القَرْن قد التَقَم القَرْن، و حَتى جَبْهَته و أَصْغَى سمعه ينتظر متى يُؤمَر»، قالوا:
فما تأمُرنا يا رسول اللّه، قال: «قولوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ».
قلتُ: قد احتجَّ أبو الهَيْثم فأحسَنَ الاحتجاج، و لا يَجوز عندي غيرُ ما ذَهَب‏

160
تهذيب اللغة12

صور ص 159

إليه، و هو قولُ أهلِ السنّة و الجماعة.
و الدّليل على صحّة ما قالوا: أن اللّه جلّ و عزّ ذكر تصويرَه الخَلْق في الأرحام قبل نَفْخ الرُّوح، و كانوا قبلَ أَنْ صوَّرهم نُطَفاً، ثم عَلقَاً، ثم مُضَغاً، ثم صوّرَهم تصويراً.
فأمّا البَعْث فإنّ اللّه جلّ و عزّ يُنشِئهم كيف شاء، و من ادّعى أنه يصوِّرُهم ثم ينفخ فيهم فعليه البَيَان، و نَعوذ باللَّه من الخِذْلان.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الصَّوْرةُ:
النَّخْلة، و الصَّوْرةُ: الحِكَّة انتغاشِ الحَطى في الرأس.
و قالت امرأةٌ من العرب لابنة لها: هي تَشْفِيني من الصَّوْرة، و تستُرني من الغَوْرَة، و هي الشّمس. و الصِّوارانِ صِماغَا الفَمِ، و العامّة تُسمِّيهما الصَّوَّارَيْن، و هما الصّامغانِ أيضاً.
صير:
و
روي عن النَّبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنّه قال: «مَن اطَّلع من صِيرِ بابٍ فقد دَمَرَ»
، قال أبو عُبيد: تفسيره في الحديث: إن الصِّير: الشّقُّ.
و
في حديثٍ آخَر يَروِيه سالمٌ عن أبيه: أنه مَرّ به رجُل معه صِيرٌ فذاقَ منه.
قال: و تفسيرُه في الحديث أنه الصَّحْناء.
و قال أبو عُبيد: الصِّيرة: الحَظِيرة للغنم، و جمعُها صِيَر، قال الأَخْطَل:
و اذكرْ غُدانَةَ عِدّاناً مُزَنَّمةً             من الحَبَلَّقِ تُبْنَى حولَها الصِّيَرُ
قال: و يقال: أنا على صيرِ أمرٍ، أي:
على طَرَف منه، قال زُهَير:
و قد كنتُ من سَلْمَى سنينَ ثمانياً             على صِير أَمَرٍ ما يمرُّ و ما يَحْلُو
و قال اللّيث: صِيرُ كُلَ أمرٍ مَصيرُه.
و الصَّيْرُورة مصدرُ صارَ يصيرُ.
قال: و صارةُ الْجبَل: رأسُه.
و قال شمر: قال ابن شميل: الصِّيرةُ على رأس القَارة مثلُ الأمَرَة، غير أنّها طوَيْت طَيّاً، و الأَمَرَةُ أطوَلُ منها و أعظَم، و هما مطويّتان جميعاً، فالأَمَرَة مُصَعْلكَة طَوِيلة، و الصِّيرة مستديرةٌ عريضة ذاتُ أَرْكان، و ربّما حُفِرَتْ فوجد فيها الذّهب و الفضّة، و هي من صَنْعة عادٍ و إرَم. و الصَّيِّرُ:
الجماعة، و قال طُفَيْل الغَنَويُّ:
أَمسى مُقيماً بذي العَوْصاءِ صَيِّرُهُ             بالبئر غادره الأحياءُ و ابتَكَرُوا
و قال أبو عَمْرو: صَيِّرُه: قَبْرُه، يقال: هذا صَيِّرُ فلان، أي: قبرُه، و قال عروة بن الوَرْد:
أحاديثُ تَبقَى و الفتَى غيْر خالدٍ             إذ هوَ أمسى هامةً فوقَ صَيِّرِ
و قال أبو عَمْرو: بالهُزَر- و هو موضع- ألفُ صَيِّر، يعني قُبوراً من قُبورِ أهل الجاهلية ذكَره أبو ذؤيب فقال‏

161
تهذيب اللغة12

صير ص 161

* كانتْ كَلْيَلةِ أَهلِ الهَزَرْ*
أبو عُبيد عن أبي زيد: تصيَّرَ فلانٌ أباه و تقيَّضَه: إذا نَزَع إليه في الشَّبه. قال:
و يقال: ما لَه صَيُّور، مثال فَيْعُول، أي:
ما لَه عَقْل و نحو ذلك.
قال ابن الأعرابي: و قال أبو سَعِيد:
صَيُّور الأمرِ: ما صَار إليه.
و قال أبو العَمَيْثَل: صارَ الرجلُ يَصيرُ: إذا حَضَرَ الماء فهو صائر، و الصائِرة:
الحاضِرة، و قال الأعشى:
بما قَدْ تَرَبَّعَ رَوْضَ القَطا             و رَوْضَ التَّناضُبِ حتى تَصِيرَ
أي: حتّى تحضر الماء، و يقال: جمعتهم صائرةُ القَيظ.
و قال أبو الهيثم: الصَّيْرُ: رُجُوع المنتجِعين إلى مَحاضِرِهم، يقال: أين الصائرة، أي أين الحاضرة. و الصِّيارُ: صَوْت الصَّنْجِ و أنشَد:
كأنّ تَراطُنَ الهاجاتِ فِيها             قُبَيْلَ الصُّبْح رَنّاتُ الصِّيَارِ
يريدُ: رَنِين الصَّنْجِ بأوْتاره.
و يقال: صِرْت إلى مَصِيري و إلى صِيرِي و صَيُّوري. و صَيرُ الأَمْرِ: مُنْتَهاه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: يقال للمنزل الطيّب مَصِيرٌ و مِرَبٌّ و مَقْمَرٌ و مَحْضَر، يقال: أين مصيرُكم؟ أي: أين منزلُكم.
و الصائر: المُلَوِّي أعناقَ الرِّجال.
وصر:
قال اللّيث: الوَصَرَّةُ معرّبة، و هي الصَّكّ، و هي الأَوْصَر، و أنشَد:
و ما اتَّخذْتُ صَراماً للمُكُوثِ بها             و ما انْتَقَيْتُك إلا للوَصَرّاتِ‏
و
رُوِي عن شُريح: أنّ رجلين احتَكَما إليه، فقال أحدهما: إنّ هذا اشتَرى منّي داراً و قَبضَ منّي وِصْرَها، فلا هُو يُعطيني الثمن و لا هُوَ يُردّ عَلَى الوِصْر.
قال القتيبي: الوِصْرُ: كتاب الشّراء، و الأصلُ إصْرٌ سمِّي إصْراً لأنّ الإصْرَ العَهْدُ، و يسمَّى كتابَ الشُّروط، و كتابَ العُهودِ و المَواثِيق، و جمع الوِصْر أَوْصار، و قال عَدِيّ بنُ زَيْد:
فأيُّكُمْ لَم يَنله عُرْف نائِله             دَثْراً سَواماً و في الأَريافِ أوصارَا
أي: أقطعَكم فكتب لكم السجلّات في الأَرياف.
و قال أبو زيد: أخذت عليه إصْراً، و أخذتُ منه إصْراً، أي: مَوثقاً من اللّه.
و قال اللّه جلّ و عزّ: رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً
 [البقرة: 286]، الآية.
و قال الفراء: الإصْر: العَهْد، و كذلك في قوله: وَ أَخَذْتُمْ عَلى‏ ذلِكُمْ إِصْرِي‏
 [آل عمران: 81]، قال: و الإصْرُ ههنا إثم العَقْد و العَهْد إذا ضَيّعوه كما شُدّد على بني إسرائيل.

162
تهذيب اللغة12

وصر ص 162

و روَى السُّديّ عن أبي الهزهار عن ابن عبّاس في قوله: وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً: قال: عهداً تعذِّبنا بترْكِه و نَقْضه.
و قوله: وَ أَخَذْتُمْ عَلى‏ ذلِكُمْ إِصْرِي‏
 قال:
ميثاقِي و عَهْدِي.
و قال أبو إسحاق: كُلّ عَقْد من قرابة أو عَهْد فهو إصْر. و تقول: ما تأصيرُني على فلان آصرة، أي: ما تعطفني عليه مِنّة و لا قرابة. و قال الحُطَيْئة:
عَطَفوا عليّ بِغير آ             صِرَة فقد عَظُم الأوَاصِرْ
أي: عَطَفُوا عليَّ بغير عَهْدٍ أو قرابة.
أبو عبيد عن الأموي: أَصَرْتُ الشي‏ءَ آصِرُه أصْراً: كسَرْتُه. و المآصِرُ يقال: هو مأخوذٌ من آصِرَة العَهْد، إنما هو عقْدٌ ليُحبَس به. و يقال للشي‏ء الذي تُعقَد به الأشياءُ: الإصار من هذا.
و قال الزجاج: المعنى: لا تَحْمل علينا إصْراً يثْقُلُ علينا كما حملته على الذين من قَبْلنا نحوَ ما أمِر به بنو إسرائيل من قَتْل أنفسِهم، أي: لا تَمتحِنّا بما يثقُل علينا أيضاً.
و قال الليث: المأْصِرُ: حَبْلٌ يُمدُّ على نَهْر أو طريقٍ تُحبَس السُّفُن و السابلة لتؤخذ منهم العُشور. و كلأٌ آصِرٌ: يَحبِس من يَنتهي إليه لكثرته.
أبو عبيد عن أبي عمرو: الإصارُ: الطُّنُبُ و جمعُه أُصُرٌ. و الأيْصَر: الْحَشيش المجتمِع، و جمعُه أياصر.
و قال الأصمعيّ: الإصار: وَتِدٌ قَصِير، و جمعُه أُصُر.
و قال الليث: الأيْصَر: حُبَيْل قَصير يُشَدّ في أسفل الخِباء إلى وَتِد، و فيه لغةٌ:
أَصارٌ.
أبو عبيد عن الأحمر: هو جارِي مُكاسِري و مُؤاصِرِي، أي: كِسْر بيتِه إلى جَنْب كِسْر بَيتي، و إصارُ بيتي إلى جَنْب إصَارِ بيتِه، و هو الطُّنُب.
و قال الكسائيُّ: أصَرَني الشي‏ءُ يَأْصِرني، أي: حَبَسني.
ثعلب عن ابن الأعرابي: الإصْرانِ: ثَقْبَا الأُذَنين، و أَنشَد:
إنّ الأُحَيمِرَ حين أرجُو رِفْدَه             غَمْراً لأَقطَعُ سيّى‏ءُ الإصْرانِ‏
قال: و الأقطع الأصمّ و الإصْران: جمعُ إصْرٍ.
و
في حديث ابن عُمر: «مَن حَلَف على يمينٍ فيها إصرُ فلا كفّارَة لها»
، يقال: إنّ الإصْرَ أنْ تَحلِف بطَلاقٍ أو عِتْق أو نَذْرٍ.
و أَصْلُ الإصْر الثِّقْلُ و الشدَّة، لأنَّها أثقَل الأيْمان و أَضْيَقُها مَخْرَجاً. و العَهْدُ يقال له: إصْرٌ.
ورص:
سَلَمة عن الفرّاء: وَرَّصَ الشَّيخ‏

163
تهذيب اللغة12

ورص ص 163

و أَوْرَصَ: إذا استرخَى حِتارُ خَوْرانِه فَأَبْدى. و امرأةٌ مِيراصٌ: تُحدِث إذا أُتِيَتْ.
رصى:
أبو العباس عن ابن الأعرابيّ:
رصَاه: إِذا أَحْكمه.
قال: و راصَ الرجُل: إذا عَقَل بعد رُعُونة، ورساه: إذا نَوَاه للصَّوْم.
باب الضاد و اللّام من المعتل‏
ص ل‏
 (و ا ي ء) صلى، صول، وصل، لصا، لوص، (ألاص، يليص).
وصل:
قال الليث: كلُّ شي‏ءٍ اتّصل بشي‏ء، فما بينهما وُصْلَة. و موْصِل البعير: ما بين العَجُز و فخِذِه، و قال أبو النّجم:
تَرَى يَبِيس الماءِ دُونَ المَوْصلِ             منه بعَجْزٍ كصفَاة الجَيْحل‏
و قال المتنخّل:
ليس لمَيْتٍ بوَصيلٍ و قد             عُلِّق فيه طَرَفُ المَوْصلِ‏
يقول: باتَ الميّت فلا يُواصلُه الحيّ، و قد عُلّق في الحيّ السّبب الذي يُوصّله إلى ما وصل إليه الميّت، و أنشد ابن الأعرابي:
إنْ وصلتَ الكتابَ صِرْتَ إلى اللّه             و مَن يُلْفَ واصلًا فهو مُودي‏
قال أبو العباس: يعني لَوْح المقَابر يُنقَر و يُترَك فيه موضعٌ بَياضاً فإذا مات إنسان وُصل ذلك الموضع باسمه. و يقال: هذا وَصيلُ هذا، أي: مِثْله. و الوَصائل: بُرودُ اليَمَن، الواحدة وصيلة.
و
في الحديث: «أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم لعن الواصلة و المستوصلة»
، قال أبو عُبيد: هذا في الشَّعر، و ذلك أن تصل المرأة شَعْرَها بشعرٍ آخَر.
و
رُوِي في حديثٍ آخَر: «أيُّما امرأةٍ وصلت شعَرها بشعرٍ آخَر كان زُوراً»
. قال: و قد رَخصَت الفُقهاءُ في القَرَامِل، و كلُّ شي‏ء وُصِل به الشَّعر ما لم يكن الوَصل شعراً لا بأس به.
و قال اللّه جلّ و عزّ: ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ
 [المائدة: 103]، قال المفسّرون: الوصيلةُ: كانت في الشّاء خاصّة، كانت الشاةُ إذا وَلَدتْ أنثى فهي لهم، و إن ولَدَتْ ذكراً جعلوه لآلهتهم، و إذا ولدتْ ذكراً و أنثى قالوا: وصلَتْ أخاها، فلم يَذبحوا الذَّكَر لآلهتهم.
قالوا: و الوصيلة: هي الأرض الوَاسِعة كأنها وُصلَت بأُخرى، يقال: قطَعْنَا وصيلةً بعيدةً.
و
رُوِي عن ابن مسعود أنه قال: إذا كنتَ في الوصيلة فأَعْطِ راحِلَتَك حَظَّها.
لَم يُرد بالوصيلة هنا الأرضَ البعيدة، و لكنه أراد

164
تهذيب اللغة12

وصل ص 164

أرضاً مُكْلِئة تتّصل بأخرى ذات كلأ، و في الأولى يقول لَبيد:
و لقد قَطَعت وصيلةً مجرُودةً             يَبكِي الصَّدَى فيها لشَجْوِ البُومِ‏
و قال اللّه جلّ و عزّ: إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى‏ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ‏
 [النساء: 90]، و المعنى: اقتلوهم و لا تتّخذوا منهم أولياءَ إلّا من اتصل بقوم بينكم و بينهم ميثاق و اعتَزوْا إليهم، و هو من قول الأعشى:
إذا اتَّصلتْ قالت أَبَكْرَ بن وائلٍ             وَ بَكْرٌ سَبَتها و الأُنُوفُ رَوَاغِمُ‏
أي: إذا انتَسَبتْ.
أبو العباس عن ابن الأعرابي في قوله:
إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى‏ قَوْمٍ‏
 أي: يَنتسبون.
قلتُ: و الاتّصالُ أيضاً: الاعتزاءُ المَنهي عنه إذا قال: يال فلان. و الوِصلُ بكَسر الواو كلُّ عَظْمٍ على حدةٍ لا يُكسَر و لا يُوصل به غيره، و هي الكِسْر و الجَدْل، و جمعُه أوْصال و جُدول، و يقال: وصل فلانٌ رَحمه يصلُها صلةً. و وصل الشي‏ءَ بالشي‏ء يَصلُه وصلًا. و وصل كتابُه إليّ وَبرُّه يَصل وُصولًا، و هذا غيرُ واقع.
و واصَلْتُ الصيامَ بالصيام: إذا لم تُفْطر أياماً تباعاً. و
قد نهى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم عن الوصال.
و توصّلتُ إلى فلان بُوصلَةٍ و سببٍ تَوصُّلًا:
إذا تسبَّبْتَ إليه بحُرمة. و مَوصل كُورَةٌ معروفة.
صول:
قال أبو زيد: صالَ الجملُ يصُول صيالًا و صُوالًا، و هو جَمَلٌ صَوْلٌ و جمالٌ صَوْلٌ لا يُثنَى و لا يُجمع لأَنه نعتٌ بالمَصدر.
قال أبو زيد: يقال: صَؤُلَ البعيرُ يصؤُل صآلةً، و هو جملٌ صَؤُلٌ، و هو الّذي يأكل راعِيه و يواثِبُ الناس فيأكلهم قال:
و الصَّؤول من الرّجال: الذي يضرب الناسَ و يتطاول عليهم.
قلت: الأَصل فيه تركُ الهَمْز، و كأنه هُمِز لانضمام الواو، و قد همزَ بعضُ القرَّاء:
وَ إِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا [النساء: 135]، لانضمام الواو.
أبو العباس عن ابن الأَعرابي قال:
المِصْولة: المِكْنَسة التي يُكنَس بها نواحي البَيْدَر.
صلى:
روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «إذا دُعي أحدكم إلى طعامٍ فليُجب، فإن كان مُفْطراً، فلْيَطْعم، و إن كان صائماً فليُصلّ».
قال أبو عبيد: قولُه: «فليُصلّ» يعني فليَدْعُ لهم بالبَرَكة و الخير، و كلُّ داعٍ فهو مصلٍّ و منه قولُ الأعشى:
عليكِ مِثلَ الذي صلَّيْتِ فاغتمِضي             نَوماً فإنَّ لجَنْب المرء مُضْطجعا

165
تهذيب اللغة12

صلى ص 165

و أما
حديثُ ابن أبي أوْفَى أنه قال:
أعطاني أبي صدقة ماله فأتيتُ بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقال: «اللّهم صلّ على آل أبي أوْفَى»
فإنّ هذه الصلاةَ عندي الرحمةُ، و منه قولُه جلَّ و عزَّ: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ‏
 [الأحزاب:

56]، فالصلاة من الملائكة دعاءٌ و استغفار، و من اللّه سبحانه رحمة. و من الصلاة بمعنى الاستغفار
حديثُ الزُّهْريِّ عن محمد بن عبد الرحمن بن نَوفَل عن سَوْدة أنها قالت: يا رَسول اللّه إذا مُتْنا صلَّى لنا عُثمان بنُ مَظْعون حتى تأتيَنا، فقال لها: «إن الموت أشدُّ مما تقدِّرين»
. قال شمر: قولها: «صَلى لنا»، أي:
استغْفَرَ لنا عند رَبّه، و كان عثمانُ ماتَ حينَ قالت سَوْدَةُ ذلك. و أمَّا قولُ اللّه جلَّ و عزَّ: أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ
 [البقرة: 157]، فمعنى الصلوات ههنا: الثناء عليهم من اللّه، و قال الشاعر:
صلَّى على يَحيَى و أشياعِه             رَبٌّ كريمٌ و شفيعٌ مُطاعْ‏
معناه: ترحّم اللّه عليه على الدّعاء لا على الخبر.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الصلاة من اللّه رحمة، و من المخلوقين- الملائِكة و الإنس و الجنِّ- القِيامُ و الركوعُ و السجودُ و الدعاءُ و التسبيحُ. و الصلاةُ من الطّير و الهَوام التسبيح.
قال أبو العباس في قوله: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَ مَلائِكَتُهُ‏
 [الأحزاب: 43]، فيصلّي يَرحَم، و ملائكتُه تدعو للمسلمين و المسلمات.
قال: و قولُ الأعشى:
* و صَلّى على دَنِّها و ارتَسَمْ*
قال: دعا لها أ لا تَحمَض و لا تَفسُد.
و قال الزجاج: الأصلُ في الصلاة اللّزوم، يقال: قد صلِيَ و اصطَلَى: إذا لزم، و من هذا: من يُصْلَى في النَّار، أي: يُلزَم النارَ.
و قال أهلُ اللغة في الصلاة: إنها من الصلَوَيْن، و هما مُكتَنِفا الذَّنَب من الناقة و غيرها، و أوّلُ مَوْصِلِ الفَخِذين من الإنسان فكأنَّهما في الحقيقة مكتنفا العُصْعُص.
قال: و القولُ عندي هو الأول، إنما الصلاة لُزوم ما فَرَض اللّه، و الصلاةُ من أعظَم الفَرْض الذي أُمِرَ بلزومه. و أما المُصلِّي الذي يَلي السابقَ فهو مأخوذٌ من الصلَوَيْن لا مَحالَة، و هما مكتَنِفا ذَنب الفرس، فكأنه يأتي و رأسُه مع ذلك المكان.
و
في حديثٍ آخر: «إنّ للشيطان مَصالِيَ و فُخُوخاً»
، و المصالِي شبيهةٌ بالشَّرَك‏

166
تهذيب اللغة12

صلى ص 165

تنصب للطير و غيرِها.
قال ذلك أبو عُبَيد: يعني ما يَصيدُ به الناسَ من الآفات التي يستفِزُّهم بها من زِينة الدّنيا و شَهواتها.
و
في حديثٍ آخَر: «أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أُتِيَ بشاةٍ مَصْلِيَّةٍ».
قال أبو عُبَيد: قال الكسائيّ: المَصْلِيّة المشوِيّة، يقال: صَلَيتُ اللحمَ و غيرَه: إذا شَوَيْتَه، فأنا أَصْلِيه صَلْياً: إذا فعلتَ ذلك و أنت تريد أن تشويَه، فإذا أردتَ أنّك تُلقِيه فيها إلقاءً كأنّك تريد الإحراقَ قلت:
أصليتُه- بالألف- إصلاءً، و كذلك صلَّيته أُصَلِّيه تَصْلِيَة.
قال اللّه جلّ و عزّ: وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَ ظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً
 [النساء:
29].
و
يُروَى عن عليّ أنه قرأ: (و يُصَلَّى سعيراً)
 [الانشقاق: 12].
و كان الكسائيّ يقرأُ به، فهذا ليس من الشي‏ء، إنما هو من إلقائك إياه فيها.
و قال أبو زُبيد:
فَقَدْ تصلّيت حَرّ حَرْبهمُ             كما تَصَلَّى المقرورُ مِنْ قَرَسِ‏
و يقال: قد صَلِيت بالأمر أَصلَى به: إذا قاسَيْت شدّتَه و تَعَبه. وَ صلَيْتُ لِفُلان بالتخفيف، و ذلك إذا عمِلتَ له في أمرٍ تريد أن تَمْحَلَ به، و تُوقِعَه في هَلَكة، و الأصل في هذا من المَصالِي و هي الشَّرَك تُنْصَب للطَّير.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: صَلَّيت العَصا تَصلِيةً: إذا أدرْتها على النَّار لتقوِّمها، و أنشد:
* وَ مَا صَلّى عَصاكَ كمستَديم*
و يقال: أَصْلَتِ الناقةُ فهي مُصْليَةٌ: إذا وقع ولَدُها في صَلَاها و قَرُبَ نتَاجُها.
و
في حديث عليّ أنه قال: «سبقَ رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و صلَّى أبو بكر، و ثَلَّث عُمَر، و حَبَطَتْنا فِتنةٌ فما شاء اللّه».
قال أبو عُبَيد: و أصلُ هذا في الخيل، فالسابقُ الأوَّلُ، و المصلِّي الثاني، قيل له: مُصَلٍّ لأنه يكون عند صَلَا الأوّل، و صَلَاه: جانِبا ذَنَبِه عن يمينه و شِماله، ثم يتلوه الثالث.
قال أبو عُبَيد: و لم أسمعْ في سوابق الخيل ممن يُوثَقُ بِعِلمِه اسماً لشي‏ء منها إلا الثاني، و السُّكَيْت، و ما سِوَى ذَيْنِك إنما يقال الثالث و الرابع، و كذلك إلى التاسع.
قال أبو بكر: قال أبو العبَّاس: المصلِّي في كلام العرب: السابقُ: المتقدِّم.
قال: و هو مُشَبَّهٌ بالمصلِّي من الخيل، و هو السابقُ الثاني، و يقال للسابق الأوّل:
المُجَلِّي، و للثاني: المصلِّي، و للثالث:
المُسَلِّي، و للرابع: التَّالي، و للخامس:

167
تهذيب اللغة12

صلى ص 165

المُرْتاح، و للسادس: العاطِفِ، و للسابع:
الحَظِيّ، و للثامن: المؤمَّل، و للتاسع:
اللَّطيم، و للعاشر: السُكَيْت، و هو آخر السُّبَّق.
و قال ابن السكِّيت: الصِّلاء اسمٌ للوَقود، و هو الصَّلا: إذا كَسَرْتَ الصادَ مَدَدْتَ، و إذا فَتحتَها قَصَرْتَ، قاله الفرّاء.
و قال اللَّيث: الصِّلِّيَان: نَبْت، قال بعضُهم: هو على تقدير فِعِّلَان.
و قال بعضُهم: فِعْلِيان؛ فمن قال فِعليان قال: هذه أرضٌ مَصْلاةٌ، و هو نَبتٌ له سَبْطة عظيمة كأنّها رأس القَصَبة، إذا خَرجَت أذنابُها تَجِدُ بِهَا الإبلُ، و العربُ تسمِّيه خُبزَة الإبل.
و قال غيرُه: من أمثال العرب في اليمين إذا أَقدَم عليها الرجلُ ليَقْتَطِع بها مالَ الرجلِ: جَذَّها جَذَّ العيْرِ الصِّلِّيَانَة، و ذلك أن لها جِعْثِنةً في الأرض، فإذا كَدَمَها العَيْرُ اقتَلَعها بجِعْثِنَتها.
شَمر عن أبي عمرو: الصَّلَايَةُ: كلُّ حَجَر عريضٍ يُدَقّ عليه عِطْرٌ أو هَبِيد، يقال:
صَلاءةٌ و صَلاية.
و قال ابن شُميل: الصَّلَاية: سَرِيحة خَشِنةٌ غليظةٌ من القُفّ.
و قال أبو العبَّاس في قول اللّه تعالى:
وَ بِيَعٌ وَ صَلَواتٌ‏
 [الحج: 40]، قال:
الصلوات: كنائسُ اليهود، قال: و أصلُها بالعِبْرانيّة صَلُوتا، و نحو ذلك.
قال الزجَّاج: و قُرِئَت: (و صُلُواتٌ و مَساجد) [الحج: 40]. قال: و قيل: إنها مواضعُ صلوات الصابِئِين.
لوص:
قال أبو تُراب: يقال: لاصَ عن الأمر و نَاص: بمعنى حادَ.
و قال أبو سعيد اللِّحياني: أَلَصْتُ أنْ آخُذَ منه شيئاً أُلِيصُ إلاصَةً، و أَنَصْتُ أُنِيصُ إِنَاصَةً، أي: أَرَدْتُ.
أبُو عُبَيْد: الإلاصةُ مِثْلُ العِلاصة، إدارَتك الإنسانَ على الشّي‏ء تطلُبُه منه، يقال: ما زلتُ أُلِيصُه على كذا و كذا.
و
قال عُمر لعثمان: هي الكلمة التي أَلَاصَ النبِيُّ صلّى اللّه عليه و سلّم عليها عمَّه عند الموت:
شهادة أن لا إله إلّا اللّه.
اللَّيْثِ: اللَّوْص من الملاوَصة، و هو في النَّظَر كأَنه يَخْتِل لِيَرُوم أَمْراً. و الإنسانُ يُلَاوِصُ الشجرةَ إذا أراد قَلْعَهَا بالفأس، فَتَراه يُلَاوِصُ في نظرِه يَمْنَةً و يَسْرَةً كيف يَضْرِبُهَا.
ثعلب عن ابن الأعْرَابيِّ: يقال للفالُوذ:
المُلَوَّصُ وَ المُزَعْزَعُ وَ المُزَعْفَرُ، و هو اللَّمْص. قال: و لوَّص الرجلُ: إذا أَكلَ اللَّواص، و هو العَسَل الصافي.
أصل:
قال اللّيث: الأصلُ: أسفلُ كلِّ شي‏ء، و يقال: اسْتَأصَلَتْ هذه الشجرةُ، أي: ثَبَتَ أَصلُها، و اسْتَأصَلَ اللّه بني‏

168
تهذيب اللغة12

أصل ص 168

فلان، أي: لم يَدَعْ لهم أصْلًا. و يقال:
إنَّ النَّخلَ بِأَرْضِنا لأَصِيل، أي: هوَ به لا يزال و لا يَفْنَى. و فلانٌ أَصِيلُ الرَّأيِ، و قد أَصُلَ رأيُه أصالةً، و إنه لأَصيلُ الرَّأي و العَقْل. و الأصيل: هو العَشِيّ. و هو الأُصُل.
ابن السِّكِّيت: يقال: لقيتُه أُصَيْلالًا و أُصَيْلَاناً: إذا لقيتَه بالعشيّ. و لقِيتُه مُؤْصِلًا. و جمعُ أَصيل العشيِّ: آصالٌ.
و قال اللَّيث: الأصيل: الهَلاك، و قال أَوْس:
خافُوا الأَصيلَ و قد أَعْيَتْ مُلُوكَهُمُ             و حُمِّلُوا مِن ذَوِي غَوْمٍ بأَثْقَالِ‏
و الأَصِيلُ: الأصْل. و رَجُلٌ أَصِيلٌ: له أَصْل.
ابن السّكِّيت: جاءُوا بِأَصِيلَتِهِمْ، أي:
بِأَجْمَعِهِمْ.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: أخذتُ الشي‏ءَ بِأَصَلَتِه: إذا لم تَدَعْ منه شيئاً.
و يقال: أَصِلَ فُلانٌ يَفعَل كذا و كذا، كقولك: عَلِقَ و طَفِقَ.
و قال شَمر: الأَصَلَة: حيَّةٌ مِثْلُ رِئة الشاة لها رِجْلٌ وَاحِدَةٌ، و قيل: هي مِثْلُ الرَّحَى مستديرةٌ حَمْراءُ لا تَمَسّ شجرةً و لا عُوداً إلا سَمَّتْه، ليست بالشديدةِ الْحُمْرَة، لها قائمة تَخُطُّ بها في الأرض، و تَطْحَن طَحْنَ الرَّحَى.
لصا:
قال اللّيث: يقال: لَصَى فلانٌ فلاناً يَلْصُوه و يَلْصُو إليه: إذا انْضمّ إليه لِريبة، و يَلْصِي أعربهُما، و أَنشد:
* عَفٌّ فلَا لاصٍ و لا مَلْصِيُّ*
أي: لا يُلْصَى إليه.
و قال غيرُه: اللَّصْوُ و القَفْوُ: القَذْفُ للإنسان برِيبة يَنسبُه إليها؛ يقال: لَصاه يَلْصُوه و يَلْصِيه: إذا قَذَفه.
و قال أبو عُبَيد: يُروَى عن امرأة من العَرَب أنّه قيل لها: إنّ فلاناً قد هَجاكِ، فقالت: ما قَفَا و لا لَصَا؛ تقول: لم يَقْذِفْني. قال: و قولها لَصَا مثل قَفَا؛ يقال منه: رجلٌ قافٍ لاصٍ؛ و أَنشدَ:
إِنِّي امرؤٌ عن جارتي غنيُّ             عَفٌّ فلا لاصٍ و لا مَلْصِيُ‏
يقول: لا قاذِف و لا مقْذوفُ.
باب الصاد و النون‏
ص ن‏
 (و ا ى ء) صون، صين، صنا، نوص، نصا، نصأ، وصن، نيص.
صون:
قال الليث: الصَّوْنُ: أَنْ تَقِيَ شيئاً ممّا يُفسِده. و الصِّوانُ: الشي‏ءُ الذي تَصون به، أو فيه، شيئاً أو ثوباً.
و الفَرَسُ يَصُون عَدْوَه و جَريَه: إذا اذّخر منه ذخيرة لحاجته إليه. و الحُرُّ يَصُون عِرْضَه كما يَصُون الإنسان ثوبَه.

169
تهذيب اللغة12

صون ص 169

و قال لَبيد:
* يُراوِح بين صَوْنٍ و ابتذالِ*
أي: يَصُون جَرْيَه مرة فيُبقِي منه و يبتَذِلُه مرّة فيجتهدُ فيه.
أبو عُبَيْد عن الأصمعيّ: الصَّوّان:
الحِجارة الصُّلْبة، واحدتُها صَوّانة.
قلتُ: و الصَّوّانُ: حَجَر صُلْبٌ إذا مَسّتْه النار فَقَّع تفقيعاً و تَشقَّق، و ربّما كان قَدَّاحاً تُقْتَدَح منه النار، و لا يَصلح للنُّورة و لا للرِّضاف.
و قال النابغة:
بَرَى وَقَعُ الصَّوّان حَدّ نُسُورها             فهنّ لِطافٌ كالصِّعاد الذَّوابلِ‏
أبو عُبَيد: الصَّائن من الخَيل: القائمُ على طَرفِ حافرِه من الحَفا.
و قال النابغة:
و ما حاوَلْتُما بقِيادِ خَيْلٍ             يَصُون الوَرْدُ فيها و الكُمَيْتُ‏
و أمَّا الصائِم فهو القائم على قَوائمِه الأَربعِ من غير حَفا.
و يقال: صنتُ الشي‏ءَ أَصُونه، و لا تَقُل أَصَنْتُه و هو مَصُون، و لا تَقُل مُصانٌ.
و قال الشافعيّ: بِذْلةُ كلامِنا صَوْن غَيرِنا.
صنا:
رُوِيَ عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أبيه».
قال أبو عُبَيد: معناه: أن أصلَهما واحد.
قال: و أصلُ الصِّنْو إنما هو في النَّخْل.
و رَوَى أبو إسحاق عن البَراء بن عازب في قول اللّه جلّ و عزّ: صِنْوانٌ وَ غَيْرُ صِنْوانٍ‏
 [الرعد: 4]، قال: الصِّنْوان: المجتمعُ، و غير الصِّنْوان المتفرِّق.
و قال الفرّاء: الصِّنْوانُ: النَّخَلاتُ أصلُهُنّ واحد.
و قال شَمِر: يقال: فلانٌ صِنْوُ فلانٍ، أي:
أخوه، و لا يُسمَّى صِنْواً حتى يكون معه آخَرُ، فهما حينئذ صِنْوان، و كلُّ واحدٍ منهما صِنْوُ صاحبِه.
قال: و الصِّنْوان: النَّخْلَتان و الثلاثُ و الخَمسُ و الستّ، أصلُهنّ واحد و فروعُهُنّ شتَّى. و غيرُ صِنْوانٍ: الفارِدة.
و قال أبو زيد: هاتان نَخْلتان صِنْوان، و نَخِيل صِنْوانٌ و أَصْنَاءٌ.
و يقال للاثنين: قِنْوان و صِنْوان، و للجماعة قِنْوانٌ و صِنْوانٌ.
أبو عُبَيد عن الفرّاء: أخذْتُ الشي‏ءَ بصنايَته و سِنايَته، أي: أخذْتُه بجميعه.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الصِّناء:
الرَّماد، يُمَدّ و يُقْصَر.
و يقال: تَصنَّى فلانٌ: إذا قَعَدَ عند القِدْر من شَرَهِه يُكَيِّب و يَشْوِي حتى يصيبَه الصِّناء.
شمر عن أبي عمرو: الصُّنَيُّ: شِعْبٌ صغيرٌ يسيلُ فيه الماءُ بين جَبَلين.

170
تهذيب اللغة12

صنا ص 170

و قالت ليْلَى الأخيليّة:
أنابِغَ لم تَنْبُغ و لم تَكُ أوّلًا             و كنتَ صُنَيّاً بين صُدَّيْن مَجْهلا
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: الصَّاني:
اللازم للخِدْمة. و الناصي: المُعَرْبِد. قال:
و الصَّنْوُ: الغَوْرُ الخَسِيس بين الجَبَلَين.
قال: و الصَّنْوُ: الماءُ القليل بين الجَبَلين.
و الصَّنْوُ: الحجر يكون بين الجبلين، و جمعُها كلُّها صُنُوٌ.
سَلَمة عن الفرّاء قال: الأصْناءُ: الأمْثال.
و الأصْناءُ: السابقون.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: الصِّنْوَة:
الفَسِيلة. ابن بُزُرْج: يقال للحَفَرِ المعطَّلِ صِنْوٌ، و جمعُه صِنْوان. و يقال: إذا احتَفَر: قد اصْطَنَى، و هو الاصطِناء.
نصا:
و
في الحديث: «أنَّ بنت أبي سَلَمة تَسَلَّبتْ على حمزة ثلاثةَ أيام، فدعاها رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و أمَرَها أن تَنصَّى و تَكتَحِل»
. قولُه: «أمَرَها أن تَنَصَّى»، أي:
تُسرِّح شعرَها، و يقال: تَنَصَّت المرأةُ: إذا رَجَّلَتْ شعرَها.
و
في حديث عائشةَ حين سُئلتْ عن الميّت يُسرَّح رأسُه؟ فقالت: علامَ تنْصون ميِّتَكم‏
. قولُها: تَنْصُون: مأخوذٌ من النَّاصية، يقال: نَصوْتُ الرجلَ أنصُوه نصْواً: إذا مددْتَ ناصِيَتَه: فأرادت عائشةُ أنَّ الميّتَ لا يَحتاج إلى تسريح الرأس، و ذلك بمنزلة الأخْذ بالنَّاصية.
و قال أبو النَّجم:
إنْ يُمْسِ رأسِي أشمَطَ العنَاصِي             كأنما فَرَّقَه مُناصِي‏
و يقال: نَاصيْتُه: إذا جاذَبْتَه، فأخَذَ كلُّ واحد منكما بناصية صاحِبه، و قال عمرو بن مَعدِيكرب:
أعبّاسُ لو كانت شَيَاراً جِيادُنَا             بتَثليثَ ما ناصَيْتَ بعدِي الأحَامِسا
و قال اللّيث: الناصية: هي قُصاصُ الشّعَر في مقدَّم الرأس، و قال الفرّاء في قول اللّه جل و عز: لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ
 [العلق: 16]، ناصيتُه مُقدَّمُ رأسه، أي: لنَهْصُرَنَّها، لَنأخذنّ بها، أي: لنقيمنّه و لنُذِلّنّه.
قلتُ: و الناصية عند العَرب: مَنبِتُ الشعر في مقدَّم الرأس، لا الشّعر الّذي تسمّيه العامّة الناصية، و سُمِّي الشعرُ ناصيةً لنَباتِه في ذلك الموضع. و قد قيل في قوله:
لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ
، أي: لنُسَوِّدَنَّ وجهه فَكَفَت النَّاصيَةُ لأنّها من الوجه و الدّليل على ذلك قول الشاعر:
و كنتُ إذا نَفْسُ الغَوِيِّ نَزَتْ به             سَفَعْتُ عَلَى العِرْنِين منه بِمِيسَمِ‏
و لغة طَيِ‏ء في الناصيَة: النّاصَاةُ حكاه أبو عُبَيد و أنشد فقال:
لقد آذَنَتْ أَهْلَ اليمَامةِ طَيِ‏ءٌ             بحربٍ كنَاصَاةِ الحِصان المُشَهَّر

171
تهذيب اللغة12

نصا ص 171

و قال ابن السكّيت: النَّصِيّةُ: البقيّة، و أنشد:
تجرَّدَ من نَصيَّتِها نَوَاجٍ             كما يَنْجُو من البَقَرِ الرَّعِيلُ‏
و
في الحديث: أنّ وَفْدَ همْدانَ قَدِموا عَلَى النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم فقالوا: نحن نصيَّةٌ من هَمْدانَ.
قال الفرّاء: الأَنْصَاءُ: السابقون. قال القتيبي: نصية قومهم، أي: خيارهم.
و النصِّية: الخيارُ الأَشراف. و نواصِي القومِ: أشرافُهم، و أما السّفِلةُ فهم الأَذْناب.
الحزّاز عن ابن الأعرابيّ: إني لأجد في بَطْني نَصْواً و وَخْزاً، و النّصْوُ مِثلُ المَفْس، سُمِّي نَصْواً لأنّه يَنْصُوك، أي: يُزعِجك عن القَرار.
و قال الفرَّاء: وجدتُ في بطني حَصْواً و نَصْواً و قَبْصاً بمعنًى واحد. و يقال: هذه الفَلاة تُناصِي أرضَ كذا و تُواصِيها، أي:
تتّصل بها. و النَّصِيُّ: نبتٌ معروف، يقال له: نَصِيُّ ما دام رَطْباً، فإذا يَبِسَ فهو حَلِيّ. و قال الليث: هذه مفازة تناصي مفازة أخرى إذا كانت متصلة بالأولى.
 [نصأ]:
أبو زيد في كتاب «الهمز»: نَصأْتُ الناقةَ أَنصَؤها نَصْأ: إذا زَجَرْتَها.
أبو زيد عن الأصمعيّ: نَصَأْتُ الشي‏ء:
رَفَعْتُه نَصْأً.
نوص:
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: النَّوْصَةُ:
الغَسْلَة بالماء أو غيره.
قلت: الأصلُ المَوْصَةُ فقُلِبت الميم نوناً.
قال ابن الأعرابيّ: و النَّيْصُ: الحركة الضعيفة. اللّحيانيّ عن أبي عَمْرو: ما يَنُوص فلانٌ لحاجتي و ما يَقْدِر على أن يَنُوص، أي: يتحرَّك لشي‏ء.
أبو سعيد: انتاصَتْ الشمسُ انتياصاً: إذا غابت.
و قال اللّه جلَّ و عزَّ: وَ لاتَ حِينَ مَناصٍ‏
 [ص: 3].
قال الفرَّاء: ليس بحين فرار. النَّوْصُ:
التأخُّر في كلام العرب.
قال: و البَوْصُ: التقدُّم؛ و يقال: بصْتُه، و أنشد قول امرئ القيس:
أمِن ذكر سَلمى إنْ نَأَتْكَ تَنُوصُ             فتقصر عنها خطوَةً وَ تَبُوص‏
فمناص: مَفعل مثل مَقام.
و قال الليث: المناص: المَنْجَا.
قال: و النَّوْصُ: الحِمَار الوحشي لا يزال نائِصاً رافعاً رأسه يتردَّد كأنه نافرٌ جامح.
و الفرس يَنُوص و يَسْتنيصُ، و ذلك عند الكَبْح و التّحريك.
و قال حارثة بن بَدْر:
غَمْرُ الجِراء إذا قصرتُ عِنانه             بِيَدِي استناص ورامَ جَرْيَ المَسْحَلِ‏
وصن:
أبو العباس عن ابن الأعرابي:

172
تهذيب اللغة12

وصن ص 172

الوَصْنَة: الخِرْقة الصّغيرة. و الصَّوْنَةُ:
العَتيدة. و الصِّنْوة: الفَسِيلة.
نيص:
قال اللّيث: النَّيْص من أسماء القُنْفُد الضَّخْم.
قلت: لم أسمعه لغيره.
صين:
و الصِّين: بلدٌ معروفٌ، إليه يُنْسَبُ الدّارصِينيّ.
باب الصاد و الفاء
ص ف‏
 (و ا ى ء) صوف، صيف، صفا، وصف، فيص، فصا، أصف.
صوف:
قال اللّيث: الصُّوفُ للضَّأن و ما أشْبَهَه. و يقالُ: كَبْشٌ صافٌ، و نَعْجَةٌ صائِفَة.
أبو عُبَيْد عن الكسائيّ: كَبْشٌ أَصْوَفُ و صَوِفٌ- مِثالُ فَعِل- و صائفٌ و صافٌ، كلُّ هذا أن يكون كثيرَ الصُّوف. و أخبرَني المنْذِرِيُّ عن أبي الهَيْثم، يقال: كبشٌ صائِفٌ و صافٌ، كما يقال: جُرُفٌ هَائرٌ و هارٍ على القَلْب. و قال اللَّيث: كبشٌ صُوفانِيٌّ أو نَعْجَةٌ صُوفانَةٌ. و يقال لواحدة الصُّوف: صُوفَة، و تصغَّر صُوَيْفَة.
أبو عُبَيْد عن الأصمعيّ: من أمثالهم في المال يَملِكه من لا يَستأهِله: خَرْقَاءُ وَجدتْ صُوفاً، يُضرَبُ للأحمَق يُصِيبُ مالًا فَيضعه في غير موضِعه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: الصُّوفَانَةُ: بقلة معروفة.
و قال اللّيث: هي بَقْلَةٌ زَغْبَاءُ قصيرةٌ.
قال: و تسمَّى زَغَبَاتُ القَفَا: صوفةُ القفَا.
قال: و صُوفة: اسمُ حَيٍّ من بني تميم، و كانوا يُجِيزون الحاجّ في الجاهليَّةِ مِنْ مِنًى، فيكُونون أَوَّلَ، مَنْ يَدْفَعُ، يقال:
أَجِيزِي صُوفَة، فإذا أَجَازَتْ قيلَ: أَجِيزِي خِنْدِفٌ، فإذا أجازتْ أُذِنَ للناسِ كلِّهِمْ في الإجازةِ و هي الإفاضةُ، و فيهم يقولُ أَوْس بن مَغْرَاء:
* حتَّى يُقالَ أَجِيزُوا آلَ صُوفانَا*
ثعلبٌ عن ابن الأعرابيّ: خُذْ بصوفةِ قَفاه، و بصوفِ قَفاه، و بِقَرْدَنِهِ و بِكَرْدنِه.
و قال أبو زيد: يقال: أخذَه بصُوفِ رقَبتِه و بطوفِ رقبته، بمعنًى واحد، يريدُ بشعرِ رقبته.
وصف:
في حديث أبي ذَرّ أن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قال له: «كيف أنتَ و موتٌ يصيبُ الناسَ حتى يكون البَيتُ بالوَصيف»
. قال شمِر: معناه: أن الموت يَكثُر حتى يصيرَ موضعُ قبرٍ يُشتَرى بعَبْدٍ من كثرة الموت مِثل المُوتَان الذي وقع بالبصرة و غيرِها.
ثعلب عن ابن الأعرابي: أَوْصفَ الوَصيفُ: إذا تَمّ قَدُّهُ، و أوصفتِ الجاريةُ، و وَصِيفٌ و وُصفاء، و وَصِيفة

173
تهذيب اللغة12

وصف ص 173

و وصائف.
و قال الليث: الوَصفُ: وصفُك الشي‏ءَ بحليتهِ و نَعْتِه.
قال: و يقال للمُهْر إذا تَوجَّه لشي‏ءٍ من حُسن السِّيرَة: قد وَصَف، معناه: أنه قد وَصَف المشي؛ يقال: هذا مُهر حين وَصف.
و
في حديث الحَسَن أنّه كَرِه المواصفة في البيع.
قال شَمِر: قال أحمد بنُ حنبل: إذا باع شيئاً عنده على الصِّفة لزِمَه البيع. و قال إسحاق كما قال.
قلتُ: و هذا بَيْعُ الصِّفة المضمونة بلا أَجَل بمنزِلة السَّلَم، و هو قول الشافعيّ، و أهلُ الكوفة لا يجيزون السَّلَم إذا لم يكن إلى أجَلٍ معلوم.
صفا:
الليث: الصَّفْوُ: نَقِيضُ الكَدَر، و صَفْوَةُ كلِّ شي‏ء: خالصُه مِن صَفْوة المال و صَفْوَة الإخاء.
أبو عُبَيد عن الكسائيّ: هو صِفْوة الماء، و صَفْوةُ الماء، و كذلك المالُ، و هو صَفوةُ الإهالة لا غَيرُ.
و قال الليث: الصفاءُ: مُصافاةُ المودّةِ و الإخاء. و الصَّفْو أيضاً: مصدر الشي‏ء الصافي.
قال: و إذا أَخَذَ صَفْوَ ماءٍ من غَديرٍ، قال:
استصفَيتُ صَفْوةً.
و الاصطفاء: الاختيارُ، افتعالٌ من الصفْوَة، و منه النبي المُصطَفى، و الأنبياء المُصطَفَوْن، و هم من المُصطَفَيْن: إذا اختِيروا، و هم المُصطَفُون: إذا اختاروا، هذا بضَمِّ الفاء.
و صفِيّ الإنسان: أخوه الذي يُصافيه الإخاء. و ناقة صَفِيٌّ: كثيرة اللبن. و نخلةٌ صَفِيٌّ: كثيرةُ الحَمل، و الجميعُ الصفايا.
أبو عُبَيد عن الأصمعي: النَّاقة الصفيُّ:
الغَزِيرة.
و قال أبو عمرو مِثله.
و قال: صَفْوَتْ وصَفَتْ.
و قال الكسائي: صَفَوَتْ.
و قال أبو عُبَيد: الصَّفِيُّ من الغنيمة: ما اختاره الرئيسُ قَبل القسمة من فَرَس أو سَيْف أو جارية، و جمعُه صفَايَا، و أنشد:
* لك المِرْبَاعُ فيها و الصَّفايَا*
و استصفَيْتُ الشي‏ء: إذا اسْتَخلَصته. و من قرأ: (فاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عليها صَوَافِيَ) [الحج: 36]، بالياء، فتفسيره: أنها خالصة للَّه؛ يُذْهَبُ بها إلى جمع صافية، و منه قيل للضياعِ التي يَستخلصها السّلطان لخاصَّته:
الصَّوافي.
و يقال: أصفَيْتُ فلاناً بكذا و كذا، أي:
آثَرْتُه به.
أبو عُبَيْد عن الأصمعي: الصفوَاء و الصفْوَانُ و الصفَا- مقصورٌ- كلُّه واحد.

174
تهذيب اللغة12

صفا ص 174

و أنشد:
* كما زَلَّتْ الصفْوَاءُ بالمتنزَّلِ*
الحرَّاني عن ابن السكيت قال: الصَّفَا:
العريضُ من الحجارة، الأمْلس، جمع صفَاة، يُكتب بالألف، و إذا ثنِّي قيل صَفَوان، و هو الصفْواءُ أيضاً، و منه الصفَا و المَرْوَة: و هما جبلان بين بَطْحَاء مكَّة و المسجد. و بالْبحرَين نهر يتخلَّجُ من عَيْنِ محلِّم يقال له: الصَّفَا، مقصور.
أبو عبيد عن الكسائي: أصْفَتْ الدَّجاجة إصفَاءً: إذا انقطع بَيْضها. و أَصْفَى الشاعرُ: إذا لم يَقُل شعراً.
و قال ابن الأعرابي: أَصفَى الرجل: إذا أنفد النساءُ ماءَ صُلْبِهِ. و اصطفيت الشي‏ء، أي: اخترته. و المصفاة: الراووق.
و صفّيت الشراب.
فيص:
قال الليث: يقال: قبضْتُ عَلَى ذَنَب الضَّبّ فأَفاصَ من يدي حتى خلص ذنَبُه، و هو حين تنفرج أصابعك عن مقبِض ذنبه، و منه التَّفَاوُصُ.
و قال أبو الهيثم: يقال: قبضْتُ عليه فلم يَفِصْ و لم يَنْزُو لَمْ يَنُصْ بمعنى واحد.
ثعلب عن ابن الأعرابي: الفَيْصُ: بيانُ الكلام.
و
في حديث النَّبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «و ما يُفيصُ بها لسانُه»
، أي: ما يُبين. و فلانٌ ذو إفاصةٍ:
إذا تكلم، أي: ذو بيان.
و قال الليث: الفَيْصُ من المُفَاوصة، و بعضهم يقول: مُفايصة.
فصى:
في حديث قَيْلَةَ بنت مَخْرَمة أن جُوَيْرِيةً من بنات أختها حُدَيْبَاء قالت حين انتَفَجَتِ الأرنبُ و هما يسيران الفَصية.
قال أبو عُبَيد: تفاءلت بانتفاج الأرنب، و أرادت أنها خرجتْ مِن الضِّيق إلى السَّعة.
و من هذا
حديث آخر عن النَّبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه ذكر القرآن فقال: «لَهُوَ أَشَدُّ تفصِّياً من قلوب الرجَال من النعَم من عُقُلها»
، أي:
أشدُّ تَفَلُّتاً. و أصل التفصِّي أن يكون الشي‏ءُ في مضيق، ثم يخرج إلى غيره.
ثعلب عن ابن الأعرابي: أفْصَى: إذا تَخَلص من خير أو شر، و أفْصَى عنك الحرُّ أو البرد: إذا انسلخ.
و قال ابن السكيت: يقال: أفْصَى عنا الحر: إذا خرج و لا يكون أَفْصى عنّا البرد.
و قال الليث: كل شي‏ء لازِقٍ فخلَّصته.
قلت: قد انْفَصَى. و اللّحْمُ المتهرِّى‏ء يَنْفَصِي عن العظم، و الإنسَانُ يَتَفَصَّى من البليّة.
و قال أبو الهيْثم: من أمثالهم في الرّجل يكون في غمّ فيخرج منه قولهم: أفْصَى عنَّا الشتاء. و أفْصَى: اسمُ أبي ثَقِيف، و اسم أبي عبد القيس.

175
تهذيب اللغة12

صيف ص 176

صيف:
قال الليث: الصيْفُ: رُبْعٌ من أرباع السنة، و عند العامة نصفُ السَّنة.
قلتُ: الصيْفُ عند العرب: الفَصل الذي يُسمِّيه عوامُّ الناس بالعِراق و خُراسان:
الرَّبيع، و هي ثلاثةُ أشهر، و الفَصلُ الذي يليه: القَيْظُ، و فيه تكون حَمراء القَيْظ، ثم بعده فصل الخَريف، ثم بعده فصلُ الشتَاء. و الكَلأُ الذي ينبت في الصيف:
صَيْفيّ، و كذلك المطر الذي يقع فيه صَيِّف و صيْفيّ.
و قال ابن كُناسة: و اعلم أن السنة أربعةُ أزمنة عند العرب: الربيع الأول، و هو الذي يسميه الفرس الخريف، ثم الشتاء ثم الصيف، و هو الربيع الآخر، ثم القيظ، فهذه أربعة أزمنة.
و سُمِّيت غزوَة الروم: الصائفة، لأن سُنَّتَهُم أن يُغْزَوْا صيفاً و يُقفل عنهم قبل الشِّتاء.
و يقال: صافَ القومُ: إذا أقاموا بالصيف في موضع فهم صائفون. و أصافوا فهم يُصيفون: إذا دخلوا في زمان الصيف.
و أَشْتَوْا: إذا دخلوا في الشتاء.
و يقال: صُيِّف القوم و رُبِعُوا: إذا أصابهم مطر الصيف و الربيع، و قد صِفْنا و رُبِعْنَا، و كان في الأصل صُيِفْنَا فاستُثقلت الضمة مع الياء فحذِفت الياء و كُسرت الصاد لتدل عليها.
ابن السكيت: أصافَ الرجل فهو مُصيف:
إذا وُلِد له بعد ما يُسِنّ، و ولدُه صَيْفِيُّون.
و صاف فلانٌ ببلَدٍ يصيف: إذا أقام به في الصيف. و صاف السَّهْم عن الغرض يصيف، و ضاف يَضِيف: إذا عدل عنه.
و قال أبو زُبيد:
كلَّ يومٍ تَرْميه منها برَشْقٍ             فَمُصيفٌ أو صافَ غير بعيدِ
أبو عبيد: استأجرته مُصايفة و مُرابعة و مشاتَاة و مُخَارفة: من الصيف و الرَّبيع و الشِّتاء و الخريف.
و من أمثالهم: الصيف ضيَّعَت اللبن: إذا فَرّط في أمره في وقته.
و من أمثالهم في إتمام قضاءِ الحاجة:
تمامُ الرَّبيع الصيفُ، و أصله في المطر، فالربيعُ أوّله، و الصيفُ الذي بعده، فيقول الحاجة بكمالها، كما أنَّ الربيع لا يكون تمامُه إلَّا بالصيف.
أصف:
قال الليث: الأصَفُ: لغةٌ في اللَّصَف.
قال أبو عُبَيد: قال الفرّاء: هو اللَّصَف، و هو شي‏ء يَنبُت في أَصْل الكَبَر؛ و لم يَعرف الأَصَف.
و
قال الليث: آصف: كاتبُ سليمانَ الّذي دعا اللّه جلَّ و عزَّ باسمه الأعظم، فرأَى‏

176
تهذيب اللغة12

أصف ص 176

سليمانُ العرشَ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ‏
، و اللّه أعلم.
باب الصاد و البّاء
ص ب‏
 (و ا ي ء) صيب، صأب، صبا، بوص، وصب، وبص، أبص، بصا.
صيب:
ثعلب عن ابن الأعرابي: صابَ: إذا أَصابَ. و صابَ: إذا انصَبّ؛ و قال اللّه جلّ و عزّ: أَوْ كَصَيِّبٍ‏
 [البقرة: 19].
قال الزَّجاج: الصيِّبُ في اللغة: المطر:
و كلُّ نازلٍ من عُلْوٍ إلى استِفالٍ فقد صابَ يَصُوبُ، و أنشد:
كأنهُم صابَتْ عليهمْ سحابةٌ             صَواعقُها لطَيْرِهِنَّ ذَبِيبُ‏
و قال الليث: الصَّوْبُ: المَطَرُ. و الصيِّب:
سحاب ذو صَوْب. و صابَ الغيثُ بمكان كذا و كذا، و صابَ السهمُ نحو الرَّمِيَّة يَصُوب صَيْبُوبَةً: إذا قَصَدَ، و إنه لسهمٌ صائِبٌ، أي: قاصِدٌ. و الصوابُ: نقيضُ الخطأ. و التصوّبُ: حَدْبٌ في حُدُور.
و صَوّبتُ الإناءَ و رأسَ الخشبةِ تصويباً: إذا خَفَضْتَه.
و كُرِه تصويب الرأس في الصَّلاة.
و العرَبُ تقول للسائر في فَلاةٍ تُقطَع بالحَدْس إذا زَاغَ عن القَصْد: أقِمْ صَوْبَك، أي: قَصْدَك.
و فلانٌ مستقيم الصَّوْب: إذا لم يَزِغْ عن قَصْده يميناً و شِمالًا في مَسيره.
و قال الأصمعيّ: يقال: أصاب فلانٌ الصواب فأَخطأَ الجواب؛ معناه: أنه قَصَد قَصْد الصواب، و أَرادَه فأَخطأَ مُرادَه و لم يُصِب.
و قال غيره في قوله تعالى: تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ‏
 [ص: 36]، أي: حيث أراد أنه يصيب.
و يقال: صابَ السهمُ الرمِيّة يَصوبها و أَصابها: إذا قَصدها.
و قال الزَّجَّاج: أجمعَ النحويّون على أن حَكَوْا مصائب في جمع مُصيبة بالهمز، و أَجمعوا على أنّ الاختيارَ مصاوِب؛ و مصائب عندهم بالهمز من الشاذّ.
قال: و هذا عندي إنما هو بدل من الواو المكسورة، كما قالوا وِسادة و إسادَة.
قال: و زعم الأخفشُ أنّ مَصائب إنما وقعت الهمزة فيها بدلًا من الواو، لأنها أُعِلّت في مُصيبة.
قال الزّجّاج: و هذا ردي‏ء، لأنه يُلزم أن يقالَ في مَقام: مَقائم، و في مَعونة:
مَعَائن.
و قال أحمدُ بنُ يحيى: مُصيبة كانت في الأصل مُصْوِبَة، و مثلُه أَقِيمُوا الصَّلاةَ*، أصلُه أَقْوِموا، فألقَوْا حركةَ الواو على القاف فانكسرتْ، و قلَبُوا الواوَ ياءً لكسرة القاف.

177
تهذيب اللغة12

صيب ص 177

و قال الفرّاء: يُجْمَع الفُواق أَفْيِقَة، و الأصل أفْوِقَة.
و قال ابن بَزُرج: تركتُ الناسَ على مَصاباتِهم، أي: على طبقاتهم و مَنازلهم.
و قال ابن السكّيت: في عَقْل فلان صابةٌ، أي: كأنه مجنون.
و يقال للمجنون: مُصاب. و الصُّوبة:
الكُثْبة من تُرابٍ أو غيره.
أبو عُبَيد: فلانٌ من صُيَّابةِ قومِه، أي: من مُصَاصِهم و أخلَصِهم نَسَباً.
و قال غيره: من صُوَّابة قومِه مثله.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: الصَّابُ و السَّلَع ضَرْبان من الشَّجر مُرّان.
و قال الليث: الصابُ: عُصارةُ شجر مُرٍّ.
ابن الأعرابي: المِصْوَبُ: المِغْرفَة.
صأب:
أبو عُبَيد عن الفرّاء، و ثعلب عن ابن الأعرابي: صَئِبَ من الماء: إذا كَثُر شُرْبُه. و زاد ابن الأعرابيّ: صَئِمَ بمعناه، و كذلك قَئبَ و ذَئِجَ.
و قال اللِّحياني: صَئِب و صَئِمَ: إذا رَوِي و امتلأَ، و كذلك زَئِمَ.
أبو عُبَيدة: الصِّئبان: ما يتحبَّبُ من الْجَليد كاللّؤلؤ الصِّغار، و أنشد:
فأَضحَى و صِئبانُ الصَّقيع كأنّه             جُمانٌ بضاحِي مَتْنِه يتحدَّرُ
و قال اللّيث: الصُؤَابة: واحدةُ الصِّئْبان و هي بَيْضة القَمْل و البُرغُوت.
وصب:
قال اللّيث: الوَصَبُ: المَرَض، و تكسيرُه و الجميعُ الأوْصاب.
و رجلٌ وَصِبٌ، و قد وَصِبَ يَوْصَب وَصَباً، و أصابه وصيب: أي وجع.
قال: و الوُصوبُ: دَيْمُومَةُ الشي‏ء.
قال اللّه تعالى: وَ لَهُ الدِّينُ واصِباً
 [النحل:
52].
قال أبو إسحاق: قيل في معناه: دائماً، أي: إنَّ طاعته دائمةٌ واجبة أبداً.
قال: و يجوز- و اللّه أعلم- أن يكون وَ لَهُ الدِّينُ واصِباً
 أي: له الدينُ و الطاعة، رَضِيَ العبدُ بما يُؤمَر به أو لم يَرْضَ به، سَهُل عليه أو لم يَسْهلُ؛ فله الدِّينُ و إن كان فيه الوَصَب.
و الوَصَبُ: شدّة التَّعَب.
و قوله: وَ لَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ‏
 [الصافات: 9]، أي: دائم، و قيل: مُوجِع.
و يقال: واظَبَ على الشَي‏ء و واصَبَ عليه:
إذا ثابَرَ عليه.
وبص:
الليث و غيرُه: الوَبيصُ: البَريق، و قد وَبَص الشي‏ءُ يبِيصُ وَبِيصاً، و إن فلاناً لوَابِصَةُ سَمْعٍ: إذا كان يَسْمع كلاماً فيعتمد عليه و يظنّه و لمَّا يكن على ثقة، يقال: هو وابصةُ سَمعٍ بفلان، و وابصةُ سمع بهذا الأمر.

178
تهذيب اللغة12

وبص ص 178

و
في الحديث: «رأيتُ وبِيص الطِّيب في مَفارِق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و هو مُحرِم»
، أي:
بَرِيقَه. و أَوْبَصَت النارُ عند القَدْح: إذا ظَهَرتْ. و أوبصَت الأرضُ: أوّل ما يَظْهر من نَباتها. و رجلٌ وبّاص: بَرّاق اللَّون.
و قال الفراء: في أسماء الشهور: وَبْصان شهر ربيع الآخَر.
و قال ابن الأعرابيّ: الوَبِيصة و الوابِصةُ:
النار.
عَمْرو عن أبيه: هو القَمَر، و الوَبّاص.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: وقع القومُ في حَيْص بَيْصَ، أي: في اختلاطٍ من أمرٍ لا مَخرَجَ لهم منه.
قال: و قال الكسائيّ: وقَع في حِيْصَ بِيصَ، بكسر الحاء و الباء.
و قال غيره: وقع حَيْصَ بَيْصَ.
و قال ابن الأعرابي: البَيْصُ: الضِّيق و الشّدّة.
صبا:
قال اللّه جلّ و عزّ مخبِراً عن يوسفَ:
وَ إِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَ‏
 [يوسف: 33].
قال أبو الهيثم فيما أخبَرَني المنذريُّ عنه، يقال: صَبَا فلانٌ إلى فلانَة، وَ صَبَا لها يَصْبُو صَباً- مَنْقوصٌ، و صَبْوَةً-: أي:
مالَ إليها.
قال: و صَبَا يَصْبُو فهو صَابٍ و صَبِيٌّ، مثل قادِر و قَدِير.
قال: و قال بعضُهم: إذا قالوا صَبِيٌّ فهو بمعنى فَعُول، و هو الكثير الإتيان للصِّبَا.
قال: و هذا خطأ، لو كان كذلك لقالوا:
صَبُوٌّ، كما قالوا: دَعُوٌّ و سَمُوٌّ و لَهُوٌّ في ذوات الواو، و أمّا البَكِيُّ فهو بمعنى فَعُول، أي: كثيرُ البكاء، لأن أصله بَكُويٌ.
و أَنْشَدَ:
* و إنّما يَأتي الصِّبَا الصَّبِيُّ*
و قال الليث: الصَّبْوَةُ: جَهْلةُ الفُتُوة و اللّهو من الغَزَل، و منه التّصابي و الصِّبا.
قال: و الصِّبْوة: جمعُ الصَّبِي، و الصِّبْيةُ لغة، و المصدر الصِّبا. يقال: رأيتُه في صِباه، أي: في صِغَرِه.
و قال غيرُه: يقال: رأيتُه في صَبائه، أي:
في صِغَره. و امرأة مُصْبٍ بلا هاء: معها صَبِيّ.
قال: و إذا أَغمَد الرجلُ سيفَه مقلوباً قيل:
قد صَابَى سيفَه يُصَابِيه.
قال: و الصَّبِيُّ من السّيف: ما دُون الظَّبَة قَليلًا. و الصَّبِيُّ من القَدَم ما بين حِمَارَتِها إلى الأصابع.
و قال شمر: الصَّبِيّان: مُلتقَى اللَّحيين الأسفَلين.
و قال أبو زيد: الصَّبِيَان: ما دَقّ من أسافل اللَّحْيين.

