×
☰ فهرست و مشخصات
لسان العرب12

الجزء الثاني عشر

الجزء الثاني عشر
م‏
حرف الميم‏
م:
الميمُ من الحُروف الشَّفَوِيَّة و من الحُروف المَجْهورة، و كان الخليل يسمي الميم مُطْبقَة لأَنه يطبق إِذا لفظ بها.
فصل الألف‏
إبريسم:
قال ابن الأَعرابي: هو الإِبْرِيسِم، بكسر الراء، و سنذكره في برسم إِن شاء الله تعالى.
أتم:
الأَتْمُ من الخُرَز: أَن تُفْتَق خُرْزَتان فتَصِيرا واحدة، و الأَتُومُ من النساء: التي التَقى مَسْلَكاها عند الافْتِضاض، و هي المُفْضاة، و أَصلُه أَتَمَ يأْتِمُ إِذا جمع بين شيئين، و منه سمي المَأْتَمُ لاجتماع النساء فيه؛ قال الجوهري: و أَصله في السِّقاء تَنْفَتِق خُرْزَتان فَتَصيران واحدة؛ و قال:
أَيا ابنَ نخّاسِيَّة أَتُومِ‏


و قيل الأَتُومُ الصغيرة الفَرْج؛ و المَأْتم كل مُجْتَمَعٍ من رجال أَو نساء في حُزْن أَو فَرَحٍ؛ قال:
حتى تَراهُنَّ لَدَيْه قُيّما،             كما تَرى حَوْلَ الأَمِير المَأْتَما

فالمَأْتَمُ هنا رِجالٌ لا مَحالةَ، و خصَّ بعضهم به النساء يجتمعن في حُزْن أَو فرَح. و
في الحديث: فأَقاموا عليه مَأْتَماً.
؛ المَأْتَمُ في الأَصل: مُجْتَمَعُ الرجال و النساء في الغَمِّ و الفَرَح، ثم خصَّ به اجتماع النساء للموت، و قيل: هو الشَّوابُّ منهنَّ لا غير، و الميم زائدة. الجوهري: المَأْتم عند العرب النِّساء يجتمعن في الخير و الشر؛ و قال أَبو حَيَّة النُّمَيْرِيّ:
رِمَتْهُ أَناةٌ من رَبِيعةِ عامِرٍ،             نَؤُومُ الضُّحى في مَأْتَمٍ أَيّ مأْتَمِ‏

فهذا لا مَحالة مَقام فَرَح؛ و قال أَبو عطاء السِّنْدي:
عَشِيَّة قام النائحاتُ، و شُقِّقت             جُيوبٌ بأَيْدي مَأْتَمٍ و خُدُودُ

أَي بأَيدي نِساءٍ فهذا لا مَحالة مَقام حُزْن و نَوْح. قال ابن سيدة: و خصَّ بعضهم بالمَأْتَم الشوابَّ من‏

3
لسان العرب12

أتم ص 3

النِّساء لا غير، قال: و ليس كذلك؛ و قال ابن مقبل في الفَرَح:
و مَأْتَمٍ كالدُّمى حور مَدامِعها،             لم تَيْأَس العَيْشَ أَبكاراً و لا عُونا «2».

قال أبو بكر: و العامة تَغْلَط فتظنُّ أَن المأْتم النَّوْح و النياحة، و إِنما المَأْتَمُ النساء المجتَمِعات في فَرَح أَو حُزْن؛ و أَنشد بيت أَبي عَطاء السِّنْدي:
عَشِيَّة قام النائحاتُ، و شُقِّقت             جُيوبٌ بأَيْدي مَأْتَمٍ و خُدُودُ

فجعل المأْتم النساء و لم يجعله النِّياحة؛ قال: و كان أَبو عطاء فصيحاً، ثم ذكر بيت ابن مقبل:
و مَأْتمٍ كالدُّمى حور مَدامِعها،             لم تيْأَس العَيْشَ أَبكاراً و لا عُونا

و قال: أَراد و نِساء كالدُّمى؛ و أَنشد الجوهري بيت أَبي حَيَّة النميري:
رَمَتْهُ أَناةٌ من رَبيعةِ عامِرٍ،             نَؤُومُ الضُّحى في مَأْتَمٍ أَيّ مَأْتَمِ‏

يريد في نِساء أَي نِساء، و الجمع المَآتِم، و هو عند العامَّة المُصيبة؛ يقولون: كنّا في مَأْتَمِ فلان و الصواب أَن يقال: كُنّا في مَناحة فلان. قال ابن بري: لا يمتنع أَن يقَع المَأْتَم بمعنى المَناحةِ و الحزْن و النَّوْحِ و البُكاءِ لأَن النساء لذلك اجْتَمَعْنَ، و الحُزْن هو السبب الجامع؛ و على ذلك قول التيمي في منصور بن زِياد:
و الناسُ مَأْتَمُهُم عليه واحدٌ،             في كل دار رَنَّةٌ و زَفِيرُ

و قال زيد الخيل:
أَ في كلِّ عامٍ مَأْتَمٌ تَبْعَثُونَه             على مِحْمَرٍ، ثَوَّبْتُموه و ما رضَا

و قال آخر:
أَضْحى بَناتُ النَّبِّي، إِذْ قُتلوا،             في مَأْتَمٍ، و السِّباعُ في عُرُسِ «3».

أَي هُنَّ في حُزْن و السِّباع في سُرورٍ؛ و قال الفرزدق:
فَما ابْنُكِ إِلا ابنٌ من الناس، فاصْبِري             فَلن يُرْجِع المَوْتَى حَنِينُ المَآتِمِ‏

فهذا كله في الشرّ و الحُزْن، و بيت أَبي حية النميري في الخير. قال ابن سيدة: و زعم بعضهم أَن المأْتَم مشتقٌّ من الأَتْمِ في الخُرْزَتَيْنِ، و من المرأَة الأَتُوم، و التقاؤهما أَنَّ المَأْتَم النساء يجتمعن و يَتقابلن في الخير و الشرِّ. و ما في سيره أَتَمٌ و يَتَمٌ أَي إِبطاء. و خطب فما زال على «4» ...... شي‏ء واحد. و الأُتُم: شجر يشبه شجر الزيْتون ينبت بالسَّراة في الجبال، و هو عِظام لا يحمل، واحدته أُتُمة، قال: حكاها أَبو حنيفة. و الأَتْم: موضع؛ قال النابغة:
فأَوْرَدَهُنَّ بَطْنَ الأَتْمِ، شُعْثاً،             يَصُنَّ المَشْيَ كالحِدَإِ التُّؤامِ‏

و قيل: اسم واد؛ قال ابن بري: و مثله قول الآخر:
أُكَلَّفُ، أَن تَحُلَّ بنو سُلَيم             بطونَ الأَتْمِ؛ ظُلْم عَبْقَريّ‏

__________________________________________________
 (2). قوله [تيأس‏] كذا في التهذيب بمثناة تحتية.
 (3). قوله [النبي‏] كذا في الأَصل، و الذي في شرح القاموس: السبي.
 (4). كذا بياض بالأصل المعول عليه قدر هذا.

4
لسان العرب12

أتم ص 3

قال: و قيل الأَتْمُ اسم جبل؛ و عليه قول خُفاف بن نُدْبة يصف غَيثاً:
عَلا الأَتْمَ منه وابلٌ بعد وابِلٍ،             فقد أُرْهقَتْ قِيعانُه كل مُرْهَق‏

أثم:
الإِثْمُ: الذَّنْبُ، و قيل: هو أَن يعمَل ما لا يَحِلُّ له. و في التنزيل العزيز: وَ الْإِثْمَ وَ الْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِ‏
. و قوله عز و جل: فَإِنْ عُثِرَ عَلى‏ أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً
؛ أَي ما أُثِم فيه. قال الفارسي: سماه بالمصدر كما جعل سيبويه المَظْلِمة اسم ما أُخِذ منك، و قد أَثِم يأْثَم؛ قال:
لو قُلْتَ ما في قَوْمِها لم تِيثَمِ‏


أَراد ما في قومها أَحد يفْضُلها. و
في حديث سعيد بن زيد: و لو شَهِدْتُ على العاشر لم إِيثَم.
؛ هي لغة لبعض العرب في آثَم، و ذلك أَنهم يكسرون حَرْف المُضارَعة في نحو نِعْلَم و تِعْلَم، فلما كسروا الهمزة في إِأْثَم انقلبت الهمزة الأَصلية ياء. و تأَثَّم الرجل: تابَ من الإِثْم و استغفر منه، و هو على السَّلْب كأَنه سَلَب ذاته الإِثْم بالتوْبة و الاستغفار أَو رامَ ذلك بهما. و
في حديث مُعاذ: فأَخْبر بها عند موتِه تَأَثُّماً.
أَي تَجَنُّباً للإِثْم؛ يقال: تأَثَّم فلانٌ إِذا فَعَل فِعْلًا خرَج به من الإِثْم، كما يقال تَحَرَّج إِذا فعل ما يخرُج به عن الحَرج؛ و منه‏
حديث الحسن: ما عَلِمْنا أَحداً منهم تَرك الصلاة على أَحدٍ من أَهْل القِبْلة تأَثُّماً.
و قوله تعالى: فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ وَ إِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما
؛ قال ثعلب: كانوا إِذا قامَرُوا فَقَمَروا أَطْعَمُوا منه و تصدَّقوا، فالإِطعام و الصّدَقة مَنْفَعَة، و الإِثْم القِمارُ، و هو أَن يُهْلِك الرجلُ و يذهِب مالَه، و جمع الإِثْم آثامٌ، لا يكسَّر على غير ذلك. و أَثِم فلان، بالكسر، يأْثَم إثْماً و مَأْثَماً أَي وقع في الإِثْم، فهو آثِم و أَثِيمٌ و أَثُومٌ أَيضاً. و أَثَمَه الله في كذا يَأْثُمُه و يأْثِمُه أَي عدَّه عليه إِثْماً، فهو مَأْثُومٌ. ابن سيدة: أَثَمَه الله يَأْثُمُه عاقَبَه بالإِثْم؛ و قال الفراء: أَثَمَه الله يَأْثِمُه إِثْماً و أَثاماً إِذا جازاه جزاء الإِثْم، فالعبد مأْثومٌ أَي مجزيّ جزاء إثْمه، و أَنشد الفراء لنُصيب الأَسود؛ قال ابن بري: و ليس بنُصيب الأَسود المَرواني و لا بنُصيب الأَبيض الهاشمي:
و هَلْ يَأْثِمَنِّي اللهُ في أَن ذَكَرْتُها،             و عَلَّلْتُ أَصحابي بها لَيْلة النفْرِ؟

و رأَيت هنا حاشيةً صورتُها: لم يقُل ابن السِّيرافي إِن الشِّعْر لنُصيب المرواني، و إِنما الشعر لنُصيب بن رياح الأَسود الحُبَكي، مولى بني الحُبَيك بن عبد مناة ابن كِنانة، يعني هل يَجْزِيَنّي الله جزاء إِثْمِي بأَن ذكرت هذه المرأَة في غِنائي، و يروى بكسر الثاء و ضمها، و قال في الحاشية المذكورة: قال أَبو محمد السيرافي كثير من الناس يغلَط في هذا البيت، يرويه النَّفَرْ، بفتح الفاء و سكون الراء، قال: و ليس كذلك، و قيل: هذا البيت من القصيد التي فيها:
أَما و الذي نادَى من الطُّور عَبْدَه،             و عَلَّم آياتِ الذَّبائح و النَّحْر
لقد زادني للجَفْر حبّاً و أَهِله،             ليالٍ أَقامَتْهُنَّ لَيْلى على الجَفْر
و هل يَأْثِمَنِّي اللهُ في أَن ذَكَرْتُها،             و عَلَّلْتُ أَصحابي بها ليلة النَّفْر؟

5
لسان العرب12

أثم ص 5

و طيَّرْت ما بي من نُعاسٍ و من كَرىً،             و ما بالمَطايا من كَلال و من فَتْرِ

و الأَثامُ: جَزاء الإِثْم. و في التنزيل العزيز: يَلْقَ أَثاماً
، أَراد مُجازاة الأَثام يعني العقوبة. و الأَثامُ و الإِثامُ: عُقوبة الإِثمِ؛ الأَخيرة عن ثعلب. و سأَل محمد بن سلام يونس عن قوله عز و جل: يَلْقَ أَثاماً
، قال: عُقوبةً؛ و أَنشد قول بشر:
و كان مقامُنا نَدْعُو عليهم،             بأَبْطَح ذي المَجازِ له أَثامُ‏

قال أَبو إسحاق: تأْويلُ الأَثامِ المُجازاةُ. و قال أَبو عمرو الشيباني: لَقِي فلان أَثامَ ذلك أَي جَزاء ذلك، فإِنَّ الخليل و سيبويه يذهبان إِلى أَن معناه يَلْقَ جَزاء الأَثامِ؛ و قول شافع الليثي في ذلك:
جَزى اللهُ ابنَ عُرْوةَ حيث أَمْسَى             عَقُوقاً، و العُقوقُ له أَثامُ‏

أَي عُقوبة مُجازاة العُقُوق، و هي قطيعة الرَّحِم. و قال الليث: الأَثامُ في جملة التفسير عُقوبة الإِثمِ، و قيل في قوله تعالى، يَلْقَ أَثاماً
، قيل: هو وادٍ في جهنم؛ قال ابن سيدة: و الصواب عندي أَن معناه يَلْقَ عِقابَ الأَثام. و
في الحديث: مَن عَضَّ على شِبذِعِه سَلِمَ من الأَثام.
؛ الأَثامُ، بالفتح: الإِثمُ. يقال: أَثِمَ يَأْثَم أَثاماً، و قيل: هو جَزاء الإِثمِ، و شِبْذِعُه لسانه. و آثَمه، بالمدّ: أَوقعه في الإِثمِ؛ عن الزجَّاج؛ و قال العجاج:
بل قُلْت بَعْض القَوْمِ غير مُؤْثِمِ‏


و أَثَّمه، بالتشديد: قال له أَثِمْت. و تأَثَّم: تحَرَّجَ من الإِثمِ و كَفَّ عنه، و هو على السَّلْب، كما أَن تَحَرَّجَ على السّلْب أَيضاً؛ قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود:
تَجَنَّبْت هِجْرانَ الحَبيب تأَثُّماً،             إِلا إِنَّ هِجْرانَ الحَبيب هو الإِثمُ‏

و رجل أَثَّامٌ من قوم آثمين، و أَثِيمٌ من قوم أُثَماء. و قوله عز و جل: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ‏
؛ قال الفراء: الأَثِيمُ الفاجر، و قال الزجاج: عُنِيَ به هنا أَبو جهل بن هِشام، و أَثُومٌ من قوْم أُثُمٍ؛ التهذيب: الأَثِيمُ في هذه الآية بمعنى الآثِم. يقال: آثَمَهُ اللهُ يُؤْثمه، على أَفْعَله، أَي جعله آثِماً و أَلفاه آثِماً. و
في حديث ابن مسعود، رضي الله عنه: أَنه كان يُلَقِّنُ رَجُلًا إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ‏
.
و هو فَعِيل من الإِثم. و المَأْثَم: الأَثامُ، و جمعه المَآثِم. و
في الحديث عنه، صلى الله عليه و سلم، قال: اللّهم إِني أَعوذ بك من المَأْثَمِ و المَغْرَمِ.
؛ المَأْثَمُ: الأَمرُ الذي يَأْثَمُ به الإِنسان أَو هو الإِثْمُ نفسهُ، وَضْعاً للمصدر موضع الاسم. و قوله تعالى: لا لَغْوٌ فِيها وَ لا تَأْثِيمٌ‏
، يجوز أَن يكون مصدر أَثِمَ، قال ابن سيدة: و لم أَسمع به، قال: و يجوز أَن يكون اسماً كما ذهب إِليه سيبويه في التَّنْبيت و التَّمْتين؛ و قال أُمية بن أَبي الصلت:
فلا لَغْوٌ و لا تأْثيمَ فيها،             و ما فاهُوا به لَهُمُ مُقِيمُ‏

و الإِثمُ عند بعضهم: الخمر؛ قال الشاعر:
شَرِبْتُ الإِثْمَ حتى ضَلَّ عَقْلي،             كذاكَ الإِثمُ تَذْهَبُ بالعُقولِ‏

قال ابن سيدة: و عندي أَنه إِنما سمَّاها إِثْماً لأَن‏

6
لسان العرب12

أثم ص 5

شُرْبها إِثْم، قال: و قال رجل في مجلس أَبي العباس:
نَشْرَبُ الإِثمَ بالصُّواعِ جِهارا،             و تَرى المِسْكَ بيننا مُسْتَعارا

أَي نَتَعاوَره بأَيدينا نشتمُّه، قال: و الصُّواعُ الطِّرْجِهالةُ، و يقال: هو المَكُّوكُ الفارسيُّ الذي يَلْتَقِي طَرفاه، و يقال: هو إِناء كان يشرَب فيه الملِك. قال أَبو بكر: و ليس الإِثمُ من أَسماء الخمر بمعروف، و لم يصح فيه ثبت صحيح. و أَثِمَتِ الناقة المشي تأْثَمُه إِثْماً: أَبطأَت؛ و هو معنى قول الأَعشى:
جُمالِيَّة تَغْتَلي بالرِّداف،             إِذا كَذَبَ الآثِماتُ الهَجِيرَا

يقال: ناقة آثِمَةٌ و نوق آثِماتٌ أَي مُبْطِئات. قال ابن بري: قال ابن خالويه كذب هاهنا خفيفة الذال، قال: و حقها أَن تكون مشدّدة، قال: و لم تجئ مخففة إِلا في هذا البيت، قال: و الآثِمات اللاتي يُظنُّ أَنهنَّ يَقْوَيْن على الهَواجِر، فإِذا أَخْلَفْنه فكأَنهنَّ أَثِمْنَ.
أجم:
أَجَمَ الطعامَ و اللَّبنَ و غيرَهما يَأْجِمُه أَجْماً و أَجِمَهُ أَجَماً: كَرِهَه و مَلَّه من المُداومةِ عليه، و قد آجَمَهُ. الكسائي و أَبو زيد: إِذا كَرِه الطعامَ فهو آجِمٌ، على فاعل. قال ابن بري: ذكره سيبويه على فَعِل فقال: أَجِمَ يَأْجَم فهو أَجِمٌ، و سَنِقَ فهو سَنِقٌ. الليث: أَكلْتُه حتى أَجِمْتُه. و
في حديث معاوية: قال له عَمْرو بن مسعود، رضي الله عنهما: ما تَسْأَل عَمَّنْ سُحِلَتْ مَرِيرَتُه و أَجِمَ النساءَ.
أَي كَرِهَهُنَّ و أَنشد ابن بري لرؤبة فقال:
جادَتْ بمَطْحونٍ لها لا تَأْجِمُهْ،             تَطْبُخُه ضُروعُها و تَأْدِمُهْ،
يَمْسُد أَعْلى لَحْمِه و يَأْدِمُه‏


يصف إِبلًا جادتْ لها المَراعي باللبَن الذي لا يحتاج إلى الطَّحْن كما يُطْحنُ الحبُّ، و ليس اللبَن مما يَحتاج إِلى الطَّحْن بل الضروع طَبَخَتْه، و يريد بِتَأْدِمُه تخلط بأُدْمٍ، و عَنى بالأُدْم ما فيه من الدَّسَم، يريد أَن اللبَن يَشُدُّ لحمه، و معنى يأْدمه يشدُّه و يُقَوّيه؛ يقال: حَبْل مَأْدُومٌ إِذا أُحكم فَتْلُه، يريد أَن شرْب اللبَن قد شدَّ لحمه و وثَّقَه؛ و قال الراعي:
خَمِيص البَطْن قد أَجِمَ الحسارا «1».


أَي كَرِهَه، و تَأَجَّمَ النهارُ تَأَجُّماً: اشتدَّ حَرُّه. و تَأَجَّمَت النار: ذَكَتْ مثال تأَجَّجَتْ، و إِن لها لأَجيماً و أَجيجاً؛ قال عبيد بن أَيوب العَنْبري:
و يَوْمٍ كتَنُّورِ الإِماء سَجَرْنَهُ،             حَمَلْنَ عليه الجِذْل حتى تَأَجّما
رَمَيْت بنفْسي في أَجِيج سَمُومِه،             و بالعَنْسِ حتى جاش مَنْسِمُها دَما

و يقال منه: أَجِّمْ نارك. و تأَجَّمَ عليه: غَضِب من ذلك. و فلان يَتأَجَّم على فلان: يَتَأَطَّمُ إِذا اشتَدَّ غضبهُ عليه و تَلَهَّف. و أَجَمَ الماءُ: تَغَيَّرَ كأَجَنَ، و زعم يعقوب أَن ميمَها بدَلٌ من النون؛ و أَنشد لعوف بن الخَرِع:
و تَشْرَبُ أَسْآرَ الحِياض تَسوفُهُ،             و لو وَرَدَتْ ماءَ المُرَيْرةِ آجِما «2».

__________________________________________________
 (1). قوله [الحسارا] كذا في النسخ بحاء مهملة، و الحسار، بالفتح: عشبة خضراء تسطح على الأَرض و تأكلها الماشية أكلًا شديداً كما تقدم في مادة حسر.
 (2). قوله [تسوفه‏] كذا في الأَصل هنا، و في مادة مرر و في التكلمة و التهذيب: تسوفها.

7
لسان العرب12

أجم ص 7

هكذا أَنشده بالميم. الأَصمعي: ماءٌ آجِنٌ و آجِمٌ إِذا كان متغيِّراً، و أَراد ابنُ الخَرِع آجِناً، و قيل: آجِمٌ بمعنى مَأْجومٍ أَي تَأْجِمُه و تَكْرَهه. و يقال: أَجَمْت الشي‏ء إِذا لم يُوافِقْك فكَرِهته. و الأُجُمُ: حِصْن بَناه أَهلُ المدينة من حجارة. ابن سيدة: الأُجُمُ الحِصْن، و الجمع آجامٌ. و الأُجْمُ، بسكون الجيم: كل بيت مُرَبَّع مُسَطَّح؛ عن يعقوب، و حكى الجوهري عن يعقوب قال: كلُّ بيت مربَّع مُسَطَّح أُجُم؛ قال إمرؤ القيس:
و تَيْماءَ لم يَتْرُكْ بها جِذْعَ نَخْلَةٍ             و لا أُجُماً إِلّا مَشِيداً بِجَنْدلِ «1».

قال: و قال الأَصمعي هو يخفَّف و يثقَّل، قال: و الجمع آجامٌ مثل عُنُق و أَعْناق. و الأَجَمُ: موضع بالشام قُرْب الفَراديس. التهذيب: الأَجَمَة مَنْبت الشجر كالغَيْضة و هي الآجام. و الأُجُمُ: القَصْر بلغة أَهل الحجاز. و
في الحديث: حتى تَوارَتْ بآجامِ المدينة.
أَي حُصونها، واحدها أُجُم، بضمتين. ابن سيدة. و الأَجَمَة الشجر الكثير الملتفُّ، و الجمع أُجْمٌ و أُجُمٌ و أُجَمٌ و آجامٌ و إِجامٌ، قال: و قد يجوز أَن تكون الآجام و الإِجامُ جمع أَجَمٍ، و نص اللحياني على أَن آجاماً جمع أَجَمٍ. و تأَجّم الأَسدُ: دخَل في أَجَمَتِه؛ قال:
مَحَلًّا، كَوعْساءِ القَنافِذِ ضارِباً             به كَنَفاً، كالمُخْدِرِ المُتَأَجِّمِ‏

الجوهري: الأَجَمَةُ من القَصَب، و الجمع أَجَماتٌ و أُجَمٌ و إِجامٌ و آجامٌ و أُجُمٌ، كما سنذكره «2». في أَكَم إِن شاء الله تعالى.
أدم:
الأُدْمةُ: القَرابةُ و الوَسيلةُ إِلى الشي‏ء. يقال: فلان أُدْمَتي إِليك أَي وَسيلَتي. و يقال: بينهما أُدْمةٌ و مُلْحة أَي خُلْطةٌ، و قيل: الأُدْمة الخُلْطة، و قيل: المُوافَقةُ. و الأُدْمُ: الأُلْفَةُ و الاتِّفاق؛ و أَدَمَ الله بينهم يَأْدِمُ أَدْماً. و يقال: آدَم بينهما يُؤْدِمُ إِيداماً أَيضاً، فَعَل و أَفْعَل بمعنى؛ و أَنشد:
و البِيضُ لا يُؤْدِمْنَ إِلَّا مُؤْدَما


أَي لا يُحْبِبْنَ إِلَّا مُحَبَّباً موضِعاً «3». و أَدَمَ: لأَمَ و أَصْلَح و أَلَّفَ و وفَّق و كذلك آدم يُؤْدِمُ، بالمدّ، و كل موافق إِدامٌ؛ قالت غادية الدُّبَيْرِيَّة:
كانوا لِمَنْ خالَطَهُمْ إِداما


و
في الحديث عن النبي، صلى الله عليه و سلم: أَنه قال للمغيرة بن شُعبة و خَطَبَ امرأَة لو نَظَرْت إِليها فإِنه أَحْرى أَن يُؤْدَمَ بينكما.
؛ قال الكسائي: يُؤدَم بينكما يعني أَن تكون بينهما المحبَّة و الاتِّفاق؛ قال أَبو عبيد: لا أَرى الأَصل فيه إِلا من أَدْمِ الطعام لأَن صَلاحَه و طِيبَه إِنما يكون بالإِدامِ، و لذلك يقال طعام مَأْدُومٌ. قال ابن الأَعرابي: و إِدامُ اسم امرأَة من ذلك؛ و أَنشد:
أَلا ظَعَنَتْ لِطِيَّتِها إِدامُ،             و كلُّ وِصالِ غانِيةٍ زِمامُ «4».

و أَدَمَهُ بأَهْلهِ أَدْماً: خَلَطه. و فلان أَدْمُ أَهْلِه و أَدْمَتُهم أَي أُسْوَتُهم، و به يُعْرَفون. و أَدَمَهم‏
__________________________________________________
 (1). في معلَّقة إمرئ القيس: و لا أُطُماً بدل أُجماً.
 (2). قوله [كما سنذكره إلخ‏] عبارة الجوهري: كما قلناه في الأكمة.
 (3). قوله [إلا محبباً موضعاً] الذي في التهذيب: إلا محبباً موضعاً لذلك.
 (4). قوله [زمام‏] كذا في الأصل، و شرح القاموس بالزاي، و لعله بالراء.

8
لسان العرب12

أدم ص 8

يَأْدُمُهم أَدْماً: كان لهم أَدَمَةٌ؛ عن ابن الأَعرابي. التهذيب: فلان أَدَمَةُ بني فلان، و قد أَدَمَهم يَأْدُمُهم و هو الذي عَرّفهم الناس. الجوهري: يقال جعلتُ فلاناً أَدَمَةَ أَهلي أَي أُسْوَتَهُم. و الإِدامُ: معروف ما يُؤْتَدَمُ به مع الخبز. و
في الحديث: نِعْمَ الإِدام الخَلُّ.
؛ الإِدام، بالكسر، و الأُدْمُ، بالضم: ما يؤكل بالخبز أَيَّ شي‏ء كان. و
في الحديث: سَيِّدُ إِدامِ أَهْل الدُّنيا و الآخرة اللحمُ.
؛ جعل اللحم أُدْماً و بعض الفقهاء لا يجعله أُدْماً و يقول: لو حَلَفَ أَن لا يَأْتَدِمَ ثم أَكل لَحْماً لم يحنَث، و الجمع آدِمةٌ و جمع الأُدْمِ آدامٌ، و قد ائتَدَمَ به. و أَدَمَ الخبز يَأْدِمُه، بالكسر، أَدْماً: خلطه بالأُدْم، و قال غيره: أَدَمَ الخبزَ باللحم؛ و أَنشد ابن بري:
         إِذا ما الخُبْزُ تَأْدِمُه بلَحْمٍ،             فذاك أَمانَة الله الثَّريدُ

و قال آخر:
         تَطْبُخه ضُروعُها و تَأْدِمُهْ‏


قال: و شاهد الإِدامِ قولُ الشاعر:
         الأَبْيَضانِ أَبْرَدا عِظامِي:             الماءُ و الفَثُّ بلا إِدامِ‏

و
في حديث أُمّ مَعْبَد: أَنا رأَيت الشاةَ و إِنها لَتأْدُمُها و تَأْدُم صِرْمَتها.
 «1». و
في حديث أَنس: و عَصَرَتْ عليه أُمُّ سُلَيْم عُكَّةً لها فأَدَمَتْه.
أَي خَلَطته و جعلت فيه إِداماً يؤْكل، يقال فيه بالمَدّ و القَصْر، و روي بتشديد الدال على التكثير. و
في الحديث: أَنه مَرَّ بقوم فقال: إِنَّكم تَأْتَدِمون على أَصحابكم فأَصْلِحوا رِحالَكم حتى تكونوا شامَةً في الناس.
أَي إِنَّ لكم من الغِنى ما يُصْلِحكم كالإِدامِ الذي يُصلِح الخُبز، فإِذا أَصلَحتم حالكم كنْتُم في الناس كالشَّامة في الجسَد تَظْهرون للناظِرين؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في بعض كتب الغريب مَرْوِيّاً مَشْروحاً، و المعروف‏
في الرواية: إِنكم قادِمون على أَصحابكم فأَصْلِحوا رِحالَكم.
قال: و الظاهر، و الله أَعلم، أَنه سَهْوٌ. و
في حديث خديجة، رضوان الله عليها: فوالله إِنك لتَكْسِبُ المَعْدُوم و تُطْعِم المأْدوم.
و
قول امرأَة دُرَيد بن الصِّمَّة حين طلَّقها: أَبا فلان، أَ تُطَلِّقُني؟ فوالله لقد أَبْثَثْتَك مَكْتُومي، و أَطْعَمْتُك مَأْدُومي، و جئتُك باهِلًا غير ذات صِرارٍ.
؛ إِنما عَنَت بالمَأْدُومِ الخُلُق الحسَن، و أَرادت أَنها لم تَمْنَع منه شيئاً كالناقة الباهِلة التي لم تُصَرَّ و يأْخُذ لبنَها مَن شاء. و أَدَمَ القومَ: أَدَمَ لهم خُبْزَهم؛ أَنشد يعقوب في صفة كلاب الصيد:
         فهي تُباري كلَّ سارٍ سَوْهَقِ،             و تُؤْدِمُ القوم إِذا لم تُغْبقِ «2».

و قولهم: سَمْنُهم في أَديمهم، يعني طَعامَهم المَأْدُوم أَي خُبزهم راجع فيهم. التهذيب: من أَمثالهم: سَمْنُكم هُرِيقَ في أَدِيمِكم أَي في مَأْدُومِكم، و يقال: في سِقائكم. و الأَدِيمُ: الجِلْد ما كان، و قيل: الأَحْمَر، و قيل: هو المَدْبوغُ، و قيل: هو بعد الأَفيق، و ذلك إِذا تَمَّ و احْمَرَّ، و استعاره بعضهم للحرب فقال أَنشده‏
__________________________________________________
 (1). قوله [و إنها لتأدمها و تأدم صرمتها] ضبط في الأصل و النهاية بضم الدال.
 (2). قوله [فهي تباري إلخ‏] هكذا في الأصل هنا، و تقدم في مادة سهق على غير هذا الوجه و أتى بمشطورين بين هذين المشطورين.

9
لسان العرب12

أدم ص 8

بعضهم للحرث بن وَعْلة:
و إِيَّاك و الحَرْبَ التي لا أَدِيمها             صحيحٌ، و قد تُعْدَى الصِّحاحُ على السُّقْمِ‏

إِنما أَراد لا أَدِيمَ لها، و أَراد على ذَوات السُّقْم، و الجمع آدِمَةٌ و أُدُمٌ، بضمتين؛ عن اللحياني؛ قال ابن سيدة: و عندي أَن من قال رُسْل فسكَّنَ قال أُدْمٌ، هذا مطرد، و الأَدَمُ، بنصب الدال: اسم للجمع عند سيبويه مثل أَفِيقٍ و أَفَقٍ. و الآدامُ: جمع أَدِيمٍ كَيَتيمٍ و أَيْتام، و إِن كان هذا في الصفة أَكثر، قال: و قد يجوز أَن يكون جمع أَدَمٍ؛ أَنشد ثعلب:
إِذا جَعَلْت الدَّلْوَ في خِطامِها             حَمْراءَ من مكَّة، أَو حَرَامِها،
أَو بعض ما يُبْتاع من آدامِها


و الأَدَمَةُ: باطنُ الجلْد الذي يَلي اللحم و البَشَرةُ ظاهرها، و قيل: ظاهرهُ الذي عليه الشعَر و باطنه البَشَرة؛ قال ابن سيدة: و قد يجوز أَن يكون الأَدَم جمعاً لهذا بل هو القياس، إِلَّا أَن سيبويه جعله اسماً للجمع و نَظَّره بأَفَيقٍ و أفق، و هو الأَدِيمُ أَيضاً. الأَصمعي: يقال للجلد إِهابٌ، و الجمع أُهُبٌ و أَهَبٌ، مؤنثة، فأَما الأَدَمُ و الأَفَقُ فمذكَّران إِلّا أَن يقْصد قَصْد الجلودِ و الآدِمَة فتقول: هي الأَدَمُ و الأَفَقُ. و يقال: أَدِيمٌ و آدِمَةٌ في الجمع الأَقلّ، على أَفعِلة. يقال: ثلاثة آدِمةٌ و أَربعة آدِمةٍ. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: قال لرجل ما مالُكَ؟ فقال: أَقْرُنٌ و آدِمةٌ في المَنِيئةِ.
؛ الآدِمةُ، بالمدّ: جمع أَديم مثل رَغِيف و أَرْغِفة، قال: و المشهور في جمعه أُدَم، و المَنِيئةُ، بالهمز: الدِّباغ. و آدَمَ الأَدِيمَ: أَظهر أَدَمَتَهُ؛ قال العجاج: «1»
في صَلَبٍ مثل العِنانِ المُؤْدَمِ‏


و أَدِيمُ كل شي‏ء: ظاهِرُ جلْدِه. و أَدَمَةُ الأَرض: وجهُها؛ قال الجوهري: و ربما سمي وجْهُ الأَرض أَديماً؛ قال الأَعشى:
يَوْماً تَراها كَشِبْه أَرْدِية             العَصْب، و يوماً أَدِيمُها نَغِلا

و رجل مُؤْدَمٌ أَي مَحْبوب. و رجل مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ: حاذقٌ مُجَرَّب قد جمع لِيناً و شدَّةً مع المعرفة بالأُمور، و أَصلُه من أَدَمَةِ الجلد و بَشَرَته، فالبَشرةُ ظاهِرهُ و هو مَنْبتُ الشعَر. و الأَدَمةُ: باطِنُه، و هو الذي يَلي اللَّحْم، فالذي يراد منه أَنه قد جَمع لينَ الأَدَمةِ و خُشونَة البَشرة و جرَّب الأُمورَ؛ و قال ابن الأَعرابي: معناه كريم الجلْدِ غلِيظُه جَيِّده؛ و قال الأَصمعي: فلان مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ أَي هو جامع يصلُح للشدَّة و الرَّخاء، و في المثل: إِنما يُعاتَبُ الأَدِيمُ ذو البَشرةِ أَي يُعادُ في الدِّباغِ، و معناه إِنما يُعاتَب من يُرْجَى و فيه مُسْكةٌ و قُوَّةٌ و يُراجَع مَن فيه مُراجَعٌ. و يقال: بَشَرْتُه و أَدَمْتُه و مَشَنْتُه أَي قَشَرْته، و الأَدِيمُ إِذا نَغِلَتْ بَشَرَته فقد بَطَل. و يقال: آدَمْتُ الجلد بَشَرْتُ أَدَمَتَهُ. و امرأَة مُؤدَمَةٌ مُبْشَرَةٌ: إِذا حسن مَنْظَرُها و صحَّ مَخْبَرُها. و
في حديث نَجبَة: ابنتُك المُؤْدَمَة المُبْشَرة.
يُقال للرجل الكامل: إِنه لَمُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ، أَي جمع لينَ الأَدَمةِ و نُعُومَتَها، و هي باطن الجِلْد، و شدَّة البشرة
__________________________________________________
 (1). قوله [قال العجاج‏] عبارة الجوهري في صلب: و الصلب، بالتحريك، لغة في الصلب من الظهر، قال العجاج يصف امرأة:
ريا العظام فخمة المخدّم             في صَلَبٍ مثل العِنانِ المُؤْدَمِ.

10
لسان العرب12

أدم ص 8

و خُشونَتها، و هي ظاهره. قال ابن سيدة: و قد يقال رجل مُبْشَرٌ مُؤْدَمٌ و امرأَة مُبْشَرة مُؤْدَمَةٌ فيُقدِّمون المُبْشَر على المؤدَم، قال: و الأَول أَعرف أَعني تقديم المُؤْدَمِ على المُبْشَر. و قيل: الأَدَمةُ ما ظهر من جلدة الرأْس. و أَدَمَةُ الأَرض: باطِنُها، و أَدِيُمها، وَجْهُها، و أَدِيمُ الليل: ظلمته؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أَنشد:
قد أَغْتَدِي و الليلُ في جَرِيمِه،             و الصُّبْحُ قد نَشَّمَ في أَدِيمهِ‏

و أَدِيمُ النهار: بَياضُه. حكى ابن الأَعرابي: ما رأَيته في أَدِيمِ نَهارٍ و لا سَوادِ لَيْلٍ، و قيل: أَدِيمُ النهار عامَّته. و حكى اللحياني: جئتُك أديمَ الضُّحي أَي عند ارتفاع الضُّحى. و أَديمُ السماء: ما ظهَر منها. و فلان بَرِي‏ءُ الأَدِيمِ مما يُلْطخ به. و الأُدْمَةُ: السُّمرةُ. و الآدَمُ من الناس: الأَسْمَرُ. ابن سيدة: الأُدْمةُ في الإِبل لَوْنٌ مُشْرَب سَواداً أَو بياضاً، و قيل: هو البياضُ الواضِحُ، و قيل: في الظِّباء لَوْنٌ مُشْرَبٌ بياضاً و في الإِنسان السُّمرة. قال أَبو حنيفة: الأُدْمةُ البياضُ، و قد أَدِمَ و أَدُمَ، فهو آدمُ، و الجمع أُدْمٌ، كسَّروه على فُعْل كما كسَّروا فَعُولًا على فُعُل، نحو صَبور و صُبُرٍ، لأَن أَفْعَل من الثلاثة «2». و فيه كما أَن فَعُولًا فيه زيادة و عدة حُروفه كعِدَّة حُروف فَعُول، إِلَّا أَنهم لا يثقِّلون العين في جمع أَفْعَل إِلَّا أَن يُضطَرَّ شاعر، و قد قالوا في جمعه أُدْمانٌ، و الأُنثى أَدْماءُ و جمعها أُدْمٌ، و لا يجمع على فُعْلان؛ و قول ذي الرمة:
و الجِيدُ، من أُدْمانَةٍ، عَتُودُ


عِيبَ عليه فقيل: إِنما يقال هي أَدْماءُ، و الأُدْمان جمع كأَحْمَر و حُمْران، و أَنت لا تقول حُمْرانة و لا صُفْرانة، و كان أَبو عليّ يقول: بُنيَ من هذا الأَصل فُعْلانة كخُمْصانة. و العرب تقول: قُرَيْش الإِبلِ أُدْمُها و صُهْبَتُها، يذهبون في ذلك إِلى تفضيلها على سائر الإِبلِ، و قد أَوضحوا ذلك بقولهم: خَيرُ الإِبل صُهْبُها و حُمْرُها، فجعلوهما خيرَ أَنواع الإِبل، كما أَنّ قُرَيْشاً خيرُ الناس. و-
في الحديث: أَنه لمَّا خرج من مكة قال له رجل: إِن كنتَ تُريد النساء البيضَ و النُّوقَ الأُدْمَ فعَلَيْكَ بِبَنِي مُدْلِجٍ.
؛ قال ابن الأَثير: الأُدْم جمع آدم كأَحْمَر و حُمْر. و الأُدْمة في الإِبل: البياض مع سواد المُقْلَتَيْن، قال: و هي في الناس السُّمرة الشديدة، و قيل: هو من أُدْمة الأَرض، و هو لَوْنُها، قال: و به سمي آدم أَبو البَشَر، على نبينا و عليه الصلاة و السلام. الليث: و الأُدْمةُ في الناس شُرْبةٌ من سَواد، و في الإِبِل و الظِّباء بَياض. يقال: ظَبْيَة أَدْماء، قال: و لم أَسمع أَحداً يقول للذُّكور من الظِّباء أُدْمٌ، قال: و إن قيل كان قياساً. و قال الأَصمعي: الآدَمُ من الإِبل الأَبْيض، فإِن خالطته حُمْرة فهو أَصْهب، فإِن خالَطَتِ الحُمْرة صَفاءً فهو مُدَمًّى. قال: و الأُدْمُ من الظِّباء بيضٌ تَعْلوهُنّ جُدَدٌ فيهنَّ غُبْرة، فإِن كانت خالصة البَياض فهي الآرامُ. و
روى الأَزهري بسنده عن أَحمد بن عبيد بن ناصح قال: كُنّا نأْلَف مجلِس أَبي أَيوب بن أُخت الوزير فقال لنا يوماً، و كان ابنُ السكيت حاضراً: ما تَقولْ في الأُدْمِ من الظِّباء؟ فقال: هي البيضُ البُطون السُّمْر الظُّهور يَفْصِل بين لَوْنِ ظُهورِها و بُطونها جُدَّتان مِسْكِيَّتان، قال: فالتفت إِليَّ و قال: ما تقول يا أَبا جعفر؟ فقلت؟ الأُدْمُ على ضَرْبين: أَما التي‏
__________________________________________________
 (2). قوله [لأَن أفعل من الثلاثة إلخ‏] هكذا في الأَصل، و لعله لأن أفعل من ذي الثلاثة و فيه زيادة كما أن فعولا إلخ.

11
لسان العرب12

أدم ص 8

مَساكنها الجِبال في بِلاد قَيْس فهي على ما وَصَف، و أَما التي مَساكنها الرمْل في بلاد تَميم فهي الخَوالِص البَياض، فأَنكر يعقوب و استأْذن ابنُ الأَعرابي على تَفِيئَةِ ذلك فقال أَبو أَيوب: قد جاءكم مَن يفصِل بينكم، فدَخَل، فقال له أَبو أَيوب: يا أَبا عبد الله، ما تقول في الأُدْم من الظِّباء؟ فتكلَّم كأَنما يَنْطِق عن لسان ابن السكِّيت، فقلت: يا أَبا عبد الله، ما تقول في ذي الرمة؟ قال: شاعر، قلت: ما تقول في قصيدته صَيْدَح «1»؟ قال: هو بها أَعرف منها به، فأَنشدته:
من المُؤْلِفاتِ الرَّمْل أَدْماءُ             حُرَّةٌ، شُعاعُ الضُّحى في مَتْنِها يَتَوَضَّح‏


فسكت ابنُ الأَعرابي و قال: هي العرب تقول ما شاءت.
ابن سيدة: الأُدْمُ من الظِّباء ظِباء بيضٌ يَعْلوها جُدَدٌ فيها غُبْرة، زاد غيره: و تسكُن الجِبال، قال: و هي على أَلْوان الجبال؛ يقال: ظَبْية أَدْماء؛ قال: و قد جاء في شعر ذي الرمة أُدْمانة؛ قال:
أَقُول للرَّكْب لمَّا أَعْرَضَتْ أُصُلًا:             أُدْمانةٌ لمْ تُرَبِّيها الأَجالِيدُ

قال ابن بري: الأَجاليد جمع أَجْلاد، و أَجْلاد جمع جَلَد، و هو ما صَلُب من الأَرض، و أَنكر الأَصمعي أُدْمانة لأَن أُدْماناً جمعٌ مثل حُمْران و سُودان و لا تدخله الهاء، و قال غيره: أُدْمانةٌ و أُدْمان مثل خُمْصانة و خُمْصان، فجعله مُفرداً لا جمعاً، قال: فعلى هذا يصح قوله. الجوهري: و الأُدْمة في الإِبِلِ البياض الشديد. يقال: بعير آدَم و ناقة أَدْماء، و الجمع أُدْمٌ؛ قال الأَخْطل في كَعْب بن جُعَيْل:
فإِنْ أَهْجُهُ يَضْجَرْ كما ضَجْرَ بازِلٌ             من الأُدْمِ، دَبْرَت صَفْحَتاه و غارِبُهْ‏

و يقال: هو الأَبيضُ الأَسودُ المُقْلَتَيْن. و اختُلف في اشتِقاق اسم آدَم فقال بعضهم: سُمِّيَ آدَم لأَنه خُلِق من أَدَمةِ الأَرض، و قال بعضهم: لأُدْمةٍ جعلَها الله تعالى فيه، و قال الجوهري: آدَمُ أَصله بهمزتين لأَنه أَفْعَل، إِلا أَنهم لَيَّنُوا الثانية، فإِذا احتَجْت إِلى تحريكها جعلتها واواً و قلت أَوادِم في الجمع، لأَنه ليس لها أَصل في الياء معروف، فَجُعِلَ الغالبُ عليها الواو؛ عن الأَخفش؛ قال ابن بري: كل أَلِف مجهولة لا يُعْرَف عمَّا ذا انْقِلابُها، و كانت عن همزة بعد همزة يدعو أَمْرٌ إِلى تحريكها، فإِنها تبدَل واواً حملًا على ضَوارب و ضُوَيْرب، فهذا حكمُها في كلام العرب إِلا أَن تكون طَرفاً رابعةً فحينئذ تبدل ياءً؛ و قال الزجاج «2»: يقول أَهلُ اللغة إِنَّ اشْتِقاق آدم لأَنه خُلِق من تُراب، و كذلك الأُدْمةُ إِنَّما هي مُشَبَّهة بلَوْن التُّراب؛ و قوله:
سادُوا الملُوكَ فأَصْبَحوا في آدَمٍ،             بَلَغُوا بها غُرَّ الوُجوهِ فُحُولا

جعل آدمَ اسْماً للقَبيلة لأَنه قال بَلَغوا بها، فأَنّث و جمَع و صرف آدم ضرورة؛ و قوله:
__________________________________________________
 (1). قوله [في قصيدته صيدح‏] هكذا في الأصل و التهذيب و شرح القاموس، و لعله في قصيدته في صيدح لأَنه اسم لناقة ذي الرمة و يمكن أن يكون سمى القصيدة باسمها.
 (2). قوله [و قال الزجاج إلخ‏] كذا في الأصل، و عبارة التهذيب: و قال الزجاج يقول أهل اللغة في آدم إِن اشتقاقه من أديم الأَرض لأَنه خلق من تراب.

12
لسان العرب12

أدم ص 8

الناسُ أَخْيافٌ و شَتَّى في الشِّيَمْ،             و كلُّهم يَجْمَعُهم بيتُ الأَدَمْ‏

قيل: أَراد آدَم، و قيل: أَراد الأَرض؛ قال الأَخفش: لو جعلت في الشعر آدَم مع هاشم لجَاز؛ قال ابن جني: و هذا هو الوجه القويُّ لأَنه لا يحقِّق أَحدٌ همزةَ آدَم، و لو كان تحقيقُها حَسَناً لكان التحقيقُ حَقيقاً بأَن يُسْمَع فيها، و إِذا كان بَدلًا البتَّة وجَب أَن يُجْرى على ما أَجْرَتْه عليه العرب من مُراعاة لفظِه و تنزيل هذه الهمزة الأَخيرة منزلةَ الأَلفِ الزائدة التي لا حظَّ فيها للهمزة نحو عالم و صابر، أَ لا تَراهم لما كسّروا قالوا آدَم و أَوادِم كسالِم و سَوالِم؟ و الأَدَمانُ في النَّخْل: كالدَّمانِ و هو العَفَن، و سيأْتي ذكره؛: و قيل: الأَدَمانُ عَفَن و سَوادٌ في قلْب النَّخْلة و هو وَدِيُّه؛ عن كُراع، و لم يقل أَحَد في القَلْب إِنه الوَدِيُّ إِلَّا هو. و الأَدَمان: شجرة؛ حكاها أَبو حنيفة، قال: و لم أَسمعها إِلا من شُبَيْل بن عزرة. و الإِيدامةُ: الأَرضُ الصُّلْبة من غير حجارة مأْخوذة من أَديم الأَرض و هو وَجْهُها. الجوهري: الأَياديمُ مُتون الأَرض لا واحد لها؛ قال ابن بري: و المشهور عند أهل اللغة أَن واحدتها إِيدامة، و هي فيعالة من أَدِيم الأَرض؛ و كذا قال الشيباني واحدتها إِيدامةٌ في قول الشاعر:
كما رَجَا من لُعابِ الشمْسِ، إِذ وَقَدَتْ،             عَطْشانُ رَبْعَ سَراب بالأَيادِيمِ‏

الأَصمعي: الإِيدامةُ أَرض مُسْتَوِية صُلْبة ليست بالغَليظة، و جمعها الأَياديمُ، قال: أُخِذَتِ الإِيدامةُ من الأَديمِ؛ قال ذو الرمَّة:
كأَنَّهُنَّ ذُرى هَدْيٍ محوبة             عنها الجِلالُ، إِذا ابْيَضَّ الأَياديمُ «1».

و ابْيِضاضُ الأَياديمِ للسَّراب: يعني الإِبل التي أُهْدِيَتْ إِلى مكة جُلِّلَتْ بالجِلال. و قال: الإِيدامةُ الصُّلْبة من غير حجارة. ابن شميل: الإِيدامةُ من الأَرض السَّنَد الذي ليس بشديد الإِشْراف، و لا يكون إِلا في سُهول الأَرض، و هي تنبت و لكن في نَبْتِها زُمَرٌ، لِغِلَظِ مكانها و قِلَّة اسْتقْرار الماء فيها. و أُدمى، على فُعَلى، و الأُدَمى: موضع، و قيل: الأُدَمى أَرض بظهر اليمامة. و أَدام: بلد؛ قال صخر الغيّ:
لقد أَجْرى لِمَصْرَعِه تَلِيدٌ،             و ساقَتْه المَنِيَّةُ من أداما

و أُدَيْمَةُ: موضع؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّة:
كأَن بَني عَمْرو يُرادُ، بدارهم             بِنَعْمانَ، راعٍ في أُدَيْمَةَ مُعْزبُ‏

يقول: كأَنهم من امتناعِهم على مَن أَرادهم في جَبَل، و إِن كانوا في السَّهْل.
أرم:
أَرَمَ ما على المائدة يَأْرِمهُ: أَكله؛ عن ثعلب. و أَرَمَتِ الإِبِلُ تَأْرِمُ أَرْماً: أَكَلَتْ. و أَرَمَ على الشي‏ء يَأْرِمُ، بالكسر، أَي عَضَّ عليه. و أَرَمَه أَيضاً: أَكَلَه؛ قال الكميت:
__________________________________________________
 (1). قوله [كأنهن ذرى إلخ‏] الشطر الأول في الأصل من غير نقط، و كتب في هامش الأصل و شرح القاموس: كأنهن ذرى هدي بمجوبة ثم شرحه شارح القاموس بمثل ما هنا، و لعل عنها في البيت بمعنى عليها كما يؤخذ من تفسيره.

13
لسان العرب12

أرم ص 13

و يَأْرِمُ كلَّ نابِتَةٍ رِعاءً،             و حُشَّاشاً لهنَّ و حاطِبينا

أَي من كثرتها؛ قال ابن بري: صوابه و نأْرِم، بالنون، لأَن قبله:
تَضِيقُ بنا الفِجاجُ، و هُنَّ فِيجٌ،             و نَجْهَرُ ماءَها السَّدِمَ الدَّفِينا

و منه سنَةٌ آرِمةٌ أَي مُسْتأْصِلة. و يقال: أَرَمَتِ السنَةُ بأَموالنا أَي أَكَلت كل شي‏ء. و قال أَبو حنيفة: أَرَمَتِ السائمة المَرْعَى تَأْرِمُه أَتَتْ عليه حتى لم تَدَعْ منه شيئاً. و ما فيه إِرْمٌ و أَرْمٌ أَي ضِرس. و الأُرَّمُ: الأَضراس؛ قال الجوهري: كأَنه جمع آرِمٍ. و يقال: فلان يَحْرُقُ عليك الأُرَّم إِذا تغَيَّظ فَحكَّ أَضْراسه بعضها ببعض، و قيل: الأُرّمُ أَطراف الأَصابع. ابن سيدة: و قالوا هو يَعْلُك عليه الأُرَّم أَي يَصْرِف بأَنيابه عليه حَنَقاً؛ قال:
أُنْبِئْتُ أَحْمَاءَ سُلَيْمَى إِنَّما             أَضْحَوا غِضاباً، يَحْرُقُونَ الأُرَّما
أَنْ قُلْت: أَسْقَى الحَرَّتَيْنِ الدِّيمَا


قال ابن بري: لا يصحُّ فتح أَنَّما إِلّا على أَن تجعل أَحْماء مفعولًا ثانياً بإِسقاط حرف الجر، تقديره نُبّئتُ عن أَحْماء سُلَيمْى أَنَّهم فَعلوا ذلك، فإِن جعلت أَحْماء مفعولًا ثانياً من غير إِسقاط حرف الجر كسرت إِنَّما لا غير لأَنها المفعولُ الثالثُ، و قال أَبو رياش: الأُرَّمُ الأَنيابُ؛ و أَنشد لعامر بن شقيق الضبيّ:
بِذِي فِرْقَيْنِ يَوْمَ بَنُو حَبيبٍ،             نُيُوبَهم علينا يَحْرُقُونَا

قال ابن بري: كذا ذكره الجوهري في فصل حَرَق فقال: حَرَقَ نابَه يَحْرُقه و يَحْرِقُه إِذا سَحَقَه حتى يسمع له صَرِيف. الجوهري: و يقال الأُرَّم الحِجارة؛ قال النضر بن شميل: سأَلت نوحَ بن جرير بن الخَطَفَى عن قول الشاعر:
يَلُوكُ من حَرْدٍ عليَّ الأُرَّمَا


قال: الحَصَى. قال ابن بري: و يقال الأُرَّم الأَنياب هنا لقولهم يَحْرُق عَليَّ الأُرَّمَ، من قولهم حَرَقَ نابُ البعير إِذا صوَّت. و الأَرْمُ: القطع. و أَرَمَتْهم السنَةُ أَرْماً: قطعتهم. و أَرَمَ الرجلَ يَأْرِمهُ أَرْماً: ليَّنَه؛ عن كُراع. و أَرْض أَرْماءُ و مَأْرُومَةٌ: لم يُتْرَك فيها أَصل و لا فَرْعٌ. و الأَرُومةُ: الأَصْل. و
في حديث عُمير بن أَفْصى: أَنا من العرب في أَرُومة بِنائها.
؛ قال ابن الأَثير: الأَرُومةُ بوزن الأَكولة الأَصْل. و فيه كيف تَبْلُغك صَلاتُنا و قد أَرِمْتَ أَي بَلِيت؛ أَرِمَ المالُ إِذا فَنِيَ. و أَرض أَرِمةٌ: لا تنبت شيئاً، و قيل: إِنما هو أُرِمْتَ من الأَرْمِ الأَكل، و منه قيل للأَسْنان الأُرَّم؛ و قال الخطابي: أَصله أَرْمَمْت أَي بَلِيت و صرت رَمِيماً، فحذف إِحدى الميمين كقولهم ظَلْت في ظَلِلْت؛ قال ابن الأَثير: و كثيراً ما تروى هذه اللفظة بتشديد الميم، و هي لغة ناسٍ من بكر بن وائل، و سنذكره في رمم. و الإِرَمُ: حِجارة تنصب عَلَماً في المَفازة، و الجمع آرامٌ و أُرُومٌ مثل ضِلَع و أَضْلاع و ضُلوع. و
في الحديث: ما يوجَد في آرامِ الجاهليَّة و خِرَبها فيه الخُمْس.
؛ الآرام: الأَعْلام، و هي حجارة تُجْمَع و تنصَب في المَفازة يُهْتَدَى بها، واحدها إِرَم‏

14
لسان العرب12

أرم ص 13

كعِنَب. قال: و كان من عادة الجاهلية أَنهم إِذا وجدوا شيئاً في طريقهم و لا يمكنهم اسْتِصْحابُه تركوا عليه حجارةً يعرفُونه بها، حتى إِذا عادوا أَخذوه. و
في حديث سلمة بن الأَكْوَع: لا يطرحون شيئاً إِلَّا جَعَلْت عليه آراماً.
ابن سيدة: الإِرَمُ و الأَرِمُ الحجارة، و الآرامُ الأَعْلام، و خص بعضهم به أَعْلام عادٍ، واحدُها إِرَمٌ و أَرِمٌ و أَيْرَمِيٌّ؛ و قال اللحياني: أَرَمِيّ و يَرَمِيّ و إِرَمِيّ. و الأُرومُ أَيضاً: الأَعْلام، و قيل: هي قُبُور عادٍ؛ و عَمَّ به أَبو عبيد في تفسير قول ذي الرمة:
و ساحِرة العُيون من المَوامي،             تَرَقَّصُ في نَواشِرِها الأُرُومُ‏

فقال: هي الأَعْلام؛ و قوله أَنشده ثعلب:
حتى تَعالى النِّيُّ في آرامها


قال: يعني في أَسْنِمَتِها؛ قال ابن سيدة: فلا أَدْري إِن كانت الآرام في الأَصل الأَسْمة، أو شبَّهها بالآرام التي هي الأَعْلام لعِظَمِها و طُولها. و إِرَمٌ: والِدُ عادٍ الأُولَى، و من ترَك صرف إِرَمٍ جعله اسماً للقبيلة، و قيل: إِرَمُ عادٌ الأَخيرة، و قيل: إرَم لبَلْدَتِهم التي كانوا فيها. و في التنزيل: بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ
، و قيل فيها أَيضاً أَرامٌ. قال الجوهري في قوله عز و جل: إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ
، قال: من لم يُضِف جعل إِرَمَ‏
 اسمَه و لم يَصْرِفه لأَنه جعل عاداً اسم أَبيهم، و من قرأَه بالإِضافة و لم يَصْرف جعله اسم أُمّهم أَو اسم بَلدةٍ. و في الحديث ذكر إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ
، و قد اختلف فيها فقيل دِمَشق، و قيل غيرها. و الأَرُوم، بفتح الهمزة: أَصْل الشجرة و القَرْن؛ قال صخر الغيّ يهجو رجلًا:
تَيْسَ تُيُوسٍ، إِذا يُناطِحُها             يَأْلَمُ قَرْناً، أَرُومه نَقِدُ

قوله: يَأْلَمُ قَرْناً أَي يَأْلَمُ قَرْنَه، و قد جاء على هذا حروف منها قولهم: يَيْجَع ظَهراً، و يَشْتكي عيناً أَي يَشْتَكي عَينَه، و نصب تَيْسَ على الذَّمِّ؛ و أَنشد ابن بري لأَبي جندب الهذلي:
أَولئك ناصري و هُمُ أُرُومِي،             و بَعْضُ القوم ليس بذِي أُرُومِ‏

و قولهم: جارية مَأْرُومَةٌ حسَنة الأَرْمِ إِذا كانت مَجْدُولة الخَلْق. و إِرَمٌ: اسم جبل؛ قال مُرَقِّش الأَكْبَرُ:
فاذْهَبْ فِدىً لك ابن عَمّك لائحا «1» ... الأَشيبة و إِرَمْ‏


و الأُرُومةُ و الأَرُومة، الأَخيرة تميمة: الأَصلُ، و الجمع أُرُومٌ؛ قال زهير:
لَهُم في الذّاهِبِينَ أُرُومُ صِدْقٍ،             و كان لِكُلِّ ذي حَسَب أُرُومُ‏

و الأَرامُ: مُلْتقى قَبائِلِ الرأْس. و رَأْس مُؤَرَّمٌ: ضخْم القَبائل. و بَيْضَةٌ مُؤَرَّمةٌ واسِعَةُ الأَعْلى. و ما بالدَّارِ أَرِمٌ و أَرِيمٌ و إِرَميٌّ و أَيْرَميّ و إِيْرَمِيّ؛ عن ثعلب و أَبي عبيد، أَي ما بها أَحَدٌ، لا يستعمل إِلا في الجَحْد؛ قال زهير:
دارٌ لأَسْماء بالغَمْرَيْنِ ماثِلةٌ،             كالوَحْيِ ليس بها من أَهْلِها أَرِمُ‏

و مثله قول الآخر:
__________________________________________________
 (1). هنا بياض في الأصل.

15
لسان العرب12

أرم ص 13

تلك القُرونُ وَرِثْنا الأَرضَ بَعْدَهُمُ،             فما يُحَسُّ عليها منهمُ أَرِمُ‏

قال ابن بري: كان ابن دَرَسْتَوَيْه يُخالف أَهل اللغة فيقول: ما بها آرِم، على فاعل، قال: و هو الذي يَنْصِب الأَرَمَ و هو العَلَم، أَي ما بها ناصِبُ عَلَم، قال: و المشهور عند أَهل اللغة ما بها أَرِمٌ، على وزن حَذِرٍ، و بيتُ زهير و غيره يشهد بصحة قولهم، قال: و على أَنه أَيضاً حكى القَزَّاز و غيره آرِم، قال: و يقال ما بها أَرَمٌ أَيضاً أَي ما بها علَم. و أَرَمَ الرجلَ يَأْرِمُه أَرْماً: لَيَّنه. و أَرَمْتُ الحَبْل آرِمُه أَرْماً إِذا فَتَلْتَه فَتْلًا شديداً. و أَرَمَ الشي‏ءَ يَأْرِمُه أَرْماً: شدَّه؛ قال رؤبة:
يَمْسُدُ أَعْلى لَحْمِه و يَأْرِمُهْ‏


و يروى بالزاي، و قد ذكر في أَجم. و آرام: موضع؛ قال:
مِن ذاتِ آرامٍ فجَنبَي أَلعسا «2».


و في الحديث ذِكْر إِرَمٍ، بكسر الهمزة و فتح الراء الخفيفة،
و هو موضع من ديار جُذام، أَقْطَعَه سيدُنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم، بني جِعال بن رَبيعة.
أزم:
الأَزْمُ: شدَّةُ العَضِّ بالفَمِ كلِّه، و قيل بالأَنْياب، و الأَنْيابُ هي الأَوازِمُ، و قيل: هو أَنَ يَعَضَّه ثم يكرِّر عليه و لا يُرْسِله، و قيل: هو أَن يَقْبِض عليه بفيه، أَزَمه، و أَزَمَ عليه يَأْزِمُ أَزْماً و أُزُوماً، فهو آزِمٌ و أَزُومٌ، و أَزَمْت يَد الرجُل آزِمُها أَزْماً، و هي أَشدُّ العَضِّ. قال الأَصمعي: قال عيسى بن عمر كانت لنا بَطَّة تَأْزِمُ أَي تَعَضُّ، و منه قيل للسَّنة أَزْمَةٌ و أَزُومٌ و أَزامِ، بكسر الميم. و أَزَمَ الفرسُ على فأْسِ اللِّجام: قَبض؛ و منه‏
حديث الصدّيق: نَظَرْت يوم أُحُدٍ إِلى حَلَقة دِرْع قد نَشِبَت في جَبين رسول الله، صلى الله عليه و سلم، فانْكَبَبْت لأَنْزِعَها، فأَقْسَم عليَّ أَبو عبيدة فأَزَمَ بها بثَنيَّتيه فجَذبها جَذْباً رَفيقاً.
أَي عَضَّها و أَمْسكها بين ثَنِيَّتَيْه؛ و منه‏
حديث الكَنْز و الشجاع الأَقْرع: فإِذا أَخذه أَزَم في يده.
أَي عَضَّها. و الأَزْمُ: القطعُ بالناب و السِّكِّين و غيرهما. و الأَوَازمُ و الأُزَّمُ و الأُزُمُ: الأَنْياب، فواحدة الأَوازمِ آزِمةٌ، و واحدة الأُزَّمِ آزِمٌ، و واحدة الأُزُمِ أَزُومٌ. و الأَزْمُ: الجَدْبُ و المَحْل. ابن سيدة: الأَزْمة الشدّة و القَحْط، و جمعها إِزَمٌ كبَدْرةٍ و بِدَر، و أَزْمٌ كتَمْرةٍ و تَمْر؛ قال أَبو خِراش:
جَزى اللهُ خيراً خالِداً من مُكافِئٍ،             على كلِّ حالٍ من رَخاء و من أَزْمِ‏

و قد يكون مصدراً لأَزَم إِذا عضَّ، و هي الوَزْمة أَيضاً. و
في الحديث: اشْتَدِّي أَزْمَة تَنْفَرِجي.
قال: الأَزْمَة السَّنة المُجْدِبة. يقال: إِن الشدَّة إِذا تَتابَعت انفرجت و إِذا تَوالَتْ تَوَلَّت. و
في حديث مجاهد: أَن قُرَيْشاً أَصابَتْهم أَزْمةٌ شديدةٌ و كان أَبو طالب ذا عيالٍ.
و الأَوازمُ: السِّنُون الشدائد كالبَوازِم. و أَزَمَ عليهم العامُ و الدهرُ يَأْزِمُ أَزْماً و أُزُوماً: اشتدّ قَحْطُه، و قيل: اشتدَّ و قَلَّ خَيرُه؛ و سنة أَزْمَةٌ و أَزِمَةٌ و أَزُومٌ و آزِمةٌ؛ قال زهير:
إِذا أَزَمَتْ بهم سَنةٌ أَزُوم‏


و يقال: قد أَزَمت أَزامِ؛ قال:
__________________________________________________
 (2). قوله [فجني ألعسا] هكذا في الأصل و شرح القاموس.

16
لسان العرب12

أزم ص 16

         أَهان لها الطَّعامَ فلم تُضِعْه،             غَداةَ الرَّوْعِ، إِذ أَزَمَتْ أَزامِ‏

قال ابن بري: و أَنشد أَبو علي هذا البيت:
         أَهانَ لها الطعامَ فَأَنْفَذَتْهُ،             غَداةَ الرَّوْعِ، إِذ أَزَمَتْ أَزُومُ‏

و يقال: نزلتْ بهم أَزامِ و أَزُومٌ أَي شدَّة. و المُتَأَزِّمُ: المُتَأَلِّم لأَزْمةِ الزمان؛ أَنشد عبد الرحمن عن عمه الأَصمعي في رجل خطَب إِليه ابنَته فردَّ الخاطب:
         قالوا: تَعَزَّ فَلَسْتَ نائِلَها،             حتى تَمَرَّ حَلاوَةُ التَّمْرِ
             لَسْنا من المُتأَزِّمينَ، إِذا             فَرِحَ اللَّمُوسُ بثائبِ الفَقْرِ

أَي لَسْنا نُزَوِّجك هذه المرأَة حتى تَعود حَلاوةُ التَّمْر مَرارةً، و ذلك ما لا يكون. و المُتَأَزِّمُ: المُتَأَلِّم لأَزْمةِ الزَّمان و شدَّتِه، و اللَّمُوسُ: الذي في نَسَبه ضَعَةٌ، أَي أَن الضعيفَ النسَب يفْرَح بالسَّنة المُجْدبة ليُرْغَب إِليه في ماله فيَنْكِحَ أَشْراف نِسائهم لحاجَتهم إِلى ماله. و أَزَمَتْهم السنةُ أَزْماً: استأْصَلَتهم، و قال شمر: إِنما هو أَرَمَتْهم، بالراء، قال: و كذلك قال أَبو الهيثم. و يقال: أَصابتنا أَزْمة و آزمةٌ أَي شدّة؛ عن يعقوب. و أَزَمَ على الشي‏ء يَأْزِمُ أُزُوماً: واظَب عليه و لَزِمَه. و أَزَمَ بِضَيْعَته و عليها: حافظ. أَبو زيد: الأُزُومُ المُحافظة على الضَّيْعَة. و تَأَزَّمَ القومُ إِذا أَطالوا الإِقامة بِدارهم. و أَزَمَ بصاحِبه يَأْزِمُ أَزْماً: لَزِقَ. و في الصحاح: أَزَمَ الرجلُ بصاحبه إِذا لَزِمَه. و أَزَمَه أَيضاً أَي عَضَّه و أَزَمَ عن الشي‏ء: أَمسك عنه. و أَزَمَ بالمكان أَزْماً: لَزِمَه. و أَزَمْتُ الحَبْلَ و العِنانَ و الخَيْط و غيرَه آزِمُه أَزْماً: أَحكَمْت فَتْله و ضَفْرَه، بالراء و الزاي جميعاً، و الراء أَعرف، و هو مَأْزُومٌ. و الأَزْمُ: ضرْب من الضَّفْر و هو الفَتْل. و أَزَمَ أَزْماً و أَزِمَ أَزَماً، كلاهما: تقبَّض. و المَأْزِمُ: المَضِيق مثل المَأْزِلِ؛ و أَنشد الأَصمعي عن أَبي مَهْدِيَّة:
         هذا طريقٌ يَأْزِمُ المَآزِما،             و عِضَواتٌ تَمْشُق اللَّهازِما

و يروى‏
         ... عَصَوات ...


، و هي جمع عَصاً. و تَمْشُق: تضرِب. و المأْزِم: كلُّ طريق ضيِّق بين جبلين، و موضع الحَرْبِ أَيضاً مَأْزِمٌ، و منه سمي الموضع الذي بين المَشْعَر و عَرَفة مَأْزِمَيْن. الأَصمعي: المَأْزِمُ في سَنَد مَضِيقٌ بين جَمْعٍ و عَرَفة. و
في حديث ابن عمر: إِذا كنتَ بين المَأْزِمَيْن دون مِنىً فإِنَّ هناك سَرْحَة سُرَّ تحتَها سبعون نبيّاً.
و
في الحديث: إِني حَرَّمْت المدينة حَراماً ما بين مَأْزِمَيْها.
؛ المَأْزِمُ: المَضِيقُ في الجبال حتى يَلتَقِي بعضُها ببعض و يَتَّسِع ما وَرَاءه، و الميمُ زائدة، و كأَنه من الأَزْمِ القُوّة و الشدّة؛ و أَنشد لِساعدة ابن جؤية الهُذَلي:
         و مُقامُهنّ، إِذا حُبِسْنَ، بِمَأْزِمٍ             ضَيْقٍ أَلَفَّ، و صَدّهنّ الأَخشَبُ‏

قال ابن بري: صواب إِنشاده‏
         و مُقامِهنَّ ...


، بالخفض على القَسَم لأَنه أَقسم بالبُدْن التي حُبِسْن بِمَأْزِمٍ أَي بمَضِيق، و أَلَفَّ: مُلْتَفّ، و الأَخْشَبُ: جبل،

17
لسان العرب12

أزم ص 16

و المَأْزِمُ: مَضِيقُ الوادي في حُزُونةٍ. و مَآزِمُ الأَرض: مَضايِقها تلْتَقي و يتَّسِع ما وراءها و ما قُدّامها. و مآزِمُ الفَرْجِ: مَضايقه، واحدها مَأْزِم. و مأْزِمُ القِتال: موضعه إِذا ضاق، و كذلك مَأْزِمُ العَيش؛ هذه عن اللحياني، و كلُّ مَضِيق مَأْزِمٌ. و الأَزْمُ: إِغْلاق الباب. و أَزَمَ البابَ أَزْماً: أَغْلَقه. و الأَزْمُ: الإِمساك. أَبو زيد: الآزِمُ الذي ضَمَّ شفتيه. و الأَزْمُ: الصمْت. و الأَزْمُ: تركُ الأَكل و أَصله من ذلك؛ و
في الحديث: أَن عمر قال للحرث بن كَلْدة و كان طبيبَ العَرب: ما الطِّبُّ؟ فقال: هو الأَزْمُ.
و هو أَن لا تدخِل طعاماً على طعام، و فسَّره الناسُ أَنه الحِمْيَةُ و الإِمساك عن الاستكثار، و في النهاية: إِمساك الأَسْنان بعضها على بعض. و الأَزْمةُ: الأَكلة الواحدة في اليوم مرَّة كالوَجْبةِ. و
في حديث الصلاة أَنه قال: أَيُّكم المُتَكلِّم؟ فَأَزَمَ القومُ.
أَي أَمسكوا عن الكلام كما يُمسِك الصائم عن الطَّعام، قال: و منه سميت الحِمْيَةُ أَزْماً، قال: و
الرواية المشهورة: فَأَرَمَّ القوم.
بالراء و تشديد الميم؛ و منه‏
حديث السِّواك: يستعمله عند تَغَيُّر الفَمِ، من الأَزْمِ.
و أَزِيمٌ: جبل بالبادية.
أسم:
أُسامَةُ: من أَسماء الأَسد، لا يَنْصرِف. و أُسامة: اسم رجل من ذلك؛ فأَما قوله:
         و كأَنِّي في فَحْمة ابن جَمِيرٍ             في نِقابِ الأُسامةِ السِّرْداحِ‏

فإِنه زاد اللام كقوله:
و لقد نَهَيتُك عن بَنات الأَوْبرِ


و أَما قوله:
عَيْنُ بَكِّي لِسَامةَ بن لُؤَيٍّ             عَلِقَتْ ساقَ سامةَ العَلَّاقهْ «1».

فإِنه أَراد بقوله لِسامةَ لأُسامة، فحذف الهمز. قال ابن السكيت: يقال هذا أُسامةُ، و هو الأَسدُ، و هو مَعْرِفة؛ قال زهير يَمْدح هَرِم بن سِنان:
و لأَنْت أَشْجَعُ من أُسامة، إِذ             دُعِيَتْ نزَالِ، و لُجَّ في الذُّعْرِ

و أَما الاسم فنذكره في المعتلّ لأَن الأَلف زائدة. قال ابن بري: و أَما أَسماءُ اسم امرأَة فمختلَف فيها، فمنهم مَن يجعلها فَعلاء و الهمزة فيها أَصْل، و منهم مَن يجعلُها بَدلًا من واو و أَصْلُها عندهم وَسْماء، و منهم مَن يجعل همزتها قطعاً زائدة و يجعلها جمعَ اسم سميت به المرأَة، قال: و يقوّي هذا الوجه قولهم في تصغيرها سُمَيَّة، و لو كانت الهمزة فيها أَصْلًا لم تحذَف.
أضم:
الأَضَمُ: الحِقْدُ و الحسَدُ و الغضَبُ، و يجمع على أَضَماتٍ؛ قال ابن بري: شاهده قول الشاعر:
و باكَرَا الصَّيْدَ بحَدٍّ و أَضَمْ،             لن يَرْجِعا أَو يَخْضِبا صَيْداً بِدَمْ‏

و أَضِمَ عليه، بالكسر، يَأْضَمُ أَضَماً: غضب؛ و أَنشد ابن بري:
فُرُحٌ بالخَيْر إِنْ جاءَهُمُ،             و إِذا ما سُئِلُوه أَضِمُوا

قال العجاج:
و رأْس أَعْداءٍ شديد أَضَمُهْ‏


__________________________________________________
 (1). قوله [و أما قوله‏
         عين بكي ...

إلخ‏] هذا البيت من قصيدة لأعرابية ترثي بها أسامة و لها حكاية ذكرت في مادة فوق فانظرها.

18
لسان العرب12

أضم ص 18

و
في حديث نَجْران «1»
: و أَضِمَ عليه أَخوه كُرْزُ بنُ عَلْقَمَة حتى أَسلم.
يقال: أَضِمَ الرجل، بالكسر، يَأْضَمُ أَضَماً إِذا أَضْمَر حِقْداً لا يستطيع أَن يُمْضِيَه؛ و
في حديث آخر: فَأَضِمُوا عليه.
و أَضِمَ به أَضَماً، فهو أَضِمٌ: عَلِقَ به. و أَضِمَ الفحل بالشُّوَّل: عَلِقَ بها يَطْرُدها و يَعَضُّها و أَضِم الرجل بأَهله كذلك. و إِضَمٌ: موضع؛ قال النابغة:
و احْتَلَّت الشَّرْعَ فالأَجْراعَ من إِضَما


و إِضَمٌ، بكسر الهمزة: اسم جبل؛ قال الراجز يصف ناراً:
نَظَرْت و العَيْنُ مُبينة التَّهَمْ             إِلى سَنا نارٍ، وقُودُها الرَّتَمْ،
شُبَّتْ بأَعلى عانِدَيْن من إِضَمْ‏


قال ابن بري: و قد جاء غير مصروف، و أَنشد بيت النابغة. و في بعض الأَحاديث ذِكْر إِضَمٍ، و هو بكسر الهمزة و فتح الضاد، اسم جبل، و قيل: موضع.
أطم:
الأُطُم: حِصْنٌ مَبْنِيٌّ بحجارة، و قيل: هو كل بيت مُرَبَّع مُسَطَّح، و قيل: الأُطْم مثل الأَجّم، يخفف و يثقَّل، و الجمع القليلُ آطامٌ و آجامٌ؛ قال الأَعشى:
فإِمَّا أَتَتْ آطامَ جَوٍّ و أَهلَه،             أُنِيخَت فأَلقَتْ رَحْلَها بِفِنائكا

و الكثير أُطُومٌ، و هي حُصون لأَهل المدينة؛ قال أَوْس بن مَغْراء السعدي:
بَثَّ الجُنودَ لهم في الأَرض يَقْتُلُهم،             ما بين بُصْرى إِلى آطامِ نَجْرانا

و الواحدة أَطَمة مثل أَكَمَة؛ و باليمن حِصْن يُعرف بأُطُم الأَضْبطِ، و هو الأَضْبط بن قُرَيْع بن عوف بن سعد بن زيد مَناة، كان أَغار على أَهْل صَنْعاء و بَنَى بها أُطُماً و قال:
و شَفَيْتُ نَفْسِي، من ذوِي يَمَنٍ،             بالطَّعْنِ في اللَّبَّات و الضربِ‏
قَتَّلتهمْ و أَبَحْتُ بَلْدَتَهم،             و أَقَمْتُ حَوْلًا كامِلًا أَسْبي‏
و بَنَيْتُ أُطْماً في بلادهم،             لأُثَبِّت التَّقْهِيرَ بالغَصْبِ‏

ابن سيدة و غيره: الأُطْم حِصْن مَبْنِيٌّ. ابن الأَعرابي: الأُطُوم القُصور. و
في حديث بلال: أَنه كان يؤذِّن على أُطْمٍ.
؛ الأُطْم، بالضم: بناء مرتفع، و جمعه آطام. و
في الحديث: حتى تَوارَتْ بآطامِ المدينة.
يعني بأَبنيتها المرتفعة كالحُصون. ابن بُزُرْج: أَطَمْت على البَيْت أَطْماً أَي أَرْخَيْت سُتورَه. و التَّأْطِيمُ في الهَوْدَج: أَن يُسَتَّر بثياب، يقال: أَطَّمْته تَأْطِيماً؛ و أَنشد:
تدخل جَوْزَ الهَوْدَجِ المُؤَطَّمِ‏


و أَزَمَ بيده و أَطَمَ إِذا عضَّ عليها. و أَطَمْت أُطوماً إِذا سكتّ. أَبو عمرو: التَّأَطُّم سكوت الرجل على ما في نفسه. و أَطَمْتُ البئر أَطْماً: ضَيَّقْت فاها. و تأَطُّمُ الليل: ظُلْمته و أَطِمَ أَطَماً: غضِب. و تَأَطَّم فلان تأَطُّماً إِذا غضِب. و فلان يتأَطَّم على فلان: مثل يَتَأَجَّم. و أَطِمَ أَطَماً: انضمَّ. و الأُطامُ و الإِطامُ: حصْر البَعير و الرجُل، و هو أَن لا يَبُول و لا يَبْعَر من داءٍ، و قد أَطِمَ أَطَماً
__________________________________________________
 (1). قوله [و في حديث نجران إلخ‏] عبارة النهاية: و في حديث وفد نجران و أضم عليها منه أخوه إلخ.

19
لسان العرب12

أطم ص 19

و أُطِمَ أَطْماً و أُطِمَ عليه. و يقال للرجل إِذا عَسُر عليه بُروزُ غائطِه: قد أُطِم أَطْماً، و أْتُطِمَ ائتِطاماً. و يقال: أَصابه أُطامٌ و إِطامٌ إِذا احتبس بَطْنُه. و بعير مَأْطُومٌ و قد أُطِمَ إِذا لم يَبُل من داءٍ يكون به. الجوهري: الأُطامُ، بالضم، احتباس البول، تقول منه: أُؤْتُطِمَ على الرجل؛ و أَنشد ابن بري:
تَمْشي من التَّحْفِيلِ مَشْيَ المُؤْتَطِمْ‏


قال: و قال عبد الواحد التَّأَطُّم امتناع النَّجْوِ، قال: و قال أَبو عمرو المُؤَطَّم المكسر بالتراب؛ و أَنشد لعياض بن درَّة:
إِذا سَمِعتْ أَصْوات لأْمٍ من المَلا،             بَكَتْ جَزَعاً من تحت قَبرٍ مُؤَطَّمِ‏

و الأَطِيمةُ: مَوْقِدُ النار، و جمعها أَطائم؛ قال الأَفْوَهُ الأَوْديّ:
في مَوْطِنٍ ذَرِبِ الشَّبا، فكأَنَّما             فيه الرِّجالُ على الأَطائِم و اللَّظى‏

شمر: الأَطِيمةُ توثق الحمام بالفارسية. ابن شميل: الأَتُّون و الأَطيمة الداستورن «1». و الأَطُوم: سمكة في البحر يقال لها المَلِصَةُ و الزَّالِخَة. و الأَطُومُ: السُّلَحْفاة البحريّة، و في المحكم: سُلَحْفاة بَحْريّة غليظة الجلْد في البَحْر يُشَبَّه بها جِلْد البعير الأَمْلَس، و تُتَّخذ منها الخفاف للجَمّالين و تُخْصَفُ بها النِّعال؛ قال الشمَّاخ «2»:
و جِلْدُها من أَطُومٍ ما يُؤَيِّسهُ             طِلْحٌ، بضاحِية البَيْداء، مَهْزُولُ‏

و قيل: الأَطُوم القُنْفُذُ. و الأَطُوم: البَقَرةُ، قيل: إِنما سُمِّيت بذلك على التَّشْبيه بالسَّمَكة لغِلَظ جِلْدها؛ و أَنشد الفارسي:
كأَطُومٍ فَقَدَتْ بُرْغُزَها،             أَعْقبَتْها الغُبْسُ منها نَدَما
غَفَلَتْ ثم أَتَتْ تَطْلُبُه،             فإِذا هي بِعِظام وَ دَما

و في قصيدة كعب بن زُهَير يمدح سيدَنا رسولَ الله، صلى الله عليه و سلم:
و جِلْدُها من أَطُوم لا يُؤَيِّسُهُ‏


قال ابن الأَثير: الأَطُومُ الزَّرافةُ يَصِفُ جِلْدها بالقُوَّة و المَلاسَةِ، لا يُؤَيِّسه: لا يُؤَثِّر فيه. و الأَطِيمُ: شحْم و لَحْم يُطْبخ في قِدْرٍ سُدَّ فَمُها. الفراء: السِّنَّوْرُ يَتَأَطَّمُ و يَتَحَدَّم للصَّوْت الذي في صَدْره. و تَأَطَّم السَّيْلُ إِذا ارتفعت في وَجْهه طَحَماتٌ كالأَمْواج ثم يكسَّر بعضها على بعض؛ قال رؤبة:
إِذا ارْتَمَى في وَأْدِه تَأَطُّمُهْ‏


وَأْدُه: صَوْتُه.
أكم:
الأَكَمَةُ: معروفة، و الجمع أَكَماتٌ و أَكَمٌ، و جمع الأَكَمِ إِكامٌ مثل جَبَلٍ و جِبالٍ، و جمع الإِكامِ أُكُم مثل كتابٍ و كُتُبٍ، و جمع الأُكُم آكامٌ مثل عُنُقٍ و أَعْناقٍ، كما تقدّم في جمع تَمْرة. قال: يقال أَكمة و أَكَم مثل ثَمَرة و ثَمَر، و جمع أَكَمَةٍ أُكُم كخَشَبَة و خُشُبٍ، و إِكام كرَحَبةٍ و رِحاب، و يجوز أَن يكون آكام كجَبَل و أَجْبالٍ، غيره: الأَكَمَةُ تَلٌّ من القُفِّ و هو حَجر واحد.
__________________________________________________
 (1). قوله [شمر الأطيمة إلى قوله الداستورن‏] مثله في التهذيب إلا أن لفظ توثق الحمام منقوط في التهذيب هكذا و في الأصل من غير نقط، و قوله الداستورن هو في الأصل هكذا و في التهذيب الداشوزن.
 (2). هذا البيت لكعب بن زهير لا للشماخ، و في القصيدة: بضاحية المتنين بدل بضاحية البيداء.

20
لسان العرب12

أكم ص 20

ابن سيدة الأَكَمَة القُفُّ من حجارة واحدة، و قيل: هو دون الجبال، و قيل: هو الموضع الذي هو أَشدُّ ارتفاعاً ممَّا حَوْلَه و هو غليظ لا يبلغ أَن يكون حَجَراً، و الجمع أَكَمٌ و أُكُمٌ و أُكْمٌ و إِكامٌ و آكامٌ و آكُمٌ كأَفْلُسٍ؛ الأَخيرة عن ابن جني. ابن شميل: الأَكَمَةُ قُفٌّ غير أَن الأَكَمةَ أَطْول في السماء و أَعظم. و يقال: الأَكَمُ أَشْرافٌ في الأَرض كالرَّوابي. و يقال: هو ما اجتمع من الحِجارة في مكانٍ واحد، فَرُبَّما غَلُظَ و ربما لم يَغْلُظ. و يقال: الأَكَمَةُ ما ارتَفَعَ عن القُفِّ مُلَمْلَمٌ مُصَعَّدٌ في السماء كثير الحجارة. و روى ابن هانئ عن زَيْد بن كَثْوة أَنه قال: من أَمثالهم: حَبَسْتُموني و وَراء الأَكَمَةِ ما وَراءها؛ قالَتْها امرأَة كانت واعَدَتْ تَبَعاً لها أَن تأْتِيَهُ وراء الأَكَمة إِذا جَنَّ رُؤْيٌ رُؤْياً، فَبَيْنا هي مُعِيرةٌ في مَهْنَة أَهْلِها إِذ نَسَّها شَوْقٌ إِلى مَوْعِدها و طال عليها المُكْث و ضَجِرت «1».، فخرج منها الذي كانت لا تريد إِظْهارَه و قالت: حَبَسْتُموني و وَراء الأَكَمة ما وَراءها يقال ذلك عند الهُزْء بكل مَنْ أَخبر عن نفسه ساقِطاً مَا لا يريد إِظْهارَه. و اسْتَأْكَم الموضعُ: صار أَكَماً؛ قال أَبو نخيلة:
بين النَّقَا و الأَكَم المُسْتَأْكِمِ‏


و
في حديث الاسْتِسْقاء: على الإِكامِ و الظِّرابِ و مَنابتِ الشجَرِ.
؛ الإِكامُ: جمع أَكَمة و هي الرابِيَة. و المَأْكَمَةُ: العَجِيزةُ. و المَأْكَمان و المَأْكَمَتان: اللَّحْمَتان اللتان على رُؤوس الوَرِكَيْن، و قيل: هما بَخَصَتان مُشْرِفتان على الحَرْقَفَتَيْنِ، و هما رُؤوس أَعالي الوَرِكَيْن عن يمين و شمال، و قيل: هما لَحْمتان وَصَلَتا ما بين العَجُز و المَتْنَيْن، و الجمع المَآكِمُ؛ قال:
إِذا ضَرَبَتْها الرِّيح في المِرْطِ أَشْرَفَتْ             مَآكِمُها، و الزُّلُّ في الرِّيحِ تُفْضَحُ‏

و قد يُفْرَد فيقال مَأْكَمٌ و مَأْكِمٌ و مَأْكَمَةٌ و مَأْكِمَةٌ؛ قال:
أَرَغْت به فَرْجاً أَضاعَتْه في الوَغى،             فَخَلَّى القُصَيْرى بين خَصْر و مَأْكَمِ‏

و حكى اللحياني: إِنه لعَظيمُ المَآكِمِ كأنهم جعلوا كل جزء منه مَأْكَماً. و
في حديث أَبي هريرة: إِذا صَلَّى أَحدُكم فلا يَجْعل يَدَهُ على مَأْكَمتَيْه.
؛ قال ابن الأَثير: هما لَحْمتان في أَصل الوَرِكَيْن، و قيل: بين العَجُز و المَتْنَيْن، قال: و تفتح كافُها و تكْسَر؛ و منه‏
حديث المُغِيرة: أَحْمَر المَأْكَمَةِ.
؛ قال ابن الأَثير: لم يرد حُمْرة ذلك الموضع بعينه، و إِنما أَراد حُمْرَة ما تحتها من سَفِلَته، و هو ما يُسَبُّ به فَكَنَى عنها بها؛ و مثله قولهم في السَّبِّ: يا ابن حَمْراء العِجَانِ و مَرْأَة مُؤَكِّمَةٌ: عظيمة المَأْكِمَتَيْن. و أُكِمَتِ الأَرضُ: أُكِلَ جميعُ ما فيها. و إِكامٌ: جبل بالشام؛ و روي بيت إمرئ القيس:
بين حامِرٍ و بين إِكام «2»


__________________________________________________
 (1). قوله [و ضجرت‏] في التهذيب: و صخبت.
 (2). قوله [بين حامر] عبارة ياقوت معجمه بعد أن ذكر أن حامراً عدّة مواضع: و حامراً أيضاً واد في رمال بني سعد، و حامر أيضاً موضع في ديار غطفان، و لا أدري أيهما أراد إمرؤ القيس بقوله:
أ حار ترى برقاً أريك وميضه             كلمع اليدين في حيّ مكلل‏
قعدت له و صحبتي بين حامر             و بين إكام بعد ما متأمل‏


و قال عند التكلم على إِكام بكسر الهمزة موضع بالشام، و أنشد البيت الثاني و يروى أيضاً: بين ضارجٍ و بين العُذيب بدل بين حامر و بين إِكام.

21
لسان العرب12

أكم ص 20

ألم:
الأَلَمُ: الوجَعُ، و الجمع آلامٌ. و قد أَلِمَ الرجلُ يَأْلَمُ أَلَماً، فهو أَلِمٌ. و يُجْمَعُ الأَلَمُ آلاماً، و تَأَلَّم و آلَمْتُه. و الأَلِيمُ: المُؤلِمُ المُوجِعُ مثل السَّمِيع بمعنى المُسْمِع؛ و أَنشد ابن بري لذي الرمة:
يَصُكُّ خُدُودَها وهَجٌ أَلِيمُ‏


و العَذاب الأَلِيمُ: الذي يَبْلغ إِيجاعُهُ غاية البلوغ، و إِذا قلت عَذاب أَلِيمٌ فهو بمعنى مُؤلِم، قال: و مثله رجل وجِع. و ضرْب وَجِع أَي مُوجِع. و تَأَلَّم فلان من فلان إِذا تَشَكَّى و تَوَجَّع منه. و التَّأَلُّم: التَّوجُّع. و الإِيلامُ: الإِيجاعُ. و أَلِمَ بَطنَه: من باب سَفِه رأْيَه. الكسائي: يقال أَلِمْت بطنَك و رَشِدْت أَمْرَك أَي أَلِمَ بَطنُك و رَشِدَ أَمْرُك، و انتِصاب قوله بَطْنَك عند الكسائي على التفسير، و هو معرفة، و المُفَسرات نَكرات كقولك قَرِرْت به عَيْناً و ضِقْتُ به ذَرْعاً، و ذلك مذكور عند قوله عز و جل: إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ، قال: و وجه الكلام أَلِمَ بَطْنُه يَأْلَم أَلَماً، و هو لازم فَحُوِّل فِعْلُه إِلى صاحب البَطْن، و خَرَج مُفَسّراً في قوله أَلِمْتَ بَطْنَك. و الأَيْلَمَةُ: الأَلمُ. و يقال: ما أَخذ أَيْلمةً و لا أَلماً، و هو الوجَع. و قال ابن الأَعرابي: ما سمعت له أَيْلمةً أَي صَوْتاً. و قال شمر عنه: ما وَجَدْت أَيلمةً و لا أَلَماً أَي وَجَعاً. و قال أَبو عمرو: الأَيْلمةُ الحَركة؛ و أَنشد:
فما سمعت بعد تلك النَّأَمَهْ             منها و لا مِنْهُ، هناك، أَيْلمهْ‏

قال الأَزهري: و قال شمر تقول العرب أَما و الله لأُبِيتَنَّك على أَيْلَمَةٍ، و لأَدَعَنَّ نَوْمَك تَوْثاباً، و لأُثئِدَنَّ مَبْرَكَك، و لأُدْخِلنَّ صَدْرك غمَّة: كلُّه في إِدْخال المشقَّة عليه و الشدَّة. و أَلُومةُ: موضع؛ قال صَخْر الغيّ:
القَائد الخَيْلَ من أَلومَةَ أَو             من بَطْن وادٍ، كأَنها العجَدُ «1».

و في التهذيب: و
يَجْلُبُوا الخَيْلَ من أَلُومَةَ أَوْ             من بَطْنِ عَمْقٍ، كأَنَّها البُجُدُ

أمم:
الأَمُّ، بالفتح: القَصْد. أَمَّهُ يَؤُمُّه أَمّاً إِذا قَصَدَه؛ و أَمَّمهُ و أْتَمَّهُ و تَأَمَّمَهُ و يَمَّه و تَيَمَّمَهُ، الأَخيرتان على البَدل؛ قال:
فلم أَنْكُلْ و لم أَجْبُنْ، و لكنْ             يَمَمْتُ بها أَبا صَخْرِ بنَ عَمرو

و يَمَّمْتُه: قَصَدْته؛ قال رؤبة:
أَزْهَر لم يُولَدْ بنَجْم الشُّحِّ،             مُيَمَّم البَيْت كَرِيم السِّنْحِ «2».

و تَيَمَّمْتُهُ: قَصَدْته. و
في حديث ابن عمر: مَن كانت فَتْرَتُهُ إِلى سُنَّةٍ فَلِأَمٍّ ما هو.
أَي قَصْدِ الطريق المُسْتقيم. يقال: أَمَّه يَؤمُّه أَمّاً، و تأَمَّمَهُ و تَيَمَّمَه. قال: و يحتمل أَن يكون الأَمُّ أُقِيم مَقام المَأْمُوم أَي هو على طريق ينبغي أَن يُقْصد، و إِن كانت الرواية بضم الهمزة، فإِنه يرجع إِلى أَصله «3». ما هو
__________________________________________________
 (1). قوله [قال صخر الغيّ‏] أنشده في ياقوت هكذا:
هم جلبوا الخيل من ألومة أو             من بطن عمق كأنها البجد


جمع بجاد و هو كساء مخطط انتهى. و تقدم للمؤلف في مادة عجد بغير هذه الأَلفاط.
 (2). قوله [أزهر إلخ‏] تقدم في مادة سنح على غير هذا الوجه.
 (3). قوله [إلى أصله إلخ‏] هكذا في الأصل و بعض نسخ النهاية و في بعضها إلى ما هو بمعناه بإسقاط لفظ أصله.

22
لسان العرب12

أمم ص 22

بمعناه؛ و منه‏
الحديث: كانوا يَتَأَمَّمُون شِرارَ ثِمارِهم في الصدَقة.
أَي يَتَعَمَّدون و يَقْصِدون، و
يروى يَتَيَمَّمون.
و هو بمعناه؛ و منه‏
حديث كعب بن مالك: و انْطَلَقْت أَتَأَمَّمُ رسول الله، صلى الله عليه و سلم.
و
في حديث كعب بن مالك: فتَيمَّمت بها التَّنُّور.
أَي قَصَدت. و
في حديث كعب بن مالك: ثم يُؤمَرُ بأَمِّ الباب على أَهْلِ النار فلا يخرج منهم غَمٌّ أَبداً.
أَي يُقْصَد إِليه فَيُسَدُّ عليهم. و تَيَمَّمْت الصَّعيد للصلاة، و أَصلُه التَّعَمُّد و التَّوَخِّي، من قولهم تَيَمَّمْتُك و تَأَمَّمْتُك. قال ابن السكيت: قوله: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً*
، أَي اقْصِدوا لصَعِيد طيِّب، ثم كَثُر استعمالُهم لهذه الكلِمة حتى صار التَّيَمُّم اسماً علَماً لِمَسْح الوَجْه و اليَدَيْن بالتُّراب. ابن سيدة: و التَّيَمُّم التَّوَضُّؤ بالتُّراب على البَدل، و أَصْله من الأَول لأَنه يقصِد التُّراب فيَتَمَسَّحُ به. ابن السكيت: يقال أَمَمْتُه أَمًّا و تَيَمَّمته تَيَمُّماً و تَيَمَّمْتُه يَمامَةً، قال: و لا يعرف الأَصمعي أَمَّمْتُه، بالتشديد، قال: و يقال أَمَمْتُه و أَمَّمْتُه و تَأَمَّمْتُه و تَيَمَّمْتُه بمعنى واحد أَي تَوَخَّيْتُه و قَصَدْته. قال: و التَّيَمُّمُ بالصَّعِيد مأْخُوذ من هذا، و صار التيمم عند عَوامّ الناس التَّمَسُّح بالتراب، و الأَصلُ فيه القَصْد و التَّوَخِّي؛ قال الأَعشى:
تَيَمَّمْتُ قَيْساً و كم دُونَه،             من الأَرض، من مَهْمَهٍ ذي شزَنْ‏

و قال اللحياني: يقال أَمُّو و يَمُّوا بمعنى واحد، ثم ذكَر سائر اللغات. و يَمَّمْتُ المَرِيضَ فَتَيَمَّم للصلاة؛ و ذكر الجوهري أَكثر ذلك في ترجمة يمم بالياء. و يَمَّمْتُه بِرُمْحي تَيْمِيماً أَي تَوَخَّيْتُه و قَصَدْته دون مَن سواه؛ قال عامر بن مالك مُلاعِب الأَسِنَّة:
يَمَّمْتُه الرُّمْح صَدْراً ثم قلت له:             هَذِي المُرُوءةُ لا لِعْب الزَّحالِيقِ‏

و قال ابن بري في ترجمة يَمم: و اليَمامة القَصْد؛ قال المرَّار:
إِذا خَفَّ ماءُ المُزْن عنها، تَيَمَّمَتْ             يَمامَتَها، أَيَّ العِدادِ تَرُومُ‏

و جَمَلٌ مِئمٌّ: دَلِيلٌ هادٍ، و ناقة مِئَمَّةٌ كذلك، و كلُّه من القَصْد لأَن الدَّليلَ الهادي قاصدٌ. و الإِمَّةُ: الحالةُ، و الإِمَّة و الأُمَّةُ: الشِّرعة و الدِّين. و في التنزيل العزيز: إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى‏ أُمَّةٍ*
؛ قاله اللحياني، و روي عن مجاهد و عمر بن عبد العزيز: على إِمَّةٍ. قال الفراء: قرئ إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى‏ أُمَّةٍ*
، و هي مثل السُّنَّة، و قرئ على إِمَّةٍ، و هي الطريقة من أَمَمْت. يقال: ما أَحسن إِمَّتَهُ، قال: و الإِمَّةُ أيضاً النَّعِيمُ و المُلك؛ و أَنشد لعديّ بن زيد:
ثم، بَعْدَ الفَلاح و المُلك و الإِمَّةِ،             وارَتْهُمُ هناك القُبورُ

قال: أَراد إِمامَة المُلك و نَعِيمه. و الأُمَّةُ و الإِمَّةُ: الدِّينُ. قال أَبو إِسحق في قوله تعالى: كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ‏
، أي كانوا على دينٍ واحد.
قال أَبو إِسحق: و قال بعضهم في معنى الآية: كان الناس فيما بين آدم و نوح كُفّاراً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ يُبَشِّرون من أَطاع بالجنة و يُنْذِرون من عَصى بالنار.
و
قال آخرون: كان جميع مَن مع نوح في السفينة مؤمناً ثم تفرَّقوا من بعد عن كُفر فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ.
و
قال آخرون: الناسُ كانوا كُفّاراً فَبَعَثَ اللَّهُ إبراهيم و النَّبِيِّينَ من بعدهِ.
قال‏

23
لسان العرب12

أمم ص 22

أَبو منصور «1»: فيما فسَّروا يقع على الكُفَّار و على المؤمنين. و الأُمَّةُ: الطريقة و الدين. يقال: فلان لا أُمَّةَ له أَي لا دِينَ له و لا نِحْلة له؛ قال الشاعر:
و هَلْ يَسْتَوي ذو أُمَّةٍ و كَفُورُ؟


و قوله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ
؛ قال الأَخفش: يريد أَهْل أُمّةٍ أَي خير أَهْلِ دينٍ؛ و أَنشد للنابغة:
حَلَفْتُ فلم أَتْرُكْ لِنَفْسِك رِيبةً،             و هل يأْثَمَنْ ذو أُمَّةٍ و هو طائعُ؟

و الإِمَّةُ: لغة في الأُمَّةِ، و هي الطريقة و الدينُ. و الإِمَّة: النِّعْمة؛ قال الأَعشى:
و لقد جَرَرْتُ لك الغِنى ذا فاقَةٍ،             و أَصاب غَزْوُك إِمَّةً فأَزالَها

و الإِمَّةُ: الهَيْئة؛ عن اللحياني. و الإِمَّةُ أَيضاً: الحالُ و الشأْن. و قال ابن الأَعرابي: الإِمَّةُ غَضارةُ العَيش و النعْمةُ؛ و به فسر
قول عبد الله بن الزبير، رضي الله عنه:
فهلْ لكُمُ فيكُمْ، و أَنْتُم بإِمَّةٍ             عليكم عَطاءُ الأَمْنِ، مَوْطِئُكم سَهْلُ.


و الإِمَّةُ، بالكسر: العَيْشُ الرَّخِيُّ؛ يقال: هو في إِمَّةٍ من العَيْش و آمَةٍ أَي في خِصْبٍ. قال شمر: و آمَة، بتخفيف الميم: عَيْب؛ و أَنشد:
مَهْلًا، أَبَيْتَ اللَّعْنَ مَهْلًا             إِنَّ فيما قلتَ آمَهْ‏

و يقال: ما أَمّي و أَمُّه و ما شَكْلي و شَكله أَي ما أَمْري و أَمْره لبُعْده مني فلِمَ يَتعرَّض لي؟ و منه قول الشاعر:
فما إِمِّي و إِمُّ الوَحْشِ لَمَّا             تَفَرَّعَ في ذُؤابَتِيَ المَشيبُ‏

يقول: ما أَنا و طَلَب الوَحْش بعد ما كَبِرْت، و ذكر الإِمِّ حَشْو في البيت؛ قال ابن بري: و رواه بعضهم و ما أَمِّي و أَمُّ الوَحْش، بفتح الهمزة، و الأَمُّ: القَصْد. و قال ابن بُزُرْج: قالوا ما أَمُّك و أَمّ ذات عِرْق أَي أَيْهاتَ منك ذاتُ عِرْق. و الأَمُّ: العَلَم الذي يَتْبَعُه الجَيْش ابن سيدة: و الإِمَّة و الأُمَّة السُّنَّةُ. و تَأَمَّم به و أْتَمَّ: جعله أَمَّةً. و أَمَّ القومَ و أَمَّ بهم: تقدَّمهم، و هي الإِمامةُ. و الإِمامُ: كل من ائتَمَّ به قومٌ كانوا على الصراط المستقيم أَو كانوا ضالِّين. ابن الأَعرابي في قوله عز و جل: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ‏
، قالت طائفة: بكتابهم، و قال آخرون: بنَبيّهم و شَرْعهم، و قيل: بكتابه الذي أَحصى فيه عَمَله. و سيدُنا رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، إِمامُ أُمَّتِه، و عليهم جميعاً الائتمامُ بسُنَّته التي مَضى عليها. و رئيس القوم: أَمُّهم. ابن سيدة: و الإِمامُ ما ائْتُمَّ به من رئيسٍ و غيرِه، و الجمع أَئِمَّة. و في التنزيل العزيز: فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ
، أَي قاتِلوا رؤساءَ الكُفْر و قادَتَهم الذين ضُعَفاؤهم تَبَعٌ لهم. الأَزهري: أَكثر القُراء قَرَؤوا أَيِمَّة الكُفْرِ، بهمزة واحدة، و قرأَ بعضهم أَئِمَّةَ، بهمزتين، قال: و كل ذلك جائز. قال ابن سيدة: و كذلك قوله تعالى: و جَعلْناهم أَيِمَّةً يَدْعون إِلى النارِ، أَي مَن تَبِعَهم فهو في النار يوم القيامة، قُلبت الهمزة ياء لثِقَلها لأَنها حرف سَفُل في الحَلْق و بَعُد
__________________________________________________
 (1). قوله [قال أبو منصور إلخ‏] هكذا في الأصل، و لعله قال أبو منصور الأمة فيما فسروا إلخ.

24
لسان العرب12

أمم ص 22

عن الحروف و حَصَل طرَفاً فكان النُّطْق به تكَلُّفاً، فإِذا كُرِهت الهمزة الواحدة، فَهُمْ باسْتِكْراه الثِّنْتَيْن و رَفْضِهما لا سِيَّما إِذا كانتا مُصْطَحِبتين غير مفرَّقتين فاءً و عيناً أَو عيناً و لاماً أَحرى، فلهذا لم يأْت في الكلام لفظةٌ توالتْ فيها هَمْزتان أَصلًا البتَّة؛ فأَما ما حكاه أَبو زيد من قولهم دَريئة و دَرائئٌ و خَطيئة و خَطائيٌ فشاذٌّ لا يُقاس عليه، و ليست الهمزتان أَصْلَين بل الأُولى منهما زائدة، و كذلك قراءة أَهل الكوفة أَئِمَّةً، بهمزتين، شاذ لا يقاس عليه؛ الجوهري: الإِمامُ الذي يُقْتَدى به و جمعه أَيِمَّة، و أَصله أَأْمِمَة، على أَفْعِلة، مثل إِناء و آنِيةٍ و إِلَه و آلِهةٍ، فأُدغمت الميم فنُقِلَت حركتُها إلى ما قَبْلَها، فلما حَرَّكوها بالكسر جعلوها ياء، و قرئ أَيِمَّة الكُفْر؛ قال الأَخفش: جُعلت الهمزة ياء، و قرئ أَيِمَّة الكُفْر؛ قال الأَخفش: جُعلت الهمزة ياء لأَنها في موضع كَسْر و ما قبلها مفتوح فلم يَهمِزُوا لاجتماع الهمزتين، قال: و من كان من رَأْيه جمع الهمزتين همَز، قال: و تصغيرها أُوَيْمة، لما تحرّكت الهمزة بالفتحة قلبها واواً، و قال المازني أُيَيْمَة و لم يقلِب، و إِمامُ كلِّ شي‏ء: قَيِّمُهُ و المُصْلِح له، و القرآنُ إِمامُ المُسلمين، و سَيدُنا محمد رسول الله، صلى الله عليه و سلم، إِمام الأَئِمَّة، و الخليفة إمام الرَّعِيَّةِ، و إِمامُ الجُنْد قائدهم. و هذا أَيَمُّ من هذا و أَوَمُّ من هذا أَي أَحسن إمامةً منه، قَلَبوها إِلى الياء مرَّة و إِلى الواو أُخرى كَراهِية التقاء الهمزتين. و قال أَبو إِسحق: إِذا فضَّلنا رجُلًا في الإِمامةِ قلنا: هذا أَوَمُّ من هذا، و بعضهم يقول: هذا أَيَمُّ من هذا، قال: و الأَصل في أَئمَّة أَأْمِمَة لأَنه جمع إِمامٍ مثل مِثال و أَمْثِلة و لكنَّ المِيمَيْن لمَّا اجتمعتا أُدغمت الأُولى في الثانية و أُلقيت حركتها على الهمزة، فقيل أَئِمَّة، فأَبدلت العرب من الهمزة المكسورة الياء، قال: و من قال هذا أَيَمُّ من هذا، جعل هذه الهمزة كلَّما تحركت أَبدل منها ياء، و الذي قال فلان أَوَمُّ من هذا كان عنده أَصلُها أَأَمُّ، فلم يمكنه أَن يبدل منها أَلفاً لاجتماع الساكنين فجعلها واواً مفتوحة، كما قال في جمع آدَم أَوادم، قال: و هذا هو القياس، قال: و الذي جَعَلها ياء قال قد صارت الياءُ في أَيِمَّة بدلًا لازماً، و هذا مذهب الأَخفش، و الأَول مذهب المازني، قال: و أَظنه أَقْيَس المذهَبين، فأَما أَئمَّة باجتماع الهمزتين فإِنما يُحْكى عن أَبي إِسحق، فإِنه كان يُجيز اجتماعَهما، قال: و لا أَقول إِنها غير جائزة، قال: و الذي بَدَأْنا به هو الاختيار. و يقال: إِمامُنا هذا حَسَن الإِمَّة أَي حَسَن القِيام بإِمامته إِذا صلَّى بنا. و أَمَمْتُ القومَ في الصَّلاة إِمامةً. و أْتمّ به أَي اقْتَدَى به. و الإِمامُ: المِثالُ؛ قال النابغة:
أَبوه قَبْلَه، و أَبو أَبِيه،             بَنَوْا مَجْدَ الحيَاة على إِمامِ‏

و إِمامُ الغُلام في المَكْتَب: ما يَتعلَّم كلَّ يوم. و إِمامُ المِثال: ما امْتُثِلَ عليه. و الإِمامُ: الخَيْطُ الذي يُمَدُّ على البناء فيُبْنَى عليه و يُسَوَّى عليه سافُ البناء، و هو من ذلك؛ قال:
و خَلَّقْتُه، حتى إِذا تمَّ و اسْتَوى             كَمُخَّةِ ساقٍ أَو كَمَتْنِ إِمامِ‏

أَي كهذا الخَيْط المَمْدود على البِناء في الامِّلاسِ و الاسْتِواء؛ يصف سَهْماً؛ يدل على ذلك قوله:
قَرَنْتُ بِحَقْوَيْه ثَلاثاً فلم يَزِغْ،             عن القَصْدِ، حتى بُصِّرَتْ بِدِمامِ‏

و في الصحاح: الإِمامُ خشبة البنَّاء يُسَوِّي عليها البِناء.

25
لسان العرب12

أمم ص 22

و إِمامُ القِبلةِ: تِلْقاؤها. و الحادي: إمامُ الإِبل، و إِن كان وراءها لأَنه الهادي لها. و الإِمامُ: الطريقُ. و قوله عز و جل: وَ إِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ
، أَي لَبِطريق يُؤَمُّ أَي يُقْصَد فَيُتَمَيَّز، يعني قومَ لوط و أَصحابَ الأَيكةِ. و الإِمامُ: الصُّقْعُ من الطريق و الأَرض. و قال الفراء: وَ إِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ‏
، يقول: في طَريق لهم يَمُرُّون عليها في أَسْفارِهم فَجعل الطَّريقَ إِماماً لأَنه يُؤم و يُتَّبَع. و الأَمامُ: بمعنى القُدّام. و فلان يَؤمُّ القومَ: يَقْدُمهم. و يقال: صَدْرك أَمامُك، بالرفع، إِذا جَعَلْته اسماً، و تقول: أَخوك أَمامَك، بالنصب، لأَنه صفة؛ و قال لبيد فَجَعله اسماً:
فَعَدَتْ كِلا الفَرْجَيْن تَحْسِبُ أَنه             مَوْلَى المَخافَةِ: خَلْفُها و أَمامُها «2».

يصف بَقَرة وَحْشِية ذَعَرها الصائدُ فَعَدَتْ. و كِلا فَرْجَيها: و هو خَلْفُها و أَمامُها. تَحْسِب أَنه: الهاء عِمادٌ. مَوْلَى مَخافَتِها أَي وَلِيُّ مَخافَتِها. و قال أَبو بكر: معنى قولهم يَؤُمُّ القَوْمَ أَي يَتَقَدَّمُهم، أُخِذ من الأَمامِ. يقال: فُلانٌ إِمامُ القوم؛ معناه هو المتقدّم لهم، و يكون الإِمامُ رئِيساً كقولك إمامُ المسلمين، و يكون الكتابَ، قال الله تعالى: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ‏
، و يكون الإِمامُ الطريقَ الواضحَ؛ قال الله تعالى: وَ إِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ‏
، و يكون الإِمامُ المِثالَ، و أَنشد بيت النابغة:
بَنَوْا مَجْدَ الحَياةِ على إِمامِ‏


معناه على مِثال؛ و قال لبيد:
و لكُلِّ قَوْمٍ سُنَّةٌ و إِمامُها


و الدليل: إِمامُ السَّفْر. و قوله عز و جل: وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً
؛ قال أَبو عبيدة: هو واحد يَدُلُّ على الجمع كقوله:
في حَلْقِكم عَظْماً و قد شُجِينا


و إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ. و قيل: الإِمامُ جمع آمٍّ كصاحِبٍ و صِحابٍ، و قيل: هو جمع إِمامٍ ليس على حَدِّ عَدْلٍ و رِضاً لأَنهم قد قالوا إِمامان، و إِنما هو جمع مُكَسَّر؛ قال ابن سيدة: أَنْبأَني بذلك أَبو العَلاء عن أَبي علي الفارسي قال: و قد استعمل سيبويه هذا القياسَ كثيراً، قال: و الأُمَّةُ الإِمامُ. الليث: الإِمَّةُ الائتِمامُ بالإِمامِ؛ يقال: فُلانٌ أَحقُّ بإِمَّةِ هذا المسجد من فُلان أَي بالإِمامة؛ قال أَبو منصور: الإِمَّة الهَيْئةُ في الإِمامةِ و الحالةُ؛ يقال: فلان حَسَن الإِمَّةِ أَي حَسَن الهَيْئة إِذا أَمَّ الناسَ في الصَّلاة، و قد ائتَمَّ بالشي‏ء و أْتَمَى به، على البدَل كراهية التضعيف؛ و أَنشد يعقوب:
نَزُورُ امْرأً، أَمّا الإِلَه فَيَتَّقِي،             و أَمّا بفعلِ الصَّالحين فَيَأْتَمِي‏

و الأُمَّةُ: القَرْن من الناس؛ يقال: قد مَضَتْ أُمَمٌ أَي قُرُونٌ. و أُمَّةُ كل نبي: مَن أُرسِل إِليهم من كافر و مؤمنٍ. الليث: كلُّ قوم نُسِبُوا إِلى نبيّ فأُضيفوا إِليه فَهُمْ أُمَّتُه، و قيل: أُمة محمد، صلى الله عليهم و سلم، كلُّ مَن أُرسِل إِليه مِمَّن آمَن به أَو كَفَر، قال: و كل جيل من الناس هم أُمَّةٌ على حِدَة.
__________________________________________________
 (2). قوله [فعدت كلا الفرجين‏] هو في الأصل بالعين المهملة و وضع تحتها عيناً صغيرة، و في الصحاح في مادة ولي بالغين المعجة و مثله في التكملة في مادة فرج، و مثله كذلك في معلقة لبيد.

26
لسان العرب12

أمم ص 22

و قال غيره: كلُّ جِنس من الحيوان غير بني آدم أُمَّةٌ على حِدَة، و الأُمَّةُ: الجِيلُ و الجِنْسُ من كل حَيّ. و في التنزيل العزيز: وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ‏
؛ و معنى قوله إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ‏
 في مَعْنىً دون مَعْنىً، يُريدُ، و الله أعلم، أن الله خَلَقَهم و تَعَبَّدَهُم بما شاء أن يَتَعَبَّدَهُم من تسْبيح و عِبادةٍ عَلِمها منهم و لم يُفَقِّهْنا ذلك. و كل جنس من الحيوان أُمَّةٌ. و
في الحديث: لو لا أنَّ الكِلاب أُمَّةٌ من الأُمَمِ لأَمَرْت بقَتْلِها، و لكن اقْتُلوا منها كل أَسْوَد بَهيم.
و
ورد في رواية: لو لا أنها أُمَّةٌ تُسَبِّحُ لأَمَرْت بقَتْلِها.
؛ يعني بها الكلاب. و الأُمُّ: كالأُمَّةِ؛ و
في حديث: إن أَطاعُوهما، يعني أبا بكر و عمر، رَشِدوا و رَشَدت أُمُّهم!.
و قيل، هو نَقِيضُ قولهم هَوَتْ أُمُّه، في الدُّعاء عليه، و كل مَن كان على دينِ الحَقِّ مُخالفاً لسائر الأَدْيان، فهو أُمَّةٌ وحده. و كان إبراهيمُ خليلُ الرحمن، على نبينا و عليه السلام، أُمَّةً؛ و الأُمَّةُ: الرجل الذي لا نظِير له؛ و منه قوله عز و جل: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ‏
؛ و قال أبو عبيدة: كانَ أُمَّةً
 أي إماماً. أَبو عمرو الشَّيباني: إن العرب تقول للشيخ إذا كان باقِيَ القوّة: فلان بإِمَّةٍ، معناه راجع إلى الخير و النِّعْمة لأَن بَقاء قُوّتِه من أَعظم النِّعْمة، و أصل هذا الباب كله من القَصْد. يقال: أَمَمْتُ إليه إذا قَصَدْته، فمعنى الأُمَّة في الدِّينِ أَنَّ مَقْصِدَهم مقْصِد واحد، و معنى الإِمَّة في النِّعْمة إنما هو الشي‏ء الذي يَقْصِده الخلْق و يَطْلُبونه، و معنى الأُمَّة في الرجُل المُنْفَرد الذي لا نَظِير له أن قَصْده منفرد من قَصْد سائر الناس؛ قال النابغة:
و هل يَأْثَمَنْ ذو أُمَّةٍ و هو طائعُ‏


و يروي:
... ذو إمَّةٍ ...


، فمن قال‏
... ذو أُمَّةٍ ...


فمعناه ذو دينٍ و من قال‏
... ذو إمَّةٍ ...


فمعناه ذو نِعْمة أُسْدِيَتْ إليه، قال: و معنى الأُمَّةِ القامة «1». سائر مقصد الجسد، و ليس يخرج شي‏ء من هذا الباب عن معنى أَمَمْت قَصَدْت. و قال الفراء في قوله عز و جل: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً
؛ قال: أُمَّةً
 مُعلِّماً للخَير.
و جاء رجل إلى عبد الله فسأَله عن الأُمَّةِ، فقال: مُعَلِّمُ الخير.
و الأُمَّةُ المُعَلِّم. و
يروى عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أنه قال: يُبْعَث يوم القيامة زيدُ بنُ عمرو بنِ نُفَيْل أُمَّةً على حِدَةٍ.
و ذلك أَنه كان تَبَرَّأَ من أَدْيان المشركين و آمَن بالله قبل مَبْعَث سيدِنا محمد رسول الله، صلى الله عليه و سلم. و
في حديث قُسِّ بن ساعدة: أَنه يُبْعَث يوم القيامة أُمَّةً وحْدَه.
؛ قال: الأُمَّةُ الرجل المُتَفَرِّد بدينٍ كقوله تعالى: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ‏
، و قيل: الأُمَّةُ الرجلُ الجامع للخير. و الأُمَّةُ: الحِينُ. قال الفراء في قوله عز و جل: وَ ادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ
، قال بعد حينٍ من الدَّهْرِ. و قال تعالى: وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى‏ أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ
. و قال ابن القطاع: الأُمَّةُ المُلْك، و الأُمة أَتْباعُ الأَنبياء، و الأُمّةُ الرجل الجامعُ للخير، و الأُمَّةُ الأُمَمُ، و الأُمَّةُ الرجل المُنْفَرد بدينه لا يَشْرَكُه فيه أَحدٌ، و الأُمَّةُ القامةُ و الوجهُ؛ قال الأَعشى:
و إنَّ مُعاوية الأَكْرَمِينَ             بيضُ الوُجوهِ طِوالُ الأُمَمْ‏

أي طِوالُ القاماتِ؛ و مثله قول الشَّمَرْدَل بن شريك اليَرْبوعي:
طِوال أَنْصِية الأَعْناقِ و الأُمَمِ‏


__________________________________________________
 (1). و قوله [و معنى الأُمة القامة إلخ‏] هكذا في الأَصل.

27
لسان العرب12

أمم ص 22

قال: و يروى البيت للأَخْيَلِيَّة. و يقال: إنه لحسَنُ الأُمَّةِ أي الشَّطاطِ. و أُمَّةُ الوجه: سُنَّته و هي مُعظَمه و مَعْلم الحُسْن منه. أبو زيد: إنه لَحَسن أُمَّة الوجه يَعْنُون سُنَّته و صُورَته. و إنه لَقَبيحُ أُمَّةِ الوجه. و أُمَّة الرجل: وَجْهُه و قامَتُه. و الأُمَّة: الطاعة. و الأُمَّة: العالِم. و أُمَّةُ الرجل: قومُه. و الأُمَّةُ: الجماعة؛ قال الأَخفش: هو في اللفظ واحد و في المعنى جَمْع، و قوله‏
في الحديث: إنَّ يَهُودَ بَني عَوْفٍ أُمَّةٌ من المؤْمنين.
يريد أَنهم بالصُّلْح الذي وقَع بينهم و بين المؤْمنين كجماعةٍ منهم كلمَتُهم و أيديهم واحدة. و أُمَّةُ الله: خلْقه: يقال: ما رأَيت من أُمَّةِ الله أَحسنَ منه. و أُمَّةُ الطريق و أُمُّه: مُعْظَمُه. و الأُمَمُ: القَصْد الذي هو الوسَط. و الأَمَمُ: القُرب، يقال: أَخذت ذلك من أَمَمٍ أي من قُرْب. و داري أَمَمُ دارِه أي مُقابِلَتُها. و الأَمَمُ: اليسير. يقال: داركم أَمَمٌ، و هو أَمَمٌ منك. و كذلك الاثنان و الجمع. و أمْرُ بَني فُلان أَمَمٌ و مُؤامٌّ أي بيّنٌ لم يجاوز القدر. و المؤَامُّ، بتشديد الميم: المقارب، أُخِذ من الأَمَم و هو القرب؛ يقال: هذا أَمْرٌ مؤَامٌّ مثل مُضارٍّ. و يقال للشي‏ء إذا كان مُقارِباً: هو مُؤامٌّ. و
في حديث ابن عباس: لا يَزال أَمْرُ الناس مُؤَامّاً ما لم يَنْظروا في القَدَرِ و الوِلْدان.
أي لا يَزال جارياً على القَصْد و الاستقامة. و المُؤَامُّ: المُقارَب، مُفاعَل من الأَمِّ، و هو القَصْد أَو من الأَمَمِ القرب، و أَصله مُؤامَم فأُدْغِم. و منه‏
حديث كعب: لا تَزال الفِتْنة مُؤامّاً بها ما لم تبْدأْ من الشام.
؛ مُؤَامٌّ هنا: مُفاعَل، بالفتح، على المفعول لأَن معناه مُقارَباً بها، و الباء للتعدية، و
يروى مُؤَمّاً.
بغير مدٍّ. و المُؤَامٌّ: المُقارِب و المُوافِق من الأَمَم، و قد أَمَّهُ؛ و قول الطرِمّاح:
مثل ما كافَحْتَ مَحْزُوبَةً             نَصَّها ذاعِرُ وَرْعٍ مُؤَامْ‏

يجوز أَن يكون أَراد مُؤَامٌّ فحذف إحدى الميمين لالتقاء الساكنين، و يجوز أن يكون أَراد مُؤَامٌّ فأَبدل من الميم الأَخيرة ياء فقال: مُؤَامي ثم وقف للقافية فحذف الياء فقال: مُؤَامْ، و قوله: نَصَّها أي نَصَبَها؛ قال ثعلب: قال أَبو نصر أَحسنُ ما تكون الظَّبْية إذا مَدَّت عُنُقَها من رَوْعٍ يَسير، و لذلك قال مؤَامْ لأَنه المُقاربُ اليَسير. قال: و الأَمَمُ بين القريب و البعيد، و هو من المُقارَبة. و الأَمَمُ: الشي‏ءُ اليسير؛ يقال: ما سأَلت إلا أَمَماً. و يقال: ظلَمْت ظُلْماً أَمَماً؛ قال زهير:
كأَنّ عَيْني، و قد سال السَّلِيلُ بهم،             وَ جِيرة ما هُمُ لَوْ أَنَّهم أَمَمُ‏

يقول: أيّ جيرةٍ كانوا لو أنهم بالقرب مِنِّي. و هذا أمْر مُؤَامٌّ أي قَصْدٌ مُقارب؛ و أَنشد الليث:
تَسْأَلُني بِرامَتَيْنِ سَلْجَما،             لو أنها تَطْلُب شيئاً أَمَما

أراد: لو طَلَبَت شيئاً يقْرُب مُتَناوَله لأَطْلَبْتُها، فأَما أن تَطْلُب بالبلدِ السَّباسِبِ السَّلْجَمَ فإنه غير مُتَيَسِّر و لا أَمَمٍ. و أُمُّ الشي‏ء: أَصله. و الأُمُّ و الأُمَّة: الوالدة؛ و أَنشد ابن بري:
تَقَبَّلَها من أُمَّةٍ، و لَطالما             تُنُوزِعَ، في الأَسْواق منها، خِمارُها

28
لسان العرب12

أمم ص 22

و قال سيبويه «1» ..... لإِمِّك؛ و قال أيضاً:
اضْرِب الساقَيْنِ إمِّك هابِلُ‏


قال فكسَرهما جميعاً كما ضم هنالك، يعني أُنْبُؤُك و مُنْحُدُر، و جعلها بعضهم لغة، و الجمع أُمَّات و أُمّهات، زادوا الهاء، و قال بعضهم: الأُمَّهات فيمن يعقل، و الأُمّات بغير هاء فيمن لا يعقل، فالأُمَّهاتُ للناس و الأُمَّات للبهائم، و سنذكر الأُمَّهات في حرف الهاء؛ قال ابن بري: الأَصل في الأُمَّهات أن تكون للآدميين، و أُمَّات أن تكون لغير الآدَمِيِّين، قال: و ربما جاء بعكس ذلك كما قال السفَّاح اليَرْبوعي في الأُمَّهات لغير الآدَمِيِّين:
قَوّالُ مَعْروفٍ و فَعّالُه،             عَقَّار مَثْنى أُمَّهات الرِّباعْ‏

قال: و قال ذو الرمة:
سِوى ما أَصابَ الذئبُ منه و سُرْبَةٌ             أطافَتْ به من أُمَّهات الجَوازِل‏

فاستعمل الأُمَّهات للقَطا و استعملها اليَرْبوعي للنُّوق؛ و قال آخر في الأُمَّهات للقِرْدانِ:
رَمى أُمَّهات القُرْدِ لَذْعٌ من السَّفا،             و أَحْصَدَ من قِرْبانِه الزَّهَرُ النَّضْرُ

و قال آخر يصف الإِبل:
و هام تَزِلُّ الشمسُ عن أُمَّهاتِه             صِلاب و أَلْحٍ، في المَثاني، تُقَعْقِعُ‏

و قال هِمْيان في الإِبل أيضاً:
جاءَتْ لِخِمْسٍ تَمَّ من قِلاتِها،             تَقْدُمُها عَيْساً مِنُ امَّهاتِها

و قال جرير في الأُمَّات للآدَمِييِّن:
لقد وَلَدَ الأُخَيْطِلَ أُمُّ سَوْءٍ،             مُقَلَّدة من الأُمَّاتِ عارا

التهذيب: يَجْمَع الأُمَّ من الآدَميّاتِ أُمَّهات، و من البَهائم أُمَّات؛ و قال:
لقد آلَيْتُ أَغْدِرُ في جَداعِ،             و إن مُنِّيتُ، أُمَّاتِ الرِّباعِ‏

قال الجوهري: أَصل الأُمِّ أُمّهةٌ، و لذلك تُجْمَع على أُمَّهات. و يقال: يا أُمَّةُ لا تَفْعَلي و يا أَبَةُ افْعَلْ، يجعلون علامة التأْنيث عوضاً من ياء الإِضافة، و تَقِفُ عليها بالهاء؛ و قوله:
ما أُمّك اجْتاحَتِ المَنايا،             كلُّ فُؤادٍ عَلَيْك أُمُ‏

قال ابن سيدة: عَلَّق الفؤاد بعَلى لأَنه في معنى حَزينٍ، فكأَنه قال: عليك حَزينٌ. و أَمَّتْ تَؤُمُّ أُمُومَةً: صارت أُمّاً. و قال ابن الأَعرابي في امرأَة ذكرها: كانت لها عمة تَؤُمها أي تكون لها كالأُمِّ. و تَأَمَّها و اسْتَأَمَّها و تأَمَّمها: اتَّخَذَها أُمّاً؛ قال الكميت:
و مِن عَجَبٍ، بَجِيلَ، لَعَمْرُ أُمّ             غَذَتْكِ، و غيرَها تَتأَمّمِينا

قوله: و من عَجَبٍ خبر مبتدإٍ محذوف، تقديرهُ: و من عَجَبٍ انْتِفاؤكم عن أُمِّكم التي أَرْضَعَتْكم و اتِّخاذكم أُمّاً غيرَها. قال الليث: يقال تأَمَّم فلان أُمّاً إذا اتَّخذَها لنفسه أُمّاً، قال: و تفسير الأُمِّ في كل معانيها أُمَّة لأَن تأْسيسَه من حَرْفين صحيحين و الهاء فيها أصلية، و لكن العَرب حذَفت تلك الهاء إذ أَمِنُوا اللَّبْس. و يقول بعضُهم في تَصْغير أُمّ أُمَيْمة،
__________________________________________________
 (1). هنا بياض بالأَصل.
                       

29
لسان العرب12

أمم ص 22

قال: و الصواب أُمَيْهة، تُردُّ إلى أَصل تأْسيسِها، و من قال أُمَيْمَة صغَّرها على لفظها، و هم الذين يقولون أُمّات؛ و أَنشد:
إذِ الأُمّهاتُ قَبَحْنَ الوُجوه،             فَرَجْتَ الظَّلامَ بأُمَّاتِكا

و قال ابن كيسان: يقال أُمٌّ و هي الأَصل، و منهم من يقول أُمَّةٌ، و منهم من يقول أُمَّهة؛ و أنشد:
تَقَبَّلْتَها عن أُمَّةٍ لك، طالَما             تُنوزِعَ بالأَسْواقِ عنها خِمارُها

يريد: عن أُمٍّ لك فأَلحقها هاء التأْنيث؛ و قال قُصَيّ:
عند تَناديهمْ بِهالٍ وَهَبِي،             أُمَّهَتي خِنْدِفُ، و الياسُ أَبي‏

فأَما الجمع فأَكثر العرب على أُمَّهات، و منهم من يقول أُمَّات، و قال المبرّد: و الهاء من حروف الزيادة، و هي مزيدة في الأُمَّهات، و الأَصل الأَمُّ و هو القَصْد؛ قال أَبو منصور: و هذا هو الصواب لأَن الهاء مزيدة في الأُمَّهات؛ و قال الليث: من العرب من يحذف أَلف أُمّ كقول عديّ بن زيد:
أَيُّها العائِبُ، عِنْدِ، امَّ زَيْدٍ،             أنت تَفْدي مَن أَراكَ تَعِيبُ‏

و إنما أراد عنْدي أُمَّ زيدٍ، فلمّا حذَف الأَلف التَزقَتْ ياء عنْدي بصَدْر الميم، فالتقى ساكنان فسقطت الياء لذلك، فكأَنه قال: عندي أُمَّ زيد. و ما كنت أُمّاً و لقد أَمِمْتِ أُمُومةً؛ قال ابن سيدة: الأُمَّهة كالأُمِّ، الهاء زائدة لأَنه بمعنى الأُمِّ، و قولهم أمٌّ بَيِّنة الأُمومة يُصَحِّح لنا أن الهمزة فيه فاء الفعل و الميم الأُولى عَيْن الفِعْل، و الميم الأُخرى لام الفعْل، فَأُمٌّ بمنزلة دُرّ و جُلّ و نحوهما مما جاء على فُعْل و عينُه و لامُه من موضع، و جعل صاحبُ العَيْنِ الهاء أَصْلًا، و هو مذكور في موضعه. الليث: إذا قالت العرب لا أُمَّ لك فإنه مَدْح عندهم؛ غيره: و يقال لا أُمَّ لك، و هو ذَمٌّ. قال أَبو عبيد: زعم بعض العلماء أن قولهم لا أُمَّ لك قد وُضعَ موضع المَدح؛ قال كعب بن سعد الغَنَويّ يَرْثي أَخاه:
هَوَتْ أُمُّه ما يَبْعَث الصُّبْح غادِياً،             و ما ذا يُؤدّي الليلُ حينَ يَؤوبُ؟

قال أبو الهيثم في هذا البيت: و أَيْنَ هذا مما ذهب إليه أَبو عبيد؟ و إنما معنى هذا كقولهم: وَيْحَ أُمِّه و وَيْلَ أُمِّه و الوَيلُ لها، و ليس للرجل في هذا من المَدْح ما ذهَب إليه، و ليس يُشْبِه هذا قولهم لا أُمَّ لك لأَن قوله لا أُمَّ لك في مذهب ليس لك أُمٌّ حُرَّة، و هذا السَّبُّ الصَّريح، و ذلك أَنّ بَني الإِماء عند العرب مَذْمومون لا يلحقون بِبَني الحَرائر، و لا يقول الرجل لصاحبه لا أُمَّ لك إلَّا في غضَبه عليه مُقَصِّراً به شاتِماً له، قال: و أَمّا إذا قال لا أَبا لَك، فلم يَترك له من الشَّتِيمَة شيئاً، و قيل: معنى قولهم لا أُمَّ لك، يقول أنت لَقِيطٌ لا تُعْرَف لك أُمٌّ. قال ابن بري في تفسير بيت كعب بن سعد قال: قوله‏
هَوَتْ أُمُّه ...


، يُسْتَعْمَل على جهة التعَجُّب كقولهم: قاتَله الله ما أَسْمَعه ما يَبْعَث الصبحُ: ما استفهام فيها معنى التعَجُّب و موضعها نَصْب بيَبْعَث، أَيْ أَيُّ شي‏ءٍ يَبعَثُ الصُّبْح من هذا الرجل؟ أَي إذا أَيْقَظه الصُّبح تصرَّف في فِعْل ما يُريده. و غادِياً منصوب على الحال و العامل فيه يَبْعَث، و يَؤُوب: يَرجع، يريد أَن إِقْبال اللَّيل سَبَب رجوعه إلى بيته كما أَن إِقْبال النهار

30
لسان العرب12

أمم ص 22

سَبَب لتصرُّفه، و سنذكره أَيضاً في المعتل. الجوهري: و قولهم وَيْلِمِّهِ، و يريدون وَيْلٌ لأُمّه فحذف لكثرته في الكلام. قال ابن بري: وَيْلِمِّه، مكسورة اللام، شاهده قول المتنخل الهذلي يَرْثي ولدهَ أُثَيلة:
وَيْلِمِّه رجلَا يأْتي به غَبَناً،             إذا تَجَرَّد لا خالٌ و لا بَخِلُ‏

الغَبَنُ: الخَديعةُ في الرأْي، و معنى التَّجَرُّد هاهنا التَّشْميرُ للأَمرِ، و أَصْله أَن الإِنسان يَتجرَّد من ثيابه إذا حاوَل أَمْراً. و قوله: لا خالٌ و لا بَخِل، الخالُ: الاختيال و التَّكَبُّر من قولهم رجل فيه خالٌ أي فيه خُيَلاء و كِبْرٌ، و أَما قوله: وَيْلِمِّه، فهو مَدْح خرج بلفظ الذمِّ، كما يقولون: أَخْزاه الله ما أَشْعَرَه و لعَنه الله ما أَسْمَعه قال: و كأَنهم قَصَدوا بذلك غَرَضاً مَّا، و ذلك أَن الشي‏ء إذا رآه الإِنسان فأَثْنى عليه خَشِيَ أَن تُصِيبه العين فيَعْدِل عن مَدْحه إلى ذمّه خوفاً عليه من الأَذيَّةِ، قال: و يحتمل أيضاً غَرَضاً آخر، و هو أَن هذا الممدوح قد بلَغ غاية الفَضْل و حصل في حَدّ من يُذَمُّ و يُسَب، لأَن الفاضِل تَكْثُر حُسَّاده و عُيّابه و الناقِص لا يُذَمُّ و لا يُسَب، بل يَرْفعون أَنفسَهم عن سَبِّه و مُهاجاتِه، و أَصْلُ وَيْلِمِّه وَيْلُ أُمِّه، ثم حذفت الهمزة لكثرة الاستعمال و كَسَروا لامَ وَيْل إِتْباعاً لكسرة الميم، و منهم من يقول: أصله وَيلٌ لأُمِّه، فحذفت لام وَيْل و همزة أُمّ فصار وَيْلِمِّه، و منهم من قال: أَصله وَيْ لأُمِّه، فحذفت همزة أُمّ لا غير. و
في حديث ابن عباس أَنه قال لرجل: لا أُمَّ لك.
؛ قال: هو ذَمٌّ و سَبٌّ أَي أَنت لَقِيطٌ لا تُعْرف لك أُمٌّ، و قيل: قد يقَع مَدْحاً بمعنى التعَجُّب منه، قال: و فيه بُعدٌ. و الأُمُّ تكون للحيَوان الناطِق و للموات النامِي كأُمّ النَّخْلة و الشجَرة و المَوْزَة و ما أَشبه ذلك؛ و منه قول ابن الأَصمعي له: أنا كالمَوْزَة التي إنما صَلاحُها بمَوْت أُمِّها. و أُمُّ كل شي‏ء: أَصْلُه و عِمادُه؛ قال ابن دُرَيد: كل شي‏ء انْضَمَّت إليه أَشياء، فهو أُمٌّ لها. و أُم القوم: رئيسُهم، من ذلك؛ قال الشنْفَرى:
و أُمَّ [أُمِ‏] عِيال قد شَهِدْتُ تَقُوتُهُمْ‏


يعني تأَبط شرّاً. و روى الرَّبيعُ عن الشافعي قال: العرب تقول للرجل يَلِي طَعام القَوْم و خِدْمَتَهم هو أُمُّهم؛ و أَنشد للشنفرى:
و أُمِّ عِيال قد شَهدت تَقُوتُهُمْ،             إذا أَحْتَرَتْهُم أَتْفَهَتْ و أَقَلَّتِ «2».

و أُمُّ الكِتاب: فاتِحَتُه لأَنه يُبْتَدَأُ بها في كل صلاة، و قال الزجاج: أُمُّ الكتاب أَصْلُ الكتاب، و قيل: اللَّوْحُ المحفوظ. التهذيب: أُمُّ الكتاب كلُّ آية مُحْكَمة من آيات الشَّرائع و الأَحْكام و الفرائض، و جاء
في حديث: أنَّ أُم الكِتاب هي فاتحة الكتاب لأَنها هي المُقَدَّمة أَمامَ كلِّ سُورةٍ في جميع الصلوات و ابْتُدِئ بها في المُصْحف فقدِّمت و هي «3» ..... القرآن العظيم. و أَما قول الله عز و جل: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا
، فقال: هو اللَّوْح المَحْفوظ.
و
قال قَتادة: أُمُّ الكتاب أَصْلُ الكِتاب.
و
عن ابن عباس: أُمُّ الكِتاب القرآن من أَوله إلى آخره.
الجوهري: و قوله تعالى: هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ‏
، و لم يقل أُمَّهات لأَنه على الحِكاية كما يقول الرجل ليس لي مُعين، فتقول: نحن مُعِينك فتَحْكِيه، و كذلك قوله تعالى:
__________________________________________________
 (2). قوله‏
[و أم عيال قد شهدت ...]

تقدم هذا البيت في مادة حتر على غير هذا الوجه و شرح هناك.
 (3). هنا بياض في الأَصل.

31
لسان العرب12

أمم ص 22

وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً. و أُمُّ النُّجوم: المَجَرَّة لأَنها مُجْتَمَع النُّجوم. و أُمُّ التَّنائف: المفازةُ البعيدة. و أُمُّ الطريق: مُعْظَمها إذا كان طريقاً عظيماً و حَوْله طرُق صِغار فالأَعْظم أُمُّ الطريق؛ الجوهري: و أُمُّ الطريق مُعظمه في قول كثير عَزّة:
يُغادِرْنَ عَسْبَ الوالِقِيّ و ناصِحٍ،             تَخصُّ به أُمُّ الطريقِ عِيالَها

قال: و يقال هي الضَّبُع، و العَسْب: ماء الفَحْل، و الوالِقِيّ و ناصِح: فَرَسان، و عِيالُ الطريق: سِباعُها؛ يريد أَنهنّ يُلْقِين أَولادَهنّ لغير تَمامٍ من شِدّة التَّعَب. و أُمُّ مَثْوَى الرجل: صاحِبةُ مَنْزِله الذي يَنْزله؛ قال:
و أُمُّ مَثْوايَ تُدَرِّي لِمَّتي‏


الأَزهري: يقال للمرأَة التي يَأْوي إليها الرجل هي أُمُّ مَثْواهُ. و
في حديث ثُمامَة: أَتى أُمَّ مَنْزِلِه.
أَي امرأَته و من يُدَبِّر أَمْر بَيْته من النساء. التهذيب: ابن الأَعرابي الأُم امرأَة الرجل المُسِنَّة، قال: و الأُمّ الوالدة من الحيوان. و أُمُّ الحَرْب: الراية. و أُم الرُّمْح: اللِّواء و ما لُفَّ عليه من خِرْقَةٍ؛ و منه قول الشاعر:
و سَلَبْنا الرُّمْح فيه أُمُّه             من يَدِ العاصِي، و ما طَالَ الطِّوَلْ‏

و أُم القِرْدانِ: النُّقْرَةُ التي في أَصْل فِرْسِن البعير. و أُم القُرَى: مكة، شرَّفها الله تعالى، لأَنها توسطَت الأَرض فيما زَعَموا، و قيل لأَنها قِبْلةُ جميع الناس يؤُمُّونها، و قيل: سُمِّيَت بذلك لأَنها كانت أَعظم القُرَى شأْناً، و في التنزيل العزيز: وَ ما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى‏ حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولًا
. و كلُّ مدينة هي أُمُّ ما حَوْلها من القُرَى. و أُمُّ الرأْسِ: هي الخَريطةُ التي فيها الدِّماغ، و أُمُّ الدِّماغِ الجِلدة التي تجْمع الدِّماغَ. و يقال أَيضاً: أُم الرأْس، و أُمُّ الرأْس الدِّماغ؛ قال ابن دُرَيد: هي الجِلْدة الرقيقة التي عليها، و هي مُجْتَمعه. و قالوا: ما أَنت و أُمُّ الباطِل أي ما أنت و الباطِل؟ و لأُمّ أَشياءُ كثيرة تضاف إليها؛ و
في حديث: أنه قال لزيد الخيل نِعْم فَتىً إن نَجا من أُمّ كلْبةَ.
هي الحُمَّى، و
في حديث آخر: لم تَضُرّه أُمُّ الصِّبْيان.
يعني الريح التي تَعْرِض لهم فَربما غُشِي عليهم منها. و أُمُّ اللُّهَيْم: المَنِيّة، و أُمُّ خَنُّورٍ الخِصْب، و أُمُّ جابرٍ الخُبْزُ، و أُمُّ صَبّار الحرَّةُ، و أُم عُبيدٍ الصحراءُ، و أُم عطية الرَّحى، و أُمُّ شملة الشمس «1»، و أُمُّ الخُلْفُف الداهيةُ، و أُمُّ رُبَيقٍ الحَرْبُ، و أُم لَيْلى الخَمْر، و لَيْلى النَّشْوة، و أُمُّ دَرْزٍ الدنيْا، و أُم جرذان النخلة، و أُم رَجيه النحلة، و أُمُّ رياح الجرادة، و أُمُّ عامِرٍ المقبرة، و أُمُّ جابر السُّنْبُلة، و أُمُّ طِلْبة العُقابُ، و كذلك شَعْواء، و أُمُّ حُبابٍ الدُّنيا، و هي أُمُّ وافِرَةَ، و أُمُّ وافرة البيرة «2»، و أُم سمحة العنز، و يقال للقِدْر: أُمُّ غياث، و أُمُّ عُقْبَة، و أُمُّ بَيْضاء، و أُمُّ رسمة، و أُمُّ العِيَالِ، و أُمُّ جِرْذان النَّخْلة، و إذا سميت رجُلًا بأُمِّ جِرْذان لم تَصْرِفه، و أُمُّ خبيص «3»، و أُمُّ سويد، و أُمُّ عِزْم، و أُم عقاق، و أُم طبيخة و هي أُم تسعين، و أُمُّ حِلْس كُنْية الأَتان، و يقال للضَّبُع أُمُّ عامِر و أُمُّ عَمْرو.
__________________________________________________
 (1). قوله [و أم شملة الشمس‏] كذا بالأَصل هنا، و تقدم في مادة شمل: أن أم شملة كنية الدنيا و الخمر.
 (2). قوله [و أم خبيص إلخ‏] قال شارح القاموس قبلها: و يقال للنخلة أيضاً أم خبيص إلى آخر ما هنا، لكن في القاموس: أم سويد و أم عزم بالكسر و أم طبيخة كسكينة في باب الجيم الاست.
 (3). قوله: البيرة هكذا في الأَصل. و في القاموس: أم وافرة الدنيا.

32
لسان العرب12

أمم ص 22

الجوهري: و أُم البَيْضِ في شِعْرِ أَبي دُواد النعَامة و هو قوله:
و أَتانا يَسْعَى تَفَرُّسَ أُمِّ             البيضِ شَدّاً، و قد تَعالى النَّهارُ

قال ابن بري: يصف رَبيئَة، قال: و صوابه تَفَرُّش، بالشين معجَمةً، و التَّفَرُّش: فَتْحُ جَناحَي الطائر أَو النَّعامة إذا عَدَتْ. التهذيب: و اعلم أنَّ كل شي‏ء يُضَمُّ إليه سائرُ ما يليه فإنَّ العربَ تسمي ذلك الشي‏ء أُمّاً، من ذلك أُمُّ الرأْس و هو الدِّماغُ، و الشجَّةُ الآمَّةُ التي تَهْجُمُ على الدِّماغ. و أَمَّه يَؤُمُّه أَمّاً، فهو مَأْمُومٌ و أَمِيم: أصاب أُمَّ رأْسِه. الجوهري: أَمَّهُ أي شجَّهُ آمَّةً، بالمدِّ، و هي التي تَبْلُغ أُمَّ الدِّماغِ حتى يبقَى بينها و بين الدِّماغ جِلْدٌ رقيقٌ. و
في حديث الشِّجاج: في الآمَّة ثُلُثُ الدِّيَة، و في حديث آخر: المَأْمُومَة.
و هي الشَّجَّة التي بلغت أُمَّ الرأْس، و هي الجلدة التي تجمَع الدماغ. المحكم: و شَجَّةٌ آمَّةٌ و مَأْمُومةٌ بلغت أُمَّ الرأْس، و قد يُستعار ذلك في غير الرأْس؛ قال:
قَلْبي منَ الزَّفَرَاتِ صَدَّعَهُ الهَوى،             وَ حَشايَ من حَرِّ الفِرَاقِ أَمِيمُ‏

و قوله أَنشده ثعلب:
فلو لا سِلاحي، عندَ ذاكَ، و غِلْمَتي             لَرُحْت، و في رَأْسِي مآيِمُ تُسْبَرُ

فسره فقال: جَمَع آمَّةً على مآيِمَ و ليس له واحد من لفظه، و هذا كقولهم الخيل تَجْرِي على مَسَاوِيها؛ قال ابن سيدة: و عندي زيادة و هو أَنه أراد مآمَّ، ثم كَرِه التَّضْعِيف فأَبدل الميم الأَخيرة ياءً، فقال مآمِي، ثم قلب اللامَ و هي الياء المُبْدَلة إلى موضع العين فقال مآيِم، قال ابن بري في قوله في الشَّجَّة مَأْمُومَة، قال: و كذا قال أَبو العباس المبرّد بعضُ العرب يقول في الآمَّة مَأْمُومَة؛ قال: قال عليّ بن حمزة و هذا غلَطٌ إنما الآمَّةُ الشَّجَّة، و المَأْمُومَة أُمُّ الدِّماغ المَشْجُوجَة؛ و أَنشد:
يَدَعْنَ أُمَّ رأْسِه مَأْمُومَهْ،             و أُذْنَهُ مَجْدُوعَةً مَصْلُومَه‏

و يقال: رجل أَمِيمٌ و مَأْمُومٌ للذي يَهْذِي من أُمِّ رأْسه. و الأُمَيْمَةُ: الحجارة التي تُشْدَخ بها الرُّؤُوس، و في الصحاح: الأَمِيمُ حَجَرٌ يُشْدَخُ به الرأْس؛ و أَنشد الأَزهري:
و يَوْمَ جلَّيْنا عن الأَهاتِم             بالمَنْجَنِيقاتِ و بالأَمائِم‏

قال: و مثله قول الآخر:
مُفَلَّقَة هاماتُها بالأَمائِم‏


و أُم التَّنائف: أَشدُّها. و قوله تعالى: فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ
، و هي النارُ «1». يَهْوِي مَن أُدْخِلَها أي يَهْلِك، و قيل: فَأُمُّ رأْسه هاوِيَة فيها أي ساقِطة. و
في الحديث: اتَّقوا الخَمْر فإنها أُمُّ الخَبائث.
؛ و قال شمر: أُمُّ الخبائث التي تَجْمَع كلَّ خَبيث، قال: و قال الفصيح في أَعراب قيس إذا قيل أُمُّ الشَّرِّ فهي تَجْمَع كل شرّ على وَجْه الأَرض، و إذا قيل أُمُّ الخير فهي تجمع كلَّ خَيْر. ابن شميل: الأُمُّ لكل شي‏ء هو المَجْمَع و المَضَمُّ.
__________________________________________________
 (1). قوله [و هي النار إلخ‏] كذا بالأَصل و لعله هي النار يهوي فيها من إلخ.

33
لسان العرب12

أمم ص 22

و المَأْمُومُ من الإِبِل: الذي ذهَب وَبَرهُ عن ظَهْره من ضَرْب أو دَبَرٍ؛ قال الراجز:
         ليس بذِي عَرْكٍ و لا ذِي ضَبِّ،             و لا بِخَوّارٍ و لا أَزَبِّ،
             و لا بمأْمُومٍ و لا أَجَبِ‏


و يقال للبعير العَمِدِ المُتَأَكِّل السَّنامِ: مَأْمُومٌ. و الأُمِّيّ: الذي لا يَكْتُبُ، قال الزجاج: الأُمِّيُّ الذي على خِلْقَة الأُمَّةِ لم يَتَعَلَّم الكِتاب فهو على جِبِلَّتِه، و في التنزيل العزيز: وَ مِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَ‏
؛ قال أَبو إسحاق: معنى الأُمِّيّ المَنْسُوب إلى ما عليه جَبَلَتْه أُمُّه أي لا يَكتُبُ، فهو في أَنه لا يَكتُب أُمِّيٌّ، لأَن الكِتابة هي مُكْتسَبَةٌ فكأَنه نُسِب إلى ما يُولد عليه أي على ما وَلَدَته أُمُّهُ عليه، و كانت الكُتَّاب في العرب من أَهل الطائف تَعَلَّموها من رجل من أهل الحِيرة، و أَخذها أَهل الحيرة عن أَهل الأَنْبار. و
في الحديث: إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لا نَكْتُب و لا نَحْسُب.
؛ أَراد أَنهم على أَصل ولادة أُمِّهم لم يَتَعَلَّموا الكِتابة و الحِساب، فهم على جِبِلَّتِهم الأُولى. و
في الحديث: بُعِثتُ إلى أُمَّةٍ أُمِّيَّة.
؛ قيل للعرب الأُمِّيُّون لأَن الكِتابة كانت فيهم عَزِيزة أَو عَديمة؛ و منه قوله: بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ‏
. و الأُمِّيُّ: العَييّ الجِلْف الجافي القَليلُ الكلام؛ قال:
         و لا أعُودُ بعدَها كَرِيّا             أُمارسُ الكَهْلَةَ و الصَّبيَّا،
             و العَزَبَ المُنَفَّه الأُمِّيَّا


قيل له أُمِّيٌّ لأَنه على ما وَلَدَته أُمُّه عليه من قِلَّة الكلام و عُجْمَة اللِّسان، و قيل لسيدنا محمدٍ رسول الله، صلى الله عليه و سلم، الأُمِّي لأَن أُمَّة العرب لم تكن تَكْتُب و لا تَقْرَأ المَكْتُوبَ، و بَعَثَه الله رسولًا و هو لا يَكْتُب و لا يَقْرأُ من كِتاب، و كانت هذه الخَلَّة إحْدَى آياته المُعجِزة لأَنه، صلى الله عليه و سلم، تَلا عليهم كِتابَ الله مَنْظُوماً، تارة بعد أُخْرَى، بالنَّظْم الذي أُنْزِل عليه فلم يُغَيِّره و لم يُبَدِّل أَلفاظَه، و كان الخطيبُ من العرب إذا ارْتَجَل خُطْبَةً ثم أَعادها زاد فيها و نَقَص، فحَفِظه الله عز و جل على نَبيِّه كما أَنْزلَه، و أَبانَهُ من سائر مَن بَعَثه إليهم بهذه الآية التي بايَنَ بَينه و بينهم بها، ففي ذلك أَنْزَل الله تعالى: وَ ما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَ لا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ الذين كفروا، و لَقالوا: إنه وَجَدَ هذه الأَقاصِيصَ مَكْتوبةً فَحَفِظَها من الكُتُب. و الأَمامُ: نَقِيضُ الوَراء و هو في معنى قُدَّام، يكون اسماً و ظرفاً. قال اللحياني: و قال الكِسائي أمام مؤنثة، و إن ذُكِّرتْ جاز، قال سيبويه: و قالوا أَمامَك إذا كنت تُحَذِّره أو تُبَصِّره شيئاً، و تقول أنت أَمامَه أي قُدَّامه. ابن سيدة: و الأَئمَّةُ كِنانة «1»؛ عن ابن الأَعرابي. و أُمَيْمَة و أُمامةُ: اسم امرأَة؛ قال أَبو ذؤيب:
         قالتْ أُمَيْمةُ: ما لجِسْمك شاحِباً             مثلي ابْتُذِلْتَ، و مِثلُ ما لك يَنْفَعُ «2».

و روى الأَصمعي‏
         ... أُمامةُ ...


بالأَلف، فَمَن روى‏
         ... أُمامة ...


على الترخيم «3». و أُمامةُ: ثَلَثُمائة من الإِبِلِ؛ قال:
__________________________________________________
 (1). قوله: و الأئمة كِنانة؛ هكذا في الأَصل، و لعله أراد أن بني كنانة يقال لهم الأَئمة.
 (2). قوله [مثلي ابتذلت‏] تقدم في مادة نفع بلفظ منذ ابتذلت و شرحه هناك.
 (3). قوله [فمن روى أمامة على الترخيم‏] هكذا في الأَصل، و لعله فمن روى أمامة فعلى الأَصل و من روى أميمة فعلى تصغير الترخيم.

34
لسان العرب12

أمم ص 22

أَ أَبْثُرهُ مالي و يَحْتِرُ [يَحْتُرُ] رِفْدَه؟             تَبَيَّنْ رُوَيْداً ما أُمامةُ من هِنْدِ

أَراد بأُمامة ما تقدَّم، و أَراد بِهِنْد هُنَيْدَة و هي المائة من الإِبل؛ قال ابن سيدة: هكذا فسره أَبو العَلاء؛ و رواية الحَماسة:
أَ يُوعِدُني، و الرَّمْلُ بيني و بينه؟             تَبَيَّنْ رُوَيْداً ما أُمامة من هِنْدِ

و أَما: من حروف الابتداء و معناها الإِخْبار. و إمَّا في الجَزاء: مُرَكَّبة من إنْ و مَا. و إمَّا في الشَّكِّ: عَكْسُ أو في الوضع، قال: و من خَفِيفِه أَمْ. و أَمْ حرف عَطف، معناه الاستفهام، و يكون بمعنى بَلْ. التهذيب: الفراء أَمْ في المعنى تكون ردّاً على الاستفهام على جِهَتَيْن: إحداهما أن تُفارِق معنى أَمْ، و الأُخرى أن تَسْتَفْهِم بها على جهة النّسَق، و التي يُنْوى به الابتداء إلَّا أَنه ابتداء متصِل بكلام، فلو ابْتَدَأْت كلاماً ليس قبله كلامٌ ثم استَفْهَمْت لم يكن إلا بالأَلف أو بهَلْ؛ من ذلك قوله عز و جل: الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ‏
، فجاءت بأَمْ و ليس قَبْلَها استفهام فهذه دليل على أَنها استفهام مبتدأٌ على كلام قد سبقه، قال: و أَما قوله أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ‏
، فإن شئت جعَلْته استفهاماً مبتدأً قد سبقه كلامٌ، و إن شئت جعَلْته مردوداً على قوله ما لَنا لا نَرى«1»، و مثله قوله: أَ لَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَ هذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي، ثم قال: أَمْ أَنَا خَيْرٌ
، فالتفسير فيهما واحدٌ. و قال الفراء: و ربما جَعَلتِ العرب أَمْ إِذا سبقها استفهام و لا يَصْلُح فيه أَمْ على جهة بَلْ فيقولون: هل لك قِبَلَنا حَقٌّ أَم أَنتَ رجل معروف بالظُّلْم، يُريدون بل أنت رجُل معروف بالظُّلْم؛ و أَنشد:
فوَالله ما أَدري أَ سَلْمى تَغَوَّلَتْ،             أَمِ النَّوْمُ أَمْ كلٌّ إليَّ حَبِيبُ‏

يُريد: بَلْ كلٌّ، قال: و يفعلون مثل ذلك بأَوْ، و هو مذكور في موضعه؛ و قال الزجاج: أَمْ إِذا كانت معطوفة على لفظ الاستفهام فهي معروفة لا إِشكال فيها كقولك زيد أَحسن أَمْ عَمرو، أَ كذا خيرٌ أَمْ كذا، و إذا كانت لا تقَعُ عطفاً على أَلِف الاستفهام، إِلا أَنها تكون غير مبتدأَة، فإِنها تُؤذِن بمعنى بَلْ و معنى أَلف الاستفهام، ثم ذكر قول الله تعالى: أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ‏
، قال: المعنى بَلْ تُريدون أَن تَسأَلوا رسولَكم، قال: و كذلك قوله: الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ‏
؛ قال: المعنى بَلْ يقولون افْتَراه، قال الليث: أَمْ حَرْف أَحسَن ما يكون في الاستفهام على أَوَّله، فيصير المعنى كأَنه استفهام بعد استفهام، قال: و يكون أمْ بمعنى بَلْ، و يكون أم بمعنى ألِف الاستفهام كقولك: أَمْ عِنْدك غَداء حاضِرٌ؟ و أنت تريد: أَ عِندَك غداء حاضِرٌ و هي لغة حسنة من لغات العرب؛ قال أَبو منصور: و هذا يَجُوز إِذا سبقه كلام، قال الليث: و تكون أَمْ مبتدَأَ الكلام في الخبر، و هي لغة يَمانية، يقول قائلُهم: أم نَحْن خَرَجْنا خِيارَ الناس، أَمْ نُطْعِم الطَّعام، أَمْ نَضْرِب الهامَ، و هو يُخْبِر. و روي عن أبي حاتم قال: قال أَبو زيد أَم تكون زائدة لغةُ أَهل اليمن؛ قال و أَنشد:
__________________________________________________
 (1). قوله [و إن شئت جعلته مردوداً على قوله ما لَنا لا نَرى‏] هكذا في الأَصل.

35
لسان العرب12

أمم ص 22

يا دَهْن أَمْ ما كان مَشْيي رَقَصا،             بل قد تكون مِشْيَتي تَوَقُّصا

أَراد يا دَهْناء فَرَخَّم، و أَمْ زائدة، أراد ما كان مَشْيي رَقَصاً أي كنت أَتَوقَّصُ و أَنا في شَبِيبتي و اليومَ قد أَسْنَنْت حتى صار مَشيي رَقَصاً، و التَّوَقُّص: مُقارَبةُ الخَطْو؛ قال و مثلُه:
يا ليت شعري و لا مَنْجى من الهَرَمِ،             أَمْ هلْ على العَيْش بعدَ الشَّيْب مِن نَدَمِ؟

قال: و هذا مذهب أَبي زيد و غيره، يذهَب إلى أَن قوله أَمْ كان مَشْيي رَقَصاً معطوف على محذوف تقدّم، المعنى كأَنه قال: يا دَهْن أَ كان مَشْيي رَقَصاً أَمْ ما كان كذلك، و قال غيره: تكون أَمْ بلغة بعض أَهل اليَمن بمعنى الأَلِف و اللامِ، و
في الحديث: ليس من امْبرِّ امْصِيامُ في امْسَفَر.
أي ليس من البِرِّ الصِّيامُ في السفَر؛ قال أَبو منصور: و الأَلفُ فيها أَلفُ وَصْلٍ تُكْتَب و لا تُظْهر إذا وُصِلت، و لا تُقْطَع كما تُقْطَع أَلِف أَم التي قدَّمنا ذكْرَها؛ و أَنشد أَبو عبيد:
ذاكَ خَلِيلي و ذُو يُعاتِبُني،             يَرْمي ورائي بامْسَيْفِ و امْسَلِمَه‏

أ لا تراه كيف وَصَل الميمَ بالواو؟ فافهمه. قال أَبو منصور: الوجه أن لا تثبت الأَلف في الكِتابة لأَنها مِيمٌ جعلتْ بدَلَ الأَلفِ و اللام للتَّعْريف. قال محمد بن المكرَّم: قال في أَوَّل كلامه: أَمْ بلغة اليمن بمعنى الأَلف و اللام، و أَوردَ الحديث ثم قال: و الأَلف أَلفُ وَصْل تُكْتَبُ و لا تُظْهر و لا تُقْطَع كما تُقْطَع أَلف أَمْ، ثم يقول: الوَجُه أَن لا تثبت الأَلِف في الكتابة لأَنها ميمٌ جُعِلَتْ بدَل الأَلف و اللام للتَّعْريف، و الظاهر من هذا الكلام أَن الميمَ عِوَض لام التَّعْريف لا غَيْر، و الأَلفُ على حالِها، فكيف تكون الميم عِوَضاً من الأَلف و اللام؟ و لا حُجَّة بالبيت الذي أَنشده فإِن أَلفَ التَّعْريف و اللام في قوله و السَّلِمَة لا تظهر في ذلك، و لا في قوله و امْسَلِمَة، و لو لا تشديدُ السين لَما قدر على الإِتْيان بالميم في الوزْن، لأَنَّ آلةَ التَّعْريف لا يَظْهر منها شي‏ء في قوله و السَّلِمة، فلمّا قال و امْسَلِمة احتاج أَن تظهر الميم بخلاف اللام و الأَلف على حالتها في عَدَم الظُّهور في اللفظ خاصَّة، و بإِظهاره الميم زالت إِحْدى السِّينَيْن و خَفَّت الثانية و ارْتَفَع التشديدُ، فإِن كانت الميم عِوَضاً عن الأَلف و اللام فلا تثبت الأَلف و لا اللام، و إِن كانت عِوَضَ اللام خاصَّة فَثُبوت الأَلف واجبٌ. الجوهري: و أَمّا أَمْ مُخَفَّفة فهي حَرف عَطف في الاستفهام و لها مَوْضِعان: أحدهُما أَنْ تَقَع مُعادِلةً لأَلِفِ الاستفهام بمعنى أيّ تقول أَ زَيْدٌ في الدار أَمْ عَمرو و المعنى أَيُّهما فيها، و الثاني أَن تكون مُنْقَطِعة مما قبلها خَبراً كان أو استفهاماً، تقول في الخَبَر: إِنها لإِبلٌ أَمْ شاءٌ يا فتى، و ذلك إِذا نَظَرْت إلى شَخْص فَتَوَهَّمته إبِلًا فقلت ما سبق إليك، ثم أَدْرَكك الظنُّ أَنه شاءٌ فانصَرَفْت عن الأَوَّل فقلت أَمْ شاءٌ بمعنى بَلْ لأَنه إضْرابٌ عمَّا كان قبله، إلَّا أَنَّ ما يَقَع بعد بَلْ يَقِين و ما بَعْد أَمْ مَظْنون، قال ابن بري عند قوله فقلت أمْ شاءٌ بمعنى بَلْ لأَنه إِضْراب عما كان قبله: صَوابُه أَنْ يَقول بمعنى بل أَ هِيَ شاءٌ، فيأْتي بأَلِف الاستفهام التي وَقَع بها الشكُّ، قال: و تَقول في الاستفهام هل زيد مُنْطَلِق أمْ عَمرو يا فَتى؟ إنما أَضْرَبْت عن سُؤالك عن انْطِلاق زيدٍ و جعَلْته عن عَمرو، فأَم‏

36
لسان العرب12

أنم ص 37

معها ظنٌّ و استفهام و إضْراب؛ و أَنشد الأَخفش للأَخطل:
كَذَبَتْك عَينُكَ أَمْ رأَيت بِواسِطٍ             غَلَسَ الظَّلام، من الرَّبابِ، خَيالا؟

و قال في قوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ‏
؛ و هذا لم يكن أَصلهُ استفهاماً، و ليس قوله أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ‏
 شكّاً، و لكنَّه قال هذا لِتَقبيح صَنيعِهم، ثم قال: بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ، كأَنه أَراد أَن يُنَبِّه على ما قالوه نحو قولك للرجل: الخَيرُ أَحَبُّ إليك أمِ الشرُّ؟ و أَنتَ تَعْلَم أنه يقول الخير و لكن أَردت أن تُقَبِّح عنده ما صنَع، قاله ابن بري. و مثله قوله عز و جل: أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ‏
، و قد عَلِم النبيُّ، صلى الله عليه و سلم، و المسلمون، رضي الله عنهم، أنه تعالى و تقدّس لم يَتَّخِذ وَلَداً سبحانه و إنما قال ذلك لِيُبَصِّرهم ضَلالَتَهم، قال: و تَدْخُل أَمْ على هلْ تقول أَمْ هلْ عندك عمرو؛ و قال عَلْقمة بن عَبَدة:
أَمْ هلْ كَبيرٌ بَكَى لم يَقْضِ عَبْرَتَه،             إثْرَ الأَحبَّةِ، يَوْمَ البَيْنِ، مَشْكُومُ؟

قال ابن بري: أمْ هنا مُنْقَطِعة، و استَأْنَف السُّؤال بها فأَدْخَلها على هلْ لتَقَدُّم هلْ في البيت قبله؛ و هو:
هلْ ما عَلِمْت و ما اسْتودِعْت مَكْتوم‏


ثم استأْنف السؤال بِأَمْ فقال: أَمْ هلْ كَبير؛ و مثله قول الجَحَّاف بن حكيم:
أَبا مالِكٍ، هلْ لُمْتَني مُذْ حَضَضتَنِي             على القَتْل أَمْ هلْ لامَني منكَ لائِمُ؟

قال: إلّا أَنه متى دَخَلَتْ أَمْ على هلْ بَطَل منها معنى الاستفهام، و إنما دَخَلتْ أَم على هلْ لأَنها لِخُروجٍ من كلام إِلى كلام، فلهذا السَّبَب دخلتْ على هلْ فقلْت أَمْ هلْ و لم تَقُل أَ هَلْ، قال: و لا تَدْخُل أَم على الأَلِف، لا تَقول أَ عِنْدك زيد أَمْ أَ عِنْدك عَمْرو، لأَن أصل ما وُضِع للاستفهام حَرْفان: أَحدُهما الأَلفُ و لا تَقع إِلا في أَوَّل الكلام، و الثاني أمْ و لا تقع إلا في وَسَط الكلام، و هلْ إِنما أُقيم مُقام الأَلف في الاستفهام فقط، و لذلك لم يَقَع في كل مَواقِع الأَصْل.
أنم:
الأَنامُ: ما ظهر على الأَرض من جميع الخَلْق، و يجوز في الشِّعْر الأَنِيمُ، و قال المفسرون في قوله عز و جل: وَ الْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ‏
؛ همُ الجِنُّ و الإِنْس، قال: و الدليلُ على ما قالوا أَنَّ الله تعالى قال بعَقِبِ ذِكْره الأَنامَ إِلى قوله: وَ الرَّيْحانُ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، و لم يَجْرِ للجنِّ ذِكْر قبلَ ذلك إِنما ذَكَر الجانَّ بعده فقال: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ وَ خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ؛ و الجِنُّ و الإِنسُ هُما الثَّقَلان، و قيل: جاز مُخاطَبَةُ الثَّقَلَيْن قبل ذِكْرِهِما معاً لأَنها ذكرا بِعَقِب الخِطاب؛ قال المُثَقَّب العَبْدي:
فما أَدْرِي، إذا يَمَّمْتُ أَرْضاً             أُرِيدُ الخَيْرَ، أَيُّهما يَلِيني؟
أَ أَلخَيْر الذي أنا أَبْتَغيهِ،             أمِ الشَّر الذي هو يَبْتَغِيني؟

فقال: أَيُهما و لم يَجْر للشرّ ذكر إلا بعد تَمام البيت.

37
لسان العرب12

اندرم ص 38

اندرم:
النهاية لابن الأَثير
في حديث عبد الرحمن بن يزيد و سُئل كيف نُسَلِّم «2». على أهل الذِّمَّة؟ فقال: قُلْ أَنْدَرَايَمْ.
؛ قال أَبو عبيد: هي كلمة فارسية مَعْناها أَ أَدْخُل، و لم يُرِدْ أَن يَخُصَّهم بالاسْتِئذان بالفارِسِيَّة، و لكنهم كانوا مَجوساً فأَمَره أَن يُخاطِبَهم بِلِسانِهم، قال: و الذي يُراد منه أَنه لم يَذْكُر السَّلامَ قَبْل الاسْتِئذان، أ لا تَرَى أَنه لم يَقُلْ عليكم أَنْدَرَايَمْ؟
أوم:
الأُوامُ، بالضم: العَطَش، و قيل: حَرُّه، و قيل: شِدَّةُ العَطَش و أَن يَضِجَّ العَطْشان؛ قال ابن بري: شاهده قول أبي محمد الفَقْعَسِي:
قد عَلِمَتْ أَنِّي مُرَوِّي هامِها،             و مُذْهِبُ الغَلِيلِ من أُوامِها

و قد آمَ يَؤُومُ أَوْماً، و في التهذيب: و لم يذكر له فِعلًا. و الإِيامُ: الدُّخان، و الجمع أُيُمٌ، أُلْزِمَتْ عَيْنُه البَدَل لغير عِلّة، و إِلا فحُكْمُه أن يَصِحَّ لأَنه ليس بمَصْدر فيعتلّ باعْتِلال فِعْله، و قد آمَ عليها و آمَها يَؤُومُها أَوماً و إِياماً: دَخَّنَ؛ قال ساعدة بن جُؤية:
فما بَرِحَ الأَسْبابَ، حتى وَضَعْنَه             لَدَى الثَّوْلِ يَنْفِي جَثَّها و يؤُومُها

و هذه الكلِمة واوِيَّة و يائية، و هي من الياء بدَلالةِ قولهم آمَ يَئِيمُ، و هي من الواو بدليل قولهم يَؤُومُ أَوْماً، فحصل من ذلك أَنها واويَّة و يائِيَّة، غير أَنهم لم يَقولوا في الدُّخَان أُوَام إِنما قالوا إِيَام فقط، و إِنما تَدَاوَلَتِ الياءُ و الواوُ فِعْلَه و مَصْدَرَه، قال ابن سيدة: فإِن قيل فقد ذَكَرْت الإِيَامَ الذي هو الدُّخَان هنا و إِنما موضعه الياء، قلنا: إنَّ الياء في الإِيَام الذي هو الدُّخان قد تكون مقْلوبة في لغة مَنْ قال آمَها يَؤُومُها أَوْماً، فكأَنَّا إِنما قلنا الأُوام و إِن كان حُكْمُها أَن لا تَنْقَلِب هنا لأَنه اسمٌ لا مَصْدَر، لكنَّها قُلِبَتْ هنا قَلْباً لغير عِلَّة كما قلنا، إِلا طَلَبَ الخِفَّة، و سنذكر الإِيَامَ في الياء. و المُؤَوَّمُ مثل المُعَوَّمِ: العظيم الرأْس و الخَلْق، و قيل: المُشَوَّه كالمُوَأَّمِ، قال: و أَرَى المُوَأَّم مَقْلُوباً عن المُؤَوَّم؛ و أَنشد ابن الأَعرابي لعنترة:
         و كأَنَّما يَنْأَى بِجانِب دَفِّها             الوَحْشِيّ من هَزِجِ العَشِيِّ مُؤَوَّم «3».

فسّره بأَنه المُشَوَّه الخَلْق؛ قال ابن بري: يعني سِنَّوْراً، قال: و الهَزِج المُتراكِب الصَّوْت و عَنى به هرّاً و إِن لم يتقدَّم له ذِكْر، و إنما أَتى به في أَول البيت الثاني و التقدير يَنْأَى بِجانِبها من مُصَوِّت بالعَشِيِّ هِرٌّ، و مَن رَوى تَنْأَى بالتاء لتأْنِيثِ الناقةِ قال هِرٍّ، بالخفض، و تقديره من هِرٍّ هَزِج العَشِيّ؛ و فسَّر الأَزهري هذا البيت فقال: أَراد من حادٍ هَزِج العشيّ بحُدائه. قال: و الأُوامُ أَيضاً دُخان المُشْتار. و الآمةُ: العيب؛ قال عَبِيد:
مَهْلًا، أَبيتَ اللَّعْنَ مَهْلًا،             إنَّ فيما قلت آمَهْ‏

و الآمَةُ أَيضاً: ما يَعْلَق بسُرَّةِ المَوْلود إذا سقط من بطن أُمِّه. و يقال: ما لُفَّ فيه من خِرْقة و ما
__________________________________________________
 (2). قوله [كيف نسلم‏] هكذا في الأَصل بالنون مبنياً للفاعل، و في نسخ النهاية: كيف يسلم، بالياء و بناء الفعل للمفعول.
 (3). هو مذكور في مادة هزج.

38
لسان العرب12

أوم ص 38

خَرَج معه؛ و قال حسان:
وَ مَوْؤُودَةٍ مَقْرُورةٍ في مَعاوِزٍ             بآمَتِها، مَرْسُومةٍ لم تُوَسَّدِ

أَبو عمرو: اللَّيالي الأُوَّمُ المُنْكَرَة، و لَيالٍ أُوَمٌ كذلك؛ و أَنشد:
لَمَّا رأَيت آخِرَ اللَّيلِ عَتَمْ،             و أَنها إحْدى لَيالِيك الأُوَمْ‏

قال أَبو علي: يجوز أن يكون مأْخوذاً من الآمة و هي العَيْب، و من قولهم مُؤَوّم.
و دَعا جريرٌ رجُلًا من بني كُلَيب إلى مُهاجاتِه فقال الكُلَيْبيُّ: إنَّ نِسائي بآمَتِهِنَّ و إنَّ الشُّعراء لم تَدَع في نِسائك مُتَرقَّعاً.
؛ أَراد أَنَّ نِساءَه لم يُهْتَك سِتْرهنَّ و لم يَذْكُر سِواهنُّ سَوأَتَهُنَّ، بمنزلة التي وُلدتْ و هي غير مَخْفوضَة و لا مُقْتَضَّة. و آمَهُ اللهُ أي شَوَّه خَلْقه. و الأُوامُ: دُوارٌ في الرأْس. الجوهري: يقال أَوَّمَه الكَلأُ تأْويماً أَي سَمَّنه و عظَّم خَلْقه؛ قال الشاعر:
عَرَكْرَكٌ مُهْجِرُ الضُّؤْبان، أَوَّمَهُ             روْضُ القِذافِ رَبيعاً أَيَّ تَأْويمِ‏

قال ابن بري: عَرَكْرَك غَلِيظ قَويٌّ، و مُهْجِر أَي فائق، و الأَصل في قولهم بعير مُهْجِر أَي يَهْجُرُ الناسُ بذِكْره أي يَنْعَتُونه، و الضُّؤبانُ: السَّمِين الشديدُ أَي يَفوقُ السمان.
أيم:
الأَيامى: الذين لا أَزواجَ لهم من الرجال و النساء و أَصله أَيايِمُ، فقلبت لأَن الواحد رجل أَيِّمٌ سواء كان تزوَّج قبل أَو لم يتزوج. ابن سيدة: الأَيِّمُ من النساء التي لا زَوْج لها، بِكْراً كانت أَو ثَيِّباً، و من الرجال الذي لا امرأَة له، و جمعُ الأَيِّمِ من النساء أَيايِمُ و أَيامى، فأَمَّا أَيايِم «1» فعلى بابه و هو الأَصل أَيايِم جمع الأَيِّم، فقلبت الياء و جُعلت بعد الميم، و أَمّا أَيامى فقيل: هو من باب الوَضْع وُضِع على هذه الصيغة؛ و قال الفارسي: هو مَقلوب موضع العين إلى اللام. و قد آمَتِ المرأَة من زَوْجها تَئِيمُ أَيْماً و أُيُوماً و أَيْمَةً و إِيمة و تأَيَّمَتْ زماناً و أتامَتْ و أْتَيَمْتها: تَزَوَّجْتُها أَيّماً. و تأَيَّم الرجلُ زماناً و تأَيَّمتِ المرأَة إذا مَكَثا أَيّاماً و زماناً لا يتزوَّجان؛ و أَنشد ابن بري:
لقد إمْتُ حتى لامَني كلُّ صاحِبٍ،             رَجاءً بسَلْمى أَن تَئِيمَ كما إمْتُ‏

و أَنشد أيضاً:
فإن تَنْكِحِي أَنْكِحْ، و إن تَتَأَيَّمِي،             يَدَا الدَّهْرِ، ما لم تنْكِحي أَتَأَيَّم‏

و قال يزيد بن الحكم الثقفي:
كلُّ امْرئٍ سَتَئيمُ منهُ             العِرْسُ، أو منها يَئيم‏

و قال آخر:
نَجَوْتَ بِقُوفِ نَفْسِك، غير أَني             إخالُ بأَنْ سَيَيْتَمُ أو تَئِيمُ‏

أي يَيتمُ ابنُك أو تَئِيمُ امرأَتُك. قال الجوهري: و قال يعقوب سَمِعت رجُلًا من العرب يقول: أَيٌّ يَكُونَنَّ على الأَيْمِ نَصِيبي؛ يقول ما يَقَعُ بيَدي بعد تَرْك التزوُّج أَيّ امرأَة صالحة أَو غير ذلك؛ قال ابن بري: صوابه أَن يقول امرأَة صالحة أم غير ذلك. و الحَرْبُ مَأْيَمَة للنساء أَي تَقْتل الرجال فتَدَعُ‏
__________________________________________________
 (1). قوله [فأما أيايم إلى قوله و أما أيامى‏] هكذا في الأَصل.

39
لسان العرب12

أيم ص 39

النساء بلا أَزواجٍ فَيَئِمْنَ، و قد أَأَمْتُها و أَنا أُئيمُها: مثل أَعَمْتُها و أَنا أُعِيمُها. و آمَتِ المرأَةُ إذا مات عنها زوجها أو قُتِل و أقامت لا تَتَزوَّج. يقال: امرأَةٌ أَيِّمٌ و قد تأَيَّمَتْ إذا كانت بغير زَوْج، و قيل ذلك إذا كان لها زوج فمات عنها و هي تَصْلُح للأَزْواج لأَنَّ فيها سُؤْرةً من شَباب؛ قال رؤبة:
مُغايراً أَو يَرْهَبُ التَّأْيِيما


و أَيَّمَهُ اللهُ تَأْيِيماً. و
في الحديث: امرأَةٌ آمَتْ من زوجِها ذاتُ مَنْصِب و جَمالٍ.
أي صارَتْ أَيِّماً لا زوج لها؛ و منه‏
حديث حفصة: أَنها تَأَيَّمتْ من ابن خُنَيْسٍ زَوْجِها قَبْل النبي، صلى الله عليه و سلم.
و
في حديث علي، عليه السلام: مات قَيِّمُها و طال تَأَيُّمُها.
و الاسم من هذه اللفظة الأَيْمةُ. و
في الحديث: تَطول أَيْمَةُ إحْداكُنَّ، يقال: أَيِّمٌ بَيِّن الأَيْمة.
ابن السكيت: يقال ما لهُ آمٌ و عامٌ أي هَلَكتِ امرأَته و ماشِيَتُه حتى يَئِيمَ و يَعيمَ إِلى اللَّبَن. و رجلٌ أَيْمانُ عَيْمانُ؛ أَيْمانُ: هَلَكتِ امرأَته، فأَيْمانُ إِلى النساء و عَيْمانُ إِلى اللَّبَنِ، و امرأَة أَيْمَى عَيْمَى. و في التنزيل العزيز: وَ أَنْكِحُوا الْأَيامى‏ مِنْكُمْ‏
؛ دخَل فيه الذَّكَر و الأُنْثى و البِكْر و الثَّيِّب، و قيل في تفسيره: الحَرائر. و
قول النبي، صلى الله عليه و سلم: الأَيِّمُ أَحَقُّ بنفسها.
فهذه الثَّيِّبُ لا غير؛ و كذلك قول الشاعر:
لا تَنْكِحَنَّ الدَّهْرَ، ما عِشْتَ، أَيِّماً             مُجَرَّبةً، قد مُلَّ منها، و مَلَّتِ‏

و الأَيِّمُ في الأَصل: التي لا زوجَ لها، بِكْراً كانت أَو ثَيِّباً، مطلَّقة كانت أو مُتَوَفّى عنها، و قيل: الأَيامى القَرابات الابْنةُ و الخالةُ و الأُختُ. الفراء: الأَيِّمُ الحُرَّة، و الأَيِّمُ القَرابة. ابن الأَعرابي: يقال للرجل الذي لم يتزوّج أَيِّمٌ، و المرأَة أَيِّمَةٌ إِذا لم تَتَزَوَّج، و الأَيِّمُ البِكْر و الثَّيّب. و آمَ الرجلُ يَئِيمُ أَيْمةً إِذا لم تكن له زوجة، و كذلك المرأَة إِذا لم يكن لها زوج. و
في الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، كان يَتَعَوَّذُ من الأَيْمةِ و العَيْمة.
و هو طولُ العُزْبةِ. ابن السكيت: فُلانَةُ أَيِّمٌ إِذا لم يكن لها زوج. و رجل أَيِّمٌ: لا مرأَة له، و رجلان أَيِّمانِ و رجال أَيِّمُون و نساءٌ أَيِّماتٌ و أُيَّمٌ بَيِّنُ الأُيُوم و الأَيْمةِ. و الآمةُ: العُزَّاب، جمع آمٍ، أَراد أيِّم فقلَب؛ قال النابغة:
أُمْهِرْنَ أَرْماحاً، و هُنَّ بآمَةٍ،             أَعْجَلْنَهُنَّ مَظنَّة الإِعْذارِ

يريد أَنَّهنَّ سُبِينَ قبل أَن يُخْفَضْنَ، فجعل ذلك عَيْباً. و الأَيْمُ و الأَيِّمُ: الحيَّة الأَبْيَضُ اللطيف، و عَمَّ به بعضهم جميع ضُروب الحيّات. قال ابن شميل: كل حيَّة أيْمٌ ذكراً كان أَو أُنثى، و ربَّما شدِّد فقيل أَيِّم كما يقال هَيْن و هَيِّن؛ قال الهذلي:
باللَّيْل مَوْرِدَ أَيِّم مُتَغَضِّفِ‏


و قال العجاج:
و بَطْنَ أَيْمٍ و قَواماً عُسْلُجا


و الأَيْم و الأَيْنُ: الحيَّة. قال أبو خيرة: الأَيْمُ و الأَيْنُ و الثُّعْبان الذُّكْرانُ من الحَيَّات، و هي التي لا تَضُرُّ أَحداً، و جمع الأَيْمِ أُيُومٌ و أَصله التَّثْقِيل فكسِّر على لفظه، كما قالوا قُيُول في جمع قَيْل، و أصله فَيْعِل، و قد جاء مشدّداً في الشعر؛ قال أَبو كبير الهذلي:

40
لسان العرب12

أيم ص 39

إلَّا عَواسِرُ كالمِراطِ مُعِيدَةٌ،             باللَّيْلِ، مَوْرِدَ أَيِّمٍ مُتَغَضِّفِ «2».

يعني أَن هذا الكلام من مَوارِد الحيَّات و أَماكِنها؛ و مُعِيدة: تُعاوِد الوِرْد مرّة بعد مرة؛ قال ابن بري: و أَنشد أَبو زيد لسوار بن المضرب:
كأَنَّما الخَطْو من مَلْقَى أَزِمَّتِها             مَسْرَى الأُيُومِ، إِذا لم يُعْفِها ظَلَفُ‏

و
في الحديث: أَنه أَتَى على أَرض جُرُزٍ مُجْدِبةٍ مثل الأَيْم.
؛ الأَيْمُ و الأَيْنُ: الحيَّة اللَّطِيفة؛ شبَّه الأَرض في مَلاسَتِها بالحيَّة. و
في حديث القاسم بن محمد: أَنه أَمَرَ بِقَتْلِ الأَيْمِ.
و قال ابن بري في بيت أبي كبير الهذلي: عَواسِرُ بالرفع، و هو فاعل يَشْرب في البيت قبله، و هو:
و لقد وَرَدْتُ الماء، لم يَشْرَبْ به،             حَدَّ الرّبيعِ إِلى شُهورِ الصَّيِّفِ‏

قال: و كذلك مُعِيدة الصوابُ رَفْعُها على النَّعْت لِعَواسِر، و عَواسِرُ ذِئابٌ عَسَرت بأَذْنابِها أَي شالَتْها كالسِّهام المَمْرُوطَةِ، و مُعِيدة: قد عاوَدت الوُرودَ إِلى الماء، و المُتَغَضِّف: المُتَثَنِّي. ابن جني: عَيْنُ أَيِّمٍ ياءٌ، يدلُّ على ذلك قولهم أَيْم، فظاهر هذا أَن يكون فَعْلًا و العينُ منه ياءٌ، و قد يمكن أَن يكون مخففاً من أَيِّم فلا يكون فيه دليل، لأَن القَبِيلين معاً يَصيرانِ مع التخفيف إِلى لفظ الياء، و ذلك نحو لَيْنٍ و هَيْنٍ. و الإِيَامُ: الدُّخَان؛ قال أَبو ذؤيب الهذلي:
فَلمَّا جَلاها بالإِيَامِ تَحَيَّزَتْ             ثُباتٍ، عليها ذُلُّها و اكْتِئابُها

و جمعُه أُيُمٌ. و آم الدُّخانُ يَئيم إيَاماً: دخَّن. و آم الرجُلُ إيَاماً إِذا دَخَّن على النَّحْل ليخرج من الخَلِيَّة فيأْخُذ ما فيها من العَسَل. قال ابن بري: آمَ الرجُل من الواو، يقال: آمَ يَؤُومُ، قال: و إيامٌ الياء فيه منقلِبة عن الواو. و قال أَبو عمرو: الإِيَامُ عُودٌ يجعَل في رأْسه نارٌ ثم يُدَخَّنُ به على النَّحْل ليُشْتارَ العَسَلُ. و الأُوامُ: الدُّخانُ، و قد تقدم. و الآمةُ: العيب، و في بعض النسخ: و آمةٌ عَيْب؛ قال:
مَهْلًا، أَبَيْتَ اللَّعْنَ مَهْلًا،             أَن فيما قلتَ آمَهْ‏

و في ذلك آمةٌ علينا أي نَقْص و غَضاضَةٌ؛ عن ابن الأَعرابي. و بَنُو إيَامٍ: بَطْن من هَمْدان. و
قوله في الحديث: يتَقارب الزَّمان و يَكْثُر الهَرْج، قيل: أَيْمَ هو يا رسول الله؟ قال: القَتْل.
يريد ما هو؛ و أَصله أَيّ ما هو أَي أَيُّ شي‏ءٍ هو فخفف الياء و حذف أَلف ما. و منه‏
الحديث: أَن رجلًا ساوَمَهُ النبيُّ، صلى الله عليه و سلم، طعاماً فجعل شَيْبَة بن ربيعة يَشير إِليه لا تَبِعْه، فجعل الرجل يقولُ أَيْمَ تَقول؟.
يعني أَيّ شي‏ء تقول؟
فصل الباء
بالام:
النهاية في ذكر أُدْمِ أَهلِ الجنة قال: إدامُهم بالامُ و النونُ، قالوا: و ما هذا؟ قال: ثَوْرٌ و نونٌ.
؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في الحديث مفسَّراً، أمَّا النونُ فهو الحُوتُ و به سمِّي يونس،
__________________________________________________
 (2). قوله [إلا عواسر إلخ‏] تقدم هذا البيت في مادة عسر و مرط و عود و صيف و غضف و فيه روايات، و قوله: يعني أَن هذا الكلام، لعله أَن هذا المكان.

41
لسان العرب12

بالام ص 41

على نبينا محمد و عليه الصلاة و السلام، ذا النُّون، و أَما بَالامُ فقد تَمَحَّلوا لها شرحاً غير مرضِيّ، و لَعَلَّ اللفظة عبرانية، قال: و قال الخطابي لعل اليهوديَّ أَراد التَعْمِيَة فقطع الهِجاء و قدَّم أحدَ الحَرفَين على الآخر، و هي لام أَلف و ياء؛ يريد لَأَى بوزْن لَعَا، و هو الثَّوْر الوحشيُّ، فصحَّف الراوي الياء بالباء، و قال: هذا أقرب ما يقع لي فيه.
ببم:
أَبَنْبَمُ و يَبَنْبَمُ: موضع. قال ابن بري: أَبَنْبَم على أَفَنْعَل من أَبْنية الكتاب؛ قال طُفيل:
أَ شاقَتْكَ أَظْعانٌ بِحَفر أَبَنْبَمِ؟             نَعَمْ بُكُراً مثل الفَسيلِ المُكَمَّمِ‏

التهذيب: يَبَمْبَمُ ذكره حميد بن ثور فقال:
إِذا شِئتُ غَنَّتْني بأَجْزاعِ بِيشَةٍ،             أو الجِزْع من تَثْلِيثَ أو من يَبَمبَما

بتم:
البُتْمُ و البُتَّمُ: جبل من ناحية فَرْغانَة.
بجم:
بَجَم الرجلُ يَبْجِمُ بَجْماً و بُجُوماً: سكت من هيبة أو عِيّ. و رأَيت بَجْماً من الناس و بَجْداً أَي جماعة. و البَجْمُ: الجماعة الكثيرة.
بجرم:
البَجارِمُ: الدواهِي.
بحم:
غَدِير بَحْوَمٌ: كثير الماء؛ عن الهَجَري؛ و أَنشد:
فصِغارُها مِثْلُ الدَّبَى، و كِبارُها             مِثْل الضَّفادِعِ في غَدِيرٍ بَحْوَمِ‏

بخذم:
بَخْذَم: اسمٌ.
بذم:
البُذْمُ: الرأْيُ الجَيِّدُ. و البُذْمُ: احتمالُك لِما حُمِّلْت. و البُذْمُ: النَّفْس. و البُذْمُ: القوَّة و الطاقةُ؛ قال الشاعر:
أَنُوءُ بِرِجْلٍ بها بُذْمُها،             و أَعْيَتْ بها أُخْتُها الآخِرَه‏

أو الغابِرَه. و رجلٌ ذو بُذْمٍ أي كَثافَةٍ و جلَدَ، و كذلك الثَّوْبُ. و ثوبٌ ذو بُذْمٍ أي كثير الغَزْل. و رجل ذو بُذْمٍ أي سَمِينٌ، و يقال: ذو رَأْيٍ و حَزْمٍ، و قال الأُموي: ذو نَفَس، و قال الكِسائي: ذو احْتِمال لِما حُمِّل. قال ابن بري: قال الأَصمعي إِذا لم يكن للرجل رَأْيٌ قيل: ما له بُذْمٌ. و البَذْمُ: مَصْدَرُ البَذِيمِ، و هو العاقِلُ الغَضَبِ [الغَضَبَ‏] مِن الرِّجال أي أَنه يعلم ما يأْتيه عند الغضَب؛ كذا حكاه أَهل اللغة، و قيل: يَعْلم ما يَغْضَب له؛ قال الشاعر:
كَرِيمُ عُروقِ النَّبْعَتَينِ مُطَهَّرٌ،             و يَغْضَبُ ممَّا منه ذو البَذْمِ يَغْضَبُ‏

الليث: رجلٌ بُذْمٌ و بَذِيمٌ إِذا غَضِب ممَّا يجب أَن يُغْضَب منه. و قال الفراء: البَذِيمةُ الذي لا يَغْضَب في غير موضع الغضَب؛ قال ابن بري: و قول المرّار:
يا أُمَّ عِمْران و أُخْتَ عَتْمِ،             قد طالَ ما عِشْتُ بغير بُذْمِ «1».

أَي بغير مُروءةٍ، و قد بَذُمَ بَذامةً. ابن الأَعرابي: و البَذيمُ من الأَفْواه المُتَغَيِّر الرائحة؛ و أَنشد:
شَمِمْتها بشارِبٍ بَذِيمِ             قد خَمَّ، أو قد هَمَّ بالخُمُومِ‏

و قال غيره: أَبْذَمَتِ الناقةُ و أَبْلَمَتْ إِذا وَرِمَ حيَاؤُها من شدّةِ الضَّبَعَة، و إنما يكون ذلك في‏
__________________________________________________
 (1). قوله [يا أم عمران إلخ‏] هكذا في الأَصل مضبوطاً، و في شرح القاموس: و أخت عثم، بالثاء.

42
لسان العرب12

بذم ص 42

بَكَرات الإِبل؛ قال الراجز:
إِذا سَمَا فوق جَمُوحٍ مِكْتامْ             من غَمْطِه الأَثْناءَ ذات الإِبْذامْ‏

يَصِف فَحْل إبِل أَراد أَنه يَحْتَقِر الأَثْناءَ ذواتِ البَلمَة، فيَعْلُو الناقةَ التي لا تَشُول بذَنَبها، و هي لاقِح، كأَنها تكتُم لَقاحَها.
برم:
البَرَمُ: الذي لا يَدْخُل مع القوم في المَيْسِر، و الجمع أَبْرامٌ؛ و أَنشد الليث:
إِذا عُقَبُ القُدُور عُدِدْنَ مالًا،             تَحُتُّ حَلائلَ الأَبْرامِ عِرْسِي‏

و أَنشد الجوهري:
و لا بَرَماً تُهْدى النساءُ لعِرْسِهِ،             إِذا القَشْعُ من بَرْدِ الشتاءِ تَقَعْقَعا

و في المثل: أَ بَرَماً قَرُوناً أي هو بَرَمٌ و يأْكل مع ذلك تَمرَتَيْن تَمرتَيْن، و
في حديث وفْدِ مَذحِج: كِرامٌ غير أَبْرامٍ.
؛ الأَبْرامُ: اللِّئامُ، واحِدُهم بَرَمٌ، بفتح الراء، و هو في الأَصل الذي لا يَدْخُل مع القومِ في المَيْسِر و لا يُخْرِج معهم فيه شيئاً؛ و منه‏
حديث عمرو بن معديكرب: قال لعُمر أَ أَبْرامٌ بَنو المُغِيرة؟ قال: و لِمَ؟ قال نزلتُ فيهم فما قَرَوْني غير قَوْس و ثَوْرٍ و كَعْب، فقال عمر: إِنَّ في ذلك لَشِبَعاً.
؛ القَوْسُ: ما يَبْقى في الجُلَّة من التَّمْر، و الثَّوْرُ: قطعة عظيمة من الأَقِط، و الكَعْبُ: قِطْعة من السَّمْن؛ و أما ما أَنشده ابن الأَعرابي من قول أُحَيْحة:
إِنْ تُرِدْ حَرْبي، تُلاقِ فَتىً             غيرَ مَمْلوكٍ و لا بَرَمَهْ‏

قال ابن سيدة: فإنه عَنى بالبَرَمَة البَرَمَ، و الهاء مبالغة، و قد يجوز أَن يؤنث على معنى العَيْنِ و النَّفْس، قال: و التفسير لنا نحن إِذ لا يَتَّجِه فيه غير ذلك. و البَرَمةُ: ثَمَرةُ العِضاهِ، و هي أَوَّل وَهْلة فَتْلةٌ ثم بَلَّةٌ ثم بَرَمةٌ، و الجمع البَرَمُ، قال: و قد أَخطأَ أَبو حنيفة في قوله: إِن الفَتْلة قَبْل البَرَمَة، و بَرَمُ العِضاهِ كله أَصفر إلَّا بَرَمَة العُرْفُطِ فإِنها بَيْضاء كأَنَّ هَيادِبها قُطْن، و هي مثل زِرِّ القَمِيص أَو أَشَفُّ، و بَرَمة السَّلَم أَطيب البَرَمِ رِيحاً، و هي صَفْراء تؤْكَل، طيِّبة، و قد تكون البَرَمَةُ للأَراكِ، و الجمع بَرَمٌ و بِرامٌ. و المُبْرِمُ: مُجْتَني البَرَمِ، و خصَّ بعضهم به مُجْتَني بَرَمَ الأَراك. أَبو عمرو: البَرَمُ ثَمَر الطَّلْح، واحدته بَرَمَة. ابن الأَعرابي: العُلَّفَةُ من الطَّلْح ما أَخلفَ بعد البَرَمَة و هو شبه اللُّوبياء، و البَرَمُ ثَمَرُ الأَراك، فإذا أَدْرَك فهو مَرْدٌ، و إِذا اسْوَدَّ فهو كَباثٌ و بَريرٌ. و
في حديث خُزيمة السلمي: أَيْنَعَتِ العَنَمَةُ و سَقَطَت البَرَمةُ.
؛ هي زَهْرُ الطَّلْح، يعني أَنها سَقَطَتْ من أَغْصانها للجَدْب. و البَرَمُ: حَبُّ العِنب إِذا كان فوق الذَّرِّ، و قد أَبْرَمَ الكَرْمُ؛ عن ثعلب. و البَرَمُ، بالتحريك: مصدر بَرِمَ بالأَمْرِ، بالكسر، بَرَماً إِذا سَئِمَهُ، فهو بَرِمٌ ضَجِر. و قد أَبْرَمَهُ فلان إِبْراماً أي أَمَلَّه و أَضْجَره فَبَرِمَ و تَبَرَّم به تَبَرُّماً. و يقال: لا تُبْرِمْني بكَثرة فُضولك. و
في حديث الدعاء: السلامُ عليك غير مُوَدَّعٍ بَرَماً.
؛ هو مصدر بَرِمَ به، بالكسر، يَبْرَمُ بَرَماً، بالفتح، إِذا سَئِمَه و مَلَّه. و أَبْرَمَ الأَمرَ و بَرَمَه: أَحْكَمه، و الأَصل فيه إِبْرامُ الفَتْل إِذا كان ذا طاقيْن. و أَبْرَمَ الحَبْلَ:

43
لسان العرب12

برم ص 43

أَجادَ فتله. و قال أَبو حنيفة: أَبْرَمَ الحَبْلَ جعله طاقَيْن ثم فَتَله. و المُبْرَمُ و البَريمُ: الحَبْل الذي جمع بين مَفْتُولَيْن فَفُتِلا حَبْلًا واحداً مثل ماء مُسْخَنٌ و سَخِينٌ، و عَسَلٌ مُعْقَدٌ و عَقِيدٌ، و مِيزانٌ مُتْرَصٌ و تَريصٌ. و المُبْرَمُ من الثِّياب: المَفْتُول الغَزْل طاقَيْن، و منه سمِّي المُبْرَمُ، و هو جنسٌ من الثِّياب. و المَبارِمُ: المَغازِلُ التي يُبْرَمُ بها. و البَريمُ: خَيْطان مُخْتلفان أَحمرُ و أَصفرُ، و كذلك كل شي‏ء فيه لَوْنان مُخْتلِطان، و قيل: البَريمُ خَيْطان يكونان من لَوْنَيْن. و البَريمُ: ضَوْءُ الشمس مع بَقِيَّة سَوادِ الليل. و البَريمُ: الصبْح لِما فيه من سَوادِ الليل و بَياض النهار، و قيل: بَريمُ الصبح خَيْطه المُخْتلط بِلَوْنَيْن، و كل شيئين اختلَطا و اجْتمعا بَريمٌ. و البَريمُ: حَبْل فيه لَوْنان مُزَيَّن بجَوْهر تشدُّه المرأَة على وَسَطها و عَضُدِها؛ قال الكَروّس بن حصن «1».
و قائلةٍ: نِعْمَ الفَتى أَنت من فَتىً؛             إِذا المُرْضِعُ العَرْجاءُ جالَ بَريمُها

و في رواية:
مُحَضَّرة لا يُجْعَل السِّتْر دُونها


قال ابن بري: و هذا البيت على هذه الرواية ذكره أَبو تَمّام للفرزدق في باب المديح من الحماسة. أبو عبيد: البَريمُ خَيْط فيه أَلوانٌ تشدُّه المرأَة على حَقْوَيْها. و قال الليث: البَريمُ خيط يُنْظَم فيه خَرَز فتشدُّه المرأَة على حَقْوَيْها. و البَريمُ: ثوب فيه قَزٌّ و كتّانٌ. و البَريمُ: خيط يُفْتَل على طاقَيْن، يُقال: بَرَمْتُه و أَبْرَمْتُه. الجوهري: البَريمُ الحبْل المَفْتول يكون فيه لَوْنان، و ربَّما شدَّتْه المرأَةُ على وَسَطها و عَضُدها، و قد يُعلَّق على الصبيّ تدفَع به العَيْن، و منه قيل للجيش بَريم لأَلْوان شِعار القَبائل فيه؛ و أَنشد ابن بري للعجاج:
أَبْدى الصَّباحُ عن بَريمٍ أَخْصفَا


قال: البَريمُ حبْل فيه لَوْنان أَسود و أبيض، و كذلك الأَخْصَفُ و الخَصِيفُ، و يشبَّه به الفَجْر الكاذِبُ أَيضاً، و هو ذَنَب السِّرْحان؛ قال جامِعُ بن مُرْخِيَة:
لقد طَرَقَتْ دَهْماء، و البُعْدُ بينها،             و لَيْل، كأثْناء اللِّفاعِ، بَهِيمُ‏
على عَجَلٍ، و الصبحُ بالٍ كأَنه             بأَدْعَجَ من لَيْلِ التِّمام بَريمُ‏

قال: و البَريمُ أيضاً الماءُ الذي خالَط غيرَه؛ قال رؤبة:
حتى إِذا ما خاضَتِ البَرِيما


و البَريمُ: القَطيع من الغنَم يكون فيه ضَرْبان من الضَّأْن و المَعَز. و البَريمُ: الدمع مع الإِثْمِدِ. و بَرِيمُ القوم: لَفِيفُهم. و البَرِيمُ: الجَيْش فيه أَخْلاط من الناس. و البَرِيمان: الجَيْشان عرَب و عَجَم؛ قالت لَيْلى الأَخْيَلِيَّة:
يا أَيها السَّدِمُ المُلَوِّي رأْسَه             لِيَقُود من أَهل الحِجاز بَرِيما

أَرادت جَيْشاً ذا لَوْنَيْن، و كلُّ ذي لَوْنَيْن بَريمٌ. و يُقال: اشْوِ لَنا من بَرِيمَيْها أَي من الكَبِد و السَّنام يُقَدَّان طُولًا و يُلَفَّان بِخَيْط أو غيره، و يقال: سمِّيا بذلك لبَياض السَّنام و سَوادِ الكَبِد.
__________________________________________________
 (1). قوله [قال الكروس بن حصن‏] هكذا في الأَصل، و في شرح القاموس: الكروس بن زيد، و قد استدرك الشارح هذا الاسم على المجد في مادة كرس.

44
لسان العرب12

برم ص 43

و البُرُمُ: القَومُ السيِّئُو الأَخْلاق. و البَرِيمُ العُوذَة. و البَرَم: قِنانٌ من الجبال، واحدتها بَرَمَة. و البُرْمَةُ: قِدْر من حجارة، و الجمع بُرَمٌ و بِرامٌ و بُرْمٌ؛ قال طرَفة:
جاؤوا إِليك بكل أَرْمَلَةٍ             شَعْثاءَ تَحْمِل مِنْقَعَ البُرم‏

و أَنشد ابن بري للنابغة الذبياني:
و البائعات بِشَطَّيْ نخْلةَ البُرَمَا


و
في حديث بَرِيرَةَ: رَأَى بُرْمةً تَفُورُ.
؛ البُرْمة: القِدْرُ مطلقاً، و هي في الأَصل المُتَّخَذَة من الحَجر المعروف بالحجاز و اليَمن. و المُبْرِمُ: الذي يَقْتَلِعُ حِجارةَ البِرامِ من الجبل و يقطَعُها و يُسَوِّيها و يَنْحَتها. يقال: فلان مُبْرِمٌ للَّذي يقْتَطِعُها من جَبَلها و يَصْنعَها. و رجل مُبْرِمٌ: ثَقِيلٌ، منه، كأَنه يَقْتَطِع من جُلَسائه شيئاً، و قيل: الغَثُّ الحديثِ من المُبْرِمِ و هو المُجْتَني ثَمَر الأَراك. أَبو عبيدة: المُبْرِمُ الغَثُّ الحديثِ الذي يحدِّث الناسَ بالأَحاديث التي لا فائدة فيها و لا معنى لها، أُخِذَ من المُبْرِم الذي يَجْني البَرَمَ، و هو ثمر الأَراك لا طَعْم له و لا حَلاوة و لا حُمُوضة و لا معنى له. و قال الأَصمعي: المُبْرِمُ الذي هو كَلٌّ على صاحبه لا نَفْعَ عنده و لا خَيْر، بمنزلة البَرَم الذي لا يدخُل مع القومِ في المَيْسِر و يأْكل معهم من لَحْمِه. و البَيْرَمُ العَتَلَةُ، فارِسيّ معرَّب، و خصَّ بعضهم به عَتَلَة النَّجَّار، و هو بالفارسيَّة بتفخيم الباء. و البَرَمُ: الكُحْل؛ و منه الخبر الذي‏
جاء: من تسمَّع إِلى حديث قومٍ صُبَّ في أُذنه البَرَمُ.
؛ قال ابن الأَعرابي: قلت للمفضَّل ما البَرَمُ؟ قال: الكُحْل المُذاب؛ قال أَبو منصور: و رواه بعضهم صُبَّ في أُذنه البَيْرَمُ، قال ابن الأَعرابي: البَيْرَمُ البِرْطِيلُ، و قال أَبو عبيدة: البَيْرَمُ عَتَلَةُ النَّجار، أو قال: العَتَلة بَيْرَمُ النجار. و
روى ابن عباس قال: قال رسُول الله، صلى الله عليه و سلم: من اسْتَمَع إِلى حديث قومٍ و هم له كارِهُون مَلأَ الله سمعَه من البَيْرَم و الآنُكِ.
بزيادة الياء. و البُرامُ، بالضم: القُرادُ و هو القِرْشام؛ و أَنشد ابن بري لجؤية بن عائذ النَّصْري:
مُقيماً بمَوْماةٍ كأَن بُرَامَها،             إِذا زالَ في آل السَّراب، ظَليمُ‏

و الجمع أَبْرِمَةٌ؛ عن كراع. و بِرْمةُ: موضع؛ قال كثيِّر عَزَّة:
رَجَعْت بها عَنِّي عَشِيَّة بِرْمةٍ،             شَماتةَ أَعْداءٍ شُهودٍ و غُيَّب‏

و أَبْرَمُ: موضع، و قيل نَبْت «2»؛ مثَّل به سيبويه و فسَّره السيرافي. و بَرامٌ و بِرامٌ: موضع؛ قال لبيد:
أَقْوى فَعُرِّيَ واسطٌ فبِرامُ             من أَهْلِه، فَصُوَائِقٌ فَخُزامُ‏

و بُرْمٌ: اسم جبل؛ قال أَبو صخر الهذلي:
و لو أَنَّ ما حُمِّلْتُ حُمِّلَه             شَعَفَاتُ رَضْوَى، أَو ذُرَى بُرْم‏

برجم:
ابن دريد: البَرْجَمةُ غِلَظُ الكلام. و
في حديث الحجاج: أَ مِنْ أَهْل الرَّهْمَسَة و البَرْجَمة أنت؟.
__________________________________________________
 (2). قوله [و أبرم موضع و قيل نبت‏] ضبط في الأَصل و القاموس و التكملة بفتح الهمزة، و في ياقوت بكسرها و صوبه شارح القاموس.

45
لسان العرب12

برجم ص 45

البَرْجَمة، بالفتح: غِلَظ في الكلام. الجوهري: البُرْجُمَة، بالضم، واحدة البَراجِمِ و هي مَفاصِل الأَصابع التي بين الأَشاجِع و الرَّواجِب، و هي رؤوس السُّلامَيَات من ظَهْر الكف إِذا قَبَض القابض كفَّه نَشَزَت و ارتفعت. ابن سيدة: البُرْجُمةُ المَفْصِل الظاهر من المَفَاصِل، و قيل: الباطِن، و قيل: البَراجِمُ مَفاصِل الأَصابع كلها، و قيل: هي ظُهور القَصَب من الأَصابع. و البُرْجُمةُ: الإِصْبَعُ الوُسْطى من كل طائر. و البَراجِم: أَحْياءٌ من بني تميم، من ذلك، و ذلك أَن أَباهُمْ قبَض أَصابعه و قال: كونوا كَبرَاجِم يَدِي هذه أي لا تَفَرَّقُوا، و ذلك أَعزُّ لكم؛ قال أَبو عبيدة: خَمسة من أَولادِ حَنْظلة ابن مالك بن عمرو بن تميم يقال لهم البَراجِم، قال ابن الأَعرابي: البَراجِمُ في بني تميم: عمرو و قَيْس و غالِب و كُلْفَة و ظُلَيْم، و هو بنو حَنْظلة بن زيد مَناة، تَحالَفوا على أَن يكونوا كبَراجِم الأَصابع في الاجتماع. و من أَمثالهم: إِنَّ الشَّقِيَّ راكِبُ البراجِمِ،
و كان عمرو بن هِنْد له أخٌ فقتله نَفَر من تميم فآلى أن يَقْتُل به منهم مائة فقتل تسعةً و تسعين، و كان نازلًا في ديار بني تميم، فأَحْرَق القَتْلى بالنار، فمرَّ رجل من البَراجِم و راحَ رائحةَ حَرِيق القَتْلى فَحسبه قُتَارَ الشِّواء فمال إِليه، فلمَّا رآه عَمْرو قال له: ممَّن أنت؟ فقال: رجل من البَراجِم، فقال حينئذ: إِنَّ الشَّقِيَّ راكبُ البراجِم، و أَمَر فقُتِلَ و أُلْقِيَ في النار فَبرَّت به يَمينه.
و في الصحاح: إِن الشَّقِيَّ وافِدُ البَراجِم، و ذلك أَن عمرو بن هِنْد كان حلف ليُحْرِقَنَّ بأَخيه سعدِ بن المُنْذِر مائة، و ساق الحديث، و سمَّت العرب عمرو بن هِنْد مُحَرِّقاً لذلك. التهذيب: الرَّاجِبَةُ البُقْعة المَلْساء بين البراجِم. قال: و البراجِمُ المُشَنَّجاتُ في مَفاصِل الأَصابع، و في موضع آخر في ظُهور الأَصابع، و الرَّواجِبُ ما بينها، و في كلّ إصبع ثلاث بُرْجمات إلا الإِبهام، و في موضع آخر: و في كل إصبع بُرْجُمَتان. أَبو عبيد: الرَّواجِمُ «1» و البَراجِمُ مَفاصِل الأَصابع كُلِّها. و
في الحديث: من الفِطْرة غَسْلُ البَراجِمِ.
؛ هي العُقَدُ التي تكون في ظُهور الأَصابع يَجْتَمع فيها الوَسَخ.
برسم:
البِرسامُ: المُومُ. و يقال لهذه العِلَّة البِرسامُ، و كأَنه معرَّب، و بر: هو الصدر، و سَام: من أَسماء الموت، و قيل: معناه الابن، و الأَول أَصحُّ لأَن العلَّة إِذا كانت في الرأْس يقال سِرْسام، و سِرْ هو الرأْس، و المُبَلْسَم و المُبَرْسَم واحد. الجوهري: البِرْسامُ علَّة معروفة، و قد بُرْسِمَ الرجل، فهو مُبَرْسَمٌ. قال: و الإِبْرِيسَم معرب و فيه ثلاث لغات، و العرب تخلط فيما ليس من كلامها؛ قال ابن السكيت: هو الإِبريسَم، بكسر الهمزة و الراء و فتح السين، و قال: ليس في كلام العرب «2» إفْعِيلِل مثل إهْليلَج و إبْريسَم، و هو ينصرف، و كذلك إِن سمَّيت به على جهة التَّلْقيب انصرف في المعرفة و النَّكِرة، لأَن العرب أَعْرَبَته في نَكِرَته و أَدْخَلَت عليه الأَلف و اللام و أَجْرته مجْرى ما أَصل بنائهِ لهم، و كذلك الفِرِنْدُ و الدِّيباجُ و الرَّاقُودُ و الشِّهْريز و الآجُرُّ و النَّيْرُوزُ و الزَّنْجَبِيل، و ليس كذلك إسحق و يعقوب و إبراهيم، لأَن العرب ما أَعربتها إلّا في حال‏
__________________________________________________
 (1). قوله [الرواجم‏] هو بالميم في الأَصل، و في التهذيب بالباء، و في المصباح نقلًا عن الكفاية: البراجم رؤوس السلاميات و الرواجم بطونها و ظهورها.
 (2). قوله [ليس في كلام العرب إلخ‏] عبارة الصحاح نقلًا عن ابن السكيت أَيضاً: و ليس في الكلام افعيلل بالكسر و لكن افعيلل مثل إهلِيلَج إلخ، ففي العبارة سقط ظاهر، و تقدم له في هلج مثل ما في الصحاح.

46
لسان العرب12

برسم ص 46

تعْريفها و لم تنطِق بها إلا مَعارف و لم تنقُلْها من تَنْكِير إِلى تَعْريف؛ قال ابن بري: و منهم من يقول أَبْرَيْسَم، بفتح الهمزة و الراء، و منهم من يكسر الهمزة و يفتح الراء؛ قال ذو الرمة:
كأَنَّما اعْتَمَّتْ ذُرَى الأَجْبالِ             بالقَزِّ، و الإِبْرَيْسَمِ الهَلْهالِ‏

برشم:
البَرْشَمةُ: تلوين النُّقَطِ. و بَرْشَم الرجلُ: أَدامَ النظر أَو أَحَدَّه، و هو البِرْشامُ، و البِرْشامُ: حِدَّةُ النظَر. و المُبَرْشِمُ: الحادُّ النظر، و هي البَرْشَمة و البَرْهَمة؛ قال ابن بري: و أَنشد أَبو عبيدة للكميت:
أَ لُقْطَةَ هُدْهُدٍ و جُنُودَ أُنْثى             مُبَرْشِمَةً، أَ لَحْمِي تَأْكلونا؟

و
في حديث حُذيفة: كان الناس يَسأَلون رسولَ الله، صلى الله عليه و سلم، عن الخَيْر و كنت أَسْأَلُه عن الشرِّ فبَرْشَموا له.
أَي حَدَّقوا النظر إِليه. و البَرْشَمة: إدامةُ النَّظر. و رجل بُراشِم: حَديدُ النظرَ. و بَرْشَمَ الرجل إِذا وَجَمَ و أَظهر الحُزْن. و البُرْشُم: البُرقُعُ؛ عن ثعلب؛ و أنشد:
غَداةَ تَجْلُو واضِحاً مُوَشَّما،             عَذْباً لها تُجْري عليه البُرْشُما

و البُرْشومُ: ضرْب من النخل، واحدته بُرْشومةٌ، بالضم لا غير؛ قال ابن دُريد: لا أَدْري ما صحَّته؛ و قال أَبو حنيفة: البُرْشومُ جِنْس من التمر، و قال مرَّة: البُرْشُومةُ و البَرْشُومةُ، بالضم و الفتح، أَبْكَرُ النخْل بالبَصرة. ابن الأَعرابي: البُرْشُومُ من الرُّطَب الشَّقمُ، و رُطَب البُرْشُوم يتقدَّم عند أَهل البصرة على رُطَب الشِّهْريزِ و يُقْطَع عِذْقُه قبله، و الله أعلم.
برصم:
البُرْصُوم: عِفاصُ القارُورةِ و نحوِها في بعض اللغات.
برطم:
البِرْطامُ و البُراطِمُ: الرجل الضَّخْم الشَّفَة. و شَفةٌ بِرْطامٌ: ضخمة، و الاسم البَرْطَمة، و البَرطَمَةُ: عُبوس في انتِفاخ و غَيْظ: قال:
مُبَرْطِمٌ بَرْطَمة الغَضْبانِ،             بِشَفةٍ ليستْ على أَسْنانِ‏

تقول منه: رأَيتُه مُبَرْطماً، و ما أَدْري ما الذي بَرْطَمهُ. و البَرْطَمةُ: الانتفاخُ من الغضَب. و يقال للرجل: قد بَرْطَم بَرْطَمةً إِذا غضِب، و مثله اخْرَنْطَم. و جاء فلان مُبْرَنْطِماً إِذا جاء مُتَغَضِّباً. و بَرْطَم الليلُ إِذا اسودّ. الكسائي: البَرْطَمَةُ و البَرْهَمةُ كهيئة التَّخاوُص. و تَبَرْطَمَ الرجل أي تغضَّب من كلام. و بَرْطَم الرجل إِذا أَدْلى شَفَتَيْه من الغَضب. و
في حديث مجاهد في قوله عز و جل: وَ أَنْتُمْ سامِدُونَ، قال: هي البَرْطَمةُ و هو الانتفاخُ من الغضَب.
و رجل مُبَرْطِمٌ: مُتَكَبِّر، و قيل: مُقَطِّب مُتَغَضِّب، و السامِدُ الرافع رأْسه تكبراً.
برعم:
البُرْعُمُ و البُرْعومُ و البُرْعُمةُ و البُرْعُومةُ، كلُّه: كِمُّ ثَمَر الشجَر و النَّوْر، و قيل: هو زَهْرَةُ الشجرة و نَوْرُ النَّبْتِ قبل أَن يَتَفَتَّح. و بَرْعَمتِ الشجرة، فهي مُبَرْعِمةٌ و تَبَرْعَمتْ: أَخرجت بُرْعُمَتَها؛ و منه قول الشاعر:
الآكِلين صَريحَ مَحْضِهما،             أَكْلَ الحُبارى بُرْعُمَ الرُّطْب‏

47
لسان العرب12

برعم ص 47

و بَراعِيمُ الجبال: شَماريخها، واحداتها بُرْعُومةٌ. و البَراعِيمُ: أَكْمامُ الشجر فيها الثَّمرة، و فسَّر مُؤرّج قول ذي الرمة:
         فيها الدِّهابُ و حَفَّتْها البَراعِيم‏


فقال: هي رِمالٌ فيها داراتٌ تُنْبِت البَقل. و البَراعِيمُ: اسم موضع؛ قال لبيد:
كأَنَّ قُتُودي فوق جَأْبٍ مُطَرَّدٍ،             يُريدُ نَحُوصاً بالبَراعِيمِ حائلا

برهم:
بَرْهَمةُ الشجَر: بُرْعُمَتُهُ، و هو مُجْتَمَعُ ورَقه و ثَمره و نَوْره. و بَرْهَمَ: أَدام النظَر؛ قال العجاج:
بُدَّلْنَ بالنّاصعِ لَوْناً مُسْهَما،             و نَظَراً هَوْنَ الهُوَيْنا بَرْهَما

و يروى:
... دون الهُوَيْنا ...


؛ و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
عَذْب اللِّثى تَجْرى عليه البرْهَما


قال: البَرْهَمُ من قولهم بَرْهَمَ إِذا أَدام النظرَ؛ قال ابن سيدة. و هذا إِذا تأَمَّلْته وجَدْته غير مُقْنِع. الأَصمعي: بَرْهَمَ و بَرْشَم إِذا أَدام النظر. غيرهُ: البَرْهَمةُ إدامةُ النظَر و سكون الطَّرْف. الكسائي: البَرْطَمةُ و البَرْهَمَةُ كهيئة التَّخاوُص. و إبراهيم: اسم أَعجمي و فيه لغات: إبْراهامُ و إبْراهَم و إبْراهِمُ، بحذف الياء؛ و قال عبد المطلب:
عُذْتُ بما عاذَ به إبْراهِمُ             مُسْتَقْبِلَ القِبْلةِ، و هْو قائمُ،
إني لك اللَّهمَّ عانٍ راغِمُ‏


و تصغيرُ إبراهيم أُبَيْرِةٌ، و ذلك لأَن الأَلف من الأَصل لأَن بعدَها أَربعة أَحرف أُصول، و الهمزة لا تُلْحق ببَنات الأَربعة زائدة في أَوَّلها، و ذلك يُوجِب حَذف آخره كما يُحذف من سَفَرْجَل فيقال سُفَيْرج، و كذلك القولُ في إسماعيل و إسرافيل، و هذا قولُ المبرّد، و بعضُهم يتوهَّم أَن الهمزة زائدة إِذا كان الاسم أعْجميّاً فلا يُعْلَم اشتِقاقُه، فيصغِّره على بُرَيْهِيمٍ و سُمَيْعيلٍ و سُرَيْفيلٍ، و هذا قول سيبويه و هو حسن، و الأَوَّل قِياسٌ، و منهم مَن يقول بُرَيْهٌ بطَرْح الهمزة و الميم. و البَراهِمةُ: قوم لا يُجَوِّزُونَ على الله تعالى بِعْثةَ الرسل.
بزم:
البَزْمُ: شدَّةُ العَضّ بالثَّنايا و الرَّباعِيَات، و قيل: هو العَضُّ بمقدَّمِ الفَمِ، و هو أَخف العَضِّ؛ و أَنشد:
و لا أَظُنُّكَ، إِن عَضَّتْكَ بازِمَةٌ             من البَوازِمِ، إلَّا سَوْفَ تَدْعوني‏

بَزَمَ عليه يَبْزِمُ بَزْماً أَي عَضَّ بمقدَّم أَسْنانِه. و المِبْزَمُ: السنُّ لذلك، و أَهل اليَمن يُسمون السِّنَّ البَزَمَ. أَبو زيد: بَزَمْتُ الشي‏ء و هو العَضُّ بالثَّنايا دون الأَنْياب و الرَّباعِيَات، أُخِذ ذلك من بَزْمِ الرامي، و هو أَخْذُه الوَتَر بالإِبْهام و السبَّابة ثم يُرْسِل السَّهْمَ، و الكَدْمُ بالقَوادِم و الأَنْيابِ، و البَزْمُ و المَصْرُ الحَلْب بالسبَّابة و الإِبْهامِ. و بَزَمَ الناقةَ يَبْزِمُها و يَبْزُمُها بَزْماً: حَلَبها بالسبَّابةِ و الإِبْهام فقط. و البَزْمُ: أَن تأْخُذ الوَتَرَ بالسبَّابة و الإِبْهام ثم تُرْسِله. و البَزْمُ: صَريمة الأَمر. و هو ذو مُبازَمة أي ذو صَريمَةٍ للأَمر. و فلان ذو بازِمَةٍ أي ذُو صَرِيمةٍ للأَمْر؛ قال ذو الرمة يَصف فَلاةً أَجْهَضَت الركابُ فيها أَولادَها:
بها مُكَفَّنَةٌ أَكْنافُها قَسَبٌ،             فَكَّتْ خَواتِيمَها عنها الأَبازِيم‏

48
لسان العرب12

بزم ص 48

بها: بهذه الفَلاة أَولادُ إِبلٍ أَجْهَضَتْها فهي مُكَفَّنَة في أَغْراسِها، فَكَّتْ خَواتِيمَ رَحِمِها عنها الأَبازِيم، و هي أَبازيمُ الأَنْساعِ. و البَزْمةُ: وَزْنُ ثلاثين، و الأُوقِيَّة أَربعون، و النَّشُّ وَزْنُ عشرين. و البَزمةُ: الشدّةُ. و البَوازِمُ: الشَّدائدُ، واحدتها بازِمةٌ؛ و أَنشد لعنترة بن الأَخرس:
خَلُّوا مَراعِي العينِ، إِنَّ سَوامَنَا             تَعَوَّدُ طُولَ الحَبْسِ عندَ البَوازِمِ‏

و يقال: بَزَمَتْه بازِمَةٌ من بَوازِمِ الدَّهْر أَي أَصابَتْه شدّة من شدائده. و بَزَمَ بالعِبْ‏ءِ: نَهَضَ و استمرَّ به. و بَزَمَه ثَوْبَه بَزْماً: كَبَزَّه إِيَّاه؛ عن كراع. و البَزِيمُ: الخُوصةُ يشدُّ بها البَقْلُ. الليث: البَزِيمُ و هو الوَزِيمُ حُزْمةٌ من البَقْل؛ و قول الشاعر:
و جاؤوا ثائرِين، فلم يؤُوبوا             بأُبْلُمةٍ تُشَدُّ على بَزِيمِ‏

قال: فيروَى بالباء و الراء، و يقال: هو باقةُ بَقْل، و يقال: هو فَضْلة الزادِ، و يقال: هو الطَّلْع يُشقُّ ليُلْقَحَ ثم يُشَدُّ بِخُوصة؛ قال ابن بري: و يُروى بالواو: تُشَدُّ على وَزِيمِ. و هو يأكل البَزْمَة و الوَزْمَةَ إِذا كان يأْكل وَجْبَةً أَي مرة واحدة في اليوم و الليلة. و البَزِيمُ: ما يَبْقَى من المَرَق في أَسفل القِدْر من غير لَحْم، و قيل: هو الوَزيم. و الإِبْزيمُ و الإِبْزامُ: الذي في رأس المِنْطَقة و ما أَشبهه و هو ذو لِسانٍ يُدْخَل فيه الطَرَف الآخر، و الجمع الأَبازيمُ. و قال ابن شميل: الحَلْقة التي لها لِسان يدخَل في الخَرْق في أَسفل المِحْمَل ثم تعضّ عليها حَلْقَتها، و الحَلْقة جميعاً إبْزيمٌ، و هو الجَوامِع تَجْمع الحَوامِلَ، و هي الأَوازِمُ قد أَزَمْنَ عليه. أَراد بالمِحْمَل حَمائل السيف. و البَزيمُ: خَيْط القِلادة «1»؛ قال الشاعر:
هُمُ ما هُمُ في كل يَومِ كَريهة،             إِذا الكاعِبُ الحَسْناء طاحَ بَزيمُها

و قال جرير في البَعِيث:
تَركناك لا تُوفي بِجارٍ أَجَرْتَهُ،             كأَنَّك ذاتُ الوَدْعِ أَوْدى بَزيمُها

قال ابن بري: الإِبْزيمُ حديدةٌ تكون في طرَف حزام السرْج يَسْرَج بها، قال: و قد تكون في طَرف المِنْطَقة؛ قال مُزاحِم:
تُباري سَديساها، إِذا ما تَلَمَّجَت،             شَباً مِثل إِبْزيمِ السلاح المُوشَّلِ‏

و قال العجاج:
يَدُقُّ إبْزيمَ الحِزام جُشَمُهْ‏


و قال آخر:
لولا الأَبازيمُ، و إنَّ المِنْسَجا             ناهى عنِ الذِّئْبَةِ أَن تَفَرَّجا

و يقال للإِبْزيمِ أَيضاً زِرْفين و زُرْفين، و يقال للقُفْل أَيضاً الإِبْزيم، لأَن الإِبْزِيم هو إِفْعِيل من بزَم إِذا عضَّ، و يقال أَيضاً إِبْزين، بالنون؛ قال أَبو دواد:
__________________________________________________
 (1). قوله [و البزيم خيط القلادة إلخ‏] مثله في الصحاح، و قال في القاموس تبعاً للصاغاني: و قول الجوهري البزيم خيط القلادة تصحيف و صوابه بالراء المكررة في اللغة، و في البيتين الشاهدين، و قال شارحه: و البريم في البيتين ودع منظوم يكون في أحقي الإِماء، ثم قال: و ذات الودع الأَمة لأَن الودع من لباس الإِماء و إنما أراد أَن أمة أمة.

49
لسان العرب12

بزم ص 48

من كُلِّ جَرْداء قد طارتْ عَتِيقَتُها،             و كُلِّ أَجْرَد مُسْتَرْخي الأَبازِينِ‏

و يقال: إِنَّ فلاناً لإِبْزيمٌ أَي بَخِيل.
بسم:
بَسَمَ يَبْسِم بَسْماً و ابْتَسَمَ و تَبَسَّم: و هو أَقلُّ الضَّحِك و أَحَسنُه. و في التنزيل: فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها
؛ قال الزجاج: التَّبَسُّم أكثرُ ضَحِك الأَنبياء، عليهم الصلاة و السلام. و قال الليث: بَسَمَ يَبْسم بَسْماً إِذا فَتَح شَفَتَيه كالمُكاشِر، و امرأَة بَسَّامةٌ و رجل بَسَّامٌ. و
في صفته، صلى الله عليه و سلم: أَنه كان جلُّ ضَحِكهِ التَّبَسُّم.
و ابْتَسَمَ السحابُ عن البَرْق: انْكَلَّ عنه.
بسطم:
الجوهري: بِسْطامُ ليس من أَسماء العرب، و إنما سَمَّى قيسُ بنُ مسعود ابنَه بِسْطاماً باسم ملك من مُلوك فارِس، كما سَمَّوا قابُوس و دَخْتَنُوس، فعرَّبوه بكسر الباء؛ قال ابن بري: إِذا ثبَت أَن بِسْطام اسم رجل مَنْقول من اسم بسْطام الذي هو اسم ملِك من مُلوك فارس فالواجبُ تَرْكُ صَرْفه للعُجْمة و التَّعْريف، قال: و كذلك قال ابن خالويه ينبغي أَن لا يُصْرف.
بشم:
البَشَم: تُخَمَةٌ على الدَّسَمِ، و ربما بَشِمَ الفَصِيلُ من كثرة شُرْب اللبَن حتى يَدْقى سَلْحاً فَيَهلِك. يقال: دَقِيَ إِذا كثُر سَلْحُه. ابن سيدة: البَشَمُ التُّخَمة، و قيل: هو أَن يكثر من الطعام حتى يَكْرُبَه. يقال: بَشِمْت من الطعام، بالكسر؛ و منه قول الحسن: و أنت تَتَجَشَّأُ من الشِّبَع بَشَماً، و أَصله في البهائم، و قد بَشِم و أَبْشَمه الطَّعامُ؛ أَنشد ثعلب للحذلميّ:
و لم يُجَشِّئْ عن طَعام يُبْشِمُهْ‏


قال ابن بري: الرَّجَز لأَبي محمد الفَقْعَسي؛ و قبله:
و لم تَبِتْ حُمَّى به تُوَصِّمُهْ‏


و بعده:
كأنَّ سَفُّودَ حَديدٍ مِعْصَمُه‏


و
في حديث سمُرة بن جُنْدَب: و قيل له إِنَّ ابنَك لم يَنَمِ البارِحةَ بَشَماً، قال: لو مات ما صلَّيْت عليه.
؛ البَشَمُ: التُّخَمة عن الدَّسَم؛ و رجل بَشِمٌ، بالكسر. و بَشِمَ الفَصِيلُ: دَقِيَ من اللبَن فكثر سَلْحُه. و بَشِمْت منه بَشماً أَي سَئمْت. و البَشامُ: شجر طيِّب الريح و الطَّعْم يُستاكُ به. و
في حديث عُبادة: خيرُ مالِ المُسْلِم شاةٌ تأْكلُ من ورَق القَتاد و البَشام.
و
في حديث عَمرو بن دِينار: لا بأسَ بنَزْع السِّواك من البَشامةِ.
و
في حديث عُتْبة بن غَزْوان: ما لنا طَعام إلا ورق البَشام.
؛ قال أَبو حنيفة: البَشام يُدَقُّ ورَقُه و يُخْلَط بالحِنَّاء للتَّسْويد. و قال مرَّة: البَشام شجَر ذو ساقٍ و أَفْنانٍ و ورَقٍ صِغار أكبر من ورق الصَّعْتَر و لا ثَمَر له، و إِذا قُطِعت وَرقَتُه أَو قُصِف غُصْنُه هُريقَ لبَناً أَبيض، واحدته بَشامة؛ قال جرير:
أَ تَذْكُر يومَ تَصْقُل عارِضَيْها             بِفَرعِ بَشامةٍ؛ سُقِيَ البَشامُ‏

يعني أَنها أَشارَتْ بسِواكِها، فكان ذلك وداعَها و لم تتكلَّم خِيفة الرُّقَباء؛ و صدر هذا البيت في التهذيب:
أَ تَذْكُر إِذ تُوَدِّعُنا سُلَيْمَى‏


و بَشامةُ: اسم رجل سمي بذلك.
بصم:
رجلٌ ذو بُصْمٍ: غليظ. و ثوبٌ له بُصْمٌ إِذا كان كَثِيفاً كثير الغَزْل. و البُصْمُ: فَوْتُ ما بين‏

50
لسان العرب12

بصم ص 50

طَرَفِ الخِنْصِر إِلى طرَف البِنْصِر؛ عن أَبي مالك و لم يجئ به غيره. ابن الأَعرابي: يقال ما فارَقْتُك شِبْراً و لا فِتْراً و لا عَتَباً و لا رَتَباً و لا بُصْماً؛ قال: البُصْم ما بين الخِنْصِر و البِنْصِر، و العَتَب و الرَّتَب مذكوران في مواضِعهما، و هو ما بين الوسَط و السَّبابة، و الفتر ما بين السَّبابة و الإِبْهام، و الشِّبْرُ ما بين الإِبهام و الخِنْصِر، و الفوْت ما بين كل أُصْبُعَيْن طُولًا.
بضم:
ما له بُضْمٌ أَي نفْس. و البُضُمُ أَيضاً: نَفْس السُّنبلة حين تخرُج من الحبَّة فَتَعْظُم. و بَضَمَ الحبُّ: اشتدّ قليلًا.
بطم:
البُطْمُ: شجَر الحبَّةِ الخَضْراء، واحدته بُطمةٌ، و يقال بالتشديد، و أهل اليمن يسمُّونها الضَّرْو. و البُطْمُ: الحبَّة الخَضْراء، عند أَهل العالِية. الأَصمعي: البُطُمُ، مثقَّلة، الحبَّة الخَضْراء. و البُطَيْمة: بُقْعة معروفة؛ قال عديّ بن الرِّقاع:
و عُونٍ يُباكِرْنَ البُطَيْمَة مَوْقِعا،             حَزأْنَ فما يَشْرَبْنَ إِلّا النَّقائِعا

بغم:
بُغَامُ الظَّبْيَة: صَوْتُها. بَغَمَتِ الظَّبْيةُ تَبْغَمُ و تَبْغِمُ و تَبْغُمُ بُغاماً و بُغُوماً، و هي بَغُومٌ: صاحتْ إِلى ولَدها بأَرْخَم ما يكون من صوْتها. و بَغَمْتُ الرجلَ إِذا لم تُفْصِح له عن معنى ما تُحَدِّثه به؛ قال ذو الرمة:
لا يَنْعَشُ الطَّرْفَ إِلّا ما تَخَوَّنَهُ،             داعٍ يُنادِيهِ باسْمِ الماء مَبْغُومُ‏

وَضَع مَفْعولًا مكان فاعِل. و المَبْغُومُ: الولد، و أُمُّه تَبْغُمُه أَي تَدْعوه، و البَقَرةُ تَبْغُم، و قوله داعٍ يُناديه حكى صوْت الظَّبْية إِذا صاحت ماءْ ماءْ، و داعٍ هو الصوْتُ، مَبْغُوم يقال بُغام مَبْغُوم كقولك قوْلٌ مَقُول، يقول: لا يَرْفَع طَرْفه إِلّا إِذا سمع بُغام أُمِّه. و بُغامُ الناقة: صَوْتٌ لا تُفْصِح به؛ و منه قول ذِي الخِرَق:
حَسِبْتَ بُغامَ رَاحِلَتي عَناقاً،             و ما هِيَ، وَيْبَ غَيْرِك، بالعَناقِ‏

و باغَمَ فلان المرأةَ مُباغَمةً إِذا غازَلها بكلامه؛ قال الأَخطل:
حَثُّوا المَطِيَّ فَوَلَّوْنا مَناكِبَها،             و في الخُدُورِ، إِذا باغَمْتَها، صُوَرُ «2».

و بَغَمتِ الناقة تَبْغِمُ، بالكسر، بُغاماً: قَطَّعَتِ الحَنِينَ و لم تَمُدَّه و يكون ذلك للبعير؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
بِذِي هِبابٍ دائبٍ بُغامُهُ‏


و قال ذو الرمة:
أُنِيخَتْ، فأَلْقَتْ بَلْدَةً فَوق بَلْدةٍ             قَلِيلٍ بها الأَصْواتُ، إلَّا بُغامُها

و
في الحديث: كانت إِذا وَضَعَت يَدَها على سَنامِ بعيرٍ أَو عَجُزه رفَع بُغامَه.
؛ البُغامُ: صوْت الإِبل. و المُباغَمةُ: المُحادثةُ بصَوْتٍ رَخِيمٍ؛ قال الكميت:
يَتَقَنَّصْنَ لي جآذِرَ كالدّرِّ،             يُباغِمْنَ من وَراء الحِجاب‏

و امرأَة بَغُومٌ: رَخِيمةُ الصَّوْت. و قال بعضهم: ما كان من الخُفِّ خاصة فإنه يقال لصَوْته إِذا بَدا البُغامُ، و ذلك لأَنه يُقَطِّعه و لا يَمُدُّه. و بَغَم‏
__________________________________________________
 (2). و في رواية أخرى: الصور بدل صور.

51
لسان العرب12

بغم ص 51

الثَّيْتَلُ و الأَيِّل يَبْغَم: صوَّت، و ربما اسْتُعْمِل البُغامُ في البَقَرَة؛ قال لبيد يصف بقرةَ وَحْشٍ:
خَنْساء ضَيَّعَتِ الفَرِيرَ، فلم يَرِمْ             عُرْضَ الشَّقائقِ طَرْفُها و بُغامُها «1».

و تَبَغَّم في ذلك كله: كَبَغَم؛ قال كثيِّر عزَّة:
إِذا رُحِلَتْ منها قَلُوصٌ تَبَغَّمَتْ،             تَبَغُّمَ أُمِّ الخِشْفِ تَبْغِي غَزالَها

و بَغَمَ بَغْماً: كَنَغَمَ نَغْماً؛ عن كراع؛ قال ابن دُريد: و أَحسَبُهُم قد سَمَّوْا بَغُوماً.
بغثم:
بَغْثَمٌ: اسمٌ.
بقم:
البُقامةُ: الصُّوفةُ يُغْزَل لُبُّها و يَبْقَى سائرُها، و بُقامةُ النَّادِف: ما سقَط من الصُّوفِ لا يقْدر على غَزْلِه، و قيل: البُقامةُ ما يُطَيِّره النجَّادُ؛ و قوله أَنشده ثعلب:
إِذا اغْتَزَلَتْ من بُقام الفَرِيرِ،             فَيا حُسْنَ شَمْلَتها شَمْلَتا
و يا طِيبَ أَرْواحِها بالضُّحَى             إِذا الشَّمْلَتان لهَا ابتُلَّتَا

قال ابن سيدة: يجوز أَن يكون البُقامُ هنا جمع بُقامَة، و أَن يكون لغة في البُقامةِ، قال: و لا أَعرفها، و أَن يكون حذف الهاء للضرورة؛ و قوله شَمْلَتا كأَنَّ هذا يقول في الوَقْف شَمْلَت ثم أَجْراها في الوَصْل مُجْراها في الوَقْف. و ما كان فُلان إلَّا بُقامَةً من قِلَّة عَقْلِه و ضعفه شُبِّه بالبُقامة من الصُّوف. و قال اللحياني: يقال للرجل الضعيف: ما أَنت إلا بُقامةٌ، قال فلا أَدري أَ عَنَى الضعيفَ في عَقْله أَمِ الضعِيفَ في جسمه. التهذيب: روى سلمة عن الفراء البُقامةُ ما تَطاير من قَوْس الندَّاف من الصُّوف. و البَقَّمُ: شَجر يُصْبغ به، دَخِيل معرَّب؛ قال الأَعشى:
بكأسٍ و إبْرِيقٍ كأَنَّ شَرابَها،             إِذا صُبَّ في المِسْحاة، خالَطَ بَقَّمَا

الجوهري: البَقَّمُ صِبْغ معروف و هو العَنْدَمُ؛ قال العجاج:
بِطَعْنَةٍ نَجْلاءَ فيها أَلَمُهْ،             يَجِيشُ ما بين تَراقِيه دَمُهْ،
كمِرْجَل الصَّبَّاغ جاش بَقَّمُهْ «2».


قال الجوهري: قلتُ لأَبي عليٍّ الفَسَوِيّ أَ عربيّ هو؟ فقال: معرَّب، قال: و ليس في كلامهم اسم على فَعَّل إلَّا خمسة: خَضَّم بن عَمرو بن تميم و بالفعل سمِّي، و بَقَّم لهذا الصِّبْغ، و شَلَّم موضع الشام، و قيل هو بَيْت المَقْدِس و هُما أَعجميان، و بَذَّر اسم ماء من مياه العرَب، و عَثَّر موضع؛ قال: و يحتمل أَن يكونا سمِّيا بالفعْل، فثَبَت أَن فَعَّل ليس في أُصول أَسمائهم و إنما يختصُّ بالفِعْل فإذا سمَّيْت به رجلًا لم يَنصرف في المَعْرفة للتعريف و وزن الفِعْل، و انْصَرَف في النَّكِرة؛ و قال غيره: إِنما عَلِمْنا من بَقَّم أَنه دَخِيل معرَّب لأَنه ليس للعرب بناء على حُكْم فَعَّل، قال: فلو كانت بَقَّم عربيَّة لوُجِدَ لها نظير إلا ما يقال بَذَّر و خَضَّم، هم بَنو العَنْبر من عَمرو بن تميم، و حكي عن الفراء: كل فَعَّل لا
__________________________________________________
 (1). قوله‏
[... طرفها و بغامها]

في المحكم:
... أطوفها و بغامها.

و في المعلقة:
... طَوفها و بغامها.

 (2). قوله [بطعنة إلخ‏] مثله في الصحاح، و قال الصاغاني: الرواية من بين تراقيه، و سقط بين قوله دمه و قوله كمرجل مشطور و هو: تغلي إِذا جاوبها تكلمه.

52
لسان العرب12

بقم ص 52

يَنصرف إلا أَن يكون مؤنثاً «1»؛ قال ابن بري: و ذكر أَبو منصور بن الجَوالِيقِي في المعرَّب: تَوَّج موضع، و كذلك خَوَّد؛ قال جرير:
أَعْطوا البَعِيثَ جَفَّةً و مِنْسَجا،             و افْتَحَلُوه بَقَراً بِتَوَّجَا

و قال ذو الرمة:
و أَعْيُن العِينِ بأَعْلى خَوَّدَا


و شمَّر: اسم فرس؛ قال:
و جَدِّيَ يا حَجَّاجُ فارِسُ شَمَّرَا


و البُقْمُ: قَبيلةٌ.
بكم:
البَكَمُ: الخرَسُ مع عِيّ و بَلَهٍ، و قيل: هو الخرَس ما كان، و قال ثعلب: البَكَمُ أَنْ يُولَدَ الإِنسانُ لا يَنْطِق و لا يَسْمَع و لا يُبْصِر، بَكِمَ بَكَماً و بَكامةً، و هو أَبْكَمُ و بَكِيمٌ أَي أَخْرَس بَيِّن الخَرَس. و قوله تعالى: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ*
؛ قال أَبو إِسحاق: قيل معناه أَنهم بمنزلة من وُلد أَخْرَس، قال: و قيل البُكْمُ هنا المَسْلُوبُو الأَفئدة. قال الأَزهري: بَيْن الأَخْرسِ و الأَبْكَمِ فَرقٌ في كلام العرَب: فالأَخْرسُ الذي خُلِقَ و لا نُطْقَ له كالبَهيمة العَجْماء، و الأَبْكَم الذي للسانه نُطْقٌ و هو لا يعْقِل الجوابَ و لا يُحْسِن وَجْه الكلام. و
في حديث الإِيمان: الصُّمّ البُكْمُ.
؛ قال ابن الأَثير: البُكُم جمع الأَبْكَم و هو الذي خُلِقَ أَخْرَس، و أَراد بهم الرَّعاعَ و الجُهَّالَ لأَنهم لا ينتفعون بالسَّمْع و لا بالنُّطْق كبيرَ منْفعةٍ فكأَنهم قد سُلِبُوهُما؛ و منه‏
الحديث: سَتكونُ فِتنةٌ صَمَّاءُ بَكْماءُ عَمْياءُ.
؛ أَراد أَنها لا تَسْمَع و لا تُبْصِر و لا تَنْطِق فهي لذهاب حَواسِّها لا تُدْرِك شيئاً و لا تُقلِع و لا تَرْتَفِع، و قيل: شَبَّههَا لاخْتِلاطِها و قَتْل البري‏ء فيها و السَّقِيم بالأَصَمّ الأَخْرس الأَعمى الذي لا يَهْتَدِي إِلى شي‏ء، فهو يَخْبِطُ خَبْطَ عَشْواء. التهذيب في قوله تعالى في صِفَة الكُفَّار: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ*
؛ و كانوا يَسْمَعون و يَنْطِقُون و يُبْصرون و لكنهم لا يعُون ما أَنزل الله و لا يتكلَّمون بما أُمروا به، فهم بمنزِلة الصُّمِّ البُكْمِ العُمْي. و البَكِيمُ: الأَبْكَمُ، و الجمع أَبْكامٌ؛ و أَنشد الجوهري:
فَلَيْتَ لِساني كانَ نِصْفَيْنِ: منهما             بَكِيمٌ و نِصفٌ عند مَجْرَى الكَواكِب‏

و بَكُمَ: انقَطع عن الكلام جَهْلًا أَو تَعَمُّداً. الليث: و يقال للرجل إِذا امتنَع من الكلام جَهْلًا أو تَعمُّداً: بَكُمَ عن الكلام. أَبو زيد في النوادر: رجلٌ أَبْكَم و هو العَييُّ المُفْحَم، و قال في موضع آخر: الأَبْكَم الأَقْطَع اللسان، و هو العَييُّ بالجَواب الذي لا يُحسِن وجه الكلام. ابن الأَعرابي: الأَبْكَمُ الذي لا يَعْقِل الجَواب، و جمع الأَبْكَم بُكْمٌ و بُكْمان، و جمع الأَصَمِّ صُمٌّ و صُمَّانٌ.
بلم:
البَلَمةُ: بَرَمةُ العِضاه؛ عن أَبي حنيفة. و البَيلَمُ: القُطْنُ، و قيل: قُطْن القَصَب، و قيل: الذي في جَوْف القَصَبة، و قيل: قُطْن البَرْدِيِّ، و قيل: جَوْزُ القُطْن. و سيف بَيْلَمِيٌّ: أَبْيضُ. و الإِبْلِمُ و الأَبْلَمُ و الأُبْلُمُ و الإِبْلِمَةُ و الأُبْلُمة، كل ذلك: الخُوصةُ. يقال: المالُ بيننا و الأَمْرُ بيننا شِقّ الإِبْلِمَة، و بعضهم يقول: شِقَّ الأُبْلُمة، و هي الخُوصة، و ذلك لأَنها تؤخذ فتُشَقُّ طُولًا على‏
__________________________________________________
 (1). قوله [لا ينصرف إلا أَن يكون مؤنثاً] هكذا في الأَصل و التهذيب.

53
لسان العرب12

بلم ص 53

السَّواء. و
في حديث السقِيفَة: الأَمْرُ بيننا و بينكم كقَدِّ الأُبْلُمة.
؛ الأُبْلُمة، بضم الهمزة و اللام و فتحهما و كسرهما، أَي خُوصة المُقْلِ، و همزتها زائدة، يقول: نحن و إِيَّاكم في الحُكْم سواء لا فَضْل لأَميرٍ على مأمور كالخُوصة إِذا شُقَّتْ باثْنَتَيْن مُتَساوِيتين. الجوهري: الأَبْلَم خُوصُ المُقْل، و فيه ثلاثُ لُغات: أَبْلَم و أُبْلُم و إبْلِم، و الواحدة بالهاء. و نَخْلٌ مُبَلَّم: حوله الأَبْلَمِ؛ قال:
خَوْد تُرِيكَ الجَسَدَ المُنَعَّما،             كما رأَيتَ الكَثَرَ المُبَلَّمَا

قال أَبو زياد: الأَبْلَم، بالفَتح، بَقْلة تخْرج لها قُرُونٌ كالباقِلّى و ليس لها أَرُومةٌ، و لها وُرَيْقة مُنْتَشِرة الأَطْراف كأَنها ورَق الجَزَر؛ حكى ذلك أَبو حنيفة. و البَلَمُ و البَلَمَةُ: داءٌ يأخذ الناقة في رَحِمِها فتَضيق لذلك، و أَبْلَمتْ: أَخذها ذلك. و البَلَمةُ: الضَّبَعةُ، و قيل: هي ورَمُ الحَياء من شدة الضَّبَعة. الأَصمعي: إِذا وَرِمَ حياءُ الناقة من الضَّبَعةِ قيل: قد أَبْلَمتْ، و يقال بها بَلَمَةٌ شديدة. و المُبْلِمُ و المِبْلامُ: الناقة التي لا تَرْغُو من شِدَّة الضَّبَعَةِ، و خصَّ ثعلب به البَكْرة من الإِبل؛ قال أَبو الهَيثم: إنما تُبْلِمُ البَكْرات خاصَّة دون غيرها؛ قال نصير: البَكْرة التي لم يَضْرِبْها الفحل قطُّ فإِنها إِذا ضَبِعَتْ أَبْلَمَتْ فيقال هي مُبْلِمٌ، بغير هاء، و ذلك أَن يَرِمَ حَياؤُها عند ذلك، و لا تُبْلِمُ إلَّا بَكْرة، قال أَبو منصور: و كذلك قال أَبو زيد: المُبْلِمُ البَكْرةُ التي لم تُنْتَج قطُّ و لم يَضْرِبها فَحلٌ، فذلك الإِبْلامُ، و إِذا ضربها الفحلُ ثم نَتَجُوها فإِنها تَضْبَع و لا تُبْلِمُ. الجوهري: أَبْلَمت الناقة إِذا وَرِمَ حَياؤها من شدَّة الضَّبَعَةِ، و قيل: لا تُبْلِم إلَّا البَكْرة ما لم تُنْتَج. و أَبْلَمَت شَفَته: وَرِمَتْ، و الاسمُ البَلَمَةُ. و رجل أَبْلَم أَي غَليظُ الشفتَين، و كذلك بعير أَبْلَم و أَبلَم الرجل إِذا وَرِمَتْ شَفَتاه. و رأَيت شَفَتيه مُبْلَمَتَيْن إِذا وَرِمتَا. و التَّبْلِيمُ: التقْبيحُ. يقال: لا تُبَلِّم عليه أَمرَه أَي لا تُقَبِّح أَمْره، مأخوذ من أَبْلَمتِ الناقة إِذا وَرِم حَياؤها من الضَّبَعةِ. ابن بري: قال أَبو عمرو يقال ما سمِعْت له أَبْلَمةً أَي حركة؛ و أَنشد:
فما سمعْت، بعدَ تلك النَّأمهْ،             منها و لا مِنْه هناك أَبْلَمَهْ‏

و
في حديث الدجال: رأَيته بَيْلَمانِيّاً أَقْمَر هِجاناً.
أَي ضخمٌ مُنتَفِخ، و يروى بالفاء. و البَلْماءُ: ليلةُ البَدْر لعِظَم القَمر فيها لأَنه يكون تامّاً. التهذيب: أَبو الهذيل الإِبْلِيمُ العَنْبر؛ و أَنشد:
و حُرَّةٍ غير مِتْفالٍ لَهَوْتُ بها،             لو كان يَخْلُد ذو نُعْمى لِتَنْعيمِ‏
كأَنَّ، فوقَ حَشاياها و مِحْبَسِها،             صَوائرَ المسْك مَكْبُولًا بإِبْلِيمِ‏

أَي بالعَنْبر؛ قال الأَزهري و قال غيره: الإِبْلِيمُ العسَل، قال: و لا أَحفَظُه لإِمامٍ ثقةٍ، و بَيْلَمُ النجَّارِ: لغَة في البَيْرَم.
بلتم:
قال في ترجمة بلدم: البَلَنْدَم و البَلْدَم و البِلْدامة الثَّقِيل المَنْظَر البليدُ، و البَلْتَم لغة في ذلك أَرى.
بلدم:
بَلْدَمُ الفَرس: ما اضْطَرب من حُلْقومه، قال الجوهري و قال الأَصمعي في كتاب الفَرَس: ما

54
لسان العرب12

بلدم ص 54

اضطرب من حُلْقومه و مَريئه و جِرانِه، قال: و قَرَأْته على أَبي سعيد بذال معجمة. البَلْدَمُ: مقدَّم الصَّدْرِ، و قيل: الحُلْقوم و ما اتَّصل به من المَري‏ء، و قيل: هي بالذال، قال ابن بري: و منه قول الراجز:
ما زالَ ذِئْب الرَّقْمَتَيْنِ كلَّما             دارَتْ بِوَجهٍ دارَ مَعْها أَيْنَما،
             حتى اخْتَلى بالنابِ منها البَلْذَما


قال ابن خالويه: بَلْدَمُ الفرس صدْرُه، بالدال و الذال معاً. و بَلْدَمَ الرجلُ بَلْدَمةً إِذا فَرِق فسكَتَ، بدال غير معجمة. و البَلَنْدَم و البَلْدَمُ و البِلْدامةُ: الرجلُ الثقيل في المنظَر البليد في المَخْبَر المضطرب الخلْق، و أَنشد الجوهري:
ما أَنتَ إِلَّا أَعْفَكٌ بَلَنْدَمُ،             هِرْدَبَّةٌ هَوْهاءَةٌ مُزَرْدَمُ‏

قال أَبو منصور: و هذان الحَرْفان أَعني هذا و البَلْدَم: مقدَّم الصدر عند الأَئمة الثِّقات، بالذال المعجمة، و منهم من يَجْعل الدالَ و الذالَ في البَلْدَم لُغَتين. و سيف بَلْدَم: لا يقطع.
بلذم:
البَلْذَمُ: ما اضطرب من المَري‏ء، و كذلك هو من الفَرسِ، و قيل: هو الحُلْقوم. و البَلْذَمُ: البليدُ؛ عن ثعلب، و قد تقدم في ترجمة بلدم، بالدال. ابن شميل: البَلْذَمُ المَري‏ءُ و الحُلْقوم، و الأَوْداجُ يقال لها بَلْذَم. قال: و البَلْذَمُ من الفرس ما اضطرب من حُلْقومه و مَريئه و جِرانه، قرئ على أَبي سعيد بذال معجمة، قال: و المري‏ء مَجْرى الطعام و الشراب، و الجِرانُ الجلْد الذي في باطن الحَلْق متَّصل بالعُنُق، و الحْلْقوم مَخْرَج النفَس و الصوْت. و قال ابن خالويه: بَلْذَم الفرس صدْره، بالدال و الذال معاً.
بلسم:
بَلْسَمَ: سكت عن فَزَع، و قيل: سكت فقط من غير أَن يقَيَّد بفَرَقٍ؛ عن ثعلب. الأَصمعي: طَرْسَم الرجل طَرْسَمةً و بَلْسَمَ بَلْسَمَة إِذا أَطرق و سكَت و فَرِق. و البِلْسامُ: البِرْسامُ؛ قال العجاج يصف شاعراً أَفْحَمَه:
فلم يَزَلْ بالقَوْم و التَّهَكُّمِ «2». حتى التَقَيْنا، و هو مثل المُفْحَمِ،             و اصْفَرَّ حتى آضَ كالمُبَلْسَمِ‏

قال: المُبَلْسَمُ و المُبَرْسَم واحد. قال ابن بري: البِلْسامُ البِرْسامُ و هو المُومُ؛ قال رؤبة:
كأَنَّ بِلْساماً به أَو مُوما


و قد بُلْسِمَ و بَلْسَمَ: كَرَّهَ وجهَه.
بلصم:
بَلْصَم الرجلُ و غيره بَلْصَمةً: فَرَّ.
بلطم:
بَلْطَمَ الرجلُ: سكَت.
بلعم:
البُلْعُم و البُلْعومُ: مَجْرى الطعام في الحَلْق و هو المَري‏ءُ. و
في حديث عليّ: لا يَذهَب أَمرُ هذه الأُمَّة إلا على رجل واسِع السُّرْمِ ضَخْم البُلْعُوم.
؛ يُريدُ على رجل شديد عَسُوف أَو مُسْرِف في الأَمْوال و الدِّماء، فوصفه بسَعة المَدْخَل و المَخْرَج؛ و منه‏
حديث أَبي هريرة: حَفِظْت من رسول الله، صلى الله عليه و سلم، ما لو بَثَثْتُه فيكم لقُطِع هذا البُلْعُوم.
و بَلْعَم اللُّقْمة: أَكلها. و البُلْعومُ: البياض الذي في جَحْفَلة الحِمار في طرَف‏
__________________________________________________
 (2). قوله [فلم يزل بالقوم‏] هكذا في الأَصل بالميم.

55
لسان العرب12

بلعم ص 55

الفم؛ و أَنشد:
بِيض البَلاعِيم أَمثال الخَواتِيم‏


و قال أَبو حنيفة: البُلْعوم مَسِيل يكون في القُفِّ داخل في الأَرض. و البَلْعَمة: الإِبْتِلاعُ. و البَلْعَمُ: الرجل الكثير الأَكل الشديد البَلْع للطعام، و الميم زائدة. و بَلْعَم: اسمُ رجلٍ؛ حكاه ابن دُريد، قال: و لا أَحسبه عربيّاً.
بلغم:
البَلْغَم: خِلْطٌ من أَخلاط الجسَد، و هو أَحد الطّبائع الأَرْبَع.
بمم:
البَمُّ من العُود: معروف أَعجمي. الجوهري: البَمُّ الوَتَر الغليظ من أَوتار المَزاهِر. التهذيب: بَمُّ العُودِ الذي يُضْرَب به هو أَحدُ أَوتارِه، و ليس بعربي. ابن سيدة: و بَمُّ، غير مصروف، أَرض من كِرْمان. و في الحديث: مدينة بكِرْمان، و قيل: موضع؛ قال الطرماح:
ألا أَيها الليل الذي طالَ أَصْبِحِ             بِبَمَّ، و ما الإِصْباح فيك بأَرْوَحِ‏

و أَورد الأَزهري للطِّرِمَّاح:
أَ لَيْلَتَنا في بَمِّ كِرْمانَ أَصْبِحِي‏


بنم:
البَنامُ: لغة في البنَانِ؛ قال عُمر بن أَبي رَبيعة:
فقالتْ و عَضَّتْ بالبنَام: فَضَحْتَني «1».


بهم:
البَهِيمةُ: كلُّ ذاتِ أَربَعِ قَوائم من دَوابّ البرِّ و الماء، و الجمع بَهائم. و البَهْمةُ: الصغيرُ من أَولاد الغَنَم الضأْن و المَعَز و البَقَر من الوحش و غيرها، الذكَرُ و الأُنْثى في ذلك سواء، و قل: هو بَهْمةٌ إِذا شبَّ، و الجمع بَهْمٌ و بَهَمٌ و بِهامٌ، و بِهاماتٌ جمع الجمعِ. و قال ثعلب في نَوادِره: البَهْمُ صِغارُ المعَز؛ و به فسِّر قول الشاعر:
عَداني أَنْ أَزُورَك أَنَّ بَهْمي             عَجايا كلُّها إلا قليلا

أَبو عبيد: يقال لأَوْلاد الغنَم ساعة تَضَعها من الضأْن و المَعَز جميعاً، ذكراً كان أَو أُنثى، سَخْلة، و جمعها سِخال، ثم هي البَهْمَة الذكَرُ و الأُنْثى. ابن السكيت: يقال هُم يُبَهِّمون البَهْمَ إِذا حَرَمُوه عن أُمَّهاتِه فَرَعَوْه وحدَه، و إِذا اجتَمَعَت البِهامُ و السِّخالُ قلت لها جميعاً بِهامٌ، قال: و بَهِيمٌ هي الإِبْهامُ للإِصْبَع. قال: و لا يقال البِهامُ، و الأَبْهم كالأَعْجم. و اسْتُبْهِم عليه: اسْتُعْجِم فلم يَقْدِرْ على الكلام. و قال نفطويه: البَهْمةُ مُسْتَبْهِمَةٌ عن الكلام أَي مُنْغَلِق ذلك عنها. و قال الزجاج في قوله عز و جل: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ‏
؛ و إنما قيل لها بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ‏
 لأَنَّ كلَّ حَيّ لا يميِّز، فهو بَهِيمة لأَنه أُبْهِم عن أَن يميِّز. و يقال: أُبْهِم عن الكلام. و طريقٌ مُبْهَمٌ إِذا كان خَفِيّا لا يَسْتَبين. و يقال: ضرَبه فوقع مُبْهَماً أَي مَغْشيّاً عليه لا يَنْطِق و لا يميِّز. و وقع في بُهْمةٍ لا يتَّجه لها أَي خُطَّة شديدة. و استَبْهَم عليهم الأَمرُ: لم يدْرُوا كيف يأْتون له. و اسْتَبْهَم عليه الأَمر أَي استَغْلَق، و تَبَهَّم أَيضاً إِذا أُرْتِجَ عليه؛ و روى ثعلب أَن ابن الأَعرابي أَنشده:
أَعْيَيْتَني كلَّ العَياءِ،             فلا أَغَرَّ و لا بَهِيم‏

قال: يُضْرَب مثلًا للأَمر إِذا أَشكل لم تَتَّضِحْ جِهَته‏
__________________________________________________
 (1). في ديوان عمر:
... و عضت بالبنان ...

بدل البنام.

56
لسان العرب12

بهم ص 56

و استقامَتُه و معرِفته؛ و أَنشد في مثله:
تَفَرَّقَتِ المَخاضُ على يسارٍ،             فما يَدْرِي أَ يُخْثِرُ أَم يُذِيبُ‏

و أَمرٌ مُبْهَم: لا مَأْتَى له. و اسْتَبْهَم الأَمْرُ إِذا اسْتَغْلَق، فهو مُسْتَبْهِم. و
في حديث عليّ: كان إِذا نَزَل به إحْدى المُبْهَمات كَشَفَها.
؛ يُريدُ مسألةً مُعضِلةً مُشْكِلة شاقَّة، سمِّيت مُبْهَمة لأَنها أُبْهِمت عن البيان فلم يُجْعل عليها دليل، و منه قيل لِما لا يَنْطِق بَهِيمة. و
في حديث قُسّ: تَجْلُو دُجُنَّاتِ «1». الدَّياجي و البُهَم.
؛ البُهَم: جمع بُهْمَة، بالضم، و هي مُشكلات الأُمور. و كلام مُبْهَم: لا يعرَف له وَجْه يؤتى منه، مأخوذ من قولهم حائط مُبْهَم إِذا لم يكن فيه بابٌ. ابن السكيت: أَبْهَمَ عليّ الأَمْرَ إِذا لم يَجعل له وجهاً أَعرِفُه. و إبْهامُ الأَمر: أَن يَشْتَبه فلا يعرَف وجهُه، و قد أَبْهَمه. و حائط مُبْهَم: لا باب فيه. و بابٌ مُبْهَم: مُغلَق لا يُهْتَدى لفتحِه إِذا أُغْلِق. و أبْهَمْت البابَ: أَغلَقْته و سَدَدْته. و ليلٌ بَهيم: لا ضَوء فيه إِلى الصَّباح. و
روي عن عبد الله بن مسعود في قوله عز و جل: إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ، قال: في تَوابيت من حديدٍ مُبْهَمةٍ عليهم.
؛ قال ابن الأَنباري: المُبْهَمة التي لا أَقْفالَ عليها. يقال: أَمرٌ مُبْهَم إِذا كان مُلْتَبِساً لا يُعْرَف معناه و لا بابه. غيره: البَهْمُ جمع بَهْمَةٍ و هي أَولادُ الضأْن. و البَهْمة: اسم للمذكّر و المؤنث، و السِّخالُ أَولادُ المَعْزَى، فإذا اجتمع البهامُ و السِّخالُ قلت لهما جميعاً بِهامٌ و بَهْمٌ أَيضاً؛ و أَنشد الأَصمعي:
لو أَنَّني كنتُ، من عادٍ و مِن إِرَمٍ،             غَذِيَّ بَهْمٍ و لُقْماناً و ذا جَدَنِ‏

لأَنَّ الغَذِيَّ السَّخلة؛ قال ابن بري: قول الجوهري لأَن الغَذِيَّ السَّخْلة وَهَم، قال: و إِنما غَذِيُّ بَهْمٍ أَحدُ أَمْلاك حِمْير كان يُغَذّى بلُحوم البَهْم، قال و عليه قول سلمى بن ربيعة الضبّيّ:
أَهلَك طَسْماً، و بَعْدَهم             غَذِيَّ بَهْمٍ و ذا جَدَنِ‏

قال: و يدل على ذلك أَنه عطف لُقْماناً على غَذِيَّ بَهْمٍ، و كذلك في بيت سلمى الضبيّ، قال: و البيت الذي أَنشده الأَصمعي لأَفْنون التغلبي؛ و بعده:
لَمَا وَفَوْا بأَخِيهم من مُهَوّلةٍ             أَخا السُّكون، و لا جاروا عن السَّنَنِ‏

و قد جَعل لَبيد أَولادَ البقر بِهاماً بقوله:
و العِينُ ساكنةٌ على أَطلائِها             عُوذاً، تأَجَّل بالفَضاء بِهامُها

و يقال: هُم يُبَهِّمُون البَهْمَ تَبْهِيماً إِذا أَفرَدُوه عن أُمَّهاته فَرَعَوْه وحْدَه. الأَخفش: البُهْمَى لا تُصْرَف. و كلُّ ذي أَربع من دوابِّ البحر و البرّ يسمَّى بَهِيمة. و
في حديث الإِيمان و القَدَر: و ترى الحُفاةَ العُراة رِعاءَ الإِبل و البَهْم يَتطاوَلون في البُنْيان.
؛ قال الخطابي: أَراد بِرِعاءِ الإِبِل و البَهْم الأَعْرابَ و أَصحابَ البَوادي الذين يَنْتَجِعون مواقعَ الغَيْث و لا تَسْتَقِرُّ بهم الدار، يعني أَن البلاد تفتَح‏
__________________________________________________
 (1). قوله [تجلو دجنات‏] هكذا في الأَصل و النهاية بالتاء، و في مادة دجن من النهاية: يجلو دجنات بالياء.

57
لسان العرب12

بهم ص 56

فيسكنونها و يَتطاوَلون في البُنْيان، و جاء
في رواية: رُعاة الإِبل البُهُم،.
بضم الباء و الهاء، على نعت الرُّعاة و هم السُّودُ؛ قال الخطابي: البُهُم، بالضم، جمع البَهِيم و هو المجهول الذي لا يُعْرَف. و
في حديث الصلاة: أَنَّ بَهْمَةً مرّت بين يديه و هو يصلِّي.
و
الحديث الآخر: أَنه قال للراعي ما ولَّدت؟ قال: بَهْمة، قال: اذْبَحْ مكانَها شاةً.
؛ قال ابن الأَثير: فهذا يدل على أَن البَهْمة اسم للأُنثى لأَنه إنما سأله ليعلَم أ ذَكَراً ولَّد أَمْ أُنْثى، و إلَّا فقد كان يَعْلم أَنه إنما ولَّد أَحدَهما. و المُبْهَم و الأَبْهَمُ: المُصْمَت؛ قال:
فَهَزَمتْ ظَهْر السِّلامِ الأَبْهَم‏


أَي الذي لا صَدْع فيه؛ و أَما قوله:
لكافرٍ تاهَ ضَلالًا أَبْهَمُه‏


فقيل في تفسيره: أَبْهَمُه قلبُه، قال: و أَراه أَراد أَنَّ قلب الكافر مُصْمَت لا يَتَخَلَّله وعْظ و لا إنْذار. و البُهْمةُ، بالضم الشجاع، و قيل: هو الفارس الذي لا يُدْرَى من أَين يُؤتى له من شدَّة بأْسِه، و الجمع بُهَم؛ و في التهذيب: لا يَدْرِي مُقاتِله من أَين يَدخل عليه، و قيل: هم جماعة الفُرْسان، و يقال للجيش بُهْمةٌ، و منه قولهم فلان فارِس بُهْمةٍ و ليثُ غابةٍ؛ قال مُتَمِّم بن نُوَيْرة:
و للِشرْب فابْكِي مالِكاً، و لِبُهْمةٍ             شديدٍ نَواحِيها على مَن تَشَجَّعا

و هُم الكُماة، قيل لهم بُهْمةٌ لأَنه لا يُهْتَدى لِقِتالهم؛ و قال غيره: البُهْمةُ السوادُ أَيضاً، و في نوادر الأَعراب: رجل بُهْمَةٌ إِذا كان لا يُثْنَى عن شي‏ء أَراده؛ قال ابن جني: البُهْمةُ في الأَصل مصدر وُصف به، يدل على ذلك قولهم: هو فارسُ بُهْمةٍ كما قال تعالى: وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ، فجاء على الأَصل ثم وصف به فقيل رجل عَدْل، و لا فِعْل له، و لا يُوصف النساءُ بالبُهْمةِ. و البَهِيمُ: ما كان لَوناً واحداً لا يُخالِطه غيره سَواداً كان أَو بياضاً، و يقال للَّيالي الثلاث التي لا يَطْلُع فيها القمر بُهَمٌ، و هي جمع بُهْمةٍ. و المُبْهَم من المُحرَّمات: ما لا يحلُّ بوجْهٍ و لا سبب كتحريم الأُمِّ و الأُخْت و ما أَشبَهه. و
سئل ابن عباس عن قوله عز و جل: وَ حَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ، و لم يُبَيّن أَ دَخَل بها الإِبنُ أَمْ لا، فقال ابن عباس: أَبْهِموا ما أَبْهَمَ الله.
؛ قال الأَزهري: رأَيت كثيراً من أَهل العلم يذهَبون بهذا إِلى إِبهام الأَمر و استِبهامِه، و هو إشْكالُه و هو غلَطٌ. قال: و كثير من ذَوي المعرفة لا يميِّزون بين المُبْهَم و غير المُبْهَم تمييزاً مُقْنِعاً، قال: و أَنا أُبيّنه بعَوْن الله عز و جل، فقوله عز و جل: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ وَ عَمَّاتُكُمْ وَ خالاتُكُمْ وَ بَناتُ الْأَخِ وَ بَناتُ الْأُخْتِ، هذا كله يُسمَّى التحريمَ المُبْهَم لأَنه لا يحلُّ بوجه من الوجوه و لا سبب من الأَسباب، كالبَهِيم من أَلوان الخيل الذي لا شِيَةَ فيه تُخالِف مُعْظم لونِه،
قال: و لمَّا سئل ابن عباس عن قوله وَ أُمَّهاتُ نِسائِكُمْ و لم يُبيِّن الله الدُّخولَ بهنَّ أَجاب فقال: هذا من مُبْهَم التحريم الذي لا وجه فيه غير التحريم، سواء دَخَلْتم بالنساء أَو لم تَدْخُلوا بهن، فأُمَّهات نِسائكم حُرِّمْنَ عليكم من جميع الجهات.
و أَما قوله: وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ، فالرَّبائبُ هاهنا لسْنَ من المُبْهمات لأَنَّ لهنَّ وجهين مُبيَّنَين أُحْلِلْن في أَحدِهما

58
لسان العرب12

بهم ص 56

و حُرِّمْن في الآخر، فإذا دُخِل بأُمَّهات الرَّبائب حَرُمت الرَّبائبُ، و إِن لم يُدخل بأُمَّهات الربائب لم يَحْرُمن، فهذا تفسيرُ المُبْهَم الذي أَراد ابنُ عباس، فافهمه؛ قال ابن الأَثير: و هذا التفسير من الأَزهري إنما هو للرَّبائب و الأُمَّهات لا للحَلائل، و هو في أَول الحديث إنما جَعل سؤال ابنِ عباس عن الحَلائل لا عن الرّبائب. و لَونٌ بهيم: لا يُخالطه غيرُه. و
في الحديث: في خيل دُهْمٍ بُهْمٍ.
؛ و قيل: البَهِيمُ الأَسودُ. و البَهِيمُ من الخيل: الذي لا شِيةَ فيه، الذكَر و الأُنثى في ذلك سواء، و الجمع بُهُم مثل رغِيفٍ و رُغُف. و يقال: هذا فرس جواد و بَهِيمٌ و هذه فرس جواد و بَهِيمٌ، بغير هاء، و هو الذي لا يُخالط لونَه شي‏ء سِوى مُعْظَم لونِه. الجوهري: و هذا فرس بَهِيمٌ أَي مُصْمَتٌ. و
في حديث عياش ابن أَبي ربيعة: و الأَسود البَهيمُ كأَنه من ساسَمٍ كأَنه المُصْمَتُ.
 «1». الذي لا يُخالِطُ لونَه لون غيرُه. و البَهيمُ من النِّعاج: السَّوْداءُ التي لا بياض فيها، و الجمع من ذلك بُهْمٌ و بُهُمٌ فأَما قوله‏
في الحديث: يُحْشَر الناسُ يوم القيامة حُفاةً عُراةً غُرْلًا بُهْماً.
أَي ليس معهم شي‏ء، و يقال: أَصِحَّاءَ؛ قال أَبو عمرو البُهْمُ واحدها بَهيم و هو الذي لا يخالِط لَونَه لونٌ سِواه من سَوادٍ كان أَو غيره؛ قال أَبو عبيد: فمعناه عندي أَنه أَراد بقوله بُهْماً يقولُ: ليس فيهم شي‏ءٌ من الأَعراض و العاهات التي تكون في الدنيا من العَمى و العَوَر و العَرَج و الجُذام و البَرَص و غير ذلك من صُنوف الأَمراض و البَلاءِ، و لكنها أَجسادٌ مُبْهَمَة مُصَحَّحَة لِخُلود الأَبد، و قال غيره: لِخُلود الأَبَدِ في الجنة أَو النار، ذكره ابن الأَثير في النهاية؛ قال محمد بن المكرم: الذي ذكره الأَزهري و غيره أَجْسادٌ مُصَحَّحة لخُلود الأَبد، و قول ابن الأَثير في الجنة أَو في النار فيه نَظَر، و ذلك أَن الخلود في الجنة إنما هو للنَّعيم المحْضِ، فصحَّة أَجْسادِهم من أَجل التَّنَعُّم، و أَما الخلود في النار فإنما هو للعذاب و التأسُّف و الحَسرة، و زيادةُ عذابِهم بعاهات الأَجسام أَتمُّ في عُقوبتهم، نسأَل الله العافية من ذلك بكرمه. و قال بعضهم:
رُوي في تمام الحديث: قيل و ما البُهْم؟ قال: ليس معهم شي‏ء من أَعراض الدنيا و لا من متاعِها.
قال: و هذا يخالف الأَول من حيث المعنى. و صَوْتٌ بَهِيم: لا تَرْجيع فيه. و الإِبْهامُ من الأَصابع: العُظْمى، معروفة مؤنثة؛ قال ابن سيدة: و قد تكون في اليَدِ و القدَم، و حكى اللحياني أَنها تذكَّر و تؤنَّثُ؛ قال:
إِذا رأَوْني، أَطال الله غَيْظَهُمُ،             عَضُّوا من الغَيظِ أَطرافَ الأَباهيمِ‏

و أَما قول الفرزدق:
فقد شَهدَت قَيْسٌ فما كان نَصْرُها             قُتَيبةَ، إِلَّا عَضَّها بالأَباهِمِ‏

فإِنما أَراد الأَباهِيم غير أَنه حذف لأَنَّ القصِيدةَ ليست مُرْدَفَة، و هي قصيدة معروفة. قال الأَزهري: و قيل للإِصْبَع إِبْهامٌ لأَنها تُبْهِم الكفّ أَي تُطْبِقُ عليها. قال: و بَهِيم هي الإِبْهام للإِصبع، قال: و لا يقال البِهامُ. و قال في موضع آخر: الإِبْهام الإِصْبَع الكُبْرى التي تلي المُسَبِّحةَ، و الجمع الأَباهِيم، و لها مَفْصِلان. الجوهري: و بُهْمى نَبْت، و في المحكم: و البُهْمى نَبْت؛ قال أَبو حنيفة: هي خير أَحْرار البُقُولِ رَطْباً و يابساً و هي تَنْبُت أَوَّل شي‏ء بارِضاً، و حين تخرج من الأَرض تَنْبت كما يَنْبُت الحَبُّ، ثم يبلُغ‏
__________________________________________________
 (1). قوله [كأنه المصمت‏] الذي في النهاية: أي المصمت.

