تهذيب اللغة12
الجزء الثاني عشر
الجزء الثاني عشر
[تتمة كتاب حرف الضاد]
[تتمة كتاب الثلاثي الصحيح من حرف الضاد]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
(أبواب) الضاد و الدال
ض د ت- ض د ظ- ض د ذ- ض د ث:
مهملات.
ض د ر
استعمل من وجوهه: [رضد].
رضد:
قرأتُ في «نوادر الأعراب»: رَضَدْتُ المتاعَ فارتَضد، و رَضَمتُه فارتضم: إذا نَضَدّته. قالوا: و رَضَمْتُه فارتضم: إذا كَسَرته فانكسر.
ض د ل
. مهمل.
ض د ن:
استعمل من وجوهه: [نضد، ضدن].
ضدن:
أما ضَدَن فإن اللّيثَ أهمله.
و قال ابنُ دُريد: ضَدَنْتُ الشيء ضَدْناً: إذا أصلحْتَه وَ سهلتَه، لغة يمانيّة، تفرّد به.
نضد:
قال الليث: يقال: نَضَد و ضَمَد: إذا جَمع و ضَمّ. و نَضَد الشيءَ بعضَه إلى بعض مُتّسِقاً، أو بعضَه على بعضٍ.
و النَّضَدُ: الاسم، و هو من حُرّ المتَاع، يُنَضَّدُ بعضُه فوق بعض، و ذلك الموضعُ يُسمّى نَضَداً.
الحَرّانيُّ عن ابن السِّكّيت، قال: النَّضَدُ:
مصدر نَضَدْتُ المتاعَ أنضِده نضْداً.
و النَّضَدُ: متاعُ البيت، و الجميع أنضاد.
قال النابغة:
خَلَّتْ سبيلَ أَتِيٍّ كان يَحبِسُه و رَفّعَتْه إلى السِّجْفيْن فالنَّضَدِ
و
في الحديث: «أن الوَحْيَ احتبس أيّاماً فلمّا نزل استبطأه النبيُّ صلّى اللّه عليه و سلّم فذكر أن احتباسه كان لكلب تحت نَضَد لهم»
. قالَ الليث: النَّضَدُ: السّريرُ في بيت النابغة، و هو غلط، إنما النَّضَدُ ما فسّره ابن السكّيت، و هو بمعنى المنضود. قال اللّه جلّ و عزّ: وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ (29)
[الواقعة: 29]، و قال في موضع آخر:
... لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ
[قَ: 10].
قال الفَرّاء: يعني الكُفُرَّى ما دام في أكمامه فهو نضيد، و معناهُ منضودٌ بعضُه فوقَ بعض، فإذا خَرج من أكمامه فليس بنَضِيد.
و قال غيره في قوله: وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ (29)
هو الذي نُضِد بالحَمْل من أوله إلى آخره أو بالوَرَق ليس دونَه سُوقٌ بارزة.
و قيل في قوله: «إن الكَلبَ كان تحتَ نَضَدٍ لهم»، أي: أنه كان تحت مِشْجَب
5
نُضّدت عليه الثيابُ و الأثاثُ. و سُمّيَ السّريرُ نَضَداً لأنَّ النَّضدَ عليه.
أبو عبيد عن الأصمعي قال: النَّضَدُ: هم الأعمامُ و الأخوالُ، قال الأعشى:
فقوْمُك إنْ يَضمنُوا جارةً و كانوا بموضع أنْضادِها
أراد أنهم كانوا بموضع ذوِي شرفِها.
و أما قول رؤبة يصف جيشاً:
إذا تدانَى لم يُفَرَّج أَجَمُه يُرْجِف أَنْضادَ الجبالِ هَزَمُه
فإن أنضادَ الجبالِ ما تراصَفَ من حجارتها بعضها فوق بعض.
ض د ف
أهمله اللّيْث.
ضفد:
و قال ابن شُمَيل: المُضْفَئِدُّ من الناس و الإبل: المُنْزَوِي الجلد، البَطِينُ البادِن.
و قال الأصمعيُّ: اضْفَأَدَّ الرَّجلُ يَضْفَئِدُّ اضْفِئْداداً: إذا انتفَخَ من الغضب.
ض د ب:
مهمل الوجوه.
ض د م
استعمل من وجوهه: [ضمد].
ضمد:
قال الليث: ضَمَدْتُ رأسه بالضِّماد:
و هي خِرقَةٌ تُلَفُّ على الرأس عند الادّهان و الغَسْل و نحو ذلك. و قد يُوضع الضِّمادُ على الرأس للصُّداع يُضَمَّد به. قال:
و المَضْدُ لغةٌ يمانيةٌ. و
في حديث طلحة:
«أنه ضَمَد عينَه بالصبر».
قال شمِر: يقال: ضمَدْتُ الجُرْح: إذا جَعلتَ عليه الدواء. و قال: ضَمّدْتُه بالزَّعْفران و الصبر، أي: لطَخْتُه، و ضمّدتُ رأسَه: إذا لَفَفْتَه بخرقة.
و يقال: ضَمِد الدّمُ عليه، أي: يَبِس و قَرِتَ. و أقرأَنا ابن الأعرابي للنابغة:
* و ما هُرِيق على غَرِيّك الضَّمَدُ*
و فسره فقال: الضّمَدُ الذي ضُمِّد بالدم.
و قال الغَنَوِيّ: يقال: ضَمِد الدمُ على حلْق الشاة: إذا ذُبحت فسال الدمُ و يَبِس على جِلدها.
و يقال: رأيت على الدابة ضمْداً من الدّم و هو الذي قَرَتَ عليه و جَفّ. و لا يقال:
الضَّمَدُ إلا على الدابة، لأنه يجيء منه فيَجْمُد عليه.
قال: و الغَرِيُّ في بيت النابغة مُشَبَّهٌ بالدابة.
و قال أبو مالك: اضْمُدْ عليك ثيابك، أي: شُدّها. و أَجِدْ ضَمْدَ هذا العِدْل.
و قال ابن هانىء: هذا ضِمَادٌ، و هو الدواء الذي يُضَمّدُ به الجرح، و جمعهُ ضَمائد.
الحرّاني عن ابن السكيت: ضَمَدْتُ الجرحَ و غيرَه أضْمِدُه ضَمْداً. قال:
و الضَّمْدُ أيضاً: رَطْبُ النَّبْت و يابِسُه: إذا اختَلطا. يقال: الإبلُ تأكل من ضَمْد
6
الوادي، أي: من رَطْبِه و يابسه.
و يقال: أُعْطيك من ضَمْد هذه الغنم، أي: من صغيرتِها و كبيرتها، و دقيقِها و جَلِيلها.
و قد أَضْمَدَ العَرْفَجُ: إذا تَجَوّفَتْه الخُوصة و لم تَبْدُر منه، أي: كانت في جوفه.
و يقال: ضَمِدَ عليه يَضْمَد ضَمَداً: إذا غَضِبت عليه.
قال أبو يوسف: و سمعت منتعجاً الكلابيّ و أبا مَهْدِيّ يقولان: الضَّمَدُ: الغابرُ الباقي من الحق؛ تقول: لنا عند بني فلان ضَمَدٌ، أي: غابرٌ من حقّ، من مَعْقُلَة أو دَيْن. قال: و الضَّمَدُ: أن تُخالّ المرأةُ ذاتُ الزّوج رجلًا غير زوجها أو رجلين؛ حكاه عن أبي عمرو، و أنشد:
لا يُخْلِصُ الدهرَ خليلٌ عَشْراً ذات الضِّماد أو يَزُورَ القبْرَا
إني رأيتُ الضَّمْدَ شيئاً نُكْراً
قال: لا يدوم رجلٌ على امرأته، و لا امرأةٌ على زوجها إلّا قَدْرَ عَشْرِ ليالٍ للغَدْر في الناس في هذا العام، لأنه رأَى الناس كذلك في ذلك العام فوصف ما رأَى.
و قال أبو ذُؤَيْب:
أرَدْتِ لَكَيْمَا تَضْمُدِيني و صاحِبي ألا لا أحِبِّي صاحِبي و دَعِيني
قال: و الضَّمَدُ: بفتح الميم في الأصل و اللسان الحقد. يقال: ضَمِد عليه يَضمِد في الأصل و اللسان ضَمَداً، قال النابغة:
و من عصاكَ فعاقِبْه معاقبةً تنهي الظَّلومَ و لا تَقْعد على ضَمَدِ
سلمةُ عن الفراء قال: الضِّماد: أن تصادق المرأةُ اثنين أو ثلاثةً في القَحْط لتأكُلَ عند هذا و هذا لتَشْبَع، و اللّه أعلم.
(أبواب) الضاد و التاء
ض ت ظ- ت ذ- ض ت ث- ض ت ر- ض ت ل:
مهملات.
ض ت ن
[نتض]:
قال الليث: يقال: نَتَض المحارُ نَتُوضاً: إذا خرج به داءٌ فأثار القُوَباءَ ثم تقشَّر طرائق بعضها من بعض. قال:
و أَنْتَضَ العُرْجون و هو شيء طويل من الكَمْأَة يَنْقشر أعاليه، و هو ينتض عن نفسِه كما ننتض الكَمْأَةُ الكَمْأَةَ، و السنُّ السنَّ إذا خرجتْ فرفعتْها عن نفسها؛ لم يجيء إلّا هذا.
قلت: هذا صحيح، و قد سمعتُ نحواً منه من العَرَب.
و قال أبو زيد: من مُعاياة العرب قولُهم:
ضأنٌ بذِي تُنَاتِضَهُ تقطع رَدْغَةَ الماء بعَنَقٍ و إرخاء. قال: يسكِّنُون الرَّدْغة في هذه الكلمة وحدها.
ض ت ف، ض ت ب، ض ت م:
مهملات.
7
و أهملت [الضاد مع الظاء و] الضاد مع الذال إلى آخر الحروف.
(أبواب) الضاد و الثاء
ض ث ر- ض ث ل- ض ث ن- ض ث ف:
مهملات.
ض ث ب
استعمل من وجوهه: [ضبث].
ضبث:
قال الليث: الضَّبْثُ: قَبضك بكفِّك على الشيء. و الناقةُ الضَّبُوث: التي يُشَكّ في سِمَنها و هُزالها حتى تُضبثَ باليد؛ أي: تُجَسّ باليد. و قال ابن شُميْل:
الضَّبْثَةُ من سِمات الإبل إِنما هي حَلْقَةٌ ثم لها خطوطٌ من وَرائها و قُدّامها، يقال:
بعير مَضْبُوثٌ، و به الضَّبْثَة و قد ضَبَثه ضَبْثاً، و يكون الضَّبْث في الفخذ في عُرْضها.
أبو عبيد عن الكِسائي: الضَّبْثُ: الضَّربُ، و قد ضُبِث به.
و قال شَمِر: ضَبَث به: إذا قَبَض عليه و أَخَذَه، و رَجل ضُبَاثيّ: شديدُ الضَّبْثة، أي القبضة، و أَسَدٌ ضُبَاثيٌّ. و قال رؤبة:
* و كم تخطّتْ من ضُبَاثيٍّ أضِمْ*
ض ث م
ضثم:
قال اللّيث: الضَّيْثَم: اسمٌ من أسماء الأسَد، فَيْعَل من ضَثَم.
قلت: لم أسمَع ضَيْثَم في أسماء الأسد بالياء، و قد سمعتُ ضَبْثَم بالباء، و الميم زائدة، أصله مِنَ الضَّبْث، و هو القَبْض على الشيء، و هذا هو الصحيح. و اللّه أعلم.
(أبواب) الضاد و الراء
ض ر ل:
مهمل.
ض ر ن:
استعمل منه: [نضر، رضن].
نضر:
روَيْنا عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «نَضَّر اللّه عبداً سَمِعَ مَقالتي فوَعاها، ثم أدّاها إلى من لم يَسْمَعْها».
قال شَمِر: رَوَى الرُّواةُ هذا الحرف بالتخفيف. قال: و رُوِي عن أبي عُبيدة بالتخفيف، و فسّره فقال: جعله اللّه ناضراً. قال: و رُوِي عن الأصمعي فيه التشديد، نضَّر اللّه وجهَه؛ و أنشد:
نَضَّر اللّه أعظُماً دَفَنُوها بِسِجِسْتانَ طَلحةَ الطَّلَحاتِ
و أنشد شَمِر قولَ جرير:
* و الوجْهُ لا حَسَناً و لا مَنْضورا*
لا يكون إلّا مِن: نَضَرَه اللّه بالتخفيف، و فسّره و قال شَمِر: و سمعتُ ابن الأعرابي يقول: نَضَره اللَّهُ فَنَضر يَنْضُر، و نَضِر يَنْضَر.
و روى ثعلب عن ابن الأعرابي: نَضَر اللّه وجْهَه، و نَضِر و أنضَر، و نَضره اللّه بالتخفيف، و أَنْضر.
8
و قال الفرّاء في قول اللّه جلّ و عزّ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (22)
[القيامة: 22]، قال مُشرِقةٌ بالنعيم: قال: و قوله: تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24)
[المطففين: 24]، قال:
بَريقُه و نَداه.
و قال الزجاج في قول اللّه تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (22) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (23)
[القيامة:
22، 23] قال: نَضَرتْ بنعيم الجنة، و النَّظرِ إلى ربها جلّ و عزّ.
قلتُ: و معنى
قوله صلّى اللّه عليه و سلّم: «نضّر اللّه عبدا»
، أي: نعَّم اللّه عبداً. و النَّضرةُ: النِّعمة.
و قال أبو عُبيد: أخْضَر ناضِرٌ: معناه:
ناعم.
أبو العباس عن ابن الأعرابي قال: النّاضِرُ في جميع الألوان.
قلتُ: كأنه يُجيز أن يقال: أبيضُ ناضرٌ، و أخضرُ ناضرٌ، و أحمرُ ناضرٌ، و معناه:
الناعم الذي له بَريقٌ من رَفِيفه و نَعْمته.
و قال اللّيثُ: نَضَر اللّوْنُ و الورق و الشجرُ يَنْضُر نَضْرةً و نُضوراً و نَضارةً، و هو ناضرٌ:
حَسَنٌ. و قد نَضَر ه اللّه و أنضره.
و يقال: جارِيَةٌ غَضّةٌ نضرةٌ، و غلامٌ غَضٌّ نضِير. و قد أنْضر الشجرُ: إذا اخضَرّ ورقُه؛ و ربما صار النَّضْر نعتاً، يقال:
شيءٌ نَضْرٌ و نَضير و ناضر. و يقال: أخضرُ ناضِر، كما يقال: أبيضُ ناصِعٌ.
أبو عبيد: النّضِيرُ: الذّهَب.
و قال الأعشى:
إذا جُرِّدتْ يوماً حسِبْت خَمِيصةً عليها و جِرْيالَ النَّضيرِ الدُّلامصا
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: النَّضْرةُ: السَّبيكةُ من الذّهَب. و النَّضْرة: نعيمُ الوجه.
ابن شُمَيل عن أبي الهُذَيل: نَضر اللّه وجهَه، و نَضر وجهُه سواء.
أبو عمرو: و هو النُّضار و النَّضْر و النَّضِير للذهب. و
في حديث إبراهيم: لا بأسَ أن يشرب في قَدَح النُّضار.
قال شَمِر: قال بعضهم: معنى النضار هذه الأقداحُ الحُمُر الجيشانيّة، سُمِّيت نُضاراً.
قال: و قال ابن الأعرابي: النُّضار: النَّبْع.
قال: و النُّضارُ: شجرُ الأثْل. و النُّضارُ:
الخالصُ من كل شيء. و قال يحيى بن نُجيم: كلُّ أثْلٍ ينبت في جَبَل فهو نُضَار.
و قال الأعشى:
تراموْا به غَرَباً أو نُضاراً
و قال المُؤَرِّج: النُّضار من الخلاف يُدفَن خشبُه حتى يَنْضر، ثم يعمل فيكون أمكنَ لعامله في تَرْقيقه. و قال ذو الرُّمَّة:
نُقِّح جِسمي عند نُضار العُودِ بعد اضطراب العُنُق الأُمْلُودِ
قال: نُضاره حُسْنُ عُودِه، و أنشد:
* القَوْمُ نَبْع و نُضارٌ و عُشَرْ*
و زعم أن النُّضار تُتَّخَذ منه الآنية التي
9
يُشْرب فيها. قال: و هي أجوَدُ العِيدان التي يُتَّخذ منها الأقداح.
و قال الليث: النُّضارُ: الخالصُ من جَوْهر التِّبر و الْخشب؛ و جمعه أنْضر. يقال:
قَدحٌ نُضار، يُتَّخذ من أَثْلٍ وَرْسِيّ اللَّوْن يكون بالغَوْر. قال: و ذهبٌ نُضارٌ؛ صار ههنا نعتاً. و النَّضْرُ: الذهبُ، و جمعه أنْضر. و أنشد:
كَناحِلَةٍ من زَيْنها حَلْيَ أنْضُرٍ بغير نَدى مَن لا يُبَالي اعْتِطالها
. رضن:
قال الليث: المرْضُون: شِبْه المنْضُود من حجارة أو نحوِ ذلك، يُضَمّ بعضُها إلى بعض في بناء أو غيره. و في «نوادر الأعراب»: رُضِن على قَبْره، و ضُمِد و نُضِدَ ورُثِدَ، كلُّه واحد.
ض ر ف
ضفر، ضرف، فرض، [رفض]، رضف:
مستعملة.
ضفر:
قال الليثُ: الضفْرُ: حِقْفٌ من الرَّمْل عَرِيضٌ طويلٌ؛ و منهم من يُثَقِّل. و أنشد:
* عَرَانِكٌ من ضَفَرٍ مأْطُورِ*
أبو عُبيد عن أبي عَمرو: الضَّفْرة من الرمل: المنعقِّد بعضُه على بعض؛ و جمعه ضَفِر.
و قال الأصمعي: أَفَر و ضَفَر: إذا وَثَب في عَدْوِه و نحو ذلك.
قال أبو عمرو: و
في حديث عليّ: «أن طَلْحَة بن عُبيد اللّه نازعه في ضَفِيرة و كان عليٌّ ضَفَرها في وادٍ، و كانت إحدى عُدْوَتَي الوادي له، و الأُخرى لطلحة؛ فقال طلحة: حَمَل علَى السُّيول و أَضَرَّ بي».
قال شَمِر: قال ابنُ الأعرابي: الضَّفِيرةُ مثل المُسَنّاة المستطيلة في الأرض، فيها خَشَبٌ و حجارة؛ و منه
الحديث: «فقام على ضَفِير السُّدّة».
قلت: أُخِذت الضَّفيرةُ من الضَّفْر، و هو نَسجٌ قَوِيُّ الشّعر و إدخالُ بعضه في بعض معترضاً؛ و منه قيل للبِطَان المُعَرَّض: ضَفْرٌ و ضَفِير.
و يقال للذُّؤابة: ضَفِيرة: و كلُّ خصلةٍ من خُصَل الشّعرِ تُضْفَر قُواها فهي ضفيرة و جمعها ضفائر. و
في حديث أمّ سَلَمة أنها قالت للنبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم: «إني امرأة أشُدّ ضَفْرَ رأسي أ فأنقضُه للغُسْل؟» فقال: «إنما يَكفيك ثلاثُ حَثَيَاتٍ من الماء».
قال الأصمعي: الضفائر و الضمائر و الجمائر، و هي غدائر المرأة، واحدتها ضَفيرة و ضَميرة و جَميرة. و قال ابن بُزُرْج:
يقال: تضافر القومُ على فلان، و تظافروا عليه، و تظاهروا بمعنًى واحد، كلّه إذا تعاونوا و تجمّعوا عليه و تضابَرُوا عليه مثلُه.
10
قال أبو زيد: الضفيرتان للرجال دون النساء، و الغدائرُ للنساء.
ضرف:
ثَعلب عن ابن الأعرابي: الضَّرِفُ:
شجرُ التِّين، و يقال لثمرة البَلَس؛ الواحدةُ ضَرفة.
قلت: و هذا غريب.
رضف:
قال اللّيث: الرَّضْفُ: حجارةٌ على وجه الأرض قد حَمِيَتْ. و شِواءٌ مَرضوفٌ: يُشْوَى على تلك الحجارة.
و الحَمَلُ المرضوفُ: تُلْقَى تلك الحجارةُ إذا احمرت في جوفه حتى ينشوي الحَمَل.
و الرَّضْفَةُ: سِمَةٌ تُكْوَى برضفةٍ من حجارة حيثُما كانت.
و الرَّضْفُ: جِرْمُ عظامٍ في الرُّكْبة، كالأصابع المضمومة قد أخذَ بعضُها بعضاً؛ و الواحدة رَضْفَةٌ. و منهم من يُثَقِّل فيقول: رَضَفة.
أبو عُبَيد عن أبي عُبيدة: جاء فلانٌ بمُطْفِئَة الرّضْف.
و قال الليث: مُطْفِئةُ الرَّضْف: شَحْمةٌ إذا أصابت الرَّضْفَة ذابت فأخْمَدَته.
قال: و أصلُها أنها داهيةٌ أنْسَتْنا التي قبلها فأطفأتْ حرّها.
قلت: و القولُ ما قال أبو عُبَيْدة.
و قال شَمِر: قال الأصْمَعِيّ: الرَّضْفُ:
الحجارةُ المُحْماة بالنار أو الشمس؛ واحدتُها رَضْفة. قال الكُمَيْت بن زيد:
أَجِيبُوا رُقَى الآسِي النَّطَّاسِيِّ و احذَرُوا مُطَفِّئَةَ الرَّضْفِ التي لا شِويَ لها
قال: و هي الحيّةُ التي تمُرُّ على الرّضْف فيُطْفِىءُ سَمُّهُ نارَ الرّضف.
قال أبو عمرو: الرّضْفُ: حجارةٌ يُوقَد عليها حتى إذا صارت لَهَباً أُلْقِيَتْ في القِدْرِ مع اللحم فأنْضَجَتْه. و قال الكُمَيْت:
و مَرْضُوفةٍ لم تُؤْنِ في الطَّبْخ طاهياً عَجِلتُ إلى مُحْوَرِّها حين غَرْغَرَا
و
في حديث حُذيفة أنه ذكر فِتَناً فقال:
«أتتكم الدُّهَيْماءُ تَرْمِي بالنَّشَف، ثم التي تليها تَرْمي بالرَّضْف»
. قلت: و رأيت الأعراب يأخذون الحجارةَ فيُوقدون عليها فإذا حَمِيَت رَضَفُوا بها اللّبن الحَقِين الذي قد بَرَد. و رُبّما رَضَفُوا الماءَ للخيل إذا بَرَد الزّمان.
قال النَّضرُ في كتاب «الخيل»: و أما رَضْفُ رُكبَتَي الفرسِ فما بين الكُراع و الذّراع، و هي أعظمٌ صغارٌ مجتمعةٌ في أعلى رأسِ الذراع.
و قال شَمِر: سمعت أعرابيّاً يصف الرضائف و قال: يُعمَد إلى الْجَدْيِ فيُلْبَأُ من لبن أمّه حتى يمتلىء ثم يذبح فيُزَقَّق من قِبل قفاه، ثم يُعمَد إلى حجارة فتُحرق بالنار، ثم توضع في بطنه حتى يَنْشويَ.
11
و أنشد بيت الكُميت الذي كتبناه.
فرض:
قال اللّه عز و جلّ: سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَ فَرَضْناها
[النور: 1]، و قُرىء: (و فَرَّضناها) فمن خفّف أراد: ألزمناكم العملَ بما فُرِض فيها. و من شدد فعلى وجهين:
أحدهما على التكثير على معنى: إنّا فرَضنا فيها فُروضاً؛ و يكون على معنى بيّنا و فصّلنا ما فيها من الحلال و الحرام و الحدود.
و قال جلّ و عزّ: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ
[التحريم: 2]، أي: بيّنها.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الفَرْضُ:
الحَزُّ في القِدْح و في الزَّنْد و في البُسْر و غيره. قال: و منه فرضُ الصلاة و غيرها إنما هو لازمٌ للعبد كلزوم الحَزّ للقِدْح.
قال: و الفَرضُ ضربٌ من التمر؛ و أنشد:
* إذا أكلتُ سمكاً و فَرْضاً*
قال: و الفَرْضُ: الهِبَة. يقال: ما أعطاني قَرضاً و لا فَرْضاً.
قال: و الفَرْضُ: القراءة. يقال: فرَضْتُ جُزئي، أي: قرأتُه.
قال: و الفَرضُ: السُّنة. فرَض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، أي: سنّ.
و قال غيره: فرض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، أي:
أوجب وجوباً لازماً. و هذا هو الظاهر.
أبو عُبَيْد: الفَرضُ: التُّرسُ.
و أنشد:
أرِقْتُ له مِثلَ لَمْعِ البَشير قَلَّبَ بالكَفِّ فَرضاً خَفيفَا
و قال اللّه جلّ و عزّ: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ
[البقرة: 197]، أي: أوجبه على نفسه بإحرامه.
و قال الليث: الفَرْضُ: جُنْدٌ يَفترِضون.
و قال الأصمعي: يقال: فرض له في العطاء يَفرِض فَرضاً. قال: و أفرض له:
إذا جعل له فريضة.
و الفَرْضُ: مصدر كلِّ شيءٍ تَفْرِضه فتوجبه على إنسان بقدْرٍ معلوم؛ و الاسم الفريضة.
و قال الأصمعيّ: فَرَض مِسواكه فهو يَفرضُه فَرضاً: إذا قَرضه بأسنانه.
قال: و الفارِضُ: الضَّخْمُ من كلّ شيء؛ الذَّكَر و الأنثى فيه سواء، و لا يقال:
فارضةٌ.
قال اللّه جلّ و عزّ: لا فارِضٌ وَ لا بِكْرٌ عَوانٌ
[البقرة: 68].
قال الفرّاء: الفارِضُ: الهَرِمةُ، و البِكر:
الشَّابَّةُ.
و يقال من الفارض: فَرَضَتْ و فَرُضَت، و لم يُسمع بِفَرَضَ.
و قال الكسائي: الفارض: الكبيرةُ العظيمة؛ و قد فَرَضت تفرِض فُروضاً.
ثعلب عن ابن الأعرابي: الفارض:
الكبير.
12
و قال أبو الهيثم: الفارضُ: المُسِنّة.
و قال الأصمعي: الفُرْضةُ: المَشْرَعةُ، و جمعُها فِراض. يقال: سقاها بالفِراض؛ أي: من فُرْضَة النهر. و الفُرْضةُ: هي الثُّلْمةُ التي تكون في النهر. و فُرضَةُ القوْس: الحَزُّ الذي يقع عليه الوَتر.
و فرضةُ الزَّنْد: الحَزُّ الذي فيه.
و أخبرني المُنْذِرِيُّ عن أبي الهيْثم أنه قال:
فرائضُ الإبل: التي تحت الثَّنِيِّ و الرُّبُع.
يقال للقَلُوص التي تكون بنتَ سنةٍ و هي تؤخذ في خمس و عشرين: فريضةٌ. و للتي تؤخذ في ست و ثلاثين و هي بنت لبون بنت سنتين: فريضةٌ. و للتي تؤخذ في سِتّ و أربعين و هي حِقّةٌ و هي بنتُ ثلاثِ سنين:
فريضةٌ، و للتي تُؤخذ في إحدى و ستين:
جَذَعَةٌ، و هي فريضتُها، و هي بنتُ أربع سنين؛ فهذه فرائضُ الإبل.
و قال غيره: سُمِّيت فريضةً لأنها فُرِضَتْ، أي: أُوجِبت في عددٍ معلوم من الإبل، فهي مَفروضةٌ و فريضة، و أُدخِلت الهاء فيها لأنها جُعلت اسماً لا نعتاً.
و قال الليثُ: لِحْيَةٌ فارضةٌ: إذا كانت ضخمةً.
و يقال: أضمر عَلَيَّ ضِفْناً فارضاً، و ضفينَةً فارضاً بغير هاءٍ، أي: عظيماً كأنه ذو فَرْض، أي: حَزّ. و قال الرّاجز:
* يا رُبَّ ذي ضِفْن عليّ فارض*
و رجالٌ فُرَّضٌ ضخام، واحدُهم فارض.
أبو عُبَيد عن أبي زيد: الفَرْض: العَطِيَّة و قد أفرضتُه إفراضاً.
ابن السِّكِّيت: يقال: ما لهم إلا الفريضتان، و هما الجَذَعةُ من الغنم، و الحِقّةُ من الإبل.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: يقال لذَكَر الخَنَافس: المُفَرَّض و الحَوّازُ و الكَبَرْتَلُ.
أبو عبَيد: يقال للرجل إذا لم يكن عليه ثوب: ما عليه فِرَاض. و قال أبو الهيثم:
معناه: ما عليه سِتر.
رفض:
قال الليث: الرَّفْضُ: تركُك الشيءَ، تقول: رفَضَني فرفَضتُه. قال: و الروافض:
جنودٌ تركوا قائدَهم و انصرفوا، فكلّ طائفة منهم رافضة. و النَّسَب إليهم رافِضِيّ.
و
ذكر عُمر بن شَبَّة عن الأصمعي أنه قال:
سُمُّوا رافضةً لأنهم كانوا بايعوا زيدَ بنَ عليّ ثم قَالوا له: ابْرَأْ من الشَّيْخَيْن نُقاتلْ معك، فأبى، و قال: كانَا وزيرَيْ جَدِّي، فلا أَبرَأُ منهما، فرفَضوه و ارْفَضُّوا عنه، فسُمُّوا رافضة.
و قال ابنُ السكّيت: في القِرْبةِ رَفْضٌ من الماء، و في المَزادة رَفضٌ من الماء، و هو الماءُ القليلُ، هكذا رَفْض بسكون الفاء.
و أمّا أبو عُبَيد فإنه رَوَى عن أبي زيد أنه قال: في القِرْبة رَفَضٌ من ماء و من لَبَن مثل الجُزْعة، و قد رَفَّضْتُ فيها تَرْفيضاً.
13
قال: و قال الفرّاء: الرَّفَض: الماءُ القليل.
و قال ابن السكّيت: يقال: رَفَضْتُ إبلي أَرْفِضُها رفضاً: إذا تركتَها و خلّيتَها و تركتَها تَبَدَّد في مَرعاها و تَرعَى حيث أحبّت، و لا تَثْنِيها عن وجهٍ تريده، و هي إبلٌ رافضة، و إبلٌ رافِض و إرْفاض رَفَضتْ تَرفِض، أي: ترعَى وحدَها و الراعي يُبصِرها قريباً منها أو بعيداً لا تُتعِبُه و لا يَجمعها، و قال الراجز:
سَقْياً بحيثُ يُهمَل المُعَرَّض و حيثُ يَرْعَى وَ رَعِي و أرفِضُ
و قال غيره: رُمحٌ رَفيض: إذا تقصَّد و تكسَّر. و أنشد:
و وَالَى ثلاثاً و اثنتَيْن و أربعاً و غادرَ أُخرى في قناةِ رَفِيضِ
و ارفَضّ الدمعُ ارفِضَاضاً: إذا تتابَع سَيَلانُه و قَطَرانه، و يقال: راعٍ و قُبَضَةٌ رُفَضَة، فالقُبَضَة. التي يسوقُها و يجمَعُها، فإذا صارت إلى الموضع الذي تحبه و تهواه تركَها ترعَى كيف شاءت، فهي إبلٌ رَفَضٌ.
و سمعتُ أعرابياً يقول: القومُ رَفَضٌ في البيوت، أراد أنهم تفرّقوا في بيوتِهم.
و الناسُ أَرفاض في السَّفر، أي: متفرِّقون و يقال: لشَرَك الطريق إذا تفرّقتْ. رِفَاضٌ.
و قال رُؤْبة:
* بالعِيسِ فوقَ الشَّرَك الرِّفَاض*
و هي أخاديدُ الجادّة المتفرِّقة. و مَرافِض الأرض: مَساقِطُها من نواحي الجبال و نحوِها الواحد مَرْفَض. و ترفَّض الشيءُ:
إذا تكسَّر.
أبو عُبَيد عن الفرّاء: أَرفَض القومُ إبلَهم:
إذا أرسلوها بلا رِعاء، و قد رفَضَت الإبلُ إذا تفرّقتْ.
ض ر ب
ضرب، ضبر، رضب، ربض، برض، بضر: مستعملة.
ضرب:
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال:
الضَّربُ: الشكْلُ في القَدّ و الخَلْق.
الحرّانيّ عن ابن السِّكِّيت قال: الضَّربُ الصِّنف من الأشياء؛ يقال: هذا من ضَربِ ذاك، أي: من نحوه، و جمعُه ضروب. قال: و الضَّربُ: الرجلُ الخفيف اللّحم. و أنشد قَول طرَفة:
أنا الرجلُ الضَّرْب الذي تعرفونه خَشَاشٌ كرأْسِ الحيَّة المتوقِّدِ
قال: و الضربُ: مصدر ضربتُه ضَرْباً.
و ضربْتُ في الأرض: أَبتغِي الخيرَ من الرِّزق. و قال اللّه تعالى: وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ
[النساء: 101]، أي: سافرتُم.
و الضرْبُ أيضاً من المطَر: الخفيفُ.
و قال اللّه جلّ و عزّ: أَ فَنَضْرِبُ عَنْكُم
14
الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ (5) [الزخرف: 5]، معناه: أ فنضرب القرآنَ عنكم و لا ندعوكم إلى الإيمان به صَفْحاً، أي: معرضين عنكم. أقامَ (صَفْحاً)- و هو مَصدر- مقام صافِحين، و هذا تقريعٌ لهم و إيجابُ الحجة عليهم و إن كان لفظُه لفظَ استفهام.
و يقال: ضرَبْتُ فلاناً عن فلان، أي:
كفَفْتُه عنه، فأَضرَبَ عنه إضراباً: إذا كفّ و الأصل فيه: ضرْبُ الرجل دابّتَه أو راحلتَه عن وجهٍ نَحَاهُ: إذا صرفه عن وجهٍ يريده، و كذلك قَرَعه و أقْرَعه مثلُه.
و قال الليث: أضرَبَ فلانٌ عن الأمر فهو مُضرِب: إذا كَفَّ. و أنشد:
أصبحتُ عن طلب المعيشةِ مُضرِباً لمَّا وثِقتُ بأن مالَكَ مالي
قال: و المُضرِب: المقيمُ في البيت، يقال: أضرَب فلانٌ في بيته، أي أقام فيه. و يقال: أضرَبَ خُبْزُ المَلَّة فهو مُضْرِب: إذا نَضج و آن له أن يُضرَب بالعصا. و يُنفَض عنه رمادُه و ترابُه.
و قال ذو الرُّمة يصف خُبْزةً:
و مضروبةٍ في غير ذنبٍ بريئةٍ كسرتُ لأصحابي على عَجَلٍ كسراً
ابن السكيت: يقال: أضرب عن الأمر إضراباً. أضرب في بَيْته: إذا أقام؛ حكاها أبو زيد. قال: و سمعتُها من جماعة من الأعراب.
و قد أَضرب الرجُل الفَحل الناقةَ يُضْرِبها إضراباً، فضربها الفحلُ يَضربها ضَرْباً و ضِراباً و قد ضَرب العِرق يضرب ضرباناً وَ ضَرب في الأرض ضَرباً.
و قال اللّيث: ضَربتِ المخَاضُ: إذ شالتْ بأَذنابها، ثم ضَربتْ بها فُروجها و مَشَت؛ فهي ضَوَارِبُ.
و قال أبو زيد: ناقةٌ ضارب: و هي التي تكون ذَلُولًا، فإذا لَقِحَتْ ضربَتْ حالِبَها من قُدّامها؛ و أنشد:
* بأَبْوَالِ المخَاضِ الضَّوَارِبِ*
و قال أبو عبيدة: أراد جمع ناقةٍ ضارِب؛ روَاه ابنُ هانىء.
و قال اللّيث: ضربَ يده إلى عمل كذا، و ضرب على يَدِ فلان: إذا مَنعه عن أمرٍ أَخذ فيه؛ كقولك: حَجَرَ عليه.
قال: و الطَّيْر الضَّوارب: المخترقاتُ في الأرض؛ الطالباتُ أرزاقَها.
و ضرب الدهرُ من ضربَاته، إن كان كَذَا و كذا.
و ضربَ العِرْق ضرباً و ضربَاناً: إذا آلمه.
و قال: الضَّريبةُ: كلُّ شيء ضربته بسَيْفك من حَي أو ميِّت؛ و أَنشد لجرير:
و إذا هَزَزْتَ ضريبةً قطَّعتها فضيْتَ لا كَزِماً و لا مَبْهُورا
15
و قال ابن السكيت: الضّريبة: الصُّوف أو الشَّعر يُنفش ثم يُدْرَج ليُغزَل؛ فهي ضرائبُ و الضريبةُ: الخليقة؛ يقال: خُلق الإنسانُ على ضرائب شتى، و قولُ اللّه عزّ و جلّ: فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً (11)
[الكهف: 11]، معناه:
أَنمنَاهم. و الأصل في ذلك: أنَّ النائم لا يسمَع إذا نام، و
في الحديث «فَضَرَبَ اللّهُ عَلَى أَصْمِخَتِهِم»
، أي: ناموا فلم ينتبهوا.
و الصِّماخ: ثَقْب الأُذُن.
و يقال: ضرب البعير جهَازه: و ذلك إذا نَفَرَ فلم يَزلْ يَلتبط يَنْزُو حتى طَوَّحَ عن ظهره كلَّ ما عليه من أدَاته و حِمْله.
شمر عن ابن الأعرابي: ضُربت الأرض و جُلدت و صُفِعت، و قد ضرِب البَغْلُ و جَلِدَ و صَقِع.
قال: و أضربَ الناسُ و أُجلدوا و أُصقعوا كلّ هذا من الضّريب و الصقيع و الجليد الّذي يقعُ بالأرض.
و قال اللّيث: أَضربت السَّمائمُ الماء حتى أنشفته الأرضُ. و الرِّيحُ و البَرْد يُضرب النباتَ إضراباً، و قد ضرب النباتُ ضرباً فهو نباتٌ ضرب، أضرَّ به البَرْد.
أبو زيد: أرضٌ ضربةٌ: إذا أصابَها الجَليدُ فأحرق نباتَها. و قد ضَربت الأرضُ ضَرباً، و أَضربهَا الضّريب إضراباً.
أبو عُبيد عن الأصمعيّ: إذا صُبَّ بعضُ اللّبن على بعض فهو الضريب.
قال: و قال بعض أهل البادية: لا يكون ضريباً إلّا مِنْ عِدّةٍ من الإبل، فمنه ما يكون رَقيقاً، و منه ما يكون خاثراً.
و قال ابن أحمر:
و ما كنتُ أَخشى أن تكونَ منيّتي ضَريبَ جلاد الشَّوْلِ خَمْطاً و صافِيا
و ذكر اللّحياني أسماءَ قِداح المَيْسر الأوّل و الثاني ثمّ قال: و الثالث الرَّقيب، و بعضُهم يسمِّيه الضَّرِيب؛ و فيه ثلاثة فُروض، و له غُنْم ثلاثة أنصباءَ إن فازَ، و عليه غُرْمُ ثلاثة أنصباء إن لم يَفُز.
و قال غيرُه: ضَريبُ القِداح هو الموكَّل بها، و أَنشدَ للكُمَيت:
و عَدَّ الرَّقيبُ خِصَالَ الضريبِ لا عَنْ أَفَانِينَ وَكْساً قِمارَا
و يقال: فلان ضَريبُ فلان، أي: نظيرُه.
قال: و الضريبُ: الشهيد؛ و أنشد بعضُهم قَول الجميح يَمدَح قوماً:
يَدِبُّ حُمَيَّا الكأسِ فيهمْ إذا انْتَشَوْا دَبيبَ الدُّجى وَسْطَ الضريب المُعَسّلِ
و قال ابن السّكيت: الضربُ: العسلُ الأبْيض الغليظ؛ يقال: قد استضرب العسلُ: إذا غَلُظَ؛ و أَنشَد:
* كأَنَّما رِيقَتُه مِسْكٌ عليه ضربُ*
و الضرَبُ: يُذكَّر و يؤنَّث، و قال الهذَلي في تأنيثه:
16
فما ضَرَبٌ بيضاءُ يأوِي مَلِيكُها إلى طُنُفٍ أَعيَا بِرَاقٍ و نازِلِ
و قال الليث: الاضطرابُ: تَضرُّبُ الوَلَد في البَطْن. و يقال: اضطَرب الحَبْلُ بين القوم: إذا اختلفتْ كَلِمتُهم.
و رجلٌ مضطربُ الخَلْق: طويلٌ غيرُ شديدِ الأَسر.
و الضَّاربُ: السابح في الماء؛ و قال ذو الرُّمّة:
* كأنّني ضاربٌ في غَمْرةٍ لَجِبُ*
قال: و الضَّرْب يقع على جميع الأعمال إلّا قليلًا: ضَرْبٌ في التّجارة، و في الأرض، و في سبيل اللّه.
و الضَّريبةُ: الغَلَّة تُضرَب على العبد؛ يقال: كم ضريبةُ عبدِك في كلّ شهر.
و الضَّريبة: الصُّوفُ يُضرَب بالمِطرَق.
و الضَّرِيبة: الطبيعة؛ يقال: إنه لكَريم الضَّرائب.
و الضَّرائبُ: ضرائبُ الأَرَضين في وظائف الخَراج عليها.
و الضاربُ: الوادِي الكثيرُ الشجَر؛ يقال:
عليك بذلك الضارِب فانْزِلْه؛ و أَنشَد:
لَعمرُك إنّ البيتَ بالضارِبِ الّذي رأيتَ و إن لَم آتِهِ ليَ شائِقُ
أبو العبّاس عن ابن الأعرابي: ضَرّبَتْ عَيْنُه و سَدّت و حَجَّلت، أي: غارت.
أبو عُبيد عن الأصمعيّ: الدِّيمةُ: مَطرٌ يدوم مع سكون؛ و الضَرْب فوق ذلك قليلًا.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: المَضارِبُ:
الحَيلُ في الحُروب. قال: و التّضريبُ:
تحريضُ الشُّجاع في الحَرْب؛ يقال:
ضرَبَه و حرَّضه.
قال: و المِضْرَبُ: فُسْطاطُ المَلِك.
و يقال: ضَربتْ فيه فلانةُ بِعرْقٍ ذِي أَشَبٍ:
إذا عَرَّقت فيه عِرْقَ سَوْء.
و المُضارَبَة: أن تعطِيَ إنساناً من مالِك ما يتجّر فيه، على أن يكون الرِّبْح بينكما؛ و كأنّه مأخوذٌ من الضَّرْب في الأرض لطَلَب الرِّزق، قال اللّه تعالى: وَ آخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ
[المزمل: 20]، و على قياسِ هذا المعنى.
يقال للعامل: ضارِب؛ لأنّه هو الّذي يَضرِبُ في الأرض.
و جائزٌ أن يكون كلُّ واحد منهما يُضارِبُ صاحبَه، و كذلك المُقَارِض.
و قال النَّضر: المُضارِبُ: صاحبُ المال و الّذي يأخذ المالَ كلاهما مُضارِب، هذا يُضارِبُه و ذاكَ يُضارِبُه. و بساطٌ مُضَرَّبٌ:
إذا كان مَخِيطاً و فلانٌ يَضرِب المجدَ، أي: يَكسِبُه و يَطْلُبه. و قال الكُمَيت:
رَحْبُ الغِناءِ اضطرابُ المَجدِ رَغْبَتُهُ و المجدُ أنفعُ مضروب لِمُضْطَرِب
17
و يقال للرّجل إذا خاف شيئاً فخَرِق في الأرض جُبْناً: قد ضَرَب بذَقَنه الأرض.
و قال الرّاعي يصف غِرْباناً، خافتْ صَقْراً:
ضَواربُ بالأَذقان مِن ذي شَكِيمَةٍ إذا ما هَوَى كالنَّيْزَكِ المتوقِّدِ
أي: مِنْ صَقْر ذي شَكِيمة، و هو شدّةُ نفسه.
و يقال: رأيتُ ضَرْبَ نِساءٍ، أي: رأيت نساء. و قال الراعي:
و ضَرْبَ نِساءٍ لو رآهنّ ضارِبٌ له ظُلّةٌ في قُلَّةٍ ظَلَّ رانِيَا
و قال أبو زيد: يقال: ضَرَبتُ له الأرضَ كلَّها، أي: طَلَبْته في كلّ الأرض. و يقال:
جاءَ فلانٌ يَضرِب، أي: يُسرع. و قال المُسيّب:
فإنَّ الذي كنتُم تَحذَرونْ أَتَتْنَا عيونٌ به تَضرِبُ
قلتُ: و مِن هذا
قولُ عليّ رضي اللّه عنه حين ذَكَر فِتنةً. و قال: فإذا كان ذلك ضَرَب يَعسوبُ الدِّين بذَنَبه
، أي: أَسرَع الذَّهابَ في الأرضِ فراراً من الفِتَن؛ و أنشَدني بعضُهم:
و لكنْ يُجابُ المستغيثُ و خَيْلُهمْ عليها كُمَاةٌ بالمنِيّة تَضرِبُ
أي: تُسرع. يقال: جاءنا راكبٌ يَضرِب و يُذَبِّب، أي: يُسرع.
و قال ابنُ السكّيت: يقال للنّاقة إذا كانت مَهزولةً: ما يُرِمُّ فيها مَضرَبْ. يقول: إذا كُسِر قَصَبُها لَم يُصَبْ فيه مُخّ. و يقال: ما لفِلان مَضْرَبُ عَسَلةٍ، و لا يُعرَف له مَضرِبُ عَسَلةٍ: إذا لم يكن له نَسَبٌ معروف، و لا يُعرف إعراقُه في نَسَبه.
و قال أبو عبيدة: ضَرَبَ الدهرُ بيننا، أي:
بَعَّد ما بيننا. و قال ذو الرّمة:
فإن تَضرِب الأيّامُ يا مَيَّ بينَنَا فلا ناشِرٌ سِرّاً و لا متغيِّرُ
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: ضَرْبُ الأَرضِ: البولُ و الغائطُ في حُفَرها.
قال: و الضارب: المتحرِّك، و الضارِب:
الطويل من كلّ شيء؛ و منه قوله:
* و رابَعَتْني تحتَ ليلٍ ضارِبِ*
و
في الحديث: النَّهْيُ عن ضَرْبة الغائص
، و هو أن يقول الغَائِصُ للتاجر: أغُوص غَوْصَةً فما أخرجتُه فهو لك بكذا؛ فيتَّفقان على ذلك، و نَهَى عنه لأنّه غَرَر، و قولُ اللّه جلّ و عزّ: وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ
[يس: 13]. قال أبو إسحاق: معنى قوله:
وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا
: اذكر لهم مثلا.
و يقال: عِنْدي من هذا الضَّرْب، أي:
على هذا المِثال. فمعنى: اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا
: مَثِّل لَهُم مَثَلًا.
قال: و «مَثَلًا» منصوبٌ لأنّه مفعولٌ به.
و نَصَب قولَه: «أَصْحابَ الْقَرْيَةِ» لأنّه بَدَل
18
من قوله: «مَثَلًا»؛ كأنه قال: اذكرْ لهم أصحابَ القَرْية، أي: خَبَر أصحابَ القَرْية.
رضب:
قال الليث: الرُّضابُ: ما يَرْضُبُ الإِنسانَ مِن رِيقه؛ كأنّه يمتصّه. و إذا قَبَّل جاريتَه رَضَبَ ريقَتَها.
و قال ابن الأعرابيّ: الرُّضَابُ: فُتاتُ المِسْك. و الرَّضْب: الفِعْل. قال:
و المَراضِبُ: الأَرْياقُ العَذْبة.
و قال أيضاً: الرُّضابُ: قِطَعُ الثَّلْج و السُّكّر و البَرَد؛ قاله عُمارة بنُ عَقيل.
و الرُّضاب: لُعاب العَسَل، و هو رَغْوَتُه.
و قال اللّيث: الراضِبُ: ضَرْبٌ من السِّدْر، و الواحدة راضِبَة.
و قال أبو عمرو: رَضَبَت السماءُ و هَضَبَتْ، و مطرٌ رَاضب، أي: هاطِل.
قال الأصمعيّ: رُضاب الفَم: ما تَقطَّع من رِيقِه. و رُضاب النَّدَى: ما تَقطَّع منه على الشَّجَر، و رُضابُ المِسْك: قِطَعُه.
برض:
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: البُهمَى أوّلُ ما يَبدُو منها البارِض؛ فإذا تَحرَّك قليلًا فهو جَمِيم، و قال لَبيد:
يَلْمُجُ البارِضَ لَمْجاً فِي النَّدَى مِن مَرابيعِ رِياضٍ و رِجَلْ
و قال اللّيث: يقال: بَرَض النَّباتُ يبرُض بُرُوضاً، و هو أوّل ما يُعرَف و يتناوَل منه النَّعَم.
أبو عبيد عن أبي زيد قال: إذا كانت العَطيَّة يسيرةً قلتَ: بَرَضْتُ له أبْرُض بَرْضاً. و يقال: إنّ المال لَيَتَبرَّض النّباتَ تبرُّضاً، و ذلك قبلَ أن يَطول و يكون فيه شِبَع المال، فإذا غَطَّى الأرضَ و وَفَّى فهو جَميم.
و تَبرَّضْتُ ماءَ الحِسْيِ: إذَا أخذتَه قليلًا قليلًا. و تبرَّضْتُ فلاناً: إذا أصبْتَ منه الشيءَ بعد الشيء و تَبلَّغْتَ به. و أمّا قولُ امرىء القَيْس:
* ... فانتَحَى لليَرِيض*
فإن اليَريض بياءيْن و الراء بينهما، و هو وادٍ بعينِه. و من رَواه: البَريض بالباء قَبْلَ الرّاء فقد صَحَّف. و قولُه:
و قد كنتُ بَرّاضاً لها قبلَ وصْلها فكيف ولَدَّتْ حَبْلها بحِباليَا
معناه: أنَّه كان يُنيلُها الشيءَ بعد الشيء قبل أن واصَلَتْه، فكيف و قد عَلِقْتُها الآن و عَلِقَتْني.
و البَرّاضُ بنُ قيس: أحدُ فُتَّاكِ العَرب معروفٌ، و بفتْكه بعُرْوة الرَّحّال هاجَتْ حربُ الفِجار بين كِنانة و قيسِ غَيْلان.
و قال الليث: التبرُّضُ: التبلُّغُ بالبُلْغة من العَيْش، و التطلُّبُ له من هُنا و هنا قليلًا قليلًا.
و تَبرّضتُ سَمَلَ الحَوضِ: إذا كان ماؤُه
19
قليلًا، فأخذتُه قليلًا قليلًا.
و قال الشاعر:
و في حِياض المَجْد فامتلأَتْ به بالرّيّ بعدَ تَبرُّض الأسْمال
قال المبْرِض و البَرَّاض: الذي يأكل كلّ شيء من مالِه و يُفْسِده.
أبو العباس عن ابن الأعرابيّ: رجل مَبْروض، و مَضْفُوهٌ و مَطْفُوهٌ و مَضْيُوفٌ و مَحْدُودٌ: إذا نَفِد ما عندَه من كثرة عَطائه.
ربض:
أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ قال:
الرَّبْضُ و الرُّبْضُ و الرَّبَضُ: الزَّوجةُ أو الأم أو الأخْت تُقرِّب ذا قرابَتِها.
قال: و يقال في مَثَل: مِنْك رَبضُك و إن كان سماراً.
قال: و الرّبَضُ: قيّم بيته.
و الرَّبَضُ: امرأةٌ تُرْبضه و يأْوِي إليها، و أنشد البيت:
جاء الشّتاءُ و لمّا اتَّخِذْ رَبضاً يا وَيْحَ كَفِّيَ من حَفْر القَراميصِ
قال: و الرّبْضُ و الرُّبْض: وسَطُ الشيء.
و الرَّبَضُ: حَريمُ المسجد، و قال اللَّحياني نحوه. قال: و يقال: ما ربض امرؤٌ مثلَ أخت.
أبو عبيد عن الأصمعي قال: رَبضُ الرجل، و رُبضُه امرأته.
و قال اللحياني: يقال: إنه لرُبُضٌ عن الحاجات و عن الأسفار- على فُعُل- أي: لا يخرج فيها. قال: و الرَّبض فيما قال بعضُهم: أساسُ المدينة و البناء و الرّبَض: ما حولَه من خارج.
و قال بعضهم: هما لُغَتان. قال:
و الرِّبْضَة: الجماعة من الغَنَم و الناس؛ يقال: فبها رِبْضَةٌ مِن الناس، و يقال: أتانا بتَمْرٍ مثل رُبضَة الخَروف، أي: قَدْرَ الخَروف الرابض.
و
روي عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «مثل المنافِقَ مَثلُ الشّاة بين الرَّبْضَين، إذا أتتْ هذه نطحَتْها»، و بعضُهم رواه: «بين الرَّبِيضَيْن»
، فمن قال: «بين الربضين» أراد مربضي غنمين، إِذا أتت مَربِض هذه الغنم نطحها غنمه، و إذا أتت مَرْبَض الأخرى نطحها غنمه. و من رواه: «بين الربيضين» فالرَّبَض: الغَنَمُ نفسُها، و منه قول الحارث بن حِلِّزة:
عنتا باطِلًا و ظُلْماً كما يُعْتَرُ عن حَجْرة الرَّبِيضِ الظِّباءُ
أراد النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بهذا المَثَل قولَ اللّه جلّ ثناؤه: مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَ لا إِلى هؤُلاءِ [النساء: 143].
و قال الليث: الرَّبيضُ: شاء برُعاتِها اجتَمعتْ في مَربِضها.
قال: و الرُّبُوضُ: مَصْدَرُ الشيء الرَّابض،
20
و كلّ شيء يَبرُك على أربعةٍ فقد رَبَض رُبُوضاً.
و يقال: ربَضت الغنمُ، و بَركَت الإبل، و جَثَمت الطيرُ جُثُوماً. و الثَّورُ الوَحْشيّ يَربِض في كِناسه و قول العَجَّاج:
* و اعتادَ أرباضاً لها آريُّ*
أراد بالأرباض جمع رَبَض، شبّه كِناسَ الثّور بمأوَى الغَنَم.
و قال ابن الأعرابي: الرّبَضُ و المَرْبَضُ و المَرْبِض و الرّبِيض: مجتَمَع الحَوايا.
و
رُوي عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه بَعثَ الضَحّاكَ بنَ سُفيانَ إلى قومه و قال: «إذا أتيتَهمْ فارْبِض في دارِهم ظَبْياً»
، قال القُتَيْبيّ: رُوِي عن ابن الأعرابي أنه أراد: أَقِمْ في دارِهِم آمِناً لا تَبْرح، كأنّك ظبيٌ في كِناسه، قد أَمِن حَيثُ لا يَرَى إنسِيّاً.
قلت: و فيه وجهٌ آخر، و هو أنه عليه السلام أَمَرَه أن يأتيَهم كالمتوجّس لأنه بين ظَهراني الكَفَرة، فمتى رَابَه منهم رَيْبٌ نَفر عنهم شارِداً.
و
في حديث أمّ مَعْبَد «أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم لمّا قالَ عندها دَعا بإناء يُرْبِضُ الرَّهْط»
. قال أبو عبيد: معناه: أنّه يروِيهم حتى يُختِّرهم فيَناموا لكَثْرة اللبن الّذي شَرِبوه.
و قال الرّياشيّ: أربضت الشَّمسُ: إذا اشتدّ حَرُّها حتى تَربِضَ الشاةُ من شدّة الرَّمْضاء.
و قال أبو عبيد: الأَرْباضُ: حِبالُ الرَّحْل، و قال ذو الرُّمة يذكر إِبِلًا:
إذا غَرَّقَتْ أَرباضُها ثِنْي بَكَرةٍ يتَيْماءَ لم تُصبِح رءُوماً سَلُوبُها
و قال الليث: ربَضُ البَطْن: ما وَلِيَ الأرض من البَعِير إذا بَرَك، و الجميعُ الأَرْباض، و أنشد:
* أسْلَمَتْها مَعاقِدُ الأَرْباض*
قلتُ: غَلط الليثُ في الرَّبَض و فيما احتجّ له به، فأمّا الرَّبَضُ فهو ما تَحوَّى من مَصارِين البَطْن، كذلك قال أبو عبيد، و أمّا مَعاقِدُ الأرْباض فالأرباض ههنا الحِبال، و منه قول ذي الرُّمّة:
إذا مَطَوْنا نَسُوعَ الرَّحْل مُصعَدَةً سَلكْن أخْراتَ أرْباضِ المَدِاريجِ
و الأخَرات: حَلَقُ الحِبال.
و قال أبو عُبَيد: الرِّبُوضُ: الشجرة العظيمة، و قال ذو الرّمّة:
* تجوَّفَ كلَّ أرْطَاةٍ رُبُوضٍ*
و سِلسِلةٌ رَبوض: ضَخْمة، و منه قولُه:
و فالوا رَبُوضٌ ضَخْمَةٌ في جِرانِه و أسمر من جِلْدِ الذِّراعيْن مُقْفَلُ
أراد بالرَّبوض: سِلسلةً أُوثِق بها، جعلها ضخمةً ثقيلةً.
و أراد الأسمَر: قِدّاً غُلَّتْ يدُه به فيَبِس عليه.
21
الليث: أرنَبَةٌ رابِضةٌ: إذا كانت ملتزِقة بالوَجْه، هو من أمثالهم في الرّجُل الذي يَتعَيَّنُ الأَشيَاء فيصيبُها بعَيْنه. قولُهم: لا تقومُ لفُلان رابضة، و ذلك إذا قَتَل كلَّ شيء يصيبه بعَيْنِه.
و
رُوِي عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه ذكر أشراطَ الساعة، و منها يود أن تَنْطِق الرُّوَيْبِضَة في أمور العامّة، قيل: و ما الرُّوَيْبِضَةُ يا رسولَ اللّه؟ قال: «الرجل التّافِه ينطق في أمر العامّة».
قال أبو عُبيد: و ممّا يُثبت حديثَ الرُّوَيْبِضة
الحديثُ الآخَرُ: «من أشراط الساعة أن يُرَى رِعاءُ الشاءِ رؤُوسَ النّاس».
قلتُ: الرُّوَيْبضة تصغيرُ الرابضةُ، كأنه جَعَل الرابضة راعِيَ الرَّبض، و أدخَل فيه الهاء مبالغةً في وصفه، كما يقال: رجل داهِية.
و قيل: إنه قيل للتافه من النّاس: رابِضة و رُوَيْبِضة، لرُبوضِه في بَيْته، و قلّة انبعاثِه في الأمور الجسيمة، و منه يقال: رجل رُبُض عن الحاجات و الأسفار: إذا كان يَنهَض فيها.
و قال أبو زيد: الرَّبَض: سَفِيفٌ يُجعَل مِثلَ البِطَان فيُجعل في حَقْوَيِ الناقة حتى يُحاوِزَ الوَرِكَين من الناحيتين جميعاً، و في طرَفيْه حَلَقتان يُعقَد فيهما الأنساع، ثم يُشَدّ به الرَّحْل، و جمعُه أرْباض.
أبو عُبيد عن الكسائي: الرُّبْض: وَسَطُ الشيء، و الرُّبض: نواحيه. و أنكَر شَمِر أن يكون الرُّبْضُ وَسَط الشيء، و قال:
الرُّبْض: ما مَسّ الأَرْض منه. و يقال للدّابة هي فَخْمة الرِّبْضة، أي: فخمة آثار المَرْبض.
ضبر:
قال الليث: ضَبَر الفَرسُ يَضْبُر ضَبْراً:
إذا عَدَا.
أبو عُبَيد عن الأصمعي و قال: إذا وَثَب الفرسُ فوقعَ مجموعة يداه لذلك الضَّبْر.
يقال: ضَبَر يضبُر.
و قال ابن الأعرابي: الضَّبْرُ جماعةٌ من القَوْم يَغْزُون على أرجُلِهم، يقال: خرج ضَبْرٌ من بني فلان، و منه قولُ ساعدَة بن جُؤيّةُ الهُذَليّ:
بينا هُمُ يوماً كذلك رَاعهُمْ ضَبْرُ لَبُوسُهمُ الحديدُ مُؤلَّبُ
و يقال: فلان ذو ضَبَارة في خَلْقه: إذا كان وثيق الخَلْق، و به سُمِّيَ ضُبارَة، و ابنُ ضَبارة كان رَجُلًا من رؤساء أجناد بني أُميّة.
و
في حديث الزُّهْري «أنّه ذكر بني إسرائيل فقال: جعل اللّه عِنَبَهم الأراك، و جَوْزَهُم الضَّبْرَ و رمّانهم المَظَّ».
أبو عبيد عن الأصمعي: الضَّبْرُ: جَوْزُ البَرَّ. و المَظّ: رُمّان البَرّ.
أبو العباس عن ابن الأعرابي قال:
22
الضبْر: القَفْزُ. و الضَّبْر: الشَّدُّ. و الضَّبْر:
جمع الأجْزاء. و أنشد:
مضبورةً إلى شبا حدائدا ضَبَرَ براطيلَ إلى جَلَامِدا
قال: و الضَّبْر الذي يُسمّيه أهلُ الحَضَر جَوزاً بواو الضَّبْر: الرَّجّالة. و المَضْبُور:
المجمّع الخَلْق الأمْلس.
و يقال للمِنْجَل: مَضْبُور.
و قال الليث: الضَّبْرُ: شِدّةُ تَلزيز العظامِ و اكتنازِ اللّحم. و جَمَلٌ مضبَّرُ الظَّهر، و أَنشد:
* مُضبَّر اللَّحْيَيْن بَسْراً مِنْهَسَا*
و
في حديث النبي صلّى اللّه عليه و سلّم «أنه ذكر قوماً يَخْرجون من النار ضَبائر»
، كأنَّها جمعُ ضِبَارَة، مثل: عمارة و عمائر. و الضَّبائر:
جماعاتُ الناس.
و يقال: رأيتهمْ ضبائر، أي: جماعاتٍ في تفرقة.
و قال ابن السكِّيت: يقال: جاء فلانٌ بإضبارَةٍ من كُتُب، و بإضْمامة من كُتب، و هي الأضابير و الأضاميم أو فلان ذُو ضَبارَةٍ: إذا كان مشدّدَ الخَلْق.
و قال الليث: إضبارَةٌ من صحف أو سِهام، أي: حُزمة. و ضِبارةٌ لغةٌ أو ضَبّرتُ الكُتب تضبيراً: جمعتُها.
قلت: و غيرُ الليث لا يجيز ضُبارةً من كُتُب، و يقول: إنما هي إضبَارَة.
و قال الليث: الضَّبْرُ: جِلْدَةٌ تُغَشَّى خَشَباً تُقَرَّبُ إلى الحصُون لقِتال أهلِها، و الجميع الضُّبُور.
قال ابن الفرج: الضِّبْن و الضِّبْر: الإبط، و أنشد:
و لا يَئوبُ مُضْمَراً قد ضَبْرِي زادِي و قد شَوَّلَ زادُ السَّفْرِ
أي: لا أَخبأُ طعامي في السَّفَر فأَوب به إلى بَيْتي، و قد نَفِد زادُ أَصْحابي، و لكن أُطعِمُهم إياه. و معنى: شَوَّل: خَفَّ و قلَّ، كما تُشوِّل المَزَادةُ: إذا بقي فيها جُزَيْعةٌ من ماء.
بضر:
قال أبو العبّاس: قال سلمة: قال الفَرّاء: البضْر: نَوْفُ الجاريةِ قبل أن تُخْفَض.
قال: و قال المفضَّل: من العرب من يبدل الظّاءَ ضاداً، فيقول: قد اشتَكى ضَهْرِي.
و منهم من يُبدل الضّادَ ظاءاً فيقول: قد عَظّت الحرْبُ بني تَميم.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: البُضَيْرة تصغيرُ البَضْرة و هي بُطُولُ الشيء، و منه قولُهم: ذهب دمُه بِضْراً مِضْراً خِضْراً، أي: هَدَراً.
و رَوَى أبو عُبَيد عن الكسائيّ: ذهب دمُه خَضِراً مَضِراً أو ذهب بِطْراً (بالطاء).
23
ض ر م
ضرم، ضمر، رمض، رضم، مضر، مرض: مستعملات.
ضرم:
قال الليث و غيره: الضرَمُ من الحَطَب: ما الْتَهَب سريعاً، و الواحدة ضَرْمة.
و الضَّرَمُ: مصدرُ ضَرِمَت النارُ تَضرَم ضَرَماً. و ضرِم الأسدُ: إذا اشتدَّ حَرُّ جَوْفه من الجُوع، و كذلك كلُّ شيء يشتدّ جوعُه من اللَّواحِم.
أبو عُبَيد عن أبي عمرو: الضَّرِم: الجائع، قال: و قال الأصمعي: ما بالدار نافخُ ضَرَمة، أي: ما بها أحد.
قلت: و الضِّرام: ما دَقّ من الحَطَب و لم يكن جَزْلًا يثقبه النارُ، الواحد ضَرَم و ضَرمة و منه قولُ الشاعر:
أَرَى خَللَ الرَمادِ وَمِيضَ جَمْرٍ أُحاذِرُ أن يَشِبَّ له ضِرامُ
و يقال: أضرَمْتُ النارَ فاضْطَرَمَتْ، و ضَرَّمتُها فَضرَمَتْ و تضرّمَتْ.
و قال زهير:
* و تَضْرَ إذا ضَرَّيْتُموها فتَضرِم*
و قال الليث: الضَّرِيمُ: اسمٌ للحريق، و أَنشَد:
* شَدّاً كما تُشَيِّع الضَّريمَا*
شَبّه حَفيفَ شَدِّه بحفيف النار إذا شَيَّعْتَها بالحَطَب، أي: ألقيتَ عليها ما يُذْكيها به؛ قاله الأصمعيّ.
و قال اللّيْثُ: الضَّرَمُ: شِدّةُ العَدْو.
و يقال: فرسي ضَرِمُ العَدْوِ، و منه قولُ جرير:
* ضَرِمِ الرَّفاقِ مُناقِلِ الأَجْرالِ*
و قال أبو زيد: ضَرِمَ فلانٌ عند الطَّعام ضَرَاماً: إِذا جَدَّ في أَكْله لا يَدفَع منه شيئاً.
و يقال: ضَرِمَ عليه تَضرّم: إذا احتَدَمَ غَضَباً.
و قال ابن شُميل: المُضْطَرِم: المُغْتَلِمُ من الجِمال، تراه كأنه قد حُسْحِسَ بالنار.
و قد أضْرَمَتْه الغُلْمة.
رضم:
أبو العبّاس عن ابن الأعرابي، يقال:
إنّ عَدْوَك لرَضَمان، أي: بطيء. و إنّ أَكْلَك لَسَلَجَان، و إن قَضاءكَ لَلِيّان.
قال شَمِر: قال الأصمعي: الرِّضامُ:
صُخور عِظامٌ أمثالُ الجُزر واحدتها رَضْمة. و يقال: بنى فلان دارَه فرضم فيها الحجارة رَضْماً، و منه قيل: رَضَم البعيرُ بنفسه: إذا رَمَى بنفسِه. و قال لَبِيد:
حُفِزَت و زايلَها السَّرابُ كأنها أجزاعُ بِيشة أَثْلُها و رِضَامُها
و قال أبو عمرو: الرِّضامُ: حِجارةٌ تجمع واحدتها رَضْمَة و رَضْم، و أَنْشَد:
* يَنْصَاحُ من جِبْلَةِ رَضْمٍ مُدَّهقْ*
24
أي: من حجارةٍ مَرْضومة.
و قال شَمِر: يقال: رَضْمٌ و رَضَمٌ للحجارة المَرْضومة.
و قال رُؤبة:
* حَدِيدُه و قِطْرُهُ و رَضمُهُ*
و قال الليث: بِرْذَوْنٌ مَرْضومُ العَصَب: إذا تشنّج و صار فيه كالعَقَد، و أَنشد:
* مُبيَّن الأَمْشاشِ مَرضُوم العَصَبْ*
و قال النضر: طائِرٌ رُضمَة، و قد رَضَمت، أي: نَبَتت، و رَضَم الرجلُ في بيتِه، أي:
سَقَط و لا يَخرُج من بيته. و رَمَأَ كذلك.
و قد رَضَم يَرضِم رُضوماً. و رُضام: اسم موضع.
رمض:
قال اللّيْثُ: الرّمَضُ: حَرُّ الحجارة من شدّةِ حرّ الشمس، و الاسمُ الرّمْضاء.
و رَمِض الإنسانُ رمْضاً: إذا مَشَى على الرّمْضاء، و الأرضُ رَمِضَة.
الحرّانيُّ عن ابن السكيت: الرَمْضُ:
مصدرُ رَمَضْتُ النَّصْلَ أَرمِضُهُ رَمْضاً: إذا جعلته بين حَجَرين ثم دقَقْتَه ليَرِقَّ.
قال: و الرّمَضُ: مصدرُ رَمِض الرجلُ يَرمَض رَمَضاً: احتَرَق قدماه في شدّة الحرّ، و أَنشَد:
فهنّ معترِضاتٌ و الحَصَى رَمِضٌ و الرِّيح ساكنةٌ و الظلُّ معتدِلُ
و يقال: رَمِضَت الغنمُ تَرمَض رَمَضاً: إذا رَعَتْ في شدّة الحرّ فتَحْبَن رئاتُها و أكبادُها، يُصيبها فيها قُروح.
و
في الحديث: «صَلاةُ الأوّابين إذا رَمِضَت الفِصَال»
، و هي الصلاةُ الّتي سَنّها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في وقت الضُّحى عند ارتفاع النهار.
و رَمَضُ الفِصالِ: أن تَحترِق الرّمْضاءُ، و هو الرّمل، فتَبرُك الفِصال مِن شدّة حَرّها و إحراقِها أَخفافَها و فَراسِنَها.
و يقال: رَمّض الراعِي مَواشِيه و أرمَضَها:
إذا رعاها في الرّمْضاء أو أَرْبَضَها عليها.
و
قال عمرُ بنُ الخطّاب لراعي الشاة:
عليكَ و الظَّلَفَ من الأرض لا تُرَمِّضها.