179
تهذيب اللغة12

صبا ص 179

قال: و الرَّأْدانِ: هما أعلى اللَّحيين عند الماضِغَين، و يقال: الرُّؤْدانِ أيضاً.
و الصَّبا: ريحٌ معروفةٌ تُقابِل الدَّبور، و قد صَبَت الريحُ تَصْبو. و يقال: صَابَى البعيرُ مَشافِرَه: إذا قَلَبها عند الشُّرب.
و قال ابنُ مقبل يذكر إبلًا:
يُصابِينَها و هي مَثْنِيّةٌ             كثَنْيِ السُّبوتِ حُذِينَ المِثَالا
و قال أبو زيد: صابَيْنا عن الحَمْض، أي:
عَدَلْنا. و يقال: صَابَى رُمْحَه: إذا حَدَر سنانَه إلى الأرض للطعن.
و قال النابغة الجعديّ:
مُصَابَين خِرْصَانَ الرماحِ كأنّنا             لأعدائنا نُكْبٌ إذا الطَّعْنُ أفْقَرا
و يقال: أصْبَى فلانُ عِرْسَ فلانٍ: إذا استمالَها.
و قال ابن شميل: يقال للجارية صَبِيَّة و صَبِيٌّ، و صَبَايَا للجماعة، و الصِّبْيَان:
الغِلْمان.
و قال أبو زيد: صَبَأَ الرجلُ في دينه يَصْبَأْ صُبُوءاً: إذا كان صابئاً.
و قال أبو إسحاق في قوله: وَ الصَّابِئِينَ*
 [البقرة: 62]، معناه الخارِجِين من دين إلى دين، يقال: صبَأَ فلانٌ يَصْبَأَ: إذا خرجَ من دِينه.
قال: و صَبَأَتِ النجوم: إذا ظَهرتْ، و صَبَأ نابُه: إذا خرجَ، يَصْبَأُ صُبُوءاً.
قال الليث: الصَّابِئُونَ‏
: قوم يُشبِه دينهُم دينَ النّصارى، إلا أن قِبلتَهم نحوَ مَهَبّ الجَنوب، يَزعمون أنّهم على دِين نوح، و هم كاذبون.
و كان يقال للّرجل إذا أسلم في زمن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: قد صَبَأَ؛ عَنَوْا أنه خرج من دِينٍ إلى دينٍ.
و قال أبو زيد: أصبأْتُ القومَ إصبَاءً، و ذلك إذا هجمتَ عليهم و أنت لا تَشعُر بمكانهم و أنشد:
* هَوَى عليهمْ مُصْبِئاً مُنْقَضَّاً*
و قال أبو زيد: يقال: صَبَأْتُ على القَوْم صَبْأٌ و صَبَعْتُ، و هو أن يَدُلَّ عليهم غيرهم.
و قد فسرت قوله: لتعودن صُبّاً، في باب المضاعف بما فيه الكفاية.
و سئل ابن الأعرابيّ عنه فقال: إنما هو «أساود صُبَّى» معناه: أنّهم مجتمعون جماعات، و يقتتلون فيكونون كالحيات التي تميل بعضها على بعض؛ يقال: صبا عليه: إذا خرج عليه بالعداوة.
و قال ابن الأعرابيّ: صَبَأَ عليه: إذا خرج عليه، و مالَ عليه بالعداوة. و جعلَ‏
قوله عليه السّلام: «لَتَعُودُنَّ فيها أساوِدَ صُبيَّ»
فُعَّلًا من هذا، خُفِّف همزُهُ، أراد أنّهم كالحيات التي يَميل بعضُها على بعض.

180
تهذيب اللغة12

صوم ص 181

بوص:
أبو عُبَيد: البُوصُ: العَجُز بضم الباء، و البَوْصُ: اللَّوْنُ، بفتح الباء.
و البَوصُ: الفَوْت و السَّبْق؛ يقال: باصَني الرجل، أي: فاتني و سَبَقني.
و قال الليث: البَوْص: أن تَستعجِل إنساناً في تَحمِيلكَه أمراً لا تَدَعُه يتمهّل فيه، و أَنشدَ:
فلا تعْجل عليّ و لا تَبُصني             و دالِكْني فإني ذُو دَلَالِ‏
و سارَ القومُ خِمْساً بائصاً، أي: معجلًا مُلِحّاً.
قال: و البُوصِيُّ: ضَرْبٌ من السُّفُن، و قال:
* كَسُكَّانِ بُوصِيٍّ بِدَجْلَةَ مُصْعِدِ*
و قال أبو عَمْرو: البُوصِيُّ: زَوْرَقٌ، و ليس بالملّاح.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: بَوَّصَ: إذا سَبَق. و بَوَّص: إذا سَبَق في الْحَلْبة.
و بَوَّص: إذا صفا لونه، و بَوَّص: إذا عظم بوصه.
الفراء: أبص يأبص و هَبِصَ يَهْبَص: إذا أَرِنَ و نَشِط.
بصا:
سَلَمةُ عن الفَرَّاء قال: بصا: إذا اسْتَقْصَى على غَريمِه.
و قال أبو عمرو: البِصَاءُ: أن تَسْتَقْصِيَ الخِصاءَ؛ يقالُ منه: خَصِيٌّ بَصِيٌّ. و اللّه أعلم.
باب الصاد و الميم‏
ص م‏
 (و ا ي ء) صوم، صمي، و صم، موص، أمص، مصي.
صوم:
قال النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم عن اللّه عزَّ و جلَّ: «كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له إلا الصَّوْمَ فإنه لي»
قال أبو عبيد: إنما خَصَّ تبارَكَ و تعالى الصَّوْمَ بأنَّهُ له، و هو يَجْزِي به و إن كانت أعمالُ البِرِّ كلُّها له و هو يَجْزِي بها؛ لأن الصَّوْمَ ليس يَظهَر من ابنِ آدمَ بلسانٍ و لا فِعْل فتكتبه الحَفَظَة؛ إنما هو نيَّةٌ في القلب، و إمساكٌ عن حركة المَطْعَم و المَشرَب، يقول اللّه: فأنا أتولَّى جزاءَه على ما أحِبُّ من التَّضْعِيف، و ليس على كتابٍ كُتِبَ له، و لهذا
قال عليه الصلاة و السلام: «لَيْسَ في الصَّوْم رِياءٌ»
. قال: و
قال سُفْيَانُ بنُ عُيينَةَ: الصومُ هو الصَّبْر، يَصْبِرُ الإنسانُ عن الطَّعام و الشَّرابِ و النّكاح، ثم قرأ:
إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ‏
 [الزمر:
10].
قال أبو عُبَيد: و الصائم من الخيل: القائم الساكت الّذي لا يَطْعَم شيئاً، و منه قولُ النابغة:
خَيْلٌ صِيَامٌ وَ خَيْلٌ غَيْرُ صَائِمَةٍ             تَحْتَ العَجَاجِ و أخرَى تَعْلُكُ اللُّجُمَا
و قد صام يصوم. و قال اللّه تعالى: إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً
 [مريم: 26]، أي:

181
تهذيب اللغة12

صوم ص 181

صَمْتاً. و يقال للنهار إذا اعتدل و قام قائم الظَّهيرة: قد صامَ النهارُ. و قال امرُؤُ القيس:
فَدَعْهَا وَسَلِّ الْهَمَّ عَنْكَ بِجَسرَةٍ             ذَمُولٍ إذا صامَ النَّهَارُ و هَجَّرَا
و قال غيرُه: الصَّوْمُ في اللُّغَة: الإمساكُ عن الشي‏ءِ و التَّرْكُ له. و قيل للصائمِ صائم: لإمساكه عن المطعم و المشرب و المنكح. و قيل للصامت: صائم، لإمساكه عن الكلام. و قيل للفرسِ:
صائم، لإمساكه عن العَلَف مع قيامه.
و يقال: صامَ النَّعامُ: إذا رَمَى بِذَرَقِه، و هو صومُه. و صامَ الرجلُ: إذا تَظَلَّلَ بالصَّوْم، و هو شجر؛ قالهُ ابن الأعرابي.
و قال الليث: الصَّوْمُ: تَرْكُ الأكل و ترْكُ الكلام. و صام الفَرَس على آرِيِّه: إذا لم يَعْتَلِف. و الصومُ: قِيَامٌ بلا عَمل.
و صامَتِ الرِّيحُ: إذا رَكَدَتْ، و صامت الشَّمسُ عند انتصاف النهار: إذا قامت و لم تَبرَح مكانها. و بَكْرَةٌ صائمةٌ: إذا قامت فلم تَدُر، و قال الراجز:
شَرُّ الدِلاء الْوَلْغَةُ المُلَازِمَة             و البَكَراتُ شَرُّهُنَّ الصائمهْ‏
و يقال: رجلٌ صَوْمٌ، و رجلان صوم، و قوم صوم، و امرأةٌ صَوْم، لا يُثَنَّى و لا يُجْمَع لأنه نُعِت بالمصْدَر، و تلخيصُه: رجُلٌ ذو صَوْم، وَ قَوْمٌ ذُو صَوْم، و امْرَأَةٌ ذاتُ صَوْم. و رَجُلٌ صَوَّام قَوّام: إذا كان يَصومُ النَّهارَ و يقومُ الليلَ. و رِجَالٌ و نِسَاءٌ صُوَّمٌ و صُيَّمٌ، و صُوَّامٌ و صُيَّام، كل ذلك يقال:
و مَصَامُ الفرس: مَقامُه.
و قال أبو زيد: يقالُ: أقمتُ بالبصرةِ صَوْمَيْنِ، أي: رَمَضَانَيْن.
ابن بُزْرُج: لا صَمياء و لا عمياء له من ذلك متروكتان: إذا انكب على الأمر فلم يقلع عنه.
قال أبو إسحاق الزجاج: أصل الصَّميان في اللغة السرعة.
صمي:
قال أبو إسحاق: أصل الصَّمَيَانِ في اللُّغة: السرعةُ و الخِفَّة.
قال أبو عُبَيد: قال الفرَّاء: الصَّمَيان:
التَّقَلُّبُ و الوَثْب. و رَجُلٌ صمَيَانٌ: إذا كان ذا تَوَثُّب على الناس. و
رُوِي عن ابن عبَّاس أَنَّه سُئِلَ عن الرَّجُل يَرمِي الصيدَ فيَجِدُهُ مقْتولًا فقال: كلْ ما أَصْمَيْتَ وَ دَعْ ما أَنْمَيْتَ.
قال أبو عُبَيد: الإصماء أن يَرْمِيَه فيموت بين يديه لم يَغب عنه، و الإنْماءُ: أن يَغيبَ عنه فَيَجِدَهُ ميِّتاً. قال أبو إسحاق: المعنى في‏
قوله: «كُلْ ما أَصْمَيْت»
، أي: ما أصابَه السَّهم و أنت تراه فأسرَعَ في الموتِ، فرأَيتَه و لا محالةَ أنه مات برمْيِكَ. و أصلُه من الصَّمَيَان، و هو السرعةُ و الخِفَّة.

182
تهذيب اللغة12

صمي ص 182

و قال الليث: الصمَيان: الشُّجاعُ الصادقُ الحَمْلَة. قال: و أَصْمَعى الفرسُ عَلَى لِجَامِه: إذا عَضَّ عليه و مضى، و أَنْشَد:
أَصْمَى عَلَى فَأْسِ اللِّجَامِ وَ قُرْبُه             بالماءِ يَقْطُرُ تارَةً و يَسِيلُ‏
قال: و الانصماء: الإقبالُ نحوَ الشي‏ء كما يَنْصمِي البَازِي: إذا انقضّ.
و قال ابن الأعرابي: الصَمَيَان: الجري‏ءُ على المعاصي.
وصم:
قال أبو عُبَيدة: الوَصْمُ: العَيْبُ يكون في الإنسان و في كلّ شي‏ء، يقال ما في فلان وَصْمَةٌ، أي: عَيْبٌ. و التَّوْصِيم:
الفَتْرة و الكَسَل.
و قال لَبِيد:
و إذا رُمْت رحيلًا فارتحل             وَاعْصِ ما يَأْمُرُ تَوْصِيمُ الكَسِلْ‏
سلَمة عن الفرّاء: الوَصْمُ: العَيْب. و قَناةٌ فيها وَصْم، أي: صَدْع في أنْبُوبها.
و رجل مَوْصوم الحَسَب: إذا كان مَعِيباً.
مصي:
أبو عُبَيد عن أبي عمرو: المَصْواء من النّساء: التي لا لحم في فَخِذَيها.
و قال أبو عُبَيد و الأصمعيّ: المَصْواء:
الرَّسْحاء: و هي العَصُوب و المنْداص.
و المُصاية: القارُورة الصَّغيرة.
أمص:
قال الليث: الآمص: إعْرابُ الخاميزْ.
موص:
قال أبو عُبَيد: المَوْص الغَسْل، يقال: مُصْتُه أَمُوصُه مَوْصاً. و
قالت عائشةُ في عثمان: مُصْتمُوه كما يُماص الثوبُ، ثم عَدَوْتم عليه فقتلتموه.
تَعنِي: استِعْتَابهم إيّاه و إعتابَه إيّاهم فيم عَتَبوا عليه.
و قال الليث: المَوْصُ: غَسْلُ الثَّوْب غَسْلًا لَيِّناً يَجعل في فيه ماءً، ثمّ يَصُبُّه على الثّوب و هو آخذُه بين إبْهامَيْه يَغسِله و يَموصه.
و قال غيرُه: ماصَه و مأصه بمعنى واحد.
ثعلب عن ابن الأعْرابي: المَوْصُ: التِّبنُ.
و مَوَّص الرجلُ: إذا جَعَل تجارتَه في المَوْص و هو التِّبْن. و مَوَّصَ ثَوْبَه: إذا غَسَله فأنقاه. و اللّه أعلم.
***

183
تهذيب اللغة12

باب لفيف الصاد ص 184

 باب لفيف الصاد
صوه. صيا. أصآ. صأى. صأصأ.
صيصية. وصيى. أصى. أص.
وصواص. يصص. صوى. صوص.
صيأ:
روِي عن أبي هُرَيرة أنّه قال: إنَّ للإسلام صُوى و مَناراً كمنَار الطريق.
قال أبو عُبَيدة: قال أبو عمرو: الصُّوَى:
أعلامٌ من حِجارة منصوبةٌ في الفَيافي المجهولة يُستدَلّ بها على طُرُقها، واحدتُها صُوّة.
و قال الأصمعيّ: الصُّوَى: ما غَلُظ من الأرض و ارتفع و لم يَبلُغ أن يَكون جَبَلًا.
قال أبو عُبَيد: و قول أبي عمرو: أَعجَبُ إليّ، و هو أشبَه بمعنى الحديث. و اللّه أعلم.
و قال لبيد:
ثم أَصْدَرْناهُمَا في وَارِدٍ             صَادِرٍ وَهْمٍ صُواهُ قد مَثَلْ‏
و قال أبو النَّجم:
* و بَيْنَ أعْلَامِ الصُّوَى المَوَاثلِ*
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: الصُّوَّة: صَوْتُ الصَّدَى.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ في الشَّاءِ إذا أَيْبَس أربابُها ألبانَها عَمْداً ليكون أسْمَن لها، فذلك التَّصْوِية، و قد صَوَّيناها.
و قال العَدَبَّسَ الكِنانِيّ: التَّصوِية للفُحول من الإبل: ألّا يحمَل عليه و لا يُعقدَ فيه حَبْل فيكون أنشَطَ له في الضِّراب و أَقوَى، و أنشَد قول الفَقْعَسي يصف إبلًا و راعيها:
* صَوَّى لها ذا كِدْنةٍ جُلاعِدَا*
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: التَّصوِية في الإناث: أن تُبَقَّى ألبانُها في ضُروعها ليكون أشدَّ لها في العام المقبِل، و أنشد:
إذا الدِّعْرِمُ الدِّفْنَاسُ صَوَّى لِقَاحَهُ             فإنّ لنا ذَوْداً عِظامَ المَحالِبِ‏
قال: و ناقةٌ مُصَوّاةٌ و مُصَرَّاةٌ و محفَّلةٌ بمعنًى واحد.
و
جاء في الحديث: «التَّصْوِية خِلَابة»
، و كذلك التَّصْرِية.
و قال غيرُه: ضَرعٌ صاوٍ: إذا ضَمَر و ذَهب لبنُه.
و قال أبو ذُؤيب:
مُتفلِّقٌ أَنساؤُها عن قانِى‏ء             كالقُرْطِ صاوٍ غُبْرُه لا يُرْضَعُ‏
أراد بالقانى‏ءِ: ضَرْعَها، و هو الأحمر، لأنه ضَمَر و ارتفَع لبنُه.

184
تهذيب اللغة12

صيأ ص 184

و قال الليث: الصاوي من النّخيل:
اليابس. و قد صوَت النخلةُ تَصوِي صوِيّاً.
صأي:
أبو عُبَيد عن الأحمر: الصآةُ- بوزن الصّعاة-: ماءٌ ثخين يخرج مع الولد.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: هو الصَّاءَةُ، بوزن الصاعة.
قال: و الصآةُ بوَزْنِ الصَّعَاةِ، و الصَّيْأَةُ بوَزْن الصَّيْعَة. و الصَّيَّةُ: الماء الذي يكون في المَشيمة، و أنشد شَمِر:
* على الرِّجْلَيْن صاءٍ كالخُراجِ*
قال: و بعت الناقةَ بِصَيتِها، أي: بِحِدْثانِ نَتاجها.
و قال أبو عُبيد: صَيّأْتَ رأسَه تَصْيآءً: بللتُه قليلًا قليلًا.
و قال غيره: هو أن يغسله فيثوّر وسَخَه و لا يُنَقِّيه.
أبو عُبَيد عن الكسائي: صأى الفَرْخ، بوَزْن صعَى.
قال: و الفِيل و الخِنْزير و الفأر كلها تصأى صَئِيّاً و صِئِيّاً، و اليَرْبُوع مِثلُه، و أنشد أبو صفوانَ للعجّاج:
* لَهُنّ في شَبَاتِه صئيُّ*
و قال جرير:
لَحَى اللّه الفَرَزْدقَ حِينَ يَصأَى             صئِيَّ الكلْب بَصبَص للعِظالِ‏
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: جاء بما صأى وصَمَت، أي: جاء بالشّاء و الإبل. و ما صَمتَ: الذّهبُ و الفضّة.
أبو عُبيد عن الأصمعي: الصائي: كلُّ مالٍ من الحيوان مثلُ الرقيقِ و الدواب.
و الصامت: مِثلُ الأثواب و الوَرِق، سُمِّي صامتاً لأنه لا رُوحَ فيه.
و قال خالد بنُ يزيد: يقال: صاءَ يصي‏ءُ، مثل صاعَ يَصيع، و صئِيَ يَصأى، مِثل صعِيَ يَصعَى.
صأصأ:
كان عُبَيد اللّه بن جَحْش أسلَم ثم ارتدَّ و تنصّر بالحَبشة، فقيل له في ذلك؟
فقال: إنا فَقَّحْنا و صأْصأْتُم.
قال أبو عُبَيد: يقال: صأصأ الجِرو: إذا لم يَفْتح عينيه أَوانَ فتحِه. و فَقّح: إذا فَتَح عَيْنيه، فأراد أنا أبصَرْنا أَمْرَنا و لم تُبصِروه.
و قال أبو عمرو: الصأصأُ: تأخير الجِرْو فتحَ عينيه. و الصأْصأُ: الفَزَع الشديد.
و الصأصَاءُ: الشِّيص.
أبو عبَيد عن الأصمعيّ: يقال للنّخْلة إذا لم تقبل اللَّقاح و لم يكن للبُسْر نَوًى: قد صأْصأَتْ النخلةُ صئصاءً.
قال: و قال الأمويّ: في لُغة بني الحارث بنِ كعب: الصِّيص هو الشِّيص عند الناس، و أنشد:
بأعْقَارِها الفِرْدانُ هَزْلَى كأنَّهَا             نَوَادِرُ صِيصَاءِ الهَبيدِ المُحطَّم‏

185
تهذيب اللغة12

صأصأ ص 185

و قال أبو عُبَيد: الصِّيصاء: قِشْر حَبّ الحَنظَل.
و قال الأصمعيّ: صأصأ فلانٌ صَأْصَأَة:
إذا استَرخَى و فَرِق.
صيص:
عمرو عن أبيه: الصِّيصَة من الرِّعاء: الْحَسنُ القيام على ماله.
و قال الفرّاء في قول اللّه جلَّ و عزَّ: مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ‏
 [الأحزاب: 26] معناه: من حُصُونهم.
و قال الزَّجَّاج: الصِّياصِ: كلُّ ما يُمتَنَع به، و هي الحُصون. و قيل: القُصور لا يُتحصّن بها. و الصَّياصي: قُرُون البَقَر و الظِّباء. و كلُّ قَرْن صِيصةِ، لأن ذوات القُرون يتحصّن بها. قال: و صِيصَة الدِّيك: شوْكتُه، لأنه مُحصّن بها أيضاً.
و قال أبو الهيثم: الصِّيصة: حَفٌ صغيرٌ من قُرون الظِّباء تَنسِج به المرأة. و قال دُريد بن الصِّمّة:
فجِئْتُ إلَيْهِ و الرِّمَاحُ تَنُوشُهُ             كَوَقْع الصَّيَاصِي في النَّسِيج المُمدَّدِ
و قال ابن الأعرابيّ: أصاصَتِ النخلةُ إصَاصَةً، و صَيَّصَتْ تَصْييصاً: إذا صارت شِيصاً، و هذا من الصِّيص لا مِن الصِّيصَاء، يقال من الصِّيصاء: صَأْصَأَتْ صِيصَاءً. ابن السكّيت: هو في ضِئْضِي صِدْقٍ، و صِئْصِئ صِدْقٍ، و قاله شَمِر و اللّحياني.
أصص:
أبو عُبَيد عن أبي زيد: الأَصُّ:
الأصْل، و جمعُه آصاص. و قال خالد بن يزيد: الأصِيص: أسفلُ الدَّنّ يُبالُ فيه، و قال عديّ بنُ زيد:
يا لَيْتَ شِعْرِي و أنا ذو عَجّةٍ             متى أَرَى شَرْباً حَوالَيْ أَصِيْص‏
العجة: الصّوت.
و يقال: هو كهَيئة الجَرِّ له عُرْوَتان يُحمَل فيه الطّين.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: ناقةٌ أَصُوص عليها صُوصٌ. قال أَبو عَمْرو بن العلاء:
الأَصُوص: النّاقة الحائل السمينة.
و قال امرؤ القيس:
* مُداخَلةٌ صَمُّ العِظَامِ أَصُوص*
أرادَ: صَمُّ عِظامُها. و قد أصَّتْ تَؤُصُّ أصُوصاً: إذا اشتدّ لحمُها و تلاحَكت ألواحُها.
صوص:
و أمّا الصُّوص فإنّ ابن الأعرابي قال: هو الرجل اللئيم الّذي يَنزل وحده و يأكلُ وحده، فإِذا كان باللّيل أَكَل في ظلّ القَمَر لئلّا يَراه الضّيف، و أَنشَد:
* صُوصُ الغِنَى سَدَّ غِناه فَقْرَهُ*
و يكون جَمْعاً و أَنشد:
فأَلْفَيتكُمْ صُوصاً لُصُوصاً إذا             دَجَى الظّلَامُ وَ هَيّا بينَ عند البَوارِق‏
وصوص:
أبو عبيد عن الأحمر:

186
تهذيب اللغة12

وصوص ص 186

الوصواص: البُرْقعُ الصغير. و قال الفرّاء؛ إذا أدْنَت المرأةُ نِقابها إلى عَيْنَيها فتلك الوَصْوَصةُ.
و قال أبو زيد: التَّرْصيص في النِّقاب، ألّا يُرَى إلّا عَيْناها.
و تميم تقول: هو التّوصيصُ بالواو. و قد رَصَّصت و وَصَّصَتْ توصيصاً و ترصيصاً.
و قال الليث: الوَصْواص: خَرْقٌ في السِّتْر و نحوِه على مقدار العَين يُنظر منه، و أَنشَد:
* في وَهَجَانٍ يَلجُ الوَصْوَاصا*
ثعلب عن ابن الأعرابي: الوَصيُّ: إحكامُ العَمَل من بناءٍ أو غيرِه.
قال: و الصَّوُّ: الفارغ. و أَصوَى: إذا جَفَ. و الصوّة: صَوْتُ الصَّدَى، بالصاد.
يصص:
أبو عبيد عن أبي زيد: يَصَّصَ الجِرْو- بالياء و الصاد- إذا فَتَح عينيه، و يقال: بَضَّضَ و بصّصَ. و قال ابن الأعرابي: الصَّوَى: السُّنْبُل الفارغ، و القُنْبُع: غِلافُه.
أبو عُبَيد عن الفرّاء: وأَصْتُ به الأرض:
إذا ضربت به الأرضَ. و مَحصتُ به الأرضَ، مثلُه.
ثعلب عن ابن الأعرابي: أَصَى الرَّجُل:
إذا عَقَل بعد رُعونة.
و يقال: إنه لذو حَصاةٍ و أَصَاةٍ، أي: ذو عَقْل و رأي.
وصى:
أبو عُبَيد: وَصَيْتَ الشي‏ءَ و وصَلْتُه سواء.
و قال ذو الرمَّة:
نصِي اللَّيلَ بالأيّامِ حَتى صَلاتنا             مقاسَمة يَشْتَقُّ أَنصافَها السَّفْرُ
و فلاة واصيةٌ: يتصل بفلاة أخرى، و قال ذو الرّمة:
بَيْنَ الرَّجا و الرَّجا مِن جَنْبِ واصيَةٍ             يهْماءَ خابِطُها بالخَوفِ مَعْكوم‏
و قال الأصْمَعيُّ: وَصَى الشي‏ء يصِي: إذا اتَّصَلَ. و وَصَاه غيرُه يَصِيه: وَصَله. و قال الليث: الوَصاةُ كالوصيّة؛ و أَنشد:
أَلَا مَن مُبْلِغ عني يَزيداً             وَصاةً مِن أَخي ثِقَةٍ وَدُودِ
و يقال: وَصِيٌّ بيّنُ الوَصاية، و الفعل أَوْصَيتُ و وَصَّيتُ إيصاءً و توصيةً.
و الوصيّة: ما أَوْصَيْتَ به، و سُميتْ وَصِيةً لاتصالها بأمر الميّت.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: الوَصِيُّ: النباتُ الملتفُّ.
و قيل لعليّ عليه السلام: وَصِيٌّ، لاتصال نسبِه و سبَبِه و سَمْتِه، و إذا أَطاعَ المَرْتَعُ للسَّائمة فأصابتْه رغَداً قيل: وصَى لها المَرْتَعُ يَصِي وَصْياً.
أبو عبيد عن الأصمعي: إذا اتَّصل نباتُ الأرض بعضُه ببعض قيل: وَصَت الأرض‏

187
تهذيب اللغة12

وصى ص 187

فهي واصيَة.
و قال أبو عُبيد: الآصيَة: طعامٌ مثلُ الحَسَاء يُصنَع بالتَّمر، و أَنشد:
* و الإتْر و الصَرْبُ مَعاً كالآصيَهْ*
و قال الليث: ابن الآصي: طائرٌ شبه الباشَق، إلّا أنه أطوَلُ جَناحاً، و هو الحِدَأَة، يسميه أهلُ العراق ابن آصَى انتهى، و اللّه تعالى أعلم.
***

188
تهذيب اللغة12

باب الرباعي من حرف الصاد ص 189

 باب الرباعي من حرف الصاد
 [صفرد]:
ثعلب عن ابن الأعرابي:
الصِّفْرِدُ: طائرٌ جَبانٌ يَفزَع من الصَّعْوة و غيرها.
و قال الليث: الصِّفْرِدُ: طائرٌ يألَف البيوت و هو أَجبَن الطّير، يقال: أَجبَنُ مِن صِفْرِد.
فرصد:
الليث: الفِرْصادُ: شجرٌ معروف، و أَهلُ البَصرة يسمُّون الشجرةَ: فِرْصاداً، وَ حَمْلَه التُّوت. و أنشد:
كأنما تَفَضَ الأَحْمَالَ ذَاوِيَةً             على جَوَانِبِه الفِرْصاد و العِنَبُ‏
أَراد بالفِرْصاد و العِنَب: الشجرتين لا حَمْلَهُما. أَراد: كأنما نَفَضَ الفرصادُ أحمالَه: ذاوِيَةً نُصبَ على الحال، و العنَبُ كذلك، شبَّه أَبْعارَ البقَر بحَب الفِرْصاد و العِنَب.
و قال أَبو عبيد: هو الفِرْصاد و الفِرْصيد لِحَمْل هذه الشجرة.
و روَى أبو عمر عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الفِرْصد: عَجْمُ الزَّبيب، و هو العُنْجُد أيضاً.
 [صندل‏]:
قال الليث: الصنْدَل: خشبٌ أحمرُ، و منه الأصفر طيّب الريح.
و الصَّنْدَل من الحُمُر: الشديدُ الخلْق الضَّخْم الرأس، قال رؤبة:
* أَنْعَتُ عَيْراً صَنْدلًا صُنادِلا*
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: صنْدَلَ البعيرُ:
إذا ضَخُم رأسُه، و قَنْدَلَ الرجُل: ضخمُ رأسُه.
صمرد
قال: و الصِّمْرِدُ: الناقةُ الغَزِيرة اللَّبن.
و الصمْرِدُ: القليلةُ اللَّبن.
و قال في موضع آخر: الصَّماريد: الغَنَمُ.
و الصَّمارِيد: الغَنَم السِّمان، و الصماريد:
الأرَضون الصلاب.
أبو عُبيد عن الأصمعي: الصمرِد: الناقة القليلةُ اللَّبن.
و قال غيرُه: بئرٌ صِمْرِد: قليلةُ الماء، و أنشد:
لَيْسَتْ بثَمْدٍ للشِّبَاكِ الرُّشَّحِ             و لا الصَّمارِيدِ البِكاءِ البُلَّحِ‏
الشِّباك: رَكَايا فُتِح بعضُها في بعض.
صلدم:
قال الليث: الصِّلْدِم: القويُّ الشديد الحافرِ، و الأنثى صِلْدِمة، و كذلك الصلَادِم، و جمعُه صلادِم.

189
تهذيب اللغة12

صنبر ص 190

 [صنبر]:
 [رجل‏] صنْبُورِ [فَرْد ضعيف ذليل لا أهل له و لا عِقب و لا ناصر] «1»، و
في الحديث: أن كنايته كانوا يقولون: إن محمداً صنبور و قالوا: صُنَيْبيرُ.
و قال أبو عبيدة: الصنْبُورُ: النَّخلةُ تَخرُج من أصل النَّخْلة الأخرى لم تغرَس. قال:
و قال الأصمعي: الصنبُورُ: النخلةُ تَبقَى منفَرِدة، و يَدِقُّ أسفَلها. قال: و لقِيَ رجُلٌ رجُلًا من العرَب فسأَل عن نَخْله فقال:
صنْبَر أَسْفَلُه، و عَشَّشَ أعلاه، يعني: دَقّ أسفلُه، و قَلَّ سَعفُه و يبِس.
قال أبو عُبيد: فشبَّهوه بها، يقولون: إنه فَرْدٌ ليس له وَلَد، فإذا مات انقطع ذِكرُه.
قال أبو عُبَيد: و قول الأصمعي: أَعجَبُ إليَّ من قول أبي عُبَيدة.
و قال أَوْس يعيبُ قوماً:
مُخَلَّفُون و يَقْضِي الناسُ أَمْرَهُمُ             غشُّ الأَمانَةِ صنْبُورٌ فصنْبُورُ
قال: و الصنْبورُ في هذا: القَصَبَةُ التي تكون في الإداوةِ من حديد أو رصاص يشرب منها.
قال أبو عبيد: و قال أبو عُبيدة: الصنبور:
مَثْعَبُ الحوض، و أنشد:
* ما بين صنبور إلى الإزَاء*
و قال شمر: قال ابن الأعرابي: الصُّنْبُورُ من النخلة: فُريخٌ ينبتُ فيها.
و قال غيره: صَنابيرُ النخلة: سَعَفَاتٌ تَنْبُت في جِذع النخلة غير مستَأرِضة في الأرض، و هو المُصَنْبِر من النخل، و إذا نبت الصنابير في جذْع النخلة أَضْوَتْها، لأنها تأخذ غذاء الأُمهات. قال:
و دواؤها: أن تُقلع تلك الصنابير منها.
فأراد كفار قريش أن محمَّداً بمنزلة صُنبور نَبتَ في جذع نخلة، فإذا قُلع انقطع، و كذلك محمدٌ إذا مات فلا عقِب له، صلّى اللّه عليه و سلّم.
قال: و قال سِمْعان: الصنابير يقال لها العِقَّان و الرَواكِيب؛ و قد أَعقَّت النخلة:
إذا أنبتت العِقّان. قال: و يقال للفَسِيلة التي تنبت في أمها: الصُّنبور، و أصلُ النخلة أيضاً صُنْبُورها.
و قال أبو سَعِيد: المُصَنْبَرة من النخيل:
التي تنبت الصنابير في جُذوعها فتُفسدها، لأنها تأخذ غذاء الأمهات فتُضوِيها.
قلت: و هذا كلُّه يقوي قول أبي عُبَيدة.
و روَى أبو العباس عن ابن الأعرابي:
الصُّنبورُ: الوَحِيد. و الصُّنبورُ: الضعيفُ.
__________________________________________________
 (1) زيادة من «اللسان» (صنبر- 7/ 415). و جاء فيه ناقلًا عن «التهذيب»: «و في الحديث عن ابن عباس قال: لما قدم ابنُ الأشرف مكة قالت له قريش: أنت خيرُ أهل المدينة و سيِّدُهم؟ قال: نعم، قالوا:
ألا ترى هذا الصُّنيبيرَ الأبَيْتِرَ من قومه يزعم أنه خير منا و نحن أهل الحَجيج و أهل السَّدَانَةِ و أهل السِّقايَة؟ قال: أنتم خير منه فأُنزِلَت: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ [الكوثر: 3]. و انظر «التاج» (صنبر).

190
تهذيب اللغة12

صنبر ص 190

و الصُّنبورُ: الذي لا وَلدَ له و لا عَشيرةَ، و لا ناصرَ من قريب و لا من غريب.
و الصُّنورُ: الداهية، و أنشد:
لِيَهْنى‏ءْ تُراثِي لامرى‏ء غيرِ ذِلّةٍ             صَنابِرُ أُحْدانٌ لهنَّ حَفِيفُ‏
سَرِيعاتُ مَوْتٍ رَيِّثاتِ إفاقةٍ             إذا ما حُمِلْن حَمْلُهنَّ خَفِيفُ‏

قال: أراد بالصنابر سِهاماً دِقاقاً، شُبِّهت بصنابير النَّخلة التي تَخرجُ في أصلها دِقاقاً. و قوله: أُحدانٌ، أي: أفرادٌ.
سريعاتُ موتٍ: يُمِتْنَ مَن رُميَ بهنَّ، قال ذلك ابن الأعرابي، أخبرني به المنذري عن ثعلب عنه.
عن عمرو عن أبيه: الصَّنْبَرُ: الرَّقيقُ الضّعيف من كل شي‏ء، من الحيوان و الشجَر.
سلمة عن الفراء قال: الصَّنَّبَرُ: آخِرُ أيام العجوز، و أنشد:
فإذا انقضَتْ أيّامُ شَهْلَتِنا             صنٌّ و صِنّبُر مع الوَبْرِ
و قال أبو عُبَيد: الصنَّبَرْ و الصنَّبِرُ: البَرْد.
و قال غيرُه: يقال: صِنِّبَرْ بكسر النون، و قال طَرَفة:
بجفانٍ تَعتَرِي نادِينَا             و سَدِيفٍ حينَ هَاجَ الصنِّبِرْ
و قال أبو عُبَيد: الصنَّوْبَر: ثمرة الأَرْزَة و هي شجرة. قال: و تسمَّى الشجرة صَنَوْبَرةً من أجلِ ثَمِرها.
بنصر:
و قال اللّيث: البِنْصِر: الإصبع التي بين الوسطى و الخِنْصِر. قال: و الإصْطَبْل:
موقف الفرَس، شاميَّة و الجميعُ الأُصَابِل، قال: و البَلَنْصاةُ: بَقْلة. و يقال طائر، و الجميع البَلَنْصَى.
و قال ابن الأعرابيّ: البَلَصوص: طائر، و يُجمع البَلَنْصَى على غَيْرِ قياس، و نحو ذلك رُوِي عن الخليل بن أحمد.
دلمص:
أبو عُبَيد: الدُّلامِصُ: البَرَّاق.
و قال الأصمعي: هو الدُّلَمِص.
و الدُّمَالِص: لِلّذي يَبرُق لونُه.
قال: و بعضُ العَرَب تقول: دُلَمِص و دُلامِص.
 [صطفل‏]:
ثعلب عن ابن الأعرابيّ:
الاصْطَفْلِين: الجَزَر الّذي يُؤْكل، و هي لغةٌ شاميّة، الواحدة إِصْطَفْلِيْنَة، و هي المَشَا أيضاً.
و رَوَى شَمِر بإسنادٍ له عن القاسم بن مُخَيْمَرَة أنّه قال: إن الوَالِيَ ليَنْحِتُ أقاربه كما تَنْحِتُ القَدُوم الإصْطَفْلِيْنَة حتى تَخلُص إلى قَلْبها.
و قالَ شمر: الإصْطَفْلِيْنَة كالجَزَرَة، و ليست بعربيَّة مَحْضَة، لأن الصاد و الطاء لا تكادان تجتمعان في محضِ كلامِ العرب.
قال: و إنما جاء في الصِّراط و الإصْطَبل‏

191
تهذيب اللغة12

صطفل‏ ص 191

و الأصطُم، و أصلها كلُّها السِّين.
 [صفنط- سفنط]:
و قال الأصمعيّ:
الأصفِنْطُ: الْخَمْر بالروميّة، و هي الإسْفَنْط و قال بعضُهم: هي خَمْرٌ فيها أفاوِيه.
و قال أبو عُبَيد: هي أعلى الخمر و صفْوتها. و قال ابن نُجِيم: هي خُمور مخلوطَة.
و قال شمر: سألتُ ابن الأعرابي عنها فقال: الإسْفِنْط اسمٌ من أسمائها لا أدري ما هو؟ و قد ذَكَرها الأعشى فقال:
أو اسْفِنْطَ عَانَة بَعْدَ الرُّقادِ             شَكَّ الرّصَافُ إليها غدِيرَا
 [قرفص‏]:
و قال ابن شُمَيل: القُرافِصَة:
الصغِير من الرِّجال.
و قال غيره: قُرافِصة من أسماء الأَسَد.
 [بلصم‏]:
و قال ابن السكّيت: بَلْصَم الرَّجُل.
و كَلْصَم: إذا فَرَّ.
 [بربص‏]:
قال اللَّيث: بربصنا «1» الأرض:
إذا أرسلتَ فيها الماء فمخرتها لتجود.
آخر حرف الصاد
***__________________________________________________
 (1) في المطبوعة: «تربصنا» و المثبت من «العين» (7/ 180) و «التاج» (بربص- 17/ 485).

192
تهذيب اللغة12

بربص‏ ص 192

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* هذا
كتاب حرف السين‏
من تهذيب اللغة
أبواب المضاعف منْ حرف السّين‏
قال ابن المظفّر: قال الخليل بنُ أحمد:
أُهمِلت السين مع الزاي في كلام العرب.
باب السّين مع الطّاء
 [س ط]
سط:
أهمل ابن المظفر: سط.
و قال ابن الأعرابيّ فيما يَروِي عنه أبو العبّاس: الأَسَطُّ من الرّجال: الطويلُ الرِّجْلين. قال: و السُّطُط: الظَّلْمَة.
و السُّطَط: الجائرون.
طس:
في «نوادر الأعراب»: ما أدْري أينَ طَسُّ، و لا أينَ دَسَّ، و لا أين طَسَم و طَمَس و سَكَعَ، معناه: أينَ ذَهَب.
أبو عُبَيد عن أبي عُبَيدة قال: و ممّا دَخَل في كلام العرب: الطَّسْتُ و التَّوْر و الطاجِن، و هي فارسيّة كلها. قال: و قال الفرّاء: طيّ‏ءُ، تقول: طَسْت، و غيرُهم طَسٌّ، و هُمُ الّذين يقولون لِصْت للِّصّ، و جمعه طُسُوت و لُصُوت عندهم.
حدثنا ابنُ عُرْوة عن يوسف بن موسى عن يزيد بن هارون، و مهران بن أبي عمرو عن سُفيان عن عاصم بن بَهْدَلة عن زِرّ قال: قلتُ لأبي بن كعب: أخْبِرْني عن ليلة القدر؟ فقال: إنّها في ليلة سبعٍ و عشرين، قلتُ: و أَنَّى عَلِمتَ ذلك؟ قال:
بالآية الّتي أنبأنا رسولُ اللّه، قلتُ: فما الآية؟ قال: أن تَطلُع الشمسُ غداتَئِذ كأنَّها طَسّ ليس لها شُعاع.
قال يوسف بن مِهْران: قال سُفيانُ الثَّوْري: الطَّسُّ هو الطَّسْت: و لكنَّ الطّسْ، بالعربيّة.
قلتُ: أراد أنَّهم لمّا أعربوه قالوا: طَسُّ.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: الطَّسِيسُ جمعُ الطَّسُّ على فَعِيل، و نحو ذلك قال الفرّاء، و أنشدَ قولَ رؤبة:
* ضَرَبَ يَدِ اللَّعَّابة الطَّسِيسا*

193
تهذيب اللغة12

طس ص 193

قال: هو جمعُ الطَّسّ.
و قال ابن المظفَّر: الطَّسْت: هي في الأصل طَسّة، و لكنَّهم حَذفوا بتثقيل السّين فخفَّفوا و سكنتْ فظهرتْ التاء التي في موضع هاء التأنيث لسكون ما قبلَها، و كذلك تَظْهر في كلّ موضع سكَن ما قبلها غير ألف الفَتْح، و الجميع الطَسَاس.
قال: و الطّسَاسَة: حِرْفةُ الطَّسّاس.
قال: و من العرب من يُتِم الطَّسّة فيثَقِّل و يُظْهر الهاء. و قال: و أما من قال: إن التاء التي في الطست أصليّة فإنه يَنتقِض عليه قوله من وَجْهين: أحدُهما: أنّ التاء مع الطاء لا يَدخُلان في كلمة واحدة أصليّتين في شي‏ء من كلام العرب، و الوجْهُ الآخَر: أن العرب لا تَجمع الطَّسْت إلّا الطِساس، و لا تُصَغِّرها إلا طُسَيْسة، و من قال في جمعها الطَّسّات فهذه التاء هي هاء التأنيث، بمنزلة التاءِ الّتي في جماعة المؤنَّث المجرورة في موضع النَّصْب. و مَن جَعل هاتين اللّتين في البنت و الطَّسْت أصليّتين فإنه ينصِبُهما، لأنَّهما يصيران كالحروف الأصلية كالأقواتِ و الأصْوات، و من نصَب البَنَات على أنه لفظ فَعَالٍ انتقَضَ عليه مثلُ قولهم: هناتٍ و ذَوات.
و أَخبرَني المنذريُّ عن المبرِّد عن المازنيّ قال: أنشَدني أعرابيّ فصيح:
لو عَرَضَتْ لأُيْبُلِيٍّ قَسِّ             أَشْعَثَ في هَيْكَلِهِ مُنْدَسِ‏
حَنَّ إليها كحَنِينِ الطَّس‏
قال: جاء بها على الأصل، لأن أصلها طَسّ، و التاءُ في طَسْت بدلٌ من السين، كقولهم: سِتَّة أصلُها سِدْسَة، و جمعُ سِدْس أسْداس مبيَّن على نفسه. و طَسْت يُجمع طِساساً، و يُجمع فيصغر طُسَيْسة.
باب السّين و الدال‏
 [س د]
سد:
قال اللّيث: السُّدُود: السِّلالُ تُتّخذ من قُضْبان لها أَطْباق و تُجمَع على السِّداد أيضاً، الواحدة سَدّة.
و قال غيره: السَّلَّة يقال لها السَّدّة و الطَّبْل و السَّد، و قولُ اللّه جلّ و عزّ: حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ‏
 [الكهف: 93]، قرأ ابن كَثير و أبو عَمْرو: (بَيْنَ السَّدَّيْنِ)
، وَ بَيْنَهُمْ سَدًّا
 [الكهف: 94]، بفتح السين. و قرأ في يس: (من بين أيديهم سُداً و من خلفهم سُدَّاً) [يس: 9]، بضم السين، في هذا الحرف وحدَه، و بفتح السين في الباقي، و قرأ الباقون: (بين السُّدَّين) بالضم.
و أخبَرَني المنذريُّ عن أبي جعفر الغَسَّاني عن سَلَمة عن أبي عُبيدة قال: السُّدَّيْن:
مضموم إذ جَعَلوه مخلوقاً من فِعل اللّه تعالى، و إن كان من فِعْل الآدمِيِّين فهو سَدّ مفتوح، و نحو ذلك قال الأخفش.

194
تهذيب اللغة12

سد ص 194

و قال الكسائي: السُّدّين بضَم السين و فَتحِها سواء السَّد و السُّد، و كذلك قولُه:
وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا
 هما سواء، فتح السين و ضمّها.
و أخبَرَني المنذريُّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: سَدّ و سُدّ، و كلّ ما قابلكَ فسَدَّ ما وراءَه فهو سَدّ و سُدّ. قال:
و أخبرني الطُّويسِي عن الخرّاز عن ابن الأعرابي قال: رماه في سَدِّ نَاقَتِه: أي في شخصها. قال: و السُّدّ و الذّرِيعَة و الدَّرِيئَةُ:
الناقة التي يستتر بها الصائدُ و يخْتل ليرميَ الصيد، و أنشد:
فما جَبنُوا إنّا نَسُدّ عَلَيْهِمُ             و لكنْ لَقوا نَاراً تَجُسُّ و تَسْفَعُ‏
قال: و تقول العرب: المِعْزَى سَدٌّ يُرَى من وَرائِه الفَقْر، المعنى: أنّه المعزى ليس إلّا مَنْظرها، و ليس لها كبيرُ مَنْفَعة.
و رُوِي عن المفسّرين في قوله: وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا
 [يس:
9] قولان: أحدُهما:
أن جماعةً من الكفّار أرادوا بالنّبي صلّى اللّه عليه و سلّم سوءاً، فحالْ اللَّهُ بينهم و بين مُرادِهم، و سَدَّ عليهم الطريقَ الّذي سلكوه.
و الثاني: أن اللّه وَصَفَ ضلالَ الكفّار فقال: سَددْنا عليهم طريقَ الهُدى كما قال: خَتَمَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ [البقرة: 7]، الآية.
و قرأتُ بخطّ شمر يقال: سَدّ عليك الرجل يَسِدّ سَدّاً، إذا أتى السَّدَاد، و ما كان هذا الشي‏ءُ سَديداً. و لقد سَدَّ يَسدّ سَداداً و سُدوداً، و قال أَوْس:
* فما جَبنُوا إنّا نَسُدّ عليهمُ*
يقول: لم يَجبنوا من الإنصاف في القتال، و لكنّا جُرْنا عليهمْ فَلَقُونا و نحن كالنّار التي لا تُبقِي شيئاً.
قلت: و هذا خلافُ ما قاله ابن الأعرابيّ.
و
في حديث النبيّ أنه قال: «لا تَحل المسألةُ إلّا لثلاث ...» فذكر رجلًا أصابتْه جائحة فاجتاحَتْ مالَه فيسأل حتَّى يصيبَ سَداداً من عَيْش أو قواماً.
قال أَبو عُبَيد: «سِداداً من عيش» هو بكسر السِّين، و كلَّ شي‏ء سَدَدَتْ به خَلَلًا فهو سِداد، و لهذا سُمِّي سِداد القارورة و هو صِمامُها، لأنّه يَسُدّ رأسها، و منه سِدادُ الثَّغْر: إذا سُدَّ بالخيل و الرِّجال، و أنشد:
أضاعوني و أيَّ فتًى أضاعوا             ليوم كريهة و سِدادِ ثَغْرِ
قال: و أمَّا السَّداد بالفتح فإن معناه:
الإصابةُ في المنطِق أن يكون الرجل مُسَدَّداً، يقال: إنه لذو سَدَاد في منطقِه و تدبيره، و كذلك الرَّمي.
و
في حديث أبي بكر أنه سأل النبيَّ صلّى اللّه عليه و سلّم عن الإزار فقال: «سَدّد و قارب».
قال شمر في «كتَابه»: سدِّد من السَّداد،

195
تهذيب اللغة12

سد ص 194

و هو المُوَفَّقُ الذي لا يعاب.
قال: و الوَفْق المِقْدار: اللهم سدِّدْنا للخير، أي: وفِّقنا له.
و قوله: قارِب، قال القرابُ في الإبل: أن تقاربَها حتى لا تَتَبَدَّد.
قلتُ: معنى قوله قارِب، أي: لا تُرْخِ الإزار، فنُفْرِطَ في إسباله، و لا تُقلِّصه فتُفرط في تشميره و لكن بين ذلك.
قال شمِر: و يقال: سدِّد صاحبَك، أي:
علِّمه الخيرَ و اهدِه. و سَدِّدْ مالَك، أَي:
أحسن العملَ به. و التسديد للإبل: أَن تُيَسِّرَها لكلِّ مكان مَرْعًى و كل مكان لَيانٍ و كلِّ مكانٍ رَقاق. قال: و السَّداد: القَصْد و الوَفْق و الإصابة، و رجل مُسدَّد، أي:
موفَّق. و سهم مسدَّد: قويم. و يقال: أَسِدَّ يا رجُل، و قد أسدَدْتَ ما شئتَ، أي:
طلبتَ السَّداد، و أصبْتَه أو لَم تُصِبه.
و قال الأسوَد بن يَعْفُر:
أَسِدِّي يا مَنِيُّ لِحِمْيَرِي             يطوِّفُ حَوْلَنا و له زَئير
يقول: اقصدِي له يا مَنِيَّة حتّى يموت.
و أمّا قوله:
* ضربَتْ عليّ الأرضُ بالأسداد*
فمعناه: سُدَّتْ عليَّ الطُّرق و عميَتْ عليَّ مَذاهبي، و واحد الأسداد سُدُّ.
و
رُوي عن الشَّعبيّ أنه قال: ما سددتُ على خَصْم قطّ.
قال: و يقال: سَدَّ السَّهْمُ فَسَدَّ: إذا استقام. و سدَّدته تسديداً.
انتهى.
قال: حدَّثنا محمد بنُ إسحاقَ قال: حدثنا إبراهيمُ بن هانى‏ء قال: حدثنا أبو المغيرة قال: حدثنا الأَوْزاعيُّ عن يحيى بن كثير عن هلال بن أبي ميمونَة عن عَطاء بنِ يَسار عن رِفاعة بن عَوانة الجُهَنِيّ قال:
قال رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «و الذي نفسي بيَدِه ما مِن عبدٍ يُؤمِن باللَّه ثم يُسدِّد إلا سَلَك في الجنة»
، قولُه: «ثم يسدِّد»، أي: يقتصد فلا يَغْلو و لا يُسرِف. و السّداد: المَقصِد، و معنى: «لا يَغْلو»: ألّا يكون مِثل الخوَارج و لا يُسرِف فيرتكب الذنوبَ الكثيرةَ و الخطايا الجمَّة.
و قال شمر: قال أبو عَدنان قال لي جابر:
البَذِخُ الذي إذا نازع قوماً سَدَّد عليهم كلَّ شي‏ء قالوه.
قلتُ: و كيف يُسَدِّد عليهم؟ قال: يَنْقض عليهم كلَّ شي‏ء قالوه.
أبو نصر عن الأصمعي: يقال: إنه ليَسُدُّ في القول: و هو أن يُصيب السَّداد يعني القَصْد قال: جَاءنا سُدٌّ من جَراد: إذا سَدَّ الأُفُق من كثرته. و أرضٌ بها سَدَدة، و الواحدة سُدَّة، و هي أودِية فيها حجارةٌ و صخورٌ يبقى فيها الماء زماناً.
قال: و السُّدَّةُ: باب الدار و البيت، يقال:
رأيته قاعداً بسُدَّة بابه.

196
تهذيب اللغة12

طس ص 193

أبو عُبَيد عن أبي عمرو قال: السُّدَّةُ كالصُّفَّة تكون بين يدي البيت، و الظُّلَّةُ تكون بباب الدار.
قال أبو عُبَيد: و منه‏
حديث أبي الدَّرْداء:
 «مَن يَغْشَ سُدَّة السلطان يَقُمْ و يَقْعُد»
. قال أبو عبيد: و
في حديث المُغِيرة بن شُعبة «أنه كان يصلّي في سُدَّة المسجد الجامع يومَ الجمعة مع الإمام»
، يعني الظِّلال التي حَوْله.
قال أبو سعيد: السُّدَّة في كلام العرب الفِنَاء، يقال لبَيْت الشَّعر و ما أشبهَه.
قال: و الَّذِين تَكَلَّموا بالسُّدَّة لم يكونوا أصحابَ أبنِية و لا مَدَر. و مَن جَعل السُّدَّة كالصُّفَّة أو السَّقيفة فإنما فَسّره على مذهبِ أَهلِ الحَضَر قال: و إنما سمّي إسماعيل السُّدي لأنّه كان تاجراً يَبيع في سُدَّة المَسجِد الخُمُرَ.
قال أبو عبيد: و بعضهم يَجعل السُّدَّة البابَ نفسه.
و قال اللّيث: السُّدّيّ: رجلٌ منسوب إلى قبيلة من اليَمَن.
قلتُ: إن أراد إسماعيلَ السُّدَّيَّ فهو وهمٌ، و لا نعلم في قبائل اليمن سُدّاً.
قال الليث: و السُّدَّة و السُّداد: هما داءٌ يأخذ في الأنف يأخذ بالكَظَم و يَمنع نسيمَ الريح. قال: و السُّد مقصورٌ من السَّداد.
و يقال: قل قولًا سَدَداً و سَدَاداً و سديداً، أي: صواباً.
أبو عُبيد: الأسِدَّة: العُيُوب، واحدُها سَدَّ، و هو على غير قياس، و القياس أن يكون جمع سَدِّ: أَسُدّاً و سُدُوداً.
سَلَمة عن الفرّاء قال: الوَدَس و السُّدّ:
العَيْب، و كذلك الأبن و الأمن.
و قال أبو سعيد: يقال: ما بفلان سِداد يَسُدّ فاه عن الكلام، و جمعُه أَسِدّة، أي:
ما به عَيْب.
أبو زيد: السُّدُّ من السحاب: النَّشْ‏ءُ الأسوَد، من أيّ أقطار السماء نَشأ.
و جمعُه سدود.
ابن الأعرابي: السُّدُودُ: العيونُ المفتوحة لا تُبصِر بَصَراً قويّاً. يقال منه: عينٌ سَادَّة. قال: و السُّدُّ الظِّلّ.
قال: و يقال للناقة الهَرِمة: سادّةٌ و سلَّةٌ و سَدِرةٌ و سَدِمَة.
و قال أبو زيد: عَينٌ سادّة و قائمة: إذا ابيضَّتْ لا يُبصر بها صاحبُها و لم تنفقِى‏ءْ بعد.
ابن شميل: السِّداد: الشي‏ءُ من اللبَن يَيْبَسُ في إحليل الناقة.
دَسَّ:
قال اللَّيث: الدَّسُّ: دَسُّك الشي‏ءَ تحتَ شي‏ء، و هو الإخفاء، و منه قولُ اللّه جلّ و عزّ: أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ‏
 [النحل:
59]، أي: يَدْفِنُه.

197
تهذيب اللغة12

دس ص 197

قلتُ: أراد المَوْءودَة الَّتي كان أهل الجاهليّة يئدونَها و هي حَيّة، و ذَكّر فقال:
يَدُسُّهُ‏
 و هي أنثى لأنَّه ردَّه على لفظ (ما) في قوله: يَتَوارى‏ مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ [النحل: 59]، فردَّه على اللفظ، لا على المعنى، و لو قال: «بها» لكان جائزاً.
قال الليث: و الدَّسِيس: من تَدُسّه ليأتيَك بالأخبار.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: الدَّسِيس:
الصُّنان الّذي لا يَقلَق الدَّواء. و الدَّسِيس المَشْوِيّ. و الدُّسُسُ: المُراءُون بأَعمالهم يَدخلون مع القُرّاء و ليسوا قُرّاء. قال:
و الدُّسُسُ: الأَصِنَّة الدَّفِرة.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: إذا كان بالبعير شي‏ء خفِيفٌ من الجَرَب، قيل: به شي‏ءٌ من جَرَب في مساعِدِه، و قيل: دُسَّ فهو مَدْسُوس. و قال ذو الرمَّة:
* قَريعُ هِجانٍ دُسَّ منه المَسَاعِدُ*
و مساعِدُه: آباطه و أدفاغُه. و يقال للهِناء الّذي يُطلَى به أرفاغُ الإبلِ: الدَّسُّ أيضا، و من أمثالهم: ليس الهِناءُ بالدَّسّ، المعنى: أنَّ البعير إذا جَرِب في مَساعِرِه لم يُقْتَصر من هِنائه على مواضع الجَرَب، و لكن يُعَمُّ بالهِناء جميعُ جِلْده لئلَّا يتعدَّى الجَرَب موضعَه فيَجرَبَ موضعٌ آخَر.
يُضرَب مثلًا للّذي يَقتصِر من قضاء حاجة صاحبه على ما يَتبلغ به و لا يُبالَغ في الحاجة بكمالها.
و قال أبو العبّاس: سألتُ ابنَ الأعرابي عن قول اللّه جلَّ و عزَّ: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (9) وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (10)
 [الشمس:
10]، فقال: معناه: من دَسَّ نفسَه مع الصالحين و ليس هو منهم. قال: و قال الفرَّاء: خابت نفسٌ دَسَّاها اللّه. و يقال:
قد خاب مَنْ دَسَّ نفسَه فأَخْمَلَها بتَرْك الصَّدَقة و الطاعة. قال: و نَرَى- و اللّه أعلم- أنَّ (دَسَّاها)
 من دَسَّسْتُ، بُدِّلت بعضُ سيناتها ياءً كما قالوا: تظنَّيْت من الظنّ. قال: و يُرَى أنَّ (دَسَّاها)
 دسّسَها، لأن البخيل يُخفي منزله و ماله، و السَّخِيُّ يُبرِز منزله فينزل على الشَّرَف من الأرض لئلّا يستتر عن الضِّيفان و من أراده، و لكلٍّ وَجْه، و نحو ذلك، قال الزَّجَّاج.
و قال الليث: الدَّسَّاسة: حَيّة صَمّاء تكون تحت التّراب.
و قال أبو عمر: الدَّسّاس من الحيّات:
الّذي لا يدري أيُّ طرفَيْه رأسُه، و هو أَخبثُ الحيّات، يَندَس في التراب و لا يَظهَر للشّمس، و هو على لون القُلْب من الذَّهب.
و قال شمر: الدَّسَّاس: حَيّةٌ أحمَر كأنّه الدَّم محدَّدُ الطَّرَفين، لا يُدرَى أيهما رأسُه، غليظُ الجِلد لا يأخذ فيه الضَّرْب،

198
تهذيب اللغة12

دس ص 197

و ليس بالضَّخم غليظ. قال: و هو النَّكَّاز.
و قال أبو خَيْرة: الدَّسَّاسة: شَحْمة الأرض. قال: و هي العَنَمة أيضاً.
قلت: و العربُ تسمِّيها الحُلكَة تغوصُ في الرَّمْل كما يَغُوص الحُوت في الماء، و يُشبَّه بها بَناتُ العذَارى، و يقال لها:
بنات النَّقَى.
باب السّين و التاء
 [س ت‏]
ست:
قال اللّيث: السِّتُّ و السِّتّة في التأسيس على غير لفظَيْهِما، و هُما في الأصل:
سِدْس و سِدْسَة؛ و لكنّهم أرادوا إدْغامَ الدّال في السّين، فالتَقيا عند مَخْرَج التاء فغَلَبتْ عليها كما غَلَبَت الحاءُ على العَين في لغة سَعْد، يقولون: كنت مَحُّمْ في معنى مَعَهم. و بيانُ ذلك: أنّك تُصَغِّر ستّةُ سُدَيسة، و جميع تصغيرِها على ذلك، و كذلك الأسداس.
الحَرَّاني عن ابن السكيت، يقال: جاء فلانٌ خامساً و خَامياً، و جاء فلانٌ سادِساً و سادِياً و جاء سَاتّاً، و قال الشاعر:
إذا ما عُدَّ أَرْبَعَةٌ فِسَالٌ             فَزَوْجُكِ خَامِسٌ وَ أَبُوكِ سَادِي‏
قال: فمَنْ قال سادِساً بناه على السِّدْس، و من قال ساتّاً بناه على لَفْظِ سِتّة و سِتّ.
و الأصلُ سِدْسَة، فأَدْغموا الدالَ في السّين فصارت تاءً مشدَّدة، و من قال: سادِياً و خامِياً أَبْدَلَ من السّين ياءً.
شَمر عن ابن الأعرابيّ: السُّدُوس: هو النِّيلَنْج. و قال أبو عمرو: السّدُوس. قال امرؤ القيس:
مَنَابِته مِثْلُ السُّدُوسِ و لونُه             كَلَوْنِ السَّيَالِ و هو عَذْبٌ يفِيضُ‏
قال شمر: سمعتُه من ابن الأعرابيّ بضم السين. و روَاه إسماعيل بن عبد اللّه عن أبي عمرو بفَتْح السين، و روى بيت امرى‏ء القيس:
إذا ما كنتَ مفتَخِراً ففَاخِرْ             بِبَيْتٍ مِثْلِ بَيْتِ بَنِي سَدُوسٍ‏
بفتح السين أراد خالد بن سَدُوس النَّبْهَانِيّ.
أبو عُبَيد عن الأصمعي: السَّدُوس:
الطَّيْلَسَان بالْفتح و اسم الرجل سُدوس.
قال شمر: يقال لكلّ ثوب أخضَر سَدُوس و سُدُوس.
و قال ابن الكلبيّ: سَدُوس في بني شَيْبَان، و سُدُوس في طيّى‏ء.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: إذا أَلقَى البَعِيرُ السِّنَّ التي بَعْدَ الرَّبَاعِيَة، و ذلك في السّنة الثامنة، فهو سَدَس وَ سَدِيس، و هما في المؤنَّث و المذكّر بغير هاءٍ. و قال غَيره:
السُّدْس: سهم واحد من ستَّة أجزاء، و يقال للسُّدس سَدِيس أيضاً.