59
لسان العرب12

بهم ص 56

بها النَّبْت إِلى أَن تصير مثل الحَبّ، و يخرج لها إِذا يَبِسَتْ شَوْك مثل شوك السُّنْبُل، و إِذا وَقَع في أُنوف الغَنَم و الإِبل أَنِفَت عنه حتى يَنْزِعه الناسُ من أَفواهها و أُنوفِها، فإِذا عَظُمَت البُهْمى و يَبِسَتْ كانت كَلأً يَرْعاه الناس حتى يُصِيبه المطَر من عامٍ مُقْبِل، و يَنْبت من تحتِه حبُّه الذي سقَط من سُنْبُله؛ و قال الليث: البُهْمى نَبْت تَجِد به الغنَم وَجْداً شديداً ما دام أَخضر، فإِذا يَبِس هَرّ شَوْكُه و امتَنَع، و يقولون للواحد بُهْمى، و الجمع بُهْمى؛ قال سيبويه: البُهْمى تكون واحدة و جمعاً و أَلفها للتأنيث؛ و قال قومٌ: أَلفها للإِلْحاق، و الواحدة بُهْماةٌ؛ و قال المبرد: هذا لا يعرف و لا تكون أَلف فُعْلى، بالضم، لغير التأنيث؛ و أَنشد ابن السكيت:
رَعَتْ بارِضَ البُهْمى جَمِيماً و بُسْرةً،             و صَمْعاءَ حتى آنَفَتْها نِصالُها

و العرب تقول: البُهْمى عُقْر الدارِ و عُقارُ الدارِ؛ يُريدون أَنه من خِيار المَرْتَع في جَناب الدَّار؛ و قال بعض الرُّواة: البُهْمى ترتفِع نحو الشِّبْر و نَباتُها أَلْطَف من نَبات البُرِّ، و هي أَنْجَعُ المَرْعَى في الحافرِ ما لم تُسْفِ، واحدتُها بُهْماة؛ قال ابن سيدة: هذا قولُ أَهل اللغة، و عندي أَنّ مَن قال بُهماةٌ فالأَلف مُلْحِقة له بِجُخْدَب، فإِذا نزع الهاء أَحال اعْتِقاده الأَول عما كان عليه، و جعل الأَلف للتأنيث فيما بعد فيجعلها للإِلْحاق مع تاء التأنيث و يجعلها للتأنيث إِذا فقد الهاء. و أَبْهَمَتِ الأَرض، فهي مبْهِمة: أَنْبَتَت البُهْمَى و كثُر بُهْماها، قال: كذلك حكاه أَبو حنيفة و هذا على النسب. و بَهَّم فلان بموضع كذا إِذا أَقام به و لم يَبْرَحْهُ. و البهائم: اسم أَرض، و في التهذيب: البَهائم أَجْبُل بالحِمَى على لَون واحد؛ قال الراعي:
بَكَى خَشْرَمٌ لمَّا رأَى ذا مَعارِكٍ             أَتى دونه، و الهَضْبَ هَضْبَ البَهائِم‏

و الأَسماءُ المُبْهَمة عند النحويين: أَسماء الإِشارات نحو قولك هذا و هؤلاء و ذاك و أُولئك، قال الأَزهري: الحُروف المُبْهَمة التي لا اشتقاقَ لها و لا يُعْرف لها أُصول مثل الذي و الذين و ما و مَن و عن «2». و ما أَشبهها، و الله أَعلم.
بهرم:
بَهْرَمَةُ النَّوْر: زَهْرُه؛ عن أَبي حنيفة. و البَهْرَمَةُ: عِبادةُ أَهلِ الهند. قال الأَصمعي: الرَّنْفُ بَهْرامَج البرِّ. و البَهْرَم و البَهْرَمان: العُصْفُر، و قيل: ضرْب من العصفر؛ و أَنشد ابن بري لشاعر يصف ناقة:
كَوْماء مِعْطير كلَوْنِ البَهْرَمِ‏


و يقال للعُصْفر: البَهْرَم و الفَغْوُ. و بَهْرَمَ لِحْيَته: حَنَّأَها تحْنِئة مُشْبَعَةً؛ قال الراجز:
أَصْبَحَ بالحِنَّاء قد تَبَهْرَما


يعني رأسه أَي شاخَ فَخَضَب. و
في حديث عثمان، رضي الله عنه: أَنه غَطَّى وجهَه بقَطيفَة حَمراء أُرْجُوانٍ و هو مُحْرم.
؛ قال: الأُرْجُوان هو الشديد الحُمْرة، و لا يقال لغير الحُمْرة أُرْجُوانٌ. و البَهرَمان دونه بشي‏ء في الحُمْرة، و المُفَدَّمُ المُشْبَع حُمرة، و المُضَرَّجُ دون المُشْبَع، ثم المُوَرَّدُ بعده. و
في‏
__________________________________________________
 (2). قوله [و من و عن‏] كذا في الأَصل و التهذيب و نسخة من شرح القاموس غير المطبوع، و في شرح القاموس المطبوع: و من نحن.

60
لسان العرب12

بهرم ص 60

حديث عُروة: أَنه كَرِه المُفَدَّم للمُحْرِم و لم يَرَ بالمُضَرَّج المُبَهْرَم بأْساً.
و المُبَهْرَم: المُعَصفر. و بَهْرام: اسم المِرِّيخ؛ و إِيَّاه عَنَى القائل:
أَ ما تَرَى النَّجْم قد تَوَلَّى،             و هَمَّ بَهْرام بالأُفُولِ؟

و قال حبيب بن أَوس:
له كِبْرِياءُ المُشْتَرِي و سُعُودُهُ،             و سَوْرَة بَهْرام و ظَرْفُ عُطارِدِ

بوم:
البُومُ: ذكَر الهامِ، واحدته بُومةٌ. قال الأَزهري: و هو عربي صحيح. يقال: بُومٌ بَوّامٌ صَوَّاتٌ. الجوهري: البُومُ و البُومةُ طائر يقَع على الذكَر و الأُنثى حتى تقول صَدىً أَو فَيَّاد، فَيختصّ بالذكر. ابن بري: يُجمع بُومٌ على أَبْوام؛ قال ذو الرمة:
و أَغْضَف قد غادَرْتُه و ادَّرَعْتُه،             بِمُسْتَنْبَحِ الأَبْوامِ، جَمِّ العَوازِف‏

فصل التاء
تأم:
التَّوْأَمُ من جميع الحيوان: المولود مع غيره في بَطْن من الاثنين إِلى ما زاد، ذكَراً كان أَو أُنْثى، أَو ذكراً مع أُنثى، و قد يستعار في جميع المُزْدَوِجات و أَصله ذلك؛ فأَما قوله:
تَحْسَبه ممَّا به نِضْوَ سَقَمْ،             أَو تَوْأَماً أَزْرَى به ذاك التَّوَمْ‏

قال ابن سيده: إِنما أَراد ذاك التَّوْأَم، فخفَّف الهمزة بأَن حَذَفها و أَلقى حركتها على الساكن الذي قبلها كما حكاه سيبويه في الهمزة المتحرِّكة الساكن ما قبلها، و لا يكون التَّوَم هنا من ت و م لأَنَّ معنى التَّوْأَم الذي هو من ت أ م قائم فيه و كأنَّ هذا إِنما يكون على الحذف كأنه قال وُجودُ ذلك التَّوْأَم. و الجمع تَوائم و تُؤامٌ؛ قال الراجز:
قالتْ لنَا و دمْعُها تُؤامُ،         كالدُّرِّ إِذ أَسْلَمَهُ النِّظامُ:على الذين ارْتَحَلُوا السَّلامُ‏


و قال أَبو دواد:
نَخَلات من نَخْل نَيْسان أَيْنَعْنَ             جميعاً، و نَبْتُهُنَّ تُؤام‏

قال الأَزهري: و مثل تُؤام غَنَم رُبابٌ و إبل ظُؤار، و هو من الجمع العزيز، و له نظائر قد أُثبتت في غير موضع من هذا الكتاب. قال ابن سيدة: و يقال تَوْأَم للذكَر، و تَوْأَمة للأُنثى، فإِذا جمَعوهما قالوا هما تَوْأَمان و هما تَوْأَمٌ، قال حميد بن ثور:
فجاؤوا بِشَوْشاةٍ مِزاقٍ تَرَى بها             نُدُوباً، من الأَنْساعِ، فَذّاً و تَوْأَمَا

و قد أَتْأَمَتِ المرأة إِذا ولدت اثنين في بَطْن واحد، و قال ابن سيدة: أَتْأَمت المرأة و كل حامل و هي مُتْئِمٌ، فإِذا كان ذلك لها عادة فهي مِتآمٌ. و تاءَمَ أَخاه: وُلِد معه، و هو تِئْمُه و تُؤْمُه و تَئِيمُه؛ عن أَبي زيد في المصادر، و الوَلَدان تَوْأَمان. الأَزهري في ترجمة وأَم: ابن السكيت و غيره يقال هما تَوْأَمان، و هذا تَوْأَم هذا، على فَوْعَل، و هذه تَوْأَمةُ هذه، و الجمع توَائِم مثل قَشْعَم قَشاعِم، و تُؤام على ما فُسر في عُراق؛ قال حدير «1». عبد بني قَمِيئة من بني قيس بن ثعلبة:
قالت لنا و دَمْعُها تُؤَامُ‏


__________________________________________________
 (1). قوله [قال حدير إلخ‏] هكذا في الأَصل و شرح القاموس.

61
لسان العرب12

تأم ص 61

قال: و لا يَمتنع هذا من الواو و النون في الآدَميِّين كما أَنَّ مؤَنثه يجمع بالتاء؛ قال الكميت:
فلا تَفْخَرْ فإِنَّ بني نِزَارٍ             لعَلَّاتٍ، و لَيْسوا تَوْأَمِينا

قال ابن بري: و شاهد تَوْأَم قول الأَسلع بن قِصاف الطُّهَوِيّ:
فِداء لقَوْمِي كلُّ مَعْشَرِ جارِمٍ             طَريدٍ و مَخْذُولٍ بما جَرَّ، مُسْلَمِ‏
هُمُ أَلْجَمُوا الخَصْم الذي يَسْتَقِيدُني،             و هُمْ فَصَمُوا حِجْلي، و هم حَقَنوا دَمِي‏
بأَيْدٍ يُفَرِّجْنَ المَضِيقَ، و أَلْسُنٍ             سِلاطٍ، و جمع ذي زُهاءٍ عَرَمْرَمِ‏
إِذا شِئت لم تَعْدَم لَدى الباب منهُمُ             جَمِيلَ المُحَيَّا، واضحاً غير تَوْأَمِ‏

قال: و شاهد تَوْأَمة قول الأَخطل بن ربيعة:
و ليلة ذي نَصَب بِتُّها             على ظَهْرِ تَوْأَمةٍ ناحِلَهْ‏
و بَيْني، إِلى أَنْ رأَيت الصَّباح،             و من بَينها الرَّحْل و الراحِلَهْ‏

قال: و شاهد تَوائم في الجمع قول المُرَقِّش:
يُحَلَّيْنَ ياقوتاً و شَذْراً و صَيْعة،             و جَزْعاً ظفارِيّاً و دُرّاً تَوائِما «1».

قال ابن بري: و ذهب بعض أَهل اللغة إِلى أَن تَوأَم فَوْعَل من الوِئام، و هو المُوافقةُ و المُشاكلةُ، فقال: هو يُوائمُني أَي يُوافِقُني، فالتَّوْأَمُ على هذا أَصله وَوْأَم، و هو الذي واءَم غيره أَي وافَقه، فقلبت الواو الأُولى ياء، و كل واحد منهما تَوْأَم للآخر أَي مُوافِقه. و قال الليث: التَّوْأَمُ ولَدان معاً، و لا يقال هما تَوْأَمان، و لكن يقال هذا تَوْأَم هذه و هذه تَوْأَمَتُه، فإِذا جمعا فهما تَوْأَم؛ قال أَبو منصور: أَخطأَ الليث فيما قال، و القول ما قال ابن السكيت، و هو قول الفراء و النحويّين الذين يُوثَق بعلْمهم، قالوا: يقال للواحد تَوْأَمٌ، و هما توأَمان إِذا ولدا في بطْن واحد؛ قال عنترة:
بَطَلٌ كأَنَّ ثيابَه في سَرْحَةٍ،             يُحْذَى نِعالَ السِّبْتِ ليس بِتَوْأَمِ‏

قال الأَزهري: و قد ذكرت هذا الحرف في باب التاء و أَعَدْت ذكره في باب الواو لأُعرِّفك أَن التاء مُبْدَلة من الواو، فالتَّوْأَمُ وَوْأَمٌ في الأَصل، و كذلك التَّوْلَجُ في الأَصل وَوْلَجٌ، و هو الكِناس، و أصل ذلك من الوِئام، و هو الوِفاق. و يقال: فلان يغنِّي غِناء مُتوائماً وافَق بعضُه بعضاً و لم تختلف أَلحانه؛ قال ابن أَحمر:
أَرَى ناقَتي حَنَّتْ بِلَيْلٍ و ساقَها             غِناءٌ، كَنَوْحِ الأَعْجَمِ المُتَوائم‏

و
في حديث عُمَير بن أَفصى: مُتْئم أَو مُفْرِد.
؛ المُتئم التي تَضَع اثنين في بطْن، و المُفْرِد: التي تَلِد واحداً. و توائِم النُّجوم: ما تشابك منها، و كذلك تَوائمُ اللؤلؤ. و تاءَم الثوبَ: نسَجه على خَيْطَين. و ثوب مِتْآم إِذا كان سَداه و لُحْمَتُه طاقَين طاقين. و قد تاءَمْتُ مُتاءمةً، على مُفاعلة، إِذا نَسَجْته على خَيطَين خيطين. و أَتْأَمَها أَي أَفْضاها؛ قال عروة
__________________________________________________
 (1). قوله [و صيعة] هكذا في الأَصل مضبوطاً.

62
لسان العرب12

تأم ص 61

بن الورد «1».
أَخَذْتَ وَراءَنا بِذِنابِ عَيْشٍ،             إِذا ما الشمسُ قامَتْ لا تَزُولُ‏
و كنتَ كلَيْلَةِ الشَّيْباء هَمَّتْ             بِمَنع الشَّكْرِ، أَتْأَمَها القَبيلُ‏

و فرس مُتائم: تأتي بِجَرْيٍ بَعد جَرْيٍ؛ قال:
عافِي الرَّقاقِ مِنْهَبٌ مُوائِمُ،             و في الدَّهاسِ مِضْبَرٌ مُتائمُ‏
تَرْفَضُّ عن أَرْساغِه الجَرائِمُ‏


و كلُّ هذا من التَّوْأَم. و التَّوْأَمُ: من منازلِ الجَوْزاء، و هما توأَمانِ. و التَّوْأَم: السَّهم من سِهام المَيْسِر، قيل: هو الثاني منها؛ و قال اللحياني: فيه فَرْضان و له نَصِيبان إِن فازَ، و عليه غُرْم نَصيبَين إِن لم يفُزْ. و التَّوْأَماتُ من مَراكِب النساء: كالمَشاجِرِ لا أَظْلالَ لها، واحدَتُها تَوْأَمة؛ قال أَبو قِلابة الهُذلي يذكر الظُّعْن:
صَفَّا جَوانحَ بَيْنَ التَّوْأَماتِ، كما             صَفَّ الوُقوعَ حَمامُ المشْرَبِ الحاني‏

قال: و التَّوْأَمُ في أكثر ما ذكرتُ الأَصل فيه وَوْأَمٌ. و التَّوْأَمانِ: نَبْت مُسْلَنْطح. و التَّوْأَمانِ: عُشْبَة صغيرة لها ثمَرة مثلُ الكَمُّون كثيرةُ الورق، تَنْبُت في القِيعان مُسْلَنْطِحة، و لها زَهْرة صَفراء؛ عن أَبي حنيفة. و التِّئمَةُ: الشاة تكونُ للمرأَة تَحْتَلِبها، و الإِتْآم ذَبْحها. و تُؤام، مثل تُعَام: مدينة من مُدُن عُمَان يقَع إِليها اللؤلؤ فيُشْترى من هنالك. و التُّؤَامِيَّة، مثل التُّعامِيَّة، و التُّوآمِيَّة، مثل التُّوعامِيَّة: اللؤلؤ. الجوهري: تُؤَام قصَبَة عُمَان «2» مما يَلي الساحِل و ينسَب إِليها الدُّرُّ؛ قال سُويد:
كالتُّؤامِيَّة إِن باشَرْتَها،             قَرَّتِ العينُ و طابَ المُضْطَجَعْ‏

التُّؤامِيَّة: الدُّرة نسَبها إِلى التُّؤام. قال الأَصمعي: التُّؤَام موضع بالبحرين مَغاص، و قال ثعلب: ساحِل عُمان، و يقال: قرية لبني سامة بن لُؤَي، و قال النَّجِيرَمِيُّ: الذي عندي أَنَّ التُّؤَامِية منسوبة إِلى الصَّدَف و الصَّدَف كله تُؤام كما قالوا صَدَفِيَّة، و لم نَرُدّه إِلى الواحد فنقول تَوْأَمِيَّة للضرورة. و في ترجمة توم:
في الحديث: أَ تَعْجِزُ إِحداكنَّ أَن تَتَّخِذ تُومَتَين؟.
قال: مَن رواه «3» تَوْأَمِيَّة فهما درَّتان للأُذنين إحداهما تَوْأَمة الأُخْرى. و تَوْأَم و تَوْأَمة: اسمان.
تحم:
الأَتْحَمِيُّ: ضرْب من البُرود؛ قال رؤبة:
أَمْسَى كَسَحْقِ الأَتْحَمِيِّ أَرْسُمُهْ‏


و قال الشاعر:
__________________________________________________
 (1). قوله [قال عروة بن الورد] مثله في الصحاح، و تعقبه الصاغاني بأن البيت الثاني ليس لعروة بن الورد، و هو غير مرويّ في ديوانه.
 (2). قوله [الجوهري تؤام قصبة عمان إلخ‏] هكذا في الأَصل، و لعل المؤلف وقعت له نسخة صحيحة من الصحاح كما وقع لشارح القاموس فإِنه نبه على ذلك لما اعترض المجد على الجوهري حيث وقعت له نسخة سقيمة فقال: و كغراب بلد على عشرين فرسخاً من قصبة عمان و موضع بالبحرين، و وهم الجوهري في قوله توأم كجوهر و في قوله قصبة عمان.
 (3). قوله [من رواه إلخ‏] هذا ليس برواية في الحديث بل أحد احتمالين للأَزهري في تفسير الحديث كما نقله عنه في مادة توم و عبارته هناك: و من قال توأمية إلخ. و انظرها هناك فما هنا تحريف.

63
لسان العرب12

تحم ص 63

و عليه أَتْحَمِيٌّ،             نَسْجُه من نَسْج هَوْرَمْ «1». غَزلَتْه أُمُّ حِلْمِي،
كلّ يومٍ وزن دِرْهَمْ‏


و قال:
و صَهْوَتُه من أَتْحَمِيّ مُشَرْعَبِ‏


و قال آخر يصف رَسْماً:
أَصْبَح مثل الأَتْحَمِيِّ أَتْحَمُهْ‏


أَراد أَصبح أَتْحَمِيُّه كالثوب الأَتْحَمِيِّ و هي أَيضاً المُتْحَمةُ و المُتَحَّمة. و قد أَتْحمت البُرودَ إتْحاماً، فهي مُتْحَمة؛ قال الشاعر:
صَفْراءَ مُتْحَمةً حِيكَتْ نَمانِمُها             من الدِّمَقْسِيِّ، أَو من فاخر الطُّوطِ

الطُّوطُ: القُطْن؛ و قال أَبو خراش:
كأَنَّ المُلاءَ المَحْضَ، خَلْفَ ذِراعِه،             صُراحِيُّهُ و الآخِنِيّ المُتَحَّمُ‏

و يقال: تَحَّمْت الثوبَ إِذا وَشَّيْته. و فرس مُتَحَّمُ اللَّوْن إِلى الشُّقرة: كأَنه شبه بالأَتْحَمِيِّ من البرود، و هو الأَحْمر، و فرس أَتْحَمِيُّ اللَّون. و روي عن الفراء قال: التَّحَمةُ البُرود المخطَّطة بالصُّفْرة. أَبو عمرو: التاحِمُ الحائكُ.
تخم:
التُّخومُ: الفَصْل بين الأَرضَيْن من الحدود و المَعالِم، مؤنثة؛ قال أُحَيْحة بن الجُلاح، و يقال هو لأَبي قيس بن الأَسلت:
يا بَنِيَّ التُّخومَ لا تَظْلِموها،             إِنَّ ظُلْمَ التُّخوم ذو عُقَّالِ‏

و التَّخْمُ: منتهى كل قَرْية أَو أَرض؛ يقال: فلان على تَخْم من الأَرْض، و الجمع تُخوم مثل فَلْس و فُلوس. و قال الفراء: تُخومها حُدودُها، أَ لا ترى أَنه قال لا تَظْلِموها و لم يقل لا تظلموه؟ قال ابن السكيت: سمعت أَبا عمرو يقول هي تُخومُ الأَرض، و الجمع تُخُم، و هي التُّخوم أَيضاً على لفظ الجمع و لا يفرد لها واحد، و قد قيل: واحدها تَخْم و تُخْم، شامية. و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه قال: مَلْعون من غَيَّر تُخومَ الأَرض.
أَبو عبيد: التُّخومُ هاهنا الحُدود و المَعالِمُ، و المعنى من ذلك يقع في موضعين: أَحدهما أَن يكون ذلك في تغيير حُدود الحَرم التي حَدَّها إبراهيم خليل الرحمن على نبينا و عليه الصلاة و السلام، و المعنى الآخر أَنْ يَدْخُل الرجلُ في ملك غيره من الأَرض فيَقْتَطِعه ظلماً، فقيل: أَراد حُدودَ الحَرم خاصَّة، و قيل: هو عامٌّ في جميع الأَرض، و أَراد المَعالم التي يُهْتدى بها في الطريق، و يروى تَخُوم، بفتح التاء على الإِفراد، و جمعه تُخُم، بضم التاء و الخاء. و قال أَبو حنيفة: قال السُّلَميّ التَّخُومة، بالفتح؛ قال:
و إِن أَفْخَرْ بمَجْدِ بَني سُلَيْم،             أَكُنْ منها التَّخُومةَ و السَّرارا

و إِنه لَطيِّب التُّخُوم و التَّخُوم أَي السُّعُوف يعني الضَّرائب. الليث: التُّخوم مَفْصِل ما بين الكُورَتَيْن و القَرْيَتَيْن، قال: و منتهى أَرض كل كُورة و قَرْية تُخومها، و قال أَبو الهيثم: يقال هذه الأَرض تُتاخِم أَرض كذا أَي تُحادُّها، و بِلاد عُمان تُتاخِم بلاد
__________________________________________________
 (1). قوله [من نسج هورم‏] هكذا في الأَصل بالراء و مثله في بعض نسخ الصحاح، و في بعضها هوزم بالزاي. و قوله: أُم حلمي، في الأَصل بالحاء و في نسخ الصحاح بالخاء.

64
لسان العرب12

تخم ص 64

الشَّحْر. و قال غيره: و تُطاخِم، بالطاء، بهذا المعنى لغة، قلبت التاء طاء لقرب مخرجهما، و الأَصل التُّخومُ و هي الحُدود، و قال الفراء: هي التُّخومُ مضمومة، و قال الكسائي: هي التَّخوم العلامة؛ و أَنشد:
         يا بَنيَّ التَّخُومَ لا تَظْلِموها


و مَن روى هذا البيت التُّخوم فهو جمع تَخْم، قال أَبو عبيد: أَصحاب العربية يقولون هي التَّخوم، بفتح التاء، و يجعلونها واحدة، و أَما أَهل الشام فيقولون التُّخوم، و يجعلونها جمعاً، و الواحد تَخْم. قال ابن بري: يقال تَخوم و تُخوم و زَبور و زُبور و عَذوب و عُذوب في هذه الأَحرف الثلاثة، قال: و لم يعلم لها رابع، و البصريون يقولون تُخوم، بالضم، و الكوفيون يقولون تَخُوم، بالفتح و قال كُثَيِّر في التُّخوم، بالضم:
         و عُلَّ ثَرى تلك الحَفيرةِ بالنَّدى،             و بُورِكَ مَن فيها و طابَتْ تُخومُها

قال: و يروى‏
         ... و طاب تَخُومها


؛ و قال ابن هَرْمة في التُّخُوم أَيضاً:
         إَذا نَزلوا أَرضَ الحَرام تَباشَرَتْ،             بِرُؤْيَتِهم، بَطْحاؤها و تُخُومُها

و يروى:
         ... و تَخُومها


، بالفتح أَيضاً؛ و أَنشد ابن دُريد للمنذر بن وبرة الثعلبيّ:
         و لهم دانَ كلُّ مَن قَلَّت العَيْرُ             بنَجْدٍ إِلى تُخوم العِراقِ‏

قال: العَيْرُ هنا البَصَر، و يقال: اجعل هَمَّك تُخوماً أَي حَدّاً تنتهي إِليه و لا تجاوزه؛ و قال أَبو دُواد:
         جاعلًا قَبْرَه تُخوماً و قد جرْرَ             العَذارى عليه وافي الشَّكِيرِ

قال شمر: أَقْرَأَني ابنُ الأَعرابي لعديّ بن زيد:
         جاعِلًا سِرَّك التُّخومَ، فما أَحْفِلُ             قَوْلَ الوُشاةِ و الأَنْذالِ «2».

قال: التُّخومُ الحال الذي تريده. و أَما التُّخَمةُ من الطعام فأَصلها وُخَمة، و سيأتي ذكرها إِن شاء الله تعالى.
ترم:
ابن الأَعرابي: التَّريمُ من الرجال المُلَوَّث بالمَعايب و الدَّرَن، قال: و التَّريمُ المُتواضِع لله عز و جل. و التَّرَمُ: وجَع الخَوْران. و تِرْيَم: موضع؛ قال النَّمَريُّ:
         أَتيتُ الزِّبْرِقانَ فلم يُضِعْني،             و ضَيَّعَني بتِرْيَم مَن دَعاني‏

قال ابن جني: فقال تِرْيَم فِعْيَل كحِذْيم و طِرْيم، و لا يكون فِعْلَل كدِرْهَم لأَن الياء و الواو لا يكونان أَصلا في ذوات الأَربعة، فأَما وَرَنْتَل فشاذ؛ الجوهري: تَرْيَم موضع؛ قال الشاعر:
         هلْ أُسْوَةٌ ليَ في رِجالٍ صُرِّعُوا             بِتِلاعِ تَرْيَمَ هامُهُمْ لم تُقْبَر؟

قال ابن بري: و تَرْيم واد قرب النَّقِيع «3»، قال:
__________________________________________________
 (2). قوله [جاعلًا سرك إلخ‏] هكذا في الأَصل، و الذي في التكملة: جاعل همك بالرفع.
 (3). قوله [و تريم واد قرب النقيع‏] قال شارح القاموس: قرأت في كتاب نصر هو بالحجاز واد قريب من ينبع و قيل دوين مدين و أيضاً موضع في بادية البصرة انتهى فحينئذ قول ابن بري قرب النقيع تصحيف فإِن النقيع من أودية المدينة.

65
لسان العرب12

ترجم ص 66

و رأَيته بخط القزاز تَرْيَم، بفتح التاء، كما ذكره الجوهري، قال: و الصواب تِرْيَم مثل عِثْير، قال: و ليس في الكلام فَعْيَل غير ضَهْيَد، قال: و لا يصح فتح التاء من تِرْيم إِلا أَن يكون وزنها تَفْعَل، قال: و هذا الوجه غير ممتنع، و الأَول أَظهر.
ترجم:
التُّرْجُمانُ و التَّرْجَمان: المفسِّر للسان. و
في حديث هِرَقْلَ: قال لتُرْجُمانه.
؛ الترجمان، بالضم و الفتح: هو الذي يُتَرْجِم الكلام أَي ينقله من لغة إِلى لغة أُخرى، و الجمع التَّراجِم، و التاء و النون زائدتان، و قد تَرْجَمه و تَرْجَم عنه، و تَرْجُمان هو من المُثُل التي لم يذكرها سيبويه، قال ابن جني: أَما تَرْجُمان فقد حكيت فيه تُرْجُمان بضم أَوله، و مثاله فُعْلُلان كعُتْرُفان و دُحْمُسان، و كذلك التاء أَيضاً فيمن فَتَحها أَصلية، و إِن لم يكن في الكلام مثل جَعْفُر لأَنه قد يجوز مع الأَلف و النون من الأَمثلة ما لولاهما لم يجز كعُنْفُوان و خِنْذِيان و رَيْهُقان، أَ لا ترى أَنه ليس في الكلام فُعْلُو و لا فِعْلي و لا فَيْعُل؟
تغلم:
ابن سيدة: تَغْلَمُ موضع و ليس له اشتقاق فأَقضي على التاء بالزيادة؛ و قول حسان بن ثابت:
دِيار لِشَعْثاء الفُؤاد و تِرْبها،             ليَاليَ تَحْتَلّ المَراض فَتَغْلَما

قال مفسره: هما تَغْلَمان جبلان فأَفرد للضرورة.
تقدم:
تَقْدَم: اسم كأنه يُعنى به القَدَم.
تكم:
تُكْمَةُ: بنْتُ مُرٍّ و هي أُمُّ السُّلَمِيِّين.
تلم:
التَّلَمُ: مشَقُّ الكِراب في الأَرض، بلغة أَهل اليمن و أَهل الغَوْر، و قيل: كل أُخْدُودٍ من أَخاديد الأَرض، و الجمع أَتْلامٌ، و هو التِّلامُ و الجمع تُلُم، و قيل: التِّلامُ أَثَرُ اللُّومَةِ في الأَرض، و جمعها التُّلُم. و اللُّومَةُ: التي يُحْرَثُ بها، قال ابن بري: التَّلَم خَطُّ الحارث، و جمعه أَتْلامٌ. و العَنَفَةُ: ما بين الخَطَّين، و السَّخْلُ: الخَطُّ، بلغة نَجْران. و التِّلامُ و التَّلام جميعاً في شعر الطِّرمَّاح الصاغةُ، واحدهم تِلْم، و قيل: التِّلام، بالكسر، الحِمْلاجُ الذي يُنفَخ فيه، و التَّلامُ، بالفتح، التَّلاميذُ التي تنفُخ فيها محذوف؛ و أَنشد:
كالتَّلامِيذِ بأَيْدي التِّلامِ‏


قال: يريد بالتُّلْمُوذ الحُمْلُوجَ، قال أَبو منصور: أَما الرُّواة فقد رَوَوْا هذا البيت للطِّرمَّاح يصف بقرة:
تَتَّقِي الشمسَ بِمَدْرِيَّةٍ،             كالحَاليج بأَيدي التِّلامي‏

و قال: التِّلامُ اسم أَعْجَمِي و يُراد به الصاغة، و قيل: غِلْمان الصاغة، يقال: هو بالكسر يُقْرأُ «1». بإثبات الياء في القافية، و رواه بعضهم بأَيدي التَّلامْ، فمن رواه التَّلامِي، بفتح التاء و إثبات الياء، أَراد التَّلامِيذ يعني تَلاميذَ الصَّاغة، قال: هكذا رواه أَبو عمرو؛ و قال: حذف الذال من آخرها كقول الآخر:
لها أَشارِيرُ من لَحْم تُتَمِّرهُ             من الثَّعالي، و وَخْزٌ من أَرانِيها «2».

أَراد من الثعالِب و من أَرانِبِها، و من رواه بأَيدي التِّلامْ، بكسر التاء، فإِن أَبا سعيد قال: التِّلْم‏
__________________________________________________
 (1). قوله [يقرأ] في التكملة: يروى، و هو أنسب بما بعده.
 (2). قوله [تتمره‏] هكذا في الأَصل، و الذي في التكملة: متمرة.

66
لسان العرب12

تمم ص 67

الغُلام، قال: و كل غلامٍ تِلْم، تلميذاً كان أَو غير تِلْميذ، و الجمع التِّلام. ابن الأَعرابي: التِّلامُ الصاغة، و التِّلامُ الأَكَرَةُ. قال أبو منصور: قال الليث إِن بعضهم قال: التَّلاميذ الحَماليجُ التي يُنفَخ فيها، قال: و هذا باطل ما قاله أَحدٌ؛ و الحَماليِجُ، قال شمر: هي مَنافِخُ الصاغة الحديديَّة الطِّوال، واحدها حُمْلوج، شبَّه الطِّرمَّاح قَرْن البَقرة الوحشيَّة بها. الجوهري: التَّلامي التلاميذ، سقطت منه الذال، قال ابن بري: و قد جاء التَّلام، بفتح التاء، في شعر غَيْلان بن سلمة الثقفي:
و سِرْبال مُضاعَفَة دِلاصٍ             قد أحْرَزَ شَكَّها صُنْعُ التَّلامِ‏

و يروى التِّلام جمع تِلْم، و هم الصاغة.
تمم:
تَمَّ الشي‏ء يَتِمُّ تَمّاً و تُمّاً و تَمامةً و تَماماً و تِمامةً و تُماماً و تِماماً و تُمَّة و أَتَمَّه غيره و تَمَّمَه و اسْتَتَمَّه بمعنىً، و تَمَّمَه الله تَتْميماً و تَتِمَّةً، و تَمامُ الشي‏ء و تِمامَتُه و تَتِمَّتُه: ما تَمَّ به. قال الفارسي: تَمامُ الشي‏ء ما تمَّ به، بالفتح لا غير؛ يحكيه عن أَبي زيد. و أَتمَّ الشي‏ءَ و تَمَّ به يَتِمُّ: جعله تامّاً؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
إِنْ قلتَ يوماً نَعَمْ بَدْأً، فَتِمَّ بها،             فإِنَّ إمْضاءَها صِنْف من الكَرَم‏

و
في الحديث أَعوذ بكلمات الله التامَّاتِ.
؛ قال ابن الأَثير: إِنما وصف كلامه بالتمام لأَنه لا يجوز أَن يكون في شي‏ء من كلامه نَقْص أَو عَيْبٌ كما يكون في كلام الناس، و قيل: معنى التَّمام هاهنا أَنها تنفَع المُتَعَوِّذ بها و تَحْفَظه من الآفات و تَكْفيه. و
في حديث دُعاء الأَذان: اللهمَّ رَبَّ هذه الدَّعْوة التامَّة.
؛ وصَفَها بالتَّمام لأَنها ذِكْر الله و يُدْعَى بها إِلى عِبادته، و ذلك هو الذي يستحِق صِفَة الكمال و التمام. و تَتِمَّة كل شي‏ء: ما يكون تَمام غايته كقولك هذه الدراهم تمام هذه المائة و تَتِمَّة هذه المائة. و التِّمُّ: الشي‏ء التامُّ، و قوله عز و جل: وَ إِذِ ابْتَلى‏ إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ‏
؛ قال الفراء: يريد فَعمِل بهنّ، و الكلمات عَشْر من السُّنَّة: خَمْسٌ في الرأس، و خَمْسٌ في الجَسد، فالتي في الرأس: الفَرْق و قَصُّ الشارب و المَضْمَضةُ و الاسْتِنْشاقُ و السِّواكُ، و أما التي في الجسَد فالخِتانةُ و حَلْقُ العانةِ و تَقْليمُ الأَظفار و نتفُ الرُّفْغَيْن و الاستِنْجاءُ بالماء. و يقال: تَمَّ إِلى كذا و كذا أَي بَلغه؛ قال العجاج:
لما دَعَوْا يالَ تَمِيمٍ تَمُّوا             إِلى المَعالي، و بهنَّ سُمُّوا

و
في حديث معاوية: إِن تَمَمْتَ على ما تريد.
؛ قال ابن الأَثير: هكذا روي مُخَفَّفاً و هي بمعنى المشدّد. يقال: تَمَّ على الأَمر و تَمَمَ عليه، بإِظهار الإِدغام، أَي استمرَّ عليه. و قوله‏
في الحديث: تَتامَّتْ إِليه قُرَيش.
أَي أَجابته و جاءَتْه مُتوافِرة مُتَابعة. و قوله عز و جل: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ‏
؛ قيل: إتْمامهما تَأدِيةُ كلِّ ما فيهما من الوقوف و الطَّواف و غير ذلك. و وُلِدَ فلان لِتَمامٍ «1» و لِتِمام، بالكسر. و ليلُ التِّمامِ، بالكسر لا غير، أَطول ما يكون من ليَالي الشِّتاء؛ و يقال: هي ثلاث ليال لا يُسْتَبان زيادتُها من نُقْصانها، و قيل: هي إِذا بَلَغَت اثنَتَيْ عَشْرة ساعة فما زاد؛ قال إمرؤ القَيس:
         فَبِتُّ أُكابِدُ لَيْلَ التِّمامِ،             و القَلْبُ من خَشْيَةٍ مُقْشَعِر

__________________________________________________
 (1). قوله [و ولد فلان لتمام إلخ‏] عبارة القاموس: و ولدته لتم و تمام و يفتح الثاني.

67
لسان العرب12

تمم ص 67

و
في حديث عائشة، رضي الله عنها، أَنها قال: كان رسول الله، صلى الله عليه و سلم، يقوم الليلةَ التِّمام فيقرأُ سورة البقرة و آل عمران و سورة النساء و لا يَمرُّ بآية إِلّا دعا الله فيها.
؛ قال ابن شميل: ليل التِّمام أَطول ما يكون من الليل، و يكون لكل نجْم هَوِيّ من الليل يَطْلُع فيه حتى تَطْلُع كلها فيه، فهذا ليل التِّمام. و يقال: سافرنا شهرنا ليل التِّمام لا نُعَرِّسُه، و هذه ليالي التِّمام، أَي شَهْراً في ذلك الزمان. الأَصمعي: ليل التِّمام في الشتاء أَطول ما يكون من الليل، قال: و يَطُول لَيْلُ التِّمام حتى تَطْلُع فيه النُّجوم كلها، و هي ليلة ميلاد عيسى، على نبينا و عليه الصلاة و السلام، و النصارى تعظِّمُها و تقوم فيها. حكي عن أَبي عمرو الشيباني أَنه قال: ليل تِمام إِذا كان الليل ثلاثَ عشرة ساعة إِلى خمس عشرة ساعة. و يقال لليلة أربع عشرة و هي الليلة التي يَتِمُّ فيها القمر ليلة التَّمام، بفتح التاء. و قال أَبو عمرو: ليلُ التِّمام ستة أَشهر: ثلاثة أَشهر حين يزيد على ثنتَيْ عشْرة ساعة، و ثلاثة أَشهر حين يَرْجِع، قال: و سمعت ابن الأَعرابي يقول: كل ليلة طالت عليك فلم تَنَمْ فيها فهي ليلة التِّمام أَو هي كليلة التِّمام. و يقال: ليلٌ تِمامٌ و ليلُ تِمام، على الإِضافة، و ليلُ التِّمام و ليلٌ تِمامِيٌّ أَيضاً؛ و قال الفرزدق:
تِمامِيّاً، كأَنَّ شَآمِياتٍ             رَجَحْنَ بِجانِبَيْه من الغُؤُور

و قال ابن شميل: ليلة السَّواء ليلة ثلاث عشرة و فيها يَسْتوي القمر، و هي ليلة التَّمام. و ليلة تَمامِ القمر، هذا بفتح التاء، و الأَول بالكسر. و يقال: رُئِيَ الهلال لتِمِّ الشهر، و ولدت المرأة لِتِمّ و تِمام و تَمامٍ إِذا أَلْقَتْه و قد تَمَّ خَلْفه. و حكى ابن بري عن الأَصمعي: ولدَتْه للتَّمام، بالأَلف و اللام، قال: و لا يَجي‏ء نكِرةً إِلّا في الشعر. و أَتَمَّت المرأة، و هي مُتِمٌّ: دنا وِلادُها. و أَتَمَّت الحُبْلى، فهي مُتِمٌّ إِذا تَمَّت أَيامُ حَمْلِها. و
في حديث أَسماء: خرجْت و أَنا مُتِمٌّ.
؛ يقال: امرأَة مُتِمٌّ للحامل إِذا شارَفَتِ الوَضْع، و وُلِد المَوْلود لِتَمامِ و تِمامٍ. و أَتَمَّت الناقة، و هي مُتِمٌّ: دنا نتاجها. و أَتَمَّ النَّبْتُ: اكْتَهل. و أَتَمَّ القمرُ: امْتلأَ فبَهَر، و هو بدْرُ تَمامٍ و تِمامٍ و بدرٌ تَمامٌ. قال ابن دريد: وُلِد الغلام لِتِمٍّ و تِمامٍ و بدرُ تِمامٍ و كل شي‏ء بعد هذا فهو تَمامٌ، بالفتح. غيره: و قمرُ تَمامٍ و تِمامٍ إِذا تَمَّ ليلة البَدْر. و في التنزيل العزيز: ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ‏
؛ قال الزجاج: يجوز أَن يكون تَماما على المُحْسِن، أَراد تَماماً من الله على المُحْسِنين، و يجوز تَماماً على الذي أَحسنه موسى من طاعة الله و اتِّباع أَمره، و يجوز تَماماً على الذي هو أَحسن الأَشياء، و تَماماً
 منصوب مفعول له، و كذلك وَ تَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ؛ المعنى: آتيناه لهذه العِلَّة أَي للتَّمام و التَّفصيل؛ قال: و القراءة عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ، بفتح النون؛ قال: و يجوز أَحسنُ على إضمار الذي هو أَحسنُ، و أَجاز القُراءُ أَن يكون أَحْسَنَ في موضع خفض، و أَن يكون من صفة الَّذِي، و هو خطأٌ عند البصريين لأَنهم لا يعرفون الذي إِلَّا موصولة و لا تُوصَف إِلا بعد تمام صِلَتها. و المُسْتَتِمُّ في شِعر أَبي دُواد: هو الذي يطلب الصُّوفَ و الوَبَرَ لِيُتِمَّ به نَسْجَ كِسائه، و المَوْهوب تُمَّةٌ؛ قال ابن بري: صوابه عن أَبي زيد، و الجمع تِمَمٌ، بالكسر، و هو الجِزَّة من الصُّوف أَو الشعَر أَو الوَبَر؛ و بيت أَبي دواد هو قوله:

68
لسان العرب12

تمم ص 67

         فَهْيَ كالبَيْضِ، في الأَداحِيّ، لا يُوهَبُ             منها لِمُسْتَتِمٍّ عِصامُ‏

أَي هذه الإِبل كالبَيْض في الصِّيانة، و قيل في المَلاسة لا يُوهب منها لمُسْتَتِمّ أَي لا يُوجد فيها ما يُوهَب لأَنها قد سَمِنت و أَلْقَت أَوْبارَها؛ قال: و المُسْتَتِمُّ الذي يطلُب التُّمَّةَ، و العِصامُ: خيط القِرْبة. و المُتَتَمِّمُ: المتكسِّر؛ قال الشاعر
         إِذا ما رآها رُؤيةً هِيضَ قَلْبه             بها، كانْهِياضِ المُتْعَب المُتَتَمِّمِ‏

و تَمَّمَ على الجَريح: أَجْهَزَ. و تَمَّ على الشي‏ء: أَكمله؛ قال الأَعشى:
         فتَمَّ على مَعْشوقَةٍ لا يَزيدُها             إِليه، بَلاءُ السُّوءِ، إِلَّا تَحبُّبا

قال ابن سيدة: و قول أَبي ذؤيب:
         فَباتَ بجَمْعٍ ثم ثابَ إِلى مِنىً،             فأَصْبَحَ رَأْداً يبتغي المَزْجَ بالسَّحْل‏

قال: أَراه يعني «1». بتَمَّ أَكْمَل حَجَّه. و اسْتَتَمَّ النِّعْمة: سأَل إِتْمامها. و جعله تِمّاً أَي تَماماً. و جعلْته لك تِمّاً أَي بِتَمامه. و تَمَّمَ الكَسْر فَتَمَّمَ و تَتَمَّم: انصَدَعَ و لم يَبِنْ، و قيل: إِذا انصَدَعَ ثم بانَ. و قالوا: أَبى قائلُها إِلَّا تَمّاً و تُمّاً و تِمّاً، ثلاث لغات، أَي تَماماً، و مضى على قوله و لم يرجع عنه، و الكسر أَفصح؛ قال الراعي:
         حتى وَرَدْنَ لِتِمِّ خِمْسٍ بائصٍ             جُدّاً، تَعاوَرَه الرياحُ وَبيلًا

بائصٍ: بعيدٍ شاقٍّ، و وَبِيلًا: وَخِيماً. و التَّمِيمُ: الطويلُ؛ و أَنشد بيت العجاج:
         لما دَعَوْا يال تَمِيمٍ تَمُّوا


و التَّمِيمُ: التامُّ الخلْق. و التَّمِيمُ: الشادُّ الشديدُ. و التَّميمُ: الصُّلْب؛ قال:
         و صُلْب تَمِيم يَبْهَرُ اللِّبْدَ جَوْزُه،             إِذا ما تَمَطَّى في الحِزام تَبَطَّرا

أَي يَضيق عنه اللِّبْد لتَمامه، و قيل: التَّمِيمُ التامُّ الخلْقِ الشديده من الناس و الخَيْل. و
في حديث سليمان بن يَسار: الجَذَعُ التامُّ التِّمُّ يُجْزئ.
؛ قال ابن الأَثير: يقال تِمٌّ و تَمٌّ بمعنى التامِّ، و يروى الجَذَع التامُّ التَّمَمُ، فالتامُّ الذي استوفى الوقت الذي يسمَّى فيه جَذَعاً و بَلغ أَن يسمَّى ثَنِيّاً، و التَّمَمُ التامُّ الخلْق، و مثله خلْق عَمَمٌ. و التَّمِيمُ: العُوَذ، واحدتها تَمِيمةٌ. قال أَبو منصور: أَراد الخَرز الذي يُتَّخَذ عُوَذاً. و التَّمِيمةُ: خَرزة رَقْطاء تُنْظَم في السَّير ثم يُعقد في العُنق، و هي التَّمائم و التَّمِيمُ؛ عن ابن جني، و قيل: هي قِلادة يجعل فيها سُيُورٌ و عُوَذ؛ و حكي عن ثعلب: تَمَّمْت المَوْلود علَّقْت عليه التَّمائم. و التَّمِيمةُ: عُوذةٌ تعلق على الإِنسان؛ قال ابن بري: و منه قول سلَمة بن الخُرْشُب:
         تُعَوَّذُ بالرُّقى من غير خَبْلٍ،             و تُعْقَد في قَلائدها التَّمِيمُ‏

قال: و التَّمِيمُ جمع تمِيمةٍ؛ و قال رفاع «2» بن قيس‏
__________________________________________________
 (1). قوله [أراه يعني إلخ‏] هكذا في الأصل، و لعل الشاهد في بيت ذكره ابن سيدة غير هذا، و أما هذا البيت فهو في الأصل كما ترى و لا شاهد فيه و قد تقدم مع بيت بعده في مادة سحل.
 (2). قوله [رفاع‏] هكذا في الأصل رفاع بالفاء، و تقدم في مادة نوط: رقاع منقوطاً بالقاف و مثله في شرح القاموس هنا و هناك.

69
لسان العرب12

تمم ص 67

الأَسدي:
بِلادٌ بها نِيطَتْ عليَّ تَمائِمي             و أَوَّل أَرضٍ مَسَّ جِلدي تُرابُها

و
في حديث ابن عَمرو «1»
: ما أُبالي ما أَتيت إِن تعلقت تَمِيمةً.
و
في الحديث: مَن عَلَّق تَمِيمةً فلا أَتَمَّ الله له.
؛ و يقال: هي خَرزة كانوا يَعْتَقِدون أَنها تَمامُ الدَّواء و الشِّفاء، قال: و أَمّا المَعاذاتُ إِذا كُتِب فيها القرآن و أَسماءُ الله تعالى فلا بأْسَ بها. و التَّمِيمةُ: قِلادةٌ من سُيورٍ، و ربما جُعِلَتِ العُوذةَ التي تعلَّق في أَعناق الصبيان. و
في حديث ابن مسعود: التَّمائمُ و الرُّقى و التِّوَلةُ من الشِّرْك.
قال أَبو منصور: التَّمائمُ واحدتُها تَمِيمةٌ، و هي خَرزات كان الأَعرابُ يعلِّقونها على أَولادِهم يَنْفون بها النفْس و العَين بزَعْمهم، فأَبطله الإِسلامُ؛ و إِيّاها أَراد الهُذَلي بقوله:
و إِذا المَنِيَّةُ أَنْشَبَتْ أَظْفارَها،             أَلْفَيْتَ كلَّ تَمِيمة لا تَنْفَعُ‏

و قال آخر:
إِذا مات لم تُفْلِحْ مُزَيْنةُ بعدَه،             فنُوطِي عليه، يا مُزَيْنُ، التَّمائما

و جعلها ابن مسعود من الشِّرْك لأَنهم جَعلوها واقِيةً من المَقادِير و الموْتِ و أَرادُوا دَفْعَ ذلك بها، و طلبوا دَفْعَ الأَذى من غير الله الذي هو دافِعُه، فكأَنهم جعلوا له شريكاً فيما قَدّر و كَتَب من آجال العِبادِ و الأَعْراضِ التي تُصيبهم، و لا دافع لما قَضى و لا شريك له تعالى و تقدّس فيما قَدّر. قال أَبو منصور: و من جَعل التَّمائم سُيوراً فغيرُ مُصِيبٍ؛ و أَما قول الفرزدق:
و كيف يَضِلُّ العَنْبَرِيُّ ببلْدةٍ،             بها قُطِعَتْ عنه سُيور التَّمائِم؟

فإِنه أَضاف السُّيورَ إِلى التَّمائم لأَن التمائم خَرز تُثْقَب و يجعل فيها سُيورٌ و خُيوط تُعلَّق بها. قال: و لم أَرَ بين الأَعراب خلافاً أَنّ التَّميمةَ هي الخرزة نفسُها، و على هذا مذهب قول الأَئمة؛ و قول طُفَيل:
فإِلَّا أَمُتْ أَجْعَلْ لِنَفْرٍ قِلادَةٌ،             يُتِمُّ بها نَفْرٌ قَلائدَه قَبْلُ‏

قال: أَي عاذه «2». الذي كان تقلَّده قبل؛ قال: يُتِمُّ يحطها تَمِيمةَ خَرزِ قلائده إِلى الواسطة، و إِنما أَراد أُقَلِّده الهِجاء. ابن الأَعرابي: تُمَّ إِذا كُسِر و تَمَّ إِذا بلَّغ «3»؛ و قال رؤبة:
في بَطْنه غاشيةٌ تُتَمِّمُهْ‏


قال شمر: الغاشية وَرَم يكون في البطْن، و قال: تُتَمِّمُهُ أَي تُهْلِكه و تبلِّغه أَجَلَه؛ و قال ذو الرمة:
كانْهِياض المُعْنَتِ المُتَتَمِّمِ‏


يقال: ظَلَع فلان ثم تَتَمَّم تَتَمُّماً أَي تَمَّ عَرَجُه كَسْراً، من قولك تُمَّ إِذا كسر. و المُتَمُّ: منقَطَع عِرْق السُّرَّة. و التُّمَمُ و التِّمَمُ من الشعَر و الوَبر و الصُّوف: كالجِزَزِ، الواحدة تُمَّة. قال ابن سيدة: فأَمَّا التَّمُّ فأَراه اسماً للجمع. و اسْتَتَمَّه:
__________________________________________________
 (1). قوله [و في حديث ابن عمرو] هكذا في الأصل و نسخة من النهاية بفتح أوله، و في نسخة من النهاية: عمر بضم أوله.
 (2). قوله [قال أي عاذه إِلى قوله إِلى الواسطة] هكذا في الأصل.
 (3). قوله [و تم إِذا بلغ إلخ‏] هكذا في الأصل و التكملة و التهذيب، و أما شارح القاموس فذكر هذا الشطر عقب قول المتن: و تمم الشي‏ء أهلكه و بلغه أجله، ثم قال في المستدرك: تم إِذا كسر و تم إِذا بلغ، و لم يذكر شاهداً عليه.

70
لسان العرب12

تمم ص 67

طلب منه التِّمَمَ، و أَتَمَّه: أَعطاه إِياها. ابن الأَعرابي: التِّمُّ الفأْس، و جمعه تِمَمةٌ. و التَّامُّ من الشِّعْر «1»: ما يمكن أَن يَدْخُله الزِّحافُ فيَسلَمُ منه، و قد تم الجُزء تَماماً، و قيل: المُتَمَّمُ كلُّ ما زدت عليه بعد اعتدالِ البيت، و كانا من الجُزْء الذي زِدْتَه عليه نحو فاعِلاتُنْ في ضرب الرمل، سمي مُتَمَّماً لأَنك تَمَّمْتَ أَصل الجُزْء. و رجل مُتَمِّم إِذا فازَ قِدْحُه مرَّة بعد مرَّة فأَطعَم لَحْمَه المساكين. و تَمَّمَهم: أَطعمهم نَصِيبَ قِدْحه؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ و أَنشد قول النابغة:
إِني أُتَمِّمُ أَيْساري و أَمْنَحُهُمْ             مَثْنى الأَيادي، و أَكْسُو الجَفْنَة الأُدُما

أَي أُطْعِمهم ذلك اللَّحْم. و مُتَمِّمُ بن نُويْرة: من شُعرائهم شاعرُ بني يَرْبوع؛ قال ابن الأَعرابي: سمي بالمُتَمِّم الذي يُطْعِم اللَّحْم المساكين و الأَيْسار؛ و قيل: التَّتْمِيمُ في الأَيسار أَن ينقُص الأَيْسار في الجَزُور فيأْخذ رجُل ما بَقِي حتى يُتَمِّم الأَنْصِباء. و تَمِيمٌ: قَبيلةٌ، و هو تَمِيمُ بنُ مُرِّ بنِ أُدِّ بنِ طابِخَة بنِ إِلْياسَ بن مُضَرَ؛ قال سيبويه: من العرب من يقول هذه تَميمٌ يجعله اسماً للأَب و يصرِف، و منهم مَن يجعله اسماً للقبيلة فلا يَصْرِف، و قال: قالوا تَميم بنتُ مُرٍّ فأَنَّثوا و لم يقولوا ابن. و تَمَّمَ الرجلُ: صار هَواه تَمِيمِيّاً. و تَمَّم: انتَسب إِلى تَمِيمٍ؛ و قول العجاج:
إِذا دَعَوْا يالَ تَمِيمٍ تَمُّوا


قال ابن سيدة: أَراه من هذا أَي أَسرعوا إِلى الدعوة. الليث: تَمَّم الرجلُ إِذا صار تَميميَّ الرأْي و الهوى و المَحَلَّة. قال أَبو منصور: و قياسُ ما جاء في هذا الباب تَتَمَّم، بتاءين، كما يقال تَمَضَّر و تَنَزَّر، و كأَنهم حذفوا إِحدى التاءين استثقالًا للجمع. و تتامُّوا أَي جاؤوا كلهم و تَمُّوا. و التَّمْتَمةُ: ردُّ الكلام إِلى التاء و الميم، و قيل: هو أَن يَعْجَل بكلامه فلا يكاد يُفْهِمك، و قيل: هو أَن تسبِق كلمتُه إِلى حَنَكِه الأَعْلى، و الفأْفاء: الذي يعسُر عليه خروج الكلام، و رجل تَمْتام، و الأُنْثى تَمْتامةٌ. و قال الليث: التَّمْتَمةُ في الكلام أَن لا يبين اللسان يُخْطئ موضع الحرف فيرجِع إِلى لفظ كأَنه التاء و الميم، و إِن لم يكن بَيِّناً. محمد بن يزيد: التَّمْتَمَة الترديد في التاء، و الفأْفأَة الترديد في الفاء.
تنم:
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم: أَن الشمسَ كُسِفَت على عهده فاسْوّدتْ و آضَتْ كأَنها تَنُّومةٌ.
؛ قال أَبو عبيد: التَّنُّومةُ نوعٌ من نبات الأَرض فيه سوادٌ «2». و في ثمره يأْكله النَّعام. ابن سيدة: التَّنُّوم شجر له حَمْل صِغار كمثل حبِّ الخِرْوَع و يتفلَّق عن حبٍّ يأْكله أَهلُ البادية، و كَيْفَما زالت الشمس تَبِعها بأَعْراض الورق، و واحدته تَنُّومة. و قال أَبو حنيفة: التَّنُّوم من الأَغْلاث، و هي شجرة غَبْراء يأْكلها النَّعام و الظِّباءُ، و هي مما تُحْتَبَل فيها الظِّباء، و لها حَبٌّ إِذا تَفَتَّحتْ أَكمامُه اسودَّ، و له عِرْق، و ربما اتُّخِذَ زَنْداً، و أَكثر مَنابتها شُطآن الأَودية؛ و لِحُبِّ النعام له قال زهير في صفة الظَّليم:
أَصَكّ مُصَلَّم الأُذُنَيْنِ أَجْنى،             له بالسِّيِّ تَنُّومٌ وآهُ‏

__________________________________________________
 (1). قوله [و التام من الشعر إلخ‏] هكذا في الأصل، و عبارة التكملة: و من ألقاب العروض التام و هو ما استوفى نصفه نصف الدائرة و كان نصفه الأخير بمنزلة الحشو يجوز فيه ما جاز فيه.
 (2). قوله [فيه سواد إلخ‏] عبارة النهاية: فيها و في ثمرها سواد قليل.

71
لسان العرب12

تنم ص 71

و قال ابن الأَعرابي: التَّنُّومةُ، بالهاء، شجرة من الجَنْبَةِ عظيمة تنبت، فيها حب كالشَّهْدانِج يَدَّهِنون به و يأْتَدِمونه، ثم تَيْبَس عند دخول الشِّتاء و تذهب؛ هذا كله عن أَبي حنيفة. قال الأَزهري: التَّنُّومة شجرة رأَيتها في البادية يضرِب لَوْنُ ورَقها إِلى السواد، و لها حبّ كحب الشَّهْدانِج أَو أَكبر منها قليلًا، و رأَيت نساء البادية يَدْقُقْن حبَّه و يَعْتَصِرْن منه دُهناً أَزرق فيه لُزوجة، و يَدَّهِنَّ به إِذا امْتَشَطْن. و قال أَبو عمرو: التَّنُّوم حبَّة دَسِمة غَبْراء. و قال ابن شميل: التَّنُّومة تَمِهة الطَّعْم لا يَحْمَدُها المال. و تَنَمَ البعيرُ، بتخفيف النون: أَكل التَّنُّوم.
تهم:
تَهِمَ الدُّهْنُ و اللحمُ تَهَماً، فهو تَهِمٌ: تغيّر. و فيه تَهَمةٌ أَي خُبْث رِيح نحو الزُّهومة. و التَّهَمُ: شدَّة الحرِّ و سكونُ الريح. و تِهامةُ: اسم مكة و النازل فيها مُتْهِمٌ، يجوز أَن يكون اشتِقاقُها من هذا، و يجوز أَن يكون من الأَوَّل لأَنها سَفُلتْ عن نجد فَخبُث ريحُها، و قيل: تِهامةُ بلد، و النسب إِليه تِهامِيٌّ و تَهامٍ على غير قياس، كأَنهم بَنَوا الاسم على تَهْمِيّ أَو تَهَمِيٍّ، ثم عوَّضوا الأَلف قبل الطَّرف من إِحْدى الياءَين اللَّاحِقَتين بعدها؛ قال ابن جني: و هذا يدُلُّك على أَن الشيئين إِذا اكتَنَفا الشي‏ء من ناحيته تقاربَتْ حالاهما و حالاهُ بهما، و لأَجله و بسبَبه ما ذهَب قوم إِلى أَن حركة الحرف تَحْدُث قبله، و آخرون إِلى أَنها تَحْدُث بعده، و آخرون إِلى أَنها تحدُث معه؛ قال أَبو عليّ: و ذلك لغُمُوضِ الأَمر و شدّة القُرْب، و كذلك القول في شَآمٍ و يَمانٍ. قال ابن سيدة: فإِن قلت فإِنَّ في تِهامةَ أَلِفاً فلِمَ ذهَبْتَ في تَهام إِلى أَن الأَلف عِوَض من إِحْدَى ياءَي الإِضافة؟ قيل: قال الخليل في هذا إِنهم كأَنهم نسَبوا إِلى فَعْل أَو فَعَل، فكأَنهم فَكُّوا صِيغة تِهامةَ فأَصاروها إِلى تَهْمٍ أَو تَهَم، ثم أَضافوا إِليه فقالوا تَهامٍ، و إِنما مثَّل الخليل بين فَعْل و فَعَل و لم يقطع بأَحدهما لأَنه قد جاء هذا العمل في هذين جميعاً، و هما الشام و اليمن؛ قال ابن جني: و هذا التَّرْخيم الذي أَشرف عليه الخليل ظنّاً قد جاء به السماع نصّاً؛ أنشد أَحمد بن يحيى:
أَرَّقَنِي الليلةَ ليلٌ بالتَّهَمْ،             يا لك بَرْقاً، مَن يَشِمْه لا يَنَمْ‏

قال: فانظر إِلى قوَّة تصوُّر الخليل إِلى أَن هَجَم به الظنُّ على اليقين، و مَن كسر التاء قال تِهامِيّ؛ هذا قول سيبويه. الجوهري: النسبة إِلى تِهامةَ تِهامِيّ و تَهامٍ، إِذا فتحت التاء لم تشدّد كما قالوا يَمانٍ و شآمٍ، إِلَّا أَنَّ الأَلف في تَهامٍ من لفظها، و الأَلف في يَمانٍ و شآمٍ عوض من ياءَي النسبة؛ قال ابن أَحمر:
و كنَّا و هُم كابْنَيْ سُباتٍ تَفَرَّقا             سِوىً، ثم كانا مُنْجِداً و تَهامِيَا
و أَلْقى التَّهامِي منهما بِلَطاتِه،             و أَحْلَط هذا: لا أَرِيمُ مَكانِيَا

قال ابن بري: قول الجوهري إِلا أَنَّ الأَلف في تَهام من لفظها ليس بصحيح، بل الأَلف غير التي في تِهامة، بدليل انفتاح التاء في تَهام، و أَعاد ما ذكرناه عن الخليل أَنه منسوب إِلى تَهْم أَو تَهَم، أَراد بذلك أَن الأَلف عِوَض من إِحدى ياءَي النسب، قال: و حكى ابن قتيبة في غريب الحديث عن الزيادي عن الأَصمعي أَن التَّهَمةَ الأَرض المُتَصَوِّبة إِلى البحر، قال: و كأَنها مصدر من تِهامةَ. قال ابن بري: و هذا

72
لسان العرب12

تهم ص 72

يقوِّي قول الخليل في تَهامٍ كأَنه منسوب إِلى تَهَمَة أَو تَهْمة؛ قال: و شاهدُ تَهامٍ قول أَبي بكر بن الأَسود المعروف بابن شعوب الليثي و شعوب أُمُّه:
ذَرِيني أَصْطَبِحْ يا بَكْرُ، إِني             رأَيتُ الموت نقَّب عن هِشامِ‏
تَخَيَّره و لم يَعْدِلَ سِواهُ،             فَنِعْمَ المَرْءُ من رجُل تَهامِ‏

و أَتْهَم الرجلُ و تَتَهَّمَ: أَتَى تِهامَةَ؛ قال الممزَّق العَبْدِيّ:
فإِنْ تُتْهِمُوا أُنْجِدْ خِلافاً عليكُم،             و إِنْ تُعْمِنوا مُستَحْقبي الحَرب أُعْرِق‏

قال ابن بري: صواب إِنْشاد البيت:
فإِنْ يُتْهِموا أُنْجِدْ خلافاً عليهمُ‏


على الغَيبة لا على الخطاب، يُخاطب بذلك بعض الملوك و يَعْتَذِرُ إِليه لسُوءٍ بلَغه عنه؛ و قبل البيت:
أَ كَلَّفْتَني أَدْواءَ قَومٍ تَرَكْتُهمْ،             فإِلَّا تَداركْني من البَحْر أَغْرَق‏

أَي كلَّفْتَنِي جنايات قوم أَنا منهم بري‏ء و مُخالِف لهم و مُتباعد عنهم، إِن أَتْهَموا أَنْجَدْت مخالِفاً لهم، و إِن أَنْجَدوا أَعْرَقْت، فكيف تأْخُذني بذَنْب مَن هذه حاله؟ و قال أُمية بن أَبي عائذ الهُذليّ:
شَآم يَمان مُنْجِد مُتَتَهِّم،             حِجازِيَّة أَعْجازُه و هو مُسْهِلُ‏

قال الرِّياشيّ: سمعت الأَعراب يقولون: إِذا انْحَدرْت من ثَنايا ذاتِ عِرْق فقد أَتْهَمْت. قال الرِّياشيّ: و الغَوْرُ تهِامةُ، قال: و أَرض تَهِمةٌ شديدة الحرّ، قال: و تَبالةُ من تِهامةَ. و
في الحديث: أَنَّ رجلًا أَتى النبي، صلى الله عليه و سلم، و به وَضَحٌ، فقال: انظُرْ بَطْن وادٍ لا مُنْجِدٍ و لا مُتْهِمٍ فَتَمَعَّكْ فيه، ففعل فلم يَزِدِ الوَضَحُ حتى مات.
؛ فالمُتْهِمُ: الذي يَنْصبُّ ماؤه إِلى تِهامةَ؛ قال الأَزهري: لم يُرد سيدُنا رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، أَنَّ الوادي ليس من نَجْد و لا تِهامةَ، و لكنه أَراد حدّاً منهما فليس ذلك الموضع من نَجْد كله و لا من تِهامةَ كله، و لكنه منهما، فهو مُنْجِد مُتْهِم، و نَجْد ما بين العُذَيب إِلى ذاتِ عِرْق و إِلى اليمامة و إِلى جَبَلَيْ طَيِ‏ءٍ و إِلى وَجْرة و إِلى اليمن، و ذات عِرْق: أَوّل تِهامة إِلى البحر و جُدَّةَ، و قيل: تِهامةُ ما بين ذات عِرْق إِلى مَرْحَلَتين من وراء مكة، و ما وراء ذلك من المَغْرب فهو غَوْر، و المدينة لا تِهاميَّة و لا نَجْديَّة فإِنها فوق الغَوْر و دون نَجْد. و قومٌ تَهامون: كما يقال يَمانون. و قال سيبويه: منهم مَن يقول تَهامِيّ و يَمانيّ و شآمِيّ، بالفتح مع التشديد. و التَّهْمة: تُسْتَعمل في موضع تِهامةَ كأَنها المرّة في قياس قول الأَصمعي. و التَّهَم، بالتحريك: مصدر من تِهامة؛ و قال:
نَظَرْت، و العينُ مُبينةُ التَّهَمْ،             إِلى سَنا نارٍ وَقُودُها الرَّتَمْ،
شُبَّتْ بأَعْلى عانِدَيْن من إِضَمْ‏


و المِتْهامُ: الكثير الإِتْيان إِلى تِهامةَ. و إِبل مَتاهِيم و مَتاهِم: تأْتي تِهامةَ؛ قال:
أَ لا انْهَماها إِنَّها مَناهِيمْ،             و إِنَّنا مَناجِدٌ مَتاهِيمْ‏

يقول: نحن نأْتي نَجْداً ثم كثيراً ما نأْخُذ منها

73
لسان العرب12

تهم ص 72

إِلى تِهامةَ. و أَتْهَمَ الرجلُ إِذا أَتى بما يُتْهَم عليه؛ قال الشاعر:
هُما سَقَياني السُّمَّ من غير بَغْضةٍ،             على غير جُرْم في أَقاوِيل مُتْهِم‏

و رجل تِهامٌ و امرأَة تِهاميَّة إِذا نسبا إِلى تِهامةَ. الأَصمعي: التَّهَمةُ الأَرض المُتَصَوِّبة إِلى البحر كأَنها مصدر من تِهامة. و التَّهائم: المُتصوِّبة إِلى البحر. قال المبرّد: إِنما قالوا رجل تَهام في النسبة إِلى التَّهْمة لأَن الأَصل تَهمة، فلما زادوا أَلفاً خفَّفوا ياء النسبة كما قالوا رجل يَمان إِذا نسبوا إِلى اليمن، خفَّفوا لما زادوا أَلفاً، و شآمٍ إِذا نسبتَ إِلى الشام زادوا أَلفاً في تَهام و خفَّفوا ياء النسبة. و تَهِمَ البعيرُ تَهَماً: و هو أَن يستنكِر المَرْعَى و لا يَسْتَمْرِئه و تَسُوء حالُه، و قد تَهِم أَيضاً، و هو تَهِمٌ إِذا أَصابه حَرُورٌ فهُزِل، و تَهِم الرجل، فهو تَهِمٌ: خَبُثت ريحُه. و تَهِمَ الرجل، فهو تَهِمٌ: ظهر عجزه و تحيَّر؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
مَنْ مُبْلِغ الحَسْنَا اْنَّ بَعْلَها تَهِمْ،             و أَنَّ ما يُكْتَم منه قد عُلِمْ؟

أَراد الحَسْناء فقصَر للضرورة، و أَراد أَنَّ فحذف الهمزة للضرورة أَيضاً كقراءة من قرأَ: أَنِ ارْضِعيه. و التُّهْمةُ: أَصلها الواو فتذكر هناك.
توم:
التُّومةُ: اللؤلؤة، و الجمع تُوَمٌ و تُومٌ؛ قال ذو الرمة:
وَحْفٌ كأَنَّ النَّدَى، و الشمسُ ماتِعةٌ،             إِذا تَوقَّد في أَفْنانِهِ، التُّومُ‏

قال أَبو عمرو: هي الدرَّة و التُّومةُ و التُّؤَامِيَّة و اللَّطَمِيَّة. الجوهري: التُّومةُ، بالضم، واحدة التُّوَمِ، و هي حبَّة تعمَل من الفِضَّة كالدرَّة؛ هكذا فسر في شعر ذي الرمة. و التُّومةُ: القُرْط فيه حبَّة. و قال الليث: التُّومةُ القُرْط. ابن السكيت: قال أَيوب و مِسْحَل ابنا رَبْداء ابنة جرير: كان جرير يسمي قصيدتيه اللتين مدَح فيهما عبدَ العزيز بن مَرْوان و هجا الشعراء و إِحداهما:
ظَعَن الخليطُ لغُرْبة و تَنائِي،             و لقد نَسِيت برَامَتَيْنِ عَزائي‏

و الأُخرى:
يا صاحِبَيَّ دَنا الرَّواحُ فَسِيرَا


قالا: كان يسمِّيهما التُّومَتَيْنِ. و
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم: أَنه قال للنساء أَ تَعْجِز إِحداكُنَّ أَن تَتَّخِذ تُومَتَيْن من فضَّة ثم تُلَطِّخَهما بعَنْبر؟.
قال أَبو منصور: من قال للدرَّة تُومةٌ شبَّهها بما يسوَّى من الفضَّة كاللؤلؤة المستديرة تجعلُها الجارية في أُذنيها، و من قال تَوْأَمِيَّة فهما دُرَّتان للأُذنين إِحداهما تَوْأَمةُ الأُخرى. و
في حديث الكوثر: و رَضْراضُه التُّومُ.
أَي الدرُّ. و التُّومةُ: بيضَةُ النَّعام تشبيهاً بتُومة اللؤلؤ، و الجمع كالجمع؛ قال ذو الرمة:
و حتى أَتى يومٌ يَكادُ من اللَّظى             به التُّومُ، في أُفْحُوصه، يَتَصَيَّحُ‏

قال أَبو عبيد: يَعني البَيْض. و يَتَصَيَّح: لغة في يَتَصَوَّح بمعنى يتشقَّق؛ و قال ذو الرمة يصِف نباتاً وقع عليه الطَّلُّ فتعلَّق من أَغْصانه كأَنه الدرُّ فقال:
وَحْفٌ كأَنَّ النَّدَى، و الشمسُ ماتِعةٌ،             إِذا توقَّد في أَفْنانه، التُّوم‏

74
لسان العرب12

توم ص 74

أَفْنانُه: أَغْصانُه، الواحد فَنَن. توقَّد: أَنارَ لطلوع الشمس عليه. و تَوْماءُ: موضع و هو من عمَل دِمَشْق؛ قال جرير:
صَبَّحْنَ تَوْماءَ، و الناقُوسُ يَقْرَعُه             قَسُّ النصارى، حَراجِيجاً بنا تَجِفُ‏

تيم:
التَّيْمُ: أَن يَسْتَعْبده الهَوَى، و قد تامَه؛ و منه تَيْمُ الله: و هو ذَهابُ العقل من الهَوى، و رجل مُتَيَّم، و قيل: التَّيم ذهاب العقل و فساده؛ و في قصيدة كعب:
مُتَيَّم إِثْرها لم يُفْدَ مَكْبولُ‏


أَي مُعَبَّد مُذَلَّل. و تيَّمَه الحبُّ إِذا اسْتولى عليه. قال الأَصمعي: تَيَّمَتْ فلانةُ فلاناً تُتَيِّمهُ و تامَتْه تَتِيمُه تَيْماً، فهو مُتَيَّم بالنساء و مَتِيمٌ بهنَّ؛ و أَنشد للقِيط بن زُرارة:
تامَتْ فؤادَك، لو يَحْزُنْك ما صَنَعَتْ،             إِحْدَى نِساء بني ذُهْلِ بنِ شَيْبانا

و قيل: المُتَيَّم المُضَلَّل؛ و منه قيل للفَلاة تَيْماء، لأَنه يُضَلُّ فيها. و أَرض تَيْماءُ: مُضِلَّة مُهْلِكة، و قيل: واسعة. ابن الأَعرابي: التَّيْماء فَلاة واسعة. قال الأَصمعي: التَّيْماء التي لا ماء بها من الأَرَضِين، و نحو ذلك قال أَبو وَجْزة. ابن الأَعرابي: تامَ إِذا عَشِق، و تامَ إِذا تَخَلَّى من الناس. و التَّيم: العبد، و تَيمُ الله منه كما تقولُ عبد الله. و تَيمُ: قبيلةٌ. و بنو تَيمٍ: بطْن من الرِّباب. و بنو تَيْم اللَّاتِ بن ثعلبة: من بكر بن وائل. و أَما قولهم التَّيم فإِنما أَدخلوا اللام على إِرادة التَّيْمِيِّين، كما قالوا المجوس و اليهود؛ قال جرير:
و التَّيْمُ أَلأَمُ مَن يَمْشي، و أَلأَمُهُ             تَيمُ بنُ ذُهْلٍ بنُو السُّود المَدانِيس‏

الجوهري: تَيْمُ الله حَيٌّ من بكر يقال لهم اللَّهازم، و هو تَيْمُ الله بن ثعلبة بنِ عُكابةَ. و تَيمُ الله في النَّمِر ابن قاسِط، و أَصله من قولهم تَيَّمه الحبُّ أَي عَبَّدَه و ذلَّلَهُ، فهو مُتَيَّم، و معنى تَيْمِ الله عبدُ الله. و تَيْمٌ في قريش: رَهْطُ أَبي بكر الصديق، رضي الله عنه، و هو تَيْمُ بنُ مُرَّة بن كعب بن لُؤَيِّ بن غالب بن فِهْر بن مالك. و تَيْم بن غالب بن فِهْر أَيضاً في قريش و هم بنو الأَدْرَمِ، و تَيم بن عبد مَناة ابن أُدِّ بن طابِخَة بن إِلْياس بن مُضَر، و تَيْم بن قيس بن ثعلبة بن عُكابَة، و تَيْمُ بن شَيْبان بن ثعلبة ابن عُكابَة في بكر، و تَيْم بن ضَبَّة، و تَيْمُ اللَّاتِ أَيضاً في ضَبَّة، و تَيْمُ اللَّاتِ أَيضاً في الخَزْرَج من الأَنْصار و هم تَيْمُ اللَّاتِ بن ثعلبة، و اسمه النجَّار؛ و أَما قول إمرئ القيس:
أَقَرَّ حَشا إمْرِئ القيس بن حُجْرٍ             بنو تَيْمٍ مَصابيحُ الظَّلامِ‏

فهو بنو تَيْم بن ثعلبة من طَيِ‏ءٍ. و التِّيمةُ، بالكسر: الشاة تُذْبَح في المَجاعة، و الإِتْئام ذبحُها، و هو مذكور في الهمز. و
كتب سيدُنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم، لوائل بن حُجْر كتاباً أَمْلَى فيه: في التِّيعة شاةٌ و التِّيمَةُ لصاحبها.
و قيل: التِّيَمةُ الشاة الزائدة على الأَربعين حتى تبلُغ الفَرِيضة الأُخرى، و قيل: هي الشاة تكون لصاحبها في منزله يَحْتَلِبُها، و ليست بسائمةٍ، و هي من الغنم الرَّبائب؛ قال أَبو عبيد: و ربما احتاج صاحبها إِلى لَحْمها فيَذْبَحها فيقال عند ذلك: قد أَتامَ الرجل و أَتامَتِ المرأَة. و
في الحديث: التِّيمةُ
                       

75
لسان العرب12

تيم ص 75

لأَهْلها.
؛ تقول منه: اتَّامَ الرجل يَتَّامُ اتِّياماً إِذا ذَبَحَ تِيمَته، و هو افْتَعَل؛ قال الحُطَيئة:
فما تَتَّامُ جارةُ آلِ لأْيٍ،             و لكن يَضْمَنُون لها قِراها

يقول: جارتُهم لا تحتاج أَن تَذْبَح تِيمَتَها لأَنهم يَضْمَنون لها كفايتَها من القِرى فهي مُسْتَغنية عن ذبح تِيمَتِها. قال أَبو الهيثم: الاتِّيامُ أَن يَشْتَهيَ القومُ اللحمَ فيذبَحوا شاةً من الغنم، فتلك يقال لها التِّيمة تذبح من غير مرض، يقول: فجارتُهم لا تَتَّامُ لأَن اللحمَ عندها من عندهم فتكتفي و لا تحتاج أَن تذبح شاتها. قال ابن الأَعرابي: الاتِّيام أَن تُذْبَح الإِبل و الغنم بغير عِلَّة؛ قال العماني:
يَأْنَفُ للجارة أَن تَتَّاما،             و يَعْقِر الكُومَ و يُعْطي حاما

أَي يُطْعِم السُّودان من أَولاد حامٍ. و قال أَبو زيد: التِّيمةُ الشاة يذبَحُها القومُ في المَجاعة حين يُصِيب الناسَ الجوعُ. و تَيْماء: موضع؛ و منه قول الأَعشى:
و الأَبْلَقُ الفَرْدُ من تَيْماء مَنْزِله‏


و قيل: هو موضع من عَمل دِمَشْق؛ قال جرير:
صَبَّحْنَ تَيْماءَ، و الناقُوسُ يَقْرَعُه             قَسُّ النصارى، حَراجِيجاً بنا تَجِفُ‏

و الله أَعلم.
فصل الثاء
ثتم:
يقال: ثَتَمَتْ «3» خَرْزها أَفْسَدَتْه‏
ثجم:
الثَّجْمُ: سُرْعة الصرْف عن الشي‏ء. و الإِثْجامُ: سُرْعة المطَر. و أَثْجَمت السماءُ: دام مطرُها، و في الصحاح: أَثْجَمَت السماء أَيَّاماً ثم أَنْجَمَتْ، و قيل: كلُّ شي‏ء دام، فقد أَثْجَم. الأَصمعي: أَثْجَم المطَرُ و أَغْضَنَ إِذا دام أَيّاماً لا يُقْلِعُ و كثر.
ثدم:
رجُل ثَدْمٌ: عَيِيُّ الحجَّةِ و الكلامِ مع ثِقَل و رَخاوةٍ و قِلَّة فَهْم، و هو أَيضاً الغَليظ الشِّريِّر الأَحْمق الجافي، و الجمع ثِدام، و الأُنثى ثَدْمة و هي الضخْمة الرِّخْوة؛ عن اللحياني. و الثِّدامُ: المصْفاة. و إِبْريقٌ مُثَدَّم: وُضِع عليه الثِّدامُ، و حكى يعقوب أَن الثاء في كل ذلك بدل من الفاء. و رجل فَدْم ثدْم بمعنى واحد.
ثرم:
الثَّرَمُ، بالتحريك: انكِسارُ السِّنِّ من أَصلها، و قيل: هو انكِسار سِنٍّ من الأَسْنان المقدَّمة مثل الثَّنايا و الرَّباعِيات، و قيل: انكِسار الثَّنِيَّة خاصَّة، ثَرِمَ، بالكسر، ثَرَماً و هو أَثْرَمُ و الأُنْثَى ثَرْماء. و ثَرَمه، بالفتح، يَثْرِمه ثرْماً إِذا ضربه على فِيه فَثَرِمَ، و أَثْرَمَه فانْثَرَمَ. و ثَرَمْتُ ثَنِيَّته فانْثَرَمَتْ، و أَثْرَمَه الله أَي جعله أَثْرَم. أَبو زيد: أَثْرَمت الرجل إِثْراماً حتى ثَرِمَ إِذا كَسرت بعض ثَنيَّته. قال: و مثله أَنْتَرْت الكَبْش حتى نَتِر «4» و أَعْوَرْت عينَه، و أَعْضَبْت الكَبْشَ حتى عَضِب إِذا كسرْت قَرْنه. و الثَّرْم: مصدر الأَثْرَم، و قد ثرَمْت الرجل فثَرِم، و ثَرمْت ثَنِيَّته فانْثَرَمَتْ. قال أَبو منصور: و كلُّ كسر ثَرْمٌ و رَثْم و رَتْم. و
في الحديث: أَنه نهى أَن يُضَحَّى بالثَّرْماء.
؛ الثَّرَمُ: سقوط الثَّنِيَّة من‏
__________________________________________________
 (3). 1 قوله [ثتمت خرزها] هكذا في الأصل بسكون الراء و في القاموس بفتحها.
 (4). قوله [و مثله أنترت الكبش حتى نتر إلخ‏] هكذا في الأصل و شرح القاموس.

76
لسان العرب12

ثرم ص 76

الأَسْنان، و قيل: الثنيَّة و الرَّباعيَة، و قيل: هو أَن تُقْلَع السنُّ من أَصلها مطلقاً، و إِنما نَهى عنها لنُقْصان أَكلها. و منه‏
الحديث في صفة فِرْعَون: أَنه كان أَثْرَم.
و الأَثْرَمُ من أَجزاء العَروض: ما اجتمع فيه القَبْض و الخَرْمُ، يكون ذلك في الطَّويل و المتَقارَب، شبِّه بالأَثْرَم من الناس. و الأَثْرَمان: الليلُ و النهارُ. و الأَثْرَمان: الدَّهْر و الموْت؛ و أَنشد ثعلب:
و لمَّا رأَيتُك تَنْسى الذِّمام،             و لا قَدْرَ عندك للمُعْدِمِ،
و تَجْفُو الشَّريف إِذا ما أَخَلَّ،             و تُدْني الدَّنيَّ على الدِّرْهَمِ،
وهَبْتُ إِخاءَك للأَعْمَيَيْن،             و للأَثْرَمَيْنِ و لم أَظْلِمِ‏

الأَعْمَيان: السَّيلُ و النار. و أَخَلَّ: احتاج، و الخَلَّةُ الحاجة. و الثَّرْمانُ: نَبْت، و هو فيما ذكَر أَبو حنيفة عن بعض الأَعراب شجَر لا ورَق له، ينبُت نبات الحُرُض من غير ورَق، و إِذا غُمِزَ انْثَمأَ كما يَنْثمِئٌ الحَمْضُ. و هو كثير الماء و هو حامِضٌ عَفِصٌ تَرْعاه الإِبِل و الغنم و هو أَخْضَر، و نَباته في أَرُومةٍ، و الشِّتاءُ يُبِيدُه، و لا خَشَبَ له إِنما هو مَرْعىً فقط. و الثَّرْماء: ماء لكِنْدةَ معروف. و ثَرَم: اسم ثنية تُقابِل موضعاً يقال له الوَشْم، و هو مذكور في موضعه؛ قال:
و الوَشْم قد خَرَجَتْ منه، و قابَلَها             من الثَّنايا التي لم أَقْلِها ثَرَمُ‏

ثرتم:
الثُّرْتُم، بالضم: ما فَضَل من الطعام و الإِدام في الإِناء، و خصَّ اللحياني به ما فضَل في القَصْعة؛ أَنشد أَبو عبيد:
لا تَحْسَبَنَّ طِعانَ قَيْس بالقَنا             و ضِرابَهْم بالبيضِ حَسْوَ الثُّرْتُم‏

ثرطم:
الطَّرْثَمة و الثَّرْطَمة: الإِطْراق من غضب أَو تكبُّر، و قد ثَرْطَم. و المُثَرْطِمُ: المُتناهي السِّمَن من الدوابِّ، و قيل: هو المُنْتَهي سِمناً من كل شي‏ء، و قد ثَرْطَم.
ثرعم:
ابن الأَعرابي: الثِّرْعامة المرأَة؛ و أَنشد:
أَفْلَحَ مَن كانت له ثِرْعامَهْ‏


أَي امرأَة، و قال ابن بري: الثِّرْعامة مِظلَّة الناطور؛ و أَنشد:
أفْلَح مَن كانت له ثِرْعامَهْ،             يُدخلُ فيها كلَّ يوم هامَهْ‏

ثطعم:
تَثَطْعَم على أَصحابه: عَلاهم بكلام، و هي الثَّطْعَمة؛ قال ابن دريد: و ليس بثبت.
ثعم:
الثَّعْمُ: النَّزْعُ و الجرُّ. ثعَمه ثَعْماً: جَرَّه و نزَعه. و تثَعَّمَتْه الأَرضُ: أَعْجبته فَذَعَتْه إِليها و جرَّته لها، على المثَل، و نحو ذلك كذلك؛ قال الأَزهري: و ما سمعت الثَّعْم في شي‏ء من كلامهم غير ما ذكره الليث؛ و رواه أَبو زيد بالنون. و ابنُ الثُّعامة: ابنُ الفاجِرة.
ثغم:
الثَّغام، بالفتح: نَبْت على شَكْل الحَلِيِّ و هو أَغلظ منه و أَجلُّ عُوداً، يكون في الجَبل ينبُت أَخضر ثم يبيضّ إِذا يَبِس و له سَنَمة غليظة، و يقال‏

77
لسان العرب12

ثغم ص 77

له بالفارسية دَرْمَنَه إِسْبيذ «1». و لا ينبُت إِلَّا في قُنَّة سوداء، و هو ينبُت بنَجْد و تِهامة. التهذيب: الثَّغامةُ نَبات ذو ساقٍ جُمَّاحَته مثل هامة الشَّيْخ. و
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم: أَنه أُتِيَ بأَبي قُحافةَ يوم الفتح و كأَن رأْسه ثَغامةٌ فأَمرهم أَن يغيِّروه.
؛ قال أَبو عبيد: هو نَبْت أَبيض الثَّمر و الزَّهْر يُشَبَّه بياض الشَّيْب به؛ قال حسان:
إِمَّا تَرَيْ رَأْسي تَغَيَّر لونُه             شَمَطاً، فأَصبح كالثَّغامِ المُمْحِل‏

و قال الدِّينَورِي: الثَّغام حَلِيُّ الجَبل يكون أَبيضَ. قال أَبو حنيفة: الثَّغام أَرقُّ من الحَلِيِّ و أَدقُّ و أَضعف، و هو يُشْبِهه، و نَبْتُه نَبْت النَّصِيّ ما دام رَطْباً، فإِذا يَبِس ابْيضَّ ابْيِضاضاً شديداً فشبِّه الشَّيْب به، واحدته ثَغامة، و أَثْغِماء اسم للجمع، و كأَنَّ أَلفَيه بدل من هاء أَثْغِمة. و رأْس ثاغِمٌ إِذا ابيضَّ كله؛ قال المرّار الأَسدي «2»:
أَ عَلاقةً أُمَّ الوُلَيِّد، بعد ما             أَفْنان رأْسِكَ كالثَّغامِ المُخْلِسِ؟

ابن الأَعرابي: الثَّغامة شجرة تبيضُّ كأَنها الثلج؛ و أَنشد:
إِذا رأَيت صَلَعاً في الهامَهْ،             و حَدَباً بعد اعْتِدال القامَهْ‏
و صار رأْسُ الشيخ كالثَّغامَهْ،             فايأَسْ من الصحَّة و السَّلامَهْ‏

و المُثاغَمةُ و المُفاغمة: مُلاثَمةُ الرجل امرأَته. و الثَّغِمُ: الضارِي من الكِلاب.
ثكم:
ثَكَمُ الطريق، بالتحريك: وسَطه؛ قال ابن بري: شاهده قول الشاعر:
لمّا خَشِيت بسُحْرَةٍ إِلْحاحَها،             أَلْزَمْتها ثَكَمَ النَّقِيل اللَّاحِبِ‏

الإِلْحاح: قيامُ الدابة على أَهله فلم يَبرح، و النَّقِيلُ: الطريق. ابن الأَعرابي: الثُّكْمةُ المَحَجَّة.
روي عن أُم سلمة أَنها قالت لعثمان بن عفان، رضي الله عنه: تَوَخَّ حَيث تَوَخَّى صاحباك فإِنهما ثَكَما لك الحقَّ ثَكْماً.
أَي بَيَّناه و أَوضحاه حتى تَبَين كأَنه مَحَجَّة ظاهرة، و الثَّكْمُ: مصدر ثَكَمَ؛ قال القتيبي: أَرادت أُم سلمة أَنهما لَزِما الحقَّ و لم يَظْلما و لا خَرَجا عن المَحَجَّة يميناً و لا شمالًا؛ و منه‏
الحديث الآخر: أَنَّ أَبا بكر و عُمر ثَكَما الأَمر فلم يَظْلماه.
؛ قال الأَزهري: أَراد رَكِبا ثَكَم الطريق و هو قَصْده. و ثَكِمَ بالمكان، بالكسر، يَثْكَم إِذا أَقام به، و ثَكِمْت الطريق إِذا لَزِمته. و ثُكامة: اسم بلد.
ثلم:
ثَلَمَ الإِناءَ و السيفَ و نحوَه يَثْلِمُهُ ثَلْماً و ثلَّمه فانْثَلَم و تَثَلّم: كسر حَرْفَه. ابن السكيت: يقال في الإِناء ثَلْم إِذا انكسر من شَفَتِه شي‏ء، و في السيف ثَلْم. و الثُّلْمة: الموضع الذي قد انْثَلم، و جمعها ثُلَم، و قد انْثَلَم الحائط و تَثَلَّم؛ و قال الشاعر:
بالحَزْن فالصَّمَّان فالمُتَثَلَّمِ «3»


و يقال: ثَلَمْت الحائط أَثْلِمُه، بالكسر، ثَلْماً
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [درمنه اسبيذ] عبارة شارح القاموس: و اختلف في ضبطه، فالذي في نسختنا بكسر الدال و فتح الراء و سكون الميم، و في بعضها بفتح الدال و تشديد الراء المفتوحة و سكون الميم، و كل هذا خبط، و الصحيح درمنه بفتح الأَول و الثالث و سكون الراء و أصله درميانه و اسبيذ بالكسر و المعنى في وسطه أبيض.
 (2). 2 قوله [قال المرار الأسدي‏] عبارة التكملة: المرار الفقعسي.
 (3). 1 هذا البيت لعنترة من معلقته و صدره:
و تحلّ عبلة بالجواء و أهلنا

و يروى أيضاً:
... المتثلِّم‏

، بكسر اللام.

78
لسان العرب12

ثلم ص 78

فهو مَثْلوم. و الثُّلْمة: الخَلَل في الحائط و غيره. و ثَلِمَ الشي‏ء، بالكسر، يَثْلَم، فهو أَثْلَم بيِّن الثَّلَم، و ثَلَّمته أَيضاً شُدِّد للكثرة. و
في الحديث: أَنه نَهى عن الشُّرْب من ثُلْمة القَدَح.
أَي موضع الكسر، و إِنما نَهى عنه لأَنه لا يَتماسك عليها فَمُ الشارب و ربَّما انصبَّ الماء على ثوبه و بدنه، و قيل: لأَنَّ موضعها لا يناله التنظيف التامُّ إِذا غُسل الإِناء، و قد جاء
في الحديث: أَنه مَقْعَدُ الشيطان.
قال: و لعله أَراد به عدم النظافة. و الثُّلْمة: فُرْجة الجُرْف المكسور. و الثَّلَم في الوادي، بالتحريك: أَن يَنْثَلِم جُرْفُه، و كذلك هو في النُّؤْي و الحَوْضِ، قال أَبو منصور: و رأَيت بناحية الصَّمَّان موضعاً يقال له الثَّلَم، قال: و أَنشدني أَعرابي:
تَرَبَّعَتْ جَوَّ خُوَيّ فالثَّلَمْ‏


و الثَّلْم في العَرُوض: نوع من الخَرْم و هو يكون في الطويل و المُتَقارَب. و ثُلِمَ في مالهِ ثَلْمة إِذا ذهَب منه شي‏ء. و الأَثْلم: التراب و الحجارة كالأَثْلَب، عن الهجري، قال ابن سيدة: لا أَدري أَ لغة أَم بدل، و أَنشد:
أَحْلِف لا أُعْطِي الخبيثَ دِرْهَمَا             ظُلْماً، و لا أُعطِيه إِلّا الأَثْلَمَا

و مُثَلَّم: اسم. و الثَّلْماءُ: موضع. و الثَّلَم: موضع، قال زهير:
هلْ رامَ أَمْ لم يَرِمْ ذو الجِزْعِ فالثَّلَمُ،             ذاك الهَوى منك لا دانٍ و لا أَمَمُ‏

أَراد ذاك المَهْوِيّ فوضع المصدر موضع المفعول، و يروى فالسَّلَم. و المُتَثَلَّم: موضع رواه أَهل المدينة في بيت زهير:
بحَوْمانَةِ الدَّرَّاجِ فالمُتَثَلَّمِ «1»


و رواية غيرهم من أَهل الحجاز: فالمُتَثَلِّمِ. و المُثَلَّم: اسم موضع. و أَبو المُثَلَّم: من شعرائهم.
ثمم:
ابن الأَعرابي: ثُمَّ إِذا حُشي، و ثُمَّ إِذا أُصلِحَ. ابن سيدة: ثَمّ يَثُمُّ، بالضم، ثَمّاً أَصلَح. و ثمَمْت الشي‏ء أَثُمُّه، بالضم، ثَمّاً إِذا أَصلَحته و رمَمْتَه بالثُّمام؛ و منه قيل: ثَمَمْت أُموري إِذا أَصلَحتها و رمَمْتَها. و
رُوي عن عُرْوة بن الزبير أَنه ذكر أُحَيْحة بن الجُلاح و قَوْل أَخْوالِه فيه: كنَّا أَهلَ ثُمِّهِ و رُمِّهِ حتى استَوى على عُمَمِه و عَمَمِه.
؛ قال أَبو عبيد: المحدّثون هكذا يَرْوُونه، بالضم، و وجْهه عندي بالفتح. و الثَّمُّ: إِصلاحُ الشي‏ء و إِحكامُه، و هو و الرَّمُّ بمعنى الإِصلاح، و قيل: هما، بالضم، مصدران كالشكر أَو بمعنى المفعول كالذُّخْر أَي كنَّا أَهل تَرْبِيَتِه و المُتَولِّين لإِصلاح شأْنه، يقال منه: ثَمَمْت أَثُمُّ ثَمّاً؛ و قال هِمْيان بن قُحافة يذكر الإِبل و أَلْبانَها:
حتى إِذا ما قضَتِ الحوائجا،             و مَلأَتْ حُلَّابُها الخَلانِجا
منها، و ثَمُّوا الأَوْطُبَ النَّواشِجا


قال: أَراد أَنهم شدُّوها و أَحكَموها، قال: و النَّواشجُ الممتلئة؛ قال أَبو منصور: يعني بقوله‏
... ثَمُّوا الأَوْطُب النَّواشِجَ‏


أَي فَرشوا لها الثُّمامَ و ظَلَّلوها به، قال: و هكذا سمعت العرب تقول: ثَمَمْت السِّقاء إِذا فَرَشْت له الثُّمام و جعلتَه فوقه لئلا تُصيبه الشمسُ فَيَتَقطَّع لَبَنُه. و الثُّمامُ: نَبْت معروف في البادية و لا تَجْهَدُه النَّعَم‏
__________________________________________________
 (1) صدر هذا البيت:

أ مِن أُمِّ أوفى دِمنةٌ لم تكلَّمِ.

 

79
لسان العرب12

ثمم ص 79

إِلَّا في الجُدوبة، قال: و هو الثُّمَّةُ أَيضاً، و ربما خفِّف فقيل: الثُّمَة، و الثُّمَةُ: الثُّمامُ. و رجلٌ مِعَمٌّ مِثَمٌّ مِلَمٌّ للذي يُصْلح الأَمْر و يقوم به. ابن شميل: المِثَمُّ الذي يَرْعَى على مَن لا راعِيَ له، و يُفْقِرُ مَنْ لا ظهر له، و يَثُمُّ ما عجز عنه الحيُّ من أَمرهم، و إِذا كان الرجل شديداً يأْتي من وراء الصاغية و يحمل الزيادة و يردُّ الرِّكاب قيل له: مِثَمٌّ، و إِنه لَمِثَمٌّ لأَسافِل الأَشياء. و مَثَمُّ الفَرس، بالفتح: منقطَع سُرَّتِه، و المَثَمَّةُ مثله. و ثَمَّ الشي‏ءَ يَثُمه ثَمّاً: جمعه، و أَكثرُ ما يُستعمَل في الحَشيش. و يقال: هو يَثُمُّه و يقمُّه أَي يَكْنُسُه و يَجمع الجيِّد و الرَّدي‏ء. و رجل مِثَمٌّ و مِقَمٌّ، بكسر الميم، إِذا كان كذلك، و مِثَمَّةٌ و مِقَمَّةٌ أَيضاً، الهاء للمبالغة. و قال أَعرابي: جَعْجَع بي الدهرُ عن ثُمِّه و رُمِّه أَي عن قليله و كثيره. و الثُّمَّةُ، بالضم: القَبْضة من الحشيش. و ثَمَّ يده بالحشيشِ أَو الأَرضِ: مَسَحها، و ثَمَمْت يدي كذلك. و انْثَمَّ عليه أَي انْثال عليه. و انْثَمَّ جسمُ فلان أَي ذاب مثل انْهَمَّ؛ عن ابن السكيت. أَبو حنيفة: الثُّمُّ لغة في الثُّمامِ، الواحدة ثُمَّةٌ؛ قال الشاعر:
فأَصبح فيه آلُ خَيْمٍ مُنَضَّدٍ،             و ثُمٍّ على عَرْش الخيام غَسيِل‏

و قالوا في المَثَلِ لنَجاحِ الحاجة: هو على رأْس الثُّمَّة؛ و قال:
لا تَحْسبي أَنَّ يَدي في غُمَّهْ،             في قَعْر نِحْيٍ أَسْتَثِيرُ جَمَّهْ،
أَمسحُها بتُرْبَةٍ أَو ثُمَّهْ‏


و ثَمَّتِ الشاةُ الشي‏ءَ و النَّباتَ بفِيها تَثُمُّه ثَمّا، و هي ثَمُومٌ: قَلَعَتْه بفِيها، و كلَّ ما مرَّت به، و هي شاة ثَمُومٌ. الأُموي: الثَّمُومُ من الغنم التي تَقْلَع الشي‏ء بفيها، يقال منه: ثَمَمْت أَثُمُّ، و العرب تقول للشي‏ء الذي لا يَعسُر تَناوُلُه: هو على طَرَف الثُّمام، و ذلك أَن الثُّمامَ لا يَطول فيَشُقّ تناوُلُه. أَبو الهيثم: تقول العرب في التشبيه هو أَبوه على طَرَف الثُّمَّة إِذا كان يُشْبهه، و بعضهم يقول الثَّمَّة، مفتوحة. قال: و الثُّمَّة الثُّمام إِذا نُزِع فجعل تحت الأَساقي. يقال: ثَمَمْتُ السِّقاء أَثُمُّه إِذا جعلت تحتَه الثُّمَّة، و يقال: ثُمَّ لها أَي اجْمع لها. و ثَمَّ الشي‏ءَ يَثُمُّه و ثَمَّمَهُ: وطِئَه، و الاسم الثُّمُّ، و كذلك ثَمَّ الوَطْأَة. و ثَمَّمَ الكثيرُ: لغة في ثَمَّمَ «1»، و يقال ذلك على الثُّمَّة، يضرَب مثلًا في النجاح. و انْثَمَّ الشيخ انْثِماماً: ولَّى و كَبِرَ و هَرِمَ. و ثَمَّ الطَّعامَ ثَمّاً: أَكلَ جَيِّده. و ما له ثُمٌّ و لا رُمٌّ: فالثُّمُّ قُماشُ الناسِ أَساقيهم و آنِيتَهُم، و الرُّمُّ مَرمَّةُ البيت. و ما يملك ثُمّاً و لا رُمّاً أَي قليلًا و لا كثيراً، لا يُستعمل إِلَّا في النفي. قال أَبو منصور: الثُّمُّ و الرُّمُّ صحيح من كلام العرب. قال أَبو عمرو: الثُّمُّ الرُّمُّ؛ و أَنشد لأَبي سلمة المحاربي:
ثَمَمْت حوائجي و وَذَأْتُ عَمْراً،             فبئس مُعَرَّسُ الرَّكْب السِّغاب «2».

ثَمَمْت: أَصلحت؛ و منه قولهم: كنَّا أَهل ثُمِّه و رُمِّه. و الثُّمامُ: شجر، واحدته ثُمامة و ثُمَّة؛ عن كراع؛ قال ابن سيدة: لا أَدري كيف ذلك، و به فسر
__________________________________________________
 (1) قوله [و كذلك ثم الوطأة و ثمم الكثير لغة في ثمم‏] هكذا في الأصل.
 (2) قوله [و وذأت عمراً] في نسخة: بشراً و هو كذلك في الصحاح هنا و في مادة وذأ، و في الأصل: الشعاب بالشين المعجمة و العين المهملة. و في الصحاح في المادتين المذكورتين: السغاب بالسين المهملة و الغين المعجمة.

80
لسان العرب12

ثمم ص 79

قولهم: هو لك على رأْس الثُّمَّةِ، و بها سمي الرجل ثُمامة. و الثُّمام: نبت ضعيف له خوص أَو شبيه بالخُوص، و ربما حُشِي به و سُدَّ به خَصاص البيوت؛ قال الشاعر يصف ضعيف الثُّمام:
         و لو أَنّ ما أَبْقَيْت مِني مُعَلَّقٌ             بعُودِ ثُمامٍ، ما تأَوَّدَ عُودُها

و
في حديث عمر: اغْزوا و الغَزْوُ حُلْوٌ خَضِر قبل أَن يصير ثُماماً ثم رُماماً ثم حُطاماً.
؛ و الثُّمام: نبت ضعيف قصير لا يطول، و الرُّمامُ: البالي، و الحُطامُ: المتَكسِّر المُتَفَتِّت؛ المعنى: اغْزُوا و أَنتم تُنْصَرون و تُوفِّرُون غنائمكم قبل أَن يَهِنَ و يَضْعُف و يصير كالثُّمام. و الثُّمام: ما يَبِس من الأَغْصان التي توضَع تحت النَّضَدِ. و بيتٌ مَثْمومٌ: مُغَطىًّ بالثُّمامِ، و كذلك الوَطْب، و هو على طَرَف الثُّمام أَي ممكن لا مُحال؛ عن ابن الأَعرابي. الأَزهري: الثُّمامُ أَنواع: فمنها الضَّعَة و منها الجَليلةُ و منها الغَرَفُ، و هو شبيه بالأَسَل و تُتَّخذ منه المَكانِس و يُظَلَّل به المَزاد فيُبَرِّد الماء. و شاة ثَمومٌ: تأْكل الثُّمامَ، و قد قلنا إِنها التي تقلَع الشي‏ء بفِيها. ابن السكيت: ثَمَّمْتُ العَظْم تَثْميماً، و ذلك إِذا كان عَنِتاً فأَبَنْتَه. و الثَّمِيمةُ: التّامورةُ المشدودةُ الرأْس، و هي الثِّفالُ و هي الإِبريقُ. و ثَمَّ، بفتح الثاء: إِشارة إِلى المكان؛ قال الله عز و جل: وَ إِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً
؛ قال الزجاج: ثَمَ‏
 يعني به الجَنَّة، و العامل في ثَمَ‏
 معنى رَأَيْتَ، المعنى و إِذا رميت ببصَرك ثَمَّ؛ و قال الفراء: المعنى إِذا رأَيت ما ثَمَّ رأَيت نَعيماً، و قال الزجاج: هذا غلط لأَن ما موصولة بقوله ثمّ على هذا التفسير، و لا يجوز إِسقاط الموصول و تَرْكُ الصِّلة، و لكن رأَيت متعدٍّ في المعنى إِلى ثَمَّ. و أَما قول الله عز و جل: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ‏
، فإِن الزجاج قال أَيضاً: ثَمَّ موضِعُه موضعُ نَصْب، و لكنه مبني على الفتح و لا يجوز أَن يكون ثَمّاً زيدٌ «1»، و إِنما بُنيَ على الفتح لالتقاء الساكنين. و ثَمَّ في المكان: إِشارة إِلى مكان مُنْزاحٍ عنك، و إِنما مُنِعَت ثَمَّ الإِعراب لإِبْهامها، قال: و لا أَعلم أَحداً شرح ثَمَّ هذا الشرح، و أَما هنا فهو إِشارة إِلى القريب منك. و ثَمَّ: بمعنى هناك و هو للتبعيد بمنزلة هنا للتقريب. قال أَبو إِسحاق: ثَمَّ في الكلام إِشارة بمنزلة هناك زيد، و هو المكان البعيد منك، و مُنِعت الإِعرابَ لإِبهامها و بَقِيت على الفتح لالتقاء الساكنين. و ثَمَّتَ أَيضاً: بمعنى ثَمَّ. و ثُمّ و ثُمَّتَ و ثُمَّتْ، كلها: حرف نَسَق و الفاء في كل ذلك بدل من الثاء لكثرة الاستعمال. الليث: ثُمَّ حرف من حروف النَّسَق لا يُشَرِّك ما بعدَها بما قبلها إِلا أَنها تبيّن الآخر من الأَوّل، و أَما قوله: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها
، و الزَّوْج مخلوق قبل الولد، فالمعنى أَن يُجْعَل خلْقُه الزوجَ مردوداً على واحدةٍ، المعنى خلقها واحدة ثم جعل منها زَوْجَها، و نحو ذلك قال الزجاج، قال: المعنى خلقكم من نفسٍ خلقها واحدة ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها
 أَي خلق منها زوجَها قبلكم؛ قال: و ثُمَّ لا تكون في العُطوف إِلَّا لشي‏ء بعد شي‏ء، و العرب تزيد في ثُمَّ تاءً تقول فعلت كذا و كذا ثُمَّت فعلت كذا؛ و قال الشاعر:
         و لقد أَمُرُّ على اللَّئِيم يَسُبُّني،             فمضَيْت ثُمَّتَ قلت: لا يَعْنِيني‏

و قال الشاعر:
__________________________________________________
 (1) قوله [و لا يجوز أَن يكون ثماً زيد] هكذا في الأصل و لعله و لا يجوز أَن تقول ثماً زيد.

81
لسان العرب12

ثمم ص 79

         ثُمَّتَ يَنْباعُ انْبِياعَ الشجاعْ‏


و ثُمَّ: حرف عطف يدل على الترتيب و التراخي.
ثمثم:
الثَّمْثَمُ: الكلب، و قيل: الثَّمْثَمُ كلب الصيد. الأَزهري في الرباعي: العُرْبُجُ و الثَّمْثَمُ كلب الصيد. و ثَمْثَمَ الرجلُ عن الشي‏ء و تَثَمْثَم: توقف، و كذلك الثورُ و الحِمارُ؛ قال الأَعشى:
         فَمَرَّ نَضِيُّ السَّهْمِ تحت لَبانِه،             و جالَ على وَحْشِيِّه لم يُثَمْثِمِ‏

و تكلم فما تَثَمْثَمَ و لا تَلَعْثَم بمعنىً. و ثَمْثَموا الرجل: تَعْتَعُوه؛ عن ابن الأَعرابي. و ثَمْثَمَ الرجل إِذا غَطَّى رأْس إِنائه. و يقال: مَثْمِثُوا بنا ساعةً و ثَمْثِموا بنا ساعة و لَثْلِثوا ساعةً و حَفْحِفوا «1». ساعة أَي رَوِّحوا بنا قليلًا. الثَّمْثام: الذي إِذا أَخذ الشي‏ء كسَره. و يقال: هذا سَيْف لا يُثَمْثَمُ نَصْله أَي لا يُثْنَى إِذا ضُرب به و لا يَرْتَدّ؛ و قال ساعدة:
         فوَرَّك لَيْناً لا يُثَمْثَمُ نَصْلُه،             إِذا صابَ أَوساطَ العِظامِ صَمِيمُ‏

صَميمٌ أَي مُصَمِّم في العَظْم؛ و قول العجاج:
         مُسْتَرْدِفاً، مِن السَّنام الأَسْنَمِ،             حَشاً طويل الفَرْع لم يُثَمْثَمِ‏

أَي لم يكْسَر و لم يُشْدخ بالحَمْل، يعني سَنامه، و لم يُصِبْه عَمَدٌ فَيَنْهَشِم؛ العَمَدُ: أَن يَنْشَدِخ فَيَنْغَمِر. و ثَمْثَمَ قِرْنَه إِذا قَهَرَه؛ قال:
         فهو لِحُولانِ القِلاصِ ثَمْثام‏


ثوم:
قال أَبو حنيفة: الثُّومُ هذه البَقْلة معروف، و هي ببلد العرب كثيرة منها بَرِّيٌّ و منها رِيفِيٌّ، واحدته ثُومةٌ. و الثُّومة: قَبِيعةُ السيْفِ على التشبيه لأَنها على شَكْلها. و الثُّوم: لغة في الفُوم، و هي الحِنْطة. و أُمُّ ثُومةَ: امرأَة؛ أَنشد ابن الأَعرابي لأَبي الجراح نفسه:
         فلو أَنَّ عندي أُمَّ ثُومةَ لم يكن             عليَّ، لِمُسْتَنِّ الرِّياح، طريقُ‏

و قد يجوز أَن تكون أُمُّ ثُومةَ هنا السيف لما تقدّم من أَن الثُّومةَ قَبيعةُ السيفِ، و كأَنه يقول: لو كان سيْفي حاضراً لم أُذَلَّ و لم أُهَنْ. و الثِّوَمُ: شجر طيِّب الريح عظام واسع الورَق أَخضر، أَطيب رِيحاً من الآس، يُبْسط في المجالس كما يُبْسَط الرَّيحان، واحدته ثِوَمةٌ؛ حكاه أَبو حنيفة. ابن الأَعرابي: هي الخُنْعُبَة و النُّونَةُ و الثُّومَةُ و الهَزْمةُ و الوَهْدَةُ و القَلْدةُ و الهَرْتَمَةُ و العَرْتَمَةُ و الحِثْرِمةُ؛ قال الليث: الخُنْعُبَةُ مَشقّ ما بين الشارِبين بحِيال الوتَرَةِ، و الله تعالى أَعلم.
فصل الجيم‏
جثم:
جثَم الإِنسانُ و الطائرُ و النَّعامةُ و الخِشْف و الأَرْنبُ و اليَرْبوعُ يَجْثِم و يَجْثُم جَثْماً و جثُوماً، فهو جاثِم: لَزِم مكانه فلم يَبْرَح أَي تَلَبَّد بالأَرض، و قيل: هو أَن يَقَعَ على صدره؛ قال الراجز:
         إِذا الكُماةُ جَثَمُوا على الرُّكَبْ،             ثَبَجْتَ، يا عَمْرو، ثُبُوجَ المُحْتَطِبْ‏

قال: و هي بمنزلة البُرُوك للإِبل؛ و منه‏
الحديث: فلزِمها حتى تَجَثَّمَها تَجَثُّمَ الطير أُنْثاه إِذا عَلاها
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [حفحفوا] هكذا هو في الأصل هنا و في مادة لثث.

82
لسان العرب12

جثم ص 82

للسِّفاد.
و جَثَم فلان بالأَرضَ يَجْثُم جُثوماً: لصِق بها و لَزِمها؛ قال النابغة يصِف رَكَبَ امرأَةٍ:
         و إِذا لَمَسْتَ لَمَسْتَ أَجْثَمَ جاثماً.             مُتَحَيِّراً بمكانه مِلْ‏ءَ اليَدِ

الليث: الجاثِمُ اللَّازِمُ مكانه لا يَبْرح. الليث: الجاثِمَةُ و اللَّبِدُ الذي لا يَبْرحُ بيتَه؛ يقال: رجل جُثَمةٌ و جَثَّامة للنَّؤوم الذي لا يسافِر. و يقال: إِن العسَل يَجْثُم على المَعِدة ثم يَقْذِف بالداء، و في بعض الكلام: إِذا شرِبت العسَل جَثَم على رأْس المَعِدة ثم قَذف الداء؛ و جمعُ الجاثِمِ جُثوم. و قوله تعالى: فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ*
؛ أَي أَجساداً مُلْقاةً في الأَرض؛ و قال أَبو العباس: أَي أَصابهم البلاءُ فبَركوا فيها، و الجاثِمُ: البارِك على رِجْليه كما يَجْثِمُ الطيرُ، أي أَصابهم العذابُ فماتوا جاثِمين أي بارِكين. الأَصمعي: جَثَمْت و جَثَوْت واحد. و الجَثُومُ: الأَرْنَبُ لأَنها تَجْثِمُ، و مكانها مَجْثَمٌ. و الجُثامُ و الجاثُومُ: الكابُوس يَجْثِمُ على الإِنسان، و هو الدَّيَثانيُّ. التهذيب: و يقال للذي يقَع على الإِنسان و هو نائم جاثُوم و جُثَم و جُثَمة و رازِمٌ و رَكَّاب و جَثَّامة؛ قال: و هو هذا النجت «1» الذي يقَع على النائم. و جَثَمَ الليلُ جُثوماً: انتصَف؛ عن ثعلب. و الجَثَمَةُ و الحَثَمة «2». و الجَثوم: الأَكَمَةُ؛ قال تأَبط شرّاً:
 نَهَضْتُ إليها من جَثومٍ كأَنَّها             عجوزٌ، عليها هِدْمِلٌ ذاتُ خَيْعَلِ‏

و الجَثَّامةُ: البَلِيدُ؛ قال الراعي:
مِنْ أَمْرِ ذي بَدَواتٍ لا تَزالُ له             بَزْلاءُ، يعيا بها الجَثَّامة اللُّبَدُ

و يروى‏
... اللَّبِدُ


، بالكسر، و هي أَجود عند أَبي عبيد، و الجَثَّامةُ: السيد الحليم: و المُجَثَّمةُ: المَحْبوسةُ. و
في الحديث: أَنه نَهى عن المَصْبُورة و المُجَثَّمةِ.
؛ قال أَبو عبيد: المُجَثَّمة التي نهى عنها هي المَصْبورة و هي كل حيوان يُنْصَب و يُرْمَى و يُقْتَل. قال أَبو عبيد: و لكن المُجَثَّمة لا تكون إِلَّا من الطير و الأَرانِب و أَشْباهِها مما يَجْثِمُ بالأَرض أي يَلْزمها، لأَن الطير تَجْثِم بالأَرض إِذا لَزِمَتْها و لَبَدت عليها، فإِنْ حَبَسَها إنسان قيل: قد جُثِّمتْ، فهي مُجَثَّمة إِذا فُعِل ذلك بها، و هي المحبوسة، فإِذا فَعَلَتْ هي من غير فِعْل أَحد قيل: جَثَمتْ تَجْثِمُ و تَجْثُمُ جُثُوماً، فهي جاثمة. شمر: المُجَثَّمة هي الشاة التي تُرْمى بالحجارة حتى تموت ثم تؤكل، قال: و الشاة لا تَجْثِم إِنما الجُثوم للطير و لكنه استُعِير. و
روي عن عِكْرمة أَنه قال: المُجَثَّمة الشاة تُرمَى بالنَّبْل حتى تُقْتَل.
و جَثَمَ الطِّين و الترابَ و الرَّماد: جَمَعها، و هي الجُثْمة. و الجَثْمُ و الجَثَم: الزَّرْع إِذا ارتفع عن الأَرض شيئاً و استقَلّ نباته، و قد جَثَم يجثِم. قال أَبو حنيفة: الجَثْمُ العِذْقُ إذا عَظُم بُسْرُه، و الجمع جُثُومٌ. و جَثَمَت العُذُوق تَجْثُمُ، بضم الثاء، جُثوماً: عَظُم بُسْرُها شيئاً، و في التهذيب: إذا عظُمت فلزِمتْ مكانها. و الجُثْمان: الجِسْم؛ و قول الفرزدق:
__________________________________________________
 (1) قوله [و هو هذا النجت‏] هكذا في أصل من غير نقط، و في نسخة سقيمة من التهذيب: و هو هذا النجت.
 (2) قوله [و الجثمة إلخ‏] عبارة التكملة: الجثمة و الحثمة، بالتحريك فيهما، و الجثوم الأكمة إِلى آخر ما هنا، و ضبط الأَخير فيها كصبور و لكن يستفاد من القاموس أَن الأَخير مضموم الأَول.

83
لسان العرب12

جثم ص 82

و باتَتْ بِجُثْمانِيَّةِ الماءِ نِيبُها،             إلى ذاتِ رَحْلٍ كالمآتِمِ حُسَّرا

جُثْمانِيَّة الماء: الماءُ نفسُه. و يقال: جُثْمانِيَّة الماءِ وسَطُه و مُجْتَمَعُه و مكانُه؛ و قول رؤبة:
و اعْطِفْ على بازٍ تَراخى مَجْثَمُهْ‏


أي بعد وَكْره. التهذيب: الجُثْمان بمنزلة الجُسْمان جامع لكل شي‏ء تريد به جِسْمه و أَلواحَه. و يقال: ما أَحسن جُثْمان الرجل و جُسْمانه أي جسده؛ قال الممزَّق العَبْديّ:
و قد دعَوْا ليَ أَقْواماً، و قد غَسَلوا،             بالسِّدْر و الماءِ، جُثْماني و أَطْباقي‏

الأَزهري: قال الأَصمعي الجُثْمان الشخص، و الجُسْمانُ الجِسْم؛ قال بِشْر:
أَمُونٌ كدُكَّان العِباديِّ فَوْقَها             سَنامٌ كجُثْمان البَنِيَّةِ أَتْلَعا

يعني بالبَنِيَّة الكعبة، و هو شخص و ليس بجَسد؛ قال ابن بري: صوابُ إنْشاده‏
أَمُوناً ...


بالنصب لأَنه منصوب بقوله فكَلَّفْت قبله، و هو:
فكَلَّفْت ما عندي، و إن كنتُ عامِداً             من الوَجْدِ كالثَّكْلان، بل أَنا أَوْجَعُ‏

و أَتْلَعُ بالرفع لأَنه نعت لسَنام، و الذي في شِعْره كجُثْمان البَلِيَّة، و هي الناقة تجعل عند قبر الميت؛ شبَّه سَنام ناقته بجُثْمانِها. و يقال: جاءني بثَريد مثل جُثْمان القَطاة. و الجُثُوم: جبل؛ قال:
جَبَل يَزيدُ على الجِبالِ إذا بدا،             بين الرَّبائِع و الجُثُومِ مُقِيمُ‏

جحم:
أَجْحَم عنه: كَفَّ كأَحْجَم. و أَحْجَم الرجلَ: دَنا أَن يُهْلِكَه. و الجحيمُ: اسم من أَسماء النار. و كلُّ نارٍ عظيمة في مَهْواةٍ فهي جَحِيمٌ، من قوله تعالى: قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ‏
. ابن سيدة: الجحيمُ النارُ الشديدة التأَجُّج كما أَجَّجوا نارَ إبراهيم النبيِّ، على نبينا و عليه الصلاة و السلام، فهي تَجْحَمُ جُحوماً أي توقَّد توقُّداً، و كذلك الجَحْمةُ و الجُحْمةُ؛ قال ساعدة بن جؤية:
إنْ تأْتِه، في نَهار الصَّيْفِ، لا تَرَهُ             إلَا يُجَمِّع ما يَصْلى من الجُحَمِ‏

و رأَيت جُحْمةَ النارِ أي توقُّدَها. و كلُّ نارٍ تُوقد على نارٍ جَحِيمٌ، و هي نارٌ جاحِمةٌ؛ و أَنشد الأَصمعي:
و ضالةٌ مثلُ الجحِيمِ المُوقَدِ


شَبَّه النِّصال و حِدَّتها بالنار؛ و نحو منه قول الهذلي:
كأَنّ ظُباتِها عُقُرٌ بَعِيجُ‏


و يقال للنار: جاحِمٌ أَي توقُّد و التهابٌ. و قال بعضهم: هو يَتجاحَمُ أَي يتحرَّق حِرْصاً و بُخْلًا، و هو من الجحِيم، و قد تكرر ذكر الجحيم في غير موضع في الحديث، و هو اسم من أَسماء جهنم، و أَصله ما اشْتَدَّ لَهَبُه من النار. و الجاحِمُ: المكان الشديد الحرّ؛ قال الأَعشى:
يُعِدُّون للهَيْجاء قبلَ لِقائها،             غَداةَ احْتِضار البأْس، و الموتُ جاحِمُ‏

و جحَم النارَ: أَوْقَدها. و جَحُمَت نارُكم تَجْحُم جُحوماً: عَظُمت و تأَجَّجَتْ، و جَحِمتْ جَحَماً و جَحْماً و جُحوماً: اضْطَرمَتْ و كثُر جَمْرُها

84
لسان العرب12

جحم ص 84

و لَهَبُها و تَوقُّدها، و هي جَحيمٌ و جاحِمةٌ. و جَمْرٌ جاحِمٌ: شديد الاشتِعال. و جاحِمُ الحَرْب: مُعْظَمُها، و قيل: شدَّة القَتْل في مُعْتَركها؛ و أَنشد:
حتى إذا ذاق منها جاحِماً بَرَدا


و قال الآخر:
و الحَرْب لا يَبْقى             لجاحِمِها التخيُّل و المِراح‏

و روى المنذري عن أَبي طالب في قولهم فلان جَحَّامُ و هو يَتجاحَمُ علينا أي يَتضايَقُ، و هو مأْخوذ من جاحِمِ الحَرْب، و هو ضِيقُها و شدّتُها. و الجُحام: داء يُصِيب الإِنسانَ في عينه فتَرِم، و قيل: هو داء يُصيب الكلب يُكْوى منه بين عينيه. و
في الحديث: كان لِمَيْمُونةَ كلبٌ يقال له مِسْمار فأَخذه داء يقال له الجُحام، فقالت: وا رَحْمَتَا لمِسْمار.
تعني كلبَها؛ قال ابن الأَثير: الجُحام داء يأْخذ الكلب في رأْسه فيُكوَى منه بين عينيه، قال: و قد يُصيبُ الإِنسان أَيضاً. و الجَحْمةُ: العينُ. و جَحْمَتا الإِنسان: عيناه. و جَحْمَتا الأَسدِ: عيناه، بلغة حمير؛ قال ابن سيدة: بلغة أَهل اليمن خاصَّة: قال:
أَيا جَحْمَتا بَكِّي على أُمِّ مالك،             أَكِيلةِ قِلَّوْبٍ بأَعْلى المَذانِب‏

القِلَّوْب: الذئب؛ قال ابن بري: صوابه بما قبله و ما بعده:
أُتِيحَ لها القِلَّوْبُ من أَرض قَرْقَرى،             و قد يَجْلُبُ [يَجْلِبُ‏] الشَّرَّ البَعِيدَ الجَوالِبُ‏
فيا جَحْمَتي بَكِّي على أُمِّ مالكٍ،             أَكِيلةِ قِلِّيبٍ ببعضِ المَذانِب‏

فلم يُبْقِ منها غيرَ نِصفِ عِجانِها،             و شُنْتُرةٍ منها، و إحْدى الذَّوائِب‏

و أَجْحَم العينِ: جاحِمها. قال الأَزهري: جَحْمَتا الأَسدِ عيناه، بكل لغة. ابن الأَعرابي: الجُحامُ معروف. و الجُحُمُ: القليلُو الحياء. و التَّجْحِيمُ: الاسْتِثبات في النظر لا تَطْرِف عينه؛ قال:
كأَنّ عينيه، إذا ما حَجَّما             عينا أَتان تَبْتَغِي أن تُرْطَما

و عينٌ جاحِمةٌ: شاخِصةٌ. و جَحَم الرجلُ عينيه كالشاخِص. و جَحَّمني بعينِه تَجْحيماً: أحدَّ إليَّ النظر. و الأَجْحَمُ: الشديدُ حُمْرةِ العينين مع سَعَتِهما، و الأُنثى جَحْماءُ من نِسْوةٍ جُحْمٍ و جَحْمى. قال ابن سيدة: و الجَوْحَمُ الوَرْد الأَحمر، و الأَعْرف تقديم الحاء. و أجْحَمُ بنُ دِنْدِنَةَ الخُزاعي: أحد سادات العرب، و هو زوج خالدة بنت هشام بن عبد مناف.
جحدم:
جَحْدَم: اسمٌ. و الجَحْدمةُ: الضِّيقُ و سوءُ الخلُق. و الجَحْدَمة: السُّرعة في عَدْوٍ.
جحرم:
الجَحْرَمة: الضيقُ و سوءُ الخلُق. و رجلٌ جَحْرَمٌ و جُحارِم: سيِ‏ءُ الخلُق ضَيِّقُه، و هي الجَحْرمة.
جحشم:
بعيرٌ جَحْشَمٌ: مُنْتَفِخ الجَنْبين؛ قال الفَقْعسيّ:
نِيطَتْ بِجَوْزِ جَحْشَمٍ كُمَاتِر

85
لسان العرب12

جحشم ص 85

الجوهري: الجَحْشَمُ البعيرُ المُنْتَفِخ الجَنْبَينِ.
جحظم:
رجل جَحْظَمٌ: عظيم العينين من الجَحَظِ، و الميم زائدة، و هو الجَحْظَم. الكسائي: جَحْظَمْت الغلامَ جَحْظَمةً إذا شَدَدْت يَدَيْه على رُكْبَتَيْه ثم ضَرَبْتَه. ثم سأَلت ابن الأَعرابي عن قوله جَحْظَمْتُ فقال: أَخبرني به الدُّبَيْرِيّ هاهنا، و أَشار إلى دُكان؛ جَحْظَمَه بالحَبْل: أَوثقه كيفما كان.
جحلم:
جَحْلمه: صَرَعَه؛ قال:
هُمْ شَهِدُوا يومَ النِّسارِ المَلْحَمَهْ،             و غادَرُوا سَراتَكُمْ مُجَحْلَمَهْ‏

و جَحْلَم الحبلَ: مثل حَمْلَجَه.
جخدم:
الجَخْدَمَةُ: السرعة في عَدْوٍ؛ ذكره الأَزهري، و في موضع آخر: السرعةُ في العمل و المشي، و الله أَعلم.
جدم:
الجَدَمةُ، بالتحريك: القصيرُ من الرجال و النساء و الغنَم، و الجمع جَدَمٌ؛ قال:
فما لَيلَى من الهَيْقاتِ طُولًا،             و لا لَيْلى من الجَدَمِ القِصارِ

و الاسم الجَدَم، على لفظ الجمع؛ هذه وحدها عن ابن الأَعرابي خاصة؛ و قال الراجز في الجَدَمَةِ القصيرة من النساء:
لَمَّا تَمَشَّيْتُ بُعَيْدَ العَتَمَهْ،             سَمِعْتُ من فَوْقِ البُيوتِ كَدَمَه‏
إذا الخَرِيعُ العَنْقَفِيرُ الجَدَمَه،             يَؤُرُّها فَحْلٌ شَديدُ الضَّمْضَمَهْ

الكَدَمَة: الحركة، و الخَرِيعُ. الماجِنة، و العَنْقَفِيرُ: السَّلِطة، و الجَدَمة: القصيرةُ؛ قال ابن بري: و يروى‏
... الحُذَمة


، بالحاء على مثال هُمَزة، قال: و الأَوّل هو المَشْهور، و كذلك ذكره أَبو عمرو. و شاةٌ جَدَمَةٌ: رَدِيِئة. و الجَدَمُ: الرُّذالُ من الناس؛ عن ابن الأَعرابي؛ و به فسر قوله: من الجَدَمِ القِصارِ. و الجَدَمَةُ: ما لم يَنْدقَّ من السُّنْبُل و بقي أَنصافاً. و الجَدَمة أيضاً: ما يُغَرْبَلُ و يُعْزَل ثم يُدَقّ فيخرج منه أَنْصافُ سُنْبُلٍ ثم يُدَقّ ثانيةً، فالأُولى القَصَرة، و الثانية الجَدَمةُ و الجُدامةُ، و قيل للحَبَّة قِشْرَتانِ: فالعُلْيا جَدَمةٌ و السُّفْلى قَصَرة. ابن سيدة: و الجَدَم ضَرْب من التمر. و قال أبو حنيفة: الجُدامِيُّ ضَرْبٌ من التمر باليمامة، و هو بمنزلة الشُّهْرِيز [الشِّهْرِيز] بالبصرة و التَّبِّيّ بالبحرين؛ قال مُلَيْح:
بذِي حُبُكٍ مثلِ القُنِيِّ، تَزِينُه             جُدامِيَّةٌ من نَخْل خَيْبرَ دُلَّخِ‏

التهذيب: و الجُدامُ أَصْل السَّعَف. و نخلة جُدامِيَّة: كثيرة السَّعَف. و في نوادر الأَعراب: أَجْدَم النخْلُ و زَبَّب إذا حَمل شِيصاً. و نخل جادِم و جُدامِيّ: مُوقَرٌ. و إجْدَمْ و هِجْدَم على البدَل كلاهما: من زَجْر الخيل إذا زُجِرت لِتَمْضِيَ. و يقال للفرس: إجْدَمْ و أَقْدِمْ إذا هِيجَ ليَمْضِيَ. و أَقْدِمْ أَجْودها. و أَجْدَمَ الفرسَ: قال له إجْدَمْ، و سنذكر ذلك مستوفى في هجدم.
جذم:
الجَذْم: القَطْع. جَذَمه يَجْذِمه جَذْماً: قطَعه، فهو جذِيم. و جَذَّمه فانْجَذم و تَجَذَّم. و جَذَب فلانٌ حَبْلَ وصاله و جَذَمه إذا قطَعه؛
                       

86
لسان العرب12

جذم ص 86

قال البعيث:
         أ لا أَصْبَحَت خَنْساءُ جاذِمةَ الوَصْلِ‏


و الجَذْمُ: سرعة القَطْع؛ و
في حديث زيد بن ثابت: أنه كتب إلى معاوية أن أَهل المدينة طال عليهم الجَذْم و الجَذْبُ.
أي انْقِطاعُ المِيرة عنهم. و الجِذْمة: القِطْعة من الشي‏ء يُقْطع طَرَفُه و يبقى جَذْمُه، و هو أَصله. و الجِذْمة: السَّوْط لأَنه يتقطع ممَّا يُضْرَب به. و الجِذْمة من السَّوْط: ما يُقْطع طرفُه الدَّقِيق و يبقى أَصله؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّة:
يُوشُونَهُنَّ، إذا ما آنَسوا فَزَعاً             تحت السَّنَوَّر، بالأَعْقابِ و الجِذَم‏

و رجلٌ مِجْذامٌ و مِجذامةٌ: قاطع للأُمور فَيْصل. قال اللحياني: رجل مِجْذامة للحرب و السَّير و الهَوَى أي يقطع هَواه و يَدَعُه. الجوهري: رجل مِجْذامة أي سريع القطع للمَوَدَّة؛ و أَنشد ابن بري:
و إني لبَاقِي الوُدِّ مِجْذامةُ الهَوَى،             إذا الإِلف أَبْدَى صَفْحه غير طائل‏

و الأَجْذَمُ: المقطوع اليَد، و قيل: هو الذي ذهبت أنامِلُه، جَذِمَتْ يَدُه جَذَماً و جَذَمها و أَجْذَمها، و الجَذْمةُ و الجَذَمةُ: موضع الجَذْم منها. و الجِذْمة: القِطعة من الحبل و غيره. و حبل جِذْمٌ مَجْذومٌ: مقطوع؛ قال:
هَلَّا تُسَلِّي حاجةٌ عَرَضَتْ             عَلَقَ القَرينةِ، حَبْلُها جِذْمُ‏

و الجَذَم: مصدر الأَجْذَم اليَدِ، و هو الذي ذهبت أَصابعِ كفيه. و يقال: ما الذي جَذَّمَ يدَيه و ما الذي أَجْذمه حتى جَذِم. و الجُذام من الدَّاء: معروف لتَجَذُّم الأَصابع و تقطُّعها. و رجل أَجْذَمَ و مُجَذَّم: نَزَل به الجُذام؛ الأَوّل عن كراع؛ غيره: و قد جُذِم الرجل، بضم الجيم، فهو مَجْذوم. قال الجوهري: و لا يقال أَجْذَمَ. و الجاذِمُ: الذي وَلِيَ جَذْمَه. و المُجذَّم: الذي ينزل به ذلك، و الاسم الجُذام. و
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم: من تَعَلَّم القرآن ثم نَسِيه لَقِيَ اللهَ يومَ القيامة و هو أَجْذَم.
قال أَبو عبيد: الأَجْذَم المَقْطوع اليد. يقال: جَذِمَت يدُه تَجْذَمُ جَذَماً إذا انقطعت فَذَهَبت، فإن قَطَعْتها أَنت قلت: جَذَمْتُها أَجْذِمُها جَذْماً؛ قال. و
في حديث عليّ مَنْ نَكَثَ بَيْعَتَه لَقِي الله و هو أَجْذم ليست له يد.
فهذا تفسيره؛ و قال المُتَلَمِّسُ.
و هل كنتُ إلَّا مِثْلَ قاطِعِ كَفِّه             بِكَفٍّ له أُخْرى، فأَصْبَحَ أَجْذَما؟

و قال القتيبي: الأَجْذَم في هذا الحديث الذي ذهبت أَعضاؤه كلها، قال: و ليست يَدُ الناسِي للقرآن أَولى بالجَذْم من سائر أَعضائه. و يقال: رجل أَجْذَمُ و مَجْذوم و مُجَذَّم إذا تَهافَتَتْ أَطْرافُه من داء الجُذام. قال الأَزهري: و قول القتيبي قريب من الصواب. قال ابن الأَثير: و قال ابن الأَنباري ردّاً على ابن قتيبة: لو كان العقاب لا يقَعُ إلَّا بالجارحة التي باشرت المعصية لَما عُوقب الزاني بالجَلْد و الرَّجْم في الدنيا، و في الآخرة بالنار؛ و قال ابن الأَنباري: معنى الحديث أَنه لَقِيَ اللهَ و هو أَجْذَمُ الحُجَّةِ، لا لِسانَ له يتكلم به، و لا حجة في يده. و
قول عليّ: ليست له يد.
أَي لا حُجَّة له، و قيل: معناه لَقِيَه و هو منقطع السَّبَب، يدلُّ عليه‏
قوله: القرآنُ سَبَبٌ بيدِ الله و سَبَبٌ بأَيديكم، فَمن نَسِيه فقد قَطع‏

87
لسان العرب12

جذم ص 86

سَبَبَه.
؛ و قال الخطابي: معنى الحديث ما ذهب إليه ابن الأَعرابي، و هو أن من نَسِيَ القرآن لقي الله تعالى خاليَ اليد من الخير، صِفْرَها من الثواب، فكنى باليد عما تحويه و تشتمل عليه من الخير، قال ابن الأَثير: و في تخصيص حديث عليّ بذكْر اليَدِ معنى ليس في حديث نسيان القرآن، لأَن البَيْعَة تُباشِرُها اليد من بين سائر الأَعضاء، و هو أن يَضَع المُبايِعُ يده في يد الإِمام عند عقد البَيْعة و أَخذِها عليه؛ و منه‏
الحديث: كل خُطْبة ليس فيها شَهادة كاليد الجَذْماء.
أي المقطوعة. و
في الحديث أنه قال لمَجْذُوم في وَفْدِ ثَقيفٍ: ارْجِعْ فقد بايَعْناك.
؛ المَجْذومُ: الذي أَصابه الجُذام، كأَنه من جُذِمَ فهو مَجْذوم، و إنما ردَّة النبي، صلى الله عليه و سلم، لئلا ينظر أصحابُه إليه فَيزْدَرُوه و يَرَوْا لأَنفسهم فضْلًا عليه، فيَدْخُلهم العُجْبُ و الزَّهْو، أو لئلا يَحْزَن المَجْذومُ برؤية النبي، صلى الله عليه و سلم، و أَصحابه و ما فَضَلوا عليه فيَقِلّ شكره على بَلاء الله، و قيل: لأَن الجُذام من الأَمراض المُعْدِية، و كان العرب تتطيَّرُ منه و تَتَجَنَّبُه، فردَّه لذلك، أَو لئلا يَعْرِض لأَحدهم جُذام فيظنَّ أَن ذلك قد أَعْداه، و يَعْضُد ذلك‏
حديثه الآخر: أَنه أَخذ بيد مَجْذوم فَوضعها مع يده في القَصْعة و قال: كُلْ ثِقَةً بالله و تَوكُّلًا عليه.
و إنما فَعل ذلك ليُعْلِم الناسَ أَن شيئاً من ذلك لا يكون إلَّا بتقدير الله عز و جل، و رَدَّ الأَوَّلَ لئلا يَأْثَم فيه الناسُ، فإنَّ يَقِينهم يَقْصُر عن يَقِينه. و
في الحديث: لا تُدِيمُوا النظَر إلى المَجْذومين.
لأَنه إذا أَدام النظر إليه حَقَرَه، و رأَى لنفسه عليه فضلًا، و تأَذَّى به المَنْظور إليه. و
في حديث ابن عباس: أَربعٌ لا يَجُزْنَ في البَيْع و لا النكاح: المَجْنونةُ و المَجْذومةُ و البَرْصاءُ و العفْلاء.
و الجمع من ذلك جَذْمى مثل حَمْقى و نَوْكَى. و جَذِمَ الرجلُ، بالكسر، جَذَماً: صار أَجْذَمَ، و هو المقطوع اليَدِ. و الجِذْمُ، بالكسر: أَصل الشي‏ء، و قد يفتح. و جِذْمُ كل شي‏ء: أَصلُه، و الجمع أَجْذامٌ و جُذُومٌ. و جِذْمُ الشجرة: أَصلُها، و كذلك من كل شي‏ء. و جِذْمُ القوم: أَصلُهم. و
في حديث حاطِب: لم يكن رجُل من قُرَيْش إلَّا له جِذْمٌ بمكَّة.
؛ يريد الأَهْلَ و العَشِيرةَ. و جِذْمُ الأَسْنان: مَنابِتُها؛ و قال الحَرِث بن وَعْلة الذُّهْليُّ:
أَلآنَ لمَّا ابيَضَّ مَسْرُبَتي،             و عَضِضْتُ منْ نابي على جِذْمِ‏

أي كَبِرت حتى أَكلْت على جِذْم نابي. و
في حديث عبد الله بن زيد في الأَذان: أَنه رأَى في المنام كأَنَّ رجُلًا نزلَ من السماء فعَلا جِذْمَ حائط فأَذَّن.
؛ الجِذْمُ: الأَصلُ، أَراد بقيَّة حائط أو قِطْعة من حائط. و الجَذْمُ و الخَذْمُ: القَطْعُ. و الانْجِذامُ: الانْقِطاعُ؛ قال النابغة:
بانَتْ سُعادُ فأَمسى حَبْلُها انْجَذما،             و احْتَلَّتِ الشِّرْعَ فالأَجْراعَ مِنْ إضَما «3».

و
في حديث قتادة في قوله تعالى: وَ الرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، قال: انْجَذَمَ أَبو سفيان بالعير.
أي انقطَع بها «4». من الرَّكْب. و سارَ و أَجْذمَ السيرَ: أَسرع فيه؛ قال لبيد:
         صائب الجِذْمةِ من غير فَشَلْ‏


__________________________________________________
 (3) في ديوان النابغة: و أَمسى بدل فأَمسى، و الشَّرع بدل الشِّرع، و الأَجزاع بدل الأجراع.
 (4) قوله [أي انقطع بها إلخ‏] عبارة النهاية: أي انقطع عن الجادة نحو البحر.

88
لسان العرب12

جذم ص 86

ابن الأَعرابي: الجِذْمة في بيته الإِسْراعُ، جعله اسماً من الإِجْذام، و جعله الأَصمعي بقيَّة السَّوْط و أَصلَه. الليث و غيره: الإِجْذامُ السرعةُ في السّير. و أَجذم البعيرُ في سيره أي أَسرع. و رجل مِجْذامُ الرَّكْض في الحرْب: سريعُ الرَّكْض فيها. و قال اللحياني: أَجْذَمَ الفرسُ و غيره مما يَعْدُو اشْتَدَّ عَدْوُه. و الإِجْذام: الإِقْلاع عن الشي‏ء «5»؛ قال الربيع بن زياد:
و حَرَّقَ قَيْسٌ عَليَّ البِلادَ،             حَتَّى إذا اضْطَرَمَتْ أَجْذَما

و رجل مُجَذَّمٌ: مُجَرّب؛ عن كراع. و الجَذَمةُ: بَلَحاتٌ يَخْرُجْنَ في قَمِع واحد، فمجموعها يقال له جَذَمةٌ. و الجُذامةُ من الزرع: ما بقي بعد الحَصْد. و جُذْمان: نخلٌ؛ قال قيس بن الخَطِيم:
فلا تَقْرَبُوا جُذْمانَ، إِنَّ حَمامَهُ             و جَنَّتَه تَأْذى بكم فَتَحَمَّلُوا

و قوله‏
في الحديث: أَنه أُتِيَ بتمر من تَمر اليَمامة فقال: ما هذا؟ فقيل: الجُذامِيُّ، فقال: اللهم بارِكْ في الجُذامِيّ.
؛ قال ابن الأَثير: قيل هو تمر أَحمرُ اللَّوْن، و قد ذكر ابن سيدة في ترجمة جدم، بالدال اليابسة، شيئاً من هذا. و الجَذْماء: امرأَة من بني شَيْبان كانت ضَرَّة للبَرْشاء، و هي امرأَة أُخرى، فَرَمَت الجَذْماءُ البَرْشاءَ بنار فأَحرقتها فسُمِّيَت البَرْشاءَ، ثم وثَبَتْ عليها البَرْشاءُ فقطعتْ يدَها فسُمِّيت الجَذْماءَ. و بنو جَذيمَة: حيّ من عَبْد القَيْس، و منازلهم البَيْضاءُ بناحية الخَطِّ من البَحْرين. و جُذامُ: قبيلة من اليَمن تنزل بجبال حِسْمَى، و تَزْعُم نُسَّابُ مُضَرَ أَنهم من مَعَدٍّ؛ قال الكميت يذكر انتقالهم إِلى اليَمن بنسَبهم:
نَعَاءِ جُذاماً غير موتٍ و لا قَتْلِ،             و لكن فِراقاً للدَّعائم و الأَصْلِ‏

ابن سيدة: جُذامٌ حيّ من اليَمنِ، قيل: هم من ولد أَسَد بن خُزَيمة؛ و قول أَبي ذؤيب:
كأَن ثِقالَ المُزْن بين تُضارُعٍ             و شابَةَ بَرْكٌ، من جُذامَ، لَبِيجُ‏

أَراد بَرْك من إبل جُذام؛ و خَصَّهم لأَنهم أكثر الناس إبلًا كقول النابغة الجعْديِّ:
فأَصْبَحَتِ الثِّيرانُ غَرْقى، و أَصْبحتْ             نِساءُ تميم يَلْتَقِطْنَ الصَّياصِيا

ذهب إِلى أَن تَمِيماً حاكةٌ، فنِساؤهم يَلْتَقِطْن قُرونَ البَقر المَيْتَة في السَّيْل. قال سيبويه: إِن قالوا وَلَدَ جُذامٌ كذا و كذا صَرَفته لأَنك قصدْت قَصْدَ الأَب، قال: و إِن قلت هذه جُذامُ فهي كسَدُوسَ. و جَذِيمةُ: قبيلةٌ؛ و النسب إليها جُذَمِيٌّ، و هو من نادر مَعْدول النسَب. و جَذِيمةُ: مَلِك من ملوك العرب؛ قال الجوهري: جَذِيمةُ الأَبْرَشُ ملِك الحِيرة صاحبُ الزَّبَّاء، و هو جَذيمة بنُ مالك بنِ فَهْم بن دَوْسٍ من الأَزْدِ. الجوهري: جَذيمة قبيلة من عبد القيس ينسَب إليهم جَذَمِيٌّ، بالتحريك، و كذلك إِلى جَذيمةِ أَسَدٍ. قال سيبويه: و حدّثني بعضُ من أَثِق به يقول في بني جَذيمة جُذَميّ،
__________________________________________________
 (5). 1 قوله [و الإِجذام الإقلاع عن الشي‏ء] و يطلق على العزم على الشي‏ء أيضاً كما في القاموس و التكملة، فهو من الأَضداد.

89
لسان العرب12

جذم ص 86

بضم الجيم؛ قال أَبو زيد: إذا قال سيبويه حدّثني من أَثق به فإِنما يَعْنِيني. و يقال: ما سَمِعت له جُذْمة أي كلمة؛ قال ابن سيدة: و ليست بالثَّبَت انتهى.
جذعم:
يقال للجَذَع: جَذْعَمٌ و جَذْعَمَة. قال ابن الأَثير: و
في حديث عليٍّ، كرم الله وجهه: أَسْلَم و الله أَبو بكر و أنا جَذْعَمة، و في رواية: أَسلمت و أنا جَذْعَمة.
؛ أَراد: و أنا جَذَعٌ أي حديثُ السِّنِّ، فزاد في آخره ميماً توكيداً، كما قالوا زُرْقُمٌ و غيره «1» انتهى.
جرم:
الجَرْمُ: القَطْعُ. جَرَمَه يَجْرِمُه جَرْماً: قطعه. و شجرة جَرِيمَةٌ: مقطوعة. و جَرَمَ النَّخْلَ و التَّمْرَ يَجْرِمه جَرْماً و جِراماً و جَراماً و اجْتَرَمه: صَرَمَه: عن اللحياني، فهو جارمٌ، و قوم جُرَّمٌ و جُرَّام، و تمر جَرِيم: مَجْرُوم. و أَجْرَمَ: حان جِرامُه؛ و قول ساعدة بن جؤية: «2».
سَادٍ تَجَرَّمَ في البَضِيع ثمانِياً،             يَلْوِي بعَيْقاتِ البحار و يَجْنُبُ‏

يقول: قطع ثماني ليال مقيماً في البضيع يشرب الماء؛ و الجَرِيم: النَّوَى، واحدته جَرِيمة، و هو الجَرامُ أَيضاً؛ قال ابن سيدة: و لم أَسمع للجَرام بواحد، و قيل: الجَرِيمُ و الجَرامُ، بالفتح، التمر اليابس؛ قال:
يَرَى مَجْداً و مَكْرُمَةً و عِزّاً،             إذا عَشَّى الصَّديِقَ جَرِيمَ تمرِ

و الجُرامَة: التمر المَجْرُوم، و قيل: هو ما يُجْرَمُ منه بعد ما يُصْرَمُ يُلْقَطُ من الكَرَب؛ و قال الشماخ:
مُفِجُّ الحَوامِي عن نُسُورٍ، كأَنَّها             نَوَى القَسْبِ تَرَّتْ عن جَرِيم مُلَجْلَجِ «3».

أَراد النوى؛ و قيل: الجَرِيم البُؤْرَةُ التي يُرْضَحُ فيها النَّوَى. أَبو عمرو: الجَرام، بالفتح، و الجَرِيمُ هما النوى و هما أَيضاً التمر اليابس؛ ذكرهما ابن السكيت في باب فَعِيل و فَعالٍ مثل شَحاجٍ و شَحيج و كَهامٍ و كَهِيم و عَقامٍ و عَقِيمٍ و بَجَالٍ و بَجِيل و صَحاحِ الأَدِيم و صَحِيح. قال: و أَما الجِرام، بالكسر، فهو جمع جَرِيم مثل كريم و كرام. يقال: جِلَّةٌ جَرِيمٌ أي عِظامُ الأَجْرام، و الجِلَّة: الإِبلُ المَسانُّ. و
روي عن أَوْس بن حارثَةَ أنه قال: لا و الذي أَخْرَجَ العِذْقَ من الجَريمة و النارَ من الوثِيمةِ.
؛ أَراد بالجريمة النواةَ أَخرج الله تعالى منها النخلة. و الوَثِيمةُ: الحجارة المكسورة. و الجَريمُ: التمر المَصْرُوم. و الجُرامةُ: قِصَدُ البُرِّ و الشعير، و هي أَطرافه تُدَقُّ ثم تُنَقَّى، و الأَعرفُ الجُدَامَة، بالدال، و كله من القَطْع. و جَرَمَ النَّخْلَ جَرْماً و اجْتَرَمَه: خَرَصَه و جَرَّه. و الجِرْمةُ: القومُ يَجْتَرِمون النخلَ أي يَصْرِمُون؛ قال إمرؤ القيس:
عَلَوْنَ بأَنْطاكِيَّةٍ، فَوْقَ عَقْمَةٍ،             كجِرْمةِ نَخْلٍ أو كجَنَّة يَثْرِبِ‏

الجِرْمَةُ: ما جُرِمَ و صُرِمَ من البُسْر، شبه ما على‏
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [كما قالوا زرقم و غيره‏] الذي في النهاية: كما قالوا زرقم و ستهم، و التاء للمبالغة.
 (2). 2 قوله [و قول ساعدة بن جؤية] أي يصف سحاباً كما في ياقوت و قبله: أ فعنك لا برق كأنّ وميضه غاب تشيمه ضرام مثقب قال الأَزهري: ساد أي مهمل، و قال أَبو عمرو: السادي الذي يبيت حيث يمسي. و تجرم أي قطع ثمانياً في البضيع و هي جزيرة بالبحر. يلوي بماء البحر: أي يحمله ليمطره ببلده.
 (3). 1 قوله [عن نسور] الذي في نسخة التهذيب: من، بالميم.

90
لسان العرب12

جرم ص 90

الهودج من وَشْيٍ و عِهْنٍ بالبُسْر الأَحمر و الأَصفر، أو بجنة يثرب لأَنها كثيرة النخل، و العَقْمةُ: ضرب من الوَشْيِ. الأَصمعي: الجُرامة، بالضم، ما سقط من التمر إذا جُرِمَ، و قيل: الجُرامة ما الْتُقِطَ من التمر بعد ما يُصْرَمُ يُلْقَط من الكَرَبِ. أَبو عَمْرو: جَرِمَ الرجل «1» إذا صار يأْكل جُرامة النخل بين السَّعَفِ. و يقال: جاء زمنُ الجِرامِ و الجَرام أي صِرامِ النخل. و الجُرَّامُ: الذين يَصْرِمونَ التمر. و
في الحديث: لا تَذْهَبُ مائةُ سنةٍ و على الأَرض عَيْنٌ تَطْرِفُ.
يريد تَجَرُّم ذلك القَرْنِ. يقال: تَجَرَّم ذلك القَرْنُ أي انْقَضَى و انْصَرَم، و أصله من الجَرْم القَطْعِ، و يروى بالخاء المعجمة من الخَرْم، و هو القطع. و جَرَمْتُ صُوفَ الشاة أَي جَزَزْته، و قد جَرَمْتُ منه إذا أَخذت منه مثل جَلَمْتُ. و الجُرْمُ: التَّعدِّي، و الجُرْمُ: الذنب، و الجمع أَجْرامٌ و جُرُومٌ، و هو الجَرِيمَةُ، و قد جَرَمَ يَجْرِمُ جَرْماً و اجْتَرَمَ و أَجْرَم، فهو مُجْرِم و جَرِيمٌ. و
في الحديث: أَعظمُ المسلمين في المسلمين جُرْماً من سأَل عن شي‏ء لم يُجَرَّمْ عليه فَحُرِمَ من أجل مسألته.
؛ الجُرْم: الذنب. و قولُه تعالى: حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ‏
؛ قال الزجاج: المُجْرِمون هاهنا، و الله أعلم، الكافرون لأَن الذي ذكر من قِصَّتهم التكذيب بآيات الله و الاستكبار عنها. و تَجَرَّم عَليَّ فُلانٌ أي ادَّعَى ذنباً لم أفعله؛ قال الشاعر:
تَعُدُّ عَليَّ الذَّنْبَ، إِنْ ظَفِرَتْ به،             و إِلَّا تَجِدْ ذَنْباً عَليَّ تَجَرَّم‏

ابن سيدة: تَجَرَّم ادَّعَى عليه الجُرْمَ و إِن لم يُجْرِم؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أَنشد:
قد يُعْتَزَى الهِجْرانُ بالتَّجَرُّم‏


و قالوا: اجْتَرَم الذنبَ فَعَدَّوْه؛ قال الشاعر أَنشده ثعلب:
و تَرَى اللبيبَ مُحَسَّداً لم يَجْتَرِمْ             عِرْضَ الرجالِ، و عِرْضُه مَشْتُومُ‏

و جَرَمَ إليهم و عليهم جَرِيمة و أَجْرَم: جَنَى جِناية، و جَرُمَ إذا عَظُمَ جُرْمُه أي أَذنب. أَبو العباس: فلان يَتَجَرَّمُ علينا أي يَتَجَنَّى ما لم نَجْنه؛ و أَنشد:
أ لا لا تُبالي حَرْبَ قَومٍ تَجَرَّمُوا


قال: معناه تَجَرَّمُوا الذنوب علينا. و الجَرِمَةُ: الجُرْمُ، و كذلك الجَرِيمَةُ؛ قال الشاعر:
فإِنَّ مَوْلايَ ذو يُعَيِّرُني،             لا إحْنَةٌ عِنْدَه و لا جَرِمَهْ‏

و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
و لا مَعْشَرٌ شُوسُ العُيون كأَنَّهم             إليَّ، و لم أجْرِمْ بهم، طالِبُو ذحْلِ‏

قال: أَراد لم أجْرِم إليهم أَو عليهم فأَبدل الباء مكان إِلى أو على. و الجُرْم: مصدر الجارِم الذي يَجْرِم نَفْسَه و قومه شَرّاً. و فلان له جَرِيمةٌ إليَّ أَي جُرْم. و الجارمُ: الجاني. و المُجْرِم: المذنب؛ و قال:
و لا الجَارِمُ الجاني عليهم بمُسْلَم‏


__________________________________________________
 (1). 1 قوله [أبو عمرو جرم الرجل إلخ‏] عبارة الأزهري: عمرو عن أبيه جرم إلخ.

91
لسان العرب12

جرم ص 90

قال: و قوله عز و جل: وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ*
، قال الفراء: القُرّاءُ قرؤوا وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ*
، و قرأَها يحيى بن وَثَّابٍ و الأَعْمَشُ و لا يُجْرِمَنَّكم، من أَجْرَمْتُ، و كلام العرب بفتح الياء، و جاء في التفسير: و لا يَحْمِلَنَّكم بُغْضُ قوم أَن تَعْتَدُوا، قال: و سمعت العرب يقولون فلان جَريمَة أَهله أي كاسبهم. و خرج يَجْرِمُ أَهْلَه أي يَكْسبهم، و المعنى فيهما متقارب لا يَكْسِبَنَّكم بُغْضُ قوم أَن تعتدوا. و جَرَمَ يَجْرِمُ و اجْتَرم: كَسَبَ؛ و أنشد أبو عبيدة للهَيْرُدانِ السَّعْدِيِّ أَحدِ لُصوص بني سَعْد:
طَريدُ عَشِيرةٍ، و رهينُ جُرْمٍ             بما جَرَمَتْ يَدي و جنَى لِساني‏

و هو يَجْرِمُ لأَهله و يَجْتَرِمُ: يَتَكَسَّبُ و يطلب و يَحْتالُ. و جَريمةُ القوم: كاسِبُهم. يقال: فلان جارِمُ أَهْلِهِ و جَريمَتُهم أي كاسبهم؛ قال أَبو خِراشٍ الهُذَليُّ يصف عُقاباً تَرْزُق فَرخَها و تَكْسِبُ له:
جَريمَةُ ناهِضٍ في رأْسِ نِيقٍ،             تَرى لِعظامِ ما جَمَعَتْ صَلِيبا

جَريمَةُ: بمعنى كاسبة، و قال في التهذيب عن هذا البيت: قال يصف عُقاباً تصيد فَرْخَها الناهضَ ما تأْكله من لحم طير أكلته، و بقي عظامه يسيل منها الودك. قال ابن بري: و حكى ثعلب أَن الجَريمة النَّواة. و قال أَبو إسحاق: يقال: أَجْرَمَني كذا و جَرَمَني و جَرَمْتُ و أَجْرَمْت بمعنى واحد، و قيل في قوله تعالى لا يُجْرِمنَّكم: لا يُدْخِلَنَّكم في الجُرم، كما يقال آثَمْتُه أي أَدخلته في الإِثم. الأَخفش في قوله وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ*
 أي لا يُحِقَّنَّ لكم لأَن قوله: لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ
، إِنما هو حَقٌّ أَن لهم النار؛ و أَنشد:
جَرَمَتْ فَزارةُ بعدَها أَن يَغْضَبوا


يقول: حَقَّ لها. قال أَبو العباس: أما قوله لا يُحِقَّنَّ لكم فإِنما أَحْقَقْتُ الشي‏ءَ إذا لم يكن حَقّاً فجعلته حقّاً، و إِنما معنى الآية، و الله أَعلم، في التفسير لا يَحْملَنَّكُم و لا يَكْسبَنَّكم، و قيل في قوله وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ*
 قال: لا يَحْمِلَنَّكم «1»، و أنشد بيت أبي أَسماء. و الجِرْمُ، بالكسر: الجَسَدُ، و الجمع القليل أَجرام؛ قال يزيدُ بن الحَكَمِ الثَّقَفيُّ:
و كم مَوْطِنٍ، لَوْلاي، طِحْتَ كما هَوى             بأَجْرامِه من قُلَّة النِّيقِ مُنْهَوي‏

و جَمَعَ، كأنه صَيَّر كل جزء من جِرْمه جِرْماً، و الكثير جُرُومٌ و جُرُم؛ قال:
ما ذا تقُولُ لأَشْياخ أُولي جُرُمٍ،             سُودِ الوُجوهِ كأمْثالِ المَلاحِيبِ‏

التهذيب: و الجِرْمُ أَلْواحُ الجَسد و جُثْمانه. و أَلقى عليه أَجْرامه؛ عن اللحياني و لم يفسره؛ قال ابن سيدة: و عندي أنه يريد ثَقَلَ جِرْمِه، و جمع على ما تَقَدَّم في بيت يزيد. و
في حديث عليّ: اتّقُوا الصُّبْحة فإنها مَجْفَرة مَنْتَنَة للجِرْم.
؛ قال ثعلب: الجِرْمُ البَدَنُ. و رجل جَريمٌ: عظيم الجِرْم؛ و أَنشد ثعلب:
و قد تَزْدَري العينُ الفَتى، و هو عاقِلٌ،             و يُؤفَنُ بَعْضُ القومِ، و هو جَريمُ‏

__________________________________________________
 (1). 1 قوله [و قيل في قوله وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ* قال لا يحملنكم‏]، هذا القول ليونس كما نص عليه الأَزهري.

92
لسان العرب12

جرم ص 90

و يروى: و هو حزيم، و سنذكره، و الأُنثى جَريمة ذات جِرْم و جِسْم. و إبل جَريمٌ: عِظامُ الأَجْرام؛ حكى يعقوب عن أَبي عمرو: جِلَّةٌ جَريمٌ، و فسره فقال: عِظام الأَجْرام يعني الأَجسام. و الجِرْم: الحَلْقُ؛ قال مَعْنُ بن أَوْسٍ:
لأَسْتَلّ منه الضِّغْنَ حتى اسْتَلَلْتُه،             و قد كانَ ذا ضِغْنٍ يَضِيقُ به الجِرْمُ‏

يقول: هو أمر عظيم لا يُسِيغُه الحَلْقُ. و الجِرْمُ: الصوت، و قيل: جَهارَتُه، و كرهها بعضهم. و جِرْمُ الصوت: جَهارته. و يقال: ما عرفته إِلا بِجِرْم صوته. قال أَبو حاتم: قد أُولِعَتِ العامَّةُ بقولهم فلان صافي الجِرْم أي الصوت أو الحَلْق، و هو خطأٌ. و
في حديث بعضهم: كان حَسَنَ الجِرْم.
؛ قيل: الجِرْم هنا الصوت، و الجِرْمُ البَدَنُ، و الجِرْم اللَّوْنُ؛ عن ابن الأَعرابي. و جَرِمَ لونُه «1» إذا صفا. و حَوْلٌ مُجَرَّمٌ: تامٌّ. و سنة مُجَرَّمة: تامَّة، و قد تَجَرَّم. أَبو زيد: العامُ المُجَرَّمُ الماضي المُكَمَّلُ؛ و أَنشد ابن بري لعمر بن أَبي ربيعة:
و لكنَّ حُمَّى أَضْرَعَتْني ثلاثَةً             مُجَرَّمةً، ثم اسْتَمَرَّتْ بنا غِبَّا

ابن هانئ: سَنَةٌ مُجَرَّمةٌ و شهر مُجَرَّمٌ و كَريتٌ فيهما، و يوم مُجَرَّمٌ و كَريتٌ، و هو التام، الليث: جَرَّمْنا هذه السنةَ أي خَرَجْنا منها، و تَجَرَّمَتِ السنةُ أي انقضت، و تَجَرَّمَ الليلُ ذهب؛ قال لبيد:
دِمَنٌ، تَجَرَّم، بَعدَ عَهْدِ أَنِيسِها،             حِجَجٌ خَلَوْنَ: حَلالُها و حَرامُها

أي تَكَمَّل؛ قال الأَزهري: و هذا كله من القَطْع كأَنّ السنة لما مضت صارت مقطوعة من السنة المستقبلة. و جَرَّمْنا القومَ: خرجنا عنهم. و لا جَرَم أي لا بدّ و لا محالة، و قيل: معناه حَقّاً؛ قال أَبو أسماء بن الضَّريبَةِ:
و لقد طَعَنْتُ أبا عُيَيْنَةَ طَعْنَةً             جَرَمَتْ فَزارةَ، بعدَها، أَن يَغْضَبُوا

أي حَقَّتْ لها الغَضَبَ، و قيل: معناه كسَبَتْها الغَضَبَ. قال سيبويه: فأما قوله تعالى: لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ
، فإِن جَرَم عَمِلَتْ لأَنها فعل، و معناها لقد حَقَّ أَن لهم النار، و قول المفسرين: معناها حَقّاً أَن لهم النارَ يَدُلُّك على أَنها بمنزلة هذا الفعل إذا مثَّلْتَ، فَجَرَمَ عَمِلَتْ بعدُ في أَنّ، و العرب تقول: لا جرم لآتِيَنَّك، لا جَرَم لقد أَحْسَنْتَ، فتراها بمنزلة اليمين، و كذلك فسرها المفسرون حَقّاً أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ، و أصلها من جَرَمْتُ أي كَسَبْتُ الذنبَ؛ و قال الفراء: و ليس قول من قال إِن جَرَمْتُ كقولك حُقِقْتُ أو حَقَقْتُ بشي‏ء، و إِنما لَبَّس عليه قولُ الشاعر:
جَرَمَتْ فَزارةُ بعدها أَن يَغْضَبُوا


فرفعوا فَزارة و قالوا: نجعل الفعل لفَزارة كأَنها بمنزلة حَقَّ لها أو حُقَّ لها أَن تَغْضَبَ، قال: و فزارة منصوب في البيت، المعنى جَرَمَتْهُم الطعنةُ الغَضَبَ أي كَسَبَتْهم. و قال غير الفراء: حقيقة معنى لا جَرَمَ‏
 أن لا نَفْيٌ هاهنا لَمَّا ظنوا أنه ينفعهم؛ فرُدَّ ذلك عليهم فقيل: لا ينفعهم ذلك، ثم ابتدأ فقال:
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [و جرم لونه‏] و كذلك جرم إذا عظم بدنه، و بابهما فرح كما ضبط بالأَصل و التهذيب و التكملة و صوّبه السيد مرتضى على قول المجد: و أَجرم عظم لونه و صفا.

93
لسان العرب12

جرم ص 90

جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ‏
؛ أي كَسَبَ ذلك العملُ لهم الخُسْرانَ، و كذلك قوله: لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَ أَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ‏
؛ المعنى لا ينفعهم ذلك، ثم ابتدأ فقال: جَرَم إفْكُهم و كَذِبُهم لهم عذابَ النار أي كَسَبَ بهم عَذابَها. قال الأَزهري: و هذا من أَبْيَن ما قيل فيه. الجوهري: قال الفراء لا جَرَم كلمةٌ كانت في الأَصل بمنزلة لا بد و لا محالة، فَجَرتْ على ذلك و كثرت حتى تَحَوَّلتْ إلى معنى القَسَم و صارت بمنزلة حقّاً، فلذلك يجاب عنها باللام كما يجاب بها عن القسم، أ لا تراهم يقولون لا جَرَم لآتينك؟ قال: و ليس قول من قال جَرَمْتُ حَقَقْتُ بشي‏ء، و إنما لبس عليه الشاعر أَبو أَسماء بقوله: جَرَمْتَ فَزارة؛ و قال أَبو عبيدة: أَحَقّت عليهم الغضَبَ أي أَحَقَّتْ الطعنةُ فزارة أن يغضبوا، و حَقَّتْ أيضاً: من قولهم لا جَرَمَ لأَفْعَلَنَّ كذا أي حَقّاً؛ قال ابن بري: و هذا القول ردٌّ على سيبويه و الخليل لأَنهما قَدَّراه أَحَقَّتْ فزارةَ الغضَبَ أي بالغَضَبِ فأسقط الباء، قال: و في قول الفراء لا يحتاج إلى إسقاط حرف الجرّ فيه لأَن تقديره عنده كسَبَتْ فَزارةَ الغضبَ عليك، قال: و البيت لأَبي أَسماء بن الضَّريبة، و يقال لعَطِية بن عفيف، و صوابه: و لقد طعنتَ أَبا عُيَيْنة، بفتح التاء، لأَنه يخاطب كُرْزاً العُقَيليَّ و يَرْثيه؛ و قبل البيت:
يا كُرْزُ إنَّك قد قُتِلْتَ بفارسٍ             بَطَلٍ، إذا هابَ الكُماةُ و جَبَّبُوا

و كان كُرْزٌ قد طعن أبا عيينة، و هو حِصْنُ بن حذيفة بن بَدْر الفَزاريّ. ابن سيدة: و زعم الخليل أن جَرَم إنما تكون جواباً لما قبلها من الكلام، يقول الرجل: كان كذا و كذا و فعلوا كذا فتقول: لا جَرَمَ أنهم سيندمون، أو أَنه سيكون كذا و كذا. و قال ثعلب: الفراء و الكسائي يقولان لا جَرَمَ تَبْرِئةٌ. و يقال: لا جَرَم «2» و لا ذا جَرَم و لا أنْ ذا جَرَم و لا عَنْ ذا جَرَم و لا جَرَ، حذفوه لكثرة استعمالهم إياه. قال الكسائي: من العرب من يقول لا ذا جرم و لا أن ذا جرم و لا عن ذا جرم و لا جَرَ، بلا ميم، و ذلك أنه كثر في الكلام فحذفت الميم، كما قالوا حاشَ لِلَّهِ* و هو في الأَصل حاشَى، و كما قالوا أَيْشْ و إنما هو أيُّ شي‏ء، و كما قالوا سَوْ تَرَى و إنما هو سوفَ تَرَى. قال الأَزهري: و قد قيل لا صلة في جَرَم و المعنى كَسَبَ لهم عَمَلُهم النَّدَم؛ و أَنشد ثعلب:
يا أُمَّ عَمْرٍو، بَيِّني لا أو نَعَمْ،             إن تَصْرمِي فراحةٌ ممن صَرَمْ،
أو تَصِلِي الحَبْلَ فقد رَثَّ و رَمّ             قُلْتُ لها: بِينِي فقالت: لا جَرَمْ‏
أنَّ الفِراقَ اليومَ، و اليومُ ظُلَمْ‏


ابن الأَعرابي: لا جَرَ لقد كان كذا و كذا أي حقّاً، و لا ذا جَرَ و لا ذا جَرَم، و العرب تَصِلُ كلامها بذي و ذا و ذو فتكون حَشْواً و لا يُعْتَدُّ بها؛ و أَنشد:
إن كِلاباً والِدِي لا ذا جَرَمْ‏


و
في حديث قَيْس بن عاصم: لا جَرَمَ لأَفُلَّنَّ حَدَّها.
؛ قال ابن الأَثير: هذه كلمة تَرِدُ بمعنى تحقيق الشي‏ء، و قد اختلف في تقديرها فقيل أصلها التبرئة بمعنى لا بُدَّ، و قد استعملت في معنى حقّاً، و قيل:
__________________________________________________
 (2). 1 قوله [و يقال لا جرم إلخ‏] زاد الصاغاني: لا جرم بضم فسكون، و لا جرم بوزن كرم، و معنى لا ذا جرم و لا أن ذا جرم أستغفر الله، و الأجرام: متاع الراعي. و الأجرام من السمك: لونان مستدير بلون و أسود له أجنحة.

94
لسان العرب12

جرثم ص 95

جَرَمَ بمعنى كَسَب، و قيل: بمعنى وَجَبَ و حَقَّ و لا رَدٌّ لما قبلها من الكلام ثم يبتدأُ بها كقوله تعالى: لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ
؛ أي ليس الأَمْرُ كما قالوا، ثم ابتدأَ و قال: وَجَبَ لهم النار. و الجَرْمُ: الحَرُّ، فارسي معرَّب. و أَرض جَرْمٌ: حارّة، و قال أَبو حنيفة: دَفِيئةٌ، و الجمع جُرُومٌ، و قال ابن دُرَيْدٍ: أَرْضٌ جَرْمٌ توصف بالحرِّ، و هو دخيل. الليث: الجَرْمُ نَقِيض الصَّرْد؛ يقال: هذه أَرض جَرْمٌ و هذه أَرض صَرْدٌ، و هما دخِيلان «1». في الحرِّ و البرد. الجوهري: و الجُروُمُ من البلاد خلافُ الصُّرُودِ. و الجَرْمُ: زَورَقٌ من زوارقِ اليَمَن، و الجمع من كل ذلك جُرُومٌ. و المُدّ يُدْعَى بالحجاز: جَرِيماً. يقال: أَعطيته كذا و كذا جَرِيماً من الطعام. و جَرْمٌ: بَطْنانِ بطنٌ في قُضاعة و هو جَرْمُ بنُ زَيَّانَ، و الآخر في طيِ‏ء. و بنو جارِمٍ: بطنانِ بطنٌ في بني ضَبَّة، و الآخر في بني سَعْدٍ. الليث: جَرْمٌ قبيلة من اليمن، و بَنُو جارِمٍ: قومٌ من العرب؛ و قال:
إذا ما رَأَتْ حَرْباً عَبُ الشمسِ شَمَّرَتْ             إلى رَمْلِها، و الجارمِيُّ عَمِيدُها «2».

عَبُ الشَّمْس: ضَوْءُها، و قد يثقل، و هو أَيضاً اسم قبيلة.
جرثم:
الجُرْثُومة: الأَصل؛ و جُرْثُومة كل شي‏ء أَصلُه و مُجْتَمَعُه، و قيل: الجُرْثُومة ما اجتمع من التراب في أُصول الشجر؛ عن اللحياني. و جُرثومة النمل: قَرْيته. الليث: الجُرْثومة أصل شجرة يجتمع إليها التراب. و الجُرْثُومة: التراب الذي تَسْفيه الريحُ، و هي أيضاً ما يَجْمَعُ النَّمْلُ من التراب. و
في حديث ابن الزبير: لما أَراد أن يهدم الكعبة و يبنيها كانت في المسجد جَراثيمُ.
أي كان فيها أماكن مرتفعة عن الأَرض مجتمعة من تراب أو طين؛ أَراد أَن أَرض المسجد لم تكن مستوية. و الاجْرِنْثامُ: الاجتماعُ و اللزومُ للموضع. و اجْرَنْثَمَ القومُ إذا اجتمعوا و لزموا موضعاً. و
في حديث خزيمة: و عادَ لها النِّقادُ مُجْرَنْثِماً.
أي مجتمعاً مُتَقَبضاً، و النِّقادُ صغار الغنم، و إنما اجتمعت من الجَدْب لأَنها لم تجد مَرْعىً تنتشر فيه، و إنما لم يقل مُجْرَنْثِمةً لأَن لفظ النِّقادِ لفظ الاسم الواحد كالحِذَارِ و الخِمارِ، و يروى مُتَجَرْثِماً، و هو مُتَفَعْلِلٌ منه، و النون و التاء فيهما زائدتان، و قد اجْرَنْثَمَ و تَجَرْثَم؛ قال نُصَيْبٌ:
يَعلُّ بَنِيهِ المَحْض من بَكَراتِها،             و لم يُحْتلَبْ زِمْزيرُها المُتَجَرْثِمُ‏

و تَجَرْثَم الرجلُ: اجتمع. و
روي عن بعضهم: الأَسْدُ جُرْثُومةُ العربِ فمن أَضَلَّ نَسَبه فليأْتهم.
؛ هُمْ، بسكون السين، الأَزْدُ فأَبدلوا الزاي سيناً، و تَجَرْثَمَ الشي‏ءُ و اجْرَنْثَم إذا اجتمع؛ قال خُلَيْدٌ اليَشْكُريُّ:
و كَعْثَباً مُرَكَّناً مُجْرَنْثِما


و
في الحديث: تَمِيم بُرْثُمَتُها و جُرْثُمَتُها.
؛ الجُرثُمة هي الجُرْثُومة، و جمعها جَرَاثِيمُ. و
في حديث عليّ: مَن سَرَّه أن يَتَقَحَّمَ جَراثِيمَ جهنم فلْيَقْضِ في الجَدِّ.
و الجُرْثُومة: الغَلْصَمَةُ. و اجْرَنْثَم الرجلُ و تَجَرْثَمَ إذا سقط من عُلْوٍ إلى سُفْلٍ.
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [و هما دخيلان إلخ‏] عبارة التهذيب: دخيلان مستعملان.
 (2). 2 قوله [إذا ما إلخ‏] تقدم في عمد: شمساً بدل حرباً و الجلهمي بدل الجارميّ، و الذي هناك هو ما في المحكم.

95
لسان العرب12

جرثم ص 95

و تَجَرْثمَ الشي‏ءَ: أخَذ مُعْظَمَه؛ عن نُصَيْرٍ. و جُرْثُمُ: موضع.
جرجم:
جَرْجَمَ الطعامَ: أَكله، على البَدَل من جَرجَبَ. و جَرْجَمَ الشرابَ: شَرِبه. و جَرْجَمَ البيتَ: هَدَمَه أو قَوَّضَه. و تَهَدّم الحائطُ و تَجَرْجَمَ هو: سقط. و
في الحديث: أنّ جبريل، عليه السلام، أخَذ بعُرْوتها الوُسطَى، يعني مدائن قَوم لوط، على نبينا و عليه السلام، ثم أَلْوَى بها في جَوِّ السماء حتى سمعت الملائكةُ ضَواغِيَ كلابها، ثم جَرْجَمَ بعضها على بعض.
أي أَسقط. و المُجَرْجَمُ: المَصْرُوعُ؛ قال العجاج:
كأَنهم من فائِظٍ مُجَرْجَمِ‏


و جَرْجَمَ الرجلَ: صَرَعه. و تَجَرْجَمَ الوَحْشِيُّ و غيره في وجاره: تَقَبَّض و سكن، و قد جَرْجَمه الخوفُ. و
في حديث وَهْبٍ قال: قال طالوتُ لداود، عليه السلام: أنت رجل جَرِي‏ءٌ و في جبالنا هذه جَراجِمةٌ يَحْتَرِبُون الناسَ.
أي لصوص يَسْتَلِبون الناسَ و يَنْتَهبونهم. و الجَراجِمَة: قوم من العجم بالجزيرة. و يقال: الجَراجِمة نَبَطُ الشَّام؛ قال ابن بري: و منه قول أَبي وَجْزة:
لو أَنَّ جَمْعَ الرُّومِ و الجَراجِمَا


جردم:
الجَرْدَمَة في الطعام: مثل الجَرْدَبَة. ابن سيدة: جَرْدَمَ على الطعام و في الطعام لغة في جَرْدَب، و هو أن يستر ما بين يديه من الطعام بشماله لئلا يتناوله غيره. و قد تقدّم شرحه؛ و قال يعقوب: ميمه بدل من باء جَرْدَبَ؛ و أَنشد:
هذا غُلامٌ لَهِمٌ مُجَرْدِمُ،             لزادِ مَنْ رافَقَه مُزَرْدِمُ‏

و رجل جَرْدَمٌ: كثير الكلام. و جَرْدَمَ السِّتِّين: جاوَزَها؛ عن ابن الأَعرابي. و جَرْدَمَ ما في الجَفْنة: أَتَى عليه؛ عنه أَيضاً. و جَرْدَمَ الخُبْزَ: أكله كلَّه. شمر: هو يُجَرْدِمُ ما في الإِناء أي يأْكله و يُفْنيه. و جَرْدَم إذا أكثر الكلام. و الجَرْدَمَةُ: الإِسراعُ؛ عن كراع.
جرذم:
الجَرْذَمة: السُّرْعة في المَشْي و العَمَل.
جرزم:
الجَرْزَم و الجِرْزِم «1»؛ كلاهما عن كراع: الخُبْزُ القَفارُ اليابس.
جرسم:
الجُرْسُم: السَّمُّ «2»؛ عن كراع، و قد ذكر بالحاء؛ قال الأَزهري: رأيته مقيداً بخط اللحياني الجُرْسُم، بالجيم، قال: و هو الصواب. و الجِرْسامُ: البِرسامُ. ابن دريد: جِرْسامٌ و جِلْسامٌ الذي تُسميه العامة بِرْساماً، و الله أَعلم.
جرشم:
جَرْشَمَ الرجلُ: لغة في جَرْشَبَ. الليث: جَرْشَم الرجلُ و جَرْشَبَ بمعنى أي انْدَمل بعد المرض و الهُزال. و جَرْشَم: مثل بَرْشَم أي أَحَدَّ النَّظَرَ. و جَرْشَمَ: كَرَّهَ وَجْهَه. غيره: جَرْشَم الرجلُ إذا كان مهزولًا أو مريضاً ثم اندمل، و بعضهم يقول: جَرْشَبَ؛ و أَنشد ابن السكيت لابن الرِّقاع:
مُجْرَنْشِماً لعَماياتٍ تُضِي‏ءُ به،             منه الرِّضابُ و منه المُسْبِلُ الهَطِلُ‏

قال: مُجْرَنْشِمٌ مجتمع مُتَقَبِّضٌ، بالجيم، و قد روي بالخاء، و سنذكره، و قد وردت حروف تَعاقب فيها الخاء و الجيم كالزَّلَخَانِ و الزَّلَجانِ،
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [الجرزم و الجرزم‏] كجعفر و زبرج. قاموس.
 (2). 2 قوله [الجرسم السم‏] عبارة التكملة: الجرسم و الجرسام السم انتهى و ضبط الأَول كقنفذ و الثاني بكسر الجيم كسروال، و لما رأى السيد مرتضى اقتصار اللسان على الأَول كتب على قول المجد: و الجرسام بالكسر السم، الصواب فيه كقنفذ.

96
لسان العرب12

جرشم ص 96

و انْتَجَبْتُ الشي‏ء و انْتَخَبْتُه إذا اخْتَرْتَه. و الجَرْشَمُ من الحيَّات: الخَشِنُ الجِلْد.
جرضم:
ناقة جِرْضِمٌ: ضَخْمة. الليث: الجُرْضُمُ و الجُراضِمُ من الغنمِ الأَكُول الواسع البطن، و هو الأَكُول جِدّاً، ذا جِسْم كان أو نحيفاً؛ قال الفرزدق:
فلما تَصافنَّا الإِداوَةَ أَجْهَشَتْ             إليَّ غُضُونُ العَنْبَرِيِّ الجُراضِمِ‏

ابن دريد: جُراضِمٌ و جُرافِضٌ و هو الثَّقِيلُ الوَخِمُ. و الجِرْضَمُّ من الغنم «1»: الكبيرة السمينة، و من الإِبل الضَّخْمة.
جرهم:
جُرْهُم: حيّ من اليَمن نزلوا مكة و تزوج فيهم إسماعيل بن إبراهيم، عليهما السلام، و هم أَصهاره ثم أَلْحَدُوا في الحرَم فأَبادَهم الله تعالى. و رجل جِرْهامٌ و مُجْرَهِمٌّ: جادٌّ «2». في أَمْره، و به سمي جُرْهُمٌ. و جِرْهامٌ: من صفات الأَسد. التهذيب: الفراء الجُرْهُمُ الجَرِي‏ءُ في الحرب و غيرها. و جمل جراهم: عظيم؛ و قول ساعدة بن جُؤَيَّة يصف ضَبُعاً:
تراها الضَّبْعَ أَعْظَمَهُنَّ رأْساً             جُراهِمَةً، لها حِرَةٌ و ثِيلُ‏

عنى بالجُراهِمَةِ الضخمةَ الثقيلةَ، و قوله: لها حِرَةٌ و ثِيل، معناه أن كل ضَبُع خنثى فيما زعموا، و استعار الثِّيلَ لها و إنما هو للبعير، يقال: بعير عُرَاهِنٌ و عُراهِمٌ و جُراهِمٌ عظيم؛ و قال عمرو الهُذَلي:
فلا تَتَمَنَّنِي و تَمنَّ جِلْفاً             جُراهِمَةً هِجَفّاً، كالخَيالِ‏

جُراهِمَة: ضخماً، هِجَفّاً: ثقيلًا طويلًا، كالخيال: لا غَناءَ عنده. و جمَل جُراهِمٌ و ناقة جُراهِمَةٌ أَي ضَخمة.
جزم:
الجَزْمُ: القطع. جَزَمْتُ الشي‏ء أَجْزِمُهُ جَزْماً: قطعته. و جَزَمْتُ اليمين جَزْماً: أَمضيتها، و حلف يميناً حَتْماً جَزْماً. و كل أمر قطعته قطعاً لا عَوْدَةَ فيه، فقد جَزَمْتَه. و جَزَمْتُ ما بيني و بينه أي قطعته؛ و منه جَزْمُ الحَرْفِ، و هو في الإِعراب كالسكون في البناء، تقول جَزَمْتُ الحرف فانْجَزم. الليث: الجَزْمُ عَزِيمةٌ في النحو في الفعل فالحرفُ المَجْزُومُ آخرهُ لا إعراب له. و من القراءة أَن تَجْزِمَ الكلام جَزْماً بوضع الحروف مواضعها في بيانٍ و مَهَلٍ. و الجَزْمُ: الحرف إذا سكن آخره. المُبرّد: إنما سُمِّيَ الجَزْمُ في النحو جَزْماً لأَن الجَزْم في كلام العرب القطع. يقال: افعل ذلك جَزْماً فكأَنه قُطِعَ الإِعرابُ عن الحرف. ابن سيدة: الجَزْمُ إسكان الحرف عن حركته من الإِعراب من ذلك، لقصوره عن حَظِّه منه و انقطاعه عن الحركة و مَدِّ الصوت بها للإِعراب، فإن كان السكون في موضوع الكلمة و أَوَّلِيَّتها لم يُسَمَّ جَزْماً، لأَنه لم يكن لها حظ فقَصُرَتْ عنه. و
في حديث النخعي: التكبير جَزْمٌ و التسليم جَزْمٌ.
؛ أراد أنهما لا يُمَدَّان و لا يُعْرَبُ آخر حروفهما، و لكن يُسَكَّنُ فيقال: الله أكْبَرْ، إذا وقف عليه، و لا يقال الله أَكْبَرُ في الوقف. الجوهري: و العرب تسمِّي خَطَّنا هذا جَزْماً. ابن سيدة: و الجَزْمُ هذا الخطُّ المؤَلَّف من حروف المعجم؛ قال أَبو حاتم: سُمِّيَ جَزْماً
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [و الجرضم من الغنم إلخ‏] و كذلك الشيخ الساقط هزالًا و ضبط في التكملة كقرشبّ و في القاموس كجعفر.
 (2). 2 قوله [مجرهم جادّ] كذا ضبط مجرهم كمقشعرّ بالأصل و المحكم لكن ضبط في القاموس كالتكملة بوزن مدحرج.

97
لسان العرب12

جزم ص 97

لأَنه جُزِمَ عن المُسْنَدِ، و هو خَطُّ حِمْيَر في أَيام مُلْكهم، أي قُطِعَ. و جَزَمَ على الأَمر و جَزَّمَ: سكت. و جَزَّم عن الشي‏ء: عجز «1». و جَبُنَ. و جَزَّمَ القومُ إذا عجزوا و بَقِيتُ مُجَزِّماً: منقطعاً؛ قال:
و لكنِّي مَضَيْتُ و لم أُجَزِّمْ،             و كان الصَّبْرُ عادَةَ أَوَّلِينا

و الجَزْمُ من الخَطِّ: تسويةُ الحرف. و قَلَمٌ جَزْمٌ: لا حرف له. و جَزَمَ القراءةَ جَزْماً: وضع الحروف مواضعها في بيان و مَهَلٍ. و جَزَمْت القِربةَ: ملأْتها، و التّجْزيمُ مثله. و سِقاء جازِمٌ و مِجْزَمٌ: ممتلئ؛ قال:
جَذْلانَ يَسَّر جُلَّةً مَكْنوزةً،             دَسْماءَ بَحْوَنَةً و وَطْباً مِجْزَما

و قد جَزَمَهُ جَزْماً: قال صَخْرُ الغَيّ:
فلما جَزَمْتُ بها قِرْبَتي،             تَيَمَّمْتُ أَطْرِقَةً أو خَلِيفا

و الخَلِيفُ: طريق بين جبلين. و جَزَّمَهُ: كَجَزَمَهُ. و يقال للسِّقاء مِجْزَمٌ، و جمعه مَجازِمُ. و الجَزْمَةُ: الأَكْلَة الواحدة. و جَزَمَ يَجْزِمُ جَزْماً: أكل أكلة تَمَّلأَ عنها؛ عن ابن الأَعرابي. و قال ثعلب: جَزَمَ إذا أكل أكلةً في كل يوم و ليلة. و جَزَم النخلَ يَجْزِمُه جَزْماً و اجْتَزمَه: خَرَصَه و حَزَرَه؛ و قد روي بيت الأَعشى:
هو الواهِبُ المائةِ المُصْطَفاةِ،             كالنَّخْلِ طافَ بها المُجْتَزِم‏

بالزاي، مكان المجترم، بالراء؛ قال الطُّوسي: قلت لأَبي عمرو لم قال طاف بها المُجْتَرِم؟ فتبسم و قال: أَراد أنه يَهَبُها عِشاراً في بطونها أولادها قد بلغت أن تُنتَج كالنخل التي بلغت أن تُجتَرَمَ أي تُصْرَمَ، فالجارم يطوف بها لصَرْمِها. و يقال: اجْتَزَمْتُ النَّخلةَ اشتريت تمرها فقط. و قال أَبو حنيفة: الاجْتِزامُ شراء النخل إذا أَرْطَبَ. و اجْتَزَمَ فلانٌ حَظِيرةَ فلان إِذا اشتراها، قال: و هي لغة أَهل اليمامة. و اجْتَزَمَ فلان نَخْل فلانٍ فأَجْزَمه إِذا ابتاعه منه فباعه. و جَزَم من نخله جِزْماً أَي نصيباً. ابن الأَعرابي: إِذا باع الثمرة في أَكمامها بالدراهم فذلك الجَزْمُ. و الجَزْم: شي‏ء يُدْخَلُ في حَياء الناقة لتَحْسِبَهُ ولدَها فتَرْأَمَه كالدُّرْجَة. و جَزَّمَ بسَلْحه: أَخرج بعضه و بقي بعضه، و قيل: جَزَّم بسلحه «2». خَذَفَ. و تَجَزَّمَتِ العصا: تَشَقَّقَتْ كَتَهَزَّمَتْ. و الجَزْمُ من الأُمور: الذي يأْتي قبل حينه «3»، و الوَزْمُ الذي يأْتي في حينه. و الجِزْمةُ، بالكسر، من الماشية: المائةُ فما زادت، و قيل: هي من العشرة إلى الأَربعين، و قيل: الجِزْمَةُ من الإِبل خاصة نحو الصِّرْمَة. الجوهري: الجِزْمَةُ، بالكسر، الصِّرْمةُ من الإِبل، و الفِرْقةُ من الضأْن. و يقال: جَزَّم البعيرُ فما يَبْرَحُ، و انْجَزَمَ العظمُ إِذا انكسر. الفراء: جَزَمَتِ الإِبلُ إذا رَوِيَتْ‏
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [و جزم عن الشي‏ء عجز] و كذلك جزم بالتخفيف كما في القاموس و التهذيب.
 (2). 1 قوله [و جزم بسلحه‏] كذا ضبط بالتثقيل بالأصل و المحكم و التكملة، و مقتضى صنيع القاموس أَنه بالتخفيف.
 (3). 2 قوله [الذي يأتي قبل حينه إلخ‏] و منه قول شبيل بالتصغير ابن عذرة بفتح فسكون: إلى أجل يوقت ثم يأتي بجزم أو بوزم باكتمال انتهى. التكملة. و زاد الجوازم: و طاب اللبن المملوءة، و الجزم، بالفتح، إيجاب الشي‏ء؛ يقال: جزم على فلان كذا و كذا أوجبه، و اجتزمت جزمة من المال، بالكسر، أي أَخذت بعضه و أَبقيت بعضه.

98
لسان العرب12

جزم ص 97

من الماء، و بعير جازمٌ و إِبل جَوازِمُ.
جسم:
الجِسْمُ: جماعة البَدَنِ أَو الأَعضاء من الناس و الإِبل و الدواب و غيرهم من الأَنواع العظيمة الخَلْق، و استعاره بعض الخطباء للأَعراض فقال يذكر عِلْم القَوافي: لا ما يتعاطاه الآن أَكثر الناس من التَّحَلي باسمه، دون مباشرة جَوْهَره و جِسْمه، و كأَنه إِنما كَنى بذلك عن الحقيقة لأَن جِسْم الشي‏ء حقيقةٌ و اسْمه ليس بحقيقة، أ لا ترى أن العَرَض ليس بذي جِسْمٍ و لا جَوْهَرٍ إِنما ذلك كله استعارة و مَثَلٌ؟ و الجمع أَجْسامٌ و جُسومٌ. و الجُسْمانُ: جماعة الجِسْمِ. و الجُسْمانُ: جِسْمُ الرجل. و يقال: إِنه لنَحيفُ الجُسْمان، و جُسمانُ الرجلُ و جُثْمانُه واحد. و رجُل جُسْمانيٌّ و جُثْمانيٌّ إِذا كان ضَخْم الجُثَّة. أَبو زيد: الجِسْمُ الجَسَدُ، و كذلك الجُسْمانُ، و الجُثْمانُ الشخص. و قد جَسُمَ الشي‏ءُ أَي عَظُمَ، فهو جَسِيمٌ و جُسام، بالضم. و الجِسامُ، بالكسر: جمع جَسيمٍ. و جَسُمَ الرجلُ و غيره يَجْسُمُ جَسامةً، فهو جَسِيمٌ، و الأُنثى من كل ذلك بالهاء؛ و أَنشد شاهداً على جُسامٍ:
أَنْعَتُ عَيْراً سَهُوَقاً جُساما


أَبو عبيد: تجَسَّمْتُ فلاناً من بين القوم أَي اخترته كأَنك قصدت جِسْمَه، كما تقول تأَيَّيْتُه أَي قصدت آيَتَه و شخصه. و تَجَسَّمْها ناقةً من الإِبل فانْحَرْها أَي اخْتَرْها؛ و أَنشد:
تَجَسَّمَه من بَينِهِنَّ بمُرْهَفٍ،             له جالِبٌ، فوق الرِّصاف، عَلِيلُ‏

ابن السكيت: تَجَسَّمْتُ الأَمْرَ إِذا ركبت أَجْسَمَه و جَسِيمَه و مُعْظَمه. قال أَبو سعيد: المُرْهَفُ النَّصْلُ الرقيق، و الجالب الذي عليه كالجُلْبَةِ من الدم، عَليلٌ عُلَّ بالدم مرةً بعد مرة. و تَجَسَّمْتُ الرملَ و الجبل أَي ركبت أَعظمه. و تَجَسَّمْتُ الأَرضَ إِذا أَخذتَ نحوَها تريدها؛ قال الراجز:
يُلِجْنَ من أَصواتِ حادٍ شَيْظَمِ،             صُلْبٍ عَصاهُ للمَطيّ مِنْهَمِ،
ليس يُماني عُقَبَ التَّجَسُّم‏


أَي ليس يَنْتَظر. و تَجَسَّمَ: من الجِسْم. و التَّجَسُّمُ: ركوب أَجْسمِ الأَمرِ و مُعْظَمِه. قال أَبو تراب: سمِعت أبا مِحْجَنٍ و غيرَه يقول: تَجَسَّمْتُ الأَمر و تَجشَّمْتُهُ إِذا حَمَلْت نفسك عليه؛ و قال عمرو بن جَبَلٍ:
         تَجَسَّمَ القُرْقُور مَوْجَ الآذيّ‏


و الجُسُم: الأُمور العظام. و الجُسُمُ: الرجال العُقلاء. و الجَسِيمُ: ما ارتفع من الأَرض و علاه الماء؛ و قال الأَخْطَلُ:
فما زال يَسْقي بَطْنَ خَبْتٍ و عَرْعَرٍ             و أَرْضَهُما، حتى اطْمأَنَّ جَسِيمُها

و الأَجْسَمُ: الأَضْخَمُ؛ قال عامر بن الطُّفَيْلِ:
لقد عَلِمَ الحَيُّ من عامرٍ             بأَنَّ لنا الذِّرْوَةَ الأَجْسَما «1».

و بنو جَوْسَم: حَيٌّ قديم من العرب، و كذلك بنو جاسِمٍ. و جاسِمٌ: موضع بالشام؛ أَنشد ابن بري لعَديّ بن الرِّقاعِ:
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [
لقد علم الحي ...

إلخ‏] تبع فيه الجوهري، قال الصاغاني: الرواية
... ذروة الأَجسم‏

و القافية مجرورة و بعده:
و أَنا المصاليت يوم الوغى             إِذا ما العواوير لم تقدم.

99
لسان العرب12

جسم ص 99

لولا الحَياءُ، و أَنّ رأْسِيَ قد عَفا             فيه المَشِيبُ، لزُرْتُ أُمَّ القاسِمِ‏
فكأَنَّها، بين النِّساءِ، أعارها             عَيْنَيْهِ أَحْوَرُ من جآذِرِ جاسِمِ‏

و يروى‏
... عاسِم.


جشم:
جَشِمَ الأَمْرَ، بالكسر، يَجْشَمُه جَشْماً و جَشامةً و تَجَشَّمَه: تَكَلَّفَه على مشقة. و أَجْشَمَني فلانٌ أَمْراً و جَشَّمَنِيه أي كَلَّفَني؛ و أَنشد ابن بري للأَعْشى:
فما أَجْشَمْتُ من إِتْيانِ قَومٍ،             هُمُ الأَعْداءُ و الأَكْبادُ سُودُ

و جَشَّمْتُه الأَمرَ تَجْشِيماً؛ و في حديث زيد بن عمرو ابن نُفَيْلٍ:
مَهْما تُجَشِّمْني فإِنِّي جاشِمُ‏


أَبو تراب: سمعت أَبا مِحْجَنٍ و باهِليّاً تَجَشَّمْتُ الأَمر و تَجَسَّمْتُه إِذا حملت نفسك عليه؛ و قال عمرو بن جَميل «1»:
تَجَشَّم القُرْقُورُ مَوْجَ الآذيّ‏


ابن السكيت: تَجَشَّمْتُ الأَمْرَ إذا ركبت أَجْسَمه، و تَجَشَّمْتُه إذا تكلفته، و تَجَشَّمْتُ الأَرضَ إذا أخذتَ نحوَها تريدها، و تَجَشَّمْت الرملَ ركبت أَعْظَمَه. أَبو النضر: تَجَشَّمْتُ فلاناً من بين القوم أي قَصَدْتُ قَصْدَه؛ و أَنشد:
و بَلَدٍ ناءٍ تَجَشَّمْنا به             على جَفاهُ، و على أَنقابه‏

أبو بكر في قولهم: قد تَجَشَّمْتُ كذا و كذا أَي فعلته على كُرْه و مشقة، و الجُشَمُ: الاسم من هذا الفعل؛ قال المرَّارُ:
يَمْشِينَ هَوْناً، و بعد الهَوْنِ مِنْ جُشَمٍ،             و مِنْ جَناءِ غَضِيضِ الطَّرْفِ مَسْتُورِ «2».

و الجُشَمُ: الجَوْف، و قيل: الصدر و ما اشتمل عليه من الضُّلوع. و جُشَمُ البعيرِ: صَدْرُه و ما غَشِي به القِرْنَ من صَدره و سائر خَلْقه. و يقال: غَتَّه بجُشَمِه إذا أَلقى صدره عليه. و رمى عليه جَشَمَه و جُشمه أي ثِقْلَه. و الجَشِمُ: الغليظ «3»؛ عن كراع. ابن الأَعرابي: الجُشُمُ السِّمانُ من الرجال؛ و قال أَبو عمرو: الجَشَمُ السِّمَنُ. ابن خالويه: الجُشْمُ دراهم رديئة، و جمعها جُشُومٌ؛ قال جرير:
بَدَا ضَربُ الكِرامِ و ضَرْبُ تَيْمٍ،             كضَرْبِ الدُّنْبُلِيَّة و الجُشُوم‏

أَبو زيد: ما جَشِمْتُ اليوم ظِلْفاً «4»؛ يقوله القانِصُ إذا لم يَصِدْ و رجع خائباً. و يقال: ما جَشَمْتُ اليوم طعاماً أي ما أَكلت؛ قال: و يقال ذلك عند خيبة كل طالب فيقال: ما جَشَمْتُ اليومَ شيئاً. أَبو عبيد: تَجَشَّمْتُ فلاناً من بين القوم أي اخترته؛ و أَنشد:
تَجَشَّمْتُه من بَيْنِهِنَّ بمُرْهَفٍ،             له جالِبٌ، فوقَ الرِّصافِ، عَلِيلُ‏

__________________________________________________
 (1). 1 قوله [و قال عمرو بن جميل‏] كذا بالأَصل و التهذيب، و الذي تقدم في جسم: عمرو بن جبل.
 (2). 1 قوله [و من جناء غضيض‏] كذا بالأَصل جناء بالأَلف، و في شرح القاموس: جنى.
 (3). 2 قوله [و الجشم الغليظ إلخ‏] كذا بالأَصل كالمحكم مضبوطاً بوزن كتف، و الذي في القاموس: و كأمير الغليظ انتهى. قال شارحه: و الذي في كتاب كراع ككتف.
 (4). 3 قوله [ما جشمت اليوم ظلفاً] و قوله [ما جشمت اليوم طعاماً] ضبط في الأَصل و نسخة من التهذيب بفتح الجيم و الشين و لم نجد هذه العبارة لغير التهذيب حتى نستأنس لهذا الضبط.

100
لسان العرب12

جعم ص 101

و قد تقدم أَكثر ذلك في جسم. ابن الأَعرابي: الجُشُمُ الطِّوالُ الأَعْفارُ. و الأَعْفارُ من قولك رجل عِفْرٌ: داهٍ خبيثٌ. أَبو عمرو: الجَشْمُ الهلاك. و جُشَمُ بن بكر: حيٌّ من مُضَرَ. و جُشَمُ بن هَمْدانَ: حَيّ من اليمَن. و بنو جَوْشَم: حَيّ من جُرْهُم دَرَجُوا. و جُشَمُ: حَيّ من الأَنصار، و هو جُشَمُ بن خَزْرَج؛ و قال الأَغْلَبُ العِجْليّ:
إِنْ سَرَّكَ العزُّ فَجَخْجِخْ بجُشَم
و جُشَمُ: في ثَقِيف، و هو جُشَمُ بن ثَقِيفٍ. و جُشَمُ: حَيٌّ من تَغْلِبَ و هم الأَراقِمُ. التهذيب: و جُشَمُ حَيّ من تَغْلِب، و جُشَمُ في هَوَازِنَ، و هو جُشَمُ بن مُعاوية بن بكر بن هَوازن.
جعم‌
: الجَعْماءُ من النساء: التي أُنْكِرَ عَقْلُها هَرَماً، و لا يقال للرجل أَجْعَمُ. و الجَعْماء: الناقة المُسِنَّة، و قيل: هي التي غابت أَسنانُها في اللِّثَاتِ، و الذكر أَجْعَمُ، و في الصحاح: و لا يقال للذكر أَجْعَمُ، و كذلك كل دابة ذهبت أَسنانها كلها. و قال ابن الأَعرابي: هي الجَمْعاءُ و الجَعْماءُ. و الجَعْماءُ من النساء: الهَوْجاء البَلْهاءُ. و جَعِمَ الرجلُ لكذا أي خَفَّ له. و قد جَعِمْتُ جَعَماً و أَجْعَمَتِ الأَرضُ: كثر الحَنَكُ على نباتها فأكله و ألجأَه إلى أُصوله. و أُجْعِمَ الشجر: أُكل وَرَقُه فآل إلى أُصوله؛ قال:
عَنْسِيَّة لم تَرْعَ طَلْحاً مُجْعَمَا
و جَعِمَ إِلى اللحم جَعَماً، فهو جَعِمٌ: قَرِمَ و هو مع ذلك أَكُولٌ؛ و قول العجاج:
نُوفي لَهُمْ كَيْلَ الإِناءِ الأَعْظَمِ،  إِذ جَعِمَ الذُّهْلانِ كلَّ مَجْعَمِ
و يقال: جَعامَةً في المصدر أَيضاً؛ عن ابن بري، و الذُّهْلانِ: ذُهْلُ بن ثَعْلَبَة و هو الأَكبر، و ذُهْلُ ابن شَيْبان بن ثَعْلَبة، أَي حَرَّضَ الذُّهْلان على قتالنا و قَرِمُوا إِلى الشَّرِّ كما يُقْرَمُ إلى اللحم. و جَعِمَتِ الإِبلُ تَجْعَمُ جَعَماً إِذا لم تجد حَمْضاً و لا عِضاهاً فَتَقْرَمُ إِليها، فتَقْضَمُ العظامَ و خُرْءَ الكلاب لِشبْه قَرَم يصيبها؛ و يقال: إِن داء الجُعامِ أَكثرُ ما يُصيبها من ذلك. و رجل جَيْعَمٌ: لا يرى شيئاً إِلَّا اشتهاه. و جَعِمَ جَعَماً و جَعَمَ: لم يَشْتَهِ الطعامَ، و هو من الأَضداد. و جَعِمَ جَعَماً، فهو جَعِمٌ، و تَجَعَّمَ: طَمعَ. و الجَعَمُ، بالتحريك: الطمع. و الجَعُوم: الطَّمُوع في غير مَطْمَعٍ. و الجَعَمُ: غِلَظُ الكلام في سَعَةِ حَلْقٍ، و الفعل كالفعل، و الصِّفَة كالصفة. و جَعَمَ البَعِيرَ: جعل على فيه ما يمنعه من الأَكل و العضِّ. و الجِعْمِيُّ: الحريص، و قيل: الحريص مع شهوة. و يقال: فلان جَعِمَ إِلى الفاكهة، و ليس الجَعَمُ القَرَمَ مطلقاً، و يقال: جَعِمَ الرجلُ و جَعَمَ إِذا اشتدَّ حرْصه. و أَجْعَمَتِ الأَرضُ: أُكل نباتُها. و ذكر ابن بري أَن الهَجَرِيّ قال في نوادره: الجُعامُ داء يصيب الإِبل من النَّدَى بأَرض الشام، يأْخذها لَيٌّ في بطونها ثم يُصيبها له سُلاحٌ. و قد أَجْعَمَ القومُ إِذا أَصاب إِبلَهُم الجُعامُ. و الجَعُومُ: المرأَة الجائعة. و يقال للدُّبر: الجَعْماءُ و الوَجْعاءُ و الجَهْوةُ و الصُّمارَى.

101
لسان العرب12

جعم ص 101

و الجِعْمُ: الجُوعُ «1»، و يقال: يا ابن الجَعْماء. و قال ابن الأَعرابي: الجَيْعَمُ الجائع.
جعثم:
الجُعْثُوم: الغُرْمُولُ الضخم. و الجُعْثُمَةُ: اسم. و التَّجَعْثُمُ: انقباض الشي‏ء و دخول بعضه في بعض. و بنو جُعْثُمَة: حَيّ من اليَمَن؛ قال أَبو ذؤيب:
كأَنَّ ارْتِجازَ الجُعْثُمِيَّاتِ، وَسْطَهُم،             نَوائِحُ يَشْفَعْنَ البُكا بالأَزامِلِ‏

يعني بالجُعْثُمِيَّاتِ قِسِيّاً منسوبة إِلى هذا الحيّ. الأَزهري: جُعْثُمةُ حَيّ من أَزدِ السَّراةِ. و قال أَبو نصر: جُعْثُمَةُ من هُذَيْلٍ. الأَزهري: الجِعْثِمُ و الجِعْثِن أُصول الصِّلِّيان.
جعشم:
الجُعْشُمُ: الصغير «2». البَدَن القليل لحم الجسد، و قيل: هو المنتفخ الجَنْبَيْنِ الغليظُهما، و قيل: القصير الغليظ مع شدّة، و يقال له جُعْشُمٌ و كُنْدُرٌ؛ و أَنشد:
ليس بجُعْشُوشٍ و لا بجُعْشُمِ‏


و جُعْشُمٌ: اسم، و هو جدّ سُراقَةَ بن مالك المُدْلِجِيّ؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّةَ:
يُهْدي ابنُ جُعْشُمٍ الأَنْباءَ نَحْوَهُمُ،             لا مُنْتَأَى عن حِياض المَوْتِ و الحُمَم‏

و الجَعْشَمُ: الوَسَطُ؛ قال:
و كلّ نَأْآجٍ عُراضٍ جَعْشَمُه‏


قال الفراء: فتح الجيم و الشين فيه أَفصح.
جلم:
جَلَمَ الشي‏ءَ يَجْلِمُه جَلْماً: قطعه. و الجَلَمانِ: المِقْراضانِ، واحدهما جَلَمٌ للذي يُجَزُّ به؛ قال سالم بن وابِصَةَ:
داوَيْتُ صَدْراً طويلًا غِمْرُه حَقِداً             منه، و قَلَّمْتُ أَظفاراً بلا جَلَمِ‏

و الجَلَمُ: اسم يقع على الجَلَمَيْنِ كما يقال المِقْراضُ و المِقْراضان و القَلَمُ و القَلَمانِ؛ و أَنشد ابن بري:
و لولا أَيادٍ من يَزيدَ تَتابَعَتْ،             لَصَبَّحَ في حافاتِها الجَلَمانِ‏

و قوله: فأَخذت منه بالجَلَمَيْنِ؛ الجَلَمُ: الذي يُجَزُّ به الشعرُ و الصوفُ، و الجَلَمان شَفْرَتاه، و هكذا يقال مُثَنّىً كالمِقَصِّ و المِقَصَّيْنِ. و الجَلْمُ: مصدر جَلَمَ الجَزُور يَجْلِمُها جَلْماً و اجْتَلَمها إِذا أَخذ ما على عظامها من اللحم. و الجَلَمُ: من سِمات الإِبل «3» شبيه بالجَلَم في الخَدّ؛ عن ابن حبيب من تذكرة أَبي علي؛ و أَنشد:
هو الفَزارِيُّ الذي فيه عَسَمْ،             في يده نَعْلٌ و أُخْرى بالقَدَمْ‏
يَسُوقُ أَشْباهاً عَلَيهِنَّ الجَلَمْ‏


و الجَلَمُ: الهِلالُ ليلة يُهِلُّ «4»؛ شُبِّه بالجَلَمِ. التهذيب: و الجَلَمُ القمر. و جَلْمَة الجَزُورِ و جَلَمَتُها: لحمها أَجْمَعُ، يقال: خذ جُلْمَة الجَزورِ أَي لحمها أَجْمَعَ. و الجَلَمَةُ:
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [و الجعم الجوع‏] ضبط في الأَصل بالكسر و صرح به شارح القاموس، و ضبط في نسخة من التهذيب بفتح فسكون لكن مقتضى تفسيره بالمصدر أَنه الجعم محرّكاً.
 (2). 2 قوله [الجعشم الصغير إلخ‏] بضم الشين و فتحها كما في القاموس، و في التكملة: و الجعشم الطويل مع عظم الجسم.
 (3). 1 قوله [و الجلم من سمات الإِبل إلخ‏] كذا في المحكم أَيضاً، و الذي في التكملة: و الجلم أَي محرّكاً سمة لبني فزارة في الفخذ.
 (4). 2 قوله [ليلة يهل‏] زاد في التكملة: الجيلم كصقيل القمر ليلة البدر.

102
لسان العرب12

جلم ص 102

الشاة المسلوخة إِذا ذهبت عنها أَكارعُها و فُضُولُها. الجوهري: و هذه جَلَمَةُ الجَزُور «1»، بالتحريك، أَي لحمها أَجْمَعُ. و جَلَمَةُ الشاة: مَسْلوخَتُها بلا حَشْوٍ و لا قوائم. و جَلَمَ الشَّعَرَ و صوف الشاة بالجَلَمِ يَجْلِمُه جَلْماً: جَزَّه كما تقول قَلَمْتُ الظُّفْر بالقَلَم؛ و أَنشد:
 لَمَّا أَتَيْتُم و لم تَنْجُوا بمَظْلِمَةٍ،             قِيسَ القُلامَةِ مما جَزَّه الجَلَمُ‏

و القَلَمُ، كلٌّ يُرْوى. و يقال للمِقْراضِ المِقْلامُ و القَلَمانُ و الجَلَمانُ، قال: هكذا رواه الكسائي، بضم النون، كأَنه جعله نعتاً على فَعَلانَ من القَلْمِ و الجَلْم، و جعله اسماً واحداً، كما يقال رجل شحَذَانٌ و أَبَيانٌ. و الجَلَمُ: الذي يُجَزُّ به. و الجُلامَةُ: ما جُزّ. أَبو مالك: جَلْمَةٌ مثل حَلْقَة، و هو أَن يُجْتَلَمَ ما على الظَّهْر من الشحم و اللحم. و الجُلَّامُ: التُّيُوس المَحْلوقَةُ. و هَنٌ مَجْلومٌ: محلوق؛ قال الفَرَزْدَقُ:
أَتَتْه بمَجْلُوم كأَنّ جبِينَه             صَلايةُ وَرْسٍ، وسْطُها قد تَفَلَّقا

و أَخذ الشي‏ءَ بجُلْمَتِهِ و جَلْمَتِه أَي جماعته. و الجَلَم: الجَدْيُ؛ عن كراع و جمعه جِلامٌ؛ قال الأَعشى:
سَواهِمُ جُذْعانُها كالجِلامِ             قَدْ أَقْرَحَ القَوْدُ منها النُّسُورا

و يروى:
قد اقْرَحَ منها القِيادُ النُّسورا


قال ابن بري: صواب إِنشاده بالنصب؛ و قبله:
و جَأْواءَ تُتْعِبُ أَبْطالَها،             كما أَتْعَبَ السابقُون الكَسِيرا

و قيل: الجِلامُ غنم من غنم الطائف صغار؛ قال:
قُدْنا إِلى هَمْدانَ، من أَرْضِنا،             شُعْثَ النَّواصي شُزَّباً كالجِلام‏

أَبو عبيد: الجِلامُ شاءُ أَهلِ مكة، واحدتها جَلَمَةٌ؛ و أَنشد:
شَواسِفٌ مثْلُ الجِلام قُبّ‏


جلثم:
جَلْثَمٌ: اسم.
جلحم:
اجْلَحَمَّ القومُ: اجتمعوا، و يقال: استكبروا، قال:
نَضْرِبُ جَمْعَيْهِم إِذا اجْلَحَمُّوا


جلخم:
اجْلَخَمَّ الرجلُ: استكبر، و اجْلَخَمَّ القومُ: استكبروا؛ و أَنشد للعجاج:
نَضْرِبُ جَمْعَيْهِمْ إِذا اجْلَخَمُّوا،             خَوادِباً أَهْوَنُهُنَّ الأَمُ‏

أَي ضَرَبات خَوادِب، و الخَدْبُ: الضربُ الذي لا يَتمالك، و يروى:
... إِذا اجْلَحَمُّوا


، و قد تقدم ذكره، و كذلك ذكره ابن السكيت، و أَنشده بالحاء المهملة. و اجْلَخَمَّ القوم اجْلِخْماماً: لغة في اجْلَحَمُّوا؛ عن كراع، و الحاء المهملة أَعلى.
جلسم:
الجِلْسام: البِرْسام كالجِرْسام، و قد تقدم.
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [جلمة الجزور إلخ‏] بفتح أَو ضم فسكون و بالتحريك كما في القاموس.

103
لسان العرب12

جلعم ص 104

جلعم:
الأَزهري: يقال للناقة الهَرِمَة قِضْعِمٌ و جَلْعَمٌ. ابن الأَعرابي: الجَلْعَمُ القليلُ الحياء.
جلهم:
جُلْهُمَتا الوادي: ناحيتاه، و قيل: حافتاه؛ و منه‏
حديث أَبي سُفْيان: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَخَّرَ أَبا سُفْيانَ في الإِذْنِ و أَدْخَلَ غيرَه من الناس قبله، فقال: ما كِدْتَ تَأْذَنُ لي حتى تَأْذَنَ لحجارة الجُلْهُمَتَيْنِ.
؛ قال أَبو عبيد: أَراد جانبَي الوادي، قال: و المعروف الجَلْهَتان؛ قال أَبو عبيد: و لم أَسمع بالجُلْهُمةِ إِلا في هذا الحديث و ما جاءت إِلا و لها أَصل؛ و قال شمر: لم أَسمع الجُلْهُمَة إِلا في هذا الحديث و حرفاً آخر، قال أَبو زيد: يقال هذا جُلْهُمٌ.
قال ابن بري: يروى أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، قال له أَنْتَ كما قِيل: كل الصيد في جَوْف الفَرا.
؛ أَراد، صلى الله عليه و سلم، أَن يَتأَلَّفَه بهذا الكلام و كان من المؤَلَّفَةِ قلوبهم، و هو أَبو سفيان بن الحرث بن عبد المُطَّلِبِ، و كان هجا النبي، صلى الله عليه و سلم، هجاءً قبيحاً؛ قال: و المشهور في الروايتين الجَلْهَمَتَيْنِ، بفتح الجيم، قال: و لم يَرْوِ أَحدٌ الجُلْهُمَتَيْن، بضم الجيم، إِلا شمر و ابن خالويه، قال: و الدليل على أَنه مفتوح قول أَبي عبيد: إِنه أَراد الجَلْهَتَيْنِ فزاد الميم، قال: و لو كانت الجيم مضمومة لم تكن الميم زائدة. و قال أَبو هَفَّانَ المِهْزَمِيُّ: جُلْهُمَةُ اسم رجل، بالضم، منقول من الجُلْهمة لطَرَفِ الوادي، قال: و المحدّثون يُخْطئُون و يقولون الجَلْهَمَتَيْن، قال: و الجَلْهَةُ ناحية الوادي؛ و أَنشد:
 كأَنَّها و قد بَدا عُوارِضُ،             و اللَّيْلُ بين قَنَوَيْنِ رَابِضُ،
 بِجَلْهَةِ الوادِي قَطاً نواهِضُ‏


و قال ابن الأَثير في تفسير الحديث: الجُلْهُمَةُ فم الوادي، و قيل: جانبه، زيدت فيها الميم كما زيدت في زُرْقُمٍ و سُتْهُمٍ؛ قال أَبو منصور: العرب زادت الميم في حروف كثيرة، منها قولهم قَصْمَل الشي‏ءَ إِذا كسره و أَصله قَصَلَ، و جَلْمَطَ شعره إِذا حَلقه و الأَصل جَلَطَ، و فَرْصَمَ الشي‏ء إِذا قطعه و الأَصل فَرَصَ، و الله أَعلم. و جُلْهُمَة، بالضم: اسم رجل. و جُلْهُمُ: اسم امرأَة؛ أَنشد سيبويه للأَسود بن يَعْفُرَ:
أَوْدَى ابنُ جُلْهُمَ عَبَّادٌ بصِرْمَتِهِ؛             إِنَّ ابنَ جُلْهُمَ أَمْسَى حَيَّةَ الوادي‏

أَراد المرأَة و لذلك لم يَصْرِفْ، قال سيبويه: و العرب يسمون الرجل جُلْهُمَةَ و المرأَة جُلْهُمَ. و الجُلْهُمُ: القارَةُ الضخمة «2»، و حَيٌّ من ربيعة يقال لهم الجَلاهِمُ.
جمم:
الجَمُّ و الجَمَمُ: الكثير من كل شي‏ء. و مال جَمٌّ: كثير. و في التنزيل العزيز: وَ تُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا
، أَي كثيراً، و كذلك فسره أَبو عبيدة؛ و قال أَبو خِراشٍ الهُذَليّ:
إِنْ تَغْفِرِ، اللَّهُمَّ، تَغْفِرْ جَمّا،             و أَيُّ عَبْدٍ لَكَ لا أَلَمَّا؟

و قيل: الجَمُّ الكثير المجتمع، جَمّ يَجِمُّ و يَجُمُّ، و الضم أَعلى، جُمُوماً،
قال أَنس: توفي سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم، و الوَحْيُ أَجَمُّ ما كان لم يَفْتُرْ بعدُ.
؛ قال شمر: أَجَمُّ ما كان أَكثرُ ما كان و جَمَّ المالُ و غيره إِذا كثر. و جَمُّ الظَّهِيرة: معظمها؛ قال أَبو كَبير الهذلي:
__________________________________________________
 (2). 1 قوله [القارة الضخمة] كذا بالقاف في الأصل و التهذيب و التكملة، و تحرّفت في نسخ القاموس بالفأرة.

104
لسان العرب12

جمم ص 104

و لقَد رَبَأْتُ، إِذا الصِّحابُ تَواكَلُوا،             جَمَّ الظَّهِيرَةِ في اليَفَاعِ الأَطْوَلِ‏

جَمَّ الشي‏ءُ و اسْتَجَمَّ، كلاهما: كَثُرَ. و جَمُّ الماءِ: مُعْظَمُه إِذا ثاب؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
إِذا نَزَحْنا جَمَّها عادَتْ بجَمّ‏


و كذلك جُمَّتُه، و جمعها جِمامٌ و جُمُومٌ؛ قال زهير:
فلما وَرَدْنا الماء زُرْقاً جِمامُه،             وَضَعْنَ عِصِيَّ الحاضِرِ المُتَخَيِّمِ‏

و قال ساعدة بن جؤَية:
فلما دَنا الإِفْرادُ حَطَّ بشَوْرِه             إِلى فَضَلاتٍ مُسْتَحيرٍ جُمُومُها

و جَمَّةُ المَرْكَبِ البحريّ: الموضع الذي يجتمع فيه الماء الراشح من حُزوزه، عربية صحيحة. و ماءٌ جَمٌّ: كثير: و جمعه جِمَام. و الجَمُوم: البئر الكثيرة الماء. و بئر جَمَّة و جَمُوم: كثيرة الماء؛ و قول النابغة:
كتَمْتُكَ لَيلًا بالجَمُومَيْنِ ساهِرا


يجوز أَن يَعْني رَكِيَّتَيْنِ قد غلبت هذه الصفة عليهما، و يجوز أَن يكونا موضعين. و جَمَّتْ تَجِمُّ و تَجُمُّ، و الضم أَكثر: تراجع ماؤها. و أَجَمَّ الماءَ و جَمَّه: تركه يجتمع؛ قال الشاعر:
من الغُلْبِ من عِضْدانِ هامةَ شُرِّبَتْ             لِسَقْيٍ، و جُمَّتْ للنَّواضِحِ بِئْرُها

و الجُمَّة: الماء نفسه. و اسْتُجِمَّتْ جُمَّةُ الماء: شُرِبَتْ و اسْتَقَاها الناسُ. و المَجَمُّ: مُسْتَقَرُّ الماء. و أَجَمَّه: أَعطاه جُمَّة الرِّكِيَّة. قال ثعلب: و العرب تقول منا من يُجيرُ و يُجِمُّ، فلم يفسر يُجِمُّ إِلَّا أَن يكون من قولك أَجَمَّه أَعطاه جُمَّة الماء. الأَصمعي: جَمَّتِ البئرُ، فهي تَجُمُّ و تَجِمُّ جُمُوماً إِذا كَثُر ماؤها و اجتمع؛ يقال: جئتها و قد اجتمعت جُمَّتُها و جَمُّها أَي ما جَمَّ منها و ارتفع. التهذيب: جَمَّ الشي‏ءُ يَجُمُّ و يَجِمُّ جُموماً، يقال ذلك في الماء و السَّير؛ و قال إمرؤ القيس:
يَجِمُّ على السَّاقَيْنِ، بعد كَلاله،             جُمومَ عُيونِ الحِسْيِ بعدَ المُحَيَّضِ‏

أَبو عمرو: يَجِمُّ و يَجُمُّ أَي يكثر. و مَجَمُّ البئر: حيث يَبْلُغ الماءُ و ينتهي إِليه. و الجَمُّ: ما اجتمع من ماء البئر؛ قال صخر الهذلي:
فَخَضْخَضْتُ صُفْنِيَ في جَمِّه،             خِياضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفَا

قال ابن بري: الصُّفْنُ مثل الرُّكْوةِ، و المُدابِرُ صاحبُ الدابر من السهام، و هو ضِدُّ الفائِز، و عَطوفاً الذي تكرّر مرّة بعد مرة. و الجَمَّةُ: المكان الذي يجتمع فيه ماؤه، و الجمع الجِمامُ، و الجُمُومُ، بالضم، المصدرُ. و يقال: جَمَّ الماءُ يَجُمُّ و يَجِمُّ جُموماً إِذا كثر في البئر و اجتمع بعد ما اسْتُقِيَ ما فيها؛ قال:
فَصَبَّحَتْ قَلَيْذَماً هَمُومَا،             يَزيدُها مَخْجُ الدِّلا جُمُومَا

قَلَيْذَماً: بئراً غزيرة، هَمُوماً: كثيرة الماء، و مَخْجُ الدلو: أَن تَهُزَّها في الماء حتى تَمْتَلئ. و الجَمام، بالفتح: الراحة. و جَمَّ الفرسُ يَجِمُّ و يَجُمُّ جَمّاً و جَماماً. و أَجَمَّ: تُرِكَ فلم يُرْكَب‏

105
لسان العرب12

جمم ص 104

فعَفَا من تَعَبه و ذهب إِعياؤه، و أَجَمَّه هو. و جَمَّ الفرسُ يَجِمُّ و يَجُمُّ جَماماً: ترك الضِّراب فتَجَمَّع ماؤه. و جِمامُ الفرس و جُمامُه: ما اجتمع من مائه. و أُجِمَّ الفرسُ إِذا تُرِك أَنْ يُرْكَب، على ما لم يسم فاعله، و جُمَّ و فرس جَمُومٌ إِذا ذهب منه إِحْضارٌ جاءه إِحْضار، و كذلك الأُنثى؛ قال النمر بن تَولَب:
جَمُومُ الشَّدِّ شائلةُ الذُّنابَى،             تَخالُ بَياضَ غُرَّتِها سِراجَا

قوله شائلة الذُّنابى يعني أَنها ترفع ذَنَبها في العَدْو. و اسْتَجَمَّ الفرسُ و البئر أَي جَمَّ. و يقال: أَجِمَّ نَفْسَك يوماً أو يومين أَي أَرِحْها؛ و في الصحاح: أَجْمِمْ نَفْسَك. و يقال: إِني لأَسْتَجِمُّ قلبي بشي‏ء من اللَّهو لأَقْوَى به على الحق. و
في حديث طلحة: رَمَى إِليَّ رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، بسَفَرْجلة و قال دونكها فإِنها تُجِمُّ الفُؤادَ.
أَي تُريحه، و قيل: تَجْمَعه و تُكَمِّلُ صَلاحَه و نَشاطَه؛ و منه‏
حديث عائشة في التَّلْبِينَةِ: فإِنها تُجِمُّ فؤادَ المريض، و حديثُها الآخر: فإِنها مَجَمَّة.
أَي مَظِنَّة الاستراحة. و
في حديث الحُدَيْبية: و إِلَّا فقد جَمُّوا.
أَي استراحوا و كثروا. و
في حديث أَبي قتادة: فأَتى الناسُ الماءَ جامِّينَ رِواءً.
أَي مُسْتريحين قد رَوُوا من الماء. و
في حديث ابن عباس: لأَصْبَحْنا غَداً حين نَدْخُل على القوم و بنا جَمامةٌ.
أَي راحة و شِبَعٌ و رِيٌّ. و
في حديث عائشة: بَلَغها أَن الأَحْنف قال شعراً يلومها فيه فقالت: سبحانَ الله لقد اسْتَفْرَغَ حِلْمَ الأَحْنف هِجاؤُه إِياي، أَ ليَ كان يَسْتَجِمُّ مَثابةَ سَفَهه؟.
أَرادت أَنه كان حليماً عن الناس فلما صار إِليها سَفِه، فكأَنه كان يُجِمُّ سَفَهه لها أَي يُريحُه و يَجْمعه. و منه‏
حديث معاوية: من أَحَبَّ أَن يَسْتَجِمَّ له الناسُ قِياماً فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَه من النار.
أَي يَجْتَمِعون له في القيام عنده و يَحْبِسون أَنفسَهم عليه، و يروى بالخاء المعجمة، و سنذكره. و المَجَمُّ: الصَّدْر لأَنه مُجْتَمَع لما وعاه من علم و غيره؛ قال تميم بن مُقْبِلٍ:
رَحْبُ المَجَمِّ إِذا ما الأَمر بَيَّته،             كالسَّيْفِ ليس به فَلٌّ و لا طَبَعُ‏

ابن الأَعرابي: فلان واسعُ المَجَمِّ إِذا كان واسعَ الصدر رَحْبَ الذراع؛ و أَنشد:
رُبَّ ابن عَمٍّ، ليس بابن عَمِّ،             بادي الضَّغِين ضَيِّقِ المَجَمِ‏

و يقال: إِنه لَضَيِّقُ المَجَمِّ إِذا كان ضَيِّقَ الصدر بالأُمور؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
و ما كُنْتُ أَخْشى أَنَّ في الحَدِّ رِيبةً،             و إِنْ كانَ مَرْدُودُ السَّلام يَضِيرُ
وقَفْنا فقلناها السَّلامُ عليكمُ،             فأَنْكَرها ضَيْقُ المَجَمِّ غَيُورُ

أَي ضَيِّقُ الصَّدْر. و رجُل رَحْبُ الجَمَمِ: واسع الصدر. و أَجَمَّ العِنَبَ: قَطَعَ كلَّ ما فوق الأَرض من أَغصانه؛ هذه عن أَبي حنيفة. و الجَمامُ و الجِمامُ و الجُمامُ و الجَمَمُ: الكَيْلُ إِلى رأْس المكيال، و قيل: جُمامه طَفافُه [طِفافُه‏] و إِناء جَمَّامٌ: بلغ الكيلُ جُمامَه، و يقال: أَجْمَمْتُ الإِناء «1». و قال أَبو زيد: في الإِناء جَمامُه و جَمُّه.
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [و يقال أجممت الإناء] و كذلك جمّمته و جممته مثقلًا و مخففاً كما في القاموس.

106
لسان العرب12

جمم ص 104

أَبو العباس في الفصيح: عنده جِمام القَدَح و جُمام المَكُّوكِ، بالرفع، دَقيقاً. و جَمَمْتُ المكيالَ جَمّاً. الجوهري: جِمامُ المَكُّوك و جُمامُه و جَمامُه و جَمَمُه، بالتحريك، و هو ما علا رأْسَه فوق طَفافه [طِفافه‏]. و جَمَمْتُ المكيالَ و أَجْمَمْتُه، فهو جَمّان إِذا بلغ الكيلُ جُمامَه. و قال الفراء: عندي جِمامُ القَدَحِ ماءً، بالكسر، أَي مِلْؤُه. و جُمامُ المَكُّوك دَقيقاً، بالضم؛ و جَمامُ الفرس، بالفتح لا غير، و لا يقال جُمام بالضم إِلا في الدقيق و أَشباهه، و هو ما علا رأْسَه بعد الامتلاء. يقال: أَعْطِني جُمامَ المَكُّوك إِذا حَطَّ ما يَحْمله رأْسُه فأَعطاه، و جُمْجُمَةٌ جَمَّاءُ، و قد جَمَّ الإِناءَ و أَجَمَّه. التهذيب: يقال أَعْطِه جُمامَ المَكُّوك أَي مَكُّوكاً بغير رأْس، و اشْتُقَّ ذلك من الشاة الجَمّاء، هكذا رأَيت في الأَصل، و رأَيت حاشية صوابه: ما حَمَله رأْسُ المَكُّوكِ. و جَمٌّ: ملك من الملوك الأَوَّلِين. و الجَمِيمُ: النبت الكثير، و قال أَبو حنيفة: هو أَن يَنْهَضَ و يَنْتَشِرَ، و قد جَمَّم و تَجَمَّمَ؛ قال أَبو وَجْزَةَ و ذكر وحشاً:
يَقْرِمَنْ سَعْدانَ الأَباهِرِ في النَّدى،             و عِذْقَ الخُزامى و النَّصِيَّ المُجَمَّما

قال ابن سيدة: هكذا أَنشده أَبو حنيفة على الخَرْم، لأَنَّ قوله يَقْرِمْ فَعْلُن و حكمه فعولن، و قيل: إِذا ارتفعت البُهْمى عن البارِضِ قليلًا فهو جَميم؛ قال ذو الرمة يصف حماراً: «1»:
رَعَتْ بارِضَ البُهْمى جَمِيماً و بُسْرَةً،             و صَمْعاءَ حتى آنَفَتْها نِصالُها

و الجمع من كل ذلك أَجِمَّاءُ. و الجَمِيمَةُ: النَّصِيَّةُ إِذا بلغت نصف شهر فملأَت الفم. و اسْتَجَمَّتِ الأَرضُ: خرج نبتها. و الجَمِيمُ: النبت الذي طال بَعض الطُّول و لم يَتِمَّ؛ و يقال: في الأَرض جَمِيمٌ حَسنُ النبت قد غَطَّى الأَرضَ و لم يَتِمَّ بَعْدُ. ابن شميل: جَمَّمَتِ الأَرضُ تَجْميماً إِذا وفى جَمِيمُها، و جَمَّمَ النَّصِيُّ و الصِّلِّيانُ إِذا صار لهما جُمَّةٌ. و
في حديث خُزيمة: اجْتاحَت جَمِيمَ اليَبِيس.
؛ الجَمِيمُ: نبت يطول حتى يصير مثل جُمَّة الشعر. و الجُمَّةُ، بالضم: مُجْتَمَعُ شعر الرأْس و هي أَكثر من الوَفْرَةِ. و
في الحديث: كان لرسول الله، صلى الله عليه و سلم، جُمَّةٌ جَعْدَةٌ.
؛ الجُمَّة من شعر الرأْس: ما سَقَط على المَنْكِبَيْن؛ و منه‏
حديث عائشة، رضي الله عنها، حيث بَنى بها رسول الله، صلى الله عليه و سلم، قالت: و قد وَفتْ لي جُمَيْمَةٌ.
أَي كَثُرت؛ و الجُمَيْمَةُ: تصغير الجُمَّة. و
في حديث ابن زِمْلٍ: كأَنما جُمِّمَ شَعَرُه.
أَي جُعل جُمَّةً، و يروى بالحاء و هو مذكور في موضعه. و
في الحديث: لعن الله المُجَمِّماتِ من النساء.
؛ هنَّ اللواتي يَتَّخِذْن شعورَهن جُمَّةً تشبهاً بالرجال. ابن سيدة: الجُمَّةُ الشعر، و قيل: الجمة من الشعر أَكثر من اللِّمَّةِ، و قال ابن دريد: هو الشعر الكثير، و الجمع جُمَمٌ و جِمامٌ. و غلام مُجَمَّمٌ: ذو جُمَّة. قال سيبويه: رجل جُمَّانيّ، بالنون، عظيم الجُمَّة طويلها، و هو من نادر النسب، قال: فإِن سميت بِجُمَّةٍ ثم أَضفت إِليها لم تقل إِلَّا جُمِّيٌّ. و الجُمَّةُ: القوم يسأَلون في الحَمالة
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [يصف حماراً] المراد الجنس لقوله رعت و آنفتها، و أورد المؤلف كالجوهري هذا البيت كذلك في غير موضع، رواه الجوهري في هذه المادة: رعى و آنفته، قال الصاغاني: الرواية رعت و آنفتها، و قبل البيت:
طوال الهوادي و الحوادي كأنها             سماحيج قب طار عنها نسالها.

107
لسان العرب12

جمم ص 104

و الدِّياتِ؛ قال:
 لَقَدْ كانَ في لَيْلى عَطاءٌ لجُمَّةٍ،             أَناخَتْ بكم تَبْغي الفضائلَ و الرِّفْدا

ابن الأَعرابي: هم الجُمَّةُ و البُرْكَةُ؛ قال أَبو محمد الفَقْعَسِيُّ:
و جُمَّةٍ تَسْأَلني أَعْطَيْتُ،             و سائِلٍ عن خَبَرٍ لَوَيْتُ،
فقُلْتُ: لا أَدْري، و قد دَرَيْتُ‏


و يقال: جاءَ فلان في جُمَّةٍ عظيمةٍ و جَمَّةٍ عظيمةٍ أَي في جماعة يسأَلون الدِّيَة، و قيل: في جَمَّةٍ غليظة أَي في جماعة يسأَلون في حَمالةٍ. و
في حديث أُم زَرْعٍ: مالُ أَبي زَرْعٍ على الجُمَمِ محبوسٌ.
؛ الجُمَمُ: جمع جُمَّةٍ و هم القوم يسأَلون في الدِّيَةِ. يقال: أَجَمَّ يُجِمُّ إِذا أَعْطى الجُمَّةَ. و الجَمَمُ: مصدرُ؛ الشاة الأَجَمِّ: هو الذي لا قرن له. و
في حديث ابن عباس: أُمِرْنا أَن نَبْنيَ المَدائن شُرَفاً و المساجدَ جُمّاً.
يعني التي لا شُرَفَ لها، و جُمٌّ: جمع أَجَمَّ، شبَّه الشُّرَفَ بالقُرون. و شاة جَمَّاءُ إِذا لم تكن ذات قَرْن بَيِّنَةُ الجَمَمِ. و كبش أَجَمُّ: لا قَرْنَيْ له، و قد جَمَّ جَمَماً، و مثله في البَقر الجَلَحُ. و
في الحديث: إِنَّ الله تعالى لَيَدِيَنَّ الجَمَّاءَ من ذات القَرْنِ.
و الجَمَّاء: التي لا قَرنَيْ لها، و يَدِيَنَّ أَي يَجْزي. و
في حديث عمر بن عبد العزيز: أَما أَبو بكر بنُ حَزْم فلو كَتَبْتُ إِليه اذْبَحْ لأَهل المدينة شاةً لراجعني فيها: أَ قَرْناء أَم جَمَّاء؟.
و بُنْيانٌ أَجَمُّ: لا شُرَف له. و الأَجَمُّ: القَصْر الذي لا شُرَفَ له. و امرأَة جَمَّاء المَرافِقِ. و رجل أَجَمُّ: لا رمح معه في الحرب؛ قال أَوس:
وَيْلُمِّهِمْ مَعْشَراً جُمّاً بُيُوتُهُمُ             من الرِّماح، و في المَعْروفِ تَنْكِيرُ

و قال الأَعشى:
متى تَدْعُهُم لِقِراع الكُماةِ،             تأْتِك خَيْلٌ لهم غيرُ جُمّ‏

و قال عنترة:
أَ لمْ تَعْلَمْ، لَحاكَ الله أَني             أَجَمُّ إِذا لَقِيتُ ذَوِي الرِّماح‏

و الجَمَمُ: أَن تُسَكِّنَ اللامَ من مُفاعَلَتُنْ فيصير مَفاعِيلُنْ، ثم تُسْقِطَ الياء فيبقى مَفاعِلُنْ، ثم تَخْرِمَه فيبقى فاعِلُنْ؛ و بيته:
أَنْتَ خَيْرُ مَنْ رَكِبَ المَطايا،             و أَكْرَمُهُمْ أَخاً و أَباً و أُمّا

و الأَجَمُّ: قُبُلُ المرأَة؛ قال:
جارِيَةٌ أَعْظَمُها أَجَمُّها، «2». بائِنةُ الرِّجْلِ فما تَضُمُّها،             فهي تَمَنَّى عَزَباً يَشُمُّها

ابن بري: الأَجَمُّ زَرَدانُ القَرَنْبَى أَي فرجُها. و جَمَّ العظمُ، فهو أَجَمُّ: كثر لحمه. و مَرَةٌ جَمَّاءُ العِظام: كثيرة اللحم عليها؛ قال:
يَطُفْنَ بِجَمَّاءِ المَرافِقِ مِكْسالِ‏


التهذيب: جُمَّ إِذا مُلِئَ، و جَمَّ إِذا عَلا.
__________________________________________________
 (2). 1 قوله [جارية أعظمها إلخ‏] سقط بعد الشطر الأَول:
قد سمنتها بالسويق أمها

و بعد الثاني:
تبيت وسنى و النكاح همها

هكذا نص التكملة.

108
لسان العرب12

جمم ص 104

قال: و الجِمُّ الشيطانُ. و الجِمُّ: الغَوْغاء و السِّفَل. و الجَمَّاء الغَفِيرُ: جماعة الناس. و جاؤوا جَمّاً غَفِيراً، و جَمَّاء الغَفِير، و الجَمَّاءَ الغَفِيرَ أَي بجماعتهم؛ قال سيبويه: الجَمَّاءُ الغَفِيرُ من الأَسماء التي وضعت موضع الحال و دخلتها الأِلف و اللام كما دخلت في العِراكِ من قولهم: أَرْسَلَها العِراكَ، و قيل: جاؤوا بجَمَّاء الغفير أَيضاً. و قال ابن الأَعرابي: الجَمَّاءُ الغفِيرُ الجماعة، و قال: الجَمَّاءُ بَيْضَةُ الرأْس، سميت بذلك لأَنها جَمَّاء أَي مَلْساءُ، و وصفت بالغفير لأَنها تَغْفِر أَي تُغَطِّي الرأْسَ؛ قال: و لا أَعرف الجَمَّاءَ في بَيضة السلاح عن غيره. و
في حديث أَبي ذرّ: قلت يا رسول الله، كم الرُّسُلُ؟ قال: ثلثمائة و خمسة عشر، و في رواية: و ثلاثة عشر جَمَّ الغَفِير.
؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاءت الرواية، قالوا: و الصواب جَمّاً غَفِيراً؛ يقال: جاء القوم جَمّاً غَفِيراً، و الجَمَّاءَ الغَفِيرَ، و جَمَّاءَ غفيراً أَي مجتمعين كثيرين؛ قال: و الذي أُنْكِرَ من الرواية صحيح، فإِنه يقال جاؤوا الجَمَّ الغفيَر ثم حذف الأَلف و اللام و أَضاف من باب صلاة الأُولى و مسجد الجامع، قال: و أَصل الكلمة من الجُمُومِ و الجَمَّةِ، و هو الاجتماع و الكثرة، و الغَفِيرُ من الغَفْر و هو التغطية و السَّتْر، فجعلت الكلمتان في موضع الشمول و الإِحاطة، و لم تقل العرب الجَمَّاء إِلَّا موصوفاً، و هو منصوب على المصدر كطُرّاً و قاطبةً فإنها أَسماء وضعت موضع المصدر. و أَجَمَّ الأَمرُ و الفِراقُ: دنا و حضر، لغة في أَحَمَّ؛ قال الأَصمعي: ما كان معناه قد حانَ وقوعُه فقد أَجَمَّ، بالجيم، و لم يعرف أَحَمَّ، بالحاء؛ قال:
حَيِّيَا ذلك الغَزالَ الأَحَمَّا،             إِن يَكُنْ ذاكما الفِراقُ أَجَمَّا

و قال عَدِيّ بن العذير:
فإِنَّ قُرَيْشاً مُهْلِكٌ مَنْ أَطاعَها،             تنافسُ دُنْيا قد أَجَمَّ انْصِرامُها

و مثله لساعِدَةَ:
و لا يُغْني امْرَأً وَلَدٌ أَجمَّتْ             مَنِيَّتُه، و لا مالٌ أَثِيلُ‏

و مثله لزُهَيرٍ:
و كنتُ إِذا ما جِئتُ يوماً لحاجةٍ،             مَضَتْ و أَجَمَّتْ حاجةُ الغَدِ لا تَخْلُو

يقال: أَجَمَّتِ الحاجةُ إِذا دنت و حانت تُجِمُّ إِجْماماً. و جَمَّ قُدُوم فُلانٍ جُمُوماً أَي دنا و حان. و الجُمُّ: ضرب من صَدَف البحر؛ قال ابن دريد: لا أَعلم حقيقتها. و الجُمَّى، مَقْصور: الباقِلَّى؛ حكاه أَبو حنيفة. و الجَمَّاء، بالفتح و المدّ و التشديد: موضع على ثلاثة أميال من المدينة تكرَّر ذكره في الحديث. و الجَمْجَمةُ: أَن لا يُبَيِّنَ كلامَه من غير عِيٍّ، و في التهذيب: أَن لا تُبين كلامك من عِيٍّ؛ و أَنشد الليث:
لعَمْرِي لقد طالَ ما جَمْجَمُوا،             فما أَخَّروه و ما قَدَّموا

و قيل: هو الكلام الذي لا يُبَيَّنُ من غير أَن يقيد بِعِيٍّ و لا غيره، و التَّجَمْجُمُ مثله. و جَمْجَمَ في صدره شيئاً: أَخفاه و لم يُبْدِه؛ و قال أَبو الهيثم في قوله:
إِلى مُطْمَئِنِّ البِرِّ لا يَتَجَمْجَمِ «1».


__________________________________________________
 (1). 1 قوله [إلى مطمئن إلخ‏] صدره كما في معلقة زهير:
و من يوف لم يذمم و من يهد قلبه.

 

109
لسان العرب12

جمم ص 104

يقول: من أَفضى قلبُه إِلى الإِحسان المطمئن الذي لا شبهة فيه لم يَتَجَمْجَمْ لم يشتبه عليه أَمره فيتردّد فيه، و البِرُّ: ضدّ الفُجور. و جَمْجَمَ الرجل و تَجَمْجَمَ إِذا لم يُبَيِّنْ كلامَه. و الجُمْجُمَةُ: عَظْمُ الرأْس المشتملُ على الدماغ. ابن سيدة: و الجُمْجُمة القِحْفُ، و قيل: العظْم الذي فيه الدماغ، و جمعه جُمْجُمٌ. ابن الأَعرابي: عظام الرأْس كلها جُمْجُمة و أَعلاها الهامةُ، و قال ابن شميل: الهامة هي الجُمْجُمة جمعاً، و قيل: القِحْفُ القِطْعة من الجُمْجُمة، و شحمة الأُذن خَرْقُ القُرْط أَسْفلَ الأُذن أَجمعَ، و هو ما لانَ من سُفْله. ابن بري: و الجُمْجُمة رؤساء القوم. و جَماجِمُ القوم: ساداتهم، و قيل: جَماجِمُهم القبائلُ التي تَجْمَع البطونَ و يُنسب إِليها دونهم نحو كلْب بن وَبْرة، إِذا قلت كَلْبِيٌّ استغنيت أَن تَنْسُب إِلى شي‏ء من بطونه، سُمُّوا بذلك تشبيهاً بذلك. و في التهذيب: و جَماجم العرب رؤساؤهم، و كلُّ بَني أَبٍ لهم عِزٌّ و شَرَف فهم جُمْجُمة. و الجُمْجُمة: أَربعُ قَبائل، بين كل قبيلتين شأْنٌ. ابن بري: و الجُمْجُمة ستون من الإِبل؛ عن ابن فارس. و الجُمْجُمة: ضرب من المكاييل. و
في حديث عمرو بن أَخْطَبَ أَو عمر بن الخطاب: اسْتَسْقَى رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، فأَتَيْتُه بجُمْجُمة فيها ماء و فيها شَعْرة فرفعتها و ناولته، فنظر إِليَّ و قال: اللهم جَمِّلْه.
؛ قال القُتَيْبيُّ: الجُمْجُمَة قَدَح من خَشَب، و الجمع الجَماجِمُ. و دَيْرُ الجَماجِمِ: موضع؛ قال أَبو عبيدة: سمي دَيْر الجَماجم منه لأَنه يعمل فيها الأَقداح من خشب؛ قال أَبو منصور: تُسَوَّى من الزُّجاج فيقال قِحْفٌ و جُمْجمة؛ و بدَيْرِ الجَماجم كانت وَقْعَةُ ابن الأَشعث مع الحَجاج بالعراق، و قيل: سمي دَيْرَ الجَماجم لأَنه بُني من جَماجم القَتْلى لكثرة من قتل به. و
في حديث طلحة بن مُصَرِّف: رأَى رجلًا يضحك فقال: إِن هذا لم يشهد الجَماجِمَ.
؛ يريد وقعة دَير الجَماجم أَي أَنه لو رأَى كثرة من قتل به من قُرَّاء المسلمين و ساداتهم لم يضحك، و يقال للسادات جَماجم. و
في حديث عمر: إِيتِ الكوفة فإِن بها جُمْجُمةَ العرب.
أَي ساداتها لأَن الجُمْجُمة الرأْس و هو أَشرف الأَعضاء. و الجَماجم: موضع بين الدَهْناء و مُتالِع في ديار تميم. و يوم الجَماجمِ: يوم من وقائع العرب في الإِسلام معروف. و
في حديث يحيى بن محمد: أَنه لم يَزَلْ يرى الناسَ يجعلون الجَماجم في الحَرْث.
هي الخشبة التي تكون في رأْسها سِكَّةُ الحرث. و الجُمْجُمَة: البئر تُحْفَر في السَّبَخَة. و الجَمْجَمَة: الإِهْلاك؛ عن كراع. و جَمْجَمه أَهلكه؛ قال رؤبة:
كم من عِدىً جَمْجَمَهم و جَحْجَبا


جنم:
ابن الأَعرابي: الجَنْمة جماعة الشي‏ء؛ قال الأَزهري: أَصله الجَلْمة فقلبت اللام نوناً، يقال: أَخذت الشي‏ء بجَلْمَته إِذا أَخذته كُلَّه.
جهم:
الجَهْمُ و الجَهِيمُ «1». من الوجوه: الغليظ المجتمع في سَماجة، و قد جَهُم جُهُومةً و جَهامةً. و جَهَمَه يَجْهَمُه: استقبله بوجه كريه؛ قال عمرو بن الفَضْفاض الجُهَنيُّ:
و لا تَجْهَمِينا، أُمَّ عمرو، فإِنما             بنا داءُ ظَبْيٍ لم تَخُنه عَوامِلُه «2».

__________________________________________________
 (1). قوله [و الجهيم‏] كذا بالأصل و المحكم بوزن أمير، و في القاموس الجهم و ككتف.
 (2). قوله‏
[و لا تجهمينا ...]

كذا بالأصل بالواو، و الذي في الصحاح: فلا بالفاء، و الذي في المحكم و التهذيب: لا تجهمينا بالخرم، زاد في التكملة: الاجتهام الدخول في مآخير الليل، و مثله في التهذيب.

110
لسان العرب12

جهم ص 110

داءُ ظبي: أَنه إِذا أَراد أَن يَثِب مكث ساعة ثم وَثَب، و قيل: أَراد أَنه ليس بنا داء كما أَن الظبي ليس به داء؛ قال أَبو عبيد: و هذا أَحَبُّ إِليَّ. و تَجَهَّمَه و تَجَهَّم له: كَجَهِمَه إِذا استقبله بوجه كريه. و
في حديث الدعاء: إِلى من تَكِلُني إِلى عَدُوٍّ يَتَجَهَّمُني.
أَي يلقاني بالغِلْظة و الوجه الكريه. و
في الحديث: فتَجَهَّمَني القومُ.
و رجل جَهْمُ الوجه أَي كالِحُ الوجه، تقول منه: جَهَمْتُ الرجلَ و تَجَهَّمْتُه إِذا كلَحْتَ في وجهه. و قد جَهُم، بالضم، جُهُومةً إِذا صار باسِرَ الوجه. و رجل جَهْمُ الوَجْه و جَهِمُهُ: غليظُه، و فيه جُهُومة. و يقال للأَسد: جَهْمُ الوَجْهِ. و جَهُمَ الرَّكَبُ: غَلُظ. و رجل جَهْم و جَهِمٌ و جَهُوم: عاجز ضعيف؛ قال:
و بَلْدةٍ تَجَهَّمُ الجَهُوما،             زَجَرْتُ فيها عَيْهلًا رَسُوما

تَجَهَّمُ الجَهُوما أَي تستقبله بما يكره. و الجَهْمَةُ و الجُهْمَة: أَوّلُ مآخير الليل، و قيل: هي بقيةُ سَوادٍ من آخره. ابن السكيت: جَهْمَةُ الليل و جُهْمَته، بالفتح و الضم، و هو أَوَّلُ مآخِير الليل، و ذلك ما بين الليل إِلى قريب من وقت السَّحَر؛ و أَنشد:
قد أَغْتَدي لِفِتْيَةٍ أَنْجابِ،             و جُهْمَةُ الليلِ إِلى ذَهابِ‏

و قال الأَسْوَدُ بن يَعْفُر
و قَهْوَةٍ صَهْباءَ باكَرْتُها             بجُهْمةٍ، و الدِّيكُ لم يَنْعَب‏

أَبو عبيد: مَضى من الليل جُهْمةٌ و جَهْمة. و الجَهْمَة: القِدْر الضَّخْمة؛ قال الأَفْوَهُ:
و مَذانِبٌ ما تُسْتَعارُ، و جَهْمةٌ             سَوداءُ، عند نَشِيجِها، لا تُرْفَعُ‏

و الجَهامُ، بالفتح: السحاب «1». الذي لا ماء فيه، و قيل: الذي قد هَراقَ ماءَه مع الريح. و
في حديث طَهْفَةَ: و نَسْتَحيلُ الجَهامَ.
؛ الجَهامُ: السحاب الذي فرغ ماؤه، و من روى نستخيل، بالخاء المعجمة، أَراد نَتَخَيَّلُ في السحاب خالًا أَي المطر، و إِن كان جَهاماً لشدّة حاجتنا إِليه، و من رواه بالحاء أَراد لا ننظر من السحاب في حال إِلا إِلى جَهام من قلة المطر؛ و منه قول كعب بن أَسَدٍ لُحيَيِّ بن أَخْطَبَ: جِئتَني بجَهام أَي الذي تَعْرِضُه عَليَّ من الدِّينِ لا خير فيه كالجَهامِ الذي لا ماء فيه. و أَبو جَهْمَة اللَّيثيّ: معروف: حكاه ثعلب. و جُهَيْمٌ و جَيْهَمٌ: اسمان. و جُهَيْمة: امرأَة؛ قال:
فيا رَبّ عَمِّرْ لي جُهَيْمَةَ أَعْصُراً             فمالِكُ مَوْتٍ بالفِراق دَهاني‏

و بنو جاهِمَة: بطن منهم. و جَيْهَمٌ: موضع بالغَوْرِ كثير الجن؛ و أَنشد:
أَحاديثُ جِنٍّ زُرْنَ جِنّاً بجَيهما


جهرم:
الجَهْرَمِيَّة: ثيابٌ منسوبة من نحو البُسُط و ما يُشْبهها، يقال هي من كَتَّانٍ؛ و قال رؤبة:
بل بَلدٍ مِلْ‏ء الفِجاجِ قَتَمُه،             لا يُشْتَرى كَتَّانُه و جَهْرَمُه‏

جعله اسماً بإِخراج ياء النسبة. قال ابن بري: جَهْرَم‏
__________________________________________________
 (1). قوله [و الجهام بالفتح السحاب‏] في التكملة بعد هذا: يقال أجهمت السماء.

111
لسان العرب12

جهرم ص 111

قرية من قُرى فارِسَ تنسب إِليها الثيابُ و البُسُطُ؛ قال الزيادي: و قد يقال للبِساطِ نَفْسِه جَهْرَم.
جهضم:
الجَهْضَمُ: الضَّخْمُ الجنبين، و قيل: الضَّخْم الهامة المستديرُها، و في الصحاح: الضَّخْم الهامةِ المُسْتَدِيرُ الوجه، و قيل: هو المُنْتَفِخ الجَنْبين الغليظُ الوَسَطِ. التهذيب: ابن الأَعرابي الجَهْضَمُ الجَبان. فلان جَهْضَمٌ ماهُ القَلْبِ: نهايةٌ في الجُبْنِ، و تَجَهْضَمَ الفحلُ على أَقرانه: علاهم بكَلْكَله. و بعير جَهْضَمُ الجَنْبَيْنِ: ضخم، و في التهذيب: رَحْبُ الجَنْبَيْنِ. و الجَهْضَم: الأَسد. و التَّجَهْضُم: كالتَّعَظُّمِ و التَّغَطْرُسِ.
جهنم:
الجِهنّامُ: القَعْرُ البعيد. و بئر جَهَنَّمٌ و جِهِنَّامٌ، بكسر الجيم و الهاء: بعيدة القَعْر، و به سميت جَهَنَّم لبُعْدِ قَعْرِها، و لم يقولوا حِهِنَّام فيها؛ و قال اللحياني: جِهِنَّام اسم أَعجمي، و جُهُنّام اسم رجل، و جُهُنَّام لقب عمرو بن قَطَنٍ من بني سعد بن قيس بن ثعلبة، و كان يُهاجِي الأَعشى، و يقال هو اسم تابعته؛ و قال فيه الأَعشى:
دَعَوْتُ خَلِيلي مِسْحَلًا، و دَعَوْا له             جُهُنَّامَ جَدْعاً للهَجِينِ المُذَمَّمِ‏

و تَرْكُه إِجراءَ جهُنَّام يدل على أَنه أَعجمي، و قيل: هو أَخو هُرَيْرَة التي يَتَغَزّل بها في شعره:
وَدِّعْ هُرَيْرَةَ.


الجَوْهري: جَهَنَّم من أَسماء النار التي يعذّب الله بها عباده، نعوذ بالله منها؛ هذه عبارة الجوهري و لو قال: يعذب بها من استحق العذاب من عبيده كان أجود، قال: و هو مُلْحَق بالخماسي، بتشديد الحرف الثالث منه، و لا يُجْرَى للمعرفة و التأْنيث: و يقال: هو فارسي معرّب الأَزهري: في جَهَنَّم قولان: قال يونس بن حبيب و أَكثر النحويين: جهنم اسم النار التي يعذّب الله بها في الآخرة، و هي أَعجمية لا تُجْرَى للتعريف و العُجْمة، و قال آخرون: جَهَنَّم عربيّ سميت نار الآخرة بها لبُعْد قَعْرِها، و إِنما لم تُجْرَ لِثقَلِ التعريف و ثِقَل التأْنيث، و قيل: هو تعريب كِهِنَّام بالعِبْرانية؛ قال ابن بري: من جعل جهنَّم عربّياً احتج بقولهم بئر جِهِنَّام و يكون امتناع صرفها للتأْنيث و التعريف، و من جعل جهنم اسماً أَعجميّاً احتج بقول الأَعشى:
و دَعَوْا له جُهُنَّامَ‏


فلم يصرف، فتكون جهنم على هذا لا تنصرف للتعريف و العجمة و التأْنيث أَيضاً، و من جعل جُهُنَّام اسماً لتابعة الشاعر المُقاوِم للأَعشى لم تكن فيه حجة لأَنه يكون امتناع صرفه للتأْنيث و التعريف لا للعجمة. و حكى أَبو عليّ عن يونس: أَن جهنم اسم عجمي؛ قال أَبو عليّ: و يقويه امتناع صرف جُهُنَّام في بيت الأَعشى. و قال ابن خالويه: بئر جِهِنَّامٌ للبعيدة القعر، و منه سميت جهنم، قال: فهذا يدل أَنها عربية، و قال ابن خالويه أَيضاً: جُهُنَّامُ، بالضم، للشاعر الذي يُهاجِي الأَعشى، و اسم البئر جِهِنَّام، بالكسر.
جوم:
الجَوْمُ: الرِّعاءُ يكون أَمرهم واحداً. الليث: الجَوْمُ كأَنها فارسية، و هم الرُّعاةُ أَمرهم و كلامهم و مجلسهم واحد. و الجَامُ: إِناء من فضة، عربي صحيح؛ قال ابن سيدة: و إِنما قضينا بأَنَّ أَلفها واو لأَنها عين. ابن الأَعرابي: الجَامُ الفَاثُور من اللُّجَيْن و يُجْمَع على أَجْؤُمٍ. قال: و جامَ يَجُومُ مثل حامَ يَحُوم حَوْماً إِذا طلب شيئاً خيراً أَو شرّاً. ابن الأَعرابي: جمعُ الجَامِ جامات، و منهم من يقول جُومٌ. ابن بري: الجَام‏

112
لسان العرب12

جوم ص 112

جمع جامَة، و جمعها جاماتٌ، و تصغيرها جُوَيْمة، قال: و هي مؤنثة أَعني الجام.
جيم:
الجيم: حرف هجاء، و هو حرف مجهور؛ التهذيب: الجيم من الحروف التي تؤنث و يجوز تذكيرها. و قد جَيَّمْتُ جِيماً إِذا كتبتها «1».
جيعم:
الجَيْعَمُ: الجائع.
فصل الحاء المهملة
حبرم:
الأَزهري: من الرباعي «2». المؤلَّفِ المُحَبْرَمُ و هو مَرَقَةُ حَبِّ الرُّمَّان.
حتم:
الحَتْمُ: القضاء؛ قال ابن سيدة: الحَتْمُ إِيجاب القَضاء. و في التنزيل العزيز كانَ عَلى‏ رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا
؛ و جمعه حُتُومٌ؛ قال أُمَيَّةُ بن أَبي الصَّلْتِ:
حَنَانَيْ رَبِّنا، و له عَنَوْنَا،             بكَفَّيْهِ المَنايا و الحُتُومُ‏

و في الصحاح:
عِبادُك يُخْطِئونَ، و أَنتَ رَبٌّ             بكَفَّيْكَ المَنايا و الحُتومُ‏

و حَتَمْتُ عليه الشي‏ءَ: أَوْجَبْتُ. و
في حديث الوِتْر: الوِتْرُ ليس بحَتْمٍ كصلاة المَكْتوبة.
؛ الحَتْمُ:؛ اللازم الواجب الذي لا بد من فعله. و حَتَمَ اللهُ الأَمرَ يَحْتِمُه: قضاه. و الحاتِمُ: القاضي، و كانت في العرب امرأَة مُفَوَّهَةٌ يقال لها صَدُوفُ، قالت: لا أَتَزَوَّج إِلا مَنْ يَرُدُّ عليّ جَوابي، فجاء خاطب فوقف ببابها فقالت: مَنْ أَنتَ؟ فقال: بَشَرٌ وُلِدَ صغيراً و نشأَ كبيراً، قالت: أَين منزلك؟ قال: على بِساطٍ واسع و بلد شاسِعٍ، قريبُهُ بعيدٌ و بعيدُهُ قريبٌ، فقالت: ما اسْمُكَ؟ قال: مَنْ شاء أَحْدَثَ اسْماً، و لم يكن ذلك عليه حَتْماً، قالت: كأَنه لا حاجة لك، قال: لو لم تكن حاجةٌ لم آتِكِ، و لم أَقِفْ ببابِكِ، و أَصِلْ بأَسبابك، قالت: أَ سِرٌّ حاجتك أَمْ جَهْرٌ؟ قال: سِرٌّ و سَتُعْلَنُ قالت: فأَنتَ خاطب؟ قال: هو ذاك، قالت: قُضِيَتْ، فتزوَّجها. و الحَتْمُ: إِحْكام الأَمرِ. و الحاتِمُ: الغُراب الأَسود؛ و أَنشد لمُرَقِّش السَّدوسي، و قيل هو لخُزَرِ بن لَوْذان:
لا يَمْنَعَنَّكَ، من بِغاءِ             الخَيْرِ، تَعْقادُ التَّمائِمْ‏
و لقد غَدَوْتُ، و كنتُ لا             أَغْدُو، على واقٍ و حاتِمْ‏
فإِذا الأَشائِمُ كالأَيامِنِ،             و الأَيامِنُ كالأَشائِمْ‏
و كذاكَ لا خَيْرٌ، و لا             شَرٌّ على أَحدٍ بدائِمْ‏
قد خُطَّ ذلك في الزُّبورِ             الأَوَّليَّاتِ القَدائِمْ‏

قال: و الحاتِمُ المَشْؤوم. و الحاتِمُ: الأَسْود من كل شي‏ء. و
في حديث الملاعنة: إِن جاءتْ به أَسْحَمَ‏
__________________________________________________
 (1). زاد في شرح القاموس: الجيم بالكسر الجمل المغتلم، نقله في البصائر عن الخليل، و أنشد:
كأني جيم في الوغى ذو شكيمة             ترى البزل فيه راتعات ضوامرا


و الجيم: الديباج، عن أبي عمرو الشيباني، و به سمى كتابه في اللغة لحسنه، نقله في البصائر.
 (2). قوله [من الرباعي إلخ‏] عبارته: و من الرباعي المؤلف قولهم لمرقة حب الرمان: المحبرم، و منه قول الراجز:
لم يعرف السكباج و المحبرما.

 

113
لسان العرب12

حتم ص 113

أَحْتَمَ.
أَي أَسود. و الحَتَمَةُ، بفتح الحاء «1» و التاء: السواد، و قيل: سُمِّي الغراب الأَسود حاتِماً لأَنه يَحْتِمُ عندهم بالفِراق إِذا نَعَبَ أَي يَحْكم. و الحاتِمُ: الحاكِم الموجِبُ للحُكْم. ابن سيدة: الحاتِمُ غراب البَيْن لأَنه يَحْتِمُ بالفِراق، و هو أَحمر المِنْقار و الرجلين؛ و قال اللحياني: هو الذي يُولَعُ بنتف ريشه و هو يُتشاءم به؛ قال خُثَيْمُ بن عَدِيٍّ، و قيل الرقَّاص الكَلْبيُّ، يمدح مسعود بن بَحْرٍ، قال ابن بري و هو الصحيح:
 و ليسَ بهَيَّابٍ، إِذا شدَّ رَحْلَهُ             يقولُ: عَداني اليومَ واقٍ و حاتِمُ‏

و أَنشده الجوهري: و لسْتُ بهيَّابٍ؛ قال ابن بري: و الصحيح‏
و ليس بهَيَّابٍ ...


لأَن قبله:
وجَدْتُ أَباكَ الحُرَّ بحْراً بنجْدَةٍ،             بَناها له مَجْداً أَشَمُّ قُماقِمُ «2».
و ليس بِهَيَّابٍ، إِذا شَدَّ رحلَه             يقول: عَداني اليومَ واقٍ و حاتِمُ‏
و لكنه يَمْضي على ذاكَ مُقْدِماً،             إِذا صَدَّ عن تلك الهَناتِ الخُثارِمُ‏

و قيل: الحاتِمُ الغراب الأَسود لأَنه يَحْتِمُ عندهم بالفِراق؛ قال النابغة:
زَعَمَ البَوارِحُ أَن رِحْلَتَنا غَداً،             و بِذاكَ تَنْعابُ الغرابِ الأَسودِ

قول مُلَيْحٍ الهُذلي:
و صَدَّقَ طُوَّافٌ تَنادَوْا بِرَدِّهِمْ             لَهامِيمَ غُلْباً، و السَّوامُ المُسَرَّحُ‏
حُتوم ظِباءٍ واجَهَتْنا مَرُوعَة،             تَكادُ مَطايانا عليهِنَّ تَطْمَحُ‏

يكون حُتومٌ جمعَ حاتِمٍ كشاهِدٍ و شُهود، و يكون مصدر حَتَمَ. و تَحَتَّم: جعَل الشي‏ء عليه حَتْماً؛ قال لَبيد:
و يَوْمَ أَتانا حَيُّ عُرْوَةَ و ابنِهِ             إِلى فاتِكٍ ذي جُرْأَةٍ قد تَحَتَّما

و الحُتامةُ: ما بقي على المائدة من الطعام أَو ما سقط منه إِذا أُكِلَ، و قيل: الحُتامةُ «3» ما فضل من الطعام على الطَّبَق الذي يؤكل عليه. و التَّحَتُّم: أَكل الحُتامة و هي فُتات الخبز. و
في الحديث: من أَكل و تَحَتَّم دخل الجنة.
؛ التَّحَتُّم: أَكل الحُتامة، و هي فُتات الخبز الساقطُ على الخِوَان. و تَحَتَّم الرجلُ إِذا أَكل شيئاً هَشّاً في فيه. الليث: التَّحَتُّم الشي‏ء إِذا أَكلته فكان في فَمِك هَشّاً. و الحَتَمَةُ: السواد. و الأَحْتَمُ: الأَسود. و التَّحتُّم: الهَشاشةُ. يقال: هو ذو تَحَتُّمٍ، و هو غَضُّ المُتَحَتَّم. و التَّحَتُّم: تَفَتُّتُ الثُّؤْلول إِذا جَفَّ. و التَّحتم: تَكسُّر الزجاج بعضه على بعضٍ. و الحَتَمَةُ: القارورة المُفَتَّتةُ. و في نوادر الأَعراب: يقال تَحَتَّمْتُ له بخير أَي تمنيتُ له خيراً و تَفاءلت له. و يقال: هو الأَخ الحَتْمُ أَي المَحْضُ الحقُّ؛ و قال أَبو خِراشٍ يرثي رجلًا «4»
__________________________________________________
 (1). قوله [و الحتمة بفتح الحاء إلخ‏] كذا في النهاية و المحكم مضبوطاً بهذا الضبط أيضاً، و الذي في القاموس و التكملة: و الحتمة، بالضم، السواد انتهى. و جعلهما الشارح لغتين فيها.
 (2). قوله [الحر] سيأتي في مادة خثرم بدله الخير.
 (3). قوله [و قيل الحتامة إلخ‏] هكذا بالأصل.
 (4). قوله [رجلًا] في التكملة: يرثي خالد بن زهير.

114
لسان العرب12

حتم ص 113

 فواللهِ لا أَنساكَ، ما عِشْتُ، لَيْلَةً،             صَفيِّي من الإِخْوانِ و الولدِ الحَتْمِ‏

و حاتِمٌ الطائيُّ: يُضْرَب به المَثَلُ في الجُود، و هو حاتِمُ بنُ عبد الله بن سَعْد بن الحَشْرَجِ؛ قال الفرزدق:
على حالةٍ لو أَنَّ في القومِ حاتِماً،             على جودِهِ، ما جادَ بالمالِ، حاتِمِ «1».

و إِنما خفضه على البدل من الهاء في جودِه؛ و قول الشاعر:
و حاتِمُ الطائيُّ وَهَّابُ المِئِي‏


و هو اسم ينصرف، و إِنما تَرَكَ التنوين و جعل بدل كسرة النون لالتقاء الساكنين، حذفَ النون للضرورة؛ قال ابن بري: و هذا الشعر لامرأَة من بني عقيل تَفْخَرُ بأَخوالها من اليمن، و ذكر أَبو زيد أَنه للعامِرِيّة؛ و قبله:
حَيْدَةُ خالي و لَقِيطٌ و عَلِي،             و حاتِمُ الطائيُّ وَهَّابُ المِئِي‏
و لم يَكُنْ كخالك العَبْدِ الدَّعِي             يأْكل أَزْمانَ الهزالِ و السِّنِي‏
هَيَّاب عَيْرٍ مَيْتةٍ غيرِ ذَكِي‏


و تَحْتَمُ: موضع؛ قال السُّلَيْك بن السُّلَكة:
بِحَمْدِ الإِلَه و امْرِئٍ هُوَ دَلَّنِي،             حَوَيْتُ النِّهابَ من قَضِيبٍ و تَحْتَما

حتلم:
حَتْلَم و حِتْلِم «2»: موضع.
حثم:
الحَثْمةُ: أُكَيْمَةٌ صغيرة سوداء من حجارة. و الحُثُمُ: الطرق «3». العالية. و الحَثْمَة: أَرْنَبةُ الأَنف. و الحَثْمَةُ: المُهر الصغير؛ الأَخيرتان عن الهجري، و الجمع من كل ذلك حِثامٌ. و حَثَمَ له حَثْماً أَي أَعطاه. الجوهري: الحَثْمَةُ الأَكَمة الحمراء، و بها سميت المرأَة حَثْمَةَ. الأَزهري: سمعت العرب تقول للرابية الحَثَمَة. يقال: انزِل بهاتيك الحَثَمَة، و جمعها حَثَماتٌ، و يجوز حَثْمَة، بسكون الثاء، و منه ابن أَبي حَثْمة. و في حديث عمر، رضي الله عنه، ذكر حَثْمَة؛ هي بفتح الحاء و سكون الثاء: موضع بمكة قرب الحَجون. و أَبو حَثْمَةَ: رجل من جُلَساء عمر، رضي الله عنه، كني بذلك. و حَثَمَ له الشي‏ء يَحْثِمُه حَثْماً و مَحَثَهُ: دلَكه بيده دلْكاً شديداً؛ قال ابن دريد: و ليس بثَبَتٍ.
حثرم:
الحِثْرِمَةُ، بالكسر: الدائرة التي تحت الأَنف. الجوهري: الحِثْرِمَةُ الدائرة في وسَط الشفة العليا، و قيل هي الأَرْنبة، كلاهما بكسر الحاء و الراء، و رواه ابن دريد بفتحهما، و قد رواه بعضهم بالخاء المعجمة مع الكسر في الخاء و الراء، قال الجوهري: إِذا طالت الحِثْرِمةُ قليلًا قيل رجل أَبْظَرُ؛ و قال:
كأَنَّما حِثْرِمَةُ ابْنِ غابِنِ             قُلْفَةُ طِفْلٍ تَحْتَ مُوسى خاتِنِ‏

قال ابن بري: و حكى ابن دريد حِثْرِبَة، بالباء. و قال أَبو حاتم السِّجْزيّ: الخِثْرِمَةُ بالخاء لهذه الدائرة. ابن الأَعرابي: الحِثْرِمةُ بالحاء؛ الأَزهري: هما لغتان، بالحاء و الخاء، في هذه الكلمة. و رجل حُثارِمٌ: غليظ الشفة، و الاسم الحَثْرَمَةُ.
__________________________________________________
 (1). قوله [على جوده إلخ‏] كذا في الأصل، و المشهور:
على جوده لضنّ بالماء حاتم.

 (2). قوله [حتلم‏] كزبرج و جعفر كما في القاموس.
 (3). قوله [و الحثم الطرق‏] ضبط في نسخة من التهذيب بهذا الضبط.

115
لسان العرب12

حثلم ص 116

حثلم:
الحِثْلِبُ و الحِثْلِمُ: عَكَرُ الدهن أَو السمن في بعض اللغات.
حجم:
الإِحْجامُ: ضدُّ الإِقْدام. أَحْجَمَ عن الأَمر: كَفَّ أَو نكص هَيْبةً. و
في الحديث: أَن رسول الله، صلى الله عليه و سلم، أَخذَ سَيْفاً يوم أُحُدٍ فقال: من يأْخذ هذا السيف بحَقِّه؟ فأَحْجَم القوم.
أَي نكصوا و تأَخروا و تَهَيَّبوا أَخْذه. و رجل مِحْجام: كثير النُّكوص. و الحِجامُ: شي‏ء يجعل في فم البعير أَو خَطْمِه لئلا يَعَضَّ «1»، و هو بعير مَحْجُوم، و قد حَجَمه يَحْجُمه حَجْماً إِذا جعل على فمه حجاماً و ذلك إِذا هاجَ. و
في الحديث عن ابن عمر: و ذكر أَباه فقال: كان يَصيحُ الصَّيْحةَ يكاد مَنْ سمعها يَصْعَقُ كالبعير المَحْجُوم.
و أَما قوله‏
في حديث حمزة: إِنه خرج يومَ أُحُدٍ كأَنه بعير مَحْجُوم، و في رواية: رجل مَحْجوم.
؛ قال ابن الأَثير: أَي جسيم، من الحَجْمِ و هو النُّتُوُّ؛ قال ابن سيدة: و ربما قيل في الشعر فلان يَحْجُم فلاناً عن الأَمر أَي يكفه، و الحَجْمُ: كَفُّكَ إِنساناً عن أَمر يريده. يقال: أَحْجَمَ الرجلُ عن قِرْنِه، و أَحْجَمَ إِذا جَبُنَ و كَفَّ؛ قاله الأَصمعي و غيره، و قال مبتكر الأَعرابي: حَجَمْتُه عن حاجته منعته عنها، و قال غيره: حَجَوْتُه عن حاجته مثله، و حَجَمْتُه عن الشي‏ء أَحْجُمُه أَي كفَفْته عنه. يقال: حَجَمْتُه عن الشي‏ء فأَحْجَمَ أَي كففته فكَفَّ، و هو من النوادر مثل كبَبْتُه فأَكبَّ. قال ابن بري: يقال حَجَمْته عن الشي‏ء فأَحْجَم أَي كففته عنه و أَحْجَمَ هو و كَبَبْتُه و أَكَبَّ هو، و شَنَقْتُ البعيرَ و أَشنَقَ هو إِذا رفع رأْسه، و نَسَلْتُ ريشَ الطائر و أَنْسَلَ هو، و قَشَعَتِ الريحُ الغيمَ و أَقْشَعَ هو، و نَزَفْتُ البئرَ و أَنْزَفَتْ هي، و مَرَيْتُ الناقةَ و أَمْرَتْ هي إِذا دَرَّ لبنُها. و إِحْجام المرأَةِ المولودَ: أَوَّلُ إِرْضاعةٍ تُرْضِعُه، و قد أَحْجَمَتْ له. و حَجَمَ العظمَ يَحْجُمه حَجْماً: عَرَقَهُ. و حَجَمَ ثَدْيُ المرأَة يَحْجُم حُجُوماً: بدا نُهُوده؛ قال الأَعشى:
 قد حَجَمَ الثَّدْيُ على نَحْرِها             في مُشْرِقٍ ذي بَهْجةٍ ناضِرِ «2».

و هذه اللفظة في التهذيب بالأَلف في النثر و النظم: قد أَحْجَمَ الثديُ على نحر الجارية. قال: و حَجَّمَ و بَجَّم إِذا نظر نظراً شديداً، قال الأَزهري: و حَمَّجَ مثله. و يقال للجارية إِذا غَطَّى اللحمُ رؤوس عظامها فسمنت: ما يبدو لعِظامها حَجْمٌ؛ الجوهري: حَجْمُ الشي‏ء حَيْدهُ. يقال: ليس لِمِرْفَقِهِ حَجْمٌ أَي نُتُوٌّ. و حَجْم كلِّ شي‏ء: مَلْمَسُه الناتئ تحت يدك، و الجمع حُجُوم. و قال اللحياني: حَجْمُ العظام أَن يوجد مَسُّ العِظام من وراء الجلد، فَعَبَّرَ عنه تَعْبيرَه عن المصادر؛ قال ابن سيدة: فلا أَدري أَ هو عنده مصدر أَم اسم. قال الليث: الحَجْمُ وِجْدانُك مسَّ شي‏ء تحت ثوب، تقول: مَسِسْت [مَسَسْت‏] بطنَ الحُبْلى فوجدت حَجْمَ الصبيِّ في بطنها. و
في الحديث: لا يَصِف حَجْمَ عظامها.
؛ قال ابن الأَثير: أَراد لا يلتصق الثوب ببدنها فَيَحْكي الناتئَ و الناشزَ من عظامها و لحمها، و جعله واصفاً على التشبيه لأَنه إِذا أَظهره و بيَّنه كان بمنزلة الواصف لها بلسانه. و الحَجْمُ: المَصّ. يقال:
__________________________________________________
 (1). قوله [لئلا يعض‏] في المحكم بعده: و قال أبو حنيفة الدينوري هي مخلاة تجعل على خطمه لئلا يعض.
 (2). قوله [ذي بهجة إلخ‏] كذا في المحكم، و في التكملة: ذي صبح نائر.

116
لسان العرب12

حجم ص 116

حَجَمَ الصبيُّ ثَدي أُمه إِذا مصه. و ما حَجَمَ الصبيُّ ثدي أُمه أَي ما مَصَّه. و ثَدْيٌ مَحْجوم أَي ممصوص. و الحَجَّامُ: المَصَّاص. قال الأَزهري: يقال للحاجم حَجَّامٌ لامْتِصاصه فم المِحْجَمَة، و قد حَجَمَ يَحْجِمُ و يَحْجُم حَجْماً و حاجِمٌ حَجُومٌ و مِحْجَمٌ رَفيقٌ. و المِحْجَمُ و المِحْجَمَةُ: ما يُحْجَم به. قال الأَزهري: المحْجَمَةُ قارُورَتُهُ، و تطرح الهاء فيقال مِحْجَم، و جمعه مَحاجِم؛ قال زهير:
و لم يُهَريقُوا بينهم مِلْ‏ءَ مِحْجمِ‏


و
في الحديث: أَعْلَقَ فيه مِحْجَماً.
؛ قال ابن الأَثير: المِحْجَمُ، بالكسر، الآلة التي يجمع فيها دم الحِجامة عند المصّ، قال: و المِحْجَمُ أَيضاً مِشْرَطُ الحَجَّام؛ و منه‏
الحديث: لَعْقَةُ عَسلٍ أَو شَرْطة مِحْجَمٍ.
و حِرفَتُه و فعلُه الحِجامةُ. و الحَجْمُ: فعل الحاجم و هو الحَجّامُ. و احْتَجَمَ: طلب الحِجامة، و هو مَحْجومٌ، و قد احْتَجَمْتُ من الدم. و
في حديث الصوم: أَفْطَرَ الحاجِمُ و المَحْجومُ.
؛ ابن الأَثير: معناه: أَنهما تَعَرَّضا للإِفْطار، أَما المَحْجومُ فللضعف الذي يلحقه من خروج دمه فربما أَعجزه عن الصوم، و أَما الحاجمُ فلا يأْمَنُ أَن يصل إِلى حلقه شي‏ء من الدم فيبلعَهُ أَو من طَعْمِه، قال: و قيل هذا على سبيل الدعاء عليهما أَي بطل أَجْرُهما فكأَنهما صارا مفطرين،
كقَوله: من صام الدَّهْرَ فلا صام و لا أَفطر.
و المَحْجمة من العنق: موضع المِحْجمةِ. و أَصل الحَجْمِ المصّ، و قولهم: أَفْرَغُ من حَجَّام ساباطٍ، لأَنه كان تَمُرُّ به الجيوش فيَحْجُمهم نَسيئةً من الكساد حتى يرجعوا فضربوا به المَثَلَ؛ قال ابن دريد: الحِجامةُ من الحَجْمِ الذي هو البَداءُ لأَن اللحم يَنْتَبِرُ أَي يرتفع. و الحَوْجَمةُ: الوَرْدُ الأَحمر، و الجمع حَوْجَمٌ.
حدم:
الأَزهري: الحَدْمُ شدة إحماء الشي‏ء بحَرِّ الشمس و النار، تقول: حَدَمَه كذا فاحْتَدَمَ؛ و قال الأَعشى:
و إدْلاجُ لَيْلٍ على غِرَّةٍ،             و هاجِرَة حَرُّها محْتَدِمْ‏

الفراء: للنار حَدَمَةٌ و حَمَدَةٌ و هو صوت الالتهاب. و حَدَمةُ النار، بالتحريك: صوت التهابها. و هذا يوم مُحْتَدِمٌ و مُحْتَمِدٌ: شديد الحر. و الاحْتِدامُ: شدة الحر. و قال أَبو زيد: احْتَدَمَ يومُنا احْتَمَدَ. ابن سيدة: حَدْمُ النار و الحرِّ و حَدَمُهما شدة احتراقهما و حَمْيُهما. الجوهري: احْتَدَمَت النار التهبت. غيره: احْتَدَمَتِ النارُ و الحرُّ اتقدا. و احْتَدَمَ صدرُ فلان غيظاً و احْتَدَمَ عليَّ غيظاً و تَحَدَّمَ: تَحَرّقَ، و هو على التشبيه بذلك، و ما أَدْرِي ما أَحْدَمَه. و كل شي‏ء الْتهب فقد احْتَدَمَ. و الحَدَمَةُ: صوت جوف الأَسْود من الحيَّات. الأَزهري: قال أَبو حاتم الحَدَمَةُ من أصوات الحيَّة صوتُ حَفِّه كأَنه دَوِيٌّ يَحْتَدِمُ. و احْتَدَمَتِ القِدْرُ إِذا اشتدّ غَلَيانُها. قال أَبو زيد: زَفِيرُ النارِ لَهَبُها و شَهِيقُها و حَدَمُها و حَمَدُها و كَلْحَبَتُها بمعنى واحد. و احْتَدَمَ الشرابُ إِذا غَلَى؛ قال الجعدي يصف الخمر:
رُدَّتْ إِلى أَكْلَفِ المَناكِبِ مَرْشومٍ             مُقيمٍ في الطين مُحْتَدِمِ‏

قال الأَزهري: أَنشد أَبو عمرو «1».
__________________________________________________
 (1). قوله [أنشد أبو عمرو إلخ‏] ليس محل ذكره هنا بل محل مادة د ح م.