و الظَلَفُ من الأرض: المكانُ الغَليظ الّذي لا رَمْضَاءَ فيه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: المَرْموضُ:
الشِّواءُ الكَبِس. و مَررْنا على مَرْمِض شاةٍ و مَنْدَةِ شاةٍ. و قد رمضْتُ الشاةَ فأنا أُرْمِضُها رَمْضاً، و هو ألا يَسلُخها إذا ذبَحَها و يَبقُر بَطنُها، و يُخرج حُشْوتَها، ثم يُوقِدَ على الرِّضافِ حتى تحمَرَّ فتصيرَ ناراً تتّقد، ثم يَطْرَحها في جوف الشَّاة و يكسر ضلوعَها لتنطبق على الرِّضاف، و لا يزال يتابع عليها الرِّضافَ المُحْرَقة حتى يعلَم أنها قد أنْضَجَتْ لحمُها، ثم يُقشَر عنها جِلدُها الذي يُسلَخ عنها، و قد انشوَى عنها لحْمُها؛ يقال: لحمٌ مَرْمُوض، و قد رُمِض رَمْضاً. و الرّمِيض: قريبٌ من
25
الحَنِيذ، غير أن الحَنيذ يُكْبَس ثم يُوقَد فوقَه.
أبو عُبَيد عن الكسائيّ: أتيتُ فلاناً فلم أُصِبْه فرمَّضتُ ترْمِيضاً.
قال شمر: تَرْمِيضُه أن ينتظِره ثم يَمضِي.
اللَّيث: الرمَضُ: حُرْقَةُ القَيْظ. و قد أرمضَني هذا الأمرُ فرمِضْتُ؛ قال رُؤْبة:
و من تَشَكَّى مَضْلَةَ الإِرْماضِ أو خُلَّةً أحْرَكْتُ بالإحماضِ
و قال أبو عمرو: الإرْماضُ: كلُّ ما أَوْجَعَ؛ يقال: أرْمَضَني، أي: أَوْجَعَني.
و الرّمَضِيُّ من السَّحاب و المَطَر: ما كان في آخِر القَيْظ و أوّلِ الخريف؛ فالسحابُ رَمَضِيٌّ، و المطرَ رَمضي. و إنما سُمِّي رَمَضِيّاً، لأنه يُدرِك سُخونةَ الشمس و حَرَّها.
سلَمة عن الفرّاء يقال: هذا شهرُ رمضان، و هما شهرَا ربيع؛ و لا يُذكرُ الشهر مع سائر أسماءِ الشهور العربية، يقال: هذا شعبانُ قد أَقْبَل.
و قال جل و عز: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ
[البقرة: 185].
و قال أبو ذُؤيب:
به أبلَتْ شَهْرَيْ رَبيعٍ كليْهِما فقد مارَ فيها نَسْؤُها و اقْتِرَارها
و قال مُدرِكٌ الكلابيّ فيما روى ابن الفَرَج: ارْتمزَتِ الفَرَسُ بالرّجُل، و ارتَمَضَتْ به، أي: وثَبَتْ به.
مرض:
قال الليث: المريضُ معروف، و الجميع المَرْضَى.
قال: و التمريض: حُسنُ القيام على المريض. يقال: مَرَّضتُ المريضَ تمريضاً: إذا قُمتَ عليه.
و تمرِيض الأمر: أن تُوَهِّنه و لا تُحْكمه.
و يقال: قلبٌ مرِيض من العداوة و من النِّفاق.
قال اللّه تعالى: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ*
[البقرة:
10]، أي: نِفاق.
ثعلب عن ابن الأعرابي: أصل المَرَض النُّقْصان: بَدَنٌ مرِيض: ناقِصُ القوّة.
و قلبٌ مريض: ناقصُ الدِّين.
و مَرَّض فلانٌ في حاجتي: إذا نقصَتْ حركتُه فيها.
و أخبرَني المنذِرِيّ عن بعض أصحابه أنه قال: المَرَض: إظْلامُ الطبيعة و اضطرابُها بعد صفائها و اعتدالها.
قال: و المَرَض: الظُّلَمة.
و أنشد أبو العبّاس:
و ليلةٍ مرِضَت من كل ناحية فلا يضيءُ لها شمسٌ و لا قمر
قال: مَرِضَتْ، أي: أظلَمَتْ و نقَص نُورُها.
26
و قال أبو عُبيدة في قوله: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ*
معناه: شكٌّ و نِفاق.
قال: و المرَض في القَلْب يَصلُح لكلّ ما خَرج به الإنسانُ عَن الصحّة في الدِّين.
و قال الليث: المَراضَانِ: وادِيان مُلتقاهما واحدٌ.
قلت: المَراضان و المَرَايض: مواضع في ديار تميم بين كاظمة و النَّقِيرة فيها أحْساء، و ليست من باب المَرَض، و الميم فيها ميم مَفعَل، من استراض الوادِي: إذا استنقع فيه الماء.
و يقال: أرض مريضةٌ: إذا ضاقت بأهلها، و أرض مريضة: إذا كثُر بها الهَرْج و الفِتن و القَتْل.
و قال أوسُ بن حَجَر:
ترَى الأرض مِنَّا بالفضاءِ مريضةً مُعَضَّلةً مِنّا بجَمْع عَرَمْرَم
و ليلةٌ مريضةٌ: مظلمة لا تُرى فيها كواكبُها.
و قال الراعي:
و طَخْياء من لَيلِ التَّمام مريضةٍ أجَنّ العَماءُ نجمها فهو ماصِحُ
و رَأْيٌ مريضٌ: فيه انحراف عن الصواب، قال الشاعر:
رأيتُ أبَا الوليد غَداةَ جَمْعٍ به شَيْبٌ و ما فَقَد الشَّبابَا
و لكنْ تحتَ ذاكَ الشَّيبِ حَزْمٌ إذا ما ظَنَّ أمرَض أو أصَابَا
أمرَضَ: أي: قارَبَ الصواب و إن لَم يُصِب كلَّ الصَّواب.
و يقال: أتيت فلاناً فأمرَضتُه: أي: وجدتُه مريضاً. و أمْرض بنو فلانٍ: إذا مَرِضتْ نَعَمُهُم فهم ممْرِضون.
مضر:
قال الليث: لبنٌ مضيرٌ: شديد الحموضة. قال: و يقال: إن مُضَرَ كان مُولَعاً بشُرْبه فسمِّي به.
أبو عُبَيد عن أبي زيد: الماضر: اللّبن الذي يَحذِي اللسان قبل أن يُدرك. و قد مَضر يَمضرُ مُضوراً، و كذلك النبيذ.
قال: و قال أبو البَيْداء: اسم مُضَر مشتقٌّ منه.
و قيل: سُمِّي مُضَراً لبيَاض لونِه. من مَضِيرة الطَّبِيخ.
قلتُ: و المضِيرةُ عند العرب: أن يُطبَخ اللحمُ باللَّبن البَحْت الصَّريح، الذي قد حَذَى اللسانَ حتى يَنضَج اللحمُ و تَخْثُر المَضيرة و ربّما خَلَطُوا الحليبَ بالحَقِين للمَضِيرة، و هي حينئذ أطيبُ ما تكون.
و قال الليثُ: يُقال: فلانٌ يتمَضَّر، أي:
يتعصّب لمُضَر.
أبو عُبَيْد عن الكسائيّ يقال: ذهب دمُه خَضِراً مَضِراً: إذا ذَهب هَدَراً.
و قال أبو سعيد: ذهب دمُه خِضْراً مِضْراً،
27
أي: هنيئاً مريئاً.
قال: و العرب تقول: مَضّرَ اللَّهُ لك الثناء، أي: طيّبه، و تُماضِرُ اسم امرأة.
ضمر:
رُوي عن حُذيفة أنه قال في خطبته:
اليومَ مِضْمارٌ، و غداً السِّباق، و السَّابقُ مَن سَبَقَ إلى الجنّة.
قال شَمِر: أراد اليومَ العمل في الدنيا للاسْتباق إلى الجنّة؛ كالفَرس يُضَمَّر قبل أن يُسابَق عليه.
و قال الليث: الضُّمْرُ من الهُزال و لُحوق البَطْن و الفعلُ ضَمَرَ يَضمُر ضُموراً.
و قَضيبٌ ضامر، و قد انضَمَرَ: إذا ذَهب ماؤه.
قال: و المِضمار: موضعٌ تُضمَّر فيه الخيل، و تَضمِيرها أن تُعْلَف قُوتاً بعد سِمَنها.
قلتُ: و قد يكون المِضمار وقتاً للأيام التي تُضمَّر فيها الخيلُ للسباق أو للرَّكْض إلى العَدُوّ، و تضميرُها أن تُشدّ عليها سُروجُها، و تُجَلَّلَ بالأجِلَّة حتى تعرَق تحتَها فيذهَب رَهَلُها و يشتدّ لحمها، و يُحمل عليها غِلمانٌ خِفافٌ يُجرونها البردين و لا يُعَنِّفُون بها، فإذا ضُمِّرَتْ و اشتدّتْ لحومُها أُمِنَ عليها القَطْع عند حُضْرها و لم يَقْطَعْها الشَّدُّ، فذلك التَّضْمير الّذي تعرفه العرب، و يُسمونه مِضماراً و تَضْميراً.
و قال الليث: الضَمِرُ: الشيء الذي تُضمِره في ضمير قَلْبِك، تقول: أضمرتُ صَرْف الحرف: إذا كان متحركاً فأسكَنْتَه.
قال: و الضَّمْرُ من الرجال: المُهَضَّم البطن، الخفيف الجسم. و امرأة ضَمْرة و قد تَضمَّر وجهُها: إذا انضمّتْ جلدتُه من الهزال.
و
رُوِي عن عمر بن عبد العزيز أنّه كتب إلى مَيْمون بن مِهران في مَظالم كانت في بيت المال أن يردَّها على أربابِها و لا يأخذ منها زكاةَ عامها، فإنّه كان مالًا ضِماراً.
قال أبو عُبيد: الضِّمارُ: هو الغائب الذي يُرْجَى، فإذا رُجِيَ فليس بِضمار؛ و قال الراعي:
طلَبْن مَزَارَه فأَصبْن منه عطاءً لَم يكن عِدَةً ضِمارَا
و قال الأعشى:
أرَانا إذا أَضْمَرَتْكَ البِلَا دُ تُجْفَى و تُقْطَع مِنّا الرَّحِمْ
أراد: إذا غيّبتْك البلادُ.
و قال الليث: الضِّمارُ من العِداتِ ما كان ذا تَسْويف، و أنشد بيتَ الراعي.
قال: و اللؤلُؤ المضطمِر: الذي فيه بعض الانضماد، و أنشد قولَ الشاعر:
28
تلأْلأَتِ الثُّرَيَّا فاستنارتْ تلألُؤَ لؤلؤٍ فيه اضطِمارُ
قال: و الضُمْران من دِقّ الشجر.
قلت: ليس الضُّمْران من دِقّ الشجر و له هَدَبٌ كهَدَب الأرْطَى. و منه قولُ عُمَر بن لَجأ:
تحْسِبْ مُجْتَلّ الإماءِ الخُدَّم من هَدَبِ الضُّمْران لم يحطَّمِ
و قال الأصمعي فيما رَوَى ابن السكّيت له أنه قال في قول النابغة:
* فهابَ ضُمران منهُ حيثُ يُوزِعُهُ*
قال: و رواه أبو عُبيدة صُمْرَانُ، و هو اسم كَلْبٍ في الروايتين معاً.
و قال الليث: الضَّيْمُران و الضَّوْمَران: نوعٌ من الرياحين.
و قال الأصمعي: الضَمِيرة و الضَّفِيرةُ:
الغَدِيرةُ من ذَوائب الرَّأْس، و جمعها ضمائر.
و قال الفرّاء: ذهبوا بِمَالِي ضِماراً مثل قِماراً؛ قال: و هو النَّسِيئةُ أيضاً.
قال: و التَّضْمير: حُسْنُ ضَفْر الضَّمِيرة و حُسْنُ دَهْنِها.
أبواب الضاد و اللّام
ض ل ن
استعمل من وجوهها: [نضل].
نضل:
قال الليث: يقال: نَضَل فلانٌ فلاناً:
إذا فَضلَه في مُراماة فَغَلبه. و خرجَ القومُ يَنْتَضِلون: إذا استَبقوا في رَمْي الأَغْراض.
و فلان نَضِيلِي: و هو الذي يُرَامِيه و يُسابِقه.
و يقال: فلانٌ يُناضِل عن فلان: إذا نضح عنه و دافَع. و المُناضَلةُ: المفاخَرةُ.
قال الطّرِمَّاح:
مَلِكٌ تَدِينُ له المُلو ك و لا يُجاثيه المُناضِل
و انتَضَل القومُ: إذا تَفاخَروا. و قال لَبيد:
فانتضَلْنَا و ابنُ سَلْمَى قاعِدٌ كعَتيق الطَّيْرِ يغْضَى و يُحَلُ
ثعلب عن ابن الأعرابي: النضَلُ و التّبديدُ:
التَّعَبُ. و قد نَضِل ينضَل نضَلًا.
و تَنضّلتُ الشيءَ: إذا استخرجته.
أبو عُبيد عن الفرّاء: تنضّلتُ منهم نَضْلةً، و اجْتَلْتُ منهم جَوْلًا، معناه: الاختيار.
أبو عُبيد عن أبي عُبيدة: تَنَضَّلْتُ الشيءَ أخرجتُه.
ض ل ف
استعمل من وجوهه: [فضل].
فضل:
قال الليث: الفضلُ معروف.
و الفاضِلَةُ: الاسم. و الفِضَال: اسمٌ للتفاضُل. و الفُضالة: ما فَضَل من شيء.
و الفَضْلةُ: البقيّةُ من كل شيء.
و الفَضِيلةُ: الدرجةُ الرفيعة في الفَضْل.
29
و التّفَضُّلُ: التطول على غيرِك.
و قال اللّه جلّ و عزَّ: يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ
[المؤمنون: 24]، معناه: يريد أن يكون له الفضلُ عليكم في القَدْر و المَنزِلة، و ليس من التفضُّل الذي هو بمعنى الإفضال و التطوُّل.
و قال الليث: التفضُّل: التَّوَشُّح. و رجلٌ فُضُلٌ و متفضِّل. و امرأة فُضلٌ و متفضِّلة.
و عليها ثوبٌ فُضل و هي أن تُخالِف بين طرفيه على عاتِقها و تتوشّح به.
أبو عبيد عن أبي زيد: فلانٌ حَسَنُ الفِضْلة، من التفضّل بالثوب الواحد.
قال الأصمعي: امرأة فُضلٌ في ثوبٍ واحد.
و قال الليث: الفِضالُ: الثوبُ الواحدُ يتفضَّل به الرجُل يَلبَسُه في بيته. و أنشد:
و أَلْقِ فِضَالَ الوَهْنِ عنك بوَثْبَةٍ حَوارِيةٍ قد طالَ هذا التفضُّلُ
قال: و أفضلَ الرجُل على فلان: أنالَه من فضله و أحسَنَ إليه.
و أفضَل فلانٌ من الطعام و غيره: إذا تركَ منه شيئاً و رجلٌ مِفضالٌ: كثيرُ الخير و المعروف.
و يقال: فَضَلَ فلانٌ على فلان: إذا غَلَب عليه. و فَضَلْتُ الرجَل: غلبتُه. و أنشد:
شِمالُك تَفْضُل الأَيمان إلّا يَمينَ أبيكَ نائِلُها الغَزِيرُ
ابن السكيت: فَضِل الشيء يَفضَل، و فَضَل يَفضُل.
قال: و قال أبو عُبيدة: فضِل منه شيء قليل؛ فإِذا قالوا يَفضُل ضموا الضاد فأَعادُوها إلى الأصل. قال: و ليس في الكلام حَرْفٌ من السالم يُشبه هذا.
قال: و زعم بعض النحويين أنه يقال:
حَضِرَ القاضي امرأَةٌ، ثم يقولون: يَحضُر.
و قال غيره: فواضِلُ المال: ما يأتيك من مَرافِقه و غَلّته.
و العرب تقول: إذا عَزَب المال قلّت فَواضِلهُ، يقول: إذا بعُدت الضَّيْعَةُ قلّت مرافِقُ صاحبها منها، و كذلك الإبل إذا عَزَبتْ قلَّ انتفاع رَبِّها بدَرِّها.
و قال الشاعر:
سَأَبْغِيكَ مالًا بالمدينة إِنني أَرى عازِبَ الأموال قلَّتْ فَواضِلُهْ
و العربُ تسمِّي الخَمر فِضَالًا.
و منه قولُ الأعشى:
و الشارِبون إِذا الذِّوارعُ أُغْلِبَتْ صَفْوَ الفِضَال بطارفٍ و تِلادِ
و فُضُولُ الغنائم: ما فَضَل من القَسْم منها.
و قال ابن عَنمةَ:
30
لَكَ المِرْباعُ منها و الصَّفايا و حُكْمُكَ و النَّشيطةُ و الفُضولُ
و فَضَلاتُ الماء: بقاياه.
و التفاضُل بين القوم: أن يكون بعضُهم أفضلَ من بعض.
و رجلٌ فاضِلٌ: ذو فُضْلٍ. و رجل مَفْضول:
قد فَضَلَه غيرُه.
و
قال النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم: «شهِدتُ في دار عبدِ اللّه بن جُدْعانَ حِلْفاً لو دُعِيتُ إلى مِثلِه في الإسلام لأجبْتُ»
يعني حِلْفَ الفُضول.
و سُمِّيَ حِلْفَ الفُضول لأنّه قام به رجالٌ يقال لهم: الفَضلُ بن الحارث، و الفضلُ بنُ وَدَاعة و الفُضَيْلُ بن فَضالة؛ فقيل: حِلْف الفضول جَمْعاً لأسماء هؤلاء.
و الفُضُولُ جمعُ فَضْل، كما يقال: سَعْد و سُعود، و كان عَقَدهُ المُطَيَّبُون و هم خمس قبائل، و قد ذكرتُها في باب الحِلْفِ من كتاب الحاء.
أبو عبيد عن أبي زيد: المِفْضَلُ: الثوْبُ الذي تتفضَّل به المرأة.
ثعلب عن ابن الأعرابي: يقال للخياط:
القَرَارِيّ و الفُضُوليّ، و يقال: فُضِّل فلانٌ على غيره: إذا غُلِبَ بالفَضْل على غيره.
و الفَضْلتان: فَضْلَةُ الماءِ في المزاد، و فَضْلَة الخَمر في الرِّكوة.
ض ل ب
أهمله الليث.
[ضأبل]:
و ذكر أبو عُبيد عن الأصمعي في باب الدواهي. جاء فلان بالضَّئبِل و النِّئطِل، و هما الداهية، و قال الكميت:
أَلَا يَفزَع الأقوامُ ممّا أَظلَّهمْ و لمّا تَجِئْهُمْ ذاتُ وَدْقَيْنِ ضِئْبِلُ
و إن كانت الهمزةُ أصليَّة فالكلمة رباعيّة.
ض ل م
ضمل، لضم: [مستعملة].
لضم:
قال الليث: اللَّضْمُ: العُنْف و الإلحاحُ على الرّجل. يقال: لضَمْته أُلْضِمُه لَضْماً، أي: عَنُفْتُ عليه و أَلْحَمْتُ. و أنشد:
مَنَنْتَ بنائلٍ و لَضَمْتَ أُخْرَى برَدٍّ ما كذَا فِعْلُ الكِرامِ
قلتُ: و لا أَعرِف اللَّضْمَ و لا هذا الشِّعر، و هو مُنْكر.
ضمل:
أهمله الليث.
و رَوَى عمْرو عن أبيه أنه قال: الضَّمِيلة:
المرأةُ الزَّمِنَةُ.
قال:
و خَطَب رجلٌ إلى معاويةَ بنتاً له عَرْجاء، فقال: إنها ضَمِيلة، فقال: إني أردتُ أن أتشرَّف بمصاهَرَتِك، لا أُرِيدها للسِّباق في الْحَلبة، فزَوَّجَه إيّاها.
أبواب الضاد و النون
ض ن ف
ضفن، نضف، نفض: مستعملة.
31
نضف:
أبو تراب عن الحُصَيْنِيّ قال:
أنضفَت الناقة و أوضَفَت: إذا خَبَّتْ.
و أَوْضَفْتُها فوضَفَت: إذا فعلت.
و قال الليث: النَّضَفُ: هو الصَعْتَر، الواحدة نَضَفَة، و أَنشَد:
ظَلَّا بأَقْرِية التُّفّاحِ يَوْمَهُما يُنبِّشان أصولَ المَغْدِ و النَّضَفَا
أبو العباس عن ابن الأعرابي: أنضفَ الرجلُ: إذا دام على أَكْل النَّضَف، و هو الصَّعْتَر. قال: و مرّ بنا قومٌ نَضِفُون نَجِسُون؛ بمعنى واحد.
أبو عُبَيد عن الفرّاء: نَضَف الفصيلُ ضَرْعَ أمّه يَنْضِفُه و يَنْضُفُه و انتَضَفَه: إذا شَرِب جميعَ ما فيه.
ثعلب عن ابن الأعرابي: النَّضَف: إبداءُ الحُصَاص.
و قال غيرُه: رجلٌ ناضفٌ و مِنْضف، و خاضِفٌ و مِخْضَفٌ: إذا كان ضرّاطاً.
و أنشد:
* و أين موالينا الضّفافُ المنَاضِفُ*
ضفن:
أبو عُبيد عن أبي زيد: ضَفنت إلى القوم أضْفِن ضَفْناً: إذا أتيتهم حتى تجلس إليهم.
و ضَفَن الرجلُ بغائطه يَضفِن ضفناً: إذا تغوط.
و قال ابن الأعرابي: الضَّفْن: إبداء العاذر.
و قال أبو زيد: ضَفَنْتُ مع الضَّيف أضفِن ضَفْناً: إذا جئتَ معه، و هو الضَّيْفَن، و أَنشَد:
إذا جاء ضيفٌ جاء للضَّيفِ ضَيْفَنٌ فأوْدَى بما يُقْرَى الضُّيوف الضيَّافِنُ
و قال شَمِر: الضَّفْنُ: ضَمُّ الرجلِ ضرعَ الشاة حين يَحلُبها.
ثعلب عن ابن الأعرابي: ضَفَنوا عليه:
مالُوا عليه و اعتمدوه بالجوْرِ. و ضَفَنْتُ إليه: إذا تَرَعْتَ إليه و أردتَه.
و قال أبو زيد: ضَفَن الرجلُ المرأةَ ضَفْناً:
إذا نَكَحها. قال: و أصلُ الضَّفْن أن يضمّ بيَدِه ضَرْعَ الناقة حين تَحلُبها.
و قال الليث: الضَّفْنُ: ضَرْبُك بظَهْرِ قَدَمِك استَ الشَّاة و نحوِها. قال: و الاضطِفانُ:
أن تَضرِب به استَ نفسِك.
أبو عُبيد عن الفرّاء قال: إذا كان الرجل أحمقَ و كان مع ذلك كثيرَ اللَّحْم ثقيلًا قيل: هو ضِفْنٌ و ضَفَنْدَد.
و قال ابن الأعرابي: هو الضِّفِنُّ و الضَّفنّ.
و قال الليث: امرأة ضِفَنّةٌ: إذا كانت رِخوةً ضخمة.
نفض:
أبو العبَّاس عن ابن الأعرابي:
النَّفْضُ: التحريكُ. و النَّفْضُ: تَبَصُّر الطّريق. و النَّفْضُ: القراءة، و يقال: فلان
32
يَنفُض القرآنَ كلَّه ظاهراً، أي: يقرؤه.
قال: و النَفَضَى: الحَرَكة. و يقال: أخذتْه حُمَّى نافِضٍ، و حُمَّى بنافِض، و حمَّى نافِضٌ.
أبو عُبيد عن الأصمعيّ: إذا كانت الحمّى نافِضاً قيل: نفضَتْه فهو منفوض.
و قال ابن الأعرابيّ: النِّفْضُ خُرْء النَّحْل.
قال: و النُّفَاضُ: الجَدْبُ، و منه قولُهم النُّفاض يُقطِّر الجَلَب. يقول: إذا أجدَبُوا جَلَبوا الإبلَ قِطاراً قِطاراً.
و الإنفاضُ: المجَاعةُ و الحاجة. و يقال:
نفَضْنا حَلَائِبَنَا نَفْضاً، و استنفَضْناها استِنْفاضاً، و ذلك إذا استقصَوْا عليها في حَلبها فلم يَدعُوا في ضُروعها شيئاً من اللَّبن، و قال ذو الرُّمّة:
كِلَا كَفْأَتَيْها تُنْفِضان و لم يَجِد له ثِيلَ سَقْب في النِّتاجَيْن لامِسُ
و يروى تُنْفَضان، و معناه: تُسْتَبْرآن، مِن قولِك: نفضْتُ المكانَ: إذا نظرتَ إلى جميع ما فيه حتى تعرفَه.
و قال زهيرٌ يصف بقرةً فقدتْ ولدَها:
و تَنفُض عنها غَيْبَ كلِّ خَميلَةٍ و تَخشَى رُماةَ الغَوْث من كلِّ مَرْصَدِ
و من رواه تَنْفَضان أو تُنْفِضان فمعناه: أَنّ كلّ واحدةً من الكَفْأَتين تُلقِي ما في بطونها من أجِنّتها فتوجَد إناثاً ليس فيها ذكر. أراد أنها كلَّها مآنِيثُ تُنْتِج الإناثَ و ليست بمَذاكيرَ تلدِ الذُّكْران.
و استِنْفاضُ البائِلِ ذكَرَه و انتِفاضه:
استبراؤه ممّا فيه من بقيّة البَوْل.
و قال الليث: يقال: استنفَضَ ما عندَه، أي: استخرَجَه؛ و قال رُؤبة:
* صَرَّحَ مَدْحِي لك و استِنفاضِي*
ابن السكّيت قال: النَّفِيضة: الذين يَنفُضون الطَريق. و قالت الجهنية فيه:
يَرِدُ المياهُ حَضيرةً و نَفِيضةً وِرْدَ القَطاةِ إذا اسمألَّ التُّبَّعُ
سَلَمة عن الفرّاء قال: حضِيرة الناس هي الجماعةُ. قال: و نَفِيضتُهم هي الجماعة.
شَمِر عن ابن الأعرابيّ: حَضِيرَةٌ يَحضُرها الناس، و نَفِيضَةٌ ليس عليها أحد.
و قال الليث: النَّفَضةُ: قوم يُبعَثون يَنفُضون الأرضَ، هل بها عدوّ أَو خوف.
الحرّاني عن ابن السكّيت قال: النَّفْض:
مصدرُ نَفضتَ الثوبَ نَفْضاً. و النَّفَض: ما وَقَع من الشيء إذا نفضْتَه. و نَفَضُ العِضاةِ: خَبْطُها، و ما طاحَ من حَمْل الشجرة فهو نَفَض.
و قال الليث: النَّفَض: من قُضْبان الكَرْم بعد ما ينضُرُ الوَرَقُ و قبلَ أن يَتعلَّق حَوالِقُه و هو أغَضُّ ما يكون و أرخَصُه؛ و قد انتَفَض الكَرْمُ عند ذلك، و الواحدةُ نَفْضَة جزم و تقول: أنفضَتْ جُلَّة التَّمْر: إذا أنفضت فيها من التمر.
33
و النَّفْض: أن تأخذَ بيَدِك شيئاً فتنفُضَه تزَعْزِعُه و تُتَرْتِرَه و تَنفض الترابَ عنه. قال:
و نَفَض الشجرة حين تَنتَفِضُ ثَمرتُها.
و النفَض: ما تَساقَط من غير نَفْض في أُصول الشَّجَر مِن أنواع الثمر.
قال: و نُفُوضُ الأَمْر: راشانُها، و هي فارسيَّة، إنما هي أَشرافُها.
أبو عُبَيد عن أبي عمرو: النِّفاض: إزَارٌ منْ أُزُر الصِّبْيان، و أنشد:
* جارِيةٌ بيضاءُ في نِفَاضِ*
قال شَمِر: قال ابن شُميل: إذا لُبس الثوبُ الأحمرُ أو الأصفرُ فذهب بعضُ لونِه قيل: قد نَفَضَ صِبْغُه نَفْضاً.
و قال ذو الرُّمَّة:
كسَاكَ الذي يَكْسُو المكَارِمَ حُلَّةً من المجد لا تَبلَى بَطيئاً نُفُوضُها
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: النُّفَاضةُ:
ضُوازَةُ السِّواك و نُفاثتُه.
و قال ابن شُميل: قومٌ نَفَضٌ، أي: نَفَضُوا زادَهم. و أنفَضَ القومُ: إذا فَنِيَ زادُهم.
ض ن ب
نضب، نبض، ضبن: مستعملة.
نضب:
الليث: نضَب الماءُ يَنضُب نُضُوباً:
إذا ذَهب في الأرض.
و نَضَب الدَّبَرُ: إذا اشتَدّ أثَرُهُ في الظَّهر:
و نَضَبتِ المفازةُ: إذا بَعُدَتْ.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: الناضبُ:
البعيدُ، و منه قيل للماء إذا ذَهَبَ: نَضَب، أي: بَعُدَ.
و قال أبو زيد: إنّ فُلاناً لنَاضِبُ الخَيْر، أي: قليلُ الخير، و قد نَضَب خيرُه نُضوباً، و أنشد:
إذا رَأَيْن غَفْلةً من راقِبِ يُومِين بالأعْيُنِ و الحَواجِبِ
* إيماءَ بَرْقٍ في عَماءٍ ناضِبِ*
أبو عُبيد: و من الأشجار التَّنَضُبُ، واحدتُها تَنْضُبَته.
قلتُ: هي شجرة ضَخْمةُ يقطَع منها العَمَد للأَخْبِية.
و قال شَمِر: نَضَّبَتِ الناقَةُ، و تَنْضِيبُها: قِلَّةُ لَبَنِها، و طولُ فُواقِها و بِطَاءُ دِرَّتِها.
نبض:
أبو عبيد عن أبي عمرو: أنْبَضْتُ القوسَ و أنضَبْتُها: إذا جذبتَ وتَرَها لتُصوِّت.
قلت: و هذا من المقلوب.
و قال الليث: نبضَ العِرْقُ يَنبِضُ نَبَضاناً، و هو تحرُّكُه؛ و ربما أنبضَتْه الحُمَّى و غيرُها من الأمْراض.
و مَنْبِضُ القَلْب: حيث تراه يَنبِض، و حيث تجد هَمْسَ نَبضاتِه.
قال: و النابض: اسم للغَضَب.
و قال النابغة في إنباض القِسِيّ:
34
أنْبَضوا مَعْجِس القِسِيِّ و أَبرَقْ نا كما تُوعِد الفُحولُ الفُحُولا
أبو عبيد عن الأحمر: ما له حَبَضٌ و لا نَبَض، أي: ما يتحرّك.
و قال الأصمعي: النَّبْضُ: التحرّك، و لا أعرف الحَبَض.
و قال الليث: المَنَابض: المنادف، و هي المحابض، و أنشد:
لُغامٌ على الخَيْشُوم بعد هِبابه كمحلوجِ عُطْبٍ طيّرته المنابضُ
قال: و الواحد منها مِنْبَض و مِحْبَض.
ضبن:
قال الليث: الضِّبْنُ: ما تحت الإبْطِ و الكَشْح.
و تقول: اضْطَبنْتُ شيئاً، أي: حَمَلْتُه في ضِبْنِي، و رُبَّما أَخذَه بيد فرفعه إلى فُوَيْق سُرّته. قال: فأوّلُه الإبْط، ثم الضَّبْن، ثم الحَضْنُ، و أنشد:
لمّا تَغَلَّق عنه قَيْضُ بَيْضَتِه آوَاه في ضِبْنِ مَطْنِيِّ به نَصَبُ
ثعلب عن ابن الأعرابي: ضُبْنَةُ الرَّجُل و ضَبْنَتُه و ضَبِنَته: خاصَّتُه و بطانَته و زافِرَتُه، و كذلك ظاهِرَتُه و ظِهَارَتُه.
و قال غيره: ضِبْنةُ الرجل: عِيالُه.
و قال اللِّحياني: يقال: ضَبَنْتَ عنّا الهَدِيَّة، أو ما كان من معروف، نَضْبِن ضَبْناً، قال: و قال الأصمعي: ضَبَنَتْ تَضْبِنُ ضَبْناً و خَضَنَتْ تخضِن خَضْناً كلُّه بمعنى واحد:
إذا كفَفْتَ و صَرَفْتَ.
عن الفراء قال: نحن في ضبينه و في حريمه و ظله و ذمته و خضارته و حضره و ذراه و حشاه و كنفه، كله بمعنى واحد.
و في «النَّوَادر»: ماءٌ ضَبْنٌ و مَضْبونٌ، و لَزْنٌ و مَلْزُون، و لَزِنٌ و ضَبِنٌ: إذا كان مَشْفُوهاً كثير الورد لا فَضْلَ فيه.
و قال الليث: الضَّوْبانُ: الحَمَل المُسِنّ القوِيُّ. و منهم من يقول: ضُوْبان، بضمّ الضاد.
و قال الشاعر:
تقَرّبْتُ ضُوباناً قد اخضرّ نابُه فلا ناضِحِي وانٍ و لا القَرْبُ شَوّلا
قلت: من قال: ضَوْباناً، احتَمَل أن تكون النون لامَ الفِعل، و يكون على مثال فَوْعال، و من جعله فُعْلاناً جعله من ضابَ يَضُوب.
ض ن م
ضمن، نضم: [مستعملان].
أهملَ الليث: نضم.
نضم:
أبو العباس عن عمرو عن أبيه أنه قال: النَّضْمُ: الْحِنطةُ الحادِرة السَّمينة، واحدتُها نَضْمة، و هو صحيح.
ضمن:
ثعلب عن سلمة عن الفراء: ضَمِنتْ يدُه ضمانةً، بمنزلة الزمانة. و رجل
35
مضمون اليد: مثل مخبول اليد. و قوم ضَمْنى: أي زمنى.
أبو العبّاس عن ابن الأعرابي: فلانٌ ضامِنٌ و ضَمِين، و كافِلٌ و كَفيل. و مِثْلُها سامِنٌ و سَمِين، و ناضِر و نَضِيرٌ، و شاهِدٌ و شَهِيد.
و يقال: ضَمِنْتُ الشيءَ أضمَنُه ضَماناً، فأنا ضامنٌ و هو مَضْمون.
و
في حديث عبد اللّه بن عُمَر: «و مَن اكتَتَب ضَمِناً بعثَه اللّه ضَمِناً يومَ القيامة»
. قال أبو عُبيد: قال أبو عَمْرو و الأحمر:
الضَّمِن الذي به زَمَانَةٌ في جَسَده، من بَلاءٍ أوْ كَسْر أو غيرِه، و أنشد:
ما خِلْتُني زِلْتُ بعدَكمْ ضَمِناً أشْكُو إليكمْ حُمُوَّةَ الأَلَمِ
قال: و الاسمُ الضَمَن و الضَّمَان.
و قال ابن أحمر:
ليكَ إله الخَلْقِ أرفَعُ رَغْبتي عِيَاذاً و خوفاً أن تُطيلَ ضمَانِيَا
و كان قد أصابه بعضُ ذلك، فالضَّمان هو الدّاء نفسُه.
و معنى الحديث: أن يكتبَ الرجلُ أنّ به زَمانةً ليتخلّف عن الغَزْو و لا زَمانةً به، و إنما يَفعل ذلك اعتلالًا. و معنى يكتب يسأل أن يُكتَب في جُمْلة الزّمْنَى و لا يُندَب للجهاد، و إذا أَخَذ خَطّاً من أميرِ جُنْده فقد اكتتبه.
و
في الحديث: «أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم نَهَى عن بَيْع المَلاقيح و المضامين»
. و قد مرّ تفسير الملاقيح.
و أما المضامينُ فإن أبا عُبَيد قال: هي ما في أَصْلاب الفُحول. و أنشد غيره في ذلك:
إن المَضامِين التي في الصُّلْبِ ماءُ الفُحُولِ في الظُّهورِ الحُدْبِ
ثعلب عن ابن الأعرابي يقال: ما أَغنَى فلانٌ عنّي ضِمْناً، و هي الشِّسْع، أي: ما أَغْنَى عنّي شيئاً و لا قَدْرَ شِسْع.
و
في كتاب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم لأُكَيْدِرَ دُومَةِ الجَنْدَلِ: «إنّ لنا الضّاحيَةَ من الضَّحْل و البُودَ و المَعَامِيَ، و لكم الضامِنَةُ من النَّخل و المَعِين».
قال أبو عُبيد: الضّاحِية من الضَّحْل: ما ظهر و بَرَز و كان خالصاً من العِمارة.
و الضّامنة من النَّخْل: ما كان داخلًا في العِمارة.
قلت: سمّيتْ ضامِنةً لأن أربابها ضَمِنوا عمارتَها، فهي ذاتُ ضَمان، كما قال اللّه جلّ و عزَّ: فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ* [الحاقة: 21]، أي: ذات رِضاً.
و
في حديث آخر: «من ماتَ في سبيل اللّه فهو ضامِنٌ على اللّه»
، أي: هو ذو ضَمان
36
على اللّه. و هذا مَذهَب سيبويه و الخليل.
و قال الليث: كلّ شيء أُحْرِزَ فيه شيءٌ فقد ضُمِّنه. و أنشد:
* ليس لِمَن ضُمِّنَه تَرْبِيتُ*
أي: ليس للّذي يُدفَن في القبر تَرْبِيتٌ، أي: لا يُرَبّيه القَبْر.
و قال الليث: المضمَّن من الشِّعر: ما لم يتمَّ معاني قَوافيه إلا بالبيت الّذي يليه، كقول الراجز:
يا ذَا الذي في الحُبِّ يَلْحَى أمَا و اللَّهِ لو عُلِّقْتَ منه كَما
عُلِّقْتُ من حُبِّ رَخِيمٍ لما
قال: و هي أيضاً مشطورةٌ مضمَّنة، أي:
أُلقِيَ من كلّ بيت نِصفٌ، و بُنِي على نِصف.
قال: و كذلك المضمَّن للأصوات أن تقول للإنسان: قِفْ قُلَى، بإشمام اللام إلى الحركة.
و
رُوِي عن عِكرِمة أنه قال: لا تَشترِ لبَن الغَنم و البقرِ مُضمَّناً، لأن اللّبن يزيدُ في الضَّرْع و يَنقُص، و لكن اشتره كَيْلًا مُسمًّى.
و قال شَمِر: قال أبو معاذ: يقول: لا تَشتَرِه و هو في الضَّرْع. يقال: شَرابُك مُضمّن: إذا كان في كُوز أو إناء.
أبو زيد: يقال: فلان ضَمِنٌ على أصْحابه و كلٌّ عليهم، و هما واحد. و إنّي لَفِي غَفَلٍ عن هذا و غُفُول و غَفْلة، بمعنًى واحدٍ.
[أبواب:
ض ف ب- ض ف م- ض ب م:
مهملة] «1».
__________________________________________________
(1) أهملها الليث. و انظر «العين» (7/ 50.
37
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
أبواب الثلاثي المعتل من حرف الضاد
ض ص- ض س- ض ز:
أهملها الليث كلُّها.
و قد جاء الضاد و السين و الضاد و الزاي في المعتلّ مستعملين.
[ض س- ض ز
(و ا ي ء)] فأمّا الضّادُ و السِّين فإن المُنْذِرِيَّ أخبرَني عن الطُّوشيّ عن أبي جعفر الخرّاز عن ابن الأعرابي أنه قال:
[ضوز- ضيس]:
الضَّوْزُ: لَوْكُ الشيء.
و الضَّوْسُ: أكلُ الطَّعام، و أما الضّاد و الزّايُ فإن اللّه جلّ و عزّ قال في كتابه:
تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى (22)
[النجم: 22].
و روَى المفضّل بن سَلَمة عن أبيه عن الفرّاء أنه قال في قوله: قِسْمَةٌ ضِيزى
، أي: جائرة.
قال: و القُرّاء جميعُهم على ترك همز:
ضِيزى
قال: و من العرب من يقول: ضِيزَى و لا يَهمِز. و بعضُهم يقول: ضِئْزَى و ضُؤْزَى، بالهمز، و لم يَقْرَأ بها أحد نعلمه.
قال: و ضِيزَى فُعْلَى، و إن رأيتَ أوَّلَها مكسوراً، و هي مِثْلُ بِيض و عِين، كان أوَّلُها مضموماً فكَرِهوا أن يُترَك على ضَمِّه، فيقال: بُوضٌ و عُونٌ، و الواحدةُ بَيْضَاءُ و عَيْناءُ، فكسَروا أولها لتكون بالياء، و يتألّف الجمع و الأثنان و الواحد.
و كذلك كرهوا أن يقولوا: ضُوزَى، فتصير بالواو و هي من الياء. و إنما قضيتُ على أوّلها بالضم، لأنَّ النُّعوت للمؤنث تأتي إمّا بفَتْح و إمَّا بضم، فالمَفْتُوح مِثْل سَكْرَى و عَطْشَى، و المضموم مِثل الأُنثى و الحُبلَى. و إذا كان اسماً ليس بنعتٍ كَسَرُوا أوَّله كالذِّكرى و الشِّعرى.
و قال ابن الأعرابي: يقال: ما أغنى عَنّي ضَوْزَ سِوَاك، و أَنشَد:
تعَلَّمَا يا أَيُّها العَجُوزَانْ ما ههُنا ما كنْتُما تَضُوزان
* فروِّزَا الأمرَ الذي تَرُوزَان*
38
تهذيب اللغة12
ضوز ضيس ص 38
و أخبرني الحَرَّاني عن ابن السكيت:
يقال: ضِزْتُه حَقَّه، أي: نقَصَتْهُ. قال:
و أفادني ابن اليزيديّ عن أبي زيد في قوله جلّ و عزّ: تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى (22)
قال: جائرة؛ يقال: ضاز يَضِيزُ ضَيْزاً، و أَنشد:
إذا ضازَ عَنَّا حَقَّنا في غَنيمةٍ تقنَّعَ جارَانَا فلَم يتَرَمْرَما
قال: و ضأَزَ يَضْأَزُ مِثلُه. و أنشد أبو زيد:
إن تَنْأَ عنَّا نَنتَقِصْك و إنْ تُقِم فحظُّكَ مَضْؤوزٌ و أنفُكَ راغِمُ
و قال أبو الهيثم: ضِزْتُ فلاناً أضيزُ ضَيْزاً: جُرْتُ عليه.
و قال ابن الأعرابي: تقول العرب: قسمةٌ ضُؤْزَى (بالضمّ و الهمز) و ضُوزَى (بالضم بلا همز) و ضِئْزَى (بالكسر و الهمز) و ضِيزَى (بالكسر و ترك الهمز). قال:
و معناها كُّلها الجَوْرُ؛ روى ذلك كله عنه أبو العباس أحمد بن يحيى.
و رَوَى سَلَمة عن الفرَّاء قال: الضُّوَازة:
شظيّةٌ مِنَ السِّواك.
قلتُ: ضازَ يَضُوز: إذا أَكَلَ. و ضازَ يَضِيز: إذا جارَ.
ض ط
(و ا ي ء) أهملَه الليث.
[ضوط- ضيط]:
و قال أبو زيد في «النوادر»: ضاطَ الرجلُ في مَشْيه فهو يَضيِطُ ضَيَطاناً، و حاكَ يَحِيكُ حَيَكاناً: إذا حَرّك مَنْكِبَيه و جَسَدَه حين يمشي، و هو الكثير اللَّحم الرِّخْوُ.
و أقرأَني الإيادَيُّ لشَمِر عن أبي عبيد عن أبي زيد: الضَّيَطانُ أن يُحَرِّك مَنْكِبَيه حين يمشي مع كثرةِ لَحْمٍ. ثم أَقرأَنيه المنذريُّ عن أبي الهيثم: الضَّيَكَان بالكاف بدل الطَّاء فإذاً هُما لُغَتان بمعنًى واحد.
الحرّاني عن ابن السكّيت عن الكلابيّ:
الضَّوِيطَةُ: الْحَمْأَةُ و الطين.
و روى ثعلب عن ابن الأعرابيّ: يقال للحَيْس: ضَوِيطَةُ.
و قال غيرُه: رَجل ضَوِيطةٌ أحمقُ، و أنشد:
أَيَردُّني ذاكَ الضَّوِيطَةُ عن هَوَى نفسِي و يَفعلُ غيرَ فِعل العاقِلِ
و سمعتُ أبا حمزة يقول: يقال: أَضْوَط الزِّيارَ على الفَرَس، أي: زَيَّرَهُ به.
و قال الفراء: إذا عُجِن العجينُ رقيقاً فهو الضَّوِيطة، و الوَرِيخَةُ. و في فمه ضَوَط، أي: عَوَج.
ض د
(و ا ي ء) استُعمل منه: [ضأد، رأض، ضود].
ضأد
أبو عُبَيد عن أبي زيد: الضُؤْدَةُ: الزُّكام، و قد ضُئدَ فهو مَضْئود. و أضأَده اللّه، أَي:
أَزْكَمه.
39
و قال الليث: هو الضُؤاد، و قد ضُئِد: إذا زُكِم.
دأض:
أهمَلَه اللّيث؛ و أَنشَد الباهليّ:
و قد فَدَى أعناقَهُنّ المَحْصُن و الدَّأْضُ حتى لا يكون غَرْضُ
قال: و يقول: فَدَاهُنّ ألبانُهن من أن يُنْحَرْن، قال: و الغَرْضُ: أن يكون في جُلودها نقصان.
قال: و الدَّأَضُ و الدَّأَصُ- بالضاد و الصاد-: ألّا يكون في جلودها نقصان.
و قد دَئِضَ يَدْأَض دَأَضاً، و دَئَصَ يَدْأَصُ دَأَصاً.
قلتُ: و رواه أبو زيد بالظاء فقال:
* و الدَّأْظُ حتى لا يكون غَرْضُ*
و كذلك أقرأَنِيه المُنذرِيّ عن أبي الهيْثم، و فسّره فقال: الدَّأْظ: السِّمَنُ و الامتلاء.
يقول: لا يُنْحَرْنَ نَفاسةً بهنّ لسِمَنِهِنّ و حُسنهن.
[ضود]:
ثعلب عن ابن الأعرابي:
الضَّوادِي: الفُحْش.
و قال ابن بُزُرْج: يقال: ضادَى فلانٌ فلاناً، و ضادَّه بمعنًى واحد. و إنه لصاحبُ ضَدًى- مِثل قَفاً- من المُضادّة، أخرجه من التضعيف.
ض ت- ض ظ- ض ذ- ض ث:
أهملت مع حروف العلّة.
باب الضاد و الزاء
ض ر
(و ا ي ء) ضَرَا، (ضَرِي)، وضر، رضي، روض، ريض، أرض، ورض، ضور، ضير.
ضرا:
الأصمعيّ: ضَرَا العِرْقُ يَضْرُو ضَرْواً:
إذا اهتزّ و نَفَرَ بالدّم.
و قال العجَّاج:
* مِمّا ضَرَا العِرْقُ به الضَّرِيُّ*
ثعلب عن ابن الأعرابي: ضَرَى يَضرِي:
إذا سال و جَرَى.
قال:
و نَهَى عليّ رضي اللّه عنه عن الشُّرب في الإناء الضّارِي.
قال: و معناه:
السائل، لأنه يُنقص الشُرْب. قال:
و ضَرِيَ النَّبيذُ يضرى: إذا اشتدّ.
قلتُ أنا: الضَّارِي من الآنية: الإناءُ الذي ضُرِّيَ بالخَمْر، فإذا جُعِل فيه العَصيرُ صارَ مُسكِراً، و أصلُه من الضَّراوة و هي الدُّرْبة و العادَة.
و رَوَى أبو عُبيد عن أبي زيد قال: لَذِمْتُ به لَذَماً، و ضَرِيتُ به ضَرًى وَ دَرِبْتُ به دَرَباً.
قال شمِر: الضَّراوةُ: العادة يقال: ضَرِيَ بالشيء: إذا اعتاده فلا يكاد يصبِر عنه.
و ضَرِيَ الكلبُ بالصيد: إذا تَطَعَّمَ بلَحْمه و دَمِه. و الإناءُ الضّارِي بالشّراب، و البيتُ الضّاري باللَّحم مِن كثرة الاعتياد حتى
40
يَبقَى فيه ريحُه. و أما قول الأخطل:
لمّا أتَوْه بمصباحٍ و مِبْزَلهِمْ سارت إليه سُؤْرَ الأبجُل الضّارِي
فإن بعضهم قال: الضّاري: السائلُ بالدّم؛ من ضَرا يَضْرُو. و قيل: الأَبْجلُ الضارِي:
العِرْقُ من الدّابة الذي اعتاد التودِيج، فإذا حان حِينُه و وُدِّج كان سؤرُ دمه أشَدَّ؛ و لكلِّ وَجْهٌ.
و
في حديث عمَر: «إن للَّحِم ضَراوةً كضَراوة الْخَمر».
أراد أنّ له عادةً طَلّابةً لأكلها كعادة الخمر، و شدّة شهوةِ شارِبها لاستدعائها، و من اعتاد الْخَمرَ و شُرْبَها أَسرَف في النّفقة حِرْصاً على شُرْبها، و كذلك من اعتاد اللحم و أَكله لم يَكَد يَصبِر عنه، فدخل في باب المُسرِف في نَفَقته، و قد نَهَى اللّه عزّ و جلَّ عن الإسراف.
و قال الأصمعيّ: ضَرِيَ الكلبُ يَضرَى ضَراوةً: إذا اعتاد الصّيدَ.
و يقال: كَلْبٌ ضِرْوٌ، و كَلْبة ضِرْوة، و الجميع أَضْرٍ و ضِراء.
و يقال أيضاً: كلبٌ ضارٍ، و كَلْبةٌ ضارِية.
قال: و الضَّرَاء ما وَراك من شجر.
و قال شَمِر: قال بعضهم: الضَّرَاء: البَرازُ و الفَضاء. و يقال: أرضٌ مستويةٌ فيها شجر؛ فإذا كانت في هَبْطةٍ فهي غَيْضَة.
و قال ابن شُميل: الضَّرَاءُ: المستوِي من الأرض؛ يقال: لأَمْشِيَنَّ لك الضَّرَاء.
قال: و لا يقال: أرضٌ ضَرَاءٌ، و لا مَكانٌ ضَرَاء.
قال: و نزلْنا بضَراءٍ من الأرْض؛ أي:
بأَرْضٍ مستوِية؛ و قال بِشْرُ:
عَطَفْنا لهمْ عَطْفَ الضَّرُوس مِن المَلَا بشَهْباءَ لا يَمشي الضَّرَاءَ رَقيبُها.
قال: و يقال: لا أَمْشِي له الضَّراء و لا الْخَمرَة؛ أي: أُجاهِرُه و لا أُخاتِله.
قال شَمِر: و قال أبو عمرو: الضَّراءُ:
الاستخفاء.
و يقال: ما وَاراكَ من أَرْضٍ فهو الضَّرَاء، و ما واراك من شجرٍ فهو الخَمَرَ.
و هو يَدِبُّ له الضَّرَاءَ: إذا كان يَختِله.
و قال ابن شُميل: ما واراكَ من شيء و ادّرأْتَ به فهو الخَمَر، الوَهْدةُ: خَمَرٌ.
و الأكمَةُ: خَمَر، و الجَبَلُ: خَمَرٌ.
و الشجرُ: خَمَر. و كلُّ ما وَاراكَ فهو خَمَر.
و قال أبو زيد: مكانٌ خَمِر: إذا كان يغطِّي كلَّ شيء و يُوارِيه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: الضِّرْوُ و البُطْمُ: الحبّةُ الخَضْراء.
و قال الليث: الضَّرْوُ: ضَرْبٌ من الشَّجَر يُجعَل وَرقُه في العِطْر، و يقال: ضِرْو.
قال: و هو المحْلَب، و يقال: حَبّة
41
الْخَضْراء، و أَنشدَ غيرُه:
هنيئاً لعُود الضِّرْوِ شَهْدٌ يَنالُه على خَضِراتٍ ماؤهُنّ رَفِيفُ
أراد عُودَ سِواكٍ من شَجَرة الضَّرْو: إذا استاكتْ به هذه الجارية كان الرِّيقُ الّذي يَبتلّ به السِّواكُ مِن فيها كالشَّهْد.
ضور- ضير:
أخبَرَني المنذريُّ عن الحَرّاني عن ابن السكّيت: يقال: ضارَني يَضيرُني، و يَضُورني ضَيْراً.
سَلَمة عن الفرّاء؛ قرأ بعضُهم: لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً [آل عمران: 120]، يَجعله من الضَّيْر.
قال: و زعم الكسائيّ أنّه سَمِع بعضَ أهلِ العالية يقول: ما ينفعني ذاكَ و لا يَضُورُني.
و الضّرُّ واحد. قال اللّه جلّ و عزّ: قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (50)
[الشعراء:
50]، معناه: لا ضَرَّ.
أبو عُبَيد عن الفرّاء قال: الضُّورةُ من الرّجال: الحقيرُ الصغيرُ الشّأن.
قلتُ: و أقرأَنيه الإياديّ عن شَمِر بالراء، و أقرأنيه المنذريُّ روايةً عن أبي الهيثم:
الضُّؤْزَةُ، بالزّاي مهموزاً، و قال لي:
كذلك ضبطتُه عنه.
قلتُ: و كلاهما صحيح.
و رَوَى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ، قال: الضُّورَةُ: الضعيفُ من الرّجال.
و الضَّوْرَةُ: الجَوْعة. وافَق ابنُ الأعرابيِّ الفرّاءَ.
و رَوى عَمرو عن أبيه أنه قال: الضَّوْرُ:
شِدّةُ الجُوع.
و رَوَى أبو عبيد عن أبي عمرو: هو يَتلَعْلَع من الجُوع؛ أي: يتضَوّر.
و قال اللّيث: التضوُّر: صِيَاحٌ و تَلَوٍّ عند الضّرب من الوَجع.
قال: و الثعلبُ يتضوّر في صِياحه.
و رَوى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ أنه قال: هذا رجلٌ ما يَضِيرُك عليه نَحْتاً للشّعر، و لحناً للشِّعر، أي: ما يَزيدك على قوله الشّعر. و نحو ذلك قال ابن السكّيت: و كذلك ما يُزَنِّدُك و ما يُزَرْنِقُك على قوله الشعر.
وضر:
قال الليث: الوَضَرُ: وَسَخُ الدَّسَم و اللّبن، و غُسالةُ السِّقَاء و القَصْعَة و نحوه، و أَنشدَ:
إن تَرْحَضُوها تَزِد أعْراضُكمْ طَبَعاً أو تتركوها فسُودٌ ذاتُ أَوْضارِ
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: يقال للغُنْدُورة:
وَضْرَى، يعني أمّ سويد.
و قال شمر: يقال: وَضِرَ الإناء يَوْضَر وَضَراً: إذا اتّسخ، و يكون الوَضَر من الصُّفرة و الحُمْرة و الطِّيب، ثم ذكر
حديث
42
عبد الرّحمن بن عوْف حين رأى النبيُّ صلّى اللّه عليه و سلّم به وَضَراً من صُفْرة فقال له: «مَهْيَم»
المعنى: أنه رأى به لَطْخاً من خَلوق أو طِيب له لون، فسأله عنه فأَخبَرَه أنّه تزوّج.
روض- ريض:
يقال: رُضْتُ الدابّة أَرُوضُها رَوْضاً و رِياضةً: إذا علّمتَها السَّيْرةَ و ذلّلتَها، و قال امرؤ القيس:
* و رُضْتُ فذَلّتْ صَعَبةً أيَّ إذْلالِ*
دَلَّ بقَوْله: أيَّ إذْلال، أنّ معنى قوله:
رُضْتُ: ذللّتُ، لأنه أقام الإذلالَ مُقامَ الرّياضة.
و قال الأصمعيّ و غيرُه: الرَّيِّض من الدّوَاب: الّذي لم يَقبل الرّياضة و لَم يَمْهَر السَّيْرة، و لم يَذِلَّ لراكبِه فيصرّفه كيف يشاء.
و يقال: قصيدة رَيِّضةُ القَوافي: إذا كانت صعبةً لم يَقتضِب الشُّعراءُ قوافيَها و لا عَرُوضَها. و أَمْرٌ رَيِّض: إذا لم يُحكم تدبيرُه.
أبو عُبَيد عن الكسائي: استَراضَ الوادي:
إذا استَنقَع فيه الماءُ.
و قال شَمِر: كأنَ الرَّوضة سُمّيتْ رَوْضَةً لاستراضة الماءِ فيها.
و قال غيرُه: أراضَ الوادِي إراضَةً: إذا استراضَ الماءُ فيه أيضاً.
و
في حديث أمّ مَعبد الْخُزاعيّة «أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و صاحبَيْه لمّا نَزَلوا عليها و حَلَبُوا شاتَها الحائلَ شَرِبوا من لَبنِها و سَقَوْها، ثم حَلَبوا في الإناء حتى امتلأ، ثم أراضُوا»
. قال أبو عُبَيد: معنى: «أَراضُوا»، أي:
صَبُّوا اللّبَن على اللبن. ثم قال: أَراضُوا من المُرِضَّةِ و هي الرَّثيئة.
قال: و لا أعلمُ في هذا الحديث حرفاً أغربَ منه.
و قال غيرُه: معنى قولها: «أراضُوا»، أي:
شَرِبوا عَلَلًا بعد نَهَل. أرادت أنّهم شَرِبوا حتّى رَوُوا فَنَقَعُوا بالرّيّ عَلَلًا، و هو من أَراضَ الوادي و استراضَ: إذا استَنقَع فيه الماء. و أراضَ الحوضُ: إذا اجتمع فيه الماءُ؛ و يقال لذلك الماء: رَوْضة، و أنشد شَمِر قولَ الرّاجز:
* و روضةٍ سَقيْتُ منها نِضْوَتي*
قلت: و رياضُ الصَّمَّان و الحَزْن في البادِية: قِيعانُ سُلْقانٍ واسعةٌ مطمئنّةٌ بين ظَهرانَيْ قِفافٍ و جَلَدٍ من الأرض يَسيل فيها ماءُ سيولِها فيستريض فيها، فتُنبِت ضُروباً من العُشْب و البُقول، و لا يُسرع إليها الهَيْج و الذُّبول، و إذا أعشبتْ تلك الرياضُ و تَتابَع عليها السُّمِيُّ رَتعتِ العربُ وَ نَعَمُها جمعاء. و إذا كانت الرياض في أعالي البِراق و القِفَاف فهي السُّلْقان، و أحدها سَلَق. و إذا كانت في الوِطاءات فهي رِيَاض، و في بعض تلك الرياض حَرَجات من السِّدْر البَرِّيّ، و ربَّما كانت
43
تهذيب اللغة12
روض ريض ص 43
الروضةُ واسعةً يكون تقديرها مِيلًا في ميل، فإذا عَرُضتْ جدّاً فهي قِيَعانٌ و قِيعةٌ، واحدُها قاع. كلُّ ما يَجتمِع في الإخاذ و المَسَاكات و التَّناهي فهي رَوْضة عند العرب.
و قال الأصمعيّ: الرَّوْض نحوُ النِّصف من القِرْبة. و يقال: في المَزادة رَوْضَةٌ من الماء، كقولك: فيها شَوْلٌ من الماء.
و قال أبو عمرو: أراضَ الخوضُ فهو مُرِيض. و في الحوض رَوْضة من الماء:
إذا غَطَّى الماءُ أسفَلَه و أَرْضَه.
و قال: هي الرَّوضَةُ و الرِّيضةُ و الأرِيضَة و المُسترِيضَةُ.
و قال الليث: تُجمع الرَّوضةُ رِياضاً و رِيضاناً.
قلتُ: و إذا كان البلد سَهْلًا يَنْشَف الماء لسُهُولَته، و أسفَلَ السُّهولة صَلابةٌ تُمسِك الماءَ فهو مَرَاضٌ، و جمعُه مَرائض، و مَرَاضات، و إذا احتاجوا إلى مِياه المَرائض حَفَروا فيها جِفاراً فشَرِبوا منها و استَقَوْا من أحسائها إذا وجدوا مِياهَها عَذْبةً.
و رُوي عن ابن المسيّب أنه كَرِه المُرَاوَضَة.
قال شمر: المُرَاوَضة: أن تُواصِفَ الرجلَ بالسِّلْعة ليست عِنْدَك.
قلت: و هو بَيْعُ المُواصَفة عند الفقهاء.
و أَجازَه بعضُ الفقهاء إذا وافَقَتِ السِّلْعةُ الصفةَ الّتي وصَفها البائعُ: و أَبَى الآخرون إجازَتها، إلا أن تكون الصفةُ مضمونةً إلى أجل معلوم.
ورض:
قال اللّيثُ: وَرَضَت الدَّجاجةُ: إذا كانت مُرْخِمةً على البَيْض، ثم قامت فوضَعَت بمَرَّةٍ واحدة.
قال: و كذلك التَّوْريضُ في كلّ شيء.
قلتُ: هذا عندي تصحيف، و الصوابُ وَرَّصَتْ- بالصاد-.
أخبرني المنذريّ عن ثعلب عن سَلَمة عن الفرّاء قال: وَرَّص الشيخ، بالصّاد: إذا استَرخَى حِتَار خَوْرانه فأَبْدَى.
و قال أبو العبّاس: قال ابن الأعرابيّ:
أَوْرَصَ و وَرَّصَ: إذا رَمَى بغائطِه. و أما التَّوريضُ، بالضّاد، فله معنًى غيرُ ما ذكره اللّيثُ.
و قال أبو العبّاس: قال ابن الأعرابي:
المُوَرِّضُ: الذي يَرْتاد الأرضَ و يَطلُب الكلأ، و أنشد قولَ ابنِ الرِّقَاع:
حَسِبَ الرائِدُ المُوَرِّضُ أن قَدْ ذَرَّ منها بكلّ نَبْءٍ صِوارُ
ذرَّ: أي: تَفرَّق. النَّبْءُ: ما نَبَا من الأرض.
و قال: يقال: نَوَيْتُ الصومَ و أَرَّضْتُه، و وَرَّضْتُه، و رَمَّضْتُه، و بَيَّتُّهُ، و خَمَّرْتُه،
44
و بَنَّنْتُه، و دَسَّسْتُه، بمعنًى واحد.
و
في الحديث: «لا صِيَامَ لمن لم يُوَرِّض مِنَ اللّيل».
قلت: و أحسبُ الأصلَ فيه مهموزاً، ثم قُلِبت الهمزة واواً.
أرض:
الحرّاني عن ابن السكيت قال:
الأرْضُ: التي عليها الناس. و الأرْضُ:
سُفلَةُ البعير و الدّابة؛ يقال: بعيرٌ شديدُ الأرْض: إذا كان شديدَ القوائم. و أنشَد:
و لَم يُقلِّب أرضَها البَيْطارُ و لا لحَبْلَيْه بها حَبَارُ
يعني: لم يُقلِّب قوائمها لعلَّة بها، و قال سُوَيد بن كراع:
فركِبناها على مَجْهولِها بصِلابِ الأَرضِ فيهنّ شَجَعْ
و قال خُفَافُ بن نَدْبة السُّلَميّ:
إذا ما اسْتَحَمَّتْ أرضُه من سَمَائِه جَرَى و هو مَوْدُوعٌ و واعدُ مَصْدَقِ
قال: و الأرْضُ: الرِّعْدةُ. و
رُوي عن ابن عبّاس أنه قال: أَزُلْزِلَت الأرضُ أم بي أرْضٌ
، أي: بي رِعْدَة.
و يقال: بي أَرْضٌ فآرِضُوني، أَي:
دَاوُوني. و قال ذو الرُّمَّة:
إذا تَوَجَّسَ رِكْزاً من سَنابِكها أو كان صاحِبَ أَرْضٍ أو به المُومُ
قال: و الأرضُ: الزُّكام، يقال: رجل مأْروض. و قد أُرِض فلان، و آرَضَه اللَّهُ إيراضاً.
و الأرْضُ: مصدرُ أُرِضَت الخشَبةُ تُؤْرَض فهي مأروضَة إذا وقعت الأرَضَة فيها.
قال: و الأرَض- بفتح الراء-: مَصْدَر أُرِضَت القُرْحَةُ تَأْرَض: إذا تَفَشَّتْ.
و قال أبو عُبَيْد: قال الأصمعي: إذا فسدت القُرحة و تقطَّعت.
قيل: أرضَت تأرَضُ أَرَضاً.
و قال شمر: قال ابن شميل: الأرِيضَة:
الأرض السهلة لا تميل إلّا على سَهْل و منبت، و هي ليّنة كثيرة النبات، و إنها لأَرِيضة للنبت و إنها لذات أراضة، أي:
خليقة للنبت.
قال: و قال ابن الأعرابي: أُرِضَت الأرض تأرُض أرَضاً: إذا أخصبَتْ و زكا نباتُها.
و أرضٌ أَرِيضةٌ بيّنةُ الأراضَة: إذا كانت كريمةً.
قال أبو النَّجم:
أبحرُ هِشامٍ و هو ذُو فِراضِ بينَ فُروع النَّبْعةِ الغِضَاضِ
وَسْطَ بِطاحِ مكّة الإراضِ في كل وادٍ واسِع المُفَاضِ
و قال أبو عمرو: الإراضُ: العِراضُ، يقال: أَرضٌ أَرِيضةٌ، أي: عريضة.
أبو عُبيد عن الأصمعي: الإراض: بِساط
45
ضَخْمٌ من وَبرٍ أو صوف.
و قال أبو البَيْداء: أَرْضٌ و أُرُوضٌ. و ما أكثر أُروضَ بني فلان.
و يقال: أَرْضَ و أَرْضُون و أَرَضات. و أَرْضٌ أَرِيضةٌ للنبات: خليقة، و إنها لَذاتُ إرَاضٍ.
و قال غيره: المؤرِّضُ: الذي يَرعَى كلأَ الأرض.
و قال ابن دَالان الطائيّ:
و هم الحُلومُ إذا الرّبيعُ تجنّبتْ و همُ الربيعُ إذا المؤرِّضُ أجدَبَا
و قال الفرّاء: يقال: ما آرَضَ هذا المكانَ، أي: ما أكثرَ عُشبَه.
و قال غيرُه: ما أحسنَه و أطيَبَه.
أبو عُبيد عن أبي عمرو: أرْضٌ أرِيضة، أي: مُخَيِّلَةٌ للنَّبت.
الأصمعيّ: تأَرَّضَ فلانٌ بالمكان: إذا ثبت فلَم يَبْرح.
و قيل: التأرُّضُ: التأنّي و الانتظار، و أنشد:
و صاحبٍ نبّهتُه ليَنهضَا فقامَ عجلانَ و ما تأَرَّضا
يَمسَح بالكفّين وجْهاً أبيضَاً إِذا الكَرَى في عَيْنِه تمَضْمَضَا
و يقال: تركْتُ الحيّ يتأرّضون المنزِلَ، أي: يرتادون بَلداً ينزِلونه للنُّجْعة.
و قال ابن الأعرابيّ في قول أمّ معبد الخُزاعيَّة: «فَشرِبوا حتى أَرَاضوا»، أي:
ناموا على الإراض، و هو البِسَاط.
قلت: و القولُ ما قاله غيرُه: إنه بمعنى نَفَعوا و رَوُوا.
رضي:
قال الليث: رَضِيَ فلانٌ يَرضَى رِضًى. و الرَّضِيُّ: المَرْضِيُّ، و الرِّضا مقصورٌ.
قلتُ: و إذا جعلتَ الرِّضا مصدَر راضيتُه رِضاءً و مُراضاةً فهو ممدود: و إذا جعلتَه مصدرَ رَضِيَ يَرضَى رِضىً فهو مقصور.
و قال أبو العبّاس عن ابن الأعرابي:
الرَّضِيُّ: المُطِيعُ. و الرَّضيُّ: المُحِبّ.
و الرِّضيّ: الضامن.
و من أسماء النساء: رُضَيَّا- بوَزْن التُّريَا- و تكبيرهما رَضْوَى و ثَرْوَى.
و رَضْوَى: اسمُ جبل بعَيْنَه و المَرْضاةُ و الرُّضْوَان: مصدَران.
و القرَّاء كلهم قرءوا الرِّضوانَ- بكسر الراء- إلّا ما رُوِي عن عاصم أنه قال:
رُضوَان، و هما لغتان.
و يقال: فلان مَرْضِيٌّ، و من العرب من يقول: مَرْضُوٌّ، لأنه من بَنات الواو، و اللّه أعلم.
46
باب الضاد و اللام
ض ل
(و ا ي ء) استُعمل من جميع وجوهه: [ضول، ضلا، لضا].
ضول:
قال أبو زيد في كتاب الهمز: ضَؤُل الرجلُ يَضْؤُل ضآلةً و ضُؤُولة: إذا قَال رأْيُه. و ضَؤُل ضُؤولةً و ضآلة: إذا صَغُر.
و قال الليث: الضئيلُ نعتٌ للشيء، في ضَعِفه و صِغَره و دقّته، و جمعُه ضُؤلاءُ و ضَئيلون. و الأنثى ضئيلة، و أنشد شَمِر لبعض بني أَسَد:
أنا أبو المِنهالِ بعضَ الأحيان ليس عليَّ نَسَبي بضُؤْلان
أراد بضَئِيل.
و
في الحديث: «إنّ العَرْشَ على مَنكِب إسرافيلَ، و إنه ليتضاءل من خَشْيَة اللّه حتى يصيرَ مثلَ الوَصَع»
، يريد يتصاغَر و يتحاقَر تَواضُعاً للَّه، و خشيةً للربّ تبارك و تعالى.
و الضّالُ- غير مهموز-: هو السِّدْرُ البَرّيّ، و الواحدةُ ضالَةٌ.
و يقال: خَرج فلانٌ بضالَتِه، أي:
بسلاحِه.
و الضّالَةُ: السلاحُ أجمع، يقال: إنه لكامِل الضّالَة، و الأصلُ في الضّالَة:
النِّبالُ و القِسيُّ التي تُسَوَّى و تُنحت من شَجَر الضَّالِ.
و قال بعض الأنصار:
أبو سليمانَ و صُنْع المُقْعَدِ و مُجْنَأٌ من مَسْكِ ثَوْرٍ أَجْوَدِ
و ضَالَةٌ مِثلُ الجحِيمِ المُوقَد و مؤْمِن بما تَلَا محمّد
أراد بالضّالَة: السهامَ، شَبّه نصالَها في حِدّتها بنارٍ مُوقَدةٍ.