199
تهذيب اللغة12

ست ص 199

و قال ابن السكّيت: يقال عندي ستّة رجالٍ و سِتُّ نِسْوَةٍ، و تقول: عندي ستّة رجال و نِسْوَةٍ، أي: عندي ثلاثةٌ من هؤلاء و ثلاثةٌ من هؤلاء، و إن شِئْتَ قلتَ: عندي سِتَّةُ رِجَالٍ و نِسْوةٌ فَنَسَقْتَ بالنِّسْوة على السّتة، أي: عندي سِتَّةٌ من هؤلاء، و عندي نِسْوة. و كذلك كلُّ عَدَد احْتَمَل أن يُفرَد منه جَمْعان، فلك فيه الوجهان. فإن كان عدداً لا يحتمل أن يفرد منه جَمْعَان فالرَّفع لا غير. تقول: عند خمسةُ رجال و نِسْوةٌ، و لا يكونُ الخَفْضُ. و كذلك الأربعة و الثلاثةُ، و هذا قولُ جميع النحويّين.
أبو عبيد عن الكسائيّ: كان القوم ثلاثةً فَرَبَعْتُهُمْ، أي: صِرْتُ رابعَهم، و كانوا أربعةً فَخَمْسَتُهُمْ، و كذلك إلى العَشرة.
و كذلك إذا أَخَذْتَ الثُّلُثَ من أموالهم أو السُّدْس قلتَ ثَلَثْتُهُمْ، و في الرُّبع رَبَعْتُهُم إلى العُشْر. فإذا جِئْتَ إلى يَفعِل قلتَ في العَدَد: يَخْمِسْ و يَثْلِث إلى العَشْر؛ إلَّا ثلاثةَ أَحْرُف فإنها بالفتح في الحدّين جميعاً: يَرْبَعْ و يَسْبَع و يَتْسَع. و تقول في الأموال: يَثْلُث و يَخْمُس و يَسْدُس بالضم:
إذا أخذتَ ثُلُثَ أموالهم أوْ خُمْسَها أو سُدْسَها، و كذلك عَشَرَهُم يعشُرُهم إذا أَخذ منه العُشر، و عَشَرَهم يَعْشِرُهُمْ إذا كان عاشِرَهم و السِّتُّون عَقْد بين عَقْدَيِ الخمسينَ و السّبعين، و هو مبنِيٌّ على غير لفظِ واحدِه، و الأصلُ فيه السِّتّ، تقول:
أخذْتُ منه ستِّينَ دِرْهماً.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: السَّتُّ: الكلام القبيح، يقال: سَتَّهُ و سَدَّه: إذا عابه.
انتهى و اللّه تعالى أعلم.
س ظ- س ذ- س ث:
أهملت وجوهها.
باب السين و الراء
س ر رس، سر، سرس: [مستعملة]
سر:
أخبَرَني المُنْذِريّ عن الحرَّاني عن ابن السكيت أنه قال: السِّرّ: مصدَرَ سَرَّ الزَّنْدَ يَسرّه سَرّاً: إذا كان أَجْوَفَ فجعل في جوفه عُوداً لِيَقْدَحَ به، يقال: سُرَّ زَنْدَكَ فإنه أَسَرّ.
قال أبو يوسف: و حَكَى لنا أبو عمرو:
قَنَاةٌ سَرّاء: إذا كانت جَوْفاء. قال:
و السِّرُّ: النّكاح، قال اللّه تعالى: وَ لكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا
 [البقرة: 235]، قال رؤبة:
* فَعَفَّ عَنْ أَسْرَارِها بَعْدَ الفَسَق*
و يقال: فلانٌ في سِرِّ قَوْمِه، أي: في أفضلهم. قال: و سِرُّ الوادي: أفضلُ موضعٍ فيه، و هي السَّرارةُ أيضاً: و السرُّ:
من الأسْرار الَّتي تُكْتَم. و حَكى لنا أبو عَمرو: السِّرُّ: ذَكَرَ الرَّجل، و أنْشَدَنا

200
تهذيب اللغة12

سر 200

لِلأَفْوَه الأَوْدي:
لما رأتْ سِرِّي تغيَّر و انثَنَى             من دُونِ نَهْمَةِ شَبرِها حين انثنى‏
و قال أبو الهيثم: السِّرّ: الزِّنى، و الشرِّ:
الجماع. و
قال الحسن و أبو مِجلَز في قوله: وَ لكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا
قالا: هو الزِّنى، و قال مجاهد: هو أن يَخطُبها في العدة.
و قال الفرّاء في قوله:
لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا
 يقول: لا يصفن أحدكم نفسَه للمرأة في عِدتها بالرغبة في النكاح و الإكثارِ منه.
و قال الليث: السرُّ: ما أَسْرَرْت.
و السَّريرةُ: عمل السر من خَيْر أو شر.
أبو عُبَيْد عن أبي عُبَيدة: أسررتُ الشي‏ءَ:
أخْفيتُه، و أسررتُه: أعلنته. قال: و من الإظهار قولُ اللّه جل و علا: وَ أَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ*
 [يونس: 54]، أي: أظهروها، و أنشد للفرزدق:
فلمّا رأى الحجاجَ جرَّدَ سَيْفه             أَسَرَّ الحَرُورِيُّ الذي كان أَضْمَرَا
قال شمر: لم أجد هذا البيت للفرزدق، و ما قال غير أبي عُبيدة في قوله: وَ أَسَرُّوا النَّدامَةَ*
 [يونس: 54]، أي: أظهرُوها، و لم أسمع ذلك لغيره.
و أخبرني المنذريُّ عن أبي طالب عن أبيه عن الفرَّاء في قوله: وَ أَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ*
 يعني الرؤساءَ من المشركين أسرُّوا النَّدامة من سَفِلَتهم الذين أضَلوهم، و أسرُّوها، أي: أخفوها و عليه قولُ المفسّرين. و
في حديث النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه سأل رجلًا: «هل صُمْتَ من سرار هذا الشهرِ شيئاً؟» قال: لا، قال: «فإذا أفطرتَ من رمضانَ فصُمْ يومين».
و قال أبو عبَيدة: قال الكسائي و غيرُه:
السِّرار: آخرُ الشهر ليلة يستسِرُّ الهلال.
قال أبو عُبيدة: و ربما استَسرَّ ليلةً، و ربما استَسر ليلتين إذا تَمَّ الشهر، و أنشد الكسائي:
نَحنُ صَبَحْنا عامراً في دارِها             جُزْءاً تعادَىَ طرَفَيْ نهارِها
عَشِيَة الهِلال أو سرارِها

قال أبو عبيد: و فيه لُغةٌ أخرى: سرَر الشَّهر.
قلتُ: و سرار لغة ليست بجيّدة.
شمر: قال الأصمعي: سرار الروضة:
أوسَطُه و أكرَمُه. و أرض سرَّاء، أي:
طيّبة. قال الفرَّاء: سرٌّ بيّنُ السرارة: و هو الخالص من كل شي‏ء. قال: و أسرَّةُ البنْتِ: طَرائقُه.
أبو عبيد عن الأمويّ: السِّرارُ: ما على الكمأة من القشور و التراب.
قال أبو عبيد: و سمعتُ الكسائي يقول:
قُطع سرَرُ الصَّبيِّ، و هو واحد. و قال ابن شُميل: الفِقْعُ أَرْدَأُ الكَمْ‏ءِ طعما

201
تهذيب اللغة12

سر 200

و أسرَعُها ظُهوراً، و أقصَرُها في الأرض سرَراً. قال: و ليس للكَمأة عُروق، و لكن لها أَسرار. قال: السَّرَرُ: دُمْلوكَة من تراب تنبُت فيها.
و
في حديث عائشةَ «أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم دخل عليها تَبرُق أساريرُ وجهه».
قال أبو عُبيد: قال أبو عمرو: و الأسارير هي الخُطوط التي في الجبهة مثل التكسُّر فيها، واحدُها سرر و سرٌّ، و جمعُه أَسرَّة، و كذلك الخطوطُ في كل شي‏ء، قال عنترة:
بزُجاجةٍ صَفراءَ ذاتِ أَسرَّةٍ             قُرِنَتْ بأزهرَ في الشِّمال مُفَدَّمِ‏
ثم الأسارِير جمعُ الجمع. و قال الأصمعي في أسرَّة الكَفّ مثله. قال الأعشى:
فانظرْ إلى كَفٍّ و أسرارها             هل أَنْتَ إنْ أَوْعَدْتَني ضائري‏
يعني خُطوطَ باطن الكف.
و قال ابن السِّكِّيت: ينال قُطِع سَرَرُ الصَّبيِّ، و لا تقول: قَطَعْتُ سُرَّته، إنما السرة التي تبقى، و السرَر ما قُطِع سرَره و سرُّه.
و قال الليث: السرة: الوَقْبَةُ. و قال الليث: السرة: التي في وسط البطن، و قال ابن شميل: فلان كريم السِّر، أي:
كريم الأصل داءٌ يأخذُ في السرة، يقال:
بعيرٌ أَسَرُّ، و ناقةٌ سراء بيِّنا السرر، يأخذهما الداءُ في سُرتهما، فإذا بركَتْ تَجافَتْ.
قلتُ: هذا وَهمٌ، السرَر: وجعٌ يأخذ البعيرَ في كِرْكرَته لا في سُرَّته. قال أبو عبيد: قال أبو عمرو: ناقة سراء، و بعيرٌ بيّنُ السرر: و هو وجعٌ يأخذ في الكِرْكرة. و أنشدني بعضُ أهل اللغة:
إنَّ جَنبِي عَنِ الفِراشِ لَنَابِي             كَتَجَافي الأسَرِّ فوق الظِّرَابِ‏
ثعلب عن ابن الأعرابي: المسرَّة: أطرافُ الرَّياحين.
و قال الليث: السرور من النباتِ: أنصافُ سُوقها العُلَى، قال الأعشى:
كَبْرِدِيّة الغِيلِ وَسْطَ الغَرِيفِ             قد خالَطَ الماءُ منها السرورا
و يُروِى السَّرِيرا، يريد جميع أصلها التي استقرّت عليه، أو غاية نعمتها، و قال الشاعر:
و فارَقَ منها عِيشةً غَيْدَقِيّةً             و لَمْ يَخْشَ يَوماً أنْ يزُولَ سرِيرُها
قال: سَريرُ العَيش: مستقرُّه الذي اطمأنَّ عليه خَفْضُه و دَعَتُه.
و يقال: سِرّ الوادي خَيْرُه: و جمعه سُرُور في قولِ الأعشى. قال: و سرير الرأس:
مستقرُّه. و أنشد:

202
تهذيب اللغة12

سر 200

ضَرْباً يُزيلُ الهامَ عن سَريرِه             إزالةَ السُّنْبِل عن شَعِيرِه‏
و السرير معروف، و العَدَد أسِرة، و الجميع السُّرر، و أجاز كثيرٌ من النحويّين السُّرر و السِّرارُ: مصدَر ساررتُ الرجلَ سِراراً و امرأة سارَّة سَرَّة. و اختلفوا في السُّرِّيّة من الإماءِ لِمَ سُمِّيتْ سُرِّيّة؟ فقال بعضهم:
نُسبَتْ إلى السِّرِّ و هو الْجِماع، و ضُمَّت السينُ فَرْقاً بين المَهِيرة و بين الأمة تكونُ للوطْء، فيقال للحُرَّة إذا نكحَت سِرّاً:
سِرِّية، و للأَمةَ يتسَّراها صاحبُها سُرِّيّة.
و أخبَرَني المنذريّ عن أبي الهَيْثم أنه قال:
السُّرُّ: السُّرُورُ فسمِّيت الجاريةُ سُريّةً لأنها موضع سُرورِ الرجل، و هذا أحسنُ القولين.
و قال اللّيث: السُّرِّيّة: فُعلِيّة من قولك تَسرَّرْتُ. قال: و من قال: تَسَرّيتُ فقد غَلِط.
قلت: ليس بغَلَط، و لكنه لما توالت ثلاثُ راءات في تَسَرَّرْت قُلِبت إحداهن ياء، كما قالوا قَصَّيْت أظْفاري، و الأصل قَصَصْت. و السَّرّاءُ: النِّعمة. و الضَّرّاء:
الشّدّة.
و يقال: سُرِرتُ بقُدومِ زَيْدٍ، و سَرّني لقاؤُه.
و قال: سَرَرْتُه أسُرُّه، أي: فَرَّحْته. قال أبو عمرو: فلان سُرْسُورُ مالٍ و سُوبَانُ مالٍ:
إذا كان حَسَنَ القيام عليه.
و قول أبي ذُؤَيب:
بِآيةِ ما وَقَفَتْ و الرِّكا             بُ بَيْنَ الحَجُون و بَيْنَ السُّرَر
قيل: هو الموضع الّذي‏
جاء في الحديث: شجرةٌ سُرَّ تحتَها سبعون نبيّاً
تسمِّىَ سُرَراً لذلك. و السِرَرُ: ما قُطِع من السُّرّة فرُمِي به. و قوله:
و أَغْفِ تحتَ الأَنجُمِ العَواتم             و اهْبِطْ بها منك بِسِرِّ كاتمِ‏
فالسِّرّ: أخصَب الوادي، و كاتِم، أي:
كامن. تراه فيه قد كَتَم نَداه و لم يَيبس.
و يقال: رَجلٌ سَرُّبَر: إذا كان يَسُرّ إخوانَه و يَبَرُّهم. و السَّرارَةُ: كُنْهُ الفَضْل، و قال امرؤ القيس:
فَالَهَا مُقَلدُها و مُقْلَتها             و لَها عَلَيْه سَرارَةُ الفَضْلِ‏
وَصفَ امرؤُ القيس امرأةً فشبّهها بظَبْية جَيْدَاءَ كَحْلاءَ، ثم جَعَل للمرأة الفَضْلَ عليها في سائِر محاسِنها، و أراد بالسَّرارة كُنْهَ الفَضْل و حقيقتَه.
وَ سرارَةُ كلِّ شي‏ء: مَحْضُه، و الأصل فيها سَرَارة الرَّوْضة، و هي خَيْرُ منابِتها، و كذلك سُرّة الرَّوضةُ. و قال الفرّاء: لها عليها سَرارةُ الفَضْل، أي: زِيادةُ الفَضْل.
و قال بعضهم: استَسَرَّ الرجُل جاريَته: إذا اشتراها. و تسرَّرها مثلُها: إذا اتَّخذها سُرِّية.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: السَّرَّة: الطاقَة

203
تهذيب اللغة12

سر 200

من الرَّيْحان، و يقال: سَرْسَرْت شَفْرَتِي:
إذا أحدَدْتَها. و قال أبو حاتم: فلانٌ سُرْسُوري و سُرْسُورتِي، أيْ: حَبِيبي و خاصّتي، و يقال: في سُرّته سَرَرٌ، أي:
وَرَم يؤلمه. و يقال: فلانٌ سُرْسورُ هذا الأَمر: إذا كان عالِماً به. و رُوي عن أبي زيد: رَجُل أسَرّ: إذا كان أجوَفَ.
و قال الفرّاء: يقال: سِرُّ بين السَّرارة:
و هو الخالصُ من كلّ شي‏ء.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: سَرَّ يَسَرُّ: إذا اشتكَى سُرَّتَه. و سَرّه يَسُرّه: إذا حيّاه بالمَسَرّة و هي الرّياحين.
ابن بُزُرج: يقال: ولد له ثلاثة على سِرٍّ و على سِرِرٍ واحد، و هو أن تُقطَع سُررَهم أشباصاً لا يَخلُطهم أنثى. و يقولون:
وَلَدت المرأةُ ثلاثةً في صِرَرٍ، جمع الصَّرّة و هي الصَّيْحة، و يقال: الشدّة.
شمر: قال الفراء: سِرارُ الشَّهْر: آخر ليلة إذا كان الشهر تِسعاً و عشرين، فسِرارُه ليلة ثمانٍ و عشرين، و إذا كان الشهرُ ثلاثين فسِرارُه ليلةُ تسعٍ و عشرين. و السِّرّ: موضع في ديار بني تميم. و سَرارَة العَيْشِ: خيْرُه و أفضَلُه.
سرس:
ابن السكّيت عن أبي عَمرو:
السَّرِيسُ: الكَيِّسُ الحافظُ في يَدَيْه. قال:
و هو العِنِّين أيضاً، و أَنشَد أبو عُبَيد قال:
أَفِي حَقِّي مُواسَاتي أَخاكُمْ             بمالِي ثم يَظلمني السَّرِيسُ‏
قال: و هو العِنِّين. قال: و سَرِيَّ: إذا عُنَّ. و سَرِسَ: إذا ساءَ خُلُقُه. و سَرِسَ:
إذا عَقَل و حَزُم بعد جَهْل.
رس:
قال أبو عُبيدة: سمعتُ الأصمعي يقول: أول ما يجِد الإنسانُ مَسَّ الحُمَّى قبل أن تأخذَه و تَظهَرَ فذاك الرَّسُّ، و الرَّسيس أيضاً. و قال أبو زيد: رَسَسْتُ بينَهم أَرسّ رسّاً: إذا أَصْلَحتَ.
و
في حديث سَلَمة بن الأكوَع: أن المشركين رَاسُّونا الصلْح حتّى مشى بعضنا إلى بعض فاصطَلَحنا، و ذلك في غَزْوَة الحُدَيبِية.
فراسونا: أي: واصَلُونا في الصلح و ابتدأت في ذلك. و رَسَسْتُ بينهم، أي: أصْلَحْت.
و قال الفَرّاء: أخَذتْه الحُمَّى بِرَسِّ: إذا ثَبَتَتْ في عظامِه.
و قال الكسائي: يقال: بلغَني رَسٌّ مِنْ خَبَر، و ذَرْءٌ من خبر، و هو الشي‏ء منه.
و قال الزّجّاج في قول اللّه جلّ و عزّ:
وَ أَصْحابَ الرَّسِّ*
 [الفرقان: 38]، قال أبو إسحاق: الرَّسُّ: بئر، يُروَى أنّهم قوم كَذّبوا نبيَّهم و رَسوه في بئر، أي: دَسُّوه فيها.
قال: و يُرْوى أن الرسّ قريةٌ باليمامة يقال لها: فَلْج. و يُروَى: أنّ الرسّ ديار لطائفة

204
تهذيب اللغة12

رس 204

من ثمودَ، و كلّ بئر رَسّ، و منه قولُ الشاعر:
* تَنابِلةٌ يَحْفرون الرِّساسَا*
و قال اللّيث: الرّسُّ في قوافي الشعر:
الحَرْفُ الّذي بعد ألف التأسيس، نحو:
حَرَكة عَيْن فاعل في القافية كيفما تحرّكتْ حركتها جازَتْ، و كانت رَسّاً للألف.
قال: و الرَّسيس: الشي‏ءُ الثابت الّذي قد لَزِم مكانَه. و أنشد:
* رَسِيسَ الهوَى مِن طُول ما يَتذَكَّرُ*
قال: و الرَّسّ: ماءان في البادية معروفان.
و الرَّسْرَسة مثل النَّضْنَضَة: و هو أن يُثبِّت البعيرُ ركبتَيه في الأرض للنُّهوض.
و يقال: رَسَسْتُ و رَصَصْتُ، أي: أثبتُّ.
و
يُروَى عن النَّخْعِيُّ أنه قال: إني لأَسمعُ الحديثَ فأحدِّث به الخادم أَرُسُّه به في نفسي.
قال أبو عُبَيدة: قال الأصمعيّ: الرَّسّ:
ابتداءُ الشي‏ء؛ و منه رَسُّ الحُمَّى و رَسِيسُها، و ذلك حين تبدأ. فأراد بقوله:
أرُسُّه في نفسي، أي: أبتدى‏ء بذكر الحديث و دَرْسِه في نفسي و أحدِّث به خادمي، أَسْتَذكر بذلك الحديث، و قال ذو الرمة:
إذا غَيّر النأْيُ المُحِبِّين لَم أَجِدْ             رَسيسَ الهوَى مِن ذِكرِ مَيّة يَبرَحُ‏
و قال ابن مُقبِل يَذكر الرِّيح و لينَ هُبوبها:
كأنّ خُزامَى عالج طَرقَتْ بها             شَمالٌ رَسيسُ المَسِّ أو هو أطيب‏
قال أبو عمرو: أراد أنها لينة الهبوب رخاء.
أبو عمرو أيضاً: الرسيس: العاقلُ الفطِن.
و قال شمر: و قيل في قوله: «أرُسُّه في نفسي»، أي: أُثَبِّتُه.
و قال أبو عُبَيدة: إنَّك لتَرُسّ أمراً ما يَلتئم، أي: تثبت أمراً ما يلتئم.
و قال أبو مالك: رَسيسُ الهوى: أصلُه.
ثعلب عن ابن الأعرابي: الرّسّة: السّارية المُحْكَمة.
و قال الفراء: يقال: أخذته حُمّى برَسّ، أي: ثبتت في عظامه. و قال في قوله:
 «كنتُ أَرُسُّه في نفسي»، أي: أعاوِدُ ذكرَه و أردِّده؛ و لم يرد ابتداء.
و قال أبو زيد: أتانا رَسٌّ من خَبَر، و رَسِيسٌ من خَبَر: و هو الخَبر الذي لم يصحّ و هم يتراسُّون الخَبَرَ و يَتَرَهْمَسُونَه، أي: يَتسارُّون به، و منه قولُ الحَجّاج:
* أمِنْ أهلِ الرَّسّ و الرَّهْمَسة أنت*
انتهى و اللّه أعلم.
باب السّين و اللّام‏
 [س ل‏] سلّ، لس، سلس: [مستعملة].
سل:
قال الليث: السَّلُّ: سَلُّك الشَّعْرَ من‏

205
تهذيب اللغة12

سل ص 205

العَجين و نحوِه.
قال: و الانسلال المُضِيُّ و لخُرُج من مَضِيق أو زِحام. و سَلَلتُ السيفَ من غِمْدِه فانْسَلّ. و السُّلُّ و السُّلالُ: داءٌ مِثْله يُهزِل و يُضْني و يَقتل، يقال: سُلّ الرجلّ، و أَسلَّه اللّه فهو مَسْلول.
و قال الفرّاء في قول اللّه جلّ و عزّ: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) [المؤمنون: 12].
قال: السُّلالة: الذي سُلَّ من كلّ تُرْبة.
و قال أبو الهَيْثم: السُّلالة: ما سُلَّ من صُلْب الرجُل و تَرائِب المرأة كما يُسَلّ الشي‏ءُ سَلًّا. و السَّلِيلُ: الولد، سُمّي سَلِيلًا حين يَخرُج من بطن أمه. و السَّلّة:
السَّرِقة. و يقال للسّارق: السّلَّال. و يقال:
الخَلّةُ تَدعُو إلى السَّلّة. و يقال: سَلَّ الرجلُ و أَسَلَّ: إذا سَرَق.
قلت: و
رُوِي عن عكرمة أنه قال في السُّلالة: إنه الماء يُسَلُّ من الظَّهْر سَلًّا.
و قال الأخفش: السُّلالةُ: الوَلَد. و النُّطْفَةُ:
السُّلالةُ، و قال الشَّمّاخ:
طَوَتْ أَحْشاءَ مُرْتجةٍ لوَقْتٍ             عَلَى مَشِجٍ سُلالَتُه مَهِينُ‏
فَجَعل السُّلالةَ الماء. و الدليلُ على أنّه قولُ اللّه جلّ و عزّ في سورة أُخْرى:
وَ بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ [السجدة: 7]، يعني آدم، ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ
 [السجدة: 8]، ثمَّ تَرْجَمَ عنه فقال: مِنْ ماءٍ مَهِينٍ* [السجدة: 8]، فقوله: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ
 أراد بالإنسان وَلَدَ آدم و جُعل اسماً للجِنس، و قوله: مِنْ طِينٍ أراد تَولُّدَ السُّلالة مِن طِيْن خُلِقَ آدمُ منه.
و
قال قَتَادة: استلَّ آدمُ مِن طين فسُمِّي سُلالةً
، و إلى هذا ذَهَب الفرّاء. و
في الكتاب الذي كتبه النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم بالحُدَيْبية حين صالَح أهلَ مكة: «و أن لا إِغْلالَ و لا إسْلال».
قال أبو عُبَيدة: قال أبو عمرو: الإسْلالُ:
السَّرِقَةُ الخَفِيّة، يقال: في بَنِي فلانٍ سَلّة:
إذا كانوا يَسرِقون.
و قال أبو عمرو: السَّلِيلةُ: بِنْتُ الرَّجل من صُلْبه.
و قال الليث: السَّلِيلُ و السُّلّان: الأوْدية.
قال: و السَّليل و السَّليلة: المُهْر و المُهْرة.
و السَّلِيلة: عَقَبةٌ أو عَصَبة أو لحمةٌ إذا كانت شبْه طرائق يَنفصِل بعضُها من بعض.
و أنشد:
* لاءَمَ فيها السليلُ القَفَازا*
قال: السَّليلُ: لَحمةُ المَتْنَين.
ابن السكيت: أَسَلَّ الرّجلُ: إذا سَرَق.
و في بني فلان سَلّةٌ، أي: سَرِقة.
و يقال: أَتيناهم عند السَّلَّة، أي: أتيناهم عند استلال السُّيوف، و أَنشَد:

206
تهذيب اللغة12

سل ص 205

* و ذو غِرَارَيْن سَرِيعُ السَّلّة*
و سَلَّ الشي‏ءَ يَسَلّه سَلًّا.
و
في الحديث: «لا إِغْلالَ و لا إِسْلالَ».
قال: و سَلّةُ الفَرَس: دَفَعْتُه في سِباقِه.
يقال: قد خَرجَتْ سَلّةُ هذا الفَرس على سائرِ الخيل.
قال المَرّار العَدَوِيّ:
أَلِزاً قَدْ خَرَجَتْ سَلَّتُه             زَعِلًا تَمسَحُه ما يَسْتَقِرّ
قال: و الأَلزُ: الوَثَّاب. قال: و السَّلَّة:
السَّبذَةُ كالجُؤْنة المُطبَّقَة.
قلت: و رأيتُ أعرابيّاً نشأ بفَيْد يقول لسَبَذة الطِّين: السَّلَّة.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: السَّلَّة:
السُّلُّ و هو المرض. و السَّلّةُ: استلالُ السُّيوف عند القتال، يقال: أتيناهم عند السَّلة. و السَّلَّةُ: الناقة الّتي سقطتْ أسنانُها من الهَرَم.
اللّحياني قال أبو السِّمْط: رَجُل سَلُّ، و امرأةٌ سَلَّة، و شاةٌ سَلَّة، أي: ساقِطةُ الأسنان، و قد سَلّت تَسِل سَلًّا.
و قال الفرَّاء في قول اللّه جل و علا:
يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً
 [النور: 63].
قال: يَلوذُ هذا بهذا، يَستتِر ذا بذا.
و قال الليث: يتسلّلون و ينسلّون واحد.
أبو عُبَيد: السُّلاسلُ: الماءُ السَّهل في الحَلْق و يقال: هو البارد أيضاً.
قال لَبيد:
حَقائِبُهمْ راحٌ عَتِيقٌ و دَرْمَكٌ             و رَيْطٌ و فاثُورِيّةٌ و سَلاسِلُ‏
و قال اللَّيث: هو السَّلْسَل، و هو الماء العَذْب الصافي الذي إذا شُرِب تَسَلْسَل في الْحَلْق. و الماءُ إذا جَرَى في صَبَب أو حَدُور تَسَلْسَل، و قال الأخطَل:
إذا خافَ مِن نجمٍ عليها ظَماءَةً             أَدَبَّ إليها جَدْوَلًا و يَتَسَلْسَلُ‏
و خمرٌ سَلْسل.
و قال حسّان:
* بَرَدَى يُصفَّق بالرَّحيق السَّلْسَلِ*
قال: و السَّلَّة: الفُرْجة بين نَصائب الحَوْض، و أنشَد:
* أسَلَّةٌ في حَوْضها أم انْفَجَرْ*
و في حديث أبي زرع بن أبي زرع: كمَسَلِّ شَطْبة. أراد بالمَسَلِّ: ما سُلّ من شَطْب الجَريدة شَبَّهه به لدِقة خَصْره. و السِّلسلةُ معروفة. و بَرْق ذو سَلاسِل، و رَمْل ذو سَلاسِل: و هو تَسَلْسُلُه الذي يُرى في التوائه.
أبو عُبَيد عن الأصمعي: السَّلاسلُ: رَمْلٌ يتعقّد بعضُه على بعض.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: البَرْقُ المُسَلْسَل: الذي يَتَسَلْسَل في أعاليه و لا

207
تهذيب اللغة12

سل ص 205

يكاد يُخلِف. و الأسَلُّ: اللّص.
أنشد أبو عبيد قول تأبّطَ شَرّاً:
* و أَنْضُوا المَلَا بالشّاحِبِ المُتَسَلْسِلِ*
و هو الَّذي تخَدَّدَ لحمُه و قَلّ.
قلتُ: أراد به نفسَه. أراد قطَع الملأ، و هو ما اتّسع من الفَلاة، و أنا شاحب مُتسلسِل و رواه غيرُه:
«بالشاحب المُتَشَلْشِل»
و فسَّره أَنْضُوا المَلا: أجوزُه.
و المَلا: الصَّحْراء. و الشاحب: الرَّجلُ الغَزّاء. قال: و قال الأصمعيّ: الشاحب:
سيفٌ قد أَخلَق جَفْنهُ. و المُتشلشل: الّذي يَقطُر الدّمُ منه لكثرة ما ضُرِب به.
و
في الحديث: «اللّهمَّ اسقِنا من سَلِيل الجنَّة»
، و هو صافِي شرابِها، قيل له سليلٌ: لأنه سُلَّ حتى خَلَص.
أبو عُبَيد عن الأصمعي: إذا وَضَعت الناقةُ فوَلدُها ساعَة تضعُه سَلِيل قَبلَ أن يُعلم أ ذكرٌ هو أم أنثى. و سَلائل السَّنام طرائِقُ طوالٌ يُقطع منه.
و قال الليث: واحدها سَليل. قال ابن شُميل: و يقال للإنسان أيضاً أوّل ما تضعه أمُّهُ سَلِيل. و السَّلِيلُ: دماغُ الفَرَس، و أنشد:
كَقَوْنَسِ الطِّرْفِ أَوْفَى شَأَنُ قَمَحْده             فيه السَّليلُ حَوَالَيْه له أَرَمُ‏
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: يقال للغُلام الخفيفِ الرُّوح النّشيط لُسْلُس و سُلْسُل.
و قال النَّضْر: سَلِيلُ اللَّحْم: خَصِيلُه، و هي السَّلائِل.
و قال الأصمعي: السَّليلُ: طرائق اللحم الطِّوال تكون ممتدّة مع الصُّلب.
و قال النَّضر: السّالُّ: مكانٌ وَطِى‏ء و ما حولَه مُشرِف، و جمعه سَوَالّ، يُجمَع فيه الماء.
شَمر عن ابن الأعرابي: يقال: سَلِيلٌ من سَمُر، و غالُّ من سَلَم، و فَرْشٌ من عُرْفط.
اللحياني: تَسَلْسَل الثوبُ و تَخَلْخلَ: إذا لُبِس حتى رَقّ، فهو مُتسَلْسِل. و التَّسَلْسُلُ:
بَرِيقُ فِرِنْدِ السَّيْف و دَبيبُه. و سيفٌ مُسَلْسَل، و ثَوْبٌ مُلَسْلَس فيه و شيُ مخطَّط، و بعضُهم يقول: مُسَلْسَل كأنّه مقلوب.
أبو عبيد عن الأصمعي: السُّلّان: بطونٌ من الأرض غامضةٌ ذاتُ شجر، واحدها سالٌّ غالٌّ.
قال: و السُّلّانُ: واحدها سالٌّ و هو المَسِيل الضيّق في الوادي.
و قال غيره: السِّلْسِلةُ: الوَحَرة، و هي رُقَيْطاء لها ذَنَب دَقيقٌ تمصع به إذا عَدَتْ؛ يقال: إنها ما تَطَأُ طَعاماً و لا شَراباً إلّا سَمَّتْه فلا يأكلُه أحدٌ إلّا وَحَر و أصابَه داءٌ ربما ماتَ منه.
ابن الأعرابيّ: سَلْسَلَ: إذا أَكَل السِّلْسلة، و هي القِطْعة الطويلةُ من السَّنا.
و قال أبو عمرو: هي اللَّسْلسة.

208
تهذيب اللغة12

سل ص 205

و قال الأصمعيّ: هي اللَّسْلِسَة، و يقال:
سَلْسَلة. و يقال: انْسَلّ و انْشَلَّ بمعنى واحد. يقال ذلك في السَّيْل و الناس قاله شَمر.
سلس:
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: السَّلْسُ:
الخَيْطُ ينظَم فيه الخَرزُ، و جمعه سُلُوس، و أنشَدَنا:
و يزِينُها في النَحْر حَلْيٌ وَاضِحٌ             و قَلائِدٌ من حُبْلةٍ و سُلوِس‏
و قال غيرُه: السُّلَاسُ: ذَهابُ العَقْل.
و رجل مَسْلُوسٌ في عَقْله، فإذا أَصابه ذلك في بَدَنه فهو مَهْلُوسٌ. و سَلِسَ المُهْرُ: إذا انْقاد، و شَرابٌ سَلِسٌ: لَيِّن الانحدار.
و سَلِسَ بَولُ الرجلِ: إذا لم يتهيّأ له أن يُمسِكه، و كلُّ شي‏ء قَلِق فقد سَلِس.
و أسْلسَتِ النّخلة فهي مُسْلِس: إذا تَناثَر بُسْرُها. و سَلْسَت الناقة: إذا أخدَجَت الولدَ قبل تمام أيّامه فهي سُلِس، و قال المعطَّل الهُذَلي:
لم يُنْسِنِي حُبَّ القَتُول مَطارِدٌ             و أفَلُّ يختضِمُ القَقَارُ مُسلَّسُ‏
أراد بالمَطارِدِ سِهَاماً يُشبِه بعضُها بعضاً، و أراد بقوله: مسلَّس: مُسَلسَل، أي: فيه مِثل السِّلْسلة من الفِرِند.
لس:
أبو عبيد: لَسَّ يَلُسُّ: إذا أَكل، و قال زُهير:
* قد اخضَرَّ مِنْ لَسن الغَمِيرِ حَجافِلُهْ*
الدينوريّ قال: اللُّسَاس من البَقْل: ما اسْتمكَنَتْ منه الراعية.
و اللَّسُّ أصلُه الأَخْذ باللّسان من قبلِ أن يَطُول البَقْلُ. و قال الرّاجز: و وصف فَحْلًا:
يُوشِكُ أن توجسَ في الإيجاسِ             في ياقِلِ الرِّمْث و في اللُّساس‏
* منها هَدِيمُ ضَيَعٌ هَوّاس*
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: اللُّسُ:
الجَمّالون الحُذاق.
قلتُ: الأصْل النُسُسُ. و النَّسُّ: السوق، فقُلبت النون لاماً. قال: و اللَّسْلاسُ:
السَّنامُ المقطَّع.
و قال الأصمعي: اللِّسلِسةُ. انتهى و اللّه أعلم.
باب السّين و النون‏
 [س ن‏] سن، نس: [مستعملان‏].
سن:
قال أبو الحسن اللّحياني: أسنَنْتُ الرُّمْح: إذا جعلتَ له سِناناً و هو رُمْح مُسَنٌّ. قال: و سَنَنْتُ السِّنان أسُنُّه سَنّاً فهو مَسْنون: إذا أحدَدته على المِسَن بغير ألف.
و كذلك قال اليزيديّ فيما روى عنه أبو عبيد، و زاد عنه: سَننتُ الرمحَ: ركبت فيه السِّنان، بغير ألف أيضاً. و قال‏

209
تهذيب اللغة12

سن ص 209

اللحياني: سننت الرجل أسُنُّه سَنّاً: إذا طَعَنْته بالسِّنان. و سَنَنْتُ الرجلَ: إذا عَضضْتَه بأسنانِك، كما تقول: ضرَسْته.
و سَنَنْتُ الرجَل: إِذا كسرتَ أسنانَه، أَسُنُّه سَنّاً. و السُّنّة الطريقةُ المستقيمة المحمودة، و لذلك قيل: فلانٌ من أهل السنّة، و سَننتُ لكمْ سُنّة فاتبعوها.
و
في الحديث: «من سَنَّ سُنّةً حَسنةً فله أجرُها و أجرُ من عَمل بِها و من سَنّ سُنّةً سَيِّئةً»
يُريد من عَمِل بها ليُقتَدَى به فيها.
و سنَنْتُ فلاناً بالرُّمْح: إذا طَعَنْتَه به.
و سنَنْتُ إلى فلان الرُّمْحَ تَسنِيناً: إذا وجّهتَه إليه.
و يقال: أسَنّ فُلانٌ: إذا كَبر، يُسنُّ إسْناناً، فهو مُسِنّ. و بعير مُسِنّ. و الجميع مَسانٌ ثقيلةً.
و يقال: أسَنْ: إذا نبَت سِنهُ الّذي يَصيرُ به مُسِناً من الدوابّ.
قال شَمر: السُنّة في الأصل: سُنّهُ الطريق. و هو طريقٌ سنه أوائل الناس فصار مَسلَكاً لمَن بعدَهم. و سَنَّ فلانٌ طريقاً من الخير يَسُنّه: إذا ابتدأ أمراً من البِرّ لم يَعرِفه قَومُه، فاستَنُّوا به و سلَكُوه و هو يَسْتنُّ الطَّريقَ سَنّاً و سنَناً؛ فالسَّنُّ المصدَر، و السَنَنُ: الاسم بمعنى المسنُون.
و قال شمر: قال ابن شميل: سنن الرَّجُل:
قَصْدُه و همّتُه. و سُنّت الأرضُ فهي مَسْنونة و سنين: إذا أُكل نباتُها، قال الطَّرِمّاح:
بمُنخَرِقٍ تحِنُّ الرِّيحُ فِيه             حَنينَ الجُلْبِ في البَلدِ السَّنِين‏
يعني المَحْلَ. و
في حديث مُعاذ قال:
بَعثَني رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إلى اليمن فأَمَرني أن آخذَ من كلّ ثلاثينَ من البقر: تَبِيعاً، و من كلِّ أربعين مُسِنّة.
و البَقَرةُ و الشاةُ يَقَع عليها اسمُ المُسِنّ إذا أَثْنَيا، فإذا سَقَطتْ ثنِيتها، بعد طلوعها فقد أسَنَّتْ، و ليس معنى أسنانِها كِبَرها كالرّجل، و لكن معناه طُلوعُ ثنِيّتها. و تُثْنى البَقرةُ في السّنة الثالثة، و كذلك المِعْزَى تُثْنى في الثالثة، ثم تكون رَبَاعِيةً في الرابعة، ثم سِدْساً في الخامسة، ثم سالِفاً في السادسة؛ و كذلك البقرُ في جميع ذلك.
و
روى مالك عن نافعٍ عن ابن عُمَر أنّه قال: يتّقى من الضّحايا الّتي لم تُسْنن، هكذا حدَّثنيه محمدُ بنُ إسحاق عن أبي زُرْعة عن يحيى عن مالك.
و ذَكر القُتَيبي هذا الحديثَ في «كتابه»: «لم تُسْننْ» بفتح النون الأولى، و فسّرهُ: التي لم تَنبُت أَسنانُها كأنها لم تُعطَ أسناناً، كقولك: لم يُلْبَن، أي: لم يُعطَ لبناً، و لم يُسمَن، أي: لم يُعطَ سَمْناً. و كذلك يقال: سُنِّنتِ البَدَنةُ: إذا نبتتْ أسنانُها، و سَنّها اللّه.
قال: و قولُ الأعشى:

210
تهذيب اللغة12

سن ص 209

* حتّى السَّدِيسُ لها قد أَسَنّ*
أي: نَبَت و صارَ سِنّاً؛ هذا كلّه قول القتيبيّ، و قد أخطأ فيما رَوَى و فسّر من وجهين: أحدهما: أنّه رُوِي في الحديث:
 «لم تُسنَن» بفتح النون الأولى و لم تُسن فأَظهَر التضعيفَ لسكون النون الأخيرة، كما يقال: لم تُحلل، و إنما أراد ابن عمر أنه يتقى أن يُضَحَّى بضحيّته لم تُثْنِ، أي:
لم تَصِر ثَنِيّة، و إذا أَثْنَتْ فقد أسَنَتْ؛ و على هذا قولُ الفقهاء، و أدنى الأسنَان:
الإثناء، و هو أن تَنْبُت ثَنِيّتاها، و أقصاها في الإبل البُزُول، و في البقر و الغنم الصُّلُوع.
و الدّليل على صحة ما ذكرتُه ما
حدّثنا به محمد بن إسحاق عن الحَسن بنِ عفان عن أسباط، عن الشّيباني، عن جَبَلة بن سُحَيم قال: سألَ رجلٌ ابْنَ عمرَ فقال:
أضحِّي بالجَذَع؟ فقال: ضَحِّ بالثَّنِيِّ فصاعِداً
؛ فهذا يسِّر لك أنّ معنى قوله:
 «يُتّقى من الضّحايا التي لم تُسْنِنْ» أراد به الإثناء.
و أما خطأ القُتَيْبي من الجهة الأخرى فقولُه: سُنت البَدَنة إذا نبتتْ أسنانُها، و سَنَّها اللّه؛ و هذا باطلٌ، ما قاله أحد يَعرِف أدنى شي‏ء من كلام العرب.
و قولُه أيضاً: «لم يُلْبَنْ و لم يُسْمَنْ، أي:
لم يعْطَ لَبناً و سَمْناً» خطأ أيضاً، إنما معناهما: لم يُطعَم سَمْناً، و لم يُسْق لَبَناً.
الحراني عن ابن السكّيت: السَّنُّ: مصدرُ سَنّ الحَديدَ سَنّاً، و سَنَّ لِلقَوم سُنّة وَ سَنناً و سَنَّ عليه الدِّرْعَ يَسُنّها سَنّاً: إذا صَبّها.
و سَن الإبِل يَسُنّها سَنّاً: إذا أحسَن رِعْيَتَها حتّى كأنه صَقَلها. قال: و السَنَنُ: استِنانُ الإبل و الخيل. و يقال: تَنَحَّ عن سَنَن الخَيْل، و جاء: «من الإبل و الخيل» سنَنٌ ما يُرَدّ وجهُه. و يقال: تَنَحَّ عن سَنَن الطريق و سُنَنه. و قال أبو عُبَيد: قال الفراء: سَنَن الطريق و سُنَنُه: محجّتُه.
و قال ابن السكيت: قال الأصمعيّ:
يقال: سَنّ عليه دِرْعَه: إذا صَبَّها، و لا يقال: شنّ. قال: و يقال: شَنّ عليهِ القارةَ، أي: فرَّقها. شَنّ الماءَ على شرابِه، أي: فرّقه عليه. و سَنّ الماءَ على وَجْهِه، أي: صَبّه عليه صَبّاً سَهْلًا. و قولُ اللّه جلّ و عزّ: مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ*
 [الحجر:
26]، قال ابن السكيت: سمعتُ أبا عمرو يقول في قوله: مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ*
، أي:
متغيِّر.
و أخبرني المنذري عن أبي الهيثم أنه قال:
سُنَّ الماءُ فهو مَسْنون، أي: تغيِّر. و قال الزّجّاج في قوله: مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ*
 [الحجر: 26]، أي: مَصْبوب على سُنّة الطريق.
و قال اللّحياني: قال بعضهم: مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ*
: متغيِّر. و قال بعضهم: طوّله جَعَله طويلًا مسنوناً؛ يقال: رجل مسنون‏

211
تهذيب اللغة12

سن ص 209

الوجه، أي: حَسَنُ الوَجْه طويلة.
و قال الفرّاء: مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ*
 هو المتغيِّر، كأنّه أُخِذَ من سَنَنْتُ الحَجَر على الحَجَر، و الّذي يَخرُج بينَهما يقال له السَّنِينَ و اللّه أعلم بما أراده.
قال الفرّاء: يسمَّى المِسَنُّ مِسَنّاً لأن الحديد يُسَنّ عليه، أي: يُحَدّ عليه، و يقال للذي يسيل عند الحَكّ: سَنِين. قال: و لا يكون ذلك السائلُ إلا مُنتِناً. و قال في قوله: مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ*
 يقال: المحكوك.
و
قال ابن عباس: هو الرَّطْب.
و يقال:
المُنْتِن. و قال أبو عبيدة: المَسْنُون المصْبُوب على صُورة. و قال: الوَجْه المَسْنون سمّيَ مَسْنوناً لأنه كالمخروط.
و قال أبو بكر: قولهم فلان من أهل السُّنة معناه: من أهل الطَّرِيقة المستقيمة المحمودة، و هي مأخوذة من السَّنَن و هو الطريق؛ يقال: خُذْ على سَنَن الطريق و سُنَنِه. و السُّنّة أيضاً: سُنّة الوَجْه.
و الحديدةُ الّتي يُحرَث بها الأرضُ يقال لها: السِّنّة و السِّكّة و جمعُها السِّنَن. و يقال للفُؤُوس أيضاً: السِّنَن، و يقال: هذه سِنٌّ و هي مؤنّثة و تصغيرُها سُنَيْنَة، و تُجْمَع أَسُنّاً و أَسْناناً. قال اللّحياني: قال القَنَاني:
يقال له بُنَيٌّ سَنِينةُ أبيك. و يقال: هو سنّةٌ و تِنُهُ و حِتْتُهُ: إذا كان قِرْنَه في السِّن.
قال ابن السكّيت: الفحلُ سَانَّ الناقةَ سِناناً و مُسَانّةً حتّى نَوَّخها، و ذلك أن يَطرُدَها حتى تَبْرك، قال ابن مُقبِل:
و تُصبِح عن غِبِّ السُّرَى و كأنها             فَنِيق ثَنَاهَا عَنْ سِنانٍ فَارْقَلَا
يقال: سَانَّ ناقَتَه ثم انتَهى إلى العَدْوِ الشّديد فأَرْقَل، و هو أن يرتقِع عن الذَّميل. و قال الأَسَديّ يصف فَحْلًا:
لِلْبَكَرات العِيطِ منها ضاهِدَا             طَوْعَ السِّنان ذَارِعاً و عاضِدا
 «ذارعاً» يقال: ذَرْع له: إذا وَضَعَ يَده تحت عُنُقه ثم خَنَقه. و العاضدُ: الّذي يأخذ بالعَضُد «طَوْع السِّنان» يقول:
يُطاوِعه السِّنان كيف شاء. و يقال: سَنَّ الفحلُ الناقَة يَسُنُّها سَنّاً: إذا كَبَّها على وجهِها. قال:
فاندَفَعَتْ تأْبزُ و استقْفَاهَا             فسَنَّها للوَجْه أَوْ دَرْبَاهَا
أي: دَفَعَها.

و
رُوِي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «إذا سافرتم في الخِصْب فأَعْطُوا الركبَ سنّتَها، و إذا سافرتم في الجَدْب فَاسْتَنْجُوا»
. قال أبو عُبيد: لا أعرف الأسِنّة إلّا جَمْع سنان؛ الرمح فإن كان الحديث محفوظاً فكأنها جمع الأسنان يقال: سِنٌّ و أَسْنان من المَرْعَى، ثم أسِنّة جمعُ الجمع.
و قال أبو سَعِيد: الأَسنّة جمع السِّنان لا جَمْع الأسْنان. قال: و العَرَب تقول:

212
تهذيب اللغة12

سن ص 209

الحَمْضُ يَسُنّ الإبِلَ على الخُلَّة فالحَمْض سِنانٌ لها على رعْي الخُلة و ذلك أنها تَصدُق الأكل بعد الحَمْض، و كذلك الرِّكابُ إذا سُنّت في المرتَعِ عند إراحة السَّفْر و نزُولهم، و ذلك إذا أصابت سِنّاً من المرَّعْى يكون ذلك سِناناً على السَّيْر، و يُجمع السِّنانُ أسِنّة، و هو وجهُ العربيّة.
قال: و معنى: «يَسُنّها» أي: يقوِّيها على الْخلة. قال: و السِّنان: الاسم من سَنَّ يَسُنُّ، و هو القوّة.
قلت: قد ذهب أبو سَعِيد مَذهَباً حَسَناً فيما فَسّر، و الذي قاله أبو عُبَيد أصحُّ و أبيَن.
قال الفراء فيما روى عن ثعلب عن سلَمة: السِّنّ: الأَكل الشَّديد.
قال: و سمعتُ غيرَ واحدٍ من العَرَب يقول: أصابت الإبلُ اليومَ سِنّاً من الرّعْي: إذا مَشَقَتْ منه مَشْقاً صالحاً، و يُجمَع السنّ بهذا المعنى أَسْناناً، ثم يُجمع الأَسنان أسنّة، كما يقال: كنّ و يُجمَع أكناناً، ثم أكنّة جمع الجمع.
فهذا صحيح من جهة العربيّة، و يقوّيه حديثٌ‏
رواه هِشام بن حسان عن جابر بن عبدِ اللّه قال: قال رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «إذا سِرْتم في الخِصبِ فأَمكنوا الرِّكابَ أَسْنانها».
قلتُ: فهذا اللّفظ يدلّ على صحة ما قاله أبو عُبَيد في الأسنة: إنها جمع الأَسْنان.
و الأَسنان: جمعُ السّنّ و هو الأَكل و الرّعي.
حدّثنا محمد بنُ سعيد قال: حَدَّثنا الحَسَن بنُ علي قال: حدَّثنا يزيد بنُ هارون قال: حدَّثنا هشام، عن الحَسَن عن جابرِ بنِ عبد اللّه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قال:
 «إذا كنتم في الخِصْبِ فأعْطُوا الرُّكُبَ أَسِنتَها، و لا تعدوا المنازل، و إذا كان الجَدْب فاستَنْجُوا؛ و عليكم بالدُّلْجَة فإِنّ الأرض تُطْوَى باللّيل، و إذا تغوّلت بكم الغِيلان فبادِرُوا بالأذان، و لا تَنزِلوا على جَوادٌ الطّريق، و لا تُصلُّوا عليها فإِنَّها مَأوَى الحيّات و السِّباع، و لا تَقْضوا عليها الحاجاتِ، فإنها المَلاعِنُ»
. و يقال: سَانَّ الفحلُ الناقةَ يُسانُّها سِناناً:
إذا كدّتها. و تَسانَّت الفُحول: إذا تكادَمَتْ. و يقال: هذه سُنّة اللّه، أي:
حُكمُه و أمرُه و نهيُه؛ قال اللّه جلّ و عزّ:
سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ*
 [الأحزاب: 38]، «سنة اللّه» لأنه أريد به الفِعْل؛ أي: سَنَّ اللَّهُ ذلك في الّذين نافَقوا الأنبياءَ، و أَوجَفوا بهم أن يُقتَلوا أينَ ثُقِفُوا، أي: وُجِدوا.
و قال ابن السكّيت: يقال: هو أشبهُ شي‏ءٍ به سُنّةً و أُمّةً، فالسُّنّة: الصُّورَة و الوَجْه.
و الأُمّةُ: القامةُ.

213
تهذيب اللغة12

سن ص 209

و قال اللّيث: يقال: سِنٌّ من ثُوم، أي:
حَبَّةٌ من رأسِ الثُّوم. و أَسْنان المِنْجَل:
أُشَره. و سُنّة الوجه: دوائره.
و قال أبو عُبيد: من أمثال الصادق في حديثِه قولهم: صَدَقني سِن بَكْرِهِ. قال:
و قال الأصمعيّ: أصلُه أنّ رجلًا ساوَمَ رجلًا ببَكْر أراد شِراءَه، فسأل البائعَ عن سنَه، فأَخبَرَه بالحقّ؛ فقال المشترِي:
صَدَقَني سِنُّ بَكْرِه؛ فذَهَبَ مثلًا. و هذا المَثَل يُروَى عن عليّ بن أبي طالب أنّه تكلّم به بالكوفَة.
و قال اللّيث: السَّنّة: اسمُ الدُّبّة أو الفَهْد روَى للمؤرّج: السِّنانُ: الذِّبَان. و أنشَد:
أ يأكل تأزيزاً و يحسو حريرَةً             و ما بين عينين وَنِيمُ سِنانِ‏
قال: تأزيزاً: ما رَمَتْ به القِدْر: إذا فارت.
قال: و المُسْتَسِنُّ: طريقٌ يُسْلَك، قال:
سُنْسُنُ اسمٌ أعجمي يُسمَّى به أهل السَّوادِ، و السُّنَّة: الطريقة المستقيمة.
و يقال للخطِّ الأسوَد على مَتْن الحِمار:
سُنّة. و سَنَّ اللَّهُ سُنّةً، أي: بَيّن طريقاً قويماً. و يقال: اسْنُنْ قُرونَ فرَسِك، أي:
بُدَّه حتى يَسِيلَ عَرقُه فيَضْمُرَ. و قد سُنَّ له قَرْن و قُرون، و هي الدُّفع من العَرَق، و قال زُهَير:
نُعَوِّدُها الطِّرادَ فكلَّ يوْم             يُسَنُّ على سَنابِكِها القُرونُ‏
و يقال: سَنَّ فلانٌ رِعْيَتَه: إذا كان حَسَن القيام عليها، و منه قولُ النّابغة:
* سَنُّ المُعَيْدِيِّ في رَعْيٍ و تَقْرِيبِ*
و السنائن: رمالٌ تستطيل على وجه الأرض، واحدتُها سَنِينة.
و قال الطَرمّاح:
* و أَرْطاةِ حِقْفٍ بين كِسْرَىْ سَنائنِ*
و قال مالك بنُ خالد الخُناعيّ في السّنائن الرِّياح:
أبَيْنا الدِّياتِ غيرَ بِيضٍ كأنَّها             فضول رجاع زفزفتْها السَّنائِن‏
قال: السَّنائِن: الرّياح، واحدُها سَنِينة.
و الرِّجاع: جمعُ الرَّجْع، و هو ماءُ السَّماء في الغَدِير.
و قال أبو زيد: جاءت الرّياح سَنائن: إذا جاءت على وَجْه واحدٍ لا تختلف. الفرّاء و الأصمعيّ: السِّنُّ: الثَّوْر الوَحْشيّ.
و قال الراجز:
حَنَّت حَنِيناً كثُوَاجِ السِّنِّ             في قَصَب أجوَفَ مُرْثَعِنِ‏
و السَّنُون: ما يُستَنّ به من دَواء مؤلَّف يقوِّي الأسنان و يطرِّيها.
أبو عُبَيد عن أبي زيد يقال: وقع فلان في سِنّ رأسِه، أي: فيما شاءَ و احتكم.

214
تهذيب اللغة12

سن ص 209

قال أبو عبيد: و قد يُفَسَّر سِنُّ رأسِه: عَدَدُ شَعْرِه من الخير. و قال أبو الْهَيْثَم: وقع فلانٌ في سِنِّ رأسِه، و في سِيّ رَأسِه، و سَوَاءِ رأسِه بمعنًى واحد.
رَوَى أبو عبيد هذا الحرفَ في الأمثال:
 «في سِنِّ رأسِه»، أي: فيما شاء و احتَكم.
و رواه في «المؤلَّف»: «في سيِّى‏ءِ رأسِه» و الصواب بالياء، أي: فيما سَاوَى رَأسَهُ من الخِصْبِ. يقال: جاء من الإبلِ سَنَنٌ لا يردّ وجهُه، و كذلك من الخَيْل، و طعَنَه طعنةً فجاءَ من دَنّها سَنَنٌ يَدْفع كلَّ شي‏ء إذا أَخْرَجَ الدَّمَ بِحَمْوَيه. و الطَّرِيق سَنَنٌ أيضاً، و قال الأعْشَى:
و قَدْ نَطْعَنُ العَزْجَ يَومَ اللِّقَا             ءِ بالرُّمْحِ نَحْبِسُ أُولَى السَّنَن‏
قال شَمِر: يُريدُ أُولى القوْم الذين يُسْرِعون إلى القتال. قال: و كلُّ مَن ابتَدَأَ أَمْراً عَمِل به قومٌ بعدَه قيل: هو الَّذي سَنَّه.
قال نُصَيب:
كأنِّي سَنَنْتُ الحُبَّ أَوَّلَ عاشِقٍ             من الناسِ أَوْ أَحْبَبْتُ بينهم وَحْدي‏
أبو زيد: اسْتَنَّت الدابةُ على وَجْهِ الأرض، و اسْتَنَّ دَمُ الطَّعْنَةِ: إذا جاءت دَفْعَةٌ منها، و قال أبو كَبِير الْهُذَلِيّ:
مُسْتَنَّةً سَنَنَ الفُلُوِّ مُرِشّة             تَنْقِي التُّرَابَ بِفَاخِرٍ مُعْرَوْرَفِ‏
و من أمثالهم: استَنَّتْ الفُصْلَانُ حتى القَرْعَى؛ يُضْرَبُ مثلًا للرجل يُدْخِل نفسَه في قوم ليس منهم. و القَرْعَى من الفِصَال:
التي أصَابَهَا قَرَع و هو بَثْر، فإذا استَنَّت الفصالُ الصّحاحُ مَرَحاً نَزَت القَرْعَى نَزْوَها تشَبَّهُ بها، و قد أضعَفَها القَرَعُ عن النَّزَوَان. و السُّنَّةُ: ضَرْبٌ من تَمْرِ المَدِينة معروفة.
أبو تراب: قال ابن الأعرابي: السَّنَاسِن و الشَّنَاشِنُ: العِظام، و قال الجَرَنْفَش:
كيفَ تَرَى الْغَزْوَةَ أَبْقَتْ مِنّي             شَنَاشِناً كَخَلَقِ المِجَنِ‏
أبو عُبيد عن أبي عمرو: السَّنَاسِن:
رؤُوس المَحال، واحِدُها سِنْسِن.
قلت: و لحمُ سَنَاسِنِ البَعير من أطيَب اللُّحْمَان، لأنها تكون بين شَطَّيِ السَّنام.
و لحمُهَا يكون أشمط طيّباً.
نس:
قال الليث: النَّسُّ: لُزُومُ المَضاءِ في كلّ أمر، و هو سرعةُ الذهاب لِوُرودِ الماءِ خاصَّةً، و أنْشَد:
* و بَلَدٍ يَمْسِي قَطَاهُ نُسَّسَا*
قلت: لم يُصِبْ الليثُ في شي‏ء فيما فسَّرَه، و لا فيما احتجَّ به. أما النَّسُّ فإن شَمِراً قال: سمعتُ ابنَ الأعرابيّ يقول:
النَّسّ: السَّوْقُ الشديد، و أنشَد:
وَ قَدْ نَطَرْتُكُمْ إِينَاءَ صادِرَةٍ             لِلْوِرْدِ طَالَ بها حَوْزِي و تَنْساسِي‏
و قال ابن الأعرابي في قول العَجَّاج:

215
تهذيب اللغة12

نس ص 215

* حَصْبَ الْغُواةِ العَوْمَجَ الْمَنْسُوسَا*
قال: المنسوس: المَطْرود المَسُوق.
و العَوْمَجُ: الحيَّةُ.
و قال أبو عبيد: النَّسُّ: السَّوْقُ الشديد، و أما قوله:
* و بَلَدٍ يُمْسِي قَطَاهُ نُسَّسَا*
فإن النُّسَّسَ ها هنا ليست من النَّسّ الذي هو بمعنى السَّوْق، و لكنَّها القَطَا التي عَطِشَتْ كأنها يَبِسَتْ من شدّةِ العطش.
و قد رَوَى أبو عبيد عن الأصمعي يقال:
جاءَنا بِخُبْزٍ نَاسٍّ و ناسَّةٍ. و قد نَسَّى الشي‏ءُ يَنِسّ و يَنُسُّ نَسَّاً، و منه قوله:
* وَ بَلَدٍ يُمَسِي قَطَاهُ نَسَّسَا*
فجعل النُّسَّسَ بمعنى البُبَّس عطشاً.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: النَّسِيسُ:
الجُوع الشديد، و النَّسِيس: السّوْق و منه‏
حديث عمرَ أنه كان يَنُسّ أَصحَابَه‏
، أي:
يَمْشِي خَلْفَهم. و قال شَمِر: يقال: نَسَّ و نَسْنس مثلُ: نَشَّ و نَشْنَشَ، و ذلك إذا ساق و طَرد.
أبو عُبَيد: النَّسِيس: بقيَّة النَّفْس، و أنْشَد:
* فَقَدْ أَوْدَى إذا بَلَغَ النَّسِيسُ*
و قال الليث: النَّسِيسُ: غايةُ جَهد الإنسان، و أنْشَدَنَا:
* باقِي النَّسِيسِ مُشْرِفٌ كاللَّدْن*
و أخبرَني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي: أنه أنْشَدَه:
* قطعتَها بذات نِسْنَاسٍ باقْ*
قال: النَّسْنَاسُ: صَبْرُها و جَهْدُها.
و قال أبو تراب: سمعت الْغَنَوِيَّ يقول:
ناقةٌ ذاتُ نَسْنَاسٍ، أي: ذاتُ سَيْرِ باقٍ.
قال: و يقال: بَلَغَ من الرَّجُل نَسِيسُهُ: إذا كان يَمُوتُ و قد أَشْرَف على ذَهَاب نِكِيسَتِهِ و قد طُعِنَ في حَوْصِهِ مثلُه.
عمرو عن أبيه: جُوعٌ مُلَعْلَع و مُضَوِّر و نِسْناس و مُقَحِّز بمعنًى واحد.
و قال ابن الأعرابي: النِّسناس- بكسر النون-: الجُوعُ الشديد. و النِّسْناسُ:
يَأْجُوجُ و مَأْجوج.
حدثنا محمدُ بن إسحاقَ، قال: حدَّثنا عليُّ بن سَهْل، قال: حدَّثنا أبو نعيم، قال: حدَّثنا سُفيانُ عن ابن جُرَيج، عن ابن أبي مُلَيكة، عن أبي هريرة، قال:
ذَهَب الناسُ و بقيَ النِّسناس. قيل: و مَا النِّسناس؟ قال: الذين يُشبِهُون الناس و ليسوا بالناس.
و
أخبَرَني المنذري عن ثعلب عن يعقوبَ الحَضْرَميّ عن مهدي بن ميمون؛ عن غَيْلانَ بن جرير، عن مطْرف قال: ذَهَب الناسُ و بقيَ النَّسناس، و أُناسٌ غُمِسوا في ماءِ الناس‏
؛ فتح النون.
ابن السكيت: قال الكلابيّ: النَّسِيسة:
الإيكالُ بين الناس؛ يقال: أكلَ بيْن الناس: إذا سَعَى بينهم بالنّمائم، و هي‏

216
تهذيب اللغة12

نس ص 215

النَّسائِس جمعُ نَسِيسة.
أبو عُبَيد عن الكسائي: نَسَسْت الشاةَ أُنسّها نَساً: إذا زجرتَها فقلت لها: إسْ إسْ.
و قال غيره: أسَسْتُ.
و قال ابن شُميل: نَسَّسْتُ الصبيَّ تنسيساً، و هو أن تقول: إسْ إسْ ليَبول أو يَخْرأَ.
الليث: النَّسْنَسةُ في سُرعة الطّيَران؛ يقال:
نَسْنَسَ و نَصْنَص.
قال: و النَّسِنْاس: خَلْقٌ على صُورة بني آدَم، أشبَهوهم في شي‏ء و خالَفوهم في شي‏ء، و ليسوا من بني آدم.
و
جاء في حديث: أَنّ حَيّاً من قوم عادٍ عَصَوْا رسولَهم فمسَخَهم اللّه نَسْناساً، لكل إنسان منهم يدٌ و رِجْل مِن شِقٍّ واحد يَنقُزون كما ينقُز الطائر، و يَرْعَوْن كما تَرعَى البهائم.
ثعلب عن ابن الأعرابي: النُّسُسُ:
الأصولُ الرديئة.
و في «النوادر»: ريحٌ نَسْنَاسَة و سَنْسانَة:
باردة. و قد نَسْنَسَتْ و سَنْسَنَتْ: إذا هبَّتْ هُبُوباً بارداً.
و يقال: نَسْنَاسٌ من دُخان، و سَنْسانٌ، يريد دخانَ ناراً. انتهى و اللّه أعلم.
باب السّين و الفَاء
 [س ف‏] سف، فس: [مستعملان‏].
 [سف‏]:
قال الليث: سَفِفْتُ السَّوِيقَ أسَفُّه سَفّاً: إذا اقتمحته. قال: و اقتماح كلِّ شي‏ء يابس: سَفٌّ. و السَّفوفُ: اسمُ ما يُستَفّ. و أسفَفْتُ الجَرُحَ دواءً، و أسفَفْتُ الوَشْم نَئوراً. و السَّفّة من ذلك: القَمْحة.
و السَّفَّة: فعلُ مَرَّةٍ و أَسْفَفْتُ الخُوص إسفافاً: إذا نَسَجْتَ بعضَه في بعضٍ. و كلُّ شي‏ء يُنسَج بالأصابع فهو الإسْفاف.
و قال أبو زيد نحواً ممّا قاله أبو عُبَيد:
رَمَلْتُ الحَصيرَ و أَرْمَلْتُه، و سفَفَتْه و أَسفَفْته:
معناه كلُّه نسجْتُه.
و يقال لتَصْدير الرَّحْل: سَفِيف؛ لأنّه مُعرَّض كسَفيف الخُوص. و السَّفِيفُ و السُّفّة: ما سُفّ حتى جُعِل مقداراً للزَّبيل و للجُلّة.
و
في حديث إبراهيم: أنّه كَرِه أن يوصلَ الشعر، و قال: لا بأس بالسُّفّة
: شي‏ء من القَرامِل تضَعُه المرأةُ على رأسها.
و
رُوِي عن الشَّعبيّ أن كَرِه أن يُسِفَّ الرجلُ النَّظر إلى أمّه أو ابنَتِه أو أُخْتِه.
و قال أبو عُبَيْد: الإسفافُ: شِدَّة النظر و حِدّتُه، و كلُّ شي‏ء لَزِم شيئاً و لَصِق فهو مُسِفّ.
و قال عَبيد يصف سَحَاباً:
دَانٍ مُسِفٌّ فُوَيْقَ الأرْض هَيْدَبُه             يَكادُ يَدْفَعُه مَن قامَ بالرّاحِ‏
و
رُوِيَ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم أنه كان يُحِب مَعَالِي‏

217
تهذيب اللغة12

سف‏ ص 217

الأمور و يُبغِضُ سَفَسافها
؛ أراد مَداقّ الأمور و مَلائِمها؛ شُبِّهتْ بما دَقَّ من سَفْساف التراب.
و قال لَبيد:
و إذا دفَنْتَ أباك فاجع             لْ فوقَه خَشَباً و طِينا
لِيَقَين وَجْه المَرْءِ سَفْ             افَ التُّرابِ و من يَقِينَا

قال اليزيديّ: أسففتُ الخُوصَ إسفافاً:
قاربتُ بعضه من بعض، و كلُّه من الإلصاق و القُرْب، و كذلك في غير الْخُوص؛ و أَنشَد:
* بَرَداً أسفَّ لِثاتُهُ بالإثْمِدِ*
و أحسَنُ اللِّثات الحُمَّ. و الطائر يُسِفّ: إذا طار على وَجْه الأرض.
و قال الليث: السَّفْسفة: انتخال الدَّقيق بالمنخل.
و قال رُؤبة:
إذا مَساحِيجُ الرِّياح السُّفَّنِ             سَفْسَفْنَ في أَرْجاءِ خاوٍ مُزْمِن‏
قال: و سَفْسَافُ الشِّعر: رديئه. و يقال للرَّجل اللَّئيم العطيّة: مُسَفْسفٌ.
و قال شَمِر: السِّفَّ: الحَيّة، و كذلك قال أبو عمرو فيما رَوَى ثعلبٌ عن عمرَ عنه.
و قال الهذلي:
جَميلَ المُحَيَّا ماجداً و ابنَ ماجِدٍ             و سُفّاً إذا ما صُرّحَ الموتُ أقرَعَا
قال الليث: السُّف: الحيّة التي تطير في الهواء، و أَنشَد:
و حتى لَوَ أنّ السُّفّ ذا الرِّيشِ عَضّنِي             لمَا ضَرّني مِن فيه نَابٌ و لا ثَعْرُ
قال: الثَّعْرُ: السُّمّ.
أبو عُبَيْد عن أبي زيد: سَفِفْتُ المَاء أَسَفُّه سَفّاً، و سفته أَسْفُتُه سَفْتاً: إذا أكثرتَ منه و أنتَ في ذلك لا تَرْوي.
و قال أبو عُبَيد: ريحٌ مُسفسِفة: تجري فُوَيقَ الأرض، و أَنشَد:
* و سَفْسَفَتْ مُلّاحَ هَيْفٍ ذَابِلَا*
أي: طيّرتْه على وجْهِ الأرض.
عَمْرو عن أبيه قال: السَّفِيفُ من أَسْماء إبليس.
فس:
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: الفَسِيس:
الرّجلُ الضعيفُ العَقْل. قال: و فَسْفَس الرجلُ: إذا حَمُق حَماقةً محكَمة.
و قال الفرّاء و أبو عمرو: الفَسْفاسُ:
الأَحمَق النِّهاية.
و قال الليث: الفُسيْفِساء: ألوانٌ من الخَرَز يُؤلَّف بعضُه إلى بعض، ثم يُركَّب بعضه إلى بعض ثم يُركَّب حِيطان البُيوت من داخل كأنه نقشٌ مصوَّر. و أَنشَد:
* كصَوْتِ اليَرَاعَةِ في الفِسْفِسِ*

218
تهذيب اللغة12

فس ص 218

قال: يعني بَيْتاً مصوَّراً بالفُسَيْفساء عَمْرو عن أبيه قال: الفُسفُس: الضَّعْفَى في أبدانهم. انتهى و اللّه أعلم.
باب السّين و البَاء
 [س ب‏] سب، بس: [مستعملان‏].
سب:
الحرّاني عن ابن السكّيت قال:
السَّبُّ: مصدَرُ سَبَبْتُه سَبّاً. و السِّبُّ:
الخِمارُ. قال: و سِبُّك: الّذي يُسابُّك و أَنشَد:
لا تَسُبَّنَّنِي فَلسْتَ بسبِّي             إنّ سِبِّي من الرّجال الكَرِيمُ‏
أبو العبّاس عن ابن الأعرابي: السِّبُّ:
الطِّبِّيجات.
قلت: جعل السّبُ جمع السّبّة و هي الدُّبر.
و قال الفراء: السَّبّ القَطَع و أَنشَد:
و ما كان ذنبُ بني مالكٍ             بأنْ سُبّ منهمْ غُلامٌ فسَبْ‏
عرَاقيبَ كُومٍ طِوالِ الذُّرَى             تخرُّ بَوائكُها للرُّكَبْ‏

قال: أراد بقوله: «سُبَّ»، أي: عُيِّر بالبُخْل فسَبَّ عَراقبَ إبلِه أَنَفةً ممّا عُيِّر به.
و السَّيفُ يسمَّى سَبّابَ العَراقيبِ لأنّه يقطعُها.
شمر عن أبي عُبَيدة: السِّبُّ: الحَبْل، و كذلك السَّبُّ، و قال أبو ذُؤيب يصف مُشْتار العسل:
تَدَلَّى عليها بين سَبٍّ و خَيْطةٍ             بحَرْداء مِثِل الوَكْف يَكْبو غُرابها
أراد: أنه تَدَلّى من رأس جَبَل على خَلِيّة عَسَل ليشَتَارَها بحَبْل شده في وَتد أثبتَه في رأس الجبل، و هي الخَيْطة، و جمعُ السِّبّ سُبُوب، و أَنشَد:
سَبَّ اللَّهِيفُ لها السُّبوبَ بطَغْيةٍ             تُنْبِي العُقابَ كما يُلَطّ المِجْنَبُ‏
أبو عُبَيد عن أبي عمرو: السُّبوبُ: الثِّياب الرِّقاق واحدُها سِبٌ، و هي السَّبائب، واحدها سَبِيبة.
و أَنشَد:
و نَسَجتْ لوامعُ الحَرور             سَبائباً كسَرِق الحَرِير
و قال شمر: السَّبائب: مَتاعُ كَتّانٍ يُجاءُ بها من ناحية النيلِ، و هي مشهورة بالكَرْخ عند التّجار، و منها ما يُعمَل بمصرَ فطُولُها ثمان في سِتٍّ. و السِّبُّ: العِمامة؛ و منه قولُ المخبَّل السَّعدِي:
و أَشهَد من عَوْفٍ حُلُولًا كَثيرةً             يَحجّونَ سِبَّ الزَّبْرِقانِ المُزْعَفرا
و أخبَرَني المُنذرِيّ عن الرِّياشي: السَّبيبُ:
شَعَرُ الذَّنَب، و قال أبو عبيدة هو شعر الناصية و أنشد:

219
تهذيب اللغة12

سب ص 219

* بِوافِي السَّبِيب طويلِ الذَّنَبَ*
و قال اللّه جلّ و عزّ: وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ‏
 [البقرة: 166]،
قال ابن عبّاس:
المَودّة. و قال مجاهد: تَواصُلُهم في الدّنيا.
و قال أبو زَيد فيما أخبَرَ المنذريّ عن ابن اليزيدي عنه الأسبابُ: المَنازِل. و قيل:
المودّة. و أَنشَد:
* و تَقطّعتْ أَسبابُها و رِمَامُها*
فيه الوجهان مَعاً: المودّة و المنازل. قال:
و قوله تعالى: لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ* أَسْبابَ السَّماواتِ‏
 [غافر: 36، 37]، قال:
هي أبوابها، واحدها سبَبٌ، و أما قولُه:
فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ
 [الحج: 15]، فالسَبَب الحَبْل في هذا الموضع. و قال شمر: قال أبو عُبَيدة: السَّبَب: كل حَبْل حَدَرْته من فَوْق.
و قال خالد بن جَنْبة: السَّبَب من الحِبال:
القويُّ الطويل قال: و لا يُدعَى الحبلُ سَبَباً حتى يُصعَد به و يُنحَدَرَ به.
و قول الشمّاخ:
مُسبَّبة قُبَّ البطُونِ كأنها             رِماحٌ نَحاها وجْهَة الرِّيحِ راكزُ
يصِف حميرَ الوَحْش و سِمَنَها و جَوْدَتها، فمن نَظَر إليها سَبَّها و قال لها: قاتَلَها اللّه:
ما أجْوَدَها.
أبو عُبَيْدة عن الكسائيّ: عِشْنا بها سَبةً من الدهر، و سَنْبة من الدهر؛ كقولك: بُرهةً و حِقبةً.
و قال ابن شميل: الدّهر سَبّاتٌ، أي:
أحوال: حال كذا و حالٌ كذا؛ يقال:
أصابتْنا سَبّةٌ من بَرْدٍ في الشتاء، و سَبّةٌ من صَحْو، و سَبّةٌ من حَرّ، و سَبّةٌ مِن رَوْح:
إذا دام ذلك أَيّاماً.
الليث: السَّبّابة: الإصبَع الّتي تلي الإبهام، و هي المُسَبِّحة عند المُصَلِّين.
و السُّبّة: العارُ. و كلّ شي‏ء يُتوصّل به إلى شي‏ء فهو سَبَب. و جعلتُ فلاناً سَبَباً إلى فلان في حاجتي وَوَدَجاً، أي: وُصْلَةً و ذَرِيعةً.
قلتُ: و تسبِيبُ مالِ الفَيْ‏ء أُخذ من هذا لأنَّ المسبَّب عليه المالُ جُعِل سبباً لوصُول الماء إلى مَن وَجَب له من أهل الفَيْ‏ء.
شمر عن ابن شميل: السَّبْسَب: الأرض القَفْرُ البعيدة، مستويةً و غيرَ مستوِية، و غليظةً و غيرَ غليظة، لا ماء بها و لا أنيس.
و قال أبو عُبيد: السَّباسِبُ و البَسابِسُ:
القِفار، واحدها سَبْسَب و بَسْبَس، و منه قيل للأباطيل التُّرّهاتُ: البَسابسُ.
و قال أبو خَيْرة: السَّبْسَب: الأرضُ الشأسبة الجَدْبة.
عَمْرو عن أبيه: سَبْسَب: إذا سار سَيْرا

220
تهذيب اللغة12

سب ص 219

ليّناً. و سَبْسب: إذا قَطَع رحِمَه. و سَبْسَب:
إذا شَتَم شَتْماً قبيحاً.
بس:
رُوِي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «يَخرج قومٌ من المدينة إلى اليَمَنِ و الشام و العراق يَبِسّون، و المدينةُ خيرٌ لهم لو كانوا يعلمون».
قال أبو عُبَيد قوله: «يَبِسون» هو أَنْ يقال في زَجْر الدابة إذا سُقْتَ حِماراً أو غيره:
بَسْ بَسْ، و بِسْ بِسْ، و أكثرُ ما يقال بالفتح، و هو صوتُ الزَّجْر للسَّوْق، و هو من كلام أهل اليَمَن، و فيه لغتان: بَسَّسْتُ و أَبْسَسْتُ، فيقال على هذا يَبُسُّون و يُبِسُّون.
و قال أبو زيد: أَبسَّ بالغنم: إذا أشْلاها إلى الماء. و أَبَسّ بالإبل عند الحَلب: إذا دَعَا الفصيلَ إلى أمِّه، أو أَبَسَ بأُمِّه له.
و قال أبو سعيد يَبِسُّون، أي: يَسبحون في الأرض. و انْبَسَّ الرجل: إذا ذهب.
و بُسُّهُمْ عنك، أي: اطردهم. ابن السكّيت: أبسَسْتُ بالغَنِم إبْساساً، و هو إشْلاؤُك إيّاها إلى الماء. و أبسَسْتُ بالإبل عند الحلب، و هو صَوتُ الرّاعي يسكِّن به الناقَة عند الحلب. و ناقةٌ بَسُوسٌ: تَدِرّ عند الإبساس. و بسبس بالناقة، و أنشد:
لِعاشِرةٍ و هوَ قد خافَها             فظَلَّ يُبَسْبِسُ أو يَنْقُرُ
العاشرة: بعد ما سارت عشرَ ليال يُبَسْبِس، أي: يُبسُّ بها يسكِّنها. و من أمثالهم: لا أفعَلُ كذا ما أَبَسَّ عبدٌ بناقةٍ. و قال اللّحياني: هو طوَفانُه حَولها ليحلبها.
قال: و يقال: أبَسَّ بالنعجة: إذا دعاها للحلب. قال: و قال الأصمعيّ: لم أسمَع الإبساسَ إلا في الإبل. و قال الفرّاء في قول اللّه جلّ و عزّ: وَ بُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا (5)
 [الواقعة: 5]، صارت كالدقيق، و ذلك قوله: وَ سُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً (20) [النبأ: 20]، قال: و سمعتُ العرب تُنشِد:
* لا تَخبِزَا خَبْزاً و بُسَّا بَسَّاً*
قال: و البَسِيسَةُ عندهم: الدقيق أو السويق يُلتّ و يتخذ زاداً.
و قال ابن السكيت: بَسْبَستُ السَّويق و الدقيقَ أبُسُّه بَسّاً: إذا بَلَلْتُهُ بشي‏ء من الماء، و هو أشدُّ من اللَّتّ. قال: و بَسَّ الرجلُ عقارِبَه: إذا أرسَلَ تَمائمه.
و يقال: بَسستُ الإبِلَ أبُسُّها بَسّاً: إذا سُقْتَها سَوْقاً لطيفاً. و قيل في قوله:
لا تَخْبِزا خَبْزاً و بَسَّا بَسَّا
البَسُّ: السَّوْق اللّطيف. و الخَبْز: السَّوْق الشَّديد بالضّرْب. و قيل: البَسُّ: بَلّ الدقيق، ثم يأكله. و الخَبْز: أن يخبز المَلِيل، و الإبْساس بالشفتين دون اللسان و النقر باللسان دون الشّفتين. و الجمَل لا يُبسّ إذا استصعب، و لكن يُشْلَى باسمه‏

221
تهذيب اللغة12

بس ص 221

و اسم أمّه فيسكن. و قيل: الإِبْساس: أن يَمسح ضرع الناقة يُسكِّنها لتَدِرّ، و كذلك يَبُسُّ الرِّيح بالسحابة.
و قال أبو عُبَيدة: بُست الجبالُ، أي: إذا صارت تُراباً. و البَسيسةُ: خُبزٌ يجفَّف و يُدَقّ فيُشرب كالسَّوِيق. و قال الزَّجاج:
بُسَّتِ الْجِبالُ‏
: لُتّت و خُلِطَت. و بُست أيضاً سِيقت، و أنشد:
* و انْبسّ حَيّاتُ الكَثيبِ الأهْيلِ*
و قال اللّحياني: انبَسّت الحيّات انبساساً:
إذا جَرت على الأرض. و انبسّ الرجُل:
إذا ذَهَب. و يقال: بُسَّهم عَنْك، أي:
اطردهم. و قولُه: بُسَّتِ الْجِبالُ‏
، أي:
سُوّيت. و قيل: فُتِّتَتْ.
عَمْرو عن أبيه: بَسَّ الشي‏ء: إذا فَتَّتَه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: البُسبُس:
الرُّعاةُ. و البسُسُ: النُّوق الإنسية.
و البسس: الأسْوِقة المَلْتوية.
أبو عُبَيد عن الأصمعي و أبي زَيد:
البسيسة: كلُّ شي‏ء خلطتَه بغيره، مِثلُ السويق بالأقِط ثم تَبُلُّه بالرُّبّ أو مثل السّعير بالنّوى للإبل، يقال: بَسستُه أَبُسُّه بَسّاً.
و من أمثال العرب السائرة: هو أشْأَمُ من البسوس، و هي ناقةٌ كانت تَدِرّ على البسيس بها. و لذلك سُمِّيت بَسوساً- أصابها رجلٌ من العرب بسَهْم في ضَرْعها فقَتَلها، فهاجت الحربُ بسببها بين حَيّي بكرٍ و تَغْلِبَ سنين كثيرة؛ فصارت البسوسُ مَثَلًا في الشؤم.
و في البسوس قولٌ آخَر: رُوِي عن ابن عبّاس و هو أشبَه بالحقِّ.
حدّثنا محمد بن إسحاق عن المخزومي عن سُفْيانَ بن عُيَينة عن أبي سَعد الأعوَر، عن عكرِمَة عن ابن عبّاس في قول اللّه جلَّ و عزَّ: الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها [الأعراف: 175] الآية.
قال: هو رجُلٌ أُعْطِيَ ثلاثَ دَعَوَاتٍ يُستجاب له فيها، و كانت له امرأةٌ يُقالُ لها البَسُوس، و كان له منها ولد، و كانت له محِبَّة، فقالت: اجعلْ لي منها دعوةً واحدة قال: فلكِ واحدة، فماذا تأمرين؟
قالت: ادْعُ اللَّهَ أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل، فلما علمتْ أنَّهُ ليس فيهم مثلُها رَغِبَتْ عنه، و أرادت شيئاً آخَر، فدعا اللَّهَ عليها أن يَجْعَلَها كَلْبَة نبّاحة، فذهب فيها دعوتان، و جاء بَنُوها فقالوا: ليس لنا على هذا قرار، قد صارت أُمُّنا كلبةً تُعَيِّرنا بها الناس، فادعُ اللّه أن يردَّها إلى الحالة التي كانت عليها، فدعا اللّه، فعادت كما كانت، فذهبت الدّعوات الثلاث في البَسُوس، و بها يُضرَب المَثَلُ في الشؤم فيقال: أشأَمُ من البَسوس.
و قال الليث: البَسْبَاسةُ: بقلة. قلت: و هي‏

222
تهذيب اللغة12

بس ص 221

معدودَةٌ عند العرب. قال: و البَسيْس:
شجرٌ يتخذ منه الرِّحال. اللّحياني: بَسَّ فلان في ماله بَسةً، و وُزِم وَزْمةً: إذا ذهب شي‏ءٌ من ماله.
قلت: الذي قاله الليث في البسْبَس إنّه شجر لا أعرفه، و أَراه أرادَ السيْسَب. و قد رَوَى سلَمة عن الفرّاء أنه قال: السَّيْسبان:
اسمُ شجر و هو السيسبَى، يذكَّر و يؤنَّث، يؤتى به من بلاد الهند، و ربما قالوا السيْسبُ، قال طلق بن عَديّ:
* و عُنْق مِثل عمود السيْسبِ*
و قال آخر فيمن أنّث:
* كَهَزِّ نَشْوانِ قَضِيبَ السّيْسَبى*
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: البابوس:
ولدُ الناقة. قال: و البابوس: الصبيُّ الرَّضيع في مَهْده، و منه خبرُ جُريج الرّاهب حين استنطق الرضيعَ في مَهْده فقال له: يا بابوس، من أبوك؟ فقال:
فلانٌ الراعي. و قد ذكر ابن أحمر البابوس في شعرِه فقال:
حنّت قَلُوصي إلى بابوسها جَزَعا             فما حنينُكِ أم أنتِ و الذِّكَرُ
انتهى و اللّه أعلم بذلك.
باب السّين و الميم‏
س م سم، مس: [مستعملان‏].
سم:
قال اللّه جلّ و عزّ: حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ
 [الأعراف: 40]، أخبَرَنا المنذريّ عن ابن فهم، عن محمد بن سلام، عن يونس، قال: أهل العالية يقولون: السُّمّ و الشُّهد، يرفعون. و تميمٌ تفتح السّم و الشَّهد قال: و سمعتُ أبا الهيثم يقول هما لغتان: سم و سُمّ، لخرْق الإبرة. و السَّمّ: سَمُّ الحيّة.
و قال الليث: السمُّ القاتل جمعه سمام.
قال: و السمانِ: عرقان في خيْشوم الفرس. قال: و السامّة و الجميعُ سوامّ:
عُروق في خَيْشومه. و سامُّ أبرصَ، من كبار الوَزَغِ. قال: و سامّاً أبرص و سوامُّ أبرص.
أبو عُبيد عن اليزيديّ: السامّةُ الخاصةُ، و أنشدنا:
و هو الذي أَنعَم نُعمتي عمّتِ             على العِبادِ رَبُّنا و سَمَّتِ‏
قال: و قال الأمويّ: أهلُ المسمّة:
الخاصةُ و الأقارب. و أهل المنحاة: الذين لَيْسُوا بالأقارب.
ثعلب عن ابن الأعرابي: المسمّة الخاصة و المعمّة العامة.
و قال الليث: السامة: الموت.
قلتُ: المعروف في هذا الحرف تخفيفُ الميم، و التشديد فيه خطأ عند البصريِّين و الكوفيين، و أما السامّة بتشديد الميم فهي‏

223
تهذيب اللغة12

سم ص 223

ذوات السم من الهوام، و منه‏
حديث ابن عباس: «اللهم إني أعوذُ بك من كلِّ شيطانٍ و هامة، و من شر كلِّ عينٍ لامة، و من شرِّ كل سامة»
. قال شمر: ما لا يقتلُ و يسمُّ فهو السَّوام بتشديد الميم؛ لأنها تَسم، و لا تَبلُغ أن تقتُل مثل الزُّنبور و العَقْرب و أشباهها.
و قال الليث: السُّموم: الوَدَع و أشباهُه يستخرج من البحر يُنظم للزينة، واحدها سَمٌّ و سُمّة، و أنشد:
على مُصلَخمٍّ ما يكاد جَسيمُه             يَمُدُّ بعطفَيْه الوضينَ المسمَّما
أراد وَضِيناً مزيَّناً بالسُّموم. قال:
السمامة: و الجميع السَّمامُ ضربٌ من الطّير دون القَطَا في الْخِلْقَة.
ثعلب: عن ابن الأعرابي: يقال لتزاويق وَجْه السقْف سَمَّان. و قال غيره: سمُّ الوَضِين: عُرْوتُه، و كل خَرْق سَمٌّ.
و التَّسميمُ: أن يتخذ للوَضِين عُرًى، و قال حُميد بن ثَور:
على كل نابي المحْزَمَيْن نَرَى له             شَراسيفَ تَغتالُ الوَضِين المسمَّما
أي: الذي له ثلاث عُرًى، و هي سُمومه.
قال أبو عبيدة: السَّمُوم بالنهار و قد تكون باللَّيل، و الحرور باللّيل. و قد يكون بالنهار. و العجّاج جعل الحرور بالنهار فقال:
و نسجت لوافح الحَرور             يرقْرَقَان آلها المسجور
شبائباً كسرَقِ الحَرير
و قال اللحياني: السَّمَان: الأَصباغ التي تزَوَّق بها السُّقوف، و لم أسمعْ لها بواحدة. قال: و يقال للجُمّارة: سِمة القُلْب. و يقال: أصبتُ سمَّ حاجتِك، أي: وجهها. و سَمَمت الشي‏ءَ أسُمُّه سَمّاً، أي: شدَدْتُه.
أبو عُبَيد عن أبي عُبَيدة: السَّموم بالنهار، و قد تكون باللّيل. و الحرور بالنَّهار و قد تكون باللّيل.
و أخْبَرني المنذريّ عن الحرّاني عن ابن السكّيت: يقال: سمّ اليومُ: إذا هَبَّ فيه السّموم. و قال الفراء: و يقال: يومٌ مَسْموم و إناء مسموم من سُمّ، و لا يقال:
سُمّ.
قال يعقوب: و السَّموم و الحَرور أنثيان، و إنما ذكّرت في الشعر.
قال الرّاجز:
اليوم يومٌ بارِدٌ سَمُومُه             مَن جَزِعَ اليَومَ فلا تَلُومُه‏
و سمعتُ العَرَب تُنشِد:
* اليومُ يومٌ بكَرَتْ سَمُومُهُ*
قال شمر: قال ابن الأعرابيّ: سَموم بيّن السّم، و حَرُور بيّن الحَرّ. و قد سُمّت لَيلتُنا و أسمّت. و يقال: كان يومُنا سَموماً،

224
تهذيب اللغة12

سم ص 223

و ليلةٌ سَموم ذاتُ سَموم.
و قال الليث: نبات مَسمومٌ: أصابتْه السَّموم. و سَامَة كل شي‏ء و سمامة كل شي‏ء سَماوَته: شخصُه.
أبو عُبَيد عن أبي عمرو: سممتُ الشي‏ءَ أسمّه: أَصلحتُه. قال: و قال أبو زيد:
سممتُه: شدَدْتُه، و مثلُه رَتَوْته. و سَمَمْتُ بين القومِ: أصلحت.
قال الكُمَيت:
و تنأَى قُعورُهم في الأمور             عمّنْ يَسُمُّ و مَنْ يَسْمُل‏
الأصمعيّ و الفرّاء و أبو عمرو: سَمامُه الرّجل و كلِّ شي‏ء: شخصه، و كذلك سَماوَته، و قيل: سَماوَته أَعْلَاه.
أبو عُبَيد عن الفرّاء: ما لَه سَمٌّ و لا حَمّ غيرُك، و لا سمٌّ معاً، أي: ما لَه هَمٌّ غيرُك. و سمُومُ السَّيف: حُزورٌ فيه يعلَّم بها، و قال الشاعر يمدَحَ الخوارج:
لِطافٌ برَاهَا الصَّوْمُ حتّى كأنّها             سُيُوفُ يَمانٍ أخْلَصَتْهَا سُمومُها
يَقول: بَيَّنَت هذه السُّموم عن هذه السّيوف أنها عُتُق. قال: و سُموم العُتُق غيرُ سُموم الحُدْث.
و قال أبو عُبَيْدة: في وجهِ الفَرَس سُموم واحدُها سَمّ، و هو ما دَقّ من صَلَابَة العَظَم من جانِبيْ قصَبَة أنْفِه إلى نواهِقه.
قال: و تستَحبُّ عُرْيُ سمُّونِ، و يُستَدَلّ به على العِتْق، و قال حميد:
طِرْفٌ أسِيل معقد البِرَيمِ             عارٍ لطيفِ موضعِ السُّموم‏
قال: و من دوائر الفَرَس: دائرة السّمامة، و هي التي تكون وسَطَ العُنُق في عرضها، و هي تُستحَبّ. قال: و سُموم الفَرَس أيضاً: كلُّ عظْم فيه مُخّ. قال: و السُّموم أيضاً: فُروجُ الفَرَس واحدها سمّ. قال:
و فُروجه: عيناه و أُذُناه و مَنخراه.
و أَنشَد:
* فنَفَّستُ عن سمَّيه حتّى تَنَفسا*
أراد عن مَنخَريه.
أبو عُبَيد عن الأصمعي: السَّمسامُ:
و السُّمْسُماني: الخفيفُ السريعُ. قال:
و السمسامة: المرأة الخفيفة اللطيفة.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: السمسَم:
الثعلب. و أنشد:
* فارَقَني ذَأْلَانَهُ و سَمْسَمُهْ*
و سَمْسَم: اسمُ موضع.
و قال ابن السكّيت: و هي رمْلةٌ معروفة؛ و أَنشد قولَ البَعيث:
مُدامِنُ جَوْعاتٍ كأنَّ عُرُوقَه             مَسارِبُ حَيّاتٍ تَسَرَّبْنَ سَمْسَمَا
قال: و رواه عُمارةُ: «تَشَرّبْن سَمْسَمَا» يعني: شرِبْن السم. و من رواه: «تَشَرّبن» جَعَل سَمسَماً رملة. و مسَارِبُ الحياة:

225
تهذيب اللغة12

سم ص 223

آثارها في السَّهل إذا مرّت تَسرَّبُ تَجي‏ءُ و تَذهب، شَبَّه عُروقَه بمَجارِي حَيَّاتٍ، لأنها ملتوية.
و قال الليث: يقال لدُوَيْبّةٍ على خِلْقَة الأَكلَة حمراءَ هي السِّمْسِمة.
قلت: و قد رأيتُها في البادية، و هي تَلسَع فتؤلِمُ إذا لَسَعَتْ.
و قال أبو خَيْرة: هي السَّماسم، و هي هَناتٌ تكون بالبَصْرة يَعْضُضْن عَضّاً شديداً، لهنّ رُؤوسٌ فيها طول إلى الحُمرة ألوانُها.
و قال اللحياني: يقال في مَثَلٍ- إذا سُئل الرجل ما لا يَجِد و ما لا يكون-: كَلَّفْتَنِي سَلَا جَمَلٍ، و كلَّفْتَني بَعْضَ الأنُوق، و كلَّفْتَني بَيْض السِّمَاسم.
قال: و هي طَيرٌ مِثلُ الخَطاطِيف و لا يُقدَر لها على بَيْض.
قال: و السُّمّةُ: شِبْه سُفْرة عظيمة تُسَفُّ من الخُوص و تُبْسَط تحتَ النخلة إذا صُرِمت ليسقُط ما تَناثَر من الرُّطَب و التَّمْر عليها، و جمعُها سُمَم.
قال: و سُمّة المرأة: صدغُها و ما اتصل به مِنْ رَكَبِها و شَفْرَيْها.
قال الأصمعي: سُمّة المرأةِ: ثَقْبة فَرجِها.
ثعلب عن ابن الأعرابي: سَمسَم الرجلُ:
إذا مَشَى مَشْياً رقيقاً. و مسْمَس: إذا تخبط.
عمرو عن أبيه: يقال لِجُمّار النخلة:
سُمّة، و جمعها سُمَم، و هي اليَفَقَةُ: و مَسامُّ الإنسان: تخلخُل بشَرَته و جلده التي يَبرُز عرقُه و بُخارُ باطِنه منها، سُمّيتْ مَسامَّ لأنّ فيها خُروقاً خفيّةً و هي السُّموم.
مس:
قال اللّه جلّ و عزّ: الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ‏
 [البقرة: 275].
قال الفراء: المَسُّ: الجنُونُ. و العرب تقول: رجل مَمْسوسٌ.
عَمْرو عن أبيه: المَأسُوس و المَمْسوس و المُدَلّس كله المجنون. و المَسُّ: مَسّك الشي‏ءَ بِيَدَك.
قال اللّه جلّ و عزّ: وَ إِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ‏
 [البقرة: 237]، و قرى‏ء:
 (تُماسُّوهُنّ).
قال أحمد بن يحيى: اختار بعضهم (ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ)
 و قال: لأنّا وجَدْنَا هذا الحرفَ في غير موضع من الكتاب بغير ألف وَ لَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ*
 [آل عمران: 47]، فكلُّ شي‏ء من هذا الباب فهو فِعل الرجل في باب الغِشْيان.
قال: و أخبَرَنا سَلَمة عن الفرّاء أنه قال:
إنه لَحَسَن المَسِّ في ماله، يُريد أنه حَسَن الأثر و المَسّ يكون في الخير و الشر:
و المَسَّ و المَسِيس: جِماع الرجلِ المرأة.
و أُخبرتُ عن شمر أنه قال: سئل أعرابيٌّ عن رَكِيّةٍ، فقال: ماؤها الشّفاء المَسُوس.

226
تهذيب اللغة12

مس ص 226

قال: و المَسُوس: الذي يمَسُّ الغُلّة فيَشفيها، و أنشد:
لو كنتَ ماءً كنتَ لا             عَذْباً يُذَاق و لا مَسُوسَا
و قال ثعلب عن ابن الأعرابي: المَسُوس:
كلُّ ما شَفَى الغَليل، لأنه مَسَّ الغُلّة، و أَنشَد:
يا حَبّذا رِيقتُكِ المَسُوسُ             و أَنْتِ خَوْدٌ بادنٌ شَمُوسُ‏
الليث: الرَّحِمُ الماسّة و المسّاسة: القريبة و قد مَسّتْه مواسُّ الخَبَل.
عمرو عن أبيه: الأسْنُ: لُعْبَةٌ لهم يسمُّونها المَسّة و الضّبَطة.
و قال الزّجاج في قول اللّه عز و جل:
فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ‏
 [طه: 97]، قرى‏ء: (مِساسَ)
 بفتح السين منصوباً على التّبرئة. قال: و يجوز (لَا مَسَاسِ) مبنيٌّ على الكسر، و هو نفي قولك: مَساسِ مَساسِ، فهو نفي ذلك، و بُنِيَتْ «مَساسِ» على الكسر و أصلُها الفَتْح لمكان الألف، فاختير الكسرُ لالتقاء الساكنين.
و قال الليث: (لا مِساسَ)
: أي: لا مُماسّة، أي: لا يَمَسُّ بعضُنا بعضاً.
قال: و المَسْمسَةُ: اختلاطُ الأمْرِ و اشتباهُه.
قال رُؤْبة:
إن كنتَ من أمرِك في مَسْماسِ             فاسْطُ عَلَى أُمِّك سَطْوَ الماسِ‏
قال: خفّف سينَ الماس كما يخفّفونها في قولهم: مَسْتُ الشي‏ءُ، أي: مسَسْتُه.
قلت: هذا غَلَط، الماسي هو الذي يُدخِل يده في حياء الأنثى لاستخراج الجنين إذا نَشِب يقال: مَسَيْتها أَمْسيها مَسْياً، رَوَى ذلك أبو عُبيد عن الأصمعي، و ليس المَسْيُ من المَسِّ في شي‏ء، و أما قولُ ابن مَغْراء:
مَسْنا السَّماءَ فنِلْناهَا و طَالْهُمْ             حتى يَرَوْا أُحُداً يَمشي و ثَهْلَانَا
فإنه حَذَف إحدى السينين من مَسسنا استثقالًا للجمع بينهما، كما قال اللّه جلَّ و عزَّ: فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ [الواقعة: 65] و الأصل: فظللتم.
و قال ابن السكيت: مَسِسْتُ الشي‏ءَ أمَسُّه مسّاً، و هي اللغة الفصيحة.
و قال أبو عُبَيْدة: مَسَسْتُ الشي‏ء أمَسُّه أيضاً.
ثعلب عن ابن الأعرابي: الساسَمُ: شجرةٌ يُسوَّمنها الشِّيزَى، و أَنشَد قولَ ضمرة:
ناهَبْتُها القومَ على صُنْتُعٍ             أجرَد كالقِدْحِ من السَّاسَمِ‏
عمرو عن أبيه: الطَّرِيدةُ لُعبةٌ: تسَمّيها العامّةُ: المَسّة و الضَّبَطة، فإذا وقعتْ يدُ اللاعب من الرَّجُل على بدَنِه- رأسِه أو

227
تهذيب اللغة12

مس ص 226

كَتِفه- فهي المَسَّةُ، و إذا وقعت على رِجله فهي الأَسْنُ.
و قال ابن أحمر:
تَطايح الطّلُّ عن أسدانها صُعُداً             كما تَطايح عن ماموسة الشَّرَرُ
أراد بماموسة: النار، جعلها معرفة غير منصرفة.
و رواه بعضهم: عن مأنوسة الشرر.
و قال ابن الأعرابي: المأنوسة: النار.
و اللّه أعلم.
***

228
تهذيب اللغة12

كتاب الثلاثي الصحيح من حرف السين ص 229

كتاب الثلاثي الصحيح من حرف السين‏
 [باب السين و الزاي:
مهمل‏] «1»
أبواب السّين و الطاء
س ط د- س ط ت- س ط ظ س ط ذ- س ط ث‏
. مهملات.
س ط ر
سطر، سرط، طرس، وسط، رطس.
أمّا رَسَط و رَطَس: فإن ابن المظفَّر أهمَلهما.
رسط:
و أهلُ الشام يسمُّون الخمرَ:
الرَّساطون، و سائرُ العرب لا يعرفونه.
و أراها روميّة دخلتْ في كلام مَن جاوَرَهم من أهلِ الشام. و منهم من يقلب السين شيئاً، فيقول: الرشاطون.
رطس:
قال ابن دُرَيد: الرَّطَسُ: الضَّرْبُ ببَطْن الكفّ، يقال: رطسَه رَطْساً، قلت:
و لا أحفظ الرّطس لغيره.
طرس:
قال شمر فيما قرأتُ بخطّه: يقال للصَّحيفة إذا مُحيتْ: طِلْسٌ و طِرْس.
و قال الليث: الطِّرْسُ: الكتابُ الممحُو الّذي يستطاع أنْ تُعاد عليه الكتابة؛ و فِعلُك به التَّطْريس.
و قال شَمِر: قال ابن الأعرابي: المتطَرِّس و المُتَنَطِّس: المتنوِّقُ المختار.
و قال المَرّار الفَقْعَسيّ يصف جاريةً:
بيضاءُ مُطعَمةُ المَلاحةِ مِثلُها             لَهْوُ الجَلِيس وَنيقَةُ المتطرِّسِ‏
سطر:
الحّراني عن ابن السكّيت: يقال:
سَطْر و سَطَر؛ فمن قال سَطْر فجمعه القليل أَسطُر، و الكثير سُطُور. و من قال: سَطَر جمَعَه أسطاراً. قال جرير:
من شاءَ بايَعْتُه مالِي و خُلْعَتَه             ما تكمُل التِّيم في ديوانهمْ سَطَرَا
و قال اللّيث: يقال: سَطَرٌ من كُتُب، و سَطْرٌ من شجر مغروس و نحو ذلك، و أنشد:
إنِّي و أَسطارٍ سُطِرنَ سَطْرا             لقَائلٌ يا نَصْرُ نَصْراً نَصْرَا
و قال الزّجّاج في قوله تعالى: وَ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ‏
 [الفرقان: 5]، خَبَرٌ لابتداءٍ محذوفٌ، المعنى: و قالوا الّذي جاء به أساطيرُ الأوّلين، معناه: ما سَطَّره‏
__________________________________________________
 (1) أهمله الخليل كما قال الأزهري في ما سبق من (أبواب المضاعف من حرف السين).

229
تهذيب اللغة12

سطر ص 229

الأوّلون. قال: و واحدُ الأَساطير أُسْطُورة، كما قالوا أُحْدُوثَة و أحَادِيث.
و قال اللّحياني: واحد الأساطير أسطُور و أسْطُورة، و أسْطِير.
قال: و يقال: سَطْر و يُجمع إلى العَشَرة أَسْطاراً، ثم أساطيرُ جمعُ الجَمْع.
و قال الليث: يقال: سَطَّر فلانٌ علينا تَسْطيراً: إذا جاء بأحاديث تُشبِه الباطلَ، يقال: هو يسطِّر ما لا أصْلَ له، أي:
يؤلِّف. و سَطَر يَسْطُر: إذا كَتَب؛ قال اللّه جلّ و عزّ: ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ‏
 [القلم:
1]، أي: و ما يَكْتُب الملائكة.
و قال أبو سَعِيد الضَّرير: سمعتُ أعرابياً فصيحاً يقول: أسَطَرَ فلانٌ اسمِي، أي:
تجاوَزَ السَّطر الّذي فيه اسمي، فإذا كَتَبه قيل: سَطَره. و يقال: سَطَر فلانٌ فلاناً بالسَّيف سَطَراً: إذا قَطَعَهُ به، كأنّه سَطْرٌ مَسْطور. و منه قيل لسيف القَصّاب ساطُور.
سَلَمة عن الفراء: يقال للقصّاب ساطِرٌ و سَطّار، و شصّاب و مُشَقِّص و لَحّام و جَزّار و قُدار.
و قال ابن بُزُرْج: يقولون للرّجل إذا أَخطأَ فكنَوْا عن خطئه: أسطَرَ فلانٌ اليومَ، و هو الإسْطار بمعنَى الإخطاء.
و قال ابن دُرَيد: السَّطْرُ: العَتُودُ من الغَنَم.
قال الفرّاء في قول اللّه جلّ و عزّ: أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37) [الطور: 37]، قال: المصَيْطرون كتابتها بالصاد، و قراءتُها بالسّين و بالصاد. و مثلُه قوله: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22) [الغاشية: 22]، و مثلُه: بَسْطَةً* [البقرة:
247] و (بَصْطة) كُتب بعضها بالصاد و بعضها بالسين، و القراءة بالسِّين.
و قال الزّجّاج: المسيطرون: الأرباب المسلطون؛ يقال: قد تَسيطَر علينا و تصيطر بالسين و الصاد، و الأصل السّين، و كلّ سين بعدَها طاءٌ يجوز أن تُقلبَ صاداً، نقول: سَطْر و صَطَر، وسَطَا عليه، وصَطَا.
و قال اللّيث: السَّيطَرة مَصْدَرُ المُسيطِر، و هو كالرّقيب الحافظِ المتعهّدِ للشي‏ء، تقول: قد سَيْطَر علينا، قال: و تقول:
سُوطِر يُسيْطِر في مجهول فعلِه، و إنما صارت سُوطِرَ و لم تقل سُيْطِر لأن الياءَ ساكنة لا تثبت بعد ضَمّة، كما أنك تقول: من آيَسْتُ: أويس يُؤيْس.
و من اليقين: أوقِنَ يوقَن، فإذا جاءت ياء ساكنة بعد ضمّة لم تثبت، و لكنّها يَجْترّها ما قَبلَها فيصيِّرها واواً في حالٍ؛ مثل قولك: أعْيَشُ بيّنُ العِيشَة، و أبيَض و جمعُه بِيض، و هي فُعْلَة و فُعْل، فاجترّت الياءُ ما قبلَها فكسَرتْه. و قالوا: أكيَسُ كُوسَى و أَطيَبُ طُوبى، و إنّما توخُوْا في ذلك‏

230
تهذيب اللغة12

سطر ص 229


أوْضَحَه و أحْسَنه، و أيَّاً ما فعلوا فهو القياس، و لذلك يقول بعضهم في قِسْمَةٌ ضِيزى‏ [النجم: 22]، إنما هي فُعلَى و لو قيل: بُنِيتْ على فِعلَى لم يكن خطأ. ألا ترى أنّ بعضهم يهمزها على كسرتها.
فاستَقْبَحوا أن يقولوا: سِيطِرَ لكثرة الكَسَرات. فلما تراوحَتِ الضمّة و الكسرة كانت الواو أحسن.
و أمّا يُسَيطَر فلمّا ذهبت منه مَدّة السِّين رجعت الياءُ.
قلتُ: سَيْطَرَ: يُسَيْطِر. جاء على فَيْعل فهو مُسَيْطر، و لم يُستعمَل مجهولُ فِعلِه.
و يُنتهَى في كلام العرب إلى ما انتهَوْا إليه.
و قول اللّيث: لو قيل: بُنِيْت ضِيزى‏ [النجم: 22] على فِعْلى لم يكن خطأ و هو عند النحويِّين خطأ أن فِعلى جاءت اسماً.
و لم تجي‏ء صِفةً. و (ضِيزى‏) هي عندهم فُعلَى. و كُسِرت الضّاد من أَجل الياء الساكنة. و هي من ضِزْته حقَّه أَضِيزُه: إذا نقصْته. و قد مرّ تفسيرُه في كتاب الضاد.
و أمّا قول أبي دُوَاد الإياديّ:
و أَرَى الموتَ قد تَدَلَّى من الحَضْ             ر على رَبِّ أهلِهِ السّاطِرُونَ‏
فإن السّاطرون اسمُ مَلِك من مُلوك العَجَم كان يَسكُن الحَضر. و هي مدينةٌ بين دِجْلة و الفُرات. غَزاهُ سابُورُ ذو الأكتاف و أَخَذَه و قتلَه و قولَ عديّ بن زيد:
كأنّ رِيقَه شُؤبوبُ غادِيةٍ             لما تقفّى رقيبَ النَّفْع مُسْطارا
قال أبو نصر: المُسْطار: هو الغبار المرتفِع في السّماء. و قيل: كان في الأصل مُستطاراً فحذفت التاء. كما قالوا: اسْطَاع في موضع استطاع. و قال عديُّ بنُ الرْقاع:
مُسطَارةٌ ذهبتْ في الرّأس سَوْرتُها             كأنّ شَارِبها مِمّا به لَمَمُ‏
و قال أيضاً:
نَقْرِي الضيوف إذا ما أزمة أزْمَت             مُسطارَ ماشيةٍ لم يَعْد أن عُصِرا
جعل اللَّبنَ بمنزلة الخَمْر. يقول: إذا أجدَبَ الناس سقَيناهم الصَّرِيف و هذا يدلّ على أن المستطار الحديثةُ. و أن من قال هي الحامضة لَم يُجد.
سرط:
أبو عُبَيد عن الكسائيّ: سَرِطتُ الطّعام و زَرَدْتُه: إذا ابْتَلَعْتَه، أَسْرِطه سَرْطاً، و لا يجوز سَرَطتُ. و من أمثال العَرَب: الأخْذُ سَرَطان، و القضاءُ لَيّان. و بعضهم يقول:
الأخْذُ سُرّيْطى و القَضَاءُ ضُرّيْطى. و بعضٌ يقول: الأخْذُ سُرَّيْطٌ، و القَضاءُ ضُرّيْط.
و سمعت أعرابيّاً يقول: الأخْذُ سِرِّيَطى و القضاءُ ضِرِّيَطِى؛ و هي كلُّها لُغَاتٌ صحيحة قد تكلّمتْ العرب بها، و المعنى فيها كلّها: أنت تُحِبُّ الأخْذ، و تَكره الإعْطاء.

231
تهذيب اللغة12

سرط ص 231

و يقال: استَرَط الطعامَ: إذا ابْتَلَعَه. و قولُ اللّه جلّ و عزّ: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة: 6]، كُتِبَتْ بالصاد، و الأصل السِّين، و معناه: ثَبِّتْنَا على المنهاج الواضح.
و قال جرير:
أميرُ المؤمنين على صِراطٍ             إذا اعْوَجَّ الموارِدُ مُسْتَقِيم‏
و قال الفرّاء: المَوارد: الطُّرُق إلى الماء، واحِدَتُها مَوْرِدة.
و قال الفرّاء: إذا كان بعد السّين طاءٌ أو قافٌ أو غينٌ أو خاءٌ فإن تلك السِّين تُقْلَب صاداً. قال: و نفر من بَلْعَنْبَرِ يصيّرون السين إذا كانت مقدَّمة ثم جاءت بعدها طاءٌ أو قافٌ أو غَين أو خاء- صاداً.
و ذلك أن الطاء حرف تضَع فيه لسانك في حَنَككِ فينْطَبِق به الصوت، فقُلِبَتْ السين صاداً صُورتها صورةُ الطاء، و استخَفُّوها ليَكون المَخْرَج واحداً، كما اسْتَخَفُّوا الإدْغامَ؛ فمن ذلك قولُهم: السِّراطُ و الصِّراط، قال: و هي بالصاد لغة قُريش الأوَّلين التي جاء بها الكِتَابُ؛ قال:
و عامّة العَرَب تَجْعَلُها سِيناً. و قال غيره:
إنما قيل للطريق الواضح: سِراط لأنّه كان يَسْتَرِط المارّة لكثرة سُلوكِهم لاحِبَه.
و قال الليث: السِّرِطْراطُ و السَّرَطْراط- بفتح السّين و الراء-: و هو الفالُوذَج.
قلت: أما بالكسر فهي لغة جيِّدَة لها نظائر، مِثل جِلِبْلَاب و سِجِلَّاط. و أما سَرَطْرَاط فلا أعرف له نظيراً. و قيل للفالوذ: سِرِطْرَاطٍ؛ فكررت فيه الطاء و الراء تبليغاً في وصفِه و استلذاذ آكِلِه إيّاه، إذا سَرَطَه و أَساغَه في حَلْقِه.
و يقال للرجل إذا كان سريعَ الأكْل:
مِسْرَط و سُرَط و سَرَّاط.
و قال اللّيث: السَّرطان: من خَلْق الماء، تسمِّيه الفُرْس: «عُخْ». قال: و السَّرَطان:
بُرْجٌ من بُرُوج السماء، و السَّرَطان: داءٌ يَظْهَرُ بِقَوائم الدَّوَابّ.
و قال غيرُ الخليل: السَّرَطان: داءٌ يَعْرِض للإنسان في حَلْقِهِ دَمَوِيٌّ يشبه الدُّبَيْلَة، انتهى و اللّه أعلم بذلك.
باب السين و الطاء مع اللام‏
س ط ل‏
طسل، سطل، طلس، لطس، سلط:
مستعمَلَة.
طسل:
قال الليث: يقال: طَسَل السرَابُ:
إذا اضْطَرَبَ؛ و قال رُؤبة:
* يُقَنِّعُ المَوْمَاةَ طَسْلًا طاسِلًا*
و قال أبو عمرو: الطَّيْسَل: السّراب البرّاق. و يقال للماءِ الكثير: طَسْل و طَيْسَل.

232
تهذيب اللغة12

سطل ص 233

سطل:
ثعلب عن ابن الأعرابي: يقال للطسْت: السَّيْطَل. و قال الليث: السَّيْطَل:
الطُّسَيْسَةُ الصغيرة، و يقال: إنَّهُ عَلَى صَنْعَة تَوْرٍ، و له عُرْوَةٌ كعُرْوَة المِرْجَل، و السَّطْلُ مِثْلُه، قال الطِّرِمَّاح:
* في سَيْطَلٍ كُفِئَتْ له يَتَرَدَّدُ*
و قال هِمْيانُ بنُ قُحافةَ في الطَّسْل:
بَلْ بَلَدٍ يُكْسَى القَتَامَ الطّاسِلَا             أَمْرَقْتُ فيه ذُبْلًا ذَوَابِلا
قالوا: الطَّاسِلُ: المُلْبِس. و قال بعضهم:
الطاسِلُ و السّاطِل من الغبار: المرتفعُ.
و أيَّدَ قَوْلُ هِمْيَانَ قولَ رؤبةَ الأوَّل.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: الطَّيْسَلُ و الطَّسْيَلُ: الطّسْت. قال: و طَيْسَلَ الرجلُ: إذا سافَرَ سَفَراً قريباً و كَثُرَ ماله.
و أنشد أبو عمرو:
تَرْفَعَ في كلِّ رَقاقٍ قَسْطَلا             فَصَبَّحَتْ مِنْ شُبْرُمَانَ مَنْهَلَا
أَخْضَرَ طَيْساً زَغْرَبِيّاً طَيْسَلَا

يصف حَمِيراً وَرَدَتْ ماءً. قال: و الطَّيْسُ و الطَّيْسَلُ و الطَّرْطَبِيسُ بمعنًى واحد في الكثرة.
طلس:
رُوِي عن النَّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم «أنه أَمَر بطَلْس الصُّوَر الّتي في الكَعْبة»
. قال شمر: معناه بطَمْسِها. يُقال: اطْلِسِ الكتابَ، أي: امحُه. و طَلَسْتُ الكتابَ، أي: مَحَوْتُه. و يقال للصحيفة إذا مُحِيَت:
طِلْسٌ و طِرْس؛ و أَنشَد:
* و جَوْنِ خَرْقٍ يَكتَسى الطُّلُوسَا*
يقول: كأنما كُسِي صُحُفاً قد مُحِيتْ مرَّةً لدُروس آثارِها. قال: و رجل أطلَسُ الثِّياب: وَسِخُها. و ثيابٌ طُلْس: وَسِخة.
و رجلٌ أطلَس: إذا رُمِيَ بقبيح، و أَنشَد أبو عُبَيد:
و لسْتُ بأَطْلس الثَّوْبَين يُصْبِي             حَلِيلَتَه إذا هَدَأَ النِّيامُ‏
لم يُرد بحليلِته: امرأته، و لكنّه أراد جارتَه الّتي تُحالُّه في حِلّته.
قال: و الطَّلْس و الطَّمْس واحدٌ. و الطُّلْسةُ:
غُبْسة في غُبْرة.
و قال الليث: الطِّلْسُ: كتابٌ قد مُحِيَ و لم يُنعَم مَحوهُ فيصير طِلْساً. و يقال لِجلْد فخِذ البعير: طِلْسٌ لتَساقُط شَعرِه و وَبرِه.
قال: و إذا محوتَ الكتابَ ليَفسُد خَطُّه قلت: طَلَسْته، فإذا أنعمتَ محوَه. قلت:
طَرَسْتُه.
قال: و الطَّلَس و الطَّلسة: مصدرُ الأَطْلَس من الذئاب، و هو الّذي تَساقَط شَعرُه، و هو أخبثُ ما يكون.
و
في حديث أبي بكر: أنّ مُوَلَّداً أطلسَ سَرَقَ فقَطَع يدَه.
قال شمر: الأطلس: الأسوَد كالحَبشيّ و نحوه، قال لَبيد:

233
تهذيب اللغة12

طلس ص 233

فأجازني منه بِطِرْس ناطقٍ             و بكلِّ أطلسَ جَوْبُه في المَنْكِبِ‏
أطلس: عبدٌ حَبشيٌّ أسوَد.
و يقال للثوب الأسوَد الوَسِخ: أطلَس؛ و قال في قول ذي الرُّمَّة:
* بَطْلساء لَمْ تَكْمُل ذراعاً و لا شِبْرا*
يَعني خرقةً وسِخة ضَمَّنها النار حين اقتَدَح.
و قال ابن شميل: الأطلَس: اللِّص، يشبَّه بالذِّئب.
قال: و الطَّيْلسان بفتح اللام منه و يُكسَر و لم أسمَع فيعِلان بكسر العين، إنّما يكون مضموماً كالخَيْزران. و الجَيْسُمان، و لكن لمّا صارت الكسرةُ و الضمّة أختَيْن و اشترَكتا في مواضعَ كثيرة دخلتْ عليها الكسرة مَدخَل الضمّة.
و حُكي عن الأصمعيّ أنّه قال: الطيلَسان ليس بعَربيّ. قال: و أصلُه فارسيّ إنما هو تالشان فأُعرب. قلت: و لم أَسمع الطيلسان بكسر اللام لغير اللَّيث.
و روى أبو عبيد عن الأصمعيّ: أنه قال:
السُّدُوسُ: الطَّيْلَسَان، هكذا رواه، و يُجمع طَيالسة.
و رَوَى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ أنه قال: الطَّلْس و الطَّيْلسان: الأسوَد.
و الطِّلْس: الذِّئب الأمْعَط، و الجميع الطُلْس منها.
لطس:
سَلَمة عن الفرّاء: المِلْطاسُ: الصَّخرةُ العظيمة. و المُدُقُّ: المِلْطاس.
و قال الليث: اللَّطْسُ: ضربُك الشي‏ءَ بالشي‏ء العريض، يقال: لَطَسَه البعيرُ بخُفّه و الملطاسُ: حَجَرٌ عريضٌ فيه طُول، و ربّما سُمِّي خُفُّ البعير مِلطاساً.
و قال شمِر: قال ابن شميل: المَلاطِيس:
المَناقيرُ من حديد يُنقَر بها الحجارة و الواحدة مِلْطاس. و المِلْطاسُ: ذو الخَلْفَين الطويل الّذي له عَنَزَة، و عَنَزتُه حدُّه الطويل.
و قال أبو خَيرة: المِلَطس: ما نُقِرت به الأرحاء؛ و قال امرؤ القيس:
و تَرْدى على صُمٍّ صِلابٍ مَلاطِسٍ             شَديدات عَقْدٍ ليّناتٍ مِتانِ‏
و قال أبو عَمْرو: المِلْطَسُ: الحافرُ الشديد الوطي‏ء.
و قال الفرّاء: ضربه بمِلْطاسٍ، و هي الصَّخْرة العظيمة، و لطَسَ بها، أي:
ضَربَ بها.
و قال ابنُ الأعرابيّ: اللَّطْسُ: اللَّطْم، و قال الشّماخ: فَجعلَ أخفافَ الإبل مَلَاطِسَ:
يهوِي على شَراجِعٍ عَلِيّاتْ             مَلاطِسٍ أفتَلِيات الأَخْفافِ‏
قال ابن الأعرابي: أراد أنّها تَضرِب بأخفافها تَلطُس الأرضَ، أي: تدقّها بها.

234
تهذيب اللغة12

سلط ص 235

سلط:
قال الزّجّاج في قوله تعالى: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى‏ بِآياتِنا وَ سُلْطانٍ مُبِينٍ (96)*
 [هود: 96]، أي: و حجّة مبيَّنة.
حدّثنا أبو زيد عن عبد الجبّار عن سُفيانَ عن عمرو عن عِكرِمة عن ابن عبّاس في قوله: قَوارِيرَا (15) قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ [الإنسان:
15، 16]، قال: في بياض الفضّة، و صفاء القَوارِير. قال: و كلُّ سلطان في القرآن فهو حجّة.
قال: و إنما سُمّي سلطاناً لأنّه حجّة للَّه جلّ و عزّ في أرضه.
قال: و اشتقاقُ السُّلْطان من السَّلِيط، قال: و السَّلِيط ما يُضاءُ به، و من هذا قيل للزَّيْت: السَّلِيط. قال: و قولُه: فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ‏
 [الرحمن: 33]، أي:
حيْثما كنتم شاهدتمْ حُجَّةً للّه و سُلطاناً يَدلّ على أنّه واحد.
و قوله: هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ (29)
 [الحاقة:
29]، معناه: ذهبَ عنّي حجّتي.
و السُّلطانُ: الحُجّة، و لذلك قيل للأمراء:
سَلاطِين، لأنّهم الّذين تُقام بهم الحُجَج و الحُقُوق.
قال: و قولُه: وَ ما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ‏
 [سبأ: 21]، أي: ما كان له عليهمْ من حجّة، كما قال: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ*
 [الحجر: 42].
و قال الفرّاء في قوله: وَ ما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ‏
، أي: ما كان له عليهم من حجّة يضلُّهم بها إلَّا أنّا سلّطناه عليهم لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ [سبأ: 21].
و قال ابن السّكّيت: السلطان مؤنَّثة، يقال: قَضَتْ به عليه السُّلْطان، و قد آمَنَتْه السّلطان.
قلت: و ربّما ذُكِّر السلطان لأنّ لفظَه مذكَّر، قال اللّه تعالى: بِسُلْطانٍ مُبِينٍ*
 [إبراهيم: 10]، قال أبو بكر: في السّلطان قولان: أحدُهما: أن يكون سُمِّي سلطاناً لتسليطه. و القول الآخر: أن يكون سُمِّي سلطاناً لأنّه حُجَّةٌ من حُجَج اللّه.
قال الفرّاء: السُّلطان عند العرب:
الحُجّة، و يذكَّر و يؤنَّث، فمن ذكّر السلطان ذهب به إلى معنى الرَّجُل، و مَن أنّثه ذَهبَ به إلى معنى الحجّة.
و قال محمد بنُ يزيد: من ذكّر السلطان ذهبَ به إلى معنَى الواحد، و من أَنَّثه ذهبَ به إلى معنَى الجَمع.
قال: و هو جمعٌ واحدُه سَلِيطٌ و سُلْطان، قال: و لم يَقلْ هذا غيره.
و قال اللّيث: السّلطان: قدرةُ المَلِك، مثل قَفِيز و قُفْزان، و بَعيرٍ و بُعْران، و قُدرةُ من جُعِل ذلك له و إن لم يكن مَلِكاً، كقولك:
قد جعلت له سُلطاناً على أخذ حَقِّي من فلان. و النُّون في السّلطان زائدةٌ لأنّ أصلِ بنائه من التَّسليط.

235
تهذيب اللغة12

سلط ص 235

و قال ابنُ دُرَيد: سلطانُ كلِّ شي‏ء: حِدّتُه و سَطْوَته؛ من اللِّسان السليطِ الحديدِ.
قلت: و السَّلاطةُ بمعنى الحِدّة، و قال الشاعر يصف نِصالًا مُحَدَّدة:
* سلاطٌ حِدَادٌ أرهقَتْها المَواقِعُ*
و إذا قالوا: امرأةٌ سَليطةُ اللِّسان، فله معنَيان: أحدُهما: أنّها حديدة اللِّسان، و الثاني: أنها طويلةُ اللسان.
و روى أبو العبّاس عن ابن الأعرابي قال:
السُّلُط: القوائمُ الطِّوال.
و قال في موضع آخر: إذا كان الدّابة و قاحَ الحافر، و البعيرُ و قاحَ الخُفّ، قيل: إنه لسَلْطُ الحافر، و قد سَلِط يسَلَط سَلاطةً، كما يقال: لِسانٌ سَلِيط و سَلِط.
سَلْطِيط: جاء في شعر أميّةَ بمعنى المُسَلَّط، و لا أَدرِي ما حقيقته.
و قال الليث: السَّلاطة: مَصدرُ السليط من الرجال و السليطةِ من النّساء، و الفعل سلُطَت و ذلك إذا طال لسانها و اشتدّ صَخْبُها.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: السليط عند عامّة العرب: الزَّيْت، و عند أهلِ اليَمن: دُهْنُ السِّمْسِم، و قال امرؤ القيس:
* أهان السَّلِيطَ بالذُّبَالِ المفَتَّلِ*
س ط ن‏
سنط، سطن، نطس، طنس، نسط، [طسن‏].
طنس و نسط:
أهمله الليث روى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ أنه قال: الطَّنَسُ: الظُّلْمة الشديدة.
قال: النُّسُط: الَّذين يستخرجون أولاد النُّوق إذا تَعسَّر وِلادُها.
قلت: النون في هذين الحرفين مبدَلةٌ من الميم؛ فالطّنْس أصلُه الطّمْس و الطَّلْس، و النَّسْط مِثل المَسْط سواء، و سنَقِفُ عليها في بابها.
 [نطس‏]:
و أما نَطَس فقد
رُوِي عن عمرَ أنّه خرج من الخَلاء فدعا بطعام، فقيل له:
ألَا تتوضّأ؟ فقال: لولا التنطُّس لما بالَيْتُ أن لا أَغسِل يدي.
قال أبو عُبَيد: سئل ابن عُلَيَّة عن التّنطُّس فقال: هو التّقذُّر. قال: و قال الأصمعيّ:
هو المبالَغة في الطَّهور، و كذلك كلّ من أدقّ النظَر في الأمور، و استقصَى عليها فهو متنطِّس؛ و منه قيل للطبيب: نِطَاسِيّ و نطِّيس، و ذلك لدقة نظرِه في الطبّ.
و قال أبو عَمْرو نحوه، و أنشد أحدهما للبَعيث يصف شَجَّةً:
إذا قاسها الآسي النِّطاسيُّ أدبَرَتْ             غَثِيثَتُها وازدادَ وَهْياً هُزُومُها

236
تهذيب اللغة12

نطس‏ ص 236

و قال رُؤْبة:
و قد أكون مرّة نَطِيسَاً             طَبَّاً بأَدْواء الصِّبا نِقْرِيسَا
قال: و النِّقْرِيس: قريب المعنى من النِّطِّيس، و هو الفَطن للأمور العالِمُ بها.
و قال شمر: و قال أبو عَمرو: امرأةٌ نطسة: إذا كانت تنطِّسُ من الفُحْش، أي:
تَقَزَّز. قال: و قال أبو زيد: إنه لشديد التنطس، أي: التَقزَّز. قال: و قال ابن الأعرابي: المتنطِّس و المتطرِّس: المتنوِّق المختار. قال: و النُّطس: المتَقَزِّزون.
و النطس: الأطباء الحُذَّاق. و قال الليث:
النِّطاسيّ و النِّطِّيس: العالِم بالطبّ، و هي بالروميّة النِّسْطاس، يقال: ما أَنْطَسَه.
و قال ابن الأعرابي: النَّطس: المبالغة في الطَّهارة. و النَّدس: الفطْنة و الكيس.
سنط:
قال الليث: السَّناط: الكَوْسَجُ من الرجال، و فعلُه سَنُط، و كذلك عامة ما جاء على بناءِ فِعال، و كذلك ما جاء على بناء المجهول ثلاثاً.
ثعلب عن ابن الأعرابي: السنُط: الخفيفو العوارِض و لم يَبلُغوا حال الكواسج.
و قال غيره: الواحد سنوط.
و أخبرني المنذريُّ عن أبي العباس عن ابن الأعرابي: رجلٌ سُناط و سِناط: لا شَعْر في وجهه قال: و السِّنْطُ المَفْصل بين الكَفِّ و الساعد. و عُبيد سنوط: اسم رجل معروف.
سطن:
قال الليث: الأسطُوانة معروفة.
و يقال للرجل الطويلِ الرِّجْلين و الظَّهْر:
أُسْطوانة قال: و نون الأسْطُوانة من أصل بناءِ الكلمة، و هو على تقدير أُفعُوالة؛ و بيان ذلك أنّهم يقولون: أساطِينُ مسطَّنة.
و قال الفرّاء: النون في الأسطُوانة أصليّة.
قال: و لا نظيرَ لهذه الكلمة في كلامهم.
و يقال للرجل الطويل الرجْلين، و للدَابةِ الطويلة القوائم مُسطَّن، و قوائِمُهُ أساطينُه.
و قال ابن دُريد: جَمَلٌ أسْطُوانة: إذا كان طويلَ العُنُق، و منه الأسطوانة و رَوَى ابن هانى‏ء عن أبي مالك: الساطُن الخبيث، و لم يَعرفه أصحابنا.
و روى ثعلبٌ عن ابن الأعرابي قال:
الأَسَطان: آنية الصُّفْر.
قلت: لا أحسب الأُسطُوان مُعَرَّباً، و الفُرس تقول: أُستُون.
طسن:
قال أبو حاتم: قالت العامة في جمع طس و حم*: طواسين، و حواميمُ، و الصواب ذوات طس و ذوات حم* و ذوات الم* و ما أشبه ذلك، و أنشد بيتَ الكُمَيت:
وجدْنا لكمْ في آل حاميم آيةً             تأوَّلها مِنَّا تقيٌّ و مُعْرِب‏

237
تهذيب اللغة12

س ط ف 238

س ط ف‏
فطس، طفس، سفط، فسط:
 [مستعملة].
فطس:
قال الليث: الفَطسُ: حبُّ الآس، و الواحدةُ فطسة. و الفَطسُ: انخفاضُ قَصَبة الأنف. و يقال لخَطْم الخِنزير:
فطسة. و رجلٌ أفطس و امرأةٌ فطسَاء، و قد فَطس فَطساً.
أبو عُبيد عن الفرّاء: الفِطِّيس: المطرقةُ العظيمة. و أَخبرني المنذريُّ عن أحمد بن يحيى قال: هي الشَّفَة من الإنسان، و من الخُف المِشفَر، و من السباع الخَطْمُ و الخرطوم، و من الخنزير الفِنْطيسة، و هكذا رواه على فِنْعيلة و النون زائدة.
أبو عُبيد عن أبي زيد قال: فَطس يَفْطس فُطوساً: إذا مات.
و قال الليث: فَطسَ و فَقَس: إذا مات من غير داءٍ ظاهر.
طفس:
شمر عن ابن الأعرابي: طفَس و فَطس: إذا مات، فهو طافِس و فاطس.
و قال غيره: الطَّفَسُ: قذَر الإنسان إذا لم يعهد نفسه بالتنظيف، يقال: فلان نجسٌ طفسٌ: قَذِرٌ.
فسط:
قال الليث: الفسيط: غِلاف ما بين القَمِح و النَّواة و هو التُّفْروق، و الواحدة فسيطة.
أبو العباس عن ابن الأعرابي قال:
الفَسيط ما يقلَّم من الظُّفُر إذا طال، و أنشد:
كأنّ ابن مُزْنتها جانحاً             فَسيطٌ- لَدَى الأُفق من خنْصرِ
أراد بابن مزنتها هِلالًا أهلّ بين السحاب في الأُفق الغربيّ.
و قال الليث: الفسطاط: ضرب من الأبنية. و الفسطاط أيضاً؛ مجتمع أهل الكورة حوالَي مسجد جماعتهم. يقال:
هؤلاء أهلُ الفسطاط.
و
في الحديث: «عليكم بالجماعة فإن يدَ اللّه على الفسطاط»
يريد المدينة التي فيها مجتَمع الناس، و كل مدينة فُسطاط، و منه قيل لمدينة مِصْرَ التي بناها عمرو بنُ العاص: الفُسطاط.
و
رُوِي عن الشعبي أنه قال في العَبْدِ الآبِق: إذا أُخِذ في الفُسْطاط ففيه عشرةُ دراهم، و إذا أُخِذ خارجَ الفُسطاط ففيه أربعون.
قلت: و للعَرَب لغاتٌ في الفُسطاط، يقال: فُسْطَاط و فِسْطاط، و فُسّاط و فِسّاط، و فُسْتَاط و فِسْتَاط، و يجمع فَساطيط و فساتِيط.
سفط:
السَّفَط: الّذي يعبَّأ فيه الطِّيب و ما أشبَهه من أدوات النساء، و يُجمع أسفاطاً.

238
تهذيب اللغة12

سفط ص 238

و روي عن أبي عمرو أنه يقال: سَفَّطَ فلانٌ حوضَه تَسْفيطاً: إذا شَرّفه و لاطَه، و أَنشَد:
حتى رأيت الحَوْضَ ذو قَدْ سُفِّطَا             قَفْراً من الماء هَواءً أَمْرَطَا
ذو بمعنى الّذي، لغة طي‏ء. و أراد بالهواء: الفارغَ من الماء.
ابن السكّيت عن الأصمعي: يقال: إنه لسَفِيط النّفْس، و سخيُّ النفس، و مَذْلُ النّفس: إذا كان هَشّاً إلى المعروف جَواداً. و أنشد:
حَزَنْبَلِ يأتيك بالْبَطِيطِ             ليس بذِي حَزْمٍ و لا سَفِيطِ
و قال الليث: السفِيط: السخيّ. و قد سَفُط سَفاطةً.
قال: و السفَط معروف.
س ط ب‏
سبط، سطب، بسط، بطس، طبس، طسب: [مستعملة].
أهمل الليث: سطب، و طبس، و بطس.
سطب:
و رَوَى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ أنّه قال: المساطِب: سنادِينُ الحدّادين.
قال: و المطَاسِب: المِياه السُّدْم، الواحدة سَدُوم.
و قال أبو زيد: هي المَسْطبة، و هي المَجَرّة، و يقال للدّكّان يَقعُد الناسُ عليه:
مَسْطَبة؛ سمعْتُ ذلك من العرب.
بطس:
قال الفرّاء: بِطْياسُ: اسمُ موضع على بِنَاءٍ الجِرْيال و الكِرْياس. قال: و كأنّه أعجَميّ.
طبس:
قال الليث: التَّطبِيس: التّطبين.
قال: و الطَّبَسَان: كورتان من كُوَر خُراسان.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: الطَّبْسُ:
الأسوَد من كلّ شي‏ء، و الطِّبْسُ: الذِّئب.
سبط:
قال اللّه جلَّ و عزَّ: وَ قَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً
 [الأعراف: 160].
أخبرني المنذريّ عن أحمدَ بن يحيى قال: قال الأخفشُ في قوله: اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً
 فأنَّثَ لأنه أراد اثنتَيْ عشرةَ فِرْقةً، ثم أخبر أن الفِرَق أسباطٌ: و لم يجعل العدد واقعاً على الأسْبَاط.
و قال أبو العباس: هذا غَلَط، لا يخرج العَدَد على غير الثاني، و لكن الفِرَق قبل ثِنْتَيْ عشرة حتى تكون اثنتي عشرة مؤنّثة على ما قبلها؛ كأنه قال: قَطعناهم فِرَقاً اثنتي عشرة، فيصحّ التأنيث لما تقدّم.
قال قُطرُب: واحدُ الأسْباط سِبْط.
يقال: هذه سِبْط، و هذا سِبْط، و هؤلاء سِبْط، جَمْع، و هي الفِرقة.
و قال الفرَّاء: لو قال اثنَيْ عشَرَ سِبْطاً لتذكير السِّبط كان جائزاً.