117
لسان العرب12

حدم ص 117

قالَتْ: و كيفَ و هو كالمُبَرْتَكِ؟             إني لطولِ الفَشْلِ فيه أَشْتَكِي،
فادْحَمْهُ شيئاً ساعةً ثم ابْرُكِ‏


ابن سيدة: احْتَدَمَ الدمُ إِذا اشتدت حمرته حتى يَسْوَدّ، و حدَمَهُ. الجوهري: قِدْرٌ حُدَمَةٌ سريعة الغَلْي، و هو ضد الصَّلُود. و
في حديث عليّ: يوشِكُ أَن تَغشاكم دَواجي ظُلَلِهِ و احْتِدامُ عِلَلِه.
أَي شدتها، و هو من احْتِدام النار أَي التهابها و شدة حرها. و حُدْمَة: موضع «2» معروف.
حذم:
الحَذْمُ: القطع الوَحِيُّ. حَذَمَه يَحْذِمُه حَذْماً: قطعه قطعاً وَحِيّاً، و قيل: هو القطع ما كان. و سيف حَذِمٌ و حِذْيَمٌ. قاطع. و الحَذْمُ: الإِسراع في المشي و كأَنه مع هذا يَهْوِي بيديه إِلى خَلْف، و الفعل كالفعل؛ و منه‏
قول عمر، رضي الله عنه، لبعض المؤذنين: إذا أَذَّنْتَ فَتَرَسَّلْ و إذا أَقَمْتَ فاحْذِمْ.
؛ قال الأَصمعي: الحَذْمُ الحَدْرُ في الإِقامة و قطع التطويل؛ يريد عَجّلْ إِقامة الصلاة و لا تُطَوِّلها كالأَذان، هكذا رواه الهروي بالحاء المهملة، و ذكره الزمخشري في الخاء المعجمة، و سيجي‏ء، و قيل: الحَذْم كالنَّتْفِ في المشي شيبةٌ بمشي الأَرانب. و الحَذْمُ: المشي الخفيف. و كل شي‏ء أَسرعت فيه فقد حَذَمْتَهُ، يقال: حَذَمَ في قراءته، و الحَمامُ يَحْذِمُ في طَيَرانِه كذلك. ابن الأَعرابي: الحُذُمُ الأَرانب السراع، و الحُذُمُ أَيضاً اللصوص الحُذَّاقُ. و الأَرنب تَحْذِمُ أَي تسرع، و يقال لها حُذَمَةٌ لُذَمَةٌ، تسبِقُ الجمع بالأَكَمَة؛ حُذمَةٌ إذا عَدَتْ في الأَكَمَةِ أَسرعت فسبقت مَنْ يطلبها، لُذَمَةٌ: لازمةٌ للعَدْوِ. و يقال: حَذَمَ في مِشْيَته إِذا قارب الخُطى و أَسرع. و الحُذَمُ: القصير من الرجال القريب الخَطْو. و قال أَبو عدنان: الحَذَمانُ شي‏ء من الذَّمِيل فوق المشي، قال: و قال لي خالد بن جَنْبة الحَذَمانُ إِبْطاءُ المشي، و هو من حروف الأَضداد، قال: و اشترى فلانٌ عبداً حُذامَ المشي لا خير فيه. و امرأَة حُذَمَةٌ: قصيرة. و الحُذَمةُ: المرأة القصيرة؛ و قال:
إِذا الخَرِيعُ العَنْقَقِيرُ الحُذَمَهْ             يَؤُرُّها فحلٌ شديد الصُّمَمَه‏

قال ابن بري: كذا ذكره يعقوب الحُذَمَة، بالحاء، و كذا أَنشده أَبو عمرو الشيباني في نوادره بالحاء أَيضاً، و المعروف الجَدَمَةُ، بالجيم مفتوحةً و الدال، و صواب القافية الأَخيرة الضَّمْضَمَة، قال: و كذا أَنشده أَبو عمرو الشيباني، و كذا أَنشده ابن السكيت أيضاً و فسره فقال: الضَّمْضَمَةُ الأَخذ الشديد. يقال: أَخذه فَضَمْضَمَهُ أَي كسره؛ قال و أَوَّله:
سَمِعتُ من فوق البُيوت كَدَمَهْ،             إِذا الخَريعُ العَنْقَفِيرُ الجَدَمَهْ‏
يَؤُرُّها فَحْلٌ شديد الضَّمْضَمَه،             أَرّاً بعَتَّارٍ إِذا ما قَدَّمهْ‏
فيها انْفَرَى وَمَّاحُها و خَرَمَهْ،             فَطَفِقَتْ تدعو الهَجِينَ ابن الأَمَهْ‏
فما سَمِعْتُ بَعْدَ تِيك النَّأَمَهْ             منها، و لا منه هناك، أبْلُمَهْ‏

قال: و الرجز لرِياحٍ الدبيري.
__________________________________________________
 (2). قوله [و حدمة موضع‏] عبارة المحكم: و حدمة مضبوطاً بالضم و قيل حدمة مضبوطاً كهمزة موضع، و صرح بذلك كله في التكملة.

118
لسان العرب12

حذم ص 118

و الحِذْيَمُ: الحاذق بالشي‏ء. و حُذَمَةُ: اسم فرس. و حَذامِ: مثل قَطامِ. و حَذامِ: اسم امرأة معدولةٌ عن حاذِمَةٍ؛ قال ابن بري: هي بنت العَتِيك بن أَسْلَمَ بن يَذْكُر بن عَنَزَةَ؛ قال وسِيمُ بن طارقٍ، و يقال لجيم بن صَعْب و حَذامِ امرأَته:
         إِذا قالتْ حَذامِ فَصَدِّقُوها،             فإِنَّ القولَ ما قالَتْ حَذامِ‏

التهذيب: حَذامِ من أَسماء النساء، قال: جَرَّت العربُ حَذامِ في موضع الرفع لأَنها مصروفةٌ عن حاذِمة، فلما صُرِفَتْ إِلى فَعال كُسِرَتْ لأَنهم وجدوا أَكثر حالات المؤنث إِلى الكسر، كقولك: أَنتِ عَلَيْكِ، و كذلكِ فَجار و فَساقِ، قال: و فيه قول آخر أَنَّ كل شي‏ء عُدِلَ من هذا الضرب عن وجهه يُحْمَلُ على إِعراب الأَصوات و الحكاياتِ من الزَّجْرِ و نحوه مجروراً، كما يقال في زَجْر البعير ياهٍ ياهٍ، ضاعف ياهٍ مرتين؛ قال ذو الرمة:
         ينادي بِيَهْياهٍ و ياهٍ، كأَنَّهُ             صُوَيْتُ الرُّوَيْعِي ضَلَّ بالليل صاحِبُهْ «1».

يقول: سَكَنَ الحَرْفُ الذي قبل الحرف الآخر فحُرِّكَ آخره بكسرةٍ، و إِذا تحرك الحَرْفُ قبل الحرف الآخر و سكن الآخِرُ جَزَمْتَ، كقولك بَجَلْ و أَجَلْ، و أَما حَسْب و جَيْر فإِنك كَسَرْت آخره و حركته بسكون السين و الياء؛ قال ابن بري: و أَما قول الشاعر:
بَصيرٌ بما أَعْيَا النِّطاسِيَّ حِذْيَما


فإِنما أَراد ابن حِذْيَمٍ «2»، فحذف ابن. و حَذِيمةُ: بن يَرْبوع بن غَيْظ بن مُرَّة. و حُذَيْمٌ و حِذْيَمٌ: إسمان.
حذلم:
الأَصمعي: حَذْلَمَ سِقاءه إذا ملأَه؛ و أَنشد:
بِشابةَ فالقُهْبِ المَزادَ المُحَذْلَما


و حَذْلَمَ فَرسَه: أَصلحه. و حَذْلَم العُودَ: بَرَاه و أَحَدَّه. و إِناء مُحَذْلَمٌ: مملوء. و الحُذْلوم: الخفيف السريع. و تَحَذْلَمَ الرجلُ إذا تأَدَّب و ذهب فضول حُمْقه. و حَذْلَم: اسم مشتق منه. و حَذْلَم: اسم رجل. و تميم ابن حَذْلَم الضَّبّيّ: من التابعين. و الحَذْلَمَةُ: الهَذْلَمةُ، و هو الإِسراع. يقال: مرَّ يَتَحَذْلَمُ إذا مرّ كأَنه يتدحْرج. و حَذْلَمْتُ: دَحْرجت. و ذَحْلَمْتُ، بتقديم الذال: صرعت. الأَزهري: الحَذْلمةُ السرعة؛ قال الأَزهري: هذا الحرف وجد في كتاب الجمهرة لابن دريد مع حروف غيرها و ما وجدت أَكثرها لأَحد من الثقات.
حرم:
الحِرْمُ، بالكسر، و الحَرامُ: نقيض الحلال، و جمعه حُرُمٌ؛ قال الأَعشى:
مَهادي النَّهارِ لجاراتِهِمْ،             و بالليل هُنَّ عليهمْ حُرُمْ‏

و قد حَرُمَ عليه الشي‏ء حُرْماً و حَراماً و حَرُمَ الشي‏ءُ، بالضم، حُرْمَةً و حَرَّمَهُ الله عليه و حَرُمَتِ الصلاة على المرأة حُرُماً و حُرْماً، و حَرِمَتْ عليها
__________________________________________________
 (1). قوله‏
[ينادي بيهياه و ياه ...]

أَي ينادي ياهياه ثم يسكت منتظراً الجواب عن دعوته فإِذا أَبطأ عنه قال ياه.
 (2). قوله [فإِنما أَراد ابن حذيم إلخ‏] عبارة شرح القاموس: قال ابن السكيت في شرح الديوان الطبيب هو حذيم نفسه أو هو ابن حذيم، و إنما حذف ابن اعتماداً على الشهرة، قال شيخنا: و هل يكون هذا من الحذف مع اللبس أو من الحذف مع أمن اللبس خلاف، و قد بسطه البغدادي في شرح شواهد الرضي بما فيه كفاية.

119
لسان العرب12

حرم ص 119

حَرَماً و حَراماً: لغة في حَرُمَت. الأَزهري: حَرُمَت الصلاة على المرأة تَحْرُمُ حُروماً، و حَرُمَتِ المرأةُ على زوجها تَحْرُمُ حُرْماً و حَراماً، و حَرُمَ عليه السَّحورُ حُرْماً، و حَرِمَ لغةٌ. و الحَرامُ: ما حَرَّم اللهُ. و المُحَرَّمُ: الحَرامُ. و المَحارِمُ: ما حَرَّم اللهُ. و مَحارِمُ الليلِ: مَخاوِفُه التي يَحْرُم على الجَبان أَن يسلكها؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أَنشد:
مَحارِمُ الليل لهُنَّ بَهْرَجُ،             حين ينام الوَرَعُ المُحَرَّجُ «1».

و يروى:
 محارِمُ الليل ...


أَي أَوائله. و أَحْرَمَ الشي‏ء: جَعله حَراماً. و الحَريمُ: ما حُرِّمَ فلم يُمَسَّ. و الحَريمُ: ما كان المُحْرِمون يُلْقونه من الثياب فلا يَلْبَسونه؛ قال:
كَفى حَزَناً كَرِّي عليه كأَنه             لَقىً، بين أَيْدي الطائفينَ، حَريمُ‏

الأَزهري: الحَريمُ الذي حَرُمَ مسه فلا يُدْنى منه، و كانت العرب في الجاهلية إذا حَجَّت البيت تخلع ثيابها التي عليها إذا دخلوا الحَرَمَ و لم يَلْبسوها ما داموا في الحَرَم؛ و منه قول الشاعر:
لَقىً، بين أَيدي الطائفينَ، حَريمُ‏


و قال المفسرون في قوله عز و جل: يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ؛
كان أَهل الجاهلية يطوفون بالبيت عُراةً و يقولون: لا نطوف بالبيت في ثياب قد أَذْنَبْنا فيها، و كانت المرأة تطوف عُرْيانَةً أَيضاً إِلّا أنها كانت تَلْبَس رَهْطاً من سُيور؛ و قالت امرأة من العرب:
اليومَ يَبْدو بعضُه أَو كلُّهُ،             و ما بَدا منه فلا أُحِلُّهُ‏


تعني فرجها أَنه يظهر من فُرَجِ الرَّهْطِ الذي لبسته، فأَمَرَ اللهُ عز و جل بعد ذكره عُقوبة آدمَ و حوّاء بأَن بَدَتْ سَوْآتُهما بالاستتار فقال: يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ.
؛ قال الأَزهري: و التَّعَرِّي و ظهور السوءة مكروه، و ذلك مذ لَدُنْ آدم. و الحَريمُ: ثوب المُحْرم، و كانت العرب تطوف عُراةً و ثيابُهم مطروحةٌ بين أَيديهم في الطواف. و
في الحديث: أَن عِياضَ بن حِمار المُجاشِعيّ كان حِرْميَّ رسول الله، صلى الله عليه و سلم، فكان إذا حج طاف في ثيابه.
؛ كان أَشراف العرب الذين يتَحَمَّسونَ على دينهم أَي يتشدَّدون إذا حَج أحدهم لم يأكل إِلّا طعامَ رجلٍ من الحَرَم، و لم يَطُفْ إلَّا في ثيابه فكان لكل رجل من أَشرافهم رجلٌ من قريش، فيكون كل واحدٍ منهما حِرْمِيَّ صاحبه، كما يقال كَرِيٌّ للمُكْري و المُكْتَري، قال: و النَّسَبُ في الناس إِلى الحَرَمِ حِرْمِيّ، بكسر الحاء و سكون الراء. يقال: رجل حِرْمِيّ، فإذا كان في غير الناس قالوا ثوب حَرَمِيّ. و حَرَمُ مكة: معروف و هو حَرَمُ الله و حَرَمُ رسوله. و الحَرَمانِ: مكة و المدينةُ، و الجمع أَحْرامٌ. و أَحْرَمَ القومُ: دخلوا في الحَرَمِ. و رجل حَرامٌ: داخل في الحَرَمِ، و كذلك الاثنان و الجمع و المؤنث، و قد جمعه بعضهم على حُرُمٍ. و البيت الحَرامُ و المسجد الحَرامُ و البلد الحَرام. و قوم حُرُمٌ و مُحْرِمون. و المُحْرِمُ: الداخل في الشهر الحَرام، و النَّسَبُ إلى الحَرَم حِرْمِيٌّ،
__________________________________________________
 (1). قوله [المحرج‏] كذا هو بالأَصل و الصحاح، و في المحكم؛ المزلج كمعظم.

120
لسان العرب12

حرم ص 119

و الأُنثى حِرْمِيَّة، و هو من المعدول الذي يأتي على غير قياس، قال المبرد: يقال امرأة حِرْمِيَّة و حُرْمِيَّة و أَصله من قولهم: و حُرْمَةُ البيت و حِرْمَةُ البيت؛ قال الأَعشى:
لا تأوِيَنَّ لحِرْمِيّ مَرَرْتَ به،             يوماً، و إنْ أُلْقِيَ الحِرْميُّ في النار

و هذا البيت أَورده ابن سيدة في المحكم، و استشهد به ابن بري في أَماليه على هذه الصورة، و قال: هذا البيت مُصَحَّف، و إِنما هو:
لا تَأوِيَنَّ لِجَرْمِيّ ظَفِرْتَ به،             يوماً، و إِن أُلْقِيَ الجَرْميُّ في النّار
الباخِسينَ لِمَرْوانٍ بذي خُشُبٍ،             و الدَّاخِلين على عُثْمان في الدَّار

و شاهد الحِرْمِيَّةِ قول النابغة الذبياني:
كادَتْ تُساقِطُني رَحْلي و مِيثَرَتي،             بذي المَجازِ، و لم تَحْسُسْ به نَغَما
من قول حِرْمِيَّةٍ قالت، و قد ظَعنوا:             هل في مُخْفِّيكُمُ مَنْ يَشْتَري أَدَما؟

و قال أَبو ذؤيب:
         لَهُنَّ نَشيجٌ بالنَّشيلِ، كأَنها             ضَرائرُ حِرْميّ تفاحشَ غارُها

قال الأَصمعي: أَظنه عَنى به قُرَيْشاً، و ذلك لأَن أَهل الحَرَمِ أَول من اتخذ الضرائر، و قالوا في الثوب المنسوب إليه حَرَمِيّ، و ذلك للفرق الذي يحافظون عليه كثيراً و يعتادونه في مثل هذا. و بلد حَرامٌ و مسجد حَرامٌ و شهر حرام. و الأَشهُر الحُرُمُ أَربعة: ثلاثة سَرْدٌ أَي متتابِعة و واحد فَرْدٌ، فالسَّرْدُ ذو القَعْدة و ذو الحِجَّة و المُحَرَّمُ، و الفَرْدُ رَجَبٌ. و في التنزيل العزيز: مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ‏
؛ قوله مِنْها، يريد الكثير، ثم قال: فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ لما كانت قليلة. و المُحَرَّمُ: شهر الله، سَمَّتْه العرب بهذا الاسم لأَنهم كانوا لا يستَحلُّون فيه القتال، و أُضيف إلى الله تعالى إِعظاماً له كما قيل للكعبة بيت الله، و قيل: سمي بذلك لأَنه من الأَشهر الحُرُمِ؛ قال ابن سيدة: و هذا ليس بقوي. الجوهري: من الشهور أَربعة حُرُمٌ كانت العرب لا تستحل فيها القتال إِلا حَيّان خَثْعَم و طَيِ‏ءٌ، فإنهما كانا يستَحِلَّان الشهور، و كان الذين يَنْسؤُون الشهور أَيام المواسم يقولون: حَرّمْنا عليكم القتالَ في هذه الشهور إلَّا دماء المُحِلِّينَ، فكانت العرب تستحل دماءهم خاصة في هذه الشهور، و جمع المُحَرَّم مَحارِمُ و مَحاريمُ و مُحَرَّماتٌ. الأَزهري: كانت العرب تُسَمِّي شهر رجب الأَصَمَّ و المُحَرَّمَ في الجاهلية؛ و أَنشد شمر قول حميد بن ثَوْر:
رَعَيْنَ المُرارَ الجَوْنَ من كل مِذْنَبٍ،             شهورَ جُمادَى كُلَّها و المُحَرَّما

قال: و أَراد بالمُحَرَّمِ رَجَبَ، و قال: قاله ابن الأَعرابي؛ و قال الآخر:
أَقَمْنا بها شَهْرَيْ ربيعٍ كِليهما،             و شَهْرَيْ جُمادَى، و اسْتَحَلُّوا المُحَرَّما

و
روى الأَزهري بإِسناده عن أُم بَكْرَةَ: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، خَطَبَ في صِحَّته فقال: أَلا إنَّ الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السموات و الأَرض، السَّنَة اثْنا عَشَرَ شَهْراً، ... مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثلاثةٌ مُتَوالِياتٌ: ذو القَعْدة و ذو الحِجَّة و المحَرَّمُ،

121
لسان العرب12

حرم ص 119

و رَجَبُ مُضَرَ الذي بين جُمادَى و شعبان.
و المُحَرَّم: أَول الشهور. و حَرَمَ و أَحْرَمَ: دخل في الشهر الحرام؛ قال:
و إذْ فَتَكَ النُّعْمانُ بالناس مُحْرِماً،             فَمُلِّئَ من عَوْفِ بن كعبٍ سَلاسِلُهْ‏

فقوله مُحْرِماً ليس من إِحْرام الحج، و لكنه الداخل في الشهر الحَرامِ. و الحُرْمُ، بالضم: الإِحْرامُ بالحج. و
في حديث عائشة، رضي الله عنها: كنت أُطَيِّبُه، صلى الله عليه و سلم، لحِلِّهِ و لِحُرْمِه.
أَي عند إِحْرامه؛ الأَزهري: المعنى أَنها كانت تُطَيِّبُه إذا اغْتسل و أَراد الإِحْرام و الإِهْلالَ بما يكون به مُحْرِماً من حج أَو عمرة، و كانت تُطَيِّبُه إذا حَلّ من إِحْرامه؛ الحُرْمُ، بضم الحاء و سكون الراء: الإِحْرامُ بالحج، و بالكسر: الرجل المُحْرِمُ؛ يقال: أَنتَ حِلّ و أَنت حِرْمٌ. و الإِحْرامُ: مصدر أَحْرَمَ الرجلُ يُحْرِمُ إِحْراماً إذا أَهَلَّ بالحج أَو العمرة و باشَرَ أَسبابهما و شروطهما من خَلْع المَخِيط، و أَن يجتنب الأَشياء التي منعه الشرع منها كالطيب و النكاح و الصيد و غير ذلك، و الأَصل فيه المَنْع، فكأَنَّ المُحْرِم ممتنع من هذه الأَشياء. و منه‏
حديث الصلاة: تَحْرِيمُها التكبير.
كأَن المصلي بالتكبير و الدخول في الصلاة صار ممنوعاً من الكلام و الأَفعال الخارجة عن كلام الصلاة و أَفعالِها، فقيل للتكبير تَحْرِيمٌ لمنعه المصلي من ذلك، و إنما سميت تكبيرَة الإِحْرام أَي الإِحرام بالصلاة. و الحُرْمَةُ: ما لا يَحِلُّ لك انتهاكه، و كذلك المَحْرَمَةُ و المَحْرُمَةُ، بفتح الراء و ضمها؛ يقال: إن لي مَحْرُماتٍ فلا تَهْتِكْها، واحدتها مَحْرَمَةٌ و مَحْرُمَةٌ، يريد أن له حُرُماتٍ. و المَحارِمُ: ما لا يحل استحلاله. و
في حديث الحُدَيْبية: لا يسألوني خُطَّةً يعَظِّمون فيها حُرُماتِ الله إلا أَعْطيتُهم إِياها.
؛ الحُرُماتُ جمع حُرْمَةٍ كظُلْمَةٍ و ظُلُماتٍ؛ يريد حُرْمَةَ الحَرَمِ، و حُرْمَةَ الإِحْرامِ، و حُرْمَةَ الشهر الحرام. و قوله تعالى: ذلِكَ وَ مَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ
؛ قال الزجاج: هي ما وجب القيامُ به و حَرُمَ التفريطُ فيه، و
قال مجاهد: الحُرُماتُ مكة و الحج و العُمْرَةُ و ما نَهَى الله من معاصيه كلها.
و
قال عطاء: حُرُماتُ الله معاصي الله.
و
قال الليث: الحَرَمُ حَرَمُ مكة و ما أَحاط إِلى قريبٍ من الحَرَمِ.
قال الأَزهري: الحَرَمُ قد ضُرِبَ على حُدوده بالمَنار القديمة التي بَيَّنَ خليلُ الله، عليه السلام، مشَاعِرَها و كانت قُرَيْش تعرفها في الجاهلية و الإِسلام لأَنهم كانوا سُكان الحَرَمِ، و يعلمون أَن ما دون المَنارِ إِلى مكة من الحَرَمِ و ما وراءها ليس من الحَرَمِ، و لما بعث الله عز و جل محمداً، صلى الله عليه و سلم، أَقرَّ قُرَيْشاً على ما عرفوه من ذلك، و
كتب مع ابن مِرْبَعٍ الأَنصاري إلى قريش: أَن قِرُّوا على مشاعركم فإنكم على إرْثٍ من إرْثِ إبراهيم، فما كان دون المنار، فهو حَرَم لا يحل صيده و لا يُقْطَع شجره، و ما كان و راء المَنار، فهو من الحِلّ يحِلُّ صيده إذا لم يكن صائده مُحْرِماً.
قال: فإِن قال قائل من المُلْحِدين في قوله تعالى: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَ يُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ‏
؛ كيف يكون حَرَماً آمِناً
 و قد أُخِيفوا و قُتلوا في الحَرَمِ؟ فالجواب فيه أَنه عز و جل جعله حَرَماً آمِناً
 أَمراً و تَعَبُّداً لهم بذلك لا إِخباراً، فمن آمن بذلك كَفَّ عما نُهِي عنه اتباعاً و انتهاءً إِلى ما أُمِرَ به، و من أَلْحَدَ و أَنكر أَمر

122
لسان العرب12

حرم ص 119

الحَرَمِ و حُرْمَتَهُ فهو كافر مباحُ الدمِ، و من أَقَرَّ و ركب النهيَ فصاد صيد الحرم و قتل فيه فهو فاسق و عليه الكفَّارة فيما قَتَلَ من الصيد، فإِن عاد فإِن الله ينتقم منه. و أَما المواقيت التي يُهَلُّ منها للحج فهي بعيدة من حدود الحَرَمِ، و هي من الحلّ، و من أَحْرَمَ منها بالحج في الأَشهر الحُرُمِ فهو مُحْرِمٌ مأْمور بالانتهاء ما دام مُحْرِماً عن الرَّفَثِ و ما وراءَه من أَمر النساء، و عن التَّطَيُّبِ بالطيبِ، و عن لُبْس الثوب المَخيط، و عن صيد الصيد؛ و قال الليث في قول الأَعشى:
بأَجْيادِ غَرْبيِّ الصَّفا و المُحَرَّمِ‏


قال: المُحَرَّمُ هو الحَرَمُ. و تقول: أَحْرَمَ الرجلُ، فهو مُحْرِمٌ و حَرامٌ، و رجل حَرامٌ أَي مُحْرِم، و الجمع حُرُم مثل قَذالٍ و قُذُلٍ، و أَحْرَم بالحج و العمرة لأَنه يَحْرُم عليه ما كان له حَلالًا من قبلُ كالصيد و النساء. و أَحْرَمَ الرجلُ إِذا دخل في الإِحْرام بالإِهلال، و أَحْرَمَ إِذا صار في حُرَمِه من عهد أَو ميثاق هو له حُرْمَةٌ من أَن يُغار عليه؛ و أَما قول أُحَيْحَة أَنشده ابن الأَعرابي:
قَسَماً، ما غيرَ ذي كَذِبٍ،             أَن نُبيحَ الخِدْن و الحُرَمَه «2».

قال ابن سيدة: فإني أَحسب الحُرَمَةَ لغة في الحُرْمَةِ، و أَحسن من ذلك أَن يقول و الحُرُمَة، بضم الراء، فتكون من باب طُلْمة و ظُلُمَةٍ، أَو يكون أَتبع الضم الضم للضرورة كما أتبع الأَعشى الكسر الكسر أَيضاً فقال:
أَذاقَتْهُمُ الحَرْبُ أَنْفاسَها،             و قد تُكْرَهُ الحربُ بعد السِّلِمْ‏

إِلَّا أَن قول الأَعشى قد يجوز أَن يَتَوَجَّه على الوقف كما حكاه سيبويه من قولهم: مررت بالعِدِلْ. و حُرَمُ الرجلِ: عياله و نساؤه و ما يَحْمِي، و هي المَحارِمُ، واحدتها مَحْرَمَةٌ و مَحْرُمة. و رَحِمٌ مَحْرَمٌ: مُحَرَّمٌ تَزْويجُها؛ قال:
و جارةُ البَيْتِ أَراها مَحْرَمَا             كما بَراها الله، إِلا إِنما
مكارِهُ السَّعْيِ لمن تَكَرَّمَا


كما بَراها الله أَي كما جعلها. و قد تَحَرَّمَ بصُحْبته؛ و المَحْرَمُ: ذات الرَّحِم في القرابة أَي لا يَحِلُّ تزويجها، تقول: هو ذو رَحِمٍ مَحْرَمٍ، و هي ذاتُ رَحِمٍ مَحْرَمٍ؛ الجوهري: يقال هو ذو رَحِمٍ منها إِذا لم يحل له نكاحُها. و
في الحديث: لا تسافر امرأة إِلا مع ذي مَحْرَمٍ منها، و في رواية: مع ذي حُرْمَةٍ منها.
؛ ذو المَحْرَمِ: من لا يحل له نكاحها من الأَقارب كالأَب و الابن و العم و من يجري مجراهم. و الحُرْمَة: الذِّمَّةُ. و أَحْرَمَ الرجلُ، فهو مُحْرِمٌ إِذا كانت له ذمة؛ قال الراعي:
قَتَلوا ابنَ عَفّان الخليفةَ مُحْرِماً،             و دَعا فلم أَرَ مثلَهُ مَقْتولا

و يروى:
... مَخْذولا


، و قيل: أَراد بقوله مُحْرِماً أَنهم قتلوه في آخر ذي الحِجَّةِ؛ و قال أَبو عمرو: أَي صائماً. و يقال: أَراد لم يُحِلَّ من نفسه شيئاً يوقِعُ به فهو مُحْرِمٌ.
الأَزهري: روى شمر لعُمَرَ أَنه قال الصيام إِحْرامٌ.
قال: و إِنما قال الصيامُ إِحْرام لامتناع الصائم مما يَثْلِمُ صيامَه، و يقال للصائم أَيضاً مُحْرِمٌ؛ قال ابن بري: ليس مُحْرِماً في بيت الراعي من الإِحْرام و لا من الدخول في الشهر الحَرام، قال: و إِنما هو مثل البيت الذي قبله، و إِنما
__________________________________________________
 (2). قوله [أَن نبيح الخدن‏] كذا بالأَصل، و الذي في نسختين من المحكم: أَن نبيح الحصن.

123
لسان العرب12

حرم ص 119

يريد أَن عثمان في حُرْمةِ الإِسلام و ذِمَّته لم يُحِلَّ من نفسه شيئاً يُوقِعُ به، و يقال للحالف مُحْرِمٌ لتَحَرُّمِه به، و منه‏
قول الحسن في الرجل يُحْرِمُ في الغضب.
أَي يحلف؛ و قال الآخر:
قتلوا كِسْرى بليلٍ مُحْرِماً،             غادَرُوه لم يُمَتَّعْ بكَفَنْ‏

يريد: قَتَلَ شِيرَوَيْهِ أَباه أَبْرَوَيْز بنَ هُرْمُزَ. الأَزهري: الحُرْمة المَهابة، قال: و إِذا كان بالإِنسان رَحِمٌ و كنا نستحي منه قلنا: له حُرْمَةٌ، قال: و للمسلم على المسلم حُرْمةٌ و مَهابةٌ. قال أَبو زيد: يقال هو حُرْمَتُك و هم ذَوو رَحِمِه و جارُه و مَنْ يَنْصره غائباً و شاهداً و من وجب عليه حَقُّه. و يقال: أَحْرَمْت عن الشي‏ء إِذا أَمسكتَ عنه، و
ذكر أَبو القاسم الزجاجي عن اليزيدي أَنه قال: سألت عمي عن قول النبي، صلى الله عليه و سلم: كلُّ مُسْلم عن مسلم مُحْرِمٌ، قال: المُحْرِمُ الممسك.
معناه أَن المسلم ممسك عن مال المسلم و عِرْضِهِ و دَمِهِ؛ و أَنشد لمِسْكين الدارميّ:
أَتتْني هَناتٌ عن رجالٍ، كأَنها             خَنافِسُ لَيْلٍ ليس فيها عَقارِبُ‏
أَحَلُّوا على عِرضي، و أَحْرَمْتُ عنهُمُ،             و في اللهِ جارٌ لا ينامُ و طالِبُ‏

قال: و أَنشد المفضل لأَخْضَرَ بن عَبَّاد المازِنيّ جاهليّ:
لقد طال إِعْراضي و صَفْحي عن التي             أُبَلَّغُ عنْكم، و القُلوبُ قُلوبُ‏
و طال انْتِظاري عَطْفَةَ الحِلْمِ عنكمُ             ليَرْجِعَ وُدٌّ، و المَعادُ قريبُ‏
و لستُ أَراكُمْ تُحْرِمونَ عن التي             كرِهْتُ، و منها في القُلوب نُدُوبُ‏
فلا تأمَنُوا مِنّي كَفاءةَ فِعْلِكُمْ،             فيَشْمَتَ قِتْل أَو يُساءَ حبيبُ‏
و يَظْهَرَ مِنّاً في المَقالِ و منكُمُ،             إِذا ما ارْتَمَيْنا في المَقال، عُيوبُ‏

و يقال: أَحْرَمْتُ الشي‏ء بمعنى حَرَّمْتُه؛ قال حُمَيْدُ بن ثَوْرٍ:
إِلى شَجَرٍ أَلْمَى الظِّلالِ، كأنها             رواهِبُ أَحْرَمْنَ الشَّرابَ عُذُوبُ‏

قال: و الضمير في كأنها يعود على رِكابٍ تقدم ذكرها. و تَحَرَّم منه بحُرْمَةٍ: تَحَمّى و تَمَنَّعَ. و أَحْرَمَ القومُ إِذا دخلوا في الشهر الحَرامِ؛ قال زهير:
جَعَلْنَ القَنانَ عن يَمينٍ و حَزْنَهُ،             و كم بالقَنانِ من مُحِلّ و مُحْرِمِ‏

و أَحْرَمَ الرجلُ إِذا دخل في حُرْمة لا تُهْتَكُ؛ و أَنشد بيت زهير:
و كم بالقنانِ من مُحِلّ و مُحْرِمِ‏


أي ممن يَحِلُّ قتالُه و ممن لا يَحِلُّ ذلك منه. و المُحْرِمُ: المُسالمُ؛ عن ابن الأَعرابي، في قول خِداش بن زهير:
إِذا ما أصابَ الغَيْثُ لم يَرْعَ غَيْثَهمْ،             من الناس، إِلا مُحْرِمٌ أَو مُكافِلُ‏

هكذا أَنشده: أَصاب الغَيْثُ، برفع الغيث، قال ابن سيدة: و أَراها لغة في صابَ أَو على حذف المفعول‏

124
لسان العرب12

حرم ص 119

كأنه إِذا أَصابَهُم الغَيثُ أَو أَصاب الغيث بلادَهُم فأَعْشَبَتْ؛ و أَنشده مرة أُخرى:
إِذا شَرِبوا بالغَيْثِ‏


و المُكافِلُ: المُجاوِرُ المُحالِفُ، و الكَفيلُ من هذا أُخِذَ. و حُرْمَةُ الرجل: حُرَمُهُ و أَهله. و حَرَمُ الرجل و حَريمُه: ما يقاتِلُ عنه و يَحْميه، فجمع الحَرَم أَحْرامٌ، و جمع الحَريم حُرُمٌ. و فلان مُحْرِمٌ بنا أَي في حَريمنا. تقول: فلان له حُرْمَةٌ أَي تَحَرَّمَ بنا بصحبةٍ أَو بحق و ذِمَّةِ. الأَزهري: و الحَريمُ قَصَبَةُ الدارِ، و الحَريمُ فِناءُ المسجد. و حكي عن ابن واصل الكلابي: حَريم الدار ما دخل فيها مما يُغْلَقُ عليه بابُها و ما خرج منها فهو الفِناءُ، قال: و فِناءُ البَدَوِيِّ ما يُدْرِكُهُ حُجْرَتُه و أَطنابُهُ، و هو من الحَضَرِيّ إِذا كانت تحاذيها دار أُخرى، ففِناؤُهما حَدُّ ما بينهما. و حَريمُ الدار: ما أُضيف إليها و كان من حقوقها و مَرافِقها. و حَريمُ البئر: مُلْقى النَّبِيثَة و المَمْشى على جانبيها و نحو ذلك؛ الصحاح: حَريم البئر و غيرها ما حولها من مَرافقها و حُقوقها. و حَريمُ النهر: مُلْقى طينه و المَمْشى على حافتيه و نحو ذلك. و
في الحديث: حَريمُ البئر أَربعون ذراعاً.
هو الموضع المحيط بها الذي يُلْقى فيه ترابُها أَي أَن البئر التي يحفرها الرجل في مَواتٍ فَحريمُها ليس لأَحد أَن ينزل فيه و لا ينازعه عليها، و سمي به لأَنه يَحْرُمُ منع صاحبه منه أَو لأَنه مُحَرَّمٌ على غيره التصرفُ فيه. الأَزهري: الحِرْمُ المنع، و الحِرْمَةُ الحِرْمان، و الحِرْمانُ نَقيضه الإِعطاء و الرَّزْقُ. يقال: مَحْرُومٌ و مَرْزوق. و حَرَمهُ الشي‏ءَ يَحْرِمُهُ و حَرِمَهُ حِرْماناً و حِرْماً «1» و حَريماً و حِرْمَةً و حَرِمَةً و حَريمةً، و أَحْرَمَهُ لغةٌ ليست بالعالية، كله: منعه العطيّة؛ قال يصف امرأة:
و أُنْبِئْتُها أَحْرَمَتْ قومَها             لتَنْكِحَ في مَعْشَرٍ آخَرِينا

أَي حَرَّمَتْهُم على نفسها. الأَصمعي: أَحْرَمَتْ قومها أَي حَرَمَتْهُم أَن ينكحوها. و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه قال: كل مُسلمٍ عن مسلم مُحْرِمٌ أَخَوانِ نَصيرانِ.
؛ قال أَبو العباس: قال ابن الأَعرابي يقال إنه لمُحْرِمٌ عنك أَي يُحَرِّمُ أَذاكَ عليه؛ قال الأَزهري: و هذا بمعنى الخبر، أَراد أَنه يَحْرُمُ على كل واحد منهما أَن يُؤْذي صاحبَهُ لحُرْمة الإِسلام المانِعَتِه عن ظُلْمِه. و يقال: مُسلم مُحْرِمٌ و هو الذي لم يُحِلَّ من نفسه شيئاً يُوقِعُ به، يريد أَن المسلم مُعْتَصِمٌ بالإِسلام ممتنع بحُرْمتِهِ ممن أَراده و أَراد ماله. و التَّحْرِيمُ: خلاف التَّحْليل. و رجل مَحْروم: ممنوع من الخير. و في التهذيب: المَحْروم الذي حُرِمَ الخيرَ حِرْماناً. و قوله تعالى: فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ‏
؛ قيل: المَحْروم الذي لا يَنْمِي له مال، و قيل أَيضاً: إِنه المُحارِفُ الذي لا يكاد يَكْتَسِبُ. و حَرِيمةُ الربِّ: التي يمنعها من شاء من خلقه. و أَحْرَمَ الرجلَ: قَمَرَه، و حَرِمَ في اللُّعبة يحْرَمُ حَرَماً: قُمِرَ و لم يَقْمُرْ هو؛ و أَنشد:
و رَمَى بسَهْمِ حَريمةٍ لم يَصْطَدِ


و يُخَطُّ خَطٌّ فيدخل فيه غِلمان و تكون عِدَّتُهُمْ في خارج من الخَطّ فيَدْنو هؤلاء من الخط و يصافحُ‏
__________________________________________________
 (1). قوله [و حرماً] أي بكسر فسكون، زاد في المحكم: و حرماً ككتف.

125
لسان العرب12

حرم ص 119

أَحدُهم صاحبَهُ، فإِن مسَّ الداخلُ الخارجَ فلم يضبطه الداخلُ قيل للداخل: حَرِمَ و أَحْرَمَ الخارِجُ الداخلَ، و إِن ضبطه الداخلُ فقد حَرِمَ الخارِجُ و أَحْرَمَه الداخِلُ. و حَرِمَ الرجلُ حَرماً: لَجَّ و مَحَكَ. و حَرِمَت المِعْزَى و غيرُها من ذوات الظِّلْف حِراماً و اسْتحْرَمَتْ: أَرادت الفحل، و ما أَبْيَنَ حِرْمَتَها، و هي حَرْمَى، و جمعها حِرامٌ و حَرامَى، كُسِّرَ على ما يُكَسَّرُ عليه فَعْلَى التي لها فَعْلانُ نحو عَجْلان و عَجْلَى و غَرْثان و غَرْثى، و الاسم الحَرَمةُ و الحِرمةُ؛ الأَول عن اللحياني، و كذلك الذِّئْبَةُ و الكلبة و أكثرها في الغنم، و قد حكي ذلك في الإِبل. و
جاء في بعض الحديث: الذين تقوم عليهم الساعةُ تُسَلَّطُ عليهم الحِرْمَةُ.
أَي الغُلْمَةُ و يُسْلَبُون الحياءَ، فاسْتُعْمِل في ذكور الأَناسِيِّ، و قيل: الاسْتِحْرامُ لكل ذات ظِلْفٍ خاصةً. و الحِرْمَةُ، بالكسر: الغُلْمةُ. قال ابن الأَثير: و كأنها بغير الآدمي من الحيوان أَخَصُّ. و قوله‏
في حديث آدم، عليه السلام: إنه اسْتَحْرَمَ بعد موت ابنه مائةَ سنةٍ لم يَضْحَكْ.
؛ هو من قولهم: أَحْرَمَ الرجلُ إِذا دخل في حُرْمَةٍ لا تهْتَكُ، قال: و ليس من اسْتِحْرام الشاة. الجوهري: و الحِرْمةُ في الشاء كالضَّبْعَةِ في النُّوقِ، و الحِنَاء في النِّعاج، و هو شهوة البِضاع؛ يقال: اسْتَحْرَمَت الشاةُ و كل أُنثى من ذوات الظلف خاصةً إِذا اشتهت الفحل. و قال الأُمَوِيُّ: اسْتَحْرَمتِ الذِّئبةُ و الكلبةُ إِذا أَرادت الفحل. و شاة حَرْمَى و شياه حِرامٌ و حَرامَى مثل عِجالٍ و عَجالى، كأَنه لو قيل لمذكَّرِهِ لَقِيل حَرْمانُ، قال ابن بري: فَعْلَى مؤنثة فَعْلان قد تجمع على فَعالَى و فِعالٍ نحو عَجالَى و عِجالٍ، و أَما شاة حَرْمَى فإنها، و إِن لم يستعمل لها مذكَّر، فإنها بمنزلة ما قد استعمل لأَن قياس المذكر منه حَرْمانُ، فلذلك قالوا في جمعه حَرامَى و حِرامٌ، كما قالوا عَجالَى و عِجالٌ. و المُحَرَّمُ من الإِبل مثل العُرْضِيِّ: و هو الذَلُول الوَسَط «1» الصعبُ التَّصَرُّفِ حين تصَرُّفِه. و ناقة مُحَرَّمةٌ: لم تُرَضْ؛ قال الأَزهري: سمعت العرب تقول ناقة مُحَرَّمَةُ الظهرِ إِذا كانت صعبةً لم تُرَضْ و لم تُذَلَّلْ، و في الصحاح: ناقة مُحَرَّمةٌ أَي لم تَتِمَّ رياضتُها بَعْدُ. و
في حديث عائشة: إِنه أَراد البَداوَة فأَرسل إليَّ ناقة مُحَرَّمةً.
؛ هي التي لم تركب و لم تُذَلَّل. و المُحَرَّمُ من الجلود: ما لم يدبغ أَو دُبغ فلم يَتَمَرَّن و لم يبالغ، و جِلد مُحَرَّم: لم تتم دِباغته. و سوط مُحَرَّم: جديد لم يُلَيَّنْ بعدُ؛ قال الأَعشى:
تَرَى عينَها صَغْواءَ في جنبِ غَرْزِها،             تُراقِبُ كَفِّي و القَطيعَ المُحَرَّما

و في التهذيب: في جنب موقها تُحاذر كفِّي؛ أَراد بالقَطيع سوطه. قال الأَزهري: و قد رأَيت العرب يُسَوُّون سياطَهم من جلود الإِبل التي لم تدبغ، يأخذون الشَّريحة العريضة فيقطعون منها سُيوراً عِراضاً و يدفنونها في الثَّرَى، فإِذا نَدِيَتْ و لانت جعلوا منها أَربع قُوىً، ثم فتلوها ثم علَّقوها من شِعْبَي خشبةٍ يَرْكُزونها في الأَرض فتُقِلُّها من الأَرض ممدودةً و قد أَثقلوها حتى تيبس. و قوله تعالى: و حِرْم على قرية أهلكناها أَنهم لا يرجعون؛
روى قَتادةُ عن ابن عباس: معناه واجبٌ عليها إِذا هَلَكَتْ أَن لا ترجع إِلى دُنْياها.
؛ و قال أَبو مُعاذٍ النحويّ: بلغني عن ابن عباس أَنه قرأَها و حَرمَ على قرية أَي وَجَب عليها،
قال: و حُدِّثْت‏
__________________________________________________
 (1). قوله [و هو الذلول الوسط] ضبطت الطاء في القاموس بضمة، و في نسختين من المحكم بكسرها و لعله أقرب للصواب.

126
لسان العرب12

حرم ص 119

عن سعيد بن جبير أَنه قرأَها: و حِرْمٌ على قرية أَهلكناها؛ فسئل عنها فقال: عَزْمٌ عليها.
و قال أَبو إسحاق في قوله تعالى: وَ حَرامٌ عَلى‏ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها
؛ يحتاج هذا إِلى تَبْيين فإنه لم يُبَيَّنْ، قال: و هو، و الله أَعلم، أَن الله عز و جل لما قال: فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وَ إِنَّا لَهُ كاتِبُونَ، أَعْلَمنا أَنه قد حَرَّمَ أعمال الكفار، فالمعنى حَرامٌ عَلى‏ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها
 أَن يُتَقَبَّل منهم عَمَلٌ، ل أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ أَي لا يتوبون؛ و
روي أَيضاً عن ابن عباس أَنه قال في قوله: و حِرْمٌ على قرية أَهلكناها، قال: واجبٌ على قرية أَهلكناها أَنه لا يرجع منهم راجع أَي لا يتوب منهم تائب.
؛ قال الأَزهري: و هذا يؤيد ما قاله الزجاج، و روى الفراء بإِسناده عن ابن عباس: و حِرْمٌ؛ قال الكسائي: أَي واجب، قال ابن بري: إِنما تَأَوَّلَ الكسائي وَ حَرامٌ‏
 في الآية بمعنى واجب، لتسلم له لا من الزيادة فيصير المعنى عنده واجبٌ عَلى‏ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ، و من جعل حَراماً بمعنى المنع جعل لا زائدة تقديره و حَرامٌ على قرية أَهلكناها أَنهم يرجعون، و تأويل الكسائي هو تأْويل ابن عباس؛ و يقوّي قول الكسائي إِن حَرام في الآية بمعنى واجب قولُ عبد الرحمن بن جُمانَةَ المُحاربيّ جاهليّ:
فإِنَّ حَراماً لا أَرى الدَّهْرَ باكِياً             على شَجْوِهِ، إِلَّا بَكَيْتُ على عَمْرو

و قرأ أَهل المدينة وَ حَرامٌ‏
، قال الفراء: و حَرامٌ أَفشى في القراءة. و حَرِيمٌ: أَبو حَيّ. و حَرامٌ: اسم. و في العرب بُطون ينسبون إِلى آل حَرامٍ «1» بَطْنٌ من بني تميم و بَطْنٌ في جُذام و بطن في بكر بن وائل. و حَرامٌ: مولى كُلَيْبٍ. و حَريمةُ: رجل من أَنجادهم؛ قال الكَلْحَبَةُ اليَرْبوعيّ:
فأَدْرَكَ أَنْقاءَ العَرَادةِ ظَلْعُها،             و قد جَعَلَتْني من حَريمةَ إِصْبَعا

و حَرِمٌ: اسم موضع؛ قال ابن مقبل:
حَيِّ دارَ الحَيِّ لا حَيَّ بها،             بِسِخالٍ فأُثالٍ فَحَرِمْ‏

و الحَيْرَمُ: البقر، واحدتها حَيْرَمة؛ قال ابن أَحمر:
تَبَدَّلَ أُدْماً من ظِباءٍ و حَيْرَما


قال الأَصمعي: لم نسمع الحَيْرَمَ إِلا في شعر ابن أَحمر، و له نظائر مذكورة في مواضعها. قال ابن جني: و القولُ في هذه الكلمة و نحوها وجوبُ قبولها، و ذلك لما ثبتتْ به الشَّهادةُ من فَصاحة ابن أَحمر، فإِما أَن يكون شيئاً أَخذه عمن نَطَقَ بلغة قديمة لم يُشارَكْ في سماع ذلك منه، على حدّ ما قلناه فيمن خالف الجماعة، و هو فصيح كقوله في الذُّرَحْرَح الذُّرَّحْرَحِ و نحو ذلك، و إِما أَن يكون شيئاً ارتجله ابن أَحمر، فإِن الأَعرابي إِذا قَوِيَتْ فصاحتُه و سَمَتْ طبيعتُه تصرَّف و ارتجل ما لم يسبقه أَحد قبله، فقد حكي عن رُؤبَة و أَبيه: أَنهما كانا يَرْتَجِلان أَلفاظاً لم يسمعاها و لا سُبِقا إِليها، و على هذا قال أَبو عثمان: ما قِيس على كلام العَرَب فهو من كلام العرب. ابن الأَعرابي: الحَيْرَمُ البقر، و الحَوْرَمُ المال الكثير من الصامِتِ و الناطق. و الحِرْمِيَّةُ: سِهام تنسب إِلى الحَرَمِ، و الحَرَمُ قد يكون الحَرامَ، و نظيره زَمَنٌ و زَمانٌ.
__________________________________________________
 (1). قوله [إِلى آل حرام‏] هذه عبارة المحكم و ليس فيها لفظ آل.

127
لسان العرب12

حرم ص 119

و حَريمٌ الذي في شعر إمرئ القيس: اسم رجل، و هو حَريمُ بن جُعْفِيّ جَدُّ الشُّوَيْعِر؛ قال ابن بري يعني قوله:
بَلِّغا عَنِّيَ الشُّوَيْعِرَ أَني،             عَمْدَ عَيْنٍ، قَلَّدْتُهُنَّ حَريما

و قد ذكر ذلك في ترجمة شعر. و الحرَيمةُ: ما فات من كل مَطْموع فيه. و حَرَمَهُ الشي‏ء يَحْرِمُه حَرِماً مثل سَرَقَه سَرِقاً، بكسر الراء، و حِرْمَةً و حَريمةً و حِرْماناً و أَحْرَمَهُ أَيضاً إِذا منعه إِياه؛ و قال يصف امرأة:
و نُبِّئْتُها أَحْرَمَتْ قَوْمَها             لتَنْكِحَ في مَعْشَرٍ آخَرِينا «2»

قال ابن بري: و أَنشد أَبو عبيد شاهداً على أَحْرَمَتْ بيتين متباعد أَحدهما من صاحبه، و هما في قصيدة تروى لشَقِيق بن السُّلَيْكِ، و تروى لابن أَخي زِرّ ابن حُبَيْشٍ الفقيه القارئ، و خطب امرأَة فردته فقال:
و نُبِّئْتُها أَحْرَمَتْ قومها             لتَنكِح في معشرٍ آخَرينا
فإِن كنتِ أَحْرَمْتِنا فاذْهَبي،             فإِن النِّساءَ يَخُنَّ الأَمينا
و طُوفي لتَلْتَقِطي مِثْلَنا،             و أُقْسِمُ باللهِ لا تَفْعَلِينا
فإمّا نَكَحْتِ فلا بالرِّفاء،             إِذا ما نَكَحْتِ و لا بالبَنِينا
و زُوِّجْتِ أَشْمَطَ في غُرْبة،             تُجَنُّ الحَلِيلَة منه جُنونا
خَليلَ إماءٍ يُراوِحْنَهُ،             و للمُحْصَناتِ ضَرُوباً مُهِينا
إِذا ما نُقِلْتِ إِلى دارِهِ             أَعَدَّ لظهرِكِ سوطاً مَتِينا
و قَلَّبْتِ طَرْفَكِ في مارِدٍ،             تَظَلُّ الحَمامُ عليه وُكُونايُشِمُّكِ أَخْبَثَ أَضْراسِه،             إِذا ما دَنَوْتِ فتسْتَنْشِقِينا
كأَن المَساويكَ في شِدْقِه،             إِذا هُنَّ أُكرِهن، يَقلَعنَ طينا
كأَنَّ تَواليَ أَنْيابِهِ             و بين ثَناياهُ غِسْلًا لَجِينا

أَراد بالمارِدِ حِصْناً أَو قَصراً مما تُعْلى حيطانُه و تُصَهْرَجُ حتى يَمْلاسَّ فلا يقدر أَحد على ارتقائه، و الوُكُونُ: جمع واكِنٍ مثل جالس و جُلوسٍ، و هي الجاثِمة، يريد أَن الحمام يقف عليه فلا يُذْعَرُ لارتفاعه، و الغِسْل: الخطْمِيُّ، و اللَّجِينُ: المضروب بالماء، شبَّه ما رَكِبَ أَسنانَه و أَنيابَه من الخضرة بالخِطميّ المضروب بالماء. و الحَرِمُ، بكسر الراء: الحِرْمانُ؛ قال زهير:
و إِنْ أَتاه خليلٌ يوم مَسْأَلةٍ             يقولُ: لا غائبٌ مالي و لا حَرِمُ‏

و إِنما رَفَعَ يقولُ، و هو جواب الجزاء، على معنى التقديم عند سيبويه كأَنه قال: يقول إِن أَتاه خليل لا غائب، و عند الكوفيين على إضمار الفاء؛ قال ابن بري:
__________________________________________________
 (2). قوله [و نبئتها] في التهذيب: و أنبئتها.

128
لسان العرب12

حرم ص 119

الحَرِمُ الممنوع، و قيل: الحَرِمُ الحَرامُ. يقال: حِرْمٌ و حَرِمٌ و حَرامٌ بمعنى. و الحَريمُ: الصديق؛ يقال: فلان حَريمٌ صَريح أَي صَديق خالص. قال: و قال العُقَيْلِيُّونَ حَرامُ الله لا أَفعلُ ذلك، و يمينُ الله لا أَفعلُ ذلك، معناهما واحد. قال: و قال أَبو زيد يقال للرجل: ما هو بحارِم عَقْلٍ، و ما هو بعادِمِ عقل، معناهما أَن له عقلًا. الأَزهري: و
في حديث بعضهم إِذا اجتمعت حُرْمتانِ طُرِحت الصُّغْرى للكُبْرى.
؛ قال القتيبي: يقول إِذا كان أَمر فيه منفعة لعامَّة الناس و مَضَرَّةٌ على خاصّ منهم قُدِّمت منفعة العامة، مثال ذلك: نَهْرٌ يجري لشِرْب العامة، و في مَجْراه حائطٌ لرجل و حَمَّامٌ يَضُرُّ به هذا النهر، فلا يُتْرَكُ إجراؤه من قِبَلِ هذه المَضَرَّة، هذا و ما أَشبهه، قال: و
في حديث عمر، رضي الله عنه: في الحَرامِ كَفَّارةُ يمينٍ.
؛ هو أَن يقول حَرامُ الله لا أَفعلُ كما يقول يمينُ اللهِ، و هي لغة العقيلِييّن، قال: و يحتمل أَن يريد تَحْريمَ الزوجة و الجارية من غير نية الطلاق؛ و منه قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ‏
، ثم قال عز و جل: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ؛ و منه‏
حديث عائشة، رضي الله عنها: آلى رسول الله، صلى الله عليه و سلم، من نسائه و حَرَّمَ فجعل الحَرامَ حلالًا.
تعني ما كان حَرّمهُ على نفسه من نسائه بالإِيلاء عاد فأَحَلَّهُ و جعل في اليمين الكفارةَ. و
في حديث عليّ «1»
 في الرجل يقول لامرأته: أَنتِ عليَّ حَرامٌ.
و
حديث ابن عباس: من حَرّمَ امرأَته فليس بشي‏ءٍ.
و
حديثه الآخر: إِذا حَرَّمَ الرجل امرأَته فهي يمينٌ يُكَفِّرُها.
و الإِحْرامُ و التَّحْريمُ بمعنى؛ قال يصف بعيراً:
له رِئَةٌ قد أَحْرَمَتْ حِلَّ ظهرِهِ،             فما فيه للفُقْرَى و لا الحَجِّ مَزْعَمُ‏

قال ابن بري: الذي رواه ابن وَلَّاد و غيره: له رَبَّة، و قوله مَزْعَم أَي مَطْمع.
و قوله تعالى: لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ*
؛ قال ابن عباس: هو المُحارِف.
أَبو عمرو: الحَرُومُ الناقة المُعْتاطةُ الرَّحِمِ، و الزَّجُومُ التي لا تَرْغُو، و الخَزُوم المنقطعة في السير، و الزَّحُوم التي تزاحِمُ على الحوض. و الحَرامُ: المُحْرِمُ. و الحَرامُ: الشهر الحَرامُ. و حَرام: قبيلة من بني سُلَيْمٍ؛ قال الفرزدق:
فَمَنْ يَكُ خائفاً لأَذاةِ شِعْرِي،             فقد أَمِنَ الهجاءَ بَنُو حَرامِ‏

و حَرَام أَيضاً: قبيلة من بني سعد بن بكر. و التَّحْرِيمُ: الصُّعوبة؛ قال رؤبة:
دَيَّثْتُ من قَسْوتِهِ التَّحرِيما


يقال: هو بعير مُحَرَّمٌ أَي صعب. و أَعرابيّ مُحَرَّمٌ أَي فصيح لم يخالط الحَضَرَ. و قوله‏
في الحديث: أَ ما عَلِمْتَ أَن الصورة مُحَرَّمةٌ؟.
أَي مُحَرَّمَةُ الضربِ أَو ذات حُرْمةٍ، و
الحديث الآخر: حَرَّمْتُ الظلمَ على نفسي.
أَي تَقَدَّسْتُ عنه و تعالَيْتُ، فهو في حقه كالشي‏ء المُحَرَّم على الناس. و
في الحديث الآخر: فهو حَرامٌ بحُرمة الله.
أَي بتحريمه، و قيل: الحُرْمةُ الحق أَي بالحق المانع من تحليله. و
حديث الرضاع: فَتَحَرَّمَ بلبنها.
أَي صار عليها حَراماً. و
في حديث ابن عباس: و ذُكِرَ عنده قولُ عليّ أَو عثمان في الجمع بين الأَمَتَيْن الأُختين: حَرَّمَتْهُنَّ آيةٌ و أَحَلَّتْهُنَّ آيةٌ، فقال: يُحَرِّمُهُنَّ عليَّ قرابتي‏
__________________________________________________
 (1). قوله [و في حديث عليّ إلخ‏] عبارة النهاية: و منه حديث عليّ إلخ.

129
لسان العرب12

حرم ص 119

منهن و لا يُحرِّمُهُنَّ قرابةُ بعضهن من بعض.
؛ قال ابن الأَثير: أَراد ابن عباس أَن يخبر بالعِلَّة التي وقع من أجلها تَحْريمُ الجمع بين الأُختين الحُرَّتَين فقال: لم يقع ذلك بقرابة إِحداهما من الأُخرى إِذ لو كان ذلك لم يَحِلَّ وطءُ الثانية بعد وطء الأُولى كما يجري في الأُمِّ مع البنت، و لكنه وقع من أجل قرابة الرجل منهما فَحُرمَ عليه أَن يجمع الأُختَ إِلى الأُخت لأَنها من أَصْهاره، فكأَن ابن عباس قد أَخْرَجَ الإِماءَ من حكم الحَرائر لأَنه لا قرابة بين الرجل و بين إمائِه، قال: و الفقهاء على خلاف ذلك فإنهم لا يجيزون الجمع بين الأُختين في الحَرائر و الإِماء، فالآية المُحَرِّمةُ قوله تعالى: وَ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ، و الآية المُحِلَّةُ قوله تعالى: ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ.
حرجم:
حَرْجَمَ الإِبلَ: رَدَّ بعضَها على بعض. و حَرْجَمْتُ الإِبل فاحْرَنْجَمَتْ إِذا رَدَدْتَها فارتد بعضها على بعض و اجْتَمعت؛ قال رؤبة:
عايَنَ حَيّاً كالحِراجِ نَعَمُهْ،             يكونُ أَقْصى شَلِّهِ مُحْرَنْجِمُهْ‏

و
في حديث خزيمة: و ذكر السَّنة فقال تَرَكَتْ كذا و كذا و الذِّيخ مُحْرَنْجِماً.
أَي منقبضاً مجتمعاً كالحاً من شدة الجَدْب أَي عَمَّ المَحْلُ حتى نال السِّباعَ و البهائم، و الذِّيخُ: ذكر الضِّباع، و النون في احْرَنْجَمَ زائدة. الأَصمعي: المُحْرَنْجِمُ المجتمع. الليث: حَرْجَمْتُ: الإِبل إِذا رددتَ بعضها على بعض؛ و أَنشد البيت:
يكون أَقْصى شَلِّهِ مُحْرَنْجِمُهْ‏


قال الباهلي: معناه أَن القوم إِذا فاجأَتهم الغارةُ لم يطردوا نَعَمَهُمْ و كان أَقْصى طردِهِمْ لها أَن يُنِيخوها في مباركها ثم يقاتِلوا عنها، و مَبْرَكُها هو مُحْرَنْجَمُها الذي تَحْرَنْجِمُ فيه و تجتمع و يدنو بعضُها من بعض. الجوهري: احْرَنْجَمَ القومُ ازدحموا. و المُحْرَنْجِمُ: العدد الكثير؛ و أَنشد:
الدار أَقْوَتْ بعد مُحْرَنْجِمِ،             من مُعْرِبٍ فيها و من مُعْجِمِ‏

و احْرَنْجَمَ الرجلُ: أَراد الأَمر ثم كَذَّبَ عنه. و احْرَنْجَمَ القومُ: اجتمع بعضهم إِلى بعض. و احْرَنْجَمَت الإِبل: اجتمعت و بركت، اعْرَنزَم و اقْرَنْبَعَ و احْرَنْجَمَ إِذا اجتمع. و قوله‏
في الحديث: إِن في بلدنا حَرَاجِمَةً.
أَي لصوصاً؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في بعض كتب المتأَخرين، قال: و هو تصحيف و إِنما هو بجيمين، كذا جاء في كتب الغريب و اللغة إِلّا أَن يكون قد أَثبتها فرواها.
حردم:
الحَرْدَمَةُ: اللجاج.
حرزم:
حَرْزَمَهُ: ملأَه. و حَرْزَمَهُ الله: لعنه. و حَرْزَمٌ: رجل. و حَرْزَمٌ: جمل معروف؛ قال:
لأَعْلِطَنَّ حَرْزَماً بعَلْطِ             بلِيتِهِ عند وُضوحِ الشَّرْطِ

حرسم:
الحِرْسِمُ: السَّمُّ؛ عن اللحياني، و قال مرة: سقاه الله الحِرْسِمَ و هو المَوْت. اللحياني: سقاه الله الحِرْسِمَ و هو السَّمُّ القاتل. و يقال: ما لَهُ سقاه الحِرْسِمَ و كأس الذَّيفَان لم أَسمعه لغيره؛ قال: رأَيته مقيداً بخطه في كتاب اللحياني الجِرْسِم، بالجيم، و هو الصواب، و ليس الجِرْسِمُ من هذا الباب هو في الجيم. أَبو عمرو: الحَراسيمُ و الحَراسِينُ السِّنون المُقْحِطاتُ. ابن الأَعرابي: الحِرْسِمُ الزَّاوِيةُ.

130
لسان العرب12

حرقم ص 131

حرقم:
حَرْقَمٌ: موضع؛ التهذيب: قرئ على شمر في شعر الحُطَيْئةِ:
 فقلتُ له: أَمْسِكْ فَحَسْبُكَ، إِنَّما             سأَلْتُكَ صِرْفاً من جيادِ الحَراقِمِ‏

قال: الحَراقِمُ الأَدَمُ و الصُّوف الأَحمر «1».
حرهم:
قال ابن بري: ناقة حُراهِمَةٌ أَي ضخمة؛ قال ساعدة بن جؤَيَّة يصف ضبعاً:
تراها، الضَّبْعُ أَعْظَمَهُنَّ رأْساً،             حُراهِمَةً لها حِرَةٌ و ثِيلُ‏

الضَّبُعُ حُراهِمَةٌ عُراهِمَةٌ.
حزم:
الحَزْمُ: ضبط الإِنسان أَمره و الأَخذ فيه بالثِّقة. حَزُمَ، بالضم، يَحْزُم حَزْماً و حَزامَةً و حُزُومة، و ليست الحُزُومةُ بثبت. و رجل حازمٌ و حَزيمٌ من قوم حَزَمة و حُزَماء و حُزَّمٍ و أَحْزامٍ و حُزَّامٍ: و هو العاقل المميز ذو الحُنْكةِ. و قال ابن كَثْوَةَ: من أَمثالهم: إِن الوَحَا من طعام الحَزْمَة؛ يضرب عند التَّحَشُّد على الانْكِماش و حَمْدِ المُنْكَمِشِ. و الحَزْمَةُ: الحَزْمُ. و يقال: تَحَزَّم في أَمرك أَي اقبله بالحَزْم و الوَثاقة. و
في الحديث: الحَزْمُ سوء الظن.
؛ الحَزْمُ ضبط الرجل أَمْرَه و الحَذَرُ من فواته. و
في حديث الوِتْر: أَنه قال لأَبي بكر أَخذتَ بالحَزْم.
و
في الحديث: ما رأَيتُ من ناقصات عقل و دِينٍ أَذهبَ للُبِّ الحازِمِ من إحداكن.
أَي أَذْهَبَ لعقل الرجل المُحْتَرِزِ في الأُمور، المستظهر فيها. و
في الحديث: أَنه سُئِلَ ما الحَزْمُ؟ فقال: الحَزْمُ أَن تستشير أَهل الرأْي و تطيعهم.
الأَزهري: أُخِذَ الحَزْمُ في الأُمور، و هو الأَخذ بالثِّقة، من الحَزْمِ، و هو الشدّ بالحِزامِ و الحبل استيثاقاً من المَحْزوم؛ قال ابن بري: و في المثل: قد أَحْزِمُ لو أَعْزِمُ أَي قد أَعرف الحَزْمَ و لا أَمضي عليه. و الحَزْمُ: حزْمُكَ الحطب حُزْمةً. و حَزَمَ الشي‏ء يَحْزِمُه حَزْماً: شده. و الحُزْمَةُ: ما حُزِمَ. و المِحْزَمُ و المِحْزَمةُ و الحِزامُ و الحِزامَةُ: اسم ما حُزِمَ به، و الجمع حُزُمٌ. و احْتَزَمَ الرجلُ و تَحَزَّمَ بمعنى، و ذلك إِذا شَدَّ وسطه بحبل. و
في الحديث: نهى أَن يصلي الرجل بغير حِزامٍ.
أَي من غير أَن يشُدَّ ثوبه عليه، و إِنما أَمر بذلك لأَنهم قَلَّما يَتَسَرْوَلُونَ، و من لم يكن عليه سَراويلُ، أَو كان عليه إزار، أَو كان جَيْبُه واسعاً و لم يَتَلَبَّبْ أَو لم يشد وسْطه فربما انكشفت عورتُه و بطلت صلاته. و
في الحديث: نهى أَن يصلي الرجلُ حتى يَحْتَزِمَ.
أَي يتَلَبَّبَ و يشد وسطه. و
في الحديث الآخر: أَنه أَمر بالتَّحَزُّمِ في الصلاة.
و
في حديث الصوم: فتَحَزَّمَ المفطرون.
أَي تلَبَّبُوا و شدوا أَوساطهم و عَمِلُوا للصائمين. و الحِزامُ للسَّرْج و الرحْل و الدابةِ و الصبيّ في مَهْدِه. و فرس نبيلُ المِحْزَمِ. و حِزامُ الدابة معروف، و منه قولهم: جاوَزَ الحِزامُ الطُّبْيَيْنِ. و حَزَمَ الفرسَ: شَدَّ حزامَهُ: قال لبيد:
حتى تَحَيَّرَتِ الدِّبارُ كأَنها             زَلَفٌ، و أُلقِيَ قِتْبُها المَحْزوم‏

تَحَيَّرَت: امتلأَت ماءً. و الدّبارُ: جمع دَبْرةٍ
__________________________________________________
 (1). قوله [و الصوف الأَحمر] هكذا في الأَصل، و الذي في التهذيب: و الصرف بالراء و مثله في التكملة و مقصودهما تفسير لفظ الصرف المذكور في البيت بالأَحمر، و قد نطقت بذلك عبارة التكملة و منه يعلم ما في القاموس من جعله كلا من الأَدم و الصرف الأَحمر معنى للحراقم و ما في شرحه من تصويب الصوف الأَحمر اغتراراً بنسخة اللسان.

131
لسان العرب12

حزم ص 131

أَو دِبارَة، و هي مَشارَةُ الزرع. و الزَّلَفُ: جمع زَلَفَةٍ و هي مَصْنَعة الماء الممتلئة، و قيل: الزَّلَفَةُ المَحارَةُ أَي كأَنها محار مملوءة. و أَحْزَمهُ: جعل له حِزاماً، و قد تَحَزَّمَ و احْتَزَمَ. و مَحْزِمُ الدابة: ما جرى عليه حِزامُها. و الحَزيمُ: موضع الحِزامِ من الصدر و الظهرِ كله ما استدار، يقال: قد شَمَّر و شدَّ حَزيمَهُ؛ و أَنشد:
شيخٌ، إِذا حُمِّلَ مَكْروهة،             شَدَّ الحَيازِيمَ لها و الحَزِيما

و
في حديث عليّ، عليه السلام:
اشْدُدْ حَيازيمكَ للمَوْتِ،             فإِن المَوْتَ لاقِيكا «1».


هي جمع الحَيْزُوم، و هو الصَّدْر، و قيل: وسطه، و هذا الكلام كناية عن التَّشَمُّرِ للأَمر و الاستعداد له. و الحَزيمُ: الصدر، و الجمع حُزُمٌ و أَحْزِمَةٌ؛ عن كراع. قال ابن سيدة: و الحَزيمُ و الحَيْزُومُ وسط الصدر و ما يُضَمُّ عليه الحِزامُ حيث تلتقي رؤوس الجَوانح فوق الرُّهابةِ بحِيالِ الكاهِل؛ قال الجوهري: و الحَزيمُ مثله. يقال: شددت لهذا الأَمر حَزيمي، و استحسن الأَزهري التفريق بين الحَزيم و الحَيْزُوم و قال: لم أَر لغير الليث هذا الفرق. قال ابن سيدة: و الحَيْزوم أَيضاً الصدر، و قيل: الوسط، و قيل: الحيَازيمُ ضلوع الفُؤاد، و قيل: الحَيْزوم ما استدار بالظهر و البطن، و قيل: الحَيْزومانِ ما اكتنف الحُلْقوم من جانب الصدر؛ أَنشد ثعلب:
يدافِعُ حَيْزومَيْهِ سُخْنُ صَريحِها،             و حلقاً تراه للثُّمالَةِ مُقْنَعا

و اشْدُدْ حَيْزومَكَ و حيَازيمك لهذا الأَمر أَي وطِّنْ عليه. و بعير أَحْزَمُ: عظيم الحَيْزوم، و في التهذيب: عظيمُ موضعِ الحِزام. و الأَحْزَمُ: هو المَحْزِمُ أَيضاً، يقال: بعير مُجْفَرُ الأَحْزَمِ؛ قال ابن فَسْوة التميمي:
تَرى ظَلِفات الرَّحْل شُمّاً تُبينها             بأَحْزَمَ، كالتابوت أَحزَمَ مُجْفَرِ

و منه قول ابنة الخُسِّ لأَبيها: اشْتَرِه أَحْزَمَ أَرْقَب. الجوهري: و الحَزَمُ ضدُّ الهَضَمِ، يقال: فرس أَحْزَمُ و هو خلاف الأَهْضَم. و الحُزْمةُ: من الحطب و غيره. و الحَزْمُ: الغليظ من الأَرض، و قيل: المرتفع و هو أَغْلَظُ و أَرفع من الحَزْنِ، و الجمع حُزومٌ؛ قال لبيد:
فكأَنَّ ظُعْنَ الحَيِّ، لما أَشْرَفَتْ             في الآلِ، و ارْتَفَعَتْ بهنَّ حُزومُ،
نَخْلٌ كَوارِعُ في خَليج مُحَلِّمٍ             حَمَلَتْ، فمنها موقَرٌ مَكْمومُ‏

و زعم يعقوب أَن ميم حَزْمٍ بدل من نون حَزْنٍ. و الأَحْزَمُ و الحَيْزُوم: كالحَزْم؛ قال:
تاللهِ لو لا قُرْزُلٌ، إِذ نَجا،             لكانَ مأوى خَدِّكَ الأَحْزَما

و رواه بعضهم‏
... الأَحَرَما


أَي لقطع رأسك فسقط على أَخْرَمِ كتفيه. و الحَزْمُ من الأَرض: ما احْتَزَمَ من السيل من نَجَوات الأَرض و الظُّهور، و الجمع‏
__________________________________________________
 (1). قوله [اشدد حيازيمك إلخ‏] هذا بيت من الهزج مخزوم كما استشهد به العروضيون على ذلك و بعده:
و لا تجزع من الموت             إِذا حل بناديكا.

132
لسان العرب12

حزم ص 131

الحُزُوم. و الحَزْمُ: ما غَلُظ من الأَرض و كثرت حجارته و أَشرف حتى صار له إِقبال لا تعلوه الإِبلُ و الناس إِلا بالجَهْد، يعلونه من قِبَلِ قُبْلهِ، أَو هو طين و حجارة و حجارته أَغلظ و أَخشن و أكْلَبُ من حجارة الأَكَمَةِ، غير أَن ظهره عريض طويل ينقاد الفرسخين و الثلاثةَ، و دون ذلك لا تعلوها الإِبل إِلا في طريق له قُبْل، و قد يكون الحَزْم في القُفِّ لأَنه جبل و قُفٌّ غير أَنه ليس بمستطيل مثل الجَبَلِ، و لا يُلْفَى الحَزْمُ إِلا في خشونة و قُفّ؛ قال المَرَّارُ بن سعيد في حَزمِ الأَنْعَمَيْنِ:
بحَزْم الأَنْعَمَيْنِ لهُنَّ حادٍ،             مُعَرّ ساقَهُ غَرِدٌ نَسولُ‏

قال: و هي حُزومٌ عِدَّةٌ، فمنها حَزْما شَعَبْعَبٍ و حَزْمُ خَزازى، و هو الذي ذكره ابن الرِّقاعِ في شعره:
فَقُلْتُ لها: أَنَّى اهْتَدَيْتِ و دونَنا             دُلوكٌ، و أَشرافُ الجِبالِ القَواهِرُ
و جَيْحانُ جَيْحانُ الجُيوشِ و آلِسٌ،             و حَزْمُ خَزازَى و الشُّعوبُ القَواسِرُ

و يروى‏
... العَواسِرُ


؛ و منها حَزْمُ جَديدٍ ذكره المرَّار فقال:
يقولُ صِحابي، إِذ نَظَرْتُ صَبابةً             بحَزْمِ جَدِيدٍ: ما لِطَرْفِك يَطْمَحُ؟

و منها حَزْمُ الأَنْعَمَيْنِ الذي ذكره المرار أَيضاً؛ و سَمَّى الأَخطلُ الحَزْمَ من الأَرض حَيْزُوماً فقال:
فَظَلّ بحَيْزُومٍ يفُلُّ نُسورَهُ،             و يوجِعُها صَوَّانُهُ و أَعابِلُهْ‏

ابن بري: الحَيزُوم الأَرض الغليظة؛ عن اليزيدي. و الحَزَمُ: كالغَصَصِ في الصدر، و قد حَزِمَ يَحْزَمُ حَزَماً. و حَزْمَةُ: اسم فرس معروفة من خيل العرب، قال: و حَزْمَةُ في قول حَنْظَلَةَ بن فاتِكٍ الأَسَدِيّ:
أَعْدَدْتُ حَزْمَةَ، و هي مُقْرَبَةٌ،             تُقْفَى بقوتِ عِيالِنا و تُصانُ‏

اسم فرس؛ قال ابن بري: ذكر الكلبيُّ أَن اسمها حَزْمَةُ، قال: و كذا وجدته، بفتح الحاء، بخط من له عِلمٌ؛ و أَنشد لحَنْظَلَة بن فاتِكٍ الأَسديّ أَيضاً:
جَزَتْني أَمْسِ حَزْمَةُ سَعْيَ صِدْقٍ،             و ما أَقْفَيْتُها دون العِيالِ‏

و حَيْزُومُ: اسم فرس جبريل، عليه السلام. و
في حديث بَدْرٍ: أَنه سمع صوته يوم بدر يقول: أَقْدِم حَيْزُومُ.
؛ أَراد أقْدِمْ يا حَيْزومُ فحذف حرف النداء، و الياء فيه زائدة؛ قال الجوهري: حَيْزُوم اسم فرس من خيل الملائكة. و حِزامٌ و حازِمٌ: اسمان. و حَزيمةُ: اسم فارس من فرسان العرب. و الحَزيمَتانِ و الزَّبينتانِ من باهِلَةَ بن عَمْرو بن ثَعْلبَة، و هما حَزِيمَةُ و زبينةُ؛ قال أَبو مَعْدانَ الباهليّ:
جاء الحزائِمُ و الزّبائِنُ دُلْدُلًا،             لا سابِقينَ و لا مَعَ القُطَّانِ‏
فَعَجِبْتُ من عَوفٍ و ما ذا كُلِّفَتْ،             و تَجِي‏ء عَوْفٌ آخِرَ الرُّكْبان‏

133
لسان العرب12

حزرم ص 134

حزرم:
قال ابن بري: حَزْرَمٌ جبل؛ قال الشاعر:
سَيَسْعَى لزَيدِ اللهِ وافٍ بِذِمَّةٍ،             إِذا زالَ عَنْهُمْ حَزْرَمٌ و أَبانُ‏

حسم:
الحَسْمُ: القطع، حَسَمَهُ يَحْسِمُهُ حَسْماً فانْحَسَمَ: قَطعه. و حَسَمَ العِرْقَ: قطعه ثم كواهُ لئلا يسيل دَمُهُ، و هو الحَسْمُ. و حَسَمَ الداءَ: قطعه بالدواء. و
في الحديث: عليكم بالصوم فإِنه مَحْسَمةٌ للعِرْق و مَذْهَبَةٌ للأَشَرِ.
أَي مقطعة للنكاح؛ و قال الأَزهري: أَي مَجْفَرة مَقْطعة للباهِ. و الحُسامُ: السيف القاطع. و سيف حُسامٌ: قاطع، و كذلك مُدْيَةٌ حُسامٌ كما قالوا مُدْيَةٌ هُذام و جُرازٌ؛ حكاه سيبويه؛ و قول أَبي خِراش الهذلي:
و لو لا نَحْنُ أَرْهَقَهُ صُهَيْبٌ،             حُسامَ الحَدِّ مَذْروباً خَشيبا

يَعْني سيفاً حديدَ الحدِّ، و يروى: حُسامَ السيفِ أَي طَرَفَهُ. و خشيباً أَي مَصْقولًا. و حُسامُ السيف: طرَفُهُ الذي يُضْرَبُ به، سمي بذلك لأَنه يَحْسِمُ «2»، الدم أَي يسبقه فكأَنه يكويه. و الحَسْمُ: المنع. و حَسَمَه الشي‏ءَ يَحْسِمُهُ حَسْماً: منعه إِياه. و المَحْسُومُ: الذي حُسِمَ رَضاعُه و غِذاؤُه أَي قُطِعَ. و يقال للصبي السَّيِ‏ء الغذاء: مَحسُومٌ. و تقول: حَسَمَتْه الرَّضاعَ أُمُّه تَحْسِمُهُ حَسْماً، و يقال: أَنا أَحْسِمُ على فلان الأَمر أَي أَقطعه عليه لا يَظْفَرُ منه بشي‏ء. و
في الحديث: أَنه أُتيَ بسارق فقال اقْطعوه ثم احْسِموه.
أَي اقطعوا يده ثم اكووها لينقطع الدم. و المَحْسومُ: السَّيِ‏ءُ الغِذاء؛ و من أَمثالهم: وَلْغُ جُرَيّ كان مَحْسوماً؛ يقال عند استكثار الحريص من الشي‏ء، لم يكن يَقْدِرُ عليه فقَدَرَ عليه، أَو عند أَمره بالاستكثار حين قَدَرَ. و الحُسُوم: الشُّؤْمُ. و أَيام حُسومٌ، وصفت بالمصدر: تقطع الخيرَ أَو تمنعه، و قد تضاف، و الصفة أَعلى. و في التنزيل: سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَ ثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً
؛ و قيل: الأَيام الحُسومُ الدائمة في الشر خاصةً، و على هذا فسر بعضهم هذه الآية التي تلوناها، و قيل: هي المُتَواليةُ؛ قال ابن سيدة: و أُراه المتوالية في الشر خاصةً؛ قال الفراء: الحُسومُ التِّباعُ، إِذا تَتابع الشي‏ءُ فلم ينقطع أَولهُ عن آخره قيل له حُسومٌ. و قال ابن عرفة في قوله: ثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً
 أَي متتابعة؛ قال أَبو منصور: أَراد متتابعة لم يُقطع أَوله عن آخره كما يُتابَعُ الكَيُّ على المقطوع ليَحْسِمَ دمَهُ أَي يقطعه، ثم قيل لكل شي‏ء تُوبِعَ: حاسِمٌ، و جمعه حُسومٌ مثل شاهِدٍ و شُهودٍ. و يقال: اقطعوه ثم احْسِموهُ أَي اقطعوا عنه الدم بالكي، و الحَسْمُ: كَيُّ العِرْقِ بالنار. و
في حديث سَعْدٍ: أَنه كواه في أَكْحَلِهِ ثم حَسَمَهُ.
أَي قطع الدم عنه بالكَيّ. الجوهري: يقال الليالي الحُسُومُ لأَنها تَحْسِمُ الخير عن أَهلها، قيل: إِنما أُخِذَ من حَسْمِ الداء إِذا كُوِيَ صاحبُه، لأَنه يُحْمَى يُكوى بالمِكْواة ثم يتابَعُ ذلك عليه؛ و قال الزجاج: الذي توجِبُه اللغةُ في معنى قوله حُسُوماً
 أَي تَحْسِمُهُمْ حُسوماً أَي تُذْهبهم و تُفْنيهم؛ قال الأَزهري: و هذا كقوله عز و علا: فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا. و قال يونس: الحُسُومُ يورِثُ الحُشومَ، و قال: الحُسومُ الدُّؤوبُ، قال: و الحُشومُ الإِعْياءُ.
__________________________________________________
 (2). قوله [لأَنه يحسم إلخ‏] عبارة المحكم: لأَنه يحسم العدو عما يريد من بلوغ عداوته، و قيل: سمي بذلك لأَنه يحسم الدم إلخ.

134
لسان العرب12

حسم ص 134

و يقال: هذه ليالي الحُسوم تَحْسِمُ الخيرَ عن أَهلها كما حُسِمَ عن عاد في قوله عز و جل: ثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً
 أَي شُؤْماً عليهم و نَحْساً. و الحَيْسُمانُ و الحَيْمُسان جميعاً: الآدَمُ «1»، و به سمي الرجل حَيْسُماناً. و الحَيْسُمانُ: اسم رجل من خزاعة؛ و منه قول الشاعر:
و عَرَّدَ عَنّا الحَيْسُمانُ بن حابس‏


الجوهري: و حِسْمَى، بالكسر، أَرض بالبادية فيها جبال شَواهِقُ مُلسُ الجوانب لا يكاد القَتامُ يفارقها. و
في حديث أَبي هريرة: لتُخْرِجَنَّكم الرُّومُ منها كَفْراً كَفْراً إِلى سُنْبُكٍ من الأَرض، قيل: و ما ذاك السُّنْبُكُ؟ قال: حِسْمى جُذامَ.
؛ ابن سيدة حِسْمى موضع باليمن، و قيل: قبيلة جُذامَ. قال ابن الأَعرابي: إِذا لم يَذْكُرْ كُثَيِّرٌ غَيْقَةَ فحِسْمَى، و إِذا ذَكَرَ غَيْقَة فَحَسْنا «2»؛ و أَنشد الجوهري للنابغة:
فأَصبَحَ عاقِلًا بجبال حِسْمَى،             دِقاقَ التُّرْبِ مُحْتَزِمَ القَتامِ‏

قال ابن بري: أَي حِسْمى قد أَحاط به القَتامُ كالحزام له. و
في الحديث: فَلَهُ مثل قُورِ حِسْمَى.
؛ حِسْمى، بالكسر و القصر: اسم بلد جُذام. و القُور: جمع قارةٍ و هي دون الجبل. أَبو عمرو: الأَحْسَمُ الرجلُ البازِل القاطع للأُمور. و قال ابن الأَعرابي: الحَيْسَمُ الرجل القاطع للأُمور الكيِّس. و قال ثعلب: حِسْمَى و حُسُمٌ و ذو حُسُمٍ و حُسَمٌ و حاسِمٌ مواضع بالبادية؛ قال النابغة:
عَفا حُسُمٌ من فَرْتَنا فالفَوارِعُ،             فجَنْبا أَريكٍ، فالتِّلاعُ الدَّوافِعُ‏

و قال مُهَلْهِلٌ:
أَ ليْلَتَنا بذي حُسُمٍ أَنِيري،             إِذا أَنْتِ انقضيْتِ فلا تَحُوري‏

حشم:
الحِشْمَةُ: الحَياءُ و الانْقِباضُ، و قد احْتَشَمَ عنه و منه، و لا يقال احْتَشَمَهُ. قال الليث: الحِشْمَةُ الانقباض عن أَخيك في المَطْعَمِ و طلبِ الحاجةِ؛ تقول: احْتَشَمْتَ و ما الذي أَحْشَمَكَ، و يقال حَشَمَكَ، فأَما قول القائل: و لم يَحْتَشِمْ ذلك فإنه حذف مِنْ و أَوصل الفعلَ. و الحِشْمَةُ و الحُشْمَةُ: أَن يجلس إليك الرجل فتؤذِيَهُ و تُسْمِعَهُ ما يَكْرَهُ، حَشَمَه يَحْشِمُهُ و يَحْشُمُه حَشْماً و أَحْشَمَهُ. و حَشَمْتُه: أَخجلته، و أَحْشَمْتُهُ: أَغضبته. قال ابن الأَثير: مذهب ابن الأَعرابي أَن أَحْشَمْتُه أَغضبته، و حَشَمْتُه أَخجلته، و غيره يقول: حَشَمْتُه و أَحْشَمْتُه أَغضبته، و حَشَمْتُه و أَحْشَمتُه أَيضاً أَخْجَلْتُه. و يقال للمُنْقَبِض عن الطعام: ما الذي حَشَمَكَ و أَحْشَمكَ، من الحِشْمَةِ و هي الاستحياء. قال أَبو زيد: الإِبَةُ الحَياء، يقال: أَوْأَبْتُه فاتّأَبَ أَي احتشم. و
روي عن ابن عباس أَنه قال: لكل داخلٍ دَهشةٌ فابْدَؤُوه بالتَّحِيَّةِ، و لكل طاعم حشْمَةٌ فابدؤوه باليمين.
و أَنشد ابن بري لكُثَيِّر في الاحتِشام بمعنى الاستحياء:
إنِّي، مَتى لم يَكُنْ عَطاؤهما             عندي بما قد فَعَلْتُ، أَحْتَشِمُ‏

__________________________________________________
 (1). قوله [جميعاً الآدم‏] الذي في المحكم: الضخم الآدم.
 (2). قوله [فحسنا] بالفتح ثم السكون و نون و ألف مقصورة و كتابته بالياء أولى لأَنه رباعيّ، قال ابن حبيب: حسنى جبل قرب ينبع. و كلام ابن الأَعرابي غامض، لا يُدرى إِلى أَي قولٍ قاله كثيّر يعود.

135
لسان العرب12

حشم ص 135

و قال عنترة:
و أَرى مَطاعِمَ لو أَشاءُ حَوَيتُها،             فيَصُدُّني عنها كثيرُ تَحَشُّمِي‏

و قال ساعدة:
إِن الشَّبابَ رِداءٌ مَنْ يَزِنْ تَرَهُ             يُكْسَى جَمالًا و يُفْسِدْ غير مُحتَشِم «1».

و
في الحديث حديث عليّ في السارق: إني لأَحْتَشِمُ أَن لا أَدَعَ له يداً.
أَي أَستحي و أَنقبص. و الحِشْمةُ: الاستحياء. و هو يَتَحَشَّم المَحارم أَي يتوقاها. و حَشِمَ حَشَماً: غضب. و حَشَمهُ يَحْشِمُه حَشْماً و أَحْشمهُ: أَغضبه؛ و أَنشدوا في ذلك:
لَعَمْرُكَ إِنَّ قُرْصَ أَبي خُبَيْب             بطي‏ء النُّضْج، مَحْشوم الأَكيل‏

أَي مُغْضَب، و الاسم الحِشْمة، و هو الاستحياء و الغضب أَيضاً. و قال الأَصمعي: الحِشْمَةُ إِنما هو بمعنى الغضب لا بمعنى الاستحياء. و حكي عن بعض فُصَحاء العرب أَنه قال: إِن ذلك لمما يُحْشِمُ بني فلان أَي يغضبهم، و احْتَشَمْتُ و احْتَشَمْتُ منه بمعنى؛ قال الكميت:
و رأَيتُ الشَّريفَ في أَعْيُنِ النَّاس             وَضِيعاً، و قَلَّ منه احْتِشامي‏

و الاحْتِشامُ: التَّغَضُّبُ. و حَشَمْتُ فلاناً و أَحْشمْتُه أَي أَغضبته. و حُشْمَةُ الرجل و حَشَمُهُ و أَحْشامُهُ: خاصَّتُهُ الذين يغضبون له من عبيدٍ أَو أَهلٍ أَو جِيرةٍ إِذا أصابه أَمر. ابن سيدة: و حكى ابن الأَعرابي أَن الحَشَمَ واحدٌ و جمع، قال: يقال هذا الغلام حَشَمٌ لي، فأُرى أَحْشاماً إِنما هو جمع هذا لأَن جمع الجمع و جمع المفرد الذي هو في معنى الجمع غير كثير. و حَشَمُ الرجل أَيضاً: عياله و قرابته. الأَزهري: و الحَشَمُ خَدَمُ الرجل، و سُمُّوا بذلك لأَنهم يغضبون له. و الحُشْمَةُ، بالضم: القرابة. يقال: فيهم حُشْمَةٌ أَي قرابة. و هؤلاء أَحشامي أَي جيراني و أَضيافي. و قال أَبو عمرو: قال بعض العرب إنه لمُحْتَشمِ بأمري أَي مُهْتَمّ به. و قال يونس: له الحُشْمةُ الذِّمامُ، و هي الحُشْمُ «2»، قال: و بعضهم يقول الحُشْمَة و الحَشَمُ، و إِني لأَتَحَشَّمُ منه تَحَشُّماً أَي أَتَذَمَّمُ و أَستحي. ابن الأَعرابي: الحُشُمُ ذوو الحياء التام، و الحُسُمُ، بالسين، الأَطِبَّاء، و الحشم الاستحياء «3». و الحُشُمُ: المماليك. و الحُشُم: الأَتباع، مماليكَ كانوا أَو أَحراراً. و
في حديث الأَضاحي: فشكَوْا إِلى رسول الله، صلى الله عليه و سلم، أَن لهم عيالًا و حَشَماً.
؛ الحَشَمُ، بالتحريك: جماعة الإِنسان اللَّائذون به لخدمته. و الحُشومُ: الإِقبال بعد الهزال؛ حَشَمَ يَحْشِمُ حُشوماً: أَقبل بعد هزال، و رجل حاشِمٌ. و حَشَمَتِ الدوابُّ في أَول الربيع تَحْشِمُ حَشْماً: و ذلك إِذا أَصابت منه شيئاً فصَلَحَتْ و سَمِنَتْ و عظمت بطونها و حَسُنَتْ. و حَشَمَتِ الدوابُّ: صاحَتْ. و ما حَشَمَ من طعامه شيئاً أَي ما أَكل. و غَدَوْنا نُريغُ الصيد فما حَشَمْنا صافراً أَي ما أَصبنا. يونس: تقول العرب الحُسُومُ يورث الحُشُومَ، قال: و الحُسُومُ‏
__________________________________________________
 (1). قوله [إِن الشباب رداء إِلى آخر البيت‏] هكذا هو موجود بالأَصل.
 (2). قوله [و هي الحشم‏] و كذلك قوله بعد [الحشمة و الحشم‏] كذا هو بضبط الأَصل.
 (3). قوله [و الحشم الاستحياء] كذا بالأَصل بدون ضبط، و في نسخة من التهذيب غير موثوق بها مضبوط بالتحريك، لكن الذي في القاموس: التحشم الاستحياء.

136
لسان العرب12

حشم ص 135

الدُّؤُوب، و الحُشُوم الإِعْياء؛ و قال في قول مُزاحم:
فَعنَّتْ عُنوناً، و هي صَغْواءُ، ما بها،             و لا بالخَوافي الضَّارباتِ، حُشُومُ‏

أَي إِعياء؛ و قد حُشِم حَشْماً. و قال الأَصمعي: في يديه حُشُومٌ أي انقباض، و روى البيت:
و لا بالخوافي الخافقاتِ حُشوم‏


و رجل حَشِيمٌ أي مُحْتَشِمٌ.
حصم:
حَصَم بها يَحْصِم حَصْماً: ضرطَ، و خَصَّ بعضهم به الفَرس؛ و أَنشد ابن بري:
فباسَتْ أَتانٌ باتَتِ الليلَ تَحْصِم‏


و الحَصُومُ: الضَّرُوطُ. يقال: حَصَم بها و مَحَصَ بها و حَبَجَ بها و خَبَجَ بها بمعنى واحد. و المِحْصَمَةُ: مِدَقَّةُ الحديد. قال: و الحَصْماءُ الأَتانُ الخَضَّافة، و هي الضَّرَّاطة. و انْحَصَمَ العُودُ: انكسر؛ قال ابن مقبل:
و بياضاً أَحْدثَتْهُ لِمّتي،             مثل عِيدانِ الحَصادِ المُنْحَصِمْ‏

حصرم:
الحِصْرِمُ: أَولُ العِنَب، و لا يزال العنبُ ما دام أَخضر حِصْرِماً. ابن سيدة: الحِصْرِمُ الثَّمر قبل النُّضج. و الحِصْرِمةُ، بالهاء: حبة العِنب حين تنبت؛ عن أبي حنيفة. و قال مرة: إِذا عَقَد حَبُّ العنب فهو حِصْرِمٌ. الأَزهري: الحِصْرِمُ حب العنب إِذا صلب و هو حامض. أَبو زيد: الحِصْرِمُ حَشَفُ كلِّ شي‏ء. و الحِصْرِمُ: العَوْدَقُ، و هي الحديدة التي يُخْرَجُ بها الدَّلْوُ. و رَجل حِصْرِمٌ و مُحَصْرَمٌ: ضَيِّقُ الخُلُقِ بخيل، و قيل: حِصْرِم فاحش و مُحَصْرَمٌ قليل الخير. و يقال للرجل الضيق البخيل حِصْرِمٌ و مُحَصْرَمٌ. و عطاء مُحَصْرَمٌ: قليل. و حَصْرَم قوسه: شد وتَرَها. و الحَصْرَمَةُ: شدة فتل الحبل. و الحَصْرَمةُ: الشُّحُّ. و شاعر مُحَصرَمٌ: أَدرك الجاهلية و الإِسلام، و هي مذكورة في الضاد. و حَصْرَمَ القلمَ: بَراهُ. و حَصْرَمَ الإِناءَ: ملأَه؛ عن أبي حنيفة. الأَصمعي: حَصْرَمْتُ القِربة إِذا ملأْتها حتى تضيق. و كل مُضَيَّق مُحَصْرَمٌ. و زُبْدٌ مُحَصْرَمٌ؛ و تَحَصْرَمَ الزُّبْدُ: تفرق في شدة البرد فلم يجتمع.
حصلم:
الحِصْلِبُ و الحِصْلِمُ: التراب.
حضجم:
الحِضْجِمُ و الحُضاجِمُ: الجافي الغليظ اللحم؛ و أَنشد:
ليس بمِبْطان و لا حُضاجِمِ‏


حضرم:
الحَضْرَمِيَّةُ: اللُّكْنَةُ. و حَضْرَمَ في كلامه حَضْرَمةً: لحن، بالحاء، و خالف بالإِعراب عن وجه الصواب. و الحَضْرَمَةُ: الخلط، و شاعر مُحَضْرَمٌ. و حَضْرَمَوْت: موضع باليمن معروف. و نعل حَضْرَمِيُّ إِذا كان مُلَسَّناً. و يقال لأَهل حَضْرَمَوْتَ: الحَضارِمَةُ، و يقال للعرب الذي يسكنون حَضْرَمَوْتَ من أهل اليمن: الحَضارِمَةُ؛ هكذا ينسبون كما يقولون المَهالِبَة و الصَّقالِبَة. و
في حديث مُصْعَب بن عُمَيْرٍ: أنه كان يمشي في الحَضْرَمِيّ.
؛ هو النعل المنسوبة إِلى حَضْرَمَوْتَ المتَّخَذَة بها.
حطم:
الحَطْمُ: الكسر في أي وجه كان، و قيل: هو كسر الشي‏ء اليابس خاصَّةً كالعَظْم و نحوه. حَطَمهُ يَحْطِمُهُ حَطْماً أي كسره، و حَطَّمَه‏

137
لسان العرب12

حطم ص 137

فانْحَطَم و تَحَطَّم. و الحطْمَةُ و الحُطامُ: ما تَحَطَّمَ من ذلك. الأَزهري: الحُطامُ ما تَكّسّرَ من اليَبيس، و التَّحْطيمُ التكسير. و صَعْدَةٌ حِطَمٌ كما قالوا كِسَرٌ كأَنهم جعلوا كل قطعة منها حِطْمةً؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّةَ:
ما ذا هُنالِكَ من أسْوانَ مُكْتَئِبٍ،             و ساهِفٍ ثَمِلٍ في صَعْدَةٍ حِطَمِ‏

و حُطامُ البَيْضِ: قِشره؛ قال الطرماح:
كأَنَّ حُطامَ قَيْضِ الصَّيْفِ فيه             فَراشُ صَميمِ أَقْحافِ الشُّؤُونِ‏

و الحَطيمُ: ما بقي من نبات عامِ أَوَّلَ ليُبْسِهِ و تَحَطُّمِهِ؛ عن اللحياني. الأَزهري عن الأَصمعي: إِذا تَكَسَّرَ يَبيسُ البَقْل فهو حُطامٌ. و الحَطْمَةُ و الحُطْمَةُ و الحاطوم: السنة الشديدة لأَنها تَحْطِمُ كل شي‏ء، و قيل: لا تسمى حاطوماً إِلا في الجَدْب المتوالي. و أصابتهم حَطْمَةٌ أي سنة و جَدْبٌ: قال ذو الخِرَقِ الطُّهَوِيّ:
من حَطْمَةٍ أَقْبَلَتْ حَتَّتْ لنا وَرَقاً             نُمارِسُ العُودَ، حتى يَنْبُت الوَرَقُ‏

و
في حديث جعفر: كنا نخرج سنة الحُطْمةِ.
؛ هي الشديدة الجَدْبِ. الجوهري: و حَطْمَةُ السيل مثل طَحْمَتِه، و هي دُفعَتُهُ. و الحَطِمُ: المتكسر في نفسه. و يقال للفرس إِذا تَهَدَّمَ لطول عمره: حَطِمٌ. الأَزهري: فرس حَطِمٌ إِذا هُزِلَ و أَسَنَّ «4» فضعف. الجوهري: و يقال حَطِمَتِ الدابةُ، بالكسر، أي أَسَنَّتْ، و حَطَمَتْهُ السِّنُّ، بالفتح، حَطْماً. و يقال: فلان حَطَمَتْهُ السِّنُّ إِذا أَسَنَّ و ضعف. و
في حديث عائشة، رضي الله عنها، أَنها قالت: بعد ما حَطَمْتُموه.
تعني النبي، صلى الله عليه و سلم. يقال: حَطَمَ فلاناً أَهلُه إِذا كَبِرَ فيهم كأَنهم بما حَمَّلُوه من أَثقالهم صَيَّروه شيخاً مَحْطوماً. و حُطامُ الدنيا: كلُّ ما فيها من مال يَفْنى و لا يبقى. و يقال للهاضومِ: حاطُومٌ. و حَطْمَةُ الأَسَد في المال: عَيْثُه و فَرْسُهُ لأَنه يَحْطِمُه. و أَسد حَطُومٌ: يَحْطِمُ كلَّ شي‏ء يَدُقُّه، و كذلك ريح حَطُومٌ. و لا تَحْطِمْ علينا المَرْتَعَ أَي لا تَرْعَ عندنا فتفسد علينا المَرْعى. و رجل حُطَمَةٌ: كثير الأَكل. و إِبل حُطَمَةٌ و غنم حُطَمَةٌ: كثيرة تَحْطِمُ الأَرض بخِفافِها و أَظْلافِها و تَحْطِمُ شجرها و بَقْلَها فتأْكله، و يقال للعَكَرةِ من الإِبل حُطَمَةٌ لأَنها تَحْطِمُ كل شي‏ء؛ و قال الأَزهري: لِحَطْمِها الكَلأَ، و كذلك الغنم إِذا كثرت. و نار حُطَمَةٌ: شديدة. و في التنزيل: كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ
؛ الحُطَمَة: اسم من أَسماء النار، نعوذ بالله منها، لأَنها تَحْطِمُ ما تَلْقى، و قيل: الحُطَمَةُ باب من أَبواب جهنم، و كلُّ ذلك من الحَطْمِ الذي هو الكسر و الدق. و
في الحديث: أَن هَرِمَ بن حَيَّان غضب على رجل فجعل يَتَحَطَّمُ عليه غَيْضاً.
أي يَتَلَظَّى و يتوقَّد؛ مأْخوذاً من الحُطَمَة و هي النار التي تَحْطِمُ كل شي‏ء و تجعله حُطاماً أي مُتَحَطِّماً متكسراً. و رجل حُطَمٌ و حُطُمٌ: لا يشبع لأَنه يَحْطِمُ كل شي‏ء؛ قال:
قد لَفَّها الليلُ بسَوَّاقٍ حُطَمْ‏


__________________________________________________
 (4). قوله [و أسن‏] كذا في الأَصل بالواو و في التهذيب أو.

138
لسان العرب12

حطم ص 137

و رجل حُطَمٌ و حُطَمَةٌ إِذا كان قليل الرحمة للماشية يَهْشِمُ بعضها ببعض. و في المَثَلِ: شَرُّ الرِّعاءِ الحُطَمَةُ «1»
؛ ابن الأَثير: هو العنيفُ برعاية الإِبل في السَّوْق و الإِيراد و الإِصْدارِ، و يُلْقي بعضها على بعض و يَعْسِفُها، ضَرَبَهُ مَثَلًا لِوالي السُّوءِ، و يقال أَيضاً حُطَمٌ، بلا هاء. و منه‏
حديث عليّ، رضي الله عنه: كانت قريش إِذا رأَتْهُ في حَرْب قالت: احْذَرُوا الحُطَمَ، احذروا القُطَمَ.
و منه قول الحجاج في خطبته:
قد لَفّها الليلُ بسَوّاق حُطَم‏


أي عَسُوف عنيفٍ. و الحُطَمَةُ: من أَبنية المبالغة و هو الذي يَكْثُرُ منه الحَطْمُ، و منه سميت النار الحُطَمَةَ لأَنها تَحْطِمُ كل شي‏ء؛ و منه‏
الحديث: رأَيت جهنم يَحْطِمُ بعضها بعضاً.
الأَزهري: الحُطَمةُ هو الراعي الذي لا يُمَكِّنُ رَعِيَّتَهُ من المراتع الخَصيبة و يقبضها و لا يَدَعُها تنتشر في المَرْعى، و حُطَمٌ إِذا كان عنيفاً كأَنه يَحْطِمُها أَي يكسرها إِذا ساقها أو أَسامها يَعْنُفُ بها؛ و قال ابن بري في قوله:
قد لَفَّها الليلُ بسَوَّاق حُطَمْ‏


هو للحُطَمِ القَيْسِيّ، و يروى لأَبي زُغْبَة الخَزْرَجيّ يوم أُحُدٍ؛ و فيها:
أَنا أَبو زُغْبَةَ أَعْدو بالهَزَمْ،             لن تُمْنَعَ المَخْزاةُ إِلَّا بالأَلَمْ‏
يَحْمِي الذِّمار خَزْرَجِيٌّ من جُشَمْ،             قد لَفَّها الليلُ بسَوَّاقٍ حُطَمْ‏

الهَزَمُ: من الاهتزام و هو شدة الصوت، و يجوز أَن يريد الهَزِيمة. و قوله بسواق حطم أَي رجل شديد السوق لها يَحْطِمُها لشدة سوقه، و هذا مثل، و لم يرد إِبلًا يسوقها و إِنما يريد أَنه داهية متصرف؛ قال: و يروى البيت لرُشَيْد بن رُمَيْضٍ العَنَزِيِّ من أَبيات:
باتوا نِياماً، و ابنُ هِنْدٍ لم يَنَمْ             بات يقاسيها غلام كالزَّلَمْ،
خَدَلَّجُ السَّاقَيْنِ خَفَّاقُ القَدَمْ،             ليْسَ بِراعي إبِلٍ و لا غَنَمْ،
و لا بِجَزَّار على ظهر وَضَمْ‏


ابن سيدة: و انْحَطَمَ الناسُ عليه تزاحموا؛ و منه‏
حديث سَوْدَةَ: إِنها استأْذَنَتْ أَن تدفع من مِنىً قبل حَطْمةِ الناس.
أَي قبل أَن يزدحموا و يَحْطِمَ بعضهم بعضاً. و
في حديث توبة كعب بن مالك: إِذَنْ يَحْطِمُكم الناسُ.
أي يدوسونكم و يزدحمون عليكم، و منه سمي حَطيمُ مكة، و هو ما بين الركن و الباب، و قيل: هو الحِجْر المُخْرَجُ منها، سمي به لأَن البيت رُفِع و ترك هو مَحْطوماً، و قيل: لأَن العرب كانت تطرح فيه ما طافت به من الثياب، فبقي حتى حُطِمَ بطول الزمان، فيكون فَعيلًا بمعنى فاعل. و
في حديث الفتح: قال للعبَّاس احبس أَبا سُفْيانَ عند حَطْمِ الجَبَل.
؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاءت في كتاب أَبي موسى، و قال: حَطْمُ الجَبَل الموضع الذي حُطِمَ منه أي ثُلِمَ فَبقي منقطعاً، قال: و يحتمل أَن يريد عند مَضِيقِ الجَبَل حيث يَزْحَمُ بعضهم بعضاً، قال: و رواه أَبو نصر الحميديّ في كتابه بالخاء المعجمة، و فسرها في غريبه فقال:
__________________________________________________
 (1). قوله [و في المثل شر الرعاء الحطمة] كونه مثلًا لا ينافي كونه حديثاً و كم من الأَحاديث الصحيحة عدت في الأَمثال النبوية، قاله ابن الطيب محشي القاموس راداً به عليه و أَقره الشارح.

139
لسان العرب12

حطم ص 137

الخَطْمُ و الخَطْمَةُ أَنف الجبل «1» النادر منه، قال: و الذي جاء في كتاب البخاري عند حَطْمِ الخَيْلِ، هكذا مضبوطاً، قال: فإِن صَحَّتِ الرِّوايةُ و لم يكن تحريفاً من الكَتَبَةِ فيكون معناه، و الله أَعلم، أَنه يحبسه في الموضع المتضايق الذي تَتَحَطَّمُ فيه الخَيْلُ أي يدوس بعضها بعضاً فَيَزْحَمُ بعضُها بعضاً فيراها جميعها و تكثر في عينه بمرورها في ذلك الموضع الضيق، و كذلك أَراد بحبسه عند خَطْمِ الجبل، على ما شرحه الحميديّ، فإِن الأَنف النادر من الجبل يُضَيِّقُ الموضع الذي يخرج منه. و قال ابن عباس: الحَطِيمُ الجِدار بمعنى جدار الكعبة. ابن سيدة: الحَطِيمُ حِجْرُ مكة مما يلي المِيزاب، سُمِّيَ بذلك لانْحِطام الناس عليه، و قيل: لأَنهم كانوا يحلفون عنده في الجاهلية فيَحْطِمُ الكاذِبَ، و هو ضعيف. الأَزهري: الحَطِيمُ الذي فيه المِرْزابُ، و إِنما سُمي حَطيماً لأَن البيت رفع و ترك ذلك مَحْطوماً. و حَطِمَتْ حَطَماً: هَزِلَتْ. و ماء حاطُومٌ: مُمْرِئٌ. و الحُطَمِيَّةُ: دروع تنسب إِلى رجل كان يعملها،
و كان لعليّ، رضي الله عنه، درع يقال لها الحُطَمِيَّةُ.
و
في حديث زواج فاطمة، رضي الله عنها: أَنه قال لعليّ أَيْنَ دِرْعُكَ الحُطَمِيَّةُ؟ هي التي تَحْطِمُ السيوف.
أي تكسرها، و قيل: هي العريضة الثقيلة، و قيل: هي منسوبة إِلى بطْنٍ من عبد القيس يقال لهم حُطَمَةُ بنُ محاربٍ كانوا يعملون الدروع، قال: و هذا أَشبه الأَقوال. ابن سيدة: و بنو حَطْمَةَ بطنٌ.
حظم:
الأَزهري: قال أبو تراب «2». سمعت بعض بني سُلَيْمٍ يقول حَمَزَهُ و حمظهُ أي عصره، و جاء به في باب الظاء و الزاي.
حقم:
الحَقْمُ: ضَرْبٌ من الطير يشبه الحمام، و قيل: هو الحمام يمانية. و الحَقِيمانِ: مؤخر العينين مما يلي الصدْغَيْنِ.
حكم:
الله سبحانه و تعالى أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ‏
، و هُوَ الْحَكِيمُ*
 لَهُ الْحُكْمُ*

، سبحانه و تعالى. قال الليث: الحَكَمُ الله تعالى. الأَزهري: من صفات الله الحَكَمُ و الحَكِيمُ و الحاكِمُ، و معاني هذه الأَسماء متقارِبة، و الله أعلم بما أَراد بها، و علينا الإِيمانُ بأَنها من أَسمائه. ابن الأَثير: في أَسماء الله تعالى الحَكَمُ و الحَكِيمُ و هما بمعنى الحاكِم، و هو القاضي، فَهو فعِيلٌ بمعنى فاعِلٍ، أو هو الذي يُحْكِمُ الأَشياءَ و يتقنها، فهو فَعِيلٌ بمعنى مُفْعِلٍ، و قيل: الحَكِيمُ ذو الحِكمة، و الحِكْمَةُ عبارة عن معرفة أفضل الأَشياء بأفضل العلوم. و يقال لمَنْ يُحْسِنُ دقائق الصِّناعات و يُتقنها: حَكِيمٌ، و الحَكِيمُ يجوز أَن يكون بمعنى الحاكِمِ مثل قَدِير بمعنى قادر و عَلِيمٍ بمعنى عالِمٍ. الجوهري: الحُكْم الحِكْمَةُ من العلم، و الحَكِيمُ العالِم و صاحب الحِكْمَة. و قد حَكُمَ أي صار حَكِيماً؛ قال النَّمِرُ بن تَوْلَب:
و أَبْغِض بَغِيضَكَ بُغْضاً رُوَيْداً،             إِذا أَنتَ حاوَلْتَ أَن تَحْكُما

أَي إِذا حاوَلتَ أَن تكون حَكيِماً. و الحُكْمُ: العِلْمُ و الفقه؛ قال الله تعالى: وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا
،
__________________________________________________
 (1). قوله [و الخطمة أنف الجبل‏] مضبوطة في نسخة النهاية بالفتح، و في نسخة الصحاح مضبوطة بالضم.
 (2). قوله [الأزهري قال أبو تراب إلخ‏] عبارته أهمل الليث وجوهه و قال أبو تراب إلخ.

140
لسان العرب12

حكم ص 140

أَي علماً و فقهاً، هذا لِيَحْيَى بن زَكَرِيَّا؛ و كذلك قوله:
         الصَّمْتُ حُكْمٌ و قليلٌ فاعِلُهْ‏


و
في الحديث: إِنَّ من الشعر لحُكْماً.
أي إِن في الشعر كلاماً نافعاً يمنع من الجهل و السَّفَهِ و يَنهى عنهما، قيل: أَراد بها المواعظ و الأَمثال التي ينتفع الناس بها. و الحُكْمُ: العِلْمُ و الفقه و القضاء بالعدل، و هو مصدر حَكَمَ يَحْكُمُ، و
يروى: إِن من الشعر لحِكْمَةً.
و هو بمعنى الحُكم؛ و منه‏
الحديث: الخِلافةُ في قُرَيش و الحُكْمُ في الأَنصار.
؛ خَصَّهُم بالحُكْمِ لأَن أَكثر فقهاء الصحابة فيهم، منهم مُعاذُ ابن جَبَلٍ و أُبَيّ بن كَعْبٍ و زيد بن ثابت و غيرهم. قال الليث: بلغني أَنه نهى أَن يُسَمَّى الرجلُ حكِيماً «1»، قال الأَزهري: و قد سَمَّى الناسُ حَكيماً و حَكَماً، قال: و ما علمتُ النَّهي عن التسمية بهما صَحيحاً. ابن الأَثير: و
في حديث أبي شُرَيْحٍ أنه كان يكنى أبا الحَكَمِ فقال له النبي، صلى الله عليه و سلم: إِن الله هو الحَكَمُ، و كناه بأَبي شُرَيْحٍ.
و إِنما كَرِه له ذلك لئلا يُشارِكَ الله في صفته؛ و قد سَمّى الأَعشى القصيدة المُحْكمَةَ حَكِيمَةً فقال:
و غَريبَةٍ، تأْتي المُلوكَ، حَكِيمَةٍ،             قد قُلْتُها ليُقالَ: من ذا قالَها؟

و
في الحديث في صفة القرآن: و هو الذِّكْرُ الحَكِيمُ.
أي الحاكِمُ لكم و عليكم، أو هو المُحْكَمُ الذي لا اختلاف فيه و لا اضطراب، فَعِيلٌ بمعنى مُفْعَلٍ، أُحْكِمَ فهو مُحْكَمٌ. و
في حديث ابن عباس: قرأْت المُحْكَمَ على عَهْدِ رسول الله، صلى الله عليه و سلم.
؛ يريد المُفَصَّلَ من القرآن لأَنه لم يُنْسَخْ منه شي‏ء، و قيل: هو ما لم يكن متشابهاً لأَنه أُحْكِمَ بيانُه بنفسه و لم يفتقر إِلى غيره، و العرب تقول: حَكَمْتُ و أَحْكَمْتُ و حَكَّمْتُ بمعنى مَنَعْتُ و رددت، و من هذا قيل للحاكم بين الناس حاكِمٌ، لأَنه يَمْنَعُ الظالم من الظلم. و
روى المنذري عن أَبي طالب أنه قال في قولهم: حَكَمَ الله بيننا.
؛ قال الأَصمعي: أَصل الحكومة رد الرجل عن الظلم، قال: و منه سميت حَكَمَةُ اللجام لأَنها تَرُدُّ الدابة؟ و منه قول لبيد:
أَحْكَمَ الجِنْثِيُّ من عَوْراتِها             كلَّ حِرْباءٍ، إِذا أُكْرِهَ صَلّ‏

و الجِنْثِيُّ: السيف؛ المعنى: رَدَّ السيفُ عن عَوْراتِ الدِّرْعِ و هي فُرَجُها كلَّ حِرْباءٍ، و قيل: المعنى أَحْرَزَ الجِنثيُّ و هو الزَّرَّادُ مساميرها، و معنى الإِحْكامِ حينئذ الإِحْرازُ. قال ابن سيدة: الحُكْمُ القَضاء، و جمعه أَحْكامٌ، لا يكَسَّر على غير ذلك، و قد حَكَمَ عليه بالأَمر يَحْكُمُ حُكْماً و حُكومةً و حكم بينهم كذلك. و الحُكْمُ: مصدر قولك حَكَمَ بينهم يَحْكُمُ أي قضى، و حَكَمَ له و حكم عليه. الأَزهري: الحُكْمُ القضاء بالعدل؛ قال النابغة:
و احْكمْ كحكْمِ فَتَاةِ الحَيِّ، إِذ نَظَرَتْ             إِلى حَمامٍ سِراعٍ وارد الثَّمَدِ «2».

و حكى يعقوب عن الرُّواةِ أَن معنى هذا البيت:
__________________________________________________
 (1). قوله [أَن يسمى الرجل حكيماً] كذا بالأَصل، و الذي في عبارة الليث التي في التهذيب: حكماً بالتحريك.
 (2). قوله [حمام سراع‏] كذا هو في التهذيب بالسين المهملة و كذلك في نسخة قديمة من الصحاح، و قال شارح الديوان: و يروى أيضاً شراع بالشين المعجمة أَي مجتمعة.

141
لسان العرب12

حكم ص 140

كُنْ حَكِيماً كفتاة الحي أَي إِذا قلت فأَصِبْ كما أَصابت هذه المرأَة، إِذ نظَرَتْ إِلى الحمامِ فأَحْصَتْها و لم تُخْطِئ عددها؛ قال: و يَدُلُّكَ على أَن معنى احْكُمْ كُنْ حَكِيماً قولُ النَّمر بن تَوْلَب:
إِذا أَنتَ حاوَلْتَ أَن تَحْكُما


يريد إِذا أَردت أَن تكون حَكِيماً فكن كذا، و ليس من الحُكْمِ في القضاء في شي‏ء. و الحاكِم: مُنَفّذُ الحُكْمِ، و الجمع حُكّامٌ، و هو الحَكَمُ. و حاكَمَهُ إِلى الحَكَمِ: دعاه. و
في الحديث: و بكَ حاكَمْتُ.
أَي رَفَعْتُ الحُكمَ إِليك و لا حُكْمَ إِلا لك، و قيل: بكَ خاصمْتُ في طلب الحُكْمِ و إِبطالِ من نازَعَني في الدِّين، و هي مفاعلة من الحُكْمِ. و حَكَّمُوهُ بينهم: أَمروه أَن يَحكمَ. و يقال: حَكَّمْنا فلاناً فيما بيننا أَي أَجَزْنا حُكْمَهُ بيننا. و حَكَّمَهُ في الأَمر فاحْتَكَمَ: جاز فيه حُكْمُه، جاء فيه المطاوع على غير بابه و القياس فَتَحَكَّمَ، و الاسم الأُحْكُومَةُ و الحُكُومَةُ؛ قال:
و لَمِثْلُ الذي جَمَعْتَ لرَيْبِ الدَّهْرِ             يَأْبى حُكومةَ المُقْتالِ‏

يعني لا يَنْفُذُ حُكومةُ من يَحْتَكِمُ عليك من الأَعداء، و معناه يأْبى حُكومةَ المُحْتَكِم عليك، و هو المُقْتال، فجعل المُحْتَكِمَ المُقْتالَ، و هو المُفْتَعِلُ من القول حاجة منه إِلى القافية، و يقال: هو كلام مستعمَلٌ، يقال: اقْتَلْ عليَّ أَي احْتَكِمْ، و يقال: حَكَّمْتُه في مالي إِذا جعلتَ إِليه الحُكْمَ فيه فاحْتَكَمَ عليّ في ذلك. و احْتَكَمَ فلانٌ في مال فلان إِذا جاز فيه حُكْمُهُ. و المُحاكَمَةُ: المخاصمة إِلى الحاكِمِ. و احْتَكَمُوا إِلى الحاكِمِ و تَحاكَمُوا بمعنى. و قولهم في المثل: في بيته يُؤْتَى الحَكَمُ؛ الحَكَمُ، بالتحريك: الحاكم؛ و أَنشد ابن بري:
أَقادَتْ بَنُو مَرْوانَ قَيْساً دِماءَنا،             و في الله، إِن لم يَحْكُمُوا، حَكَمٌ عَدْلُ‏

و الحَكَمَةُ: القضاة. و الحَكَمَةُ: المستهزئون. و يقال: حَكَّمْتُ فلاناً أَي أَطلقت يده فيما شاء. و حاكَمْنا فلاناً إِلى الله أَي دعوناه إِلى حُكْمِ الله. و المُحَكَّمُ: الشاري. و المُحَكَّمُ: الذي يُحَكَّمُ في نفسه. قال الجوهري: و الخَوارِج يُسَمَّوْنَ المُحَكِّمَةَ لإِنكارهم أَمر الحَكَمَيْن و قولِهِمْ: لا حُكْم إِلا لله. قال ابن سيدة: و تحْكِيمُ الحَرُوريَّةِ قولهم لا حُكْمَ إِلا لله و لا حَكَمَ إِلا اللهُ، و كأَن هذا على السَّلْبِ لأَنهم ينفون الحُكْمَ؛ قال:
فكأَني، و ما أُزَيِّنُ منها،             قَعَدِيٌّ يُزَيِّنُ التَّحْكيما «3».

و قيل: إِنما بدءُ ذلك في أَمر عليّ، عليه السلام، و معاوِيةَ. و الحَكَمان: أَبو موسى الأَشعريُّ و عمرو بن العاص. و
في الحديث: إِن الجنة للمُحَكّمين.
و يروى بفتح الكاف و كسرها، فالفتح هم الذين يَقَعُون في يد العدو فيُخَيَّرُونَ بين الشِّرْك و القتل فيختارون القتل؛ قال الجوهري: هم قوم من أَصحاب الأُخْدودِ فُعِل بهم ذلك، حُكِّمُوا و خُيِّروا بين القتل و الكفر، فاختاروا الثَّبات على الإِسلام مع القتل، قال: و أَما الكسر فهو المُنْصِفُ من نفسه؛ قال ابن الأَثير: و الأَول الوجه؛ و منه‏
حديث كعب:
__________________________________________________
 (3). قوله [و ما أزين‏] كذا في الأَصل، و الذي في المحكم: مما أزين.

142
لسان العرب12

حكم ص 140

إِن في الجنة داراً، و وصفها ثم قال: لا يَنْزِلُها إِلا نبي أَو صِدِّيق أَو شَهيد أَو مُحَكَّمٌ في نفسه.
و مُحَكَّم اليَمامَةِ رجل قتله خالد بن الوليد يوم مُسَيْلِمَةَ. و المُحَكَّمُ، بفتح الكاف «1»، الذي في شعر طَرَفَةَ إِذ يقول:
ليت المُحَكَّمَ و المَوْعُوظَ صوتَكُما             تحتَ التُّرابِ، إِذا ما الباطِلُ انْكشفا «2».

هو الشيخ المُجَرّبُ المنسوب إِلى الحِكْمة. و الحِكْمَةُ: العدل. و رجل حَكِيمٌ: عدل حكيم. و أَحْكَمَ الأَمر: أَتقنه، و أَحْكَمَتْه التجاربُ على المَثَل، و هو من ذلك. و يقال للرجل إِذا كان حكيماً: قد أَحْكَمَتْه التجارِبُ. و الحكيم: المتقن للأُمور، و استعمل ثعلب هذا في فرج المرأَة فقال: المكَثَّفَة من النساء المحكمة الفرج، و هذا طريف جدّاً. الأَزهري: و حَكَمَ الرجلُ يَحْكُمُ حُكْماً إِذا بلغ النهاية في معناه مدحاً لازماً؛ و قال مرقش:
يأْتي الشَّبابُ الأَقْوَرينَ، و لا             تَغْبِطْ أَخاك أَن يُقالَ حَكَمْ‏

أَي بلغ النهاية في معناه. أَبو عدنان: اسْتَحْكَمَ الرجلُ إِذا تناهى عما يضره في دِينه أَو دُنْياه؛ قال ذو الرمة:
لمُسْتَحْكِمٌ جَزْل المُرُوءَةِ مؤمِنٌ             من القوم، لا يَهْوى الكلام اللَّواغِيا

و أَحْكَمْتُ الشي‏ء فاسْتَحْكَمَ: صار مُحْكَماً. و احْتَكَمَ الأَمرُ و اسْتَحْكَمَ: وثُقَ. الأَزهري: و قوله تعالى: كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ
؛ فإِن التفسير جاء: أُحْكِمَتْ آياتُهُ‏
 بالأَمر و النهي و الحلالِ و الحرامِ ثُمَّ فُصِّلَتْ بالوعد و الوعيد، قال: و المعنى، و الله أَعلم، أَن آياته أُحْكِمَتْ و فُصِّلَتْ بجميع ما يحتاج إِليه من الدلالة على توحيد الله و تثبيت نبوة الأَنبياء و شرائع الإِسلام، و الدليل على ذلك قول الله عز و جل: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ‏ءٍ؛ و قال بعضهم في قول الله تعالى: الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ‏
؛ إِنه فَعِيل بمعنى مُفْعَلٍ، و استدل بقوله عز و جل: الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ‏
؛ قال الأَزهري: و هذا إِن شاء الله كما قِيل، و القرآنُ يوضح بعضُه بعضاً، قال: و إِنما جوزنا ذلك و صوبناه لأَن حَكَمْت يكون بمعنى أَحْكَمْتُ فَرُدَّ إِلى الأَصل، و الله أَعلم. و حَكَمَ الشي‏ء و أَحْكَمَهُ، كلاهما: منعه من الفساد.
قال الأَزهري: و روينا عن إِبراهيم النخعي أَنه قال: حَكِّم اليَتيم كما تُحكِّمُ ولدك.
أَي امنعه من الفساد و أَصلحه كما تصلح ولدك و كما تمنعه من الفساد، قال: و كل من منعته من شي‏ء فقد حَكَّمْتَه و أحْكَمْتَهُ، قال: و نرى أَن حَكَمَة الدابة سميت بهذا المعنى لأَنها تمنع الدابة من كثير من الجَهْل. و روى شمرٌ عن أَبي سعيد الضّرير أَنه قال في‏
قول النخعي: حَكِّمِ اليَتيم كما تُحكِّمُ ولدك.
؛ معناه حَكِّمْهُ في ماله و مِلْكِه إِذا صلح كما تُحكِّمُ ولدك في مِلْكِه، و لا يكون حَكَّمَ بمعنى أَحْكَمَ لأَنهما ضدان؛
__________________________________________________
 (1). قوله [و المحكم بفتح الكاف إلخ‏] كذا في صحاح الجوهري، و غلطه صاحب القاموس و صوب أَنه بكسر الكاف كمحدث، قال ابن الطيب محشيه: و جوز جماعة الوجهين و قالوا هو كالمجرب فإِنه بالكسر الذي جرب الأمور، و بالفتح الذي جربته الحوادث، و كذلك المحكم بالكسر حكم الحوادث و جربها و بالفتح حكمته و جربته، فلا غلط.
 (2). قوله [ليت المحكم إلخ‏] في التكملة ما نصه: يقول ليت أَني و الذي يأمرني بالحكمة يوم يكشف عني الباطل و أَدع الصبا تحت التراب، و نصب صوتكما لأَنه أَراد عاذليّ كفّا صوتكما.

143
لسان العرب12

حكم ص 140

قال الأَزهري: و قول أَبي سعيد الضرير ليس بالمرضي. ابن الأَعرابي: حَكَمَ فلانٌ عن الأَمر و الشي‏ء أَي رجع، و أَحْكَمْتُه أَنا أَي رَجَعْتُه، و أَحْكَمه هو عنه رَجَعَهُ؛ قال جرير:
أَ بَني حنيفةَ، أَحْكِمُوا سُفَهاءَكم،             إِني أَخافُ عليكمُ أَن أَغْضَبا

أَي رُدُّوهم و كُفُّوهُمْ و امنعوهم من التعرّض لي. قال الأَزهري: جعل ابن الأَعرابي حَكَمَ لازماً كما ترى، كما يقال رَجَعْتُه فرَجَع و نَقَصْتُه فنَقَص، قال: و ما سمعت حَكَمَ بمعنى رَجَعَ لغير ابن الأَعرابي، قال: و هو الثقة المأْمون. و حَكَمَ الرجلَ و حَكَّمَه و أَحْكَمَهُ: منعه مما يريد. و
في حديث ابن عباس: كان الرجل يَرِثُ امرأَةً ذاتَ قرابة فيَعْضُلُها حتى تموتَ أَو تَرُدَّ إِليه صداقها، فأَحْكَمَ الله عن ذلك و نهى عنه.
أَي مَنَعَ منه. يقال: أَحْكَمْتُ فلاناً أَي منعته، و به سُمِّيَ الحاكمُ لأَنه يمنع الظالم، و قيل: هو من حَكَمْتُ الفَرسَ و أَحْكَمْتُه و حَكَّمْتُه إِذا قَدَعْتَهُ و كَفَفْتَه. و حَكَمْتُ السَّفِيه و أَحْكَمْتُه إِذا أَخذت على يده؛ و منه قول جرير:
أَ بَني حنيفة، أَحْكِمُوا سُفهاءكم‏


و حَكَمَةُ اللجام: ما أَحاط بحَنَكَي الدابة، و في الصحاح: بالحَنَك، و فيها العِذاران، سميت بذلك لأَنها تمنعه من الجري الشديد، مشتق من ذلك، و جمعه حَكَمٌ. و
في الحديث: و أَنا آخذ بحَكَمَة فرسه.
أَي بلجامه. و
في الحديث: ما من آدميّ إِلا و في رأْسه حَكَمَةٌ.
و
في رواية: في رأْس كل عبد حَكَمَةٌ إِذا هَمَّ بسيئةٍ، فإِن شاء الله تعالى أَن يَقْدَعَه بها قَدَعَه.
؛ و الحَكَمَةُ: حديدة في اللجام تكون على أَنف الفرس و حَنَكِهِ تمنعه عن مخالفة راكبه، و لما كانت الحَكَمَة تأْخذ بفم الدابة و كان الحَنَكُ متَّصلًا بالرأْس جعلها تمنع من هي في رأْسه كما تمنع الحَكَمَةُ الدابة. و حَكَمَ الفرسَ حَكْماً و أَحْكَمَهُ بالحَكَمَةِ: جعل للجامه حَكَمَةً، و كانت العرب تتخذها من القِدِّ و الأَبَقِ لأَن قصدهم الشجاعةُ لا الزينة؛ قال زهير:
القائد الخَيْلَ مَنْكوباً دوائرُها،             قد أُحْكِمَتْ حَكَمات القِدِّ و الأَبَقا

يريد: قد أُحْكِمَتْ بحَكَماتِ القِدِّ و بحَكَماتِ الأَبَقِ، فحذف الحَكَمات و أَقامَ الأَبَقَ مكانها؛ و يروى:
مَحْكومَةً حَكَماتِ القِدِّ و الأَبَقا


على اللغتين جميعاً؛ قال أَبو الحسن: عَدَّى قد أُحْكِمَتْ لأَن فيه معنى قُلِّدَتْ و قُلِّدَتْ متعدّية إِلى مفعولين. الأَزهري: و فرس مَحْكومةٌ في رأْسها حَكَمَةٌ؛ و أَنشد:
مَحْكومة حَكَمات القِدِّ و الأَبقا


و قد رواه غيره:
قد أُحْكِمَتْ ...


، قال: و هذا يدل على جواز حَكَمْتُ الفرس و أَحْكَمْتُه بمعنى واحد. ابن شميل: الحَكَمَةُ حَلْقَةٌ تكون في فم الفرس. و حَكَمَةُ الإِنسان: مقدم وجهه. و رفع الله حَكَمَتَهُ أَي رأْسه و شأْنه. و
في حديث عمر: إِن العبد إِذا تواضع رفع اللهُ حَكَمَتَهُ.
أَي قدره و منزلته. يقال: له عندنا حَكَمَةٌ أَي قدر، و فلان عالي الحَكَمَةِ، و قيل: الحَكَمَةُ من الإِنسان أَسفل‏

144
لسان العرب12

حكم ص 140

وجهه، مستعار من موضع حَكَمَةِ اللجام، و رَفْعُها كناية عن الإِعزاز لأَن من صفة الذَّليل تنكيسَ رأْسه. و حَكَمة الضائنة: ذَقَنُها. الأَزهري: و
في الحديث: في أَرْش الجِراحات الحُكومَةُ.
؛ و معنى الحُكومة في أَرش الجراحات التي ليس فيها دِيَةٌ معلومة: أَن يُجْرَحَ الإِنسانُ في موضع في بَدَنه يُبْقِي شَيْنَهُ و لا يُبْطِلُ العُضْوَ، فيَقْتاس الحاكم أَرْشَهُ بأن يقول: هذا المَجْروح لو كان عبداً غير مَشينٍ هذا الشَّيْنَ بهذه الجِراحة كانت قيمتُه أَلفَ دِرْهمٍ، و هو مع هذا الشين قيمتُه تِسْعُمائة درهم فقد نقصه الشَّيْنُ عُشْرَ قيمته، فيجب على الجارح عُشْرُ دِيَتِه في الحُرِّ لأَن المجروح حُرٌّ، و هذا و ما أَشبهه بمعنى الحكومة التي يستعملها الفقهاء في أَرش الجراحات، فاعْلَمْه. و قد سَمَّوْا حَكَماً و حُكَيْماً و حَكِيماً و حَكّاماً و حُكْمان. و حَكَمٌ: أَبو حَيّ من اليمن. و
في الحديث: شَفاعَتي لأَهل الكبائر من أُمتي حتى حَكَم و حاءَ.
؛ و هما قبيلتان جافِيتان من وراء رمل يَبرين.
حلم:
الحُلْمُ و الحُلُم: الرُّؤْيا، و الجمع أَحْلام. يقال: حَلَمَ يَحْلُمُ إِذا رأَى في المَنام. ابن سيدة: حَلَمَ في نومه يَحْلُمُ حُلُماً و احْتَلَم و انْحَلَمَ؛ قال بشر بن أَبي خازم:
أَ حَقٌّ ما رأَيتَ أَمِ احْتِلامُ؟


و يروى‏
... أَم انْحِلامُ.


و تَحَلَّمَ الحُلْمَ: استعمله. و حَلَمَ به و حَلَمَ عنه و تَحَلَّم عنه: رأَى له رُؤْيا أَو رآه في النوم. و
في الحديث: من تَحَلَّم ما لم يَحْلُمْ كُلِّفَ أَنْ يَعقِدَ بين شَعيرتين.
أَي قال إِنه رأَى في النوم ما لم يَرَهُ. و تَكَلَّفَ حُلُماً: لم يَرَه. يقال: حَلَم، بالفتح، إِذا رأَى، و تَحَلَّم إِذا ادعى الرؤْيا كاذباً، قال: فإِن قيل كَذِبُ الكاذِبِ في منامِه لا يزيد على كَذبه في يَقَظَتِه، فلِمَ زادَتْ عُقوبته و وعيده و تَكليفه عَقْدَ الشعيرتين؟ قيل: قد صح الخَبَرُ أَن الرؤيا الصادقة جُزْءٌ من النُّبُوَّة، و النبوةُ لا تكون إِلَّا وَحْياً، و الكاذب في رؤياه يَدَّعِي أَن الله تعالى أَراه ما لم يُرِهِ، و أَعطاه جزءاً من النبوة و لم يعطه إِياه، و الكذِبُ على الله أَعظم فِرْيَةً ممن كذب على الخلق أَو على نفسه. و الحُلْمُ: الاحتلام أَيضاً، يجمع على الأَحْلامِ. و
في الحديث: الرؤيا من الله و الحُلْمُ من الشيطان.
و الرؤيا و الحُلْمُ عبارة عما يراه النائم في نومه من الأَشياء، و لكن غَلَبت الرؤيا على ما يراه من الخير و الشي‏ء الحسن، و غلب الحُلْمُ على ما يراه من الشر و القبيح؛ و منه قوله: أَضْغاثُ أَحْلامٍ*
، و يُستعمل كلُّ واحد منهما موضع الآخر، و تُضَم لامُ الحُلُمِ و تسكن. الجوهري: الحُلُمُ، بالضم، ما يراه النائم. و تقول: حَلَمْتُ بكذا و حَلَمْتُه أَيضاً؛ قال:
فَحَلَمْتُها و بنُو رُفَيْدَةَ دونها،             لا يَبْعَدَنَّ خَيالُها المَحْلُومُ «1».

و يقال: قد حَلَم الرجلُ بالمرأَة إِذا حَلَم في نومه أَنه يباشرها، قال: و هذا البيت شاهد عليه. و قال ابن خالوَيْه: أَحْلامُ نائمٍ ثِيابٌ غِلاظٌ «2». و الحُلْم و الاحْتِلامُ: الجِماع و نحوه في النوم، و الاسم الحُلُم. و في التنزيل العزيز: لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ؛ و الفِعْل‏
__________________________________________________
 (1). إِن هذا البيت للأَخطل.
 (2). قوله [أحلام نائم ثياب غلاظ] عبارة الأَساس: و هذه أحلام نائم للأَماني الكاذبة. و لأَهل المدينة ثياب غلاظ مخططة تسمى أحلام نائم، قال:
تبدلت بعد الخيزران جريدة             و بعد ثياب الخز أحلام نائم‏


يقول: كبرت فاستبدلت بقدّ في لين الخيزران قدّاً في يبس الجريدة و بجلد في لين الخز جلداً في خشونة هذه الثياب.

145
لسان العرب12

حلم ص 145

كالفِعْل. و
في الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَمر مُعاذاً أَن يأْخذ من كل حالِمٍ ديناراً.
يعني الجزية؛ قال أَبو الهيثم: أَراد بالحالِمِ كلَّ من بَلَغَ الحُلُمَ و جرى عليه حُكْمُ الرجال، احتَلَمَ أَو لم يَحْتَلِم. و
في الحديث: الغُسْلُ يومَ الجمعة واجب على كل حالِمٍ إِنما هو على من بلغ الحُلُم.
أَي بلغ أَن يَحْتَلم أَو احْتَلَم قبل ذلك، و
في رواية: مُحْتَلِمٍ.
أَي بالغ مُدْرِك. و الحِلْمُ، بالكسر: الأَناةُ و العقل، و جمعه أَحْلام و حُلُومٌ. و في التنزيل العزيز: أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا؛ قال جرير:
هَلْ مِنْ حُلُومٍ لأَقوامٍ، فَتُنْذِرَهُم             ما جَرَّبَ الناسُ من عَضِّي و تَضْرِيسي؟

قال ابن سيدة: و هذا أَحد ما جُمِعَ من المصادر. و أَحْلامُ القوم: حُلَماؤهم، و رجل حَلِيمٌ من قوم أَحْلامٍ و حُلَماء، و حَلُمَ، بالضم، يحْلُم حِلْماً: صار حَليماً، و حلُم عنه و تَحَلَّم سواء. و تَحَلَّم: تكلف الحِلْمَ؛ قال:
تَحَلَّمْ عن الأَدْنَيْنَ و اسْتَبْقِ وُدَّهم،             و لن تستطيعَ الحِلْمَ حتى تَحَلَّما

و تَحالَم: أَرَى من نفسه ذلك و ليس به. و الحِلْم: نقيضُ السَّفَه؛ و شاهدُ حَلُمَ الرجُلُ، بالضم، قولُ عبد الله بن قَيْس الرُّقَيَّات:
مُجَرَّبُ الحَزْمِ في الأُمورِ، و إِن             خَفَّتْ حُلُومٌ بأَهلِها حَلُمَا

و حَلَّمه تَحليماً: جعله حَلِيماً؛ قال المُخَبَّل السعدي:
و رَدُّوا صُدورَ الخَيْل حتى تَنَهْنَهَتْ             إِلى ذي النُّهَى، و اسْتَيْدَهُوا للمُحَلِّمِ‏

أَي أَطاعوا الذي يأْمرهم بالحِلْمِ، و قيل «1»: حَلَّمه أَمره بالحِلْمِ. و
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم، في صلاة الجماعة: لِيَلِيَنِّي منكم أُولوا الأَحْلام و النُّهَى.
أَي ذوو الأَلباب و العقول، واحدها حِلْمٌ، بالكسر، و كأَنه من الحِلْم الأَناة و التثبُّت في الأُمور، و ذلك من شِعار العقلاء. و أَحْلَمَت المرأَةُ إِذا ولدت الحُلَماء. و الحَلِيمُ في صفة الله عز و جل: معناه الصَّبور، و قال: معناه أَنه الذي لا يسْتَخِفُّهُ عِصْيان العُصاة و لا يستفِزّه الغضب عليهم، و لكنه جعل لكل شي‏ءٍ مِقْداراً، فهو مُنْتَهٍ إِليه. و قوله تعالى: إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ
؛ قال الأَزهري: جاء في التفسير أَنه كِنايةٌ عن أَنهم قالوا إِنك لأَنتَ السَّفِيهُ الجاهل، و قيل: إِنهم قالوه على جهة الاستهزاء؛ قال ابن عرفة: هذا من أَشدّ سِباب العرب أَن يقول الرجل لصاحبه إِذا استجهله يا حَلِيمُ أَي أَنت عند نفسك حَلِيمٌ و عند الناس سَفِيهٌ؛ و منه قوله عز و جل: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ؛ أَي بزعمك و عند نفسك و أَنتَ المَهِينُ عندنا. ابن سيدة: الأَحْلامُ الأَجسام، قال: لا أَعرف واحدها. و الحَلَمَةُ: الصغيرة من القِرْدانِ، و قيل: الضخم منها، و قيل: هو آخر أَسنانها، و الجمع الحَلَمُ و هو مثل العَلّ، و
في حديث ابن عمر: أَنه كان يَنْهَى أَن تُنْزَع الحَلَمَةُ عن دابته.
؛ الحَلَمَةُ، بالتحريك: القرادة الكبيرة. و حَلِمَ البعيرُ حَلَماً، فهو حَلِمٌ: كثر عليه الحَلَمُ، و بعِير حَلِمٌ: قد أَفسده الحَلَمُ‏
__________________________________________________
 (1). قوله [أَي أَطاعوا الذي يأمرهم بالحلم و قيل إلخ‏] هذه عبارة المحكم، و المناسب أَن يقول: أَي أَطاعوا من يعلمهم الحلم كما في التهذيب، ثم يقول: و قيل حلمه أَمره بالحلم، و عليه فمعنى البيت أَطاعوا الذي يأمرهم بالحلم.

146
لسان العرب12

حلم ص 145

من كثرتها عليه. الأَصمعي: القرادُ أَوّل ما يكونُ صغيراً قَمْقامَةٌ، ثم يصير حَمْنانةً، ثم يصير قُراداً، ثم حَلَمَة. و حَلَّمْتُ البعير: نزعت حَلَمَهُ. و يقال: تَحَلَّمَتِ القِرْبةُ امتلأَت ماء، و حَلَّمْتُها ملأْتها. و عَناقٌ حَلِمة و تِحْلِمَةٌ «2»: قد أَفسد جلدَها الحَلَمُ، و الجمع الحُلَّامُ. و حَلَّمَهُ: نزع عنه الحَلَمَ، و خصصه الأَزهري فقال: و حَلَّمْتُ الإِبل أَخذت عنها الحَلَم، و جماعة تِحْلِمَةٌ تَحالِمُ: قد كثر الحَلَمُ عليها. و الحَلَمُ، بالتحريك: أَن يَفْسُد الإِهابُ في العمل و يقعَ فيه دود فيَتَثَقَّبَ، تقول منه: حَلِمَ، بالكسر. و الحَلَمَةُ: دودة تكون بين جلد الشاة الأَعلى و جلدها الأَسفل، و قيل: الحَلَمةُ دودة تقع في الجلد فتأْكله، فإِذا دُبغ وَهَى موضعُ الأَكل فبقي رقيقاً، و الجمع من ذلك كلِّه حَلَمٌ، تقول منه: تَعَيَّب الجلدُ و حَلِمَ الأَديمُ يَحْلَمُ حَلَماً؛
قال الوَليد بن عُقْبَةَ ابن أَبي عُقْبَةَ «3». من أَبيات يَحُضُّ فيها مُعاوية على قتال عليّ، عليه السلام، و يقول له: أَنتَ تسعى في إِصلاح أَمر قد تمَّ فسادُه، كهذه المرأَة التي تَدْبُغُ الأَديم الحَلِمَ الذي وقعت فيه الحَلَمَةُ، فنَقَّبَته و أَفسدته فلا ينتفع به:
أَلا أَبْلِغْ معاوِيةَ بنَ حَرْبٍ             بأَنَّكَ، من أَخي ثِقَةٍ، مُلِيمُ‏
قطعتَ الدَّهْرَ كالسَّدِم المُعَنَّى،             تُهَدِّرُ في دِمَشْق و ما تَرِيمُ‏
فإنَّكَ و الكتابَ إِلى عليٍ،             كدابِغةٍ و قد حَلِمَ الأَدِيمُ‏
لكَ الوَيْلاتُ، أَقْحِمْها عليهم،             فخير الطالِبي التِّرَةِ الغَشُومُ‏
فقَوْمُكُ بالمدينة قد تَرَدَّوْا،             فَهُمْ صَرْعى كأَنَّهُمُ الهَشِيمُ‏
فلو كنتَ المُصابَ و كان حَيّاً،             تَجَرَّدَ لا أَلَفُّ و لا سَؤُومُ‏
يُهَنِّيكَ الإِمارةَ كلُّ رَكْبٍ             من الآفاق، سَيْرُهُمُ الرَّسِيمُ‏


و يروى:
يُهَنِّيك الإِمارةَ كلُّ ركبٍ،             لإنْضاءِ الفِراقِ بهم رَسِيمُ.


قال أَبو عبيد: الحَلَمُ أَن يقع في الأَديم دوابُّ فلم يَخُصَّ الحَلَم؛ قال ابن سيدة: و هذا منه إِغفال. و أَديم حَلِمٌ و حَلِيم: أَفسده الحَلَمُ قبل أَن يسلخ. و الحَلَمَةُ: رأْس الثَّدْي، و هما حَلَمتان، و حَلَمَتا الثَّدْيَيْن: طَرَفاهما. و الحَلَمَةُ: الثُّؤْلول الذي في وسط الثَّدْيِ. و تَحَلَّم المالُ: سمن. و تَحَلَّم الصبيُّ و الضَّبُّ و اليَرْبوع و الجُرَذ و القُراد: أَقبل شحمه و سَمن و اكتنز؛ قال أَوس بن حَجَر:
لحَيْنَهُمُ لَحْيَ العَصا فطرَدْنَهُمْ             إِلى سَنةٍ، قِرْدانُها لم تَحَلَّمِ‏

و يروى:
لحَوْنَهم ...


، و يروى:
... جِرْذانها ...


، و أما أَبو
__________________________________________________
 (2). قوله [و عناق حلمة و تحلمة] كذا هو مضبوط في المحكم بالرفع على الوصفية و بكسر التاء الأُولى من تحلمة و في التكملة مضبوط بكسر تاء تحلمة و الجر بالإضافة و كذا فيما يأتي من قوله و جماعة تحلمة تحالم.
 (3). قوله [عقبة بن أَبي عقبة] كذا بالأَصل، و الذي في شرح القاموس: عقبة بن أَبي معيط انتهى. و مثله في القاموس في مادة م ع ط.

147
لسان العرب12

حلم ص 145

حنيفة فخص به الإِنسان. و الحَلِيم: الشحم المقبل؛ و أَنشد:
فإِن قَضاءَ المَحْلِ أَهْوَنُ ضَيْعَةً             من المُخِّ في أَنقاءِ كلِّ حَلِيم‏

و قيل: الحَلِيمُ هنا البعير المُقْبِلُ السِّمَنِ فهو على هذا صفة؛ قال ابن سيدة: و لا أَعرف له فعلًا إِلَّا مَزيداً. و بعير حَلِيمٌ أَي سمين. و مُحَلِّم في قول الأَعشى:
و نحن غداةَ العَيْنِ، يومَ فُطَيْمةٍ،             مَنَعْنا بني شَيْبان شُرْبَ مُحَلِّمِ‏

هو نهر يأْخذ من عين هَجَرَ؛ قال لبيد يصف ظُعُناً و يشبهها بنخيل كَرَعَتْ في هذا النهر:
عُصَبٌ كَوارِعُ في خَليج مُحَلِّمٍ             حَمَلَت، فمنها مُوقَرٌ مكْمومُ‏

و قيل: مُحَلِّمٌ نهر باليمامة؛ قال الشاعر:
فَسِيلٌ دنا جَبَّارُه من مُحَلِّمٍ‏


و
في حديث خزيمة و ذكر السنة: و بَضَّت الحَلَمَةُ.
أَي دَرَّتْ حَلَمةُ الثدي و هي رأْسه، و قيل: الحَلَمةُ نبات ينبت في السهل، و الحديثُ يحتملهما، و
في حديث مكحول: في حَلَمَةِ ثدي المرأَة رُبع دِيَتِها.
و قَتيلٌ حُلَّامٌ: ذهب باطلًا؛ قال مُهَلْهِلٌ:
كلُّ قتيلٍ في كُلَيْبٍ حُلَّامْ،             حتى ينال القَتْلُ آل هَمّامْ‏

و الحُلامُ و الحُلَّامُ: ولد المعز؛ و قال اللحياني: هو الجَدْيُ و الحَمَلُ الصغير، يعني بالحمل الخروفَ. و الحُلَّامُ: الجدي يؤخذ من بطن أُمه؛ قال الأَصمعي: الحُلَّامُ و الحُلَّانُ، بالميم و النون، صغار الغنم. قال ابن بري: سمي الجدي حُلَّاماً لملازمته الحَلَمَةَ يرضعها؛ قال مُهَلْهِلٌ:
كل قتيل في كليب حُلَّامْ‏


و يروى: حُلّان؛ و البيتُ الثاني:
حتى ينال القتلُ آل شَيْبانْ‏


يقول: كلُّ من قُتِلَ من كُلَيْبٍ ناقصٌ عن الوفاء به إِلا آل همام أَو شيبان. و
في حديث عمر: أَنه قَضى في الأَرْنَب يقتلُه المُحْرِمُ بحُلَّام.
جاء تفسيره في الحديث: أَنه هو الجَدْيُ، و قيل: يقع على الجَدْي و الحَمَل حين تضعه أُمّه، و يروى بالنون، و الميم بدل منها، و قيل: هو الصغير الذي حَلَّمهُ الرَّضاعُ أَي سَمَّنَهُ فتكون الميم أَصلية؛ قال أَبو منصور: الأَصل حُلَّان، و هو فُعْلان من التحليل، فقلبت النونُ ميماً. و قال عَرّام: الحُلَّانُ ما بَقَرْتَ عنه بطن أُمه فوجدته قد حَمَّمَ و شَعَّرَ، فإِن لم يكن كذلك فهو غَضِينٌ، و قد أَغْضَنَتِ الناقةُ إِذا فعلت ذلك. و شاة حَلِيمةٌ: سمينة. و يقال: حَلَمْتُ خَيالَ فلانة، فهو مَحْلُومٌ؛ و أَنشد بيت الأَخطل:
لا يَبْعَدَنَّ خيالُها المَحْلُوم‏


و الحالُوم، بلغة أَهل مصر: جُبْنٌ لهم. الجوهري: الحالُومُ لبن يغلُط فيصير شبيهاً بالجبن الرطب و ليس به. ابن سيدة: الحالُومُ ضرب من الأَقِط. و الحَلَمةُ: نبت؛ قال الأَصمعي: هي الحَلَمةُ و اليَنَمة، و قيل: الحَلَمةُ نبات ينبت بنَجْدٍ في الرمل في جُعَيْثنة، لها زهر و ورقها أُخَيْشِنٌ عليه شوك كأَنه أَظافير الإِنسان، تَطْنى الإِبل و تَزِل‏

148
لسان العرب12

حلم ص 145

أَحناكُها، إِذا رعته، من العيدان اليابسة. و الحَلَمَةُ: شجرة السَّعْدان و هي من أَفاضل المَرْعَى، و قال أَبو حنيفة: الحَلَمةُ دون الذراع، لها ورقة غليظة و أَفْنانٌ و زَهْرَةٌ كزهرة شَقائق النُّعْمانِ إِلا أَنها أَكبر و أَغلظ، و قال الأَصمعي: الحَلَمةُ نبت من العُشْبِ فيه غُبْرَةٌ له مَسٌّ أَخْشَنُ أَحمر الثمرة، و جمعها حَلَمٌ؛ قال أَبو منصور: ليست الحَلَمَةُ من شجر السَّعْدان في شي‏ء؛ السَّعدانُ بَقْلٌ له حَسَكٌ مستدير له شوك مستدير «1»، و الحَلَمةُ لا شوك لها، و هي من الجَنْبةِ معروفة؛ قال الأَزهري: و قد رأَيتها، و يقال للحَلَمَةِ الحَماطةُ، قال: و الحَلَمةُ رأْس الثَّدْيِ في وسط السَّعْدانة؛ قال أَبو منصور: الحَلَمةُ الهُنَيَّةُ الشاخصة من ثَدْيِ المرأَة و ثُنْدُوَة الرجل، و هي القُراد، و أَما السَّعْدانة فما أَحاطَ بالقُراد مما خالف لونُه لون الثَّدْيِ، و اللَّوْعَةُ السواد حول الحَلَمةِ. و مُحَلِّم: اسم رجل، و من أَسماء الرجل مُحَلِّمٌ، و هو الذي يُعَلّم الحِلْمَ؛ قال الأَعشى:
فأَمَّا إِذا جَلَسُوا بالعَشِيّ             فأَحْلامُ عادٍ، و أَيْدي هُضُمْ‏

ابن سيدة: و بنو مُحَلَّمٍ و بنو حَلَمَةَ قبيلتان. و حَلِيمةُ: اسم امرأَة. و يوم حَلِيمةَ: يوم معروف أَحد أَيام العرب المشهورة، و هو يوم التقى المُنْذِرُ الأَكبر و الحَرثُ الأَكبر الغَسَّانيّ، و العرب تَضْرِبُ المَثَلَ في كل أَمر مُتَعالَمٍ مشهور فتقول: ما يَوْمُ حَلِيمةَ بسِسِرٍّ، و قد يضرب مثلًا للرجل النابهِ الذِّكْرِ، و رواه ابن الأَعرابي وحده: ما يوم حَلِيمةَ بشَرّ، قال: و الأَول هو المشهور؛ قال النابغة يصف السيوف:
تُوُرِّثْنَ من أَزمان يومِ حَلِيمةٍ             إِلى اليوم، قد جُرّبْنَ كلَّ التَّجارِبِ‏

و قال الكلبي: هي حَليمةُ بنت الحَرِث بن أَبي شِمْر، وَجَّهَ أَبوها جيشاً إِلى المُنْذِرِ بن ماء السماء، فأَخْرجَتْ حليمةُ لهم مِرْكَناً فطَيَّبتهم. و أَحْلام نائمٍ: ضرب من الثياب؛ قال ابن سيدة: و لا أَحقُّها. و الحُلَّامُ: اسم قبائل. و حُلَيْماتٌ، بضم الحاء: موضع، و هُنَّ أَكمات بطن فَلْج؛ و أَنشد:
كأَنَّ أَعْناقَ المَطِيِّ البُزْلِ،             بين حُلَيْماتٍ و بين الجَبْلِ‏
من آخر الليل، جُذُوعُ النَّخلِ‏


أَراد أَنها تَمُدُّ أَعناقها من التعب. و حُلَيْمَةُ، على لفظ التحقير: موضع؛ قال ابن أَحمر يصف إِبلًا:
تَتَبَّعُ أَوضاحاً بسُرَّةِ يَذْبُلٍ،             و تَرْعَى هَشِيماً من حُلَيْمةَ بالِياً

و مُحَلِّمٌ: نهر بالبحرين؛ قال الأَخطل:
تَسَلسَلَ فيها جَدْوَلٌ من مُحَلِّمٍ،             إِذا زَعْزَعَتْها الريحُ كادتْ تُمِيلُها

الأَزهري: مُحَلِّمٌ عينٌ ثَرَّةٌ فَوَّارة بالبحرين و ما رأَيت عيناً أَكثر ماء منها، و ماؤها حارّ في مَنْبَعِه، و إِذا بَرَد فهو ماء عَذْبٌ؛ قال: و أَرى مُحَلِّماً اسمَ رجل نُسِبَت العينُ إِليه، و لهذه العين إِذا جرت في نهرها خُلُجٌ كثيرة، تسقي نخيل جُؤاثا و عَسَلَّج و قُرَيَّات من قرى هَجَرَ.
__________________________________________________
 (1). قوله [له شوك مستدير] كذا بالأَصل، و عبارة أَبي منصور في التهذيب: له حسك مستدير ذو شوك كثير.

149
لسان العرب12

حلسم ص 150

حلسم:
الحِلَّسْمُ: الحريص الذي لا يأْكل ما قدر عليه، و هو الحَلِسُ؛ قال:
ليس بِقِصْلٍ حَلِسٍ حِلَّسْمِ،             عند البيوت، راشِنٍ مِقَمِ‏

حلقم:
الحُلْقُوم: الحَلْقُ. ابن سيدة: الحُلْقُومُ مَجْرى النَّفَس و السُّعال من الجوف، و هو أَطْباقُ غَراضِيفَ، ليس دونه من ظاهر باطن العُنُقِ إِلَّا جِلْدٌ، و طرفُه الأَسفل في الرئةِ، و طَرَفُهُ الأَعلى في أَصل عكَدَةِ اللسان، و منه مخرج النَّفَس و الريح و البُصاق و الصوت، و جمعه حَلاقِمُ و حَلاقيم. التهذيب قال: في الحُلْقُوم و الحُنجور مَخْرَجُ النَّفَس لا يجري فيه الطعامُ و الشراب المري‏ء «1»، و تمام الذكاة قطع الحُلْقُوم و المَري‏ء و الوَدَجَيْنِ، و قولهم: نزلنا في مثل حُلْقُوم النَّعامة، إِنما يريدون به الضيق. و الحَلْقَمةُ: قطع الحُلْقُوم. و حَلْقَمَه: ذبحه فقطع حُلْقومَهُ. و حَلْقَمَ التمرُ: كَحَلْقَن، و زعم يعقوب أَنه بدل. الجوهري: الحُلُقوم الحلْقُ. و
في حديث الحسن: قيل له إِن الحجاج يأْمر بالجمعة في الأَهْواز فقال: يمنع الناسَ في أَمصارهم و يأْمر بها في حَلاقيم البلادِ.
أَي في أَواخرها و أَطرافها، كما أَن حُلْقُومَ الرجل و هو حَلْقُه في طَرَفه، و الميمُ أَصلية، و قيل: هو مأْخوذ من الحَلْقِ، و هي و الواوُ زائدتان. و حَلاقيمُ البلاد: نواحيها، واحدُها حُلْقُوم على القياس. الأَزهري: رُطَبٌ مُحَلْقِمٌ و مُحَلْقِنٌ و هي الحُلْقامةُ و الحُلقانة، و هي التي بدا فيها النضج من قِبَلِ قِمَعها، فإِذا أَرطبت من قِبَلِ الذَّنَبِ، فهي التَّذْنوبةُ. و
روي عن أَبي هريرة أَنه قال: لما نزل تحريمُ الخمر كنا نَعْمِدُ إِلى الحُلْقامة، و هي التَّذْنُوبةُ، فنقطع ما ذَنَّبَ منها حتى نَخْلُص إِلى البُسْرِ ثم نَفْتَضِخُه.
أَبو عبيد: يقال للبُسر إِذا بدا فيه الإِرْطابُ من قِبَلِ ذنبه مُذَنِّبٌ فإِذا بلغ الإِرطابُ نصفَهُ فهو مُجَزِّعٌ، فإِذا بلغ ثلثيه فهو حُلْقان و مُحَلْقِنٌ.
حلكم:
الحُلْكُمُ: الرجل الأَسود، و فيه حَلْكَمةٌ؛ قال هَمَيان:
ما منهمُ إِلَّا لَئِيمٌ شُبْرُمُ،             أَرْصَعُ لا يُدْعَى لخيرٍ، حُلْكُمُ‏

و هذه الترجمة أَوردها ابن بري في ترجمة حلك، قال: و أَهمل الجوهري من هذا الفصل الحُلْكُمَ، و هو الأَسود، و الميم زائدة. الفراء: الحُلْكُمُ الأَسود من كل شي‏ء في باب فُعْلُلٍ.
حمم:
قوله تعالى: حم*
؛ الأَزهري: قال بعضهم معناه قضى ما هو كائن، و قال آخرون: هي من الحروف المعجمة، قال: و عليه العَمَلُ. و آلُ حامِيمَ: السُّوَرُ المفتتحة بحاميم. و
جاء في التفسير عن ابن عباس ثلاثة أَقوال: قال حاميم اسم الله الأَعظم، و قال حاميم قَسَم، و قال حاميم حروف الرَّحْمَنِ.
؛ قال الزجاج: و المعنى أَن الر* و حاميم و نون بمنزلة الرَّحْمنُ،
قال ابن مسعود: آل حاميم دِيباجُ القرآنِ.
قال الفراء: هو كقولك آلُ فُلانٍ كأَنه نَسَبَ السورةَ كلها إِلى حم*
؛ قال الكميت:
وَجَدْنا لكم في آلِ حامِيمَ آيةً،             تأَوَّلَها مِنَّا تَقِيٌّ و مُعْرِبُ‏

قال الجوهري: و أَما قول العامة الحَوامِيم فليس من كلام العرب. قال أَبو عبيدة: الحَواميم سُوَرٌ في القرآن على غير قياس؛ و أَنشد:
__________________________________________________
 (1). قوله [لا يجري فيه الطعام و الشراب المري‏ء] كذا هو بالأصل، و عبارة التهذيب: لا يجري فيه الطعام و الشراب يقال له المري‏ء.

150
لسان العرب12

حمم ص 150

و بالطَّواسِين التي قد ثُلِّثَثْ،             و بالحَوامِيم التي قد سُبِّعَتْ‏

قال: و الأَولى أَن تجمع بذَواتِ حاميم؛ و أَنشد أَبو عبيدة في حاميم لشُرَيْحِ بن أَوْفَى العَبْسِيّ:
يُذَكِّرُني حاميمَ، و الرُّمْحُ شاجِرٌ،             فهلَّا تَلا حامِيمَ قبلَ التَّقَدُّمِ‏

قال: و أَنشده غيره للأَشْتَرِ النَّخْعِيّ، و الضمير في يذكرني هو لمحمد بن طَلْحَة، و قتله الأَشْتَرُ أَو شُرَيْحٌ. و
في حديث الجهاد: إِذا بُيِّتُّمْ فقولوا حاميم لا يُنْصَرُونَ.
؛ قال ابن الأَثير: قيل معناه اللهم لا يُنْصَرُون، قال: و يُرِيدُ به الخَبرَ لا الدُّعاء لأَنه لو كان دعاء لقال لا يُنصروا مجزوماً فكأَنه قال و الله لا يُنصرون، و قيل: إِن السُّوَر التي أَوَّلها حاميم لها شأْن، فَنبَّه أَن ذكرها لشرف منزلتها مما يُسْتَظهَرُ به على استنزال النصر من الله، و قوله لا يُنْصَرُونَ كلام مستأْنف كأَنه حين قال قولوا حاميم، قيل: ما ذا يكون إِذا قلناها؟ فقال: لا يُنصرون. قال أَبو حاتم: قالت العامة في جمع حم*
 و طس حَواميم و طَواسين، قال: و الصواب ذَواتُ طس و ذَواتُ حم*
 و ذواتُ الم*. و حُمَّ هذا الأَمرُ حَمّاً إِذا قُضِيَ. و حُمَّ له ذلك: قُدِّرَ؛ قأَما ما أَنشده ثعلب من قول جَميل:
فَلَيْتَ رجالًا فيكِ قد نذَرُوا دَمِي             و حُمُّوا لِقائي، يا بُثَيْنَ، لَقوني‏

فإِنه لم يُفَسِّرْ حُمُّوا لِقائي. قال ابن سيدة: و التقدير عندي للِقائي فحذف أَي حُمَّ لهم لِقائي؛ قال: و روايتُنا و هَمُّوا بقتلي. و حَمَّ اللهُ له كذا و أَحَمَّهُ: قضاه؛ قال عمرو ذو الكلب الهُذَليُّ:
أَحَمَّ اللهُ ذلك من لِقاءٍ             أُحادَ أُحادَ في الشهر الحَلال‏

و حُمَّ الشي‏ءُ و أُحِمَّ أَي قُدِّرَ، فهو مَحْموم؛ أَنشد ابن بري لخَبَّابِ بن غُزَيٍّ:
و أَرْمي بنفسي في فُروجٍ كثيرةٍ،             و ليْسَ لأَمرٍ حَمَّهُ الله صارِفُ‏

و قال البَعيثُ:
أَلا يا لَقَوْمِ كلُّ ما حُمَّ واقِعُ،             و للطَّيْرِ مَجْرى و الجُنُوب مَصارِعُ‏

و الحِمامُ، بالكسر: قضاء الموت و قَدَرُه، من قولهم حُمَّ كذا أَي قُدِّرَ. و الحِمَمُ. المَنايا، واحدتها حِمَّةٌ. و في الحديث ذكر الحِمام كثيراً، و هو الموت؛ و في شعر ابن رَواحةَ في غزوة مُؤْتَةَ:
هذا حِمامُ الموتِ قد صَلِيَتْ‏


أَي قضاؤه، و حُمَّةُ المنية و الفِراق منه: ما قُدِّرَ و قُضِيَ. يقال: عَجِلَتْ بنا و بكم حُمَّةُ الفِراق و حُمَّةُ الموت أَي قَدَرُ الفِراق، و الجمع حُمَمٌ و حِمامٌ، و هذا حَمٌّ لذلك أَي قَدَرٌ؛ قال الأَعشى:
تَؤُمُّ سَلَامَةَ ذا فائِشٍ،             هو اليومَ حَمٌّ لميعادها

أَي قَدَرٌ، و يروى:
هو اليوم حُمَّ لميعادها


أَي قُدِّر له. و نزل به حِمامُه أَي قَدَرُهُ و موتُه. وَ حَمَّ حَمَّهُ: قَصَدَ قَصْدَه؛ قال الشاعر يصف بعيره:
فلما رآني قد حَمَمْتُ ارْتِحالَهُ،             تَلَمَّكَ لو يُجْدي عليه التَّلَمُّك‏

151
لسان العرب12

حمم ص 150

و قال الفراء: يعني عَجَّلْتُ ارتحاله، قال: و يقال حَمَمْتُ ارتحال البعير أَي عجلته. و حامَّهُ: قارَبه. و أَحَمَّ الشي‏ءُ: دنا و حضر؛ قال زهير:
و كنتُ إِذا ما جِئْتُ يوماً لحاجةٍ             مَضَتْ، و أَحَمَّتْ حاجةُ الغَد ما تَخْلو

معناه حانَتْ و لزمت، و يروى بالجيم: و أَجَمَّتْ. و قال الأَصمعي: أَجَمَّتِ الحاجةُ، بالجيم، تُجِمُّ إِجْماماً إِذا دنَتْ و حانت، و أَنشد بيت زهير: و أَجَمَّتْ، بالجيم، و لم يعرف أَحَمَّتْ، بالحاء؛ و قال الفراء: أَحَمَّتْ في بيت زهير يروى بالحاء و الجيم جميعاً؛ قال ابن بري: لم يرد بالغَدِ الذي بعد يومه خاصةً و إِنما هو كناية عما يستأْنف من الزمان، و المعنى أَنه كلَّما نال حاجةً تطلَّعتْ نفسه إِلى حاجة أُخرى فما يَخْلو الإِنسان من حاجة. و قال ابن السكيت: أَحَمَّت الحاجةُ و أَجَمَّت إِذا دنت؛ و أَنشد:
حَيِّيا ذلك الغَزالَ الأَحَمَّا،             إِن يكن ذلك الفِراقُ أَجَمَّا

الكسائي: أَحَمَّ الأَمرُ و أَجَمَّ إِذا حان وقته؛ و أَنشد ابن السكيت للَبيد:
لِتَذودَهُنَّ. و أَيْقَنَتْ، إِن لم تَذُدْ،             أَن قد أَحَمَّ مَعَ الحُتوفِ حِمامُها

و قال: و كلهم يرويه بالحاء. و قال الفراء: أَحَمَّ قُدومُهم دنا، قال: و يقال أَجَمَّ، و قالت الكلابية: أَحَمَّ رَحِيلُنا فنحن سائرون غداً، و أَجَمَّ رَحيلُنا فنحن سائرون اليوم إِذا عَزَمْنا أَن نسير من يومنا؛ قال الأَصمعي: ما كان معناه قد حانَ وُقوعُه فهو أَجَمُّ بالجيم، و إِذا قلت أَحَمّ فهو قُدِّرَ. و
في حديث أَبي بكر: أَن أَبا الأَعور السُّلَمِيَّ قال له: إِنا جئناك في غير مُحِمَّة.
؛ يقال: أَحَمَّت الحاجة إِذا أَهَمَّتْ و لزمت؛ قال ابن الأَثير: و قال الزمخشري المُحِمَّةُ الحاضرة، من أَحَمَّ الشي‏ءُ إِذا قرب و دنا. و الحَمِيمُ: القريب، و الجمع أَحِمَّاءُ، و قد يكون الحَمِيم للواحد و الجمع و المؤنث بلفظ واحد. و المُحِمُّ: كالحَمِيم؛ قال:
لا بأْس أَني قد عَلِقْتُ بعُقْبةٍ،             مُحِمٌّ لكم آلَ الهُذَيْلِ مُصِيبُ‏

العُقْبَةُ هنا: البَدَلُ. و حَمَّني الأَمرُ و أَحَمَّني: أَهَمَّني. و احْتَمَّ له: اهْتَمَّ. الأَزهري: أَحَمَّني هذا الأَمر و احْتَمَمْتُ له كأنه اهتمام بحميم قريب؛ و أَنشد الليث:
تَعَزَّ على الصَّبابةِ لا تُلامُ،             كأَنَّكَ لا يُلِمُّ بك احْتِمامُ‏

و احْتَمَّ الرجلُ: لم يَنَمْ من الهم؛ و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
عليها فتىً لم يَجعل النومَ هَمَّهُ             و لا يُدْرِكُ الحاجاتِ إِلا حَمِيمُها

يعني الكَلِفَ بها المُهْتَمَّ. و أَحَمَّ الرجلُ، فهو يُحِمُّ إِحْماماً، و أَمر مُحِمٌّ، و ذلك إِذا أَخذك منه زَمَعٌ و اهتمام. و احْتَمَّتْ عيني: أَرِقتْ من غير وَجَعٍ. و ما له حُمٌّ و لا سُمٌّ غيرك أَي ما له هَمٌّ غيرُك، و فتحهما لغة، و كذلك ما له حُمٌّ و لا رُمّ، و حَمٌّ و لا رَمٌّ، و ما لك عن ذلك حُمٌّ و لا رُمٌّ، و حَمٌّ و لا رَمٌّ أَي بُدٌّ، و ما له حَمٌّ و لا رَمٌّ أَي قليل و لا كثير؛ قال طرفة:

152
لسان العرب12

حمم ص 150

جَعَلَتْهُ حَمَّ كَلْكَلَها             من ربيعٍ ديمةٌ تَثِمُهْ‏

و حامَمْتُه مُحامَّةً: طالبته. أَبو زيد: يقال أَنا مُحامٌّ على هذا الأَمر أَي ثابت عليه. و احْتَمَمْتُ: مثل اهتممت. و هو من حُمَّةِ نفسي أَي من حُبَّتها، و قيل: الميم بدل من الباء؛ قال الأَزهري: فلان حُمَّةُ نفسي و حُبَّة نفسي. و الحامَّةُ: العامَّةُ، و هي أَيضاً خاصَّةُ الرجل من أَهله و ولده. يقال: كيف الحامَّةُ و العامة؟ قال الليث: و الحَميمُ القريب الذي تَوَدُّه و يَوَدُّكَ، و الحامَّةُ خاصةُ الرجل من أَهله و ولده و ذي قرابته؛ يقال: هؤلاء حامَّتُه أَي أَقرِباؤه. و
في الحديث: اللهمَّ هؤلاء أَهلُ بيتي و حامَّتي أَذْهِبْ عنهم الرِّجْسَ و طَهِّرْهم تطهيراً.
؛ حامَّة الإِنسان: خاصتُه و من يقرب منه؛ و منه‏
الحديث: انصرف كلُّ رجلٍ من وَفْد ثَقيف إِلى حامَّته.
و الحَمِيمُ القَرابةُ، يقال: مُحِمٌّ مُقْرِبٌ. و قال الفراء في قوله تعالى: وَ لا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً
؛ لا يسأَل ذو قرابة عن قرابته، و لكنهم يعرفونهم ساعةً ثم لا تَعارُفَ بعد تلك الساعة. الجوهري: حَميمكَ قريبك الذي تهتم لأَمره. و حُمَّةُ الحَرِّ: معظمُه؛ و أَنشد ابن بري للضِّباب بن سُبَيْع:
لعَمْري لقد بَرَّ الضِّبابَ بَنُوه،             و بَعْضُ البنين حُمَّةٌ و سُعالُ‏

و حَمُّ الشي‏ء: معظمه. و
في حديث عمر: إِذا التقى الزَّحْفانِ و عند حُمَّةِ النَّهْضات.
أَي شدتها و معظمها. و حُمَّةُ كل شي‏ء: معظمه؛ قال ابن الأَثير: و أَصلها من الحَمِّ الحرارة و من حُمَّة السِّنان.، و هي حِدَّتُه. و أَتيته حَمَّ الظَّهيرةِ أَي في شدة حرها؛ قال أَبو كَبير:
و لقد ربَأْتُ، إِذا الصِّحابُ تواكلوا،             حَمَّ الظَّهيرةِ في اليَفاع الأَطْولِ‏

الأَزهري: ماء مَحْموم و مَجْموم و مَمْكُول و مَسْمول و منقوص و مَثْمود بمعنى واحد. و الحَمِيمُ و الحَمِيمةُ جميعاً: الماء الحارّ. و شربتُ البارحة حَميمةً أَي ماء سخناً. و المِحَمُّ، بالكسر: القُمْقُمُ الصغير يسخن فيه الماء. و يقال: اشربْ على ما تَجِدُ من الوجع حُسىً من ماء حَمِيمٍ؛ يريد جمع حُسْوَةٍ من ماء حارّ. و الحَمِيمَةُ: الماء يسخن. يقال: أَحَمُّوا لنا الماء أَي أَسخنوا. و حَمَمْتُ الماء أَي سخنته أَحُمُّ، بالضم. و الحَمِيمةُ أَيضاً: المَحْضُ إِذا سُخِّنَ. و قد أَحَمَّهُ و حَمَّمَه: غسله بالحَمِيم. و كل ما سُخِّنَ فقد حُمِّمَ؛ و قول العُكْلِيِّ أَنشده ابن الأَعرابي:
و بِتْنَ على الأَعْضادِ مُرْتَفِقاتِها،             و حارَدْنَ إِلا ما شَرِبْنَ الحَمائِما

فسره فقال: ذهبتْ أَلْبانُ المُرْضِعاتِ إِذ ليس لهن ما يأَكلْنَ و لا ما يشربْنَ إِلا أَن يُسَخِّنَّ الماء فيشربنه، و إِنما يُسَخِّنَّهُ لئلا يشربْنه على غير مأْكول فيَعْقِرَ أَجوافهن، فليس لهن غِذاءٌ إِلا الماء الحارُّ، قال: و الحَمائِمُ جمع الحَمِيم الذي هو الماء الحارُّ؛ قال ابن سيدة: و هذا خطأٌ لأَن فَعِيلًا لا يجمع على فَعائل، و إِنما هو جمع الحَمِيمَةِ الذي هو الماء الحارُّ، لغة في الحَميم، مثل صَحيفةٍ و صَحائف. و
في الحديث أَنه كان يغتسل بالحَميم.
و هو الماء الحارُّ. الجوهري: الحَمّامُ مُشدّد واحد الحَمّامات المبنية؛

153
لسان العرب12

حمم ص 150

و أَنشد ابن بري لعبيد بن القُرْطِ الأَسديّ و كان له صاحبان دخلا الحَمّامَ و تَنَوَّرا بنُورةٍ فأَحْرقتهما، و كان نهاهما عن دخوله فلم يفعلا:
نَهَيْتُهما عن نُورةٍ أَحْرقَتْهما،             و حَمَّامِ سوءٍ ماؤُه يَتَسَعَّرُ

و أَنشد أَبو العباس لرجل من مُزَيْنَةَ:
خليليَّ بالبَوْباة عُوجا، فلا أَرى             بها مَنْزِلًا إِلا جَديبَ المُقَيَّدِ
نَذُقْ بَرْدَ نَجْدٍ، بعد ما لعِبَت بنا             تِهامَةُ في حَمَّامِها المُتَوَقِّدِ

قال ابن بري: و قد جاءَ الحَمَّامُ مؤنثاً في بيت زعم الجوهري أَنه يصف حَمّاماً و هو قوله:
فإِذا دخلْتَ سمعتَ فيها رَجَّةً،             لَغَط المَعاوِلِ في بيوت هَدادِ

قال ابن سيدة: و الحَمَّامُ الدِّيماسُ مشتق من الحَميم، مذكر تُذَكِّرُه العرب، و هو أَحد ما جاء من الأَسماء على فَعّالٍ نحو القَذَّافِ و الجَبَّانِ، و الجمع حَمَّاماتٌ؛ قال سيبويه: جمعوه بالأَلف و التاء و إِن كان مذكراً حين لم يكسَّر، جعلوا ذلك عوضاً من التكسير؛ قال أَبو العباس: سألت ابن الأَعرابي عن الحَمِيم في قول الشاعر:
و ساغَ لي الشَّرابُ، و كنتُ قِدْماً             أَكادُ أَغَصُّ بالماء الحَميمِ‏

فقال: الحَميم الماء البارد؛ قال الأَزهري: فالحَميم عند ابن الأَعرابي من الأَضداد، يكون الماءَ البارد و يكون الماءَ الحارَّ؛ و أَنشد شمر بيت المُرَقِّش:
كلُّ عِشاءٍ لها مِقْطَرَةٌ             ذاتُ كِباءٍ مُعَدّ، و حَميم‏

و حكى شمر عن ابن الأَعرابي: الحَمِيم إِن شئت كان ماء حارّاً، و إِن شئت كان جمراً تتبخر به. و الحَمَّةُ: عين ماء فيها ماء حارّ يُسْتَشْفى بالغسل منه؛ قال ابن دريد: هي عُيَيْنَةٌ حارَّةٌ تَنْبَعُ من الأَرض يَستشفي بها الأَعِلَّاءُ و المَرْضَى. و
في الحديث مَثَلُ العالم مثَلُ الحَمَّةِ يأْتيها البُعَداءُ و يتركها القُرَباءُ، فبينا هي كذلك إِذ غار ماؤُها و قد انتفع بها قوم و بقي أَقوام يَتَفَكَّنون.
أَي يتندَّمون. و
في حديث الدجال: أَخبروني عن حَمَّةِ زُغَرَ.
أَي عينها، و زُغَرُ: موضع بالشام. و اسْتَحَمَّ إِذا اغتسل بالماء الحَميم، و أَحَمَّ نفسَه إِذا غسلها بالماء الحار. و الاستِحْمامُ: الاغتسال بالماء الحارّ، هذا هو الأَصل ثم صار كلُّ اغتسال اسْتِحْماماً بأي ماء كان. و
في الحديث: لا يبولَنَّ أَحدُكم في مُسْتَحَمِّه.
؛ هو الموضع الذي يغتسل فيه بالحَميم، نهى عن ذلك إِذا لم يكن له مَسْلَكٌ يذهب منه البول أَو كان المكان صُلْباً، فيوهم المغتسل أَنه أَصابه منه شي‏ء فيحصل منه الوَسْواسُ؛ و منه‏
حديث ابن مُغَغَّلٍ: أَنه كان يكره البولَ في المُسْتَحَمِّ.
و
في الحديث: أَن بعضَ نسائه اسْتَحَمَّتْ من جَنابةٍ فجاء النبي، صلى الله عليه و سلم، يَسْتَحِمُّ من فضلها.
أَي يغتسل؛ و قول الحَذْلَمِيّ يصف الإِبل:
فذاكَ بعد ذاكَ من نِدامِها،             و بعد ما اسْتَحَمَّ في حَمَّامها

فسره ثعلب فقال: عَرِقَ من إِتعابها إِياه فذلك اسْتحمامه.

154
لسان العرب12

حمم ص 150

و حَمَّ التَّنُّورَ: سَجَرَه و أَوقده. و الحَمِيمُ: المطر الذي يأْتي في الصيف حين تَسْخُن الأَرض؛ قال الهُذَليُّ:
هنالك، لو دَعَوْتَ أَتاكَ منهم             رِجالٌ مثل أَرْمية الحَمِيمِ‏

و قال ابن سيدة: الحَمِيم المطر الذي يأْتي بعد أَن يشتد الحر لأَنه حارّ. و الحَمِيمُ: القَيْظ. و الحميم: العَرَقُ. و اسْتَحَمَّ الرجل: عَرِقَ، و كذلك الدابة؛ قال الأَعشى:
يَصِيدُ النَّحُوصَ و مِسْحَلَها             و جَحْشَيْهما، قبل أَن يَسْتَحِم‏

قال الشاعر يصف فرساً:
فكأَنَّه لما اسْتَحَمَّ بمائِهِ،             حَوْلِيُّ غِرْبانٍ أَراح و أَمطرا

و أَنشد ابن بري لأَبي ذؤيب:
تأْبَى بدِرَّتها، إِذا ما اسْتُكْرِهَتْ،             إِلا الحَمِيم فإِنه يَتَبَضَّعُ‏

فأَما قولهم لداخل الحمَّام إِذا خرج: طاب حَمِيمُك، فقد يُعْنى به الاستحْمامُ، و هو مذهب أَبي عبيد، و قد يُعْنَى به العَرَقُ أَي طاب عرقك، و إِذا دُعِيَ له بطيب عَرَقِه فقد دُعِي له بالصحة لأَن الصحيح يطيب عرقُه. الأَزهري: يقال طاب حَمِيمُك و حِمَّتُكَ للذي يخرج من الحَمَّام أَي طاب عَرَقُك. و الحُمَّى و الحُمَّةُ: علة يسْتَحِرُّ بها الجسمُ، من الحَمِيم، و أَما حُمَّى الإِبلِ فبالأَلف خاصة؛ و حُمَّ الرجلُ: أَصابه ذلك، و أَحَمَّهُ الله و هو مَحْمُومٌ، و هو من الشواذ، و قال ابن دريد: هو مَحْمُوم به؛ قال ابن سيدة: و لست منها على ثِقَةٍ، و هي أَحد الحروف التي جاء فيها مَفْعُول من أَفْعَلَ لقولهم فُعِلَ، و كأَنَّ حُمَّ وُضِعَتْ فيه الحُمَّى كما أَن فُتِنَ جُعِلَتْ فيه الفِتْنةُ، و قال اللحياني: حُمِمْتُ حَمّاً، و الاسم الحُمَّى؛ قال ابن سيدة: و عندي أَن الحُمَّى مصدر كالبُشْرَى و الرُّجْعَى. و المَحَمَّةُ: أَرض ذات حُمَّى. و أَرض مَحَمَّةٌ: كثيرة الحُمَّى، و قيل: ذات حُمَّى. و
في حديث طَلْقٍ: كنا بأَرض وَبِئَةٍ مَحَمَّةٍ أَي ذات حُمَّى، كالمأْسَدَةِ و المَذْأَبَةِ لموضع الأُسود و الذِّئاب.
قال ابن سيدة: و حكى الفارسي مُحِمَّةً، و اللغويون لا يعرفون ذلك، غير أَنهم قالوا: كان من القياس أَن يقال، و قد قالوا: أَكْلُ الرطب مَحَمَّةٌ أَي يُحَمُّ عليه الآكلُ، و قيل: كل طعام حُمَّ عليه مَحَمَّةٌ، يقال: طعامٌ مَحَمَّةٌ إِذا كان يُحَمُّ عليه الذي يأْكله، و القياس أَحَمَّتِ الأَرضُ إِذا صارت ذات حُمَّى كثيرة. و الحُمامُ، بالضم: حُمَّى الإِبل و الدواب، جاء على عامة ما يجي‏ء عليه الأَدواءُ. يقال: حُمَّ البعيرُ حُماماً، و حُمَّ الرجل حُمَّى شديدة. الأَزهري عن ابن شميل: الإِبل إِذا أَكلت النَّدى أَخذها الحُمامُ و القُماحُ، فأَما الحُمامُ فيأْخذها في جلدها حَرٌّ حتى يُطْلَى جسدُها بالطين، فتدع الرَّتْعَةَ و يَذهَبُ طِرْقها، يكون بها الشهرَ ثم يذهب، و أَما القُماحُ فقد تقدم في بابه. و يقال: أَخذ الناسَ حُمامُ قُرٍّ، و هو المُومُ يأْخذ الناس. و الحَمُّ: ما اصطَهَرْتَ إِهالته من الأَلْيَةِ و الشحم، واحدته حَمَّةٌ؛ قال الراجز:
يُهَمُّ فيه القومُ هَمَّ الحَم‏

155
لسان العرب12

حمم ص 150

و قيل: الحَمُّ ما يَبقى من الإِهالة أَي الشحم المذاب؛ قال:
كأَنَّما أَصواتُها، في المَعْزاء،             صوتُ نَشِيشِ الحَمِّ عند القَلَّاء

الأَصمعي: ما أُذيب من الأَلْيَةِ فهو حَمٌّ إِذا لم يبق فيه وَدَكٌ، واحدتها حَمَّة، قال: و ما أُذيب من الشحم فهو الصُّهارة و الجَمِيلُ؛ قال الأَزهري: و الصحيح ما قال الأَصمعي، قال: و سمعت العرب تقول لما أُذيب من سنام البعير حَمّ، و كانوا يسمُّون السَّنام الشحمَ. الجوهري: الحَمُّ ما بقي من الأَلية بعد الذَّوْب. و حَمَمْتُ الأَليةَ: أَذبتها. و حَمَّ الشحمةَ يَحُمُّها حَمّاً: أَذابها؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
و جارُ ابن مَزْرُوعٍ كُعَيْبٍ لَبُونُه             مُجَنَّبَةٌ، تُطْلَى بحَمّ ضُروعُها

يقول: تُطْلَى بَحمّ لئلا يرضعها الراعي من بخله. و يقال: خُذْ أَخاك بحَمِّ اسْتِهِ أَي خذه بأَول ما يسقط به من الكلام. و الحَمَمُ: مصدر الأَحَمّ، و الجمعُ الحُمُّ، و هو الأَسود من كل شي‏ء، و الاسم الحُمَّةُ. يقال: به حُمَّةٌ شديدة؛ و أَنشد:
و قاتمٍ أَحْمَرَ فيه حُمَّةٌ


و قال الأَعشى:
فأما إِذا رَكِبوا للصَّباحِ             فأَوجُههم، من صدىَ البَيْضِ، حُمُ‏

و قال النابغة:
أَحْوَى أَحَمّ المُقْلَتَيْن مُقَلَّد


و رجل أَحَمُّ بيِّن الحَمَم، و أَحَمَّهُ الله: جعله أَحَمَّ، و كُمَيْتٌ أَحَمُّ بيِّن الحُمَّة. قال الأَصمعي: و في الكُمْتة لونان: يكون الفرس كُمَيْتاً مْدَمّىً، و يكون كُمَيْتاً أَحَمَّ، و أَشدُّ الخيل جُلوداً و حوافرَ الكُمْتُ الحُمُّ؛ قال ابن سيدة: و الحمَّةُ لون بين الدُّهْمَة و الكُمْتة، يقال: فرس أَحَمُّ بَيِّنُ الحُمَّة، و الأَحَمُّ الأَسْود من كل شي‏ء. و
في حديث قُسّ: الوافد في الليل الأَحَمِّ.
أَي الأَسود، و قيل: الأَحَمّ الأَبيض؛ عن الهَجَريّ؛ و أَنشد:
أَحَمُّ كمصباح الدُّجى‏


و قد حَمِمْتُ حَمَماً و احمَوْمَيْتُ و تَحَمَّمْتُ و تَحَمْحَمْتُ؛ قال أَبو كبير الهُذَلي:
أ حَلا و شِدْقاه و خُنْسَةُ أَنْفِهِ،             كحناء ظهر البُرمة المُتَحَمِّم «2».

و قال حسان بن ثابت:
و قد أَلَّ من أَعضادِه و دَنا له،             من الأَرض، دانٍ جَوزُهُ فَتَحَمْحَما

و الاسم الحُمَّة؛ قال:
لا تَحْسِبَنْ أَن يدي في غُمَّهْ،             في قَعْرِ نِحْيٍ أَسْتَثِيرُ حُمَّهْ،
أَمْسَحُها بتُرْبةٍ أَو ثُمَهْ‏


عَنَى بالحُمَّة ما رسَب في أَسفل النِّحيِ من مُسْوَدّ ما رسَب من السَّمن و نحوه، و يروى خُمَّه، و سيأتي ذكرها. و الحَمَّاءُ، على وزن فَعْلاء: الاسْتُ لِسَوادها، صفة غالبة. الجوهري: الحَمَّاء سافِلَةُ الإِنسان، و الجمع حُمٌّ.
__________________________________________________
 (2). قوله [كحناء ظهر] كذا بالأَصل، و الذي في المحكم: كجآء.

156
لسان العرب12

حمم ص 150

و الحِمْحِمُ و الحُماحِمُ جميعاً: الأَسْود. الجوهري: الحِمْحِمُ، بالكسر، الشديدُ السوادِ. و شاةٌ حِمْحِم، بغير هاء: سوداء؛ قال:
أَشَدُّ من أُمّ عُنُوقٍ حِمْحِمِ             دَهْساءَ سَوْداءَ كلَوْن العِظْلِمِ،
تَحْلُبُ هَيْساً في الإِناء الأَعْظَمِ‏


الهَيْسُ، بالسين غير المعجمة: الحَلْبُ الرُّوَيْد. و الحُمَمُ: الفَحْمُ، واحدته حُمَمَةٌ. و الحُمَمُ: الرَّماد و الفَحْم و كلُّ ما احترق من النار. الأَزهري: الحُمَم الفَحْم البارد، الواحدة حُمَمَةٌ، و بها سمي الرجل حُمَمة. و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه قال: إِن رجلًا أَوصى بَنيه عند موته فقال: إِذا أَنا مُتُّ فأَحْرِقُوني بالنار، حتى إِذا صِرْتُ حُمَماً فاسْحَقوني، ثم ذَرُّوني في الريح لعلي أَضِلُّ اللهَ.
؛ و قال طَرَفَةُ:
أَ شَجاك الرَّبْعُ أَم قِدَمُهْ،             أَم رَمادٌ دارِسٌ حُمَمُه؟

و حَمَّت الجَمْرةُ تَحَمُّ، بالفتح، إِذا صارت حُمَمةً. و يقال أَيضاً: حَمَّ الماءُ أَي صار حارّاً. و حَمَّم الرجل: سَخَّم وجْهَه بالحُمَم، و هو الفحمُ. و
في حديث الرَّجْم: أَنه أَمَرَ بيهودي مُحَمَّم مَجْلود.
أَي مُسْوَدّ الوجه، من الحُمَمَة الفَحْمةِ. و
في حديث لقمان بن عاد: خُذي مِنِّي أَخي ذا الحُمَمة.
؛ أَراد سَوادَ لَونه. و جارية حُمَمَةٌ: سوداء. و اليَحْموم من كل شي‏ء، يفعول من الأَحَمِّ؛ أَنشد سيبويه:
و غير سُفْعٍ مُثَّلٍ يَحامِم‏


باختلاسِ حركةِ الميم الأُولى، حذف الياء للضرورة كما قال:
و البَكَراتِ الفُسَّجَ العَطامِسا


و أَظهر التضعيف للضرورة أَيضاً كما قال:
مهْلًا أَ عاذِلَ، قد جَرَّبْتِ مِنْ خُلُقي             أَني أَجودُ لأَقْوامٍ، و إِنْ ضَنِنوا

و اليَحْمومُ: دخان أَسود شديد السواد؛ قال الصَّبَّاح بن عمرو الهَزَّاني:
دَعْ ذا فكَمْ مِنْ حالكٍ يَحْمومِ،             ساقِطةٍ أَرْواقُه، بَهيمِ‏

قال ابن سيدة: اليَحْمومُ الدخانُ. و قوله تعالى: وَ ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ‏
، عَنى به الدخان الأَسود، و قيل أَي من نار يُعَذَّبون بها، و دليل هذا القول قوله عز و جل: لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَ مِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ؛ إِلا أَنه موصوف في هذا الموضع بشدة السواد، و قيل: اليَحْمومُ سُرادِق أَهل النار، قال الليث: و اليَحْمومُ الفَرَس، قال الأَزهري: اليَحْمومُ اسم فرس كان للنعمان بن المنذر، سمي يَحموماً لشدة سواده؛ و قد ذكره الأَعشى فقال:
و يأْمُرُ للْيَحْمومِ كلَّ عَشِيَّةٍ             بِقَتٍّ و تَعْليقٍ، فقد كاد يَسْنَقُ‏

و هو يَفْعولٌ من الأَحَمِّ الأَسْودِ؛ و قال لبيد:
و الحارِثانِ كلاهما و مُحَرِّقٌ،             و التُّبَّعانِ و فارِسُ اليَحْمومِ‏

و اليَحْمومُ: الأَسْود من كل شي‏ء. قال ابن سيدة: و تسميته بالَيحْمومِ تحتمل وجهين: إِما أَن يكون من الحَميمِ الذي هو العَرَق، و إِما أَن يكون من‏

157
لسان العرب12

حمم ص 150

السَّواد كما سميت فرس أُخرى حُمَمة؛ قالت بعض نساء العرب تمدح فرس أَبيها: فرس أَبي حُمَمةُ و ما حُمَمةُ. و الحُمَّةُ دون الحُوَّةِ، و شفة حَمَّاء، و كذلك لِثَةٌ حَمَّاءُ. و نبت يَحْمومٌ: أَخضرُ رَيَّانُ أَسودُ. و حَمَّمَتِ الأَرضُ: بدا نباتُها أَخضرَ إِلى السواد. و حَمَّمَ الفرخُ: طلَع ريشُه، و قيل: نبت زَغَبُهُ؛ قال ابن بري: شاهده قول عمر بن لَجَإٍ:
 فهو يَزُكُّ دائمَ التَّزَعُّمِ،             مِثْلَ زَكيكِ الناهِضِ المُحمِّمِ‏

و حَمَّم رأْسُه إِذا اسْوَدَّ بعد الحَلْق؛ قال ابن سيدة: و حَمَّمَ الرأْسُ نبت شَعَرُه بعد ما حُلِق؛ و
في حديث أَنس: أَنه كان إِذا حَمَّمَ رأْسُه بمكة خرج و اعتمر.
أَي اسْوَدَّ بعد الحلْق بنبات شعره، و المعنى أَنه كان لا يؤخر العمرة إِلى المُحَرَّمِ، و إِنما كان يخرج إِلى الميقات و يعتمر في ذي الحِجَّة؛ و منه‏
حديث ابن زِمْلٍ: كأَنما حُمِّمَ شعره بالماء.
أَي سُوِّدَ، لأَن الشعر إِذا شَعِثَ اغْبَرَّ، و إِذا غُسِل بالماء ظهر سواده، و يروى بالجيم أَي جُعل جُمَّةً. و حَمَّمَ الغلامُ: بدت لحيته. و حَمَّمَ المرأَةَ: متَّعها بشي‏ء بعد الطلاق؛ قال:
أَنتَ الذي وَهَبْتَ زَيداً، بعد ما             هَمَمْتُ بالعجوز أَن تُحَمَّما

هذا رجل وُلِدَ له ابنٌ فسماه زيداً بعد ما كان هَمّ بتطليق أُمِّه؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
و حَمَّمْتُها قبل الفراق بِطعنةٍ             حِفاظاً، و أَصحابُ الحِفاظِ قليل‏

و
روى شمر عن ابن عُيَيْنَةَ قال: كان مَسْلمَةُ بن عبد الملك عربيّاً، و كان يقول في خُطبته: إِن أَقلَّ الناس في الدنيا هَمّاً أَقلُّهم حَمّاً.
أَي مالًا و متاعاً، و هو من التَّحْميمِ المُتْعَةِ؛ و قال الأَزهري: قال سفيان أَراد بقوله أَقلُّهم حَمّاً أَي مُتْعةً، و منه تَحْمِيم المطلَّقة. و قوله‏
في حديث عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه: إِنه طلق امرأَته فمتَّعها بخادمٍ سَوْداءَ حَمَّمَها إِياها.
أَي مَتَّعها بها بعد الطلاق، و كانت العرب تسمِّي المُتْعةَ التَّحْميمَ، و عَدَّاه إِلى مفعولين لأَنه في معنى أَعطاها إِياها، و يجوز أَن يكون أَراد حَمَّمَها بها فحذف و أَوصَل. و ثِيابُ التَّحِمَّة: ما يُلْبِس المطلِّقُ المرأَةَ إِذا مَتَّعها؛ و منه قوله:
فإِنْ تَلْبَسي عَنّي ثيابَ تَحِمَّةٍ،             فلن يُفْلِحَ الواشي بك المُتَنَصِّحُ‏

الأَزهري: الحَمامة طائر، تقول العرب: حمامَةٌ ذكرٌ و حمامة أُنثى، و الجمع الحَمام. ابن سيدة: الحَمام من الطير البَرّيُّ الذي لا يأْلَف البيوت، قال: و هذه التي تكون في البيوت هي اليَمام. قال الأَصمعي: اليَمام ضرب من الحمام برِّيّ، قال: و أَما الحمام فكلُّ ما كان ذا طَوْق مثل القُمْريّ و الفاخِتة و أَشباهِها، واحِدته حَمامة، و هي تقع على المذكر و المؤنث كالحَيّة و النَّعامة و نحوها، و الجمع حَمائم، و لا يقال للذكر حَمام؛ فأَما قوله:
حَمامَيْ قفرةٍ وَقَعا فطارا


فعلى أَنه عَنى قطيعين أَو سِرْبين كما قالوا جِمالان؛ و أَما قول العَجَّاج:
و رَبِّ هذا البلدِ المُحَرَّمِ،             و القاطِناتِ البيت غيرِ الرُّيَّمِ،
           

158
لسان العرب12

حمم ص 150

فإِنما أَراد الحَمام، فحذف الميم و قلب الأَلف ياء؛ قال أَبو إِسحق: هذا الحذفُ شاذ لا يجوز أَن يقال في الحِمار الحِمي، تريد الحِمار، فأَما الحَمام هنا فإِنما حذف منها الأَلف فبقيت الحَمَم، فاجتمع حرفان من جنس واحد، فلزمه التضعيف فأَبدل من الميم ياء، كما تقول في تظنَّنْت تظنَّيْت، و ذلك لثقل التضعيف، و الميم أَيضاً تزيد في الثقل على حروف كثيرة. و
روى الأَزهري عن الشافعي: كلُّ ما عَبَّ و هَدَر فهو حَمام.
يدخل فيها القَمارِيُّ و الدَّباسِيُّ و الفَواخِتُ، سواء كانت مُطَوَّقة أَو غير مطوَّقة، آلِفةً أَو وحشية؛ قال الأَزهري: جعل الشافعي اسم الحَمام واقعاً على ما عَبَّ و هَدَر لا على ما كان ذا طَوْقٍ، فتدخل فيه الوُرْق الأَهلية و المُطَوَّقة الوحشية، و معنى عبّ أَي شرب نَفَساً نَفَساً حتى يَرْوَى، و لم يَنْقُر الماء نَقْراً كما تفعله سائر الطير. و الهَدير: صوت الحمام كله، و جمعُ الحَمامة حَمام و حَمامات و حَمائم، و ربما قالوا حَمام للواحد؛ و أَنشد قول الفرزدق:
كأَنَّ نِعالَهن مُخَدَّماتٍ،             على شرَك الطريقِ إِذا استنارا
تُساقِطُ رِيشَ غادِيةٍ و غادٍ             حَمامَيْ قَفْرةٍ وقَعا فطارا

و قال جِرانُ العَوْد:
و ذَكَّرَني الصِّبا، بعد التَّنائي،             حَمامةُ أَيْكةٍ تَدْعو حَماما

قال الجوهري: و الحَمام عند العرب ذوات الأَطواق من نحو الفَواخِت و القَمارِيّ و ساقِ حُرٍّ و القَطا و الوَراشِين و أَشباه ذلك، يقع على الذكر و الأُنثى، لأَن الهاء إِنما دخلته على أَنه واحد من جنس لا للتأْنيث، و عند العامة أَنها الدَّواجِنُ فقط، الواحدة حَمامة؛ قال حُمَيْد بن ثوْرٍ الهلالي:
و ما هاجَ هذا الشَّوْقَ إِلَّا حمامةٌ             دَعَتْ ساقَ حُرٍّ، تَرْحةً و تَرَنُّما

و الحَمامة هاهنا: قُمْرِيَّةٌ؛ و قال الأَصمعي في قول النابغة:
و احْكُمْ كحُكْمِ فتاة الحيّ، إِذ نَظَرتْ             إِلى حَمامٍ شِراعٍ وارِدِ الثَّمَدِ «3»

هذه زَرْقاء اليمامة نظرت إِلى قَطاً؛ أَ لا ترى إِلى قولها:
لَيت الحَمامَ لِيَهْ             إِلى حمامَتِيَهْ،
و نِصْفَه قَدِيَهْ،             تَمَّ القَطاةُ مِيَهْ‏

قال: و الدَّواجن التي تُسْتَفْرَخ في البيوت حَمام أَيضاً، و أَما اليَمام فهو الحَمامُ الوحشيّ، و هو ضَرْب من طير الصحراء، هذا قول الأَصمعي، و كان الكسائي يقول: الحَمام هو البرّيّ، و اليمام هو الذي يأْلف البيوت؛ قال ابن الأَثير: و
في حديث مرفوع: أَنه كان يُعْجبه النظر إِلى الأُتْرُجِّ و الحَمام الأَحْمَر.
؛ قال أَبو موسى: قال هلال بن العلاء هو التُّفَّاحُ؛ قال: و هذا التفسير لم أَرَهُ لغيره. و حُمَة العقرب، مخففة الميم: سَمُّها، و الهاء عوض؛ قال الجوهري: و سنذكره في المعتل. ابن الأَعرابي: يقال لِسَمّ العقرب الحُمَّة و الحُمَةُ، و غيره لا يجيز التشديد، يجعل أَصله حُمْوَةً.
__________________________________________________
 (3). و في رواية أَخرى:
         ... سِراعٍ.

 

159
لسان العرب12

حمم ص 150

و الحَمامة: وسَطُ الصَّدْر؛ قال:
إِذا عَرَّسَتْ أَلْقَتْ حَمامةَ صَدْرِها             بتَيْهاء، لا يَقْضي كَراها رقيبها

و الحَمامة: المرأَة؛ قال الشَّمَّاخ:
دارُ الفتاةِ التي كُنَّا نَقُولُ لها:             يا ظَبْيَةً عُطُلًا حُسّانَةَ الجيدِ
تُدْني الحمامةَ منها، و هي لاهِيةٌ،             من يانِعِ الكَرْمِ غرْبانَ العَناقيدِ

و من ذهب بالحَمامةِ هنا إِلى معنى الطائر فهو وجْهٌ؛ و أَنشد الأَزهري للمُؤَرِّج:
كأَنَّ عينيه حَمامتانِ‏


أَي مِرآتانِ. و حَمامةُ: موضع معروف؛ قال الشمَّاخ:
و رَوَّحَها بالمَوْرِ مَوْرِ حَمامةٍ             على كلِّ إِجْرِيَّائِها، و هو آبِرُ

و الحَمامة: خِيار المال. و الحَمامة: سَعْدانة البعير. و الحَمامة: ساحة القصر النَّقِيَّةُ. و الحَمامةُ: بَكَرة الدَّلْو. و الحَمامة: المرأَة الجميلة. و الحمامة: حَلْقة الباب. و الحَمامةُ من الفَرَس: القَصُّ. و الحَمائِم: كرائم الإِبل، واحدتها حَميمة، و قيل: الحَميمة كِرام الإِبل، فعبر بالجمع عن الواحد؛ قال ابن سيدة: و هو قول كراع. يقال: أَخذ المُصَدِّقُ حَمائِمَ الإِبل أَي كرائمها. و إِبل حامَّةٌ إِذا كانت خياراً. و حَمَّةُ و حُمَّةُ: موضع؛ أَنشد الأَخفش:
أَ أَطْلالَ دارٍ بالسِّباع فَحُمَّةِ             سأَلْت، فلما اسْتَعْجَمَتْ ثم صَمَّتِ‏

ابن شميل: الحَمَّةُ حجارة سود تراها لازقة بالأَرض، تقودُ في الأَرض الليلةَ و الليلتين و الثلاثَ، و الأَرضُ تحت الحجارة تكون جَلَداً و سُهولة، و الحجارة تكون مُتدانِية و متفرقة، تكون مُلْساً مثل الجُمْع و رؤوس الرجال، و جمعها الحِمامُ، و حجارتها مُتَقَلِّعٌ و لازقٌ بالأَرض، و تنبت نبتاً كذلك ليس بالقليل و لا بالكثير. و حَمام: موضع؛ قال سالم بن دارَة يهجو طَريفَ بن عمرو:
إِني، و إِن خُوِّفْتُ بالسِّجن، ذاكِرٌ             لِشَتْمِ بني الطَّمَّاح أَهلِ حَمام‏
إِذا مات منهم مَيِّتٌ دَهَنوا اسْتَهُ             بِزيت، و حَفُّوا حَوْله بِقِرام‏

نَسَبهم إِلى التَّهَوُّدِ. و الحُمَامُ: اسم رجل. الأَزهري: الحُمام السيد الشريف، قال: أُراه في الأَصل الهُمامَ فقُلبت الهاء حاء؛ قال الشاعر:
أَنا ابنُ الأَكرَمينَ أَخو المَعالي،             حُمام عَشيرتي و قِوامُ قَيْسِ‏

قال اللحياني: قال العامري قلت لبعضهم أَ بَقِيَ عندكم شي‏ءٌ؟ فقال: هَمْهامِ و حَمْحامِ و مَحْماحِ و بَحْباح أَي لم يبق شي‏ء. و حِمَّانُ: حَيٌّ من تميم أَحد حَيَّيْ بني سعد بن زيد مَناةَ؛ قال الجوهري: و حَمَّانُ، بالفتح، اسم رجل «1». و حَمُومةُ، بفتح الحاء: ملك من ملوك اليمن؛ حكاه ابن الأَعرابي، قال: و أَظنه أَسود يذهب إِلى اشتقاقه من الحُمَّة التي هي السواد، و ليس بشي‏ء. و قالوا: جارا حَمومةَ، فَحَمومةُ هو هذا الملك، و جاراه: مالك بن جعفر
__________________________________________________
 (1). قوله [و حمان بالفتح اسم رجل‏] قال في التكملة:؛ المشهور فيه كسر الحاء.

160
لسان العرب12

حمم ص 150

ابن كلاب، و معاوية بن قُشَيْر. و الحَمْحَمة: صوت البِرْذَوْن عند الشَّعِير «1». و قد حَمْحَمَ، و قيل: الحَمْحَمة و التَّحَمْحُم عَرُّ الفرس حين يُقَصِّر في الصَّهيل و يستعين بنفَسه؛ و قال الليث: الحَمْحَمة صوت البِرْذَوْنِ دون الصوت العالي، و صَوتُ الفرس دونَ الصَّهيل، يقال: تَحَمْحَمَ تَحَمْحُماً و حَمْحَمَ حَمْحَمَةً؛ قال الأَزهري: كأَنه حكاية صوته إِذا طلب العَلَفَ أَو رأَى صاحبه الذي كان أَلِفه فاستأْنس إِليه. و
في الحديث: لا يجي‏ء أَحدُكم يوم القيامة بفرس له حَمْحَمةٌ.
الأَزهري: حَمْحَم الثورُ إِذا نَبَّ و أَراد السِّفادَ. و الحِمْحِمُ: نَبْتٌ، واحدتُه حِمْحِمةٌ. قال أَبو حنيفة: الحِمْحِم و الخِمْخِم واحد. الأَصمعي: الحِمْحِم الأَسْود، و قد يقال له بالخاء المعجمة؛ قال عنترة:
وَسْطَ الديارِ تَسَفُّ حَبَّ الخِمْخِم‏


قال ابن بري: و حُماحِمٌ لون من الصِّبغ أَسود، و النَّسبُ إِليه حُماحِمِيٌّ. و الحَماحِم: رَيْحانة معروفة، الواحدة حَماحِمَةٌ. و قال مرة: الحَماحِم بأَطراف اليمن كثيرة و ليست ببَرّية و تَعْظُم عندهم. و قال مرة: الحِمْحِم عُشْبةٌ كثيرة الماء لها زغَبٌ أَخشنُ يكون أَقل من الذراع. و الحُمْحُمُ و الحِمْحِم جميعاً: طائر. قال اللحياني: و زعم الكسائي أَنه سمع أَعرابيّاً من بني عامر يقول: إِذا قيل لنا أَ بَقِيَ عندكم شي‏ء؟ قلنا: حَمْحامِ. و اليَحْموم: موضع بالشام؛ قال الأَخطل:
أَمْسَتْ إِلى جانب الحَشَّاك جيفَتُهُ،             و رأْسُه دونَهُ اليَحْمُوم و الصُّوَرُ

و حَمُومةُ: اسم جبل بالبادية. و اليَحاميمُ: الجبال السود.
حنم:
الأَزهري: روى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه قال: الحَنَمة البومة؛ قال أَبو منصور: و لم أَسمع هذا الحرف لغيره، و هو ثِقة.
حنتم:
الحَنْتَم: جِرارٌ خُضْرٌ تَضرب إِلى الحمرة؛ قال طُفَيْلٌ يصف سحاباً:
لَه هَيْدبٌ دانٍ كأَن فُروجَه،             فُوَيْقَ الحَصى و الأَرْضِ، أَرفاضُ حَنْتَمِ‏

قال ابن بري: و منه قول عَمرو بن شَأْس:
رَجَعْتُ إِلى صَدْرٍ كجَرَّةِ حَنْتَمٍ،             إِذا قُرِعَتْ صِفْراً من الماء صَلَّتِ‏

و قال النعمان بن عَدِيٍّ:
مَنْ مُبْلِغُ الحَسْناء أَنَّ حَليلَها،             بمَيْسانَ، يُسْقى من رُخامٍ و حَنْتَمِ؟

و الحَنْتَمُ: سحاب، و قيل: سحاب سود. و الحَناتم: سَحائب سود لأَن السواد عندهم خضرة؛ قال أَبو ذؤيب:
سَقى أُمَّ عمروٍ، كلَّ آخرِ ليلةٍ،             حناتمُ سُحْمٌ ماؤُهنَّ ثَجيجُ‏

و الواحدة حَنتمةٌ، و أَصل الحَنْتَمِ الخضرة، و الخضرة قريبة من السواد. و حَنتَمٌ: اسم أَرض؛ قال الراعي:
كأَنكَ بالصحْراءِ من فَوقِ حَنْتَم             تُناغِيكَ، من تحت الخُدُورِ، الجَآذر

و
في الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، نهى عن الدُّبَّاءِ و الحَنْتَم.
؛ قال أَبو عبيد: هي جِرارٌ حُمْرٌ
__________________________________________________
 (1). قوله [عند الشعير] أَي عند طلبه، أَفاده شارح القاموس.

161
لسان العرب12

حنتم ص 161

كانت تُحْمَلُ إِلى المدينة فيها الخمرُ؛ قال الأَزهري: و قيل للسحاب حَنْتَم و حَناتم لامتلائها من الماء، شُبِّهَتْ بحَناتم الجِرار المملوءة، و في النهاية: الحَنْتَمُ جرار مدهونة خضر كانت تُحْمَلُ الخمرُ فيها إِلى المدينة، ثم اتُّسِعَ فيها فقيل للخَزَف كلِّه حَنْتم، واحدتها حَنْتَمةٌ، و إِنما نهى عن الانتباذ فيها لأَنها تُسْرِعُ الشدةُ فيها لأَجل دهنها، و قيل: لأَنها كانت تُعْمل من طين يعجن بالدم و الشعر، فنهى عنها ليُمْتنَع من عملها، و الأَول الوجه. و
في حديث ابن العاص: أَن ابن حَنْتَمَةَ بعَجَتْ له الدنيا مِعاها.
؛ حَنْتَمَةُ: أُم عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، و هي بنت هاشم بن المغيرة.
حندم:
الحَنْدَمُ: شجر حُمْرُ العُروق؛ قال يصف إِبلًا:
حُمْراً و رُمْكاً كعُروقِ الحَنْدَمِ‏


واحدته حَنْدَمَة. و حَنْدَمٌ: اسم. و الحِنْدِمانُ: قبيلة، مَثَّلَ به سيبويه و فسره السيرافي.
حنذم:
الجوهري: الحِنْذِمانُ الجماعة، و يقال الطائفةُ؛ قال الشاعر:
و إِنا لزَوَّارُونَ بالمِقْنَبِ العِدى،             إِذا حِنْذِمانُ اللُّؤْمِ طابَتْ وِطابُها

حوم:
الحَوْمُ: القَطيع الضخمُ من الإِبل أَكثرُه إِلى الأَلف؛ قال رؤبة:
و نَعَماً حَوْماً بها مُؤَبَّلا


و قيل: هي الإِبل الكثيرة من غير أَن يُحَدَّ عددُها. و حَوْمةُ كل شي‏ء: معظمه كالبحر و الحوض و الرمل. و الحَوْمةُ: أَكثر موضع في البحر ماءً و أَغْمَرُه، و كذلك في الحوض. و حَوْمَةُ القتال: معظمه و أَشدُّ موضعٍ فيه، و كذلك من الرمل و الماء و غيره؛ و أَنشد ابن بري لرؤبة:
حتى إِذا كَرَعْنَ في الحَوْمِ المَهَقْ‏


و حَوْمةُ الماء: غَمْرَتُهُ؛ عن اللحياني. و الحَوَمانُ: دَومانُ الطائر يُدَوِّم و يَحُومُ حول الماء. و
في حديث ابن عمر: ما وَليَ أَحدٌ إِلَّا حامَ على قرابته.
أَي عطف كفعل الحائم على الماء، و يروى حامى. و حامَ الطائرُ على الشي‏ء حَوْماً و حَوَماناً: دَوَّمَ. و الطائرُ يَحُومُ حول الماء و يَلُوبُ إِذا كان يدور حوله من العطش. الجوهري: حامَ الطائر و غيره حول الشي‏ء يَحُومُ حَوْماً و حَوَماناً أَي دار. و
في حديث الاستسقاء: اللهم ارْحَمْ بهائمَنا الحائمةَ.
؛ هي التي تحوم حول الماء أَي تطوف فلا تجد ماءً تَرِدُهُ، و حامَتِ الإِبلُ حول الماء حَوْماً كذلك. و كلُّ من رامَ أَمْراً فقد حامَ عليه حَوْماً و حِياماً و حُؤُوماً و حَوَماناً. و الحَومُ: اسم للجمع، و قيل: جمع. و كلُّ عطشان حائمٌ. و إِبل حَوائم و حُوَّمٌ: عطاش جِدّاً؛ الأَصمعي: الحوَّمُ من الإِبل العِطاش التي تَحومُ حول الماء؛ و قال الأَصمعي في قول عَلْقَمة بن عَبدَةَ:
كأْسٌ عزيز من الأَعْناب عَتَّقَها،             لبَعْضِ أَربابها، حانِيَّةٌ حُومُ‏

قال: الحُومُ الكثيرة، و قال خالد بن كلثوم الحُومُ التي تَحُومُ في الرأْس أَي تدور، و المُعَتَّقة: التي طال مُكْثُها. و هامَةٌ حائِمةٌ: عَطْشى، و في التهذيب: قد عَطِشَ دِماغُها.

162
لسان العرب12

حوم ص 162

و الحَوْمانةُ: مكان غليظٌ منْقادٌ، و جمعه حَوْمان و حَوامِينُ. و قال أَبو حنيفة: الحَومْانُ من السهل ما أَنبت العَرْفَجَ، و قرئ بخط شَمرٍ لأَبي خَيْرَةَ قال: الحَوْمانُ واحدتها حَوْمانةٌ شقائق بين الجبال، و هي أَطيب الحُزُونة، و لكنها جَلَدٌ ليس فيها إِكام و لا أَبارقُ. و قال أَبو عمرو: ما كان فوق الرمل و دونه حين تَصْعَدُه أَو تَهْبِطُهُ. و
في حديث وَفْد مَذْحِج: كأَنها أَخاشِبُ بالحَوْمان.
أَي الأَرض الغليظة المنقادة. و الحَوْمانُ: نبات بالبادية، واحدته حَوْمانةٌ؛ قال أَبو منصور: لم أَسمع الحَوْمان في أَسماء النبات لغير الليث؛ قال: و أَظنه وَهَماً. و حَامٌ: أَحدُ أَولاد نبيّ الله نوح، عليه السلام، و هو أَبو السُّودان؛ يقال: غلام حامِيٌّ و عَبْدٌ حامِيٌّ. و الحَوْمانُ: موضع؛ قال لبيد يصف ثَوْرَ وَحْشٍ:
و أَضحى يَقْتَرِي الحَوْمانَ فَرْداً             كنَصْلِ السَّيف حُودِثَ بالصِّقالِ‏

الأَزهري: وردتُ رَكِيَّة في جَوٍّ واسع يلي طَرَفاً من أَطراف الدَّوّ يقال لها رَكِيَّة الحَوْمانة، قال: و لا أَدري الحَوْمان فَوْعال مِن حَمَنَ، أَو فَعْلان من حام.
فصل الخاء المعجمة
ختم:
خَتَمَه يَخْتِمُه خَتْماً و خِتاماً؛ الأَخيرة عن اللحياني: طَبَعَه، فهو مَختوم و مُخَتَّمٌ، شُدِّد للمبالغة، و الخاتِمُ الفاعِلُ، و الخَتْم على القَلْب: أَن لا يَفهَم شيئاً و لا يَخرُج منه شي‏ء كأَنه طبع. و في التنزيل العزيز: خَتَمَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ‏
؛ هو كقوله: طَبَعَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ*، فلا تَعْقِلُ و لا تَعِي شيئاً؛ قال أَبو إِسحاق: معنى خَتَمَ و طَبَعَ في اللغة واحدٌ، و هو التغطية على الشي‏ء و الاستِيثاقُ من أَن لا يَدخله شي‏ء كما قال جلّ و علا: أَمْ عَلى‏ قُلُوبٍ أَقْفالُها؛ و فيه: كَلَّا بَلْ رانَ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ؛ معناه غَلَبَ و غَطَّى على قلوبهم ما كانُوا يَكْسِبُونَ، و قوله عز و جلّ: فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى‏ قَلْبِكَ‏
؛
قال قتادة: المعنى إِن يشإِ الله يُنْسِكَ ما آتاكَ.
و
قال الزجاج: معناه إِن يشإِ الله يَرْبِطْ على قلبك بالصبر على أَذاهم.
و على قولهم افْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ كَذِباً. و الخاتَمُ: ما يُوضَع على الطيِّنة، و هو اسم مثل العالَمِ. و الخِتامُ: الطِّينُ الذي يُخْتَم به على الكتاب؛ و قول الأَعشى:
و صَهْباء طاف يَهُودِيُّها،             و أَبْرَزَها و عليها خَتَمْ‏

أَي عليها طينة مختومة، مِثلُ نَفَضٍ بمعنى مَنْفُوضٍ و قَبَضٍ بمعنى مَقبوضٍ. و الخَتْمُ: المنع. و الخَتْم أَيضاً: حفْظُ ما في الكتاب بتَعْلِيم الطِّينَة. و
في الحديث: آمين خاتَمُ رب العالمين على عباده المؤمنين.
؛ قيل: معناه طَابَعُه، و علامتُه التي تدفَعُ عنهم الأَعراضَ و العاهات، لأَن خاتَمَ الكتاب يَصُونهُ و يمنَعُ الناظرين عما في باطنه، و تفتح تاؤه و تُكْسَرُ، لُغَتان. و الخَتَمُ و الخاتِمُ و الخاتَمُ و الخاتامُ و الخَيْتامُ: من الحَلْي كأَنه أَوّل وَهْلة خُتِمَ به، فدخل بذلك في باب الطابَع ثم كثر استعماله لذلك و إِن أُعِدَّ الخاتَمُ لغير الطَّبْع؛ و أَنشد ابن بري في الخَيْتام:
يا هِنْدُ ذاتَ الجَوْرَبِ المُنْشَقّ،             أَخَذْتِ خَيْتامي بغير حقّ‏

و يروى:
... خاتامِي ...


؛ قال: و قال آخر:

163
لسان العرب12

ختم ص 163

أَ تُوعِدُنا بِخَيْتام الأَمِير


قال: و شاهد الخاتام ما أَنشده الفراء لبعض بني عقيل:
لئِن كان ما حُدِّثْته اليومَ صادقاً،             أَصُمْ في نهارِ القَيْظ للشمس باديا
و أَرْكبْ حِماراً بين سَرْجٍ و فَرْوة،             و أُعْرِ من الخاتامِ صُغْرَى شِمالِيَا

و الجمع خَواتِم و خَواتِيم. و قال سيبويه: الذين قالوا خَواتِيم إِنما جعلوه تكسير فاعالٍ، و إِن لم يكن في كلامهم، و هذا دليل على أَن سيبويه لم يعرف خاتاماً، و قد تَخَتَّم به: لَبِسَهُ؛ و
نَهى النبيُّ، صلى الله عليه و سلم، عن التختُّم بالذهب.
و
في الحديث: التَّخَتُّم بالياقوت يَنْفي الفقر.
؛ يُريد أَنه إِذا ذهَبَ مالُه باع خاتَمَه فوجدَ فيه غِنىً؛ قال ابن الأَثير: و الأَشبه، إِن صح الحديث، أَن يكون لخاصَّة فيه. و
في الحديث: أَنه نهى عن لُبْس الخاتَم إِلَّا لذي سلطان.
أَي إِذا لَبسه لغير حاجة و كان للزِّينة المَحْضَةِ، فكره له ذلك و رخَّصها للسلطان لحاجته إِليها في خَتْم الكُتُب. و
في الحديث: أَنه جاءه رجل عليه خاتَمُ شَبَهٍ فقال: ما لي أَجدُ مِنك رَيحَ الأَصنام؟.
لأَنها كانت تُتّخذُ من الشَّبَه، و
قال في خاتَم الحديد: ما لي أَرى عليكَ حِلْيَةَ أَهلِ النار؟.
لأَنه كان من زِيِّ الكفار الذين هم أَصحاب النار. و يقال: فلان خَتَمَ عليك بابَهُ أَعرَض عنك. و خَتَم فلان لكَ بابَه إِذا آثرك على غيرك. و خَتَم فلان القرآن إِذا قرأَه إِلى آخره. ابن سيدة. خَتَم الشي‏ء يَخْتِمُه خَتْماً بلغ آخرَه، و خَتَمَ الله له بخَير. و خاتِمُ كل شي‏ء و خاتِمَته: عاقبته و آخِرُه. و اخْتَتَمْتُ الشي‏ء: نَقيض افتَتَحْتُه. و خاتِمَةُ السورة: آخرُها؛ و قوله أَنشده الزجاج:
إِن الخليفَة، إِن الله سَرْبَلَه             سِرْبالَ مُلْك، به تُرْجى الخَواتِيمُ‏

إِنما جَمَع خاتِماً على خواتيم اضطراراً. و خِتامُ كل مَشروب: آخرُه. و في التنزيل العزيز: خِتامُهُ مِسْكٌ‏
، أَي آخرُه لأَن آخر ما يَجدونه رائحة المسك، و
قال عَلْقَمَةُ: أَي خِلْطُه مِسك، أَ لم ترَ إِلى المرأَة تقول للطِّيب خِلْطُه مِسكٌ خِلْطُه كذا؟.
و
قال مجاهد: معناه مِزاجُه مسك.
قال: و هو قريب من قول عَلْقَمَة؛ و
قال ابن مسعود: عاقِبتُه طَعْم المِسك.
و
قال الفراء: قرأَ عليّ، عليه السلام، خاتِمُه مِسك؛ و قال: أَ ما رأَيتَ المرأَةَ تقول للعطَّار اجعل لي خاتِمَه مِسكاً، تريد آخرَه؟ قال الفراء: و الخاتِمُ و الخِتام متقاربان في المعنى، إِلَّا أَن الخاتِمَ الاسمُ، و الخِتام المصدر.
؛ قال الفرزدق:
فبِتْنَ جَنَابَتَيَّ مُصَرَّعاتٍ،             و بِتُّ أَفُضُّ أَغلاقَ الخِتامِ‏

و قال: و مثلُ الخاتِم و الخِتام قولك للرجل: هو كريم الطَّابِع و الطِّباع، قال: و تفسيره أَن أَحدهم إِذا شرب وَجَدَ آخر كأْسِه ريحَ المِسك. و خِتامُ الوادي: أَقصاه. و خِتامُ القَوْم و خاتِمُهُم و خاتَمُهُم: آخرُهم؛ عن اللحياني؛ و محمد، صلى الله عليه و سلم، خاتِمُ الأَنبياء، عليه و عليهم الصلاة و السلام. التهذيب: و الخاتِم و الخاتَم من أَسماء النبي، صلى الله عليه و سلم. و في التنزيل العزيز: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَ لكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ‏
؛ أَي آخرهم، قال: و قد قرئ و خاتَمَ؛ و قول العَجَّاج:
مُبارَكٍ للأَنبياء خاتِمِ‏


إِنما حمله على القراءة المشهورة فكسر، و من أَسمائه‏

164
لسان العرب12

ختم ص 163

العاقب أَيضاً و معناه آخر الأَنبياء. و أَعطاني خَتْمي أَي حَسْبي، قال دُرَيْدُ بن الصِّمّة:
و إِني دَعَوْتُ الله، لما كَفَرْتَني،             دُعاءً فأَعطاني على ماقِطٍ خَتْمِي‏

و هو من ذلك لأَن حَسْبَ الرجل آخرُ طلبه. و خَتَم زَرْعَهُ يَخْتِمُه خَتْماً و خَتَم عليه: سقاه أَولَ سَقْيَةٍ، و هو الخَتْم، و الخِتام اسم له لأَنه إِذا سقي خُتِم بالرَّجاء، و قد خَتَمُوا على زُروعِهم أَي سَقَوْها و هي كِرابٌ بَعْدُ؛ قال الطائفي: الخِتام أَن تُثار الأَرض بالبَذْر حتى يَصير البَذْر تحتَها ثم يَسقونها، يقولون خَتَمُوا عليه؛ قال أَبو منصور: و أَصل الخَتْم التغطية، و خَتْم البذر تغطيتُه، و لذلك قيل للزَّرَّاع كافر لأَنه يُغطّي البذر بالتراب. و الخَتْم: أَفواه خَلايا النَّحْل. و الخَتْم: أَن تَجمع النحلُ من الشَّمَع شيئاً رقيقاً أَرقّ من شَمَع القُرْص فَتَطْليَه به، و الخاتَمُ أَقلُّ وضَحِ القوائم. و فرس مُخَتَّم: بأَشاعِرِه بَياضٌ خفيٌّ كاللُّمَع دون التخديم. و خاتَمُ الفَرَسِ الأُنثى: الحلْقَة الدُّنْيا من ظَبْيَتها «2». ابن الأَعرابي: الخُتُمُ فُصُوص مَفاصِل الخَيل، واحدها خِتام و خَتام. و تَختَّم عن الشي‏ء: تَغافَل و سَكَتَ. و المِخْتَم: الجَوْزَةُ التي تُدْلَكُ لِتَمْلاسَّ فَيُنْقَدَ بها، تُسمّى التِّير بالفارسية. و جاء مُتَخَتِّماً أَي مُتَعمِّماً و ما أَحسن تَخَتُّمَهُ؛ عن الزجاجي، و الله أَعلم.
خترم:
خَتْرَمَ: صَمَتَ عن عِيٍّ أَو فَزَع.
خثم:
خَثَّم الشي‏ءَ: عَرَّضه. و الخَثَم، بالتحريك: عِرَضُ الأَنف. و الخَثَمُ: عِرَض رأْس الأُذن و نحوها من غير أَن تَطَرّف، و أُذن خَثْماء، و قد خَثِم خَثَماً، و هو أَخْثَمُ. و أَنف أَخْثَمُ: عريض الأَرْنَبة، و قيل: الخَثَم غلظ الأَنف كلِّه؛ و الأَخْثم: السيف العريض، من قول العجاج:
بالموت من حَدِّ الصّفيح الأَخْثم‏


و الأَخْثَم: الجَهازُ المرتفع الغليظ؛ قال النابغة:
و إِذا لمَسْتَ لَمَسْتَ أَخْثَمَ جاثِماً،             مُتَحَيِّزاً بمكانه مِلْ‏ءَ اليد «3».

و رَكَبٌ أَخْثَم إِذا كان منبسطاً غليظاً. و نَعْل مُخَثَّمة: مُعرَّضة بلا رأْس، و قيل: عَريضة. و الخُثْمة: قِصَر في أَنف الثور. الليث: ثَوْر أَخثم و بقرة خَثْماء؛ قال الأَعشى:
كأَني و رَحْلي و القُنانَ و نُمْرُقي،             على ظَهْر طاوٍ أَسْفَعِ الخدِّ أَخْثَما

و الخُثْمة: غِلَظ و قِصَر و تَفَرْطُحٌ. و ناقة خَثماء، و خَثَمُها: استدارة خُفها و انبساطُه و قِصَر مَناسِمِه، و به يُشبَّه الرَّكَبُ لاكتنازه، قال: و مثله الأَخَثّ. ثعلب: فَرْج أَخْثَم منتفخ حُزُقَّةٌ قصير السَّمْك خَنّاقٌ ضيق. ابن الأَعرابي: هو الأَبرد للنَّمر، و يقال لأُنثاه الخَيْثَمَة. و خَيْثَم و خَيْثَمَة و خُثامة و أَخْثَم و خُثَيْمٌ، كلها: أَسماء. و قد خَثِم المِعْوَلُ: صار مُفَرْطَحاً؛ و قال الجعدي:
رَدّتْ مَعاوِلَه خُثْماً مُفَلّلة،             و صادَفَتْ أَخضرَ الجالَيْنِ صَلَّالا

__________________________________________________
 (2). قوله [الحلقة الدنيا من ظبيتها] هكذا هو بالأصل، و هو نص المحكم، و في نسخة القاموس تحريف له فليتنبه له.
 (3). في ديوان النابغة:
... أجثم ...

بدل‏
... أخثم.

 

165
لسان العرب12

خثرم ص 166

خثرم:
الخُثارم، بالضم: الرجل المتطير؛ قال خُثَيْمُ بن عَدِيّ:
و لست بَهيّاب، إِذا شدَّ رَحلَه،             يقول: عَداني اليومَ واقٍ و حاتِمُ‏
و لكنه يَمضي على ذاك مُقْدِماً،             إِذا صَدَّ عن تلك الهَناة الخُثارِمُ‏

قال ابن بري: قال ابن السيرافي هو للرَّقّاص الكلبي، قال: و هو الصحيح؛ و صوابه:
و ليس بِهيّاب إِذا شدَّ رَحلَه‏


بدليل قوله بعده:
و لكنه يمضي على ذاك مُقْدِماً


قال: و الضمير في و ليس يعود على رجل خاطبه في بيت قبله في فصل حتم، و هو:
وجدتُ أَباكَ الخير بَحْراً بنَجدة،             بناها له مَجْداً أَشَمُّ قُماقِمُ‏

و رجل خُثارِم و حُثارم: غليظ الشفة. و الخِثْرِمة، بالخاء و الحاء: الدائرة تحت الأَنف. و الخِثْرمة: طَرَف الأَرنبة إِذا غلظت؛ رواه أَبو حاتم بالخاء، و روي عن أَبي عبيد، بالحاء، حِثْرِمة؛ قال: و هي لغتان الدائرة التي عند الأَنف وسْط الشفة العليا. و عَمرو بن الخُثارِم البَجَليُّ.
خثعم:
خَثْعَم: اسمُ جبل، فمن نزله فهم خَثْعَمِيُّونَ. و خَثْعَمٌ: اسم قبيلة أَيضاً، و هو خَثْعَمُ بن أَنمار من اليمن، و يقال: هم من مَعَدٍّ صاروا باليمن، و قيل: خَثْعَمٌ اسم جمل، سُمي به خَثْعَمٌ. و الخَثْعَمة: تلطّخ الجسد بالدم، و قيل: به سميت هذه القبيلة لأَنهم نحروا بعيراً فتلطخوا بدمه و تَحالفوا. و الخَثْعَمَةُ: أَن يُدخِل الرجلان إِذا تعاقدا كلُّ واحد منهما إِصبعاً في مَنْخِر الجَزُور المَنحور، يَتعاقدان على هذه الحالة، قال قطرب: الخَثْعمة التلطّخ بالدم؛ يقال: خَثعموه فتركوه أَي رَمَّلوه بدمه. و تَخَثْعم القومُ بالدم: تلطّخوا به، و قيل: الخثْعمة أَن يجتمع الناس فيَذبَحوا و يأْكلوا ثم يَجمَعوا الدم ثم يَخلطوا فيه الزعفَران و الطِّيبَ، ثم يَغمِسوا أَيديهم و يتعاقدوا أَن لا يَتخاذلوا.
خثلم:
خَثْلَم الشي‏ءَ: أَخذه في خُفْية. و خَثْلَمٌ:؛ اسم. و الخَثْلَمَةُ: الاختلاط.
خجم:
الخِجامُ: المرأَة الواسِعةُ الهَنِ، و هو سَبٌّ عند العرب، يقولون: يا ابن الخِجام و أَنشد ابن السكيت في باب صفة النساء من الجماع:
بذاك أَشفي النَّيْزَجَ الخِجاما


و يقال لها الخُجارِمُ أَيضاً. الأَزهري: النَّيْزَجُ جَهاز المرأَة إِذا نَزا بَظْرُه.
خدم:
الخَدَم: الخُدَّمُ. و الخادِمُ: واحدُ الخَدَمِ، غلاماً كان أَو جارية؛ قال الشاعر يمدح قوماً:
مُخَدَّمون ثِقالٌ في مَجالسهم،             و في الرِّجال، إِذا رافقتَهم، خَدَمُ‏

و تَخَدَّمْتُ خادِماً أَي اتخذت. و لا بد لمن لم يكن له خادمٌ أَن يَخْتَدِم أَي يَخْدُم نفسه. و
في حديث فاطمة و عليّ، عليهما السلام: اسأَلي أَباكِ خادِماً تَقِيكِ حَرَّ ما أَنتِ فيه.
؛ الخادِمُ: واحد الخَدَم، و يقع على الذكر و الأُنثى لإِجرائه مُجرى الأَسماء غير المأْخوذة من الأَفعال كحائض و عاتِق. و
في حديث عبد الرحمن: أَنه طلق امرأَته فَمَتَّعها بخادم سَوداء.
أَي جارية. و هذه خادِمُنا، بغير هاء، لوجوبه،

166
لسان العرب12

خدم ص 166

و هذه خادِمتُنا غداً. ابن سيدة: خَدَمَه يَخْدُمه و يَخدِمه؛ الكسر عن اللحياني، خَدْمةً، عنه، و خِدْمة، مَهَنَهُ، و قيل: الفتح المصدر، و الكسر الاسم، و الذكر خادم، و الجمع خُدَّام. و الخَدَمُ: اسم للجمع كالعَزَبِ و الرَّوَح، و الأُنثى خادِم و خادِمة، عَرَبيَّتان فصيحتان، و خدَم نفسهَ يَخْدُمُها و يَخْدِمُها كذلك. و حكى اللحياني: لا بدَّ لمن لم يكن له خادم أَن يَختَدِم أَي يخدُم نَفْسَه. و استخدَمَه فأَخدَمَه: استوهَبَه خادِماً فَوَهَبَه له. و يقال: اخْتَدَمْتُ فلاناً و اسْتَخْدَمْتُه أَي سأَلتُهُ أَن يَخْدُمني. و قومٌ مُخَدَّمُون أَي مَخْدُومُون، يراد به كثرةُ الخَدَم و الحَشَم. و أَخدمتُ فلاناً: أَعطيتُه خادماً يَخدُمُه، يقع الخادِمُ على الأَمة و العبد. و رجل مَخْدُوم: له تابعة من الجنّ. و الخَدَمة: السير الغليظ المحكمُ مثل الحَلْقة، يُشدّ في رُسْغ البعير ثم يُشَدّ إِليها سَرائحُ نَعْلِها؛ و أَنشد ابن بري للأَعشى:
و طايَفْنَ مَشْياً في السَّرِيح المُخَدَّم‏


و الجمع خَدَمٌ، و في التهذيب: خِدامٌ، و قد خَدَّم البعير. و الخَدَمةُ: الخَلْخالُ. هو من ذلك لأَنه ربما كان من سيور يُرَكَّبُ فيها الذهب و الفضة، و الجمع خِدامٌ، و قد تُسمَّى الساقُ خَدَمَةً حملًا على الخَلْخال لكونها موضعه، و الجمع خَدَمٌ و خِدامٌ؛ قال:
كيف نَوْمِي على الفراشِ، و لمَّا             تَشْمَلِ الشأْمَ غارةٌ شَعْواءُ
تُذْهِلُ الشيخَ عن بَنيهِ، و تُبْدي             عن خِدامِ العَقِيلَةُ العَذْراءُ

أَراد و تُبْدِي عن خِدامٍ العقيلة، و خِدام هاهنا في نية عن خِدامها؛ و عدَّى تُبْدِي بعَنْ لأَن فيه معنى تكشف كقوله:
تَصُدُّ و تُبْدِي عن أَسيلٍ و تَتَّقِي‏


أَي تكشف عن أَسيلٍ أَو تُسْفِرُ عن أَسيلٍ. و المُخَدَّمُ: موضع الخَدَمَة من البعير و المرأَة؛ قال طفيل:
و في الظَّاعِنينَ القَلْبُ قد ذَهَبَتْ به             أَسيلَةُ مَجْرى الدَّمْعِ، رَيَّا المُخَدَّمِ‏

و المُخَدَّمُ من البعير: ما فوق الكعب. غيره: و المُخَدَّم و المُخَدَّمة موضع الخِدام من الساق. و
في الحديث: لا يحول بيننا و بين خَدَمِ نِسائكم شي‏ءٌ.
جمع خَدَمَةٍ، يعني الخلخال، و يجمع على خِدامٍ أَيضاً؛ و منه‏
الحديث: كُنَّ يُدْلِجْنَ بالقِرَبِ على ظهورهن و يَسْقِينَ أَصحابه باديَةً خِدامُهُنَّ.
و
في حديث سلمان: أَنه كان على حِمار و عليه سَراويلُ و خَدَمَتاه تَذَبْذَبانِ.
؛ أَراد بخَدَمَتَيْه ساقَيْه لأَنهما موضع الخَدَمتين و هما الخَلْخالانِ، و قيل: أَراد بهما مَخْرَجَ الرجلين من السراويل. أَبو عمرو: الخِدام القيود. و يقال للقيد: مِرْمَلٌ و مِحْبَسٌ. ابن سيدة: و المُخَدَّم رِباطُ السَّراويل عند أَسفل رجل السَّراويل. أَبو زيد: إِذا ابْيَضَّت أَوْظِفَةُ النعجة فهي حَجْلاءُ و خَدْماءُ، و الخَدْماءُ مثل الحَجْلاء: الشاة البيضاء الأَوْظِفَةِ أَو الوَظيفِ الواحد، و سائرها أَسود، و قيل: هي التي في ساقها عند موضع الرُّسْغِ بياض كالخَدَمةِ في سواد أَو سواد في بياض، و كذلك الوُعُولُ مشبّه بالخَدَم من الخلاخيل، و الاسم الخُدْمةُ، بضم الخاء، و يسمون موضع الخَلْخال مُخَدَّماً؛ و قول الأَعشى:

167
لسان العرب12

خدم ص 166

و لو أَنَّ عِزَّ الناسِ في رأْس صَخْرَةٍ             مُلَمْلَمَةٍ، تُعْيِي الأَرَحَّ المُخَدَّما
لأَعطاك ربُّ الناسِ مِفْتاحَ بابِها،             و لو لم يكن بابٌ لأَعطاكَ سُلَّمَا

يريد وَعْلًا ابْيَضَّتْ أَوْظِفَتُهُ. و فرس مُخَدَّمٌ و أَخْدَمُ: تحجيلُه مستدير فوق أَشاعره، و قيل: فرس مُخدَّمٌ جاوز البياضُ أَرساغه أَو بعضها، و قيل: التَّخْديمُ أَن يَقْصُرَ بياض التحجيل عن الوَظيف فيستدير بأَرساغ رجلي الفرس دون يديه فوق الأَشاعر، فإِن كان بِرجْلٍ واحدة فهو أَرْجَلُ، و قد تسمى حَلْقَةُ القوم خَدَمَةً. و
في حديث خالد بن الوليد إِلى مَرازِبةِ فارس: الحمد لله الذي فَضَّ خَدَمَتَكُمْ.
؛ قال: فَضَّ الله خَدَمَتهم أَي فرق جماعتهم؛ الخَدَمة، بالتحريك: سير غليظ مضفور مثل الحَلْقة يشد في رُسْغِ البعير، ثم يشد إِليها سَرائِحُ نعله، فإِذا انْفَضَّتِ الخَدَمَة انْحَلَّت السَّرائِحُ و سقطت النعل، فضرب ذلك مَثَلًا لذهاب ما كانوا عليه و تفَرُّقِهِ، و شَبَّه اجتماع أَمر العَجَمِ و اتساقه بالحلقة المستديرة، فلهذا قال: فَضَّ خَدَمَتكُم أَي فرقها بعد اجتماعها. و قال أَبو عبيد: هذا مَثَلٌ، و أَصل الخَدَمَةِ الحلقةُ المستديرة المُحْكَمَةُ، و منه قيل للخلاخيل خِدامٌ؛ و أَنشد:
كانَ مِنَّا المُطارِدون على الأُخْرى،             إِذا أَبْدَتِ العَذَارَى الخِدامَا

قال: فَشَبَّهَ خالد اجتماع أَمرهم كان و استيثاقهم بذلك، و لهذا قال: فَضَّ الله خَدَمَتَكُمْ أَي فرقها بعد اجتماعها. و ابن خِدامٍ: شاعر قديم، و يقال: ابن خِذامٍ، بالذال المعجمة.
خذم:
الخَذَمُ، بالتحريك: سرعة السير، و ظَلِيْمٌ خَذُومٌ؛ قال الشاعر يصف ظَليماً:
مِزْعٌ يُطَيِّره أَزَفُّ خَذُومُ‏


و قد خَذِمَ الفرسُ خَذَماً فهو خَذِمٌ، و فرس خَذِمٌ: سريع، نعت له لازم، لا يشتق منه فِعْلٌ. و قد خَذَمَ يَخْذِمُ خَذَماناً، و به سُمِّي السيفُ مِخْذَماً. و الخَذْمُ: سرعة القطع. خَذَمَهُ يَخْذِمُه خَذْماً أَي قطعه. و
في حديث عمر: إِذا أَذَّنْتَ فاستَرْسِلْ، و إِذا أَقمت فاخْذِمْ.
؛ قال ابن الأَثير: هكذا أَخرجه الزمخشري و قال: هو اختيار أَبي عبيد و معناه التَّرْتيلُ كأَنه يقطع الكلام بعضه من بعض، قال: و غيره يرويه بالحاء المهملة؛ و منه‏
الحديث: أُتيَ عَبد الحَميد و هو أَمير على العراق بثلاثة نَفَرٍ قد قطعوا الطريق و خَذَمُوا بالسُّيوف.
أَي قطعوا و ضربوا الناس بها في الطريق. و
في حديث عبد الملك بن عُمَيْرٍ، بمَواسيَ خَذِمَةٍ.
أَي قاطعة. و
في حديث جابر: فضربا حتى جعلا يَتَخَذَّمانِ الشجرةَ.
أَي يقطعانها. و التَّخْذيمُ: التقطيع؛ و منه قول ابن مقبل:
تَخَذَّمَ من أَطرافِه ما تَخَذَّما


و قال حميد الأَرْقَطُ:
و خَذَّمَ السَّريحَ من أَنْقابِهِ‏


و ثَوْبٌ خَذِمٌ و خَذاويمُ «4» بمنزلة رَعابِيل، و خَذَّمه فتَخَذَّمَ، و تَخَذَّمَهُ هو أَيضاً؛ قال عَدِيّ بن الرِّقاع:
عامِيَّة جَرَّتِ الرِّيحُ الذُّيولَ بها،             فقد تَخَذَّمها الهِجْرانُ و القِدَمُ‏

__________________________________________________
 (4). قوله [و خذاويم‏] هكذا في الأصل، و صوبه شارح القاموس و خطأ ما فيه و هو خذاريم بالراء، و لكن الذي في التهذيب و التكملة مثل ما في القاموس.

168
لسان العرب12

خذم ص 168

و خَذِمَ الشي‏ءُ: انقطع؛ قال في صفة دَلْوٍ:
أَ خَذِمَتْ أَم وَذِمَتْ أَمْ ما لَها؟             أَم صادَفَتْ في قَعْرِها حِبالَها؟

و المِخْذَمُ: السيف القاطع. و سيف خَذِمٌ و خَذُومٌ و مِخْذَمٌ: قاطع. و مِخْذَمٌ و رَسُوبٌ: اسمان لسَيْفَي الحرثِ بن أَبي شَمِرٍ، و عليه قول عَلْقَمَةَ:
مظاهِرُ سِرْبالَيْ حَديدٍ، عليهما             عَقِيلا سُيوفٍ: مِخْذَمٌ و رَسُوبُ‏

و الخُذُم: الآذانُ المقطَّعة. و
في الحديث: كأَنكم بالتُّرْكِ و قد جاءتكم على بَراذِين مُخَذَّمةِ الآذان.
أَي مُقَطَّعَتِها. و أُذن خَذيمةٌ: مقطوعة؛ قال الكَلْحَبة:
كأَن مَسِيحَتَيْ وَرِقٍ عليها،             نَمَتْ قُرْطَيْهِما أُذُنٌ خَذِيمُ‏

قال ثعلب: شَبَّهَ صَفاءَ جلدها بفضة جعلت في الأُذن. و يقال: خَذِمَت النعلُ خَذَماً إِذا انقطع شِسْعُها. قال أَبو عمرو: و أَخْذَمْتُها إِذا أَصلحت شِسْعَها. و الخُذامَةُ: القطعة. و الخَذْماءُ من الشاء: التي شُقَّتْ أُذنها عرضاً و لم تَبِنْ. التهذيب: الخَذْمةُ من سِمات الشاء شقُّه من عَرْض الأُذن فتترك الأُذن نائسةً. و نعجة خَذْماءُ: قُطِعَ طَرَفُ أُذنها. و الخَذْمةُ: من سِمات الإِبل مُذْ كان الإِسلام. و خَذَمه الصَّقْرُ «1»: ضربَه بمِخْلَبه؛ عن ابن الأَعرابي؛ و به فسر قوله:
صائب الخَذمة من غير فَشَلْ‏


قال: و يروى‏
... الجَذْمة ...


، يعني بكل ذلك الخَطْفة و الضَّرْبَة. ابن السكيت: الإِخْذامُ الإِقرار بالذُّلِّ و السكون؛ و أَنشد لرجل من بني أَسد في أَولياء دَمٍ رضوا بالدِّيَةِ فقال:
شَرى الكِرْشُ عن طول النَّجِيِّ أَخاهُمُ             بمالٍ، كأَن لم يَسْمعوا شِعْرَ حَذْلَمِ‏
شَرَوْهُ بِحُمْرٍ كالرِّضام، و أَخْذموا             على العار، مَنْ لم يُنْكِرِ العارَ يُخْذِمِ‏

أَي باعوا أَخاهم بإِبل حمر و قبلوا الدية و لم يطلبوا بدمه. و الخُذُمُ: السَّكارى. و الخَذيمةُ: المرأَة السَّكْرى، و الرجل خَذيم. قال الأَزهري: و قرأْت شمر سكت الرجل و أَطِمَ و أَرْطَمَ و أَخْذَم و اخْرَنْبَقَ بمعنى واحد. و رجل خَذِمٌ: سَمْحٌ طَيْبُ النفس كثير العطاء، و الجمع خَذِمون، و لا يُكَسَّر. و رجل خَذِمُ العطاء أَي سمح. و خِذامٌ: بطن من مُحارب؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
خِذامِيَّة آدتْ لها عَجْوَةُ القُرى،             و تأْكل بالمَأْقوط حَيْساً مُجَعَّدا

أَراد عجوة وادي القُرى. المُجَعَّدُ: الغليظُ، رماها بالقبيح. و خِذامُ: اسم فرس حاتم بن حَيَّاش؛ قال:
أَقْدِمْ خِذامُ إِنها الأَساوِرهْ،             و لا تَهُولَنَّكَ ساقٌ نادِرَهْ‏

و ابن خِذامٍ: رجل جاهلي من الشعراء في قول إمرئ القيس:
عُوجا على الطَّلَلِ المُحيلِ لأَنَّنا             نَبْكي الديار، كما بَكى ابنُ خِذامِ‏

__________________________________________________
 (1). قوله [و خذمه الصقر إلخ‏] هكذا بضبط الأصل و المحكم.

169
لسان العرب12

خذم ص 168

قال ابن خالويه: خِذامٌ منقول من الخِذامِ، و هو الحمار الوحشي، قال: و يقال للحَمام ابن خِذام و ابن شَنَّة «1»، و لأَننا هاهنا بمعنى لَعَلَّنا؛ قال: و مثله قول الآخر:
أَريني جَواداً مات هَزْلًا، لأَنَّني             أَرى ما تَرَيْنَ، أَو بخيلًا مُكَرَّما

و في التنزيل العزيز قوله عز و جل: وَ ما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ.
خذلم:
خَذْلَمُ: أَسرع، و الحاء المهملة لغة.
خرم:
الخَرْمُ: مصدر قولك خَرَمَ الخَرَزَةَ يَخْرِمُها، بالكسر، خَرْماً و خَرَّمَها فَتَخرَّمَتْ: فَصَمَها و ما خَرَمْتُ منه شيئاً أَي ما نقصت و ما قطعت. و التَّخَرُّمُ و الانْخِرامُ: التشقق. و انْخَرَمَ ثَقْبُه أَي انشق، فإِذا لم ينشق فهو أَخْزَمُ، و الأُنثى خَزْماءُ، و ذلك الموضع منه الخَرَمَةُ: الليث: خَرِمَ أَنفُه يَخْرَمُ خَرَماً، و هو قطع في الوَتَرَةِ و في الناشِرتَيْنِ أَو في طرف الأَرْنَبة لا يبلغ الجَدْعَ، و النعت أَخْرَمُ و خَرْماءُ، و إِن أَصاب نحو ذلك في الشفة أَو في أَعلى قُوف الأُذن فهو خَرْمٌ. و
في حديث زيد بن ثابت: في الخَرَماتِ الثلاثِ من الأَنف الدِّيَة في كل واحدة منها ثلثها.
؛ قال ابن الأَثير: الخَرَماتُ جمع خَرَمَةٍ، و هي بمنزلة الاسم من نعت الأَخْرَمِ، فكأَنه أَراد بالخَرَمات المَخْرُومات، و هي الحُجُبُ الثلاثة: في الأَنف اثنان خارجان عن اليمين و اليسار، و الثالث الوَتَرَةُ، يعني أَن الدِّيَة تتعلق بهذه الحجب الثلاثة. و خَرِمَ الرجل خَرَماً فهو مَخْروم و هو أَخْرَمُ: تَخَرَّمَتْ وَتَرَةُ أَنفه و قطعت و هي ما بين مَنْخِرَيْه، و قد خَرَمه يَخْرِمه خَرْماً. و الخَرَمةُ: موضع الخَرْمِ من الأَنف، و قيل: الذي قطع طرف أَنفه لا يبلغ الجَدْعَ. و الخَوْرَمةُ: أَرنبة الإِنسان. و رجل أَخْرَمُ الأُذن كأَخربها: مثقوبها. و الخَرماءُ من الآذان: المُتَخَرِّمةُ. و عنز خَرْماءُ: شُقَّت أُذنها عرضاً. و الأَخْرَمُ: المثقوب الأُذن، و الذي قُطِعَتْ وتَرَةُ أَنفه أَو طرفه شيئاً لا يبلغ الجَدْعَ، و قد انْخَرَمَ ثَقْبُه. و
في الحديث: رأَيت رسول الله، صلى الله عليه و سلم، يخطب الناس على ناقة خَرْماء.
؛ أَصل الخَرْمِ الثقب و الشق. و
في الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، نهى أَن يُضَحَّى بالمُخَرَّمةِ الأُذنِ.
يعني المقطوعة الأُذن، قال ابن الأَثير: أَراد المقطوعة الأُذن تسمية للشي‏ء بأَصله، أَو لأَن المُخَرَّمةَ من أَبنية المبالغة كأَن فيها خُرُوماً و شُقوقاً كثيرة. قال شمر: و الخَرْمُ يكون في الأُذن و الأَنف جميعاً، و هو في الأَنف أَن يُقْطَع مُقَدَّمُ مَنْخِرِ الرجل و أَرْنَبَتِه بعد أَن يُقْطَعَ أَعلاها حتى ينفذ إِلى جوف الأَنف. يقال رجل أَخْرَمُ بيِّن الخَرَمِ. و الأَخْرَمُ: الغدير، و جمعه خُرْمٌ لأَن بعضها يَنْخَرِمُ إِلى بعض؛ قال الشاعر:
يُرَجِّعُ بين خُرْمٍ مُفْرَطات،             صَوافٍ لم تُكَدِّرْها الدِّلاءُ

و الأَخْرَمُ من الشِّعْرِ: ما كان في صدره وَتِدٌ مجموعُ الحركتينِ فَخُرِمَ أَحدهما و طُرِحَ كقوله:
إِنَّ امْرأً قد عاش عِشرِينَ حِجَّةً،             إِلى مِثلها يَرْجو الخُلودَ، لجاهِلُ «2».

__________________________________________________
 (1). قوله [و ابن شنة] هكذا بالأصل مضبوط.
 (2). قوله [عشرين حجة] كذا بالأصل، و الذي في التهذيب و التكملة: تسعين؛ و قوله إِلى مثلها، الذي في التكملة: إِلى مائة، و قد صحح عليه.

170
لسان العرب12

خرم ص 170

كان تمامه: و إِنَّ امرأً؛ قال الزجاج: من عِلَلِ الطَّويل الخَرْمُ و هو حذف فاء فَعُولُنْ و هو يسمى الثَّلْمَ، قال: و خَرْمُ فَعولُنْ بيته أَثْلَمُ، و خَرْمُ مَفاعِيلن بيته أَعْضَبُ، و يسمى مُتَخَرِّماً ليُفْصَلَ بين اسم مُنْخَرم مَفاعِيلن و بين مُنْخَرِمِ أَخْرَم؛ قال ابن سيدة: الخَرْمُ في العَروض ذهاب الفاء من فَعولن فيبقى عولُنْ، فينقل في التقطيع إِلى فَعْلُنْ، قال: و لا يكون الخَرْمُ إِلا في أَول الجزء في البيت، و جمعه أَبو إِسحاق على خُرُوم، قال: فلا أَدري أَ جَعَله اسماً ثم جمعه على ذلك أَم هو تسمُّح منه. و إِذا أَصاب الرامي بسهمه القِرْطاسَ و لم يَثْقُبْه فقد خَرَمَهُ. و يقال: أَصاب خَوْرَمَته أَي أَنفه. و الخَرْمُ: أَنف الجبل. و الأَخْرمانِ: عظمانِ مُنْخَرِمانِ في طرف الحَنَك الأَعلى. و أَخْرَما الكتفين: رؤوسهما من قِبَلِ العضدين مما يلي الوابِلة، و قيل: هما طرفا أَسفل الكتفين اللذان اكتنفا كُعْبُرة الكتف، فالكُعْبُرَةُ بين الأَخْرَمَين، و قيل: الأَخْرَمُ مُنْقَطَعُ العَيْرِ حيث يَنْجَدِعُ و هو طرفه؛ قال أَوس بن حَجَرٍ يذكر فرساً يُدْعى قُرْزُلًا:
تالله لو لا قُرْزُلٌ، إِذْ نَجا،             لكان مَثْوَى خَدِّكَ الأَخْرَما

أَي لقُتِلْتَ فسقط رأْسُكَ عن أَخْرَمِ كتفك. و أَخْرَمُ الكتف: طرف عَيْره. التهذيب: أَخْرَمُ الكتف مَحَزٌّ في طرف عَيْرِها مما يلي الصَّدَفة، و الجمع الأَخارِمُ. و خُرْمُ الأَكَمَةِ و مَخْرِمُها: مُنْقَطَعُها. و مَخْرِمُ الجبل و السَّيْل: أَنفه. و الخَرْمُ: ما خَرَمَ سَيْلٌ أَو طريقٌ في قُفّ أَو رأْس جبل، و اسم ذلك الموضع إِذا اتسع مَخْرِمٌ كمَخْرِم العَقَبةِ و مَخْرِم المَسِيلِ. و المَخْرِمُ، بكسر الراء: مُنْقَطَعُ أَنف الجبل، و الجمع المَخارِمُ، و هي أَفواه الفِجاجِ. و المَخارِمُ: الطُّرُق في الغلظ؛ عن السُّكَّريّ، و قيل: الطُّرُقُ في الجبالِ و أَفواه الفِجاجِ؛ قال أَبو ذؤيب:
به رُجُماتٌ بَيْنَهُنَّ مَخارِمٌ             نُهُوجٌ، كَلَبَّات الهَجائِنِ، فِيحُ‏

و
في حديث الهجرة: مَرَّا بأَوْسٍ الأَسْلَمِيِّ فحملهما على جَمَلٍ و بعث معهما دَليلًا و قال: اسْلُكْ بهما حيثُ تَعْلَمُ من مَخارِمِ الطُّرُق، و هو جمع مَخْرِم.
بكسر الراء، و هو الطريق في الجبل أَو الرمل، و قيل: هو مُنْقَطَعُ أَنف الجبل؛ و قول أَبي كبير:
و إِذا رَمَيْتَ به الفِجاجَ رأَيْتَهُ             يَهْوِي مَخارِمَها هُوِيَّ الأَجْدَلِ‏

أَراد في مَخارِمِها فهو على هذا ظَرْفٌ كقولهم ذهبتُ الشأْمَ و عَسَلَ الطريقَ الثَّعْلَبُ، و قيل: يَهْوِي هنا في معنى يَقْطَعُ، فإِذا كان هذا فَمَخارِمَها مفعول صحيح. و ما خَرَمَ الدليلُ عن الطَّريقِ أَي ما عدل. و مَخارِمُ الليل: أَوائلُه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
مَخارِمُ الليل لَهُنَّ بَهْرَجُ،             حِين ينامُ الوَرَعُ المُزَلَّجُ‏

قال: و يروى‏
مَحارِمُ الليل ...


أَي ما يَحْرُمُ سُلوكه على الجَبانِ الهِدانِ، و هو مذكور في موضعه. و يَمِينٌ ذات مَخارِمَ أَي ذاتُ مَخارِجَ. و يقال: لا خَيرَ في يَمِينٍ لا مَخارِمَ لها أَي لا مَخارِجَ، مأْخوذ من المَخْرِمِ و هو الثَّنِيَّةُ بين الجبلين. و قال‏

171
لسان العرب12

خرم ص 170

أَبو زيد: هذه يَمينٌ قد طَلَعَتْ في المَخارِمِ، و هي اليمين التي تَجْعَلُ لصاحبها مَخْرَجاً. و الخَوْرَمةُ: أَرْنَبةُ الإِنسانِ. ابن سيدة: الخَوْرَمَةُ مُقَدَّمُ الأَنف، و قيل: هي ما بين المَنْخِرَيْنِ. و الخَوْرَمُ: صُخور لها خُرُوقٌ، واحدتها خَوْرَمَةٌ. و الخَوْرَمُ: صخرة فيها خُروق. و الخَرْمُ: أَنف الجبل، و جمعه خُرُومٌ، و منه اشتقاق المَخْرِم. و ضَرْعٌ فيه تَخريمٌ و تَشْريمٌ إِذا وقع فيه حُزُوزٌ. و اخْتُرِمَ فلانٌ عَنَّا: مات و ذهب. و اخْتَرَمَتْهُ المَنِيَّةُ من بين أَصحابه: أَخَذَتْهُ من بينهم. و اخْتَرَمَهُم الدهرُ و تَخَرَّمَهُم أَي اقتطعهم و استأْصلهم. و يقال: خَرَمَتْهُ الخَوارِمُ إِذا مات، كما يقال شَعَبَتْهُ شَعُوبٌ. و
في الحديث: يريد أَن يَنْخَرِمَ ذلك القَرْنُ.
؛ القَرْنُ: أَهلُ كلِّ زمانٍ، و انْخِرامُهُ: ذهابُهُ و انقضاؤه. و
في حديث ابن الحنفية: كِدْتُ أَن أَكون السوادَ المُخْتَرَمَ.
من اخْتَرَمَهُم الدهرُ و تَخَرَّمهم استأْصلهم. و الخَرْماءُ: رابِيةٌ تَنْهَبِطُ في وَهْدَةٍ، و هو الأَخرمُ أَيضاً. و أَكَمَةٌ خَرْماءُ: لها جانب لا يمكن منه الصُّعودُ. و ريح خارِمٌ: باردة؛ كذا حكاه أَبو عبيد بالراء، و رواه كراع خازِمٌ، بالزاي، قال: كأَنها تَخْزِمُ الأَطْراف أَي تنظمها، و سيأْتي ذكره. و الخُرَّمُ: نباتُ الشَّجرِ؛ عن كراع. و عيش خُرَّمٌ: ناعِمٌ، و قيل: هو فارسي معرب؛ قال أَبو نُخَيْلة في صفة الإِبل:
قاظَتْ من الخُرْمِ بقَيْظٍ خُرَّمِ‏


أَراد بقَيْظٍ ناعم كثير الخَيْرِ؛ و منه يقال: كان عَيْشُنا بها خُرَّماً؛ قاله ابن الأَعرابي. و الخُرْمُ و كاظِمَة «3»: جُبَيْلاتٌ و أُنوفُ جبالٍ؛ و أَما قول جرير:
إِنَّ الكَنِيسة كانَ هَدْمُ بنائها             نَصْراً، و كان هَزيمةً للأَخْرَمِ‏

فإِنَّ الأَخْرَمَ اسمُ مَلك من مُلوك الرُّوم. و الخَريمُ: الماجِنُ. و الخارِمُ: التارِكُ. و الخارِمُ: المُفْسِدُ. و الخارِمُ: الرِّيحُ الباردةُ. و
في حديث سَعْدٍ: لما شكاه أَهل الكوفة إِلى عُمَرَ في صلاته قال ما خَرَمتُ من صلاة رسول الله، صلى الله عليه و سلم، شيئاً.
أَي ما تركْتُ؛ و منه‏
الحديث: لم أَخْرِمْ منه حَرْفاً.
أَي لم أَدَعْ. و الخُرّامُ: الأَحداث المُتَخَرِّمونَ في المعاصي. و جاء يَتَخَرَّمُ زَنْدُه أَي يَرْكبُنا بالظلم و الحُمْق؛ عن ابن الأَعرابي، قال: و قال ابن قنان لرجل و هو يَتَوَعَّدُهُ: و الله لئن انْتَحَيْتُ عليك فإِني أَراك يَتَخَرَّمُ زَنْدُك، و ذلك أَن الزَّنْدَ إِذا تَخَرَّمَ لم يُورِ القادِحُ به ناراً، و إِنما أَراد أَنه لا خَيْرَ فيه كما أَنه لا خير في الزَّنْدِ المُتَخَرِّم. و تَخَرَّمَ زَنْدُ فلان أَي سكن غضبُه. و تَخَرَّمَ أَي دانَ بدينِ الخُرَّمِيَّة، و هم أَصحاب التَّناسُخِ و الإِباحةِ. أَبو خيرة: الخَرْوَمانةُ بقلةٌ خبيثةُ الرِّيحِ تنبُتُ في العَطَنِ «4»، و أَنشد:
__________________________________________________
 (3). قوله [و الخرم و كاظمة إلخ‏] كذا بالأَصل و مثله في التكملة، و الذي في ياقوت: و الخرم في كاظمة إلخ.
 (4). قوله [تنبت في العطن‏] هكذا في الأَصل و يؤيده ما في مادة ش ق ذ من الأَصل و المحكم من التعبير بالإِعطان و صوبه شارح القاموس و خطأ ما فيه و هو تنبت في القطن و لكن الذي في التهذيب و التكملة هنا مثل ما في القاموس.

172
لسان العرب12

خرم ص 170

إِلى بيت شِقْذانٍ، كأَنَّ سِبالَهُ             و لِحْيَتَهُ في خَرْوَمانٍ منوِّرِ

و في الحديث ذِكْرُ خُرَيْمٍ، هو مصغر ثَنِيَّةٌ بين المدينة و الرَّوْحاء، كان عليها طريق رسول الله، صلى الله عليه و سلم، مُنْصَرَفَهُ من بَدْرٍ. و مَخْرَمَةُ، بالفتح، و مُخَرَّمٌ و خُرَيْمٌ: أَسماء. و خُرْمانُ و أُم خُرْمانَ «1»: موضعان. و الخَرْماءُ: عَيْنٌ بالصَّفْراء كانت لِحَكيم بن نَضْلَةَ الغِفارِيِّ ثم اشْتُرِيَتْ من وَلَدِهِ. و الخَرْماءُ: فَرَسٌ لِبَني أَبي رَبيعةَ. و الخُرَّمانُ: نبْتٌ. و الخُرْمانُ، بالضم: الكذِبُ؛ يقال: جاء فلان بالخُرْمانِ أَي بالكذب. ابن السكيت: يقال ما نَبَسْتُ فيه بخَرْماءَ، يعني به الكذب.
خرثم:
خَرْثَمةُ النعل و خِرْثِمَتُها: رأْسها.
خرشم:
الخُرْشُومُ: أَنف الجبل المشرف على وادٍ أَو قاعٍ، و قيل: هو الجبل العظيم، و قيل: هو ما غَلظ من الأَرض. و خَرْشَمَ الرجلُ: كَرَّه وجهَه. و المُخْرَنْشِمُ: المتعظم المتكبر في نفسه؛ و قيل: الغضبان المتكبر. ابن الأَعرابي: اخْرَنْشَمَ الرجلُ إِذا انقبض و تقارب خَلْقُ بعضه من بعض؛ و أَنشد:
و فَخِذٍ طالت و لم تَخْرَنْشِمِ‏


و المُخْرَنْشِمُ كذلك. و المُخْرَنْشِمُ: المتغيرُ اللونِ الذاهب اللحم الضامر، و هو مذكور في الحاء؛ قال الأَزهري: أَنا واقف في هذا الحرف فإِنه روي بالجيم أَيضاً، قال: و قد جاءت حروف تَعاقبَ فيها الخاء و الجيم كالزَّلَخان و الزلَجانِ. و انْتَجَبْتُ الشي‏ءَ و انْتَخَبْتُه إِذا اخترته. و أَرض خِرْشَمَّةٌ: يابسة صلبة، و جبل خِرْشَمٌ كذلك.
خرطم:
الخُرْطومُ: الأَنف، و قيل: مُقَدَّمُ الأَنف، و قيل: ما ضَمَّ الرجل عليه الحَنَكَيْنِ. أَبو زيد: الخُرْطومُ و الخَطْمُ الأَنف. و قوله تعالى: سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ‏
؛ فَسَّرهُ ثعلب فقال: يعني على الوجه؛ قال ابن سيدة: و عندي أَنه الأَنف و استعاره للإِنسان لأَن في المُمْكن أَن يُقَبِّحَهُ يوم القيامة فيجعله كخُرْطومِ السَّبع، و قيل: معناه سنجعل له في الآخرة العَلَم الذي به يُعْرَفُ أَهلُ النار من اسوداد وجوههم؛ و قال الفراء: الخُرْطومُ و إِن خُصَّ بالسِّمَةِ فإِنه في مَذْهَبِ الوجهِ، لأَن بعضَ الوجه يُؤَدِّي عن بعضٍ؛ و قال أَبو العباس: هو من السِّباع الخَطْمُ و الخُرْطومُ، و من الخنزير الفِنْطِيسَةُ، و من ذي الجَناح المنْقارُ، و من ذوات الخُفِّ المِشْفَرُ، و من الناس الشَّفَةُ، و من الحافر الجَحافلُ. و الخُرْطُوم للفِيل و هو أَنفه، و يقوم له مقام يده و مَقام عُنُقِهِ؛ قال: و الخُروقُ التي فيه لا تَنْفُذُ و إِنما هو وِعاءٌ إِذا ملأَه الفيلُ من طعام أَو ماء أَوْلَجَهُ في فِيه، لأَنه قصير العُنُق لا ينال ماء و لا مَرْعىً، قال: و إِنما صار ولدُ البُخْتِيِّ من البُخْتِيَّةِ جَزُورَ لحمٍ لقصر عُنقه، و لعجزه عن تناول الماء و المَرْعى، قال: و للبَعُوضة خُرْطومٌ و هي شبيهةٌ بالفيل، و حكى ابن بري عن ابن خالَوَيْهِ: فلان خُرْطُمانيٌّ عليه خُفّ قُرْطُمانيٌّ؛ خُرطُمانيٌّ: كبير الأَنف، و القُرْطُمانيُّ: الخف له مِنْقارٌ. و
في حديث أَبي هريرة و ذكر أَصحاب الدَّجَّالِ قال: خِفافُهُمْ مُخَرْطَمةٌ.
أَي ذات خَراطيِمَ و أُنوفٍ، يعني أَن صُدورها و رؤوسها مُحَدَّدَةٌ؛ فأَما قوله أَنشده‏
__________________________________________________
 (1). قوله [و أم خرمان‏] بضم فسكون كما في ياقوت و التكملة.

172
لسان العرب12

خرطم ص 173

ابن الأَعرابي:
أَصْبَحَ فيه شَبَهٌ من أُمِّه:             من عِظَمِ الرأْسِ و من خُرْطُمِّه‏

قال ابن سيدة: قد يكون الخُرْطُمُّ لغةً في الخُرْطومِ، قال: و يجوز أَن يكون أَراد الخُرْطُمَ فشَدَّدَه للضرورة و حَذَفَ الواو لذلك أَيضاً. و الخَراطِيم للسباع بمنزلة المناقيرِ للطير. و خَرْطَمَهُ: ضرب خُرْطومَهُ. و خَرْطَمَهُ: عَوَّجَ خُرْطومَهُ. و اخْرَنْطَمَ الرجلُ: عَوَّجَ خُرْطومَهُ و سكت على غضبه، و قيل: رَفَعَ أَنفَهُ و استكبر. و المُخْرَنْطِمُ: الغضبان المتكبر مع رفع رأْسه؛ و قال جَنْدَل يصف فُحولًا:
و هُنَّ يَعْمِينَ من المَلامِجِ             بقَرَدٍ مُخْرَنْطمِ المَتَاوِجِ،
على عُيونٍ لجإِ المَلاحِجِ «1».


مَلامِجُها: أَفواهها، و القَرَدُ: اللُّغامُ الجَعْدُ، و المَتاوِجُ تَتَتَوَّجُ بالعِمامة أَي صار الزَّبَدُ لها تاجاً، و المَلاحِجُ: مَداخِلُ العين، لجأٌ: قد غابت. و ذو الخُرْطومِ: سيف بعينه؛ عن أَبي عليّ، و أَنشد:
تَظَلُّ لذي الخُرْطُومِ فيهِنَّ سَوْرَةٌ،             إِذا لم يُدافِعْ بعضَها الضَّيْفُ عن بَعْضِ‏

و من أَسماء الخمر الخُرْطومُ؛ قال العجاج:
فغَمَّها حَوْلَيْنِ ثم استَوْدَفا             صَهْباءَ خُرْطوماً عُقاراً قَرْقَفا

و الخُرْطومُ: الخمر السريعةُ الإِسكارِ، و قيل: هو أَول ما يجري من العِنَبِ قبل أَن يُداسَ؛ أَنشد أَبو حنيفة:
و فِتْيَة غير أَنْذالٍ دَلَفْتُ لَهُمْ             بذي رِقاعٍ، من الخُرطُومِ، نَشَّاجِ «2».

يعني بذي الرِّقاعِ الزِّقَّ. ابن الأَعرابي: الخُرْطُومُ السُّلافُ الذي سال من غير عَصْرٍ. و خَراطِيمُ القوم: ساداتهم و مُقَدَّموهُمْ في الأُمور. و الخُراطِمُ من النساء: التي دخلت في السن. و الخُرْطُومان: جُشَمُ بن الخَزْرَجِ، و عوف بن الخَزْرَجِ.
خزم:
خَزَمَ الشي‏ءَ يَخْزِمُهُ خَزْماً: شَكَّهُ. و الخِزامَةُ: بُرَةٌ، حَلقَةٌ تجعل في أَحد جانِبَيْ مَنْخِرَي البعير، و قيل: هي حَلقةٌ من شَعَرٍ تجعل في وَتَرَةِ أَنفه يُشَدُّ بها الزِّمامُ؛ قال الليث: إِن كانت من صُفْرٍ فهي بُرَة، و إِن كانت من شعر فهي خِزامةٌ، و قال غيره: كل شي‏ء ثَقَبْتَهُ فقد خَزَمْتَهُ: قال شمر: الخِزامَةُ إِذا كانت من عَقَبٍ فهي ضانَةٌ. و
في الحديث: لا خِزامَ و لا زِمامَ.
؛ الخِزامُ جمع خِزامةٍ و هي حلقة من شعر تجعل في أَحد جانِبَيْ مَنْخِرَي البعير، كانت بنو إِسرائيل تَخزِمُ أُنوفها و تَخْرِقُ تَراقِيَها و نحو ذلك من أَنواع التعذيب، فوضعه الله عن هذه الأُمَّةِ، أَي لا يُفْعَلُ الخِزامُ في الإِسلام، و
في الحديث: وَدَّ أَبو بكر أَنه وجَدَ من رسول الله، صلى الله عليه و سلم، عَهْداً و أَنه خُزِمَ أَنفُه بخِزامَةٍ.
و
في حديث أَبي الدرداء: اقْرَأْ عليهم السَّلام و مُرْهُمْ أَن يُعْطوا القرآن بخَزائمهم.
؛ قال ابن الأَثير: هي جمع خِزامةٍ، يريد
__________________________________________________
 (1). قوله [لجأ] هكذا بالأَصل بدون ضبط.
 (2). قوله [أنشد أَبو حنيفة و فتية إلخ‏] كذا بالأَصل، و عبارة المحكم: أنشد أَبو حنيفة:
و كأن ريقتها إِذا نبهتها             بعد الرقاد تعل بالخرطوم‏


و قال الراعي‏
و فتية ...

إلخ.

174
لسان العرب12

خزم ص 174

به الانقيادَ لحكم القرآن و إِلقاءَ الأَزِمَّةِ إِليهِ، و دخولُ الباء في خَزائمهم مع كون أَعطى يتعدَّى إِلى مفعولين كقوله أعْطى «1» بيده إِذا انقاد و وَكَلَ أَمْرَهُ إِلى من أطاعه و عَنَا له، قال: و فيها بيانُ ما تضَمَّنَتْ من زيادة المعنى على معنى الإِعطاء المُجَرَّدِ، و قيل: الباء زائدة، و قيل: يَعْطوا، بفتح الياء، من عَطا يَعْطُو إِذا تناول، و هو يتعدى إِلى مفعول واحد، و يكون المعنى أَن يأْخذوا القرآن بتمامه و حَقّه كما يُؤخَذُ البعيرُ بِخزامَتِه، قال: و الأَول الوَجْهُ. و المُخَزَّمُ: من نعت النَّعام، قيل له مُخَزَّمٌ لثَقْب في مِنْقارِهِ، و قد خَزَمَهُ يَخْزِمُهُ خَزْماً و خَزَّمَه. و إِبل خَزْمَى: مُخَزَّمَةٌ؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أَنشد:
كأَنها خَزْمَى و لم تُخَزَّمِ‏


و ذلك أَن الناقة إِذا لقِحَتْ رفعت ذَنَبَها و رأْسها، فكأَنَّ الإِبل إِذا فعلت ذلك خَزْمَى أَي مشدودةُ الأُنوف بالخِزامةِ و إِن لم تُخَزَّمْ. و الخَزْماءُ: الناقة المشقوقة المَنْخِرِ. ابن الأَعرابي: الخَزْماءُ الناقة المشقوقة الخِنَّابَةِ و هي المَنْخِرُ، قال: و الزَّخْماءُ المُنْتِنَةُ الرائحة، و كل مثقوب مَخزُومٌ. و خَزَمْتُ الجَرادَ في العُود: نَظَمْتُهُ. و خَزَمْتُ الكتاب و غيره إِذا ثَقَبْتَهُ، فهو مَخْزُومٌ. ابن الأَعرابي: الخُزُمُ الخَرَّازونَ. و
في حديث حُذَيفة: إِن الله يصنع صانِعَ الخَزَمِ و يصنع كلَّ صَنْعَةٍ.
؛ يريد أَن الله يخلق الصِّناعة و صانِعها سبحانه و تعالى. قال أَبو عبيد: في قول حُذَيْفَةَ تَكذيبٌ لقول المعتزلة إِن الأَعمال ليست بمخلوقة، و يصدّق قولَ حذيفة قولُ الله تعالى: وَ اللَّهُ خَلَقَكُمْ وَ ما تَعْمَلُونَ؛ يعني نَحْتَهُمْ للأَصنام يعملونها بأَيديهم، و يريد بصانع الخَزَمِ صانِعَ ما يُتَّخَذُ من الخَزَمِ، و الطير كلها مَخْزُومَةٌ و مُخَزَّمَةٌ لأَن وَتَراتِ أُنوفِها مثقوبة، و كذلك النَّعامُ؛ قال:
و أَرْفَعُ صوتي للنعام المُخَزَّمِ‏


و خِزامةُ النعلِ: السير الدقيق الذي يَخْزِمُ بين الشِّراكَيْنِ، و شِراك مَخْزُومٌ و مَشْكوكٌ. و تَخَزَّمَ الشوكُ في رجله: شَكَّها و دخل فيها؛ قال القطاميّ:
سَرَى في جَلِيدِ اللَّيْلِ، حتى كأَنما             تَخَزَّمَ بالأَطْراف شَوْكُ العَقارِبِ‏

و خازَمَه الطريقَ: أَخذ في طريق و أَخذ غيره في طريق حتى التقيا في مكان واحد، قال: و هي المُخاصَرَةُ. و المُخازَمَةُ: المعارضةُ في السير؛ قال ابن فَسْوَةَ:
إِذا هو نَحَّاها عن القَصْدِ خازَمَتْ             به الجَوْرَ، حتى يستقيم ضُحَى الغَدِ

ذكر ناقته أَن راكبها إِذا جارَ بها عن القصد ذهبَتْ به خلاف الجَوْر حتى تغلبه فتأْخذ على القَصد؛ و أَما قوله:
قطعتُ ما خازَمَ من مُزْوَرِّهِ‏


فمعناه ما عَرَضَ لي منه. و ريح خازِمٌ: باردة؛ عن كراع؛ و أَنشد:
تُراوِحُها إِمَّا شَمالٌ مُسِفَّةٌ،             و إِمَّا صَباً، من آخِرِ الليْلِ، خازِمُ‏

__________________________________________________
 (1). قوله [كقوله أعطى إلخ‏] أَي كدخولها في قوله أعطى إلخ و قد عبر به في النهاية.