و قال ابنُ الأعرابيّ: الضُّؤُولةُ: الهُزال.
ضلا:
أهملَه الليث.
و روى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ قال:
ضَلَا: إذا هَلَك.
[لضا]:
قال: و لضَا: إذا حَذَق الدِّلالة.
باب الضاد و النون
ض ن
(و ا ي ء) ضني، ضنأ، ضأن، ضون، وضن، نضا، نوض، أنض.
ضني:
و قال الليث: ضَنِي الرجلُ يَضْنَى ضَنًى شديداً: إذا كان به مرَضٌ مُخامِر، و كلما ظنّ أنه قد بَرَأ نُكِس، و قد أضناه المَرَض إضْنَاءً.
سلمةُ عن الفرّاء: العرب تقول: رجلٌ ضَنًى و دَنف، و قَومٌ ضَنًى، أي: ذوُو ضنًى و كذلك قومٌ عَدْلٌ ذَوُو عَدْل و صَوْمٌ و نَوْم.
و قال ابن الأعرابي: رجل ضنًى، و امرأة ضَنًى، و قومٌ ضَنًى، و هو المُضْنَى من
47
المرض.
و قومٌ ضَنًى، أي: ذوو ضَنًى، و كذلك قومٌ عَدْلٌ ذَوو عَدْل.
و قال: تَضَنَّى الرجلُ: إذا تمارَض.
و أَضنَى: إذا لَزِم الفِراشَ، من الضَّنَى.
و يقال: رجلٌ ضَنٍ، و رجلان ضَنِيَان، و امرأة ضَنِيَة، و قوم أَضناءٌ.
و يقال: أضناه المَرَضُ و أنضَاه بمعنًى واحد.
ضنأ:
قال أبو زيد: ضنأَتِ المرأةُ ضَنْأ و ضُنُوءاً: إذا وَلَدَتْ.
و قال أبو عُبيد: قال أبو عمرو: الضَّنْءُ:
الوَلَد، مهموز ساكن النون، و قد يقال له:
الضِّنء.
قال: و قال الأُمَوِيّ: قال أبو المفضّل- أعرابيٌّ من بني سَلامة من بني أسد قال-:
الضَّنْءُ: الولد، و الضِّنْءُ: الأصل، و أنشد:
و ميراث ابن آجَرَ حيثُ ألْقَتْ بأصْل الضِّنْء ضِئْضِئة الأصيلِ
أراد ابن هاجَر، و هو إسماعيل.
الليث: ضنَتِ المرأةُ تضْنُو: إذا كثُر ولدُها، و قال أبو عُبيد: قال أبو عمرو:
و هي الضّانية.
و يقال: ضَنَأتِ الماشيةُ: إذا كثُر نِتاجُها قال: و ضِنْءُ كلّ شيء: نَسْلُه.
أبو عُبَيد عن الكسائيّ: امرأةٌ ضانئة و ماشية، معناهما أن يَكثُر ولدُهما، و قد ضَنَتْ تَضْنُو ضَناءً، و ضَنأَتْ تضنُؤ ضَنْأً مهموز.
رَوَى شَمِر عن أبي عُبَيد فيما قرأْتُ على الإياديّ: اضطَبَأْتُ منه: استحيَيْتُ، رواه بالياء عن الأُمَويّ.
و أَخبَرني الإياديّ عن أبي الهَيْثم أنّه قال:
إنما هو اضْطَنَأْتُ بالنّون؛ و أَنشَد:
إذا ذُكِرَتْ مَسعاةُ والِده اضطنى و لا يَضْطَنِي من فعْل أهلِ الفَضائِل
و أخبَرَني أبو المفضّل عن الحرّاني عن ابن السّكيت أنّه أنشَده:
تَزَاءَك مُضْطَنِئٌ آرِمٌ إذا ائْتَبَّهُ الإدُّ لا يَفْطَؤْهْ
قال: و التَّزاؤُك: الاستحياء. آرِم، أي:
يُواصِل، لا يَفْطأُه، أي: لا يَقهَره.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الضُّنَى:
الأَوْلاد. قال: و الضِّنَى- بالكسر-:
الأوجاعُ المُخِيفة.
و قال ابن دُرَيد في كتاب «الجَمْهرة»: قعد فلِان مَقعَد ضُنْأةٍ، أي: مَقْعَد ضَرورة، و معناه الأَنفَة.
قلت أنا: أحسَب قولَ ابن دُرَيد من الاضطِناء، و هو الاستحياء.
48
تهذيب اللغة12
ضأن ضون ص 49
ضأن- ضون:
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الضّانةُ- غيرُ مهموز-: البُرَةُ التي يُبْرَى بها البَعِيرُ؛ ذكرها غيرُ واحد منهم.
و قال ابن الأعرابي: التّضَوُّن: كثرةُ الوَلَد.
قال: و الضَّوْن: الإنْفَحة.
أبو عُبَيد عن أبي زيد: الضَّيْوَنُ: الهِرُّ، و جمعُه الضَّيَاوِن.
و من مَهموزِه: الضَّأْنُ و الضَّأَن؛ مثلُ المَعْز و المَعَز، و تُجمع ضَئِيناً.
و قال الليث: الضَّأْن: ذواتُ الأصْواف من الغَنَم؛ و يقال للواحدة: ضائنة، و رَجلٌ ضائن؛ قال بعضُهم: هو اللّيّن كأَنَّهُ لَفْجة. و قال آخَرُ: هو الذي لا يزال حسنَ الجِسْم قليلَ الطُّعْم.
و يقال: رَمْلةٌ ضائنة، و هي البيضاءُ العَرِيضة، و قال الجَعْدِيّ:
* إلى نَعَجٍ من ضائِن الرَّمْلِ أَعْفَرَا*
و يقال: اضْأَنْ ضَأْنَك، و امْعَزْ مَعْزَك، أي:
اعْزِل ذا مِنْ ذَا. و قد ضأَنْتُها: إذا عزلتَها.
و قال محمد بن حَبيب: قال ابن الأعرابيّ: رجلٌ ضائنٌ: إذا كان ضعيفاً، و رجلٌ ماعِزٌ: إذا كان حازماً مانعاً ما وراءَه.
قال: و الضِّئنِيّ: السِّقاءُ الذي يُمخَض به الرائبُ يسمَّى ضِئْنِيّاً إذا كان ضَخْماً من جلد الضَّأْن.
و قال حُمَيْدُ بن ثَوْر:
و جاءَتْ بضِئْنِيِّ كأنّ دَوِيَّهُ ترَنُّمُ رَعْدٍ جاوَبَتْهُ الرَّوَاعِدُ.
وضن:
سَلَمة عن الفرّاء قال: الميضَانة:
القُفّة، و هي المَرْجُونة و القَفْعة، و أنشد:
لا تَنْكِحنّ بعدها حَنّانَهْ ذات قَتارِيد لها مِيْضَانَهْ
قال: حَنّ و هَنّ، أي: بكى.
و قال اللّه جلّ و عزّ: عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15)
[الواقعة: 15].
قال الفرّاء: الموْضُونةُ: المَنْسُوجةُ، و إنما سَمّت العربُ وَضينَ الناقةِ وَضِيناً لأنه منسوج.
و يقال: وضَنَ فلانٌ الحجر و الآجُر بعضُه فوق بعضٍ: إذا أشْرَجه: فهو مَوْضون.
و قال الليث: الوَضْن: نسجُ السَّرِيرِ و أشباهِه بالجوهر و الثياب، و هو مَوْضُونٌ.
قال: و الوَضِينُ: البِطَانُ العَرِيض.
و قال حُميد بن ثوْر:
على مُصْلَخِمٍّ ما يكاد جَسِيمُه يَمُدُّ بِعطْفَيه الوَضِينَ المسَمَّما
المسمَّمُ: المزيَّنُ بالسُّموم، و هي خَرَزٌ.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: التَّوَضُّن:
التّحبُّبُ. و التوَضُّنُ: التذَلُّلُ. و الوُضْنَةُ:
الكرسيُّ المنسوجُ.
و قال شَمِر: المَوْضونةُ: الدِّرْعُ المَنْسوجة.
و قال بعضهم: دِرْعٌ مَوْضونةٌ: مُقاربة
49
النَّسْج مثل الموضُونة.
و قال رجل من العرب لامرأته: ضِنِيه- يَعني مَتاعَ بيتها- أي: قارِبي بعضَه من بعض.
و قيل: الوَضْنُ: النَّضْد، يقال: وَضَن متاعَه بعضَه فوق بعض.
نوض:
قال ابن المظفَّر: النَّوْضُ: وُصْلةُ ما بين العَجُز و المَتْن. و لكل امرأة نَوْضان:
و هما لَحْمتان مُنتبِرَتانُ مُكتنفتا قَطَنها، يعني وَسَط الوَرِك، و قال رُؤبة:
إذا اعْتَزَمْنَ الرَّهْوَ في انتِهاضِ جاذَبْنَ بالأصلابِ و الأنْواضِ
قال: و النَّوْضُ: شِبْه التَّذَبْذُب و التَّعَثْكُل، يقال: ناضَ يَنُوض نَوْضاً.
و قال أبو عمرو: الأنواضُ: مدافع الماء، و قال رؤبة:
غُرِّ الذُّرَى ضَواحِك الإِيماضِ يُسقَى به مَدافِعُ الأنْواضِ
و قال ابن الأعرابي: الأنواضُ: الأوْدية، واحدها نَوْض.
و رَوَى أبو العبّاس عنه أنه قال: النَّوْضُ:
الحركة، و التَّفَرّض. و النَّوْضُ:
العُصْعُص.
و قال الكسائي: العَرَب تُبدِل من الصاد ضاداً، فتقول: ما لَكَ مِن هذا مناض، أي: مناص.
و قال أبو الحسن اللّحياني: يقال: فلان ما يَنُوض لحاجةٍ، و ما يَقدِر أن يَنُوص، أي: يتحرك لشيء.
و قد ناضَ و ناصَ مَناضاً و مَناصاً: إذا ذَهب في الأرض.
و قال ابن الأعرابي: نوّضْتُ الثوبَ بالصِّبغ تَنْويضاً، أي: ضرّجْته. و أَنشدَ في صِفَة الأسد:
في غِيلِهِ جِيفُ الرِّجال كأنه بالزَّعْفران من الدّماء مُنَوَّضُ
أي: مُضَرَّج. أخبرني به المنذري عن أبي العبّاس أحمد بن يحيى عنه.
أبو تراب عن أبي سعيد البغدادي قال:
الأنْوَاضُ و الأنْواطُ واحد، و هي ما نُوِّط على الإبل إذا أُوقِرَتْ، و قال رُؤْبة:
* جاذَبْنَ بالأصلابِ و الأنْواضِ*
أنض:
أبو عُبَيد عن أبي زيد: أنَضْت اللحمَ إيناضاً: إذا شَوَيْتَه و لم تُنْضِجْه.
و قال الليث: لحمٌ أَنِيض: فيه نُهُوأةٌ، و قال زُهَير:
يُلَجْلِجُ مُضغةً فيها أَنِيض أصَلّتْ فهي تحتَ الكَشْح داءُ
و قد أَنُض أَناضَةٌ فهو أَنِيض.
أبو العباس عن ابن الأعرابي قال:
الإناضُ: إدْراكُ النَّخْل، و منه قولُ لَبيد:
* و أَناضَ العَيْدانُ و الجَبّارُ*
50
و يُروَى: و أنِيض.
أبو عُبَيد عن أبي عمرو: إذا أَدْرَك حَمْلُ النَّخْلةِ فهو الإناض.
نضا:
قال الليث: نَضَا الحِنّاءُ يَنْضُو عن اللّحية، أي: خَرَج و ذَهب عنه.
و نُضَاوةُ الحِنّاء: ما يؤخذ من الخِضاب ما يَذهبُ لونُه في اليَد و الشَّعْر. و قال كُثيّر يخاطب عَزّة:
و يا عَزَّ للوَصْلِ الذي كان بينَنا نَضَا مِثلَ ما يَنْضُو الخِضَابُ فَيخلَقُ
و نَضَا الثوبُ عن نفسِه الصِّبْغ: إذا أَلقاه.
و نَضَت المرأةُ ثَوْبها عن نفسِها، و منه قول امرىء القيس:
فجئْتُ و قد نَضَّت لنومٍ ثِيابَها لَدَى السِّتْر إلّا لِبْسَةَ المتفضِّلِ
و الدّابةُ تنضو الدّوابَّ: إذا خرجتْ من بينها.
و رملةٌ تنضو الرِّمال فهي تَخرُج منها.
و نَضَا السهم، أي: مَضَى.
و قال رُؤبة:
يَنْضُون في أجوازِ ليلٍ غاضِي نَضْوَ قِداحِ النابلِ المواضي
الحراني عن ابن السكّيت: نَضَوْتُ ثيابي عنّي: إذا ألقيتها عنك.
و قد نَضَوْتُ الجُلَّ عن الفرس نَضْواً، و قد نضا خِضابُه يَنْضو نَضْواً.
و نَضَا الفَرسُ الخيلَ يَنْضوها: إذا تَقدَّمها و انْسَلَخَ منها. و النِّضْو: البعير المهزول و جمعه أنضاء، و الأنثى نِضْوَة. و يقال لأَنْضاء الإبل: نِضْوان أيضاً.
و يقال: أَنْضى وجه الرجل، و نَضَا على كذا و كذا: إذا أَخْلَق.
و قال اللّيْثُ: المُنْضِي: الرجل الّذي صار بعيرُه نِضْواً، و قد أَنْضاه السَّفر.
و انتضَى السيفَ: إذا استلَّه من غِمْده.
و نَضَا سَيْفَه: إذا سَلَّه. و سَهْمٌ نِضْوٌ: إذا فَسَد من كَثْرَة ما رُميَ به حتى أَخلَق، و نَضِيُّ السَّهْمِ: قِدْحُه، و هو ما جَاوزَ من السّهم الرِّيشَ إلى النَّصْل، و قال الأعشى:
غرَّ نَضِيُّ السّهمِ تحتَ لَبانِه و جالَ على وَحْشِيِّه لم يُعَثِّمِ
و نَضِيُّ الرُّمْح: ما فوقَ المَقْبِض مِن صدرِه، و أَنشدَ:
و ظَلَّ لِثِيرانِ الصَّريمِ غمَاغِمُ إذا دَعَسُوها بالنَّضِيّ المُعَلَّبِ
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ، أوّلُ ما يكون القِدْح قبل أن يُعمَل: نَضِيٌّ، فإن نُحِت فهو مَخْشوب و خَشِيب، فإذا لُيِّن فهو مُخلَّق.
قال: و قال أبو عَمْرو: النَّضِيُّ: نَصْلُ السَّهْم.
قلتُ: و قولُ الأعشى يحقِّق قولَ أبي عمرو. و قال ابن دُريد: نَضِيُّ العُنُق:
51
عَظْمُه، و نَضِيُّ السَّهم: عُودُه قبلَ أن يُراشَ.
و قال أبو عُبَيدة: نَضَا الفَرَسُ يَنْضُو نُضُوّاً:
إذا أَدْلى فأَخرَج جُرْدانَه.
قال: و اسمُ الجُرْدان: النَّضِيُّ. و يقال:
نَضَا فلانٌ موضعَ كذا يَنْضُوه: إذا جاوَزَه و خَلَّفه نيض.
أبو العباس عن ابن الأعرابي قال: النَّيْضُ بالياء: ضَرَبان العِرْق مِثْلُ النَّبْض سواء.
باب الضاد و الفاء
ض ف
(و ا ي ء) ضفا، ضيف، فضا، فيض، فوض، وفض، وضف، فضأ.
ضفا:
قال اللّيث: يقال: ضَفَا الشَّعَرُ يَضْفُو:
إذا كَثُر. و شَعرٌ ضَافٍ، و ذَنَبٌ ضافٍ، و أَنشد قوله:
* يضافٍ فوَيقَ الأرض ليسَ بأَعزَل*
ودِيمَةٌ ضافِية، و هي تَضفو ضَفواً: إذا أَخْصبت الأرضُ منها.
و الضَّفْوُ: السَّعةُ و الخَيْر و الكَثْرة، و أَنشدَ:
إذا الهَدَفُ المعْزالُ صَوّبَ رأسَه و أَعجَبَه ضَفْوٌ من الثَّلةِ الخُطْلِ
و قال الأصمعيّ: ضَفَا مالُه يَضْفو ضَفْواً و ضُفُوّاً: إذا كَثُر.
و ضَفَا الحَوْضُ يَضْفُو: إذا فاضَ من امتلائه و أَنشَد:
* يَضْفُو و يُبْدي تارةً عن قَعْرِه*
يقول: يمتلىء فتَشْربُ الإبل ماءَه حتى يَظهَر قَعرُه. و الضّفُّ: جانب الشيء، و هما ضفواه، أي: جانباه.
ضيف:
في حديث النبي صلّى اللّه عليه و سلّم «أنه نَهَى عن الصّلاة إذا تَضيّفَتِ الشمسُ للغُروب»
. قال أبو عُبَيد: قال أبو عُبَيدة: قولُه:
«تضيَّفَتْ»: مالَتْ للغُروب، يقال منه: قد ضافَتْ فهي تَضِيف: إذا مالَت.
و قال أبو عُبيد: و منه سُمِّي الضَّيْف ضَيْفاً، يقال منه: ضِفْت فلاناً: إذا مِلْتَ إليه و نزلتَ عليه، و أضفتُه: إذا أمَلْتَه إليك، و أنزَلْتَه عليك، و لذلك قيل: هو مُضافُ إلى كذا و كذا، أي: مُحَالٌ إليه، و قال امرؤ القيس:
فلمّا دخلناهُ أضفْنا ظهورَنا إلى كلّ حَارِيٍّ جَديدٍ مُشطبِ
أي: أسندْنا ظهورَنا إليه و أمَلْناها، و منه قيل للدَّعِيّ: مُضافٌ، لأنّه مُسنَد إلى قوم ليس منهم.
و يقال: ضافَ السهمُ يَضِيف: إذا عَدَل عن الهدف، و هو من هذا، و فيه لغةٌ أخرى ليست في الحديث: صَافَ السهمُ بمعنى ضافَ، و الذي جاء في الحديث بالضاد.
أبو عُبَيد عن الأصمعي: أضافَ الرجلُ من الأمر: إذا أشفَق، و أنشد قول
52
الهُذَليّ:
و كنتُ إذا جارِي دَعَا لمَضُوفَةٍ أُشَمِّر حتى يَنصُفَ الساقَ مِئزَرِي
يعني الأمر: يشفق منه الرجل.
أراد بالمَضُوفة: الأمر يُشْفَق منه.
و يقال: أضاف فلانٌ فلاناً إلى كذا فهو يُضيفه إضافةً: إذا ألجأَه إلى ذلك.
و المضافُ: الملجأْ المُحرَج المثقَلُ بالشر.
و قال الشاعر:
فما إنْ وَجْدُ مُعْوِلَةٍ ثَكول بواحدِها إذا يَغْزُو تُضِيفُ
أي: تُشْفِقُ عليه و تخاف أن يُصَاب فتَشْكَلُهُ.
و يقال: ضِفتُ الرجل و تضيّفْتُه: إذا نزلت به و صرتَ له ضيفاً. و أَضفْتُه: إذا أنزلْتَه عليك و قرّبْته. و المضاف: المُلْجَأُ و المُلْزَقُ بالقوم.
و الضِّيفُ: جانب الوادي. و قد تضَايف الوادي: إذا تضَايقَ.
و ضِيفا الوادي: جانباه.
و قال أبو زيد: الضِّيفُ: الجنب.
و قال الراجز:
يَنْتَبعْنَ عَوْداً يشتكي الأَظَلَّا إذا تضايَفْن عليه انْسَلَّا
يعني: إذا صِرْنَ منه قريباً إلى جَنْبه.
و قال شَمر: سمعت رجاءَ بن سلمةَ الكوفيّ يقول: ضَيّفْتُه: إذا أطعمْتَه.
قال: و التَّضيفُ: الإطعام.
قال: و أضافه: إذا لم يُطْعِمْهُ.
و قال رجاء في قراءة ابن مسعود: فأبوا أن يضيفوهما [الكهف: 77]، أي:
يطعموهما.
و أُخبرت عن أبي الهيثم أنه قال: يقال:
أضافه و ضيَّفَهُ بمعنًى واحد؛ كقولك:
أكرمه و كَرَّمه.
قال: و قول اللّه: فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما
، معناه: أن يجعلوهما ضَيْفَيْنِ لهم.
و روَى سلمةَ عن الفرّاء في قوله: فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما
سألاهم الإضافة فلم يفعلوا، و لو قُرِئتْ (أن يُضيفوهما) كان صواباً.
قال: و تضيّفْتُه: سألته أن يُضيفني.
قال: و تضيّفْتُه: آتيته ضيفاً.
و قال الأعشى:
تضيّفْتُه يوماً فأكرمَ مقعدي و أَصْفَدني عَلَى الزَّمانة قائدا
يقول: أعطاني خادماً يقودُني. و زمانَتُه:
ذهابُ بَصَرِه.
و قال الفرزدق:
و منَّا خطيبٌ لا يُعَابُ و قائلٌ و مَنْ هو يَرْجو فضلَهُ المتضيِّف
53
أي: و منا مَن يرجو المتضيّفُ الذي ينزل به ضيفاً فضله.
أبو عُبَيد عن الكسائي: امرأة ضيْفه بالهاء، و أنشد قول البَعيث:
لَقًى حَمَلَتْه أمُّه و هي ضَيْفَةٌ فجاءت بيَتْنٍ للضيافة أَرْشمَا
و قال أبو الهيثم: معنى قوله: و هي ضيْفَةٌ، أي: ضافت يوماً فحبِلْت به في غير دار أهلها فجاءت بولد شَرِه.
و قال أبو الهيثم: و يقال: ضافت المرأة:
حاضتْ؛ لأنها مالت من الطُّهر إلى الْحَيْضِ، فأراد أنها حملتْه و هي حائض.
و قيل: معنى قوله: و هي ضيفة، أي:
ضافت قوماً فحبلت به في غير دار أهلها.
فضا:
قال الليث: الفضَاءُ: المكان الواسع.
و الفعلُ فَضَا يَفْضُو فُضُوّاً فهو فاضٍ.
و قال رؤبة:
أَفرَخَ قَيْضُ بيضها المُنْقَاضِ عنكم كِراماً بالمقام الفاضي
و يقال: أفضى فلانٌ إلى فلان: إذا وَصل إليه؛ و أَصله أنه صار في فُرْجته و فضَائه.
أبو العباس عن ابن الأعرابي: أفضى الرجلُ: دخل على أهله.
قال: و أفضى أيضاً: إذا جامعها.
قال: و الإفضاء في الحقيقة: الانتهاء؛ و منه قولُ اللّه جلّ و عزّ: وَ كَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَ قَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ
[النساء:
21]، أي: انتهى وَ أَوَى.
و قال: و أفضى: إذا افْتَقَرَ.
و يقال: أفضى الرجلُ جاريته: جامعهَا فصَيَّرَ مسلَكيْهَا مَسْلَكاً واحداً، و هي المفضاة من النساء.
و قال الفرّاء: العرب تقول: لا يُفضِ اللَّهُ فاك؛ من أفْضَيْت.
قال: و الأفضاء: أن تسقط ثناياه من تحت و من فوق و كلُّ أضراسه؛ حكاه شَمِر للفرّاء.
قلتُ: و من هذا إفضاء المرأة: إذا انْقطع الحِتار الّذي بين مسلَكَيْهَا.
و قال شَمِر: الفضاء: ما استوى من الأرض و اتسع.
قال: و الصحراءُ فضاءٌ.
قال: و مكانٌ فاضٍ و مُفْضٍ، أي: واسع.
و أرضٌ فضاءٌ و بَرَازٌ. و الفاضي: البارز.
و قال أبو النّجم يصف فرسَه:
أما إذا أمْسَى فَمُفْضٍ مَنْزِلُهْ نجعلُه فِي مَرْبَطٍ و نجعلُه
مفضٍ: واسعٌ. و المُفْضَى: المتّسع.
و قال رُؤبة:
* خَوْقَاءُ مُفْضَاها إلى مُنْخاق*
أي: مُتّسعها. و قال أيضاً:
جاوَزْته بالقَوْم حتى أَفضَى
54
بهمْ و أمضَى سَفَرٌ ما أمْضى
قال: أفضى بهم: بلغ بهم مكاناً واسعاً أَفضى بهم إليه حتى انقطع ذلك الطريق إلى شيء يعرفونه.
و قال ابن شُميل: الفضَاءُ ما استوى من الأرض. و قد أَفضيْنَا إلى الفضاء، و جمعه أَفضِيَة.
و قال أبو زيد: يقال: تركتُ الأمر فضاً، أي: تركتُه غير مُحْكم.
و قال أبو مالك: يقال: ما بقيَ في كِنانته إلّا سَهْمٌ فضاً، أي: واحدٌ.
و يقال: بقيتُ من أقراني فَضَا، أي: بقيتُ وَحْدي؛ و لذلك قيل للأمر الضعيف غير المُحكَم: فَضاً، مقصورٌ.
و يقال: متاعُهم بينَهم فَوْضى فَضاً، أي:
مختلطٌ مشترك.
و قال اللِّحياني أمرُهم فوْضَى بينهم، وفضاً بينهم، أي: سواء بينهم، و أنشد:
طعامُهُم فَوْضَى فَضاً في رِحالِهمْ و لا يُحْسِنون الشرَّ إلّا تَنادِيا
و يقال: هذا تمرٌ فَضاً في العَيْبَة مع الزَّبيب، أي: مختلِط، و أنشد:
فقلتُ لها يا خالتي لَكِ ناقتي و تمْرٌ فَضاً في عَيْبَتي و زَبيبٌ
أي: منثور.
و يقال: الناس فَوْضَى: إذا كانوا لا أميرَ عليهم و لا مَن يَجْمَعهم.
فيض- فوض:
قال الأصمعيّ: فاضت عينُه تفيض فَيْضاً: إذا سالت. اللحياني: فاض الماءُ يفيض فيضاً و فُيوضاً و فيضاناً.
و فَاضَ الحديثُ: إذا انْتَشَرَ.
و يقال: أفاضت العينُ الدمعَ تُفيضه إفاضةً.
و أفاضَ فلانٌ دَمعَه، و أفاض إناءَه إفاضَةً:
إذا أَتْأَقَهُ. و قال اللّه جلّ و عزّ: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ
[البقرة: 198].
قال أبو إسحاق: دلّ بهذا اللفظ أنّ الوقوف بها واجبٌ، لأن الإفاضة لا تكون إلّا بعد وقوف. و معنى:
أَفَضْتُمْ
؛ دفَعْتم بكثرة.
يقال: أفاض القومُ في الحديث: إذا اندَفَعوا فيه و أَكثروا.
و أفاضَ البعيرُ بجَرَّته: إذا رَمَى بها مفرَّقةً كثيرة.
و قال الراعي:
و أَفَضْنَ بعدَ كظومِهنّ بجرّةٍ من ذي الأباطِح إذْ رَعَيْنَ حَقيلا
و أفاضَ الرجُل بالقِداح إفاضةً: إذا ضَرَب بها؛ لأنها تقع مُنْبَثَّةً متفرقة و يجوز:
أفاضَ على القِداح.
و قال أبو ذؤيب الهذليّ يصفُ الْحُمُر:
و كأنهنّ رِبابةٌ و كأنَّه يَسَرٌ يُفيضُ على القِداح و يَصْدَع
55
تهذيب اللغة12
فيض فوض ص 55
قال: و كلُّ ما في اللغة من باب الإفاضة فليس يكونُ إلّا عن تفرُّق أو كثرة.
و قال الأصمعيّ: أرض ذاتُ فُيوض: إذا كان فيها ما يفيض حتى يعلو.
و يقال: أعطى فلانٌ فلاناً غَيْضاً من فَيْض، أي: أعطاه قليلًا من كثير و نهر البصرة يسمى الغيض. و قال اللحياني:
يقال: شارك فلان فلاناً شركة مفاوضة، و هو أن يكون مالهما جميعاً من كل شيء يَمْلِكانِه بينهما.
و يقال: أمرُهم فَيْضُوضَى بينهم، و فَيْضِيضى و فَوْضُوضى بينهم.
قال: و هذه الأحرف الثلاثة يجوز فيها المد و القصر.
و قال أبو زيد: القومُ فَيْضوضَى أمرُهم، و فَيْضُوضَى فيما بينهم: إذا كانوا مختلطين، يلبَس هذا ثوبَ هذا، و يأكل هذا طعامَ هذا، لا يؤامِرُ واحدٌ منهم صاحبَه فيما يفعَل في أمره.
و قال الليث: تقول: فوّضتُ الأمرَ إليه، أي: جعلتُه إليه.
قال اللّه جلَّ و عزَّ: وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ
[غافر: 44]، أي، أَتَّكل عليه و صار الناس فَوْضَى، أي: متفرِّقين، و هو جماعة الفائض، و لا يُفرد كما لا يُفرد الواحد من المتفرِّقين.
و يقال: الوحْشُ فَوْضى، أي: متفرِّقة تتردّد. و الناسُ فَوْضَى: لا سَراةَ لهم تجمعهم.
و فاضَ الماءُ و المطرُ و الخيرُ: إذا كثر، يَفيض فَيْضاً.
و فاضَ صدرُ فلانٍ بسِرّه: إذا امتلأ.
و الحوضُ فائضٌ، أي: ممتلىءٌ يسيل الماءُ من أعلاه.
قال الليث: و حديثٌ مُسْتفاض: مأخوذٌ فيه، قد استفاضوه، أي: أخذوا فيه.
قال: و مَن قال مستفيض فإنه يقول: ذائع في الناس؛ مثلُ الماء المستفيض.
قلت: قال الفرّاء و الأصمعيّ و ابنُ السّكيت و عامّةُ أهل اللغة: لا يقال:
حديثٌ مستفاض قالوا: و هو لَحْنٌ ليس من كلام العرب، إنما هو مولّد من كلام الحاضرة. و الصواب: حديثٌ مستفيض، أي: منتشرٌ شائع في الناس، و قد جاء في شعر بعض المُحَدثين:
* في حديثٍ من أمره مُستفاض*
و ليس بالفصيح من كلامهم.
أبو عُبَيد: امرأة مُفاضَة: إذا كانت ضَخمَة البَطن، مسترخيَةَ اللَّحْم، و هو عيبٌ في النّساء.
و استفاض المكانُ: إذا اتَّسع فهو مُستفيضُ؛ و قال ذو الرّمة:
* بحَيْثُ استفاض القِنْعُ غَرْبيَّ وَاسِطِ*
و فَيَّاض: من أسماء الرجال. و فيّاض:
56
تهذيب اللغة12
فيض فوض ص 55
اسمُ فَرَسٍ من سَوابق خَيل العَرب، و فرسٌ فَيْضٌ و سَكْبٌ: كثيرُ الجَرْي.
و
في حديثٍ جاء في ذكر الرِّجال: «ثم يكون على أثر ذلك الفَيْضُ»
. قال شَمِر: سألتُ البكراويّ عنه فقال:
الفَيْضُ: الموتُ ههنا، و لم أسمعْه من غيره إلّا أنه قال: فاضتْ نفسُه، أي:
نزعه عند خروج روحه.
و قال أبو تراب: قال ابن الأعرابي: فاض الرجل و فاظ: إذا مات. و كذلك فاظت نفسه.
و قال أبو الحسن اللحياني: فاضت نفسه الفِعْلُ للنَّفْس.
و فاض الرجلُ يَفيضُ، و فاظَ يَفيظُ فَيْظاً و فُيُوضاً.
و قال أبو ربيعة: قال الأصمعي: لا يقال:
فاضَتْ نفسُه و لا فاظَتْ؛ و إنما هو فاضَ الرجلُ و فاظَ.
و قال الأصمعي: سمعتُ أبا عمرو يقول:
لا يقال: فاظتْ نفسُه، و لكن يقال: فاظَ:
إذا مات- بالظاء- و لا يقال: فاض- بالضاد- بتّةً؛ و قال رُؤبة:
و الأَزْدُ أَمْسَى شِلْوُهمْ لُفاظا لا يَدْفِنون منهمُ من فاظا
و قال ابن السكيت: فاظ الميت يَفيظ فَيْظاً، و يَفُوظُ فوضاً.
قال: و زعم أبو عُبَيدة: فاضت نفسُه لغةٌ لبعض بني تميم، و أنشد:
تجَمَّع الناس و قالوا عُرْسٌ فقُقِئَتْ عينٌ و فاضت نَفْسٌ
فأنشده الأصمعي فقال:
* إنَّما هو: وَطَنَّ الضِّرْسُ*
و قال أبو الحسن اللِّحياني.
قال الأصمعي: حان فَوْظَه، أي: موتُه.
و قال الفرّاء: يقال: فاضَتْ نفسه تفيض فَيْضَاءً فُيوضاً، و هي في تميم و كلْب، و أفصح منها و آثر: فاظتْ نفسه فُيوظاً.
و قال أبو الحسن: قال بعضهم: فاظَ فلانٌ نفسه، أي: قاءها. و ضرَبْتُه حتى أفظتْ نفسه.
و قال شمر: قال الكسائيّ: إذا تَفَيّظوا أنفسهم، أي: تَقَيَّئُوها.
أبو عُبيد عن الكسائي: هو يَفيظُ نفسَه، و فاظت نفسُه، و فاظ هو نفسُه و أفاظَه اللّه نفسَه، و أنشد غيره:
فهتكتُ مهجةَ نفسِه فأفْضتُها و ثأَرْته بمُعَمّم الحِلْمِ
و قال شمر: قال خالد بن جَنْبة: الإفاضةُ:
سُرْعة الرّكْض. و أفاضَ الراكب: إذا دفع بعيرَه شدّاً بين الجَهْد دون ذلك.
قال: و ذاك نصفُ عَدْوِ الإبل عليها الرُّكْبان، و لا تكون الإفاضةُ إلا و عليها الرُّكْبان.
57
وفض:
في حديث النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «أنه أَمَر بصدقةٍ أن توضَع في الأوْفاض».
قال أبو عبيد: قال أبو عمرو: الأوْفاض:
هم الفِرَق من الناس و الأخلاط.
قال: و قال الفراء: هم الذين مع كل منهم وَفْضَة، و هي مِثل الكِنانة يُلقِي فيها طعامَه.
قال أبو عبيد: و بلغني عن شريك أنه قال في الأوفاض: هم أصلُ الصُّفّة.
قال أبو عبيد: و هذا كلّه عندنا واحد، لأنَّ أهلَ الصُّفّة إنما كانوا أخلاطاً من قبائلَ شتَّى، و أمكن أن كان يكون مع كل رجل منهم وفْضَةٌ كما قال الفراء.
و قال ابن شميل: الجَعْبةُ المستديرةُ الواسعةُ التي على فَمها طَبَق من فوقها، و الوفْضة أصغرُ منها، و أعلاها و أسفلُها مُستَوٍ، و أنشد غيره بيتَ الطِّرماح:
قد تجاوزْتُها بَهضَّاء كالجِنَّة يَخْفون بعضَ قَرْع الوِفاض
الهضّاء: الجماعةُ شبّههم بالْجِنّة لمرادتهم.
سلمة عن الفراء في قول اللّه جلّ و عزّ:
كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ
[المعارج: 43].
قال: الإيفاضُ: الإسراع.
و قال الراجز:
لأنْعَتَنْ نعامةً مِيْفاضَاً خرجاءَ ظلَّت تَطْلُب الإضاضَا
و قال الليث: الإبلُ تَفِضُ وَفْضاً، و تَسْتَوْفِض، أوفَضَها راكبُها.
و قال ذو الرمَّة يصف ثوراً وحشيّاً:
طاوِي الحشا قَصَرتْ عنه مُحرَّجةٌ مُسْتَوفَضٌ من بَنَاتِ القَفْر مَشْهُومُ
قال الأصمعي: مستوفَض، أي: أفْزَع فاستَوْفَض، و أوْفَض: إذا أسْرع.
و قال أبو زيد: يقال: مالي أراكَ مستوفضاً، أي مَذْعُوراً.
و قال أبو مالك: استُوْفِض، أي:
استُعْجل. و أنشد:
* تَعوِي البُرَى مُسْتَوْفِضاتٍ وفْضاً*
ثعلب عن ابن الأعرابي: يقال للمكان الّذي يُمسِك الماء الوفاضُ و المَسَكُ و المسَاك، فإذا لم يُمْسِك الماء فهو مُسْهِب.
وضف:
قال أبو تراب: سمعتُ خليفة الحُصَينيّ يقول: أوْضَفَتْ الناقةُ و أوْضَعَتْ: إذا خَبَّتْ. و أوضَعتُها فوَضَعَتْ و أوضفتُها فوضفت، أي: أخبيْتُها فَخَبَّتْ.
فضا:
أبو عبيد عن الأصمعي في باب الهمز: أفضأْتُ الرجلَ: أطعمْتُه.
قلت: هكذا رواه شمر لأبي عبيد بالفاء، و أنكَرَهُ شمر و حَقَّ له أن يُنْكِرَه، لأنّه مصحَّف، و الصواب: أقْضأْتُه بالقاف: إذا أطعَمْتَه، كذلك قال ابن السكيت. و قد مَر
58
في باب القاف، و اللّه أعلم.
باب الضاد و الباء
ض ب
(و ا ي ء) ضوب، ضيب، بيض، ضبأ، أبض، ضبا: بغير همز.
ضوب- ضيب:
أبو العباس عن سلَمة عن الفراء: ضابَ الرجلُ: إذا استَخفَى.
و باض: إذا أَقامَ بالمكان.
قال و قال ابن الأعرابيّ: ضابَ: إذا خَتَل عَدُوّاً.
و قال ابن المظفَّر: بلغني أن الضَّيْب شيء من دَوابّ البحر، و لستُ على يقينٍ منه.
و قال أبو تراب: سمعتُ أبا الهَمَيْسَع الأعرابيَّ يُنشد:
إنْ تَمنَعي صَوْبَكِ صَوْبَ المَدْمَعِ يَجرِي على الخدّ كصَيْبِ الثَّعْثَع
قلت: و الثّعثَع: الصَّدَفَةُ، و صَيْبُه: ما في جوْفه من حَبّ اللؤلؤ؛ شَبَّه قَطرات الدموع به.
و قال أبو عمرو: الضُّوبان من الجمال:
السمين الشديد، و قال الشاعر:
على كلّ ضُوبانٍ كأن صَريفَه بنابَيْه صوتُ الأخْطبِ المترنِّم
و قال الراجز:
لمّا رأيتُ الهمّ قد أجْفاني قَرَّبْتُ للرَّحْل و للظِّعان
* كلَّ نِيَافِيّ القَرَا ضُوبانِ*
و النيافيّ: الطويلُ المشرِف.
بيض:
أبو العباس عن ابن الأعرابي قال:
باض يَبوضُ بَوْضاً: إذا أقام بالمكان.
و باضَ يَبوضُ بَوْضاً: إذا حسُن وجهُه بعد كَلَف؛ و مثلُه بَضَّ يَبَضُّ بَضَضاً. قال:
و بَضَا: إذا أقام بالمكان أيضاً.
أبو عُبَيد عن العَدَبَّس الكِنانيّ: باضت البُهْمى: سقَطتْ نِصالُها.
و قال غيره: باض الحرُّ: إذا اشتدّ.
و روَى سَلَمة عن الفراء: باض: إذا أقام بالمكان.
أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال:
باض السحابُ: إذا أمطر. و أنشد:
باض النعامُ به فنَفّر أهلَه إلّا المقيمَ على الدَّوا المتأَفِّنِ
قال: أراد مَطَراً وقَع بنَوْء النعائم. يقول:
إذا وقع هذا المطرُ هرَب العقلاء و أقامَ الرجلُ الأحمق.
و قال الليث: البَيضُ معروف، و الواحدة بَيضة. و دَجاجة بَيوض، و دجاجٌ بُيُضٌ للجماعة، مثلُ: حُيُدٍ جمع حَيود، و هي التي تحيد عنك.
و بَيْضةُ الحديد معروفة. و بيضةُ الإسلام:
جماعتُهم.
و الجاريةُ بَيْضَةُ الخِدْرِ، لأنها في خِدرها مكنونة.
59
قال امرؤ القيس:
و بَيْضةِ حِدْرٍ لا يرامُ خِباؤُها تمتَّعْت من لَهوٍ بها غيرَ مُعْجَلِ
و يقال: ابْتيضَ القومُ: إذا استُبيحتْ بيْضَتهم و ابتاضَهم العَدُوُّ: إذا استأصَلَهم.
قال: و يقال: غُراب بائِضٌ، و ديكٌ بائض، و هما مثل الوالد.
قلت: يقال: دَجاجةٌ بائض بغير هاء، لأن الدِّيك لا يبيض.
و قال الليث: بيْضةُ العُقْر: مَثَلٌ يُضْرَب و ذلك أن تُغْتَصب الجارية فتُفْتَضّ فتجرَّب ببَيضة، و تسمى تلك البيضةُ بيضةَ العُقر.
و قال غيرُ الليث: بَيضة العُقْر: بيْضةٌ يبِيضُها الديك مرّة واحدةً ثم لا تعود، تُضرَبُ مَثلًا لمن يصنعُ صَنيعةً إلى إنسان ثمّ لا يَرُبُّها بمثلِها.
و قال الليث: بيْضة البَلَد: هي تَرِيكة النَّعامة.
و قال أبو حاتم في كتابه في الأضداد:
فلانٌ بيْضةُ البلد: إذا ذُمَّ، أي: قد أُفرِد و خُذل فلا ناصرَ له.
قال: و قد يقال ذلك في المدح، و أنشد بيت المتلمِّس في موضع الذّمّ:
لكنّه حَوْض مَن أَؤْدَى بإخوتِه رَيْبُ الزمان فأضحى بيضةَ البَلدِ
و قال الراعي لابن الرِّفاع العامليّ في مثل هذا المعنى:
تأبَى قُضاعة أن تَعْرِفْ لكم نسَباً و ابْنَا نِزارٍ فأنْتُم بيضةُ البَلَدِ
كان وجْه الكلام أن تعرفَ؛ فسكّن الفاء لحاجتِه إلى الحركة مع كثرة الحركات.
أراد أنه لا نَسَب له و لا عَشرةَ تَحميه.
و قال حسان بنُ ثابت في المَدْح ببَيْضة البَلَد:
أَرى الجلابيبَ قد عَزُّوا و قد كثُروا و ابنُ الفُرَيعةِ أَمسى بيْضةَ البَلدِ
قال: و هذا مَدْح، و ابن الفُريعَة أبوه، و أراد بالجلابيب: سَفِل الناس و عَثْرَاءَهم.
قلت: و ليس ما قاله أبو حاتم بجيِّد، و معنى قول حسَّان: أن سَفِل الناس عَزُّوا بعد ذِلّتهم و كَثروا بعد قلتهم، و ابن الفُريعَة الذي كان ذا ثروةٍ و ثراءِ عِزٍّ أُخِّر عن قديم شرفِه و سُودَدِه و استُبِدّ بإمضاء الأمور دونَه و دون وَلَدِه، فهو بمنزِلة بيْضة البَلَد التي تبِيضها النعامة ثم تترُكها بالفَلاة فلا تَحضنها فتَبقَى تَريكةً بالفَلاة لا تُصان و لا تحضَن.
و روَى أبو عمرو عن أبي العباس أنه قال:
العربُ تقول للرجل الكريم: هو بَيْضةُ البَلَد يمدحونه. و يقولون للآخر: هو بيْضة البلد: إذا ذَمُّوه.
قال: فالممدوح يُراد به البَيْضة التي تَصونُها النعامة و تُوقِّيها الأذى، لأنّ فيها
60
فرخَها فالممدوح من ههنا، فإذا انفلقَتْ و انقاضتْ عن فَرْخها رَمَى بها الظَّليم فتَقَع في البلد القَفْر، عن ههنا ذُمَّ الآخَر.
و قال أبو زيد: البَيْضةُ: بيْضةُ الحِبْن.
و البَيْضةُ: أصلُ القوم و مجتمعُهم، و يقال:
أتاهم العدوُّ في بَيْضتِهم، و قد ابْتِيضَ القومُ: إذا أُخِذَتْ بَيْضتُهم، عَنْوة.
و بيْضة القَيْظ: شِدَّة حرِّه.
قال الشمّاخ:
طَوَى ظمأها في بَيْضة القَيْظ بعد ما جَرَى في عَنانِ الشِّعْرَيَيْنِ الأماعِز
و البَيْضة: بَيْضةُ الخُصية.
ابن نجدة عن أبي زيد فيما رَوَى أحمدُ بن يحيى عنه:
يقال لوَسَط الدار: بَيْضةٌ، و لجماعةِ المُسْلمين: بَيْضة، و لوَرَمٍ في رُكْبة الدّابة:
بيْضةً.
و قال ابن شميل: أفرَخَ بيْضةُ القَوم: إذا ظهر مكتومُ أمْرِهم. و أفرَخت البيضةُ: إذا صار فيها فَرخ.
شمر عن ابن الأعرابي: البِيضةُ، بكَسرِ الباء: أرض بالدَّ وَ حَفَروا بها حتّى أتتْهم الرِّيح من تحتهم فرفعتْهم و لم يَصِلوا إلى الماء.
قال شمر: و قال غيره: البِيضةُ: أرضٌ بَيضاءُ لا نَباتَ بها، و السَّوْرَة: أرضٌ بها نَخِيل، و قال رؤبة:
يَنْشقُّ عَنّي الحَزْنُ و البَرِّيتُ و البِيضَةُ البَيْضاءُ و الخُبُوتُ
قلتُ: رأيتُ بخطّ شمر: البِيضة، بكسر الباء، ثم حكي عن ابن الأعرابيّ قولَه.
و قال ابن حبيب في بيت جَرير:
قَعيدكما اللّه الّذي أنتُما له ألَمْ تَسمعا بالبَيْضَتين المُنادِيا
ثم قال: البِيضة- بالكسر-: بالحَزْن لبَني يَرْبوع. قال: و البَيْضة- بالفتح-:
بالصَّمّان لبني دَارِم.
و قال أبو سعيد الضّرير: يقالُ لِما بين العُذَيْب و العقَبة: بَيْضة. قال: و بعد البَيْضة البَسِيطةُ.
سَلَمة عن الفرّاء قال: الأبيَضان: الماءُ و الحِنْطة. قال: و الأبْيضان عِرْقا الوَرِيد.
ثعلبٌ عن ابن الأعرابيّ: يقال: ذَهَب أبيَضاهُ شَحْمه و شبَابُه و نحو ذلك. قال أبو زيد:
و قال أبو عُبَيدة: الأبيَضان: الشَّحْمُ و اللَّبن.
و قال الأصمعيّ: الأبيَضان: الخُبز و الماء و لَم يَقُله غيرُه. و قيل: الأبيَضان: اللّبَن و الماء، و أنشد أبو عُبَيد:
و لكنه يأتي إلَى الحَوْلِ كلُّه و ما لِيَ إلّا الأبْيَضانِ شراب
61
من الماء أو من دَرِّ وَجْنَاء ثَرَّةٍ لها حالبٌ لا يَشتكِي و حِلابُ
و قال ابن السكّيت: الأبيَضان: اللّبن و الماء، و احتجّ بهذا البيت.
أبو عُبَيد عن الكسائيّ: ما رأيتُه مُذْ أجْرَدان، و مُذْ جَرِيدان و أبيضان: يريد:
يومين أو شهرين.
و قال الليث و غيرُه: إذا قالت العرب:
فلانٌ أبيَضُ، و فلانة بيضاءُ فالمعنى نَقاءُ العِرْض من الدَّنَس و العُيُوب، و من ذلك قولُ زُهير يَمْدَح رَجُلًا:
أشمّ أبيَض فيّاض يُفَكِّك عَنْ أيْدي العُناةِ و عن أعناقِها الرِّبَقا
و قال الآخر:
أُمُّكَ بيضاءُ من قضاعةَ في الْ بيت الذي تَستظَلّ في طُنُبِهْ
و هذا كثيرٌ في كلامِهم و شعرهم، لا يَذهبون به إلى بياضِ اللّون، و لكنّهم يريدون المَدحَ بالكرم و نَقاء العِرْض من العيوب و الأَدْناس.
و إذا قالوا: فلانٌ أبيَضُ الوَجْه، و فلانة بيضاءُ الوَجْه، أرادوا نَقاءَ اللَّون من الكَلَف و السّوادِ الشائن.
و قال أبو عُبَيد: قال الكسائي: بايضني فلان فبضته، من البياض.
و يقال: بَيّضتُ الإناءَ و السِّقاءَ: إذا ملأتهُ.
و بَيْضاءُ بني جَذِيمة في حدود الخَطّ بالبَحْرين، كانت لعبد القيس و بَني جَذيمة، و فيها نَخِيل كثيرةٌ و أحساءٌ عَذْبة، و آطام جَمّةٌ، و قد أقمت بها مع القَرامِطة قَيْضة.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: البَيْضاء:
الشَّمس؛ و أنشدَ قولَ الشاعر أحسَبه ذا الرُّمَّة:
و بَيْضاء لم تُطبَع و لم تَدْرِ ما الخَنَا تَرَى أعيُنَ الفِتْيان من دُونها خُزْرَا
و البَيْضاء: القِدْر؛ قال ذلك أبو عَمْرو.
قال: و يقال للقِدر أيضاً: أمُّ بَيْضاءَ.
و أَنشدَ قولَ الشاعر:
و إذْ ما يُريحُ الناسَ صَرْماءُ جَوْنةٌ يَنُوسُ عليها رَحْلُها ما يُحَوَّلُ
فقلتُ لها يا أُمَّ بَيْضاءَ فِتيةٌ يَعُودكِ منهمْ مُرحِلون و عُيَّل
قال الكسائي: (ما) في معنى الّذي في قوله: و إذْ ما يُريح، قال: و صَرْمَاءُ خَبرَ الّذي.
و قال ابنُ الأعرابيّ: البَيضاء: حِبالَةُ الصائد. و أَنشَد:
و بَيْضاء مِن مال الفَتَى إنْ أراحَها أَفادَ و إلّا مالُه مالُ مُقتِرِ
يقول: إنْ نشب فيها عَيْرٌ فجَرَّها بقِيَ صاحبُها مُقْتراً.
سَلَمة عن الفرّاء: العَرَبُ لا تقول حَمِر
62
و لا بَيض و لا صِفر، و ليس ذلك بشيء، إنما يُنظَر في هذا إلى ما سُمع من العرب، يقال: ابيَّض و ابياضّ، و احمرّ و احمارَّ.
قال: و العَربُ تقول: فلانة مُسْودةٌ و مُبْيضةٌ: إذا وَلدتِ البيضانَ و السُّودَان، و أَكثَرُ ما يقولون مُوضحة: إذا وَلَدَت البِيضان.
قال: و لُعبةٌ لهم يقولون: أَبِيض حَبالا، و أَسِيدي حبالا.
قال: و لا يقال: ما أبيَض فلاناً، و ما أحمَر فلاناً، من البياض و الحُمرة، و قد جاء ذلك نادِراً في شِعْرٍ قديم:
أمّا المُلوكُ فأنْتَ اليومَ ألأَمهمْ لُؤْماً و أبيَضهم سِربالَ طبّاخ
و يقال: بيّضتُ الإناءَ: إذا فرّغْتَه، و بيّضْتُه: إذا مَلأْتَه؛ و هذا من الأضداد.
و قال ابن بُزُرْج: قال بعضُ العرب: يكون على الماءِ بَيْضاءُ القِيْظ، و ذلك عند طلوع الدَّبَران إلى طُلوع سُهَيل.
قلتُ: و الذي حفظتُه عن العرب: يكون على الماء حَمْراءُ القَيْظ؛ و حِمِرُّ القَيْظ، و حَمَارَّةُ القَيْظ.
و مَبِيضُ النَّعام و الطَّيرِ كله: الموضعُ الذي يبيضُ فيه.
و المُبَيِّضَةُ الذين يُبَيِّضون راياتِهم، و هم الحَرُورِيَّة، و جمع الأَبْيَض و البَيضاء:
بِيض.
أبض:
أبو العبّاس عن ابن الأعرابي قال:
الأبْض: الشَّدّ. و الأبْض: التَّخْلِيةُ.
و الأبْضُ: السكون. و الأبْض: الحَرَكة، و أَنشَد:
* تَشْكو العُروقَ الآبِضاتِ أَبْضَا*
قلتُ: و الأبْضُ: شَدُّ يَدِ البعير بالإباض، و هو عِقالٌ يُنشَب في رُسْغ يدِه و هو قائم، فيُثْنَى بالعِقَال إلى عَضُده و يُشَدُّ. و يُصَغَّر الإباضُ أُبَيْضاً.
و مَأْبِضا البَعيرِ: ما بطن من رُكْبَتَي يدِه إلى مُنتهَى مِرْفَقَيه. و يقال للغُراب: مُؤْتَبِضُ النَّسَا، لأنّه يَحجِل كأنّه مَأْبُوض، و قال الشاعر:
و ظَلَّ غُرابُ البَيْن مؤتَبِض النَّسَا لَه في ديارِ الجارَتَين نَعِيقُ
و قال أبو عُبَيدة: يُستحبّ من الفَرَس تأَبُّض رِجْليه و شَنَجُ نَساه.
قال: و يعرفُ شَنَجُ نَسَاه بتأبُّض رِجْلَيه و تَوَتُّرهما إذا مَشَى.
قال: و الإباضُ: عِرْقٌ في الرِّجْل؛ يقال للفرس إذا تَوتر ذلك العِرقُ منه: مُتأبِّض.
و قال ابن شميل: فرسٌ أبُوضُ النَّسا كأنه يَأْبِض رِجْلَيه من سُرْعَة رفعهما عند وضعهما.
أبو عُبَيد عن أبي زيد: الأُبُضُ: الدّهر، و قال رؤبة:
* في حِقْبةٍ عِشْنا بذاكَ أُبْضَا*
63
و جمعُه آباض.
و قال لَبيد يصف إبَل أخيه:
كأن هِجَانها متأبِّضاتٍ و في الأَقْرانِ أصوِرَةُ الرَّغامِ
متأبِّضات، أي: مَعْقولات بالأُبُض، و هي منصوبةٌ على الحال.
ضبا:
الحرّانيُّ عن ابن السكيت: يقال:
ضَبَتْه النارُ و الشمسُ تَضْبُوه ضَبْواً، و ضَبَحَتْه ضَبْحاً: إذا لَوَّحَتْه و غَيَّرَتْه.
[ضبأ]:
قال اللّحياني: يقال: أَضْبَأ على ما في يديه و أَضْبَى و أَضَبّ: إذا أمسَكَ.
قال: و أَضبَأَ على ما في نفسِه: إذا كَتَمه.
و أَضَبّ على ما في نفسه، أي: سَكَنت.
و قال أبو زيد: ضبَأْتُ في الأرض ضَبَأ و ضُبُوءاً: إذا اختبأَتَ.
أبو عُبَيد عن أبي زيد: أضبَأَ الرجُل على الشيء إضْباءً: إذا سَكَت عليه و كَتَمه، و هو مُضْبِئٌ عليه.
قال: و قال الكسائيّ: أضبَيْتُ على الشيء: إذا أشرفْتَ عليه أن أظْفَر به.
و قال الليث: ضَبَأَه الذئبُ يَضْبَأُ: إذا لَزِق بالأرض أو بِشَجر ليَختِلَ الصَّيْدَ؛ و من ذلك سمِّي الرجلُ ضابئاً، و أنشدَ:
إلَّا كُمَيْتاً كالقَناةِ و ضابِئاً بالفَرْجِ بين لَبانِه و يَدِهْ
يصف الصَّيادَ أنه ضبأَ في فُروج ما بين يدَيْ فرسِه ليَخْتِلَ به الوَحْش، و كذلك الناقة تُعلَّم ذلك، و أَنشَدْ:
لمَّا تَفَلَّق عنه قَيْضُ بَيْضتِه آواه في ضِبْن مَضْبِيٍّ به نَضَبُ
قال: و المَضْبَأُ: المَوْضعُ الذي يكون فيه، يقال للناس: هذا مَضْبَؤكم، أي:
موضعكم، و جمعُه مَضابئ.
و قال الليث: الأَضْباءُ: وَعْوَعةُ جَرْوِ الكَلْب إذا وَحْوَح، و هو بالفارسيّة فحنجه.
قلتُ: هذا عندي تصحيف. و صوابُه:
الأصْياء- بالصاد- من صأَى يَصْأَى، و هو الصَّئِيُّ.
أبو عُبَيدة عن الأُمَوي: اضطبأْتُ منه: إذا استحييت.
قلت: و قد مَرَّ تفسيره و تفسير اضْطَنَأْتُ بالنون.
و أخبَرَني المنذريُّ عن أبي أحمد البربريّ عن ابن السكّيت عن العُكْلِيّ أن أعرابيّاً أنشَدَه:
فَهاءَوا مُضابِئةً لم يُؤَلّ بادِئَها البَدْءُ إذْ تَبدَؤُهُ
قال ابن السكّيت: المُضابِئة: الغِرارة المُثقَلة تُضْبِئُ مَن يَحْمِلُها تحتها، أي:
تُخفيه. قال: و عَنَى بها القصيدةَ المنبورة و قولُه: لم يُؤَلّ، أي: يُضعَّف بادئَها الذي ابتدأها.
64
قال: هاءُوا، أي: هاتُوا.
باب الضاد و الميم
ض م
(و ا ى ء) ضيم، ضمى، مضى، و ضم، ومض، أمض، (وميض)، أضم.
ضيم:
قال اللّيثُ: ضامَه في الأمر، و ضَامَهُ حَقّه يَضِيمه ضَيْما: و هو الانتقاص.
و يقال: ما ضِمْتُ أحداً، و لا ضُمْتُ، أي: ما ضامَني أحد. و المَضِيمُ:
المَظلومُ.
ضمي:
أبو العبَّاس عن ابن الأعرابي قال:
ضَمَى: إذا ظَلم.
قلتُ: كأنه مقلوبٌ عن ضامَ، و كذلك بَضَى: إذا أقام، مقلوبٌ عن باضَ.
مضى:
يقال: مضيْتُ بالمكان، أو مضَيْتُ عليه.
و قال ابن شُميل: يقال: مَضَيْتُ ببيعي، أي: أجَزْتُه. و قد ماضَيْتُه، أي: أجَزْتُه.
و يقال أيضاً: أمضَيْتُ بَيْعي، و مَضَيْتُ على بَيْعي، أي: أجزْتُه.
ابن السكّيت عن أبي عُبَيدة عن يونس:
مَضَيتُ على الأمر مُضُوّاً؛ و هذا أمرٌ مَمْضُوٌّ عليه، جاء به في باب فَعُول بفتح الفاء.
أبو عُبَيد: المُضَوَاءُ: التقدُّم.
و قال القُطاميّ:
* فإذا خَنَسْنَ مَضَى على مُضَوَائه*
و يقال: مضى الشيءُ يَمضي مُضُوّاً وَ مضاءً.
قال الليث: الفَرَس يُكنى أبا المضَاء.
و يقال للرجل إذا مات: قد مَضَى.
أمض:
قال الليث: أَمِضَ الرجلُ يأمَض فهو أمِضٌ: إذا لم يُبالِ المعاتَبة، و عَزِيمتُه ماضيةٌ في قَلْبه، و كذلك إذا أبْدَى بِلسانِه غيرَ ما يُريد. قلت: لم أسمعْ أمِضَ لغير الليث و لا أعرفه.
ومض:
قال الليث: الوَمْضُ و الوَمِيضُ: مِنْ لمعَان البَرْق و كلِّ شيء صافي اللّون.
و يقال: أومضَتْه فلانة بعَيْنها: إذا برّقَتْ له.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: الوَمِيضُ: أن يومِضَ البَرقُ إيماضةً ضعيفةً ثم يَخفَى ثم يُومِض، و ليس في هذا يأسٌ من مَطر قد يكون و قد لا يكون.
و قال شَمِر و غيره: يقال: ومَض البرقُ يَمِضُ، و أَوْمَض يُومِضُ، و أنشد:
تَضحَك عن غُرِّ الثّنايا ناصعٍ مِثلِ وَمِيض البَرقِ لمَّا عَنْ وَمَضْ
يريد: لمَّا أنْ وَمَضَ.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: في البَرْق الإيماض و هو اللَّمْع الخَفِيّ.
أضم:
أبو عُبَيد عن الأصمعي و أبي عمرو:
65
الأضَمُ: الغَضَبُ. و قد أَضِمَ يأضَم أضماً فهو أضِم.
و إضَمٌ: اسمُ جبل بعينه.
و أنشد ابن السكيت:
* شُبّتْ بأعلى عانِدَين مِنْ إضَمْ*
وضم:
رُوِي عن عمر بنِ الخطَّاب أنه قال:
إنما النّساءُ لحمٌ على وَضَم إلّا ما زُبَّ عنه.
قال أبو عبَيد عن الأصمعي: الوَضَمُ:
الخشبَة أو البارِيَة التي يوضع عليها اللّحم يقول: فهنّ في الضَّعف مِثلُ ذلك اللَّحم الّذي على الوَضَم، و شَبَّه النساءَ به لأنّ من عادة العرب في بادِيَتها إذا نُحِر بعيرٌ لجماعته يَقْتسمون لحمه أن يَقْلعوا شجراً كثيراً و يُوضَم بعضُه على بعض، و يُعَضَّى اللحمُ و يوضَع عليه، ثم يُلقَى لحمهُ عن عُراقِه و يُقطَّع على الوَضَم هَبْراً للقَسْم، و تُؤجَّج نار، فإذا سقَط جَمْرُها اشتَوى مَن حضَر شِوايةً بعد شِوايةٍ على ذلك الجَمْرِ، لا يُمنَع أحدٌ منه، فإذا وقَعتْ فيه المقاسم و أحرَز الشركاءُ مقاسِمَهم حَوَّل كلُّ شريك قَسَمه عن الوَضَم إلى بيته، و لم يَعرِض أحد لما حازَه. فشبه عمرُ النساءَ و قلَّةَ امتناعِهنّ على طُلّابهنّ من الرجال باللَّحم ما دام على الوَضم.
أبو عُبَيد عن أبي زيد: الوَضَمُ: كلُّ ما وَقَيْتَ به اللَّحمَ من الأرض، يقال:
أوضَمْتُ اللحم، و أوْضَمْتُ له.
قال: و قال الكسائيّ: إذا عملتَ له وَضَماً.
قلتَ: وَضَمْتُه أضِمُه، فإذا وضَعت اللّحم عليه قلت: أوضَمْتُه.
أبو عُبَيد عن أبي عمرو: الوَضِيمَةُ: القوْم ينزِلون على القَوْم و هم قليل فيُحسِنون إليهم و يُكرِمونهم.
باب اللفِيف من حرف الضاد
ضوى، ضاء، ضوضى، ضيضى، أضا، أضّ، آض، وضوء، يضض، الضوة، الضواة، ضأى.
ضوى:
قال الليث: الضَّوَى- مقصور-:
الضاوي، و يمدّ فيقال: ضاوِيٌّ على فاعُول. و الفِعْلُ: ضَوِيَ يَضوَى ضَوًى فهو ضاوٍ، و هذا الذي يُولَد بين الأخ و الأُختِ و بين ذَوِي المحارم.
و قال ذو الرّمّة يصفُ الزَّنْد و الزَّنْدة:
أخوها أبوها و الضَّوَى لا يضيرُها و ساقُ أبيها أمُّها اعْتُصِرَتْ عَصْرَا
وصَفَ نارَ الزَّنْد و الزَّنْدة حين تُقتَدح منهما.
و سُئل شَمِر عن الضاوي فقال: جاء مشدَّداً، و قال: رجلٌ ضاوِيٌّ بيِّنُ الضاوِيّة.
66
و رَوَى الفرّاء أنه قال: ضاوِيٌّ: ضعيفٌ فاسدٌ، على فَاعُولُ مِثل ساكُوت. و تقول العَرَب من الضاوي مِن الهُزال: ضَوِيَ يَضوَى ضَوىً، و هو الذي خرَج ضعيفاً.
ثعلب عن ابن الأعرابي: أضْوَت المرأة؛ و هو الضوَى، و رَجُلٌ ضاوِيٌّ: إذا كان ضعيفاً، و هو الحارِضُ.
و قال الأصمعيّ: المؤَدنُ الذي يُولَد ضاوِياً.
و
في الحديث: «اغْتَرِبوا لا تُضووا»
و معناه: أنكِحُوا في الغرائب فإنّ ولدَ الغَريبة أنجَبُ و أقوَى، و أولادَ القرائب أضعَف و أضْوَى، و منه قول الشاعر:
فَتًى لم تَلِدْه بنت عَمٍّ قريبةٌ فيَضْوَى و قد يَضوَى رَدِيدُ القَرائبِ
أبو العبّاس عن ابن الأعرابي: يقال:
أضْواه حَقَّه: إذا نَقصه.
و سمعتُ غيرَ واحد من العرب يقول:
ضَوَى إلينا البارحةَ رجلٌ فأعلَمنا بكَيْتَ و كَيْت، أي: أَوَى إلينا. و قد أضْواهُ الليل إلينا فغَبَقْناه و هو يَضوِي ضَيّاً.
و الضاوِيُّ: اسم فَرَسٍ كان لِغَنِيّ، و أنشد شَمِر:
غَداةَ صَبَّحْنا بطِرْفٍ أعوَجِي مِن نَسَب الضاوِيّ ضاوِيِّ غَنِي
قال الليث: أضوَيتُ الأمْر: إذا لم تُحكِمه.
و الضَّوَاةُ: هَنَةٌ تخرج من حَياء الناقة قبل أن يُزايلَها ولدُها، كأنها مَثانةُ البَوْل.
و قال الشاعر يَذكر حَوْصلةَ قطاة:
لها كضَواةِ النّابِ شُدَّ بِلا عُرى و لا خَرْزِ كفٍّ بين نَحْرٍ و مَذْبَحِ
قال: و الضَّوَى: وَرَمٌ يُصيب البَعيرَ في رأسه يَغلِبَ على عَيْنه و يَصْعُب لذلك خَطْمُه؛ فيقال: بعيرٌ مَضْوِيٌّ، و ربّمَا اعتَرَى الشِّدْق.
قلتُ: هو الضُّواةُ عند العرب تُشبِه الغُدَّة.
و السِّلْعةَ ضَواةٌ أيضاً و كلُّ وَرَمٍ صُلْبٍ ضَواةٌ، و هي الجَدَرَةُ أيضاً.
أبو عُبيد عن أبي زيد قال: الضَّوّةُ و العَوّةُ: الصّوت.
و قال أبو تُراب: قال أبو زيد و الأصمعي معاً: سمعتُ ضَوَّةَ القَوْم وَعوّتَهم، أي:
أصواتَهمْ.
قلتُ: و رَوَى أبو العبّاس عن ابن الأعرابي: الصَّوّةُ و العَوّةُ بالصاد.
و قال: الصَّوّةُ: الصّدَى. و العَوّة:
الصِّياح. و قال: الصَّوّةُ بالصاد، فكأنها لغتان.
ضوأ:
قال الليث: الضَّوْءُ و الضِّياء: ما أَضَاء لك.
و قال الزّجّاج في قول اللّه جلّ و عزّ:
كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ
[البقرة: 20]،
67
يقال: ضاءَ السّراجُ يَضُوء و أَضاءَ يُضِيء.
قال: و اللّغةُ الثانيةُ هي المختارة.
و قال أبو عُبيد: أضاءتِ النارُ، و أضاءَها غَيرُها، و هو الضَّوءُ، و أمّا الضِّياء فلا همزَ في يائه.
و قال الليث: ضوّأتُ عن الأمر تَضْوِئةً، أي: حِدْتُ.
قلت: لم أسمعْ ضوّأتُ بهذا المعنى لغيره.
و قال أبو زيد في «نوادره»: التَّضَوُّءُ: أن يقومَ الإنسانُ في الظّلمة حيثُ يَرى بضَوء النار أهلَها و لا يَروْنَه.
قال: و عَلِق رجلٌ من العرب امرأةً، فإذا كان الليل اجتنَحَ إلى حيثُ يَرَى ضوءَ نارِها فتضوَّأَها، فقيل لها: إن فلاناً يتضوَّؤك لكيما تَحذَره فلا تُرِيه إلّا حَسَناً؛ فلمّا سمعتْ ذلك حَسرتْ عن يدَيْها إلى مَنكبيها ثم ضربتْ بكَفّها الأخرى إبْطَها و قالت: يا مُتَضَوِّئاه، هذه في استِك إلى الإِبِط، فلمّا رأى ذلك رفَضَها. يقال ذلك عند تعبير مَن لا يُبالي ما ظَهَر منه من قبيح.
ضوض:
في حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم و إخبارِه عن رؤية النار، و أنه رأى فيها قوماً إذا أتاهمْ لَهبُها ضَوْضَوا.
قال أبو عبيد: أي: ضَجُّوا و صاحوا، و المَصدَر من الضَّوضاء، و قال الحارث بن حِلِّزة:
أَجمَعوا أمرَهمْ عِشاءً فلمّا أصبَحوا أصبحتْ لهم ضوضاءُ
ضئضئى:
في الحديث أن رجلًا جاء إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم و هو يَقسِمُ الغنائم فقال له:
اعدِل فإنّك لَم تَعدِل. فقال: «يَخرُج من ضِئْضِئِ هذا قومٌ يقرأون القرآنَ لا يُجاوِزُ تَراقِيَهم».
أبو عُبَيد عن الأمويّ: الضِّئضِئَ:
الأصْل.
و قال شَمِر: هو الصِّئصىء بالصاد أيضاً.
و قال يعقوب ابن السكّيت مثله، و أنشَد:
أنا مِنْ ضِئضِئ صِدْق أجل و في أَكرَم نَسْل
من عزَاني قد بَوْبَهْ سِنْخُ ذا أكرمُ أصلِ
و معنى
قوله: «يخرجُ من ضئضِئِ هذا»
، أي: من أصلِه و نسلِه، و قال الراجز:
* غَيْرانُ من ضِئِضئِ أَجْمالٍ غُيُرْ*
و قال اللّيث: الضِّئِضئِ: كثرةُ النَّسْل و بَرَكَتُه.
قال: و ضِئضِئُ الضَّأْن من ذلك.
قال: و يقال: ضَيَّأَتِ المرأةُ، أي: كثُر ولدُها.