239
تهذيب اللغة12

سبط ص 239

و قال ابن السكّيت: السِّبط: ذَكر، و لكنّ النيّة و اللّه أعلم ذهبتْ إلى الأُمَم.
و قال الزّجاج: المعنى: وَ قَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِرْقةَ أَسْباطاً
 من نعتِ فِرْقة، كأَنه قال: جعلناهم أسباطاً، فيكون أَسْباطاً
 بدلًا من اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، و هو الوجه.
و قوله: أُمَماً من نعت أَسْباطاً
و أخبرني المنذريّ عن أبي العباس أنه قال: الأسباطُ: القبائلُ.
قال: و الحَسن و الحُسين سِبْطا النبيِّ صلّى اللّه عليه و سلّم، أي: هما طائفتان منه؛ قطعتان منه.
و قال الزَّجّاج: قال بعضهم: السِّبْطُ:
القَرْن الذي يجي‏ء بعد قَرْن.
قال: و الصحيح أنّ الأسباط في ولد إسحاق عليه السّلام بمنزلة القبائل في ولدِ إسماعيل.
فولد كلِّ ولد من أولاد يعقوبَ سِبْط، و ولدُ كلِّ ولدٍ من أولاد إسماعيل قبيلة، و إنما سُمُّوا هؤلاء بالأسباط، و هؤلاء بالقبائل ليُفْصل بين ولد إسماعيلَ و ولد إسحاق عليهما السلام.
قال: و معنى: ولد إسماعيل في القبيلة معنى الجماعة.
يقال لكلِّ جماعة من أبٍ واحد: قبيلة.
قال: و أما الأسباط فمشتقٌّ من السَّبَط، و السَّبَطُ: ضَربٌ من الشجر ترعاه الإبل.
يُقال: الشجرةُ لها قبائل، و كذلك الأسباط من السَّبَط، كأَنّه جعل إسحاق بمنزلة شجرة، و جعل إسماعيل بمنزلة شجرةٍ أخرى.
و كذلك يفعل النَّسَّابون في النسب، يجعلون الولد بمنزلة الشجرة، و الأولادَ بمنزلة أغصانها.
فيقال: طوبَى لفَرْع فلان، و فلانٌ من شجرة مباركة، فهذا و اللّه أعلم معنى الأسباط و السِّبْط.
و قال الليث: السّبَط: نباتٌ كالثِّيل، إلّا أنه يطول و ينبُت في الرِّمال، الواحدة سَبَطة و تُجْمع على الأسباط.
قال: و الساباط: سَقيفةٌ بين دارَيْن من تحتها طريقٌ نافذ.
و السّبِطُ: الشَّعرُ الذي لا جُعُودَةَ فيه.
و لغةُ أهلِ الحجاز: رجلٌ سَبِط الشَّعرِ، و امرأةٌ سَبِطة، و قد سَبُط شعرُه سُبُوطةً.
و يقال للرّجل الطويل الأصابع: إنه لسَبْط الأصابع، و إذا كان سَمْحَ الكفّين.
قيل: إنه لسَبْط اليَدَين و الكفّين، و قال حسان:
رُبَّ خالٍ لِيَ لَوْ أَبْصَرْتَهُ             سَبِطِ الكَفَّيْن في اليَوْمِ الخَصِرْ
و قال أبو زيد: يقال: رجلٌ سَبِط الجِسم بيّن السَّباطة، و هو طُولُ الأَلْوَاح‏

240
تهذيب اللغة12

سبط ص 239

و استواؤُها مِن قومٍ سِباط. و رجل سَبْطٌ بالمعروف: إذا كان سَهْلًا.
و قال شمر: مَطرٌ سَبْط و سَبِط، أي:
متدارِكٌ سَحٌّ، و سَبَاطتُه سَعتُه و كثرتُه، و قال القُطاميّ:
صافَتْ تَعَمَّجُ أعرافُ السُّيولِ بِه             من باكِرٍ سَبِطٍ أو رائحٍ يَبِلِ‏
يريد بالسَّبِط: المطرَ الواسعَ الكثير.
و قال أبو العبّاس: سألتُ ابن الأعرابي ما مَعْنَى السِّبْط في كلام العرب؟ فقال:
السِّبْط و السِّبْطان و الأَسْباط: خاصّة الأولاد، أو المُصَاص منهم.
و
رُوِي عن عائشة أنها كانت تَضرِب اليتيمَ يكونُ في حِجْرِها حتى يُسْبِط
، معنى يُسبِط، أي: يمتدّ على وَجْه الأرض ساقطاً.
أبو عُبَيد عن الأمويّ أنّه قال: أسبط الرجلُ إسباطاً: إذا امتدّ و انبَسَط على الأرض من الضَّرْب، و أنشد غيره:
قد لبِثَتْ من لَذّة الخِلَاط             قد أَسبَطتْ و أيُّما إسْباطِ
يعني امرأةً أُتِيتْ، فلمّا ذاقت العُسَيلةَ مدّت نَفْسَها على الأرض.
و
في حديث النبيُّ صلّى اللّه عليه و سلّم «أنّه أَتَى سُباطَة قومٍ فبالَ ثم توضّأ و مَسَح على خُفّيه»
. قال أبو عُبَيد: قال الأصمعي: السُّباطة: نحوٌ من الكُناسة. قال: و قال أبو زيد: يقال للنّاقة إذا ألقَتْ ولدَها قبل أن يستبينَ خَلْقُه: قَدْ سَبَّطَت و غَضَّنَتْ و أَجْهَضَتْ و رَجَعَتْ رِجاعاً.
و قال الأصمعي: سبّطت الناقةُ بوَلَدها و سبّغَتْ: إذا ألقَتْه و قد نَبَتَ وبَره قبل التَّمام.
و قال اللّيث: سُباط: اسمُ شهرٍ تسمّيه أهلُ الروم شَبَاط، و هو في فصل الشّتاء، و فيه يكون تَمامُ اليومِ الّذي تَدُور كُسورُه في السِّنين، فإذا تمّ ذلك اليومُ في ذلك الشهرِ سَمَّى أهلُ الشأم تلك السّنة عامَ الكَبِيس، و هم يتيمّنُون به إذا وُلِدَ فيها مولودٌ أو قَدِم قادم من بَلَد. و سَباطٍ: اسمٌ للحمّى مبنيّ على الكسر، ذكَره الهذَلي في شعرِه. قال: و السَّبَطانةُ: قَناةٌ جَوْفاءُ مَضروبةٌ بالعَقَب يرمى فيها سهامٌ صغارٌ، تنفخ فيها نَفْخاً فلا تكاد تُخطى‏ء.
بسط:
قال اللّيث: البَسْطُ: نَقِيضُ القَبْض.
و البَسِيطةُ من الأرض كالبِساط من الثِّياب، و الجميع البُسُط. و البَسْطة: الفضيلة، قال اللّه جلّ و عزّ: وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ‏
 [البقرة: 247]، و قال الزجّاج:
أعلَمهم اللّه أنّه اصطفاه عليهم، و زادَه في العِلْم و الجِسم بَسْطةً، و أَعلَمَ أن العِلم الّذي به يجب أن يقع الاختيارُ لا المالَ، و أعلم أن الزّيادة في الجسم مما يهَيَّبُ به العدوُّ، فالبَسْطة: الزِّيادة.

241
تهذيب اللغة12

بسط ص 241

و قال اللّيث: البَسِيط: الرجل المنبسط اللسان و المرأة بسيطة، و قد بَسُط بَساطةً.
و البَصْطة بالصاد لغةٌ في البَسْطة. و يقال:
بسطَ فلان يدَه بما يُحبّ و يَكرَه. و يقال:
إنه ليَبْسُطني ما بَسَطك، و يَقبِضُني ما قبَضك، أي يسرّني ما سَرَّك، و يسوءُني ما ساءَك.
و
رَوَى شعبة عن الحكم قال: في قراءة عبد اللّه: (بل يداه بسطان)
 [المائدة: 64]، قال أبو بكر بن الأنباريّ: معنى:
 (بُسْطان): مَبْسُوطتان. قال: و
أخبرني أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ، عن هشام بن عروة عن أبيه قال: مكتوبٌ في الحِكمة:
لِيكنْ وجهُك بُسْطاً تكن أحبَّ إلى الناس ممّن يُعطيهم العطاء.
قال: و بِسْطٌ و بُسْط بمعنى مبسوطتين.
و
رُوِي عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم «أنه كَتَب لوَفْد كلْب كتاباً فيه: في الهَمُولة الراعية البِسَاط الظؤار في كلّ خمسين من الإبل ناقةٌ غير ذات عَوَارٍ»
. الهَمُولةُ: الإبلُ الراعية.
و الحمولة: التي يحمل عليها، و البُساط:
جمع بِسْط، و هي الناقة التي تُرِكت و ولدُها لا يمنَع منها، أو لا تعطف على غيره، و هي عِنْدَ العرب بِسْط و بَسوط، و جمعُ بِسْط بُساط، و جمع بَسوط بُسُط، هكذا حفظتُه عن العرب، و قال أبو النّجم:
يَدفَع عنها الجوعَ كلَّ مَدفِع             خمسون بُسْطاً في خَلايَا أَربَع‏
و أخبرني المنذريّ عن أبي العبّاس عن ابن الأعرابيّ أنه أنشَدَه للمرار الأسدي يصف إبلًا:
مَتابِيعُ بُسْط مُتْئِماتٌ رَواجِعٌ             كما رَجعتْ في لَيلِها أُمُّ حائلِ‏
قال ابن الأعرابي: بُسْطٌ: بُسِطتْ على أولادِها لا تنقبض عنها. مُتْئِمات: معها حُوار و ابن مَخاض، كأنها وَلدتْ اثنين اثنين من كثرة نَسْلِها. رَواجِع: تَربع إلى أولادها و تَنزِع إليها.
قلت: بَسُوط: فَعُول بمعنى مفعولة، كما يقال: حَلوب و رَكوب للتي تُحْلَب و تركَب. و بِسْط: بمعنى مبسوطة، كالطِّحن بمعنى المطحون، و القِطْف بمعنى المَقْطوف.
أبو عُبَيد: البَساط: الأرض العريضة الواسعة.
و سمعتُ غير واحد من العرب يقول: بيننا و بين الماء مِيلٌ بِسَاط، أي: مِيلٌ مَتّاح.
و قال الشاعر:
و دَوِّ ككفّ المشترِي غيرَ أنه             بَساطٌ لأخفاف المَراسِيلِ واسعُ‏
و قال الفرّاء: أرضٌ بَسَاط و بِساط: مستويةٌ لا نَبَك فيها.
و أخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال: التبسُّط: التنزُّه يقال: خرج يَتَبَسَّط، مأخوذ من البَساط، و هي الأرض‏

242
تهذيب اللغة12

بسط ص 241

ذات الرَّياحين.
و قال ابن شميل: البَسَاط و البَسيطة:
الأرضُ العريضة.
و قال ابن السكيت: فرَش لي فلان فِراشاً لا يَبسُطُني: إذا ضاق عنه، و هذا فِراشٌ يَبسُطني: إذا كان سابغاً.
ابن السكّيت: سِرْنا عَقَبةً جواداً، و عَقَبةً باسطةً، و عقبةً حَجُوفاً، أي: بعيدةَ طويلة.
و قال أبو زيد: حَفَر الرجلُ قامةً باسطةً:
إذا حَفَرَ مَدَى قامتِه و قد مدَّ يَدَه.
و قال غيره: الباسُوط من الأقتاب ضدّ المفروق.
و يقال أيضاً: قَتَبٌ مَبْسُوط، و يُجمع مَباسيط، كما يُجمع المفروق مَفاريق.
س ط م‏
سمط، سطم، طمس، طسم، مسط، مطس.
سمط:
من أمثال العرب السائرة قولهم للرجل يُجِيزون حُكْمَه: حكمُك مسمَّطاً.
قال المبرّد: هو على مذهب «لك حُكمُك مسمَّطاً» أي: متمَّماً إلا أنهم يحذفون منه «لك».
و قال ابن شميل: يقال للرجل: حكمك مسمّطاً. قال: معناه: مُرسَلًا، يُعْنى به جائز.
قال: و يقال: سَمَّط غَرِيمَه، أي: أَرسَله.
قال: و يقال سَمَطْتُ الرجلَ يميناً على حَقِّي، أي: استحْلفْتُه. و قد سَمَط على اليمين يَسمُط، أي: حلف.
قال: و يقال: سَبَط فلانٌ على ذلك الأمر يميناً، و سمَط عليه يميناً- بالباء و الميم-، أي: حَلَف عليه. و قد سَمَطْتُ يا رجلُ على أمر أنت فيه فاجِرٌ، و ذلك إذا وَكَّد اليمين و أحْلطها.
أبو عُبيد عن الفرّاء: إذا كانت النَّعلُ غيرَ مَخْصُوفة قلت نَعْلٌ أسماط. و يقال:
سَراويلُ أَسْماط، أي: غيرُ محشوّة.
و يقال: نَعْلٌ سَمِيط: لا رُقْعةَ لها.
و قال الأسوَد:
فأَبلِغ بني سَعدِ بن عجلٍ بأَنّنا             حَذَوْناهُم نعلَ المِثالِ سَمِيطَا
و قال شمر فيما أفادني عن الإياديّ: نَعلٌ سُمْط و سُمُط.
قال: و قال ابن شميل: السِّمْط: الثّوبُ الذي ليست له بِطانةُ طَيْلَسان، أو ما كان من قُطن، و لا يقال: كِساءٌ سِمْط، و لا مِلْحفةُ سِمْط، لأنها لا تُبطَّن.
قلت: أراد بالمِلْحَفة إزارَ اللّيل، تُسمّيه العرب اللِّحافَ و المِلْحفة: إذا كان طاقاً واحداً.
و قال أبو الهَيْثم: السِّمط: الخَيْط الواحد و السِّمْطان اثنان، يقال: رأيتُ في يدِ فلانَة سِمْطاً، أي: نَظْماً واحداً يقال له‏

243
تهذيب اللغة12

سمط ص 243

يَكْ سَنْ، فإذا كانت القِلادة ذاتَ نَظْمَين فهي ذاتُ سِمْطَين، و أَنشَد:
* مُظاهِرُ سِمْطَيْ لؤلؤٍ و زَبَرْجَدِ*
و قال الليث: الشِّعرُ المسمَّط الذي يكون في صَدْرِ البيت أبيات مشطورة أو مَنْهوكة مقفّاة تجمعُها قافيةٌ مخالِفةٌ لازمةٌ للقصيدة حتى تَنْقضي.
قال: و قال امرؤ القيس قصيدتين على هذا المثالِ يُسمَّيان السِّمْطَين، فصدرُ كلِّ قصيدة مصراعان في بيتٍ، ثمّ سائره ذو سُموط، فقال في إحداهما:
و مُسْتلئِمٍ كشَّفْتُ بالرُّمح ذَيْلَهُ             أَقَمْتُ بعَضْبٍ ذي سفاسِقَ مَيْلَهُ‏
فَجَعْتُ به مُلتقَى الْخَيْلِ خَيْلَهُ             تركتُ عِثَّاقَ الطير يخجَلْن حَوْلَه‏

كأنَّ على سِرْبالِهِ نَضْحَ جِرْيالِ‏
و ناقةٌ سُمُط و أَسماط: لا وَسم عليها، كما يقال: ناقةٌ غُفْل.
و قال العجّاج يصف ثوراً وَحْشيّاً و صيَّاداً و كِلابه فقال:
عايَنَ سِمْطَ قَفْرةٍ مُهَفْهَفا             و سَرْمَطِيّاتٍ يُجِبْن السُّوَّفَا
قال أبو الهيثم فيما قرأتُ بخَطه: فلان سِمْط قَفْره، أي: واحدُها ليس فيها أحدٌ غيره.
قال: و السَّرْمطيّات: كلابٌ طِوالُ الأشرق و الألحى. و السُّوف: الصيادون، يعني أنّهن يجئن الصيادين إذا صَفّروا بهنّ.
و قال أبو عُبَيد: سمعتُ الأصمعي يقول:
المَحْصن من اللَّبَن: ما لم يُخالِطْه ماءٌ- حلواً كان أو حامضاً- فإذا ذهبتْ عنه حَلاوة الحَلَب و لم يتغيّر طعمُه فهو سامِط، فإن أَخَذَ شيئاً من الرِّيح فهو حَامط.
قال أبو عُبَيد: و قال أبو زيد: الخميط:
اللحمُ المشويُّ، يعني إذا سُلِخ ثم شُوِي.
و قال غيره: إذا مُرِط عنه صوفه ثم شوِي بإهابه فهو سميط: و قد سمط الحَمل يسمطه سمطاً فهو مسموط و سميط.
ثعلب عن ابن الأعرابي: السامِط:
الساكت. و السَّمْط، السكوت عن الفضول. و يقال: سَمَط و سَمّط و أَسْمَط:
إذا سكت.
و قال الليث: السِّمط من الرجال:
الخفيفُ في جسمه، الداهيةُ في أمرِه، و أكثرُ ما يوصَف به الصَّيّاد؛ و أنشد لرؤبة:
* سِمْطاً يُرَبِّي وِلْدَةً زَعَابِلًا*
قال أبو عمرو: يعني الصَّائد كأنّه نظامٌ منْ خِفّته و هُزَاله. و الزَّعابِل: الصِّغار.
و قال ابن الأعرابي: نَعْجَةٌ مَنْصوبة: إذا كانت مَسْمُوطةٌ محلوقَة.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: يُقال للآجُرّ القائِم بعضُه فوقَ بعض عندهم: السُّمَيْط، و هو الذي يسمَّى بالفارسية براسْتَق.

244
تهذيب اللغة12

سمط ص 243

و يقال: قام القومُ حولَه سِماطَيْن، أي:
صَفّين، و كلّ صَفّ من الرجال سِماط.
و سُمُوطُ العِمامة: ما أُفضِل منها على الصَّدر و الأكتاف.
سطم:
ثعلب عن ابن الأعرابي: يقال لِسَدادِ القِنِّينَة: الفِدَامُ. و السِّطامُ و العِفاص و الصّماد و الصِّبَار.
و
في حديث النبيِّ صلّى اللّه عليه و سلّم: «من قضيتُ له بشي‏ءٍ من حقِّ أَخِيه فلا يأخُذَنَّه، فإنما أقْطَعَ له إسطاماً من النَّار»
. أراد بالإسْطام: القطعةَ منها. و يقال للحديدة التي تحرث بها النار: سِطامٌ و إسطام، إذا فُطِحَ طرفها. و قد صحّت هذه اللفظة في هذه السُّنّة و لا أدري أعربيّة مَحْضَة أو مُعَرَّبة.
و
في حديث آخر: «العَرَبُ سِطام الناس»
، أي: حدّهم. و قال ابن دُرَيْد: السَّطْم و السِّطام: حدُّ السَّيف.
ثعلب عن ابن الأعرابي: السُّطُم:
الأصول. و يقال لِلدَّرَوَنْد: سِطام. و قد سَطَّمْتُ البابَ وَ سَدَمْتُه: إذا ردمتَه فهو مَسطُوم و مَسْدوم.
و قال الأصمعي: فلانٌ في أسْطُمَّة قومِه:
إذا كان وَسِيطاً فيهم مُصاصاً. قال:
و أُسطُمَّة البحر: وَسطُه. و قال رُؤْبَة:
* وَسَطْتُ من حَنْظَلَةَ الأُسْطُمَّا*
و رُوِي الأطسُمّا سمعناه.
مسط:
أبو عبيد عن أبي زيد: المَسْطُ أَنْ يُدْخِلَ الرّجُل يدَه في رَحِم النّاقة فيَستخرج وَتْرَهَا، و هو ماءُ الفحل يجتمع في رَحِمها، و ذلك إذا كَثُرَ ضِرابُهَا و لَمْ تَلْقَح.
و قال اللّيثُ: إذا نَزَا على الفَرَس الكريمة حِصَانٌ لئيمٌ أَدخَل صاحبُهَا يَدَه فَخَرط ماءه من رَحِمها، يقال: مَسَطَهَا وَ مَصَتها و مَساها. قال: و كأنهم عاقَبوا بينَ التّاء و الطاء في المَصْت و المَسْط. قال:
و الْمَسْطُ: خَرْطُ ما في المِعَى بالإصبَع لإخراج ما فيه، يقال: مَسَطَ يَمسُطُ.
قال: و الماسِطُ: ضَرْبٌ من شجر الصَّيف إذا رَعَتْه الإبل مَسَطَ بُطونها فَخَرطَها، و قال جرير:
يا ثَلْطَ حَامِضَةٍ تربَّع ماسِطا             من وَاسِطٍ و تَرَبَّعَ الُقُلَّاما
ثعلب عن ابن الأعرابي: فَحْل مَسِيط و مَلِيخ و دَهِين: إذا لم يُلْقِح. و قيل:
ماسِط: ماءٌ مِلْح إذا شَرِبته الإبل مَسَطَ بطونَها، و روى البيت:
.......... تَرَوَّحَ أهلُها             عن ماسِطٍ و تَنَدَّتِ القُلَّاما
و قال ابن شميل: كنتُ أَمشي مع أعرابيّ في الطِّين، فقال: هذا المَسِيط، يعني الطِّين.

245
تهذيب اللغة12

مسط ص 245

و قال أبو زيد: الضَّغِيطُ: الرَّكيّة يكون إلى جانبها ركيّة أخرى فَتُحْمَأ، و تَنْدَفِن فيُنْتِن ماؤها و يسيل ماؤها إلى العَذْبة فيُفسِدُها فتلك الضَّغِيط و الْمَسِيط، و أنشد:
يَشْرَبْنَ ماءَ الآجِنِ الضَّغِيط             و لا يَعَفْنَ كَدَرَ الْمَسِيطِ
و قال أبو عمرو: الْمَسيطَةُ: الماءُ الذي يَجري بين الحوضِ و البئر فيُنْتِن، و أنشَد:
و لاطَحَتْه حَمْأَةٌ مَطائِط             يَمُدُّهَا من رِجْرِجٍ مَسَائِطُ
ابن السكّيت قال أبو الغَمْر: إذا سال الوادي بسَيْل صغير فهي مَسيطة، و أصغَرَ من ذلك مُسَيِّطَة.
أبو عُبَيد عن الأصْمَعِي: الْمَسِيطَة: الماءُ الكَدِر الذي يَبقَى في الحوض، و الْمَطِيطة نحوٌ منها.
طمس:
أبو عُبَيد عن أبي زيد: طَمَسَ الطَّرِيقُ و طَسَم: إذا دَرَسَ.
و قال شمر: طموسُ البَصَر: ذَهابُ نُورِه و ضَوئِه، و كذلك طُموسُ الكَواكب:
ذَهاب ضوئها. و يقال: طَمَسَ الرجلُ يطمس: إذا تباعد. و الطامس: البَعيد، و قال ذو الرّمة:
و لا تحسِبي شَجِّي بك البِيدَ كلَّما             تَلألأ بالفَوْر النّجُوم الطّوامسُ‏
و هي الّتي تَخفَى و تَغيب. و يقال: طمَسْتُه فطمَس؛ و يقال: طَمَس اللّه على بصَرِه يطمس. و طمَسَ طُمُوساً: إذا ذَهَب بَصَرُه. و طُموسُ القَلْب: فسادُه، قال اللّه جلّ و عزّ: وَ لَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى‏ أَعْيُنِهِمْ‏
 [يس: 66]، يقول: لو نشاء لأَعْميناهم، و يكون الطُّموس بمنزلة المَسْخ للشي‏ء، قال اللّه جلّ و عزّ: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى‏ أَمْوالِهِمْ‏
 [يونس: 88]، قالوا: صارت حجارةً، و كذلك قوله: مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى‏ أَدْبارِها
 [النساء:
47].
و قال الزّجاج: فيها ثلاثة أقوال: قال بعضهم: نَجعل وجوههم كأقفائهم. و قال بعضهم: نَجعل وجوهَهم مَنَابت الشَّعْر كأقفائهم. و قيل: الوجوه ههنا تمثيلٌ بأَمر الدِّين، المعنَى: من قبل أن نُضِلَّهم مُجازاةً لما هم عليه من العِناد فنضلّهم إضلالًا لا يؤمِنون مَعَه أبداً.
قال: و قوله: وَ لَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى‏ أَعْيُنِهِمْ‏
 قال: المَطْمُوس: الّذي لا يتبيّن له حَرْفُ جَفْنِ عينيه، لا يُرَى شُفْرُ عينيه؛ المعنى: لو نشاء لأَعْمَيْنَاهم.
و قال في قوله: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى‏ أَمْوالِهِمْ‏
 جاء في التفسير أنه جعل شكرهم مجارة و تأويل الحسن إذهابُه عن صُورته.
و قيل: إن الطَّمْس إحدى الآيات التِّسع التي أُوتِيَتْ مُوسى.

246
تهذيب اللغة12

طمس ص 246

ابن بُزُرْج قال: لا تسبقنّ في طميس الأرض، مثل جديد الأرض.
و قال الفرّاء في كتاب «المَصادِر»: الطَّمَاسة كالحَزْرِ و هو مصدر، يقال: كم يَكفِي داري هذا من آجُرّة؟ قال: طَمّس، أي:
احْزُرْ قال: و طَمَس بَصرُه، يَطمِس طَمْساً، وَ يطمِس طُمُوساً.
أبو زيد: طَمَس الكتابُ طُموساً: إذا دَرَس. و طُموسُ القَلْب: فسادُه. و طَمَس الرجلُ يَطمُس طُموساً: إذا تَباعَد.
و الطامسُ: البَعِيد، و أنشد شمر لابن مَيَّادة:
و مَوْمَاةٍ يَحارُ الطَّرفُ فيها             صَمُوتِ اللَّيلِ طامِسةِ الْجِبالِ‏
قال: طامسة بعيدة: لا تتبيّن من بُعْدٍ، و تكون الطّوامس الّتي غطّاها السّراب فلا تُرَى.
و في «نوادر الأعراب»: يقال: رأيتُه في طسَام الغُبارِ، و طُسّامه، و طسَّامِه و طيْسانِهِ، تريد به في كثيره.
مطس:
قال الليث: مَطَس المعذِرة يَمْطُس:
إذا رمى بمرَّة.
و قال ابن دُرِيد: المَطْسُ: الضَّرْب باليد كاللَّطْمة.
انتهى، و اللّه أعلم.
 (أبواب) السّين و الدّال‏
س د ت- س د ظ- س د ذ- س د ث:
أهملت وجوهها.
س د ر
سدر، سرد، دسر، درس، ردس:
مستعملة.
سدر:
السِّدر: اسم الجنس، و الواحدة سِدْرَة.
السِّدْر من الشَّجَر سِدْران: أحدُهما سِدْرٌ بَرّيّ لا يُنتَفَع بثَمره، و لا يصلُح ورقُه للغَسول، و ربما خُبِط ورقُه للرّاعية، و له ثمَر عَفِصٌ لا يؤكل، و العرَب تسمِّيه الضّال، و الجِنْس الثاني من السِّدر ينبُت على الماء، و ثمرُه النَّبِق، ورَقُه غَسولُ، يُشبه شجر العُنّاب، له سُلّاء كسُلّاثه و ورَقٌ كوَرَقِه، إلا أنَّ ثمرَ العُنَّاب أَحْمَرُ حلو، و ثمرُ السِّدْر أصفَرُ مُزّ يتفكَّه به، و أما قول اللّه جلّ و عزّ: عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى‏ (14) عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى‏ (15)
 [النجم: 14، 15]، فإن اللّيث زعم أنّها سِدْرةٌ في السماء السابعة لا يجاوِزُها ملك و لا نبيّ، و قد أَظَلّت السماءَ و الجَنّة و يُجمَع السِّدْرةُ سِدْراً و سِدَراً و سِدِرات. و السدر: اسمُ للجنس، الواحدة سِدْرة.
أبو عبيد: السادِرُ: الّذي لا يَهتمّ لشي‏ء و لا يُبالِي ما صَنَع.
و قال الليث: السَّدَرُ: اسْمِدْرَارُ البَصَر،

247
تهذيب اللغة12

سدر ص 247

يقال: سَدِر بصرُه يسْدر سَدَراً: إذا لم يكن يُبصِر فهو سَدِر. و عينٌ سَدَرة.
و قال أبو زَيد: السَّدَر: قَدَع العين؛ و السَمادِير: ضَعْفُ البَصَر. و السَّدْرُ و السَّدْل: إرسالُ الشَّعر، يقال: شعر مَسْدُور و مَسْدول و شعر مُنْسَدِر و مُنْسَدِل:
إذا كان مسترسِلًا. أبو عُبَيْد: يقال:
انسَدَرَ فلانٌ يَعْدُو، و انّصَلت يَعْدُو: إذا أسْرَع في عَدْوه.
و قال الليث: السَّدِير: نهِرٌ بالحيرة.
و قال عديّ:
سَرَّه حالُه و كثرةُ مَا يملِك             و البحرُ مُعرِضاً و السَّدِير
و قال ابن السكّيت: قال الأصمعي:
السَّدِير فارسية، كأن أصله سادِلٌ، أي:
قُبّة في ثلاث قِبابٍ مُداخَلة، و هو الّذي تسمِّيه الناسُ اليومَ سِدْليّاً فأعرَبته العَرَب فقالوا سَدِير. و في «نوادر الأصمعي» التي رواها عنه أبو يَعلى قال: و قال أبو عمرو بنُ العَلاء: السَّدِيرُ: العُشْبُ.
و قال أبو زَيد: يقال للرجل إذا جاء فارغاً: جاء يَنْفُض أَسْدَرَيه. قال:
و بعضُهم يقول: جاء ينفض أصْدَريْه.
و قال: أسدراه: مِنكباه.
و قال ابن السكّيت: جاء ينفُض أزْدَرَيْه إذا جاء فارغاً.
و قال اللّحياني: سَدَرَ ثوبه سَدْراً: إذا أرسَله طُولًا.
و قال أبو عَمْرو: تَسدَّر بثَوْبه: إذا تجَلَّل به. قال: و سمعتُ بعضَ قيس يقول:
سَدَل الرجل في البلاد و سَدَر: إذا ذَهَب فيها فلم يَثْنه شي‏ء.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: سَدر: قَمر.
و سَدِر: تحير مِن شدّة الحرّ. قال: و لُعبةٌ للعَرب يقال لها: السُّدّر و الطُّبن.
و قال أبو تراب: قال أبو عُبيدة: جاء فلان يَضرب أَسْدَرَيه و أَصْدَرَيه، أي:
عِطْفَيْه، و ذلك إذا جاء فارغاً.
دسر:
قال الليث: الدَّسْر: الطَّعن و الدفْعُ الشديد، يقال: دَسَره بالرُّمح، و أنشد:
* عن ذِي قَدَامِيسَ كَهَامٍ لو دَسَرْ*
قال: و البُضْعُ يُستعمَل فيه الدَّسْر، يقال:
دسَرَها بأَيْرِه.
و قال الفرّاء في قوله: وَ حَمَلْناهُ عَلى‏ ذاتِ أَلْواحٍ وَ دُسُرٍ (13)
 [القمر: 13]، قال:
الدُّسُر: مَسامِيرُ السفينة و شُرُطُها الّتي تُشَدُّ بها.
و قال الزّجّاج: كلّ شي‏ءٍ يكون نحو السَّمْر. و إدخال شي‏ء في شي‏ء بقوّة و شِدّة فهو الدَّسْر، يقال: دَسَرْتُ المِسْمارَ أدسُره و أدسِره دَسْراً. قال: و واحد الدُّسْرِ دِسَار.
و
سُئِل ابن عبّاس عن زكاةِ العَنْبَر فقال:
إنّما هو شي‏ء دَسَره البحرُ
، و معناه: أن موج البحر دفعه فألقاه إلى الشطّ فلا زكاة فيه.

248
تهذيب اللغة12

دسر ص 248

ثعلب عن ابن الأعرابيّ أنه قال: الدَّسْر:
السَّفِينة.
و قال ثعلب في قوله: عَلى‏ ذاتِ أَلْواحٍ وَ دُسُرٍ
قال بعضهم: هو دَفْعُها الماءَ بكلْكلِها.
و يقال: الدُّسُر: المسامير. و يقال:
الدِّسارُ: الشَّريط من اللِّيف الّذي يشدّ بعضُه ببَعض.
و قال الليث: جَمَلٌ دَوْسَرِيٌّ و دَوْسَر: و هو الضَّخْم ذو الهامة و المَناكِب.
سَلَمة عن الفرّاء قال: الدَّوْسَرِيُّ: القَوِيُّ من الإبل. و دَوْسَر: كتيبةٌ كانت للنُّعمان بن المنذر، و أنشَد:
ضَرَبتْ دَوْسَرُ فينا ضَرْبةً             أَثبتَتْ أوتاد مُلْكٍ فاستَقَرّ
و بنو سَعْد بنِ زيد مَناةَ كانت تُلَقَّبُ: دَوْسَر في الجاهليّة.
سرد:
قال اللّه جلّ و عزّ: وَ قَدِّرْ فِي السَّرْدِ
 [سبأ: 11].
قال الفرَّاء: يقول: لا تجعل مِسمارَ الدِّرْع دَقِيقاً فيَنفَلق، و لا غَليظاً فيَفْصِم الحَلَق.
و قال الزّجّاج: السّرْد في اللّغة: تَقدِمة شي‏ء إلى شي‏ء حتى يتّسق بعض إلى إثْرِ بعض متَتابعاً.
و يقال: سَرَدَ فلانٌ الحديثَ يَسرُدُه سَرْداً:
إذا تابَعَه. و سَرَد فلانٌ الصَّوْمَ: إذا وَالاه.
و قال في التفسير: السَّرْدُ: السَّمْرُ، و هو غير خارجٍ من اللّغة، لأنّ السَّمْر تقديرُك طرَف الحَلْقة إلى طَرَفها الآخر.
قال: و قال سيبويه: رجل سَرَنْدَى: مشتقّ من السّرْد، و معناه: الّذي يَمضِي قُدُماً.
قال: و السَّرَد: الحَلَق، و هو الزَّرَد، و منه قيل لصاحبها سرّاد و زَرّاد.
و قال اللّيث: السَّرْد: اسمٌ جامعٌ للدُّروع و ما أَشبَهَها من عَمَل الحَلَق، و سُمِّي سَرْداً لأنه يُسرَّد فيُثقب طرفَا كلّ حلقة بالمسمار، فذلك الحَلَق المُسَرَّد، و المِسْرَد هو المِثقَب، و هو السِّراد.
و قال لَبيد:
* كما خَرَج السِّرادُ من النِّقال*
و قال طَرَفة:
* حِفَافَيْه شُكَّا في العَسِيبِ بِمِسْرَدِ*
و يسمَّى اللّسان مِسرَداً.
قال أبو بكر في قولهم: سردَ فلانٌ الكتابَ معناه: دَرَسه مُحكماً مجوَّداً، أي: أَحكَمَ دَرْسَه و أجادَه، من قولهم: سَرَدْتُ الدِّرعَ إذا أحكمتَ مَسامِيرها، و دِرْع مسرودةٌ:
محكمةُ المسامير و الحَلَق.
و السَّرَادُ من الثَّمر: ما أَضَرَّ به العطش فيبِس قبلَ ينْعِه. و قد أَسرَد النخلُ، و الواحدة سَرَادَة.
و قال الفرَّاء: السَّرادة: الخَلالة الصُّلبة.
و السراد من الزبيب يقال له بالفارسية:
زنجير.

249
تهذيب اللغة12

سرد ص 249

و قال ابن الأعرابيّ: السّرادُ: المتتابع.
و قيل لأعرابيّ: ما أَشْهُرُ الحُرُم؟ فقال:
ثلاثةٌ سَرْد، و واحد فَرْد.
عمرو عن أبيه: السارِدُ: الخرّاز.
و الإشْفَى يقال له: السِّرادُ و المِسرَدُ و المخْصَف.
ردس:
قال الليث: الرَّدْس: دَكُّك أرضاً أو حائطاً أو مَدَراً بشي‏ء صُلْبٍ عريضٍ يسمى مِرْدَساً، و أَنشد:
* يُغَمِّد الأعداءَ جَوْزاً مِرْدَسا*
أبو عبيد عن الأحمر: المِرْداسُ: الصَّخْرة يُرمَى بها في البئر ليُعلمَ أفيها ماءٌ أم لا.
قال الراجز:
* قَذْفَك بالمِرْداس في قَعْرِ الطَّوِي*
و قال شَمِر: يقال: رَدَسه بالحَجَر، أي:
ضرَبَه و رَمَاه بها.
و قال رؤبة:
* هناك مِرْداناً مِدَقٌّ مِرْداسْ*
أي: داقٌّ. و يقال: رَدَسَه بحَجَر و نَدَسَه و رَداه: إذا رَماه.
و قال ابن الأعرابيّ: الرَّدُوس: النُّطوح المِزحَم، و قال الطِّرمّاح:
تَشُقّ مُغمِّضاتِ اللَّيل عنها             إذا طَرقَتْ بمرْداسٍ رَعُونِ‏
قال أبو عَمْرو: المِرْدَاسُ: الرأس لأنه يردُسُ به، أي: يردُّ به و يُدفَع. و الرَّعُون المتحرّك؛ يقال: رَدَس برأسه، أي: دَفَع بها.
درس:
أبو عُبَيْد عن الأصمعيّ: إذا كان بالبَعير شي‏ءٌ خَفيف مِن الجَرَب قيل: به شي‏ء من دَرْس و أَنشد:
* من عَرَق النَّضْج عَصِيمُ الدَّرْسِ*
و أخبَرَ المنذريُّ عن أبي العبّاس في قول اللّه جلّ و عزّ: وَ كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَ لِيَقُولُوا دَرَسْتَ‏
 [الأنعام: 105]، قال:
معناه: و كذلك نُبيِّن لهم الآيات مِن هُنا و هُنا لكي يقولوا: إنك دَرَسْتَ، أي:
تَعَلّمتَ، أي: هذا الّذي جئتَ به عُلِّمتَ.
قال: و قرأ ابنُ عبّاس و مجاهد:
 (دارَسْتَ)، و فسّرها: قرأتَ على اليهود و قرءوا عليكَ، و قرئت: (و ليقولوا دُرِسَت)، أي: قُرِئَتْ و تُلِيَتْ. و قُرى‏ء:
 (دَرِسَتْ)، أي: تَقادَمت، أي: هذا الّذي تتلوه علينا شي‏ء قد تَطاوَل و مَرَّ بنا.
و أخبَرَني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي أنه قال: يقال: دَرَسَ الشي‏ءُ يَدْرُس دُرُوساً، و دَرَسْتُ الكتابَ أدرُسُه دِراسةً. و المِدْرَسُ: المكان الذي يُدرَس فيه. و المِدْرَس: الكِتاب. و الدِّراس:
المُدارَسة.
قال: و الدُّروس: دُرُوس الجارية إذا طَمِشَتْ، يقال: جارية دارِسُ، و جوارٍ دُرَّس وَ دَوارِس.

250
تهذيب اللغة12

درس ص 250

و قال الأسوَد بنُ يَعفُر يصف جَواريَ حين أدركنَ:
اللّاتِ كالبَيضِ لمّا تَعْدُ أَن دَرَسَتْ             صُفْرُ الأَناملِ من نقْف القَوارِيرِ
و درَسَت الجاريةُ تَدْرُس دُرُوساً.
و الدَّرْسُ: الجَرَب أوّلُ ما يظهر منه.
و الدَّرْس و الدِّرْس و الدَّرِيس: الثوبُ الخَلَق.
قال ابنُ أحمر:
لَم تَدْرِ ما نَسْجُ اليَرَنْدَج قَبْلَها             و دِراسُ أعوَصَ دارِسٍ متخدِّد
قال ابن السكّيت: ظنّ أن اليَرَنْدَج عمل من عَمَل الناس يُعمَل، و إنّما اليَرَنْدج جلودٌ سُود. و قولُه: و دِراس أعوَصَ، لَم يُدارِس الناسَ عَوِيصَ الكلام، و قولُه:
دارسٍ متخدِّر، أي: يَغْمضُ أحياناً فلا يُرَى، و يظهر أحياناً فيرى، ما تخدّد منه غُمضَ، و ما لم يتخدّد ظَهَر. و يُروَى:
متجدِّد بالجيم، و معناه: أن ما ظَهَر منه جديد و ما لم يظهر دارس.
قال: و سمعتُ أبا الهَيْثَم يقول: دَرَس الأَثرُ يَدرسُ دُرُوساً، أو دَرَسهُ الرِّيح تَدْرُسه دَرْساً، أي: مَحَتْه و من ذلك قيل:
دَرَسْتُ الثوبَ أدرُسُه دَرْساً فهو مَدْرُوس و دَرِيس، أَي: أَخْلَقْته و من قيل للثّوب الخَلُق دريس، و جمعُه دِرْسَان.
و كذلك قالوا: دَرَس البعيرُ: إذا جَرب جَرَباً شديداً فقُطِرَ، قال جرير:
رَكِبتْ نَوارُكُمُ بَعيراً دارِساً             في السَّوْقِ أَفْضَح راكبٍ و بَعيرِ
قال: و قيل: دَرَسْتُ الكتابَ أدرُسه دَرْساً، أي: ذَلَّلتُه بكثرة القراءة حتى خَفّ حِفْظُه عليّ من ذلك، و قال كعب بن زهير:
و في الحِلْم إدْهانٌ و في العَفْو دُرْسةٌ             و في الصِّدق مَنْجاةٌ من الشّرّ فاصدُقِ‏
قال: الدُّرْسةُ: الرّياضة؛ و منه دَرَسْتُ السُورة حتّى حفِظتُها؛ و دَرَستُ القضيب، أي: رُضْتُه. و الإدْهان المَذَلة و اللِّين.
و قال غيره: دُرِسَ الطعامُ يُدْرس دِراساً:
إذا دِيسَ. و الدِّراسُ: الدِّياسُ بِلُغة أهلِ الشام، و قال:
* حَمراءُ مِمّا دَرَسَ ابنُ مِخْراق*
أي: داسَ، و أرادَ بالحَمراءِ برّةً حَمْراءَ في لَونها.
و قول لَبيد:
يَوْمَ لا يُدخل المُدارِسَ في             الرَّحْمة إلا براءةٌ و اعتذارُ
قال الْمُدارِس: الذي قرأ الكتب و دَرَسها.
و قيل: المُدَارِسُ: الَّذي قارَفَ الذُّنوبَ و تَلَطَّخَ بها، من الدَّرْسِ و هو الجَرَب.
و المِدْراسُ: البيتُ الذي يُدْرَسُ فيه القرآن، و كذلك مِدْرَاسُ اليَهود.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: الدِّرْوَاسُ:

251
تهذيب اللغة12

درس ص 250

الكبيرُ الرأس من الكلابِ. و الدِّرْباس- بالباء-: الكلبُ العَقُور، و أنشد:
* أَعْدَدْتُ دِرْوَاساً لِدِرْباسِ الْحُمْتْ*
هذا كلبٌ كأنه قد ضَرِيَ في زِقَاقِ السَّمْن يأكلها، فأَعَدَّ له كلباً آخَر يقال له دِرْوَاس.
و قال غيرُه: الدَّرَاوس من الإبل: الذُّلُل الغِلاظ الأعناق، واحِدها دِرْواس.
أبو عُبَيد عن الفرّاءِ: الدَّرَاوِس: العِظامُ من الإبل.
س د ل‏
سدل، لدس، لسد، دلس: [مستعملة].
سدل:
في حديث عليّ: أنّه خرج فرأى قوماً يُصلُّون قد سَدَلوا ثِيابَهم فقال: كأنهم اليهودُ خَرجوا من فُهْرِهم.
قال أبو عُبَيد: السَّدْل: هو إِسبالُ الرَّجل ثوبَه من غير أن يَضُمّ جانبيه بين يديه، فإن ضَمَّه فليس بسَدْل؛ و قد رُوِيتْ فيه الكَراهيةُ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم.
و قال الليث: شَعرٌ مُنسَدِل و مُنْسَدِر: كثيرٌ طويلٌ قد وقع على الظَّهر.
الأصمعيّ: السُّدول و السُّدُون بالنون و اللام: ما جُلِّل به الهَوْدَج من الثّياب.
قال الراجز:
كأنّ ما جُلِّلن بالأُسْدانِ             يانِعَ حُمّاض و أرْجُوانِ‏
و قال ابن الأعرابيّ: سَوْدَل الرجلُ: إذا طال سَوْدلاه؛ أي: شارِباه.
و
في حديث عائشة «أنها سدَلت طرف قناعها على وجهها و هي محرمة»
، أي:
أسبلته.
و
في الحديث «أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قَدِم المدينة و أهلُ الكتابَ يسدِلون أشعارَهم و المشركون يَفْرُقون؛ فسَدَل النبيُّ صلّى اللّه عليه و سلّم شَعرَه ففَرّقه، و كان الفَرْقُ آخِرَ الأمرَين»
. قال ابن شميل: المسدَّلُ من الشَّعر.
الكثيرُ الطويل، يقال: سَدَّل شعرَه على عاتقَيه و عُنقِه، و سَدَله يَسدِله. و السَّدْل:
الإرسال ليس بمَعْقُوف و لا مُعقَّد. و شَعرٌ مُنسَدِلٌ و مُنسَدِرٌ.
و قال الفرّاء: سَدَلْتُ السِّترَ و سَدَنْتُه:
أرخَيْتُه.
دلس:
أبو العباس عن ابن الأعرابي:
الدَّلَسُ: السّواد و الظلمة. و فلان لا يُدالس و لا يُوالس قال: لا يدالس و لا يظلم، و لا يوالس: أي: لا يخون لا يُوارِب.
و قال شَمر: المُدالسةُ: إذا باعَك شيئاً فلم يُبَيِّنْهُ لك، يقال: دلس لي سِلعةَ سَوْء.
و اندلس الشي‏ء: إذا خفي. و دلّسْتُه فتدلَّس، و تَدلُّسُه ألا يشعر به.
و قال الليث: يقال: دلّس في البيع و في كل شي‏ء: إذا لم يبيّن عَيْبَه.

252
تهذيب اللغة12

دلس ص 252

قلت: و مِنْ هذا أُخِذ التدليسُ في الإسناد، و هو أن يُحدِّث به عن الشيخ الأكبر و قد كان قد رآه، و إنما سمعه عمن دونه ممن سمعه منه، و قد فعل ذلك جماعةٌ من الثِّقات. و الدُّلْسةُ: الظلمة.
و سمعت أعرابيّاً يقول: لامرى‏ء قُرفَ بسوء فيه، ما لي في هذا الأمر وَلْسٌ و لا دَلْسٌ، أي: ما لي فيه خِيانة و لا خديعة.
سَلمة عن الفراء قال: الإدلاس: بقايا النَّبت و البَقْل، واحدها دَلَس، و قد أدلست الأرض، و أنشد:
بَدَّلتْنَا من قَهْوَسٍ قِنْعاسَا             ذا صَهَوات يَرْتَع الأَدلاسَا
لدس:
ثعلب عن ابن الأعرابي: أَلدَسَتِ الأرضُ إلْداساً: إذا طَلَع فيها النّبات.
و ناقةٌ لَدِيس رَدِيس: إذا رُميت باللّحم رَمْياً.
و قال الشاعر:
سَدِيسٌ لَدِيسٌ عَيْطَموسٌ شِمِلَّةٌ             تُبارُ إليها المُحصنَاتُ النَّجائبُ‏
المحصنات النّجائب: اللّواتي أحصنَها صاحبُها أن لا يضربها إلا فحلٌ كريم.
و قوله: تبارُ يقول: يُنظَر إليهنّ و إلى سَيْرهنّ بسَيْر هذه الناقةِ، و يختَبرْن بها و بسيرها. و يقال: لَدّسْتُ الخُفَّ تلدِيساً:
إذا نَقَّلْتَه و رَفَعْتَه. و لَدَّسْتُ فِرْسِنَ البعيرِ:
إذا أَنْعَلته.
و قال الراجز:
حَرْف عَلَاة ذات خُفٍّ مِرْدَسِ             دَامِي الأظَلِّ مُنْعلٍ مُلَدَّسِ‏
لسد:
أبو عبيد: لَسَدَ الطَّلَى أمَّه يَلْسِدها: إذا رَضَع جميع ما في ضَرْعها، رواه أبو عُبيدة عنه. و أَنشَد النّضر:
لا تَجزَعَنَّ على عُلُالةِ بَكْرةٍ             بسْطٍ يُعارضُها فَصِيلٌ مِلْسَدُ
قال: اللَّسْدُ: الرَّضْع. و المِلسَد: الَّذي يَرضَع أُمَّه من الفُصْلان.
س د ن‏
سدن، سند، ندس، دنس: [مستعملة].
سدن:
ذَكَر النبيُّ صلّى اللّه عليه و سلّم سِدَانةَ الكَعْبة و سقاية الحاج في حديث.
قال أبو عبيد: سِدَانة الكعبة: خِدمْتَها.
يقال منه: سَدَنْتُ أسْدُنُ سِدَانة. و رجُلٌ سادِن من قومٍ سَدَنة: و هم الخَدَم.
و قال ابن السكّيت: الأسْدانُ و السُّدُون:
ما جُلِّل به الهَوْدَج من الثّياب. واحدُها سَدَن.
عَمْرو عن أبيه: السَّدِين: الشَّحْمُ.
و السَّدِين: السَّتر.
سند:
أبو عُبَيد عن أبي عُبَيدة: مِن عُيوب الشِّعر السِّناد، و هو اختلاف الأرداف.
كقوله:
* كأنّ عُيونهُنّ عُيونُ عِينِ*

253
تهذيب اللغة12

سند ص 253

ثم قال:
* و أَصبَحَ رأسُه مِثلَ اللُّجَيْنِ*
و أخبَرَني أبو محمّد المُزَنيّ عن أبي خليفة عن محمّد بن سلّام الجَمَحيّ أنه قال:
السِّنَاء في القافية مِثل شَيْبٍ و شِيبٍ.
يقال: سانَدَ فلانٌ في شِعرِه، قال: و من هذا يقالُ خرج القدم متساندين إذا خرج كلُّ بني أبٍ على رايةٍ و لم يَجتمعوا على راية واحدة.
و قال ابن بُزُرْج: يقال: أَسنَدَ في الشِّعْر إسناداً بمعنى سانَدَ مثل إِسناد الخبر.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: السَّنَدُ: ضَرْبٌ من البُرود.
و
في الحديث: «أنّه رأى على عائشة أربعةَ أثواب سَنَد»
. و هو واحد و جمع.
و قال الليث: السَّنَد: ضَربٌ من الثّياب:
قميص، ثم فوقَه قميصٌ أقصرَ منه.
و كذلك قُمُص قِصار من خِرَق مُغَيَّب بعضُها تحت بعض. و كلُّ ما ظهر من ذلك يسمَّى سِمْطاً سِمطاً.
و قال العجَّاج يصف ثوراً وَحْشيّاً:
* كَتّانها أو سَنَدٍ أَسْماط*
و قال ابن بُزُرْج: السَّندُ واحد الأَسْناد من الثِّياب، و هي مِنَ البُرود، و أنشد:
جُبّةُ أَسْنادٍ نَقِيٌّ لَوْنها             لَم يَضرِب الخيّاطُ فيها بالإبَر
قال: و هي الحمراء من جِبَابِ البُرُود.
قال: و السَّنَد مثقَّلٌ: سُنود القومِ في الجَبَلِ. و الإسناد: إسناد الرّاحلة في سيْرها، و هو سيْرٌ بين الذَّميل و الهمْلَجة.
و قال: سنَدْنا في الجبل، و أَسنَدْنا إبِلَنا فيها.
ابن الأعرابي: سند الرجلُ: إذا لبس السَّنَد، و هو ضرْب من البُرود.
أبو عبيد عن أبي عبيدة: الهبِيطُ: الضامر.
و قال غيرُه السِّناد مثلُه. و أنكره شمر.
و قال: قال أبو عمْرو: ناقةٌ سِنَاد: شديدةُ الخُلق.
و قال الليث: ناقةٌ سنادٌ: طويلة القَوائم مُسنَدة السَّنام.
و قال ابن بزرج: السِّناد: من صفات الإبل أن يُشرِفَ حارِكُها.
و قال الأصمعيّ: هي المُشرِفة الصَّدْر و المُقدَّم، و هي المُساندة. قال شمر:
أي: يساند بعضُ خَلْقها بعضاً.
و قال أبو عُبَيد: سمعتُ الكِسائيّ يقول:
رجلٌ سِنْدَأْوَة و قِنْدَأْوَة: و هو الخفيف.
و قال الفراء: من النون الجريئة. و قال الليث: السند ما ارتفع من الأرض في قُبل جبَل أو وَادِ، و كلُّ شي‏ء أسنَدْتَ إليه شيئاً فهو مُسنَد. قال: و قال الخليل:
الكلام سنَد و مُسنَد، فالسند كقولك:
عبدُ اللّه رجلٌ صالح، فعبدُ اللّه سنَد، و رجلٌ صَالح مُسنَدٌ إليه.

254
تهذيب اللغة12

سند ص 253

قال: و المسنَدُ: الدّعِيّ. و المسند:
الدهْر.
ثعلب عن ابن الأعرابي: يقال: لا آتيه يد الدهْر، و يدَ المُسنَد: أي: لا آتِيه أبداً.
و قال أبو سعيد: السِّنْدَأوَةُ: خرْقةُ تكون وقايةً تحت العِمامة من الدُّهن.
قلتُ: و المسنَد من الحديث: ما اتّصل إسناده حتى يُرفع إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، و المرسلُ و المنقطع: ما لَم يتَّصل. و يقال للدَعِيّ:
سنيد، و قال لَبيد:
* كريمٌ لا أَحَدُّ و لا سنيدُ*
و قال أبو العباس: المسند: كلامُ أولادِ شِيث.
أبو عُبيد عن الأصمعي: سندتُ إلى الشي‏ء أَسنُد سُنوداً: إذا استَنَدْتَ إليه و أسندت إِليه غيري.
و يقال: سانَدْتُه إلى شي‏ء يتسانَدُ إليه.
و قال أبو زيد:
سانَدُوه حتى إذا لَمْ يَرَوْه             شُدَّ أجلَادُه على التَّسْنِيدِ
و ما يستند إليه يسمَّى مِسنَداً و مُسنَداً.
السنْد: جيلٌ من الناس تُتاخم بلادُهم بلاد أهلِ الهند، و النسبة إليهم سنْدِيّ.
و السَّنَدُ: بلد معروف في البادية. و منه قوله:
* يا دارمَيَّةَ بالْعَلْياءِ فالسَّنَدِ*
و العلياء: اسمُ بلدٍ آخر.
ندس:
الحَراني عن ابن السكّيت: رجلٌ نَدِسٌ و نَدُسٌ: إذا كان عالماً بالأخبار.
و رجلٌ نَطِسٌ و نُطُسٌ: للمُبالِغ في الشي‏ء.
ثعلب عن ابن الأعرابي: تندّستُ الخبَر و تحسسْتُه بمعنًى واحد.
و قال الليث: النّدُسُ: السريعُ الاستماع للصّوت الخفيّ.
و قال الأصمعي: النَّدْسُ: الطَّعن، و قال الكُميت:
و نحن صَبَحْنا آل نَجْرَانَ غارةً             تَميمَ بنَ مُرٍّ و الرِّماح النَّوَادِسَا
حكاه أبو عُبيد عنه.
و
في حديث أبي هُرَيرة «أنه دخل المسجدَ و هو يَنْدُس الأرض برجلِه»
، أي:
يَضربها.
ثعلب عن ابن الأعرابي: أسماء الخُنْفساء: المَنْدُوسة و الفاسيَاء.
قيل: و تَندَّسَ ماءُ البئرِ: إذا فاض من حَوَاليْها.
دنس:
قال الليث: الدَّنس في الثياب: لطخ الوَسخ، و نحوه في الأخلاق.
رجُلٌ دَنسُ المُروءَةِ، و قد دَنِس دنساً، و الاسم الدَّنس. و دنَّس الرجلُ عرضَه إذا فَعل ما يشينُه.

255
تهذيب اللغة12

س د ف 256

س د ف‏
سدف، سفد، فسد، فدس، دسف، دفس: مستعمل.
سدف:
أبو عُبيد عن أبي زيد: السُّدْفة في لُغة تميم: الظُّلْمة. قال: و السُّدْفة في لغة قيْس: الضَّوْء، و كذلك قال أبو محمد اليزيديّ، و أنشدنا للعجّاج:
* و أَقطَع الليلَ إذا ما أَسْدَفَا*
أي: أُظلم. قال: و بعضهم يَجعل السُّدفةَ اختلاط الضَّوء و الظُّلمة معاً كوقتِ ما بين طلوع الفجر إلى أوّل الإسفار.
الحرّاني: عن ابن السكّيت قال: السَّدَفُ و السُّدفة: الظُّلْمة و الضَّوء أيضاً.
و يقال: أَسدفِ السِّترَ، أي: أرفَعه حتى يُضي‏ءَ البيت. قال:
و قال عمارة: السدْفة ظُلمةٌ فيها ضوءٌ من أوّل الليل و آخره، ما بين الظلمة إلى الشفق و ما بين الفَجْر إلى الصلاة.
قلتُ: و الصحيح ما قاله عمارة.
اللحياني: أتيتُه بسُدْفةٍ من الليل، و شُدْفة و شَدْفة و هو السَّدَف و الشَدَف.
و قال أبو عُبَيْد: أَسدَفَ الليلُ و أَشْدَفَ: إذا أَرخَى سُتورَه و أَظلَم.
قال: و الإسدافُ من الأضداد.
يقال: أَسدِفْ لنا، أي: أضِي‏ءْ لنا.
قال: و قال أبو عَمْرو: إذا كان رجلٌ قائمٌ بالباب قلتَ له: أسدِف، أي: تَنَحَّ عن الباب حتى يُضي‏ءَ لنا البيتُ.
و قال الفرّاء: السَّدَف و الشَّدَف: الظُّلْمة و السَّدَف أيضاً: الصُّبْح و إقبالُه، و أنشد:
بِيضٌ جِعادٌ كأنَّ أعيُنَهُمْ             يكْحَلُها في المَلاحِمِ السَّدَفُ‏
يقول: سَوادُ أعينهم في الملاحم باقٍ، لأنّهم أَنجادٌ لا تَبرقُ أعينُهم من الفَزَع فيغيب سَوادُها.
و يقال: سَدَفْتُ الحجابَ، أي: أرخيتُه.
و حجاب مَسدوف؛ قال الأعشى:
* بحِجابٍ مِن دُونِنا مَسْدُوفِ*
و رواه الرُّواة: مَصْدوف بالصاد، و فسّروه أنه المَسْتُور.
و
في حديث أمِّ سَلَمة أنها قالت لعائشة لمّا أرادت الخُروجَ إلى البَصْرة: تَرَكْت عُهَّيْدَى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، وَ وجَّهْتِ سِدَافَتَه.
أَرادت بالسِّدَافة الحِجابَ، و توجيهُها كشفُها.
و يقال: وجّه فلانٌ سِدافته: إذا ترَكها و خرج منها.
و قيل للسِّتْر: سِدافة، لأنه يُسْدَف، أي:
يُرخى عليه.
و قال الليثُ: السُّدْفةُ: اللباب و أنشد لامرأةٍ من قيسٍ تهجو زَوْجَها:
لا يَرْتَدِي بِرَادِيَ الحريرِ             و لا يُرَى بسُدْفة الأمير

256
تهذيب اللغة12

سدف ص 256

أبو عُبَيد: السَّدِيف: شَحْمُ السَّنام، و منه قول طَرَفة:
* و يُسعى علينا بالسَّدِيفِ المُسَرْهَدِ*
و قال غيره: السُّدوف و الشُدُوف:
الشُّخوص تراها من بُعْد، و قال الهُذَلِيّ:
مُوَكَّلٌ بشُدُوفِ الصَّوْم يَنْظُرُها             من المغارِبِ مَخْطوفُ الحشَا زَرِمُ‏
أبو العباس عن عمرو عن أبيه: يقال:
أسْدَف الرجلُ و أَزْرَفَ و أغْدَف: إِذا نام.
و قال ابن شُميل: أَسدَف الليلُ و أَزْدَف:
إذا أظلَم.
سفد:
أبو عُبيد عن الأصمعي: يقال للسِّباع:
كلها سَفَدَ أُنْثاه يسفِدُها سِفاداً، و التَّيْسُ و الثَّوْرُ مِثلُها.
و قال أبو زيد نحوَه.
و قال الأصمعي: إذا ضَرَب الجملُ الناقَة قيل: فَقَا وقَاعَ، و سَفِد يَسفَد.
و أجازَ غيرُه: سَفَد يَسفِد. و السَّفُّود معروف، و جمعُه سفافِيد.
ثعلب عن ابن الأعرابي: استسفد فلان بعيره: أتاه من خلفه فركبه.
و قال أبو زيد: أتاه فتسفَّده، و تعرقبه مثله.
دسف:
ثعلب عن ابن الأعرابي: أدْسفَ الرجل إذا صارَ مَعاشُه من الدُّسْفة، و هي القِيادة، و هو الدُّسْفان.
و قال الليث: و الدُّسْفانُ: شِبْه الرَّسول يطلبُ الشي‏ءَ.
و قال أميّة:
* و أَرْسَلُوه يسوفُ الغَيْثَ دُسْفانَا*
دفس:
ثعلب عن ابن الأعرابي: أدفس الرَّجلُ: إذا اسوَدَّ وجهُه من غير عِلَّة.
قلتُ: لم أسمَع هذا الحرفَ لغيره.
فدس:
قال ابن الأعرابيّ: أفْدَسَ الرجلُ: إذا صارَ في إنائه الفِدَسة، و هي العَناكِبُ.
عمرو عن أبيه: الفُدْسُ: العنكبوت.
قلتُ: و رأيتُ بالخَلْصاء دَحْلًا يُعْرَف بالفِدَسيّ، و لا أدري إلى أيّ شي‏ء نُسِبَ.
فسد:
قال الليث: الفَساد: نقيضُ الصَّلاح، و الفعل فَسَد يَفْسُدُ فساداً.
قلتُ: و لغة أخرى: فَسُد فُسُوداً.
و قولُ اللّه جلّ و عزّ: وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً*
 [المائدة: 33]، نصب (فَساداً)*
 لأنه مفعول له، كأنّه قال: يَسعَوْن في الأرض للفساد.
و يقال: أفسَدَ فلانٌ المالَ يُفسِدُه إفساداً و فساداً وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ
 [البقرة:
205] و فَسَّد الشي‏ءَ: إذا أَبارَه.
و قال أبو جُنْدَب:
و قلتُ لهمْ قد أدركَتْكُمْ كتِيبَةٌ             مُفَسَّدةُ الأدْبارِ ما لَمْ تُخَفّرِ
أي: إذا شَدَّتْ على قوم قَطَّعَتْ أدبارهم ما لم تُخفَّر الأدبار، أي: ما لم تُمنَع.

257
تهذيب اللغة12

س د ب 258

و استفسد السلطان قائده: إذا ساء إليه حتى استعصى عليه.
س د ب‏
سبد، دبس: [مستعملان‏].
سبد:
قال الليث: السَّبَد: الشَّعْر. و قولهم:
ما لَه سَبَد و لا لَبَد، أي: ما لَه ذو شَعْر و لا ذو وَبَر متلبِّد، و لهذا المعنى سُميَ المالُ سَبَداً.
و قال ابن السكّيت: قال الأصمعي: ما له سَبَد و لا لَبَد، أي: ما لَه قَليل و لا كثير.
و قال غير الأصمعي: السَّبَد من الشَّعْر و اللَّبَد من الصوف.
و
رُوِي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم أنه ذَكر الخوارجَ فقال: «التَّسبيد فيهم فاشٍ»
. و قال أبو عُبَيد: سألتُ أبا عُبيدة عن التسبيد فقال: هو تَرْك التّدهُّن و غَسل الرأس. قال و غيرُه يقول: إنما هو الحَلْق و استئصالُ الشعر.
قال أبو عُبَيدة: و قد يكون الأمران جميعاً، و قال النابغة في قصر الشَّعر يَذكُر فَرخَ قَطاةٍ حَمَّم:
* في حاجِبِ العَيْنِ من تَسْبِيده زَغَبٌ*
و قال: يعني بالتّسبيد طلوعَ الزَّغَب.
قال: و قد رُوِي في الحديث ما يثبِت قول أبي عُبَيدة:
قال ابن جريج عن محمدِ بنِ عبّاد بنِ جعفر: رأيْتُ ابنَ عباس قَدِمَ مكّة مسبِّداً رأسَه، فأَتَى الحجَر فقبَّله.
قال أبو عُبَيد: فالتّسبيد ها هنا: تَرْكُ التَّدَهُّن و الغَسل. و بعضهم يقول: التسميد- بالميم- و معناهما واحد.
و قال غيرُ واحد: سبَّد شَعرَه و سَمَّد: إذا نَبَت بعد الحَلْق حين يَظهر.
و قال أبو تراب سمعتُ سليمانَ بنَ المُغيرة يقول: سبَّد الرجلُ شعرَه: إذا سرَّحه و بَلّه و تَرَكه. قال: و الشَّعر لا يُسبِّد و لكنه يُسبَّد.
و قال أبو عُبَيدة: سبّد شعرَه و سَمَّدَه: إذا استأصَلَه حتى ألصقَه بالجلْد. قال: و سبَّد شعرَه: إذا حلَقه ثم نبت منه الشي‏ء اليسير.
و قال أبو عمرو: سَبَد شعره و سَبّده و سبَتَه و أسبته: إذا حلقه. رواه أبو العباس، عن عمْرو عن أبيه.
أبو عبَيد عن الأصمعي: السُّبَد: طائرٌ ليّن الريش إذا قطر على ظهره قطرتان من ماء جرى، و جمعه سِبْدان.
شمر عن ابن الأعرابي: السُّبَد: طائر مثلُ العُقاب.
قال: و حَكَى أبو مَنجوف عن الأصمعي قال: السُّبَد هو الخطّاف البَرّيّ.
و قال أبو نصر: هو مِثل الخطّاف إذا أصابه الماءُ جرى عنه سريعاً، و قال طُفَيل الغَنَوِي:

258
تهذيب اللغة12

سبد ص 258

* كأنَّه سُبَدٌ بالماءِ مَغْسولُ*
و قال أبو سعيد: السُّبَد: ثوبٌ يُسدّ به الحَوْض المَرْكُوُّ لئلّا يتكدّر الماءُ، يفرش فيه و تسقى عليه الإبل، و إيّاه عَنَى طُفيل.
قلتُ: و قولُ الراجز يحقِّق ما قاله الأصمعيّ:
حتى ترى المئزَر ذا الفُضولِ             مثل جَناح السُّبَد المغسول‏
و قال الأصمعي: يقال: بأرض بني فلان أسباد، أي: بقايَا من نَبْت واحدها سِبْد و قال لَبيد:
سَبِداً من التَّنوُّم يَخْبِطُه النّدَى             و نوادراً من حَنظلٍ خُطْبانِ‏
و قال غيره: أَسبَدَ النَّصيُّ إسباداً، و تسبَّد تَسْبِيداً: إذا نَبَت منه شي‏ء حديث فيما قَدُم منه، و قال الطِّرماح:
أو كأسْباد النَّصيةِ لم يجتدِلْ             في حاجزٍ مُستَنامْ‏
قال أبو سعيد: إِسبادُ النصية، سَنَمَتُها و تسميها العَرب الفورَان، لأنها تفور.
و قال أبو عَمرو: أَسبادُ النَّصيِّ: رُؤُوسُه أولَ ما يطلع، جمع سَبَد.
و قال الطِّرِمَّاح في قصيدة أخرى يصف قِدْحاً فائزاً:
مُجرَّبٌ بالرِّهانِ مُستَلِبٌ             خَصْلُ الجوارِي طرائفٌ سبَدُه‏
أراد أنه يُستطرَف فَوْزُه و كسْبُه.
أبو عُبَيد عن الفرّاء: يقال للرجل الدّاهي في اللُّصوصِيَّة: إنه لسِبْدُ أَسبادٍ.
الليث: السُّبَد: الشؤمُ، حكاه عن أبي الدُّقَيش في قوله:
امرؤُ القَيْس أين أَرْوَى مؤلياً             إن رَآني لأَبُوأَنْ بسُبَدْ
قلتُ بَجْراً قلتَ قولًا كاذباً             إِنما يمنعُني سَيْفي ويَد

دبس:
قال الليث: الدِّبْسُ: عُصارة الرُّطَب.
و الدُّبسة: لونٌ في ذوات الشّعر أحمرُ مُشربٌ سَواداً. و أنشد ابن الأعرابي لرَكّاض الدُّبَيريّ:
لا ذَنْبَ لي إذْ بنتُ زُهْرةَ دَبَّسَتْ             بغيرِك أَلْوَى يُشبِه الحَقَّ باطلُهْ‏
قال: دَبَّسْتُه: واريتُه، و أَنشَدَنا:
* قَرمٌ إذا رآه فَحل دبسَا*
قال: و الدَّبُوسُ خِلاص تَمرٍ يُلقَى في مَسلَإِ السمْن فيَذوب فيه، و هي مطيّبة للسّمن.
قال: و الدَّبْسُ: الكثيرُ. و قيل: دَبس خُفَّه: إذا رقَّعه و لَدّمه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: الدَّبسُ الأسودُ من كل شي‏ء. و الدَّبسُ: الجمعُ الكثير من الناس.
قال: و يقال للسماء إذا مَطَرت: دُرِّي دُبَسُ.