175
لسان العرب12

خزم ص 174

و الذي حكاه أَبو عبيد خارِمٌ، بالراء. و الخَزَمُ، بالتحريك: شجر له ليفٌ تُتَّخذ من لحائه الحبال، الواحدة خَزَمَةٌ؛ و أَنشد قول أُميَّة:
و انْبَعَثَتْ حَرْجَفٌ يَمانِيَةٌ،             يَيْبَسُ منها الأَراكُ و الخَزَمُ‏

و قال ساعِدَةُ:
أَفْنادُ كَبْكَبَ ذاتِ الشَّثِّ و الخَزَمِ‏


و أَنشد ابن بري:
مثل رِشاء الخَزَمِ المُبْتَلِ‏


التهذيب: الخَزَمُ شجر؛ و أَنشد الأَصمعي:
في مِرْفَقَيْهِ تَقارُبٌ، و لَهُ             بِرْكَةُ زَوْرٍ كجَبْأَة الخَزَمِ‏

أَبو حنيفة: الخَزَمُ شجر مثل شجر الدَّوْمِ سواء، و له أَفنان و بُسْرٌ صغار، يَسْوَدّ إِذا أَيْنَعَ، مُرٌّ عَفِصٌ لا يأْكله الناس و لكن الغرْبان حريصة عليه تَنْتابُهُ، واحدته خَزَمَةٌ. و الخَزَّامُ: بائع الخَزَمِ، و سوق الخَزَّامينَ بالمدينة معروف. و الخَزَمةُ: خُوصُ المُقْل تُعمَلُ منه أَحْفاشُ النساء. و الخُزامَى: نبت طيب الريح، واحدته خُزاماة؛ و قال أَبو حنيفة: الخُزامى عُشْبَةٌ طويلة العيدان صغيرة الورق حمراء الزهرة طيبة الريح، لها نَوْرٌ كنَوْرِ البَنَفْسَجِ، قال: و لم نجد من الزَّهْرِ زَهْرةً أَطيبَ نَفْحَة من نفحة الخُزامَى؛ و أَنشد:
لقد طَرَقَتْ أُمُّ الظِّباءِ سَحَابَتِي،             و قد جَنَحَتْ للغَوْرِ أُخْرى الكواكبِ‏
بريحِ خُزامَى طَلَّةٍ من ثِيابِها،             و مِنْ أَرَجٍ من جَيِّدِ المِسْكِ ثاقِبِ‏

و هي خِيرِيُّ البَرِّ؛ قال إمرؤ القيس:
كأَن المُدامَ و صَوْبَ الغَمام،             و رِيحَ الخُزامَى و نَشْرَ القُطُرْ

و الخَزُومَةُ: البقرة، بلغة هُذَيْلٍ؛ قال أَبو دُرَّةَ الهُذَليّ «1»:
إِن يَنْتَسِبْ يُنْسَبْ إِلى عِرْقٍ وَرِبْ:             أَهْلِ خَزُوماتٍ و شَحَّاجٍ صَخِبْ‏

و قيل: هي المُسِنَّةُ القصيرة من البقر، و الجمع خَزائمُ و خُزُمٌ و خَزُومٌ، و قيل الخَزُومُ واحد؛ و قوله:
أَرْبابُ شاءٍ و خَزُومٍ و نَعَمْ‏


يدل على أَنه جمع على حدِّ السَّعَةِ و الاختيار، و إِن كان قد يجوز أَن يكون واحداً؛ و أَنشد ابن بري لابن دارَةَ:
يا لعنةَ الله على أَهْلِ الرَّقَمْ،             أَهلِ الوَقِيرِ و الحَميرِ و الخُزُمْ‏

و الأَخزم: الحَيَّةُ الذكر. و ذكَرٌ أَخْزَمُ: قصير الوَتَرَةِ، و كَمَرَةٌ خَزْماءُ كذلك؛ قال الأَزهري: الذي ذكره الليث في الكَمَرَةِ الخَزْماءِ لا أعرفه، قال: و لم أَسمع الأَخْزَمَ في اسم الحيَّات، و قد نظرت في كتب الحيَّات فلم أَر الأَخْزَمَ فيها؛ و قال‏
__________________________________________________
 (1). قوله [أَبو درة الهذلي‏] كذا هو بالأَصل بهذا الضبط و بالدال المهملة، و عبارة القاموس في مادة ذ ر ر: و أَبو ذرة الهذلي الصاهلي شاعر، أَو هو بضم الدال المهملة.

176
لسان العرب12

خزم ص 174

رجل لبُنَيٍّ له أَعجبه:
شِنْشِنَةٌ أَعْرفُها من أَخْزَمِ‏


أَي قَطَران الماء «2» من ذَكر أَخْزَمَ، و قيل: أَخْزَمُ قطعة من جبل. و أَبو أَخْزَمَ: جَدُّ أَبي حاتِمِ طَيِ‏ءٍ أَو جَدُّ جدّه، و كان له ابن يقال له أَخْزَمُ فمات أَخْزَمُ و ترك بَنين فوثبوا يوماً في مكان واحد على جدهم أَبي أَخْزَمَ فأَدْمَوْه فقال:
إِنَّ بَنِيَّ رَمَّلُوني بالدَّمِ،             شِنْشِنَةٌ أَعْرِفها من أَخْزَمِ،
من يَلْقَ آسادَ الرجالِ يُكْلَمِ‏


كأَنه كان عاقّاً، و الشِّنْشِنةُ: الطبيعة أَي أَنهم أَشبهوا أَباهم في طبيعته و خُلُقِه. و الخَزْمُ، بالزاي، في الشعر: زيادة حرف في أَول الجزء أَو حرفين أَو حروف من حروف المعاني نحو الواو و هل و بل، و الخَرْمُ: نقصان؛ قال أَبو إِسحاق: و إِنما جازت هذه الزيادة في أَوائل الأَبيات كما جاز الخَرْمُ، و هو النقصان في أَوائل الأَبيات، و إِنما احْتُمِلَتِ الزيادةُ و النقصانُ في الأَوائل لأَن الوزن إِنما يستبين في السمع و يظهر عَوارُهُ إِذا ذهبتَ في البيت، و قال مرة: قال أَصحاب العروض جازت الزيادة في أَول الأَبيات و لم يُعْتَدَّ بها كما زيدت في الكلام حروفٌ لا يُعْتَدُّ بها نحو ما في قوله تعالى: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ؛ و المعنى فبرحمةٍ من الله، و نحو: لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ، معناه لأَنْ يعلم أَهلُ الكتاب، قال: و أَكثر ما جاء من الخَزْمِ بحروف العطف، فكأَنك إِنما تعطف ببيت على بيت فإِنما تحتسب بوزن البيت بغير حروف العطف؛ فالخَزْمُ بالواو كقول إمرئ القيس:
و كأَنَّ ثَبِيراً، في أَفانينِ وَدْقِهِ،             كبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزَمَّلِ‏

فالواو زائدة، و قد رويت أَبيات هذه القصيدة بالواو، و الواو أَجود في الكلام لأَنك إِذا وَصَفْتَ فقلت كأَنه الشمسُ و كأَنه الدُّرُّ كان أَحسن من قولك كأَنه الشمسُ كأَنه الدُّرُّ، بغير واو، لأَنك أَيضاً إِذا لم تعطف لم يَتَبَيَّنْ أَنك وصفتَه بالصفتين، فلذلك دخل الخَزْمُ؛ و كقوله:
و إِذا خَرَجَتْ من غَمْرَةٍ بعد غَمْرَةٍ


فالواو زائدة. و قد يأْتي الخَزْمُ في أَول المِصْراعِ الثاني؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
بل بُرَيْقاً بِتُّ أَرْقُبُهُ،             بَلْ لا يُرى إِلا إِذا اعْتَلَما

فزاد بَلْ في أَول المصراع الثاني و إِنما حَقُّه:
بل بُرَيْقاً بِتُّ أَرقبه،             لا يُرى إِلا إِذا اعْتَلَما

و ربما اعْتَرَضَ في حَشْوِ النصف الثاني بين سَببٍ و وَتِدٍ كقول مَطرِ بن أَشْيَمَ:
الفَخْرُ أَوَّلُهُ جَهْلٌ، و آخره             حِقْدٌ إِذا تُذُكِّرَتِ الأَقوالُ و الكَلِمُ‏

فإِذا هنا معترضة بين السبب الآخر الذي هو تَفْ و بين الوتد المجموع الذي هو عِلُنْ؛ و قد زادوا الواو في أَول النصف الثاني في قوله:
كُلَّما رابَكَ مِنِّي رائبٌ،             و يَعْلَمُ العالِمُ مِني ما عَلِمْ‏

__________________________________________________
 (2). قوله [أَي قطران الماء إلخ‏] كذا في الأَصل و التكملة، و عبارة التهذيب: أَي قطرة ماء من ذكرى الأَخزم.

177
لسان العرب12

خزم ص 174

و زادوا الباء؛ قال لبيد:
و الهَبانِيقُ قِيامٌ مَعَهُمْ             بكُلِّ مَلْثومٍ، إِذا صُبَّ هَمَل‏

و زادوا ياء أَيضاً؛ قالوا:
يا نَفْسِ أَكْلًا و اضْطِجاعاً،             يا نَفْسِ لَسْتِ بخالِدَه‏

و الصحيح:
يا نفسِ أَكْلًا و اضطجاعاً،             نَفْسِ لَسْتِ بخالده‏

و كقوله:
يا مَطَرُ بن ناجِيةَ بن ذِرْوَةَ إِنني             أُجْفى، و تُغْلَقُ دوننا الأَبْوابُ‏

و قد يكون الخَزْمُ بالفاء كقوله:
فَنَرُدّ القِرْنَ بالقِرْنِ             صَريعَيْنِ رُدافى‏

فهذا من الهَزَجِ، و قد زيد في أَوله حرف؛ و خَزَمُوا بِبَلْ كقوله:
بل لم تَجْزَعُوا يا آل حُجْرٍ مَجْزَعا


و قال:
هَل تَذَكَّرُونَ إِذْ نُقاتِلكُمْ،             إِذ لا يَضُرُّ مُعْدِماً عَدَمُهْ «1»

و خَزَمُوا بنَحْنُ قال:
نَحْنُ قَتَلْنا سَيِّدَ الخَزْرَجِ             سَعْدَ بن عُبادَهْ‏

و نظير الخَزْمِ الذي في أَول البيت ما يُلْحِقُونَهُ بعد تمام البناء من التَّعدِّي و المُتَعَدِّي، و الغُلُوّ و الغالي. و الأَخْزَمُ: قطعة من جبل. و خُزام: موضع؛ قال لبيد:
أَقْوَى فَعُرِّيَ واسِطٌ فبَرامُ،             من أَهله، فصُوائِقٌ فَخُزامُ‏

و مَخْزُومٌ: أَبو حَيٍّ من قُرَيْشٍ، و هو مَخْزُوم بن يَقَظَةَ بن مُرَّةَ بن كَعْبِ بن لُؤَيِّ بن غالب. و بِشْرُ بن أَبي خازِمٍ: شاعر من بني أَسَد.
خشم:
خَشِمَ اللحمُ خَشَماً و أَخْشَمَ: تغيرت رائحته. و الخَيْشُوم من الأَنف: ما فوق نُخْرَتِهِ من القَصَبة و ما تحتها من خَشارِمِ رأْسه، و قيل: الخَياشِيمُ غَراضيف في أَقصى الأَنف بينه و بين الدماغ، و قيل: هي عُروق في باطن الأَنف، و قيل: الخَيْشُومُ أَقصى الأَنف. و الخَشْمُ: كسْر الخَيْشُومِ؛ خَشَمَهُ يَخشِمُهُ خَشْماً: كسر خَيشومَهُ. و خَياشِيمُ الجبال: أُنوفها؛ و أَنشد ابن بري لذي الرُّمَّة:
من ذِرْوَةِ الصَّمَّان خَيْشُومُ‏


قال أَبو حنيفة: و قيل لابنة الخُسِّ أَيُّ البلادِ أَمْرَأُ؟ قالت: خَياشِيم الحَزَنِ أَو جِواءُ الصَّمَّانِ. و الخَشَمُ و الخُشوم: سَعَةُ الأَنف، خَشِمَ خَشَماً و خُشوماً و هو أَخْشَمُ. و الخَشَمُ: داء يأْخذ في جوف الأَنف فتتغير رائحته؛ و الخُشامُ: داء يأْخذ فيه و سُدَّةٌ، و صاحبه مَخْشومٌ. و رجل أَخْشَمُ بَيِّنُ الخَشَمِ: و هو داء يعتري الأَنف. و فلان ظاهر الخَيْشومِ أَي واسع الأَنف؛ و أَنشد:
أَخْشَم بادي النَّعْوِ و الخَيْشومِ‏


__________________________________________________
 (1). قوله [و قال هل تذكرون إلخ‏] هكذا بالأَصل و فيه سقط يعلم من عبارة شارح القاموس و عبارة صاحب التكملة فإنهما قالا و بهل كقوله هل تذكرون إلخ.

178
لسان العرب12

خشرم ص 179

و الخَشَمُ: سقوط الخَياشيم و انسدادُ المُتَنَفِّس و لا يكاد الأَخْشَمُ يَشُمُّ شيئاً. و الخُشامُ: كالخَشَمِ. و في الأَنف ثلاثة أَعظم فإِذا انكسر منها عظم تَخَشَّمَ الخَيْشومُ فصار مَخشوماً. و الأَخْشَمُ: الذي لا يجد ريح طيب و لا نَتْنٍ. و
في الحديث: لقي الله و هو أَخْشَمُ.
و
في حديث عمر: أَن مَرْجانةَ ولِيدتَهُ أَتت بولدِ زِناً، فكان عمرُ يحمله على عاتقه و يَسْلِتُ خَشَمَهُ.
؛ الخَشَمُ: ما يسيل من الخَياشِيم أَي يمسح مُخاطه و ما سال من خَيْشومِه. و رجل مَخْشُوم و مُتَخَشّمٌ و مُخَشَّمٌ، بفتح الشين مشددة: سكران، مشتقّ من الخَيْشُومِ؛ قال الأَعشى:
إِذا كان هِنْزَمْنٌ و رُحْتُ مُخَشَّماً


و خَشَّمَه الشرابُ: تَثَوَّرَتْ ريحه في الخَيْشُومِ و خالطت الدماغ فأَسكرته، و الاسم الخُشْمَةُ، و قيل: المُخَشَّمُ السكران الشديد السُّكر من غير أَن يشتق من الخَيْشُوم. التهذيب: و التَّخَشُّم من السُّكر، و ذلك أَن ريح الشراب تَثُور في خَيْشُومِ الشارب ثم تخالط الدماغ فيذهب العقل، فيقال: تَخَشَّمَ و خَشَّمَه الشرابُ؛ و أَنشد:
فأَرْغَمَ اللهُ الأُنوفَ الرُّغَّمَا،             مَجْدوعَها و العَنِتَ المُخَشَّما

أَي المكسَّر. و الخُشامُ: العظيم من الأُنوف و إِن لم يكن مُشْرِفاً. و يقال: إِن أَنف فلان لَخُشامٌ إِذا كان عظيماً. و رجل خُشامٌ، بالضم: غليظ الأَنف، و كذلك الجبَل الذي له أَنف غليظ. و الخَيْشُومُ: سَلائلُ سُود و نَغَفٌ في العظم، و السَّلِيلَةُ هَنَةٌ رقيقة كاللحم. و خَياشِيم الجبال: أُنوفها. و الخُشامُ: العظيم من الجبال؛ و أَنشد:
و يَضْحَى به الرَّعْنُ الخُشامُ كأَنَّه،             وراء الثَّنايا، شَخْصُ أَكْلَفَ مُرْقِلِ‏

أَبو عمرو: الخُشامُ الطويل من الجبال الذي له أَنف. و ابن الخُشامِ: من فُرسانهم؛ قال مُرَقِّشٌ:
أَبَأْتُ، بثَعْلَبَةَ بن الخُشامِ،             عَمْرَو بنَ عَوْفٍ فَزاحَ الوَهَلْ‏

خشرم:
الخَشْرَمُ: جماعة النحل و الزنابير، لا واحد لها من لفظها؛ قال الشاعر في صفة كلاب الصيد:
و كأَنَّها، خَلْفَ الطَّريدةِ،             خَشْرَمٌ مُتَبَدِّدُ

الأَصمعي: الجماعة من النحل يقال لها الثَّوْلُ و الخَشْرَمُ، قال أَبو حنيفة: من أَسماء النحل الخَشْرَمُ، واحدتها خَشْرَمَةٌ. و الخَشْرَمُ أَيضاً: أَمير النحل. و الخشرَمُ أَيضاً: مأْوى الزنابير و النحل و بيتُها ذو النَّخاريب. و
في الحديث: لتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كان قبلكم ذراعاً بذراع حتى لو سلكوا خَشْرَم دَبْرٍ لسلكتموه.
؛ هو مأْوى النحل و الزنابير و الدَّبْرِ، قال: و قد يطلق عليها أَنفسها؛ و الدَّبْرُ: النحل؛ و قول أَبي كبير يصف صائداً:
يأْوي إِلى عُظْمِ الغَريفِ، و نَبْلُهُ             كسَوامِ دَبْر الخَشْرَمِ المُتَثَوِّرِ

أَضاف الدَّبْرَ إِلى أَميرها أَو مأْواها، و لا يكون من إِضافة الشي‏ء إِلى نفسه. و خَشارِمُ الرأْس: ما رَقَّ من السِّحاء الذي في خَياشيمه، و هو ما فوق نُخْرَتِه إِلى قصَبة أَنفه. و الخَشارِمُ، بالضم: الأَصواتُ، و خَشْرَمَت‏

179
لسان العرب12

خشرم ص 179

الضَّبُع: صوتت في أَكلها؛ حكاه ابن الأَعرابي، و قال: سمعت أَعرابياً يقول: الضبع تُخَشْرِمُ و ذلك صوت أَكلها إِذا أَكلت. ابن شميل: الخَشْرَمَةُ أَرض حجارتها رَضْراضٌ كأَنها نُثِرَتْ على وجه الأَرض نَثْراً، فلا تكاد تمشي فيها، حجارتها حُمٌّ، و هو جبل ليس بالشديد الغليظ، فيه رَخاوة موضوع بالأَرض وضعاً، و هو ما استوى مع الأَرض، و ما تحت هذه الحجارة المُلقاة على وجه الأَرض أَرضٌ فيها حجارة و طين مختلطة، و هي في ذلك غليظة، و قد تنبت البقل و الشجر؛ و قيل: الخَشْرَمَةُ رَضْمٌ من حجارة مَرْكوم بعضُه على بعضٍ، و الخَشْرَمةُ لا تطول و لا تَعْرُضُ، إِنما هي رَضْمَةٌ و هي مستوية؛ و زاد الليث على هذا القول أَنه قال: حجارة الخَشْرَمةِ أَعظمها مثل قامة الرجل تحت التراب، قال: و إِذا كانت الخَشْرَمةُ مستوية مع الأَرض فهي القِفافُ، و إِنما قَفَّفَها كثرةُ حجارتها؛ قال أَبو أَسلم: الخَشْرَمةُ من أَعظم القفِّ، و قال بعضهم: الخَشْرَمُ ما سَفُلَ من الجبل، و هي قُفٌّ و غلظ، و هو جبل غير أَنه متواضع، و جمعه الخَشارِمُ. ابن سيدة: الخَشارِمَةُ قِفافٌ حجارتها رَضْراضٌ، واحدتها خَشرَمٌ و خَشْرمة. و الخَشْرَمُ: الحجارة الرخوة التي يتخذ منها الجِصُّ؛ و أَنشد ابن بري لأَبي النَّجْمِ:
و مُسُكاً من خَشْرَمٍ و مَدَرا


و خَشْرَمٌ: اسم. و ابن خَشْرَمٍ: رجل، و هو أَيضاً ابن الخَشْرَمِ.
خشسبرم:
الخَشَسْبَرَمْ: شبيه بالمَرْوِ، و هو من رياحين البر. قال ابن سيدة: هكذا حكاه أَبو حنيفة بسكون آخره، و عزاه إِلى الأَعراب؛ قال ابن سيدة: و لا أَدري كيف هذا، قال: و عندي أَنه غير عربي «1».
خصم:
الخُصومَةُ: الجَدَلُ. خاصَمَه خِصاماً و مُخاصَمَةً فَخَصَمَهُ يَخْصِمهُ خَصْماً: غلبه بالحجة، و الخُصومَةُ الاسم من التَّخاصُمِ و الاخْتِصامِ. و الخَصْمُ: معروف، و اخْتَصَمَ القومُ و تَخاصَموا، و خَصْمُكَ: الذي يُخاصِمُكَ، و جمعه خُصُومٌ، و قد يكون الخَصْمُ للاثنين و الجمع و المؤنث. و في التنزيل العزيز: وَ هَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ‏
؛ جعله جمعاً لأَنه سمي بالمصدر؛ قال ابن بري: شاهد الخَصْمِ:
و خَصْم يَعُدُّونَ الدُّخولَ، كأَنَّهُمْ             قرومٌ غَيارى، كلَّ أَزهَرَ مُصْعَبِ‏

و قال ثعلب بن صُعَيْرٍ المازِنيّ:
و لَرُبَّ خَصْمٍ قد شَهِدت أَلِدَّةٍ،             تَغْلي صُدُورُهُمْ بِهِتْرٍ هاتِرِ

قال: و شاهد التثنية و الجمع و الإِفراد قول ذي الرُّمَّةِ:
أَبَرُّ على الخُصُومِ، فليس خَصْمٌ             و لا خَصْمانِ يَغْلِبُه جِدالا

فأَفرد و ثَنّى و جَمع. و قوله عز و جل: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ‏
؛
قال الزجاج: عَنى المؤمنين و الكافرين، و كل واحد من الفَريقين خَصْمٌ.
؛ و
جاء في التفسير: أَن اليهود قالوا للمسلمين: دِينُنا و كِتابُنا أَقدم من دينكم و كِتابكم، فأَجابهم المسلمون: بأَننا آمَنَّا بما أُنْزِلَ إِلينا و ما أُنْزِلَ إِليكم و آمَنَّا
__________________________________________________
 (1). قوله [قال و عندي أَنه غير عربي‏] قال شارح القاموس قلت: و هو كما قال و أصله بالفارسية هكذا خوش سبرم بضم الخاء و سكون الواو و الشين و فتح السين المهملة و سكون الباء العجمية و فتح الراء و سكون الميم.

180
لسان العرب12

خصم ص 180

بِاللَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ و أَنتم كفرتم ببعض، فظهرتْ حُجَّةُ المسلمين.
و الخَصِيمُ: كالخَصْمِ، و الجمع خُصَماءُ و خُصْمانٌ. و قوله عز و جل: لا تَخَفْ خَصْمانِ‏
؛ أَي نحن خَصْمانِ، قال: و الخَصْمُ يصلح للواحد و الجمع و الذكر و الأُنثى لأَنه مصدر خَصَمْتُهُ خَصْماً، كأَنك قلت: هو ذو خَصْم، و قيل للخَصْمَيْنِ خَصْمان لأَخذ كل واحد منهما في شقّ من الحِجاج و الدَّعْوى. قال: هؤلاء خَصْمي، و هو خصمي. و رجل خَصِمٌ: جَدِلٌ، على النسب. و في التنزيل العزيز: بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ‏
، و قوله تعالى: يَخَصِّمُونَ، فيمن قرأَ به، لا يخلو «1». من أَحد أَمرين: إِما أَن تكون الخاء مسكنة البَتَّة، فتكون التاء من يختصمون مُخْتَلَسة الحركة، و إِما أَن تكون الصاد مشددة، فتكون الخاءُ مفتوحة بحركة التاء المنقول إِليها، أَو مكسورة لسكونها و سكون الصاد الأُولى. و حكى ثعلب: خاصِمِ المَرْءَ في تُراثِ أَبيه أَي تَعَلَّقْ بشي‏ء، فإِن أَصبتَه و إِلَّا لم يضرك الكلام. و خاصَمْتُ فلاناً فَخصَمْتُه أَخْصِمهُ، بالكسر، و لا يقال بالضم، و هو شاذ؛ و منه قرأَ حمزة: و هم يَخْصِمونَ، لأَن ما كان من قولك فاعَلْتُه ففعَلْتُه، فإِن يَفْعِلُ منه يردّ إِلى الضم إِذا لم يكن حرف من حروف الحلق من أَي باب كان من الصحيح، عالَمْتهُ فَعَلَمْتُه أَعْلُمُهُ، بالضم، و فاخَرْته فَفَخَرْته أَفْخَرُه، بالفتح، لأَجل حرف الحلق، و أَما ما كان من المعتل مثل وجدت و بِعتُ و رميت و خَشِيتُ و سَعَيْتُ فإِن جميع ذلك يرد إِلى الكسر، إِلَّا ذوات الواو فإِنها ترد إِلى الضم، تقول راضَيْتُهُ فَرَضَوْتُه أَرْضُوهُ، و خاوَفَني فخُفْتُه أَخُوفهُ، و ليس في كل شي‏ء يكون ذلك، لا يقال نازعْتُه فنَزعْتُه لأَنهم يستغنون عنه بِغَلَبْتُهُ، و أَما من قرأَ: و هم يَخَصِّمونَ؛ يريد يَخْتَصِمونَ، فيَقْلِبُ التاء صاداً فيدغمه و ينقل حركته إِلى الخاء، و منهم من لا ينقل و يكسر الخاء لاجتماع الساكنين، لأَن الساكن إِذا حُرِّك حُرِّكَ إِلى الكسر، و أَبو عمرو يختلس حركة الخاء اختلاساً، و أَما الجمع بين الساكنين فلحن، و الله أَعلم. و أَخْصَمْتُ فلاناً إِذا لقَّنْته حُجته على خَصْمِهِ. و الخُصْمُ: الجانب، و الجمع أَخْصامٌ. و الخَصِمُ، بكسر الصاد: الشديد الخُصُومَةِ؛ قال ابن بري: تقول خَصِمَ الرجلُ غير متعدّ، فهو خَصِمٌ، كما قال سبحانه: بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ‏
، و قد يقال خَصِيم؛ قال: و الأَظهر عندي أَنه بمعنى مُخاصِمٍ مثل جَلِيسٍ بمعنى مُجالِسٍ و عَشيِرٍ بمعنى مُعاشرٍ و خَدِينٍ بمعنى مُخادنٍ، قال: و على ذلك قوله سبحانه و تعالى: لا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً
؛ أَي مُخاصِماً، قال: و لا يصح أَن يُقْرَأَ على هذا خَصِماً لأَنه غير مُتَعَدّ، لأَن الخَصِمَ العالم بالخُصومَةِ،
__________________________________________________
 (1). قوله [يخصمون فيمن قرأ به لا يخلو إلخ‏] في زاده على البيضاوي: و في قوله تعالى يَخِصِّمُونَ سبع قراءات، الأَولى عن حمزة يَخْصِمُونَ بسكون الخاء و تخفيف الصاد، و الثانية يختصمون على الأَصل، و الثالثة يَخِصِّمُونَ بفتح الياء و كسر الخاء و تشديد الصاد أسكنت تاء يختصمون فأدغمت في الصاد فالتقى ساكنان فكسر أَولهما، و الرابعة بكسر الياء إِتباعاً للخاء، و الخامسة يَخَصِّمُونَ بفتح الياء و الخاء و تشديد الصاد المكسورة نقلوا الفتحة الخالصة التي في تاء يختصمون بكمالها إِلى الخاء فأدغمت في الصاد فصار يخصمون بإخلاص فتحة الخاء و إِكمالها، و السادسة يَخَصمون بإِخفاء فتحة الخاء و اختلاسها و سرعة التلفظ بها و عدم إِكمال صوتها نقلوا شيئاً من صوت فتحة تاء يختصمون إِلى الخاء تنبيهاً على أَن الخاء أصلها السكون، و السابعة يَخْصِّمون بفتح الياء و سكون الخاء و تشديد الصاد المكسورة و النحاة يستشكلون هذه القراءة لاجتماع ساكنين على غير حدهما إِذ لم يكن أَول الساكنين حرف مد و لين و إِن كان ثانيهما مدغماً.

181
لسان العرب12

خصم ص 180

و إِن لم يُخاصِمْ، و الخَصيم: الذي يُخاصِمُ غيره. و الخُصْمُ: طرَف الرَّاوِيَةِ الذي بِحِيال العَزْلاءِ في مُؤَخَّرِها، و طرفها الأَعلى هو العُصْمُ، و الجمع أَخْصامٌ، و قيل: أَخْصامُ المَزادَةِ و خُصُومُها زواياها. و خُصُومُ السحابة: جوانبها؛ قال الأَخطل يصف سحاباً:
إِذا طَعَنَتْ فيه الجَنُوبُ تَحامَلَتْ             بأَعْجازِ جَرَّارٍ، تَداعَى خُصومُها

أَي تَجاوبَ جوانبها بالرعد، و طَعْنُ الجَنُوب فيه: سَوْقُها إِياه، و الجَرَّار: الثقيل ذو الماء، تَحاملتْ بأَعجازه: دفعت أَواخرَهُ خُصومُها أَي جوانُبها. و الأَخْصامُ: التي عند الكُلْيَةِ و هي من كل شي‏ءٍ؛ قال أَبو محمد الحَذْلَمِيُّ يصف الإِبل:
و اهْتَجَمَ العِيدانُ من أَخْصامِها


و الأُخْصُومُ: عُرْوَةُ الجُوالِقِ أَو العِدْل. و الخُصْمُ، بالضم: جانب العِدْلِ و زاوِيَتُه؛ يقال للمتاع إِذا وقع في جانب الوِعاء من خُرْج أَو جُوالِقٍ أَو عَيْبَةٍ: قد وقع في خُصْمِ الوِعاءِ، و في زاوية الوعاء؛ و خُصْمُ كلِّ شي‏ء: طرفُه من المَزادَة و الفِراش و غيرهما، و أَما عُصُمُ الرَّوايا فهي الحبال التي تُثْبَتُ في عُراها و يُشَدُّ بها على ظهر البعير، واحدها عِصامٌ. و أَعْصَمْتُ المَزادة إِذا شددتها بالعِصاميْنِ؛ و أَنشد ابن بري شاهداً على خُصْمِ كل شي‏ء جانبه و ناحيته للطِّرمّاح:
تُزَجِّي عِكاكَ الصَّيْفِ أَخْصامُها العُلا،             و ما نَزَلَتْ حَوْلَ المَقَرِّ على عَمْدِ

أَخْصامها: فُرَجُها. و قال الأَخطل: تَداعى خُصُومُها. و
في الحديث: قالت له أُمُّ سَلَمَةَ أَراك ساهِمَ الوجْهِ أَ مِنْ عِلَّةٍ؟ قال: لا و لكنَّ السبعةَ الدَّنانير التي أُتِينا بها أَمْسِ نسيتُها في خُصْمِ الفِراش فبِتُّ و لم أَقسمها.
؛ خُصْمُ الفراش: طرفه و جانبه. و خُصْمُ كلِّ شي‏ء: طرفه و جانبه. و الخَصْمَة: من خَرَزِ الرجال يلبسونها إِذا أَرادوا أَن ينازعوا قوماً أَو يدخلوا على سلطان، قربما كانت تحت فَصِّ الرجل إِذا كانت صغيرة، و تكون في زِرِّه، و ربما جعلوها في ذُؤابة السيف. و خَصَمْتُ فلاناً: غلبته فيما خاصَمْتُهُ. و الخُصُومَةُ: مصدر خُصَمْتُه إِذا غلبته في الخِصام. يقال خَصَمْته خِصاماً و خُصُومَةً. و
في حديث سَهْل بن حُنَيْفٍ يوم صِفِّينَ لما حُكِّمَ الحَكَمان: هذا أَمر لا يُسَدُّ منه خُصْمٌ إِلا انفتح علينا منه خُصْمٌ.
؛ أَراد الإِخبار عن انتشار الأَمر و شدته و أَنه لا يتهيأ إِصلاحُه و تَلافيه، لأَنه بخلاف ما كانوا عليه من الإِتفاق. و أَخْصامُ العينِ: ما ضُمَّتْ عليه الأَشْفارُ. و السيف يَخْتَصِمُ «2» جَفْنَه إِذا أَكله من حِدَّتِه.
خضم:
الخَضْمُ: الأَكل عامةً، و قيل: هو مَل‏ءُ الفم بالمأكول، و قيل: الخَضْمُ الأَكل بأَقْصى الأَضراس و القَضْمُ بأَدْناها؛ قال أَيْمَنُ بن خُرَيْم يذكر أَهل العراق حين ظهر عبد الملك على مُصْعَبٍ: رَجَوْا بالشِّقاقِ الأَكل خَضْماً، فقد رَضُوا، أَخيراً من أَكْلِ الخَضْمِ، أَن يأْكلوا القضْمَا و قيل: الخَضْمُ أَكلُ الشي‏ء الرَّطْب خاصة كالقِثَّاء و نحوه، و كلُّ أَكل في سَعَة و رَغَد خَضْمٌ، و قيل:
__________________________________________________
 (2). قوله [و السيف يختصم‏] كذا ذكره الجوهري هنا و غلطه صاحب القاموس و صوب أَنه بالضاد المعجمة و أَقره شارحه و عضده بأن الأَزهري أَيضاً ضبطه بالمعجمة.

182
لسان العرب12

خصم ص 180

الخَضمُ للإِنسان بمنزلة القَضْم من الدَّابّة، خَضِم يَخْضَمُ خَضْماً، و قَضِمَ يَقْضَمُ قَضْماً. و الخُضامُ: ما خُضِمَ. و
في حديث أَبي هريرة: أَنه مَرَّ بمَرْوانَ و هو يبني بُنياناً له فقال: ابْنوا شديداً، و أَمِّلُوا بعيداً، و اخْضَمُوا فَسَنَقْضَمُ.
الجوهري: خَضِمت الشي‏ءَ، بالكسر، أَخْضَمُه خضْماً؛ قال الأَصمعي: هو الأَكل بجميع الفم. و
في حديث عليّ، عليه السلام: فقام إِليه بنو أُميَّة يَخْضَمونَ مال الله خَضْمَ الإِبل نَبْتَةَ الربيع.
؛ الخَضْمُ: الأَكل بأَقصى الأَضراس و القَضْمُ بأَدْناها، خَضِمَ يَخْضَمُ خَضْماً. و
في حديث أَبي ذرّ: تأْكلون خَضْماً و نأْكل قَضْماً.
و
في حديث المُغِيرَة: بِئس، لعَمْرُ اللهِ، زوج المرأَةِ المسلمة خُضَمَةٌ حُطَمَةٌ.
أَي شديد الخَضْم، و هو من أَبنية المبالغة. أَبو حنيفة: الخَضِيمة النبت إِذا كان رَطْباً أَخضر، قال: و أَحسبه سُمِّيَ خَضِيمةً لأَن الراعية تَخْضِمُهُ كيف شاءت. و الخَضِيمةُ من الأَرض: مثل الخُضُلَّة، و هي الناعمة المِنباتُ. و رجلُ مُخْضَمٌ: مُوَسَّعٌ عليه من الدنيا. و خَضَم له من ماله: أَعطاه؛ عن ابن الأَعرابي، و رَدَّ ذلك ثعلب و قال: إِنما هو هَضَمَ. و الخِضَمُّ، على وزن الهِجَفِّ: السيد الحَمُولُ الجَوادُ المِعْطاءُ الكثير المعروفِ و العطيةِ، و لا توصف به المرأَة، و الجمع خِضَمُّونَ، و لا يُكَسَّرُ. و الخِضَمُّ: البحر لكثرة مائه و خيره، و بحر خِضَمٌّ؛ قال الشاعر:
         رَوافِدُهُ أَكْرَمُ الرَّافِدات،             بَخٍ لكَ بَخّ لبَحْرٍ خِضَمّ‏

و الخِضَمُّ أَيضاً: الجمع الكثير؛ قال العجاج:
         فاجْتَمَع الخِضَمُّ و الخِضَمُّ،             فَخَطَمُوا أَمْرَهُمُ و زَمُّوا

خَطَموا أَمرهم: أَحكموه، و كذلك زَمُّوا، و أَصلها من الخِطام و الزِّمامِ. و الخِضَمُّ: الفرس الضخم العظيم الوَسَطِ. و خَضَمَه يَخْضِمُه خَضْماً: قطعه. و السيفُ يَختَضِمُ العظمَ إِذا قطعه؛ و منه قوله:
         إِنَّ القُساسِيَّ، الذي يُعْصَى به،             يَخْتَضِمُ الدَّارِعَ في أَثوابه‏

و اخْتَضَمَ الطريقَ إِذا قطعه؛ و أَنشد في صفة إِبل ضُمّرٍ:
         ضَوابِعٌ مِثْلُ قِسِيِّ القَضْبِ،             تَخْتَضِمُ البِيد بغير تَعْبِ «1».

و سيف خِضَمٌّ: قاطع. و الخِضَمُّ: المِسَنُّ لأَنه إِذا شَحَذَ الحديدَ قَطَعَ؛ قال أَبو وَجْزَة:
         حَرَّى مُوَقَّعَةٌ ماجَ البَنانُ بها،             على خِضَمّ، يُسَقَّى الماءَ، عَجَّاجِ‏

و في الصحاح: الخِضَمُّ في قول أَبي وجزة المُسِنُّ من الإِبل؛ قال ابن بري: صوابه المِسَنُّ الذي يُسَنّ عليه الحديدُ، قال: و كذلك حكاه أَبو عبيد عن الأُمَويّ، و ذكر البيت الذي ذكره لأَبي وجزة، و قد أَورده ابن سيدة و غيره و فسره فقال: شبهها بسهم مُوَقَّعٍ قد ماجت الأَصابع في سَنِّه على حَجَرٍ خِضَمٍّ يأْكل الحديد، عَجَّاج أَي بصوته عَجِيج، و الحَرَّى: المِرْماة العَطْشَى.
__________________________________________________
 (1). قوله [بغير تعب‏] كذا هو مضبوط في التهذيب و كذا في التكملة بسكون العين و عليه علامة صح.

183
لسان العرب12

خضم ص 182

الأَصمعي: الخُضُمَّةُ، بالضم و تشديد الميم، عظمة الذراع و هي مستغلظها؛ قال العجاج:
خُضُمَّة الذِّراعِ هذا المُخْتَلا


و خُضُمَّة الذراع: مُعْظَمُها. و طَعَنَ في خُضُمَّته أَي في وسطه. و فلان في خُضُمَّةِ قومه أَي أَوساطهم. و يقال: إِن الخُضُمَّةَ مُعْظَمُ كل أَمر. و الخَضِيمةُ: حِنْطة تؤخذ فتُنَقَّى و تُطَيَّبُ ثم تجعل في القدر و يصبّ عليها ماء فتطبخ حتى تَنْضَجَ، و قال أَبو حنيفة: هو الرطْبُ الأَخضر من النبات. و المُخْضِمُ: الماء الذي لا يَبْلُغُ أَن يكون أُجاجاً يشربه المال و لا يشربه الناس. و الخَضَّم: الجمع الكثير من الناس؛ قال:
حَوْلي أُسَيِّدُ و الهُجَيمُ و مازنٌ،             و إِذا حَلَلْتُ فَحَوْلَ بَيْتيَ خَضَّمُ‏

و خَضَّم: اسم بلد. و الخَضَّمُ، و في الصحاح خَضَّمٌ على وزن بَقَّمٍ: اسم العَنْبَر بن عمرو بن تميم، و قد غلب على القبيلة، يزعمون أَنهم إِنما سُموا بذلك لكثرة الخَضْمِ، و هو المضغ بالأَضراس لأَنه من أَبنية الأَفعال دون الأَسماء؛ قال ابن بري: و منه قول طَريف بن مالك العَنْبري:
حَوْلي فَوارِسُ من أُسَيِّدَ شَجْعَةٌ،             و إِذا نَزَلْتُ فَحَوْلَ بَيتيَ خَضَّمُ‏

و خَضَّمٌ: اسم ماء، زاد الأَزهري: لبني تميم، و قال:
لو لا الإِلَهُ ما سَكَنَّا خَضَّمَا،             و لا ظَلِلْنا بالمَشائي قُيَّمَا

و في الصحاح: بالمَشاء «1» قُيَّما، قال: و هو شاذ على ما ذكرناه في بَقَّم. أَبو تراب: قال زائدة القيسيّ خَضَفَ بها و خَضَمَ بها إِذا ضَرط، و قاله عَرَّامٌ؛ و أَنشد للأَغْلَب:
إِن قابَلَ العِرْسَ تَشَكّى و خَضَمْ «2».


الأَزهري: و حَصَمَ مثله، بالحاء و الصاد. و
في حديث أُم سَلَمَةَ: الدنانير السبعة نسيتها في خُضْمِ الفِراش.
أَي جانبه؛ قال ابن الأَثير: حكاها أَبو موسى عن صاحب التتمة، و قال: الصحيح بالصاد المهملة، و قد تقدم. و
في حديث كعب بن مالك: و ذكر الجمعة في نقيع يقال له نَقِيعُ الخَضِماتِ.
 «3»، و هو موضع بنواحي المدينة. و الخُضُمَّانِ: موضع.
خضرم:
بئر خِضْرِمٌ: كثيرة الماء. و ماء مُخَضْرَمٌ و خُضارِمٌ: كثير؛ و خرج العَجَّاج يريد اليَمامة فاستقبله جَريرُ بن الخَطَفى فقال: أَين تريد؟ قال: أُريد اليمامة، قال: تجد بها نَبيذاً خِضْرِماً أَي كثيراً. و الخِضْرِمُ: الكثير من كل شي‏ء، و كلُّ شي‏ء كثير واسع خِضْرِمٌ. و الخِضْرِمُ، بالكسر: الجَواد الكثير العطية، مشبه بالبحر الخِضْرِمِ، و هو الكثير الماء، و أَنكر الأَصمعي الخِضْرِمَ في وصف البحر، و قيل السيد الحَمولُ، و الجمع خَضارِمُ و خَضارِمَةٌ، الهاء لتأْنيث الجمع، و خِضْرِمُونَ، و لا توصف به المرأَة. و الخُضارِمُ: كالخِضْرِمِ. و المُتَخَضْرِمُ من الزُّبْد: الذي يتفرق في البرد و لا يجتمع.
__________________________________________________
 (1). قوله [و في الصحاح بالمشاء قيما] كذا هو بالأَصل.
 (2). قوله [إِن قابل إلخ‏] تمامه كما في التكملة:
و إِن تولى مدبراً عنها خضم.

 (3). قوله [الخضمات‏] كفرحات كما ضبطه السيد السمهودي و ضبطه الجلال بالتحريك و ضبطه صاحب القاموس في تاريخ المدينة بالكسر، أَفاده شارح القاموس.

184
لسان العرب12

خضرم ص 184

و ناقة مُخَضْرَمَةٌ: قُطعَ طرَف أُذنها. و الخَضْرَمةُ: قَطْعُ إِحدى الأُذنين، و هي سِمَةُ الجاهلية. و خَضْرَمَ الأُذن: قطع من طرفها شيئاً و تركه يَنُوسُ، و قيل قطعها بنصفين، و قيل: المُخَضْرَمَةُ من النوق و الشاء المقطوعة نصف الأُذن؛ و
في الحديث: خَطَبَنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم، يوم النحر على ناقة مُخَضْرَمَةٍ.
و قيل: المُخَضْرَمَةُ التي قطع طرف أُذنها، و كان أَهل الجاهلية يُخَضْرِمونَ نَعَمَهُمْ، فلما جاء الإِسلامُ أَمرهم النبي، صلى الله عليه و سلم، أَن يُخَضرِموا من غير الموضع الذي يُخَضْرِمُ منه أَهل الجاهلية، و أَصل الخَضْرَمَةِ أَن يجعل الشي‏ء بَيْنَ بَيْنَ، فإِذا قطع بعض الأُذن فهي بين الوافِرَةِ و الناقِصة، و قيل: هي المنتوجة بين النجائب و العُكاظِيَّات، و منه قيل لكل من أَدْرَكَ الجاهلية و الإِسلام: مُخَضْرَمٌ لأَنه أَدرك الخَضْرَمَتَيْنِ. و امرأَة مُخَضْرَمَةٌ: أَخطأَت خافِضَتُها فأصابت غير موضع الخَفْضِ. و امرأَة مُخَضْرَمَةٌ أَي مخفوضة. قال إِبراهيم الحربي: خَضْرَمَ أَهل الجاهلية نَعَمَهُمْ أَي قطعُوا من آذانها في غير الموضع الذي خَضْرَمَ فيه أَهلُ الجاهلية، فكانت خَضْرَمَةُ أَهل الإِسلام بائنة من خَضْرَمَةِ أَهل الجاهلية. و
قد جاء في حديث: أَن قوماً من بني تميم بُيِّتُوا لَيْلًا و سِيقَ نَعَمُهُمْ، فادعوا أَنهم خَضْرَمُوا خَضْرَمَةَ الإِسلام و أَنهم مسلمون، فردوا أَموالهم عليهم.
فقيل لهذا المعنى لكل من أَدرك الجاهلية و الإِسلام: مُخَضْرَمٌ، لأَنه أَدرك الخَضْرَمتَينِ: خضْرمة الجاهلية و خَضْرمة الإِسلام. و رجل مُخَضْرَمٌ: لم يَخْتَتِنْ. و رجل مُخَضْرَمٌ إِذا كان نصفُ عمره في الجاهلية و نصفه في الإِسلام. و شاعر مُخَضْرَمٌ: أَدرك الجاهلية و الإِسلام مثل لَبيدٍ و غيره ممن أَدركهما؛ قال الشاعر:
إِلى ابنِ حَصانٍ، لم تُخَضْرَمْ جدودُه،             كثيرِ الثَّنا و الخِيم و الفَرْعِ و الأَصْلِ‏

قال ابن بري: أَكثر أَهل اللغة على أَنه مُخَضْرِمٌ، بكسر الراء، لأَن الجاهلية لما دخلوا في الإِسلام خَضْرَمُوا آذان إِبلهم ليكون علامة لإِسلامهم إِن أُغِيرَ عليها أَو حُورِبوا. و يقال لمن أَدْرَكَ الجاهلية و الإِسلام: مُخَضْرِمٌ، و أَما من قال مُخَضْرَمٌ، بفتح الراء، فتأويله عنده أَنه قُطِعَ عن الكفر إِلى الإِسلام. و قال ابن خالويه: خَضْرَمَ خَلَّطَ، و منه المُخَضْرِمُ الذي أَدرك الجاهلية و الإِسلام. و رجل مُخَضْرَمٌ: أَبوه أَبيض و هو أَسود. و رجل مُخَضْرَمٌ: ناقص الحَسَبِ. و قيل: هو الذي ليس بكريم النسب. و رجل مُخَضْرَمُ النسب أَي دَعِيٌّ، و قد يُتْرَكُ ذكر النسب فيقال: المُخَضْرَمُ الدَّعِيُّ، و قيل: المُخَضْرَمُ في نسبه المختلط من أَطرافه، و قيل: هو الذي لا يعرف أَبواه، و قيل: هو الذي ولدته السَّراري؛ و قوله:
فقلت: أَ ذاكَ السَّهمُ أَهْوَنُ وَقْعَةً             على الخُضْرِ، أَم كَفُّ الهَجينِ المُخَضْرَمِ؟ «1»

إِنما هو أَحد هذه الأَشياء التي ذكرناها في الحَسَب و النسبِ. و لحم مُخَضْرَم، بفتح الراء: لا يدرى أَ من ذكر هو أَم من أُنثى. و طام مُخَضْرَمٌ: حكاه ابن الأَعرابي و لم يفسره؛ قال ابن سيدة: و عندي أَنه الذي ليس بحُلْوٍ و لا مُرّ، و في التهذيب: بين الثقيل و الخفيف. و ماء مُخَضْرَمٌ: غير عَذْبٍ؛ عنه أَيضاً. و ماء خُضَرِمٌ؛ عن يعقوب: بين الحلو و المِلْحِ.
__________________________________________________
 (1). قوله [الخضر] هكذا في الأَصل.

185
لسان العرب12

خضرم ص 184

و الخُضَرِمُ، مثال العُلَبِطِ: فَرْخُ الضَّبِّ يكون حِسْلًا ثم خُضَرِماً؛ قال ابن دريد: و هو حِسْلٌ ثم مُطَبِّخٌ ثم خُضرِمٌ ثم ضَبٌّ، و لم يذكر الغَيْداقَ و ذكره أَبو زيد. و الخُضارِمةُ: قوم بالشام، و ذلك أَن قوماً من العجم خرجوا في أَول الإِسلام فتفرقوا في بلاد العرب، فمن أَقام منهم بالبصرة فهم الأَساوِرَةُ، و من أَقام منهم بالكوفة فهو الأَحامِرةُ، و من أَقام منهم بالشام فهم الخَضارِمةُ، و من أَقام منهم بالجَزيرة فهم الجَراجِمةُ، و من أَقام منهم باليمن فهم الأَبْناءُ، و من أَقام منهم بالمَوْصِلِ فهم بالمَوْصِلِ فهم الجَرامِقَةُ، و الله أَعلم.
خطم:
الخَطْمُ من كل طائر: مِنْقارُهُ؛ أَنشد ثعلب في صفة قَطاةٍ:
لأَصْهَبَ صَيْفيّ يُشَبَّهُ خَطْمُه،             إِذا قَطَرَتْ تَسْقِيه، حَبَّةَ قِلْقِلِ‏

و الخَطْمُ من كل دابة: مُقَدَّمُ أَنفها و فمها نحو الكلب و البعير، و قيل: الخَطْمُ من السبع بمنزلة الجَحْفَلَةِ من الفرس. ابن الأَعرابي: هو من السبع الخَطْم و الخُرْطومُ، و من الخنزير الفِنْطِيسةُ، و من ذِي الجناح غير الصائد المِنْقارُ، و من الصائد المَنْسِرُ؛ و في التهذيب: الخَطْمُ من البازي و من كل شي‏ء مِنْقارُهُ. أَبو عمرو الشيباني: الأُنوف يقال لها المَخاطِمُ، واحدها مَخْطِمٌ، بكسر الطاء. و
في حديث كَعْب: يبعث الله من بَقيعِ الغَرْقَدِ سبعين أَلفاً هُمْ خيارُ مَن يَنْحَتُّ عن خَطْمه المَدَرُ.
أَي تنشقّ عن وجهه الأَرضُ، و أَصل الخَطْمِ في السباع مقاديم أُنوفها و أَفواهها فاستعارها للناس؛ و منه قول كعب بن زُهَيْرٍ:
كأَنَّ ما فاتَ عَيْنَيْها و مَذْبَحها،             من خَطْمِها و من اللَّحْيَيْنِ، بِرْطيلُ‏

أَي أَنفها. و
في الحديث: لا يصلِّ أَحدُكم و ثوبُهُ على أَنفه، فإِن ذلك خَطْمُ الشيطان.
و
في حديث الدجال: خَبَأتُ لكم خَطْمَ شاةٍ.
ابن سيدة: و خَطْمُ الإِنسان و مَخْطِمُهُ و مِخْطَمُهُ أَنفه، و الجمع مَخاطِم. و خَطَمَهُ يَخْطِمُهُ خَطْماً: ضرب مَخْطِمَهُ. و خَطَمَ فلانٌ بالسيف إِذا ضرب حاقَّ وسْطِ أَنفِهِ. و رجل أَخْطَمُ: طويل الأَنف.
روى عبد الرحمن بن القاسم عن أَبيه قال: أَوْصى أَبو بكر أَن يكَفَّنَ في ثوبين كانا عليه و أَن يُجْعَلَ معهما ثوبٌ آخر، فأَرادت عائشة أَن تبتاع له أَثواباً جُدُداً فقال عمر: لا يُكَفَّنُ إِلَّا فيما أَوْصَى به، فقالت عائشة: يا عمر و الله ما وُضِعَتِ الخُطُمُ على آنُفِنا فبكى عمر و قال: كَفِّنِي أَباك فيما شئت.
؛ قال شمر: معنى قولها ما وُضِعَت الخُطُمُ على آنُفِنا أَي ما مَلَكْتَنا بعدُ فتنهانا أَن نصنع ما نريد في أَملاكنا. و الخُطُمُ: جمع خِطامٍ، و هو الحبل الذي يقاد به البعير. و يقال للبعير إِذا غَلَبَ أَن يُخْطَمَ: مَنَعَ خِطامَهُ؛ و قال الأَعشى:
أَرادوا نَحْتَ أَثْلَتِنا،             و كنا نَمْنَع الخُطُمَا

و الخَطْمَةُ: رَعْنُ الجبل «2». و الخِطامُ: الزِّمامُ. و خَطَمْتُ البعير: زَممْتُهُ. ابن شميل: الخِطامُ كل حبل يُعَلَّقُ في حَلْقِ البعير ثم يُعْقَدُ على أَنفه، كان من جِلْدٍ أَو صوف أَو ليف أَو قِنَّبٍ، و ما
__________________________________________________
 (2). قوله [و الخطمة رعن الجبل‏] ضبط في الأَصل و المحكم و النهاية بفتح الخاء و سكون الطاء، و في بعض نسخ الصحاح بضم الخاء.

186
لسان العرب12

خطم ص 186

جعلت لشِفار بعيرك من حبل فهو خِطامٌ، و جمعه الخُطُمُ، يُفْتَلُ من اللِّيف و الشعر و الكَتَّان و غيره، فإِذا ضُفِرَ من الأَدَمِ فهو جَريرٌ، و قيل: الخِطامُ الحبل يجعل في طرفه حلقة ثم يُقَلَّدُ البعير ثم يُثَنَّى على مَخْطِمِه، قال: و خَطَمَهُ بالخِطامِ إِذا عُلِّقَ في حَلْقِه ثم ثُنِّيَ على أَنفه و لا يثقب له الأَنف. قال ابن سيدة: و الخِطامُ كلُّ ما وُضِع في أَنف البعير ليُقاد به، و الجمع خُطُمٌ. و خَطَمَه بالخِطامِ يَخْطِمُه خَطماً و خَطَّمَه، كلاهما: جعله على أَنفه، و كذلك إِذا حَزَّ أَنفه حَزّاً غير عَمِيقٍ ليضع عليه الخِطامَ، و ناقة مَخْطومةٌ، و نوق مُخَطَّمةٌ: شُدِّدَ للكثرة. و
في حديث الزكاة: فَخَطَمَ الأُخرى دونها.
أَي وضَعَ الخِطامَ في رأَسها و أَلقاه إِليه ليَقُودَها به. قال ابن الأَثير: خِطام البعير أَن يأخذ حبلًا من ليف أَو شعر أَو كتان، فيجعل في أَحد طرفيه حلقة ثم يشد فيه الطرف الآخر حتى يصير كالحلقة، ثم يقلد البعير ثم يُثَنَّى على مُخَطَّمِه، و أَما الذي يجعل في الأَنف دقيقاً فهو الزِّمامُ؛ و استعار بعض الرُّجَّازِ الخِطامَ في الحَشَرات فقال:
يا عَجَبا، لقد رأَيْتُ عَجَبا:             حِمار قَبَّانٍ يَسُوقُ أَرْنَبَا
عاقِلَها خاطِمَها أَن تَذْهَبَا             فقلت: أَرْدِفْني فقال: مَرْحَبَا

أَراد لئلا تذهب أَو مخافة أَن تذهب؛ و رواه ابن جني:
خاطِمَها زأَمّها أَن تذهبا


أَراد زامَّها؛ و قول أَبي النجم:
تِلْكُمْ لُجَيْمٌ فمتى تَخْرِنْطِمْ،             تَخْطِمْ أُمور قومها و تَخْطِمْ‏

يقال: فلان خاطِمُ أَمر بَني فلانٍ أَي هو قائدهم و مُدَبِّرُ أَمرهم، أَراد أَنهم القادةُ لعلمهم بالأُمور. و
في حديث شداد بن أَوْسٍ: ما تكلمتُ بكلمة إِلَّا و أَنا أَخْطِمُها.
أَي أَربطها و أَشدُّها، يريد الاحتراز فيما يقوله و الاحتياط فيما يَلْفِظُ به. و خِطامُ الدَّلوِ: حبلها. و خِطامُ القَوْس: وتَرُها. أَبو حنيفة: خَطَمَ القَوْسَ بالوَتَرِ يَخْطِمُها خَطْماً و خِطاماً علقه عليها، و اسم ذلك المُعَلَّقِ الخِطامُ أَيضاً؛ قال الطِّرِمَّاحُ:
يَلْحَسُ الرَّصْفَ، له قَضْبَةٌ،             سَمْحَجُ المَتْنِ هَتُوفُ الخِطام‏

و استعاره بعض الرُّجَّازِ للدَّلْوِ فقال:
إِذا جَعَلْت الدَّلْوَ في خِطامِها             حَمْراءَ من مَكَّةَ، أَو إِحْرامِها

و خَطَمَهُ بالكلام إِذا قَهره و منعه حتى لا يَنْبِسُ و لا يُحِيرُ. و الأَخْطَمُ: الأَسود، و خَطْمُ الليلِ: أَول إِقباله كما يقال أَنف الليل؛ و قول الراعي:
أَتتنا خُزامَى ذاتُ نَشْرٍ، و حَنْوَةٌ             و راحٌ و خَطَّامٌ من المِسْكِ يَنْفَحُ‏

قال الأَصمعي: مسك خَطَّامٌ يَفْعَمُ الخَياشيم. و
روى ثعلب عن ابن الأَعرابي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، مرسلًا: أَنه وعد رجلًا أَن يَخْرُجَ إِليه فأَبطأَ عليه، فلما خرج قال له: شغلني عنك خَطْمٌ.
أَي خَطْبٌ جليل، و كأَن الميم فيه بدل من الباء؛ قال ابن الأَثير: و يحتمل أَن يراد به أَمر خَطَمَه أَي منعه من الخروج. و الخِطامُ: سِمَةٌ دون العينين؛ و قال أَبو عليّ في التذكرة: الخِطامُ سِمَةٌ على أَنف البعير

187
لسان العرب12

خطم ص 186

حتى تنبسط على خَدَّيْهِ. النضر: الخِطامُ سِمَةٌ في عُرْضِ الوجه إِلى الخد كهيئة الخَطِّ، و ربما وُسِمَ بِخِطامٍ، و ربما وُسِمَ بخِطامَيْنِ. يقال: جمل مَخْطُومُ خِطامٍ و مَخْطُومُ خِطامَيْنِ، على الإِضافة، و به خِطامٌ و خِطامانِ. و
في حديث حُذيفة بن أَسِيدٍ قال: تخرج الدابة فيقولون قد رأَيناها، ثم تَتَوارى حتى تعاقَبَ ناسٌ في ذلك، ثم تخرج الثانية في أَعظم مسجد من مساجدكم، فتأتي المسلمَ فتُسَلِّمُ عليه و تأْتي الكافر فتَخْطِمُه و تَعَرِّفُهُ ذنوبه.
؛ قال شمر: قوله فَتَخْطِمُهُ، الخَطْمُ الأَثَرُ على الأَنف كما يُخْطَمُ البعير بالكَيّ. يقال: خَطَمْتُ البعير، و هو أَن يُوسَمَ بخَطّ من الأَنف إِلى أَحد خَدَّيْه، و بعير مَخْطومٌ، و معنى قوله تَخْطِمُه أَي تسِمُه بِسِمَةٍ يُعْرفُ بها؛ و
في رواية: تخرج الدابة و معها عَصا موسى و خاتَمُ سليمان فَتُحَلِّي وجه المؤمن «1». بالعصا و تَخْطِمُ أَنف الكافر بالخاتَمِ.
أَي تسِمُهُ بها، من خَطَمْتُ البعير إِذا كَوَيْتَهُ خَطّاً من الأَنف إِلى أَحد خديه، و تسمى تلك السِّمَةُ الخِطام، و معناه أَنها تُؤثِّرُ في أَنفه سِمَة يُعرف بها، و نحو ذلك قيل في قوله: سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ‏
. و
في حديث لَقيطٍ في قيام الساعة و العَرْضِ على الله: و أَما الكافر فَتَخْطِمُهُ بمثل الحُمَمِ الأَسود.
أَي تصيب خَطْمَه، و هو أَنفه، يعني تصيبه فتجعل له أَثَراً مثل أَثر الخِطام فتردُّه بصُغْرٍ، و الحُمَمُ: الفحم. و المُخَطَّمُ من الأَنف: موضع الخِطام؛ قال ابن سيدة: ليس على الفعل لأَنا لم نسمع خَطَّمَ إِلَّا أَنهم توهموا ذلك. و فرس مُخَطَّمٌ: أَخذ البياضُ من خَطْمِه إِلى حنكه الأَسفل، و القول فيه كالقول في الأَول. و تزوج على خِطامٍ أَي تزوج امرأَتين فصارتا كالخطام له. و خَطَمَ الأَديمَ خَطْماً: خاط حواشِيَهُ؛ عن كراع. و المُخَطَّمُ و المُخَطِّمُ: البُسْرُ الذي فيه خطوط و طرائق؛ الكسر عن كراع؛ و قول ذي الرمة:
و إذ حَبَا من أَنفِ رَمْلٍ مَنْخِرُ،             خَطَمْنَهُ خَطْماً، و هُنَّ عُسَّرُ

قال الأَصمعي: يريد بقوله خَطَمْنَه مَرَرْنَ على أَنف ذلك الرمل فقَطَعْنَهُ. و الخِطْمِيُّ و الخَطْمِيُّ: ضرب من النبات يُغْسَلُ به. و في الصحاح: يُغْسَلُ به الرأَسُ؛ قال الأَزهري: هو بفتح الخاء، و من قال خِطْمِيّ، بكسر الخاء، فقد لحن. و
في الحديث: أَنه كان يغسل رأَسه بالخِطْمِيّ و هو جُنُبٌ يَجْتَزِئُ بذلك و لا يصُبُّ عليه الماء.
أَي أَنه كان يَكْتَفي بالماء الذي يَغسل به الخِطْمِيَّ، و ينوي به غُسْلَ الجَنابة، و لا يَسْتَعْمِلُ بعده ماء آخر يخص به الغسل. و قَيْسُ بن الخَطِيم: شاعِرٌ من الأَنصار. و خَطِيمٌ و خِطامٌ و خُطامَةُ: أَسماء. و بنو خُطامَة: بطن من العرب قوم معروفون، و في التهذيب: حَيٌّ من الأَزْدِ. و خَطْمَةُ: بطن من أَوْسِ اللَّاتِ، و في الصحاح: و خَطْمَةُ من الأَنصار، و هم بنو عبد الله بن مالك بن أَوْسٍ. و الخَطْمُ و خَطْمةُ: موضعان؛ قال:
غداةَ دعا بني شِجْعٍ، و وَلَّى             يَؤُمُّ الخَطْمَ، لا يدعو مُجِيبَا

و أَنشد ابن الأَعرابي:
__________________________________________________
 (1). قوله [فتحلي وجه المؤمن‏] كذا في الأَصل و التكملة بالحاء، و في نسختين من النهاية بالجيم، و في التهذيب: فتجلو.

188
لسان العرب12

خطم ص 186

نَعاماً بخَطْمَةَ صُعْرَ الخُدودِ،             لا تَرِدُ الماءَ إِلَّا صِياما

يقول: هي صائمة منه لا تَطْعَمُهُ، قال: و ذلك لأَن النَّعام لا تَرِدُ الماء و لا تطعمه. و ذات الخَطْماء «1»: من مساجد سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم، بين المدينة و تَبوكَ. و خِطامُ الكَلْبِ: من شعرائهم.
خعم:
الخَوْعَمُ: الأَحْمق. و الخَيْعامة: كناية عن الرجل السَّوْءِ، و قيل: هو نعت سَوْءٍ. و الخَيْعامةُ: المأْبون؛ و الخَيْعَمُ و الخَيْعامةُ و المَجْبُوسُ و الجَبيس و المأْبونُ و المُتَدَثِّرُ و المِثْفَرُ و المِثْفارُ و المَمْسوحُ واحد. و قال أَبو عمرو: الضَّمَجُ هَيَجانُ الخَيْعامَةِ، و هو المأْبون. و
في حديث الصادق: لا يُحِبُّنا، أَهْلَ البيتِ، الخَيْعامةُ.
؛ قيل: هو المأْبون، و الياء زائدة و الهاء للمبالغة.
خقم:
خَيْقَم: حكاية صوت؛ و منه قوله:
يدعو خَيْقَماً و خَيْقَما «2».


قال أَبو منصور: و رأَيت في ديار بني تميم رَكِيَّةً عادِيَّةً تسمى خَيْقَمانَةَ؛ قال: و أَنشدني بعضهم و نحن نستقي منها:
كأَنَّما نُطْفَةُ خَيْقَمانِ             صَبيبُ حِنَّاءٍ و زَعْفَرانِ‏

و كان ماء هذه الركية أَصفر شديد الصفرة.
خلم:
الخِلْمُ، بالكسر: الصَّديقُ الخالص. و هو خِلْمُ نساءٍ أَي تِبْعُهُنَّ، و الجمع أَخْلامٌ و خُلَماءُ؛ قال ابن سيدة: و عندي أَن خُلَماءَ إِنما هو على توهم خَلِيم. و المُخالَمَةُ: المُصادقةُ و المُغازَلَةُ. قال أَبو العباس المبرد حكايةً عن البصريين: كانوا لا يعدّون المتفننة حتى يكون لها خِلْمان سوى زوجها. أَبو عمرو: الخِلْمُ شَحْمُ ثَرْبِ الشاة. و قال ابن الأَعرابي في باب فُعُلٍ: الخُلُمُ شُحوم ثَرْبِ الشاة، و الخُلُمُ الأَصْدِقاءُ، و الأَخْلام الأَصحاب؛ قال الكميت:
إِذا ابتَسَرَ الحَرْبَ أَخْلامُها             كِشافاً، و هُيِّجَتِ الأَفْحُلُ‏

و الخِلْمُ: مَرْبِضُ الظبية أَو كِناسُها لإِلْفِها إِياه، و هو الأَصل في ذلك، تتخذه مَأْلَفاً و تَأْوِي إِليه، و يُسَمَّى الصديق خِلْماً لأُلْفَتِه، و فلان خِلْمُ فلانٍ. و الأَخْلامُ: مَرابِضُ الغنم. و الخِلْمُ أَيضاً: العظيم.
خلجم:
الخَلْجَمُ و الخَلَيْجَمُ: الجَسيم العظيم، و قيل: هو الطويل المُنْجَذِبُ الخَلْقِ، و قيل: هو الطويل فقط؛ قال رؤبة: خَدْلاء خَلْجَمَة «3».
خمم:
خَمَّ البيتَ و البئرَ يَخُمُّهما خَمّاً و اخْتَمَّهما: كنسهما، و الاخْتِمامُ مثله. و المِخَمَّةُ: المِكنسَةُ. و خُمامَةُ البيتِ و البئر: ما كُسِحَ عنه من التراب فأُلقِيَ بعضُه على بعضٍ؛ عن اللحياني. و الخُمامَةُ و القُمامَةُ: الكُناسةُ، و ما يُخَمُّ من تراب البئر. و خُمامةُ المائدة: ما يَنْتَثِرُ من الطعام فيؤكل و يُرْجَى عليه الثواب.
__________________________________________________
 (1). قوله [و ذات الخطماء] كذا بالأَصل و مثله في المحكم. و عبارة ياقوت: ذات الخطمى موضع فيه مسجد لرسول الله، صلى الله عليه و سلم، بناه في مسيره إِلى تبوك من المدينة.
 (2). قوله [
يدعو خيقماً ...

إلخ‏] أَوله كما في التكملة:
و لم يزل عز تميم مدعما             للناس يدعو خَيقماً و خيقما.


 (3). قوله [خدلاء خلجمة] كذا بالأَصل و شرح القاموس، و الذي في التهذيب جلالًا خلجمة و ضبط جلالًا بوزن غراب.

189
لسان العرب12

خمم ص 189

و قلب مَخْمومٌ أَي نَقِيٌّ من الغِلِّ و الحسد. و رجل مَخمُومُ القلب: نَقِيٌّ من الغش و الدَّغَلِ، و قيل: نَقِيُّهُ من الدنس. و
في الحديث عن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم: خير الناس المَخْمومُ القلب. قيل: يا رسول الله، و ما المَخْمُومُ القلب؟ قال: الذي لا غش فيه و لا حسد.
و
في رواية: سُئِلَ أَيُّ الناسِ أَفضلُ؟ قال: الصادقُ اللسانِ المَخْمومُ القلب.
و
في رواية: ذو القلب المَخْمومِ و اللسان الصادق.
و هو من خَمَمْتُ البيت إِذا كنسته؛ و مثله قول مالك: و على السَّاقي خَمُّ العين أَي كنسها و تنظيفها، و هو السُّمُّ لا يَخِمُّ، و ذلك إِذا كان خالصاً؛ و مَثَلٌ يُضْرَبُ للرجل إِذا ذُكِرَ بخير و أُثْنِيَ عليه: هو السَّمْنُ لا يَخِمُّ. و الخَمُّ: الثناء الطيب: و فلان يَخُمُّ ثياب فلان إِذا كان يُثْنِي عليه خيراً. و في النوادر: يقال خَمَّه بِثَناءٍ حسَنٍ يَخُمُّه، و طَرَّهُ يَطُرُّه طَرّاً، و بَلَّه بثناء حسن و رَشَّه، كلُّ هذا إِذا أَتبعه بقول حسن. و خَمَّ الناقةَ: حلبها. و خَمَّ اللحمُ يَخِمُّ، بالكسر، و يَخُمُّ خَمّاً و خُموماً و هو خَمٌّ و أَخَمَّ: أَنتن أَو تغيرت رائحته. و لحم خامٌّ و مُخِمٌّ أَي منتن. الليث: اللحم المُخِمُّ الذي قد تغيرت ريحه و لما يفسدْ كفساد الجِيَفِ. و قد خَمَّ اللحمُ يَخِمُّ، بالكسر، إِذا أَنتن و هو شِواءٌ أَو طبيخ. و
في حديث معاوية: من أَحب أَن يَسْتَخِمَّ الناسُ له قياماً.
قال الطحاوي: هو بالخاء المعجمة، يريد أَن تتغير روائحهم من طول قيامهم عنده، و يروى بالجيم، و قد تقدم؛ قال ابن دريد: خَمَّ اللحمُ أَكثر ما يستعمل في المطبوخ و المَشْويّ، قال: فأَما النِّي‏ءُ فيقال فيه صَلَّ و أَصَلَّ. و قال أَبو عبيد في الأَمثلة: خَمَّ اللحمُ و أَخَمَّ إِذا تغير و هو شواءٌ أَو قَديرٌ، و قيل: هو الذي يُنْتِنُ بعد النُّضْج. و إِذا خَبُثَ ريحُ السِّقاء فأَفسد اللبنَ قيل: أَخَمَّ اللبنُ، قال: و خَمَّ مثله؛ و أَنشد الأَزهري:
 أَخَمَّ أَو قد هَمَّ بالخُمُوم «1».


و الخَمِيمُ: اللبن ساعة يُحْلَبُ. و خَمّ اللبنُ و أَخَمَّ: غَيَّره خُبْثُ رائحة السِّقاء، و ربما استعمل الخُمُومُ في الإِنسان؛ قال ذِرْوَة بن خَجْفَةَ الصَّمُوتي:
يا ابن هشامٍ عَصَرَ المظلومِ،             إِليك أَشْكُو جَنَفَ الخُصومِ‏
و شَمَّةً من شارِفٍ مَزْكومِ،             قد خَمَّ أَو زاد على الخُمومِ‏

و أَنشده ابن دُرَيْدٍ بجَرّ شَمَّةٍ و المعروف و شَمَّةً لقوله إِليك أَشكو؛ و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
كأَنَّ صوتَ شَخْبِها إِذا خَمى‏


إِنما أَراد خَمَّ فأَبدل من الميم الأَخيرة ياء، و هذا كقولهم لا أَمْلاه أَي لا أَمَلُّه. و الخَمُّ: تَغَيُّرُ رائحة القُرْصِ إِذا لم يَنْضَجْ. و الخُمُّ: قَفَصُ الدجاج؛ قال ابن سيدة: أَرى ذلك لخبث رائحته. و خُمَّ إِذا جُعل في الخُمِّ و هو حبس الدجاج، و خُمَّ إِذا نُظِّفَ. و الخَمِيمُ: الممدوح. و الخَمِيمُ: الثقيل الروح. و الخَمُّ: البُكاء الشديد، بفتح الخاء. و الخِمامةُ: ريشة فاسدة رديئة تحت الريش. و الخَمُّ و الاخْتِمامُ: القطع. و اخْتَمَّه: قطعه؛ قال:
يا ابْنَ أَخِي، كَيْفَ رأَيْتَ عَمَّكا؟             أَرَدْتَ أَن تَخْتَمَّهُ فاخْتَمَّكا

__________________________________________________
 (1). قوله [
أَخم أَو قد ...

إلخ‏] الذي في التهذيب:
قد حم أَو قد ...

إلخ.

190
لسان العرب12

خمم ص 189

و خَمَّانُ الناس: خُشارَتُهُمْ، و قيل: جماعتهم. ابن الأَعرابي: خَمَّانُ الناس و نُتَّاشُ الناس و عَوَذُ الناس واحد. و قال اللحياني: رأَيت خَمَّاناً من الناس أَي ضُعَفاء. و يقال: ذاك رجل من خُمَّانِ الناس و خَمَّانِ الناس، على فُعْلان و فَعْلان، بالضم و الفتح، أَي من رُذالهم: و خُمّانُ البيت: ردي‏ء متاعه؛ قال ابن دريد: هكذا روي عن أَبي الخطاب. و الخِمُّ: البستان الفارغ. و خُمّان: موضع، و قيل: موضع بالشام؛ قال حَسَّان بن ثابت:
 لمَنِ الدَّارُ أَوْحَشَتْ بَمغانِ،             بين أَعْلى اليَرْمُوكِ فالخَمّانِ «1»

؟ و خَمَّانُ الشجر: رديئه؛ أَنشد ثعلب:
رَأْلَةٌ مُنْتَتِفٌ بُلْعُومُها،             تأْكل القَتَّ و خَمَّانَ الشَّجَرْ

و الخَمَّانُ أَيضاً من الرِّماح: الضعيف. و خَمٌّ: غَديرٌ معروف بين مكة و المدينة بالجُحْفةِ، و هو غدير خَمّ، و قال ابن دُرَيْدٍ: إِنما هو خُمٌّ، بضم الخاء؛ قال مَعْنُ بن أَوْسٍ:
عَفا و خَلا ممَّنْ عَهِدْتَ به خُمُّ            ، و شاقَك بالمَسْحاء من سَرِفٍ رَسْمُ‏

و ورد ذكره في الحديث، قال ابن الأَثير: هو موضع بين مكة و المدينة تَصُبُّ فيه عين هناك، و بينهما مسجد سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم، قال: و في الحديث ذكر خُمّى، بضم الخاء و تشديد الميم المفتوحة، و هي بئر قديمة كانت بمكة. و إِخْمِيمُ: موضع بمصر. و خُمَّام، على مثل خُطَّاف: أَبو بطن. قال ابن سيدة: و أَرى ابن دُرَيْد إِنما قال خُمام، بالتخفيف. و الخَمْخَمَةُ و التَّخَمْخُمُ: ضرب من الأَكل قبيح، و به سمي الخَمْخامُ، و منه التَّخَمْخُمُ. و الخِمْخِمُ، بالكسر: نبات تُعْلَفُ حَبَّه الإِبلُ؛ قال عَنْتَرَةُ:
ما راعَني إِلا حَمُولَةُ أَهْلِها،             وَسْطَ الدِّيارِ، تَسَفُّ حَبَّ الخِمْخِمِ‏

و يقال: هو بالحاء، قال أَبو حنيفة: الخِمْخِمُ و الحِمْحِمُ واحد، و قد تقدم، و هو الشُّقّارى. التهذيب في ترجمة ثغر: و الثَّغْرُ من خيار العُشْبِ، و لها زَغَبٌ خشن، و كذلك الخِمْخِمُ، و يوضع الثَّغْرُ و الخِمْخِمُ في العين؛ قال ابن هَرْمَةَ:
فكأَنَّما اشْتَمَلَتْ مَواقي عينه،             يَوْمَ الفِراقِ، على يَبِيسِ الخِمْخِمِ‏

و الخَمْخَمَةُ: مثل الخَنْخَنَةِ، و هو أَن يتكلم الرجل كأَنه مَخْنُونٌ من التِّيه و الكِبْر. و ضَرْعٌ خِمْخِمٌ: كثير اللبن غَزيرُه؛ قال أَبو وَجْزَةَ:
و حَبَّبَتْ أَسْقِيَةً عَواكِما،             و فَرَّغَتْ أُخْرى لها خَماخِما

و الخَمْخامُ: رجل من بني سَدُوس، سُمِّيَ بالخَمْخَمَةِ الخَنْخَنَةِ، و كلُّ ما في أَسماءِ الشعراء ابن حُمام، بالحاء، إِلا ابن خُمام، و هو ثَعْلَبَةُ بن خُمام بن سَيَّارٍ، فإِنه بالخاء. و الخُمْخُمُ: دُوَيْبَّةٌ في البحر؛ عن كراع.
خنم:
تَخْنِمُ: اسم موضع؛ قال لبيد:
و هل يَشْتاقُ مِثْلُك من رُسُومٍ             دَوارِسَ، بين تَخْنِمَ و الخِلالِ؟

قال ابن سيدة: و إِنما قضينا على تائه بالزيادة لأَنها لو
__________________________________________________
 (1). و في رواية: فالصَّمَّان بدل فالخمّان.

191
لسان العرب12

خوم ص 192

كانت أَصلية لكان فَعْلِلًا، و ليس في الكلام مثل جَعْفِرٍ.
خندم:
الخِنْدِمانُ: اسم قبيلة: و خِنْدِم: اسم موضع بناحية مكة. و
في حديث العباس حين أَسَرَهُ أَبو اليَسَرِ يوم بَدْرٍ قال: إِنه لأَعظم في عيني من الخَنْدَمَةِ.
؛ قال أَبو موسى: أَظنه جبلًا، قال ابن الأَثير: هو جبل معروف عند مكة؛ قال ابن بري: كانت به وقعة يوم فتح مكة، و منه يوم الخَنْدَمَةِ، و كان لقيهم خالد بن الوَليد فهَزَمَ المشركين و قَتَلَهم؛ و قال الرَّاعِشُ لامرأَته و كانت لامَتْهُ على انهزامه:
إِنَّكِ لو شاهَدْتِ يومَ الخَنْدَمَهْ،             إِذ فَرَّ صَفْوانُ و فَرَّ عِكْرِمَهْ،
و لَحِقَتْنا بالسُّيوف المُسْلِمَهْ،             يَفْلِقْنَ كلَّ ساعِدٍ و جُمْجُمَهْ‏
ضَرْباً، فلا تُسْمَعُ إِلا غَمْغَمَهْ،             لهم نَهِيتٌ، حَوْلَهُ، و حَمْحَمَهْ،
لم تَنْطِقِي باللوم أَدنى كَلِمهْ‏


و كان قد قال قبل ذلك:
إِن يُقْبِلُوا اليومَ فما بي عِلَّهْ،             هذا سِلاحٌ كامِل و أَلَّهْ،
و ذو غِرارَيْنِ سَريعُ السِّلَّهْ‏


رأَيت هنا حاشية أَظنها بخط الشيخ الشاطبي اللغوي صاحبنا، رحمه الله، قال: هذا الرجز نسبه ابن السيد البَطَلْيُوسِيّ في المُثَلَّث للرَّاعِشِ الهُذَليّ و أَنشده السِّلَّة، بكسر السين، قال: و أَنشده الجوهري في ترجمة سلل بفتحها، و لم يُسَمِّ الراجز، و ذكر ابن بري هناك أَنه حِماسُ بن قَيْس بن خالد الكنائي، قال: كانت هذه الحاشية، و كذلك شاهدتُ في حاشية المُثَلَّثِ ما مِثاله:
كان حِماسُ بن قَيْس ابن خالد أَحَدِ بني بكر بن كِنانة يُعِدُّ سلاحاً و يصلحه قبل قدوم سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم، مكة يوم الفتح، فقالت له امرأَته: لما ذا تُعِدُّهُ؟ فقال: لمحمد و أَصحابه و إِني لأَرجو أَن أُخْدِمَكِ بعضَهُمْ؛ ثم قال:
إِن يَلْقَني اليوم فَما بي علَّه ...

الأَبيات. و لقيهم خالد و قتل من المشركين أُناساً، ثم انهزموا فخرج حِماسُ بن قَيْس منهزماً، قال: و قيل إِن هذا الرجز لهُرَيْم بن الحَطيم، قاله و هو يحارب بني جعفر، و كانوا قتلوا أَخاه فحَمَلَ هُرَيْمٌ على قاتله فقتله، و جعل يَرْتَجِزُ بها.
و ذكر ابن هشام في سِيرة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم، الرَّاعِشَ و حِماساً و لم يذكر هُريماً، و هذا اختلاف ظاهر.
خوم:
أَرض خامَةٌ أَي وخِيمةٌ؛ حكاه أَبو الجَرَّاحِ، و قد خامَتْ تَخِيمُ خَيَماناً؛ قال ابن سيدة: قال الفراء لا أَعرف ذلك، قال: و هذا الذي قاله الفراء من أَنه لا يعرفه صحيح، إِذ حُكْمُ مثل هذا خامَتْ تَخُومُ خَوَماناً. و الخامةُ: الغَضَّةُ الرِّطْبَةُ من النبات. و
في الحديث: مَثَلُ المؤمن مثل الخامَةِ من الزرع تُمَيِّلُها الريحُ مرة هكذا و مرة هكذا.
؛ قال الطرماح:
إِنما نَحْن مِثْلُ خامةِ زَرْعٍ،             فمَتى يَأْنِ يَأْتِ مُحْتَصِدُهْ‏

قال ابن الأَثير: و هي الطَّاقةُ اللينة، و أَلفها منقلبة عن واو.

192
لسان العرب12

خيم ص 193

خيم:
الخَيْمَةُ: بيت من بيوت الأَعراب مستدير يبنيه الأَعراب من عيدانِ الشجر؛ قال الشاعر:
أَو مَرْخَة خَيَّمَتْ «2».


و قيل: و هي ثلاثة أَعواد أَو أَربعة يُلْقَى عليها الثُّمامُ و يُسْتَظَلُّ بها في الحر، و الجمع خَيْماتٌ و خِيامٌ و خِيَمٌ و خَيْمٌ، و قيل: الخَيْمُ أَعواد تنصب في القَيْظِ، و تجعل لها عَوَارِضُ، و تُظَلَّلُ بالشجر فتكون أَبرَدَ من الأَخْبِيَةِ، و قيل: هي عيدانٌ يبنى عليها الخِيامُ؛ قال النابغة:
فلم يَبْقَ إِلَّا آلُ خَيْمٍ مُنَضَّدٍ،             و سُفْعٌ على آسٍ و نُؤْيٌ مُعَثْلِبُ‏

الآسُ: الرماد. و مُعَثْلِبٌ: مهدوم. و الذي رواه ابن السيرافي على أَسّ قال: و هو الأَساسُ؛ و يروى عَجُزُهُ أَيضاً:
و ثُمٌّ على عَرْشِ الخِيامِ غَسِيلُ‏


و رواه أَبو عبيد للنابغة، و رواه ثعلب لزُهَيرٍ، و قيل: الخَيْمُ ما يبنى من الشجر و السَّعَفِ، يَسْتَظِل به الرجلُ إِذا أَورد إِبله الماء. و خَيَّمَه أَي جعله كالخَيْمَة. و الخَيْمَةُ عند العرب: البيت و المنزل، و سميت خَيْمَةً لأَن صاحبها يتخذها كالمنزل الأَصلي. ابن الأَعرابي: الخيمة لا تكون إِلا من أَربعة أَعواد ثم تُسَقَّفُ بالثُّمامِ و لا تكون من ثياب، قال: و أَما المَظَلَّةُ فمن الثياب و غيرها، و يقال: مِظَلَّةٌ. قال ابن بري: الذي حكاه الجوهري من أَن الخَيْمَةَ بيت تبنيه الأَعراب من عِيدان الشَّجَر هو قول الأَصمعي، و هو أَنه كان يذهب إِلى أَن الخَيْمَةَ إِنما تكون من شجر، فإِن كانت من غير شجر فهي بيت، و غيره يذهب إِلى أَن الخَيْمَة تكون من الخِرَقِ المَعْمولة بالأَطْنابِ، و استدل بأن أَصل التَّخْييم الإِقامة، فسُمِّيَتْ بذلك لأَنها تكون عند النزول فسميت خَيْمةً؛ قال: و مثلُ بيت النابغة قولُ مُزاحِمٍ:
مَنَازِلُ، أَمَّا أَهْلُها فَتَحَمَّلُوا             فَبانُوا، و أَمَّا خَيْمُها فَمُقِيمُ‏

قال: و مثله قول زهير:
أَرَبَّتْ به الأَرْواحُ كلَّ عَشِيَّةٍ،             فلم يَبْقَ إِلَّا آلُ خَيْمٍ مُنَضَّدِ

قال: و شاهد الخِيَمِ قول مُرَقِّشٍ:
هل تعرف الدَّار عَفَا رَسْمُها             إِلا الأَثافيَّ و مَبْنَى الخِيَمْ؟

و شاهدُ الخِيامِ قول حَسّان:
و مَظْعَن الحَيِّ و مَبْنَى الخِيام‏


و
في الحديث: الشَّهِيدُ في خَيْمَةِ اللِه تحتَ العَرْشِ.
؛ الخَيْمَةُ: معروفة؛ و منه: خَيَّمَ بالمكان أَي أَقام به و سكنه، و استعارها لِظلِّ رحمة الله و رِضْوانه، و يُصَدِّقُهُ‏
الحديث الآخر: الشهيد في ظِلِّ الله و ظِلِّ عَرْشِه.
و
في الحديث: من أَحب أَن يَسْتَخِيمَ له الرجالُ قِياماً كما يُقامُ بين يدي المُلوك و الأُمراء.
و هو من قولهم: خام يَخِيمُ وَ خَيَّمَ يُخَيِّمُ إِذا أَقام بالمكان، و يروى: اسْتَخَمَّ و اسْتَجَمَّ، و قد تقدما. و الخِيامُ أَيضاً: الهَوادِجُ على التشبيه؛ قال الأَعشى:
أَ مِن جَبَل الأَمْرارِ ضرْبُ خيامِكم             على نَبإٍ، إِنّ الأَشافيّ سَائل‏

__________________________________________________
 (2). قوله [أَو مرخة خيمت‏] كذا بالأَصل، و الشطرة موجودة بتمامها في التهذيب و هي: أَو مرخة خيمت في أَصلها البقر.

193
لسان العرب12

خيم ص 193

و أَخامَ الخَيْمَةَ و أَخْيَمَها: بَناها؛ عن ابن الأَعرابي. و تَخَيَّم مكانَ كذا: ضَرَب خَيْمَتَهُ. و خَيَّمَ القومُ: دخلوا في الخَيْمة. و خَيَّمُوا بالمكان: أَقاموا؛ و قال الأَعشى:
فَلَمَّا أَضاءَ الصُّبْحُ قامَ مُبادراً،             و كانَ انْطِلاقُ الشاة مِن حَيْثُ خَيَّمَا

و العرب تقول: خَيَّمَ فلان خَيْمَةً إِذا بناها، و تَخَيَّمَ إِذا أَقامَ فيها؛ و قال زهير:
وضَعْنَ عِصِيَّ الحاضِرِ المُتَخَيِّمِ‏


و خَيَّمَت الرائحة الطيِّبةُ بالمكان و الثوب: أَقامت و عَبِقَت به. و خَيِّمَ الوَحْشِيُّ في كِناسه: أَقامَ فيه فلم يَبْرَحْهُ. و خَيَّمَه: غَطَّاه بشي‏ء كي يَعْبق به؛ و أَنشد:
مَعَ الطِّيبِ المُخَيَّم في الثياب‏


أَبو عبيد: الخِيمُ الشيمَة و الطبيعة و الخُلُق و السجية. و يقال: خِيم السيف فِرِنْدُه، و الخِيمُ: الأَصل؛ و أَنشد:
و مَنْ يَبْتَدِعْ ما لَيْس مِن خِيم نَفْسِه،             يَدَعْه و يَغْلِبْه على النفسِ خِيمُها

ابن سيدة: الخِيمُ، بالكسر، الخُلُق، و قيل: سَعة الخُلُق، و قيل: الأَصل فارسي معرَّب لا واحد له من لفظه. و خامَ عنه يَخِيم خَيْماً و خَيَماناً و خُيُوماً و خِياماً و خَيْمومة: نَكَصَ و جَبُنَ، و كذلك إِذا كاد يكيد كيداً فرجع عليه و لم ير فيه ما يحب، و نَكَلَ و نَكَصَ، و كذلك خامُوا في الحرْب فلم يَظْفَرُوا بخير و ضعُفوا؛ و أَنشد:
رَمَوْني عن قِسِيِّ الزُّور، حتى             أَخامَهُمُ الإِلَهُ بها فَخامُوا

و الخَائِمُ: الجَبان. و خامَ عن القِتال يَخِيمُ خَيماً و خام فيه: جَبُن عنه؛ و قول الهذلي جُنادة بن عامر:
لعَمْرُك مَا وَنَى ابْنُ أَبي أُنَيْسٍ،             و لا خامَ القِتالَ و لا أَضاعا

قال ابن جني: أَراد حرف الجر و حذَفَه أَي خامَ في القتال، و قال: خامَ جَبُنَ و تَراجع؛ قال ابن سيدة: و هو عندي من معنى الخَيْمَةِ، و ذلك أَن الخَيْمَة تُعطف و تُثْنى على ما تحتها لتَقيه و تحفظه، فهي من معنى القَصْر و الثَّنْي، و هذا هو معنى خامَ لأَنه انكَسَر و تراجع و انثنى، أَ لا تَراهم قالوا لجانب الخِباء كِسْرٌ؟ ابن سيدة: و الخامَةُ من الزَّرع أَولُ ما يَنْبتُ على ساقٍ واحدة، و قيل: هي الطَّاقَةُ الغَضَّة منه، و قيل: هي الشجرة الغَضَّة الرَّطْبة. ابن الأَعرابي: الخامة السُّنْبُلة، و جمعها خامٌ. و الخامة: الفُجْلة، و جمعها خام؛ قال أَبو سعيد الضرير: إِن كانت محفوظة فليست من كلام العرب؛ قال أَبو منصور: و ابن الأَعرابي أَعْرَفُ بكلام العرب من أَبي سعيد، و قد جعل الخامة من كلام العرب بمعنيين مختلفين، و الخامُ من الجلود: ما لم يُدْبغ أَو لم يُبالَغْ في دبغه. و الخامُ: الدِّبْسُ الذي لم تَمسه النار؛ عن أَبي حنيفة، قال: و هو أَفضله. و الخِيمُ: الحَمْضُ. ابن بري: و خِيماءُ اسم ماءةٍ؛ عن الفراء: و خِيَمٌ: جبل معروف؛ قال جرير:
أَقْبَلْت مِن نَجْران أَو جَنْبَيْ خِيَمْ‏


و خِيمٌ: موضع معروف. و المَخِيمُ: موضعان؛ قال أَبو ذؤيب:
ثم انْتَهى بَصَري عنهُمْ، و قَدْ بَلَغُوا             بطنَ المَخِيم، فقالوا الجَرّ أَو راحُوا

194
لسان العرب12

خيم ص 193

قال ابن جني: المَخِيمُ مَفْعِلٌ لعدم م خ م، و عِزَّة باب قَلِقَ. و حكى أَبو حنيفة: خامت الأَرض تَخِيمُ خَيَماناً، و زعم أَنه مقلوب من وَخُمَتْ؛ قال ابن سيدة: و ليس كذلك، إِنما هو في معناه لا مقلوب عنه. و خِمْتُ رِجْلي خَيْماً إِذا رفعتها؛ و أَنشد ثعلب:
رَأَوْا وَقْرَةً في السّاقِ مِنّي فحاولوا             جُبُورِيَ، لما أَن رأَوْني أُخِيمُها

الفراء و ابن الأَعرابي: الإِخامَةُ أَن يصيِب الإِنسانَ أَو الدابةَ عَنَتٌ في رِجْله، فلا يستطيع أَن يُمَكّنَ قَدَمَهُ من الأَرض فيُبْقِي عليها؛ يقال: إِنه ليُخِيم إِحدى رجْليه. أَبو عبيد: الإِخامَةُ للفرس أَن يرفع إِحدى يديه أَو إِحدى رجليه على طَرَفِ حافره؛ و أَنشد الفراء ما أَنشده ثعلب أَيضاً:
رَأَوْا وَقْرَةً في السَّاقِ مِنِّي فحاولوا             جُبُوريَ، لما أَن رأَوْني أُخِيمُها

فصل الدال المهملة
دأم:
دَأَمَ الحائطَ عليه دَأَماً: دفعه. قال الليث: الدَّأْمُ إِذا دفعت حائِطاً فَدَأَمْتَهُ بمرّة واحدة على شي‏ء في وَهْدَةٍ، تقول: دَأَمْتُهُ عليه. و دَأَمْتُ الحائط أَي رفعته مثل دعَمْتُهُ. و تَداءَمَتْ عليه الأُمور و الأَهْوالُ و الهمومُ و الأَمواج، بوزن تَفاعَلَتْ، و تَدَأَّمَتْهُ؛ الأَخيرة مُعَدَّاةٌ بغير حرف: تراكمت عليه و تزاحمت و تَكَسَّرَ بعضُها على بعض. و تَدَأّمَهُ الماءُ: غمره، و هو تَفَعَّل؛ و أَنشد لرؤبة:
كما هَوى فِرْعَوْنُ، إِذْ تَغَمْغَما،             تحت ظِلال المَوْجِ، إِذ تَدَأّما

الأَصمعي: تَداءَمَهُ الأَمرُ مثل تَداعَمَهُ إِذا تراكم عليه و تكسَّر بعضُه فوق بعض. و تَدَأّمَ الفحلُ الناقةَ أَي تَجَلَّلها. و الدَّأْمُ: ما غَطَّاك من شي‏ء. و جيش مِدْأَمٌ: يَرْكبُ كلَّ شي‏ء. أَبو زيد: تَدَأّمْتُ الرجل تَدَؤُّماً إِذا وَثَبْت عليه فركبته. أَبو عبيد: و الدَّأْماء البحر، على فَعْلاء؛ قال الأَفوَهُ الأَوْديّ:
و اللَّيْل كالدَّأَماءِ مُسْتَشْعِرٌ،             من دونه، لَوْناً كلَوْنِ السَّدُوس‏

دجم:
دُجَمُ العِشْقِ و الباطل: غَمَراتُه؛ يقال: انْقَشَعَتْ دُجمُ الأَباطيل. و إِنه لفي دُجَمِ الهَوى أَي في غَمَراتِهِ و ظُلَمِهِ، الواحدة دُجْمَةٌ. قال الأَزهري: و قد قيل دِجْمَةٌ و دِجَمٌ للعادات. ابن بري: دَجَمَ الليلُ دُجْمَةً و دَجْماً أَظلم. و الدِّجْمُ: الخُلُق. و يقال: إِنك على دِجْمٍ كريم أَي خُلُقٍ، و دجملٌ كريم مثله؛ قال رؤبة:
و اعْتَلَّ أَدْيانُ الصِّبا و دِجَمُهْ‏


و دِجْمُ الرجل: صاحبه. و دَجِمَ الرجلُ و دُجِمَ: حزن، و الدَّجْمُ من الشي‏ء: الضرب منه؛ و قول رؤبة:
و كَلَّ من طُولِ النِّضالِ أَسْهُمُهْ،             و اعْتَلَّ أَدْيانُ الصِّبا و دِجَمُهْ‏

قيل في تفسيره: دِجَمُهُ أَخْدانُه و أَصحابه، الواحد دِجْمٌ؛ قال ابن سيدة: و هذا خطأٌ لأَن فِعْلًا لا يجمع على فِعَلٍ إِلا أَن يكون إِسماً للجمع، و المعنى أَن الذي كان يتابعني في الصِّبا اعْتَلّ عليّ. و تقول العرب: أَ مِنْ هذا الدَّجْمِ أَنت أَي من هذا الضرب. ابن الأَعرابي: الدُّجُومُ واحدهم دِجْمٌ، و هم خاصة

195
لسان العرب12

دجم ص 195

الخاصة، و مثله قِدْرٌ و قُدور، و الصَّاغِيَةُ و الحُزانة و الحُزابة مثله، و الحُزانة: مَنْ حَزَنَهُ أَمْرُهُ، و الحُزابة: من حَزَبَهُ، و فلان مُداجِمٌ لفلان و مُدامِجٌ له، و ما سمعت له دَجْمَةً و لا دُجْمَةً أَي كلمة. أَبو زيد: هو على تِلك الدُّجْمَةِ و الدُّمْجَةِ أَي الطريق.
دحم:
الدَّحْمُ: الدفع الشديد. ابن الأَعرابي: دَحَمَهُ دَحْماً إِذا دفعه؛ قال رؤبة:
ما لم يُبِجْ يَأْجُوجَ رَدْمٌ يَدْحَمُهْ‏


أَي يدفعه؛ و منه سمي الرجل دَحْمانَ و دُحَيْماً. و الدَّحْمُ: النكاح. و دَحَمَ المرأَة يَدْحَمُها دَحْماً: نكحها؛ و منه‏
حديث أَبي هريرة عن النبي، صلى الله عليه و سلم: أَنه قيل له أَ نَطَأُ في الجنة؟ قال: نعم و الذي نفسي بيده دَحْماً دَحْماً، فإِذا قام عنها رَجعَتْ مُطَهَّرَةً بِكْراً.
قال ابن الأَثير: هو النكاح و الوطء بدفع و إِزعاج، و انتصابه بفعل مضمر أَي يَدْحَمُونَ دَحْماً يجامعون، و التكرير للتأكيد، هو بمنزلة قولهم لقيتهم رجلًا رجلًا، أَي دَحْماً بعد دَحْمٍ. و
في حديث أَبي الدرداء: و ذكر أَهل الجنة فقال إِنما يَدْحَمُونَهُنَّ دَحْماً.
و هو من دِحْمِ فلان أَي من أَصله و شَجَرته؛ عن كراع. و قد سَمّتْ دَحْماً و دُحَيْماً و دَحْمانَ. و دَحْمَةُ: اسم امرأَة؛ قال أَبو النجم:
لم يَقْضِ أَن يَمْلِكَنا ابْنُ الدَّحَمَهْ‏


حَرَّكَ احتياجاً، يعني يَزيدَ بن المُهَلَّبِ.
دحسم:
الليث: الدُّحْسُمُ و الدُّماحِسُ الغليظان. ابن سيدة: الدُّحْسُمُ و الدُّحْمُسُ و الدُّماحِس و الدُّحْسُمانيُّ و الدُّحْمُسانيُّ كل ذلك العظيم مع سواد. الدُّماحِسُ: السيِ‏ء الخلق. و الدُّحْسُمانيُّ و الدُّحْمُسانيُّ: السمين الحادر في أُدْمةٍ. الدُّحْسُمان، بالضم: قَلْبُ الدُّحْمُسانِ، و هو الآدَمُ السمين. و
في الحديث: كان يُبايِعُ الناسَ و فيهم رجل دُحْسُمانٌ.
؛ قال ابن الأَثير: الدُّحْسُمانُ و الدُّحْمُسانُ الأَسود الغليظ، و قيل: السمين الصحيح الجسم، و قد يلحق بهما ياء النسب كأحْمَرِيّ.
دحلم:
الدَّحْلَمَةُ: دَهْوَرَتُك الشي‏ء من جبل أَو بئر؛ و أَنشد:
كَمْ مِنْ عَدُوّ زال أَو تَدَحْلَمَا،             كأَنه في هُوَّةٍ تَقَحْذَمَا

تَدَحْلَمَ إِذا تَهَوَّرَ في بئر أَو من جبل.
دخم:
الدَّخْمُ: ضرب من النكاح، قيل: هو دَفْعٌ في إِزعاج، دَخَمَها يَدْخَمُها دَخْماً، و الحاء المهملة لغة.
دخشم:
دَخْشَمٌ: اسم رجل. قال ابن بري: و الدَّخْشَم القصير؛ قال الراجز:
إِذا ثَنَتْ أَسْحَجَ غير دَخْشَمِ،             و أَرْجَفَتْهُ رَجَفانَ الكَرْزَمِ‏

و الكَرْزَمُ و الكَرْزَنُ جميعاً: الفأْس؛ عن أَبي عمرو.
ددم:
الدُّوادِمُ و الدُّوَدِمُ، على وزن الهُدَبِدِ: شي‏ء شِبْهُ الدَّمِ يخرج من السَّمُرَةِ، و خاصّته مذكورة في باب الصُّموغِ؛ قال الأَزهري: هو الحُذالُ. يقال: قد حاضت السَّمُرَةُ إِذا خرج ذلك منها، و قال في موضع آخر: الدِّمْدِمُ ما يبس من الكلإِ و الشجر، و قيل: هو الدِّنْدِنُ؛ قال ابن بري: قال أَبو زياد الحُذالُ شي‏ء آخر غير الدُّوَدِم‏

196
لسان العرب12

ددم ص 196

يشبهه، يأكله مَنْ يعرفه و منْ لا يعرفه يظنه دُوَدِماً.
درم:
الليث: الدَّرَمُ استواء الكعب و عَظْم الحاجِب و نحوه إِذا لم يَنْتَبِرْ فهو أَدْرَمُ، و الفعل دَرِمَ يَدْرَمُ فهو دَرِمٌ. الجوهري: الدَّرَمُ في الكعب أَن يوازِيَهُ اللحمُ حتى لا يكون له حَجْمٌ. ابن سيدة: دَرِمَ الكعبُ و العُرْقوب و الساق دَرَماً، و هو أَدْرَمُ، استوى. و مكان أَدْرَمُ: مستوٍ، و كعب أَدْرَمُ؛ و أَنشد الجوهري:
قامَتْ تُرِيكَ، خَشْيَةً أَن تَصرِمَا،             ساقاً بَخَنْداةً، و كَعْباً أَدْرَمَا

و مَرافقها دُرْمٌ؛ و
في حديث أَبي هريرة أَن العَجَّاجَ أَنشده:
ساقاً بَخَنْداةً و كَعْباً أَدْرَمَا.

قال: الأَدْرَمُ الذي لا حَجْمَ لعِظامه؛ و منه الأَدْرَمُ الذي لا أَسنان له، و يريد أَن كعبها مستو مع الساق ليس بِناتٍ، فإِن استواءه دليل السمن، و نُتُوُّهُ دليلُ الضعف. و دَرِمَ العظمُ: لم يكن له حَجْمٌ. و امرأَة دَرْماء: لا تستبين كُعُوبُها و لا مَرافِقُها؛ و أَنشد ابن بري:
و قد أَلهُو، إِذا ما شِئتُ، يَوْماً             إِلى دَرْماءَ بَيْضاء الكُعُوبِ‏

و كل ما غطاه الشحمُ و اللحمُ و خفي حَجْمُهُ فقد دَرِمَ. و دَرِمَ المِرْفَقُ يَدْرَمُ دَرَماً. و دِرْع دَرِمَةٌ: ملساء، و قيل: لينة مُتَّسِقة؛ قالت:
يا قائدَ الخَيْلِ، و مُجْتابَ             الدِّلاصِ الدَّرِمَه‏

شمر: و المُدَرَّمَةُ من الدُّرُوع اللينةُ المستويةُ؛ و أَنشد:
هاتِيكَ تَحْمِلُني و تَحْمِلُ شِكَّتي،             و مُفاضَةً تَغْشَى البَنانَ مُدَرَّمَهْ‏

و يقال لها الدَّرِمَةُ. و دَرِمَتْ أَسنانه: تحاتَّتْ، و هو أَدْرَمُ. و الأَدْرَمُ: الذي لا أَسنان له. وَ دَرِمَ البعيرُ دَرَماً، و هو أَدْرَمُ إِذا ذهبت جلدة أَسنانه و دنا وقوعها. و أَدْرَمَ الصبيُّ: تحركت أَسنانه ليَسْتَخْلِفَ أُخَرَ. و أَدْرَمَ الفصيلُ للإِجْذاعِ و الإِثْناءِ، و هو مُدْرِمٌ، و كذلك الأُنثى، إِذا سقطتْ رَواضِعُهُ. أَبو الجَرَّاح العُقَيليّ: و أَدْرَمَت الإِبلُ للإِجْذاعِ إِذا ذهبت رواضعها و طلع غيرها، و أَفَرَّتْ للإِثْناء، و أَهْضَمَتْ للإِرْباعِ و الإِسْداس جميعاً؛ و قال أَبو زيد مثله، قال: و كذلك الغنم؛ قال شمر: ما أَجودَ ما قال العقيليّ في الإِدْرامِ ابن السكيت: و يقال للقَعُود إِذا دَنا وقوعُ سِنِّه فذهب حِدَّةُ السِّنِّ التي تريد أَن تقع: قد دَرِمَ، و هو قَعُودٌ دارِمٌ. ابن الأَعرابي: إِذا أَثْنى الفرسُ أَلقى رواضِعهُ، فيقال أَثنى و أَدْرَمَ للإِثناء، ثم هو رَباعٌ، و يقال: أَهْضَمَ للإِرْباعِ. و قال ابن شميل: الإِدْرامُ أَن تسقط سِنُّ البعير لِسِنٍّ نَبَتَتْ، يقال: أَدْرَمَ للإِثْناء و أَدْرَمَ للإِرْباعِ و أَدْرَمَ للإِسْداسِ، فلا يقال أَدْرَمَ للبُزول لأَن البازِلَ لا ينبت إِلا في مكان لم يكن فيه سِنٌّ قبله. و دَرَمَتِ الدابةُ إِذا دَبَّتْ دَبيباً. و الأَدْرَمُ من العَراقيب: الذي عظمت إِبْرَتُه. و دَرَمَتِ الفأْرة و الأَرنبُ و القُنْفُذُ تَدْرِمُ، بالكسر، دَرْماً و دَرِمَتْ دَرَماً و دَرِماً و دَرَماناً و دَرامةً: قاربت الخَطْوَ في عَجَلَةٍ؛ و منه سمي دارِمُ بن مالك بن‏

197
لسان العرب12

درم ص 197

حَنظَلَة بن مالك بن زيد مَناةَ بن تميم، و كان يسمى بَحْراً، و ذلك أَن أَباه لما أَتاه قوم في حَمالَةٍ فقال له: يا بَحْرُ ائْتِني بخَريطة، فجاءه يَحْمِلُها و هو يَدْرِمُ تحتها من ثقلها و يقارب الخَطْوَ، فقال أَبوه: قد جاءكم يُدارِمُ، فسمِّي دارِماً لذلك. و الدَّرْماءُ: الأَرنب؛ و أَنشد ابن بري:
تَمَشَّى بها الدَّرْماءُ تَسْحَبُ قُصْبَها،             كأَنْ بَطْن حُبْلى ذات أَوْنَيْنِ مُتْئِم‏

قال ابن بري: يصف رَوْضَةً كثيرة النبات تمشي بها الأَرنب ساحبةً قُصْبها حتى كأَن بطنها بَطْنُ حبلى، و الأَوْنُ: الثِّقْلُ، و الدَّرِمَةُ و الدَّرَّامَةُ: من أَسماء الأَرنب و القُنفُذ. و الدَّرَّامُ: القنفذ لدَرَمانه. و الدرَمانُ: مِشْيَةُ الأَرنب و الفأْرِ و القُنْفُذِ و ما أَشبهه، و الفعل دَرَمَ يَدْرِمُ. و الدَّرَّامُ: القبيح المِشْيَةِ و الدَّرَامةِ. و الدَّرَّامةُ من النساء: السيئة المشي القصيرةُ مع صغر؛ قال:
من البِيضِ، لا دَرَّامَةٌ قَمَلِيَّةٌ،             تَبُذُّ نِساء الناس دلًّا و مِيسَمَا

و الدَّرُومُ: كالدَّرَّامَةِ، و قيل: الدَّروم التي تجي‏ء و تذهب بالليل. أَبو عمرو: الدَّرُومُ من النُّوق الحسنة المِشْية. ابن الأَعرابي: و الدَّرِيمُ الغلام الفُرْهُدُ الناعم. و دَرَمَتِ الناقةُ تَدْرِمُ دَرْماً إِذا دَبَّت دَبيباً. و الدَّرْماءُ: نبات سُهْليٌّ دسْتيّ، ليس بشجر و لا عُشْب، ينبت على هيئة الكَبِد و هو من الحَمْض؛ قال أَبو حنيفة: لها ورق أَحمر، تقول العرب: كنا في دَرْماء كأَنها النهار. و قال مُرة: الدَّرْماء ترتفع كأَنها حُمَةٌ، و لها نَوْرٌ أَحمر، ورقها أَخضر، و هي تشبه الحَلَمَة. و قد أَدْرَمَتِ الأَرض. و الدَّارِمُ: شجر شبيه بالغَضَا، و لونه أَسود يَسْتاك به النساء فَيُحَمِّرُ لِثاتهن و شِفاهَهُنَّ تحميراً شديداً، و هو حِرِّيف، رواه أَبو حنيفة؛ و أَنشد:
إِنما سَلّ فُؤادي             دَرَمٌ بالشَّفَتين‏

و الدَّرِمُ: شجر تتخذ منه حبال ليست بالقَويَّةِ. و دارِمٌ: حيٌّ من بني تميم فيهم بيتها و شرفها، و قد قيل: إِنه مشتق من الدَّرَمان الذي هو مقاربة الخطوِ في المشي، و قد تقدم. و دَرِمٌ، بكسر الراء: اسم رجل من بَني شَيْبانَ. و في المثل: أَوْدَى دَرِم، و ذلك أَنه قُتِلَ فلم يُدْرَكْ بثَأْره فصار مثلًا لِما يُدْرَكْ به؛ و قد ذكره الأَعشى فقال:
و لم يُودِ مَنْ كُنْتَ تَسْعَى له،             كما قيل في الحرب: أَوْدى دَرِمْ‏

أَي لم يَهْلِكْ مَن سعيت له؛ قال أَبو عمرو: هو دَرِمُ بن دبّ «3» بن ذُهْلِ بن شَيْبانَ؛ و قال المؤَرِّج: فُقِدَ كما فُقدَ القارِظ العَنَزِي فصار مثلًا لكل من فُقِدَ؛ قال ابن بري: و قال ابن حبيب كان دَرِمٌ هذا هَرَبَ من النُّعْمانِ فطلبه فأُخِذَ فمات في أَيديهم قبل أَن يصلوا به، فقال قائلهم: أَوْدَى دَرِمٌ، فصارت مثلًا. و عِزٌّ أَدْرَمُ إِذا كان سميناً غير مهزول؛ قال رؤبة:
يَهْوُونَ عن أَركانِ عِزٍّ أَدْرَما


و بنو الأَدْرَمِ: حَيٌّ من قريش، و في الصحاح: و بنو الأَدْرَمِ قبيلة.
__________________________________________________
 (3). قوله [ابن دب‏] هو هكذا في الأَصل بتشديد الباء، و الذي في التهذيب: درب، براء بعد الدال و بتخفيف الباء.

198
لسان العرب12

درخم ص 199

درخم:
الجوهري: الدُّرَخْمِينُ الدّاهية، بوزن شُرَحْبِيلٍ؛ قال دَلَمٌ و كنيته أَبو زُغْبَةَ العَبْشَمِيّ:
أَنْعَتُ من حَيَّاتِ بُهْلٍ كشحين،             صِلَّ صَفاً داهيةً دُرَخْمِينْ‏

دردم:
مَرَةٌ دِرْدِمٌ: تذهب و تجي‏ء بالليل. الجوهري: الدِّرْدِمُ الناقة المسنة.
درعم:
الدِّرْعِمُ كالدِّعْرِمِ، و سيأتي ذكره.
درقم:
الدِّرْقِمُ: الساقط، و قيل: هو من أَسماء الرجال، مثَّل به سيبويه و فسره السيرافي.
درهم:
المُدْرَهِمُّ: الساقط من الكِبَرِ، و قيل: هو الكبيرُ السِّنِّ أَيّاً كان. و قد ادْرَهَمَّ يَدْرَهِمُّ ادْرِهْماماً أَي سقط من الكبر؛ و قال القُلاخُ:
أَنا القُلاخُ في بُغائي مِقْسَما،             أَقْسمْتُ لا أَسْأَمُ حتى يَسْأَما،
و يَدْرَهِمَّ هَرَماً و أَهْرَما


و ادْرَهَمَّ بصرُه: أَظلم. و الدِّرْهَمُ و الدِّرْهِمُ: لغتان، فارِسِيّ مُعَرَّبٌ مُلْحَقٌ ببناء كلامهم، فدِرْهَمٌ كهِجْرَعٍ، و دِرْهِمٌ، بكسر الهاء، كحِفْرِدٍ، و قالوا في تصغيره دُرَيْهِيم، شاذة، كأَنَّهم حَقَّرُوا دِرْهاماً، و إِن لم يتكلموا به؛ هذا قول سيبويه، و حكى بعضهم دِرْهام، قال الجوهري: و ربما قالوا دِرْهام؛ قال الشاعر:
لو أَنَّ عِنْدي مائتي دِرْهامِ،             لجاز في آفاقِها خاتامي «1».

و جمع الدِّرْهَمِ دَراهِمُ؛ ابن سيدة: و جاء في تكسيره الدَّراهِيمُ؛ و زعم سيبويه أَن الدَّراهِيمَ إِنما جاء في قول الفرزدق:
تَنْفِي يَداها الحَصى في كلِّ هاجِرَةٍ،             نَفْيَ الدَّراهِيمِ تَنْقادُ الصَّياريفِ‏

قال ابن بري: شَبَّهَ خروج الحصى من تحت مَناسِمِها بارتفاع الدراهم عن الأَصابع إِذا نُقِدَتْ. و رجل مُدَرْهَمٌ، و لا فعل له، أَي كثير الدَّراهِمِ؛ حكاه أَبو زيد، قال: و لم يقولوا دُرْهِمَ؛ قال ابن جني: لكنه إِذا وجد اسم المفعول فالفعل حاصِلٌ. و دَرْهَمَتِ الخُبَّازى: استدارت فصارت على أَشكال الدَّراهِمِ، اشتقوا من الدراهِمِ فِعْلًا و إِن كان أَعجميّاً. قال ابن جني: و أَما قولهم دَرْهَمَتِ الخُبَّازى فليس من قولهم رجل مُدَرْهَمٌ.
دسم:
الدَّسَمُ: الوَدكُ، و في التهذيب: كل شي‏ء له ودَكٌ من اللحم و الشحم، و شي‏ء دَسِمٌ و قد دَسِمَ، بالكسر، يَدْسَمُ فهو دَسِمٌ و تَدَسّمَ؛ أَنشد سيبويه لابن مُقْبِلٍ:
و قِدْر ككَفِّ القِرْدِ لا مُسْتَعِيرُها             يُعارُ، و لا مَنْ يَأْتِها يَتَدَسَّمُ‏

و الدِّسَمُ: الوَضَرُ و الدَّنَسُ؛ قال:
لاهُمَّ، إِنَّ عامِرَ بن جَهْمِ             أَوْذَمَ حَجّاً في ثِيابٍ دُسْمِ‏

يعني أَنه حَجَّ و هو مُتَدَنِّسٌ بالذنوب، و أَوْذَمَ الحَجَّ: أَوجبه. و تَدْسِيم الشي‏ء: جَعْلُ الدَّسَمِ عليه. و ثياب دُسْمٌ: وَسِخَةٌ. و يقال للرجل إِذا تَدَنَّسَ بمَذامِّ الأَخلاق: إِنه لَدَسِمُ الثوبِ، و هو كقولهم: فلان أَطْلَسُ الثوبِ. و فلان أَدْسَم‏
__________________________________________________
 (1). قوله [لو أَن عندي إِلخ‏] في التكملة ما نصه: هذا الإِنشاد فاسد، و الرواية:
لو أَن عندي مائتي درهام             لابتعت داراً في بني حرام‏
و عشت عيش الملك الهمام             و سرت في الأَرض بلا خاتام.

199
لسان العرب12

دسم ص 199

الثوب و دَنِسُ الثوب إِذا لم يكن زاكياً؛ و قول رؤبة يصف سَيْحَ ماءٍ:
مُنْفَجِرَ الكَوْكَبِ أَو مَدْسُوما،             فَخِمْنَ، إِذْ هَمَّ بأَنْ يَخِيما

المُنْفَجِرُ: المُنْفَتِحُ الكثير الماء، و كَوْكَبُ كلِّ شي‏ء: معظمه، و المَدْسُومُ: المَسْدُودُ، و الدَّسْمُ: حَشْوُ الجوف. و دَسَمَ الشي‏ءَ يَدْسُمُهُ، بالضم، دَسْماً: سَدَّهُ؛ قال رؤبة يصف جُرْحاً:
إِذا أَرَدْنا دَسْمَهُ تَنَفَّقا،             بناجِشات المَوْتِ، أَو تَمطَّقا

و يروى: إِذا أَرادوا دَسْمَهُ، و تَنَفَّقَ: تشقق من جوانبه و عَمِل في اللحم كهيئة الأَنْفاقِ، الواحد نَفَقٌ، و هو كالسَّرَبِ، و منه اشْتُقَّ نافِقاءُ اليَرْبُوع، و الناجِشاتُ: التي تُظْهِرُ الموتَ و تستخرجه، و ناجِشُ الصَّيد: مُسْتَخْرِجُهُ من موضعه، و التَّمَطُّقُ: التَّلَمُّظُ. و الدِّسامُ: ما دُسِمَ به. الجوهري: الدِّسامُ، بالكسر، ما تُسَدُّ به الأُذن و الجرح و نحو ذلك، تقول منه: دَسَمْتُهُ أَدْسُمُهُ، بالضم، دَسْماً. و الدِّسامُ: السِّدادُ، و هو ما يُسَد به رأْس القارورة و نحوها. و
في بعض الأَحاديث: إِن للشيطان لَعُوقاً و دِساماً.
؛ الدِّسامُ: ما تسد به الأُذن فلا تَعِي ذِكْراً و لا موعظة، يعني أَن له سِداداً يمنع به من رؤية الحق؛ و كل شي‏ء سَدَدْتَهُ فقد دَسَمْتَهُ دَسْماً، يعني أَن وَساوِسَ الشيطان مهْما وَجَدتْ مَنْفَذاً دخلتْ فيه. و دَسَمَ القارورة دَسْماً: شدَّ رأْسها. و الدُّسْمَةُ: ما يُشَدُّ به خَرْقُ السِّقاء. و
في حديث الحسن في المُسْتَحاضة: تغتسل من الأُولى إِلى الأُولى و تَدْسُمُ ما تحتها.
قال أَي تَسُدّ فَرْجَها و تحتشي من الدِّسامِ السِّدادِ. و الدُّسْمَةُ: غُبْرَةٌ إِلى السواد، دَسِمَ و هو أَدْسَمُ. ابن الأَعرابي: الدُّسْمَةُ السواد، و منه قيل للحَبشيّ: أَبو دُسْمَةَ. و
في حديث عثمان: رأَى صَبِيّاً تأْخذه العينُ جَمالًا، فقال: دَسِّمُوا نُونَتَهُ.
أَي سَوِّدُوها لئلا تصيبه العين، قال: و نُونَتُهُ الدائرة المَليحةُ التي في حَنَكه، لتردّ العين عنه. و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم: أَنه خطب و على رأْسه عمامة دَسْماء.
أَي سوداء؛ و
في حديث آخر: خرج و قد عَصَبَ رأْسه بعمامة دَسِمَةٍ.
و
في حديث هند: قالت يوم الفتح لأَبي سُفْيان اقتلوا هذا الدَّسِمَ الأَحْمَشَ.
أَي الأَسود الدني‏ء. و الدُّسْمَةُ: الرَّدي‏ء من الرجال، و قيل: الدَّني‏ء من الرجال، و قيل: الدُّسْمَةُ الرَّدي‏ء الرَّذْلُ؛ أَنشد أَبو عمرو لبشير الفِرَبْريّ:
شَنِئْتُ كلَّ دُسْمَةٍ قِرْطَعْنِ‏


ابن الأَعرابي: الدَّسِيمُ القليلُ الذِّكْرِ، و
في حديث أَبي الدَّرْداء: أَ رَضِيتمْ إِن شبعتم عاماً لا تَذْكرون الله إِلا دَسْماً.
يريد ذِكْراً قليلًا، من التَّدْسِيم و هو السواد الذي يُجْعَلُ خلف أُذن الصبيِّ لكيلا تصيبه العين، و لا يكون إِلا قليلًا؛ و قال الزمخشري: هو من دَسَمَ المطرُ الأَرْضَ إِذا لم يبلغ أَن يَبُلَّ الثَّرَى. و الدَّسِيمُ: القليل الذكر، و منه‏
قوله لا تذكرون الله إِلا دَسْماً.
؛ قال ابن الأَعرابي: يكون هذا مَدْحاً و يكون ذمّاً، فإِذا كان مدحاً فالذكر حَشْوُ قلوبِهِمْ و أَفواهِهِمْ، و إِن كان ذمّاً فإِنما هم يذكرون الله ذكراً قليلًا من التَّدْسِيم، قال: و مثله‏
أَن رجلًا ذُكِر بين يَدَيْ سيدنا رسول الله،

200
لسان العرب12

دسم ص 199

صلى الله عليه و سلم، فقال: ذاك رجل لا يَتَوَسَّدُ القرآن.
؛ يكون هذا أَيضاً مدحاً و ذمّاً، فالمدح أَنه لا ينام الليل فلا يَتَوَسَّدُ فيكون القرآن مُتَوَسَّداً معه، و الذم أَنه لا يَحْفَطُ من القرآن شيئاً، فإِذا نام لم يَتَوَسَّدْ معه القرآن، قال الأَزهري: و القول هو الأَول، و قيل: معناه لا يذكرون الله إِلا دَسْماً أَي ما لهم هَمٌّ إِلا الأَكل و دَسْم الأَجواف، قال: و نصب دَسْماً على الخلاف. و دَسَمَ المطرُ الأَرضَ: بَلَّها و لم يُبالِغْ. و يقال: ما أَنت إِلَّا دُسْمَةٌ أَي لا خير فيه. و يقال للرجل إِذا غَشِيَ جاريَتَهُ: قد دَسَمها. و دَسَم المرأَة دَسْماً: نكحها؛ عن كراع. و دُسْمانُ: موضع. و الدَّيْسَمُ: الثعلب، و قيل: وَلَدُ الثعلب من الكَلْبَة. و الدَّيْسَمُ: ولد الذئْب من الكلبة، و قيل: ولد الدُّبِّ، و قيل: فَرْخُ النحل «2»، و قال ابن الأَعرابي: الدَّيْسَمُ الدُّبُّ؛ و أَنشد:
إِذا سَمعَتْ صَوْتَ الوَبِيل، تَشَنَّعَتْ             تَشَنُّعَ فُدْسِ الغارِ، أَو دَيْسَمٍ ذَكَر

و قال المبرد: الدَّيْسَمُ ولد الكلبة من الذئب، و السَّمْعُ ولد الضبع من الذئب. الجوهري: الدَّيْسَمُ ولد الدُّبِّ، قال: و قلت لأَبي الغَوْث يقال إِنه ولد الذِّئْبِ من الكلبة فقال: ما هو إِلا ولد الدُّبِّ. و دَسَمَ الأَثَرُ: مثل طَسَمَ. و الدَّيْسَمُ: الظُّلْمةُ. و دَيْسَم: اسم؛ أَنشد ابن دُرَيْدٍ:
أَخشى على دَيْسَمَ من بَردِ الثَّرَى،             أَبى قَضاءُ الله إِلا ما تَرَى‏

تَرَكَ صَرْفه للضرورة. و سُئِلَ أَبو الفتح صاحِبُ قُطْرُبٍ، و اسم أَبي الفتح دَيْسَم، فقال: الدَّيْسَمُ «3» الذُّرَة. و في الصحاح: الدَّيْسمَةُ الذرة. و الدَّيْسَمُ: نبات.
دشم:
الدُّشْمَةُ: الرجل الذي لا خير فيه.
دعم:
دَعَمَ الشي‏ءَ يَدْعَمُه دَعْماً: مال فأَقامه. و الدِّعْمَةُ: ما دَعَمَهُ به. و الدِّعامُ و الدِّعامَةُ: كالدِّعْمَةِ؛ قال:
لما رأَيْتُ أَنَّهُ لا قامَهْ،             و أَنَّني ساقٍ على السَّآمَهْ،
نَزَعْتُ نَزْعاً زَعْزَعَ الدِّعامَهْ‏


الليث: الدَّعْمُ أَن يميلَ الشي‏ء فَتَدْعَمَهُ بدِعامٍ كما تَدْعَمُ عُروشَ الكَرْمِ و نحوه، و الدِّعامَةُ: اسم الخشبة التي يُدْعَمُ بها، و المَدْعُومُ: الذي يميل فتَدْعَمُهُ ليستقيم. و
في حديث أَبي قتادة: فمال حتى كاد ينْجَفِلُ فأَتيته فَدَعَمْتُهُ.
أَي أَسندته؛ قال أَبو حنيفة: الدِّعَمُ و الدَّعائِمُ الخُشُبُ المنصوبة للتعريش، و الواحد كالواحد. ابن شميل دَعَمَ الرجلُ المرأَة بأَيْره يَدْعَمُها و دَحَمَها، و الدَّعْمُ و الدَّحْمُ: الطعن و إِيلاجُهُ أَجْمَعَ، و يُسَمَّى السيدُ الدِّعامَةَ. و دِعامَةُ العَشيرة: سيدها، على المَثَلِ؛ و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
فَتىً ما أَضَلَّتْ به أُمُّهُ،             من القَوْمِ، لَيْلةَ لا مُدَّعَمْ‏

لا مُدَّعَم: لا مَلْجَأَ و لا دِعامَة. و الدِّعْمَتانِ و الدِّعامَتان: خشبتا البَكَرَةِ، فإِن كانتا من‏
__________________________________________________
 (2). قوله [فرخ النحل‏] بالحاء المهملة كما في القاموس و التكملة و المحكم.
 (3). قوله [ديسم فقال ديسم إِلخ‏] هكذا في الأَصل و مثله في التهذيب، و عبارة التكلمة: و اسم أَبي الفتح ديسم ما الديسم؟ فقال إِلخ.
                       

201
لسان العرب12

دعم ص 201

طين فهما زُرْنُوقانِ؛ و أَنشد:
لما رأَيتُ أَنَّهُ لا قامَهْ،             و أَنَّني مُوفٍ على السَّآمَهْ،
نَزَعْتُ نَزْعاً زَعْزَعَ الدِّعامَهْ‏


القامة: البَكَرَةُ، و قيل جمع قائِمٍ كحائكٍ و حاكَةٍ، أَي لا قائمين على الحوض فَيَسْتَقُونَ منه. أَبو زيد: إِذا كانت زَرانِيقُ البئر من خشب فهي دِعَمٌ. و الدَّعْمُ: القوة و المال. يقال: لفلان دَعْمٌ أَي مال كثير. و الدُّعْمِيُّ: الفرس الذي في لَبَّتِه بياض. أَبو عمرو: إِذا كان في صدر الفرس بياض فهو أَدْعَمُ، فإِذا كان في خَواصره فهو مُشَكَّلٌ. و الدُّعْمِيُّ: النَّجّارُ. و الدُّعْمِيُّ: الشديد. يقال للشي الشديد الدِّعامِ: إِنه لدُعْمِيٌّ؛ و أَنشد:
أَكْتَدَ دُعْمِيَّ الحَوامي جَسْرَبا


و الدِّعامَةُ: عماد البيت الذي يقوم عليه. و قد أَدعَمْتُ إِذا اتكأْت عليها، و هو افْتَعَلْتُ منه. و
في الحديث: لكل شي‏ء دِعامَةٌ.
و
في حديث عَنْبَسَةَ: يَدَّعِمُ على عَصاً له.
؛ أَصله يَدْتَعِمُ، فأَدغم التاء في الدال، و منه‏
حديث الزهري: أَنه كان يَدّعِمُ على عَسْرائه.
أَي يتكئ علي يده؛ العَسْراء تأْنيث الأَعْسَرِ؛ و منه‏
حديث عمر بن عبد العزيز: وصف عمر بن الخطاب فقال: دِعامَةُ الضعيف.
و جارية ذات دَعْمٍ إِذا كانت ذات شحم و لحم. و لا دَعْمَ بفلان إِذا لم تكن به قوة و لا سِمَنٌ؛ و قال:
لا دَعْمَ بي، لكِنْ بلَيْلى دَعْمُ،             جارية في وَرِكَيْها شَحْمُ‏

قال: لا دَعْمَ بي أَي لا سمن بي يَدْعَمُني أَي يُقَوّيني. و دُعْمِيُّ الطريق: معظمه؛ قال الراجز يصف إِبلًا:
و صَدَرَتْ تَبْتَدِرُ الثَّنِيّا،             تَرْكَبُ من دُعْمِيِّها دُعْمِيّاً

دُعْمِيّها: وسطها، دُعْمِيّاً أَي طريقاً موطوءاً. و دُعْمِيٌّ: اسم أَبي حَيّ من ربيعة. و دُعميٌّ: من إِيادٍ. و دُعْمِيٌّ: من ثَقيفٍ. و دِعامَة و دِعام: اسمان. قال الجوهري: دُعْمِيٌّ قبيلة، و هو دُعْمِيُّ بن جَديلةَ بن أَسد بن ربيعة بن نِزارِ بن مَعدٍّ.
دعرم:
الدَّعْرَمَةُ: قصر الخَطْوِ، و هو في ذلك عَجِلٌ. و الدِّعْرِمُ: الردي‏ء البَذيّ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
إِذا الدِّعْرِم الدِّفْناسُ صَوَّى لِقاحَهُ،             فإِنَّ لنا ذَوْداً ضِخامَ المَحالِبِ‏
لهُنَّ فِصالٌ لو تَكَلَّمْنَ لاشْتَكَتْ             كُلَيْباً، و قالت: ليْتَنا لابن غالِبِ‏

و الدِّعْرِمُ: القصير الدَّميم؛ أَنشد أَبو عَدْنان:
قَرَّبَ راعيها القَعُودَ الدِّعْرِمَا


و قال: الدِّعْرِمُ القصير. و الدَّعْرَمَةُ: لُؤْمٌ و خِبٌّ. و قَعُود دِعْرِمٌ أَي تَرَبُوتٌ؛ قال الراجز:
مُتَّكِئاً على القَعود الدِّعْرِمِ‏


قال ابن سيدة: الدِّرْعِمُ كالدِّعْرِمِ‏
دعسم:
دَعْسَمٌ: اسم.
دغم:
دَغَمَ الغيثُ الأَرض يَدْغَمُها و أَدْغَمَها إِذا غشيها و قهرها. و الدَّغْمُ: كَسْرُ الأَنف إِلى باطنه‏

202
لسان العرب12

دغم ص 202

هَشْماً. دَغَمَ أَنفه دَغْماً: كسره إِلى باطنه هشماً. و الدُّغْمَةُ و الدَّغَمُ من أَلوان الخيل: أَن يضرب وجْهُه و جَحافِلُهُ إِلى السواد مخالفاً للون سائر جسده، و يكون وجهه مما يلي جَحافله أَشدّ سواداً من سائر جسده، و قد ادْغَامَّ، و فرس أَدْغَمُ، و الأُنثى دَغْماءُ بَيِّنة الدَّغَمِ، و هو الذي يسميه الأَعاجم دِيزَجْ. و الدَّغْماءُ من النِّعاج: التي اسودت نُخْرتُها، و هي الأَرْنَبَةُ، و حَكَمَتُها و هي الذَّقَنُ. و
في الحديث: أَنه ضَحَّى بكبش أَدْغَمَ.
؛ هو الذي يكون فيه أَدنى سواد و خصوصاً في أَرْنَبَته و تحت حَنَكِه؛ و قالوا في المَثَل: الذِّئْبُ أَدْغَمُ، لأَن الذئب وَلَغَ أَو لم يَلَغْ فالدُّغْمَةُ لازمة له، لأَن الذِّئاب دُغْمٌ، فربما اتُّهِمَ بالوُلوغِ و هو جائع، يضرب هذا مثلًا لمن يُغْبَطُ بما لم يَنَلْه. و الأَدْغَمُ: الأَسود الأَنف، و جمعه الدُّغْمانُ؛ قال أَعرابي:
و ضَبَّة الدُّغْمانِ، في رُوسِ الأَكَمْ،             مُخْضَرَّةٌ أَعْيُنُها مثلُ الرَّخَمْ‏

و الدُّغْمانُ، بالضم: الأَسود، و قيل: الأَسود مع عِظَمٍ. و رجل راغِمٌ داغِمٌ: إِتباع، و قد أَرْغَمَهُ الله و أَدْغَمَهُ؛ و قيل: أَرْغَمَهُ الله أَسخطه، و أَدْغَمَه سَوَّدَ وجهَه. و في الدعاء: رَغْماً دَغْماً شِنَّغْماً، كلُّ ذلك إِتباع. يقال: فعلت ذلك على رَغْمِه و دَغْمِه و شَغْمِه، و يقال: شِنَّغْمِه. قال أَبو منصور: و يقال و سِنَّغْمه، بالسين المهملة. و في النوادر: الدُّغامُ و الشُّوالُ «1» وجع يأْخذ في الحلَق. و دَغِمَهُم الحَرُّ و البَرْدُ يَدْغَمُهُمْ دَغْماً و دَغَمَهُمْ دَغَماناً: غَشِيَهُمْ، زاد الجوهري: و أَدْغَمَهُمْ أَي غشيهم. و أَدْغَمَهُ الشي‏ءُ: ساءه و أَرْغَمَهُ. و الإِدْغامُ: إِدخال حرف في حرف. يقال: أَدْغَمْت الحرف و ادَّغَمْته، على افْتَعَلْتُه. و الإِدْغامُ: إِدخال اللجام في أَفواه الدَّوابِّ. و أَدْغَمَ الفرسَ اللجامَ: أَدخله في فيه، و أَدْغَمَ اللِّجامَ في فمه كذلك؛ قال ساعِدَةُ بن جُؤَيَّةَ:
بمُقْرَباتٍ بأَيْدِيهِمْ أَعِنَّتُها             خُوصٍ، إِذا فَزِعُوا أُدْغِمْنَ باللُّجُمِ‏

قال الأَزهري: و إِدغامُ الحرف في الحرف مأْخوذ من هذا؛ قال بعضهم: و منه اشتقاق الإِدْغامِ في الحروف، و قيل: بل اشتقاقُ هذا من إِدْغامِ الحُروفِ، و كلاهما ليس بعَتيق، إِنما هو كلام نَحْوِيّ. و أَدْغَمَ الرجلُ: بادر القومَ مَخافَة أَن يسبقوه فأَكل الطعامَ بغير مَضْغٍ. و دَغَمَ الإِناء دَغْماً: غطاه. و دُغْمان و دُغَيْمٌ: اسمان.
دقم:
الدَّقَمُ: الضَّزَزُ. دَقِمَ دَقَماً و هو أَدْقَمُ: ذهب مُقَدَّمُ فيهِ. و دَقَمَهُ يَدْقُمُهُ و يَدْقِمُهُ دَقْماً و أَدْقَمَهُ، مثل دَمَقَهُ على القلب، أَي كسَرَ أَسنانه. أَبو زيد: دَقَمْتُ فاه و دَمَقْتُهُ دَقْماً و دَمْقاً إِذا كسرت أَسنانه. و الدِّقِمُّ: المكسور الأَسنان، و زعم كراع أَنه من الدق، و الميم زائدة؛ قال ابن سيدة: و هذا قول لا يُلْتَفَتُ إِليه إِذ قد ثبت دَقَمْتُهُ. و الدَّقْمُ: دفعكَ شيئاً مُفاجأَة، تقول: دَقَمْتُه عليهم دَقْماً. و دَقَمَهُ دَقْماً: دفع في صدره؛ أَنشد يعقوب:
مُمارِسُ الأَقْرانِ دَقْماً دَقْما


و دَقَمَتْ عليهم الريحُ و الخيلُ و انْدَقَمَتْ:
__________________________________________________
 (1). قوله [و الشوال‏] كذا هو بالأَصل و شرح القاموس، و في نسخة من التهذيب: الشواك.

203
لسان العرب12

دقم ص 203

دخلتْ؛ قال رؤبة:
مَرّاً جَنُوباً و شَمالًا تَنْدَقِمْ‏


و الدَّقْمُ: الغم الشديد من الدَّيْنِ و غيره. و المُدْقِمَةُ من النساء: التي يَلْتَهِمُ فَرْجُها كلّ شي‏ء، و قيل: هي التي تَسْمَعُ لفرجها صوتاً عند الجماع. و دُقَيْمٌ و دُقْمان: اسمان.
دكم:
دَكَمَ الشي‏ءَ يَدْكُمُه دَكْماً: كَسر بعضَه في إِثر بعض، و قيل: الدَّكْمُ دَوْسُ بعضِه على بعضٍ. الجوهري: دَكَمَ الشي‏ء دَكْماً جمع بعضه على بعض. و دَكَمَ فاه دَكْماً: دَقَّهُ. و دَكَمَه دَكْماً: زحمه. و دَكَمَهُ دَكْماً و دَقَمَه دَقْماً إِذا دفع في صدره، و زعم يعقوب أَن كافه بدل من قاف دَقَمَ. و انْدَكَمَ علينا فلانٌ و انْدَقَمَ إِذا انقحم. و رأَيتهم يَتَداكَمُون أَي يتدافعون.
دلم:
الأَدلَمُ: الشديد السواد من الرجال و الأُسْدِ و الحمير و الجبال و الصَّخرِ في ملوسة، و قيل: هو الآدَمُ، و قد دَلِمَ دَلَماً. التهذيب: الأَدْلَمُ من الرجال الطويلُ الأَسْودُ، و من الجبل كذلك في مُلُوسَةِ الصَّخْر غير جِدّ شديد السواد؛ قال رؤبة يصف فيلًا:
كان دَمْخاً ذا الهِضابِ الأَدْلَمَا


و قال ابن الأَعرابي: الأَدْلَمُ من الأَلوان الأَدْغَمُ. و قال شمر: رجل أَدْلَمُ و جبل أَدْلَمُ، و قد دَلِمَ دَلَماً، و قد ادْلامَّ الرجلُ و الحمار ادْلِيماماً؛ و قول عنترة:
و لقد هَمَمْتُ بِغارةٍ في ليلةٍ             سَوْداءَ حالِكةٍ، كلَوْنِ الأَدْلَمِ‏

قالوا: الأَدْلَمُ هاهنا الأَرَنْدَجُ. و يقال للحية الأَسود: أَدْلَمُ. و يقال: الأَدْلامُ أَولاد الحيّات، واحدها دُلْمٌ. و من أَمثالهم: أَشدُّ من دَلَمٍ؛ يقال: إِنه يشبه الحيَّة يكون بناحية الحجاز؛ الدَّلَمُ يشبه الطَّبُّوعَ و ليس بالحية. و الدَّلْماءُ: ليلة ثلاثين من الشهر لسوادها. و الدَّلامُ: السواد؛ عن السيرافي. و الدَّلامُ: الأَسود؛ قال: و إِياه عنى سيبويه بقوله: انْعَتْ دَلاماً. و دَلَمٌ: من أَسماء شعرائهم، و هو دَلَمٌ أَبو زُغَيْبٍ، و إِليه عزا ابن جني قوله:
حتى يقولَ كلُّ رَاهٍ إِذْ راهْ:             يا وَيْحَهُ من جَمَلٍ، ما أَشْقاهْ!

أَراد إِذْ رَآه، فأَلقى «1» حركة الهمزة على الهاء و كسرها لالتقاء الساكنين و حذف الهمزة البَتَّة كقراءة من قرأَ: أَنِ ارْضِعيه، بكسر النون و وصل الأَلف، و هو شاذ. و الدَّيْلَمُ: الجماعة الكثيرة من الناس. و الدَّيْلَمُ: الحَبَشِيّ من النمل، يعني الأَسود، و قيل الدَّيْلَمُ مُجْتَمَعُ النمل و القِرْدانِ في أَعْقارِ الحِياض و أَعْطان الإِبل، و قيل هي الجماعة من كل شي‏ء، قال:
يُعْطِي الهُنَيْداتِ و يُعْطِي الدَّيْلَمَا


الليث: الدَّيْلَمُ جيلٌ من الناس، و قال غيره: هم من ولد ضَبَّةَ بن أُدٍّ، و كان بعض مُلوك العجم وضَعهم في تلك الجبال فَرَبَلُوا بها. ابن الأَعرابي: الدَّيْلَم النمل و الدَّيْلَمُ السُّودان. ابن سيدة: و الدّيْلَمُ جِيلٌ من الناس معروف يسمى التُّرْكَ، عن كراع.
__________________________________________________
 (1). 1 قوله «أَراد إذ رآه إِلى قوله البتة» هكذا في الأصل.

204
لسان العرب12

دلم ص 204

و
في الحديث: أَميرُكم رجل طُوالٌ أَدْلَمُ.
الأَدْلمُ الأَسود الطويل، و منه‏
الحديث: فجاء رجل أَدْلَمُ فاستأْذن على النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، قيل: هو عمر بن الخطاب.
و
في حديث مجاهد في ذكر أَهل النار: لَسَعَتْهم عقارِبُ كأَمثال البِغال الدُّلْمِ.
أَي السود، جمع أَدْلَم. و الدَّيْلَمُ: الإِبل، و أَما قول رؤبة:
في ذي قُدامَى مُرْجَحِنٍّ ديْلَمُه‏


فإِن أَبا عمرو قال: كَثْرَته كَكَثْرةِ النمل، و هو الدَّيْلَمُ، قال: و يقال للجيش الكثير دَيْلَم، أَراد في جَيش ذي قُدامَى، و المُرْجَحِنُّ: الثقيل الكثير. و الدَّيْلَمُ: الأَعداء. و الديْلَمُ: ماء معروف بأَقاصي البَدْوِ، و في التهذيب: الدَّيْلَمُ ماءة لبني عَبْسٍ، و قول عنترة:
شَرِبَتْ بماء الدُّحْرُضَيْنِ، فأَصْبَحَتْ             زَوْراءَ، تَنْفِرُ عن حِياضِ الدَّيْلَمِ‏

يُفَسَّرُ بجميع ذلك، و قيل فيه: عن حِياض الأَعْداء، و قيل: الدَّيْلَمُ حياض بالغَوْرِ، و قيل: عن حياض ماءٍ لبني عَبْسٍ، و قيل: أَراد بالدَّيْلَمِ بني ضَبَّة، سُمُّوا دَيْلَماً لدُغْمَةٍ في أَلوانهم. يقال: هم ضَبَّة لأَنهم أَو عامَّتَهُمْ دُلْمٌ، قال ابن الأَعرابي: سأَل أَبو مُحَلّم بعض الأَعراب عن الدَّيْلَمِ في هذا البيت فقال: هي حِياض بالغَوْر، قال: و قد أَورد بها إِبلًا و أَراد بذلك تخطئة الأَصمعي، قال: و الصحيح أَن الدَّيْلَمَ رجل من ضَبَّةَ، و هو الدَّيْلَمُ بن ناسِكِ ابن ضَبَّةَ، و ذلك أَنه لما سار ناسِك إِلى أَرض العراق و أَرض فارِسَ استخلف الدَّيْلَمَ ولَده على أَرض الحجاز، فقام بأَمر أَبيه و حَوَّضَ الحِياض و حَمَى الأَحْماء، ثم إِن الدّيْلَمَ لما سار إِلى أَبيه أَوْحَشَتْ داره و بقيت آثاره، فقال عنترة في ذلك ما قال. و الدُّحْرُضانِ: هما دُحْرُضٌ و وَسِيعٌ ماءان: فدُحْرُضٌ لآل الزِّبْرِقانِ بن بَدْرٍ، و وَسِيعٌ لبني أَنْف النَّاقةِ، و قيل: أَراد عنترة بالبيت أَن عداوتهم كعداوة الدَّيْلَمِ من العدوّ للعرب، و لم يُرِدِ النملَ و لا القِرْدان كما قال:
جاؤوا يَجُرُّونَ البُرُودَ جَرّا،             صُهْبَ السِّبالِ يَبْتَغُون الشَّرّا

أَراد أَن عداوتهم كعداوة الرُّومِ للعرب، و الرُّومُ صُهْبُ السِّبال و أَلوانُ العرب السُّمْرَةُ و الأُدْمَةُ إِلّا قليلًا. و الدّيْلَمُ: ذَكَر الدُّرّاج، عن كراع. و دَلَمٌ و دُلَمٌ و دُلامٌ و دُلامَةُ و دُلَيْمٌ كلها: أَسماء، قال:
إِن دُلَيْماً قد أَلاحَ بعَشِي             و قال: أَنْزِلْني، فلا إِيضاع بي‏

أَراد لا قوة بي على الإِيضاع. و أَبو دُلامةَ: كنية رجل. و أَبو دُلامَة: اسم الجبل المُطِلِّ على الحَجُونِ، و قيل: كان الحَجُون هو الذي يقال له أَبو دُلامَة. و الدّيْلَمُ: الداهية، أَنشد أَبو زيد يصف سَهْماً، و قيل: هو للمَيْدانِ الفَقْعَسِيِّ، و قيل: هو للكُمَيْتِ بن معروف، و يروى لأَبيه:
أَنْعَتُ أَعْياراً رَعَيْنَ كِيرَا،             مُسْتَبْطناتٍ قَصَباً ضُمُورَا
يَحْمِلْنَ عَنْقاءَ و عَنْقَفِيرَا،             و أُمَّ خَشَّافٍ و خَنْشَفيرَا،
و الدَّلْوَ و الدَّيْلَمَ و الزَّفيرَا

205
لسان العرب12

دلم ص 204

و كلها دواهٍ، و أَعْيار النُّصُول هي الناتئة في وسطها، و رَعْيُهنّ كِيرَ الحَدّادِ كونُهن في النار ثم رُكِّبْنَ في قَصَبِ السهام. و الدَّيْلَمُ: الموت، و قال ابن السيرافي: أَراد بالأَعْيارِ حمر الوحش، و كيرٌ: اسم موضع، و أَراد بقوله يَحْمِلْنَ عَنْقاء و عنْقفيرا و نحوها من الدواهي كَمَراً و جَرادينَ تهدى لامرأَة و أَنها تصلح لها، يهجو بذلك سالم بن دارَةَ، و دارةُ أُمُّه، و الذي ذكره أَبو زيد من أَنه وصف سهاماً أَقرب و أَبين من هذا. التهذيب: ابن شميل السَّلامُ شجرة تنبت في الجبال نسميها الدَّيْلَمَ.
دلثم:
الدَّلْثَمُ و الدَّلاثِمُ: السريع.
دلخم:
نوم دِلَّخْمٌ: خفيف، و قيل: طويل، و الدِّلَّخم: الداء الشديد، و كل ثقيل دِلَّخْمٌ. يقال: رماه الله بالدِّلَّخْم. ابن شميل: القِلَّخْمُ و الدِّلَّخْمُ، اللام منهما شديدة، و هما الجليل من الجِمال الضَّخمُ العظيمُ؛ و أَنشد:
دِلَّخْمَ تِسْعِ حَجِيجٍ دَلَهْمَسَا «1».


دلظم:
الدَّلْظَمُ و الدِّلَظْمُ: الهَرِمَةُ الفانيةُ، و قيل: الدِّلَظْمُ الجمل القوي. و رجل دِلَظْمٌ: شديد قوي.
دلعثم:
الدَّلَعْثَمُ: البطي‏ء من الإِبل، و ربما قالوا دِلِعْثام.
دلقم:
امرأَة دِلْقِمٌ: هَرِمَةٌ، و هي من النُّوق التي تكسرت أَسنانها فهي تمجُّ الماء مثل الدَّلُوقِ؛ و استعمله بعضهم في المذكر فقال:
أَقْمَرُ نَهَّامٌ يُنَزِّي وفْرَتِجْ،             لا دِلْقِمُ الأَسنان، بل جَلدٌ فَتِجْ‏

قال الأَصمعي: الدِّلْقِمُ الناقة التي انكسر فُوها و سال مَرْغُها: و يقال: الدِّلْقِمُ التي أَكلت أَسنانها من الكِبَرِ، و الميم زائدة، و قد ذكرت في القاف.
دلهم:
المُدْلَهِمُّ: الأَسود. و ادْلَهَمَّ الليلُ و الظلام: كَثُفَ و اسْودّ. و ليلة مُدْلَهِمَّة أَي مظلمة. و أَسود مُدْلَهِمّ: مُبالَغٌ به؛ عن اللحياني. و فلاة مُدْلَهِمَّةٌ: لا أَعْلام فيها. و دَلْهَمٌ: اسم رجل.
دمم:
دَمَّ الشي‏ءَ يَدُمُّه دَمّاً: طلاه. و الدَّمُّ و الدِّمامُ ما دُمَّ به. و دُمَّ الشي‏ءُ إِذا طُليَ. و الدِّمامُ، بالكسر: دواء تُطْلى به جبهةُ الصبي و ظاهرُ عينيه، و كل شي‏ء طُليَ به فهو دِمامٌ؛ و قال يصف سَهْماً:
و خَلَّقْتُهُ، حتى إِذا تَمَّ و اسْتَوَى،             كمُخَّةِ ساقٍ أَو كمتْنِ إِمامِ،
قَرَنْتُ بحِقْوَيْهِ ثلاثاً، فلم يَزِغْ             عن القَصْدِ، حتى بُصِّرَتْ بدِمامِ‏

يعني بالدِّمامِ الغِراءَ الذي يُلَزَقُ به ريشُ السهم، و عَنى بالثلاث الريشات الثلاث التي تُرَكَّبُ على السهم، و يعني بالحِقْو مُسْتَدَقَّ السهم مما يلي الريش، و بُصِّرَتْ: يعني ريش السهم طُلِيَتْ بالبَصِيرةِ، و هي الدم. و الدِّمامُ: الطِّلاءُ بحمرة أَو غيرها؛ قال ابن بري: و قوله في البيت الأَول و خَلَّقته: مَلَّسْته، و الإِمامُ الخيط الذي يُمَدُّ عليه البناءُ؛ و قال الطِّرِمَّاح في الدِّمامِ الطِّلاءِ أَيضاً:
كلّ مَشْكُوكٍ عَصافِيره،             قانئ اللَّوْنِ حَديث الدِّمام‏

__________________________________________________
 (1). هذا الشطر مختلّ الوزن.

206
لسان العرب12

دمم ص 206

و قال آخر:
من كل حَنْكَلةٍ، كأَنَّ جَبِينها             كَبِدٌ تَهَيَّأَ للبِرامِ دِماما

و في كلام الشافعي، رضي الله عنه: و تَطْلي المُعْتَدَّةُ وجهها بالدِّمامِ و تمسحه نهاراً. و الدِّمامُ: الطلاء؛ و منه دَمَمْتُ الثوبَ إِذا طليته بالصِّبْغِ. و دَمَّ النبتَ: طَيَّنَهُ. و دَمَّ الشي‏ءَ يَدُمُّهُ دَمّاً: طلاه و جَصَّصَهُ. الجوهري: دَمَمْتُ الشي‏ءَ أَدُمُّهُ، بالضم، كذا طليته بأَيّ صِبْغٍ كان. و المَدْمُومُ: الأَحمر. و قِدْرٌ دَمِيمٌ و مَدْمومةٌ و دمِيمةٌ؛ الأَخيرة عن اللحياني: مَطْلِيَّةٌ بالطِّحالِ أَو الكَبدِ أَو الدَّمِ. و قال اللحياني: دَمَمْتُ القِدْرَ أَدُمُّها دَمّاً إِذا طليتها بالدم أَو بالطِّحال بعد الجَبْرِ، و قد دُمَّت القدر دَمّاً أَي طُيِّنت و جُصِّصَتْ. ابن الأَعرابي: الدَّم نبات، و الدُّمُّ القُدور المَطْلِيَّةُ، و الدُّمُّ القرابة، و الدِّمَمُ التي تُسَد بها خَصاصاتُ البِرامِ من دَمٍ أَو لِبَإٍ. و دَمَّ العينَ الوَجِعةَ يَدُمُّها دَمّاً و دَمَّمها، الأَخيرة عن كراع: طلى ظاهرها بدمامٍ. و دَمَّتِ المرأَة ما حول عينها تَدُمُّهُ دَمّاً إِذا طَلَتْه بصبر أَو زَعْفران. التهذيب: الدَّمُّ الفعل من الدِّمامِ، و هو كل دواء يُلْطَخُ على ظاهر العين، و قول الشاعر:
تَجْلُو، بقادِمَتَيْ حَمامَةِ أَيْكَةٍ،             بَرَداً تُعَلُّ لِثاتُهُ بدِمامِ‏

يعني النَّؤُور و قد طُلِيَتْ به حتى رشح. و المَدْمُومُ: الممتلئ شَحْماً من البعير و نحوه. و قد دُمَّ بالشَّحم أَي أُوقِرَ؛ و أَنشد ابن بري للأَخضر بن هُبَيْرَةَ:
حتى إِذا دُمَّتْ بِنِيٍّ مُرْتَكِمْ‏


و المدْموم: المتناهي السمن الممتلئ شحماً كأَنه طلي بالشحم؛ قال ذو الرمة يصف الحمار:
حتى انْجَلى البَرْدُ عنه، و هو مُحْتَفِرٌ             عَرْضَ اللِّوَى زَلِقُ المَتْنَيْنِ مَدْمُومُ‏

و دُمَّ وجهُهُ حُسْناً: كأَنه طُليَ بذلك، يكون ذلك في المرأَة و الرجل و الحمار و الثَّوْرِ و الشاة و سائر الدوابِّ، و يقال للشي‏ء السمين: كأَنَّما دُمَّ بالشحم دَمّاً، و قال عَلْقَمَةُ:
كأَنه من دَمِ الأَجْواف مَدْمُومُ‏


و دُمَّ البعير دَمّاً إِذا كثر شحمه و لحمه حتى لا يجد اللامِسُ مَسَّ حَجْم عظم فيه، و دَمَّ السفينة يَدُمُّها دَمّاً: طلاها بالقار. و دَمَّ الصَّدْعَ بالدم و الشعر المُحْرَقِ يَدُمُّه دَمّاً و دَمَّمَهُ بهما، كلاهما: جُمِعا ثم طلي بهما على الصَّدْعِ. و الدِّمَّةُ: مَرْبِضُ الغنم كأَنه دُمَّ بالبول و البعر أَي طُليَ به؛ و منه‏
حديث إِبراهيم النخعي: لا بأْس بالصلاة في دِمَّةِ الغنم.
؛ قال بعضهم؛ أَراد في دِمْنَةِ الغنم، فحذف النون و شدد الميم، و في النهاية: فقلب النون ميماً لوقوعها بعد الميم ثم أَدغم، قال أَبو عبيد: هكذا سمعت الفَزاريّ يُحَدِّثه، و إِنما هو في الكلام الدِّمْنَةُ بالنون، و قيل: دِمَّةُ الغنم مَربضُها كأَنه دُمَّ بالبول و البعر أَي أُلْبِسَ و طُليَ. و دَمَّ الأَرضَ يَدُمُّها دَمّاً: سوّاها. و المِدَمَّةُ: خشبة ذات أَسنان تُدَمُّ بها الأَرضُ بعد الكِرابِ. و يقال لليَرْبُوعِ إِذا سَدَّ فا جُحْرِهِ بنَبِثته: قد دَمَّه يَدُمُّه دَمّاً، و اسم الجُحْرِ الدَّامَّاء، ممدود، و الدُّمَّاءُ و الدُّمَّةُ و الدُّمَمَةُ؛ قال ابن الأَعرابي: و يقال الدُّمَماءُ و القُصَعاء في جُحْر اليَرْبوع. الجوهري:
                       

207
لسان العرب12

دمم ص 206

و الدَّامَّاء إِحدى جِحَرَةِ اليَرْبوع مثل الرَّاهِطاء؛ قال ابن بري: أَسماء جِحَرَة اليربوع سبعة: القاصِعاءُ و النافِقاءُ و الراهِطاءُ و الدَّامَّاءُ و العانِقاءُ و الحاثِياءُ و اللُّغَزُ، و الجمع دَوامُّ على فَواعِل، و كذلك الدُّمَّةُ و الدُّمَمَةُ أَيضاً على وزن الحُمَمَةِ. و دَمَّ اليربوعُ جُحْرَهُ أَي كنسه؛ قال الكسائي: لم أَسمع أَحداً يُثَقِّلُ الدَّمَ؛ و يقال منه: قد دَمِيَ الرجلُ أَو أُدْمِيَ. ابن سيدة: و دَمَّ اليَرْبوعُ الجُحْر يَدُمُّهُ دَمّاً غطَّاه و سوَّاه. و الدُّمَمَةُ و الدّامَّاءُ: تراب يجمعه اليربوع و يُخْرِجُهُ من الجُحْر فَيَدُمُّ به بابه أَي يسويه، و قيل هو تراب يَدُمُّ به بعض جِحَرَتهِ كما تُدَمُّ العينُ بالدِّمامِ أَي تُطْلى. و دَمَّ يَدُمُّ دَمّاً: أَسرع. و الدِّمّةُ: القَمْلَةُ الصغيرة أَو النَّمْلةُ. و الدِّمَّةُ: الرجل الحقير القصير، كأنه مشتق من ذلك. و رجل دَمِيمٌ: قبيح، و قيل: حقير، و قوم دِمامٌ، و الأُنثى دَمِيمةٌ، و جمعها دَمائِمُ و دِمامٌ أَيضاً. و ما كان دَمِيماً و لقد دَمَّ و هو يَدِمُّ دَمامةً، و قال الكسائي: دَمَمْتَ بعدي تَدُمُّ دَمامَةً، قال ابن الأَعرابي: الدَّمِيمُ، بالدال، في قَدِّه، و الذَّمِيمُ في أَخلاقه؛ و قوله:
كضَرائرِ الحَسْناءِ قُلْنَ لِوجهِها،             حَسَداً و بَغْياً: إِنَّه لدَمِيمُ‏

إِنما يعني به القبيح، و رواه ثعلب لذَميم، بالذال، من الذَّمِّ الذي هو خلاف المدح، فرُدَّ ذلك عليه. و قد دَمَمْتَ تَدِمُّ و تَدُمُّ و دَمِمْتَ و دُمِمْتَ دَمامة، في كل ذلك: أَسأْتَ. و أَدْمَمْتَ أَي أَقْبَحْت الفعْلَ. الليث: يقال أَساء فلان و أَدَمَّ أَي أَقبح، و الفعل اللازم دَمَّ يَدِمُّ. و الدميم: القبيح. و قد قيل: دَمَمْتَ يا فلان تَدُمُّ، قال: و ليس في المضاعف مثله. الجوهري: دَمَمْتَ يا فلان تَدِمُّ و تَدُمُّ دَمامة أَي صِرْت دَميماً؛ و أَنشد ابن بري لشاعر:
و إِني، على ما تَزْدَري من دَمَامَتي،             إِذا قيسَ ذَرعي بالرِّجال أَطُولُ‏

قال: و قال عثمان بن جني دَمِيمٌ من دَمُمْتَ على فَعُلْتَ مثل لَبُبْتَ فأَنت لَبِيبٌ. و
في الحديث: كان بأُسامة دَمامَةٌ، فقال النبي، صلى الله عليه و سلم: قد أَحْسَنَ بنا إِذ لم يكن جارِيةً.
؛ الدَّمامةُ، بالفتح: القِصَرُ و القُبْحُ؛ و منه‏
حديث المُتْعَةِ: هو قريب من الدَّمامةِ.
و
في حديث عمر: لا يُزَوِّجَنَّ أَحدُكم ابْنَتَهُ بدَميم.
و دَمَّ رأْسَه يَدُمُّهُ دَمّاً: ضربه فَشَدَخه و شَجَّهُ. و قال اللحياني: هو أَن تضربه فتَشْدَخَهُ أَو لا تَشْدَخهُ. و دَمَمْتُ ظهره بآجُرَّةٍ أَدُمُّهُ دَمّاً: ضَرَبته. و دمَّ الرجل فلاناً إِذا عَذَّبه عذاباً تامّاً، و دَمْدَمَ إِذا عذب عذاباً تامًّا. و الدَّيْمومةُ: المفازة لا ماء بها؛ و أَنشد ابن بري لذي الرُّمَّةِ:
إِذا التَخَّ الدَّياميمُ‏


و الدَّيْمُومُ و الدَّيْمومةُ: الفلاة الواسعة. و دَمْدَمْتُ الشي‏ء إِذا أَلْزَقْتَهُ بالأَرض و طحْطحْته. و دَمَّهُمْ يَدُمُّهُمْ دَمّاً: طحنهم فأَهلكهم، و كذلك دَمْدَمَهُمْ و دَمْدَمَ عليهم. و في التنزيل العزيز: فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ‏
؛ أَي أَهلكهم، قال: دَمْدَمَ أَرْجَفَ؛ و قال ابن الأَنباري: دَمْدَمَ أَي غَضِب. و تَدَمْدَمَ الجرحُ: برأَ؛ قال نصيب:

208
لسان العرب12

دمم ص 206

و إِن هَواها في فؤادي لقُرْحَةٌ             دَوىً، مُنذُ كانت، قد أَبَتْ ما تَدَمدَمُ‏

الدَّمْدَمَةُ: الغَضَب. و دَمْدَمَ عليه: كَلَّمَه مُغْضَباً؛ قال: و تكون الدَّمْدَمَةُ الكلام الذي يُزْعج الرجلَ، إِلَّا أَن أَكثر المفسرين قالوا في دَمْدَمَ عليهم أَي أَرْجَفَ الأَرضَ بهم؛ و قال أَبو إِسحاق: معنى دَمْدَمَ عليهم أَي أَطبق عليهم العذاب. يقال: دَمَمْتُ على الشي‏ء «2». أَي أَطبقت عليه، و كذلك دَمَمْت عليه القبر و ما أَشبهه. و يقال للشي‏ء يُدْفَنُ: قد دَمْدَمْتُ عليه أَي سوَّيت عليه، و كذلك يقال: ناقة مَدْمُومة أَي قد أُلبِسَها الشحمُ، فإذا كرّرتَ الإِطْباقَ قلت دَمْدَمْتُ عليه. و الدَّمْدامَةُ: عُشْبة لها ورقة خضراء مُدَوّرة صغيرة، و لها عِرْق و أَصل مثل الجَزَرة أَبيض شديد الحلاوة يأْكله الناس، و يرتفع من وسطها قَصَبة قدر الشبر، في رأْسها بُرْعُومةٌ مثل بُرْعومة البصل فيها حب، و جمعها دَمْدامٌ؛ حكى ذلك أَبو حنيفة. و الدُّمادِمُ: شي‏ء يشبه القَطِرانَ يسيل من السَّلَمِ و السَّمُرِ أَحمرُ، الواحد دُمَدِمٌ، و هو حَيْضَةُ أُمِّ أَسْلَمَ يعني شجرَةً. و قال أَبو عمرو: الدِّمْدِمُ أُصول الصِّلِّيانِ المُحِيل في لغة بني أَسَد، و هو في لغة بني تميم الدِّنْدِنُ. شمر: أُمُّ الدَّيْدَمِ هي الظبية؛ و أَنشد:
غَرَّاء بَيْضاء كأُمِّ الدَّيْدَمِ‏


و الدُّمَّةُ: لُعْبَةٌ. و الدُّمَّةُ: الطريقة. و الدِّمَّةُ، بالكسر: البعرة. و الدُّمادِم من الأَرض: روابٍ سهلةٌ. و المُدَمَّمُ: المطوي من الكِرارِ؛ قال الشاعر:
تَرَبَّعُ بالفَأْوَيْنِ ثم مَصِيرُها             إِلى كلِّ كَرّ، من لَصاف، مُدَمَّمِ‏

دنم:
الدِّنَّامَةُ و الدِّنَّمَةُ: القصير مثل الدِّنَّابَة و الدِّنَّبة؛ أَنشد يعقوب لأَعرابي يهجو امرأَة:
كأَنَّها غُصْنٌ ذَوَى من يَنَمَهْ،             تُنْمَى إِلى كلِّ دَني‏ءٍ دِنَّمَهْ‏

دندم:
الدِّنْدِمُ: النبت القديم المسودّ كالدِّنْدِنِ، بلغة بني أَسَد؛ قال ابن سيدة: و لو لا أَنه قال بلغة بني أَسد لجَعَلْتُ ميم الدِّنْدِمِ بدلًا من نون الدِّنْدِنِ.
دهم:
الدُّهْمَةُ: السواد. و الأَدْهَمُ: الأَسْود، يكون في الخيل و الإِبل و غيرهما، فَرس أَدْهَمُ و بعير أَدْهَمُ، قال أَبو ذؤيب:
أَ مِنْكِ البَرْقُ أَرْقُبُهُ فهَاجَا،             فبتُّ إِخالُهُ دُهْماً خِلاجَا؟

و العرب تقول: ملوك الخيل دُهْمُها، و قد ادْهامَّ، و به دُهْمَةٌ شديدة. الجوهري: ادْهَمَّ الفرسُ إِدْهِماماً أَي صار أَدْهَمَ، و ادْهامَّ الشي‏ء ادْهيماماً أَي اسوادّ، و ادْهامَّ الزَّرْعُ: عَلاه السواد رِيّاً. و حديقةٌ دَهْماءُ مُدْهامَّةٌ: خضراء تَضْرِب إِلى السواد من نَعْمَتِها و رِيِّها. و في التنزيل العزيز: مُدْهامَّتانِ أَي سوداوان من شدة الخضرة من الريِّ؛ يقول: خَضْراوانِ إِلى السواد من الرِّيّ، و قال الزجاج: يعني أَنهما خَضْراوان تَضْرِب خُضْرتُهما إِلى السواد، و كل نبت أَخضر فتَمامُ خِصْبِهِ و رِيِّهِ أَن يَضْرِبَ إِلى السواد. و الدُّهْمةُ عند العرب:
__________________________________________________
 (2). قوله [دممت على الشي‏ء إلخ‏] كذا بالأَصل، و الذي في التهذيب: دمدمت على الشي‏ء و دمدمت عليه القبر. و في التكملة: إن دمم و دمدم بمعنى واحد.

209
لسان العرب12

دهم ص 209

السواد، و إِنما قيل للجَنَّة مُدْهامَّة لشدة خضرتها. يقال: اسودَّت الخضرة أَي اشتدَّت. و
في حديث قُسّ: و رَوْضة مُدْهامَّة.
أَي شديدة الخضرة المتناهية فيها كأَنها سوداء لشدة خضرتها، و العرب تقول لكل أَخضر أَسْودُ، و سميت قُرَى العراق سواداً لكثرة خضرتها؛ و أَنشد ابن الأَعرابي في صفة نخل:
دُهْماً كأَنَّ الليل في زُهَائِها،             لا تَرْهَبُ الذِّئْبَ على أَطْلائها

يعني أَنها خُضْرٌ إِلى السواد من الرِّيّ، و أَن اجتماعها يُرِي شُخوصَها سوداً و زُهاؤها شخوصها، و أَطلاؤها أَولادها، يعني فُسْلانَها، لأَنها نخل لا إِبِلٌ. و الأَدْهَمُ: القيد لسواده، و هي الأَداهِمُ، كسَّروه تكسير الأَسماء و إِن كان في الأَصل صفة لأَنه غلب غَلَبةَ الاسم؛ قال جرير:
هو القَيْنُ و ابن القَيْنِ، لا قَيْنَ مثلُهُ             لبَطْحِ المَساحي، أَو لِجَدْلِ الأَداهِمِ‏

أَبو عمرو: إِذا كان القَيدُ من خَشب فهو الأَدْهَمُ و الفَلَقُ. الجوهري: يقال للقيد الأَدْهَمُ؛ و قال:
أَوعَدَني، بالسِّجنِ و الأَداهِمِ،             رِجْلي، و رِجْلي شَثْنَةُ المَناسِمِ‏

و الدُّهْمَةُ من أَلوان الإِبل: أَن تشتد الوُرْقَةُ حتى يذهب البياضُ. بَعِيرٌ أَدْهَمُ و ناقة دَهْماءُ إِذا اشتدت وُرْقَتُهُ حتى ذهب البياض الذي فيه، فإِن زاد على ذلك حتى اشتد السوادُ فهو جَوْنٌ، و قيل: الأَدْهمُ من الإِبل نحو الأَصفر إِلا أَنه أَقلُّ سواداً، و قالوا: لا آتيك ما حَنَّت الدَّهْماء؛ عن اللحياني، و قال: هي النَّاقة، لم يزد على ذلك؛ و قال ابن سيدة: و عندي أَنه من الدُّهْمَةِ التي هي هذا اللون، قال الأَصمعي: إِذا اشتدت وُرْقَةُ البعير لا يخالطها شي‏ء من البياض فهو أَدْهَمُ. و ناقة دَهْماءُ و فرس أَدْهَمُ بَهِيمٌ إِذا كان أَسود لا شِيَةَ فيه. و الوطأَةُ الدَّهْماءُ: الجديدة، و الغَبْراءُ: الدارِسَةُ؛ قال ذو الرُّمَّة:
سِوَى وَطْأَةٍ دَهْماءَ، من غير جَعْدَةٍ،             ثَنَى أُخْتَها عن غَرْزِ كَبْداء ضامِرِ

أَراد غير جَعْدَة. و قال الأَصمعي: أَثَرٌ أَدْهَمُ جَديد، و أَثر أَغْبرُ قَديم دارِسٌ. و قال غيره: أَثرٌ أَدْهَمُ قديم دارِس. قال: الوَطْأَة الدَّهْماءُ القديمة، و الحمراء الجديدة، فهو على هذا من الأَضداد؛ قال:
و في كلِّ أَرْضٍ جِئْتَها أَنت واجدٌ             بها أَثَراً منها جَديداً و أَدْهَمَا

و الدَّهْماءُ: ليلة تسع و عشرين. و الدُّهْمُ ثلاث ليال من الشهر لأَنها دُهْمٌ. و
في حديث عليّ، عليه السلام: لم يمنع ضَوْءَ نُورِها ادْهِمامُ سَجْفِ الليل المظلمِ.
؛ الادْهِمامُ: مصدر ادْهَمَّ أَي اسودّ. و الادْهِيمامُ: مصدر ادْهامَّ كالاحْمرار و الاحْمِيرار في احْمَرَّ و احْمارَّ. و الدَّهْماء من الضأْنِ: الحمراءُ الخالصة الحُمْرةِ. الليث: الدَّهْمُ الجماعة الكثيرة. و قد دَهَمُونا أَي جاؤونا بمرة جماعة. و دَهَمَهُمْ أَمرٌ إِذا غشيهم فاشِياً؛ و أَنشد:
جِئْنا بدَهْمٍ يَدْهَمُ الدُّهُومَا


و في حديث بعض العرب و سَبَقَ إِلى عرفات: اللهم اغفر لي من قبل أَن يَدْهَمَك الناسُ! أَي يكثروا عليك؛ قال ابن الأَثير: و مثل هذا لا يجوز أَن يُسْتَعْمَلَ في الدعاء إِلَّا لمن يقول بغير تَكَلُّفٍ. الأَزهري: و لما نزل قوله تعالى: عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ؛

210
لسان العرب12

دهم ص 209

قال أَبو جهل: ما تستطيعون يا مَعشر قُرَيْشٍ، و أَنتم الدَّهْمُ، أَن يَغْلِبَ كلُّ عشرة منكم واحداً منهم أَي و أَنتم العدد الكثير؛ و جيش دَهْمٌ أَي كثير. و جاءهم دَهْمٌ من الناس أَي كثير. و الدَّهْمُ: العدد الكثير. و منه‏
الحديث: محمد في الدَّهْمِ بهذا القَوْر.
و
حديث بَشير بن سَعْد: فأَدركه الدَّهْمُ عند الليل.
و الجمع الدُّهوم؛ و قال:
جئْنا بدَهْمٍ يَدْهَمُ الدُّهُوما             مَجْرٍ، كأَنَّ فوقَهُ النُّجوما

و دَهِمُوهُمْ و دَهَمُوهُمْ يَدْهَمُونَهُمْ دَهْماً: غَشُوهُمْ؛ قال بِشْرُ بن أَبي خازِمٍ:
فَدَهَمْتُهُمْ دَهْماً بكل طِمِرَّةٍ             و مُقَطِّعٍ حَلَقَ الرِّحالَة مِرْجَمِ‏

و كل ما غشيك فقد دَهَمَكَ و دَهِمَكَ دَهْماً؛ أَنشد ثعلب لأَبي محمد الحَذْلَمِيِّ:
يا سعدُ عَمَّ الماءَ وِرْدٌ يَدْهَمُهْ،             يوم تَلاقَى شاؤُه و نَعَمُهْ‏

ابن السكيت: دَهِمَهم الأَمر يَدْهَمُهُمْ و دَهِمَتْهم الخيل، قال: و قال أَبو عبيدة و دَهَمَهُمْ، بالفتح، يَدْهَمُهُمْ لغة. و أَتتكم الدُّهَيْماءُ؛ يقال: أَراد بالدُّهَيماء السوداء المظلمة، و يقال: أَراد بذلك الداهية يذهب إِلى الدُّهَيْمِ اسم ناقة، و
في حديث حُذَيْفَةَ: و ذكر الفتنة فقال أَتتكم الدُّهَيْماءُ تَرْمي بالنَّشَفِ ثم التي تليها ترمي بالرَّضْفِ.
؛ و
في حديث آخر: حتى ذكرَ فتنة الأَحْلاس ثم فتنة الدُّهَيْماءِ.
؛ قال أَبو عبيدة: قوله الدُّهَيْماءُ نراه أَراد الدَّهْماء فصَغَّرها، قال شمر: أَراد بالدَّهْماء الفتنة السوداء المظلمة و التصغير فيها للتعظيم، و منه‏
حديثه الآخر: لتكونَنَّ فيكم أَربع فِتَنٍ الرَّقْطاءُ و المظْلِمةُ و كذا و كذا.
؛ فالمُظْلِمةُ مثل الدَّهْماءِ، قال: و بعض الناس يذهب بالدُّهَيْماء إِلى الدُّهَيْمِ و هي الداهية، و قيل للداهية دُهَيْمٌ أَن ناقة كان يقال لها الدُّهَيْمُ، و غزا قوم من العرب قوماً فَقُتِلَ منهم سبعة إِخْوة فحُمِلوا على الدُّهَيْمِ، فصارت مثلًا في كل داهيةٍ. قال شمر: و سمعت ابن الأَعرابي يروي عن المُفَضَّل أَن هؤلاء بنو الزَّبَّان بن مُجالِدٍ، خرجوا في طلب إِبل لهم فلقيهم كثيف بن زُهَيْرٍ، فضرب أَعناقهم ثم حمل رؤوسهم في جُوالِقٍ و عَلَّقه في عُنق ناقة يقال لها الدُّهَيْمُ، و هي ناقة عمرو بن الزَّبَّان، ثم خَلّاها في الإِبل فراحت على الزَّبَّان فقال لما رأَى الجُوالِقَ: أَظن بَنِيَّ صادوا بيض نَعام، ثم أَهوى بيده فأَدخلها في الجُوالِقِ فإِذا رَأْسٌ، فلما رآه قال: آخِرُ البَزِّ على القَلُوصِ، فذهبت مثلًا، و قيل: أَثقل من حِمْل الدُّهَيْمِ و أَشأَم من الدُّهَيْمِ؛ و قيل في الدُّهَيمِ: اسم ناقة غزا عليها ستة إِخوة فقُتِلُوا عن آخرهم و حُمِلوا عليها حتى رجعت بهم، فصارت مثلًا في كل داهية، و ضربت العرب الدُّهَيْمَ مثلًا في الشر و الداهية؛ و قال الراعي يذكر جَوْرَ السعاة:
كتبَ الدُّهَيْمُ من العَداءِ لِمُسْرِفٍ             عادٍ، يُريدُ مَخانةً و غُلولا

و قال الكميت:
أَ هَمْدانُ مَهْلًا لا يُصَبِّح بُيوتَكمْ             بِجُرْمِكُمُ حِمْلُ الدُّهَيْمِ، و ما تَزْبي‏

و هذا البيت حجة لما قاله المفضّل. و الدَّهْماء: الجماعة من الناس. الكسائي: يقال‏

211
لسان العرب12

دهم ص 209

دَخَلْتُ في خَمَرِ الناس أَي في جماعتهم و كثرتهم، و في دَهْماء الناس أَيضاً مثله؛ و قال:
فَقَدْناك فِقْدانَ الربِيع، و ليْتَنا             فَدَيْناكَ، من دَهْمائِنا، بأُلوفِ‏

و ما أَدري أَيُّ الدَّهْمِ هو و أَيُّ دَهْمِ الله هو أَي أَيّ خَلْقِ الله. و الدَّهْماءُ: العدد الكثير. و دَهْماءُ الناس: جماعتهم و كثرتهم. و الدُّهَيْماءُ، تصغير الدَّهْماء: الداهية، سميت بذلك لإِظْلامِها، و الدُّهَيْم أُمّ الدُّهَيْمِ الدَّواهي، و في المحكم: الداهية. و
في الحديث: من أَراد أَهل المدينة بدَهْمٍ.
أَي بغائلة من أَمر عظيم يَدْهَمُهُمْ أَي يَفْجَؤُهُمْ. و يقال: هَدَمَهُ و دَهْدَمَه بمعنى واحد؛ قال العجاج:
و ما سُؤالُ طَلَلٍ و أَرْسُمِ             و النُّؤْيِ، بَعْدَ عَهْدِهِ المُدَهْدَم‏

يعني الحاجز حول البيت إِذا تهدم؛ و قال:
غير ثَلاثٍ في المَحَلِّ صُيَّمِ             رَوائم، و هُنَّ مثل الرُّؤَّمِ،
بعد البِلى، شِبْه الرَّمادِ الأَدْهَمِ‏


و رَبْعٌ أَدْهَمُ: حديث العهد بالحَيِّ، و أَرْبُعٌ دُهْمٌ؛ و قال ذو الرمة أَيضاً:
         أَ لِلأَرْبُعِ الدُّهْمِ اللَّواتي كأَنَّها             بَقِيَّةُ وَحْيٍ في بُطونِ الصَّحائف؟

الأَزهري: المُتَدَهَّمُ و المُتَدَأّمُ و المُتَدَثِّرُ هو المَجْبوسُ المأْبونُ. و الدَّهْماءُ: القِدْرُ. ابن شميل: الدَّهْماء السوداء من القُدور، و قد دَهَّمَتْها النارُ. و الدَّهْماء: سَحْنَةُ الرجل. و فَعَلَ به ما أَدْهَمَهُ أَي ساءَه و أَرْغَمَهُ؛ عن ثعلب. و الدَّهْماءُ: عُشْبَة ذات ورق و قُضُبٍ كأَنها القَرْنُوَةُ، و لها نَوْرَةٌ حمراء يُدْبَغُ بها، و مَنْبِتُها قِفافُ الرمل. و قد سَمَّوْا داهِماً و دُهَيْماً و دُهْماناً. و الدُّهَيْم: اسم ناقة، و قد تقدم ذكرها. و دُهْمان: بطن من هُذَيْلٍ؛ قال صَخْرُ الغَيِّ: و رَهْط دُهْمانَ و رَهْطُ عادِيَهْ و الأَدْهَمُ: فرس عَنْتَرَةَ بن مُعاوية «3»، صفة غالبة.
دهثم:
الدَّهْثَمُ: المكان الوَطي‏ءُ السهل الدَّمِثُ. و أَرض دَهْثَمَةٌ و دَهْثَمٌ: سهلة. و رجل دَهْثَم الخُلُقِ: سَهْلُهُ. و امرأَة دَهْثَمَةٌ: سهلة دَمِثَةُ الأَخْلاق؛ قال عمر بن لَجَإٍ:
ثم تَنَحَّتْ عن مَقامِ الحُوَّمِ             لِعَطَنٍ رابي المَقامِ، دَهْثَمِ‏

و سُمّي الرجل دَهْثَماً بذلك. الأَصمعي: العرب تقول للصَّقْرِ الزَّهْدَمُ، و للبحر الدَّهْثَمُ. و الدَّهْثَمُ: الرجل السَّخِيُّ. و دَهْثَمٌ: اسم.
دهدم:
دَهْدَم الشي‏ءَ: قلَب بعضه على بعض. و تَدَهْدَمَ الحائطُ و تَجَرْجَمَ: سقط. و يقال: دَهْدَمْتُ البناء إِذا كسرته؛ قال العجاج:
و النُّؤيِ، بعد عَهْده، المُدَهْدَمِ‏


دهقم:
الدَّهْقَمَةُ: الكَيْسُ.
دهكم:
الدَّهْكَمُ: الشيخ الفاني. و التَّدَهْكُمُ: الاقتحام في الأَمر الشديد. و تَدَهْكَمَ علينا: تَدَرَّأَ.
دوم:
دامَ الشي‏ءُ يَدُومُ و يَدامُ؛ قال:
يا مَيّ لا غَرْوَ و لا مَلامَا             في الحُبِّ، إِن الحُبَّ لن يَدامَا

__________________________________________________
 (3). المشهور أَنه عنترة بن شدّاد.

212
لسان العرب12

دوم ص 212

قال كراع: دامَ يَدُومُ فَعِلَ يَفْعُلُ، و ليس بقَوِيّ، دَوْماً و دَواماً و دَيْمومَةً؛ قال أَبو الحسن: في هذه الكلمة نظر، ذهب أَهل اللغة في قولهم دِمْتَ تَدُومُ إِلى أَنها نادرة كمِتَّ تَموتُ، و فَضِلَ يَفْضُلُ، و حَضِرَ يَحْضُرُ، و ذهب أَبو بكر إِلى أَنها متركبة فقال: دُمْتَ تَدُومُ كقُلْتَ تَقُولُ، و دِمْتَ تَدامُ كخِفْتَ تَخافُ، ثم تركبت اللغتان فظنّ قوم أَن تَدُومُ على دِمْتَ، و تَدامُ على دُمْتَ، ذهاباً إِلى الشذوذ و إِيثاراً له، و الوَجْه ما تقدم من أَن تَدامُ على دِمْتَ، و تَدُومُ على دُمْتَ، و ما ذهبوا إِليه من تَشْذيذ دِمْتَ تَدومُ أَخف مما ذهبوا إِليه من تَسَوُّغِ دُمْتَ تَدامُ، إِذ الأُولى ذات نظائر، و لم يُعْرَفْ من هذه الأَخيرة إِلَّا كُدْتَ تَكادُ، و تركيب اللغتين باب واسع كَقَنَطَ يَقْنَطُ و رَكَنَ يَرْكَنُ، فيحمله جُهَّالُ أَهل اللغة على الشذوذ. و أَدامَهُ و اسْتَدامَهُ: تأَنَّى فيه، و قيل: طلب دوَامَهُ، و أَدْومَهُ كذلك. و اسْتَدَمْتُ الأَمر إِذا تأَنَّيْت فيه؛ و أَنشد الجوهري للمَجْنون و اسمه قَيسُ بن مُعاذٍ:
و إِنِّي على لَيْلى لَزارٍ، و إِنَّني،             على ذاكَ فيما بَيْنَنا، مُسْتَدِيمُها

أَي منتظر أَن تُعْتِبَني بخير؛ قال ابن بري: و أَنشد ابن خالويه في مُسْتَديم بمعنى مُنْتَظِر:
تَرَى الشُّعراءَ من صَعِقٍ مُصابٍ             بصَكَّتِه، و آخر مُسْتَدِيمِ‏

و أَنشد أَيضاً:
إِذا أَوقَعْتُ صاعِقةً عَلَيْهِمْ،             رأَوْا أُخْرَى تُحَرِّقُ فاسْتَدامُوا

الليث: اسْتِدامَةُ الأَمرِ الأَناةُ؛ و أَنشد لقَيْسِ ابن زُهَيرٍ:
فلا تَعْجَلْ بأَمرِكَ و اسْتَدِمْهُ،             فما صَلَّى عَصاكَ كَمُسْتَدِيمِ‏

و تَصْلِيةُ العصا: إِدارتها على النار لتستقيم، و اسْتدامتها: التَّأَنِّي فيها، أَي ما أَحْكَمَ أَمْرَها كالتَّأَنِّي. و قال شمر: المُسْتَدِيمُ المُبالِغُ في الأَمر. و اسْتَدِمْ ما عند فلان أَي انتظره و ارْقُبْهُ؛ قال: و معنى البيت ما قام بحاجتك مثلُ من يُعْنى بها و يحب قضاءها. و أَدامه غيرهُ، و المُداومَةُ على الأَمر: المواظبة عليه. و الدَّيُّومُ: الدائِمُ منه كما قالوا قَيُّوم. و الدِّيمةُ: مطر يكون مع سكون، و قيل: يكون خمسة أَيَّامٍ أَو ستة و قيل: يوماً و ليلة أَو أَكثر، و قال خالد بن جَنْبَةَ: الدِّيمةُ من المطر الذي لا رَعْدَ فيه و لا بَرْقَ تَدُومُ يَوْمَها، و الجمع دِيَمٌ، غُيِّرَت الواو في الجمع لتَغَيُّرِها في الواحد. و ما زالت السماءُ دَوْماً دَوماً و دَيْماً دَيْماً، الياء على المعاقبة، أَي دائمة المطر؛ و حكى بعضهم: دامَتِ السماءُ تَدِيمُ دَيْماً و دَوَّمَتْ و ديَّمَتْ؛ و قال ابن جني: هو من الواو لاجتماع العرب طُرّاً على الدَّوامِ، و هو أَدْوَمُ من كذا، و قال أَيضاً: من التدريج في اللغة قولهم دِيمةٌ و دِيَمٌ، و استمرار القلب في العين إِلى الكسرة قبلها «1»، ثم تجاوزوا ذلك لما كثر و شاع إِلى أَن قالوا دَوَّمَتِ السماءُ و دَيَّمَتْ، فأَما دَوَّمَتْ فعلى القياس، و أَما دَيَّمَتْ فلاستمرار القلب في دِيمَةٍ و دِيَمٍ؛ أَنشد أَبو زيد:
هو الجَوادُ ابنُ الجَوادِ ابنِ سَبَل،             إِنْ دَيَّمُوا جادَ، و إِنْ جادُوا وَبَلْ‏

__________________________________________________
 (1). قوله [إِلى الكسرة قبلها] هكذا في الأَصل.

213
لسان العرب12

دوم ص 212

و يروى:
... دَوَّمُوا.


شمر: يقال دِيمةٌ و دِيْمٌ؛ قال الأَغْلَبُ:
فَوارِسٌ و حَرْشَفٌ كالدِّيْمِ،             لا تَتَأَنَّى حَذَرَ الكُلُومِ‏

روي عن أَبي العَمَيْثَلِ أَنه قال: دِيمَة و جمعها دُيومٌ بمعنى الدِّيمةِ. و أَرض مَدِيمَةٌ و مُدَيَّمَةٌ: أَصابتها الدِّيَمُ، و أَصلها الواو؛ قال ابن سيدة: و أَرى الياء معاقبة؛ قال ابن مقبل:
عَقِيلَةُ رَمْلٍ دافعَتْ في حُقوفِهِ             رَخاخَ الثَّرَى، و الأُقْحُوانَ المُدَيَّمَا

و سنذكر ذلك في ديم. و
في حديث عائشة، رضي الله عنها، أَنها سئلت: هل كان رسول الله، صلى الله عليه و سلم، يُفَضِّلُ بعض الأَيام على بعض؟ و في رواية: أَنها ذكرَتْ عَمَل رسول الله، صلى الله عليه و سلم، فقالت: كان عَمَلُهُ دِيمَةً.
؛ شبهتْه بالدِّيمَةِ من المطر في الدَّوامِ و الاقتصاد. و
روي عن حُذَيْفَة أَنه ذكر الفتن فقال: إِنها لآتِيَتُكُمْ دِيَماً.
يعني أَنها تملأَ الأَرض مع دَوامٍ؛ و أَنشد:
دِيمَةٌ هَطْلاءُ فيها وَطَفٌ،             طَبَّقَ الأَرْضَ، تَحَرَّى و تَدُرّ

و المُدامُ: المَطر الدائم؛ عن ابن جني. و المُدامُ و المُدامَةُ: الخمر، سميت مُدامَةً لأَنه ليس شي‏ء تُستطاع إِدامَةُ شربه إِلا هي، و قيل: لإِدامتها في الدَّنِّ زماناً حتى سكنتْ بعد ما فارَتْ، و قيل: سُمِّيَتْ مُدامَةً إِذا كانت لا تَنْزِفُ من كثرتها، فهي مُدامَةٌ و مُدامٌ، و قيل: سميت مُدامَةً لِعتْقها. و كل شي‏ء سكن فقد دامَ؛ و منه قيل للماء الذي يَسْكن فلا يجري: دائِمٌ.
و نهى النبي، صلى الله عليه و سلم، أَن يُبالَ في الماء الدائم ثم يُتَوضَّأَ منه.
و هو الماء الراكد الساكنُ، من دامَ يَدُومُ إِذا طال زمانه. و دامَ الشي‏ءُ: سكن. و كل شي‏ء سكَّنته فقد أَدَمْتَه. و ظلٌّ دَوْمٌ و ماء دَوْمٌ: دائم، وصَفُوهُما بالمصدر. و الدَّأْماءُ: البحر لدَوامِ مائه، و قد قيل: أَصله دَوْماء، فإعْلاله على هذا شاذ. و دامَ البحرُ يَدُومُ: سكن؛ قال أَبو ذؤيب:
فجاء بها ما شِئْتَ من لَطَمِيَّةٍ،             تَدُومُ البحارُ فوقها و تَمُوجُ‏

و رواه بعضهم: يَدُومُ الفُراتُ، قال: و هذا غلط لأَن الدُّرَّ لا يكون في الماء العذب. و الدَّيْمومُ و الدَّيْمومَةُ: الفلاة يَدُومُ السير فيها لبعدها؛ قال ابن سيدة: و قد ذكرت قول أَبي عليّ أَنها من الدَّوامِ الذي هو السخ «1». و الدَّيْمُومةُ: الأَرض المستوية التي لا أَعلام بها و لا طريق و لا ماء و لا أَنيس و إِن كانت مُكْلِئَةً، و هنَّ الدَّيامِيمُ. يقال: عَلَوْنا دَيْمومةً بعيدة الغَوْرِ، و عَلَوْنا أَرضاً دَيْمومة مُنكَرةً. و قال أَبو عمرو: الدَّيامِيمُ الصَّحاري المُلْسُ المتباعدة الأَطرافِ. و دَوَّمَتِ الكلابُ: أَمعنت في السير؛ قال ذو الرمة:
حتى إِذا دَوَّمَتْ في الأَرض راجَعَهُ             كِبْرٌ، و لو شاء نَجّى نفسَه الهَرَبُ‏

أَي أَمعنت فيه؛ و قال ابن الأَعرابي: أَدامَتْهُ، و المعنيان مقتربان؛ قال ابن بري: قال الأَصمعي دَوَّمَتْ خطأٌ منه، لا يكون التَّدْويم إِلا في‏
__________________________________________________
 (1). قوله: السخَّ، هكذا في الأَصل.
                       

214
لسان العرب12

دوم ص 212

السماء دون الأَرض؛ و قال الأَخفش و ابن الأَعرابي: دَوَّمَتْ أَبعدت، و أَصله من دامَ يَدُومُ، و الضمير في دَوَّمَ يعود على الكلاب؛ و قال عليُّ بن حمزة: لو كان التَّدْويمُ لا يكون إِلا في السماء لم يجز أَن يقال: به دُوامٌ كما يقال به دُوارٌ، و ما قالوا دُومَةُ الجَنْدَلِ و هي مجتمعة مستديرة. و
في حديث الجارية المفقودة: فَحَمَلني على خافيةٍ ثم دَوَّمَ بي في السُّكاك.
أَي أَدارني في الجوّ. و
في حديث قُسّ و الجارُود: قد دَوَّمُوا العمائم.
أَي أَداروها حول رؤوسهم. و في التهذيب في بيت ذي الرمة: حتى إِذا دَوَّمَتْ، قال يصف ثوراً وحشيّاً و يريد به الشمس، قال: و كان ينبغي له أَن يقول دَوَّتْ فدَوَّمَتْ استكراه منه. و قال أَبو الهيثم: ذكر الأَصمعي أَن التَّدْويمَ لا يكون إِلا من الطائر في السماء، و عاب على ذي الرمة موضعه؛ و قد قال رؤبة:
تَيْماء لا يَنْجو بها من دَوَّما،             إِذا عَلاها ذو انْقِباضٍ أَجْذَما

أَي أَسرع. و دَوَّمَتِ الشمس في كَبِد السماء. و دَوَّمَت الشمس: دارت في السماء. التهذيب: و الشمس لها تَدْويمٌ كأَنها تدور، و منه اشْتُقَّتْ دُوّامَةُ الصبي التي تدور كدَوَرانها؛ قال ذو الرمة يصف جُنْدَباً:
مُعْرَوْرِياً رَمَضَ الرَّضْراض يَرْكُضُهُ،             و الشَّمْسُ حَيْرى لها في الجَوّ تَدْوِيمُ‏

كأَنها لا تمضي أَي قد رَكِبَ حَرَّ الرَّضْراض، و الرَّمَضُ: شدة الحر، مصدر رَمِضَ يَرمَضُ رَمَضاً، و يركُضُهُ: يضربه برجله، و كذا يفعل الجُندَبُ. قال أَبو الهيثم: معنى قوله و الشمس حَيْرى تقف الشمس بالهاجِرَةِ على المَسير مقدار ستين فرسخاً «1». تدور على مكانها. و يقال: تَحَيَّرَ الماء في الروضة إِذا لم يكن له جهة يمضي فيها فيقول كأَنها مُتَحَيِّرَة لدَوَرانها، قال: و التَّدْويمُ الدَّوَرانُ، قال أَبو بكر: الدائم من حروف الأَضداد، يقال للساكن دائم، و للمتحرِّك دائم. و الظل الدَّوْمُ: الدائم؛ و أَنشد ابن بري للَقِيط بن زُرارَةَ في يوم جَبَلَة:
يا قَوْمِ، قدْ أَحْرَقْتُموني باللَّوْمْ،             و لم أُقاتِلْ عامِراً قبلَ اليَوْمْ‏
شَتَّانَ هذا و العِناقُ و النَّوْم،             و المَشْرَبُ البارِدُ و الظِّلُّ الدَّوْم‏

و يروى:
... في الظل الدَّوْم.


و دَوَّمَ الطائر إِذا تحرك في طَيَرانه، و قيل: دَوَّمَ الطائر إِذا سَكَّنَ جناحيه كَطَيَرَانِ الحِدَإِ و الرَّخَم. و دَوَّمَ الطائرُ و استدامَ: حَلَّقَ في السماء، و قيل: هو أَن يُدَوِّمَ في السماء فلا يحرك جناحيه، و قيل: أَن يُدَوِّمَ و يحوم؛ قال الفارسي: و قد اختلفوا في الفرق بين التَّدوِيمِ و التَّدْوِيَةِ فقال بعضهم: التَّدْويمُ في السماء، و التَّدْوِيَةُ في الأَرض، و قيل بعكس ذلك، قال: و هو الصحيح، قال جَوَّاسٌ، و قيل هو لعمرو بن مِخْلاةِ الحمارِ:
بيَوْمٍ ترى الرايات فيه، كأَنها             عَوافي طيورٍ مُسْتَديم و واقِع‏

و يقال: دَوَّم الطائرُ في السماء إِذا جعل يَدُور، و دَوَّى في الأَرض، و هو مثل التَّدْويمِ في السماء. الجوهري: تَدْويمُ الطائر تَحْلِيقُهُ في طَيَرانِهِ ليرتفع في السماء، قال: و جعل ذو الرمة التَّدْوِيمَ‏
__________________________________________________
 (1). قوله [مقدار ستين فرسخاً] عبارة التهذيب مقدار ما تسير ستين فرسخاً.

215
لسان العرب12

دوم ص 212

في الأَرض بقوله في صفة الثور: حتى إِذا دَوَّمَتْ في الأَرض «1» و أَنكر الأَصمعي ذلك و قال: إِنما يقال دَوَّى في الأَرض و دَوَّمَ في السماء، كما قدمنا ذكره، قال: و كان بعضهم يُصَوِّبُ التَّدْويم في الأَرض و يقول: منه اشتقت الدُّوَّامَةُ، بالضم و التشديد، و هي فَلْكَةٌ يرميها الصبي بخيط فتُدَوِّمُ على الأَرض أَي تدور، و غيره يقول: إِنما سُمِّيَت الدُّوَّامَةَ من قولهم دَوَّمْتُ القِدْرَ إِذا سكَّنْتَ غليانها بالماء لأَنها من سرعة دَورَانها قد سكنتْ و هَدَأَتْ. و التَّدْوامُ: مثل التَّدْويمِ؛ و أَنشد الأَحمر في نعت الخيل:
فَهُنَّ يَعْلُكْنَ حَدائِداتِها،             جُنْحَ النَّواصِي نحْوَ أَلْوِياتها،
كالطير تَبْقي مُتَداوِماتِها


قوله تَبْقي أَي تنظر إِليها أَنت و تَرْقُبُها، و قوله مُتَداوِمات أَي مُدَوِّمات دائرات عائفات على شي‏ء. و قال بعضهم: تَدْويمُ الكلب إِمعانُهُ في الهَرَبِ، و قد تقدم. و يقال للطائر إِذا صَفّ جناحيه في الهواء و سَكَّنهما فلم يحركهما كما تفعل الحِدَأُ و الرَّخَمُ: قد دَوَّمَ الطائر تَدْوِيماً، و سُمِّي تدويماً لسكونه و تركه الخَفَقان بجناحيه. الليث: التَّدْويمُ تَحْلِيقُ الطائر في الهواء و دَوَرانه. و دُوَّامة الغلام، برفع الدال و تشديد الواو: و هي التي تلعب بها الصبيان فَتُدار، و الجمع دُوَّامٌ، و قد دَوَّمْتُها. و قال شمر: دُوَّامةٌ الصبي، بالفارسية، دوابه و هي التي تلعب بها الصبيان تُلَفُّ بسير أَو خيط ثم تُرْمى على الأَرض فتَدور؛ قال المُتَلَمِّسُ في عمرو بن هند:
أَ لَك السَّدِيرُ و بارِقٌ،             و مَرابِضٌ، و لَكَ الخَوَرْنَقْ،
و القَصْرُ ذو الشُّرُفاتِ من             سِنْدادَ، و النَّخْلُ المُنَبَّقْ،
و القادِسِيَّةُ كلُّها،             و البَدْوُ من عانٍ و مُطْلَقْ؟
و تَظَلُّ، في دُوَّامةِ             المولودِ يُظْلَمُها، تَحَرَّقْ‏
فَلَئِنْ بَقيت، لَتَبْلُغَنْ             أَرْماحُنا منك المُخَنَّقْ‏

ابن الأَعرابي: دامَ الشي‏ءُ إِذا دار، و دام إِذا وقَف، و دام إِذا تَعِبَ. و دَوَّمَتْ عينُه: دارت حدقتها كأَنها في فَلْكةٍ، و أَنشد بيت رؤبة:
تَيْماء لا يَنْجُو بها من دَوَّمَا


و الدُّوامُ: شبه الدُّوارِ في الرأْس، و قد دِيمَ به و أُدِيمَ إِذا أَخذه دُوارٌ. الأَصمعي: أَخذه دُوَامٌ في رأْسه مثل الدُّوارِ، و هو دُوارُ الرأْس. الأَصمعي: دَوّمَتِ الخمر شاربها إِذا سكر فدارَ. و
في حديث عائشة: أَنها كانت تَصِفُ من الدُّوامِ سبع تمرات من عَجْوَةٍ في سبع غَدَواتٍ على الريق.
؛ الدُّوامُ، بالضم و التخفيف: الدُّوارُ الذي يَعْرِضُ في الرأْس. و دَوَّمَ المرقةَ إِذا أَكثر فيها الإِهالة حتى تَدُور فوقها، و مرقة داوِمة نادر، لأَن حق الواو في هذا أَن تقلب همزة. و دَوَّمَ الشي‏ء: بَلَّةُ، قال ابن أَحمر:
هذا الثَّناءُ، و أَجْدِرْ أَن أُصاحِبَهُ             و قد يُدَوِّمُ ريقَ الطامِعِ الأَمَلُ‏

__________________________________________________
 (1). البيت.

216
لسان العرب12

دوم ص 212

أَي يبلُّه؛ قال ابن بري: يقول هذا ثنائي على النُّعْمان ابن بشير، و أَجْدر أَن أُصاحبه و لا أُفارقه، و أَملي له يُبْقي ثنائي عليه و يُدَوِّمُ ريقي في فمي بالثناء عليه. قال الفراء: و التَّدْويمُ أَن يَلُوكَ لسانَه لئلا ييبس ريقُه؛ قال ذو الرُّمَّةِ يصف بعيراً يَهْدِرُ في شِقْشِقتِه:
في ذات شامٍ تَضْرِبُ المُقَلَّدَا،             رَقْشَاءَ تَنْتاخُ اللُّغامَ المُزْبِدَا،
دَوَّمَ فيها رِزُّه و أَرْعَدَا


قال ابن بري: و قوله في ذات شامٍ يعني في شِقْشِقَةٍ، و شامٌ: جمع شامةٍ، تَضْرب المُقَلَّدَا أَي يخرجها حتى تبلغ صفحة عنقه؛ قال: و تَنْتاخُ عندي مثل قول الراجز:
يَنْباعُ من ذِفْرَى غَضُوبٍ حُرَّةٍ


على إِشباع الفتحة، و أَصله تَنْتَخ و تَنْبَعُ، يقال: نَتَخَ الشوكة من رجله إِذا أَخرجها، و المِنْتاخُ: المِنْقاش، و في شعره تَمْتاخ أَي تخرج، و الماتِخُ: الذي يخرج الماء من البئر. و دَوَّمَ الزعفرانَ: دافَهُ؛ قال الليث: تَدْوِيمُ الزعفران دَوْفُه و إِدارَتُه في دَوْفِه؛ و أَنشد:
و هُنَّ يَدُفْنَ الزَّعفران المُدَوَّمَا


و أَدامَ القِدْرَ و دَوَّمَها إِذا غَلَت فنضحها بالماء البارد ليسكن غَلَيانها؛ و قيل: كَسَرَ غليانها بشي‏ء و سكَّنَهُ؛ قال:
تَفُورُ علينا قِدْرُهُمْ فنُدِيمُها،             و نَفْثَؤُها عَنَّا إِذا حَمْيها غلى‏

قوله نُدِيمُها: نُسَكِّنها، و نَفْثَؤُها: نكسرها بالماء؛ و قال جرير:
سَعَرْتُ عليكَ الحَربَ تَغلي قُدورُها،             فهَلَّا غَداةَ الصِّمَّتَيْنِ تُدِيمُها

يقال: أَدام القِدْرَ إِذا سكَّن غَلَيانها بأَن لا يُوقدَ تحتها و لا يُنزِلَها، و كذلك دَوَّمَها. و يقال للذي تُسَكَّنُ به القدر: مِدْوامٌ. و قال اللحياني: الإِدامةُ أَن تترك القدر على الأَثافيِّ بعد الفراغ، لا ينزلها و لا يوقدها. و المِدْوَمُ و المِدْوامُ: عود أَو غيره يُسَكَّنُ به غليانها؛ عن اللحياني. و اسْتَدامَ الرجلُ غريمه: رفَق به، و اسْتَدْماهُ كذلك مقلوب منه؛ قال ابن سيدة: و إِنما قضينا بأَنه مقلوب لأَنَّا لم نجد له مصدراً؛ و اسْتَدْمَى مَوَدَّته: ترقبها من ذلك، و إِن لم يقولوا فيه اسْتَدام؛ قال كُثَيِّرٌ:
و ما زِلْتُ أَسْتَدْمِي، و ما طَرَّ شارِبي،             وِصالَكِ، حتى ضَرَّ نفسي ضَمِيرُها

قوله و ما طَرَّ شارِبي جملة في موضع الحال. و قال ابن كَيْسانَ في باب كان و أَخواتها: أَما ما دامَ فما وَقتٌ، تقول: قُمْ ما دام زيدٌ قائماً، تريد قُمْ مُدَّةَ قيامه؛ و أَنشد:
لَتَقْرَبَنَّ قَرَباً جُلْذِيَّا،             ما دام فيهِنَّ فَصِيل حَيَّا

أَي مدَّة حياة فُصْلانها، قال: و أَما صار في هذا الباب فإِنها على ضَرْبين: بلوغ في الحال، و بلوغ في المكان، كقولك صار زيد إِلى عمرو، و صار زيد رجلًا، فإِذا كانت في الحال فهي مثل كان في بابه، فأَما قولهم ما دام فمعناه الدَّوامُ لأَن ما اسم موصول بدامَ و لا يُسْتَعْمَلُ إِلا ظَرْفاً كما تستعمل المصادر

217
لسان العرب12

دوم ص 212

ظروفاً، تقول: لا أَجلس ما دُمْتَ قائماً أَي دَوامَ قيامِكَ، كما تقول: ورَدْتُ مَقْدَمَ الحاجّ. و الدَّوْمُ: شجر المُقْلِ، واحدته دَوْمَةٌ، و قيل: الدَّوْمُ شجر معروف ثَمَرُهُ المُقْلُ. و
في الحديث: رأَيت النبي، صلى الله عليه و سلم، و هو في ظل دَوْمة.
؛ قال ابن الأَثير: هي واحدة الدَّوْمِ و هو ضخام الشجر، و قيل: شجر المُقْلِ. قال أَبو حنيفة: الدَّوْمَةُ تَعْبُلُ و تَسْمُو و لها خُوصٌ كخُوصِ النحل و تُخرِجُ أَقْناءً كأَقْناء النخلة. قال: و ذكر أَبو زياد الأَعرابي أَن من العرب من يسمي النَّبْقَ دَوْماً. قال: و قال عُمَارَةُ الدَّوْمُ العظامُ من السِّدْرِ. و قال ابن الأَعرابي: الدَّوْمُ ضِخام الشجر ما كان؛ و قال الشاعر:
زَجَرْنَ الهِرَّ تحت ظلال دَوْمٍ،             و نَقَّبْنَ العَوارِضَ بالعُيونِ‏

و قال طُفَيْلٌ:
أَ ظُعْنٌ بِصَحْراء الغَبيطَينِ أَم نَخْلُ             بَدَتْ لك، أَمْ دَومٌ بأَكمامِها حَمْلُ؟

قال أَبو منصور: و الدَّوْمُ شجر يشبه النخل إِلَّا أَنه يُثْمِر المُقْلَ، و له لِيفٌ و خُوص مثل ليف النخل. و دُومَةُ الجَنْدَلِ: موضع، و في الصحاح: حِصْنٌ، بضم الدال، و يسميه أَهل الحديث دَوْمَة، بالفتح، و هو خطأٌ، و كذلك دُوماء الجَنْدَلِ. قال أَبو سعيد الضرير: دَوْمَةُ الجَنْدَلِ في غائط من الأَرض خمسة فراسِخَ، و من قِبَلِ مغربه عين تَثُجُّ فتسقي ما به من النخل و الزرع، قال: و دَوْمَةُ ضاحِيَةٌ بين غائطها هذا، و اسم حصنها مارِدٌ، و سميت دَوْمَةَ الجَنْدَلِ لأَن حصنها مبني بالجندل، قال: و الضاحِيةُ من الضَّحْل ما كان بارزاً من هذا الغَوْطِ و العينِ التي فيه، و هذه العين لا تسقي الضاحية، و قيل: هو دُومة، بضم الدال، قال ابن الأَثير: و قد وردت في الحديث، و تضم دالها و تفتح، و هي موضع؛ و قول لبيد يصف بنات الدهر:
و أَعْصَفْنَ بالدُّومِيِّ من رأْس حِصْنِهِ،             و أَنْزَلْنَ بالأَسباب ربَّ المُشَقَّرِ

يعني أُكَيْدِر، صاحب دُومَةِ الجَنْدَلِ. و
في حديث قصر الصلاة: و ذكر دَوْمِين.
؛ قال ابن الأَثير: هي بفتح الدال و كسر الميم، قرية قريبة من حِمْص. و الإِدامَةُ: تَنْقيرُ السهم على الإِبْهام. و دُوِّمَ السهم: فُتِل بالأَصابع؛ و أَنشد أَبو الهيثم للكميت:
فاسْتَلَّ أَهْزَعَ حَنَّاناً يُعَلِّلُهُ،             عند الإِدامَةِ، حتى يَرْنُوَ الطَّرِبُ‏

و
في حديث عائشة، رضي الله عنها: قالت لليَهُود عليكم السامُ الدامُ.
أَي الموت الدائم، فحذفت الياء لأَجل السام. و دَوْمانُ: اسم رجل. و دَوْمانُ: اسم قبيلة. و يَدُومُ: جبل؛ قال الراعي:
و في يَدُومَ، إِذا اغْبَرَّتْ مَناكِبُهُ،             و ذِرْوة الكَوْر عن مَرْوانَ مُعْتزل‏

و ذو يَدُومَ: نهر من بلاد مُزَيْنَة يدفع بالعقيق؛ قال كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
عَرَفْتُ الدار قد أَقْوَتْ بِرِئْمٍ             إِلى لأْيٍ، فمَدْفَعِ ذي يَدُومِ‏

و أَدام: موضع؛ قال أَبو المُثَلَّمِ:
لقد أُجْرِي لمصْرَعِهِ تَلِيدٌ،             و ساقَتْهُ المَنِيَّةُ من أَداما

218
لسان العرب12

ديم ص 219

قال ابن جني: يكون أَفْعَلَ من دامَ يَدُومُ فلا يصرف كما لا يصرف أَخْزَمُ و أَحمر، و أَصله على هذا أَدْوَم، قال: و قد يكون من د م ي، و هو مذكور في موضعه، و الله أَعلم.
ديم:
الديمةُ: المطر الذي ليس فيه رَعْد و لا برق، أَقله ثلث النهار أَو ثلث الليل، و أَكثره ما بلغ من العِدَّة، و الجمع دِيَمٌ؛ قال لبيد:
باتَتْ و أَسْبَلَ والِفٌ من دَيمَةٍ             تَرْوي الخَمائِلَ، دائماً تَسْجامُها

ثم يُشَبَّه به غيره. و
في حديث عائشة، رضي الله عنها، و سئلت عن عمل سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم، و عبادته فقالت: كان عملُه دِيمةً.
؛ الدِّيمةُ المطر الدائم في سكون، شَبَّهَتْ عمله في دوامه مع الاقتصاد بديمة المطر الدائم، قال: و أَصله الواو فانقلبت ياء للكسرة قبلها. و
في حديث حُذَيْفَةَ: و ذكر الفتن فقال إِنها لآتِيَتُكُم دِيَماً دِيَماً.
أَي أَنها تملأُ الأَرض في دَوامٍ، و دِيَمٌ جمع دِيمَةِ المطر، و قد دَيَّمَت السماءُ تَدْيِيماً؛ قال جَهْم بن سَبَلٍ يمدح رجلًا بالسَّخاء:
أَنا الجَواد ابن الجَواد ابن سَبَلْ،             إِن دَيَّمُوا جادَ، و إِن جادوا وَبَل «2».

و الدَّيامِيمُ: المفاوِزُ. و مفازة دَيْمومَةٌ أَي دائمة البعد. و
في حديث جُهَيْشِ بن أَوْس: و دَيْمومَةٍ سَرْدَحٍ.
؛ هي الصحراء البعيدة، و هي فَعْلُولة من الدَّوامِ، أَي بعيدة الأَرْجاء يَدُومُ السير فيها، و ياؤها منقلبة عن واو، و قيل: هي فَيْعُولة من دَمَمْتُ القدر إِذا طليتها بالرماد أَي أَنها مشتبهة لا عَلَمَ بها لسالكها. و حكى أَبو حنيفة عن الفراء: ما زالت السماء دَيْماً دَيْماً أَي دائمة المطر، قال: و أَراها معاقبة لمكان الخفة، فإِذا كان هذا لم يُعْتَدّ به في الياء، و قد روي: دامَتِ السماء تَديمُ مطرت دِيمةً، فإِن صح هذا الفعل اعتد به في الياء. و أَرض مَديمةٌ و مُدَيَّمةٌ: أَصابتها الدِّيمةُ، و قد ذكر في دوم؛ قال ابن مقبل:
رَبيبةُ رَمْلٍ دافعَتْ في حُقوفِهِ             رَخاخَ الثَّرى، و الأُقحُوانَ المُدَيَّما

و قال كراع: اسْتَدامَ الرجل إِذا طأْطأَ رأْسه يَقْطُرُ منه الدم، مقلوب عن اسْتَدْمى.
فصل الذال المعجمة
ذأم:
ذَأَمَ الرجلَ يَذْأَمُهُ ذَأْماً: حقَّره و ذَمَّهُ و عابه، و قيل: حقره و طرده، فهو مَذْؤُومٌ، كَذَأَبهُ؛ قال أَوْسُ بن حَجَرٍ:
فإِن كُنْتَ لا تَدْعُو إِلى غير نافِعٍ             فذَرْني، و أَكْرِمْ من بَدَا لك و اذْأَمِ‏

و ذَأَمَهُ ذَأْماً: طرده. و في التنزيل العزيز: اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً
؛ يكون معناه مذموماً و يكون مطروداً. و
قال مجاهد: مَذْؤُماً
 منفيّاً، و مَدْحُوراً مطروداً.
و ذأَمَه ذَأْماً: أَخزاه. و الذَّأْمُ: العيب، يُهْمَزُ و لا يهمز. و
في حديث عائشة، رضي الله عنها: قالت لليَهُود عليكم السامُ‏
__________________________________________________
 (2). قوله [أَنا الجواد ابن الجواد إِلخ‏] قد تقدم في المادة قبل هذه هو الجواد. و كذلك الجوهري أَورده في مادة سبل و قال: إِن سبلًا فيه اسم فرس، و قد تقدم للمؤلف هناك عن ابن بري أَن الشعر لجهم بن سبل و أَن أَبا زياد الكلابي أَدركه يرعد رأْسه و هو يقول: أَنا الجواد إِلخ انتهى. فظهر من هذا أَن سبلًا ليس اسم فرس بل اسم لوالد جهم القائل هذا الشعر يمدح به نفسه لا رجلًا آخر.

219
لسان العرب12

ذمم ص 220

و الذَّأْمُ.
؛ الذَّأْمُ: العيب، و لا يهمز، و يروى بالدال المهملة، و قد تقدم. أَبو العباس: ذَأَمْتُه عبته، و هو أَكثر من ذَمَمْتُهُ.
ذحلم:
ذَحْلَمَهُ و سَحْتَنَه إِذا ذبحه. و ذَحْلَمَهُ فَتَذَحْلَمَ إِذا دَهْوَرَهُ فَتَدَهْوَرَ. و مرّ يَتَذَحْلَمُ كأَنه يتدحرج؛ قال رؤبة:
كأَنَّهُ في هُوَّةٍ تَذَحْلَما


و ذَحْلَمْتُهُ: صرعته و ذلك إِذا ضربته بحجر و نحوه.
ذلم:
التهذيب: ابن الأَعرابي قال الذَّلَمُ مَغِيضُ مَصَبِّ الوادي.
ذمم:
الذَّمُّ: نقيض المدح. ذَمَّهُ يَذُمُّهُ ذَمّاً و مَذَمَّةً، فهو مَذْمُومٌ و ذَمٌّ. و أَذَمَّهُ: وجده ذَمِيماً مَذْمُوماً. و أَذَمَّ بهم: تركهم مَذْمُومينَ في الناس؛ عن ابن الأَعرابي. و أَذَمَّ به: تهاون. و العرب تقول ذَمَّ يَذُمُّ ذَمّاً، و هو اللوم في الإِساءة، و الذَّمُّ و المَذموم واحد. و المَذَمَّة: الملامة، قال: و منه التَّذَمُّمُ. و يقال: أَتيت موضع كذا فأَذْمَمْتُهُ أَي وجدته مذموماً. و أَذَمَّ الرجلُ: أَتى بما يُذَمُّ عليه. و تذامَّ القومُ: ذَمَّ بعضُهم بعضاً، و يقال من التَّذَمُّمِ. و قضى مَذَمَّةَ صاحبه أَي أَحسن إِليه لئلا يُذَمَّ. و اسْتَذَمَّ إِليه: فعل ما يَذُمُّهُ عليه. و يقال: افعل كذا و كذا و خَلاكَ ذَمٌّ أَي خلاكَ لوم؛ قال ابن السكيت: و لا يقال و خَلاكَ ذنب، و المعنى خلا منك ذَمٌّ أَي لا تُذَمُّ. قال أَبو عمرو بن العلاء: سمعت أَعرابيّاً يقول: لم أَر كاليوم قَطُّ يدخل عليهم مثلُ هذا الرُّطَبِ لا يُذِمُّونَ أَي لا يَتَذَمَّمُونَ و لا تأْخذهم ذمامةٌ حتى يُهْدُوا لِجِيرانهم. و الذَّامُّ، مشدد، و الذامُ مخفف جميعاً: العيب. و اسْتَذَمَّ الرجلُ إِلى الناس أَي أَتى بما يُذَمُّ عليه. و تَذَمَّمَ أَي استنكف؛ يقال: لو لم أَترك الكذب تأَثُّماً لتركته تَذَمُّماً. و رجل مُذَمَّمٌ أَي مذْمُومٌ جدّاً. و رجل مُذِمٌّ: لا حَراك به. و شي‏ء مُذِمٌّ أَي مَعيب. و الذُّموم: العُيوب؛ أَنشد سيبويه لأُمَيَّةَ بن أَبي الصَّلْتِ:
سلامك، رَبَّنا، في كل فَجْرٍ             بَريئاً ما تَعَنَّتْكَ الذُّمُومُ‏

و بئر ذَمَّةٌ و ذَميمٌ و ذَميمةٌ: قليلة الماء لأَنها تُذَمُّ، و قيل: هي الغَزيرة، فهي من الأَضداد، و الجمع ذِمامٌ؛ قال ذو الرُّمَّة يصف إِبلًا غارتْ عيونها من الكَلالِ:
على حِمْيَرِيّاتٍ، كأَنَّ عُيونَها             ذِمامُ الرَّكايا أَنْكَزَتْها المَواتِحُ‏

أَنْكَزَتها: أَقَلَّتْ ماءَها؛ يقول: غارت أَعينها من التعب فكأَنَّها آبار قليلة الماء. التهذيب: الذَّمَّةُ البئر القليلة الماء، و الجمع ذَمٌّ. و
في الحديث: أَنه، عليه الصلاة و السلام، مَرَّ ببئر ذمَّة فنزلنا فيها.
سميت بذلك لأَنها مَذْمومة؛ فأما قول الشاعر:
نُرَجِّي نائلًا من سَيْبِ رَبّ،             له نُعْمَى، و ذَمَّتُهُ سِجالُ‏

قال ابن سيدة: قد يجوز أَن يعني به الغزيرة و القليلة الماء أَي قليله كثير. و به ذَمِيمةٌ أَي علة من زَمانَةٍ أَو آفة تمنعه الخروج. و أَذَمَّتْ ركاب القوم إِذْماماً: أَعيت و تخلفت و تأَخرت عن جماعة الإِبل و لم تلحق بها، فهي مُذِمَّةٌ، و أَذَمَّ به بَعيرهُ؛ قال ابن سيدة: أَنشد أَبو العلاء:

220
لسان العرب12

ذمم ص 220

قوم أَذَمَّتْ بهم رَكائِبُهُمْ،             فاسْتَبْدَلوا مُخْلِقَ النِّعالِ بها

و
في حديث حَليمة السَّعْدِيَّةِ: فخرجْتُ على أَتاني تلك فلقد أَذَمَّتْ بالرَّكْبِ.
أَي حبستهم لضعفها و انقطاع سيرها؛ و منه‏
حديث المِقْدادِ حين أَحْرَزَ لِقاحَ رسول الله، صلى الله عليه و سلم: و إِذا فيها فرس أَذَمُّ.
أَي كالٌّ قد أَعيْا فوقف. و
في حديث أَبي بكر، رضيَ الله عنه: قد طَلَعَ في طريق مُعْوَرَّةٍ حَزْنَةٍ و إِنَّ راحلته أَذَمَّتْ.
أَي انقطع سيرها كأَنها حَمَلَت الناس على ذَمِّها. و رجل ذو مُذَمَّةٍ و مَذِمَّةٍ أَي كلٌّ على الناس، و إِنه لطويل المَذَمَّةِ، التهذيب: فأَما الذَّمُّ فالاسم منه المَذَمَّةُ، و قال في موضع آخر: المَذِمَّةُ، بالكسر، من الذِّمامِ و المَذَمَّةُ، بالفتح، من الذَّمِّ. و يقال: أَذهِبْ عنك مَذِمَّتَهُمْ بشي‏ء أَي أَعطهم شيئاً فإِن لهم ذِماماً. قال: و مَذَمَّتهم لغةٌ. و البُخل مَذَمَّةٌ، بالفتح لا غير، أَي مما يُذَمُّ عليه، و هو خلاف المَحْمَدَةِ. و الذِّمامُ و المَذَمَّةُ: الحق و الحُرْمة، و الجمع أَذِمَّةٌ. و الذِّمَّة: العهد و الكَفالةُ، و جمعها ذِمامٌ. و فلان له ذِمَّة أَي حق. و
في حديث عليّ، كرم الله وجهه: ذِمَّتي رَهِينُه وَ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ.
أَي ضماني و عهدي رَهْنٌ في الوفاء به. و الذِّمامُ و الذِّمامةُ: الحُرْمَةُ؛ قال الأَخطل:
فلا تَنْشُدُونا من أَخيكم ذِمامةً،             و يُسْلِم أَصْداءَ العَوِير كَفِيلُها

و الذِّمامُ: كل حرمة تَلْزمك إِذا ضَيَّعَتْها المَذَمَّةُ، و من ذلك يسمى أَهلُ العهد أَهلَ الذِّمَّةِ، و هم الذين يؤدون الجزية من المشركين كلهم. و رجل ذِمِّيٌّ: معناه رجل له عهد. و الذِّمَّةُ: العهد منسوب إِلى الذِّمَّةِ: قال الجوهري: الذِّمَّةُ أَهل العقد. قال: و قال أَبو عبيدة الذِّمّةُ الأَمان في‏
قوله، عليه السلام: و يسعى بذِمَّتِهِمْ أَدناهم.
و قوم ذِمَّةٌ: مُعاهدون أَي ذوو ذِمَّةٍ، و هو الذِّمُّ؛ قال أُسامة الهذليّ:
يُغَرِّدُ بالأَسْحار في كلِّ سُدْفَةٍ،             تَغَرُّدَ مَيَّاحِ النَّدَى المُتَطَرِّب «1».

و أَذَمَّ له عليه: أَخَذَ له الذِّمَّة. و الذَّمامَةُ و الذِّمامة: الحق كالذِّمّة؛ قال ذو الرمة:
تكُنْ عَوْجةً يَجزِيكما الله عندها             بها الأَجْرَ، أَو تُقضى ذِمامةُ صاحب‏

ذِمامة: حُرْمَةٌ و حق. و في الحديث ذكر الذِّمَّة و الذِّمامِ، و هما بمعنى العَهْد و الأَمانِ و الضَّمانِ و الحُرْمَةِ و الحق، و سُمِّيَ أَهل الذِّمَّةِ ذِمَّةً لدخولهم في عهد المسلمين و أَمانهم. و
في الحديث في دعاء المسافر: اقْلِبْنا بذِمَّةٍ.
أَي ارْدُدْنا إِلى أَهلنا آمنين؛ و منه‏
الحديث: فقد بَرِئَتْ منه الذِّمَّة.
أَي أَن لكل أَحد من الله عهداً بالحفظ و الكِلايَةِ، فإِذا أَلْقى بيده إِلى التَّهْلُكَةِ أَو فعل ما حُرِّمَ عليه أَو خالف ما أُمِرَ به خَذَلَتْهُ ذِمَّةُ الله تعالى. أَبو عبيدة: الذِّمَّةُ التَّذَمُّمُ ممن لا عهد له. و
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم، المسلمون تَتَكافأُ دماؤهم و يسعى بذِمَّتهم أَدناهم.
؛ قال أَبو عبيدة: الذِّمَّةُ الأَمان هاهنا، يقول إِذا أَعْطى الرجلُ من الجيش العدوّ أَماناً جاز ذلك على جميع المسلمين، و ليس لهم أَن يُخْفِروه و لا أَن يَنْقُضوا عليه عهده كما أَجاز عمر، رضي الله عنه، أَمان عبدٍ على أَهل العسكر جميعهم؛ قال: و منه‏
قول سَلْمان ذِمَّةُ المسلمين واحدة.
؛ فالذِّمَّةُ هي الأَمان، و لهذا سمي المُعاهَدُ ذِمِّيّاً، لأَنه أُعْطيَ‏
__________________________________________________
 (1). هكذا ورد هذا البيت في الأصل، و ليس فيه أَيّ شاهد على شي‏ء مما تقدم من الكلام.

221
لسان العرب12

ذمم ص 220

الأَمان على ذِمَّةِ الجِزْيَة التي تؤخذ منه. و في التنزيل العزيز: لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَ لا ذِمَّةً
؛ قال: الذِّمَّةُ العهد،
و الإِلّ الحِلْف؛ عن قتادة
و أَخذتني منه ذِمامٌ و مَذَمَّةٌ، و للرفيق على الرفيق ذِمامٌ أَي حق. و أَذَمَّهُ أَي أَجاره. و
في حديث سلمان: قيل له ما يَحِلُّ من ذِمَّتِنا؟.
أَراد من أَهل ذِمَّتِنا فحذف المضاف. و
في الحديث: لا تشتروا رَقيق أَهل الذمَّة و أَرَضِيهِمْ.
؛ قال ابن الأَثير: المعنى أَنهم إِذا كان لهم مَماليكُ و أَرَضُونَ و حالٌ حسنة ظاهرة كان أَكثر لجِزْيتهم، و هذا على مذهب من يَرَى أَن الجِزْية على قدر الحال، و قيل في شراء أَرَضِيهْم إِنه كرهه لأَجل الخَراج الذي يلزم الأَرض، لئلا يكون على المسلم إِذا اشتراها فيكون ذلًّا و صَغاراً. التهذيب: و المُذِمُّ المَذْموم الذَّمِيمُ. و
في حديث يونس: أَن الحوت قاءَهُ رَذِيّاً ذَمّاً.
أَي مَذْموماً شِبْهَ الهالك. ابن الأَعرابي: ذَمْذَمَ الرجل إِذا قَلَّلَ عطيته. و ذُمَّ الرجلُ: هُجِيَ، و ذُمَّ: نُقِص. و
في الحديث: أُرِيَ عبدُ المُطَّلب في منامه احْفِرْ زمزم لا يُنْزَفُ و لا يُذمُّ.
؛ قال أَبو بكر: فيه ثلاثة أَقوال: أَحدها لا يعاب من قولك ذَمَمْتُهُ إِذا عِبْتَه، و الثاني لا تُلْفَى مَذْمومة؛ يقال أَذْمَمْتُه إِذا وجدته مَذْموماً، و الثالث لا يوجد ماؤها قليلًا ناقصاً من قولك بئر ذَمَّة إِذا كانت قليلة الماء. و
في الحديث: سأَل النبيَّ «2»، صلى الله عليه و سلم، عما يُذهبُ عنه مَذَمَّةَ الرضاع فقال: غُرَّة عبد أَو أَمَة.
؛ أَراد بمَذَمَّةِ الرضاع ذِمامَ المرضعة برضاعها. و قال ابن السكيت: قال يونس يقولون أَخذَتني منه مَذِمَّةٌ و مَذَمَّةٌ. و يقال: أَذهِبْ عنك مَذَمَّةَ الرضاع بشي‏ء تعطيه للظِّئْر، و هي الذِّمامُ الذي لزمك بإِرضاعها ولدك، و قال ابن الأَثير في تفسير الحديث: المَذَمَّةُ، بالفتح، مَفْعَلة من الذَّمِّ، و بالكسر من الذِّمَّةِ و الذِّمامِ، و قيل: هي بالكسر و الفتح الحقُّ و الحرمة التي يُذَمُّ مُضَيِّعُها، و المراد بمَذَمَّة الرضاع الحق اللازم بسبب الرضاع، فكأَنه سأَل: ما يُسْقِطُ عني حق المُرضعة حتى أَكون قد أَديته كاملًا؟ و كانوا يستحبون أَن يَهَبُوا للمرضِعة عند فصال الصبي شيئاً سوى أُجرتها. و
في الحديث: خِلال المَكارم كذا و كذا و التَّذَمُّمُ للصاحب.
؛ هو أَن يحفظ ذِمامَهُ و يَطرح عن نفسه ذَمَّ الناس له إِن لم يحفظه. و
في حديث موسى و الخَضِر، عليهما السلام: أَخَذَتْهُ من صاحبه ذَمامَةٌ.
أَي حياء و إِشفاق من الذَّمِّ و اللوم. و
في حديث ابن صَيّادٍ: فأَصابتني منه ذَمامَةٌ.
و أَخذتني منه مَذَمَّة و مَذِمَّة أَي رِقَّةٌ و عار من تلك الحُرْمة. و الذَّمِيمُ: شي‏ء كالبَثْرِ الأَسود أَو الأَحمر شُبِّهَ ببيض النمل، يعلو الوجوه و الأُنوف من حَرٍّ أَو جَرَب؛ قال:
و ترى الذَّمِيم على مَراسِنِهم،             غِبَّ الهِياجِ، كمازِنِ النملِ‏

و الواحدة ذَمِيمةٌ. و الذَّمِيم: ما يسيل على أَفخاذ الإِبل و الغنم و ضُرُوعها من أَلبانها. و الذَّمِيمُ: النَّدى، و قيل: هو نَدىً يسقط بالليل على الشجر فيصيبه التراب فيصير كقِطَعِ الطين. و
في حديث الشُّؤْم و الطِّيَرَةِ: ذَرُوها ذَمِيمةً.
أَي مَذْمومةً، فَعِيلةٌ بمعنى مفعولةٍ، و إِنما أَمرهم بالتحول عنها إِبطالًا لما وقع في نفوسهم من أَن المكروه إِنما أَصابهم بسبب سُكْنى الدار، فإِذا تحولوا عنها انقطعت مادة ذلك الوهم و زال ما خامرهم من الشبهة. و الذَّمِيمُ:
__________________________________________________
 (2). قوله [سأل النبي إِلخ‏] السائل للنبي هو الحجاج كما في التهذيب.

222
لسان العرب12

ذيم ص 223

البياض الذي يكون على أَنف الجدْي؛ عن كراع؛ قال ابن سيدة: فأَما قوله أَنشدَناه أَبو العلاء لأَبي زُبَيْدٍ:
تَرى لأَخْفافِها من خَلْفِها نَسَلًا،             مثل الذَّمِيمِ على قُزْمِ اليَعامِيرِ

فقد يكون البياضَ الذي على أَنف الجَدْي، فأَما أَحمد بن يحيى فذهب إِلى أَن الذَّمِيمَ ما يَنْتَضحُ على الضروع من الأَلبان، و اليَعاميرُ عنده الجِداء، واحدها يَعْمور، و قُزْمُها صِغارُها، و الذَّمِيمُ: ما يسيل على أُنوفها من اللبن؛ و أَما ابن دُرَيْدٍ فذهب إِلى أَن الذَّمِيم هاهنا النَّدى، و اليعامير ضرب من الشجر. ابن الأَعرابي: الذَّمِيمُ و الذَّنينُ ما يسيل من الأَنف. و الذَّمِيمُ: المُخاط و البول الذي يَذِمُّ و يَذِنُّ من قَضيب التَّيْسِ، و كذلك اللبن من أَخلاف الشاة، و أَنشد بيت أَبي زبيد. و الذَّمِيمُ أَيضاً: شي‏ء يخرج من مَسامِّ المارِنِ كبيض النمل؛ و قال الحادِرَةُ:
و ترى الذَّمِيمَ على مَراسِنِهم،             يوم الهياج، كمازِنِ النَّمل‏

و رواه ابن دريد:
... كمازن الجَثْلِ‏


، قال: و الجَثْلُ ضرب من النمل كبار؛ و روي:
و ترى الذَّميم على مَناخرهم‏


قال: و الذَّميم الذي يخرج على الأَنف من القَشَفِ، و قد ذَمَّ أَنفُه و ذَنَّ. و ماء ذَميم أَي مكروه؛ و أَنشد ابن الأَعرابي للمَرَّارِ:
مُواشِكة تَسْتَعْجِلُ الرَّكْضَ تَبْتَغي             نَضائِضَ طَرْقٍ، ماؤُهُنَّ ذَمِيمُ‏

قوله مواشِكة مسرعة، يعني القَطا، و رَكْضُها: ضربها بجناحها، و النَّضائض: بقية الماء، الواحدة نَضِيضة. و الطَّرْقُ: المَطْروق.
ذيم:
الذَّيْمُ و الذامُ: العيب؛ قال عُوَيْفُ القَوافي:
أَلَمَّتْ خُناسُ، و إِلمامُها             أَحاديث نَفْسٍ و أَسْقامُها

و منها:
يَرُدُّ الكَتِيبة مَفْلولةً،             بها أَفْنُها و بها ذامُها

و قد ذامَهُ يَذيمه ذَيْماً و ذاماً: عابه. و ذِمْتُه أَذيمُه و ذأَمْتُهُ و ذَمَمْتُهُ كله بمعنى؛ عن الأَخفش، فهو مَذيم على النقص، و مَذْيُومٌ على التمام، و مَذْؤُومٌ إِذا هَمَزْتَ، و مَذْمومٌ من المضاعف؛ و قيل: الذَّيْمُ و الذامُ الذَّمُّ. و في المثل: لا تَعْدَمُ الحَسْناءُ ذاماً؛ قال ابن بري: و منه قول أَنَسِ بن نُواسِ المُحارِبيّ:
و كُنْتَ مُسَوَّداً فينا حَميداً،             و قد لا تَعْدَمُ الحَسْناء ذاما

و
في الحديث: عادت مَحاسنهُ ذاماً.
؛ الذامُ و الذَّيْمُ العيب، و قد يهمز. و
في حديث عائشة، رضي الله عنها: قالت لليهود عليكم السَّامُ و الذامُ.
و قد تقدم ذكره، و الله أَعلم.
فصل الراء المهملة
رأم:
رَئِمتِ الناقةُ ولدها تَرْأَمُهُ رَأْماً و رَأَماناً: عطفتْ عليه و لزمته، و في التهذيب: رِئْماناً أَحَبَّتْهُ؛ قال:
أَم كيف يَنْفَعُ ما تُعْطي العَلُوقُ به             رئْمانُ أَنْفٍ، إِذا ما ضُنَّ باللبن؟

223
لسان العرب12

رأم ص 223

و يروى رِئْمانَ و رِئْمانُ، فمن نصب فعلى المصدر، و من رفع فعلى البدل من الهاء. و الناقة رؤوم و رائِمَةٌ و رائِمٌ: عاطفة على ولدها، و أَرْأَمَها عليه: عَطَّفها فَتَرأّمتْ هي عليه تعطَّفت، و رَأْمُها ولدُها الذي تَرْأَمُ عليه؛ قال أَبو ذؤيب:
بمَصْدَرِه الماءَ رَأْمٌ رَذِيّ‏


قال ابن سيدة: و عندي أَنه سماه بالمصدر الذي هو في معنى مفعول كأَنه مَرْؤُوم رَذيّ. و الرُّؤَامُ و الرُّؤَالُ: اللُّعاب. ابن الأَعرابي: الرَّأْمُ الولد. الجوهري: يقال للبَوّ و الولد رَأْمٌ. و قال الليث: الرَّأْمُ البَوُّ أَو ولد ظُئِرَتْ عليه غير أُمّه؛ و أَنشد:
كأُمهات الرِّئْم أَو مَطافِلا


و قد رَئِمَتْه، فهي رائِمٌ و رَؤومٌ. ابن سيدة: و الرَّأْم البَوّ. و كل من لزم شيئاً و أَلِفَهُ و أَحبَّه فقد رَئِمَهُ؛ قال عُبَيْدُ الله بن عبد الله بن عُتْبَة:
أَبى اللهُ و الإِسلامُ أَن تَرْأَمَ الخنى             نفوسُ رِجالٍ، بالخَنَى لم تُذَلَّلِ‏

ابن السكيت: أَرْأَمْتُهُ على الأَمر و أَظْأَرته إِذا أَكرهته. و الرَّوائم: الأَثافِيُّ لرِئمانها الرمادَ، و قد رَئِمَتِ الرمادَ، فالرماد كالولد لها. و أَرْأَمْنا الناقة أَي عَطَّفناها على رَأْمِها. الأَصمعي: إِذا عُطِّفت الناقة على ولد غيرها فَرَئِمَتْه فهي رائم، فإِن لم تَرْأَمْهُ و لكنها تشَمُّهُ و لا تَدرّ عليه فهي عَلوق. و
في حديث عائشة تصف عمر، رضي الله عنهما: تَرْأَمُهُ و يأْباها، تريد الدنيا.
أَي تَعْطِف عليه كما تَرْأَمُ الأُم ولدها و الناقة حُوارَها فتشمه و تَتَرشَّفُه. و كلُّ من أَحبَّ شيئاً و أَلِفَهُ فقد رَئِمَهُ. و رَئِم الجُرْحُ رَأْماً و رِئْماناً حسناً: التَأَم، و في المحكم: انضم فُوه للبُرْء؛ و أَرْأَمَهُ إِرآماً: داواه و عالجه حتى رَئِمَ، و في الصحاح: حتى يبرأَ أَو يلتئم. و أَرْأَمَ الرجلَ على الشي‏ء: أَكرهه. و رَأَمَ الحبلَ يَرْأَمُه و أَرْأَمَه: فتله فتلًا شديداً. و الرُّومَةُ، بغير همز: الغِراء الذي يُلصَقُ به ريش السهم، و حكاها ثعلب مهموزة. الجوهري: الرُّؤمَة الغِراء الذي يلصق به الشي‏ء. و الرِّئْمُ: الخالص من الظِّباء و قيل: هو ولد الظَّبي، و الجمع أَرْآم، و قلبوا فقالوا آرام، و الأُنثى رِئْمَة؛ أَنشد ثعلب:
بمثل جِيد الرِّئْمة العُطْبُلِ‏


شدد للضرورة كقوله بعد هذا:
ببازلٍ وَجْناء أَو عَيْهَلِ‏


أَراد أَو عَيْهَلٍ فشدَّد. الأَصمعي: من الظِّباء الآرام و هي البيض الخالصة البياض، و قال أَبو زيد مثله، و هي تسكن الرِّمال. و الرَّؤُوم من الغنم: التي تلحس ثياب من مرَّ بها. و رَأَمَ القَدَحَ يَرْأَمُهُ رَأْماً و لأَمَهُ: أَصلَحَه كَرأَبَهُ. الشيباني: رأَمْتُ شَعْب القَدَح إِذا أَصلحته؛ و أَنشد:
و قَتْلى بِحِقْفٍ من أُوارَةَ جُدِّعَتْ،             صَدَعْنَ قلوباً لم تُرَأّمْ شُعوبها

و الرُّئِمُ: الاست؛ عن كراع، حكاها بالأَلف و اللام، و لا نظير لها إِلَّا الدُّئِل و هي دُوَيْبَّةٌ؛ قال رؤبة:
ذَلَّ و أَقْعَتْ بالحَضِيضِ رُئِمُه‏


و رِئام: موضع. و قيل: هي مدينة من مدائن حِمْير يَحُلُّها أَولادُ أَوْدٍ، قال الأَفْوَه الأَوْدي:
إِنَّا بَنُو أَوْدِ الذي بِلِوائه             مُنِعَتْ رِئامُ، و قد غَزاها الأَجْدع‏

224
لسان العرب12

رتم ص 225

ربم:
التهذيب: أَهمله الليث. قال ابن الأَعرابي: الرِّبَمُ الكَلأُ المتصل.
رتم:
رَتَمَ الشي‏ءَ يَرْتِمُهُ رَتْماً: كسره و دقه. و شي‏ءٌ رتِيمٌ و رَتْمٌ، على الصفة بالمصدر: مكسور، و خص اللحياني بالرَّتْم كسر الأَنف. التهذيب: و الرَّتْمُ و الرَّثْمُ، بالتاء و الثاء، واحد. و قد رَتَمَ أَنْفَه و رَثَمَهُ: كسره. و الرَّتْمُ: المَرْتوم. و الرَّتْمُ: الدق و الكسر. يقال: رَتَمَ أَنفه رَتْماً؛ قال أَوْسُ بن حَجَرِ:
لأَصْبَحَ رَتْماً دُقاقَ الحَصَى،             مكانَ النَّبيِّ من الكائِبِ‏

و روي بيت أَوس بن حجر بالتاء و الثاء و معناهما واحد. و
في حديث أَبي ذَرٍّ: في كل شي‏ء صدقة حتى في بيانك عن الأَرْتَمِ.
؛ قال ابن الأَثير: كذا وقع في الرواية، فإِن كان محفوظاً فلعله من قولهم رَتَمْتُ الشي‏ء إِذا كسرته، و يكون معناه معنى الأَرَتِّ الذي لا يُفْصح الكلام و لا يُفْهِمُه و لا يُبِينُهُ، و إِن كان بالثاء المثلثة فسيأْتي ذكره. و الرُّتامُ: المتكسر؛ قال عنترة:
أَ لَسْتم تَغضبون إِذا رأَيتم             يميني وَعْثَةً، و فمي رُتاما؟

وَعْثة: متكسرة. و الرَّتَمَةُ: الخيط يُعْقَدُ على الإِصبع و الخاتم للعلامة، و في المحكم: خيط يعقد في الإِصبع للتَّذَكُّر، و في الصحاح: خيط يشد في الإِصبع لتُسْتذكر به الحاجةُ. و ذكره الجوهري الرَّتْمة، و رأَيته في باقي الأُصول الرَّتَمَةَ. قال ابن بري: قال علي بن حمزة الرَّتَمَةُ هي الرَّتِيمة، بفتح التاء. و
في الحديث: النهي عن شدِّ الرَّتائِم.
؛ هي جمع رَتِيمةٍ الخيط الذي يشد في الإِصبع لتستذكر به الحاجة، و الجمع رَتَمٌ، و هي الرَّتِيمة، و جمعها رَتائِم و رِتام. و أَرْتَمَه إِرْتاماً: عقد الرَّتِيمة في إِصبعه يستذكره حاجته؛ و قال الشاعر:
إِذا لم تكن حاجاتُنا في نُفُوسِكُمْ،             فليس بمُغْنٍ عنك عَقْدُ الرَّتائم‏

و ارْتَتَمَ بها و تَرَتَّمَ؛ و قول الشاعر:
هل يَنْفعَنْكَ اليوم، إِن هَمَّتْ بِهَمْ،             كثرةُ ما تُوصي و تَعْقادُ الرَّتَمْ؟

قال ابن بري: الرَّتَمُ هاهنا جمع رَتَمَةٍ و هي الرَّتِيمة، قال: و ليس هو النبات المعروف لأَن الرَّتائِم لا تَخُصُّ شجراً دون شجر، و قيل في قوله و تَعْقادُ الرَّتَم قال: الرَّتِيمةُ أَن يَعْقد الرجلُ إِذا أَراد سفراً شجرتين أَو غُصْنين يعقدهما غُصْناً على غصن و يقول: إِن كانت المرأَة على العهد و لم تَخُنْهُ بقي هذا على حاله معقوداً و إِلَّا فقد نقضت العهد، و في المحكم: فإِذا رجع فوجدهما على ما عقد قال قد وَفَتِ امرأَته، و إِذا لم يجدهما على ما عقد قال قد نَكَثَتْ، و كذلك قال ابن السكيت في تفسير البيت. و الرَّتَمُ، بفتح التاء: شجر، واحدته رَتَمَةٌ. و قال أَبو حنيفة: الرَّتَمُ و الرَّتِيمَةُ نبات من دِقِّ الشجر كأَنه من دقته يشبَّه بالرَّتَمِ؛: قال الراجز:
نَظَرْتُ و العَيْنُ مُبِينَةُ التَّهَمْ             إِلى سَنا نارٍ، وَقُودُها الرَّتَمْ،
شُبَّتْ بأَعْلى عانِدَيْنِ من إِضَمْ‏


و الرَّتَمُ: المَزادة؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
فتِلْكُ المَكارِمُ لا قِيلُكُمْ،             غَداةَ اللِّقاءِ، مَكَرَّ الرَّتَمْ «1».

__________________________________________________
 (1). قوله: تلكُ بالبناء على الضمّ، لعله أَراد تِلكُمُ المكارمُ فحذف الميم محافظة على وزن الشعر و أَبقى البناء على الضم.

225
لسان العرب12

رتم ص 225

ابن الأَعرابي: الرَّتَمُ المَزادة المملوءة ماء. و الرَّتْماءُ: الناقة التي تحمل الرَّتَمَ، و الرَّتَمُ: المحجَّةُ. و الرتَم: الكلام الخفي. و ما رَتَمَ فلان بكلمة أَي ما تكلم بها. و الرَّتَمُ: الحَياء التام. و الرَّتَمُ: ضرب من النبات. و ما زِلْتُ راتِماً على هذا الأَمر و راتِباً أَي مقيماً، و زعم يعقوب أَن ميمه بدل، و المصدر الرتَمُ. و يَرْتُمٌ: جبل بأَرض بني سُلَيْمٍ؛ قال:
تَلَفَّعَ فيها يَرْتُمٌ و تَعَمَّما


رثم:
الرَّثَمُ و الرُّثْمةُ: بياض في طرف أَنف الفرس، و قيل: هو في جَحْفَلَةِ الفرس العليا، و قيل: هو كل بياض قل أَو كثر إِذا أَصاب الجَحْفَلة العليا إِلى أَن يبلغ المَرْسِنَ، و قيل: هو البياض في الأَنف؛ و قد رَثِمَ رَثَماً، فهو رَثِمٌ و أَرْثَمُ، و الأُنثى رَثْماء. قال أَبو عبيدة في شيات الفرس: إِذا كان بجَحْفَلَةِ الفرس العليا بياض فهو أَرْثَمُ، و إِن كان بالسُّفلى بياض فهو أَلْمظُ، و هي الرُّثْمَةُ و اللُّمظَةُ، الجوهري: و قد ارْثَمَّ الفرس ارْثِماماً صار أَرْثَمَ. و
في الحديث: خير الخيل الأَرْثَمُ الأَقْرَحُ.
؛ الأَرْثَمُ الذي أَنفه أَبيض و شفته العليا. و نعجة رَثْماء: سوداء الأَرْنَبَة و سائرها أَبيض. و رَثَمَ أَنفه وفاه يَرْثِمُهُ رَثْماً، فهو مَرْثُومُ و رَثيم إِذا كسره حتى تَقَطَّرَ منه الدم، و كذلك رَتَمَه، بالتاء. و كل ما لُطِخَ بدم أَو كسر فهو رَثِيم. الليث: تقول العرب رَثَمْتُ فاه رَثْماً، و الرَّثْمُ تَخْديش و شق من طرف الأَنف حتى يخرج الدم فيقطر. و
في حديث أَبي ذر: بيانك عن الأَرْثَمِ صدقة.
؛ قال ابن الأَثير: هو الذي لا يُصَحِّح كلامه و لا يُبَيِّنُهُ لآفةٍ في لسانه، و أَصله من رَثيم الحَصى، و هو ما دُقَّ منه بالأَخْفاف أَو من رَثَمْتُ أَنفه إِذا كسرته فكأَنّ فمه قد كسر فلا يُفْصِحُ في كلامه، و قد ذكر في رَتَمَ بالتاء. و رَثَمَتِ المرأَة أَنفها بالطيب: لطَخَتْهُ و طَلَتْهُ، و هو على التشبيه. و المِرْثَمُ: الأَنف في بعض اللغات من ذلك. و رَثِمَ مَنْسِمُ البعير: دَمِيَ. التهذيب: و الرَّثْمُ كسر من طرف مَنْسِمِ البعير؛ قال ذو الرُّمَّةِ يصف امرأَة:
تَثْني النِّقابَ على عِرْنِينِ أَرْنَبَة             شَمَّاء، مارِنُها بالمِسْكِ مَرْثوم‏

قال الأَصمعي: الرَّثْم أَصله الكسر، فشبه أَنفها مُلَغَّماً بالطيب بأَنف مكسور ملطخ بالدم، كأَنه جعل المسك في المارِنِ شَبيهاً بالدم في الأَنف المَرْثوم. و خُفّ مَرْثُوم مثل مَلْثُوم إِذا أَصابته حجارة فَدَمِيَ؛ و قال لبيد في المَنْسِمِ:
بِرَثِيمٍ مَعِرٍ دامي الأَظَلّ‏


مَنْسِمٌ رَثِيم: أَدْمَتْهُ الحجارة. و حَصىً رَثِيمٌ و رَثْمٌ إِذا انكسر؛ قال الطَّرماح:
رَثِيم الحَصى من مَلْكِها المُتَوَضِّحِ‏


قال أَبو منصور: و كل كسر ثَرْمٌ و رَتْمٌ و رَثْم؛ و قال الشاعر:
لأَصْبَحَ رَثْماً دُقاقَ الحَصى،             مكان النبيِّ من الكاثِب «1».

و الرَّثِيمةُ: الفأْرة.
رجم:
الرَّجْمُ: القتل، و قد ورد في القرآن الرَّجْمُ القتل في غير موضع من كتاب الله عز و جل، و إِنما قيل للقتل رَجْمٌ لأَنهم كانوا إِذا قتلوا رجلًا رَمَوْهُ‏
__________________________________________________
 (1). راجع البيت في مادة رتم.

226
لسان العرب12

رجم ص 226

بالحجارة حتى يقتلوه، ثم قيل لكل قتل رَجْمٌ، و منه رجم الثيِّبَيْنِ إِذا زَنَيا، و أَصله الرمي بالحجارة. ابن سيدة: الرَّجْمُ الرمي بالحجارة. رَجَمَهُ يَرْجُمُهُ رَجْماً، فهو مَرْجُوم و رَجِيمٌ. و الرَّجْمُ: اللعن، و منه الشيطان الرَّجِيمُ أَي المَرْجُومُ بالكَواكب، صُرِفَ إِلى فَعِيلٍ من مَفْعُولٍ، و قيل: رَجِيم ملعون مَرْجوم باللعنة مُبْعَدٌ مطرود، و هو قول أَهل التفسير، قال: و يكون الرَّجيمُ بمعنى المَشْتُوم المَنْسوب من قوله تعالى: لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ‏
؛ أَي لأَسُبَّنَّكَ. و الرَّجْمُ: الهِجْرانُ، و الرَّجْمُ الطَّرْدُ، و الرَّجْمُ الظن، و الرجم السَّب و الشتم. و قوله تعالى، حكاية عن قوم نوح، على نبينا و عليه الصلاة و السلام: لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ‏
؛ قيل: المعنى من المَرْجومين بالحجارة، و قد تَراجَمُوا و ارْتَجَمُوا؛ عن ابن الأَعرابي و أَنشد:
فهي تَرامى بالحَصى ارْتِجامها


و الرَّجْمُ: ما رُجِمَ به، و الجمع رُجومٌ. و الرُّجُمُ و الرُّجُوم: النجوم التي يرمى بها. التهذيب: و الرَّجْمُ اسم لما يُرْجَمُ به الشي‏ء المَرْجوم، و جمعه رُجومٌ. قال الله تعالى في الشُّهُب: وَ جَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ‏
؛ أَي جعلناها مَرامي لهم. و تَراجَمُوا بالحجارة أَي تَرامَوْا بها. و
في حديث قتادة: خلق الله هذه النجوم لثلاثٍ: زينةً للسماء، و رُجُوماً لِلشَّياطِينِ‏
، و عَلاماتٍ يُهْتَدى بها.
؛ قال ابن الأَثير: الرُّجُومُ جمع رَجْمٍ، و هو مصدر سمي به، و يجوز أَن يكون مصدراً لا جمعاً، و معنى كونها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ‏
 أَن الشُّهُبَ التي تَنْقَضُّ في الليل منفصلةٌ من نار الكواكب و نورِها، لا أَنهم يُرْجَمُونَ بالكواكب أَنفسها، لأَنها ثابتة لا تزول، و ما ذاك إِلا كَقَبسٍ يُؤْخَذُ من نار و النار ثابتة في مكانها، و قيل: أَراد بالرُّجوم الظُّنون التي تُحْزَرُ و تُظَنُّ؛ و منه قوله تعالى: سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَ يَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ‏
؛ و ما يعانيه المُنَجِّمُونَ من الحَدْسِ و الظن و الحُكْمِ على اتصال النجوم و انفصالها، و إِياهم عنى بالشياطين لأَنهم شياطين الإِنْس، قال: و
قد جاء في بعض الأَحاديث: من اقْتَبَسَ باباً من علم النجوم لغير ما ذكر الله فقد اقتبس شُعْبَةً من السحر.
المُنَجِّمُ كاهِنٌ و الكاهن ساحر و الساحر كافر.
؛ فجعل المُنَجِّمَ الذي يتعلم النجوم للحكم بها و عليها و ينسب التأْثيرات من الخير و الشر إِليها كافراً، نعوذ بالله من ذلك. و الرَّجْمُ: القول بالظن و الحَدْسِ، و في الصحاح: أَن يتكلم الرجل بالظن؛ و منه قوله: رَجْماً بِالْغَيْبِ‏
. و فرس مِرْجَمٌ: يَرْجُمُ الأَرض بحَوافره، و كذلك البعير، و هو مَدْحٌ، و قيل: هو الثقيل من غير بُطْء، و قد ارْتَجَمَتِ الإِبل و تَراجَمَتْ. و جاء يَرْجُمُ إِذا مَرَّ يَضْطَرِمُ عَدْوُهُ؛ هذه عن اللحياني. و راجَمَ عن قومه: ناضَلَ عنهم. و الرِّجامُ: الحجارة، و قيل: هي الحجارة المجتمعة، و قيل: هي كالرِّضام و هي صخور عظام أَمثال الجُزُرِ، و قيل: هي كالقُبور العادِيَّةِ، واحدتها رُجْمةٌ، و الرُّجْمةُ حجارة مرتفعة كانوا يطوفون حولها، و قيل: الرُّجُمُ، بضم الجيم، و الرُّجْمَةُ، بسكون الجيم جميعاً، الحجارة التي تُنْصَبُ على القبر، و قيل: هما العلامةُ. و الرُّجْمة و الرَّجْمة: القبر، و الجمع رِجامٌ، و هو الرَّجَمُ، بالتحريك، و الجمع أَرْجامٌ، سمي رَجَماً لما يجمع عليه من الأَحجار؛ و منه قول كَعْب‏
                       

227
لسان العرب12

رجم ص 226

بن زُهَيْرٍ:
أَنا ابنُ الذي لم يُخْزِني في حَياتِه،             و لم أُخْزِه حتى أُغَيَّبَ في الرَّجَمْ «2».

و الرَّجَمُ، بالتحريك: هو القبر نفسه. و الرُّجْمَة، بالضم، واحد الرُّجَمِ و الرِّجامِ، و هي حجارة ضِخامٌ دون الرِّضامِ، و ربما جمعت على القبر ليُسَنَّمَ؛ و أَنشد ابن بري لابن رُمَيْضٍ العَنْبَرِيّ:
يَسِيلُ على الحاذَيْنِ و السَّتِّ حَيضُها،             كما صَبّ فوقَ الرُّجْمةِ الدّمَ ناسِكُ‏

السَّتُّ: لغة في الاسْتِ. الليث: الرُّجْمة حجارة مجموعة كأَنها قُبورُ عادٍ و الجمع رِجام. الأَصمعي: الرُّجْمةُ دون الرِّضام و الرضام صخور عِظام تجمع في مكان. أَبو عمرو: الرِّجامُ الهِضابُ، واحدتها رُجْمة. و رِجامٌ: موضع؛ قال لبيد:
عَفَتِ الدِّيارُ: مَحَلُّها فَمُقامُها             بِمِنىً، تأَبَّدَ غَوْلُها فرِجامُها

و الرَّجَمُ و الرِّجامُ: الحجارة المجموعة على القبور؛ و منه‏
قول عبد الله بن مُغَفَّلٍ المُزَنِيّ: لا تَرْجُموا قبري.
أَي لا تجعلوا عليه الرَّجَمَ، و أَراد بذلك تسوية القبر بالأَرض، و أَن لا يكون مُسَنَّماً مرتفعاً كما
قال الضحاك في وصيته: ارْمُسُوا قبري رَمْساً.
؛ و قال أَبو بكر: معنى وصيته لبَنِيه لا تَرْجُمُوا قبري معناه لا تَنُوحُوا عند قبري أَي لا تقولوا عنده كلاماً سَيِّئاً قبيحاً، من الرَّجْم السب و الشتم؛ قال الجوهري: المحدّثون يروونه لا تَرْجُمُوا، مخففاً، و الصحيح تُرَجِّمُوا مشدداً، أَي لا تجعلوا عليه الرَّجَمَ و هي الحجارة، و الرَّجْماتُ: المَنارُ، و هي الحجارة التي تجمع و كان يُطاف حولها تُشَبَّهُ بالبيت؛ و أَنشد:
كما طافَ بالرَّجْمَةِ المُرْتَجِمْ‏


و رَجَمَ القبر رَجْماً: عمله، و قيل: رَجَمَه يَرْجُمه رَجْماً وضع عليه الرَّجَم، بالفتح و التحريك، التي هي الحجارة. و الرَّجَمُ أَيضاً: الحُفْرَةُ و البئر و التَّنُّور. أَبو سعيد: ارْتَجَمَ الشي‏ءُ و ارْتَجَنَ إِذا ركب بعضُه بعضاً. و الرُّجْمَةُ، بالضم: وِجارُ الضبع. و يقال: صار فلان مُرَجَّماً لا يوقف على حقيقة أَمره؛ و منه الحديث المُرَجَّمُ، بالتشديد؛ قال زهير:
و ما هُوَ عنها بالحَديث المُرَجَّمِ‏


و الرَّجْمُ: القَذْفُ بالغيب و الظنّ؛ قال أَبو العِيال الهُذَليّ:
إِنَّ البَلاءَ، لَدَى المَقاوِسِ، مُخْرِجٌ             ما كان من غَيْبٍ، و رَجْمِ ظُنونِ‏

و كلام مُرَجَّمٌ: عن غير يقين. و في التنزيل العزيز: لَأَرْجُمَنَّكَ أَي لأَهْجُرَنَّكَ و لأَقولنَّ عنك بالغيب ما تكره. و المَراجمُ: الكلِمُ القَبيحة. و تَراجَموا بينهم بمَراجِمَ: تَرامَوْا. و الرِّجامُ: حجر يشد في طَرَف الحبل، ثم يُدَلَّى في البئر فتُخَضْخَض به الحَمْأَة حتى تثور، ثم يُسْتَقَى ذلك الماءُ فتستنقى البئرُ، و هذا كله إِذا كانت البئر بعيدة القعر لا يقدرون على أَن ينزلوا فَيُنْقُوها، و قيل: هو حجر يشد بعَرْقوَةِ الدَّلو ليكون أَسرع لانْحِدارها؛ قال:
__________________________________________________
 (2). قوله [أَغيب‏] كذا في الأصل، و الذي في التهذيب: تغيب.

228
لسان العرب12

رجم ص 226

كأَنَّهُما، إِذا عَلَوا وجِيناً             و مَقْطَعَ حَرَّةٍ، بَعَثا رِجاما

وصف عَيْراً و أَتاناً يقول: كأَنما بعثا حجارة. أَبو عمرو: الرِّجامُ ما يُبْنى على البئر ثم تُعَرَّضُ عليه الخشبةُ للدلو؛ قال الشماخ:
على رِجامَيْنِ من خُطَّافِ ماتِحَةٍ،             تَهْدِي صُدُورَهُما وُرْقٌ مَراقِيلُ‏

الجوهري: الرِّجامُ المِرْجاس، قال: و ربما شُدّ بطرف عَرْقُوَةِ الدلو ليكون أَسرع لانحدارها. و رجل مِرْجَمٌ، بالكسر، أَي شديد كأَنه يُرْجَمُ به مُعادِيه؛ و منه قول جرير:
قد عَلِمَتْ أُسَيِّدٌ و خَضَّمُ             أَن أَبا حَرْزَمَ شيخ مِرْجَمُ‏

و قال ابن الأَعرابي: دفع رجل رجلًا فقال: لَتَجِدَنِّي ذا مَنْكِبٍ مِزْحَم و رُكْنٍ مِدْعَم و لسان مِرجَم. و المِرْجامُ: الذي تُرْجَمُ به الحجارة. و لسان مِرْجَمٌ إِذا كان قَوَّالًا. و الرِّجامانِ: خشبتان تنصبان على رأْس البئر يُنْصبُ عليهما القَعْوُ و نحوه من المَساقي. و الرَّجائم: الجبال التي ترمي بالحجارة، واحدتها رَجِيمةٌ؛ قال أَبو طالب:
غِفارِية حَلَّتْ بِبَوْلانَ حَلَّةً             فَيَنْبُعَ، أَو حَلَّتْ بَهَضْبِ الرَّجائم‏

و الرَّجْمُ: الإِخْوانُ: عن كراع وحده، واحدهم رَجْمٌ و رَجَمٌ؛ قال ابن سيدة: و لا أَدري كيف هذا. و قال ثعلب: الرَّجْمُ الخَليل و النَّدِيم. و الرُّجْمَةُ: الدُّكَّانُ الذي تعتمد عليه النخلة الكريمة؛ عن كراع و أَبي حنيفة، قالا: أَبدلوا الميم من الباء، قال: و عندي أَنها لغة كالرُّجْبَةِ. و مَرْجُومٌ: لقب رجل من العرب كان سيِّداً ففاخر رجلًا من قومه إِلى بعض ملوك الحِيرة فقال له: قد رَجَمْتُك بالشرف، فسمي مَرْجُوماً؛ قال لبيد:
و قَبِيلٌ، من لُكَيْزٍ، شاهِدٌ،             رَهْطُ مَرْجُومٍ و رَهْطُ ابن المُعَلّ‏

و رواية من رواه‏
... مَرْحُوم ...


، بالحاء خطأ، و أَراد ابن المُعَلَّى و هو جَدُّ الجارودِ بن بشير بن عمرو بن المُعَلَّى. و الرِّجامُ: موضع؛ قال:
بمِنىً، تأَبَّدَ غَوْلُها فرِجامُها


و التَّرْجُمانُ و التُّرْجُمانُ: المفسِّر، و قد تَرْجَمَهُ و تَرْجَمَ عنه، و هو من المثل الذي لم يذكره سيبويه. قال ابن جني: أَما تَرْجُمانُ فقد حكيت فيه تُرْجُمان، بضم أَوله، و مثاله فُعْلُلان كعُتْرُفان و دُحْمُسان، و كذلك التاء أَيضاً فيمن فتحها أَصلية، و إِن لم يكن في الكلام مثل جَعْفُرٍ لأَنهُ قد يجوز مع الأَلف و النون من الأَمثله ما لولاهما لم يجز، كعُنْفُوان و خِنْذِيان و رَيْهُقان، أَ لا ترى أَنه ليس في الكلام فُعْلُوٌ و لا فِعْلِيٌ و لا فَيْعُلٌ؟ و يقال: قد تَرْجَمَ كلامَه إِذا فسره بلسان آخر؛ و منه التَّرْجَمانُ، و الجمع التَّراجِمُ مثل زَعْفَرانٍ و زَعافِر، و صَحْصحان و صحاصِح؛ قال: و لك أَن تضم التاء لضمة الجيم فتقول تُرْجُمان مثل يَسْرُوع و يُسْروع؛ قال الراجز:
و مَنْهل وَرَدْتُه التِقاطا

229
لسان العرب12

رجم ص 226

 لم أَلْقَ، إِذْ وَرَدْتُه، فُرَّاطا             إِلا الحمامَ الوُرْقَ و الغَطاطا،
فهُنَّ يُلْغِطْنَ به إِلْغاطا،             كالتُّرْجُمان لَقِيَ الأَنْباطا

رحم:
الرَّحْمة: الرِّقَّةُ و التَّعَطُّفُ، و المرْحَمَةُ مثله، و قد رَحِمْتُهُ و تَرَحَّمْتُ عليه. و تَراحَمَ القومُ: رَحِمَ بعضهم بعضاً. و الرَّحْمَةُ: المغفرة؛ و قوله تعالى في وصف القرآن: هُدىً وَ رَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ*
؛ أَي فَصَّلْناه هادياً و ذا رَحْمَةٍ؛ و قوله تعالى: وَ رَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ
؛ أَي هو رَحْمةٌ لأَنه كان سبب إِيمانهم، رَحِمَهُ رُحْماً و رُحُماً و رَحْمةً و رَحَمَةً؛ حكى الأَخيرة سيبويه، و مَرحَمَةً. و قال الله عز و جل: وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَ تَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ
؛ أَي أَوصى بعضُهم بعضاً بِرَحْمَة الضعيف و التَّعَطُّف عليه. و تَرَحَّمْتُ عليه أَي قلت رَحْمَةُ الله عليه. و قوله تعالى: إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ‏
؛ فإِنما ذَكَّرَ على النَّسَبِ و كأَنه اكتفى بذكر الرَّحْمَةِ عن الهاء، و قيل: إِنما ذلك لأَنه تأْنيث غير حقيقي، و الاسم الرُّحْمى؛ قال الأَزهري: التاء في قوله إِنَّ رَحْمَتَ‏
 أَصلها هاء و إِن كُتِبَتْ تاء. الأَزهري: قال عكرمة في قوله ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها
: أَي رِزْقٍ، وَ لَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ‏
: أَي رِزقاً، وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً
: أَي عَطْفاً و صُنعاً، وَ إِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ
: أَي حَياً و خِصْباً بعد مَجاعَةٍ، و أَراد بالناس الكافرين. و الرَّحَمُوتُ: من الرحمة. و في المثل: رَهَبُوتٌ خير من رَحَمُوتٍ أَي لأَنْ تُرْهَبَ خير من أَن تُرْحَمَ، لم يستعمل على هذه الصيغة إِلا مُزَوَّجاً. و تَرَحَّم عليه: دعا له بالرَّحْمَةِ. و اسْتَرْحَمه: سأَله الرَّحْمةَ، و رجل مَرْحومٌ و مُرَحَّمٌ شدّد للمبالغة. و قوله تعالى: وَ أَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا
؛ قال ابن جني: هذا مجاز و فيه من الأَوصاف ثلاثة: السَّعَةُ و التشبيه و التوكيد، أَما السَّعَةُ فلأَنه كأَنه زاد في أَسماء الجهات و المحالّ اسم هو الرَّحْمةُ، و أَما التشبيه فلأَنه شَبَّه الرَّحْمةَ و إِن لم يصح الدخول فيها بما يجوز الدخول فيه فلذلك وضعها موضعه، و أَما التوكيد فلأَنه أَخبر عن العَرَضِ بما يخبر به عن الجَوْهر، و هذا تَغالٍ بالعَرَضِ و تفخيم منه إِذا صُيِّرَ إِلى حَيّز ما يشاهَدُ و يُلْمَسُ و يعاين، أَ لا ترى إِلى قول بعضهم في الترغيب في الجميل: و لو رأَيتم المعروف رجلًا لرأَيتموه حسناً جميلًا؟ كقول الشاعر:
و لم أَرَ كالمَعْرُوفِ، أَمّا مَذاقُهُ             فحُلْوٌ، و أَما وَجْهه فجميل‏

فجعل له مذاقاً و جَوْهَراً، و هذا إِنما يكون في الجواهر، و إِنما يُرَغِّبُ فيه و ينبه عليه و يُعَظِّمُ من قدره بأَن يُصَوِّرَهُ في النفس على أَشرف أَحواله و أَنْوَه صفاته، و ذلك بأَن يتخير شخصاً مجسَّماً لا عَرَضاً متوهَّماً. و قوله تعالى: وَ اللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ
؛ معناه يَخْتَصُّ بنُبُوَّتِهِ من يشاء ممن أَخْبَرَ عز و جل أَنه مُصْطفىً مختارٌ. و الله الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ*
: بنيت الصفة الأُولى على فَعْلانَ لأَن معناه الكثرة، و ذلك لأَن رحمته وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ و هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ*
، فأَما الرَّحِيمُ فإِنما ذكر بعد الرَّحْمن لأَن الرَّحْمن مقصور على الله عز و جل،. و الرحيم قد يكون لغيره؛ قال الفارسي: إِنما قيل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
 فجي‏ء ب الرَّحِيمِ*
 بعد استغراق الرَّحْمنِ*
 معنى الرحْمَة لتخصيص‏

230
لسان العرب12

رحم ص 230

المؤمنين به في قوله تعالى: وَ كانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً
، كما قال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، ثم قال: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ؛ فخصَّ بعد أَن عَمَّ لما في الإِنسان من وجوه الصِّناعة و وجوه الحكمةِ، و نحوُه كثير؛ قال الزجاج: الرَّحْمنُ*
 اسم من أَسماء الله عز و جل مذكور في الكتب الأُوَل، و لم يكونوا يعرفونه من أَسماء الله؛ قال أَبو الحسن: أَراه يعني أَصحاب الكتب الأُوَلِ، و معناه عند أَهل اللغة ذو الرحْمةِ التي لا غاية بعدها في الرَّحْمةِ، لأَن فَعْلان بناء من أَبنية المبالغة، و رَحِيمٌ فَعِيلٌ بمعنى فاعلٍ كما قالوا سَمِيعٌ بمعنى سامِع و قديرٌ بمعنى قادر، و كذلك رجل رَحُومٌ و امرأَة رَحُومٌ؛ قال الأَزهري و لا يجوز أَن يقال رَحْمن إِلَّا لله عز و جل، و فَعْلان من أَبنية ما يُبالَعُ في وصفه، فالرَّحْمن الذي وسعت رحمته كل شي‏ء، فلا يجوز أَن يقال رَحْمن لغير الله؛ و حكى الأَزهري عن أَبي العباس في قوله الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ*
: جمع بينهما لأَن الرَّحْمن عِبْرانيّ و الرَّحيم عَرَبيّ؛ و أَنشد لجرير:
لن تُدْرِكوا المَجْد أَو تَشْرُوا عَباءَكُمُ             بالخَزِّ، أَو تَجْعَلُوا اليَنْبُوتَ ضَمْرانا
أَو تَتْركون إِلى القَسَّيْنِ هِجْرَتَكُمْ،             و مَسْحَكُمْ صُلْبَهُمْ رَحْمانَ قُرْبانا؟

و
قال ابن عباس: هما اسمان رقيقان أَحدهما أَرق من الآخر، ف الرَّحْمنُ*
 الرقيق و الرَّحِيمُ*
 العاطف على خلقه بالرزق.
؛ و
قال الحسن؛ الرّحْمن اسم ممتنع لا يُسَمّى غيرُ الله به، و قد يقال رجل رَحيم.
الجوهري: الرَّحْمن و الرَّحيم اسمان مشتقان من الرَّحْمة، و نظيرهما في اللغة نَديمٌ و نَدْمان، و هما بمعنى، و يجوز تكرير الاسمين إِذا اختلف اشتقاقهما على جهة التوكيد كما يقال فلان جادٌّ مُجِدٌّ، إِلا أَن الرحمن اسم مختص لله تعالى لا يجوز أَن يُسَمّى به غيره و لا يوصف، أَ لا ترى أَنه قال: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ؟
 فعادل به الاسم الذي لا يَشْرَكُهُ فيه غيره، و هما من أَبنية المبالغة، و رَحمن أَبلغ من رَحِيمٌ، و الرَّحيم يوصف به غير الله تعالى فيقال رجل رَحِيمٌ، و لا يقال رَحْمن. و كان مُسَيْلِمَةُ الكذاب يقال له رَحْمن اليَمامة، و الرَّحيمُ قد يكون بمعنى المَرْحوم؛ قال عَمَلَّسُ بن عقيلٍ:
فأَما إِذا عَضَّتْ بك الحَرْبُ عَضَّةً،             فإِنك معطوف عليك رَحِيم‏

و الرَّحْمَةُ في بني آدم عند العرب: رِقَّةُ القلب و عطفه. و رَحْمَةُ الله: عَطْفُه و إِحسانه و رزقه. و الرُّحْمُ، بالضم: الرحمة. و ما أَقرب رُحْم فلان إِذا كان ذا مَرْحَمةٍ و بِرٍّ أَي ما أَرْحَمَهُ و أَبَرَّهُ. و في التنزيل: وَ أَقْرَبَ رُحْماً
، و قرئت: رُحُماً الأَزهري: يقول أَبرَّ بالوالدين من القتيل الذي قتله الخَضِرُ، و كان الأَبوان مسلمين و الابن كافراً فولد لهما بعدُ بنت فولدت نبيّاً؛ و أَنشد الليث:
أَحْنَى و أَرْحَمُ من أُمٍّ بواحِدِها             رُحْماً، و أَشْجَعُ من ذي لِبْدَةٍ ضارِي‏

و قال أَبو إِسحق في قوله: وَ أَقْرَبَ رُحْماً
؛ أَي أَقرب عطفاً و أَمَسَّ بالقرابة. و الرُّحْمُ و الرُّحُمُ في اللغة: العطف و الرَّحْمةُ؛ و أَنشد:
فَلا، و مُنَزِّلِ الفُرْقان،             مالَكَ عِندَها ظُلْمُ‏
و كيف بظُلْمِ جارِيةٍ،             و منها اللينُ و الرُّحْمُ؟

231
لسان العرب12

رحم ص 230

و قال العجاج:
و لم تُعَوَّجْ رُحْمُ مَنْ تَعَوَّجا


و قال رؤبة:
يا مُنْزِلَ الرُّحْمِ على إِدْرِيس‏


و قرأَ أَبو عمرو بن العلاء: و أَقْرَبَ رُحُماً، و بالتثقيل، و احتج بقول زهير يمدح هَرِمَ بن سِنانٍ:
و من ضَرِيبتِه التَّقْوى و يَعْصِمُهُ،             من سَيِ‏ء العَثَراتِ، اللهُ و الرُّحُمُ «3».

و هو مثل عُسْرٍ و عُسُرٍ. و أُمُّ رُحْمٍ و أُمّ الرُّحْمِ: مكة. و
في حديث مكة: هي أُمُّ رُحْمٍ.
أَي أَصل الرَّحْمَةِ. و المَرْحُومةُ: من أَسماء مدينة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم، يذهبون بذلك إِلى مؤمني أَهلها. و سَمَّى الله الغَيْث رَحْمةً لأَنه برحمته ينزل من السماء. و قوله تعالى حكاية عن ذي القَرْنَيْنِ: هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي‏
؛ أَراد هذا التمكين الذي قال ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ، أَراد و هذا التمكين الذي آتاني الله حتى أَحكمْتُ السَّدَّ رَحْمَة من ربي. و الرَّحِمُ: رَحِمُ الأُنثى، و هي مؤنثة؛ قال ابن بري: شاهد تأْنيث الرَّحِم قولهم رَحِمٌ مَعْقومَةٌ، و قولُ ابن الرِّقاع:
حَرْف تَشَذَّرَ عن رَيَّانَ مُنْغَمِسٍ،             مُسْتَحْقَبٍ رَزَأَتْهُ رِحْمُها الجَمَلا

ابن سيدة: الرَّحِمُ و الرِّحْمُ بيت مَنْبِتِ الولد و وعاؤه في البطن؛ قال عَبيد:
أَ عاقِرٌ كذات رِحْمٍ،             أَم غانِمٌ كمَنْ يخيب؟

قال: كان ينبغي أَن يُعادِلَ بقوله ذات رِحْمٍ نقيضتها فيقول أَ غَيْرُ ذات رِحْمٍ كذات رِحْمٍ، قال: و هكذا أَراد لا مَحالة و لكنه جاء بالبيت على المسأَلة، و ذلك أَنها لما لم تكن العاقر وَلُوداً صارت، و إِن كانت ذاتِ رِحْمٍ، كأَنها لا رِحْم لها فكأَنه قال: أَ غيرُ ذات رِحْمٍ كذات رِحْمٍ، و الجمع أَرْحامٌ، لا يكسّر على غير ذلك. و امرأَة رَحُومٌ إِذا اشتكت بعد الولادة رَحِمَها، و لم يقيده في المحكم بالولادة. ابن الأَعرابي: الرَّحَمُ خروج الرَّحِمِ من علة؛ و الجمع رُحُمٌ «4»، و قد رَحِمَتْ رَحَماً و رُحِمتْ رَحْماً، و كذلك العَنْزُ، و كل ذات رَحِمٍ تُرْحَمُ، و ناقة رَحُومٌ كذلك؛ و قال اللحياني: هي التي تشتكي رَحِمَها بعد الولادة فتموت، و قد رَحُمَتْ رَحامةً و رَحِمَتْ رَحَماً، و هي رَحِمَةٌ، و قيل: هو داء يأْخذها في رَحِمِها فلا تقبل اللِّقاح؛ و قال اللحياني: الرُّحامُ أَن تلد الشاة ثم لا يسقط سَلاها. و شاة راحِمٌ: وارمةُ الرَّحِمِ، و عنز راحِمٌ. و يقال: أَعْيَا من يدٍ في رَحِمٍ، يعني الصبيَّ؛ قال ابن سيدة: هذا تفسير ثعلب. و الرَّحِمُ: أَسبابُ القرابة، و أَصلُها الرَّحِمُ التي هي مَنْبِتُ الولد، و هي الرِّحْمُ. الجوهري: الرَّحِمُ القرابة، و الرِّحْمُ، بالكسر، مثلُه؛ قال الأَعشى:
إِمَّا لِطالِبِ نِعْمة يَمَّمْتَها،             و وِصالَ رِحْمٍ قد بَرَدْتَ بِلالَها

قال ابن بري: و مثله لقَيْل بن عمرو بن الهُجَيْم:
و ذي نَسَب ناءٍ بعيد وَصَلتُه،             و ذي رَحِمٍ بَلَّلتُها بِبِلالها

__________________________________________________
 (3). في ديوان زهير: الرَّحِم أَي صلة القرابة بدل الرحُم.
 (4). قوله [و الجمع رحم‏] أَي جمع الرحوم و قد صرح به شارح القاموس و غيره.