قلتُ: هذا تصحيفٌ، و صوابُه: ضَنَأت المرأةُ- بالنون و الهمز-: إذا كثُر ولدُها؛ و قد مرّ تفسيرُه.
68
باب الضاد و النون
أضا:
أبو عبيد عن الأصمعيّ: الأَضاةُ:
الماءُ المستنقِعُ من سَيْلٍ أو غيرِه، و جمعُها أضاً- مقصور- مِثْلُ قَناةٍ و قَناً. قال:
و جمْعُ الأَضاةِ أَضاً، و جمعُ الأضَا إضاءٌ ممدودٌ.
و قال الليث: الأَضاةُ: غَديرٌ صَغيرٌ، و يقال: هو مَسيل الماءِ إلى الغدير المتَّصل بالغَدِير؛ و ثلاثُ أَضَوات، و قال أبو النجم:
وَرَدْتُه ببازلٍ نَهّاضِ وِرْدَ القَطا مَطائَط الإياضِ
أَراد بالإياض: الإضَاءَ، و هو الغُدْران؛ فقَلب.
أضّ:
قال الليث: الأضُّ: المَشَقّة؛ يقال:
أضّنِي هذا الأمرُ يَؤُضُّني أضّاً. و قد ائتَضَّ فلانٌ: إذا بَلغ منه المشقّة.
و قال الفرّاء فيما روى عنه سَلَمة:
الإضَاضُ: المَلْجأ، و أَنشَد:
* خَرْجاءَ ظَلّت تَطْلب الإضاضا*
أي: تَطلب ملجأً تَلجأ إليه.
و قال أبو زيد: أَضّتْنِي إليك الحاجةُ و تؤُضُّني أضّاً، أي: أَلجأَتْني؛ و قال رُؤبة:
* و هيَ تَرى ذا حاجةٍ مُؤْتضّاً*
أي: مُضْطرّاً مُلْجَأً.
الأصمعي: ناقةٌ مؤتضّةٌ: إذا أَخَذَها كالحُرْقة عند نتاجها، فتصَلَّقتْ ظهراً لِبَطْن، و وجدت إضَاضاً، أي: حُرقةً و وجعاً يُؤلمها.
أيض:
في حديث الكسوف الّذي يرويه سَمرة بن جُنْدَبُ: «أنّ الشمس اسودّت حتى آضَتْ كأنّها تَنّومَة»
. قال أبو عُبَيد: آضتْ، أي: صارتْ، و أَنشَد قولَ كَعْب:
قَطعْتُ إذا ما الآلُ آضَ كأنّه سيوفٌ تَنحَّى تارةً ثم تلتقي
الحرّاني عن ابن السّكّيت: تقول: إفعلْ ذاك أيضاً، و هو مصدَرُ آض يَئِيض أيضاً، أي: رجع. فإذا قلتَ: فعلتُ ذاك أيضاً قلتَ: أكثرتَ من أَيْضٍ، و دَعْنِي من أَيْضٍ.
و قال الليث: الأَيْضُ: صَيْرُورةُ الشيء شيئاً غيره. يقال: آضَ سوادُ شعرِه بَيَاضاً.
قال: و قولُ العرب أيضاً كأنّه مأخوذ من آضَ يَئيض أيضاً، أي: عاد؛ فإذا قلتَ أيضاً تقول: عُدْ لما مَضَى.
قلتُ: و تفسيرُ أيضاً: زيادة. قلت: أيضاً عند العرَب الّذين شاهدتُهم معناه زيادةٌ و أصل آض: صار و عادَ. و اللّه أعلم.
وضأ:
قال اللّيث: الوَضَاءةُ مصدرُ الوَضيءُ،
69
و هو الحَسَن النّظيف، و الفِعلُ وَضُؤَ يَوْضُؤُ وَضاءةً.
الحرّاني عن ابن السكيت قال: اسمُ الماء الّذي يُتوضَّأ به: الوَضُوء.
قال: و توضّأتُ وَضُوءاً حَسَناً.
و قال أبو حاتم: توضّأتُ وَضوءاً، و تَطهّرتُ طَهوراً.
قال: و الوَضوء: الماء، و الطَّهور مِثلُه، و لا يقال فيهما بضمّ الواو و الطاء؛ لا يقال: الوُضوء و لا الطُّهور.
قال: و قال الأصمعي: قلتُ لأبي عمرو بن العَلاء: ما الوَضُوء؟ فقال: الماء الّذي يُتوضَّأ به. قال: قلتُ: فما الوُضُوء- بالضَّم-؟ فقال: لا أعرِفُه.
و أخبَرَنا عبدُ اللّه بن هَاجَك عن ابن جبَلة قال: سمعتُ أَبا عُبَيد يقول: لا يجوز الوُضوء، إنما هو الوَضوء.
و قال ابن الأنباريّ: هو الوَضوء للماء الّذي يُتوضّأ به.
قال: و الوُضوء مصدرُ وَضوءَ يَوْضُؤُ وُضُوءاً و وَضاءةً.
و قال اللّيث: المِيضأة: مِطْهَرةٌ يُتوضّأ منها أو فيها.
قلت: و قد جاء ذكرُ المِيضأة في حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم الذي يَروِيه أبو قَتَادة؛ و هي مِفْعَلة من الوَضُوء.
يضض:
أبو عُبَيد عن أبي زيد: يَضَّض الْجِرْوُ و جَصَّصَ و فَقَّح، و ذلك إذا فَتَح عينيه.
قلت: وَ رَوَى أبو العبّاس عن سَلَمة عن الفرّاء أنه قال: يَصَّص بالياء و الصاد مِثله.
قال: و قال أبو عمرو الشَّيبانيّ: يقال:
يَضَّض و بَصَّص- بالباء- و جَصَّص بمعنًى واحد في الجِرْوِ إذا فَتح عينيْه، و هي لُغاتٌ كلُّها فَصيحةٌ مسموعة.
ضأي:
أهمَلَه اللّيث. و روَى أبو العبّاس عن ابن الأعرابي أنه قال: ضَأَى الرجلُ: إذا دَقّ جسمُه.
عمرو عن أبيه: الضَّأْضاء: صوتُ الناس في الحَرْب قال: و هو الضَّوْضاء.
قلتُ: و يقال من الضأضاة ضَأْضأَ ضأضأةً و الضُّوَيْضِئَةُ: الدَّاهيةُ.
***
70
تهذيب اللغة12
باب الرباعي من حرف الضاد ص 71
باب الرباعي من حرف الضاد
[ضنفس]:
قال ابن المظفَّر: رجلٌ ضِنْفِسٌ:
رَخْوٌ لئيمٌ.
[ضنبس]:
قال: و رجلٌ ضِنْبِسٌ: ضعيفُ البطش سريعُ الانكسار.
[ضرسم]:
و رجلٌ ضِرْسامَةٌ: نعتُ سَوْء مِن الفَسالةِ و نحوِها.
[ضرزم]:
قال: و الضَّرْزَمةُ: شِدّةُ العَضّ و التّصميمُ عليه. و يقال: أَفْعَى ضِرْسِم و ضِرْزِم: شديدَةُ العَضِّ و أنشَد:
* يُباشِر الحَرْبَ بِنابٍ ضِرْزِمِ*
أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ قال:
الضَّرْسَمُ: ذَكَرُ السّباع. و قال في موضع آخَر: من غريب أسماءِ الأسد الضَّرْصَم.
قال: و كنيتُه أبو العبّاس.
[ضمزر]:
أبو عُبَيد عن الفرّاء قال: الضَّمْزَرُ من النساءِ: الغليظة.
و قال أبو عمرو: فحلٌ ضُمازِرٌ و ضُمارِزٌ:
غليظٌ، و أنشَد:
يَرُدُّ غَرْبَ الجُمَّح الجَوامِزِ و شعبَ كلِّ باجِجٍ ضُمارِزِ
قال: الباجح: الفَرِحُ بمكانه الَّذي هو فيه. و يقال: في خُلُقه ضَمْرَزَة و ضُمارِز، أي: سُوءٌ و غَلَظ. و قال حَنْدَل الطَّهَوِيّ:
إنّي امرؤٌ في خُلُقِي ضُمازِرُ و عَجْرَ فِيّاتٌ لها بوادر
قال: و الضَّمْزَرُ: الغليظُ من الأرض، و قال رُؤبة:
كأنّ حَيْدَيْ رأسِهِ المُذَكَّرِ حَمْدانِ في ضَمْزَين فوقَ الضَّمْزَرِ
يصف فَحْلًا. قال: و الضَّمْرُ: ما غَلُظ من الأرض أيضاً.
شمِر قال أبو خَيْرة: رجلٌ ضِرْزِلٌ، أي:
شَحِيح.
أبو عُبَيد: يقال لِلنّاقة التي قد أسَنَّتْ و فيها بقيّة من شَباب: الضِّرْزِم.
[ضفنط]:
اللّيث: رجل ضَفَنّطٌ: سمينٌ رخْوٌ ضَخْم البَطْن، بيّن الضَّفاطة.
[ضفند]:
و قال: و امرأةٌ ضَفَنْدَةٌ و ضَفَنْدَدَةٌ:
رِخْوَةٌ، و الذَّكَر ضَفَنْدَد.
أبو عُبَيد عن الفرّاء: إذا كان مع الحُمْق في الرّجل كَثرةُ لَحْم و ثِقَلٌ قيل: رجل ضِفَنٌّ ضَفْنَدَدٌ خُجَأَة.
و قال الليث: رجل ضَفَنَّدٌ: ضَخْمٌ رِخْوٌ.
[شرنض]:
و قال الليث: رجل شِرْناضٌ:
71
ضَخْمٌ طويل العُنُق، و جمعه شَرانِيض.
قلتُ: هذا حرفٌ لا أحفَظُه لغير الليث، و هو منكر.
[ضبطر]:
أبو عُبَيد عن الأمَويّ قال:
الضِّبَطْرُ: الشديد.
و قال اللّيث: هو الضخم المكتنِز. و يقال:
أسَدٌ ضِبَطْر، و جَمَل ضِبَطْر، وَ بيْتٌ ضِبَطْر، و أنشد:
* أشبَهَ أركانه ضِبَطْرَا*
[ضفطر]:
و قال الليث: الضِّفْطار: من أسماء الضَّبّ، القبيحُ التي قَبُحَت خلقتُه و هَرِم.
[ضفرط]:
قال: و ضَفاريطُ الوجوه: كسورُها بين الحَدّ و الأنْفِ و عند اللِّحاظين؛ كل واحد ضُفْرُوط.
[ضمرط]:
أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ:
يقال لخُطوط الجبين: الأساريرُ و الضَّمَاريطُ، واحدها ضُمْروط. قال:
و الضُّمْروط في غير هذا: موضعٌ، يُخْتَبأُ فيه. قال: و الضَّمَاريطُ: أذنابُ الأوْدية.
[ضبطر]:
و الضِّبَطْرُ و السِّبَطْرُ: من نعتِ الأسد بالمضاء و الشدّة. و الضَّيْثَمُ: من أسماء الأسد.
قلت: الأصلُ من الضَّبْثِ، و هو القَبْضُ على الشيء بشدة؛ و منه يقال: أسدٌ ضُبَاثيٌّ.
[ضرطم]:
و قال أبو سعيد الضّرِير:
الضُّرَاطِمِيُّ من أركابِ النساء: الضَّخْم الجافي، و أنشدَ بيتَ جرير:
تواجِهُ بَعْلَهَا بضُرَاطِمِيِّ كأن على مشافره جُبَابا
و قال: هو متاعٌ هَدّارُ المشَافر يَهْدر شِفْرُه لاغْتلامها، و روى ابن شميل بيت جرير:
تُنَازعُ زوجَها بعُمارِطيٍّ كأنَّ عَلَى مشَافِره جُبابَا
و قال عُمَارِطيُّهَا: فَرْجُهَا.
[ضرفط]:
و قال يونس: جاء فلانٌ مُضَرْفَطاً بالحبال، أي: موثقاً.
[ضأبل]:
و قال الكسائيّ: الضِّئْبِل: الدّاهية؛ و لغة بني ضَبَّه الصِّئْبِل.
قال: الضَّاد أعرف.
قلتُ: و أبو عُبيد قد جاء بالضّئْبِل بالضاد.
انتهى آخرُ كتاب الضاد، و الحمد للّه وحده، و الصلاة و السلام على من لا نبيّ بعده
***
72
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
كتاب حرف الصاد
من تهذيب اللغة
أبواب المضاعف من حرف الصّاد
أُهملت الصاد مع السين و الزاي و الطاء في المضاعف.
باب الصاد و الدال
ص د
صد، دص: مستعملان.
[صد]:
يقال: صَدّه يَصُدّه صَدّاً، و قال اللّه تعالى: وَ صَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ (43)
[النمل: 43].
يقول: صدَّها عن الإيمان، العادةُ التي كانت عليها، لأنهَا نشأت و لم تعرف إلّا قوماً يعبدون الشمس، فصدّتها العادةُ، و بيّن عادتَها بقوله: إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ.
المعنى: صَدّها كونُهَا من قوم كافرين عن الإيمان.
و قال اللّه جلّ و عزّ:* وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57)
[الزخرف: 57].
قال الفرّاء: قرىء (يَصِدُّونَ)
و (يَصُدُّون).
قال: و العربُ تقول: صَدَّ يَصِدّ و يَصُدّ، مثل: شَدّ يَشِدّ و يَشُدّ، و الاختيار (يَصِدُّونَ)
و هي قراءة ابن عبّاس، و فسّره يَضِجُّون و يَعِجُّون.
قلت: يقال: صددتُ فلاناً عن أمرِه أصُدُّهُ صَدّاً فصَدّ يَصُدّ، يستوي فيه لفظ الواقع و اللازم. و إن كان بمعنى يَضجّ و يَعِجّ، فالوجه الجيد: صَدّ يصدّ، و من هذا قول اللّه جلّ و عزّ: إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِيَةً
[الأنفال: 35]، فالمُكاء: الصَّفِير، و التَّصْدِية: التصفيق. و يقال: صَدّى يُصَدِّي تَصْدِيةً: إذا صَفَّق، و أصله صَدّ.
و يُصَدِّد، فكثرت الدالات فقُلِبت إحداهن ياءً، كما قالوا: قَصَّيْتُ أظفاري، و الأصل قَصَصْتُ.
قال ذلك أبو عُبَيد و ابن السكيت
73
و غيرهما.
و قال أبو الهيثم في قول اللّه جل و عز:
إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ
[الزخرف:
57]، أي: يَضِجُون و يعِجّون. يقال: صَدّ يَصِدّ، مثل: ضَجَّ يَضجّ. و أما قولُ اللّه جل و عز: أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6)
[عبس: 5، 6] فمعناه: تتعرّض له، و تميل إليه، و تُقبل عليه، يقال: تصدَّى فلان بفلانٍ يتصدَّى: إذا تعرّض له، و الأصل فيه أيضاً تصدَّدَ يتصدَّدُ، يقال:
تصدّيت له، أي: أقبلتُ عليه، و قال الراجز:
لما رأيتُ وَلَدِي فيهمْ مَيَلْ إلى البيوت و تَصَدّوْا للحَجلْ
قلتُ: و أصله من الصَّدد، و هو ما استقبلك و صار قُبَالَتَكَ.
و قال أبو إسحاق الزجّاج: معنى قوله:
فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6)
، أي: أنت تُقبِل عليه، جعلَه من الصَّدد و هو القُبالة.
و قال الليثُ: يقال: هذه الدار على صَدَد هذه، أي: قُبالتهَا.
و قال أبو عُبيد: الصَدَد و الصَّقب: القُرْب، و نحو ذلك قال ابن السكيت.
قلتُ: فقول اللّه جل و عز: فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6)
، أي: تتقرب إليه.
و قال الليث في قوله: إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ
، أي: يضحكون.
قلتُ: و التفسير
عن ابن عباس: يَضِجون و يعجّون
و عليه العمل.
و قال أبو إسحاق في قوله جلّ و عزّ:
وَ يُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ
[إبراهيم: 16، 17]، قال: الصَّديد: ما يسيل من أهل النار من الدّم و القَيْح.
و قال الليث: الصَّديدُ: الدّم المختلطُ بالقَيْح في الجُرح، يقال: أصَدّ الجُرح.
قال: و الصّديد في القرآن: ما سال من أهل النار. و يقال: بل هو الحميمُ أُغْلِي حتى خَثُر.
أبو عُبَيد عن أبي زيد قال: الصُّدّادُ في كلام قيس: سامُّ أبْرَصَ.
و قال الليث: الصَّدّاد: ضرب من الجُرْذان، و أنشد:
إذا ما رَأَى أشرافهن انطوى لها خَفِيٌّ كصُدّادِ الجديرة أَطلَسُ
قال: و صَدْصَدٌ: اسمُ امرأة.
و قال شَمِر: قال الأصمعيّ: الصَّدّان:
ناحيتا الجبل، و أَنشد قولَ حُمَيد:
تَقَلقَلَ قِدْحٌ بين صَدّيْن أَشْخَصَتْ له كَفُّ رامٍ وِجْهَةً لا يُرِيدُها
و قال أبو عمرو: الصّدّان: الجَبلان.
و قالت ليلى الأخيليَّة:
* و كُنْتَ صُنَيّاً بين صَدّيْنِ مَجْهَلا*
74
و الصُّنَيّ: شِعْبٌ صغيرٌ يسيل فيه الماء.
و في «نوادر الأعراب»: الصِّدَاد: ما اصْطَدّت به المرأة و هو السِّتْر.
و قال ابن بُزرج: الصَّدُود: ما دَلكْتَهُ على مِرْآة ثم كَحَلْتَ به عَيْناً.
دصّ:
قال الليث: الدَّصْدَصَةُ: ضَرْبُك المُنْخُل بكَفَّيك.
[باب الصاد و التاء]
ص ت
صت:
قال الليث: الصَّتُّ: شِبْهُ الصَّدْمِ و القَهْرِ.
و رجلٌ مِصْتِيتٌ: فاضٍ متكَمِّش.
قال: و الصَّتِيتُ: الصَّوْتُ و الجَلَبَة. و
في الحديث: «قاموا صِتَّيْن»
. قال أبو عُبَيد، أي: جَماعَتين. يقال:
صَاتَّ القومُ.
قال: و قال الأصمعيّ: الصَّتِيتُ: الفِرقة.
يقال: تركتُ بني فلان صَتِيتَيْن: يعني فِرْقَتين. و قال أبو زيد مِثلَه.
قال: و قال أبو عمرو: ما زلتُ أُصَاتُّه و أُعَاثُّه صِتَاتاً و عِثَاثاً، و هي الخصومة.
و رَوَى عَمرو عن أبيه قال: الصُّتَّة:
الجماعةُ من الناس.
ص ظ- ص ذ- ص ث:
أهملت وجوهها.
باب الصاد و الرّاء
ص ر
صر، رص: [مستعملة].
[صر]:
قال الليث: صَرَّ الجُنْدَبُ يصِرّ صَرِيراً. و صَرّ البابُ يَصِرُّ؛ و كلُّ صوتٍ شِبْهُ ذلك فهو صَرِيرٌ: إذا امتدّ، فإذا كان فيه تخفيفٌ و ترجيعٌ في إعادةٍ ضُوعِف.
كقولك: صَرْصَر الأخْطَبُ صَرْصَرةً.
الحرّاني عن ابن السكّيت: صَرّ المَحْمِل يَصِرّ صَرِيراً.
قلتُ: و الصَّقْرُ يُصَرْصِرُ صَرْصَرَةً.
و قال الزَّجاجُ في قول اللّه جلّ و عزّ:
بِرِيحٍ صَرْصَرٍ
: [الحاقة: 6] الصِّرُّ و الصِّرّة: شِدَّةُ البَرْدِ.
قال: و صَرْصَرٌ متكرِّرٌ فيها الراء؛ كما تقول: قَلقلتُ الشيءَ و أَقْلَلْتُه: إذا رفعتَه من مكانه إلّا أنّ قَلْقَلتُه: رددتُه و كرَّرْتُ رَفْعَه. و أقْلَلْتُه: رفَعْتُه، و ليس فيه دليلُ تكرير. و كذلك صَرْصَرَ و صَرَّ، و صَلْصَلَ و صَلَّ: إذا سمعتَ صوتَ الصَّرير غيرَ مكرَّر.
قلتَ: صَرَّ و صَلَّ؛ فإذا أردتَ أنّ الصوت تَكرَّر قلتَ: قد صَرْصَرَ و صَلْصَلَ.
قلتُ: و قولُه: بِرِيحٍ صَرْصَرٍ
، أي:
شديدِ البَرْد جدّاً.
75
و قال ابن السكّيت: ريحٌ صرصر، فيه قولان:
يقال: أصلُها صَرَرٌ من الصِّرِّ و هو البَرْد، فأَبدَلوا مكانَ الرّاء الوسطى فاءَ الفعل، كما قالوا: تَجَفْجَفَ، و أصلُه تَجَفَّف.
و يقال: هو من صَرِير الباب و من الصَّرَّة و هو الضَّجَّة.
و قال اللّه جلَّ و عزَّ: فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ
[الذاريات: 29].
قال المفسِّرون: في ضَجَّة و صَيْحة، و قال امرؤ القيس:
* جَواحِرُها في صَرّةٍ لم تَزَيِّلِ*
و قيل: (فِي صَرَّةٍ)
: في جماعة لم تتفرَّق.
و قال ابن السكّيت: يقال: صَرَّ الفرس أذُنَيه، فإذَا لم يُوقِعوا قالوا: أصَرَّ الفرسُ، و ذلك إذا جمع أذُنَيه و عَزَمَ على الشّدّ.
أبو عُبيد عن الأحمر: كانت مني صِرِّي و أَصِرِّي، و صِرَّى و أصِرَّى؛ أي: كانت منّي عزيمةً.
و قال أبو زيد: إنها مِنّي لأَصِرِّي، أي:
لحَقيقة. و أنشد أبو مالك:
قد عَلِمتْ ذاتُ الثّنايا الغُرّ أنّ النَّدَى من شِيمَتِي أصِرِّي
أي: حقيقة.
شَمِر عن ابن الأعرابي: علم اللَّهُ أنها كانت منّي صِرِّي و أصِرَّى، و صِرِّي و أصِرِّي، و قائلها أبو السّمّاك الأسَدي حينَ ضَلَّتْ ناقتُه فقال: اللهمَّ إن لم تردَّها عليّ لم أصلِّ لك صلاةً، فوجَدَها عن قريب، فقال: علمَ اللَّهُ أنها منّي صِرِّي، أي: عَزْم عليه.
و قال ابن السكّيت: معناه: أنها عزيمة محتومةٌ.
قال: و هي مشتقّة من أصررتُ على الشيء: إذا أقمتَ و دمتَ عليه، و منه قوله تعالى: وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ
[آل عمران: 125].
و أخبرَني المنذريّ عن أبي الهيثم قال:
أصِرِّي، أي: اعْزِمي، و كأنّه يُخَاطِب نفسَه، من قولك: أصرَّ على فِعله يُصِرّ إصراراً: إذا عَزَم على أن يَمضي فيه و لا يَرجع.
قال: و يقال: كانت هذه الفَعْلة مِنِّي أَصِرِّي، أي: عزيمة، ثم جُعلت هذه الياءُ ألفاً، كما قالوا: بأبي أنتَ، و بِأَبَا أنْتَ، و كذلك صِرِّي، على أن تحذف الألفُ من أصِرّي لا على أنّها لغة صَرَرتُ على الشيء و أصرَرت.
قال: و جاءت الخيلُ مُصِرَّةً آذانَها محدِّدةً رافعةً لها، و إنما تُصرّ آذانها: إذا جَدّت في السَّيْر.
و قال الفراء: الأصل في قولهم: كانت منّي صِرِّي و أصِري: أمْرٌ، فلما أرادوا أن
76
يغيِّروه عن مَذهَب الفعل حَوّلوا ياءَه ألفاً، فقالوا: صِرَّى و أصِرَّى، كما قالوا: نُهِي عن قَيَلٍ و قال، أُخْرِجِتَا من نيّة الفعل إلى الأسماء.
قال: و سمعتُ العرب تقول: أعْيَيْتَني من شُبَّ إلى دُبَّ، و يُخفض فيقال: من شُبٍّ إلى دُبٍّ، و معناه: فَعَل ذلك مُذْ كان صغيراً إلى أن دَبَّ كبيراً.
شمر عن ابن الأعرابي: ما لفلان صَريّ، أي: ما عندَه دِرْهم و لا دينار، و يقال ذلك في النَّفْي خاصّة.
و قال خالدُ بنُ جَنْبة: يقال للدِّرهم صَريٌّ، و ما ترك صَريّاً إلا قَبضه، و لم يُثَنِّه و لم يَجْمعه.
و قال ابن السكّيت: يقال: دِرْهمٌ صَريّ و صِريّ للَّذي له صَرير: إذا نقَرْتَه.
و
في الحديث: «لا صَرورةَ في الإسلام».
قال أبو عُبَيْد: الصَّرورة في هذا الحديث:
هو التبتل و تركُ النِّكاح.
قال: ليس ينبغي لأحد أن يقول: لا أتزوّج. يقول: ليس هذا من أخلاق المسلمين، و هو معروف في كلام العرب، و منه قولُ النابغة:
و لو أنها عرضت لأشْمَطَ راهب عَبَدَ الإلهَ صَرورةٍ متعبِّدِ
و يعني الراهبَ الذي قد ترك النّساء.
قال: و الصَّرورة في غير هذا الذي لم يَحْجُجْ قَطّ، و هو المعروف في الكلام.
و قال ابن السكّيت: رجل صَرورةٌ و صارُورَةُ و صَرورِيّ: و هو الذي لم يَحْجُجْ.
و حكى الفراء عن بعض العرب قال:
رأيتُ قوماً صَراراً واحدُهم صَرورة.
و قال اللّحياني: حَكى الكسائيّ: رجلٌ صَرارَةٌ للّذي لم يَحْجُجْ. و رجلٌ صَرورة و صَرارَة. و صاروريّ.
فمن قال: صَرورة، فهو في الواحد و الجميع و المؤنث سواء. و كذلك من قال: صرارة و صَرَّارة و صارورة.
قال: و قال بعضهم: قوم صَراير، جمع صارورة. و من قال: صرورى و صارورى، ثنّى و جمع و أنّث.
و قال الليث: الصِّرُّ: البَرْدُ الذي يَضرب النباتَ و يُحسِّنه. الصَّرَّةُ: شدّة الصِّياح.
جاء في صَرةٍ، و جاء يَصْطَرُّ.
و الصُّرّة: صُرةُ الدّراهم و غيرها معروفة.
و الصِّرارُ: الخَيْط الذي يُشَدُّ به التَّوادِي على أخلاف الناقة و تُذَيَّر الأطْباءُ لبعَرِ الرَّطْب لئلّا يؤثِّر الصِّرارُ فيها.
قال: و الصَّرْصَرُ: دُويْبَّةٌ تحت الأرض تَصِرّ أيّام الربيع.
و صَرَّت أُذُني صَرِيراً: إذا سمعتَ لها صَوتاً و دَوِيّاً.
77
و قال أبو عبيد: الصَّرارِيُّ: الملّاحُ، و أنشد:
* إذا الصَّراريُّ من أهواله ارْتَسما*
الليث: الصَّرْصرانُ و الصَّرْصرانيّ: ضربٌ من السَّمك أملسُ الجِلْد ضخم و أنشد:
* مَرّتْ لظَهْر الصَّرْصَران الأدْخَنِ*
و قال أبو عمرو: الصَّرْصَرانُ: إبلٌ نَبَطيَّة يقال لها الصَّرْصَرانيّات.
و قال أبو عبيد: الصرصرانيات: الإبل التي بين العِراب و البخاتيّ، و هي الفوالج.
قال: و قال أبو عمرو: الضَّارَّةُ: العَطَش، و جمعُها صرائر، و أنشد:
فانْصاعَت الحُقْبُ لم تَقْصَعْ صَرائِرَها و قد نَشَحْن فلارِيٌّ و لا هيمُ
و قال أبو عبيد: لنا قِبَلَه صارَّةٌ، و جمعُها صَوارُّ، و هي الحاجة.
ابن شُميل: أصَرَّ الزرعُ إصْراراً: إذا خَرَج أطراف السَّفَاء قبل أن يَخلص سُنْبُله فإذا خلص سنبله قيل: قد أسبل و قال في موضع آخر: يكون الزرع صَرراً حتى يَلتويَ الورق و يَيْبَس طرَف السنبل، و إن لم يجر فيه القَمْحُ.
و قال أبو عمرو: الحافِرُ المَصْرور:
المُنْقَبِض. و الأرَحّ: العريض؛ و كلاهما عَيْب، و أنشد غيره:
* لا رَحَحٌ فيه و لا اصْطِرارُ*
و قال أبو عبيد: اصْطَرّ الحافرُ اصْطراراً:
إذا كان فاحش الضِّيقِ، و أنشد:
* ليس بمصْطَرٍّ و لا فِرشاحِ*
ثعلب عن ابن الأعرابي: الصُرْصُورُ:
الفَحْلُ النَّجيب من الإبل.
قال: و الصَّرُّ: الدَّلْوُ تسترخى فتُصَرُّ، أي:
تُشد و تسمع بالمِسمَع، و هو عروةٌ في داخل الدَّلْو بإزائها عُروةٌ أخرى، و أنشد في ذلك:
إن كانتِ امَّا امَّصَرَتْ فصرَّها إن امِّصار الدِّلوِ لا يضُرُّها
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: صَرَّ يَصِرُّ:
إذا عَطِشَ. و صَرًّ يَصُرّ: إذا جَمَع.
قال: و الصَّرَّة: تقطيبُ الوجْه من الكراهة. و الصَّرَّةُ: الشاةُ المُصرَّاة.
أبو عبيد عن الأصمعي قال: المُصْطارةُ:
الخَمر الحامض.
رص:
رُوِي عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «تراصُّوا في الصلاة».
قال أبو عُبَيد: قال الكسائي: التَّراصُّ:
أن يَلصَق بعضُهم ببعض حتى لا يكون بينهم خَلَل؛ و منه قولُ اللّه جل و عز:
بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ
[الصف: 4].
و قال الليث: رصَصتُ البنيانَ رَصّاً: إذا ضممتَ بعضَه إلى بعض. و الرِّصاص معروف.
78
سلَمة عن الفرّاء قال: الرَّصاص أكثرُ من الرِّصاص.
و قال الليث: الرَّصّاصةُ و الرَّصْراصة:
حجارةٌ لازقةٌ بحوالَيِ العَيْن الجارية، و أنشد:
حجارة قَلْتٍ برَصراصةٍ كُسِين غِشاءً من الطُّحْلُبِ
أبو عُبَيد عن أبي زيد قال: النِّقابُ على مارِنِ الأنف. قال: و الترصيص: ألّا يُرَى إلّا عيناها و تَميمٌ تقول: هو التَّوْصيص بالواو و قد رَصّصَتْ و وَصّصَتْ.
سلَمة عن الفراء قال: رَصَّص: إذا ألحّ في السؤال، و رصصَ النِّقابَ أيضاً.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: رَصرَصَ:
إذا ثَبت في المكان.
أبو عَمْرو: الرَّصيص: نِقابُ المرأة: إذا أدْنَتْه من عينيْها.
[باب الصاد و اللام]
ص ل
صل، لص: [مستعملة].
صل:
أبو حاتم عن الأصمعي: سمعت لجوفِه صلِيلًا من العَطَش، و جاءت الإبلُ تَصِلّ عَطشاً، و ذلك إذا سمعتَ لأجوافها صوْتاً كالبُحّة. و قال مُزاحم العُقَيلِيُّ يصف القَطا:
غَدَت مِن عليه بعد ما تمَّ ظِمْؤُها تَصِلُّ و عن قَيْضٍ بزيْزاءَ مَجهَلِ
قال ابن السكّيت في قوله: من عليه: من فوقه، يعني من فوْق الفَرْخ.
قال: و معنى: تَصِلُّ، أي: هي يابسة من العطش.
و قال أبو عُبيدة: معنى قوله: من عليه من عند فَرْخها.
و قال الأصمعي: سمعتُ صليلَ الحديد، يعني صوْتَه.
و صلَّ المِسمارُ يَصِلُّ صلِيلًا: إذا أكْرهْتَه على أن يدخُل في القَتِير فأنت تسمَع له صوتاً، و قال لَبيد:
أحكم الجُنْثيّ من عَوْراتِها كلَّ حِرباءٍ إذا أُكرِه صلّ
و قال أبو إسحاق: الصَّلصالُ: الطينُ اليابسُ الذي يَصِلُّ من يُبْسِه، أي:
يصوِّت، قاله في قوله: مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ
[الرحمن: 14]، و أنشد:
رَجَعتُ إلى صوتٍ كجِرَّة حَنْتَمٍ إذا قُرِعتْ صِفراً من الماءِ صلَّتِ
و نحو ذلك قال الفراء. قال: هو طينٌ حُرٌّ خُلط برمْل فصار يُصلْصِل كالفَخّار.
قلتُ: هو صَلصال ما لم تُصِبه النار، فإذا مسّتْه النار فهو فَخّار.
و قال الأخفش نحوه، قال: و كلُّ شيء له صوتٌ فهو صلْصالٌ من غير الطين.
و
رُوِي عن ابن عباس أنه قال: الصالُّ:
79
الماءُ يقعُ على الأرضِ فتنشّق، فذلك الصال.
و
قال مجاهد: الصَّلصالُ: حَمَأٌ مسنون.
قلتُ: جعلَه حَمأً مَسنوناً لأنه جعله تفسيراً للصلصال، ذهَب به إلى صلَّ، أي: أَنتَنَ.
و قال أبو إسحاق مَنْ قرأ: ء إذا صللنا في الأرض [السجدة: 10]، بالصاد فهو على ضربين: أحدهما: أَنْتَنَّا و تغيَّرْنا، و تغيرت صوَرُنا، يقال: صلَّ اللحمُ و أَصلَّ إذا أنتَن و تغيَّر.
و الضربُ الثاني: (صلَلْنا): يَبِسنا من الصلَّة، و هي الأرضُ اليابسة.
و قال الأصمعيّ: يقال: ما يَرفَعه من الصلّة من هوانِه عليه، يعني من الأرض.
و خُفٌّ حَيّد الصلة، أي: جيِّد الجِلْد.
و يقال: بالأرض صِلالٌ من مَطر، الواحدة صلَّة، و هي القطَع المتفرقة.
و قال الشاعر:
سيَكفيكَ الإله بمُسْنَماتٍ كجَنْدَلِ لُبْنَ تَطَّرِدُ الصلالا
أبو عبيد عن الفراء: الصلاصلُ: بقايا الماءِ، واحدها صَلصلة.
ثعلب عن ابن الأعرابي: الصُّلصل:
الراعي الحاذق.
و قال الليث: الصُّلصل: طائر تسميه العجَمُ الفاخِتَة، و يقال: بل هو الذي يشبهها، و الصُّلصل: ناصيةُ الفرَس.
ثعلب عن ابن الأعرابي: الصلاصِل:
الفَواخِتُ واحدها صُلْصل. و قال في موضع آخر: الصلْصل و العِكْرِمة و السّعْدانة: الحَمامة.
عَمْرو عن أبيه: هي الجُمَّة. و الصُّلصلة للوَفْرة.
و قال ابن الأعرابي صلْصل: إذا أَوْعَد.
و صلْصل: إذا قتل سيِّد العسكر.
و قال الأصمعيّ: الصُّلْصُل: القَدَح الصغير.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الصلُّ و الصِّفصِلّ نبتان، و أنشد:
أرعَيْتُها أطيَبَ عُودٍ عُودَا الصِّلَّ و الصِّفْصِلَ و اليَعْضِيدَا
أبو عبيد عن أبي زيد: إنه لَصِلُّ أصْلالٍ و إنّه لَهِتْر أهتار. يقال ذلك للرّجل ذي الدَّهاء و الإرْب، و أصلُ الصِّلّ من الحيّات يُشبَّه الرجل به إذا كان داهيةً؛ و قال النابغة الذُّبياني:
ماذا رُزِئْنا به من حَيّةٍ ذَكَرٍ نَضْنَاضَةٍ بالرَّزايَا صِلِّ أَصْلالِ
و الصِّلِّيَان: من أطيَب الكَلأ، و له جِعْثِنَةٌ و وَرَقُه رقيقٌ.
و العَرَب تقول للرجُل يُقدم على يمينٍ كاذبة، و لا يَتَتَعْتَع: جَذَّها جَذ العَيْر
80
الصِّلِّيانة. و ذلك أن العَيْرَ إذا كَدَمَها بفيه اجتَثَّها بأَصلِها، و التشديد فيها على اللّام، و الياءُ خفيفة، و هي فِعْلِيَانة من الصَّلْي، مثل حِرْصِيانة من الحِرْص، و يجوز أن يكون من الصِّلّ، و الياء و النون زائدتان.
أبو عُبيد: قَبَرَه اللَّهُ في الصَّلَّة، و هي الأرض.
و قال الليث: يقال: صَلَّ اللّجام: إذا تَوهَّمْتَ في صوتِه حِكايَة صوتِ صَلْ، و إن توهَّمتَ ترجيعاً قلتَ: صَلصَل اللجامُ، و كذلك كلُّ يابس يُصَلْصِل.
و قال خالد بنُ كُلْثوم في قول ابن مُقبل:
ليَبْكِ بَنُو عُثمانَ ما دامَ جِذْمُهمْ عليه بأصْلالٍ تُعَرَّى و تُخْشَبُ
الأصلال: السيوفُ القاطعة، و الواحد صِلّ.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: المصَلِّل:
الأسْكَفُ، و هو الإسْكافُ عند العامّة.
و المصَلِّل أيضاً: الخالصُ الكَرَم و النَّسب.
و المصَلِّل: المَطَر الجَوْدُ.
سَلَمةُ عن الفرّاء: قال: الصَّلَّة: بقيَّةُ الماء في الحوض: و الصَّلَّةُ: المَطْرة الواسعة.
و الصَّلَّةُ: الجِلْد المتين. و الصَّلّةُ: الأرض الصُّلْبة. و الصَّلة: صوتُ المِسمار إذا أُكرِه.
و قال ابن الأعرابيّ: الصَّلّة: المَطْرةُ الخفيفة. و الصَّلَّة: قُوَارَةُ الخُفّ الصُّلْبة.
لص:
قال الليث: اللِّصُّ معروفٌ، و مصدرُه اللصُوصة و اللُّصوصِيَّة و التلصُّص.
أبو عُبَيد عن الكسائيّ: هو لَصٌّ بيّن اللَّصوصِية، و فعلتُ ذلك بعد خصُوصيّة، و حَرُوريّ بيّن الحَرُوريّة.
و قال أبو عُبيد: قال أبو عمرو: الأَلَصُّ:
المجتمِعُ المَنكِبين يكادان يمُسَّان أُذُنَيه.
قال: و الألَصّ أيضاً: المتقاربُ الأضراس، و فيه لصَصَ.
الليثُ: التَّلْصِيص كالتَّرْصيص في البُنْيان.
قال رُؤبة:
* لَصَّصَ من بُنْيانِه المُلَصِّصُ*
الأصمعي: رجل أَلَصُّ و امرأة لَصّاء: إذا كان مُلتَزِقي الفَخِذَين ليس بينهما فُرْجة.
و يقال للزَّنْجيّ: ألَصّ الألْيَتَين و الفَخِذَين.
و قال أبو عُبَيدة: اللَّصَص في مَرْفَقي الفَرَس أن تنضَمَّا إلى زَوْرِه و تَلْصقا به.
قال: و يستحبّ اللَّصَصُ في مَرْفِقَي الفرس.
و قال أبو زيد: جمعُ اللَّصّ لُصوص و أَلْصاص، و امرأة لَصَّةٌ من نسوة لَصائص و لَصَّات.
باب الصاد و النون
ص ن
صن، نص: [مستعملان].
صن:
قال اللَّيث: الصَّنُّ: شِبْه السَّلَّة المُطْبَقَة
81
يُجعل فيها الطّعام.
سَلَمة عن الفرَّاء قال: الصِّنّ: بَوْل الوَبْر.
و الصِّنُّ أيضاً: أوّل يوم من أيّام العَجوز، و أنشد غيره:
فإذا انقَضَتْ أيّامُ شَهْلَتِنا صِنٌّ و صِنَّبْرٌ مع الوَبْرِ
و قال جرير في صِنّ الوَبْرِ:
تَطَلَّى و هيَ سَيِّئَةُ المعَرَّى بِصَنِّ الوَبْر تحسَبه مَلابَا
و أخبرَني المنذريُّ عن أبي الهيثم عن نُصَيْر الرّازيّ يقال للتَّيْس إذا هاج: قد أصَنّ فهو مُصِن. و صُنانه: ريحُه عند هِياجه.
و يقال للبَغْلَة إذا أمسكْتَها في يَدِك فأنتَنَتْ:
قد أصَنَّتْ.
و يقال للرَّجُل المُطَيَّخِ المُخْفِي كلامَه:
مُصِنَّ.
قال: و إذا تأخَّر ولدُ الناقة حتى يقع في الصَّلَا فهو مُصِنّ و هُنّ مِصِنّاتٌ مَصَانٌّ.
و قال ابن السكّيت: المُصِنّ: الرافعُ رأسَه تكبُّراً، و أنشد:
يا كَرَواناً صُكَّ فاكْبأنّا فشَنَّ بالسَّلْحِ فلمّا شَنَّا
بَلَّ الذَّنابَى عَبَساً مُبِنَّا أَإِبِلِي نأكُلُها مُصِنَّا
و قال أبو عمرو: أتانا فلانٌ مُصِنّاً بأَنْفه:
إذا رَفع أَنفَه من العَظَمة. و أَصَنَّ: إذا سَكَت؛ فهو مُصِنٌّ ساكِت، و أَنشَد:
قد أخَذَتْني نَعْسَةٌ أُرْدُنُّ و مَوْهَبٌ مُبْزٍ بها مُصِنُ
و قال أبو عُبَيدةَ: إذا دنا نَتاجُ الفَرَسِ و ارْتَكَضَ ولدُها و تحرّك في صَلَاها فهي حينئذ مُصِنّة و قد أصنّت الفرس، و رُبَّما وقع السّقيُ في بعض حركته حتى ترى سواده من طُبييها، و السَّقيُ طرف السَّابيَاء.
قال: و قلّ ما تكونُ الفرس مُصِنَّة: إذا كانت مُذْكِرة تلد الذكور.
نص:
قال الليث: النَّصُّ: رَفْعُك الشيءَ.
و نَصَّصْتُ ناقتي: إذا رَفَعْتَهَا في السَّيْرِ.
ثعلب عن ابن الأعرابي: النَّصّ: الإسناد إلى الرئيس الأكبر. و النَّصّ: التَّوقيف.
و النَّصّ: التعيين على شيءٍ مّا.
و
في الحديث «أنَّ النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم حين دَفَع من عَرَفات سارَ العَنَق، فإذا وَجد فُجْوَةً نَصَّ»
. قال أبو عُبَيْد: النَّصُّ: التحريك حتّى تستخرج من الناقة أَقْصَى سَيْرِها، و أَنشَد:
* و تَقْطَع الخَرْقَ بسَيْرٍ نَصِّ*
رُوي عن عليّ أنه قال: إذا بلغ النساءُ نَصَّ الحِقَاقِ فالعَصَبَةُ أَوْلى.
قال أبو عُبيد: النَّصُّ: أصلُه منتَهى الأشياء و مبلغُ أَقصاها، و منه قيل:
82
نَصَصْتُ الرجلَ: إذا استقصيْتَ مسألتَه عن الشيءِ حتى يستخرج كلَّ ما عندَه، و كذلك النَّصّ في السَّيْرِ إنّما هو أَقصَى ما تَقدر عليه الدابّة. قال: فَنَصّ الحِقاقِ إِنّما هو الإدرَاك.
و قال ابن المُبَارَك: نَصُّ الحِقاق: بُلُوغُ العَقْل.
و
رُوِيَ عن كعب أنّه قال: يقول الجبّارُ:
احذَروني فإنِّي لا أُناصُّ عَبْداً إلَّا عَذَّبْتُه»
، أي: لا أستقصِي عليه إلا عَذَّبْتُه؛ قاله ابن الأعرابي، و قال: نَصَّص الرجلُ غَرِيمَه:
إذا اسْتَقْصَى عليه.
و قال اللّيث: الماشطة تَنُصُّ العَروسَ فتُقْعِدُها على المِنَصَّة، و هيَ تَنْتَصُّ عليها لِتُرَى من بين النساء.
و قال شمر: النّصْنَصَةُ و النّضْنَضَةُ:
الحركة، و كل شيءٍ قلقلته فقد نَصْنَصْتَه.
و قال الأصمعيّ: نَصْنَصَ لسانَه و نَضْنَضَهُ:
إذا حَرَّكه.
و قال اللَّيث: النَّضْنَضَةُ: إثْبَاتُ الْبَعيرِ رُكْبَتَيْه في الأرض، و تَحَرُّكه إذا هَمَّ بالنُّهُوضِ. قال: و انتَصَّ الشيءُ و انتَصَب:
إذا استوَى و استَقامَ، و قال الرّاجز:
* فَبَاتَ مُنْتَصّاً و مَا تَكَرْدَسَا*
و قال أبو تراب: كان حَصِيصُ القوم و بَصيصُهم و نَصِيصُهم كذا و كذا، أي:
عَدَدُهم بالحاء و النون و الباء.
باب الصاد و الفاء
ص ف
صف، فص.
[صف]:
قال الليث: الصَّفُّ معروف قال:
و الطّير الصّوَافُّ: التي تَصُفّ أجنَحتها فلا تحرِّكُها.
و الْبُدنَ الصَّوافُّ: التي تُصَفَّفُ ثمَّ تُنْحَر.
و قال أبو إسحاق في قول اللّه جلّ و عزّ:
وَ الصَّافَّاتِ صَفًّا (1)
[الصافات: 1]، قال المفسرون: هم الملائكة، أي: هم مصطفُّون في السماء يُسبِّحون للَّه.
و قال في قوله عزّ و جلّ: فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَ
[الحج: 36]، قال: صَوافَ
منصوبةٌ على الحال، أي: قد صفَّت قوائمَها؛ أي: فاذكُروا اسمَ اللّه عليها في حال نحِرِها.
قال: وَ الطَّيْرُ صَافَّاتٍ
[النور: 41]، باسطات أجنِحَتها.
و قال الليث: صَفَفْتُ القومَ فاصطَفُّوا.
و المَصَفُّ: المَوْقِفُ و الجميع المَصَافّ.
و الصَّفِيفُ: القَدِيدُ إذا شُرِّر في الشمس، يقال: صَفَفْتُه أصُفُّه صَفّاً.
أبو عُبَيد عن الكسائي قال: الصَّفِيفُ:
القَدِيدُ، و قد صَفَفْتُه أصُفُّه صَفّاً.
و قال امرؤ القيس:
* صَفِيفَ شِواءٍ أَو قَدِيرٍ مُعَجَّلِ*
83
قال شَمِر: قال ابن شُميل: التَّصفيف نحوُ التّشريح، و هو أن تَقرض البَضْعة حتى تَرِقّ فترَاهَا تَشِفّ شَفِيفاً. و قد صفَفْتُ اللحم أصُفُّه صفّاً.
و قال خالدُ بنُ جَنْبَة: الصَّفِيفُ: أن يُشرّح اللحمُ غيرَ تَشريحِ القَدِيد، و لكن يُوَسَّع مثل الرُغْفان الرِّقاق، فإذا دُقّ الصَّفِيف ليؤكل فهو زِيم، و إذا تُرِك و لم يُدَقّ فهو صَفِيف.
و قال الليث: الصُّفّةُ: صُفّةُ السَّرْج.
أبو عُبَيْد عن الكسائي: صَفَفْتُ للدابة صُفّةً، أي: عملتُها له.
و قال الليث: الصُّفّة من البُنْيان. قال:
و عذابُ يوم الصُّفّة: كان قَومٌ قد عَصَوْا رسولهم فأَرسَل اللّه عليهم حَرَّاً و غَمَّاً غَشِيَهم من فَوقهم حتى هَلَكوا.
قلتُ: الذي ذكره اللّه في كتابه: عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ [الشعراء: 189]، لا عَذَابُ يوم الصُّفّة، و عُذِّب قومُ شعيب به، و لا أدري ما عذابُ يوم الصُّفّة.
و قال اللّه جلّ و عزّ: فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً (106)
[طه: 106].
قال الفرّاء: الصَّفْصَفُ: الذي لا نَبات فيه، و هو قولُ الكَلْبيّ.
و قال ابن الأعرابيّ: الصَفْصَفُ: القَرْعاء.
و قال مجاهد: قاعاً صَفْصَفاً
: مستوياً.
شمر عن أبي عمرو: الصَّفْصَف:
المستوِي من الأرض، و جمعُه صفَاصِف.
و قيل: الصَفْصَفُ: المُستوِي الأملَس.
و قال الشاعر:
إذا رَكبْتَ داوِّيةً مُدْلَهِمّةً و غَرَّدَ حَادِيها لها بالصَّفاصِفِ
أبو عُبَيد عن الأصمعي: الصَّفُوفُ: الناقةُ التي تَجمَع بين مِحْلَبَين في حَلْبة واحدة؛ و الشَّفُوعُ و القَرُونَ مِثْلُها.
قال: و الصَّفوف أيضاً: التي تَصُفّ يَدَيْها عند الحَلب.
و قال اللّحياني: يقال: تضافّوا على الماء و تَصافُّوا عليه بمعنًى واحد: إذا اجتَمَعوا عليه.
اللّيْثُ: الصَّفْصَفة: دخِيل في العربية، و هي الدُّوَيْبّة التي يسميها العَجَم السّيسك.
أبو عُبَيد: الصَّفْصافُ: الخِلافُ.
و قال الليث: هو شجَر الْخِلاف بلُغة أهلِ الشام.
فص:
أبو العبّاس عن ابن الأعرابي: فَصُّ الشَّيءِ: حقيقتُه كُنْهُه. قال: و الكُنْه:
جَوْهَرُ الشيء. و الكُنْهُ: نهايةُ الشيء و حقيقتُه.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: إذا أصابَ الإنسانَ جُرحٌ فجَعل يَسيلُ. قيل: فَصَّ يَفِصّ فَصيصاً، و فَزّ يَفِزّ فَزِيزاً. قال: و قال
84
أبو زيد: الفُصوصُ: المَفاصلُ في العِظام كلها إلا الأصابع واحِدُها فَصّ.
و قال شَمِر: خُولِف أبو زيد في الفُصوص فقيل: إنها البَراجِم و السُّلَامَيَات.
و قال ابن شميل في كتاب «الخيل»:
الفُصوصُ من الفَرَس: مَفاصِلُ رُكبتَيه و أَرساغِه و فيها السُّلامَيَات، و هي عِظام الرُّسْغَيْن، و أنشد غيرُه في صفة الفَحْل:
قَريعُ هِجانٍ لم تُعَذَّبْ فُصوصُه بقيد و لم يُرْكَب صَغيراً فيُجْدَعا
الحَرّاني عن ابن السكيت في باب ما جاء بالفتح، يقال: فَصُّ الخاتَم. و هو يأتيك بالأمْر من فَصِّه، أي: مَفْصِله، يُفصِّله لك. و كلُّ ملتقَى عَظْمَيْن فهو فَصّ.
و يقال للفَرَس: إن فُصُوصَه لظِمَاء، أي:
ليست برَهِلة كثيرة اللحم. و الكلامُ في هؤلاء الأحرف بالفتح.
قال أبو يوسف: و يقال: فِصُّ الخاتم و هي لغة ردية.
و قال الليث: الفَصُّ: السِّنُّ من أَسْنان الثُّوم، و أنشد شَمِر قولَ امرىء القيس:
يُغالِينَ فيه الجزْء لولا هَواجِرٌ جَنادِبُها صَرْعَى لهنّ فَصِيصُ
يُغالين: يُطاوِلْن، يقال: غالبْتُ فلاناً فلاناً، أي: طاوَلْتُه، و قولُه: لهنّ فَصِيصُ، أي: صَوْتٌ ضعِيف مثل الصفير. يقول: يُطاوِلْن الجَزْء لو قَدَرْنَ عليه، و لكنَّ الحَرَّ يُعْجِلُهنّ.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: الفَصافِص:
واحدتُها فِصْفِصَة و هي بالفارسية أَسْبُسْت، و أنشد للنابغة:
* من الفَصافِص بالنُّمِّيّ سِفْسِيرُ*
و قال الليث: فَصُّ العَيْن: حَدَقَتُها، و أنشد:
* بمُقْلةٍ تُوقِد فَصّاً أَزْرَقا*
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: فَصْفَص: إذا أَتَى بالخَبَر حقّاً.
قال: و يقال: ما فَصَّ في يَدَيّ شيء، أي: ما بَرَدَ، و أنشد:
لأُمِّكَ وَيْلَةٌ و عليكَ أُخْرَى فلا شاةٌ تَفِصُّ و لا بَعيرُ
و قال أبو تراب: قال حترش: قَصَصْتُ كذا مِن كذا، أي: فصلته. و انْفَصّ منه، أي: انفَصَل. و افتَصَصْتُه: افْتَرَزْتُه.
باب الصاد و البَاء
ص ب
صب. بص: [مستعملان].
[صبّ]:
قال الليث: الصَّبُّ: صَبُّك الماءَ و نحوَه. و الصَّبَبُ: تَصوُّبُ نهرٍ أو طريق يكون في حُدور.
و
في صِفَةِ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم «أنّه كان إذا مَشَى كأنّما ينحطُّ في صَبَب»
. قال أبو عُبَيد: قال أبو عَمرو: الصَّبَبُ:
85
ما انحدَرَ من الأرض، و جمعُه أصْبَاب.
و قال رُؤْبة:
* بَلْ بَلَدٍ ذي صُعُدٍ و أصْبابْ*
و
في حديث عُتبة بن غَزْوانَ أنّه خطب الناسَ فقال: «ألّا إنّ الدنيا قد آذَنَتْ بصَرْم، و وَلَّت حَذّاء، فلَم يَبقَ فيها إلا صُبابةٌ كصُبابة الإناء»
. وَلّت حَذّاء، أي: مُسرِعةً.
و قال أبو عُبَيد: الصبابةُ: البَقِيَّةُ اليسيرةُ تَبقَى في الإناء من الشّراب؛ فإذا شَرِبها الرجل قال: تَصابَبْتُها.
و قال الشَّماخ:
لَقَوْمٌ تَصابَبْتُ المعيشةَ بَعْدَهُمْ أَشدُّ عليّ من عِفَاءٍ تَغَيَّرا
فشبّه ما بَقي من العَيْشِ ببقيّة الشّراب يتمزّزُه و يتصَابُّه.
و
في حديث عُقْبة بنِ عامر أنّه كان يَختَضِب بالصَّبِيب.
قال أبو عُبيد: الصَّبِيب يقال: إنَّه ماء وَرَق السِّمْسم أو غيرِه من نباتِ الأرض.
و قد وُصِف لي بمصر، و لونُ مائِه أحمرُ يعلوه سواد، و منه قول علقمة بن عَبَدَةَ:
فأورَدْتُها ماءً كَأنّ جِمامَه من الأجْنِ حِنَّاءٌ معاً و صَبِيبُ
و قال الليث: الدّمُ، و العُصْفُر المُخلِص؛ و أنشد:
يَبْكُون من بَعد الدُّموعِ الغُزَّرِ دَماً سِجالًا كصبِيب العُصْفُرِ
و قال غيرُه: يقال للعَرَق صَبيبٌ، و أنشد قولَه:
* هَواجِرٌ تحْتَلِبُ الصَّبيبَا*
و قال أبو عمرة: الصَّبيبُ: الجليدُ، و أنشد في صفة الشّتاء:
و لا كلْبَ إلا والِجٌ أنفَه استَنّه و ليس بها إلّا صَباً و صَبِيبُها
أبو العباس عن ابن الأعرابي: صبّ الرجلُ: إذا عشِق، يَصبّ صَبابةً.
و الصبابةُ: رقةُ الهوى. قال: و صُبّ الرجلُ و الشيءُ: إذا مُحِق.
عمرو عن أبيه: صَبْصَب: إذا فرّق جيشاً أو مالًا.
قال الليث: رجلٌ صَبٌّ، و امرأةٌ صَبّة، و الفعل يَصبُّ إليها عِشقاً، و هو صبٌّ قال: و الصبيبُ: الدور «1». و العصفر المخلص؛ و أنشد:
يبكون من بَعد الدموع الغُزّر دماً سجالًا كسجال العُصفُر
أبو عُبيد عن الأصمعي: خِمْسٌ صبْصَاب و بَصبَاص و حَصْحَاص، كلّ هذا السيرُ
__________________________________________________
(1) هي محرفة عن «الدم».
86
الذي ليست فيه وتيرة و لا فتور.
قال: و قال أبو عمر: المُتَصَبْصبُ:
الذاهب المُمحق.
و قال الأصمعي: تَصبْصبَ تَصبْصُباً: و هو أن يذهب إلا قليلًا.
و قال أبو زيد: تَصبصب القوم: إذا تفرّقوا؛ أنشد:
* حتى إذا ما يَوْمُها تَصبْصَبَا*
أي: ذهب إلَّا قليلًا.
و سمعتُ العرب تقول للحَدُور: الصبوب، و جمعها صُبُب، و هو الصب، و جمعه أصْباب.
أبو عبيد عن الأصمعي: الصُّبَّة: الجماعةُ من الناس.
و قال غيره: الصُّبّةُ: القطعة من الإبل و الشاه.
و قال شمر: قال زيد بن كُثْوة: الصُّبةُ ما بين العشْر إلى الأربعين من المِعْزَى.
قال: و الفِزْر من الضَّأْن مثلُ ذلك، و الصِّدْعَةُ نحوُها، و قد يقال في الإبل.
و قال الليث: التَّصَبْصُبُ: شدة الخِلاف و الجُرأة؛ يقال: تَصَبْصبَ علينا فلان.
و قال في قول الراجز:
* حتى إذا ما يومُها تَصبْصبَا*
أي: اشتد عليّ الخمر ذلك اليوم.
قلتُ: و قول أبي زيد أحبُّ إليّ.
و يقال: صَبَّ فلان غنم فلان: إذا عاث فيها. و صَبَّ اللّه عليهم سَوْطَ عذابه، أي:
عَذبهم. و صبَّت الحيّةُ عليه: إذا ارتفعت، فانصبّتْ عليه من فوقُ. و منه
حديثُ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنّه ذكر فِتَناً فقال: «لَتَعودُنَّ فيها أساوِدَ صُبّاً يَضربُ بعضكم رِقابَ بعض»
. و الأسَاوِدُ: الحيّات. و قوله: صُبّاً:
قال الزهري- و هو راوي الحديث-: هو من الصبّ.
قال: و الحيّةُ إذا أراد النَّهْسَ ارتفع ثم صَبّ.
و قال أبو عبيد نحوه. و قال: هي جمعُ صَبُوبٍ أو صابٍّ صُبُب، كما يقال شاةٌ عَزُوز و عُزْزُ، و جَدود و جُدُد.
و قال: و الذي
جاء في الحديث: «لتَعودُنّ أَسَاوِدَ صُبّاً»
، على فُعْل من صَبَا يَصبو إذا مال إلى الدنيا، كما يقال غازٍ و غُزّى.
أراد: لتعودُنَّ فيها أساوِد، أي: جماعاتٍ مختلفين و طوائفَ متنابِذين، صائبين إلى الفتنة، مائِلين إلى الدنيا و زُخْرُفها.
و كان ابن الأعرابي يقول: أصلُه صَبأَ عَلَى فعَل بالهمز، جمعُ صابىء، من صبَأَ عليه: إذا اندرأ عليه من حيث لا يحتسبُه، ثم خُفّف همزه و نوِّن فقيل: صُبَّى مَوْزن غُزَّى.
و سمعت العرب تقول: صب فلان لفلان مغرفاً من اللبن و الماء.
87
و يقال: صُبّ رِجْلُ فلان في القَيْد: إذا قُيّد.
و قال الفرزدق:
و ما صَبَّ رِجْلي في حديد مُجاشعٍ مع القَدرِ إلا حاجةً لي أُريدُها
و يقال: صببتُ لفلان ماءً في قَدَح ليشربَه، و اصطبَبْتُ لنفسي ماءً من القِرْبة لأشرَبَه.
و أخبرني المنذريُّ عن أبي العباس أنه قال في تفسير قوله: كأنما ينحطّ من صَبَب، أراد أنه قويُّ البدن، فإذا مَشَى فكأنه يَمْشي على صُدور قَدَمَيه من القوة، و أنشد:
الواطِئين على صُدورِ نِعالهمْ يَمشون في الدِّفْئِيِّ و الإبْرادِ
بص:
أبو عبيد عن الأصمعي: بَصَّ الشيءُ يَبِصّ بَصِيصاً، و وبَص يَبِصُ وَبيصاً: إذا بَرَقَ و تلألأ.
و قال أبو زيْد: بَصَّصَ الجِرْوُ تَبْصيصاً: إذا فتح عَيْنه.
أبو عبيد عنه: قال شَمِر: و قال الفراء:
بصَّصَ [بَضَّضَ] الجِرْوُ تَبْصيصاً [تبضيضا] بالياء [بالباء].
قلتُ: و هما لغَتان، و فيه لغاتٌ قد مرَّت في حرف الضَّاد.
و قال الليث: البَصْبَصةُ: تحريكُ الكلْب ذَنَبَه طمعاً أو خَوْفاً، و الإبلُ تفعَل ذلك إذا حُدِي بها.
و قال رؤبة:
* بَصْبَصْنَ بالأذناب من لَوْحٍ وَ بَقْ*
يصف الوحشَ.
أبو عبيد عن الأصمعي: من أمثالهم في فِرار الجبَان و خضوعه بَصْبَصْنَ إذا حُدِين بالأذْنابِ.
و مثلُه قولُه: دَرْدَبَ لمّا عَضَّه الثِّقّافُ، أي: ذَلّ و خَضَع.
و قال الأصْمَعِيُّ: خِمْسٌ بَصْبَاصٌ، أي:
مُتْعِبٌ لا فُتُورَ في سَيْرِه.
و يقال: أبصَّتِ الأرضُ إِبْصَاصاً، وَ أوبَصَتْ إيباصاً: أَوَّلُ ما يَظْهَرُ نَبْتُها.
و يقال: بَصَّصَتِ الْبَراعِيمُ: إذا تفتّحتْ أكِمَّةُ زَهر الرياض.
باب الصاد و الميم
[ص م]
صم، مص: مستعملان.
صم:
قال الليث: الصَّمَمُ في الأذن ذَهابُ سَمْعِها. و في القَناةِ: اكتنازُ جَوْفها. و في الحَجَر: صَلَابَتُه، و في الأمر: شِدَّتُه.
و يقال: أُذُنٌ صَمَّاءُ، و حَجَرٌ أصَمُّ، و فِتْنَةٌ صَمَّاء.
و قال اللَّهُ جلّ و عَزّ في صفة الكافرين:
صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ
[البقرة:
171]، يقول القائل: جَعلَهم اللَّهُ صُمّاً و هم يَسْمعون، و بُكْماً و هم ناطِقون،
88
و عُمْياً و هم يُبْصِرون؟ و الجواب في ذلك:
أنَّ سَمْعَهم لمّا لم يَنْفعْهم لأنَّهم لم يَعُوا به ما سَمعوا، و بَصَرهم لما لم يُجْدِ عليهم لأنهم لم يَعْتَبِرُوا بما عايَنوه من قُدْرة اللّه تعالى و خَلْقِه الدَّالِّ على أنَّه واحد لا شريكَ له، و نُطقَهم لما لم يُغْنِ عنهم شيئاً إذْ لم يُؤمنوا به إيماناً يَنْفَعهم، كانوا بمنزلة مَنْ لا يَسْمَع و لا يُبْصِر و لا يَعِي، و نحوٌ من قول الشاعر:
* أصَمُّ عمّا ساءَه سَمِيعُ*
يقول: يتصامَم عمّا يَسوءُه، و إن سَمِعه فكان كأنه لم يسمعه، فهو سميع ذُو سَمْع، أصَمُّ في تَغَابِيه عمّا أُريدَ به.
و جمعُ الأصَم: صُمٌّ و صُمَّانٌ.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ من أمثالهم:
صَمِّي صَمَام. و يقال: صَمِّي ابْنَةَ الجَبَل، يضرب مَثَلًا للداهية الشديدة، كأنَّه قيل لها: اخْرَسِي يا داهية.
و كذلك يقال للحيّة التي لا تجيب الرَّاقيَ:
صَمّاء، لأنّ الرُّقَى لا تَنْفَعُها. و العَرَبُ تقول: أصَمّ اللَّهُ صَدَى فلان، أي: أهْلَكَهُ اللّه. و الصّدَى: الصوتُ الّذي يَرُدُّهُ الجَبَلُ إذا رَفعَ فيه الإنسانُ صوتَهُ، و قال امرؤ القيس:
صَمَّ صَداها و عَفَا رَسْمُهَا و اسْتَعْجَمَتْ عن مَنْطِق السائِل
و منه قولُهم: صَمِّي ابْنَة الجَبَل، مهما يُقَلْ تَقُلْ، يريدون بابنةَ الجبَل: الصّدى.
و العَرَبُ تقول للحرب إذا اشتدَّتْ و سُفِكَ فيها الدِّماء الكثيرةُ: صَمَّتْ حَصَاةٌ بدَمٍ، يريدون أنّ الدِّماء لما سُفكَتْ و كثُرَتْ اسْتَنْقَعَتْ في المَعركة، فلو وقعتْ حَصاةٌ على الأرض لم يُسمع لها صوتٌ، لأنَّها لا تقعُ إلَّا في نجيع.
و يقال للدَّاهية الشديدة: صَمَّاءُ و صَمَامِ، و قال العجَّاج:
صَمَّاءُ لا يبْرِئها من الصَّمَمْ حوادثُ الدهرِ و لا طُولُ القِدَمْ
و يقال للنَّذير إذا أَنْذَرَ قوماً من بَعِيدٍ و أَلْمَعَ لهم بثَوْبه: لمعَ بهمْ لَمْعَ الأصَمّ، و إن بالَغَ يَظنّ أنّه مقصّر، و ذلك أنه لما كثر إلماعُه بثوبه كان كأنهُ لا يسمعُ الجوابَ، فهو يُديمُ اللمعَ، و من ذلك قول بشر:
أشار بهم لمع الأصمِّ فأقبلوا عرانين لا يأتيه للنصر مُجلِبُ
أي: لا يأتيه مُعينٌ من غير قومه، و إذا كان المعينُ من قومه لم يكن مُجلباً.
و يقال: ضربه ضربَ الأصمّ: إذا تابعَ الضربَ و بالغ فيه، و ذلك أنَّ الأصمَّ و إن بالغ يظن أنه مقصِّر فلا يُقلع، و قال الشاعر:
فأبْلِغْ بَني أسَدٍ آيةً إضا جِئتَ سَيِّدَهُمْ و المَسُودَا
فأُوصيكُمْ بطِعَانِ الكُماةِ فقد تَعلمون بأنْ لا خُلودَا
89
و ضَرْبِ الجماجِمِ ضربَ الأصَمّ حَنْظَلَ شابةَ يَجْنِي هَبِيدَا
و يقال: دعاهُ دعوةَ الأصمّ: إذا بالغ في النّدَاء. و قال الراجزُ يصف فَلَاةً:
* يُدْعَى بها القومُ دُعاءَ الصُّمّانْ*
و هذه الأمثال التي مرّتْ في هذا الباب مسموعة من العرب و أهل اللغة المعروفين، و هي صحيحة و إن لم أعزها إلى الرواة.
أبو عُبَيْد عن الكسائيّ: الصِّمَّةُ: الشُّجاع، و جمعه صِمَم.
و قال الليث: الصِّمَّةُ من أسْمَاءِ الأسد.
قال: و الصَّمِيمُ: هُوَ الْعَظْمُ الذي به قِوَامُ العُضْو مثلُ صَمِيمِ الوَظيف، و صَمِيم الرأس، و به يقال للرجل: فُلانٌ مِنْ صَمِيمِ قومه: إذا كان من خالِصهم، و أنشد الكسائيّ:
بمَصْرَعِنَا النُّعْمانَ يَوْمَ تَأَلَّبتْ علينا تميمٌ من شَظًى و صَمِيمِ
و يقال للضارب بالسّيف إذا أصابَ العظم فأَنفَذَ الضَّريبةَ: قد صَمَّمَ فهو مصمِّم، فإذا أصاب المَفْصِل فهو مُطَبِّق، و أنشد أبو عُبَيْد:
* يُصَمِّمُ أَحياناً وَ حِيناً يُطَبِّقُ*
أراد أنَّه يَضْرِبُ مرّة صميمَ العَظْم، و مرة يُصِيب المَفْصِل.
و يقال للَّذِي يَشُدُّ على القوم و لا ينْثَنِي عنهم: قد صَمَّم تَصْميماً. و صَمَّمَ الحيَّة في نَهْشِهِ: إذا نَيّبَ، و قال المتلمِّس:
فأَطْرَقَ إِطراقَ الشُّجاع و لو يرى مَسَاغاً لِنَاباهُ الشُّجَاعُ لَصَمَّما
هكذا أَنشدَه الفَرَّاء «لناباه» على اللغة القَدِيمة لبعض العرب.
أبو عُبَيْدة: من صفات الخَيْل: الصَّمَمُ، و الأنثى صَمَمّة، و هو الشديد الأَسْرِ المَعْصوبُ الذي ليس في خلقه انتشار.
و قال الجَعديّ:
و غارةٍ تَقطَع الفَيافِيَ قد حارَبْتُ فيها بِصِلْدِمٍ صَمَمِ
و يقال لصِمام القارورة: صِمّة.
و قال ابن السكيت: الصْمُّ: مصدرُ صَمَمتُ القارورةَ أَصُمُّها صَمّاً: إذا سددتَ رأسها و يقال: قد صَمَّه بالعَصا يصُمُّه صَمّاً: إذا ضَرَبه بها، و قد صَمَّه بحَجَر و الصمم في الأذن.
و قال ابن الأعْرابيّ: صُمَّ: إذا ضُرب ضَرْباً شديداً.