259
تهذيب اللغة12

دبس ص 259

و قال ابن الأعرابيّ أيضاً: مالٌ ربسٌ، أي: كثير بالراء و جاء بأمرٍ رِبس، أي:
معكر، و كلُّ ذلك صحيح.
و الدَّبوس معرب. و أخبرني عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال: يقال: دبَّسْتُ الشي‏ء:
إذا واريتَهْ. و دَبَّس: إذا توارى.
أبو عبيد عن أبي زيد: جئت بأمور دُبس، و هي الدّواهي في باب الدواهي في المؤلف.
س د م‏
سدم، سمد، دسم، دمس، مسد:
مستعملة.
سدم:
قال الليث: السَّدَمُ: همٌّ و نَدَمٌ، تقول:
رأيته سادِماً، و رأيته سَدْمانَ نَدْمانَ. و قلَّما يُفرَد السَّدَمُ من النّدم.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: السَّدِيمُ:
الضَّباب. و السَّدِيمُ: التَّعبُ. و السديم:
السّدِر. و السديم: الماء المندفقُ.
و السدِيمُ: الكثير الذِّكْرِ. الدَّسيمُ: القليلُ الذكر.
قال: و منه قوله:
* لا يَذْكُرون اللَّهَ إلّا سَدْماً*
و قال الليث: ماءٌ سُدُم، و هو الذي وقعت فيه الأقمشة و الجَوْلانُ حتى يكاد يندفن، و قد سَدَم يَسْدُم، و مياهٌ أسْدام.
قال: و يقال: مَنْهَلٌ سَدُوم في موضع سُدُمٍ، و أنشد:
* و مَنْهَلًا ورَدْتَهُ سَدُوما*
قال: و سَدُوم: مدينة من مدائن قوم لوط، كان قاضيها يقال له: سدُوم.
قلت: قال أبو حاتم في كتاب «المُزال و المُفْسَد»: إنّما هو سَذُوم بالذال، و الدال خطأ.
قلتُ: و هذا عندي هو الصحيح.
أخبرَني المنذريُّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: المَسْدومُ: المَمْنوعُ من أن يَضرِب الإبلَ، يعني الفحلَ. قال:
و سدمتُ البابَ و سَطَمْتُه واحدُ و هو باب مَسْطُوم و مَسْدُوم، أي: مَرْدوم.
و قال ابن الأنباري: رجلٌ نادِمٌ سادِمٌ. قال قوم: السادِم: معناه: المتغيِّر من الغَمِّ، و أَصلُه من قولهم: ماءٌ مُسْدم، و مياهٌ سُدْم و أَسْدام: إذا كانت متغيرة.
قال ذو الرمّة:
* أَوَاجِنُ أَسْدامٌ و بعْضٌ مُعوَّرُ*
و قال قومٌ: السّادمُ: الحزين الّذي لا يُطيق ذَهاباً و لا مجيئاً. من قولهم بَعيرٌ مَسْدوم:
إذا مُنع من الضِّراب.
و أَنشَد:
* قَطَعْتَ الدّهرَ كالسَّدِم المُعَنَّى*
و المُسدَّم من فُحول الإبِل. و السَّدِمُ: الّذي يُرغَب عن فَحْلتِه فيُحالُ بينه و بين أُلَّافِه، و يقيَّد إذا هاج فيَرعَى حَوالَي الدّار، و إن‏

260
تهذيب اللغة12

سدم ص 260

صالَ جُعل له حِجامٌ يمنَعهُ عن فتح فمِه، و منه قوله:
قَطَعْتَ الدَّهْرَ كالسَّدِم المعنَّى             يُهدِّد في دِمَشقَ و ما تَرِيمُ‏
و قال ابن مُقْبل:
و كلّ رَباعٍ أو سَديسٍ مُسدَّمٍ             يَمُدُّ بذِفْرَى حُرّةٍ و جِرَانِ‏
و يقال للبعير إذا دَبِر ظهرُه فأُعْفِيَ عن القَتَب حتى صلَح دَبَرُه: مسدَّم أيضاً، و إيّاه عنَى الكُمَيت بقوله:
قد أَصبَحتْ بكَ أَحْفاضِي مسدَّمةً             زُهْراً بلا دَبَرٍ فيها و لا نَقَبِ‏
أي: أَرحتها من التَّعب فابيضّتْ ظهورُها و دَبرُها و صلحت. و الأُحْفاض جمع حَفَض، و هو البَعير الّذي يُحمَل عليه خُرَثيُّ المَتاع و سَقَطُه.
و قال ابن هانى‏ء: قال أبو عُبيدة: بعيرٌ سَدِمٌ، و عاشِقٌ سَدِمٌ: إذا كان شديدَ العِشْق، و رجُلٌ نَدِمٌ سَدِم.
ثعلب عن ابن الأعرابي: يقال للنَّاقة الهَرِمة: سَدِمَة و سَدِرة و سادَّةٌ و سَلَّة و كافَّة.
دسم:
ثعلب عن ابن الأعرابي: الدَّسِيمُ:
القليلُ الذِّكْر، قال: و منه قولُه:
لا يَذكُرون اللّه إلّا دَسْماً قال ابن الأعرابيّ: يكون هذا مَدْحاً و يكون هذا ذَمّاً، فإذا كان مَدْحاً فالذِّكْر حَشْوُ قلوبهم و أفواههم، و إذا كان ذَمّاً فإنما هُمْ يَذكرون اللّه ذكْراً قليلًا: من التَّدسِيم، و هو السّواد الذي يُجعَل خَلْفَ أُذُنِ الصبيّ كَيْلَا تُصيبَه العَينُ. قال: و مثلُه‏
أنّ رجلًا ذُكر بين يَدَيْ رسولِ اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقال:
 «ذاكَ رجلٌ لا يتَوَسَّد القرآن»
يكون هذا أيضاً مَدْحاً و ذَماً، فالمَدح أنّه لا يَنام اللّيل و لا يتوسَّد، فيكون القرآن متوسَّداً معه، و الذَّمّ أنه لا يَحفظ من القرآن شيئاً، فإذا نام لم يتوسَّدْ معه القرآنَ.
قلت: و القولُ هو الأول.
و
رُوِي في حديثٍ: «إنّ للشيطان لَعُوقاً و دِساماً»
، فالدِّسام: ما تُسَدّ به الأُذُن فلا يَعي ذِكْراً و لا مَوْعظة. و كلُّ شي‏ء سَدَدْته فقد دَسَمْتَه دَسْماً، و يقال للرجل إذا غَشِيَ جاريتَه قَدْ دَسمَها.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: الدُّسْمةُ:
السَّوادُ.
و منه قيل للحَبَشيّ: أبو دُسْمة، و قال رؤبةُ يصف سَيْحَ ماءٍ:
مُنفَجَرَ الكَوْكَب أو مَدْسُوماً             فَخَمْنَ إذْ هَمَّ بأنْ يَخيمَا
المنفَجِر: المنفَتح الكثيرُ الماء. و كَوكَبُ كلِّ شي‏ء: مُنظمه. و المَدْسُوم: المَسْدود.
و الدَّسم: حَشْوُ الجَوْف.
قال: و قال ابن الأعرابي:

261
تهذيب اللغة12

دسم ص 261

* لا يذكرون اللّه إلَّا دَسْماً*
ما لَهمْ هَمُّ إلّا الأكْل، و دَسْم الأجواف.
قال: و نَصب دَسْماً على الخِلاف، و فلانٌ أَدسَمُ الثَّوبِ، و أَطلَسُ الثَّوْب و دَنسُ الثَّوبِ: إذا لم يكن زاكياً. و قال: أوجب حَجاً في ثِيابٍ دُسم.
و الدَّيسَم: الظُّلمة. و يقال: ما أنتَ إلّا دَسْمَة، أي: لا خير فيه.
و رأى رجلٌ غلاماً مليحاً فقال: دَسِّموا نُونَته، أي: سوِّدوها لئلّا تُصيبَه العَين.
قال: و نُونَتُه: الدائرةُ المليحة التي في حَنَكِه.
و
رُوِي عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم «أنه خطَب و على رأسِه عمامة دَسماء»
، أي: سَوْداء.
و قال ابن الأعرابي: الدَّيْسَمُ: الدُّبّ و أنشد:
إذا سَمِعْتُ صوت الوَبيل تَشَنعَتْ             تَشَنُّعَ فُدْسِ الغَارِ أو دَيْسَمٍ ذَكَر
قال عمرو: الدّيْسَم: ولَدُ الذِّئب من الكَلبة.
و سألتُ أبا الفَتْح صاحبَ قُطْرُب- و اسم أبي الفَتْح دَيْسَم- فقال: الدَّيْسَم: الذُّرَة.
و أخبرَني المنذريُّ عن المبرّد أنه قال:
الدَّيْسَم: ولدُ الكَلبة من الذِّئب. و السِّمْع:
ولَدُ الضَّبُع من الذِّئب.
و قال اللّيث: الدَّيْسَم: الثعلب. و الدَّسم:
كل شي‏ء له وَدَكٌ من اللَّحم و الشَّحْم، و الفعلُ دسمَ يَدْسَم فهو دَسِم.
و يقال للرّجل إذا تَدَنَّس بمذامّ الأخلاق:
إنه لدَسِم الثوب.
و أَنشَد أبو عُبَيدة:
لا هُمَّ إن عامرَ بنَ جَهْم             أوذَمَ حَجّاً في ثِيابٍ دُسْم‏
و هو كقولهم: فلانٌ أطلَسُ الثَّوب.
سمد:
قال اللّه جلّ و عزّ: وَ أَنْتُمْ سامِدُونَ (61)
 [النجم: 61].
قال المفسِّرون في قوله: سامِدُونَ‏
لاهُون.
و رُوِي عن ابن عباس أنه قال: وَ أَنْتُمْ سامِدُونَ (61)
: مستكبرون. و يقال للفَحل إذا اغْتَلم: قد سمَدَ، رواه شَمِر عنه بإسنادٍ له.
و قال اللَّيث: سامِدُونَ‏
: لاهون، و السُّمود في الناس: الغَفْلة و السّهْوُ عن الشي‏ءِ.
و
رُوِي عن عليّ رضي اللّه عنه أنه خرج إلى المسجد و الناسُ ينتظرونه للصّلاة قياماً، فقال: «ما لي أراكم سامِدِين؟»
. قال أبو عُبَيد: قوله: سامِدُونَ‏
: يعني القُيَّام و كل رافعٍ رأسه فهو سامِد، و قد سَمَد يَسمَد و يسمُد سُموداً.
و
روِي عن عِكرمَة عن ابن عباس أنه قال:
السُّمود: الغناءُ في لغة حِميَر، يقال:

262
تهذيب اللغة12

سمد ص 262

اسْمُدي لنا، أي: غني لنا.
و قال المبرّد: السّامدُ: القائم في تحيُّر.
و أَنشد:
قِيل قُمْ فانظر إليهمْ             ثم دَعْ عنكَ السُّمُودا
و قال الليث: السَّمَادَ: تُرابٌ يُسمَّدُ به النّبات.
قال: و سَمَّد شَعْرَه: إذا أَخَذه كلّه.
شَمِر عن ابن الأعرابيّ قال: السَّمَد من السَّير: الدَّأَب.
يقال: سَمَدت الإبلُ سمُوداً: إذا لم تَعرِف الإعياءُ.
و أَنشَد:
* سَوامِد اللَّيل خِفافُ الأزْوادْ*
أي: دوائبُ ليس في بطونها كبير عَلَف.
و قال اللّحياني: هو لك سَمْداً سَرْمداً بمعنى واحد.
و قال: السُّمود يكون سروراً و حُزْناً، و أنشد:
رَمَى الحِدْثانُ نِسْوَةَ آلِ حَرْبٍ             بأمرٍ قد سَمَدْنَ له سُمُودَا
فَردَّ شُعُورَهُنّ السُّود بِيضاً             ورَدَّ وُجوهُهَنّ البيضَ سودَا

ثعلب عن ابن الأعرابي: اللاهي، و السامد: الغافل. و السامد: السّاهي.
و السامد: المتكبِّر، و السامد: القائم.
أبو زيد: المُسْمَئدّ: الوارِم، و قد اسمأدّ الجُرْح: إذا وَرِم. و السامد: المتحيِّر بَطَراً و أَشراً. و السامد: المُغَنِّي.
دمس:
قال الليث: ادمَس الظلامُ و أدمَس:
و ليلٌ دامس: إذا اشتدّ ظلامُه. و التَّدْميسُ:
إخْفاء الشي‏ء تحتَ الشي‏ء، و يقال بالتخفيف، و أنشد:
إذا ذُقْتَ فاهَا قلتَ عِلْقٌ مُدمس             أريدَ به قَيلٌ فغُودِرَ في سأبِ‏
و قال أبو عُبَيْد: دَمَسْتُ الشي‏ءَ: غطّيْتُه.
و الدَّمَس: ما غُطِّي.
و قال الكميت:
* بلا دَمَسٍ أَمْر الغَرِيبِ و لا غَمْلِ*
قال: و الدَّمِيس: المغطّى.
أبو زيد: تقول: أتاني حيثُ وَارَى دَمَسٌ دَمْساً. حيث وارَى رُؤْيٌ رُؤْياً، و المعنى واحد، و ذلك حينَ يُظلم أولُ اللَّيل شيئاً.
و مِثلُه: أتاني حين يقول أخوك أم الذِّئب.
و رَوَى أبو تراب لأبي مالك: المدمَّسُ و المُدنَّس بمعنًى واحد، و قد دَنس و دمِس.
و قال أبو زيد: المُدَمَّس: المخبوء.
و قال أبو تراب: المدمَّس: الذي عليه وَضَر العَسل، و أَنكر قولَ أبي زيد.
و قال أبو عمرو: دَمَسَ الموضعُ، و دَسم و سَمَد: إذا درَس.

263
تهذيب اللغة12

دمس ص 263

و قال: الدُّوْدَمسُ: الحيّة.
و قال الليث: و هو ضرْبٌ من الحَيّات مُحْرَنْفِش الغَلاصيم، يقال: إنه ينفُخ نَفْخاً فيحرِقَ ما أصابه، و الجميع الدَّوْدَمسَات و الدَّواميس.
و قال أبو زيد: دَمَسْتُه في الأرض دَمْساً:
إذا دَفَنْتَه، حيّاً كان أو مَيّتاً.
و
في حديث الدجّال: كأنه خَرج من الدِّيماس‏
، و قال بعضهم: الدِّيماسُ:
الكِنّ، أراد كأنه مُخْدَرٌ لم يرَ شيئاً، شَمْساً و لا ريحاً.
و قال بعضهم: الدِّيماس: الحمّام، و كان لبعض المُلوك حبْسٌ سماه دِيماساً لِظُلْمته.
و قال ابن الأعرابي: الدِّيماس: السَّرَب.
و منه: دَمَستُه: قَبَرْتُه.
مسد:
قال اللّه جلّ و عزّ: فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)
 [المسد: 5]، قال المفسِّرون: هي السِّلسِلة التي ذكرها اللّه تعالى في كتابه فقال: ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً [الحاقة: 32]، يعني جل اسمه أن امرأة أبي لهب تسلك في النار في سلسلة طولها سبعون ذراعاً.
و قال الزَّجّاج: المَسَدُ في اللُّغة: الحَبْل إذا كان من لِيف المَقْل. و يقالُ لما كان من وَبَر الإِبلِ مِن الحِبال: مَسَد.
و قال ابن السكّيت: الْمَسْدُ: مصدَر مَسَدَ الحبلَ يَمْسُده مَسْداً: إذا أجاد فَتْلَه.
و رَجلٌ مَمْسُودٌ: إذا كان مَجدولَ الخَلْق.
و جاريةٌ ممسودةٌ: إذا كانت حسنةَ طيّ الخَلْق. قال: و المَسَدُ: حبْل من جُلُود الإبل، أو من لِيف، أو من خُوص.
و أنشد:
* و مَسَدٍ أُمِرَّ من أَيَانِقِ*
أراد من جُلُودِ أَيَانِق؛ و أَنشد:
يا مَسَدَ الخُوصِ تَعَوَّذْ مِنِّي             إنْ تَكُ لَدْناً ليِّناً فإنِّي‏
* ما شِئْتَ مِنْ أَشْمَطَ مُقْسَئِنِّ*

و يقال: حَبْلٌ مَسَد، أي: مَمسود، قد مُسِد، أي: أُجِيد فَتْلُه مَسْداً. فالْمَسْدُ:
المصْدَر. و الْمَسَد: بمنزلة الممْسُود؛ كما يقال: نَفَضْتَ الشَّجَر نَفْضاً؛ و ما نُفِض فهو نَفَض. و دلّ قولُ اللّه جلّ و عزّ:
حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ
 [المسد: 5] أَنَّ السِّلسلة التي ذَكَرها اللّه تعالى فُتِلَتْ من الحديد فَتْلًا مُحْكَماً، كأنه قيل: في جِيدِها حَبل حديدٍ قد لُوِيَ لَيّاً شديداً.
و قال اللّيث و غيرُه: المِسادُ: نِحْيٌ يُجْعَلُ فيه سَمْن و عَسَل، و منه قولُ أبي ذُؤَيْب:
غَدَا في خافَةٍ مَعَهُ مِسادٌ             فَأَضْحَى يَقْتَرِي مَسَداً بِشِيقِ‏
و الخافَة: خريطةٌ يَتَقَلَّدُها المُشْتارُ ليَجعل فيها العَسَل.

264
تهذيب اللغة12

مسد ص 264

و قال الليث: الْمَسْدُ: إدْآب السَّيْر في الليل، و أنشَد:
* يُكابِدُ الليلَ عليها مَسْدا*
و قال العَبْديّ يَذكر ناقةً شبّهَها بثوْرٍ وَحْشِيّ:
كَأَنّها أَسْفَعُ ذو جُدّةٍ             يَمْسُدُه القَفْرُ و ليْلٌ سَدِي‏
كأنما يَنظرُ من بُرْقُعٍ             من تحت روْقٍ سَلِبٍ مِذْوَد

قولُهُ: يَمْسُده: يعني الثورَ، يَطوِيه ليلٌ سَدِيٌّ، أي: نَدِيٌّ، و لا يزال البَقْلُ في تمامٍ ما سقط من النَّدَى عليه، أراد أنه يأكل البقل فيجزأ به عن الماء فيطويه ذلك. و شبّه السُّفعة التي في وجه الثّور ببرقُع.
و جعل اللّيث الدَّأَبَ مَسْداً، لأنه يمسَدُ خَلق من يَدأبُ فيَطْوِيه و يُضَمّرُه.
أبو عُبَيد عن الأصمعي: الممسودة من النساء: المطوِية الممشُوقة، و أنشدنا:
* يَمسُدُ أعْلى لحمه و يَأرِمُه*
أي: يشده.
عَمْرو عن أبيه قال: المِسَاد: الرِّق الأسود.
و في «النوادر»: فلانٌ أحسَنُ مِسَاد شِعْرٍ من فلان، يريد: أحسنَ قِوامَ شِعر من فلان.
انتهى و اللّه أعلم بمراده.
 (أبواب) السّين و التّاء
س ت ظ- س ت ذ- س ت ث:
أهملت وجوهه.
س ت ر
 [ستر، ترس: مستعملان‏].
ستر:
قال الليث: السِّتْرُ معروف، و الجميعُ أستارٌ و سُتور، و الفعل سَتَرْتُه أستُرُه سَتراً، و امرأةٌ سَتيرةٌ: ذاتُ سِتارة. و السَّتْرةُ: ما استترتَ به من شي‏ء كائناً ما كان، و هو أيضاً السِّتارة.
قلتُ: و السِّتاران في ديار بني سفد:
وادِيان يقال لهما السَّوْدة، يقال لأحدهما: السِّتارُ: الأغبَر، و للآخر:
السِّتار الجابرِيّ؛ و فيهما عُيُونٌ فَوَّارَة تَسقِي نَخيلًا كثيرة زِينةً منها عينُ حَنِيذ، و عينُ فِرْياضٍ، و عينُ بَثاء، و عينُ حُلوة، و عين ثَرْمدا، و هي من الأحساء على ثلاثة أميال.
و قال الليث: يقال ما لفلان سِتْر و لا حِجْر، فالسِّترُ: الحياء، و الحِجْرُ: العقل.
و قال أبو سَعيد: سمعتُ العَرَب تقول للأربعة: إسْتار، لأنها بالفارسيّة جِهَار، فأعربوه و قالوا: إسْتار.
و قال جَرير:
إنّ الفرزدقَ و البَعيثَ و أُمَّه             و أبَا الفَرزدقِ شَرُّ ما إسِتار

265
تهذيب اللغة12

ستر ص 265

أي: شَرُّ أربعة، و (ما) صلة.
و قال الأعشى:
تُوفى ليومٍ و في ليلةٍ             ثمانين يُحسبُ إستارُها
قال: و الإستار رابعُ أربعة. و رابعُ القوم إستارُهم.
قلت: و هذا الوَزْن الّذي يقال له الإستار معرَّبٌ أيضاً أصله جِهَار. فأُعرب فقيل:
إستار. و يجمع أساتير.
و قال الفَرّاء في قول اللّه عز ذكره: هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5) [الفجر: 5]، لذي عقل. قال: و كله يرجع إلى أمر واحد من الفعل.
قال: و العرب تقول: إنه لذو حِجْر، إذا كان قاهراً لنفسه ضابطاً لها كأنه أخذ من قولك: حجرت على الرجل، و قوله:
حِجاباً مَسْتُوراً
 [الإسراء: 45]، ههنا بمعنى ساتر، و تأويل الحجاب الطبع.
و قال أبو حاتم: يقال: ثلاثة أساتير و الواحد إستار، و يقال: لكلّ أربعة إستار، يقال: أكلتُ إستاراً من خبز، أي: أربعةَ أرغفة. قال: و أما أستار الكعبة فمفتوحة. و
رَوَى شَمِر فيه حديثاً:
 «أيُّما رجلٍ أَغلَق على امرأته باباً أو أَرخَى دونَها إستارة فقد تمّ صَداقُها»
. قال شمر: الإستارة من السِّتر، و لَم نَسْمعها إلا في هذا الحديث، و قد جاء عنهم السِّتارة و المِسْتَر بمعنى السِّتر، و قد قالوا: أُسْوار للسِّوار، و قالوا: إشْرارة لما يُشْرَر عليه الأَقِطُ و جمعُها الأشارِير.
ثعلب عن ابن الأعرابي: يقال: فلان بيني و بينَك سُترةٌ و وَدَج و صاحِنٌ: إذا كان سفيراً بينك و بينَه.
ترس:
قال الليث: التُّرس معروف، و يُجمع تِرَسة، و كل شي‏ء تترَّسْتَ به فهو مِتْرَسه لك. و المَتَرسُ «1»: الشِّجار الذي يُوضَع خَلْف الباب دِعامةً، و ليس بعَرَبيّ، معناه:
مَتَّرْس، أي: لا تَخَفْ.
س ت ل‏
ستل، سلت، تلس: مستعملة.
ستل:
قال الليث: السَّتْلُ: من قولك: تساتل علينا الناسُ، أي: خَرَجوا من موضعٍ واحد بعدَ آخر تِباعاً متساتِلين. و كلُّ ما جَرَى قَطَراناً فهو تَساتُلٌ، نحو الدمع و اللّؤلؤ إذا انقطع من سِلْكِه. قال:
و السُّتالة: الرُّذالة من كلّ شي‏ءٍ.
و قال ابن دُريد: تَساتَل القومُ: جاء بعضُهم في إثر بعض، و جاء القومُ سَتْلًا.
__________________________________________________
 (1) هذا هو الصواب في ضبطه بفتح الميم و التاء المثناة و سكون الراء، و لها ذكرٌ فيما تقدم في (كتاب الجيم) (شجر) و اضطُرِبَ في الضبط، و انظر التعليق هناك.

266
تهذيب اللغة12

ستل ص 266

قال: و المَساتِل: الطُّرُق الضيقة، الواحدة مَسْتَل.
سلت:
أبو تراب عن الحُصَيْنِيّ: ذهب مني الأمر فَلْتةً و سَلْتَةً، أي: سَبَقني و فاتَني.
و قال الليث: السُّلْت: شَعيرٌ لا قِشْرَ له، أجردُ، يكون بالغَوْر، و أهلُ الحِجاز، يتبرّدون بسَوِيقه في الصَّيف.
قال: و السَّلْتُ: قَبضُك على الشي‏ء أصابَه قَذَر أو لَطْخ فتَسْلِتُه عنه سَلْتاً.
و المِعَى يُسْلَت حتى يخرج ما فيه.
و يقال: سَلَت فلان أَنْفَ فلانٍ بالسَّيف سَلْتاً: إذا قَطَعه كلَّه، و هو من الجدْعان أسْلَت.
و
رُوِيَ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم و آله أنه لَعَن السَّلْتَاءُ من النِّساء
، و هي التي لا تَخْتضب. و اسمُ ما يخرج من المِعَى سُلَاتَة.
غيره: سَلَت الحلّاق رأسَه سَلْتاً، و سَبَته سَبْتاً: إذا حَلَقه. و سَلَتت المرأةُ الخِضَابَ من يَدِها: إذا مَسَحَتْه. و سَلَتَ القَصْعة من الثّريد: إذ مَسَحه.
تلس:
التِّلِّيسةُ: وِعاءٌ يُسَوَّى من الخُوص شِبه قَفْعَة، و هي القِنِّينَة التي تكون عند العَصّارين.
س ت ن‏
سنت، ستن، تنس: [مستعملة].
 [تنس‏]:
أما تنس فما وَجَدْتُ للعَرَب فيه شيئاً، و أعرِف مدينةً بنيتْ في جزيرة من جزائر بحر الروم يقال لها: تِنِّيس، و بها تُعمَل الشُّروب الثَّمِينة.
ستن:
أبو العبّاس عن ابن الأعرابي:
الأَسْتان: أصولُ الشجر.
و قال غيرُه: الأسْتَنة أصل الشجرة.
و قال ابن الأعرابيّ: أَسْتَن الرّجلُ و أَسْنَتَ: إذا دخل في السَّنة.
قال: و الأُبْنة في القَضِيب إذا كانت تَخفَى فهي الأَسْتَن.
سنت:
ابن شُمَيْل: أرضٌ مُسْنِتَة: لم يُصِبْها مَطَر فلَم تُنْبِت، و إن كان بها يبس من يبس عامٍ أوّلَ فليست بمُسْنِتَة حتى لا يكون بها شي‏ء.
و يقال: أسنَتَ القومُ فهم مُسْنِتون: إذا أصابتهم سنَةٌ و قَحْط، و منه قوله:
* و رجالُ مَكةَ مُسْنِتُونَ عِجَافُ*
و يقالُ: تَسَنَّتَ فلانٌ كريمةَ آلِ فلان: إذا تزوّجها في سنةِ القحْط.
و
رُوِيَ عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «عليكم بالسَّنَاء و السِّنَّوْتِ»
. ثعلب عن ابن الأعرابي: السِّنَّوْتُ:
العَسَل، و السِّنّوت: الكَمُّون، و السّنُّوت:
الشِّبِتُّ، و فيها لغةٌ أخرى: السَّنُّوت بفتح السين، و قال الشاعر:
هُمُ السَّمْنُ بالسَّنُّوت لا أَلْسَ فيهِمُ             و هم يَمْنَعون جارَهم أن يقرَّدا

267
تهذيب اللغة12

س ت ف 268

س ت ف‏
أهملت وجوهها غير: [سفت‏].
سفت:
أبو عُبَيد عن أبي زيد: سَفِتُّ الماءَ أَسْفَتُهُ سَفْتًا: إذا أكثرتَ منه و أنتَ لا تَرْوَى، و كذلك سَفِهْتُه و سَفِفْتُه.
و قال ابنُ دُرَيْد: السَّفِتُ: الطَّعام الذي لا بَرَكةَ فيه، و كذلك السِّفْت.
س ت ب‏
استعمل من وجوهه: [سبت‏].
سبت:
الحرّاني عن ابن السّكيت: السَّبْتُ:
الحَلْق، يقال: قد سَبَتَ رَأسه يَسْبِته سبْتاً، و السَّبْتُ: السيرُ السّريع، و أنشد:
و مَطْوِيّةِ الأقرابِ أَمّا نهارُها             فَسَبْتٌ و أمَّا لَيْلُها فَزَمِيلُ‏
و السَّبْتُ أيضاً: من الأيّام. و السَّبْتُ:
السُّبات، و أنشد الأصمعيّ:
* يُصْبِحَ مَخْمُوراً و يُمْسِي سبْتاً*
أي: مَسْبُوتاً، و السَّبْت أيضاً: بُرْهَةٌ من الدَّهر، و قال لَبِيد:
و غَنِيتُ سبْتاً قَبْلَ مُجْرَى داحِسٍ             لو كان للنّفسِ اللَّجُوجِ خُلُودُ
قال: و السَّبتُ: جُلُودُ البقر المدبوغة بالقَرَظ.
و قال شَمِر: السَّبْتُ: ضَرْبٌ من السَّيْر و أنْشَد:
يَمْشِي بها ذو الشِّرَّةِ السَّبُوتُ             وهْوَ مِنَ الأَيْزِوَجِ نَجِيتُ‏
أبو عُبَيد عن الأصمعي: فَرَسٌ سبْت: إذا كان جَواداً كثيرَ العدْو.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ في قوله عزّ و جلّ:
وَ جَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً (9)
 [النبأ: 9]، أي:
قِطَعاً. و السَّبْت: القَطْع، فكأنه إذا نام فقد انقَطع عن الناس.
و قال الزَّجَّاج: السُّبَاتُ: أن ينقطع عن الحَركة و الرّوحُ في بَدَنه، أي: جعلنا نومَكم راحةً لكم.
و قال ابن الأنباريّ: السَّبْت: القَطْع، و سُمّي يوم السبت سبْتاً لأن اللّه جل و عز ابتدأ الخلْقَ و قطع فيه بعض خلق الأرض. و يقال: أُمر فيه بنو إسرائيلَ بقَطع الأعمال و تركها.
قال: و قوله جل و عز: جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً وَ النَّوْمَ سُباتاً
 [الفرقان: 47]، أي:
قطعاً لأعمالكم.
قال: و أَخطأَ من قال سُمِّي السبتُ لأن اللّه أمر فيه بَني إسرائيلَ بالاستراحة و خلق هو عز و جل السموات و الأرض في ستَّة أيام آخرها يوم الجمعة، ثم استراح.
قال: و هذا خطأ، لأنه لا يُعلم في كلام العَرَب سبَت بمعنى استراح، و إنّما معنى سبت قَطَع، و لا يُوصفُ اللّه تعالى بالاستراحة لأنه لا يَتعب، و الراحة لا

268
تهذيب اللغة12

سبت ص 268

تكون إلّا بعد تَعَبٍ أو شُغْل، و كلاهما زائل عن اللّه جل و عز. قال: و اتّفق أهلُ العِلم على أن اللّه ابتدأَ الخَلْق يوم السبت، و لم يخلُق يوم الجمعة سماءً و لا أرضاً.
قلت: و الدّليلُ على صحة ما قال، ما
حدّثناه أبو إسحاق البزاز عن عثمانَ بن سعيد عن عبد اللّه بن صالح، عن خالد بن حُمَيْد، عن معاوية بن يحيى، عن مجاهد، عن عبد اللّه بن عمر قال: خلَق اللَّهُ التّراب يوم السبت، و خلق الحجارةَ يومَ الأحد، و خلق الشجَر «1» يومَ الإثنين، و خلق الكروم «2» يوم الثلاثاء، و خلق الملائكة يوم الأربعاء، و خلق الدوابَّ يوم الخميس، و خَلَق آدم يوم الجمعة فيما بين العَصر و غُروب الشمس.
أبو عُبيد عن أبي عمرو: المُسبِتُ الذي لا يتحرّك، و قد أَسبَت.
و قال الليث: السُّبات من النّوم: شبهُ غَشْية، يقال: سُبِت المريض فهو مَسبوت.
و قال أبو عُبَيد: ابْنَا سُبات: الليل و النهار، قال ابن أحمر الباهليّ:
و كنّا و همْ كابنَيْ سُباتٍ تفرَّقَا             سوًى ثم كانَا مُنْجداً و تِهامِيَا
ثعلب عن ابن الأعرابي: سبَتَ شعرَه و سلَته و سبَّده و سبَّته: إذا حلَقه. قال:
و سبّده إذا أعْفاه، و هذا من الأضداد.
أبو زيد: السبْتاء: الصَّحْراء و جمعُها السَّباتيّ.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: إذا جرى الإرطاب في الرُّطَبة كلّها فهي المُنْسبِتة، و هو رُطَب مُنْسبِت.
و
في الحديث أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم رأى رجلًا يَمشي بين القبور في نَعْلَيه فقال: «يا صاحب السِّبْتَين اخلَعْ سِبْتَيْك»
. قال أبو عُبَيْد: قال الأصمعي: السِّبتُ:
الجِلدُ المدبوغ. قال: فإن كان عليه شَعر و صُوف أو وَبَر فهو مُصْحب.
قال: و قال أبو عمرو: النِّعالُ السِّبِتيّة:
هي المدبوغة بالقَرَظ.
قلت: و حديثُ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يدلُّ على أن السِّبْت ما لا شَعْرَ عليه.
حدّثنا محمد بن سعيد البوشنجي المعروف بالكوفي قال: حدّثنا الحُلْوانيّ، عن عبد الرزّاق، عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عن عُبَيد بن جُريج أنه قال لابن عمر: رأيتُك تلبس النِّعال السِّبتِيَّة، فقال: رأيتُ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يَلبس النعال التي‏
__________________________________________________
 (1) في «التاج» مادة سبت 4/ 535- السحب- و في «اللسان»: السحاب.
 (2) في المطبوعة (المكروه) و المثبت من «التاج» المصدر سابق- نقلًا عن الأزهري.

269
تهذيب اللغة12

سبت ص 268

ليس عليها شعر و يتوضّأ فيها، و أنا أُحبّ أَن أَلبَسَها.
قلت: كأنها سُمّيتْ سِبْتيّة لأن شَعَرها قد سُبِت عنها. أي: حُلِق و أُزيلَ بعلاج من الدِّباغ معلوم عند دَباغِيها. يقال: سَبَت شَعْرَه: إذا حَلَقَه.
أسبتتِ الحيّة إسباتاً: إذا أطرق لا يتحرك. قال:
أصممُّ أعمى لا يجيب الرُّقى             من طول إطراق و إسبات‏
قال أبو بكر: أرض سبتاء: إذا كانت مستوية.
قال شمر: قال ابن الأعرابي: سُمّيت النعال المدبوغة سبتية لأنها انسبتت بالدباغ، أي: لانت. قال: و انسبتت الرَّطبة، أي: لانت، فهي منسبتة، أي:
لينة.
و قال عنترة:
بطلٌ كأن ثيابه في سرحة             يُحدَى نعال السِّبت ليس بتوأم‏
مدحه بأربع خصال كريمة:
أحدها: أنه جعله بطلًا، أي: شجاعاً.
و الثاني: أنه جعله طويلًا، شبهه بالسَّرحة.
و الثالث: أنه جعله شريفاً للُبْسه نعال السِّبت.
و الرابع: أنه جعله تام الخلق نامياً، لأن التوأم يكون أنقص خلقاً و قوّة و عقلًا و خُلقاً.
س ت م‏
استعمل من وجوهها: سمت، متس.
متس:
قال الليث: المَتْسُ: لغةٌ في المَطْس.
و هو الرَّمْي بالجِعْس.
سمت:
قال النَّصْر بن شمَيل: التَّسْميت:
الدعاء بالبركة تقول بارك اللّه فيك. و قال الليث: السمت: حسن النَّحْو في مذهب الدين و الفِعل منه سَمَت يسمت سَمْتاً و إنه لحسَنُ السمت. و السمت: الطريق، يقال: الزَمْ هذا السمت.
قال: و السَّمْت أيضاً: السيْرُ بالحدْس و الظّنّ على غير طريق، و أنشد:
* ليس بها زيغٌ لِسمْتِ السّامِتِ*
قال: و التَّسميتُ: ذِكرُ اللّه على كلّ شي‏ء.
و التَّسميتُ: قولُك للعاطس: يرحمُك اللّه.
و أخبَرَني المنذريّ عن أبي العبّاس أنه قال: يقال: سَمَّتَ فلانٌ العاطسَ تسميتاً، و شَمّته تشْميتاً: إذا دعا له بالهَدْيِ، و قصْدِ السمتِ المستقيم، و الأصل فيه السين فقلبت شيناً.
و قال الأصمعي: يقال: تعمّده تعمُّداً، و تسمّته تسمُّتاً: إذا قصد نحوه.
و قال شمر: السمتُ: تنسُّمُ القَصْد.

270
تهذيب اللغة12

سمت ص 270

و قال الفراء: يقال: سمَتَ لهم يَسْمِتُ سَمْتاً: إذا هو هَيّأ لهم وَجْه العمل و وجه الكلام و الرأي. و هو يسمِت سَمْتَه، أي:
يَنحُو نحوه. و فلان حسَنُ السمْت، أي:
حسن القَصْد.
و
في حديث حُذيفة: «ما أعلم أحداً أشبهَ سمتاً و هَدياً و دَلًّا برسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم من ابن أم عبد»
. قال شمر: قال خالد بن جَنْبة: السمتُ:
اتّباعُ الحق و الهَدْيِ و حسن الجِوار و قلّةُ الأذيّة. قال: و دلَّ الرجلُ: حَسُنَ حديثُه و مَزْحُه عند أهله.
و قال غيره: فلانٌ حسنُ السمت: إذا كان حسنَ القصد و المذهب في دينه و دنياه.
و قال أعرابي من قيس:
سوف تجُوبين بغير نَعْتْ             تعسُّفاً أو هكذا بالسَّمْتِ‏
السمتُ: القَصد. و العَسْف: السير على غير علم و لا أثر.
و قد أهملت السين مع الطاء إلى آخر الحروف، و مع الدال إلى آخرها، و مع الثاء إلى آخرها فلم يُستعمل من جميع وجوهها شي‏ء في مُصاص كلام العرب.
و أما قولهم: هذا قضاءُ سَذُوم بالذال:
فقد تقدّم القول فيه أنّه عجمي، و كذلك البُسَّذ لهذا الجوْهر ليس بعربي، و كذلك السَّبَذَة فارسيّ.
 [أبواب: س ظ- س ذ- س ث:
مهملة] «1»
 (أبواب) السّين و الراء
س ر ل‏
استعمل من وجوهها: رسل، سرل.
سرل:
أمّا سرل: فإنه ليس بعربيّ صحيح، و السراويل معرّبة، و جاء السراويل على لفظ الجماعة، و هي واحدة، و قد سمعتُ غير واحد من الأعراب يقول: سرْوال.
و إذا قالوا سراويل أنّثوا.
و
في حديثٍ رُوِي عن أبي هريرة «أنه كره السراويل المخَرْفجة»
. قال أبو عُبَيْدةَ: هي الواسعة الطويلة، و قد مرَّ تفسيرُها في كتاب الخاء.
و قال الليث: السراويل: أعجميّة أُعرِبتْ و أُنِّثت، و تجمع سراويلات. قال:
و سرْوَلْتُه: إذا ألبسته السراويل.
قال أبو عُبَيدة في شِيات الخيل إذا جاوز بياض التّحْجيل العَضُدَين و الفَخْذَين فهو أَبْلَق مُسَرْوَل.
قلتُ: و العربُ تقول للثَّوْر الوَحشيّ:
مُسَرْوَلٌ للسواد الذي في قوائمه، و أما قول ذي الرُّمّة في صفة الثَّور:
__________________________________________________
 (1) أهملها الليث.

271
تهذيب اللغة12

سرل ص 271

تَرَى الثَّوْر يَمْشي راجعاً من ضحائهِ             بها مثلَ مَشْيِ الهِبْرِزِيِّ المُسَرْولِ‏
فإنه أراد بالهبرزيّ: الأسد، جعله مُسرْوَلًا لكثرة شَعر قوائمه.
و قيل: الهبْرِزِيُّ: الماضي في أمره.
و يُروَى:
* مِثلَ مَشْيِ الهِرْبِذِيّ*
يعني مَلِكاً فارسيّاً، أو دِهْقاناً من دَهاقِينهم، و جعلَه مُسَرْوَلًا لأنها من لباسهم.
يقول: هذا الثور يتبختر إذا مَشَى تَبختُر الفارسيِّ إذا لَبس سراوِيله.
رسل:
قال أبو بكر بن الأنباريّ في قول المؤذِّن: أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه.
قال: معنى أشهَد أُعلم و أُبيِّن أن محمداً مُتابع للإِخبار عن اللّه جلَّ و عز.
قال: و الرسول معناه في اللغة الذي يتابع أخبار الذي بَعثَه؛ أُخِذ من قولهم: جاءت الإبلُ رسلًا، أي: متتابعة.
و قال أبو إسحاق النحويّ في قول اللّه جلّ و عزّ حكايةً عن موسى و أخيه: فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ‏
 [الشعراء: 16]، معناه:
إنا رسالةُ ربّ العالمين، أي: ذَوَا رِسالةِ رَبِّ العالمين، و أنشد هو أو غيره:
لقد كَذَب الواشُون ما فُهتُ عندَهم             بسرٍّ و لا أَرْسَلْتهُم برَسولِ‏
أراد: و لا أرسلتهُم برسالة.
قلت: و هذا قولُ الأخفش، و سمِّيَ الرسولُ رسولًا لأنه ذُو رَسول، أي:
ذو رسالة، و الرسول اسمٌ من أَرسلْت، و كذلك الرسالة.
و يقال: جاءت الإبلُ أَرْسالًا: إذا جاء منها رَسل بعد رَسل، و الإبل إذا وَرَدت الماءَ و هي كثيرة فإن القيِّم بها يُورِدها الحوضَ رَسلًا بعد رَسل، و لا يُورِدُها جملةً فتزدَحم على الحوض و لا تَرْوَى.
و الرَّسلُ: قطيعٌ من الإبل قَدْر عَشر تُرسل بعد قَطِيع.
و سمعتُ العرب تقول للفحل العربيّ يُرْسل في الشَّوْل ليَضربَها: رَسيلٌ، يقال: هذا رسيلُ بني فلان، أي: فَحْل إبلِهم، و قد أَرسل بنُو فلان رَسيلَهم، أي: فَحلَهم، كأنه فَعِيل، بمعنى مُفعَل من أُرسل.
و هو كقول اللّه: الم (1) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ [لقمان: 1، 2]، يريد و اللّه أعلم الكتابَ المُحكَم دَلَّ على ذلك قولُه:
الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ [هود: 1]، و مما يشاكله قولهم للمُنذَر: نَذِير، و للمُسْمَع:
سَميع.
و
رُوي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «إن الأرض إذا دُفِن فيها الإنسان قالت له: ربما مشيت عليّ فَدّاداً ذا مالٍ كثير و ذا خُيَلاء»

272
تهذيب اللغة12

رسل ص 272

 و
في حديثٍ آخَرَ: «أَيُّما رجلٍ كانت له إبلٌ لم يُؤَدِّ زكاتَها بُطِحَ لها بقاعٍ قَرْقَرٍ تَطؤُه بأخفافها إلَّا من أَعطَى في نَجْدَتها و رِسلها».
قال أبو عُبيد: معناه: إلا من أعطى في إبلِه ما يَشُقّ عليه عطاؤه، فيكون نجدةً عليه، أي: شدةً، أو يُعطى ما يهون عليه عطاؤه منها، فيعطِي ما يعطِي مُسْتهيناً به على رِسلِه.
و أخبرَني المنذريُّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ في قوله: «إلّا من أَعطَى في رِسلِها»، أي: بطيبِ نَفْس منه. و الرِّشْل في غير هذا: اللَّبَنُ.
يقال: كثُر الرِّسل العام، أي: كثُر اللبن.
و قد مر تفسير الحديث في باب الجيم بأكثر من هذا. و إذا أورد الرجل إبلَه متقطعةً قيل: أوردها أرسالًا. فإذا أوردها جماعةً قيل: أوردها عِراكاً.
و
في حديث فيه ذِكر السَّنَة: «و وَقِير كثير الرَّسَل، قليل الرِّسْل».
قوله: «كثير الرَّسل»، يعني الذي يُرسل منها إلى الرِّعي كثير. أراد أنها كثيرةُ العدد قليلة اللبن.
و قال ابن السِّكيت: الرَّسَلُ من الإبل و الغنم: ما بين عشر إلى خمس و عشرين.
و
في حديث أبي هريرة: أن رجلًا من الأنصار تزوج امرأة مُرَاسِلًا
، يعني ثيّباً.
و
في حديث أبي سعيد الخُدْرِيّ أنه قال:
رأيت في عام كثُر فيه الرِّسْل البياضَ أكثرَ من السواد، ثم رأيت بعد ذلك في عام كثر فيه التّمر السوادَ أكثرَ من البياض.
الرِّسْلُ: اللبن، و هو البياض إذا كثُر قلّ التّمر، و هو السواد. و أهل البَدْو يقولون:
إذا كثر البياض قل السواد، و إذا كثر السواد قل البياض.
و قال الليث: الرَّسْل- بفتح الراء- الذي فيه لِينٌ و استرخاء.
يقال: ناقةٌ رَسْلةُ القوائم، أي: سِلسةٌ ليّنة المفاصل، و أنشد:
برَسْلَةٍ وُثِّق مُلتَقاها             موضع جُلْبِ الكُورِ من مَطاهَا
و قال أبو زيد: الرَّسْل- بسكون السين- الطويلُ المسترسل، و قد رَسل رَسَلًا و رَسَالة.
و قال الليث: الاسترسال إلى الإنسان كالاستئناس و الطُّمأنينة.
يقال: غَبْنُ المُسترسِل إليك رِياً.
قال: و التَّرسُّل: من الرِّسْل في الأمور و المَنطِق: كالتمهُّل و التوقُّر و التثبت.
و جمعُ الرسالة الرسائل، و جمع الرَّسول الرُّسل.
و الرسولُ بمعنى الرسالة يؤنَّث و يذكّر فمن أنّث جمعَه أَرسُلًا. و قال الشاعر:
* قد أَتَتْها أَرْسُلِي*

273
تهذيب اللغة12

رسل ص 272

و يقال: هي رَسولُك. و ناقةٌ مِرْسال: رَسلةُ القوائم، كثيرةُ شعر الساقين، طويلة.
أبو عُبَيد عن الكسائيّ: يقال: امرأةٌ مُراسل، و هي التي مات عنها زوجُها أو طلّقها.
و قال ابن الأعرابي: العرب تسمِّي المُراسل في الغِناء و العَمل: المُتالي.
أبو عبيد عن أبي زيد: أَرسل القومُ فهم مُرسلون: إذا كان لهم رِسل، و هو اللبن.
و قول الأعشى:
* عُولَيْنِ فوْق عُوّجٍ رِسَالِ*
أي: قوائم طوال.
و قال اليزيديّ: الترتيل في القراءة و التَّرْسيل واحد.
قال: و هو التحقيق بلا عجلة. و قيل:
بعضه على إثر بعض. و المُرْسلةُ: القِلادة فيها الخَرَز و غيرها.
و يقال: جارِيةٌ رُسُلٌ: إذا كانت صغيرة لا تَخْتَمِر. و قال عديّ بنُ زيد:
و لقد أَلْهُو ببِكْرٍ رُسُلٍ             مَسُّها أَلْيَنُ من مَسِّ الرَّدَنْ‏
و قال أبو العباس: الفرق بين إرسالِ اللّه جلّ و عزّ أنبياءَه و إرسالِه الشياطينَ على أعدائه في قوله: أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا
 [مريم: 83]، أن إرسالَه الأنبياء إنما هو وَحيُه إليهم أن أَنذِروا عِبادي، و إرسالُه الشياطينَ على الكافرين تَخليَتُهم و إياهم، كما تقول: كان في يدي طائرٌ فأرسلتُه، أي: خلّيته و أطلَقْتُه، و حديثٌ مُرسل: إِذا كان غيرَ متّصل الإسناد، و جمعُه مَراسيل.
الخرّاز بن الأعرابي: أرسل القوم: إذا كَثُر رِسلهم، و هو اللبن. و أرسلوا إبلَهم إلى الماء إرسالًا، أي: قِطعاً. و استرسل:
إذا قال أرسلْ إلى الإبل أرسالًا. و رجلٌ مُرَسِّلٌ: كثيرُ الرِّسل و اللبن و الشِّرْب.
و قال تأبّط شرّاً:
و لستُ بِرَاعي ثلّة قام وسطَها             طويلِ العصا غُرْنَيْقِ ضَحْلِ مُرَسَّلِ‏
مُرسِل: كثير اللبن، فهو كالغُرْنيق، و هو شبه الكُرَليّ في الماء أبداً.
شمر عن ابن الأعرابي عن خالد بن جنْبة: الترسلُ في الكلام: التّوَقّر و التفهُّم و التَّرفُّق من غير أن يرفع صوته شديداً.
قال: و الترسلُ في الركوب: أن يبسط الدابة ثُم تُرخى ثيابه على رجليه حتى يغيّبهما. قال: و الترسلُ في القعود: أن يتربَّع، و أن يرخي ثيابه على رجليه حوله.
قال الشيخ رحمه اللّه: حدثنا ابن منيع عن جده عن يعقوب بن الوليد عن ابن أبي ذؤيب عن المقبري عن أبي هريرة قال:
تزوج رجل من الأنصار امرأة مُراسلًا- يعني ثيّباً- فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «فهلّا تزوجت بكراً تلاعبها و تلاعبك».

274
تهذيب اللغة12

رسل ص 272

و أنشد المازني:
يمشي هبيرةُ بعد مقتل شيخه             مَشْيَ المُراسِل بُشّرتْ بطلاقِ‏
قال: المُراسِلُ: التي طُلقت مرات، فقد بسأت بالطلاق، فهي لا تباليه. يقول:
فهُبيرة قد بسأ بأن يقتل له قتيل و لا يطلب بثأره، فتعوّدَ ذلك مثل هذه المرأة التي بسأت بالطلاق، أي: أنست به.
س ر ن‏
سنر، نسر، نرس، رسن: [مستعملة].
سنر:
أبو العباس عن ابن الأعرابي قال:
السَّنانِيرُ: عِظامُ حُلوقِ الإبل، واحدها سِنَّوْر، و أَنشَد:
* ما بَيْن لَحْيَيْهِ إلى سِنَّوْرِهِ*
قال: و السِّنَّوْر: السيِّد. و قال: السَّنانير:
رؤساء كلِّ قبيلة، الواحد سنَّوْر. و قال:
و السِّنَّوْر: الضَّيْوَن، و جمعُه السَّنانير.
و أَخبرني المنذريُّ عن الصّيداوي عن الرّياشي قال: السِّنَّوْر: أصلُ الذَّنب.
و قال أبو عُبَيد: السَّنَوَّرُ: السِّلاح، و يقال:
هي الدّروع.
أبو منجوف عن أبي عُبيدة: السَّنَوَّرُ:
الحديدُ كله.
و قال الأصمعيّ: السَّنَوَّرُ: ما كان من حَلَق، يريد الدُّروع، و أَنشَد:
سَهِكِين مِن صَدَإ الحديدِ كأنّهمْ             تحتَ السَّنَوَّرِ جِنَّةُ البَقّارِ
نسر:
قال اللّيث: النِّسر: طائر معروف.
و النَّسْران: نَجْمان في السّماء يقال لأحدهما الواقع و للآخر الطائر، معروفان. و النَّسْرُ: نَتْفُ اللحم بالمنقار، و مِنقارُ البازِي و نحوِه مَنْسِر و نَسْرُ الحافر لَحمة يشبهه الشعراءُ بالنَّوَى، و قد أَقْتَمها الحافرُ، و جمعُه النُّسور.
و قال سَلَمة بن الخُرشُب:
غَدَوْت به تُدافِعُني سبُوحٌ             فَراشُ نُسورِها عَجَم جَرِيرُ
قال أبو سعيد: أراد بفَراش نسورِها حَدَّها، و فَراشةُ كلّ شي‏ء حَدُّه، فأراد أن ما يتقشّر من نُسورِها مِثل العَجَم و هو النَّوَى.
قال: و النُّسور: الشَّواخص اللّواتي في بطن الحافر، شبِّهت بالنّوَى لصلابتها، و أنها لا تَمَسّ الأرض. و نَسْرِين الوَرْد معروف، و لا أدري أعربيّ أم لا.
و النّاسور- بالسِّن و الصاد- عِرْقٌ غَبِر، و هو عرقٌ في باطنِه فَساد، فكلَّما برأ أعلاه رَجَع غَبِراً فاسِداً، يقال: أصابَه غَبَرٌ في عِرْقه، و أنشد:
فهو لا يَبرأُ ما في صَدْرِه             مِثْل ما لا يَبْرأ العِرْقُ الغَبِرْ
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: من أسماء العُقاب: النُّسارية، شُبِّهت بالنَّسْر، و يجمع النَّسر نُسوراً، و في العدو الأقل أنسُراً.

275
تهذيب اللغة12

نسر ص 275

أبو عُبيد عن أبي عمرو: المَنسِر: ما بين الثلاثين إلى الأربعين من الخيل.
قال: و قال أبو زيد: المِنْسَر من الخيل:
ما بين الثلاثة إلى العَشَرة، و قد يقال:
مَنْسِر، و أما مِنْسر الطائر و هو مِنقارُه فهو بكسر الميم لا غير، يقال: نَسَره بِمِنْسِره نَسْراً.
رسن:
أبو عُبيد عن الكسائي: رَسَنْتُ الفرسَ و أَرْسنْتُه: جعلت له رسناً.
أبو العباس عن ابن الأعرابي: يقال:
رسنْتُ البِرْذَوْن: إذا شَدَدْتَه، و أَرْسنْته:
جعلتُ له رَسناً. و حزَمْتُ الفَرس: شدَدتُ حِزامَه و أَحزَمْته جعلتُ له حزاماً.
و قال الليث: الرَّسَن: الحَبْل و جمعُه أرسان. قال: و المَرْسَن: الأنف و جمعُه المَراسِنُ.
نرس:
في سَواد العراق قريةٌ يقال لها:
نَرْسٌ، و يُحْمل منها الثِّياب النَّرْسيّة.
و نِرْسيان: ضَرْبٌ من التَّمْر أجوده يكون بالكوفة، و ليس واحد منها عربيّاً. و أهل العراق يَضْربون الزبدَ بالنِّرْسيانِ مَثَلًا لما يستطاب.
و
في حديث عثمان: «و أجررت المرسون رَسَنَه»
. المرسون: الذي جُعل عليه الرسن. يقال: رسنت الدابة و أرسنته؛ تريد خلّيته و أهملته يرعى كيف شاء. أخبر عن مسامحته و سماحة أخلاقه، و تركه التضييق على أصحابه.
أبو حاتم عن الأصمعيّ يقال: ثمرة نرسيانة بكسر النون؛ و الجميع نرسيان.
س ر ف‏
سفر، سرف، فرس، فسر، رسف، رفس.
سرف:
قال اللّه تعالى: وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً
 [الإسراء: 33].
قال المفسرون: معناه: لا يَقتُل غيرَ قاتله، و إذا قَتلَ غيرَ قاتله فقد أسرَف.
أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال:
السَّرَف: تجاوز ما حُدَّ لك. و السَّرَف الخطأ؛ و إخطاءُ الشي‏ء: وضعُه في غير موضعه.
قال: و السَّرَف: الإغفال. و السَّرَف:
الجهل.
و
رُوي عن عائشةَ أَنها قالت: إن لِلَّحم سَرَفاً كسَرَف الخمر.
أبو عُبيد عن أبي عمرو: يقال: سَرِفْتُ الشي‏ءَ، أي: أخطأته و أغفَلْتُه.
و
قال أبو زياد الكلابيّ في حديث:
 «أَرَدْتُكُم فَسَرِفْتُكم»
، أي: أَخْطَأْتُكم.
و قال جرير يَمْدح بني أميّة:
أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ يَحْدُوها ثمانيةٌ             ما في عطائِهمُ مَنٌّ و لا سَرَف‏

276
تهذيب اللغة12

سرف ص 276

يُرِيدُ أنهم لم يُخطِئُوا في عَطِيَّتِهم، و لكنهم وضَعوها موضِعَها.
و قال شَمِر: سَرَفُ الماءِ: ما ذهب منه في غير سقْي و لا نفع، يقال: أرْوَت البئرُ النخيلَ، و ذهبَ بقيَّةُ الماءِ سَرَفاً؛ و قال الهُذَليّ:
فَكَأَنَّ أَوْساطَ الجَدِيَّةِ وَسَطَها             سَرَفُ الدِّلاءِ من القَلِيبِ الخِضْرِمِ‏
قال: سَرِفْتُ يَمِينَه، أي: لم أعرفها.
و قال ساعِدَةَ الهُذَليّ:
حَلِفَ امرى‏ءٍ بَرٍّ سَرِفْتِ يَمينَه             و لكلِّ ما قال النُّفوسُ مُجَرّبُ‏
يقول: ما أخفَيتُ و ما أظهَرْت فإنّه سيظهر عند التّجربة.
و قال سُفيانُ في قوله تعالى: وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا
 [الفرقان: 67]، أي: لم يَضَعوه في غير موضعه، وَ لَمْ يَقْتُرُوا، أي: لم يقصِّروا به عن حقّه.
قوله: وَ لا تُسْرِفُوا*
 [الأعراف: 31]: إن الإِسراف أكلُ ما لا يحل أكله، و قيل:
هو مجاوزة القصد في الأكل مما أحله اللّه.
و قال سفيان: الإسراف: أكل ما أنفِق في غير طاعة اللّه.
و قال إياس بن معاوية: الإسراف ما قُصِّر به عن حق اللّه. و السَّرَفُ: ضد القصد.
و قوله تعالى: مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ‏
 [غافر: 34]: كافر شاك. و السَّرفُ:
الجهلُ. و السرفُ: الإغفال، أردتكم فسرِفتكم، أي: أغفلتكم.
و قال شمر: رُوي عن محمّد بن عمرو أنه قال‏
في قول عائشة: «إنّ للّحم سَرَفاً كسرَف الخمر»
، أي: ضَراوةً كضَراوة الْخَمر.
قال شَمِر: لم أَسمَع أحداً ذَهَب بالسَّرَف إلى الضَّراوة، و كيف يكون ذلك تفسيراً له و هو ضدّه، و الضَّراوة للشي‏ء: كثرةُ الاعتياد له، و السّرَف بالشي‏ء: الجهلُ به إلا أَن تصير الضَّراوة نفسُها سَرَفاً، أي:
اعتيادُه و كثرةُ شِرائه سَرَف.
و
في حديث ابن عمرَ أنه قال لرجل: إذا أَتيتَ مِنًى، فانتهيتَ إلى موضِع كذا فإن هناك سَرْحةً لم تُجْرَد و لم تُسْرَف، سُرَّ تحتَها سبعون نبياً فانزل تحتها.
قال أبو عُبيد: قال اليزيديّ: لم تُسرَف يَعنِي لم تُصِبْها السُّرْفة، و هي دُوَيْبَة صغيرةٌ تَثقُب الشجر و تَبنِي فيها بيتاً. قال: و هي التي يُضْرَب بها المَثَل فيقال: أصنَع من سُرْفَة.
و قال ابن السكيت: السَّرْفُ- ساكنُ الراء-: مصدرُ سُرِفت الشّجرة تُسرَف سَرْفاً: إذا وقعتْ فيها السُّرْفة.
أبو عُبيد: السَّرِف: الجاهل.
و قال طَرَفة:

277
تهذيب اللغة12

سرف ص 276

إنَّ امرأً سَرِفَ الفُؤادِ يَرَى             عَسَلًا بماءِ سَحابةٍ شَتْمِي‏
و الأُسْرُفُّ: الآنكُ، فارسيَّة معرّبة.
و قال ابن الأعرابيّ: أَسرَف الرجلُ: إذا جاوَزَ الحد، و أسرَف إذا أخطأَ، و أسرَف:
إذا غَفَل.
سفر:
قال اللّه جل و عز: بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرامٍ بَرَرَةٍ (16)
 [عبس: 15، 16].
قال المفسِّرون: السَّفَرَة: الكَتَبَة، يعني الملائكةَ الذين يَكتُبون أعمالَ بني آدَم، واحدُها سَافِر، مثل كاتِب و كَتَبة.
قال أبو إسحاق: و اعتباره بقوله: كِراماً كاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ (12) [الانفطار:
11، 12]، و إنما قيل للكتاب سِفْر و للكاتب سَافِر، لأنَّ معناه أن يبيِّن الشي‏ءَ و يوضِحه، و منه يقال: أسْفَرَ الصبحُ: إذا أضاءَ إضاءةً لا يُشكّ فيه.
و منه‏
قولُ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «أَسْفِرُوا بالفَجْر فإنه أعظَم للأجر»
يقول: صلُّوا صلاةَ الفجر بعد ما يتبيَّن الفجرُ و يَظهَر ظهوراً لا ارتيابَ فيه، فكلُّ من نَظَر إليه عَلِم أنه الفجر الصادق، و من هذا يقال: سفَرَت المرأةُ عن وجهها: إذا كشفتْ النِّقابَ عن وجهها تَسفِر سفُوراً، و منه يقال: سفَرْتُ بين القومِ أسفِر سفَارَةً: إذا أصلحتَ بينهم و كشفتَ ما في قَلْب هذا و قلبِ هذا لتُصلح بينهم. و السَّفِير: المُصلِح بين الناس، قاله أبو عُبَيد.
قال: و قال الأصمعيّ: السَّفير: الرسولُ المُصلِح.
و قال ابن الأعرابيّ: السفَر: إسفارُ الفجر.
و قال الأخطل:
إنِّي أبِيتُ و هَمُّ المرء يَصْحَبُهُ             من أوّل اللَّيل حتى يُفْرِجَ السفَرُ
يريد الصُّبْح، يقول: أبِيتُ أسري إلى انفِجار الصّبح.
و
في حديث حذيفة- و ذكر قوم لوط-: أو تُتُبِّعت أسفارهم بالحجارة
، يعني المسافر منهم يقول: رُمُوا بالحجارة حيث كانوا فألحقوا بأهل المدينة.
يقال: سافر و سفْر، ثم أسَافِر جمع الجمع.
و
سئل أحمدُ بنُ حنبل عن الإِسفار بالفجر فقال: هو أن يَضِحَ الفجرُ حتى لا يُشَكّ فيه‏
، و نحو ذلك قال إسحاق، و هو قولُ الشافعيّ و ذوِيه.
و قال اللّه جلّ و عزّ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38)
 [عبس: 38].
قال الفرَّاء: أي: مشرِقة مضيئة، و قد أسفرَ الصبحُ و أسفَر الوجه.
قال: و إذا ألقَت المرأةُ نِقَابها قيل: سفَرتْ فهي سافِرٌ بغيرِ هاء. و السُّفْرة: التي يُؤكَل‏

278
تهذيب اللغة12

سفر ص 278

عليها، سُمّيتْ سفْرة لأنها تُبسط إذا أُكل عليها.
و
في الحديث: أن عمَر دخل على النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم و آله بيتَه فقال: «لو أمرتَ بهذا البيت فسفِر».
قال أبو عُبَيد: قال الأصمعيّ: قوله:
فسفِر، أي: كُنِس، يقال: سفَرْتُ البيتَ و غيرَه: إذا كنستَه، فأنا أسفِره سفراً، و يقال للمِكنسة: المِسفَرة. و منه قيل لِما سقَط من وَرَق العُشْب: سفِير، لأنّ الريح تَسفِره.
و قال ذو الرّمّة:
و حائل من سَفِير الحَوْل جائِلُهُ             حَوْلَ الجَراثِين في ألوانِ شَهَبٌ‏
يعني الورق تغيّر لونُه فحالَ و ابيَضّ بعد ما كانَ أخضَرَ.
و يقال: سَفَرَت الرِّيحُ الغَيْمَ عن وجهِ السماء: إذا كَشَطَتْه عنه، و أنْشَدَ:
* سَفْرَ الشَّمَالُ الزِّبْرِجَ المُزَبْرَجَا*
حدثنا السعدي عن أحمد بن مصعب عن وكيع عن سفيان عن عمران بن مسلم عن سويد بن غفلة قال: قال عمر: صلاة المغرب في الفجاج مُسفرة.
قال أبو منصور: معنى قوله: أي بيّنة مبصَرة لا تخفى. و
في الحديث: صلاة المغرب يقال لها: صلاة البصر؛ لأنها تؤدى قبل ظلمة الليل الحائلة بين الإبصار و الشخوص.
و السَّفَرُ: سفران: سفرُ الصبح، و سفَرُ المساء.
أبو نصر عن الأصمعي: كَثُرَتْ السافِرَةُ بموضع كذا، يعني المُسافِرين. قال:
و السَّفْر: جمعُ سافِر و سفْر أيضاً. و رجلٌ مِسْفَر: إذا كان قويّاً على السَّفر، و الأنثى مِسْفَرة.
قلت: و سمّي المسافر مسافراً لكشفِه قِناعَ الكِنِّ عن وجهه و منازل الحضر عن مكانه و منزل الخفض عن نفسه، و برُوزِه إلى الأرض الفضاء. و سُمِّيَ السَّفَر سفَراً لأنه يُسْفِر عن وجوه المسافرين و أخلاقِهِمْ فيَظْهِر ما كان خافياً منها. و يقال لبقيّةِ بياضِ النهار بعد مَغيب الشمس: سَفَرٌ لِوُضوحه و منه قولُ الساجع: إذا طَلَعَتِ الشِّعْرَى سفَراً لها، لم تَرَ فيها مَطَراً. أراد طلوعَها عِشاء. و يقال: سافَر الرجلُ إذا مات؛ و أنْشَد:
زَعَمَ ابْنُ جُدْعَانَ بْنِ عَمْرٍو             أنَّهُ يوماً مُسافِرْ
و قال الأصمعيّ و أبو زيد: السفارُ: سفارُ البَعير، و هي الحديدةُ التي يُخطم بها البعير.
قال أبو زيد: و أَسفَرْتُ البَعيرَ إسفَاراً.
و رَوَى أبو عُبَيد عن الأصمعي: سفَرْت البعيرَ بالسفار بغير أَلف.
و قال الليث: السفارُ: حَبْلٌ يُشَدُّ طرفُه‏

279
تهذيب اللغة12

سفر ص 278

عَلَى خِطام البعير فيُدار عليه و يُجْعَل بقيَّته زِماماً، و ربما كان السفارُ من حديد، و جمعُه الأسفِرَة، و أمّا قولُ اللّه جلَّ و عز:
كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً
 [الجمعة:
5]، فإن الزّجّاج قال: الأسفارُ: الكتب الكبار، واحدها سفْر، أعلَمَ اللَّهُ أنَّ اليَهودَ مَثَلُهم في تركهم استِعمالَ التوراة و ما فيها كَمَثَلِ الحمار يُحْمَلُ عليه الكُتُب و هو لا يَعرِف ما فيها و لا يَعِيها. و واحدُ الأسفار: سفْرٌ، يقال: السفر مقدَّم رأسِه من الشَّعْر: إذا صار أَجْلَح. و انسفَرَتْ الإبل: إذا ذَهَبَتْ في الأرْض. و فرسٌ سافِرُ اللَّحْمِ: أي قَلِيلُهُ. و قال ابنُ مُقْبِل:
لا سافِرُ اللَّحمِ مَدْخُولٌ و لا هَيجٌ             كاسِي العِظامِ لطيفُ الكَشْحِ مَهْضُومُ‏
عمرو عن أبيه قال: المُسفَّرَة: كُبَّة الغَزْل.
و
رُوِي عن سعيد بنِ المُسَيِّب أنه قال:
لولا أصواتُ السافِرة لسمعتم وَجْبَة الشَّمس.
قال: و السافرة: أمّةٌ من الرُّوم- جاء متَّصلًا بالحديث- و وجبةُ الشمس:
وُقوعُها إذا غَرَبَتْ.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ قال: السفْسير:
الفَيْجُ، و التّابع و نحوه.
و قال غيرُه في قول أَوْس:
* مِن الفَصافِصِ بالنُّمِّيّ سفْسيرُ*
إنّه يعني السمسارَ.
قلت: و هو معرّب عنده. و قال شمر: هو القيّمُ بالأمر الْمُصلِح له، و أنكر أن يَكونَ بيّاعَ القَتّ. و يقال للثور الوحشيّ: مسافر و نابى‏ء و ناشط و قال:
كأنها بعد ما خفّتْ ثَمِيلَتُهَا             مسافرٌ أَشْعَثُ الرَّوْقَيْنِ مَكْحُولُ‏
و السفَرُ: الأثر يبقى عَلَى جِلد الإنسان و غيرِه، و جمعه سفور. قال أبو وجزَة:
لقد ماحت عليك مؤبَّدَاتٌ             يلوح لهنَّ أندابٌ سفُورُ
قال ابن عرفة: سُمِّيت الملائكة سُفَرةٌ لأنهم يَسفِرون بين اللّه و بين أنبيائه. قال أبو بكر: سمُّوا سفرةً لأنهم ينزلون بوحي اللّه و تأديته، و ما يقع به الصلاح بين الناس، فشُبِّهوا بالسفير الذي يصلح بين الرجلين فيصلح شأنهما.
فرس:
سلَمة عن الفراء قال: الفِرسة:
الحَدْبة، و الفَرْصَة: رِيحُ الحَدَب.
و المَفْزُورُ و المَفْرُوس: الأحدَب.
و قال الأصمعي: فَرَس السَّبُعُ الدابّة فَرْساً: إذا دَقّ عُنُقُه.
و قال: الأصل في الفَرْس: دَقُّ العُنُق، ثم جُعِل كلُّ قَتْل فَرْساً.
يقال: ثورٌ فَرِيس، و بقرةٌ فَريس، و يقال للرجل إذا ذَبح فنَخع: قد فَرس. و قد كُرِه الفَرْسُ في الذَّبيحة. رواه أبو عُبيد بإسنادٍ له عن عُمر.