232
لسان العرب12

رحم ص 230

قال: و بهذا البيت سمي بُلَيْلًا؛ و أَنشد ابن سيدة:
خُذُوا حِذرَكُم، يا آلَ عِكرِمَ، و اذكروا             أَواصِرَنا، و الرِّحْمُ بالغَيْب تُذكَرُ

و ذهب سيبويه إِلى أَن هذا مطرد في كلِّ ما كان ثانِيه من حروف الحَلْقِ، بَكْرِيَّةٌ، و الجمع منهما أَرْحامٌ. و
في الحديث: من مَلَكَ ذا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فهو حُرٌّ.
؛ قال ابن الأَثير: ذَوو الرَّحِمِ هم الأَقارب، و يقع على كل من يجمع بينك و بينه نسَب، و يطلق في الفرائض على الأَقارب من جهة النساء، يقال: ذُو رَحِمٍ مَحْرَم و مُحَرَّم، و هو مَن لا يَحِلّ نكاحه كالأُم و البنت و الأُخت و العمة و الخالة، و الذي ذهب إِليه أَكثر العلماء من الصحابة و التابعين و أَبو حنيفة و أَصحابُه و أَحمدُ أَن مَنْ مَلك ذا رَحِمٍ مَحْرَمٍ عَتَقَ عليه، ذكراً كان أَو أُنثى، قال: و ذهب الشافعي و غيره من الأَئمة و الصحابة و التابعين إِلى أَنه يَعْتِقُ عليه الأَولادُ و الآباءُ و الأُمهاتُ و لا يَعْتِقُ عليه غيرُهم من ذوي قرابته، و ذهب مالك إِلى أَنه يَعْتِقُ عليه الولد و الوالدان و الإِخْوة و لا يَعْتِقُ غيرُهم. و
في الحديث: ثلاث يَنْقُصُ بهنّ العبدُ في الدنيا و يُدْرِكُ بهنّ في الآخرة ما هو أَعظم من ذلك.
: الرُّحْمُ و الحَياءُ و عِيُّ اللسان؛ الرُّحْمُ، بالضم: الرَّحْمَةُ، يقال: رَحِمَ رُحْماً، و يريد بالنقصان ما يَنال المرءُ بقسوة القلب و وَقاحَة الوَجْه و بَسْطة اللسان التي هي أَضداد تلك الخصال من الزيادة في الدنيا. و قالوا: جزاك اللهُ خيراً و الرَّحِمُ و الرَّحِمَ، بالرفع و النصب، و جزاك الله شرّاً و القطيعَة، بالنصب لا غير. و
في الحديث: إِن الرَّحِمَ شِجْنَةٌ مُعلقة بالعرش تقول: اللهم صِلْ مَنْ وَصَلَني و اقْطَعْ من قَطَعني.
الأَزهري: الرَّحِمُ القَرابة تَجمَع بَني أَب. و بينهما رَحِمٌ أَي قرابة قريبة. و قوله عز و جل: وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ‏
؛ من نَصب أَراد و اتقوا الأَرحامَ أَن تقطعوها، و مَنْ خَفَض أَراد تَساءَلون به و بالأَرْحام، و هو قولك: نَشَدْتُكَ بالله و بالرَّحِمِ. و رَحِمَ السِّقاءُ رَحَماً، فهو رَحِمٌ: ضَيَّعه أَهلُه بعد عينَتِهِ فلم يَدْهُنُوه حتى فسد فلم يَلزم الماء. و الرَّحُوم: الناقةُ التي تشتكي رَحِمَها بعد النِّتاج، و قد رَحُمَتْ، بالضم، رَحامَةً و رَحِمَتْ، بالكسر، رَحَماً. و مَرْحُوم و رُحَيْم: اسمان.
رخم:
أَرْخَمَتِ النَّعامة و الدجاجة على بيضها و رَخَمَتْ عليه و رَخَمَتْه تَرْخُمُهُ رَخْماً و رَخَماً، و هي مُرْخِمٌ و راخِمٌ و مُرْخِمَةٌ: حَضَنَتْهُ، و رَخَّمَها أَهلُها: أَلزموها إِياه. و أَلقى عليه رَخْمَتَهُ أَي محبته و مودته. و رَخَمَتِ المرأَةُ ولدها تَرْخُمُهُ و تَرْخَمُهُ رَخْماً: لاعبته. و حكى اللحياني: رَخِمَه يَرْخَمُهُ رَخْمةً، و إِنه لراخِمٌ له. و أَلْقت عليه رَخَمَها و رَخْمتها أَي عَطْفتها؛ و أَنشد لأَبي النَّجْمِ:
مُدَلَّل يَشْتُمنا و نَرْخَمُهْ،             أَطْيَبُ شي‏ءٍ نَسْمُهُ و مَلْثَمُهْ‏

و استعاره عمرو ذو الكلب للشاة فقال:
يا لَيْتَ شِعْري عنك، و الأَمْرُ عَمَمْ،             ما فَعَلَ اليومَ أُوَيْسٌ في الغَنَمْ؟
صَبَّ لها في الريح مِرِّيخٌ أَشَمْ؟             فاجتال منها لَجْبةً ذاتَ هَزَمْ،
حاشِكَةَ الدِّرَّةِ وَرْهاءَ الرَّخَم‏

233
لسان العرب12

رخم ص 233

اجتال لَجْبةً: أَخذ عنزاً ذهب لبنها، وَرْهاء الرَّخَم: رِخْوة كأَنها مجنونة. و الرَّخْمَةُ أَيضاً: قريب من الرَّحْمَةِ؛ يقال: وقعتْ عليه رَخْمته أَي محبته و لينُه و يقال رَخْمان و رَحْمان؛ قال جرير:
أَ وَ تَتْركونَ إِلى القَسَّيْنِ هِجْرَتَكُمْ،             و مَسْحَكُمْ صُلْبَهُم رَخْمانَ قُرْبانا «1»

؟ و رَخِمَهُ رَخْمةً: لغة في رَحِمَهُ رَحْمةً؛ قال ذو الرمة:
كأَنَّها أُمُّ ساجي الطَّرْفِ،             أَخْدَرَها مُسْتَوْدَعٌ خَمَرَ الوَعْساءِ، مَرخُومُ‏

قال الأَصمعي: مَرْخوم أُلْقِيَتْ عليه رَخْمة أُمه أَي حبها له و أُلْفَتُها إِياه، و زعم أَبو زيد الأَنصاري أَن من أَهل اليمن من يقول رَخِمْتُهُ رَخْمةً بمعنى رَحِمْتُهُ. و يقال: أَلْقى الله عليك رَخْمةَ فلان أَي عطفه و رقته. قال اللحياني: و سمعت أَعرابيّاً يقول: هو راخِمٌ له. و في نوادر الأَعراب: مَرَةٌ تَرَخَّم صَبيَّها «2». و على صبيها و تَرْخَمُهُ و تَرَبَّخُهُ و تَرَبَّخُ عليه إِذا رَحِمَتْهُ. و ارْتَخَمَتِ الناقة فصيلها إِذا رئِمَتْهُ. و الرَّخَمُ: المحبة، يقال: رَخِمَتْهُ أَي عطفتْ عليه. و رخمَتْ بي الغُرُبُ أَي صاحتْ؛ قال أَبو منصور: و منه قوله:
مستودَعٌ خَمَرَ الوَعْساءِ، مَرْخُومُ‏


و الرَّخَمُ: الإِشفاق. و الرَّخِيم: الحَسَنُ الكلام. و الرَّخامةُ: لين في المَنْطِق حسن في النساء. و رَخَمَ الكلامُ و الصوتُ و رَخُمَ رَخامةً، فهو رَخِيمٌ: لانَ و سَهُلَ. و
في حديث مالك بن دينار: بلغنا أَن الله تبارك و تعالى يقول لداود يوم القيامة: يا داود، مَجِّدْني بذلك الصوت الحسنِ الرَّخِيمِ.
؛ هو الرقيق الشَّجِيُّ الطيبُ النَّغْمة. و كلام رَخِيمٌ أَي رقيق. و رَخُمَتِ الجارية رَخامَةً، فهي رَخيمة الصوت و رَخِيمٌ إِذا كانت سهلة المنطق؛ قال قَيْسُ بن ذريح:
رَبْعاً لواضِحةِ الجَبين غريرةٍ،             كالشمسِ إِذْ طلعت، رَخِيمِ المَنْطِقِ‏

و قد رَخُمَ كلامُها و صوتها، و كذلك رَخَمَ. يقال: هي رخيمة الصوت أَي مَرْخومةُ الصوتِ، يقال ذلك للمرأَة و الخِشْفِ. و التَّرْخِيمُ: التليين؛ و منه الترخيمُ في الأَسماء لأَنهم إِنما يحذفون أَواخرها ليُسَهِّلُوا النطق بها، و قيل: التَّرْخيم الحذف؛ و منه تَرْخيم الاسم في النداء، و هو أَن يحذف من آخره حرف أَو أَكثر، كقولك إِذا ناديت حَرِثاً: يا حَرِ، و مالِكاً: يا مالِ، سمي تَرْخيماً لتليين المنادي صوته بحذف الحرف؛ قال الأَصمعي: أَخَذَ عني الخليل معنى الترْخِيم و ذلك أَنه لقيني فقال لي: ما تُسمي العرب السَّهْل من الكلام؟ فقلت له: العرب تقول جارية رَخِيمةٌ إِذا كانت سَهْلَةَ المَنْطِقِ؛ فعمل باب التَّرْخيم على هذا. و الرُّخامُ: حجر أَبيض سهل رِخْوٌ. و الرُّخْمَةُ: بياض في رأْس الشاة و غُبْرَةٌ في وجهها و سائرها أَيّ لون كان، يقال: شاة رَخْماءُ، و يقال: شاة رَخْماءُ إِذا ابيضَّ رأْسها و اسودَّ سائر جسدها، و كذلك المُخَمَّرة، و لا تقل مُرَخَّمَة. و فرس أَرْخَمُ. و الرُّخامى: ضَرب من الخِلْفة؛ قال أَبو حنيفة: هي غبراء الخُضْرةِ لها زَهْرة بيضاء نَقِيَّةٌ، و لها
__________________________________________________
 (1). راجع البيت في مادة رحم.
 (2). قوله [ترخم صبيها إلخ‏] كذا ضبط في نسخة من التهذيب.

234
لسان العرب12

رخم ص 233

عِرْقٌ أَبيض تحفره الحُمُرُ بحوافرها، و الوحش كله يأْكل ذلك العِرْقَ لحلاوته و طيبه، قال: قال بعض الرُّواةِ تنبت في الرمل و هي من الجَنْبَةِ؛ قال عَبِيد:
أَو شَبَبٌ يَحْفِرُ الرُّخامى             تَلُفُّهُ شَمْأَلٌ هَبُوبُ «1».

و الرُّخاءُ: الريح اللينة، و هي الرُّخامى أَيضاً. و الرُّخامى: نبت تَجذُبه السائمة، و هي بَقْلة غبراء تضرب إِلى البياض، و هي حلوة لها أَصل أَبيض كأَنه العُنْقُرُ، إِذا انْتُزِعَ حَلَب لبناً، و قيل: هو شجر مثل الضَّالِ؛ قال الكميت:
تَعاطى فِراخَ المَكْرِ طَوْراً، و تارةً             تُثِيرُ رُخاماها و تَعْلَقُ ضالَها

و قال إِمرؤ القيس في الرُّخامى، و هو نبت، يصف فرساً:
إِذا نَحْنُ قُدْناه تَأَوَّدَ مَتْنُهُ،             كعِرق الرُّخامى اللَّدْنِ في الهَطَلانِ‏

و قال مُضَرِّسٌ:
أُصُولُ الرُّخامى لا يُفَزَّعُ طائِرُه.


و الرُّخامَةُ، بالهاء: نبت؛ حكاه أَبو حنيفة. ابن الأَعرابي: و الرَّخَمُ اللبن الغليظ، و قال في موضع آخر: الرُّخُمُ كُتَلُ اللِّبإِ. و الرَّخَمَةُ: طائر أَبقع على شكل النَّسْر خِلْقةً إِلا أَنه مُبَقَّعٌ بسواد و بياض يقال له الأَنُوقُ، و الجمع رَخَمٌ و رُخْمٌ؛ قال الهذلي:
فلَعَمْرُ جَدِّك ذي العَواقِب حَتَّى             انْتَ عند جوالِبِ الرُّخْمِ‏
و لعَمْرُ عَرْفِكَ ذي الصُّماحِ، كما             عَصَبَ السِّفارُ بغَضْبةِ اللِّهْمِ‏

و خصَّ اللحياني بالرَّخَمِ الكثير؛ قال ابن سيدة: و لا أَدري كيف هذا إِلَّا أَن يعني الجنس؛ قال الأَعشى:
يا رُخَماً قاظَ على مَطْلُوبِ،             يُعْجِلُ كَفَّ الخارِئِ المُطِيبِ‏

و
في حديث الشعبي: و ذكر الرافضة فقال لو كانوا من الطير لكانوا رَخَماً.
؛ الرَّخَمُ: نوع من الطير، واحدته رَخَمةٌ، و هو موصوف بالغَدْر و المُوقِ، و قيل بالقَذَر؛ و منه قولهم: رَخِمَ السّقاءُ إِذا أَنْتن. و اليَرْخُوم: ذكر الرَّخَمِ؛ عن كراع. و ما أَدري أَيُّ تُرْخَمٍ هو، و قد تضم الخاء مع التاء، و قد تفتح التاء و تضم الخاء، أَي أَيُّ الناس هو، مثل جُنْدَبٍ و جُنْدُبٍ و طُحْلَبٍ و طُحْلُبٍ و عُنْصَرٍ و عُنصُرٍ؛ قال ابن بري: تُرْخُمٌ تُفْعُلٌ مثل تُرْتُبٍ، و تُرْخَمٌ مثل تُرْتَبٍ. و رَخْمانُ: موضع. و رَخْمانُ: اسم غارٍ ببلاد هُذَيلٍ فيه رُمِي تأبَّطَ شرّاً بعد قتله؛ قالت أُخته ترثيه «2».
نِعْمَ الفتى غادَرْتُمُ بِرَخْمانْ،             بثابِتِ بن جابِرِ بن سُفْيانْ،
مَنْ يَقتل القِرن و يَرْوي النَّدْمانْ‏


و في الحديث ذكر شِعْب الرَّخَمِ بمكة، شرفها الله تعالى. و تُرْخُمٌ: حيّ من حِمْيَر؛ قال الأَعشى:
عَجِبتُ لآلِ الحُرْقَتَينِ، كأَنَّما             رَأَوْني نَقِيّاً من إِيادٍ و تُرْخُمِ‏

__________________________________________________
 (1). في قصيدة عبيد: يرتعي بدل يحفر.
 (2). قوله [أُخته ترثيه‏] كذا في الأَصل، و الذي في التكملة للصاغاني و معجم ياقوت: أُمه.

235
لسان العرب12

رخم ص 233

و رُخامٌ: موضع؛ قال لبيد:
بمَشارِقِ الجَبَلَيْنِ، أَو بمُحَجَّرٍ،             فتَضَمَّنَتْها فَرْدَةٌ فَرُخامُها

ردم:
الرَّدْمُ: سَدُّكَ باباً كلّه أَو ثُلْمَةً أَو مدخلًا أَو نحو ذلك. يقال: رَدَمَ البابَ و الثُّلْمَةَ و نحوَهما يَرْدِمُهُ، بالكسر، رَدْماً سدَّه، و قيل: الرَّدْم أَكثر من السَّدّ، لأَن الرَّدْمَ ما جعل بعضه على بعض، و الاسم الرَّدْمُ و جمعه رُدُومٌ. و الرَّدْمُ: السَّدُّ الذي بيننا و بين يَأْجوج و مَأْجوج. و في التنزيل العزيز: أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ رَدْماً
. و
في الحديث: فُتِح اليومَ من رَدْمِ يأْجوج و مأْجوج مثلُ هذه، و عَقَدَ بيده تسعين.
من رَدَمْتُ الثُّلْمَة رَدْماً إِذا سَددتها، و الاسم و المصدر سواء؛ الرَّدْمُ و عَقْدُ التسعين: من مُواضَعات الحُسّاب، و هو أَن يجعل رأَس الإِصبع السَّبابة في أَصل الإِبهام و يضمها حتى لا يَبين بينهما إِلا خَلَلٌ يسير. و الرَّدْمُ: ما يسقط من الجدار إِذا انهدم. و كل ما لُفِقَ بعضُه ببعض فقد رُدِمَ. و الرَّدِيمةُ: ثوبان يخاط بعضهما ببعض نحو اللِّفاق و هي الرُّدُومُ، على توهم طرح الهاء. و الرَّدِيمُ: الثوب الخَلَقُ. و ثوب رَدِيمٌ: خَلَقٌ، و ثياب رُدُمٌ؛ قال ساعدة الهذلي:
يُذْرِينَ دَمْعاً على الأَشْفارِ مُبْتَدِراً،             يَرْفُلْنَ بعد ثِيابِ الخالِ في الرُّدُمِ‏

و رَدَمْتُ الثوب و رَدَّمْتُه تَرْدِيماً، و هو ثوب رَديمٌ و مُرَدَّمٌ أَي مرقع. و تَرَدَّمَ الثوبُ أَي أَخْلَقَ و اسْتَرْقَعَ فهو مُتَرَدِّمٌ. و المُتَرَدَّمُ: الموضع الذي يُرَقَّعُ. و يقال: تَرَدَّمَ الرجلُ ثوبه أَي رقعه، يتعدى و لا يتعدى. ابن سيدة: ثوب مُرَدَّمٌ و مُرْتَدَمٌ و مُتَرَدَّمٌ و مُلَدَّمٌ خَلَقٌ مُرَقَّعٌ؛ قال عنترة:
هل غادَرَ الشُّعَراءُ من مُتَرَدَّمِ،             أَم هل عَرَفْتَ الدارَ بعد تَوَهُّمِ؟

معناه أَي مُسْتَصْلَحٍ؛ و قال ابن سيدة: أَي من كلام يَلْصَقُ بعضُه ببعض و يُلَبَّق أَي قد سبقونا إِلى القول فلم يَدَعُوا مقالًا لقائل. و يقال: صِرتُ بعد الوَشْي و الخَزِّ في رُدُمٍ، و هي الخُلْقان، بالدال غير معجمة. ابن الأَعرابي: الأَرْدَمُ المَلَّاحُ، و الجمع الأَرْدمون؛ و أَنشد في صفة ناقة:
و تَهْفُو بهادٍ لها مَيْلَعٍ،             كما أَقحَمَ القادِسَ الأَرْدَمُونا

المَيْلَعُ: المضطرب هكذا و هكذا، و المَيْلَعُ: الخفيف. و تَرَدَّمَتِ الناقةُ: عطفت على ولدها. و الرَّدِيمُ: لَقَب رجل من فُرْسان العرب، سُمِّي بذلك لعظم خَلقِه، و كان إِذا وقف مَوْقِفاً رَدَمَهُ فلم يجاوز. و تَرَدَّمَ القومُ الأَرض: أَكلوا مَرْتَعَها مرة بعد مرة. و أَرْدَمَتْ عليه الحُمَّى، و هي مُرْدِمٌ: دامت و لم تفارقه. و أَرْدَمَ عليه المرضُ: لزمه. و يقال: وِرْدٌ مُرْدِمٌ و سحاب مُرْدِمٌ. و رَدَمَ البعيرُ و الحمار يَرْدُمُ رَدْماً: ضَرطَ، و الاسم الرُّدامُ، بالضم، و قيل: الرَّدْمُ الضُّراط عامَّةً. و رَدَمَ بها رَدْماً: ضَرطَ. الجوهري: رَدَمَ يَرْدُمُ، بالضم، رُداماً. و الرَّدْمُ: الصوت، و خص به بعضهم صوت القَوْس. و رَدَمَ القوس: صَوَّتها بالإِنْباض؛ قال صَخْر الغَيّ يصف قوساً:

236
لسان العرب12

ردم ص 236

كأنَّ أُزْبِيَّها إِذا رُدِمَتْ،             هَزْمُ بُغاةٍ في إِثْرِ ما فَقَدُوا

رُدِمَتْ: صُوّتت بالإِنْباض، و في التهذيب: رُدِمَتْ أُنْبض عنها، و الهَزْمُ: الصوت. قال الأَزهري: كأنه مأْخوذ من الرُّدامِ، و هو الضراط. و رجل رَدْمٌ و رُدامٌ: لا خير فيه. و رَدَمَ الشي‏ءُ يَرْدُمُ رَدْماً: سال؛ هذه عن كراع، و رواية أَبي عبيد و ثعلب: رَذَمَ، بالذال المعجمة. و الرَّدْمُ: موضع بتهامة؛ قال أَبو خِراش:
فَكَلّا و رَبِّي لا تعودي لِمِثْلِهِ،             عَشِيّةَ لاقَتْهُ المَنِيّةُ بالرَّدْمِ‏

حذف النون التي هي علامة رفع الفعل في قوله تَعُودي للضرورة؛ و نظيره قول الآخر:
أَبيتُ أَسْرِي، و تَبِيتي تَدْلُكي             جسمك بالجادِيِّ و المِسْكِ الذكي‏

و له نظائر، و نصب عشية على المصدر، أَراد عَوْدَ عشيةٍ، و لا يجوز أَن تنتصب على الظرف لتدافع اجتماع الاستقبال و المضي، لأَن تعودي آتٍ و عشية لاقَتْهُ ماض؛ هذا معنى قول ابن جني. و رَدْمان: قبيلة من العرب باليمن.
رذم:
رَذَمَ أَنفُه يَرْذُمُ و يَرْذِمُ رَذْماً و رَذَماناً: قطر؛ قال كعب بن زهير:
ما ليَ منها، إِذا ما أَزْمَةٌ أَزَمَتْ،             و من أُوَيْسٍ، إِذا ما أَنْفُهُ رَذَما

و ناقة راذِمٌ إِذا دفعت باللبن. و الرَّذُومُ: السائل من كل شي‏ء. و قَصعة رَذُومٌ: مَلأَى تصبّب جوانبُها حتى إِن جوانبها لتَنْدى أَو كأنها تَسيلُ دَسَماً لامتلائها، و الجمع رُذُمٌ؛ قال أُمَيَّة بن أَبي الصَّلْتِ يمدح عبد الله بن جُذْعانَ:
له داعٍ بمكة مُشْمَعِلٌّ،             و آخرُ فَوْقَ دارَتِه ينادي‏
إِلى رُذُمٍ من الشِّيزَى مِلاءٍ             لُبابَ البُرِّ يُلْبَكُ بالشِّهادِ

الجوهري: و جِفانٌ رُذُمُ و رَذَمٌ مثل عَمُودٍ و عُمُدٍ و عَمَدٍ، و لا تقل رِذَمٌ، و قد رَذِمَتْ تَرْذَمُ رَذَماً و أَرْذَمَتْ، قال: و قلما يستعمل إِلا بفعل مجاوز مثل أَرْذَمَتْ؛ و قوله:
أَعني ابنَ لَيْلى عبدَ العزيزِ بِبابِ             الْيُونِ تَغْدُو جِفانُه رَذَما

قال ابن سيدة: كذا رواه الأَصمعي، سماها بالمصدر، و رواه غيره رُذُماً جمع رَذُوم. قال أَبو الهيثم: الرَّذُوم القَطُور من الدَّسَم، و قد رَذَمَ يَرْذِمُ إِذا سال. الجوهري: رَذَمَ الشي‏ءُ سال و هو ممتلئ. و
في حديث عبد الملك بن عمير: في قُدور رَذِمة.
أَي مُتَصَبِّبة من الامْتلاء. و الرَّذْمُ: القَطر و السَّيلان. و جَفْنة رَذوم و جِفان رُذُم: كأنها تسيل دسماً لامتلائها. و
في حديث عطاء في الكيل: لا دَقَّ و لا رَذْم و لا زَلْزَلَة.
؛ هو أَن يملأَ المِكيال حتى يجاوِز رأْسه. و كِسْر رَذُوم: يسيل وَدَكُه؛ قال:
و عاذِلةٍ هَبَّت بَليلٍ تَلُومُني،             و في كفِّها كِسْرٌ أَبَحُّ رَذُومُ‏

الأَبحُّ: العظيم الممتلئ من المُخّ، و الجفنة إِذا ملئت شَحماً و لحماً فهي جَفنة رَذُوم، و جِفان رُذُم. ابن‏

237
لسان العرب12

رذم ص 237

الأَعرابي: الرُّذُم الجفان الملأَى، و الرُّذُم الأَعضاء المُمِخَّة؛ و أَنشد غيره:
لا يملأ الدلْوَ صُبابات الوَذَمْ،             إِلّا سِجالٌ رَذَمٌ على رَذَمْ‏

قال الليث: الرَّذَم هاهنا الامتلاء، و الرَّذَم الاسم، و الرَّذْم المصدر، و الرَّذْم و الرُّذام الفَسْلُ. و أَرْذم على الخمسين: زاد.
رزم:
الرَّزَمَةُ، بالتحريك: ضرب من حَنين الناقة على ولدها حين تَرْأَمُه، و قيل: هو دون الحنين و الحنين أَشد من الرَّزَمَة. و في المثل: لا خير في رَزَمَةٍ لا دِرّةَ فيها؛ ضرب مثلًا لمن يُظهر مودَّة و لا يحقق، و قيل: لا جَدْوَى معها، و قد أَرْزَمت على ولدها؛ قال أَبو محمد الحَذْلميّ يصف الإِبل:
تُبينُ طِيبَ النفْسِ في إِرْزامها


يقول: تبين في حَنينها أَنها طيبة النفس فَرِحة. و أَرْزَمت الشاة على ولَدها: حنَّت. و أَرْزَمت الناقة إِرزاماً، و هو صوت تخرجه من حَلْقها لا تفتح به فاها. و
في الحديث: أَن ناقته تَلَحْلَحَتْ و أَرْزمت.
أَي صوَّتت. و الإِرْزامُ: الصوت لا يفتح به الفم، و قيل في المثل: رَزَمَةٌ و لا دِرَّةٌ؛ قال: يُضرب لمن يَعِد و لا يفي، و يقال: لا أَفْعل ذلك ما أَرْزمت أُم حائل. و رَزَمَةُ الصبي: صوته. و أَرْزَمَ الرَّعد: اشتد صوته، و قيل: هو صوت غير شديد، و أَصله من إِرزام الناقة. ابن الأَعرابي: الرَّزَمة الصوت الشديدُ. وَ رَزَمَةُ السباع: أَصواتها. و الرَّزِيم: الزَّئير؛ قال:
         لِأُسُودهنّ على الطريق رَزِيم‏


و أَنشد ابن بري لشاعر:
تركُوا عِمرانَ مُنْجَدِلًا،             للسباع حَوْله رَزَمَهْ‏

و الإِرْزامُ: صوت الرعد؛ و أَنشد:
و عَشِيَّة مُتَجاوِب إِرْزامُها «3».


شبَّه رَزَمَة الرَّعْد بِرَزمة الناقة. و قال اللحياني: المِرْزَم من الغيث و السحاب الذي لا ينقطع رعدُه، و هو الرَّزِم أَيضاً على النسب؛ قالت امرأَة من العرب ترثي أَخاها:
جاد على قبرك غَيْثٌ             مِن سَماء رَزِمَهْ‏

و أَرزمت الريحُ في جوفه كذلك. و رَزَمَ البعيرُ يَرْزِمُ و يَرْزُمُ رُزاماً و رُزُوماً: سقط من جوع أَو مرض. و قال اللحياني: رَزَم البعيرُ و الرجلُ و غيرهما يَرْزُمُ رُزُوماً و رُزاماً إِذا كان لا يقدر على النهوض رَزاحاً و هُزالًا. و قال مرة: الرَّازم الذي قد سقط فلا يَقدِر أَن يتحرك من مكانه؛ قال: و قيل لابنة الخُسّ: هل يُفلح البازل؟ قالت: نعم و هو رازِم؛ الجوهري: الرَّازِم من الإِبل الثابت على الأَرض الذي لا يقوم من الهُزال. و رزَمت الناقة تَرْزُمُ و تَرْزِمُ رُزُوماً و رُزاماً، بالضم: قامت من الإِعياء و الهُزال فلم تتحرك، فهي رازِم، و
في حديث سليمان بن يَسار: و كان فيهم رجل على ناقة له رازمٍ.
أَي لا تتحرك من الهُزال. و ناقة رازم: ذات رُزام كامرأَة حائض. و
في حديث خزيمة في رواية الطبراني: تركت المخ رِزاماً.
؛ قال ابن الأَثير: إِن صحت الرواية فتكون على حذف المضاف، تقديره: تركت ذوات المُخِ‏
__________________________________________________
 (3). هذا البيت من معلقة لبيد و صدره:
من كل سارية، و غادٍ مُدجنٍ.

 

238
لسان العرب12

رزم ص 238

رِزاماً، و يكون رِزاماً جمع رازِمٍ، و إِبل رَزْمَى. و رَزَمَ الرجل على قِرْنه إِذا بَرك عليه. و أَسد رَزامَة و رَزامٌ و رُزَمٌ: يَبْرُك على فَرِيسته؛ قال ساعدة بن جُؤَية:
يخْشَى عليهم من الأَمْلاك نابِخَةً             من النَّوابِخِ، مِثْل الحادِرِ الرُّزَمِ‏

قالوا: أَراد الفيل، و الحادِرُ الغليظ؛ قال ابن بري: الذي في شعره الخادرُ، بالخاء المعجمة، و هو الأَسد في خِدْرِهِ، و النَّابِخَة: المُتَجَبِّرُ، و الرُّزَم: الذي قد رَزَم مكانه، و الضمير في يخشى يعود على ابن جُعْشُم في البيت قبله، و هو:
يُهْدِي ابنُ جُعْشُمَ للأَنباء نَحْوَهُمُ،             لا مُنْتَأَى عن حِياضِ الموت و الحُمَمِ‏

و الأَسد يُدْعى رُزَماً لأَنه يَرْزِم على فريسته. و يقال للثابت القائم على الأَرض: رُزَم، مثال هُبَعٍ. و يقال: رجلٌ مُرْزِم للثابت على الأَرض. و الرِّزامُ من الرجال «1». الصَّعْب المُتَشدِّد؛ قال الراجز:
أَيا بَني عَبْدِ مَناف الرِّزام،             أَنتم حُماةٌ و أَبوكمُ حام‏
لا تُسلموني لا يَحلُّ إِسْلام،             لا تَمْنَعُوني فضلكمْ بعدَ العام‏

و يروى الرُّزَّام جمع رازِم. الليث: الرِّزْمة من الثياب ما شُدَّ في ثوب واحد، و أَصله في الإِبل إِذا رعت يوماً خُلَّةً و يوماً حَمْضاً. قال ابن الأَنباري: الرِّزْمَة في كلام العرب التي فيها ضُروب من الثياب و أَخلاط، من قولهم رازَمَ في أَكله إِذا خَلَط بعضاً ببعض. و الرِّزمة: الكارةُ من الثياب. و قد رَزَّمتها تَرْزِيماً إِذا شددتها رِزَماً. و رَزَمَ الشي‏ء يَرْزِمه و يَرْزُمه رَزْماً و رَزَّمه: جمعه في ثوب، و هي الرِّزْمة أَيضاً لما بقي في الجُلَّةِ من التمر، يكون نصفها أَو ثلثها أَو نحو ذلك. و
في حديث عمر: أَنه أَعطى رجلًا جَزائرَ و جعل غرائرَ عليهن فيهن من رِزَمٍ من دقيق.
؛ قال شمر: الرِّزْمة قدر ثلث الغِرارة أَو ربعها من تمر أَو دقيق؛ قال زبد بن كَثْوة: القَوْسُ قدر ربع الجُلَّة من التمر، قال: و مثلها الرِّزْمة. و رازَمَ بين ضَرْبين من الطعام، و رازَمت الإِبلُ العامَ: رعت حَمْضاً مرَّة و خُلّة مرة أُخرى؛ قال الراعي يخاطب ناقته:
كُلي الحَمْضَ، عامَ المُقْحِمِينَ، و رازِمي             إِلى قابلٍ، ثم اعْذِري بعدَ قابِل‏

معنى قوله ثم اعْذِري بعد قابل أَي أَنْتَجع عليك بعد قابل فلا يكون لك ما تأْكلين، و قيل: اعْذِري إِن لم يكن هنالك كلأٌ، يَهْزَأُ بناقته في كل ذلك، و قيل رازَمَ بين الشيئين جمع بينهما يكون ذلك في الأَكل و غيره. و رازَمَتِ الإِبل إِذا خَلَطَت بين مَرْعَيَيْن. و
قوله، صلى الله عليه و سلم: رازِمُوا بين طعامكم.
؛ فسره ثعلب فقال: معناه اذكروا الله بين كل لقمتين. و سئل ابن الأَعرابي عن قوله‏
في حديث عمر إِذا أَكلتم فرازِمُوا.
قال: المُرازَمة المُلازَمة و المخالطة، يريد مُوالاة الحمد، قال: معناه اخْلطوا الأَكل بالشكر و قولوا بين اللُّقم الحمد لله؛ و قيل: المرازمة أَن تأْكل الليّن و اليابس و الحامضَ و الحُلو و الجَشِب‏
__________________________________________________
 (1). قوله [و الرزام من الرجال‏] مضبوط في القاموس ككتاب، و في التكملة كغراب.

239
لسان العرب12

رزم ص 238

و المَأْدُوم، فكأنه قال: كلوا سائغاً مع جَشب غير سائغ؛ قال ابن الأَثير: أَراد اخلطوا أَكلكم ليِّناً مع خَشِن و سائغاً مع جَشِب، و قيل: المُرازمة في الأَكل المعاقبة، و هو أَن يأْكل يوماً لحماً، و يوماً لَبَناً، و يوماً تمراً، و يوماً خبزاً قَفاراً. و المُرازَمَةُ في الأَكل: المُوالاة كما يُرازِمُ الرجل بين الجَراد و التمر. و رازَمَ القوم دارَهُمْ: أَطالوا الإِقامة فيها. و رَزَّمَ القومُ تَرْزيماً إِذا ضربوا بأنفسهم لا يَبْرَحون؛ قال أَبو المُثَلَّمِ:
مَصاليتُ في يوم الهِياجِ مَطاعمٌ،             مَضاريبُ في جَنْبِ الفِئامِ المُرَزِّمِ «1».

قال: المُرَزِّمُ الحَذِرُ الذي قد جَرَّب الأَشياء يَتَرَزَّمُ في الأَمور و لا يثبت على أَمر واحد لأَنه حَذِرٌ. و أَكل الرَّزْمَةَ أَي الوَجْبَة. و رَزَمَ الشتاءُ رَزْمَة شديدة: بَرَدَ، فهو رازِمٌ، و به سمي نَوْءُ المِرْزَمِ. أَبو عبيد: المُرْزَئِمُّ المُقْشَعِرّ المجتمع، الراء قبل الزاي، قال: الصواب المُزْرَئِمُّ، الزاي قبل الراي، قال: هكذا رواه ابن جَبَلة، و شك أَبو زيد في المقّشَعِرِّ المجتمع أَنه مزْرَئمٌّ أَو مُرْزَئمّ. و المِرْزَمان: نجمان من نجوم المطر، و قد يفرد؛ أَنشد اللحياني:
أَعْدَدْتُ، للمِرْزَم و الذِّراعَيْن،             فَرْواً عُكاظِيّاً و أَيَّ خُفَّيْن‏

أَراد: و خُفَّيْنِ أَيَّ خُفَّيْنِ؛ قال ابن كُناسَةَ: المِرْزَمان نجمان و هما مع الشِّعْرَيَيْنِ، فالذِّراعُ المقبوضة هي إِحدى المرْزَمَيْن، و نظم الجَوْزاء أَحَدُ المِرْزَمَيْنِ، و نظمهما كواكب معهما فهما مِرْزَما الشِّعْرَيينِ، و الشِّعْرَيان نجماهما اللذان معهما الذراعان يكونان معهما. الجوهري: و المِرْزَمان مِرْزَما الشِّعْرَيين، و هما نجمان: أَحدهما في الشِّعْرى، و الآخر في الذراع. و من أَسماء الشمال أُم مِرْزَمٍ، مأْخوذ من رَزَمَةِ الناقة و هو حَنينها إِلى ولدها. و ارْزامَّ الرجلُ ارْزِيماماً إِذا غضب. و رِزامٌ: أَبو حيّ من تميم و هو رِزامُ بن مالك بن حَنْظَلَةَ بن مالك بن عمرو بن تميم؛ و قال الحصين بن الحُمَام المُرِّيّ:
و لو لا رجالٌ، من رِزامٍ، أَعِزَّةٌ             و آلُ سُبَيْعٍ أَو أَسُوءَكَ عَلْقَما

أَراد: أَو أَنْ أَسوءَك يا عَلْقَمةُ. و رُزَيْمَةُ: اسم امرأَة؛ قال:
أَ لا طَرَقَتْ رُزَيْمةُ بعد وَهْنٍ،             تَخَطَّى هَوْلَ أَنْمارٍ و أُسدِ

و أَبو رُزْمَةَ و أُمّ مِرْزَمٍ: الريح؛ قال صَخْرُ الغَيّ يعير أَبا المُثَلَّم ببَرْدِ محله:
كأني أَراه بالحَلاءَة شاتياً             يُقَشِّرُ أَعلى أَنفه أُمُّ مِرْزَمِ‏

قال: يعني ريح الشَّمال، و ذكره ابن سيدة أَنه الريح و لم يقيده بشَمال و لا غيره، و الحَلاءة: موضع. و رَزْمٌ: موضع؛ و قوله:
و خافَتْ من جبالِ السُّغْدِ نَفْسي،             و خافتْ من جبال خُوارِ رَزْمِ‏

__________________________________________________
 (1). قوله [المرزم‏] كذا هو مضبوط في الأصل و التكملة كمحدث، و ضبطه شارح القاموس كمعظم.

240
لسان العرب12

رزم ص 238

قيل: إِن خُواراً مضاف إِلى رَزْمٍ، و قيل: أَراد خُوارِزْم فزاد راء لإِقامة الوزن. و في ترجمة هزم: المِهْزامُ عصا قصيرة، و هي المِرزام؛ و أَنشد:
فشامَ فيها مثل مِهْزام العَصا


أَو الغضا، و يروى:
... مثل مِرْزام.


رسم:
الرَّسْمُ: الأَثَرُ، و قيل: بَقِيَّةُ الأَثَر، و قيل: هو ما ليس له شخص من الآثار، و قيل: هو ما لَصِقَ بالأَرض منها. و رَسْمُ الدار: ما كان من آثارها لاصقاً بالأَرض، و الجمع أَرْسُمٌ و رُسومٌ. و رَسَمَ الغيث الدار: عَفّاها و أَبقى فيها أَثراً لاصقاً بالأَرض؛ قال الحُطَيئَةُ:
أَ مِنْ رَسْم دارٍ مُرْبِعٌ و مُصِيفُ،             لعَينيك من ماءِ الشُّؤُون وكِيفُ؟

رفع مُرْبِعاً بالمصدر الذي هو رَسْمٌ، أَراد: أَ من أَن رَسَمَ مُرْبِعٌ و مُصيفٌ داراً. و تَرَسَّمَ الرَّسْمَ: نظر إِليه. و تَرَسَّمْتُ أَي نظرت إِلى رُسُوم الدار. و تَرَسَّمْتُ المنزل: تأملت رَسْمَهُ و تَفَرَّسْتُهُ؛ قال ذو الرمة:
أَ أَنْ تَرَسَّمْتَ من خَرْقاء مَنْزِلَةً             ماءُ الصَّبابةِ، من عَيْنَيْك، مَسْجُومُ؟

و كذلك إِذا نظرت و تفرسْت أَين تحفر أَو تبني؛ و قال:
الله أَسْقاك بآل الجَبّار             تَرَسُّم الشيخ و ضَرْب المِنْقار

و الرَّوْسَمُ: كالرَّسْمِ؛ و أَنشد ابن بري للأَخْطل:
أَ تَعْرِفُ من أَسْماءَ بالجُدِّ رَوْسَما             مُحِيلًا، و نُؤْياً دارِساً مُتَهَدِّما؟

و الرَّوْسَمُ: خشبة فيها كتاب منقوش يُخْتَمُ بها الطعامُ، و هو بالشين المعجمة أَيضاً. و يقال: الرَّوْسَمُ شي‏ء تجلى به الدنانير؛ قال كثيِّر:
من النَّفَرِ البِيضِ الذين وُجُوهُهُمْ             دَنانيرُ شِيفَتْ، من هِرَقْلٍ، برَوْسَمِ‏

ابن سيدة: الرَّوْسَمُ الطابَعُ، و الشين لغة، قال: و خص بعضهم به الطابَعَ الذي يُطْبَعُ به رأَس الخابية، و قد جاء في الشعر: قُرْحة برَوْسَمِ أَي بوجه الفرس. و إِن عليه لرَوْسَماً أَي علامة حسنٍ أَو قُبح؛ قاله خالد بن جبلة، و الجمع الرَّواسِمُ و الرَّواسِيمُ؛ قال أَبو تراب: سمعت عَرَّاماً يقول هو الرَّسْمُ و الرَّشْمُ للأَثر. و رَسَمَ على كذا و رَشَمَ إِذا كتب. و قال أَبو عمرو: يقال للذي يطبع به رَوْسَمٌ و رَوْشَمٌ و راسُوم و راشُوم مثل رَوْسَمِ الأَكْداسِ و رَوْسَم الأَمير؛ قال ذو الرمة:
و دِمْنة هَيَّجَتْ شَوْقي مَعالِمُها،             كأَنها بالهِدَمْلاتِ الرَّواسِيمُ‏

و الرَّواسيم: كُتب كانت في الجاهلية، و الهِدَمْلاتُ: رِمال معروفة بناحية الدَّهناء؛ و ناقة رَسُومٌ. و ثوب مُرَسَّمٌ، بالتشديد: مخطَّط؛ و
في حديث زَمْزَمَ: فرُسِّمَتْ بالقَباطِيّ و المَطارِف حتى نزحوها.
أَي حشوها حشواً بالغاً، كأَنه مأْخوذ من الثياب المُرَسَّمَةِ، و هي المخططة خطوطاً خَفِيَّة. و رَسَمَ في الأَرض: غاب. و الرَّاسِمُ: الماء الجاري. و ناقة رَسُومٌ: تؤثر في الأَرض من شدة الوطء. و رَسَمَتِ الناقة تَرْسِمُ رَسِيماً: أَثَّرَتْ في الأَرض من شدة وطئها، و أَرْسَمْتها أَنا؛ فأَما

241
لسان العرب12

رسم ص 241

قول الهذلي:
و المُرْسِمون إِلى عبد العَزيز بها             مَعاً و شَتَّى، و من شَفْعٍ و فُرَّادِ

إِنما أَراد المُرْسموها فزاد الباء و فصل بها بين الفعل و مفعوله. و الرَّسْمُ: الركِيّةُ تدفنها الأَرض، و الجمع رِسامٌ. و ارْتَسَم الرجل: كَبَّرَ و دعا. و الارْتِسامُ: التكبير و التَّعَوُّذ؛ قال القطامي:
في ذي جُلُولٍ يُقَضِّي المَوْتَ صاحبُهُ،             إِذا الصَّرارِيُّ من أَهواله ارْتَسَما

و قال الأَعشى:
و قابَلَها الريحُ في دَنِّها،             و صَلَّى على دَنِّها و ارْتَسَمْ‏

قال أَبو حنيفة: ارْتَسَمَ ختم إِناءَها بالرَّوْسَمِ، قال: و ليس بقوي. و الرَّوْسَبُ و الرَّوْسَمُ: الداهية. و الرَّسِيمُ من سير الإِبل: فوق الذَّميل، و قد رَسَمَ يَرْسِمُ، بالكسر، رَسِيماً، و لا يقال أَرْسَمَ؛ و قول حُمَيْدِ بن ثَوْرٍ:
أَجَدَّتْ برِجْلَيْها النَّجاءَ و كَلَّفَتْ             بعيرَيْ غلامَيَّ الرَّسِيمَ، فأَرْسَما

و في رواية «2»
..... كَلَّفَتْ             غلامي الرَّسِيم فأَرسما

قال أَبو حاتم: إِنما أَراد أَرسم الغلامان بعيريهما و لم يرد أَرْسَمَ البعيرُ. و الرَّسُومُ: الذي يبقى على السير يوماً و ليلة. و
في الحديث: لما بلغ كُراع الغَمِيم إِذا الناسُ يَرْسِمُونَ نحوه.
أَي يذهبون إِليه سراعاً، و الرَّسِيمُ: ضرب من السير سريع مؤثر في الأَرض. و الرَّسَمُ: حُسْن المشي. و رَسَمْتُ له كذا فارْتَسَمَه إِذا امتَثله. و راسِمٌ: اسم.
رشم:
رَشَمَ إِليه رَشْماً: كتب. و الرَّشْم: خاتم البُر و غيره من الحبوب، و قيل: رَشْمُ كل شي‏ء علامته، رَشَمَهُ يَرْشُمُهُ رَشْماً، و هو وضع الخاتم على فراء البُر فيبقى أَثره فيه، و هو الرَّوْشَمُ، سوادية. الجوهري: الروشم اللوح الذي يختم به البَيادر، بالسين و الشين جميعاً. قال أَبو تراب: سمعت عَرَّاماً يقول الرَّسْمُ و الرَّشْمُ الأَثَرُ. و رَسَمَ على كذا و رَشَمَ أَي كتب. و يقال للخاتم الذي يختم البُرَّ: الرَّوْشَمُ و الرَّوْسَمُ. و الرَّشْم: مصدر رَشَمْتُ الطعام أَرْشُمُهُ إِذا ختمته. و الرَّوْشَمُ: الطابَعُ، لغة في الرَوْسَمِ. و قال أَبو حنيفة: ارْتَشَمَ ختم إِناءه بالرَّوْشَم. و الرَّشَمُ، بالتحريك، و الرَّوْشَم: أَوَّل ما يظهر من النبت. يقال: فيه رَشَمٌ من النبات. و أَرْشَمَتِ الأَرضُ: بدا نبتها. و أَرْشَمَتِ المَهاةُ: رأَت الرَّشَمَ فَرَعَتْهُ؛ قال أَبو الأَخْزَر الحماني:
كم من كَعابٍ كالمَهاة المُرْشِمِ‏


و يروى‏
... المُوشِم‏


، بالواو، يعني التي نبت لها وَشْمٌ من الكَلإِ، و هو أَوّله، يشبَّه بوَشْمِ النساء. و عامٌ أَرْشَمُ: ليس بجَيّد خَصيب. و مكان أَرْشَمُ كأَبْرَشَ إِذا اختلفت أَلوانه. اللحياني: بِرْذَوْن أَرْشَمُ و أَرْمَشُ مثل الأَبْرَشِ في لونه؛ قال: و أَرض رَشْماءُ و رَمْشاء مثل البَرْشاء إِذا اختلفت‏
__________________________________________________
 (2). قوله [و في رواية كلفت إلخ‏] كذا هو بالأَصل و لعله غلامي بعيري.

242
لسان العرب12

رشم ص 242

أَلوان عُشْبها. و أَرْشَمَ الشجرُ: أَخرج ثمره كالحمص؛ عن ابن الأَعرابي. و أَرْشَمَ الشجرُ و أَرْمَشَ إِذا أَورق. و الأَرْشَمُ: الذي يتشَمَّمُ الطعام و يحرص عليه؛ قال البَعِيثُ يهجو جَريراً:
لَقًى حملتهُ أُمُّه، و هي ضَيْفَةٌ،             فجاءَتْ بيَتْنٍ للضِّيافة أَرْشَما

و يروى:
فجاءت بنَزٍّ للنُّزالة أَرْشَما


قال ابن سيدة: و أَنشد أَبو عبيد هذا البيت لجرير، قال: و هو غلط. الجوهري: الرَّشَمُ مصدر قولك رَشِمَ الرجلُ، بالكسر، يَرْشَمُ إِذا صار أَرْشَمَ، و هو الذي يتشمَّمُ الطعام و يحرص عليه. و قال ابن السكيت في قوله أَرْشَما قال: في لونه بَرَشٌ يشوب لونَه لون آخر يدل على الريبة، قال: و يروى‏
... من نُزالة أَرْشَما


؛ يريد من ماء عبدٍ أَرْشَمَ. و الأَرْشَم: الذي به وَشْمٌ و خطوط. و الأَرْشَمُ: الذي ليس بخالص اللون و لا حُرِّهِ. و الأَرْشَمُ: الشَّرِهُ. و أَرْشَمَ البرقُ: مثل أَوْشَمَ. و غيث أَرْشَم: قليل مذموم. و رَشَمَ رَشْماً «1». كرَشَنَ إِذا تَشَمَّمَ الطعام و حَرِصَ عليه. و الرَّشْمُ: الذي يكون في ظاهر اليد و الذراع بالسواد؛ عن كراع، و الأَعرف الوَشْمُ، بالواو. الليث: الرَّشْمُ أَن تُرشمَ يد الكُرْدِيِّ و العِلْجِ كما تُوشَمُ يدُ المرأَة بالنِّيل لكي تُعرف بها، و هي كالوَشْمِ. و الرُّشْمَةُ: سواد في وجه الضبع مشتق من ذلك، و ضبع رَشْماءُ، و الله أَعلم.
رصم:
ابن الأَعرابي: الرَّصَمُ الدخول في الشعب الضيق، بالصاد المهملة.
رضم:
رَضَم الشيخُ يَرْضِمُ رَضْماً: ثَقُل عَدْوُه، و كذلك الدابة. و الرَّضَمانُ: تَقارُبُ عَدْو الشيخ. ابن الأَعرابي: يقال إِن عَدْوَكَ لرَضَمان أَي بطي‏ء، و إِن أَكْلَكَ لَسَلَجان، و إِن قضاءك لَلِيَّان. و الرَّضْمَةُ و الرَّضَمَةُ: الصخرة العظيمة مثل الجزُور و ليست بناتئة، و الجمع رَضَمٌ و رِضام؛ و قال ثعلب: الرَّضَمُ و الرِّضامُ صخور عظام يُرْضم بعضها فوق بعض في الأَبنية، الواحدة رَضْمة، قال ابن بري: و الجمع رَضَماتٌ؛ و أَنشد ابن السكيت لذي الرمة:
من الرَّضَماتِ البِيضِ، غَيَّرَ لَوْنَها             بَناتُ فِراضِ المَرْخِ، و الذَّابلُ الجَزْلُ‏

يعني بالرَّضَماتِ الأَثافيَّ، و بَناتُ فِراضِ المَرْخ: النيرانُ التي تخرج من الزِّناد، و الذَّابِلُ: الحَطب، و الفراض: جمع فَرْضٍ و هو الحَزُّ. و
في الحديث: لما نزل وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ؛ أَتى رَضْمَةَ جبل فعَلا أَعْلاها.
؛ هي واحدة الرَّضْم و الرِّضام، و هي دون الهِضاب، و قيل: صُخورٌ بعضها على بعض. و
في حديث أَنس في المُرْتد نصرانيّاً: فأَلقَوه بين حجرين و رَضَموا عليه الحجارة.
و
في حديث أَبي الطُّفَيْل: لما أَرادت قريش بناء البيت بالخَشَب و كان البِناء الأَوّلُ رَضْماً.
و يقال: رَضَمَ عليه الصَّخْرَ يَرْضِم، بالكسر، رَضْماً، و رَضَمَ فلان بَيْتَه بالحجارة. و قال ثعلب: الرَّضْم الحجارة البِيضُ؛ و أَنشد:
إِنَّ صُبَيْح ابن الزِّنا قد فأَرا             في الرَّضْم، لا يَتْرُك منه حَجَرا

__________________________________________________
 (1). قوله [و رشم رشماً] هذه عبارة المحكم و هي مضبوطة فيه بهذا الضبط كالأصل، و يخالفه ما تقدم قريباً عن الجوهري و هو الذي في القاموس و التكملة.

243
لسان العرب12

رضم ص 243

و رَضَمَ الحجارةَ رَضْماً: جعل بعضها على بعض. و كلُّ بناء بُني بصَخْر رَضِيمٌ. و رَضَدْت المَتاع فارْتَضَد و رَضَمْته فارْتَضَمَ إِذا نَضَدتَه. و رَضَمْت الشي‏ءَ فارْتَضَمَ إِذا كسرته فانكسر. و يقال: بنى فلان داره فَرَضَمَ فيها الحجارة رَضْماً؛ و قال لبيد:
حُفِزَتْ و زايَلَها السَّرابُ، كأَنها             أَجْزاعُ بِئشَة أَثْلُها و رِضامُها

و الرِّضام: حجارة تجمع، واحدها رَضْمةٌ و رَضْمٌ؛ و أَنشد:
يَنْصاحُ مِنْ جِبْلةِ رَضْمٍ مُدَّهِقْ‏


أَي من حجارة مَرْضُومة، و يقال رَضْمٌ و رَضَمٌ للحجارة المَرْضومة؛ و قال رؤبة:
حَديِدُهُ و قِطْرُهُ و رَضَمُهْ‏


و
في الحديث: حتى رَكَزَ الرَّايةَ في رَضَمٍ من حجارة.
و بعير مِرْضَمٌ: يرمي بعض الحجر ببعض؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أَنشد:
بكُلِّ مَلْمُومٍ مِرَضٍّ مِرْضَم‏


و رَضَمَ البعيرُ بنفسه رَضْماً: رَمعى بنفسه الأَرض. و رَضَمَ الرجلُ بالمكان: أَقام به. و رَضَم الرجلُ في بيته أَي سَقَط لا يخرج من بيته، و رَمَأ كذلك، و قد رَضَمَ يَرْضِمُ رُضُوماً. و رَضَمَ به الأَرض إِذا جَلَدَ به الأَرضَ. و برْذَوْنٌ مَرْضُوم العَصب إِذا تَشَنَّجَ عَصَبُه صارت فيه أَمثال العُقَد؛ و أَنشد:
مُبَيَّن الأَمْشاشِ مَرْضُوم العَصَبْ‏


جمع المَشَش، و هو انتبار عظم الوَظيف. و يقال: رَضَمَت أَي ثَبَتت. و رَضَمْتُ الأَرْضَ رَضْماً: أَثَرْتها لزرْع أَو نحوه، يمانية. و رُضام: اسم موضع. و الرُّضَيِّمُ: طائر، قال النضر: يقال طائر رُضَمَة.
رطم:
رَطَمه يَرْطُمُه رَطْماً فارْتَطَم: أَوحَله في أَمر لا يَخْرُج منه. و ارْتَطَم في الطين: وقع فيه فتَخَبَّط. و رَطَمْت الشي‏ء في الوحْل رَطْماً فارْتَطَم هو فيه أَي ارتبك فيه. و ارتَطم عليه الأَمر إِذا لم يَقْدِر على الخُروج منه. و
في حديث الهجرة: فارْتَطَمتْ بسُراقة فرسُه.
أَي ساخت قَوائمها كما تَسُوخ في الوَحْل. و
في حديث عليّ: من اتّجر قبل أَن يَتَفَقَّه ارتَطَم في الرِّبا ثم ارْتَطَم ثم ارْتَطَم.
أَي وقع فيه و ارْتَبَك. و وقع في رُطمَة و رُطُومة أَي في أَمر يتخَبَّط فيه. و ارْتَطَمَ فلان في أَمر لا مخْرج له منه إِلا بغُمّة لزمته. و ارْتَطَمَتْ عليه أُمورُه: عيَّ فيها و سُدَّت عليه مذاهبُه. و رُطِم البعيرُ رَطْماً: احْتَبَس نَجْوه كأُرْطِم. و التَّراطُم: التَّراكُم. و الارتِطام: الازدِحام. و رَطَمَ الرجلُ: نَكَحَ. و رَطَمَها يَرْطُمُها رَطْماً: نكحها يكون في المرأَة و الأَتان؛ قال:
عَيْنا أَتانٍ تَبْتَغِي أَن تُرْطَمَا


و رَطَمَ جارِيتَه رَطْماً إِذا جامَعَها فأَدخل ذكره كلّه فيها. و امرأَة مَرْطُومَة: مَرْمِيّة بسوء مُتَّهمَة بشرّ؛ قال صالح بن الأَحنف:
فابْرُزْ، كِلانا أُمه لَئيمهْ،             بِفِعل كلِّ عاهِرٍ مَرْطُومَهْ‏

و الرَّطُوم من النساء: الواسعةُ الفرْج؛ قال الراجز:
يا ابن رَطُومٍ ذاتِ فَرْج عَفْلَق‏

244
لسان العرب12

رعم ص 245

و امرأَة رَطُوم: واسعةُ الجَهاز كثيرة الماء. أَبو عمرو: الرَّطُوم الضَّيِّقة الحَياء من النوق، و هي من النساء الرَّتْقاء، و من الدَّجاج البَيْضاء. قال شمر: أَرْطَمَ الرجلُ و طَرْسَم و أَسبأَ «1». و اصْلَخَمَّ و اخرنْبَق كله إِذا سكت. و الرَّطُوم: الأَحمق. و الراطِم: اللَّازِم للشي‏ء.
رعم:
الرُّعام، بالضم: بالمُخاط، و قيل: مُخاط الخيل و الشاء، و جمعه أَرْعِمَة. و رَعَمَتِ الشاة تَرْعَمُ رُعاماً، و هي رَعُوم، و أَرْعَمَت: هُزلت فسال رُعامُها، و رَعَمَ مخاطُها رُعاماً: سال؛ قال الأَزهري: هو داء يأْخُذُها في أَنفها فيسيل منه شي‏ء فيقال له الرُّعام، بالضم، و
في الحديث: صَلُّوا في مُراح الغنم و امسحوا رُعامَها.
؛ الرُّعام: ما يسيل من أُنوفها. و الرَّعُوم: الشديد الهُزال؛ قال الأَزهري: الرَّعُوم، بالراء، من الشاء التي يسيل مخاطها من الهزال. و يقال: كِسْرٌ رَعِمٌ ذو شحم. و الرِّعْمُ: الشحم؛ قال أَبو وجزة:
فيها كُسُورٌ رَعِماتٌ و سُدُف‏


ابن الأَعرابي: الرَّعامُ و اليَعْمُورُ الطَّلِيُّ، و هو العَرِيضُ. و رَعَمَ الشي‏ءَ يَرْعَمُهُ رَعْماً: رَقَبَه و رَعاهُ. و رَعَمَ الشمس يَرْعَمُها: رقب غَيْبوبتها و نظر وُجُوبها منه؛ و هو في شعر الطِّرِمَّاح أَورده الأَزهري:
و مُشِيح، عَدْوُهُ مِتْأَقٌ،             يَرْعَمُ الإِيجابَ قبلَ الظَّلام‏

أَي ينتظر وجوب الشمس؛ و أَنشد ابن بري للطرماح يصف عَيْراً:
مثل عَيرِ الفَلاة شاخَسَ فاهُ             طُولُ شَرْسِ القَطا، و طولُ العِضاض‏
يَرْعَمُ الشمسَ أَنْ تَمِيل بمثل الجَب‏ءِ،             جأْبٍ مُقَذَّفٍ بالنِّحاضِ‏

قوله يَرْعَمُ أَي ينظر، و الجَبْ‏ءُ: حفرة في الصَّفا، و جَأْب: غليظ، و النِّحاضُ: جمع نَحْضٍ و هو اللحم، و الجَبْ‏ءُ جمعه أَجْباء، و الجأْب جمعه أَجْآب، و الشَّرْسُ: الكِدام. يقال: شَرَسَهُ أَي نحضه، و شاخَسَ فاه: صَيَّرَه مختلفاً طويلًا و قصيراً، و القَطا: موضع الرِّدْفِ؛ يقول: إِن هذا العَيْرَ مما يَعَضُّ أَعجاز هذه الأُتُنِ قد اختلفت أَسنانه، و شبه عينه التي ينظر بها الشمس بحفرة في حجارة، يعني شدَّتها و استقامتها. و الرُّعامَى: زيادة الكبد، و الغين أَعلى. و الرُّعامَى و الرُّعامَةُ: شجر لم يُحَلَّ. و رَعُومٌ و رِعْمٌ، كلاهما: اسم امرأَة، و رَعْمان و رُعَيمٌ: اسمان. و رَعْمٌ: اسم موضع.
رغم:
الرَّغْم و الرِّغْم و الرُّغْمُ: الكَرْهُ، و المَرْغَمَةُ مثله.
قال النبي، صلى الله عليه و سلم: بُعِثْتُ مَرْغَمَةً.
؛ المَرْغَمَة: الرُّغْمُ أَي بُعِثْتُ هواناً و ذُلًّا للمشركين، و قد رَغِمَهُ و رَغَمَهُ يَرْغَمُ، و رَغِمَتِ السائمة المَرْعَى تَرْغَمُه و أَنِفَتْه تأْنَفُهُ: كرهَته؛ قال أَبو ذؤيب:
و كُنَّ بالرَّوْضِ لا يَرْغَمْنَ واحدةً             من عَيْشهنّ، و لا يَدْرِين كيف غدُ

و يقال: ما أَرْغَمُ من ذلك شيئاً أَي ما أَنْقِمُه و ما
__________________________________________________
 (1). قوله [و أَسبأ] كذا هو بالأصل و شرح القاموس، و في نسخة من التهذيب: استبأ.

245
لسان العرب12

رغم ص 245

أَكرهه. و الرُّغْمُ: الذِّلَّة. ابن الأَعرابي: الرَّغْم التراب، و الرَّغْم الذلّ، و الرَّغم القَسر «1». قال: و
في الحديث و إِن رَغَمَ أَنفُه.
أَي ذلّ؛ رواه بفتح الغين؛ و قال ابن شميل: على رَغْمِ مَن رَغَمَ، بالفتح أَيضاً. و
في حديث مَعْقِل بن يَسارٍ: رَغِم أَنفي لأَمر الله.
أَي ذَلّ و انقاد. و رَغِمَ أَنفي لله رَغْماً و رَغَمَ يَرْغَمُ و يَرْغُمُ و رَغُمَ؛ الأَخيرة عن الهجري، كله: ذلَّ عن كُرْهٍ، و أَرغَمَه الذُّلُّ. و
في الحديث: إِذا صلى أَحدكم فليُلْزِمْ جبهته و أَنفه الأَرض حتى يخرج منه الرَّغْمُ.
؛ معناه حتى يخضع و يَذِلَّ و يخرج منه كِبْرُ الشيطان، و تقول: فعلت ذلك على الرَّغم من أَنفه. و رَغَمَ فلان، بالفتح، إِذا لم يقدر على الانتصاف، و هو يَرْغَمُ رَغْماً، و بهذا المعنى رَغِمَ أَنفُه. و المَرْغَمُ و المَرْغِمُ: الأَنف، و هو المَرْسِنُ و المَخْطِمُ و المَعْطِسُ؛ قال الفرزدق يهجو جريراً:
تَبْكِي المَراغَةُ بالرَّغامِ على ابنها،             و الناهِقات يَهِجْنَ بالإِعْوالِ‏

و
في الحديث: أَنه، عليه السلام، قال: رَغِمَ أَنفُه ثلاثاً، قيل: مَنْ يا رسول الله؟ قال: من أَدرك أَبويه أَو أَحدهما حيّاً و لم يدخل الجنة.
يقال: أَرْغَم الله أَنْفَه أَي أَلزقه بالرَّغام، و هو التراب؛ هذا هو الأَصل، ثم استعمل في الذل و العجز عن الانتصاف و الانقياد على كُرْهٍ. و
في الحديث: و إِن رَغِمَ أَنف أَبي الدَّرْداء.
أَي و إِن ذَلَّ، و قيل: و إِن كَره. و
في حديث سجدتي السهو: كانتا تَرْغيماً للشيطان.
و
في حديث أَسماء: إِن أُمِّي قدِمتْ عليَّ راغِمَةً مشركة أَ فَأَصِلُها؟ قال: نعم.
؛ لما كان العاجز الذليل لا يخلو من غضب، قالوا: تَرَغَّمَ إِذا غضب، و راغِمةً أَي غاضبة، تريد أَنها قدِمَتْ عليَّ غَضْبَى لإِسلامي و هجرتي متسخطة لأَمري أَو كارهة مجيئها إِليَّ لو لا مَسِيسُ الحاجة، و قيل: هاربة من قومها من قوله تعالى: يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً
؛ أَي مَهْرباً و مُتَّسَعاً؛ و منه‏
الحديث: إِن السِّقْطَ ليُراغِمُ ربه إِن أَدخل أَبويه النار.
أَي يغاضبه. و
في حديث الشاة المسمومة: فلما أَرْغَمَ رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، أَرْغَمَ بِشْرُ بن البَراءِ ما في فيه.
أَي أَلقى اللقمة من فيه في التراب. و رَغَّمَ فلان أَنفه: خضع. و أَرْغَمَهُ: حمله على ما لا يقدر أَن يمتنع منه. و رَغَّمَهُ: قال له رَغْماً و دَغْماً، و هو راغِمٌ داغِمٌ، و لأَفعلنَّ ذلك رَغْمًا و هواناً، نصبه على إِضمار الفعل المتروك إِظهاره. و رجل راغِمٌ داغِمٌ: إِتباع، و قد أَرْغَمَهُ الله و أَدْغَمَه، و قيل: أَرْغَمَهُ أَسخطه، و أَدْغَمَهُ، بالدال: سَوَّده. و شاة رَغْماء: على طرف أَنفها بياض أَو لون يخالف سائر بدنها. و امرأَة مِرْغامة: مغضِبة لبَعْلِها؛ و
في الخبر: قال بَيْنا عمر بن الخطاب، رحمه الله، يطوف بالبيت إِذ رأَى رجلًا يطوف و على عنقه مثل المَهاةِ و هو يقول:
عُدْتُ لهذي جَمَلًا ذَلولا،             مُوَطَّأً أَتَّبِعُ السُّهولا،
أَعْدِلُها بالكَفِّ أَن تَمِيلا،             أَحذَر أَن تسقط أَو تزولا،
أَرْجو بذاك نائلًا جَزِيلا

فقال له عمر: يا عبد الله من هذه التي وهبت لها حجك؟ قال: امرأَتي، يا أَمير المؤمنين إِنها حمقاء مِرْغامة، أَكول قامة، ما تَبْقى لها خامة قال: ما لك لا
__________________________________________________
 (1). قوله [و الرغم القسر] كذا هو بالسين المهملة في الأَصل، و الذي في التهذيب و التكملة: القشر بالشين المعجمة.

246
لسان العرب12

رغم ص 245

تطلّقها؟ قال: يا أَمير المؤمنين، هي حسناء فلا تُفْرَك، و أُم صبيان فلا تُتْرك قال: فشأَنك بها إِذاً.
و الرَّغامُ: الثَّرَى. و الرَّغام، بالفتح: التراب، و قيل: التراب اللين و ليس بالدقيق؛ و قال:
و لم آتِ البُيوتَ، مُطَنَّباتٍ،             بأَكثِبَةٍ فَرَدْنَ من الرَّغامِ‏

أَي انفردن، و قيل: الرَّغامُ رمل مختلط بتراب. الأَصمعي: الرَّغامُ من الرمل ليس بالذي يسيل من اليد. أَبو عمرو: الرَّغامُ دُقاق التراب، و منه يقال: أَرْغَمْتُه أَي أَهَنْتُهُ و أَلزقته بالتراب. و حكى ابن بري قال: قال أَبو عمرو الرَّغام رمل يَغْشى البصر، و هي الرِّغْمان؛ و أَنشد لنُصَيْب:
فلا شكّ أَنّ الحيّ أَدْنَى مَقِيلِهِمْ             كُناثِرُ، أَو رِغْمانُ بِيضِ الدَّوائر

و الدوائر: ما استدار من الرمل. و أَرْغَمَ الله أَنفه و رَغَّمه: أَلزقه بالرَّغام. و
في حديث عائشة، رضي الله عنها: أَنها سئلت عن المرأَة توضأَتْ و عليها الخِضابُ فقالت: اسْلِتِيهِ و أَرغِمِيه.
؛ معناه أَهِينِيه و ارمي به عنك في التراب. و رَغَّمَ الأَنفُ نفسُه: لزق بالرَّغام. و يقال: رَغَمَ أَنفُه إِذا خاس في التراب. و يقال: رَغمَ فلان أَنفه «2». الليث: الرُّغامُ ما يسيل من الأَنف من داء أَو غيره؛ قال الأَزهري: هذا تصحيف، و صوابه الرُّعام، بالعين. و قال أَبو العباس أَحمد بن يحيى: من قال الرُّغام فيما يسيل من الأَنف فقد صَحَّفَ، و كان أَبو إِسحاق الزجاج أَخذ هذا الحرف من كتاب الليث فوضعه في كتابه و توهم أَنه صحيح، قال: و أَراه عَرَضَ الكتاب على المبرد و القول ما قاله ثعلب «3». قال ابن سيدة: و الرَّغامُ و الرُّغامُ «4». ما يسيل من الأَنف، و هو المخاط، و الجمع أَرْغِمَةٌ، و خص اللحياني به الغَنم و الظِّباء. و أَرْغَمَتْ: سال رُغامُها، و قد تقدم في العين المهملة أَيضاً. و المُراغَمَةُ: الهِجْرانُ و التباعد. و المُراغَمةُ: المغاضبة. و أَرْغَمَ أَهله و راغَمَهُمْ: هجرهم. و راغَم قومه: نَبَذهُم و خرج عنهم و عاداهم. و لم أُبالِ رَغْم أَنفِه «5». أَي و إِن لَصِقَ أَنفُه بالتراب. و التَّرَغُّمُ: التغضُّب، و ربما جاء بالزاي؛ قال ابن بري: و منه قول الحُطَيئَةِ:
تَرى بين لَحْيَيها، إِذا ما تَرَغَّمَتْ،             لُغاماً كبيت العَنْكَبُوتِ المُمَدَّدِ

و المُراغَمُ: السَّعَةُ و المضطَرَبُ، و قيل: المَذْهب و المَهْرب في الأَرض، و قال أَبو إِسحاق في قوله تعالى: يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً
؛ معنى مُراغَماً
 مُهاجَراً، المعنى يَجِدْ في الأَرض مُهاجَراً لأَن المُهاجِرَ لقومه و المُراغِمَ بمنزلة واحدة و إِن اختلف اللفظان؛ و أَنشد:
إِلى بَلَدٍ غيرِ داني المَحَل،             بعيدِ المُراغَمِ و المُضْطَرَبْ‏

قال: و هو مأْخوذ من الرَّغام و هو التراب، و قيل: مُراغَماً
 مُضْطَرَباً. و عبد مُراغِمٌ «6». أَي مضطربٌ‏
__________________________________________________
 (2). قوله [و يقال رغم فلان أَنفه‏] عبارة التهذيب: و يقال رغم فلان أَنفه و أَرغمه إِذا حمله على ما لا امتناع له منه.
 (3). قوله [و القول ما قاله ثعلب‏] يعني أَنه بالعين المهملة كما يستفاد من التكملة.
 (4). قوله [و الرغام و الرغام إلخ‏] هما بفتح الراء في الأَول و ضمها في الثاني، هكذا بضبط الأصل و المحكم.
 (5). قوله [و لم أَبال رغم أَنفه هو بهذا الضبط في التهذيب.
 (6). قوله [و عبد مراغم‏] مضبوط في نسخة من التهذيب بكسر الغين و قال شارح القاموس بفتح الغين.

247
لسان العرب12

رغم ص 245

على مَواليه. و المُراغَمُ: الحصن كالعَصَرِ؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أَنشد للجَعْدِيّ:
كَطَوْدٍ يُلاذُ بأَرْكانِهِ،             عَزيزِ المُراغَمِ و المَهْرَبِ‏

و أَنشد ابن بري لسالم بن دارة:
أَبْلِغْ أَبا سالمٍ أَن قد حَفَرْت له             بئراً تُراغَمُ بين الحَمْضِ و الشَّجَرِ

و ما لي عن ذلك مَرْغَمٌ أَي منع و لا دفع. و الرُّغامى: زيادة الكبد مثل الرُّعامى، بالغين و العين المهملة، و قيل: هي قصبة الرِّئة؛ قال أَبو وَجْزَةَ السَّعْديّ:
شاكَتْ رُغامى قَذُوفِ الطَّرْف خائفةٍ             هَوْلَ الجَنان، و ما هَمَّتْ بإِدْلاجِ‏

و قال الشَّمَّاخُ يصف الحُمُرَ:
يُحَشرِجُها طَوْراً و طَوْراً، كأَنَّما             لها بالرُّغامى و الخَياشِم جارِزُ

قال ابن بري: قال ابن دريد الرُّغامى قصب الرئَةِ؛ و أَنشد:
يَبُلُّ من ماء الرُّغامى لِيتَهُ،             كما يَرُبُّ سالئٌ حَمِيتَهُ‏

و الرُّغامى من الأَنف؛ و قال ابن القُوطِيَّة: الرُّغامى الأَنف و ما حوله. و الرُّغامى: نبت، لغة في الرُّخامى. و التَّرَغُّمُ: الغضب بكلام و غيره و التَّزَغُّم بكلام؛ و قد روي بيت لبيد:
على خير ما يُلْقى به مَن تَرَغَّما


و
... من تَزَعَّما.


و قال المفضل في قوله فعلته على رَغْمِه: أَي على غضبه و مساءته. يقال: أَرْغَمْتُه أَي أَغضبته؛ قال مُرَقِّشٌ:
ما دِيننا في أَنْ غَزا مَلِكٌ،             من آل جَفْنَةَ، حازِمٌ مُرْغَمْ‏

معناه مُغْضَب. و
في حديث أَبي هريرة: صَلِّ في مُراح الغنم و امسح الرُّغامَ عنها.
؛ قال ابن الأَثير: كذا رواه بعضهم، بالغين المعجمة، قال: و يجوز أَن يكون أَراد مسح التراب عنها رعاية لها و إِصلاحاً لشأْنها. و رُغَيْم: اسم.
رفم:
التهذيب: ابن الأَعرابي الرَّفَمُ النعيم التام.
رقم:
الرَّقْمُ و التَّرقيمُ: تَعْجيمُ الكتاب. و رَقَمَ الكتاب يَرْقُمُهُ رَقْماً: أَعجمه و بيَّنه. و كتاب مَرْقُوم أَي قد بُيِّنتْ حروفه بعلاماتها من التنقيط. و قوله عز و جل: كِتابٌ مَرْقُومٌ*
؛ كتاب مكتوب؛ و أَنشد:
سأَرْقُم في الماء القَراحِ إِليكُم،             على بُعْدِكُمْ، إِن كان للماء راقِمُ‏

أَي سأَكتب. و قولهم: هو يَرْقُمُ في الماء أَي بلغ من حِذْقه بالأُمور أَن يَرْقُمَ حيث لا يثبت الرَّقْمُ؛ و أَما المؤمن فإِن كتابه يجعل في عِلِّيِّينَ السماء السابعة، و أَما الكافر فيجعل كتابه في أَسفل الأَرضين السابعة. و المِرْقَمُ: القَلَمُ. يقولون: طاح مِرْقَمُك أَي أَخطأَ قلمك. الفراء: الرَّقِيمةُ المرأَة العاقلة البَرْزَةُ الفَطِنَةُ. و هو يَرْقُمُ في الماء؛ يضرب مثلًا للفَطِنِ. و المُرَقِّمُ و المُرَقِّنُ: الكاتب؛ قال:

248
لسان العرب12

رقم ص 248

دار كَرَقْم الكاتب المُرَقّن‏


و الرَّقْمُ: الكتابة و الختم. و يقال للرجل إِذا أَسرف في غضبه و لم يقتصد: طَما مِرْقَمُكَ و جاش مرْقَمُكَ و غَلى و طَفَح و فاضَ و ارتفع و قَذَفَ مِرْقَمُكَ. و المَرْقُومُ من الدواب: الذي في قوائمه خطوط كَيَّاتٍ. و ثور مَرْقُوم القوائم: مُخَطَّطُها بسواد، و كذلك الحمار الوحشي. التهذيب: و المَرْقُومُ من الدواب الذي يكوى على أَوْظِفَتِهِ كَيّاتٍ صغاراً، فكل واحدة منها رَقْمَةٌ، و ينعت بها الحمار الوحشي لسواد على قوائمه. و الرَّقْمتانِ: شبه ظُفْرَين في قوائم الدابة متقابلتين، و قيل: هو ما اكتنف جاعِرتي الحمار من كَيَّة النار. و يقال للنكتتين السوداوين على عَجُزِ الحمار: الرَّقْمتان، و هما الجاعرتان. و رَقْمتا الحمار و الفرسِ: الأَثَرانِ بباطن أَعضادهما. و
في الحديث: ما أَنتم في الأُمم إِلا كالرَّقْمة في ذراع الدابة.
؛ الرَّقْمَةُ: الهَنَةُ الناتئة في ذراع الدابة من داخل، و هما رَقمتان في ذراعيها، و قيل: الرَّقْمتان اللتان في باطن ذراعي الفرس لا تُنْبِتان الشعر. و يقال للصَّناعِ الحاذقة بالخِرازة: هي تَرْقُمُ الماء و تَرْقُمُ في الماء، كأَنها تخط فيه. و الرَّقْمُ: خَزّ مُوَشّى. يقال: خَزٌّ رَقْم كما يقال بُرْدٌ وَشْي. و الرَّقْمُ: ضرب من البُرود؛ قال أَبو خراش:
تقول: و لو لا أَنت أُنْكِحْتُ سيداً             أُزَفُّ إِليه، أَو حُمِلْتُ على قَرْمِ‏
لَعَمْري لقد مُلِّكْتِ أَمْرَك حِقْبةً             زماناً، فهلا مِسْتِ في العَقْمِ و الرَّقْمِ‏

و الرَّقْمُ: ضرب مخطط من الوَشْي، و قيل: من الخَزِّ. و
في الحديث: أَتى فاطمة، عليها السلام، فوجد على بابها ستْراً مُوَشًّى فقال: ما لنا و الدنيا و الرَّقْم؟.
يريد النقش و الوَشْيَ، و الأَصل فيه الكتابة. و
في حديث علي، عليه السلام، في صفة السماء: سَقْف سائر و رَقِيمٌ مائر.
؛ يريد به وَشْيَ السماء بالنجوم. و رَقَمَ الثوب يَرْقُمُه رَقْماً و رَقَّمهُ: خططه؛ قال حميد:
فَرُحْنَ، و قد زايَلنَ كل صَنِيعَةٍ             لهنّ، و باشَرنَ السَّديلَ المُرَقَّما

و التاجر يَرْقُمُ ثوبه بسِمَته. و رَقْمُ الثوب: كتابه، و هو في الأَصل مصدر؛ يقال: رَقَمْتُ الثوب و رَقَّمْتُه تَرْقِيماً مثله. و
في الحديث: كان يزيد في الرَّقْمِ.
أَي ما يكتب على الثياب من أَثمانها لتقع المرابحة عليه أَو يغترّ به المشتري، ثم استعمله المحدثون فيمن يكذب و يزيد في حديثه. ابن شميل: الأَرْقَمُ حية بين الحيتين مُرَقَّم بحمرة و سواد و كُدْرَةٍ و بُغْثَةٍ. ابن سيدة: الأَرْقَمُ من الحيّات الذي فيه سواد و بياض، و الجمع أَراقِمُ، غلب غلبة الأَسماء فكُسِّرَ تكسيرها و لا يوصف به المؤنث، يقال للذكر أَرْقَم، و لا يقال حية رَقْماء، و لكن رَقْشاء. و الرَّقَمُ و الرُّقْمَةُ: لون الأَرْقَم. و
قال رجل لعمر، رضي الله عنه: مثلي كمثل الأَرْقَمِ إِن تقتله يَنْقَمْ و إِن تتركه يَلْقمْ.
و قال شمر: الأَرقَمُ من الحيات الذي يشبه الجانَّ في اتقاء الناس من قتله، و هو مع ذلك من أَضعف الحَيّات و أَقلها غضباً، لأَن الأَرْقَمَ و الجانّ يتقى في قتلهما عقوبة الجن لمن قتلهما، و هو مثل‏
قوله: إِن يُقْتَل يَنْقَمْ.
أَي يُثْأرْ به. و قال ابن حبيب: الأَرْقَمُ أَخبث‏

249
لسان العرب12

رقم ص 248

الحيات و أَطلبها للناس، و الأَرْقَمُ إِذا جعلته نعتاً قلت أَرْقَشُ، و إِنما الأَرقَمُ اسمه. و
في حديث عمر: هو إِذاً كالأَرْقَمِ.
أَي الحية التي على ظهرها رَقْمٌ أَي نقش، و جمعها أَراقِمُ. و الأَراقِمُ: قوم من ربيعة، سُمُّوا الأَراقِمَ تشبيهاً لعيونهم بعيون الأَراقِمِ من الحيات. الجوهري: الأَراقِمُ حي من تَغْلب، و هم جُشَم؛ قال ابن بري: و منه قول مُهَلْهِلٍ:
زَوَّجَها فَقْدُها الأَراقِمَ في             جَنْبٍ، و كان الحِباءُ من أَدَم‏

و جَنْبٌ: حيّ من اليمن. ابن سيدة: و الأَراقِمُ بنو بكر و جُشَم و مالك و الحرث و معاوية؛ عن ابن الأَعرابي؛ قال غيره: إِنما سُميت الأَراقِمُ بهذا الاسم لأَن ناظراً نظر إِليهم تحت الدِّثارِ و هم صِغار فقال: كأَنّ أَعينهم أَعين الأَراقِمِ، فَلَجَّ عليهم اللقبُ. و الرَّقِمُ، بكسر القاف: الداهية و ما لا يُطاق له و لا يُقام به. يقال: وقع في الرقِمِ، و الرَّقِمِ الرَّقْماءِ إِذا وقع فيما لا يقوم به. الأَصمعي: جاء فلان بالرَّقِمِ الرَّقْماء كقولهم بالداهية الدَّهْياء؛ و أَنشد:
تَمَرَّسَ بي من حَيْنه و أَنا الرَّقِمْ‏


يريد الداهية. الجوهري: الرَّقِم، بكسر القاف، الداهية، و كذلك بنت الرَّقِم؛ قال الراجز:
أَرْسَلَها عَليقَة، و قد عَلِمْ             أَن العَلِيقاتِ يلاقِينَ الرَّقِمْ‏

و جاء بالرَّقِمِ و الرَّقْمِ أَي الكثير. و الرَّقِيمُ: الدَّواة؛ حكاه ابن دريد، قال: و لا أَدري ما صحته، و قال ثعلب: هو اللوح، و به فسر قوله تعالى: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِيمِ‏
، و قال الزجاج: قيل الرَّقِيمُ اسم الجبل الذي كان فيه الكهف، و قيل: اسم القرية التي كانوا فيها، و الله أَعلم. و قال الفراء: الرّقِيمُ لوحُ رَصاصٍ كتبت فيه أَسماؤهم و أَنسابهم و قصصهم و مِمَّ فَرُّوا؛
و سأَل ابن عباس كعباً عن الرَّقِيم فقال: هي القرية التي خرجوا منها.
و قيل: الرَّقِيمُ الكتاب؛ و
ذكر عِكْرِمةُ عن ابن عباس أَنه قال: ما أَدري ما الرَّقِيمُ، أَ كتاب أَم بنيان، يعني أَصْحابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِيمِ‏
.
و
حكى ابن بري قال: قال أَبو القاسم الزجاجي في الرَّقيم خمسة أَقوال: أَحدهما عن ابن عباس أَنه لوح كتب فيه أَسماؤهم، الثاني أَنه الدَّواة بلغة الرُّوم؛ عن مجاهد، الثالث القرية؛ عن كعب، الرابع الوادي، الخامس الكتاب؛ عن الضحاك و قتادة.
و إِلى هذا القول يذهب أَهل اللغة، و هو فَعِيلٌ في معنى مَفْعول. و
في الحديث: كان يسوي بين الصفوف حتى يَدَعَها مثل القِدْحِ أَو الرَّقِيمِ.
الرّقِيمُ: الكتاب، أَي حتى لا ترى فيها عِوَجاً كما يُقَوِّم الكاتب سُطوره. و التَّرْقِيمُ: من كلام أَهل ديوان الخراج. و الرَّقْمةُ: الروضة، و الرّقْمتان: روضتان إِحداهما قريب من البصرة، و الأُخرى بنَجْدٍ. التهذيب: و الرَّقْمتانِ روضتان بناحية الصَّمَّانِ؛ و إِياهما أَراد زهير بقوله:
و دار لها بالرّقْمَتَيْنِ، كأَنّها             مَراجيع وَشْمٍ في نَواشِر مِعْصَمِ‏

و رَقْمةُ الوادي: مجتَمَعُ مائه فيه. و الرَّقْمةُ: جانب الوادي، و قد يقال للرّوْضة. و
في الحديث: صَعِدَ رسول الله، صلى الله عليه و سلم، رَقْمَةً من جبل.
؛ رَقمةُ الوادي: جانبه، و قيل: مجتمع مائه،

250
لسان العرب12

رقم ص 248

و قال الفراء: رَقْمَةُ الوادي حيث الماء. و المَرْقُومة: أَرض فيها نُبَذٌ من النبت. و الرَّقَمَةُ: نبات يقال إِنه الخُبّازَى، و قيل: الرَّقَمَةُ من العُشب العظام تنبت متسطحة غَصَنَةً كباراً، و هي من أَول العُشْب خروجاً تنبت في السهل، و أَول ما يخرج منها ترى فيه حُمرة كالعِهْن النافض، و هي قليلة و لا يكاد المال يأْكلها إِلا من حاجة. و قال أَبو حنيفة: الرَّقَمَةُ من أَحْرار البَقْل، و لم يصفها بأَكثر من هذا، قال: و لا بلغتني لها حِلْيةٌ. التهذيب: الرَّقَمَةُ نبت معروف يشبه الكَرِشَ. و يوم الرَّقَمِ: يوم لغَطَفان على بني عامر؛ الجوهري: و يوم الرَّقَمِ من أَيام العرب، عُقِرَ فيه قُرْزُلٌ فرس طُفَيْلِ بن مالك؛ قال ابن بري: ذكر الجوهري أَنه فرس عامر بن الطُّفَيْلِ؛ قال: و الصحيح أَن قُرْزُلًا فرس طُفَيل بن مالك، شاهده قول الفرزدق:
و مِنهنَّ إِذ نَجَّى طُفَيْلَ بن مالكٍ،             على قُرْزُلٍ، رَجْلا رَكوضِ الهَزائِمِ‏

و قوله أَيضاً:
و نَجَّى طُفَيْلًا من عُلالَةِ قُرْزُلٍ             قَوائمُ، نَجَّى لحمَهُ مُسْتَقِيمها

و الرَّقَمِيَّاتُ: سهام تنسب إِلى موضع بالمدينة. ابن سيدة: و الرَّقَمُ موضع تعمل فيه النِّصالُ؛ قال لبيد:
فرَمَيْتُ القومَ رِشْقاً صائباً،             ليس بالعُصْلِ و لا بالمُقْتَعِلّ‏
رَقَمِيَّاتٌ عليها ناهضٌ،             تُكلِحُ الأَرْوَقُ منهم و الأَيَلّ‏

أَي عليها ريشُ ناهضٍ، و قد تقدم الناهضُ. و الرّقِيمُ و الرُّقَيْمُ: موضعان. و الرَّقيمُ: فرس حِزام بن وابصة.
ركم:
الرَّكْمُ: جمعك شيئاً فوق شي‏ء حتى تَجْعله رُكاماً مركوماً كركام الرمل و السحاب و نحو ذلك من الشي‏ء المُرْتكِم بعضه على بعض. رَكَمَ الشي‏ء يَرْكُمُه إِذا جَمَعه و أَلقى بعضه على بعض، و هو مَرْكُومٌ بعضُه على بعض. و ارْتَكَمَ الشي‏ءُ و تَراكَمَ إِذا اجتمع. ابن سيدة: الرَّكْمُ إِلقاء بعض الشي‏ء على بعض و تَنْضيده، رَكَمَه يَرْكُمُهُ رَكْماً فارْتَكَمَ و تَراكَمَ. و شي‏ء رُكامٌ: بعضه على بعض. و في التنزيل العزيز: ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً
؛ يعني السحاب. ابن الأَعرابي: الرَّكَمُ السحاب المُتَراكِمُ. الجوهري: الرُّكامُ الرمل المُتَراكم، و كذلك السحاب و ما أَشبهه. و
في حديث الاستسقاء: حتى رأَيتُ رُكاماً.
؛ الرُّكامُ: السحاب المُتراكِمُ بعضه فوق بعض. و قَطِيعٌ رُكامُ: ضَخْمٌ كأَنه قد رُكِمَ بعضُه على بعض؛ أَنشد ثعلب:
و تَحْمِي به حَوْماً رُكاماً و نسوة،             عليهن قَزٌّ ناعم و حَريرُ

و الرُّكْمةُ: الطين و التراب المجموع. و
في الحديث: فجاء بعُودٍ و جاء ببعرة حتى رَكَموا فصار سواداً.
و مُرْتَكَمُ الطريق، بفتح الكاف: جادَّتُهُ و مَحَجَّتُهُ.
رمم:
الرَّمّ: إِصلاح الشي‏ء الذي فسد بعضه من نحو حبل يَبْلى فتَرُمُّهُ أَو دار تَرُمُّ شأْنها مَرَمَّةً. و رَمُّ الأَمر: إِصلاحه بعد انتشاره. الجوهري: رَمَمْتُ الشي‏ء أَرُمُّهُ و أَرِمُّهُ رَمّاً و مَرَمَّةً إِذا أَصلحته. يقال: قد رَمَّ شأْنه و رَمَّهُ أَيضاً بمعنى أَكله. و اسْتَرَمَّ الحائطُ أَي حان له أَن يُرَمَّ إِذا بعد عهده‏

251
لسان العرب12

رمم ص 251

بالتطيين. و
في حديث النعمان بن مُقَرِّنٍ: فلينظر إِلى شِسْعه و رَمِّ ما دَثَرَ من سلاحه.
؛ الرَّمُّ: إِصلاح ما فسد و لَمُّ ما تفرق. ابن سيدة: رَمَّ الشي‏ءَ يَرُمُّهُ رَمّاً أَصلحه، و اسْتَرَمَّ دعا إِلى إِصلاحه. و رَمَّ الحبلُ: تقطع. و الرِّمَّةُ و الرُّمَّةُ: قطعة من الحبْل بالية، و الجمع رِمَمٌ و رِمام؛ و به سمي غَيْلانُ العدوي الشاعر ذا الرُّمَّةِ لقوله في أُرجوزته يعني وَتِداً:
لم يَبْقَ منها، أَبَدَ الأَبِيدِ،             غيرُ ثلاثٍ ماثلاتٍ سُودِ
و غيرُ مَشْجوجِ القَفا مَوتُودِ،             فيه بَقايا رُمَّةِ التَّقْليدِ

يعني ما بقي في رأْس الوَتِدِ من رُمَّةِ الطُّنُبِ المعقود فيه، و من هذا يقال: أَعطيته الشي‏ء برُمَّتِه أَي بجماعته. و الرُّمَّةُ: الحبل يقلَّد البعير. قال أَبو بكر في قولهم أَخذ الشي‏ء برُمَّتِه: فيه قولان: أَحدهما أَن الرُّمَّةَ قطعة حبل يُشَدُّ بها الأَسير أَو القاتلُ إِذا قِيدَ إِلى القتل للقَوَدِ،
و قولُ عليّ يدلّ على هذا حين سئل عن رجل ذكر أَنه رأَى رجلًا مع امرأَته فقتله فقال: إِن أَقام بَيِّنَةً على دعواه و جاء بأَربعة يشهدون و إِلا فلْيُعْطَ برُمَّتِهِ.
يقول: إِن لم يُقِم البينة قاده أَهله بحبل عنقه إِلى أَولياء القتيل فيقتل به، و القول الآخر أَخذت الشي‏ء تامّاً كاملًا لم ينقص منه شي‏ء، و أَصله البعير يشد في عنقه حبل فيقال أَعطاه البعير برُمَّته؛ قال الكميت:
وَصْلُ خَرْقاءَ رُمَّةٌ في الرِّمام‏


قال الجوهري: أَصله أَن رجلًا دفع إِلى رجل بعيراً بحبل في عنقه فقيل ذلك لكل من دفع شيئاً بجملته؛ و هذا المعنى أَراد الأَعشى بقوله يخاطب خَمَّاراً:
فقلتُ له: هذِه، هاتِها             بأَدْماءَ في حَبْل مُقْتادِها

و قال ابن الأَثير في تفسير حديث عليّ: الرُّمَّةُ، بالضم، قطعة حبْل يُشَدُّ بها الأَسير أَو القاتل الذي يُقاد إِلى القصاص أَي يُسلَّم إِليهم بالحبل الذي شُدَّ به تمكيناً لهم منه لئلا يَهْرُبَ، ثم اتسعوا فيه حتى قالوا أَخذت الشي‏ء برُمَّتِهِ و بزَغْبَرِهِ و بجُمْلَتِه أَي أَخذته كله لم أَدع منه شيئاً. ابن سيدة: أَخذه برُمَّته أَي بجماعته، و أَخذه برُمَّتِهِ اقتاده بحبله، و أَتيتك بالشي‏ء برُمَّتِهِ أَي كله؛ قال ابن سيدة: و قيل أَصله أَن يُؤْتى بالأَسير مشدوداً برُمَّتِهِ، و ليس بقوي. التهذيب: و الرُّمَّة من الحبل، بضم الراء، ما بقي منه بعد تقطعه، و جمعها رُمٌّ. و
في حديث علي، كرم الله وجهه، يَذُمُّ الدنيا: و أَسبابُها رِمامٌ.
أَي بالية، و هي بالكسر جمع رُمَّةٍ، بالضم، و هي قطعة حبل بالية. و حبل رِمَمٌ و رِمامٌ و أَرْمام: بالٍ، وصفوه بالجمع كأَنهم جعلوا كل جزء واحداً ثم جمعوه. و
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم: أَنه نهى عن الاستنجاء بالرَّوْثِ و الرِّمَّةِ.
؛ و الرِّمَّةُ، بالكسر: العظام البالية، و الجمع رِمَمٌ و رِمام؛ قال لبيد:
و البيت إِن تعرَ مني رِمَّةٌ خَلَقاً،             بعد المَماتِ، فإني كنتُ أَثَّئِرُ

و الرمِيمُ: مثل الرِّمَّةِ. قال الله تعالى: قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ‏
؛ قال الجوهري: إِنما قال الله تعالى وَ هِيَ رَمِيمٌ‏
 لأَن فعيلًا و فَعُولًا قد استوى فيهما المذكر و المؤنث و الجمع، مثل رَسُول و عَدُو

252
لسان العرب12

رمم ص 251

و صَديقٍ. و قال ابن الأَثير في النهي عن الاستنجاءِ بالرِّمَّة قال: يجوز أَن تكون الرِّمَّة جمع الرَّمِيم، و إِنما نهى عنها لأَنها ربما كانت ميتة، و هي نجسة، أَو لأَن العظم لا يقوم مقام الحجر لملاسته؛ و عظم رَمِيمٌ و أَعظم رَمائِمُ و رَمِيمٌ أَيضاً؛ قال حاتم أَو غيره، الشك من ابن سيدة:
أَما و الذي لا يَعْلَمُ السِّرَّ غَيْرُهُ،             و يُحْيي العِظامَ البِيضَ، و هي رَمِيمُ‏

و قد يجوز أَن يعني بالرَّمِيمِ الجنس فيضع الواحد موضع لفظ الجمع. و الرَّمِيمُ: ما بقي من نبت عام أَول؛ عن اللحياني، و هو من ذلك. و رَمَّ العظمُ و هو يَرِمُّ، بالكسر، رَمّاً و رَمِيماً و أَرَمَّ: صار رِمَّةً؛ الجوهري: تقول منه رَمَّ العظمُ يَرِمُّ، بالكسر، رِمَّةً أَي بَلِيَ. ابن الأَعرابي: يقال رَمَّتْ عظامه و أَرَمَّتْ إِذا بَلِيَتْ. و
في الحديث: قالوا يا رسول الله، كيف تُعْرَضُ صلاتُنا عليك و قد أَرَمَّتَ؟.
قال ابن الأَثير: قال الحربي كذا يرويه المحدثون، قال: و لا أَعرف وجهه، و الصواب أَرَمَّتْ، فتكون التاء لتأْنيث العظام أَو رَمِمْتَ أَي صِرْتَ رَمِيماً، و قال غيره: إِنما هو أَرَمْتَ، بوزن ضَرَبْتَ، و أَصله أَرْمَمْتَ أَي بَلِيتَ، فحذفت إِحدى الميمين كما قالوا أَحَسْتَ في أَحْسَسْتَ، و قيل: إِنما هو أَرْمَتَّ، بتشديد التاء، على أَنه أَدغم إِحدى الميمين في التاء، قال: و هذا قول ساقط، لأَن الميم لا تدغم في التاء أَبداً، و قيل: يجوز أَن يكون أُرِمْتَ، بضم الهمزة، بوزن أُمِرْتَ، من قولهم: أَرَمَت الإِبل تَأْرمُ إِذا تناولت العلفَ و قلعته من الأَرض؛ قال ابن الأَثير: أَصل هذه الكلمة من رَمَّ الميتُ و أَرَمَّ إِذا بَليَ. و الرِّمَّةُ: العظم البالي، و الفعل الماضي من أَرَمَّ للمتكلم و المخاطب أَرْمَمْتُ و أَرْمَمْتَ، بإظهار التضعيف، قال: و كذلك كل فعل مضعَّف فإِنه يظهر فيه التضعيف معهما، تقول في شَدَّ: شَدَدْتُ، و في أَعَدَّ: أَعْدَدْتُ، و إِنما ظهر التضعيف لأَن تاء المتكلم و المخاطب متحركة و لا يكون ما قبلها إِلا ساكناً، فإِذا سكن ما قبلها و هي الميم الثانية التقى ساكنان، فإِن الميم الأُولى سكنت لأَجل الإِدغام، و لا يمكن الجمع بين ساكنين، و لا يجوز تحريك الثاني لأَنه وجب سكونه لأَجل تاء المتكلم و المخاطب، فلم يبق إِلا تحريك الأَول، و حيث حُرِّكَ ظهر التضعيف، و الذي جاء في هذا الحديث بالإِدغام، و حيث لم يظهر التضعيف فيه على ما جاء في الرواية احتاجوا أَن يُشَدِّدُوا التاء ليكون ما قبلها ساكناً، حيث تعذر تحريك الميم الثانية، أَو يتركوا القِياسَ في التزام سكون ما قبل تاء المتكلم و المخاطب، قال: فإِن صحت الرواية و لم تكن مُحَرَّفَةً فلا يمكن تخريجه إِلا على لغة بعض العرب، فإِن الخليل زعم أَن ناساً من بَكْر بن وائلٍ يقولون: رَدَّتُ و رَدَّتَ، و كذلك مع جماعة المؤنث يقولون: رُدَّنَ و مُرَّنَ، يريدون رَدَدْتُ و رَدَدْتَ و ارْدُدْنَ و امْرُرْنَ، قال: كأَنهم قَدَّرُوا الإِدْغامَ قبل دخول التاء و النون، فيكون لفظ الحديث أَرَمَّتَ، بتشديد الميم و فتح التاء. و الرَّميمُ: الخَلَقُ البالي من كل شي‏ء. و رَمَّتِ الشاةُ الحشيش تَرُمُّه رَمّاً: أَخذته بشفتها. و شاة رَمُومٌ: تَرُمُّ ما مَرَّتْ به. و رَمَّتِ البهمةُ و ارْتَمَّتْ: تناولت العيدان. و ارْتَمَّتِ الشاة من الأَرض أَي رَمَّتْ و أَكلت. و
في الحديث عليكم بأَلْبان البقر فإنها تَرُمُّ من كل الشجر.
أَي‏

253
لسان العرب12

رمم ص 251

7

تأْكل، و
في رواية: تَرْتَمُّ.
؛ قال ابن شميل: الرَّمُّ و الارْتِمامُ الأَكل؛ و الرُّمامُ من البَقْلِ، حين يَبْقُلُ، رُمامٌ أَيضاً. الأَزهري: سمعت العرب تقول للذي يَقُشُّ ما سقط من الطعام و أَرْذَله ليأْكله و لا يَتَوَقَّى قَذَرَهُ: فلانٌ رَمَّام قَشَّاش و هو يَتَرَمَّمُ كل رُمامٍ أَي يأْكله. و قال ابن الأَعرابي: رَمَّ فلان ما في الغَضارَةِ إِذا أَكل ما فيها. و المِرَمَّةُ، بالكسر: شفة البقرة و كلِّ ذات ظِلْفٍ لأَنها بها تأْكل، و المَرَمَّةُ، بالفتح، لغة فيه؛ أَبو العباس: هي الشفة من الإِنسان، و من الظِّلْفِ المِرَمَّة و المِقَمَّة، و من ذوات الخف المِشْفَرُ. و
في حديث الهِرَّة: حَبَسَتْها فلا أَطْعَمَتْها و لا أَرسلتْها تُرَمْرِمُ من خَشاشِ الأَرض.
أَي تأْكل، و أَصلها من رَمَّتِ الشاة و ارْتَمَّتْ من الأَرض إِذا أَكلت، و المِرَمَّةُ من ذوات الظلف، بالكسر و الفتح: كالفَم من الإِنسان. و الرِّمُّ، بالكسر: الثَّرى؛ يقال: جاء بالطِّمِّ و الرِّمِّ إِذا جاء بالمال الكثير؛ و قيل: الطِّمُّ البحر، و الرِّمُّ، بالكسر، الثرى، و قيل: الطِّمُّ الرَّطْبُ و الرِّمُّ اليابس، و قيل: الطِّمُّ التُّرْبُ و الرِّمُّ الماء، و قيل: الطِّمُّ ما حمله الماء و الرِّمُّ ما حَمله الريح، و قيل: الرِّمُّ ما على وجه الأَرض من فُتات الحشيش. و الإِرْمام: آخر ما يبقى من النبت؛ أَنشد ثعلب:
تَرْعى سُمَيْراء إِلى إِرْمامِها


و
في حديث عمر، رضي الله عنه: قبل أَن يكون ثُماماً ثم رُماماً.
؛ الرُّمامُ، بالضم: مبالغة في الرَّميم، يريد الهَشِيمَ المتفتت من النبت، و قيل: هو حين تنبت رؤوسه فتُرَمُّ أَي تؤكل. و
في حديث زياد بن حُدَيْرٍ: حُمِلْتُ على رِمٍّ من الأَكرْادِ.
أَي جماعة نُزول كالحَيّ من الأَعراب؛ قال أَبو موسى: فكأَنه اسم أَعجمي، قال: و يجوز أَن يكون من الرِّمِّ، و هو الثَّرَى؛ و منه قولهم: جاء بالطِّمِّ و الرِّمِّ. و المَرَمَّةُ: متاع البيت. و من كلامهم السائر: جاء فلان بالطِّمِّ و الرِّمِّ؛ معناه جاء بكل شي‏ء مما يكون في البر و البحر، أَرادوا بالطِّمِّ البحر، و الأَصل الطَّمُّ، بفتح الطاء، فكسرت الطاء لمعاقبته الرِّمَّ، و الرِّمُّ ما في البر من النبات و غيره. و ما له ثُمٌ و لا رُمٌّ؛ الثُّمُّ: قُماش الناس أَساقيهم و آنيتهم، و الرُّمُّ مَرَمَّةُ البيت. و ما عَنْ ذلك حُمٌّ و لا رُمٌّ؛ حُمٌّ: مَحال، و رُمٌّ إِتباع. و ما له رُمٌّ غيرُ كذا أَي هَمٌّ. التهذيب: و من كلامهم في باب النفي: ما له عن ذلك الأَمرِ حَمٌّ و لا رَمٌّ أَي بُدٌّ، و قد يضمَّان، قال الليث: أَما حَمٌّ فمعناه ليس يحول دونه قضاء، قال: و رَمٌّ صِلَة كقولهم حَسَن بَسَن؛ و قال الفراء: ما له حُمٌّ و لا سُمٌّ أَي ما له هَمٌّ غيرك. و يقال: ما له حُمٌّ و لا رُمٌّ أَي ليس له شي‏ء، و أَما الرُّمُّ فإِن ابن السكيت قال: يقال ما له ثُمٌّ و لا رُمٌّ و ما يملك ثُمّاً و لا رُمّاً، قال: و الثُّمُّ قماش الناس أَساقيهم و آنيتهم، و الرُّمُّ مَرَمَّةُ البيت؛ قال الأَزهري: و الكلام هو هذا لا ما قاله الليث، قال: و قرأْت بخط شمر
في حديث عُرْوَةَ بن الزبير حين ذكر أُحَيْحَةَ بن الجُلاح و قول أَخواله فيه: كنا أَهل ثُمِّه و رُمِّه حتى استوى على عُمُمِّهِ.
؛ قال: أَبو عبيد حدّثوه بضم الثاء و الراء، قال و وجهه عندي ثَمِّه و رَمِّه، بالفتح، قال: و الثَّمُّ إِصلاح الشي‏ء و إِحكامه، و الرَّمُّ الأَكل؛
قال شمر: و كان هاشم بن عبدِ مَنافٍ تزوج سَلْمى بنت زيد النَّجَّاريّة بعد أُحَيْحَةَ بن الجُلاح فولدت له شَيْبةَ و توفي هاشم و شَبَّ الغلام، فقَدِم المطَّلِب بن عبد مناف فرأَى‏

254
لسان العرب12

رمم ص 251

الغلام فانتزعه من أُمِّه و أَرْدَفه راحلته، فلما قدم مكة قال الناس: أَردَفَ المُطَّلِبُ عبدَه، فسمِّي عبدَ المطلب؛ و قالت أُمّه: كنا ذوي ثَمِّهِ ورَمَّةُ

، حتى إِذا قام على تَمِّهِ، انتزعوه عَنْوَةً من أُمّهِ، و غلب الأَخوالَ حقُّ عَمِّهِ.
؛ قال أَبو منصور: و
هذا الحرف رواه الرواة هكذا: ذَوي ثُمِّهِ و .
و كذلك روي عن عُرْوة و قد أَنكره أَبو عبيد، قال: و الصحيح عندي ما جاء في الحديث، و الأَصل فيه ما قال ابن السكيت: ما له ثُمٌّ و لا رُمٌّ، فالثُّمُّ قماش البيت، و الرُّمُّ مَرَمَّةُ البيت، كأَنها أَرادت كنا القائمين بأَمره حين ولدَتْه إِلى أَن شَبَّ و قوي، و الله أَعلم. و الرِّمُّ: النَّقْي و المُخُّ، تقول منه: أَرَمَّ العظمُ أَي جرى فيه الرِّمُّ؛ و قال:
هَجاهُنَّ، لمّا أَنْ أَرَمَّتْ عِظامُهُ،             و لو كان في الأَعْراب مات هُزالا

و يقال: أَرَمَّ العظمُ، فهو مُرِمٌّ، و أَنْقى، فهو مُنْقٍ إِذا صار فيه رِمٌّ، و هو المخ؛ قال رؤبة:
نَعَم و فيها مُخّ كلِّ رِمّ‏


و أَرَمّت الناقة، و هي مُرِمٌّ: و هو أَوَّل السِّمَنِ في الإِقبال و آخر الشحم في الهزال. و ناقة مُرِمّ: بها شي‏ء من نِقْيٍ. و يقال للشاة إِذا كانت مهزولة: ما يُرِمُّ منها مَضرَبٌ أَي إِذا كسر عظم من عظامها لم يُصَبْ فيه مُخّ. ابن سيدة: و ما يُرِمّ من الناقة و الشاة مَضْرَبٌ أَي ما يُنْقِي، و المَضْرَبُ: العظم يضرب فيُنْتَقَى ما فيه. و نعجةٌ رَمَّاءُ: بَيضاءُ لا شِيَة فيها. و الرِّمَّةُ: النَّملةُ ذات الجَناحَين، و الرِّمَّة: الأَرَضَة في بعض اللغات. و أَرَمَّ إِلى اللهو: مالَ؛ عن ابن الأَعرابي: و أَرَمَّ: سكَتَ عامَّةً، و قيل: سكَت من فَرَقٍ. و
في الحديث: فأَرَمَّ القومُ.
قال أَبو عبيد: أَرَمَّ الرجل إِرْماماً إِذا سكَتَ فهو مُرِمٌّ. و الإِرْمام: السكوت. و أَرَمَّ القومُ أَي سكتوا؛ و قال حُميد الأَرقط:
يَرِدْنَ، و الليلُ مُرِمٌّ طائره،             مُرْخىً رِواقاه هُجُودٌ سامِرُه‏

و كلَّمَه فما تَرَمْرَمَ أَي ما ردَّ جواباً. و تَرَمْرَمَ القومُ: تحركوا للكلام و لم يَتَكلَّموا. التهذيب: أَما التَّرَمْرُمُ فهو أَن يحرّك الرجل شفتيه بالكلام. يقال: ما تَرَمْرَمَ فلان بحرف أَي ما نطق؛ و أَنشد:
إِذا تَرَمْرَمَ أَغْضَى كلّ جَبَّار


و قال أَبو بكر في قولهم ما تَرَمْرَمَ: معناه ما تحرَّك؛ قال الكميت:
تَكادُ الغُلاةُ الجُلْسُ منهن كلَّما             تَرَمْرَمَ، تُلْقِي بالعَسِيبِ قَذالَها

الجوهري: و تَرَمْرَمَ إِذا حَرَّك فاه للكلام؛ قال أَوس بن حجر:
و مُسْتَعْجِبٍ مِمَّا يَرَى من أَناتِنا،             و لو زَبَنَتْه الحَرْبُ لم يَتَرَمْرَمِ‏

و
في حديث عائشة، رضي الله عنها: كان لآل رسول الله، صلى الله عليه و سلم، وَحْشٌ فإِذا خرج، تَعْني رسول الله، صلى الله عليه و سلم، لعِب و جاء و ذهب، فإِذا جاء رَبَضَ و لم يَتَرَمْرَمْ ما دام في البيت.
؛ أَي‏

255
لسان العرب12

رمم ص 251

سكن و لم يتحرك، و أَكثر ما يستعمل في النفي. و
في الحديث: أَيّكم المتكلم بكذا و كذا؟ فأَرَمَّ القوم.
أَي سكتوا و لم يُجيبُوا؛ يقال: أَرَمَّ فهو مُرِمٌّ، و
يروى: فأَزَمَ.
بالزاي و تخفيف الميم، و هو بمعناه لأَن الأَزْم الإِمساك عن الطعام و الكلام؛ و منه‏
الحديث الآخر: فلما سمعوا بذلك أَرَمُّوا و رَهبُوا.
أَي سكتوا و خافوا. و الرَّمْرامُ: حَشِيش الربيع؛ قال الراجز:
في خُرُق تَشْبَعُ مِن رَمْرامِها


التهذيب: الرَّمْرامَةُ حشيشة معروفة في البادية، و الرَّمْرامُ الكثير منه، قال: و هو أَيضاً ضرب من الشجر طيب الريح، واحدته رَمْرامَة؛ و قال أَبو حنيفة: الرَّمْرامُ عُشبة شَاكَةُ العِيدانِ و الورق تمنع المس، ترتفع ذراعاً، و ورقها طويل، و لها عرض، و هي شديدة الخضرة لها زهْرَة صفراء و المواشي تحْرِصُ عليها؛ و قال أَبو زياد: الرَّمْرامُ نبت أَغبر يأْخذه الناس يسقون منه من العقرب، و في بعض النسخ: يشفون منه؛ قال الطِّرِمَّاحُ:
هل غير دارٍ بَكَرَتْ رِيحُها،             تَسْتَنُّ في جائل رَمْرامِها؟

و الرُّمَّةُ و الرُّمَةُ، بالثقيل و التخفيف: موضع. و الرُّمَّةُ: قاعٌ عظيم بنجد تَصُبُّ فيه جماعة أَوْدِيَةٍ. أَبو زيد: يقال رماه الله بالمُرِمَّاتِ إِذا رَماه بالدواهي؛ قال أَبو مالك: هي المُسْكتات. و مَرْمَرَ إِذا غضب، و رَمْرَمَ إِذا أَصلح شأْنه. و الرُّمَّانُ: معروف فُعْلان في قول سيبويه قال: سألته «7» عن رُمَّان، فقال: لا أَصرفه و أَحمله على الأَكثر إِذا لم يكن له معنى يعرف، و هو عند أَبي الحسن فُعَّال يحمله على ما يجي‏ء في النبات كثيراً مثل القُلَّام و المُلَّاح و الحُمَّاض، و قول أُم زَرْعٍ: فلقي امرأَة معها ولَدان لها كالفَهْدَيْنِ يلعبان من تحت خصرها برُمَّانَتَيْنِ، فإِنما تَعني أَنها ذاتُ كَفَلٍ عظيم، فإِذا اسْتَلْقَتْ على ظهرها نَبَا الكَفَلُ بها من الأَرض حتى يصير تحتها فجوة يجري فيها الرُّمَّانُ؛ قال ابن الأَثير: و ذلك أَن ولديها كان معهما رمانتان، فكان أَحدهما يرمي برُمَّانته إِلى أَخيه، و يرمي أَخوه الأُخرى إِليه من تحت خَصْرها، قال أَبو عبيد: و بعض الناس يذهب بالرُّمَّانتين إِلى أَنهم الثَّدْيان، و ليس هذا بموضعه؛ الواحدة رُمَّانةٌ. و الرُّمَّانة أَيضاً: التي فيها علف الفرس. و رُمَّانتان: موضع؛ قال الراعي:
على الدار بالرُّمَّانَتَيْنِ تَعُوجُ             صُدُورُ مَهَارَى، سَيْرُهُنَّ وَسِيجُ‏

و رَمِيم: من أَسماء الصَّبا، و به سميت المرأَةُ؛ قال:
رَمَتْني، و سِتْرُ الله بيني و بينها،             عَشِيَّةَ أَحجارِ الكِناسِ، رَمِيمُ‏

أَراد بأَحْجار الكِناس رمل الكِناس. و أَرْمام: موضع. و يَرَمْرَمُ: جبل، و ربما قالوا يَلَمْلَمُ. و في الحديث ذكر رُمّ، بضم الراء و تشديد الميم، و هي بئر بمكة من حفر مُرَّة بن كعب.
رنم:
الرَّنِيمُ و التَّرْنِيمُ: تطريب الصوت. و
في الحديث: ما أَذِنَ الله لشي‏ء أَذَنَه لنبيّ حسن التَّرَنُّمِ بالقرآن، و في رواية: حسن الصوت يتَرَنَّمُ بالقرآن.
؛ التَّرنُّمُ: التطريب و التغَنِّي و تحسين الصوت بالتلاوة
__________________________________________________
 (7). قوله [قال‏] أَي سيبويه، و قوله [سألته‏] يعني الخليل، و قد صرح بذلك الجوهري في مادة ر م ن.

256
لسان العرب12

رنم ص 256

و يطلق على الحيوان و الجماد، و رَنَّمَ الحَمامُ و المُكَّاء و الجُنْدُبُ؛ قال ذو الرمة:
كأنَّ رِجْلَيْهِ رِجْلا مُقْطِفٍ عَجِلٍ،             إِذا تجاوَبَ من بُرْدَيْهِ تَرْنِيمُ‏

و الحمامة تَتَرنَّمُ، و للمكاء في صوته تَرْنِيمٌ. الجوهري: الرَّنَمُ، بالتحريك، الصوت. و قد رَنِمَ، بالكسر، و تَرَنّمَ إِذا رجّع صوته، و الترنيم مثله؛ و منه قول ذي الرمة:
إِذا تجاوَبَ من بُرْدَيْهِ تَرْنِيمُ‏


و تَرَنَّمَ الطائر في هَديرِه، و تَرَنَّمَ القوس عند الإِنْباضِ، و تَرَنَّمَ الحمام و القوس و العود، و كل ما اسْتُلِذَّ صوته و سمع منه رَنَمَةٌ حسنة «1» فله تَرْنِيمٌ، و أَنشد بيت ذي الرمة، و قال: أَراد ببرديه جناحيه، و له صَريرٌ يقع فيهما إِذا رَمِضَ فطار و جعله تَرْنِيماً. ابن الأَعرابي: الرُّنُمُ المُغَنِّيات المُجِيدات، قال: و الرُّنُمُ الجواري «2» الكَيِّساتُ. و قوس تَرْنَمُوتٌ لها حَنين عند الرمي. و التَّرْنَموت أَيضاً: تَرَنُّمها عند الإِنْباض؛ قال أَبو تراب: أَنشدني الغَنَويّ في القوس:
شِرْيانَةٌ تُرْزِم من عُنْتُوتها،             تُجاوِبُ القَوْسَ بتَرْنَمُوتِها،
تَسْتَخْرِجُ الحَبَّة من تابوتِها


يعني حبة القلب من الجوف، و قوله بِتَرْنَمُوتها أَي بتَرَنُّمها. الجوهري: و التَّرْنَموتُ التَّرَنُّمُ، زادوا فيه الواو و التاء كما زادوا في ملكوت. الأَصمعي: من نبات السهل الحُرْبُثُ و الرَّنَمَةُ و التَّرِبَةُ؛ قال شمر: رواه المِسْعَريُّ عن أَبي عبيد الرَّنَمة، قال: و هو عندنا الرَّتَمة، قال أَبو منصور: الرَّنَمَةُ من دِقِّ النبات معروف، و قال ابن الأَعرابي: الرَّنَمَةُ، بالنون، ضرب من الشجر، قال أَبو منصور: لم يعرف شمر الرَّنَمَةَ فظن أَنه تصحيف و صيره الرَّتَمَةَ، و الرَّتَمُ من الأَشجار الكبار ذوات الساق، و الرَّنَمَةُ من دِقِّ النبات.
رهم:
الرِّهْمةُ، بالكسر: المطر الضعيف الدائم الصغير القَطْر، و الجمع رِهَمٌ و رِهامٌ، قال أَبو زيد: من الدِّيمة الرِّهْمَةُ، و هي أَشد وقعاً من الديمة و أَسرع ذهاباً. و
في حديث طهفة: و نستحيل الرِّهامَ و هي الأَمطار الضعيفة.
و أَرْهَمَتِ السحابة: أَتت بالرِّهام. و أَرْهَمَتِ السماء إِرْهاماً: أَمطرت. و روضة مَرْهُومَةٌ، و لم يقولوا مُرْهَمَةٌ؛ قال ذو الرمة:
أَو نَفْحَة من أَعالي حَنْوَةٍ مَعَجَتْ             فيها الصَّبا مَوْهِناً، و الرَّوْضُ مَرْهومُ‏

و نزلنا بفلان فكنا في أَرْهَمِ جانبيه أَي أَخصبهما. و المَرْهَمُ: طِلاء يُطْلى به الجرح، و هو أَلين ما يكون من الدواء، مشتق من الرِّهْمَةِ للينه، و قيل: هو معرب. و الرَّهامُ: ما لا يصيد من الطير، الأَزهري: و الرُّهْم جماعته و به سميت المرأَة رُهْماً، قال: و قيل الرُّهامُ جمع رُهامةٍ؛ قال الأَزهري: لا أَعرف الرُّهامَ، قال: و أَرجو أَن يكون صحيحاً. و بنو رُهْم: بطن. الجوهري: و رُهْمٌ، بالضم، اسم امرأَة؛ و أَنشد الأَزهري في ترجمة برعس:
__________________________________________________
 (1). قوله [رنمة حسنة] كذا هو مضبوط في الأَصل بالتحريك و إِليه مال شارح القاموس و أَيده بعبارة الأَساس.
 (2). قوله [و الرنم الجواري‏] كذا هو بالأَصل بالنون، و كتب عليه بالهامش ما نصه: صوابه الرمم.

257
لسان العرب12

رهم ص 257

إِنْ سَرَّكَ الغُزْرُ المَكُودُ الدائمُ،             فاعْمِدْ بَراعِيسَ أَبوها الرَّاهِمُ‏

قال: و راهِمٌ اسم فحل.
رهسم:
رَهْسَمَ في كلامه و رَهْسَمَ الخبرَ: أَتى منه بطَرَفٍ و لم يُفْصِح بجميعه، و رَهْمَسه مثل رَهْسَمَه. و
أُتيَ الحجاج برجل فقال: أَ من أَهل الرَّسِّ و الرَّهْمَسَةِ أَنت؟.
كأَنه أَراد المسارَّة في إِثارة الفتن و شقِّ العَصا بين المسلمين يُرَهْمِسُ و يُرَهْسِمُ إِذا سارَّ و ساوَرَ.
روم:
رام الشي‏ءَ يَرومُهُ رَوْماً و مَراماً: طلبه، و منه رَوْمُ الحركة في الوقف على المرفوع و المجرور؛ قال سيبويه: أَما الذين راموا الحركة فإِنه دعاهم إِلى ذلك الحِرْصُ على أَن يُخرجوها من حالِ ما لزمه إِسكانٌ على كل حال، و أَن يُعلموا أَن حالها عندهم ليس كحال ما سكن على كل حال، و ذلك أَراد الذين أَشَمُّوا إِلا أَن هؤلاء أَشد توكيداً؛ قال الجوهري: رَوْمُ الحركة الذي ذكره سيبويه حركة مُخْتَلَسَةٌ مُخْتفاةٌ لضرب من التخفيف، و هي أَكثر من الإِشمام لأَنها تسمع، و هي بِزِنَةِ الحركة و إِن كانت مُخْتلَسة مثل همزة بين بين كما قال:
أَ أَن زُمَّ أَجْمالٌ و فارقَ جيرة،             و صاح غُراب البَيْنِ: أَنتَ حَزِينُ‏

قوله أَ أَن زم: تقطيعه فعولن، و لا يجوز تسكين العين، و كذلك قوله تعالى: شَهْرُ رَمَضانَ، فيمن أَخفى إِنما هو بحركة مختلسة، و لا يجوز أَن تكون الراء الأُولى ساكنة لأَن الهاء قبلها ساكن، فيؤدي إِلى الجمع بين الساكنين في الوصل من غير أَن يكون قبلها حرف لين، قال: و هذا غير موجود في شي‏ء من لغات العرب، قال: و كذلك قوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ و أَمَّنْ لا يَهِدِّي و يَخِصِّمُونَ، و أَشباه ذلك، قال: و لا مُعْتَبَر بقول القُرَّاء إِن هذا و نحوه مدغم لأَنهم لا يُحَصِّلون هذا الباب، و من جمع بين الساكنين في موضع لا يصح فيه اختلاس الحركة فهو مخطئ كقراءَة حمزة في قوله تعالى: فَمَا اسْطاعُوا، لأَنَّ سين الاستفعال لا يجوز تحريكها بوجه من الوجوه. قال ابن سيدة: و المَرامُ المَطْلَبُ. ابن الأَعرابي: رَوَّمْتُ فلاناً و رَوَّمْتُ بفلان إِذا جعلته يطلب الشي‏ء. و الرامُ: ضرب من الشجر. و الرَّوْمُ: شَحْمة الأُذن. و
في حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: أَنه أَوصى رجلًا في طهارته فقال: تَعَهَّد المَغْفَلَةَ و المَنْشَلَةَ و الرَّوْمَ.
؛ هو شحمة الأُذن. و الرُّومُ: جيل معروف، واحدهم رُوميّ، يَنْتَمون إِلى عِيصُو بن إِسحاق النبي، عليه السلام. و رُومانُ، بالضم: اسم رجل، قال الفارسي: رُومٌ و رُومِيّ من باب زَنْجِيّ وَ زَنْج؛ قال ابن سيدة: و مثله عندي فارِسيّ و فُرْسٌ، قال: و ليس بين الواحد و الجمع إِلا الياء المشددة كما قالوا تمرة و تمر، و لم يكن بين الواحد و الجمع إِلا الهاء. قال: و الرُّومَة بغير همز الغِراء الذي يلصق به ريش السهم؛ قال أَبو عبيد: هي بغير همز، و حكاها ثعلب مهموزة. و رُومة: بئر بالمدينة. و بئر رُومَةَ، بضم الراء: التي حفرها عثمان بناحية المدينة، و قيل: اشتراها و سَبَّلها. و قال أَبو عمرو: الرُّومِيُّ شِراعُ السفينة الفارغة، و المُرْبعُ شِراع المَلأَى. و رامَةُ: اسم موضع بالبادية؛ و فيه جاء المثل: تَسْألُني برامَتَيْنِ سَلْجَما

258
لسان العرب12

روم ص 258

و النسبة إِليهم رامِيّ على غير قياس، قال: و كذلك النسبة إِلى رامَهُرْمُزَ، و هو بلد، و إِن شئت هُرْمُزِيّ؛ قال ابن بري: قال أَبو حنيفة سلجم معرب و أَصله بالشين، قال: و العرب لا تتكلم به إِلا بالسين غير المعجمة؛ و قيل لرامِيٍّ: لمَ زرعتم السَّلْجَمَ؟ فقال: معاندة لقوله:
تَسْأَلُني برامَتَيْنِ سَلْجَما،             يا مَيُّ، لو سأَلتِ شيئاً أَمَما،
جاء به الكَرِيُّ أَو تَجَشَّما


قال ابن بري عند قول الجوهري و النسبة إِلى رامة رامِيّ على غير القياس، قال: هو على القياس، قال: و كذلك النسب إِلى رامَتَيْن رامِيّ، كما يقال في النسب إِلى الزَّيْدَيْنِ زَيْدِيّ، قال: فقوله راميّ على غير قياس لا معنى له، قال: و كذلك النسب إِلى رامَهُرْمُز رامِيّ على القياس. و رُومَةُ: موضع، بالسريانية. و رُوَيْمٌ: اسم. و رُومانُ: أَبو قبيلة. و رُوام: موضع، و كذلك رامَةُ؛ قال زهير:
لِمَنْ طَلَلٌ برامَةَ لا يَرِيمُ             عفا، و خِلالُهُ حُقُبٌ قَدِيمُ؟

فأَما إِكثارهم من تثنية رامَةَ في الشعر فعلى قولهم للبعير ذو عَثانِينَ، كأَنه قسمها جزئين كما قسم تلك أَجزاء؛ قال ابن سيدة: و إِنما قضينا على رامَتَيْنِ أَنها تثنية سميت بها البلدة للضرورة، لأَنهما لو كانتا أَرْضَين لقيل الرامتين بالأَلف و اللام كقولهم الزيدان، و قد جاء الرامَتان باللام؛ قال كثيِّر:
خليليّ حُثَّا العِيسَ نُصْبِحْ، و قد بَدَتْ،             لنا من جبال الرامَتَيْنِ، مَناكِبُ‏

و رامَهُرْمُزَ: موضع، و قد تقدم في هذا الفصل ما فيها من اللغات و النسب إِليها.
ريم:
الرَّيْمُ: البَراحُ، و الفعل رامَ يَرِيمُ إِذا بَرِحَ. يقال: ما يَرِيمُ يفعل ذلك أَي ما يَبْرَحُ. ابن سيدة: يقال ما رِمْتُ أَفعله و ما رِمْتُ المكان و ما رِمْتُ منه. و رَيَّمَ بالمكان: أَقام به. و
في الحديث: أَنه قال للعباس لا تَرِمْ من منزلك غداً أَنت و بَنُوكَ.
أَي لا تَبْرَح، و أَكثر ما يستعمل في النفي. و
في حديث آخر: فَوَالكَعْبَة ما راموا.
أَي ما برحوا. الجوهري: يقال رامَهُ يَرِيمُهُ رَيْماً أَي بَرِحَهُ. يقال: لا تَرِمْه أَي لا تَبْرَحْهُ؛ و قال ابن أَحمر:
فأَلْقَى التِّهامِي منهما بلَطاتِه،             و أَحْلَطَ هذا لا أَرِيمُ مكانِيا

و يقال: رِمْتُ فلاناً و رِمْتُ من عند فلان بمعنى؛ قال الأَعشى:
أَبانا فلا رِمْتَ مِن عندنا،             فإِنَّا بخَيْرٍ إِذا لم تَرِمْ‏

أَي لا بَرِحْتَ. و الرَّيْمُ: التباعد، ما يَرِيمُ. قال أَبو العباس: و كان ابن الأَعرابي يقول في قولهم يا رمْت بكرٍ قد رمت «1»، قال: و غيره لا يقوله إِلا بحرف جَحْدٍ؛ قال و أَنشدني:
هل رامني أَحدٌ أَراد خَبِيطَتي،             أَمْ هَلْ تَعَذَّر ساحتي و جَنابي؟

يريد: هل بَرِحَني، و غيره ينشده: ما رامني. و يقال: رَيَّمَ فلان على فلان إِذا زاد عليه. و الرَّيْمُ: الزيادة و الفضل. يقال: لها رَيمٌ على هذا أَي فضل؛
__________________________________________________
 (1). قوله [في قولهم يا رمت بكر قد رمت‏] كذا هو بالأَصل بهذا الضبط.

259
لسان العرب12

ريم ص 259

قال العجاج:
و العَصْر قبلَ هذه العُصُورِ             مُجَرِّساتٍ غِرَّةَ الغَرِيرِ
بالزَّجْرِ و الرَّيْمِ على المَزْجورِ


أَي من زُجِرَ فعليه الفضل أَبداً لأَنه إِنما يُزْجَرُ عن أَمر قَصَّرَ فيه؛ و أَنشد ابن الأَعرابي أَيضاً:
فَأَقْعِ كما أَقْعَى أَبوكَ على اسْتِهِ،             يَرَى أَن رَيْماً فوقه لا يُعادِلُهْ‏

و الرَّيْمُ: الدَّرجة و الدُّكَّان، يمانية. و الرَّيْمُ: النصيب يَبقى من الجَزورِ، و قيل: هو عظم يبقى بعد ما يُقْسَمُ لحم الجَزور و المَيْسِر، و قيل: هو عظم يفضل لا يبلغهم جميعاً فيُعْطاه الجَزَّارُ؛ قال اللحياني: يؤتى بالجَزور فَيَنْحَرُها صاحبها ثم يجعلها على وَضَمٍ و قد جَزَّأَها عشرة أَجزاء على الوركين و الفخذين و العَجُزِ و الكاهلِ و الزَّوْرِ و المَلْحاء و الكتفين، و فيهما العضدان، ثم يَعْمِدُ إِلى الطَّفاطِف و خَرَزِ الرقَبة فيقسمها صاحبها على تلك الأَجزاء بالسوية، فإِن بقي عظم أَو بَضعة فذلك الرَّيْمُ، ثم ينتظر به الجازر من أَراده فمن فاز قِدْحُه فأَخذه يثبت به، و إِلا فهو للجازر؛ قال شاعر من حَضْرَمَوْتَ:
و كنتم كَعَظْمِ الرَّيْمِ، لم يَدْرِ جازِرٌ             على أَيِّ بَدْأَيْ مَقْسِمِ اللحم يُجْعَلُ‏

قال ابن سيدة: هكذا أَنشده اللحياني، و رواية يعقوب: يُوضَعُ، قال: و المعروف ما أَنشده اللحياني، و لم يَرْوِ يُوضع أَحد غير يعقوب؛ قال ابن بري: البيت لأَوْسِ بن حَجَرٍ من قصيدة عينية و هو للطِرمَّاحِ الأَجَئيّ من قصيدة لامية، و قيل: لأَبي شَمِرِ بن حُجْر، قال: و صوابه يُجْعَلُ مكان يوضع، قال: و كذا أَنشده ابن الأَعرابي و غيره؛ و قبله:
أَبوكُمْ لئيم غير حُرّ، و أُمُّكُمْ             بُرَيْدَةُ إِن ساءتْكُمُ لا تُبَدَّلُ‏

و الرَّيْمُ: القَبر، و قيل: وسطه؛ قال مالك بن الرَّيْبِ:
إِذا مُتُّ فاعتادِي القُبورَ و سَلِّمِي             على الرَّيْم، أُسْقِيتِ الغَمامَ الغَوادِيا

و الرَّيْمُ: آخر النهار إِلى اختلاط الظلمة. و يقال: عليك نهار رَيْمٌ أَي عليك نهار طويل. يقال: قد بقي رَيْمٌ من النهار و هي الساعة الطويلة. و رِيمَ بالرجل إِذا قُطِعَ به؛ و قال:
و رِيمَ بالسَّاقي الذي كان مَعِي‏


ابن السكيت: و رَيَّمَ فلان بالمكان تَرْيِيماً أَقام به. و رَيَّمَتِ السحابة فأَغْضَنَتْ إِذا دامَت فلم تُقْلِعْ. قال ابن بري: رَيَّمَ زاد في السير من الرَّيْم، و هو الزِّيادة و الفضل؛ و عليه قول أَبي الصَّلْتِ:
رَيَّمَ في البَحْرِ للأَعداءِ أَحْوالا


قال: و قد يكون رَيَّمَ من الرَّيْمِ و هو آخر النهار، فكأَنه يريد أَدْأَبَ السير في ذلك الوقت، كما يقال أَوَّبَ إِذا سار النهار كله، و قد يكون رَيَّمَ من الرَّيْمِ و هو البراح، فكأَنه يريد أَكثر الجَوَلانَ و البَراحَ من موضع إِلى موضع. و الرِّيمُ: الظَّبْيُ الأَبيض الخالص البياض؛ قال ابن سيدة في كتابه يضع من ابن السكيت: أَيُّ شي‏ء

260
لسان العرب12

ريم ص 259

أَذْهَبُ لزَيْن و أَجْلب لغَمْر عين من معادلته في كتابه الإِصلاح الرَّيْمَ الذي هو القبر و الفضل بالرِّيم الذي هو الظبي، ظنّ التخفيف فيه وضعاً. و الرَّيْمُ: الظِّرابُ و هي الجبال الصغار. و الرَّيْمُ: العلاوة بين الفَوْدَيْنِ، يقال له البرواز. و رَيْمان: موضع. و تِرْيَم: موضع؛ و قال:
هَلْ أُسْوَةٌ لِيَ في رجال صُرِّعُوا،             بتِلاعِ تِرْيَمَ، هامُهُم لم تُقْبَرِ؟

أَبو عمرو: و مَرْيَم مَفْعَل من رام يَرِيم. و في الحديث ذكر رِيمٍ، بكسر الراء، اسم موضع قريب من المدينة.
فصل الزاي‏
زأم:
زَئِمَ الرجلُ زَأَماً، فهو زَئِمٌ، و ازْدَأَمَ: فَزِع و اشتد ذُعْرُه؛ و زَأَمَهُ هو: ذَعَرَهُ: و رجل زئِمٌ: فَزِعٌ. و رجل مِزْآمٌ: و هو غاية الذُّعْر و الفَزَعِ. و زَئِمَ به إِذا صاح به. و زُئِم أَي ذُعِرَ، على ما لم يسم فاعله. و أَزْأَمْتُه على الأَمر أَي أَكرهته، مثل أَذْأَمْتُهُ. و زَأَمَ لي فلان زَأْمةً أَي طرح كلمة لا أَدري أَ حقٌّ هي أَم باطل. و يقال: ما يعصيه زَأْمَةً أَي كلمة. و زأَم الرجل يزأَمُ زَأْماً و زُؤاماً: مات موتاً وَحِيّاً؛ هذه عن اللحياني. و موت زُؤامٌ: عاجل، و قيل سريع مُجْهِزٌ، و قيل كَريه، و هو أَصح. و قضيت منه زَأْمَتي كَنَهْمَتي أَي حاجتي. ابن شميل في كتاب المنطق له: زَئِمْتُ الطعام زَأْماً، قال: و الزَّأَمُ أَن يملأَ بطنه. و قد أَخذ زَأْمَتَهُ أَي حاجته من الشِّبَع و الرِّيِّ. و قد اشترى بنو فلان زَأْمَتَهُمْ من الطعام أَي ما يكفيهم سنتهم. و زَئِمْتُ اليومَ زَأْمَةً أَي أَكلة. و الزَّأْمُ: شدة الأَكل، و في الصحاح: و الزَّأْمة شدة الأَكل و الشرب؛ و قال:
ما الشُّرْبُ إلَّا زأَماتٌ فالصَّدَرْ


و أَزْأَمْتُ الجرح بدمه أَي غمزته حتى لزقت جلدته بدمه و يبس الدم عليه، و جرحٌ مُزْأَمٌ؛ قال أَبو منصور: هكذا قال ابن شميل أَزْأَمْتُ الجرح بالزاي، و قال أَبو زيد في كتاب الهمز: أَرْأَمْتُ الجرح إِذا داويته حتى يبرأَ إِرْآماً، بالراء، قال: و الذي قاله ابن شميل صحيح بمعناه الذي ذهب إِليه. و قال أَبو زيد: أَرْأَمْتُ الرجل على أَمر لم يكن من شأْنه إِرْآماً إِذا أَكرهته عليه. قال أَبو منصور: و كأَنَّ أَزْأَمَ الجرح، في قول ابن شميل، أُخذ من هذا. قال ابن شميل: و زَأَمَهُ القُرُّ، و هو أَن يملأَ جوفه حتى يَرْعُدَ منه و يأْخذه لذلك قِلٌّ و قِفَّة أَي رِعْدة. و يقال: ما عَصيته زَأْمَةً و لا وَشْمَةً. و الزَّأْمَةُ: الصوت الشديد، و ما سمعت له زَأَمَةً أَي صوتاً. و أَصبحتْ و ليس بها زَأْمَةٌ أَي شدة الريح، عن ابن الأَعرابي، كأَنه أَراد أَصبحت الأَرض أَو البلدة أَو الدار. الفراء: الزُّؤامِيُّ الرجل القَتَّال، من الزُّؤَام و هو الموت.
زجم:
الزَّجْمُ: أَن تسمع شيئاً من الكلمة الخفية، و ما تكلم بزَجْمَة أَي ما نَبَسَ بكلمة، و ما سمعت له زَجْمَةً و لا زُجْمَةً أَي نَبْسَةً. و سكت فما زَجَمَ بحرف أَي ما نبس. و ما زَجَمَ إِليَّ كلمة يَزْجُمُ زَجْماً أَي ما كلمني بكلمة، و ما عصيته زَجْمَةً منه. و زَجَمَ له بشي‏ء ما فهمه. و الزَّجمةُ، بالفتح: الصوت بمنزلة النَّأْمَة. يقال: ما عصيته زَجْمةً و لا نَأْمَةً و لا زَأْمَةً و لا وَشْمَةً أَي ما عصيته في كلمة. و يقال: ما يعصيه زَجْمَة

261
لسان العرب12

زجم ص 261

أَي شيئاً. و الزَّجومُ: القوس ليست بشديدة الإِرْنانِ. و قوس زَجُوم: ضعيفة الإِرْنان؛ قال أَبو النجم:
فظَلَّ يَمْطُو عُطُفاً زَجُوما


قال:
بات يُعاطي فُرُجاً زَجُوما


و يروى: هَمَزى. و قال أَبو حنيفة: قَوْس زجُومٌ حَنُونٌ، و القولان متقاربان. و بعير أَزْجَمُ: لا يَرْغُو، و قيل: هو الذي لا يفصح بالهَدير، و قد يقال بالسين. الأَحمر: بعير أَزْيَمُ و أَسْجَمُ و هو الذي لا يرغو؛ قال شمر: الذي سمعته بعير أَزْجَمُ، قال: و ليس بين الأَزْيَمِ و الأَزْجَمِ إِلا تحويل الياء جيماً، و العرب تجعل الجيم مكان الياء لأَن مخرجهما من شَجْر الفم، و شَجْر الفم الهواء و خرق الفم الذي بين الحنكين. و الزَّجُومُ: الناقة السيئة الخلق التي لا تكاد تَرْأَمُ سَقْبَ غيرها تَرْتابُ بشمه؛ و أَنشد بعضهم:
كما ارْتاب في أَنْفِ الزَّجُوم شَمِيمُها


و ربما أُكرهت حتى تَرْأَمَهُ فَتدِرّ عليه؛ قال الكميت:
و لم أُحْلِلْ لصاعِقةٍ و بَرْقٍ،             كما دَرَّتْ لحالبها الزَّجُومُ‏

و أَحَلَّتْ إِذا أَصابت «2» الربيع فأَنزلت اللبن؛ يقول: لم أُعطهم من الكُرْه على ما يريدون كما تَدِرّ الزَّجُوم على الكره.
زحم:
الزَّحْمُ: أَن يَزْحَمَ القومُ بعضهم بعضاً من كثرة الزحام إِذا ازدحموا. و الزَّحْمةُ: الِّزحامُ. و زَحَمَ القومُ بعضهم بعضاً يَزْحَمُونَهُمْ زَحْماً و زِحاماً: ضايقوهم. و ازْدَحَمُوا وَ تَزاحموا: تضايقوا. و زَحَمْتُهُ و زاحَمْتُهُ، و الأَمواج تَزْدَحِمُ و تَتَزاحَم: تلتطم. و الزِّحْمُ: المزْدَحِمُونَ؛ قال الشاعر:
جا بِزَحْم مع زَحْمٍ فازْدَحَم             تَزاحُمَ المَوْجِ، إِذا الموج التطم‏

ابن سيدة: جاء بالمصدر على غير الفعل. و زاحَمَ فلان الخمسين و زاهَمَاها، بالهاء، إِذا بلغها، و كذلك حَبا لها. و رجل مِزْحَمٌ: كثير الزِّحام أَو شديده، و منكب مِزْحَمٌ منه. قال رجل من العرب: لتجدَنَّني ذا مَنْكِبٍ مِزْحَمٍ و ركنٍ مِدْعَمٍ و رأْسٍ مصدَم و لسان مِرْجَمٍ و وطءٍ مِيثم. قال الأَزهري عن ابن الأَعرابي: و الفيل و الثور ذو القرنين، و في المحكم: المنكر القرنين، يكنيان بمُزاحِمٍ، و في المحكم: بأَبي مُزاحِمٍ. و أَبو مُزاحِمٍ: أَول خاقانَ وَليَ التُّرْكَ و قاتَل العرب. و زَحْمٌ و مُزاحِمٌ: اسمان. و زُحْمٌ: من أَسماء مكة، شرفها الله تعالى و حرسها؛ حكاها ثعلب؛ قال ابن سيدة: و المعروف رُحْم.
زخم:
الزَّخَمَةُ: الرائحة الكريهة، و طعام له زَخَمَةٌ. يقال: أَتانا بطعام فيه زَخَمَةٌ أَي رائحة كريهة. لحم زَخِمٌ دَسِمٌ: خبيث الرائحة، و قيل: هو أَن يكون نَمِساً كثير الدَّسَمِ فيه زُهُومة، و خص بعضهم به لحوم السباع، قال: لا تكون الزَّخَمَةُ إِلا
__________________________________________________
 (2). قوله [و أَحلت إِذا أَصابت إِلخ‏] عبارة التهذيب عقب البيت: لم أَحلل من قولك أَحلت الناقة إِذا أَصابت إِلخ.

262
لسان العرب12

زخم ص 262

في لحوم السباع، و الزَّهَمَةُ في لحوم الطير كلها و هي أَطيب من الزَّخَمَة، و قد زَخِمَ زَخَماً، و فيه زَخَمَةٌ. ابن بُزُرْج: أَزْخَمَ و أَشْخَمَ. و الزُّخْمَةُ: نتن العِرْض. و زَخَمَه يَزْخَمُهُ زَخْماً: دفعه دفعاً شديداً. و الزُّخْمُ: موضع. قال ابن الأَثير: ورد في الحديث ذكر زُخْمٍ، هو بضم الزاي و سكون الخاء، جبل قرب مكة. الأَزهري: الخَزْماء الناقة المشقوقة الخِنّابة، و هو المَنْخِرُ، قال: و الزَّخْماء المنتنة الرائحة.
زرم:
الزَّرِمُ من السَّنانير و الكلاب. ما يبقى جَعْرُه في دبره. و زَرِمَ الكلب و السِّنَّوْرُ زَرَماً، فهو زَرِمٌ: بقي جَعْرُه في دبره، و بذلك سمي السِّنَّوْرُ أَزْرَمَ. و زَرِمَ البيعُ إِذا انقطع. و زَرَمَ الشي‏ءَ يَزْرِمُهُ زَرْماً. و أَزْرَمهُ و زَرَّمَه: قطعه؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّةَ:
إِني لأَهْواك حُبّاً غيرَ ما كَذِبٍ،             و لو نأَيْت سِوانا في النوَى حِجَجا
حُبَّ الضَّريكِ تِلادَ المال زَرَّمهُ             فَقْرٌ، و لم يَتَّخِذْ في الناس مُلْتَحَجا

أَراد: قطع عنه الخير. و زرِمَ دمعُهُ و بولُهُ و حِلْفَتُهُ و كلامه و ازْرَأَمَّ: انقطع. و كل ما انقطع فقد زَرِم. و
في الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، أُتي بالحسن بن علي، عليهما السلام، فوُضعَ في حجْره فبال في حجره فأُخِذَ فقال: لا تُزْرِمُوا ابني، ثم دعا بماء فصبه عليه.
؛ قال الأَصمعي: الإِزْرامُ القطع أَي لا تقطعوا عليه بوله. و منه‏
حديث الأَعرابي الذي بال في المسجد: قال لا تُزْرِمُوه.
؛ يقال للرجل إِذا قطع بوله: قد أَزْرَمْتَ بولك. و أَزْرَمَهُ غيره أَي قطعه؛ قال عَدِيّ:
أَو كماء المَثْمود بعد جِمامٍ،             زَرِم الدَّمْعِ لا يَؤُوب نَزُورا

قال: فالزَّرِمُ القليل المنقطع. أَبو عمرو: الزَّرِمُ الناقة التي تقطع بولها قليلًا قليلًا، يقال لها إِذا فعلت ذلك: قد أَوزَغَتْ و أَوْشَقَتْ و شلْشَلَتْ و أَنفصت و أَزْرَمَتْ. الجوهري: زَرِمَ البولُ، بالكسر، إِذا انقطع، و كذلك كل شي‏ء ولَّى، و أَزْرَمَهُ غيره. و ازْرَأَمَّ: غضب، فهو مُزْرئِمٌّ؛ ذكره أَبو زيد في كتاب الهمز. و الزَّرْم: الوِلاد. و قد زَرَمَتْ به زَرْماً: ولدته؛ أَنشد ابن بري لأَبي الوَرْدِ الجعدي:
أَلا لَعَنَ اللهُ التي زَرَمَتْ به             فقد وَلَدَتْ ذا نُمْلَة و غَوائِلِ‏

و الزَّرِيمُ: الذليل القليل الرَّهْطِ. ابن الأَعرابي: رجل زَرِمٌ ذليل قليل الرهط؛ قال الأَخطل:
لو لا بَلاؤُكُمُ في غير واحدة،             إِذاً لَقُمْتُ مقَام الخائِفِ الزَّرِمِ‏

الأَصمعي: الزَّرِمُ المضيَّق عليه. و يقال للبخيل: زَرِمٌ، و زَرَّمَه غيره، و أَنشد بيت ساعدة بن جؤية. الأَصمعي: المُزْرَئِمُّ المُنْقَبِضُ، الزاي قبل الراء، و قد ازْرَأَمَّ ازْرِئْماماً؛ أَنشد ابن بري للأَخطَل:
تُمْذي إِذا سُحِبَتْ من قَبْلِ أَدْرَعِها،             و تَزْرَئِمُّ إِذا ما بَلَّها المَطَرُ

قال: و قال آخر في المُزْرَئِمِّ الساكت:

263
لسان العرب12

زرم ص 263

أَلْفَيْتُهُ غَضْبان مُزْرَئِمَّا،             لا سَبِطَ الكَفِّ و لا خِضَمَّا

و الزَّرِمُ: الذي لا يثبت في مكان؛ قال ساعدة بن جُؤيَّة:
مُوَكَّلٌ بشُدُوفِ الصَّوْمِ يرقُبُهُ،             من المَغارِبِ، مَخْطوفُ الحَشا زَرِمُ‏

و المُزْرَئِمُّ و الزُّرَأْمِيمُ: المتقبض؛ الأَخيرة عن ثعلب. و قال أَبو عبيد: و المُرْزَئِمُّ المُقْشَعِرُّ المجتمع، الراء قبل الزاي، قال: الصواب المُزْرَئِمُّ، الزاي قبل الراء، قال: هكذا رواه ابن جَبلة و شك أَبو زيد في المُقْشَعِرّ المجتمع أَنه مُزْرَئِمّ أَو مُرْزَئِمّ.
زردم:
زَرْدَمَهُ: خنقه و زَرْدَبَه كذلك. و زَرْدَمَه: عصر حلقه. و الزَّرْدَمَةُ: الغَلْصَمَةُ، و قيل: هي فارسية، و قيل: الزَّرْدَمَهُ من الإِنسان تحت الحلقوم و اللسانُ مركّب فيها، و قيل: الزَّرْدَمَةُ الابتلاع، و الازدرام الابتلاعُ.
زرقم:
التهذيب في الرباعي: الأَصمعي و مما زادوا فيه الميم زُرْقُمٌ للرجل الأَزرق. الليث: إِذا اشتدت زُرْقَة عين المرأَة قيل: إِنها لزَرْقاءُ زُرْقُمٌ. و قال بعض العرب: زرقاء زُرْقُم، بيديها تَرْقم، تحت القُمْقُم، و الميم زائدة.
ززم:
ابن بري خاصةً قال: ماء زُوَزِمٌ و زُوازِمٌ بين المِلْحِ و العَذْبِ.
زعم:
قال الله تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا
، و قال تعالى: فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ‏
؛ الزَّعْمُ و الزُّعْمُ و الزِّعْمُ، ثلاث لغات: القول، زَعَمَ زَعْماً و زُعْماً و زِعْماً أَي قال، و قيل: هو القول يكون حقّاً و يكون باطلًا، و أَنشد ابن الأَعرابي لأُمَيّةَ في الزَّعْم الذي هو حق:
و إِني أَذينٌ لكم أَنه             سَيُنجِزُكم ربُّكم ما زَعَمْ‏

و قال الليث: سمعت أَهل العربية يقولون إِذا قيل ذكر فلان كذا و كذا فإنما يقال ذلك لأَمر يُسْتَيْقَنُ أَنه حق، و إِذا شُكَّ فيه فلم يُدْرَ لعله كذب أَو باطل قيل زَعَمَ فلان، قال: و كذلك تفسر هذه الآية: فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ‏
؛ أَي بقولهم الكذب، و قيل: الزَّعْمُ الظن، و قيل: الكذب، زَعَمَهُ يَزْعُمُهُ، و الزُّعْمُ تميميَّة، و الزَّعْمُ حجازية؛ و أَما قول النابغة:
زَعَمَ الهمامُ بأَنَّ فاها بارِدٌ


و قوله:
زَعَمَ الغُدافُ بأَنَّ رِحْلتنا غَداً


فقد تكون الباء زائدة كقوله:
سُود المَحاجِرِ لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ


و قد تكون زَعَمَ هاهنا في معنى شَهِدَ فعدّاها بما تُعدّى به شهد كقوله تعالى: وَ ما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا. و قالوا: هذا و لا زَعْمَتَكَ و لا زَعَماتِكَ، يذهب إِلى ردّ قوله، قال الأَزهري: الرجل من العرب إِذا حدَّث عمن لا يحقق قوله يقول و لا زَعَماتِه؛ و منه قوله:
لقد خَطَّ رومِيٌّ و لا زَعَماتِهِ‏


و زَعَمْتَني كذا تَزْعُمُني زَعْماً: ظَنَنْتني؛ قال أَبو ذؤيب:
فإن تَزْعُمِيني كنتُ أَجهلُ فيكُمُ،             فإِني شَرَيْتُ الحِلْمَ بَعْدَكِ بالجهل‏

264
لسان العرب12

زعم ص 264

و تقول: زَعَمَتْ أَني لا أُحبها و زَعَمَتْني لا أُحبها، يجي‏ء في الشعر، فأَما في الكلام فأَحسن ذلك أَن يوقع الزَّعْمُ على أَنَّ دون الاسم. و التَّزَعُّمُ: التَّكَذُّبُ؛ و أَنشد:
أَيها الزَّاعِمُ ما تَزَعَّما


و تَزاعَمَ القومُ على كذا تَزاعُماً إِذا تضافروا عليه، قال: و أَصله أَنه صار بعضهم لبعض زَعِيماً؛ و في قوله مَزاعِمُ أَي لا يوثق به، قال الأَزهري: الزَّعْمُ إِنما هو في الكلام، يقال: أَمر فيه مَزاعِمُ أَي أَمر غير مستقيم فيه منازعة بعدُ. قال ابن السكيت: و يقال للأَمر الذي لا يوثق به مَزْعَمٌ أَي يَزْعُمُ هذا أَن كذا و يَزْعُمُ هذا أَنه كذا. قال ابن بري: الزَّعْمُ يأْتي في كلام العرب على أَربعة أَوجه، يكون بمعنى الكَفالة و الضَّمان؛ شاهده قول عمر بن أَبي ربيعة:
قلت: كَفِّي لك رَهْنٌ بالرِّضى             و ازْعُمِي يا هندُ، قالت: قد وَجَب‏

و ازْعُمِي أَي اضمني؛ و قال النابغة «1» يصف نُوحاً:
نُودِيَ: قُمْ و ارْكَبَنْ بأَهْلِكَ إِنَّ             الله مُوفٍ للناس ما زَعَمَا

زَعَمَ هنا فُسِّرَ بمعنى ضَمِنَ، و بمعنى قال، و بمعنى وعَدَ، و يكون بمعنى الوعْد، قال عمرو بن شَأْسٍ:
و عاذِلة تَحْشَى الرَّدَى أَن يُصيبَني،             تَرُوحُ و تَغْدُو بالمَلامةِ و القَسَمْ‏
تقول: هَلَكْنا، إِن هَلكتَ و إِنما             على الله أَرْزاقُ العِباد كما زَعَمْ‏

و زَعَمَ هنا بمعنى قال و وعد، و تكون بمعنى القول و الذكر؛ قال أَبو زُبَيْدٍ الطائيّ:
يا لَهْفَ نَفْسِيَ إِن كان الذي زَعمُوا             حَقّاً و ما ذا يَرُدّ اليوم تَلْهِيفِي‏
إِن كان مَغْنَى وُفُودِ الناس راح بِهِ             قومٌ إِلى جَدَثٍ، في الغار، مَنْجُوفِ؟

المعنى: إِن كان الذي قالوه حقّاً لأَنه سمع من يقول حُمِلَ عثمانُ على النَّعْش إِلى قبره؛ قال المُثَقّبُ العبدي:
و كلامٌ سَيِ‏ءٌ قد وَقِرَتْ             أُذُني عنه، و ما بي من صَمَمْ‏
فتصامَمْتُ، لكَيْما لا يَرَى             جاهلٌ أَنِّي كما كان زَعَمْ‏

و قال الجميح:
أَنتم بَنُو المرأَةِ التي زَعَمَ الناس             عليها، في الغيّ، ما زَعَمُوا

و يكون بمعنى الظن؛ قال عُبَيْدُ الله بن عبد الله بن عُتْبَةَ بن مسعود:
فذُقْ هَجْرَها قد كنتَ تَزْعُمُ أَنه             رَشادٌ، أَلا يا رُبَّما كذَبَ الزَّعْمُ‏

فهذا البيت لا يحتمل سوى الظن، و بيت عمر بن أَبي ربيعة لا يحتمل سوى الضَّمان، و بيت أَبي زُبَيْدٍ لا يحتمل سوى القول، و ما سوى ذلك على ما فسر. و حكى ابن بري أَيضاً عن ابن خالَوَيْه: الزَّعْمُ يستعمل فيما يُذَمّ كقوله تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا
؛ حتى قال بعض المفسرين: الزَّعْمُ‏
__________________________________________________
 (1). هو النابغة الجعديّ لا النابغة الذبياني.

265
لسان العرب12

زعم ص 264

أَصله الكذب، قال: و لم يجئ فيما يُحْمَدُ إِلا في بيتين، و ذكر بيت النابغة الجعدي و ذكر أَنه روي لأُمية بن أَبي الصَّلْتِ، و ذكر أَيضاً بيت عمرو بن شَأْس و رواه لمُضَرِّسٍ؛ قال أَبو الهيثم: تقول العرب قال إِنه و تقول زَعَمَ أَنه، فكسروا الأَلف مع قال، و فتحوها مع زَعَمَ لأَن زعم فعل واقع بها أَي بالأَلف متعدّ إِليها، أَ لا ترى أَنك تقول زَعَمْتُ عبدَ الله قائماً، و لا تقول قلت زيداً خارجاً إِلا أَن تُدْخِلَ حرفاً من حروف الاستفهام فتقول هل تقوله فعل كذا و متى تقولُني خارجاً؛ و أَنشد:
قال الخَلِيطُ: غَداً تَصَدُّعُنا،             فمتى تقول الدارَ تَجْمَعُنا؟

و معناه فمتى تظن و متى تَزْعُمُ. و الزَّعُوم من الإِبل و الغنم: التي يُشَكُّ في سِمنَها فتُغْبَطُ بالأَيدي، و قيل: الزَّعُوم التي يَزْعُمُ الناس أَن بها نِقْياً؛ قال الراجز:
و بَلْدة تَجَهَّمُ الجَهُوما،             زَجَرْتُ فيها عَيْهَلًا رَسُوما،
مُخْلِصَةَ الأَنْقاءِ أَو زَعُوما


قال ابن بري: و مثله قول الآخر:
و إِنَّا من مَوَدَّة آل سَعْدٍ،             كمن طَلَبَ الإِهالةَ في الزَّعُومِ‏

و قال الراجز:
إِنَّ قُصاراكَ على رعُومِ             مُخْلِصَةِ العِظامِ، أَو زَعُومِ‏

المُخْلِصَةُ: التي قد خَلَصَ نِقْيُها. و قال الأَصمعي: الزَّعُوم من الغنم التي لا يُدْرى أَ بها شحم أَم لا، و منه قيل: فلان مُزاعَم أَي لا يوثق به. و الزَّعوم: القليلة الشحم و هي الكثيرة الشحم، و هي المُزْعَمَةُ، فمن جعلها القليلة الشحم فهي المَزْعُومة، و هي التي إِذا أَكلها الناس قالوا لصاحبها توبيخاً: أَزْعَمْتَ أَنها سمينة؛ قال ابن خالويه: لم يجئ أَزْعَمَ في كلامهم إِلا في قولهم أَزْعَمَتِ القَلُوصُ أَو الناقةُ إِذا ظُنَّ أَن في سنامها شحماً. و يقال: أَزْعَمْتُكَ الشي‏ءَ أَي جعلتك به زَعِيماً. و الزَّعِيمُ: الكفيل. زَعَمَ به يَزْعُمُ «2» زَعْماً و زَعامَةً أَي كَفَل. و
في الحديث: الدَّيْن مَقْضِيّ و الزَّعِيمُ غارِم.
؛ و الزَّعِيمُ: الكفيل، و الغارم: الضامن. و قال الله تعالى: وَ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ‏
؛ قالوا جميعاً: معناه و أَنا به كفيل؛ و منه‏
حديث علي، رضوان الله عليه: ذِمَّتي رَهينة وَ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ‏
.
و زَعَمْت به أَزْعُمُ زَعْماً و زَعامةً أَي كَفَلْتُ. و زَعِيمُ القوم: رئيسهم و سيدهم، و قيل: رئيسهم المتكلم عنهم و مِدْرَهُهُمْ، و الجمع زُعَماء. و الزَّعامة: السِّيادة و الرياسة، و قد زَعُمَ زَعامَةً؛ قال الشاعر:
حتى إِذا رَفَعَ اللِّواء رأَيْتَهُ،             تحت اللِّواء على الخَمِيسِ، زَعِيما

و الزَّعامَةُ: السلاح، و قيل: الدِّرْع أَو الدُّروع. و زَعامَةُ المال: أَفضله و أَكثره من الميراث و غيره؛ و قول لبيد:
تَطِير عَدائِد الأَشراكِ شَفْعاً             و وِتْراً، و الزعامَةُ للغلام‏

فسره ابن الأَعرابي فقال: الزَّعامَةُ هنا الدِّرْع و الرِّياسة و الشرف، و فسره غيره بأَنه أَفضل الميراث، و قيل: يريد السلاح لأَنهم كانوا إِذا اقتسموا الميراث دفعوا السلاح إِلى الابن دون الابنة، و قوله شفعاً
__________________________________________________
 (2). قوله [زعم به يزعم إلخ‏] هو بهذا المعنى من باب قتل و نفع كما في المصباح.

266
لسان العرب12

زعم ص 264

و وِتراً يريد قسمة الميراث لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. و أَما الزَّعامَةُ و هي السيادة أَو السلاح فلا ينازِع الورثةُ فيها الغلامَ، إِذا هي مخصوصة به. و الزَّعَمُ، بالتحريك: الطمع، زَعِمَ يَزْعَمُ زَعَماً و زَعْماً: طمع؛ قال عنترة:
عُلّقْتُها عَرَضاً و أَقْتُلُ قَوْمَها             زَعْماً، و ربِّ البيت، ليس بمَزْعَمِ «1».

أَي ليس بمطمع؛ قال ابن السكيت: كان حبها عَرَضاً من الأَعراض اعترضني من غير أَن أَطلبه، فيقول: عُلِّقْتُها و أَنا أَقتل قومها فكيف أُحبها و أَنا أَقتلهم؟ أَم كيف أَقتلهم و أَنا أُحبها؟ ثم رجع على نفسه مخاطباً لها فقال: هذا فعل ليس بفعل مثلي؛ و أَزْعَمْتُه أَنا. و يقال: زعَمَ فلان في غير مَزْعَمٍ أَي طَمِعَ في غير مطمَع؛ قال الشاعر:
له رَبَّةٌ قد أَحْرَمَتْ حِلَّ ظهره،             فما فيه للفُقْرى و لا الحَجِّ مَزْعَمُ‏

و أَمرٌ مُزْعِمٌ أَي مُطْمِعٌ. و أَزْعَمَه: أَطمعه. و شِواءٌ زَعِمٌ و زَعْمٌ «2»: مُرِشّ كثير الدَّسَمِ سريع السَّيَلان على النار. و أَزْعَمَتِ الأَرضُ: طلع أَول نبتها؛ عن ابن الأَعرابي: و زاعِمٌ و زُعَيْم: إِسمان. و المِزْعامة: الحية. و الزُّعْمُومُ: العَييّ. و الزَّعْمِيُّ: الكاذب «3». و الزَّعْمِيّ: الصادق. و الزَّعْمُ: الكذب؛ قال الكميت:
إِذا الإِكامُ اكتَسَتْ مَآلِيَها،             و كان زَعْمُ اللَّوامعِ الكَذِبُ‏

يريد السَّراب، و العرب تقول: أَكْذَبُ مِنْ يَلْمَع. و قال شريح: زَعَمُوا كُنْيَةُ الكَذِب. و قال شمر: الزَّعْمُ و التزاعُمُ أَكثر ما يقال فيما يُشك فيه و لا يُحَقَّقُ، و قد يكون الزَّعْمُ بمعنى القول، و روي بيت الجعدي يصف نوحاً، و قد تقدم، فهذا معناه التحقيق؛ قال الكسائي: إِذا قالوا زَعْمَةٌ صادقة لآتينّك، رفعوا، و حِلْفَةٌ صادِقةٌ لأَقومَنَّ، قال: و ينصبون يميناً صادقةً لأَفعلن. و
في الحديث: أَنه ذكر أَيوب، عليه السلام، قال: كان إِذا مر برجلين يَتَزاعَمان فيذكران الله كَفَّر عنهما.
أَي يتداعيان شيئاً فيختلفان فيه فيحلفان عليه كان يُكَفِّرُ عنهما لآَجل حلفهما؛ و قال الزمخشري: معناه أَنهما يتحادثان بالزَّعَماتِ و هي ما لا يوثق به من الأَحاديث، و قوله فيذكران الله أَي على وجه الاستغفار. و
في الحديث: بئس مَطِيَّةُ الرجل زَعَمُوا.
؛ معناه أَن الرجل إِذا أَراد المَسير إِلى بلد و الظَّعْنَ في حاجة ركب مطيته و سار حتى يقضي إِرْبَهُ، فشبه ما يقدّمه المتكلم أَمام كلامه و يتوصل به إِلى غرضه من قوله زَعَمُوا كذا و كذا بالمطية التي يُتَوَصَّلُ بها إِلى الحاجة، و إِنما يقال زَعَمُوا في حديث لا سند له و لا ثَبَتَ فيه، و إِنما يحكى عن الأَلْسُنِ على سبيل البلاغ، فذُمَّ من الحديث ما كان هذا سبيله. و
في حديث المغيرة: زَعِيمُ الأَنْفاس.
أَي موكَّلٌ بالأَنفاس يُصَعِّدُها لغلبة الحسد و الكآبة عليه، أَو أَراد أَنفاس الشرب كأَنه يَتَجَسَّس كلام الناس و يَعِيبهم بما يُسقطهم؛ قال ابن الأَثير: و الزَّعيمُ هنا
__________________________________________________
 (1). في معلقة عنترة:
زعْماً، لَعَمْرُ أَبيكَ، ليسَ بمَزعَمِ.

 (2). قوله [و شواه زعم و زعم‏] كذا هو بالأَصل و المحكم بهذا الضبط و بالزاي فيهما، و في شرح القاموس بالراء في الثانية و ضبطها مثل الأَولى ككتف.
 (3). قوله [و الزعمي الكاذب إلخ‏] كذا هو مضبوط في الأَصل و التكملة بالفتح و يوافقهما إِطلاق القاموس و إِن ضبطه فيه شارحه بالضم.

267
لسان العرب12

زعم ص 264

بمعنى الوكيل.
زغم:
تَزَغَّمَ الجمل: رَدَّدَ رُغاءه في لَهازِمه، هذا الأَصل، ثم كثر حتى قالوا: تَزَغَّمَ الرجلُ إِذا تَكلم تَكَلُّمَ المُتَغَضِّبِ مع تَغَضُّبٍ. و التَّزَغُّمُ: التغضُّب و تَزَمْزُمُ الشفة في بَرْطَمَةٍ، و تَزَغَّمت الناقةُ. و قال أَبو عبيد: التَّزَغُّمُ التغضّب مع كلام، و قيل مع كلام لا يُفهم، و قال غيره: التَّزَغُّمُ صوت ضعيف؛ قال البَعِيثُ:
و قد خَلَّفَتْ أَسْرابَ جُونٍ من القَطا             زَواحِفَ، إِلَّا أَنها تَتَزَغَّمُ‏

و قيل: التَّزَغُّم الغضب بكلام و غير كلام؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
فأَصْبَحْنَ ما ينطِقْنَ إِلا تَزَغُّماً             عليَّ، إِذا أَبْكى الوَليدَ وَلِيدُ

يصف جورهنَّ أَي أَنه إِذا أَبكى صَبيٌّ صَبيّاً غضبْنَ عليه تَجَنِّياً؛ و قال أَبو ذؤيب يصف رجلًا جاء إِلى مكة على ناقة بين نُوقٍ:
فجاء و جاءتْ بينهن، و إِنَّهُ             ليَمْسَحُ ذِفْراها تَزَغَّمُ كالفحل‏

قال الأَصمعي: تَزَغُّمُها صياحها و حدّتها، و إِنما يمسح ذفراها ليسكنها. و التَّزَغُّمُ: حَنِينٌ خفيّ كحنين الفَصيل؛ قال لبيد:
فأَبْلغْ بَني بَكْرٍ، إِذا ما لقيتها،             على خير ما يُلْقى به من تَزَغَّما

و يروى بالراء. التهذيب: و أَما التَّرَغُّمُ، بالراء، فهو التغضّب. و إِن لم يكن معه كلام. و تَزَغَّمَ الفَصيل: حَنَّ حَنيناً خفيفاً. و رجل زُغْمُوم: عَييُّ اللسان. و زُغَيْمٌ: طائر، و قيل بالراء، و زُغْمَة: موضع؛ عن ابن الأَعرابي؛ و روي البيت الذي في زغب:
عليهنَّ أَطْرافٌ من القوم، لم يكن             طعامُهُمُ حَبّاً بزُغْمَةَ أَسْمَرا

و هو بزُغْبة، بالباء، في رواية ثعلب.
زغلم:
لا يدخلك من ذلك زُغْلُمَةٌ أَي لا يَحِيكَنَّ في صدرك من ذلك شك و لا وَهْمٌ و لا غير ذلك. أَبو زيد: وقع في قلبي له زُغْلُمَةٌ، كقولك حَسَكةٌ و ضَغِينةٌ.
زقم:
الأَزهري: الزَّقْمُ الفعل من الزَّقُّوم، و الازْدِقامُ كالابتلاع. ابن سيدة: ازْدَقَمَ الشي‏ءَ و تَزَقَّمَهُ ابتلعه. و التَّزَقُّمُ: التَّلَقُّمُ. قال أَبو عمرو: الزَّقْمُ و اللَّقْمُ واحد، و الفعل زَقَمَ يَزْقُمُ و لَقِمَ يَلْقَمُ. و التَّزَقُّمُ: كثرة شرب اللبن، و الاسم الزَّقَمُ، ابن دريد: يقال تَزَقَّمَ فلان اللبن إِذا أَفرط في شربه. و هو يَزْقُمُ اللُّقَمَ زَقْماً أَي يَلْقَمُها. و زَقَمَ اللحم زَقْماً بلعه. و أَزْقَمْتُه الشي‏ء أَي أَبلعته إِياه. الجوهري: الزَّقُّوم إِسم طعام لهم فيه تمر و زُبْدٌ، و الزَّقْمُ: أَكله. ابن سيدة: و الزَّقُّومُ طعام أَهل النار، قال‏
و بلغنا أَنه لما أُنزلت آية الزَّقُّومِ: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ‏
؛ لم يعرفه قريش، فقال أَبو جهل: إِن هذا لشجر ما ينبت في بلادنا فَمَنْ منكم مَنْ يعرف الزَّقُّومَ؟ فقال رجل قدم عليهم من إِفْريقيَةَ: الزّقُّومُ بلغة إِفْريقيَة الزُّبْدُ بالتمر، فقال أَبو جهل: يا جارية هاتي لنا تمراً و زبداً نَزْدَقِمُه، فجعلوا يأْكلون منه و يقولون: أَ فبهذا يخوفنا محمد في الآخرة؟ فبيَّنَ الله تبارك و تعالى ذلك في آية أُخرى‏

268
لسان العرب12

زقم ص 268

فقال في صفتها: إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ.
؛ و قال تعالى: وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ؛ الأَزهري: فافتتن بذكر هذه الشجرة جماعات من مُشْركي مكة فقال أَبو جهل: ما نعرف الزَّقُّومَ إِلَّا أَكل التمر بالزبد؛ فقال لجاريته: زَقِّمِينا. و قال رجل آخر من المشركين: كيف يكون في النار شجر و النار تأْكل الشجر؟ فأَنزل الله تعالى: وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ؛ أَي و ما جعلنا هذه الشجرة إِلَّا فتنة للكفار؛ و كان أَبو جهل ينكر أَن يكون الزَّقُّومُ من كلام العرب، و لما نزلت: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ‏
، قال: يا معشر قريش هل تَدْرُونَ ما شجرةُ الزَّقُّومِ التي يخوفكم بها محمد؟ قالوا: هي العَجْوةُ، فأَنزل الله تعالى: إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ.
؛ قال: و للشياطين فيها ثلاثة أَوجه: أَحدها أَن يُشْبِه طَلْعُها في قبحه رؤوس الشياطين لأَنها موصوفة بالقُبْحِ و إِن كانت غير مشاهَدة فيقال كأَنه رأْس شيطان إِذا كان قبيحاً، الثاني أَن الشيطان ضرب من الحيات قبيح الوجه و هو ذو العُرْفِ، الثالث أَنه نبت قبيح يسمى رؤوس الشياطين؛ قال أَبو حنيفة: أَخبرني أَعرابي من أَزْدِ السَّراة قال: الزَّقُّومُ شجرة غبراء صغيرة الورق مُدَوَّرَتُها لا شوك لها، ذَفِرَةٌ مُرَّة، لها كَعابر في سُوقها كثيرة، و لها وُرَيْدٌ ضعيف جدّاً يجْرُسُه النحل، و نَوْرَتُها بيضاء، و رأْس ورقها قبيح جدّاً. و الزَّقُّومُ: كل طعام يَقْتل؛ عن ثعلب. و الزَّقْمَةُ: الطاعون؛ عنه أَيضاً. و
في صفة النار: لو أَن قَطْرة من الزَّقُّوم قطرت في الدنيا ..
؛ الزَّقُّومُ: ما وصف الله في كتابه فقال: إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ؛ قال: هو فَعُّول من الزَّقْمِ اللَّقْم الشديد و الشرب المفرط. و الزُّلْقُوم، باللام: الحُلْقُوم.
زكم:
الزُّكْمةُ و الزُّكامُ: الأَرض «1»، و قد زُكِم و زَكَمَه الله زَكْماً. و زَكَمَ بنطفته: رمى بها. الجوهري: الزُّكامُ معروف، و زُكِمَ الرجل و أَزْكَمَهُ الله فهو مَزْكُومٌ، بني على زُكِمَ. أَبو زيد: رجل مَزْكوم و قد أَزْكَمَه الله، و كذلك قال الأَصمعي، قال: و لا يقال أَنت أَزْكَمُ منه، و كذلك كل ما جاء على فُعِلَ فهو مَفْعُول، لا يقال ما أَزْهاكَ و ما أَزْكَمَكَ. و الزُّكامُ: مأْخوذ من الزَّكْم و الزَّكْب، و هو الملْ‏ء. يقال: زُكِم فلان و مُلئَ بمعنى واحد. و الزُّكْمَةُ: آخر ولد الرجل و المرأَة. و فلان زُكْمَةُ أَبَوَيْه إِذا كان آخر ولدهما. و الزَّكْمةُ، بالفتح: النسل؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أَنشد:
زَكْمَةُ عَمَّارٍ بَنُو عَمَّار،             مثلُ الحَراقِيص على حِمار

و أَنشده يعقوب: زُكْمَةُ عَمَّارٍ. و هو أَلأَمُ زُكْمة في الأَرض أَي أَلأَمُ شي‏ء لفَظَهُ شي‏ء، كزُكْبَةٍ. و قال يعقوب: هو أَلأَمُ زُكْمَةٍ، كَزُكْبَةٍ. ابن الأَعرابي: يقال زَكَمَتْ به أُمُّه إِذا ولدته سَرْحاً. و قِرْبَةٌ مَزْكومة: مملوءَة.
زلم:
الزُّلَمُ و الزَّلَمُ: القِدْح لا ريش عليه، و الجمع أَزْلام. الجوهري: الزَّلَمُ، بالتحريك، القِدْحُ؛ قال الشاعر:
بات يُقاسِيها غُلامٌ كالزَّلَمْ،             ليس بِراعي إِبلٍ و لا غَنَمْ‏

__________________________________________________
 (1). قوله [الأَرض‏] يعني الداء المعروف، فهو يقال له الزكام و الأَرض.

269
لسان العرب12

زلم ص 269

قال: و كذلك الزُّلَمُ، بضم الزاي، و الجمع الأَزْلامُ و هي السهام التي كان أَهل الجاهلية يستقسمون بها. و زَلَّمَ القِدْحَ: سوَّاه و ليَّنه. و زَلَّمَ الرَّحَى: أَدارها و أَخذ من حروفها؛ قال ذو الرمة:
تَفُضُّ الحَصَى عن مُجْمِراتٍ وَقِيعَةٍ،             كأَرْحاءِ رَقْدٍ زَلَّمَتْها المَناقِرُ «1».

شبه خُفَّ البعير بالرَّحَى أَي قد أَخذت المَناقِرُ و المعاوِلُ من حروفها و سوَّتْها. و زَلَّمْتُ الحجر أَي قطعته و أَصلحته للرَّحَى، قال: و هذا أَصل قولهم هو العبدُ زُلْمَةً، و قيل: كل ما حُذِقَ و أُخذ من حروفه فقد زُلِّم. و يقال: قِدْحٌ مُزَلَّمٌ و قِدْحٌ زَلِيمٌ إِذا طُرَّ و أُجِيدَ قَدُّه و صنعته، و عَصاً مُزَلَّمَةٌ، و ما أَحسن ما زَلَّمَ سهمه. و في التنزيل العزيز: وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ‏
؛ قال الأَزهري، رحمه الله: الاستقسام مذكور في موضعه، و الأَزْلامُ كانت لقريش في الجاهلية مكتوب عليها أَمر و نهي و افْعَلْ و لا تَفْعَلْ، قد زُلّمَتْ و سُوِّيَتْ و وضعتْ في الكعبة، يقوم بها سَدَنَةُ البيت، فإذا أَراد رجل سفراً أَو نكاحاً أَتى السادِنَ فقال: أَخْرِج لي زَلَماً، فيخرجه و ينظر إِليه، فإذا خرج قِدْحُ الأَمر مضى على ما عزم عليه، و إِن خرج قِدْحُ النهي قعد عما أَراده، و ربما كان مع الرجل زَلَمانِ وضعهما في قِرابِه، فإِذا أَراد الاستقسام أَخرج أَحدهما؛ قال الحُطَيْئَةُ يمدح أَبا موسى الأَشعري:
لم يَزْجُرِ الطير، إِن مَرَّتْ به سُنُحاً،             و لا يُفِيضُ علي قِسْمٍ بأَزْلامِ‏

و قال طَرَفَةُ:
أَخَذَ الأَزْلامَ مُقْتَسِماً،             فأَتى أَغْواهما زَلَمَهْ‏

و يقال: مرَّ بنا فلان يَزْلِم زَلَماناً «2» و يَحْذِم حَذَماناً؛ و قال ابن السكيت في قوله:
...... كأَنَّها             رَبابِيحُ تَنْزُو أَو فُرارٌ مُزَلَّمُ‏

قال: الربابيح القُرود العظام، واحدها رُبَّاح. و المُزَلَّمُ: القصير الذنب. ابن سيدة: و المُزَلَّمُ من الرجال القصير الخفيف الظريف، شبه بالقِدْحِ الصغير. و فرس مُزَلَّمٌ: مُقْتَدِرُ الخَلْق. و يقال للرجل إِذا كان خفيف الهيئة و للمرأَة التي ليست بطويلة: رجل مُزَلَّمٌ و امرأَة مُزَلَّمَة مثل مُقذَّذَةٍ. و زَلَّمَ غِذاءه: أَساءه فصغُر جِرمه لذلك. و قالوا: هو العبد زُلْماً؛ عن اللحياني، و زُلْمَةً و زُلَمَةً و زَلْمَةً و زَلَمَةً أَي قَدُّه قَدُّ العَبد و حَذْوُهُ حَذوُهُ، و قيل: معناه كأَنه يشبه العبد حتى كأَنه هو؛ عن اللحياني، قال: يقال ذلك في النكرة و كذلك في الأَمة، و في الصحاح: أَي قُدَّ قَدَّ العبد. يقال: هذا العبد زُلْماً يا فتى أَي قَدّاً و حَذْواً، و قيل: معنى كل ذلك حَقّاً. و عطاء مُزَلَّم: قليل. و زَلَّمْتُ عطاءه: قللته. و المُزَلَّم: الرجل القصير. ابن الأَعرابي: المُزَلَّمُ و المُزَنَّمُ الصغير الجُثَّةِ، و المُزَلَّمُ السيِ‏ء الغذاء. و الزَّلَمَةُ: هَنَةٌ معلقة في حلق الشاة، فإذا كانت في الأُذن فهي زَنَمَةٌ، و قد زَنَّمْتُها؛ و أَنشد:
بات يُقاسِيها غُلامٌ كالزَّلَمْ‏


__________________________________________________
 (1). قوله [مجمرات وقيعة] هذا هو الصواب في اللفظ و الضبط و ما تقدم في مادة رقد تحريف.
 (2). قوله [يزلم زلماناً] أَي يسرع.

270
لسان العرب12

زلم ص 269

و قال الليث: الزَّلَمَة تكون للمِعْزى في حلوقها متعلقة كالقُرْط و لها زَلَمتان، و إِذا كانت في الأُذن فهي زَنَمَةٌ، بالنون، و النعت أَزْلَمُ و أَزْنَمُ، و الأُنثى زَلْماء و زَنماء، و المُزَنَّمُ: المقطوع طرف الأُذن. و المزَلَّمُ و المُزَنَّم من الإِبل: الذي تقطع أُذنه و تترك له زَلَمَةٌ أَو زَنَمَةٌ؛ قال أَبو عبيد: و إِنما يفعل ذلك بالكِرامِ منها. و شاة زَلْماء: مثل زَنْماء، و الذكر أَزْلَمُ. ابن شميل: ازْدَلَم فلان رأْس فلان أَي قطعه، و زَلَم الله أَنفه. و أَزْلامُ البقر: قوائمها، قيل لها أَزْلامٌ للطافتها، شبهت بأَزْلامِ القِداح. و الزَّلَمُ و الزُّلَمُ: الظِّلْفُ؛ الأَخيرة عن كراع، و الجمع أَزْلامٌ، و خص بعضهم به أَظلاف البقر. و الزَّلَمُ: الزَّمَعُ الذي خلف الأَظلاف، و الجمع أَزْلام؛ قال:
تَزِلُّ على الأَرض أَزْلامُهُ،             كما زَلَّتِ القَدَمُ الآزِحَهْ‏

الآزِحَةُ: الكثيرةُ لحم الأَخْمَص، شبهها بأَزْلامِ القِداحِ، واحدها زَلَمٌ، و هو القِدْح المَبْرِيّ؛ و قال الأَخْفش: واحد الأَزْلامِ زُلَم و زَلَم. و
في حديث الهجرة: قال سُراقَة فأَخرجت زُلَماً، و في رواية: الأَزْلامَ.
و هي القِداح التي كانت في الجاهلية، كان الرجل منهم يضعها في وعاء له، فإِذا أَراد سفراً أَو رَواحاً أَو أَمراً مُهِمّاً أَدخل يده فأَخرج منها زُلَماً، فإِن خرج الأَمرُ مضى لشأْنه، و إِن خرج النهي كَفَّ عنه و لم يفعله. و الأَزْلَمُ الجَذَعُ: الدهر، و قيل: الدهر الشديد، و قيل: الشديد المرّ، و قيل: هو المتعلق به البَلايا و المَنايا، و قال يعقوب: سمي بذلك لأَن المنايا مَنُوطة به تابعة له؛ قال الأَخطل:
يا بِشْرُ، لو لم أَكُنْ منكم بمَنزلةٍ،             أَلْقَى عليَّ يَدَيْهِ الأَزْلَمُ الجَذَعُ‏

و هو الأَزْنَمُ الجَذَعُ، فمن قالها بالنون فمعناه أَن المنايا منوطة به، أَخذها من زَنَمَةِ الشاة، و من قال الأَزْلَم أَراد خفتها؛ قال ابن بري: و قال عباس بن مرْداسٍ:
إِني أَرَى لكَ أَكْلًا لا يَقومُ به،             من الأَكولة، إِلَّا الأَزْلَمُ الجَذَع‏

قال: و قيل البيت لمالك بن ربيعة العامِرِيّ يقوله لأَبي خُباشة عامر بن كعب بن عبد الله بن أُبَيّ بن كِلاب، و أَصل الأَزْلَمِ الجَذَعِ الوَعِلُ. و يقال للوعِلِ: مُزَلَّم؛ و قال:
لو كان حَيٌّ ناجِياً لَنَجَا،             من بومه، المُزَلَّمُ الأَعْصَمُ‏

و قد ذكر أَن الوُعول و الظّباء لا يسقط لها سنّ فهي جُذْعان أَبداً، و إِنما يريدون أَن الدهر على حال واحدة. و قالوا: أَوْدَى به الأَزْلَمُ الجَذَعُ و الأَزْنَمُ الجَذَعُ أَي أَهلكه الدهر، يقال ذلك لما ولَّى و فات و يُئِسَ منه. و يقال: لا آتيه الأَزْلَمَ الجَذَعَ أَي لا آتيه أَبداً، و معناه أَن الدهر باقٍ على حاله لا يتغير على طول إِناه فهو أَبداً جَذَعٌ لا يُسِنُّ. و الزَّلْماء: الأُرْوِيَّةُ، و قيل: أُنثى الصُّقور؛ كلاهما عن كراع. و زَلَمَ الإِناء: ملأَه؛ هذه عن أَبي حنيفة. و زَلَمْتُ الحوض فهو مَزْلومٌ إِذا ملأته؛ و قال:
حابية كالثَّغَبِ المَزْلوم‏

271
لسان العرب12

زلم ص 269

أَبو عمرو: الأَزْلامُ الوِبارُ، واحدها زَلَمٌ؛ و قال قُحَيْفٌ:
يبيتُ مع الأَزْلامِ في رأْس حالقٍ،             و يَرْتادُ ما لم تَحْتَرِزْه المَخاوِفُ‏

و في حديث سَطِيحٍ:
أَم فاد فازْلَمَّ به شَأْوُ العَنَنْ‏


قال ابن الأَثير: فازْلَمَّ أَي ذهب مسرعاً، و الأَصل فيه ازْلأَمَّ فحذف الهمزة تخفيفاً، و قيل: أَصلها ازْلامَّ كاشْهابَّ، فحذف الأَلف تخفيفاً، و قيل: ازلَمَّ قبض، و العَنَنُ: الموت أَي عرض له الموت فقبضه. و زُلَيْم و زَلَّامٌ: اسمان. و ازْلأَمَّ القومُ ازْلِئْماماً: ارتحلوا؛ قال العجاج:
و احتملوا الأُمور فازْلأَمُّوا


و المُزْلَئِمُّ: الذاهب الماضي، و قيل: هو المرتفع في سير أَو غيره؛ قال كُثَيِّر:
تَأَرَّض أَخْفافُ المُناخَةِ منهم             مكان التي قد بُعِّدَتْ فازْلأَمَّت‏

أَي ذهبت فمضت، و قيل: ارتفعت في سيرها. و يقال للرجل إِذا نهض فانتصب: قد ازْلأَمَّ. و ازْلأَمَّ النهار إِذا ارتفع. و ازْلأَمَّت الضُّحى: انبسطت. الجوهري: ازْلأَمَّ القومُ ازْلِئماماً أَي ولَّوا سِراعاً. و ازْلأَمَّ الشي‏ءُ: انتصب. و ازْلأَمَّ النهار إِذا ارتفع ضَحاؤه، و قيل في شَأْوِ العَنَنِ: إِنه اعتراض الموت على الخَلْقِ.
زلقم:
الزُّلْقُوم: الحلقوم في بعض اللغات. و الزُّلقوم: خُرْطوم الكلب و السبع. و زَلْقَمَ اللُّقْمَةَ: بلعها. الأَصمعي: مِقَمَّةُ الشاة، و منهم من يقول مَقَمَّة، و هي من الكلب الزُّلْقُوم. قال ابن الأَعرابي: زُلْقُوم الفيل خُرْطومه. ابن بري: الزَّلْقَمةُ الاتساع، و منه سمي البحر زُلْقُماً و قُلْزُماً؛ عن ابن خالوَيْهِ.
زلهم:
المُزْلَهِمُّ: السريع؛ و قال ابن الأَنباري: المُزْلَهِمُّ الخفيف؛ و أَنشد:
من المُزْلَهِمِّين الذين كأَنَّهُمْ،             إِذا احْتَضَرَ القومُ الخِوانَ، على وِتْرِ

زمم:
زَمَّ الشي‏ءَ يَزُمُّه زَمّاً فانْزَمَّ: شده. و الزِّمامُ: ما زُمَّ به، و الجمع أَزِمَّةٌ. و الزِّمامُ: الحبل الذي يجعل في البُرَةِ و الخشبة، و قد زمَّ البعير بالزِّمام. الليث: الزَّمُّ فعل من الزِّمام، تقول: زَمَمْتُ الناقة أَزُمُّها زَمّاً. ابن السكيت: الزَّمُّ مصدر زَمَمْتُ البعير إِذا علَّقْت عليه الزِّمام. الجوهري: الزِّمام الخيط الذي يشد في البُرَةِ أَو في الخِشاشِ ثم يشد في طرفه المِقْوَد، و قد يسمى المِقوَد زِماماً. و زِمام النعل: ما يشد به الشِّسْع. تقول: زَمَمْتُ النعل. و زَمَمْتُ البعير: خَطَمْته. و
في الحديث: لا زِمام و لا خِزام في الإِسلام.
؛ أَراد ما كان عُبَّادُ بني إِسرائيل يفعلونه من زمِّ الأُنوف، و هو أَن يُخْرَق الأَنفُ و يجعل فيه زِمام كزِمام الناقة ليُقاد به؛ و قول الشاعر:
يا عَجَباً و قد رأَيتُ عَجَبا:             حِمارَ قَبَّانٍ يَسُوق أَرْنبا
خاطِمَها زَأَمَّها أَن تَذْهبا،             فقلت: أَرْدِفْني، فقال: مَرْحَبا

أَراد زامَّها فحرك الهمزة ضرورة لاجتماع الساكنين،

272
لسان العرب12

زمم ص 272

كما جاء في الشعر اسْوأَدَّتْ. و زُمِّمَ الجِمال، شدد للكثرة؛ و قول أُمّ خَلَفٍ الخَثْعَمِيّة:
فليتَ سِماكِيّاً يَحارُ رَبابُه،             يُقادُ إِلى أَهل الغَضَى بزِمامِ‏

إِنما أَرادت مِلْكَ الرِّيحِ السحابَ و صرفها إِياه. ابن جحوش: حتى كأَنَّ الريح تملك هذا السحاب فتصرفه بزمامٍ منها، و لو أَسقطتْ قولها بزِمام لنقص دعاؤها لأَنها إِذا لم تكُفَّه «3» ... أَمكنه أَن ينصرف إِلى غير تِلْقاء أَهل الغَضى فتذهب شرقاً و غرباً و غيرهما من الجهات، و ليس هنالك زِمامٌ البَتَّةَ إِلّا ضربَ الزِّمام مَثَلًا لمِلْكِ الريح إِياه، فهو مستعار إِذ الزِّمام المعروف مجسَّمٌ و الريح غير مجسَّم. و زَمَّ البعير بأَنفه زَمّاً إِذا رفع رأْسه من أَلَمٍ يجده. و زَمَّ برأْسه زَمّاً: رفعه. و الذئب يأْخذ السَّخْلةَ فيحملها و يذهب بها زامّاً أَي رافعاً بها رأْسه. و في الصحاح: فذهب بها زامًّا رأْسه أَي رافعاً. يقال: زَمَّها الذئب و ازْدَمَّها بمعنى. و يقال: قد ازْدَمَّ سخلة فذهب بها. و يقال: ازْدَمَّ الشي‏ءَ إِليه إِذا مدَّه إِليه. أَبو عبيد: الزَّمُّ فعل من التقدم، و قد زَمَّ يَزِمُّ إِذا تقدم، و قيل: إِذا تقدم في السير؛ و أَنشد:
أَن اخْضَرَّ أَو أَنْ زَمَّ بالأَنف بازِلُهْ «4».


و زَمَّ الرجلُ بأَنفه إِذا شَمَخ و تكبر فهو زامّ. و زَمَّ و زامَّ و ازْدَمَّ كله إِذا تكبر. و قوم زُمَّمٌ أَي شُمَّخٌ بأُنوفهم من الكبر؛ قال العجاج:
إِذ بَذَخَتْ أَرْكانُ عِزّ فَدْغَمِ،             ذي شُرُفاتٍ دَوْسَرِيّ مِرْجَمِ،
شَدَّاخَةٍ تَقْدَحُ هام الزُّمَّمِ‏


و في شعر: يَقْرَعُ، بالباء. و
في الحديث: أَنه تلا القرآن على عبد الله بن أُبَيٍّ و هو زامٌّ لا يتكلم.
أَي رافع رأْسه لا يُقْبِلُ عليه. و الزَّمُّ: الكبر؛ و قال الحربي في تفسيره: رجل زامٌّ أَي فَزِعٌ. و زَمَّ بأَنفه يَزِمُّ زَمّاً: تقدم. و زَمَّت القربةُ زُموماً: امتلأَت. و قالوا: لا و الذي وجهي زَمَمَ بيتِهِ ما كان كذا و كذا أَي قُبالتَه و تُجاهَه؛ قال ابن سيدة: أَراه لا يستعمل إِلا ظرفاً. و أَمْرُ بني فلان زَمَمٌ أَي هيِّن لم يجاوز القَدْرَ؛ عن اللحياني، و قيل أَي قَصْدٌ كما يقال أَمَمٌ. و أَمر زَمَمٌ و أَمَمٌ و صَدَدٌ أَي مقارب. و داري من داره زَمَمٌ أَي قريب. و الزُّمَّامُ، مشدّد: العُشبُ المرتفع عن اللُّعاع. و إِزْمِيم: ليلة من ليالي المِحاقِ. و إِزْمِيمٌ: من أَسماء الهلال؛ حكي عن ثعلب. التهذيب: و الإِزْمِيمُ الهلال إِذا دَقَّ في آخر الشهر و اسْتَقْوس؛ قال: و قال ذو الرُّمَّةِ أَو غيره:
قد أَقْطَعُ الخَرْقَ بالخَرْقاء لاهيةً،             كأَنما آلُها في الآلِ إِزْمِيمُ‏

شبَّه شخصها فيما شَخَصَ من الآل بالهلال في آخر الشهر لضُمْرِها. و إِزْميم: موضع. و الزَّمْزَمَةُ: تَراطُنُ العُلوج عند الأَكل و هم صُمُوت، لا يستعملون اللسان و لا الشَّفة في كلامهم، لكنه صوت تديره في خيَاشيمها و حلوقها فيَفْهم بعضُها عن بعض. و الزَّمْزَمَة من الصدر إِذا لم يُفْصِح. و زَمْزَمَ العِلْجُ إِذا تكلف الكلام عند الأَكل و هو مطبق فمه؛ قال الجوهري: الزَّمْزَمَةُ كلام‏
__________________________________________________
 (3). كذا بياض بالأَصل.
 (4). قوله [أَن اخضر] صدره كما في الأَساس:
         خدب الشوى لم يعد في آل مخلف.

 

273
لسان العرب12

زمم ص 272

المجوس عند أَكلهم. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: كتب إِلى أَحد عُمّالِهِ في أَمر المجوس: و انْهَهُم عن الزمْزَمَة.
؛ قال: هو كلام يقولونه عند أَكلهم بصوت خفيّ. و
في حديث قَباث بن أَشْيَمَ: و الذي بعثك بالحق ما تحرك به لساني و لا تَزَمْزَمَتْ به شَفَتايَ.
؛ الزَّمْزَمَةُ: صوت خفي لا يكاد يُفهم. و من أَمثالهم: حول الصِّلِّيان الزَّمْزَمَةُ؛ و الصِّلِّيانُ من أَفضل المَرْعى، يضرب مثلًا للرجل يَحُوم حول الشي‏ء و لا يُظهر مَرامَه، و أَصل الزَّمْزَمة صوت المَجوسيّ و قد حَجا، يقال: زَمْزَمَ و زَهْزَمَ، و المعنى في المثل أَن ما تسمع من الأَصوات و الجَلَب لطلب ما يؤكل و يتمتع به. و زَمْزَمَ إِذا حفظ الشي‏ء، و الرَّعْدُ يُزَمْزِمُ ثم يُهَدْهِدُ؛ قال الراجز:
يَهِدُّ بين السَّحْرِ و الغَلاصِمِ             هَدّاً كهَدِّ الرَّعْدِ ذي الزِّمازِمِ‏

و الزَّمْزَمَةُ: صوت الرعد. ابن سيدة: و زَمْزَمَةُ الرعد تتابُعُ صوته، و قيل: هو أَحسنه صوتاً و أَثْبَتُهُ مطراً. قال أَبو حنيفة: الزَّمْزَمَةُ من الرعد ما لم يَعْلُ و يُفْصِح، و سحاب زمزام. و الزَّمْزَمَةُ: الصوت البعيد تسمع له دَوِيّاً. و العصفور يَزِمُّ بصوت له ضعيف، و العظام من الزنابير يفعلْنَ ذلك. أَبو عبيد: و فرس مُزَمْزِمٌ في صوته إِذا كان يُطَرِّبُ فيه. و زَمازِمُ النار: أَصوات لهبها؛ قال أَبو صَخْرٍ الهذلي:
زَمازِمُ فَوَّار مِن النار شاصِب‏


و العرب تحكي عَزيف الجن بالليل في الفَلَواتِ بزيزِيم؛ قال رؤبة:
تسمع للجن به زيزيما


و زَمْزَمَ الأَسد: صوَّت. و تَزَمْزَمَتِ الإِبل: هَدَرَتْ. و الزِّمْزِمة، بالكسر: الجماعة من الناس، و قيل: هي الخمسون و نحوها من الناس و الإِبل، و قيل: هي الجماعة ما كانت كالصِّمْصِمَة، و ليس أَحد الحرفين بدلًا من صاحبه، لأَن الأَصمعي قد أَثبتهما جميعاً و لم يجعل لأَحدهما مَزِيَّةً على صاحبه، و الجمع زِمْزِمٌ؛ قال:
إِذا تَدانى زِمْزِمٌ لزِمْزِمِ،             من كل جيش عَتِدٍ عَرَمْرَمِ‏
و حارَ مَوَّارُ العَجاج الأَقْتَمِ،             نضرب رأْس الأَبْلَجِ الغَشَمْشَمِ‏

و في الصحاح:
إِذا تَدانى زِمزِمٌ من زِمْزِمِ‏


قال ابن بري: هو لأَبي محمد الفَقْعَسي؛ و فيه:
من وَبِراتٍ هَبِراتِ الأَلْحُمِ‏


و قال سيف بن ذي يَزَنَ:
قد صَبَّحَتْهُمْ من فارِسٍ عُصَبٌ،             هِرْبِذُها مُعْلَمٌ و زِمْزِمُها

و الزِّمزِمةُ: القطعة من السباع أَو الجن. و الزِّمْزِمُ و الزِّمْزيمُ: الجماعة. و الزِّمْزيمُ: الجماعة من الإِبل إِذا لم يكن فيها صِغار؛ قال نُصَيْبٌ:
يَعُلُّ بَنِيها المَحْض من بَكَرَاتها،             و لم يُحْتَلَبْ زِمْزيمها المُتَجَرْثِمُ‏

و يقال: مائة من الإِبل زُمْزُومٌ مثل الجُرْجُور؛ و قال الشاعر:
زُمْزُومُها جِلَّتها الكِبار

274
لسان العرب12

زمم ص 272

و ماء زَمْزَمٌ و زُمازِمٌ: كثير. و زَمْزَمُ، بالفتح: بئر بمكة. ابن الأَعرابي: هي زَمْزَمُ و زَمَّمُ و زُمَزِمٌ، و هي الشُّباعةُ و هَزْمَةُ المَلَكِ و رَكْضَة جبريل لبئر زَمْزَمَ التي عند الكعبة؛ قال ابن بري: لزَمْزَم اثنا عشر «1» اسماً: زَمْزَمُ، مَكْتُومَةُ، مَضْنُونَةُ، شُباعَةُ، سُقْيا، الرَّواءُ، رَكْضَةُ جبريل، هَزْمَةُ جبريل، شِفاء سُقْمٍ، طَعامُ طُعْمٍ، حَفيرة عبد المطلب. و يقال: ماء زَمْزَمٌ و زَمْزامٌ و زُوازِمٌ و زُوَزِمٌ إِذا كان بين المِلْحِ و العَذْبِ، و زَمْزَمٌ و زُوَزِمٌ؛ عن ابن خالوَيْهِ، و زَمْزامٌ؛ عن القزّاز، و زاد: و زُمازِمٌ، قال: و قال ابن خالويه الزَّمْزامُ العيكث «2» الرعَّادُ؛ و أَنشد:
سَقى أَثْلةً بالفِرْقِ فِرْقِ حَبَوْنَنٍ،             من الصيف، زَمْزامُ العَشِيِّ صَدُوقُ‏

و زَمْزَمٌ و عَيْطَلٌ: اسمان لناقة، و قد تقدم في اللام؛ و أَنشد ابن بري لشاعر:
باتَتْ تباري شَعْشَعاتٍ ذُبَّلا،             فهي تُسَمَّى زَمْزماً و عَيْطلا

و زُمٌّ، بالضم: موضع؛ قال أَوْسُ بن حَجَرٍ:
كأَنَّ جيادَهُنَّ، برَعْنِ زُمٍّ،             جَرادٌ قد أَطاعَ له الوَراقُ‏

و قال الأَعشى:
و نَظْرَةَ عينٍ على غِرَّةٍ             محلَّ الخَليطِ بصَحْراء زُمّ‏

يقول: ما كان هواها إِلا عقوبة؛ قال ابن بري: من قال و نظرةَ بالنصب فلأَنه معطوف على منصوب في بيت قبله و هو:
و ما كان ذلك إِلَّا الصَّبا،             و إِلَّا عِقاب امْرِئٍ قد أَثِمْ‏

قال: و من خفض النظرة، و هي رواية الأَصمعي، فعلى معنى رُبَّ نظرةٍ. و يقال: زُمٌّ بئر بحفائر سعد بن مالك. و أَنشد بيت أَوس بن حَجَرٍ. التهذيب في النوادر: كَمْهَلْتُ المال كَمْهَلَةً، و حَبْكَرْتُهُ حَبْكَرةً، و دَبْكَلْتُه دَبْكلةً، و حَبْحَبْتُه حَبْحَبَةً، و زَمْزَمْتُه زَمْزَمَةً، و صَرْصَرْته و كَرْكَرْتُه إِذا جمعته و رددت أَطراف ما انتشر منه، و كذلك كَبْكَبْته.
زنم:
زَنَمَتا الأُذن: هنتان تليان الشحمة، و تقابلان الوَتَرَةَ. و زَنَمَتا الفُوقِ و زُنْمتاه «3». و الأَول أَفصح: أَعلاه و حرفاه. الزَّنَمَتان: زَنَمَتا الفُوق، و هما شَرَجا الفُوق، و هما ما أَشرف من حرفيه. و المُزَنَّمُ و المُزَلَّمُ: الذي تقطع أُذنه و يترك له زَنَمَةٌ. و يقال: المُزَلَّم و المُزَنَّمُ الكريم. و المُزَنَّمُ من الإِبل: المقطوع طرف الأُذن؛ قال أَبو عبيد: و إِنما يفعل ذلك بالكرام منها؛ و التَّزْنيمُ: اسم تلك السِّمَةِ اسم كالتَّنْبيت. الأَحمر: من السِّمات في قطع الجلد الرَّعْلة، و هو أَن يُشَقَّ من الأُذن شي‏ء ثم يترك معلَّقاً، و منها الزَّنَمةُ، و هو أَن تَبِين تلك القطعة من الأُذن، و المُفْضاة مثلها. الجوهري: الزَّنَمَةُ شي‏ء يقطع من أُذن البعير فيترك معلقاً، و إِنما يفعل ذلك بالكِرام من الإِبل. يقال: بعير زَنِمٌ و أَزْنَمُ و مُزَنَّم و ناقة زَنِمَةٌ و زَنْماء
__________________________________________________
 (1). قوله [لزمزم اثنا عشر إِلخ‏] هكذا بالأَصل و بهامشه تجاهه ما نصه: كذا رأَيت انتهى. و ذلك لأَن المعدود أَحد عشر.
 (2). قوله [العيكث‏] كذا هو بالأَصل.
 (3). قوله [و زنمتا الفوق و زنمتاه‏] كذا هو مضبوط في الأَصل بضم الزاي و سكون النون في الثاني، و مقتضى القاموس فتح الزاي.

275
لسان العرب12

زنم ص 275

و مُزَنَّمَةٌ. و الزَّنَمُ: لغة في الزَّلَمِ الذي يكون خلف الظِّلْفِ، و
في حديث لقمان: الضائنة الزَّنِمَةُ.
أَي ذات الزَّنَمَةِ، و هي الكريمة، لأَن الضأْن لا زَنَمَةَ لها و إِنما يكون ذلك في المعز؛ قال المُعَلَّى بن حَمّال العبدي:
و جاءت خُلْعَةٌ دُهْس صَفايا،             يَصُوعُ عُنُوقَها أَحْوى زَنِيمُ‏
يُفَرِّقُ بينها صَدْعٌ رَباع،             له ظَأْبٌ كما صَخِبَ الغَريمُ‏

و الخُلْعَةُ: خيار المال. و الزَّنِيمُ: الذي له زَنَمَتان في حلقه، و قيل: المُزَنَّمُ صغار الإِبل، و يقال: المُزَنَّمُ اسم فحل؛ و قول زهير:
فأَصْبَحَ يَجرِي فيهمُ، من تِلادِكُمْ،             مَغانم شَتَّى من إِفالٍ مُزَنَّمِ‏

قال ابن سيدة: هو من باب السِّمام المُزْعِف و الحِجال المُسَجَّف لأَن معنى الجماعة و الجمع سواء، فحمل الصفة على الجمع، و رواه أَبو عبيدة: من إِفال المُزَنَّمِ، نسبه إِليه كأَنه من إِضافة الشي‏ء إِلى نفسه. و قوله تعالى: عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ‏
؛ قيل: موسوم بالشر لأَن قطع الأُذن وَسْمٌ. و زَنَمَتا الشاة و زُنْمتها «4»: هنة معلقة في حَلْقها تحت لِحْيتها، و خص بعضهم به العنز، و النعت أَزْنَمُ، و الأُنْثى زَلْماء و زَنْماءُ؛ قال ضَمْرَةُ بن ضَمْرَةَ النَّهْشَليّ يهجو الأَسود بن مُنْذر بن ماء السماء أَخا النُّعْمان بن المُنْذِرِ:
تَرَكْتَ بني ماء السماءِ و فِعْلَهُمْ،             و أَشْبَهْتَ تَيْساً بالحِجازِ مُزَنَّما
و لَنْ أَذْكُرَ النُّعْمانَ إِلَّا بصالحٍ،             فإِنَّ له عِنْدي يُدِيّاً و أَنْعُما

قال: و من كلام بعض فِتْيانِ العرب يَنْشُدُ عَنْزاً في الحَرَمِ:
كأَنَّ زَنَمَتَيْها تَتْوا قُلَيْسِيَّة.


الليث: و زَنَمتا العنز من الأُذن. و الزَّنَمَةُ أَيضاً: اللحمة المُتَدَلِّيَةُ في الحلق تسمى ملاده «5». و الزَّنِيمُ: ولد العَيْهَرَةِ. و الزَّنِيمُ أَيضاً: الوكيل. و الزُّنْمةُ: شجرة لا وَرَقَ لها كأَنها زُنْمةُ الشاة. و الزَّنَمةُ: نَبْتَة سُهَيلية تنبت على شكل زَنَمَةِ الأُذن، لها ورق و هي من شر النبات؛ و قال أَبو حنيفة: الزَّنَمَةُ بَقْلة قد ذكرها جماعة من الرواة، قال: و لا أَحفظ لها عنهم صفة. و الأَزْنَمُ الجَذَعُ: الدهر المعلَّق به البلايا، و قيل: لأَن البلايا مَنُوطةٌ به متعلقة تابعة له، و قيل: هو الشديد المرّ، و قد تقدم عامة ذلك في ترجمة زلم. و يقال: أَوْدى به الأَزْلَمُ الجَذَعُ و الأَزْنَمُ الجَذَعُ؛ قال رؤبة يصف الدهر:
أَفْنى القُرونَ و هو باقي زَنَمَهْ‏


و أَصل الزَّنَمَةِ العلامة. و الزَّنِيمُ: الدَّعِيُّ. و المُزَنَّمُ: الدَّعيُّ؛ قال:
و لكنَّ قَوْمي يَقْتنون المُزَنَّما


أَي يستعبدونه؛ قال أَبو منصور: قوله في المُزَنَّمِ إِنه الدَّعِيُّ و إِنه صغار الإِبل باطل، إِنما المُزَنَّمُ من الإِبل الكريم الذي جعل له زَنَمةٌ علامة لكَرَمِهِ،
__________________________________________________
 (4). قوله [و زنمتها] كذا هو مضبوط في الأَصل بضم فسكون.
 (5). قوله [تسمى ملاده‏] كذا هو في الأَصل.

276
لسان العرب12

زنم ص 275

و أَما الدَّعِيُّ فهو الزَّنِيمُ، و في التنزيل العزيز: عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ‏
؛ و قال الفراء: الزَّنِيمُ الدَّعِيُّ المُلْصَقُ بالقوم و ليس منهم، و قيل: الزَّنِيمُ الذي يُعْرَفُ بالشر و اللُّؤْم كما تعرف الشاة بزَنَمَتِها. و الزَّنَمَتانِ: المعلقتان عند حُلوق المِعْزَى، و هو العبد زُنْماً و زَنْمَةَ و زُنْمَةً و زَنَمَةً و زُنَمَةً أَي قَدُّه قَدُّ العبد. و قال اللحياني: هو العبد زُنْمَةً و زَنْمَةً و زَنَمَةً و زُنَمَةً أَي حَقّاً. و الزَّنِيمُ و المُزَنَّمُ: المُسْتَلْحَقُ في قوم ليس منهم لا يحتاج إِليه فكأَنه فيهم زَنَمَةٌ؛ و منه قول حَسَّان:
و أَنت زَنِيمٌ نِيطَ في آلِ هاشِمٍ،             كما نِيطَ خَلْفَ الراكب القَدَحُ الفَرْدُ

و أَنشد ابن بري للخَطِيم التميمي، جاهلي:
زَنِيمٌ تَداعاه الرِّجالُ زِيادةً،             كما زِيدَ في عَرْضِ الأَدِيمِ الأَكارِعُ‏

وجدت حاشية صورتها: الأَعْرَفُ أَن هذا البيت لحَسَّان؛ قال: و
في الكامل للمبرد روى أَبو عبيد و غيره أَن نافِعاً سأَل ابن عباس عن قوله تعالى عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ‏
: ما الزَّنِيمُ؟ قال: هو الدَّعِيُّ المُلْزَقُ، أَ ما سمعت قول حَسَّان بن ثابت:
زَنِيمٌ تَداعاه الرِّجالُ زِيادةً،             كما زِيدَ في عَرْضِ الأَدِيمِ الأَكارِعُ.


و
ورد في الحديث أَيضاً: الزَّنِيمُ و هو الدَّعِيُّ في النَّسَب.
؛ و
في حديث علي و فاطمة، عليهما السلام:
بِنْتُ نَبيٍّ ليس بالزَّنِيمِ.

و زُنّيْمٌ و أَزْنَمُ: بطنان من بني يَرْبوعٍ. الجوهري: و أَزْنَمُ بطن من بني يَرْبُوعٍ؛ و قال العَوَّامُ بن شَوْذَبٍ الشَّيْبانيّ:
فلو أَنَّها عُصْفُورَةٌ لَحَسِبْتُها             مُسَوَّمَةً تَدْعُو عُبَيْداً و أَزْنَمَا

و قال ابن الأَعرابي: بنو أَزْنَمَ بن عُبَيْد بن ثَعْلبَةَ بن يَرْبُوعٍ، و الإِبل الأَزْنَمِيَّةُ منسوبة إِليهم؛ و أَنشد:
يَتْبَعْنَ قَيْنَيْ أَزْنَمِيٍّ شَرْجَبِ،             لا ضَرَع السِّنِّ و لم يُثَلَّبِ‏

يقول: هذه الإِبل تَرْكَبُ قَيْنَيْ هذا البعير لأَنه قُدَّام الإِبل. و ابن الزُّنَيْمِ، على لفظ التصغير: من شعرائهم.
زنكم:
الزَّنْكَمَةُ: الزَّكْمَةُ.
زهم:
الزُّهُومَةُ: ريح لحم سمين منتن. و لحم زَهِمٌ: ذو زُهُومة. الجوهري: الزُّهُومةُ، بالضم، الريح المنتنة. و الزَّهَمُ، بالتحريك: مصدر قولك زَهِمَتْ يدي، بالكسر، من الزُّهومةِ، فهي زَهِمَةٌ أَي دَسِمَةٌ. و الزَّهِمُ: السمين. و
في حديث يأْجوج و مأْجوج: و تَجْأَى الأَرضُ من زَهَمِهِمْ.
؛ أَراد أَن الأَرض تُنْتِنُ من جِيَفِهِم. و وجدت منه زُهُومةً أَي تَغَيُّراً. و الزُّهْمُ: الريح المنتنة. و الشحم يسمى زُهْماً إِذا كان فيه زُهُومةٌ مثل شحم الوحْشِ. قال الأَزهري: الزُّهومةُ عند العرب كراهة ريح بلا نَتْنٍ أَو تَغَيُّرٍ، و ذلك مثل رائحة لحمٍ غَثٍّ أَو رائحة لحم سَبُعٍ أَو سمكةٍ سَهِكَةٍ من سَمَكِ البحار، و أَما سمك الأَنهار فلا زُهُومة لها. و في النوادر: يقال: زَهِمْتُ زُهْمَةً و خَضِمْتُ خُضْمَةً و غَذِمْتُ غُذْمةً بمعنى لَقِمْتُ لُقْمَة؛ و قال:

277
لسان العرب12

زهم ص 277

تَمَلَّئي من ذلك الصَّفِيحِ،             ثم ازْهَمِيهِ زَهْمَةً فَرُوحِي‏

قال الأَزهري: و رواه ابن السكيت:
أَلا ازْحَمِيهِ زَحْمَةً فَرُوحي‏


عاقبت الحاء الهاء. و الزُّهْمَةُ، بالضم: الشحم؛ قال أَبو النجم يصف الكلب:
يَذْكُرُ زُهْمَ الكَفَل المَشْروحا


قال ابن بري: أَي يتذكر شحم الكفَلِ عند تَشرِيحه، قال: و لم يصف كلباً كما ذكر الجوهري و إِنما وصف صائداً من بني تميم لَقِيَ وَحْشاً؛ و قبله:
لاقَتْ تَمِيماً سامعاً لَمُوحَا،             صاحبَ أَقْناص بها مَشْبوحَا

و من هذا يقال للسمين زَهِمٌ، و خصَّ بعضهم به شَحْم النعام و الخيل. و الزُّهْمُ و الزَّهَمُ: شحم الوحش من غير أَن يكون فيه زُهُومة، و لكنه اسم له خاص، و قيل: الزُّهْمُ لما لا يَجْتَرُّ من الوحش، و الوَدَكُ لما اجْتَرَّ، و الدَّسَمُ لما أَنبتت الأَرضُ كالسِّمْسِمِ و غيره. و زَهِمَتْ يدُه زَهَماً، فهي زَهِمَةٌ: صارت فيها رائحة الشحم. و الزَّهَمُ: باقي الشحم في الدابة و غيرها. و الزَّهِمُ: الذي فيه باقي طِرْقٍ، و قيل: هو السمين الكثير الشحم؛ قال زهير:
القائدُ الخَيْلَ، مَنْكوباً دَوابِرُها،             منها الشَّنُونُ، و منها الزاهِقُ الزَّهِمُ‏

و زَهَمَ العَظمُ و أَزْهَمَ: أَمَخَّ. و الزُّهْمُ: الذي يخرج من الزَّباد من تحت ذَنَبه فيما بين الدُّبُر و المَبالِ. أَبو سعيد: يقال بينهما مُزاهمةٌ أَي عداوة و مُحاكَّةٌ. و المُزاهَمة: القُرْب. ابن سيدة: و المُزاهَمَةُ المُقاربةُ و المداناة في السير و البيع و الشراء و غير ذلك. و أَزْهَمَ الأَربعين أَو الخمسين أَو غيرها من هذه العُقود: قرب منها و داناها، و قيل: داناها و لَمّا يَبْلُغْها. ابن الأَعرابي: زاحَمَ الأَربعين و زاهَمَها، و في النوادر: زَهَمْتُ فلاناً عن كذا و كذا أَي زجرته عنه. أَبو عمرو: جمل مُزاهِمٌ. و المُزاهِمَةُ: الفُرُوط العَجِلةُ لا يكاد يدنو منه فرس إِذا جُنِبَ إِليه، و قد زاهَمَ مُزاهَمَةً و أَزْهَمَ إِزهاماً؛ و أَنشد أَبو عمرو:
مُسْتَرْعِفات بخدَبٍّ عَيْهام،             مُرَوْدَكِ الخَلْقِ دِرَفْسٍ مِسْعام،
للسَّابِق التَّالي قليلِ الإِزْهام‏


أَي لا يكاد يدنو منه الفرس المجنوب لسرعته؛ قال: و المُزاهِمُ الذي ليس منك ببعيد و لا قريب؛ و قال:
غَرْبُ النَّوَى أَمْسى لها مُزاهِما،             من بَعْدِ ما كان لها مُلازِمَا

فالمُزاهِمُ: المُفارق هاهنا؛ و أَنشد أَبو عمرو:
حَمَلَتْ به سَهواً فَزاهَمَ أَنْفَهُ،             عند النِّكاح، فَصِيلُها بمَضِيقِ‏

و المُزاهَمَةُ: المُداناة، مأْخوذ من شَمِّ ريحه. و زَهْمان و زُهْمان: اسم كلب؛ عن الرِّياشِيِّ. و من أَمثالهم: في بطن زَهْمان زادُهُ؛ يقال ذلك إِذا اقتسم قوم مالًا أَو جَزُوراً فأَعطوا رجلًا منها حَظَّه أَو أَكل معهم ثم جاء بعد ذلك فقال أَطْعِموني، أَي قد أَكلت و أَخذتَ حظك، و قيل: يضرب مثلًا للرجل يُدْعَى إِلى الغداء و هو شبعان، قال: و رجل زُهماني‏

278
لسان العرب12

زهم ص 277

إِذا كان شبعان؛ و قال ابن كَثْوَةَ: يُضْرَبُ هذا المَثَلُ للرجل يَطْلب الشي‏ء و قد أَخذ نصيبه منه، و ذلك أَن رجلًا نحر جَزوراً فأَعطى زَهْمانَ نصيباً، ثم إِنه عاد ليأْخذ مع الناس فقال له صاحب الجَزُور هذا. و زُهام و زُهْمان: موضعان.
زهدم:
الزَّهْدَمُ و زَهْدَمٌ: الصَّقْرُ، و يقال فَرْخُ البازي، و به سمي الرجل. و زَهْدَمٌ: اسم. و الزَّهْدَمانِ: زهْدَمٌ و كَرْدَمٌ. و زَهْدَمُ: اسم فرس، و فارِسُه يقال له: فارسُ زَهْدَم. قال ابن بري: زَهْدَم اسم لفرس لسُحَيْم بن وَثِيلٍ؛ و فيه يقول ابنه جابر:
أَقول لهم بالشِّعْبِ، إِذْ يَيْسِرُونَني:             أَ لم تَعْلَموا أَني ابنُ فارِسِ زَهْدَمِ؟

و الزَّهدمانِ: أَخوان من بني عبسٍ؛ قال ابن الكلبي: هما زَهْدَمٌ و قيس ابْنا حزن بن وَهْبِ بن عُوَيْر بن رَواحة بن رَبِيعةَ بن مازِنِ بن الحَرِثِ بن قُطَيْعَةَ بن عَبْس بن بَغِيضٍ، و هما اللذان أَدركا حاجِبَ بن زُرارَةَ يوم جَبَلَةَ ليَأْسِراه فغَلَبَهُما عليه مالك ذو الرُّقَيْبَةِ القُشَيْرِيّ؛ و فيهما يقول قَيْسُ بن زُهَيْرٍ:
جَزاني الزَّهْدَمانِ جَزاءَ سَوْءٍ،             و كُنْتُ المَرْءَ يُجْزى بالكَرامَهْ‏

قال أَبو عبيدة: هما زَهْدَمٌ و كَرْدَمٌ؛ قال ابن بري في الزَّهْدَمانِ: قال أَبو عبيد ابْنا جَزْءٍ، و قال علي بن حمزة: ابنا حَزْنٍ. و زَهْدَمٌ: من أَسماء الأَسد.
زهزم:
الزَّهْزَمَةُ: الصوت مثل الزَّمْزَمَةِ؛ قال الأَعشى: له زَهْزَمٌ كالغَنِّ.
زوم:
ابن الأَعرابي: زامَ الرجلُ إِذا مات. و الزَّويمُ: المجتمع من كل شي‏ء.
زيم:
الزيِّمةُ: القطعة من الإِبل أَقلها البعيرانِ و الثلاثةُ و أَكثرها الخمسةَ عَشَرَ و نحوها. و تَزَيَّمَت الإِبلُ و الدواب: تفرقت فصارت زِيَماً؛ قال:
و أَصبحتْ بعاشِمٍ و أَعْشَما،             تَمْنَعُها الكَثْرَةُ أَن تَزَيَّما

و لحم زِيَمٌ: مُتَعَضِّلٌ متفرق ليس بمجتمع في مكان فيَبْدُنَ؛ قال زهير:
قد عُولِيَتْ، فهي مَرْفُوع جَواشِنُها             على قَوائِمَ عوجٍ، لحمها زِيَمُ‏

قال ابن بري: و منه قول الشاعر:
عَرَكْرَكَةٌ ذات لَحْمٍ زِيَمْ‏


قال: و قال ابن خالويه زِيَمٌ ضيِّق؛ و أَنشد للنابغة:
باتَتْ ثَلاثَ ليالٍ ثم واحدةً،             بذي المَجازِ، تُراعي مَنْزِلًا زِيَما

و تَزَيَّمَ: صار زِيَماً، و قيل في قول النابغة
... منزلًا زِيَماً


أَي مُتَفَرِّقَ النبات، و قيل: أَراد تتفرق عنه الناس، و أَراد بثلاث ليالٍ أَيام التَّشْريق ثم نَفَرَت واحدة إِلى ذي المَجازِ؛ قال السيرافي: أَصله في اللحم فاستعاره؛ و في خطبة الحجاج:
هذا أَوانُ الحَرْبِ فاشْتَدّي زِيَمْ‏


قال: هو اسم ناقة أَو فرس و هو يخاطبها يأْمرها بالعَدْوِ، و حرف النداء محذوف؛ و في قَصِيدِ كَعْبِ بن زهير

279
لسان العرب12

زيم ص 279

سُمْرُ العُجاياتِ يَتْرُكْنَ الحَصى زِيَماً،             لم يَقِهِنَّ رؤوسَ الأُكْمِ تَنْعِيلُ‏

الزِّيَمُ: المتفرق، يصف شدة وطئها أَنه يُفَرِّقُ الحَصى. و زِيَمُ: اسم فرس جابر بن حُنَيْنٍ «1»؛ قال: و إِياها عنى الراجز بقوله:
هذا أَوانُ الشَّدِّ فاشتدّي زِيَمْ‏


الجوهري: زِيَمُ اسم فرس لا ينصرف للمعرفة و التأْنيث. و زِيَم: متفرقة. و الزِّيَمُ: الغارة كأَنه يخاطبها. و مررت بمنازل زِيَمٍ أَي متفرقة. و بعير أَزْيَمُ: لا يَرْغُو. و الأَزْيَمُ: جبل بالمدينة. الأَحمر: بعير أَزْيَمُ و أَسْجَمُ، و هو الذي لا يَرْغُو. قال شمر: الذي سمعت بعير أَزْجَمُ، بالزاي و الجيم، قال: و ليس بين الأَزْيَمِ و الأَزْجَم إِلَّا تحويل الياء جيماً، و هي لغة في تميم معروفة؛ قال و أَنشدنا أَبو جعفر الهُذَيْمِيّ و كان عالماً:
من كلِّ أَزْيَمَ شائِكٍ أَنْيابه،             و مُقَصِّفٍ بالهَدْرِ كيف يَصُولُ‏

و يروى:
من كل أَزْجَمَ ...


؛ قال أَبو الهيثم: و العرب تجعل الجيم مكان الياء لأَن مخرجيهما من شَجْرِ الفم، و شَجْرُ الفم الهواء، و خرق الفم الذي بين الحَنَكَين. ابن الأَعرابي: الزِّيزيمُ صوت الجن بالليل. قال: و ميم زيزيم مثل دال زَيْدٍ يجري عليها الإِعراب؛ قال رؤبة:
تَسْمَعُ للجِنِّ بها زِيزيما


زيغم:
التهذيب: يقال للعين العَذْبة عين عَيْهَم، و للعين المالحة عين زَيْغَمٌ.
فصل السين المهملة
سأم:
سَئِمَ الشي‏ءَ و سَئِمَ منه و سَئِمْتُ منه أَسْأَمُ سَأَماً و سَأْمَةً و سَآماً و سَآمةً: مَلَّ؛ و رجل سَؤُومٌ و قد أَسْأَمَهُ هو. و
في الحديث: إِن الله لا يَسْأَمُ حتى تَسْأَمُوا.
قال ابن الأَثير: هذا مثل‏
قوله لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا.
و هو الرواية المشهورة. و السآمةُ: المَلَلُ و الضَّجَرُ. و
في حديث أُم زَرْعٍ: زَوْجي كَلَيْلِ تِهامة لا قُرٌّ و لا سَآمة.
أَي أَنه طَلْقٌ معتدِل في خُلُوِّه من أَنواع الأَذى و المكروه بالحر و البرد و الضَّجَر أَي لا يَضْجَرُ مني فَيَمَلّ صحبتي. و
في حديث عائشة: أَن اليهود دخلوا على النبي، صلى الله عليه و سلم، فقالوا: السَّأْمُ عليك فقالت عائشة: عليكم السَّأْمُ و الذَّأْمُ و اللعنة.
قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية مهموزاً من السَّأْم، و معناه أَنكم تَسْأَمون دِينكم، و المشهور فيه ترك الهمز و يعنون به الموت، و هو مذكور في موضعه، و الله أَعلم.
سأسم:
السَّأْسَمُ: شجرة يقال لها الشِّيزُ؛ قال أَبو حاتم: هو السَّاسَمُ، غير مهموز، و سنذكره.
ستهم:
الجوهري: السُّتْهُمُ الأَسْتَهُ، و الميم زائدة.
سجم:
سَجَمَتِ العين الدمع و السحابةُ الماء تَسْجِمُه و تَسْجُمُه سَجْماً و سُجُوماً و سَجَماناً: و هو قَطَران الدمع و سَيَلانه، قليلًا كان أَو كثيراً، و كذلك الساجِمُ من المطر، و العرب تقول دَمْعٌ ساجِمٌ. و دمع مَسْجوم: سَجَمَتْه العين سَجْماً، و قد أَسْجَمَه و سَجَّمَه. و السَّجَمُ: الدمع. و أَعْيُنٌ سُجُومٌ: سَواجِمُ؛ قال القطامي يصف الإِبل بكثرة أَلبانها:
ذَوارِفُ عَيْنَيْها من الحَفْلِ بالضُّحى،             سُجُومٌ كتَنْضاح الشِّنان المُشَرَّبِ‏

__________________________________________________
 (1). قوله [ابن حنين‏] هكذا في الأَصل، و الذي في القاموس: ابن حبي.

280
لسان العرب12

سجم ص 280

و كذلك عين سَجُوم و سحاب سَجُوم. و انْسَجَمَ الماءُ و الدمع، فهو مُنْسَجِمٌ إِذا انْسَجَمَ أَي انصب. و سَجَّمَتِ السحابة مطرها تَسْجِيماً و تَسْجاماً إِذا صَبَّتْه؛ قال:
... دائماً تَسجامها «1»


و في شعر أَبي بكر: فدَمْعُ العين أَهْوَنُه سِجامُ سَجَمَ العينُ و الدمعُ الماءَ يَسْجُمُ سُجُوماً و سِجاماً إِذا سال و انْسَجَمَ. و أَسْجَمَتِ السحابة: دام مطرها كأَثجَمَتْ؛ عن ابن الأَعرابي. و أَرض مَسْجومة أَي ممطورة. و أَسْجَمَتِ السماءُ: صَبَّت مثل أَثْجَمَتْ. و الأَسْجَمُ: الجمل الذي لا يَرْغُو. و بعير أَسْجَم: لا يرغو، و قد تقدم في زيم. و السَّجَمُ: شجر له ورق طويل مُؤَلَّلُ الأَطرافِ ذو عرض تشبَّه به المَعابِلُ؛ قال الهذلي يصف وَعِلًا:
حتى أُتِيحَ له رامٍ بِمُحْدَلَةٍ             جَشْ‏ءٍ، و بِيضٍ نَواحِيهِنَّ كالسَّجَم‏

و قيل: السَّجَمُ هنا ماء السماء، شَبّه الرماح في بياضها به. و السَّاجُوم: صِبْغٌ. و ساجوم و السَّاجوم: موضع؛ قال إمرؤ القيس:
كَسَا مُزْبِدَ السَّاجومِ وَشْياً مُصَوَّرا


سحم:
السَّحَمُ و السُّحام و السُّحْمَةُ: السواد، و قال الليث: السّحْمَةُ سواد كلون الغراب الأَسْحَمِ، و كل أَسود أَسْحَمُ. و
في حديث الملاعنة: إِن جاءت به أَسْحَمَ أَحْتَمَ.
؛ هو الأَسود. و
في حديث أَبي ذرّ: و عنده امرأَة سَحْماء.
أَي سوداء، و قد سمي بها النساء، و منه شَرِيكُ بن سَحْماء صاحب اللعان؛ و نَصِيٌّ أَسْحَمُ إِذا كان كذلك، و هو مما تبالِغُ به العرب في صفة النَّصِيّ، كما يقولون صِلِّيانٌ جَعْدٌ و بُهْمَى صَمْعاء، فيبالغون بهما، و السَّحْماء: الاست للونها؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
تَذُبُّ بسَحْماوَيْنِ لم تَتَفَلَّلا،             وحَا الذِّئْبِ عن طَفْلٍ مَناسمُهُ مُخْلي‏

ثم فسرهما فقال: السَّحْماوان هما القَرْنانِ، و أَنث على معنى الصِّيصِيَتَيْنِ كأَنه يقول بصِيصِيَتَينِ سَحْماوَيْنِ، و وحا الذئب: صوته؛ و الطَّفْلُ: الظبي الرَّخْصُ، و المَناسِم للإِبلِ فاستعاره للظبي، و مُخْلٍ: أَصاب خَلاءً، و الإِسْحِمانُ: الشديد الأُدْمَةِ «2». و السَّحَمَةُ: كَلأَ يشبه السَّخْبَرَة أَبيض ينبت في البِراقِ و الإِكامِ بنجد، و ليست بعُشبٍ و لا شجر، و هي أَقرب إِلى الطَّريفة و الصِّلِّيانِ، و الجمع سَحَمٌ؛ قال:
و صِلِّيانٍ و حَلِيٍّ و سَحَمْ‏


و قال أَبو حنيفة: السَّحَمُ ينبت نبت النَّصيِّ و الصِّلِّيان و العَنْكَثِ إِلا أَنه يطول فوقها في السماء، و ربما كان طولُ السَّحَمَةِ طولَ الرجل و أَضخم، و السَّحَمَةُ
__________________________________________________
 (1). قوله [دائماً تسجامها] قطعة من بيت للبيد و أَورده الصاغاني بتمامه و هو:
باتت و أَسبل واكف من ديمة             يروي الخمائل دائماً تسجامها.


 (2). قوله [و الإِسحمان الشديد الأَدمة] كذا هو مضبوط في المحكم بالكسر في الهمزة و الحاء، و ضبطه شارح القاموس في المستدركات بضمهما.

281
لسان العرب12

سحم ص 281

أَغلَظها أَصلًا؛ قال:
أَلا ازْحَمِيهِ زَحْمَةً فَرُوحي،             و جاوِزِي ذا السَّحَمِ المَجْلُوحِ‏

و قال طَرَفة:
خَيرُ ما تَرْعَونَ من شَجَرٍ             يابِسُ الحَلْفاءِ أَو سَحَمهْ‏

ابن السكيت: السَّحَمُ و الصُّفار نبتان؛ و أَنشد للنابغة:
إِن العُرَيْمَةَ مانِعٌ أَرْماحُنا،             ما كان من سَحَمٍ بها و صُفارِ

و السَّحْماءِ مثله. و بنو سَحْمَةَ: حيّ. و الأُسْحُمانُ: ضرب من الشجر؛ قال:
و لا يَزالُ الأُسْحُمانُ الأَسْحَمُ             تُلْقَى الدَّواهِي حوله، و يَسْلَمُ‏

و إِسْحِمان و الإِسْحِمان: جبل بعينه، بكسر الهمزة و الحاء؛ حكاه سيبويه، و زعم أَبو العباس أَنه الأُسْحُمان، بالضم؛ قال ابن سيدة: و هذا خطأ إِنما الأُسْحُمانُ ضرب من الشجر، و قيل: الإِسْحِمانُ الأَسود «1»، و هذا خطأٌ لأَن الأَسود إِنما هو الأَسْحَمُ؛ الجوهري: الأَسْحَمُ في قول زهير:
نَجاءٌ مُجِدّ، لَيْس فيه وَتِيرَةٌ،             و تَذْبِيبُها عنه بأَسْحَمَ مِذْوَدِ

بقَرْنٍ أَسْود؛ و في قول النابغة:
عَفا آيَهُ صَوْبُ الجَنُوبِ مع الصَّبَا،             بأَسْحَمَ دانٍ، مُزْنُهُ مُتَصَوِّبُ «2».

هو السحاب، و قيل: السحاب الأَسود. و يقال للسحابة السوداء سَحْماء؛ و الأَسْحَمُ في قول الأَعشى:
رَضيعَيْ لِبانِ ثَدْيِ أُمٍّ، تَحالَفَا             بأَسْحَمَ داجٍ: عَوْضُ لا نَتَفَرَّقُ‏

يقال: الدَّمُ تُغْمَسُ فيه اليد عند التحالف، و يقال: بالرَّحِمِ، و يقال: بسواد حَلَمَة الثَّدْيِ، و يقال: بِزِقِّ الخمر، و يقال: هو الليل. و
في حديث عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: قال له رجل احْمِلْني و سُحَيْماً.
؛ هو تصغير أَسْحَمَ و أَرادَ به الزِّقَّ لأَنه أَسود، و أَوهمه أَنه اسم رجل. ابن الأَعرابي: أَسْحَمَتِ السماء و أَثْجَمَتْ صَبَّتْ ماءها. ابن الأَعرابي: السَّحَمَةُ الكُتْلَةُ من الحديد، و جمعها سَحَمٌ؛ و أَنشد لطَرَفَة في صفة الخيل:
مُنْعَلات بالسَّحَمْ‏


قال: و السُّحُمُ مَطارِقُ الحَدَّاد. و سُحامٌ: موضع. و سُحَيمٌ و سُحامٌ: من أَسماء الكلاب؛ قال لبيد:
فَتَقَصَّدَتْ منها كَسابِ، فضُرِّجَتْ             بِدَمٍ، و غُودِرَ في المَكَرِّ سُحامُها

سخم:
السَّخَمُ: مصدر «3» السَّخِيمَةِ، و السَّخِيمةُ الحِقْدُ و الضَّغِينةُ و المَوْجِدةُ في النفس؛ و
في الحديث: اللهمّ اسْلُلْ سَخِيمَةَ قلبي.
و
في حديث آخر: نعوذ بك من السَّخِيمَةِ.
؛ و منه‏
حديث الأَحْنَفِ: تَهادَوْا تَذْهَبِ الإِحَنُ و السَّخائِمُ.
أَي الحُقُودُ، و هي جمع سَخِيمةٍ. و
في حديث: من سَلَ‏
__________________________________________________
 (1). قوله [و قيل الإِسحمان الأَسود إِلخ‏] هكذا في المحكم مضبوطاً.
 (2). قوله [صوب الجنوب‏] الذي في التكملة ريح الجنوب، و قوله [بأسحم‏] هكذا هو في الجوهري و في ديوان زُهير و قال الصاغاني: صوابه و أَسحم، بالواو، و رفع أَسحم عطفاً على ريح.
 (3). قوله [السخم مصدر] هكذا هو مضبوط في الأَصل بالتحريك، و في نسخة المحكم بالفتح.

282
لسان العرب12

سخم ص 282

سَخِيمَتَهُ على طريق من طُرُق المسلمين لعنه الله.
يعني الغائط و النَّجْوَ. و رجل مُسَخَّم: ذو سَخِيمَة، و قد سَخَّمَ بصدره. و السُّخْمَةُ: الغضب، و قد تَسَخَّمَ عليه. و السُّخامُ من الشَّعَرِ و الريش و القطن و الخَزِّ و نحو ذلك: الليّن الحَسَن؛ قال يصف الثَّلْجَ:
كأَنه، بالصَّحْصَحانِ الأَنْجَلِ،             قُطْنٌ سُخامٌ بأَيادي غُزَّلِ‏

قال ابن بري: الرّجَزُ لجَنْدَل بن المُثَنَّى الطُّهَويّ، و صوابه يصف سَراباً لأَن قبله:
و الآلُ في كلِّ مَرادٍ هَوْجَلِ‏


شبه الآل بالقطن لبياضه، و الأَنجل: الواسع، و يقال: هو من السواد، و قيل: هو من ريش الطائر ما كان لَيِّناً تحت الريش الأَعلى؛ واحدته سُخامَةٌ، بالهاء. و يقال: هذا ثوب سُخامُ المَسِّ إِذا كان لَيِّنَ المَسِّ مثل الخَزِّ. و ريش سُخامٌ أَي ليّن المس رقيق، و قطن سُخامٌ، و ليس هو من السواد؛ و قول بشر بن أَبي خازم:
رَأَى دُرَّةً بَيْضاءَ يُحْفِلُ لَونَها             سُخامٌ، كغِرْبانِ البَرِيرِ، مُقَصَّبُ‏

السخامُ: كل شي‏ء ليِّن من صوف أَو قطن أَو غيرهما، و أَراد به شعرها. و خَمْر سُخامٌ و سُخامِيَّةٌ: لينة سَلِسةٌ؛ قال الأَعشى:
فبِتُّ كأَني شارِبٌ، بعد هَجْعَةٍ،             سُخامِيَّةً حَمْراءَ تُحْسَبُ عَنْدَما

قال الأَصمعي: لا أَدري إِلى أَيّ شي‏ء نُسِبَتْ؛ و قال أَحمد بن يحيى: هو من المنسوب إِلى نفسه. و حكى ابن الأَعرابي: شرابٌ سُخامٌ و طعام سُخامٌ ليّن مُسْتَرْسل، و قيل: السُّخام من الشَّعَر الأَسودُ، و السُّخامِيّ من الخمر الذي يضرب إِلى السواد، و الأَول أَعلى؛ قال ابن بري: قال علي بن حمزة لا يقال للخمر إِلَّا سُخامِيَّة؛ قال عَوْفُ بن الخَرِعِ:
كأَني اصْطَبَحْتُ سُخامِيَّةً،             تَفَشَّأُ بالمَرْءِ صِرْفاً عُقارا

و قال أَبو عمرو: السَّخِيمُ الماء الذي ليس بحارٍّ و لا بارد؛ و أَنشد لحمل بن حارث المُحارِبيّ:
إِن سَخِيمَ الماء لن يَضِيرا،             فاعلم، و لا الحازِر، إِلَّا البُورا

و السُّخْمَةُ: السواد. و الأَسْخَمُ: الأَسود. و قد سَخَّمْتُ بصدر فلان إِذا أَغضبته و سللت سَخِيمَتَهُ بالقول اللطيف و التَّرَضِّي. و السُّخامُ، بالضم: سواد القِدْر. و قد سَخَّمَ وجهَه أَي سوّده. و السُّخامُ: الفَحْمُ. و السَّخَم: السواد. و
روى الأَصمعي عن مُعْتَمِرٍ قال: لقيت حِمْيَرِيّاً آخر فقلت ما معك؟ قال: سُخامٌ.
؛ قال: و السُّخامُ الفحم، و منه قيل: سَخَّمَ اللهُ وجهه أَي سوّده. و
روي عن عمر، رضي الله عنه، في شاهد الزُّور: يُسَخَّم وجهه.
أَي يسوَّد. ابن الأَعرابي: سَخَّمْتُ الماء و أَوْغَرْتُه إِذا سخنته.
سدم:
السَّدَمُ، بالتحريك: النَّدَمُ و الحُزْنُ. و السَّدَمُ: الهَمُّ، و قيل: هَمٌّ مع نَدَمٍ، و قيل: غيظ مع حُزْنٍ، و قد سَدِمَ، بالكسر، فهو سادِمٌ و سَدْمان. تقول: رأَيته سادِماً نادِماً، و رأَيته سَدْمان نَدْمان، و قلما يفرد السَّدَمُ من النَّدَمِ، و رجل سَدِمٌ نَدِمٌ. ابن الأَنباري في‏
                       

283
لسان العرب12

سدم ص 283

قولهم رجل سادمٌ نادِمٌ: قال قوم السادِمُ معناه المتغير العقل من الغَمّ، و أَصله من قولهم ماء سُدُمٌ. و مياه سُدْمٌ و أَسْدامٌ إِذا كانت متغيرة؛ قال ذو الرمة:
أَواجِنُ أَسْدامٌ و بعضٌ مُعَوَّرٌ


و قال قوم: السادِمُ الحزين الذي لا يطيق ذَهاباً و لا مَجيئاً، من قولهم بعير مُسَدَّمٌ إِذا مُنع عن الضِّراب و ما له هَمٌّ و لا سَدَمٌ إِلَّا ذاك. و السَّدَمُ: الحِرْصُ. و السَّدَمُ: اللَّهَجُ بالشي‏ء. و
في الحديث: من كانت الدنيا هَمَّه و سَدَمَهُ جعل الله فقره بين عينيه.
؛ السَّدَمُ: الولوع بالشي‏ء و اللَّهَجُ به. و فحل سَدَمٌ و سَدِمٌ مَسْدوم و مُسَدَّمٌ: هائج، و قيل: هو الذي يُرْسَلُ في الإِبل فَيَهْدِرُ بينها، فإِذا ضَبَعَتْ أُخْرِجَ عنها استهجاناً لنَسْله، و قيل: المَسْدُومُ و المُسَدَّمُ المَمْنوع من الضراب بأَيّ وجه كان. و المُسَدَّمُ: من فحول الإِبل. و السَّدِمُ: الذي يُرْغَبُ عن فِحْلَتِهِ فيحال بينه و بين أُلّافهِ و يُقَيَّدُ إِذا هاج، فيرعى حوالَي الدار، و إِن صال جعل له حِجامٌ يمنعه عن فتح فمه؛ و منه قول الوليد بن عقبة:
قَطَعْتَ الدَّهْرَ، كالسَّدِمِ المُعَنَّى،             تُهَدِّرُ، في دِمَشْقَ، و ما تَريمُ‏

و قال ابن مقبل:
و كلُّ رَباعٍ، أَو سَديسٍ مُسَدَّمٍ             يَمُدُّ بِذِفْرى حُرَّةٍ و جِرانِ‏

و يقال للبعير إِذا دَبِرَ ظهره فأُعْفِيَ من القَتَبِ حتى صلح دَبَرُهُ مُسَدَّمٌ أَيضاً؛ و إِياه عنى الكُمَيْتُ بقوله:
قد أَصْبَحَتْ بك أَحْفاضِي مُسَدَّمَةً،             زُهْراً بلا دَبَرٍ فيها، و لا نَقَبِ‏

أَي أَرَحْتَها من التعب فابْيَضَّتْ ظهورها و دَبَرُها و صلحت. و الأَحْفاضُ: جمع حَفَضٍ و هو البعير الذي يحمل عليه خُرْثِيُّ المتاع و سَقَطُه. و قال أَبو عبيدة: بعير سَدِمٌ و عاشِق سَدِمٌ إِذا كان شديد العشق. و يقال للناقة الهَرِمَةِ: سَدِمَةٌ و سَدِرَةٌ و سادَّةٌ و كافَّةٌ. الجوهري: و السَّدِمُ الفحل القِطْيَمُّ الهائج؛
قال الوليد بن عقبة: كالسَّدِم المُعَنَّى.
؛ و رجل سَدِمٌ أَي مُغْتاظ. و فَنِيقٌ مُسَدَّمٌ: جعل على فمه الكِعامُ. و السَّديمُ: الضَّبابُ الرقيق؛ قال:
و قد حالَ رُكْنٌ من أُحامِرَ دونَهُ،             كأَنَّ ذُراهُ جُلِّلَتْ بسَديمٍ‏

و سَدَمَ البابَ: ردَّه «1»؛ عن ابن الأَعرابي. و قد سَطَمْتُ الباب و سَدَمْتُهُ إِذا رددته، فهو مَسْطومٌ و مَسْدومٌ. و ماء سَدَمٌ «2» و سَدِمٌ و سُدُمٌ و سُدُومٌ و سَدومٌ: مندفق، و الجمع أَسْدام و سِدام، و قد قيل: الواحد و الجمع في ذلك سواء. و مُسَدَّمٌ: كسَدِمٍ؛ قال ذو الرمة:
و كائِنْ تَخَطَّتْ ناقتي من مَفازَةٍ             إِليك، و من أَحْواضِ ماء مُسَدَّمِ‏

و قوله:
ورَّاد أَسْمالِ المِياهِ السُّدْمِ،             في أُخْرَيَاتِ الغَبَشِ المِغَمِ‏

__________________________________________________
 (1). قوله [و سدم الباب رده‏] هكذا في الأَصل و المحكم، و الذي في التهذيب و التكملة و القاموس: ردمه، و صوب شارحه ما في المحكم.
 (2). قوله [و ماء سدم إِلخ‏] هذه عبارة المحكم، و ليس فيها الرابع و هو سدوم بالضم بل هو في الأَصل فقط مضبوط بهذا الضبط، و قد ذكره شارح القاموس أَيضاً في المستدركات و ضبطه بالضم.

284
لسان العرب12

سدم ص 283

يكون جمع سَدُومٍ كَرَسُول و رُسْل، و الأَصل فيه التثقيل. و رَكِيَّةٌ سُدْمٌ و سُدُمٌ مثل عُسْرٍ و عُسُرٍ إِذا ادَّفَنَتْ؛ قال أَبو محمد الفقعسي:
 يَشْرَبْنَ من ماوانَ ماءً مُرّا،             و من سَنامٍ مثْلَهُ، أَو شَرّا،
سُدْمَ المَساقي المُرْخِيات صُفْرا


قال: و مثله في السُّدْمِ ما أَنشده الفراء:
إِذا ما المِياهُ السُّدْمُ آضَتْ كأَنها،             من الأَجْنِ، حِنَّاءٌ مَعاً و صَبِيبُ‏

و قال الأَخطل:
حَبَسُوا المَطِيَّ على قليلٍ عَهْدُهُ             طامٍ يَعِينُ، و غائر مَسْدُوم‏

و السَّدِيمُ: التَّعَب. و السَّدِيم: السَّدر. و السَّديمُ: الماء المُنْدِفق. و السَّديمُ: الكثير الذِّكْرِ، قال: و منه قوله:
لا يَذْكرون الله إِلَّا سَدْما


قال الليث: ماء سُدُمٌ و هو الذي وقعت فيه الأَقْمِشَة و الجَوْلانُ حتى يكاد يندفن، و قد سَدَمَ يَسْدُمُ. و يقال: مَنْهَلٌ سَدُوم في موضع سُدُمٍ؛ و أَنشد:
و مَنْهَلًا ورَدْته سَدُوما


و سَدُومُ، بفتح السين: مدينة بحِمْص، و يقال لقاضيها: قاضي سَدُومَ، و يقال: هي مدينة من مدائن قوم لوط كان قاضيها يقال له سَدُوم؛ قال الشاعر:
كذلك قَومُ لوطٍ حين أَمْسَوْا             كعَصْفٍ، في سَدُومِهِمُ، رَميمِ‏

الأَزهري: قال أَبو حاتم في كتاب المُزال و المُفْسَد إِنما هو سَذُوم، بالذال المعجمة، قال: و الدال خطأٌ؛ قال الأَزهري: و هذا عندي هو الصحيح، و قال ابن بري: ذكر ابن قُتَيْبَةَ أَنه سَذُوم، بالذال المعجمة، قال و المشهور بالدال؛ قال: و كذا روي بيت عمرو ابن دَرَّاكٍ العبدي:
و إِني، إِنْ قَطَعْتُ حِبال قَيْسٍ،             و خالَفْتُ المُرُونَ على تَميمِ «1»، لأَعْظَمُ فَجْرَةً من ابي رِغالٍ،
و أَجْوَرُ في الحُكومة من سَدُومِ‏


قال: و هذا يحتمل وجهين: أَحدهما أَن تحذف مضافاً تقديره من أَهل سَدُوم، و هم قوم لُوطٍ فيهم مدينتان و هما سَدُوم و عاموراءُ أَهلكهما الله فيما أَهلكه، و الوجه الثاني أَن يكون سَدُوم اسم رجل، قال: و كذا نقل أَهل الأَخبار، قالوا: كان سَدُوم مَلِكاً فسميت المدينة باسمه، و كان من أَجور الملوك؛ و أَنشد ابن حمزة بيتي عمرو بن درّاكٍ و البيت الثاني:
لأَخْسَرُ صَفْقَةً من شيخٍ مَهْوٍ،             و أَجْوَرُ في الحُكومة من سَدُومِ‏

و نسبهما إِلى ابن دَارَةَ، قالهما في وقعة مسعود بن عمرو القم «2».
سذم:
الأَزهري: أُهملت السين مع التاء و الذال و الظاء فلم يستعمل من جميع وجوهها شي‏ء في مُصاص كلام العرب، و أَما قولهم: هذا قضاء سَذُوم، بالذال، فقد تقدم القول فيه إِنه أَعجمي، و كذلك البُسَّذُ لهذا الجوهر ليس بعربي، و كذلك السَّبَذَةُ فارسي.
__________________________________________________
 (1). قوله [و خالفت المرون‏] هكذا هو بالأَصل.
 (2). قوله [عمرو القم‏] هكذا هو بالأصل.

285
لسان العرب12

سرم ص 286

سرم:
روى الأَزهري عن ابن الأَعرابي أَنه سمع أَعرابيّاً يقول: اللهم ارزقني ضِرْساً طَحوناً و مَعِدَةً هَضُوماً و سُرْماً نَثُوراً.
؛ قال ابن الأَعرابي: السُّرْمُ أُمُّ سُوَيْدٍ، و قال الليث: السُّرْمُ باطن طرف الخَوْرانِ. الجوهري: السُّرْمُ مَخْرَجُ الثُّفْل و هو طرَف المِعى المستقيم، كلمة مولَّدة، و
في حديث عليّ: لا يذهب أَمر هذه الأُمة إِلا على رجل واسع السُّرْم ضخم البُلعُومِ.
؛ السُرْمُ: الدُبرُ، و البُلعُومُ: الحلق؛ قال ابن الأَثير: يريد رجلًا عظيماً شديداً، و منه قولهم إِذا استعظموا الأَمر و استصغروا فاعله: إِنما يفعل هذا من هو أَوسَعُ سُرْماً منك، قال: و يجوز أَن يريد به أَنه كثير التَّبْذير و الإِسراف في الأَموال و الدماء، فوصفه بسعة المَدْخل و المَخْرج. ابن سيدة: السُّرْمُ حرف الخَوران، و الجمع أَسْرامٌ؛ قال أَبو محمد الحَذْلَمِيّ:
في عَطَنٍ أَكْرَسَ من أَسْرامِها


و خص بعضهم به ذوات البَراثِنِ من السباع. ابن الأَعرابي: السَّرَمُ وجع العَوَّاء و هو الدُّبُرُ. و جاءت الإِبل مُتَسَرِّمَةً أَي متقطعة. و غُرَّةٌ مُتَسَرِّمَةٌ: غلظت من موضع و دَقَّتْ من آخر. و السُّرْمانُ: ضرب من الزنابير أَصفر و أَسود و مُجَزَّعٌ، و في التهذيب: صُفْرٌ، و منها ما هو مُجَزَّعٌ بحمرة و صفرة و هو من أَخبثها، و منها سُودٌ عِظام، و قيل: السِّرْمانُ العظيم من اليَعاسِيب، و الضم لغة. و السِّرْمان: دُوَيْبَّة كالحَجَل. الليث: السَّرْمُ ضرب من زجر الكلاب، يقال: سَرْماً سَرْماً إِذا هيجته.
سرجم:
السَّرْجَمُ: الطويل مثل السَّلْجَمِ.
سرطم:
السَّرْطَمُ: الطويل؛ قال عَدِيّ بن زيد:
كربَاعٍ لاحَهُ تَعْداؤه،             سَبِطٍ أَكْرُعُهُ، فيه طَرَقْ،
أَصْمَعِ الكَعْبَيْنِ، مَهْضومِ الحَشى،             سَرْطَمِ اللَّحْيَيْنِ، مَعّاجٍ تَئِقْ‏

و رجل سرْطَمٌ و سُرْطوم و سُراطِمٌ: طويل. و السَّرْطَمُ: البلعوم لسعته. و السَّرْطَم و السِّرْطِمُ: الواسع الحلق السريع البَلْعِ، و قيل: الكثير الابتلاع مع جسم و خَلْقٍ، و قيل: هو الذي يبتلع كل شي‏ء، و هو ثلاثي عند الخليل. و السِّرْطِمُ: البَيِّنُ الأَقوال من الرجال في كلامه، و قيل: هو الذي يبتلع كل شي‏ء، و قد تقدم في سرط لأَن بعضهم يجعل الميم زائدة.
سسم:
السَّاسَمُ، بالفتح: شجر أَسود.
و في وصيته لعياش بن أَبي ربيعة: و الأَسود البَهِيم كأَنه من ساسَمٍ.
؛ قيل: هو شجر أَسود، و قيل: هو الآبَنُوس. قال أَبو حاتم: و الساسَمُ، غير مهموز، شجر يتخذ منه السهامُ؛ قال النَّمِرُ بن تَوْلَبٍ:
إِذا شاء طالَعَ مَسْجُورَةً،             تَرى حَوْلَها النَّبْعَ و السَّاسَما

و قال أَبو حنيفة: هو من شجر الجبال و هو من العُتُق التي يتخذ منها القِسِيُّ، قال: و زعم قوم أَنه الآبنوس، و قال آخرون: هو الشِّيزُ، قال: و ليس واحد من هذين يصلح للقِسِيِّ. ابن الأَعرابي: السَّاسَمُ شجرة تُسَوَّى منها الشِّيزى؛ قال الشاعر:
ناهَبْتها القومَ على صُنْتُعٍ             أَجْرَبَ، كالقِدْح من السَّاسَم‏

286
لسان العرب12

سطم ص 287

سطم:
سَطَمَ البابَ: ردّه كَسَدَمَهُ. و السَّطْم و السِّطامُ: حَدّ السيف. و
في الحديث: العرب سِطامُ الناس.
أَي هم في شوكتهم و حِدَّتهم كالحدّ من السيف. و سُطُمَّةُ البحر و الحسَب و أُسْطُمَّتُهُ و أُسْطُمهُ: وسطه و مجتمعه؛ قال رؤبة:
وصَلْتُ من حَنْظَلةَ الأُسْطُمَّا «3».


و روي‏
... الأُصْطُمَّا


، بالصاد، بمعناه، و الجمع الأَساطِمُ، و الأُطْسُمَّةُ مثله، على القلب، قال: و تميم تقول أَساتِم، تعاقب بين الطاء و التاء فيه. و الأُسْطُمُّ: مجتمع البحر. و أُسْطُمَّةُ كلّ شي‏ء: معظمه. و هو في أُسْطُمَّةِ قومه أَي في سِرِّهم و خيارهم؛ عن يعقوب، و قيل: في وسطهم و أَشرافهم، و قال الأَصمعي: هو إِذا كان وسطاً فيهم مُصاصاً. و الإِسطامُ: القطعة من الشي‏ء. و
في الحديث عن النبي، صلى الله عليه و سلم: من قضَيْتُ له بشي‏ء من حق أَخيه فلا يأْخُذَنَّه فإِنما أَقْطَعُ له سِطاماً من النار.
أَي قطعة منها، و
يروى إِسْطاماً.
و هما الحديدة التي تحرك بها النار و تُسْعَرُ أَي أَقطع له ما يُسْعِرُ به النارَ على نفسه و يُشْعِلُها، أَو أَقْطعُ له ناراً مُسَعَّرَة، و تقديره: ذات إِسْطامٍ؛ قال الأَزهري: ما أَدْري أَ عَجَمِيَّةٌ هي أَم أَعجمية عُرّبَتْ «4»، و يقال للحديدة التي تُحْرَثُ بها النار سِطامٌ و إِسْطامٌ إِذا فُطِح طرفها. ابن الأَعرابي: يقال لسداد القِنِّينَة العِذامُ «5». و السِّطامُ و العِفاصُ و الصِّمادُ و الصِّبار. ابن الأَعرابي: السُّطُمُ الأُصول. و يقال للدَّرَوَنْد: سِطام. و قد سَطَمْتُ الباب و سَدَمْتُه إِذا رددته، فهو مَسْطوم و مَسْدُوم.
سعم:
السَّعْمُ: سرعة السير و التمادي فيه. سَعَمَ يَسْعَمُ سَعْماً: أَسرع في سيره و تَمادَى؛ قال:
قلتُ، و لمَّا أَدْرِ ما أَسْماوُهُ:             سَعْمُ المَهارَى و السُّرى دَواوُهُ «6».

و ناقة سَعُومٌ؛ و قال:
يَتْبَعْنَ نَظَّارِيَّةً سَعُوما


قوله نَظَّاريَّة إِبل منسوبة إِلى بني النَّظَّارِ قوم من عُكلٍ، و قيل: السَّعْمُ ضرب من سير الإِبل؛ و قول الشاعر:
غَيَّرَ خِلّيك الإِداوَى و النَّجَمْ،             و طولُ تَخْوِيدِ المَطيّ و السَّعَمْ‏

حَرَّك العين من السَّعْمِ للضرورة، و كذلك في النَّجْمِ، و رواه المازني‏
... و النَّجُمْ‏


على النقل للوقف، و رواه قوم‏
... النُّجُمْ‏


على أَنه جمع نَجْم كَسَحْلٍ و سُحُلٍ، و قرأَ بعضهم: و بالنُّجُمِ هم يَهْتدون، و هي قراءة شاذة هذا رجل مسافر معه إِداوَةٌ فيها ماء، فهو ينظر كم بقي معه من الماء و ينظر إِلى النَّجْم لئلا يَضِلَّ. و ناقة سَعُوم: باقية على السير، و الجمع سُعُمٌ؛ قال ابن بري: و من هذا قول أَبَّاقٍ الدُّبَيْرِيِّ:
و هُنَّ، ما لم يَخْفِضِ السِّياطا،             يَسْعَمْنَ سَعْماً يَتْرُكُ الآباطا
تَزْدادُ منه الغُضُنُ انْبِساطا


__________________________________________________
 (3). قوله [وصلت من حنظلة] كذا في الجوهري، و تقدم في مادة و س ط: وسطت من حنظلة.
 (4). قوله [أَ عجمية هي أَم أَعجمية عربت‏] هكذا هو بالأصل و النهاية، و الذي في نسخة التهذيب التي بأَيدينا: أَ عربية محضة أَو معربة.
 (5). قوله [العذام‏] كذا هو في الأَصل و التهذيب.
 (6). قوله [أَسماوه‏] كذا هو بالأصل و المحكم بواو غير مهموزة فيه و في قوله دواوه.

287
لسان العرب12

سعم ص 287

يريد الغُضُون. و سَعَمَه و سَعَّمَه: غذاه. و سَعَّمَ إِبله: أَرعاها. و المُسَعَّمُ: الحَسَنُ الغِذاء، و الغين المعجمة لغة.
سعرم:
رجل سُعارِمُ اللحية: ضخمها.
سغم:
سَغَمَ الرجلَ يَسْغَمُه سَغْماً: أَوصل إِلى قلبه الأَذى و بالغ في أَذاه. و سَغَّمَ الرجلَ: أَحسن غذاءه. الجوهري: سَغَّمْتُ الطينَ ماءً و الطعامَ دُهْناً رَوَّيته و بالغت في ذلك؛ المحكم: و كذلك سَغَّم الزرعَ بالماء و المصباحَ بالزيت؛ قال كُثَيِّرٌ:
تَسْمَعُ الرَّعْدَ في المُخِيلةِ منها،             مِثْلَ هَزْمِ القُرُومِ في الأَشْوالِ‏
و تَرَى البَرْقَ عارِضاً مُسْتَطِيلًا،             مَرَجَ البُلْقِ جُلْنَ في الأَجْلالِ‏
أَو مَصابيح راهبٍ في يَفاعٍ،             سَغَّمَ الزيتَ، ساطعاتِ الذُّبالِ‏

أَراد: سَغَّمَ بالزيت، فحذف الجارَّ، و قد يجوز أَن يكون عدَّاها إِلى مفعولين حيث كان في معنى سَقَّاها، و سَغَّمَ الرجلُ إِبله: أَطعَمَها و جَرَّعها. و سَغَّمَ فصيله إِذا سَمَّنه. و المُسَغَّمُ: الحسَنُ الغذاء مثل المُخَرْفَج. و يقال للغلام الممتلئ البَدَنِ نَعْمَةً: مُفَنَّقٌ و مُفَتَّقٌ و مُسَغَّمٌ و مُثَدَّنٌ. الليث: فلان يُسَغِّمُ فلاناً؛ و قال رؤبة:
وَيْلٌ له، إِن لم تُصِبْه سِلْتِمُهْ             من جُرَعِ الغَيْظ الذي تُسَغِّمُهْ‏

قال ابن الأَعرابي: يُسَغِّمُهُ يُرَبِّيه. ابن السكيت في كتاب الأَلفاظ: يقال رَغْماً له دَغْماً سَغْماً، قال: كله توكيد للرغْم، بغير واوٍ جاء به، و قال في هذا الكتاب: التَّعْسُ أَن يخِرَّ على وجهه و النَّكْس أَن يخِرَّ على رأْسه، و التَّعْسُ الهلاك، و يقال: تَعِس و انْتَكَسَ، و قال اللحياني: رغْماً له و دَغْماً و سَغْماً، بالواو. و فَعَل ذلك على رَغْمِهِ و سَغْمِه. و سَغَمَ الرجلُ جاريته: جامعها. و السَّغْمُ: كأَنه رجل لا يحب أَن يُنْزلَ في المرأَة فيُدْخله الإِدْخالَة ثم يُخْرِجه.
سفم:
سَيْفَمٌ: اسم بلد «1» ... ولد.
سقم:
السَّقامُ و السُّقْمُ و السَّقَمُ: المَرَض، لغات مثل حُزْنٍ و حَزَنٍ، و قد سَقِمَ و سَقُمَ سُقْماً و سَقَماً و سَقاماً و سَقامَةً يَسْقُمُ، فهو سَقِم و سَقِيمٌ؛ قال سيبويه: و الجمع سِقامٌ جاؤوا به على فِعالٍ، يذهب سيبويه إِلى الإِشعار بأَنه كُسِّر تكسير فاعِلٍ، و أَسْقَمَهُ الداء. و قال إِبراهيم، عليه السلام، فيما قصَّهُ الله في كتابه: إِنِّي سَقِيمٌ‏
؛ قال بعض المفسرين: معناه إِني طَعِينٌ أَي أَصابه الطاعون، و قيل: معناه إِني سأَسْقُمُ فيما أَستقبل إِذا حان الأَجلُ، و هذا من معارض الكلام، كما قال: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ؛ المعنى إِنك سَتَمُوت و إِنهم سيموتون؛ قال ابن الأَثير: قيل إِنه استدل بالنظر في النجوم على وقت حمَّى كانت تأْتيه، و كان زمانه زمان نُجومٍ، فلذلك نظر فيها، و
قيل إِن مَلِكَهُمْ أَرسل إِليه أَن غَداً عِيدُنا فاخْرُجْ معنا، فأَراد التَّخَلُّف عنهم، فنظر إِلى نَجْمٍ فقال: إِن هذا النجم لم يطلع قَطُّ إِلا أَسْقُمُ.
و قيل: قال أَراد إِنِّي سَقِيمٌ‏
 بما أَرى من عبادتكم غير الله؛ قال ابن الأَثير: و الصحيح أَنها إِحدى كَذَباتِهِ الثلاث، و الثانية بل فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ، و الثالثة عن زوجته سارةَ إِنها أُخْتِي، و كلُّها كانت‏
__________________________________________________
 (1). كذا بياض بالأصل.

288
لسان العرب12

سقم ص 288

في ذات الله و مُكابَدَةً عن دينه، صلى الله عليه و سلم. و المِسقام: كالسَّقِيمِ، و قيل: هو الكثير السُّقْم، و الأُنثى مِسْقام أَيضاً؛ هذه عن اللحياني، و أَسْقَمَه الله و سَقَّمَه؛ قال ذو الرمة:
هامَ الفُؤادُ بِذكْراها و خامرَها،             منها على عُدَواء الدار، تَسْقِيمُ‏

و أَسْقَمَ الرجُلُ: سَقِمَ أَهْلُه. و السَّقامُ و سَقامٌ: وادٍ بالحجاز؛ قال أَبو خِراشٍ الهُذَليُّ:
أَمْسى سَقامٌ خَلاءً لا أَنيسَ به             إِلا السِّباعُ، و مَرُّ الريح بالغُرَفِ‏

و يروى:
إِلا الثُّمامُ ...


، و أَبو عمرو يرفع إِلا الثمامُ، و غيره ينصبه. و السَّوْقَمُ: شجر يشبه الخِلافَ و ليس به، و قال أَبو حنيفة: السَّوْقَمُ شجر عظام مثل الأَثأَبِ سواءً، غير أَنه أَطول طولًا من الأَثْأَبِ و أَقل عرضاً منه، و له ثمرة مثل التين، و إِذا كان أَخضر فإِنما هو حَجَرٌ صَلابةً، فإِذا أَدرك اصْفَرَّ شيئاً و لانَ و حَلا حَلاوَةً شديدة، و هو طيب الريح يُتَهادى.
سكم:
السَّكْمُ: تَقارُبُ الخَطْو في ضعف، سَكَمَ يَسْكُمُ سَكْماً. و سَيْكِمُ: اسم امرأَة منه. التهذيب: ابن دريد السَّكْمُ فعل مُماتٌ. و السَّيْكَمُ: الذي يقارب خطوه في ضعف.
سلم:
السَّلامُ و السَّلامَةُ: البراءة. و تَسَلَّمَ منه: تَبَرَّأَ. و قال ابن الأَعرابي: السَّلامة العافية، و السَّلامةُ شجرة. و قوله تعالى: وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً
، معناه تَسَلُّماً و براءة لا خير بيننا و بينكم و لا شر، و ليس على السَّلام المُسْتَعْمَل في التحيَّة لأَن الآية مكية و لم يُؤْمَرِ المسلمون يومئذ أَن يُسَلِّمُوا على المشركين، هذا كله قول سيبويه و زعم أَن أَبا ربيعة كان يقول: إِذا لقيتَ فلاناً فقل سَلاماً أَي تَسَلُّماً، قال: و منهم من يقول سَلامٌ أَي أَمري و أَمرك المبارأَة و المُتاركة. قال ابن عرفة: قالُوا سَلاماً أَي قالوا قولا يتسَلّمون فيه ليس فيه تَعدٍّ و لا مَأْثم، و كانت العرب في الجاهلية يُحَيُّونَ بأَن يقول أَحدهم لصاحبه أَنْعِمْ صباحاً، و أَبَيْتَ اللَّعْنَ، و يقولون: سَلامٌ عليكم، فكأَنه علامة المُسالَمَةِ و أَنه لا حَرْب هنالك، ثم جاء اللَّه بالإِسلام فقصروا على السلام و أَمروا بإِفْشائِهِ، قال أَبو منصور: نَتَسَلَّمُ منكم سلاماً و لا نُجاهلكم، و قيل: قالُوا سَلاماً أَي سَداداً من القول و قَصْداً لا لَغْو فيه. و قوله: قالُوا سَلاماً
، قال: أَي سَلِّمُوا سَلاماً، و قالَ: سَلامٌ‏
 أَي أَمري سَلامٌ لا أُريد غير السَّلامَةِ، و قرئت الأَخيرة: قال سِلْمٌ، قال الفراء: و سِلْمٌ و سَلامٌ‏
 واحد، و قال الزجاج: الأَول منصوب على سَلِّموا سَلاماً، و الثاني مرفوع على معنى أَمْري سَلامٌ. و قوله عزّ و جلّ: سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ
، أَي لا داء فيها و لا يستطيع الشيطان أَن يصنع فيها شيئاً و قد يجوز أَن يكون السَّلامُ جمع سَلامة. و السَّلامُ: التحية، قال ابن قتيبة: يجوز أَن يكون السلامُ و السَّلامَةُ لغتين كاللَّذَاذِ و اللَّذاذَةِ، و أَنشد:
تُحَيِّي بالسَّلامَةِ أُمُّ بَكْرِ،             و هَلْ لَكِ بعد قَومِكِ من سَلامِ؟

قال: و يجوز أَن يكون السَّلامُ جَمع سَلامَةٍ، و قال أَبو الهيثم: السَّلامُ و التحية معناهما

289
لسان العرب12

سلم ص 289

واحد، و معناهما السَّلامَةُ من جميع الآفات. الجوهري: و السِّلْمُ، بالكسر، السَّلامُ، و قال:
وقَفْنا فَقُلْنا: إِيه سِلْمٌ! فَسَلَّمَتْ،             فما كان إِلَّا وَمْؤُها بالحَواجِبِ‏

قال ابن بري: و الذي رواه القَنانيّ:
فقلنا: السَّلام، فاتَّقَتْ من أَسيرِها،             و ما كان إِلَّا وَمْؤها بالحَواجِبِ‏

و
في حديث التَّسْلِيم: قل السَّلامُ عليك فإِن عليك السَّلامُ تحيَّة المَوْتَى.
قال: هذه إِشارة إِلى ما جَرَتْ به عادتهم في المَراثي، كانوا يقدّمون ضمير الميت على الدعاء له كقوله:
عليك سَلامٌ من أَميرٍ، و بارَكَتْ             يَدُ اللَّهِ في ذاك الأَدِيمِ المُمَزَّقِ‏

و كقول الآخر:
عليك سَلامُ اللَّهِ، قَيْسَ بن عاصمٍ،             و رَحْمَتُهُ ما شَاءَ أَن يَتَرَحَّما

قال: و إِنما فعلوا ذلك لأَن المُسَلِّمَ على القوم يَتَوَقَّعُ الجواب و أَن يقال له عليك السَّلام، فلما كان الميت لا يُتَوَقَّعُ منه جواب جعلوا السلام عليه كالجواب، و قيل: أَراد بالمَوْتَى كفَّار الجاهلية، و هذا في الدعاء بالخير و المدح، و أَما الشر و الذَّم فيقدم الضمير كقوله تعالى: وَ إِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي، و كقوله: عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ*. و السُّنَّة لا تختلف في تحية الأَموات و الأَحيْاء، و يشهد له‏
الحديث الصحيح: أَنه كان إِذا دخل القبور قال سَلامٌ عليكم دارَ قَومٍ مؤمنين.
و التَّسْلِيمُ: مشتق من السَّلام اسم اللَّه تعالى لسلامته من العيب و النقص، و قيل: معناه أَن اللَّه مُطَّلِعٌ عليكم فلا تَغْفُلوا، و قيل: معناه اسم السَّلامِ عليكَ، إِذ كان اسم اللَّه تعالى يُذْكَرُ على الأَعمال تَوَقُّعاً لاجتماع معاني الخيرات فيه، و انتفاء عَوارض الفساد عنه، و قيل: معناه سَلِمْتَ مني فاجعلني أَسْلَمُ منك من السَّلامة بمعنى السَّلام. و يقال: السَّلامُ عليكم، و سَلامٌ عليكم، و سَلامٌ، بحذف عليكم، و لم يرد في القرآن غالبا إِلَّا مُنَكَّراً كقوله تعالى: سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ‏
، فأَمَّا في تَشَهُّدِ الصلاة فيقال فيه مُعَرَّفاً و مُنَكَّراً، و الظاهر الأَكثر من مذهب الشافعي أَنه اختار التنكير، قال: و أَما في السَّلام الذي يَخْرُجُ به من الصلاة
فروى الربيعُ عنه أَنه قال: لا يكفيه إِلَّا مُعَرَّفاً، فإِنه قال: أَقَلُّ ما يكفيه أَن يقول السَّلامُ عليكم.
فإِن نقص من هذا حرفاً عاد فسَلَّمَ، و وجهه أَن يكون أَراد بالسَّلام اسم اللَّه، فلم يجز حذف الأَلف و اللام منه، و كانوا يستحسنون أَن يقولوا في الأَوّل سلامٌ عليكم و في الآخِر السَّلام عليكم، و تكون الأَلف و اللام للعَهْدِ، يعني السَّلام الأَول. و
في حديث عِمْرانَ بن حُصَيْنٍ: كان يُسَلَّمُ عليَّ حتى اكْتَوَيْتُ.
يعني أَن الملائكة كانت تُسَلِّمُ عليه فلما اكتوى بسبب مرضه تركوا السَّلامَ عليه، لأَن الكَيَّ يَقْدَحُ في التَّوَكُّلِ و التَّسْلِيمِ إِلى اللَّه و الصبر على ما يُبْتَلى به العبدُ و طلبِ الشفاء من عنده، و ليس ذلك قادحاً في جواز الكَيِّ، و لكنه قادح في التَّوَكُّلِ، و هي درجة عالية وراء مباشرة الأَسباب. و السَّلامُ: السَّلامةُ. و السَّلامُ‏
: اللَّه عزّ و جلّ، اسم من أَسمائه لسَلامته من النقص و العيب و الفناء، حكاه ابن قُتَيْبَةَ، و قيل: معناه أَنه سَلِمَ مما يَلْحَق الغير من آفات الغِيَر و الفناء، و أَنه الباقي الدائم الذي تَفْنى الخلق و لا يَفْنى، وَ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ*.

290
لسان العرب12

سلم ص 289

و السَّلامُ في الأَصل: السَّلامةُ، يقال: سَلِمَ يَسْلَمُ سَلاماً و سَلامةً، و منه قيل للجنة: دارُ السَّلامِ*
 لأَنها دار السَّلامةِ من الآفات. و
روى يحيى بن جابر أَن أَبا بكر قال: السَّلامُ أَمانُ اللَّهِ في الأَرض.
و قوله تعالى: لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ‏
، قال بعضهم: السَّلامُ هاهنا اللَّه و دليله السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ‏
، و قال الزجاج: سُمِّيَتْ دارَ السَّلامِ لأَنها دارُ السلامَة الدائمة التي لا تنقَطع و لا تَفْنى و هي دار السَّلامةِ من الموت و الهَرَم و الأَسْقام، و قال أَبو إِسحاق: أَي للمؤمنين دار السلام، و قال: دارُ السَّلامِ الجنةُ لأَنها دارُ اللَّه عزّ و جلّ فأُضيفت إِليه تفخيماً لها، كما قيل للخليفة عبد اللَّه، و قد سلَّمَ عليه. و تقول: سَلِمَ فلانٌ من الآفات سَلامةً و سَلَّمَه اللَّه منها. و
في الحديث: ثلاثة كلُّهم ضامن على اللَّه أَحَدُهم من يَدْخُل بيته بسلامٍ.
قال ابن الأَثير: أَراد أَن يلزم بيته طالباً للسلامة من الفِتَنِ و رغبة في العُزْلَةِ، و قيل: أَراد أَنه إِذا دخل سَلَّمَ، قال: و الأَول الوجه. و سَلِمَ من الأَمر سَلامةً: نَجا. و قوله عزّ و جلّ: وَ السَّلامُ عَلى‏ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى‏
، معناه أَن من اتَّبَعَ هُدى اللَّه سَلِمَ من عذابه و سخطه، و الدليل على أَنه ليس بسَلامٍ أَنه ليس ابتداء لقاء و خطاب. و السَّلامُ: الاسم من التَّسْليم. و قوله تعالى: فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى‏ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ
 «2»، ذكر محمد بن يزيد أَن السَّلامَ في لغة العرب أَربعة أَشياء: فمنها سَلَّمْتُ سَلاما مصدر سَلَّمْتُ، و منها السَّلامُ جمع سَلامة، و منها السَّلامُ اسم من أَسماء اللَّه تعالى، و منها السلامُ شَجَرٌ، و معنى السَّلام الذي هو مصدر سَلَّمْتُ أَنه دعاء للإِنسان بأَن يَسْلَمَ من الآفات في دينه و نفسه، و تأْويله التخليص، قال: و تأْويل السَّلام اسم اللَّه أَنه ذو السَّلامِ الذي يملك السلام أَي يخلص من المكروه. ابن الأَعرابي: السَّلام اللَّه، و السَّلامُ السلامةُ، و السَّلامةُ الدعاء. و دارُ السلام: دار اللَّه عزّ و جلّ. و السَّالِمُ في العَرُوض: كل جزء يجوز فيه الزِّحافُ فَيَسْلَمُ منه كَسَلامةِ الجزء من القَبْض و الكَفِّ و ما أَشبهه. و رجل سَلِيمٌ: سَالِمٌ، و الجمع سُلَماءُ. و قوله تعالى: إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ‏
، أَي سليم من الكفر. و قال أَبو إِسحاق في قوله عزّ و جلّ وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ‏
: و قرئ و رجلًا سالِما لرجل، فمن قرأَ سالماً فهو اسم الفاعل على سَلِم فهو سالِمٌ، و من قرأَ سِلْماً و سَلْماً فهما مصدران وُصفَ بهما على معنى و رجلًا ذا سِلمٍ لرجل و ذا سَلْمٍ لرجل، و المعنى أَن من وَحَّدَ اللَّه مَثَلُه مَثَلُ السالم لرجل لا يَشْرَكُه فيه غيره، و مَثَلُ الذي أَشرك اللَّه مَثَلُ صاحب الشُّرَكاء المتشاكِسينَ، و السلامُ: البراءة من العُيوب في قول أُمَيَّة، و قرى‏ء: وَ رَجُلًا سَلَماً
، قال ابن بري يعني قول أُمية:
سَلامَكَ رَبَّنا في كلِّ فَجرٍ             بَرِيئاً ما تَعَنَّتْكَ الذُّمُومُ‏

الذُّموم: العيوب أَي ما تَلْزَقُ بك و لا تنتسب إِليك. و سَلَّمَه اللَّه من الأَمر: وقاه إِياه. ابن بُزُرْج: يقال كنت راعِيَ إِبل فأَسْلَمْتُ عنها أَي تركتها. و كل صنيعة أَو شي‏ء تركته و قد كنت فيه فقد أَسْلَمْت عنه. و قال ابن السِّكِّيت: لا بِذي تَسْلَمُ ما كان كذا و كذا، و للاثنين: لا بِذي تَسْلَمانِ، و للجماعة: لا بِذِي تَسْلَمُونَ، و للمؤنث: لا بِذِي تَسْلَمِينَ، و للجماعة: لا بِذي تَسْلَمْن، و التأْويل: لا و اللَّه الذي يُسَلِّمُكَ ما كان كذا و كذا.
__________________________________________________
 (2). الآية.