و قال الأصمعي في قول ابن أحمر:
أَصَمَّ دُعاءُ عاذِلتِي تَحَجَّى بآخِرِنا و تَنْسَى أَوَّلِينَا
قال: أصمّ دعاءُها، أي: وافَق قوماً صُمّاً لا يَسمعون عَذْلَها. و يقال: ناديْته فأصْمَمْتُه، أي: صادفتُه أصَمّ.
90
أبو عُبَيد: الصِّمْصِم: الغَليظُ من الرجال.
قال: و قال الأصمعي: الصِّمْصِمة و الزِّمْزِمَة: الجماعةُ من الناس.
و قال النضر: الصِّمْصِمة: الأكمَةُ الغليظة التي كادت حجارتُها أن تكون منتصِبة.
و قال شَمِر: قال الأصمعي: الصَّمّان:
أرضٌ غليظة دون الجَبَل.
قلتُ: و قد شَتَوْتُ الصَّمانَ و رياضها شَتوَتَين، و هي أرضٌ فيها غِلَظ و ارتفاع، قيعان واسعةٌ و خَبَارَى تُنْبِت السِّدْرَ عَذِية، و رِياضٌ مُعْشِبة، و إذا أَخصبت الصَّمانُ رَتَعت العربُ جمْعاء.
و كانت الصَّمانُ في قديم الدهر لبني حَنْظَلة، و الحَزْن لبني يَرْبوع و الدَّهْناءُ لجماعاتهم. و الصَّمان مُتاخِم للدَّهْناء.
أبو عُبَيْد عن الأصمعيّ: الصَّمْصامةُ:
السيفُ الصارمُ الذي لا يَنثَني. قال:
و المصمِّمُ من السُّيوف: الذي يَمُرّ في العظام.
و قال الليث: الصِّمْصامة: اسمٌ للسيف القاطع، و للأَسَد. قال: و يقال: إن أوّل من سَمَّى سيفَهُ صَمْصامة: عمرُو بن معدِي كَرِبَ حين وهبَه فقال:
خليلٌ لَم أخُنْه و لم يَخُنِّي على الصَّمصامة السَّيفِ السَّلامُ
قال: و من العرب من يَجعل صَمصامة معرفةً فلا يَصْرِفه إذا سَمَّى به سَيْفاً بعَيْنه؛ كقول القائل:
* تَصميمَ صَمصامةَ حينَ صَمَّمَا*
قال: و صوتٌ مُصِمٌّ، يُصِمُّ الصِّماخ.
و صَمِيمُ القَيْظ: أشدُّه حَرّاً. و صَمِيمُ الشِّتاء. أشَدُّه بَرْداً.
قال: و يقال: صَمَامِ صَمَامِ، يُحمَل على معنَييْن: على معنى تصامُّوا و اسكُتوا، و على معنى احمِلُوا على العَدُو.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: الصَمْصَم:
البخيلُ النهايةُ في البخل.
شمِر عن أبي بخَيْم قال: الصَّمَّاءُ من النُّوق اللاقح، إبِل صُمّ.
و قال المعْلُوط القُريْعيّ:
و كأن أوابيها و صُمّ مخاضها و شافعة أم الفصال رفُود
أظنه: و شافعها و إبلٌ صُمٌّ.
مص:
قال ابن السكيت: مَصِصْتُ الرّمّان أمَصُّه قال: و مضِضْتُ من ذلك الأمر مِثله.
قلتُ: و من العَرَب من يقول: مَصَصْتُ أَمُصّ؛ و الفصيح الجيد مَصِصْتُ- بالكسر- أَمَص.
و قال الليث: يقال: مَصِصْتُه و امتصَصْتُه، و المَصُّ في مُهْلَةٍ و مُصاصَتُه: ما امتصصتَ منه.
و قال الأصمعي: يقال: مَصمَص إناءَه إذا
91
جعل فيه الماءَ و حرّكه، و كذلك مَضْمَضَه.
و قال اللّحياني و أبو سَعيد: إذا غَسَلَه.
و
رَوى بعضُ التابعين أنه قال: أُمِرْنا أن نُمَصْمِص من اللَّبَن و ألَّا نُمَصْمِص من التَّمْرَ.
قال أبو عُبَيد: المَصمَصة بطرَف اللِّسان و هو دون المَضْمَضَة. و المضمضةُ بالفم كلِّه، و فرق ما بينهما شبيه بالفرق ما بين القبضة و القبصة.
و
في حديثٍ مرفوع: «القتلُ في سبيل اللّه مُمَصْمِصَة»
، المعنى: أن الشهادة في سبيل اللّه مطهِّرة للشهيد من ذنوبه، ماحيةٌ خطاياه، كما يُمَصْمَصُ الإناء بالماء إذا رُقرق فيه و حُرِّك حتى يطهر، و أصله من المَوْص، و هو الغسيلُ.
قلتُ: و المصاصُ: نَبْت له قُشورٌ كثيرةٌ يابسةٌ، و يقال له: المُصّاخ، و هو الثُّدّاء، و هو ثَقُوبٌ جيّد، و أهل هَراةَ يسمّونه دِليزَاد.
و يقال: فلانٌ من مُصاص قومه، أي: من خالِصهم.
و قال رُؤبة:
* أُلاكَ يَحْمُون المُصاصَ المَحْضَنا*
و قال الليث: مُصاصُ القوم: أَصْلُ مَنبِتهم و أفضل سِطِتْهم.
قال: و الماصّةُ: داءٌ يأخذ الصبيَّ، و هي شَعَرات تَنْبُت على سَناسنِ القَفَار فلا يَنْجَع فيه طعامٌ و لا شرابٌ حتى تُنتَف من أصولها. و مَصّانّ و مَصّانّة: شَتْمُ للرجل يعيَّر برَضع الغَنَم من أخْلافها بفيه.
و قال أبو عُبَيد: يقال: رجلٌ مَصّانٌ و مَلْحانٌ و مَكّانٌ، كلُّ هذا من المَصّ، يَعنُون أنه يَرضع الغنم من اللّؤم، لا يَجتلبها فيُسمع صوتُ الحلب و لهذا قيل:
لئيم راضع.
و قال ابن السكّيت: قل يا مَصّانُ، و للأنثى يا مَصّانة، و لا تقل يا ماصَّان.
و
في حديث مرفوع: «لا تُحرِّم المَصَّةُ و لا المَصَّتان و لا الرَّضْعةُ و لا الرَّضْعتان، و لا الإملاجةُ و لا الإملاجَتان.
و يقال: أمصَّ فلانٌ فلاناً: إذا شَتَمه بالمَصَّان.
ثعلب عن ابن الأعرابي: المَصُوص:
الناقة القَمِئة.
و قال أبو زيد: المَصوصَةُ من النساء:
المهزولة من داءٍ قد خامَرَها؛ رواه ابن السكّيت عنه.
أبو عُبَيدة: من الخَيل الوَرْدُ المُصَامِصُ و هو الذي يستقري سراتَه جُدةٌ سَوْداء ليست بحالكة، و لونُها لونُ السواد، و هو وَرْدُ الجَنْبَيْنِ و صفقتي العنق و الجِرانِ و المَرَاقّ، و يعلو أَوظِفَته سوادٌ ليس بحالكِ، و الأنثى مُصَامِصة.
و قال غيره: كُمَيْتٌ مُصامِص، أي:
92
خالص الكُمْتة قال: و المُصامِص:
الخالصُ من كلّ شيء. و إنه لمُصامِصٌ في قومه: إذا كان زاكِيَ الحَسَب خالصاً فيهم.
و قال الليث: فَرسٌ مُصامِصٌ: شديدُ تركيب العظام و المفاصلُ. و كذلك المُصمِّص و ثغرُ المصِّيصة معروفة بتشديد الصاد الأولى، و اللّه أعلم.
***
93
تهذيب اللغة12
أبواب الثلاثي الصحيح من حرف الصاد ص 94
أبواب الثلاثي الصحيح من حرف الصاد
[ص س- ص ز:
مهمل أهمِلت الصاد و السين مع الحرف الذي يليها.
ص ط
استُعمل من جميع وجوهها مع الحروف التي تليها أحرف قليلة أهملها الليث.
منها ما رَوَى أبو العباس قال.
[صطب]:
المِصْطَب: سَنْدان الحدّاد.
و رَوَى عَمرو عن أبيه: الأُصْطبَّة: مُشَاقَةْ الكَتّان.
قلت: و قد سمِعْتُ أعرابيّاً من بني فَزارة يقول لخادم له: ألا وارفَع لي على صَعيدِ الأرض مِصْطبة أَبيتُ عليها بالليل، فرَفع له من السّهْلة شِبْهَ دُكّانٍ مربّع قَدرَ ذراع من الأرض يتّقي بها من الهَوامّ بالليل.
و سمعتُ أعرابيّاً آخَر من بني حنظلةَ سماها المَصْطَفّة بالفاء.
[صطر]:
و رَوَى أبو عُبَيد عن الكسائيّ:
المُصطارُّ: الخمرُ الحامض؛ بتشديد الراء.
قلتُ: و أصلُه من صَطَر مُفْعالٌّ منه. و أما الصِّراط و البَسْط و المُصَيْطِر، فأصل هذه الصادات سِينٌ قُلِبت مع الطاء صاداً لقُرب مَخارجِها.
(أبواب) الصّاد و الدال
ص د ت- ص د ظ- ص د ذ- ص د ث:
أهملت وجوهها.
ص د ر
استعمل من وجوهها: صدر، صرد، رصد، درص.
صدر:
قال ابن المظفّر: الصَّدْرُ: أعْلى مقدَّم كلّ شيء قال: و صَدْرُ القَناة: أعْلاها.
و صَدْرُ الأمر أوّله. قال: و الصُّدْرةُ من الإنسان: ما أشرَفَ من أَعْلى صَدْرِه.
قلتُ: و من هذا قول امرأة طائيَّةٍ كانت تحتَ امرىء القيس ففَرِكَتْه و قالت: إني ما علمتُك إلّا ثقيلَ الصُّدْرة، سريع الهِراقة، بطيءَ الإفاقة.
و قال أحمد بن يحيى: قال ابن الأعرابي: المِجْوَلُ الصُّدْرَةُ، و هي الصِّدار و الأُصْدَة و الإتْب و العَلَقة.
قلت: و العربُ تقول للقميص القصير و الدّرع القَصيرة: الصُّدْرةُ.
و قال الليث: الصِّدارُ: ثوبٌ رأسُه
94
كالمِقْنَعَةِ و أسفْلُه يُغَشِّي الصدرَ و المنكِبين تَلبَسه المرأة.
قلتُ: و كانت المرأة الثَّكلَى إذا فَقدتْ حَميمَها فأحَدَّت عليه لبِستْ صِدَاراً من صوف، و منه قول أخي خَنساءَ:
* و لو هلكتُ لبستْ صِدَارَها*
و قال الرّاعي يصف فَلاةً:
كأنّ العِرْمَسَ الوَجْناءَ فيها عَجُولٌ خَرّقتْ عنها الصِّدَارَا
و قال الأصمعيّ: يقال لِمَا يَلِي الصَّدْر من الدِّرْع: صِدار.
و اللّيث: التصدير: حَبلٌ يُصدَّر به البعيرُ إذا جرَّ حِمْلَه إلى خَلْف. و الحبلُ اسمه التَّصْدير، و الفعل التَّصْدير.
أبو عُبَيد عن الأصمعي: و في الرَّحْل حِزامَةٌ يقال لها: التَّصْدير قال: و الوَضِينُ للهَوْدَج، و البِطَان للقَتَب؛ و أكثرُ ما يقال الحِزامُ للسَّرج.
و قال الليث يقال: صَدِّر عن بَعيرك، و ذلك إذا خَمُص بطنُه و اضطرب تصديرُه، فيُشدُّ حبلٌ من التَّصدير إلى ما وراء الكرْكِرَة فيثبتُ التصديرُ في موضعه؛ و ذلك الحبلُ يقال له: السِّناف، قلت: الذي قاله الليث: إن التصدير حبل يُصَدَّر به البعير إذا جَرّ حمله خطأ، و الذي أراده يسمّى السِّناف و التَّصديرُ الحزامُ نفسُه.
و قال الليثُ: التصديرُ: نَصْبُ الصَّدر في الجُلوس. قال: و الأَصْدَرُ الذي أشْرفتْ صُدْرَته.
قال: و يقال: صَدَرَ فلان فلاناً: إذا أصاب صَدْرَه. و صُدِر فلان: إذا وَجِع صَدْرُه.
أبو عُبيد عن الأحمر: صَدَرْتُ عن الماء صَدَراً، و هو الاسم، فإن أردتَ المَصدَر جزمْتَ الدال، و أَنشدَنا:
و ليلةٍ قد جعلتُ الصبحَ مَوْعِدَها صَدْرَ المَطِيّة حتى تعرف السَّدَفا
قال: صَدْر المَطِيّة مصدر.
و قال الليث: الصَّدَر: الانصراف عن الوِرْد و عن كل أمر، يقال: صَدَرُوا، و أصدَرْناهم. و طريقٌ صادر، معناه: أنّه يَصدُر بأهله عن الماء. و طريق وارِدٌ يَرِدُ بِهِم، و قال لبيد يذكر ناقتين:
ثم أصدَرْناهُمَا في واردٍ صَادِرٍ وَهْمٍ صُوَاهُ قد مَثَلْ
أراد في طريقٍ يُورَد فيه و يُصدَر عن الماء فيه. و الوَهْمُ: الضَّخم.
و قال الليث: المَصدَر: أصلُ الكلمة الّتي تصدر عنها صَوَادِرُ الأَفعال. و تفسيرُه: أن المصادر كانت أوّل الكلام، كقولك:
الذَّهاب و السمعُ و الحفظ، و إنّما صَدَرت الأفعالُ عنها، فيقال: ذهبَ ذَهاباً. و سَمِع سَمْعاً و سَمَاعاً، و حَفِظ حِفْظاً.
و قال الليث: المصدَّر من السهام: الّذي
95
صَدْرُه غليظ. و صَدْرُ السَّهم: ما فوق نِصْفِه إلى المَرَاش.
الأصمعي: صُدِرَ الرجلُ يُصْدَرُ صَدْراً، فهو مَصْدور: إذا اشتكَى صَدْرَه، و أَنشد:
* كأنّما هو في أحشاءِ مَصْدورِ*
و يقال: صَدّرَ الفرسُ: إذا جاءَ قد سَبَق بصَدْرِه، و جاء مُصَدّراً، و قال طُفَيل الغَنَويّ يصف فرساً:
كأنّه بعدَ ما صَدَّرن مِن عَرَقٍ سِيدٌ تَمطَّرَ جُنحَ اللّيلِ مَبْلولُ
(كأنه) لهاء لفَرَسِه، (بعد ما صَدَّرْن) يعني خيلًا سَبَقْن بصُدُورهن. و العَرَقُ: الصّفُّ من الخيل. و قال دُكَين:
* مُصَدَّرٌ لا وَسَطٌ لا تالٍ*
و قال أبو سَعِيد في قوله: بعد ما صَدَّرْن من عَرَق، أي: هَرَقن صَدْراً من العَرَق و لم يَستَفرِغْنَه كلَّه.
و روي عن ابن الأعرابي أنّه رواه: بعدَ ما صدِّرْن، أي: أصاب العَرَقُ صدورَهن بعد ما عَرِقن.
و يقال للّذي يبتدىءُ أمراً ثم لا يُتمّه: فلانٌ يُورِد و لا يُصدِر، فإذا أَتمَه قيل: أَورَدَ و أصدَر. و قال الفَرَزْدَقُ يخاطب جريراً:
و حسبتَ خَيَل بني كُلَيب مَصْدَراً فغَرِقْتَ حين وقَعْتَ في القَمْقَامِ
يقول: اغتررتَ بخَيْل قومك و ظننتَ أنّهم يُخلِّصونك من بَحْرِي فلم يفعلوا.
و من كلام كتّاب الدّواوين أن يقال:
صُودِرَ فلانٌ العاملُ على مالٍ يؤدّيه، أي:
فورِق على مالٍ ضَمَنه.
أبو زَيد: نعجةٌ مُصدَّرَة: إذا كانت سَوداءَ الصَّدر بيضاءَ سائرِ الجسَد.
أبو عُبَيد عن الكسائي: إذا جاء الرجلُ فارغاً قيل: قد جاءَ يضرب أَصَدَريه.
قال: يعني عِطْفيه. قال: و قال الأصمعيّ مِثلَه، إلا أنّه قال بالسّين.
رصد:
أبو عُبَيد عن الأصمعي: من أَسماء المَطَر: الرّصْدُ، واحدتُها رَصَدة، و هي المطَرةُ تقع أوّلًا لما يأتي بعدها. يقال:
قد كانَ قبل هذا المطر له رَصْدة، و العِهَادُ نحوٌ منها، واحدتها عِهْدة.
و قال اللّيث: الرصَدُ كَلأٌ قليل في أرض يُرجى بها حَيَا الربيع، تقول: بها رَصَد من حَياً، و أرضٌ مُرْصِدَة: بها شيءٌ من رَصَد.
شمر عن ابن شمَيْلٍ: أرضٌ مُرصِدةٌ: و هي التي مُطِرتْ و هي تُرجَى لأن تُنبِتَ. قال:
و إذا مُطرت الأرض في أوّل الشِّتاء فلا يقال لها مَرْتٌ؛ لأن بها حينئذ رَصَداً و الرصَدُ حينئذ: الرَّجاء لها، كما ترجى الحاملة.
شمر عن ابن الأعرابي: الرَّصْدةُ: ترصُد وَليّاً من المَطَر. و قال اللّه جل و عزّ:
وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً، إلى
96
قوله: وَ إِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ
[التوبة: 107] و
قال الزَّجّاج: كان رجل يقال له أبو عامر الرّاهب حارَبَ النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم و مضى إلى هِرَقْل، قال: و كان أحدَ المنافقين؛ فقال المنافقون الّذين بنَوْا مَسجِد الضِّرَار: نَبني هذا المسجد و ننتظرُ أبا عامر حتى يجيء و يصلي فيه.
و قال:
الإرصادُ: الانتظارُ.
و قال غيره: الإرصاد: الإعدادُ. و كانوا قالوا نَقْضي فيه حاجتَنا و لا يُعاب علينا إذا خَلَوْنا و نَرْصُدُه لأبي عامر مجيئَه من الشام، أي: نُعِدُّه.
قلت: و هذا صحيح من جهة اللَّغة، رَوَى أبو عُبَيد عن الأصمعيّ و الكسائي:
رصَدتْ فلاناً أرصُدُه: إذا ترقّبته.
و أَرصْدتُ له شيئاً أرْصده: أعددتُ له.
و
رُوي عن ابن سيرين أنه قال: كانوا لا يَرْصدون الثِّمار في الدِّين، و ينبغي أن يُرصد العينُ في الدَّين
، و فسّره ابن المُبارك و قال: إذا كان على الرجل دَينٌ و عنده مِثله لم تجب عليه الزكاة، و إذا كان عليه دينٌ و أخرجتْ أرضُه ثمرةً يجب فيها العُشر لم يسقُطْ عنه العُشْرُ من أجل ما عليه من الدَّين، و نحو ذلك قال أبو عبيد.
و قال اللّيث: يقال: أنا لك مُرْصد بإحسانك حتى أكافئك به. قال:
و الإرصادُ في المكافأة بالخير، و قد جعلَه بعضهم في الشّر أيضاً، و أَنشد:
لا هُمَّ ربَّ الراكِب المُسافِر احْفَظْه لي من أعيُن السَّواحِر
* وَ حيّةٍ تُرصِدُ بالهواجِر*
فالحية لا تُرصد إلا بالشرّ.
و قال الليث: المرصد: مواضع الرصد.
و الرّصَد أيضاً: القومُ الّذين يَرصدون الطريق، راصد، كما يقال: حارسٌ و حرس، و قال اللّه جل و عز: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (14)
[الفجر: 14]، قال الزجاج: أي يَرْصُد من كفر به و صَدَّ عنه العذاب.
و قال غيره: المرصادُ: المكانُ الذي يرصد به الراصد العدد و هو مثل المضمار الموضع الذي تُضَمَّر فيه الخيلُ للسّباق من مَيْدانٍ و نحوه. و المرصد مثلُ المرصاد، و جمعه المراصِد.
و
حدّثنا السَّعديّ محمد بن إسحاق قال:
حدثنا القيراطي عن علي بن الحسن قال:
حدثنا الحسين عن الأعمش في قوله:
إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (14)
قال: المرصاد:
ثلاثةُ جُسُور خلف الصّراط: جِسرٌ عليه الأمانة، و جسرٌ عليه الرحم و جسرٌ عليه الرّبّ.
قال أبو بكر ابن الأنباريّ في قولهم:
فلان يرصُدُ فلاناً، معناه: يَقْعُد له على
97
طريقه. قال: و المَرَصد و المرْصاد عند العرب: الطريق. قال اللّه جلّ و عزّ:
وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ
[التوبة: 5].
قال الفرّاء: معناه: اقعُدوا لهم على طريقهم إلى البيت الحرام. و قال اللّه جلّ و عزّ: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (14)
معناه:
لبالطّريق.
و يقال للحيّة التي ترصد المارّة على الطريق: رَصيد.
و قال عرّام: الرَّصائدُ الوصائِد: مصايدُ تُعدّ للسّباع.
صرد:
«نَهى النبيُّ صلّى اللّه عليه و سلّم عن قَتْلِ أربع: النَّملة و النّحلة و الصُّرَد و الهُدهُد».
أخبرني المنذريُّ عن إبراهيم الحربيّ أنه قال: أراد بالنملة الطويلَة القوائم التي تكون في الحِزَبات و هي لا تؤذِي، و نَهى عن قتل النحلة لأنها تُعسِّل شراباً فيه شِفاءٌ للناس، و نَهَى عن قتل الصُّرَد لأنّ العرب كانت تطَّيَّر من صَوْته، و هو الواقي عندهم، فَنهى عن قتلِه رَداً للطِّيَرَة. و نهى عن قتل الهدهد لأنه أطاع نبيّاً من الأنبياء و أعانَه.
قال شَمِر: قال ابن شميل: الصُّرَدُ: طائرٌ أبقَع ضخمُ الرأس يكون في الشَّجر، نصفُه أبيَضُ، و نصفُه أسوَد، ضخمُ المِنْقار، له بُرْثُنٌ عظيمٌ نحوٌ من القارِيَة في العِظَم، و يقال له: الأخْطبُ لاختلاف لَوْنَيه، و الصُّرَدُ لا تراه إلا في شُعْبةٍ أو شجرة لا يَقدِر عليه أحد.
قال: و قال سُكيْن النُّمَيريُّ: الصُّرَدُ صُرَدان: أحدُهما أسْبَدُ يُسمّيه أهلُ العِراق العَقْعق.
قال: و أما الصُّرَد الْهَمهام فهو البَرِّيِّ الذي يكون ينجَد في العِضاه لا تَراه في الأرض يَقفِز من شجرة إلى شجرة.
قال: و إن أصْحَر طُرِد فأُخِذ.
يقول: لو وَقَع على الأرض لم يستقل حتى يؤخذ.
قال: و يُصَرْصِر كالصَّقْر.
و قال الليث: الصُّرَد: طائر فوقَ العُصفور يَصيد العصافيرَ، و جمعه صِرْدان قلت:
غلط الليث في تفسير الصرد، و الصرد ابن شميل.
و قال ابن السكّيت: التصريدُ: شُربٌ دُون الرِّيّ، يقال: صَرَّدَ شُرْبه، أي: قَطَعه.
و يقال: صَرِد السِّقاءُ صرداً: إذا خَرجَ زُبْدُه متقطعاً فيداوَى بالماء الحار، و من ذلك أُخِذ صَرْدُ البَرْد.
و قال الليث: الصرَدُ: مصدَر الصرد من البرد. و قومٌ صَرْدَى، و رجل صَرِدٌ و مِصْرادٌ و هو الذي يشتدّ عليه البَرْد و يقلّ صبرُه عليه، و ليلةٌ صَردَة، و الاسمُ الصّرْد، مجزوم.
98
و قال رُؤْبة:
* بمَطَرٍ ليس بثَلْجٍ صَرْدِ*
قال: و إذا انتهى القَلبُ عن شيء صَرِد عنه كما قال:
أصبَح قَلبي صَرِدا لا يشتهي أن يرِدَا
قال: و قد يُوصَف الجيشُ بالصَّرْد فيقال:
صَرْدٌ- مجزوم- و صَردٌ؛ كأنه من تُؤدةِ سَيْرِه جامِدٌ.
خُفافُ بن ندبة:
* صَرَدٌ تَوقَّصَ بالأبدان جُمْهور*
و التَّوَقُّصُ: ثِقَل الوَطْء على الأرض.
ثعلب، عن ابن الأعرابي: الصَّرِيدَةُ:
النَّعْجَةُ: التي قد أنحلها البَرْدُ و أضرَّ بها و جمعُها صَرائِد.
أبو عُبيد عن الأصمعي: الصُّرَّاد: سَحابٌ باردٌ نَدٍ ليس فيه ماء، و نحو ذلك.
قال أبو عمرو: قال أبو عبيد: و الصَّرْدُ و البَرْد، و رجل صَرِد. و يقال: صَرّد عطاءَه: إذا قلّلَه.
أبو عبيد عن أبي عَمرو: الصّرْد: الطَّعْن النافذ. و قد صَرِدَ السهم يَصرَد، و أنا أصْرَدْتُه، و قال اللَّعِينُ المنْقَرِيّ:
فما بُقْيا عليَّ تركتُماني و لكنْ خِفْتُما صَرَدَ النِّبالِ
يخاطِب جريراً و الفرزدق.
و قال قُطرب: سهمٌ مُصَرِّد: مُصيب.
و سهم مُصْرِد، أي: مخطىء، و أنشد في الإصابة للنابغة:
و لقد أصابت قلبَه من حبِّها عن ظهرِ مِرْنانٍ بسَهْمٍ مُصْردِ
أي: مُصيب. و قال الآخَر: أصرَدَه الموتُ و قد أظَلَّا: أخطأه.
أبو زيد: يقال: أُحِبُّكَ حُبّاً صَرْداً، أي:
خالصاً. و شرابٌ صَرْد، و سَقاهُ الخمرَ صَرْداً، أي: صِرْفاً، و أنشد:
فإن النَّبيذ الصَّرْد إن شُرْبَ وحده على غير شيء أوْجَع الكبد جُوعها
و ذهبٌ صَرْدٌ: خالصٌ. و جيشٌ صَرْدٌ: بنُو أبٍ واحدٍ لا يخالطهم غيرهم.
و قال ابن هانىء: قال أبو عُبَيْدة يقال:
معه جيشٌ صَرْدٌ، أي: كلهم بنو عمّه أبو حاتم في كتابه في الأضداد: أصرد السهمُ: إذا نفذ من الرمية.
و يقال أيضاً: أصرد: إذا أَخطأ. و السهمُ المصرد: المخطىء و المصيب.
و قال أبو عُبَيدة في قول اللعين: و لكن خفتما صَرَد النبال.
و قال: من أراد الصواب قال: خفتما أن تصيبكما نبالي. و من أراد الخطأ قال:
خفتما أن تخطىء نبلكما. و أنشد للنظار الأسدي:
* أصرده السهمُ و قد أطلَّا*
99
أي: أخطأ و قد أشرف.
شَمِر عن أبي عَمْرو: الصَّرْدُ: مكانٌ مرتفع من الجبال و هو أبرزها.
و قال الجعدي:
أسَدِيَّةٌ تُدْعَى الصِّرَاد إذا نَشِبُوا و تحضُر جانبي شِعْر
شعرٌ: جبل. ابن السكّيت: الصُّرَدان:
عِرقان مكتنفا اللسان؛ و أنشد:
و أيُّ الناس أغدر من شآم له صُرَدان منطلَق اللسان
و قال الليث: هما عِرْقان أخضران أسفل اللسان.
أبو عبيدة قال: الصُّردُ: أن يخرج وَبَرٌ أبيض في موضع الدَّبرة إذا برأت؛ فيقال لذلك الموضع: صُرد و جمعه صِرْدَان، و إياها عنى الرّاعي يصف إبلًا:
كأن مواقِعَ الصِّردَان منها منَارَاتٌ بنين على جماد
جعل الدَّبر في أسنمة شبّهها بالمنار.
قال: و فرسٌ صَرِدٌ: إذا كان بموضع السَّرج منه بياضٌ من دَبَرٍ أصابه يقال له الصُّرد.
و قال الأصمعي: الصُّرد من الفَرَس: عِرْقٌ تحت لسانِهِ، و أنشد:
خفيفُ النَّعامة ذو مبعةٍ كثيفُ الفَرَاشة ناتِي الصُّرَدْ
و بَنُو الصَّياد: حيٌّ من بني مُرّة بن عوف بن غطفان.
درص:
أبو عُبيد عن الأحمر: من أمثالهم في الحُجّة إذا أَضَلَّها الظالم ضَلَّ الدُّريصُ نَفَقَهُ و هو تصغير الدِّرْص، و هو وَلَد اليربوع. و نَفَقُهُ: حُجره.
و قال اللَّيث: الدَّرْصُ و الدِّرْص لغة، و الجميع الدِّرْصان، و هي أولاد الفِأَرِ و القَنِافذ و الأرانب و ما أشبه بها، و أنشد:
لَعَمْرُكَ لو تَغْدو عليّ بِدِرْصِها عَشَرْتُ لها مالي إذا ما تَأَلَّتِ
و قال غيرُه: الجَنين في بطن الأوثان:
دَرْصٌ.
و قال امرؤ القيس:
أ ذلك أم جَأبٌ يُطَارِدُ أَتُناً حَمَلْنَ فأدنى حَمْلِهِنَّ دُرُوصُ
يقال: دَرْص و دُرُوص و أَدْراص.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الدروص:
الناقة السريعة.
باب الصّاد و الدال مع اللام
ص ل د
استُعمل من وجوهه: صَلَد، دَلَص.
صلد:
قال اللّه جل و عز: فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ
[البقرة: 264].
قال الليث: يقال: حَجَر صَلدٌ أو جَبين
100
صَلدٌ: أَمْلَسُ يابس. و إذا قلتَ: صَلْتٌ، فهو مستَوٍ. و رجلٌ أصلَدُ صَلْدٌ، أي:
بَخيلٌ جداً، و قد صَلُد صَلادَةً. و يقال:
رجلٌ صلُودٌ أيضاً.
الحرانيّ عن ابن السكّيت: الصفَا:
العريضُ من الحجارة الأملسُ. قال:
و الصِّلْداء و الصِّلداءةُ: الأرض الغليظة الصُّلبة. قال: و كلُّ حجَرٍ صُلْبٍ فكلُّ ناحيةٍ منه صَلْدٌ و أصلادٌ: جمعُ صَلْد، و أنشد:
* بَرَّاقُ أَصلادِ الجَبين الأجْلَهِ*
و قال أبو الهيثم: أصلادُ الجَبين: الموضع الذي لا شعر عليه، شُبِّه بالحَجر الأمْلَس. قال: و حَجرٌ صَلْدٌ. لا يُورِي ناراً، و حَجرٌ صَلود مِثلُه، و فرَسٌ صَلَدٌ و صلُود: إذا لم يَعْرَق، و هو مذموم.
قال: و أخبرَني أبو العباس عن ابن الأعرابي قال: صَلَدَتِ الأرض و أصلَدَتْ. و حجَرٌ صَلْدٌ و مكانٌ صلْدٌ:
صلْبٌ شديد.
و
في حديث عمرَ: «أنّه لمّا طعن سقاه الطبيب لبناً فخَرَج من موضع الطَّعْنة أبيض يَصْلِد»
، أي: يَبْرُق و يَبِصُّ و صلدتْ صَلعَة الرَّجل: إذا بَرَقَتْ، و قال الهُذَليّ:
أشْغتْ مَقاطِيعُ الرُّماةِ فُؤَادَها إذا سَمِعتْ صوتَ المُغَرِّدِ يَصْلِدُ
يصف بقرةً وحشية. و المقاطعُ النِّضال.
و قولُه: تصلد، أي: تنتَصب.
و الصَّلُود المنفرد: قال ذلك الأصمعيّ، و أنشد:
تاللَّه يَبْقَى على الأيام ذو حِيدٍ أدْفَى صَلُودٌ مِنَ الأوعالِ ذُو خَدَم
أراد بالحيد عُقَدَ قَرْنه، الواحد حَيْدٌ.
أبو عبيد عن الأصمعيّ: صَلَدَ الزّنْدُ يَصْلِد: إذا صَوّت و لم يُخرِج ناراً.
و أصلدتُه أنا قال: و صلَد المسؤولُ المسائل: إذا لم يُعطِه شيئاً.
دلص:
في «النوادر»: باب دلشاء و درصاءُ، مثل: الدلقاء. و قد دلصت و درصت.
و فيما قرأت بخط شمر قال.
قال شمر: الدَّلَاص من الدُّروع: اللَّينة.
و قال ابن شميل: هي الليّنة المَلْساء بينةُ الدَّلَص. قال: و دَلّصْتُ الشيءَ: مَلَّسْته.
و قال عمرو بن كلثوم:
علينا كلُّ سابغَةٍ دِلاصٍ تَرَى تحتَ النِّطاق لها عُضُونَا
و يقال: حَجَر دَلَّاصٌ: شديدُ المُلوسة.
الدَّلّاص: اللّيّن البَرَّاق، و أنشد:
* مَتْن الصَّفا المتزحلف الدَّلّاص*
و أخبرني المنذريُّ أنّ أعرابيّاً بفَيْدَ أَنْشَدَه:
كأنّ مَجْرَى النِّسْع من غِضَابِهِ صَلْدٌ صفاً دُلِّص من هِضَابِهِ
قال: و غِضَابُ البعير: مواضع الحِزام ممّا
101
يلي الظَّهر، واحدُها غَضْبة. و أَرْضٌ دَلّاصٌ و دِلاصٌ: مَلْساء.
قال الأغلب:
فهي على ما كان من نَشاصِ بظَرِب الأرضِ و بالدِّلاصِ
و الدَّليص: البريق، و أنشد أبو تراب:
باتَ يَضُوزُ الصِّلِّيَانَ ضَوْزَا ضَوْزَ العجوزِ العَصَبَ الدَّلَّوْصَا
قال: و الدَّلَّوْص: الذي يَدِيصُ.
و قال الليث: الاندِلاصُ: الانملَاصُ، و هو سرعةُ ضروج الشيء من الشيء و سقوطه.
و قال أبو عمرو: التَّدليص: النِّكاحُ خارج الفَرْج، يقال: دَلّص و لم يُوعِبْ، و أنشد:
و اكتَشفَتْ لنا شيءٍ دَمَكْمَكِ تقول دَلِّصْ ساعةٌ لا بل نِكَ
و نابٌ دَلْصاء دَرْصاءُ و دَلْقاء، و قد دلِصَتْ و دَرِصَت و دَرِقَتْ.
ص د ن
صدن، ندص، صند: [مستعملة].
[صند]:
أهمل الليث صند و هو مستعمل.
رَوَى أَبو عبيد عن الأصمعيّ: الصنديد و الصِّنتيتُ: السيد الشريف.
و قال غيره: يومٌ حامِي الصناديد: إذا كان شَديد الحَرّ، و أنشد:
* حامِي الصَّنادِيد يُعَنِّي الْجُنْدُبَا*
و صنادِيد السَّحاب: ما كثُر وَبْلَه. و بردٌ صنديدٌ: شديدٌ و مَطَرٌ صنديد: وابِلٌ. و قال أبو وَجْزَةَ السعديّ:
دعتْنا لِمَسْرَى ليلةٍ رَجَبيّةٍ جَلا برْفها جَوْنَ الصَّنادِيد مُظلما
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: الصَّناديد:
السادات، و هم الأجواد، و هم الحُلَماء، و هم حُماة العَسكر، و يقال: صندد. قال:
و الصَّناديد: الشَّدائد من الأمور و الدّواهي.
و كان الحسنُ يتعوّذ من صنادِيد القَدَر، أي: من دواهِيه، و من جنون العمل، و هو الإعجاب به، و من ملح الباطل، و هو التبختر فيه.
صدن:
قال الليث: الصيدَن: من أسماء الثعالب. فأنشد:
* بُنَى مُكَوَيْن ثُلِّما بعد صيدينِ*
و أخبَرَني الإياديّ عن شمر أنّه قال:
الصَّيْدَن: المَلِك. و الصَّيْدَنُ: الثَّعلَبُ.
و قال رؤبة:
* إنِّي إذا اسْتَغلَق بابُ الصَّيْدَنِ*
سَلَمة عن الفرّاءِ: الصَّيْدَن: الكِساءُ الصِّفِيق، و هو إلى القِصَر، ليس بذلك العظيم و لكنّه وثيقُ العَمَل.
و الصَّيْدَنُ: المَلِك أيضاً.
أبو عبيد عن العَتَابي قال الصَّيْدَنانيّ: دابةٌ تَعمَل لنفسها شيئاً في جوف الأرض و تُعَمِّيه.
102
ثعلب عن ابن الأعرابي: يقال لدابة كثيرة الأَرجُل لا تُعَدّ أَرجلُها من كثرتها، و هي قِصار و طِوال: صَيْدَنانيّ، و به شُبِّه الصَّيْدَنانيّ كثرة ما عنده من الأدوية قال الأعشى يَصفُ جَمَلًا:
و زَوْراً تَرى في مِرْفَقَيْه تَجانُفاً نَبِيلًا كبَيت الصَّيْدَناني تامِكَا
و قال ابن السكيت: أراد بالصَّيْدَنانيّ الثعلب.
و قال كُثيّر في مِثلِه:
كأنّ خَليفَيْ زَوْرِها و رَحاهُما بُنَى مَكَويْن ثُلِّما بعد صَيْدَنٍ
هو: الصَّيْدَنُ و الصَّيْدَنانيّ واحد. و قال حُميدُ بنُ ثَور يصف صائداً و بيتَه:
ظَليلٌ كَبيت الصَّيْدَنانيّ قُضْبُه من النَّبْع و الضّالِ السَّليم المثقَّفِ
و قيل: الصَّيْدَنانيّ المَلِك.
الصَّيْدَانُ: بِرام الحِجارة. و قال أبو ذؤيب:
* و سُودٌ من الصَّيْدَان فيها مَذانِبٌ*
و قال الليث: الصَّيْدَان: ضَرْبٌ من حَجَر الفِضّة، القطعة صَيْدَانة.
و قال ابن السكّيت: الصَّيْدانة من النساءِ:
السيّئة الخُلُق الكثيرةُ الكلام. و الصَّيْدانة:
الغُولُ. و أَنشَد:
* صَيْدَانَةٌ تُوقِد نارَ الْجنِّ*
قلتُ: الصَّيْدانُ إن جعلته فَيْعالًا فالنون أصليّة، و إن جعلته فَعْلاناً فالنّون زائدة كنون السَّكْران و السَّكْرانة. و اللّه أعلم.
ندص:
قال الليث: نَدَصَتْ عينُه نُدوصاً: إذا جَحَظتْ و كادت تَخرج من قَلْتها كما تَنْدُص عينُ الخَنيق. و رجلٌ مِنْداص: لا يزال يَندصُ على قوم بما يَكرهون، أي:
يَطْرَأُ عليهم، و يظهر بشَر.
أبو عبيد عن أبي عمرو قال: المِنْداص من النِّساء: الخفيفة الطّيّاشة.
ثعلب عن ابن الأعرابي: المِنداص من النِّساء: الرَّسْحاء. و المِنداص: الحَمقاء.
و المِنْداص: البذِيّة.
و قال اللّحياني: نَدَصتِ التَبْرة تَنْدُص ندْصاً: إذا غَمَزْتَها فخرج ما فيها.
ص د ف
صدف، صفد، دفص، فصد: مستعملة.
[دفص]:
أهمل الليث: دفص. و روى أبو العبّاس عن ابن الأعرابي أنه قال:
الدَّوفص: البَصَل.
قلتُ: و هو حرف غريب.
صدف:
قال الليث: الصَّدَف: غِشاءُ خَلْقٍ في البَحْر تضمُّه صَدَفَتان مَفرُوجَتان عن لحم فيه روح يسمَّى المَحارَة، و في مِثلِه يكون اللّؤلؤ.
و قال الفرّاء في قوله تعالى: حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ
[الكهف: 96].
103
قرئ: (بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ)
و (الصُّدُفَين) و (الصُدَفيْن). و الصَدَفة: الجانب و الناحية.
و يقال لجانب الجَبَلين إذا تحاذَيا: صُدُفان و صَدَفان لتَصادفهما، أي: تَلاقيهما يلاقي هذا الجانبُ الجانبَ الّذي يلاقيه، و ما بينهما فَجٌّ أو شِعْبٌ أو وادٍ، و مِن هذا يقال: صادفْت فلاناً، أي: لاقيْتُه.
و أخبَرَني المنذريُّ عن ابن اليزيديّ لأبي زيد قال: الصُّدُفان: جانبا الجَبَل.
و
في الحديث: «أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم كان إذا مَرّ بصَدَف مائلٍ أو هَدَف مائلٍ أَسرَعَ المَشيَ»
. قال أبو عبيد: الصَّدَف و الهَدَف واحد، و هو كلُّ بناء عظيم مرتفع.
قلتُ: و هو مثل صَدَف الجبل، شُبّه به.
أبو عبيد عن الأصمعيّ: الصَّدَف: أن يَمِيل خُفُّ البَعير من اليد أو الرِّجل إلى الجانب الوحشيّ، و قد صَدِفَ صَدَفاً. فإن مَال إلى الجانب الإنسيّ فهو القَفَد و قد قَفِد قَفَداً، و قولُ اللّه جلّ و عزّ: سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ
[الأنعام: 157]، أي: يُعرضون.
و قال الليث: الصَّدَف: المَيل عن الشيء، و أَصدَفَني عنه كذا و كذا.
أبو عُبيد: صَدَف و نَكب و كَنف: إذا عَدَل. و قيل في قول الأعشى:
* فَلَطْت بحجاب من دُوننا مَصْدُوف*
إنه بمعنى مَسْتور.
فصد:
قال الليث: الفَصْد: قَطْع العُروق.
و افتَصَد فلانٌ: إذا قَطَع عِرْقَه ففَصَد.
قال: و الفَصيد: دمٌ كان يُجعَل في مِعى لمن فَصْد عِرْق البعير فيُشْوَى، كان أهلُ الجاهليّة يأكلونه.
و قال أبو عبيد: من أمثالهم في الّذي يُقضَى له بعضُ حاجته دون تمامه لم يُحرَمْ مَنْ فُصْدَ له- بإسكان الصاد- و ربّما قالوا: فزْدَ له، مأخوذ من الفِصيد الّذي وَصفه الليث، يقول: كمَا يتبلّغ المُضْطرّ بالفَصيد، فاقنع أنتَ بما ارتفع لكَ من قضاءِ حاجتك و إن لم تُقضَ كلُّها.
و
في الحديث: «أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم كان إذا نَزَل عليه الوحيُ تَفصَّد عَرَقاً».
قال أبو عبيد: المتفصَّد: السائل. يقال:
هو يتفَصّد عَرَقاً، و يتبَضّع عَرَقاً.
و قال ابن شُمَيل: رأيتُ في الأرض تَفْصيداً من السَّيل، أي: تَشقُّقاً و تخدُّداً.
و قال أبو الدُّقيش: التّفصيد: أن يُنقَع بشيء من ماءٍ قليل.
و يقال: فَصَد له عَطاءً، أي: قَطَع له و أَمضاه، يَفصِده فَصْداً.
و قال ابن هاني: قال ابن كثوة: الفَصيدة:
تمرٌ يعجَن و يُشابُ بشيء من دَم و هو دَواءٌ يداوَى به الصِّبيان. قاله في تفسير قولهم:
104
ما حُرِم مَن فُصْدَ له.
صفد:
قال اللّه جلّ و عزّ: مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ*
[إبراهيم: 49]، و
رُوِي عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنّه قال: «إذا دخل شهرُ رمضان صُفِّدت الشياطين».
قال أبو عبيد: قال الكسائي و غيرُه في قوله: «صُفِّدَتْ» يعني شُدَّت بالأغْلال و أُوثقَتْ، يقال منه: صَفَدْتُ الرحلَ فهو مَصْفود، و صفَّدْتُه فهو مُصفَّد. و أما أصفَدْته بالألف إصفاداً، فهو أن تُعطِيَه و تَصِلَه، و الاسم من العطيّة: الصَّفَد، و كذلك الوثاق، و قال النابغة:
* فلَم أُعرضْ أبَّيْتَ اللَّعْنَ بالصَّفَدِ*
يقول: لم أمدَحْك لتُعطِيَني، و الجمع منها أصْفاد.
و قال الأعشى في العطيّة يمدَحُ رجلًا:
تضيّفْتُه يوماً فأكرَمَ مَقْعَدِي و أصفَدَني على الزَّمانة قائِدَا
يريد: وَهب لي قائداً يَقودني.
قال: و المصدَر من العطيّة: الإصفاد، و من الوَثاق: الصَّفْد و التَّصْفيد.
و يقال للشيء الذي يُوثَق به الإنسان:
الصِّفاد، و يكون من نِسْع أو قِدّ، و أنشد:
هَلّا مَنَنْتَ على أخيك مُعَبّدٍ و العامِرِي يَقُودُه بِصِفادِ
و أخبَرَني المنذريّ عن المُفضَّل بن سَلَمة، عن أبيه عن أبي عبيدة في قول اللّه جلّ و عزّ: مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ*
[إبراهيم:
49]، أي: الأغلال، واحدها صَفَد.
و قيل: الصَّفَد: القَيْد، و جمعُه أصفاد.
ص د ب:
مهمل.
ص د م
صدم، صمد، دمص، مصد:
[مستعملة].
دصم، مدص: [مهملان] «1».
صدم:
قال الليث: الصَّدْمُ: ضربُ الشيء الصُّلْب بشيءٍ مثله، و الرجلان يَعْدُوان فيتصادَمان.
قلت: و الجيشان يتصادمان و اصطدام السَّفينتين: إذا ضَربَتْ كلُّ واحدةٍ صاحبتَها إذا جَرَيا فوقَ الماء بحَمُولَتهِما.
و
في الحديث: «الصبر عند الصَّدْمة الأولى»
، أي: عند فَوْرة المصيبة و حَمْوَتِها.
قال شَمِر: يقول: مَن صَبَر تلك الساعَة و تلقّاها بالرِّضَى فله الأجر.
قال الليث: صِدام: اسمُ فَرَس.
قلتُ: لا أدري صِدام أو صِرام.
قال: و الصُّدَامُ داءٌ يأخذ في رؤوس الدوابّ.
__________________________________________________
(1) أهملهما الليث و كذا ابن منظور.
105
و قال ابن شميل: و رجل مصدامَ: مجرب الصُّدام: داءٌ يأخذ الإبل فَتَخْمص بطونُها و تَدَعُ الماء و هي عِطاش أَيَّاماً حتى تبرأ أو تموت.
يقال منه: جمل مَصْدوم، و إبل مُصدَّمة.
و قال بعضهم: الصُّدام: ثِقَلٌ يأخذ الإنسان في رأسه، و هو الخُشام.
و العرب تقول: رماه بالصّدام و الأولق و الجذام.
أبو العبّاس عن ابن الأعرابي قال:
الصَّدْم: الدَّفْع. و الصَّدِمتان: الجَبِينان.
و الصَّدمة: النزَعة. و رجلٌ أصدَم: أنزَع.
و قال غيره: يقال: لا أفعل الأمرين صَدْمةً واحدة، أي: دَفْعةً واحدةً.
و قال عبدُ الملك بنُ مَرْوان لبعض عمَّاله:
إني ولّيتُك العِراقَين صَدْمة واحدةً، أي:
دَفْعة واحدة.
و قال أبو زيد: في الرأس الصَّدِمتان- بكسر الدال- و هما الجَبِينَان.
صمد:
الصَّمَدُ
: من أسماء اللّه جلَّ و عزَّ.
و
رَوَى الأعمش عن أبي وائل أنه قال:
الصَّمَدُ
: السيّدُ الذي قد انتهى سُؤدُدُه.
قلتُ: أمَّا اللّه تبارك و تعالى فلا نهايَة لسؤدُدِه، لأن سؤدده غير مَحْدود.
و
قال أبو عبد الرحمن السُّلَمي: الصَّمَدُ
الذي يُصمَد إليه الأمْر فلا يُقضَى دُونَه، و هو من الرجال الذي ليس فوقَه أحد.
و
قال الحسن: الصَّمَدُ
: الدائم.
و قال ميسرة: المُصْمَت: المصْمَد.
و المُصمَت: الذي لا جَوْفَ له، و نحواً من ذلك قال الشّعْبي.
و قال أبو إسحاق: الصَّمَدُ
: الذي يَنتَهي إليه السُّودَد، و أنشد:
لقد بَكَّر النّاعي بخَيْرَيْ بني أسَدْ بعَمرو بنِ مسعود و بالسَّيّد الصَّمَدْ
و قيل: الصمَد: الذي صَمَد إليه كلُّ شيء، أي: الذي خَلَق الأشياءَ كلَّها لا يَستغني عنه شيء و كلُّها دالٌّ على واحدنيّته.
و قيل: الصَّمَد: الدائِم الباقي بعد فَنَاءِ خَلْقه، و هذه الصفات كلُّها يجوز أن تكون للَّه جلّ و عزّ.
و
روي عن عمر أنه قال: أيّها الناس، إيّاكم و تَعلُّمَ الأنسابِ و الطَّعنَ فيها، و الَّذي نفسُ عمر بِيَدِه، لو قلتُ: و لا يخرج من هذا البابِ إلا صَمَدٌ ما خرج إلا أقلُّكم.
و قال شمر: الصَّمَد: السيّد الذي قد انتهى سُؤدُدُه.
و قال الليث: صمدتُ صَمْدَ هذا الأمر، أي: قصدتُ قصْدَه و اعتمدتُه.
و قال أبو زيد: صَمَده بالعصا صَمْداً: إذا ضَرَبه بها.
106
و يقول: إني على صمادة من أمر: إذا أشرف عليه و حفلت به.
قال: و صَمَّد رأسَه تصميداً، و ذلك إذا لَفَّ رأسَه بِخرقة أو منديل أو ثوبٍ ما خلا العمامة، و هي الصِّمادُ.
ثعلب عن ابن الأعرابي: الصِّماد: سِدادُ القَارُورة.
و قال الليث: الصِّماد: عِفاصُ القارورة، و قد صَمَدْتها أصمِدها.
و قال الأصمعي: الصَّمَدُ
: المكان المرتفع الغليظ، و المُصمَّدُ: الصلْبُ الذي ليس فيه خَدد.
و قال أبو خَيرة: الصَّمَدُ
و الصِّماد: ما دقَّ من غِلَظ الجَبَل و تواضَع و اطمأنَّ و نَبَت فيه الشجر.
و قال أبو عمرو: الصَّمَدُ
: الشديدُ من الأرض.
و قال الليث: الصمْدة: صخرةٌ راسيةٌ في الأَرض مستويةٌ بمَتْن الأرض، و ربما ارتفعتْ شيئاً.
و قال غيره: ناقة مِصْمادٌ و هي الباقية على القُرّ و الجَدْب، الدائمةُ الرِّسْل. و نُوقٌ مَصامِد و مَصامِيد.
و قال الأغلب:
بين طَرِيِّ سَمَكٍ و مالحِ و لُقَّحٍ مصامدٍ مجَالِحِ
دمص:
أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال:
الدَّمصُ: الإسراعُ في كلّ شيء، و أصله في الدَّجاجة، يقال: دَمَصت بالكَيْكَة، و يقال للمرأة إذا رمتْ ولدَها بزَحْرة واحدة: قد دَمَصَتْ به، و زَكَبَتْ به.
و قال الليث: كلَّ عِرْق من أعراق الحائط يسمَّى دِمْصاً، ما خلا العِرْق الأَسفل، فإنه دِهْص.
قال: و الدّمَص: مصدَرُ الأدمص، و هو الذي رقَّ حاجِبهُ من أُخُرٍ، و كَثُفَ من قُدُم. و ربَّما قالوا: أدمص الرّأس: إذا رَقَّ منه مواضع و قلَّ شعرُه.
و يقال: دمَصَت الكلبةُ ولدَها: إذا أسقَطَتْه، و لا يقال في الكلاب أسقَطَتْ.
عمرو عن أبيه: يقال للبَيْضة: الدَّوْمَصة و دَمَصت السباعُ إذا وَلَدَتْ، و وضعتْ ما في بطونها.
مصد:
ثعلب عن ابن الأعرابي قال:
المصْدُ: المَصُّ، مَصدَ جارِيَته و رَفَّها و مَصَّها و رَشَفَها بمعنَى واحد.
قال: و المصدُ: الرَّعد. و المصدُ: المطر.
و قال أبو زيد: يقال: ما لها مصْدةٌ، أي:
ما للأرض قُرٌّ و لا حَرّ.
و يقال: مصَدَ الرجُل جاريته و عصدها: إذا نكَحها، و أنشد:
فأَبِيتُ أعتنِقُ الثُّغورَ و أقتفي عن مَصدها و شِفاؤها المصد
107
و قال الرِّياشيّ: المصدُ: البرد. و رواه و انتهى، عن مصدها، أي: أتَّقِي أخبرنيه المنذريُّ عن الأسدي عن الرِّياشيّ.
و قال الليث: المصد: ضَرْبٌ من الرَّضاع، يقال: قبَّلها فمصدها.
أبو عبيد عن الأصمعي: المُصدانُ: أعالي الجبال، واحدها مصَاد.
قلت: ميمُ مصاد ميمُ مفْعَل و جمع، على مُصدان، كما قالوا مطيرٌ و مُطران، على توهُّم أنّ الميم فاءُ الفعل.
(أبواب) الصاد و التاء
أهملت الصاد و التاء مع الظاء و الذال و الثاء.
ص ت ر
ترص:
عمرو عن أبيه: التَّريصُ: المحكَمُ، يقال: أترصتهُ و ترصتُه و ترّصْتُه.
قال الأصمعي: رَصنتُ الشيءَ: أكملْتُه، و أتْرَصتُه: أحكمتُه، و قال الشاعر:
تَرَّصَ أفْواقَها و قَوّمها أنبلُ عَدْوانَ كلِّها صَنَعَا
و
في الحديث: «وزِن رَجاءُ المُؤمِن و خَوفُه بميزانٍ تَرِبصٍ فما زادَ أحدُهما على الآخر»
، أي: بميزانٍ مستوٍ.
و قال الليث: تَرصَ الشيء تَراصةً فهو تريص، أي: محكَم شديد. و أَتْرَصْتُه أنا إتراصاً.
و يقال: أَتْرِصْ مِيزانَك فإنه شائل، أي:
سَوِّه و أَحكِمْه.
ص ت ل
صلت، لصت، تلص: [مستعملة].
صلت:
قال الليث: الصَّلْتُ: الأَملسُ. رَجُل صَلْتُ الوَجْه و الخَدّ، وصَلْت الجَبين.
و سيفٌ صَلْت.
و بعضٌ يقول: لا يقال: الصّلتُ إلا لما كان فيه طولٌ. و يقال: أصلتّ السيفَ:
إذا جَرّبته. و سيفٌ صليتٌ، أي: مُنْصَلتٌ ماضٍ في الضَّريبة. و ربّما اشْتَقَّوا نَعْت أفْعَل من إفعِيلِ مثل إبليس، لأنّ اللّه عز و جل أبلَسه. و رجل مُنْصَلتٌ و أصلتيّ.
أبو عبيد عن أبي عمرو و الفرّاء:
الصَّلَتان: الرجل الشديد الصُّلْب، و كذلك الحِمار.
و قال شمر قال الأصمعيّ: الصَّلتان من الحمير المُنْجَردُ القصيرُ الشَّعر.
و قال: أَخَذه من قولك: هو مِصْلاتُ العُنُق، أي: بارِزُه مُنجردُه.
أبو عبيد عن الأحمر و الفرّاءِ: قالا:
الصَّلتان و الفَلتان و البَزَوَان و الصَّمَيان كلّ هذا من التغلب و الوَثب و نحوهِ.
و قال أبو عبيد: الصَّلتُ: السكين الكبير، و جمعُه أَصلات.
و قال شمر: قال أبو عمرو: و سكِّين
108
صَلْت، و سَيْفٌ صَلْت، و مِخْيَطٌ صَلْت:
إذا لم يكن له غِلاف. قال: و يُرْوَى عن العُكْلِيّ أو غيره: جاءوا بصَلْتٍ مِثلِ كَتِفِ الناقة، أي: بشَفْرَةٍ عظيمة.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: سكّين صَلْتٌ، و سَيْفٌ صَلْتٌ: انْجَرَدَ من غِمْدِه. و انْصَلَتَ في الأَمر: انْجَرَدَ.
أبو عُبيد يقال: انْصَلَتَ: يَعْدُو، و انْكَدَرَ في الأمْرِ، و انْجَرَدَ يَعْدُو: إذا أسرَع بعضَ الإسراع.
قال: و قال أبو عبيدة: يقال: جاءنا بمَرَقٍ يَصْلِتُ، و لَبَنٍ يَصْلِت: إذا كان قليلَ الدّسَم، كثيرَ الماء. و يجوز: يَصْلِد بالدال، بهذا المعنى.
لصت:
أبو عُبَيد و غيره في لغة طيء: يقال لِلِّص: لَصْتٌ، و جمعُه لُصوت، و أنشد:
فَتَرَكْنَ نَهداً عَيِّلًا أَبْنَاؤُهُمْ وَ بَنِي كِنانَة كاللُّصُوتِ المُردِ
تلص:
يقال: دَلَّصَه و تَلَّصَه: إذا مَلَّسَه و لَيَّنَه.
ص ت ن
نصت، صنت، صتن: [مستعملة].
نصت:
قال الليث: الإنصاتُ هو السكوتُ لاستماع الحديث، قال اللّه جلّ و عزّ:
وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا
[الأعراف: 204].
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: نَصَتَ وَ أَنْصَت و انْتَصَت بمعنًى واحد.
و قال غيره: أنْصَتَهُ و أنْصَت له. و قال الطِّرِمّاح في الانتصات:
يُخَافِتْنَ بعضَ المَضْغ من خشية الرَّدَى و يُنْصِتْنَ للسّمع انْتِصَاتَ الْقَنَاقِنِ
شمر: أَنْصَتُ الرَّجُلَ، أي: سَكَتّ له.
و أنصَتُّهُ: إذا أسْكَتَّه؛ جعله من الأضداد.
و أنشد للكُمَيْت:
صَهٍ و انْصِتُونَا؛ لِلتَّحاوُر و اسْمَعُوا تَشَهُّدَها من خُطبةٍ و ارْتجَالِها
أراد: و أنصتوا لنا. و قال آخر في المعنى الثاني:
أبوكَ الذي أَجْدَى عَلَيَّ بنصرِهِ فأَنْصَتَ عَنِّي بعدَه كلَّ قائِلِ
قال الأصمعيّ: يريد فأسكت عنِّي.
و يروَى كلُّ قائِل.
صنت:
أبو عُبَيْد عن الأصمعيّ: الصِّنتيتُ:
السيّد الشريفُ؛ مثلُ الصِّنْدِيد سواء.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: الصُّنْتُوتُ: الفَرْدُ الحَرِيد.
صتن:
اللّحياني عن الأمويّ: يقال للبخيل:
الصُّوتَنُ.
ص ت ف
صفت:
في حديث الحسن: أن رجلًا قال:
سألته عن الذي يستيقظ فيجدُ بَلةً، قال:
أما أنت فاغتسل- و رآني صِفتاتاً.
قال
109
الليث و غيره: الصفتاتُ: الرّجُلُ المجتمع الشد، و اختلفوا في المرأة، فقال بعضهم: صفتاتة. و قال بعضهم:
صرفتات، بلا هاءِ.
و قال بعضهم: لا تُتْعَثُ المرأة بالصِّفْتَات، بالهاءِ و لا بغير الهاء.
ابن شميل: الصفتات: التّارّ الكثير اللحم المكتنز.
ص ت ب:
مهمل
[ص ت م]
[مصت]، صمت، صتم: [مستعملى].
مصت:
قال الليث: المَصْتُ: لغةٌ في المسط، فإذا جعلوا مكان السّين صاداً جعلوا مكان الطّاء تاءً، و هو أَنْ يُدْخِل يَدَه فيقبضَ على الرَّحِم فَيَمْصُتَ ما فيها مَصْتاً.
صمت:
سلَمة عن الكسائيّ قال الفراء: تقول العرب: لا صمْتَ يوماً إلى الليل، و لا صَمْتَ يومٌ إلى الليل، و لا صَمْتَ يومٍ إلى الليل، فمن نصب أراد: لا تَصْمُتْ يوماً إلى الليل، و من رفع أراد: لا يُصْمَتْ يومٌ إلى الليل. و من خفض فلا سؤالَ فيه.
و قال الليث: الصّمْتُ: السكوت. و قد أخذه الصُّمَات. و قُفْلٌ مُصْمَتٌ، أي: قد أُبْهِم إغلاقُه. و بابٌ مُصْمَتٌ كذلك، و أنشد:
* و مِن دون لَيْلَى مُصْمَتَاتُ المَقاصِرِ*
ثعلب عن ابن الأعرابي: جاء بما صَاءَ و صَمَت. قال: ما صاء يعني الشاءَ و الإبلَ. و ما صَمَت يعني الذَّهبَ و الفِضَّة.
أبو عُبَيد: صَمتَ الرجلُ و أصْمَتَ بمعنًى واحد. قال: و قال أبو زيد: لقيتُه ببلدةِ إصْمِتْ، و هي القفرُ التي لا أَحَدَ بها.
و قَطَع بعضهم الألف من إصمت فقال:
* بوَحْشِ الإصْمِتَيْنِ له ذُبابُ*
أنشده شمر. و قال: يقالُ: لَقِيتُهُ بوَحْشِ إصْمِتَ، الألفُ مكسورةٌ مقطوعة.
شَمِر: الصُّمُوتُ من الدُّروع: اللّينةُ المَسِّ ليستْ بخَشِنة و لا صَدِئةٍ، و لا يكون لها صوتٌ قال النابغة:
و كلّ صَمُوتٍ نَثْلةٍ تُبَّعِيّةٍ و نَسْجُ سُلَيْم كلّ قَضّاءَ ذَائلِ
قال: و السيفُ أيضاً يقال له صموتٌ لرسوبه في الضَّرِيبة، و إذا كان كذلك قَلَّ صوْتُ خروج الدّم.
و قال الزُّبيرُ بن عبد المطلب:
و يَنْفِي الجاهلَ المُخْتالَ عني رُقاقُ الحَدِّ وَقْعَتُه صَمُوتُ
و يقال: بات فلانٌ على صِمَات أمرِه: إذا كان مُعْتَزِماً عليه.
و قال أبو مالك: الصِّمَاتُ: القصدُ، و أنشد:
* و حاجةٍ بِتُّ على صِماتِها*
110
أي: و أنا معتزم عليها.
و من أمثالهم: إنك لا تَشْكُو إلى مُصْمِتٍ، أي: لا تشكو إلى مَن يعبأ بشكواك.
و الصُّمْتَةُ: ما يُصْمَتُ به الصبيُّ من تمر أو شيء ظريف.
و قال ابن هانىء يقال: ما ذُقْتُ صُمَاتاً، أي: ما ذُقْت شيئاً.
و يقال: لم يُصْمِته ذاك، بمعنى لم يَكْفِه، و أصلُه في النَّفي، و إنما يقال فيما يؤكل أو يُشرب.
و جاريةٌ صَمُوتُ الخَلْخاليْن: إذا كانت غليظَة السّاقيْن لا يُسمع لخَلْخالها صوتٌ لغموضه في رجليها.
و يقال للّوْن البَهِيم: مُصْمَت. و للذي لا جَوْفَ له مُصْمت. و فَرَسٌ مُصْمت؛ و خيلٌ مُصْمَتَاتٌ: إذا لم يكن فيها شِيَةٌ و كانت بُهْماً.
و يقال للرجل إذا اعتقل لسانُه فلم يتكلّم:
أصْمَت، فهو مُصْمِت.
و أنشد أبو عمرو:
ما إن رأيتُ من مُعَنياتِ ذواتِ آذانٍ و جُمْجُمَاتِ
أَصْبَر منهن على الصُّمات
قال: الصُّمات: السكوتُ. و رواه الأصمعي: مِن مُغَنِّيات، أراد من صريفهن. قال: و الصُّمَاتُ العَطَشُ ههنا، روَى ذلك كلَّه عنهما أحمد بن يحيى.
قال ابن السكيت: الثوب المُصْمَتُ:
الذي لوْنُه لونٌ واحد لا يخالط لونَه لونٌ آخَرُ. وَ حَلْيٌ مُصْمَتٌ: إذا كان لا يُخالطُه غيرُه. و أدْهَمٌ مُصْمَتٌ: لا يُخالط لونَه غير الدُّهْمة.
و قال أحمد بن عُبَيد: حَلْيٌ مُصْمَتٌ معناه: قد نَشِب على لابسه فما يَتحرّك و لا يتَزعزَع، مثلُ الدُّمْلُج و الحِجْل و ما أشبهه.
صتم:
أبو عُبَيد عن أبي عمرو: صَتَمْتُ الشيءَ فهو مُصَتَّم وَصَتْمٌ، أي: محكمٌ تامٌ.
الفراء قال: مالٌ صَتْمٌ، و أموال صُتْمٌ.
و يقول: عبدٌ صَتْمٌ، أي: شديد غليظ.
و جَمَلٌ صَتْمٌ، و ناقة صَتْمَةٌ.
و قال الليث: الصَّتْمُ من كل شيء: ما عَظُمَ و اشتدّ. جملٌ صَتْمٌ، و بيتٌ صَتْمٌ.
و أعطيْته ألفاً صَتْماً. و قال زُهَير:
* صحيحات ألْفٍ بعدَ ألفٍ مُصَتَّم*
قال: و الحروف الصُّتْمُ: التي ليست من حروف الحَلْق.
قال غيره: صتمت له ألفاً تصطيماً، أي:
تممتها. قال: و الأصاتم جمع الأُصْطَمّة بلغة تَمِيم؛ جمعوها بالتاء كراهيةَ تفخيم أَصَاطم فردُّوا الطاء إلى التاء.
[ص ظ:
مهمل]
111
ص ذ
[صذم]:
قال أبو حاتم: يقال: هذا قَضاءُ صَذُومُ (بالذال المعجمة) و لا يقال:
سَدوم.
ص ث
أهملَها الليثُ مع الحروف التي تليها.
[صبث]:
و روى سَلَمة عن الفرّاء أنه قال:
الصَّبْثُ: ترقيعُ القميص و رَفْوُه. يقال:
رأيت عليه قميصاً مُصَبَّثاً، أي: مُرَقّعاً.
(أبواب) الصاد و الزاء
ص ر ل:
مهمل.
ص ر ن
صنر، نصر، رصن: [مستعملة].
صنر:
الحَرّاني عن ابن السكيت قال أبو عمرو: تقول: هي الصِّنَارة- بكسر الصاد- و لا تقل: صَنَّارة.
و قال الليث: الصِّنَّارةُ: مِغْزَلُ المرأة، و هو دخيل.
و قال غيره: صِنَّارةُ المِغْزل: هي الحديدةُ المُعَقَّفةُ في رأسه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: الصِنَّارَة: السيء الخُلق. و الصِّنْوَرُ: البخيل السيىءُ الخلُق.
و الصنانير: البخلاء من الرجال و إن كانوا ذوي شرف.
قال: و الصّنانير: السَّيِّئُو الآداب و إن كانوا ذوِي نباهة.
رصن:
قال الليث: رصن الشيء يرصن رصانة، و هو شدة الثبات. و أرصنته أنا إرصاناً.
أبو عُبَيد عن الأصمعي: رَصَنتُ الشيء:
أكملته.
و قال غيره: أرصَنته: أحكمته، فهو مرصون، و قال لبيد:
أو مُسلِمٌ عَمِلتْ له عُلوِيَّةٌ رَصنتْ ظهورَ رواجبٍ و بَنَانِ
أراد بالمسلم غلاماً وَشَمَتْ يدَه امرأةٌ من أهل العالية.
نصر:
ثعلب عن ابن الأعرابي: النُّصْرةُ:
المَطْرةُ التّامّة، و أرضٌ منصورةٌ و مَضْبُوطة.
و قال أبو عُبَيد: نُصِرت البلادُ: إذا مُطِرت، فهي منصورة. و نُصِر القومُ: إذا أغِيثُوا.
و قال الشاعر:
من كان أخطاه الرّبيعُ فإنما نُصر الحجاز بِغيْث عبد الواحد
و قال أبو عمرو: نَصرْتُ أرضَ بني فلان، أي: أتيتها. و قال الرّاعي:
إذا ما انقضى الشهر الحرام فَودِّعِي
[ (1) أهملها الليث مع الحروف التي تليها.]
112
بلادَ تميمٍ و انْصُرِي أرضَ عامِرِ
و قال الفراء: نَصَر الغيثُ البلادَ: إِذا أنبتها.
و قال أبو خَيرة: النّواصرُ من الشِّعاب: ما جاء من مكان بعيد إلى الوادي فنصَرَ سيْلَ الوادي؛ الواحد ناصر.
و قال الليث: النَّصْرُ: عوْنُ المظلوم، و
في الحديث: «انصُرْ أخاك ظالماً أو مظلوماً»
، و تفسيره: أن يمنعه من الظُّلم إن وجَدَه ظالماً، و إن كان مظلوماً أعانه على ظالمه، و جمعُ النّاصِر أنصار.
و انتصر الرجُل: إذا امتنع مِنْ ظالمه.
قلت: و يكون الانتصارُ من الظالم:
الانتصافُ و الانتقامُ منه، قال اللّه مخبراً عن نوح و دُعائه إيّاه بأن ينصره على قومه: فَانْتَصِرْ (10) فَفَتَحْنا
[القمر: 10، 11]، كأنه قال لربّه انتقم منهم، كما قال:
رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً [نوح: 26].
و النصيرُ: الناصرُ، قال اللّه جل و عز:
نِعْمَ الْمَوْلى وَ نِعْمَ النَّصِيرُ*
[الأنفال: 40].
و النُّصْرَةُ: حسنُ المعونة، و قال اللّه جل و عز: مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ
[الحج: 15] الآية.