280
تهذيب اللغة12

فرس ص 280

قال: و قال أبو عُبَيدة: الفَرْس: هو النَّخْع. يقال: فَرَسْتُ الشاةَ و نَخْعتُها، و ذلك أن يَنتهيَ بالذبْح إلى النُّخاع، و هو الخَيْط الذي في فَقَار الصُّلب متصلٌ بالقفا فهي أن يُنتهىَ بالذبح إلى ذلك.
قال أبو عُبَيد: أما النَّخْع فعلى ما قال أبو عُبيدة. و أما الفَرْس فقد خُولِف فيه، فقيل: هو الكسر، كأنه نهَى أن تُكسَر رقبةُ الذبيحة قبلَ أن تَبرُد، و به سمّيت فريسة الأسد للكسْر.
قال أبو عُبَيد: الفَرْسُ- بالسين- الكسر- و بالصاد-: الشَّقّ.
أبو العباس عن ابن الأعرابيّ أنه قال:
الفَرْس: أن تُدَقّ الرقَبةُ قبل أن تُذبح الشاة قال: و الفَرْس: رِيح الحَدب، و الفِرْس أيضاً ضَرْبٌ من النبات، و اختلَف الأعرابُ فيه، فقال أبو المكارم: هو القَضْقاض.
و قال غيرُه: هو الشِّرْشِر. و قال غيره: هو الحَبْن. و قال غيره: هو البَرْوَق.
قال: و يكنَى الأسدُ: أبا فِراس، قاله الليث.
و قال ابنُ الأعرابي: من أَسماء الأَسد:
الفِرْناسُ، مأخوذ من الفَرْس و هو دقُّ العُنُق و النون زائدة.
الأصمعي: يقال: فارسٌ بيّنُ الفُروسة و الفَراسة، و إذا كان فارساً بعَينه و نَظَره فهو بيّن الفِرَاسة بكسر الفاء.
و يقال: إن فلاناً لفارِسٌ بذلك الأمر: إذا كان عالماً به.
و يقال: اتّقُوا فِراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور اللّه. و قد فَرُس فلان يَفرسُ فُروسة و فَراسةً: إذا حَذق أمرَ الخيل.
و يقال: هو يتفرّس: إذا كان يُرِي الناسَ أنه فارس على الخيل.
و يقال: فلانٌ يتفرَّس: إذا كان يَتثبَّتُ و يَنظُر.
و
روَى شَمِر بإسنادٍ له حديثاً أن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم عَرَض يوماً الخيلَ و عندَه عُيَيْنَةُ بنُ حِصْن الفَزاري، فقال له: «أنا أعلمُ بالخيل منك»، فقال عُيَيْنة: و أنا أعلم بالرجال منك. فقال: خِيارُ الرجال الذين يَضعون أسيافَهم على عواتقهم، و يعرِضون رِماحَهم على مَناكب خيلِهم من أهل نَجْد. فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «كذبتَ، خِيارُ الرجال رجالُ أهلِ اليمن، الإيمانُ يَمانٍ و أنا يَمانٍ».
و في حديثٍ آخر: «و أنا أَفْرَس بالرجال منك»
، يريد: أبصَر.
يقال: رجلٌ فارس بيّن الفُروسة و الفَراسة في الخيل، و هو الثبات عليها و الْحِذْق بأمرِها. قال: و الفِراسة- بكسر الفاء- في النظر و التثبّت و التأمّل للشي‏ء و البَصَر به.
يقال: إنه لفارسٌ بهذا الأمر: إذا كان عالماً به.

281
تهذيب اللغة12

فرس ص 280

و
في حديثٍ آخر: «أفرَسُ الناس ثلاثة»
، ثم ذكَر الحديث.
و
في حديثٍ آخر: «عَلِّموا رجالَكم العَوْم و الفَرَاسة».
قال: و الفَراسة: العِلْم بركوب الخيل و رَكْضِها.
قال: و الفارس: الحاذقُ بما يمارس من الأشياء كلِّها، و بها سمّيَ الرجلُ فارساً.
و
في حديثِ يأجوجَ و مأجوجَ: «إنّ اللّه يُرسل النَّغَف عليهمْ فيُصبحون فَرْسى»
، أي: قَتْلَى. من فَرَسَ الذئبُ الشاةَ، و منه فَريسة الأسد. و فَرْسى جمعُ فَريس، مِثلُ قَتِيل و قَتلى.
و قال الأصمعي: يقال أصابتْه فَرْسة: إذا زالت فَقْرةٌ من فِقَر ظهره. و أما الريح التي يكون منها الحَدَب فهي الفَرْصة بالصاد.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الفَراس:
تَمرٌ أسوَد، و ليس بالشِّهْرِيز، و أَنشد:
إذا أَكلوا الفَراسَ رأيتَ شَاماً             على الأَنْباكِ منهم و الغُيوبِ‏
قال: و الأَنباكُ: التِّلال.
ابن السكّيت: الفَرْس أصلُه دَقُّ العُنُق، ثم صُيِّر كلُّ قَتْل فَرْساً، و بالدَّهْناء جبالٌ من الرمل تسمَّى الفَوارس، و قد رأيتُها.
و الفِرْس: ضَربٌ من النَّبت.
و قال الليث: الفَرِيس: حَلْقَةٌ من خَشب مَعْطوفة تُشَدّ في طرف الحَبْل، و أنشد غيره:
فلو كان الرِّشا مائتَين باعاً             لكان مَمَرُّ ذلك في الفَرِيسِ‏
أبو عبيد عن أبي زيد: الفَرْسة: قَرحة تكون في العنق فتَفْرِسها.
شمر عن ابن الأعرابي: الفرسة:
الحدب.
قال: و الفِرسة- بكسر الفاء-: الحَدب.
قال: و الأحدب مفروس، و منه فرست عنقه.
و
في حديث الضحاك في رجل آلَى من امرأته ثم طلقها، قال: هما كفرسيْ رِهان، أيهما سبق أُخِذ به.
تفسيره: بأن العدة و هي ثلاث حيض، إذا انقضت قبل انقضاء إيلائه و هو أربعة أشهر فقد بانت منه المرأة بتلك التطليقة، و لا شي‏ء عليه من الإيلاء؛ لأن الأربعة الأشهر تنقضي و ليست له بزوج، و إن مضت الأربعة الأشهر و هي في العدة بانت منه بالإيلاء مع تلك التطليقة، فكانت اثنتين.
أخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال: فارسٌ في الناس بيّن الفَراسة، و الفِراسة و على الدابة بيّن الفروسية و الفرُوسةِ لغة فيه.
فسر:
ثعلب عن ابن الأعرابي: الفَسْرُ:
كشفُ ما غُطِّيَ.

282
تهذيب اللغة12

فسر ص 282

و قال الليث: الفَسْر: التفسير و هو بيانٌ و تفصيلٌ للكتاب.
و أخبرَني المنذريّ عن أبي العباس عن ابن الأعرابي قال: التفسير و التأويل، و المعنى واحد.
و قال الليث: التَّفْسِرةُ: اسمٌ للبَوْل الذي يَنظُر فيه الأطباء يَستدِلون بلوْنه على عِلّة العليل و كلُّ شي‏ء يُعْرَف به تفسير الشي‏ء و معناه فهو تَفسرَته.
و قوله عز و جل: وَ أَحْسَنَ تَفْسِيراً
 [الفرقان:
33]، الفَسرُ: كشف المغطَّى.
و قال بعضهم: التفسير: كشف المراد عن اللفظ المشكل. و التأويل: رد أحد المحتملين إلى ما يطابق الظاهر.
رسف:
قال الليث: الرَّسْف و الرَّسِيف و الرَّسَفان: مَشْيُ المقيّد، و قد رَسَف في القَيْد يَرْسُف رَسيفاً فهو راسف.
أبو الهيثم عن نصير: يقال للبعير إذا قارب الخطو و أسرع الإجارة، و هي رفع القوائم و وضعها: رَسف يرسُف. فإذا زاد عن ذلك فهو الرَّتَكان. ثم الْحَفْد بعد ذلك.
رفس:
قال الليث: الرَّفْسَةُ: الصَّدمة بالرِّجل في الصَّدر. يقال: رفَسَه برِجْله يَرفُسُه رَفْساً.
س ر ب‏
سرب، سبر، رسب، ربس، بسر.
برس.
رسب:
قال الليث: الرُّسوبُ: الذَّهابُ في الماء سفْلًا. و الفعل رَسب يَرْسب.
قال: و السيف الرَّسوبُ: الماضي في الضريبة، الغائبُ فيها.
و قال غيره: كان لخالد بن الوليد سيفٌ سمَّاه مِرْسباً، و فيه يقول:
ضَربتُ بالمِرْسَب رأسَ البِطرِيْقِ             بصارمٍ ذي هَبَّةٍ فَتِيق‏
و أنشد ابن الأعرابي:
قُبِّحْتَ من سالفةٍ و مِن قَفَا             عبدٌ إذا ما رَسَب القومُ طَفَا
قال أبو العبّاس: معناه: أن الحُكَماء إذا ما تَرزَّنوا في مَحافِلهم طَفَا هو بجَهْله، أي: نَزا بجهله.
و قال ابن الأعرابي: المرسب: الأواسِي.
و الرَّسُوب: الحكيم. و في «النّوادر»:
الرَّوْسَب و الرَّوْسَم: الداهية.
ربس:
قال الليث: الرَّبْسُ منه الارتباس؛ يقال: عُنقودٌ مرتَبس، و معناه: انهضامُ حَبِّه و تداخُلُ بعضِه في بعض، و كبشٌ رِبيس و رَبِيز، أي: مكتنزٌ أَعجَر.
ابن السكيت: الرَّبِيس من الرِّجال:
الشُجاع.

283
تهذيب اللغة12

ربس ص 283

* و مِثْلِي لُزَّ بالحَمِيسِ الرَّبيسِ*
أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ قال: جاء بمالٍ ربيس، أي: كثير. و جاء بالدِّبْس و الرَّبْس و هما الداهية. و قال أبو زيد:
جئت بأمورٍ دُبْس و بأمورٍ رُبْس، و هي الدّواهي بالدال و الراء.
أبو عُبيد عن الأمويّ: اربَسَّ الرجلُ اربساساً، أي: ذَهب في الأرض.
و قال ابن الأعرابي: ارْبسّ: إذا غَدا في الأرض.
برس:
ثعلب عن سَلَمة عن الفرّاء، و أبو عُبيد عن الأَصْمَعِي: البُرْسُ: القُطْن، و قال الليث: هو قُطن البَرْدِيّ.
و أَنشَد:
* كنَدِيفِ البِرْسِ فوقَ الجُماحْ*
و بَرْبَسْتُ فلاناً، أي: طَلَبتُه.
و أَنشَد:
و بَرْبَسْتُ في تَطْلابِ أرضِ ابن مالكٍ             فأعجَزَني و المرءُ غيرُ أَصيلِ‏
ابن السكيت: يقال جاء فلان يَتبربس، أي: يمشي مشياً خفيّاً.
و قال دُكين:
* فصبَحَتْه سَلِقٌ تبربس*
أي: يمشي مشياً خفيّاً.
و قال أبو عمرو: جاءنا فلان بتبربس: إذا جاء متبختراً.
ثعلب عن ابن الأعرابي: البِرْباسُ: البئرُ العَمِيقة. قال: و البَرْس: حَذاقَة الدَّليل.
و برَسَ: إِذا تَشدَّد على غريمه.
سبر:
الحرّاني عن ابن السكيت: السَّبْرُ:
مَصدرُ سَبَرْت الجرْحَ أسبُره سَبْراً: إذا قِسْتَه لتَعرِف غَوْرَه، و يقال: إنه لحَسَن السِّبْر: إذا كان حَسَن السَّحَناء و الهَيْئة، و السَّحْناء اللّون، و جمعُه أَسْبار.
و
في الحديث: «يَخرُج رجلٌ من النار قد ذَهَب حِبْرُه و سِبْرُه»
، أي: هيئته.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: السَّبْر: استخراج كُنْه الأَمْر. و السَّبْر: حُسْن الوَجه، و منه‏
الحديث: «قد ذهب حِبْرُه و سِبرهُ».
و المَسْبور: الحَسْن السبْر. و
في حديث الزُّبير أنّه قيل له: مُرْبَنِيك فليتزوّجوا في الغَرانب، فقد غَلَب عليهمْ سِبْرُ أبي بكر و نُحولُه.
قال ابن الأعرابي: السِّبر ههنا الشَّبَه.
قال: و كان أبو بكر دقيقَ المحاسن نحيف البَدَن، فأمَرَه الرجُل أن يزوجوهم الغرائبَ ليجتمع لهم حُسنُ أبي بكر و شدّة غيره.
و قال أبو زَيد: السِّبر: ما عرفت به لؤمَ الدابة أو كرمها أو لونها من قِبَل أبيها.
و السبْرُ أيضاً: معرفتك الدابة بخِصب أو جَدْب.
و يقال: عرفتُه بسبر أبيه، أي: بهَيْئته‏

284
تهذيب اللغة12

سبر ص 284

و شَبَهِه و قال الشاعر:
أَنا ابْنُ المَضْرَحِيِّ أبي شليل             و هَلْ يَخفَى عَلَى النّاسِ النَّهارُ
علينا سبْرُهُ و لِكلّ فَحْلٍ             على أولادِه منه نِجارُ

ثعلب عن ابن الأعرابي: السُّبْرة: طائر:
تصغيرُه سُبَيرة.
و قال في موضع آخَر: السُّبَر و النُّهس:
طائران.
و قال الليث: السُّبَر: طائرٌ دونَ الصَّقر.
و أَنشَد:
* حتّى تَعاوَرَه العِقْبانُ و السُّبُر*
قال: و السَّبر: من أَسماء الأَسَد. و لم أسمعه لغير الليث. و قال المؤرّج في قول الفرزدق:
بجَنْبَيْ خِلال يَدفَع الضَّيم منهمو             خَوادِرُ في الأخْياسِ ما بينها سِبْرُ
قال: معناه: ما بينَها عداوة. قال:
و السِّبر: العداوة، و هذا غريب.
و قال اللّيث: السبر: التجربة، و يقال:
اسْبرُه ما عندَ فلان، أي: ابلُه. قال:
و المِسبار: ما يُقدَّر به غَوْر الجِراحات، قال: و السِّبار: فَتيلةٌ تُجعَل في الجُرح.
و أَنشَد:
* ترُدُّ على السّابرِين السِّبارَا*
و
حدثنا عبد اللّه بن عروة قال: حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني، قال: حدثنا المحاربي عن مسافر العجلي عن الحسن عن أنس قال: لم يخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم في سفر قطّ إلا قال حين ينهض من جلوسه: «اللّهم بك ابتسرْت، و إليك توجهت، و بك اعتصمت، أنت ربي و رجائي. اللّهم اكفني ما أهمني و ما لم أهتم به؛ و ما أنت أعلم به مني. و زودني التقوى، و اغفر لي ذنبي، و وجهني للخير حيث توجهت» ثم يخرج.
قوله صلى اللّه عليه و آله: «ابتسرت»، أي: ابتدأت سفري. و كلّ شي‏ء أخذتَه غضاً فقد بسرته.
و منه قول لبيد:
* بسرتُ نداه لم تُسَرّب وحوشه*
و البَسْرُ: الماء الطري ساعة ينزل من المزن.
و
في حديث النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه ذَكَر فضلَ إسباغِ الوضوء في السَّبرَات.
قال أبو عُبيد: السَّبْرة: شِدّة البَرْد.
و أَنشَد قولَ الحطيئة يصف الإبل:
عِظامُ مَقِيل الهامِ غُلْبٌ رِقابُها             يُباكِرْنَ حَدَّ الماء في السبراتِ‏
يعني شدّة بَرْد الشّتاء و السَّنة.

285
تهذيب اللغة12

بسر ص 286

بسر:
قال اللّه جل و عز: وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (24)
 [القيامة: 24].
و قال تعالى: ثُمَّ عَبَسَ وَ بَسَرَ (22)
 [المدثر:
22].
قال أبو العباس: (بَسَرَ)
، أي: نظر بكراهية شديدة. و قوله عز و جل: وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (24)
، أي: مقطِّبةٌ قد أيقنَتْ أن العذاب نازِلٌ بها.
أبو عُبَيد عن الأصمعي: إذا ضُرِبت الناقةُ على غير ضَبَعةٍ فذلك البَسَر، و قد بَسَرها الفحلُ فهي مَبْسورة.
قال شمر: و منه يقال: بَسَرْتُ غَريمي: إذا تقاضيته قبل محلّ المال. و بَسَرْت الدُّمُّل:
إذا عَصَرْتَه قبل أن يتقيّح، و كأن البَسْر منه.
أبو عبيدة: إذا همت الفرس بالفحل و أرادت أن تستودق، فأول وداقها المباسرة و هي مباسِرة، ثم تكون وديقاً.
و المباسِرَةُ: التي همت بالفحل قبل تمام وداقها: فإذا ضربها الحصان في تلك الحال فهي مبسورة.
قال شمر: و بَسَرْت النباتَ أبسرُه بَسْراً:
إذا رعيتَه غَضّاً و كنتَ أوّلَ من رَعاه.
و قال لَبيدٌ يصف غَيْثاً رَعاه أُنُفاً:
بَسَرْتُ نَداهُ لم تُسَرَّبْ وُحوشُه             بغَرْبٍ كجِذْعِ الهاجريِّ المشَّذَّبِ‏
سَلَمةَ عن الفرّاءِ قال: البُسْرُ: الماءُ الطريّ ساعةَ يَنزل من المُزْن، و البَسْرُ: حَفْرُ الأنهار إذا عَرا الماءُ أوطانَه.
قلتُ: و هو التبسّر؛ قال الراعي:
إذا احْتَجَبَتْ بناتُ الأرض عنه             تبسَّرَ يَبْتَغِي فيها البِسارَا
قال ابن الأعرابي: بَنَاتُ الأرض الأنهارُ الصِّغار، و هي الغُدْرانُ فيها بَقايا الماء، و يقال للشمس بُسْرَة: إذا كانت حَمْراء لم تَصْفُ؛ و قال البَعِيثُ يذكرها:
فَصَبَّحَه و الشمسُ حَمْراءُ بُسْرَةٌ             بِسائغةِ الأنْقَاءِ مَوْتٌ مُغَلِّسٌ‏
و قال أَبو عُبيدة: إذا همّت الفَرسُ بالفحْل و لم تَسْتَوْدِق فهو مباسَرة، ثم تكون وَدِيقاً؛ فإذا سفِدَها الحِصان في تلك الحال قيل: تَبَسَّرَها و بَسَرَها.
و
رُوِيَ عن الأشجع العَبْدِيّ أنه قال: لا تَبْسُروا و لا تَثْجُروا
؛ فأما البَسْرُ فهو خَلْطُ البُسْر بالرُّطَب و انْتِبَاذُهُما مَعاً. و الثَّجْرُ:
أن يُؤْخَذ ثَجِيرُ البُسْر فيُلْقَى مع التَّمر، و كرِه هذا حِذار الخليطين؛ لنهي النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم عنهما. و البُسْر: ما لَوَّنَ و لم يَنضَج، و إذا نَضِجَ فقد أَرْطَب.
أبو عُبيد عن الأصمعيّ: إذا اخْضَرَّ حَبُّه و استدار فهو جَدالٌ، فإذا عَظُمَ فهو البُسْرُ، فإذا احْمَرَّت فهي شِقْحَةٌ.
الليث: البسرَة من النّبات ما قد ارتفع عن وَجْه الأرض و لَم يَطُل و هو غَضٌّ أطيَب‏

286
تهذيب اللغة12

بسر ص 286

ما يكون، و أَنشد:
رَعَتْ بارِضَ الْبُهْمَى جَمِيماً و بُسْرَةً             و صَمْعَاءَ حتى آنَفَتْهَا فِصالْها
و البَيَاسِرَةُ: جِيلٌ من السِّنْد يستأجرهم أهلُ السُّفُن لمحاربة عدوّهم، و رجُلٌ بَيْسرِي.
و البِسَارُ: مَطَرٌ يَدُوم على أَهْلِ السِّنْد في الصَّيف لا يُقلِع عنهم ساعةً، فتلك أيَّامُ البِسار.
و البَاسورُ: داءٌ مَعروفٌ، و هو معرَّب و يُجْمَع البواسير.
ثعلب عن ابن الأعرابي: البسرةُ رأسُ قضيبِ الكلب، و المبْسُور: طالبُ الحاجة في غير موضعِها. و بَسَر النهرَ: إذا حفر فيه بئراً و هو جافّ؛ و أنشد:
* تَبَسّرَ يَبْتَغِي فيها البِسَارَا*
و قال: انبَسَر و بَسَرَ: إذا خَلَط البُسْرَ بالتمر أو الرطب فَنَبَذَهُما. و أَبْسرَ و بَسَرَ: إذا عَصَرَ الحِبْنَ قبل إقْرَافِه، و أَبْسَرَ: إذا حَفَرَ في أرضٍ مَظْلومة.
سرب:
قال الفرّاء في قول اللّه جل و عز:
وَ مَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَ سارِبٌ بِالنَّهارِ
 [الرعد: 10]، قال: سارِبٌ بِالنَّهارِ
 أي ظاهرٌ بالنهار؛ و نحو ذلك قال الزّجاج.
قال: (وَ سارِبٌ بِالنَّهارِ)
 ظاهرٌ بالنهار في سِرْبِه؛ يقال: خَلِّ له سِرْبَه، أي: طَرِيقَه.
فالمعنى: الظاهرُ في الطُّرُقات، و المستخفِي في الظُّلُماتِ، و الجاهرُ بِنُطْقه، و المُضْمِرُ في نفسه، عِلْمُ اللّه تعالى فيهم سواء.
و أخبرني المنذريّ عن أبي العباس قال:
قال الأخفش في قوله عز و جل: وَ مَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ، أي: ظاهر.
و السارب: المتواري.
و قال أبو العبّاس: المستخفِي: المستتر.
قال: و الساربُ: الظاهر، المعنى الظاهر و الخفِيّ عنده واحِدٌ.
و قال قَتَادة في قوله: وَ سارِبٌ بِالنَّهارِ
:
ظاهر، و نحو ذلك رُوِيَ عن ابن عبَّاس.
و قال قُطْرُب: (سارِبٌ بِالنَّهارِ)
 و مستتر، يقال: انسَرَبَ الوحشُ: إذا دخلَ في كِنَاسِه.
قلت: تقول العَرَب: سَرَبَت الإبلُ تَسْرُبُ، و سَرَبَ الفحلُ سُرُوباً، أي: مضتْ في الأرض ظاهرة حيث شاءت. و قال الأخنس بن شهاب التّغْلبي:
و كلّ أُناسٍ قارَبوا قَيْدَ فَحْلِهِمْ             و نحن خَلَعْنَا قَيْدَه فهو سَارِبُ‏
و أمّا الانسِراب فهو الدخول في السّرَب كما قال. و
في الحديث: «من أصبحَ آمناً في سِرْبِه»
أَخْبَرَني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: السِّرْبُ: النَّفْسُ، بكسر السين. و فلانٌ آمِنٌ في سِرْبِه، أي:
في نَفْسِه، و كذلك قال ابن السكّيت.
قال: و السِّرْبُ أيضاً بالكَسْر: القَطيع من‏

287
تهذيب اللغة12

سرب ص 287

الظِّبَاء و البَقَر و النِّساء.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: السِّرْب و السُّرْبة من القَطا و الظِّباء و الشَّاء: القَطِيعُ.
و يقال: فلانٌ وَاسِعُ السِّرْب، أي: وَاسعُ الصَّدر، بَطِي‏ءُ الغَضَب. قال: و فلانٌ آمنٌ في سِرْبه بالكسر. و أما السَّرْبُ بالفتح فإن ابن السكّيت قال: السَّرْبُ: المالُ الرّاعي يقال: أَغير على مال سَرْب بني فلان و يقال للمرأة عند الطلاق: اذهبِي فلا أَنْدَهُ سَرْبَكِ. و نحو ذلك.
حَكَى أبو عُبَيْد عن الأصمعيّ قال:
و معناه: أني لا أَرُدُّ إبلك لتذهب حيث شاءت و أَصْلُ النَّدْه: الزَّجْرُ. و قال غيره:
كان هذا من طَلاق أهلِ الجاهلية.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: خَلِّ سَرْبَ الرجل- بالفتح-، أي: خَلِّ طريقَه قال:
و قال أبو عمرو: خل سِرْبَ الرَّجُل بالكسر. و أنشد بيت ذي الرّمة:
خَلَّى لها سِرْبَ أُولاها و هَيَّجَهَا             مِنْ خَلْفِهَا لاحِقُ الصُّقْلَيْنِ هِمْهِيمُ‏
قال شمر: الرواية: خَلَّى لها سَرْبَ أُولاها بالفَتح.
قلتُ: و هكذا سمعتُ العَرَبَ تقول: خَلِّ سَرْبَه، أي: طريقه.
و كان الأخفش يقول: أصبح فلانٌ آمِناً في سَرْبه بالفتح، أي: في مَذْهبه و وَجْهه.
و الثِّقاتُ من أهل اللّغة قالوا: أصبح آمِناً في سِرْبه، أي: في نَفْسِه.
و قال الأصمعيّ: يقال: سَرِّبْ عليَّ الإبل، أي: أَرْسِلْها قطعةً قطعةً. قال:
و يقال: خَرَج الماءُ سَرِباً، و ذلك إذا خرج من عُيون الخُرَز؛ و يقال: سَرِّب قِرْبَتَك، أي: اجعل فيها الماءَ حتّى تَنتفِخ عيونُ الخُرَز فتنسَدّ؛ و أَنشد قول جرير:
نَعَمْ فانهَلَّ دَمْعُكَ غيرَ نَزْرٍ             كما عَيَّنْتَ بالسَّرَب الطِّبابَا
أبو عُبيد عن الأصمعيّ: السرَب: الماءُ السائل.
قال: و قال الأموي: السَّرَب: الْخَرز.
و أما قوله:
* كأنه من كلِّي مَفْرِيَة سَرَبُ*
فإن الرواة رووه بالفتح، و قالوا: السَّرَبُ:
الماء. و السربُ: السائل.
يقال: سَرِب الماءُ يَسرَبُ سَرَباً: إذا سال فهو سَرِب.
و
قال الفرّاء في قول اللّه جلّ و عزّ: فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً
 [الكهف: 61]، قال:
كان الحوت مالحاً، فلمّا حَيِيَ بالماءِ الّذي أصابَه من العين فوَقَع في البحر جَمَد مَذْهَبُه في البحر، فكان كالسَّرَب.
و
قال أبو إسحاق: كانت فيما رؤيَ سَمَكةً مملوحةً، و كانت آيةً لموسى في الموضع الّذي يَلقَى فيه الْخَضِر، فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً
، أحيا اللّه تعالى السّمكةَ حتّى‏

288
تهذيب اللغة12

سرب ص 287

سَرَبتْ في البحرَ
قال: «و سَرَباً
» منصوبٌ على جهتين: على المفعول، كقولك:
اتّخذتُ طريقي في السَّرَب، و اتّخذْتُ طريقي مكانَ كذا و كذا، فيكون مفعولًا ثانياً؛ كقولك: اتّخذت زيداً وكيلًا. قال:
و يجوز أن يكون «سَرَباً»
 مصدراً يَدُلَّ عليه (اتخذ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ)؛ فيكون المعنى:
نَسِيا حُوتَهُما. فجَعل الحوتُ طريقَه في البحر، ثم بيّن كيف ذلك، فكأنّه قال:
سَرِب الحوتُ سَرَباً.
و قال المُعْترِض الظَّفرى في السَّرب و جعله طريقاً:
تركنا الضَّبع ساريةً إليهم             تنوب اللحمَ في سَرَب المَخِيم‏
قيل: تنوبه، تأتيه. و السَّربُ: الطريق.
و المَخِيمُ: اسم واد؛ و على هذا معنى الآية: فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ [الكهف:
61]، أي: سبيل الحوت طريقاً لنفسه، لا يحيد عنه. المعنى: اتخذ الحوت سبيله الذي سلكه طريقاً اطّرقه.
و أخبرني المنذريّ عن ابن اليزيديّ عن أبي حاتم في قوله: فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً
 قال: أظنّه يريد ذَهاباً يَسرُب سَرَباً؛ كقولك: يَذهَب ذَهاباً.
و قال شمِر: الأَسراب من الناس:
الأَقاطيع، واحدُها سِرْب. قال: و لم أَسمَع «سِرْبَ» في الناس إلا للعجّاج:
* و رَبِّ أَسْرابِ حَجيجٍ كُظَّمِ*
و قال أبو الهَيْثَم: سُمّي السَّراب سَراباً لأنّه يَسرُب سَرْباً، أي: يَجرِي جَرْياً؛ يقال:
سَرَب الماءُ يَسرُب سُروباً.
سلَمة عن الفرّاء قال: السراب: ما لَصِقَ بالأرض، و الآلُ: الّذي يكون ضُحًى كالمُلَاء بين السَّماء و الأرض.
و قال ابن السكّيت: السراب: الّذي يَجرِي على وَجْه الأرض كأنّه الماء، و هو يكون نِصفَ النهار، و هو الّذي يَلصِق بالأرض؛ و
في صفة النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم أنه كان دقيقَ المَسْرُبَة
؛ قال أبو عبيد: المَسرُبة: الشَّعْرُ النابت وَسطَ الصَّدْر إلى البَطْن؛ و أَنشَد:
الآنَ لما ابيَضَّ مَسْرُبَتي             و عَضِضْتُ من نابي على جِذْم‏
أبو عُبيد عن أبي زيد: سُرِب الرجلُ فهو مَسروب سَرْباً، و هو دُخان الفِضة يَدخُل خياشيمَ الإنسان و فمه و دُبُرَه فيأخذه حَصَرٌ عليه فرُبما أفرَق و ربّما مات و الاسم الأُسرُبُ.
و قال شمِر: الأُسرُبُ مخفف الباء، و هو بالفارسيّة سُرْب.
قال أبو عبيد: مَسربةُ كلّ دابة: أعاليه من لدن عنقه إلى عَجْبه، و أنشد:
جلال أبوه عمُّه و هو خاله             مساربه حُوٌّ و أقرابه زهرُ
قال: أقرابه: مَراقّ بطنه. قال الشيخ:

289
تهذيب اللغة12

سرب ص 287

في الحديث في الاستنجاء بالحجارة يمسح صفحتيه بحجرين، و يمسح بالثالث المَسْرُبة
، يريد أعلى الحلقة. و قال بعضهم: السُّربة: كالصُّفة بين الغرفة.
و قال أبو مالك: تسرّبْتُ من الماء و من الشراب، أي: تملأتُ منه.
و قال الأصمعيّ: يقال للرّجل إذا حَفَر:
قد سرَّب: أي: أخَذَ يَميناً و شِمالًا. و إنه لبَعيد السرْبة: أي: بَعيد المَذْهب في الأرض.
و قال الشَّنْفَرَى، و هو ابن أختِ تأبّط شَرّاً:
خَرجْنا من الوادِي الّذي بَيْنَ مِشْعَلٍ             و بَين الجَبَا هيهاتَ أَنشأْتُ سُرْبَتي‏
أي: ما أَبعدَ الموضعَ الّذي منه ابتدأتُ مَسيرِي.
الليث: فلانٌ آمِن السِّرْب، أي: آمنُ القَلْب، أي: لا يُغزَى مالُه و نعَمُه ...
و فلان مُنساح السّرب، يريدون شعر صدره. قال: و مَسَارِب الدّوابّ: مَراقُّها في بطونها و أرفاغِها، و مَسارِب الحيّات:
مواضعُ آثارِها إذا انسابت في الأرض على بطونها.
و قال ابن الأعرابيّ: السُّرْبةُ: جماعةٌ يَنسلُّون من العَسْكر فيُغِيرون و يَرجِعون.
و السِّرْب: النَّفْس.
أخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي: السربة: السفر القريب، و السبأة: السفر البعيد، يقال: سبأته الشمس، أي: لوّحته و غيرته. و يقال:
إنك تريد سبأة، أي: سفراً بعيداً.
س ر م‏
سرم، سمر، مسر، رمس، رسم، مرس.
سرم:
أخبرَني المنذريّ، عن ثعلب، عن ابن الأعرابيّ أنّه سمِعَ أعرابيّاً يقول:
اللهمّ ارزقني ضِرْساً طَحُوناً، و مَعِدةً هَضُوماً، و سُرْماً نَثُوراً.
قال ابن الأعرابيّ: السُّرْم: أمُّ سويْد، و قال الليث: السرْم: باطنُ طَرف الخَوْران. و قال ابن الأعرابيّ: السَّرَم:
وَجَع العَوَّاء، و هي الدُّبُر.
و قال اللّيث: السَّرْمُ، ضربٌ من زَجْر الكِلاب، تقول: سَرْماً سَرْماً: إذا هيَّجتَه.
و قال ابن شميل: قال الطائفيّ: السُّرْمانُ:
ضَرْب من الزَّنابير صُفْر، و مِنْها ما هو مجزَّع بحُمْرة، و صُفْرة، و هو من أخبثِها، و منها سُودٌ عِظام.
سمر:
قال أبو إسحاقَ في قول اللّه عز و جل:
مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ (67)
 [المؤمنون: 67]، قال: سامِراً
 بمعنى سمّاراً. قال: و السَّامرُ: الجماعةُ يتحدّثون ليلًا. و السَّمَرُ: ظِلُّ القمر، و السُّمْرة مأخوذةٌ من هذا. و أَخبَرني المنذريُّ عن اليزيديّ عن أبي حاتم في قوله تعالى:
مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً
، أي في السَّمر،

290
تهذيب اللغة12

سمر ص 290

و هو حديثُ الليل، يقال: قومٌ سامرٌ و سمْر و سُمَّار و سمَّر.
سلَمة عن الفرّاء في قولِ العَرب: لا أَفعَل ذلك السَّمَرَ و القَمر، قال: السَّمَرُ: كلُّ ليلةٍ ليس فيها قمر تسمَّى السمر، المعنَى:
ما طَلَع القَمر و ما لَم يَطلُع. و قال غيرُه:
السمَر: اللّيل، و أَنشَد:
لا تَسقِني إن لَمْ أَزُرْ سمَراً             غَطْفَانُ مَوْكِبَ جَحْفَلٍ فَخْمِ‏
و سامِرُ الإبل: مَا رَعى منها باللّيل، يقال:
إنّ إبِلَنا تَسمُر، أي: تَرعَى ليلًا. و سمَر القومُ الخَمرَ: شَرِبوها ليلًا، و قال القُطاميّ:
و مُصَرّعِينَ من الكلَالِ كأَنّما             سمَرُوا الغَبُوقَ من الطِّلاءِ المُعْرَقِ‏
و قال ابن أحمر فجعل السمَر لَيْلًا:
مِنْ دُونِهم إنْ جِئْتَهُمْ سمَراً             حَيٌّ حِلالٌ لَمْلَمٌ عَكِرُ
أراد: إن جئتَهم ليلًا.
و قال الليث: السامرُ: المَوْضع الَّذي يَجتَمعون فيه للسمَر. و أَنشَد:
* و سامِرٍ طالَ فيه اللَّهْوُ و السمَرُ*
قلتُ: و قد جاءت حروفٌ على لَفْظِ فاعِل و هي جمعٌ عن العَرَب، فمنها الجَامِل و السامِر و الباقر و الحاضِر، فالجَاملُ:
الإبلُ فيها الذُّكور و الإناث. و السامِرُ:
جماعةُ الحي يَسمُرون ليلًا. و الحاضرُ:
الحيُّ النُّزول على الماءِ. و الباقرُ: البقرُ فيها الفُحولُ و الإناث.
و قال الليث: السمْرُ: شَدُّك شيئاً بالمسمار و السمْرةُ: لونٌ يَضرِب إلى سَوادٍ خَفِيّ.
و قَناةٌ سمراءُ و حِنْطةٌ سمْراء.
أبو العَبّاس عن ابن الأعرابيّ قال:
السمْرة في الناس: هي الوُرْقة. و السمَرة:
الأُحْدوثة باللّيل. قال: و يقال: لا آتيكَ ما سمَر السمِير. و هم الناس يسمُرون، و ما سمَر ابنَا سمِير: و هما اللّيل و النّهار.
و لا آتيك السمَرَ و القَمَر، أي: لا آتيك دَوامَهما. و المعنى لا آتيك أبداً.
و قال أبو بكر: قولهم: حلف بالسمَر و القمر. قال الأصمعي: السمر عندهم الظلمة. و الأصل اجتماعهم يسمرون في الظلمة. ثم كثر الاستعمال حتى سمُّوا الظلمة سمَراً. قال أبو بكر: السمَر أيضاً جمع السامر. و رجل سامر و رجال سمّر.
و أنشد:
من دونهم إن جئتهم سمراً             عَزفُ القِيان و مجلسٌ غَمْرُ
قال: و يقال في جمع السامر: سُمَّار و سمَّر. و قال في قول اللّه تعالى:
مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ (67)
 [المؤمنون: 67]: تهجرون القرآن في حال سمركم. و قرى‏ء: (سمَّراً) و هو جمع السامر. أخبرني المنذري عن ثعلب عن‏

291
تهذيب اللغة12

سمر ص 290

ابن الأعرابي: يقال: لا آتيك ما سمر السمير. و هم الناس يسمرون بالليل. و ما اختلف ابنا سمير، أي: ما سمر فيهما.
و ما سمر ابنا سمير، و هما الليل و النهار.
و قال أبو الهيثم: السميرُ: الدهرُ. و ابناه:
الليل و النهار.
و أخبرني المنذري عن ثعلب عن سلمة أنه سمع الفراء قال: بعثت من يسمُر الخبر.
قال: و يسمى السمر به.
و قال ابن السكّيت: لا آتِيك ما سمر ابنَا سَمِير، و لا أَفعَلُه سَمِيرَ اللَّيالي، و قال الشَّنْفَرَي:
هُنالِك لا أرجُو حَياةً تسرُّني             سَمِيرَ اللَّيالِي مُبْسَلًا بالجَرائرِ
و قال أبو زيد: السَّميرُ: الدَّهْر. و في «النّوادر»: رجلٌ مَسْمور: قليلُ اللَّحم؛ شديدُ أسْرِ العِظام و العَصَب.
و
في حديث الرَّهْط العُرنيِّين الّذين قَدِموا المدينة فأَسلَموا ثمّ ارتدوا فسَمَرَ النبيُّ صلّى اللّه عليه و سلّم أعينَهم، و يُروَى سمَلَ‏
، فمن رَوَى سَمَر بالراء فمعناه: أنّه أَحْمَى لهم مَساميرَ الحديد ثم كَحَلهم بها و مَن رواه سَمَل باللام فمعناه: فقَأَها بشَوْك أو غيره.
و قال اللّيث: السِّمسار فارسيّة معرَّبة، و الجميع السَّماسرة.
و
في الحديث: أن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم سمّاهم التُّجّار بعد ما كانوا يُعرَفون بالسَّماسرة
و المَصدَر السَّمْسَرة؛ و هو أن يتوكّل الرجلُ مِن الحاضرة للبادية فيَبيع لهم ما يَجلبونه.
و قيل في تفسير
قوله: «و لا يَبيع حاضرٌ لِباد»
أراد أنه لا يكون له سِمْسَاراً، و الاسم السَّمْسَرة؛ و قال:
* قَد وَكّلْتنِي طَلَّتي بالسَّمْسَرة*
و السَّمُرُ: ضَرْبٌ من العِضَاه، الواحدة سَمُرة.
سَمَر إبله و سمّرها: إذا أكمشها. و سَمَّر شوكه: إذا خلاها، و كذلك شمَّرها إذا سيّبها، و الأصل الشين فأبدلوا منها السين، قال:
أرى الأسود الحلبوب سمّر شولنا             لشول رآها قد شتَتْ كالمجادل‏
قال: رأى إبلًا سماناً فترك إبله و سمّرها، أي: خلّاها و سَيّبها.
قال شمر: و ناقة سَمُور: نجيبة سريعة.
و أنشد:
فما كان إلا عن قليل فألحقت             بنا الحيَّ شوساءُ النَّجاءِ سَمُورُ
و
في حديث عمرَ أنّه قال في الأَمَة يَطَؤُها مالِكُها: إن عليه أن يحصِّنها فإنه يُلْحِقُ به وَلدَها. قال: و من شاء فليُسَمِّرها.
قال أبو عُبيد: الرواية فليُسَمِّرها بالسِّين، و المعروفُ في كلام العرب التَّشْمير، و هو الإرسال، و قال شَمِر: هما لُغَتان بالشين و السين معناهما الإرسال.

292
تهذيب اللغة12

سمر ص 290

و رَوَى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ أنه قال: التّسمير: إرسالُ السَّهْم بالعجلة.
و الخَرْقَلة: إرساله بالتأني، يقال للأول:
سَمِّر فقد أخطَبَك الصَّيدُ، و للآخَر: خَرْقِل حتى يُخْطِبك الصيد.
و قال اللّيث: السامِرةُ: قومٌ من اليَهود يخالفونهم في بعض دِينهم، و إليهم نُسِب السامِرِيّ الّذي اتَّخذ العِجل الذي سُمِع له خوَار.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: السَّمَّار: اللَّبَن الممذوقُ بالماء.
و أَنشَد:
و ليَأْزِلَنّ و تَبْكُوَنَّ لِقاحُه             و يُعلِّلن صبيَّةٌ بسمَارِ
و قال غيرُه: السَّمُّور: دابّةٌ معروفةٌ يسوَّى من جُلودِها فِراءٌ غالية الأَثْمان، و قد ذَكره أبو زُبَيد الطائي فقال يَذكر الأَسد:
حتى إذا مَا رأَى الأَبْصارَ قد غَفَلتْ             و اجْتابَ من ظُلْمةٍ جُودِيَّ سمُّورِ
جُودِيَّ النَّبطية جُوذِيا، أراد جُبّةَ سَمُّورٍ لسَواد وَ بَرَه و اجتَاب: دَخَل فيه و لَبسهُ.
أبو عُبَيدة: الأسمَران: الماءُ و الحِنْطة.
رسم:
قال اللّيث: الرَّسْمُ: الأثَر.
و ترسمتُ، أي: نظرتُ إلى رُسُوم الدار.
و الرَّوْسَمُ: لُوَيحٌ فيه كِتابٌ مَنْقوشٌ يُختَم به الطَّعام، و الجميع الرَّواسِم و الرَّوَاسِيم.
و قد جاء في الشِّعر:
* قُرْحة رَوْسَم*
أي: بوجهِ الفرس، و ناقةٌ رَسُومٌ: و هي ترسُمُ رَسِيماً، و هي التي تؤثّر في الأمر من شدَّة وَطْئِهَا.
و قال أبو عَمرو: تَرَسَّمْتُ المنزلَ: إذا تأَمَّلتَ رَسْمَه و تفرّسْتَه.
أبو عبيد: الارتسامُ: التكبير و التعوُّذ، و قال القطاميّ:
في ذي جُلُولٍ يُقَضِّي الموتَ ساكِنة             إذَا الصَّرَارِيُّ من أَهْوَالِهِ ارْتَسَمَا
و قال أبو تُراب: سَمِعْتُ عَرَّاماً يقول: هو الرَّسْمُ و الرّشْمُ للأَثَر، و وَسَمَ على كذا و رشَم، أي: كَتَب.
و قال أبو عمرو: يقال للّذي يُطْبَع به:
رَوْسَم و رَوْشَم، و راسُوم و راشُوم، مثل رَوْسَم الأكداس، و رَوْسَمِ الأمير، و قال ذو الرمّة:
و دِمْنَةٍ هَيَّجَتْ شَوْقِي مَعالِمُها             كأنَّها بالهدَمْلاتِ الرَّوَاسِيمُ‏
و الهِدَمْلاتُ: رمالٌ معروفة بناحية الدَّهْناء.
أبو عبيد عن الأصمعيّ: الرَّسِيم من سَيْرِ الإبل فوقَ الذَّمِيل.
ابن الأعرابيّ: الرَّسَمُ: حُسْنُ المَشْي.
أبو عُبَيد عن أبي عَمْرو: الثَّوْبُ المُرَسَّم:
المخطَّط.

293
تهذيب اللغة12

رمس ص 294

رمس:
قال الليث: الرَّمْس: التراب. و رَمْسُ القبر: ما حُثِيَ عليه. و قد رَمَسْناهُ بالتراب. و الرَّمْسُ: تُرابٌ تَحْمِلُهُ الرِّيح فتَرمُس به الآثارَ، أي: تَعفوها. و الرياحُ الرَّوَامِس و كلُّ شي‏ءٍ نُثرَ عليه التُّرَابُ فهو مَرْمُوسٌ؛ و قال لَقِيطُ بْنُ زُرَارَةَ:
يا ليتَ شِعري اليومَ دَخْتَنُوسُ             إذا أتاهَا الخبَرَ المَرْمُوسُ‏
أَ تَحْلِقُ القُرُونَ أَمْ تَمِبسُ             لا، بَلْ تَمِيسُ إنها عَرُوسُ‏

أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: إذا كَتَمَ الرجلُ الخبرَ القومَ قال: دَمَسْتُ عليهم الأمر و رَمَسْتُه.
و قال ابن الأعرابي: الرَّامُوس: القَبْر.
و
رُوِيَ عن الشَّعْبي أنه قال: إذا ارْتَمَسَ الجُنُبُ في الماءِ أَجْزَأَه عن غُسل الجنابة.
قال شَمِر: ارْتَمَس في الماء: إذا انْغَمَسَ فيه حتى يغيبَ رأسه، و جميعُ جسدِه فيه.
و القبرُ يسمَّى رَمْساً. و قال:
و بينما المرء في الأحياء مغتبط             إذا هو الرَّمْسُ تصفوه الأعاصيرُ
أراد: إذا هو تراب قد دُفِنَ فيه و الرياح تطيِّرْه. و الرامساتُ: الرياح الدَّافناتُ.
و رَمَستُ الحديثَ: أَخْفَيْتُه و كَتَمْتهُ. قال ابن شميل: الروامس: الطيرُ التي تطير بالليل. قال: و كل دابة تخرج بالليل فهي رامس، تَرْمُس: تَدفن الآثار كما يُرْمَس الميت. قال: و إذا كان القبر قدوماً مع الأرض فهو رمس، أي: مستوياً مع وجه الأرض. و رمست الرجل في الأرض رمساً، أي: دفنته و سوَّيْت عليه الأرض، و إذا رفع القبر في السماء عن وجه الأرض لا يقال له رمس.
مسر:
قال اللّيث: الْمَسْرُ: فعل الماسِر، يقال: هو يَمْسُرُ الناس، أي: يُغْرِيهم.
و قال غيرُه: مَسَرْتُ بهِ و مَحَلْتُ بِه، أي:
سَعَيْتُ به. الماسِرُ: الساعي.
مرس:
الحرّاني عن ابن السكيت: المَرْس:
مَصْدرُ مَرَسَ التَّمْر يَمرُسه أو مَرَثَه يَمْرُثه:
إذا دَلَكه في الماء حتى يَنْماثَ فيه؛ و يقال للثَّرِيد المَرِيس؛ لأنّ الخُبْزَ يَنماثُ فيه؛ قال ذلك أبو عمرو.
و قال ابن السكيت: المرَسُ: شِدّة العِلَاج.
يقال: إنه لمَرِس بيّن المَرَس: إذا كان شديد المِراس.
و امْتَرَسَت الشُّجعانُ في القتال، و امتَرَس الخُطباءُ، و امتَرَست الألسُنُ في الخِصام.
قال: و المَرْس: الحَبْل أيضاً.
و المَرْسُ أيضاً مصدرُ مَرَس الحَبْل يَمْرُس مَرْساً، و هو أن يقع بين القَعْو و البكْرة، و يقال له: إذا مرِس: أَمْرِس حَبْلَك و هو أن تُعيده إلى مَجراه، و نحو ذلك حَكى أبو عُبَيد عن الكسائيّ؛ و أنشد:

294
تهذيب اللغة12

مرس ص 294

بئسَ مقامُ الشَّيخ أَمْرِسْ أَمْرِسِ             إمّا على قَعْوٍ و إمّا اقْعَنْسِسِ‏
و بكْرة مَرُوس: إذا كان من عادتها أن يَمْرُسَ حبلها؛ و أَنشد:
دُرْنا و دَارتْ بكْرَةٌ نخيسُ             لا ضَيْقَةُ المَجرَى و لا مَرُوسُ‏
و قد يكون الأمراس إزالةَ الرِّشاء عن مجراه، فيكون بمعنيَيْن متصادَّين.
ابن الأعرابيّ: بيننا و بين الماء ليلةٌ مَرَّاسةٌ لا وَتِيرَة فيها، و هي الدائبة البعيدة.
و
في الحديث: «إن من اقتراب الساعةِ أن يتمرّس الرجلُ بدينه كما يتمرّس البعيرُ بالشَّجرة»
. ثعلب عن ابن الأعرابي: التمرُّس: شدّة الالتواء و شِدّة العُلُوق.
أبو عُبَيد في باب فعْفَعيل: من المراسة المَرْمَريس الأملس، و منه قوله في صفة فرس و الكَفَل: المرمريس.
قال الأزهري: أخذ المرمريس من المرمر و هو الرخام الأملس و كسعه بالسين تأكيداً.
قال شمر: المرمريس: الداهيةُ و الدردبيس.
و قال القتيبِيّ في قوله: «أن يتمرَّس الرجلُ بدينه»، أي: يتلعّب به و يعبث.
قال: و قوله: «تمرُّس البعيرِ بالشجرة»، أي: كما يتحكك بها.
و قال غيره: «تمرُّسُ البعيرِ بالشجرة»:
تحكُّكه بها من جَرَب و أُكال.
و تمرُّسُ الرجلِ بدينِه: أن يُمارِس الفِتَن و يُشادَّها و يخرُجَ على إمامِه فيضُرَّ بدينه و لا ينفعه غُلُوُّه فيه، كما أن الجَرِب من الإبل إذا تحكَّك بالشَّجر أَدْماه و لم يُبْرِئه من جَرَبه.
و يقال: ما بفلان مُتمرِّس: إذا نُعِت بالجَلَدِ و الشّدَّة حتى لا يُقاوِمه من مارَسَه.
و قال أبو زَيْد: يقال للرّجل اللّئيم الّذي لا ينظر إلى صاحبه و لا يُعطي خيراً: إنما تنظر إلى وَجْهٍ أَمْرَسَ أَمْلَس لا خيرَ فيه، أفلا يتمرَّسُ به أحدٌ لأنه صُلْبٌ لا يُستغَلُّ منه شي‏ء.
 (أبواب) السّين و اللّام‏
س ل ن‏
لسن، نسل: [مستعملان‏].
لسن:
الحرَّاني عن ابن السكّيت: لسَنْتُ الرجلَ أَلْسُنُه لَسْناً: إذا أخذتَه بلِسانِك؛ و قال طَرَفة:
و إذا تَلْسُنُني أَلْسُنُها             إنّني لستُ بمَوْهُونٍ فَقِرْ
و
في حديث عمر- و ذكر امرأة فقال-: إن دخلتْ عليك لسنتْك‏
، أي: أخذتك بلسانها.

295
تهذيب اللغة12

لسن ص 295

قال: و حَكى لنا أبو عمرو: لكلِّ قومٍ لِسْنٌ؛ أي: لغة يتكلّمون بها.
و يقال رجلٌ لَسِن بيّنُ اللَّسَن: إذا كان ذا بَيانٍ و فصاحة.
و أخبرَني المنذريُّ عن أبي العباس عن ابن الأعرابيّ قال: الخَلِيَّةُ من الإبل يقال لها المتلَسِّنة؛ و أَنشد ابن أحمر يصف بَكْراً صغيراً أعطاه بعضهم في حمالة فلم يَرْضَه ضئيلًا:
تلسَّنَ أهلُه عاماً عَلَيْهِ             فلُولًا عند مِقْلَاتٍ نَيُوبِ‏
قال: و الخَلِيّة: أن تَلِد الناقةُ فيُنحَر وَلدُها عَمْداً ليَدوم لَبنها، و تستَدَرّ بحُوارِ غيرِها، فإذا أدَرَّها الحُوار نَحُّوهُ عنها و احتَلَبوها و ربما خَلَّوْا ثلاثَ خَلايا أو أربعاً على حُوارٍ واحد، و هو التَّلسُّنُ.
و قال غيرُه: نَعلٌ مُلسَّنةٌ: إذا جُعل طَرف مقدَّمِها كطَرَف اللسان.
و يقال: لسنْتُ الليف: إذا مَشَنْتَه ثم جعلتَه فتَائِلَ مهيَّأة للفَتْل، و يسمَّى ذلك:
التّلْسين.
و اللسان يذكَّر و يؤنَّث؛ فمن أنّثه جَمَعه ألسناً، و مَن ذكّره جمعَه أَلسنَةٌ. و إذا أردتَ باللسان اللّغة أنّثْتَ، يقال: فلانٌ يتكلّم بلسانِ قومه، و يقال: إن لسانَ الناسِ عليك لَحَسنةٌ و حَسنٌ، أي:
ثَناؤهم، و قال قَسَّاس الكِنْدِيّ:
أَلا أَبلِغْ لدَيْك أبا هُنَيٍّ             أَلَا تَنْهَى لسانَكَ عن رَدَاها
فأَنّثها، و يقولون: إن شَفَة الناسِ عليك لَحَسنة.
و قال اللّه تعالى: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ‏
 [إبراهيم: 4]، أي: بلغة قومه، و قال الشاعر:
* أَتَتْني لسانُ بَني عامرٍ*
ذهب بها إلى الكلمة فأنّثها. و قال أَعشى باهلة:
* إني أَتاني لسانٌ لا أُسَرُّ به*
فذكّرَه، ذَهَبَ به إلى الخَبر فذكره.
و الإلسان: إبلاغُ الرسالة.
و يقال: أَلْسنِّي فلاناً، و ألْسنْ لي فلاناً كذا و كذا، أي: أَبلِغ لي. و كذلك أَلِكْني إلى فلان، أي: ألِك لي إليه. و قال عَدِيّ بنُ زَيْد:
بَلْ أَلْسنُوني سَراةَ العَمِّ إنكُمُ             لستم من الملك و الأثقال أغمارا
أي: أَبلِغوا لي و عَني.
عَمْرو عن أبيه: المَلسون: الكَذّابُ. قال الشيخ: لا أعرفه.
و رَوَى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال:
الأسْلان: الرماح الذُّبّل.
نسل:
قال اللّه جلَّ و عزَّ: فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى‏ رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ‏
 [يس: 51]،

296
تهذيب اللغة12

نسل ص 296

قال أبو إسحاق: يَنْسِلُونَ‏
: يَخْرُجُون بسُرعة.
و قال الليث: النِّسلان: مِشْيَةُ الذئب إذا أسْرَع، و أَنشَد:
عَلَانَ الذئب أَمْسَى قارِباً             بَرَدَ اللّيْلُ عليه فنَسلْ‏
ابن السِّكيت: يقال: أَنْسَلَتِ النَّاقةُ وَبَرها:
إذا أَلْقَتْه تُنْسِلُه، و قد نسلَت بِولَدٍ كثير تَنْسِلُ و تَنْسُل. و قد نَسَل الوبر يَنسِل و يَنْسُل: إذا سقَطَ، و يقال لِمَا سقَط منه:
النَّسيلُ و النُّسال، و قد نسلَ في العَدْوِ يَنْسِلُ نَسَلَاناً، و نُسَالُ الطَّيْرِ: ما سَقَطَ من ريشِهَا، و هَو النُّسَالة.
أبو عُبَيد عن أبي زيد: النَّسُولة من الغَنَم:
ما يُتَّخذ نَسْلُها، و يقال: ما لِبَنِي فلانٍ نَسُولة، أي: ما يُطلَب نَسلُه من ذوات الأربع.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ، يقال: فلانٌ يَنسِل الوَدِيقة، و يَحمِي الحَقيقة. و النَّسْلُ:
الوَلَد، و قد تَناسَلَ بنو فلان: إِذا كَثُر أولادُهم.
و
في الحديث: أنهم شَكَوْا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و آله الضَّعفَ، فقال:
 «عليكم بالنَّسْل».
قال ابن الأعرابي: النَّسْل: يُنشِّط و هو الإسراع في المَشْي.
و قال أبو عَمْرو: النَّسْل أيضاً: الوَلَدُ و الذُّرِّيّة.
و
في حديث آخر: أنهم شكوْا الإعياء فأمرهم أن ينسلوا
، أي: يُسرعوا في المشي.
ثعلب عن ابن الأعرابي: النَّسَلُ: اللَّبَن الذي يَخرُج من التين الأَخضَر.
و قال شمر: نَسَل رِيشُ الطائر و أَنْسَل و أَنْسَلَه الطائر و أنسل البعيرُ وبرَه.
أبو عُبَيد عن أبي زيد: أنسَل ريشُ الطّائر: إذا سَقَط، قال: و نسَلْتُه أنا نَسْلًا.
س ل ف‏
سلف، سفل، فسل، فلس: مستعملة.
فلس:
قال الليث: الفَلْس معروف، و جمعُه فُلوس. و أَفْلَسَ الرجلُ: إذا صار ذا فُلُوس بعد الدَّراهم، و قد فلَّسَه الحاكم تَفْليساً.
و شي‏ءٌ مُفلّسُ اللون: إذا كان على جِلْده لُمَع كالفُلوس.
و قال أبو عَمْرو: أفلستُ الرجلَ: إذا طلبتَه فأَخطأْتَ موضِعَه، و ذلك الفَلَس و الإفلاس، و أنشد للمعطَّل الهُذَليّ:
يا حِبُّ ما حُبُّ القَتُولِ و حُبُّها             فَلسٌ لا يُنْصِبْكَ حُبٌّ مُفْلِسُ‏
قال أبو عَمْرو في قوله: حُبُّها فَلَسٌ، أي:
لا نَيْلَ معه.
قال: و أَفلَس الرجلُ: إذا لم يَبقَ له مال.

297
تهذيب اللغة12

فسل ص 298

فسل:
قال الليث: الفَسلُ: الرَّذْلُ النَّذْلُ الذي لا مُروءة له و لا جَلَد. و قد فَسلَ يفسل فُسولةً و فَسالةً. و يقال: أفسلَ فلانٌ على فلانٍ مَتاعَه: إذا أَرْذَله. و أَفْسل عليه دَرَاهمَه: إذا زيَّفَها، و هي دَرَاهمُ فُسولٌ.
و قال الفرزدق:
فلا تَقبَلوا منهم أباعرَ تُشْتَرى             بوَكْسٍ و لا سُوداً يَصِحُّ فُسولُها
أراد: و لا تقبَلوا منهم دَراهمَ سُوداً.
و
في الحديث عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم «أنه لعن من النساء المُسوِّفَة و المُفَسِّلة»
. المفسلة من النساء: التي إذا أراد زوجُها غِشْيَانها قالت: إني حائض، فتفسل الزوجَ عنها و تُفَتِّره و لا حَيضَ بها. و المسوِّفةُ: التي إذا دَعاها الزّوج للفِراش ماطَلَتْ و لَمْ تُجِبْه إلى ما يَدْعوها إليه.
أبو عُبيد عن الأصمعيّ في صِغار النّخل قال: أوَّل ما يُقلَع من صغار النَّخْل للغَرْس فهو الفسيل و الوَدِيُّ، و يُجمع فسائل، و قد يقال للواحدة: فَسيلة، و يُجمَع فَسيلًا.
و قال الليث: فُسالةُ الحديد: ما تَناثَر منه عند الضَّرْب إذا طُبع.
أبو عَمْرو: الفسلُ: الرجلُ الأَحمَق.
سفل:
قال الليث: الأسفَل نقيضُ الأَعْلى، و السفْلَى نقيضُ العُلْيا، و السُّفْلُ نقيضُ العُلْو في التسفُّل و التَعلِّي.
و السافلة نَقيضُ العالية في النَّهْر و الرُّمْح و نحوه. و السافلُ نَقيضُ العالي، و السفْلة نقيض العِلْية، و السفَالُ نَقِيض العَلاء، يقال: أمْرهمْ في سَفال و في عَلاء.
و السفُول مصدرٌ، و هو نقيض العُلُوّ.
و السفْلُ نقيضُ العِلْو في البِناء.
و قوله تعالى: ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (5)
 [التين: 5]، أي: رددناه إِلى‏ أَرْذَلِ الْعُمُرِ*، كأنه قال: رددناه أسفل من سَفَل، و أسفل سافل. و قيل: معناه: رددناه إلى الضلال، كما قال تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا [العصر: 2، 3].
و قال ابن السكّيت: هم السفِلة لأراذل الناس، هم من عِلْيَة الناس و من العرب من يخفِّف فيقول: هم السفْلة. و سَفِلة البعير: قوائمُه و فلان من سَفلة القوم: إذا كان من أراذلهم و أَسافل الإِبل: صِغارُها، و أنشد أبو عُبَيد:
تَواكلَها الأزمانُ حتى أَجَأْنَها             إلى جَلَدٍ منها قليلِ الأسافلِ‏
أي: قليل الأولاد.
و يقال: كُن في عُلاوة الرِّيح و سُفَالةِ الرِّيح، فأما عُلاوَتُها فأنْ يكون فوقَ الصَّيد، و أمّا سفَالتُها فأن يكون تحتَ الصَّيْد، لأنه يستقبِل الرِّيحَ.
و قول اللّه تعالى: وَ الرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ‏
 [الأنفال: 42]، قرى‏ء بالنّصب‏

298
تهذيب اللغة12

سفل ص 298

لأنه ظَرْف، و لو قرى‏ء: (أسفلُ) بالرفع فمعناه: أشَدُّ تَسفُّلًا.
سلف:
قال الليث و غيرُه: السَّلَفُ: القَرْضُ، و الفِعْل أسْلَفْت، يقال: سَلَّفتُه مالًا، أي:
أقرَضْته.
قلتُ: و كلُّ مالٍ قدَّمْته في ثمن سِلْعة مضمونةٍ اشتريتَها بصفَةٍ فهو سَلَف و سَلَم.
و
رُوِي عن النّبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «مَن سَلَّف فليُسَلّف في كَيْلٍ معلومٍ و وزْنٍ معلوم»
أراد من قَدّم مالًا و دَفَعه إلى رجل في سِلعة مضمونة، يقال: سَلّفْتُ و أَسْلَفْتُ و أَسْلَمْتُ بمعنًى واحد، و هذا هو الذي يُسمّيه عَوامُّ الناس عندنا السَّلَم.
و السَّلَف في المعامَلات له معنيان:
أحدُهما القرض الذي لا مَنْفَعَةَ للمُقْرِض فيه و على المُقْرَض رَدُّه كما أَخَذه، و العرب تسمّيه السَّلَف، كما ذكره الليث في أول الباب. و المعنى الثاني في السَّلَف: السَّلَمُ و هو في المعنييْن مَعاً اسمٌ مِنْ أَسْلَفْتُ، و كذلك السَّلَم اسمٌ من أسلَمْتُ.
و للسَّلَف معنيان آخَران: أحدُهما: أَن كلّ شي‏ء قدّمَه العبدُ من عَمَل صالحٍ، أو ولَدٍ فَرَطٍ تَقدَّمه فهو سَلَف، و قد سَلَف له عَمَلٌ صالح. و السلَف أيضاً: مَن تَقدَّمك من آبائك و ذَوِي قَرابتَك الذين هم فوقَكَ في السنّ و الفَضْل، واحدهم سالِف، و منه قولُ طُفَيل الغَنَويّ يرثي قومه:
مَضَوا سَلَفاً قَصْدُ السبِيل عليهمُ             و صَرْفُ المنَايا بالرِّجال تَقَلَّبُ‏
أراد أنهم تقدَّمونا و قَصْدُ سبيلنا عليهم، أي: نَموت كمَا ماتُوا فنَكون سلَفاً لمن بعدَنا كما كانوا سلَفاً لنا.
و قال الفرّاء في قولِ اللّه جلّ و عزّ:
فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَ مَثَلًا لِلْآخِرِينَ (56)
 [الزخرف: 56]، يقول: جعلناهم سَلَفاً متقدِّمين ليتّعظ بهم الآخِرون.
قال: و قرأ يحيى بن وثّابٍ: (سُلُفاً) مضمومةٌ مثقّلة.
قال: و زعم القاسمُ أنّه سمع واحدها سَلِيفاً، قال: و قرى‏ء: (سَلَفاً)
 كأنّ واحدتها سُلْفة، أي: قِطْعة من الناس مِثل أُمّة.
و قال الليث: الأُمَم السالفة: الماضيةُ أَمامَ الغابرة، و تُجمعُ سوالف، و أَنشَدَ في ذلك:
و لاقَتْ مَناياها القُرونُ السَّوالِفُ             كذلك يَلْقاها القُرونُ الخَوالِفُ‏
قال: و السالفةُ: أَعْلى العُنُق. و سالِفَة الفَرَس و غيرِها: هادِيَتُه، أي: ما تَقَدَّم من عُنُقه.
أبو عُبيد عن أبي عمرو: السَّلْف:
الجِراب، و جمعُه سُلوف، و أَنشَد شمر لبعض الهذليِّين:

299
تهذيب اللغة12

سلف ص 299

أَخذتُ لهم سَلْفَيْ حَتِيٍّ و بُرْنْساً             و سَحْقَ سَرَاوِيلٍ و جَرْدَ شَلِيلِ‏
أراد جِرَابَيْ حَتِيٍّ، و هو سَويق المُقْل.
أبو عبيد عن أبي زيد: يقال للطّعام الذي يتعلّل به قبلَ الغذاء: السُّلْفة. و قد سلَّفْتُ القومَ، و سلّفتُ للقوم، و هي اللُّهنة.
أبو عبيد عن الفرّاء: قال المُسْلِف من النساء: التي قد بلغتْ خمساً و أربعين و نحوها، و أَنشَد:
إذا ثَلَاثٌ كالدُّمَى             و كاعِبٌ مُسْلِفُ‏
و
رُوِيَ عن محمد بن الحنفيّة أنه قال:
أرضُ الجَنّة مَسْلُوفةٌ.
قال أبو عُبيد: قال الأصمعيّ: هي المستوِيَة. قال: و هذه لغة أهلِ اليَمَن و الطائف و تيل الناحية يقولون: سلَفْتُ الأرضَ أسلُفُها. و يقال للحَجَر الذي تُسوَّى به الأرض: مِسلَفة.
قال أبو عُبَيد: و أحسبُه حَجَراً مُدْمَجاً يُدحرَج به على الأرض لتَستوِيَ.
و قال اللّيث: تُسمَّى غُرْلة الصبيِّ سُلْفةً، و السُّلْفةُ: جِلدٌ رقيق يُجعَل بِطانةً للخِفاف، و ربّما كان أحمرَ و أصفرَ. قال: و السَّلُوف من نِصالِ السِّهام: ما طال، و أَنشَد:
* شَكّ كُلاها بِسلُوفٍ سَنْدَرِيُّ*
و السِّلْفانِ: رجلان تزوَّجا بأختين، كلُّ واحد منهما سِلْفٌ لصاحبه. و المرأةُ سِلْفةٌ لصاحبتها: إذا تزوّجت أختان بأخَوين.
قال: و السُّلَافَة من الخمر: أخلَصُها و أفضَلُها، و ذلك إذا تَحَلَّب من العنب بلا عَصْر و لا مَرْث و كذلك من التَّمْر و الزَّبيب ما لم يُعَد عليه الماء بعد تَحلُّب أوّله و السُّلَفُ و السُّلَكُ: من أولاد الحَجَل، و جمعُه سِلْفان و سِلْكان.
و أَخبَرني المنذريُّ عن الحَسَن أنّه أنشدَه بيتَ سَعْد القرقرة:
نحنُ بغَرْس الوَدِيِّ أعَلُمنا             مِنّا برَكْض الجيادِ في السُّلَفِ‏
قال: و السُّلَف جمعُ السُّلْفة من الأرض، و هي الكرْدَة المسوّاة.
و قال أبو زيد: جاء القومُ سُلْفة سُلْفة: إذا جاء بعضُهم في إثْر بعض. و سُلافُ العَسْكَر: مُقدِّمتهُم. و سَلفْتُ القومَ و أنا أسلُفُهم سَلَفاً: إذا تقدّمتهم. قال مرة بن عبد اللّه اللحياني:
كأن بناته سِلفانُ رَخْم             حواصِلُهن أمثال الزَّقاق‏
قال: واحد السلفان سُلف، و هو الفرخ.
قال: سُلَكٌ و سِلكان: فِرَاخ الحَجل.
س ل ب‏
سلب، سبل، لسب، لبس، بلس، بسل.
سلب:
قال الليث: السَّلَب: ما يُسْلَب به و الجميعُ الأَسْلاب، و كلُّ شي‏ء على‏

300
تهذيب اللغة12

سلب ص 300

الإنسان من اللباس فهو سَلَب، و الفعل سَلَبْتُه أسلُبه سلَباً: إذا أخذتَ سَلَبه. قال:
و السَّلوب من النوق الَّتي ترمِي بوَلدِها.
و قد أسلبتْ ناقتكُم، و هي سَلوب: إذا ألقتْ ولدَها قبل أن يتمّ، و الجميعُ السلَّائب.
اللّحياني: امرأةٌ سَلُوب و سَليبٌ: و هي الّتي يموت زوجُها أو حميمُها فتسَلَّب عليه.
و قال أبو زَيْد: يقال للرّجل ما لي أراكَ مُسْلَباً: و ذلك إذا لم يَألَفْ أحداً و لا يَسكُن إليه، و إنما شُبّه بالوحش، يقال:
إنّه لوحشيّ مُسْلَب، أي: لا يألَف و لا تنكسر نفسُه.
و
في حديث ابنِ عمَر: أن سعيدَ بنَ جُبير دخل عليه و هو متوسِّد مرْفَقَة أَدَمٍ حَشْوها لِيفٌ أو سَلَب.
قال أبو عُبيد: سألتُ عن السَّلَب فقيل:
ليْس بلِيف المُقْل، و لكنّه شجرٌ معروف باليَمَن يُعمل منه الحبال و هو أجْفَى من ليفِ المُقْل و أصلَبُ.
و أَنشَد شمِر في السَّلَب:
فَظلَّ يَنزِع منها الجِلْد ضَاحِية             كما يُنَشْنِشُ كَفُّ الفاتِل السَّلَبا
قال: يُنشنِش أي يُحرِّك.
قال شمر: و السَّلَبُ: قِشْرٌ من قُشور الشجر يُعمَل منه السِّلال، يقال لِسوقه سوقُ السَّلّايين، و هي بمكةَ معروفة.
و قال الليث: السَّلَب: لِيف المُقْل، و هو أبيَض.
قلتُ: غَلِط اللّيث فيه، و شجرةٌ سُلُبٌ: إذا تَناثَر ورَقُها؛ قال ذو الرمّة:
* أو هَيْشَرٌ سُلُب*
قال شمِر: هَيْشَرٌ سُلُبٌ: لا قِشْرَ عليه.
و يقال: اسْلبْ هذه القَصَبة، أي: قَشِّرها، و سَلَبُ القصبَةِ و الشَّجَرة قِشْرها. و سَلَبُ الذبيحة: إهابُها و رأسُها و أكارِعُها و بطنُها.
و سَلبُ الرجل: ثيابُه.
و قال رؤبة:
* يَراعُ سَيْر كاليَراعِ الأَسْلَب*
اليَراعُ: القَصَب، و الأَسْلابُ: الّتي قد قُشِرت، و واحد الأسلاب سَلَب و سَلِيب.
أبو عبيد: السُّلُب: الثِّياب السُّود التي تَلبَسها النّساء في المآتم، واحدُها سِلَاب، و قال لَبيد:
يَخْمشْ حُرَّ أوجُهٍ صِحاح             في السُّلُب السُّود و في الأَمْساح‏
و امرأةٌ مسلِّبٌ: إذا كانت مُحِدَّاً تَلبَس الثّياب السُّودَ للحِداد.
أبو عُبيد عن الأصمعيّ: السَّلِبُ:
الطويل. و قال الليث: فرسٌ سَلِبُ القوائِم: خفيفُ نَقْلِها. و رجُل سَلِب اليَدَين بالطَّعن و الضَّرب: خفيفُهما. و ثورٌ سَلبُ الطَّعْنِ بالقَرْنِ.