291
لسان العرب12

سلم ص 289

و يقال: لا و سَلامَتِكَ ما كان كذا و كذا. و يقال: اذهب بِذِي تَسْلَمُ يا فتى، و اذهبا بذي تَسْلَمان، أَي اذهب بسَلامَتِك، قال الأَخفش: و قوله ذِي مضاف إِلى تَسْلَمُ، و كذلك قول الأَعشى:
بآيةِ يُقْدِمونَ الخَيْلَ زُوراً،             كأَنَّ على سَنابِكِها مُدامَا

أَضافَ آيةً إِلى يُقْدِمُون، و هما نادران، لأَنه ليس شي‏ء من الأَسماء يضاف إِلى الفعل غير أَسماء الزمان كقولك هذا يومَ يُفْعَل أَي يُفْعَل فيه، و حكى سيبويه: لا أَفعل ذلك بذي تَسْلَمُ، قال: أُضيف فيه ذو إِلى الفعل، و كذلك بِذِي تَسْلَمان و بذي تَسْلَمُون، و المعنى لا أَفعل ذلك بِذِي سَلامتك، و ذو هنا الأَمر الذي يُسَلِّمُكَ، و لا يضاف ذو إِلَّا إِلى تَسْلَمُ، كما أَنَّ لَدُنْ لا تنصب إِلا غُدْوَةً. و أَسْلَمَ إِليه الشي‏ءَ: دفعه. و أَسلَمَ الرجلَ: خذله. و قوله تعالى: فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ‏
، قال: إِنما وقعت سلامتهم من أَجلك، و قال الزجاج: فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ‏
، و قد بين ما لأَصحاب اليمين في أَول السورة، و معنى فَسَلامٌ لَكَ‏
 أَي أَنك ترى فيهم ما تُحِبُّ من السَّلامة و قد علمتَ ما أُعدَّ لهم من الجزاء. و السَّلْمُ: لَدْغُ الحية. و السلِيمُ: اللَّدِيغُ، فَعيلٌ من السَّلْمِ، و الجمع سَلْمَى، و قد قيل: هو من السَّلامة، و إِنما ذلك على التفاؤل له بها خلافاً لما يُحْذَر عليه منه، و المَلْدُوغ مَسْلُوم و سَلِيمٌ. و رجل سَلِيم: بمعنى سالِمٍ، و إِنما سُمِّيَ اللَّدِيغُ سَليما لأَنهم تَطَيَّروا من اللَّدِيغ فقلبوا المعنى، كما قالوا للحَبَشِيّ أَبو البيضاء، و كما قالوا للفلاة مفازة، تفاءلوا بالفوز و هي مَهْلَكة، فتفاءلوا له بالسلامة، و قيل: إِنما سُمِّيَ اللَّدِيغُ سَلِيماً لأَنه مُسْلَمٌ لما به أَو أُسْلِمَ لما به، عن ابن الأَعرابي، قال الأَزهري: قال الليث السَّلْمُ اللَّدْغُ، قال: و هو من غُدَدِه و ما قاله غيره. و قول ابن الأَعرابي: سَلِيمٌ بمعنى مُسْلَمٍ، كما قالوا مُنْقَعٌ و نَقِيعٌ و مُوتَمٌ و يَتيم و مُسْخَنٌ و سَخِينٌ، و قد يستعار السَّلِيم للجريح، أَنشد ابن الأَعرابي:
و طِيرِي بمِخْراقٍ أَشَمَّ كأَنهُ             سَلِيمُ رِماحٍ، لم تَنَلْه الزَّعانِفُ‏

و قيل: السَّلِيمُ الجَريحُ المُشْفِي على الهَلَكة، أَنشد ابن الأَعرابي:
يَشْكُو، إِذا شُدَّ له حِزامُهُ،             شَكْوَى سَلِيمٍ ذَرِبَتْ كِلامُهُ‏

قال: و قد يكون السَّلِيمُ هنا اللَّدِيغَ، و سَمَّى موضع نهش الحية منه كَلْماً، على الاستعارة. و
في الحديث: أَنهم مَرُّوا بماء فيه سَلِيمٌ فقالوا: هَلْ فيكم مِنْ راقٍ.
؟ السَّلِيمُ: اللَّدِيغُ. يقال: سَلَمَتْه الحية أَي لَدَغَتْه. و السَّلْمُ و السِّلْمُ: الصلح، يفتح و يكسر و يذكر و يؤنث، فأَما قول الأَعشى:
أَذاقَتْهُمُ الحَرْبُ أَنفاسَها،             و قد تُكْرَهُ الحَرْبُ بعد السَّلِمْ‏

قال ابن سيدة: إِنما هذا على أَنه وقَفَ فأَلْقَى حركة الميم على اللام، و قد يجوز أَن يكون أَتْبَعَ الكَسْرَ الكسر، و لا يكون من باب إِبِلٍ عند سيبويه، لأَنه لم يأْت منه عنده غير إِبلٍ. و السَّلْمُ و السَّلامُ: كالسِّلْمِ، و قد سالَمَهُ مُسالَمَةً و سِلاماً، قال أَبو كبير الهذلي:
هاجُوا لِقَوْمِهِمُ السَّلامَ كأَنَّهُمْ،             لَمَّا أُصِيبُوا، أَهْلُ دِينٍ مُحْتَر

292
لسان العرب12

سلم ص 289

و السِّلْمُ: المُسَالِمُ. تقول: أَنا سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَني. و قوم سِلْمٌ و سَلْمٌ: مُسالِمونَ، و كذلك امرأَة سِلْمٌ و سَلْمٌ. و تَسالمُوا: تصالحوا. و فلان كذاب لا تَسايَرُ خَيْلاهُ فلا تَسالَمُ خَيْلاهُ أَي لا يصدق فيُقْبَلُ منه، و الخيل إِذا تَسالَمَتْ تَسايَرَتْ لا يَهيج بعضُها بعضاً، و قال رجل من مُحارِبٍ:
و لا تَسايَرُ خَيْلاهُ، إِذا الْتَقَيا،             و لا يُقَدَّعُ عن بابٍ إِذا وَرَدا

و يقال: لا يَصْدُقُ أَثَرهُ يَكْذِبُ من أَين جاز. و قال الفراء: فلان لا يُرَدُّ عن باب و لا يُعَوَّجُ عنه. و السَّلَمُ: الاسْتِسْلامُ. و التَّسالُمُ: التَّصالُحُ. و المُسالَمَةُ: المُصالحة. و
في حديث الحُدَيْبِيَةِ: أَنه أَخذ ثمانين من أَهل مكة سَلْماً [سِلْماً].
قال ابن الأَثير: يروى بكسر السين و فتحا، و هما لغتان للصلح، و هو المراد في الحديث على ما فسره الحُمَيْدِيُّ في غريبه، و قال الخطابي: إِنه السَّلَمُ، بفتح السين و اللام، يريد الاسْتسْلامَ و الإِذْعانَ كقوله تعالى: وَ أَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ‏
، أَي الانقياد، و هو مصدر يقع على الواحد و الاثنين و الجمع، قال: و هذا هو الأَشبه بالقَضيَّةِ، فإِنهم لم يُؤْخَذوا عن صُلْحٍ، و إِنما أُخِذُوا قَهْراً و أَسْلَمُوا أَنفسهم عَجْزاً، و للأَول وجه، و ذلك أَنهم لم يَجْرِ معهم حَرْبٌ، إِنما لما عجزوا عن دفعهم أَو النجاة منهم رَضُوا أَن يُؤْخَذُوا أَسْرى و لا يُقتلوا، فكأَنهم قد صولحوا على ذلك، فسمي الانقياد صلحاً، و هو السِّلْمُ، و منه‏
كتابه بين قُرَيْشٍ و الأَنصار: و إِن سِلْمَ المؤمنين واحد لا يُسالَمُ مؤمن دون مؤمن.
أَي لا يُصالَحُ واحد دون أَصحابه، و إِنما يقع الصلح بينهم و بين عدوهم باجتماع مَلَئِهِمْ على ذلك، قال: و من الأَول‏
حديث أَبي قتادة: «1» لآتِينَّكَ برجل سَلَمٍ.
أَي أَسير لأَنه اسْتَسْلَم و انقاد. و استسلم أَي انقاد «2». و منه‏
الحديث: أَسْلَمُ سالَمَها اللَّهُ.
هو من المُسالَمَةِ و ترك الحرب، و يحتمل أَن يكون دعاءً و إِخباراً، إِما دعاءً لها أَن يُسالِمَها اللَّه و لا يأْمر بحربها، أَو أَخبر أَن اللَّه قد سالَمَها و منع من حربها. و السَّلامُ: الاسْتِسْلامُ، و حكي السِّلْمُ و السَّلْمُ الاسْتِسْلامُ و ضد الحرب أَيضاً، قال:
أَ نائِل، إِنَّني سِلْمٌ             لأَهْلِكِ، فاقْبَلي سِلمي!

و في التنزيل العزيز: وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ‏
، و قلب سَلِيمٌ أَي سالم. و الإِسْلامُ و الاسْتِسْلامُ: الانقياد. و الإِسْلامُ من الشريعة: إِظهار الخضوع و إِظهار الشريعة و التزام ما أَتى به النبي، صلى اللّه عليه و سلم، و بذلك يُحْقَنُ الدم و يُسْتَدْفَعُ المكروه، و ما أَحسن ما اختصر ثعلب ذلك فقال: الإِسْلامُ باللسان و الإِيمان بالقلب. التهذيب: و أَما الإِسلام فإِن أَبا بكر محمد بن بشار قال: يقال فلان مُسْلِمٌ و فيه قولان: أَحدهما هو المُسْتَسْلِمُ لأَمر اللَّه، و الثاني هو المُخْلِصُ للَّه العبادةَ، من قولهم سَلَّمَ الشي‏ءَ لفلان أَي خلصه، و سَلِمَ له الشي‏ءُ أَي خَلَصَ له. و
روي عن النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، أَنه قال: المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلمون من لسانه و يده.
قال الأَزهري: فمعناه‏
__________________________________________________
 (1). قوله" و من الأول حديث أَبي قتادة إلخ" كذا هو بالأصل و النهاية و بهذا الضبط.
 (2). قوله" و استسلم أَي انقاد" كذا بالأصل و هو ساقط من عبارة النهاية. و قوله" و منه الحديث أَسلم إلخ" كذا بالأصل، و عبارة النهاية: و فيه أَسلم إلخ.
                       

293
لسان العرب12

سلم ص 289

أَنه دخل في باب السَّلامَةِ حتى يَسْلَمَ المؤمنون من بَوائقه. و
في الحديث: المُسْلِمُ أَخو المُسْلِمِ لا يظلمه و لا يُسْلِمُهُ.
قال ابن الأَثير: يقال أَسْلَمَ فلانٌ فلاناً إِذا أَلقاه في الهَلَكَة و لم يَحْمِهِ من عدوِّه، و هو عامٌّ في كل مَنْ أَسْلَمَ إِلى شي‏ء، لكن دخله التخصيص و غلب عليه الإِلقاء في الهَلَكَةِ، و منه‏
الحديث: إِني وهبت لخالتي غلاماً فقلت لها: لا تُسْلِميه حَجَّاماً و لا صائغاً و لا قَصَّاباً.
أَي لا تعطيه لمن يعلِّمه إِحدى هذه الصنائع، قال ابن الأَثير: إِنما كره الحَجَّامَ و القَصَّاب لأَجل النجاسة التي يباشرانها مع تعذر الاحتراز، و أَما الصائغ فيما يدخل صنعته من الغش، و لأَنه يصوغ الذهب و الفضة، و ربما كان عنده آنيةٌ أَو حَلْيٌ للرجال، و هو حرام، و لكثرة الوعد و الكذب في نجاز ما يُسْتَعْمَلُ عنده. و
في الحديث: ما من آدمي إِلَّا و معه شيطان، قيل: و معك؟ قال: نعم و لكن اللَّه أَعانني عليه فأَسْلَمَ، و في رواية: حتى أَسْلَم.
أَي انقاد و كَفَّ عن وَسْوَسَتي، و قيل: دخل في الإِسْلام فَسَلِمْتُ من شره، و قيل: إِنما هو فأَسْلَمُ، بضم الميم، على أَنه فعل مستقبل أَي أَسْلَمُ أَنا منه و من شره، و يشهد للأَول‏
الحديث الآخر: كان شيطانُ آدَمَ كافراً و شيطاني مُسْلِماً.
و أَما قوله تعالى: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا
، قال الأَزهري: فإِن هذا يحتاج الناس إِلى تَفَهُّمِهِ ليعلموا أَين يَنْفَصِلُ المؤمن من المُسْلِمِ و أَين يستويان، فالإِسلامُ إِظهار الخُضُوعِ و القَبُول لما أَتى به سيدنا رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه و سلم، و به يُحْقَنُ الدمُ، فإِن كان مع ذلك الإِظهار اعتقاد و تصديق بالقلب فذلك الإِيمان الذي هذه صفته، فأَما مَنْ أَظْهَرَ قَبُولَ الشَّريعة و اسْتَسْلَمَ لدفع المكروه فهو في الظاهر مُسْلِمٌ و باطنه غير مُصَدِّقٍ، فذلك الذي يقول أَسلمت، لأَن الإِيمان لا بُدَّ من أَن يكون صاحبه صِدِّيقاً، لأَن الإِيمان التَّصْديقُ: فالمؤمن مُبْطِنٌ من التصديق مثل ما يُظْهِرُ، و المُسْلِمُ التامّ الإِسْلامِ مظهر للطاعة مؤمن بها، و المُسْلِمُ الذي أَظهر الإِسلام تَعَوّذاً غير مؤمن في الحقيقة إِلَّا أَن حكمه في الظاهر حكم المُسْلِمِ، قال: و إِنما قلت إِن المؤمن معناه المُصَدِّقُ لأَن الإِيمان مأْخوذ من الأَمانَة، لأَن اللَّه تعالى تَوَلَّى عِلْم السَّرائر و ثَبات العَقْدِ، و جعل ذلك أَمانة ائتمن كلَّ مُسْلِمٍ على تلك الأَمانة، فمن صَدَّقَ بقلبه ما أَظهره لسانُه فقد أَدَّى الأَمانة و استوجب كريم المآب إِذا مات عليه، و من كان قلبه على خلاف ما أَظهر بلسانه فقد حمل وِزْرَ الخيانة و اللَّه حسبه، و إِنما قيل للمُصَدِّق مؤمن و قد آمن لأَنه دخل في حد الأَمانة التي ائتمنه اللَّه عليها، و بالنية تنفصل الأَعمال الزاكية من الأَعمال البائرة، أَ لا ترى أَن النبي، صلى اللّه عليه و سلم، جعل الصلاة إِيمانا و الوضوء إِيمانا؟ و
في حديث ابن مسعود: أَنا أَوَّلُ من أَسْلَمَ.
يعني من قومه كقوله تعالى عن موسى: وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ، يعني مؤمِني زمانِه، فإِن ابن مسعود لم يكن أَوَّلَ من أَسْلَمَ و إِن كان من السابقين. و
في الحديث: كان يقول إِذا دخل شهر رمضان: اللهم سَلِّمْني من رمضان و سَلِّم رمضانَ لي و سلمه مني.
قوله سَلِّمْني منه أَي لا يصيبني فيه ما يحول بيني و بين صومه من مرض أَو غيره، قال: و قوله و سَلِّمْهُ لي هو أَن لا يُغَمَّ عليه الهلالُ في أَوله و آخره فيلتبسَ عليه الصومُ و الفطرُ، و قوله و سَلِّمْهُ مني أَي بالعصمة من المعاصي فيه. و
في حديث الإِفْكِ: و كان عَليٌّ مُسَلَّماً في شأْنها.
أَي سالِما لم يَبْدُ بشي‏ء

 

294
لسان العرب12

سلم ص 289

منها، و
يروى: مُسَلِّماً.
بكسر اللام، قال: و الفتح أَشبه لأَنه لم يقل فيها سوءاً. و قوله تعالى: يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا
، فسره ثعلب فقال: كل نبي بُعِثَ بالإِسلام غير أَن الشرائع تختلف، و قوله عز و جل: وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ‏
، أَراد مُخْلِصَيْنِ لك فعدَّاه باللام إِذ كان في معناه. و كان فلان كافراً ثم تَسَلَّمَ أَي أَسْلَمَ، و كان كافراً ثم هو اليوم مَسْلَمَةٌ يا هذا. و قوله عزّ و جل: ادخلوا في السَّلْمِ كافَّةً، قال: عَنى به الإِسلامَ و شرائعه كلَّها، و قرأَ أَبو عمرو: ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً
، يذهب بمعناها إِلى الإِسلام. و السِّلْمُ: الإِسلامُ، 1 «3» قال الأَحْوصُ:
فذادُوا عَدُوَّ السِّلْمِ عن عُقْرِ دارِهِمْ،             و أَرْسَوْا عَمُودَ الدِّينِ بعد التَّمايُلِ‏

و مثله قول إمرئ القَيْسِ بن عابِسٍ:
فَلَسْتُ مُبَدِّلًا باللَّه رَبّاً،             و لا مُسْتَبْدِلًا بالسِّلْم دينا

و مثله قول أَخي كِنْدَةَ:
دَعَوْتُ عَشِيرتي للسِّلْمِ لَمَّا             رَأَيْتُهُمُ تَوَلَّوْا مُدْبِرِينا

و السَّلم: الإِسلام. و السَّلْمُ: الاستخذاء و الانقياد و الاسْتِسْلامُ. و قوله تعالى: و لا تقولوا لمن أَلقى إِليكم السَّلَمَ لَسْتَ مؤمناً، و قرئت: السَّلامَ، بالأَلف، فأَما السلامُ فيجوز أَن يكون من التَّسْلِيم، و يجوز أَن يكون بمعنى السَّلَمِ، و هو الاستِسلامُ و إِلقاء المَقادة إِلى إِرادة المسلمين. و أَخذه سَلَماً: أَسَرَهُ من غير حرب. و حكى ابن الأَعرابي: أَخذه سَلَماً أَي جاء به منقاداً لم يمتنع، و إِن كان جَريحاً. و تَسَلَّمَه مني: قبضه. و سَلَّمْتُ إِليه الشي‏ء فَتَسَلَّمَه أَي أَخذه. و التَّسْلِيمُ: بذل الرضا بالحكم. و التَّسْلِيمُ: السَّلامُ. و السَّلَمُ، بالتحريك: السَّلَفُ، و أَسْلَمَ في الشي‏ء و سَلَّمَ و أَسْلَف بمعنى واحد، و الاسم السَّلَمُ. و كان راعيَ غَنَمٍ ثم أَسلم أَي تركها، كذا جاء، أَسْلَم هنا غير مُتَعَدٍّ. و
في حديث خُزَيْمَةَ: مَنْ تَسَلَّم في شي‏ء فلا يَصْرِفْه إِلى غيره.
يقال: أَسْلَمَ و سَلَّمَ إِذا أَسْلَفَ و هو أَن تعطي ذهباً و فضة في سِلْعةٍ معلومة إِلى أَمَدٍ معلوم، فكأَنك قد أَسْلَمْتَ الثمن إِلى صاحب السِّلْعَةِ و سَلَّمْتَهُ إِليه، و معنى الحديث أَن يُسْلِفَ مثلا في بُرٍّ فيعطيه المُسْتَلِف غيرَه من جنس آخر، فلا يجوز له أَن يأْخذه، قال القتيبي: لم أَسمع تَفَعَّل من السَّلَمِ، إِذا دفع، إِلَّا في هذا. و
في حديث ابن عمر: كان يكره أَن يقال السَّلَمُ بمعنى السَّلَفِ و يقول الإِسْلامُ للَّه عز و جل.
كأَنه ضَنَّ بالاسم 1 «4» الذي هو موضع الطاعة و الانقياد للَّه عز و جل عن أَن يُسَمَّى به غيره، و أَن يستعمل في غير طاعة و يذهب به إِلى معنى السَّلَف، قال ابن الأَثير: و هذا من الإِخْلاصِ باب لطيف المَسْلَكِ. الجوهري: أَسْلَمَ الرجل في الطعام أَي أَسلف فيه، و أَسْلَمَ أَمره للَّه أَي سَلَّمَ، و أَسْلَمَ أَي دخل في السِّلْمِ، و هو الاسْتِسْلامُ، و أَسْلَمَ من الإِسْلامِ. و أَسْلَمَه أَي خذله. و السَّلْمُ: الدَّلْوُ التي لها عُرْوَةٌ واحدة، مذكر نحو دلو السَّقَّائين، قال ابن بري: صوابه لها عَرْقُوَةٌ واحدة
__________________________________________________
 (3). قوله و السلم الإسلام أي بالفتح و الكسر كما في البيضاوي فالذي تحصل أنه بهما بمعنى الاستسلام و الصلح و الإسلام.
 (4). قوله [كأَنه ضَنَّ بالاسم‏] أي الذي هو السلم و قوله الذي هو موضع الطاعة و الانقياد لأن السلم اسم من الإسلام بمعنى الإذعان والانقياد فكره أن يستعمل في غير طاعة الله و إن كان يذهب به مستعمله إلى معنى السلف الذي ليس من الاستسلام.

295
لسان العرب12

سلم ص 289

كدلو السقائين، و ليس ثَمَّ دلو لها عُرْوَةٌ واحدة، و الجمع أَسْلُمٌ و سِلامٌ، قال كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
تُكَفْكِفُ أَعْداداً من الدَّمْعِ رُكِّبَتْ             سَوانيها ثم انْدَفَعْنَ بأَسْلُمِ «1»

و أَنشد ثعلب في صفة إِبل سقيت:
قابلة ما جاء في سِلامِها             برَشَفِ الذِّناب و التِهامِها

و قال الطرمَّاحُ:
أَخو قَنَصٍ يَهْفُو، كأَن سَراتَه             و رِجلَيْهِ سَلْمٌ بين حَبْلَيْ مُشاطِنِ‏

و في التهذيب: له عُرْوَةٌ واحدة يمشي بها الساقي مثل دلاءِ أَصحاب الرَّوايا، و حكى اللحياني في جمعها أَسالِم، قال ابن سيدة: و هذا نادر. و سَلَمَ الدلوَ يَسْلِمُها سَلْماً: فرغ من عملها و أَحكمها، قال لبيد:
بمُقابَلٍ سَرِبِ المَخارِزِ عِدْلُهُ             قَلِقُ المَحالَةِ جارِنٌ مَسْلومُ‏

و المَسْلُومُ من الدِّلاء: الذي قد فُرِغ من عمله. و يقال: سَلَمْتُهُ أَسْلِمُهُ فهو مَسْلُومٌ. و سَلَمْتُ الجلد أَسْلِمُهُ، بالكسر، إِذا دبغته بالسَّلَمِ. و السَّلَمُ: نوع من العِضاه و قال أَبو حنيفة: السَّلَمُ سَلِبُ العيدان طولًا، شبه القُضْبانِ، و ليس له خشب و إِن عظُم، و له شوك دُقاقٌ طُوالٌ حادّ إِذا أَصاب رجل الإِنسان، قال: و للسَّلَمِ بَرَمَةٌ صفراء فيها حبة خضراء «2» طيبة الريح، و فيها شي‏ء من مرارة و تَجِدُ بها الظِّباءُ وَجْداً شديداً، واحدته سَلَمةٌ بفتح اللام، و قد يجمع السَّلَمُ على أَسْلامٍ، قال رؤبة:
كأَنما هَيَّجَ، حين أَطْلَقَا             من ذات أَسْلامٍ، عِصِيّاً شِقَقا

و
في حديث جرير: بين سَلَمٍ و أَراكٍ.
السَّلَمُ: شجر من العِضاه و ورقها القَرَظ الذي يُدْبَغُ به الأَديمُ، و به سُمِّيَ الرجل سَلْمَةَ، و يجمع على سَلَماتٍ. و
في حديث ابن عمر: أَنه كان يصلي عند سَلَماتٍ في طريق مكة.
قال: و يجوز أَن يكون بكسر اللام جمع سَلِمَةٍ، و هي الحجر. أَبو عمرو: السَّلامُ ضرب من الشجر، الواحدة سَلامَةٌ. و السَّلامُ و السِّلامُ أَيضاً: شجر، قال بِشْرٌ:
تَعَرُّضَ جَأْبَةِ المِدْرى خَذُولٍ             بِصاحَةَ، في أَسِرَّتهِا السِّلامُ‏

و واحدته سِلامَةٌ. و أَرض مَسْلوماءُ: كثيرة السَّلَمِ. و أَدِيم مَسْلومٌ: مدبوغ بالسَّلَمِ. و الجلد المَسْلومُ: المدبوغ بالسَّلَمِ. شمر: السَّلَمَةُ شجرة ذات شوك يدبغ بورقها و قشرها، و يسمى ورقها القَرَظَ، لها زهرة صفراء فيها حبة خضراء طيبة الريح تؤكل في الشتاء، و هي في الصيف تَخْضَرُّ، و قال:
كُلِي سَلَم الجَرْداءِ في كل صَيْفَةٍ،             فإِن سأَلوني عَنْكِ كلَّ غَرِيمِ‏
إِذا ما نَجا منها غَرِيمٌ بِخَيْبَةٍ،             أَتى مَعِكٌ بالدَّيْنِ غيرُ سَؤومِ‏

الجرداء بلد دون الفَلْجِ ببلاد بني جَعْدَةَ، و إِذا
__________________________________________________
 (1). قوله" سوانيها" هكذا في الأَصل، و الوزن مختل، إلا إذا شددت الياء، و لعل هذا من الجوازات الشعرية.
 (2). قوله" و للسلم برمة صفراء فيها حبة خضراء إلخ" هكذا في الأصل، و عبارة المحكم: و للسلم برمة صفراء و هو أطيب البرم ريحا و يدبغ بورقه، و عن ابن الأعرابي: السلمة زهرة صفراء فيها حبة إلخ.

296
لسان العرب12

سلم ص 289

دُبغَ الأَدِيمُ بورَقِ السَّلَمِ فهو مَقْروظٌ، و إِذا دُبِغَ بقشر السَّلَمِ فهو مَسْلومٌ، و قال:
إِنَّكَ لن تَرْوِيَها، فاذهَبْ و نَمْ،             إِن لها رَيّاً كمِعْصالِ السَّلَمْ‏

و السَّلامُ: شجر، قال أَبو حنيفة: زعموا أَن السلام أَبداً أَخضر لا يأْكله شي‏ء و الظِّباء تلزمه تستظل به و لا تَسْتَكِنُّ فيه، و ليس من عِظام الشجر و لا عِضاهِها، قال الطِّرِمَّاح يصف ظَبْيَةً:
حَذَراً و السِّرْبُ أَكنافَها             مُسْتَظِلٌّ في أُصول السَّلام‏

واحدته سَلامةٌ. ابن بري: السَّلَمُ شجر، و جمعه سَلامٌ، و روي بيت بِشْرٍ:
بِصاحَةَ في أَسِرَّتِها السَّلامُ‏


قال: من رواه السِّلام، بالكسر، فهو جمع سَلَمة كأَكَمَةٍ و إِكام، و من رواه السَّلام، بفتح السين، فهو جمع سَلامةٍ، و هو نبت آخر غير السَّلَمَة، و أَنشد بيت الطِّرِمَّاح، قال: و قال إِمرؤ القيس:
حُورٌ يُعَلِّلْن العَبيرَ رَوادِعاً             كَمَهَا الشَّقائقِ، أَو ظِباء سَلامِ‏

و السَّلامانُ: شجر سُهْلِيٌّ، واحدته سَلامانة. ابن دريد: سَلامانُ ضرب من الشجر. و السِّلامُ و السَّلِمُ: الحجارة، واحدتها سَلِمَةٌ. و قال ابن شميل: السِّلامُ جماعة الحجارة الصغير منها و الكبير لا يوحّدونها. و قال أَبو خيرة: السِّلامُ اسم جمع، و قال غيره، هو اسم لكل حجر عريض، و قال: سَلِيمة و سَلِيمٌ مثل سِلامٍ، قال رؤبة:
سالمه فوقك السَّلِيمَا «1»


التهذيب: و من السَّلام الشجر فهو شجر عظيم، قال: أَحسبه سمي سَلاما لسلامته من الآفات. و السِّلامُ، بكسر السين: الحجارة الصلبة، سميت بهذا سَلاماً لسلامتها من الرخاوة، قال الشاعر:
تَداعَيْنَ باسم الشِّيبِ في مُتَثَلِّمِ،             جوانِبُهُ من بَصرَةٍ و سِلامِ‏

و الواحدة سَلِمَةٌ، قال لبيد:
خَلَقاً كما ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلامُها «2»


و السَّلِمَةُ: واحدة السَّلِمِ، و هي الحجارة، قال: و أَنشد أَبو عبيد في السَّلِمَةِ:
ذاك خَلِيلي و ذُو يُعاتِبُني،             يَرْمِي ورائي بَامْسَهْمِ و امْسَلِمَهْ‏

أَراد و السَّلِمَة، و هي من لغات حِمْير، قال ابن بري: هو لبُجَيرِ بن عَنَمَة الطائي، قال و صوابه:
و إِنَّ مَوْلايَ ذُو يُعاتِبُني،             لا إِحْنَةٌ عِندَه و لا جَرِمَهْ‏
يَنْصُرُني منك غيرَ مُعْتَذِرٍ،             يَرْمِي ورائي بامْسَهْمِ و امْسَلِمَهْ‏

و اسْتَلَمَ الحَجر و اسْتَلأَمَهُ: قَبَّله أَو اعتنقه، و ليس أَصله الهمز، و له نظائر. قال سيبويه: اسْتَلَم من السَّلام لا يدل على معنى الاتخاذ، و قول العجاج:
__________________________________________________
 (1). قوله" سالمه إلخ" كذا هو بالأصل.
 (2). قوله" خلقا كما إلخ" صدره:
فمدافع الريان عرى رسمها

المدافع جمع مدفع: أماكن يندفع عنها الماء من الربى. و الريان: جبل. و الوحي: الكتاب و الجمع الوحى. و خلقا منصوب على الحال و العامل فيه عرى. و الضمير في سلامها للوحي، يعني: غيرت رسوم هذه الديار بالسيول و لم تنمح بطول الزمان فكأَنه كتاب ضمن حجراً: شبه بقاء الآثار لقدم الأيام ببقاء الكتاب في الحجر، أَفاده الزوزني.

297
لسان العرب12

سلم ص 289

قيل في تفسيره أَراد المُسْتَلَم كأَنه بنى فِعْلَه على فَعَّلَ. ابن السكيت: اسْتَلأَمْتُ الحجر، و إِنما هو من السِّلام، و هي الحجارة، و كأَن الأَصل اسْتَلمْتُ. و قال غيره: اسْتِلامُ الحجر افْتِعالٌ في التقدير مأْخوذ من السِّلام، و هي الحجارة، تقول: اسْتَلَمْتُ الحجر إِذا لمسته من السِّلام كما تقول اكْتَحَلْتُ من الكُحْلِ، قال الأَزهري: و هذا قول القتيبي، قال: و الذي عندي في استلام الحجر أَنه افْتِعالٌ من السَّلام و هو التحية، و استلامُه لمسه باليد تَحَرِّياً لقبول السلام منه تبركاً به، و هذا كما يقال: اقْتَرَأْتُ منه السَّلام، قال: و قد أَمْلى عليَّ أَعرابي كتاباً إِلى بعض أَهاليه فقال في آخره: اقْتَرِى‏ءْ مني السَّلامَ، قال: و هذا يدل على صحة هذا القول أَن أَهل اليمن يسمون الرُّكْنَ الأَسوَد المُحيَّا، معناه أَن الناس يُحَيُّونه بالسَّلام، فافهمه. و
في حديث ابن عمر قال: اسْتَقْبَلَ رسول اللّه، صلى اللّه عليه و سلم، الحجر فاسْتَلَمَه ثم وَضع شفتَيْه عليه يبكي طويلًا فالتفت فإِذا هو بعُمَرَ يبكي، فقال: يا عمر، هاهنا تُسْكَبُ العَبَراتُ.
و
روى أَبو الطفيل قال: رأَيت رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه و سلم، يطوف على راحلته يستلم بمِحْجَنِه و يُقَبِّل المِحْجَنَ.
قال الليث: اسْتِلامُ الحجر تناوله باليد و بالقُبْلةِ و مَسْحُه بالكف، قال الأَزهري: و هذا صحيح. الجوهري: اسْتَلَمَ الحجر لمسه إِما بالقُبْلَةِ أَو باليد، لا يهمز لأَنه مأْخوذ من السِّلام، و هو الحجر، كما تقول اسْتَنْوَقَ الجَمَلُ، و بعضهم يهمزه. و السُّلامى: عظامُ الأَصابع في اليد و القَدَم. و سُلامَى البعير: عظام فِرْسِنِه. قال ابن الأَعرابي: السُّلامى عِظامٌ صِغارٌ على طول الإِصبع أَو قريب منها، في كل يد و رجل أَربع سُلامَياتٍ أَو ثلاث. و
روي عن النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، أَنه قال: على كلِّ سُلامَى من أَحدكم صدقةٌ، و يُجْزئ في ذلك ركعتان يصليهما من الضحى.
قال ابن الأَثير: السُّلامَى جمع سُلامِيَةٍ و هي الأُنْمُلَةُ من الأَصابع، و قيل: واحده و جمعه سواء، و تجمع على سُلامَياتٍ، و هي التي بين كل مَفْصِلَيْنِ من أَصابع الإِنسان، و قيل: السُّلامَى كل عظم مجوف من صِغار العظام. و
في حديث خُزَيْمَةَ في ذكر السنة: حتى آل السُّلامَى.
أَي رجع إِليه المخ، قال أَبو عبيد: السُّلامى في الأَصل عظم يكون في فِرْسِنِ البعير، و يقال: إِن آخر ما يبقى فيه المخ من البعير إذا عَجُفَ في السُّلامَى و في العين، فإِذا ذهب منهما لم يكن له بَقيَّة بعد، و أَنشد لأَبي مَيْمُون النَّضْرِ بن سَلَمَة العِجْليّ:
لا يَشْتَكِينَ عَمَلًا ما أَنْقَيْن،             ما دام مُخٌّ في سُلامى أَو عَيْن‏

قال: و كأَنَّ معنى‏
قوله على كل سُلامى من أَحدكم صدقةٌ.
أَن على كل عظم من عِظام ابن آدم صدقه، و الركعتان تجزيان من تلك الصدقة. و قال الليث: السُّلامى عظام الأَصابع و الأَشاجِع و الأَكارعِ، و هي كَعابِرُ كأَنها كِعابٌ، و الجمع سُلامَياتٌ، قال ابن شميل: في القدم قَصَبُها و سُلامَياتُها، و قال: عِظام القدم كلها سُلامَياتٌ، و قَصَبُ عِظام الأَصابع أَيضاً سُلامَياتٌ، الواحدة سُلامى، و في كل فِرْسِنٍ ست سُلامَياتٍ و مَنْسِمان و أَظَلُّ. الجوهري: و يقال للجلدة التي بين العين و الأَنف سالمٌ، و
قال عبد اللَّه بن عمر في ابنه سالم:

298
لسان العرب12

سلم ص 289

يُديرُونَني عن سالمٍ و أُريغُهُ،             و جِلْدَةُ بينَ العينِ و الأَنفِ سالِمُ.


قال: و هذا المعنى أَراد عبد المَلِكِ في جوابه عن كتاب الحَجَّاجِ أَنه عندي كَسَالِمٍ و السلام، قال ابن بري: هذا وهم قبيح أَي جَعْلُهُ سالِماً اسماً للجلدة التي بين العين و الأَنف، و إِنما سالِم ابن ابن عمر، فجعله لمحبته بمنزلة جلدة بين عينه و أَنفه. و السَّلِيمُ من الفرس: ما بين الأَشْعر «1» و بين الصَّحْن من حافره. و الأُسَيْلِمُ: عِرْقٌ في اليد، لم يأْت إِلَّا مُصَغَّراً، و في التهذيبِ: عِرْقٌ في الجسد. الجوهري: الأُسَيْلِمُ عِرْقٌ بين الخِنْصِرِ و البِنْصِر. و السُّلَّمُ: واحد السَّلالِيمِ التي يُرْتَقَى عليها، و في المحكم: السُّلَّمُ الدرجةُ و المِرقاةُ، يذكر و يؤنث، قال ابن مُقْبِلٍ:
لا تُحْرِزُ المرْءَ أَحْجاءُ البِلادِ، و لا             يُبْنى له في السَّماواتِ السَّلالِيمُ‏

احتاج فزاد الياء، قال الزجاج: سمي السُّلَّمُ سُلَّماً لأَنه يُسْلِمُكَ إِلى حيث تريد. و السُّلَّمُ: السبب إِلى الشي‏ء، سمي بهذا الإِسم لأَنه يؤدِّي إِلى غيره كما يؤدِّي السُّلَّمُ الذي يُرْتَقى عليه، قال الجوهري: و ربما سُمّي الغَرْزُ بذلك، قال أَبو الرُّبَيْسِ التَّغْلَبيُّ:
مُطارة قَلْبٍ إِن ثَنى الرِّجْلَ رَبُّها             بِسُلَّمِ غَرْزٍ في مُناخٍ يُعاجِلُهْ‏

و قال أَبو بكر بن الأَنباري: سميت بغداد مدينة السَّلام لقربها من دَجْلَةَ، و كانت دَجْلَةُ تسمى نهر السَّلامِ. و سَلْمى: أَحد جَبَلَيْ طَيِ‏ءٍ. و السُّلامى: الجَنُوبُ من الرياح، قال ابن هَرْمَةَ:
مَرَتْهُ السُّلامى فاسْتَهَلَّ و لم تَكُنْ             لتَنْهَضَ إِلَّا بالنُّعامى حَوامِلُهْ‏

و أَبو سَلْمان: ضرب من الوَزَغِ و الجِعْلان. و قال ابن الأَعرابي: أَبو سَلْمانَ كنية الجُعَلِ، و قيل: هو أَعظم الجِعْلان، و قيل: هو دُوَيْبَةٌ مثل الجُعَلِ له جناحان، و قال كراع: كنيته أَبو جَعْرانَ، بفتح الجيم. و سَلْمان: اسم جبل و اسم رجل. و سالِمٌ: اسم رجل. و سَلامانُ: ماء لبني شيبان. و سَلامان: بطنان بطن في قُضاعَةَ و بَطْنٌ في الأَزْدِ، و في المحكم: سَلامانُ بطن في الأَزْدِ و قُضاعَةَ و طيِ‏ءٍ و قَيْسِ عَيْلانَ. و سَلامانُ بن غَنْمٍ قبيلة اسم غَنْمٍ اسم قبيلة «2». و سُلَيْمٌ قبيلة من قَيْس عَيْلانَ. و هو سُلَيْمُ بن منصور بن عِكْرِمَةَ بن خَصَفَةَ بن قَيْسِ عَيْلانَ. و سُلَيْمٌ أَيضاً: قبيلة في جُذامَ من اليمن. و بنو سُلَيْمَةَ: بطن من الأَزْدِ. و بنو سَلِيمَةَ: من عبد القيس. قال سيبويه: النسب إِلى سَلِيمَة سَليمِيٌّ، نادر. و سَلُّومُ: اسم مُرادٍ. و أَسْلَمُ: أَبو قبيلة في مُرادٍ. و بنو سَلِمَةَ: بطن من الأَنصار، و ليس في العرب سَلِمَةُ غيرهم، بكسر اللام، و النسبة إِليهم سَلِمِيٌّ، و النسبة إِلى بني سُلَيْمٍ و إِلى سَلامَةَ سَلامِيٌّ. و أَبو سلمى، بضم السين: أَبو زُهَيْر بن أَبي سُلْمى، الشاعر المُزَنيّ، على فُعْلى، و اسمه رَبيعَةُ بن رَباحٍ من بني مازِنٍ من مُزَيْنَةَ، و ليس في العرب سُلْمى غيره، ليس سُلْمى من الأَسْلَمِ كالكُبْرى من الأَكْبَرِ. و عبد
__________________________________________________
 (1). قوله" الأشعر" كذا بالأصل، و الذي في خط الصاغاني: و السليم من الحافر بين الأمعر و الصحن من باطنه.
 (2). قوله" اسم غنم اسم قبيلة" هكذا بالأصل المعول عليه بأَيدينا.

299
لسان العرب12

سلم ص 289

اللَّه بن سَلامٍ، بتخفيف اللام، و كذلك سلامُ بن مِشْكَم: رجل كان من اليهود، مخفف، قال الشاعر:
فلما تَداعَوْا بأَسْيافِهِمْ،             و حانَ الطِّعانُ، دَعَوْنا سَلاما

يعني دَعَوْنا سَلامَ بن مِشْكَمٍ، و أَما القاسم بن سَلّامٍ و محمد بن سَلَّامٍ فاللام فيهما مشددة. و في حديث خَيْبَر: ذكر السُّلالِم، هي بضم السين، و قيل: بفتحها، حِصْنٌ من حُصُون خَيْبَرَ، و يقال فيه السُّلالِيمُ أَيضاً. و الأُسْلُومُ: بطون من اليمن. و سَلْمانُ و سُلالِمُ: موضعان. و السَّلامُ: موضع. و دارة السَّلامِ: موضع هنا لك. و ذات السُّلَيْمِ: موضع، قال ساعدةُ بن جُؤَيَّةَ:
تَحَمَّلْنَ من ذات السُّلَيْمِ، كاَّنها             سَفائِنُ يَمٍّ تَنْتَحِيها دَبُورُها

و سَلَمِيَّةُ: قرية. و سَلَمِيَّةُ: قبيلة من الأَزْدِ. و سُلَيْمُ بن منصور: قبيلة. و سَلَمَةُ و مَسْلَمَةُ و سَلامٌ و سَلامَةُ و سُلَيْمانُ و سُلَيْمٌ و سَلْمٌ و سَلَّامٌ و سَلَّامَةُ، بالتشديد، و مُسْلِمٌ و سَلْمانُ: أَسماء. و مَسْلَمَةُ: اسمُ مَفْعَلَةٌ من السَّلْمِ. و سَلِمَةُ، بكسر اللام أَيضاً: اسم رجل و سَلْمى: اسم رجل. المحكم: و سَلْمى اسم امرأَة، و ربما سمي بها الرجل. قال ابن جني: ليس سَلْمانُ من سَلْمى كسَكْرانَ من سَكْرى، أَ لا ترى أَن فَعْلان الذي يقابله فَعْلى إِنما بابه الصفة كغَضْبان و غَضْبى و عَطْشان و عَطْشى؟ و ليس سَلْمان و سَلْمى بصفتين و لا نكرتين، و إِنما سَلْمان من سَلْمى كقَحْطان من قَحْطى، و لَيْلان من لَيْلى، غير أَنهما كانا من لفظ واحد فتلاقيا في عُرْضِ اللغة من غير قصد و لا إِيثار لتقاوُدِهما، أَ لا ترى أَنك لا تقول هذا رجل سَلْمان و لا هذه امرأَة سَلْمى كما تقول هذا رجل سَكْران و هذه امرأَة سَكْرى، و هذا رجل غَضْبان و هذه امرأَة غَضْبى، و كذلك لو جاء في العَلَمِ لَيْلان لكان من لَيْلى كسَلْمان من سَلْمى، و كذلك لو وجد فيه قَحْطى لكان من قَحْطان كسَلْمى من سَلْمان، و قال أَبو العباس: سُلَيْمان تصغير سَلْمان، و قول الحُطَيْئةِ:
جَدْلاءَ مُحْكَمَةٍ من نَسجِ سَلَّامِ «3»


كما قال النابغة الذُّبْيانيّ:
و نَسْج سُلَيْم كلّ قَضّاء ذائِل‏


أَراد نَسْجَ داود فجعله سُلَيْمانَ ثم غَيَّرَ الاسم فقال سَلَّام و سُلَيْم، و مثل ذلك في أَشعارهم كثير، قال ابن بري: و قالوا في سُلَيْمانَ اسم النبي، صلى اللّه عليه و سلم، سُلَيْمٌ و سَلّام فغيروه ضرورة، و أَنشد بيت النابغة الذُّبْياني، و أَنشد لآخر:
مُضاعَفَة تَخَيَّرَها سُلَيْمٌ،             كأَن قَتِيرَها حَدَقُ الجَرادِ

و قال الأَسود بن يَعْفُرَ:
و دَعا بمُحْكَمَةٍ أَمينٍ سَكُّها،             من نَسْجِ داودٍ أَبي سلَّامِ‏

و حكى الرُّؤاسي: كان فلان يُسَمّى محمداً ثم تَمَسْلَم أَي تَسَمَّى مُسْلِماً، الجوهري: و سَلْمَى حَيٌّ من دارم، و قال:
تُعَيِّرُني سَلْمَى، و ليس بقُضأَةٍ،             و لو كنتُ من سَلْمَى تَفَرَّعْتُ دارِما

__________________________________________________
 (3). قوله"
جدلاء محكمة ...

إلخ" صدره: فيه الرماح و فيه كل سابغة.

300
لسان العرب12

سلم ص 289

قال: و في بني قُشَيْرٍ سَلَمَتان سَلَمَةُ بن قُشَيٍر و هو سَلَمَة الشَّرِّ و أُمُّه لُبَيْنَى بنت كعب بن كلابٍ، و سَلَمَةُ بن قُشَيْرٍ و هو سَلَمَة الخير و هو ابن القُشَيْرِيَّة، قال ابن سيدة: و السَّلَمَتانِ سَلَمَةُ الخير و سَلَمَةُ الشرّ، و إِنما قال الشاعر:
يا قُرَّةَ بنَ هُبَيْرَةَ بنِ قُشَيْرٍ،             يا سيِّدَ السَّلَماتِ، إِنك تظْلمُ‏

لأَنه عناهما و قومَهما. و حكي أَسْلُم اسم رجل، حكاه كراع و قال: سمي بجمع سَلْمٍ، و لم يفسر أَيّ سَلْمٍ يعني، قال: و عندي أَنه جمع السَّلْمِ الذي هو الدلو العظيمة. و سُلالِمُ: اسم أَرض، قال كعبُ بن زُهَيرٍ:
ظَلِيمٌ من التَّسْعاء، حتى كأَنه             حَدِيثٌ بِحُمَّى أَسْأَرَتْها سُلالِمُ «1»

و سُلَّمٌ فرس زَبَّانَ بن سَيَّارٍ. و السِّلامُ، بالكسر: ماء، قال بشر:
كأَنَّ قُتُودِي على أَحْقَبٍ             يُريدُ نَحُوصاً تَؤُمُّ السِّلاما

قال ابن بري: المشهور في شعره‏
... تَدُقُّ السِّلاما


، و السِّلامُ، على هذه الرواية: الحجارة.
سلتم:
السِّلْتِمُ، بالكسر: الداهية و السنة الصعبة، و أَنشد ابن بري لأَبي الهيثم التَّغْلَبيِّ في الداهية:
و يَكْفَأُ الشِّعْبَ، إِذا ما أَظْلَمَا،             و يَنْثَني حين يخافُ سِلْتِمَا

و أَنشد في السنة الصعبة:
و جاءت سِلْتِمٌ لا رَجْعَ فيها،             و لا صَدْعٌ فَتَحْتَلِبَ الرَّعاءُ

و السِّلْتِمُ: الغُولُ.
سلجم:
السَّلْجَمُ: الطويل من الخيل. و السَّلْجَمُ: النَّصْلُ الطويل. و السَّلْجَمُ: الدقيق من النِّصال. قال أَبو حنيفة: السَّلْجَمُ من النصال الطويل العريض؛ و قول أَبي ذؤيبٍ:
فذاك تِلادُهُ و مُسَلْجَماتٌ             نظائِرُ كلِّ خَوَّارٍ بَرُوقِ‏

إِنما عنى سِهاماً مطوَّلات مُعَرَّضات. و يقال للنصال المحددة: سَلاجِمُ و سَلامِجُ؛ قال الراجز:
يَغْدُو بكَلْبَيْنِ و قَوْسٍ قارِح،             و قَرَنٍ و صِيغَةٍ سَلاجِم‏

و السَّلاجِمُ: سِهامٌ طِوالُ النِّصال. و السَّلْجَمُ: الطويل من الرجال. و رجل سَلْجَمٌ و سُلاجمٌ: طويل، و الجمع فيهما سَلاجِمُ، بالفتح. و جَمَلٌ سَلْجَمٌ و سُلاجِم، بالضم: مُسِنٌّ شديد. و لَحْيٌ سَلْجَمٌ: شديد وافر كَثيفٌ. و رأْس سَلجَمٌ: طويل اللحيين. و بعير سُلاجِمٌ: عريض. و السَّلْجَم: نبت، و قيل: هو ضرب من البُقُول؛ قال:
تَسْأَلُني برامَتَيْنِ سَلْجَما،             لو أَنَّها تَطْلُب شيئاً أَمَمَا

و يروى:
يا مَيّ، لو سأَلتِ شيئاً أَمَمَا،             جاء به الكَرِيُّ أَو تَجَشَّمَا

التهذيب: المأْكول يقال له سَلْجَم، و لا يقال له شَلْجَم و لا ثَلْجَم؛ و أَنشد ابن بري لأَبي الزحف:
__________________________________________________
 (1). قوله" ظليم من التسعاء" الذي في المحكم: طليح.

301
لسان العرب12

سلجم ص 301

هذا و رَبِّ الرَّاقِصاتِ الرُّسَّمِ             شِعْرِي، و لا أُحسِنُ أَكل السَّلْجَمِ‏

قال: و منهم من يتكلم به بالشين المعجمة، و يروى الرجز بالسين و الشين، قال: و الصواب بالسين المهملة. قال أَبو حنيفة: السَّلْجَمُ معرَّب و أَصله بالشين، و العرب لا تتكلم به إِلا بالسين، قال: و كذا ذكره سيبويه بالسين في باب عِلَل ما يجعله زائداً فقال: و تُجْعَل السينُ زائدة إِذا كانت في مثل سَلْجَم.
سلخم:
الأَصمعي: إِنه لَمُطْرَخِمٌّ و مُطْلَخِمّ أَي متكبِّر متعظم، و كذلك مُسْلَخِمّ.
سلطم:
السَّلْطَم و السُّلاطِم: الطويل. و السَّلْطم أَيضاً: الذي يبتلِع كلَّ شي‏ء.
سلعم:
رجل سِلْعام: طويل الأَنف دقيقُه، و قيل: السِّلْعام الواسِع الفَمِ. المُفَضَّل: هو أَخبث من أَبي سِلْعامةَ، و هو الذئب؛ قال الطرمَّاح يصف كِلاباً:
مُرْغِنات لأَخْلَجِ الشِّدْق سِلْعامٍ             مُمَرٍّ مَفْتولةٍ عَضُدُهْ «1»

قوله مُرْغِنات أَي مُصْغِيات لدُعاء كلب أَخْلَجِ الشِّدْقِ واسِعه.
سلغم:
السَّلْغَمُ: الطويل.
سلقم:
السَّلْقَمُ: العظيم من الإِبل، و الجمع سَلاقِم و سَلاقِمَة. و السِّلْقِمَةُ: الذِّئبَةُ «2».
سلهم:
اسلَهَمَّ المريضُ: عُرِف أَثَرُ مَرَضِه في بدَنهِ، و قيل: المُسْلَهِمُّ الذي قد ذَبَلَ و يَبِس إِمَّا من مَرَض، و إِمَّا من همّ، لا يَنام على الفراش، يجي‏ء و يذهَب، و في جوفه مرض قد أَيْبَسَه و غَيَّر لَوْنه، و قد اسْلَهَمَّ اسْلِهْماماً، و قيل: هو الضامر المضطرب من غير مرض. الأَصمعي: المُسْلَهِمُّ المتغيِّر اللَّوْن، و قال الليث: هو الذي براه المرض و الدُّؤوب فصار كأَنه مَسْلول. و قال الجوهري في موضع آخر: اسْلَهَمَّ الشي‏ء اسْلِهْماماً أَي تَغَيَّرَ رِيحُه. و سِلْهِمٌ، بالكسر: اسم رجل، و قال ابن بري: سِلْهِم حيّ من مَذْحجٍ، و الله أَعلم.
سمم:
السَّمُّ و السِّمُّ و السُّمُّ: القاتلُ، و جمعها سِمامٌ. و
في حديث عليّ، عليه السلام، يذُمُّ الدنيا: غذاؤها سِمام.
بالكسر؛ هو جمع السَّمِّ القاتل. و شي‏ءٌ مَسْمُوم: فيه سَمٌّ. و سَمَّتْه الهامَّة: أَصابَتْه بسَمِّها. و سَمَّه أَي سقاه السمَّ. و سَمَّ الطعام: جعل فيه السُّمَّ. و السَّامَّةُ: الموتُ، نادر، و المعروف السَّامُ، بتخفيف الميم بلا هاء. و
في حديث عُمير بن أَفْصَى: تُورِدُه السَّامَّةَ.
أَي الموت، قال: و الصحيح في الموت أَنه السَّامُ، بتخفيف الميم. و
في حديث عائشة، رضي الله عنها: قالت لليهود عليكم السَّامُ و الدَّامُ.
و أَما السَّامَّةُ، بتشديد الميم، فهي ذواتُ السُّمومِ من الهوامِّ، و منه‏
حديث ابن عباس: اللهم إِني أَعوذُ بك من كل شيطان و هامَّه، و من كلِّ عَيْنٍ لامَّه، و من شرِّ كل سامَّه.
و قال شمر: ما لا يَقْتُل و يَسُمُّ فهي السَّوامُّ، بتشديد الميم، لأَنها تَسُمُّ و لا تبلغ أَن تقتُل مثل الزُّنْبور و العَقْرب و أَشباههما. و
في الحديث: أُعِيذُكُما بكَلِمات الله التامَّه من كل سامَّه.
و السَّمُّ: سَمُّ الحية. و السامَّةُ: الخاصَّة؛
__________________________________________________
 (1). قوله [مرغنات‏] قد تقدم في مادة خلج: موعبات و هو خطأ و الصواب ما هنا كما هو في التكملة.
 (2). قوله [و السلقمة الذئبة] هكذا في الأَصل مضبوطاً، و الذي في القاموس: السلقمة الريبة و ضبطه بفتح السين، قال شارحه: هكذا في النسخ، و الذي في اللسان السلقمة، بالكسر، الذئبة انتهى. لكن الذي في القاموس مثله في المحكم غير أنه ضبطت فيه بكسر السين كاللسان.

302
لسان العرب12

سمم ص 302

يقال: كيف السَّامَّةُ و العامَّةُ. و السُّمَّةُ: كالسامَّةِ؛ قال رؤبة:
و وُصِلَتْ في الأَقْربينَ سُمَمُهْ‏


و سَمَّه سَمّاً: خصَّه. و سَمَّتِ النِّعْمَةُ أَي خصَّت؛ قال العجاج:
هو الذي أَنْعَمَ نُعْمى عَمَّتِ،             على البِلاد، رَبُّنا و سَمَّتِ‏

و في الصحاح: على الذين أَسْلَموا و سَمَّتِ أَي بَلَغت الكلَّ. و أَهل المَسَمَّةِ: الخاصَّةُ و الأَقارب، و أَهلُ المَنْحاة: الذين ليسُوا بالأَقارب. ابن الأَعرابي: المَسَمَّةُ الخاصَّةُ، و المَعَمَّةُ العامَّةُ. و
في حديث ابن المسيّب: كنا نقول إِذا أَصبَحْنا: نعوذُ بالله من شر السامَّة و العامَّة.
؛ قال ابن الأَثير: السَّامَّة هاهنا خاصَّة الرجل، يقال: سَمَّ إِذا خَصَّ. و السَّمُّ: الثَّقْبُ. و سَمُّ كلِّ شي‏ء و سُمُّه: خَرْتُه و ثَقْبُه، و الجمع سُمُومٌ، و منه سَمُّ الخِيَاط. و في التنزيل العزيز: حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ
؛ قال يونس: أَهل العالية يقولون السُّمُّ و الشُّهْدُ، يَرْفَعُون، و تميم تفتح السَّمَّ و الشَّهْدَ، قال: و كان أَبو الهيثم يقول هما لغتان سَمٌّ و سُمٌّ لخرق الإِبْرة. و سُمَّةُ المرأَة: صَدْعُها و ما اتَّصل به من رَكَبِها و شُفْرَيْها. و قال الأَصمعي: سُمَّةُ المرأَة ثَقْبة فَرْجِها. و
في الحديث: فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ سِماماً واحداً.
؛ أَي مَأْتىً واحداً، و هو من سِمام الإِبرة ثَقْبِها، و انْتَصَب على الظرف، أَي في سِمام واحد، لكنه ظرف مخصوص، أُجري مُجْرى المُبْهَم. و سُمومُ الإِنسانِ و الدابة: مَشَقُّ جِلْده «1». و سُمُوم الإِنسانِ و سِمامُه: فَمُه و مَنْخِرُه و أُذنُه، الواحد سَمٌّ و سُمٌّ؛ قال: و كذلك السُّمُّ القاتل، يضم و يفتح، و يجمع على سُموم و سِمام. و مَسامُّ الجسد: ثُقَبُه. و مَسامُّ الإِنسان: تَخَلْخُل بشرته و جلْده الذي يبرُزُ عَرقُهُ و بُخار باطنه منها، سمِّيت مَسامَّ لأَن فيها خُروقاً خفيّة و هي السُّموم، و سُمومُ الفَرس: ما رقَّ عن صَلابة العظْم من جانبي قصَبة أَنفه إِلى نَواهِقه، و هي مَجاري دموعه، واحدها سَمٌّ. قال أَبو عبيدة: في وجه الفرس سُمومٌ، و يستحب عُرْيُ سُمومِه، و يستدلّ به على العِتْق؛ قال حُمَيْدُ بن ثور يصف الفرَس:
طِرْف أَسِيل مَعْقِد البَرِيمِ،             عارٍ لَطيف موضع السُّمُومِ‏

و قيل: السَّمَّانِ عِرْقان في أَنف الفرس. و أَصاب سَمَّ حاجتِه أَي مطلَبَه، و هو بصير بسَمِّ حاجته كذلك. و سَمَمْت سَمَّك أَي قصدت قَصْدَك. و يقال: أَصبت سَمَّ حاجتك في وجهها. و السَّمُّ: كل شي‏ء كالوَدَعِ يخرُج من البحر. و السُّمَّةُ و السَّمُّ: الوَدَع المنظومُ و أَشباهُه، يستخرَجُ من البحر يُنْظَم للزينة، و قال الليث في جمعه السُّموم، و قد سَمَّه؛ و أَنشد الليث:
على مُصْلَخِمٍّ ما يكاد جَسِيمُه             يَمُدُّ بِعِطْفَيْه الوَضِينَ المُسَمَّما

أَراد: وَضِيناً مزيَّناً بالسُّموم. ابن الأَعرابي: يقال لِتَزاويقِ وجهِ السَّقْف سَمَّان، و قال غيره: سَمُّ الوَضِينِ عُرْوَتُه، و كل خَرْق سَمٌّ. و التَّسْمِيمُ:
__________________________________________________
 (1). قوله [مشق جلده‏] الذي في المحكم: مشاق.

303
لسان العرب12

سمم ص 302

أَن يتخذ للْوَضينِ عُرىً؛ و قال حميد بن ثور:
على كلِّ نابي المَحْزِمَيْنِ تَرى له             شَراسِيفَ، تَغْتالُ الوَضِينَ المُسَمَّما

أَي الذي له ثلاث عُرىً و هي سُمُومُه. و قال اللحياني: السَّمَّانُ الأَصْباغُ التي تُزَوَّقُ بها السقُوف، قال: و لم أَسمع لها بواحدة. و يقال لِلْجُمَّارة: سُمَّة القُلْب. قال أَبو عمرو: يقال لِجُمَّارة النخلة سُمَّة، و جمعها سُمَم، و هي اليَقَقَةُ. و سَمَّ بين القوم يَسُمُّ سَمّاً: أَصْلَح. و سَمَّ شيئاً: أَصلحه. و سَمَمْت الشي‏ءَ أَسُمُّه: أَصلحته. و سَمَمْت بين القوم: أَصْلَحْت؛ قال الكميت:
و تَنْأَى قُعُورُهُمُ في الأُمُور             على مَنْ يَسُمُّ، و مَن يَسْمُل‏

و سَمَّه سَمّاً: شدَّه. و سَمَمْت القارورةَ و نحوَها و الشي‏ءَ أَسُمُّه سَمّاً: شدَدْتُه، و مثله رَتَوْتُه. و ما له سَمٌّ و لا حَمٌّ، بالفتح، غيرُك و لا سُمٌّ و لا حُمٌّ، بالضم، أَي ما له هَمٌّ غيرك. و فلان يَسُمُّ ذلك الأَمر، بالضم، أَي يَسبُره و ينظُر ما غَوْرُهُ. و السُّمَّةُ: حصير تُتَّخذ من خوص الغَضف، و جمعها سِمامٌ؛ حكاه أَبو حنيفة. التهذيب: و السُّمَّةُ شِبْه سفرة عريضة تُسَفُّ من الخوص و تبسط تحت النخلة إِذا صُرِمت ليسقُط ما تَناثَر من الرُّطَب و التمر «1» عليهما، قال: و جمعها سُمَمٌ. و سامُّ أَبْرَصَ: ضرب من الوَزَغ. و في التهذيب: من كبار الوَزَغ، و سامَّا أَبرصَ، و الجمع سَوامُّ أَبْرصَ. و
في حديث عِياض: مِلْنا إِلى صخرة فإِذا بَيْض، قال: ما هذا؟ قال: بيض السامِّ.
يريد سامَّ أَبْرصَ نوع من الوَزَغ. و السَّمُومُ: الريحُ الحارَّة، تؤنث، و قيل: هي الباردة ليلًا كان أَو نهاراً، تكون اسماً و صفة، و الجمع سَمائم. و يومٌ سامٌّ و مُسِمٌّ؛ الأَخيرة قليلة عن ابن الأَعرابي. أَبو عبيدة: السَّمومُ بالنهار، و قد تكون بالليل، و الحَرُور بالليل، و قد تكون بالنهار؛ يقال منه: سُمَّ يومُنا فهو مَسْمومٌ؛ و أَنشد ابن بري لذي الرمَّة:
هَوْجاء راكِبُها وَسْنانُ مَسْمُومُ‏


و
في حديث عائشة، رضي الله عنها: كانت تصوم في السفَر حتى أَذْلَقَها السَّمُومُ.
؛ هو حرُّ النهار. و نَبْتٌ مَسْمُومٌ: أَصابتْه السَّمومُ. و يومٌ مَسْمُومٌ: ذو سَمومٍ؛ قال:
و قد عَلَوْت قُتودَ الرَّحْل، يَسْفَعُني             يوم قُدَيْدِمُهُ الجَوْزاء مَسْموم‏

التهذيب: و من دوائر الفرس دائرة السَّمامةِ، و هي التي تكون في وَسَط العُنُق في عَرضها، و هي تستحبُّ، قال: و سُمومُ الفَرس أَيضاً كل عظْم فيه مُخٌّ، قال: و السُّمومُ أَيضاً فُروجُ الفَرس، واحدها سَمٌّ، و فُروجُه عَيناه و أُذناه و مَنْخِراه؛ و أَنشد:
فنَفَّسْتُ عن سَمَّيْه حتى تَنَفَّسا


أَراد عن مَنْخِريه. و سُمومُ السيف: حُزوزٌ فيه يعلَّمُ بها؛ قال الشاعر يمدح الخَوارج:
لِطافٌ بَراها الصومُ حتى كأَنَّها             سُيوف يَمانٍ، أَخْلَصَتْها سُمُومُها

يقول: بَيَّنَت هذه السُّموم عن هذه السيوف أَنها
__________________________________________________
 (1). قوله [و التمر] الذي في التكملة: و البسر.

304
لسان العرب12

سمم ص 302

عُتُق، قال: و سُموم العُتُق غير سُموم الحُدْث. و السَّمام، بالفتح: ضَرْب من الطير نحو السُّمانى، واحدته سَمامَة؛ و في التهذيب: ضرب من الطير دون القَطَا في الخِلْقَة، و في الصحاح: ضرب من الطير و الناقة السريعة أَيضاً؛ عن أَبي زيد؛ و أَنشد ابن بري شاهداً على الناقة السريعة:
سَمام نَجَتْ منها المَهارَى، و غُودِرَتْ             أَراحِيبُها و المَاطِلِيُّ الهَمَلَّعُ‏

و قولهم في المثَل: كلَّفْتَني بَيْضَ السَّماسِم؛ فسرَّه فقال: السَّماسِمُ طير يُشْبه الخُطَّاف، و لم يذكر لها واحداً. قال اللحياني: يقال في مثَل إِذا سُئل الرجل ما لا يَجِد و ما لا يكون: كلَّفْتني سَلَى جَمَلٍ، و كلفتني بَيْضَ السَّماسِم، و كلفتني بيض الأَنُوق؛ قال: السَّماسِم طير مثل الخَطاطيف لا يُقْدَر لها على بيض. و السَّمامُ: اللواء، على التشبيه. و سَمامَةُ الرجُلِ و كلِّ شي‏ء و سَماوتُه: شخصُه، و قيل: سَماوتُه أَعلاه. و السَّمامَةُ: الشخص؛ قال أَبو ذؤيب:
و عادِيَة تُلْقِي الثِّيابَ كأَنَّما             تُزَعْزِعُها، تحت السَّمامةِ، ريحُ‏

و قيل: السَّمامة الطَّلْعة. و السَّمامُ و السَّمْسامُ و السُّماسِم و السُّمْسُمانُ و السُّمْسُمانيُّ، كله: الخفيف اللطيفُ السريعُ من كل شي‏ء، و هي السَّمْسَمةُ. و السَّمْسامةُ: المرأَة الخفيفة اللطيفة. ابن الأَعرابي: سَمْسَمَ الرجلُ إِذا مَشى مَشْياً رفِيقاً. و سَمسَمٌ و سَمْسامٌ: الذِّئب لخِفَّته، و قيل: السَّمْسَم الذئب الصغير الجسم. و السَّمْسَمَةُ: ضرب من عَدْوِ الثَّعْلب، و سَمْسَمٌ و السَّمْسَمُ جميعاً من أَسمائه. ابن الأَعرابي: السَّمْسَمُ، بالفتح، الثَّعْلب؛ و أَنشد:
فارَقَني ذَأْلانُه و سَمْسَمُه‏


و السَّمامةُ و السمْسُمة و السِّمْسِمة: دُوَيْبَّة، و قيل: هي النملة الحمراء، و الجمع سَماسِم. الليث: يقال لدُوَيْبَّة على خِلْقة الآكِلَة حمراء هي السِّمْسِمة؛ قال الأَزهري: و قد رأَيتها في البادية، و هي تَلْسع فتُؤلم إِذا لَسَعَت؛ و قال أَبو خيرة: هي السَّماسِم، و هي هَناتٌ تكون بالبصرة تَعَضُّ عَضّاً شديداً، لَهُنَّ رؤوس فيها طول إِلى الحمرة أَلوانُها. و سَمْسَم: موضع؛ قال العجاج:
يا دارَ سَلْمَى، يا اسْلَمِي ثم اسْلَمِي             بسَمْسَمٍ، أَو عن يمين سَمْسَمِ‏

و قال طُفَيل:
أَسَفَّ على الأَفلاجِ أَيمنُ صَوْبهِ،             و أَيْسَره يَعْلو مَخارِمَ سَمْسَمِ‏

و قال ابن السكيت: هي رَمْلة معروفة؛ و قول البَعِيث:
مُدامِنُ جَوعاتٍ، كأَنَّ عُروقَه             مَسَارِبُ حَيَّات تَشَرَّبْنَ سَمْسَمَا

قال: يعني السَّمَّ، قال: و من رواه تَسَرَّبْنَ جعل سَمْسَماً رملة، و مساربُ الحيات: آثارها في السهل إِذا مرَّت، تَسَرَّبُ: تجي‏ء و تذهب، شبَّه عروقه بمَجارِي حَيَّاتٍ لأَنها مُلْتوية. و السِّمْسِمُ: الجُلْجُلانُ؛ قال أَبو حنيفة: هو بالسَّراة و اليَمَنِ كثير، قال: و هو أَبيض.

305
لسان العرب12

سمم ص 302

الجوهري: السِّمْسِمُ حَبُّ الحَلِّ. قال ابن بري: حكى ابن خالويه أَنه يقال لبائعِ السِّمْسِمِ سَمَّاسٌ، كما قالوا لبائع اللُّؤلؤ لأْآلٌ. و
في حديث أَهل النار: كأَنهم عِيدانُ السَّماسِمِ.
؛ قال ابن الأَثير: هكذا يروى في كتاب مُسْلِمٍ على اختلاف طُرْقِهِ و نُسَخِه، فإِن صحَّت الرواية فمعناه أَن السَّماسِم جمع سِمْسِم، و عيدانُه تَراها إِذا قُلِعت و تُرِكَتْ ليؤخذ حَبُّها دِقاقاً سُوداً كأَنَّها محترقة، فشبه بها هؤلاء الذين يخرجون من النار، قال: و طالما تَطَلَّبْتُ معنى هذه اللفظة و سأَلت عنها فلم أَرَ شافياً و لا أُجِبْتُ فيها بِمُقْنِعٍ، و ما أَشبه ما تكون مُحَرَّفةً، قال: و ربما كانت كأَنهم عيدان السَّاسَمِ، و هو خشب كالآبنوس، و الله أعلم.
سنم:
سَنامُ البعير و الناقة: أَعلى ظهرها، و الجمع أَسْنِمَة. و
في الحديث: نساء على رؤوسهن كأَسْنِمة البُخْت.
؛ هُنَّ اللَّواتي يَتَعَمَّمْنَ بالمَقانِع على رؤوسهنَّ يُكَبِّرْنَها بها، و هو من شِعار المُغَنِّيات. و سَنِمَ سَنَماً، فهو سَنِمٌ: عَظُمَ سَنامُه، و قد سَنَّمه الكَلأُ و أَسْنمه. و قال الليث: جمل سَنِمٌ و ناقة سَنِمة ضخْمة السَّنام. و
في حديث لُقْمان: يَهَب المائة البكْرَةَ السَّنِمةَ.
أَي العظيمة السنام. و
في حديث ابن عُميرٍ: هاتوا بجَزُورٍ سَنِمةٍ، في غداة شَبِمةٍ.
و سنام كل شي‏ء: أَعلاه؛ و في شعر حسَّان:
و إِنَّ سَنامَ المَجْدِ، من آلِ هاشِمٍ،             بَنُو بِنتِ مَخْزومٍ و والدُك العَبْدُ

أَي أَعلى المجد؛ و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
قَضى القُضاة أَنها سَنامُها


فسَّره فقال: معناه خِيارُها، لأَن السَّنام خِيارُ ما في البعير، و سَنَّم الشي‏ءَ: رَفَعَه. و سَنَّم الإِناء إِذا ملأَه حتى صار فوقه كالسَّنام. و مَجْدٌ مُسَنَّم: عظيم. و سَنَّم الشي‏ء و تَسَنَّمه: علاه. و تَسَنَّم الفحلُ الناقة: ركبها وَ قاعَها؛ قال يصف سحاباً:
مُتَسَنِّماً سَنِماتِها، مُتَفَجِّساً             بالهَدْرِ يَملأُ أَنْفُساً و عيونا

و يقال: تَسَنَّم السَّحابُ الأَرض إِذا جادَها. و تسنَّم الفحلُ الناقة إِذا ركب ظهرَها؛ و كذلك كلُّ ما ركبته مُقْبلًا أَو مُدْبِراً فقد تَسَنَّمْته. و أَسْنم الدخانُ أَي ارتفع. و أَسْنَمتِ النارُ: عظُمَ لَهَبُها؛ و قال لبيد:
مَشْمُولةٍ عُلِثَتْ بِنابتِ عَرْفَجٍ،             كدُخان نارٍ ساطعٍ إِسْنامُها

و يروى:
... أَسنامُها


، فمن رواه بالفتح أَراد أَعالِيَها، و من رواه بالكسر فهو مصدر أَسْنَمتْ إِذا ارتفع لَهَبُها إِسْناماً. و أَسْنِمةُ الرمل: ظُهورها المرتفعة من أَثْباجِها. يقال: أَسْنِمة و أَسْنُمة، فمن قال أَسْنُمة جعله اسماً لِرَمْلَةٍ بعينها، و مَن قال أَسْنِمة جعَلَها جمع سَنام و أَسْنِمَةٍ. و أَسْنِمةُ الرمال: حُيودها و أَشرافُها، على التشبيه بسَنام الناقة. و أَسْنُمةُ: رَمْلة ذات أَسْنِمةٍ؛ و روي بيت زهير بالوجهين جميعاً، قال:
ضَحَّوا قليلًا قَفَا كُثْبان أَسْنُمة، [أَسْنِمة]             و منهمُ بالقَسُوميَّاتِ مُعْتَرَكُ‏

الجوهري: و أَسْنُمة، بفتح الهمزة و ضم النون، أَكَمَة معروفة بقُرب طَخْفَة؛ قال بشْرٌ:
أَلا بانَ الخَلِيطُ و لم يُزاروا،             و قَلْبُك في الظَّعائن مُسْتعار

306
لسان العرب12

سنم ص 306

كأَنَّ ظِباء أَسْنُمةٍ عليها             كوانِسُ، قالِصاً عنها المَغارُ
يُفَلِّجْن الشِّفاهَ عَنُ [عَنِ‏] اقحُوانٍ             حَلاه، غِبَّ ساريةٍ، قِطارُ

و المَغارُ: مَكانِسُ الظِّباء. و قوله تعالى: وَ مِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ‏
؛ قالوا: هُوَ ماء في الجنة سمِّي بذلك لأَنه يَجْري فوق الغُرَف و القُصور. و تَسْنيمٌ: عَيْنٌ في الجنة زعموا، و هذا يوجب أَن تكون معرفة و لو كانت معرفة لم تُصْرَف. قال الزجّاج في قوله تعالى: وَ مِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ‏
؛ أَي مِزاجُه من ماء مُتَسَنِّمٍ عَيْناً تأْتيهم من عُلْوٍ تَتَسَنَّم عليهم من الغُرَف؛ الأَزهري: أَي ماء يتنزَّل عليهم من مَعالٍ و ينصبُ عيْناً على جهتين: إِحداهما أَنْ تَنْوي من تَسْنِيمِ عَيْنٍ فلما نُوِّنَتْ نصبت، و الجهة الأُخرى أَنْ تَنْوِيَ من ماء سُنِّم عيناً، كقولك رُفِعَ عيناً، و إِن لم يكن التَّسْنِيمُ اسماً للماء فالعين نكرة و التَّسْنِيمُ معرفة، و إِن كان اسماً للماء فالعين معرفة، فخرجت أَيضاً نصباً، و هذا قول الفراء، قال: و قال الزجاج قولًا يقرُب معناه مما قال الفراء. و
في الحديث: خيرُ الماء الشَّبِمُ.
يعني البارد، قال القتيبي: السَّنِمُ، بالسين و النون، و هو الماء المرتفع الظاهر على وجه الأَرض، و يروى بالشين و الباء. و كلُّ شي‏ء علا شيئاً فقد تَسَنَّمَه. الجوهري: و سَنام الأَرض نَحْرُها و وسَطُها. و ماءٌ سَنِمٌ: على وجه الأَرض. و يقال للشريف سَنِيمٌ مأْخوذ من سنام البعير، و منه تَسْنِيمُ القُبور. و قَبْرٌ مُسَنَّم إِذا كان مرفوعاً عن الأَرض. و كل شي‏ء علا شيئاً فقد تَسَنَّمه. و تَسْنِيمُ القبرِ: خلاف تَسْطيحهِ. أَبو زيد: سَنَّمْت الإِناء تَسْنِيماً إِذا ملأْته ثم حَمَلْت فوقه مثلَ السَّنام من الطعام أَو غيره. و التَّسَنُّم: الأَخذ مُغافَسةً، و تَسَنَّمه الشيب: كثر فيه و انتشر كتَشَنَّمه، و سيذكر في حرف الشين، و كلاهما عن ابن الأَعرابي، و تَسَنَّمه الشيب و أَوْشَم فيه بمعنى واحد. و يقال: تَسَنَّمْتُ الحائط إِذا علوتَه من عُرْضه. و السَّنَمة: كلُّ شجرة لا تحمِل، و ذلك إِذا جفَّت أَطرافُها و تغيرت. و السَّنَمةُ: رأْس شجرة من دِقِّ الشجر، يكون على رأْسها كهيئة ما يكون على رأْس القصَب، إِلَّا أَنه ليِّن تأْكله الإِبل أَكلًا خَضْماً. و السَّنَمُ: جِماعٌ، و أَفضل السَّنَم شجرة تسمَّى الأَسْنامَة، و هي أَعظمُها سَنَمةً؛ قال الأَزهري: السَّنَمةُ تكون للنَّصِيِّ و الصِّلِّيان و الغَضْوَر و السَّنْط و ما أَشبهها. و السَّنَمَةُ أَيضاً: النَّوْرُ، و النَّوْرُ غير الزَّهْرَة، و الفرْق بينهما أَن الزَّهْرة هي الوَرْدة الوُسْطى، و إِنما تكون السَّنَمَة للطَّريفة دون البَقْل. و سَنَمةُ الصِّلِّيان: أَطرافه التي يُنْسِلُها أَي يُلْقيها؛ قال أَبو حنيفة: زعم بعضُ الرُّواة أَن السَّنَمة ما كان من ثَمر الأَعْشاب شبيهاً بثَمر الإِذْخِر و نحوه، و ما كان كثمر القصَب، و أَن أَفْضل السَّنَمِ سَنَمُ عُشْبَة تسمَّى الأَسْنامَةَ، و الإِبل تأْكلها خَضْماً للينها، و في بعض النسخ: ليس تأْكله الإِبل خَضْماً. و نبت سَنِمٌ أَي مرتفِع، و هو الذي خرجت سَنَمَتُه، و هو ما يَعْلو رأْسه كالسُّنْبُل؛ قال الراجز:
رَعَيْتها أَكرَمَ عُودٍ عُودا:             الصِّلَّ و الصِّفْصِلَّ و اليَعْضيدا
و الخازِبازِ السَّنِمِ المَجُودا،             بحيث يَدْعُو عامِرٌ مَسْعُودا

307
لسان العرب12

سنم ص 306

و الأَسْنامة: ضرب من الشجر، و الجمع أَسْنام؛ قال لبيد:
كدُخانِ نارٍ ساطعٍ أَسْنامُها


ابن بري: و أَسْنامٌ شجر؛ و أَنشد:
سَباريتَ إِلَّا أَنْ يَرى مُتَأَمِّلٌ             قَنازِعَ أَسْنامٍ بها و ثَغامِ «2»

و سنام: اسم جبل؛ قال النابغة:
خَلَتْ بغَزالها، و دَنا عليها             أَراكُ الجِزْعِ، أَسْفَلَ من سَنامِ‏

و قال الليث: سَنام اسم جبل بالبصرة، يقال إِنه يَسير مع الدَّجال. و الإِسْنامُ: ثَمَرُ الحَليِّ؛ حكاها السيرافي عن أَبي مالك. المحكم: سَنام اسم جبل، و كذلك سُنَّم. و السُّنَّمُ: البقرة. و يَسْنَمُ: موضع.
سهم:
السَّهْمُ: واحد السِّهام. و السَّهْمُ: النصيب. المحكم: السَّهْم الحظُّ، و الجمع سُهْمان و سُهْمة؛ الأَخيرة كأُخْوة. و في هذا الأَمر سُهْمة أَي نصيب و حظّ من أَثَر كان لي فيه. و
في الحديث: كان للنبي، صلى الله عليه و سلم، سَهْم من الغنِيمة شَهِد أَو غاب.
؛ السَّهْم في الأَصل: واحد السِّهام التي يُضْرَب بها في المَيْسِر و هي القِداح ثم سُمِّيَ به ما يفوز به الفالِجُ سَهْمُهُ، ثم كثر حتى سمي كل نصيب سَهْماً، و تجمع على أَسْهُمٍ و سِهام و سُهمان، و منه‏
الحديث: ما أَدري ما السُّهْمانُ.
و
في حديث عمر: فلقد رأَيتُنا نَسْتَفِي‏ءُ سُهْمانها.
و
حديث بُرَيْدَةَ: خرج سَهْمُك.
أَي بالفَلْجِ و الظَّفَرِ. و السَّهْم: القِدْح الذي يُقارَع به، و الجمع سِهام. و اسْتَهَمَ الرجلان: تقارعا. و ساهَمَ القومَ فسهَمَهُمْ سَهْماً: قارعهم فَقَرَعَهُمْ. و ساهَمْتُهُ أَي قارعته فَسَهَمْتُهُ أَسْهَمُه، بالفتح، و أَسْهَمَ بينهم أَي أَقْرَعَ. و اسْتَهَمُوا أَي اقترعوا. و تَساهَمُوا أَي تقارعوا. و في التنزيل: فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ‏
؛ يقول: قارَعَ أَهْلَ السفينة فَقُرِعَ. و
قال النبي، صلى الله عليه و سلم، لرجلين احْتَكما إِليه في مواريث قد دَرَسَت: اذهبا فَتَوخَّيا، ثم اسْتَهِما، ثم ليأْخذ كلُّ واحد منكما ما تخرجه القسمةُ بالقُرْعةِ، ثم لِيُحْلِلْ كلُّ واحد منكما صاحبَه فيما أَخَذ و هو لا يَسْتَيْقِنُ أَنه حقه.
؛ قال ابن الأَثير:
قوله اذهَبا فتَوَخَّيا ثم اسْتَهِما.
أَي اقْتَرِعا يعني ليظهر سَهْمُ كلِّ واحدٍ منكما. و
في حديث ابن عمر: وقع في سَهْمِي جاريةٌ.
يعني من المَغْنَم. و السُّهْمَةُ: النصيب. و السَّهْمُ: واحد النَّبْلِ، و هو مَرْكَبُ النَّصْلِ، و الجمع أَسْهُمٌ و سِهامٌ. قال ابن شميل: السَّهْمُ نفس النَّصْل، و قال: لو التَقَطْت نَصْلًا لقلت ما هذا السَّهْمُ معك، و لو التقطت قِدْحاً لم تقل ما هذا السَّهْمُ معك، و النَّصْلُ السَّهْم العريض الطويل يكون قريباً من فِتْرٍ و المِشْقَص على النصف من النَّصْل، و لا خير فيه، يَلْعَبُ به الوِلْدانُ، و هو شر النَّبْلِ و أَحرضه؛ قال: و السَّهْمُ ذو الغِرارَيْنِ و العَيْرِ، قال: و القُطْبَةُ لا تُعَدُّ سَهْماً، و المِرِّيخُ الذي على رأْسه العظيمة يرمي بها أَهل البصرة بين الهَدَفَيْنِ، و النَّضِيُّ متن القِدْح ما بين الفُوق و النَّصْل. و المُسَهَّمُ: البُرْدُ المخطط؛ قال ابن بري: و منه قول أَوْسٍ:
فإِنا رأَينا العِرْضَ أَحْوَجَ، ساعةً،             إِلى الصَّوْنِ، من رَيْطٍ يَمانٍ مُسَهَّمِ‏

__________________________________________________
 (2). قوله [و أَسنام شجر و أَنشد سباريت إِلخ‏] عبارة التكملة: أَبو نصر الإسنامة يعني بالكسر ثمر الحلي، قال ذو الرمة سباريت إِلخ و أَسنام في البيت مضبوط فيها بالكسر.

308
لسان العرب12

سهم ص 308

و
في حديث جابر: أَنه كان يصلي في بُرْدٍ مُسَهَّمٍ.
أَي مُخَطَّطٍ فيه وَشْيٌ كالسِّهامِ. و بُرْدٌ مُسَهَّمٌ: مخطط بصور على شكل السِّهام؛ و قال اللحياني: إِنما ذلك لوَشْيٍ فيه؛ قال ذو الرُّمَّةِ يصف داراً:
كأَنَّها بعد أَحْوالٍ مَضَيْنَ لها،             بالأَشْيَمَيْنِ، يَمانٍ فيه تَسْهِيمُ‏

و السَّهْمُ: القِدْحُ الذي يُقارَعُ به. و السَّهْمُ: مقدار ست أَذرع في معاملات الناس و مِساحاتِهم. و السَّهْمُ: حجر يجعل على باب البيت الذي يبنى للأَسد ليُصاد فيه، فإِذا دخله وقع الحجر على الباب فسدَّه. و السُّهْمَةُ، بالضم: القرابة؛ قال عَبِيدٌ:
قد يُوصَلُ النازِحُ النَّائي، و قد             يُقْطَعُ ذو السُّهْمَةِ القريبُ‏

و قال:
بَني يَثْرَبيٍّ، حَصِّنوا أَيْنُقاتِكُم             و أَفْراسَكُمْ من ضَرْبِ أَحْمَرَ مُسْهَمِ‏
و لا أُلْفِيَنْ ذا الشَّفِّ يَطْلُبُ شِفَّهُ،             يُداوِيهِ منْكُمْ بالأَدِيم المُسَلَّمِ‏

أَراد بقوله‏
... أَيْنُقاتِكُمْ             و أَفْراسكم ...

نساءهم؛ يقول: لا تُنْكِحُوهُنّ غير الأَكفاء، و قوله‏
... من ضَرْب أَحْمر مُسْهَمِ‏


يعني سِفاد رجل من العجم، و قوله‏
... بالأَديم المُسَلَّمِ‏


أَي يَتَصَحَّحُ بكم. و السُّهام و السَّهامُ: الضُّمْرُ و تَغَيُّر اللون و ذُبولُ الشَّفَتين. سَهَمَ، بالفتح، يَسْهَمُ سُهاماً و سُهوماً و سَهُمَ أَيضاً، بالضم، يَسْهُمُ سُهوماً فيهما و سُهِمَ يُسْهَمُ، فهو مَسْهومٌ إِذا ضَمُرَ: قال العجَّاجُ:
فهي كرِعْدِيدِ الكَثِيبِ الأَهْيَمِ             و لم يَلُحْها حَزَنٌ على ابْنِمِ‏
و لا أَبٍ و لا أَخٍ فتَسْهُمِ‏


و
في الحديث: دخل عليَّ ساهِمَ الوَجْهِ.
أَي مُتَغَيِّره. يقال: سَهَمَ لونُهُ يَسْهَمُ إِذا تَغير عن حالهِ لعارض. و
في حديث أُم سلمة: يا رسول الله، ما لي أَراك ساهِمَ الوَجْهِ؟.
و
حديث ابن عباس في ذكر الخوارج: مُسَهَّمةٌ وُجُوهُهُمْ.
؛ و قول عَنْترَة:
و الخَيْلُ ساهِمَةُ الوُجُوهِ، كأَنَّما             يُسْقى فَوارِسُها نَقِيعَ الحَنْظَلِ‏

فسره ثعلب فقال: إِنما أَراد أَن أَصحاب الخيل تغيرت أَلوانُهم مما بهم من الشدّة، أَ لا تراه قال يُسْقَى فَوارِسُها نَقيعَ الحَنْظَلِ؟ فلو كان السُّهام للخيل أَنْفُسِها لقال كأَنَّما تُسْقَى نَقيعَ الحَنْظَلِ. و فرس ساهِمُ الوَجْه: محمول على كريهة الجَرْي، و قد سُهِمَ، و أَنشد بيت عنترة: و الخيل ساهِمَةُ الوجوهِ؛ و كذا الرجل إِذا حُمِلُ على كرِيهةٍ في الحرب و قد سُهِمَ. و فرس مُسْهَمٌ إِذا كان هجيناً يُعْطَى دون سَهْمِ العَتِيقِ من الغنيمة. و السُّهومُ: العُبوس عُبوسُ الوجهِ من الهمِّ؛ قال:
إِن أَكُنْ مُوثَقاً لكِسرَى، أَسيراً             في هُمومٍ و كُرْبَةٍ و سُهومِ‏
رَهْنَ قَيْدٍ، فما وَجَدْتُ بلاءً             كإِسارِ الكريم عند اللَّئيمِ‏

و السُّهامُ: داء يأْخذ الإِبل؛ يقال: بعير مَسْهومٌ و به سُهامٌ، و إِبل مُسَهَّمَةٌ؛ قال أَبو نُخَيْلَةَ:
و لم يَقِظْ في النَّعَمِ المُسَّهَمِ‏


و السَّهام: وَهَجُ الصَّيْفِ و غَبَراتُهُ؛ قال ذو الرمة:

309
لسان العرب12

سهم ص 308

كأَنَّا على أَولاد أَحْقَبَ لاحَها،             و رَمْيُ السَّفَا أَنْفاسَها بسَهامِ‏

و سُهِمَ الرجلُ أَي أَصابه السَّهامُ. و السَّهامُ: لُعاب الشيطان؛ قال بِشْرُ بن أَبي خازِمٍ:
و أَرْض تَعْزِفُ الجِنَّانُ فِيها،             فيافِيها يَطِيرُ بها السَّهامُ‏

ابن الأَعرابي: السُّهُمُ غَزْلُ عَيْنِ الشمس، و السُّهُمُ: الحرارة الغالبةُ. و السَّهامُ، بالفتح: حَرُّ السَّمُومِ. و قد سُهِمَ الرجلُ، على ما لم يُسَمَّ فاعلُه، إِذا أَصابته السَّمُومُ. و السَّهامُ: الريح الحارَّة، واحدها و جمعها سواء؛ قال لبيد:
و رَمَى دَوابِرَها السَّفَا، و تَهَيَّجَتْ             رِيحُ المَصايِفِ سَوْمُها و سَهامُها

و السَّهُومُ: العُقابُ. و أَسْهَمَ الرجلُ، فهو مُسْهَمٌ، نادر، إِذا كثر كلامه كأَسْهَبَ فهو مُسْهَبٌ، و الميم بدل من الباء. و السُّهُمُ و الشُّهُمُ، بالسين و الشين: الرجال العقلاء الحُكماءُ العُمَّالُ. و رجل مُسْهَمُ العقلِ و الجسمِ: كمُسْهَبٍ، و حكى يعقوب أَن ميمه بدل، و حكى اللحياني: رجل مُسْهَمُ العقلِ كمُسْهَبٍ، قال: و هو على البدل أَيضاً، و كذلك مُسْهَمُ الجسمِ إِذا ذهب جسمُه في الحُبِّ. و الساهِمَةُ: الناقة الضامرةُ؛ قال ذو الرُّمَّة:
أَخا تَنائِفَ أَغْفَى عند ساهِمَةٍ             بأَخْلَقِ الدفِّ، في تَصديره جُلَبُ‏

يقول: زار الخَيالُ أَخا تَنائِفَ نام عند ناقة ضامرة مهزولة بجنبها قُروحٌ من آثار الحِبال، و الأَخْلَقُ: الأَملس. و إِبل سَواهِمُ إِذا غيرها السفر. و سَهْمُ البيتِ: جائِزُهُ. و سَهْمٌ: قبيلة في قريش. و سَهْمٌ أَيضاً: في باهِلَة. و سَهْمٌ و سُهَيمٌ: اسمان. و سَهامٌ: موضع؛ قال أُميَّةُ بن أَبي عائِذٍ:
تَصَيَّفْتُ نَعْمانَ، و اصَّيَفَتْ             جُنُوبَ سَهامٍ إِلى سُرْدَدِ

سوم:
السَّوْمُ: عَرْضُ السِّلْعَةِ على البيع. الجوهري: السَّوْمُ في المبايعة يقال منه ساوَمْتُهُ سُواماً، و اسْتامَ عليَّ، و تساوَمْنا، المحكم و غيره: سُمْتُ بالسلْعةِ أَسومُ بها سَوْماً و ساوَمْت و اسْتَمْتُ بها و عليها غاليت، و اسْتَمْتُه إِياها و عليها غالَيْتُ، و اسْتَمْتُهُ إِياها سأَلته سَوْمَها، و سامَنيها ذَكَرَ لي سَوْمَها. و إِنه لغالي السِّيمَةِ و السُّومَةِ إِذا كان يُغْلي السَّوْمَ. و يقال: سُمْتُ فلاناً سِلعتي سَوْماً إِذا قلتَ أَ تأْخُذُها بكذا من الثمن؟ و مثل ذلك سُمْتُ بسِلْعتي سَوْماً. و يقال: اسْتَمْتُ عليه بسِلْعتي استِياماً إِذا كنتَ أَنت تذكر ثمنها. و يقال: اسْتامَ مني بسِلْعتي اسْتِياماً إِذا كان هو العارض عليك الثَّمَن. و سامني الرجلُ بسِلْعته سَوْماً: و ذلك حين يذكر لك هو ثمنها، و الاسم من جميع ذلك السُّومَةُ و السِّيمَةُ. و
في الحديث: نهى أَن يَسومَ الرجلُ على سَومِ أَخيه.
؛ المُساوَمَةُ: المجاذبة بين البائع و المشتري على السِّلْعةِ و فصلُ ثمنها، و المنهي عنه أَن يَتَساوَمَ المتبايعانِ في السِّلْعَةِ و يتقارَبَ الانعِقادُ فيجي‏ء رجل آخر يريد أَن يشتري تلك السِّلْعَةَ و يخرجها من يد المشتري الأَوَّل بزيادة على ما اسْتَقَرَّ الأَمرُ عليه بين المُتساوِمَيْنِ و رضيا به قبل الانعقاد، فذلك ممنوع عند المقاربة لما فيه من الإِفساد، و مباح في أَوَّل العَرْضِ و المُساوَمَةِ. و
في الحديث أَيضاً: أَنه، صلى الله‏

310
لسان العرب12

سوم ص 310

عليه و سلم، نهى عن السَّوْم قبل طلوع الشمس.
؛ قال أَبو إِسحاق: السَّوْمُ أَن يُساوِمَ بسِلْعَتِه، و نهى عن ذلك في ذلك الوقت لأَنه وقت يذكر الله فيه فلا يشتغل بغيره، قال: و يجوز أَن يكون السَّوْمُ من رَعْي الإِبل، لأَنها إِذا رَعَت الرِّعْي قبل شروق الشمس عليه و هو نَدٍ أَصابها منه داء قتلها، و ذلك معروف عند أَهل المال من العرب. و سُمْتُكَ بَعِيرَك سِيمةً حسنة، و إِنه لغالي السِّيمةِ. و سامَ أَي مَرَّ؛ و قال صخر الهذلي:
أُتِيحَ لها أُقَيْدِرُ ذو حَشِيفٍ،             إِذا سامَتْ على المَلَقاتِ ساما

و سَوْمُ الرياح: مَرُّها، و سامَتِ الإِبلُ و الريحُ سَوْماً: استمرّت؛ و قول ذي الرُّمَّةِ:
و مُسْتامة تُسْتامُ، و هي رَخِيصةٌ،             تُباعُ بِصاحاتِ الأَيادي و تُمْسَحُ‏

يعني أَرضاً تَسُومُ فيها الإِبل، من السَّوْم الذي هو الرَّعْي لا من السَّوْم الذي هو البيع، و تُباعُ: تَمُدُّ فيها الإِبل باعَها، و تَمْسَحُ: من المسح الذي هو القطع، من قول الله عز و جل: فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ. الأَصمعي: السَّوْمُ سرعة المَرِّ؛ يقال: سامَتِ الناقَةُ تَسُومُ سَوْماً؛ و أَنشد بيت الراعي:
مَقَّاء مُنْفَتَقِ الإِبطَيْنِ ماهِرَة             بالسَّوْمِ، ناطَ يَدَيْها حارِكٌ سَنَدُ

و منه قول عبد الله ذي النِّجادَيْنِ يخاطب ناقةَ سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم:
تَعَرَّضي مَدارِجاً و سُومي،             تَعَرُّضَ الجَوْزاء للنُّجومِ‏

و قال غيره: السَّوْمُ سرعة المَرِّ مع قصد الصَّوْب في السير. و السَّوَامُ و السائمةُ بمعنى: و هو المال الراعي. و سامَتِ الراعيةُ و الماشيةُ و الغنم تَسُومُ سَوْماً: رعت حيث شاءت، فهي سائِمَةٌ؛ و قوله أَنشده ثعلب:
ذاكَ أَمْ حَقْباءُ بَيْدانةٌ             غَرْبَةُ العَيْنِ، جِهادُ المَسامْ «3»

و فسره فقال: المَسامُ الذي تَسومُهُ أَي تلزمه و لا تَبْرَحُ منه. و السَّوامُ و السائمةُ: الإِبل الراعية. و أَسامَها هو: أَرعاها، و سَوَّمَها، أَسَمْتُها أَنا: أَخرجتها إِلى الرَّعْيِ؛ قال الله تعالى: فِيهِ تُسِيمُونَ‏
. و السَّوَامُ: كل ما رعى من المال في الفَلَواتِ إِذا خُلِّيَ و سَوْمَهُ يرعى حيث شاء. و السَّائِمُ: الذاهب على وجهه حيث شاء. يقال: سامَتِ السائمةُ و أَنا أَسَمْتُها أُسِيمُها إِذا رَعَّيْتَها. ثعلب: أَسَمْتُ الإِبلَ إِذا خَلَّيْتَها ترعى. و قال الأَصمعي: السَّوامُ و السائمة كل إِبل تُرْسَلُ ترعى و لا تُعْلَفُ في الأَصل، و جَمْعُ السَّائم و السائِمة سَوائِمُ. و
في الحديث: في سائِمَةِ الغَنَمِ زكاةٌ.
و
في الحديث أَيضاً: السائمة جُبَارٌ.
يعني أَن الدابة المُرْسَلَة في مَرْعاها إِذا أَصابت إِنساناً كانت جنايتُها هَدَراً. و سامه الأَمرَ سَوْماً: كَلَّفَه إِياه، و قال الزجاج: أَولاه إِياه، و أَكثر ما يستعمل في العذاب و الشر و الظلم. و في التنزيل: يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ*
؛ و قال أَبو إِسحاق: يَسُومُونَكُمْ*
 يُولُونَكم؛ التهذيب: و السَّوْم من قوله تعالى يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ*

__________________________________________________
 (3). قوله [جهاد المسام‏] البيت للطرماح كما نسبه إليه في مادة جهد، لكنه أبدل هناك المسام بالسنام و هو كذلك في نسخة من المحكم.

311
لسان العرب12

سوم ص 310

؛ قال الليث: السَّوْمُ أَن تُجَشِّمَ إِنساناً مشقة أَو سوءاً أَو ظلماً، و قال شمر: سامُوهم أَرادوهم به، و قيل: عَرَضُوا عليهم، و العرب تقول: عَرَضَ عليَّ سَوْمَ عالَّةٍ؛ قال الكسائي: و هو بمعنى قول العامة عَرْضٌ سابِريٌّ؛ قال شمر: يُضْرَبُ هذا مثلًا لمن يَعْرِضُ عليك ما أَنت عنه غَنيّ، كالرجل يعلم أَنك نزلت دار رجل ضيفاً فَيَعْرِضُ عليك القِرى. و سُمْتُه خَسْفاً أَي أَوليته إِياه و أَردته عليه. و يقال: سُمْتُه حاجةً أَي كلفته إِياها و جَشَّمْتُه إِياها، من قوله تعالى: يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ*
؛ أَي يُجَشِّمونَكم أَشَدَّ العذاب. و
في حديث فاطمة: أَنها أَتت النبي، صلى الله عليه و سلم، بِبُرْمةٍ فيها سَخِينَةٌ فأَكل و ما سامني غَيْرَهُ، و ما أَكل قَطُّ إِلَّا سامني غَيْرَهُ.
؛ هو من السَّوْمِ التكليف، و قيل: معناه عَرَضَ عَليَّ، من السَّوْمِ و هو طلب الشراء. و
في حديث علي، عليه السلام: مَن ترك الجهادَ أَلْبَسَهُ الله الذِّلَّةَ و سِيمَ الخَسْف.
أَي كُلِّفَ و أُلْزِمَ. و السُّومَةُ و السِّيمةُ و السِّيماء و السِّيمِياءُ: العلامة. و سَوَّمَ الفرسَ: جعل عليه السِّيمة. و قوله عز و جل: حِجارَةً مِنْ طِينٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ‏
؛
قال الزجاج: روي عن الحسن أَنها مُعَلَّمة ببياض و حمرة.
و قال غيره: مُسَوَّمة بعلامة يعلم بها أَنها ليست من حجارة الدنيا و يعلم بسيماها أَنها مما عَذَّبَ اللهُ بها؛ الجوهري: مُسَوَّمة أَي عليها أَمثال الخواتيم. الجوهري: السُّومة، بالضم، العلامة تجعل على الشاة و في الحرب أَيضاً، تقول منه: تَسَوَّمَ. قال أَبو بكر: قولهم عليه سِيما حَسَنَةٌ معناه علامة، و هي مأُخوذة من وَسَمْتُ أَسِمُ، قال: و الأَصل في سيما وِسْمى فحوّلت الواو من موضع الفاء فوضعت في موضع العين، كما قالوا ما أَطْيَبَهُ و أَيْطَبَه، فصار سِوْمى و جعلت الواو ياء لسكونها و انكسار ما قبلها. و في التنزيل العزيز: وَ الْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ
. قال أَبو زيد: الخيل المُسَوَّمة المُرْسَلة و عليها ركبانها، و هو من قولك: سَوَّمْتُ فلاناً إِذا خَلَّيته و سَوْمه أَي و ما يريد، و قيل: الخيل المُسَوَّمة هي التي عليها السِّيما و السُّومةُ و هي العلامة. و قال ابن الأَعرابي: السِّيَمُ العلاماتُ على صُوف الغنم. و قال تعالى: مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ‏
؛ قرئَ بفتح الواو، أَراد مُعَلَّمين. و الخَيْلُ المُسَوَّمة: المَرْعِيَّة، و المُسَوَّمَةُ: المُعَلَّمةُ. و قوله تعالى: مُسَوِّمِينَ‏
، قال الأَخفش: يكون مُعَلَّمين و يكون مُرْسَلِينَ من قولك سَوَّم فيها الخيلَ أَي أَرسلها؛ و منه السائمة، و إِنما جاء بالياء و النون لأَن الخيل سُوِّمَتْ و عليها رُكْبانُها. و
في الحديث: إِن لله فُرْساناً من أَهل السماء مُسَوَّمِينَ.
أَي مُعَلَّمِينَ. و
في الحديث: قال يوم بَدْرٍ سَوِّمُوا فإِن الملائكة قد سَوَّمَتْ.
أَي اعملوا لكم علامة يعرف بها بعضكم بعضاً. و
في حديث الخوارج: سِيماهُمُ التحليق.
أَي علامتهم، و الأَصل فيها الواو فقلبت لكسرة السين و تمدّ و تقصر، الليث: سَوَّمَ فلانٌ فرسه إِذا أَعْلَم عليه بحريرة أَو بشي‏ء يعرف به، قال: و السِّيما ياؤها في الأَصل واو، و هي العلامة يعرف بها الخير و الشر. قال الله تعالى: تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ‏
؛ قال: و فيه لغة أُخرى السِّيماء بالمد؛ قال الراجز:
         غُلامٌ رَماه اللهُ بالحُسْنِ يافِعاً،             له سِيماءُ لا تَشُقُّ على البَصَرْ «1».

تأْنيث سِيما غيرَ مُجْرىً. الجوهري: السيما مقصور من الواو، قال تعالى: سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ‏
؛ قال:
__________________________________________________
 (1). قوله سيماء؛ هكذا في الأَصل، و الوزن مختل، و لعلَّها سيمياء كما سوف يأتي في الصفحة التالية.

312
لسان العرب12

سوم ص 310

و قد يجي‏ء السِّيما و السِّيميَا ممدودين؛ و أَنشد لأُسَيْدِ بن عَنْقاء الفَزارِيِّ يمدح عُمَيْلَةَ حين قاسمه مالَه:
غُلامٌ رَماه الله بالحُسْنِ يافعاً،             له سِيمِياءٌ لا تَشُقُّ على البَصَرْ
كأَنَّ الثُّرَيَّا عُلِّقَتْ فَوْقَ نَحْرِهِ،             و في جِيدِه الشِّعْرَى، و في وجهه القَمَر

له سِيمياء لا تشق على البصر أَي يَفْرَح به من ينظر إِليه. قال ابن بري: و حكى عليُّ بنُ حَمْزَة أَن أَبا رِياشٍ قال: لا يَرْوي بيتَ ابن عنقاء الفزاري:
غلام رماه الله بالحسن يافعاً


إِلا أَعمى البصيرة لأَن الحُسْنَ مَوْلود، و إِنما هو:
رماه الله بالخير يافعاً


قال: حكاه أَبو رِياشٍ عن أَبي زيد. الأَصمعي: السِّيماءُ، ممدودة، السِّيمِياءُ؛ أَنشد شمر في باب السِّيما مقصورةً للجَعْدِي:
و لهُمْ سِيما، إِذا تُبْصِرُهُمْ،             بَيَّنَتْ رِيبةَ من كانَ سَأَلْ‏

و السَّامةُ: الحَفْرُ الذي على الرَّكِيَّة، و الجمع سِيَمٌ، و قد أَسامَها، و السَّامَةُ: عِرْقٌ في الجَبل مُخالف لجِبِلَّتِه إِذا أُخذَ من المَشْرِقِ إِلى المغرب لم يُخْلِف أَن يكون فيه مَعْدِنُ فضَّة، و الجمع سامٌ، و قيل: السَّامُ عُروق الذهب و الفضة في الحَجر، و قيل: السَّامُ عُروق الذهب و الفضة، واحدته سامَةٌ، و به سمي سامَةُ بن لُؤَيِّ بن غالب؛ قال قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ:
لَوَ انَّكَ تُلْقِي حَنْظَلًا فَوْقَ بَيْضِنا،             تَدَحْرَجَ عن ذِي سامِهِ المُتَقارِبِ‏

أَي على ذي سامه، و عن فيه بمعنى على، و الهاء في سامه ترجع إِلى البيض، يعني البَيْضَ المُمَوَّهَ به أَي البيض الذي له سامٌ؛ قال ثعلب: معناه أَنهم تَراصُّوا في الحرب حتى لو وقع حَنْظَلٌ على رؤوسهم على امِّلاسه و اسْتِواءِ أَجزائه لم ينزل إِلى الأَرض، قال: و قال الأَصمعي و ابن الأَعرابي و غيره: السامُ الذهب و الفضة؛ قال النابغة الذُّبْيانيُّ:
كأَنَّ فاها، إِذا تُوَسَّنُ، من             طِيبِ رُضابٍ و حُسْنِ مُبْتَسَمِ‏
رُكِّبَ في السَّامِ و الزبيب أَقاحِيُّ             كَثِيبٍ، يَنْدَى من الرِّهَمِ‏

قال: فهذا لا يكون إِلا فضة لأَنه إِنما شبه أَسنان الثغر بها في بياضها، و الأَعْرَفُ من كل ذلك أَن السَّامَ الذهبُ دون الفضة. أَبو سعيد: يقال للفضة بالفارسية سِيمٌ و بالعربية سامٌ. و السامُ: المَوْتُ. و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه قال: في الحَبَّةِ السَّوداء شفاءٌ من كل داء إِلا السَّامَ، قيل: و ما السَّامُ؟ قال: المَوْتُ.
و
في الحديث: كانت اليهود إِذا سَلَّموا على النبي، صلى الله عليه و سلم، قالوا السَّامُ عليكم، و يُظْهرون أَنهم يريدون السلام عليكم، فكان النبي، صلى الله عليه و سلم، يَرُدُّ عليهم فيقول: و عليكم.
أَي و عليكم مثلُ ما دَعَوْتم. و
في حديث عائشة: أَنها سمعت اليهود تقول للنبي، صلى الله عليه و سلم: السَّامُ عليك يا أَبا القاسم، فقالت: عليكم السامُ و الذامُ و اللعنةُ.
و لهذا
قال، عليه السلام: إِذا سلم عليكم أَهل الكتاب فقولوا و عليكم.
يعني الذي يقولون لكم رُدُّوه عليهم؛ قال الخطابي: عامة المُحَدِّثِينَ يَرْوُونَ هذا الحديث يقولون و عليكم، بإِثبات واو العطف، قال: و كان ابن عيينة يرويه بغير

313
لسان العرب12

سيم ص 314

واو و هو الصواب لأَنه إِذا حذف الواو صار قولهم الذي قالوه بعينه مردوداً عليهم خاصة، و إِذا أَثبت الواو وقع الاشتراك معهم فيما قالوه لأَن الواو تجمع بين الشيئين، و الله أَعلم. و
في الحديث: لكل داءٍ دواءٌ إِلا السَّامَ.
يعني الموت. و السَّامُ: شجر تعمل منه أَدْقالُ السُّفُنِ؛ هذه عن كراع؛ و أَنشد شمر قول العجاج:
و دَقَلٌ أَجْرَدُ شَوْذَبيُّ             صَعْلٌ من السَّامِ و رُبَّانيُ‏

أَجْرَدُ يقول الدَّقَلُ لا قِشْر عليه، و الصَّعْلُ الدقيق الرأْس، يعني رأْس الدَّقَل، و السَّام شجر يقول الدَّقَلُ منه، و رُبَّانيٌّ: رأْس المَلَّاحين. و سامَ إِذا رَعى، و سامَ إِذا طَلَبَ، و سامَ إِذا باع، و سامَ إِذا عَذَّبَ. النَّضْرُ: سامَ يَسُوم إِذا مَرَّ. و سامَتِ الناقةُ إِذا مضت، و خلى لها سَومْها أَي وَجْهها. و قال شجاع: يقال سارَ القومُ و ساموا بمعنىً واحد. ابن الأَعرابي: السَّامَةُ الساقةُ، و السَّامَةُ المَوْتَةُ، و السَّامَةُ السَّبِيكةُ من الذَّهب، و السَّامةُ السَّبِيكة من الفضة، و أَما قولهم لا سِيمَّا فإِن تفسيره في موضعه لأَن ما فيها صلة. و سامَتِ الطيرُ على الشي‏ء تَسُومُ سَوْماً: حامت، و قيل: كل حَومٍ سَوْمٌ. و خلَّيْتُه و سَوْمَه أَي و ما يريد. و سَوَّمَه: خَلَّاه و سَوْمَه أَي و ما يريد. و من أَمثالهم: عَبْدٌ و سُوِّمَ أَي و خُلِّيَ و ما يريد. و سَوَّمه في مالي: حَكَّمَه. و سَوَّمْتُ الرجلَ تَسْوِيماً إِذا حَكَّمْتَه في مالك. و سَوَّمْتُ على القوم إِذا أَغَرْتَ عليهم فعِثْتَ فيهم. و سَوَّمْتُ فلاناً في مالي إِذا حَكَّمْتَه في مالك. و السَّوْمُ: العَرْضُ؛ عن كراع. و السُّوامُ: طائر. و سامٌ: من بني آدم، قال ابن سيدة: و قضينا على أَلفه بالواو لأَنها عين. الجوهري: سامٌ أَحد بني نوح، عليه السلام، و هو أَبو العرب. و سَيُومُ: جبل «2». يقولون، و الله أَعلم: مَنْ حَطَّها من رأْسِ سَيُومَ؟ يريدون شاة مسروقة من هذا الجبل.
سيم:
قوم سُيُوم آمِنُونَ. و
في حديث هجرة الحَبَشَة: قال النجاشي لمن هاجر إِلى أَرضه امْكُثوا فأَنتم سُيُوم بأَرْضي.
أَي آمنون؛ قال ابن الأَثير كذا جاء تفسيره، قال: هي كلمة حبشية، و تروى بفتح السين، و قيل: سُيُومٌ جمع سائم أَي تَسُومُون في بلدي كالغنم السائمة لا يعارضكم أَحد، و الله تعالى أَعلم.
فصل الشين المعجمة
شأم:
الشُّؤْمُ: خلافُ اليُمْنِ. و رجل مَشْؤُوم على قومه، و الجمع مَشائِيمُ نادر، و حكمه السلامة؛ أَنشد سيبويه للأَحْوص اليَرْبوعي:
مَشائِيمُ ليسوا مُصْلحين عَشيرةً،             و لا ناعِبٍ إِلَّا بشُؤْمٍ غُرابُها

رَدَّ ناعباً على موضع مصلحين، و موضعه خفض بالباء أَي ليسوا بمصلحين لأَن قولك ليسوا مصلحين و ليسوا بمصلحين معناهما واحد، و قد تَشاءمُوا به. و
في الحديث: إِن كان الشُّؤْم ففي ثلاث.
؛ معناه إِن كان فيما تكره عاقبته و يخاف ففي هذه الثلاث، و تخصيصه لها لأَنه لما أَبطل مذهب العرب في التَّطَيُّر بالسَّوانِح‏
__________________________________________________
 (2). قوله [و سيوم جبل إلخ‏] كذا بالأصل، و الذي في القاموس و التكملة: يسوم، بتقديم الياء على السين، و مثلهما في ياقوت.

314
لسان العرب12

شأم ص 314

و البَوارِح من الطير و الظباء و نحوها، قال: فإِن كانت لأَحدكم دار يكره سكناها أَو امرأَة يكره صُحْبَتَها أَو فرس يكره ارتباطها فليفارقها بأَن ينتقل عن الدار و يطلق المرأَة و يبيع الفرس، و قيل: شُؤْمُ الدار ضِيقُها و سوء جارها، و شؤْم المرأَة أَن لا تلد، و شؤم الفرس أَن لا يُنْزى عليها، و الواو في الشؤم همزة و لكنها خففت فصارت واواً، و غلب عليها التخفيف حتى لم ينطق بها مهموزة، و قد شُئِمَ عليهم و شَؤُمَ و شأَمَهُم، و ما أَشْأَمه، و قد تَشاءَم به. و المَشْأَمة: الشُّؤْمُ. و يقال: شَأَمَ فلانٌ أَصحابه إِذا أَصابهم شُؤْم من قِبَله. الجوهري: يقال: ما أَشْأَمَ فلاناً، و العامَّة تقول ما أَيْشَمَه. و قد شَأَمَ فلان على قومه يَشْأَمُهم، فهو شائِمٌ إِذا جَرَّ عليهم الشُّؤم، و قد شُئِمَ عليهم فهو مَشْؤُومٌ إِذا صار شُؤماً عليهم. و طائر أَشْأَمُ: جارٍ بالشُّؤْم. و يقال: هذا طائر أَشْأَمُ و طير أَشْأَمُ، و الجمع الأَشائِمُ، و الأَشائِمُ نقيض الأَيامِنِ؛ و أَنشد أَبو عبيدة:
         فإِذا الأَشائِمُ كالأَيامِنِ،             و الأَيامِنُ كالأَشائِمْ‏

قال أَبو الهيثم: العرب تقول أَشْأَمُ كلِّ امْرئٍ بين لَحْيَيْه؛ قال: أَشْأَمُ في معنى الشُّؤْم يعني اللسانَ؛ و أَنشد لزهير:
فَتُنْتَجْ لكم غِلْمانَ أَشْأَمَ كُلُّهُمْ             كأَحْمَرِ عادٍ، ثم تُرْضِعْ فَتَفْطِم‏

قال: غِلْمانَ أَشْأَمَ أَي غِلْمانَ شُؤْمٍ؛ قال الجوهري: و هو أَفعل بمعنى المصدر لأَنه أَراد غِلْمان شُؤْمٍ فجعل اسم الشُّؤم أَشْأَم كما جعلوا اسم الضَّرِّ الضَّرَّاء، فلهذا لم يقولوا شَأْماء، كما لم يقولوا أَضَرُّ للمذكر إِذا كان لا يقع بين مؤنثه و مذكره فصل لأَنه بمعنى المصدر. و يقولون: قد يُمِنَ فلانٌ على قومه فهو مَيْمون عليهم، و قد شُئِمَ عليهم فهو مَشْؤُوم عليهم بهمزة واحدة بعدها واو، و قوم مَشائِيمُ و قوم مَيامين. و رجل شَآمٍ و تَهامٍ إِذا نسبت إِلى تِهامةَ و الشأْم، و كذلك رجل يَمانٍ، زادوا أَلفاً فخففوا ياء النسبة. و
في الحديث: إِذا نَشَأَتْ بَحْريةً ثم تَشاءَمَتْ فتلك عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ.
؛ تشاءمت: أَخَذتْ نحوَ الشَّأْم. و يقال: تَشاءَمَ الرجل إِذا أَخذ نحو شِماله. و أَشْأَمَ و شاءَمَ إِذا أَتى الشَّأْمَ، و يامَنَ القومُ و أَيْمَنُوا إِذا أَتَوا اليَمَنَ. و
في صفة الإِبل: و لا يأْتي خَيْرُها إِلَّا من جانبها الأَشْأَم.
، يعني الشِّمال؛ و منه قيل لليد الشمال الشُّؤْمى تأْنيثُ الأَشْأَم، يريد بخيرها لَبَنَها لأَنها إِنما تُحْلَبُ و تُرْكَبُ من الجانب الأَيسر. و
في حديث عَدِيٍّ: فيَنْظُرُ أَيْمَنَ منه و أَشْأَمَ فلا يَرَى إِلَّا ما قدَّمَ.
و الشُّؤْمى من اليدين: نقيض اليُمْنى، ناقَضُوا بالاسْمَيْنِ حيث تناقضت الجهتان؛ قال القطامِيُّ يصف الكلابَ و الثَّوْرَ:
فَخَرَّ على شُؤْمى يَدَيْهِ، فَذَادَها             بأَظْمأَ مِنْ فَرْعِ الذُّؤَابةِ أَسْحُما

و الشَّأْمَةُ: خلاف اليَمْنَةِ. و المَشْأَمة: خلاف المَيْمَنَة. و الشَّأْمُ: بلاد تذكر و تؤنث، سميت بها لأَنها عن مَشْأَمة القبلة؛ قال ابن بري: شاهد التأْنيث قول جَوَّاس بن القَصْطَل:
جِئْتُمْ من البلدِ البَعيدِ نِياطُه،             و الشَّأْمُ تُنْكَرُ، كَهْلُها و فَتاها

قال: كَهْلُها و فَتاها بدل من الشأْم؛ و شاهد التذكير

315
لسان العرب12

شأم ص 314

قول الآخر:
يقولون إِنَّ الشَّأْمَ يَقْتُلُ أَهْلَهُ،             فمن ليَ إِنْ لم آتِهِ بخُلُودِ؟

و قال عثمان بن جني: الشأْم مذكر، و استشهد عليه بهذا البيت، و أَجاز تأْنيثه في الشعر، ذكر ذلك في باب الهجاء من الحماسة، قال: و قد جاء الشَّآمُ لغة في الشَّأْمِ؛ قال المجنون:
و خُبِّرْتُ لَيْلى بالشَّآمِ مَريضةً،             فأَقْبَلْتُ من مِصْرٍ إِليها أَعُودُها

و قال آخر:
أَتَتْنا قُرَيشٌ قَضَّها بقَضِيضِها،             و أَهْلُ الشَّآمِ و الحجازِ تَقَصَّفُ‏

و أَما قول الشاعر:
أَزْمانُ سَلْمَى لا يَرى مِثْلَها الرّاؤُونَ             في شَأْمٍ و لا في عِراق‏

إِنما نَكَّره لأَنه جعل كل جزء منه شَأْماً، كما احتاج إِلى تنكير العراق، فجعل كل جزء منه عراقاً، و هي الشَّآمُ، و النسب إِليها شامِيٌّ، و شَآمٍ على فَعالٍ و لا تقل شَأْمٍ، و ما جاء في ضرورة الشعر فمحمول على أَنه اقتصر من النسبة على ذكر البلد؛ قال ابن بري: شاهد شآمٍ في النسبة قول أَبي الدرداء مَيْسَرَةَ:
فهاتيكَ النُّجومُ، و هُنَّ خُرْسٌ،             يَنُحْنَ على مُعاويةَ الشَّآمِ‏

و امرأَة شآميَّةٌ و شآمِيَةٌ مخففة الياء. و المَشْأَمةُ: المَيسَرة، و كذلك الشَّأْمَةُ، و أَشْأَمَ الرجلُ و القومُ: أَتَوا الشأْمَ أَو ذهبوا إِليها؛ قال بِشْرُ بن أَبي خازم:
سَمِعتْ بنا قِيلَ الوُشاةِ، فأَصْبَحَتْ             صَرَمَتْ حِبالَكَ في الخَلِيط المُشْئِم‏

و تَشَأَّم الرجلُ: انتسب إِلى الشأْم مثل تَقَيَّس و تَكَوَّف. و يامِنْ بأَصحابك أَي خذ بهم يَمْنَةً، و شائِمْ بأَصحابك خذ بهم شأْمَةً أَي ذاتَ الشمال أَو خُذْ بهم إِلى الشأْم، و لا يقال تَيامَنْ بهم. و يقال: قَعَدَ فلانٌ يَمْنَةً و قعد فلان شأْمةً و نظرتُ يَمْنَة و شأْمَةً. و يقال: شَأَمْتُ القومَ أَي يَسَرْتُهم. و يقال: تشاءَم أَخَذَ ناحِيةَ الشَّأْم، فإِذا أَردْتَ خُذْ ناحية الشأْم قلتَ شائِمْ، فإِذا أَردت أَتَى الشأْم قلت أَشْأَم، و كذلك أَيْمَنَ إِذا أَتَى اليَمَنَ، و تَيامَنَ إِذا أَخذ اليَمَن، و يامَنَ إِذا أَخذ ناحية اليَمَن. و الشِّئْمَةُ. مهموزَةً: الطبيعةُ؛ حكاها أَبو زيد و اللحياني، و قال ابن جني: قد همز بعضهم الشِّئمة و لم يُعَلِّلْهُ؛ قال ابن سيدة: و الذي عندي فيه أَن همزه نادر لأَنه ليس هنالك ما يوجبه، و ذكر ابن الأَثير في شأْم قال: و
في حديث ابن الحَنْظَلِيَّة: حتى تكونوا كأَنَّكم شأْمةٌ في الناس.
؛ قال: الشأْمة الخالُ في الجَسد معروفة، أَراد كونوا في أَحسن زِيٍّ و هيئة حتى تَظْهَروا للناس و ينظروا إِليكم، كما تَظْهَرُ الشأْمة و يُنظر إِليها دون باقي الجسد.
شبم:
الشَّبَمُ، بالتحريك: البَرْدُ. ابن سيدة: الشَّبَمُ بَرْدُ الماء. يقال: ماءٌ شَبِمٌ و مطر شَبِمٌ و غَداةٌ ذاتُ شَبَمٍ، و قد شَبِمَ الماءُ بالكسر، فهو شَبِمٌ. و ماء شَبِمٌ: بارد. و
في حديث جرير: خيرُ الماء الشَّبِمُ.
أَي البارد، و يروى بالسين و النون، و قد تقدم. و
في زواج فاطمة، عليها السلام: دخل عليها النبي، صلى الله عليه و سلم، في غَداةٍ شَبِمَةٍ.
؛ و في‏

316
لسان العرب12

شبم ص 316

قصيد كعب بن زهير:
شُجَّتْ بذي شَبمٍ من ماءِ مَحْنِيةٍ             صافٍ بأَبْطَحَ، أَضحى و هو مَشْمُول‏

يروى بكسر الباء و فتحها على الاسم و المصدر؛ و قوله‏
و قد شَبَّهُوا العِيرَ أَفْراسَنا،             فقد وَجَدُوا مَيْرهم ذا شَبَمْ‏

يقول: لما رأَوا خيلنا مقبلة ظنوها عيراً تحمل إِليهم مَيْراً، فقد وجدوا ذلك المَيْر بارداً لأَنه كان سَمّاً و سلاحاً، و السَّمُّ و السلاح باردان؛ و قيل: الشَّبَمُ هنا «3». الموت لأَن الحي إِذا مات بَرَد، و العرب تسمي السَّمَّ شَبِماً و الموتَ شَبِماً لبرده، و قيل لابْنةِ الخُسِّ: ما أَطَيبُ الأَشياء؟ قالت: لحمُ جَزُورٍ سَنِمة، في غَداةٍ شَبِمَةٍ، بشِفارٍ خَذِمَةٍ، في قُدورٍ هَزِمَة؛ أَرادت في غداة باردة، و الشِّفارُ الخَذِمَةُ: القاطعة، و القُدُور الهَزِمَةُ: السريعة الغَلَيان. أَبو عمرو: الشَّبِمُ الذي يَجِدُ البَرْدَ مع الجُوع؛ و أَنشد لحُمَيْدِ بن ثور:
بعَيْنَيْ قُطامِيٍّ نَما فوق مَرْقَبٍ،             غَذا شَبِماً يَنْقَضُّ بين الهَجارِسِ‏

و بقرة شَبِمَةٌ: سَمِينة؛ عن ثعلب، و المعروف سَنِمةٌ. و الشِّبامُ: عُود يُعَرَّضُ في شِدْقَي السَّخْلة يُوثَقُ به من قِبَلِ قَفاه لئلا يَرْضَعَ فهو مَشْبُومٌ، و قد شَبَمَها و شَبَّمَها؛ و قال عَدِيٌّ:
ليس للمَرْءِ عُصْرَةٌ من وِقاع الدَّهْرِ             تُغْني عنه شِبامَ عَناقِ‏

و أَسَدٌ مُشَبَّمٌ: مَشْدُود الفم. و في المثل: تَفْرَقُ من صوت الغُرابِ و تَفْتَرِسُ الأَسَدَ المُشَبَّم؛ قال: و أَصلُ هذا المثل أَن امرأَة افْتَرَسَتْ أَسداً مُشَبَّماً و سمعت صوتَ غُرابٍ ففَرِقتْ، فَضُرِبَ ذلك مثلًا لكل من يَفْزَعُ من الشي‏ء اليسير و هو جَري‏ءٌ على الجَسِيم. ابن الأَعرابي: يقال لرأْس البُرْقُع الصَّوْقَعَةُ، و لكفِّ عَين البُرْقُعِ الضِّرْسُ، و لخيطه الشِّبامانِ؛ ابن سيدة: و الشِّبامانِ خَيْطانِ في البُرْقُع تَشُدُّه المرأَة بهما في قَفاها. و الشَّبامُ، بفتح الشين: نباتٌ يُشَبُّ به لوْنُ الحِنَّاءِ؛ عن أَبي حنيفة؛ و أَنشد:
على حين أَن شابَتْ، و رَقَّ لرأْسِها             شَبامٌ و حِنَّاءٌ معاً و صَبِيبُ‏

و شَبامٌ: حَيٌّ من اليمن «4». و شبامٌ: حَيٌّ من هَمْدان. و في الصحاح: الشِّبامُ حيّ من العرب. و شِبامٌ: اسم جَبَلٍ.
شبرم:
الشُّبْرُمُ: ضرب من الشيح، و قيل: هو من العِضِّ و هي شجرة شاكَةٌ، و لها زَهْرة حمراء، و قيل: الشُّبْرُم ضرب من النبات معروف، و قيل: الشُّبْرُم من نبات السهل، له وَرَقٌ طُوالٌ كوَرَقِ الحَرْمَلِ، و له ثمر مثل الحِمَّصِ، واحدته شُبْرُمة
__________________________________________________
 (3). قوله [و قيل الشبم هنا] أَي في البيت، و لعله روي ذا شبم بكسر الباء أَيضاً لأَنه الذي بمعنى الموت كما في التكملة.
 (4). قوله [و شبام حي من اليمن‏] ضبط في الأصل كنسخة من التهذيب بفتح الشين، و قوله [و شبام حي من همدان‏] ضبط في الأصل و المحكم بفتح الشين، و قوله [و في الصحاح الشبام إِلخ‏] ضبط في الأصل كالصحاح بكسر الشين و الذي في القاموس كالتكملة بكسر الشين في الجميع، و أَنشد في التكملة للحرث بن حلزة:
فما ينجيكم منا شبام             و لا قطن و لا أَهل الحجون‏


و قال: شبام و قطن جبلان. و قال ابن حبيب: شبام جبل همدان باليمن، و قال أبو عبيدة: شبام في قول إِمرئ القيس:
أنف كلون دم الغزال معتق             من خمر عانة أَو كروم شبام‏


موضع بالشأم، و عانة قرية على الفرات فوق هيت.

317
لسان العرب12

شبرم ص 317

و قيل: الشُبْرُمُ حَبٌّ يُشْبِه الحِمَّصَ؛ قال عنترة:
تَسْعَى حَلائِلنا إِلى جُثْمانِهِ،             بجَنَى الأَراكِ تَفِيئَةً و الشُّبْرُمِ‏

تفيئة: من الفَيْ‏ءِ؛ قال ابن بري: إِذا كان تَفِيئَةً على ما ذكره من الفي‏ء فأَصله تَفْيئةً على تَفْعِلة لأَنه مصدر فَيَّأَتِ الشجرةُ تَفْيِئَة، ثم نقل كسرة الياء على الفاء فصارت تَفِيئةً، و هي في موضع الحال من الأَراك، و قد يحتمل أَن تكون التَّفِيئَةُ بمعنى الحِين، يقال: أَتيته في تَفِيئة ذلك و إِفَّان ذلك و تَئِفَّةِ ذلك أَي حين ذلك، تَفِيئةٌ على هذا مقلوبٌ، فأَصله تَئِفَّةِ ذلك لأَن الهمزة فاء الكلمة و الفاء عَينها. و
في حديث أُم سلمة: أَنها شرِبَت الشُّبْرُمَ فقال إِنه حارٌّ جارٌّ.
، الشُّبْرُم: حَبٌّ يُشْبه الحِمَّصَ يطبخ و يشرب ماؤه للتداوي، و قيل: إِنه نوع من الشيح، قال: و أَخرجَه الزمخشري عن أَسماء بنت عُمَيْس، قال: و لعله حديث آخر. و الشُّبْرُمُ: البَخيل، و إِن كان طويلًا «1»، قال أَبو حنيفة: و الشُّبْرُمُ شجرة حارَّةٌ تسمو على ساقٍ كقِعْدَةِ الصبي أَو أَعظم، لها ورق طُوالٌ رُقاقٌ، و هي شديدة الخُضْرَة، و زعم بعض الأَعراب أَن لها حبّاً صغاراً كَجَماجِم الحُمَّرِ. أَبو زيد: في العضاهِ الشُّبْرُمُ، الواحدة شُبْرُمَة، و هي شجرة شاكة، و لها ثمرة نحو النَّخَر في لونه و نِبْتَتِه، و لها زَهْرَة حمراء، و النَّخَرُ الحمض. و الشُّبْرُمُ: القصير من الرجال؛ قال هِمْيانُ:
ما منهمُ إِلا لئيمٌ شُبْرُمُ،             أَسْحَمُ لا يأْتي بخَيْرٍ حَلْكَمُ‏

و في التهذيب:
أَرْصَعُ لا يُدَعى لعَنزٍ حَلْكَمُ‏


و الحَلْكَمُ: الأَسْوَدُ. الجوهري: الشُّبْرُم البخيلُ أَيضاً؛ و أَنشد بيت هميْان أَيضاً:
ما منهمُ إِلَّا لئيم شُبْرُمُ‏


و الشُّبْرُمانُ: نبت أَو موضع؛ و قال يصف حميراً:
تَرْفَعُ في كل زُقاقٍ قَسْطَلا،             فصَبَّحَتْ من شُبْرُمانَ مَنْهلا
أَخْضَرَ طَيْساً زَغْرَبيّاً طَيْسلا


و في الصحاح: شُبْرُمان بغير ألف و لام. و شُبْرُمةُ: اسم رجل.
شتم:
الشَّتْمُ: قبيح الكلام و ليس فيه قَذْفٌ. و الشَّتْمُ: السَّبُّ، شَتَمَه يَشْتُمُه و يَشْتِمُه شَتْماً، فهو مَشْتُوم، و الأُنثى مَشْتُومة و شَتِيمٌ، بغير هاء؛ عن اللحياني: سَبَّهُ، و هي المَشْتَمَةُ و الشَّتِيمة؛ و أَنشد أَبو عبيد:
لَيْسَتْ بمَشْتَمةٍ تُعَدُّ، و عَفْوُها             عَرَقُ السِّقاءِ على القَعُودِ اللَّاغِبِ‏

يقول: هذه الكلمة و إِن لم تُعَدَّ شَتْماً فإِن العَفْو عنها شديد. و التَّشاتُمُ: التَّسابُّ. و المُشاتَمةُ: المُسابَّةُ؛ و قال سيبويه في باب ما جَرى مَجْرى المَثَل: كلُّ شَي‏ءٍ و لا شَتِيمةُ حُرٍّ و شاتَمه فَشَتَمه يَشْتُمه: غَلَبَه بالشَّتْمِ. و رجل شَتَّامةٌ: كثير الشَّتْمِ. الجوهري: و الشَّتِيمُ الكَريهُ الوجه، و كذلك الأَسَدُ. يقال: فلان شَتِيمُ المُحَيّا، و قد شَتُمَ الرجلُ، بالضم، شَتامَةً؛ و أَنشد ابن بري للمَرَّار الأَسَدِيّ:
يُعْطِي الجَزيلَ و لا يُرى، في وَجْهِهِ             لخَلِيلِه، مَنٌّ و لا شَتْمُ‏

__________________________________________________
 (1). قوله: و ان كان طويلًا؛ هكذا في الأصل، و لعل في الكلام سقطاً.

318
لسان العرب12

شتم ص 318

قال: و شاهد شَتامَةً قول الآخر:
و هَزِئْن مِنِّي أَن رَأَيْنَ مُوَيْهِناً             تَبْدُو عليه شَتامَةُ المَمْلُوكِ‏

و الاشْتِيامُ: رَئيسُ الرُّكّابِ. و الشَّتِيمُ و الشُّتامُ و الشُّتامةُ: القبيح الوجه. و الشُّتامَةُ أَيضاً: السَّيِ‏ءُ الخُلُقِ. و الشَّتامة: شِدَّةُ الخَلْقِ مع قُبْح وَجْهٍ. و أَسدٌ شَتِيمٌ: عابسٌ. و حمار شَتِيمٌ: و هو الكريه الوجه القبيح. و شُتَيْم و مِشْتَمٌ: اسمان.
شجم:
ابن الأَعرابي: الشُّجُمُ الطِّوال الأَعْفارُ. أَبو عمرو: الشَّجَمُ الهلاك.
شجعم:
الشَّجْعَمُ: الطويل من الأُسْد و غيرها مع عِظَمٍ، و عُنُقٌ شَجْعَمٌ كذلك، على التمثيل. و حَيَّةٌ شَجْعَم: شديدة غليظة، و الشَّجعَم من نعت الحية الشجاع؛ قال:
قد سالَمَ الحَيّاتُ منه القَدَما             الأُفْعُوانَ و الشُّجاعَ الشَّجْعَما

قال ابن سيدة: و لم يقض على هذه الميم بالزيادة إِذ لم يوجب ذلك ثَبْثٌ، و لا تزاد الميم إِلَّا بثَبْتٍ لقلة مجيئها زائدة في مثله، هذا مذهب سيبويه، و ذهب غيره إِلى أَنه فَعْلَمٌ من الشجاعة.
شحم:
الأَزهري: الشَّحَمُ البَطَرُ. ابن سيدة: الشَّحْمُ جوهر السِّمَنِ، و الجمع شُحُوم، و القطعة منه شَحْمةٌ، و شَحُمَ الإِنسانُ و غيرُهُ. و
في الحديث: لعنَ اللهُ اليهودَ حُرِّمَتْ عليهم الشُّحُومُ فباعوها و أَكلوا أَثمانَها.
؛ الشَّحْمُ المحرّم عليهم: هو شَحْمُ الكُلى و الكرش و الأَمعاء، و أَما شَحْم الأَلْيَةِ و الظُّهور فلا. و شَحُمَ فهو شَحِيمٌ: صار ذا شَحْم في بدنه. و قد شَحُم، بالضم، و شَحِمَ شَحَماً، فهو شَحِمٌ: اشْتَهى الشَّحْم، و قيل: أَكل منه كثيراً. و أَشْحَمَ: كثر عنده الشَّحْمُ. ابن السكيت: رجل شَحِيمٌ لحيم أَي سمين. و رجل شَحِمٌ لَحِمٌ إِذا كان قَرِماً إِلى الشَّحْمِ و اللَّحْم و هو يشتهيهما. و رجل شاحِمٌ لاحِمٌ: ذو شَحْمٍ و لَحْمٍ على النَّسب كما قالوا لابِنٌ و تامِرٌ. و شَحَم القومَ يَشْحَمُهم شَحْماً و أَشْحَمَهم: أَطْعَمهم الشَّحْم. و رجل شاحِمٌ لاحِمٌ إِذا أَطْعم الناسَ الشَّحْمَ و اللحم. و رجل شَحَّامٌ: يبيع الشَّحْمَ. و الشَّحَّامُ: الذي يُكْثِرُ إِطْعامَ الناس الشَّحْمَ. و أَشْحَم الرجلُ، فهو مُشْحِم إِذا كَثُرَ عنده الشَّحْم، و كذلك أَلْحَم، فهو مُلْحِمٌ. و شَحِمَتِ الناقة و شَحُمَتْ شُحُوماً: سَمِنَت بعد هُزالٍ، و العرب تسمي سَنام البعير شَحْماً، و بياضَ البطن شَحْماً. و شَحْمَةُ الأُذُن: ما لانَ من أَسفلها و هو مُعَلَّقُ القُرْطِ. و
في الحديث: و فيهم من يَبْلُغُ العَرَقُ إِلى شَحْمة أُذنه.
، هو من ذلك، قال: هو موضع خَرْقِ القُرْطِ، و
في حديث ربيعة في الرجل: يرفع يديه إِلى شَحْمة أُذنيه.
و شَحْمَةُ العين: مُقْلَتُها، و في الأَزهري: حَدَقَتُها؛ و يقال: هي الشحمة التي تحت الحَدَقة. و طعام مَشْحوم و خُبزٌ مَشْحُوم: قد جُعِلَ فيه الشَّحْمُ. و شَحْمة الأَرض: دودة بيضاء، و قيل: هي عَظاءَةٌ بيْضاء غيرُ ضَخْمةٍ، و قيل: ليست من العَظاء هي أَطْيَبُ و أَحْسَنُ، و قالوا: شَحْمةُ النَّقا، كما قالوا: بناتُ النَّقا. و في الصحاح: شَحْمَةُ الأَرض الكَمْأَةُ البيضاءُ. ابن سيدة: و شَحْمَة النخلة الجُمَّارةُ، و شَحْمَةُ الرُّمَّانة الهَنَةُ التي تَفصِلُ بين حَبِّها. و رُمَّانة شَحِمةٌ: غليظة الشَّحْمَةِ. و
في حديث علي، كرم الله وجهه: كُلُوا الرُّمان بشَحْمِه فإِنه دِباغُ المَعِدَة.
؛ قيل: هو ما في جوفه‏

319
لسان العرب12

شحم ص 319

سوى الحب، و شَحْمُ الرمانة الأَصفر بين ظَهْرانَيِ الحَبِّ. و عِنَبٌ شَحِمٌ: قليل الماء غَلِيظُ اللِّحاء. و شَحْمَةُ الحَنْظَل: معروفة. و شَحْمُ الحَنْظَل: ما في جوفه سوى حبه. و أَبو شَحْمَةَ: رجل.
شخم:
شَخَمَ اللحمُ شُخوماً و شَخِمَ شَخَماً، فهو شَخِمٌ، و أَشْخَمَ إِشْخاماً و شَخَّمَ: تغيرت رائحته، زاد الأَزهري: لا من نَتْنٍ و لكن كراهة. و شَخَم الطعامُ، بالفتح، و شَخِمَ، بالكسر، إِذا فَسَدَ، و شَخَّمَه غيره، و أَشْخَمَ فُوه إِشْخاماً؛ و أَنشد الجوهري:
و لِثَةٌ قد ثَتِنَتْ مُشَخَّمَه‏


أَي فاسدة؛ قال ابن بري: صواب إِنشاده‏
... و لِثَةً


، بالنصب، لأَن قبله:
لَمّا رأَتْ أَنْيابَهُ مُثَلَّمَهْ‏


و يقال: ثَنِتَ اللحم و ثَتِنَ، قال: و حكي نَثِتَ أَيضاً. و لحم فيه تَشْخِيمٌ إِذا تغير ريحه. و أَزْخَمَ اللحمُ: مثل أَشْخَم. و أَشْخَمَ اللبنُ: تغيرت رائحته، و شَخَمَ فَمُهُ و شَخَّمَ: تغيرت رائحته أَيضاً، ابن الأَعرابي: الشُّخُم هم المُسْتَدُّو الأُنُوفِ من الروائح الطيبة أَو الخبيثة، قال: و الشُّخُمُ و الشُّحُمُ البِيضُ من الرحال، بالحاء و الخاء جميعاً. و الشُّجُمُ، بالجيم: الطِّوالُ الأَعْفارُ، و الأَعْفارُ الأَشِدَّاءُ، واحدهم عِفْريٌّ و عِفْرِيَةٌ. و شَخَمَ الرجلُ و أَشْخَمَ: تَهَيَّأَ للبُكاء، و شَعَر أَشْخَمُ: أَبيضُ. و الأَشْخَمُ: الرأْس الذي علا بياضُ رأْسه سَوادَه. و اشْخامَّ النبْتُ: عَلا بياضُه خُضْرَتَه. و عامٌ أَشْخَم: لا ماء فيه و لا مَرْعى؛ و حكى ثعلب أَن ابن الأَعرابي أَنشده:
لما رأيتُ العامَ عاماً أَشْخَمَا،             كَلَّفْتُ نَفْسي و صِحابي قُحَمَا،
و جُهَماً من لَيْلِها و جُهَمَا


و روض أَشْخَم: لا نَبْتَ فيه. و في النوادر: حمار أَطْخَمُ و أَشْخَمُ و أَدْغَمُ بمعنى واحد.
شدقم:
التهذيب في الرباعي: الشَّدْقَمِيُّ و الشَّدْقَمُ الواسِعُ الشِّدْق، و هو من الحروف التي زادت العرب فيها الميم، مثل زُرْقُمٍ و سُتْهُمٍ و فُسْحُمٍ؛ قال ابن بري: و منه يقال شُداقِمٌ؛ قال الزَّفَيانُ:
شُداقِمٍ ذي شِدْقٍ مُهَرَّتِ‏


و
في حديث جابر: حَدَّثَه رجلٌ بشي‏ء فقال ممن سمعتَ هذا؟ فقال: من ابن عباس، قال: من الشَّدْقَمِ.
؛ هو الواسِع الشِّدْقِ، و يوصف به المِنْطِيقُ البَلِيغُ المُفَوَّه. و شَدْقَمٌ: اسم فحل من فحول إِبل العرب معروف؛ قال الجوهري: شَدْقَمٌ فحل كان للنعمان بن المنذر ينسب إِليه الشَّدْقمِيَّاتُ من الإِبل؛ قال الكميت:
غُرَيْرِيَّةُ الأَنسابِ أَو شَدْقَمِيَّةٌ،             يَصِلْنَ إِلى البِيدِ الفَدافِدِ فَدْفَدا

شذم:
ابن الأَعرابي: يقال للناقة الفَتِيَّةِ السريعة شِمِلَّةٌ و شِمْلالٌ و شَيْذُمانَةٌ. و قال الليث: الشَّيْذُومان، بضم الذال، و الشيْمَذانُ من أَسماء الذئب؛ قال الطِّرِمَّاحُ:
على حُوَلاءَ يَطْفو السُّخْدُ فيها،             فَراها الشَّيْذُمانُ عن الخَبيرِ «2»

السُّخْدُ: ماء أَصفر يكون في الحُوَلاء.
__________________________________________________
 (2). قوله [عن الخبير] كذا بالأصل، و الذي في التهذيب: من الحنين انتهى. و لعله عن الجنين بالجيم. زاد في التكملة: الشذام كسحاب الملح و حمة العقرب و الزنبور.

320
لسان العرب12

شرم ص 321

شرم:
الشَّرْمُ و التَّشْرِيمُ: قَطْعُ الأَرْنَبَةِ و ثَفَرِ الناقة، قيل ذلك فيهما خاصة. ناقةٌ شَرْماء و شَرِيمٌ و مَشْرومَةٌ. و رجل أَشْرَمُ بَيِّنُ الشَّرَمِ: مَشْرُومُ الأَنْفِ، و لذلك قيل لأَبْرَهَةَ الأَشْرَمُ. و أُذُنٌ شَرْماءُ و مُشَرَّمَةٌ: قُطِع من أَعلاها شي‏ءٌ يسير. و
في الحديث: فجاءه بمُصْحَف مُشَرَّمِ الأَطْراف.
؛ فاستعمل في أَطراف المصحف كما ترى. و الشَّرْمُ: الشَّق، شَرَمَهُ يَشْرِمُه شَرْماً فَشَرِمَ شَرَماً و انْشَرَم و شَرَّمَهُ فَتَشَرَّم. و الشَّرْمُ: مصدر شَرَمَهُ أَي شَقَّه؛ قال أَبو قيس بنُ الأَسْلَتِ يصف الحَبَشَة و الفيلَ عند ورودهم إِلى الكعبة الشريفة:
مَحاجِنُهمْ تَحْتَ أَقْرابِه،             و قد شَرَمُوا جِلْدَه فانْشَرَم‏

و الشَّارِمُ: السَّهْمُ الذي يَشْرِمُ جانِبَ الغَرَضِ. و التَّشْرِيمُ: التَّشْقِيقُ. و تَشَرَّمَ الشي‏ءُ: تَمَزَّق و تَشَقَّقَ. و الأَشْرَمُ: أَبْرَهَةُ صاحبُ الفيل، سمي بذلك لأَنه جاءه حجر فَشَرَمَ أَنفَه و نَجَّاه الله ليُخْبِرَ قومَه، فسمي الأَشْرَمَ. و
في الحَديث: أَن أَبرهة جاءه حجر فَشَرَم أَنْفَه فسمي الأَشَرمَ.
و
في حديث ابن عمر: أَنه اشترى ناقة فرأَى بها تَشْرِيمَ الظِّئار فَرَدَّها.
؛ قال أَبو عبيد: التَّشْرِيمُ التشقيق، قال أَبو منصور: و معنى تَشْرِيمِ الظِّئار أَنَّ الظئار أَن تُعْطَفَ الناقةُ على ولد غيرها فتَرْأَمَه. يقال: ظاءرْتُ أُظائِرُ ظِئاراً، قال: و قد شاهدت ظِئارَ العرب الناقةَ على ولد غيرها، فإِذا أَرادوا ذلك شَدُّوا أَنْفَها و عَيْنَيها ثم حَشَوْا خَوْرانَها بدُرْجةٍ مَحْشُوَّةٍ خِرَقاً و مُشاقَة، ثم خَلُّوا الخَوْرانَ بِخِلالَيْنِ و تُرِكَتْ كذلك يوماً، فَتَظُنُّ أَنها قد مَخِضَتْ للوِلادِ، فإِذا غَمَّها ذلك نَفَّسُوا عنها و نزعوا الدُّرْجَة من خَوْرانِها، و قد هُيِّئَ لها حُوارٌ فَتَرَى أَنها وَلَدَتْهُ فتَذُرُّ عليه. و الخَوْرانُ: مَجْرَى خروج الطعام من الناس و الدواب. و يقال للجلد إِذا تشقق و تمزق: قد تَشَرَّمَ، و لهذا قيل للمشقوقِ الشفة أَشْرَمُ، و هو شبيه بالعَلَم. و
في حديث كعب: أَنه أُتِي عمر بكتاب قد تَشَرَّمَتْ نواحيه فيه التوراة.
أَي تشققت. ابن الأَعرابي: يقال للرجل المشقوق الشفة السُّفْلَى أَفْلَحُ، و في العُلْيا أَعْلَمُ، و في الأَنف أَخْرَمُ، و في الأُذُن أَخْرَبُ، و في الجَفْن أَشْتَرُ، و يقال فيه كُلِّه أَشْرَمُ. و شَرَمَ الثريدَة يَشْرِمُها شَرْماً: أَكل من نواحيها، و قيل: جَرَفَها. و قَرَّبَ أَعرابي إِلى قوم جَفْنَةً من ثريد فقال: لا تَشرِمُوها و لا تَقْعَرُوها و لا تَصْقَعوها، فقالوا: وَيحَك و من أَين نأْكل؟ فالشَّرْمُ ما تَقَدَّم، و القَعْرُ أَن يأْكل من أَسفلها، و الصقعُ أَن يأْكل من أَعلاها؛ و قول عمرو ذي الكلب:
فقلتُ خُذْها لا شَوىً و لا شَرَمْ‏


إِنما أَراد و لا شَقٌّ يسيرٌ لا تموت منه، إِنما هو شق بالغ يُهْلِكُك، و أَراد و لا شَرْمٌ، فحرَّك للضرورة. و الشَّرِيمُ و الشَّرُومُ: المرأَة المُفْضاة. و امرأَة شَرِيم: شُقَّ مَسْلكاها فصارا شيئاً واحداً؛ قال:
يَوْمُ أَدِيمِ بَقَّةَ الشَّرِيمِ             أَفْضَلُ من يَوْم احْلِقِي و قُومِي‏

أَراد الشِّدَّةَ، و هذا مثل تضربه العرب فتقول: لقيت منه يومَ احْلِقِي و قُومي أَي الشدَّةَ، و أَصله أَن يموت زوج المرأَة فَتَحْلِق شعرها و تقوم مع النوائح؛ و بَقَّةُ: اسم امرأَة، يقول: يوم شُرمَ جِلْدُها يعني الاقْتِضاضَ. و كلُّ شَقٍّ في جبل أَو صخرة لا

321
لسان العرب12

شرم ص 321

يَنْفُذُ شَرْمٌ. و الشَّرْمُ: لُجَّة البحر، و قيل: موضع فيه، و قيل: هو أَبْعَدُ قَعْره. الجوهري: و شَرْمٌ من البحر خَلِيجٌ منه. ابن بري: و الشُّروم غَمَراتُ البحر، واحدها شَرْمٌ؛ قال أُمَيَّة يصف جهنم:
فَتَسْمُو لا يُغَيِّبُها ضَراءٌ،             و لا تَخْبُو فَتَبْرُدُها الشُّرُومُ‏

و عُشْبٌ شَرْمٌ: كثير يؤْكل من أَعلاه و لا يحتاج إِلى أَوساطه و لا أُصوله؛ و منه قول بعض الرُّوَّادِ: وَجَدْتُ خُشْباً هَرْمَى و عُشْباً شَرْما؛ و الهَرْمَى: التي ليس لها دُخان إِذا أُوقِدَتْ من نَفْسها و قِدَمِها. و شَرَمَ له من ماله أَي أَعطاه قليلًا. و تَشْرِيمُ الصَّيْدِ: أَن يَنْفَلِتَ جَرِيحاً؛ و قال أَبو كبير الهُذَليُّ:
وَهِلًا، و قد شَرَعَ الأَسِنَّةَ نَحْوَها،             من بينِ مُحْتَقٍّ لها و مُشَرِّمِ «1».

مُحْتَقٍّ: قد نَفَذَ السِّنانُ فيه فقتله و لم يُفْلِتْ. و شُرْمَةُ: موضع «2»؛ قال ابن مقبل يصف مَطراً:
فأَضْحَى له جُلْبٌ بأَكناف شُرْمَةٍ،             أَجَشُّ سِماكِيٌّ من الوبْلِ أفْضَحُ‏

و الشُّرْمَةُ، بالضم: اسم جبل؛ قال أَوْسٌ:
و ما فَتِئَتْ خيلٌ كأَنَّ غُبارَها             سُرادِقُ يومٍ ذي رِياحٍ تَرَفَّعُ‏
تَثُوبُ عليهم من أَبانٍ و شُرْمةٍ،             و تَرْكَبُ من أَهْلِ القَنانِ و تَفْزَعُ‏

أَبانٌ: جبل، و شُرْمة: موضع، و الفَزَعُ هنا من الإِصْراخِ و الإِغاثَةِ.
شردم:
الشِّرْذِمَةُ القليل من الناس، و في التنزيل العزيز: إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ؛ قال ابن بري: حكى الوزير عن أَبي عمر شِرْذِمَة و شِرْدِمَة، بالذال و الدال، و الله أعلم.
شرذم:
الشِّرْذِمةُ: القِطْعة من الشي‏ء، و الجمع شَراذِمُ؛ قال ساعدة بن جؤية:
فَخَرَّتْ و أَلْقَتْ كلَّ نَعْلٍ شَراذِماً،             يَلُوحُ بضاحي الجِلْدِ منها حُدُورُها

الليث: الشِّرْذِمةُ القطعة من السَّفَرْجَلة و نحوها؛ و أَنشد:
يُنَفِّرُ النِّيبَ عنها بَيْنَ أَسْوُقِها،             لم يَبْقَ من شَرِّها إِلَّا شَراذِيمُ‏

و الشِّرْذِمةُ: القليل من الناس، و قيل: الجماعةُ من الناس القليلة. و الشِّرْذمة في كلام العرب: القليلُ. و في التنزيل العزيز: إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ‏
؛ قال ابن بري: حكى الوزير عن أَبي عُمَر شِرْذِمة و شِرْدِمة، بالدال و الذال. و ثياب شراذِمُ أَي أَخْلاق متقطعة. و ثوب شَراذمُ أَي قِطَعٌ؛ و أَنشد ابن بري لراجز:
جاء الشِّتاءُ و قَمِيصي أَخْلاقْ،             شَراذِمٌ يَضْحَكُ مني التَّوَّاقْ‏

قال: و التَّوَّاق ابنه.
__________________________________________________
 (1). قوله [وهلًا] كذا بالأصل هنا، و فيه في مادة حقق: هلا.
 (2). قوله [و شرمة موضع‏] كذا بضبط الأصل بضم فسكون، و الذي في القاموس و ياقوت: أن اسم الموضع شرمة محركة و اسم الجبل بضم فسكون، و أنشد ياقوت البيت شاهداً على اسم الجبل.

322
لسان العرب12

شظم ص 323

شظم:
الشَّيْظَمُ و الشَّيْظمِيُّ: الطويل الجَسِيمُ الفَتِيُّ من الناس و الخيل و الإِبل، و الأُنثى شَيْظَمة؛ قال عنترة:
و الخَيْلُ تَقْتَحِمُ الخَبارَ عَوابِساً،             ما بين شَيْظَمةٍ و أَجْرَدَ شَيْظَمِ‏

و يروى: و آخَرَ شَيْظَمِ. و يقال: الشَّيْظَمِيُّ الفَتِيُّ الجَسِيمُ و الفرسُ الرائعُ، و رجل شَيْظَمٌ و شَيْظَمِيٌّ من رجال شَياظِمةٍ. الجوهري عن ابن السكيت: الشَّيظَمُ الطويل الشديدُ؛ قال: و أَنشدنا أَبو عمرو:
يُلِحْنَ من أَصْواتِ حادٍ شَيْظَمِ،             صُلْبٍ عَصاهُ للمَطِيِّ مِنْهَمِ‏

قال: و كذلك الفرس، و قيل الشَّيْظَمُ من الخيل الطويلُ الظاهرُ العَصَب، و هو من الرجال الطويلُ أَيضاً؛ و
في حديث عمر:
يُعَقِّلُهنَّ جَعْدٌ شَيْظَمِيٌّ.

الشَّيْظَمُ: الطويل، و قيل: الجَسِيم، و الياء زائدة، و قيل: الشَّيْظَمُ الطَّلْقُ الوجه الهَشُّ الذي لا انْقباضَ له. و الشَّيْظَمُ: المُسِنُّ من القَنافذ. و يقال للأَسد: شَيْظَمٌ و شَيْظَمِيٌّ. و شَيْظَمٌ: اسم، و الله أَعلم.
شعم:
الشَّعْمُ: الإِصْلاحُ بين الناس، و هو حرف غريب. و الشُّعْمُوم و الشُّغْموم، بالعين و الغين: الطويل من الناس و الإِبل، و في التهذيب: الطويل بغير تقييد، و زعم يعقوب أَن عينها بدل من غين شُغْموم.
شغم:
رجل شَغِمٌ: حريص. و يقال: رَغْماً دَغْماً شِنَّغْماً، كل ذلك إِتباع. قال ابن سيدة: و زعم ثعلب أَن شِنَّغْماً مشتق من الرجل الشِّنَّغْم أَي الحريص، فإِن كان ذلك فهو موافق لهذا الباب، قال: و الصحيح أَنه رباعي؛ و ذكر الأَزهري في ترجمة شنغم: روي عن ابن السكيت رَغْماً له دَغْماً شَغْماً تأْكيداً للرَّغْم بغير واو، دل الشَّغْمُ على الشِّنَّغْم، قال: و لا أَعرف الشَّغْمَ. و الشُّغْمُوم: الطويل التامُّ الحَسَنُ من الناس و الإِبل، و قد تقدم في العين أَيضاً. أَبو عبيد: الشغامِيمُ الطِّوال الحِسانُ؛ قال ابن بري: و منه قول ذي الرمة:
و اسْتَرْجَفَتْ هامَها الهِيمُ الشَّغامِيمُ‏


و امرأَة شُغْمُوم و شُغْمُومةٌ و ناقة شُغْمُومٌ؛ قال المَخْرُوع السَّعْديّ:
و تحتَ رَحلي بازلٌ شُغْمُومُ،             مُلَمْلَمٌ غارِبُه مَدْمُومُ‏

و الجمع الشَّغاميم. و الشِّغْمِيمُ و الشُّغْمُوم: هو الشابُّ الطويلُ الجَلْدُ. و رجل شُغْمُوم و جمل شُغْمُومٌ، بالغين معجمةً، أَي طويلٌ.
شقم:
الشَّقَمُ: ضرب من النخل، واحدته شَقَمَةٌ. قال أَبو حنيفة الشَّقَمُ جنس من التمر، واحدته شَقَمَةٌ؛ قال ابن بري: قال ابن خالويه الشَّقَمَةُ من النخل البُرْشُومُ.
شكم:
الشُّكْمُ، بالضم: العَطاء، و قيل: الجزاء؛ قال ابن سيدة: و أُرى الشُّكْمى لغةً، قال: و لا أَحُقُّها، شكَمَه يَشْكُمه شَكْماً و أَشْكَمه؛ الأَخيرة عن ثعلب. و
في الحديث: أَن أَبا طَيْبة حَجَم رسولَ الله، صلى الله عليه و سلم، فقال: اشْكُمُوه.
أَي أَعْطُوه أَجْرَهُ؛ قال الشاعر:

323
لسان العرب12

شكم ص 323

أَبْلِغْ قَتادَةَ، غَيْرَ سائِلِه             جَزْلَ العَطاءِ و عاجِلَ الشُّكْمِ‏

قال في تفسير الحديث الشُّكْمُ، بالضم، الجَزاءُ، و الشُّكْدُ العَطاء بلا جَزاءٍ، قال: و قيل: هو مثله و أَصله من شَكِيمةِ اللجامِ كأَنها تُمْسِكُ فاه عن القول، قال: و منه‏
حديث عبد الله بن رَباح: أَنه قال للراهب إِني صائم، فقال: أَ لا أَشْكُمُكَ على صومك شُكْمةً؟ تُوضع يوم القيامة مائدةٌ و أَول من يأْكل منها الصائمون.
؛ أَي أَ لا أُبَشِّرُكَ بما تُعْطى على صَوْمِك. و في ترجمة شكب: الشُّكْبُ لغةٌ في الشُّكْمِ، و هو الجزاء، و قيل: العطاء، قال أَبو عبيد: سمعت الأُمَوِيَّ يقول: الشُّكْمُ الجزاء، و الشَّكْمُ المصدر، و قال الكسائي: الشُّكْمُ العِوَضُ، و قال الأَصمعي: الشُّكْمُ و الشُّكْدُ العطية. الليث: الشُّكْمُ النُّعْمى. يقال: فَعَلَ فلانٌ أَمراً فَشَكَمْتُه أَي أَثَبْتُه: قال الجوهري: الشُّكْمُ بالضم، الجزاء، فإِذا كان العطاء ابتداء فهو الشُّكْدُ، بالدال، تقول منه شَكَمْتُه أَي جزيته. و الشَّكِيمة من اللِّجام: الحديدة المُعْتَرضة في الفم. الجوهري: الشكِيمُ و الشَّكِيمةُ في اللجام الحديدةُ المُعْتَرِضة في فم الفرس التي فيها الفأْس؛ قال أَبو دُواد:
فهي فَوْهاءُ كالجُوالِقِ، فُوها             مُسْتَجافٌ يَضِلُّ فيه الشَّكِيمُ‏

و الجمع شَكائِمُ و شَكِيمٌ و شُكُمٌ؛ الأَخيرة على طرح الزائد أَو على أَنه جمع شكيم الذي هو جمع شَكِيمة، فيكون جمع جمع. و شَكَمَه يَشْكُمُه شَكْماً: وضع الشَّكِيمة في فيه. و شَكَمْتُ الوالي إِذا رَشَوتَه كأَنك سَدَدْتَ فَمَه بالشَّكِيمة؛ و قال قوم: شَكَمه شَكْماً و شَكِيماً عَضَّه؛ قال جرير:
فأَبْقُوا عليكم، و اتَّقُوا نابَ حَيَّةٍ             أَصاب ابْنَ حَمْراءِ العِجانِ شَكِيمُها

قال: و أَما فأْس اللجام فالحديدة القائمة في الشكيمة. و يقال: فلان شديدُ الشَّكيمة إِذا كان ذا عارضة وَ جِدٍّ. ابن الأَعرابي: الشَّكِيمَةُ قُوَّةُ القلب. ابن السكيت: إِنه لشديدُ الشَّكِيمةِ إِذا كان شديدَ النَّفْسِ أَنِفاً أَبِيّاً. و
في حديث عائشة تصف أَباها، رضي الله عنهما: فما بَرِحَتْ شَكِيمَتُه في ذات الله.
أَي شِدَّةُ نَفْسِه، هو من ذلك، و أَصله من شكيمة اللجام فإِن قُوَّتَها تدل على قوة الفرس. و الشكِيمَةُ: الأَنَفَةُ و الانتصار من الظُّلْم، و هو ذو شَكِيمةٍ أَي عارِضةٍ و جِدٍّ، و قيل: هو أَن يكون صارماً حازماً، و فلان ذو شكِيمة إِذا كان لا يَنْقاد؛ قال عَمْرُو بن شاسٍ الأَسَدِيُّ يُخاطِب امرأَته في ابْنِه عِرار:
و إِنَّ عِراراً إِنْ يكن ذا شَكِيمةٍ             تَعافِينَها منه، فما أَمْلِكُ الشِّيَمْ‏

و قوله:
أَنا ابنُ سَيَّارٍ على شَكِيمِه،             إِن الشِّراكَ قُدَّ من أَدِيِمِه‏

قال: يجوز أَن يكون جمع شَكِيمةٍ كما ذكر في شَكِيمةِ اللجام، و يجوز أَن يكون لغة في الشَّكِيمة، فيكون من باب حُقٍّ و حُقَّةٍ، و يجوز أَن يكون أَراد على شكيمته فحذف الهاء للضرورة؛ و قول أبي صخر الهذلي:

324
لسان العرب12

شكم ص 323

جَهْم المُحَيَّا عَبُوس باسِل شَرِس،             وَرْد قُساقِسة، رِئْبالَة شَكِم‏

قال السُّكَّرِيُّ: شَكِمٌ غَضُوبٌ. و شَكِيمُ القِدْرِ: عُراها؛ قال الراعي:
و كانَتْ جَدِيراً أَن يُقَسَّمَ لَحْمها،             إِذا ظَلَّ بينَ المَنْزِلَينِ شَكِيمُها

و شُكامَةُ و شُكَيْمٌ: اسمان. و مِشْكَمٌ، بالكسر: اسم رجل.
شلم:
الشَّالَمُ و الشَوْلَمُ و الشَّيْلَم؛ الأَخيرة عن كراع: الزُّؤَانُ الذي يكون في البُرِّ، سَوادِيَّةٌ. ابن الأَعرابي: الشَّيْلَمُ و الزُّؤانُ و السَّعِيعُ، و قال أَبو حنيفة: الشَّيْلَمُ حَبٌّ صِغارٌ مستطيلٌ أَحمر قائم كأَنه في خِلْقةِ سُوسِ الحِنْطة و لا يُسْكِرُ و لكنه يُمِرُّ الطعام إِمْراراً شديداً؛ و قال مرة: نباتُ الشَّيْلَم سُطَّاحٌ و هو يذهب على الأَرض، و ورقته كورقة الخِلاف البَلْخِيِّ شديدةُ الخُضْرَة رطبةٌ، قال: و الناس يأْكلون ورقه إِذا كان رطباً و هو طيب لا مَرارةَ له و حَبُّه أَعْقَى من الصَّبر. قال أَبو تراب: سمعت السُّلَمِيَّ يقول: لقيت رجلًا يَتَطاير شِلَّمُه و شِنَّمُه أَي شَرارُه من الغضب؛ و أَنشد:
إِنْ تَحْمِلِيهِ ساعةً، فَرُبَّما             أَطارَ في حُبِّ رِضاكِ الشِّلَّما

الفراء: لم يأْتِ على فَعَّلٍ اسماً إِلا بَقَّمٌ و عَثَّرُ و نَدَّرُ، و هما موضعان، و شَلَّمُ: بيتُ المَقْدِس، و خَضَّمُ: اسم قرية. الجوهري: شَلَّمُ على وزن بَقَّمٍ موضع بالشام، و يقال: هو اسم مدينة بيت المقدس بالعِبْرانِيَّة و هو لا ينصرف للعجمة و وزن الفعل؛ قال ابن بري: ذكر ابن خالويه عِدَّةَ أَسماء لبيت المقدس منها شَلَّمُ و شَلَمٌ و شَلِمٌ و أُورِي‏شَلِم «3»؛ و أَنشد بيت الأَعشى:
و قد طُفْتُ للمال آفاقَهُ:             عُمانَ فحِمْصَ فأُورِي‏شَلَمْ‏

و يقال أَيضاً: إِيلِياءُ و بيتُ المَقْدِس و بيتُ المِكْياش «4». و دارُ الضَّرْبِ و صَلَمُونُ.
شلجم:
الجوهري: الشَّلْجَمُ نبت معروف؛ قال الراجز:
تَسْأَلُني بِرامَتَين شَلْجَما


و يقال: هو بالسين، و قد تقدم في سلجم.
شمم:
الشَّمُّ: حِسُّ الأَنف، شَمِمْتُه أَشَمُّه و شَمَمْتُه أَشُمُّه شَمّاً و شَمِيماً و تَشَمَّمْتُه و اشْتَمَمْتُه و شَمَّمْتُه؛ قال قَيْس بن ذَرِيح يصف أَينُقاً و سَقْباً:
يُشَمِّمْنَهُ لو يَسْتَطِعْنَ ارْتَشَفْنَهُ،             إِذا سُفْنَه يَزْدَدْنَ نَكباً على نَكْبِ‏

و قال أَبو حنيفة: تَشَمّمَ الشي‏ءَ و اشْتَمَّه أَدناه من أَنفه ليَجْتَذِبَ رائِحَتَه. و أَشَمَّه إِيّاه: جعله يَشُمُّه. و تَشَمَّمْتُ الشي‏ءَ: شَمِمْتُه في مَهْلَةٍ، و المُشامَّة مُفاعَلة منه، و التَّشامُّ التَّفاعُل. و أَشْمَمْتُ فلاناً الطيب فَشَمَّهُ و اشْتَمَّهُ بمعنى، و منه التَّشَمُّمُ كما تَشَمَّمُ البَهيمةُ إِذا الْتَمَسَت رِعْياً. و الشَّمُّ:
__________________________________________________
 (3). قوله [و أوري شلم‏] ضبطت أوري بشكل القلم مفتوحة الراء في الأصل و النهاية و التكملة، و في ياقوت بالعبارة مكسورتها، و في القاموس: شلم كبقم و كتف و جبل انتهى. و في التكملة: بالأخيرين يروى قول الأَعشى.
 (4). قوله [المكياش إلخ‏] كذا بالأصل.

325
لسان العرب12

شمم ص 325

مصدر شَمِمْتُ. و أَشْمِمني يَدَك أُقَبِّلْها، و هو أَحسن من قولك ناوِلْني يَدَك؛ و قول عَلْقمة بن عَبْدَةَ:
يَحْمِلْنَ أُتْرُجَّةً نَضْحُ العبيرِ بها،             كأَنَّ تَطْيابَها في الأَنْفِ مَشْمُومُ‏

قيل: يعني المِسْكَ، و قيل: أَراد أَن رائحتها باقية في الأَنف، كما يقال: أَكلت طعاماً هو في فمي إِلى الآن. و قولهم: يا ابْنَ شامَّةِ الوَذْرَةِ؛ كلمةٌ معناها القَذْفُ. و المَشْمُومُ: المِسْكُ، و أَنشد بيت علقمة أَيضاً. و الشَّمَّاماتُ: ما يُتَشَمَّمُ من الأَرْواح الطَّيّبةِ، اسمٌ كالجَبَّانَةِ. ابن الأَعرابي: شَمَّ إِذا اخْتَبَر، و شَمَّ إِذا تَكَبَّر. و
في حديث علي، كرم الله وجهه، حين أَراد أَن يَبْرُزَ لعمرو بن وُدٍّ قال: أَخْرُج إِليه فأُشامُّه قبل اللِّقاء.
أَي أَخْتَبِرُه و أَنْظُرُ ما عنده. يقال: شامَمْتُ فلاناً إِذا قارَبْتَه و تَعَرَّفْتَ ما عنده بالاخْتبار و الكشف، و هي مُفاعَلة من الشَّمّ كأَنك تَشُمُّ ما عنده و يَشُمُّ ما عِنْدَك لتَعْمَلا بمقتَضى ذلك؛ و منه قولهم: شامَمْناهُمْ ثم ناوَشناهُمْ. و الإِشْمامُ: رَوْمُ الحَرْفِ الساكن بحركة خفية لا يُعتدّ بها و لا تَكْسِرُ وزْناً؛ أَ لا ترى أَن سيبويه حين أَنشد:
مَتَى أَنامُ لا يُؤَرّقْنِي الكَرِي‏


مجزومَ القاف قال بعد ذلك: و سمعت بعض العرب يُشِمُّها الرفْع كأَنه قال متى أَنامُ غَيْرَ مُؤَرَّقٍ؟ التهذيب: و الإِشمام أَن يُشَمَّ الحرفُ الساكنُ حَرْفاً كقولك في الضمة هذا العمل و تسكت، فتَجِدُ في فيك إِشماماً للَّام لم يبلغ أَن يكون واواً، و لا تحريكاً يُعتدّ به، و لكن شَمَّةٌ من ضمَّة خفيفة، و يجوز ذلك في الكسر و الفتح أَيضاً. الجوهري: و إِشْمامُ الحَرْف أَن تُشِمَّه الضمةَ أَو الكسرةَ، و هو أَقل من رَوْمِ الحركة لأَنه لا يُسمع و إِنما يتبين بحركة الشفة، قال: و لا يُعتدّ بها حركة لضعفها؛ و الحرف الذي فيه الإِشمام ساكن أَو كالساكن مثل قول الشاعر:
متى أَنامُ لا يُؤَرِّقْني الكَرِي             ليلًا، و لا أَسْمَعُ أَجْراسَ المَطِي‏

قال سيبويه: العرب تُشِمُّ القاف شيئاً من الضمة، و لو اعتددت بحركة الإِشمام لانكسر البيت، و صار تقطيع: رِقُني الكَري، متفاعلن، و لا يكون ذلك إِلَّا في الكامل، و هذا البيت من الرجز. و أَشَمَّ الحَجَّامُ الخِتانَ، و الخافضةُ البَظْرَ: أَخذا منهما قليلًا. و
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه قال لأُم عطية: إِذا خَفَضْتِ فأَشمِّي و لا تَنْهَكي فإِنه أَضْوأُ للوجه و أَحْظى لها عند الزوج.
؛ قوله: و لا تَنْهَكي.
أَي لا تأْخذي من البَظْرِ كثيراً، شبه القطع اليسير بإِشمام الرائحة، و النَّهْكَ بالمبالغة فيه، أَي اقطعي بعضَ النَّواةِ و لا تستأْصليها،. و شامَمْتُ العَدُوَّ إِذا دَنَوْتَ منهم حتى يَرَوْكَ و تَراهم. و الشَّمَمُ: الدُّنُوُّ، اسم منه، يقال: شامَمْناهُمْ و ناوَشْناهُم؛ قال الشاعر:
و لم يَأْتِ للأَمْرِ الذي حال دُونَهُ             رِجالٌ هُمُ أَعداؤُكَ، الدَّهْرَ، من شَمَمْ‏

و
في حديث علي: فأُشامُّهُ.
أَي أَنْظُر ما عنده، و قد تقدم. و المُشامَّةُ: الدُّنُوُّ من العدوِّ حتى يَتَراءى الفريقان. و يقال: شامِمْ فلاناً أَي انْظُرْ ما عنده.

326
لسان العرب12

شمم ص 325

و شامَمْتُ الرجل إذا قاربته و دنوت منه. و الشَّمَمُ: القُرْبُ؛ و أَنشد أَبو عمرو لعبد الله بن سَمْعانَ التَّغْلَبي:
و لم يأْت للأَمر الذي حال دونه             رجالٌ همُ أَعداؤُك، الدهرَ، من شَمَمْ‏

و شَمِمْتُ الأَمرَ و شامَمْتُه: وَلِيتُ عَمَله بيدي. و الشَّمَمُ في الأَنف: ارتفاعُ القَصَبة و حُسْنُها و استواء أَعلاها و انتصابُ الأَرْنبَةِ، و قيل: وُرُود الأَرنبَةِ في حسن استواء القصبة و ارتفاعها أشدَّ من ارتفاع الذَّلَفِ، و قيل: الشَّمَمُ أن يَطُولَ الأَنف و يَدِقَّ و تَسِيلَ رَوْثَتُه، رجلٌ أَشَمُّ، و إذا وَصَفَ الشاعرُ فقال أَشَمُّ فإنما يعني سَيِّداً ذا أَنفة. و الشَّمَمُ: طولُ الأَنف و وُرُودٌ من الأَرْنَبةِ. الجوهري: الشَّمَمُ ارتفاعٌ في قصبة الأَنف مع استواء أعلاه و إِشراف الأَرنبة قليلًا، فإن كان فيها احْديدابٌ فهو القَنا، و رجل أَشَمُّ الأَنف. و جبل أَشَمُّ أي طويل الرأْس بَيِّنُ الشَّمَمِ فيهما. و
في صفته، صلى الله عليه و سلم: يَحْسِبُه من لم يتأَمَّلْه أَشَمَّ.
؛ و منه قول كعب بن زهير:
شُمُّ العَرانِينِ أَبْطالٌ لَبُوسُهُم‏


جمع أَشَمَّ، و العَرانِينُ: الأُنُوف، و هو كناية عن الرفعة و العلو و شرف الأَنفس؛ و منه قولهم للمتكبر العالي: شَمَخَ بأَنفه. و شُمُّ الأُنوف: مما يمدح به، و رجل أَشَمُّ و امرأَة شَمَّاء. أَبو عمرو: أَشَمَّ الرجلُ يُشِمُّ إِشْماماً، و هو أن يَمُرَّ رافعاً رأْسَه، و حكي عن بعضهم: عَرَضْتُ عليه كذا و كذا فإذا هو مُشِمٌّ لا يريده. و يقال: بَيْنا هُمْ في وَجْهِ إذْ أَشَمُّوا أي عَدَلُوا. قال يعقوب: و سمعت الكِلابيَّ يقول أَشَمُّوا إذا جاروا عن وُجُوههم يميناً و شمالًا، و مَنْكِبٌ أَشَمُّ: مُرْتَفعُ المُشاشَةِ. رجل أَشَمُّ و قد شَمَّ شَمَماً فيهما. و شَمَّاءُ: اسم أَكَمَةٍ؛ و عليه فسر ابنُ كَيْسانَ قول الحرِث بن حِلِّزةَ:
بَعْدَ عَهْدٍ لنا ببُرِقةِ شَمَّاءَ،             فأَدْنى دِيارِها الخَلْصاءُ

و جبل أَشَمُّ: طويلُ الرأْسِ. و الشَّمامُ: جبل له رأْسانِ يُسَمَّيانِ ابْنَيْ شَمامٍ. و بُرْقَةُ شَمَّاءَ: جبل معروف، و شَمَامٌ: اسم جبل؛ قال جرير:
عايَنْتُ مُشْعِلَةَ الرِّعالِ، كأَنَّها             طَيْرٌ يُغاوِلُ في شَمامَ وُكُورا

و يروى بكسر الميم؛ قال ابن بري: الصحيح أن البيت للأَخطل، قال: و شَمَامٌ جبل بالعالية؛ قال ابن بري: و قد أَعربه جرير حيث يقول «1»:
فإنْ أَصْبَحْتَ تَطْلُبُ ذاك، فانْقُلْ             شَماماً و المِقَرَّ إلى وُعالِ‏

وُعالٌ بالسَّوْدِ سَوْدِ باهلَةَ، و المِقَرُّ بظهر البَصْرةِ، قال: و لشَمامٍ هذا الجبل رأْسان يسمَّيان ابْنَيْ شَمامٍ؛ قال لبيد:
فهل نُبِّئْتَ عن أَخَوَيْنِ داما             على الأَحْداثِ، إلَّا ابْنَيْ شَمامِ؟

قال ابن بري: و روى ابن حمزة هذا البيت:
و كلُّ أَخٍ مُفارِقُهُ أَخُوه،             لَعَمْرُ أَبيكَ، إِلَّا ابْنَيْ شَمامِ‏

__________________________________________________
 (1). قوله [و قد أَعربه جرير حيث يقول‏] أي هاجياً الفرزدق، و قبله كما في ياقوت:
تبدل يا فرزدق مثل قومي             لقومك إن قدرت على البدال.

327
لسان العرب12

شمم ص 325

أَبو زيد: يقال لما يَبْقى على الكِباسةِ من الرُّطَبِ الشَّماشِمُ. و قَتَبٌ شَمِيمٌ أَي مرتفع؛ و قال خالد ابن الصَّقْعَبِ النَّهْدِي، و يقال هو لهُبَيْرة بن عمرو النهدي:
مُلاعِبةُ العِنانِ بغُصْنِ بانٍ             إِلى كَتِفَيْنِ، كالقَتَبِ الشَّمِيمِ‏

شنم:
ابن الأَعرابي: الشَّنْمُ الخَدْشُ. شَنَمه يَشْنمه شَنْماً: جَرَحَه و عَقَره؛ قال الأَخطل:
رَكُوب على السَّوْآتِ قد شَنَم اسْتَهُ             مُزاحَمةُ الأَعْداءِ، و النَّخْسُ في الدُبُرْ

و الشُّنُمُ: المُقَطَّعو الآذان. و رَمى فشَنَمَ إذا خَرَقَ طَرَفَ الجِلْدِ. و
في الحديث: خَيْرُ الماء الشَّنِمُ.
، يعني البارد. و قال القُتَيْبيُّ: السَّنِمُ، بالسين و النون، و هو الماء على وجه الأَرض.
شنغم:
رجل شِنَّغْم: حريص، عن ثعلب، و حكى بعضهم شِنَّعْم، بالعين المهملة، و هو قليل، و فَعَلَ ذلك عن رَغْمِه و شِنَّغْمِهِ، و قال اللحياني: فعل ذلك على رَغْمِه و شِنَّغْمِهِ، ذهب إِلى أَنه إِتباع، و الإِتباع في غالب الأَمر لا يكون بالواو، و حكى غيره: رَغْماً له و دَغْماً شِنَّغْماً، و كل ذلك إِتباع، قال الأَزهري: هكذا أَقرأَنيه الإِياديُّ في نوادره، قال: و قرأْت في كتاب النوادر لابن هانى‏ء عن أَبي زيد: رَغْماً سِنَّغْماً، بالسين و شد النون، و الصواب شِنَّغْماً، و حكي رَغْماً دَغْماً شَغْماً تأْكيداً للرَّغْمِ بغير واو، دل الشَّغْمُ على الشِّنَّغْم، قال: و لا أَعرف الشَّغْمَ.
شهم:
الشَّهْمُ: الذَّكِيُّ الفُؤاد المُتَوَقِّدُ، الجَلْدُ، و الجمع شِهام؛ قال:
الشَّهْمُ و ابْنُ النَّفَرِ الشِّهامِ‏


و قد شَهُمَ الرجلُ، بالضم، شَهامة و شُهومة إذا كان ذكِيّاً، فهو شَهْمٌ أي جَلْدٌ. و
في الحديث: كان شَهْماً نافذاً في الأُمور ماضياً.
و الشَّهْمُ: السَّيِّدُ النَّجْدُ النافذُ في الأُمور، و الجمع شُهومٌ. و فرس شَهْمٌ: سريعٌ نَشِيطٌ قويّ. و شَهَم الفرسَ يَشْهَمُه شَهْماً: زجره. و شَهَم الرجلَ يَشْهَمُه و يَشْهُمه شَهْماً و شُهوماً: أفزعه. و المَشْهوم: الحديدُ الفؤاد؛ قال ذو الرمة يصف ثوراً وحشيّاً:
طاوي الحَشا قَصَّرَتْ عنه مُحَرَّجَةٌ،             مُسْتَوْفَضٌ من بَناتِ القَفْرِ مَشْهومُ‏

أي مَذْعُور. و المَشْهومُ: كالمَذْعُور سواءً، و قد شَهَمْتُه أَشْهَمُه شَهْماً إِذا ذَعَرْته. و قال الفراء: الشَّهْمُ في كلام العرب الحَمُول الجَيِّدُ القيام بما حُمِّلَ الذي لا تَلْقاه إلَّا حَمُولًا طَيِّب النّفْس بما حُمِّلَ، و كذلك هو في غير الناس. و الشَّهْمُ: حَجَرٌ يجعلونه في أَعلى بيت يبنونه من حجارة و يجعلون لَحْمَة السَّبُع في مُؤَخَّرِ البيت، فإذا دخل السبع فتناول اللحمةَ سقط الحجر على الباب فَسَدَّه، و المعروف السَّهْمُ. و الشَّيْهَمُ: الدُّلْدُلُ. و الشَّيْهَمُ: ما عَظُم شوكه من ذُكور القَنافذ؛ و نحو ذلك قال الأَعشى:
لَئِنْ جَدَّ أَسْبابُ العَداوةِ بَيْنَنا،             لَتَرْتَحِلَنْ مني على ظَهْرِ شَيْهَمِ‏

و قال أبو عبيدة في قوله على ظهر شيهم: أي على ذُعْرٍ، و قال ابن الأَعرابي: و هو القُنْفُذُ و الدُّلْدُل و الشَّيْهَمُ. أبو زيد: يقال للذكر من القنافذ شَيْهَمٌ. و شَهْمةُ: اسم امرأة؛ قال الحُسَيْنُ بن مُطَيْرٍ:

328
لسان العرب12

شهم ص 328

زارَتْك شَهْمةُ، و الظَّلْماءُ داجِيةٌ،             و العَيْنُ هاجِعةٌ و الرُّوح مَعْروجُ‏

مَعْروجٌ أراد مَعْروج به. و الشَّهام: السِّعْلاةُ.
شهسفرم:
شاهَسْفَرَم «1»: ريحانُ الملك، قال أبو حنيفة: هي فارسية دخلت في كلام العرب؛ قال الأَعشى:
و شاهَسْفَرَمْ و الياسمِينُ و نَرْجِسٌ             يُصَبِّحُنا في كلِّ دَجْنٍ تَغَيَّما

شوم:
بنو شُوَيْم: بَطْنٌ.
شيم:
الشِّيمةُ: الخُلُقُ. و الشِّيمةُ: الطبيعة، و قد تقدم أَن الهمز فيها لُغَيَّة، و هي نادرة. و تَشَيَّم أباه: أشبهه في شيمتِه؛ عن ابن الأَعرابي. و الشّامة: علامة مخالفة لسائر اللون. و الجمع شاماتٌ و شامٌ. الجوهري: الشَّامُ جمع شامةٍ و هي الخالُ، و هي من الياء، و ذكر ابن الأَثير الشامة في شأَم، بالهمز، و ذكر
حديث ابن الحنظلية قال: حتى تكونوا كأنكم شَأْمة في الناس.
، قال: الشأْمةُ الخالُ في الجسد معروفة، أراد كونوا في أَحْسن زِيّ و هَيْئةٍ حتى تَظْهروا للناس و يَنْظُروا إليكم كما تَظْهَرُ الشأْمةُ و يُنْظَرُ إليها دون باقي الجسد، و قد شِيمَ شَيْماً، و رجل مَشِيمٌ و مَشْيُومٌ و أَشْيَمُ، و الأُنثى شَيْماء. قال بعضهم: رجل مَشْيُوم لا فعل له. الليث: الأَشْيَمُ من الدواب و من كل شي‏ء الذي به شامة، و الجمع شِيمٌ. قال أبو عبيدة: مما لا يقال له بَهِيمٌ و لا شِيَةَ له الأَبْرَشُ و الأَشْيَمُ، قال: و الأَشْيَمُ أن تكون به شامةٌ أو شامٌ في جَسده. ابن شميل: الشامةُ شامةٌ تخالف لون الفرس على مكان يُكْرَهُ و ربما كانت في دوائرها. أبو زيد: رجل أشْيَمُ بَيِّنُ الشّيمِ «2» الذي به شامة، و لم نعرف له فعلًا. و الشامةُ أيضاً: الأَثَرُ الأَسْودُ في البدن و في الأَرض، و الجمع شامٌ؛ قال ذو الرمة:
و إنْ لم تَكُوني غَيْرَ شامٍ بقَفْرةٍ،             تَجُرُّ بها الأَذْيالَ صَيْفِيَّةٌ كُدْرُ

و لم يستعملوا من هذا الأَخير فعلًا و لا فاعلًا و لا مفعولًا. و شامَ يَشِيمُ إذا ظهرت بجِلْدَته الرَّقْمَةُ السوداء. و يقال: ما له شامةٌ و لا زَهْراءُ يعني ناقةٌ سوداء و لا بيضاء؛ قال الحرث بن حِلِّزَةَ:
و أَتَوْنا يَسْتَرْجِعون، فلم تَرْجِعْ             لهم شامةٌ و لا زَهْراءُ

و يروى:
... فلم تُرْجَعْ.


و حكى نفطويه: شأْمة، بالهمز، قال ابن سيدة: و لا أعرف وجه هذا إلا أن يكون نادراً أو يهمزه من يهمز الخأْتم و العأْلم. و الشِّيمُ: السُّودُ. و شِيمُ الإِبل و شُومُها: سُودُها، فأما شِيمٌ فواحدها أشْيَمُ و شَيْماء، و أما شُومٌ فذهب الأَصمعي إلى أنه لا واحد له، و قد يجوز أن يكون جمع أشْيَمَ و شَيْماء، إلَّا أنه آثر إخراج الفاء مضمومة على الأَصل، فانقلبت الياء واواً؛ قال أبو ذؤيب يصف خمراً:
فما تُشْتَرى إلَّا بربْحٍ سِباؤُها،             بَناتُ المَخاضِ شُومُها و حِضارُها

و يروى:
... شِيمُها و حِضارُها


، و هو جمع أَشْيَمَ، أي سُودها و بيضها؛ قال ذلك أبو عمرو و الأَصمعي، هكذا سمعتها، قال: و أظنها جمعاً واحدها أشْيَمُ، و قال الأَصمعي: شُومها لا واحد له، و قال عثمان بن‏
__________________________________________________
 (1). قوله [شاهسفرم‏] ضبط في الأَصل كالمحكم بفتح الهاء، و ضبط في القاموس بكسرها.
 (2). قوله [بين الشيم‏] كذا بالأَصل، و الذي في التهذيب: بين الشام.

329
لسان العرب12

شيم ص 329

جني: يجوز أن يكون لما جمعه على فُعْلٍ أَبقى ضمة الفاء فانقلبت الياء واواً، و يكون واحده على هذا أَشْيَم، قال: و نظير هذه الكلمة عائِطٌ و عِيطٌ و عُوطٌ؛ قال: و مثله قول عُقْفانَ بن قيس بن عاصم:
سَواءٌ عليكم شُومُها و هجانُها،             و إن كان فيها واضحُ اللَّوْنِ يَبْرُقُ‏

ابن الأَعرابي: الشامة الناقةُ السوداء، و جمعها شامٌ. و الشِّيمُ: الإِبلُ السُّودُ، و الحِضارُ: البِيضُ، يكون للواحد و الجمع على حدّ ناقةٌ هِجانٌ و نُوق هِجانٌ و دِرْع دِلاصٌ و دُروع دِلاصٌ. و شامَ السَّحابَ و البرقَ شَيْماً: نظر إليه أين يَقْصِدُ و أين يُمْطر، و قيل: هو النظر إليهما من بعيد، و قد يكون الشَّيْمُ النظرَ إلى النار؛ قال ابن مقبل:
و لو تُشْتَرى منه لباعَ ثِيابَهُ             بنَبْحةِ كلْبٍ، أو بنارٍ يَشِيمُها

و شِمْتُ مَخايِلَ الشي‏ء إذا تَطَلَّعْتَ نحوها ببصرك منتظراً له. و شِمْتُ البَرْقَ إذا نَظَرْت إلى سحابته أين تمطر. و تَشَيَّمه الضِّرامُ أي دخله؛ و قال ساعدة ابن جُؤَيَّةَ:
أ فَعَنْكَ لا بَرْقٌ، كأَنَّ وَمِيضَهُ             غابٌ تَشَيَّمهُ ضِرامٌ مُثْقَبُ‏

و يروى:
... تَسَنَّمه ...


، يريد أ فَمِنْكَ لا بَرْقٌ، و مُثْقَبٌ: مُوقَدٌ؛ يقال: أثْقَبْتُ النارَ أوْقَدْتُها. و انْشامَ الرجل إذا صار منظوراً إليه. و الانْشِيامُ في الشي‏ء: الدخولُ فيه. و شامَ السيفَ شَيْماً: سلَّه و أغمده، و هو من الأَضداد، و شك أبو عبيد في شِمْتُه بمعنى سللْته، قال شمر: و لا أَعْرِفُه أنا؛ و قال الفرزدق في السَّلِّ يصف السيوفَ:
إذا هي شِيمَتْ فالقوائِمُ تحتها،             و إنْ لم تُشَمْ يوماً عَلَتْها القوائمُ‏

قال: أراد سُلَّتْ، و القوائم: مقابضُ السيوف؛ قال ابن بري: و شاهدُ شِمْتُ السيف أغْمَدْتُه قول الفرزدق:
بأَيدِي رجالٍ لم يَشيموا سيوفَهُم،             و لم تَكْثُرِ القَتْلى بها حين سُلَّتِ‏

قال: الواو في قوله و لم واو الحال أي لم يغمدوها و القَتْلى بها لم تكثر، و إنما يُغْمِدونها بعد أن تكثر القتلى بها؛ و قال الطِّرِمَّاحُ:
و قد كنتُ شِمْتُ السيفَ بعد اسْتِلالِه،             و حاذَرْتُ، يومَ الوَعْدِ، ما قيل في الوعْدِ

و قال آخر:
إذا ما رآني مُقْبِلًا شامَ نَبْلَهُ،             و يَرْمِي إذا أَدْبَرْتُ عنه بأَسْهُمِ‏

و
في حديث أبي بكر، رضي الله عنه: شُكِيَ إليه خالد بن الوليد فقال: لا أَشِيمُ سَيْفاً سَلَّه اللهُ على المشركين.
أي لا أُغْمِدُه. و
في حديث عليّ، عليه السلام: قال لأَبي بكر لما أراد أن يخرج إلى أهل الرِّدَّة و قد شَهَرَ سيفَه: شِمْ سَيْفَك و لا تفْجَعْنا بنَفْسِك.
و أصل الشَّيْمِ النظرُ إلى البرق، و من شأْنه أنه كما يَخْفِقُ يخفى من غير تَلَبُّثٍ و لا يُشامُ إلَّا خافقاً و خافياً، فَشُبِّه بهما السَّلُّ و الإِغْمادُ. و شامَ يَشِيمُ شَيْماً و شُيُوماً إذا حَقَّقَ الحَمْلَة في‏

330
لسان العرب12

شيم ص 329

الحرب. و شامَ أبا عُمَيْرٍ إذا نال من البِكْرِ مُرادَه. و شامَ الشي‏ءَ في الشي‏ء: أدخله و خَبَأَه؛ قال الراعي:
بمُعْتَصِبٍ من لحمِ بِكْرٍ سَمِينةٍ،             و قد شامَ رَبَّاتُ العِجافِ المَناقِيا

أي خَبَأْنَها و أدخلنها البيوت خشية الأَضياف. و انْشام الشي‏ءُ في الشي‏ء و تَشَيَّم فيه و تَشَيَّمه: دخل فيه؛ و أنشد بيت ساعدة بن جؤيَّة:
غابٌ تَشَيَّمه ضِرامٌ مُثْقَبُ «1».


قال: و روي‏
... تَسَنَّمه ...


أي علاه و رَكِبَه أراد: أ عنك البرق؛ قال ابن سيدة: هذا تفسير أبي عبيد، قال: و الصواب عندي أنه أراد أ عنك بَرْقٌ، لأَن ساعدة لم يقل أ فَعَنْكَ لا البرق، معرفاً بالأَلف و اللام، إنما قال أ فعنك لا برق، منكراً، فالحكم أن يفسر بالنكرة. و شام إذا دخَل. أبو زيد: شِمْ في الفَرسِ ساقَكَ أَي ارْكلها بساقِكَ و أمِرَّها. أبو مالك: شِمْ أدْخِلْ و ذلك إذا أَدخَلَ رجله في بطنها يضربها. و تَشَيَّمه الشَّيْبُ: كثر فيه و انتشر؛ عن ابن الأَعرابي. و الشِّيامُ: حُفْرةٌ أو أرضٌ رِخْوَةٌ. ابن الأَعرابي: الشِّيامُ، بالكسر، الفأْر. الكسائي: رجل مَشِيمٌ و مَشُومٌ و مَشْيُوم من الشامة. و الشِّيامُ: الترابُ عامَّةً؛ قال الطرماح:
كَمْ به من مَكْ‏ءٍ وَحْشيَّةٍ،             قِيضَ في مُنْتَثَلٍ أو شيام «2».

مُنْتَثَل: مكان كان محفوراً فاندفن ثم نظف. و قال الخليل: شِيامٌ حفرة، و قيل: أرض رِخْوة التراب. و قال الأَصمعي: الشِّيام الكِناسُ، سمي بذلك لانْشِيامه فيه أي دخوله. الأَصمعي: الشِّيمةُ التراب يُحْفَر من الأَرض. و شامَ يَشِيمُ إذا غَبَّرَ رجليه من الشِّيام، و هو التراب. قال أبو سعيد: سمعت أبا عمرو ينشد بيت الطرماح أو شَيام، بفتح الشين، و قال: هي الأَرض السهلة؛ قال أبو سعيد: و هو عندي شِيام، بكسر الشين، و هو الكِناسُ، سمي شِياماً لأَن الوحش يَنْشامُ فيه أي يدخل، قال: و المُنْتَثَلُ الذي كان اندفَن فاحتاج الثورُ إلى انْتِثاله أي استخراج ترابه، و الشِّيامُ الذي لم يَنْدَفِنْ و لا يحتاج إلى انْتِثاله فهو يَنْشامُ فيه، كما يقال لِباسٌ لما يُلْبَسُ. و يقال: حَفَرَ فشَيَّمَ، قال: و الشَّيَمُ كل أرض لم يُحْفَرْ فيها قَبْلُ فالحفرُ على الحافر فيها أَشَدُّ؛ و قال الطرماح يصف ثوراً:
غاصَ، حتى استَباثَ من شَيَمِ الأَرْضِ             سفاةً، من دُونها ثَأَدُهْ «3».

التهذيب: المَشِيمَةُ هي للمرأَة التي فيها الوَلَدُ، و الجمع مَشِيمٌ و مَشايِمُ؛ قال جرير:
و ذاك الفَحْلُ جاء بِشرِّ نَجْلٍ             خَبيثاتِ المَثابِرِ و المَشِيمِ‏

ابن الأَعرابي: يقال لما يكون فيه الولد المَشِيمَةُ و الكِيسُ و الحَوْرانُ «4» و القَمِيصُ. الجوهري: و الشِّيمُ ضرب من السمك؛ و قال:
__________________________________________________
 (1). روي هذا البيت سابقاً في هذه المادة.
 (2). قوله [من مك‏ء إلخ‏] كذا بالأَصل كالتكملة بهمزة بعد الكاف، و الذي في الصحاح و التهذيب: من مكو بواو بدلها و لعله روي بهما إذ كل منهما صحيح، و قبله كما في التكلمة:
منزل كان لنا مرة             وطناً نحتله كل عام.


 (3). قوله [غاص‏] وقع في التهذيب بالصاد المهملة كما في الأَصل، و في التكلمة بالطاء المهملة و كل صحيح.
 (4). قوله [و الحوران‏] كذا بالأَصل و التهذيب بالحاء المهملة.

331
لسان العرب12

شيم ص 329

قُلْ لِطَغامِ الأَزْدِ: لا تَبْطَرُوا             بالشِّيمِ و الجِرِّيثِ. و الكَنْعَدِ

و المَشِيمةُ: الغِرْسُ، و أصله مَفْعِلةٌ فسكنت الياء، و الجمع مَشايِمُ مثلُ مَعايشَ؛ قال ابن بري: و يجمع أيضاً مَشِيماً؛ و أنشد بيت جرير:
خبيثات المثابر و المشيم‏


و قوم شُيُومٌ: آمِنُونَ، حَبَشِيَّةٌ. و من كلام النجاشي لقريش: اذهبوا فأَنتم شُيُومٌ بأَرْضِي. و بَنُو أَشْيَمَ: قبيلة. و الأَشْيَمُ و شَيْمانُ: اسمان. و مَطَرُ بن أَشْيَمَ: من شعرائهم. و صِلةُ بن أشْيَمَ: رجلٌ من التابعين؛ و قول بلال مؤذن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم:
ألا لَيْتَ شِعْرِي هل أَبِيتَنَّ ليلةً             بوادٍ، و حَوْلي إذْخِرٌ و جَليلُ؟
و هَلْ أرِدَنْ يوماً مِياهَ مَجَنَّةٍ؟             و هل يَبْدُوَنْ لي شامَةٌ و طَفِيلُ؟

هما جبلان مُشْرِفانِ، و قيل: عينان، و الأَول أكثر. و مَجَنَّةُ: موضع قريب من مكة كانت تُقام به سُوقٌ في الجاهلية، و قال بعضهم: إنه شابة بالباء «1»، و هو جبل حجازي. و الأَشْيَمان: موضعان. فصل الصاد المهملة
فصل الصاد المهملة
صأم:
صَئِمَ من الشراب صأْماً «2». كصَئِبَ إذا أكثرَ شُرْبَهُ، و كذلك قَئِبَ و ذَئِجَ. أَبو عمرو: فَأَمْتُ و صَأَمْتُ إذا رَوِيتَ من الماء. و قال أَبو السَّمَيْدَع: فأَمْتُ في الشَّراب و صَأَمْتُ إذا كَرَعْتَ فيه نَفَساً.
صتم:
الصَّتْمُ، بالتسكين، و الصَّتَمُ، بالفتح، من كل شي‏ء: ما عَظُمَ و اشتدّ. و الأُنثى صَتْمَة و صَتَمةٌ. و رجل صَتْمٌ و جمل صَتْمٌ: ضَخْمٌ شديد، و ناقة صَتَمة كذلك. و عبد صَتْمٌ، بالتسكين: غليظ شديد، و الجمع صُتْمٌ، بالضم. و حكى ابن السكيت: عبد صَتَمٌ، بالتحريك، أي غليظ شديد، و جمل صَتَمٌ أَيضاً و ناقة صَتَمةٌ، قال: و لم يعرفه ثعلب إلَّا بالتسكين؛ قال: و أَنشدنا ابن الأَعرابي:
و مُنْتَظري صَتْماً فقال: رَأَيْتُه نَحِيفاً،             و قد أَجْرى عن الرجل الصَّتْمِ‏

و صَتَّمَ الشي‏ءَ: أَحْكَمَه و أَتَمَّهُ. أبو عمرو: صَتَّمْتُ الشي‏ءَ فهو مُصَتَّمُ و صَتْمٌ أي محكم تامٌّ. و شي‏ء صَتْمٌ أي محكم تام. و التَّصْتِيمُ: التكميل. و أَلْف مُصَتَّم: مُتَمَّمٌ. و أَلْف صَتْمٌ أي تامٌّ. و مال صَتْمٌ: تام، و أموال صُتْمٌ. و
في حديث ابن صَيَّادٍ: أنه وزن تسعين فقال صَتْماً فإذا هي مائة.
؛ الصَّتْمُ: التام، يقال أعطيته ألفاً صَتْماً أي تامّاً كاملًا. و عَبْد صَتْمٌ أي غليظ شديد، و جمل صَتْمٌ و ناقة صَتْمَةٌ. و قال الليث: الصَّتْمُ من كل شي‏ء
__________________________________________________
 (1). قوله [و قال بعضهم إنه شابة بالباء] هو الذي صوّبه في التكملة و زاد فيها: أول ما تخرج الخضرة في اليبيس هو التشيم، و يقال تشيمه الشيب و اشتام فيه أي دخل، و شم ما بين كذا إلى كذا أي قدّره، و الشام الفرق من الناس انتهى. و مثله في القاموس.
 (2). قوله [صئم من الشراب صأماً] ضبط المصدر في الأَصل بسكون الهمزة، و في المحكم بفتحها و هو الموافق لقوله كصئب لأنه من باب فرح كما في القاموس و غيره و لاحتمال أن الميم مبدلة من الباء، و أما قول المجد صئم كعلم فليس نصاً في سكون همزة المصدر.

332
لسان العرب12

صدم ص 334

صدم:
الصَّدْمُ: ضَرْبُ الشي‏ء الصُّلْب بشي‏ء مثله. و صَدَمَه صَدْماً: ضَرَبه بجسده. و صادَمَهُ فتَصادَما و اصطَدَما، و صَدَمَه يَصدِمُه صَدْماً، و صَدَمَهُم أَمْرٌ: أَصابهم. و التَّصادُمُ: التَّزاحُمُ. و الرَّجُلانِ يَعْدُوانِ فيَتَصادَمانِ أَي يَصْدِمُ هذا ذاك و ذاك هذا، و الجَيْشانِ يَتَصادَمان. قال الأَزهري: و اصطِدامُ السفينتين إِذا ضربتْ كلُّ واحدة صاحِبَتَها إذا مَرَّتا فوق الماء بحَمْوَتِهما، و السفينتان في البحر تتَصادَمانِ و تَصْطَدِمان إذا ضرب بعضُهما بعضاً، و الفارسان يَتَصادمان أَيضاً. و
في الحديث: الصَّبْرُ عند الصَّدْمةِ الأُولى.
أي عند فَوْرة المصِيبة و حَمْوَتِها؛ قال شمر: يقول من صَبَرَ تلك الساعة و تَلَقَّاها بالرِّضا فله الأَجر؛ قال الجوهري: معناه أَن كل ذي مَرْزِئةٍ قُصاراه الصبرُ و لكنه إنما يُحْمَدُ عند حِدَّتِها. و رجل مِصْدَمٌ: مِحْرَبٌ. و الصَّدِمَتان، بكسر الدال: جانبا الجَبِينَينِ. و الصَّدمَةُ: النَّزَعةُ. و رجل أَصْدَمُ إذا كان أَنْزَع. أبو زيد: في الرأْس الصَّدِمَتان، بكسر الدال، و هما الجبينان. و
في حديث مسيره إلى بَدْرٍ: حتى أَفْتَقَ من الصَّدِمَتَيْنِ.
، يعني من جانبي الوادي، سمِّيتا بذلك كأَنهما لتقابلهما تَتَصادَمانِ، أو لأَنَّ كل واحدة منهما تَصْدِمُ من يَمُرُّ بها و يُقابلها. و الصُّدامُ: داء يأْخذ في رؤوس الدواب؛ قال الجوهري: الصِّدامُ، بالكسر، داء يأْخذ رؤوسَ الدواب، قال: و العامَّة تضمه، قال: و هو القياس، قال ابن شميل: الصُّدامُ داء يأْخذ الإِبل فتَخْمَصُ بُطُونُها و تَدَعُ الماء و هي عِطاشٌ أَياماً حتى تَبْرأَ أو تموت، يقال منه: جمل مَصْدُوم و إبل مُصَدَّمَةٌ، و بعضهم يقول: الصُّدامُ ثِقَلٌ يأخذ الإِنسان في رأْسه، و هو الخُشامُ. أبو العباس عن ابن الأَعرابي: الصَّدْمُ الدَّفْعُ، و يقال: لا أَفْعَلُ الأَمرين صَدْمَةً واحدة أي دَفْعَةً واحدة.
و قال عبدُ المَلِكِ بنُ مَرْوانَ و كتب إلى الحجاج: إني وَلَّيْتُكَ العراقين صَدْمةً واحدة أي دَفْعَةَ واحدةً.
و صِدامٌ: اسْمُ فرس لَقِيط بن زُرارَةَ. و صِدامٌ: فرس معروف؛ قال ابن بري: و أَنشد الهَرَويُّ في فصل نَقَصَ قول الشاعر:
و ما اتَّخَدْتُ صِداماً للمُكوثِ بها،             و ما انْتَقَشْناكَ إلَّا للوَصَرَّاتِ‏

و قال الأَزهري: لا أَدري صِدامٌ أو صِرامٌ. و صِدامٌ و مِصْدَمٌ: اسمان.
صذم:
التهذيب: قال أبو حاتم يقال هذا قَضاءُ صَذُومَ، بالذال المعجمة، و لا يقال سَدُوم.
صرم:
الصَّرْمُ: القَطْعُ البائنُ، و عم بعضهم به القطع أيَّ نَوْعٍ كان، صَرَمَه يَصْرِمُه صَرْماً و صُرْماً فانْصَرَم، و قد قالوا صَرَمَ الحبلُ نَفْسُه؛ قال كعب بن زهير:
و كنتُ إذا ما الحَبْلُ من خُلَّةٍ صَرَمْ‏


قال سيبويه: و قالوا للصارِمِ صَرِيم كما قالوا ضَرِيبُ قِداحٍ للضارب، و صَرَّمَه فَتَصَرَّم، و قيل: الصَّرم المصدر، و الصُّرْمُ الاسم. و صَرَمَه صَرْماً: قطع كلامه. التهذيب: الصَّرْمُ الهِجْرانُ في موضعه. و
في الحديث: لا يَحِلُّ لمسلم أن يُصارِمَ مُسْلِماً فوقَ ثلاثٍ.
أي يَهْجُرَه و يقطع مُكالمتَه. الليث: الصَّرْمُ دخيل، و الصَّرْمُ القَطْع البائن للحبل و العِذْقِ، و نحو ذلك الصِّرامُ، و قد صَرَمَ العِذْقَ عن النخلة.

334
لسان العرب12

صرم ص 334

و الصُّرْمُ: اسم للقطيعة، و فِعْلُه الصَّرْمُ، و المُصارمةُ بين الاثنين. الجوهري: و الانْصِرامُ الانقطاع، و التصارُمُ التقاطع، و التَّصَرُّم التَّقَطُّعُ. و تَصَرَّمَ أي تَجَلّد. و تَصْرِيمُ الحبال: تقطيعها شُدِّدَ للكثرة. الجوهري: صَرَمْتُ الشي‏ءَ صَرْماً قطعته. يقال: صَرَمْتُ أُذُنَه و صَلَمْتُ بمعنىً. و
في حديث الجُشَمِيِّ: فتَجْدَعُها و تقول هذه صُرُمٌ.
؛ هي جمع صَرِيمٍ، و هو الذي صُرِمَتْ أُذُنُه أي قُطِعَتْ؛ و منه‏
حديث عُتْبَةَ بنِ غَزْوانَ: إن الدنيا قد أَدْبَرَتْ بصَرْمٍ.
 «4» أي بانقطاع و انقضاء. و سيفٌ صارِمٌ و صَرُومٌ بَيِّنُ الصَّرامَةِ و الصُّرُومَةِ: قاطع لا ينثني. و الصارمُ: السيف القاطع. و أَمر صَريمٌ: مُعْتَزَمٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
ما زالَ في الحُوَلاءِ شَزْراً رائغاً،             عِنْدَ الصَّرِيمِ، كرَوْغَةٍ من ثعْلَبِ‏

و صَرَمَ وَصْلَه يَصْرِمُه صَرْماً و صُرْماً على المَثَل، و رجل صارِمٌ و صَرَّامٌ و صَرُومٌ؛ قال لبيد:
فاقْطَعْ لُبانَةَ من تَعَرَّضَ وَصْلُه،             و لَخَيْرُ واصِلِ خُلَّةٍ صَرَّامُها

و يروى:
و لَشَرٌّ ...


؛ و أنشد ابن الأَعرابي:
صرمْتَ و لم تَصْرِمْ، و أنتَ صَرُومُ،             و كيفَ تَصابي مَنْ يُقالُ حَلِيمُ؟

يعني أنك صَرُومٌ و لم تَصْرِمْ إلا بعد ما صُرِمْتَ؛ هذا قول ابن الأَعرابي، و قال غيره: قوله و لم تَصْرِمْ و أَنت صَرُومُ أَي و أَنت قَوِيٌّ على الصَّرْمِ. و الصَّرِيمَةُ: العزيمة على الشي‏ء و قَطْعُ الأَمر. و الصَّريمةُ: إِحْكامُك أَمْراً و عَزْمُكَ عليه. و قوله عز و جل: إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ‏
؛ أي عازمين على صَرْم النخل. و يقال: فلان ماضي الصَّريمة و العَزِيمة؛ قال أَبو الهيثم: الصَّرِيمَةُ و العزيمة واحد، و هي الحاجة التي عَزَمْتَ عليها؛ و أَنشد:
و طَوَى الفُؤادَ على قَضاءِ صَرِيمةٍ             حَذَّاءَ، و اتَّخَذَ الزَّماعَ خَلِيلا

و قَضاءُ الشي‏ء: إِحكامه و الفَراغُ منه. و قَضَيْتُ الصلاة إذا فَرَغْتَ منها. و يقال: طَوى فلانٌ فُؤَاده على عَزيمةٍ، و طَوى كَشْحَه على عَداوة أي لم يظهرها. و رجل صارِمٌ أي ماضٍ في كل أمر. المحكم و غيره: رجل صارِمٌ جَلْدٌ ماضٍ شُجاعٌ، و قد صَرُمَ بالضم، صَرامَةً. و الصَّرامَةُ: المُسْتَبِدُّ برأْيه المُنْقَطِعُ عن المُشاورة. و صَرامِ: من أَسماء الحرب «5»؛ قال الكميت:
جَرَّدَ السَّيْفَ تارَتَيْنِ من الدَّهْرِ،             على حِينِ دَرَّةٍ من صَرامِ‏

و قال الجَعْدِيُّ و اسمه قيس بن عبد الله و كنيته أبو ليلى:
أَلا أَبْلِغْ بني شَيْبانَ عَنِّي:             فقد حَلَبَتْ صُرامُ لكم صَراها

و في الأَلفاظ لابن السكيت: صُرامُ داهيةٌ، و أَنشد بيت الكميت:
على حين دَرَّةٍ من صُرامِ‏


__________________________________________________
 (4). قوله [و قد أَدبرت بصرم‏] هكذا في الأَصل، و الذي في النهاية:
... قد آذنت بصرم.

 (5). قوله [و صرام من أَسماء الحرب‏] قال في القاموس: و كغراب الحرب كصرام كقطام انتهى. و لذلك تركنا صراح في البيت الأَول بالفتح و في الثاني بالضم تبعاً للأَصل.

335
لسان العرب12

صرم ص 334

و الصَّيْرَمُ: الرأْي المحكمُ. و الصَّرامُ و الصِّرامُ: جَدادُ النخل. و صَرَمَ النخلَ و الشجرَ و الزرع يَصْرِمُه صَرْماً و اصْطَرَمه: جَزَّه. و اصْطِرامُ النخل: اجْتِرامُه؛ قال طَرَفَةُ:
أَنْتُمُ نَخْلٌ نُطِيفُ به،             فإذا ما جَزَّ نَصْطَرِمُهْ‏

و الصَّريمُ: الكُدْسُ المَصْروُم من الزَّرْع. و نَخْلٌ صَريمٌ: مَصْروُمٌ. و صِرامُ النخل و صَرامُه: أوانُ إِدراكه. و أَصْرَمَ النخلُ: حان وقتُ صِرامِه. و الصُّرامَةُ: ما صُرِمَ من النخل؛ عن اللحياني. و
في حديث ابن عباس: لما كان حِينُ يُصْرَمُ النخلُ بَعثَ رسول الله، صلى الله عليه و سلم، عبدَ الله بن رَواحة إلى خَيْبَر.
؛ قال ابن الأَثير: المشهور في الرواية فتح الراء أي حِينُ يُقْطَعُ ثمر النخل و يُجَذُّ. و الصِّرامُ: قَطْعُ الثمرة و اجتناؤها من النخلة؛ يقال: هذا وقتُ الصِّرامِ و الجَذاذِ،
قال: و يروى حينُ يُصْرِمُ النخلُ.
بكسر الراء، و هو من قولك أَصْرَمَ النخلُ إذا جاء وقتُ صِرامه. قال: و قد يطلق الصِّرامُ على النخل نفسه لأَنه يُصْرَمُ. و منه‏
الحديث: لنا من دِفْئِهم و صِرامِهم.
أي نخلهم. و الصَّريمُ و الصَّريمةُ: القِطعة المنقطعة من معظم الرمل، يقال: أَفْعى صَريمةٍ. و صَريمةٌ من غَضىً و سَلَمٍ أي جماعةٌ منه. قال ابن بري: و يقال في المثل: بالصَّرائِمِ اعْفُرْ، يضرب مثلًا عند ذكر رجل بَلَغَكَ أنه وقع في شَرّ لا أَخْطَأَه. المحكم: و صَريمةٌ من غَضىً و سَلَمٍ و أَرْطىً و نخلٍ أي قطعةٌ و جماعة منه، و صِرْمَةٌ من أَرْطىً و سَمُرٍ كذلك. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: كان في وَصِيَّتِه إنْ تُوُفِّيتُ و في يدي صِرْمةُ ابنِ الأَكْوَعِ فَسُنَّتُها سُنَّةُ ثَمْغَ.
؛ قال ابن عيينة: الصِّرْمةُ هي قطعة من النخل خفيفة، و يقال للقطعة من الإِبل صِرْمةٌ إذا كانت خفيفة، و صاحبها مُصْرِمٌ، و ثَمْغٌ: مالٌ لعمر، رضي الله عنه، وقفه، أَي سبيلُها سبيلُ تلك. و الصَّريمَةُ: الأَرضُ المحصودُ زرعُها. و الصَّريمُ: الصبحُ لانقطاعه عن الليل. و الصَّريم: الليلُ لانقطاعه عن النهار، و القطعة منه صَريمٌ و صَريمةٌ؛ الأُولى عن ثعلب. قال تعالى: فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ‏
؛ أي احترقت فصارتْ سوداءَ مثلَ الليل؛ و قال الفراء: يريد كالليل المُسْوَدِّ، و يقال فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ‏
 أي كالشي‏ء المصروم الذي ذهب ما فيه، و قال قتادة: فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ‏
، قال: كأَنها صُرِمَتْ، و قيل: الصريم أرضٌ سوداء لا تنبت شيئاً. الجوهري: الصَّرِيمُ المَجْذُوذُ المقطوع، و أَصبحت كالصَّريمِ أي احْتَرقت و اسْوادَّتْ، و قيل: الصَّريمُ هنا الشي‏ء المَصْرومُ الذي لا شي‏ء فيه، و قيل: الأَرضُ المحصودة، و يقال لليل و النهار الأَصْرَمانِ لأَن كل واحد منهما يَنْصَرِمُ عن صاحبه. و الصَّريم: الليل. و الصَّرِيمُ: النهارُ يَنْصَرِمُ الليل من النهار و النهارُ من الليل. الجوهري: الصَّريمُ الليل المظلم؛ قال النابغة:
أو تَزْجُروا مُكْفَهِرّاً لا كِفاءَ له،             كالليلِ يَخْلِطُ أصْراماً بأَصْرامِ‏

قوله تزجروا فعل منصوب معطوف على ما قبله؛ و هو:
إني لأَخْشى عليكم أن يكون لَكُمْ،             من أجْلِ بَغْضائكم، يومٌ كأَيَّامِ‏

و المُكْفَهِرّ: الجيش العظيم، لا كِفاء له أي لا

336
لسان العرب12

صرم ص 334

نظير له، و قيل في قوله يخلط أصراماً بأَصرام أي يخلط كل حَيّ بقبيلته خوفاً من الإِغارة عليه، فيخلط، على هذا، من صفة الجيش دون الليل؛ قال ابن بري: و قول زهير:
غَدَوْتُ عليه، غَدْوَة، فتركتُه             قُعُوداً، لديه بالصَّريم، عَواذِلُهْ «1».

قال ابن السكيت: أَراد بالصَّريم الليل. و الصريم: الصبح و هو من الأَضداد. و الأَصْرَمانِ: الليلُ و النهار لأَن كل واحد منهما انْصَرَمَ عن صاحبه؛ و قال بِشْرُ بن أبي خازم في الصريم بمعنى الصبح يصف ثوراً:
فبات يقولُ: أَصْبِحْ، ليلُ، حَتَّى             تَكَشَّفَ عن صَريمتِه الظَّلامُ‏

قال الأَصمعي و أبو عمرو و ابن الأَعرابي: تَكَشَّفَ عن صريمته أي عن رملته التي هو فيها يعني الثور؛ قال ابن بري: و أَنشد أَبو عمرو:
تَطاوَلَ لَيْلُكَ الجَوْنُ البَهِيمُ،             فما يَنْجابُ، عن ليلٍ، صَريمُ‏

و يروى بيت بشر:
تَكَشَّفَ عن صَريمَيْهِ‏


قال: و صَريماه أَوَّلُه و آخره. و قال الأَصمعي: الصَّريمةُ من الرمل قطعة ضَخْمةٌ تَنْصَرِمُ عن سائر الرمال، و تُجْمَعُ الصَّرائمَ. و يقال: جاء فلانٌ صَريمَ سَحْرٍ إذا جاء يائساً خائباً؛ و قال الشاعر:
أَ يَدْهَبُ ما جَمَعْتُ صَريمَ سَحْرٍ             طَليفاً؟ إنَّ ذا لَهُوَ العَجِيبُ‏

أي أ يَذْهَبُ ما جمعتُ و أنا يائس منه. الجوهري: الصُّرامُ، بالضم، آخر اللبن بعد التَّغْزير إذا احتاج إليه الرجلُ حَلَبَه ضَرُورَةً؛ و قال بشر:
ألَا أَبْلِغْ بني سَعْدٍ، رَسُولًا،             و مَوْلاهُمْ، فقد حُلِبَتْ صُرامُ‏

يقول: بلَغ العُذْرُ آخرَه، و هو مثل؛ قال الجوهري: هذا قول أبي عبيدة، قال: و قال الأَصمعي الصُّرامُ اسم من أَسماء الحرب و الداهية؛ و أنشد اللحياني للكميت:
مآشيرُ ما كان الرَّخاءُ، حُسافَةٌ             إذا الحرب سَمَّاها صُرامَ المُلَقِّبُ‏

و قال ابن بري في قول بشر:
فقد حُلِبَتْ صُرامُ‏


يريد الناقة الصَّرِمَةَ التي لا لبن لها، قال: و هذا مثل ضربه و جعَل الاسمَ معرفة يريد الداهية؛ قال: و يقوّي قولَ الأَصمعي قولُ الكميت:
إذا الحرب سمَّاها صرامَ الملقب‏


و تفسير بيت الكميت قال: يقول هم مآشير ما كانوا في رخاء و خِصْبٍ، و هم حُسافةٌ ما كانوا في حرب، و الحسافة ما تناثر من التمر الفاسد. و الصَّريمةُ: القِطْعة من النخل و من الإِبل أيضاً. و الصِّرْمَةُ: القِطْعة من السحاب. و الصِّرْمَة: القطعة من الإِبل، قيل: هي ما بين العشرين إلى الثلاثين، و قيل: ما بين الثلاثين إلى الخمسين و الأَربعين، فإذا بلغت الستين فهي الصِّدْعَة، و قيل: ما بين العشرة إلى الأَربعين، و قيل: ما بين عشرة إلى بِضْع عَشْرةَ. و
في كتابه لعمرو بن مُرَّةَ: في التَّبِعَةِ و الصُّرَيْمةِ شاتان ان اجتمعتا، و إن تَفرّقتا فشاةٌ
__________________________________________________
 (1). رواية ديوان زهير:
بَكَرتُ عليه، غُدوةً، فرأَيتُه.

 

337
لسان العرب12

صرم ص 334

شاةٌ.
؛ الصُّرَيْمة تصغير الصِّرْمَةِ و هي القطيع من الإِبل و الغنم، قيل: هي من العشرين إلى الثلاثين و الأَربعين كأنها إذا بلغت هذا القدر تستقل بنفسها فيَقْطَعُها صاحبُها عن مُعظَمِ إبله و غنمه، و المراد بها في الحديث من مائة و إحدى و عشرين شاةً إلى المائتين إذا اجتمعت ففيها شاتان، فإن كانت لرجلين و فُرِّق بينهما فعلى كل واحد منهما شاةٌ؛ و منه‏
حديث عمر، رضي الله عنه: قال لمولاه أَدْخِلْ رَبَّ الصُّرَيْمةِ و الغُنَيْمة.
، يعني في الحِمى و المَرْعى، يريد صاحب الإِبل القليلة و الغنم القليلة. و الصِّرْمَةُ: القطعة من السحاب، و الجمع صِرَمٌ؛ قال النابغة:
و هَبَّتِ الريحُ، من تلْقاءِ ذي أُرْكٍ،             تُزْجي مع الليلِ، من صُرَّادِها، صِرَما «1».

و الصُّرَّادُ: غيم رقيق لا ماء فيه، جمع صارِدٍ. و أَصْرَمَ الرجلُ: افتقر. و رجل مُصْرِمٌ: قليل المال من ذلك. و الأَصْرَمُ: كالمُصْرِم؛ قال:
و لقد مَرَرْتُ على قَطيعٍ هالكٍ             من مالِ أصْرَمَ ذي عِيالٍ مُصْرِمِ‏

يعني بالقطيع هنا السَّوْطَ؛ أ لا تراه يقول بعد هذا:
من بَعْدِ ما اعْتَلَّتْ عليَّ مَطِيَّتي،             فأَزَحْتُ عِلَّتَها، فظَلَّتْ تَرْتَمِي‏

يقول: أزحت علتها بضربي لها. و يقال: أصرم الرجلُ إصْراماً فهو مصْرِمٌ إذا ساءت حاله و فيه تَماسُك، و الأَصل فيه: أنه بقيت له صِرْمة من المال أي قطعة؛ و قول أبي سَهْمٍ الهُذَلي:
أَبوكَ الذي لم يُدْعَ من وُلْدِ غيرِه،             و أنتَ به من سائرِ الناس مُصْرِمُ‏

مُصْرِمٌ، يقول: ليس لك أب غيره و لم يَدْعُ هو غيركَ؛ يمدحه و يُذَكِّره بالبِرِّ. و يقال: كَلأٌ تَيْجَعُ منه كَبِدُ المُصْرِمِ أي أنه كثير فإذا رآه القليلُ المال تأَسف أن لا تكون له إبل كثيرة يُرْعِيها فيه. و المِصْرَمُ، بالكسر: مِنْجَلُ المَغازِليّ. و الصِّرْمُ، بالكسر: الأَبياتُ المُجْتَمِعةُ المنقطعة من الناس، و الصِّرْم أَيضاً: الجماعة من ذلك. و الصِّرْمُ: الفِرْقة من الناس ليسوا بالكثير، و الجمع أَصْرامٌ و أَصاريمُ و صُرْمانٌ؛ الأَخيرة عن سيبويه؛ قال الطرماح:
يا دارُ أَقْوَتْ بعد أَصرامِها             عاماً، و ما يُبْكِيكَ من عامِها

و ذكر الجوهري في جمعه أَصارِمَ؛ قال ابن بري: صوابه أَصاريم؛ و منه قول ذي الرمة:
و انْعَدَلَتْ عنه الأَصاريمُ‏


و
في حديث أبي ذر: و كان يُغِيرُ على الصِّرمِ في عَماية الصبح.
؛ الصِّرْمُ: الجماعةُ ينزلون بإبلهم ناحيةً على ماء. و
في حديث المرأَة صاحبةِ الماء: أنهم كانوا يُغِيرُونَ على مَنْ حَوْلَهم و لا يُغِيرُون على الصِّرْمِ الذي هي فيه.
و ناقة مُصَرَّمةٌ: مقطوعة الطُّبْيَيْنِ، و صَرْماءُ: قليلة اللبن لأَن غُزْرَها انقطع. التهذيب: و ناقة مُصَرَّمةٌ و ذلك أن يُصَرَّمَ طُبْيُها فيُقْرَحَ عَمْداً حتى يَفْسُدَ الإِحْليلُ فلا يخرج اللبن فَيَيْبَس و ذلك أقوى لها، و قيل: ناقة مُصَرَّمةٌ و هي التي صَرَمَها الصِّرارُ فوَقَّذَها، و ربما صُرِمَتْ عَمْداً لتَسْمَنَ فتُكْوى؛ قال الأَزهري: و منه قول عنترة:
لُعِنتْ بمَحْرُومِ الشَّرابِ مُصَرَّمِ «2».


__________________________________________________
 (1). في ديوان النابغة:
... ذي أُرُل‏

بدل‏
... ذي أُرُك.

 (2). صدر البيت:
         هَلْ تُبلِغَنِّي دارَها شدنيَّةٌ.

 

338
لسان العرب12

صرم ص 334

قال الجوهري: و كان أَبو عمرو يقول و قد تكونُ المُصَرَّمةُ الأَطْباءِ من انقطاع اللبن، و ذلك أن يُصِيبَ الضَّرْعَ شي‏ءٌ فيُكْوَى بالنار فلا يخرج منه لبن أبداً؛ و منه‏
حديث ابن عباس: لا تَجُوزُ المُصَرَّمةُ الأَطباء.
؛ يعني المقطوعة الضُّروع. و الصَّرْماءُ: الفلاة من الأَرض. الجوهري: و الصَّرْماء المفازة التي لا ماء فيها. و فَلاة صرماء: لا ماء بها، قال: و هو من ذلك «1». و الأَصْرمانِ: الذئب و الغُرابُ لانْصِرامِهِما و انقطاعهما عن الناس؛ قال المَرَّارُ:
على صَرْماءَ فيها أصْرَماها،             و حِرِّيتُ الفَلاةِ بها مَلِيلُ أي هو مَليل،

قال: كأَنه على مَلَّةٍ من القَلَق، قال ابن بري: مَلِيلٌ مَلَّتْه الشمس أي أَحرقته؛ و منه خُبْزةٌ مَلِيلٌ. و تركته بوَحْشِ الأَصْرَمَيْنِ؛ حكاه اللحياني و لم يفسره، قال ابن سيدة: و عندي أنه يعني الفلاة. و الصِّرْمُ: الخُفُّ المُنَعَّلُ. و الصَّريمُ: العُودُ يُعَرَّضُ على فَمِ الجَدْي أو الفَصِيل ثم يُشَدُّ إلى رأْسه لئلا يَرْضَعَ. و الصَّيْرَمُ: الوَجْبَةُ. و أكلَ الصَّيْرَمَ أي الوَجْبَةَ، و هي الأَكْلَةُ الواحِدةُ في اليوم؛ يقال: فلان يأْكل الصَّيْرَمَ إذا كان يأْكل الوَجْبة في اليوم و الليلة، و قال يعقوب: هي أَكْلَة عند الضحى إلى مثلها من الغَدِ، و قال أبو عبيدة: هي الصَّيْلَمُ أيضاً و هي الحَرْزَمُ «2»؛ و أنشد:
و إنْ تُصِبْكَ صَيْلَمُ الصيَّالمِ،             لَيْلًا إلى لَيْلٍ، فعَيشُ ناعِمِ‏

و
في الحديث: في هذه الأُمة خَمْسُ فِتَنٍ قد مَضَتْ أربع و بقيت واحدةٌ و هي الصَّيْرَمُ.
؛ و كأَنها بمنزلة الصَّيْلَم، و هي الداهية التي تستأْصل كل شي‏ء كأَنها فتنة قَطَّاعة، و هي من الصَّرْمِ القَطْعِ، و الياء زائدة. و الصَّرُومُ: الناقةُ التي لا تَرِدُّ النَّضِيحَ حتى يَخْلُوَ لها، تَنْصَرِمُ عن الإِبل، و يقال لها القَذُورُ و الكَنُوفُ و العَضادُ و الصَّدُوفُ و الآزِيَةُ، بالزاي. المُفَضَّلُ عن أبيه: و صَرَمَ شَهْراً بمعنى مكث. و الصَّرْمُ: الجِلْدُ، فارسي معرّب. و بنو صُرَيْمٍ: حَيٌّ. و صِرْمَةُ و صُرَيْم و أَصْرَمُ: أسماء. و
في الحديث: أنه غَيَّر اسم أصْرَمَ فجعله زُرْعةَ.
، كَرِهَهُ لما فيه من معنى القطع، و سماه زُرْعةَ لأَنه من الزَّرْع النباتِ.
صطم:
الأُصْطُمَّةُ و الأُصْطُمُّ: لغة في الأُسْطُمَّة و الأُسْطُمِّ في جميع ما تَصَرَّفَ منه.
صطخم:
المُصْطَخِمُ: المُنْتَصِبُ القائم، و في التهذيب: المُصْلَخِمُّ، بتشديد الميم، قال: و المُصْطَخِمُ في معناه غير أنها مخففة الميم. و اصْطَخَمْتُ فأَنا مُصْطَخِمٌ إذا انتصبت قائماً. الأَزهري: المُصْطَخِمُ مُفْتَعِلٌ من ضَخَم و هو ثلاثي، قال: و لم أجد لصخم ذكراً في كلام العرب، و كان في الأَصل مُصْتَخِم فقلبت التاء طاء كالمُصْطَخِبِ من الصَّخَبِ، و ذكره الأَزهري أيضاً في الرباعي؛ قال: و أنشد أبو العباس:
يوماً يَظَلُّ به الحِرْباءُ مُصْطَخِماً،             كأَنَّ ضاحِيَهُ بالنارِ مَمْلُولُ‏

قال: مُصْطَخِمٌ ساكت قائم كأَنه غضبان.
__________________________________________________
 (1). قوله [قال و هو من ذلك‏] ليس من قول الجوهري كما يتوهم، بل هو من كلام ابن سيدة في المحكم، و أول عبارته: و فلاة صرماء إلخ.
 (2). قوله [و هي الحرزم‏] كذا بهذا الضبط في التهذيب و لم نجده بهذا المعنى فيما بأيدينا من الكتب.

339
لسان العرب12

صطكم ص 340

صطكم:
الأُصْطُكْمةُ: خُبْزة المَلَّةِ.
صقم:
أهمله الليث. ابن الأَعرابي: الصَّيْقَمُ المُنْتِنُ الرائحة.
صكم:
صَكَمَه صَكْماً: ضربه و دفعه. و صَكَمَهُ صَكْمَةً: صَدَمه. الليث: الصَّكْمَةُ صَدْمة شديدة بحجر أو نحو حجر، و العرب تقول: صَكَمَتْه صَواكِمُ الدَّهْر، و صواكِمُ الدهر: ما يصيب من نوائبه. و صَكَمَ الفرسُ يَصْكُمُ: عَضَّ على اللجام ثم مَدَّ رأْسَه كأَنه يريد أن يغالبه. الأَصمعي: صَكَمْتُه و لَكَمْتُه و صَكَكْتُه و دَكَكْتُه و لَكَكْتُه كله إذا دَفَعْتَه.
صلم:
صَلَمَ الشي‏ءَ صَلْماً: قطعه من أصله، و قيل: الصَّلْمُ قطع الأُذن و الأَنف من أَصلهما. صَلَمهما يَصْلِمُهما صَلْماً و صَلَّمَهُما إذا اسْتَأْصَلَهما، و أُذُنٌ صَلْماء لِرِقَّةِ شَحْمتها. و عبد مُصَلَّم و أَصْلَمُ: مقطوعُ الأُذن. و رجل أَصْلَمُ إذا كان مُسْتَأْصَل الأُذنين. و رجل مُصَلَّم الأُذنين إذا اقْتُطِعَتا من أُصولهما. و يقال للظَّليم مُصَلَّمُ الأُذنين كأَنه مْسْتَأْصَلُ الأُذنين خِلْقةً. و الظَّلِيمُ مُصَلَّم، وُصِفَ بذلك لصغر أُذنيه و قِصَرِهِما؛ قال زهير:
أَسَكُّ مُصَلَّمُ الأُذُنَيْنِ أجْنَى،             له، بالسِّيِّ، تَنُّومٌ و آءُ «1».

و
في حديث ابن الزبير لما قُتل أخوه مُصْعَبٌ: أَسْلَمَه النَّعامُ المُصَلَّمُ الآذانِ أَهلُ العراقِ.
؛ يقال للنعام مُصَلَّمٌ لأَنها لا آذانَ لها ظاهرةً. و الصَّلْمُ: القَطْعُ المُسْتَأْصِلُ؛ فإذا أُطلق على الناس فإنما يراد به الذليلُ المُهانُ كقوله:
فإنْ أَنْتُمُ لم تَثْأَرُوا و اتَّدَيْتُمُ،             فَمَشُّوا بآذانِ النَّعامِ المُصَلَّمِ‏

و الأَصْلَمُ من الشِّعْر: ضَرْبٌ من المديد و السريع على التشبيه. التهذيب: و الأَصْلَم المُصَلَّمُ من الشِّعْر و هو ضرب من السريع يجوز في قافيته فَعْلُن فَعْلُن كقوله:
ليس على طُولِ الحياةِ نَدَمْ،             و مِنْ وَراءِ الموتِ ما يُعْلَمْ‏

و الصَّيْلَمُ: الداهية لأَنها تَصْطَلِمُ، و يُسَمَّى السيفُ صَيْلَماً؛ قال بِشْرُ بن أَبي خازم:
غَضِبَتْ تَميمٌ أن تَقَتَّلَ عامِرٌ،             يَوْمَ النِّسارِ، فأُعْتِبُوا بالصَّيْلَمِ‏

قال ابن بري: و يروى‏
... فأُعْقِبُوا بالصَّيْلَم‏


أي كانت عاقبتُهم الصَّيْلَمَ؛ قال ابن بري: و شاهدُ الصَّيْلَمِ الداهيةِ قول الراجز:
دَسُّوا فَلِيقاً ثم دَسُّوا الصَّيْلَما


و في حديث ابن عمر: فيكون الصَّيْلَمُ بيني و بينه.
أي القطيعة المُنْكَرة. و الصَّيْلَمُ: الداهية، و الياء زائدة. و
في حديث ابن عمرو: اخرُجُوا يا أَهلَ مكة قبل الصَّيْلَمِ كأَنِّي به أُفَيْحِجَ أُفَيْدِعَ يَهْدِمُ الكَعْبةَ.
التهذيب في ترجمة صنم قال: و الصَّنَمَة الداهية، قال الأَزهري: أصلها صَلَمة. و أمر صَيْلَم: شديد مُستأْصِل، و هو الصَّيْلَميَّة. و الصَّيْلَم: الأَمر المُسْتأْصِلُ، و وقعة صَيْلَمَة من ذلك. و الاصْطِلامُ: الاسْتِئْصالُ. و اصْطُلِمَ القوم: أُبيدوا. و الاصْطِلامُ إذا أُبيد قَومٌ من أَصلهم قيل اصْطُلِمُوا. و
في حديث الفتن: و تُصْطَلَمُون في الثالثة.
؛ الاصْطِلامُ افْتِعالٌ من الصَّلْمِ القطع.
__________________________________________________
 (1). في ديوان زهير:
أصَكّ ...

، و هو المتقارب العرقوبين، بدل‏
أسَكّ ...

و هو القصير الأذن الصغيرها.

340
لسان العرب12

صلم ص 340

و
في حديث الهَدْيِ و الضحايا: و لا المُصْطَلَمَةُ أَطْباؤُها.
و
حديث عاتكة: لئن عدْتُم ليَصْطَلِمَنَّكم.
و الصَّيْلَمُ: الأَكْلَةُ الواحدة كل يوم. و هو يأْكل الصَّيْلَم: و هي أَكْلَةٌ في الضُّحَى، كما تقول: هو يأْكل الصَّيْرَمَ؛ حكاهما جميعاً يعقوب. و الصَّلامَةُ و الصِّلامَةُ و الصُّلامةُ: الفِرْقةُ من الناس. و الصُّلاماتُ و الصِّلاماتُ: الجماعات و الفِرَقُ. و
في حديث ابن مسعود: و ذَكَرَ فِتَناً فقال يكون الناسُ صُلاماتٍ [صِلاماتٍ‏] يَضْربُ بعضُهم رقابَ بعض.
؛ قال أبو عبيد: قوله صُلامات [صِلامات‏] يعني الفِرَق من الناس يكونون طوائفَ فتجْتَمع كلُّ فرقة على حِيالها تُقاتل أُخرى، و كلُّ جماعة فهي صُلامَةٌ و صِلامَةٌ؛ قال ابن الأَعرابي: صَلامَةٌ بفتح الصادِ؛ و أَنشد أبو الجَرَّاح:
         صَلامَةٌ كحُمُرِ الأَبَكِّ،             لا ضَرَعٌ فيها و لا مُذَكِّي‏

و الصَّلامَةُ: القوم المُسْتَوُون في السِّنِّ و الشجاعةِ و السَّخاء. و الصَّلَّام و الصُّلَّامُ: لُبُّ نَوَى النَّبِقِ. التهذيب: الصُّلَّامُ الذي في داخل نَواةِ النَّبِقَةِ يؤكل، و هو الأُلْبُوبُ.
صلخم:
بعير صِلَّخْم صِلَّخْدٌ و صَلْخَمٌ مثل سَلْهَبٍ و مُصْلَخِمٌّ، كل ذلك: جَسِيمٌ شديدٌ ماضٍ؛ و أَنشد:
         و أَتْلَعَ صِلَّخْمٍ صِلَخْدٍ صَلَخْدَمِ‏


و قال آخر:
إن تسْأَلِيني: كيفَ أَنْتَ؟ فإنَّنِي             صَبُورٌ على الأَعداءِ جَلْدٌ صَلَخْدَم‏

و الصَّلَخْدَمُ: خماسي أَصله من الصَّلْخم و الصَّلْخد، و يقال: بل هو كلمة خماسية أصلية فاشتبهت الحروف و المعنى واحد؛ قال الفرَّاء: و من نادر كلامهم:
مُسْتَرْعِلات لِصِلَّلْخم سامي‏


يريد لِصِلَّخْم فزاد لاماً؛ و قال أبو نخيلة:
لِبَلْخَ مَخْشيّ الشذا مُصْلَخْمِمِ‏


فضاعف الميم كما ترى. أبو عمرو: المُصلَخِمُّ و المُصْلَخِدُّ المُنْتَصِبُ القائم، و المُصْطَخِمُ خفيف الميم في معناهما؛ و قال رؤبة:
إذا اصْلَخَمَّ لم يُرَمْ مُصْلَخْمَمُهْ‏


أي غضب، قاله شمر، و قال غيره: انتصب. و جبل صِلَّخْمٌ و مُصْلَخِمٌّ: صُلْبٌ ممتنع؛ قال الشاعر:
عن صائلٍ عاسٍ إذا ما اصْلَخْمَما


و
في الحديث: عُرِضَتِ الأَمانةُ على الجبال الصُّمِّ الصَّلاخِمِ.
أي الصِّلابِ المانعةِ، الواحدُ صَلْخَمٌ؛ قال:
و رَأْس عِزّ راسِياً صِلَّخْمَا


و المُصْلَخِمُّ: الغَضْبان. و اصْلَخَمَّ اصْلِخْماماً إذا انتصب قائماً. و قال الباهلي: المُصْلَخِمُّ المُسْتَكبر؛ قال ذو الرمة يصف حميراً:
فظَلَّتْ بمَلْقَى واجِفٍ جَزِع المَعَى             قِياماً، تُفالي مُصْلَخِمّاً أمِيرَها

أي مستكبراً لا يحركها و لا ينظر إليها. و قال: المُصْلَخِمُّ و المُطْلَخِمُّ و المُطْرَخِمُّ واحد.
صلخدم:
الصَّلَخْدَمُ: الجمل الماضي الشديد، و قيل: الميم زائدة. و الصَّلَخْدمُ: الصُّلْبُ القَوِيُّ؛ و أَنشد الأَزهري في الخُماسِيّ:

341
لسان العرب12

صلخدم ص 341

  

إن تسْأَلِيني: كيف أنت؟ فإنَّني             صَبُورٌ على الأَعداء جَلْدٌ صَلَخْدَم‏

قال: و الصَّلَخْدَمُ خماسي أَصله من الصَّلْخَمِ و الصَّلْخَدِ، قال: و يقال بل هو كلمة خُماسية أَصلية فاشْتَبَهتِ الحروفُ و المعنى واحد.
صلدم:
الصِّلْدِمُ و الصُّلادِمُ: الشديد الحافرِ، و قيل الصِّلْدِم القويّ الشديد من الحافر، و الأُنثى صِلْدِمَة و صُلادِمَةٌ، و عمَّ به بعضهم و هو ثلاثي عند الخليل، و جمعه صَلادِمُ. الجوهري: فرس صِلْدِمٌ، بالكسر، صُلْبٌ شديد، و الأُنثى صِلْدِمَة. و رأْسٌ صِلْدِمٌ و صُلادِمٌ، بالضم: صُلب؛ و أَنشد ابن السكيت:
من كلِّ كَوْماءِ السَّنامِ فاطمِ،             تَشْحَى، بمُسْتَنِّ الذَّنوبِ الرَّاذِمِ،
شِدْقَيْنِ في رأْسٍ لها صُلادِمِ‏


و الجمع صَلادِمُ، بالفتح. و الصِّلْدامُ: الشديد كالصِّلْدِمِ؛ قال جرير:
فلو مالَ مَيْلٌ من تَمِيمٍ عَلَيْكُمُ،             لأَمَّكَ صِلْدامٌ من العِيسِ قارِحُ‏

صلقم:
الصَّلْقَمَةُ: تصادُمُ الأَنْيابِ؛ و أنشد الليث:
أَصْلَقَه العِزِّ بنابٍ فاصْلَقمْ‏


و يقال: الميم زائدة. و الصَّلْقَمُ: الذي يَقرعُ بعضَها ببعض. و صَلْقَمَ: قَرَعَ بعض أَنيابه ببعض؛ قال كُراع: الأَصل الصَّلْق، و الميم زائدة، و الصحيح أنه رباعي. و الصَّلْقَمُ و الصِّلْقِمُ: الضَّخْمُ من الإِبل، و قيل: هو البعير الشديد العضِّ و الفَكِّ، و الجمع صَلاقِمُ و صَلاقِمةٌ، الهاء لتأْنيث الجماعة؛ قال طَرَفَةُ:
جَمادٌ بها البَسْباسُ، يُرْهِصُ مُعْزُها             بَناتِ المَخاضِ و الصَّلاقِمةَ الحُمْرا

التهذيب: و الصِّلْقامُ الضَّخْمُ من الإِبل؛ و أَنشد:
يَعْلُو صَلاقيمَ العِظامِ صِلْقِمُه‏


أي جِسْمُه العظيم. و الصَّلْقَمُ: الشديد؛ عن اللحياني. و المُصْلَقِمُّ: الصُّلْبُ الشديد، و قيل: الشديد الأَكْلِ. و المُصْلَقِمُّ أَيضاً: المرأَة الكبيرة، أَزالوا الهاء كما أَزالوها من مُتْئِمٍ و نحوها. أَبو عمرو: الصِّلْقِمُ العجوز الكبيرة؛ و أَنشد لخُلَيْدٍ اليَشْكُرِيّ:
فتلك لا تُشْبِه أُخْرى صِلْقِما،             صَهْصَلِقَ الصَّوْتِ دَرُوجاً كِرْزِما

صلهم:
الصِّلْهامُ: من صفات الأَسد «1». و اصْلَهَمَّ الشي‏ءُ: صَلُبَ و اشْتَدَّ.
صمم:
الصَّمَمُ: انْسِدادُ الأُذن و ثِقَلُ السمع. صَمَّ يَصَمُّ و صَمِمَ، بإظهار التضعيف نادرٌ، صَمّاً و صمَماً و أَصَمَّ و أَصَمَّهُ اللهُ فصَمَّ و أَصَمَّ أيضاً بمعنى صَمَّ؛ قال الكميت:
أَ شَيْخاً، كالوَليدِ، برَسْمِ دارٍ             تُسائِلُ ما أَصَمَّ عن السُّؤالِ؟

يقول تُسائِلُ شيئاً قد أَصَمَّ عن السؤال، و يروى:
أَ أَشْيَبَ كالوليد ...


، قال ابن بري: نَصَبَ أَشْيَبَ على الحال أي أَشائباً تُسائِلُ رَسْمَ دارٍ كما يفعل الوليدُ،
__________________________________________________
 (1). قوله [من صفات الأَسد] و يقال رجل صلهام بكسر الصاد أيضاً جري‏ء كما في التكملة.

 

 

     
 

 

 

قال: و الصَّلَخْدَمُ‏ خماسي أَصله من الصَّلْخَمِ و الصَّلْخَدِ، قال: و يقال بل هو كلمة خُماسية أَصلية فاشْتَبَهتِ الحروفُ و المعنى واحد.

صلدم:

الصِّلْدِمُ‏ و الصُّلادِمُ‏: الشديد الحافرِ، و قيل‏ الصِّلْدِم‏ القويّ الشديد من الحافر، و الأُنثى‏ صِلْدِمَة و صُلادِمَةٌ، و عمَّ به بعضهم و هو ثلاثي عند الخليل، و جمعه‏ صَلادِمُ‏. الجوهري: فرس‏ صِلْدِمٌ‏، بالكسر، صُلْبٌ شديد، و الأُنثى‏ صِلْدِمَة. و رأْسٌ‏ صِلْدِمٌ‏ و صُلادِمٌ‏، بالضم: صُلب؛ و أَنشد ابن السكيت:

 

من كلِّ كَوْماءِ السَّنامِ فاطمِ،   تَشْحَى، بمُسْتَنِّ الذَّنوبِ الرَّاذِمِ،
شِدْقَيْنِ في رأْسٍ لها صُلادِمِ‏

 

 

و الجمع‏ صَلادِمُ‏، بالفتح. و الصِّلْدامُ‏: الشديد كالصِّلْدِمِ‏؛ قال جرير:

 

فلو مالَ مَيْلٌ من تَمِيمٍ عَلَيْكُمُ،   لأَمَّكَ‏ صِلْدامٌ‏ من العِيسِ قارِحُ‏
 

 

 

صلقم:

الصَّلْقَمَةُ: تصادُمُ الأَنْيابِ؛ و أنشد الليث:

 

أَصْلَقَه العِزِّ بنابٍ‏ فاصْلَقمْ‏

 

 

و يقال: الميم زائدة. و الصَّلْقَمُ‏: الذي يَقرعُ بعضَها ببعض. و صَلْقَمَ‏: قَرَعَ بعض أَنيابه ببعض؛ قال كُراع: الأَصل الصَّلْق، و الميم زائدة، و الصحيح أنه رباعي. و الصَّلْقَمُ‏ و الصِّلْقِمُ‏: الضَّخْمُ من الإِبل، و قيل: هو البعير الشديد العضِّ و الفَكِّ، و الجمع‏ صَلاقِمُ‏ و صَلاقِمةٌ، الهاء لتأْنيث الجماعة؛ قال طَرَفَةُ:

 

جَمادٌ بها البَسْباسُ، يُرْهِصُ مُعْزُها   بَناتِ المَخاضِ و الصَّلاقِمةَ الحُمْرا
 

 

 

التهذيب: و الصِّلْقامُ‏ الضَّخْمُ من الإِبل؛ و أَنشد:

 

يَعْلُو صَلاقيمَ‏ العِظامِ‏ صِلْقِمُه‏

 

 

أي جِسْمُه العظيم. و الصَّلْقَمُ‏: الشديد؛ عن اللحياني. و المُصْلَقِمُ‏: الصُّلْبُ الشديد، و قيل: الشديد الأَكْلِ. و المُصْلَقِمُ‏ أَيضاً: المرأَة الكبيرة، أَزالوا الهاء كما أَزالوها من مُتْئِمٍ و نحوها. أَبو عمرو: الصِّلْقِمُ‏ العجوز الكبيرة؛ و أَنشد لخُلَيْدٍ اليَشْكُرِيّ:

 

فتلك لا تُشْبِه أُخْرى‏ صِلْقِما،   صَهْصَلِقَ الصَّوْتِ دَرُوجاً كِرْزِما
 

 

 

صلهم:

الصِّلْهامُ‏: من صفات الأَسد. و اصْلَهَمَ‏ الشي‏ءُ: صَلُبَ و اشْتَدَّ.

صمم:

الصَّمَمُ‏: انْسِدادُ الأُذن و ثِقَلُ السمع. صَمَ‏ يَصَمُ‏ و صَمِمَ‏، بإظهار التضعيف نادرٌ، صَمّاً و صمَماً و أَصَمَ‏ و أَصَمَّهُ‏ اللهُ‏ فصَمَ‏ و أَصَمَ‏ أيضاً بمعنى‏ صَمَ‏؛ قال الكميت:

 

أَ شَيْخاً، كالوَليدِ، برَسْمِ دارٍ   تُسائِلُ ما أَصَمَ‏ عن السُّؤالِ؟
 

 

 

يقول تُسائِلُ شيئاً قد أَصَمَ‏ عن السؤال، و يروى:

 

أَ أَشْيَبَ كالوليد ...

 

 

، قال ابن بري: نَصَبَ أَشْيَبَ على الحال أي أَشائباً تُسائِلُ رَسْمَ دارٍ كما يفعل الوليدُ،

______________________________
(1). قول         إن تسْأَلِيني: كيف أنت؟ فإنَّني             صَبُورٌ على الأَعداء جَلْدٌ صَلَخْدَم‏

قال: و الصَّلَخْدَمُ خماسي أَصله من الصَّلْخَمِ و الصَّلْخَدِ، قال: و يقال بل هو كلمة خُماسية أَصلية فاشْتَبَهتِ الحروفُ و المعنى واحد.
صلدم:
الصِّلْدِمُ و الصُّلادِمُ: الشديد الحافرِ، و قيل الصِّلْدِم القويّ الشديد من الحافر، و الأُنثى صِلْدِمَة و صُلادِمَةٌ، و عمَّ به بعضهم و هو ثلاثي عند الخليل، و جمعه صَلادِمُ. الجوهري: فرس صِلْدِمٌ، بالكسر، صُلْبٌ شديد، و الأُنثى صِلْدِمَة. و رأْسٌ صِلْدِمٌ و صُلادِمٌ، بالضم: صُلب؛ و أَنشد ابن السكيت:
         من كلِّ كَوْماءِ السَّنامِ فاطمِ،             تَشْحَى، بمُسْتَنِّ الذَّنوبِ الرَّاذِمِ،
             شِدْقَيْنِ في رأْسٍ لها صُلادِمِ‏


و الجمع صَلادِمُ، بالفتح. و الصِّلْدامُ: الشديد كالصِّلْدِمِ؛ قال جرير:
         فلو مالَ مَيْلٌ من تَمِيمٍ عَلَيْكُمُ،             لأَمَّكَ صِلْدامٌ من العِيسِ قارِحُ‏

صلقم:
الصَّلْقَمَةُ: تصادُمُ الأَنْيابِ؛ و أنشد الليث:
         أَصْلَقَه العِزِّ بنابٍ فاصْلَقمْ‏


و يقال: الميم زائدة. و الصَّلْقَمُ: الذي يَقرعُ بعضَها ببعض. و صَلْقَمَ: قَرَعَ بعض أَنيابه ببعض؛ قال كُراع: الأَصل الصَّلْق، و الميم زائدة، و الصحيح أنه رباعي. و الصَّلْقَمُ و الصِّلْقِمُ: الضَّخْمُ من الإِبل، و قيل: هو البعير الشديد العضِّ و الفَكِّ، و الجمع صَلاقِمُ و صَلاقِمةٌ، الهاء لتأْنيث الجماعة؛ قال طَرَفَةُ:
         جَمادٌ بها البَسْباسُ، يُرْهِصُ مُعْزُها             بَناتِ المَخاضِ و الصَّلاقِمةَ الحُمْرا

التهذيب: و الصِّلْقامُ الضَّخْمُ من الإِبل؛ و أَنشد:
         يَعْلُو صَلاقيمَ العِظامِ صِلْقِمُه‏


أي جِسْمُه العظيم. و الصَّلْقَمُ: الشديد؛ عن اللحياني. و المُصْلَقِمُّ: الصُّلْبُ الشديد، و قيل: الشديد الأَكْلِ. و المُصْلَقِمُّ أَيضاً: المرأَة الكبيرة، أَزالوا الهاء كما أَزالوها من مُتْئِمٍ و نحوها. أَبو عمرو: الصِّلْقِمُ العجوز الكبيرة؛ و أَنشد لخُلَيْدٍ اليَشْكُرِيّ:
         فتلك لا تُشْبِه أُخْرى صِلْقِما،             صَهْصَلِقَ الصَّوْتِ دَرُوجاً كِرْزِما

صلهم:
الصِّلْهامُ: من صفات الأَسد «1». و اصْلَهَمَّ الشي‏ءُ: صَلُبَ و اشْتَدَّ.
صمم:
الصَّمَمُ: انْسِدادُ الأُذن و ثِقَلُ السمع. صَمَّ يَصَمُّ و صَمِمَ، بإظهار التضعيف نادرٌ، صَمّاً و صمَماً و أَصَمَّ و أَصَمَّهُ اللهُ فصَمَّ و أَصَمَّ أيضاً بمعنى صَمَّ؛ قال الكميت:
         أَ شَيْخاً، كالوَليدِ، برَسْمِ دارٍ             تُسائِلُ ما أَصَمَّ عن السُّؤالِ؟

يقول تُسائِلُ شيئاً قد أَصَمَّ عن السؤال، و يروى:
         أَ أَشْيَبَ كالوليد ...


، قال ابن بري: نَصَبَ أَشْيَبَ على الحال أي أَشائباً تُسائِلُ رَسْمَ دارٍ كما يفعل الوليدُ،
__________________________________________________
 (1). قوله [من صفات الأَسد] و يقال رجل صلهام بكسر الصاد أيضاً جري‏ء كما في التكملة. [من صفات الأَسد] و يقال رجل صلهام بكسر الصاد أيضاً جري‏ء كما في التكملة.

( 1). قوله‏[ من صفات الأَسد] و يقال رجل صلهام بكسر الصاد أيضاً جري‏ء كما في التكملة.

  

342
لسان العرب12

صمم ص 342

و قيل: إنَّ ما صِلَةٌ أَراد تُسائل أَصَمَّ؛ و أَنشد ابن بري هنا لابن أَحمر:
أَصَمَّ دُعاءُ عاذِلَتي تَحَجَّى             بآخِرِنا، و تَنْسى أَوَّلِينا

يدعو عليها أي لا جعلها الله تدعو إلَّا أصَمَّ. يقال: ناديت فلاناً فأَصْمَمْتُه أي أَصَبْتُه أَصَمَّ، و قوله تَحَجَّى بآخِرنا: تَسْبقُ إليهم باللَّوْمِ و تَدَعُ الأَوَّلينَ و أَصْمَمْتُه: وَجَدْتُه أَصَمَّ. و رجل أَصَمُّ، و الجمع صُمٌّ و صُمَّانٌ؛ قال الجُلَيْحُ:
يَدْعُو بها القَوْمُ دُعاءَ الصُّمَّانْ‏


و أَصَمَّه الداءُ و تَصامَّ عنه و تَصامَّه: أَراه أَنه أَصَمُّ و ليس به. و تَصامَّ عن الحديث و تَصامَّه: أَرى صاحِبَه الصَّمَمَ عنه؛ قال:
تَصامَمْتُه حتى أَتاني نَعِيُّهُ،             و أُفْزِعَ منه مُخْطئٌ و مُصيبُ‏

و قوله أنشده ثعلب:
و مَنْهَلٍ أَعْوَرِ إحْدى العَيْنَيْن،             بَصيرِ أُخْرى و أَصَمَّ الأُذُنَيْن‏

قد تقدم تفسيره في ترجمة عور. و
في حديث الإِيمانِ: الصُّمَّ البُكْمَ «1» رُؤوسَ الناسِ.
، جَمْعُ الأَصَمِّ و هو الذي لا يَسْمَعُ، و أَراد به الذي لا يَهْتَدي و لا يَقْبَلُ الحَقَّ من صَمَمِ العَقل لا صَمَمِ الأُذن؛ و قوله أنشده ثعلب أيضاً:
قُلْ ما بَدا لَكَ من زُورٍ و من كَذِبٍ             حِلْمي أَصَمُّ و أُذْني غَيرُ صَمَّاءِ

استعار الصَّمَم للحلم و ليس بحقيقة؛ و قوله أنشده هو أيضاً:
جَلْ لا، و لكنْ أنتَ أَلأَمُ من مَشى،             و أَسْأَلُ من صَمَّاءَ ذاتِ صَليلِ‏

فسره فقال: يعني الأَرض، و صَلِيلُها صَوْتُ دُخولِ الماء فيها. ابن الأَعرابي: يقال أَسْأَلُ من صَمَّاءَ، يعني الأَرضَ. و الصَّمَّاءُ من الأَرض: الغليظةُ. و أَصَمَّه: وَجَدَه أَصَمَّ؛ و به فسر ثعلبٌ قولَ ابن أَحمر:
أَصَمَّ دُعاءُ عاذِلَتي تَحَجَّى             بآخِرِنا، و تَنْسى أَوَّلِينا

أراد وافَقَ قَوماً صُمّاً لا يَسْمَعون عذْلَها على وجه الدُّعاء. و يقال: ناديته فأَصْمَمْتُه أي صادَفْتُه أَصَمَّ. و
في حديث جابر بن سَمُرَةَ: ثم تكلم النبي، صلى الله عليه و سلم، بكلمةٍ أصَمَّنِيها الناسُ.
أي شغَلوني عن سماعها فكأَنهم جعلوني أَصَمَّ. و
في الحديث: الفِتْنةُ الصَّمَّاءُ العَمْياء.
؛ هي التي لا سبيل إلى تسكينها لتناهيها في ذهابها لأَن الأَصَمَّ لا يسمع الاستغاثة و لا يُقْلِعُ عما يَفْعَلُه، و قيل: هي كالحية الصَّمَّاء التي لا تَقْبَلُ الرُّقى؛ و منه‏
الحديث: و الفاجِرُ كالأَرْزَةِ صَمَّاءَ.
أي مُكْتَنزةً لا تَخَلْخُلَ فيها. الليث: الصَّمَمُ في الأُذُنِ ذهابُ سَمْعِها، في القَناة اكْتِنازُ جَوفِها، و في الحجر صَلابَتُه، و في الأَمر شدَّتُه. و يقال: أُذُنٌ صَمَّاءُ و قَناة صَمَّاءُ و حَجَرٌ أَصَمُّ و فِتْنَةٌ صَمَّاءُ؛ قال الله تعالى في صفة الكافرين: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ‏
؛ التهذيب: يقول القائلُ كيف جعلَهم الله صُمّاً و هم يسمعون، و بُكْماً و هم ناطقون، و عُمْياً و هم يُبْصِرون؟ و الجواب في ذلك أن سَمْعَهُم لَمَّا لم يَنْفَعْهم لأَنهم‏
__________________________________________________
 (1). قوله [الصم البكم‏] بالنصب مفعول بالفعل قبله، و هو كما في النهاية: و أن ترى الحفاة العراة الصم إلخ.

343
لسان العرب12

صمم ص 342

لم يَعُوا به ما سَمِعوا، و بَصَرَهُم لما لم يُجْدِ عليهم لأَنهم لم يَعْتَبِروا بما عايَنُوه من قُدْرة الله و خَلْقِه الدالِّ على أنه واحد لا شريك له، و نُطْقَهم لما لم يُغْنِ عنهم شيئاً إذ لم يؤمنوا به إيماناً يَنْفَعهم، كانوا بمنزلة من لا يَسْمَع و لا يُبْصِرُ و لا يَعي؛ و نَحْوٌ منه قول الشاعر:
أصَمُّ عَمَّا ساءَه سَمِيعُ‏


يقول: يَتَصامَمُ عما يَسُوءُه و إن سَمِعَه فكان كأَنه لم يَسْمَعْ، فهو سميع ذو سَمْعٍ أَصَمُّ في تغابيه عما أُريد به. و صَوْتٌ مُصِمٌّ: يُصِمُّ الصِّماخَ. و يقال لصِمامِ القارُورة: صِمَّةٌ. و صَمَّ رأْسَ القارورةَ يَصُمُّه صَمّاً و أَصَمَّه: سَدَّه و شَدَّه، و صِمامُها: سِدادُها و شِدادُها. و الصِّمامُ: ما أُدْخِلَ في فم القارورة، و العِفاصُ ما شُدَّ عليه، و كذلك صِمامَتُها؛ عن ابن الأَعرابي. و صَمَمْتُها أَصُمُّها صَمّاً إِذا شَدَدْتَ رَأْسَها. الجوهري: تقول صَمَمْتُ القارورة أَي سَدَدْتُها. و أَصْمَمْتُ القارورة أَي جعلت لها صِماماً. و
في حديث الوطء: في صِمامٍ واحد.
أَي في مَسْلَكٍ واحدٍ؛ الصِّمامُ: ما تُسَدُّ به الفُرْجةُ فسمي به الفَرْجُ، و يجوز أَن يكون في موضعِ صِمامٍ على حذف المضاف، و يروى بالسين، و قد تقدم. و يقال: صَمَّه بالعصا يَصُمُّه صَمّاً إِذا ضَرَبه بها و قد صَمَّه بحجر. قال ابن الأَعرابي: صُمَّ إِذا ضُرِب ضَرْباً شديداً. و صَمَّ الجُرْحَ يَصُمُّه صَمّاً: سَدَّةُ و ضَمَّدَه بالدواء و الأَكُولِ. و داهيةٌ صَمَّاءُ: مُنْسَدَّة شديدة. و يقال للداهية الشديدةِ: صَمَّاءُ و صَمامِ؛ قال العجاج:
صَمَّاءُ لا يُبْرِئُها من الصَّمَمْ             حَوادثُ الدَّهْرِ، و لا طُولُ القِدَمْ‏

و يقال للنذير إِذا أَنْذَر قوماً من بعيد و أَلْمَعَ لهم بثوبه: لَمَع بهم لَمْعَ الأَصَمّ، و ذلك أَنه لما كَثُر إِلماعُه بثوبه كان كأَنه لا يَسْمَعُ الجوابَ فهو يُدِيمُ اللَّمْعَ؛ و من ذلك قولُ بِشْر:
أَشارَ بهم لَمْعَ الأَصَمّ، فأَقْبَلُوا             عَرانِينَ لا يَأْتِيه لِلنَّصْرِ مُجْلِبُ‏

أَي لا يأْتيه مُعِينٌ من غير قومه، و إِذا كان المُعينُ من قومه لم يكن مُجْلِباً. و الصَّمَّاءُ: الداهيةُ. و فتنةٌ صَمَّاءُ: شديدة، و رجل أَصَمُّ بَيّنُ الصَّمَمِ فيهن، و قولُهم للقطاةِ صَمَّاءُ لِسَكَكِ أُذنيها، و قيل: لَصَمَمِها إِذا عَطِشَت؛ قال:
رِدِي رِدِي وِرْدَ قَطاةٍ صَمَّا،             كُدْرِيَّةٍ أَعْجَبها بردُ الما

و الأَصَمُّ: رَجَبٌ لعدم سماع السلاح فيه، و كان أَهلُ الجاهلية يُسَمُّونَ رَجَباً شَهْرَ الله الأَصَمَّ؛ قال الخليل: إِنما سمي بذلك لأَنه كان لا يُسْمَع فيه صوتُ مستغيثٍ و لا حركةُ قتالٍ و لا قَعْقَعةُ سلاح، لأَنه من الأَشهر الحُرُم، فلم يكن يُسْمع فيه يا لَفُلانٍ و لا يا صَبَاحاه؛ و
في الحديث: شَهْرُ اللهِ الأَصَمُّ رَجَبٌ.
؛ سمي أَصَمَّ لأَنه كان لا يُسمع فيه صوت السلاح لكونه شهراً حراماً، قال: و وصف بالأَصم مجازاً و المراد به الإِنسان الذي يدخل فيه، كما قيل ليلٌ نائمٌ، و إنما النائم مَنْ في الليل، فكأَنَّ الإِنسانَ في شهر رجَبٍ أَصَمَّ عن صَوْتِ السلاح، و كذلك مُنْصِلُ الأَلِّ؛ قال:
يا رُبَّ ذي خالٍ و ذي عَمّ عَمَمْ             قد ذاقَ كَأْسَ الحَتْفِ في الشَّهْرِ الأَصَمْ‏

و الأَصَمُّ من الحياتِ: ما لا يَقْبَلُ الرُّقْيَةَ كأَنه‏

344
لسان العرب12

صمم ص 342

قد صَمَّ عن سَماعِها، و قد يستعمل في العقرب؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
قَرَّطَكِ اللهُ، على الأُذْنَيْنِ،             عَقارباً صُمّاً و أَرْقَمَيْنِ‏

و رجل أَصَمُّ: لا يُطْمَعُ فيه و لا يُرَدُّ عن هَواه كأَنه يُنادَى فلا يَسْمَعُ. و صَمَّ صَداه أي هَلَك. و العرب تقول: أَصَمَّ اللهُ صَدَى فلانٍ أي أَهلكه، و الصَّدَى: الصَّوْتُ الذي يَرُدُّه الجبلُ إذا رَفَع فيه الإِنسانُ صَوْتَه؛ قال إِمرؤ القيس:
صَمَّ صَدَاها و عَفا رَسْمُها،             و اسْتَعْجَمَتْ عن مَنْطِق السائِلِ‏

و منه قولهم: صَمِّي ابْنَةَ الجَبَل مهما يُقَلْ تَقُلْ؛ يريدون بابْنةِ الجبل الصَّدَى. و من أَمثالهم: أَصَمُّ على جَمُوحٍ «2»
؛ يُضْرَبُ مثلًا للرجل الذي هذه الصفة صفته؛ قال:
فأَبْلِغْ بَني أَسَدٍ آيةً،             إذا جئتَ سَيِّدَهم و المَسُودَا
فأُوصِيكمُ بطِعانِ الكُماةِ،             فَقَدْ تَعْلَمُونَ بأَنْ لا خُلُودَا
و ضَرْبِ الجَماجِمِ ضَرْبَ الأَصَمِّ             حَنْظَلَ شابَةَ، يَجْني هَبِيدَا

و يقال: ضَرَبَه ضَرْبَ الأَصَمِّ إذا تابَعَ الضرْبَ و بالَغَ فيه، و ذلك أن الأَصَمَّ إذا بالَغَ يَظُنُّ أنه مُقَصِّرٌ فلا يُقْلِعُ. و يقال: دَعاه دَعْوةَ الأَصَمِّ إذا بالغ به في النداء؛ و قال الراجز يصف فَلاةً:
يُدْعَى بها القومُ دُعاءَ الصَّمَّانْ‏


و دَهْرٌ أَصَمُّ: كأَنَّه يُشْكى إليه فلا يَسْمَع. و قولُهم: صَمِّي صَمامِ؛ يُضْرَب للرجل يأْتي الداهِيةَ أي اخْرَسي يا صَمامِ. الجوهري: و يقال للداهية: صَمِّي صَمامِ، مثل قَطامِ، و هي الداهية أي زِيدي؛ و أَنشد ابن بري للأَسْود بن يَعْفُر:
فَرَّتْ يَهُودُ و أَسْلَمَتْ جِيرانُها،             صَمِّي، لِمَا فَعَلَتْ يَهُودُ، صَمَامِ‏

و يقال: صَمِّي ابنةَ الجبل، يعني الصَّدَى؛ يضرب أَيضاً مثلًا للداهية الشديدة كأَنه قيل له اخْرَسِي يا داهية، و لذلك قيل للحيَّةِ التي لا تُجِيبُ الرَّاقِيَ صَمّاءُ، لأَن الرُّقى لا تنفعها؛ و العرب تقول للحرب إذا اشتدَّت و سُفِك فيها الدِّماءُ الكثيرةُ: صَمَّتْ حَصاةٌ بِدَم؛ يريدون أَن الدماء لما سُفِكت و كثرت اسْتَنْقَعَتْ في المَعْرَكة، فلو وقعت حصاةٌ على الأَرض لم يُسمع لها صوت لأَنها لا تقع إلا في نَجِيعٍ، و هذا المعنى أَراد إِمرؤ القيس بقوله صَمِّي ابنةَ الجبلِ، و يقال: أَراد الصَّدَى. قال ابن بري: قوله حَصاةٌ بدمٍ يَنبغي أن يكون حصاة بدمي، بالياء؛ و بيتُ إِمرئ القيس بكماله هو:
بُدِّلْتُ من وائلٍ و كِنْدةَ عَدْوانَ             و فَهْماً، صَمِّي ابنةَ الجَبَلِ‏
قَوْمٌ يُحاجُون بالبِهامِ و طنِسوان             قِصار، كهَيْئةِ الحَجَلِ‏

المحكم: صَمَّتْ حَصاةٌ بدمٍ أي أن الدم كثر حتى أُلْقيت فيه الحَصاةُ فلم يُسْمَع لها صوت؛ و أَنشد ابن الأَعرابي لسَدُوسَ بنت ضباب:
__________________________________________________
 (2). قوله [و من أَمثالهم أَصم على جموح إلخ‏] المناسب أن يذكر بعد قوله: كأنه ينادى فلا يسمع كما هي عبارة المحكم.

345
لسان العرب12

صمم ص 342

إنِّي إلى كلِّ أَيْسارٍ و نادِبةٍ             أَدْعُو حُبَيْشاً، كما تُدْعى ابنة الجَبلِ‏

أي أُنَوِّهُ كما يُنَوَّهُ بابنةِ الجبل، و هي الحيَّة، و هي الداهية العظيمة. يقال: صَمِّي صَمامِ، و صَمِّي ابْنةَ الجبل. و الصَّمَّاءُ: الداهيةُ؛ و قال:
صَمَّاءُ لا يُبْرِئُها طُولُ الصَّمَمْ‏


أي داهيةٌ عارُها باقٍ لا تُبْرِئها الحوادثُ. و قال الأَصمعي في كتابه في الأَمثال قال: صَمِّي ابنةَ الجبل، يقال ذلك عند الأَمر يُسْتَفْظَعُ. و يقال: صَمَّ يَصَمُّ صَمَماً؛ و قال أَبو الهيثم: يزعمون أنهم يريدون بابنة الجبل الصَّدَى؛ و قال الكميت:
إذا لَقِيَ السَّفِيرَ بها، و قالا             لها: صَمِّي ابْنَةَ الجبلِ، السّفِيرُ

يقول: إذا لَقِي السفِيرُ السَّفِيرَ و قالا لهذه الداهية صَمِّي ابنةَ الجبل، قال: و يقال إنها صخرة، قال: و يقال صَمِّي صَمامِ؛ و هذا مَثَلٌ إذا أتى بداهيةٍ. و يقال: صَمَامِ صَمَامِ، و ذلك يُحْمَل على معنيين: على معنى تَصامُّوا و اسْكُتوا، و على معنى احْمِلُوا على العدُوّ، و الأَصَمُّ صفة غالبة؛ قال:
جاؤوا بِزُورَيْهمْ و جئْنا بالأَصَمْ‏


و كانوا جاؤوا بِبعيرين فعَقَلوهما و قالوا: لا نَفِرُّ حتى يَفِرَّ هذان. و الأَصَمُّ أيضاً: عبدُ الله بنُ رِبْعِيٍّ الدُّبَيْريّ؛ ذكره ابن الأَعرابي. و الصَّمَمُ في الحَجَر: الشِّدَّةُ، و في القَناةِ الاكتِنازُ. و حَجرٌ أَصَمُّ: صُلْبٌ مُصْمَتٌ. و
في الحديث: أنه نَهَى عن اشْتِمال الصّمَّاءِ.
؛ قال: هو أن يَتجلَّلَ الرجلُ بثوبْهِ و لا يرفعَ منه جانباً، و إنما قيل لها صَمَّاء لأَنه إذا اشْتَمل بها سَدَّ على يديه و رجليه المَنافذَ كلَّها، كأَنَّها لا تَصِل إلى شي‏ء و لا يَصِل إليها شي‏ءٌ كالصخرة الصَّمّاء التي ليس فيها خَرْقٌ و لا صَدْع؛ قال أبو عبيد: اشْتِمال الصَّمَّاءِ أن تُجلِّلَ جَسَدَك بتوبِك نَحْوَ شِمْلةِ الأَعْراب بأَكْسيَتِهم، و هو أن يرُدَّ الكِساءَ من قِبَلِ يمينِه على يدهِ اليسرى و عاتِقِه الأَيسر، ثم يَرُدَّه ثانيةً من خلفِه على يده اليمنى و عاتِقِه الأَيمن فيُغَطِّيَهما جميعاً، و ذكر أَبو عبيد أَن الفُقهاء يقولون: هو أن يشتمل بثوبٍ واحدٍ و يَتغَطَّى به ليس عليه غيره، ثم يرفعه من أحد جانبيه فيَضَعَه على منكبيه فيَبْدُوَ منه فَرْجُه، فإذا قلت اشْتَمل فلانٌ الصَّمَّاءَ كأَنك قلت اشْتَملَ الشِّمْلةَ التي تُعْرَف بهذا الاسم، لأَن الصمّاء ضَرْبٌ من الاشتمال. و الصَّمَّانُ و الصَّمَّانةُ: أرضٌ صُلْبة ذات حجارة إلى جَنْب رَمْل، و قيل: الصّمَّان موضعٌ إلى جنب رملِ عالِجٍ. و الصَّمّانُ: موضعٌ بِعالِجٍ منه، و قيل: الصَّمَّانُ أرضٌ غليظة دون الجبل. قال الأَزهري: و قد شَتَوْتُ الصَّمّانَ شَتْوَتَيْن، و هي أرض فيها غِلَظٌ و ارْتفاعٌ، و فيها قِيعانٌ واسعةٌ و خَبَارَى تُنْبِت السِّدْر، عَذِيَةٌ و رِياضٌ مُعْشِبةٌ، و إذا أَخصبت الصَّمَّانُ رَتَعَتِ العربُ جميعُها، و كانت الصَّمَّانُ في قديم الدَّهْرِ لبني حنظلة، و الحَزْنُ لبني يَرْبُوع، و الدَّهْناءُ لجَماعتهم، و الصَّمَّانُ مُتَاخِمُ الدَّهْناء. و صَمَّه بالعصا: ضَرَبَه بها. و صَمَّه بحجرٍ و صَمَّ رأْسَه بالعصا و الحجر و نحوه صَمّاً: ضربه. و الصِّمَّةُ: الشجاعُ، و جَمْعُه صِمَمٌ. و رجل صِمَّةٌ: شجاع. و الصِّمُّ و الصِّمَّةُ، بالكسر: من أَسماء الأَسد لشجاعته. الجوهري: الصِّمُّ، بالكسر، من أسماء الأَسدِ و الداهيةِ. و الصِّمَّةُ: الرجلُ الشجاع، و الذكرُ من الحيات، و جمعه صِمَمٌ؛ و منه سمي‏

346
لسان العرب12

صمم ص 342

دُرَيْدُ بن الصِّمَّة؛ و قول جرير:
سَعَرْتُ عَلَيْكَ الحَرْبَ تَغْلي قُدُورُها،             فهَلَّا غَداةَ الصِّمَّتَيْن تُدِيمُها «1».

أَراد بالصِّمَّتين أَبا دُرَيْدٍ و عَمَّه مالِكاً. و صَمَّمَ أَي عَضَّ و نَيَّب فلم يُرْسِلْ ما عَضّ. و صَمَّمَ الحَيّةُ في عَضَّتِه: نَيَّبَ؛ قال المُتَلمِّس:
فأَطْرَقَ إِطْراقَ الشُّجاعِ، و لو رَأَى             مَساغاً لِنابَيْه الشُّجاعُ لَصَمَّما

و أَنشده بعض المتأَخرين من النحويين: لِناباه؛ قال الأَزهري: هكذا أَنشده الفراء لناباه على اللغة القديمة لبعض العرب «2». و الصَّمِيمُ: العَظْمُ الذي به قِوامُ العُضْو كصَميم الوَظِيف و صَميمِ الرأْس؛ و به يقال للرجل: هو من صَمِيم قومه إذا كان من خالِصِهم، و لذلك قيل في ضِدِّه وَشِيظٌ لأَن الوَشِيظَ أَصغرُ منه؛ و أَنشد الكسائي:
بمَصْرَعِنا النُّعْمانَ، يوم تأَلَّبَتْ             علينا تَميمٌ من شَظىً و صَمِيمِ‏

و صَمِيمُ كلِّ شي‏ء: بُنْكه و خالِصهُ. يقال: هو في صَميم قَوْمِه. و صَميمُ الحرِّ و البرد: شدّتُه. و صَميمُ القيظِ: أَشدُّه حرّاً. و صَميمُ الشتاء: أَشدُّه برْداً؛ قال خُفَاف بن نُدْبَةَ:
و إنْ تَكُ خَيْلي قد أُصِيبَ صَمِيمُها،             فعَمْداً على عَيْنٍ تَيَمَّمْتُ مالكا

قال أَبو عبيد: و كان صَميمَ خيلهِ يومئذ معاوية أخو خَنْساء، قتله دُرَيْدٌ و هاشم ابْنا حرملةَ المُرِّيانِ؛ قال ابن بري: و صواب إِنشاده:
إن تكُ خيلي ...


، بغير واو على الخرم لأَنه أَول القصيدة. و رجل صَمِيمٌ: مَحْضٌ، و كذلك الاثنان و الجمع و المؤنتُ. و التَّصْميمُ: المُضِيُّ في الأَمر. أَبو بكر: صَمَّمَ فلانٌ على كذا أَي مَضَى على رأْيه بعد إِرادته. و صَمَّمَ في السير و غيره أي مَضَى؛ قال حُمَيد بن ثَوْر:
و حَصْحَصَ في صُمِّ القَنَا ثَفِناتِهِ،             و ناءَ بِسَلْمَى نَوْءةً ثم صَمَّما

و يقال للضارب بالسيف إذا أَصابَ العظم فأَنْفذ الضريبة: قد صَمَّمَ، فهو مُصَمِّم، فإذا أَصاب المَفْصِل، فهو مُطَبِّقٌ؛ و أَنشد أَبو عبيد:
يُصَمِّمُ أَحْياناً و حِيناً يُطَبِّقُ‏


أَراد أَنه يَضْرِب مرَّةً صَمِيمَ العظم و مَرَّةً يُصِيب المَفْصِل. و المُصَمِّمُ من السُّيوف: الذي يَمُرُّ في العِظام، و قد صَمَّمَ و صَمْصَمَ. و صَمَّمَ السيفُ إذا مضى في العظم و قطَعَه، و أما إذا أَصاب المَفْصِلَ و قطعه فيقال طَبَّقَ؛ قال الشاعر يصف سيفاً:
يُصَمِّم أَحْياناً و حيناً يُطَبِّق‏


و سيفٌ صَمْصامٌ و صَمْصامةٌ: صارِمٌ لا يَنْثَني؛ و قوله أَنشده ثعلب:
 صَمْصامَةٌ ذَكَّرَهُ مُذَكِّرُهْ‏


إنما ذَكَّرَه على معنى الصَّمْصامِ أَو السَّيْفِ. و
في حديث أَبي ذر: لو وَضَعْتم الصَّمْصامةَ على رَقبَتي.
؛ هي السيف القاطع، و الجمع صَماصِم. و
في حديث قُسّ: تَرَدَّوْا بالصَّماصِم.
أَي جعلوها لهم بمنزلة
__________________________________________________
 (1). قوله [
سعرت عليك ...

إلخ‏] قال الصاغاني في التكملة: الرواية
سعرنا.

 (2). أي أَنه منصوب بالفتحة المقدرة على الأَلف للتعذر.

347
لسان العرب12

صمم ص 342

الأَرْدِية لحَمْلِهم لها و حَمْلِ حَمائِلها على عَواتِقهم. و قال الليث: الصَّمْصامَةُ اسمٌ للسيفِ القاطع و الليلِ. الجوهري: الصَّمْصامُ و الصَّمْصامةُ السيفُ الصارِمُ الذي لا يَنْثني؛ و الصَّمْصامةُ: اسمُ سيفِ عَمْرو بن معديكرب، سَمَّاه بذلك و قال حين وَهَبَه:
خَليلٌ لمْ أَخُنْهُ و لم يَخُنِّي،             على الصَّمْصامةِ السَّيْفِ السَّلامُ‏

قال ابن بري صواب إِنشاده:
على الصَّمْصامةِ أَم سَيْفي سَلامِي «1».