المعنى: من ظن من الكفار أن اللّه لا يُظْهر محمّداً على مَن خالَفَه فليختنق غيْظاً حتى يموتَ كمداً فإن اللّه يُظْهره و لا ينْفعُه موْتُه خَنْقاً. و الهاء في قوله: أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ
للنبيّ محمدٍ صلّى اللّه عليه و سلّم.
قال أبو إسحاق: واحد النصارى في أحد القولين: نصران كما ترى؛ مثل نَدْمان و نَدامَى و الأنثى نصرانة، و أنشد:
فكِلْتاهما خَرَّتْ و أَسْجَد رأسُها كما سَجَدَتْ نَصْرَانة لم تَحنَّفِ
فنَصْرانة: تأنيثُ نَصْران. و يجوز أن يكون واحدُ النصارى: نَصْرِيًّا مثلُ بعير مَهْرِيٍّ و إبلٍ مَهَارَى.
و قال الليث: زعموا أنهم نُسِبوا إلى قرية بالشام اسمُها نَصْرُونَه. و التّنَصُّرُ: الدخولُ في النّصرانية.
شمر عن ابن شميل: النَّواصِرُ: مَسايل المياه، واحدُها ناصِرة، لأنها تجيء من مكان بعيد حتى تقع في مُجْتَمع الماء حيث انتهت، لأن كلَّ مَسِيل يَضِيع ماؤه فلا يقع في مُجْتَمع الماء فهو ظالم لمائه.
ص ر ف
صرف، صفر، رصف، رفص، فرص.
صرف:
رُوِيَ عن النبيِّ صلّى اللّه عليه و سلّم أنه ذكر المدينة فقال: «مَن أَحْدَثَ فيها حَدَثاً أو أَوَى مُحدثاً لا يُقبَل منه صَرْفٌ و لا عَدْلٌ».
قال أبو عبيد: رُوي عن مكحول أنه قال:
الصَّرْفُ: التوبة. و العَدْلُ: الفِدْيَةُ.
و قال أبو عبيد: و قيل: الصّرفُ: النافلةُ،
113
و العدلُ: الفَرِيضةُ.
و
روي عن يونس أنه قال: الصّرفُ:
الحيلةُ
و منه قيل: فلان يتصرّف، أي:
يحتال. قال اللّه جل و عز: فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَ لا نَصْراً
[الفرقان: 19]، قلت:
و هذا أشبه الأقاويل بتأويل القرآن. و يقال للرجل المحتال: صَيْرَفٌ و صَيْرَفيّ، و منه قولُ أمية بن أبي عائذ الهذلي:
قد كنتُ وَلّاجاً خَروجاً صَيْرَفاً لم تَلْتَحِصنِي حَيصَ بَيص لحَاصِ
و أخبرني المنذريُّ عن أبي الهَيْثَم أنه قال:
الصَّيْرَفُ و الصَّيْرَفِي: المحتالُ المُتَقَلِّبُ في أموره المُجَرّبُ لها.
و الصَّرْفُ: التَّقَلُّبُ و الحِيلة، يقال: فلانٌ يَصْرِفُ و يتَصَرَّفُ و يصطَرِفُ لِعِيَالِه، أي:
يَكتسب لهم.
و
في حديث أبي إدريس الْخَوْلانِيّ أنه قال: «من طلب صَرْفَ الحديث يَبْتَغِي به إقبالَ وجوهِ الناس إليه لم يُرَح رائحةَ الجَنَّة».
قال أبو عُبَيْد: صَرْفُ الحديث أن يزيد فيه لِيُمِيلَ قلوبَ الناس إليه، أُخِذَ من صَرْفِ الدّراهم. و الصرفُ: الفَضْلُ، يقالُ: لهذا صَرْفٌ على هذا، أي: فضل. و يقال:
فلان لم يُحسن صَرْفَ الكلام، أي: فضلَ بعض الكلام على بعضٍ. و قيل لمن يُمَيِّز ذلك: صَيْرَفٌ و صَيرَفيّ.
و قال الليث: تصريفُ الرّياح: صَرْفُها من جهة إلى جهة. و كذلك تصريف السُّيُول و الخيول و الأمور و الآيات.
قال: و صرف الدهر: حَدَثُه و صَرْفُ الكلمةِ: إجراؤها بالتنوين و الصَّرَفُ أن تَصرِفَ إنساناً على وجهٍ يريده إلى مَصْرِف غيرِ ذلك.
و الصَّرْفَةُ: كوكبٌ واحدٌ خلْفَ خَرَاتَي الأسدِ، إذا طلع أمامَ الفجر فذاك أوّل الخريف، و إذا غاب مع طلوع الفجر فذاك أوّل الربيع، و هو من منازل القمر.
و العرب تقول: الصَّرْفَةُ: نابُ الدّهرِ، لأنها تَفْترُّ عن البرد أو عن الحرّ في الحالتيْن.
و قال الزّجّاج: تصريفُ الآيات تَبْيينُها.
و لقد صرفنا الآيات: بَيّناها.
عمرو عن أبيه: الصَّرِيفُ: الفضّة، و أنشد:
بني غُدَانةَ حَقّاً لستُم ذَهَباً و لا صَرِيفاً و لكن أنتم خَزَفُ
و الصَّرِيفُ: صوتُ الأنياب و الأبواب.
أبو عبيد عن الأصمعي: الصَّرِيفُ: اللّبَنُ الذي يَنْصرِف به عن الضَّرْع حارّاً، فإذا سكنَتْ رَغْوَتهُ فهو الصَّريح.
و قال الليث: الصريفُ: الخمرُ الطيّبة.
و قال في قول الأعشى:
114
صَرِيفِيّة طَيِّبٌ طَعْمُها لها زَبَدٌ بين كُوبٍ ودَنْ
قال بعضهم: جعلها صَرِيفيّة لأنها أخِذت من الدَّنّ ساعتئذ كاللبن الصريف. و قيل:
نسِبت إلى صَرِيفِين، و هو نهر يَتَخَلَّجُ من الفُرات. و الصِّرفُ: الخمرُ التي لم تُمْزَج بالماء، و كذلك كلّ شيء لا خِلْطَ فيه.
أبو عبيد عن الأصمعيّ: الصِّرفُ: شيء أحمرُ يُدبَغ به الأدِيمُ. و أنشد:
كُمَيْتٌ غيرُ مُحْلِفةٍ و لكن كلَوْن الصِّرِفِ عُلَّ به الأَدِيمُ
أي: أنها خالصة.
ثعلب عن ابن الأعرابي: الصَّرفانُ: اسمٌ.
الموت و الصَّرَفانُ: جنسٌ من التمر.
و الصَّرَفان: الرَّصاص، و منه قولُ الرّاجز:
* أمْ صَرَفاناً بارِداً شَدِيداً*
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: السّبَاعُ كلُّها تُجْعِل و تَصْرفُ إذا اشتهتِ الفحلَ، و قد صرَفت صِرافاً فهي صارِفٌ. و أكثر ما يقال ذلك للكلبة.
و قال اللّيث: حِرْمةُ الشّاءِ و الكلابِ و البقرِ. و قال المُتَنَخّل:
إن يُمْس نَشْوانَ بمَصْرُوفة منها بِرِيٍّ و على مِرْجَل
قال: بمصروفة، أي: بكأس شُرِبت صِرْفاً. و على مِرْجل: أي على لحم طُبخ في مِرجل و هي القِدر.
و قال الليث: الصَّيرِفيّ من النجائب منسوبة و لا أعرفه، و لا الصدفي بالدال.
ثعلب عن ابن الأعرابي: أَصْرفَ الشاعر شِعرَهُ يُصْرِفه إصرافاً: إذا أقْوَى فيه.
و أنشد:
* بغير مُصرَفة القَوافِي*
و يقال: صَرَفْتُ فلاناً و لا يقال: أصرفته.
و تصريف الآيات تبيينها.
رصف:
الأَصْمَعِيُّ: الرَّصَفُ: صَفاً يَتَّصَل بعضُه ببعض، واحدها رَصَفه.
و قال أبو عمرو: الرَّصَفُ: صَفاً طويلٌ كأنه مَرْصُوف.
الحراني عن ابن السكِّيت قال: الرَّصفُ:
مصدرُ رَصَفْتُ السّهمَ أرْصُفُه: إذا شَدَدْتَ عليه الرِّصاف، و هي عَقَبةٌ تُشَدّ على الرَّعْط، و الرُّعْطُ مَدْخَلُ سنح النَّصْل.
و قال الأصمعي فيما يروي أبو عبيد: هي الرَّصفَة، و جمعُها الرِّصاف. و
في الحديث: ثم نظر في الرِّصاف فتحَارى أيرَى شيئاً أم لا.
و قال الليث: الرَّصَفَةُ: عَقبةٌ تُلْوَى على موضع الفُوق.
قلت: و هذا خطأ، و الصوابُ ما قال ابن السكّيت.
و الرَّصَفُ: حجارةٌ مرصوفٌ بعضُها إلى بعض. و أنشد للعَجّاج:
115
فشَنّ في الإِبْرِيق منها نُزَفا من رَصفٍ نازعَ سيْلًا رَصفَا
قال الباهلي: أراد أنَّه صَبَّ في إبريق الخمر من ماءٍ رَصفٍ نازع سيلًا كان في رَصَفٍ فصار منه في هذا، فكأنه نازعه إياه.
ثعلب عن ابن الأعرابي: أَرْصَف الرّجلُ:
إذا مَزَج شرابه بماء الرَّصف، و هو الذي يَنحدر من الجبال على الصخر فيَصْفُو، و أنشد بيت العجاج.
و قال: الرَّصفْاء من النساء: الضيّقةُ المَلاقِي و هي الرَّصُوف.
و قال الليث: يقال للقائم إذا صَفّ قَدَمَيْه:
رَصَف قدمَيْه، و ذلك إذا ضم إحداهما إلى الأخرى.
فرص:
ثعلب عن ابن الأعرابي: الفَرْصاءُ من النُّوق: التي تقوم ناحيةً، فإذا خلا الحوْضُ جاءت فشرِبتْ.
قلت: أُخذَت من الفُرْصة و هي النُّهْزة.
و قال الأصمعي: يقال: إذا جاءت فُرْصَتُك من البئر فأدْل. و فُرُّصَته ساعتُه التي يُستَقَى فيها. و يقال: بنو فلان يَتفارَصُون بئرهم، أي: يَتناوَبُونها. قلت:
معناها أنهم يتناوبون الاستقاء منها.
و قال الليث: الفُرْصة كالنُّهْزَةِ و النَّوْبة.
تقول: أصبت فرصتك يا فلان و نوبتك و نهزتك، و المعنى واحد، و الفعل أن تقول: انتهزها و افترصها و قد افترصت و انتهزت.
و
في الحديث أن النبيّ عليه السلام قال للمرأة التي أمرها بالاغتسال من المَحِيض: «خُذِي فِرْصةً مُمسّكة فتطهّري بها»
، قال أبو عبيد: قال الأصمعيّ:
الفِرْصة: القطعةُ من الصوف أو القطن أو غيره، و إنما أُخِذت من فَرصت الشيء، أي: قطعته.
و يقال للحديدة التي يقطع بها الفضّة:
مِقْراض، لأنه يقطع بها، و أنشدَنا للأعشى:
و أَدْفَعُ عن أعراضكم و أُعيرُكم لِساناً كمِفراصِ الخَفَاجِيّ ملْحَبَا
و قال غيره: يقال: افْرِصْ نعلَك، أي:
أخْرِق في أُذُنها للشِّراك.
و
في حديث النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «إني لأكره أن أرى الرجلَ ثائراً فريصُ رقبته قائماً على مُرَيَّته يضربها»
. قال أبو عمرو: الفَرِيصة: المُضغةُ القليلة تكون في الجَنْب تُرْعد من الدابة إذا فَزِعت، و جمعُها فَرِيص. و قال النابغة:
شك الفريصةَ بالمدْرى فأنقذه شك المبيطر إذ يشفي من العضدِ
و قال أبو عبيد: هي اللّحمة التي بين الجَنْب و الكَثف التي لا تزال تُرْعَد من الدابة.
116
قال: و أَحْسَب الذي في الحديث غير هذا، إنما أراد عَصَبَ الرَّقبة و عروقَها، لأنها هي التي تثور عند الغضب.
و أخبرني ابنُ هاجك عن ابن جبلة أنه سمع ابن الأعرابي فسّر الفَرِيص كما فسّره الأصمعي، فقيل له: هل يَثور الفَرِيص؟
قال: إنما يعني الشعر الّذي على الفَرِيص كما يقال: فلان ثائر الرأسِ: أي ثائر شَعرِ الرأس.
أبو عبيد عن أبي زيد: فَرَصْت الرجلَ أفْرِصه: إذا أصبتَ فريصتَه.
عمرو عن أبيه قال: الفَرِيصةُ: اللّحمَةُ التي بين الكَتِف و الصّدْر. و الفَرِيصة أُم سويد.
و روى أبو تراب للخليل أنه قال: فريصةُ الرجل: الرقبة. و فَرِيسُها: عروقُها.
و
في حديث قَيْلَة: أن جُوَيْرِيَةً لها كانت قد أخذتها الفَرْصة.
قال أبو عُبيد: العامة تقول لها: الفَرسة- بالسين و المسموع من العرب بالصاد- و هي ريحُ الحدَبة.
قال: و الفَرْسُ- بالسين-: الكَسْر.
و الفَرْص: الشّق.
و قال الليث: الفَرْصُ: شَدُّ الجلدِ بحديدة عريضة الطَّرَف تَفْرِصُه بها فَرْصاً غَمزاً؛ كما يَفْرِص الحَذَّاءُ أُذُنَي النَّعل عند عقبهما بالمِفْرَص ليجعل فيها الشِّراك.
و قال أبو عمرو: الفريصة: الاست، و هو أيضاً مرجع المرفق. و أنشد:
* جَوادٌ حين يَفْرِصُه الفَرِيصُ*
يعني حين يشُقّ جلدَه العرَقُ.
و تَفْرِيصُ أسْفل نَعْلِ القِرَاب: تَنْقيشُه بطرف الحديدة.
رفص:
أبو عُبَيد عن الأصمعي قال: هي الفُرْصةُ و الرُّفْصة: النَّوْبةُ تكون بين القوم يتَناوَبُونها على الماء.
قال الطِّرِمّاح:
* كأَوْبِ يَدَيْ ذي الرُّفْصَةِ المُتَمَتِّحِ*
أبو عُبَيْد عن أبي زيد: ارْتَفَص السّعرُ ارتفاصاً فهو مُرْتَفِص: إذا غلا و ارتفع.
قلت: كأنه مأخوذ من الرُّفْصة و هي النَّوْبَة.
صفر:
في الحديث: «لا عَدْوَى و لا هامَةَ و لا صَفَر».
قال أبو عبيد: فسّر الذي روى الحديثَ أن الصَّفَر: دوابُّ البطن.
و قال أبو عُبَيدة: سمعتُ يونس يسأل رُؤْبَةَ عن الصَّفَر فقال: هو حَيَّةٌ تكون في البطن، تصيبُ الماشيةَ و الناس.
قال: و هي عندي أعْدَى من الجَرَب عند العرب.
قال أبو عُبَيْد: فأَبطل النبيُّ صلّى اللّه عليه و سلّم أنها تُعْدِي.
117
قال: و يقال: إنها تشتدّ على الإنسان و تؤذيه إذا جاع.
و قال أعشى باهلة:
* و لا يَعَضُّ على شُرْسُوفِهِ الصَّفَر*
قال: و قال أبو عُبيدة: يقال في الصفَر أيضاً: أنه تأخيرهم المُحَرَّم إلى صفر في تحريمه. و الوَجْه فيه التفسيرُ الأوّل.
و
في حديث آخر قال: «صَفْرَةٌ في سبيل اللّه خيرٌ من حُمْرِ النَّعَم»
، أي: جَوْعةٌ.
و قال التّمِيميّ: الصَّفَرُ: الجوعُ. و قيل للحيّة التي تَعُضُّ البطنَ: صَفَرٌ، لأنها تفعل ذلك إذا جاع الإنسان.
الحرّاني عن ابن السكيت: صَفِرَ الرجل يَصْفَر تصفيراً. و صَفِرَ الإناء من الطعامِ و الشراب، و الرَطْبُ من اللّبن يَصْفَر صَفَراً، أي: خلا، فهو صَفِر.
و يقال: نعوذ باللَّه من قرَع الغناء و صَفَر الإناء. و أنشد:
* و لو أَدْرَكْنَهُ صَفِرَ الوِطاب*
يقول: لو أدركتْه الخيلُ لقتلته ففرَغَت وِطابُ دَمِهِ و هي جُسمانه مِن دَمِه إذا سُفِك.
أبو حاتم عن الأصمعي قال: الصُّفارُ:
الماءُ الأصفر.
و قال اللّيثُ: صَفَرُ: شهرٌ بعد المُحَرَّم، و إذا جُمعا قيل لهما الصّفَران، قال:
و الصُّفَارُ: صَفْرَةٌ تعلو اللَّونَ و البَشَرة من داءٍ.
قال: و صاحبُه مَصْفُور، و أنشد:
* قَضْبَ الطَّبيبِ نائِطَ المَصْفُور*
و قال الليث: و الصُّفْرَةُ: لونُ الأصفر.
و فعله اللازمُ الاصفرار.
قال: و أما الاصفِيرارُ: فَعَرَضٌ يَعْرِض للإنسان، يقال: يَصْفَارُّ مرَّةً و يحمارُّ أخرى. و يقال في الأول: اصْفَرَّ يَصْفَرّ.
قال: و الصَّفِير من الصوت بالدواب: إذا سُقيت.
و الصّفَّارةُ: هَنَةٌ جوفاءُ من نُحاس يَصْفِر فيها الغلامُ للحَمام، و يصفِر فيها بالحِمار ليَشربَ.
قال: و الصِّفرُ: الشيء الخالي، يقال:
صَفِرَ يَصفُر صُفُوراً فهو صِفْر، و الجميع و الذّكَرُ و الأنثى و الواحدُ فيه سواء.
و الصِّفْرُ في حساب الهِنْد: هو الدائرة في البيت يغني حسابه.
و أخبرني المنذريّ عن أبي طالب قال:
قولُهم ما في الدار صافِر.
قال أبو عُبَيدة و الأصمعي: المعنى ما في الدار أحَدٌ يَصْفِرُ به، و هذا مما جاء على لفظ فاعل، و معناه مَفْعول به، و أنشد:
خَلَت المَنازِلُ ما بها ممّن عَهِدْتُ بهنّ صافِرْ
قال: و قال غيرُهما: ما بها صافر، أي:
118
ما بها أحد، كما يقال: ما بها دَيَّار.
و قال الليث: أي ما بها أحدٌ ذو صَفِير.
و بنو الأصفَر: مُلوكُ الرُّوم.
و قال عديُّ بنُ زيد:
و بنو الأصفر الكرامُ مُلُوكُ الر وم لم يَبقَ منهمُ مأثُورُ
و الصُّفْر: النُّحَاسُ الجيّد.
و أَبو صُفْرَة: كُنْيَةُ والدِ المُهلّب.
و الصُّفْرِيَّة: جنسٌ من الخوارج.
قال بعضهم: سُمُّوا صُفْرِيَّةً لأنهم نُسِبوا إلى صُفرة ألوانهم.
و روَى أبو حاتم عن الأصمعيّ أنه قال:
الصوابُ في الخوارج الصِّفْرِيَّة، بالكسر.
قال: و خاصَمَ رجل منهم صاحبَه في السجن فقال له: أنت و اللّه صِفرٌ من الدين؛ فسُمُّوا صِفْرِيَّة.
قال: و أما الصَّفريَّة فهم المهالبة، نُسِبوا إلى أبي صفْرَة.
أبو العباس عن ابن الأعرابيّ أنه أنشده:
يا رِيحَ بَيْنُونَة لا تَذْمِينا جئتِ بألوان المُصْفَرِّينا
قال قوم: هو مأخوذ من الماء الأصفر، و صاحبُه يَرشَح رَشحاً مُنْتِناً.
و قال قوم: هو مأخوذٌ من الصَّفَر، و هي حَيَّاتُ البَطن.
و أخبرَني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: الصَّفَرِيَّة: من لَدُن طلوع سُهَيل إلى سُقوط الذراع، تُسمَّى أَمطارُ هذا الوقت صَفَرِية.
و قال: يطلع سهيل و الجبهة ليلة واحدة لاثني عشرة ليلة من آب.
و قال أبو سَعيد الصفَرِيَّة: ما بين تَوَلِّي القَيْظ إلى إقبال الشتاء.
و قال أبو زيد: أوّل الصفَرِيَّة طلوعُ سُهَيل و آخرُها طلوعُ السِّماك.
قال: و في أوّل الصفَرِيّة أربعون ليلةً يختلف حرُّها و بردُها تسمَّى المعتدِلات.
و قال الليث: الصفَرِيّة: نباتٌ يكونُ في أوّل الخريف تَخضرّ الأرضُ و يورق الشجر.
و قال أبو نَصْرٍ: الصّقَعِيّ أولُ النّتاج، و ذلك حين تَصقَع الشمسُ فيه رؤوسَ البَهْم صَقْعاً. و بعضُ العَرب يقول له:
الشمسيّ و القَيْظِي، ثم الصفَرِيّ بعد الصقَعِيّ و ذلك عند صِرامِ النخل، ثم الشّتوِيّ و ذلك في الربيع، ثم الدفَئِيّ و ذلك حين تَدفَأُ الشمس، ثم الصيْفِيّ ثم القَيْظِيّ، ثم الخَرَفيَّ في آخر القَيْظ.
و قال الفرّاء في قول اللّه جل و عز:
جِمالَتٌ صُفْرٌ
[المرسلات: 33]، قال:
الصُّفر: سودُ الإبل، لا تَرى أسوَدَ من الإبل إلّا و هو مُشرَب صفْرةً، و لذلك سَمَّت العربُ سودَ الإبل صفْراً، كما
119
سَمّوا الظِّباء أُدْماً لما يعلوها من الظُّلمة في بياضِها.
و قال أبو عبيد: الأصفرُ: الأسوَد. و قال الأعشى:
تلكَ خَيلِي منه و تلك رِكابي هن صفْرٌ أولادُها كالزَّبيبِ
و قال الليثُ: الصفَارُ: ما بَقيَ في أصول أسنان الدابَّة من التِّبْن و العَلَف للدوابّ كلها.
و قال ابن السكّيت: السَّحَم و الصَّفار- بفتح الصاد- نَبْتان. و أَنشد:
إن العُرَيْمَة مانعٌ أرمَاحنا ما كان من سَحَمٍ بها و صفَارِ
و الصفْراء: نَبْتٌ من العُشْب. و الصفْراء:
شِعبٌ بناحية بَدْرٍ، و يقال لها الأصافر.
و قال ابن الأعرابي: الصفَارِيّة: الصَّعْوَة.
و الصافر: الجبان.
ص ر ب
صبر، صرب، برص، بصر، ربص:
مُستعملة.
صبر:
أبو العباس عن ابن الأعرابي: أصبَرَ الرجلُ: إذا أَكل الصَّبِيرَة، و هي الرُّقاقةُ التي يَغْرِفُ عليها الخبازُ طعامَ العُرْس.
قال ابن عرفة في قوله تعالى: وَ اصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ
[الأنفال: 46]، قال:
الصبرُ صبران هما عُدَّتان للإيمان: الصبر على طاعة اللّه و ما أمره، و الصبر عن معصية اللّه جل ثناؤه و ما نهى عنه.
و قال في قوله: لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ*
[إبراهيم: 5]، يقال: صابر و صبّار و صبور؛ فأما الصّبور فالمقتدر على الصبر، كما يقال: قتول و ضروب، أي: فيه قدرة على ذلك. و الصبَّار: الذي يصبر وقتاً بعد وقت. و الشكور: أوكد من الشاكر و هذان خلقان مدح اللّه بهما نفسه، و قد نعت بهما خلقه.
و أصبَرَ الرجلُ: وَقَع في أُمّ صَبُّور، و هي الدَّاهية، و كذلك إذا وقع في أمِّ صبّار، و هي الحرّة.
و أصبَر الرجل: إذا جَلَس على الصَّبير الأقدر و هو الوسط من الجبال و أصبَر سَدَّ رَأسَ الحَوْجَلَة بالصِّبار، و هو السِّداد.
و يقال لِرَأسها الفعولة و العرعُرة و الأنبوب و البلبة.
و قال الليث: الصبْرُ: نقيضُ الجَزَع.
و الصبْر: نَصْبُ الإنسانِ للْقتْل، فهو مَصْبور. و الصَّبر: أن تأخذ يمينَ إنسانٍ، تقول: صبَرتُ يمينَه، أي: حلَّفْتُه، و كلُّ من حبستَه لقتلٍ أو يمينٍ فهو قتلُ صبْرٍ، و يمينُ صبْرٍ.
و
في حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم: «أنه نَهى عن قَتْل شيءٍ من الدواب صَبراً».
قال أبو عُبَيد: قال أبو زيد و أبو عمرو في
120
قوله: «صَبراً»: هو الطائر أو غيرُه من ذواتِ الرُّوح يُصْبر حيّاً ثم يُرمَى حتى يُقتَل.
قال: و أصلُ الصَّبر الحَبْس، و كلُّ من حَبَس شيئاً فقد صبرَه.
و منه
الحديث الآخَر في رجُلٍ أمسَكَ رجلًا و قتَلَه آخَرُ فقال: «اقتُلوا القاتل و اصبروا الصابر»
. قوله: اصبِرُوا الصابر:
يعني احبِسوا الذي حَبَسه للموت حتى يموتَ.
و منه يقال للرجال يقدَّم فتُضرَب عُنقه: قُتِل صبراً، يعني أنّه أُمْسِك على الموت، و كذلك لو حَبَس رجلٌ نفسَه على شيء يريده قال: صبرتُ نفسي.
و قال عنترة يذكر حرباً كان فيها:
فصبَرْت عارِفَة لذلك حُرَّةً تَرْسُو إذا نَفْسُ الجبَان تَطلَّعُ
قال أبو عُبَيد: يقولُ: إنه قد حبس نفسه، و مِن هذا يَمين الصَّبْر، و هو أن يَحبِسه، السّلطان على اليمين حتى يحلِف بها، فلو حلَف إنسانٌ من غير إحلافٍ ما قيل:
حلف صبْراً.
و قال الليث: الصبِرُ: عُصارة شجرٍ ورقُها كقُرُب السكاكين طوالٌ غِلاظٌ في خُضْرَتها غُبْرة و كُمْدَة مقشعّرة المنظر، يخرج وسطها ساقٌ عليه نَوْرٌ أصفرُ ثَمِه الرِّيح.
قال: و الصُّبَارُ: حَمل شجرة طعمُه أشدُّ حموضةً من المَصْل له عجْم أحمرُ عريضٌ يسمَّى التَّمَر الهِنْدِيّ.
ثعلب عن سَلَمة عن الفراء قال: الصُّبَار:
التَّمْر الهِنْديّ، بضم الصاد. و الصُبَار:
الحجارةُ المُلْس. قال: و الصبار: صِمامُ القارُورة.
أبو عُبَيد، عن أبي عُبَيْدةَ قال: الصُّبارة:
الحجارة، بضم الصاد قال الأعشى:
من مُبْلغُ عَمْراً بأنَّ المَرْءَ لم يُخلق صبارَة
و قال: الصّبرُ: الأرض التي فيها حَصباء و ليست بغليظةٍ، و منه قيل للحَرّة: أمُّ صبار.
شمر عن ابن شُمَيْل: أمُّ صبَّار: هي الصَّفاة التي لا يَحيكُ فيها شيء. و قال:
الصبَّارة: الأرضُ الغليظة المَشرفة الشأْسه لا تُنبتُ شيئاً، و هي نحوٌ من الجبلُ.
و قال: هي أم صبّارٍ، و لا تسمَّى صبارةً، و إنما هي قُفٌّ غليظة.
و قال الأحمر: الصُّبْرُ جانبُ الشيء، و بُصْرُه مِثلُه.
و يقال: صُبْرُ الشيء: أعلاه. و منهُ قولُ ابن مسعود: سِدرَة المنتهَى: صُبْرُ الجنة.
قال: صُبْرُها: أعلاها.
و قال النَّمِر يصفُ رَوْضةً:
121
عَزَبَتْ و باكَرَها الرَّبيع بدِيمَةٍ وَطْفاءَ يَملؤُها إلى أَصْبارِها
و قال غيره: أصبارُ القَبْر: نواحِيه.
و الصَّبْرة من الحجارة: ما اشتدّ و غَلُظ، و جمعُها الصَّبار، و أنشد:
كأنّ تَرنُّم الهاجاتِ فيها قُبيلَ الصّبح أصواتَ الصَّبار
شبه نَقِيقَ الضَّفادِع بوَقْع الحجارة. و يُقال للداهية الشديدة أم صبور. و قال غيره:
يقال: وَقَع فلانٌ في أم صَبُّور، أي: في أمر لا مَنْفَذ له عنه. و قيل: أمُّ صَبّور:
هَضْبة لا مَنفَذ لها، تضْرب مَثلًا للداهية و أنشد:
أوقعَه اللَّهُ بسوءِ سَعْيِه في أمِّ صَبُّورِ فأَوْدَى و نَشِبْ
و
في حديث عمَّار حين ضرَبه عثمان رحمهما اللّه- فلمّا عُوتِبَ في ضربِه إيّاه قال: هذه يَدِي لعَمّارٍ فليَصْطَبر
، معناه فليقتصّ. يقال: صَبَر فلانٌ فلاناً لوليِّ فلانٍ، أي: حَبَسه. و أَصْبَره، أي: أقصَّه منه، فاصْطَبَر، أي: اقتَصَّ.
أبو عُبَيد عن الأحمر: أقادَ السلطانُ فلاناً و أقَصَّه و أصْبَرَه بمعنى واحد: إذا قَتَلَه بقَوَد و أَباءَهُ مِثلُه.
أبو عُبَيْد، عن أبي زيد: صَبَرْت بفلان أصبر به صَبْراً: إذا كفلتَ به فأنابه صَبِيرٌ.
و قال الكسائي مثله. قال: و صَبَرْتُ الرجَل أصبره: إذا لزمتَهُ و قد أتيتُه في صَبَارّة الشِّتاء، أي: في شدّة البَرْد.
و
في الحديث عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم: «أن اللّه جلَّ و عزَّ قال: إني أنا الصبور»
. قال أبو إسحاق: الصَّبور في صِفَة اللّه تعالى الحليم، قال الأصمعيّ: أدهقتُ الكأس إلى أصحابها، أي: إلى أعاليها. قال:
و الصَّبِيرُ: السحابة البيضاء. قال: و الصَّبِيرُ الّذي يَصبرُ بعضُه فوقَ بعض درجا.
و قال أبو زيد: الصَّبِيرُ: الجَبلُ.
و قال الليث: صَبيرُ الْخُوان: رُقاقة عريضةٌ تُبْسَط تحت ما يؤكل من الطعام. و صَبيرُ القوم: زعيمُهم، و الصُّبْرة من الطعام:
مثل الصُّوفة بعضه فوق بعض.
و قال أبو العباس: الصبر: الإكراه؛ يقال:
أصبَر الحاكم فلاناً على يمين صبْرٍ، أي:
أكرَهَه.
قال: و الصّبر: الجرْأة، و منه قول اللّه جلّ و عزّ: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ
[البقرة:
175]، أي: ما أجرأهم على عمل أهلِ النار.
و
قال أبو عَمْرو: سألت الخَلَنْجِي عن الصبر فقال: ثلاثة أنواع: الصبْرُ على طاعة الجبّار، و الصبْرُ على مَعَاصي الجبَّار، و الصبر على الصبْر على طاعته و ترِك معصيته.
و يقال: رجل صَبُور، و امرأةٌ صَبُور بغير
122
هاء، و جمعُها صبُر.
بصر:
قال الليث: البَصَرُ: العيْن، إلّا أنّه مذكَّر. و البَصرُ: نَفاذٌ في القَلْب.
و البصَارة: مَصدَر البَصير، و الفعلُ بصُر يَبْصُر. و يقال: بَصُرْتُ به.
و يقال: تبصّرْتُ الشيء شِبْه رَمَقْتُه.
و استَبصَر في أمره و دِينِه: إذا كان ذا بصيرة.
و قال الفراء في قول اللّه جلّ و عزّ: وَ كانُوا مُسْتَبْصِرِينَ
[العنكبوت: 38]، أي: كانوا في دينهم ذوي بصائر.
قال: فنادوه: وَ كانُوا مُسْتَبْصِرِينَ
، أي:
معجبين بضلالتهم.
و قال أبو إسحاق: معناه: أنّهم أتَوْا ما أتَوْا و قد بُيّن لهم أَن عاقبتَه عذابُهم، و الدَّليل على ذلك قوله: فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ* [النحل: 71]، فلما بيّن لهم عاقبةَ ما نهاهم عنه كان ما فعل بهم عَدْلًا وَ كانُوا مُسْتَبْصِرِينَ
و قال الأخفش في قوله: بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ
[طه: 96]، أي: علمتُ ما لم تعلموا، من البَصيرة. و أبصَرتُ بالعَيْن.
و قال الزجاج: بَصُر الرجلُ يَبصُرُ: إذا صار عَلِيماً بالشيء، و أبصرتُ أبصِرُ:
نظرتُ، فالتأويل عَلِمْتُ بما لم تعلَموا به.
و قوله جلّ و عزَّ: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَ لَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ (15)
[القيامة: 14، 15].
قال الفراء: يقول على الإنسان من نفسِه رُقَباء يَشْهَدُون عليه بعمله: اليدان و الرِّجْلان و العيْنان و الذَّكَر، و أنشد:
كأَن على ذي الطِّنْءِ عيناً بصيرةً بمَقْعَدِه أو مَنظَرٍ هوَ ناظرُهْ
يُحاذِر حتى يَحسَب الناسَ كلَّهمْ من الخوف لا تَخفَى عليهم سرائِرُهْ
و قال الليث: البَصيرة: اسمٌ لما اعتقد في القَلْب من الدِّين و تحقق الأمر.
ثعلب، عن ابن الأعرابي: الباصِرُ:
المُلَفِّق بين شُقَّتَيْن أو خِرْقَتَين، يقال:
رأيتُ عليه بصيرَةً من الفقر، أي: شُقَّةً ملفَّقة.
قال: و البَصيرة أيضاً: الشُّقَّة التي تكون على الْخِباء.
ابن السكيت عن أبي عمرو: البَصرُ: أن يُضَمَّ أَدِيمٌ إلى أَديم يُخَاطان كما يُخاط حَاشيَتا الثوب. و البصْر: الحِجارةُ إلى البياض، فإذا جاءُوا بالهاء قالوا:
البَصْرة، و أنشد:
* جَوانبُه من بَصْرةٍ و سِلَامِ*
و قال:
إن تَكُ جُلْمُودَ بَصْرٍ لا أؤَبِّسُهُ أوقِدْ عليه فأَحْمِيهِ فيَنصدِع
123
سَلمةُ عن الفرّاء قال: البِصْرُ و البَصْرة:
الحجارة البَرَّاقة.
و قال ابن شُميل: البَصَرَةُ: أرضٌ كأنها جَبَل من جِصّ، و هي التي بُنِيَتْ بالمِرْبَد؛ و إنما سُمّيت البَصْرة بَصْرَةً بها.
و قال أبو عمرو: البَصرةُ و الكَذَانُ:
كلاهما الحجارةُ التي ليست بصُلْبه.
و قال شمر: قال الفرّاء و أبو عمرو: أرضُ فلانٍ بُصْرَة- بضم الباء-: إذا كانت حَمراءُ طيّبتَه. و أرضٌ بَصِرةٌ: إذا كانت فيها حجارةٌ تَقطَع حوافرَ الدّواب. و بُصْرُ الأرض: غِلَظُها.
أبو عُبَيْد عن الأصمعيّ و أبي عمرو:
يقال: هذه بَصيرةٌ من دَم، و هي الجَدِيَةُ منها على الأرض، و أَنْشَد:
رَاحُوا بَصائِرُهمْ على أَكتافِهِمْ و بَصيرَتِي يَعْدُو بها عَتَدٌ وَ أَي
يعني بالبصائرِ: دمَ أبيهم.
و قال شمر: قال ابن الأعرابي في قوله:
راحُوا بَصائِرُهم، يَعنِي ثِقْل دمائهم على أكتافهم لَم يثأروا بها.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ، قال: البَصيرة:
الدِّيَة. و البَصيرَة: مقدار الدِّرْهم من الدَّم.
البَصِيرة: التُّرْس. و البَصيرة: الثبات في الدِّين.
قال: و البصائر: الدِّيات في البيت. قال:
أَخَذُوا الدِّيات فصارت عاراً. و بصيرتي، أي: تَأْرِي قد حملتُه على فرسي لأُطالبَ به، فيَبْنِي و بينَهم فرق.
سلمة عن الفَرّاء قال: الباصَرُ: القَتَب الصغير و هي البَواصِر.
و قال في قوله: وَ آتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها
[الإسراء: 59]، قال الفراء:
جعل الفعلَ لها، و معنى: (مُبْصِرَةً)
مضيئةً، كما قال جلّ و عزّ. وَ النَّهارَ مُبْصِراً*
[يونس: 67]، أي: مضيئاً.
و قال أبو إسحاق: معنى (مُبْصِرَةً)
أتبصِّرهم، أي: تبيِّن لهم. و من قرأ:
(مَبْصَرةً) فالمعنى: بيّنةً. و من قرأ:
(مُبْصِرَةً)
فالمعنى: مُتَبَيِّنةً. (فَظَلَمُوا بِها)، أي: ظلموا بتكذيبها.
و قال الأخفش: (مُبْصِرَةً)
، أي: مُبصَرّاً بها.
قلتُ: و القولُ ما قال الفرّاء، أراد: آتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ آيةً مُبْصِرَةً
، أي: مضيئةً.
ابن السكّيت في قولهم: أَرَيْتُه لَمْحاً باصراً، أي: نظراً بتحديقٍ شديد.
قال: و مَخرَجٌ باصرٌ مِن مخرج قولهم:
رجلٌ تامر، فمعنى باصر ذو بَصَر، و هو من أبصَرْتُ، مثل: مَوْتٍ مائِت، من أمَتُّ.
و قال الليث: رأى فلان لَمْحاً باصراً، أي: أمراً مفروغاً منه.
و أنشد:
124
* و دون ذاك الأمر لمح باصر*
و قال غيره: رأيت فلاناً لمّاحاً باصراً، أي: نظر بتحديق.
قلتُ: و القولُ هو الأوّل.
و قال الليث: إذا فَتَح الجَرْوُ عينَه قيل:
بَصَّر تَبْصيراً.
و يقال: البصيرة: الدِّرع، و كلُّ ما لُبِس من السلاح فهو بَصائرُ السّلاح.
و يقال للفِراسة الصادقة: فِراسةٌ ذاتُ بصيرة.
قال: و البصيرةُ: العِبْرة، يقال: أما لك بصيرةٌ في هذا؟ أي: عِبْرةٌ تعتبر بها، و أَنشَد:
في الذّاهِبِين الأوّلينَ من القُرون لنا بصائرْ
أي: عِبَر.
اللِّحياني عن الكسائيّ: إن فلاناً لمَعْضُوب البُصَر: إذا أصاب جِلْدَه عُضابٌ، و هو داءٌ يَخرج به.
و يقال: أعمى اللّه بصائره، أي: فِطَنَه.
و يقال: بَصَّر فلانٌ تَبْصيراً: إذا أَتَى البَصْرة.
قال ابن أحمر:
أُخبِّرُ من لاقيتُ أنِّي مُبَصِّرٌ و كائنْ تَرَى قبلِي من الناس بَصّرَا
و قال الليث: في البَصْرَة ثلاثُ لغات:
بَصْرَة، و بِصْرة، و بُصْرة، اللّغة العالية البَصْرة.
و قال أبو إسحاق في قول اللّه جلّ و عزّ:
لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ
[الأنعام: 103]، أعلمَ اللَّهُ جلّ و عزّ أنّه يُدرك الأبصار، و في هذا الإعلام دليلٌ على أن خَلْقَه لا يُدرِكون الأبصارَ، أي:
لا يعرفون حقيقة البَصر، و ما الشيءُ الَّذي به صارَ الإنسانُ يُبصِرُ من عَيْنيه دون أن يُبصِر من غيرهما من سائر أعضائه، فأَعلَم أنّ خَلْقاً مِنْ خَلْقِه لا يُدرِك المخلوقون كُنْهَه، و لا يُحيطون بِعلمه، فكيف به جلَّ و عزّ، فالأبصارُ لا تُحيط به، وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ.
فأمّا ما جاء من الأخبار في الرؤية و صحّ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فغيرُ مدفوع، و ليس في هذه الآية دليلٌ على دَفعها، لأن معنى هذه الآية معنى إدراكِ الشيء، و الإحاطة بحقيقته، و هذا مَذهبُ أهلِ السّنّة و العلم بالحديث.
و قولُه جلّ و عزّ: قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ
[الأنعام: 104]، أي: قد جاءكم القرآنُ الذي فيه البيانُ و البصائر، فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ
نَفْعُ ذلك، وَ مَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها ضَررُ ذلك، لأن اللّه غنيّ عن خَلْقه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: أبصَرَ الرجلُ:
إذا خَرَجَ من الكُفْر إلى بَصيرة الإيمان،
125
و أنشَد:
قَحْطانُ تَضرِب رأسَ كلِّ متوَّجٍ و على بصائرِها و إنْ لَم تُبْصِرِ
قال: بصائرُها: إسلامُها، و إذ لم تبصر في كفْرِها، و أَبصر: إذا عَلَّق على باب رَحْله بصيرةً، و هو شقة من قطن أو غيرِه.
و قال اللّحياني في قوله: بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ
[طه: 96]، أي: أبصَرْتُ، و لغةٌ أخرى: بَصِرْتُ به أبْصَرُ به، و يقال:
أَبْصِرْ إليّ، أي: انظُرْ إليّ.
و بُصْرَى: قريةٌ بالشام فتُنسَب إليها السّيوف البُصْريَّة.
صرب:
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: إذا حُقِنَ اللّبَنُ أيّاماً في السِّقاء حتى اشتدّ حَمَضُه، فهو الصَّرْب و الصَّرَب، و أنشد:
أرضٌ عن الخير و السلطان نائيةٌ فالأطْيَبان بها الطُّرْثُوثُ و الصَّرَبُ
و قال شَمِر: قال أبو حاتم: غَلِط الأصمعيّ في الصَّرَب أنه اللبن الحامِضُ.
قال: و قلتُ له: الصَّرَبُ: الصّمْغ، و الصَّرْبُ: اللبن، فعَرَفه، و قال كذلك الحَرّانيّ عن ابن السكّيت قال: الصَّرَبُ:
اللّبن الحامض.
يقال: صَرَب اللبَن في السِّقاء: إذا حَقَنَه فيه، يَصْرُبه صَرْباً، و السِّقاءُ: هي المِصْرَب و جمعُه المَصارِب.
و يقال: جاءَنا بصَربةٍ تَزْوِي الوجهَ، و أنشد:
سَيَكْفيك صَرْبَ القَوم لَحمٌ مُغرَّضٌ و ماءُ قُدور في الجِفان مَشُوب
قال: و الصَّرْبُ: الصمغُ الأحمر، صمغُ الطَّلْح.
أبو عُبَيد عن الأحمر: إذا جَعل الصبيُّ يَمكُث يوماً لا يُحْدِث قيل: صَربَ لِيَسْمَن.
و قال أبو زيد: صَرَب بَوْلَه و حَقَنَه: إذا أطال حَبْسَه.
و
في حديث أَبي الأحْوص الجُشَميّ عن أبيه أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال له: «هل تُنْتَج إِبلُكَ وافيةً آذانُها فتجدَعُها، و تقول صَرْبَى»
. قال القُتَيْبي: قولُه: صَرْبَى، نحو سَكْرَى، من صَرَبْتُ اللَّبنَ في الضّرْع: إذا جمعتَه و لم تَحلُبه.
و قيل للبَحِيرة: صَرْبَى، لأنّهم كانوا لا يَحلُبونها إلا للضَّيف فيَجتمع اللّبن في ضَرْعها، كما قال محمد بن إسحاق.
و
قال سعيد بنُ المسيَّب: البَحيرة الّتي يُمْنَع دَرُّها للطّواغيت فلا يَحلُبها أحدٌ من الناس.
و قال القُتَيْبيّ: كأنّ الصَّرْبى الّتي صَرَبَت اللبَن في ضَرْعِها، أي: جمعتْه.
قال بعضهم: يجعل الصرب من الصرم
126
و هو القطع، يجعل الباء مبدلةً من الميم، كما يقال: ضربةُ لازِمٍ و لازِب، و كأنه أصحّ التفسيرين لقوله: فتجْدع هذه فتقول صَرْبَى.
ثعلب عن ابن الأعْرَابي قال: الصربُ:
جمعُ صَرْبَى، و هي المشقوقة الأذن مثل البَحيرة في النوق. و يقال للوطب الذي يجمع فيه اللبن فيحمض: مصرب و جمعه مصارب.
و
حدّثني محمّد بنُ إسحاق قال: حدَّثنا عمر «1» بنُ شَبَّةَ قال: حدَّثنا غُنْدَر عن شُعْبَة عن أبي إسحاق قال: سمعتُ أبا الأحوص يحدِّثُ عن أبيه قال: أَتيتُ رسولَ اللَّهِ صلّى اللّه عليه و سلّم و أنا قَشِفُ الهيئة، فقال:
هل تُنْتَجُ إِبِلُكَ صِحَاحاً آذانُها، فتَعْمِدَ إلى المُوسَى فتقطَعَ آذانَها فتقول هذه بُحُر وَ تَشُقُّهَا فتقول هذه صُرُم فتحرّمها عليك و على أهلك؟ قال: نعم. قال: «فما آتاك اللّه» لك حِل و ساعِدُ اللّه أَشَدُّ و مُوساه أَحَدّ.
قلت: قد تبيَّنَ بقوله: صُرُم ما قاله ابن الأعرابي في الصَّرْب: أن الباء مُبْدَلَةٌ من الميمِ.
و قال ابن الأعرابيّ: الصِّرْبُ: البيوتُ القليلة من ضَعْفَي الأعراب.
قلتُ: و الصِّرْمُ مِثل الصِّرْب، و هو بالميم أعرَف. و يقال: كَرَصَ فلانٌ في مكْرَصِه، و صَرَبَ في مِصرَبِه، و قَرَعَ في مِقْرَعِه، كلُّهُ السِّقَاءُ يُحْقَنُ فيه اللَّبَن.
برص:
قال الليثُ: البَرَص معروف، نسألُ اللّه منه العافية. و سامّ أَبْرَص: مضافٌ غير مصروف، و الجمعُ سوامّ أبرص.
أبو عُبَيْد عن الأصْمَعِيّ قال: سامّ أبْرَصَ- بتشديد الميم- قال: و لا أدري لِمَ سُمِّيَ بهذا؟.
و قال أبو زيد: و جمعُه سَوامُّ أبْرَصَ، و لا يثنَّى أبرَص و لا يُجمَع، لأنه مُضافٌ إلى اسم معروف، و كذلك بناتُ آوَى و أُمهاتُ حُبَيْنِ و أشباهها.
و قال غيرُه: أبْرَصَ الرجلُ: إذ جاءَ بولَدٍ أَبرَص. و يُصَغَّرُ أَبْرَصُ فيقال: بُرَيْص، و يُجمع بُرْصاناً. و من الناسِ مَنْ يَجمع سامَّ أَبْرَصَ: البِرَصَةَ. و بَرِيص: نهرٌ بِدمَشْق، قال حسَّان:
يَسْقُونَ مَن وَرَدَ البَرِيصَ عليهِمُ بَرَدَى يُصفِّقُ بالرحيقِ السَّلْسَلِ
ربص:
قال الليثُ: التربُّص بالشيء: أن تَنْتظِرَ به يوماً مَّا، و الفِعل تربَّصْتُ به.
و قال أبو إسحاق في قول اللّه جلَّ و عزّ:
قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى
__________________________________________________
(1) في المطبوعة (عمرو) و هو خطأ، انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (21/ 386)- مؤسسة الرسالة-.
127
الْحُسْنَيَيْنِ [التوبة: 52]، أي: إلَّا الظَّفَرَ و إلَّا الشهادةَ، وَ نَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ
إحدى الشَّرَّتَيْن: عذاباً من اللّه، أو قَتْلًا بأيدينا، فبيْنَ ما نَنتظِرُ و تنتظرون فرقٌ كبير.
و قال ابنُ السكّيت: يقال: أقامت المرأة رُبْصَتَها في بيتِ زوجِها، و هو الوقتُ الذي جُعل لزوجها إذا عُنِّنَ عنها، فإن أتاها و إلَّا فرِّقَ بينهما. و البريص:
موضع.
ص ر م
صرَم، رصم، صمر، رمص، مرص، مصر: مستعملة.
مرص:
قال الليث: المَرْصُ للثَّدْي و غيرِه، و هو غَمْزٌ بالأصابع. و الْمَرْسُ: الشيءُ يُمرَس في الماء حتى يَتَمَيَّثَ فيه.
ثعلب عن ابن الأعرابي: المَرُوصُ و الدَّرُوسُ: النّاقَةُ السَّريعةُ.
قال: و النَّشُوصُ: العظيمةُ السَّنام.
و المَصُوصُ: القَمِئَةُ، و الشخوص: النضوة من التعب. و العَرُوصُ: الطيبةُ الرائحة إذا عَرِقَتْ.
صمر:
أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ:
التصْميرُ: الْجَمْع و المَنْع، يقال: صَمَر مَتاعَه و صَمَّرَه و أَصْمَرَه. و التَّصْمِيرُ أيضاً:
أن يَدْخُل الرجلُ في الصُّمَيْرِ و هو مَغيبُ الشمس، يقال: أَصْمَرَنا و صَمَّرْنَا، و أقْصرْنا و قَصَّرْنا، و أَعْرَجْنَا و عَرَّجْنَا بمعنًى واحد.
و قال اللّيث: صَمَرَ الماءُ يَصْمُر صُمُوراً:
إذا جرى مِن حَدُورٍ في مُسْتَوٍ، فَسَكَنَ فهو يَجرِي، و ذلك المكانُ يُسَمَّى صِمْرَ الوادي.
قال: و صَيْمَرَةُ: أرضٌ مَهْرَحان، و إليها يُنسبُ الْجُبْن الصَّيْمَرِي.
الفرّاء: أدهقْتُ الكأسَ إلى أَصْبَارِها و أَصْمَارِها، أي: إلى أعلاها الواحد صَيْر و صُمْر.
و
في حديثِ عليٍّ أنه أعطَى أبا رافع حَتِيّاً و عُكَّةَ سَمْنٍ. و قال: ادْفَعْ هذه إلى أسماءَ بِنْتِ عُمَيْس- و كانت تحتَ أَخيهِ جعفر- لِتَدْهُنَ بني أخيه من صَمَر البحر، و تُطعمهم من الحَتِيّ.
أمَّا صَمَرُ البحرِ: فهو نَتْنُ ريح غَمَقِه و وَمَدِه، و الْحَتِيُّ: سَوِيقُ الْمُقْل.
عمرو عن أبيه قال: الصُّمَارَى: الاست لنَتْنها.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: الصَّمْر:
رائحةُ السَّمَكِ الطّرِيّ. و الصَّمْرُ: غَتْمُ البَحْر إذا خَبّ و خَبِيبُه: تَناطُح أمْوَاجِه.
ابنُ دُرَيد: رَجُلٌ صَمِيرٌ: يابِسُ اللَّحم على العَظْم.
رمص:
أبو عُبَيْد: رَمَصَ اللَّهُ مصيبتَه، أي:
جَبَرها.
128
و قال الليث: الرَّمَص: عَمَصٌ أبيض تَلفِظُه العَيْن فتَوْجَع له. عَينٌ رَمْصاءُ، و قد رَمِصَتْ رَمَصاً: إذا لَزِمها ذلك.
ابن دُرَيد: رَمِيص: اسمُ بلدٍ.
مصر:
أبو عُبيد عن الأصمعيّ: ناقة مَصُورٌ:
و هي التي يُتَمَصّر لبنُها قليلًا قليلًا.
و قال الليث: المَصْرُ: حَلْبٌ بأطراف الأصابع، السّبابة و الوُسْطى و الإبهام و نحو ذلك. و ناقةٌ مَصُور: إذا كان لبنُها بطيءَ الخروج لا يُحلَب إلّا مَصْراً.
و التمصُّر: حَلْبُ بَقايا اللبن في الضَّرْع بعد الدَّرّ و صار مستعمَلًا في تتبُّع القِلّة، يقولون: تمتصِرُونها. و مَصَّر فلانٌ غَطاءَه تمصيراً: إذا فَرّقه قليلًا قليلًا.
و قولُ اللّه جلّ و عزّ: اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ
[البقرة: 61].
قال أبو إسحاق: الأكثر في القراءة إثباتُ الألف و فيه وجهان جائزان: يرادُ بها مصرٌ من الأمصار؛ لأنهم كانوا في تِيهٍ، و جائز أن يكون أراد مصرَ بعيْنِها؛ فجعل مِصْرَ اسماً للبلد فصَرفَ، لأنه مذكَّر سُمِيَ به مذكّر. و من قرأ: (مصرَ) بغير ألفٍ أراد مِصْرَ بعينِها؛ كما قال: ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ
[يوسف: 99] و لم يُصرَف، لأنه اسم المدينة فهو مذكَّر سمّيَ به مؤنث.
و قال اللّيث: المِصْرُ في كلام العرب: كلّ كُورةٍ. تُقام فيها الحُدود و يُقسَم فيها الفَيْءُ و الصدقاتُ من غير مؤامرة الخليفة، و كان عمرُ رضي اللّه عنه مَصّر الأمصارَ منها البَصْرة و الكوفة. و الأمصار عند العرب تلك.
قال: و مصر: الكورة المعروفة لا تصرف.
و قال غيره: المصر: الحد.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: قيل للكوفة و البَصْرة: المِصْران لأن عُمَر قال: لا تَجعلوا البحرَ فيما بيني و بينكم مَصِّرُوها
، أي: صيِّروها مِصْراً بين البحر و بيني، أي: حدّاً.
قال: و المِصْرُ: الحاجز بين الشيئين.
و قال عديّ بن زيد:
و جَعَل الشمسَ مِصْراً لا خَفاءَ به بين النهار و بين الليلِ قد فَصَلَا
أي: حدّاً.
و يقال: اشتَرى الدارَ بمُصُورِها، أي:
بحُدودها.
أبو عُبَيد: الثِّيابُ المُمَصَّرة: التي فيها شيءٌ من صُفْرة ليست بالكثيرة.
ثعلب عن ابن الأعرابي: ثوبٌ ممصَّر:
مصبوغٌ بالعِشْرِق، و هو نَباتٌ أحمَرُ طيّبَ الرّائحة، تستعمله العرائس، و أَنشدَ:
* مُختلِطاً عِشْرِقُهُ و كُرْكُمُهْ*
129
قال: و المِصْرُ: الحدُّ في كلّ شيءٍ.
و المِصْرُ: الحدُّ في الأرضين خاصّة.
قال: و المَصْرُ: تَقطُّعُ الغَزْلِ و تَمسُّخُه، امَّصَرَ الغَزْلُ: إذا تَمَسَّخه.
قال: و المُمَصَّرَة: كُبّة الغَزْل، و هي المُسَفَّرة.
و قال شمر: قيل: الممصَّرُ من الثياب: ما كان مَصْبوغاً فغُسِل.
و قال أبو سَعِيد: التَّمصير في الصَّبغ: أن يَخرج المصبوغُ مبقَّعاً لم يَستحكمْ صَبغُه.
قال: و التَّمصر في الثياب: أن تَتَمشَّق تَخرُّقاً من غير بلًى.
قال: و المَصِيرُ: المِعَى، و جمعُه مُصْران؛ كالغَدِير و الغُدْران.
و قال الليث: المَصَارين خطأ.
قلتُ: المَصارين جمعُ المُصْران، جمعته العرب كذلك على توهُّم النون أنها أصليّة، و كذلك قالوا: قُعُود و قِعْدان، ثم قَعادِين جمع الجمع. و كذلك توهَّموا الميمَ في المَصير أنها أصليّة فجَمعوها على مُصْران؛ كما قالوا لجَماعَة مَصادِ الجَبَل: مُصْدان.
رصم:
أهمله الليث.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الرَّصَم:
الدُّخولُ في الشِّعْب الضيِّق. و الصَّرْمُ:
الهِجران، في موضعه.
صرم:
قال الليث: الصَّرْمُ: دَخيل.
و الصَّرْمُ: القطعُ البائنُ للحبْل و العِذْق، و نحوُ ذلك الصِّرام؛ و قد صَرَمَ العِذْقُ عن النخلة. و أَصرَمَ النخلُ: إذا حانَ وقتُ صِرَامِه.
و الصُّرْمُ: اسمٌ للقطيعة، و فِعلُه الصَّرْم.
و المُصَارمَة بين الاثنين.
و الصَّرِيمة: إحكامُك أمراً و عَزْمُك عليه.
و قال اللّه جلّ و عزّ: فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20)
[القلم: 20].
قال الفرّاء: (كَالصَّرِيمِ)
، يريد: اللّيلَ المسوَدَّ، و نحو ذلك قال الزجّاج.
قال: و قوله: إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ
[القلم:
22]، إن كنتم عازمين على صِرام النخل.
أبو عُبَيد عن أبي عُبَيْدة: الصَّرِيمُ:
الصبح. و الصَّرِيمُ: اللَّيل.
و قال بِشر في الصَّريم بمعنى الصُّبح يصف ثَوْراً:
فباتَ يقولُ أصْبِحْ لَيْلُ حتى تَكَشَّفَ عن صَرِيمته الظَّلَامُ
قال: و من الليل قولُ اللّه تعالى: فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20)
[القلم: 20] يعني احترقتْ فصارت سوداءَ مِثْل اللّيل.
و قال الأصمعيّ و أبو عمرو في قوله:
تكشَّفَ عن صَرِيمته، أي: عن رَمْلَته التي هو فيها، يعني الثوّر، و كذلك قال ابن
130
الأعرابي.
و قال قَتادة في قوله: فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20)
، قال: كأنها صُرِمتْ.
و قيل: الصَّرِيم: أرضٌ سَوْداء لا تُنبِت شيئاً.
و قال شَمِر: الصَّريمُ: الليل، و الصَّرِيمُ:
النهار؛ يَنْصَرم النهارُ من اللّيل، و اللّيلُ من النهار.
قال: و يُروى بيت بشر:
* تَكَشَّف عن صَرِيميه*
قال: و صَرِيماه أوّلُه و آخره.
و قال الأصمعي: الصَّرِيمةُ من الرَّمل:
قطعةٌ ضخمةٌ تَنْصَرِمُ عن سائر الرمال، و تُجمع الصَّرائم.
أبو عُبيد: الصِّرْم: الفِرْقة من الناس ليسوا بالكثير و جمعُه أصْرام.
و قال الطِّرِمّاح:
يا دارُ أقوَتْ بعد اصْرامِها عاماً و ما يُبكيكَ من عامِها
و قال أبو زيد: الصِّرمةُ: ما بين العشر إلا الأربعين من الإبل.
ثعلب عن ابن الأعرابي: جاء فلانٌ صَرِيمَ سَحْرٍ: إذا جاء بائساً خائفاً.
و قال في موضعٍ آخر: أنا من هذا الأمر صريم سحر، أي: آيس منه.
الليث: رجل صارِمٌ، أي: ماضٍ في كلّ أمر، و قد صَرُم صرامةً.
قال: و ناقةٌ مصرَّمةٌ، و ذلك أن يُصَرَّم طُبْيُها فيُقْرَحَ عَمْداً حتى يَفْسُد الإحليل فلا يخرج اللبن فيَيْبَس، و ذلك أقوى لها.
و قال نُصير الرازي فيما روى عنه أبو الهيثم قال: ناقةٌ مصرَّمةٌ: هي التي صَرَمَها الصِّرَارُ فوقَّذَها، و ربما صُرِمَتْ عَمْداً لتَسْمَن فتُكْوَى.
قلت: و منه قولُ عنترة:
* لُعِنَتْ بمَحْروم الشَّراب مصرَّمِ*
و يقال: أصرَمَ الرجُل إصرَاماً فهو مُصْرِم:
إذا ساءَتْ حالُه و فيه تماسُك؛ و الأصلُ فيه أنه بقيتْ له صِرْمة من المال، أي:
قطعة.
و سيفٌ صارِمٌ: أي: قاطع. و صَرَامِ: من أسماء الحرب.
قال الكُمَيت:
جَرَّدَ السيفَ تَارَتين من الدَّهرِ على حينَ دَرَّةٍ من صَرامِ
و قال الجعْدِيّ:
ألا أبلغْ بني شيبانَ عنِّي فقد حَلبتْ صَرامُ لكم صَراهَا
و صَرامُ من أسماء الحرب، و في «الألفاظ» لابن السكّيت: صُرامُ: داهية، و أنشد:
* على حين دَرّةٍ من صُرامِ*
و الصَّرْماءُ: الفَلاةُ من الأرض، و قال:
131
على صَرْماءَ فيها أصْرَماها و خِرِّيتُ الفَلاةِ بها مَليل
قال ابن السكّيت: الأصرَمان: الذئب و الغُراب، لأنّهما انصَرَما من النّاس، أي: انقطعا.
أبو عُبَيد عن الفرّاء: فلانٌ يأكُل الصَّيْرَم في اليوم و اللّيلة: إذا كان يأكلُ الوَجْبَة.
قال أبو عُبَيدة: هي الصَّيْلَم أيضاً و هي الجَرْزَم، و أنشد:
و إن تُصِبْكَ صَيْلَمُ الصَّيالِم لَيْلًا إلى لَيْلٍ فعيْشُ ناعِمِ
و قال اللّحياني: هي أكلَةٌ عند الضُّحى إلى مِثلها من الغد.
و
في الحديث: «في هذه الأمة خَمْسُ فِتَن، قد مَضَتْ أربعٌ، و بقيت واحدةٌ و هي الصَّيْرَم»
، و كأنها بمنزلة الصَّيْلَم، و هي التي تستأصل كلَّ شيء.
عمرو عن أبيه: الصَّرُومُ: الناقةُ التي لا تَرِدُ النَّضِيحَ حتى يَخْلُو لها.
تَنصرِم عن الإبل، و يقال لها: القَذُور و الكَنُوف، و العَضَادُ، و الصَّدُوف، و الآزِيَة.
و قال غيرُه: الصَّيْرَم: الرأيُ المُحكَم.
و الصَّرِيمة: العزيمة.
يقال: فلانٌ ماضِي الصَّريمة، أي:
العزيمة.
و أخبرَني المنذريُّ عن المفضَّل عن أبيه:
صَرَم شَهْراً، بمعنى مكث. و اللّه أعلم.
أبواب الصاد و اللّام
ص ل ن
استعمل من وجوهها: [نصل].
نصل:
قال الليث: النَّصْلُ: نَصْلُ السهم، و نَصْلُ السيف، و نَصْلُ البُهْمَى و نحوَها من النبات: إذا خرجت نِصالُها.
ثعلب عن ابن الأعرابي: أنصَلْتُ الرّمْحَ و نَصَلْتُه: جعلتُ له نَصْلًا، و أنصَلْتُه:
نَزَعْتُ نَصْله.
و قال غيره: سهمٌ ناصِلٌ: إذا خرجَ منهُ نَصْلُه.
و منه قولُهم: ما بَلِلْتُ منه بأَفْوَقَ ناصِل، أي: ما ظفِرْتُ منه بسهمٍ انكسرَ فُوقُه و سَقَط نصلُه.
و سهمٌ ناصلٌ: ذو نَصْل، جاء بمعنَيين متضادَّين.
و كان يقال لرجب: مُنْصِل الألّةِ و مُنْصِل الإلال، لأنهم كانوا يَنْزِعون فيه أسنّةَ الرّماح. قال الأعشى:
تدارَكَه في مُنْصُل الألِّ بعدما مضى غيرَ دَأْداءٍ و قد كاد يَذْهَبُ
أي: تداركه في آخر ساعةٍ من ساعاته.
و المُنصُل- بضم الميم و الصاد- من أسماء السَّيف.
132
قاله أبو عُبَيد و غيرُه.
و نَصْلُ السيف: حديدُه.
و النَّصِيل: قال ابن شميل: هو حَجَر طويلٌ رقيقٌ كهيئة الصفيحة المحدَّدة، و جمعه النُّصُل، و هو البِرْطيل أيضاً، و يشبَّه به رأسُ البعير و خُرْطُومُهُ إذا رَجَف في سَيْرِه.
قال رؤبة يصف فحلًا:
عريض أَرْآدِ النَّصِيل سَلْجَمُهْ ليس بِلَحْيَيْه حِجامٌ يَحْجُمُهْ
و قال الأصمعي: النَّصِيلُ: ما سَفَل من عينيه إلى خَطْمه، شبّهه بالحجر الطويل.
و قال أبو خِراش في النَّصيل فجعله الحجر:
و لا أَمغُر السَّاقين باتَ كأنّه على مُحَزْئلّاتِ الإكامِ نَصيلُ
قال: و النَّصيلُ: قدرُ ذِراع.
و قال الأصمعي في قوله:
* بناصِلاتٍ تُحْسَب الفُئُوسا*
قال الواحدُ: نَصِيل، و هو ما تحت العين إلى الخَطْم، فيقول: تحسبها فؤوساً.
و قال ابن الأعرابي: النَّصيل: حَيثُ نَصَل لَحْيَاه.
و قال الليث: النَّصيل: مَفصِلُ ما بين العُنُق و الرأس باطنٌ من تحت اللَّحْيين.
هذا خلاف ما حفظ عن العرب.
قال: و نصل الحافِر نصولًا: إذا خرَج من موضعه فسقط كما ينْصُل الخِضَابُ و نصل فلانٌ من الجبل من موضع كذا و كذا علينا، أي: خرج.
قال: و التنصُّلْ شِبْه التَّبرُّؤ من جِناية أو ذَنْب.
و يقال للغَزْل إذا أُخْرِج من المِغْزَل:
نَصَل. و يقال: استنصَلَتِ الرِّيحُ اليَبِيسَ:
إذا اقتلعْته مِن أصلِه.
و قال ابن شُميل: النَّصْلُ: السَّهْم العَرِيض الطّويل يكون قريباً من فِتْرٍ، و المِشْقَص على النِّصف من النّصْل. قال: و السَّهم نفسُ النَّصْل، و لو التقطْتَ نَصْلًا لقلت:
ما هذا السهم معك، و لو التقطت قدحاً لم أقل ما هذا السهم معك.
أبو عُبَيد عن الكسائيّ: أنْصَلْتُ السهمَ- بالألف-: جعلتُ فيه نَصْلًا، و لم يذكر الوجه الآخر أنّ الإنصالَ بمعنى النَّزْع و الإخْراج، و هو صحيح، و لذلك قيل لرَجَبٍ مُنْصِلُ الأسِنّة.
و قال ابن الأعرابي: النَّصْل: القَهْوَبَاةُ.
بلا زِجاج. و القَهْوَبَاةُ: السِّهام الصغار.
أبو عُبَيد عن الكسائيّ: لحيةٌ ناصلٌ من الخِضاب، بغير هاءٍ.
قال: و نَصَل السَّهْمُ فيه: ثَبَتَ فلم يَخْرُج.
قال أبو عُبَيد: و قال غيرُ واحدٍ: نَصَلَ:
خَرَج.
133
و قال شمر: لا أَعرف نَصَل بمعنى ثَبَت.
و نَصَلَ عندي: خَرج
ص ل ف
صلف، صفل، لصف، فصل، فلص.
لصف:
قال الليث: اللَّصَفُ: لُغَة في الأصف، و الواحدةُ لصفة، و هي ثمرةُ شجرةٍ تُجعَل في المرَق لها عُصارةٌ يُصطبغ بها تُمْرِىءُ الطعام.
أبو عُبَيد عن الفرّاء: اللَّصفُ: شيءٌ يَنْبتُ في أَصْل الكَبَر كأنه خيَار.
قلتُ: و هذا هو الصّحيحُ، و أما ثمر الكَبَر فإن العرب تسمِّيه الشَفَلَّج: إذا انشقّ و تفتَّح كالبُرْعومة. و لَصَافِ و ثَبْرةٌ: ماءان بناحية الشَّواجن في دِيار ضَبّة بن أُدٍّ، و قد شربتُ بهما، و إيّاهما أراد النابغةُ:
بمصطحِبَاتٍ من لَصافٍ و ثَبْرةٍ يَزُرْنَ أَلَالا سَيرُهُنَّ التَّدافُعُ
أبو عُبَيد: لصَف لَوْنُه يَلْصف: إذا بَرَق و تلألأ.
صلف:
سمعتُ المنذريَّ يقول: سمعتُ أبا العبّاس يقول: إناءٌ صَلِفٌ: خالٍ لا يأخذُ من الماء شيئاً. قال: و قال: أصْلَفٌ من ثَلْج في ماءٍ، و من مِلْحٍ في ماء قال:
و الصَّلَفُ: قِلّةُ الخَير.
و امرأةٌ صِلِفة: قليلةُ الخير لا تَحظَى عند زوجها.
و قال أبو عمرو: قال أبو العباس: قال قوم: الصَّلِف مأخوذٌ من الإناء السائل، فهو لا يخالط الناسَ و لا يَصبِر على أخلاقهم.
و قال قومٌ: هو من قولهم: إناءٌ صَلِفٌ:
إذا كان ثخيناً ثقيلًا، فالصَّلَف بهذا المعنى في هذا الاختيار، و العامّة وَضَعَت الصَّلَف في غير محلِّه. قال: و قال ابن الأعرابي: الصّلفُ: الإِناءُ الصغير.
و الصَّلَفُ: الإناءُ السائل الذي لا يكاد يُمسك الماء. و الصَّلِفُ: الإناءُ الثَّقيل الثَّخين.
قال: و يقال: أصلَفَ الرجلُ: إذا قَلَّ خيرُه. و أَصلف: إذا ثَقُل روحُه، و فلانٌ صَلِفٌ: ثَقيل الرُّوح.
أبو عُبَيد من أمثالهم في الواحد و هو بخيل مع جِدَتِه: رُبَّ صَلِفٍ تحتَ الرّاعدة، قال ذلك الأصمعيّ. قال: و الصَّلفُ: قِلّة النَّزَل و الخير.