301
تهذيب اللغة12

سلف ص 299

و قال غيره: فرسٌ سَلِبُ القوائم، أي:
طويلُها، و هذا صحيحٌ.
ثعلب عن ابن الأعرابي: السُّلْبة: الجُرْدَة، يقال: ما أَحسَن سُلْبتَها و جُرْدَتها. و يقال للسَّطر من النَّخل: أُسْلوب، و كلُّ طريقٍ ممتدٍّ فهو أُسْلوب. قال: و الأسلوبُ:
الوجهُ و الطّريق و المذهب، يقال: أنتُم في أُسْلوبِ شَرّ، و يجمع أَساليب.
و أَنشَد شمِر:
* أُنوفُهمْ مِلْفَخْرِ في أُسْلُوبِ*
أراد من الفَخْر، فحَذَف النون.
أخبرنا ابن منيع قال: حدثنا محمد بن بكار بن الريان، قال: حدثنا محمد بن طلحة عن الحكم بن عيينة عن عبد اللّه بن شداد بن الهاد عن أسماء بنت عميس أنها قالت: لما أصيب جعفر أمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقال: «تسَلبي ثلاثاً ثم اصنعي ما شئت»
تسلّبي، أي: البسي ثياب الحداد السود.
سبل:
قال ابن السِّكّيت و غيرُه: السَّبيل الطّريق يؤنَّثان و يذكَّران، قال اللّه تعالى:
وَ إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا
 [الأعراف: 46]، و قال: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي‏
 [يوسف: 108]، و جمعُ السَّبيل سُبُل. و ابنُ السبيل: المسافرُ الَّذي انقُطِع به و هو يريد الرجوع إلى بلدِه و لا يَجد ما يَتبلّغُ به، فلَهُ في الصَّدَقات نصيب. و قولُ اللّه: وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏
 [التوبة: 60]، أريدَ به الّذي يريد الغَزْوَ و لا يَجِد ما يُبلِّغه مَغْزاه فيُعطَى مِن سَهْمه.
و كلُّ سَبِيل أُريدَ به اللّه جلَّ و عزّ و فيه بِرٌّ فهو داخلٌ في سبيل اللّه. و إذا حَبَس الرجلُ عُقْدةً له و سَبّل ثمَرَها أو غَلتَها فإنّه يُسلَك بما سَبَّل سُبُل الخير، يُعْطَى منه ابنُ السّبيل و الفقيرُ و المجاهدُ و غيرُهم.
و قال الشافعيّ: سَهْمُ سبيلِ اللّه في آيَة الصَّدَقات يُعطَى منه من أراد الغَزْوَ مِن أهل الصَّدقة فقيراً كان أو غنيّاً. قال:
و ابنُ السَّبيل عندي: ابنُ السَّبيل من أهل الصَّدَقة الّذي يُريد بلداً غير بلدِه لأمر يلزمه. قال: و يُعطى الغازي الحَمولة و السّلاح و النفقةَ و الكسوة. و يُعطى ابنُ السبيل قدر ما يبلّغه البلد الذي يريده في نفَقَته و حَمُولتَه.
و قال اللّحياني: المُسْبِل من قِداح المَيْسر:
السادسُ و فيه ستّة فُروض، و له غُنْم ستّة أَنصِباء إن فاز، و عليه غُرْم ستّة أنصباء إن لم يَفُزْ، و جمعُه المسَابِل.
و
حدثنا السعدي قال: حدثنا إبراهيم بن هانى‏ء، قال: حدثنا عفان قال: حدثنا شعبة قال: أخبرني علي بن مدرك قال:
سمعت أبا زرعة بن عمرو بن جرير يحدّث عن خرشة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و آله: «ثلاثة لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِم‏

302
تهذيب اللغة12

سبل ص 302

يَوْمَ الْقِيامَةِ، وَ لا يُزَكِّيهِمْ»، قال: قلت:
و من هم خابوا و خسِروا؟ فأعادها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ثلاث مرات: المُسبل و المَنَّان و المُنفِّق سلعته بالحلف الكاذب.
قال ابن الأعرابي: المسبلُ: الذي يطوّل ثوبه و يرسله إلى الأرض و نحو ذلك.
قال النضر رواية أبي دواد.
قال الفراء في قوله: فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا*
 [الإسراء: 48]، قال: لا يستطيعون في أمرك حيلة.
و قوله عز و جل: لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ‏
 [آل عمران: 75]، كان أهل الكتاب إذا بايعهم المسلمون قال بعضهم لبعض: ليس للأميين- يعني للعرب- حُرمة أهل ديننا، و أموالهم حِلٌّ لنا.
و قال الليث: السَّبُولة: هي سُنْبُلة الذُّرَة و الأَرُزّ و نحوه: إذا مالت.
و يقال: قد أَسْبَلَ الذرعُ إذا سَنْبَل.
و الفرسُ يُسْبِل ذَنَبه، و المرأةُ تُسْبِل ذَيْلَها.
قال: و السَّبَلَةُ: ما على الشَّفَة العُلْيا من الشَّعر بجمع الشارِبَين و ما بينهما. و المرأةُ إذا كان لها هُناك شعر قيل: امرأةٌ سَبْلاء، و السَّبَلُ: المطرُ المُسبِل.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: السَّبَلُ:
أطرافُ السُّنْبُل.
و يقال: أَسبَلَ فلانٌ ثيابَه: إذا طوَّلها و أرسلَها إلى الأرض.
و أَسبَلَت السحابة: إذا أَرْخَتْ عَثانينَها إلى الأرض.
قال اللّيث: يقال: سَبَلٌ سابِلٌ، كقولك:
شِعْر شاعر؛ اشتَقّوا له اسماً فاعلًا.
و
في الحديث: «إنه وافر السَّبَلة»
. قال أبو منصور: يعني الشعرات التي تحت اللَّحْي الأسفل.
و السَّبلةُ عند العرب: مقدَّم اللحية، و ما أسبل منها على الصدر.
يقال للرجل إذا كان كذلك: رجل أسْبَلُ و مسَبَّل.
و السابلةُ: المختلفةُ في الطُّرُقات في حوائِجهم و الجميع السَّوابل.
و قال غيرُه: السَّبلةُ: مقدَّم اللِّحْية، و رجُلٌ مُسَبَّلٌ: إذا كان طويلَ اللِّحية، و قد سُبِّل تَسْبيلًا كأنه أُعْطِيَ سَبَلةً طويلة.
و يقال: جاء فلانٌ و قد نشرَ سَبَلَته: إذا جاء يتوعَّد، و قال الشَّمّاخ:
و جاءَتْ سُلَيْمٌ قَضَّها بقَضيضها             تُنَشِّرُ حَوْلِي بالبقيعِ سِبَالَها
و يقال للأعداء: هم صُهْبُ السِّبال، و منه قولُه:
فظِلالُ السُّيوفِ شَيَّبْنَ رأْسي             و اعتناقِي في القوْمِ صُهْبَ السِّبالِ‏
و قال أبو زيد: السَّبلة: ما ظَهَر من مقدَّم اللِّحية بعد العارِضين. و العُثْنُون: ما بَطَن.

303
تهذيب اللغة12

سبل ص 302

قال: و السَّبلَة: المَنحر من البعير، و هو التَّريبة، و فيه ثُغْرة النَّحْر.
يقال: وجَأَ بشَفْرَته في سَبَلَتِها، أي:
مَنْحَرِها.
و إن بَعيرَك لحسَن السَّبلة: يريد رِقَّة خده.
قلتُ: و قد سمعتُ أعرابياً يقول: لَتَمَ بالتاء فلان في سَبلةِ بعيره: إذا نَحَره فطَعَن في نحرِه؛ و كأنّها شَعَرات تكون في المَنْحر. و أسْبِيل: اسمُ بلد.
قال خَلَف الأَحمر:
لا أَرضَ إلّا اسْبِيلْ             و كلُّ أرضٍ تَضْليلْ‏
و قال النَّمِر بنُ تَوْلَب:
بإسْبِيلَ ألقَتْ به أُمُّهُ             على رأسِ ذِي حُبُكٍ أَيْهمَا
ثعلب عن ابن الأعرابي: السُّبْلةُ: المَطْرَةُ الواسعة.
و قال أبو زيد: السَّبل: المَطر بين السحاب و الأَرض حين يَخْرُج من السحاب و لم يَصل إلى الأَرض. و قد أسبَلَتِ السماءُ إسْبالًا، و مِثْل السَّبل العثانين، واحدُها عُثْنون. و مَلأَ الإناءَ إلى سَبَلتِه، أي: إلى رَأْسِه.
بسل:
قال اللّه جلّ و عزّ: أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا
 [الأنعام: 70].
قال الحسن: أُبْسِلُوا
 أُسْلِمُوا بجرائرهم، أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ‏
 [الأنعام: 70]؛ أي: تسلم للهلاك.
قال أبو منصور: أي لئلا تسلم نفس إلى العذاب بعملها. و المسْتَبْسِلُ: الذي يقع في مكروه و لا مخلص له منه، فيستسلم موقناً لهلكه.
و
أخبرَني المنذرِيُّ عن الأَسديّ عن الرِّياشي قال: حدّثنا أبو مَعْمَر، عن عبد الوارث عن عمرو، عن الحسن في قوله تعالى: أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا
 [الأنعام:
70] قال: أُسلِموا.
قال: و أَنشدَنا الرِّياشيّ:
و إبْسالِي بَنِيَّ بغيرِ جُرْمٍ             بعَوْناه و لا بِدَمٍ مُراقٍ‏
قال: و قال الشَّنْفَرَى:
هُنالِك لا أَرْجُو حَياةً تسرُّني             سَميرَ اللَّيالي مُبْسَلًا لجرَائري‏
أي: مُسلَماً.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ في قوله: أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ‏
 [الأنعام: 70]، أي: تُحبَس في جهنّم.
و
قال الفرّاء في قوله: أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا
 [الأنعام: 70]، أي: ارُتهِنوا، و نحو ذلك قال الكَلْبيّ، و رُوِي عنه أُهلِكوا. و قال مجاهد: فُضِحوا. و قال قَتادة: حُبِسوا.

304
تهذيب اللغة12

بسل ص 304

و أخبرني المنذرِيّ عن أبي الهَيْثم أنّه قال:
يقال: أَبْسَلْته بجَرِيرَتِه، أي: أَسَلَمْتُه بها.
قال: و يقال: جَزيْتُه بها. قال: و بسلْتُ الرّاقِيَ: أعطيتُه بُسْلَتَه، و هي أجرتُه.
و أخبَرَني المنذريُّ عن المفضَّل بن سَلَمة أنَّه قال البَسْل من الأضداد. هو الحَرَام و الحلال جميعاً، و قال الأعشَى في الحَرام:
أجارَتَكُمْ بسْلٌ علينا مُخرَّمٌ             و جارَتُنا حِلٌّ لكمْ و حَلِيلُها
و قال ابن هَمّام في البسل بمعنى الحَلال:
أينفذ ما زِدْتُم و تُمحَى زِيادَتِي             دَمِي إن أجِيزَتْ هذه لكم بَسْلُ‏
و أخبرني ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال:
البَسْل: المُخَلَّى في هذا البيت.
و قال أبو طالب: البَسْلُ أيضاً في الكِفاية.
و البَسْل أيضاً في الدُّعاء، و يقال: بسْلًا له، كما يقال: وَيْلًا له، قال: و قال ثعلب: البَسل: اللَّحْيُ في المَلامِ، رواه عن ابن الأعرابي.
و رَوَى أبو عمر عن ثَعْلب عن عمرو عن أبيه قال: البَسل: الحلال. و البَسلُ:
الحرام. و البَسلُ: أخذُ الشي‏ء قليلًا قليلًا، و البَسلُ: عُصارة العُصْفُر و الحِنّا، و البَسلُ: الحَبْس.
و قال ابن هانى‏ء: قال أبو مالك: البَسل يكون بمعنى حَلالٍ و بمعنَى حرام، و بمعنى التَّوكيد في المَلام، مِثْل قولِك تَبّاً.
قلتُ: سمعتُ أعرابيّاً يقول لابن له عَزَم عليه فقال له: عَسْلًا و بسْلًا، أراد بذلك لَحْيَه و لَوْمَه.
و أخبَرَني المنذريُّ عن ابن الهيثم أنه قال:
يقول الرَّجُل بسْلًا: إذا أراد أمِين في الاستجابة.
و قال الليث: بسل الرجلُ يَبْسل بسولًا فهو باسِل. و هي عُبوسَةُ الشّجاعة و الغضب.
و أَسَدٌ باسِلٌ. و استبسلَ الرجُل للموت:
إذا وَطَّن نفسه عليه و استَيْقَنَ به. و ابتَسل الرجُل: إذا أَخَذ على رُقْيته أَجْراً. قال:
و إذا دعا الرجُل على صاحبه يقول: قَطَع اللّه مَطاكَ، فيقول الآخَر: بسلًا بسلًا، أي: آمين آمين، و أَنشَد:
  لا خابَ مِن نَفْعِك من رَجَاكَا             بَسْلًا و عادَى اللّهُ مَن عاداكا
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: ضَاف أعرابيٌّ قوماً فقال: ائتوني بكُسعٍ جَبِيزات و ببَسيلٍ من قَطَاميٍّ ناقس.
قال: و البسيلُ: الفَضْلة. و القَطَاميُّ:
النَّبيذ.
قال: و الناقس: الحامض. و الكُسَع:
الكِسَر. و الجَبِيزَات: اليابسات.
و تَبَسَّل لي فلانٌ: إذا رأيتَه كَرِيهَ المَنظَر.
قال أبو ذؤيب:
* و كنت ذنوب البئر لما تُبُسِّلت*

305
تهذيب اللغة12

بسل ص 304

أي: كرهت. و يجوز: لما تَبَسَّلت. و بَسّل فلان وجهه تبسيلًا: إذا كرّهه.
أبو عُبيد: البسالة: الشَّجاعة. و الباسِلُ:
الشديد.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: البسل: الشّدّة.
و البسل: نَخْل الشي‏ء في المُنخل. و البَسْل بمعنى الإيجاب.
و كان عمرُ يقول في آخِر دعائه: آمينَ و بَسْلًا، معناه: يا رَبِّ إيجاباً.
و قال أبو عَمْرو: الحنظل المُبَسَّل: أن يُؤكَل وحدَه، و هو يُحرِق الكَبِد، و أَنشد:
بئسَ الطعامُ الحَنظَلُ المبَسَّلُ             تَيْجَعُ منه كَبِدي و أَكْسَلُ‏
بلس:
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: البُلُس- بضمّ الباء و اللام- العَدَس و هو البَلْسُ.
قال: و البَلَس: ثَمَرُ التِّين إذا أَدْرَك، الواحدة بَلَسة.
قال: و يقال: اللّبنُ الذي يَسيل من خُضَر التِّين: النّسَل.
و قال أبو منصور: و كنت أَغفلت النسل في بابه فأتيته في هذا الباب.
أبو عُبيد عن أبي عُبَيدة قال: و مما دخل في كلام العَرَب من كلام فارس: المِسْحُ تُسَمِّيه البَلَاس بالباء المشبعة و جمعُه بُلُس.
قال غيره: يقال لبائعه: البَلّاس. و قال الفراء: المبلس: اليائس، و لذلك قيل للذي يسكت عند انقطاع حجته، و لا يكون عنده جواب: قد أَبْلَس، و قال العَجّاج:
* قال نَعَمْ أعرِفه و أَبْلَسَا*
أي: لم يُحْرِ إليَّ جواباً، و نحو ذلك قال يونس و أبو عبيدة في المُبْلِس. و قيل: إنَّ إبليسَ سُمّيَ بهذا الاسم لأنّه لمّا أَوِيسَ مِن رَحمة اللّه أَبلَسَ إبلاساً.
و
جاء في حديثٍ آخَرَ: «من أحَبَّ أن يَرِقَّ قلبُه فليُدْمِن أكل البَلَس»
، و هو التِّين، إن كانت الرّواية بفتح الباء و اللام، و إن كانت الرّواية البُلْس فهو العَدَس.
و
في حديث عطاء: البُلْسنُ و هو العدس.
و قال اللّحياني: ما ذقتُ عَلوساً و لا بَلُوساً، أي: ما أكلت شيئاً.
و قال الليث: بَلَسانٌ: شَجَرٌ يُجعَل حَبُّه في الدّواء، قال: و لحَبّه دُهْن يُتَنافَس فيه.
قلتُ: بَلَسان: أَراه رُوميّاً.
و قال أبو بكر: الإبلاس: معناه في اللغة القنوط، و قطع الرجاء من رحمة اللّه، و أنشد:
و حضرتُ يوم خميس الأخماسْ             و في الوجوه صفرةٌ و إبلاسْ‏
و قال: أبلس الرجلُ: إذا انقطع فلم تكن له حجة. و قال:

306
تهذيب اللغة12

بلس ص 306

به هَدَى اللّه قوماً من ضلالتهم             و قد أُعِدّت لهم إذا أبلسوا سَقَرُ
لبس:
قال اللّه جلّ و عزّ: وَ لَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ‏
 [الأنعام: 9]، يقال: لَبَسْتُ الأمرَ على القوم ألبِسه لَبْساً: إذا شَبهتَه عليهم و جعلتَه مُشكِلًا، و كان رُؤَساء الكفّار يَلبِسُون على ضَعَفَتِهمْ في أمرِ النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم، فقالوا: هلّا أنزِل إلينا مَلَك؟
فقال اللّه تعالى: وَ لَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً [الأنعام:
8]، فرأوا المَلَك رَجُلًا لكان يَلحَقهم فيه من اللَّبْس مِثْل ما لَحِق ضَعَفَتَهم منه.
و قال ابن السكّيت: اللَّبْس: اختلاط الأمر، يقال في أمرهم لَبْس. قال:
و يقال: كُشِفَ عن الهَوْدج لِبْسُه. قال:
و لِبْس الكَعبة: ما عليها من اللِّباس، و قال حُميدُ بن ثَور:
فلمّا كَشَفْن اللِّبْس عنه مَسَحْنَه             بأطرافِ طَفْلٍ زانَ غَيْلًا مُوَشَّمَا
يصف فرساً خدمته جواري الحي.
قال: و يقال: لبَسَت عليه الأمرَ فأنا أَلبِسه لَبْساً: إذا خَلَطْتَه عليه حتى لا يَعرفَ جِهتَه. و لبِسْت الثوبَ ألبَسه لُبْساً. و قال اللّه جلّ و عزّ: وَ عَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ‏
 [الأنبياء: 80]، قالوا: هي الدُّروع تُلبَس في الحَرْب. و ثوبٌ لَبِيس:
إذا أُكثِر لُبْسه. و مُلاءَةٌ لَبِيس بغير هاء.
و قال اللّيث: اللَّبَسة: بقْلة.
قلتُ: لا أَعْرِف اللَّبَسَة في البُقول، و لم أَسمَع بها لغير اللّيث. و اللِّبْسة: حالةٌ من حالات اللُّبْس، و لبِستُ الثوبَ لَبْسةً واحدة، و يقال: لبِستُ امرأةً، أي:
تمتّعت بها زَماناً، و لَبِستُ قوماً، أي:
تملّيتُ بهم دَهْراً.
و قال الجَعْدِيّ:
لَبستُ أُناساً فأَفنَيْتُهمْ             و أفنَيْتُ بَعدَ أُناسٍ أُناسَا
و يقال: ألبست الشي‏ء- بالألف- إذا غطيته. يقال: ألبست السماءُ السحابَ:
إذا غَطَّتها. و يقال: الحرة الأرض التي لبستها حجارة سود. و لبِست الثوب لبساً.
و لبَست عليه الأمر ألبِسه: إذا خلطته.
و قول اللّه جلّ و عزّ: جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً
 [الفرقان: 47]، أي: تَسكُنون فيه، و هو مشتمِل عليكم. و قال في النساء:
هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَ أَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ‏
 [البقرة:
187]، قيل: المعنى: تُعانِقوهُنّ و يعانِقْنَكم. و قيل أيضاً: هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَ أَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ‏
، أي: كلُّ فريق منكم يَسكُن إلى صاحبه و يُلابِسه. كما قال:
وَ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها [الأعراف: 189]، و العَرَبُ تسمِّي المرأة لِباساً و إزاراً، و قال الجَعْديّ يصف امرأةً:
إذا مَا الضَّجِيع ثَنَى عِطْفَهُ             تَثَنّتْ فكانتْ عليه لِباسَا

307
تهذيب اللغة12

لبس ص 307

و قال أبو إسحاق في قول اللّه جلّ و عزّ:
فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ‏
 [النحل:
112]، جاعوا حتى أَكَلوا الوَبَر بالدّم، و بلغ منهم الجُوع الحَال التي لا غايَة بعدَها، فضُربَ اللِّباسُ لِمَا نالهم مَثَلًا لاشتماله على لابِسه.
و أخبَرَني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: من أمثالهم: «أَعرَضَ ثوبُ المُلْبِس»، و يقال: ثوبُ المُلْبَس.
و يقال: ثوب المَلْبَس، و يقال: ثوب المُلْبس. يضرب هذا المثل لمن اتسعت قرفته، أي: كثر من يتهمه فيما سرقه.
قال: و المُلْبِس: الّذي يُلبِسُك و يُحلِّك.
و المِلْبَس: اللباس بعَيْنه، كما يقال: إزار و مِئْزَر، و لِحاف و مِلْحَف. و من قال:
المَلْبَس أراد ثوبَ اللُّبْس. كما قال:
* و بَعدَ المَشيبِ طُول عُمْرٍ و مَلْبَسا*
و رُوِي عن الأصمعيّ في تفسير هذا المثل قال: يقال ذلك للرّجل يقال له: ممّن أنت؟ فيقول: مِن مُضَر، أو من رَبيعة أو من اليمَن، أي: عمَمْتَ و لَم تَخُصَّ.
و قال أبو زيد: يقال: إنّ في فلانٍ المَلْبَسا، أي: ليس به كِبْر، و يقال: كِبَر، و يقال: ليس لفلانٍ لَبِيس، أي: ليس له مِثل، و قال أبو مالك: هو من المُلابَسة، و هي المُخالَطة. قال: و يقال: لَبِسْتُ فلانة عُمْرِي، أي: كانت معي شَبابي كلّه، و التَبَس عليّ الأمرُ يَلتَبِس، أي:
اختَلَط، و تَلبَّسَ حُبُّ فلانةَ بدَمي و لَحْمي، أي: اختَلَط.
شَمِر: قال أبو عمرو: يقال للشي‏ء إذا غطاه كله: ألبسه، و لا يكون لبسه، كقولهم: ألبسنا الليل. و ألبس السماءَ السحابَ، و لا يكون: لبِسْنا الليل. و لا لبس السماءُ السحابَ.
قال الشيخ: و يقال: هذه أرض ألبستها حجارة سود، أي: غطتها. و الدَّجْنُ: أن يُلبس الغيمُ السماء. و
في الحديث:
 «فيأكل ما يتلبَّس بيده طعام»
، أي: لا يَلزَق به لنظافة أكله.
و
في المَوْلد و المَبْعَث فجاء الملك فشقّ عن قلبه. قال: «فخفت أن يكون قد التُبس بي»
، أي: خولطت. من قولك:
في رأيه لَبْسٌ، أي: اختلاط. و يقال للمجنون: مخالَط.
لسب:
الحرّاني عن ابن السكّيت أنه قال:
لَسبَتْه العقربُ تَلْسِبُه لَسْباً: إذا لَسَعَتْه، و يقال: لَسِبتُ العَسَل و السَّمْن أَلْسَبه لَسْباً:
إذا لَعِقْته.
و قال الليث: لسَبته الحيّةُ لَسْباً، و أكثرَ ما يُستعمَل في العقرب.

308
تهذيب اللغة12

س ل م 309

س ل م‏
سلم، سمل، لمس، لسم، ملس، مسل.
سلم:
قال اللّه جلّ و عزّ: لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ‏
 [الأنعام: 127]، قال أبو إسحاق:
أي: للمؤمنين دارُ السلام. قال: و قال بَعضُهم: السَّلام هَهنا اسمٌ من أسماء اللّه تعالى، و دَليلُه قولُه: السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ‏
 [الحشر: 23].
قال: و يجوز أن تكون الجنّة سُمّيَتْ دارَ السّلام لأنّها دارُ السَّلامة الدائمة التي لا تَنقطِع و لا تَغنَى.
و أَنشَد غيرُه:
تُحيَّا بالسّلامةِ أمُّ بَكْرٍ             و هلْ لكِ بعد قومِكِ من سَلامِ‏
و قال بعضُهم: قيل: للَّه السَّلامُ‏
 لأنه سَلِم ممَّا يَلحَق الخلقَ من آفات الغِيَر و الفَناء، و أنّه الباقي الدائم الذي يُفنِي الخَلْق، و لا يَفنَى، وَ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ*.
و قال أبو إسحاق في قول اللّه جلّ و عزّ:
فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ‏
 [الأنعام:
54]، الآية، سمعتُ محمدَ بنَ يزيدَ يَذكُر أنّ السّلام في لغة العرب أربعةُ أشياء فمنها: سَلّمتُ سلاماً مَصدَر سلّمت، و منها السلام جمعُ سَلامة، و منها السَّلام اسمٌ من أسماءِ اللّه تَبَارك و تعالى، و منها السَّلام شجر.
قال: و معنى السلَام الّذي هو مَصدَر سَلَّمت أنَّه دعاءٌ للإنسان بأن يَسلَم من الآفات في دِينه و نَفْسِه، و تأويلُه التَّخْليص.
و قال: و السَّلام اسمُ اللّه، و تأويلُه و اللّه أعلم: إنَّه ذو السلام الَّذي يَملِك السلام، هو تخليصٌ من المكروه. و أمّا السلام الشَّجَر فهو شَجَر قويٌّ عظيم أحسبه سَمِّي سلاماً لسلامته من الآفات.
قال: و السِّلام بكسر السين: الحجارة الصُّلْبة، سُمِّيتْ سِلَاماً لسلامتها من الرَّخاوة و أَنشد غيرُه:
تَدَاعَيْنَ باسمِ الشِّيب في مُتثَلِّمٍ             جَوانِبُه من بَصْرَةٍ و سِلامِ‏
و الواحِدَة سَلِمة.
و قال لَبيد:
* خَلَقاً كما ضَمِن الوُحِيَّ سِلامُها*
و أنشد أبو عُبَيدة في السلِمة:
ذَاكَ خَليلي و ذُو يُعاتِبُني             يَرمِي ورائي بِأمْسَهِم و امْسلمهْ‏
أراد و السِلمة، و هي من لُغات حِمْيَر.
و قال أبو بكر بنُ الأنباريّ: سُمِّيتْ بغدادُ مدينةَ السلام لِقُرْبِها من دِجْلة، و كانت دجلة تسمَّى نَهْرَ السلام.
و قال ابن شُمَيل: السلام: جماعةُ الحِجارة، الصغيرُ منها و الكبير لا يوحِّدونها.

309
تهذيب اللغة12

سلم ص 309

و قال أبو خَيْرة: السلام: اسم جميع.
و قال غيرُه: هو اسمٌ لكلّ حَجَر عريض.
و قال: سَلِيمة و سَلِيم مثل سِلام، و قال رؤبة:
* سالِمُه فَوَّقَك السلِيمَا*
روى ابن المبارك عن إسماعيل بن عياش عن أبي سلمة الحمصي عن يحيى بن جابر أن أبا بكر قال: السلامُ: أمان اللّه في الأرض.
و عبد اللّه بن سلَام- بتخفيف اللام- و كذلك سلَام بن مِشكم: رجل كان من اليهود- مخفَّف. و قال الشاعر:
فلما تداعَوْا بأسيافهم             وحان الطعانُ دعونا سلاما
يعني: دعونا سلَام بن مِشكم، و أما القاسم بن سلّام، و محمد بن سلّام، فاللام فيها مشددة.
و قال ابن الأعرابيّ في قول اللّه جلّ و عزّ:
فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (91)
 [الواقعة:
91]، و قد بيَّن ما لأصحاب اليمين في أوّل السورة، و معنى: فَسَلامٌ لَكَ‏
: أي:
إنَّك ترى فيهم ما تحبّ من السلامة، و قد علمتَ ما أُعِدّ لهم من الجزاء.
و أما قولُ اللّه جلَّ و عزَّ: قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ*
 [هود: 69]، و قرئت الأخيرة: (قال سَلِيم).
قال الفرّاء: و سِلْم و سلام واحد.
و قال الزجَّاج: الأوّل منصوبٌ على سلَّموا سلَاماً، و الثاني مرفُوعٌ على معنى أمري سلَامٌ.
و قال أبو الهَيْثم: السلام و التحية معناهما واحد، و معناهما السلَامة من جميع الآفات و قولُه جلَّ و عزَّ: وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً
 [الفرقان: 63]، أي:
سداداً من القَوْل و قصداً لا لَغوَ فيه.
و رَوَى أبو العبَّاس عن ابن الأعرابيّ قال:
السلامة و العافية، و السلَامة شجرة.
الحراني عن ابن السكّيت قال: السلْمُ:
الدَّلْوُ الّتي لها عُرْوة واحدة، قال: و السلْم و السلْمُ: الصُّلْح.
و قال الطِّرِمّاح في السلْم بمعنَى الدَّلْو:
أخو قَنَصٍ يَهْفُو كأنّ سراتَه             و رِجْلَيْه سلْمٌ بين حَبْلَي مُشاطِنِ‏
قال: و السلَم: شجرةٌ من العِضاه، الواحدة سلَمة. و السلَم: الاستسلام، و السلَم: السلَف، يقال: أسلَمَ في كذا و كذا و أَسلَف فيه بمعنًى واحد.
و قال أبو إسحاق في قول اللّه جلّ و عزّ:
وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ‏
 [الزمر: 29]، و قرى‏ء:
 (و رجلًا سالماً لرجل)، و قرى‏ء (سلْماً) فمن قرأ (سالماً) فهو اسم الفاعل على سلِم فهو سالِم، و من قرأ (سلْماً) و (سَلَماً)
 فهما مَصدَران وُصِف بهما على معنى:
و رجلًا ذا سلْم لرجل و ذَا سلْم لرَجُل، و المعنى: أن من وحَّد اللّه مَثلُه مَثل‏

310
تهذيب اللغة12

سلم ص 309

السالم لرجل لا يَشرَكه فيه غيره، و مَثَل الذي أَشرَك للَّه، مَثَل صاحب الشركاء المتشاكِسين، قال: و قولُه تعالى: ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً
 [البقرة: 208]، قال:
عُنِي به الإسلامُ و شرائعُه كلّها، و السلْم و السلْم: الصُّلح، و أما قوله تعالى: و لا تقولوا لمن ألقى إليكم السّلم لست مؤمنا [النساء: 94]، و قرئت (السَّلامَ) بالألف، فأما السلام فيجوز أن يكون من التّسليم، و يجوز أن يكون بمعنى السلَم و هو الاستسلام و إلْقاءُ المَقادَة إلى إرادة المسلمين.
أبو عُبَيد عن أبي عمرو: المَسلُوم: من الدِّلاء الذي قد فُرِغ من عَمله، يقال:
سلَمْتُه أَسلِمه فهو مسلوم، و أنشد بَيْتَ لبيد:
بمُقابَلٍ سرِبِ المخَارِزِ عِدْلُه             قَلِقُ المَقادَةِ جارِنٌ مَسلُومُ‏
قال: و قال الأصمعيّ: السلْم: الدَّلْو الّذي له عُرْوة واحدة يَمشِي بها الساقي مِثل دِلاء أصحابِ الرَّوَايا.
و قال أبو عُبَيد: قال أبو عمرو: الجِلْدُ المسلُوم: المَدْبوغُ بالسلَم.
و قال الليث: ورقُ السلَم القَرَظ الذي يُدبَغ به الأدَم.
و قال الزّجّاج: السلَّم: الذي يُرتَقَى عليه سمِّي بهذا لأنّه يُسلِّمُك إلى حيث تُريد.
قال: و السلَّمُ: السبَبُ إلى الشي‏ء، سمِّي بهذا لأنّه يؤدِّي إلى غيره كما يؤدِّي السُّلَّم الذي يُرْتَقَى عليه.
و قال شمر: السَّلَمة: شجرة ذات شوك يدبغ بورقها و قشرها، و يسمى ورقها القَرَظ، لها زهرة صفراء فيها حبة خضراء طيبة الريح تؤكل في الشتاء، و هي في الصيف تخضر.
و قال:
كُلِي سَلَم الجرداء في كل صَيْفة             فإن سألوني عنك كل غَريم‏
إذا ما نجا منها غريمٌ بخيْبةٍ             أتى مَعِكٌ بالدَّين غيرُ سَؤوم‏

الجرداء: بلد دون الفَلْج ببلاد بني جعدة، و إذا دُبغ الأَديم بورق السَّلَم فهو مقروظ، و إذا دُبغ بقشر السلم فهو مسلوم، و قال:
إنك لن تروقها فاذهب ونمْ             إِن لها رَبّاً لمِعْصال السَّلَم‏
و قال اللّيث: السَّلْمُ: لَدْغُ الحية، و المَلْدُوغ مَسْلُوم و سَلِيم، و رجُلٌ سَلِيم بمعنى سالِم.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: إنما سُمِّي اللّدِيغ سَلِيماً لأنّهم تَطَيَّروا من اللّدِيغ، فقَلَبوا المعنَى، كما قالوا للحَبَشِي: أبو البَيْضاء، و كما قالوا للفَلاة: مَفازَة، تَفَاءلُوا بالفَوْز و هي مَهْلَكة.
و رَوَى ابْنُ جَبَلة عن ابن الأعرابيّ أنه‏

311
تهذيب اللغة12

سلم ص 309

قال: إنما قيل للدّيغِ سَلِيم لأنه أُسْلِمَ لِما به.
قلت: و أمّا قولُ اللّيث: السَّلْم: اللَّدْغ فهو من غُدَدِ اللّيث، و ما قاله غيره.
و
رُوِي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم أنّه قال: «على كلّ سُلامَى من أَحَدِكم صَدَقة، و يُجْزِى‏ء من ذلك رَكْعتان يصلِّيهما مِنَ الضُّحى»
. قال أبو عُبَيد السُّلَامَى في الأصل عَظْم يكون في فِرْسِنِ البَعِير، و يقال: إنَّ آخِرَ ما يَبْقَى فيه المُخّ من البعير إذا عَجُف في السُّلَامى و في العين، و أنشد:
لا يَشْتَكِينَ عَمَلًا ما أَنْقَيْن             ما دام مُخٌّ في سُلامَى أَوْ عَيْن‏
قال: فكأَنَّ معنى الحديث: إن على كلّ عَظْم من عظام ابْنِ آدمَ صَدَقة، و الرّكعتان تجزئان من تلك الصدقة.
و قال الليث: السُلامَى: عِظامُ الأصابع و الأشاجعُ و الأكارعُ، و هي كعابِرُ كأَنّها كِعَابٌ، و الجميعُ سُلَامِيّات.
و قال شَمِر: قال ابنُ شُمَيل في القَدَم قَصَبُهَا و سُلامِيَاتُهَا. و قال: عِظام القَدَم كلُّها سُلَاميَات، و قَصَبُ عِظام الأصابع أيضاً سُلَامِيَات، و الواحدة سُلَامَى. قال:
و في كل فِرْسِنٍ سِتُّ سُلَامِيَات و مَنْسِمان و أظَلُّ.
الحَرّاني عن ابن السكّيت: استلأَمت الحَجَر بالهمز، و إنّما هو من السِّلام من الحجارة، و كان الأصل اسْتَلَمْت. و قال غيره: اسْتِلام الحَجَر افْتِعالٌ في التقدير، مأخوذٌ من السِّلام و هي الحجارة، واحدتها سَلِمة؛ تقول: استَلمْتُ الحجَر:
إذا لَمَسْتَه من السّلِمة، كما تقول:
اكْتَحَلْتُ من الكُحْل.
قلتُ: و هذا قولُ القُتَيْبيّ، و الّذي عندي في استلام الحجَر أنّه افتعالٌ من السَّلام و هو التَّحِيَّة، و استلامُه لَمْسُه باليَدِ تحرّياً لقَبُول السّلام منه تبُرُّكاً به؛ و هذا كما يُقَال: اقْترأْتُ منه السَّلام، و قد أَمْلَى عَلَيَّ أعرابيٌّ كِتَاباً إلى بعض أهاليه فقال في آخرِه: اقتَرِى‏ءْ منّي السّلام، و ممّا يدلّك على صحة هذا القول أنَّ أهْلَ اليَمَن يسمُّون الرُّكْنَ الأسوَد المُحَيَّا، معناه: أنَّ النّاس يحيُّونه بالسَّلام فافهَمْه.
و أما الإسلام فإنّ أبا بكر محمّد بنَ بشّار قال: يقال: فلانٌ مُسْلِم، و فيه قولان:
أحدُهما: هو المُستَسْلِم لأمر اللّه، و الثاني: هو المُخلِص للّه العبادةَ، من قولِهم: سَلَّمَ الشي‏ءَ لفلانٍ، أي: خَلَّصَه، و سَلِمَ له الشَّيْ‏ءُ، أي: خَلَّصَ له.
و
رُوِيَ عن النبيِّ صلّى اللّه عليه و سلّم أنّه قال: «المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَ يَدِهِ».
قلتُ: فمعناه: أنّه دَخل في باب السّلامة حتّى يَسلَمَ المؤمنين من بَوَائِقِه، و
حدثنا عبد اللّه بن عروة قال: حدثنا زياد بن‏

312
تهذيب اللغة12

سلم ص 309

أيوب قال: حدثنا يَعْلى قال: حدثنا محمد- يعني ابن عون- عن نافع عن ابن عمر، قال: استقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و آله الحَجَر فاستلمه، ثم وضَع شَفتيه عليه يبكي طويلًا، فالتفت فإذا هو بِعُمَر يبكي فقال: «يا عُمَر! ههنا تسكب العبرات».
و
حدثنا يعقوب الدَّورقي قال: حدثنا أبو عاصم عن معروف بن خَرْبوز قال:
حدثنا أبو الطفيل قال: «رأيت النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و آله يطوف على راحلتِه يستلم بمِحْجَنِهِ و يقبِّل المِحْجَن»
. و قال الليث: استلام الحجر: تناوله باليد و بالقُبلة، و مسحُه بالكفّ. قلت: و هذا صحيح. و أما قولُ اللّهِ جلّ و عزّ: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ‏
 [الحجرات:
14]، فإنّ هذا يَحتاجُ الناسُ إلى تفهّمه ليَعْلَموا أين يَنْفَصِل المؤمن من المُسلِم، و أَيْنَ يَسْتَويَان.
فالإسلامُ: إظهارُ الخُضوع و القَبول لِما أَتَى به الرسولُ عليه السلام، و به يُحْقَنُ الدّم، فإِن كان مع ذلك الإظهارِ اعتقادٌ و تَصديقٌ بالقلب فذاك الإيمان الّذي هذه صِفَتُه، فأمّا من أَظْهَر قبولَ الشّريعة و استسلَم لدَفْع المَكْروه فهو في الظاهر مُسْلمٌ و باطنُه غيرُ مصدِّق، فذلك الّذي يقول: أَسْلَمْتُ، لأنَّ الإيمانَ لا بدَّ أن يكون صاحبُه صِدِّيقاً لأن الإيمانَ التّصديقُ، فالمُؤمن مُبْطِنٌ من التّصديق مِثْلَ ما يُظهِر؛ و المُسلِم التامُّ الإسلام مُظْهِرُ الطاعة مُؤمنٌ بها، و المؤمنُ الّذي أَظهَرَ الإِسلام تَعوّذاً غيرَ مؤمن في الحقيقة، إلّا أنّ حُكمَه في الظاهر حُكْمُ المسلمين.
و إنما قُلتُ: إن المؤمِنَ معناه المصدِّق لأنّ الإيمان مأخوذٌ من الأمانة، لأنّ اللّه جَلّ و عزّ تولَّى عِلمَ السّرائر و نياتِ العَقْد، و جَعَل ذلك أمانة ائتَمَنَ كلَّ مُسْلِمٍ على تلك الأمانة، فمن صَدَّق بِقَلْبِه ما أَظهَرَه لسانُه فقد أَدَّى الأمانة و استوجَب كريمَ الْمَآبِ إذا مات عليه، و مَن كان قلبه على خلاف ما أظهَر بلسانِه فقد حَمَل وِزْرَ الخيانة، و اللّه حَسِيبه.
و قيل: المصدِّق مؤمن، و قد آمن لأنّه دخل في حَدِّ الأمانة الّتي ائتَمَنه اللّه عليها.
و كذلك سائرُ الأعمال الّتي تظهر من العَبْد و هو مُؤتمَن عليها.
و بالنيّة تَنفصل الأعمال الزاكية من الأعمال البائرة ألا ترَى أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم جَعَل الصلاة إيماناً، و الوضوءَ إيماناً.
و قال ابنُ بُزرج: كُنتُ رَاعِيَ إبلٍ فَأسلَمْتُ عنها، أي: تركتُها، و كلُّ صَنِيعة أو شي‏ءٍ تركتَه و قد كنتَ فيه فقد أَسْلَمْتَ عنه.
و قال الليث: الاستلام للحَجَر: تَناوُله باليَدِ و بالقُبْلة و مسْحُه بالكفّ.

313
تهذيب اللغة12

س ل م 309

و قال ابن السكّيت: تقول العرب: لا بِذِي تَسْلَم ما كان كذا و كذا، و للاثنين لا بِذِي تسلَمان، و للجماعة لا بِذِي تَسلَمون، و للمؤَنثة لا بِذِي تَسلَمين، و للجماعة لا بِذِي تَسْلَمْنَ، و التأويل: لا و اللّه الذي يُسلِّمك ما كان كذا، و كذا. لا و سلامتك ما كان كذا و كذا.
و سلمى: اسم رجل و أبو سُلْمَى: أبو زُهير الشاعر المُزَنيّ على فُعْلى، و سلْم: من الأسماء.
و قال أبو العباس: سُلَيمان تصغِير سلمان.
وَ عبد اللّه بن سلَام الحِبْر مخفَّف اللام.
و أما محمد بن سَلَّام الجُمَحيّ فهو بتشديد اللّام.
أبو العباس عن ابن الأعرابيّ: أبو سَلْمان كُنْية الجُعْل، و سلامان بن غَنْم: اسم قَبِيلة. و سلامان: ماءٌ لبني شَيْبان، و قول الحُطَيْئة:
* جَدْلاءُ مُحْكمة من صُنع سلام*
أراد من صُنْع سُليمان النبي عليه السلام، فجَعَله سلّاماً كما قال النابغة:
* و نَسْج سُلَيم كلّ قَضّاءَ ذائلِ*
أراد و نَسْجَ داودَ، فجعله سُليمان، ثم غَيَّر الاسم فقال سُلَيم، و مثلُ ذلك في أَشعار العرَب كثير.
و حكى اللّحياني عن أبي جعفر الرُّؤاسِيّ أنه قال: يقال: كان فلانٌ يسمَّى محمداً ثم تمَسْلَم، أي: تسمَّى بمُسلِم. قال:
و قال غيره: كان فلانٌ كافراً ثم تَسَلّم، أي: أسلم.
عمرو: السَّلامُ: ضربٌ من الشجر، الواحدة سلامة.
و سَلَمِية: قريةٌ. و ينسب إلى بَنِي سَلَمة:
سَلَمِيّ، و إلى بني سُلَيْم سُلْميّ، و إلى سلامة: سلاميّ.
أخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال: يقال: كذَّابٌ لا تُسايرُ خيلاه، أي: لا يصدق فيقبل منه. و الخيل إذا تسالمت و تسايرت لا يهيج بعضها بعضاً. قال: و أنشدنا لرجل من محارب:
و لا تَسايرُ خيلاه إذا التقيا             و لا يُقَرَّعُ عن باب إذا وردا
و يقال: لا يَصْدُق أثره: يكذب من أين جاء. و قال الفراءُ: فلان لا يُرَدّ عن باب، و لا يُعوَجّ عنه.
و قال ابن دريد: سلامان: ضرب من الشَّجر. و هما بطنان: بطن في قضاء، و بطن في الأزد. و سلم: قبيلة.
و سلميّة: قبيلة من الأزد. قال:
و الأسيلم: عرق في الجسد.
و مَسلمة: اسم، مفعلة من السَّلم و سليم بن منصور: قبيلة.
و سلامان بن غَنْم: قبيلة. و سلامان: ماء لبني شيبان.

314
تهذيب اللغة12

سمل ص 315

سمل:
في حديث قَيْلَة: «أنها رأت على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أسمالَ مُلَبّتَيْن».
قال أبو عُبَيْد: الأسمال: الأخلاق، و الواحد منها سمل. و يقال: قد سمل الثوبُ و أسمل: إذا أَخْلَق.
و قال اللِّحياني: يقال: ثوبٌ أسمال، و ثوبٌ أخلاقٌ: إذا أخلق.
و قال ابن الأعرابيّ: سمل الثوبُ و أسمل: إذا أَخلَق.
سلمة عن الفراء: سمل عَينَه و استَملها:
إذا فقَأها.
و
في حديث العُرَنِيِّين الذين ارتدّوا عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: أَمَر بسمْل أعينهم.
قال أبو عُبَيد: السَّمْلُ أن تفَقَأ العينُ بحديدة مُحْماةٍ أو بغير ذلك، يقال:
سملتُ عينَه أَسمُلُها سملًا. قال: و قد يكون السَّمل بالشَّوْك، و قال أبو ذؤيب يرثي بنين له ماتوا:
فالعَيْنُ بعدَهُمُ كَأنّ حِداقَها             سُمِلَتْ بشوْكٍ فهيَ عُورٌ تدمعُ‏
و لَطَم رجلٌ من العَرَب رجلًا فَفقأ عينَه فسُمِّي سَمَّال، و أولادُه يقال لهم: بنو سَمَّال؛ و السَّمَل- محرَّك الميم- بقيّةُ الماء في الحوض؛ و قال حُميد الأرقَط:
* خَبْطَ النِّهالِ سَمَلَ المَطائِطِ*
أبو عُبَيد عن أبي زيد: أسْمَلْتُ بين القوم إسْمالًا: إذا أصلحتَ بينهم. و قال غيرُه:
سَمَلْتُ بينهم أسمُل سَمْلًا بغيرِ ألف مِثله؛ و قال الكُمَيت:
و تَنأَى قُعودُهمُ في الأمور             عَمَّن يَسُمُّ و من يُسْمِلِ‏
أبو عبيد: المُسمَئِلُّ: الضامر. و اسمَألّ الظّلُّ: إذا ارتَفَع؛ و قالت الْجُهَنيَّة:
يَرِدُ المِياهَ حَضِيرةً و نَفِيضةً             ورْدَ القَطاةِ إذا اسمَأَلَّ التُّبَّعُ‏
و قيل: التُّبَّع: الدَّبَران؛ و اسْمِئلالُه:
ارتِفاعه طالعاً.
ابن السكّيت: هو السموأل بن عادِياء بالهمز. و سَمْوِيل: اسم طائر؛ و أبو السَّمَّال العَدَويّ: رجلٌ من الأعراب.
و قال ابن الأعرابيّ: أبو بَرَاء طائر، و اسمُه السَّمَوْأَل.
و قال الليث: السَّوْمَلة: فيَالجة صغيرة؛ و يقال: فِنْجانَه صَغِيرة.
أبو زيد: السُمْلةُ: جُوعٌ يأخذ الإنسانَ فتأخُذُه لذلك وَجَع في عينيه فيُهراقُ عيناه دَمْعاً، فيُدْعَى ذلك الدَّمْع السُّمْلة، كأنّه يفقأ العَيْن.
أخبرني المنذري عن أبي الهيثم قال:
السَّوْملة: الطَّرجهارة و الحَوْجلة القارورةُ الكبيرة. قال: و يقال: حَوْجلة مثل دَوْخلة. و أنشد ابن الأنباري قول الربيع بن زياد:

315
تهذيب اللغة12

سمل ص 315

بحيث لو زنت لَخْمٌ بأجمعها             لم يَعْدلوا ريشةً من ريش سَمْوِيلا
قال: سَمْويل: طائر. و يقال: سَمْويل:
بلد كثير الطير:
ترعى الروائمُ أحرار البُقول بها             لا مِثل رعيكم مِلحاً و غِسْويلًا
قال غِسويل: نبت ينبت في السباخ.
لمس:
قال الليث: اللَّمس باليد: تَطلُّب الشي‏ء ههنا و ههنا، و منه قولُ لَبيد:
يَلْمِس الأَحلاسَ في مَنزِله             بيَدَيْه كاليهودي المُصَلْ‏
و لَمِيس: اسم امرأة.
و قال اللّيث: إكافٌ مَلْمُوسُ الأَحْفاء:
و هو الذي قد أُمِرَّ عليه اليَدُ و نُحِت ما كان فيه فرق ارتفاع و أَوَد. و
في الحديث:
النَّهيُ عن المُلامَسة
، قال أبو عُبَيد:
المُلامَسة أن يقول: إذا لمَستَ ثوبي أو لَمسْتُ ثَوْبَك فقد وَجَب البَيْع بكذا و كذا، و يقال: هو أن يَلْمِسَ المتاعَ من وَراءِ الثّوب، و لا يَنظر إليه فيقع البيعُ على ذلك، و هذا كلّه غَرَر و قد نُهيَ عنه.
و أمّا قولُ اللّه جلّ و عزّ: أو لمستم النساء [النساء: 43]، و قرى‏ء: (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ)*
 و
رُوي عن عبد اللّه بن عمرَ و ابنِ مسعود أنّهما قال: القُبْلة من اللَّمس و فيها الوضوء
، و
كان ابن عبّاس يقول: اللَّمس و اللِّماس و المُلامَسة كنايةٌ عن الجِماع‏
، و ممّا يُستدلّ به على صحّة قولِه قولُ العَرَب في المرأة: تُزَنُّ بالفُجور، هي لا تَرُدُّ يدَ لَامِسٍ؛ و
جاء رجلٌ إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فقال: إنّ امرأتي لا تَرُدّ يَدَ لامِس فأَمَره بتطليقها.
أراد أنها لا تَرُدّ عن نفسها كلَّ من أَراد مُراوَدَتها عن نفسها.
عَمْرو عن أبيه: اللَّمْسُ: الجِماع.
و اللَّمِيسُ: المرأة اللَّيّنة المَلمَس.
و قال ابن الأعرابيّ: لمَسْتُه لَمْساً، و لامَسْتُه مُلامَسة، و فَرَّقَ بينهما فقال:
اللَّمْس قد يكون مَسُّ الشي‏ء بالشي‏ء، و يكون مَعرِفة الشي‏ء و إن لم يكن ثَمَّ مَسّ لجَوْهر على جَوْهر. قال: و المُلامَسة أكثرها جاءت من اثنين. قال: و اللَّمَاسَة و اللُّمَاسة: الحاجة، و المتلمِّسةُ من السِّمات، يقال: كَواهُ المُتلَمِّسة و المتلوّمة. و كَواهُ لمّاس: إذا أصاب مكان دائه بالتلمّس، فوقع على داء الرجل أو على ما يكتم و سُمّي المتلمِّس الشاعر بقوله:
فهذا أَوانُ العِرْض جُنَّ ذُبابُه             زَنابيرُه و الأزْرَق المتلمِّسُ‏
يعني الذباب الأخضر.
ملس:
أبو عُبَيد عن أبي زيد: المَلْسُ: سَلُّ الخُصْيَتين، يقال: مَلَسْتُ خُصْيَتَيه أملسُهُمَا مَلْساً.

316
تهذيب اللغة12

ملس ص 316

و قال اللّيث: خِصْيٌ مَمْلوس. قال:
و المُلُوسة مصدر الأَمْلَس، و أرض مَلْساء، و سَنَةٌ مَلْساء، و إذا جَمَعوا قالوا سِنُون أَمالِس و أَمالِيس. و رُمّانٌ مَلِيس: أطيَبُه و أحلاه، و هو الّذي لا عَجم له.
ابن الأنباري: المُلَيساءُ: نصف النهار.
قال: و قال رجل من العرب لرجل: أكره أن تزورني في المليساء، قال: لم؟ قال:
لأنه يقرب الغَداء، و لم يتهيّأ العشاء.
و الحُجَيْلاءُ: موضع. و الغُمَيْصاءُ: نجم.
و ناقةٌ مَلَسَى: تملُس، تمرّ مرّاً سريعاً. قال ابن أحمر:
مَلسى يَمانِيّة و شيخٌ هِمّة             متقطع دون اليماني المُصْعِد
أبو عُبَيد و غيره: المَلَسى: لا عُهْدة له، يُضرَب مَثَلًا للّذي لا يُوثق بوفائه و أَمانتِه.
و المعنى، و اللّه أعلم: ذُو المَلسى لا عُهْدة له. و المَلَسى: أن يَبيعَ الرجلُ الشي‏ءَ و لا يَضمَن عُهدته، و قال الراجز:
لمّا رأيتُ العامَ عاماً أَغْبَسَا             و صارَ بَيْعُ مالِنا بِالمَلَسَى‏
و ذو المَلَسى مثلُ السّلال و الخارب يَسرِق المَتاعَ فيبيعه بدون ثمنِه، و يملَس من فَوْره فيستخفِي، فإن جاءَ المستحقّ و وَجد مالَه في يَدِ الّذي اشْتَرَاه أخَذَه، و بَطل الثمن الّذي فازَ به اللّص و لا يتهيّأ أَن يَرجع به عليه.
أبو عُبَيد عن الأحمر أنه قال: من أمثالهم في كراهة المَعَايِب: المَلِّسَى لا عُهْدَةَ له، أي: إنه خرج من الأمْر سالماً و انقَضَى عنه لا لَه و لا عليه، و الأصل في الملسى ما أَعْلَمْتُكَ.
عمرو عن أبيه: الْمُلَيْسَاء: شهر صَفَر.
و المُلَيْسَاءُ: نصفُ النَّهار.
و قال الأصمعيّ: المُلَيْسَاء: شهرٌ بين الصَّفَرِيّة و الشِّتاء، و هو وَقْت تنقطع فيه المِيرة، و أنشَد:
أَ فِينَا تَسُومُ السَّاهِرِيَّة بَعْدَ مَا             بَدَا لَكَ من شَهْرِ الْمُلَيْسَاءِ كَوْكَبُ‏
يقول: أَ تَعْرِض علينا الطِّيبَ في هذا الوقت و لا مِيرَةَ. و يقال: أَنَيْتُه مَلْسَ الظّلام: و مَلْثَ الظّلام: و ذلك حين يَختلِط اللّيل بالأرْض.
أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ: اختلَط الملْس بالمَلْث، و الملْث: أوّلُ سَوادِ المَغْرِب، فإذا اشتدّ حتى يأتيَ وقتُ العشاء الآخرة فهو الملْس، و لا يتميّز هذا من هذه، لأنه قد دخل الملْثُ في الملْس.
و قال غيرُه: مَلَّسْت الأرضَ تَمْليساً: إذا أَجْرَيتَ عليها المَمْلَقَةَ بعد إثارتِهَا.
و يقال: مَلَسْتُ بالإبلِ أَمْلُسُ بها مَلْساً: إذا سُقْتَها سَوْقاً شَدِيداً، قال الراجز:
* مَلْساً بذَوْدِ الحَلَسِيّ مَلْسَا*

317
تهذيب اللغة12

ملس ص 316

ثعلب عن ابن الأعرابيّ: الملس: ضَرْبٌ من السَّيرِ الرفيقِ. و المَلْسُ: اللَّيِّن من كلّ شي‏ءٍ قال: و المَلَاسَة: لِينُ المَمْلوس.
و قد مَلَسَ الشي‏ءُ يَمْلُسُ مَلَاسَةً. و المَلْس:
التَّمْليس أيضاً يقال: مَلَسْتُه مَلْساً.
و قال أبو زيد: المَلُوسُ من الإبلِ:
المِعْنَاق الّتي تراها أوَّل الإبل في المَرْعَى و المَوْرِد. و كلِّ مَسير. و يقال: خِمْسٌ أَمْلَسُ: إذا كان مُتعِباً شديداً، و قال المَرّار:
* يَسِيرُ فيها القومُ خِمْساً أَمْلَسَا*
و مَلَسَ الرجُلُ يَمْلُسُ مَلْساً: إذا ذَهب ذَهاباً سَرِيعاً؛ و أَنشَد:
* تَملُسُ فيه الرِّيحُ كلَّ مَمْلَسِ*
و قال شَمِر: الأماليس: ما استوى من الأرض، و الواحد: إمليس ..
و قال ابن شُميل: الأماليس: الأرض التي ليس بها شي‏ءٌ و لا شجرٌ و لا كلأ و لا يَبِيس، و لا يكون فيها وحْش، و قال الحُطَيئة:
إذا لم تكن إلّا الأماليسُ أصبَحَتْ             مُحَلّقةً ضَرّاتُها شَكِراتُ‏
و الواحد إمليس، و كأنه إفعيل من الملاسة، أي: أن الأرض الملساء لا شي‏ءَ بها. و قال أبو زبيد فسمّاها مليساً:
فإيّاكُمْ و هذا العرْقَ و آسمُوا             لمَوْماةٍ مآخِذُها مليسُ‏
و يقال للخمر ملساءَ: إذا كانت سلِسَةً في الحَلْق، و قال أبو النَّجم:
* بالقَهْوة الملْسَاءِ من جِرْيَالِهَا*
لسم:
أبو العباس عن الأعرابيّ: اللّسْم:
السُّكوت حَياءً لا عَقْلًا.
و قال أبو عَمْرو: ألسَمْتُه الحُجَّة و ألزَمْتُه كما يُلسَم ولَدَ المَنْتُوجة ضَرْعَها.
و قال ابن شميل: الإلْسام: الْقِامُ الفَصِيل الضَّرْعَ أوّلَ ما يُولَد؛ يقال: ألسَمْتُه إلْسَاماً فهو مُلْسِم، و يقال: ألسَمْتُه حُجّتَه إلْساماً، أي: لَقّنْتُه إيّاها؛ و أنشد غيرُه:
لا تُلْسَمَنَّ أبا عِمْرانَ حُجّتَه             و لا تَكُونَنْ له عَوْناً على عُمَرَا
مسل:
عمرو عن أبيه: المَسِيلُ: السَّيَلان، و المَصْل: القَطْر، و سمعتُ أعرابيّاً من بني سَعْد نَشَأ بالأحْساء يقول لجَرِيد النَّخْل الرَّطْبِ: المُسُل، و الواحد مَسِيل و يُجمَع مَسِيل الماء مُسُلًا و مُسْلاناً.
قلتُ: و هذا عندي على توهُّم ثُبوت المِيم أصليَّةً في المَسيل، كما جَمَعوا المكانَ أمكِنة، و أصله مَفْعَل من كان.
و قال ابن الأعرابي: المَسَالَة: طُولُ الوَجْه مع حُسْنٍ.
قال ساعدة بن جؤبة يصف النحل:
منها جوارس للسَّراة و تحتوي             كَرَبات أَمْسلة إذا تتصَوَّب‏

318
تهذيب اللغة12

مسل ص 318

تَحتوِي: تأكل اللحواء. و الكَرَب: ما غلط من أصول جريد النخل. و الأَمْسلة:
جمع المسيل، و هو الجريد الرطب، و جمعُه المُسُل. ابن الأعرابي: يقال:
ضرب بيده إلى السيف فامتشقه و امتعده.
و احتواه: إذا استلّه.

319
تهذيب اللغة12

مسل ص 318

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
المنهج العام لكتاب تهذيب اللغة
1- يتَّبع مخارج الحروف. و تأليفها:
ع ح ه- خ غ/ ق ك/ ج ش ض/ ص س ز/ ط د ت/ ظ ذ ث/ ر ل ن/ ف ب م/ و ا ي.
و قد نظمها أبو الفرج سلمة بن عبد اللّه المعافري في قوله:
يا سَائِلِي عَنْ حُرُوفِ العَيْنِ دُوْنَكَهَا             في رُتْبَةٍ ضَمَهَّا وَزْنٌ و إِحْصَاءُ
العَيْنُ و الحَاءُ ثُمَّ الهَاءُ و الخَاءُ             و الغَيْنُ و القَافُ ثُمَّ الكَافُ أَكْفَاءُ
و الجيْمُ و الشِّيْنُ ثُمَّ الضَّادُ يَتْبَعُهَا             صَادٌ و سِيْنٌ وَ زايٌ بَعْدَهَا طَاءُ
و الَّدالُ و التَّاءُ ثُمَّ الظَّاءُ مُتَّصِلٌ             بِالظَّاءِ ذَالٌ و ثَاءٌ بَعْدَهَا رَاءُ
و اللَّامُ و النُّوْنُ ثُمَّ الفَاءُ و البَاءُ             و المِيْمُ و الوَاوُ و المَهْمُوْزُ و اليَاءُ

2- يجري نظام أبواب الكتاب على الوجه التالي:
أولًا: المضاعف.
ثانياً: أبواب الثلاثي الصحيح.
ثالثاً: أبواب الثلاثي المعتل.
رابعاً: أبواب اللفيف.
خامساً: الرباعي مرتباً على أبوابه.
سادساً: الخماسي بدون أبواب.

321