و بعده:
خَليلٌ لَمْ أَهَبْهُ من قِلاهُ،             و لكنَّ المَواهِبَ في الكِرامِ «2». حَبَوْتُ به كَريماً من قُرَيْشٍ،
فَسُرَّ به و صِينَ عن اللِّئامِ‏


يقول عمرو هذه الأَبياتَ لما أَهْدَى صَمْصامتَه لسَعِيد ابن العاص؛ قال: و من العرب من يجعل صَمْصامة غيرَ مُنوّن معرفةً للسَّيْف فلا يَصْرِفه إذا سَمَّى به سيْفاً بعينه كقول القائل:
تَصْميمَ صَمْصامةَ حينَ صَمَّما


و رجلٌ صَمَمٌ و صِمْصِمٌ و صَمْصامٌ و صَمْصامةٌ و صُمَصِمٌ و صُماصِمٌ: مُصَمِّمٌ، و كذلك الفَرَسُ، الذكرُ و الأُنثى فيه سواءٌ، و قيل: هو الشديدُ الصُّلْبُ، و قيل: هو المجتمعُ الخَلْق. أَبو عبيد: الصِّمْصِمُ، بالكسر، الغليظُ من الرجال؛ و قولُ عَبْد مَناف بن رِبْع الهُذَليّ:
و لقد أَتاكم ما يَصُوبُ سُيوفَنا،             بَعدَ الهَوادةِ، كلُّ أَحْمَرَ صِمْصِم‏

قال: صِمْصِم غليظ شديد. ابن الأَعرابي: الصَّمْصَمُ البخيلُ النهايةُ في البُخْل. و الصِّمْصِمُ من الرجال: القصير الغليظ، و يقال: هو الجري‏ءُ الماضي. و الصِّمْصِةُ: الجماعةُ من الناس كالزِّمْزِمةِ؛ قال:
و حالَ دُوني من الأَنْبارِ صِمْصِمةٌ،             كانوا الأُنُوفَ و كانوا الأَكرمِينَ أَبا

و يروى:
... زِمْزِمة


، قال: و ليس أَحدُ الحرفين بدلًا من صاحبه لأَن الأَصمعي قد أَثبتهما جميعاً و لم يجعل لأَحدِهما مَزِيَّةً على صاحبِه، و الجمع صِمْصِمٌ. النضر: الصِّمْصِمةُ الأَكمَةُ الغليظة التي كادت حجارتها أَن تكونُ مُنْتَصِبة. أَبو عبيدة: من صِفات الخيل الصَّمَمُ، و الأُنثى صَمَمةٌ، و هو الشديدُ الأَسْرِ المعْصُوبُ؛ قال الجعدي:
و غارةٍ، تَقْطَعُ الفَيافيَ، قَد             حارَبْتُ فيها بِصلْدِمٍ صَمَمِ‏

أَبو عمرو الشيباني: و المُصَمِّمُ الجملُ الشديدُ؛ و أَنشد:
حَمَّلْتُ أَثْقالي مُصَمِّماتِها


و الصَّمّاءُ من النُّوقِ: اللَّاقِحُ، و إبِلٌ صُمٌّ؛ قال المَعْلُوطُ القُرَيْعيُّ:
و كانَ أَوابِيها و صُمُّ مَخاضِها،             و شافِعةٌ أُمُّ الفِصالِ رَفُودُ

و الصُّمَيْماءُ: نباتٌ شِبْه الغَرَزِ يَنْبت بنَجْدٍ في القِيعان.
__________________________________________________
 (1). قوله [أَم سيفي‏] كذا بالأَصل و التكملة بياء بعد الفاء.
 (2). قوله [من قلاه‏] الذي في التكملة: عن قلاه. و قوله [في الكرام‏] الذي فيها: للكرام.

348
لسان العرب12

صنم ص 349

صنم:
الصَّنَمُ: معروفٌ واحدُ الأَصْنامِ، يقال: إنه معرَّب شَمَنْ، و هو الوَثَن؛ قال ابن سيده: و هو يُنْحَتُ من خَشَبٍ و يُصَاغُ من فضة و نُحاسٍ، و الجمع أَصنام، و قد تكرر في الحديث ذكرُ الصَّنَمِ و الأَصنام، و هو ما اتُّخِذَ إِلهاً من دون الله، و قيل: هو ما كان له جسمٌ أَو صورة، فإن لم يكن له جسم أَو صورة فهو وَثَن. و روى أَبو العباس عن ابن الأَعرابي: الصَّنَمةُ و النَّصَمةُ الصُّورةُ التي تُعْبَد. و في التنزيل العزيز: وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ‏
؛ قال ابن عرفة: ما تخذوه من آلهةٍ فكان غيرَ صُورةٍ فهو وَثَنٌ، فإذا كان له صورة فهو صَنَمٌ، و قيل: الفرق بين الوَثَن و الصنمِ أَن الوَثَنَ ما كان له جُثَّة من خشب أَو حجر أَو فضة يُنْحَت و يُعْبَد، و الصنم الصورة بلا جثة، و من العرب من جعل الوَثَنَ المنصوبَ صنماً، و
روي عن الحسن أَنه قال: لم يكن حيٌّ من أَحْياءِ العرب إلا و لها صنمٌ يعبدونها يسمونها أُنثى بني فلان.
 «1»؛ و منه قول الله عز و جل: إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً؛ و الإِناث كل شي‏ء ليس فيه روح مثل الخَشبة و الحجارة، قال: و الصَّنَمةُ الداهيةُ؛ قال الأَزهري: أَصلها صَلَمة. و بنو صُنَيْم: بطنٌ.
صهم:
الصَّيْهَمُ: الشديدُ؛ قال:
فغَدَا على الرُّكْبانِ، غَيرَ مُهَلِّلٍ             بِهِراوةٍ، شَكِسُ الخَلِيقةِ صَيْهَمُ‏

و الصِّهْمِيمُ: السيدُ الشريف من الناس، و من الإِبلِ الكريمُ. و الصِّهْميمُ: الخالصُ في الخيرِ و الشَّرِّ مثلُ الصَّمِيم؛ قال الجوهري: و الهاء عندي زائدة؛ و أَنشد أَبو عبيد للمُخَيِّس:
إنَّ تَمِيماً خُلِقَتْ مَلْموما             مثلَ الصَّفا، لا تَشْتَكي الكُلومَا
قَوْماً تَرى واحِدَهم صِهْمِيما،             لا راحِمَ الناسِ و لا مَرْحوما

قال ابن بري: صوابه أَن يقول و أَنشد أَبو عبيدة للمُخَيِّس الأَعرجيِّ، قال: كذا قال أَبو عبيدة في كتاب المجاز في سورة الفرقان عند قوله عز و جل: وَ أَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً؛ فالسعيرُ مُذَكَّر ثم أَنَّثه فقال: إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها؛ و كذلك قوله:
إنّ تميماً خُلِقَتْ مَلْموما


فجمعَ و هو يريد أَبا الحيّ؛ ثم قال في الآخر:
لا راحِمَ الناسِ و لا مَرْحُوما


قال: و هذا الرجز في رجز رؤبة أَيضاً؛ قال ابن بري: و هو المشهور. الجوهري: و الصِّهْميمُ السَّيِ‏ءُ الخُلُقِ من الإِبل. و الصِّهْميم: من نَعْت الإِبل في سُوء الخُلُقِ؛ قال رؤبة:
و خَبْط صِهْميمِ اليَدَيْنِ عَيْدَه‏


و الصِّيَهْمُ: الجملُ الضخمُ. و الصِّيَهْمُ: الذي يَرْفع رأْسَه، و قيل: هو العظيمُ الغليظُ، و قيل: هو الجَيِّدُ البَضْعةِ، و قيل: هو القصيرُ، مَثَّلَ به سيبويه و فسره السيرافي، و قال بعضهم: الصِّيَهْمُ الشديدُ من الإِبل، و كلُّ صُلْبٍ شديدٍ فهو صِيَهْمٌ و صِيَمٌّ و كأَنَّ الصِّهْميمَ منه؛ و قال مُزاحِم:
حتى اتَّقَيْتَ صِيَهْماً لا تُوَرِّعُه،             مِثْلَ اتِّقاءِ القَعُودِ القَرْمَ بالذَّنَبِ‏

__________________________________________________
 (1). قوله: و لها صنم يعبدونها: لعلَّه أنث الضمير العائد إلى الحيّ لأَنه في معنى القبيلة. و أنث الضمير العائد إلى الصنم لأَنه في معنى الصورة.
                       

349
لسان العرب12

صهتم ص 350

و الصِّهْميمُ من الرجال: الشجاعُ الذي يَرْكَبُ رأْسَه لا يَثْنِيه شي‏ء عمَّا يُريد و يَهْوَى. و الصِّهْمِيمُ من الإِبل: الشديدُ النَّفْس الممتنعُ السيِ‏ءُ الخُلقِ، و قيل: هو الذي لا يَرْغُو، و سئلَ رجل من أَهل البادية عن الصِّهْميمِ فقال: هو الذي يَزُمُّ بأَنْفِه و يَخْبِطُ بيدَيْه و يَرْكُض برجليه؛ قال ابن مُقبِل:
و قَرَّبوا كلَّ صِهْميمٍ مَناكِبهُ،             إذا تَدَاكأَ منه دَفْعُه شَنَفا

قال يعقوب: مَناكِبُه نواحيه، و تَداكأ تدافع، و تَدافعُهُ سَيْرُه. و رجل صِيَهْمٌ و امرأَة صِيَهْمةٌ: و هو الضَّخْمُ و الضخمةُ. و رجلٌ صِيَهْمٌ: ضخمٌ؛ قال ابن أَحمر:
و مَلَّ صِيَهْمٌ ذو كَرادِيس لم يَكُنْ             أَلُوفاً، و لا صَبّاً خِلافَ الرَّكائِبِ‏

ابن الأَعرابي: إذا أَعطيت الكاهنَ أُجْرتَه فهو الحُلْوان و الصِّهْميمُ.
صهتم:
الأَزهري في الرباعي: ابن السكيت رجل صَهْتمٌ شديدٌ عسِرٌ لا يرتَدُّ وجْهُه، و هو مِثْلُ الصِّهْميم؛ و أَنشد غيره:
فعَدا على الرُّكْبانِ، غيرَ مُهَلِّلٍ             بِهراوةٍ، سَلِسِ الخَلِيقةِ، صَهْتَمُ «2».

كذا وجدته مضبوطاً في التهذيب.
صوم:
الصَّوْمُ: تَرْكُ الطعامِ و الشَّرابِ و النِّكاحِ و الكلامِ، صامَ يَصُوم صَوْماً و صِياماً و اصْطامَ، و رجل صائمٌ و صَوْمٌ من قومٍ صُوَّامٍ و صُيّامٍ و صُوَّمٍ، بالتشديد، و صُيَّم، قلبوا الواو لقربها من الطرف؛ و صِيَّمٍ؛ عن سيبويه، كسروا لمكان الياء، و صِيَامٍ و صَيَامى، الأَخير نادر، و صَوْمٍ و هو اسمٌ للجمع، و قيل: هو جمعُ صائمٍ. و قوله عز و جل: إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً
؛
قيل: معناه صَمْتاً.
و يُقوِّيه قولهُ تعالى: فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا. و
في الحديث: قال النبي، صلى الله عليه و سلم، قال الله تعالى كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له إلّا الصَّومَ فإنه لي.
؛ قال أَبو عبيد: إنما خص الله تبارك و تعالى الصَّومَ بأَنه له و هو يَجْزِي به، و إنْ كانت أَعمالُ البِرِّ كلُّها له و هو يَجْزِي بها، لأَن الصَّوْمَ ليس يَظْهَرُ من ابنِ آدمَ بلسانٍ و لا فِعْلٍ فتَكْتُبه الحَفَظَةُ، إنما هو نِيَّةٌ في القلب و إمْساكٌ عن حركة المَطْعَم و المَشْرَب، يقول الله تعالى: فأنا أَتوَلَّى جزاءه على ما أُحِبُّ من التضعيف و ليس على كتابٍ كُتِبَ له، و لهذا
قال النبي، صلى الله عليه و سلم: ليس في الصوم رِياءٌ.
، قال: و
قال سفيان بن عُيَيْنة: الصَّوْمُ هُو الصَّبْرُ، يَصْبِرُ الإِنسانُ على الطعام و الشراب و النكاح، ثم قرأ: إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ.
و
قوله في الحديث: صَوْمُكُمْ يومَ تَصُومون.
أَي أَن الخَطأَ موضوع عن الناس فيما كان سبيلُه الاجتهادَ، فَلو أنَّ قوماً اجتهدُوا فلم يَرَوا الهِلال إلا بعدَ الثلاثين و لم يُفْطِروا حتى اسْتَوْفَوا العددَ، ثم ثَبَت أَن الشهرَ كان تِسْعاً و عشرين فإن صَوْمَهم و فطْرهم ماضٍ و لا شي‏ء عليهم من إثْم أَو قضاءٍ، و كذلك في الحج إذا أَخطؤُوا يومَ عَرفة و العيد فلا شي‏ء عليهم. و
في الحديث: أَنه سئل عمَّنْ يَصُومُ الدهرَ فقال: لا صامَ و لا أَفْطَرَ.
أَي لم يَصُمْ و لم يُفْطِرْ كقوله تعالى: فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلَّى؛ و هو
__________________________________________________
 (2). قوله [فعدا على الركبان إلخ‏] أنشده في المادة التي قبل هذه: فغدا بالغين المعجمة و شكس بالشين المعجمة و الكاف تبعاً للمحكم، و أنشده الأَزهري هنا فعدا بالعين المهملة و سلس بسين مهملة فلام، ثم قال: أراد غير مهلل سلس انتهى. و أنشده الصاغاني في التكملة كالتهذيب لكن على أن صهتماً اسم رجل.

350
لسان العرب12

صوم ص 350

إحْباطٌ لأَجْرِه على صَوْمِه حيث خالف السنَّةَ، و قيل: هو دُعاءٌ عليه كراهِيةً لصنيعهِ. و
في الحديث: فإنِ امْرُؤٌ قاتَلَهُ أَو شاتَمه فَلْيَقُلْ إني صائمٌ.
؛ معناه أن يَرُدَّه بذلك عن نفسه ليَنْكَفَّ، و قيل: هو أَن يقول ذلك في نفسه و يُذَكِّرَها به فلا يَخُوضَ معه و لا يُكافِئَه على شَتْمِه فَيُفْسِدَ صَوْمَه و يُحْبِطَ أَجْرَه. و
في الحديث: إذا دُعِيَ أَحدُكم إلى طعام و هو صائمٌ فَلْيَقُلْ إني صائم.
؛ يُعَرِّفُهم بذلك لئلا يُكْرِهُوه على الأَكل أَو لئلا تَضِيقَ صدورُهم بامتناعه من الأَكل. و
في الحديث: مَنْ مات و هو صائمٌ فلْيَصُمْ عنه وَليُّه.
قال ابن الأَثير: قال بظاهرِه قومٌ من أَصحاب الحديث، و به قال الشافعي في القديم، و حَمَلَه أَكثرُ الفقهاء على الكفَّارة و عَبَّر عنها بالصوم إذ كانت تُلازِمُه. و يقال: رجلٌ صَوْمٌ و رجُلانِ صَوْمٌ و قوم صَوْمٌ و امرأَة صَوْمٌ، لا يثنى و لا يجمع لأَنه نعت بالمصدر، و تلخيصه رجلٌ ذو صَوْمٍ و قوْم ذو صوم و امرأَة ذاتُ صَوْمٍ. و رجل صَوَّامٌ قَوَّامٌ إذا كان يَصُوم النهارَ و يقومُ الليلَ، و رجالٌ و نِساءٌ صُوَّمٌ و صُيَّمٌ و صُوَّامٌ و صُيَّامٌ. قال أَبو زيد: أَقمتُ بالبصرة صَوْمَينِ أي رَمضانينِ. و قال الجوهري: رجل صَوْمانُ أي صائمٌ. و صامَ الفرسُ صَوْماً أي قام على غير اعْتلافٍ. المحكم: و صامَ الفرَسُ على آرِيِّه صَوْماً و صِياماً إذا لم يَعْتَلِفْ، و قيل: الصائمُ من الخيل القائمُ الساكنُ الذي لا يَطْعَم شيئاً؛ قال النابغة الذُّبياني:
خَيْلٌ صِيامٌ و خيلٌ غيرُ صائمةٍ،             تحتَ العَجاجِ، و أُخرى تَعْلُكُ اللُّجُما

الأَزهري في ترجمة صون: الصائِنُ من الخيل القائمُ على طرَفِ حافِره من الحَفاء، و أما الصائمُ فهو القائمُ على قوائمه الأَربع من غير حَفاء. التهذيب: الصَّوْمُ في اللغة الإِمساكُ عن الشي‏ء و التَّرْكُ له، و قيل للصائم صائمٌ لإِمْساكِه عن المَطْعَم و المَشْرَب و المَنْكَح، و قيل للصامت صائم لإِمساكه عن الكلام، و قيل للفرس صائم لإِمساكه عن العَلَفِ مع قيامِه. و الصَّوْمُ: تَرْكُ الأَكل. قال الخليل: و الصَّوْمُ قيامٌ بلا عمل. قال أَبو عبيدة: كلُّ مُمْسكٍ عن طعامٍ أَو كلامٍ أَو سيرٍ فهو صائمٌ. و الصَّوْمُ: البِيعةُ. و مَصامُ الفرسِ و مَصامَتُه: مَقامُه و مَوْقِفُه؛ و قال إمرؤ القيس:
كأنَّ الثُّرَيّا عُلِّقَتْ في مَصامِها،             بأمْراسِ كَتَّانٍ إلى صُمِّ جَنْدَلِ‏

و مَصَامُ النَّجْمِ: مُعَلَّقُه. و صامَتِ الريحُ: رَكَدَتْ. و الصَّوْمُ: رُكُودُ الريحِ. و صامَ النهارُ صَوماً إذا اعْتَدَلَ و قامَ قائمُ الظهيرة؛ قال إمرؤ القيس.
فدَعْها، و سَلِّ الهَمَّ عنْكَ بِجَسْرةٍ             ذَمُولٍ، إذا صامَ النهارُ، و هَجَّرا

و صامَت الشمسُ: استوت. التهذيب: و صامَت الشمسُ عند انتصاف النهار إذا قامت و لم تَبْرَحْ مكانَها. و بَكْرةٌ صائمةٌ إذا قامت فلم تَدُرْ؛ قال الراجز:
شَرُّ الدِّلاءِ الوَلْغَةُ المُلازِمَهْ،             و البَكَراتُ شَرُّهُنَّ الصَّائِمهْ‏

يعني التي لا تَدُورُ. و صامَ النَّعامُ إذا رَمَى بِذَرْقِه و هو صَوْمُه. المحكم: صامَ النعامُ صَوْماً أَلْقَى ما في بطنه. و الصَّوْمُ: عُرَّةُ النَّعامِ، و هو ما يَرْمي به من دُبُرِه. و صامَ الرجلُ إذا تَظَلَّلَ بالصَّوْمِ، و هو شجرٌ؛ عن ابن الأَعرابي. و الصَّوْمُ: شجرٌ على‏

351
لسان العرب12

صوم ص 350

شَكْل شخص الإِنسانِ كرِيهُ المَنْظَر جِدّاً، يقال لِثَمرِه رؤُوس الشياطين، يُعْنى بالشياطين الحَيّاتُ، و ليس له وَرَقٌ؛ و قال أَبو حنيفة: للصَّوْم هَدَبٌ و لا تَنْتَشِرُ أَفْنانُه ينْبُتُ نباتَ الأَثْل و لا يَطُولُ طُولَه، و أكثرُ مَنابِته بلادُ بني شَبابة؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّة:
مُوَكَّلٌ بشُدوفِ الصَّوْمِ يَرْقُبُها،             من المَناظِر، مَخْطوفُ الحَشَا زَرِمُ‏

شُدُوفُه: شُخوصُه، يقول: يَرْقُبها من الرُّعْبِ يَحْسَبُها ناساً، واحدتُه صَوْمة. الجوهري: الصَّوْمُ شجرٌ في لغة هُذَيْل، قال ابن بري: يعني قول ساعدة:
موكَّل بشدوف الصوم يبصرها،             من المعازب، مخطوفُ الحَشَا زَرِمُ‏

و فسره فقال: من المَعازب من حيث يَعْزُبُ عنه الشي‏ء أَي يتباعد، و مخطوفُ الحَشا: ضامِرُه، و زَرِم: لا يَثْبُتُ في مكان، و الشُّدُوفُ: الأَشخاص، واحدها شَدَفٌ. قال ابن بري: و صَوامٌ جَبَلٌ؛ قال الشاعر:
بمُسْتَهْطِعٍ رَسْلٍ، كأَنَّ جَدِيلَه             بقَيْدُومِ رعْنٍ مِنْ صَوامٍ مُمَنَّع‏

صيم:
الصِّيَمُّ: الصُّلْبُ الشديد المجتمعُ الخَلْقِ، و الله تعالى أَعلم.
فصل الظاء المعجمة
ضبثم:
ضَبْثَمٌ: من أَسماء الأَسد.
ضبرم:
الضُّبارِمُ، بالضم: الشديدُ الخَلْق من الأُسْد. الضُّبارِمُ و الضُّبارِمةُ: الأَسد الوَثيق. و الضُّبارِمُ و الضُّبارِمةُ: الجري‏ءُ على الأَعْداء، و هو ثلاثي عند الخليل. ابن السكيت: يقال للأَسد ضُبارِمٌ و ضُبارِك، و هما من الرجال الشجاع.
ضثم:
الضَّيْثَمُ: من أَسماء الأَسد، فَيْعَل من ضَثَم. الجوهري: الضَّيْثَمُ الأَسدُ مثل الضَّيْغَم، أُبدِلَ غَيْنُه ثاءً، و في أَصحاب الاشتقاق مَنْ يقول: هو الضَّبْثمُ، بالباء. قال أَبو منصور: لم أَسمع ضَيْثَم في أَسماء الأَسد، بالياء، و قد سمعت ضَبْثَم، بالباء، و الميم زائدة، أصله من الضَّبْث، و هو القَبْضُ على الشي‏ء، هذا هو الصحيح.
ضجم:
الضَّجَمُ: العِوَجُ: الليث: الضَّجَم عِوَجٌ في الأَنف يَميل إلى أحد شِقَّيه. الجوهري: الضَّجَمُ أَن يميلَ الأَنفُ إلى أَحد جانبي الوجْه. و الضَّجَمُ أَيضاً: اعْوِجاجُ أَحد المَنْكِبَين. و المُتَضاجِمُ: المعْوَجُّ الفم؛ و قال الأَخطل:
جزَى الله عَنَّا الأَعْوَرَيْنِ مَلامةً،             وَ فَرْوَة ثَفْرَ النَّوْرةِ المُتَضاجِمِ‏

و فَرْوةُ: اسمُ رجل. المحكم: الضَّجَمُ عِوَجٌ في خَطْم الظَّلِيم، و ربما كان مع الأَنفِ أَيضاً في الفَمِ و في العُنُق مَيَلٌ يُسمّى ضَجَماً، و النعتُ أَضْجَمُ و ضَجماءُ. و الضَّجَمُ: عِوجٌ في الفمِ و مَيَلٌ في الشِّدْق، و قد يكون عِوَجاً في الشفةِ و الذقَنِ و العُنُق إلى أَحد شِقَّيْه، ضَجِمَ ضَجَماً و هو أَضْجَم؛ و قد يكون الضَّجَم عِوَجاً في البئر و الجراحة كقول العجاج:
عن قُلُبٍ ضُجْمٍ تُوَرِّي مَنْ سَبَرْ


يَصِف الجِراحات فشبَّهها في سَعتِها بالآبار المُعْوَجَّة الجِيلان؛ و قال القطامي يصف جراحة:

352
لسان العرب12

ضجم ص 352

إذا الطَّبِيبُ بِمِحْرافَيْه عالَجَها،             زادَتْ على النَّفْرِ أَو تحْريكِه ضَجَما

النَّفْرُ: الوَرَم، و قيل: خروجُ الدم. و قَليبٌ أضْجَمُ إذا كان في جالِها عِوَجٌ. و قالوا: الأَسماء تَضاجَمُ أي تختلفُ، و هو مما تقدّم. و تضاجَمَ الأَمرُ بينهم إذا اختلف. ابن الأَعرابي: الضَّجِمُ و الجُراضِمةُ من الرجال الكثيرُ الأَكلِ، و هو الجُرامِضةُ أَيضاً. و الضُّجْمةُ: دُوَيْبَّة مُنْتِنة الرائحة تَلْسَع. و ضُبَيْعةُ أَضْجَمَ: قبيلةٌ من العرب نُسِبَت إلى رجل منهم، و قيل: قبيلةٌ في ربيعةَ معروفة. قال ابن الأَعرابي: أَضْجَمُ هو ضُبَيْعة بن قيس بن ثعلبة، فجعل أَضجم هو ضُبَيْعة نفْسه، فعلى هذا لا تصح إضافة ضُبَيعة إليه لأَن الشي‏ء لا يُضاف إلى نفْسه، قال: و عندي أَن اسمَه ضُبَيعة و لقبه أَضْجَم، و كلا الاسمين مفرد، و المفرد إذا لُقِّبَ بالمفرد أُضيف إليه كقولك قَيْسُ قُفَّة و نحوه، فعلى هذا تصح الإِضافة.
ضجعم:
ضَجْعَمٌ: أَبو بَطْنٍ من العرب. قال ابن سيدة: ضَجْعَمٌ من وَلدِ سَلِيح و أَولاده الضَّجاعِمة كانوا مُلوكاً بالشام، زادوا الهاء لمعنى النسب كأنهم أَرادوا الضَّجْعَمِيُّون.
ضخم:
الضَّخْمُ: الغليظُ من كل شي‏ءٍ. و الضُّخامُ، بالضم: العظيمُ من كل شي‏ء، و قيل: هو العظيمُ الجِرْم الكثيرُ اللحْمِ، و الجمع ضِخامٌ، بالكسر، و الأُنثى ضَخْمة، و الجمع ضَخْماتٌ، ساكنة الخاء لأَنه صفة، و إنما يُحَرَّك إذا كان اسماً مثل جَفَنات و تَمَرات. و في التهذيب: و الأَسماء تُجْمَع على فَعَلات نحو شَرْبة و شَرَبات و قَرْية و قَرَيات و تمرة و تَمَرات، و بناتُ الواو في الأَسماء تُجْمع على فعْلات نحو جَوْزة و جَوْزات، لأَنه إن ثُقِّل صارت الواو أَلِفاً، فتُرِكَت الواو على حالِها كراهة الالتباس، قال: و يُسْتعار فيقال أَمرٌ ضَخْمٌ و شأنٌ ضَخْمٌ. و طريقٌ ضَخْمٌ: واسعٌ؛ عن اللحياني. و قد ضَخُمَ الشي‏ءُ ضِخَماً و ضَخامةً و هذا أَضخم منه، و قد شُدِّد في الشعر لأَنهم إذا وقفوا على اسم شدَّدُوا آخره إذا كان ما قبله متحركاً كالأَضْخَمّ و الضِّخَمّ و الإِضْخَمّ؛ قال ابن سيدة: فأَما ما أَنشده سيبويه من قول رؤبة:
ضَخْم يُحِبُّ الخُلُقَ الأَضْخَمّا


فعلى أَنه وَقَفَ على الأَضْخَمِّ، بالتشديد، كلغة من قال رأيت الحَجَرْ، و هذا محمدْ و عامِرْ و جَعْفَرْ، ثم احتاج فأَجراه في الوصل مُجْراه في الوقف، و إنما اعْتَدَّ به سيبويه ضرورةً لأَن أَفْعَلًا مُشدَّداً عَدَمٌ في الصفات و الأَسماء، و أَما قوله: و يرْوى‏
... الإِضْخَمَّا


فليس مُوَجهاً على الضرورة، لأَن إفْعَلًّا موجودٌ في الصفات و قد أَثبته هو فقال: إرْزَبٌّ صفةٌ، مع أَنه لو وَجَّهَه على الضرورة لتَناقَضَ، لأَنه قد أَثبت أَن إفْعَلًا مخفَّفاً عدَمٌ في الصفات، و لا يَتَوَجَّه هذا على الضرورة، إلَّا أَن تُثْبِت إفْعَلًا مخففاً في الصفات، و ذلك ما قد نَفاه هو، و كذلك قوله: و يُرْوى الضِّخَمّا، لا يتوجه على الضرورة، لأَن فِعَلًا موجودٌ في الصفة و قد أَثبته هو فقال: و الصِّفةٌ خِدَبٌّ، مع أَنه لو وجهه على الضرورة لَتناقَضَ، لأَن هذا إنما يتجه على أَن في الصفات فِعَلًا، و قد نفاه أَيضاً إلّا في المعتلِّ و هو قولهم: مكانٌ سِوىً، فثبت من ذلك أَن الشاعر لو قال الإِضْخَمّا و الضِّخَمّا كان أَحْسَنَ، لأَنهما لا يَتَّجِهان على الضرورة، لكن سيبويه أشعَرك أَنه قد سَمِعه على هذه الوجوه الثلاثة، قال:

353
لسان العرب12

ضخم ص 353

و الأَضْخَمُّ، بالفتح، عندي في هذا البيت على أَفْعَلَ المُقْتضِيةِ للمُفاضَلة، و أَن اللامَ فيها عَقِيبُ مِنْ، و ذلك أَذْهَبُ في المدح، و لذلك احتمل الضرورة لأَن أَخَوَيْه لا مُفاضَلَة فيهما. قال ابن سيدة: و أَما قولُ أَهلِ اللغة شي‏ءٌ أَضخَمُ فالذي أَتَصَوَّرُه في ذلك أَنهم لم يَشْعُروا بالمُفاضلةِ في هذا البيت، فجعلوه من باب أَحْمَر، قال: و يدلُّك على المُفاضَلة أَنهم لم يَجِيئُوا به في بيت و لا مَثَلٍ مُجَرَّداً من اللام فيما علمناه من مشهور أَشعارهم، على أَن الذي حكاه أَهل اللغة لا يمتنع، فإن قلت: فإن للشاعر أَن يقول الأَضْخَمَ مخففاً، قيل: لا يكون ذلك لأَن القطعة من مَكْشوفِ مَشْطورِ السريع، و الشَّطْرُ على ما قُلْتَ أَنت من الضرب الثاني منه و ذلك مُسَدَّسٌ؛ و بيته:
هاجَ الْهَوَى رَسْمٌ بذاتِ الغَضى،             مُخْلَوْلِقٌ مُسْتَعْجِمٌ مُحْوِلُ‏

فإن قلت: فإن هذا قد يجوز على أَن تَطْوي مفعولن و تنقُلَه في التقطيع إلى فاعلن، قيل: لا يجوز ذلك في هذا الضرب لأَنه لا يجتمع فيه الطي و الكشف، و قول الأَخفش في ضِخَمّا: و هذا أَشدُّ لأَنه حرك الخاء و ثقل الميم، يريد أَنه غيَّر بناء ضَخْم، و هذا التحريف كثيرٌ عنهم فاشٍ مع الضرورة في استعمالهم؛ أ لا ترى أنهم قالوا في قول الزَّفَيان:
بِسَبْحَلِ الدَّفَّيْنِ عَيْسَجُور


أَراد سِبَحْل كقول المرأة لِبِنْتِها: سِبَحْلة رِبَحْلة تَنْمي نَباتَ النَّخْلة. و هذا البيت الذي أَنشده سيبويه لرؤبة أورده ابنُ سيدة و الجوهريُّ و غيرُهما:
ضَخْمٌ يُحِبُّ الخُلُق الأَضْخمَّا


قال ابن بري: و صوابه ضَخْماً، بالنصب، لأَن قبله:
ثمَّتَ حيثُ حَيَّةٌ أَصَمَّا


و الأُضْخُومةُ: عُظَّامةُ المرأةِ و هي الثوب تَشُدُّه المرأة على عجيزتها لتُظَنَّ أَنها عَجْزاء. و المِضْخَمُ: الشديدُ الصَّدْمِ و الضَّرْبِ. و المِضْخَمُ: السَّيِّدُ الضخم الشريفُ. و الضِّخَمَّةُ: العَرِيضةُ الأَرِيضةُ الناعِمةُ؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أَنشد لعائذ بن سعد العَنْبريّ يَصِفُ وِرْدَ إبِله:
حُمْراً، كأَنَّ خاضِباً منها خَضَبْ             ذُرَى ضِخَمَّاتٍ، كأَشْباه الرُّطَبْ‏

و بنو عَبْدِ بن ضَخْمٍ: قبيلةٌ من العرَبِ العارِبة دَرَجُوا.
ضرم:
الضَّرَمُ: مَصْدَرُ ضَرِمَ ضَرَماً. و ضَرِمَت النارُ و تَضَرَّمَتْ و اضْطَرَمَت: اشْتَعَلَتْ و الْتَهَبَتْ، و اضْطَرَمَ مَشِيبهُ كما قالوا اشْتَعَلَ؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أنشد:
و في الْفَتى، بَعْدَ المَشِيب المُضْطَرِمْ،             مَنافِعٌ و مَلْبَسٌ لِمَنْ سَلِمْ‏

و هو على المثل. و أَضْرَمْتُ النارَ فاضْطَرَمَتْ و ضَرَّمْتها فضَرِمَتْ و تَضرَّمَتْ: شُدِّدَ للمبالغة؛ قال زهير:
و تَضْرَ، إذا ضَرَّيْتُموها فَتضْرَم «3».


و اسْتَضْرَمْتُها: أَوْقَدْتُها؛ و أَنشد ابن دريد:
حِرْمِيَّةٌ لم يَخْتَبِزْ أَهْلُها             فَثّاً، و لم تَسْتَضْرِمِ العَرْفَجا

__________________________________________________
 (3). و صدر البيت:
متى تبعثوها تبعثوها ذميمةً.

 

354
لسان العرب12

ضرم ص 354

الليث: و الضَّرِيمُ اسمٌ للحَريق؛ و أَنشد:
شَدّاً كما تُشَيِّعُ الضَّرِيما


شَبَّهَ حفيفَ شدِّه بحَفيفِ النارِ إذا شَيَّعْتَها بالحطَبِ أي أَلْقَيْتَ عليها ما تُذَكِّيها به؛ روي ذلك عن الأَصمعي. و
في حديث الأُخدود: فأمَرَ بالأَخادِيدِ و أَضْرَمَ فيها النِّيرانَ.
، و قيل: الضَّريم كُلُّ شي‏ءٍ أَضْرَمْتَ به النار. التهذيب: الضَّرَمُ من الحطب ما التهبَ سريعاً، و الواحدةُ ضَرَمَةٌ. و الضِّرامُ: ما دَقَّ من الحَطَبِ و لم يكن جَزْلًا تُثْقَبُ به النارُ، الواحد ضَرَمٌ و ضَرَمَةٌ؛ و منه قول الشاعر و نسبه ابن بري لأَبي مريم:
أَرَى خَلَلَ الرَّمادِ وَمِيضَ جَمْرٍ،             أُحاذِرُ أَن يَشِبَّ له ضِرَامُ‏

الجوهري؛: الضِّرامُ اشتِعالُ النارِ في الحَلْفاءِ و نحْوها. و الضِّرامُ أَيضاً: دُقاق الحَطبِ الذي يُسْرعُ اشْتِعالُ النار فيه؛ و أَنشد ابن بري فيه:
و لكِنْ بِهاتِيكِ البِقاعِ فأَوْقدِي             بجَزْلٍ، إذا أَوْقَدْتِ، لا بِضرامِ «1».

و الضَّرَمةُ: السَّعَفةُ و الشِّيحةُ في طَرَفِها نارٌ. و الضِّرامُ و الضِّرامةُ: ما اشْتَعَلَ من الحَطَب، و قيل: الضِّرامُ جمعُ ضِرَامةٍ. و الضِّرامُ أَيضاً من الحطب: ما ضَعُفَ و لانَ كالعرْفَج فما دُونَه، و الجَزْل: ما غلُظ و اشْتَدّ كالرِّمْثِ فما فَوْقَه، و قيل: الضِّرامُ من الحطب كلُّ ما لم يكن له جَمْرٌ، و الجَزْلُ ما كان له جَمْرٌ. و الضَّرَمةُ: الجَمرةُ، و قيل: هي النارُ نفسُها، و قيل: هي ما دَقَّ من الحَطَب. و
في حديث علي، رضي الله عنه: و الله لَوَدَّ مُعاويةُ أَنه ما بَقِيَ مِنْ بني هاشمٍ نافِخُ ضَرَمةٍ.
؛ هي بالتحريك النارُ، و هذا يقال عند المُبالَغة في الهلاك لأَن الكبير و الصغير يَنْفُخانِ النار. و أَضْرَمَ النارَ إذا أَوْقدَها. و ما بالدارِ نافخُ ضَرَمةٍ أي ما بها أَحدٌ، و الجمعُ ضَرَمٌ؛ قال طُفَيْل:
كأَنَّ، على أَعْرافِهِ و لجامِهِ،             سَنَا ضَرَمٍ من عَرْفَجٍ مُتَلَهِّب‏

قال ثعلب: يقول مِنْ خِفَّةِ الجَرْي كأَنَّه يَضْطَرِمُ مِثْلَ النار. و قال ابن الأَعرابي: هو أَشْقَرُ؛ و أَنشد ابن بري للمُتَلَمِّس:
و قَدْ أَلاحَ سُهَيْلٌ، بَعْدَ ما هَجَعُوا،             كأَنَّه ضَرَمٌ بالكَفِّ مَقْبُوسُ‏

و
في حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: قال قَيْسُ ابنُ أَبي حازم كان يخرج إلينا و كأَنَّ لِحْيَتهُ ضِرامُ عَرْفَجٍ.
؛ الضِّرامُ: لَهَبُ النارِ شُبِّهتْ به لأَنه كان يَخْضِبُها بالحِنَّاء. و الضَّرَمُ: شدَّةُ العَدْوِ. و يقال: فرسٌ ضَرِمٌ شديدُ العَدْوِ؛ و منه قوله:
ضَرِمِ الرَّقاقِ مُناقِلِ الأَجْرالِ‏


و الضَّرْيَمُ: الحَريقُ نَفْسُه؛ عن أَبي حنيفة. و الضَّرَمُ: غضَبُ الجوع. و ضَرِمَ عليه ضَرَماً و تَضَرَّمَ: تَحَرَّقَ. و ضَرِمَ الشي‏ءُ، بالكسر: اشتدّ حرُّه. يقال: ضَرِمَ الرجلُ إذا اشتدّ جوعُه. أَبو زيد: ضَرِمَ فلانٌ في الطَّعامِ ضَرَماً إذا جَدَّ في أَكْله لا يَدْفَع منه شيئاً. و يقال: ضَرِمَ عليه و تَضَرَّمَ إذا احْتَدَّ غَضَباً. و تضَرَّمَ عليه: غَضِبَ. ابن شميل: المُضْطَرِمُ المُغْتَلِمُ من الجمال تراه‏
__________________________________________________
 (1). قوله [و لكن بهاتيك البقاع‏] أنشده في الأَساس: و لكن بهذاك اليفاع، بمثناة تحتية ففاء.

355
لسان العرب12

ضرم ص 354

كأَنه حُسْحِسَ بالنار، و قد أَضْرَمَتْه الغُلْمةُ. و ضَرِمَ الفَرسُ في عَدْوِه ضَرَماً، فهو ضارِمٌ، و اضْطَرمَ: و ذلك فوق الإِلْهابِ. و ضَرِمَ الأَسَدُ إذا اشْتدَّ حَرُّ جوْفِه من الجوع، و كذلك كلُّ شي‏ء اشْتَدَّ جُوعُه من اللَّواحِم. و الضَّرِمُ: الجائعُ. و اسْتَضْرَمَتِ الحَبّةُ: سَمِنَتْ و بَلَغَتْ أن تُشْوى. و الضِّرْمُ و الضَّرِمُ: فَرْخُ العُقابِ؛ هاتانِ عن اللحياني. و الضَّرْم و الضُّرْمُ: ضَرْبانِ من الشجر. قال أَبو حنيفة: الضُّرْمُ شجرٌ طَيِّبُ الرِّيح، و كذلك دخانُه طَيِّبٌ. و قال مرّة: الضُّرْمُ شجرٌ أَغبرُ الوَرَق وَرَقُه شبيهٌ بورَق الشِّيح، و له ثمر أَشْباهُ البَلُّوط، حُمْرٌ إلى السَّواد، و له وَرْدٌ أَبيض صغيرٌ كثيرُ العسَلِ. و الضِّرامةُ: شجرُ البُطْم. و الضِّرْيَمُ: ضَرْبٌ من الصَّمْغ. و الضِّرامُ: ما اتَّسَعَ من الأَرض؛ عن ابن الأَعرابي.
ضرزم:
الضَّرْزَمةُ: شِدَّةُ العَضِّ و التصميم عليه. و أَفْعى ضِرْزِمٌ: شديدةُ العَضِّ؛ و أَنشد فيه:
يُباشِرُ الحَرْبَ بِنابٍ ضِرْزِمِ‏


و أَنشد أَيضاً الجوهري للْمُساوِر بن هِنْدٍ العَبْسِيَّ:
يا رِيَّها يَوْمَ تُلاقي أَسْلَما،             يَوْمَ تُلاقي الشَّيْظَمَ المُقَوَّما
عَبْلَ المُشاشِ فَتَراه أَهْضَما،             عِنْدَ كِرامٍ لم يكنْ مُكَرَّما
تَحْسِبُ في الأُذْنَيْنِ منه صَمَما،             قد سالَمَ الحَيَّاتُ منه القَدَما
الأُفْعُوانَ و الشُّجاعَ الشَّجْعَما،             و ذاتَ قَرْنَيْنِ ضَمُوزاً ضِرْزِما
هَوَّمَ في رِجْلَيْهِ حينَ هَوَّما،             ثم اغتَدَيْنَ و غَدا مُسَلَّما

قوله: ذاتَ قرنين، أَفْعى لها قرنانِ من جِلْدها. و الضَّمُوزُ: الساكنة. و ناقة ضِرْزِمٌ و ضَرْزَمٌ؛ الأَخيرة عن يعقوب، و ضِمْرِزٌ: مُسِنَّة و هي فوق العَوْزَمِ، و قيل: كبيرة قليلة اللبن. أَبو عبيد: يقال للناقة التي قد أَسَنَّتْ و فيها بقيةٌ من شَباب الضِّرْزِمُ. ابن السكيت: الضِّرْزِمُ من النوق القليلةُ اللبن مثل ضِمْرِزٍ، قال: و نُرى أَنه من قولهم رجل ضِرِزٌّ إذا كان بخيلًا، و الميم زائدة؛ و قال غيره: الضِّمْرِزُ الناقةُ القوية، و أَما الضِّرْزِمُ فالمُسِنَّة و فيها بقيةُ شَباب؛ قال المُزَرِّدُ أَخُو الشّماخِ:
قَذِيفَةُ شَيْطانٍ رَجيم رَمى بها،             فصارَتْ ضَواةً في لَهازِمِ ضِرْزِم‏

و كان قد هَجا كعبَ بن زهير فزَجَره قَوْمُه فقال: كيف أَردّ الهجاء و قد صارت القَصِيدَةُ ضَواةً في لَهازِمِ نابٍ؟ لأَنها كبيرةُ السِّنِّ لا يُرْجى بُرْؤُها كما يُرْجى بُرْؤُ الصغير.
ضرسم:
ابن الأَعرابي: الضِّرْسامَةُ الرِّخْوُ اللئيم. و رجل ضِرْسامةٌ: نعتُ سَوْءٍ من الفَسالَة و نحوها. و ضِرْسامٌ: اسم ماء؛ قال النمر بنُ تَوْلَبٍ:
أَرْمي بها بَلَداً تَرْميهِ عن بَلَدٍ،             حتى أُنِيخَتْ على أَحْواضِ ضِرْسامِ‏

ضرضم:
ابن الأَعرابي: الضَّرْضَمُ ذَكَرُ السباع، و قال في موضع آخر: من غريب أسماء الأَسد الضَّرْضَمُ، و كنيته أَبو العباس.

356
لسان العرب12

ضرطم ص 357

ضرطم:
التهذيب في الرباعي: الضُّراطِميُّ من الأَرْكابِ الضَّخمُ الجافي، و أَنشد لجرير:
تُواجِهُ بَعْلَها بضُراطِمِيّ،             كأَنَّ على مَشافِرِه صُبابا

و قال: مَتاعٌ هَدَّارُ المَشافِر يَهْدِرُ مِشْفَرُه لاغْتِلامِها؛ و رواه ابن شميل:
تُنازِعُ زَوْجَها بعُمارِطِيّ،             كأَنَّ على مَشافِرِه جُبابا

و قال: عُمارِطيُّها فَرْجُها.
ضرغم:
الضَّرْغَمُ و الضِّرْغامُ و الضِّرْغامةُ: الأَسد. و رجل ضِرْغامةٌ: شُجاعٌ، فإما أَن يكون شُبِّه بالأَسد، و إِما أَن يكون ذلك أَصلًا فيه؛ و أَنشد سيبويه:
فَتى الناسِ لا يَخْفى عليهم مكانهُ،             و ضِرْغامةٌ إنْ هَمَّ بالأَمْر أَوْقَعا

قال: و الأَسْبَقُ أَنه على التشبيه. و فَحْلٌ ضِرْغامة: على التشبيه بالأَسد. قيل لابْنةِ الخُسِّ: أَيُّ الفُحولِ أَحمدُ؟ فقالت: أَحمرُ ضِرْغامَة شديد الزَّئير قليلُ الهَدير. و الضَّرْغَمَةُ و التَّضَرْغمُ: انتخابُ الأَبطالِ في الحرب، و ضَرْغَم الأَبطالُ بعضُها بعضاً في الحرب. الليث: تَضَرْغَمتِ الأَبطالُ في ضَرْغَمَتِها بحيث تأْتخذُ في المعْركةِ، و أَنشد:
و قَوْمي، إنْ سأَلْتَ، بنُو عليّ،             متى تَرَهُم بضَرْغَمَةٍ تَفِرُّ «1».

و
في حديث قُسّ: و الأَسد الضِّرْغام.
؛ هو الضاري الشديدُ المِقْدام من الأُسود. و في نوادر الأَعراب: ضِرْغامةٌ من طِينٍ و ثَوِيطَةٌ و لَبِيخَةٌ و لِيخَةٌ و هو الوَحَلُ.
ضغم:
الضَّغْم: العَضُّ غير النَّهْشِ. ضَغَم به يَضْغَم ضَغْماً و ضَغَمَه: عَضَّ عَضّاً دون النَّهْشِ، و قيل: هو أَن يملأَ فمَه مما أَهْوى إليه؛ و أَنشد سيبويه:
و قد جَعَلَتْ نفسي تطيبُ لضَغْمَةٍ،             لضَغْمِهِماها يَقْرَعُ العَظْمَ نابُها

قيل: هو العَضُّ ما كان. و
في حديث عُتْبة بن عبدِ العُزَّى: فعَدا عليه الأَسدُ فأَخذ برأْسِه فضَغَمه ضَغْمةً.
؛ الضَّغْمُ: العضُّ الشديد، و منه سمي الأَسدُ ضَيْغماً، بزيادة الياء؛ و منه‏
حديث عُمَر و العَجوز: أَعاذكم اللهُ من جَرْحِ الدَّهْرِ و ضَغْمِ الفَقْرِ.
أَي عَضِّه. و الضُّغامَةُ: ما ضَغَمْتَه ثم لَفَظْتَه من فيكَ. و الضَّيْغَم: الذي يَعَضُّ، و الياء زائدة. و الضَّيْغَم و الضَّيْغَمِيُّ: الأَسد مشتق من ذلك، و قيل: هو الواسع الشِّدْقِ منها؛ قال كعب:
من ضَيْغَمٍ من ضِراءِ الأُسْدِ مخْدَرُه،             ببطْنِ عَثَّرَ غِيلٌ دونه غِيلُ «2».

و ضَيْغَمٌ: من شعرائهم؛ قال ابن جني: هو ضَيْغَم الأَسَدِيُّ.
ضمم:
الضَّمُّ: ضَمُّكَ الشي‏ءَ إلى الشي‏ء، و قيل: قَبْضُ الشي‏ء إلى الشي‏ء، و ضَمَّه إليه يَضُمُّه ضَمّاً فانضمَّ و تَضامَّ. تقول: ضَمَمْتُ هذا إلى هذا، فأَنا ضامٌّ و هو مَضْموم. الجوهري: ضمَمْتُ الشي‏ءَ إلى الشي‏ء فانْضَمَّ إليه و ضامَّهُ. و
في حديث عمر: يا هُنَيُّ ضُمَّ جَناحَك عن الناس.
أَي أَلِنْ جانِبَك لهم و ارْفُقْ‏
__________________________________________________
 (1). قوله [بنو علي‏] حيّ من كنانة و النسبة إليهم عليون لا علويون كذا بهامش التهذيب.
 (2). رواية قصيدة كعب:
من خادرِ من ليوثِ الأَرض، مَسكِنُه،             من بطن عثَّرَ غِيلٌ دونَه غِيل.

357
لسان العرب12

ضمم ص 357

بهم. و
في حديث زُبَيْبٍ العَنْبَرِيّ: أَعْدِني على رجُلٍ من جُنْدِك ضَمَّ مني ما حَرَّمَ اللهُ و رسولهُ.
أي أَخذَ من مالي و ضَمَّه إلى مالِه. و ضامَّ الشي‏ءُ الشي‏ءَ: انْضَمَّ معه. و تَضامَّ القومُ إذا انضَمَّ بعضُهم إلى بعض. و
في حديث الرؤية: لا تَضامُّون في رؤيته.
، يعني رؤية الله عز و جل، أَي يَنْضَمُّ بعضُكم إلى بعضٍ، فيقولَ واحدٌ لآخر أَرِنِيه كما تَفعلون عند النظر إلى الهلال، و
يروى: لا تُضامُّونَ.
، على صيغة ما لم يسم فاعله. قال ابن سيدة: و لم أرَ ضامّ متعدياً إلّا فيه، و
يروى: تُضامُونَ.
، من الضَّيْم، و هو مذكور في موضعه؛ قال ابن الأَثير: يروى هذا الحديث بالتشديد و التخفيف، فالتشديد معناه لا يَنْضَمُّ بعضكم إلى بعض و تَزْدحمون وقتَ النظر إليه، قال: و يجوز ضم التاء و فتحها على تُفاعَلون و تَفاعَلون، و معنى التخفيف لا يَنالكم ضَيمٌ في رؤْيته فيراه بعضُكم دون بعض. و الضَّيْمُ: الظُّلْم؛ فأما قول أبي ذؤيب:
فألْفَى القومَ قد شَرِبُوا، فَضَمُّوا،             أمامَ القَوْمِ مَنْطِقُهُمْ نَسِيفُ‏

أَراد أنهم اجتمعوا و ضَمُّوا إليهم دوابهَّم و رِحالَهُم، فحذف المفعول و حَذْفُه كثير. و اضْطَمَمْتُ الشي‏ءَ: ضَمَمْتُه إلى نفسي، و اضْطَمَّ فلانٌ شيئاً إلى نفسه، و قال الأَزهري في آخر الضاد و الطاء و الميم: و أما الاضْطِمام فهو افْتِعالٌ من الضّمِّ. و
في الحديث: كان نبي الله، صلى الله عليه و سلم، إذا اضْطَمَّ عليه الناس أَعْنَقَ.
أي ازْدحموا، و هو افْتَعَلَ من الضم، فقلبت التاء طاء و لأَجل لفظة الضاد. و
في حديث أبي هريرة: فدنا الناسُ و اضْطَمَّ بعضهم إلى بعض.
و اضْطَمَّتْ عليه الضُّلُوعُ أي اشْتَملت. و الضُّمامُ: كلُّ ما ضُمَّ به شي‏ءٌ إلى شي‏ء و أَصْبَحَ مُنْضَمّاً أَي ضامِراً كأَنه ضُمَّ بعضُه إلى بعض. و ضامَمْتُ الرجلَ: أقمت معه في أَمر واحد مُنْضَمّاً إليه. و الإِضْمامَةُ: جماعةٌ من الناس ليس أَصلهم واحداً و لكنهم لَفيفٌ، و الجمع الأَضامِيمُ؛ و أَنشد:
حَيٌّ أَضامِيمُ و أَكْوارُ نَعَمْ‏


و يقال للفرس: سَبَّاقُ الأَضامِيمِ أَي الجماعات؛ قال ابن بري: و منه قول ذي الرمة:
و الحُقْبُ تَرْفَضُّ مِنْهنَّ الأَضامِيمُ‏


و في كتابه لوائل بن حُجْرٍ: و من زنى من ثَيِّبٍ فضَرِّجُوه بالأَضاميم؛ يريد الرَّجْمَ، و الأَضامِيمُ: الحجارةُ، واحدتها إضْمامةٌ. قال: و قد يُشَبَّه بها الجماعاتُ المختلفةُ من الناس. و
في حديث يحيى بن خالد: لنا أَضاميمُ من هاهنا و هاهنا.
أَي جماعاتٌ ليس أَصلهم واحداً كأَنَّ بعضَهم ضُمَّ إلى بعض. و الإِضْمامة من الكُتب: ما ضُمَّ بعضُه إلى بعض. الجوهري: الإِضْمامَةُ من الكُتُب الإِضْبارة، و الجمع الأَضامِيمُ. يقال: جاء فلان بإضمامَةٍ من كُتُبٍ. و
في حديث أَبي اليَسَرِ: ضِمامةٌ من صُحُفٍ.
أَي حُزْمَةٌ، و هي لغة في الإِضمامة. و الضِّمُّ و الضِّمامُ: الداهية الشديدة. قال أَبو منصور: العرب تقول للداهية صَمِّي صَمامِ، بالصاد، قال: و أَحسب الليثَ رآه في بعض الصُّحُفِ فصحَّفه و غيَّر بناءه، و الضَّمْضَمُ مثله. و قال أَبو حنيفة: إذا سَلَكَ الوادي بين أكمتين طويلتين سمي ذلك الموضعُ الموضِعَ المَضْمومَ.

358
لسان العرب12

ضمم ص 357

و الضُّماضِمُ: من أَسماء الأَسد. و أَسَدٌ ضُماضِمٌ: يضُمُّ كلَّ شي‏ء، و ضَمْضَمَتُه: صَوْتُه، و ضَمْضَمٌ: من أَسمائه. و ضَمْضَمٌ: اسم رجل. و رجل ضُمَضِمٌ و ضُماضِمٌ: جري‏ءٌ ماضٍ. و ضَمْضَمَ الرجلُ إذا شَجَّعَ قَلْبَه. و الضُّماضِمُ: الأَكُولُ النَّهِمُ المُسْتأْثِرُ، و قيل: الكثير الأَكل الذي لا يشبع. و ضَمَّ على المال و ضَمْضَمَ: أَخَذَه كُلَّه. الأُمَوِيُّ: يقال للرجل البخيل الضِّرزُّ، بتشديد الزاي، و الضُّماضِمُ و العَضَمَّرُ كُلُّه من صفة البخيل، قال: و هو الصُّوَتِنُ على فُعَلِنٍ أَيضاً. ابن الأَعرابي: الضَّمْضَمُ الجَسيمُ الشُّجاعُ، بالضاد، و الصَّمْصَمُ البخيل النهاية في البُخْل، بالصاد. و
روي عن الحسن أنه قال: خَباثِ كلَّ عِيدانِكِ قد مَضِضْنا فوَجَدْنا عاقبته مُرّاً.
؛ يخاطب الدنيا. و الضُّمَضِمُ: الغَضْبانُ، و الله أَعلم.
ضوم:
ضُمْتُه: كضِمْتُه أَي ظَلَمْته، و سنذكره في الياء أَيضاً.
ضيم:
الضَّيْمُ الظُّلْمُ. و ضامه حَقَّه ضَيْماً: نَقَصه إياه. قال الليث: يقال ضَامَه في الأَمر و ضامَهُ في حقه يَضِيمُه ضَيْماً، و هو الانتقاصُ، و اسْتَضامَه فهو مَضِيمٌ مُسْتَضامٌ أَي مَظْلُوم، و قد جُمعَ المصدرُ من هذا فقيل فيه ضُيُومٌ؛ قال المُثَقِّبُ العبدي:
و نَحْمي على الثَّغْرِ المَخُوفِ، و نَتَّقِي             بغارَتِنا كَيْدَ العِدى و ضُيُومَها

و يقال: ما ضِمْتُ أَحداً و ما ضُمْتُ أَي ما ضامَني أَحدٌ. و المَضِيمُ: المَظْلُوم. الجوهري: و قد ضِمْتُ أَي ظُلِمْتُ، على ما لم يسم فاعله، و فيه ثلاث لغات: ضِيمَ الرجلُ و ضُيِمَ و ضُومَ كما قيل في بِيعَ؛ قال الشاعر:
و إني على المَوْلى، و إن قَلَّ نَفْعُه،             دَفُوعٌ، إذا ما ضُمتُ، غَيْرُ صَبورِ

و في حديث الرؤية،
و قد قيل له، عليه السلام: أَ نَرى رَبَّنا يا رسولَ الله؟ فقال: أَ تُضامُونَ في رؤية الشمس في غير سَحابٍ؟ قالوا: لا، قال: فإنكم لا تضامُونَ في رؤيته، و روي تُضارُونَ و تُضارُّونَ.
، و قد تقدم. التهذيب: تضامُون و تُضامُّون، بالتشديد و التخفيف، التشديدُ من الضَّمِّ و معناه تُزاحَمُون، و التخفيف من الضَّيْم لا يَظْلِمُ بعضُكم بعضاً. و الضِّيمُ، بالكسرِ: ناحيةُ الجَبَل و الأَكَمةِ. و ضِيمٌ: جَبَلٌ في بلاد هُذَيْلٍ؛ قال أَبو جُنْدَب:
و غَرَّبْتُ الدعاءَ، و أَيْنَ مِنِّي             أُناسٌ بين مَرِّ و ذي يَدُومِ؟
و حَيٌّ بالمَناقِبِ قد حَمَوْها،             لدى قُرَّانَ حتى بَطْنِ ضِيمِ‏

مَرِّ، بالخفض، و المَناقِبُ: طريقُ الطائف من مكة. و ضِيمٌ: جَبَلٌ. و الضِّيمُ: وادٍ في السَّراةِ؛ قال ساعدةُ بن جُؤيَّةَ:
فما ضَرَبٌ بَيْضاءُ يَسْقِي ذَنُوبَها             دُفاقٌ فَعُرْوانُ الكَراثِ فضِيمُها

الجوهري: الضِّيمُ، بالكسر، ناحيةُ الجَبَل في قول الهُذَلي، و أَنشد البيت. قال ابن بري: ذَنوبها نصيبها. و دُفاقٌ: وادٍ، و كذلك عُرْوانُ و ضِيمٌ.
ضيثم:
الضَّيْثَمُ: الشديدُ، و به سمي الرَّجُلُ.

359
لسان العرب12

فصل الطاء المهملة ص 360

فصل الطاء المهملة
طحم:
طَحْمَةُ السيلِ و طُحْمَتُه، بفتح الطاء و ضمها: دُفَّاعُ مُعْظَمِه، و قيل: دُفْعَتُه الأُولى و مُعْظَمُه، و كذلك طُحْمَة الليلِ؛ و أَنشد ابن بري لعُمارة بنِ عُقَيْلٍ:
أَجالتْ حَصاهُنَّ الدَّوادي، و حَيَّضَتْ             عليهنَّ حَيْضاتُ السُّيول الطَّواحِمِ.

و أَتَتْنا طُحْمةٌ من الناس و طَحْمةٌ أَي جماعة، و في المحكم: أَي دُفْعَةٌ، و هم أكثر من القادِيةَ، و القادِيَةُ أَوَّلُ من يطرأْ عليك، و قيل: طُحْمَةُ الناس جَماعتُهم. و طَحْمَةُ الفِتْنة: جَوْلَةُ الناسِ عندها. و رجل طُحَمة مثال هُمَزة: شديدُ العِراكِ. و قوس طَحُومٌ: سريعة السهم. الأَصمعي: الطَّحُوم و الطَّحُورُ الدَّفُوعُ. و قوس طَحُومٌ و طَحُورٌ بمعنى واحد. و الطَّحْمَةُ: ضَرْبٌ من النبت، و هي الطَّحْماءُ؛ و قال أَبو حنيفة: الطَّحْمَةُ من الحَمْض و هي عريضة الورق كثيرة الماء. و الطَّحْماءُ: نَبْتةٌ سُهْلِيَّةٌ حَمْضِيَّةٌ، قال: و الطَّحْماء أَيضاً النَّجِيل، و هو خَيْر الحَمْض كُلِّه، و ليس له حَطبٌ و لا خَشَبٌ إنما يَنْبُتُ نباتاً تأْكله الإِبل. الأَزهري: الطَّحْماء نبت معروف.
طحرم:
ما عليه طِحْرِمَة أَي خِرْقة كطِحْرِيةٍ. و ما في السماء طِحْرِمَةٌ كطِحْرِيةٍ أَي لَطْخٌ من غَيْمٍ. و طَحْرَمَ السِّقاءَ: مَلأَه. طَحْرَمْتُ السِّقاءَ و طَحْمَرْتُه بمعنىً أَي مَلأْتُه، و كذلك القوس إذا وَتَّرْتَها.
طحلم:
ماءٌ طُحْلُوم: آجِنٌ.
طخم:
الأَطْخَمُ: مُقَدَّمُ الخُرْطومِ في الإِنسان و الدابة؛ و أَنشد:
و ما أَنْتُمُ إلا ظَرابيُّ قَصَّةٍ             تَفاسَى، و تَسْتَنْشِي بآنُفِها الطُّخْمِ «3».

قال: يعني لَطْخاً من قَذَرٍ. و الطُّخْمَةُ: سوادٌ في مُقَدَّمِ الأَنف و مُقَدَّمِ الخَطْمِ. و كَبْشٌ أَطْخَمُ: أَسْوَدُ الرأْسِ و سائره أَكْدَرُ: و لَحْمٌ أَطْخَمُ و طَخِيمٌ: جافٌّ يَضْرِبُ لَوْنُه إلى السواد، و قد اطْخَمَّ. و الأَطْخَمُ: كالأَدْغَمِ، و قيل: هو لغة في الأَدْغَمِ. ابن السكيت: يقال أَطْخَمُ أَخْضَرُ أَدْغَمُ، و هو الدَّيْزَجُ. و فَرَسٌ أَطْخَمُ: لغة في الأَدْغَمِ. و طَخَمَ الرجلُ و طَخُمَ: تَكَبَّرَ. و الطَّخْمَةُ: جماعة المَعَزِ. التهذيب: الطُّخُومُ بمعنى التُّخومِ، و هي الحُدودُ بين الأَرَضِينَ، قلبت التاء طاء لقرب مخرجيهما.
طرم:
الطِّرْمُ، بالكسر: العسَلُ عامة، و قيل: الطِّرْمُ و الطَّرْمُ و الطِّرْيَمُ العسَلُ إذا امتَلأَتِ البيوتُ خاصةً. و الطَّرْمُ و الطِّرْمُ: الشَّهْدُ، و قيل: الزُّبْدُ؛ قال الشاعر يصف النساء:
فمِنْهُنَّ مَنْ يُلْفَى كصابٍ و عَلْقَمٍ،             و منهنَّ مِثْلُ الشَّهْدِ قد شِيبَ بالطِّرْمِ‏

أَنشده الأَزهري و قال: الصواب:
و منهنَّ مثلُ الزُّبْدِ قد شِيبَ بالطِّرْم‏


و حكي عن ابن الأَعرابي قال: يقال للنَّحْل إذا مَلأَ
__________________________________________________
 (3). قوله [
و ما أنتم إلا ظرابيّ قصة

إلخ‏] أنشده الجوهري في مادة ظرب:
و هل أنتم إلا ظرابيّ مذحج.

 

360
لسان العرب12

طرم ص 360

أَبْنِيَتَه من العَسَلِ: قد خَتَمَ، فإذا سَوَّى عليه قيل: قد طَرِمَ، و لذلك قيل للشَّهْدِ طَرْمٌ و طِرْمٌ. و الطَّرَمُ: سَيَلانُ الطِّرْمِ من الخَلِيَّةِ، و هو الشَّهْدُ؛ قال ابن بري: شاهد الطِّرْمِ العَسَلِ قولُ الشاعر:
و قد كنتِ مُزْجاةً زماناً بخَلَّةٍ،             فأَصبَحتِ لا تَرْضَينَ بالزَّغدِ و الطِّرْمِ‏

قال: و الزَّغْدُ الزُّبْدُ؛ و أَنشد لآخر:
فأُتينا بزَغْبَدٍ و حَتِيّ،             بعد طِرْمٍ و تامِكٍ و ثُمالِ‏

قال: الزَّغْبَدُ الزُّبْدُ، و الحَتِيُّ سَويقُ المُقْلِ، و التامِكُ السَّنامُ، و الثُّمالُ رَغوَةُ اللبنِ. و الطِّرْيَمُ: السحابُ الكثيفُ؛ قال رؤبة:
فاضْطَرَّه السَّيْلُ بوادٍ مُرْمِثِ             في مُكْفَهِرِّ الطِّرْيَمِ الشَّرَنْبَثِ‏

قال ابن بري: و لم يجئ الطِّرْيَمُ السحابُ إلا في رجز رؤبة؛ عن ابن خالويه، قال: و الطِّرْيَمُ العسلُ أَيضاً. و الطِّرْيَمُ: الطويلُ؛ حكاه سيبويه. و مَرَّ طِرْيَمٌ من الليل أي وقتٌ؛ عن اللحياني. و الطُّرْمَةُ و الطُّرْمُ: الكانون. و الطُّرامةُ: الرِّيق اليابسُ على الفم من العطش، و قيل: هو ما يجِفُّ على فم الرجل من الريق من غير أَن يُقيد بالعطش. و الطُّرامَةُ، بالضم أَيضاً: الخُضْرَة تَرْكَبُ على الأَسنان و هو أشَفُّ من القَلَح، و قد أَطْرَمَتْ أَسنانُه إطْراماً؛ قال:
إني قَنِيتُ خَنِينَها، إذْ أَعْرَضَتْ،             و نَواجِذاً خُضْراً من الإِطْرام‏

و قال اللحياني: الطُّرامَةُ بَقِيَّةُ الطعام بين الأَسنان. و اطَّرَمَ فُوه: تغيَّر. و الطُّرْمَة و الطَّرْمَة و الطِّرْمَةُ: نُتُوءٌ في وسط الشفة العُليا، و هي في السُّفْلى التُّرْفَةُ، فإذا جمعوا قالوا طُرْمتين، فغَلَّبوا لفظ الطُّرْمة على التُّرْفَة. و الطُّرْمَةُ: بَثْرَةٌ تخرج في وسَطِ الشَّفَةِ السُّفْلَى. و الطَّرْمة، بفتح الطاء: الكبد. و الطارِمَةُ: بيتٌ من خَشَب كالقبة، و هو دخيل أَعجمي مُعَرَّبٌ. و قال في ترجمة طرن: طَرْيَنُوا و طَرْيَمُوا إذا اخْتَلَطوا من السُّكْر. ابن بري: الطَّرْمُ اسم موضع؛ قال الأَعز بن مأْنوس:
طَرَقَتْ فُطَيْمَةُ أَرْحُلَ السَّفْرِ،             بالطَّرْم باتَ خيالُها يَسْرِي‏

و رأَيت حاشية بخط الشيخ رضيّ الدين الشاطبي رحمه الله قال: الطَّرْمُ، بفتح أَوله و إسكان ثانيه، مدينة وَهْشُوذانَ الذي هَزَمَه عَضُدُ الدولة فَنَّاخُسْرو؛ قال: قاله أَبو عبيد البكري في مُعْجم ما اسْتَعْجَمَ.
طرثم:
الطَّرْثَمَةُ و الثَّرْطَمَةُ: الإِطْراق من غَضبٍ أَو تَكَبُّرٍ.
طرحم:
الطُّرْحُومُ نحو الطُّرْموحِ: و هو الطويلُ؛ قال ابن دريد: أحسبه مقلوباً.
طرخم:
الاطْرِخمامُ: الاضطجاع. و المُطْرَخِمُّ: المُضْطجِعُ، و قيل: الغضبان المُتَطاوِلُ، و قيل: المُتَكَبِّرُ، و قيل: المُنْتَفِخ من التُّخَمَة. و اطْرَخَمَّ الليلُ: اسْوَدَّ كاطْرَهَمَّ. و اطْرَخَمَّ أَي شَمَخَ بأَنفه و تعَظَّمَ اطْرِخْماماً، و اطْرَخَمَّ الرجلُ، و هو عَظَمَةُ الأَحْمَق؛ و أَنشد:
و الأَزْدُ دعْوى النُّوكِ، و اطْرَخَمُّوا

361
لسان العرب12

طرخم ص 361

يقول: ادَّعَوا النُّوك ثم تَعَظَّمُوا. الأَصمعي: إنه لمُطْرَخِمُّ و مُطْلَخِمٌّ أَي متكبر مُتَعَظِّمٌ، و كذلك مُسْلَخِمٌّ. و اطْرَخَمَّ الرجلُ إذا كلَّ بَصَرُه. و شابٌّ مُطْرَخِمٌّ أَي حَسَنٌ تامٌّ؛ قال العجاج:
و جامِعِ القُطْرَيْنِ مُطْرَخِمِّ،             بَيَّضَ عَيْنَيْه العَمَى المُعَمِّي‏

قال ابن بري: الرجز لرؤبة؛ و بعده:
من نَحَمانِ حَسَدٍ نِحَمِ‏


أَي رُبَّ جامع قُطْرَيه عَنِّي مُتَكبر عليَّ بَيَّضَ عينيه حَسَدُهُ فهو يَنْحِمُ. و شَبابٌ مُطْرَهِمٌّ و مُطْرَخِمٌّ بمعنى واحد.
طرسم:
طَرْسَمَ الليلُ و طَرْمَسَ: أَظلم، و يقال بالشين المعجمة. و طَرْسَم الطريقُ: مثل طَمَسَ و دَرَسَ. و طَرْسم الرجلُ: سكت من فَزَع. الأَصمعي: طَرْسَمَ طَرْسَمَةً و بَلْسَمَ بَلْسَمة إذا فَرِقَ أَطْرَقَ و سَكَتَ. و يقال للرجل إذا نَكَصَ هارباً: قد سَرْطَم و طَرْمَسَ. الجوهري: طَرْسَمَ الرجلُ أَطْرَق، و طَلْسَمَ مثلُه.
طرشم:
طَرْشَمَ و طَرْمَشَ: أَظلم، و السين أَعلى.
طرغم:
المُطْرَغِمُّ: المتكبر. و اطْرَغَمَّ إذا تكبر. و الاطْرِغْمامُ: التكبر؛ و أَنشد:
أَوْدَحَ لَمَّا أَن رَأَى الجَدَّ حَكَمْ،             و كنتُ لا أنْصِفُه إلا اطْرَغَمْ‏

و الإِيداحُ: الإِقرارُ بالباطل، قال الأَزهري: و اطْرَخَمَّ مثل اطْرَغَمَّ.
طرهم:
المُطْرَهِمُّ: الشَّبابُ المعتدل التام؛ قال ابن أَحمر:
أُرَجِّي شَباباً مُطْرَهِمّاً و صِحَّةً،             و كيفَ رجاءُ المَرءْ ما ليس لاقِيا؟

و المُطْرَهِمُّ: الشابُّ الحَسَنُ، و قيل: الطويل الحَسن، قال ابن بري: يريد أَن الإِنسان يَأْمُلُ أَن يَبْقَى شبابُه و صِحَّتُه، و هذا ما لا يصح لأَحد، فعجب من تَأْمِيلهِ ذلك. و شَبابٌ مُطْرَهِمٌّ و مُطْرَخِمٌّ بمعنى واحد. و المُطْرَهِمُّ: المتكبر. و اطْرَهَمَّ الليلُ: اسْوَدَّ، و قد فسر يعقوبُ به قول ابن أَحمر:
أرجِّي شباباً مطرهمّاً وَ صِحَّةً


قال: و لا وجه له إلا أَن يعني به اسوداد الشعر. ابن الأَعرابي: المُطْرَهِمُّ المُمْتَلئ الحَسَنُ. الأَصمعي: هو المُتْرَفُ الطويلُ، و قد اطْرَهَمَّ اطْرِهْماماً و اطْرَخَمَّ. و المُطْرَهِمُّ: فَحْلُ الضِّرابِ.
طسم:
طَسَمَ الشي‏ءُ و الطريقُ و طَمَسَ يَطْسِمُ طُسُوماً: دَرَسَ. و طَسَمَ الطريقُ: مثل طَمَسَ، على القلب؛ و أَنشد ابن بري لعمر بن أَبي ربيعة:
رَثَّ حَبْلُ الوَصْلِ فانْصَرَمَا             من حَبِيبٍ هاجَ لي سَقَما
كِدْتُ أَقْضِي، إذْ رأَيْتُ لَه             مَنْزِلًا بالخَيْفِ قد طَسَمَا

و جاء به العجاج متعدِّياً؛ فقال:
و رَبِّ هذا الأَثَرِ المُقَسَّمِ،             من عَهْدِ إبراهيمَ لَمَّا يُطْسَم‏

362
لسان العرب12

طسم ص 362

يعني بالأَثَر المُقَسَّم مَقامَ إبراهيم، عليه السلام؛ و قوله:
ما أَنا بالغادِي و أَكْبَرُ هَمِّه             جَمامِيسُ أَرْضٍ، فَوْقَهُنَّ طُسُومُ‏

فسره أَبو حنيفة فقال: الطُّسُومُ هنا الطَّامِسَةُ أَي فَوْقَهُنَّ أَرضٌ طامِسَةٌ تُحْوِجُ إلى التَّفْتِيش و التَّوَسُّم. و طَسِمَ الرجلُ: اتَّخَمَ، قَيْسِيَّةٌ. و الطَّسَمُ: الظَّلامُ، و الغَسَمُ و الطَّسَمُ عند الإِمْساء، و في السماء غَسَمٌ من سحاب و أَغْسامٌ و أَطْسامٌ من سَحابٍ. و في نوادر الأَعراب: رأَيته في طُسَامِ الغبار و طَسَامِه و طَسَّامه و طَيْسانِه، يريد في كثيره. و أُطْسُمَّةُ الشي‏ء: مُعْظَمُه و مُجْتَمَعُه؛ حكاه السيرافي و لم يذكر سيبويه إِلا أُسْطُمَّة. و أُسْطُمَّةُ الحَسَب: وَسَطُه و مُجْتَمَعُه، قال: و الأُطْسُمَّةُ مثلُه على القلب. قال العُمَانِيُّ الرَّاجِزُ، و اسمه محمد بن ذُؤَيْبٍ الفُقَيْمِيُّ لَقَّبَهُ بالعُمَانيّ دُكَيْنٌ الراجزُ لما نظر إليه مُصْفَرَّ الوجهِ مَطْحُولًا، فقال: مَن هذا العُمانِيُّ؟ فلزمه ذلك، لأَن عُمَانَ وبِئَةٌ و أَهْلُها صُفْرٌ مَطْحُولُونَ، يُخاطب به العُمانِيُّ الرَّشيدَ:
ما قاسِمٌ دونَ مَدَى ابْنِ أُمِّهِ،             و قَدْ رَضِيناهُ فقُمْ فَسَمِّهِ‏
يا لَيْتَها قد خَرَجَتْ منْ فُمِّهِ،             حتَّى يَعُودَ المُلْكُ في أُطْسُمِّهِ‏

أَي في أَهله و حَقِّه، و قال ابن خالويه: الرجز لجرير قاله في سليمان بن عبد الملك و عبد العزيز، و هو:
إِن الإِمامَ بعدَه ابنُ أُمِّهِ،             ثم ابْنُهُ وَلِيُّ عَهْدِ عَمِّه‏
قد رَضِيَ الناسُ به فَسَمِّهِ،             يا لَيْتَها قد خَرَجَتْ منْ فُمِّهِ‏
حتى يَعُودَ المُلْكُ في أُسْطُمِّه،             أَبْرِزْ لنا يَمينَه من كُمِّهِ‏

و الطَّواسيمُ و الطَّواسينُ: سُوَرٌ في القرآنِ جُمِعَتْ على غير قياس؛ و أَنشد أَبو عبيدة:
حَلَفْتُ بالسَّبْعِ اللَّواتَي طُوِّلَتْ،             و بِمِئينٍ بَعْدَها قَدْ أُمْئيتْ،
و بمَثَانٍ ثُنِّيَتْ و كُرّرَتْ،             و بالطَّواسيم التي قَدْ ثُلِّثَتْ‏
و بالْحَوامِيمِ التي قَدْ سُبّعَتْ،             و بالمُفَصَّلِ اللَّواتي فُصِّلَتْ‏

قال: و الصواب أَن تُجْمَعَ بذوات و تضافَ إلى واحد فيقال: ذواتُ طسم*، و ذواتُ حم*. و طَسْمٌ: حيّ من العرب انْقَرَضُوا. الجوهري: طَسْمٌ قبيلة من عاد كانوا فانقرضوا، وفي حديث مكة: و سُكَّانها طَسْمٌ و جَدِيسٌ.، و هما قوم من أَهل الزمان الأَوّل، و قيل: طَسْمٌ حَيٌّ من عادٍ، و الله أَعلم.
طعم:
الطَّعامُ: اسمٌ جامعٌ لكل ما يُؤكَلُ، و قد طَعِمَ يَطْعَمُ طُعْماً، فهو طاعِمٌ إذا أَكَلَ أَو ذاقَ، مثال غَنِمَ يَغْنَمُ غُنْماً، فهو غانِمٌ. و في التنزيل: فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا. و يقال: فلان قَلَّ طُعْمُه أَي أَكْلُه. و يقال: طَعِمَ يَطْعَمُ مَطْعَماً و إنه لَطَيّبُ المَطْعَمِ كقولك طَيِّبُ المَأْكَلِ. وروي عن ابن عباس أَنه قال في زمزم: إنها طَعَامُ طُعْمٍ و شِفاءُ سُقْمٍ.
أَي يَشْبَعُ الإِنسانُ إذا شَرب ماءَها كما

363
لسان العرب12

طعم ص 363

يَشْبَعُ من الطعام. و يقال: إنِّي طاعِمٌ عن طَعامِكُمْ أَي مُسْتَغْنٍ عن طَعامكم. و يقال: هذا الطَّعامُ طَعامُ طُعْمٍ أَي يَطْعَمُ مَنْ أَكله أَي يَشْبَعُ، وله جُزْءٌ من الطَّعامِ ما لا جُزْءَ له. و ما يَطْعَم آكِلُ هذا الطعام أَي ما يَشْبَعُ، و أَطْعَمْته الطعام. و قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَ لِلسَّيَّارَةِ
؛ قال ابن سيدة: اختلف في طعام البحر فقال بعضهم: هو ما نَضَب عنه الماء فأُخِذَ بغير صيد فهو طَعامُه، و قال آخرون: طعامُه كُلُّ ما سُقِي بمائه فَنَبَتَ لأَنه نَبَتَ عن مائه؛ كلُّ هذا عن أَبي إِسحاق الزجاج، و الجمع أَطْعِمَةٌ، و أَطْعِماتٌ جمع الجمع، و قد طَعِمَه طَعْماً و طَعاماً و أَطْعَم غيرَه، و أَهلُ الحجاز إذا أطْلَقُوا اللفظَ بالطَّعامِ عَنَوْا به البُرَّ خاصةً، و
في حديث أَبي سعيد: كنا نُخْرِجُ صدقةَ الفطرِ على عهدِ رسول الله، صلى الله عليه و سلم، صاعاً من طَعامٍ أَو صاعاً من شعير.
؛ قيل: أَراد به البُرَّ، و قيل: التمر، و هو أَشبه لأَن البُرَّ كان عندهم قليلًا لا يَتَّسِعُ لإِخراج زكاة الفطر؛ و قال الخليل: العالي في كلام العرب أَن الطَّعامَ هو البُرُّ خاصة. و
في حديث المُصَرَّاةِ: مَنِ ابتاعَ مُصَرَّاةً فهو بخير النظرين، إنْ شاء أَمْسَكها، و إن شاء رَدَّها و رَدَّ معها صاعاً من طَعامٍ لا سَمْراء.
قال ابن الأَثير: الطَّعامُ عامٌّ في كلِّ ما يُقْتات من الحنطة و الشعير و التمر و غير ذلك، و حيث اسْتَثْنى منه السَّمْراء، و هي الحنطة، فقد أَطْلَق الصاعَ فيما عداها من الأَطعمة، إلَّا أَن العلماء خَصُّوه بالتمر لأَمرين: أَحدهما أَنه كان الغالبَ على أَطْعمتهم، و الثاني أَن مُعْظَم روايات هذا الحديث إنما
جاءت صاعاً من تمر، و في بعضها قال صاعاً من طعام.
، ثم أَعقبه بالاستثناء
فقال لا سَمْراء.
، حتى إن الفقهاء قد ترَدَّدُوا فيما لو أَخرج بدل التمر زبيباً أَو قوتاً آخر، فمنهم من تَبِعَ التَّوقِيفَ، و منهم من رآه في معناه إجراءً له مُجْرى صَدَقةِ الفطر، و هذا الصاعُ الذي أَمَرَ برَدِّه مع المُصَرّاة هو بدل عن اللبن الذي كان في الضَّرْع عند العَقْد، و إِنما لم يَجِبْ رَدُّ عينِ اللبنِ أَو مثلِه أَو قيمته لأَنَّ عينَ اللبن لا تَبْقى غالباً، و إن بقيت فتَمْتَزِجُ بآخرَ اجْتَمع في الضَّرْعِ بعد العقد إلى تمام الحَلْب، و أَما المِثْلِيَّةُ فلأَن القَدْرَ إذا لم يكن معلوماً بمِعْيار الشرعِ كانت المُقابلةُ من باب الربا، و إنما قُدِّرَ من التمر دون النَّقْد لفَقْدِه عندهم غالباً، و لأَن التمر يُشارك اللبنَ في المالِيَّة و القُوتِيَّة، و لهذا المعنى نص الشافعي، رضي الله عنه، أَنه لو رَدَّ المُصَرَّاة بعَيْبٍ آخرَ سوى التَّصْرِيَةِ رَدَّ معها صاعاً من تمر لأَجل اللبن. و قولُه تعالى: ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَ ما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ‏
؛ معناه ما أُريدُ أَن يَرْزُقُوا أَحداً من عبادي و لا يُطْعِمُوه لأَني أَنا الرَّزَّاقُ المُطْعمُ. و رجل طاعِمٌ: حَسَنُ الحال في المَطْعمِ؛ قال الحُطَيْئَةُ:
دَعِ المَكارِمَ لا تَرْحَلْ لبُغْيَتِها،             و اقْعُدْ فإنَّك أَنتَ الطاعِمُ الكاسي‏

و رجل طاعِمٌ و طَعِمٌ على النَّسَبِ؛ عن سيبويه، كما قالوا نَهِرٌ. و الطَّعْمُ: الأَكْلُ. و الطُّعْم: ما أُكِلَ. و روى الباهِليُّ عن الأَصمعي: الطُّعْم الطَّعام، و الطَّعْمُ الشَّهْوةُ، و هو الذَّوْقُ؛ و أَنشد لأَبي خراش الهُذَلي:
أَرُدُّ شُجاعَ الجُوعِ قد تَعْلَمِينَه،             وَ أُوثِرُ غَيْري مِنْ عِيالِك بالطُّعْم‏

أَي بالطعامِ، و يروى:
... شُجاعَ البَطْنِ ...


، حَيَّة

364
لسان العرب12

طعم ص 363

يُذْكَرُ أَنها في البَطْنِ و تُسَمَّى الصَّفَر، تُؤْذي الإِنسانَ إذا جاع؛ ثم أَنشد قول أَبي خِراش في الطَّعْمِ الشَّهْوة:
و أَغْتَبِقُ الماءَ القَراحَ فأَنْتَهي،             إذا الزادُ أَمْسى للمُزَلَّجِ ذا طَعْمِ‏

ذا طَعْمٍ أَي ذا شَهْوَةٍ، فأَراد بالأَول الطعامَ، و بالثاني ما يُشْتَهى منه؛ قال ابن بري: كَنَى عن شِدَّةِ الجُوع بشُجاعِ البَطْنِ الذي هو مثل الشُّجاع. و رجل ذو طَعْمٍ أَي ذو عَقْلٍ و حَزْمٍ؛ و أَنشد:
فلا تَأْمُري، يا أُمَّ أَسماءَ، بالتي             تُجِرُّ الفَتى ذا الطَّعْمِ أَن يتَكَلَّما

أَي تُخْرِسُ، و أَصله من الإِجْرارِ، و هو أَن يُجْعَلَ في فَمِ الفَصيل خشَبةٌ تمنعه من الرَّضاعِ. و يقال: ما بفلان طَعْمٌ و لا نَويصٌ أَي ليس له عَقْل و لا به حَراكٌ. قال أَبو بكر: قولُهم ليس لما يَفْعَلُ فلانٌ طَعْمٌ، معناه ليس له لَذَّة و لا مَنْزِلَةٌ من القلب، و قال في قوله للمُزَلَّجِ ذا طَعْم في بيت أَبي خِراش: معناه ذا منزلة من القلب، و المُزَلَّجُ البخيلُ، و قال ابن بَرِّي: المُزَلَّجُ من الرجال الدونُ الذي ليس بكامل؛ و أَنشد:
أَلا ما لِنَفْسٍ لا تموتُ فَيَنْقَضِي             شَقاها، و لا تَحْيا حَياةً لها طَعْمُ‏

معناه لها حلاوةٌ و منزلة من القلب. و ليس بذي طَعْم أَي ليس له عقْلٌ و لا نفْسٌ. و الطَّعْمُ: ما يُشْتَهى. يقال: ليس له طَعْم و ما فلانٌ بذي طَعْمٍ إذا كان غَثّاً. و
في حديث بدرٍ: ما قَتَلْنا أَحداً به طَعْمٌ، ما قَتَلْنا إلّا عجائزَ صُلْعاً.
؛ هذه استعارة أَي قَتَلْنا من لا اعْتِدادَ به و لا مَعْرفةَ و لا قَدْرَ، و يجوز فيه فتح الطاء و ضمها لأَن الشي‏ء إذا لم يكن فيه طُعم و لا له طَعْم فلا جَدوى فيه للآكل و لا منفَعة. و الطُّعْمُ أَيضاً: الحَبُّ الذي يُلْقى للطير، و أَما سيبويه فسَوَّى بين الاسم و المصدر فقال: طَعِمَ طُعْماً و أَصاب طُعْمَه، كلاهما بضم أَوّله. و الطُّعْمة: المَأْكَلة، و الجمع طُعَمٌ؛ قال النابغة:
مُشَمِّرينَ على خُوصٍ مُزَمَّمةٍ،             نَرْجُو الإِلَه، و نَرْجُو البِرَّ و الطُّعَما

و يقال: جعَلَ السلطانُ ناحيةَ كذا طُعْمةً لفلان أَي مَأْكَلَةً له. و
في حديث أَبي بكر: إن الله تعالى إذا أَطْعَمَ نبيّاً طُعْمةً ثم قَبَضَه جعَلَها للذي يَقومُ بعده!.
؛ الطُّعْمةُ، بالضَّم: شبْهُ الرِّزْق، يريدُ به ما كان له من الفَيْ‏ء و غيره، و جَمْعُها طُعَمٌ. و منه‏
حديثُ ميراثِ الجَدّ: إن السدسَ الآخرَ طُعْمةٌ له.
أَي أَنه زيادة على حقّه. و يقال فلانٌ تُجْبَى له الطُّعَمُ أَي الخَراجُ و الإِتاواتُ؛ قال زهير:
مما يُيَسَّرُ أَحياناً له الطُّعَمُ «4».

و
قال الحسن في حديثه: القِتالُ ثلاثةٌ: قِتالٌ على كذا و قتالٌ لكذا و قِتالٌ على كَسْبِ هذه الطُّعْمةِ.
، يعني الفَيْ‏ءَ و الخَراجَ. و الطُّعْمة و الطِّعْمة، بالضم و الكسر: وَجْهُ المَكْسَبِ. يقال: فلانٌ طَيِّب الطُّعْمة [الطِّعْمة] و خبيثُ الطُّعمة [الطِّعْمة] إذا كان رَدي‏ءَ الكَسْبِ، و هي بالكسر خاصَّةً حالةُ الأَكل؛ و منه‏
حديث عُمَر ابن أَبي سَلَمَة: فما زالَتْ تلك طِعْمَتي بعدُ.
أَي حالتي في الأَكل. أَبو عبيد: فلان حسَنُ الطِّعْمةِ و الشِّرْبةِ، بالكسر. و الطُّعْمَةُ: الدَّعْوَةُ إلى الطعام.
__________________________________________________
 (4). قوله [قال زهير مما ييسر إِلخ‏] صدره كما في التكملة: ينزع إمة أقوام ذوي حسب.

365
لسان العرب12

طعم ص 363

و الطِّعْمَةُ: السِّيرَةُ في الأَكل، و هي أَيضاً الكِسْبَةُ، و حكى اللحياني: إنه لخبيث الطِّعْمَةِ أَي السِّيرةِ، و لم يقل خبيثُ السّيرة في طَعامٍ و لا غيره. و يقال: فلانٌ طَيِّبُ الطَّعْمَةِ و فلان خبيثُ الطِّعْمَةِ إذا كان من عادته أَنْ لا يأْكل إلا حَلالًا أَو حراماً. و اسْتَطْعَمَه: سأَله أَن يُطْعِمه. و
في الحديث: إذا اسْتَطْعَمَكُمُ الإِمامُ فأَطْعِمُوه.
أَي إذا أُرْتِجَ عليه في قراءة الصلاةِ و اسْتَفْتَحكُم فافْتَحُوا عليه و لَقِّنُوهُ، و هو من باب التمثيل تشبيهاً بالطعام، كأَنهم يُدْخِلُون القراءة في فيه كما يُدْخَلُ الطعامُ؛ و منه قولهم: فاسْتَطْعَمْتُه الحديثَ أَي طلبت منه أن يُحَدِّثَني و أَن يُذِيقَني حديثه، و أَما ما ورد
في الحديث: طعامُ الواحدِ يكفي الاثنين، و طعامُ الاثنين يكفي الأَربعة.
، فيعني شِبَعُ الواحد قُوتُ الإِثنين و شِبَعُ الاثنين قوتُ الأَربعة؛ و مثلُه‏
قول عمر، رضي الله عنه، عامَ الرَّمادةِ: لقد هَمَمْتُ أَن أُنزِلَ على أَهلِ كلِّ بيت مثلَ عددِهم فإنَّ الرجلَ لا يَهْلِكُ على نصفِ بَطْنه.
و رجل مِطْعَمٌ: شَديدُ الأَكل، و امرأةٌ مِطْعَمة نادرٌ و لا نظير له إلَّا مِصَكَّة. و رجل مُطْعَمٌ، بضم الميم: مرزوق. و رجل مِطْعامٌ: يُطْعِمُ الناسَ و يَقْرِيهم كثيراً، و امرأَة مِطْعامٌ، بغير هاء. و الطَّعْم، بالفتح: ما يُؤَدِّيه. الذَّوْقُ. يقال: طَعْمُه مُرٌّ. و طَعْمُ كلِّ شي‏ءٍ: حَلاوتُه و مَرارتُه و ما بينهما، يكون ذلك في الطعام و الشراب، و الجمع طُعُومٌ. و طَعِمَه طَعْماً و تَطَعَّمَه: ذاقَه فوجد طَعْمَهُ. و في التنزيل: إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَ مَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي‏؛ أَي مَن لم يَذُقْه. يقال: طَعِمَ فلانٌ الطَّعامَ يَطْعَمه طَعْماً إذا أَكله بمُقَدَّمِ فيه و لم يُسْرِفْ فيه، و طَعِمَ منه إذا ذاقَ منه، و إذا جعلتَه بمعنى الذَّوْقِ جاز فيما يُؤْكل و يُشْرَبُ. و الطعام: اسم لما يؤْكل، و الشراب: اسم لما يُشْرَبُ؛ و قال أَبو إسحاق: معنى وَ مَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ‏ أَي لم يَتَطَعَّمْ به. قال الليث: طَعْمُ كلِّ شي‏ءٍ يُؤْكلُ ذَوْقُه، جَعَلَ ذواقَ الماء طَعْماً و نَهاهم أَن يأْخذوا منه إلّا غَرْفَةً و كان فيها رِيُّهم و رِيُّ دوابهم؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
فأَما بنَوُ عامِرٍ بالنِّسار،             غَدَاةَ لَقُونا، فكانوا نَعَاما
نَعاماً بخَطْمَةَ صُعْرَ الخُدودِ،             لا تَطْعَمُ الماءَ إلا صِيَاما

يقول: هي صائمة منه لا تَطْعَمُه، قال: و ذلك لأَن النَّعامَ لا تَرِدُ الماءَ و لا تَطْعَمُه؛ و منه‏
حديث أَبي هريرة في الكِلابِ: إذا وَرَدْنَ الحَكَرَ الصَّغيرَ فلا تَطْعَمْه.
؛ أَي لا تَشْرَبه. و في المثل: تَطَعَّمْ تَطْعَمْ أَي ذُقْ تَشَهَّ؛ قال الجوهري: قولهم تَطَعَّمْ تَطْعَمْ أَي ذُقْ حتى تَسْتَفِيقَ أَي تشْتَهِيَ و تأْكلَ. قال ابن بري: معناه ذق الطَّعامَ فإنه يدعوك إلى أَكْلِه، قال: فهذا مَثَلٌ لمن يُحْجِمُ عن الأَمْرِ فيقال له: ادْخُلْ في أَوَّلِه يدعُوك ذلك إلى دُخولِكَ في آخِرِه؛ قاله عَطاءُ بن مُصْعَب. و الطَّعْمُ: الأَكْلُ بالثنايا. و يقال: إن فلاناً لحَسَنُ الطَّعْمِ و إنه ليَطْعَمُ طَعْماً حسناً. و اطَّعَمَ الشي‏ءُ: أَخَذَ طَعْماً. و لبنٌ مُطِّعِمٌ و مُطَعِّمٌ: أَخَذَ طَعْمَ السِّقَاء. و في التهذيب: قال أَبو حاتم يقال لبنٌ مُطَعِّم، و هو الذي أَخَذَ في السِّقاء طَعْماً و طِيباً، و هو ما دام في العُلْبة مَحْضٌ و إن تغير، و لا يأخُذُ اللبنُ طَعْماً و لا يُطَعِّمُ في العُلْبةِ و الإِناء أَبداً، و لكن يتغَيَّرُ طَعْمُه في الإِنْقاعِ. و اطَّعَمَتِ الشجرة، على افْتَعلَتْ: أَدْرَكَتْ ثمرَتُها، يعني أَخذَت‏

366
لسان العرب12

طعم ص 363

طَعْماً و طابتْ. و أَطْعَمَتْ: أَدْرَكَتْ أَن تُثْمِرَ. و يقال: في بُستانِ فلانٍ من الشجر المُطْعِمِ كذا أَي من الشجر المُثْمِر الذي يُؤْكلُ ثمرُه. و
في الحديث: نَهى عن بيع الثّمرةِ حتى تُطْعِمَ.
يقال: أَطْعَمَتِ الشجرةُ إِذا أَثْمرَتْ و أَطْعَمَتِ الثمرةُ إِذا أَدرَكتْ أَي صارت ذاتَ طَعْمٍ و شيئاً يُؤْكل منها، و
روي: حتى تُطْعَم.
أَي تُؤْكلَ، و لا تُؤْكلُ إِلا إِذا أَدرَكتْ. و
في حديث الدَّجّال: أَخْبِرُوني عن نخلِ بَيْسانَ هل أَطْعَمَ.
أَي هل أَثْمَرَ؟ و
في حديث ابن مسعود: كرِجْرِجةِ الماء لا تُطْعِمُ.
أَي لا طَعْمَ لها، و
يروى: لا تَطَّعِمُ.
، بالتشديد، تَفْتَعِلُ من الطَّعْمِ. و قال النَّضْرُ: أَطْعَمْتُ الغُصْنَ إِطْعاماً إِذا وصَلْتَ به غُصْناً من غير شجره، و قد أَطْعَمْتُه فطَعِمَ أَي وصَلْتُه به فقَبِلَ الوَصْلَ. و يقال للحَمَامِ الذَّكرِ إِذا أَدخلَ فمه في فمِ أُنْثاه: قد طاعَمَها و قد تطاعَما؛ و منه قول الشاعر:
لم أُعْطِها بِيَدٍ، إِذْ بتُّ أَرْشُفُها،             إِلَّا تَطاوُلَ غُصْنِ الجِيدِ بالجِيدِ
كما تَطاعَمَ، في خَضْراءَ ناعمةٍ،             مُطَوَّقانِ أَصاخَا بعد تَغْريدِ

و هو التَّطاعُم و المُطاعَمةُ، و اطَّعَمَتِ البُسْرَةُ أَي صار لها طَعْمٌ و أَخذَتِ الطَّعْمَ، و هو افتعَلَ من الطَّعْم مثلُ اطَّلَبَ من الطَّلَب، و اطَّرَدَ من الطَّرْدِ. و المُطْعِمةُ: الغَلْصَمة؛ قال أَبو زيد: أَخذَ فلانٌ بِمُطْعِمَة فلان إِذا أَخذَ بحَلْقِه يَعْصِرُه و لا يقولونها إِلا عند الخَنْقِ و القِتالِ. و المُطْعِمةُ: المِخْلَبُ الذي تَخْطَفُ به الطيرُ اللحمَ. و المُطْعِمةُ: القوْسُ التي تُطْعِمُ الصيدَ؛ قال ذو الرمة:
و في الشِّمالِ من الشِّرْيانِ مُطْعَمةٌ             كَبْداءٌ، في عَجْسِها عَطْفٌ و تَقْويمُ‏

كَبْداءُ: عريضةُ الكَبِدِ، و هو ما فوقَ المَقْبِضِ بِشِبْرٍ؛ و صواب إِنشاده:
في عُودِها عَطْفٌ «1»

يعني موضع السِّيَتَيْنِ و سائرُه مُقوَّم، البيتُ بفتح العين، و رواه ابن الأَعرابي بكسر العين، و قال: إِنها تُطْعِمُ صاحبَها الصَّيْدَ. و قوسٌ مُطْعِمةٌ: يُصادُ بها الصيدُ و يَكْثُر الضِّرابُ عنها. و يقال: فلانٌ مُطْعَمٌ للصَّيْدِ و مُطْعَمُ الصَّيْدِ إِذا كان مرزوقاً منه؛ و منه قول إمرئ القيس:
مُطْعَمٌ للصَّيْدِ، ليسَ له             غيْرَها كَسْبٌ، على كِبَرِهْ‏

و قال ذو الرمة:
و مُطْعَمُ الصيدِ هَبَّالٌ لِبُغْيتِه‏

و أَنشد محمد بن حبيب:
رَمَتْني، يومَ ذاتِ الغِمِّ، سلمَى             بسَهْمٍ مُطْعَمٍ للصَّيْدِ لامِي‏
فقلتُ لها: أَصَبْتِ حصاةَ قَلْبي،             و رُبَّتَ رَمْيةٍ من غير رامي‏

و يقال: إِنك مُطْعَمٌ مَوَدَّتي أَي مرزوقٌ مودَّتي؛ و قال الكميت:
__________________________________________________
 (1). قوله [و صواب إنشاده‏
في عودها ...

إلخ‏] عبارة التكملة: و الرواية في عودها، فإن العطف و التقويم لا يكونان في العجز و قد أخذه من كتاب ابن فارس و البيت لذي الرمة.

367
لسان العرب12

طعم ص 363

بَلى إِنَّ الغَواني مُطْعَماتٌ             مَوَدَّتَنا، و إِن وَخَطَ القَتِيرُ

أَي نُحِبُّهُنَّ و إِن شِبْنا. و يقال: إِنه لمُتَطاعِمُ الخَلْقِ أَي مُتَتابِعُ الخَلْق. و يقال: هذا رجل لا يَطَّعِمُ، بتثقيل الطاء، أَي لا يَتأَدَّبُ و لا يَنْجَعُ فيه ما يُصْلِحه و لا يَعْقِلُ. و المُطَّعِمُ و المُطَعِّمُ من الإِبل: الذي تَجِدُ في لَحْمه طَعْمَ الشَّحْمِ من سِمَنِه، و قيل: هي التي جَرى فيها المُخُّ قليلًا. و كُلُّ شي‏ء وُجِدَ طَعْمُه فقد اطَّعَم. و طَعَّمَ العظمُ: أَمَخَّ؛ أَنشد ثعلب:
وَ هُمْ تَرَكُوكُمْ لا يُطَعِّمُ عَظْمُكُم             هُزالًا، و كان العَظْمُ قبلُ قَصِيدا

و مُخٌّ طَعُومٌ: يُوجَدُ طَعْمُ السِّمَن فيه. و قال أَبو سعيد: يقالُ لَكَ غَثُّ هذا و طَعُومُه أَي غَثُّه و سَمِينُه. و شاةٌ طَعُومٌ و طَعِيم: فيها بعض الشَّحْم، و كذلك الناقةُ. و جَزورٌ طَعُومٌ: سَمِينَةٌ، و قال الفراء: جَزُورٌ طَعُومٌ و طَعِيمٌ إِذا كانت بين الغَثَّةِ و السَّمِينَةِ. و الطَّعُومَةُ: الشاةُ تُحْبَسُ لتُؤكَلَ. و مُسْتَطْعَمُ الفَرَسِ: جَحافِلُه، و قيل: ما تحتَ مَرْسِنِه إِلى أَطراف جَحافِله؛ قال الأَصمعي: يُسْتَحَبُّ من الفرس أَن يَرِقَّ مُسْتَطْعَمُه. و الطُّعْمُ: القُدْرة. يقال: طَعِمْتُ عليه أَي قَدَرْتُ عليه، و أَطْعَمْتُ عَيْنَه قَذىً فَطَعِمَتْهُ و اسْتَطْعَمْتُ الفرسَ إِذا طَلَبْتَ جَرْيَه؛ و أَنشد أَبو عبيدة:
تَدارَكهُ سَعْيٌ و رَكْضُ طِمِرَّةٍ             سَبُوحٍ، إِذا اسْتَطْعَمْتَها الجَرْيَ تَسْبَحُ‏

و المُطْعِمتانِ من رِجْل كلِّ طائرٍ: هما الإِصْبَعانِ المُتَقَدّمتانِ المُتقابلَتانِ. و المُطْعِمَةُ من الجَوارحِ: هي الإِصْبَعُ الغَلِيظَةُ المُتَقَدِّمَةُ، و اطَّرَدَ هذا الاسمُ في الطير كُلِّها. و طُعْمَةُ و طِعْمَةُ و طُعَيْمَةُ و مُطْعِمٌ، كُلُّها: أَسماء؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
كَسانيَ ثَوْبَيْ طُعْمةَ المَوْتُ، إِنما التُّراثُ،             و إِنْ عَزَّ الحَبيبُ، الغَنائِمُ‏

طغم:
الطَّغامُ و الطَّغامةُ: أَرْذالُ الطَّيْرِ و السِّباعِ، الواحِدةُ طَغامةٌ للذكر و الأُنثى مثلُ نَعامةٍ و نَعامٍ، و لا يُنْطَق منه بِفعْلٍ و لا يُعْرَفُ له اشتقاقٌ، و هُما أَيضاً أَرْذالُ الناسِ و أَوغادُهم؛ أَنشد أَبو العباس:
إِذا كان اللَّبِيبُ كَذا جَهُولًا،             فما فَضْلُ اللبِيب على الطَّغامِ؟

الواحدُ و الجمعُ في ذلك سواء. و يقال: هذا طَغامة من الطَّغامِ، الواحدُ و الجمعُ سَواءٌ؛ قال الشاعر:
و كُنْتُ، إِذا هَمَمْتُ بفِعْلِ أَمرٍ،             يُخالِفُني الطَّغامَةُ و الطَّغامُ‏

قال الأَزهري: و سمعت العَرب تقول للرجل الأَحْمَقِ طَغامةٌ و دَغامة، و الجَمعُ الطَّغامُ. و
قولُ عَليٍّ، رضي الله عنه، لأَهْل العِراق: يا طَغامَ الأَحْلامِ.
إِنما هو من باب إِشْفَى المِرْفَقِ، و ذلك أَن الطَّغام لما كان ضعيفاً استجاز أَن يصفهم به كأَنه قال يا ضِعافَ الأَحْلامِ و يا طاشَةَ الأَحْلامِ؛ معناه مَنْ لا عَقْلَ له و لا مَعْرِفةَ، و قيل: هم أَوْغادُ الناسِ و أَرذالُهم، و مِثْلُه كثير؛ أَنشد أَبو عليّ:
مِئْبَرة العُرْقُوب إِشْفى المِرْفَقِ‏


لما كان الإِشْفى دَقيقاً حادّاً استَجازَ أَن يَصِفَها به‏

368
لسان العرب12

طغم ص 368

كأَنه قال: دَقيقة المرفق أَو حادَّة المِرْفَقِ، و كذلك كلُّ جَوْهر فيه معنى الفعل يجوز فيه مثلُ هذا.
طلم:
الطُّلْمة، بالضم: الخُبْزةُ و هي التي تُسَمِّيها الناس المَلَّةَ، و إِنما المَلَّةُ اسمُ الحُفْرةِ نفْسِها، فأَما التي يُمَلُّ فيها فهي الطُّلْمةُ و الخُبْزَةُ و المَليلُ. و
في الحديث عن النبي، صلى الله عليه و سلم: أَنه رأى رَجُلًا يُعالِجُ طُلْمةً لأَصحابه في سَفَرٍ و قد عَرِقَ من حَرِّ النارِ فتأَذَّى فقال: لا تَمَسُّه النارُ أَبداً، و في رواية: لا تَطْعَمُه النارُ بعدَها.
و التَّطْليمُ: ضَرْبُكَ الخُبْزَةَ، و قال ابن الأَثير: الطُّلْمَةُ هي الخُبْزةُ تُجْعَل في المَلَّة، و هي الرَّمادُ الحارُّ. و أَصلُ الطَّلْمِ: الضرْبُ ببَسْطِ الكَفِّ، و قيل: الطُّلْمةُ صفيحةٌ من حجارة كالطابَقِ يُخْبَزُ عليها، و قد طَلَمها يَطْلِمها و طَلَّمها. و طَلَّمَ العَرَقَ عن جَبينه: مسحَه؛ قال حسانُ بن ثابت:
تَظَلُّ جِيادُنا مُتَمَطِّراتٍ،             يُطَلِّمُهنَّ بالخُمُرِ النساءُ

قال ابن الأَثير: و المشهور في الرواية
تُلَطِّمُهنَّ ...


، و هو بمعناه، و مَثَلُ العربِ: إِن دونَ الطُّلْمةِ خَرْطَ قَتادِ هَوْبَر؛ قال: و هَوْبَر مكانٌ؛ و أَنشد شمر:
تَكَلَّفْ ما بَدا لَكَ غيرَ طُلْمٍ،             فَفيما دونَه خَرْطُ القَتادِ

و الطُّلْمُ: جمعُ الطُّلْمةِ. و الطُّلَّامُ: التَّنَوُّمُ و هو حَبُّ الشاهْدانِج. و الطَّلَمُ: وسَخُ الأَسنانِ من تَرْكِ السِّواك، و الله أَعلم.
طلحم:
طِلْحام: موضع.
طلخم:
اطْلَخَمَّ الليلُ و السحابُ: أَظْلَمَ و تَراكَمَ مثل اطْرَخَمَّ. الجوهري: اطْلَخَمَّ الليلُ أَي اسْحَنْكَك. و أُمورٌ مُطْلَخِمَّاتٌ: شِدادٌ. و اطْلَخَمَّ الرجلُ: تَكَبَّر. و المُطْلَخِمُّ: المتكبِّرُ. الأَصمعي: إِنه لَمُطْرَخِمٌّ و مُطْلَخِمٌّ أَي متكبِّرٌ مُتعظِّم، و كذلك مُسْلَخِمٌّ. و الطُّلْخُومُ: العظيمُ الخَلْقِ. و الطِّلْخامُ: الفيلُ الأُنثى. و طِلْخام: موضع؛ قال لبيد:
فصُوائِقٌ، إن أَيْمَنَتْ، فمَظِنَّةٌ،             منها وِحافُ القَهْرِ أو طِلْخامُها «2».

و حكي عن ثعلب أنه كان يقول: هو بالحاء المهملة؛ و رأَيت حاشيةً بخط الشيخ رضيّ الدين الشاطبيّ: طِلْحام، بكسر أَوله و الحاء المهملة، و قال الخليل: هو بالخاء المعجمة أرضٌ، و قيل: اسمُ وادٍ؛ قال ابن مُقْبِل:
بَيْضُ النَّعامِ برَعْمٍ دونَ مَسْكَنِها،             و بالمَذانِبِ من طِلْخامَ مَرْكومُ «3».

قال أبو حاتم: لم يُصْرَفْ لأَنه اسم لشي‏ء مؤنَّث، قال: و لو كان اسم وادٍ لانْصَرَفَ، قال: هو من مُعْجَم ما اسْتَعْجَم. و الطُّلْخومُ: الماءُ الآجِنُ.
طلسم:
طَلْسَمَ الرجلُ: كَرَّه وجْهَه و قَطَّبَه، و كذلك طَلْمَسَ و طَرْمَسَ.
__________________________________________________
 (2). قوله [وحاف القهر] أنشده في التكملة في مادّة ق ه ر بالراء المهملة، و ياقوت في ق ه ز بالزاي.
 (3). قوله‏
[بيض النعام ...]

الذي في ياقوت:
بيض الأنوق ...

، و قوله‏
[و بالمذانب ...]

الذي فيه:
و بالأبارق.

 

369
لسان العرب12

طمم ص 370

طمم:
طَمَّ الماءُ يَطِمُّ طَمّاً و طُمُوماً: عَلا و غَمَر. و كلُّ ما كَثُرَ و عَلا حتى غَلَب فقد طَمَّ يطِمُّ. و طَمَّ الشي‏ءَ يَطُمُّه طَمّاً: غَمَره. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: لا تُطَمُّ امْرأَةٌ أو صبيٌّ تَسْمَعُ كلامَكم.
أي لا تُراعُ و لا تُغْلَب بكلِمة تَسْمَعُها من الرَّفَثِ، و أَصله من طَمَّ الشي‏ءُ إذا عَظُمَ. و طَمَّ الماءُ إذا كَثُرَ، و هو طامٌّ. و الطامَّةُ: الداهية تَغْلِب ما سِواها. و طَمَّ الإِناءَ طَمّاً: مَلأَه حتى عَلا الكيلُ أصبارَه. و جاء السيلُ فطَمَّ رَكيّة آل فلان إذا دفَنها و سوّاها؛ و أنشد ابن بري للراجز:
فصَبَّحَتْ، و الطيرُ لم تَكَلَّمِ،             خابِيةً طُمَّتْ بِسَيْلٍ مُفْعَمِ‏

و يقال للشي‏ء الذي يَكثُر حتى يَعْلو: قد طَمَّ و هو يَطِمُّ طَمّاً. و جاء السيلُ فطَمَّ كلَّ شي‏ء أي علاه، و من ثمَّ قيل: فوق كلِّ شي‏ء طامَّةٌ، و منه سُمِّيت القيامة طامّة. و قال الفراء في قوله عز و جل: فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ
؛ قال: هي القيامةُ تَطُمُّ على كل شي‏ء، و يقال تَطِمُّ؛ و قال الزجاج: الطامّةُ هي الصَّيْحةُ التي تَطِمُّ على كل شي‏ء. و
في حديث أبي بَكْرٍ و النَّسَّابة: ما مِنْ طامّةٍ إلا و فوقها طامَّةٌ.
أي ما مِنْ أمرٍ عظيمٍ إلَّا و فوْقه ما هو أعظم منه، و ما مِن داهيةٍ إلا و فَوْقها داهيةٌ. و جاء بالطِّمِّ و الرِّمِّ: الطِّمُّ الماء، و قيل: ما على وجْههِ من الغُثاء و نحوه، و قيل: الطِّمُّ و الرِّمُّ ورق الشجر و ما تَحاتَّ منه، و قيل: هو الثرى، و قيل: بالطِّمِّ و الرِّمِّ أي الرَّطْبِ و اليابس. و الطَّمُّ: طَمُّ البئر بالتراب، و هو الكَبْس و طَمَّ الشي‏ء بالتراب طَمّاً: كَبَسه. و طَمَّ البئرَ يَطِمُّها و يَطُمُّها؛ عن ابن الأَعرابي: يعني كبَسَها. و طَمَّ رأْسَه يَطُمُّه طَمّاً: جَزَّه أو غَضَّ منه. الجوهري: طَمَّ شَعَره أي جَزَّه، و طَمَّ شعَره أَيضاً طُموماً إذا عَقَصَه، فهو شَعَرٌ مَطمومٌ. و أَطَمَّ شَعَرُه أي حان له أن يُطَمَّ أي يُجَزَّ، و اسْتَطَمَّ مثله. و
في حديث حُذَيفة: خَرَج و قد طَمَّ شعَرَه.
أي جَزَّه و استأْصَله. و
في حديث سلمان: أنه رُؤي مَطموم الرأْس.
و
في الحديث الآخر: و عنده رجلٌ مَطموم الشعَر.
قال أَبو نصر: يقال للطائر إذا وقَعَ على غُصْن قد طَمَّمَ تَطمِيماً، و قيل: الطِّمُّ البَحْرُ و الرِّمُّ الثرى. و الطَّمُّ، بالفتح: هو البحر فكُسِرت الطاء ليزدَوج مع الرِّمّ. و يقال: جاء بالطِّمّ و الرِّمّ أي بالمال الكثير، و إنما كَسَرُوا الطِّمَّ إتباعاً للرِّمّ، فإذا أفرَدوا الطَّمَّ فتحوه. الأَصمعي: جاءهم الطِّمُّ و الرِّمُّ إذا أتاهم الأَمر الكثير، قال: و لم نعرف أصلهما، قال: و كذلك جاء بالضِّحّ و الرِّيح مثله. و
روى ابن الكلبي عن أبيه قال: إنما سُمِّي البحرُ الطِّمَّ لأَنه طَمَّ على ما فيه، و الرِّمُّ ما على ظهر الأَرض من فُتاتِها.
، أرادوا الكثرة من كل شي‏ء. و قال أبو طالب: جاء بالطِّمِّ و الرِّمِّ معناه جاء بالكثير و القليل. و الطِّمُّ: الماء الكثير، و الرِّمُّ: ما كان بالِياً مثل العَظم و ما يُتَقمَّمُ. و قال ابن الكلبي: سُمِّيت الأَرضُ رِمّاً لأَنها تَرِمُّ. و الطُّمّة: الشي‏ء من الكَلإِ، و أَكثر ما يُوصَف به اليَبيسُ. و الطِّمُّ: الكِبْسُ «1». و طُمَّةُ الناسِ: جماعَتُهم و وَسَطهم. و يقال: لقيته في طُمّة القوم أي في مُجْتَمعهم. و الطَّمَّةُ: الضَّلالُ و الحَيرةُ. و الطُّمَّةُ: القَذَرُ.
__________________________________________________
 (1). قوله [و الطم الكبس‏] بكسر أولهما و الباء موحدة ساكنة أي التراب الذي يطم و يكبس به نحو البئر. و في القاموس: الكيس أي بالمثناة التحتية بوزن سيد.

370
لسان العرب12

طمم ص 370

و طَمَّ الفرَسُ و الإِنسانُ يَطُمُّ و يَطِمُّ طَمِيماً: خَفَّ و أَسرعَ، و قيل: ذهب على وجه الأَرض، و قيل: ذهب أَيّاً كان. الأَصمعي: طَمَّ البعيرُ يَطُمُّ طُموماً إذا مرَّ يَعْدو عَدْواً سَهْلًا؛ و قال عمر بن لجإ:
حَوَّزَها، من بُرَقِ الغَمِيمِ،             أهْدَأُ يَمْشِي مِشْيَةَ الظَّليمِ‏
بالحَوْزِ و الرِّفْقِ و بالطَّمِيمِ‏


قال: حَوَّزَ إبله وجَّهَها نحو الماء في أوّل ليلة. و الرجلُ يَطُمُّ و يَطِمُّ في سَيره طَمِيماً: و هو مَضاؤُه و خِفّتُه، و يَطِمُّ رأْسُه طَمّاً. و الطَّمِيمُ: الفرسُ المُسْرع. و مَرَّ يَطِمُّ، بالكسر، طَميماً أي يَعدو عَدْواً سَهْلًا. و فرس طَمومٌ: سريعة. و يقال للفرس الجواد طِمٌّ؛ قال أبو النجم يصف فرساً:
أَلصَقَ من رِيشٍ على غِرائِه،             و الطِّمُّ كالسَّامي إلى ارْتِقائه،
يَقْرَعُه بالزَّجْرِ أو إشْلائِه‏


قالوا: يجوز أن يكون سماه طِمّاً لِطَميم عَدْوِه، و يجوز أن يكون شَبَّهه بالبحر كما يقال للفرس بَحْرٌ و غَرْبٌ و سَكْبٌ. و الطِّمُّ: العَدَد الكثير. و طَمِيمُ الناس: أخْلاطُهم و كثرتهم. و طَمِمٌ صُلْبٌ: كذا جاء في شعْر عديّ بن زيد، بفكّ التضعيف؛ قال ابن سيدة: لا أدري أ للشِّعْر أم هو من باب لَحِحَتْ عَينُه و أَلِلَ السِّقاءُ؛ قال:
تَعْدو على الجَهْدِ مَغْلولًا مَناسِمُها،             بعد الكَلالِ، كَعَدْو القارِح الطَّمِمِ‏

و الطَّمْطَمةُ: العُجْمة. و الطِّمْطِمُ و الطِّمْطِميُّ و الطُّماطِم و الطُّمْطُمانيُّ: هو الأَعجَم الذي لا يُفْصِح. و رجلٌ طِمطِمٌ، بالكسر، أي في لسانه عُجْمة لا يُفْصِح؛ و منه قول الشاعر:
حِزَقٌ يَمانِيةٌ لأَعْجَمَ طِمْطِمِ‏


و في لسانه طُمْطُمانِيَّةٌ، و الأُنثى طِمْطِمِيَّةٌ و طُمْطُمانِيَّةٌ، و هي الطَّمْطَمةُ أيضاً. و
في صفة قريش: ليس فيهم طُمطُمانِيَّةُ حِمْيرَ.
؛ شَبَّه كلام حِمْير لما فيه من الأَلفاظ المُنْكَرة بكلام العُجْم. يقال: أَعْجَم طِمْطِميٌّ، و قد طَمْطَم في كلامه. و الطِّمْطِمُ: ضرْب من الضأْن لها آذانٌ صِغارٌ و أغباب كأَغباب البقر تكون بناحية اليمن. و الطِّمطام: النارُ الكبيرة. ابن الأَعرابي: طَمْطَمَ إذا سَبَحَ في الطَّمْطام، و هو وَسَطُ البحر. و
في الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، قيل له: هل نفَعَ أبا طالب قرابَتُه منكَ؟ قال: بلى و إنه لَفي ضَحضاحٍ من نارٍ، و لوْلايَ لكان في الطَّمْطامِ.
أي في وَسَط النار. و طَمْطامُ البحر: وسَطه؛ استعارَه هاهنا لمُعْظَم النار حيث استعار ليَسيرها الضَّحْضاح، و هو الماء القليل الذي يَبْلغ الكعبين. أبو زيد: يقال إذا نصَحْتَ الرجلَ فأَبى إلا اسْتِبْداداً برأْيه: دَعْه يترمَّع في طُمَّتِه و يُبْدِع في خُرْئِه. التهذيب في الرباعي: أبو تراب الطَّماطِمُ العُجْم؛ و أنشد للأَفوه الأَوْدِيّ:
كالأَسْودِ الحَبَشِيِّ الحَمْسِ يَتْبَعُه             سُودٌ طَماطِمُ، في آذانِها النُّطَفُ‏

قال الفراء: سمعت المفضَّل يقول: سأَلت رجلًا من أَعلم الناس عن قول عنترة:
تَأْوي له قُلُصُ النَّعامِ، كما أَوَتْ             حِزَقٌ يَمانِيَةٌ لأَعْجَمَ طِمْطِمِ‏

فقال: يكون باليمن من السحاب ما لا يكون لغيره‏

371
لسان العرب12

طمم ص 370

من البُلدان في السماء، قال: و ربما نشأَت سَحابةٌ في وسَط السماء فيُسْمَع صَوْتُ الرعْدِ فيها كأَنه من جميع السماء فيجتمع إليه السَّحابُ من كل جانب، فالحِزَقُ اليَمانِيةُ تلك السَّحائبُ. و الأَعْجَمُ الطِّمْطِمُ: صَوْتُ الرَّعْدِ؛ و قال أبو عمرو في قول ابن مقبل يصف ناقة:
باتَتْ على ثَفِنٍ لأْمٍ مَراكِزُه،             جافى به مُسْتَعِدَّاتٌ أطامِيمُ‏

ثَفِنٍ لأْمٍ: مُسْتَوِيات، مَراكِزهُ: مفاصله، و أَراد بالمُستَعِدّاتِ القوائِمَ، و قال: أَطاميمُ نَشِيطةٌ لا واحدَ لها، و قال غيره: أطاميم تَطِمُّ في السير أَي تُسرِع.
طنم:
أهمله الليث. ابن الأَعرابي: الطَّنَمةُ صَوْتُ العُودِ المُطْربُ.
طهم:
المُطَهَّمُ من الناس و الخيلِ: الحَسَنُ التامُّ كلُّ شي‏ء منه على حدته فهو بارِعُ الجمالِ. فرسٌ مُطَهَّم و رجل مُطَهَّم. و المُطَهَّم أَيضاً: القليلُ لَحْم الوَجْه؛ عن كراع. و وَجْهٌ مُطَهَّمٌ أي مُجْتَمِعٌ مُدَوَّرٌ. و المُطَهَّمُ: المُنْتَفِخُ الوجهِ ضِدٌّ، و قيل: المُطَهَّمُ السمينُ الفاحشُ. و
وصَف عليٌّ، عليه السلام، سَيِّدَنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم، فقال: لم يكن بالمُطَهَّمِ و لا بالمُكَلْثَمِ.
؛ قال ابن سيدة: هو يحتمل أن يُفسَّرَ بالوجوه الثلاثة، و في الصحاح: أي لم يكن بالمُدَوَّرِ الوجْه و لا بالمُوَجَّنِ و لكنه مَسْنُونُ الوجْهِ. الأَزهري: سئل أَبو العباس عن تفسير المُطَهَّم في هذا الحديث فقال: المُطَهَّم مُخْتَلَفٌ فيه، فقالت طائفة: هو الذي كلُّ عُضْوٍ منه حسَنٌ على حِدته، و قالت طائفة المُطَهَّمُ السمينُ الفاحِشُ السِّمَنِ، فقد تَمَّ النفْيُ في قوله لم يكن بالمُطَهَّم و هذا مَدْحٌ، و من قال إنه النَّحافةُ فقد تَمَّ النفي في هذا لأَن أُمَّ مَعْبَدٍ وصَفَتْه بأَنه لم تَعِبْه نُحْلةٌ و لم تَشِنْه ثُجْلة أي انتفاخُ بَطنٍ، قال: و أما من قال التَّطْهِيمُ الضِّخَمُ فقد صح النَّفْي، فكأَنه قال لم يكن بالضَّخْم، قال: و هكذا
وصفه عليٌّ، رِضْوانُ الله عليه، فقال: كان بادناً مُتماسِكاً.
؛ قال ابن الأَثير: لم يكن بالمُطَهَّمِ، و هو المُنْتَفِخُ الوَجهِ، و قيل: الفاحشُ السِّمَنِ، و قيل: النحيفُ الجِسْمِ، و هو من الأَضداد. اللحياني: ما أَدْرِي أيُّ الطُّهْمِ هو و أَيُّ الدُّهْمِ هو بمعنى واحد أيْ أيُّ الناسِ هو. و قال أَبو سعيد: الطُّهْمَةُ و الصُّهْمَةُ في اللون أن تُجاوِزَ سُمْرَتُه إلى السواد، و وَجْهٌ مُطهَّمٌ إذا كان كذلك؛ قال أبو سعيد: و التَّطهِيمُ النِّفارُ في قول ذي الرمة:
تِلْكَ التي أَشْبَهَتْ خَرْقاءَ جِلْوَتُها،             يَوْمَ النَّقا، بَهْجَةٌ منها و تَطْهِيمُ‏

قال: التَّطْهِيمُ في هذا البيت النِّفارُ، قال: و مِن هذا يقال فلانٌ يَتَطَهَّمُ عَنّا أي يَسْتَوْحِشُ، و الخيلُ المُطَهَّمَةُ فإنها المُقَرَّبة المُكرَّمةُ العزيزةُ الأَنْفُسِ، و منه يقال: ما لك تَطَهَّمُ عن طَعامنا أي تَرْبَأُ بنَفْسِك عنه؛ و قولُ أَبي النجم:
أَخْطِمُ أَنفَ الطَّامِحِ المُطَهَّمِ‏


أراد الرجلَ الكريمَ الحسَبِ؛ و قال الباهلي في قول طُفَيْل:
و فينا رِباطُ الخَيْلِ كلُّ مُطَهَّمٍ             رَجِيلٍ، كسِرْحانِ الغَضَى المُتَأَوِّبِ‏

قال: المُطَهَّمُ الناعِمُ الحسَنُ، و الرَّجيلُ الشديد

372
لسان العرب12

طهم ص 372

المشْي. و يقال: تَطَهَّمْتُ الطعام إذا كرِهْتَه. و طَهْمان: اسمُ رجلٍ، و الله أَعلم.
طوم:
طُومٌ: اسمٌ للمنِيَّةِ؛ قالت الخنساء:
إنْ كانَ صَخْرٌ تَوَلَّى فالشَّماتُ بِكُمْ،             و كَيْفَ يَشْمَتُ من كانَتْ له طُومُ؟

و قد فُسِّر هذا البيت بأَنه القَبْرُ أيضاً
طيم:
طامَهُ الله على الخَير يَطِيمُه طَيْماً: جَبَله. يقال: ما أحْسَنَ ما طامَه اللهُ. و طانَه يَطِينُه أي جَبَله، و منه الطِّيماءُ، و هي الجِبِلَّة، و الطِّيماءُ الطبيعةُ. يقال: الشِّعْر مِنْ طِيمائِه أي من سُوسِه؛ حكاها الفارسي عن أبي زيد، قال: و لا أَقول إنها بدلٌ من نون طانَ لأَنهم لم يقولوا طِيناء.
فصل الظاء المعجمة
ظأم:
الظَّأْمُ: السِّلْفُ، لغةٌ في الظَّأْبِ، و قد تَظاءَما و ظأَمَه. و قد ظاءَبَني مُظاءبةً و ظاءَمني إذا تَزوّجْتَ أنت امرأَةً و تزوّج هو أُخْتَها. و ظَأْمُ التَّيْسِ: صَوْتُه و لَبْلَبَتُه كَظَأْبه. الجوهري: الظَّأْمُ الكلامُ و الجَلَبَةُ مثل الظَّأْبِ.
ظلم:
الظُّلْمُ: وَضْع الشي‏ء في غير موضِعه. و من أمثال العرب في الشَّبه: مَنْ أَشْبَهَ أَباه فما ظَلَم؛ قال الأَصمعي: ما ظَلَم أي ما وضع الشَّبَه في غير مَوْضعه و في المثل: من اسْترْعَى الذِّئْبَ فقد ظلمَ. و
في حديث ابن زِمْلٍ: لَزِموا الطَّرِيق فلم يَظْلِمُوه.
أي لم يَعْدِلوا عنه؛ يقال: أَخَذَ في طريقٍ فما ظَلَم يَمِيناً و لا شِمالًا؛ و منه‏
حديث أُمِّ سَلمَة: أن أبا بكرٍ و عُمَرَ ثَكَما الأَمْر فما ظَلَماه.
أي لم يَعْدِلا عنه؛ و أصل الظُّلم الجَوْرُ و مُجاوَزَة الحدِّ، و منه‏
حديث الوُضُوء: فمن زاد أو نَقَصَ فقد أساء و ظَلَمَ.
أي أَساءَ الأَدبَ بتَرْكِه السُّنَّةَ و التَّأَدُّبَ بأَدَبِ الشَّرْعِ، و ظَلمَ نفْسه بما نَقَصَها من الثواب بتَرْدادِ المَرّات في الوُضوء. و في التنزيل العزيز: الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ‏؛
قال ابن عباس و جماعةُ أهل التفسير: لم يَخْلِطوا إيمانهم بِشِرْكٍ، و رُوِي ذلك عن حُذَيْفة و ابنِ مَسْعود و سَلمانَ، و تأَوّلوا فيه قولَ الله عز و جل: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ‏.
و الظُّلْم: المَيْلُ عن القَصد، و العرب تَقُول: الْزَمْ هذا الصَّوْبَ و لا تَظْلِمْ عنه أي لا تَجُرْ عنه. و قوله عزَّ و جل: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ‏؛ يعني أن الله تعالى هو المُحْيي المُمِيتُ الرزّاقُ المُنْعِم وَحْده لا شريك له، فإذا أُشْرِك به غيره فذلك أَعْظَمُ الظُّلْمِ، لأَنه جَعل النعمةَ لغير ربِّها. يقال: ظَلَمَه يَظْلِمُهُ ظَلْماً و ظُلْماً و مَظْلِمةً، فالظَّلْمُ مَصْدرٌ حقيقيٌّ، و الظُّلمُ الاسمُ يقوم مَقام المصدر، و هو ظالمٌ و ظَلوم؛ قال ضَيْغَمٌ الأَسدِيُّ:
إذا هُوَ لمْ يَخَفْني في ابن عَمِّي،             و إنْ لم أَلْقَهُ الرجُلُ الظَّلُومُ‏

و قوله عز و جل: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ؛ أرادَ لا يَظْلِمُهُم مِثْقالَ ذَرَّةٍ، و عَدَّاه إلى مفعولين لأَنه في معنى يَسْلُبُهم، و قد يكون مِثْقالَ ذرّة في موضع المصدر أي ظُلْماً حقيراً كمِثْقال الذرّة؛ و قوله عز و جل: فَظَلَمُوا بِها*؛ أي بالآيات التي جاءَتهم، و عدّاه بالباء لأَنه في معنى كَفَرُوا بها، و الظُّلمُ الاسمُ، و ظَلَمه حقَّه و تَظَلَّمه إياه؛ قال أبو زُبَيْد الطائيّ:

373
لسان العرب12

ظلم ص 373

و أُعْطِيَ فَوْقَ النِّصْفِ ذُو الحَقِّ مِنْهمُ،             و أَظْلِمُ بَعْضاً أو جَمِيعاً مُؤَرِّبا

و قال:
تَظَلَّمَ مَالي هَكَذَا و لَوَى يَدِي،             لَوَى يَدَه اللهُ الذي هو غالِبُهْ‏

و تَظَلَّم منه: شَكا مِنْ ظُلْمِه. و تَظَلَّم الرجلُ: أحالَ الظُّلْمَ على نَفْسِه؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ و أنشد:
كانَتْ إذا غَضِبَتْ عَلَيَّ تَظَلَّمَتْ،             و إذا طَلَبْتُ كَلامَها لم تَقْبَلِ‏

قال ابن سيدة: هذا قولُ ابن الأَعرابي، قال: و لا أَدْري كيف ذلك، إنما التَّظَلُّمُ هاهنا تَشَكِّي الظُّلْم منه، لأَنها إذا غَضِبَت عليه لم يَجُزْ أن تَنْسُبَ الظُّلْمَ إلى ذاتِها. و المُتَظَلِّمُ: الذي يَشْكو رَجُلًا ظَلَمَهُ. و المُتَظَلِّمُ أيضاً: الظالِمُ؛ و منه قول الشاعر:
نَقِرُّ و نَأْبَى نَخْوَةَ المُتَظَلِّمِ‏


أي نَأْبَى كِبْرَ الظالم. و تَظَلَّمَني فلانٌ أي ظَلَمَني مالي؛ قال ابن بري: شاهده قول الجعدي:
و ما يَشْعُرُ الرُّمْحُ الأَصَمُّ كُعوبُه             بثَرْوَةِ رَهْطِ الأَعْيَطِ المُتَظَلِّمِ‏

قال: و قال رافِعُ بن هُرَيْم، و قيل هُرَيْمُ بنُ رافع، و الأَول أَصح:
فهَلَّا غَيْرَ عَمِّكُمُ ظَلَمْتُمْ،             إذا ما كُنْتُمُ مُتَظَلِّمِينا

أي ظالِمِينَ. و يقال: تَظَلَّمَ فُلانٌ إلى الحاكم مِنْ فُلانٍ فظَلَّمَه تَظْليماً أي أَنْصَفَه مِنْ ظالِمه و أَعانَه عليه؛ ثعلب عن ابن الأَعرابي أنه أَنشد عنه:
إذا نَفَحاتُ الجُودِ أَفْنَيْنَ مالَه،             تَظَلَّمَ حَتَّى يُخْذَلَ المُتَظَلِّمُ‏

قال: أي أَغارَ على الناس حتى يَكْثُرَ مالُه. قال أبو منصور: جَعَل التَّظلُّمَ ظُلْماً لأَنه إذا أَغارَ على الناس فقد ظَلَمَهم؛ قال: و أَنْشَدَنا لجابر الثعلبيّ:
و عَمْرُو بنُ هَمَّام صَقَعْنا جَبِينَه             بِشَنْعاءَ تَنْهَى نَخْوةَ المُتَظَلِّمِ‏

قال أبو منصور: يريد نَخْوةَ الظالم. و الظَّلَمةُ: المانِعونَ أهْلَ الحُقوقِ حُقُوقَهم؛ يقال: ما ظَلَمَك عن كذا، أي ما مَنَعك، و قيل: الظَّلَمةُ في المُعامَلة. قال المُؤَرِّجُ: سمعت أَعرابيّاً يقول لصاحبه: أَظْلَمي و أَظْلَمُكَ فَعَلَ اللهُ به أَي الأَظْلَمُ مِنَّا. و يقال: ظَلَمْتُه فتَظَلَّمَ أي صبَر على الظُّلْم؛ قال كُثَيّر:
مَسائِلُ إنْ تُوجَدْ لَدَيْكَ تَجُدْ بِها             يَدَاكَ، و إنْ تُظْلَمْ بها تَتَظلَّمِ‏

و اظَّلَمَ و انْظَلَم: احْتَملَ الظُّلْمَ. و ظَلَّمه: أَنْبأَهُ أنه ظالمٌ أو نسبه إلى الظُّلْم؛ قال:
أَمْسَتْ تُظَلِّمُني، و لَسْتُ بِظالمٍ،             و تُنْبِهُني نَبْهاً، و لَسْتُ بِنائمِ‏

و الظُّلامةُ: ما تُظْلَمُهُ، و هي المَظْلِمَةُ. قال سيبويه: أما المَظْلِمةُ فهي اسم ما أُخِذَ منك. و أَردْتُ ظِلامَهُ و مُظالَمتَه أي ظُلمه؛ قال:
و لَوْ أَنِّي أَمُوتُ أَصابَ ذُلًّا،             و سَامَتْه عَشِيرتُه الظِّلامَا

و الظُّلامةُ و الظَّلِيمةُ و المَظْلِمةُ: ما تَطْلُبه عند

374
لسان العرب12

ظلم ص 373

الظّالم، و هو اسْمُ ما أُخِذَ منك. التهذيب: الظُّلامةُ اسْمُ مَظْلِمتِك التي تَطْلُبها عند الظَّالم؛ يقال: أَخَذَها مِنه ظُلامةً. و يقال: ظُلِم فُلانٌ فاظَّلَم، معناه أنه احْتَمل الظُّلْمَ بطيبِ نَفْسِه و هو قادرٌ على الامتناع منه، و هو افتعال، و أَصله اظْتَلم فقُلِبت التاءُ طاءً ثم أُدغِمَت الظاء فيها؛ و أَنشد ابن بري لمالك بن حَريم:
مَتَى تَجْمَعِ القَلْبَ الذَّكيَّ و صارِماً             و أَنْفاً حَمِيّاً، تَجْتَنِبْك المَظَالِمُ‏

و تَظالَمَ القومُ: ظلَمَ بعضُهم بعضاً. و يقال: أَظْلَمُ من حَيَّةٍ لأَنها تأْتي الجُحْرَ لم تَحْتَفِرْه فتسْكُنُه. و يقولون: ما ظَلَمَك أن تَفْعَلَ؛ و قال رجل لأَبي الجَرَّاحِ: أَكلتُ طعاماً فاتَّخَمْتُه، فقال أَبو الجَرَّاحِ: ما ظَلَمك أَن تَقِي‏ءَ؛ و قول الشاعر:
قالَتْ له مَيٌّ بِأَعْلى ذِي سَلَمْ:             أ لا تَزُورُنا، إنِ الشِّعْبُ أَلَمّ؟
قالَ: بَلى يا مَيُّ، و اليَوْمُ ظَلَمْ‏

قال الفرّاء: هم يقولون معنى قوله‏
... و اليَوْمُ ظَلَم‏

أي حَقّاً، و هو مَثَلٌ؛ قال: و رأَيت أنه لا يَمْنَعُني يومٌ فيه عِلّةٌ تَمْنع. قال أبو منصور: و كان ابن الأَعرابي يقول في قوله‏
... و اليوْمُ ظَلَم‏

حقّاً يقيناً، قال: و أُراه قولَ المُفَضَّل، قال: و هو شبيه بقول من قال في لا جرم أي حَقّاً يُقيمه مُقامَ اليمين، و للعرب أَلفاظ تشبهها و ذلك في الأَيمان كقولهم: عَوْضُ لا أَفْعلُ ذلك، و جَيْرِ لا أَفْعلُ ذلك، و قوله عز و جل: آتَتْ أُكُلَها وَ لَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً؛ أي لم تَنْقُصْ منه شيئاً. و قال الفراء في قوله عز و جل: وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ*، قال: ما نَقَصُونا شَيْئاً بما فعلوا و لكن نَقَصُوا أنفسَهم. و الظِّلِّيمُ، بالتشديد: الكثيرُ الظُّلْم. و تَظَالَمتِ المِعْزَى: تَناطَحَتْ مِمَّا سَمِنَتْ و أَخْصَبَتْ؛ و منه قول السّاجع: و تَظالَمَتْ مِعْزاها. و وَجَدْنا أَرْضاً تَظَالَمُ مِعْزاها أي تَتناطَحُ مِنَ النَّشاط و الشِّبَع. و الظَّلِيمةُ و الظَّلِيمُ: اللبَنُ يُشْرَبُ منه قبل أن يَرُوبَ و يَخْرُجَ زُبْدُه؛ قال: و قائِلةٍ:
ظَلَمْتُ لَكُمْ سِقائِي             و هل يَخْفَى على العَكِدِ الظَّلِيمُ؟

و في المثل: أهْوَنُ مَظْلومٍ سِقاءٌ مُروَّبٌ؛ و أنشد ثعلب:
و صاحِب صِدْقٍ لم تَرِبْني شَكاتُه             ظَلَمْتُ، و في ظَلْمِي له عامِداً أَجْرُ

قال: هذا سِقاءٌ سَقَى منه قبل أن يَخْرُجَ زُبْدُه. و ظَلَمَ وَطْبَه ظَلْماً إذا سَقَى منه قبل أن يَرُوبَ و يُخْرَجَ زُبْدُه. و ظَلَمْتُ سِقائِي: سَقَيْتُهم إيَّاه قَبْلَ أن يَرُوبَ؛ و أنشد البيت الذي أَنشده ثعلب:
ظَلَمْتُ، و في ظَلْمِي له عامداً أَجْرُ

قال الأَزهري: هكذا سمعت العرب تنشده:
... و في ظَلْمِي ...

، بِنَصْب الظاء، قال: و الظُّلْمُ الاسم و الظُّلْمُ العملُ. و ظَلَمَ القوْمَ: سَقاهم الظَّلِيمةَ. و قالوا امرأَةٌ لَزُومٌ لِلفِناء، ظَلومٌ للسِّقاء، مُكْرِمةٌ لِلأَحْماء. التهذيب: العرب تقول ظَلَمَ فلانٌ سِقاءَه إذا سَقاه قبل أن يُخْرَجَ زُبْدُه؛ و قال أبو عبيد: إذا شُرِبَ لبَنُ السِّقاء قبل أن يَبْلُغَ الرُّؤُوبَ فهو المَظْلوم‏

375
لسان العرب12

ظلم ص 373

و الظَّلِيمةُ، قال: و يقال ظَلَمْتُ القومَ إذا سَقاهم اللبن قبل إِدْراكِهِ؛ قال أَبو منصور: هكذا رُوِيَ لنا هذا الحرفُ عن أبي عبيد ظَلَمْتُ القومَ، و هو وَهَمٌ. و روى المنذري عن أبي الهيثم و أبي العباس أحمد بن يحيى أنهما قالا: يقال ظَلَمْتُ السقَاءَ و ظَلَمْتُ اللبنَ إذا شَرِبْتَه أو سَقَيْتَه قبل إدراكه و إخراجِ زُبْدَتِه. و قال ابن السكيت: ظَلَمتُ وَطْبي القومَ أي سَقَيْتُه قبل رُؤُوبه. و المَظْلُوم: اللبنُ يُشْرَبُ قبل أن يَبْلُغَ الرُّؤُوبَ. الفراء: يقال ظَلَم الوَادِي إذا بَلَغَ الماءُ منه موضِعاً لم يكن نالَهُ فيما خَلا و لا بَلَغَه قبل ذلك؛ قال: و أَنشدني بعضهم يصف سيلًا:
يَكادُ يَطْلُع ظُلْماً ثم يَمْنَعُه             عن الشَّواهِقِ، فالوادي به شَرِقُ‏

و قال ابن السكيت في قول النابغة يصف سيلًا:
إلَّا الأَوارِيَّ لأْياً ما أُبَيِّنُها،             و النُّؤْيُ كالحَوضِ بالمَظلُومة الجَلَدِ

قال: النُّؤْيُ الحاجزُ حولَ البيت من تراب، فشَبَّه داخلَ الحاجِزِ بالحوض بالمظلومة، يعني أرضاً مَرُّوا بها في بَرِّيَّةِ فتَحَوَّضُوا حَوْضاً سَقَوْا فيه إبِلَهُمْ و ليست بمَوْضِع تَحْويضٍ. يقال: ظَلَمْتُ الحَوْضَ إذا عَمِلْتَه في موضع لا تُعْمَلُ فيه الحِياض. قال: و أَصلُ الظُّلْمِ وَضْعُ الشي‏ء في غير موضعه؛ و منه قول ابن مقبل:
عَادَ الأَذِلَّةُ في دارٍ، و كانَ بها             هُرْتُ الشَّقاشِقِ، ظَلَّامُونَ للجُزُرِ

أي وَضَعوا النحر في غير موضعه. و ظُلِمَت الناقةُ: نُحِرَتْ من غَيْرِ عِلَّةٍ أو ضَبِعَتْ على غير ضَبَعَةٍ. و كُلُّ ما أَعْجَلْتَهُ عن أوانه فقد ظَلَمْتَهُ، و أَنشد بيت ابن مقبل:
هُرْتُ الشَّقاشِقِ، ظَلَّامُون للجُزُر

و ظَلَم الحِمارُ الأَتانَ إذا كامَها و قد حَمَلَتْ، فهو يَظْلِمُها ظَلْماً؛ و أَنشد أبو عمرو يصف أُتُناً:
أَبَنَّ عقَاقاً ثم يَرْمَحْنَ ظَلْمَةً             إباءً، و فيه صَوْلَةٌ و ذَمِيلُ‏

و ظَلَم الأَرضَ: حَفَرَها و لم تكن حُفِرَتْ قبل ذلك، و قيل: هو أن يَحْفِرَها في غير موضع الحَفْرِ؛ قال يصف رجلًا قُتِلَ في مَوْضِعٍ قَفْرٍ فحُفِرَ له في غير موضع حَفْرٍ:
ألا للهِ من مِرْدَى حُروبٍ،             حَواه بَيْنَ حِضْنَيْه الظَّلِيمُ‏

أي الموضع المظلوم. و ظَلَم السَّيلُ الأَرضَ إذا خَدَّدَ فيها في غير موضع تَخْدِيدٍ؛ و أَنشد للحُوَيْدِرَة:
ظَلَم البِطاحَ بها انْهلالُ حَرِيصَةٍ،             فَصَفَا النِّطافُ بها بُعَيْدَ المُقْلَعِ‏

مصدر بمعنى الإِقْلاعِ، مُفْعَلٌ بمعنى الإِفْعالِ، قال و مثله كثير مُقامٌ بمعنى الإِقامةِ. و قال الباهلي في كتابه: و أَرضٌ مَظْلُومة إذا لم تُمْطَرْ. و
في الحديث: إذا أَتَيْتُمْ على مَظْلُومٍ فأَغِذُّوا السَّيْرَ.
قال أبو منصور: المَظْلُومُ البَلَدُ الذي لم يُصِبْهُ الغَيْثُ و لا رِعْيَ فيه لِلرِّكابِ، و الإِغْذاذُ الإِسْراعُ. و الأَرضُ المَظْلومة: التي لم تُحْفَرْ قَطُّ ثم حُفِرَتْ، و ذلك الترابُ الظَّلِيمُ، و سُمِّيَ تُرابُ لَحْدِ القبرِ ظَلِيماً لهذا المعنى؛ و أَنشد:

376
لسان العرب12

ظلم ص 373

فأَصْبَحَ في غَبْراءَ بعدَ إشاحَةٍ،             على العَيْشِ، مَرْدُودٍ عليها ظَلِيمُها

يعني حُفْرَةَ القبر يُرَدُّ تُرابها عليه بعد دفن الميت فيها. و قالوا: لا تَظْلِمْ وَضَحَ الطريقِ أَي احْذَرْ أَن تَحِيدَ عنه و تَجُورَ فَتَظْلِمَه. و السَّخِيُّ يُظْلَمُ إذا كُلِّفَ فوقَ ما في طَوْقِهِ، أَو طُلِبَ منه ما لا يجدُه، أَو سُئِلَ ما لا يُسْأَلُ مثلُه، فهو مُظَّلِمٌ و هو يَظَّلِمُ و ينظلم؛ أَنشد سيبويه قول زهير:
هو الجَوادُ الذي يُعْطِيكَ نائِله             عَفْواً، و يُظْلَمُ أَحْياناً فيَظَّلِمُ‏

أَي يُطْلَبُ منه في غير موضع الطَّلَب، و هو عنده يَفْتعِلُ، و يروى‏
... يَظْطَلِمُ‏

، و رواه الأَصمعي‏
... يَنْظَلِمُ.

الجوهري: ظَلَّمْتُ فلاناً تَظْلِيماً إذا نسبته إلى الظُّلْمِ فانْظَلَم أَي احتمل الظُّلْم؛ و أَنشد بيت زهير:
و يُظْلَم أَحياناً فَيَنْظَلِمُ‏

و يروى‏
... فيَظَّلِمُ‏

أَي يَتَكَلَّفُ، و في افْتَعَل من ظَلَم ثلاثُ لغاتٍ: من العرب من يقلب التاء طاء ثم يُظْهِر الطاء و الظاء جميعاً فيقول اظْطَلَمَ، و منهم من يدغم الظاء في الطاء فيقول اطَّلَمَ و هو أَكثر اللغات، و منهم من يكره أَن يدغم الأَصلي في الزائد فيقول اظَّلَم، قال: و أَما اضْطَجَع ففيه لغتان مذكورتان في موضعهما. قال ابن بري: جَعْلُ الجوهري انْظَلَم مُطاوعَ ظَلَّمتُهُ، بالتشديد، وَهَمٌ، و إنما انْظَلَم مطاوعُ ظَلَمْتُه، بالتخفيف كما قال زهير:
و يُظْلَم أَحْياناً فيَنْظَلِمُ‏

قال: و أَما ظَلَّمْتُه، بالتشديد، فمطاوِعُه تَظَلَّمَ مثل كَسَّرْتُه فتَكَسَّرَ، و ظَلَم حَقَّه يَتَعَدَّى إلى مفعول واحد، و إنما يتعدّى إلى مفعولين في مثل ظَلَمني حَقِّي حَمْلًا على معنى سَلَبَني حَقِّي؛ و مثله قوله تعالى: وَ لا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا*؛ و يجوز أَن يكون فَتِيلًا* واقعاً مَوْقِعَ المصدر أَي ظُلْماً مِقْدارَ فَتِيلٍ. و بيتٌ مُظَلَّمٌ: مُزَوَّقٌ كأَنَّ النَّصارَى وَضَعَتْ فيه أَشياء في غير مواضعها. و
في الحديث: أَنه، صلى الله عليه و سلم، دُعِيَ إلى طعام فإذا البيتُ مُظَلَّمٌ فانصرف، صلى الله عليه و سلم، و لم يدخل؛ حكاه الهروي في الغريبين‏
؛ قال ابن الأَثير: هو المُزَوَّقُ، و قيل: هو المُمَوَّهُ بالذهب و الفضة، قال: و قال الهَرَوِيُّ أَنكره الأَزهري بهذا المعنى، و قال الزمخشري: هو من الظَّلْمِ و هو مُوهَةُ الذهب، و منه قيل للماء الجاري على الثَّغْرِ ظَلْمٌ. و يقال: أَظْلَم الثَّغْرُ إذا تَلأْلأَ عليه كالماء الرقيق من شدَّة بَرِيقه؛ و منه قول الشاعر:
إذا ما اجْتَلَى الرَّاني إليها بطَرْفِه             غُرُوبَ ثَناياها أَضاءَ و أَظْلَما

قال: أَضاء أَي أَصاب ضوءاً، أَظْلَم أصاب ظَلْماً. و الظُّلْمَة و الظُّلُمَة، بضم اللام: ذهاب النور، و هي خلاف النور، و جمعُ الظُّلْمةِ ظُلَمٌ و ظُلُماتٌ و ظُلَماتٌ و ظُلْمات؛ قال الراجز:
يَجْلُو بعَيْنَيْهِ دُجَى الظُّلُماتِ‏


قال ابن بري: ظُلَمٌ جمع ظُلْمَة، بإسكان اللام، فأَما ظُلُمة فإنما يكون جمعها بالأَلف و التاء، و رأيت هنا

377
لسان العرب12

ظلم ص 373

حاشية بخط سيدنا رضيّ الدين الشاطبي رحمه الله قال: قال الخطيب أَبو زكريا المُهْجَةُ خالِصُ النَّفْسِ، و يقال في جمعها مُهُجاتٌ كظُلُماتٍ، و يجوز مُهَجات، بالفتح، و مُهْجاتٌ، بالتسكين، و هو أَضعفها؛ قال: و الناس يأْلَفُون مُهَجات، بالفتح، كأَنهم يجعلونه جمع مُهَجٍ، فيكون الفتح عندهم أَحسن من الضم. و الظَّلْماءُ: الظُّلْمة ربما وصف بها فيقال ليلةٌ ظَلْماء أَي مُظْلِمة. و الظَّلامُ: اسم يَجْمَع ذلك كالسَّوادِ و لا يُجْمعُ، يَجْري مجرى المصدر، كما لا تجمع نظائره نحو السواد و البياض، و تجمع الظُّلْمة ظُلَماً و ظُلُمات. ابن سيدة: و قيل الظَّلام أَوّل الليل و إن كان مُقْمِراً، يقال: أَتيته ظَلاماً أي ليلًا؛ قال سيبويه: لا يستعمل إلا ظرفاً. و أتيته مع الظَّلام أي عند الليل. و ليلةٌ ظَلْمةٌ، على طرحِ الزائد، و ظَلْماءُ كلتاهما: شديدة الظُّلْمة. و حكى ابن الأَعرابي: ليلٌ ظَلْماءُ؛ و قال ابن سيدة: و هو غريب و عندي أَنه وضع الليل موضع الليلة، كما حكي ليلٌ قَمْراءُ أَي ليلة، قال: و ظَلْماءُ أَسْهلُ من قَمْراء. و أَظْلَم الليلُ: اسْوَدَّ. و قالوا: ما أَظْلَمه و ما أَضوأَه، و هو شاذ. و ظَلِمَ الليلُ، بالكسر، و أَظْلَم بمعنىً؛ عن الفراء. و في التنزيل العزيز: وَ إِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا. و ظَلِمَ و أَظْلَمَ؛ حكاهما أَبو إسحاق و قال الفراء: فيه لغتان أَظْلَم و ظَلِمَ، بغير أَلِف. و الثلاثُ الظُّلَمُ: أَوّلُ الشَّهْر بعدَ الليالي الدُّرَعِ؛ قال أَبو عبيد: في ليالي الشهر بعد الثلاثِ البِيضِ ثلاثٌ دُرَعٌ و ثلاثٌ ظُلَمٌ، قال: و الواحدة من الدُّرَعِ و الظُّلَم دَرْعاءُ و ظَلْماءُ. و قال أَبو الهيثم و أَبو العباس المبرد: واحدةُ الدُّرَعِ و الظُّلَم دُرْعةٌ و ظُلْمة؛ قال أَبو منصور: و هذا الذي قالاه هو القياس الصحيح. الجوهري: يقال لثلاث ليال من ليالي الشهر اللائي يَلِينَ الدُّرَعَ ظُلَمٌ لإِظْلامِها على غير قياس، لأَن قياسه ظُلْمٌ، بالتسكين، لأَنَّ واحدتها ظَلْماء. و أَظْلَم القومُ: دخلوا في الظَّلام، و في التنزيل العزيز: فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ‏
. و قوله عزَّ و جل: يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ*؛ أَي يخرجهم من ظُلُمات الضَّلالة إلى نور الهُدَى لأَن أَمر الضَّلالة مُظْلِمٌ غير بَيِّنٍ. و ليلة ظَلْماءُ، و يوم مُظْلِمٌ: شديد الشَّرِّ؛ أَنشد سيبويه:
فأُقْسِمُ أَنْ لوِ الْتَقَيْنا و أَنتمُ،             لكان لكم يومٌ من الشَّرِّ مُظْلِمُ‏

و أَمْرٌ مُظْلِم: لا يُدرَى من أَينَ يُؤْتَى له؛ عن أَبي زيد. و حكى اللحياني: أَمرٌ مِظْلامٌ و يوم مِظْلامٌ في هذا المعنى؛ و أَنشد:
أُولِمْتَ، يا خِنَّوْتُ، شَرَّ إيلام             في يومِ نَحْسٍ ذي عَجاجٍ مِظْلام‏

و العرب تقول لليوم الذي تَلقَى فيه شِدَّةً يومٌ مُظلِمٌ، حتى إنهم ليقولون يومٌ ذو كَواكِبَ أَي اشتَدّت ظُلْمته حتى صار كالليل؛ قال:
بَني أَسَدٍ، هل تَعْلَمونَ بَلاءَنا،             إذا كان يومٌ ذو كواكِبَ أَشْهَبُ؟

و ظُلُماتُ البحر: شدائِدُه. و شَعرٌ مُظْلِم: شديدُ السَّوادِ. و نَبْتٌ مُظلِمٌ: ناضِرٌ يَضْرِبُ إلى السَّوادِ من خُضْرَتِه؛ قال:
فصَبَّحَتْ أَرْعَلَ كالنِّقالِ،             و مُظلِماً ليسَ على دَمال‏

378
لسان العرب12

ظلم ص 373

و تكلَّمَ فأَظْلَمَ علينا البيتُ أَي سَمِعنا ما نَكْرَه، و في التهذيب: و أَظْلَم فلانٌ علينا البيت إذا أَسْمَعنا ما نَكْرَه. قال أَبو منصور: أَظْلمَ يكون لازماً و واقِعاً، قال: و كذلك أَضاءَ يكون بالمعنيين: أَضاءَ السراجُ بنفسه إضاءةً، و أَضاء للناسِ بمعنى ضاءَ، و أَضأْتُ السِّراجَ للناسِ فضاءَ و أَضاءَ. و لقيتُه أَدنَى ظَلَمٍ، بالتحريك، يعني حين اخْتَلطَ الظلامُ، و قيل: معناه لقيته أَوّلَ كلِّ شي‏ء، و قيل: أَدنَى ظَلَمٍ القريبُ، و قال ثعلب: هو منك أَدنَى ذي ظَلَمٍ، و رأَيتُه أَدنَى ظَلَمٍ الشَّخْصُ، قال: و إنه لأَوّلُ ظَلَمٍ لقِيتُه إذا كان أَوّلَ شي‏ءٍ سَدَّ بَصَرَك بليل أَو نهار، قال: و مثله لقيته أَوّلَ وَهْلةٍ و أَوّلَ صَوْكٍ و بَوْكٍ؛ الجوهري: لقِيتُه أَوّلَ ذي ظُلْمةٍ أَي أَوّلَ شي‏ءٍ يَسُدُّ بَصَرَكَ في الرؤية، قال: و لا يُشْتَقُّ منه فِعْلٌ. و الظَّلَمُ: الجَبَل، و جمعه ظُلُومٌ؛ قال المُخَبَّلُ السَّعْدِيُّ:
تَعامَسُ حتى يَحْسبَ الناسُ أَنَّها،             إذا ما اسْتُحِقَّت بالسُّيوفِ، ظُلُومُ‏

و قَدِمَ فلانٌ و اليومُ ظَلَم؛ عن كراع، أَي قدِمَ حقّاً؛ قال:
إنَّ الفراقَ اليومَ و اليومُ ظَلَمْ‏


و قيل: معناه و اليومُ ظَلَمنا، و قيل: ظَلَم هاهنا وَضَع الشي‏ءَ في غير موضعه. و الظَّلْمُ: الثَّلْج. و الظَّلْمُ: الماءُ الذي يجري و يَظهَرُ على الأَسْنان من صَفاءِ اللون لا من الرِّيقِ كالفِرِنْد، حتى يُتَخيَّلَ لك فيه سوادٌ من شِدَّةِ البريق و الصَّفاء؛ قال كعب بن زهير:
تَجْلو غَواربَ ذي ظَلْمٍ، إذا ابتسمَتْ،             كأَنه مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلولُ‏

و قال الآخر:
إلى شَنْباءَ مُشْرَبَةِ الثَّنايا             بماءِ الظَّلْمِ، طَيِّبَةِ الرُّضابِ‏

قال: يحتمل أَن يكون المعنى بماء الثَّلْج. قال شمر: الظَّلْمُ بياضُ الأَسنان كأَنه يعلوه سَوادٌ، و الغُروبُ ماءُ الأَسنان. الجوهري: الظَّلْمُ، بالفتح، ماءُ الأَسْنان و بَريقُها، و هو كالسَّوادِ داخِلَ عَظمِ السِّنِّ من شِدَّةِ البياض كفِرِنْد السَّيْف؛ قال يزيد بن ضَبَّةَ:
بوَجْهٍ مُشْرِقٍ صافٍ،             و ثغْرٍ نائرِ الظلْمِ‏

و قيل: الظَّلْمُ رِقَّةُ الأَسنان و شِدَّة بياضها، و الجمع ظُلُوم؛ قال:
إذا ضَحِكَتْ لم تَنْبَهِرْ، و تبسَّمَتْ             ثنايا لها كالبَرْقِ، غُرٌّ ظُلُومُها

و أَظْلَم: نَظَرَ إلى الأَسنان فرأَى الظَّلْمَ؛ قال:
إذا ما اجْتَلى الرَّاني إليها بعَيْنِه             غُرُوبَ ثناياها، أَنارَ و أَظْلَما «2».

و الظَّلِيمُ: الذكَرُ من النعامِ، و الجمع أَظْلِمةٌ و ظُلْمانٌ و ظِلْمانٌ، قيل: سمي به لأَنه ذكَرُ الأَرضِ فيُدْحِي في غير موضع تَدْحِيَةٍ؛ حكاه ابن دريد، قال: و هذا ما لا يُؤْخذُ. و
في حديث قُسّ: و مَهْمَهٍ فيه ظُلْمانٌ.
؛ هو جمع ظَلِيم. و الظَّلِيمانِ: نجمان. و المُظَلَّمُ من الطير: الرَّخَمُ و الغِرْبانُ؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أَنشد:
حَمَتْهُ عِتاقُ الطيرِ كلَّ مُظَلَّم،             من الطيرِ، حَوَّامِ المُقامِ رَمُوقِ‏

__________________________________________________
 (2)
... أضاء ...

بدل‏
... أنار.

 

379
لسان العرب12

ظلم ص 373

و الظِّلَّامُ: عُشْبة تُرْعَى؛ أَنشد أَبو حنيفة:
رَعَتْ بقَرارِ الحَزْنِ رَوْضاً مُواصِلًا،             عَمِيماً من الظِّلَّامِ، و الهَيْثَمِ الجَعْدِ

ابن الأَعرابي: و من غريب الشجر الظِّلَمُ، واحدتها ظِلَمةٌ، و هو الظِّلَّامُ و الظِّلامُ و الظالِمُ؛ قال الأَصمعي: هو شجر له عَسالِيجُ طِوالٌ و تَنْبَسِطُ حتى تجوزَ حَدَّ أَصل شَجَرِها فمنها سميت ظِلاماً. و أَظْلَمُ: موضع؛ قال ابن بري: أَظْلمُ اسم جبل؛ قال أَبو وجزة:
يَزِيفُ يمانِيه لأَجْراعِ بِيشَةٍ،             و يَعْلو شآمِيهِ شَرَوْرَى و أَظْلَما

و كَهْفُ الظُّلم: رجل معروف من العرب. و ظَلِيمٌ و نَعامَةُ: موضعان بنَجْدٍ. و ظَلَمٌ: موضع. و الظَّلِيمُ: فرسُ فَضالةَ بن هِنْدِ بن شَرِيكٍ الأَسديّ، و فيه يقول:
نصَبْتُ لهم صَدْرَ الظَّلِيمِ و صَعْدَةً             شُراعِيَّةً في كفِّ حَرَّان ثائِر

ظنم:
قال الأَزهري: أَما ظَنَم فالناسُ أَهملوه إلا ما رَوَى ثعلبٌ عن ابن الأَعرابي: الظَّنَمةُ الشَّرْبةُ من اللبن الذي لم تُخْرَجْ زُبْدَتُه؛ قال أَبو منصور: أَصلها ظَلَمة.
ظهم:
شي‏ء ظَهْمٌ: خَلَق. و
في الحديث: قال كنا عندَ عبد الله بن عمرو فسُئِلَ أَيُّ المَدينتين تُفْتَحُ أَوَّلَ: قُسْطنْطِينيَّةُ أَو رُومِيَّة؟ فدعا بصندوقٍ ظَهْمٍ، قال: و الظَّهْمُ الخَلَقُ، قال: فأَخْرَجَ كتاباً فنظر فيه و قال: كنا عند النبي، صلى الله عليه و سلم، نَكْتُبُ ما قال، فسُئِل أَيُّ المدينتين تُفْتَح أَوَّلَ: قُسْطنْطِينيَّةُ أَو رُوميَّة؟ فقال رسول الله، صلى الله عليه و سلم: مدينةُ ابنِ هِرَقْلَ تُفْتَح أَوّلَ يعني القُسْطَنْطِينيَّةَ.
؛ قال الأَزهري: كذا جاء مفسراً في الحديث، قال: و لم أَسمعْه إلا في هذا الحديث.
ظوم:
الظَّوْمُ: صوتُ التَّيْسِ عند الهِياجِ، و زعم يعقوبُ أَن ميمه بدل من باء الظابِ.
فصل العين المهملة
عبم:
العَبَامُ و العَباماءُ: الغليظُ الخِلْقةِ في حُمْقٍ، و قيل: هو العَيِيُّ الأَحْمَقُ؛ قال أَوْسُ بنُ حجَر يذْكُرُ أَزْمةً في سنة شديدة البَرْد:
و شُبِّهَ الهَيْدَبُ العَبَامُ من الأَقْوامِ             سَقْباً مُجَلَّلًا فَرَعا

و قد عَبُمَ يَعْبُم عَبامَةً. و يقال للرجل العظيم الجسمِ: عِبَمٌّ و هُدَبِدٌ. و العُبُمُ: جماعةُ عَبامٍ، و هو الذي لا عقلَ له و لا أَدبَ و لا شجاعةَ و لا رأسَ مال، و هو عِبَمٌّ و عَبامَاءُ. و العَبامُ: الفَدْمُ العَيِيُّ الثقيل. و العَبامُ: الماءُ الكثير «1» الغليظُ.
عبثم:
عَبْثَمٌ: اسم.
عتم:
عَتَم الرجلُ عن الشي‏ء يَعْتِمُ و عَتَّم: كَفَّ عنه بعد المُضِيِّ فيه؛ قال الأَزهري: و أَكثر ما يقال عَتَّم تَعْتِيماً، و قيل: عَتَّم احْتَبَسَ عن فِعْل الشي‏ء يريده. و عتَم عن الشي‏ء يَعْتِمُ و أَعْتَم و عَتَّم: أَبْطأَ، و الاسم العَتَمُ: و عَتَم قِراهُ: أَخَّره. و قِرًى عاتِمٌ و مُعَتِّمٌ: بطي‏ءٌ مُمْسٍ، و قد عَتَم‏
__________________________________________________
 (1). قوله [و العبام الماء الكثير] ضبطه في المحكم كسحاب، و في التكملة بخط المؤلف: ماء عبام و عطاء عبام كثير، و ضبطه بالضم بوزن غراب.

380
لسان العرب12

عتم ص 380

قِرَاه. و أَعْتَمه صاحبُه و عَتَّمه أَي أَخَّره. و يقال: فلانٌ عاتِمُ القِرَى؛ قال الشاعر:
فلما رأيْنا أَنه عاتِمُ القِرَى             بَخِيلٌ، ذَكَرْنا ليلةَ الهَضْمِ كَرْدَما

قال ابن بري: و يقال جاءنا ضَيْفٌ عاتِمٌ إذا جاء ذلك الوقتَ؛ قال الراجز:
يَبْني العُلى و يَبْتَني المَكارِما،             أَقْراهُ للضَّيْفِ يؤُوب عاتِمَا

و أَعْتَمْتَ حاجَتك أَي أَخَّرْتَها. و قد عَتَمَتْ حاجتُك، و لغةٌ أُخرى: أَعْتَمَتْ حاجتُك أَي أَبْطأَتْ؛ و أَنشد قوله:
مَعاتِيمُ القِرَى، سُرُفٌ إذا ما             أَجَنَّتْ طَخْيَةُ الليلِ البَهِيمِ‏

و قال الطِّرِمّاحُ يمدح رجلًا:
متى يَعِدْ يُنْجِزْ، و لا يَكْتَبِلْ             منه العَطايا طُولُ إِعْتامِها

و أَنشد ثعلب لشاعر يهجو قوماً:
إذا غابَ عنْكُمْ أَسوَدُ العَينِ كُنْتُمُ             كِراماً، و أَنْتمْ، ما أَقامَ، أَلائِمُ‏
تحَدَّث رُكْبانُ الحَجِيجِ بلُؤْمِكمْ،             و يَقْرِي به الضَّيْفَ اللِّقاحُ العَواتِمُ‏

يقول: لا تكونون كراماً حتى يَغِيبَ عنكم هذا الجبلُ الذي يقال له أَسْوَدُ العَينِ و هو لا يَغِيبُ أَبداً، و قوله:
يقري به الضيفَ اللقاحُ العواتم‏


، معناه أَن أَهل البادية يتَشاغَلون بذكر لُؤْمِكُمْ عن حَلْبِ لِقاحِهم حتى يُمْسُوا، فإذا طَرَقَهم الضيفُ صادفَ الأَلْبانَ بحالها لم تُحْلَبْ فنال حاجَته، فكان لُؤمُكم قِرى الأَضيافِ. قال ابن الأَعرابي: العُتُم يكون فَعالُهم مَدْحاً و يكون ذَمّاً جمعُ عاتِمٍ و عَتُومٍ، فإذا كان مَدْحاً فهو الذي يَقْري ضِيفانَه الليلَ و النهارَ، و إذا كان ذَمّاً فهو الذي لا يَحْلُب لبَنَ إبِله مُمْسِياً حتى ييْأَسَ من الضيف. و حكى ابن بري؛ العَتَمةُ الإِبْطاءُ أَيضاً؛ قال عمرو بن الإِطْنابة:
و جِلاداً إنْ نَشِطْت لهُ             عاجِلًا ليسَتْ له عَتَمه‏

و حمَل عليه فما عَتَّمَ أَي ما نَكَلَ و لا أَبْطأَ. و ضرَبَ فلانٌ فلاناً فما عَتَّم و لا عَتَّبَ و لا كَذَّبَ أَي لم يَتَمَكَّثْ و لم يتَباطأْ في ضرْبه إياه. و
في حديث عمر: نَهى عن الحَريرِ إلا هكذا و هكذا فما عَتَّمْنا.
أَنه يَعْني الأَعْلامَ أَي أَبْطأْنا عن معرفةِ ما عَنى و أَراد؛ قال ابن بري: شاهدُه قولُ الشاعر:
فمَرَّ نَضِيُّ السَّهمِ تحتَ لَبانِه،             و جالَ على وَحْشِيِّه لم يُعَتِّمِ‏

قال الجوهري: و العامَّةُ تقولُ ضرَبَهُ فما عَتَّبَ. و
في الحديث في صفة نَخْلٍ: أَنَّ سَلْمانَ غرَس كذا و كذا وَدِيَّةً و النبيُّ، صلى الله عليه و سلم، يُناوِلُه و هو يَغْرِسُ فما عَتَّمَتْ منها وَدِيَّةٌ.
أَي ما لَبِثَتْ أَن عَلِقَتْ. و عَتَمَتِ الإِبلُ تَعْتِمُ و تَعْتُمُ و أَعْتَمَتْ و اسْتَعْتَمَتْ: حُلِبَتْ عِشاءً و هو من الإِبْطاء و التَّأَخُّرِ؛ قال أَبو محمد الحَذْلَمِيُّ:
فيها ضَوىً قد رُدَّ من إِعْتامِها


و العَتَمَةُ: ثلثُ الليلِ الأَولُ بعد غَيْبوبةِ الشَّفَقِ. أَعْتَم الرجلُ: صار في ذلك الوقت. و يقال: أَعْتَمنا من العَتَمَةِ كما يقال أَصْبَحْنا من الصُّبْحِ. و أَعْتَم‏

381
لسان العرب12

عتم ص 380

القومُ و عَتَّمُوا تَعْتِيماً: ساروا في ذلك الوقت، أَو أَوْرَدُوا أو أَصْدَروا، أَو عَمِلوا أَيَّ عَمَلٍ كان، و قيل: العَتَمةُ وقتُ صلاةِ العشاء الأَخيرةِ، سميت بذلك لاسْتِعْتامِ نَعَمِها، و قيل: لِتَأخُّر وقتِها. ابن الأَعرابي: عَتَم الليلُ و أَعْتَم إذا مَرَّ قِطْعةٌ من الليل، و قال: إذا ذَهب النهارُ و جاء الليل فقد جَنَح الليلُ. و
في الحديث: لا يَغْلِبَنَّكُم الأَعرابُ على اسْمِ صَلاتِكم العشاءِ؛ فإن اسْمها في كتاب الله العِشاءُ، و إنما يُعْتَمُ بحِلابِ الإِبل.
؛ قوله: إنما يُعْتَمُ بِحلابِ الإِبل.
، معناه لا تُسَمُّوها صلاةَ العَتَمة فإن الأَعرابَ الذين يَحْلُبُونَ إبلَهم إذا أَعْتَموا أَي دخلوا في وقت العَتَمة سَمَّوْها صلاةَ العَتَمة، و سَمَّاها اللهُ عز و جل في كتابه صلاةَ العشاء، فسَمُّوها كما سَمَّاها اللهُ لا كما سماها الأَعرابُ، فنهاهم عن الاقتداء بهم، و يُستحَبُّ لهم التَّمَسُّكُ بالاسم الناطق به لسانُ الشريعةِ، و قيل: أراد لا يَغُرَّنَّكُمْ فعْلُهم هذا فَتُؤَخِّروا صلاتكم و لكن صَلُّوها إذا حانَ وقْتُها. و عَتَمةُ الليلِ: ظلامُ أَوَّلهِ عند سقوطِ نور الشفقِ. يقال: عَتَم الليلُ يَعْتِمُ. و قد أَعْتَم الناسُ إذا دَخَلوا في وقت العَتَمة، و أَهلُ البادِية يُرِيحون نَعَمَهم بُعَيْدَ المَغْرِب و يُنِيخُونَها في مُراحِها ساعةً يَسْتَفِيقونها، فإذا أَفاقَت و ذلك بعد مَرِّ قطعة من الليلِ أَثارُوها و حَلَبوها، و تلك الساعةُ تُسَمَّى عَتَمةً، و سمعتهم يقولون: اسْتَعْتِمُوا نَعَمَكم حتى تُفِيقَ ثم احْتَلِبوها. و
في حديث أَبي ذَرّ: و اللِّقاحُ قد رُوِّحَتْ و حُلِبتْ عَتَمتُها.
أَي حُلِبَتْ ما كانت تُحْلَبُ وقتَ العَتَمةِ، و هم يُسَمُّون الحِلاب عَتَمةً باسم الوقت. و يقال: قَعَدَ فلان عندنا قَدْرَ عَتَمة الحَلائبِ أَي احْتَبَس قدر احْتِباسها للإِفاقَةِ. و أَصلُ العَتْمِ في كلام العرب المُكْثُ و الاحْتِباسُ. قال ابن سيدة: و العَتَمةُ بقِيَّةُ اللبنِ تُفيقُ بها النَّعَمُ في تلك الساعةِ. يقال: حَلَبْنا عَتَمةً. و عَتَمةُ الليلُ: ظَلامُه. و قوله: طَيْفٌ أَلَمّ بذِي سَلَمْ، يَسْرِي عَتَمْ بينَ الخِيَمْ، يجوز أَن يكون على حذف الهاء كقولهم هو أَبو عُذْرِها؛ و قوله:
أَلا ليتَ شِعْرِي هل تَنَظَّرَ خالِدٌ             عِيادِي على الهِجْرانِ أَم هو يائِسُ؟

قد يكون من البُطْءِ أَي يَسْري بطِيئاً، و قد عَتَم الليلُ يَعْتِمُ. و عَتَمَةُ الإِبلِ: رُجوعُها من المَرْعى بعد ما تُمْسي. و ناقةٌ عَتُومٌ: و هي التي لا تَزالُ تَعَشَّى حتى تَذْهَبَ ساعةٌ من الليل و لا تُحْلَبُ إلا بعد ذلك الوقت؛ قال الراعي:
أُدِرُّ النَّسا كيْلا تَدِرَّ عَتُومُها


و العَتُومُ: الناقةُ التي لا تَدِرُّ إلا عَتَمَةً. قال ابن بري: قال ثعلب العَتُومة الناقةُ الغزيرةُ الدَّرّ؛ و أَنشد لعامر بن الطُّفَيْلِ:
سُودٌ صَناعِيَةٌ، إذا ما أَوْرَدُوا             صَدَرَتْ عَتُومَتُهمْ، و لَمَّا تُحْلَبِ‏
صُلْعٌ صَلامعةٌ، كأَنَّ أُنُوفَهُمْ             بَعَرٌ يُنَظِّمهُ الوَلِيدُ بِمَلْعَب‏
لا يَخْطُبونَ إلى الكرامِ بنَاتِهمْ،             و تَشِيبُ أَيِّمُهُمْ و لما تُخْطَبِ‏

و يروى:
يُنَظّمُه وَليدٌ يَلْعَبُ‏


سُودٌ صَناعِيَةٌ: يَصْنعونَ المالَ و يُسَمّنُونَه،

382
لسان العرب12

عتم ص 380

و الصَّلامِعَةُ: الدِّقاقُ الرُّؤُوس. قال الأَزهري: العَتُوم ناقةٌ غَزِيرَةٌ يُؤخَّرُ حِلابُها إلى آخر الليل. و قيل: ما قَمْراءُ أَرْبَع «1»؟ فقيل: عَتَمةُ رُبَع أَي قَدْر ما يَحْتَبِسُ في عشَائه؛ قال أَبو زيد الأَنصاري: العرب تَقول للقَمَرِ إذا كان ابن لَيْلَةٍ: عَتَمَةُ سُخَيْلة حَلَّ أَهلُها برُمَيْلة أَي قَدْرُ احْتِباسِ القَمَرِ إذا كان ابن ليلة، ثم غُروبِه قدْر عَتَمةِ سَخْلَةٍ يَرْضَعُ أُمَّه، ثم يَحْتَبِسُ قليلًا، ثم يعودُ لرَضاعِ أُمِّه، و ذلك أَن يُفَوِّقَ السِّخْلُ أمَّه فُواقاً بعدَ فُواقٍ يَقْرُبُ و لا يَطولُ، و إذا كان القمرُ ابنَ لَيْلَتَيْن قيل له: حديثُ أَمَتَيْن بكَذِبٍ و مَيْنٍ، و ذلك أَن حَدِيثَهما لا يَطولُ لشُغْلِهما بمَهْنَةِ أَهْلِهما، و إذا كان ابنَ ثلاث قيل: حدِيثُ فَتَياتٍ غيرِ مُؤْتَلفاتٍ، و إذا كان ابنَ أَرْبَع قيل: عَتَمةُ رُبَع غير جائع و لا مُرْضَع؛ أَرادوا أَن قدرَ احتباسِ القَمَرِ طالعاً ثم غُروبه قدرُ فُواقِ هذا الرُّبَعِ أَو فُواق أُمِّه. و قال ابن الأَعرابي: عَتَمَةُ أُمِّ الرُّبَع، و إذا كان ابنَ خَمْسٍ قيل: حديثٌ و أُنْس، و يقال: عَشاءُ خَلفاتٍ قُعْسٍ، و إذا كان ابنَ سِت قيل: سِرْ و بِتْ، و إذا كان ابنَ سَبْع قيل: دُلْجَةُ الضَّبُعُ، و إذا كان ابنَ ثَمان قيل: قَمَرٌ إضْحِيان، و إذا كان ابنَ تِسْع قيل: يُلْقَطُ فيه الجِزْعُ، و إذا كان ابنَ عَشْر قيل له: مُخَنِّقُ الفَجْر؛ و قول الأَعشى:
نُجُومَ الشِّتاء العَاتماتِ الغَوامِضا


يعني بالعاتماتِ التي تُظْلِمُ من الغَبَرة التي في السماء، و ذلك في الجَدْب لأَن نجومَ الشِّتاء أَشدُّ إضاءةً لنَقاء السماء. و ضَيْفٌ عاتِمٌ: مُقِيمٌ. و عَتَّمَ الطائرُ إذا رَفْرَفَ على رَأْسِكَ و لم يَبْعُدْ، و هي بالغين و الياء أَعلى. و عَتَم عَتْماً: نَتَفَ؛ عن كراع. و العُتْم و العُتُم: شجر الزيتون البَرِّي الذي لا يَحْمِلُ شيئاً، و قيل: هو ما يَنْبتُ منه بالجبال. و
في حديث أَبي زَيْدٍ الغَافِقيِّ: الأَسْوِكَةُ ثلاثةٌ أَراكٌ فإن لم يكنْ فَعَتَمٌ أَو بُطْمٌ.
؛ العَتَمُ، بالتحريك: الزَّيْتونُ، و قيل: شي‏ء يُشْبِههُ يَنْبُت بالسَّراة؛ و قال ساعدةُ بن جُؤَيَّة الهُذَليُّ:
من فَوْقِه شُعَبٌ قُرٌّ، و أَسْفَلُه             جَي‏ءٌ تَنَطَّقَ بالظَّيَّانِ و العَتَم‏

و ثَمَرُه الزَّغْبَجُ، و الجَيْ‏ءُ: الماءُ الذي يَخْرُجُ من الدُّور فيجتمع في موضع واحد، و منه أُخِذَ هذه الْجَيْئَةُ المعروفة؛ و قال أمية:
تِلْكُمْ طَرُوقَتُه، و اللهُ يَرْفَعها،             فيها العَذاةُ، و فيها يَنْبُتُ العَتَمُ‏

و قال الجَعْدِيّ:
تَسْتَنُّ بالضِّرْوِ من بَراقِشَ أَوْ             هَيْلانَ، أو ناضِرٍ منَ العُتُم‏

و قوله:
ارْمِ على قَوْسِكَ ما لم تَنْهَزِمُ،             رَمْيَ المَضَاءِ و جَوادِ بنِ عُتُمْ‏

يجوز في عُتُمٍ أَن يكون اسم رجل و أَن يكون اسم فرسٍ.
عثم:
العَثْمُ: إِساءَةُ الجَبْر حتى يبقى فيه أَوَدٌ كهيئة المَشَشِ. عَثَمَ العظمُ يَعْثِمُ عَثْماً و عَثِمَ عَثَماً، فهو عَثِمٌ: ساء جَبْرُه و بقي فيه أَوَدٌ فلم يَسْتَوِ.
__________________________________________________
 (1). قوله [ما قمراء أربع‏] كذا في الصحاح و القاموس، و الذي في المحكم: ما قمر أربع، بغير مد.

383
لسان العرب12

عثم ص 383

و عَثَمَ العظمُ المكسورُ إذا انجَبر على غير استواء، و عَثَمْتُه أَنا، يتعدّى و لا يتعدّى. و عَثَمه يَعْثِمُه عَثْماً و عَثَّمه، كلاهما: جَبَره، و خص بعضُهم به جَبْرَ اليد على غير استواء. يقال: عَثَمَتْ يدُه تَعْثِمُ و عَثَمْتُها أنا إذا جَبرْتَها على غير استواء. و قال الفراء: تَعْثُم، بضم الثاء، و تَعْثُل مثله؛ قال ابن جني: هذا و نحوه من باب فَعَلَ و فعَلْتُه شاذٌّ عن القياس، و إن كان مطرداً في الاستعمال، إلا أن له عندي وجهاً لأَجله جاز، و هو أَن كل فاعل غيرَ القديم سبحانه فإنما الفِعْلُ فيه شي‏ءٌ أُعِيرَه و أُعْطِيَه و أُقدِرَ عليه، فهو و إن كان فاعِلًا فإنه لما كان مُعاناً مُقْدَراً صار كأَنَّ فعله لغيره، أ لا ترى إلى قوله سبحانه: وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى‏؟ قال: و قد قال بعضُ الناس إن الفعلَ لله و إن العبدَ مُكْتَسِبٌ، قال: و إن كان هذا خطأ عندنا فإنه قولٌ لقوم، فلما كان قولُهم عَثَم العظمُ و عَثَمْتُه أنَّ غيره أعانه «1»، و إنْ جرى لفظُ الفعل له تجاوَزَتِ العربُ ذلك إلى أن أَظهرت هناك فِعْلًا بلفظ الأَوَّلِ مُتَعدِّياً، لأَنه قد كان فاعِلُه في وقت فعلِه إياه، إنما هو مُشاءٌ إليه أَو مُعانٌ عليه، فخَرج اللفظان لما ذكرنا خُروجاً واحداً، فاعْرِفْه، و ربما استعمل في السيف على التشبيه؛ قال:
فقد يُقْطَعُ السيفُ اليَماني و جَفْنُه             شَباريقَ أَعشارٍ عُثِمْنَ على كَسْرِ

قال ابن شميل: العَثْمُ في الكَسْر و الجُرْحِ تَداني العَظمِ حتى هَمَّ أَن يَجْبُر و لم يجْبُرْ بعدُ كما ينبغي. يقال: أَ جَبَر عظمُ البعير؟ فيقال: لا، و لكنه عَثَم و لم يجْبُر. و قد عَثَم الجرحُ: و هو أَن يَكْنُبَ و يَجْلُبَ و لم يَبرأْ بعدُ. و
في حديث النَّخَعي: في الأَعضاء إذا انجبرَتْ على غير عَثْمٍ صُلحٌ، و إذا انجبرتْ على عَثْمٍ الدِّيةُ.
يقال: عَثَمْت يَدَه فعَثَمَتْ إذا جَبرتَها على غير استواء و بقي فيها شي‏ءٌ لم يَنحَكِمْ، و مثله من البناء رَجَعْتُه فرَجَع و وقَفْته فوَقَفَ، و رواه بعضهم عَثَلَ، باللام، و هو بمعناه؛ و أَما قول عمرو بن الإِطنابَةِ لأُحيحة بن الجُلاحِ:
فِيمَ تَبْغِي ظُلْمَنا و لِمَه             في وُسوقٍ عَثْمةٍ قَنِمه؟

فإن ثعلباً قال: عَثْمة فاسدة و أَظن أَنها ناقصة مشتق من العَثْمِ، و هو ما قدَّمْنا من أَن يجْبَر العَظمُ على غير استواء، و إن شئتَ قلتَ إن أَصل العَثْمِ الذي هو جَبر العظمِ الفسادُ أَيضاً، لأَن ذلك النوعَ من الجبْر فسادٌ في العظم و نقصانٌ عن قوّته التي كان عليها أَو عن شكله. ابن الأَعرابي: العُثُم جمع عاثِمٍ و هم المُجَبِّرون، عَثَمَه إذا جَبَرَه. و حكى ابن الأَعرابي عن بعض العرب: إني لأَعثِم شيئاً من الرَّجَز أَي أَنتِفُ. و العَيْثومُ: الضخم الشديد من كل شي‏ء. و جمل عَيْثُومٌ: ضَخم شديد؛ و أَنشد لعلقمة بن عَبْدة:
يَهْدي بها أَكلَفُ الخَدَّينِ مُخْتَبَرٌ،             من الجِمالِ، كثيرُ اللحمِ عَيْثُومُ‏

و العَيْثُوم: الفيلُ، و كذلك الأُنثى؛ قال الأَخطل:
و مُلَحَّبٍ خَضِلِ النَّباتِ، كأَنما             وَطِئَتْ عليه، بخُفِّها، العَيْثومُ‏

مُلَحَّبٌ: مُجَرَّحٌ؛ و قال الشاعر:
و قد أَسِيرُ أَمامَ الحَيِّ تَحْمِلُني             و الفَضْلَتَينِ كِنازُ اللحمِ عَيثُومُ‏

__________________________________________________
 (1). قوله [أن غيره أعانه‏] هكذا في الأَصل، و لعل في الكلام سقطاً.

384
لسان العرب12

عثم ص 383

و جمعه عَياثِمُ. و قال الغَنويُّ: العَيْثوم الأُنثى من الفِيَلة؛ و أَنشد الأَخطل:
ترَكُوا أُسامة في اللِّقاءِ، كأَنَّما             وَطِئَتْ عليه بخُفِّها العَيْثُومُ‏

و العَيْثُوم أَيضاً: الضَّبُعُ. و بعير عَيْثَمٌ: ضخم طويل. و امرأة عَيثَمةٌ: طويلة. و بعير عَثَمْثَم: قويّ طويل في غِلَظ، و قيل: شديد عظيم، و كذلك الأَسد. و ناقةٌ عَثَمْثمة: شديدة عَلِيَّة، و قيل: شديدة عظيمة، و الذكر عَثَمْثم. و العَثَمْثَم من الإِبل: الطويلُ في غِلظٍ، و الجمع عَثَمْثمات؛ و
في حديث ابن الزبير: أَن نابغةَ بني جَعدة امتدحه فقال يصف جملًا:
أَتاكَ أَبو لَيلى يَجُوبُ به الدُّجى،             دُجى الليلِ، جَوَّابُ الفَلاةِ عَثَمْثَمُ.


هو الجمَل القويُّ الشديد. و بَغْل عَثَمْثم: قويّ. و العَثَمْثم: الأَسدُ، و يقال ذلك من شدة وطئه؛ و قال:
خُبَعْثِنٌ مِشْيَتُه عَثَمْثَمُ‏


و مَنكِبٌ عَثَمْثمٌ: شديد؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أَنشد:
إلى ذراع مَنْكِبٍ عَثَمْثمِ‏


و العَيْثامُ: الدُّلبُ، واحدتُه عَيثامةٌ، و هي شجرة بيضاء تَطولُ جدَّاً، و قيل: العَيْثامُ شجر. أَبو عمرو: العُثْمانُ الجانُّ في أَبواب الحيّات، و العُثمان فَرْخ الثُّعبان، و قيل: فَرْخ الحية ما كانت، و كنية الثُّعبان أَبو عثمان؛ حكاه علي بن حمزة، و به كُنِّيَ «2». الحَنَشُ أَبا عُثمان. و العُثْمان فَرْخ الحُبارى. و عُثمانُ و العَثَّامُ و عَثَّامةُ و عَثْمةُ: أَسماء؛ و قال سيبويه: لا يُكَسَّر عُثمانُ لأَنك إن كَسَّرْته أَوجبت في تحقيره عُثَيْمِين، و إنما تقول عُثمانون فتُسلِّم كما يجب له في التحقير عُثَيمان، و إنما وجب له في التحقير ذلك لأَنا لم نسمعهم قالوا عَثامِينُ، فحملنا تحقيره على باب غَضْبان لأَن أَكثر ما جاءَت في آخره الأَلف و النون إنما هو على باب غَضبان. و عُثمانُ: قبيلة؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
أَلقَتْ إليه، على جَهْدٍ، كَلاكِلَها             سَعدُ بنُ بَكْرٍ، و من عُثمانَ من وَشَلا

و عَثَمتِ المرأَةُ المَزادةَ و أَعْثَمَتْها إذا خرَزَتْها خَرْزاً غير مُحْكَمٍ؛ و في المثل: إلا أَكُنْ صَنَعاً فإني أَعْتَثِمْ أَي إن لم أَكن حاذِقاً فإني أَعمل على قدر معرفتي و يقال: خُذْ هذا فاعْتَثِمْ به أَي فاستَعِنْ به. و قال ابن الفرَج: سمعتُ جماعةً من قَيْس يقولون: فلان يَعْثِمُ و يَعْثِنُ أَي يَجْتَهِدُ في الأَمر و يُعْمِل نفْسَه فيه. و يقال: العُثمان فَرْخ الحُبارى.
عثلم:
عَثْلَمةُ: موضع.
عجم:
العُجْمُ و العَجَمُ: خِلافُ العُرْبِ و العَرَبِ، يَعْتَقِبُ هذانِ المِثالانِ كثيراً، يقال عَجَمِيٌّ و جمعه عَجَمٌ، و خلافه عَرَبيّ و جمعه عَرَبٌ، و رجل أَعْجَم و قوم أعْجَمُ؛ قال:
سَلُّومُ، لو أَصْبَحْتِ وَسْطَ الأَعْجَمِ             في الرُّومِ أَو فارِسَ، أَو في الدَّيْلَمِ،
إذاً لَزُرناكِ و لو بسُلَّمِ‏


و قول أَبي النَّجْم:
__________________________________________________
 (2). قوله [و به كني إلخ‏] هو في أصله المنقول منه مرتب بقوله: فرخ الحية ما كانت، و ما بينهما اعتراض؛ من كلام التهذيب.

385
لسان العرب12

عجم ص 385

و طَالَما و طَالَما و طالَما             غَلَبْتُ عاداً، و غَلَبْتُ الأَعْجَما

إنما أَراد العَجَم فأَفرده لمقابلته إياه بعادٍ، و عادٌ لفظ مفرد و إِن كان معناه الجمعَ، و قد يُرِيدُ الأَعْجَمِينَ، و إِنما أَراد أَبو النجم بهذا الجَمْعَ أَي غلبتُ الناسَ كُلَّهم، و إن كان الأَعْجَمُ ليسوا ممن عارَضَ أَبو النجم، لأَن أَبا النجم عربي و العَجَم غير عرب، و لم يجعل الأَلف في قوله و طالما الأَخيرةَ تأْسيساً لأَنه أَراد أَصل ما كانت عليه طال و ما جميعاً إذا لم تجعلا كلمة واحدة، و هو قد جعلهما هنا كلمة واحدة، و كان القياسُ أَن يجعلها هاهنا تأْسيساً لأَن ما هاهنا تَصْحَبُ الفعلَ كثيراً. و العَجَمُ: جمع العَجميّ، و كذلك العَرَبُ جمع العَرَبيّ، و نَحْوٌ من هذا جَمْعُهم اليهوديَّ و المجوسيَّ اليهودَ و المجوس. و العُجْمُ: جمع الأَعْجَمِ الذي لا يُفْصِحُ، و يجوز أَن يكون العُجْمُ جمعَ العَجَم، فكأَنه جمع الجمع، و كذلك العُرْبُ جمعُ العَرَبِ. يقال: هؤلاء العُجْمُ و العُرْبُ؛ قال ذو الرمة:
و لا يَرى مِثْلَها عُجْمٌ و لا عَرَبُ‏


فأَراد بالعُجْم جمعَ العَجَمِ لأَنه عطف عليه العَرَبَ. قال أَبو إسحاق: الأَعْجَمُ الذي لا يُفْصِحُ و لا يُبَيِّنُ كلامَه و إِن كانَ عَرَبيَّ النَّسبِ كزيادٍ الأَعْجَمِ؛ قال الشاعر:
مَنْهَل للعبادِ لا بُدَّ منه،             مُنْتَهى كلِّ أَعْجَمٍ و فَصِيح‏

و الأُنثى عَجْماءُ، و كذلك الأَعْجَميُّ، فأَما العَجَميُّ فالذي من جنس العَجَم، أَفْصَحَ أَو لم يُفْصِحْ، و الجمع عَجَمٌ كَعَرَبيّ و عَرَبٍ و عَرَكيّ و عَرَكٍ و نَبَطيّ و نَبَطٍ و خَوَليّ و خَوَلٍ و خَزَريّ و خَزَرٍ. و رجل أَعْجَميٌّ و أَعْجَمُ إذا كان في لسانه عُجْمة، و إن أَفْصَحَ بالعجمية، و كلامٌ أَعْجَمُ و أَعْجَميٌّ بَيِّنُ العُجْمة. و في التنزيل: لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌ‏؛ و جمعه بالواو و النون، تقول: أَحْمَرِيٌّ و أَحْمَرُونَ و أَعْجَمِيٌّ و أَعْجَموُن على حَدِّ أَشْعَثِيّ و أَشْعَثِينَ و أَشْعَريّ و أَشْعَرِينَ؛ و عليه قوله عز و جل: وَ لَوْ نَزَّلْناهُ عَلى‏ بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ‏؛ و أَما العُجْمُ فهو جمع أَعْجَمَ، و الأَعْجَمُ الذي يُجْمَعُ على عُجْمٍ يَنْطَلِقُ على ما يَعْقِلُ و ما لا يَعْقِل، قال الشاعر:
يَقُولُ الخَنا و أَبْغَضُ العُجْمِ ناطقاً،             إلى ربِّنا، صَوْتُ الحِمارِ اليُجَدَّعُ‏

و يقال: رَجُلانِ أعْجمانِ، و يُنْسَبُ إلى الأَعْجَمِ الذي في لسانه عُجْمةٌ فيقال: لسانٌ أَعْجَميٌّ و كِتابٌ أَعْجَميٌّ، و لا يقال رجل أَعجميٌّ فتَنسبُه إلى نفسه إلَّا أَن يكون أَعْجَمُ و أَعْجَمِيٌّ بمعنىً مثل دَوَّارٍ و دَوَّاريّ و جَمَلٍ قَعْسَرٍ و قَعْسَريّ، هذا إذا ورَدَ ورُوداً لا يُمْكِنُ رَدُّه. و قال ثعلب: أَفْصَحَ الأَعْجَمِيٌّ؛ قال أَبو سهل: أَي تكلم بالعربية بعد أَن كان أَعْجَمِيّاً، فعلى هذا يقال رجل أَعْجَمِيٌّ، و الذي أَراده الجوهري بقوله: و لا يقال رجل أَعْجَمِيٌّ، إنما أَراد به الأَعْجَمَ الذي في لسانه حُبْسَةٌ و إن كان عربيّاً؛ و أَما قولُ ابنِ مَيَّادَةَ، و قيل هو لمِلْحَة الجَرْميّ:
كأَنَّ قُرادَيْ صَدْرِه طَبَعَتْهما،             بطينٍ من الجَوْلان، كُتَّابُ أَعْجَمِ‏

فلم يُرِدْ به العَجَمَ و إنما أَراد به كُتَّابَ رَجُل‏

386
لسان العرب12

عجم ص 385

أَعجَمَ، و هو مَلِكُ الروم. و قوله عَزَّ و جَلَّ: ءَ أَعْجَمِيٌّ وَ عَرَبِيٌ‏، بالاستفهام؛ جاء في التفسير: أَ يكون هذا الرسولُ عربيّاً و الكتابُ أَعجمي. قال الأَزهري: و معناه أَن الله عز و جل قال: وَ لَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا هَلَّا فُصِّلَتْ آياتُه عَرَبِيَّةً مُفَصَّلةَ الآي كأَن التَّفْصِيل للسان العَرَب، ثم ابتدأَ فقال: ءَ أَعْجَمِيٌّ وَ عَرَبِيٌ‏، حكايةً عنهم كأَنهم يَعْجبون فيقولون كتابٌ أَعجميّ و نبيّ عربي، كيف يكون هذا؟ فكان أَشد لتكذيبهم، قال أَبو الحسن: و يُقرأ ءَ أَعْجَمِيٌ‏، بهمزتين، و آعجمي بهمزة واحدة بعدها همزة مخففة تشبه الأَلف، و لا يجوز أن تكون أَلفاً خالصة لأَن بعدها عيناً و هي ساكنة، و يُقرأُ أَعْجَميٌّ، بهمزة واحدة و العين مفتوحة؛ قال الفراء: و قراءة الحسن بغير استفهام كأنه جعله من قِبَلِ الكَفَرَة، و جاء في التفسير أَن المعنى لو جعلناه قرآناً أَعجميّاً لقالوا هَلّا بُيِّنَتْ آياته، أَ قرآنٌ و نَبيٌّ عَربي، و من قرأَ آعجمي بهمزة و أَلف فإنه منسوب إلى اللسان الأَعجمي، تقول: هذا رجل أَعْجميٌّ إذا كان لا يُفْصِحُ، كان من العَجَمِ أَو من العَرَب. و رجل عَجَمِيٌّ إذا كان من الأَعاجِم، فَصِيحاً كان أَو غير فصيح، و الأَجْوَدُ في القراءةِ آعْجَميٌّ، بهمزة و أَلف على جهة النسبة إلى الأَعْجَمِ، أ لا تَرى قَوْلَه: وَ لَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا؟ و لم يقرأْه أحد عَجَمِيّاً؛ و أَما قراءة الحسن: أَ عَجَمِيٌّ و عربي، بهمزة واحدة و فتح العين، فعلى معنى هَلَّا بُيِّنَتْ آياتُه فَجُعِلَ بعضُه بياناً للعَجَم و بعضُه بياناً للعرب. قال: و كل هذه الوجوه الأَربعة سائغةٌ في العربية و التفسير. و أَعْجَمْتُ الكتابَ: ذَهَبْتُ به إلى العُجْمَةِ، و قالوا: حروفُ المُعْجم فأَضافوا الحروفَ إلى المُعْجَم، فإن سأَل سائل فقال: ما معنى حروف المعجم؟ هل المُعْجَم صفةٌ لحروفٍ هذه أَو غير وصف لها؟ فالجواب أَنَّ المُعْجَم من قولنا حروفُ المُعْجَم لا يجوز أَن يكون صفة لحروفٍ هذه من وجهين: أَحدهما أَن حروفاً هذه لو كانت غير مضافة إلى المُعْجَم لكانت نكرة و المُعْجَم كما ترى معرفة و محال وصف النكرة بالمعرفة، و الآخر أَن الحروفَ مضافةٌ و محال إضافة الموصوف إلى صفته، و العلة في امتناع ذلك أَن الصفة هي الموصوف على قول النحويين في المعنى، و إضافةُ الشي‏ء إلى نفسه غير جائزة، و إذا كانت الصفةُ هي الموصوف عندهم في المعنى لم تجز إضافة الحروف إلى المعجم، لأَنه غير مستقيم إضافةُ الشي‏ءِ إلى نفسه، قال: و إنما امتنع من قِبَلِ أَن الغَرَضَ في الإِضافة إنما هو التخصيصُ و التعريفُ، و الشي‏ء لا تُعَرِّفُه نفسهُ لأَنه لو كان معرفة بنفسه لما احتيج إلى إضافته، إنما يضاف إلى غيره ليُعَرِّفَه، و ذهب محمد بن يزيد إلى أَن المُعْجَم مصدر بمنزلة الإِعجام كما تقول أَدْخَلْتُه مُدْخَلًا و أَخْرَجْتُه مُخْرَجاً أَي إدخالًا و إخراجاً. و حكى الأَخفش أَن بعضهم قَرَأَ: و من يُهِنِ اللهُ فما له من مُكْرَم، بفتح الراء، أَي من إكْرامٍ، فكأَنهم قالوا في هذا الإِعْجام، فهذا أَسَدُّ و أَصْوَبُ من أن يُذْهَب إلى أَن قولهم حُروف المُعْجَم بمنزلة قولهم صلاةُ الأُولى و مسجد الجامع، لأَن معنى ذلك صلاة الساعةِ الأُولى أَو الفَريضةِ الأُولى و مسجد اليوم الجامع، فالأُولى غيرُ الصلاةِ في المَعنى و الجامعُ غيرُ المسجد في المعنى، و إنما هما صِفتان حُذف موصوفاهما و أُقيما مُقامَهما، و ليس كذلك حُروفُ المُعْجَم لأَنه ليس معناه حروفَ الكلامِ المعجم و لا حروف اللفظِ المعجم، إنما المعنى أَن الحروفَ هي المعجمةُ فصار قولنا حروف المعجم من باب إضافة المفعول إلى المصدر، كقولهم هذه مَطِيَّةُ رُكُوبٍ أَي من شأْنها أَن‏

387
لسان العرب12

عجم ص 385

تُرْكَب، و هذا سَهْمُ نِضالٍ أَي من شأْنه أَن يُناضَلَ به، و كذلكَ حروفُ المعجم أَي من شأْنها أَن تُعجَم، فإن قيل إن جميع الحروف ليس مُعْجَماً إنما المُعْجمُ بَعْضُها، أَ لا ترى أَنَّ الأَلفَ و الحاء و الدالَ و نحوها ليس معجماً فكيف استجازوا تسميةَ جميعِ هذه الحروفِ حُروفَ المعجم؟ قيل: إنما سُمّيت بذلك لأَن الشكل الواحدَ إذا اختلفتْ أَصواتُه، فأَعْجَمْتَ بَعْضَها و ترَكْتَ بعضَها، فقد علم أَن هذا المتروكَ بغير إعجام هو غيرُ ذلك الذي مِنْ عادته أَن يُعْجَمَ، فقد ارتفع أَيضاً بما فعَلُوا الإِشكالُ و الاسْتِبْهامُ عنهما جميعاً، و لا فرقَ بين أَن يزولَ الاستبهامُ عن الحرفِ بإعْجامٍ عليه، أَو ما يقوم مَقامَ الإِعجام في الإِيضاحِ و البيان، أَ لا ترى أَنك إذا أَعْجَمْتَ الجيمَ بواحدةٍ من أَسفلَ و الخاءَ بواحدةٍ من فَوْقُ و تركتَ الحاءَ غُفْلًا فقد عُلِمَ بإِغْفالها أَنها ليست بواحدةٍ من الحرفين الآخَرَيْن، أَعني الجيمَ و الخاء؟ و كذلك الدالُ و الذالُ و الصادُ و سائرُ الحروف، فلما اسْتَمَرَّ البيانُ في جميعها جاز تسميتُها حروفَ المعجم. و سئل أَبو العباس عن حروف المعجم: لِمَ سُمِّيَت مُعْجَماً؟ فقال: أَما أَبو عمرو الشَّيْبانيُّ فيقول أَعْجَمْتُ أَبهمت، و قال: و العَجَمِيُّ مُبْهَمُ الكلامِ لا يتبين كلامُه، قال: و أَما الفراء فيقول هو من أَعْجَمْتُ الحروف، قال: و يقال قُفْلٌ مُعْجَم و أَمْرٌ مُعْجَم إذا اعْتاصَ، قال: و سمعت أَبا الهَيْثَم يقول مُعجمُ الخَطِّ هو الذي أَعْجَمه كاتِبُه بالنقط، تقول: أَعْجَمْتُ الكتابَ أُعْجِمهُ إعْجاماً، و لا يقال عَجَمْتُه، إنما يقال عَجَمْتُ العُودَ إذا عَضَضْتَه لتَعرِفَ صَلابتَه من رَخاوتِه. و قال الليث: المعجم الحروفُ المُقَطَّعَةُ، سُمِّيت مُعْجَماً لأَنها أَعجمية، قال: و إذا قلت كتابٌ مُعَجَّمٌ فإن تَعْجيمَه تنقيطُه لِكَيْ تسْتبِينَ عُجْمَتُه و تَضِحَ، قال الأَزهري: و الذي قاله أَبو العباس و أَبو الهَيْثم أَبْينُ و أَوْضَحُ. و
في حديث عطاء: سُئل عن رجل لَهَزَ رجلًا فقَطَعَ بعضَ لسانه فعَجَمَ كلامَه فقال: يُعْرَضُ كلامُه على المُعْجَم، فما نقَصَ كلامُه منها قُسِمَت عليه الدِّيةُ.
؛ قال ابن الأَثير: حروف المعجم حروف أ ب ت ث، سميت بذلك من التَّعْجيم، و هو إزالة العُجْمة بالنقط. و أَعْجَمْت الكتاب: خلافُ قولك أَعْرَبْتُه؛ قال رؤبة «1»:
الشِّعرُ صَعْبٌ و طَويلٌ سُلَّمُهْ،             إذا ارْتَقَى فيه الذي لا يَعْلَمُهْ،
زَلَّتْ به إلى الحَضِيضِ قَدَمُهْ،             و الشِّعْرُ لا يَسْطِيعُه مَنْ يَظْلِمُهْ،
يُريدُ أَنْ يُعْرِبَه فَيُعجِمُهْ‏

معناه يريد أَن يُبيِّنَه فَيَجْعَلُه مُشْكِلًا لا بَيانَ له، و قيل: يأْتي به أَعْجَمِيّاً أَي يَلْحَنُ فيه؛ قال الفراء: رَفَعَه على المُخالفة لأَنه يريد أَن يُعْربَه و لا يُريدُ أَن يُعْجِمه؛ و قال الأَخفش: لوُقوعه مَوْقِع المرفوع لأَنه أَراد أَن يقول يريد أَن يعربه فيقَعُ مَوْقعَ الإِعْجام، فلما وضع قوله فيُعْجِمُه موضعَ قوله فيقعُ رَفعَه؛ و أَنشد الفراء:
الدارُ أَقْوَتْ بَعْدَ محْرَنْجِمِ،             مِنْ مُعْرِبٍ فيها و مِنْ مُعْجِمِ‏

و العَجْمُ: النَّقْطُ بالسواد مثل التاء عليه نُقْطتان. يقال: أَعْجَمْتُ الحرفَ، و التَّعْجِيمُ مِثْلُه، و لا يقال عَجَمْتُ. و حُروفُ المعجم: هي الحُروفُ‏
__________________________________________________
 (1). قوله [قال رؤبة] تبع فيه الجوهري، و قال الصاغاني: الشعر للحطيئة.

388
لسان العرب12

عجم ص 385

المُقَطَّعَةُ من سائر حروفِ الأُمَم. و معنى حروفِ المعجم أَي حروف الخَطِّ المُعْجَم، كما تقول مسجد الجامعِ أَي مسجد اليوم الجامعِ، و صلاةُ الأُولى أَي صلاة الساعةِ الأُولى؛ قال ابن بري: و الصحيح ما ذهب إليه أَبو العباس المبرد من أَن المُعْجَم هنا مصدر؛ و تقول أَعْجَمْتُ الكتابَ مُعْجَماً و أَكْرَمتُه مُكْرَماً، و المعنى عنده حروفُ الإِعْجامِ أَي التي من شأْنها أَن تُعْجَم؛ و منه قوله: سَهْمُ نِضالٍ أَي من شأْنه أَنْ يُتَناضَلَ به. و أَعْجَم الكتابَ و عَجَّمَه: نَقَطَه؛ قال ابن جني: أَعْجَمْتُ الكتاب أَزَلْتُ اسْتِعْجامَه. قال ابن سيدة: و هو عنده على السَّلْب لأَن أَفْعَلْتُ و إن كان أَصْلُها الإِثْباتَ فقد تجي‏ء للسلب، كقولهم أَشْكَيْتُ زيداً أَي زُلْتُ له عَمَّا يَشكُوه، و كقوله تعالى: إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها؛ تأْويله، و الله أَعلم، عند أَهل النظر أَكاد أُظْهرها، و تلخيصُ هذه اللفظةِ أَكادُ أُزِيل خَفاءَها أَي سَتْرَها. و قالوا: عَجَّمْتُ الكتابَ، فجاءت فَعَّلْت للسَّلْب أَيضاً كما جاءت أَفْعَلْت، و له نظائر منها ما تقدّم و منها ما سيأْتي، و حُروفُ المُعْجَم منه. و كتابٌ مُعْجمٌ إذا أَعْجمَه كاتبُه بالنَّقْط؛ سُمِّي مُعْجَماً لأَن شُكول النَّقْط فيها عُجمةٌ لا بيانَ لها كالحروف المُعْجَمة لا بيانَ لها، و إن كانت أُصولًا للكلام كله. و
في حديث ابن مسعود: ما كُنّا نتَعاجَمُ أَن مَلَكاً يَنْطِقُ على لسان عُمَر.
أَي ما كنا نَكْني و نُوَرّي. و كلُّ مَنْ لم يُفْصح بشي‏ء فقد أَعْجَمه. و اسْتَعْجم عليه الكلامُ: اسْتَبْهَم. و الأَعْجَمُ: الأَخْرَسُ. و العَجْماء و المُسْتَعجِمُ: كلُّ بهيمةٍ. وفي الحديث: العَجْماءُ جُرْحُها جُبارٌ.
أَي لا دِيةَ فيه و لا قَودَ؛ أَراد بالعَجْماء البهيمة، سُمِّيت عَجْماءَ لأَنها لا تَتَكلَّمُ، قال: و كلُّ مَن لا يقدِرُ على الكلام فهو أَعجم و مُسْتَعْجِمٌ. و منه‏
الحديث: بعدَدِ كل فصيح و أَعْجَم.؛ قيل: أَراد بعدد كل آدَمِيّ و بهيمةٍ، و معنى‏

قوله العجماءُ جُرْحُها جُبارٌ.
أَي البهيمة تنفلت فتصيبُ إنساناً في انْفِلاتها، فذلك هَدَرٌ، و هو معنى الجُبار. و يقال: قرأَ فلان فاسْتَعْجمَ عليه ما يَقْرؤه إذا الْتَبَسَ عليه فلم يَتَهيَّأْ له أَن يَمضِي فيه. و صلاةُ النهارِ عَجماءُ لإِخْفاء القراءة فيها، و معناه أَنه لا يُسْمَعُ فيها قراءةٌ. و اسْتَعْجَمَتْ على المُصَلِّي قِراءته إذا لم تَحضُرْه. و استعجم الرجل: سكَت. و استَعجمت عليه قراءتُه: انقطعت فلم يَقْدِرْ على القراءة من نعاس. و منه‏
حديث عبد الله: إذا كانَ أحدكُم يُصلِّي فاسْتعجَمَتْ عليه قِراءتُه فَلْيُتِمَّ.، أَي أُرْتِجَ عليه فلم يقدِرْ أَن يقرأَ كأَنه صارَ به عُجْمةٌ، و كذلك اسْتَعْجَمَتِ الدارُ عن جواب سائلها؛ قال إِمرؤ القيس:
صَمَّ صَداها و عَفا رَسْمُها،             و اسْتَعْجَمَتْ عن مَنْطِقِ السائلِ‏

عَدَّاه بِعن لأَن اسْتَعْجَمَت بمعنى سكتَتْ؛ و قول علقمة يَصف فرساً:
سُلَّاءَةٌ كعَصا النَّهْدِيّ غُلَّ لها             ذُو فَيْئةٍ، من نَوَى قُرَّانَ، معجومُ‏

قال ابن السكيت: معنى قوله غُلَّ لها أَي أُدخِلَ لها إدخالًا في باطن الحافرِ في موضع النُّسور، و شَبَّه النُّسورَ بِنَوَى قُرَّانَ لأَنها صِلابٌ، و قوله ذُو فَيئَة يقول له رُجوعٌ و لا يكون ذلك إلا من صَلابتِه، و هو أَن يَطعَمَ البعيرُ النَّوَى ثم يُفَتَّ بَعرُه فيُخْرَجَ منه النَّوَى فيُعلَفَه مَرَّةً أُخرى، و لا يكون ذلك إلا من صَلابته، و قوله مَعْجوم يريد أَنه نَوى الفَم و هو أَجود ما يكون من النَّوى لأَنه أَصْلَبُ من نَوى النبيذِ المطبوخ. و
في حديث أُمّ سلمة: نهانا النبي،

389
لسان العرب12

عجم ص 385

صلى الله عليه و سلم، أَن النَّوَى طَبخاً.
، و هو أَن نُبالِغَ في طَبْخِه و نُضْجه يَتَفتَّتَ النَّوَى و تَفْسُدَ قُوّتُه التي يَصْلُحُ معها للغنم، و قيل: المعنى أَن التمر إذا طُبِخَ لِتُؤْخذَ حَلاوتهُ طُبِخَ عَفواً حتى لا يَبلُغَ الطَّبخ النوى و لا يُؤثِّرَ فيه تأْثيرَ مَنْ أَي يَلُوكُه و يَعَضُّه، لأَن ذلك يُفْسِد طعمَ السُّلافةِ، أَو لأَنه قُوتُ الدَّواجِن فلا يُنْضَجُ لئلا تذهب قُوَّتُه‏
و خَطَب الحَجَّاجُ يوماً فقال: إِن أَميرَ المؤمنينَ نَكَبَ كِنَانَتَه عِيدانَها عُوداً عُوداً فوجَدَني أَمَرّها عُوداً.
؛ يريد أَنه قد رازَها بأَضْراسِه ليَخْبُرَ صَلابتَها؛ قال النابغة:
فَظَلَّ يَعْجُمُ أَعْلى الرَّوْق مُنْقَبِضاً «2».


أَي يَعَضُّ أَعْلى قَرْنِه و هو يقاتله. و العَجْمُ: عَضٌّ شديدٌ بالأَضراس دُون الثّنايا. و عَجَم الشي‏ءَ يَعْجُمُه عَجْماً و عُجوماً: عَضّه ليَعْلَم صلابَتَه من خَوَرِه، و قيل: لاكَه للأَكْل أَو للخِبْرة؛ قال أَبو ذؤيب:
و كنتُ كعَظْمِ العاجِماتِ اكْتَنَفْنَه             بأَطْرافِها، حتى اسْتدَقَّ نُحولُها

يقول: رَكِبَتْني المصائبُ و عجَمَتْني كما عَجَمتِ الإِبلُ العِظامَ. و العُجامةُ: ما عَجَمْتَه. و كانوا يَعْجُمون القِدْح بين الضِّرْسَيْن إذا كان معروفاً بالفَوْز ليُؤثِّرُوا فيه أثَراً يَعْرفونه به. و عَجمَ الرجلَ: رَازَه، على المَثَل. و العَجْمِيُّ من الرجالِ: المُميِّزُ العاقلُ. و عَجَمَتْه الأُمورُ: دَرَّبَتْه. و رجل صُلْبُ المَعْجَمِ و المَعْجَمةِ: عزيزُ النفْس إذا جَرَّسَتْه الأُمورُ وَجَدَتْه عزيزاً صُلْباً. و
في حديث طلحة: قال لعمر لقد جَرَّسَتْكَ الأُمور «3». و عَجَمَتْك البَلايَا.
أَي خَبَرَتْك، من العَجْم العَضّ، يقال: عَجَمْتُ الرجلَ إذا خَبَرْتَه، و عَجمْتُ العُودَ إذا عَضَضْتَه لِتَنْظُرَ أَ صُلْبٌ أَم رخْوٌ. و ناقةٌ ذاتُ مَعْجَمةٍ أَي ذاتُ صَبْرٍ و صلابةٍ و شِدّةٍ على الدَّعْك؛ و أَنشد بيت المَرَّار:
جِمالٌ ذاتُ مَعْجَمةٍ،             و نُوقٌ عَواقِدُ أَمْسَكَتْ لَقَحاً، و حُولُ‏

و قال غيره: ذاتُ مَعْجَمةٍ أَي ذاتُ سِمَنٍ، و أَنكره شمر. قال الجوهري: أي ذاتُ سِمَن و قُوةٍ و بَقِيَّةٍ على السَّير. قال ابن بري: رجلٌ صُلْبُ المَعْجَم للذي إذا أَصابَتْه الحوادثُ وجدته جَلْداً، من قولك عُودٌ صُلْبُ المَعْجَمِ، و كذلك ناقة ذاتُ مَعْجَمةٍ للتي اخْتُبِرَتْ فوُجِدتْ قَويَّةً على قَطْع الفَلاة، قال: و لا يُراد بها السِّمَنُ كما قال الجوهري؛ و شاهده قول المتلمس:
جاوَزْتُه بأَمونٍ ذاتِ مَعْجَمة،             تَهْوي بكَلْكَلِها و الرأْس مَعْكومُ‏

و العَجُومُ: الناقةُ القوِيَّةُ على السفَر. و الثَّوْرُ يَعْجُمُ قَرْنَه إذا ضَرب به الشجرةَ يَبْلُوه. و عَجم السَّيْفَ: هزَّه للتَّجْرِبة. و يقال: ما عَجَمَتْكَ عَيني مُذْ كذا أَي ما أَخَذَتْك. و يقول الرجلُ للرجل: طالَ عهدِي بك و ما عَجَمَتْك عيني. و رأَيتُ فلاناً فجعلَتْ عيني تعْجُمه أَي كأَنها لا تَعْرِفُه و لا تَمْضِي في معرفته كأَنها لا تُثْبِتُه؛ عن اللحياني؛ و أَنشد لأَبي حَيَّة النُّمَيْري:
كتَحْبير الكِتابِ بكفِّ، يَوْماً،             يَهُودِيٍّ يُقارِبُ أَو يَزِيلُ‏
على أَن البَصيرَ بها، إذا ما             أَعادَ الطَّرْفَ، يَعْجُم أَو يَفيلُ‏

__________________________________________________
 (2). تمام البيت:
في حالك اللَّونِ صَدْقٍ، غير ذي أودِ.

 (3). قوله [لقد جرستك الأَمور] الذي في النهاية: لقد جرستك الدهور و عجمتك الأُمور.

390
لسان العرب12

عجم ص 385

cأَي يَعْرف أَو يَشُكُّ، قال أَبو داود السِّنْحيُّ: رآني أَعرابي فقال لي: تَعْجُمُك عَيْني أَي يُخَيَّلُ إليّ أَنّي رَأَيْتُك، قال: و نَظَرْتُ في الكتاب فعَجَمْتُ أَي لم أَقِفْ على حُروفه، و أَنشد بيت أَبي حَيَّة: يَعْجُم أو يَفيل. و يقال: لقد عَجَموني و لَفَظُوني إذا عَرَفُوك؛ و أَنشد ابن الأَعرابي لِجُبَيْهاءَ الأَسلميّ:
فلَوْ أَنّها طافَتْ بِطُنْبٍ مُعَجَّمٍ،             نَفَى الرِّقَّ عنه جَذْبُه فهو كالِحُ‏

قال: و المُعَجَّمُ الذي أُكِلَ حتى لم يَبْقَ منه إلا القليلُ، و الطُّنُبُ أَصلُ العَرْفَجِ إذا انْسَلخَ من وَرَقِه. و العَجْمُ: صِغارُ الإِبل و فَتاياها، و الجمعُ عُجومٌ. قال ابن الأَعرابي: بنَاتُ اللَّبونِ و الحِقاقُ و الجِذاعُ من عُجومِ الإِبل فإذا أَثْنَتْ فهي من جِلَّتِها، يستوي فيه الذكرُ و الأُنثى، و الإِبلُ تُسَمَّى عَواجمَ و عاجِماتٍ لأَنها تَعْجُم العِظامَ؛ و منه قوله: و كنتُ كعَظْم العاجِمات. و قال أَبو عبيدة: فحلٌ أَعْجمُ يَهْدِرُ في شِقْشِقةٍ لا ثُقْبَ لها فهي في شِدْقه و لا يَخْرُج الصوتُ منها، و هم يَسْتحِبُّون إرْسالَ الأَخْرسِ في الشَّوْلِ لأَنه لا يكون إلا مِئْناثاً، و الإِبلُ العَجَمُ: التي تَعْجُم العِضاهَ و القَتادَ و الشَّوْكَ فَتَجْزَأُ بذلك من الحَمْض. و العَواجِمُ: الأَسنانُ. و عَجَمْتُ عُودَه أَي بَلَوْتُ أَمْرَه و خَبَرْتُ حالَه؛ و قال:
أَبَى عُودُك المَعْجومُ إلا صَلابةً،             و كَفَّاكَ إلا نائِلًا حينَ تُسْأَلُ‏

و العَجَمُ، بالتحريك: النَّوَى نَوى التمرِ و النَّبِقِ، الواحدةُ عَجَمةٌ مثل قَصَبةٍ و قَصَب. يقال: ليس هذا الرُّمَّان عَجَم؛ قال يعقوب: و العامّة تقوله عَجْمٌ، بالتسكين، و هو العُجام أَيضاً؛ قال رؤبة و وصف أُتُناً:
في أَرْبعٍ مِثْلِ عُجامِ القَسْبِ‏


و قال أبو حنيفة: العَجَمةُ حبّة العِنب حتى تنبُت، قال ابن سيدة: و الصحيح الأَول، و كلُّ ما كان في جوف مأْكولٍ كالزبيب و ما أَشبهه عَجَمٌ؛ قال أَبو ذؤيب يصف مَتْلَفاً:
مُسْتوقدٌ في حَصاهُ الشَّمْسُ تَصْهره،             كأَنه عَجَمٌ بالبِيدِ مَرْضُوخُ‏

و العَجَمةُ، بالتحريك: النخلةُ تنبُت من النَّواة. و عُجْمةُ الرملِ: كَثرته، و قيل: آخِره، و قيل: عُجْمتُه، و عِجْمتُه ما تعقَّد منه. و رملةٌ عَجْماءُ: لا شجرَ فيها؛ عن ابن الأَعرابي. و
في الحديث: حتى صَعِدْنا إحدى عُجْمَتَي بدرٍ.
؛ العُجْمةُ، بالضم: المتراكم من الرمل المُشرف على ما حَوْله. و العَجَمات: صُخورٌ تَنبت في الأَودية؛ قال أَبو دُواد:
عَذْبٌ كماء المُزْنِ أَنْزَلَه             مِنَ العَجَماتِ، بارِدْ

يصف رِيقَ جارية بالعذوبة. و العَجَماتُ: الصُّخور الصِّلاب. و عَجْمُ الذَّنَب و عُجْمُه جميعاً: عَجْبُه، و هو أَصله، و هو العُصْعُص، و زعم اللحياني أَن ميمَهما بدلٌ من الباء في عَجْبٍ و عُجْب. و الأَعجَم من الموج: الذي لا يتنفَّسُ أَي لا يَنضَح الماءَ و لا يُسمعَ له صوت. و بابٌ مُعْجَم أَي مُقْفَل. أَبو عمرو: العَجَمْجَمةُ من النوق الشديدة مثل العَثَمْثَمة؛ و أَنشد:

391
لسان العرب12

عجم ص 385

باتَ يُباري وَرِشاتٍ كالقَطا،             عَجَمْجَماتٍ خُشُفاً تَحْتَ السُّرَى‏

الوَرِشاتُ: الخِفافُ، و الخُشُفُ: الماضيةُ في سيرها بالليل. و بنو أَعجَمَ و بنو عَجْمانَ: بَطنان.
عجرم:
العُجْرُمةُ و العِجْرِمةُ: شجرة من العِضاه غليظة عظيمة، لها عُقَدٌ كعُقَد الكِعاب تُتَّخذ منها القِسِيُّ. و قال أَبو حنيفة: العُجْرمةُ و النَّشَمةُ شي‏ءٌ واحد، و الجمع عُجْرُمٌ و عِجْرِمٌ؛ قال العجاج و وصفَ المطايا:
نَواحِلًا مِثلَ قِسِيِّ العِجْرِمِ‏


و هي العُجرومة، و عَجْرَمَتُها غِلظ عُقَدِها. و قال أَبو حنيفة: المُعَجرَم القضيب الكثير العُقَد، و كلُّ مُعقَّد مُعَجرَم. و العِجْرِم: دويبّة صُلبة كأَنها مَقْطوطةٌ تكون في الشجر و تأْكل الحشيش. و العَجاريم من الدابّة: مُجتَمع عُقَد ما بين فخذيه و أَصل ذكَره. و العُجْرُم: أَصل الذكرَ، و إِنه لَمُعَجرَمٌ إذا كان غليظ الأَصل. و العُجارِم: الذكرَ، و قيل: أَصله، و قد يوصف به. و ذكَرٌ مُعَجْرَمٌ: غليظ الأَصل؛ قال رؤبة:
يُنْبي بشَرْخَي رَحْلِه مُعَجْرَمُهْ،             كأَنما يَسْفِيه حادٍ يَنْهَمُهْ‏

و مُعَجرمَ البعير: سَنامه. و العَجْرَمة: مَشْيٌ فيه شِدَّة و تَقارُب؛ و قال رجل من بني ضَبَّة يوم الجمل:
هذا عَلِيٌّ ذو لَظىً و هَمْهَمهْ،             يُعَجْرِمُ المَشيَ إلينا عَجْرَمَهْ،
كاللَّيث يحْمِي شِبلَه في الأَجَمَهْ‏


قال ابن دريد: العَجْرَمة العدْوُ الشديد؛ و أَنشد:
أَو سِيد عادِيةٍ يُعَجْرِمُ عَجْرَمهْ‏


و رجل عَجرَم و عُجرُم و عُجارِم: شديد. الجوهري: و العُجارِم، بالضم، الرجل الشديد، قال: و ربما كُنيَ به عن الذكَر؛ و أَنشد ابن بري لجرير:
تُنادي بجُنْحِ الليل: يا آلَ دارِمِ،             و قد سَلَخُوا جِلدَ اسْتِها بالعُجارِمِ‏

و العِجْرِم، بالكسر: الرجل القصير الغليظ الشديد. و بعير عُجرُم: شديد، و قيل: كلُّ شديد عُجْرُم. و ناقة مُعَجرَمة: شديدة؛ قال أَبو النجم:
مُعَجْرَماتٍ بُزَّلًا سَغابلا


و العَجرَمة من الإِبل: مائة أَو مائتان، و قيل: ما بين الخمسين إلى المائة. و العَجرَمة: الإِسراع. قال ابن بري: العَجرَمة إسراعٌ في مُقاربة خَطوٍ؛ قال عمرو بن معديكرب، و يقال الأَسعَر بن حُمران:
أَمّا إذا يَعدُو فثَعْلَبُ جَرْيةٍ،             أَو ذِئبُ عادِيةٍ يُعَجْرِمُ عَجْرَمَهْ‏

الأَزهري: عجوزٌ عِكرِشةٌ و عَجْرَمةٌ و عَضَمَّزةٌ و قَلَمَّزةٌ و هي اللئيمة القصيرة. و عَجْرَمة: اسم رجل.
عجهم:
ابن الأَعرابي: العُجْهومُ طائرٌ من طير الماء كأَن مِنقارَه جَلَمُ الخَيَّاط.
عدم:
العَدَمُ و العُدْمُ و العُدُمُ: فِقدان الشي‏ءِ و ذهابه، و غلبَ على فَقْد المال و قِلَّته، عَدِمَه يَعْدَمُه عُدْماً و عَدَماً، فهو عَدِمٌ، و أَعدَم إذا افتقرَ، و أَعدَمَه غيرُه. و العَدَمُ: الفقرُ، و كذلك العُدْم، إذا ضَمَمْتَ أَوَّله خَفَّفت فقلت العُدْم، و إن فتحتَ أَوَّله ثَقَّلْت فقُلت العَدَم، و كذلك الجُحْد و الجَحَد

392
لسان العرب12

عدم ص 392

و الصُّلْب و الصَّلَب و الرُّشْد و الرَّشَد و الحُزْن و الحَزَن. و رجلٌ عَديمٌ: لا عقلَ له. و أَعدَمَني الشي‏ءُ: لم أَجِدْه؛ قال لبيد:
و لقَدْ أَغْدُو، و ما يَعْدِمُني             صاحِبٌ غيرُ طَويلِ المُحْتَبَل‏

يعني فرساً أَي ما يَفْقِدُني فرسي، يقول: ليس معي أَحدٌ غيرُ نَفْسي و فرَسي، و المُحتَبلُ: موضع الحبل فوق العُرْقوب، و طولُ ذلك الموضع عيْبٌ، و ما يُعْدِمُني أَي لا أَعدَمُه. و ما يَعْدَمُني هذا الأَمرُ أَي ما يَعْدُوني. و أَعْدَمَ إعْداماً و عُدْماً: افتقر و صار ذا عُدْمٍ؛ عن كراع، فهو عَديمٌ و مُعدِمٌ لا مالَ له، قال: و نظيره أَحضَر الرجلُ إحضاراً و حُضْراً، و أَيسَرَ إيساراً و يُسْراً، و أَعسَرَ إعساراً و عُسْراً، و أَنذَرَ إنذاراً و نُذْراً، و أَقبَلَ إقبالًا و قُبْلًا، و أَدْبرَ إدْباراً و دُبْراً، و أَفحَشَ إفحاشاً و فُحْشاً، و أَهجَرَ إهجاراً و هُجْراً، و أَنْكَرَ إنكاراً و نُكْراً؛ قال: و قيل بل الفُعْلُ من ذلك كلِّه الاسمُ و الإِفعالُ المصدر؛ قال ابن سيدة: و هو الصحيح لأَن فُعْلًا ليس مصدر أَفعَل. و العَديمُ: الفقير الذي لا مالَ له، و جمعه عُدَماء. و
في الحديث: مَنْ يُقْرِضُ غيرَ عديمٍ و لا ظَلومٍ.
؛ العَديمُ: الذي لا شي‏ء عنده، فعِيلٌ بمعنى فاعل. و أَعدَمَه: مَنَعه. و يقول الرجل لحبيبه: عَدِمْتُ فَقْدَك و لا عَدِمتُ فضلَك و لا أَعدَمني الله فضلَك أَي لا أَذهبَ عني فضلَك. و يقال: عَدِمتُ فلاناً و أَعدَمنِيه اللهُ؛ و قال أَبو الهيثم في معنى قول الشاعر:
و ليسَ مانِعَ ذي قُرْبى و لا رَحِمٍ،             يَوْماً، و لا مُعْدِماً من خابِطٍ وَرَقا

قال: معناه أَنه لا يفتقر من سائلٍ يسأله ماله فيكون كخابطٍ وَرَقاً؛ قال الأَزهري: و يجوز أَن يكون معناه و لا مانعاً من خابطٍ وَرَقاً أَعْدَمْتُه أَي مَنعتُه طَلِبتَه. و يقال: إنه لعَدِيمُ المعروفِ و إنها لعديمةُ المعروف؛ و أَنشد
إني وَجدْتُ سُبَيْعَة ابْنَة خالدٍ،             عند الجَزورِ، عَدِيمةَ المَعْروفِ‏

و يقال: فلانٌ يَكسِبُ المَعْدومَ إذا كان مَجْدوداً يكسِبُ ما يُحْرَمُه غيرُه. و يقال: هو آكَلُكُم للمَأْدُومِ و أَكْسَبُكم للمعدوم و أَعْطاكم للمحروم؛ قال الشاعر يصف ذئباً:
كَسُوب له المَعْدومَ مِن كَسْبِ واحِدٍ،             مُحالِفُه الإِقْتارُ ما يتمَوَّلُ‏

أَي يَكسِبُ المعدومَ وحدَه و لا يتموَّلُ. و
في حديث المَبْعث: قالت له خديجةُ كلا إنك تَكْسِبُ المعدومَ و تَحْمِلُ الكَلَّ.
؛ هو من المَجْدُودِ الذي يَكْسِبُ ما يُحْرَمُه غيرُه، و قيل: أَرادت تَكسِبُ الناسَ الشي‏ءَ المعدومَ الذي لا يَجِدونَه مما يحتاجون إليه، و قيل: أَرادت بالمعدوم الفقيرَ الذي صارَ من شدَّة حاجته كالمعدوم نفْسِه، فيكون تَكْسِبُ على التأْويل الأَولِ متعدِّياً إلى مفعول واحد هو المعدومُ، كقولك كَسَبْتُ مالًا، و على التأْويل الثاني و الثالث يكون متعدِّياً إلى مفعولين؛ تقول: كَسَبْتُ زيداً مالًا أَي أَعطيتُه، فمعنى الثاني تُعْطي الناسَ الشي‏ءَ المعدومَ عندهم فحذف المفعول الأَول، و معنى الثالث تعطي الفقراءَ المالَ فيكون المحذوفُ المفعولَ الثاني. و عَدُمَ يَعْدُمُ عَدامةً إذا حَمُقَ، فهو عَدِيمٌ أَحْمقُ. و أَرض عَدْماءُ: بيضاءُ. و شاةٌ عَدْماءُ: بيضاء الرأْس‏

393
لسان العرب12

عدم ص 392

و سائرُها مُخالِفٌ لذلك. و العَدائمُ: نوع من الرُّطَب يكون بالمدينة يجي‏ءُ آخرَ الرُّطَب. و عَدْمٌ: وادٍ بحَضْرَمَوْتَ كانوا يزرعون عليه فغاضَ ماؤه قُبَيْلَ الإِسلامِ فهو كذلك إلى اليوم. و عُدامةُ: ماءٌ لبني جُشَم؛ قال ابن بري: و هي طَلُوبٌ أَبْعدُ ماءٍ للعرب؛ قال الراجز:
لما رأَيْتُ أَنه لا قامَهْ،             و أَنه يَوْمُك من عُدامَهْ «4».

عذم:
عَذَمَ يَعْذِمُ عَذْماً: عَضَّ. و فرسٌ عَذِمٌ و عَذُومٌ: عَضُوضٌ. و العَذْمُ: العَضُّ و الأَكْلُ بجَفاء. يقال: فرسٌ عَذومٌ للذي يَعْذِمُ بأَسْنانِه أَي يَكْدِمُ. قال ابن بري: العَذْمُ بالشَّفةِ و العضُّ بالأَسنان. و عذَمَه بلسانه يَعْذِمُه عَذْماً: لامَه و عنَّفَه. و العَذْمُ: الأَخذُ باللِّسان و اللَّوْمُ. و العُذُمُ: اللَّوَّامُون و المُعاتِبون؛ قال أَبو خِراش:
يعُودُ على ذي الجَهْلِ بالحِلْمِ و النُّهَى،             و لم يكُ فَحّاشاً على الجارِ ذا عَذْمِ‏

و العَذِيمةُ: المَلامةُ، و الجمعُ العذائمُ؛ قال:
يَظَلُّ مَنْ جاراه في عَذَائِمِ،             مِن عُنْفُوانِ جَرْيه العُفاهِمِ‏

يقال: كانَ هذا في عُفاهِمِ شَبابهِ أَي في أَوَّله. و
في الحديث: أَن رجلًا كان يُرائي فلا يَمُرُّ بقومٍ إلا عَذَمُوه.
أَي أَخذوُه بأَلسنتِهم، و أَصلُ العَذْمِ العضُّ؛ و منه‏
حديث عليّ، رضي الله عنه: كالنابِ الضَّرُوسِ تَعْذِم بفِيها و تَخْبِطُ بيدِها.
و
في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: فأَقْبلَ عليَّ أَبي فعَذَمَني و عضَّني بلِسانه.
قال الأَزهري: العُذَّامُ شجرٌ من الحَمْض يَنْتمي، و انْتِماؤه انْشِداخُ وَرقِه إذا مَسَسْتَه و له ورقٌ نحوُ ورقِ القاقُلِّ. و العَذَمُ: نبتٌ؛ قال القطامي:
في عَثْعَثٍ يُنْبِتُ الحَوْذانَ و العَذَما


و حكاه أَبو عبيدة بالغين المعجمة، و هو تصحيف. و العَذائمُ: شجرٌ من الحمْض، الواحدة عُذامةٌ. و عَذَّامٌ: اسم رجل. و العُذَامُ: مكانٌ. و موتٌ عَذَمْذَمٌ: لا يُبْقي شيئاً. و عَذَمَه عن نفْسِه: دَفَعه، و كذلك أَعْذَمه. و العَذْمُ: المَنْعُ؛ يقال: لأَعْذِمَنَّكَ عن ذلك، قال: و المرأَة تَعْذِمُ الرجلَ إذا أَرْبَع لها بالكلامِ أَي تَشْتِمه إذا سأَلها المكروهَ، و هو الإِرباعُ. و العُذُمُ: البراغيثُ، واحدها عَذومٌ «5».
عرم:
عُرامُ الجيشِ: حَدُّهم و شِدَّتُهم و كَثرَتُهم؛ قال سلامة بن جندل:
و إنا كالحَصى عَدداً، و إنا             بَنُو الحَرْبِ التي فيها عُرامُ‏

و قال آخر:
و ليلةِ هَوْلٍ قد سَرَيْتُ، و فِتْيَةٍ             هَدَيْتُ، و جَمْعٍ ذي عُرامٍ مُلادِسِ‏

و العَرَمة: جمعُ عارمٍ. يقال: غِلمانٌ عَقَقةٌ عَرَمةٌ. و ليلٌ عارمٌ: شديدُ البردِ نهايةٌ في البرْدِ
__________________________________________________
 (4). زاد في التكملة: و يقولون قد عدّموه أي بتشديد الدال أي قالوا إنه مجنون. و قول العامة من المتكلمين: وجد فانعدم خطأ و الصواب وجد فعدم أي مبنيين للمجهول.
 (5). قوله [واحدها عذوم‏] و يقال في واحدها عذام كشداد كما في التكملة و القاموس.

394
لسان العرب12

عرم ص 394

نَهارُه و ليلُه، و الجمع عُرَّمٌ؛ قال:
و ليلةٍ من اللَّيالي العُرَّمِ،             بينَ الذِّراعينِ و بين المِرْزَمِ،
تَهُمُّ فيها العَنْزُ بالتَّكَلُّمِ‏


يعني من شدة بردها. و عَرَمَ الإِنسانُ يَعْرُمُ و يَعْرِمُ و عَرِمَ و عَرُمَ عَرامةً، بالفتح و عُراماً: اشتدَّ؛ قال وعْلةُ الجَرْميُّ، و قيل هو لابن الدِّنَّبة الثَّقَفي:
أَ لم تعْلَمُوا أَني تُخافُ عَرَامَتي،             و أَنَّ قَناتي لا تَلِينُ على الكَسْرِ؟

و هو عارمٌ و عَرِمٌ: اشتَدَّ؛ و أَنشد:
إني امْرُؤٌ يَذُبُّ عن مَحارمي،             بَسْطةُ كَفّ و لِسانٍ عارِمِ‏

و
في حديث عليّ، عليه السلام: على حين فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ و اعْتِرامٍ من الفِتَنِ.
أَي اشتدادٍ. و
في حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: أَن رجلًا قال له عارَمْتُ غُلاماً بمكَّةَ فعَضَّ أُذُني فقطعَ منها.
أَي خاصَمْتُ و فاتَنْتُ، و صبيٌّ عارمٌ بيِّنُ العُرامِ، بالضم، أَي شَرِسٌ؛ قال شَبِيب بنُ البَرْصاء:
كأَنَّها مِنْ بُدُنٍ و إيفارْ،             دَبَّتْ عليها عارماتُ الأَنْبارْ

أَي خَبيثاتُها، و يروى:
... ذَرِبات.


و
في حديث عاقر الناقة: فانبَعثَ لها رجلٌ عارِمٌ.
أَي خبيثٌ شِرِّيرٌ. و العُرَامُ: الشِّدَّةُ و القُوَّةُ و الشَّراسةُ. و عَرَمنا الصبيُّ و عَرَمَ علينا و عَرُمَ يَعْرِمُ و يَعْرُمُ عَرامةً و عُراماً: أَشِرَ. و قيل: مَرِحَ و بَطِرَ، و قيل: فسَدَ. ابن الأَعرابي: العَرِمُ الجاهلُ، و قد عَرَمَ يَعْرُمُ و عَرُمَ و عَرِمَ. و قال الفراء: العُرامِيُّ من العُرامِ و هو الجَهْلُ. و العُرامُ: الأَذى؛ قال حُمَيْدُ بنُ ثور الهِلاليُّ:
حَمَى ظِلَّها شَكْسُ الخَلِيقَةِ حائطٌ،             عَلَيْها عُرامُ الطائِفينَ شَفِيقُ‏

و العَرَمُ: اللَّحْم؛ قاله الفراء: إنَّ جزُورَكم لَطَيِّبُ العَرَمةِ أَي طَيّبُ اللَّحْم. و عُرامُ العظم، بالضم: عُراقُهُ. و عَرَمَهُ يَعْرِمُه و يَعْرُمه عَرْماً: تَعَرَّقه، و تَعَرَّمَه: تَعَرَّقَه و نَزَع ما عليه من اللحم، و العُرامُ و العُراقُ واحد، و يقال: أَعْرَمُ من كَلْبٍ على عُرامٍ. و في الصحاح: العُرامُ، بالضم، العُراقُ من العَظْمِ و الشجر. و عَرَمَتِ الإِبلُ الشَّجَرَ: نالَتْ منه. و عَرِمَ العَظْمُ عَرَماً: قَتِرَ. و عُرَامُ الشجرة: قِشْرُها؛ قال:
و تَقَنَّعي بالعَرْفَجِ المُشَجَّجِ،             و بالثُّمامِ و عُرامِ العَوْسَجِ‏

و خص الأَزهري به العَوْسَجَ فقال: يقال لقُشور العَوْسَج العُرامُ، و أَنشد الرجزَ. و عَرَمَ الصبيُّ أُمَّه عَرْماً: رَضَعها، و اعْتَرم ثَدْيَها: مَصَّه. و اعْتَرَمَتْ هِيَ: تَبَغَّتْ من يَعْرُمُها؛ قال:
و لا تُلْفَيَنَّ كأمِّ الغُلامِ،             إِن لم تَجِدْ عارِماً تَعْتَرِمْ‏

يقول: إن لم تَجِدْ من تُرْضِعُه دَرَّتْ هي فحلبت ثَدْيَها، و ربما رَضَعَتْهُ ثم مَجَّتْه مِنْ فيها؛ و قال ابن الأَعرابي: إنما يقال هذا للمتكلف ما ليس من شأْنه؛ أَراد بذاتِ الغُلام «1». الأُمَّ المُرْضِعَ إن لم تَجِدْ من يَمُصُّ ثَدْيَها مَصَّتْه هي؛ قال الأَزهري: و معناه‏
__________________________________________________
 (1). قوله [أراد بذات الغلام إلخ‏] هذه عبارة الأَزهري لإِنشاده له كذات الغلام و أنشده في المحكم كأم الغلام.

395
لسان العرب12

عرم ص 394

لا تكن كمن يَهْجُو نَفْسَه إذا لم يَجِدْ من يَهْجُوه. و العَرَمُ و العُرْمَةُ: لونٌ مختلطٌ بسوادٍ و بياضٍ في أَيِّ شي‏ء كان، و قيل: تَنْقِيطٌ بهما من غير أَن يَتَّسِعَ، كُلُّ نُقطةٍ عُرْمةٌ؛ عن السيرافي، الذكرُ أَعْرَمُ و الأُنثى عَرْماءُ، و قد غَلَبَتِ العَرْماءُ على الحية الرَّقْشاءِ؛ قال مَعْقِلٌ الهُذَليُّ:
أَبا مَعْقِلٍ، لا تُوطِئَنْكَ بَغاضَتي             رُؤُوسَ الأَفاعي في مَراصِدِها العُرْمِ‏

الأَصمعي: الحَيَّةُ العَرْماءُ التي فيها نُقَطٌ سودٌ و بيضٌ، و
يروى عن معاذ بن جبل: أَنه ضَحَّى بكبشٍ أَعْرَمَ.
، و هو الأَبيض الذي فيه نُقَطٌ سُود. قال ثعلب: العَرِمُ من كل شي‏ء ذُو لَوْنَيْنِ، قال: و النَّمِرُ ذو عَرَمٍ. و بَيْضُ القَطا عُرْمٌ؛ و قول أَبي وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ:
ما زِلْنَ يَنْسُبْنَ وَهْناً كُلَّ صادِقةٍ             باتَتْ تُباشِرُ عُرْماً، غَيْرَ أَزْواجِ‏

عنى بَيْضَ القَطا لأَنها كذلك. و العَرَمُ و العُرْمةُ: بَياضٌ بِمَرَمَّةِ الشاةِ الضَّائِنةِ و المِعْزَى، و الصفةُ كالصفة، و كذلك إذا كان في أُذُنها نُقَطٌ سُود، و الاسمُ العَرَمُ. و قطيعٌ أَعْرَمُ بَيِّنُ العَرَمِ إذا كان ضَأْناً و مِعْزًى؛ و قال يصف امرأَة راعية:
حَيَّاكة وَسْطَ القَطِيعِ الأَعْرَمِ‏


و الأَعْرَمُ: الأَبْرَشُ، و الأُنثى عَرْماءُ. و دَهْرٌ أَعْرَمُ: مُتَلَوِّنٌ. و يقال للأَبْرَصِ: الأَعْرَمُ و الأَبْقَعُ. و العَرَمَةُ: الأَنْبارُ من الحِنْطة و الشعير. و العَرَمُ و العَرَمَةُ: الكُدْسُ المَدُوسُ الذي لم يُذَرَّ يجعل كهيئة الأَزَجِ ثم يُذَرَّى، و حَصَرَه ابنُ برِّي فقال الكُدْسُ من الحنطة في الجَرِينِ و البَيْدَرِ. قال ابن بري: ذهب بعضُهم إلى أَنه لا يقال إِلا عَرْمَةٌ، و الصحيح عَرَمة، بدليل جمعهم له على عَرَمٍ، فأَما حَلْقَةٌ و حَلَقٌ فشاذ و لا يقاس عليه؛ قال الراجز:
تَدُقُّ مَعْزَاءَ الطَّريقِ الفازِرِ،             دَقَّ الدِّياسِ عَرَمَ الأَنادِرِ

و العَرَمَةُ و العَرِمَةُ: المُسَنَّاةُ؛ الأُولى عن كراع، و في الصحاح: العَرِمُ المُسَنَّاة لا واحد لها من لفظها، و يقال: واحدها عَرِمَةٌ؛ أَنشد ابن بري للجَعْدِيِّ:
مِنْ سَبإِ الحاضِرين مَأْرِبَ، إذْ             شَرَّدَ مِنْ دُون سَيْلهِ العَرِما

قال: و هي العَرم، بفتح الراء و كسرها، و كذلك واحدها و هو العَرِمَةُ [العَرَمَةُ]، قال: و العَرِمَةُ من أَرض الرَّبابِ. و العَرِمَةُ: سُدٌّ يُعْتَرَضُ به الوادي، و الجمع عَرِمٌ، و قيل: العَرِمُ جمعٌ لا واحد له. و قال أَبو حنيفة: العَرِمُ الأَحْباسُ تُبْنى في أَوْساط الأَوْدِيَةِ. و العَرِمُ أَيضاً: الجُرَذُ الذَّكَرُ. قال الأَزهري: و من أَسماء الفأْر البِرُّ و الثُّعْبَةُ و العَرِمُ. و العَرِمُ: السَّيْلُ الذي لا يُطاق؛ و منه قوله تعالى: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ‏؛ قيل: أَضافه إلى المُسَنَّاة أَو السُّدِّ، و قيل: إلى الفأرِ الذي بَثَق السِّكْرَ عليهم. قال الأَزهري: و هو الذي يقال له الخُلْد، و له حَدِيثٌ، و قيل: العَرِمُ اسم وادٍ، و قيل: العَرِمُ المطر الشديد، و كان قومُ سَبأَ في نِعْمةٍ و نَعْمَةٍ و جِنانٍ كثيرة، و كانت المرأَة منهم تَخْرُجُ و على رأسها الزَّبيلُ فتَعْتَمِلُ بيديها و تسير بين ظَهْرانَي الشَّجَر المُثْمِر فيَسْقُط في زَبيلِها ما تحتاج‏

396
لسان العرب12

عرم ص 394

إِليه من ثمار الشجر، فلم يَشْكُروا نِعْمَة الله فبَعَثَ اللهُ عليهم جُرَذاً، و كان لهم سِكْرٌ فيه أَبوابٌ يَفْتَحون ما يَحْتاجُونَ إِليه من الماء فثَقَبه ذلك الجُرَذُ حتى بَثَقَ عليهم السِكر فغَرَّقَ جِنانَهم. و العُرامُ: وسَخُ القِدْرِ. و العَرَمُ: وَسَخُ القِدْرِ. و رجل أَعْرَمُ أَقْلَفُ: لم يُخْتَنْ فكأَنَّ وَسَخَ القُلْفَةِ باقٍ هنالك. أَبو عمرو: العَرَامِينُ القُلْفانُ من الرجال. و العَرْمَةُ: بَيْضَة السِّلاح. و العُرْمانُ: المَزارِعُ، واحدها عَرِيمٌ و أَعْرَمُ، و الأَولُ أَسْوَغُ في القياس لأَن فُعْلاناً لا يجمع عليه أَفْعَلُ إِلا صِفةً. و جَيْشٌ عَرَمْرَمٌ: كثير، و قيل: هو الكثير من كل شي‏ء. و العَرَمْرَمُ: الشديدُ؛ قال:
أَدَاراً، بأَجْمادِ النَّعامِ، عَهِدْتُها             بها نَعَماً حَوْماً و عِزّاً عَرَمْرَما

و عُرامُ الجَيْشِ: كَثْرَتُه. و رجل عَرَمْرَمٌ: شديدُ العُجْمةِ؛ عن كراع. و العَرِيمُ: الدَّاهِيَةُ. الأَزهري: العُرْمانُ الأَكَرَةُ، واحدُهم أَعْرَمُ، و في كتابِ أَقوالِ شَنُوأَةَ: ما كان لهم من مُلْكٍ و عُرْمانٍ؛ العُرْمانُ: المَزارِعُ، و قيل: الأَكَرَةُ، الواحدُ أَعْرَمُ، و قيل عَرِيمٌ؛ قال الأَزهري: و نُونُ العُرْمانِ و العَرامينِ ليست بأَصلية. يقال: رجل أَعْرَمُ و رجال عُرْمانٌ ثم عَرامينُ جمعُ الجمع، قال: و سمعت العرب تقول لجمع القِعْدانِ من الإِبل القَعادِينُ، و القِعْدانُ جمعُ القَعودِ، و القَعادينُ نظيرُ العَرامِينِ. و العَرِمُ و المِعْذار: ما يُرْفَعُ حَوْلَ الدَّبَرَةِ. ابن الأَعرابي: العَرَمةُ أَرضٌ صُلْبة إِلى جَنْبِ الصَّمَّانِ؛ قال رؤبة:
و عارِض العِرْض و أَعْناق العَرَمْ‏


قال الأَزهري: العَرَمَة تُتاخِمُ الدَّهناءَ، و عارِضُ اليمامة يقابلها، قال: و قد نزلتُ بها. و عارِمةُ: اسم موضع؛ قال الأَزهري: عارِمةُ أَرضٌ معروفة؛ قال الراعي:
أَ لم تَسْأَلْ بعارِمَة الدِّيارا،             عن الحَيِّ المُفارِقِ أَيْنَ سارا؟

و العُرَيْمَةُ، مُصَغَّرَةً: رملةٌ لبني فَزارةَ؛ و أَنشد الجوهري لبِشْر بن أَبي خازم:
إِنَّ العُرَيْمَةَ مانِعٌ أَرْماحَنا             ما كان من سَحَمٍ بها و صَفارِ

قال ابن بري: هو للنابغة الذُّبْياني و ليس لبِشْرٍ كما ذكر الجوهري، و يروى:
إِنَّ الدُّمَيْنَةَ ...


، و هي ماءٌ لبني فَزارة. و العَرَمةُ، بالتحريك: مُجْتَمَعُ رملٍ؛ أَنشد ابن بري:
حاذَرْنَ رَمْلَ أَيْلةَ الدَّهاسا،             و بَطْنَ لُبْنى بَلَداً حِرْماسا،
و العَرَماتِ دُسْتُها دِياسا


ابن الأَعرابي: عَرْمى و اللهِ لأَفْعَلَنَّ ذلك، و غَرْمى و حَرْمى، ثلاث لغات بمعنى أَمَا و اللهِ؛ و أَنشد:
عَرْمى و جَدِّكَ لو وَجَدْتَ لَهم،             كعَداوةٍ يَجِدونَها تَغلي‏

و قال بعض النَّمِريِّين: يُجْعَلُ في كل سُلْفةٍ منْ حَبٍّ عَرَمةٌ منْ دَمالٍ، فقيل له: ما العَرَمةُ؟ فقال: جُثْوَةٌ منه تكون مِزْبَلَين حِمْلَ بقرتين. قال ابن بري: و عارِمٌ سِجْنٌ؛ قال كثيِّر:

397
لسان العرب12

عرم ص 394

تُحَدِّثُ مَنْ لاقَيْت أَنَّكَ عائذٌ،             بل العائذُ المَظْلومُ في سِجْنِ عارِمِ‏

و أَبو عُرامٍ: كُنْيةُ كَثيبٍ بالجِفار، و قد سَمَّوْا عارِماً و عَرَّاماً. و عَرْمان: أَبو قبيلة.
عرتم:
العَرْتَمةُ: مُقَدَّمُ الأَنْفِ. قال يعقوب: يقال كانَ ذلك على رَغْم عَرْتَمتِه أَي على رَغْم أَنْفِه، و هي العَرْتَبةُ، بالباء، و الميمُ أَكثرُ، قال: و ربما جاء بالثاء، و ليس بالعالي، و قيل: العَرْتمةُ طرَفُ الأَنف. الليث العَرْتَمةُ ما بين وَتَرةِ الأَنف و الشَّفةِ. أَبو عمرو: يقال للدائرة التي عند الأَنف وَسَطَ الشفةِ العُلْيا العَرْتَمةُ، و العَرْتَبَةُ لغة فيها؛ الأَزهري عن ابن الأَعرابي: هي الخُنْعبة و النُّونةُ و الثُّومةُ و الهَزْمةُ و الوَهْدَةُ و القَلْدةُ و الهَرْتَمةُ و العَرْتَمةُ و الحِثْرِمَةُ.
عرجم:
في حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه قضى في الظُّفُرِ إِذا اعْرَنْجَمَ بِقَلُوصٍ.
؛ جاء تفسيره في الحديث إِذا فَسَد؛ قال الزمخشري: و لا نعرف حقيقته و لم يثبت عند أَهل اللغة سماعاً، و الذي يُؤدي إِليه الاجتهادُ أن يكون معناه جَسا و غَلُظَ، و ذكر له أَوجُهاً و اشتقاقاتٍ بعيدةً، و قيل: إِنه احْرَنْجَمَ، بالحاء، أَي تقَبَّضَ، فحرَّفَه الرُّواة. الأَزهري: العُرْجومُ و العُلْجومُ الناقةُ الشديدة.
عردم:
العِرْدامُ و العَرْدَمُ: العِذْقُ الذي فيه الشماريخُ، و أَصلُه في النخلة. و العُرْدُمانُ: الغليظُ الشديدُ الرقبة؛ قال رؤبة:
و يَعْتَلي الرأْسَ القُمُدَّ عَرْدَمُهْ «1».


عَرْدَمُه: عُنُقُه الشديد. و العَرْدَمُ: الضخْمُ التارُّ الغليظُ القليلُ اللحمِ، و العَرْدُ مثلُه. و العَرْدَمُ: الغُرْمُولُ الطويلُ الثخينُ المُتْمَهِلُّ. و العَرْدمةُ: الشدّةُ و الصلابةُ؛ يقال: إِنه لَعَرْدَمُ القَصَرةِ؛ قال العجاج:
نَحْمي حُمَيَّاها بعَرْدٍ عَرْدَمِ‏


قال: إِذا قلت للعَرْدِ عَرْدَم فهو أَشدُّ من العَرْد، كما يقال للبَلِيد بَلْدَم فهو أَبلدُ و أَشَدُّ.
عرزم:
العَرْزَمُ و العِرْزامُ: القوِيُّ الشديدُ المجتمعُ من كلِّ شي‏ء. و اعْرَنْزَمَ و اقْرَنْبَعَ و احْرَنْجَمَ: تَجَمَّعَ و تقَبَّض؛ قال العجاج:
رُكِّبَ منه الرأْسُ في مُعْرَنْزِمِ‏


و أَنفٌ مُعْرَنْزِمٌ: غليظ مجتمع؛ و كذلك اللِّهْزِمةُ. و حَيَّةٌ عِرْزِمٌ: قديمةٌ؛ و أَنشد الأَزهري:
و ذاتَ قَرْنَيْنِ زَحُوفاً عِرْزِما


الأَزهري: إِذا غَلُظت الأَرنبة قيل: اعْرَنْزَمَتْ. و اعْرنْزمَ الرجلُ: عَظُمَت أَرْنَبتُه أَو لِهْزِمتُه. و الاعْرِنْزامُ: الاجتماعُ: قال نَهارُ بن تَوْسِعةَ:
و مِنْ مُتَرِبٍ دَعْدَعْتُ بالسَّيفِ مالَه             فَذَلَّ، و قِدْماً كانَ مُعْرَنْزِمَ الكَرْدِ

و اعْرَنْزَمَ الشي‏ءُ: اشتدَّ و صَلُبَ. و
في حديث النخعي: لا تَجْعَلُوا في قَبْري لَبِناً عَرْزَمِيّاً.
؛ عَرْزمُ: جَبّانةٌ بالكوفة نُسِبَ اللبِنُ إِليها، و إِنما كَرِهَه لأَنها موضعُ أَحْداثِ الناسِ و يختلط لَبِنُه بالنَّجاسات.
عرصم:
العِرْصَمُّ و العِرْصامُ: القويُّ الشديدُ البَضْعةِ، و قيل: هو الضَّئِيلُ الجِسْم، ضِدٌّ، و قيل: هو
__________________________________________________
 (1). قوله [و يعتلي إلخ‏] صدره كما في التكملة:
و عندنا ضرب يمر معصمه.

 

398
لسان العرب12

عرصم ص 398

اللئيمُ. و العَرْصَمُ: النشِيطُ. و العَرْصَمُ: الأَكولُ. و العُرْصومُ: البخيل.
عركم:
عُرْكُم: اسم‏
عرهم:
العُراهِمُ: الغليظُ من الإِبل؛ قال:
فَقَرَّبُوا كلَّ وَأًى عُراهِمِ             مِنَ الجِمالِ الجِلَّةِ العَياهِمِ‏

أَنشد ابن بري لأَبي وجزة:
و فارَقَتْ ذا لِبَدٍ عُراهِما


و جَمْعُه عَراهِمُ؛ قال ذو الرمة: الهِيم العَراهيم. و العُرْهومُ: الشيخُ العظيم؛ قال أَبو وجزة:
و يَرْجِعُونَ المُرْدَ و العَراهِما


الفراء: جَملٌ عُراهِمٌ مثل جُراهِمٍ. و ناقة عُراهِمةٌ أَي ضَخْمة. الجوهري: العُراهِمُ و العُراهِمةُ نعتٌ للمذكر و المؤنث، و أَنشد الرجز الذي أَوردناه أَوّلًا. الأَزهري: العُراهِمُ التارُّ الناعِمُ من كل شي‏ء؛ و أَنشد:
و قَصَباً عُفاهِماً عُرْهوما


و العُرْهومُ: الشديدُ و كذلك العُلْكوم. الفراء: بعيرٌ عُراهِنٌ و عُراهِمٌ و جُرَاهِمٌ عظيمٌ، و ناقةٌ عُرْهومٌ: حسَنةُ اللونِ و الجسمِ؛ قال أَبو النجم:
أَتْلَعَ في بَهْجَتِه عُرْهوما


ابن سيدة: العُرْهومُ من الإِبل الحسنةُ في لَوْنِها و جِسْمِها. و العُرْهومُ من الخيل: الحسنةُ العظيمةُ، و قيل: العُراهِمةُ و العُراهِمُ نعتٌ للمذكر دون المؤنث.
عزم:
العَزْمُ: الجِدُّ. عَزَمَ على الأَمر يَعْزِمُ عَزْماً و مَعْزَماً و مَعْزِماً و عُزْماً و عَزِيماً و عَزِيمةً و عَزْمَةً و اعْتَزَمَه و اعْتَزمَ عليه: أَراد فِعْلَه. و قال الليث: العَزْمُ ما عَقَد عليه قَلْبُك من أَمْرٍ أَنَّكَ فاعِلُه؛ و قول الكميت:
يَرْمي بها فَيُصِيبُ النَّبْلُ حاجَته             طَوْراً، و يُخْطِئُ أَحْياناً فيَعْتَزِمُ‏

قال: يَعودُ في الرَّمْي فَيَعْتَزِمُ على الصواب فيَحْتَشِدُ فيه، و إِن شئت قلت يَعْتزِمُ على الخطإِ فَيَلِجُ فيه إن كان هَجاهُ. و تَعَزَّم: كعَزَم؛ قال أَبو صخر الهذلي:
فأَعْرَضنَ، لَمَّا شِبْتُ، عَني تَعَزُّماً،             و هَلْ لِيَ ذَنْبٌ في اللَّيالي الذُّواهِبِ؟

قال ابن بري: و يقال عَزَمْتُ على الأَمر و عَزَمْتُه؛ قال الأَسْود بن عُمارة النَّوْفَليُّ.
خَلِيلَيَّ منْ سُعْدَى، أَلِمَّا فسَلِّمَا             على مَرْيَمٍ، لا يُبْعِدُ اللهُ مَرْيَمَا
و قُولا لها: هذا الفراقُ عَزَمْتِه             فهلْ مَوْعِدٌ قَبْل الفِراقِ فيُعْلَما؟

و
في الحديث: قال لأَبي بَكْرٍ مَتى تُوتِرُ؟ فقال: أَوَّلَ الليلِ، و قال لِعُمَر: متى تُوتِرُ؟ قال: مِن آخرِ الليلِ، فقال لأَبي بَكرٍ: أَخَذْتَ بالحَزْم، و قال لِعُمَر: أَخَذْتَ بالعَزْمِ.
؛ أَراد أَن أَبا بكرٍ حَذِرَ فَوات الوِتْرِ بالنَّوْم فاحْتاطَ و قدَّمَه، و أَن عُمَر وَثِقَ بالقوّةِ على قيام الليل فأَخَّرَه، و لا خَيرَ في عَزْمٍ بغير حَزْمٍ، فإِن القُوَّة إِذا لم يكن معها حَذَرٌ أَوْرَطَتْ صاحبَها. و عَزَمَ الأَمرُ: عُزِمَ عليه. و في التنزيل: فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ
؛ و قد يكون أَراد عَزَمَ أَرْبابُ الأَمْرِ؛ قال الأَزهري:

399
لسان العرب12

عزم ص 399

هو فاعل معناه المفعول، و إنما يُعْزَمُ الأَمرُ و لا يَعْزِم، و العَزْمُ للإِنسان لا لِلأَمرِ، و هذا كقولهم هَلكَ الرجلُ، و إنما أُهْلِك. و قال الزجاج في قوله فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ
: فإذا جَدَّ الأَمرُ و لَزِمَ فَرْضُ القتال، قال: هذا معناه، و العرب تقول عَزَمْتُ الأَمرَ و عَزَمْتُ عليه؛ قال الله تعالى: وَ إِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ‏
. و تقول: ما لِفلان عَزِيمةٌ أي لا يَثْبُت على أمرٍ يَعْزِم عليه. و
في الحديث: أنه، صلى الله عليه و سلم، قال: خَيرُ الأُمُورِ عَوازِمُها.
أي فَرائِضُها التي عَزَمَ اللهُ عليك بِفِعْلِها، و المعنى ذواتُ عَزْمِها التي فيه عَزْمٌ، و قيل: معناه خيرُ الأُمورِ ما وَكَّدْتَ رَأْيَك و عَزْمَك و نِيَّتَك عليه وَ وَفَيْتَ بعهد الله فيه. و
روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: إن الله يُحِبُّ أن تُؤتَى رُخَصُه كما يُحِبُّ أن تُؤتَى عَزائِمُه.
؛ قال أبو منصور: عَزائِمُه فَرائِضُه التي أَوْجَبَها الله و أَمَرنا بها. و العَزْمِيُّ من الرجال: المُوفي بالعهد. و
في حديث الزكاة: عَزْمةٌ مِنْ عَزَماتِ اللهِ.
أي حَقٌّ مِنْ حُقوقِ الله و واجبٌ مِنْ واجباته. قال ابن شميل في قوله تعالى: كُونُوا قِرَدَةً*؛ هذا أَمرٌ عَزْمٌ، و في قوله تعالى: كُونُوا رَبَّانِيِّينَ؛ هذا فرْضٌ و حُكْمٌ. و
في حديث أُمّ سَلَمة: فَعزَمَ اللهُ لي.
أي خَلَقَ لي قُوَّة و صبْراً. و عَزَم عليه ليَفْعَلنَّ: أَقسَمَ. و عَزَمْتُ عليكَ أي أَمَرْتُك أمراً جِدّاً، و هي العَزْمَةُ. و
في حديث عُمر: اشْتدَّتِ العزائمُ.
؛ يريد عَزَماتِ الأُمراء على الناس في الغَزْو إلى الأَقطار البعيدة و أَخْذَهُم بها. و العزائمُ: الرُّقَى. و عَزَمَ الرَّاقي: كأَنه أَقْسَمَ على الدَّاء. و عَزَمَ الحَوَّاءُ إذا اسْتَخْرَجَ الحيّة كأَنه يُقْسِم عليها. و عزائمُ السُّجودِ: ما عُزِمَ على قارئ آيات السجود أن يَسْجُدَ لله فيها. و
في حديث سجود القرآن: ليستْ سَجْدَةُ صادٍ من عزائِمِ السُّجودِ.
و عزائمُ القُرآنِ: الآياتُ التي تُقْرأُ على ذوي الآفاتِ لما يُرْجى من البُرْءِ بها. و العَزِيمةُ مِنَ الرُّقَى: التي يُعزَمُ بها على الجِنّ و الأَرواحِ. و أُولُو العَزْمِ من الرُّسُلِ: الذينَ عَزَمُوا على أَمرِ الله فيما عَهِدَ إليهم، و جاء في التفسير: أن أُولي العَزْمِ نُوحٌ «2» و إبراهيمُ و موسى، عليهم السلام، و محمّدٌ، صلى الله عليه و سلم، مِنْ أُولي العَزْم أَيضاً. و في التنزيل: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ‏، و

في الحديث: ليَعْزِم المَسأَلة.
أي يَجِدَّ فيها و يَقْطَعها. و العَزْمُ: الصَّبْرُ. و قوله تعالى في قصة آدمَ: فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً؛ قيل: العَزْمُ و العَزِيمةُ هنا الصَّبرُ أي لم نَجِدْ له صَبْراً، و قيل: لم نَجِدْ له صَرِيمةً و لا حَزْماً فيما فَعَلَ، و الصَّرِيمةُ و العَزِيمةُ واحدةٌ، و هي الحاجة التي قد عَزَمْتَ على فِعْلِها. يقال: طَوَى فلانٌ فُؤادَه على عَزِيمةِ أمرٍ إذا أَسرَّها في فُؤادِه، و العربُ تقولُ: ما لَه مَعْزِمٌ و لا مَعْزَمٌ و لا عَزِيمةٌ و لا عَزْمٌ و لا عُزْمانٌ، و قيل في قوله لم نَجِدْ له عَزْماً أي رَأْياً مَعْزوماً عليه، و العَزِيمُ و العزيمةُ واحدٌ. يقال: إنَّ رأْيَه لَذُو عَزِيمٍ. و العَزْمُ: الصَّبْرُ في لغة هذيل، يقولون: ما لي عنك عَزْمٌ أي صَبْرٌ. و
في حديث سَعْدٍ: فلما أصابَنا البَلاءُ اعْتَزَمْنا لذلك.
أي احْتَمَلْناه و صبَرْنا عليه، و هو افْتَعَلْنا من العَزْم. و العَزِيمُ: العَدْوُ الشديد؛ قال ربيعة بن مَقْرُومٍ الضَّبّيُّ:
لولا أُكَفْكِفُه لكادَ، إذا جَرى             منه العَزِيمُ، يَدُّقُّ فَأْسَ المِسْحَلِ‏

__________________________________________________
 (2). قوله [نوح إلخ‏] قد أَسقط المؤلف من عددهم على هذا القول سيدنا عيسى عليه الصلاة و السلام كما في شرح القاموس.

400
لسان العرب12

عزم ص 399

و الاعْتِزامُ: لزُومُ القَصدِ في الحُضْر و المَشْي و غيرهما؛ قال رؤبة:
إذا اعْتَزَمْنَ الرَّهْوَ في انْتِهاضِ‏

و الفَرسُ إذا وُصِفَ بالاعْتِزامِ فمعناه تَجْلِيحُه في حُضْرِه غير مُجِيبٍ لراكبِه إذا كَبَحَه؛ و منه قول رؤبة:
مُعْتَزِم التَّجْلِيحِ مَلَّاخ المَلَق‏

و اعْتَزَمَ الفَرَسُ في الجَرْيِ: مَرَّ فيه جامِحاً. و اعْتَزَمَ الرجلُ الطريقَ يَعْتَزِمُه: مَضَى فيه و لم يَنْثَنِ؛ قال حُمَيْدٌ الأَرْقَطُ:
مُعْتَزِماً للطُّرُقِ النَّواشِطِ             و النَّظَرِ الباسِطِ بَعْدَ الباسِطِ

و أُمُّ العِزْم و أُمُّ عِزْمَةَ و عِزْمةُ: الاسْتُ. و قال الأَشْعَث لعَمْرو بن مَعْديكربَ: أمَا و اللهِ لئِن دَنَوْتَ لأُضْرِطَنَّكَ قال: كلَّا، و الله إنها لَعَزُومٌ مُفَزَّعَةٌ؛ أراد بالعَزُومِ اسْته أي صَبُورٌ مُجِدّةٌ صحيحةُ العَقْدِ، يريد أَنها ذاتُ عَزْمٍ و صرامةٍ و حَزْمٍ و قُوَّةٍ، و لَيْسَتْ بِواهِيةٍ فتَضْرطَ، و إنما أراد نَفْسَه، و قوله مُفَزَّعَةٌ بها تَنْزِل الأَفزاعُ فتجْلِيها. و يقال: كَذَبَتْه أُمُّ عِزْمَة. و العَزُومُ و العَوْزَمُ و العَوْزَمَةُ: الناقةُ المُسِنَّةُ و فيها بَقِيَّةُ شَبابٍ؛ أَنشد ابن الأَعرابي للمَرَّارِ الأَسَدِيِّ:
فأَمَّا كلُّ عَوْزَمةٍ و بَكرٍ،             فمِمَّا يَسْتَعِينُ به السَّبِيلُ‏

و قيل: ناقة عَوْزَمٌ أَكِلَتْ أَسْنانُها من الكِبَر، و قيل: هي الهَرِمَةُ الدِّلْقِمُ. و
في حديث أَنجَشةَ: قال له رُوَيْدَكَ سَوْقاً بالعَوازِمِ.
؛ العَوازِمُ: جمعُ عَوْزَمٍ و هي الناقةُ المُسِنَّة و فيها بَقِيَّةٌ، كَنَى بها عن النِّساء كما كَنَى عنهنّ بالقوارير، و يجوز أن يكون أَرادَ النُّوق نفسَها لضَعفها. و العَوْزَم: العجوز؛ و أَنشد الفراء:
لقدْ غَدَوْتُ خَلَقَ الأَثوابِ،             أَحمِلُ عِدْلَينِ من التُّرابِ‏
لعَوْزَمٍ و صِبْيةٍ سِغابِ،             فآكِلٌ و لاحِسٌ و آبِي‏

و العُزُمُ: العجائز، واحدتهنّ عَزُومٌ. و العَزْمِيُّ: بَيّاع الثَّجير. و العُزُمُ: ثَجِير الزَّبيب، واحدها عَزْمٌ. و عُزْمةُ الرجل: أُسرَتُه و قبيلته، و جماعتها العُزَمُ. و العَزَمة: المصحِّحون للموَدَّة.
عزهم:
هذه ترجمة تحتاج إلى نظر هل هي بالزاي أو بالراء، فإنني لم أر فيها إلا بعض ما رأَيته في عرهم، و الله أعلم.
عسم:
العَسَمُ: يُبْسٌ في المِرْفق و الرُّسغ تَعوَجُّ منه اليدُ و القدَمُ. و
في الحديث: في العبد الأَعْسَمِ إذا أُعتِقَ.
؛ قال إمرؤ القيس:
به عَسَمٌ يَبْتغِي أَرْنَبا «1».

عَسِمَ عَسَماً و هو أَعسمُ، و الأُنثى عَسماء، و العسَم: انتشار رُسغ اليد من الإِنسان، و قيل: العَسَمُ يُبسُ الرُّسغِ. و العَسْمُ: الخُبز اليابسُ، و الجمع عُسُومٌ؛ قال أُميّة بن أبي الصلت في صفة أهل الجنة:
و لا يَتنازَعُونَ عِنانَ شِرْكٍ،             و لا أَقواتُ أهلِهِمُ العُسُومُ‏

و قيل: العُسومُ كِسَر الخُبز اليابس القاحِل، و قيل:
__________________________________________________
 (1). صدر البيت:
مُرسَّعةٌ بين أرساغِه.

 

401
لسان العرب12

عسم ص 401

العُسومُ القِلَّة. و ما ذاقَ من الطعام إلا عَسْمةً أي أَكلةً. و عَسَمَ يَعْسِمُ عَسْماً و عُسوماً: كَسَب. و العَسْمُ: الاكتِساب. و الاعتِسام: الاكتِساب. و العَسْمِيُّ: الكَسوبُ على عياله. و العَسَمِيُّ: المُصِلح «1» لأُموره، و هو المُعوَجُّ أَيضاً. و العَسْمِيُّ: المُخاتِل. و أَعسَم غيره: أعطاه. و العَسْمُ: الطمَع. و عَسَمَ يَعْسِمُ عَسْماً: طَمِعَ. و يقال: هذا الأَمر لا يُعْسَمُ فيه؛ قال العجاج:
استَسْلَموا كَرْهاً و لم يُسالِموا،             و هالَهُمْ مِنكَ إيادٌ داهِمُ،
كالبَحْرِ لا يَعسِمُ فيه عاسِمُ‏


أي لا يَطمع فيه طامِع أن يُغالِبه و يَقْهَره؛ و قال شمر في قول الراجز:
بئرٌ عَضُوضٌ ليس فيها مَعْسَمُ‏


أي ليس فيها مَطمعٌ. و ما لك في فلان مَعْسَمٌ أي مَطمعٌ؛ و قال ابن بري في قول ساعدة الهذلي:
أَمْ في الخُلودِ و لا باللهِ مِن عَسَمِ‏


أي من مَطمع، و يروي:
... عَشَمِ‏


، بالشين المعجمة، و قيل: العَسْمُ المصدر، و العِسْم الاسم. و ما في قِدْحِكَ مَعسَمٌ أي مَغْمَزٌ. و يقال: ما عَسَمْتُ بمثله أي ما بَلِلْتُ بمثله. و عسَمَ الرجل يَعسِمُ عَسْماً: رَكِبَ رَأْسَه في الحرْب و اقتحم و رَمى نفسه وَسْطها غير مُكترثٍ، زاد الجوهري: رمى نفسه وسْط القوم، في حرب كان أو غير حرب. و العُسُم: الكادُّون على العِيال، واحدهم عَسُوم و عاسِم. و عسَمتْ عينه تَعسِمُ: ذرَفَتْ، و قيل: انطبقت أجفانُها بعضُها على بعض؛ قال ذو الرمة:
و نِقْضٍ كرِئْمِ الرَّمْلِ ناجٍ زَجَرْتُه،             إذا العَينُ كادَتْ من كَرى الليلِ تَعسِمُ‏

أي تُغَمِّضُ، و قيل: تَذْرِفُ؛ و قال الآخر:
كِلْنا عليها بالقَفِيزِ الأَعْظَمِ             تِسعينَ كُرّاً، كلُّه لم يُعْسَمِ‏

أي لم يُطفَّفْ و لم يُنْقَص. قال المُفضَّل: و يقال للإِبل و الغنم و الناس إذا جُهِدوا عَسَمتْهُم شدَّة الزمان، قال: و العَسْمُ الانتِقاصُ. و حمارٌ أَعسَمُ: دقيقُ القوائم. و فلانٌ يَعْسِمُ أي يَجتهد في الأَمر و يُعْمِلُ نفسَه فيه. و يقال: ما عَسَمْتُ هذا الثوبَ أي لم أجهَدْه و لم أَنهَكْه. و اعتَسَمْتُه إذا أَعْطيتَه ما يَطمع منك. و الاعتِسامُ: أن تَضَعَ الشاءُ و يأْتي الراعي فيُلقي إلى كُلِّ واحدةٍ ولدَها. و العَسُومُ: الناقة الكثيرة الأَولاد. و بنو عَسامة «2»: قبيلةٌ. و عاسمٌ: موضع. و عُسامة: اسم.
عسجم:
العَسْجَمة: الخِفَّة و السُّرْعة.
عسطم:
عَسْطَمَ الشي‏ءَ: خَلَطَه.
عشم:
العَشْمُ و العَشَمُ: الطمَعُ؛ قال ساعدة بن جُؤيّة الهذلي:
أمْ هلْ ترَى أَصَلاتِ العَيْشِ نافِعةً             أَمْ في الخُلودِ، و لا باللهِ مِنْ عَشَمِ؟

و عَشِمَ عَشَماً و تَعشَّم: يَبِس. و رجلٌ عَشَمةٌ:
__________________________________________________
 (1). قوله [و العسمي المصلح إلخ‏] ضبط في الأَصل بفتح السين، لكن ضبط في التكملة بإسكانها و هي أوثق، و مثل ما فيها في التهذيب. و قوله [و هو المعوج أيضاً] بفتح الواو و مخففة في الأَصل و التكملة. و في القاموس: و هو المعوج ضد بكسر الواو مشددة.
 (2). قوله [و بنو عسامة] ضبط بفتح العين في الأَصل و المحكم، و بضمها في القاموس.