أرادوا أن هذا مع كثرة ما عندهم من المال مع قلة الصنع كالغمامة الكثيرة الرعد مع قلة مطرها.
أبو عُبيد: الصَّلِفة من النساء التي لا تَحظَى عند زوجها، و قال القُطاميّ:
لها رَوْضةٌ في القَلبِ لَم تَرْعَ مِثلَها فَرُوكٌ و لا المستعبِراتُ الصلائف
و قال الليث: الصَّلَف: مجاوزَةُ قَدْر
134
الظَّرْف و البَراعة و الادّعاءُ فوق ذلك.
و طعامٌ صلف: مَسِيخٌ لا طعمَ له.
و الصَلِيفُ: نعتٌ للذَّكَر. و الصَّلِيفان:
صَفْحتا العُنق.
شَمِر عن ابن الأعرابيّ: الصَّلْفاء: المكان الغلِيظُ الْجَلَد.
و قال ابن شُمَيل: هي الصَّلِفَةُ للأرض التي لا تنبت شيئاً، و كلُّ قُفّ صَلِف و ظلفٌ، و لا يكون الصَّلَف إلا في قُفّ أو شبهه.
و القاعُ القَرَقُوسُ صَلِفٌ، زعَم. قال:
البَصْرة صلفٌ أَسِيف، لأنه لا يُنبِت شيئاً.
و قال الأصمعيّ: الصَّلْفاء و الأصْلفُ: ما اشتدَّ من الأرض و صَلب.
و قال أوسُ بنُ حَجَر:
و خَبَّ سفَا قُرْيانه و توقَّدتْ عليه من الصَّمّانَتَيْن الأصالِفُ
أبو العباس عن ابن الأعرابي: الصَّلْف:
خوافِي قلب النَّخْلة الواحدة صَلْفة.
و قال الأصمعيّ: خُذْ بصَلِيفه و بصلِيفَته بمعنى خذ بقَفَاه.
أبو زيد: الصَّلِيفان: رأسا الفَهْقَة من شِقَيْها.
فلص:
قال الليث: الأفلاص: التفلُّت من الكَفِّ و نحوه.
و قال عرّام: انْفَلَص مِنِّي الأمرُ و انملَصَ:
إذا أفْلت، و قد فَلَّصْته. و قد تفلَّص الرشاء من يدي و تملَّصَ بمعنى واحد.
صفل:
ثعلب عن ابن الأعرابي: أصفلَ الرجل: إذا رَعَي إبِلَه الصِّفْصلَّ، و هو نبت، و أنشد:
* الصَّل و الصِّفْصل و اليَعْضيدَا*
فصل:
قال الليث: الفَصلُ: بَوْنُ ما بين الشيئين. و الفَصْلُ من الجسَد: موضعُ المَفْصل، و بين كلّ فصلين وصلٌ، و أنشد:
وصلًا و فَصْلًا و تَجمِيعاً و مُفترقا فَتْقاً و رَتقاً و تأليفاً لإنسانِ
و الفَصلُ: القضاءُ بين الحقّ و الباطل، و اسم ذلك القضاء الَّذي يَفصل فيصل.
و هو قضاءٌ فيْصلٌ و فاصل.
و أخبرني المنذريّ عن ثعلب أنه قال:
الفَصيلةُ: القِطْعةُ من أعضاء الجسد، و هي دون القَبيلة.
و قال أبو عبيد: فصيلةُ الرجل: رَهْطُه الأدْنَوْن، و كان يقال العباس: فصيلةُ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، قال اللّه جلّ و عزّ: وَ فَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ
[المعارج: 13].
و قال الليث: الفَصيلة: فَخِذ الرجل من قومِه الذين هو منهم. و الفَصيلُ: من أولادِ الإبل، و جمعُه الفُصْلان.
و الفَصيلُ: حائِطٌ قَصير دون سورِ المدينة و الحِصْن. و الانفصال مُطاوَعَةُ فَصل.
و المَفْصل- بفتح الميم-: اللّسان.
135
و المَفصلُ: أيضاً: كلُّ مكان في الجَبَل لا تَطلُع عليه الشّمس، قال الهذَلي:
مطافيلَ أبْكارٍ حديثٍ نِتاجُها يُشاب بماءٍ مِثْل ماءِ المفاصِلِ
و قال أبو عمرو: المَفصل: مَفرق ما بين الجَبَل و السَّهل.
قال: كلُّ موضعٍ ما بين جَبَلين يَجرِي فيه الماء فهو مَفصل.
و قال أبو العُمَيثل: المفاصِلُ: صُدُوعٌ في الجبال يَسيل منها الماء، و إنما يقال لما بين الجَبَلين: الشِّعْبُ.
و الفِصال: الفِطام، قال اللّه تعالى:
وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً
[الأحقاف:
15]، المعنى: مَدى حَمْل المرأة إلى منتهى الوقت الذي يُفصَل فيه الولد عن رَضاعها ثلاثون شهراً.
و قال هَجَريّ: خير النَّخْل ما حُوِّل فسيلُه عن منبِته.
قال: و الفَسيلة المحوَّلة تسمَّى الفَصلة، و هي الفَصلات، و قد افتصلْنا فَصلاتٍ كثيرةً في هذه السنة، أي حوّلناها.
و يقال: فَصَّلتُ الوشاحَ: إذا كان نظمُه مُفَصلًا بأن يَجعل بين كل لؤلؤتين مَرْجانةً أو شَذْرةً أو جَوهرةً تَفصل بين اثنتين من لونٍ واحد. و تَفْصيلُ الجَزور: تَعْضِيَتُه، و كذلك الشاة تفصَّل أعضاء.
و قال الخليل: الفاصلة في العَرُوض: أن يَجمع ثلاثة أحرف متحرّكة و الرابع ساكن مثل فَعِلَنْ.
قال: فإذا اجتمعت أربَعةُ أحرف متحرّكة فهي الفاضلة- بالضاد معجمة- مثل:
فعُلَتُنْ.
و الفَصل عند البصريِّين: بمنزلة العِماد عند الكوفيِّين، كقول اللّه جلّ و عزّ: إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ [الأنفال:
32]، فقوله: هُوَ فصلٌ و عِمادٌ، و نُصِب الْحَقَّ لأنّه خبرُ كانَ، و دخلتْ هُوَ لِلفصْل. و أواخِرُ الآيات في كتابِ اللّه فواصِل، بمنزلة قوافِي الشِّعر، واحِدَتُها فاصِلة.
و قولُ اللّه جلّ و عزّ: كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ
[فصلت: 3]، له مَعنيان: أحدهُما:
تفصلُ آياتِه بالفواصل، و المعنى الثاني:
فصَّلناه: بيّنّاه. و قولُه جلّ و عزّ: آياتٍ مُفَصَّلاتٍ
[الأعراف: 132]، بين كل آيتين مُهْلَهْ. و قيل: مُفَصَّلاتٍ
مبَيَّنات، و اللّه أعلم.
و يقال: فَصل فلانٌ من عندي فُصولًا: إذا خَرَج. و فَصل منّي إليه كتابٌ: إذا نَفَذ، قال اللّه جلّ و عزّ: وَ لَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ
[يوسف: 95]، أي: خرجت.
قلتُ: ففَصل يكون لازماً و واقعاً، و إذا كان واقعاً فمصدرُه الفَصل، و إذا كان لازماً فمصدرُه الفُصول.
136
و قال أبو تراب: قال شَبَّاية: فصلَت المرأةُ ولدَها و فسَلَتْه، أي: فَطَمَتْه.
ص ل ب
صلب، صبل، بلص، بصل، لصب:
مستعملة.
صبل:
أهمله الليث. و رَوَى أبو تراب الكسائي: يقال: هذه الصِّئْبِل للدّاهية.
قال: و هي لغةٌ لبني ضَبّة.
قال: و هي بالضاد أعرَف.
قلتُ: و أبو عُبَيْد رواه الضِّئْبِل بالضاد، و لم أسمعْه بالصّاد إلا ما جاء به أبو تراب.
بلص:
شَمِر عن الرّياشيّ عن الأصمعي قال: قال الخليل بن أحمد لأعرابي: ما اسمُ هذا الطائر؟
قال: البَلَصوص. قلتُ: ما جمعُه؟
قال: البَلَنْصى. قال: فقال الخليل أو قال قائل:
* كالبَلَصُوصِ يَتبَعُ البَلَنْصَى*
قال: و نحو ذلك قال ابن شميل.
أبو عُبيد عن أبي زيد: بلأَصَ الرجلُ بَلأَصَةً: إذا فَرّ.
لصب:
أبو زيد: لَصب الجِلْدُ باللحم يَلصَب لصَباً: إذا لصقَ به من الهُزال.
أبو عُبَيْد عن الأصمعي: اللِّصْبُ: الشِّعبُ الصغير في الجَبَل، و جمعُه لُصوب.
و قال الليث: اللِّصْبُ: مَضِيق الوادِي.
و يقال: لَصِبَ السيفُ لَصَباً: إذا نَشِب في الغِمْد فلَم يَخرُج، و هو سيفٌ مِلْصاب إذا كان كذلك.
و رجل لَحِزٌ لَصبٌ: لا يُعطِي شيئاً.
و طريقٌ مُلْتَصِبٌ: ضيّق.
بصل:
البَصَلُ معروف. و البَصَل: بَيْضة الرأس من حديد، و هي المحدَّدة الوسَطِ، شُبّهتْ بالبَصَلِ.
و قال ابن شُمَيل: البَصَلة إنما هي سَقيفةٌ واحدة، و هي أكبر من التَّرْك. و قِشْرٍ متبصِّلٌ: كثيف كثيرُ القُشور، و قال لبيد:
* قُرْدَمانِيّاً و تَرْكاً كالبَصَلْ*
صلب:
الحرّاني عن ابن السكّيت: الصَّلْبُ:
مَصْدَرُ صَلَبَه يَصْلُبُه صَلْباً، و أصلُه من الصَّلِيب، و هو الوَدَك.
قال الهُذَليّ وَ ذَكر عُقاباً:
جَريمة ناهِضِ في رأسِ نِيقٍ تَرَى لِعظامِ ما جَمعتْ صَلِيبا
أي: وَدَكاً. و يقال: قد اصْطَلَبَ الرجلُ:
إِذا جَمَع العظامَ ليَطبُخها، فيُخرِج وَدَكَها و يأتَدِم بها، و قال الكُميت:
و احْتَلَّ بَرْكُ الشِّتاءِ مَنْزِلَهُ و باتَ شيخُ العِيال يَصْطَلِبُ
قال: و الصَّلَب: الصُّلب، قال العجاج:
في صَلَبٍ مِثلِ العِنانِ المؤدَمِ إِلى سَوَاءٍ قَطَنٍ مُؤَكم
137
و قال شَمِر: الصَّلَب نحو الحَزِيزِ، و جمعُه صِلَبة، حكاه عن الأصمعيّ. قال: و قال غيره: الصَّلَب من الأرض: أَسْنادُ الآكام و الرَّوابي، و جمعُه أَصْلاب، قال رُؤبة:
تَغْشَى قُرًى عارِيةً أَقراؤُهُ تَحْبو إلى أَصْلابه أَمْعاؤُهُ
الأصمعيّ: الأصْلاب هي من الأرْض.
الصَّلَب: الشديد المُنْقاد و قولُه تَحبو، أي: تَدْنو.
و قال ابن الأعرابيّ: الأصْلابُ: ما صَلُب من الأرض و ارتفع، و أمعاؤُه: ما لان منه و انخَفض.
و قال الليث: الصُّلْبُ من الجرْي و مِن الصَّهِيل: الشديد، و أنشَد:
* ذو مَيْعَةٍ إذا تَرامَى صُلْبُهُ*
و رجلٌ صُلَّبٌ: صُلْبٌ، مثل القُلّب الحُوَّل. و رجُل صُلْب صَلِيب: ذو صَلابة، قد صَلُب. و أرضٌ صُلْبة، و الجميعُ صِلَبة.
أبو عبيد عن الأصمعيّ: الصَّلَب نَحْوٌ من الحَزِيز الغليظِ المنقاد، و جمعُه صِلَبَة مثل عِنَبَة. و الصُّلْب: موضعٌ بالصَّمان أرضُه حجارة، و بَيْن ظهرانَي الصُّلْب و قِفَافِه رياضٌ وقِيعانٌ عَذْبة المنابت، كثيرةُ العُشْب.
قال الليث: الصَّليب: ما يتّخِذه النّصارى قِبلةً. قال: و التَّصليب: خِمْرَةٌ للمرأة، و يُكرَه للرّجل أن يصلِّي في تَصلِيب العِمامة حتّى يجعلَه كَوراً بعضَه فوق بعض.
و يقال: قد تصلّب لك فلانٌ، أي: تَشدَّد.
أبو عبيد عن الكسائي: إذا كانت الحُمَّى صَالِباً قيل: صَلَبَتْ عليه، فهو مَصْلُوبٌ عليه.
و قال غيره: الصَّالِبُ: التي معها حَرُّ شديد و ليس معها بَرْد.
و قال الليث: يقال: أخذتْه الحُمَّى بصالِب.
و قال غيرُه: يقال: أَخَذَتْه حُمَّى صالِبٌ، و أخذتْه بصالِب.
و قال الليث: الصَّوْلَب و الصَّوْليب: هو البَذْر التي يُنثَر على الأرض، ثم يُكرَبُ عليه.
قلتُ: و ما أراه عربياً، و أما
قولُ العبّاس بن عبد المطّلب يَمدَح النبيَّ صلّى اللّه عليه و سلّم:
تُنقَل من صالَبٍ إلى رَحِمٍ إذا مضى عالم بَدَا طَبَق
قيل: أراد بالصالب الصُّلْب. يقال: للظَّهْر صُلْبٌ و صَلَبٌ و صالَبٌ، و قال:
كأنّ حُمَّى بك مَغْرِيَّه بين الحيازِيمِ إلى الصَّالَب
و
في حديث عائشة: «أن النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم كان إذا رأى التَّصليبَ في ثوبٍ قَضيَه»
، أي: قَطَع
138
موضع التَّصليب منه.
و قال أبو عُبَيد: الصُّلّبُ: المِسَنُّ، و هو الصُّلَّبيّ، و قال امرؤ القيس:
* كحَدِّ السِّنان الصُّلَّبيّ النّحِيضِ*
أراد بالسِّنان المِسَنّ.
أبو عبيد عن أبي عمرو: إذا بلغ الرُّطَب اليُبْس فذلك التَّصْليب، و قد صَلَّب، و أنشَد المازنيُّ في صفة التَّمَر:
مُصَلَّبَةٌ من أَوْتَكى القَاعِ كُلَّما زَهَتْها النُّعامَى خِلتَ من لَبَنٍ صَخْرا
أَوتَكَى: تَمر الشِّهْرِيز و لَبَنُ: اسمُ جبل بعينه.
و قال شمر: يقال: صلبَتْه الشمسُ تَصْلِبُه صَلْباً: إذ أحرَقَتْه، فهو مصلوبٌ مُحْرَق.
و قال أبو ذؤيب:
مستوقِدٌ في حَصاة الشمسُ تَصلُّبُه كأنّه عَجَمٌ بالبِيدِ مَرْضُوحُ
و قال النّضر: الصَّليب: مِيسَمٌ في الصُّدْغ و في العُنُق، خَطَّان أحدُهما على الآخر، يقال: بَعِيرٌ مَصْلوب، و إبل مُصَلَّبة.
أبو عَمْرو: أصلبَتِ الناقةُ إصلاباً: إذا قامت و مدَّتْ عنقَها نحوَ السماء لتدِرَّ لوالدِها جَهْدَها إذا رَضَعَها، و ربّما صَرّمها ذلك، أي: قَطَع لَبنَها.
أبو عمرو: الصُّلَّبيُّ: حِجَارَةُ المِسَنّ.
و يقال: الصُّلَّبيّ: الّذي جُلِيَ و سُحِك بحجارةِ الصُّلْب، و هي حجارة يُتّخذ منها المَسانّ، و قال الشّماخ:
و كأنّ شَفْرَة خَطْمِه و جَبِينِه لمّا تَشَرْفَ صُلَّبٌ مَفْلوقَ
و الصُّلْب: الشديد من الحجارة و أشدُّهما صلابَةً.
ص ل م
صلم، صمل، لمص، مصل، ملص:
مستعملة.
لمص:
قال الليث: اللَّمَص: شيء يُباع مِثلُ الفَالُوذ لا حلاوَةَ له، يَأكُله الفِتْيان مع الدِّبْس.
سلَمةُ عن الفراء: لَمَص الرجُل: إذا أكل اللَّمَص و هو الفالوذ.
و قال شَمَر: رجلٌ لَمُوصٌ، أي: كذّاب خدّاع.
و قال عديّ بن زيد:
إنّكَ ذو عَهْدٍ و ذُو مَصْدَقٍ مُخالِفٌ هَدْي الكَذُوبِ اللَّمُوصِ
صلم:
قال الليث: الصَّلْم: قَطْعُ الأُذُن و الأنْف من أصلِه. و الاصطلامُ: إذا أُبِيدَ قومٌ من أَصْلِهم قيل: اصْطُلموا.
قال: و الصيْلم: الأكلةُ الواحدة كلَّ يوم.
و الصيْلَم: الأمرُ المفني المستأصِل؛ و وقْعةٌ صَيْلَمةٌ من ذلك.
أبو عبيد: الصَّيْلَم: الدّاهية. الصيْلَمُ:
139
لأنها تصْطَلِم، و قال بِشر:
غضِبتُ تميمٌ أن تَقتَّلَ عامرٌ يومَ النِّسارِ فأُغْضِبُوا بالصَّيْلَم
و قال الليث: الظَّلِيمُ يسمَّى مصلَّماً لِقَصر أُذُنه و صِغَرِها قال: و الأصلم: المصلَّم من الشِّعر، و هو ضربٌ من السّريع، يجوز في قافيته فَعُلْنْ فَعْلُنْ، لقوله:
ليس على طولِ الحياةِ نَدَمٌ و من وَراءِ الموت ما لا يُعلَمُ
و
في حديث ابن مسعود و ذَكر فِتناً فقال:
يكون الناسُ صُلاماتٍ، يضربُ بعضهم رِقابَ بعض.
قال أبو عُبَيد: قوله: صُلاماتٍ يَعنِي الفِرَق من الناس يكونون طوائفَ فتجتمع كلُّ فرقة على حِيالها تُقَاتل أخرى، و كلُّ جماعة فهي صُلامة، و أنشد أبو الجرّاح:
صُلَامَةٌ كَحُمُرِ الأبَكَ لا ضَرعٌ فِينا و لا مُذَكِّي
ثعلب عن ابن الأعرابي: يقال: صَلامة بفتح الصاد. قال: و الصَّلامة: الذي في داخل نَواة النَّبِقَة يؤكل و هو الألْبوب.
و الصلَامة: القومُ المستَوون في السّنّ و الشجاعة و السّخاء.
صمل:
قال الليث: صَمَل الشيءُ يَصمُل صمُولًا: إذا صلُب و اشتدّ و اكتنَز. يُوصف به الجبل و الجمَل و الرجل، قال رُؤبة:
* عن صاملٍ عاسٍ إذا ما اصْلَخْمَمَا*
يصف الجملَ.
أبو عُبَيد عن الأصمعي: الصُّمُلّ: الشديدُ الخلق العظيمُ، و الأنثى صُمُلّة.
و قال الليث: الصَّمِيلُ: السِّقاءُ اليابس.
و الصّامِلُ: الخَلَقُ. و أنشد:
إذا ذاد عن ماءِ الفُرات فلن تَرَى أخا قِرْبَةٍ يَسقِي أخاً بَصَميلِ
و يقال: صَمَل بدنه و بطنُه، و أصمله الصيام، أي: أيبَسَه، قال: و الصَّوْمَلُ:
شجرةٌ بالعالية.
أبو عمرو: صَمَلَه بالعصا صملًا: إذا ضَرَبه، و أنشد:
هِراوَةٌ فيها شِفاءُ العَرِّ صَمَلتُ عُقْفانَ بها في الجرّ
* فبُجْتُه و أَهلَه بِشَرِّ*
الجرّ: سَفْح الجبل. بُجتُه: أصبْتُه به.
و قال أبو زيد: المصمئّلُ الشديد. و يقال للدّاهية مُصمَئّلَة، و أنشد:
وَ لَم تَتَكأَدَهُم المعضِلاتُ و لا مُصمئِلَّتُها الضِّئبِلُ
أبو تراب عن السُّلَمي: صَنقلَه بالعصا و صمله: إذا ضربه بها.
مصل:
قال الليث: المصلُ معروف.
و المُصُولُ: تَميُّز الماءِ من اللَّبن. و الأقطُ إذا عُلِّق مصل ماؤُه فقطَر منه، و بعضُهم يقولُ مَصلة مثل أَقْطَة.
140
و شاةٌ مُمصل و ممْصال و هي التي يصير لبنُها في العُلْبة متزايلا قَبلَ أن يُحْقَنَ.
أبو عُبَيد عن الأصمعي: المُمْصل من النساء: التي تُلقِي ولدَها و هو مُضْغَة، و قد أمصلت.
الحراني عن ابن السكيت: يقال: قد أمصلْتَ بضاعةَ أهلكَ: إذا أفسدْتَها و صرفْتَها فيما لا خَيْر فيه، و قد مصَلَتْ هي. و يقال: تلك امرأة ماصلة، و هي أمصلُ الناس.
قال أبو يوسف و أنشدني الكلابيّ:
لَعَمري لقد أمصلتُ ماليَ كلَّه و ما سُسْتِ من شيءٍ فربُّكِ ماحِقُه
و يقال: أعطَى عَطاءً ماصلًا، أي: قليلًا.
و إِنه ليَحلُب من الناقة لبناً ماصلًا، أي:
قليلًا.
الأصمعي: مصلت استُه، أي: قَطَرتْ.
و المُصالة: قُطارة الحبّ.
و قال أبو زيد: المَصْل: ماءُ الأقِط حين يُطبَخ ثم يعصر، فعُصارة الأقِط هي المصل.
و قال أبو تراب: قال سلمان بن المغيرة:
مصل فلانٌ لفلان من حقّه: إذا خرج له منه.
و قال غيره: ما زِلتُ أُطالبه بحقّي حتى مصل به صاغراً.
ثعلب عن ابن الأعرابي: المِمْصلُ: الذي يبذلُ ماله في الفساد. و الممصل أيضاً رَاوُوق الصبّاغ.
ملص:
في الحديث: «أنّ عمرَ سأل عن إمْلَاصِ المرأة الجَنِينَ، فقال المغيرة بنُ شُعْبَة: قَضَى فيه النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم بغُرَّةٍ»
. أراد المرأة الحامل تُضرَب فتُملِص جَنِينَها، أي: تُزْلِقُه قبلَ وقتِ الوِلادة، و كلُّ ما زَلِق من اليد أو غيرِها فقد مَلِص يَمْلَص مَلَصاً.
قال الراجز:
* فَرَّ و أعطاني رِشاءً مَلِصا*
يعني: رَطْباً تزلق منه اليَدُ، فإذا فعلتَ ذلك أنتَ به.
قلتَ: أملصْتُه إمْلاصاً.
و قال الليث: إذا قبضتَ على شيء فانفَلَت من يدِك قلتَ: انْمَلَص من يَدِي انْمِلاصاً، و انمَلَخ بالخاء، و أنشد ابنُ الأعرابيّ:
كأنّ تحتَ خُفِّها الوَهّاصِ مِيظَبَ أُكمٍ نِيطَ بالمِلَاص
قال: الوَهّاصُ: الشَّديد. و المِلَاصُ:
الصَّفا الأبيَض. و المِيظَب: الظُّرَرْ.
عَمْرو عن أبيه قال: المَلِصة: الزّلخة و الأطوم من السَّمَك، و اللّه أعلم.
141
تهذيب اللغة12
أبواب الصاد و النون ص 142
(أبواب) الصاد و النون
ص ن ف
صنف، صفن، نفص، نصف: مستعملة.
صنف:
قال الليث: الصَّنْفُ: طائفةٌ من كلّ شيء، فكلُّ ضَرْب من الأشياء صَنْفٌ واحد على حِدَة. و التّصنيف: تمييزُ الأشياء بعضِها من بعضٍ.
ابن السكّيت: يقال: صِنْفٌ و صَنْفٌ من المَتاع، لُغَتان. و عُودٌ صَنْفِيّ للبخور لا غير.
أبو عُبَيْد: صَنِفَةُ الإزار: طُرّتُه.
أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ: صَنِفةُ الثوب: زاوِيَتُه، و للثوب أربع صَنِفات.
الليث: الصَّنِفَة و الصِّنْفة: قِطعةٌ من الثوْب، و طائفةٌ من القبيلة.
و رَوَى أبو العبَّاس عن سلمة عن الفرَّاء أنّه أنشدَه:
سَقْياً لحُلْوانَ ذي الكروم و ما صُنِّفَ من تينه و من عِنَبِه
أنشده الفرّاء: صُنِّف و غيرُه رواه صَنَّف.
و قال: صُنِّف: مُيِّز، و صَنَّفَ: خَرج ورَقُه.
نصف:
قال الليث: النِّصف: أحدُ جُزْأَيِ الكمالِ. و نُصْف: لغةٌ رديئة.
الحَرّاني عن ابن السكّيت: أنصَفَ الرجلُ صاحبَه إنصافاً، و قد أعطاه النّصَفة.
و يقال: قد نَصَف النهارُ يَنصُف: إذا انتَصَف.
و قال المسيّب بن عَلَس يصفُ غائصاً في البحر على دُرّة:
نَصفَ النهارُ الماءُ غامِرُهُ و رَفيقُه بالغَيْب ما يَدري
أراد انتَصَف النهارُ و الماءُ غامره فانتصَف النهارُ و لم يَخرج من الماء. و يقال: قد نَصَف الإزارُ ساقَه يَنصفُه: إذا بلغ نِصفَها، و أنشد:
و كنتُ إذا جارِي دَعَا لمَضُوفةٍ أُشمِّر حتى يَنصُفَ الساقَ مِئْزرِي
و قال ابن ميادة يمدح رجلًا فقال:
تَرى سيْفَه لا يَنصُفُ السَّاقَ نَعْلُه أجَلْ لا و إن كانت طِوالًا مَحَامِلُهْ
و قال: نصفَ القومَ يَنصُفُهم إذا خَدَمَهم.
و النّاصفُ و المِنصَفُ: الخادم.
ابن الأعرابيّ: نصفتُ الشيء: أخذتُ نِصْفَه. و يقال للخادم: مِنصَف و مَنْصَف.
و قد نَصَفْتَه: إذا خدمْتَه، و تنصَّفْتُه مثله.
قال: و النّصيف: الخمار. و النَّصيف:
الخادم. و نَصفَ الشيء: إذا بَلَغ نِصْفَه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: أَنصف الرجل:
إذا أَخَذ الحقّ و أَعطَى الحقّ. و أَنصف:
إذا سارَ نصفَ النهار. و أَنصف: إذا حَزم سيِّده.
142
في حديث النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «لا تَسُبّوا أصحابي فإنّ أحدَكم لو أنفَق ما في الأرض جميعاً ما أَدرَك مُدَّ أحدِهم و لا نَصِيفَه»
. قال أبو عُبَيد: العَرَبُ تسمِّي النِّصْف النّصِيفَ، كما يقولون في العُشر: العَشِير، و في الثمن الثمِين، و أنشد:
لَم يَفْذُها مُدٌّ و لا نَصِيفُ و لا تُمَيْرَاتٌ و لا تَعجيفُ
قال: و النصِيف في غير هذا الخِمار، و منه
الحديث الآخَر في الحُورِ العِينِ:
«و لَنصِيفُ إحداهنّ على رأسها خيرٌ من الدّنيا و ما فيها»
، و منه قول النابغة:
سَقَط النَّصيفُ و لم تُرِد أسقاطَه فتناولْته و اتْقتنا باليَدِ
و قال أبو سَعِيد: النَّصيف: ثوبٌ تتجلّل به المرأَة فوق ثيابها كلِّها؛ سُمِّي نصيفاً لأنه نصَف بين الناس و بينها فحجز أبصارهم عنها.
قال: و الدليلُ على صحة ما قاله: سَقَط النّصيف، لأنّ النّصيفَ إذا جُعِلَ خِماراً فسَقَط فليس لِسِتْرِها وجهَها مع كشفِها شعرَها معنًى. نَصيفُ المرأة: مَجرُها.
الليث: قَدَحٌ نَصْفانُ: بلغ الكَيْلُ نِصْفَه، و شَطْران مثله.
أبو عبيد: قَدَحٌ نَصْفان: بلغَ الكيلُ نِصْفَه.
قال: و النَّصف من النِّساء: التي بَلَغتْ خمساً و أربعين و نحوها.
و قال الليث: المرأة بين الحديثة و المُسِنَّة.
و النّصفة: اسم الإنصاف، و تفسيرُه أن تعطيَه من نفسِك النّصف، أي: تعطيه من الحقّ لنفسك.
و يقال: انتَصفْتُ من فلان، أي: أخذتُ حقّي كملًا حتى صِرْتُ و هو على النَّصيف سراء.
و النَّصفة: الْخُدّام، واحدهم ناصِف.
و المَنْصفُ من الطريق و من النَّهار و من كل شيء وسَطُه.
قال: و منتصف الليل و النهار: وسطُه، و انتَصف النهارُ و نَصفَ فهو يَنصف.
قال: و الناصفةُ: صَخرةٌ تكون في مَناصِف أسنادِ الوادي و نحو ذلك من المسايل.
أبو عبيد: النّواصف: مَجارِي الماء، واحدتُها ناصفةُ، و أنشَد:
* خَلايا سَفين بالنَّواصِفِ من دَدِ*
شمر عن ابن الأعرابي: النَّاصفة من الأرض: رَحَبة بها شجر، لا تكون ناصفةً إلّا و لها شجر.
و قال غيره: تنصّفْتُ السلطانَ، أي: سألتُه أن يُنصِفني، و قول ابن هَرْمة:
أنِّي غَرِضْتُ إلى تناصُفِ وجْهِها غَرَضَ المُحِبُّ إلى الحبيبِ الغائبِ
قال ابن الأعرابي: تَناصُف وجهِها:
143
محاسنُها، أي: أنها كلها حَسَنة يَنصِف بعضُها بعضاً.
و قال غيره: كلّ شيء بلغ نِصْفَ غيرِه فقد نصفَه، و كلُّ شيء بَلَغَ نِصفَ نَفْسِه فقد أنصف.
قلتُ: و القولُ ما قال ابن السكّيت: نَصفَ النهارُ: إذا انتَصف.
و يقال: نصفتُ الشيءَ: إذا أخذتَ نصفَه.
و النّصفُ: الإنصاف.
ابن شُميل: إنّ فلانَة لعلَى نَصِفها، أي:
نِصف شَبابها. و أنشد:
إنّ غُلاماً غرَّه جَرْشَبِيّةٌ على نَصَفها من نَفْسِه لضَعِفُ
قال: الجَرْشَبيَّة: العَجوزُ الكبيرةُ الهَرِمة.
ثعلب عن ابن الأعرابي: أنصَف الرجلُ:
إذا سارَ نِصفَ النهارِ.
نفص:
الليث: أنْفَص الرجلُ ببوْله: إذا رَمَى به.
أبو عبيد عن الأصمعي: أخَذَ الغَنم النُّفَاصُ: و هو أن يأخذها داءٌ فتَنفِصُ بأبوالها، أي: تَدفَعُها دَفْعاً حتى تموت.
و قال أبو عمرو: نافَصْتُ الرجلَ منافَصةً، و هو أن تقول له: تَبُول أنت و أبولُ أنا، فننظرَ أيُّنا أبعَدُ بَوْلًا، و قد نافَص فنَفَصَ، و أنشد:
لَعَمرِي لقد نافَصْتَني فَنَفَصْتَني بذِي مُشْتَفِرٍّ بَوْلهُ مُتفاوِتُ
أبو عبيد عن الأصمعي: أنْفصَ بالضَّحِك و أنْزَقَ و زهْزَقَ بمعنًى واحد.
و أخبرني المنذري عن ثعلب عن سَلمة عن الفراء: أنفَص بشَفَتيه كالمُتَرَمِّزِ، و هو الذي يُشير بشفَتَيه و عيْنَيْه.
صفن:
رُوِي عن البراء بن عازب أنه قال:
«كنّا إذا صلّينا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فرفَع رأسه من الركوع قُمنا خَلْفَه صُفوناً»
. قال أبو عبيد: قوله: «صُفوناً» يُفسَّر الصافنُ تفسيرين، فبعضُ الناس يقول:
كلّ صاف قَدَميْه قائماً فهو صافِن. و القولُ الثاني: أن الصَّافن من الخيْل: الذي قد قَلَب أحدَ حَوافره و قام على ثلاثِ قوائمَ.
كان ابنُ مسعود و ابنُ عباس يقرآن قولَ اللّه جلّ و عزّ: (فاذكروا اسمَ اللَّه عليها صوافن)
[الحج: 36]، بالنون.
فأمَّا ابن عباس ففسَّرها: مَعقولةً إحدى يدَيْها على ثلاثِ قوائم.
و أما ابن مسعود فقال: يعني قياماً.
و روي عن مجاهد نحو قول ابن عباس.
و قال الفراء: رأيتُ العربَ تَجعَل الصافِنَ القائمَ على ثلاثٍ و على غير ثلاث.
قال: و أشعارُهم تَدُلّ على أنّ الصُّفُون القيامُ خاصّة، و أنشد للطّرماح:
و قامَ المَها يُفْفِلْن كلَّ مُكبَّلٍ كما رُصَّ أيْقاً مُذْهَبِ اللَّون صافِن
144
قال: الصافنُ: القائم. و أما الصائن: فهو القائم على طَرْف حافرِه.
و قال أبو زيد: صفَنَ الفَرَسُ: إذا قامَ على طرف الرابعة. و العَرَب تقول لجميع الصافن: صَوَافن و صافنات و صُفُون.
و
في حديث عمر: لئن بقِيتُ لأُسوِّيَنّ بين الناس حتى يأتيَ الراعيَ حقُّه في صُفْنِه لَم يَعرَق فيه جَبِينُه.
أبو عبيد عن أبي عمرو قال: الصُّفْنُ:
خريطةٌ تكون للرّاعي فيها طَعامُه و زِنادُه و ما يَحتاج إليه.
و قال الفراء: هو شيءٌ مثل الرَّكْوة يُتوضَّأ فيه، و أنشد للهُذَلِيّ:
فخضخضتُ صُفْنِيَ في جَمِّهِ خِياضَ المُدابِر قِدْحاً عَطُوفَا
قال أبو عبيد: و يمكن أن يكون كما قال أبو عمرو و الفراء جمعاً أن يُسْتعمل الصُفْنُ في هذا و في هذا.
قال: و سمعتُ من يقول: مُصَفن بفتح الصاد، و الصَّفْنة أيضاً بالتأنيث.
أبو العباس عن ابن الأعرابي: الصَّفْنة- بفَتْح الصاد-: هي السُّفْرة التي تُجمَع بالخيط، و منه يقال: صَفَن ثيابَه في سَرْجِه: إذا جمعها.
و
رُوي عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «أنه عوَّذ عليّاً حين رَكِب و صَفَن ثيابه في سرجه»
، قال: و أمّا الصُّفْن- بضم الصاد-: فهو الرَّكوة.
قال: الصَّفَنُ: جِلْدُ الأنْثيَين- بفتح الفاء و الصاد- و جمعُه أصفان، و منه قولُ جَرِيرٍ:
* يَتْرُكْن أَصفانَ الْخُصَى جَلَاجِلا*
قلت: و الصواب ما قال ابن الأعرابي من الأحرف الثلاثة.
و قال الليث: كلّ دابة. و خَلْق شِبْه زُنْبُور يُنضِّدُ حولَ مَدخَله ورَقاً أو حَشيشاً أو نحو ذلك، ثم يُبَيِّتُ في وسطه بَيتاً لنفسه أو لِفراخه فذلك الصَّفَن، و فعلُه التَّصْفِين.
و الصافن: عِرْقٌ في باطن الصُّلْب يتّصل به طُولًا، و نِياطُ القَلْب مُعَلَّق به و يسمّى الأكْحَلُ من البعيد الصافنَ.
و قال غيرُه: الأكحلُ من الدّوابّ الأبْجَل.
و قال أبو الهيثم: الأكْحَل و الأبْجَل و الصافِن: هي العُروق التي تُفْصَد، و هي في الرِّجْل صافن و في اليَدِ أكْحَل.
عَمرو عن أبيه: صَفَنَ الفَرَس برجلِه و بَيْقَرَ بِيَدِه: إذا قام على طرف حافرِهِ.
قال: و الصّفَن أيضاً: أن يُقسَمَ الماءُ إذا قلّ بحَصاة القَسْم، و يقال لها المقْلَةُ؛ فإِن كانت من ذَهَب أو فِضّة فهِيَ البلد.
أبو عُبَيد عن أبي عَمرو: تَصَافَنَ القومُ تَصَافناً، و ذلك إذا كانوا في سَفَرٍ و لا ماءَ معهم و لا شيءَ يَقْتَسِمُونه على حَصاةٍ يُلْقُونَها في الإناءِ يُصَبُّ فيه من الماءِ قدرَ ما يَغْمُر الحَصاة فيُعطاه كل رجل منهم،
145
و قال الفرزدق:
فلمّا تَصافَنَّا الإداوَةَ أَجْهَشَتْ إليَّ غُضُونُ العَنْبَرِيِّ الجُرَاضِمِ
شَمر عن أبي مَنْحُوف عن أبي عُبَدة:
الصَّفْنَةُ كالعَيْبة يكون فيها متاعُ الرجل و أَدَاتُه، فإذا اطرحتَ الهاءَ قلتَ صُفْن، و أنشد:
تركتُ بذي الجَنْبَيْنِ صُفْنِي وَ قِرْبَتِي و قَدْ أَلَّبُوا خَلْفِي و قَلَّ المَسَارِبُ
قال: و قال أبو عمرو: الصَّفْن و الصَّفْنَةُ:
شِقْشِقةُ البَعير.
ابنُ شُميل: الصافِن: عِرْق ضَخْمٌ في باطن الساق حتَّى يَدخُل الفَخذ، فذلك الصافن.
ص ن ب
صبن، صنب، نصب، نبص، بصن.
بصن:
قريةٌ تُعْمَل فيها السُّتُورُ البَصَنِيَّة، و ليست بعربيّة.
صبن:
اللّحيانيّ عن الأصمعيّ: صَبَنْتَ- بالصاد- عنّا الهديّةَ تَصِبْنَ صَبْناً.
قال: و قال رجُل من بني سعْد بن زيد:
صَبَنْتَ تَصْبِن صَبْناً، و كذلك كلُّ معروفٍ إذا صرفتَه إلى غيرِه. و كذلك كَبَنْتَ وَ خَضَنْتَ و زنبت.
و قال الأصمعيّ: تأويلُ هذه الحروف:
صَرْفُ الهديّة أو المعروف عن جيرانك و معارفك إلى غيرهم.
و قال اللّيث: الصَّبْنُ: تسويةُ الكَعْبَيْن في الكَفّ ثم تَضْرِب بهما.
يقال: أَجِلْ وَ لَا تَصْبِن.
قال: و إذا خَبَأَ الرجلُ شيئاً في كَفَهِ و لا يُفطَن له كالدِّرهم و غيرِه قيل: صَبَن. فإذا صَرَف الكأسَ عمَّن هو أحقُّ بها إلى غيره قيل له: صَبَنَها، و أنشد:
صَبَنْتِ الكَأْسَ عنّا أُمَّ عمرٍو و كان الكأسُ مَجْراها اليمِينَا
ثعلب عن ابن الأعرابي: الصَّبْنَاءُ: كَفُّ المُقَامِر إذا أمالها لِيغْدِرَ بصاحبِه يقول له شيخ البير، و هو رئيسُ المُقامِرين: لا تَصْبِن؛ لا تَصْبِن، فإنّه طَرَف من الصَّغْوِ.
و الصابون: الذي يُغْسَل به الثّياب، معروف، معرّب.
نبص:
قال ابن الأعرابي: النَّبْصاء من القِيَاسِ: المصوِّتةُ من النَّبِيص، و هو صوتُ شَفَتَيِ الغلام إذا أرادَ تزويجَ طائرٍ بِأُنثاهُ.
اللّحياني: نَبَصْتُ بالطائرِ و العصفورِ أَنْبِصُ به نَبِيصاً، أي: صوَّتُّ به. و نَبَصَ الطائرُ و العصفورُ يَنْبِصُ نَبِيصاً: إِذا صوَّت صوتاً ضعيفاً. و نحو ذلك. قال الليث: و هو صحيح من كلام العرب.
صنب:
أبو العبّاس: المِصْنَبُ: المُولَعُ بأكل
146
الصِّناب، و هو الخَرْدل بالزَّبيب.
و
في الحديث: «أُهْدِيَ للنّبي صلّى اللّه عليه و سلّم أَرْنَبٌ بِصِنَابِهَا»
، أي: بِصِباغِها.
و منه
حديثُ عمر: «لو شئتُ لأمرتُ بِصَرائقَ و صِنَابٍ»
. أبو عُبَيد عن أبي عمرو: الصِّنَاب:
الخردَل و الزَّبيب.
قال: و لهذا قيل لِلْبِرْذُوْنِ: صِنَابِيّ، إنّما شُبِّه لونه بذلك.
و قال اللّيث: الصِّنَابِيّ من الدّوَابّ و الإِبل: لونٌ بَين الحُمْرَةِ و الصُّفْرة مع كثْرَةِ الشَّعَر و الوَبر.
نصب:
قال اللّيث: النّصَبُ: الإعياءُ من العَناء. و الفعل نَصِبَ يَنْصَب. فأَنْصَبَنِي هذا الأمرُ. و أمْرٌ نَاصِبٌ و مُنْصِب، و قال النابغة:
* كِلِينِي لِهَمٍّ يا أُصَيْمَةَ ناصِبِ*
قال: ناصب: بمعنى مُنْصِب. و قال ابن السكّيت: قال الأصمعيّ: ناصِب: ذي نَصَب؛ مثل: ليل نائم، ذي نوم يُنَامُ فيه. و رَجُلٌ دارعٌ: ذو دِرْع. قال: و يقال:
نُصْبٌ ناصِبٌ. مِثْلُ: مَوْتٍ مائت؛ و شِعْرٍ شاعِر.
و قال أبو عمرو في قوله: ناصبٌ: نَصَبَ نَحْوِي، أي: جَدّ؛ و يقال: نَصَبَ الرجلُ فهو ناصب و نصِبَ. و نصَبَ له الهمَّ و أنصَبَه.
و قال اللّيث: النَّصْبُ: نصْبُ الدَّاء، يقال: أصَابَهُ نَصْب من الدَّاء. قال:
و النَّصْبُ: لُغَةٌ في النصيب، و قال اللّه:
كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ
[المعارج: 43]، و قرىءَ: إلى (نَصْب).
قال أبو إسحاق: مَنْ قَرَأَ: (إلى نَصْب)، فمعناه: إلى عَلَم منصوبٍ يَسْتَبِقون إليه، و مَنْ قرأَ: (إِلى نُصُبٍ)
، فمعناه: إلى أَصْنَامٍ، كقول: وَ ما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ
[المائدة: 3]، و نحو ذلك.
قَال الفرّاء: قال: و النَّصْبُ واحد، و هو مصدَرٌ و جمعُه الأنْصاب.
و قال اللّيث: النُّصُبُ: جماعَةُ النَّصِيبة، و هي علامةٌ تُنصَب للقوم.
و قال الفرّاء: كأنّ النُصُبَ الآلهةُ التي كانت تُعبَد من أحجار.
قلتُ: و قد جَعل الأعشى النُّصُبَ واحداً حيث يقول:
* و ذا النُّصُبَ المَنْصوبَ لا تَنْسُكَنَّهُ*
أبو عُبَيد: النَّصائب: ما نُصِب حولَ الحوض من الأحجار؛ قال ذو الرُّمة:
هَرَقْناهُ في بادِىء النَّشِيئة داثر قديمٍ بعَهْدِ الماءَ بُقْعٍ نَصائبُهْ
و قال الليث: النُّصْبُ: رَفعُكَ شيئاً تَنْصِبُه قائماً منتصِباً.
و الكلِمةُ المنصوبةُ يُرفَع صَوْتُها إلى الغار الأعلى.
147
و ناصَبْتُ فلاناً الشرَّ و الحربَ و العداوةَ؛ و نَصَبْنَا لهم حَرْباً، و كلُّ شيء انتصب بشيء فقد نَصَبْتَه. و تَيْسٌ أَنصب، و عَنْز نَصْباء: إذا كانا منتصِبَي القُرون. و ناقةٌ نَصْباءُ: مرتفِعة الصَّدْر.
أبو عُبَيد: أنصبتُ السكّينَ: جعلتُ لها نِصاباً؛ قاله أبو زيد و الكسائيّ، قالا:
و هو عَجْزُ السّكّين. و نِصابُ كلِّ شيء أصله و مرجعه الذي يرجع إليه يقال: فلانٌ يَرجِع إلى نِصابِ صِدْقٍ؛ و تنْصِب صِدْق، و أصلُه مَنبِته وَ محْتِدُه.
الليث: نِصابُ الشَّمس: مَغيبُها و مَرجِعُها الّذي تَرجِعُ إليه.
غيره: ثغرٌ منصَّب: مُستوِي النِّبْتة، كأنه نُصِب مُسوِّيَ. و نَصَبْتُ للقَطاةِ شَرَكاً و نصَبتُ للقدَر نَصْباً.
قال ابن الأعرابي: المِنْصَبُ: ما يُنصَب عليه القِدْر إذا كان من حديدٍ. و تَنصَّب فلانٌ و انْتَصَب: إذا قامَ رافعاً رأسَه.
و النَّصْبُ: ضربٌ من أغانِي الأَعْراب.
و قد نصَبَ الراكب نَصْباً: إذا غَنَّى النَّصْبَ.
و
في الحديث: «لو نَصَبتَ لنا نَصْبَ العَرَب»
، أي: لو تَغَنّيْتَ.
و يَنْصُوب: موضع.
و قال شَمِر: غِنَاءُ النَّصّب: هو غِنَاءُ الرُّكْبان، و هو العَقِيرة، يقال: رَفَع عقيرتَه إذا غَنَّى النَّصْبَ.
و قال أبو عمرو: النَّصْبُ: حُدَاءٌ يُشْبه الغِناء.
أبو عُبَيد عن الأصمعي: النَّصْب: أن يسير القومُ يومَهم، و هو سيْرٌ ليِّن، و قد نَصَبُوا نصْباً.
ص ن م
صنم، نمص، نصم: [مستعملة].
صنم- [نصم]:
قال الليث: الصَّنم معروف، و الأصنام الجميع.
و روَى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ:
الصَّنَمَةُ و النَّصَمةُ الصُّورةُ الّتي تُعبَد.
قال: و الصنمَةُ: الدّاهيةُ.
قلتُ: أصلُهَا صَلمة.
نمص:
رُوِي عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم: «أنه لَعَن النامِصة و المُتَنَمِّصَة»
. قال أبو زيد: قال الفرّاء: النامِصة: الّتي تَنتِف الشَّعر من الوجه، و منه قيل للمِنقاش مِنماص، لأنّه يُنتف به و المُتَنمِّصةُ هي الّتي يُفعَل ذلك بها، قال امرؤ القيس:
* تَجَبَّر بعد الأكلِ فهوَ نَمِيصُ*
يصفُ نباتاً قد رَعَتْهُ الماشية فجرَدَته، ثمّ نبت بقَدر ما يمكن أخذُه، أي: هو بقَدْر ما يُنتف و يُجَزّ.
و قال الليث: النَّمَصُ: دِقّةُ الشَّعر و رِقّته حتّى تراه كالزَّغَب. و رجلٌ أَنمَصُ الرأسِ أَنمَصُ الحاجبِ، و ربّما كانَ أَنمصَ
148
الجَبِين. و امرأةٌ نمصَاء تَتَنَمَّص، أي: تأْمُرُ نامِصةً فتنمِص شعرَ وجهها نَمْصاً؛ أي:
تأخذه عنها بخَيْط. و النميص و المنموص:
ما أمكنك جذه من النبات.
ابن الأعرابيّ: المِنماصُ: المِظفارُ، و المِنتاشُ و المِنْقاشُ و المِنْتاخُ.
و أَقرأَني الإياديُّ لامرىء القيس:
تَرَعَّت بجَبْل ابْني زُهَيْرٍ كلَيهِمَا نُمَاصَينِ حتّى ضاقَ عنها جُلودُها
قال: نُماصين: شَهْرَين. و نُماص: شهرٌ، تقول: لم يأتني نُماصاً، أي: شهراً.
و جمعُه نُمُص و أَنمِصة. قال: رواه شَمِر لأبي عمرو.
ص ف ب:
مهمل.
ص ف م
استعمل منه: [فصم].
فصم:
في الحديث: «دُرّةٌ بيضاء ليس فيها فَصْمٌ و لا وَصْمٌ».
قال أبو عُبَيْد: الفَصْمُ- بالفاء- أن ينصدعَ الشيءُ من غير أن يَبين؛ يقال منه:
فصَمْتُ الشيءَ أَفصِمه فَصْماً، إذا فعلت ذلك به، فهو مفصوم؛ و قال ذو الرُّمّة يذكر غَزَالًا شَبَّهه بدُمْلُج فضّة:
كأنّه دُمْلُجٌ من فضّةِ نَبَهٌ في مَلْعبٍ مِن جَوارِي الحيِّ مَفْصومُ
قال: و أمّا القَصْم- بالقاف- فأَن يَنْكسِرَ الشيءُ فيَبين.
و قولُ اللّه جلّ و عزّ: لَا انْفِصامَ لَها
[البقرة: 256]، و قيل: لا انْكسارَ لها.
و أفْصَمَ المَطَرُ: إذا أَقلَعَ. و أَفصَم الفَحْلُ:
إذا جَفَر.
و
في حديث عائشة أنَّها قالت: «رأيتُ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يُنْزَل عليه في اليوم الشديدِ البَرْدِ فيَفْصِمُ الوَحْيُ عنه، و إنَّ جَبينَه ليتفصّد عَرَقاً»
. أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: أَفْصَمَ المطرُ و أفْصَى: إذا أَقْلَعَ؛ و منه قيل: كلُّ فَحْل يُفْصِمُ إلا الإنسان؛ أي: ينقطع عن الضِّراب.
أخبَرني المنذريُّ عن أبي طالب عن أبيه عن الفرّاء. قال: فأس فَيْصَمٌ: و هي الضخمة. و فأسٌ قِيدَايَةٌ لها خُرْتٌ؛ و هو خَرق النِّصاب.
[باب الصاد و الباء مع الميم]
ص ب م
أهمله الليث.
بصم:
و أخبَرَني المنذريُّ عن أبي العباس عن ابن الأعرابيّ أنه قال: يُقال: ما فارقْتَك شِبْراً و لا فِتْراً، و لا عَتَباً و لا رَتَباً و لا بُصْماً.
قال: و البُصْمُ ما بين الْخِنْصِر و البِنْصِر.
و قد مرّ تفسيرُ العَتَب و الرَّتَب. و اللّه تعالى أعلم.
149
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
أبواب معتلّات الصاد
أهملت الصاد مع السين و مع الزاي في السالم و المعتلّ.
ص ط:
مهمل.
باب الضاد و الدال
[ص د
(و ا ي ء)] صدى، صدأ، صيد، (صاد) و صد، أصد، ديص، دصا «1»: [مستعملة].
صدى- صدأ:
قال اللّه جلّ و عزّ: وَ ما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِيَةً
[الأنفال: 35].
قال ابن عَرَفة: التَّصدِيةُ من الصَدى، و هو الصَّوت الذي يَرُدُّهُ عليك الجبلُ.
قال: و المُكَاءُ و التَّصْدِية ليسَا بصَلاة، و لكنَّ اللّه أخبر أنهم جعلوا مكانَ الصَّلاةِ التي أُمِروا بها المُكَاءَ و التَّصْدية.
قال: و هذا كقولك: رَفَدني فلانٌ ضَرْباً و حِرْماناً، أي: جَعَلَ هذين مكانَ الرِّفْد و العَطا؛ و هو كقول الفَرَزْدَق:
قَرَيْناهُم المَأْثُورةَ البِيضَ قَبْلَها يَثُجُّ العُروقَ الأَيْزَنِيُّ المثقَّف
أي: جعَلْنا لهم بَدَلَ القِرَى السيوفَ و الأسِنّة.
قال أبو العباس المبَرِّد: الصَّدَى على ستّة أوجه: أحدُها: ما يَبقَى من الميّت في قبره، و هو جُثّته.
و قال النَّمِر بن تَولَب:
أعاذِلُ إن يُصْبِحْ صَدايَ بقَفْرةٍ بعيداً نَآني ناصِرِي و قَرِيبي
فصَداه: بدَنُه و جُثّته. و قوله: نآني، أي:
نأى عنّي.
قال: و الصدَى الثاني: حُشْوَة الرأس؛ يقال لها: الهامةُ و الصَّدَى، و كانت العربُ تقول: إن عظامَ المَوْتَى تَصِير هَامةً فتَطِير.
و كان أبو عُبَيدة يقول: إنهم كانوا يُسمُّون
__________________________________________________
(1) أهمله الليث.
150
تهذيب اللغة12
صدى صدأ ص 150
ذلك الطائرَ الذي يَخرج من هامة الميّت إذا بَلِيَ: الصَّدَى، و جمعُه أَصْداء.
و قال أبو دُوَاد:
سُلِّط الموتُ و المَنونُ عليهمْ فلهمْ في صَدَى المَقابر هامُ
و قال لَبيد:
فليسَ الناسُ بَعدَك في نَقيرٍ و ليسوا غيرَ أَصْداءٍ وَ هَامِ
و الثالث: الصَّدَى: الذَّكَر من البُوم، و كانت العرب تقول: إذا قتل قتيلٌ فلم يُدرَكْ به الثَّأْر خَرَجَ من رأسه طائرٌ كالبُومة، و هي الهامة، و الذَّكَر الصَّدَى فيصيح على قبره: اسقُوني اسقوني، فإن قُتِل قاتلُه كَفّ عن صِيَاحِه، و منه قولُ الشاعر:
* أَضْرِبْكَ حتّى تَقولَ الهامةُ اسقُونِي*
و الرابع: الصَّدَى: ما يَرجِعُ من صوت الجبل، و منه قولُ امرىء القيس يصف داراً دَرَسَتْ:
صَمَّ صَداها وَ عَفَا رَسْمُها و استَعْجَمتْ عن منطقِ السّائلِ
و العرب تقول:
صُمّي ابنة الجبل مهما يُقَل تَقُلْ
و أخبرني المنذري عن الحمّادي عن ابن أخي الأصمعيّ عن عمه قال: العَرَب تقول: الصَّدَى في الهامة، و السَّمْعُ في الدِّماغ، أصم اللّه صداه من هذا.
و أنشدني أبو الفضل عن ثعلب عن ابن الأعرابي أَنه أنشد لسدوس بن ضباب:
إني إلى كل أيسار و نَادبة أدعو حُبَيشاً كما تدعو ابنة الجبل
أي: أنوّه كما ينوّه بابنة الجبل.
و قيل: ابنة الجبل هي الحية. و قيل: هي الداهية العظيمة.
و البيت الذي يليه يحقّق هذا القول الأول:
إن تَدَعْه مَوْهناً بجابته عاري الأشاجع يسعى غير مشتَمِل
يقول: يعجل حبيش بجابته كما تعجل الصدى، و هو صوت الجبل.
و قال المبرّد: و الصَّدَى أيضاً العطَشُ.
يقال: صَدِي الرجل يَصْدَى صدًى فهو صدٍ و صادٍ و صيدان، و أنشد:
* ستعلم إن متنا غداً أيّنا الصّدِي*
و قال غيره: الصدَى: العطش الشديد.
و يقال: إنه لا يشتدّ حتى يَيْبَسَ الدِّماغ.
و لذلك تَنْشَقُّ جِلْدةُ جبهة من يموت عَطَشاً.
و يقال: امرأةٌ صَدْيَا و صادِيةٌ.
و الصَّدَى: السادسُ: قولُهم: فلانٌ صَدَى مالٍ: إذا كان رفيقاً بسياستها.
151
تهذيب اللغة12
صدى صدأ ص 150
و قال أبو عُبَيد: قال أبو عمرو: يقال: إنه لصَدَى مالٍ: إذا كان عالماً بها و بمصلَحتِها، و مِثلُه هو إزاءُ مالٍ.
قال أبو عبيد: و الصَّدَى أيضاً: الرجُل اللَّطيف الجَسَد.
و أخبرني الإياديّ عن شَمِر: رَوَى أبو عُبيد هذا الحَرْفَ غيرَ مهموز، و أُراه مهموزاً، كأنَّ الصَّدَى لغةٌ في الصَّدَع، و هو اللّطيفُ الجِسْم.
قال: و منه ما جاء
في الحديث: «صَدَأٌ من حديدٍ»
في ذِكر عليٍّ.
قلتُ: و قد فَسَّر أبو عُبَيد هذا الحرف على غير ما فسّره شَمِر.
رَوَي عن الأصمعيّ أنّ حمّاد بن سَلَمة رواه: «صدأ من حديد».
قال: و رواه غيرُه: «صَدَع من حديد»
، فقال عُمر: وَا دفْرَاه.
قال الأصمعيّ: و الصَّدَأ أشبَه بالمعنى، لأَنَّ الصَّدَأَ آلة ذَفَرٍ، و الصَّدَع لا ذَفَر له، و هو حِدَّة رائحةِ الشيء، خبيثاً كان أو طيّباً. و أمّا الدّفَرُ- بالدال- فهو في النَّتْن خاصّة.
قلتُ: و الذي ذهب إليه شمر معناه حَسَن.
أراد أنَّه يعني علياً خفيفٌ يَخِفّ إلى الحُروب و لا يكسل و هو حديد لشدة بأسه و شجاعته؛ قال اللّه جلّ و عزّ: وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ [الحديد: 25].
و قال الليث: الصَّدَى: الذَّكَر من الهام.
و الصَّدَى: الدِّماغ نفسُه.
و يقال: بل هو الموضع الذي جُعِل فيه السَّمْع من الدّماغ، و لذلك يقال: أصَمَّ اللّه صَدَاه.
قال: و قيل: بل أصمَّ اللَّهُ صداه، مِنْ صَدَى الصوتِ الَّذي يُجيبُ صوتَ المُنادِي.
قال: و قال رؤبة في تصديق من يقول:
الصَّدَى: الدِّماغ:
لِهامِهِمْ أَرُضُّهُ و أَنْقُّخُ أُمَّ الصَّدَى عن الصَّدَى و أَصْمَخُ
قال: و الصَّدَاة فِعْل للمُتَصَدِّي، و هو الذي يَرفَع رأسَه و صدرَه يتصدّى للشيء يَنظُر إليه، و أنشد للطِّرِمّاح:
* لها كلَّما صاحت صداةٌ و رَكْدَةٌ*
يصف هامةً إذا صاحت تصدّتْ مرّةً و ركدَتْ أخرى.
قال: و التَّصْدِيةُ: ضربُك يداً على يَدٍ لتُسمع بذلك إنساناً، و هو من قوله:
مُكاءً وَ تَصْدِيَةً
[الأنفال: 35] و هو التصفيق، و قد مرّ تفسيرُه في مُضاعَف الصاد.
و قولُ اللّه جلّ و عزّ: ص وَ الْقُرْآنِ [ص: 1].
قال الزّجّاج: من قرأ: (صاد) فله وجهان؛ أحدُهما: أنه هِجاءٌ موقوف
152
تهذيب اللغة12
صدى صدأ ص 150
فكُسِرَ لالتقاء الساكنَين. و الثاني: أنه أمرٌ من المُصاداةِ على معنى: صادِ القرآنَ بعَمَلِك، أي: قابل.
يقال: صادَيْتُه، أي: قابلتُه، و عادلْتُه.
قال: و القراءة: (صادْ)، بسكون الدال:
الوقوف عليها.
و قيل: معناه: الصادقُ اللَّهُ.
و قيل: معناه: القسم، و يكون صاد اسماً للسُّورة لا ينصرفُ.
أبو عُبيد عن أبي عمرو: صاديْتُ الرجل و داجَيْتُه و دارَيْتُه بمعنى واحد.
و قال أبو العبّاس في المُصاداة: قال أهل الكوفة: هي المداراة.
و قال الأصمعي: هي العِنايةُ بالشيء.
و قال رجلٌ من العرب و قد نَتجَ ناقةً له فقال لما مَخَضَتْ:
* بِتُّ أُصاديها طولَ لَيْلِي*
و ذلك أنه كره أن يَعْقِلَها فيُعْنِتَها أو يَدَعَها فتَفْرُق، أي: تَنِدّ في الأرض فيأكُلَ الذِّئْبُ ولدَها، و ذلك مُصاداتُه إيّاها.
و كذلك الراعي يُصادِي إبِلَه إذا عَطِشَتْ قبلَ تمامِ ظِمْئِها يمنعُها عن القرَبِ.
و قال كُثَيِّر:
أيا عَزّ صَادِ القَلْبَ حتى يَوَدَّنِي فؤادُكِ أو رُدِّي عليَّ فُؤَادِيَا
أبو عُبَيد عن الأصمعي: الصَّوادي من النَّخيل: الطِّوال.
قال أبو عُبَيد: و قد تكون الصوادي التي لا تَشْرَبُ الماءَ.
و قال ذو الرُّمّة يصفُ الأجمال:
* مِثْلَ صَوَادِي النَّخْل و السَّيَالِ*
و قال آخر:
* صَوادِياً لا تُمكِنُ اللُّصوصَا*
و قيل في قولهم: فلانٌ يتصدّى لفلان: إنه مأخوذٌ من اتّباعه صَداه.
و فيه قولٌ آخر: إنّه مأخوذٌ من الصَّدَد، فقُلِبَتْ إحدَى الدّالات في يتصدّى ياءً، و قد مرّ فيما تقدّم.
و الصدأ- مهموزٌ مقصور- الطبَع و الدَّنَس يَركب الحديدَ.
قال أبو عُبَيد: قال الأصمعي: كتيبةٌ جَأْوَاءُ: إذا كان عِلْيَتُها صَدَأَ الحديد.
و قد صَدِىء الحديدُ يَصْدَأ صَدَأً.
و قال الليث: يقال: إنّه لَصاغِرٌ صَدِىءٌ، أي: لزِمه صدَأُ العار و اللَّوْم.
أبو عُبَيد عن الأصمعي في باب أَلوان الإِبِل إذا خالَطَ كُمتَةَ البَعير مِثل صدإ الحديد فهو الجُؤْوَة.
و قال الليث: الصُّدْأَةُ: لونُ شُقْرَةٍ تَضْرِب إلى سوادٍ غالب؛ يقال: فرسٌ أصْدأُ و الأنثى صَدْآء، و الفعل على وجهين:
يقال: صَدِىءَ يَصْدأُ، و أَصدأَني يُصْدِأُني.
153
تهذيب اللغة12
صدى صدأ ص 150
قال: و صُدَاءُ- ممدود- حَيٌّ من اليَمَن، و النسبة إليهم صُدَاوِيٌّ بمنزلة الرَّهاويّ.
قال: و هذه المَدَّة و إن كانت في الأصل ياءً أو واواً فإنها تجعل في النسبة واواً كراهيةَ التقاءِ الباءات، ألا تَرَى أنك تقول رَحًى و رَحَيان، فقد عَلمتَ أن ألفَ رَحًى ياء، و قالوا في النسبة إليها: رَحَوِيّ لتلك العلة.
شمِر: الصَّدْءاءُ: الأرضُ التي تَرَى حَجَرَها أصدأَ أَحمر، يَضرِب إلى السواد، لا تكون إلّا غليظة، و لا تكون مستويةً بالأرض، و ما تحتَ حجارة الصَّدْءاء أرضٌ غليظة، و ربما كانت طيناً و حجارة.
أبو عبيد: من أمثالِهم في الرَّجُلَين يكونان ذَوَيْ فَضْل غير أن لأحدهما فضلًا على الآخَر قولُهم: ماءٌ و لا كَصدَّاء. هكذا أَقرأَنيه المنذريُّ.
عن أبي الهيْثم بتشديد الدَّال و المَدة.
و ذكر أن المَثَل لِقَذُورَ بنت قيس بن خالد الشيَّبانيّ، و كانت زوجةَ لَقيط بنِ زُرارة، فتزوّجها بعده رجلٌ من قومها، فقال لها يوماً: أنا أجمل أَمْ لَقيطٌ؟ فقالت: ماءٌ و لا كَصدّاء، أي: أَنت جميلٌ و لستَ مِثلَه.
قال أبو عُبيد: قال المفضّل: صَدّاء: رَكِيَّةٌ ليس عندهم ماءٌ أَعذب من مائها؛ و فيها يقول ضِرارُ بن عَمرو السَّعْدِيّ:
و إني و تَهْيَامِي بزينبَ كالذي يُطالب من أَحْواضِ صدَّاءَ مَشربَا
قال: و لا أَدرِي صدّاء، فعَّال أو فَعْلاء، فإن كان فَعَّالًا فهو من صَدا يَصدو، أَو صَدِيَ يَصدَى.
و قال شمر: صَدا الهامُ يَصدُو: إذا صاح.
و إن كانت صَدَّاءُ فَعْلَاء فهو من المضاعَف، كقولهم صَمَّاء من الصَّمَم.
أبو عُبيد عن العَدَبَّس قال: الصَّدَى هو الطائرُ الذي يَصِرّ باللّيل و يَقْفِز قَفَزاناً و يطيرُ.
قال: و الناسُ يَرَوْنه الجُنْدُب، و إنما هو الصدَى يكون في البَرارِي، فأما الجُندب فهو أصغَر من الصَّدَى يكون في البراري.
قال: و الجُدْجُد: الذي يُصِرّ بالليل أيضاً.
صيد:
يقال: صادَ الصيَّد يَصيدُه صَيْداً: إذا أَخَذه. و صِدْتُ فلاناً صَيْداً: إذا صدتَه له، كقولك: بَغَيْتُه حاجةً، أي: بغَيْتُها له.
قال الليث: مِصْيَدَةٌ: التي يُصادُ بها.
قال: و هي المِصْيَدَة، لأنها من بنات الياء المعتلّة، و جمعُ المصيدة مصايد بلا همز، مثلُ معايشَ جمع معيشة.
و العَربُ تقول: خرجْنا نَصيد بَيْضَ النَّعام و نصيدُ الكَمْأَة، و الافتعالُ منه الاصطياد، يقال: اصطادَ يَصطاد فهو مُصطاد و المَصيدُ مصْطادٌ أيضاً. و خرج فلانٌ يتصيَّد الوَحْشَ، أي: يطلبُ صيدَها.
154
الحرّاني عن ابن السكّيت: الصادُ و الصِّيد و الصُيَدُ: داءٌ يصيب الإبلَ في رؤوسها فيسيل من أُنوفها مِثلُ الزَّبَد و تَسْمُو عند ذلك برؤوسها.
قال: و الصِّيد أيضاً جمعُ الأَصْيد.
و قال الليث: الصَّيَد: مصدرُ الأصيَد، و له معنيان. يقال: مَلِكٌ أَصيَدُ: لا يلتفِت إلى النّاس يميناً و شِمالًا. و الأصيَد أيضاً: من لا يستطيع الالتفاتَ إلى الناس يميناً و شمالًا من داءٍ و نحوِه.
و الفِعلُ صَيِد يَصْيدُ.
قال: و أهل الحجاز يُثْبِتون الواوَ و الياء، نحو: صَيِد و عَوِد، و غيرُهم يقول: صَادَ يَصادُ و عارَ يَعار.
قال: و دَواءُ الصَّيَد: أن يُكوَى بين عينيه فيذهب الصيَدُ، و أَنشد:
* أَشفِي المجانين و أَكْوي الأصْيدا*
أبو عبيد: الصادُ: قُدودُ الصُّفْر و النُّحاس.
قال حسّان بن ثابت:
* رأَيتُ قُدورَ الصادِ حولَ بيوتِنا*
قال: و الصَّيَداءُ: حَجَرٌ أبيضُ يُعمَل منه البِرَام. و الصَّيْدانُ: بِرامُ الحجارة، و أنشد:
* و سُودٍ من الصِّيدانِ فيها مَذانِبُ*
و قال النَّضْرُ: الصيْداء: الأرض التي تُربتُها حمراءُ غليظةُ الحجارة مستويةٌ بالأرض.
و قال أبو عُبَيد: هي الأرض الغليظة.
و قال أبو خَيْرة: الصيْداءُ: الحَصَى، و قال الشَّمَّاخ:
حَذاها من الصيْداءِ نعلًا طِراقُها حَوامِي الكُراع المُؤْيدات العَشَاوِزِ
أي: حَذاها حَرَّةً نِعالها الصّخور.
شمر عن أبي عمرو قال: الصَّيْداءُ:
الأرض المستوية، و إذا كان فيها حَصًى فهو قاع. قال. و كان في البُرْمة صِيْدان و صَيْدَاء يكون فيها كهيئة بَريق الفضّة، و أجوده ما كان كالذّهب و أنشد:
* طِلْحٌ كضاحِية الصَّيْداءِ مَهْزولُ*
قال: و صَيْدانُ الحَصَى: صغارُها.
و قال الأصمعيّ: الصَّيْدان و الصَّيْدء: حَجرٌ أبيض تَعمَل منه البِرَام.
و قال بعضهم: الصَّيْدانُ: النُّحاس، قال كعب:
و قِدْراً تَغْرَق الأَوْصالَ فيه من الصَّيْدان مُترَعَةً رَكُودا
وصد:
قال اللّه جلّ و عزّ: وَ كَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ
[الكهف: 18]، قال الفرّاءُ: الوَصِيدُ و الأصيد لُغتان، الفِناء مِثلُ الوِكاف و الإكاف، و هما العِناء.
و قال ذلك يونس، و قولهم: إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) [الهمزة: 8]، و قرىء (مُوصَدة).
155
[أصد]:
قال ابن السِّكيت: قال أبو عبيدة:
أَصَدْتُ و أَوْصَدْتُ: إذا أطبَقْتَ، و معنى مؤصَدَة: أي: مطبقةٌ عليهم.
و قال الليثُ: الإصاد و الأُصُد بمنزلة المُطْبَق، يقال: أطبق عليهم الإصادَ و الوِصاد و الآصِدة.
و قال ثعلب: الأُصْدةُ: الصُّدْرة، و أنشد:
مثل البِرَام غَدا في أُصْدَةٍ خَلَقٍ لَم يستَعِنْ و حوامي الموتِ تَغْشاه
أبو عبيد عن الأحمر: الأصِيدُ: الفِناء:
و آصَدْت البابَ و أوْصَدْته: إذا أغلقْتَه.
و قال الأمويّ: الأصِيدةُ كالحَظيرة تعمل.
و قال أبو مالك: أصَدَتْنا مُذ اليوم، أي:
آذَبَتْنا إصادَةً. و في «النوادر»: وَصَدْتُ بالمكان أَصِد، و وتَدْتُ أَتِد: إذا ثَبَتَ.
ديص:
قال الليث: داصت الغُدَّة بين اللحم و الجلد تَدِيصُ. قال: و الانْدِياصُ: الشّيءُ يَنسَل من يَدِك، تقول: انْدَاصَ علينا بشرِّه. و إنّه لمُنْداص بالشّرّ، أي: مفاجِىءٌ به، وقّاعٌ فيه.
أبو عبيد عن أبي زيد: داصَ يَدِيص دَيْصاً: إذا فَرّ.
و قال الأحمر مِثلَه. قال: و الداصَةُ منه.
أبو العبّاسَ عن ابن الأعرابيّ قال:
الدَّيْصُ: نَشاطُ السّائس. و داصَ الرجُل:
إِذا خَسّ بعد رِفْعة.
الأصمعيّ: رجلٌ دَيّاصٌ: إذا كنتَ لا تَقدر أن تَقبِض عليه من شدّة عَضَلِه.
باب الصاد و التاء
ص ت
(و ا ي ء)
صوت- صيت:
قال الليث: يقال: صَوّت يُصوِّت تصويتاً فهو مصوِّت، و ذلك إذا صَوّتَ بإنسان فَدعاه. و يقال: صاتَ يَصُوت صَوْتاً فهو صائت، معناه: صائح.
و قد يُسمَّى كلُّ ضَرْب من الأُغنِيات صَوتاً، و الجميع الأصوات. و رجل صَيِّتٌ: شديدُ الصوْت.
الحرّاني عن ابن السّكيت: الصَّوتُ، صَوْتُ الإنسان و غيرِه. و الصِّيتُ: الذِّكْر، يقال: قد ذهب صِيتُه في النّاس، أي:
ذكْرُه.
و قال ابن بُزْرُج: أصاتَ الرجُل بالرّجل:
إذا شَهَرَ بأمرٍ لا يَشتهيه. و انصاتَ الزّمانُ به انصياتاً: إذا اشتَهر.
و قال غيره: انصات الأمرُ: إذا استقام، و أنشد:
و نَصرُ بنُ دَهْمانَ الهُنيدةَ عاشَها و تِسعين حولًا ثم قُوِّم فانْصَانَا
قال: انصات، أي: استقام.
و الصَّيِّتةُ بالهاء: الصَّيِّت، و قال لَبيد:
و كم مُشتَرٍ من مالِه حُسْنَ صِيتِه لأيَّامه في كلّ مَبْدًى و مَحْضَر
156
تهذيب اللغة12
صوت صيت ص 156
و قال ابن السّكيت: رجلٌ صاتٌ: شديدُ الصّوتُ كقولهم: طانٌ كثيرُ الطَين، و كبشٌ صافٌ: كثيرٌ الصُّوف.
ص ظ. ص د. ص ت:
مهملات.
باب الصاد و الراء
ص ر
و ا ي صرى. صار. أصر. ورص. وصر.
رصا. صور.
صرى:
رُوِيَ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «إنَّ آخِرَ مَن يَدخلُ الجنَّة رجلٌ يَمشي على الصّراط فيَنكَبُّ مرّةً و يَمشِي مَرَّةً و تَسَفُعه النار، فإذا جَاوَزَ الصِّراط تُرفَع له شَجَرَةٌ فيقولُ: يا ربُّ أَدْنِني منها، فيقول اللّه، أي: عبْدِي ما يَصرِيك مِني».
قال أبو عبيد: قوله: «ما يَصْريك»: ما يَقطع سأَلتَك منّي، يقال: قد صَرَيْتُ الشيءَ، أي: قطعتُه و منعتُه، و أنشد:
* هَواهُنّ إن لم يَصْرِه اللَّهُ قاتِلُهْ*
قال: و قال الأصمعي: يقال: صَرَى اللّه عَنْك شَرَّ فلان، أي: دفَعَه. قال:
و الصَّرَى: الماءُ الّذي قد طال مَكْثُه و تَغَيَّر. و هذه نُطْفَةٌ صَراةٌ. و قد صَرَى فلانٌ الماءُ في ظهرِه زَماناً، أي: حَبَسه.
و يقال: جَمَعه. و أنشد:
رُبَّ غلامٍ قد صَرَى في فِقْرَتِهْ ماءً الشّبابِ عُنْفُوانَ سَنْبَتِهْ
كذا رواه شمر، و زاد: أَنعظ حتى اشتد سَمُّ سُمَتِهْ.
و
في حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم: «من اشترى مُصَرّاةً فهو بآخر النَّظَريْن إنْ شاءَ رَدَّها و رَدَّ معها صاعاً من تَمْر»
. قال أبو عُبيد: المُصَرّاة: هي النَاقة أو البقر أو الشّاة يُصرَّى اللبنُ في ضَرْعها، أي: يُجمَع و يُحبَسُ، يقال منه: صَرَيْتُ المَاء و صَرَّيْتُه.
و قال ابن بُزُرْج: صَرت الناقةُ تَصْرِي، من الصَّرْي، و هو جمع اللّبن في الضَّرْع.
و ناقة صريي و جمعها صراء، مثل: عطشى و عطاش.
الفرّاء: صَرِيَتِ الناقةُ: إذا جَفَلت و اجتمعَ لبنُها، و أَنشَد:
مَن للجَعافِرِ يا قَوْمي فَقَدْ صَرِيَتْ و قد يُساقُ لِذاتِ الصُّرْية الحَلَبُ
و قال الآخر:
* و كل ذي صَرْيةٍ لا بدّ مَحلوبُ*
و قال الليث: صَرِيَ اللّبنُ يَصْرَى في الضَّرْع: إذا لم يُحلَب ففسَد طعمه، و هو لبنٌ صَرًى. و صَرِيَ الدمعُ: إذا اجتَمع فلم يَجْر.
و قالت خَنْساء:
فلَم أَملِكْ غداةَ نَعيِّ صَخْرٍ سوابِقَ عبْرةٍ حُلِبَتْ صَراهَا
157
قال: و صَرِيَ فلانٌ في يد فلانٍ: إذا بَقِيَ في يدِه رَهْناً؛ قال رؤبة:
* رَهْنَ الحَرورِيين قد صَرِيتُ*
و أَخبرَني المنذريُّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال: قيل لابنة الخُسِّ أيُّ الطعام أثقَل؟ فقالت: بَيْضُ نَعامْ، و صِرَى عامٍ بعدَ عامٍ، أي: ناقة تُغَرَّز عاماً بعد عام.
و حكى شمر عن ابن الأعرابي أنه قال:
الصَّرَى: اللّبنُ يُترَك في ضَرع الناقة فلا يُحتلب فيصير مِلْحاً ذا رِياح.
و أَخبرني عن أبي الهَيْثم أنَّه ردّ على ابن الأعرابيّ قوله: صِرَى عام بعدَ عام، و قال: كيف يكون هذا؟ و الناقةُ إنما تُحلَب ستَّةَ أشهر أو سبعةَ أشهر، في كلامٍ طويل قد وَهِمَ في أكثره، و الّذي قاله ابنُ الأعرابيّ صحيح، و رأيتُ العَرَب يَحلُبون الناقةَ من يومِ تُنْتَجُ سنةً إذا لم يَحمِلوا الفحلَ عليها كِشافاً، يغرِّزُونها بعد تمَام السّنة ليَبقَى طِرْقُها، و إذا غَرَّزُوها و لم يَحْتَلبوها، و كانت السّنة مُخصِبةً تَرَادَّ اللبنُ في ضَرْعها فخَثُر و خَبُثَ طعمُه فانمَسَخَ، و لقد حَلَبْتُ ليلةً من اللّيالي ناقةً مغرَّزَةً فلم يتهيّأ لِي شُرْبُ صَرَاها لخُبْث طعمِه و دَفْقَتِه، و إنما أرادت ابنة الخُسِّ بقولها:
صَرَى عامٍ بعد عام، لبنَ عام استقبلتْه بعد انقضاء عامٍ نُتِجَتْ فيه، و لم يَعرِف أبو الهيثم مُرَادَها، و لم يَفهم منه ما فَهِمه ابن الأعرابيّ فعَلِق يَرُدّ بتطويلٍ لا معنى فيه.
أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابيّ: صَرَى يَصرِي: إذا قَطَع، و صَرَى يَصْرِي: إذا عَطَف، و صَرَى يَصرِي: إذا تَقدَّم، و صَرَى يَصرِي: إذا تأخَّر، و صَرَى يَصرِي: إذا عَلَا، و صَرَى يَصري: إذا سَفَل، و صَرَى يَصرِي: إذا أَنْجَى إنساناً من هَلَكة و أغاثه و أَنشد:
* بين الفَراعِلِ إنْ لم يَصْرِنِي الصّارِي
* و قال آخر في صَرَى إذا سَفَل:
و الناشئاتِ الماشياتِ الخَيْزَرِي كعُنُق الآرام أَوْفَى أَوْ صَرَى
قال: أَوْفَى: عَلَا. و صَرَى: سَفَل، و أَنشد في عَطَف:
و صَرَيْنَ بالأعناقِ في مَجْدُولةٍ و صَلَ الصّوانعُ نِصْفَهنَّ جَديدا
و قال ابن بزرج: صَرَتِ الناقةُ عُنُقَها: إذا رفعتْه من ثِقلَ الوِقْر، و أَنشد:
* و العِيسُ بين خاضِعٍ و صَارِي*
قال: و الصارِي: الحافظ، و يقال: صَرَاه اللّه: حَفِظه اللّه.
و قال شمر: قال المنتجع: الصَّرْيانُ من الرّجال و الدوابّ: الّذي قد اجتمع الماءُ في ظهرِه، و أَنشد:
* فهو مِصَكٌّ صَمَيان صرْيان*
158
و الصارِّيَّةُ من الرَّكايا: البعيدة العَهْد بالماء، فقد أَجِنَتْ و عَرْمَضَتْ.
أبو عبيد عن الأصمعيّ: الصّارِي:
المَلّاح، و جمعه صُرَّاءٌ على غير قياس.
قال: و قال أبو عمرو: ماءٌ صِرًى و صَرًى، و قد صَرِيَ يَصْرَى، و قال: صَرَيْتُ ما بينهم: أصْلَحْتُ، فأنا أَصرِي صَرْياً.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: إذا اصفرّ الحَنْظل فهو الصرَاء ممدود، واحدته صَرايةٌ، و جمعُها صَرايَا.
و قال ابن الأعرابي: أنشد أبو مَحْضة أبياتاً ثم قال: هذه بِصَراهُنّ و بِطَرَاهُنّ.
قال أبو تراب: و سألتُ الحُصينِيَّ عن ذلك فقال هذه الأبيات.
بَطرَاوِتِهنّ و صَرَاوتَهنّ، أي: بِجدّتهنّ و غَضاضَتِهنَّ.
صري: أبو عبيد عن الأحمر: صُرْتُ إليَّ الشيءَ و أصَرْته: إذا أَمَلْتَه إليك، و أَنشد:
* أَصارَ سَدِيسَها مَسَدٌ مَرِيجُ*
و يقال: صاره يصوره و يصيره: إذا أماله.
و قال أبو عبيد: من قرأ: (صُرهن)، معناه: أملهن. و من قرأ: (صِرْهن) معناه:
قَطَعهن. و أنشد للخنساء:
* لظلت الشُّم منها وهْي تَنصار*
يعني: الجبال تصدع و تغرق.
و قال اللّه جلّ و عزّ: فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ [البقرة: 260].
قال الفرَّاء: ضَمت العامّة الصاد، و كان أصحابُ عبد اللّه يَكسِرونها، و هما لُغتان، فأما الضّم فكثير، و أما الكَسْر ففي هُذَيْل و سُلَيم، و أَنشدني الكسائيّ فقال:
و فَرْعٌ يَصير الجِيدَ وَحْفٌ كأنهْ على اللِّيْث قِنْوانُ الكروم الدَّوَالح
يَصيرُ: يميل و كلّهم فسَّروا: فَصُرْهُنَّ):
أَمِلْهُنَّ، و أما (فَصِرْهنَّ) بالكسر فإنَّه فُسِّر بمعنى قَطِّعْهن.
قال: و لم نجد قطّعهن معروفة، و أراها إن كانت كذلك من صرَيْتُ أَصْرِي، أي:
قَطَعْتُ، فقُدمَتْ ياؤها، كما قالوا: عَثِيت و عِثْت.
و قال الزجّاج: قال أهل اللغة: معنى:
(صُرْهُنَّ إليك): أَمِلْهُن إليك و اجمَعْهنَّ و أَنشد:
و جاءت خُلْعةً دُهْساً صَفايَا يَصور عُنوقَها أَحوَى زَنيمُ
أي: يعطِفُ عُنوقَها تَيْسٌ أَحْوى.
صور:
و قال الليث: الصَّوَرُ: المَيْل، و الرجلُ يَصُور عُنُقَه إلى الشيء: إذا مال نحوَه بعنُقه، و النَّعتُ أَصْوَر، و قد صَوِر.
و عُصفورٌ صَوّار: و هو الذي يُجيب الدّاعي.
و
في حديث ابن عمرَ: أنه دخَل صَوْرَ نَخْلٍ.
159
قال أبو عُبَيد: الصَّوْر: جِماع النخل، و لا واحدَ له من لقطه، و هذا كما يقال لجماعة البقر: صُوار.
و قال الليث: الصُّوارُ و الصِّوارُ: القطيع من البقر، و العدد أَصْوِرة، و الجميع صِيرَان. و أَصوِرَة المِسْك: نافقاتُه.
أبو عُبَيد عن الأمويّ: يقال: صرعه فتجوّرَ و تَصَوَّر: إذا سَقَطَ.
و أَخبرَني المنذريُّ عن أبي الهيثم أَنه قال في قول اللّه: وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ*
[الكهف:
99]: اعترض قوم فأنكروا أَن يكون الصُّورُ قَرْناً، كما أَنكَروا العرشَ و المِيزان و الصراط، و ادَّعَوْا أن الصُّور جمع الصورة، كما أن الصوف جمع الصوفة، و الثُّوم جمع الثُّومة، و رَوَوْا ذلك عن أَبي عُبَيدة.
قال أَبو الهيثم: و هذا خطأٌ فاحش، و تحريفٌ لكلِم اللّه عن مواضعها، لأن اللّه جل و عز قال: وَ صَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ*
[غافر: 64]، بفتح الواو، و لا نعلَم أَحداً من القراء قرأَها: (فأحْسَن صُورَكم)، و كذلك قال اللّه: وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ*
[الكهف: 99] فمن قرأَها (و نُفخ في الصُّوَر) أو قرأ: (فأحسن صُوْرَكم) فقد افترَى الكَذِب و بدّل كتابَ اللّه، و كان أبو عبيدة صاحبَ أخبارٍ و غريب، و لم يكن له معرفة بالنحو.
و قال الفراء: كلُّ جمعٍ على لفظ الواحد الذكَر سبق جمعُه واحدتَه، فواحدتُه بزيادة هاء فيه، و ذلك مثل الصوف و الوَبر و الشعَر و القطْن و العشب، فكلّ واحد من هذه الأسماء اسمٌ لجميع جنسه، فإذا أُفْرِدتْ واحدتُه زيدتْ فيها هاء، لأن جميعَ هذا الباب سبق واحدتَه، و لو أن الصوفةَ كانت سابقةً للصوف لقالوا:
الصوفَةٌ و صُوَف، و بُسْرَةٌ و بُسَر، كما قالوا:
غُرْفة و غُرَف، و زُلْفَة و زُلَف.
و أما الصُّورُ القَرْنُ فهو واحد لا يجوز أن يقال واحدتُه صورَة، و إنما تُجمع صورة الإنسان صُوَراً، لأن واحدتَه سبقتْ جَمْعَه.
فالمصوِّر من صفات اللّه تعالى لتصويره صوَر الخلق. و رجل مصوَّر إذا كان معتدل الصورة. و رحل صيّر: حسن الصورة و الهيئة.
و
رَوَى سُفْيانُ عن مُطرّف عن عطيّة عن أبي سعيد الخدرِي قال: قال رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «كيف أَنْعَمُ و صاحِبُ القَرْن قد التَقَم القَرْن، و حَتى جَبْهَته و أَصْغَى سمعه ينتظر متى يُؤمَر»، قالوا:
فما تأمُرنا يا رسول اللّه، قال: «قولوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ».
قلتُ: قد احتجَّ أبو الهَيْثم فأحسَنَ الاحتجاج، و لا يَجوز عندي غيرُ ما ذَهَب
160
إليه، و هو قولُ أهلِ السنّة و الجماعة.
و الدّليل على صحّة ما قالوا: أن اللّه جلّ و عزّ ذكر تصويرَه الخَلْق في الأرحام قبل نَفْخ الرُّوح، و كانوا قبلَ أَنْ صوَّرهم نُطَفاً، ثم عَلقَاً، ثم مُضَغاً، ثم صوّرَهم تصويراً.
فأمّا البَعْث فإنّ اللّه جلّ و عزّ يُنشِئهم كيف شاء، و من ادّعى أنه يصوِّرُهم ثم ينفخ فيهم فعليه البَيَان، و نَعوذ باللَّه من الخِذْلان.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الصَّوْرةُ:
النَّخْلة، و الصَّوْرةُ: الحِكَّة انتغاشِ الحَطى في الرأس.
و قالت امرأةٌ من العرب لابنة لها: هي تَشْفِيني من الصَّوْرة، و تستُرني من الغَوْرَة، و هي الشّمس. و الصِّوارانِ صِماغَا الفَمِ، و العامّة تُسمِّيهما الصَّوَّارَيْن، و هما الصّامغانِ أيضاً.
صير:
و
روي عن النَّبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنّه قال: «مَن اطَّلع من صِيرِ بابٍ فقد دَمَرَ»
، قال أبو عُبيد: تفسيره في الحديث: إن الصِّير: الشّقُّ.
و
في حديثٍ آخَر يَروِيه سالمٌ عن أبيه: أنه مَرّ به رجُل معه صِيرٌ فذاقَ منه.
قال: و تفسيرُه في الحديث أنه الصَّحْناء.
و قال أبو عُبيد: الصِّيرة: الحَظِيرة للغنم، و جمعُها صِيَر، قال الأَخْطَل:
و اذكرْ غُدانَةَ عِدّاناً مُزَنَّمةً من الحَبَلَّقِ تُبْنَى حولَها الصِّيَرُ
قال: و يقال: أنا على صيرِ أمرٍ، أي:
على طَرَف منه، قال زُهَير:
و قد كنتُ من سَلْمَى سنينَ ثمانياً على صِير أَمَرٍ ما يمرُّ و ما يَحْلُو
و قال اللّيث: صِيرُ كُلَ أمرٍ مَصيرُه.
و الصَّيْرُورة مصدرُ صارَ يصيرُ.
قال: و صارةُ الْجبَل: رأسُه.
و قال شمر: قال ابن شميل: الصِّيرةُ على رأس القَارة مثلُ الأمَرَة، غير أنّها طوَيْت طَيّاً، و الأَمَرَةُ أطوَلُ منها و أعظَم، و هما مطويّتان جميعاً، فالأَمَرَة مُصَعْلكَة طَوِيلة، و الصِّيرة مستديرةٌ عريضة ذاتُ أَرْكان، و ربّما حُفِرَتْ فوجد فيها الذّهب و الفضّة، و هي من صَنْعة عادٍ و إرَم. و الصَّيِّرُ:
الجماعة، و قال طُفَيْل الغَنَويُّ:
أَمسى مُقيماً بذي العَوْصاءِ صَيِّرُهُ بالبئر غادره الأحياءُ و ابتَكَرُوا
و قال أبو عَمْرو: صَيِّرُه: قَبْرُه، يقال: هذا صَيِّرُ فلان، أي: قبرُه، و قال عروة بن الوَرْد:
أحاديثُ تَبقَى و الفتَى غيْر خالدٍ إذ هوَ أمسى هامةً فوقَ صَيِّرِ
و قال أبو عَمْرو: بالهُزَر- و هو موضع- ألفُ صَيِّر، يعني قُبوراً من قُبورِ أهل الجاهلية ذكَره أبو ذؤيب فقال
161
* كانتْ كَلْيَلةِ أَهلِ الهَزَرْ*
أبو عُبيد عن أبي زيد: تصيَّرَ فلانٌ أباه و تقيَّضَه: إذا نَزَع إليه في الشَّبه. قال:
و يقال: ما لَه صَيُّور، مثال فَيْعُول، أي:
ما لَه عَقْل و نحو ذلك.
قال ابن الأعرابي: و قال أبو سَعِيد:
صَيُّور الأمرِ: ما صَار إليه.
و قال أبو العَمَيْثَل: صارَ الرجلُ يَصيرُ: إذا حَضَرَ الماء فهو صائر، و الصائِرة:
الحاضِرة، و قال الأعشى:
بما قَدْ تَرَبَّعَ رَوْضَ القَطا و رَوْضَ التَّناضُبِ حتى تَصِيرَ
أي: حتّى تحضر الماء، و يقال: جمعتهم صائرةُ القَيظ.
و قال أبو الهيثم: الصَّيْرُ: رُجُوع المنتجِعين إلى مَحاضِرِهم، يقال: أين الصائرة، أي أين الحاضرة. و الصِّيارُ: صَوْت الصَّنْجِ و أنشَد:
كأنّ تَراطُنَ الهاجاتِ فِيها قُبَيْلَ الصُّبْح رَنّاتُ الصِّيَارِ
يريدُ: رَنِين الصَّنْجِ بأوْتاره.
و يقال: صِرْت إلى مَصِيري و إلى صِيرِي و صَيُّوري. و صَيرُ الأَمْرِ: مُنْتَهاه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: يقال للمنزل الطيّب مَصِيرٌ و مِرَبٌّ و مَقْمَرٌ و مَحْضَر، يقال: أين مصيرُكم؟ أي: أين منزلُكم.
و الصائر: المُلَوِّي أعناقَ الرِّجال.
وصر:
قال اللّيث: الوَصَرَّةُ معرّبة، و هي الصَّكّ، و هي الأَوْصَر، و أنشَد:
و ما اتَّخذْتُ صَراماً للمُكُوثِ بها و ما انْتَقَيْتُك إلا للوَصَرّاتِ
و
رُوِي عن شُريح: أنّ رجلين احتَكَما إليه، فقال أحدهما: إنّ هذا اشتَرى منّي داراً و قَبضَ منّي وِصْرَها، فلا هُو يُعطيني الثمن و لا هُوَ يُردّ عَلَى الوِصْر.
قال القتيبي: الوِصْرُ: كتاب الشّراء، و الأصلُ إصْرٌ سمِّي إصْراً لأنّ الإصْرَ العَهْدُ، و يسمَّى كتابَ الشُّروط، و كتابَ العُهودِ و المَواثِيق، و جمع الوِصْر أَوْصار، و قال عَدِيّ بنُ زَيْد:
فأيُّكُمْ لَم يَنله عُرْف نائِله دَثْراً سَواماً و في الأَريافِ أوصارَا
أي: أقطعَكم فكتب لكم السجلّات في الأَرياف.
و قال أبو زيد: أخذت عليه إصْراً، و أخذتُ منه إصْراً، أي: مَوثقاً من اللّه.
و قال اللّه جلّ و عزّ: رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً
[البقرة: 286]، الآية.
و قال الفراء: الإصْر: العَهْد، و كذلك في قوله: وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي
[آل عمران: 81]، قال: و الإصْرُ ههنا إثم العَقْد و العَهْد إذا ضَيّعوه كما شُدّد على بني إسرائيل.
162
و روَى السُّديّ عن أبي الهزهار عن ابن عبّاس في قوله: وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً: قال: عهداً تعذِّبنا بترْكِه و نَقْضه.
و قوله: وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي
قال:
ميثاقِي و عَهْدِي.
و قال أبو إسحاق: كُلّ عَقْد من قرابة أو عَهْد فهو إصْر. و تقول: ما تأصيرُني على فلان آصرة، أي: ما تعطفني عليه مِنّة و لا قرابة. و قال الحُطَيْئة:
عَطَفوا عليّ بِغير آ صِرَة فقد عَظُم الأوَاصِرْ
أي: عَطَفُوا عليَّ بغير عَهْدٍ أو قرابة.
أبو عبيد عن الأموي: أَصَرْتُ الشيءَ آصِرُه أصْراً: كسَرْتُه. و المآصِرُ يقال: هو مأخوذٌ من آصِرَة العَهْد، إنما هو عقْدٌ ليُحبَس به. و يقال للشيء الذي تُعقَد به الأشياءُ: الإصار من هذا.
و قال الزجاج: المعنى: لا تَحْمل علينا إصْراً يثْقُلُ علينا كما حملته على الذين من قَبْلنا نحوَ ما أمِر به بنو إسرائيل من قَتْل أنفسِهم، أي: لا تَمتحِنّا بما يثقُل علينا أيضاً.
و قال الليث: المأْصِرُ: حَبْلٌ يُمدُّ على نَهْر أو طريقٍ تُحبَس السُّفُن و السابلة لتؤخذ منهم العُشور. و كلأٌ آصِرٌ: يَحبِس من يَنتهي إليه لكثرته.
أبو عبيد عن أبي عمرو: الإصارُ: الطُّنُبُ و جمعُه أُصُرٌ. و الأيْصَر: الْحَشيش المجتمِع، و جمعُه أياصر.
و قال الأصمعيّ: الإصار: وَتِدٌ قَصِير، و جمعُه أُصُر.
و قال الليث: الأيْصَر: حُبَيْل قَصير يُشَدّ في أسفل الخِباء إلى وَتِد، و فيه لغةٌ:
أَصارٌ.
أبو عبيد عن الأحمر: هو جارِي مُكاسِري و مُؤاصِرِي، أي: كِسْر بيتِه إلى جَنْب كِسْر بَيتي، و إصارُ بيتي إلى جَنْب إصَارِ بيتِه، و هو الطُّنُب.
و قال الكسائيُّ: أصَرَني الشيءُ يَأْصِرني، أي: حَبَسني.
ثعلب عن ابن الأعرابي: الإصْرانِ: ثَقْبَا الأُذَنين، و أَنشَد:
إنّ الأُحَيمِرَ حين أرجُو رِفْدَه غَمْراً لأَقطَعُ سيّىءُ الإصْرانِ
قال: و الأقطع الأصمّ و الإصْران: جمعُ إصْرٍ.
و
في حديث ابن عُمر: «مَن حَلَف على يمينٍ فيها إصرُ فلا كفّارَة لها»
، يقال: إنّ الإصْرَ أنْ تَحلِف بطَلاقٍ أو عِتْق أو نَذْرٍ.
و أَصْلُ الإصْر الثِّقْلُ و الشدَّة، لأنَّها أثقَل الأيْمان و أَضْيَقُها مَخْرَجاً. و العَهْدُ يقال له: إصْرٌ.
ورص:
سَلَمة عن الفرّاء: وَرَّصَ الشَّيخ
163
و أَوْرَصَ: إذا استرخَى حِتارُ خَوْرانِه فَأَبْدى. و امرأةٌ مِيراصٌ: تُحدِث إذا أُتِيَتْ.
رصى:
أبو العباس عن ابن الأعرابيّ:
رصَاه: إِذا أَحْكمه.
قال: و راصَ الرجُل: إذا عَقَل بعد رُعُونة، ورساه: إذا نَوَاه للصَّوْم.
باب الضاد و اللّام من المعتل
ص ل
(و ا ي ء) صلى، صول، وصل، لصا، لوص، (ألاص، يليص).
وصل:
قال الليث: كلُّ شيءٍ اتّصل بشيء، فما بينهما وُصْلَة. و موْصِل البعير: ما بين العَجُز و فخِذِه، و قال أبو النّجم:
تَرَى يَبِيس الماءِ دُونَ المَوْصلِ منه بعَجْزٍ كصفَاة الجَيْحل
و قال المتنخّل:
ليس لمَيْتٍ بوَصيلٍ و قد عُلِّق فيه طَرَفُ المَوْصلِ
يقول: باتَ الميّت فلا يُواصلُه الحيّ، و قد عُلّق في الحيّ السّبب الذي يُوصّله إلى ما وصل إليه الميّت، و أنشد ابن الأعرابي:
إنْ وصلتَ الكتابَ صِرْتَ إلى اللّه و مَن يُلْفَ واصلًا فهو مُودي
قال أبو العباس: يعني لَوْح المقَابر يُنقَر و يُترَك فيه موضعٌ بَياضاً فإذا مات إنسان وُصل ذلك الموضع باسمه. و يقال: هذا وَصيلُ هذا، أي: مِثْله. و الوَصائل: بُرودُ اليَمَن، الواحدة وصيلة.
و
في الحديث: «أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم لعن الواصلة و المستوصلة»
، قال أبو عُبيد: هذا في الشَّعر، و ذلك أن تصل المرأة شَعْرَها بشعرٍ آخَر.
و
رُوِي في حديثٍ آخَر: «أيُّما امرأةٍ وصلت شعَرها بشعرٍ آخَر كان زُوراً»
. قال: و قد رَخصَت الفُقهاءُ في القَرَامِل، و كلُّ شيء وُصِل به الشَّعر ما لم يكن الوَصل شعراً لا بأس به.
و قال اللّه جلّ و عزّ: ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ
[المائدة: 103]، قال المفسّرون: الوصيلةُ: كانت في الشّاء خاصّة، كانت الشاةُ إذا وَلَدتْ أنثى فهي لهم، و إن ولَدَتْ ذكراً جعلوه لآلهتهم، و إذا ولدتْ ذكراً و أنثى قالوا: وصلَتْ أخاها، فلم يَذبحوا الذَّكَر لآلهتهم.
قالوا: و الوصيلة: هي الأرض الوَاسِعة كأنها وُصلَت بأُخرى، يقال: قطَعْنَا وصيلةً بعيدةً.
و
رُوِي عن ابن مسعود أنه قال: إذا كنتَ في الوصيلة فأَعْطِ راحِلَتَك حَظَّها.
لَم يُرد بالوصيلة هنا الأرضَ البعيدة، و لكنه أراد
164
أرضاً مُكْلِئة تتّصل بأخرى ذات كلأ، و في الأولى يقول لَبيد:
و لقد قَطَعت وصيلةً مجرُودةً يَبكِي الصَّدَى فيها لشَجْوِ البُومِ
و قال اللّه جلّ و عزّ: إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ
[النساء: 90]، و المعنى: اقتلوهم و لا تتّخذوا منهم أولياءَ إلّا من اتصل بقوم بينكم و بينهم ميثاق و اعتَزوْا إليهم، و هو من قول الأعشى:
إذا اتَّصلتْ قالت أَبَكْرَ بن وائلٍ وَ بَكْرٌ سَبَتها و الأُنُوفُ رَوَاغِمُ
أي: إذا انتَسَبتْ.
أبو العباس عن ابن الأعرابي في قوله:
إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ
أي: يَنتسبون.
قلتُ: و الاتّصالُ أيضاً: الاعتزاءُ المَنهي عنه إذا قال: يال فلان. و الوِصلُ بكَسر الواو كلُّ عَظْمٍ على حدةٍ لا يُكسَر و لا يُوصل به غيره، و هي الكِسْر و الجَدْل، و جمعُه أوْصال و جُدول، و يقال: وصل فلانٌ رَحمه يصلُها صلةً. و وصل الشيءَ بالشيء يَصلُه وصلًا. و وصل كتابُه إليّ وَبرُّه يَصل وُصولًا، و هذا غيرُ واقع.
و واصَلْتُ الصيامَ بالصيام: إذا لم تُفْطر أياماً تباعاً. و
قد نهى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم عن الوصال.
و توصّلتُ إلى فلان بُوصلَةٍ و سببٍ تَوصُّلًا:
إذا تسبَّبْتَ إليه بحُرمة. و مَوصل كُورَةٌ معروفة.
صول:
قال أبو زيد: صالَ الجملُ يصُول صيالًا و صُوالًا، و هو جَمَلٌ صَوْلٌ و جمالٌ صَوْلٌ لا يُثنَى و لا يُجمع لأَنه نعتٌ بالمَصدر.
قال أبو زيد: يقال: صَؤُلَ البعيرُ يصؤُل صآلةً، و هو جملٌ صَؤُلٌ، و هو الّذي يأكل راعِيه و يواثِبُ الناس فيأكلهم قال:
و الصَّؤول من الرّجال: الذي يضرب الناسَ و يتطاول عليهم.
قلت: الأَصل فيه تركُ الهَمْز، و كأنه هُمِز لانضمام الواو، و قد همزَ بعضُ القرَّاء:
وَ إِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا [النساء: 135]، لانضمام الواو.
أبو العباس عن ابن الأَعرابي قال:
المِصْولة: المِكْنَسة التي يُكنَس بها نواحي البَيْدَر.
صلى:
روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «إذا دُعي أحدكم إلى طعامٍ فليُجب، فإن كان مُفْطراً، فلْيَطْعم، و إن كان صائماً فليُصلّ».
قال أبو عبيد: قولُه: «فليُصلّ» يعني فليَدْعُ لهم بالبَرَكة و الخير، و كلُّ داعٍ فهو مصلٍّ و منه قولُ الأعشى:
عليكِ مِثلَ الذي صلَّيْتِ فاغتمِضي نَوماً فإنَّ لجَنْب المرء مُضْطجعا
165
و أما
حديثُ ابن أبي أوْفَى أنه قال:
أعطاني أبي صدقة ماله فأتيتُ بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقال: «اللّهم صلّ على آل أبي أوْفَى»
فإنّ هذه الصلاةَ عندي الرحمةُ، و منه قولُه جلَّ و عزَّ: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ
[الأحزاب:
56]، فالصلاة من الملائكة دعاءٌ و استغفار، و من اللّه سبحانه رحمة. و من الصلاة بمعنى الاستغفار
حديثُ الزُّهْريِّ عن محمد بن عبد الرحمن بن نَوفَل عن سَوْدة أنها قالت: يا رَسول اللّه إذا مُتْنا صلَّى لنا عُثمان بنُ مَظْعون حتى تأتيَنا، فقال لها: «إن الموت أشدُّ مما تقدِّرين»
. قال شمر: قولها: «صَلى لنا»، أي:
استغْفَرَ لنا عند رَبّه، و كان عثمانُ ماتَ حينَ قالت سَوْدَةُ ذلك. و أمَّا قولُ اللّه جلَّ و عزَّ: أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ
[البقرة: 157]، فمعنى الصلوات ههنا: الثناء عليهم من اللّه، و قال الشاعر:
صلَّى على يَحيَى و أشياعِه رَبٌّ كريمٌ و شفيعٌ مُطاعْ
معناه: ترحّم اللّه عليه على الدّعاء لا على الخبر.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الصلاة من اللّه رحمة، و من المخلوقين- الملائِكة و الإنس و الجنِّ- القِيامُ و الركوعُ و السجودُ و الدعاءُ و التسبيحُ. و الصلاةُ من الطّير و الهَوام التسبيح.
قال أبو العباس في قوله: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَ مَلائِكَتُهُ
[الأحزاب: 43]، فيصلّي يَرحَم، و ملائكتُه تدعو للمسلمين و المسلمات.
قال: و قولُ الأعشى:
* و صَلّى على دَنِّها و ارتَسَمْ*
قال: دعا لها أ لا تَحمَض و لا تَفسُد.
و قال الزجاج: الأصلُ في الصلاة اللّزوم، يقال: قد صلِيَ و اصطَلَى: إذا لزم، و من هذا: من يُصْلَى في النَّار، أي: يُلزَم النارَ.
و قال أهلُ اللغة في الصلاة: إنها من الصلَوَيْن، و هما مُكتَنِفا الذَّنَب من الناقة و غيرها، و أوّلُ مَوْصِلِ الفَخِذين من الإنسان فكأنَّهما في الحقيقة مكتنفا العُصْعُص.
قال: و القولُ عندي هو الأول، إنما الصلاة لُزوم ما فَرَض اللّه، و الصلاةُ من أعظَم الفَرْض الذي أُمِرَ بلزومه. و أما المُصلِّي الذي يَلي السابقَ فهو مأخوذٌ من الصلَوَيْن لا مَحالَة، و هما مكتَنِفا ذَنب الفرس، فكأنه يأتي و رأسُه مع ذلك المكان.
و
في حديثٍ آخر: «إنّ للشيطان مَصالِيَ و فُخُوخاً»
، و المصالِي شبيهةٌ بالشَّرَك
166
تنصب للطير و غيرِها.
قال ذلك أبو عُبَيد: يعني ما يَصيدُ به الناسَ من الآفات التي يستفِزُّهم بها من زِينة الدّنيا و شَهواتها.
و
في حديثٍ آخَر: «أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أُتِيَ بشاةٍ مَصْلِيَّةٍ».
قال أبو عُبَيد: قال الكسائيّ: المَصْلِيّة المشوِيّة، يقال: صَلَيتُ اللحمَ و غيرَه: إذا شَوَيْتَه، فأنا أَصْلِيه صَلْياً: إذا فعلتَ ذلك و أنت تريد أن تشويَه، فإذا أردتَ أنّك تُلقِيه فيها إلقاءً كأنّك تريد الإحراقَ قلت:
أصليتُه- بالألف- إصلاءً، و كذلك صلَّيته أُصَلِّيه تَصْلِيَة.
قال اللّه جلّ و عزّ: وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَ ظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً
[النساء:
29].
و
يُروَى عن عليّ أنه قرأ: (و يُصَلَّى سعيراً)
[الانشقاق: 12].
و كان الكسائيّ يقرأُ به، فهذا ليس من الشيء، إنما هو من إلقائك إياه فيها.
و قال أبو زُبيد:
فَقَدْ تصلّيت حَرّ حَرْبهمُ كما تَصَلَّى المقرورُ مِنْ قَرَسِ
و يقال: قد صَلِيت بالأمر أَصلَى به: إذا قاسَيْت شدّتَه و تَعَبه. وَ صلَيْتُ لِفُلان بالتخفيف، و ذلك إذا عمِلتَ له في أمرٍ تريد أن تَمْحَلَ به، و تُوقِعَه في هَلَكة، و الأصل في هذا من المَصالِي و هي الشَّرَك تُنْصَب للطَّير.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: صَلَّيت العَصا تَصلِيةً: إذا أدرْتها على النَّار لتقوِّمها، و أنشد:
* وَ مَا صَلّى عَصاكَ كمستَديم*
و يقال: أَصْلَتِ الناقةُ فهي مُصْليَةٌ: إذا وقع ولَدُها في صَلَاها و قَرُبَ نتَاجُها.
و
في حديث عليّ أنه قال: «سبقَ رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و صلَّى أبو بكر، و ثَلَّث عُمَر، و حَبَطَتْنا فِتنةٌ فما شاء اللّه».
قال أبو عُبَيد: و أصلُ هذا في الخيل، فالسابقُ الأوَّلُ، و المصلِّي الثاني، قيل له: مُصَلٍّ لأنه يكون عند صَلَا الأوّل، و صَلَاه: جانِبا ذَنَبِه عن يمينه و شِماله، ثم يتلوه الثالث.
قال أبو عُبَيد: و لم أسمعْ في سوابق الخيل ممن يُوثَقُ بِعِلمِه اسماً لشيء منها إلا الثاني، و السُّكَيْت، و ما سِوَى ذَيْنِك إنما يقال الثالث و الرابع، و كذلك إلى التاسع.
قال أبو بكر: قال أبو العبَّاس: المصلِّي في كلام العرب: السابقُ: المتقدِّم.
قال: و هو مُشَبَّهٌ بالمصلِّي من الخيل، و هو السابقُ الثاني، و يقال للسابق الأوّل:
المُجَلِّي، و للثاني: المصلِّي، و للثالث:
المُسَلِّي، و للرابع: التَّالي، و للخامس:
167
المُرْتاح، و للسادس: العاطِفِ، و للسابع:
الحَظِيّ، و للثامن: المؤمَّل، و للتاسع:
اللَّطيم، و للعاشر: السُكَيْت، و هو آخر السُّبَّق.
و قال ابن السكِّيت: الصِّلاء اسمٌ للوَقود، و هو الصَّلا: إذا كَسَرْتَ الصادَ مَدَدْتَ، و إذا فَتحتَها قَصَرْتَ، قاله الفرّاء.
و قال اللَّيث: الصِّلِّيَان: نَبْت، قال بعضُهم: هو على تقدير فِعِّلَان.
و قال بعضُهم: فِعْلِيان؛ فمن قال فِعليان قال: هذه أرضٌ مَصْلاةٌ، و هو نَبتٌ له سَبْطة عظيمة كأنّها رأس القَصَبة، إذا خَرجَت أذنابُها تَجِدُ بِهَا الإبلُ، و العربُ تسمِّيه خُبزَة الإبل.
و قال غيرُه: من أمثال العرب في اليمين إذا أَقدَم عليها الرجلُ ليَقْتَطِع بها مالَ الرجلِ: جَذَّها جَذَّ العيْرِ الصِّلِّيَانَة، و ذلك أن لها جِعْثِنةً في الأرض، فإذا كَدَمَها العَيْرُ اقتَلَعها بجِعْثِنَتها.
شَمر عن أبي عمرو: الصَّلَايَةُ: كلُّ حَجَر عريضٍ يُدَقّ عليه عِطْرٌ أو هَبِيد، يقال:
صَلاءةٌ و صَلاية.
و قال ابن شُميل: الصَّلَاية: سَرِيحة خَشِنةٌ غليظةٌ من القُفّ.
و قال أبو العبَّاس في قول اللّه تعالى:
وَ بِيَعٌ وَ صَلَواتٌ
[الحج: 40]، قال:
الصلوات: كنائسُ اليهود، قال: و أصلُها بالعِبْرانيّة صَلُوتا، و نحو ذلك.
قال الزجَّاج: و قُرِئَت: (و صُلُواتٌ و مَساجد) [الحج: 40]. قال: و قيل: إنها مواضعُ صلوات الصابِئِين.
لوص:
قال أبو تُراب: يقال: لاصَ عن الأمر و نَاص: بمعنى حادَ.
و قال أبو سعيد اللِّحياني: أَلَصْتُ أنْ آخُذَ منه شيئاً أُلِيصُ إلاصَةً، و أَنَصْتُ أُنِيصُ إِنَاصَةً، أي: أَرَدْتُ.
أبُو عُبَيْد: الإلاصةُ مِثْلُ العِلاصة، إدارَتك الإنسانَ على الشّيء تطلُبُه منه، يقال: ما زلتُ أُلِيصُه على كذا و كذا.
و
قال عُمر لعثمان: هي الكلمة التي أَلَاصَ النبِيُّ صلّى اللّه عليه و سلّم عليها عمَّه عند الموت:
شهادة أن لا إله إلّا اللّه.
اللَّيْثِ: اللَّوْص من الملاوَصة، و هو في النَّظَر كأَنه يَخْتِل لِيَرُوم أَمْراً. و الإنسانُ يُلَاوِصُ الشجرةَ إذا أراد قَلْعَهَا بالفأس، فَتَراه يُلَاوِصُ في نظرِه يَمْنَةً و يَسْرَةً كيف يَضْرِبُهَا.
ثعلب عن ابن الأعْرَابيِّ: يقال للفالُوذ:
المُلَوَّصُ وَ المُزَعْزَعُ وَ المُزَعْفَرُ، و هو اللَّمْص. قال: و لوَّص الرجلُ: إذا أَكلَ اللَّواص، و هو العَسَل الصافي.
أصل:
قال اللّيث: الأصلُ: أسفلُ كلِّ شيء، و يقال: اسْتَأصَلَتْ هذه الشجرةُ، أي: ثَبَتَ أَصلُها، و اسْتَأصَلَ اللّه بني
168
فلان، أي: لم يَدَعْ لهم أصْلًا. و يقال:
إنَّ النَّخلَ بِأَرْضِنا لأَصِيل، أي: هوَ به لا يزال و لا يَفْنَى. و فلانٌ أَصِيلُ الرَّأيِ، و قد أَصُلَ رأيُه أصالةً، و إنه لأَصيلُ الرَّأي و العَقْل. و الأصيل: هو العَشِيّ. و هو الأُصُل.
ابن السِّكِّيت: يقال: لقيتُه أُصَيْلالًا و أُصَيْلَاناً: إذا لقيتَه بالعشيّ. و لقِيتُه مُؤْصِلًا. و جمعُ أَصيل العشيِّ: آصالٌ.
و قال اللَّيث: الأصيل: الهَلاك، و قال أَوْس:
خافُوا الأَصيلَ و قد أَعْيَتْ مُلُوكَهُمُ و حُمِّلُوا مِن ذَوِي غَوْمٍ بأَثْقَالِ
و الأَصِيلُ: الأصْل. و رَجُلٌ أَصِيلٌ: له أَصْل.
ابن السّكِّيت: جاءُوا بِأَصِيلَتِهِمْ، أي:
بِأَجْمَعِهِمْ.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: أخذتُ الشيءَ بِأَصَلَتِه: إذا لم تَدَعْ منه شيئاً.
و يقال: أَصِلَ فُلانٌ يَفعَل كذا و كذا، كقولك: عَلِقَ و طَفِقَ.
و قال شَمر: الأَصَلَة: حيَّةٌ مِثْلُ رِئة الشاة لها رِجْلٌ وَاحِدَةٌ، و قيل: هي مِثْلُ الرَّحَى مستديرةٌ حَمْراءُ لا تَمَسّ شجرةً و لا عُوداً إلا سَمَّتْه، ليست بالشديدةِ الْحُمْرَة، لها قائمة تَخُطُّ بها في الأرض، و تَطْحَن طَحْنَ الرَّحَى.
لصا:
قال اللّيث: يقال: لَصَى فلانٌ فلاناً يَلْصُوه و يَلْصُو إليه: إذا انْضمّ إليه لِريبة، و يَلْصِي أعربهُما، و أَنشد:
* عَفٌّ فلَا لاصٍ و لا مَلْصِيُّ*
أي: لا يُلْصَى إليه.
و قال غيرُه: اللَّصْوُ و القَفْوُ: القَذْفُ للإنسان برِيبة يَنسبُه إليها؛ يقال: لَصاه يَلْصُوه و يَلْصِيه: إذا قَذَفه.
و قال أبو عُبَيد: يُروَى عن امرأة من العَرَب أنّه قيل لها: إنّ فلاناً قد هَجاكِ، فقالت: ما قَفَا و لا لَصَا؛ تقول: لم يَقْذِفْني. قال: و قولها لَصَا مثل قَفَا؛ يقال منه: رجلٌ قافٍ لاصٍ؛ و أَنشدَ:
إِنِّي امرؤٌ عن جارتي غنيُّ عَفٌّ فلا لاصٍ و لا مَلْصِيُ
يقول: لا قاذِف و لا مقْذوفُ.
باب الصاد و النون
ص ن
(و ا ى ء) صون، صين، صنا، نوص، نصا، نصأ، وصن، نيص.
صون:
قال الليث: الصَّوْنُ: أَنْ تَقِيَ شيئاً ممّا يُفسِده. و الصِّوانُ: الشيءُ الذي تَصون به، أو فيه، شيئاً أو ثوباً.
و الفَرَسُ يَصُون عَدْوَه و جَريَه: إذا اذّخر منه ذخيرة لحاجته إليه. و الحُرُّ يَصُون عِرْضَه كما يَصُون الإنسان ثوبَه.
169
و قال لَبيد:
* يُراوِح بين صَوْنٍ و ابتذالِ*
أي: يَصُون جَرْيَه مرة فيُبقِي منه و يبتَذِلُه مرّة فيجتهدُ فيه.
أبو عُبَيْد عن الأصمعيّ: الصَّوّان:
الحِجارة الصُّلْبة، واحدتُها صَوّانة.
قلتُ: و الصَّوّانُ: حَجَر صُلْبٌ إذا مَسّتْه النار فَقَّع تفقيعاً و تَشقَّق، و ربّما كان قَدَّاحاً تُقْتَدَح منه النار، و لا يَصلح للنُّورة و لا للرِّضاف.
و قال النابغة:
بَرَى وَقَعُ الصَّوّان حَدّ نُسُورها فهنّ لِطافٌ كالصِّعاد الذَّوابلِ
أبو عُبَيد: الصَّائن من الخَيل: القائمُ على طَرفِ حافرِه من الحَفا.
و قال النابغة:
و ما حاوَلْتُما بقِيادِ خَيْلٍ يَصُون الوَرْدُ فيها و الكُمَيْتُ
و أمَّا الصائِم فهو القائم على قَوائمِه الأَربعِ من غير حَفا.
و يقال: صنتُ الشيءَ أَصُونه، و لا تَقُل أَصَنْتُه و هو مَصُون، و لا تَقُل مُصانٌ.
و قال الشافعيّ: بِذْلةُ كلامِنا صَوْن غَيرِنا.
صنا:
رُوِيَ عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أبيه».
قال أبو عُبَيد: معناه: أن أصلَهما واحد.
قال: و أصلُ الصِّنْو إنما هو في النَّخْل.
و رَوَى أبو إسحاق عن البَراء بن عازب في قول اللّه جلّ و عزّ: صِنْوانٌ وَ غَيْرُ صِنْوانٍ
[الرعد: 4]، قال: الصِّنْوان: المجتمعُ، و غير الصِّنْوان المتفرِّق.
و قال الفرّاء: الصِّنْوانُ: النَّخَلاتُ أصلُهُنّ واحد.
و قال شَمِر: يقال: فلانٌ صِنْوُ فلانٍ، أي:
أخوه، و لا يُسمَّى صِنْواً حتى يكون معه آخَرُ، فهما حينئذ صِنْوان، و كلُّ واحدٍ منهما صِنْوُ صاحبِه.
قال: و الصِّنْوان: النَّخْلَتان و الثلاثُ و الخَمسُ و الستّ، أصلُهنّ واحد و فروعُهُنّ شتَّى. و غيرُ صِنْوانٍ: الفارِدة.
و قال أبو زيد: هاتان نَخْلتان صِنْوان، و نَخِيل صِنْوانٌ و أَصْنَاءٌ.
و يقال للاثنين: قِنْوان و صِنْوان، و للجماعة قِنْوانٌ و صِنْوانٌ.
أبو عُبَيد عن الفرّاء: أخذْتُ الشيءَ بصنايَته و سِنايَته، أي: أخذْتُه بجميعه.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الصِّناء:
الرَّماد، يُمَدّ و يُقْصَر.
و يقال: تَصنَّى فلانٌ: إذا قَعَدَ عند القِدْر من شَرَهِه يُكَيِّب و يَشْوِي حتى يصيبَه الصِّناء.
شمر عن أبي عمرو: الصُّنَيُّ: شِعْبٌ صغيرٌ يسيلُ فيه الماءُ بين جَبَلين.
170
و قالت ليْلَى الأخيليّة:
أنابِغَ لم تَنْبُغ و لم تَكُ أوّلًا و كنتَ صُنَيّاً بين صُدَّيْن مَجْهلا
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: الصَّاني:
اللازم للخِدْمة. و الناصي: المُعَرْبِد. قال:
و الصَّنْوُ: الغَوْرُ الخَسِيس بين الجَبَلَين.
قال: و الصَّنْوُ: الماءُ القليل بين الجَبَلين.
و الصَّنْوُ: الحجر يكون بين الجبلين، و جمعُها كلُّها صُنُوٌ.
سَلَمة عن الفرّاء قال: الأصْناءُ: الأمْثال.
و الأصْناءُ: السابقون.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: الصِّنْوَة:
الفَسِيلة. ابن بُزُرْج: يقال للحَفَرِ المعطَّلِ صِنْوٌ، و جمعُه صِنْوان. و يقال: إذا احتَفَر: قد اصْطَنَى، و هو الاصطِناء.
نصا:
و
في الحديث: «أنَّ بنت أبي سَلَمة تَسَلَّبتْ على حمزة ثلاثةَ أيام، فدعاها رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و أمَرَها أن تَنصَّى و تَكتَحِل»
. قولُه: «أمَرَها أن تَنَصَّى»، أي:
تُسرِّح شعرَها، و يقال: تَنَصَّت المرأةُ: إذا رَجَّلَتْ شعرَها.
و
في حديث عائشةَ حين سُئلتْ عن الميّت يُسرَّح رأسُه؟ فقالت: علامَ تنْصون ميِّتَكم
. قولُها: تَنْصُون: مأخوذٌ من النَّاصية، يقال: نَصوْتُ الرجلَ أنصُوه نصْواً: إذا مددْتَ ناصِيَتَه: فأرادت عائشةُ أنَّ الميّتَ لا يَحتاج إلى تسريح الرأس، و ذلك بمنزلة الأخْذ بالنَّاصية.
و قال أبو النَّجم:
إنْ يُمْسِ رأسِي أشمَطَ العنَاصِي كأنما فَرَّقَه مُناصِي
و يقال: نَاصيْتُه: إذا جاذَبْتَه، فأخَذَ كلُّ واحد منكما بناصية صاحِبه، و قال عمرو بن مَعدِيكرب:
أعبّاسُ لو كانت شَيَاراً جِيادُنَا بتَثليثَ ما ناصَيْتَ بعدِي الأحَامِسا
و قال اللّيث: الناصية: هي قُصاصُ الشّعَر في مقدَّم الرأس، و قال الفرّاء في قول اللّه جل و عز: لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ
[العلق: 16]، ناصيتُه مُقدَّمُ رأسه، أي: لنَهْصُرَنَّها، لَنأخذنّ بها، أي: لنقيمنّه و لنُذِلّنّه.
قلتُ: و الناصية عند العَرب: مَنبِتُ الشعر في مقدَّم الرأس، لا الشّعر الّذي تسمّيه العامّة الناصية، و سُمِّي الشعرُ ناصيةً لنَباتِه في ذلك الموضع. و قد قيل في قوله:
لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ
، أي: لنُسَوِّدَنَّ وجهه فَكَفَت النَّاصيَةُ لأنّها من الوجه و الدّليل على ذلك قول الشاعر:
و كنتُ إذا نَفْسُ الغَوِيِّ نَزَتْ به سَفَعْتُ عَلَى العِرْنِين منه بِمِيسَمِ
و لغة طَيِء في الناصيَة: النّاصَاةُ حكاه أبو عُبَيد و أنشد فقال:
لقد آذَنَتْ أَهْلَ اليمَامةِ طَيِءٌ بحربٍ كنَاصَاةِ الحِصان المُشَهَّر
171
و قال ابن السكّيت: النَّصِيّةُ: البقيّة، و أنشد:
تجرَّدَ من نَصيَّتِها نَوَاجٍ كما يَنْجُو من البَقَرِ الرَّعِيلُ
و
في الحديث: أنّ وَفْدَ همْدانَ قَدِموا عَلَى النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم فقالوا: نحن نصيَّةٌ من هَمْدانَ.
قال الفرّاء: الأَنْصَاءُ: السابقون. قال القتيبي: نصية قومهم، أي: خيارهم.
و النصِّية: الخيارُ الأَشراف. و نواصِي القومِ: أشرافُهم، و أما السّفِلةُ فهم الأَذْناب.
الحزّاز عن ابن الأعرابيّ: إني لأجد في بَطْني نَصْواً و وَخْزاً، و النّصْوُ مِثلُ المَفْس، سُمِّي نَصْواً لأنّه يَنْصُوك، أي: يُزعِجك عن القَرار.
و قال الفرَّاء: وجدتُ في بطني حَصْواً و نَصْواً و قَبْصاً بمعنًى واحد. و يقال: هذه الفَلاة تُناصِي أرضَ كذا و تُواصِيها، أي:
تتّصل بها. و النَّصِيُّ: نبتٌ معروف، يقال له: نَصِيُّ ما دام رَطْباً، فإذا يَبِسَ فهو حَلِيّ. و قال الليث: هذه مفازة تناصي مفازة أخرى إذا كانت متصلة بالأولى.
[نصأ]:
أبو زيد في كتاب «الهمز»: نَصأْتُ الناقةَ أَنصَؤها نَصْأ: إذا زَجَرْتَها.
أبو زيد عن الأصمعيّ: نَصَأْتُ الشيء:
رَفَعْتُه نَصْأً.
نوص:
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: النَّوْصَةُ:
الغَسْلَة بالماء أو غيره.
قلت: الأصلُ المَوْصَةُ فقُلِبت الميم نوناً.
قال ابن الأعرابيّ: و النَّيْصُ: الحركة الضعيفة. اللّحيانيّ عن أبي عَمْرو: ما يَنُوص فلانٌ لحاجتي و ما يَقْدِر على أن يَنُوص، أي: يتحرَّك لشيء.
أبو سعيد: انتاصَتْ الشمسُ انتياصاً: إذا غابت.
و قال اللّه جلَّ و عزَّ: وَ لاتَ حِينَ مَناصٍ
[ص: 3].
قال الفرَّاء: ليس بحين فرار. النَّوْصُ:
التأخُّر في كلام العرب.
قال: و البَوْصُ: التقدُّم؛ و يقال: بصْتُه، و أنشد قول امرئ القيس:
أمِن ذكر سَلمى إنْ نَأَتْكَ تَنُوصُ فتقصر عنها خطوَةً وَ تَبُوص
فمناص: مَفعل مثل مَقام.
و قال الليث: المناص: المَنْجَا.
قال: و النَّوْصُ: الحِمَار الوحشي لا يزال نائِصاً رافعاً رأسه يتردَّد كأنه نافرٌ جامح.
و الفرس يَنُوص و يَسْتنيصُ، و ذلك عند الكَبْح و التّحريك.
و قال حارثة بن بَدْر:
غَمْرُ الجِراء إذا قصرتُ عِنانه بِيَدِي استناص ورامَ جَرْيَ المَسْحَلِ
وصن:
أبو العباس عن ابن الأعرابي:
172
الوَصْنَة: الخِرْقة الصّغيرة. و الصَّوْنَةُ:
العَتيدة. و الصِّنْوة: الفَسِيلة.
نيص:
قال اللّيث: النَّيْص من أسماء القُنْفُد الضَّخْم.
قلت: لم أسمعه لغيره.
صين:
و الصِّين: بلدٌ معروفٌ، إليه يُنْسَبُ الدّارصِينيّ.
باب الصاد و الفاء
ص ف
(و ا ى ء) صوف، صيف، صفا، وصف، فيص، فصا، أصف.
صوف:
قال اللّيث: الصُّوفُ للضَّأن و ما أشْبَهَه. و يقالُ: كَبْشٌ صافٌ، و نَعْجَةٌ صائِفَة.
أبو عُبَيْد عن الكسائيّ: كَبْشٌ أَصْوَفُ و صَوِفٌ- مِثالُ فَعِل- و صائفٌ و صافٌ، كلُّ هذا أن يكون كثيرَ الصُّوف. و أخبرَني المنْذِرِيُّ عن أبي الهَيْثم، يقال: كبشٌ صائِفٌ و صافٌ، كما يقال: جُرُفٌ هَائرٌ و هارٍ على القَلْب. و قال اللَّيث: كبشٌ صُوفانِيٌّ أو نَعْجَةٌ صُوفانَةٌ. و يقال لواحدة الصُّوف: صُوفَة، و تصغَّر صُوَيْفَة.
أبو عُبَيْد عن الأصمعيّ: من أمثالهم في المال يَملِكه من لا يَستأهِله: خَرْقَاءُ وَجدتْ صُوفاً، يُضرَبُ للأحمَق يُصِيبُ مالًا فَيضعه في غير موضِعه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: الصُّوفَانَةُ: بقلة معروفة.
و قال اللّيث: هي بَقْلَةٌ زَغْبَاءُ قصيرةٌ.
قال: و تسمَّى زَغَبَاتُ القَفَا: صوفةُ القفَا.
قال: و صُوفة: اسمُ حَيٍّ من بني تميم، و كانوا يُجِيزون الحاجّ في الجاهليَّةِ مِنْ مِنًى، فيكُونون أَوَّلَ، مَنْ يَدْفَعُ، يقال:
أَجِيزِي صُوفَة، فإذا أَجَازَتْ قيلَ: أَجِيزِي خِنْدِفٌ، فإذا أجازتْ أُذِنَ للناسِ كلِّهِمْ في الإجازةِ و هي الإفاضةُ، و فيهم يقولُ أَوْس بن مَغْرَاء:
* حتَّى يُقالَ أَجِيزُوا آلَ صُوفانَا*
ثعلبٌ عن ابن الأعرابيّ: خُذْ بصوفةِ قَفاه، و بصوفِ قَفاه، و بِقَرْدَنِهِ و بِكَرْدنِه.
و قال أبو زيد: يقال: أخذَه بصُوفِ رقَبتِه و بطوفِ رقبته، بمعنًى واحد، يريدُ بشعرِ رقبته.
وصف:
في حديث أبي ذَرّ أن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قال له: «كيف أنتَ و موتٌ يصيبُ الناسَ حتى يكون البَيتُ بالوَصيف»
. قال شمِر: معناه: أن الموت يَكثُر حتى يصيرَ موضعُ قبرٍ يُشتَرى بعَبْدٍ من كثرة الموت مِثل المُوتَان الذي وقع بالبصرة و غيرِها.
ثعلب عن ابن الأعرابي: أَوْصفَ الوَصيفُ: إذا تَمّ قَدُّهُ، و أوصفتِ الجاريةُ، و وَصِيفٌ و وُصفاء، و وَصِيفة
173
و وصائف.
و قال الليث: الوَصفُ: وصفُك الشيءَ بحليتهِ و نَعْتِه.
قال: و يقال للمُهْر إذا تَوجَّه لشيءٍ من حُسن السِّيرَة: قد وَصَف، معناه: أنه قد وَصَف المشي؛ يقال: هذا مُهر حين وَصف.
و
في حديث الحَسَن أنّه كَرِه المواصفة في البيع.
قال شَمِر: قال أحمد بنُ حنبل: إذا باع شيئاً عنده على الصِّفة لزِمَه البيع. و قال إسحاق كما قال.
قلتُ: و هذا بَيْعُ الصِّفة المضمونة بلا أَجَل بمنزِلة السَّلَم، و هو قول الشافعيّ، و أهلُ الكوفة لا يجيزون السَّلَم إذا لم يكن إلى أجَلٍ معلوم.
صفا:
الليث: الصَّفْوُ: نَقِيضُ الكَدَر، و صَفْوَةُ كلِّ شيء: خالصُه مِن صَفْوة المال و صَفْوَة الإخاء.
أبو عُبَيد عن الكسائيّ: هو صِفْوة الماء، و صَفْوةُ الماء، و كذلك المالُ، و هو صَفوةُ الإهالة لا غَيرُ.
و قال الليث: الصفاءُ: مُصافاةُ المودّةِ و الإخاء. و الصَّفْو أيضاً: مصدر الشيء الصافي.
قال: و إذا أَخَذَ صَفْوَ ماءٍ من غَديرٍ، قال:
استصفَيتُ صَفْوةً.
و الاصطفاء: الاختيارُ، افتعالٌ من الصفْوَة، و منه النبي المُصطَفى، و الأنبياء المُصطَفَوْن، و هم من المُصطَفَيْن: إذا اختِيروا، و هم المُصطَفُون: إذا اختاروا، هذا بضَمِّ الفاء.
و صفِيّ الإنسان: أخوه الذي يُصافيه الإخاء. و ناقة صَفِيٌّ: كثيرة اللبن. و نخلةٌ صَفِيٌّ: كثيرةُ الحَمل، و الجميعُ الصفايا.
أبو عُبَيد عن الأصمعي: النَّاقة الصفيُّ:
الغَزِيرة.
و قال أبو عمرو مِثله.
و قال: صَفْوَتْ وصَفَتْ.
و قال الكسائي: صَفَوَتْ.
و قال أبو عُبَيد: الصَّفِيُّ من الغنيمة: ما اختاره الرئيسُ قَبل القسمة من فَرَس أو سَيْف أو جارية، و جمعُه صفَايَا، و أنشد:
* لك المِرْبَاعُ فيها و الصَّفايَا*
و استصفَيْتُ الشيء: إذا اسْتَخلَصته. و من قرأ: (فاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عليها صَوَافِيَ) [الحج: 36]، بالياء، فتفسيره: أنها خالصة للَّه؛ يُذْهَبُ بها إلى جمع صافية، و منه قيل للضياعِ التي يَستخلصها السّلطان لخاصَّته:
الصَّوافي.
و يقال: أصفَيْتُ فلاناً بكذا و كذا، أي:
آثَرْتُه به.
أبو عُبَيْد عن الأصمعي: الصفوَاء و الصفْوَانُ و الصفَا- مقصورٌ- كلُّه واحد.
174
و أنشد:
* كما زَلَّتْ الصفْوَاءُ بالمتنزَّلِ*
الحرَّاني عن ابن السكيت قال: الصَّفَا:
العريضُ من الحجارة، الأمْلس، جمع صفَاة، يُكتب بالألف، و إذا ثنِّي قيل صَفَوان، و هو الصفْواءُ أيضاً، و منه الصفَا و المَرْوَة: و هما جبلان بين بَطْحَاء مكَّة و المسجد. و بالْبحرَين نهر يتخلَّجُ من عَيْنِ محلِّم يقال له: الصَّفَا، مقصور.
أبو عبيد عن الكسائي: أصْفَتْ الدَّجاجة إصفَاءً: إذا انقطع بَيْضها. و أَصْفَى الشاعرُ: إذا لم يَقُل شعراً.
و قال ابن الأعرابي: أَصفَى الرجل: إذا أنفد النساءُ ماءَ صُلْبِهِ. و اصطفيت الشيء، أي: اخترته. و المصفاة: الراووق.
و صفّيت الشراب.
فيص:
قال الليث: يقال: قبضْتُ عَلَى ذَنَب الضَّبّ فأَفاصَ من يدي حتى خلص ذنَبُه، و هو حين تنفرج أصابعك عن مقبِض ذنبه، و منه التَّفَاوُصُ.
و قال أبو الهيثم: يقال: قبضْتُ عليه فلم يَفِصْ و لم يَنْزُو لَمْ يَنُصْ بمعنى واحد.
ثعلب عن ابن الأعرابي: الفَيْصُ: بيانُ الكلام.
و
في حديث النَّبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «و ما يُفيصُ بها لسانُه»
، أي: ما يُبين. و فلانٌ ذو إفاصةٍ:
إذا تكلم، أي: ذو بيان.
و قال الليث: الفَيْصُ من المُفَاوصة، و بعضهم يقول: مُفايصة.
فصى:
في حديث قَيْلَةَ بنت مَخْرَمة أن جُوَيْرِيةً من بنات أختها حُدَيْبَاء قالت حين انتَفَجَتِ الأرنبُ و هما يسيران الفَصية.
قال أبو عُبَيد: تفاءلت بانتفاج الأرنب، و أرادت أنها خرجتْ مِن الضِّيق إلى السَّعة.
و من هذا
حديث آخر عن النَّبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه ذكر القرآن فقال: «لَهُوَ أَشَدُّ تفصِّياً من قلوب الرجَال من النعَم من عُقُلها»
، أي:
أشدُّ تَفَلُّتاً. و أصل التفصِّي أن يكون الشيءُ في مضيق، ثم يخرج إلى غيره.
ثعلب عن ابن الأعرابي: أفْصَى: إذا تَخَلص من خير أو شر، و أفْصَى عنك الحرُّ أو البرد: إذا انسلخ.
و قال ابن السكيت: يقال: أفْصَى عنا الحر: إذا خرج و لا يكون أَفْصى عنّا البرد.
و قال الليث: كل شيء لازِقٍ فخلَّصته.
قلت: قد انْفَصَى. و اللّحْمُ المتهرِّىء يَنْفَصِي عن العظم، و الإنسَانُ يَتَفَصَّى من البليّة.
و قال أبو الهيْثم: من أمثالهم في الرّجل يكون في غمّ فيخرج منه قولهم: أفْصَى عنَّا الشتاء. و أفْصَى: اسمُ أبي ثَقِيف، و اسم أبي عبد القيس.
175
صيف:
قال الليث: الصيْفُ: رُبْعٌ من أرباع السنة، و عند العامة نصفُ السَّنة.
قلتُ: الصيْفُ عند العرب: الفَصل الذي يُسمِّيه عوامُّ الناس بالعِراق و خُراسان:
الرَّبيع، و هي ثلاثةُ أشهر، و الفَصلُ الذي يليه: القَيْظُ، و فيه تكون حَمراء القَيْظ، ثم بعده فصل الخَريف، ثم بعده فصلُ الشتَاء. و الكَلأُ الذي ينبت في الصيف:
صَيْفيّ، و كذلك المطر الذي يقع فيه صَيِّف و صيْفيّ.
و قال ابن كُناسة: و اعلم أن السنة أربعةُ أزمنة عند العرب: الربيع الأول، و هو الذي يسميه الفرس الخريف، ثم الشتاء ثم الصيف، و هو الربيع الآخر، ثم القيظ، فهذه أربعة أزمنة.
و سُمِّيت غزوَة الروم: الصائفة، لأن سُنَّتَهُم أن يُغْزَوْا صيفاً و يُقفل عنهم قبل الشِّتاء.
و يقال: صافَ القومُ: إذا أقاموا بالصيف في موضع فهم صائفون. و أصافوا فهم يُصيفون: إذا دخلوا في زمان الصيف.
و أَشْتَوْا: إذا دخلوا في الشتاء.
و يقال: صُيِّف القوم و رُبِعُوا: إذا أصابهم مطر الصيف و الربيع، و قد صِفْنا و رُبِعْنَا، و كان في الأصل صُيِفْنَا فاستُثقلت الضمة مع الياء فحذِفت الياء و كُسرت الصاد لتدل عليها.
ابن السكيت: أصافَ الرجل فهو مُصيف:
إذا وُلِد له بعد ما يُسِنّ، و ولدُه صَيْفِيُّون.
و صاف فلانٌ ببلَدٍ يصيف: إذا أقام به في الصيف. و صاف السَّهْم عن الغرض ي