402
لسان العرب12

عشم ص 402

يابس من الهُزال، و زعم يعقوب أن مِيمها بدل من باء عَشَبة. و شيخٌ عَشَمةٌ و عجوز عَشَمةٌ: كبيرٌ هرِمٌ يابس، و قيل: هو الذي تَقارَبَ خَطْوهُ و انحنى ظهرهُ كعَشَبةٍ. و العَشَمُ: الشُّيوخ. و
في حديث المغيرة: أن امرأَةً شَكتْ إليه بعلها فقالت: فَرِّق بيني و بينه فوالله ما هو إلا عَشَمةٌ من العَشَم.
و
في حديث عمر: أَنه وقَفَتْ عليه امرأَةٌ عَشَمةٌ بأَهدامٍ لها.
أي عجوزٌ قَحِلة يابسة. و العَشَمةُ، بالتحريك: النابُ الكبيرةُ. و العَشَم: الخبز اليابس، القطعة منه عَشَمةٌ. و عَشِمَ الخبزُ يَعْشَمُ عَشَماً و عُشوماً: يَبس و خَنِزَ. و خُبزٌ عَيْشَمٌ و عاشِمٌ: يابس خَنِزٌ. و قال الأَزهري: لا أعرف العاشِمَ في باب الخُبز. و العُسوم، بالسين المهملة: كِسَر الخُبز اليابسة، و قد مضى. و
في الحديث: إنَّ بلدَتنا باردة عَشَمةٌ.
أي يابسة، و هو من عشِمَ الخُبزُ إذا يَبس و تكرَّج، و قيل: العَيْشَمُ الخُبز الفاسد، اسم لا صفة. و العُشُمُ: ضرب من الشجر، واحدة عاشِم و عَشِم. و شجر أَعشَمُ: أَصابته الهَبْوةُ فيبس. و أَرضَ عَشماء: بها شُجَيرٌ أَعشَم. و نبتٌ أَعشم: بالغٌ؛ قال:
كأَنَّ صَوْتَ شُخْبِها، إذا خَما،             صَوْتُ أَفاعٍ في خَشِيّ أَعشَما

و رواه ابن الأَعرابي: أَغشَما، و سيأْتي ذكره. و العَيشُوم: ما هاجَ من النبت أي يبس. و العَيشوم: ما يَبس من الحُمَّاض، الواحدة عَيْشومة؛ و قال الأَزهري: هو نبتٌ غير الحُمّاض، و هو من الخُلَّة يُشبه الثُّدَّاء، و الثُّدَّاءُ و المُصاصُ و المُصّاخُ: الذي يقال له بالفارسية غورناس. و العَيشومُ أيضاً: نبت دُقاق طُوال يُشبه الأَسَل تُتَّخذ منه الحُصُرُ المُصبَّغة الدِّقاقُ، و قيل: إن مَنبِته الرمل. و العَيْشوم: شجر له صوت مع الريح؛ قال ذو الرمة:
للجِنِّ بالليل في حافاتِها زَجَلٌ،             كما تَناوَحَ يومَ الريحِ عَيْشومُ‏

و
في الحديث: أنه صلى في مسجدٍ بمنىً فيه عَيشومةٌ.
؛ قال: هي نبت ذقيق طويلٌ مُحدَّدُ الأَطراف كأَنه الأَسَل تُتَّخذ منه الحُصُر الدِّقاقُ، و يقال: إن ذلك المسجد يقال له مسجدُ العَيْشومة، فيه عَيْشومة خَضْراء أبداً، في الجَدْب و الخِصب، و الياء زائدة. و
في الحديث: لو ضَرَبكَ فلانٌ بأُمْصوخةِ عَيْشومةٍ لقتَلك.
و يقال: العَيْشومةُ، بالهاء، شجرة ضخمةُ الأَصلِ تَنْبُتُ نِبْتةَ السَّخْبَرِ، فيها عيدانٌ طِوالٌ كأَنه السَّعفُ الصِّغارُ يُطِيف بأَصْلها، و لها حُبْلةٌ أي ثمرةٌ في أَطراف عُودها تُشْبه ثمرَ السَّخْبر ليس فيها حَبٌّ. و قال أبو حنيفة: العَيْشومُ من الرَّبْل و مما يُسْتَخْلف، و هو شبيه بالثُّدَّاء إلا أنه أضخم. و عاشم: نَقاً بِعالِج.
عشرم:
الأَزهري: العَشَرَّبُ و العَشَرَّمُ: الشَّهْمُ الماضي. ابن سيدة: أَسدٌ عَشَرَّمٌ كعَشَرَّب، و رجل عُشارِمٌ كعُشارب.
عصم:
العِصْمة في كلام العرب: المَنْعُ. و عِصْمةُ الله عَبْدَه: أن يَعْصِمَه مما يُوبِقُه. عَصَمه يَعْصِمُه عَصْماً: منَعَه و وَقَاه. و في التنزيل: لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ‏
؛ أي لا مَعْصومَ إلا المَرْحومُ، و قيل: هو على النَسب أي ذا عِصْمةٍ، و ذو العِصْمةِ يكون مفعولًا كما يكون فاعلًا، فمِن هنا قيل: إن معناه لا مَعْصومَ، و إذا كان ذلك فليس المُستثنى هنا من غير نوع الأَوَّل بل هو من نوعِه، و قيل: إِلَّا مَنْ رَحِمَ مُستثنىً ليس من نوع الأَوَّل، و هو مذهب سيبويه، و الاسمُ العِصْمةُ؛: قال الفراء:

403
لسان العرب12

عصم ص 403

مِنَ في موضع نصبٍ لأَن المعصومَ خلافُ العاصِم، و المَرْحومُ مَعصومٌ، فكان نصْبُه بمنزلة قوله تعالى: ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ، قال: و لو جعلتَ عاصِماً في تأْويل المَعْصوم أي لا مَعْصومَ اليومَ من أَمْرِ الله جازَ رفْعُ مِنَ، قال: و لا تُنْكِرَنَّ أن يُخَرَّجَ المفعولُ «3» على الفاعِل، أَ لا ترى قولَه عز و جل: خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ؟ معناه مَدْفوق؛ و قال الأَخفش: لا عاصِمَ الْيَوْمَ‏
 يجوز أَن يكون لا ذا عِصمةٍ أي لا مَعْصومَ، و يكون إِلَّا مَنْ رَحِمَ رفْعاً بدلًا مِنْ لا عاصِمَ‏
، قال أبو العباس: و هذا خَلْفٌ من الكلام لا يكون الفاعلُ في تأْويل المفعول إلا شاذّاً في كلامهم، و المرحومُ معصومٌ، و الأَوَّل عاصمٌ، و مِنَ نَصْبٌ بالاستثناء المنقطع، قال: و هذا الذي قاله الأَخفش يجوز في الشذوذ، و قال الزجاج في قوله تعالى: سَآوِي إِلى‏ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ
، أي يمنعُني من الماء، و المعنى مِنْ تَغْرِيقِ الماء، قالَ: لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ‏
، هذا استثناء ليس من الأَول، و موضعُ مِنَ نصبٌ، المعنى لكنْ مَنْ رَحِمَ اللهُ فإنه معصوم، قال: و قالوا يجوز أن يكون عاصِمَ‏
 في معنى مَعْصُوم، و يكون معنى لا عاصِمَ‏
 لا ذا عِصْمةٍ، و يكون مِنَ في موضع رفعٍ، و يكون المعنى لا مَعْصومَ إلا المرحوم؛ قال الأَزهري: و الحُذَّاقُ من النحويين اتفقوا على أن قولَه لا عاصِمَ‏
 بمعنى لا مانِعَ، و أنه فاعلٌ لا مفعول، و أنَّ مِنَ نَصْبٌ على الانقطاع. و اعْتَصَمَ فلانٌ بالله إذا امتنع به. و العِصْمة: الحِفْظُ. يقال: عَصَمْتُه فانْعَصَمَ. و اعْتَصَمْتُ بالله إذا امتنعْتَ بلُطْفِه من المَعْصِية. و عَصَمه الطعامُ: منَعه من الجوع. و هذا طعامٌ يَعْصِمُ أي يمنع من الجوع. و اعْتَصَمَ به و اسْتَعْصَمَ: امتنعَ و أبَى؛ قال الله عز و جل حكايةً عن امرأَة العزيز حين راودَتْه عن نفْسِه: فَاسْتَعْصَمَ‏
، أي تَأَبَّى عليها و لم يُجِبها إلى ما طلبَتْ؛ قال الأَزهري: العرب تقول أَعْصَمْتُ بمعنى اعْتَصَمْت؛ و منه قولُ أوس بن حجر:
فأَشْرَط فيها نفْسَه و هْو مُعْصِمٌ،             و أَلْقى بأَسْبابٍ له و تَوَكَّلا

أي و هو مُعْتَصِمٌ بالحبْل الذي دَلَّاه. و
في الحديث: مَنْ كانت عِصْمتُه شَهادةَ أن لا إلهَ إلا اللهُ.
أي ما يَعْصِمُه من المَهالِك يوم القيامة؛ العصْمَةُ: المَنَعةُ. و العاصمُ: المانعُ الحامي. و الاعْتِصامُ: الامْتِساكُ بالشي‏ء، افْتِعالٌ منه؛ و منه شِعْرُ أَبي طالب:
ثِمالُ اليتامَى عِصْمةٌ للأَرامِل‏


أي يَمْنعُهم من الضَّياعِ و الحاجةِ. و
في الحديث: فقد عَصَمُوا مِنِّي دِماءَهم و أَمْوالَهم.
و
في حديث الإِفْكِ: فعَصَمها الله بالوَرَعِ.
و
في حديث عُمَر: و عِصْمة أَبْنائِنا إذا شَتَوْنا.
أي يمتنعون به من شِدَّة السَّنة و الجَدْب. و عَصَمَ إليه: اعتصم به. و أَعْصَمَه: هَيَّأ له شيئاً يعْتَصِمُ به. و أَعْصمَ بالفرَسِ: امْتَسكَ بعُرْفِه، و كذلك البعيرُ إذا امْتَسَكَ بحَبْلٍ مِنْ حِبالهِ؛ قال طُفيل:
إذا ما غَزَا لم يُسْقِط الرَّوْعُ رُمْحَه،             و لم يَشْهَدِ الهَيْجا بأَلْوَثَ مُعْصِمِ‏

ألْوَث: ضعيف، و يروى:
كذا ما غَدَا.


و أَعصمَ الرجلُ: لم يَثْبُت على الخيل. و أَعْصَمْتُ فلاناً إذا هَيَّأْتَ له في الرَّحْلِ أو السَّرْج ما يَعْتَصِمُ به لئلا يَسقُط. و أَعصم إذا تشدَّد و اسْتَمْسَكَ بشي‏ءٍ من‏
__________________________________________________
 (3). قوله [يخرج المفعول إلخ‏] كذا بالأَصل و التهذيب، و المناسب العكس كما يدل عليه سابق الكلام و لاحقه.

404
لسان العرب12

عصم ص 403

أَن يَصْرَعَه فرَسُه أو راحلته؛ قال الجَحّاف بن حكيم:
و التَّغْلَبيّ على الجَوادِ غَنِيمة،             كِفْل الفُروسةِ دائِم الإِعْصامِ‏

و العِصْمةُ: القِلادةُ، و الجمعُ عِصَمٌ، و جمعُ الجمعِ أَعْصام، و هي العُصْمةُ «1» أيضاً، و جمعُها أَعْصام؛ عن كراع، و أُراه على حذف الزائد، و الجمعُ الأَعْصِمةُ. قال الليث: أَعْصامُ الكِلابِ عَذَباتُها التي في أَعناقِها، الواحدة عُصْمةٌ، و يقال عِصامٌ؛ قال لبيد:
حتى إذا يَئِسَ الرُّماةُ، و أَرْسَلُوا             غُضْفاً دَواجِنَ قافِلًا أَعْصامُها

قال ابن شميل: الذَّنَبُ بهُلْبِه و عَسِيبه يُسمَّى العِصامَ، بالصاد. قال ابن بري: قال الجوهري في جمع العُصْمةِ القِلادةِ أَعْصام، و قوله ذلك لا يَصحُّ، لأَنه لا يُجْمَعُ فُعْلةٌ على أَفْعال، و الصواب قول من قال: إنَّ واحدَته عِصْمة، ثم جُمِعَت على عِصَمٍ، ثم جُمِع عِصَمٌ على أَعْصام، فتكون بمنزلة شِيعة و شِيَع و أَشْياع، قال: و قد قيل إن واحدَ الأَعْصام عِصْمٌ مثلُ عِدْلٍ و أَعْدالٍ، قال: و هذا الأَشْبهُ فيه، و قيل: بل هي جمعُ عُصُمٍ، و عُصُمٌ جمعُ عِصامٍ، فيكون جمعَ الجمع، و الصحيح هو الأَول. و أَعْصَمَ الرجلُ بصاحبِه إعْصاماً إذا لَزِمَه، و كذلك أَخْلَدَ به إخْلاداً. و في التنزيل: وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ
؛ و جاء ذلك في حديث الحُدَيْبية جمع عِصْمة، و الكَوافِر: النساءُ الكَفَرَةُ، قال ابن عرفة: أي بِعَقْدِ نِكاحِهنَّ. يقال: بيدهِ عِصْمةُ النِّكاح أي عُقْدةُ النِّكاح؛ قال عروة بن الورد:
إذاً لمَلَكْتُ عِصْمةَ أُمِّ وَهْبٍ،             على ما كان مِنْ حَسَكِ الصُّدُورِ

قال الزجاج: أصلُ العِصْمةِ الحبْلُ. و كلُّ ما أَمْسَك شيئاً فقد عَصَمَه؛ تقول: إذا كفَرْتَ فقد زالتِ العِصْمةُ. و يقال للراكب إذا تقَحَّمَ به بَعِيرٌ صعْبٌ أو دابَّةٌ فامْتَسك بواسِط رَحْله أو بقَرَبوسِ سَرْجِه لئلا يُصْرعَ: قد أَعْصَمَ فهو مُعْصِمٌ. و قال ابن المظفَّر: أَعْصَمَ إذا لجأَ إلى الشي‏ء و أَعْصَم به. و قوله: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ‏
؛ أي تمَسَّكوا بعهدِ الله، و كذلك في قوله: وَ مَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ‏
 أي مَنْ يَتمسَّكْ بحَبْلهِ و عَهْدِه. و الأَعْصَمُ: الوَعِلُ، و عُصْمتُه بَياضٌ شِبْهُ زَمَعةِ الشاةِ في رِجْل الوَعِلِ في موضع الزَّمَعةِ من الشَّاء، قال: و يقال للغُراب أَعْصَمُ إذا كان ذلك منه أبيض. قال الأَزهري: و الذي قاله الليث في نعت الوَعِل إنه شِبْه الزَّمَعة تكون في الشاءِ مُحالٌ، و إنما عُصْمةُ الأَوْعالِ بَياضٌ في أَذْرُعِها لا في أوْظِفَتِها، و الزَّمَعةُ إنما تكون في الأَوْظِفة، قال: و الذي يُغيِّرُه الليثُ من تفسير الحروف أَكثرُ مما يُغيِّره من صُوَرِها، فكُنْ على حذَرٍ من تفسيره كما تكون على حذرٍ من تصحيفه. قال ابن سيدة: و الأَعْصمُ من الظِّباءِ و الوُعولِ الذي في ذِراعِه بياضٌ، و في التهذيب: في ذِراعَيْه بياض، و قال أبو عبيدة: الذي بإِحْدى يديه بياضٌ، و الوُعولُ عُصْمٌ. و
في حديث أبي سفيان: فتَناوَلْتُ القَوْسَ و النَّبْلَ لأَرْميَ ظَبْيةً عَصْماءَ نَرُدُّ بها قرَمَنا.
و قد عَصِمَ عَصَماً، و الاسم العُصْمةُ. و العَصْماءُ من المعَز: البيضاءُ اليدين أو اليدِ و سائرُها
__________________________________________________
 (1). قوله [و هي العصمة] هذا الضبط تبع لما في بعض نسخ الصحاح، و صرح به المجد و لكن ضبط في الأَصل و نسختي المحكم و التهذيب العصمة بالتحريك، و كذا قوله الواحدة عصمة.

405
لسان العرب12

عصم ص 403

أَسودُ أَو أَحْمرُ. و غرابٌ أَعْصَمُ: و في أحد جَناحَيْه رِيشةٌ بيضاء، و قيل: هو الذي إِحْدى رِجْلَيْه بيضاءُ، و قيل: هو الأَبيضُ. و الغرابُ الأَعْصَمُ: الذي في جَناحِه ريشةٌ بيضاءُ لأَن جَناح الطائر بمنزلة اليدِ له، و يقال هذا كقولهم الأَبْلَق العقوق و بَيْض الأَنُوق لكل شي‏ء يَعِزُّ وُجودُه. و
في الحديث: المرأَة الصالحةُ كالغُرابِ الأَعْصَم، قيل: يا رسولَ الله، و ما الغُرابُ الأَعْصَمُ؟ قال: الذي إحْدى رِجْلَيْه بَيْضاء.
؛ يقول: إنها عزيزةٌ لا تُوجَد كما لا يُوجَد الغُراب الأَعْصَم. و
في الحديث: أنه ذَكَر النِّساءَ المُخْتالاتِ المُتبرِّجاتِ فقال: لا يدخلُ الجنَّةَ منهنَّ إلا مِثْلُ الغُرابِ الأَعْصم.
؛ قال ابن الأَثير: هو الأَبْيضُ الجَناحين، و قيل: الأَبيض الرِّجْلين، أراد قِلَّةَ مَنْ يدخل الجنةَ من النساء. و قال الأَزهري: قال أبو عبيد الغراب الأَعْصمُ هو الأَبيضُ اليدين، و منه قيل للوُعول عُصْم، و الأُنثى منهن عَصْماء، و الذكر أَعْصَمُ، لبياض في أيديها، قال: و هذا الوصف في الغِرْبانِ عزيزٌ لا يكاد يُوجد، و إنما أَرْجُلُها حُمْرٌ، قال: و أما هذا الأَبْيضُ البطنِ و الظَّهْرِ فهو الأَبْقعُ، و ذلك كثير. و
في الحديث: عائِشةُ في النِّساء كالغُرابِ الأَعْصَمِ في الغربْان.
؛ قال ابن الأَثير: و أصل العُصْمة البَياضُ يكونُ في يَدَي الفَرسِ و الظَّبْي و الوَعِل. قال الأَزهري: و قد ذكر ابن قتيبة
حديث النبي، صلى الله عليه و سلم: لا يدخلُ الجنةَ منهنَّ إِلَّا مِثْلُ الغرابِ الأَعْصم.
، فيما رَدَّ على أبي عبيد و قال: اضطرب قول أبي عبيد لأَنه زعم أن الأَعْصمَ هو الأَبيضُ اليدين، ثم قال بعدُ: و هذا الوصف في الغِرْبان عزيزٌ لا يكاد يوجد، و إنما أَرْجلُها حمرٌ، فذكر مَرَّةً اليدين و مرّة الأَرْجُلَ؛ قال الأَزهري: و قد جاء هذا الحرف مفسَّراً في خبر آخرَ
رواه عن خزيمة، قال: بَيْنا نحنُ مع عَمْرِو بن العاص فعَدَلَ و عَدَلْنا معَه حتى دخلْنا شِعْباً فإذا نحنُ بِغرْبانٍ و فيها غُرابٌ أعْصمُ أحمرُ المِنْقارِ و الرِّجْلَين، فقال عَمْروٌ: قال رسول الله، صلى الله عليه و سلم: لا يدخلُ الجنةَ منَ النساءِ إلَّا قَدْرُ هذا الغُرابِ في هؤلاء الغِربْان.
؛ قال الأَزهري: فقد بان في هذا الحديث أن معنى‏
قول النبي، صلى الله عليه و سلم: إلّا مِثْلُ الغُراب الأَعْصم.
، أنه أراد أحمرَ الرِّجْلَين لقِلَّتِه في الغِربانِ، لأَن أكثرَ الغِرْبان السُّودُ و البُقْعُ. و
روي عن ابن شميل أنه قال: الغُرابُ الأَعْصمُ الأَبيضُ الجناحين.
، و الصواب ما جاء في الحديث المُفسِّر، قال: و العرب تجعل البياضَ حُمْرةً فيقولون للمرأَة البيضاء اللَّوْنِ حَمْراء، و لذلك قيل للأَعاجم حُمْر لغلبة البياض على أَلوانهم، و أما العُصْمةُ فهي البياضُ بِذِراعِ الغَزالِ و الوَعِلِ. يقال: أَعْصَمُ بَيِّن العَصَمِ، و الاسم العُصْمةُ. قال ابن الأَعرابي: العُصْمةُ مِنْ ذوات الظِّلْفِ في اليدين، و من الغُرابِ في السَّاقَيْن، و قد تكون العُصْمة في الخيل؛ قال غَيْلان الرَّبَعيّ:
قَدْ لَحِقَتُ عُصْمَتُها بالأَطْباء             مِنْ شِدّةِ الرَّكْضِ و خَلْج الأَنْساء

أراد موضعَ عُصْمتِها. قال أبو عبيدة في العُصْمةِ في الخيل قال: إذا كان البياضُ بيديه دونَ رِجْلَيْه فهو أَعْصمُ، فإذا كان بإحْدى يديه دون الأُخرى قَلَّ أو كثُرَ قيل: أَعْصمُ اليُمنى أو اليسرى، و قال ابن شميل: الأَعْصمُ الذي يُصِيبُ البياض إحْدى يديه فوق الرُّسْغ، و قال الأَصمعي: إذا ابْيضَّت اليدُ فهو أَعْصمُ. و قال ابن المظفر: العُصْمةُ بَياضٌ في الرُّسْغ، و إذا كان بإحْدى يَدَي الفرَس بَياضٌ قلَّ أو كثُرَ فهو أَعْصمُ اليُمْنى أو اليُسْرى، و إن كان بيديه‏

406
لسان العرب12

عصم ص 403

جميعاً فهو أعْصمُ اليدين، إلَّا أن يكون بوجهِه وضَحٌ فهو مُحجَّلٌ ذهبَ عنه العَصَمُ، و إن كان بوجهه وَضَحٌ و بإِحْدى يديه بياضٌ فهو أَعصم، لا يُوقِعُ عليه وَضَحُ الوجْهِ اسمَ التحجيلِ إذا كان البياض بيدٍ واحدةٍ. و العصِيمُ: العَرَقُ؛ قال الأَزهري: قال ابن المُظفر العَصِيمُ الصَّدَأُ من العَرَقِ و الهِناءِ و الدَّرَنِ و الوسَخِ و البول إذا يَبِسَ على فَخذِ الناقة حتى يبقى كالطَّرِيق خُثورةً؛ و أنشد:
و أَضْحى عَنْ مَواسِمِهِمْ قَتِيلًا،             بِلَبَّتِه سرائحُ كالعَصِيمِ‏

و العَصِيمُ: الوَبَرُ؛ قال:
رَعَتْ بين ذِي سَقْفٍ إلى حَشِّ حِقْفَةٍ             مِنَ الرَّمْلِ، حتى طارَ عنها عَصِيمُها

و العَصِيمُ و العُصْمُ و العُصُمُ: بقيَّةُ كلِّ شي‏ء و أثَرُه من القَطِران و الخِضابِ و غيرهما؛ قال ابن بري: شاهده قول الشاعر:
كَساهُنَّ الهَواجِرُ كلَّ يَوْمٍ             رَجيعاً بالمَغابِنِ كالعَصِيمِ‏

و الرَّجِيعُ: العرَق؛ و قال لبيد:
بِخَطيرةٍ تُوفي الجَدِيلَ سَريحةٍ،             مِثْل المَشُوف هَنأْتَهُ بِعَصِيمِ‏

و قال ابن بري: العَصِيمُ أيضاً وَرقُ الشجر؛ قال الفرزدق:
تَعَلَّقْت، مِنْ شَهْباءَ شُهْبٍ عَصِيمُها             بِعُوجِ الشَّبا، مُسْتَفْلِكاتِ المَجامع‏

شَهْباء: شجرةٌ بيضاء من الجَدْب، و الشَّبَا: الشَّوْكُ، و مُسْتَفْلِكاتٌ: مُسْتَديراتٌ، و المَجامعُ: أُصولُ الشَّوْكِ. و قالت امرأَة من العرب لجارتِها: أَعْطِيني عُصْمَ حِنَائِكِ أي ما سَلَتِّ منه بعد ما اخْتَضَبْتِ به؛ و أنشد الأَصمعي:
يَصْفَرُّ لِلْيُبْسِ اصْفِرَارَ الوَرْسِ،             مِنْ عَرَقِ النَّضْح، عَصِيمُ الدَّرْسِ‏

أَثَرُ الخِضاب في أثر الجَرَب «1». و العُصْمُ: أثرُ كلِّ شي‏ء من وَرْسٍ أو زَعْفَرانٍ أو نحوه. و عَصَمَ يَعْصِمُ عَصْماً: اكْتَسَبَ. و عِصامُ المَحْمِل: شِكالُه. قال الليث: عصاما المَحْمِلِ شِكالُه و قَيْدُه الذي يُشَدُّ في طرف العارِضَيْن في أَعلاهما، و قال الأَزهري: عِصاما المَحْمِلِ كعِصامَي المَزَادَتيْن. و العِصامُ: رِباطُ القِرْبةِ و سَيْرُها الذي تُحْمَل به؛ قال الشاعر قيل هو لإمرئ القيس، و قيل لِتأَبَّط شرّاً و هو الصحيح:
و قِرْبة أَقْوامٍ جَعَلْتُ عِصامها             على كاهلٍ مِنِّي ذَلولٍ مُرَحَّلِ‏

و عصامُ القِرْبةِ و الدَّلْوِ و الإِداوة: حَبْلٌ تُشدُّ به. و عَصمَ القِرْبةَ و أَعْصَمَها: جعلَ لها عِصاماً، و أَعْصَمَها: شَدَّها بالعِصام. و كلُّ شي‏ءٍ عُصِمَ به شي‏ءٌ عِصامٌ، و الجمعُ أَعْصِمةٌ و عُصُمٌ. و حكى أبو زيد في جمع العِصامِ عِصام، فهو على هذا من باب دِلاصٍ و هِجانٍ. قال الأَزهري: و المحفوظُ من العرب في عُصُمِ المَزادِ أنها الحبالُ التي تُنْشَبُ في خُرَبِ الرَّوايَا و تُشَدُّ بها إذا عُكِمَتْ على ظَهْر البعير ثم يُرْوَى عليها بالرِّواء الواحدُ، عِصامٌ، و أما الوِكاءُ فهو الشريطُ الدقيقُ أو السَّيْرُ الوثيقُ يُوكَى به فَمُ القِرْبة و المَزادةِ، و هذا كُلُّه صحيحٌ‏
__________________________________________________
 (1). قوله: أثر الخضاب إلخ هو تفسير لعصيم الدرس في البيت السابق.

407
لسان العرب12

عصم ص 403

لا ارْتِيابَ فيه. و قال الليث: كُلُّ حَبْلٍ يُعْصَمُ به شي‏ءٌ فهو عِصامُه. و
في الحديث: فإذا جَدُّ بني عامرٍ جَمَلٌ آدَمُ مُقيَّدٌ بِعُصُم.
؛ العُصُمُ: جمعُ عِصامٍ و هو رباطُ كلِّ شي‏ء، أراد أن خِصْبَ بلادِه قد حَبَسه بفِنائه فهو لا يُبْعِدُ في طلب المَرْعَى، فصار بمنزلة المُقَيَّد الذي لا يَبْرحُ مَكانَه، و مثله قول قَيلةَ في الدَّهْناءِ: إنها مُقَيَّدُ الجمَل أي يكونُ فيها كالمُقيَّدِ لا يَنْزِعُ إلى غيرِها من البلاد. و عِصامُ الوعاءِ: عُرْوتُه التي يُعلَّقُ بها. و عِصامُ المَزادةِ: طريقةُ طَرَفِها. قال الليث: العُصُمُ طرائقُ طَرَفِ المَزادة عند الكُلْية، و الواحد عِصامٌ؛ قال الأَزهري: و هذا من أَغاليطِ الليث و غُدَدِه. و العِضامُ، بالضاد المعجمة، عَسِيبُ البعير و هو ذَنَبُه العَظْمُ لا الهُلْبُ، و سيذكر، و هو لُغَتانِ بالصاد و الضاد. و قال ابن سيدة: عِصامُ الذَّنَبِ مُسْتدَقُّ طرفِه. و المِعْصَمُ: مَوْضِعُ السِّوارِ من اليَدِ؛ قال:
فاليَوْمَ عِنْدَكَ دَلُّها و حَدِيثُها،             و غَداً لِغَيْرِكَ كَفُّها و المِعْصَمُ‏

و ربما جعلوا المِعْصَم اليَد، و هما مَعْصَمانِ؛ و منه أيضاً قول الأَعشى:
فأَرَتْكَ كَفّاً في الخِضابِ             و مِعْصَماً مِلْ‏ءَ الجِبارَهْ‏

و العَيْصومُ: الكثيرُ الأَكلِ، الذَّكرُ و الأُنثى فيه سواء؛ قال:
أُرْجِدَ رَأْسُ شَيْخةٍ عَيْصُومِ‏

و يروى‏
... عَيْضُوم‏

، بالضاد المعجمة. قال الأَزهريّ: العَيْصومُ من النِّساء الكثيرةُ الأَكْلِ الطَّويلةُ النَّوْم المُدَمْدِمةُ إذا انْتَبهتْ. و رجلٌ عَيْصُومٌ و عَيْصامٌ إذا كان أَكُولًا. و العَصُومُ، بالصادِ: الناقةُ الكثيرةُ الأَكْلِ. و روي عن المؤرِّج أنه قال: العِصامُ الكُحْلُ في بعض اللغات. و قد اعْتَصَمتِ الجاريةُ إذا اكْتَحَلتْ، قال الأَزهري: و لا أعرف راويَه، فإن صحت الروايةُ عنه فهو ثقةٌ مأْمونٌ. و قولهم: ما وَراءَك يا عِصامُ؛ هو اسم حاجِب النُّعمان بن المُنْذِر، و هو عِصامُ بن شَهْبَر الجَرْمِيّ؛ و في المثل: كُنْ عِصامِيّاً و لا تَكُنْ عِظاميّاً؛ يُرِيدون به قوله:
نَفْسُ عِصامٍ سَوَّدَتْ عِصاما             و صَيَّرَتْه مَلِكاً هُماما،
وَ عَلَّمَتْه الكَرَّ و الإِقْدامَا

و في ترجمة عصب:
رَوَى بعضُ المُحَدِّثين أن جبريلَ جاء يومَ بَدْرٍ على فرسٍ أُنثى و قد عَصَمَ ثَنِيَّتَه الغُبارُ.
أي لَزِقَ به؛ قال الأَزهري: فإن لم يكن غَلطاً من المُحدِّث فهي لغة في عصب، و الباءُ و الميمُ يَتعاقبانِ في حروف كثيرة لقرب مَخرجَيْهما، يقال: ضرْبة لازِبٍ و لازِمٍ، و سَبَدَ رأْسه و سَمَدَه. و العواصِمُ: بِلادٌ، و قَصَبتُها أَنْطاكِيةُ. و قد سَمَّوْا عِصْمةَ و عُصَيْمةَ و عاصِماً و عُصَيْماً و مَعْصوماً و عِصاماً. و عِصْمةُ: اسمُ امرأَة؛ أنشد ثعلب:
أَ لَمْ تَعْلَمِي، يا عِصْمَ، كَيْفَ حَفِيظَتي،             إذا الشَّرُّ خاضَتْ جانِبَيْه المَجادِحُ؟

و أَبو عاصمٍ: كُنْية السَّويقِ.
عضم:
العَضْمُ في القَوْسِ: المَعْجِس، و هو مَقْبِضُ القَوْسِ، و العَضْمُ و العَجْسُ و المَقْبِضُ كُلُّه بمعنىً واحدٍ، و الجمعِ عِضامٌ؛ أنشد أبو حنيفة:

408
لسان العرب12

عضم ص 408

زاد صَبِيَّاها على التَّمامِ،             و عَضْمُها زاد على العِضَامِ‏

و العَضْمُ: خَشبةٌ ذاتُ أَصابع تُذَرَّى بها الحِنْطةُ؛ قال الأَزهري: و العَضْمُ الحِفْراة التي يُذَرَّى بها؛ قال ابن بري: العَضْمُ أصابعُ المِذْرَى. و عَضْمُ الفدّانِ: لَوْحُه العريضُ الذي في رأْسِه الحديدةُ التي تَشُقُّ الأَرض، و الجمعُ أَعْضِمةٌ و عُضُمٌ، كلاهما نادرٌ، و عندي أَنهم كَسَّرُوا العَضْمَ الذي هو الخشبةُ و عَضْمَ الفَدّانِ على عِضامٍ، كما كَسَّرُوا عليه عَضْمَ القَوْسِ، ثم كَسَّرُوا عِضاماً على أعْضِمة و عُضُمٍ كما كَسَّروا مِثالًا على أَمْثِلَةٍ و مُثُلٍ، و الظاءُ في كل ذلك لغةٌ؛ حكاه أبو حنيفة بعد أن قَدَّمَ الضَّاد. و قال ثعلب: العَضْمُ شي‏ءٌ من الفخ، و لم يُبَيِّنْ أَيٌّ شي‏ءٍ هو منه، قال: و لم أَسمعه عن ابن الأَعرابي؛ قال: و قد جاء في شعر الطِّرمَّاح، و لم ينشد البيت. و العَضْمُ: عَسِيبُ الفَرس، أصْلُ ذنَبهِ، و هي العُكْوةُ. و العِضَامُ: عَسِيبُ البعيرِ و هو ذَنَبُه العظم لا الهُلْبُ، و الجمع القليلُ أَعْضِمةٌ، و الجمع عُضُمٌ. قال الجوهري: و العَضْمُ عَسِيبُ البعيرِ. و العَضْمُ: خَطٌّ في الجَبَل يُخالفُ سائِرَ لَونه؛ و قول الشاعر:
رُبَّ عَضْمٍ رَأَيْتُ في وَسْطِ ضَهْرٍ


قال: الضَّهْرُ البُقْعةُ من الجبل يُخالِفُ لونُها سائرَ لونه، قال: و قوله‏
رُبَّ عَضْمٍ ...

أراد أنه رأَى عُوداً في ذلك الموضع فقَطَعه و عَمِلَ به قَوْساً. و العَضُومُ: الناقةُ الصُّلْبَةُ في بدنِها القَوِيَّةُ على السَّفَر. و العَصُومُ، بالصاد المُهْمَلة: الكثيرةُ الأَكلِ. و امرأَةٌ عَيْضُومٌ: كثيرةُ الأَكلِ؛ عن كراع؛ قال:
أُرْجِدَ رأْسُ شَيْخةٍ عَيْضُومِ‏

و الصاد أَعْلى؛ قال أبو منصور: هذا تصحيف قبيح، و الصوابُ العَيْصُومُ، بالصاد؛ كذلك رواه أبو العباس أحمد بن يحيى عن ابن الأَعرابي، و قال في موضع آخر: هي العَصُومُ للمرأَة إذا كَثُرَ أَكْلُها، و إِنما قيل لها عَصُومٌ و عَيْصُومٌ لأَن كثرةَ أَكْلِها تَعْصِمها من الهُزالِ و تُقَوِّيها، و الله أَعلم.
عطم:
ابن الأَعرابي: العُطْمُ الصُّوفُ المنفوشُ. و العُطُمُ: الهَلْكَى، واحدُهم عَطِيمٌ و عاطِمٌ.
عظم:
مِنْ صِفاتِ الله عزَّ و جلَّ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ*، و يُسبِّح العبدُ رَبَّه فيقول: سبحان رَبِّي العظيم؛ العَظِيمُ: الذي جاوَزَ قدْرُهُ و جلَّ عن حدودِ العُقول حتى لا تُتَصَوَّر الإِحاطةُ بِكُنْهِه و حَقِيقتهِ. و العِظَمُ في صِفاتِ الأَجْسام: كِبَرُ الطُّولِ و العرضِ و العمْق، و الله تعالى جلَّ عن ذلك.
قال النبي، صلى الله عليه و سلم: أمَّا الرُّكوعُ فعظِّمُوا فيه الربَّ.
أي اجْعلُوه في أنْفُسِكم ذا عَظمةٍ، و عَظمةُ اللهِ سبحانه لا تُكَيَّفُ و لا تُحدُّ و لا تُمثَّل بشي‏ء، و يجبُ على العبادِ أن يَعْلَمُوا أنه عظيمٌ كما وصَفَ نفْسه و فَوْقَ ذلك بلا كَيفِيَّةٍ و لا تَحْديدٍ.
قال الليث: العَظمةُ التَّعَظُّمُ و النَّخْوةُ و الزَّهْوُ.
؛ قال الأَزهري: و لا تُوصَفُ عظمةُ الله بما وصَفَها به الليثُ، و إذا وُصِفَ العبدُ بالعَظمة فهو ذَمٌّ لأَن العظمة في الحقيقة لله عز و جل، و أما عَظَمَةُ العبدِ فكِبْرُه المذمومُ و تَجَبُّره. و
في الحديث: مَنْ تَعَظَّمَ في نفسه لَقِيَ الله، تَبارَك و تعالى، غَضْبانَ.
؛ التَّعَظُّمُ في النفس: هو الكبرُ و الزَّهْوُ و النّخْوةُ. و العَظَمَةُ و العَظَمُوتُ: الكبرُ. و عَظَمَةُ اللسان: ما عَظُمَ منه و غَلُطَ فوقَ العَكَدَةِ، و عَكَدَتُه‏

409
لسان العرب12

عظم ص 409

أصْلُه. و العِظَمُ: خلافُ الصِّغَر. عَظُمَ يَعْظُم عِظَماً و عَظامةً: كَبُرَ، و هو عظيمٌ و عُظامٌ. و عَظَّمَ الأَمرَ: كَبَّره. و أَعْظَمَه و اسْتَعْظَمَه: رآه عَظيماً. و تَعاظَمَه: عَظُمَ عليه. و أَمرٌ لا يَتَعاظَمُه شي‏ءٌ: لا يَعْظُم بالإِضافة إليه، و سَيْلٌ لا يَتَعاظَمُه شي‏ءٌ كذلك. و أَصابنا مطرٌ لا يَتعاظَمُه شي‏ءٌ أي لا يَعْظُمُ عِنده شي‏ء. و
في الحديث: قال الله تعالى: لا يَتَعاظَمُني ذَنْبٌ أَن أَغْفِرهَ.
؛ أي لا يَعْظُمُ عليَّ و عِندِي. و أَعْظَمَني ما قُلْتَ لي أي هالَني و عَظُمَ عليَّ. و يقال: ما يُعْظِمُني أن أفْعلَ ذلك أي ما يَهُولُني. و أَعْظَمَ الأَمرُ فهو مُعْظِمٌ: صارَ عَظِيماً. و رَماه بمُعْظَمٍ أي بعظيم. و اسْتَعْظمتُ الأَمْرَ إذا أَنْكرتْه. و يقال: لا يتَعاظَمُني ما أتيتُ إليك من عَظِيم النَّيْل و العَطِيَّةِ، و سمعتُ خبراً فأَعْظَمْتُه. وَ وَصَفَ الله عذابَ النَّارِ فقال: عَذابٌ عَظِيمٌ*
؛ و كذلك العَذاب في الدُّنْيا. و وَصَف كَيْدَ النِّساء فقال: إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ‏
. و رجلٌ عَظِيمٌ في المَجْدِ و الرَّأْي على المَثلِ، و قد تَعظَّمَ و اسْتَعظَمَ. و لِفلان عَظَمةٌ عندَ النَّاسِ أي حُرْمةٌ يُعظَّمُ لهَا، و له مَعاظِمُ مِثْلُه؛ و قال مُرقِّش:
و الخالُ له مَعاظِمٌ و حُرَمْ «2».

و إنَّه لَعَظِيمُ المَعاظِم أي عظيمُ الحُرْمة. و يقال: تَعاظَمَني الأَمرُ و تَعاظَمْتُه إذا اسْتَعْظَمْتَه، و هذا كما يقال: تَهَيَّبَني الشي‏ءُ و تهَيَّبْتُه. و اسْتَعْظَمَ: تَعَظَّمَ و تكبَّرَ، و الاسم العُظْمُ. و عُظْمُ الشي‏ء: وَسَطُه. و قال اللحياني: عُظْمُ الأَمرِ و عَظْمُه مُعْظَمُه. و جاء في عُظْمِ النَّاسِ و عَظْمِهم أي في مُعْظَمِهم. و
في حديث ابن سيرين: جَلَسْتُ إلى مَجْلِسٍ فيه عُظْمٌ من الأَنْصارِ.
أي جماعةٌ كبيرةٌ منهم. و اسْتَعظَم الشي‏ءَ: أخذ مُعظَمَه. و عَظَمَةُ الذِّراعِ: مُسْتَغْلَظُها. و قال اللحياني: العظَمةُ من الساعد ما يَلي المِرْفقَ الذي فيه العَضَلةُ، قال: و الساعد نِصفْان: فنِصْفٌ عَظَمةٌ، و نِصفٌ أَسَلةٌ، فالعَظَمةُ ما يَلي المِرْفقَ من مُسْتَغْلَظ الذِّراعِ و فيه العَضَلةُ، و الأَسَلةُ ما يَلي الكفَّ. و العُظمةُ و العِظامةُ و العُظَّامةُ، بالتشديد، و الإِعْظامةُ و العظيمةُ: ثَوْبٌ تُعظِّمُ به المرأَةُ عجيزتَها؛ و قال الفراء: العُظْمةُ شي‏ءٌ تُعَظِّمُ به المرأة رِدْفَها من مِرْفَقةٍ و غيرِها، و هذا في كلامِ بني أَسَدٍ، و غيرُهم يقول: العِظامَةُ، بكسر العين؛ و قوله:
و إنْ تَنْجُ مِنها تَنْجُ مِنْ ذي عَظِيمةٍ،             و إلَّا فإنِّي لا إخالُكَ ناجِيا

أَراد من أَمرٍ ذي داهيةٍ عَظِيمةٍ. و العَظْمُ: الذي عليه اللحمُ من قَصَبِ الحيوانِ، و الجمع أَعْظُمٌ و عِظامٌ و عِظامةٌ، الهاء لتأْنيث الجمع كالفِحالةِ؛ قال:
وَيْلٌ لِبُعْرانِ أبي نَعامهْ             منْكَ، و منْ شَفْرَتِك الهُدامهْ‏
إذا ابْتَرَكْتَ فحفَرْتَ قامهْ،             ثم نَثرْتَ الفَرْثَ و العِظامهْ‏

و قيل: العِظامةُ واحدةُ العِظام، و منه الفِحالةُ و الذِّكارةُ و الحِجارةُ، و النِّقادةُ جمعُ النَّقَد، و الجِمالةُ جمعُ الجمل؛ قال الله عز و جل: جِمالاتٌ صُفْرٌ؛ هي جمعُ جِمالةٍ و جِمالٍ. و عَظَّمَ الشاةَ: قَطَّعها عَظْماً عَظْماً. و عَظَمَه عظْماً: ضَرَبَ عِظامَه. و عَظمَ الكلْبَ عَظْماً و أَعْظَمه إيَّاه:
__________________________________________________
 (2). تمام البيت كما في التكملة:
فنحن أخوالك عمرك و             الخال له معاظم و حرم.

410
لسان العرب12

عظم ص 409

أطْعمَه. و في التنزيل: فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً؛ و يُقرَأُ: فكسَوْنا العَظْمَ لَحْماً؛ قال الأَزهري: التوحيد و الجمعُ هنا جائزانِ لأَنه يُعْلَم أن الإِنسانَ ذو عِظامٍ، فإذا وُحِّدَ فلأَنه يَدُلُّ على الجمع و لأَن معه اللحمَ، و لَفظُه لَفظُ الواحد، و قد يجوز من التوحيد إذا كان في الكلام دليلٌ على الجمع ما هو أَشدُّ من هذا؛ قال الراجز:
         في حَلْقِكم عَظْمٌ و قد شَجينا

يريد في حُلوقكم عِظامٌ. و قال عز و جل: قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ‏؛ قال العِظام و هي جمعٌ ثم قال رميمٌ فَوحَّدَ، و فيه قولان: أَحدُهما أن العِظامَ و إن كانت جمعاً فبناؤها بناء الواحد لأَنها على بناء جدارٍ و كِتاب و جِراب و ما أشبهها فوَحَّدَ النَّعْت للفظ؛ قال الشاعر:
         يا عَمْروُ جِيرانُكمُ باكِرُ،             فالقَلْبُ لا لاهٍ و لا صابِرُ

و الجِيرانُ جمعٌ و الباكِرُ نعتٌ للواحد، و جاز ذلك لأَن الجيرانَ لم يُبْنَ بناءَ الجمع و هو على بناءِ عِرْفانٍ و سِرْحانٍ و ما أَشْبهه، و القول الثاني أن الرَّمِيمَ فعيلٌ بمعنى مَرْمومٍ، و ذلك أن الإِبلَ تَرُمُّ العِظامَ أي تَقْضَمُها و تأْكُلها، فهي رَمَّةٌ و مَرْمومةٌ و رَمِيمٌ، و يجوز أن يكون رَمِيمٌ من رَمَّ العَظْمُ إذا بَلِيَ يَرِمُّ. فهو رَامٌّ و رَمِيمٌ أي بالٍ. و عَظْمُ وَضَّاحٍ: لُعْبةٌ لهم يَطْرَحُون بالليل قِطْعةَ عَظْمٍ فمن أصابَه فقد غلبَ أصحابَه فيقولون:
         عُظَيْمَ وَضَّاحٍ ضِحَنَّ اللَّيْلَهْ،             لا تَضِحَنَّ بَعْدَها مِنْ لَيْلَهْ‏

و
في حديث: بَيْنا هو يَلْعَبُ مع الصِّبْيانِ و هو صَغيرٌ بِعَظْمِ وَضَّاحٍ مَرَّ عليه يَهُودِيٌّ فقال له لَتَقْتُلَنَّ صَنادِيدَ هذه القَرْيةِ.
؛ هي اللُّعْبةُ المذكورةُ و كانوا إذا أَصابَه واحدٌ منهم غلَبَ أَصْحابَه، و كانوا إذا غَلَبَ واحدٌ من الفَرِيقين ركِبَ أصْحابُه الفريقَ الآخَرَ من المَوْضِعِ الذي يَجِدُونه فيه إلى المَوْضِعِ الذي رَمَوْا به منه. و عَظْمُ الفَدّانِ: لَوْحُه العَريضُ الذي في رأْسِه الحديدةُ التي تُشَقُّ بها الأَرضُ، و الضاد لغة. و العَظْم: خَشَبُ الرَّحْلِ بلا أَنْساعٍ و لا أَداةٍ، و هو عَظْمُ الرَّحْلِ. و قولهم في التعجب: عَظُمَ البَطْنُ بَطْنُك و عَظْمَ البَطْنُ بَطْنُك، بتخفيف الظاء، و عُظْمَ البطنُ بطنُك، بسكون الظاء و يَنْقُلون ضَمَّتها إلى العَيْن، بمعنى عَظُمَ، و إنما يكون النَّقْلُ فيما يكون مَدْحاً أو ذَمّاً، و كلُّ ما حَسُنَ أن يكون على مذهب نِعْمَ و بِئْسَ صحَّ تخفيفُه و نَقْلُ حركة وَسَطِه إلى أوّله، و ما لم يَحْسُنْ لم يُنْقَل و إن جاز تخفيفه، تقول حَسُنَ الوجْهُ وَجْهُك و حَسْنَ الوَجْهُ وَجْهُك و حُسْنَ الوَجْهُ وَجْهُكَ، و لا يجوز أن تقول قد حُسْنَ وجْهُك لأَنه لا يصلح فيه نِعْمَ، و يجوز أن تُخَفِّفَه فتقولَ قد حَسْنَ وَجْهُك، فقِس عليه. و أَعْظَمَ الأَمْرَ و عَظَّمَه: فَخَّمه. و التَّعْظيمُ: التَّبْجيلُ. و العَظيمةُ و المُعْظَمةُ: النازلةُ الشديدةُ و المُلِمَّةُ إذا أَعْضَلَتْ. و العَظَمَةُ: الكِبْرياءُ. و ذو عُظْمٍ: عُرْضٌ من أَعْراضِ خَيْبَر فيه عيونٌ جارية و نخيلٌ عامرة. و عَظَماتُ القَوْمِ: سادتُهم و ذو شَرَفِهم. و عُظْمُ الشي‏ء و مُعْظَمُه: جُلُّه و أكْثَرهُ. و عُظْمُ الشي‏ء: أكْبَرُه. و
في الحديث: أنه كان يُحَدِّثُ لَيْلةً عن بَني إسرائيل‏

411
لسان العرب12

عظم ص 409

لا يَقُومُ فيها إلا إلى عُظْمِ صلاةٍ.
؛ كأَنه أراد لا يقومُ إلا إلى الفَريضةِ؛ و منه‏
الحديث: فأَسْنَدُوا عُظْمَ ذلك إلى ابنِ الدُّخْشُمِ.
أي مُعْظَمَه. و
في حديث رُقَيْقَةَ: انْظُرُوا رَجُلًا طُوالًا عُظاماً.
أي عَظِيماً بالغاً، و الفُعالُ من أَبنية المبالغة، و أَبلغ منه فُعَّال بالتشديد.
عظلم:
العِظْلِمُ: عُصارةُ بعضِ الشجرِ. قال الأَزهري: عُصارةُ شجر لونُه كالنِّيلِ أَخْضر إلى الكُدْرة. و العِظْلِمُ: صِبْغٌ أَحمرُ، و قيل: هو الوَسْمَةُ. قال أبو حنيفة: العِظْلِمُ شُجَيْرَةٌ من الرِّبَّة تَنْبُتُ أخيراً و تَدُومُ خُضْرتُها؛ قال: و أخبرني بعضُ الأَعراب أن العِظْلِمَ هُو الوَسْمةُ الذكَرُ، قال: و بَلَغني هذا في خبَرٍ
عن الزهري أنه ذُكِرَ عنده الخِضابُ الأَسْودُ فقال: و ما بأْسٌ به، هأَنذا أَخْضِبُ بالعِظْلِم.
؛ و قال مرة: أخبرني أعرابيٌّ مِنْ أَهل السَّراة قال العِظْلِمةُ شجرة ترتفع على ساقٍ نحو الذراع، و لها فُروعٌ في أطرافها كنَوْرِ الكُزْبَرةِ، و هي شجرةٌ غَبْراءُ. و لَيْلٌ عِظْلِمٌ: مُظْلِمٌ، على التشبيهِ؛ قال ابن بري: و منه قول الشاعر:
و لَيْل عِظْلِم عَرَّضْتُ نَفْسِي،             و كُنْتُ مُشَيَّعاً رَحْبَ الذِّراعِ‏

عفهم:
العُفاهِمُ: القَوِيّةُ الجَلْدةُ من النوق. و عَدْوٌ عفاهِمٌ: شديدٌ؛ قال غيلان يَصِفُ أوّل شبابه و قُوَّتَه:
يَظَلُّ مَنْ جاراه في عَذائِم             مِنْ عُنْفُوانِ جَرْيهِ العُفاهِم‏

و عُفاهِمُ الشَّبابِ: أَوَّلُه، قال: و العُفاهِمُ مَنْ جَعل الجماعةَ عَفاهيمَ فإنه جعلَ المَدَّةَ في آخرِها مكانَ الأَلف التي ألقاها من وَسَطِها. و قال شمر: عُنْفُوان كُلِّ شي‏ءٍ أَوَّلُه، و كذلك عُفاهِمُه. و سَيْلٌ عُفاهِمٌ أي كثيرُ الماء. الفراء: عَيْشٌ عُفاهِمٌ أي مُخْصِبٌ. أبو زيد: عيشٌ عُفاهِمٌ أي واسعٌ و كذلك الدَّغْفَلِيُّ. الأَزهري في ترجمة عرهم: العُرْهُومُ و العُراهِمُ التارُّ الناعِمُ من كلِّ شي‏ءٍ؛ و أنشد:
و قَصَباً عُفاهِماً عُرْهُوما

عقم:
العَقْمُ و العُقْمُ، بالفتح و الضم: هَزْمةٌ تقعُ في الرَّحِم فلا تَقْبَلُ الولدَ. عَقِمَتِ الرَّحِمُ عَقْماً و عُقِمَتْ عُقْماً و عَقْماً و عَقَماً و عَقَمَها اللهُ يَعْقِمُها عَقْماً و رَحِمٌ عَقِيمٌ و عَقِيمةٌ مَعْقومةٌ، و الجمعُ عَقائمُ و عُقُمٌ، و ما كانت عَقِيماً و لقد عُقِمَت، فهي مَعْقومةٌ، و عَقُمَت إذا لم تَحْمِلْ فهي عَقِيمٌ و عَقُرَتْ، بفتح العين و ضَمِّ القاف. و حكى ابن الأَعرابي: امرأَةٌ عقيمٌ، بغير هاءٍ، لا تَلِدُ من نِسْوةٍ عَقائم، و زاد اللحياني: من نسوةٍ عُقْمٍ؛ قال أبو دَهْبلٍ يمدح عبدَ الله بنَ الأَزْرق المخزوميّ، و قيل هو للحزين الليثي:
نَزْر الكلامِ منَ الحَياءِ، تَخالُه             ضَمِناً، و ليس بِجِسْمِه سُقْمُ‏
مُتَهَلِّل بِنَعَمْ، بلا مُتباعِد،             سِيّانِ منه الوَفْرُ و العُدْمُ‏
عُقِمَ النِّساءُ فلن يَلِدْنَ شَبيهَه،             إن النِّساءَ بمثْلِه عُقْمُ‏

قال ابن بري: الفصيح عَقَمَ اللهُ رحِمَها و عُقِمَت المرأَة، و من قال عَقُمَتْ أو عَقِمَتْ قال أَعْقَمَها اللهُ و عَقَمَها مثل أَحْزَنْتُه و حَزَنْتُه؛ و أنشد في العُقْمِ المَصْدر للمُخَبَّل السَّعْديّ:
عُقِمَتْ فَناعَمَ نَبْتَه العُقْم‏

412
لسان العرب12

عقم ص 412

و
في الحديث: سَوْداءُ وَلُودٌ خيرٌ من حَسناءَ عَقيم.
قال ابن الأَثير: و المرأَةُ عَقيمٌ و مَعْقومةٌ، و الرجلُ عَقِيمٌ و مَعْقومٌ. و في كلام الحاضرة: الرجالُ عندَهُ بُكْم، و النِّساءُ بمثلِه عُقْم. و يقال للمرأة مَعْقومةُ الرَّحِم كأَنها مَسْدودتُها. و يقال: عُقِمَت المرأَة تُعْقَم عَقْماً و عَقِمَتْ تَعْقَمُ عَقَماً و عَقُمتْ تَعْقُم عُقْماً، و أَعقمَ اللهُ رَحِمَها فعُقِمتْ، على ما لم يسمّ فاعله. و رَحِمٌ معقومةٌ أي مسدودة لا تلد و مصدره العَقْم؛ و أَنشد ابن بري للأَعشى:
تَلوِي بعِذْقِ خِصابٍ كلما خَطَرَتْ             عن فَرْج مَعْقومةٍ لم تَتَّبِعْ رُبَعا

و رجلٌ عَقيمٌ و عَقامٌ: لا يُولَد له، و الجمع عُقَماء و عِقامٌ و عَقْمى. و امرأة عَقامٌ و رجل عَقامٌ إذا كانا سيِّئَي الخُلُق، و ما كان عَقاماً و لقد عَقُم: تَخَلَّقه؛ و أنشد أبو عمرو:
و أنتَ عَقامٌ لا يُصابُ له هَوىً،             و ذو هِمَّةٍ في المال، و هو مُضَيّعُ‏

و يقال للمرأة العَقِيم من سُوءِ الخُلُق: عَقُمَتْ. و الدنيا عَقيمٌ أي لا ترُدُّ على صاحبها خيراً، و يومُ القيامة يومٌ عقِيم لأَنه لا يومَ بعدَه؛ فأما
قول النبي، صلى الله عليه و سلم: العقلُ عَقْلان، فأَما عقل صاحب الدنيا فعَقيمٌ، و أما عقلُ صاحب الآخرة فمُثْمِرٌ.
، فالعقيمُ هاهنا الذي لا يَنفعُ و لا يرُدُّ خيراً على المثَل. و الريحُ العقيمُ في كتاب الله: هي الدَّبورُ؛ قال الله تعالى: وَ فِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ‏؛ قال أبو إسحاق: الريحُ العقيمُ التي لا يكون معها لَقَحٌ أي لا تأْتي بمطر إنما هي ريحُ الإِهلاك، و قيل: هي لا تُلقِحُ الشجر و لا تُنشِئُ سَحاباً و لا تَحْمِل مَطراً، عادَلوا بها ضدَّها، و هو قولهم: رِيحٌ لاقِحٌ أي أنها تُلْقِح الشجرَ و تُنشِئُ السَّحاب، و جاؤوا بها على حذف الزائد و له نظائر كثيرة. و يقال: المُلْكُ عَقيمٌ لا ينفع فيه نسَبٌ لأَن الأَبَ يقتُلُ ابنَه على المُلْك. و قال ثعلب: معناه أنه يقتل أباه و أَخاه و عَمَّه في ذلك. و العَقْمُ: القَطْعُ، و منه قيل: المُلك عَقيمٌ لأَنه تُقطعُ فيه الأَرحام بالقتل و العُقوق. و
في الحديث: اليمينُ الفاجرة التي يُقْتَطعُ بها مالُ المُسلمِ تَعْقِمُ الرَّحِم.
؛ يريد أنها تَقْطع الصِّلة و المعروفَ بين الناس. قال ابن الأَثير: و يجوز أن يحمل على ظاهره. و حرب عَقامٌ و عُقام و عَقيم: شديدة لا يَلوِي فيها أَحدٌ على أحد يَكْثُر فيها القتلُ و تَبقى النساء أَيامى، و يومٌ عَقيمٌ و عُقام و عَقام كذلك. و داءٌ عَقام و عُقام: لا يَبرأُ، و الضمُّ أَفْصحُ؛ قالت ليلى:
شَفاها منَ الداءِ العُقامِ الذي بها             غُلامٌ، إذا هَزَّ القَناةَ سَقاها

قال الجوهري: العَقامُ الداءُ الذي لا يُبرَأُ منه، و قياسه الضم إلا أن المسموع هو الفتح. ابن الأَعرابي: يقال فلان ذو عُقْمِيَّاتٍ إذا كان يُلَوِّي بخَصْمِه. و العَقامُ: اسمُ حيةٍ تسكن البحْر، و يقال: إن الأَسودَ من الحيّات يأْتي شطَّ البحر فيَصْفِر فتخرج إليه العقامُ فيتَلاوَيان ثم يَفْترِقان، فيذهبُ هذا في البرِّ و ترجع العَقامُ إلى البحر. و ناقةٌ عَقامٌ: بازلٌ شديدة؛ و أنشد ابن الأَعرابي:
و إن أَجْدَى أَظَلَّاها و مَرَّتْ             لِمَنْهَلِها عَقامٌ خَنْشَلِيلُ «3».

أجدَى: منْ جَدِيّة الدَّمِ.
__________________________________________________
 (3). قوله [لمنهلها] كذا في الأَصل تبعاً للمحكم، و الذي في مادة جدي منه: لمنهبها، بالباء.

413
لسان العرب12

عقم ص 412

و المَعاقِمُ: فِقَرٌ بين الفَريدة و العَجْب في مُؤخَّر الصُّلب؛ قال خُفافٌ:
و خَيْلٍ تَنادَى لا هَوادَةَ بَيْنها،             شَهِدْتُ بمَدْلوك المَعاقِمِ مُحْنِقِ‏

أي ليس برَهِلٍ. و الاعْتقامُ: الدُّخول في الأَمر. و
في حديث ابن مسعود حين ذكر القيامة و أَنّ اللهَ يَظهر للخَلْق قال: فيَخِرُّ المسلمون سُجوداً لربِّ العالمين و تُعْقَمُ أصلابُ المنافقين، و قيل: المشركين.
، فلا يَسجدون أي تَيْبَس مَفاصِلُهم و تصير مَشدودةً، فتبقى أصلابُهم طَبَقاً واحداً أي تُعْقَد و يدخلُ بعضها في بعض فلا يستطيعون السجود. و يقال: عُقِمَتْ مَفاصِلُ يَدَيه و رجليْه إذا يَبِستْ. و المَعاقِمُ: المفاصل. و المَعاقِمُ من الخيل: المفاصل، واحدُها مَعْقِمٌ، فالرُّسْغ عند الحافر مَعْقِمٌ، و الرُّكْبة مَعْقِم، و العُرْقوب مَعْقِم، و سُمِّيت المفاصل مَعاقِمَ لأَن بعضها مُنْطبقٌ على بعض. و الاعتِقام: أن يَحْفِروا البئر حتى إذا دَنَوْا من الماء حَفَروا بئراً صغيرة في وَسَطها حتي يَصِلوا إلى الماء فيَذُوقوه، فإن كان عَذْباً وَسَّعوها و حفَروا بقيَّتَها، و إن لم يكن عَذْباً تركوها؛ قال العجاج يصف ثوراً:
بسَلْهَبَيْنِ فوْقَ أنْفٍ أذلَفا،             إذا انتَحى مُعْتَقِماً أو لجَّفا

أي بقَرْنَين طويلين أي عَوَّجَ جِرابَ البئر يَمْنةً و يَسْرة. و الاعتِقامُ: المُضِيُّ في الحفر سُفْلًا. قال ابن بري: و يأْتي يَعْتَقِمُ بمعنى يَقهَر؛ قال رؤبة بن العجاج:
يَعْتَقِمُ الأَجدالَ و الخُصوما


و قول الشاعر ربيعة بن مقروم الضَّبِّيِّ:
و ماءٍ آجِنِ الجَمَّاتِ قَفْرٍ             تَعَقَّمُ في جَوانِبه السِّباعُ‏

أي تحْتَفِر، و يقال: ترَدَّدُ. و عاقَمْت فلاناً إذا خاصمْته. و العَقْمُ: المِرْطُ الأَحمر، و قيل: هو كلُّ ثوب أحمر. و العَقْمُ: ضرْب من الوَشْي، الواحدة عَقْمةٌ و يقال عِقْمة؛ و أنشد ابن بري لعلقمة بن عبَدة:
عَقْماً و رَقْماً يَكادُ الطيرُ يَتْبَعُه،             كأَنه من دَمِ الأَجوافِ مَدمُومُ‏

و قال اللحياني: العقْمةُ ضرْبٌ من ثياب الهوادج مُوَشّىً، قال: و بعضهم يقول هي ضُروب من اللبن بيضٌ و حُمْر، و قيل: العِقْمة جمع عَقْمٍ كشَيخٍ و شِيخةٍ، و إنما قيل للوَشْي عِقْمة لأَن الصانع كان يعمَلُ، فإذا أَراد أن يَشِيَ بغير ذلك اللون لَواه فأَغمَضه و أَظهر ما يُريد عمله. و كلام عُقْمِيٌّ: قديمٌ قد دَرَسَ؛ عن ثعلب. و العُقِمِيُّ من الكلام: غريبُ الغريب و العُقْمِيُّ [العِقْمِيُ‏]: كلام عَقيم لا يُشتقُّ منه فِعْل. و يقال: إنه لَعالِمٌ بعُقْمِيِّ الكلام و عُقْبيّ الكلام و هو غامض الكلام الذي لا يعرفه الناس، و هو مثل النوادر. و قال أَبو عمرو: سأَلت رجلًا من هُذَيل عن حرف غريب فقال: هذا كلام عُقْمِيٌّ، يعني أنه من كلام الجاهليّة لا يُعرَفُ اليومَ، و قيل: عُقْمِيُّ الكلام أي قديمُ الكلام. و كلامٌ عُقْمِيٌّ و عِقْمِيٌّ أَي غامضٌ. و العُقْميُّ: الرجلُ القديمُ «1» الكرمِ و الشرفِ. و التَّعاقُمُ: الوِرْدُ مرةً بعدَ مرةٍ، و قيل: الميم فيه بدل من باء التعاقُبِ. و المَعْقِمُ أَيضاً: عُقْدَةٌ في التِّبْن.
__________________________________________________
 (1). قوله [و العقميّ الرجل القديم إلخ‏] ضبط في الأَصل بالضم و به صرح في القاموس، و ضبط في التهذيب و التكملة بالفتح.

414
لسان العرب12

عكم ص 415

عكم:
عَكَمَ المتاعَ يَعْكِمُه عَكْماً: شدَّه بثوب، و هو أَن يبسُطَه و يجعلَ فيه المتاعَ و يَشُدَّه و يُسَمَّى حينئذ عِكْماً. و العِكامُ: ما عُكِمَ به، و هو الحَبْلُ الذي يُعْكَمُ عليه. و العِكْمُ: عِكْمُ الثِّيابِ «1» الذي تُشَدُّ به العَكَمةُ، و الجمع عُكُمٌ. و العِكْمُ: كالعِكام. و
في حديث أبي رَيْحانَة: أنه نَهى عن المُعاكَمةِ.
، و فَسَّرها الطحاويّ بضم الشي‏ء إلى الشي‏ء. يقال: عَكَمْتُ الثِّيابَ إذا شددْت بعضَها إلى بعض، يريدُ بها أن يجتمعَ الرجُلانِ أو المرأَتانِ عاريَيْنِ لا حاجزَ بين بَدَنَيْهِما؛ و منه‏
الحديث الآخر: لا يُفْضي الرجلُ إلى الرجلِ و لا المرأَةُ إِلى المرأَةِ.
و العِكْمُ: العِدْلُ ما دامَ فيه المتاعُ. و العِكْمانِ: عِدْلانِ يُشَدّانِ على جانبي الهَوْدَجِ بثوبٍ، و جمعُ كلِّ ذلك أَعْكامٌ، لا يُكَسَّرُ إلَّا عليه. و من أمثالهم قولهم: هُما كعِكْمَي العَيْرِ؛ يقال للرجلين يَتَساوَيانِ في الشَّرَف؛ و يروى هذا المثل عن هَرِم بن سِنانٍ أنه قاله لعلقمةَ و عامر حين تَنافَرا إليه فلم يُنَفِّر واحداً منهما على صاحِبه. و
في حديث أُمِّ زرعٍ: عُكُومُها رَداحٌ و بَيتُها فَيَّاحٌ.
؛ أبو عبيد: العُكومُ الأَحْمالُ و الأَعْدالُ التي فيها الأَوْعِية من صُنوفِ الأَطْعِمة و المتاع، واحدُها عِكْمٌ، بالكسر. و
في حديث عليّ، رضي الله عنه: نُفاضةٌ كنُفاضةِ العِكْم.
قال: و سمعت العرب تقول لخَدَمِهم يوم الظَّعْن اعْتَكِموا؛ و قد اعْتَكَمُوا إذا سَوَّوُا الأَعْدالَ ليشُدُّوها على الحَمُولةِ. و قال الأَزهري: كلُّ عِدْلٍ عِكْمٌ، و جمعهُ أَعْكامٌ و عُكومٌ. و قال الفراء: يقول الرجلُ لصاحبه اعْكُمْني و أَعْكِمْني، فمعنى اعْكُمْني أَي اعْكُمْ لي و يجوز بكسر الكاف، و أَما أَعْكِمْني بقطْع الأَلف فمعناه أَعِنِّي على العَكْم، و مثله احْلُبْني أَي احْلُبْ لي، و أَحْلِبْني أي أَعِنِّي على الحَلْب. و عَكَمْتُ الرجلَ العِكْمَ إذا عَكَمْتَه له، مثل قولك حَلَبْتُه الناقةَ أي حلَبتُها له. و العِكْمُ: الكارةُ، و الجمعُ عُكومٌ. و وقعَ المُصْطَرِعانِ عِكْمَيْ عَيْرٍ و كعِكْمَيْ عَيْرٍ: وَقَعا مَعاً لم يَصْرعْ أحدُهما صاحِبَه. و أَعْكَمَه العِكْمَ: أَعانَه عليه. و عَكَمَ البعيرَ يَعْكِمهُ عَكْماً: شدَّ عليه العِكْمَ. و رجلٌ مُعَكَّمٌ صُلْبُ: اللحمِ كثيرُ المَفاصِلِ، شُبِّهَ بالعِكْم. و عَكَمَ البعيرَ يَعْكِمُه عَكْماً: شَدَّ فاهُ، و العِكامُ ما شُدَّ به، و الجمع عُكُمٌ. و العِكْمُ: النَّمَطُ تجعله المرأَةُ كالوِعاء تَدَّخِرُ فيه مَتاعَها؛ قال مُزَرِّد:
و لَمَّا غَدَتْ أُمّي تُحَيِّي بَناتِها،             أَغَرْتُ على العِكْمِ الذي كان يُمْنَعُ‏
خَلَطْتُ بِصاعِ الأَقْطِ صاعَيْنِ عَجْوَةً             إلى صاعِ سَمْنٍ، وَسْطَهُ يَتَرَيَّعُ‏

و
في حديث أبي هريرة: و سَيَجِدُ أَحدُكم امرأَتَه قد مَلأَت عِكْمَها مِنْ وَبَرِ الإِبِلِ.
؛ و العِكْمُ: داخلُ الجَنْبِ على المَثَل بالعِكْمِ النَّمَطِ؛ قال الحُطَيْئة:
نَدِمْتُ على لِسانٍ كان مِنِّي،             وَدِدْتُ بِأَنَّه في جَوْفِ عِكْمِ‏

و يروي:
فَلَيْتَ بأَنَّه ...

، و فَلَيْتَ بَيانَه. و عَكْمة البَطْنِ: زاويتُه كالهَزْمةِ، و خصَّ بعضُهم به الجَحْدَ فقالوا: ما بَقِيَ في بَطْن الدابَّة هَزْمةٌ و لا عَكْمةٌ إلَّا امْتلأَت؛ و أَنشد:
حتى إذا ما بَلَّتِ العُكُوما             مِن قَصَبِ الأَجْوافِ و الهُزُوما

__________________________________________________
 (1). قوله [و العكم عكم الثياب إلخ‏] هي عبارة التهذيب و التكملة، و بقيتها: و العكمتان بالتحريك تشدان من جانبي الهودج بثوب.

415
لسان العرب12

عكم ص 415

و الجمعُ عُكُومٌ كصَخْرةٍ و صُخُور. و عَكَمَه عن زِيارته يَعْكِمهُ عَكْماً: صَرَفَه عن زِيارتهِ. و العَكُوم: المُنْصَرَفُ. و ما عِنْدَه عَكُومٌ أي مَصْرِفٌ. و عُكِمَ عن زِيارتِنا يُعْكَمُ أَيضاً: رُدَّ؛ قال الشاعر:
و لاحَتْه من بَعْدِ الجُزوءِ ظَماءةٌ             و لم يكُ عنْ وِرْدِ المِياهِ عَكُومُ‏

و عكَمَ عليه يَعْكِمُ: كَرَّ؛ قال لبيد:
فجالَ و لم يَعْكِمْ لوِرْدٍ مُقَلِّصٍ‏


أي هَرَب و لم يَكُرَّ. و قال شمر: يكونُ عَكَم في هذا البيت بمعنى انْتَظَر كأَنه قال فجالَ و لم يَنْتظِرْ؛ و أَنشد بيت أبي كبير الهُذَليّ:
أَ زُهَيْرَ، هل عَنْ شَيْبةٍ مِنْ مَعْكِمِ،             أم لا خُلودَ لِبازلٍ مُتَكَرِّمِ؟

أراد زُهَيْرَة ابنتَه، و استشهد به الجوهري فقال: هل عن شَيْبةٍ من مَعْكِم أي مَعْدِل و مَصْرف. و عَكَمَ يَعْكِمُ: انْتَظَر. و ما عَكَمَ عن شَتْمي أي ما تأَخَّرَ. و العَكْمُ: الانْتظارُ؛ قال أَوس:
فَجالَ و لم يَعْكِمْ، و شَيَّعَ أَمْرَه             بمُنْقَطَعِ الغَضْراءِ شدٌّ مُؤالِف‏

أي لم ينتظر؛ يقول: هرَب و لم يَكُرّ. و
في الحديث: ما عَكَمَ.
، يعني أبا بكر، رضي الله عنه، حين عُرِضَ عليه الإِسْلامُ أي ما تَحبَّسَ و ما انْتظرَ و لا عدَلَ. و العِكْمُ: بَكَرَةُ البئر؛ و أنشد:
و عُنُقٍ مِثْل عَمُود السَّيْسَبِ،             رُكِّبَ في زَوْرٍ وَثِيقِ المَشْعَبِ‏
كالعِكْمِ بَيْنَ القامتَيْنِ المُنْشَبِ‏


و عَكَّمَتِ الإِبلُ تَعْكِيماً: سَمِنتْ و حَمَلتْ شَحْماً على شَحْمٍ. و رجل مِعْكَمٌ، بالكسرة: مُكْتنِزُ اللَّحْمِ. ابن الأَعرابي: يقال للغلام الشابِلِ و الشابِنِ المُنَعَّمِ مُعَكَّمٌ و مُكَنَّلٌ و مُصَدَّرٌ و كُلْثُومٌ و حِضَجْرٌ.
عكرم:
عِكْرِمةُ، معرفة: الأُنْثى من الطير الذي يقال له ساقُ حُرّ، و قيل: العِكْرِمةُ الحَمامةُ الأُنثى. و عِكْرِمةُ: اسمُ رجل و هو منه؛ فأَما قوله:
خذوا حِذْرَكُمْ، يا آلَ عِكرِمَ، و اذكُروا             أَواصِرَنا، و الرِّحْمُ بالغَيْبِ تُذْكَرُ

فإنه رَخَّم و حَذَف الهاء في غير النداء اضطراراً. الجوهري: عِكْرِمةُ أبو قَبيلةٍ و هو عِكْرمة بن حَصَفَة بن قيس عَيْلان.
عكسم:
العُكْسومُ: الحِمارُ، حِمْيَرِيَّة.
علم:
من صفات الله عز و جل العَلِيم و العالِمُ و العَلَّامُ؛ قال الله عز و جل: وَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ‏، و قال: عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ*، و قال: عَلَّامُ الْغُيُوبِ*، فهو اللهُ العالمُ بما كان و ما يكونُ قَبْلَ كَوْنِه، و بِمَا يكونُ و لَمَّا يكُنْ بعْدُ قَبْل أن يكون، لم يَزَل عالِماً و لا يَزالُ عالماً بما كان و ما يكون، و لا يخفى عليه خافيةٌ في الأَرض و لا في السماء سبحانه و تعالى، أحاطَ عِلْمُه بجميع الأَشياء باطِنِها و ظاهرِها دقيقِها و جليلِها على أتمّ الإِمْكان. و عَليمٌ، فَعِيلٌ: من أبنية المبالغة. و يجوز أن يقال للإِنسان الذي عَلَّمه اللهُ عِلْماً من العُلوم عَلِيم، كما قال يوسف للمَلِك: إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ‏. و قال الله عز و جل: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ: فأَخبر عز و جل أن مِنْ عبادِه مَنْ يخشاه، و أنهم هم العُلمَاء، و كذلك‏
صفة يوسف، عليه السلام: كان عليماً بأَمْرِ رَبِّهِ و أَنه‏

416
لسان العرب12

علم ص 416

واحد لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ إلى ما الله مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ* الذي كان يَقْضِي به على الغيب، فكان بما عَلَّمه اللهُ.
و
روى الأَزهري عن سعد بن زيد عن أبي عبد الرحمن المُقْري في قوله تعالى: وَ إِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ‏، قال: لَذُو عَمَلٍ بما عَلَّمْناه، فقلت: يا أبا عبد الرحمن مِمَّن سمعت هذا؟ قال: من ابن عُيَيْنةَ، قلتُ: حَسْبي.
و
روي عن ابن مسعود أنه قال: ليس العلم بكثرة الحديث و لكن العِلْم بالخَشْية.؛ قال الأَزهري: و يؤيد ما قاله قولُ الله عز و جل: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ. وقال بعضهم: العالمُ الذي يَعْملُ بما يَعْلَم.
قال: و هذا يؤيد قول ابن عيينة. و العِلْمُ: نقيضُ الجهل، عَلِم عِلْماً و عَلُمَ هو نَفْسُه، و رجل عالمٌ و عَلِيمٌ من قومٍ عُلماءَ فيهما جميعاً. قال سيبويه: يقول عُلَماء من لا يقول إلّا عالِماً. قال ابن جني: لمَّا كان العِلْم قد يكون الوصف به بعدَ المُزاوَلة له و طُولِ المُلابسةِ صار كأنه غريزةٌ، و لم يكن على أول دخوله فيه، و لو كان كذلك لكان مُتعلِّماً لا عالِماً، فلما خرج بالغريزة إلى باب فَعُل صار عالمٌ في المعنى كعَليمٍ، فكُسِّرَ تَكْسيرَه، ثم حملُوا عليه ضدَّه فقالوا جُهَلاء كعُلَماء، و صار عُلَماء كَحُلَماء لأَن العِلمَ محْلَمةٌ لصاحبه، و على ذلك جاء عنهم فاحشٌ و فُحشاء لَمَّا كان الفُحْشُ من ضروب الجهل و نقيضاً للحِلْم، قال ابن بري: و جمعُ عالمٍ عُلماءُ، و يقال عُلّام أيضاً؛ قال يزيد بن الحَكَم:
و مُسْتَرِقُ القَصائدِ و المُضاهِي،             سَواءٌ عند عُلّام الرِّجالِ‏

و عَلّامٌ و عَلّامةٌ إذا بالغت في وصفه بالعِلْم أي عالم جِداً، و الهاء للمبالغة، كأنهم يريدون داهيةً من قوم عَلّامِين، و عُلّام من قوم عُلّامين؛ هذه عن اللحياني. و عَلِمْتُ الشي‏ءَ أَعْلَمُه عِلْماً: عَرَفْتُه. قال ابن بري: و تقول عَلِمَ و فَقِهَ أَي تَعَلَّم و تَفَقَّه، و عَلُم و فَقُه أي سادَ العلماءَ و الفُقَهاءَ. و العَلّامُ و العَلّامةُ: النَّسَّابةُ و هو من العِلْم. قال ابن جني: رجل عَلّامةٌ و امرأة عَلّامة، لم تلحق الهاء لتأْنيث الموصوفِ بما هي فيه، و إنما لَحِقَتْ لإِعْلام السامع أن هذا الموصوفَ بما هي فيه قد بلَغ الغايةَ و النهايةَ، فجعل تأْنيث الصفة أَمارةً لما أُريدَ من تأْنيث الغاية و المُبالغَةِ، و سواءٌ كان الموصوفُ بتلك الصفة مُذَكَّراً أو مؤنثاً، يدل على ذلك أن الهاء لو كانت في نحو امرأة عَلّامة و فَرُوقة و نحوه إنما لَحِقت لأَن المرأة مؤنثة لَوَجَبَ أن تُحْذَفَ في المُذكَّر فيقال رجل فَروقٌ، كما أن الهاء في قائمة و ظَريفة لَمَّا لَحِقَتْ لتأْنيث الموصوف حُذِفت مع تذكيره في نحو رجل قائم و ظريف و كريم، و هذا واضح. و قوله تعالى: إِلى‏ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ*
 الذي لا يَعْلَمُه إلا الله، و هو يوم القيامة. و عَلَّمه العِلْم و أَعْلَمه إياه فتعلَّمه، و فرق سيبويه بينهما فقال: عَلِمْتُ كأَذِنْت، و أَعْلَمْت كآذَنْت، و عَلَّمْته الشي‏ءَ فتَعلَّم، و ليس التشديدُ هنا للتكثير. و
في حديث ابن مسعود: إنك غُلَيِّمٌ مُعَلَّم.
أي مُلْهَمٌ للصوابِ و الخيرِ كقوله تعالى: مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ‏
 أي له مَنْ يُعَلِّمُه. و يقالُ: تَعلَّمْ في موضع اعْلَمْ. و
في حديث الدجال: تَعَلَّمُوا أن رَبَّكم ليس بأَعور.
بمعنى اعْلَمُوا، و كذلك‏
الحديث الآخر: تَعَلَّمُوا أنه ليس يَرَى أحدٌ منكم رَبَّه حتى يموت.
، كل هذا بمعنى اعْلَمُوا؛ و قال عمرو بن معديكرب:
تَعَلَّمْ أنَّ خيْرَ الناسِ طُرّاً             قَتِيلٌ بَيْنَ أحْجارِ الكُلاب‏

417
لسان العرب12

علم ص 416

قال ابن بري: البيت لمعديكرِب بن الحرث بن عمرو بن حُجْر آكل المُرار الكِنْدي المعروف بغَلْفاء يَرْثي أخاه شُرَحْبِيل، و ليس هو لعمرو بن معديكرب الزُّبَيدي؛ و بعده:
تَداعَتْ حَوْلَهُ جُشَمُ بنُ بَكْرٍ،             و أسْلَمَهُ جَعاسِيسُ الرِّباب‏

قال: و لا يستعمل تَعَلَّمْ بمعنى اعْلَمْ إلا في الأَمر؛ قال: و منه قول قيس بن زهير:
تَعَلَّمْ أنَّ خَيْرَ الناسِ مَيْتاً


و قول الحرث بن وَعْلة:
فَتَعَلَّمِي أنْ قَدْ كَلِفْتُ بِكُمْ‏


قال: و اسْتُغْني عن تَعَلَّمْتُ بعلمت. قال ابن السكيت: تَعَلَّمْتُ أن فلاناً خارج بمنزلة عَلِمْتُ. و تعالَمَهُ الجميعُ أي عَلِمُوه. و عالَمَهُ فَعَلَمَه يَعْلُمُه، بالضم: غلبه بالعِلْم أي كان أعْلَم منه. و حكى اللحياني: ما كنت أُراني أَن أَعْلُمَه؛ قال الأَزهري: و كذلك كل ما كان من هذا الباب بالكسر في يَفْعلُ فإنه في باب المغالبة يرجع إلى الرفع مثل ضارَبْتُه فضربته أضْرُبُه. و عَلِمَ بالشي‏ء: شَعَرَ. يقال: ما عَلِمْتُ بخبر قدومه أي ما شَعَرْت. و يقال: اسْتَعْلِمْ لي خَبَر فلان و أَعْلِمْنِيه حتى أَعْلَمَه، و اسْتَعْلَمَني الخبرَ فأعْلَمْتُه إياه. و عَلِمَ الأَمرَ و تَعَلَّمَه: أَتقنه. و قال يعقوب: إذا قيل لك اعْلَمْ كذا قُلْتَ قد عَلِمْتُ، و إذا قيل لك تَعَلَّمْ لم تقل قد تَعَلَّمْتُ؛ و أنشد:
تَعَلَّمْ أنَّهُ لا طَيْرَ إلّا             عَلى مُتَطَيِّرٍ، و هي الثُّبُور

و عَلِمْتُ يتعدى إلى مفعولين، و لذلك أَجازوا عَلِمْتُني كما قالوا ظَنَنْتُني و رأَيْتُني و حسِبْتُني. تقول: عَلِمْتُ عَبْدَ الله عاقلًا، و يجوز أن تقول عَلِمْتُ الشي‏ء بمعنى عَرَفْته و خَبَرْته. و عَلِمَ الرَّجُلَ: خَبَرَه، و أَحبّ أن يَعْلَمَه أي يَخْبُرَه. و في التنزيل: وَ آخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ‏. و أحب أن يَعْلَمه أي أن يَعْلَمَ ما هو. و أما قوله عز و جل: وَ ما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ. قال الأَزهري: تكلم أهل التفسير في هذه الآية قديماً و حديثاً، قال: و أبْيَنُ الوجوه التي تأوَّلوا أن الملَكين كانا يُعَلِّمانِ الناسَ و غيرهم ما يُسْأَلانِ عنه، و يأْمران باجتناب ما حرم عليهم و طاعةِ الله فيما أُمِروا به و نُهُوا عنه، و في ذلك حِكْمةٌ لأَن سائلًا لو سأل: ما الزنا و ما اللواط؟ لوجب أن يُوقَف عليه و يعلم أنه حرام، فكذلك مجازُ إعلام المَلَكين الناسَ السحرَ و أمْرِهِما السائلَ باجتنابه بعد الإِعلام. و ذكر عن ابن الأَعرابي أنه قال: تَعَلَّمْ بمعنى اعْلَمْ، قال: و منه قوله تعالى وَ ما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ، قال: و معناه أن الساحر يأتي الملكين فيقول: أخْبراني عما نَهَى اللهُ عنه حتى أنتهي، فيقولان: نَهَى عن الزنا، فَيَسْتَوْصِفُهما الزنا فيَصِفانِه فيقول: و عمَّا ذا؟ فيقولان: و عن اللواط، ثم يقول: و عَمَّا ذا؟ فيقولان: و عن السحر، فيقول: و ما السحر؟ فيقولان: هو كذا، فيحفظه و ينصرف، فيخالف فيكفر، فهذا معنى يُعَلِّمانِ‏ إنما هو يُعْلِمان، و لا يكون تعليم السحر إذا كان إعْلاماً كفراً، و لا تَعَلُّمُه إذا كان على معنى الوقوف عليه ليجتنبه كفراً، كما أن من عرف الزنا لم يأْثم بأنه عَرَفه إنما يأْثم بالعمل. و قوله تعالى: الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ‏؛ قيل في تفسيره: إنه جلَّ ذكرُه يَسَّرَه لأَن يُذْكَر، و أما قوله عَلَّمَهُ الْبَيانَ‏ فمعناه أنه عَلَّمَه القرآن الذي فيه‏

418
لسان العرب12

علم ص 416

بَيانُ كل شي‏ء، و يكون معنى قوله عَلَّمَهُ الْبَيانَ‏ جعله مميَّزاً، يعني الإِنسان، حتى انفصل من جميع الحيوان. و الأَيَّامُ المَعْلُوماتُ: عَشْرُ ذي الحِجَّة آخِرُها يومُ النَّحْر، و قد تقدم تعليلها في ذكر الأَيام المعدودات، و أورده الجوهري منكراً فقال: و الأَيام المعلوماتُ عَشْرٌ من ذي الحجة و لا يُعْجِبني. و لقِيَه أَدْنَى عِلْمٍ أي قبلَ كل شي‏ء. و العَلَمُ و العَلَمة و العُلْمة: الشَّقُّ في الشَّفة العُلْيا، و قيل: في أحد جانبيها، و قيل: هو أَن تنشقَّ فتَبينَ. عَلِمَ عَلَماً، فهو أَعْلَمُ، و عَلَمْتُه أَعْلِمُه عَلْماً، مثل كَسَرْته أكْسِرهُ كَسْراً: شَقَقْتُ شَفَتَه العُليا، و هو الأَعْلمُ. و يقال للبعير أَعْلَمُ لِعَلَمٍ في مِشْفَرِه الأَعلى، و إن كان الشق في الشفة السفلى فهو أَفْلَحُ، و في الأَنف أَخْرَمُ، و في الأُذُن أَخْرَبُ، و في الجَفْن أَشْتَرُ، و يقال فيه كلِّه أَشْرَم. و
في حديث سهيل بن عمرو: أنه كان أَعْلمَ الشَّفَةِ.
؛ قال ابن السكيت: العَلْمُ مصدر عَلَمْتُ شَفَتَه أَعْلِمُها عَلْماً، و الشفة عَلْماء. و العَلَمُ: الشَّقُّ في الشفة العُلْيا، و المرأَة عَلْماء. و عَلَمَه يَعْلُمُه و يَعْلِمُه عَلْماً: وَسَمَهُ. و عَلَّمَ نَفسَه و أَعْلَمَها: وَسَمَها بِسِيما الحَرْبِ. و رجل مُعْلِمٌ إذا عُلِم مكانهُ في الحرب بعَلامةٍ أَعْلَمَها، و أَعْلَمَ حمزةُ يومَ بدر؛ و منه قوله:
فَتَعَرَّفوني، إنَّني أنا ذاكُمُ             شاكٍ سِلاحِي، في الحوادِثِ، مُعلِمُ‏

و أَعْلَمَ الفارِسُ: جعل لنفسه عَلامةَ الشُّجعان، فهو مُعْلِمٌ؛ قال الأَخطل:
ما زالَ فينا رِباطُ الخَيْلِ مُعْلِمَةً،             و في كُلَيْبٍ رِباطُ اللُّؤمِ و العارِ

مُعْلِمَةً، بكسر اللام. و أَعْلَم الفَرَسَ: عَلَّقَ عليه صُوفاً أحمر أو أبيض في الحرب. و يقال عَلَمْتُ عِمَّتي أَعْلِمُها عَلْماً، و ذلك إذا لُثْتَها على رأْسك بعَلامةٍ تُعْرَفُ بها عِمَّتُك؛ قال الشاعر:
و لُثْنَ السُّبُوبَ خِمْرَةً قُرَشيَّةً             دُبَيْرِيَّةً، يَعْلِمْنَ في لوْثها عَلْما

و قَدَحٌ مُعْلَمٌ: فيه عَلامةٌ؛ و منه قول عنترة:
رَكَدَ الهَواجِرُ بالمَشُوفِ المُعْلَمِ‏

و العَلامةُ: السِّمَةُ، و الجمع عَلامٌ، و هو من الجمع الذي لا يفارق واحده إلَّا بإلقاء الهاء؛ قال عامر بن الطفيل:
عَرَفْت بِجَوِّ عارِمَةَ المُقاما             بِسَلْمَى، أو عَرَفْت بها عَلاما

و المَعْلَمُ مكانُها. و في التنزيل في صفة عيسى، صلوات الله على نبينا و عليه: وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ
، و هي قراءة أكثر القرّاء، و قرأَ بعضهم: و إنه لَعَلَمٌ للساعة؛ المعنى أن ظهور عيسى و نزوله إلى الأَرض عَلامةٌ تدل على اقتراب الساعة. و يقال لِما يُبْنَى في جَوادِّ الطريق من المنازل يستدل بها على الطريق: أَعْلامٌ، واحدها عَلَمٌ. و المَعْلَمُ: ما جُعِلَ عَلامةً و عَلَماً للطُّرُق و الحدود مثل أَعلام الحَرَم و معالِمِه المضروبة عليه. و
في الحديث: تكون الأَرض يوم القيامة كقُرْصَة النَّقيِّ ليس فيها مَعْلَمٌ لأَحد.
، هو من ذلك، و قيل: المَعْلَمُ الأَثر. و العَلَمُ: المَنارُ. قال ابن سيدة: و العَلامةُ و العَلَم الفصلُ يكون بين الأَرْضَيْنِ. و العَلامة و العَلَمُ: شي‏ء يُنْصَب في الفَلَوات تهتدي به الضالَّةُ. و بين القوم أُعْلُومةٌ: كعَلامةٍ؛ عن أبي العَمَيْثَل الأَعرابي. و قوله تعالى: وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْر

419
لسان العرب12

علم ص 416

كَالْأَعْلامِ‏؛ قالوا: الأَعْلامُ الجِبال. و العَلَمُ: العَلامةُ. و العَلَمُ: الجبل الطويل. و قال اللحياني: العَلَمُ الجبل فلم يَخُصَّ الطويلَ؛ قال جرير:
إذا قَطَعْنَ عَلَماً بَدا عَلَم،             حَتَّى تناهَيْنَ بنا إلى الحَكَم‏
خَلِيفةِ الحجَّاجِ غَيْرِ المُتَّهَم،             في ضِئْضِئِ المَجْدِ و بُؤْبُؤِ الكَرَم‏

و
في الحديث: لَيَنْزِلَنَّ إلى جَنْبِ عَلَم.
، و الجمع أَعْلامٌ و عِلامٌ؛ قال:
قد جُبْتُ عَرْضَ فَلاتِها بطِمِرَّةٍ،             و اللَّيْلُ فَوْقَ عِلامِه مُتَقَوِّضُ‏

قال كراع: نظيره جَبَلٌ و أَجْبالٌ و جِبالٌ، و جَمَلٌ و أَجْمال و جِمال، و قَلَمٌ و أَقلام و قِلام. و اعْتَلَمَ البَرْقُ: لَمَعَ في العَلَمِ؛ قال:
بَلْ بُرَيْقاً بِتُّ أَرْقُبُه،             بَلْ لا يُرى إلَّا إذا اعْتَلَمَا

خَزَمَ في أَوَّل النصف الثاني؛ و حكمه:
لا يُرَى إلا إذا اعْتَلَما

و العَلَمُ: رَسْمُ الثوبِ، و عَلَمهُ رَقْمُه في أطرافه. و قد أَعْلَمَه: جَعَلَ فيه عَلامةً و جعَلَ له عَلَماً. و أَعلَمَ القَصَّارُ الثوبَ، فهو مُعْلِمٌ، و الثوبُ مُعْلَمٌ. و العَلَمُ: الراية التي تجتمع إليها الجُنْدُ، و قيل: هو الذي يُعْقَد على الرمح؛ فأَما قول أَبي صخر الهذلي:
يَشُجُّ بها عَرْضَ الفَلاةِ تَعَسُّفاً،             و أَمَّا إذا يَخْفى مِنَ ارْضٍ عَلامُها

فإن ابن جني قال فيه: ينبغي أن يحمل على أَنه أَراد عَلَمُها، فأَشبع الفتحة فنشأَت بعدها ألف كقوله:
و مِنْ ذَمِّ الرِّجال بمُنْتزاحِ‏

يريد بمُنْتزَح. و أَعلامُ القومِ: ساداتهم، على المثل، الواحدُ كالواحد. و مَعْلَمُ الطريق: دَلالتُه، و كذلك مَعْلَم الدِّين على المثل. و مَعْلَم كلِّ شي‏ء: مظِنَّتُه، و فلان مَعلَمٌ للخير كذلك، و كله راجع إلى الوَسْم و العِلْم، و أَعلَمْتُ على موضع كذا من الكتاب عَلامةً. و المَعْلَمُ: الأَثرُ يُستَدَلُّ به على الطريق، و جمعه المَعالِمُ. و العالَمُون: أصناف الخَلْق. و العالَمُ: الخَلْق كلُّه، و قيل: هو ما احتواه بطنُ الفَلك؛ قال العجاج:
فخِنْدِفٌ هامةَ هذا العالَمِ‏

جاء به مع قوله:
يا دارَ سَلْمى يا اسْلَمي ثمَّ اسْلَمي‏

فأَسَّسَ هذا البيت و سائر أبيات القصيدة غير مؤسَّس، فعابَ رؤبةُ على أبيه ذلك، فقيل له: قد ذهب عنك أَبا الجَحَّاف ما في هذه، إن أَباك كان يهمز العالمَ و الخاتمَ، يذهب إلى أَن الهمز هاهنا يخرجه من التأْسيس إذ لا يكون التأْسيس إلا بالأَلف الهوائية. و حكى اللحياني عنهم: بَأْزٌ، بالهمز، و هذا أَيضاً من ذلك. و قد حكى بعضهم: قَوْقَأَتِ الدجاجةُ و حلَّأْتُ السَّويقَ و رَثَأَتِ المرأَةُ زوجَها و لَبَّأَ الرجلُ بالحج، و هو كله شاذ لأَنه لا أصل له في الهمز، و لا واحد للعالَم من لفظه لأَن عالَماً جمع أَشياء مختلفة، فإن جُعل عالَمٌ اسماً لواحد منها صار جمعاً لأَشياء متفقة، و الجمع عالَمُون، و لا يجمع شي‏ء على فاعَلٍ بالواو و النون إلا هذا، و قيل: جمع العالَم الخَلقِ العَوالِم. و في التنزيل: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ*
؛
قال ابن عباس: رَبِّ الجن و الإِنس.
، و
قال قتادة: رب الخلق كلهم.
                       

420
لسان العرب12

علم ص 416

قال الأَزهري: الدليل على صحة قول ابن عباس قوله عز و جل: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى‏ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً؛ و ليس النبي، صلى الله عليه و سلم، نذيراً للبهائم و لا للملائكة و هم كلهم خَلق الله، و إنما بُعث محمد، صلى الله عليه و سلم، نذيراً للجن و الإِنس. و
روي عن وهب بن منبه أنه قال: لله تعالى ثمانية عشر ألفَ عالَم، الدنيا منها عالَمٌ واحد، و ما العُمران في الخراب إلا كفُسْطاطٍ في صحراء.
؛ و قال الزجاج: معنى العالمِينَ كل ما خَلق الله، كما قال: وَ هُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْ‏ءٍ، و هو جمع عالَمٍ، قال: و لا واحد لعالَمٍ من لفظه لأَن عالَماً جمع أشياء مختلفة، فإن جُعل عالَمٌ لواحد منها صار جمعاً لأَشياء متفقة. قال الأَزهري: فهذه جملة ما قيل في تفسير العالَم، و هو اسم بني على مثال فاعَلٍ كما قالوا خاتَمٌ و طابَعٌ و دانَقٌ. و العُلامُ: الباشِق؛ قال الأَزهري: و هو ضرب من الجوارح، قال: و أما العُلَّامُ، بالتشديد، فقد روي عن ابن الأَعرابي أَنه الحِنَّاءُ، و هو الصحيح، و حكاهما جميعاً كراع بالتخفيف؛ و أما قول زهير فيمن رواه كذا:
حتى إذا ما هَوَتْ كَفُّ العُلامِ لها             طارَتْ، و في كَفِّه من ريشِها بِتَكُ‏

فإن ابن جني روى عن أبي بكر محمد بن الحسن عن أبي الحسين أحمد بن سليمان المعبدي عن ابن أُخت أَبي الوزير عن ابن الأَعرابي قال: العُلام هنا الصَّقْر، قال: و هذا من طَريف الرواية و غريب اللغة. قال ابن بري: ليس أَحد يقول إن العُلَّامَ لُبُّ عَجَم النَّبِق إلَّا الطائي؛ قال:
....... يَشْغَلُها             عن حاجةِ الحَيِّ عُلَّامٌ و تَحجِيلُ‏

و أَورد ابن بري هذا البيت «2» مستشهداً به على الباشق بالتخفيف. و العُلامِيُّ: الرجل الخفيف الذكيُّ مأْخوذ من العُلام. و العَيْلَمُ: البئر الكثيرة الماء؛ قال الشاعر:
من العَيالِمِ الخُسُف‏

و
في حديث الحجاج: قال لحافر البئر أَ خَسَفْتَ أَم أَعْلَمْتَ.
؛ يقال: أعلَمَ الحافرُ إذا وجد البئر عَيْلَماً أي كثيرة الماء و هو دون الخَسْفِ، و قيل: العَيْلَم المِلْحة من الرَّكايا، و قيل: هي الواسعة، و ربما سُبَّ الرجلُ فقيل: يا ابن العَيْلَمِ يذهبون إلى سَعَتِها. و العَيْلَم: البحر. و العَيْلَم: الماء الذي عليه الأَرض، و قيل: العَيْلَمُ الماء الذي عَلَتْه الأَرضُ يعني المُنْدَفِن؛ حكاه كراع. و العَيْلَمُ: التَّارُّ الناعِمْ. و العَيْلَمُ: الضِّفدَع؛ عن الفارسي. و العَيْلامُ: الضِّبْعانُ و هو ذكر الضِّباع، و الياء و الأَلف زائدتان. و
في خبر إبراهيم، على نبينا و عليه السلام: أنه يَحْمِلُ أَباه ليَجوزَ به الصراطَ فينظر إليه فإذا هو عَيْلامٌ أَمْدَرُ.
؛ هو ذكر الضِّباع. و عُلَيْمٌ: اسم رجل و هو أبو بطن، و قيل: هو عُلَيم بن جَناب الكلبي. و عَلَّامٌ و أَعلَمُ و عبد الأَعلم: أسماء؛ قال ابن دريد: و لا أَدري إلى أي شي‏ء نسب عبد الأَعلم. و قولهم: عَلْماءِ بنو فلان، يريدون على الماء فيحذفون اللام تخفيفاً. و قال شمر في كتاب السلاح: العَلْماءُ من أَسماء الدُّروع؛ قال: و لم أَسمعه إلا في بيت زهير بن جناب:
جَلَّحَ الدَّهرُ فانتَحى لي، و قِدْماً             كانَ يُنْحِي القُوَى على أَمْثالي‏

__________________________________________________
 (2). قوله [و أورد ابن بري هذا البيت‏] أي قول زهير:
حتى إذا ما هوت ...

إلخ.

421
لسان العرب12

علم ص 416

و تَصَدَّى لِيَصْرَعَ البَطَلَ الأَرْوَعَ             بَيْنَ العَلْماءِ و السِّرْبالِ‏
يُدْرِكُ التِّمْسَحَ المُوَلَّعَ في اللُّجَّةِ             و العُصْمَ في رُؤُوسِ الجِبالِ‏

و قد ذكر ذلك في ترجمة عله.
علجم:
العَلْجَمُ: الغدير الكثير الماء. و العُلْجومُ: الماء الغَمْر الكثير؛ قال ابن مقبل:
و أَظهَرَ في غُلَّانِ رَقْدٍ و سَيْلُهُ             عَلاجِيمُ، لا ضَحْلٌ و لا مُتَضَحْضِح‏

و العُلْجُومُ: الضِّفدَع عامَّة، و قيل: هو الذَّكَرُ منها؛ و أَنشد ابن بري لذي الرمة:
فما انجَلى الصُّبْحُ حتى بَيَّنَتْ غَلَلًا،             بَيْنَ الأَشاءِ جَرَتْ فيه العَلاجِيمُ‏

و قيل: العُلْجُوم البَطُّ الذَّكَر، و عمَّ به بعضهم ذكَرَ البطّ و أُنثاه؛ أَنشد الأَزهري:
حتى إذا بَلَغَ الحَوْماتُ أَكْرُعَها،             و خالَطَتْ مُسْتَنِيماتِ العَلاجِيمِ‏

و العُلْجُم و العُلْجوم جميعاً: الشديد السواد. و العُلْجُوم: الظُّلْمة المتراكمة، و خصصها الجوهري فقال: ظلمة الليل؛ أنشد ابن بري لذي الرمة:
أو مُزْنَة فارِق يَجْلُو غَوَارِبَها             تَبَوُّجُ البَرْقِ، و الظَّلْماءُ عُلْجومُ‏

و العُلْجُوم: التَّامُّ المُسِنُّ من الوحش، و منه قيل للناقة المسنة عُلْجُوم. و العُلْجُومُ: موج البحر و العُلْجُومُ: الأَجَمَةُ. و العُلْجُومُ: البستان الكثير النخل، و هو الظُّلْمة الشديدة. و العُلْجُومُ: الظَّبْيُ الآدَمُ. و العُلْجُومُ من الإِبل: الشديدةُ. و قال الأَزهري: العُرْجُوم و العُلْجُومُ الناقة الشديدة. و قال الكلابي: العَلاجِيمُ شِدادُ الإِبل و خِيارُها. و العُلْجومُ: الأَتانُ الكثيرة اللحم. و العَلاجِيمُ من الظِّباء: الوادِقَةُ المُرِيدة للسِّفاد، واحدها عُلْجومٌ. و العَلاجِيمُ: الطِّوال؛ قال أَبو ذؤيب:
إذا ما العَلاجِيمُ الخَلاجِيمُ نَكَّلوا،             و طالَ عَليهِمْ ضَرْسُها و سُعارُها

و أَراد الخَلاجِمَ فأَشبع الكسرة فنشأَت بعدها ياء. أَبو عمرو: العَلاجِيمُ طِوالُ الإِبل و الحُمُرِ؛ قال الراعي:
فَعُجْنَ عَلَيْنا مِن عَلاجيِمَ جلَّةٍ،             لِحَاجَتِنا مِنْها رَتُوكٌ و فاسِجُ‏

يعني إبِلًا ضِخاماً. و العُلْجُومُ: الجماعة من الناس. و رَمْلٌ مُعْلَنْجِمٌ: متراكبٌ؛ قال أَبو نُخَيلة:
كأَنَّ رَمْلًا غيرَ ذِي تَهَيُّمِ،             مِنْ عالِجٍ و رَمْلِها المُعْلَنْجِمِ،
بِمُلْتَقَى عَثاعِثٍ و مَأْكِمِ‏


علذم:
العَلْذَمِيُّ من الرجال: الحريصُ الذي يأْكل ما قَدَر عليه.
علقم:
العَلْقَمُ: شجر الحَنْظَل، و القطعة منه عَلْقَمَةٌ، و كُلُّ مُرّ عَلْقَمٌ، و قيل: هو الحنظل بعينه أَعني ثمرته، الواحدة منها عَلْقَمَةٌ. و قال الأَزهري: هو شَحْمُ الحنظل، و لذلك يقال لكل شي‏ء فيه مرارة شديدة: كأَنه العَلْقَم. ابن الأَعرابي: العَلْقَمَة النَّبِقة المُرَّةُ، و هي الحَزْرة. و العَلْقَمة: المَرارة. و عَلْقَمَ طعامَه: أَمَرَّه كأَنه جعل فيه العَلْقَم. و طعام فيه عَلْقَمَةٌ أي مرارة. و الْعَلْقَمُ: أشدُّ الماء مرارة. و قال ابن دريد: العَلْقَمةُ اختلاط الماء و خُثُورَتُه. الجوهري: العَلْقَمُ شجر مر. و عَلْقَمَةُ بن عَبَدَة الشاعر، و هو الفَحْلُ، و عَلْقَمَةُ الخَصِي‏

422
لسان العرب12

علقم ص 422

و هما جميعاً من رَبيعةِ الجُوعِ، و أَما عَلْقَمةُ بن عُلاثَة فهو من بني جعفر.
علكم:
العُلْكُمُ و العُلْكُوم و العُلاكِمُ و المُعَلْكَمُ: الشديدُ الصُّلْبُ من الإِبل و غيرها، و الأَنثى عُلْكُومٌ؛ قال لبيد:
بَكَرَتْ بها جُرَشِيَّةٌ مَقْطُورَةٌ             تُرْوِي المَحاجِرَ، بازِلٌ عُلْكُومُ‏

قال ابن بري: المَحاجِر الحَدِيقة؛ و أنشد ابن بري لمالك العُلَيْمي:
حَتَّى تَرى الْبُوَيْزِلَ الْعُلْكُوما             مِنْها تُوَلِّي العِرَكَ الحَيْزُوما

و قال العِرَك، يريد العِرَاك. و يقال: ناقة عُلاكِمَةٌ؛ قال أَبو الأَسود العجلي:
عُلاكِمَة مِثْل الفَنيقِ شِمِلَّة،             و حافِزَة في ذلك المِحْلَبِ الجَبْلِ‏

و الجَبْلُ: الضَّخْمُ؛ و في قصيد كعب يصف الناقة:
غَلْباءُ وَجْناءُ عُلْكُومٌ مُذَكَّرَةٌ،             في دَفِّها سَعَةٌ، قُدَّامَها مِيلُ‏

العُلْكُومُ: القويَّة الصُّلبة، و العَلْكَمُ: الرَّجُل الضَّخْم، و قيل: ناقة عُلْكُومٌ غليظة الخَلْقِ مُوَثَّفة، و قيل: الجسيمة السمينة، و عَلْكَمَتُها: عِظَمُ سَنامها. أبو عبيد: العَلاكِمُ العِظام من الإِبل. و العَلْكَمةُ: عِظَمُ السَّنام. و رجل مُعَلْكَمٌ: كثير اللحم. و عَلْكَمٌ: اسم رجل؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أنشد عن ابن قَنان:
يُمْسِي بَنُو عَلْكَمٍ هَزْلى، و نِسْوَتُه             و عَلْكَمٌ مِثْل فَحْلِ الضأْن فُرْفُورُ «3».

و عَلْكَمٌ: اسم ناقة؛ قال الشاعر:
أَقُولُ و النَّاقَةُ بي تَقَحَّمُ:             وَيْحَكِ ما اسْمُ أُمِّها يا عَلْكَمُ‏

الجوهري: العُلْكُومُ الشديد من الإِبل مثل العُلْجُوم، الذكرُ و الأُنثى فيه سواء.
علهم:
الأَزهري: الْعِلْهَمُّ الضَّخْم العظيم من الإِبل و غيرها؛ و أنشد:
لَقَدْ غَدَوْتُ طَارِداً و قانِصاً             أَقُودُ عِلْهَمّاً أَشَقَّ شاخِصا
أُمْرِجَ في مَرْجٍ و في فَصافِصا             و نَهَرٍ تَرى لَهُ بَصابِصا
حَتَّى نَشا مُصامِصاً دُلامِصا


قال: و يجوز عِلَّهْمٌ، بتشديد اللام.
عمم:
العَمُّ: أَخو الأَب. و الجمع أَعْمام و عُمُوم و عُمُومة مثل بُعُولة؛ قال سيبويه: أَدخلوا فيه الهاء لتحقيق التأْنيث، و نظيره الفُحُولة و البُعُولة. و حكى ابن الأَعرابي في أَدنى العدد: أَعُمٌّ، و أَعْمُمُونَ، بإظهار التضعيف: جمع الجمع، و كان الحكم أَعُمُّونَ لكن هكذا حكاه؛ و أَنشد:
تَرَوَّح بالعَشِيِّ بِكُلِّ خِرْقٍ             كَرِيم الأَعْمُمِينَ و كُلِّ خالِ‏

و قول أَبي ذؤيب:
و قُلْتُ: تَجَنَّبَنْ سُخْطَ ابنِ عَمّ،             و مَطْلَبَ شُلَّةٍ و هي الطَّرُوحُ‏

أراد: ابن عمك، يريد ابن عمه خالد بن زهير، و نَكَّره لأَن خَبَرهما قد عُرِف، و رواه الأَخفش بن عمرو؛ و قال: يعني ابن عويمر الذي يقول فيه خالد:
أ لم تَتَنَقَّذْها مِنِ ابنِ عُوَيْمِرٍ،             و أنْتَ صَفِيُّ نَفْسِهِ و سَجِيرُها

__________________________________________________
 (3). قوله [يمسي إلخ‏] كذا في الأَصل، و تقدم في مادة فرر: يمشي بالشين المعجمة، و عليكم بدل قوله و علكم، و الصواب ما هنا.

423
لسان العرب12

عمم ص 423

، و الأُنثى عَمَّةٌ، و المصدر العُمُومة. و ما كُنْتَ عَمّاً و لقد عَمَمْتَ عُمُومةً. و رجل مُعِمٌّ و مُعَمٌّ: كريم الأَعْمام. و اسْتَعَمَّ الرجلَ عَمّاً: اتَّخذه عَمّاً. و تَعَمَّمَه: دَعاه عَمّاً، و مثله تَخَوَّلَ خالًا. و العرب تقول: رَجُلٌ مُعَمٌّ مُخْوَلٌ «1» إذا كان كريم الأَعْمام و الأَخْوال كثيرَهم؛ قال إمرؤ القيس:
بِجِيدٍ مُعَمّ في العَشِيرةِ مُخْوَلِ‏


قال الليث: و يقال فيه مِعَمٌّ مِخْوَلٌ، قال الأَزهري: و لم أسمعه لغير الليث و لكن يقال: مِعَمٌّ مِلَمٌّ إذا كان يَعُمُّ الناسَ ببرِّه و فضله، و يَلُمُّهم أي يصلح أمرهم و يجمعهم. و تَعَمَّمَتْه النساءُ: دَعَوْنَه عَمّاً، كما تقول تَأَخَّاه و تَأَبَّاه و تَبَنَّاه؛ أنشد ابن الأَعرابي:
عَلامَ بَنَتْ أُخْتُ اليَرابِيعِ بَيْتَها             عَلَيَّ، و قالَتْ لي: بِلَيْلٍ تَعَمَّمِ؟

معناه أنها لما رأَت الشيبَ قالت لا تَأْتِنا خِلْماً و لكن ائتنا عَمّاً. و هما ابنا عَمّ: تُفْرِدُ العَمَّ و لا تُثَنِّيه لأَنك إنما تريد أن كل واحد منهما مضاف إلى هذه القرابة، كما تقول في حد الكنية أبوَا زيد، إنما تريد أَن كل واحد منهما مضاف إلى هذه الكنية، هذا كلام سيبويه. و يقال: هما ابْنا عَمّ و لا يقال هما ابْنا خالٍ، و يقال: هما ابْنا خالة و لا يقال ابْنا عَمَّةٍ، و يقال: هما ابْنا عَمّ لَحّ و هما ابْنا خالة لَحّاً، و لا يقال هما ابْنا عَمَّةٍ لَحّاً و لا ابْنا خالٍ لَحّاً لأَنهما مفترقان، قال: لأَنهما رجل و امرأَة؛ و أَنشد:
فإنَّكُما ابْنا خالةٍ فاذْهَبا مَعاً،             و إنيَ مِنْ نَزْعٍ سِوى ذاك طَيِّب‏

قال ابن بري: يقال ابْنا عَمّ لأَن كل واحد منهما يقول لصاحبه يا ابنَ عَمِّي، و كذلك ابْنا خالةٍ لأَن كل واحد منهما يقول لصاحبه يا ابْنَ خالتي، و لا يصح أَن يقال هما ابْنا خالٍ لأَن أَحدهما يقول لصاحبه يا ابْنَ خالي و الآخر يقول له يا ابْن عَمَّتي، فاختلفا، و لا يصح أَن يقال هما ابنا عَمَّةٍ لأَن أحدهما يقول لصاحبه يا ابن عَمَّتي و الآخر يقول له يا ابنَ خالي. و بيني و بين فلان عُمُومة كما يقال أُبُوَّةٌ و خُؤُولةٌ. و تقول: يا ابْنَ عَمِّي و يا ابنَ عَمِّ و يا ابنَ عَمَّ، ثلاث لغات، و يا ابنَ عَمِ، بالتخفيف؛ و قول أَبي النجم:
يا ابْنَةَ عَمَّا، لا تَلُومي و اهْجَعِي،             لا تُسْمِعِيني مِنْكِ لَوْماً و اسْمَعِي‏

أَراد عَمّاهُ بهاء النُّدْبة؛ و هكذا قال الجوهري عَمّاهُ؛ قال ابن بري: صوابه عَمَّاهُ، بتسكين الهاء؛ و أَما الذي ورد
في حديث عائشة، رضي الله عنها: استأْذَنتِ النبيَّ، صلى الله عليه و سلم، في دخول أبي القُعَيْس عليها فقال: ائْذَني له فإنَّه عَمُّجِ.
، فإنه يريد عَمُّك من الرضاعة، فأَبدل كاف الخطاب جيماً، و هي لغة قوم من اليمن؛ قال الخطابي: إنما جاء هذا من بعض النَّقَلة، فإن رسول الله، صلى الله عليه و سلم، كان لا يتكلم إلَّا باللغة العالية؛ قال ابن الأَثير: و ليس كذلك فإنه قد تكلم بكثير من لغات العرب منها
قوله: لَيْسَ مِنَ امْبِرّ امْصِيامُ في امْسَفَرِ.
و غير ذلك. و العِمامةُ: من لباس الرأْس معروفة، و ربما كُنِيَ بها عن البَيْضة أَو المِغْفَر، و الجمع عَمائِمُ و عِمامٌ؛ الأَخيرة عن اللحياني، قال: و العرب تقول لَمّا وَضَعوا عِمامَهم عَرَفْناهم، فإما أن يكون جَمْع عِمامَة جمع التكسير، و إما أن يكون من باب طَلْحةٍ و طَلْحٍ، و قد اعْتَمَّ بها و تَعَمَّمَ بمعنى؛ و قوله أَنشده ثعلب:
__________________________________________________
 (1). قوله [رجل معم مخول‏] كذا ضبط في الأصول بفتح العين و الواو منهما، و في القاموس أنهما كمحسن و مكرم أي بكسر السين و فتح الراء.

424
لسان العرب12

عمم ص 423

إذا كَشَفَ اليَوْمُ العَماسُ عَنِ اسْتِهِ،             فلا يَرْتَدِي مِثْلي و لا يَتَعَمَّمُ‏

قيل: معناه أَلْبَسُ ثِيابَ الحرب و لا أَتجمل، و قيل: معناه ليس يَرْتَدي أَحد بالسيف كارتدائي و لا يَعْتَمُّ بالبيضة كاعْتِمامي. و عَمَّمْتُه: أَلبسته العِمامةَ، و هو حَسَنُ العِمَّةِ أي التَّعَمُّمِ؛ قال ذو الرمة:
و اعْتَمَّ بالزَّبَدِ الجَعْدِ الخَراطِيمُ‏


و أَرْخَى عِمامتَه: أَمِنَ و تَرَفَّهَ لأَن الرجل إنما يُرْخي عِمامَتَه عند الرخاء؛ و أَنشد ثعلب:
أَلْقى عَصاهُ و أَرْخى من عِمامَته             و قال: ضَيْفٌ، فَقُلْتُ: الشَّيْبُ؟ قال: أَجَلْ‏

قال: أَراد و قلت الشيب هذا الذي حَلَّ. و عُمِّمَ الرجلُ: سُوِّدَ لأَن تيجان العرب العَمائم، فكلما قيل في العجم تُوِّجَ من التاج قيل في العرب عُمِّمَ؛ قال العجاج:
وَ فيهمُ إذْ عُمِّمَ المُعَمَّمُ‏


و العرب تقول للرجل إذا سُوِّد: قد عُمِّمَ، و كانوا إذا سَوَّدُوا رجلًا عَمَّمُوه عِمامةً حمراء؛ و منه قول الشاعر:
رَأَيْتُكَ هَرَّيْتَ العِمامةَ بَعْدَ ما             رَأَيْتُكَ دَهْراً فاصِعاً لا تَعَصَّب «1».

و كانت الفُرْسُ تُتَوِّجُ ملوكها فيقال له مُتَوَّج. و شاةٌ مُعَمَّمةٌ: بيضاء الرأْس. و فرَسٌ مُعَمَّمٌ: أَبيض الهامَةِ دون العنق، و قيل: هو من الخيل الذي ابيضَّتْ ناصيتُه كلها ثم انحدر البياض إلى مَنْبِت الناصية و ما حولها من القَوْنَس. و من شِياتِ الخيل أَدْرَعُ مُعَمَّم: و هو الذي يكون بياضه في هامته دون عنقه. و المُعَمَّمُ من الخيل و غيرها: الذي ابيضَّ أُذناه و منيت ناصيته و ما حولها دون سائر جسده؛ و كذلك شاةٌ مُعَمَّمة: في هامَتِها بياض. و العامَّةُ: عِيدانٌ مشدودة تُرْكَبُ في البحر و يُعْبَرُ عليها، و خَفَّفَ ابن الأَعرابي الميم من هذا الحرف فقال: عامَةٌ مثل هامَة الرأْس و قامةَ العَلَق و هو الصحيح. و العَمِيمُ: الطويل من الرجال و النبات، و منه‏
حديث الرؤيا: فأَتينا على رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ.
أي وافية النبات طويلته، و كلُّ ما اجتمع و كَثُرَ عَمِيمٌ، و الجمع عُمُمٌ؛ قال الجعدي يصف سفينة نوح، على نبينا و عليه الصلاة و السلام:
يَرْفَعُ، بالقارِ و الحَديدِ مِنَ الْجَوْزِ،             طِوالًا جُذُوعُها، عُمُما

و الاسم من كل ذلك العَمَمُ. و العَمِيمُ يَبِيسُ البُهْمى. و يقال: اعْتَمَّ النبتُ اعْتِماماً إذا التفَّ و طال. و نبت عَمِيمٌ؛ قال الأَعشى:
مُؤَزَّرٌ بِعَمِيمِ النَّبْتِ مُكْتَهِلُ‏


و اعْتَمَّ النبتُ: اكْتَهَلَ. و يقال للنبات إذا طال: قد اعْتَمَّ. و شي‏ء عَمِيمٌ أي تام، و الجمع عُمُمٌ مثل سَرير و سُرُر. و جارية عَمِيمَةٌ و عَمَّاءُ: طويلة تامةُ القَوامِ و الخَلْقِ،، و الذكر أَعَمُّ. و نخلة عَمِيمةٌ: طويلة، و الجمع عُمٌّ؛ قال سيبويه: أَلزموه التخفيف إذ كانوا يخففون غير المعتل، و نظيرهُ بونٌ، و كان يجب عُمُم كَسُرُر لأَنه لا يشبه الفعل. و نخلةٌ عُمٌّ؛ عن اللحياني: إما أَن يكون فُعْلًا و هي أَقل، و إما أَن يكون فُعُلًا أصلها عُمُمٌ، فسكنت الميم و أُدغمت، و نظيرها على هذا ناقة عُلُطٌ و قوس فُرُجٌ و هو باب‏
__________________________________________________
 (1). قوله [رأيتك‏] البيت قبله كما في الأَساس:
أيا قوم هل أخبرتم أو سمعتم             بما احتال مذ ضمّ المواريث مصعب.

425
لسان العرب12

عمم ص 423

إلى السَّعَة. و يقال: نخلة عَمِيمٌ و نخل عُمٌّ إذا كانت طِوالًا؛ قال:
عُمٌّ كَوارِعُ في خَلِيج مُحَلِّم‏

و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم: أَنه اختَصم إليه رجلان في نخل غَرَسَه أحدهما في غير حقه من الأَرض، قال الراوي: فلقد رأَيت النخل يُضرب في أُصولها بالفُؤُوس و إنَّها لَنَخْلٌ عُمٌّ.
؛ قال أَبو عبيد: العُمُّ التامة في طولها و التفافها؛ و أَنشد للبيد يصف نخلًا:
سُحُقٌ يُمَتِّعُها الصَّفا، و سَرِيُّهُ             عُمٌّ نَواعِمُ، بَيْنهنّ كُرُومُ‏

و
في الحديث: أَكْرِموا عَمَّتَكم النخلة.
؛ سماها عَمَّة للمشاكلة في أنها إذا قطع رأْسها يَبِستْ كما إذا قطع رأْس الإِنسان مات، و قيل: لأَن النخل خلق من فَضْلةِ طينة آدم عليه السلام. ابن الأَعرابي: عُمَّ إذا طُوِّلَ، و عَمَّ إذا طال. و نبْتٌ يَعْمومٌ: طويل؛ قال:
و لقَدْ رَعَيْتُ رِياضَهُنَّ يُوَيْفِعاً،             و عُصَيْرُ طَرَّ شُوَيرِبي يَعْمومُ‏

و العَمَمُ: عِظَم الخَلْق في الناس و غيرهم. و العَمَم: الجسم التامُّ. يقال: إن جِسمه لعَمَمٌ و إنه لعَممُ الجسم. و جِسم عَمَم: تامٌّ. و أَمر عَمَم: تامٌّ عامٌّ و هو من ذلك؛ قال عمرو ذو الكلب الهذلي:
يا ليتَ شِعْري عَنْك، و الأَمرُ عَمَمْ،             ما فَعَل اليومَ أُوَيْسٌ في الغَنَمْ؟

و مَنْكِب عَمَمٌ: طويل؛ قال عمرو بن شاس:
فإنَّ عِراراً إنْ يَكُنْ غَيرَ واضِحٍ،             فإني أُحِبُّ الجَوْنَ ذا المَنْكِب العَمَمْ‏

و يقال: اسْتَوى فلان على عَمَمِه و عُمُمِه؛ يريدون به تمام جسمه و شبابه و ماله؛ و منه‏
حديث عروة بن الزبير حين ذكر أُحَيحة بن الجُلاح و قول أَخواله فيه: كُنَّا أَهلَ ثُمِّه و رُمِّه، حتى إذا استوى على عُمُمِّه.
، شدّد للازدواج، أَراد على طوله و اعتدال شبابه؛ يقال للنبت إذا طال: قد اعتَمَّ، و يجوز عُمُمِه، بالتخفيف، و عَمَمِه، بالفتح و التخفيف، فأَما بالضم فهو صفة بمعنى العَمِيم أو جمع عَمِيم كسَرير و سُرُر، و المعنى حتى إذا استوى على قَدّه التامّ أَو على عظامه و أَعضائه التامة، و أما التشديدة فيه عند من شدّده فإنها التي تزاد في الوقف نحو قولهم: هذا عمرّ و فرجّ، فأُجري الوصل مجرى الوقف؛ قال ابن الأَثير: و فيه نظر، و أما من رواه بالفتح و التخفيف فهو مصدر وصف به؛ و منه قولهم: مَنْكِب عَمَمٌ؛ و منه‏
حديث لقمان: يَهَبُ البقرة العَمِيمة.
أي التامة الخَلق. و عَمَّهُم الأَمرُ يَعُمُّهم عُموماً: شَمِلهم، يقال: عَمَّهُمْ بالعطيَّة. و العامّةُ: خلاف الخاصَّة؛ قال ثعلب: سميت بذلك لأَنها تَعُمُّ بالشر. و العَمَمُ: العامَّةُ اسم للجمع؛ قال رؤبة:
أنتَ رَبِيعُ الأَقرَبِينَ و العَمَمْ‏


و يقال: رجلٌ عُمِّيٌّ و رجل قُصْرِيٌّ، فالعُمِّيُّ العامُّ، و القُصْرِيُّ الخاصُّ. و
في الحديث: كان إذا أَوى إلى منزله جَزَّأَ دخوله ثلاثة أَجزاء: جزءاً لله، و جزءاً لأَهله، و جزءاً لنفسه، ثم جزءاً جزَّأَه بينه و بين الناس فيردّ ذلك على العامة بالخاصّة.
، أَراد أَن العامة كانت لا تصل إليه في هذا الوقت، فكانت الخاصَّة تخبر العامَّة بما سمعت منه، فكأَنه أوصل الفوائد إلى العامّة بالخاصّة، و قيل: إن الباء بمعنى مِنْ، أَي يجعل وقت العامّة بعد وقت الخاصّة و بدلًا منهم كقول الأَعشى‏
                       

426
لسان العرب12

عمم ص 423

على أَنها، إذْ رَأَتْني أُقادُ،             قالتْ بما قد أَراهُ بَصِيرا

أَي هذا العَشا مكان ذاك الإِبصار و بدل منه. و
في حديث عطاء: إذا توَضَّأْت و لم تَعْمُمْ فتَيَمَّمْ.
أَي إذا لم يكن في الماء وضوء تامٌّ فتَيمَّمْ، و أَصله من العُموم. و رجل مِعَمٌّ: يَعُمُّ القوم بخيره. و قال كراع: رجل مُعِمٌّ يَعُمُّ الناس بمعروفه أَي يجمعهم، و كذلك مُلِمٌّ يَلُمُّهم أَي يجمعهم، و لا يكاد يوجد فَعَلَ فهو مُفْعِل غيرهما. و يقال: قد عَمَّمْناك أَمْرَنا أَي أَلزمناك، قال: و المُعَمَّم السيد الذي يُقلِّده القومُ أُمُورَهم و يلجأُ إليه العَوامُّ؛ قال أَبو ذؤيب:
و مِنْ خَيرِ ما جَمَعَ النَّاشِئُ الْمُعَمِّمُ             خِيرٌ و زَنْدٌ وَرِي‏

و العَمَمُ من الرجال: الكافي الذي يَعُمُّهم بالخير؛ قال الكميت:
بَحْرٌ، جَريرُ بنُ شِقّ من أُرومَتهِ،             و خالدٌ من بَنِيهِ المِدْرَهُ العَمَمُ‏

ابن الأَعرابي: خَلْقٌ عَمَمٌ أَي تامٌّ، و العَمَمُ في الطول و التمام؛ قال أَبو النجم:
و قَصَب رُؤْد الشَّبابِ عَمَمه‏


الأَصمعي في سِنِّ البقر إذا استَجْمَعَتْ أَسنانُه قيل: قد اعتَمَّ عَمَمٌ، فإذا أَسَنَّ فهو فارِضٌ، قال: و هو أَرْخٌ، و الجمع آراخ، ثم جَذَعٌ، ثم ثَنِيٌّ، ثم رَباعٌ، ثم سدَسٌ، ثم التَّمَمُ و التَّمَمةُ، و إذا أَحالَ و فُصِلَ فهو دَبَبٌ، و الأُنثى دَبَبةٌ، ثم شَبَبٌ و الأُنثى شَبَبةٌ. و عَمْعَمَ الرجلُ إذا كَثُرَ جيشُه بعد قِلَّة. و من أَمثالهم: عَمَّ ثُوَباءُ النَّاعِس؛ يضرب مثلًا للحَدَث يَحْدُث ببلدة ثم يتعداها إلى سائر البلدان. و
في الحديث: سألت ربي أَن لا يُهْلِكَ أُمتي بسَنةٍ بِعامَّةٍ.
أَي بقحط عامّ يَعُمُّ جميعَهم، و الباء في بِعامَّةٍ زائدة في قوله تعالى: وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ؛ و يجوز أَن لا تكون زائدة، و قد أَبدل عامَّة من سنَةٍ بإعادة الجارِّ، و منه قوله تعالى: قالَ (الْمَلَأُ) الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا (مِنْ قَوْمِهِ) لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ. وفي الحديث: بادِرُوا بالأَعمال سِتّاً.

: كذا و كذا و خُوَيْصَّة أَحدِكم و أَمرَ العامَّةِ؛ أَراد بالعامّة القيامة لأَنها تَعُمُّ الناسَ بالموت أَي بادروا بالأَعمال مَوْتَ أَحدكم و القيامةَ. و العَمُّ: الجماعة، و قيل: الجماعة من الحَيّ؛ قال مُرَقِّش:
لا يُبْعِدِ اللهُ التَّلَبُّبَ و الغاراتِ،             إذْ قال الخَميسُ نَعَمْ‏
و العَدْوَ بَينَ المجْلِسَيْنِ، إذا             آدَ العَشِيُّ و تَنادَى العَمّ‏

تَنادَوْا: تَجالَسوا في النادي، و هو المجلس؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
يُرِيغُ إليه العَمُّ حاجةَ واحِدٍ،             فَأُبْنا بحاجاتٍ و لَيْسَ بِذي مالِ‏

قال: العَمُّ هنا الخَلق الكثير، أَراد الحجرَ الأَسود في ركن البيت، يقول: الخلق إنما حاجتهم أَن يَحُجُّوا ثم إنهم آبوا مع ذلك بحاجات، و ذلك معنى قوله فأُبْنا بحاجات أَي بالحج؛ هذا قول ابن الأَعرابي، و الجمع العَماعِم. قال الفارسي: ليس بجمع له و لكنه من باب سِبَطْرٍ و لأآلٍ. و الأَعَمُّ: الجماعة أَيضاً؛ حكاه الفارسي عن أَبي زيد قال: و ليس في الكلام أَفْعَلُ يدل على الجمع غير هذا إلا أَن يكون اسم جنس كالأَرْوَى و الأَمَرِّ الذي هو الأَمعاء؛ و أَنشد:

427
لسان العرب12

عمم ص 423

ثُمَّ رَماني لا أَكُونَنْ ذَبِيحةً،             وَ قَدْ كَثُرَتْ بَيْنَ الأَعَمّ المَضائِضُ‏

قال أَبو الفتح: لم يأْت في الجمع المُكَسَّر شي‏ء على أَفْعلَ معتلًّا و لا صحيحاً إلا الأَعَمّ فيما أَنشده أَبو زيد من قول الشاعر:
ثم رآني لا أكونن ذبيحة

البيت بخط الأَرزني رآني؛ قال ابن جني: و رواه الفراء بَيْنَ الأَعُمِّ، جمع عَمّ بمنزلة صَكّ و أصُكّ و ضَبّ و أَضُبّ. و العَمُّ: العُشُبُ؛ كُلُّهُ عن ثعلب؛ و أَنشد:
يَرُوحُ في العَمِّ و يَجْني الأُبْلُما

و العُمِّيَّةُ، مثال العُبِّيَّةِ: الكِبْرُ: و هو من عَمِيمهم أي صَمِيمِهم. و العَماعِمُ: الجَماعات المتفرقون؛ قال لبيد:
لِكَيْلا يَكُونَ السَّنْدَرِيُّ نَدِيدَتي،             و أَجْعَلَ أَقْواماً عُمُوماً عماعِما

السَّندَرِيُّ: شاعر كان مع عَلْقمة بن عُلاثة، و كان لبيد مع عامر بن الطفيل فَدُعِي لبيد إلى مهاجاته فأَبى، و معنى قوله أي أَجعل أَقواماً مجتمعين فرقاً؛ و هذا كما قال أَبو قيس بن الأَسلت:
ثُمَّ تَجَلَّتْ، و لَنا غايةٌ،             مِنْ بَيْنِ جَمْعٍ غَيْرِ جُمَّاعِ‏

و عَمَّمَ اللَّبنُ: أَرْغَى كأَن رَغْوَتَه شُبِّهت بالعِمامة. و يقال للبن إذا أَرْغَى حين يُحْلَب: مُعَمِّمٌ و مُعْتَمٌّ، و جاء بقَدَحٍ مُعَمِّمٍ. و مُعْتَمٌّ: اسم رجل؛ قال عروة:
أَ يَهْلِكُ مُعْتَمٌّ و زَيْدٌ، و لَمْ أُقِمْ             عَلى نَدَبٍ يَوْماً، و لي نَفْسُ مُخْطِرِ؟

قال ابن بري: مُعْتَمٌّ و زيد قبيلتان، و المُخْطِرُ: المُعَرِّضُ نفسه للهلاك، يقول: أَ تهلك هاتان القبيلتان و لم أُخاطر بنفسي للحرب و أَنا أَصلح لذلك؟ و قوله تعالى: عَمَّ يَتَساءَلُونَ؛ أَصله عَنْ ما يتساءلون، فأُدغمت النون في الميم لقرب مخرجيهما و شددت، و حذفت الأَلف فرقاً بين الاستفهام و الخبر في هذا الباب، و الخبرُ كقولك: عما أَمرتك به، المعنى عن الذي أمرتك به. و
في حديث جابر: فَعَمَّ ذلك.
أَي لِمَ فَعَلْتَه و عن أَيِّ شي‏ء كان، و أَصله عَنْ ما فسقطت أَلف ما و أُدغمت النون في الميم كقوله تعالى: عَمَّ يَتَساءَلُونَ؛ و أَما قول ذي الرمة:
بَرَاهُنَّ عمَّا هُنَّ إِمَّا بَوَادِئٌ             لِحاجٍ، و إمَّا راجِعاتٌ عَوَائِدُ

قال الفراء: ما صِلَةٌ و العين مبدلة من أَلف أَنْ، المعنى بَرَاهُنَّ أَنْ هُنَّ إمَّا بوادئ، و هي لغة تميم، يقولون عَنْ هُنَّ؛ و أَما قول الآخر يخاطب امرأة اسمها عَمَّى:
فَقِعْدَكِ، عَمَّى، اللهَ هَلَّا نَعَيْتِهِ             إلى أَهْلِ حَيّ بالقَنافِذِ أَوْرَدُوا؟

عَمَّى: اسم امرأة، و أَراد يا عَمَّى، و قِعْدَكِ و اللهَ يمينان؛ و قال المسيَّب بن عَلَس يصف ناقة:
وَ لَها، إذا لَحِقَتْ ثَمائِلُها،             جَوْزٌ أعَمُّ و مِشْفَرٌ خَفِقُ‏

مِشْفَرٌ خفِقٌ أَهْدَلُ يضطرب، و الجَوْزُ الأَعَمُّ: الغليظ التام، و الجَوْزُ: الوَسَطُ. و العَمُّ: موضع؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أَنشد:
أَقْسَمْتُ أُشْكِيك مِنْ أَيْنٍ وَ مِنْ وَصَبٍ،             حَتَّى تَرَى مَعْشَراً بالعَمِّ أَزْوَالا «2».

__________________________________________________
 (2). قوله [بالعم‏] كذا في الأَصل تبعاً للمحكم، و أورده ياقوت قرية في عين حلب و أنطاكية، و ضبطها بكسر العين و كذا في التكملة.

428
لسان العرب12

عمم ص 423

و كذلك عَمَّان؛ قال مُلَيْح:
وَ مِنْ دُونِ ذِكْرَاها الَّتي خَطَرَتْ لَنا             بِشَرْقِيِّ عَمَّانَ، الثَّرى فالمُعَرَّفُ‏

و كذلك عُمَان، بالتخفيف. و العَمُّ: مُرَّة بن مالك بن حَنْظَلة، و هم العَمِّيُّون. و عَمٌّ: اسم بلد. يقال: رجل عَمِّيٌّ؛ قال رَبْعان:
إذا كُنْتَ عَمِّيّاً فَكُنْ فَقْعَ قَرْقَرٍ،             و إلَّا فَكُنْ، إنْ شِئْتَ، أَيْرَ حِمارِ

و النسبة إلى عَمّ عَمَوِيٌّ كأَنه منسوب إلى عَمىً؛ قاله الأَخفش.
عنم:
العَنَمُ: شجر لَيِّنُ الأَغصان لَطِيفُها يُشَبَّهُ به البَنان كأَنه بَنان العَذارى، واحدتها عَنَمةٌ، و هو مما يستاك به، و قيل: العَنَمُ أَغصان تنبت في سُوق العِضاه رطبة لا تشبه سائر أَغصانها حُمْرُ اللون، و قيل: هو ضرب من الشجر له نَوْرٌ أَحمر تشبَّه به الأَصابع المخضوبة؛ قال النابغة:
بِمُخَضَّبٍ رَخْصٍ، كأَنَّ بَنانَهُ             عَنَمٌ على أَغصانه لم يَعْقِدِ

قال الجوهري: هذا يدل على أَنه نَبْتٌ لا دُودٌ. و بَنَان مُعَنَّمٌ أَي مخضوب. قال ابن بري: و قيل العَنَم ثمر العَوْسَج، يكون أَحمر ثم يسودّ إذا نَضِجَ و عَقَد، و لهذا قال النابغة:
... لم يَعْقِدْ

؛ يريد لم يُدْرِك بعد. و قال أَبو عمرو: العَنَم الزُّعْرُور؛ و قد ورد
في حديث خزيمة: و أَخلَفَ الخُزَامَى و أَيْنَعَتِ العَنَمَةُ.
؛ و قيل: هو أَطراف الخَرُّوب الشامي؛ قال:
فَلَمْ أَسْمَعْ بِمُرْضِعَةٍ أَمالَتْ             لَهاةَ الطِّفْلِ بالعَنَمِ المَسُوكِ‏

قال ابن الأَعرابي: العَنَم شجرة حجازية، لها ثمرة حمْراء يُشَبَّه بها البَنان المخضوب. و العَنَم أَيضاً: شَوْك الطَّلْح. و قال أَبو حنيفة: العَنَمُ شجرة صغيرة تنبت في جوف السَّمُرة لها ثمر أَحمر. و عن الأَعْراب القُدُم: العَنَمُ شجرة صغيرة خضراء لها زَهْر شديد الحمرة. و قال مرَّة: العَنَمُ الخيوط التي يتعلق بها الكَرْم في تَعارِيشه، و الواحدة من كل ذلك عَنَمةٌ. و بَنانٌ مُعْنَمٌ: مشبَّه بالعَنَم؛ قال رؤبة:
وَ هْيَ تُرِيكَ مِعْضَداً و مِعْصَما             عَبْلًا، و أَطرافَ بَنانٍ مُعْنَما

وَضَعَ الجمعَ موضع الواحد، أَراد: و طَرَف بَنان مُعْنَمَا. و بَنَانٌ مُعَنَّم: مخضوب؛ حكاه ابن جني؛ و قال رؤبة:
يُبْدِينَ أَطْرافاً لِطافاً عَنَمُه‏


و العَنَمُ و العَنَمةُ: ضرب من الوَزَغ، و قيل: العَنَم كالعَظَايَةِ إلا أَنها أَشد بياضاً منها و أحسن. قال الأَزهري: الذي قيل في تفسير العَنَم إنه الوَزَغُ و شوك الطَّلْح غير صحيح، و نَسَبَ ذلك إلى الليث و أَنه هو الذي فسر ذلك على هذه الصورة. و قال ابن الأَعرابي في موضِع: العَنَمُ يشبه العُنَّاب، الواحدة عَنَمَة، قال: و العَنَم الشَّجَر الحُمْر. و قال أَبو عمرو: أَعْنَم إذا رعى العَنَم، و هو شجر يحمل ثمراً أَحمر مثل العُنَّاب. و العَنْمَةُ: الشَّقَّة في شفة الإِنسان. و العَنْمِيُّ: الحَسَنُ الوجه المُشْرَبُ حُمْرَةً. و قال ابن دريد في كتاب النوادر: العَنَمُ واحدتها عَنَمَة، و هي أَغصان تنبت في سُوق العِضاه رطبة لا تشبه سائر أَغصانه، أَحمر اللون يتفرق أَعالي نوره بأَربَعِ فرق كأَنه فَنَنٌ من أَراكة، يخرجن في الشتاء و القيظ. و عَيْنَمٌ: موضع. و العَيْنُوم: الضِّفْدَعُ الذكر.

429
لسان العرب12

عندم ص 430

عندم:
العَنْدَمُ: دَمُ الأَخَوَيْنِ. و قيل: هو الأَيْدَعُ. و قال محارب العَنْدَم صِبْغ الداربرنيان «1». و قال أَبو عمرو: العَنْدَمُ شجر أَحمر. و قال بعضهم: العَنْدَمُ دمُ الغَزال بِلِحاء الأَرْطى يطبخان جميعاً حتى ينعقدا فتختضب به الجواري؛ و قال الأَصمعي في قول الأَعشى:
سُخامِيَّة حمراء تُحْسَبُ عَنْدَما


قال: هو صِبْغٌ زعم أَهل البحرين أَن جواريهم يختضبن به. الجوهري: العَنْدَمُ البَقَّمُ، و قيل: دم الأَخوين؛ قال الشاعر:
أَما وَ دِماءٍ مائراتٍ تَخالُها،             على قُنَّةِ العُزَّى و بالنَّسْرِ، عَنْدَما

عهم:
العَهَمانُ: التحيُّر و التردّد؛ عن كراع. و العَيْهَمُ: السُّرْعة قوله [و العيهم السرعة] كذا في الأَصل و المحكم. و ناقة عَيْهَمٌ: سريعة؛ قال الأَعشى:
و كَوْرٍ عِلافيّ و قِطْعٍ و نُمْرُقٍ،             و وَجْناءَ مِرْقالِ الهَواجِرِ عَيْهَمِ‏

و ناقةٌ عَيْهامَةٌ: ماضية. و جَمَلٌ عَيْهَمٌ و عَيْهامٌ و عُياهِم: ماض سريع، و هو مثال لم يذكره سيبويه. قال ابن جني: أَما عُياهِم فحاكيه صاحب العين، و هو مجهول، قال: و ذاكرت أَبا علي، رحمه الله، يوماً بهذا الكتاب فأَساء ثناءه، فقلت له: إن تصنيفه أَصح و أَمثل من تصنيف الجمهرة، فقال: أَ رأَيت الساعة لو صَنَّف إنسان لغة بالتركية تصنيفاً جيداً، أَ كانت تُعدُّ عربية؟ و قال كراع: و لا نظير لعُياهِم، و الأُنثى عَيْهَمٌ و عَيْهَمَة و عَيْهومٌ و عَيْهامةٌ. و قد عَيْهَمَتْ، و عَيْهَمَتُها: سُرعَتُها، و جمعها عَياهِيمُ؛ قال ذو الرمة:
هَيْهاتَ خَرْقاءُ، إلَّا أَن يُقَرِّبَها             ذو العَرْشِ و الشَّعْشعاناتُ العَياهِيمُ‏

و قيل: العَيْهامةُ و العَيْهَمةُ الطويلةُ العنق الضَّخْمةُ الرأْس. و العَياهِم: نجائب الإِبل. و العَياهِمُ: الشِّدادُ من الإِبل، الواحد عَيْهَمٌ و عَيْهُومٌ. و العَيْهَمُ: الشديد، و جَمَلٌ عَيْهامٌ كذلك، و العَيْهَمُ مِنَ النوق: الشديدة. و العَيْهَمِيُّ: الضخم الطويل. و يقال للفيل الذكر: عَيْهَمٌ. و عَيْهَمانُ: اسم. و عَيْهَمٌ: اسم موضع، و قيل: عَيْهَمٌ اسم موضع بالغَوْرِ من تهامة؛ قالت امرأَة من العرب ضربها أَهلها في هَوىً لها:
أَلا لَيْتَ يَحيى، يَوْمَ عَيْهَمَ، زارَنا،             و إنْ نَهِلَتْ مِنَّا السِّياطُ و عَلَّتِ‏

و قال البُغَيْتُ الجُهَنِيُّ، و البغيت بباء موحدة مضمومة و غين معجمة و تاء مثناة:
وَ نَحْنُ وقَعْنا في مُزَيْنَةَ وَقْعَةً،             غَداةَ التَقَيْنا بَيْنَ غَيْقٍ فَعَيْهَما

و قال العجاج:
و للشآمِينَ طَريقُ المُشْئِمِ،             و للْعِراقيِّ ثَنايا عَيْهَمِ‏

كأنَّ عَيْهَماً اسم جبل بعينه. و العَيْهَمانُ: الرجل الذي لا يُدْلِجُ ينام على ظَهْرِ الطريق؛ و قال:
و قد أُثيرُ العَيْهَمانَ الراقِدا


و العَيْهُومُ: الأَديمُ الأَملس؛ و أَنشد لأَبي دُواد:
فَتَعَفَّتْ بَعْدَ الرَّبابِ زَماناً،             فَهْيَ قَفْرٌ، كأَنها عَيْهُومُ‏

__________________________________________________
 (1). قوله [الداربرنيان‏] هو هكذا في التهذيب.

430
لسان العرب12

عهم ص 430

و قيل: شَبَّه الدار في دُرُوسها بالعَيْهَم من الإِبل، و هو الذي أَنضاه السير حتى بَلَّاه كما قال حميد بن ثور:
عَفَتْ مِثْلَ ما يَعْفُو الطَّلِيحُ، و أَصْبَحَتْ             بها كِبْرِياءُ الصَّعْبِ، و هي رَكُوب‏

و يقال للعين العَذْبة: عَيْن عَيْهَم، و للعين المالحة: عَيْن زَيْغَم «1».
عوم:
العامُ: الحَوْلُ يأْتي على شَتْوَة و صَيْفَة، و الجمع أَعْوامٌ، لا يكسَّرُ على غير ذلك، و عامٌ أَعْوَمُ على المبالغة. قال ابن سيدة: و أُراه في الجدب كأَنه طال عليهم لجَدْبه و امتناع خِصْبه، و كذلك أَعْوامٌ عُوَّمٌ و كان قياسه عُومٌ لأَن جمع أَفْعَل فُعْل لا فُعَّل، و لكن كذا يلفظون به كأن الواحد عامٌ عائمٌ، و قيل: أَعوامٌ عُوَّمٌ من باب شِعْر شاعر و شُغْل شاغل و شَيْبٌ شائبٌ و موْتٌ مائتٌ، يذهبون في كل ذلك إلى المبالغة، فواحدها على هذا عائمٌ؛ قال العجاج:
من مَرِّ أَعوام السِّنينَ العُوَّم‏

من الجوهري: و هو في التقدير جمع عائم إلا أَنه لا يفرد بالذكر لأَنه ليس باسم، و إنما هو توكيد، قال ابن بري: صواب إنشاد هذا الشعر:
و مَرّ أَعوام ...

؛ و قبله:
كأَنَّها بَعْدَ رِياحِ الأَنجُمِ‏

و بعده:
تُراجِعُ النَّفْسَ بِوَحْيٍ مُعْجَمِ‏

و عامٌ مُعِيمٌ: كأعْوَم؛ عن اللحياني. و قالوا: ناقة بازِلُ عامٍ و بازِلُ عامِها؛ قال أَبو محمد الحَذْلمي:
قامَ إلى حَمْراءَ مِنْ كِرامِها             بازِلِ عامٍ، أَو سَديسِ عامِها

ابن السكيت: يقال لقيته عاماً أَوّلَ، و لا تقل عام الأَوّل. و عاوَمَهُ مُعاوَمَةً و عِواماً: استأْجره للعامِ؛ عن اللحياني. و عامله مُعاوَمَةً أَي للعام. و قال اللحياني: المُعَاوَمَةُ أن تبيع زرع عامِك بما يخرج من قابل. قال اللحياني: و المُعاومة أَن يَحِلَّ دَيْنُك على رجل فتزيده في الأَجل و يزيدك في الدَّين، قال: و يقال هو أَن تبيع زرعك بما يخرج من قابل في أرض المشتري. و حكى الأَزهري عن أَبي عبيد قال: أَجَرْتُ فلاناً مُعاوَمَةً و مُسانَهَةً و عاملته مُعاوَمَةً، كما تقول مشاهرةً و مُساناةً أَيضاً، و المُعاوَمَةُ المنهيُّ عنها أَن تبيع زرع عامك أَو ثمر نخلك أَو شجرك لعامين أَو ثلاثة. و
في الحديث: نهى عن بيع النخل مُعاومةً.
، و هو أَن تبيع ثمر النخل أَو الكرم أَو الشجر سنتين أَو ثلاثاً فما فوق ذلك. و يقال: عاوَمَتِ النخلةُ إذا حَمَلتْ سنة و لم تحْمِلْ أُخرى، و هي مُفاعَلة من العام السَّنةِ، و كذلك سانَهَتْ حَمَلتْ عاماً و عاماً لا. و رَسْمٌ عامِيٌّ: أَتى عليه عام؛ قال:
مِنْ أَنْ شجاك طَلَلٌ عامِيُ‏

و لقِيتُه ذاتَ العُوَيمِ أَي لدُنْ ثلاث سنِين مضت أو أَربع. قال الأَزهري: قال أَبو زيد يقال جاورت بني فلان ذاتَ العُوَيمِ، و معناه العامَ الثالثَ مما مضى فصاعداً إلى ما بلغ العشر. ثعلب عن ابن الأَعرابي: أَتيته ذاتَ الزُّمَينِ و ذاتَ العُوَيم أَي منذ ثلاثة أَزمان و أَعوام، و قال في موضع آخر: هو كقولك لَقِيتُه مُذْ سُنَيَّاتٍ، و إنما أُنِّث فقيل ذات العُوَيم و ذات الزُّمَين لأَنهم ذهبوا به إلى المرّة و الأَتْيَةِ الواحدة. قال الجوهري: و قولهم لقِيتُه ذات العُوَيم و ذلك إذا لقيته بين الأَعوام، كما يقال لقيته ذات الزُّمَين و ذات مَرَّةٍ. و عَوَّمَ الكَرْمُ تَعويماً: كثر
__________________________________________________
 (1). قوله [زيغم‏] هكذا في الأَصل و التهذيب.

431
لسان العرب12

عوم ص 431

حَمْله عاماً و قَلَّ آخر. و عاوَمتِ النخلةُ: حَمَلتْ عاماً و لم تحْمِل آخر. و حكى الأَزهري عن النضر: عِنَبٌ مُعَوِّم إذا حَمَل عاماً و لم يحمل عاماً. و شَحْمٌ مُعَوِّم أَي شحم عامٍ بعد عام. قال الأَزهري: و شَحْمٌ مُعَوِّم شحمُ عام بعد عام؛ قال أَبو وجزة السعدي:
تَنادَوْا بِأَغباشِ السَّواد فقُرِّبَتْ             عَلافِيفُ قد ظاهَرْنَ نَيّاً مُعَوِّما

أَي شَحْماً مُعَوِّماً؛ و قول العُجير السَّلولي:
رَأَتني تَحادبتُ الغَداةَ، و مَنْ يَكُن             فَتىً عامَ عامَ الماءِ، فَهْوَ كَبِيرُ

فسره ثعلب فقال: العرب تكرّر الأَوقات فيقولون أَتيتك يومَ يومَ قُمْت، و يومَ يومَ تقوم. و العَوْمُ: السِّباحة، يقال: العَوْمُ لا يُنْسى. و
في الحديث: عَلِّموا صِبْيانكم العَوْم.
، هو السِّباحة. و عامَ في الماء عَوْماً: سَبَح. و رجل عَوَّام: ماهر بالسِّباحة؛ و سَيرُ الإِبل و السفينة عَوْمٌ أَيضاً؛ قال الراجز:
و هُنَّ بالدَّو يَعُمْنَ عَوْما


قال ابن سيدة: و عامَتِ الإِبلُ في سيرها على المثل. و فرَس عَوَّامٌ: جَواد كما قيل سابح. و سَفِينٌ عُوَّمٌ: عائمة؛ قال:
إذا اعْوَجَجْنَ قلتُ: صاحِبْ، قَوِّمِ             بالدَّوِّ أَمثالَ السَّفِينِ العُوَّمِ «2».

و عامَتِ النجومْ عَوْماً: جرَتْ، و أَصل ذلك في الماء. و العُومةُ، بالضم: دُوَيبّة تَسبَح في الماء كأَنها فَصٌّ أَسود مُدَمْلكةٌ، و الجمع عُوَمٌ؛ قال الراجز يصف ناقة:
قد تَرِدُ النِّهْيَ تَنَزَّى عُوَمُه،             فتَسْتَبِيحُ ماءَهُ فتَلْهَمُه،
حَتى يَعُودَ دَحَضاً تَشَمَّمُه‏


و العَوّام، بالتشديد: الفرس السابح في جَرْيه. قال الليث: يسمى الفرس السابح عَوّاماً يعوم في جريه و يَسْبَح. و حكى الأَزهري عن أَبي عمرو: العامَةُ المِعْبَر الصغير يكون في الأَنهار، و جمعه عاماتٌ. قال ابن سيدة: و العامَةُ هَنَةٌ تتخذ من أَغصان الشجر و نحوه، يُعْبَر عليها النهر، و هي تموج فوق الماء، و الجمع عامٌ و عُومٌ. الجوهري: العامَةُ الطَّوْف الذي يُرْكَب في الماء. و العامَةُ و العُوَّام: هامةُ الراكب إذا بدا لك رأْسه في الصحراء و هو يسير، و قيل: لا يسمى رأْسه عامَةً حتى يكون عليه عِمامة. و نبْتٌ عامِيٌّ أَي يابس أَتى عليه عام؛ و
في حديث الاستسقاء:
سِوَى الحَنْظَلِ العامِيِّ و العِلهِزِ الفَسْلِ.

و هو منسوب إلى العام لأَنه يتخذ في عام الجَدْب كما قالوا للجدب السَّنَة. و العامَةُ: كَوْرُ العمامة؛ و قال:
و عامةٍ عَوَّمَها في الهامه‏


و التَّعْوِيمُ: وضع الحَصَد قُبْضةً قُبضة، فإذا اجتمع فهي عامةٌ، و الجمع عامٌ. و العُومَةُ: ضرب من الحيَّات بعُمان؛ قال أُمية:
المُسْبِح الخُشْبَ فوقَ الماء سَخَّرَها،             في اليَمِّ جِرْيَتُها كأَنَّها عُوَمُ‏

و العَوَّامُ، بالتشديد: رجلٌ. و عُوَامٌ. موضع. و عائم: صَنَم كان لهم.
عيم:
العَيْمةُ: شَهُوة اللبَن. عامَ الرجلُ إلى اللَّبَن يَعامُ و يَعِيمُ عَيْماً و عَيْمةً: اشتهاه. قال الليث: يقال عِمْتُ عَيْمة و عَيَماً شديداً، قال: و كل شي‏ء من نحو هذا مما يكون مصدراً لِفَعْلان و فَعْلى، فإذا
__________________________________________________
 (2). قوله: صاحبْ قوم: هكذا في الأَصل، و لعلها صاحِ مرخم صاحب.

432
لسان العرب12

عيم ص 432

أَنَّثْتَ المصدر فخَفِّفْ، و إذا حَذَفت الهاء فثَقِّل نحو الحَيْرة و الحَيَر، و الرَّغْبة و الرَّغَب، و الرَّهبة و الرَّهَب، و كذلك ما أَشبهه من ذواته. و في الدعاء على الإِنسان: ما له آمَ و عامَ؛ فمعنى آمَ هَلَكَت امرأَتُه، و عامَ هَلَكتْ ماشيتُه فاشتاق إلى اللبن. و عامَ القومُ إذا قَلَّ لَبَنُهم. و قال اللحياني: عامَ فقَدَ اللبنَ، فلم يزد على ذلك. و رجل عَيمانُ أَيمانُ: ذهبت إبلُه و ماتت امرأته. قال ابن بري: و حكى أَبو زيد عن الطفيل بن يزيد امرأةٌ عَيْمى أَيْمَى، و هذا يَقْضِي بأَن المرأة التي مات زوجها و لا مال لها عَيْمَى أَيمى. و امرأَة عَيْمى و جمعها عِيامٌ و عَيامى كعطشان و عطاش؛ و أَنشد ابن بري للجعدي:
كذلك يُضرَبُ الثَّوْرُ المُعَنَّى             ليَشْرَبَ وارِدُ البَقَر العِيام‏

و أَعامَ القومُ: هَلَكتْ إبلُهم فلم يجدوا لَبناً. و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه كان يتعوَّذ من العَيْمة و الغَيْمة و الأَيمة.
؛ العَيْمةُ: شدّة الشَّهوة لِلَّبن حتى لا يُصْبَر عنه، و الأَيمة: طول العُزْبة، و العَيْمُ و الغَيْمُ: العَطش؛ و قال أَبو المثلم الهذلي:
تَقول: أَرى أُبَيْنِيك اشْرَهَفُّوا،             فَهُم شُعْثٌ رُؤُوسُهُم عِيامُ‏

قال الأَزهري: أَراد أَنهم عِيامٌ إلى شرب اللبن شديدة شهوتُهم له. و العَيْمةُ أَيضاً: شدّة العطش؛ قال أَبو محمد الحَذْلَمي:
تُشْفى بها العَيْمةُ مِنْ سَقامِها


و العِيمةُ من المَتاع: خِيرَتُه. قال الأَزهري: عِيمةُ كلِّ شي‏ء، بالكسر، خِيارُه، و جمعها عِيَمٌ. و قد اعْتامَ يَعْتامُ اعْتِياماً و اعْتانَ يَعْتانُ اعْتِياناً إذا اختار؛ و قال الطرماح يمدح رجلًا وصفه بالجود:
مَبْسوطة يَسْتَنُّ أَوراقُها             عَلى مواليها و مُعْتامِها

و اعْتَامَ الرَّجلُ: أَخَذَ العِيمةَ. و
في حديث عمر: إذا وقَفَ الرجلُ عَلَيك غَنَمَهُ فلا تَعْتَمْه.
أَي لا تَخْتَر غنمه و لا تأْخذ منه خِيارَها. و
في الحديث في صدقة الغنم: يَعْتَامُها صاحِبُها شاةً شاةً.
أَي يختارها، و منه‏
حديث عليّ: بَلَغني أَنك تُنْفِق مالَ الله فيمن تَعْتَامُ من عشيرتك.
، و
حديثه الآخر: رسوله المُجْتَبَى من خلائقه و المُعْتَامُ لِشَرْع حقائقه.
، و التاء في هذه الأَحاديث كلها تاء الافتعال. و اعْتَامَ الشي‏ءَ: اختاره؛ قال طرفة:
أَرَى المَوْتَ يَعْتَامُ الكِرامَ، و يَصْطَفِي             عَقِيلَةَ مالِ الفاحشِ المُتَشَدِّدِ

قال الجوهري: أَعامَهُ اللهُ تَرَكَه بغير لبن. و أَعامنا بَنُو فلان أَي أَخذوا حَلائِبَنا حتى بقينا عَيَامَى نشتهي اللبن، و أَصابتنا سَنةٌ أَعامَتْنَا، و منه قالوا: عامٌ مُعِيمٌ شديد العَيْمةِ؛ و قال الكميت:
بِعامٍ يَقُولُ لَهُ المُؤْلِفُون:             هَذا المُعِيمُ لَنَا المُرْجِلُ‏

و إذا اشتهى الرجل اللبن قيل: قد اشتهى فلان اللبن، فإذا أَفْرَطَتْ شهوتُه جدّاً قيل: قد عَامَ إلى اللبن، و كذلك القَرَمُ إلى اللَّحْم، و الوَحَمُ. قال الأَزهري: و روي عن المؤرج أَنه قال طاب العَيَامُ أَي طاب النهارُ، و طاب الشَّرْق أَي الشمس، و طاب الهَوِيمُ أَي الليل.
عيثم:
عَيْثَمٌ: اسم.
فصل الغين المعجمة
غتم:
الغُتْمةُ: عُجْمة في المنطق. و رَجلٌ أَغْتَمُ و غَتْمِيٌّ: لا يُفْصِح شيئاً. و امرأَة غَتْماء و قوم‏

433
لسان العرب12

غتم ص 433

غُتْمٌ و أَغْتام. و لبنٌ غُتْمِيٌّ: ثخين لا يسمع له صوت إذا صُبَّ؛ عن ابن الأَعرابي. الغُتْمُ: قِطَعُ اللَّبَنِ الثِّخانُ؛ و منه قيل للثقيل الروح: غُتْمِيٌّ. و الغَتْمُ: شدة الحَرِّ و الأَخذِ بالنَّفس؛ قال الراجز:
حَرَّقَها حَمْضُ بِلادٍ فِلِّ،             و غَتْمُ نَجْمٍ غَيْرِ مُسْتَقِلِ‏

أَي غير مرتفع لِثَبات الحَرِّ المنسوب إليه، و إنما يشتد الحر عند طلوع الشِّعْرَى التي في الجَوْزاء، و يقال للذي يجد الحَرَّ و هو جائع: مَغْتُومٌ. و أَغْتَمَ فلان الزيارة: أَكْثَرَها حتى يُمَلَّ. و قالوا: كان العَجَّاجُ يُغْتِمُ الشِّعْر أَي يُكْثر إغْبابَه. و غَتَمَ الطعامُ: تَجَمَّع؛ عن الهَجَري. و وقع فلان في أَحواض غُتَيْم أَي وقع في الموت، لغة في غُثَيْمٍ؛ عن ابن الأَعرابي. و حكى اللحياني: وَرَدَ حَوْضَ غُتَيمٍ أَي مات، قال: و الغُتَيْمُ الموت فأَدخل عليه الأَلف و اللام؛ قال ابن سيدة: و لا أَعرفها عن غيره، و الله أَعلم.
غثم:
الغَثَمُ و الغُثْمة: شبيه بالوُرْقة. و الأَغْثَمُ: الأَوْرَقُ. و الغُثْمة: أَن يَغْلِب بياضُ الشَّعَر سوادَه، غَثِمَ غَثَماً و هو أَغْثمُ؛ قال رجل من فزارة:
إِمَّا تَرَيْ شَيْباً عَلاني أَغْثَمُه،             لَهْزَمَ خَدَّيَّ به مُلَهْزِمُه‏

و غَثَمَ له من المال غَثْمةً إذا دفَع له دُفْعة، و مثله قَثَمَ و غَذَمَ. و غَثَمَ له من العَطِيَّة: أَعطاه من المال قطعة جَيِّدة، و زعم قوم أَن ثاءه بدل من ذال غَذَم. الفراء: هي الغَثِمَةُ و الْقِبَةُ و الفَحِثُ. ابن الأَعرابي: الغُثْمُ القِبَاتُ التي تؤكل. أَبو مالك: إنَّه لَنَبْتٌ مَغْثُومٌ و مُغَثْمَرٌ أَي مُخَلَّطٌ ليس بجَيِّد. و قد غَثَمْتُه و غَثْمَرْتُه إذا خلطت كل شي‏ء. و الغَثِيمةُ: طعام يطبخ و يُجْعل فيه جرادٌ، و هي الغَبِيثَةُ. وَ وَقع في أَحواض غُثَيْمٍ أَي في الموت، لغة في غُتَيْم، و قد تقدم. قال أَبو عمر الزاهد: يقال للرجل إذا مات وَرَدَ حيَاضَ غُثَيْمٍ. و قال ابن دريد: غُتَيْم، و قال ابن الأَعرابي: قُتَيْم. و غَثِيمٌ و غُثَيْمٌ: اسمان.
غذم:
الغَذْمُ: أَكل الرَّطْب اللَّيِّن. و الغَذْمُ أَيضاً: الأَكل السَّهْلُ. و الغَذْمُ: الأَكل بِجَفَاءٍ و شدّة نَهَمٍ. و قد غَذِمَه، بالكسر، و غَذِمَ و غَذَمَ يَغْذُمُ غَذْماً و اغْتَذم: أَكَلَ بنَهْمةٍ، و قيل: أَكل بِجفاء. و
في حديث أَبي ذر: أَنه قال عليكم معاشر قريش بِدُنْياكُمْ فاغْذَمُوها.
؛ هو شدة الأَكل بِجَفاء و شدّة نَهَمٍ. و رجل غُذَمٌ: كثير الأَكل. و بِئْرٌ غُذَمةٌ: كثيرة الماء، و ذاتُ غَذِيمةٍ مثله. و تَغَذَّمَ الشي‏ءَ: مَضَغَه؛ قال أَبو ذؤيب يصف السحاب:
تَغَذَّمْنَ في جانِبَيْهِ الخَبيرَ             لَمَّا وَهَى مُزْنُهُ و اسْتُبيحا

و هو يَتَغَذَّمُ كُلَّ شي‏ء إذا كان كثير الأَكل. و اغْتَذَمَ الفصيلُ ما في ضَرْع أُمه أَي شَرِبَ جميعَ ما فيه. و يقال للحُوَارِ إذا امْتَكَّ ما في الضَّرْع: قد غَذمه و اغْتَذَمَه. و
في الحديث: كان رجل يرائي فلا يمر بقوم إلا غَذَموه.
أَي أَخذوه بأَلسنتهم، هكذا ذكره بعض المتأَخرين بالغين المعجمة، و الصحيح أَنه بالعين المهملة، و أَصله العَضُّ، و قد تقدم، و اتفق عليه أَرباب اللغة، و الغريب و لا شك أَنه وَهَمٌ منه. و أَصابوا من معروفه غُذَماً: و هو شي‏ء بعد شي‏ء. و الغُذْمَةُ: الجُرْعة؛ حكاه أَبو حنيفة. و غَذَم له من‏

434
لسان العرب12

غذم ص 434

ماله شيئاً: أَعطاه منه شيئاً كثيراً مثل غَثَمَ؛ قال شُقْران مولى سَلامان من قُضَاعة:
ثِقَال الجِفَانِ و الحُلُوم، رَحَاهُمُ             رَحَى الماء، يكْتالُونَ كَيلًا غَذَمْذما

يعني جُزَافاً، و تكريره يدل على التكثير. الأَصمعي: إذا أَكْثَرَ من العطية قيل غَذَمَ له و غَثَمَ له و قَذَمَ له. و الغُذَم: الكثير من اللبن، واحدته غُذْمةٌ؛ و أَنشد أَبو عمرو الفقعسي:
         قَدْ تَرَكَتْ فَصِيلَها مُكَرَّما             ممَّا غَذَتْهُ غُذَماً فَغُذَما

الجوهري: و الغُذَامةُ، بالضم، شي‏ء من اللبن. و وقعوا في غُذْمةٍ من الأَرض و غَذِيمَةٍ أي في واقعة مُنْكَرَة من البقل و العُشْب. و غَذَموا بها غُذْمةً و غَذيمةً: أَصابوها. و كُلُّ ما أَمْكَن من المَرْتَع فهو غَذِيمةٌ؛ و أَنشد:
وَ جَعَلَتْ لا تَجِدُ الْغَذَائما             إلا لَوِيّاً وَ دَوِيلًا قاشِمَا

قال النضر: هو سَيِّدٌ مُتَغَذِّمٌ لا يُمْنَع من كل ما أَراد و لا يتعاظمه شي‏ء. و الغَذائمُ: البحور، الواحدة غَذِيمةٌ. و الغذِيمة: أَوَّل سِمَنِ الإِبل في المَرْعَى. و أَلْقِ في غَذِيمةِ فلان ما شئت أَي في رُحْب صدره. و ما سَمِعَ له غَذْمةً أي كلمة. و تَغَذَّم البعيرُ بزَبَده: تَلَمَّظَ به و أَلقاه من فيه. و الغَذِيمةُ: كُلُّ كَلإٍ و كل شي‏ء يَرْكَبُ بعضُه بعضاً؛ و يقال: هي بَقْلة تنبت بعد سير الناس من الدار. قال أَبو مالك: الغَذَائم كل متراكِبٍ بعضُه على بعض. و الغَذَمُ، بالتحريك: نَبْت، واحدته غَذَمةٌ؛ قال القطامي:
كأَنَّها بَيْضَةٌ غَرَّاءُ خُدَّ لَها             في عَثعَثٍ يُنْبتُ الحَوْذانَ و الغَذَما

و الغَذِيمةُ: الأَرض تُنْبِتُ الغَذَمَ. يقال: حَلُّوا في غَذيمةٍ مُنْكَرَة. و الغُذَّامُ: ضرب من الحَمْض، واحدته غُذَّامة. ابن بري: الغُذَّامُ لغة في الغَذَمِ؛ قال رؤبة:
مِنْ زَغَف الغُذَّامِ و الهَشِيما


و الغُذَّامُ أَشهر من الغَذَم.
غذرم:
تَغَذْرَم الشي‏ءَ: أَكله. و تَغَذْرَمها: حلف بها، يعني اليمين فأَضمرها لمكان العلم بها. و يقال: تَغَذْرَمَ فلانٌ يَمِيناً إذا حلف بها و لم يَتَتَعْتَعْ؛ و أَنشد:
تَغَذْرَمَها في ثَأْوَةٍ مِنْ شِياهِهِ،             فَلا بُورِكَتْ تِلْكَ الشِّياهُ القلائِلُ‏

و الثَّأْوَةُ: المهزولة من الغنم. و غَذْرَمْتُ الشي‏ءَ و غَذْمَرْتُه إذا بعته جِزافاً. و ماءٌ غُذارِمٌ: كثير. و الغَذْرَمَةُ: كيلٌ فيه زيادة على الوفاء. و كيل غُذارِمٌ أَي جُزافٌ؛ قال أَبو جندب الهذلي:
فَلَهْفَ ابْنَةِ المَجْنُونِ أَنْ لا تُصِيبَهُ،             فَتُوفِيَهُ بالصَّاعِ كَيْلًا غُذارِما

و الغُذارِمُ: الكثير من الماء. قال ابن بري: أَراد فيا لَهْفَ، و الهاء في تصيبه و توفيه تعود على مذكور قبل البيت، و هو:
فَرَّ زُهَيْرٌ خِيفَةً مِنْ عِقابِنا،             فَلَيْتَكَ لم تَغْدِرْ فَتُصْبِحَ نادِما

و الغُذارِمُ: الكثير من الماء مثل الغُذامِر. و
في الحديث: أَن عليّاً، رضي الله عنه، لما طلب إليه أَهل الطائف أَن يكتب لهم الأَمان على تحليل الربا و الخمر فامتنع قاموا و لَهُمْ تَغَذْمُرٌ و بَرْبَرَةٌ «1».
؛ و قال الراعي:
تَبصَّرْتُهُمْ، حَتَّى إذا حالَ بَيْنَهُمْ             رُكامٌ وَ حادٍ ذو غَذامِيرَ صَيْدَحُ‏

__________________________________________________
 (1). التغذمر: الغضب و سوء اللفظ و التخليط بالكلام و كذلك البربرة (النهاية).

435
لسان العرب12

غذرم ص 435

و أَجاز بعض العرب غَمْذَرَ غَمْذَرَةً بمعنى غَذْرَمَ إذا كال فأَكثر. أَبو زيد: إنه لَنَبْتٌ مُغَثْمَرٌ و مُغَذْرَمٌ و مَغْثُومٌ أَي مُخَلَّط ليس بجيد.
غرم:
غَرِمَ يَغرَمُ غُرْماً و غَرامةً، و أغرَمَه و غَرَّمَه. و الغُرْمُ: الدَّيْنُ. و رَجُلٌ غارمٌ: عليه دَيْنٌ. و
في الحديث: لا تَحِلُّ المسأَلة إلَّا لِذِي غُرمٍ مُفْظِعٍ.
أَي ذي حاجة لازمة من غَرامة مُثْقِلة. و
في الحديث: أعوذ بك من المَأْثَم و المَغْرَمِ.
، و هو مصدر وضع موضع الاسم، و يريد به مَغْرَمَ الذنوب و المعاصي، و قيل: المَغْرَم كالغُرْم، و هو الدَّيْن، و يريد به ما اسْتُدِين فيما يكرهه الله أَو فيما يجوز ثم عجز عن أَدائه، فأَما دين احتاج إليه و هو قادر على أَدائه فلا يستعاذ منه. و قوله عز و جل: وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏
؛ قال الزجاج: الغارمون هم الذين لَزِمَهم الدَّيْنُ في الحَمالة، و قيل: هم الذين لزمهم الدين في غير معصية. و الغَرامةُ: ما يلزم أَداؤه، و كذلك المَغْرَمُ و الغُرْمُ، و قد غَرِمَ الدِّيةَ، و أَنشد ابن بري في الغَرامة للشاعر:
دار ابْنِ عَمِّكَ بِعْتَها،             تَقْضي بها عَنْكَ الغَرامه‏

و الغَرِيم: الذي له الدَّيْن و الذي عليه الدين جميعاً، و الجمع غُرَماء؛ قال كثير:
قَضى كلُّ ذِي دَيْنٍ فَوَفَّى غَرِيمَه،             و عَزَّةُ مَمْطُولٌ مُعَنّىً غرِيمُها

و الغَرِيمان: سَواءٌ، المُغْرِمُ و الغارِمُ. و يقال: خُذْ مِنْ غَرِيمِ السُّوء ما سَنَحَ. و
في الحديث: الدَّيْنُ مَقْضيٌّ و الزَّعِيمُ غارِمٌ لأَنه لازم لما زَعَم.
أَي كَفَل أَو الكفيل لازم لأَداء ما كَفَّله مُغْرِمُه. و
في حديث آخر: الزَّعِيم غارِمٌ.
؛ الزَّعِيم الكفيل، و الغارِم الذي يلتزم ما ضَمِنه و تكَفَّل به. و
في الحديث في الثَّمر المُعَلَّق: فمن خرج بشي‏ء منه فعليه غَرامةُ مِثْلَيْه و العقوبة.
؛ قال ابن الأَثير: قيل كان هذا في صدر الإِسلام ثم نُسخ، فإنه لا واجب على مُتْلِف الشي‏ء أَكثر من مثله، و قيل: هو على سبيل الوعيد لينتهي عنه؛ و منه‏
الحديث الآخر: في ضالَّةِ الإِبل المكتومة غَرامَتُها و مِثْلُها معها.
و
في حديث أشراط الساعة: و الزكاة مَغْرَماً.
أي يَرَى رَبُّ المال أن إخراج زكاته غَرامةٌ يَغرَمُها. و أَما ما حكاه ثعلب‏
في خبر من أَنه لما قعد بعض قريش لقضاء دينه أَتاه الغُرَّامُ فقضاهم دَيْنَه.
؛ قال ابن سيدة: فالظاهر أَنه جمع غَرِيمٍ، و هذا عزيز لأن فَعِيلًا لا يجمع على فُعَّال، إنما فُعَّال جمع فاعل، قال: و عندي أن غُرَّاماً جمع مُغَرِّم على طرح الزائد، كأَنه جمع فاعل من قولك غَرَمَه أَي غَرَّمَه، و إن لم يكن ذلك مقولًا، قال: و قد يجوز أن يكون غارمٌ على النسب أي ذو إغرام أو تَغْريم، فيكون غُرَّامٌ جمعاً له، قال: و لم يقل ثعلب في ذلك شيئاً. و
في حديث جابر: فاشْتَدَّ عليه بَعْضُ غُرَّامِه في التَّقاضي.
؛ قال ابن الأَثير: جمع غَرِيم كالغُرَماء و هم أصحاب الدين، قال: و هو جمع غريب، و قد تكرر ذلك في الحديث مفرداً و مجموعاً و تصريفاً. و غُرِّمَ السحابُ: أَمطَرَ؛ قال أَبو ذؤيب يصف سحاباً:
وَهَى خَرْجُهُ و اسْتُجِيلَ الرَّبابُ             مِنْهُ، و غُرِّمَ ماءً صَرِيحا

و الغَرامُ: اللازم من العذاب و الشرُّ الدائم و البَلاءُ و الحُبُّ و العشق و ما لا يستطاع أَن يُتَفَصَّى منه؛ و قال الزجاج: هو أَشدُّ العذاب في اللغة، قال الله، عز و جل: إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً
؛ و قال الطرماح:

436
لسان العرب12

غرم ص 436

وَ يَوْمُ النِّسارِ وَ يَوْمُ الجِفارِ             كانا عَذاباً، و كانا غَراما

و قوله عز و جل: إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً
؛ أي مُلِحّاً دائماً ملازماً؛ و قال أبو عبيدة: أي هلاكاً و لِزاماً لهم، قال: و منه رَجُلٌ مُعْرَمٌ، من الغُرْم أَو الدَّيْن. و الغَرام: الوَلُوعُ. و قد أُغْرِم بالشي‏ء أي أُولِع به؛ و قال الأَعشى:
إنْ يُعاقِبْ يَكُنْ غَراماً، و إن يُعْطِ             جَزِيلًا فإنَّه لا يُبالي‏

و
في حديث معاذ: ضَرَبَهُمُ الله بِذُلٍّ مُغْرَمٍ.
أي لازم دائم. يقال: فلان مُغْرَمٌ بكذا أي لازم له مُولَعٌ به. الليث: الغُرْمُ أَداء شي‏ء يلزم مثل كفالة يَغْرَمها، و الغَرِيمُ: المُلْزَم ذلك. و أَغْرَمْتُه و غَرَّمْته بمعنى. و رجل مُغْرَمٌ: مُولَعٌ بعشق النساء و غيرهن. و فلان مُغْرَمٌ بكذا أي مُبتَلىً به. و
في حديث عليّ، رضي الله عنه: فَمَنِ اللَّهِجُ باللذَّة السَّلِسُ القِياد للشهوة أَو المُغْرَمُ بالجَمْع و الادِّخار؟.
و العرب تقول: إن فلاناً لمُغْرَمٌ بالنساء إذا كان مُولَعاً بهنَّ. و إني بك لَمُغْرَمٌ إذا لم يصبر عنه. قال: و نُرَى أن الغَرِيم إنما سمي غَرِيماً لأَنه يطلب حَقَّه و يُلِحُّ حتى يقبضه. و يقال للذي له المال يطلبه ممن له عليه المال: غَرِيمٌ، و للذي عليه المال: غَرِيمٌ. و
في الحديث: الرَّهْنُ لمن رَهَنَه له غُنْمُه و عليه غُرْمُه.
أي عليه أَداء ما رهن به و فَكاكُه. ابن الأَعرابي: الغَرْمى المرأَة المُغاضِبة. و قال أَبو عمرو: غَرْمى كلمة تقولها العرب في معنى اليمين. يقال: غَرْمى و جَدِّك كما يقال أَما و جَدّك؛ و أَنشد:
غَرْمى و جَدِّكَ لَوْ وَجَدْتَ بِهِمْ،             كَعَداوَةٍ يَجِدُونها بَعْدِي‏

غرطم:
الغُرْطُمانيُّ: الفتيُّ الحَسَنُ، و أَصله في الخيل.
غرقم:
أبو عمرو: الغَرْقَمُ الحَشَفَةُ؛ و أَنشد:
بِعَيْنَيْكَ وَغْفٌ، إذ رَأَيتَ ابنَ مَرْثَدٍ             يُقَسْبِرُها بِغَرْقَمٍ تَتَزَبَّدُ
إذا انْتَشَرَتْ حَسِبتَها ذاتَ هَضْبَةٍ،             تَرَمَّزُ في أَلْغادِها و تَرَدَّدُ

غسم:
الغَسَمُ: السواد كالغَسَف؛ عن كراع. و قال النضر: الغَسَمُ اختلاط الظُّلْمة؛ و أَنشد لساعدة بن جؤية:
فظَلَّ يَرْقُبُه، حَتَّى إذا دَمَسَتْ             ذَاتُ العِشاء بأَسْدَافٍ مِنَ الغَسَمِ‏

و قال رؤبة:
مُخْتَلِطاً غُبارُه و غَسَمُه‏


و أَنشد ابن سيدة بيت الهذلي «2».
فَظَلَّ يَرْقُبه، حتى إذا دَمَسَتْ             ذاتُ الأَصِيلِ بأَثْناءٍ من الغَسَمِ‏

قال: يعني ظُلْمة الليل. و ليل غاسِمٌ: مُظْلِم؛ و قال رؤبة أَيضاً:
عن أَيِّدٍ مِنْ عِزِّكم لا يَغْسِمُه‏


و الغَسَم و الطَّسَم عند الإِمساء، و في السماء غُسَمٌ من سحاب و أَغْسامٌ، و مثله أَطْسامٌ من سحاب و دُسَمٌ و أَدْسام، و طُلَسٌ من سحاب، و قد أَغْسَمْنا في آخر العَشِيِّ.
غشم:
الْغَشْمُ: الظُّلْم و الغَصْبُ، غَشَمَهُم يَغْشِمُهم غَشْماً. و رجل غاشِمٌ و غَشَّامٌ و غَشُومٌ، و كذلك الأُنثى؛ قال:
__________________________________________________
 (2). قوله [و أنشد ابن سيدة] كذا في الأَصل و ليس في المحكم شي‏ء من هذا البيت، بل الذي أنشده كذلك هو الأَزهري و إنشاده الأَول للجوهري.

437
لسان العرب12

غشم ص 437

لَلَوْلا قَاسِمٌ و يَدَا بَسِيلٍ             لَقَدْ جَرَّتْ عَلَيْكَ يَدٌ غَشُومُ‏

و الحَرْبُ غَشُومٌ لأَنها تَنال غير الجاني. و الغَشَمْشَمُ: الجري‏ء الماضي، و قيل: الغَشَمْشَمُ و المِغْشَمُ من الرجال الذي يَرْكَبُ رأْسَه لا يَثْنيه شي‏ء عما يريد و يَهْوَى من شجاعته؛ قال أبو كبير:
وَ لَقَدْ سَرَيْتُ على الظَّلام بِمِغْشَمٍ             جَلْدٍ من الفِتْيانِ، غَيْرِ مُثَقَّل‏

و إنه لذو غَشَمْشَمَة. و وِرْدٌ غَشَمْشَمٌ إذا ركِبت رؤُوسَها فلم تُثْنَ عن وجهها؛ و قال ابن أَحمر في ذلك:
هُبارِيَّةٍ هَوْجاءَ مَوْعِدُها الضُّحى،             إذا أَرْزَمَتْ جاءت بِوِرْدٍ غَشَمْشَمِ‏

قال: موعدها الضحى لأَن هبوب الريح يبتدئ من طلوع الشمس. و الغَشُوم: الذي يَخْبِطُ الناس و يأْخذ كل ما قدر عليه، و الأَصل فيه من غشم الحاطب، و هو أن يحتطب ليلًا فيقطع كل ما قدر عليه بلا نظر و لا فكر؛ و أَنشد:
و قُلْتُ: تَجَهَّزْ فاغْشِمِ النَّاسَ سائلَا،             كما يَغْشِمُ الشَّجْراءَ باللَّيْلِ حاطِبُ‏

و يقال: ضَرْبٌ غَشَمْشَمٌ؛ قال القُحَيف بن عمير:
لَقَدْ لَقِيَتْ أَفْتاءُ بَكْرِ بنِ وائِلٍ،             وَ هِزَّانُ بالبَطْحاءِ ضَرْباً غَشَمْشَما
إذا ما غَضِبْنا غَضْبَةً مُضَرِيَّةً،             هَتَكْنا حِجابَ الشَّمْسِ أَوْ مَطَرَتْ دما

قال ابن بري: هذا البيت الأَخير سرقه بَشَّار، و كذلك الغَشُوم؛ قال الشاعر:
قَتَلْنا ناجِياً بِقَتيلِ عَمْرٍو،             و جَرَّ الطالب التِّرَةَ الغَشُومُ‏

بنصب التِّرَة، و كذلك أَنشده ابن جني. و ناقة غَشَمْشَمَةٌ: عَزِيزة النَّفْس؛ قال حُميد بن ثور:
جَهُول، و كان الجَهْلُ مِنْها سَجِيَّةً،             غَشَمْشَمَة لِلْقائِدِينَ زَهُوق‏

يقول: تُزْهِقُ قائدَها أي تَسْبقه من نشاطها، فَعُولٌ بمعنى مُفْعِل، و هو نادر. و الأَغْشَمُ: اليابس القديم من النَّبْت؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ و أَنشد:
كأَنَّ صَوْتَ شُخْبِها، إذا خَما،             صَوْتُ أَفَاعٍ في خَشِيٍّ أَغْشَما

و يروي‏
... أَعشما

، و هو البالغ، و قد ذكر في موضعه. و غاشِمٌ و غُشَيْمٌ و غَيْشَمٌ و غَشَّامٌ: أَسماء.
غشرم:
تَغَشْرَمَ البِيدَ: رَكِبَها؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أَنشد:
يُصافِحُ البِيدَ على التَّغَشْرُمِ‏

و غُشارِمٌ: جرِي‏ءٌ ماضٍ كَعُشارِم، و قد تقدم في حرف العين المهملة.
غضرم:
الغَضْرَمُ [الغَضْرِمُ الغِضْرَمُ الغِضْرِمُ‏]: ما تَشَقَّق من قُلاعِ الطين الأَحمر الحُرِّ. و مكانٌ غَضْرَمٌ و غُضارِمٌ: كثير النَّبْت و الماء. و الغَضْرَم: المكان الكثير التراب اللَّيِّن اللَّزِجُ الغليظُ. و الغَضْرَمُ: المكانُ كالكَذَّانِ الرِّخْوِ و الجَصِّ؛ و أَنشد:
يَقْعَفْنَ قاعاً كَفَرَاشِ الغَضْرَم‏

و قال رؤبة:
مِنَّا إذا اصْطَكَّ تَشَظَّى غَضْرَمُه‏

قال: فإذا يَبِسَ الغَضْرَمُ فهو القِلْفِع.

438
لسان العرب12

غلم ص 439

غطم:
الغِطَمُّ: البحر العظيم الكثير الماء. و رَجُلٌ غِطَمٌّ: واسع الخُلُق. و جَمْعٌ غِطَمٌّ و بَحْر غِطَمٌّ مثال هِجَفّ. و غَطَمْطَمٌ غُطامِطٌ: كثير الماء كثير الالتطام إذا تلاطمت أَمواجه. و الغَطْمَطَةُ: الْتِطامُ الأَمواج، و جمعه غَطامِطُ. و غَطامِطُه كثيرةٌ: أَصواتُ أَمواجه إذا تلاطمت، و ذلك أَنك تسمع نَغْمَةً شِبْه غَطْ و نَغْمَةً شِبْهَ مَطْ، و لم يبلغ أَن يكون بَيّناً فصحياً كذلك، غير أنه أَشبه به منه بغيره، فلو ضاعَفْتَ واحدةً من النغمتين قلت غطغط أَو قلت مطمط لم يكن في ذلك دليل على حكاية الصوتين، فلما أَلَّفْتَ بينهما فقلت غَطْمَط استوعب المعنى فصار بمعنى المضاعف فتمّ و حسن؛ و قال رؤبة:
سَالَتْ نَواحِيهِ إلى الأَوْساطِ             سَيْلًا، كَسَيْلِ الزَّبَد الغَطْماطِ

و أَنشد الفراء:
عَنَطْنَطٌ تَعْدُو بهِ عَنَطْنَطَه،             لِلْماءِ فَوْقَ مَتْنَتَيْهِ غَطْمَطَه‏

ابن شميل: غُطَامِطُ البحرِ لُجُّه حين يَزْخَرُ، و هو مُعْظَمُه: و عَدَدٌ غِطْيَمٌّ: كثير؛ قال رؤبة:
وسط مِنْ حَنْظَلَةَ الأُسْطُمَّا،             و العَدَدَ الغُطامِطَ الغِطْيَمَّا «1».

و الغَطْمَطِيطُ: الصوت؛ و أَنشد:
بَطِي‏ءٌ ضِفَنٌّ، إذا ما مَشَى             سَمِعْتَ لأَعْفَاجِه غَطْمَطِيطا

قال أَبو عبيد: الهَزَجُ و التَّغَطْمُطُ الصوت.
غلم:
الغُلْمةُ، بالضم: شهوة الضِّرَاب. غَلِمَ الرجلُ و غيرهُ، بالكسر، يَغْلِمُ [يَغْلَمُ‏] غلْماً و اغْتَلَمَ اغْتِلاماً إذا هاجَ، و في المحكم: إذا غُلبَ شهوةً، و كذلك الجارية. و الغِلِّيمُ، بالتشديد: الشديد الغُلْمة، و رجل غَلِمٌ و غِلِّيمٌ و مِغْلِيمٌ، و الأُنثى غَلِمة و مِغْلِيمةٌ و مِغْلِيمٌ و غِلِّيمةٌ و غِلِّيمٌ؛ قال:
يا عَمْرُو لو كُنتَ فَتًى كَريما،             أَو كُنْتَ ممَّنْ يمنع الحَرِيما،
أو كان رُمْحُ اسْتِكَ مُسْتَقِيما             نِكْتَ به جاريةً هَضِيما،
نَيْكَ أَخيها أُخْتَكَ الغِلِّيما

و
في الحديث: خَيْرُ النساء الغَلِمةُ على زوجها.
؛ الغُلْمةُ: هَيَجان شهوة النكاح من المرأَة و الرجل و غيرهما. يقال: غَلِمَ غُلْمةً و اغْتَلَمَ اغتلاماً، و بَعِيرٌ غِلِّيمٌ كذلك. التهذيب: و المِغْلِيمُ سواء فيه الذكر و الأُنثى، و قد أَغْلَمهُ الشي‏ءُ. و قالوا: أَغْلَمُ الأَلبان لَبَنُ الخَلِفةِ؛ يريدون أَغْلم الأَلبان لمن شربه. و قالوا: شُرْبُ لبن الإِيَّل مَغلَمةٌ أي أَنه تشتدُّ عنه الغُلْمة؛ قال جرير:
أَ جِعْثِنُ قَدْ لاقَيْتِ عِمرانَ شارِباً،             عَلى الحَبَّةِ الخَضْراءِ، أَلْبانَ إيَّلِ‏

و
في حديث تميم و الجَسَّاسة: فصادفنا البحر حين اغْتَلَم.
أي هاج و اضطربت أَمواجه. و الاغْتِلام: مجاوزة الحدّ. و في نسخة المحكم: و الاغْتِلامُ مجاوزة الإِنسان حَدَّ ما أُمر به من خير أَو شر، و هو من هذا، لأَن الاغتلام في الشهوة مجاوزة القدر فيها. و
في حديث عليّ، رضي الله عنه: قال تَجَهَّزوا لقتال المارِقِين المُغْتَلمين.
و قال الكسائي: الاغْتلام أن يتجاوز الإِنسان حدّ ما أُمر به من الخير و المباح،
__________________________________________________
 (1). قوله [وسط] كذا في الأَصل هنا كالتهذيب، و تقدم في مادة وسط بلفظ وسطت، و في مادة سطم وصلت.

439
لسان العرب12

غلم ص 439

أي الذين جاوزوا الحد. و
في حديث علي: تَجَهَّزوا لقتال المارقين المُغْتَلمين.
أي الذين تجاوزوا حَدَّ ما أُمروا به من الدين و طاعة الإِمام و بَغَوْا عليه و طَغَوْا؛ و منه‏
قول عمر، رضي الله عنه: إذا اغْتَلَمَتْ عليكم هذه الأَشربة فاكْسِروها بالماء.
قال أَبو العباس: يقول إذا جاوزت حَدَّها الذي لا يُسْكِرُ إلى حدها الذي يسكر، و كذلك المغتلمون في حديث علي. ابن الأَعرابي: الغُلُمُ المحبوسون، قال: و يقال فلان غُلامُ الناس و إن كان كَهْلًا، كقولك فلان فَتى العَسْكَر و إن كان شيخاً؛ و أَنشد:
سَيْراً ترى منه غُلامَ الناس             مُقَنَّعاً، و ما بهِ مِنْ باس،
إلا بَقايا هَوْجَلِ النُّعاس‏

و الغُلامُ معروف. ابن سيدة: الغُلامُ الطَّارُّ الشارب، و قيل: هو من حين يولد إلى أَن يشيب، و الجمع أَغْلِمَةٌ و غِلْمَةٌ و غِلْمانٌ، و منهم من استغنى بِغِلْمَةٍ عن أَغْلِمَةٍ، و تصغير الغِلْمة أُغَيْلِمَةٌ على غير مُكَبَّره كأنهم صَغَّرُوا أَغْلِمَة، و إن لم يقولوه، كما قالوا أُصَيْبِيَة في تصغير صِبْيَة، و بعضهم يقول غُلَيْمة على القياس، قال ابن بري: و بعضهم يقول صُبَيَّة أَيضاً؛ قال رؤبة:
صُبَيَّة على الدُّخانِ رُمْكا

و
في حديث ابن عباس: بَعثَنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم، أُغَيْلِمَة بني عبد المطلب من جَمْعٍ بلَيْلٍ.
؛ هو تصغير أَغْلِمة جمع غُلام في القياس؛ قال ابن الأَثير: و لم يرد في جمعه أَغْلِمة، و إنما قالوا غِلْمَة، و مثله أُصَيْبِيَة تصغير صِبْيَة، و يريد بالأُغَيْلمة الصِّبْيان، و لذلك صغرهم، و الأُنثى غُلامةٌ؛ قال أَوس بن غَلْفاء الهُجَيمي يصف فرساً:
أَعانَ على مِراس الحَرْب زَغْفٌ،             مُضاعَفَةٌ لها حَلَقٌ تُؤَامُ‏
و مُطَّرِدُ الكُعوب و مَشْرَفِيٌّ             من الأُولى، مَضَارِبُه حُسامُ‏
و مُركضَةٌ صَرِيحِيٌّ أَبُوها،             يُهانُ لها الغُلامةُ و الغُلامُ‏

و هو بَيِّنُ الغُلُومة و الغُلُوميَّة و الغُلامِيَّة، و تصغيره غُلَيِّم، و العرب يقولون للكهل غُلامٌ نَجيبٌ، و هو فاشٍ في كلامهم؛ و قوله أَنشده ثعلب:
تَنَحَّ، يا عَسيفُ، عَنْ مَقامِها             و طَرِّحِ الدَّلْوَ إلى غُلامِها

قال: غُلامُها صاحِبُها. و الغَيْلَمُ: المرأَة الحَسْناء، و قيل: الغَيْلَمُ الجارية المُغْتَلِمَة؛ قال عياض الهذلي:
مَعِي صاحِبٌ مِثلُ حَدِّ السِّنان،             شَدِيدٌ عَلى قِرْنِهِ مِحْطَمُ‏

و قال الشاعر:
من المُدَّعِينَ إذا نُوكِرُوا،             تُنِيفُ إلى صوته الغَيلَمُ‏

الليث: الغَيلَمُ و الغَيْلَمِيُّ الشابُّ العظيم المَفْرِق الكثير الشعر. المحكم: و الغَيْلَمُ و الغَيلَمِيُّ الشاب الكثير الشعر العريض مَفْرِقِ الرأْس. و الغَيْلَمُ: السُّلَحْفاة، و قيل: ذكَرُها. و الغَيْلَمُ أَيضاً: الضِّفْدَع. و الغَيْلَمُ: مَنْبَعُ الماء في البئر. و الغَيْلَمُ: المِدْرى؛ قال:
يُشَذِّبُ بالسَّيْفِ أَقْرانَهُ،             كما فَرَّقَ اللِّمَّةَ الغَيْلَمُ‏

قال الأَزهري: قوله الغَيْلم المِدْرى ليس بصحيح، و دل استشهاده بالبيت على تصحيفه. قال: و أَنشدني غير

440
لسان العرب12

غلم ص 439

واحد بيت الهذلي:
و يَحْمِي المُضافَ إذا ما دَعا،             إذا فَرَّ ذو اللِّمِّةِ الغَيْلَمُ‏

قال: هكذا أنشدنيه الإِيادي عن شمر عن أبي عبيد و قال: الغَيْلَمُ العظيم، قال: و أَنشدنيه غيره:
كما فَرَّقَ اللِّمَّةَ الفَيْلَمُ‏

بالفاء، قال: و هكذا أَنشده ابن الأَعرابي في رواية أَبي العباس عنه، قال: و الفَيْلَمُ المُشْط، و الغَيْلَمُ: موضعٌ في شعر عَنترة؛ قال:
كيْفَ المَزارُ، و قد تَرَبَّعَ أَهْلُها             بعُنَيْزَتَيْنِ، و أَهْلُنا بالغَيْلَم؟

غلصم:
الغَلْصَمَةُ: رأْس الحُلْقوم بشواربه و حَرْقدته، و هو الموضع الناتئ في الحَلْق، و الجمع الغَلاصِمُ، و قيل: الغَلْصَمةُ اللَّحم الذي بين الرأْس و العُنُق، و قيل: مُتَّصَلُ الحلقوم بالحلق إذا ازْدَرَدَ الآكلُ لُقْمَته فَزَلَّتْ عن الحلقوم، و قيل: هي العُجرةُ التي على مُلْتَقَى اللَّهاةِ و المَرِي‏ءِ. و غَلْصَمَه أي قَطَع غَلْصَمَتَه. و يقال: غَلْصَمْتُ فلاناً إذا أخذت بحَلْقِه؛ قال العجاج:
فالأُسْدُ مِنْ مُغَلْصَمٍ و خُرْسِ‏

و استعار أبو نُخَيْلة الغَلاصِمَ للنَّخْل فقال، أَنشده أَبو حنيفة:
صَفَا بُسْرُها، و اخْضَرَّتِ العُشْبُ بَعْدَ ما             عَلاها اغْبِرارٌ لانْضِمامِ الغَلاصِمِ‏
أدامَ لهَا العَصْرَيْنِ رِيّاً، و لم يَكُنْ             كَمَنْ ضَنَّ عَن عُمْرانِها بالدَّراهِمِ‏

و الغَلْصَمَةُ: الجماعةُ، و هم أَيضاً السادةُ؛ قال:
و هِنْدٌ غادةٌ غَيْداءُ             في غَلْصَمةٍ غُلْبِ‏

يجوز أن يعني به الجماعة و أن يعني به السادة؛ و قول الفرزدق:
فما أنتَ من قَيْسٍ فَتَنْبَح دُونَها،             و لا من تَمِيمٍ في اللَّها و الغلاصِم‏

عَنَى أَعاليَهم و جِلَّتَهم. ابن السكيت: إنه لفي غَلْصَمَةٍ من قومه أي في شَرَفٍ و عَدَدٍ؛ قال أَبو النجم:
أَبي لُجَيْمٌ، و اسْمُهُ مل‏ءُ الفَمِ،             في غَلْصَمِ الهامِ و هامِ الغَلْصَمِ‏

و قال الأَصمعي: أراد أَنه في مُعْظَم قومه و شرَفِهم، و الغَلْصَمةُ: أَصلُ اللسان، أخبر أَنه في قَومٍ عِظام الهامِ، و هذا مما يوصف به الرجلُ الشديدُ الشريفُ؛ و ذكر المُنذري أَن أَبا الهيثم أَنشده للأَغلب:
كانَتْ تَمِيمُ مَعْشَراً ذَوِي كَرَم،             غَلْصَمةً مِنَ الغَلاصِمِ العُظَم‏

قال: غَلْصَمَةً جماعة لأَن الغَلْصمة مجتمعة بما حولها؛ و قال‏
غَداةَ عَهِدْتُهُنَّ مُغَلْصَماتٍ،             لَهُنَّ بِكُلِّ مَحْنِيَة نَحِيمُ‏

مُغَلْصَماتٍ: مشدودات الأَعناق.
غمم:
الغمُّ: واحد الغُمُومِ. و الغَمُّ و الغُمَّةُ: الكَرْبُ؛ الأَخيرة عن اللحياني؛ قال العجاج:
بَلْ لَوْ شَهِدْتِ النَّاس إذ تُكُمُّوا             بغُمَّةٍ، لوْ لمْ تُفَرَّجْ غُمُّوا

تُكُمُّوا أي غُطُّوا بالغَمِّ؛ و قال الآخر:
لا تَحْسَبَنْ أن يَدِي في غُمَّه،             في قَعْرِ نِحْيّ أَسْتَثِيرُ حَمَّه‏

441
لسان العرب12

غمم ص 441

و الغَمَّاءُ: كالغَمِّ. و قد غَمَّه الأَمرُ يَغُمُّه غَمّاً فاغْتَمَّ و انْغَمَّ؛ حكاها سيبويه بعد اغْتَمَّ، قال: و هي عربية. و يقال: ما أَغَمَّك إليَّ و ما أَغَمَّكَ لي و ما أَغَمَّك عليَّ. و إنه لَفِي غُمَّةٍ من أمره أي لَبْسٍ و لم يَهْتَدِ له. و أَمْرُهُ عليه غُمَّةٌ أي لَبْسٌ. و في التنزيل العزيز: ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً
؛ قال أَبو عبيد: مجازها ظُلْمة و ضيقٌ و هَمٌّ، و قيل: أي مُغَطّىً مستوراً. و الغُمَّى: الشديدة من شدائد الدهر؛ قال ابن مقبل:
خَروج مِنَ الغُمَّى إذا صُكَّ صَكَّةً             بَدا، و العُيُونُ المُسْتَكِفَّةُ تَلْمَحُ‏

و أمْرٌ غُمَّةٌ أي مُبْهَمٌ ملتبس؛ قال طرفة:
لَعَمْري و ما أَمْرِي عليَّ بِغُمَّةٍ             نَهارِي، و ما لَيْلي عليَّ بِسَرْمَدِ

و يقال: إنهم لفي غُمَّى من أمرهم إذا كانوا في أمر ملتبس؛ قال الشاعر:
و أَضْرِبُ في الغُمَّى إذا كَثُرَ الوَغَى،             و أَهْضِمُ إنْ أَضْحى المَراضِيعُ جُوَّعا

قال ابن حمزة: إذا قَصَرْتَ الغُمَّى ضَمَمْتَ أَولها، و إذا فتحْت أَولها مددت، قال: و الأَكثر على أَنه يجوز القصر و المدّ في الأَوَّل «2» قال مغلس:
حُبِسْتُ بِغَمَّى غَمْرةٍ فَتَركْتُها،             و قد أَتْرُك الغَمّى إذا ضاق بابُها

و الغُمَّةُ: قَعْرُ النِّحْي و غيره. و غُمَّ عليه الخَبَرُ، على ما لم يسم فاعله، أي اسْتَعجم مثال أُغْمِيَ. و غُمَّ الهِلال على الناس غَمّاً: سَترَه الغَيمُ و غيره فلم يُرَ. و ليلةُ غَمَّاءَ: آخر ليلة من الشهر، سميت بذلك لأَنه غُمَّ عليهم أمرُها أي سُتِرَ فلم يُدْرَ أَ مِن المقبل هي أم من الماضي؛ قال:
ليلةُ غُمَّى طامِسٌ هِلالُها، «3» أَوْغَلتُها و مُكْرَهٌ إيغالُها


و هي ليلةُ الغُمَّى. و صُمْنا للغُمَّى و للغَمَّى، بالفتح و الضم، إذ غُمَّ عليهم الهلال في الليلة التي يرون أن فيها استهلاله. و صُمْنا للغَمَّاء، بالفتح و المد. و صُمْنا للغُمِّيَّة و للغُمَّة كل ذلك إذا صاموا على غير رؤية. و
في الحديث: أنه قال صوموا لرؤيته و أَفطروا لرؤيته فإن غُمَّ عليكم فأَكملوا العدة.
؛ قال شمر: يقال غُمَّ علينا الهلال غَمّاً فهو مَغْموم إذا حال دون رؤية الهلال غَيْمٌ رَقِيق، من غَمَمْت الشي‏ء إذا غَطَّيته، و في غُمَّ ضمير الهلال، قال: و يجوز أن يكون غُمَّ مسنداً إلى الظرف أي فإن كنتم مَغْموماً عليكم فأَكملوا، و ترك ذكر الهلال للاستغناء عنه. و
في حديث وائل بن حجر: و لا غُمَّةَ في فرائض الله.
أي لا تُسْتَرُ و لا تُخفَى فرائضه، و إنما تُظْهَر و تُعْلن و يُجْهَر بها؛ و قال أَبو دواد:
و لها قُرْحَةٌ تَلأْلأ كالشِّعْرَى،             أَضاءَتْ و غُمَّ عنها النُّجومُ‏

يقول: غَطَّى السحابُ غيرَها من النجوم؛ و قال جرير:
إذا نَجْمٌ تعَقَّبَ لاحَ نَجْمٌ،             و لَيْسَتْ بالمُحاقِ و لا الغُمومِ‏

قال: و الغُمُومُ من النجوم صغارها الخفية. قال الأَزهري: و
روي هذا الحديث فإن غُمِّيَ عليكم‏
__________________________________________________
 (2). قوله [في الأَول‏] كذا في الأصل، و لعله في الثاني إذ هو الذي يجوز فيه القصر و المد.
 (3). قوله [ليلة غمى إلخ‏] أورده الجوهري شاهداً على ما بعده و هو المناسب.

442
لسان العرب12

غمم ص 441

و أُغْمِيَ عليكم.
، و سنذكرهما في المعتل. أَبو عبيد: ليلةٌ غَمَّى، بالفتح مثال كَسْلى، و ليلةٌ غَمَّةٌ إذا كان على السماء غَمْيٌ مثال رَمْيٍ و غَمٌّ و هو أن يُغَمَّ عليهم الهلال. قال الأَزهري: فمعنى غُمَّ و أُغْمِيَ و غُمِّيَ واحد، و الغَمُّ و الغَمْيُ بمعنى واحد. و
في حديث عائشة: لما نُزِلَ برسول الله، صلى الله عليه و سلم، طَفِقَ يطرح خَمِيصةً على وجهه فإذا اغتَمَّ كشفها.
أي إذا احتبس نَفَسُه عن الخروج، و هو افتعل من الغَمِّ التغطية و الستر. و غَمَّ القمرُ النجوم: بَهَرَها و كاد يستر ضوءَها. و غَمَّ يومُنا، بالفتح، يَغُمُّ غَمّاً و غُموماً من الغَمِّ. و يومٌ غامٌّ و غَمٌّ و مِغَمٌّ: ذو غَمّ؛ قال:
في أُخْرَياتِ الغَبَشِ المِغَمِ‏


و قيل: هو إذا كان يأْخذ بالنَّفَس من شدة الحر. و أَغَمَّ يومُنا مثله. و ليلة غَمَّة و ليل غَمٌّ أي غامَّةٌ، وصف بالمصدر كما تقول ماءٌ غَوْرٌ و أَمرٌ غامٌّ. و رجل مَغْموم: مُغْتَمٌّ من قولهم غُمَّ علينا الهلالُ، فهو مَغْموم إذا التبس. و الغِمامةُ، بالكسر: خَريطةٌ يجعل فيها فم البعير يُمْنَعُ بها الطعام، غَمَّهُ يَغُمُّه غَمّاً، و الجمع الغَمائم. و الغِمامة: ما تُشَدُّ به عينا الناقة أو خَطْمُها. أَبو عبيد: الغِمامة ثوب يُشَدُّ به أَنف الناقة إذا ظُئِرَتْ على حُوار غيرها، و جمعها غَمائم؛ قال القطامي:
إذا رَأْسٌ رأَيْتُ به طِماحاً،             شَدَدْتُ له الغَمائِمَ و الصِّقاعا

الليث: الغِمامةُ شِبْه فِدامٍ أو كِعامٍ. و يقال: غَمَمْتُ الحمار و الدَّابة غَمّاً، فهو مَغْمُومٌ إذا أَلقَمْتَ فاه و منخريه؛ الغِمامة، بالكسر: و هي كالكِعام، و قال غيره: إذا أَلقمت فاه مِخْلاةً أو ما أشبهها يمنعه من الاعتلاف، و اسم ما يُغَمُّ به غِمامة. التهذيب: شمر الغِمَّةُ، بكسر الغين، اللِّبْسة؛ تقول: اللِّباسُ و الزِّيُّ و القِشْرة و الهَيْئة و الغِمَّة واحد. و الغِمامةُ: القُلْفة، على التشبيه. و رُطَبٌ مَغْمومٌ: جعل في الجَرَّة و سُتِر ثم غُطِّي حتى أَرْطَب. و غَمَّ الشي‏ءَ يَغُمُّه: علاه؛ عن ابن الأَعرابي؛ قال النمر بن تولب:
أُنُفٌ يَغُمٌّ الضَّالَ نَبْتُ بِحارِها

و بحرٌ مُغَمِّمٌ: كثير الماء، و كذلك الرَّكِيَّة؛ قال ابن الأَعرابي: هي التي تَمْلأُ كلَّ شي‏ء و تُغَرِّقه؛ و أَنشد:
قَرِيحةُ حِسيٍ من شُرَيْح مُغَمِّم‏

و غَمَمْتُه: غَطَّيته فانغَمَّ؛ قال أَوس يرثي ابنه شريحاً:
و قدْ رامَ بَحْري قَبْلَ ذلك طامِياً،             مِنَ الشُّعَراءِ، كُلُّ عَوْدٍ و مُفْحِمِ‏
على حِينَ أَنْ جَدَّ الذَّكاءُ و أَدْرَكتْ             قَريحةُ حِسْيٍ مِن شُرَيْحٍ مُغَمَّم‏

يريد: رام الشعراء بحري بعد ما ذَكِيتُ، و الذَّكاء انتهاء السنّ و استحكامه، و قوله‏
قَريحةُ حِسْيٍ من شريح ...

يريد أَن ابنه شريحاً قد قال الشعر، و قَريحةُ الماء: أَول خروجه من البئر، و الذي في شعره مغمم، بكسر الميم، يريد الغامر المغطي؛ شبه شعر ابنه شريح بماء غامر لا ينقطع، و لم يَرْث ابنه في هذه القصة كما ذكر، و إنما افتخر بنفسه و بولده و نصرة قومه في يوم السُّوبان. و غَيم مُغَمِّم: كثير الماء. و الغَمامة، بالفتح: السحابة، و الجمع غَمام و غَمائم؛ و أَنشد ابن بري للحطيئة يمدح سعيد بن العاص:
إذا غِبْتَ عَنَّا غابَ عَنَّا رَبيعُنا،             و نُسْقى الغَمامَ الغُرَّ حِينَ تَؤُوب‏

443
لسان العرب12

غمم ص 441

فوصف الغمام بالغُرّ و هو جمع غَرّاء. و قد أَغَمَّتِ السماءُ أي تغيرت. و حَبُّ الغَمام: البَرَد. و سحاب أَغَمُّ: لا فُرْجة فيه. و قال ابن عرفة في قوله تعالى: وَ ظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ‏؛ الغَمام الغَيْم الأَبيض و إنما سمي غماماً لأَنه يَغُمُّ السماء أي يسترها، و سمي الغَمّ غَمّاً لاشتماله على القلب. و قوله عز و جل: فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍ‏؛ أَراد غمّاً متصلًا، فالغم الأَول الجِراح و القتل، و الثاني ما أُلقي إليهم من قبل النبي، صلى الله عليه و سلم، فأَنساهم الغم الأَول. و
في حديث عائشة: عَتَبُوا على عثمان موضع الغَمامة المُحْماة.
؛ هي السحابة و جمعها الغَمام، و أرادت بها العُشب و الكَلأَ الذي حماه، فسمته بالغمامة كما يسمى بالسماء، أرادت أَنه حَمى الكَلأَ و هو حق جميع الناس. و الغَمَمُ: أَن يَسيل الشَّعر حتى يضيق الوجه و القفا، و رجل أَغَمّ و جبهة غَمّاء؛ قال هدبة بن الخشرم:
فلا تَنْكِحي، إنْ فَرَّقَ الدهرُ بيننا،             أَغَمَّ القَفا و الوَجْهِ، ليس بأَنْزَعا

و يقال: رجل أَغَمّ الوجه و أَغَمّ القفا. و
في حديث المعراج في رواية ابن مسعود: كنا نسير في أَرض غُمَّة «1».
؛ الغُمّةُ: الضيقة. و الغَمّاء من النواصي: كالفاشِغة، و تكره الغَمّاء من نواصي الخيل و هي المُفرطة في كثرة الشعَر. و الغَمِيم: النبات الأَخضر تحت اليابس. و في الصحاح: الغَمِيم الغَمِيس و هو الكلأُ تحت اليَبِيس. و في النوادر: اعتَمَّ الكلأُ و اغْتَمَّ. و أَرض مُعِمّة و مُغِمّة و مُعْلَوْلِية و مُغْلَوْلِيَة، و أَرض عَمْياء و كَمْهاءُ كل هذا في كثرة النبات و التفافه. و الغُمام: الزُّكام. و رجل مَغْموم: مَزْكوم. و الغَمِيمُ: اللبن يسخن حتى يغلظ. و الغَمِيم: موضع بالحجاز، و منه كُراع الغَمِيم و بُرَق الغَميم؛ قال:
حَوَّزَها مِن بُرَق الغَمِيمِ،             أَهْدَأُ يَمْشِي مِشْيةَ الظَّلِيمِ‏

و الغَمْغَمةُ و التَّغَمْغُم: الكلام الذي الذي لا يُبَين، و قيل هما أَصوات الثيران عند الذُّعْر و أَصوات الأَبطال في الوَغى عند القتال؛ قال إمرؤ القيس:
و ظَلَّ لِثيرانِ الصَّرِيم غَماغِمٌ،             يُداعِسُها بالسَّمْهَريِّ المُعَلَّب‏

و أورد الأَزهري هنا بيتاً نسبه لعلقمة و هو:
و ظلَّ لثيرانِ الصَّريمِ غماغِمٌ،             إذا دَعَسُوها بالنَّضِيِّ المُعَلَّب‏

و قال الراعي:
يَفْلِقْن كلَّ ساعِد و جُمْجُمه             ضَرباً، فلا تَسمع إلا غَمْغَمَه‏

و
في صفة قريش: ليس فيهم غَمْغمةُ قُضاعة.
؛ الغَمغمة و التَّغَمْغم: كلام غير بيِّن؛ قاله رجل من العرب لمعاوية، قال: من هم؟ قال: قومك من قريش؛ و جعله عبد مناف بن ربع الهذلي للقِسِيّ فقال:
و للقِسِيِّ أَزامِيلٌ و غَمْغمةٌ،             حِسَّ الجَنُوبِ تَسوقُ الماء و البَرَدا

و قال عنترة:
في حَوْمةِ المَوْتِ التي لا تَشْتَكي             غَمَراتِها الأَبْطالُ، غيرَ تَغَمْغُمِ‏

و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
إذا المُرْضِعاتُ، بعد أَوّل هَجْعةٍ،             سَمِعْتَ على ثُدِيِّهنّ غَماغِما

فسره فقال: معناه أَن أَلبانهن قليلة، فالرَّضيع يُغَمْغِم‏
__________________________________________________
 (1). قوله [في أرض غمة] ضبطت الغمة بضم الغين و شد الميم كما ترى في غير نسخة من النهاية.

444
لسان العرب12

غمم ص 441

و يبكي على الثَّدي إذا رَضِعه طلباً للبن، فإما أَن تكون الغمغمة في بكاء الأَطفال و تَصويتهم أَصلًا، و إما أَن تكون استعارة. و تَغَمْغَمَ الغريقُ تحت الماء: صوَّت، و في التهذيب إذا تداكَأَت فوقه الأَمواج؛ و أَنشد:
من خَرَّ في قَمْقامِنا تَقَمْقَما،             كما هَوَى فِرعونُ، إذْ تَغَمْغَما
تحتَ ظِلال المَوْجِ، إذْ تَدَأّما

أي صار في دَأْماء البحر.
غنم:
الغَنَم: الشاء لا واحد له من لفظه، و قد ثَنَّوْه فقالوا غنَمانِ؛ قال الشاعر:
هُمَا سَيِّدانا يَزْعُمانِ، و إنَّما             يَسُودانِنا إن يَسَّرَتْ غَنماهُما

قال ابن سيدة: و عندي أَنهم ثنوه على إرادة القَطِيعين أو السِّرْبين؛ تقول العرب: تَرُوح على فلان غَنمانِ أي قطيعان لكل قَطِيع راع على حدة؛ و منه‏
حديث عمر: أَعْطُوا من الصَّدقة من أَبْقت له السنة غَنماً و لا تُعطوها من أَبقت له غَنمَيْنِ.
أي من أَبقت له قِطعةً واحدة لا يُقَطَّعُ مثلها فتكون قِطْعتين لقلتها، فلا تُعطوا من له قطعتان منها، و أَراد بالسَّنة الجَدْب؛ قال: و كذلك تروح على فلان إبلان: إبل هاهنا و إبل هاهنا، و الجمع أَغْنام و غُنوم، و كسَّره أَبو جندب الهذلي أَخو خِراش على أَغانِم فقال من قصيدة يذكر فيها فِرار زُهير بن الأَغرّ اللحياني:
فَرَّ زُهَيْرٌ رَهْبةً مِن عِقابنا،             فَلَيْتَكَ لم تَغْدِرْ فتُصْبِح نَادما

منها:
إلى صلح الفَيْفَا فَقُنَّةِ عَاذِبٍ،             أُجَمِّعُ منهم جامِلًا و أَغانِما

قال ابن سيدة: و عندي أَنه أَراد و أَغانيم فاضطر فحذف كما قال:
و البَكَراتِ الفُسَّجَ العَطامِسَا

و غَنَم مُغْنَمةٌ و مُغَنَّمَة: كثيرة. و في التهذيب عن الكسائي: غنم مُغَنِّمة و مُغَنَّمَة أي مُجتمعة. و قال أَبو زيد: غنم مُغَنَّمة و إبل مُؤبَّلة إذا أُفرد لكل منها راع، و هو اسم مؤنث موضوع للجنس، يقع على الذكور و على الإِناث و عليهما جميعاً، فإذا صغرتها أَدخلتها الهاء قلت غُنَيْمة، لأَن أَسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كانت لغير الآدميين فالتأْنيث لها لازم، يقال: له خمس من الغنم ذكور فيؤنث العدد و إن عنيت الكِباش إذا كان يليه من الغنم لأَن العدد يجري في تذكيره و تأْنيثه على اللفظ لا على المعنى، و الإِبل كالغنم في جميع ما ذكرنا، و تقول: هذه غنم لفظ الجماعة، فإذا أَفردت الواحدة قلت شاة. و تَغَنَّم غَنَماً: اتخذها. و
في الحديث: السَّكِينةُ في أَهل الغَنَم.
؛ قيل: أراد بهم أَهل اليمن لأَن أَكثرهم أَهل غنم بخلاف مُضر و رَبيعة لأَنهم أَصحاب إبل. و العرب تقول: لا آتيك غَنَمَ الفِزْرِ أَي حتى يجتمع غنم الفزر، فأَقاموا الغنم مقام الدهر و نصبوه هو على الظرف، و هذا اتساع. و الغُنْم: الفَوْز بالشي‏ء من غير مشقة. و الاغتِنام: انتهاز الغُنم. و الغُنم و الغَنِيمة و المَغْنم: الفي‏ء. يقال: غَنِمَ القَوم غُنْماً، بالضم. و
في الحديث: الرَّهْن لمن رَهَنه له غُنْمه و عليه غُرْمه.
؛ غُنْمه: زيادته و نَماؤه و فاضل قيمته؛ و قول ساعدة بن جُؤية:
و أَلزمَهَا من مَعْشَرٍ يُبْغِضُونها،             نَوافِلُ تأْتيها به و غُنومُ‏

يجوز أَن يكون كسَّر غُنْماً على غُنوم. و غَنِم الشي‏ءَ غُنْماً: فاز به. و تَغَنَّمه و اغْتَنَمه: عدّه غَنِيمة، و في‏

445
لسان العرب12

غنم ص 445

المحكم: انتهز غُنْمه. و أَغْنَمه الشي‏ءَ: جعله له غَنِيمة. و غَنَّمته تَغْنِيماً إذا نفَّلته. قال الأَزهري: الغَنِيمة ما أَوجَف عليه المسلمون بخيلهم و ركابهم من أَموال المشركين، و يجب الخمس لمن قَسَمه الله له، و يُقسَم أَربعةُ أخماسها بين المُوجِفين: للفارس ثلاثة أَسهم و للراجل سهم واحد، و أَما الفَي‏ء فهو ما أَفاء الله من أَموال المشركين على المسلمين بلا حرب و لا إيجاف عليه، مثل جِزية الرؤوس و ما صُولحوا عليه فيجب فيه الخمس أَيضاً لمن قسمه الله، و الباقي يصرف فيما يَسُد الثغور من خيل و سلاح و عُدّة و في أَرزاق أَهل الفي‏ء و أَرزاق القضاة و من غيرهم و من يجري مَجراهم، و قد تكرر في الحديث ذكر الغنيمة و المَغنم و الغنائم، و هو ما أُصيب من أَموال أهل الحرب و أَوجَف عليه المسلمون الخيل و الركاب. يقال: غَنِمت أَغْنَم غُنماً و غَنيمة، و الغنائم جمعها. و المَغانم: جمع مَغْنم، و الغنم، بالضم، الاسم، و بالفتح المصدر. و يقال فلان يتغنم الأَمر أي يَحرِص عليه كما يحرص على الغنيمة. و الغانم: آخذ الغنيمة، و الجمع الغانمون. و
في الحديث الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة.
؛ سماه غنيمة لما فيه من الأَجر و الثواب. و غُناماك و غُنْمك أن تفعل كذا أي قُصاراك و مَبْلَغ جُهدك و الذي تتغنمه كما يقال حُماداك، و معناه كله غايتك و آخر أَمرك. و بنو غَنْم: قبيلة من تَغْلِب و هو غَنم بن تغلب بن وائل. و يَغْنَم: أبو بطن. و غنّام و غانم و غُنَيم: أَسماءٌ. و غَنَّامة: اسم امرأَة. و غَنّام: اسم بعير؛ و قال:
يا صاح، ما أَصْبَرَ ظَهْرَ غَنَّام             خَشِيتُ أَن تَظْهَرَ فيه أَوْرام‏
مِن عَوْلَكَيْنِ غَلَبا بالإِبْلام‏

غهم:
الغَيْهَمُ: كالغَيْهَب؛ عن اللحياني.
غيم:
الغَيْم: السحاب، و قيل: هو أَن لا ترى شمساً من شدة الدَّجْن، و جمعه غُيوم و غِيام؛ قال أَبو حية النميري:
يَلُوحُ بها المُذَلَّقُ مِذْرَياه،             خُروجَ النجمِ من صَلَعِ الغِيام‏

و قد غامَت السماء و أَغامَت و أَغْيَمت و تَغَيَّمَت و غَيَّمت، كله بمعنى. و أَغيَم القومُ إذا أصابهم غَيْم. و يوم غَيُوم: ذو غَيم، حُكي عن ثعلب. و الغَيم: العطش و حرّ الجوف؛ و أَنشد:
ما زالتِ الدَّلْوُ لها تَعُودُ،             حتى أَفاقَ غَيْمُها المَجْهُودُ

قال ابن بري: الهاء في قوله لها تعود على بئر تقدم ذكرها، قال: و يجوز أَن تعود على الإِبل أَي ما زالت تعود في البئر لأَجلها. أَبو عبيد: و الغَيْمة العطش، و هو الغَيْم. أَبو عمرو: الغيم و الغَيْن العطش، و قد غام يَغِيم و غان يَغِين. و
في الحديث: أن النبي، صلى الله عليه و سلم، كان يتعوذ من العَيْمة و الغَيْمة و الأَيْمة.
؛ فالعَيْمة: شدّة الشهوة للبن، و الغَيمة شدّة العطش، و الأَيمة العُزْبة. و قد غام إلى الماء يَغِيم غَيْمة و غَيَماناً و مَغِيماً؛ عن ابن الأَعرابي، فهو غَيْمان، و المرأَة غَيْمَى؛ و قال رَبيعة بن مقروم الضبي يصف أُتُناً:
فَظَلَّتْ صَوافِنَ، خُزْرَ العُيون             إلى الشمس مِن رَهْبةٍ أَن تَغِيما

و الذي في شعره:
فظلت صَواديَ ...

أَي عطاشاً. و شجر غَيْم: أَشِبٌ مُلتفّ كغَين. و غَيَّمَ الطائرُ إذا رفرف على رأْسك و لم يُبعد؛ عن ثعلب، بالغين و الياء عن ابن الأَعرابي. و الغِيام: اسم موضع؛ قال لبيد:

446
لسان العرب12

غيم ص 446

بَكَتْنا أَرْضُنا لما ظَعَنّا،             و حَيَّتْنا سُفَيْرَةُ و الغِيام‏

و غَيَّمَ الليلُ تغييماً إذا جاء مِثْلَ الغَيم. و روى الأَزهري عن ابن السكيت قال: قال عجرمة الأَسدي ما طَلعت الثريا و لا باءت إلا بعاهة فيُزكَم الناس و يُبْطَنُون و يُصيبهم مرض، و أَكثر ما يكون ذلك في الإِبل فإنها تُقْلَب و يأْخذها عَتَهٌ. و الغيم: شُعبة من القُلاب. يقال: بعير مَغْيُوم، و لا يكاد المغيوم يموت، فأَما المَقْلوب فلا يكاد يُفْرِقُ، و ذلك يُعرف بمَنْخِره، فإذا تنفس منخِره فهو مقلوب، و إذا كان ساكن النَفَس فهو مغيوم.
فصل الفاء
فأم:
الفِئامُ: وِطاء يكون للمَشاجر، و قيل: هو الهَوْدَج الذي قد وُسِّع أسفله بشي‏ء زيد فيه؛ و قيل: هو عِكْم مثل الجُوالِق صغير الفم يُغَطَّى به مَرْكب المرأَة، يجعل واحد من هذا الجانب و آخر من هذا الجانب؛ قال لبيد:
و أَرْبَدُ فارِسُ الهَيْجا، إذا ما             تَقَعَّرتِ المَشاجِرُ بالفِئام «2»

و الجمع فُؤُوم. و في التهذيب: الجمع فُؤُمٌ على وزن فُعُم مثل خِمار و خُمُر. و فَأّمَ الهَوْدجَ و أَفْأَمَه: وسَّعَ أسفَلَه؛ قال زهير:
على كُلِّ قَيْنيٍّ قَشِيبٍ مُفَأّم‏

و يروى:
... و مُفْأَم.

و هودج مُفَأّم، على مُفَعَّل: وُطِّئ بالفِئام. و التفئيم: توسيع الدَّلو. يقال: أَفْأَمْتُ الدلو و أَفْعَمْتُه إذا ملأْته. و مزادةٌ مُفَأّمة إذا وُسّعت بجلد ثالث بين الجلدين كالراوية و الشَّعِيب، و كذلك الدلو المُفَأّمَةُ. الجوهري: أفْأمت الرحلَ و القتب إذا وسَّعته و زدت فيه، و فأّمته تفئيماً مثله، و رَحْل مُفْأم و مُفَأّم؛ و أنشد بيت زهير أيضاً:
ظَهَرْنَ من السُّوبانِ، ثم جَزَعْنَه             على كل قَينيٍّ قشيب و مُفْأَم‏

و قال رؤبة:
عَبْلًا تَرى في خَلْقه تفئيما

ضِخَماً و سَعة. أبو عمرو: فَأَمْتُ و صَأَمْتُ إذا رَوِيتَ من الماء. و قال أَبو عمرو: التَّفاؤمُ أن تملأَ الماشية أفواهها من العُشب. ابن الأَعرابي: فَأَم البعيرُ إذا ملأَ فاه من العشب؛ و أنشد:
ظَلَّتْ برَمْلِ عالجٍ تَسَنَّمُهْ،             في صِلِّيانٍ و نَصِيٍّ تَفْأَمُهْ‏

و قال أبو تراب: سمعت أبا السَّمَيْدع يقول فَأَمت في الشراب و صَأَمت إذا كرعت فيه نَفَساً؛ قال أبو منصور: كأَنه من أَفْأَمْت الإِناء إذا أَفْعَمْته و ملأَته. و الأَفْآم: فُروغُ الدلو الأَربعة التي بين أطراف العَراقي؛ حكاها ثعلب؛ و أنشد في صفة دلو:
كأنَّ، تَحتَ الكَيْلِ مِنْ أَفآمها،             شَقْراءَ خَيْلٍ شُدَّ مِن حِزامها

و بعير مُفأَم و مُفَأّم: سمين واسع الجوف. و يقال للبعير إذا امتلأَ شحماً: قد فُئِم حاركه، و هو مُفْأَم. و الفِئام: الجماعة من الناس؛ قال:
كأنَّ مَجامِعَ الرَّبَلاتِ منها             فِئامٌ يَنْهَضُون إلى فِئام‏

و في التهذيب:
فئام مجلبون إلى فئام‏


__________________________________________________
 (2). قوله [و أربد إلخ‏] تقدم في مادة شجر محرفاً و ما هنا هو الصواب.

447
لسان العرب12

فأم ص 447

قال الجوهري: لا واحد له من لفظه. يقال: عند فلان فِئام من الناس، و العامة تقول فِيام، بلا همز، و هي الجماعة. و
في الحديث: يكون الرجل على الفِئام من الناس.
؛ هو مهموز الجماعة الكثيرة. و في ترجمة فعم: سقاء مُفْعَم و مُفْأَم أي مملوء.
فجم:
الفَجَم: غِلَظ في الشدق. رجل أفْجم، يمانية. و فَجْمة الوادي و فُجْمَته: مُتَّسَعه، و قد انْفَجَم و تَفَجَّم. و فُجُومة: حيّ من العرب. و ضُبَيْعةُ أفْجَم: قبيلة.
فجرم:
الفِجْرِمُ: الجَوز الذي يؤكل، و قد جاء في بعض كلام ذي الرمة.
فحم:
الفَحْم و الفَحَم، معروف مثل نَهْر و نَهَر: الجمر الطافئ. و في المثل: لو كنت أنْفُخ في فَحَم أي لو كنت أعمل في عائدة؛ قال الأَغلب العجلي:
هل غَيْرُ غارٍ هَدَّ غاراً فانْهَدَمْ؟             قد قاتَلُوا لو يَنْفُخُون في فَحَمْ،
و صَبَروا لو صَبَرُوا على أَمَمْ‏


يقول: لو كان قتالهم يغني شيئاً و لكنه لا يغني، فكان كالذي ينفخ ناراً و لا فحم و لا حطب فلا تتقد النار؛ يضرب هذا المثل للرجل يمارس أمراً لا يُجدي عليه، واحدته فَحْمة و فَحَمة. و الفَحِيم: كالفَحْم؛ قال إمرؤ القيس:
و إذْ هِيَ سَوْداءُ مثل الفَحِيم،             تُغَشِّي المَطانِبَ و المَنْكِبا

و قد يجوز أن يكون الفَحِيم جمع فَحْم كعبْد و عَبِيد، و إن قلّ ذلك في الأَجناس، و نظير مَعْز و مَعِيز و ضَأْن و ضَئِين. و فَحْمة الليل: أوّله، و قيل: أشدّ سواد في أوّله، و قيل: أشدّه سواداً، و قيل: فحمته ما بين غروب الشمس إلى نوم الناس، سميت بذلك لحرّها لأَن أوّل الليل أَحرّ من آخره و لا تكون الفحمة في الشتاء، و جمعها فِحام و فُحوم مثل مَأْنة و مُؤون؛ قال كثيِّر:
تُنازِعُ أشْرافَ الإِكامِ مَطِيَّتي،             مِن الليل، شَيحاناً شَدِيداً فُحومُها

و يجوز أن يكون فُحومها سوادها كأنه مصدر فَحُم. و الفَحْمة: الشراب في جميع هذه الأَوقات المذكورة. الأَزهري: و لا يقال للشراب فحمة كما يقال لِلجاشِرِيَّةِ و الصَّبُوح و الغَبُوق و القَيْل. و أَفْحِمُوا عنكم من الليل و فَحِّمُوا أي لا تسيروا حتى تذهب فَحمته، و التفحيم مثله. و انطلقنا فَحْمةَ السَّحَر أي حينه. و
في الحديث: أن النبي، صلى الله عليه و سلم، قال: ضُموا فَواشِيَكم حتى تذهب فحمة الشتاء.
؛ و الفَواشي: ما انتشر من المال و الإِبل و الغنم و غيرها. و فَحْمة العِشاء: شدة سواد الليل و ظلمتِه، و إنما يكون ذلك في أوّله حتى إذا سكن فَوْرُه قَلَّت ظُلمته. قال ابن بري: حكى حمزة بن الحسن الأَصبهاني أن أبا المفضل قال: أخبرنا أبو معمر عبد الوارث قال كنا بباب بكر بن حبيب فقال عيسى بن عمر في عرض كلام له قَحْمة العِشاء، فقلنا: لعله فحمة العشاء، فقال: هي قحمة، بالقاف، لا يختلف فيها، فدخلنا على بكر بن حبيب فحكيناها له فقال: هي فحمة العشاء، بالفاء لا غير، أي فَورته. و
في الحديث: اكْفِتوا صبيانكم حتى تذهب فحمة العشاء.
؛ هي إقباله و أول سواده، قال: و يقال للظُّلمة التي بين صلاتي العشاء الفحمة، و التي بين العتمة و الغداة العَسْعَسَةُ. و يقال: فَحِّموا عن العشاء؛ يقول: لا تَسِيروا في أوله حين تَفُور الظُّلمة و لكن امْهَلوا حتى تَسْكن و تَعتدل الظلمة ثم سيروا؛ و قال لَبيد:

448
لسان العرب12

فحم ص 448

و اضْبِطِ الليلَ، إذا طالَ السُّرى             و تَدَجَّى بَعْدَ فَوْرٍ، و اعْتَدَلْ‏

و جاءنا فَحْمةَ ابن جُمَيْرٍ إذا جاء نصف الليل؛ أَنشد ابن الكلبي:
عِنْدَ دَيْجورِ فَحْمةِ ابن جُمَيْرٍ             طَرَقَتْنا، و الليلُ داجٍ بَهِيمُ‏

و الفاحِمُ من كل شي‏ء: الأَسود بَيِّن الفُحومة، و يُبالَغ فيه فيقال: أَسود فاحم. و شَعر فَحِيم: أَسود، و قد فَحُم فُحوماً. و شعر فاحِم و قد فَحُم فُحُومة: و هو الأَسود الحسن؛ و أَنشد:
مُبَتَّلة هَيْفاء رُؤْد شَبابُها،             لَها مُقْلَتا رِيمٍ و أَسْودُ فاحِمُ‏

و فَحَّم وجهه تفحيماً: سوَّده. و المُفْحَم: العَييُّ. و المفْحَم: الذي لا يقول الشعر. و أفْحَمه الهمُّ أو غيره: منعه من قول الشعر. و هاجاه فأَفْحَمه: صادفه مُفْحَماً. و كلَّمه فَفَحَم: لم يُطق جواباً. و كلمته حتى أَفْحَمْته إذا أَسكتَّه في خصومة أو غيرها. و أَفْحَمْته أي وجدته مُفْحَماً لا يقول الشعر. يقال: هاجَيْناكم فما أَفْحَمْناكم. قال ابن بري: يقال هاجيته فأَفْحَمْته بمعنى أَسكتُّه، قال: و يجي‏ء أَفحمته بمعنى صادفته مُفحَماً، تقول: هَجَوته فأَفحمته أي صادفته مفحماً، قال: و لا يجوز في هذا هاجيته لأَن المهاجاة تكون من اثنين، و إذا صادفه مُفْحَماً لم يكن منه هجاء، فإذا قلت فما أَفحمناكم بمعنى ما أَسكتناكم جاز
كقول عمرو بن معديكرب: و هاجيناكم فما أفحمناكم ..
أي فما أَسكتناكم عن الجواب. و
في حديث عائشة مع زينب بنت جحش: فلم أَلبث أن أَفْحَمْتها.
أي أَسكتُّها. و شاعر مُفْحَم: لا يجيب مُهاجِيه؛ و قول الأَخطل:
و انزِعْ إلَيْكَ، فإنَّني لا جاهلٌ             بَكِمٌ، و لا أنا، إنْ نَطَقْتُ، فَحُوم‏

قال ابن سيدة: قيل في تفسيره فَحُوم مُفْحَم، قال: و لا أدري ما هذا إلّا أن يكون توهّم حذف الزيادة فجعله كرَكُوب و حَلُوب، أو يكون أراد به فاعلًا من فَحَم إذا لم يُطق جواباً، قال: و يقال للذي لا يتكلم أصلًا فاحِم. و فَحَم الصبيُّ، بالفتح، يَفْحَم، و فَحِمَ فَحْماً و فُحاماً و فُحوماً و فُحِمَ و أُفْحِمَ كل ذلك إذا بكى حتى ينقطع نفَسُه و صوته. الليث: كلمني فلان فأَفْحَمته إذا لم يُطق جوابك؛ قال أبو منصور: كأَنه شبه بالذي يبكي حتى ينقطع نفَسه. و فَحَم الكبشُ و فَحِمَ، فهو فاحِم و فَحِمٌ: صاح. و ثَغا الكبْشُ حتى فَحِمَ أي صار في صوته بحُوحة.
فخم:
فَخُم الشي‏ءُ يَفْخُم فَخامة و هو فَخْم: عَبُلَ، و الأُنثى فَخْمة. و فَخُم الرجل، بالضم، فَخامة أي ضَخُم. و رجل فَخْم أي عظيم القدر. و فَخَّمه و تَفَخَّمه: أجَلَّه و عظَّمه؛ قال كثير عزة:
فأنْتَ، إذا عُدَّ المَكارم، بَيْنَه             و بَينَ ابنِ حَرْبٍ ذِي النُّهى المُتَفَخِّم‏

و التَّفْخِيم: التعظيم. و فَخَّم الكلام: عظَّمه. و منطق فَخْم: جَزْل، على المثل، و كذلك حسَبٌ فَخْم؛ قال:
دَعْ ذا و بَهِّجْ حَسَباً مُبَهَّجَا             فَخْماً، و سَنِّنْ مَنْطِقاً مُزَوَّجا

و
روي في حديث أبي هالة: أن النبي، صلى الله عليه و سلم، كان فَخْماً مُفَخَّماً.
أَي عظيماً مُعَظَّماً في الصدور و العيون، و لم تكن خِلْقته في جسمه الضخامة، و قيل: الفَخامة في وجهه نُبْلُه و امْتِلاؤه مع الجمال و المهابة. و أتيْنا فلاناً فَفَخَّمْناه أي عَظَّمْناه و رفعنا من شأْنه؛ قال رؤبة:

449
لسان العرب12

فخم ص 449

نَحْمَدُ مَوْلانا الأَجَلَّ الأَفْخَما


و الفَيْخَمانُ: الرئيس المُعظَّم الذي يُصدَر عن رأْيه و لا يُقطع أمرٌ دونه. أبو عبيد: الفَخامة في الوجه نُبله و امْتِلاؤه. و رجل فَخْم: كثير لحم الوَجْنَتين. و التفخيم في الحروف ضد الإِمالة. و ألف التفخيم: هي التي تجدها بين الأَلف و الواو كقولك سلام عليكم و قامَ زيد، و على هذا كتبوا الصلوة و الزكوة و الحيوة، كل ذلك بالواو لأَن الأَلف مالت نحو الواو، و هذا كما كتبوا إحديهما و سويهن بالياء لمكان إمالة الفتحة قبل الأَلف إلى الكسرة.
فدم:
الفَدْم من الناس: العَيِيُّ عن الحجة و الكلام مع ثقل و رخاوة و قلة فهم، و هو أيضاً الغليظ السمين الأَحمق الجافي، و الثاء لغة فيه، و حكى يعقوب أن الثاءَ بدل من الفاء، و الجمع فِدام، و الأُنثى فَدْمَة و ثَدْمة، و قد فَدُمَ فَدامة و فُدومة؛ قال الليث: و الجمع فُدْم «1». و المُفْدَم من الثياب: المُشْبَع حمرة، و قيل: هو الذي ليست حُمرته شديدة. و أَحْمر فَدْم: مشبع. قال شمر: و المُفَدَّمة من الثياب المُشْبَعة حمرة؛ قال أبو خراش الهذلي:
و لا بَطَلًا إذا الكُماةُ تَزَيَّنُوا،             لَدَى غَمَراتِ المَوْتِ، بالحالِكِ الفَدْمِ‏

يقول: كأنَّما تزينوا في الحرب بالدّم الحالك. و الفَدْم: الثقيلُ من الدم، و المُفَدَّم مأْخوذ منه. و ثوب فَدْم إذا أُشبع صَبْغُه. و ثوب فَدْم، ساكنة الدال، إذا كان مصبوغاً بحمرة مشبعاً. و صِبْغ مُفْدَم أي خاثِر مُشْبَع. قال ابن بري: و الفَدم الدم؛ قال الشاعر:
أَقولُ لكامِلٍ في الحَرْب لَمَّا             جَرى بالحالِكِ الفَدْمِ البُحورُ

و
في الحديث: أنه نهى عن الثوب المُفْدَم.
؛ هو المشبع حمرة كأنه الذي لا يُقدر على الزيادة عليه لتناهي حمرته فهو كالممتنع من قبول الصبغ؛ و منه‏
حديث علي: نهاني رسول الله، صلى الله عليه و سلم، أن أَقرأَ و أنا راكع أو أَلبَسَ المُعَصْفَر المُفْدَم.
و
في حديث عروة: أنه كره المُفْدَم للمُحرم و لم يرَ بالمُضَرَّج بأْساً.
؛ المُضَرَّج: دون المُفْدَم، و بعده المُوَرَّد. و
في حديث أبي ذرّ: أن الله ضَرَبَ النصارى بِذلّ مُفْدَم.
أي شديد مشبع، فاستعاره من الذوات للمعاني. و الفَدْم: الدم؛ و منه قيل للثقيل: فَدْم تشبيهاً به. و الفِدامُ: شي‏ء تشدُّه العجم على أفواهها عند السَّقْي، الواحدة فِدامَة، و أما الفِدام فإنه مِصْفاة الكوز و الإِبريق و نحوه، و سُقاةُ الأَعاجم المجوس إذا سَقَوا الشِّرْبَ فَدَّمُوا أَفواههم، فالساقي مُفَدَّم، و الإِبريق الذي يُسقى منه الشِّرْب مُفَدَّم. و الفَدَّام: شي‏ء تمسح به الأَعاجم عند السقي، واحدته فَدَّامة؛ قال العجاج:
كأَنَّ ذا فَدَّامةٍ مُنَطَّفا             قَطَّفَ مِن أَعْنابه ما قَطَّفا

يريد صاحب فَدَّامة، تقول منه: فَدَّمْت الآنية تَفدِيماً. و المُفَدَّمات: الأَباريق و الدنان. و الفِدامُ و الثِّدامُ: المِصْفاة. و الفِدام: ما يوضع في فم الإِبريق، و الفَدَّام بالفتح و التشديد مثله، قال: و كذلك الخرقة التي يَشدّ بها المجوسي فمه. و إبريق مُفْدَم و مَفدُوم و مُفَدَّم: عليه فِدام، الثاء عند يعقوب بدل من الفاء. و الفَدامُ: لغة في الفِدام. و فَدَّم الإِبريقَ: وضع على فمه الفِدَام؛ قال عنترة:
__________________________________________________
 (1). قوله [و الجمع فدم‏] كذا ضبط بالأصل. و وقع في نسخة التهذيب مضبوطاً بشكل القلم أيضاً ككتب.

450
لسان العرب12

فدم ص 450

بِزُجاجةٍ صَفْراءَ ذاتِ أسِرَّةٍ،             قُرِنَتْ بأَزْهَر في الشِّمال مُفَدَّمِ‏

و قال أبو الهِندي:
مُفَدَّمة قَزّاً، كأنَّ رِقابَها             رِقابُ بَناتِ الماء أفْزَعَها الرَّعْدُ

عدَّى مُفَدَّمة إلى مفعولين لأَن المعنى ملبسة أو مكسوّة. و فَدَم فاه و على فيه بالفِدام يَفْدِم فَدْماً و فَدَّم: وضعه عليه و غطَّاه؛ و منه رجل فَدْمٌ أي عَييّ ثقيل بَيِّن الفَدامة و الفُدومة. و
في الحديث: إنكم مَدْعُوُّون يوم القيامة مُفَدَّمة أفواهُكُم بالفِدام.
؛ هو ما يشد على فم الإِبريق و الكوز من خرقة لتصفية الشَّراب الذي فيه أي أنهم يُمنعون الكلام بأَفواههم حتى تتكلم جوارحهم و جلودهم، فشبه ذلك بالفدام، و قيل: كان سُقاة الأَعاجم إذا سَقَوْا فَدَّموا أفواههم أي غَطَّوْها، و في التهذيب: حتى تكلم أفخاذهم. قال أبو عبيد: و بعضهم يقول الفَدَّام، قال: و وجه الكلام الجيد الفِدام. و
في الحديث أيضاً: يُحشر الناس يوم القيامة عليهم الفِدام.
؛ و الفِدام هنا يكون واحداً و جمعاً، فإذا كان واحداً كان اسماً دالًا على الجنس، و إذا كان جمعاً كان كَكِرام و ظِراف. و
في حديث عليّ، كرم الله وجهه: الحلم فِدام السفيه.
أي الحلم عنه يُغَطِّي فاه و يُسْكته عن سفهه. و الفِدام: الغِمامة. و فَدَّم البعيرَ: شدَّد على فيه الفِدامة.
فدغم:
الفَدْغم، بالغين معجمة: اللَّحِيم الجسيم الطويل في عِظَم، زاد التهذيب: من الرجال؛ قال ذو الرمة:
إلى كلِّ مَشْبوحِ الذِّراعَيْنِ، تُتَّقَى             به الحَرْب، شَعْشاعٍ و أبْيَضَ فَدْغَمِ‏

قال ابن بري: صواب إنشاده:
لها كلُّ مشبوحِ الذِّراعين ...

، أي لهذه الإِبل كل عريض الذراعين يحميها و يمنعها من الإِغارة عليها، و الأُنثى بالهاء، و الجمع فَداغِمة نادر لأَنه ليس هنا سبب من الأَسباب التي تلحق الهاء لها. و خَدٌّ فَدْغَم أي حسن ممتلئ؛ قال الكميت:
و أَدْنَيْنَ البُرُودَ على خُدودٍ             يُزَيِّنّ الفَداغِمَ بالأَسِيلِ‏

فرم:
الفَرْمُ و الفِرامُ: ما تَتَضَيَّقُ به المرأَة من دواء. و مَرَةٌ فَرْماءُ و مُسْتَفْرِمة: و هي التي تجعل الدواء في فرجها ليضيق. التهذيب: التفريب و التفريم، بالباء و الميم، تَضْييق المرأَة فَلْهَمَها بعَجَمِ الزبيب. يقال: اسْتَفْرَمَت المرأَة إذا احتشَت، فهي مستَفرمة، و ربما تتعالج بحب الزبيب تُضيِّق به متاعها. و
كتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج لما شكا منه أَنس بن مالك: يا ابن المُسْتَفْرِمة بعجَم الزبيب.
، و هو مما يُسْتَفْرَم به؛ يريد أنها تُعالج به فرجها ليَضيق و يَسْتَحْصِف، و قيل: إنما كتب إليه بذلك لأَن في نساء ثَقِيف سَعةً فهنَّ يفعلن ذلك يَسْتَضِقن به. و
في الحديث: أن الحسين بن علي، عليهما السلام، قال لرجل عليك بِفِرام أُمك.
؛ سئل عنه ثعلب فقال: كانت أُمه ثقفية، و في أَحْراح نساء ثقيف سعة، و لذلك يُعالِجن بالزبيب و غيره. و
في حديث الحسن، عليه السلام: حتى لا تكونوا أَذَلَّ من فَرَم الأَمة.
؛ و هو بالتحريك ما تعالج به المرأَة فرجها ليَضِيق، و قيل: هي خرقة الحيض. أبو زيد: الفِرامة الخِرقة التي تحملها المرأة في فرجها، و اللجمة: الخرقة التي تشدها من أَسفلها إلى سرتها، و قيل: الفِرام أن تحيض المرأَة و تحتشي بالخرقة و قد افترمت؛ قال الشاعر:

451
لسان العرب12

فرم ص 451

وجَدْتُكَ فيها كأُمِّ الغُلام،             مَتى ما تَجِدْ فارِماً تَفْتَرِم‏

الجوهري: الفَرْمة، بالتسكين، و الفَرْمُ ما تعالج به المرأَة قُبُلَها ليضيق؛ و قول إمرئ القيس:
يَحْمِلْنَنا و الأَسَلَ النَّواهِلا             مُسْتَفْرِمات بالحصَى حَوافِلا

يقول: من شدة جريها يدخل الحصى في فروجها. و
في حديث أَنس: أَيامُ التشريق أيامُ لَهْو و فِرام.
؛ قال ابن الأَثير: هو كناية عن المجامعة، و أَصله من الفَرْم، و هو تضييق المرأَة فرجها بالأَشياء العَفِصة، و قد اسْتَفْرمت أي احتشت بذلك. و المَفارِم: الخِرق تتخذ للحيض لا واحد لها. و المُفْرَم: المملوء بالماء و غيره، هذلية؛ قال البريق الهذلي:
و حَيٍّ حِلالٍ لهمْ سامرٌ             شَهِدْتُ، و شِعْبُهُمُ مُفْرَمُ‏

أي مملوء بالناس. أبو عبيد: المُفْرَم من الحياض المملوء بالماء، في لغة هذيل؛ و أنشد:
حِياضُها مُفْرَمةٌ مُطَبَّعه‏


يقال: أفْرَمْت الحوض و أَفْعمته و أَفأَمْتُه إذا ملأْته. الجوهري: أَفْرَمْتُ الإِناء ملأْته، بلغة هذيل. و الفِرْمَى: اسم موضع ليس بعربي صحيح. الجوهري: و فَرَما، بالتحريك، موضع؛ قال سليك بن السُّلَكة يرثي فرساً له نَفَق في هذا الموضع:
كأَنَّ قَوائِمَ النَّحَّام لَمَّا             تَحَمَّلَ صُحْبَتي أُصُلًا مَحارُ «2». عَلا فَرَماءَ عَالِيةً شَواه،
كأَنَّ بَياضَ غُرَّتِهِ خِمارُ

يقول: عَلَتْ قَوائمُهُ فرَماء؛ قال ابن بري: من زعم أن الشاعر رثى فرسه في هذا البيت لم يروه إلا عاليةً شَواه لأَنه إذا مات انتفخ و علت قوائمه، و من زعم أنه لم يمت و إنما وصفه بارتفاع القوائم فإنه يرويه عاليةٌ شواه و عاليةً، بالرفع و النصب، قال: و صواب إنشاده‏
على قَرَماء ...

، بالقاف، قال: و كذلك هو في كتاب سيبويه، و هو المعروف عند أهل اللغة، قال ثعلب: قَرَماء عَقَبة وصف أن فَرسه نَفَق و هو على ظهره قد رفع قوائمه، و رواه‏
عاليةً شواه ...

لا غير، و النحَّام: اسم فرسه و هو من النُّحْمة و هي الصوت. قال ابن بري: يقال ليس في كلام العرب فَعَلاء إلا ثلاثة أَحرف و هي: فَرَماء و جَنَفاء و جَسَداء، و هي أَسماء مواضع، فشاهد فَرَماء بيت سليك بن السلكة هذا؛ و شاهد جَنَفاء قول الشاعر:
رَحَلْت إلَيْكَ من جَنَفاء، حتَّى             أَنَخْتُ فِناء بَيْتك بالمَطالي‏

و شاهد جَسَداء قول لبيد:
فَبِتْنا حَيْثُ أَمْسَيْنا ثَلاثاً،             على جَسَداءَ، تَنْبَحُنا الكِلابُ‏

قال: و زاد الفراء ثَأَداء و سَحَناء، لغة في الثَّأْداء و السَّحْناء، و زاد ابن القوطية نَفَساء، لغة في النَّفْساء. قال: و مما جاء فيه فَعْلاء و فَعَلاء ثَأَداء و ثَأْداء و سَحَناء و سَحْناء و امرأَة نَفْساء و نَفَساء، لغة في النُّفَساء. قال ابن كيسان: أما ثَأَداء و السَّحَناء فإنما حركتا لمكان حرف الحلق كما يسوغ التحريك في مثل النهر و الشَعَر، قال: و فَرماء ليست فيه هذه العلة، قال: و أَحسبها مقصورة مدّها الشاعر ضرورة، قال: و نظيرها الجَمَزى في باب القصر، و حكى علي بن حمزة عن ابن حبيب أنه قال: لا أَعلم قَرَماء، بالقاف، و لا أَعلمه‏
__________________________________________________
 (2). قوله [تحمل‏] في التكملة: تروح.

452
لسان العرب12

فرم ص 451

إلا فرَماء بالفاء، و هي بمصر؛ و أنشد قول الشاعر:
سَتُحْبِطُ حائِطَيْ فَرَماء منِّي             قَصائدُ لا أُرِيدُ بها عِتابا

و قال ابن خالويه: الفَرَما، بالفاء، مقصور لا غير، و هي مدينة بقرب مصر، سميت بأَخي الإِسكندر، و اسمه فرَما، و كان الفرما كافراً، و هي قرية إسماعيل بن إبراهيم، عليه السلام.
فرجم:
افْرَنْجَم الحَمَلُ كافْرَنْبج: شُوِي فَيبِست أَعاليه.
فرزم:
الفُرْزُم: سِنْدان الحدّاد. قال: و الفُرْزُوم خشبة الحذَّاء، و منهم من يقول: قُرزوم، بالقاف. الجوهري: الفُرْزُوم خشبة مدوَّرة يَحْذو عليها الحَذَّاء، و أَهل المدينة يسمونها الجَبْأَة، قال: كذا قرأْته على أبي سعيد، قال: و حكاه أيضاً ابن كيسان عن ثعلب، قال و هو في كتاب ابن دريد بالقاف، قال: و سأَلت عنه في البادية فلم يُعرف، و حكى ابن بري قال: قال ابن خالويه الفُرزوم، بالفاء خشبة الحذَّاء، و بالقاف سندان الحدَّاد.
فرصم:
الفِرْصِمُ: من أَسماء الأَسد.
فرضم:
الفِرْضِم من الإِبل: الضخمة الثقيلة. و فِرْضِم: اسم قبيلة، و إبل فِرْضِمِيَّة منسوبة إليه.
فرطم:
الفُرطُومة: منقار «1». الخف إذا كان طويلًا محدد الرأْس، و خف مُفَرْطم. الجوهري: الفُرْطوم طرَف الخُف كالمِنْقار، و خِفاف مُفَرْطمة. و
في الحديث: إن شيعة الدجال شواربهم طويلة و خفافهم مفرطمة.
؛ قال ابن الأَثير: الفُرطومة حكاها ابن الأَعرابي بالقاف. ابن الأَعرابي قال: قال أَعرابي جاءنا فلان في نِخافَيْنِ مُقَرْطَمَيْنِ أي لهما مِنقاران، و النِّخافُ: الخف، رواه بالقاف، قال: و هو أصح مما رواه الليث بالفاء.
فرقم:
أبو عمرو: الفَرْقَمُ حَشَفة الرجل؛ و أَنشد:
مَشْعُوفةٍ بِرَهْزِ حَكِّ الفَرْقَم «2».

قال: و رواه بعضهم‏
... القِرْقِم‏

، قال: و أنا لا أعرفها.
فسحم:
الجوهري: الفُسْحُم، بالضم، الواسع الصدر، و الميم زائدة.
فصم:
الفَصْم: الكسر من غير بينونة. فَصَمه يَفْصِمُه فَصْماً فانْفَصَم: كسره من غير أن يبين، و تَفَصَّم مثله، و فَصَّمه فَتَفَصَّم. و خَلْخال أفْصَمُ: مُتَفَصِّم؛ عن الهجري، و أنشد لعمارة بن راشد:
و أمَّا الأُلى يَسْكُنَّ غَوْرَ تِهامةٍ،             فَكُلُّ كَعابٍ تَتْرُكُ الحِجلَ أَفْصَما

و فُصِم جانبُ البيتِ: انهدمَ. و الانفِصامُ: الانقطاع. و في التنزيل العزيز: لَا انْفِصامَ لَها؛ أي لا انقطاع لها، و قيل: لا انكسار لها. و
في الحديث في صفة الجنة: دُرَّةٌ بَيْضاءُ ليس فيها فَصْم و لا وَصْم.
قال أبو عبيد: الفَصم، بالفاء، أن ينصدع الشي‏ء من غير أن يَبِين، من فَصَمت الشي‏ء أَفْصِمه فَصْماً إذا فعلت ذلك به، فهو مَفصُوم؛ قال ذو الرمة يذكر غزالًا شبهه بدُمْلُج فضة:
كأنَّه دُمْلُجٌ مِن فِضَّةٍ نَبَهٌ،             في مَلْعَبٍ مِن جواري الحَيِّ، مَفْصُومُ‏

شبه الغزال و هو نائم بدملج فضة قد طُرح و نُسِي، و كل شي‏ء سقط من إنسان فنسيه و لم يهتد له فهو نَبَهٌ، و هو الخُرت و الخُرات «3». و الناس كلهم يقولون‏
__________________________________________________
 (1). قوله [الفرطومة منقار] تبع في ذلك التهذيب و النهاية، و الذي في القاموس: الفرطوم بلا هاء.
 (2). قوله [مشعوفة إلخ‏] قبله كما في التكملة:
و أمه أكالة للقمقم.

 (3). قوله [و هو الخرت و الخرات إلى قوله و إنما جعله إلخ‏] كذا بالأصل و لينظر ما مناسبته هنا.

453
لسان العرب12

فصم ص 453

خُرت و هو خَرق النصاب، و إنما جعله مفصوماً لتثنيه و انحنائه إذا نام، و لم يقل مقصوم، بالقاف، فيكون بائناً باثنين، قال ابن بري: قيل في نبه إنه المشهور، و قيل النفيس الضالّ الموجود عن غفلة لا عن طلب، و قيل: هو المنسي. الفراء: فأْس فَصيم «1». و هي الضخمة، و فأْس فِنْدَأْيةٌ لها خُرت، و هو خرق النصاب، قال: و أما القصم، بالقاف، فأَن ينكسر الشي‏ء فيبين. و
في حديث أبي بكر: إني وجدت في ظهري انْفِصاماً.
أي انصداعاً، و يروى بالقاف، و هو قريب منه. و
في الحديث: استَغْنُوا عن الناس و لو عن فِصْمة السواك.
أي ما انكسر منه، و يروى بالقاف. و أَفْصَم الفحلُ إذا جَفر؛ و منه قيل: كل فحل يُفْصِم إلا الإِنسان أي ينقطع عن الضراب. و انفصم المطر: انقطع و أَقْلَع. و أَفصم المطرُ و أَفْصى إذا أَقلَع و انكشف، و أَفْصَمَت عنه الحُمَّى. و
في حديث عائشة، رضوان الله عليها: أنها قالت رأيت رسول الله، صلى الله عليه و سلم، يَنْزِل عليه في اليوم الشديد البرْدِ فَيُفْصِم الوَحْيُ عنه و إِنَّ جَبِينَه ليَتَفصَّد عرَقاً.
؛ فيُفْصِم أي يُقلِع عنه. و
في بعض الحديث: فيُفصم عني و قد وَعَيْت.
يعني الوَحْي أي يُقلع.
فطم:
فَطَم العُودَ فَطْماً: قطعه. و فَطَمَ الصبيَّ يَفْطِمه فَطْماً، فهو فطيم: فصَلَه من الرضاع. و غلام فَطِيم و مَفْطُوم و فطَمَتْه أُمه تَفْطِمه: فصَلته عن رضاعها. الجوهري: فِطام الصبي فِصاله عن أُمه، فطَمَت الأُم ولدها و فُطِم الصبي و هو فَطِيم، و كذلك غير الصبي من المَراضِع، و الأُنثى فَطِيم و فَطِيمة. و
في حديث امرأَة رافع لما أَسلم و لم تُسْلِم: فقال ابنتي و هي فَطِيم.
أي مَفْطُومة، و فعيل يقع على الذكر و الأُنثى، فلهذا لم تلحقه الهاء، و جمع الفَطِيم فُطُم مثل سَرِير و سُرُر؛ قال:
و إن أَغارَ، فلم يَحْلو بِطائِلةٍ             في لَيْلةٍ من حَمِير ساوَرَ الفُطُما

و
في حديث ابن سيرين: بلغه أن ابن عبد العزيز أَقْرَعَ بين الفُطُم فقال: ما أَرى هذا إلا من الاسْتِقْسام بالأَزْلام.
؛ جمع فَطِيم من اللبن أي مَفْطُوم. قال ابن الأَثير: و جمع فَعِيل في الصفات على فُعُل قليل في العربية، و ما جاء منه شُبِّه بالأَسماء كنَذِير و نُذُر، فأما فعيل بمعنى مفعول فلم يرد إلا قليلًا نحو عَقِيم و عُقُم و فَطِيم و فُطُم، و أراد بالحديث الإِقْراع بين ذَرارِيِّ المسلمين في العَطاء، و إنما أَنكره لأَن الإِقراع لتفضيل بعضهم على بعض في الفرض، و الاسم الفِطام، و كل دابة تُفْطَم؛ قال اللحياني: فَطَمَتْه أُمه تَفْطِمه، فلم يَخُص من أي نوع هو؛ و فَطَمْت فلاناً عن عادته، و أَصل الفَطْم القطع. و فَطَم الصبيَّ: فصله عن ثدي أُمه و رَضاعها. و الفَطِيمة: الشاة إذا فُطِمت. و أَفْطَمَت السَّخلة: حان أن تُفْطَم؛ عن ابن الأَعرابي، فإذا فُطِمت فهي فاطِمٌ و مَفْطُومة و فَطِيمةً؛ عنه أيضاً، قال: و ذلك لشهرين من يوم ولادها. و تَفاطَم الناس إذا لَهِجَ بَهْمُهم بأُمهاته بعد الفِطام فدفع هذا بَهْمَه إلى هذا و هذا بهْمَه إلى هذا، و إذا كانت الشاة تُرْضِع كل بَهْمة فهي المُشْفِع. ابن الأَعرابي قال: إذا تناولت أولاد الشياه العيدان قيل رَمَّت و ارتَمَّت، فإذا أَكلت قيل بَهْمة سامع «2». حتى يدنو فطامها، فإذا دنا فطامها قيل أَفْطَمَت البَهمة، فإذا فُطمت فهي فاطم و مَفْطومة و فطيم، و ذلك لشهرين من يوم فطامها
__________________________________________________
 (1). قوله [فأس فصيم‏] كذا في الأصل و القاموس، و الذي في التهذيب و التكملة: فيصم أي كصيقل.
 (2). قوله [بهمة سامع‏] كذا في الأصل على هذه الصورة.

454
لسان العرب12

فطم ص 454

فلا يزال عليها اسم الفطام حتى تَسْتَجْفِر. و الفاطم من الإِبل: التي يُفْطَم ولدها عنها. و ناقة فاطِم إذا بلَغ حُوارها سنة فَفُطِم؛ قال الشاعر:
مِنْ كُلِّ كَوْماءِ السَّنام فاطِمِ،             تَشْحَى، بمُسْتَنِّ الذَّنُوب الراذِمِ،
شِدْقَيْنِ في رأْسٍ لها صُلادِمِ‏


و لأَفطِمَنَّك عن هذا الشي‏ء أي لأَقطَعنَّ عنه طَمَعَكَ. و فاطِمةُ: من أسماء النساء. التهذيب: و تسمى المرأَة فاطِمة و فِطاماً و فَطِيمة. و
في الحديث: أن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَعطَى عليّاً حُلّةً سِيَراء و قال شَقِّقها خُمُراً بين الفواطِم.
؛ قال القتيبي: إحداهن سيّدة النساء فاطِمةُ بنت سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم و عليها، زَوْجُ علي، عليه السلام، و الثانية فاطِمةُ بنت أَسد بن هاشم أُم علي بن أبي طالب، عليه السلام، و كانت أَسلمت و هي أوّل هاشمية ولَدت لهاشميّ، قال: و لا أَعرف الثالثة؛ قال ابن الأَثير: هي فاطمة بنت حمزة عمِّه، سيد الشهداء، رضي الله عنهما؛ و قال الأَزهري: الثالثة فاطمة بنتُ عُتْبة بن ربيعة، و كانت هاجرت و بايعت النبي، صلى الله عليه و سلم، قال: و أَراه أَراد فاطمة بنت حمزة لأَنها من أهل البيت، قال ابن بري: و الفواطم اللاتي وَلَدن النبي، صلى الله عليه و سلم، قُرشية و قَيْسِيَّتان و يَمانِيَتانِ و أَزْدِيَّة و خُزاعِيَّةٌ.
و قيل للحسن و الحسين: ابنا الفواطم، فاطمةُ أُمهما، و فاطمة بنت أَسَد جدّتهما، و فاطمةُ بنت عبد الله بن عمرو بن عِمْران بن مَخْزُوم جدَّةُ النبي، صلى الله عليه و سلم، لأَبيه.
و فَطَمْتُ الحبل: قَطَعْته. و فُطَيْمةُ: موضع.
فعم:
الفَعْمُ و الأَفْعَم: الممْتلئ، و قيل: الفائض امتلاء. و ساعدٌ فَعْمٌ، فَعُمَ يَفْعُمُ فَعامة و فُعومة فهو فَعْم: ممتلئ. و وَجْه فَعْم و جارية فَعْمة، و افْعَوْعَمَ، قال كعب يصف نهراً:
مُفْعَوْعِمٌ صَخِبُ الآذِيِّ مُنْبَعِقٌ،             كأَن فيه أَكُفَّ القَوْمِ تَصْطَفِقُ‏

و
في صفته، صلى اللّه عليه و سلم: كان فَعْمَ الأَوصال.
أَي ممتلئ الأَعضاء، و في قصيد كعب:
ضَخْمٌ مُقَلَّدُها فَعْمٌ مُقَيَّدُها

أَي ممتلئة الساق. و
في حديث أُسامة: و أَنَّهم أَحاطوا ليلًا بحاضِرِ فَعْمٍ.
أَي حَيّ مُمْتَلِى‏ءٍ بأَهله. و فَعَمَه يَفْعَمُه و أَفْعَمَه: ملأَه و بالغ في مَلْئِه، و أَنشد:
فَصَبَّحَتْ و الطيرُ لم تَكَلَّمِ،             جابيةً طُمَّتْ بِسَيْلٍ مُفْعَمِ‏

و أَفْعَمْت البيت برائحة العُود فافْعَوْعَم، و أَفعم المَسَكُ البيتَ: ملأَه بريحه. و أَفعم البيتَ طِيباً: مَلأَه، على المثل. و افْعَوْعَم هو امتلأَ. و
في الحديث: لو أَنَّ امرأَة من الحُور العِين أَشْرَفَتْ لأَفْعَمَت ما بين السماء و الأَرض رِيحَ المِسك.
أَي ملأَت، و يروى بالغين. و فَعَمَتْه رائحةُ الطيب و أَفْعَمَتْه: ملأَت أَنفَه، و الأَعرف فَغَمتْه، بالغين المعجمة، فأَما قوله أَنشده ابن الأَعرابي لكثير:
أَتِيٌّ و مَفْعُومٌ حَثِيثٌ، كأَنه             غُرُوبُ السَّواني أَتْرَعَتها النَّواضِحُ‏

فإِنه زعم أَنه لم يسمع مَفْعُوم إِلا في هذا البيت، قال: و هو من أَفْعَمْت، و نظيره قول لبيد:
الناطِق المَبرُوز و المَخْتُوم‏

و هو من أَبرزت، و مثله المَضْعُوف من أَضْعَفْت. الأَزهري: و نَهَر مَفْعُوم أَي ممتلئ. و يقال: سِقاء مُفْعَم و مُفْأَم أَي مملوء، و أَنشد أَبو سهل في أَشعار

455
لسان العرب12

فعم ص 455

الفصيح في باب المشدّد بيتاً آخر جاء به شاهداً على الضِّحِّ و هو:
أَبْيَض أَبرزَه للضِّحِّ راقبهُ،             مُقَلَّد قُضُبَ الرَّيْحانِ مَفعومُ‏

أَي ممتلئ لَحْماً. و فَعُمَت المرأَة فَعامة و فُعُومة و هي فَعْمة: اسْتَوى خَلْقها و غَلُظَ ساقها، و ساعدٌ فَعْمٌ، قال:
بساعدٍ فَعْمٍ و كَفٍّ خاضِب‏

و مُخَلْخَل فَعْمٌ، قال:
فَعْمٌ مُخَلْخَلُها، وَعْثٌ مُؤزَّرُها،             عَذْبٌ مُقَبَّلُها، طَعْمُ السَّدَا فُوها

السَّدا هاهنا: البلح الأَخضر، واحدته سَداة، و قيل: هو العسَل من قولهم سَدَتِ النحل تَسْدُو سَداً. الجوهري: أَفْعَمْتُ الرجلَ مَلأْته غضباً، و حكى الأَزهري عن أَبي تراب قال: سمعت واقفاً السَّلمَى يقول أَفْعَمْت الرجل و أَفْغَمْته إِذا ملأْته غضباً أَو فرحاً.
فغم:
فَغَم الوَرْدُ يَفْغَم فُغُوماً: انفتح، و كذلك تَفَغَّم أي تفتح. و فَغَمت الرَّائحةُ السُّدَّة: فتَحتْها. و انْفَغَمَ الزُّكام و افْتَغَم: انفرج. و فَغَمةُ الطيب: رائحتُه. فَغمَتْه تَفْغَمُه فَغْماً و فُغُوماً: سدَّت خَياشِيمه. و
في الحديث: لو أنَّ امرأة من الحور العين أشْرَفَتْ لأَفْغَمَتْ ما بين السماء و الأَرض بريح المسك.
أي لملأَتْ؛ قال الأَزهري:
الرواية لأَفعمت.
، بالعين، قال: و هو الصواب. يقال: فَعَمْت الإِناءَ فهو مفعوم إذا ملأَته، و قد مرَّ تفسيره. و الريحُ الطَّيبة تَفْغَمُ المزكوم؛ قال الشاعر:
نَفْحةُ مِسْكٍ تَفْغَم المَفْغُوما

و وجدت فَغْمة الطيب و فَغْوَته أي ريحه. و الفَغَم، بفتح الغين: الأَنف؛ عن كراع، كأنه إنما سمي بذلك لأَن الريح تَفْغَمه. أبو زيد: بَهَظْته أَخذت بفُقْمه و بفُغْمِه؛ قال شمر: أَراد بفُقْمه فمَه و بفُغْمِه أَنفه. و الفَغَم، بالتحريك: الحِرص. و فَغِمَ بالشي‏ء فَغَماً فهو فَغِم: لَهِجَ به و أُولِعَ به و حَرَص عليه؛ قال الأَعشى:
تَؤُمُّ دِيارَ بني عامِرٍ،             و أَنْتَ بآلِ عقِيل فَغِم‏

قال ابن حبيب: يريد عامر بن صَعْصَعة و عَقِيل بن كعب بن عامر بن صعصعة. و كلْبٌ فَغِمٌ: حريصٌ على الصيد؛ قال إمرؤ القيس:
فيُدْرِكُنا فَغِمٌ داجِنٌ،             سَمِيعٌ بَصِيرٌ طَلوبٌ نَكِرْ

ابن السكيت: يقال ما أشدَّ فَغَمَ هذا الكلب بالصيد، و هو ضراوته و دُرْبَته. و الفُغْمُ: الفَم أَجمع، و يحرك فيقال فُغُمٌ. و فَغَمه أي قَبَّله؛ قال الأَغلب العجلي:
بَعْدَ شَمِيمِ شاغِفٍ و فَغْمِ‏

و كذا المُفاغَمة؛ قال هُدْبة بن خَشْرَم:
متى تقولُ القُلُصَ الرَّواسِما،             يُدْنِينَ أُمَّ قاسِمٍ و قاسِما
أ لا تَرَيْنَ الدَّمْعَ مِني ساجما             حِذارَ دارٍ مِنْكِ أن تُلائِما؟
و الله لا يَشْفِي الفُؤادَ الهائما،             تَماحُكُ اللَّبَّاتِ و المآكِما

و في رواية:
نَفْثُ الرُّقَى و عَقْدُك التَّمائِما،             و لا اللِّزامُ دُون أن تُفاغِما

456
لسان العرب12

فغم ص 456

و لا الفِغامُ دون أن تُفاقِما،             و تَرْكَبَ القَوائمُ القوائما

و فَغِمَ بالمكان فَغَماً: أَقام به و لزِمَه. و أَخذ بفُغْم الرجل أي بذقنه و لحيته كفُقْمه. و
في الحديث: كلوا الوَغْم و اطرحوا الفَغْم.
؛ قال ابن الأَثير: الوَغْم ما تساقط من الطعام، و الفَغْم ما يَعْلَقُ بين الأَسنان، أي كلوا فُتات الطعام و ارموا ما يخرجه الخِلال، قال: و قيل هو بالعكس.
فقم:
الفَقَمُ في الفم: أن تدخل الأَسنان العليا إلى الفم، و قيل: الفَقَم اختلافه، و هو أن يخرج أسفل اللَّحْي و يدخل أعلاه، فَقِمَ يَفْقَم فَقَماً و هو أَفْقَم، ثم كثر حتى صار كلُّ مُعْوَجٍّ أَفقم، و قيل: الفَقَم في الفَم أن تتقدم الثنايا السفلى فلا تقع عليها العليا إذا ضم الرجل فاه. و قال أبو عمرو: الفَقَمُ أن يطول اللحي الأَسفل و يَقْصُر الأَعلى. و يقال للرجل إذا أَخذ بِلِحْية صاحبه و ذَقَنه: أخذ بفُقْمه. و فَقَمْت الرجل فَقْماً، و هو مَفْقُوم إذا أخدت بفُقْمه. أبو زيد: بهظته أَخذت بفُقْمه و بفُغْمه؛ قال شمر: أراد بفُقمه فمه و بفُغْمه أنفه، قال: و الفُقْمانِ هما اللَّحْيان. و
في الحديث: من حفظ ما بين فُقْمَيْهِ دخل الجنة.
أي ما بين لَحييه؛ و الفُقم، بالضم: اللحي، و
في رواية: من حفظ ما بين فُقْمَيْه و رجليه دخل الجنة.
؛ يريد من حفظ لسانه و فرجه. الليث: الفَقَمُ رَدَّة في الذقن، و النعت أفْقَمُ. و
في حديث موسى، عليه السلام: لما صارت عصاه حية وضعت فُقماً لها أَسفل و فُقْماً لها فوق.
و
في حديث الملاعنة: فأَخذت بفُقْمَيْه.
أي بلحييه. و فَقِمَ الرجلُ فَقَماً: رجع ذقَنُه إلى فمه. و فَقِمَ أَيضاً: كثر ماله. و فَقِمَ الإِناءُ: امتلأَ ماء. و يقال: فَقِمَ الشي‏ء اتسع، و الفَقَمُ الامتلاء. يقال: أَصاب من الماء حتى فَقِم؛ عن أبي زيد. و الأَمر الأَفْقَمُ: الأَعوج المخالف. و أمرٌ مُتَفاقِم، و تَفاقَمَ الأَمر أي عَظُم. و فَقُمَ الأَمرُ فُقوماً: عظم، و فَقِمَ أيضاً فَقَماً. و فَقِمَ الأَمرُ يَفقَمُ فَقَماً و فُقُوماً و تَفاقَم: لم يَجْر على استواء، مشتق من ذلك. و فَقِمَ الرجلُ فَقَماً: بَطِرَ، و هو من ذلك لأَن البَطَر خروج عن الاستقامة و الاستواء؛ قال رؤبة:
فلَم تَزَلْ تَرْأَمُه و تَحْسِمُهْ،             من دائِه، حتى اسْتَقامَ فَقَمُهْ «3».

التهذيب: و إن قيل فَقَم الأَمرُ كان صواباً؛ و أنشد:
فإنْ تَسْمَعْ بلأْمِهما،             فإنّ الأَمرَ قد فَقَما

أبو تراب: سمعت عَرّاماً يقول رجل فَقِمٌ فَهِمٌ إذا كان يعلو الخصوم، و رجل لَقِمٌ لَهِمٌ مثله. و
في حديث المغيرة يصف امرأَة: فَقْماءَ سَلْفَعٍ.
؛ الفَقْماءُ: المائلةُ الحَنَك، و قيل: هو تقدم الثنايا السُّفلى حتى لا تقع عليها العُليا. و الفَقْم و الفُقْم: طَرَف خَطْم الكلب و نحوه، و قيل: ذقن الإِنسان و لَحْييه، و قيل: هما فمه. التهذيب: و ربما سَمَّوْا ذقن الإِنسان فَقْماً و فُقْماً. و المُفاقمة: البُضْع، و في الصحاح: البِضاعُ؛ قال الشاعر:
و لا الفِغامُ دُونَ أن تُفاقِما


و هذا الرجز للأَغلب العجلي، و قد تقدم في فَغَم. و فَقَم المرأَةَ: نكحها. و فَقِمَ مالُهُ فَقَماً: نَفِدَ و نَفِقَ. و فُقَيْم: بطن في كنانة، النسب إليه فُقَمِيٌّ نادِرٌ؛ حكاه سيبويه، و في الصحاح: و النسبة إليهم فُقَمِيٌ‏
__________________________________________________
 (3). قوله [ترأمه‏] كذا بالأصل بميم، و في المحكم ترأبه بالباء، و المعنى واحد.

457
لسان العرب12

فقم ص 457

مثل هُذَليٍّ، و هم نَسَأَةُ الشهور. و فُقَيْمٌ أيضاً في بني دارم النسب إليه فُقَيْمِيّ على القياس. و أَفْقَمُ: اسم.
فلم:
الفَيْلَمُ: العَظيم الضخْمُ الجُثَّة من الرجال، و منه تَفَيْلَقَ الغلام و تَفَيْلَم بمعنى واحد. يقال: رأَيت رجلًا فَيْلَماً أي عظيماً. و رأَيت فَيْلَماً من الأَمر أي عظيماً. و الفَيْلم: الأَمر العظيم، و الياء زائدة، و الفَيْلَماني منسوب إليه بزيادة الأَلف و النون للمبالغة. و
في الحديث عن ابن عباس قال: ذكر رسول الله، صلى الله عليه و سلم، الدجال فقال: أَقْمَرُ فَيْلَمٌ هِجان، و في رواية: رأَيته فَيْلَمانِيّاً.
و الفَيْلَمُ: المُشط الكبير، و قيل: المشط؛ قال الشاعر:
كما فَرَّقَ اللِّمَّةَ الفَيْلَمُ‏

و الفَيْلم: الجُمّة العَظِيمة. و الفَيْلَمُ: الجبان. و يقال: فَيْلَمانيٌّ كما يقال دُحْسُمانيٌّ. و الفَيْلم: العظيم؛ و قال البريق الهذلي:
و يَحْمِي المُضافَ إذا ما دَعا،             إذا فَرَّ ذو اللِّمّةِ الفَيْلَمُ‏

و يقال: الفَيلم الرجل العظيم الجُمَّة؛ و قال:
يُفَرِّقُ بالسيفِ أَقْرانَه،             كما فَرَّقَ اللِّمّةَ الفيلم‏

قال ابن بري: و هذا البيت الذي أنشده لبريق الهذلي يروى على روايتين، قال: و هو لعياض بن خويلد الهذلي؛ و رواه الأَصمعي:
يُشَذِّبُ بالسيف أَقرانه،             إذا فر ذو اللمة الفيلم‏

قال: و ليس الفيلم في البيت الثاني شاهداً على الرجل العظيم الجمة كما ذكر إنما ذلك على من رواه:
كما فَرَّ ذو اللمة الفيلم‏

قال: و قد قيل إن الفيلم من الرجال الضخم، و أما الفيلم في البيت على من رواه:
كما فرَّق اللمة الفيلم‏

فهو المشط. قال ابن خالويه: يقال رأيت فَيْلماً يُسرِّح فَيْلَمه بِفَيْلَمٍ أي رأَيت رجلًا ضَخماً يسرح جُمة كبيرة بالمشط. قال ابن بري: و أَنشد الأَصمعي لسيف بن ذي يزن في صفة الفُرْس الذين جاء بهم معه إلى اليمن:
قَد صَبَّحَتْهُم مِن فارِسٍ عُصَبٌ،             هِرْبِذُها مُعْلَمٌ و زِمْزِمها
بِيضٌ طِوالُ الأَيْدِي مَرازبةٌ،             كُلُّ عَظيمِ الرُّؤُوسِ فَيْلَمُها
هَزُّوا بناتِ الرِّياحِ نَحْوَهُم،             أَعْوَجُها طَامِحٌ و أَقْوَمُها

بناتُ الرياح: النَّشاب. و الفَيْلَم: المشط بلغة أهل اليمن، و كل هؤلاء يُعَظِّمُ مُشْطَه. و الفَيْلَمُ: المرأَة الواسعة الجَهاز. و بِئرٌ فَيْلَمٌ: واسِعة؛ عن كراع، و قيل: واسعة الفم، و كل واسع فَيْلم؛ عن ابن الأَعرابي.
فلقم:
الجوهري: الفَلْقَم الواسع.
فلهم:
الفَلْهَم: فرج المرأَة الضخْم الطويل الإِسْكَتَيْنِ القبيح. الأَصمعي: الفَلهم من جهاز النساء ما كان منفرجاً. أبو عمرو: الفلهم الفرج؛ و أنشد:
يا ابنَ التي فَلْهَمُها مِثْلُ فَمِه،             كالحَفْر قام وِرْدُه بأَسْلُمِه‏

الحَفْر هنا: البئر التي لم تُطو. و أَسْلُم: جمع سَلْم الدلو، و أراد أن فلهمها أَبخر مثل فمه. و
في الحديث: أن قوماً افتقدوا سِخابَ فتاتهم فاتَّهموا امرأَة فجاءت‏

458
لسان العرب12

فلهم ص 458

عجوز ففتشت فلهمها.
أي فرجها؛ قال ابن الأَثير: و ذكره بعضهم في القاف. و بِئر فَلْهم: واسعة الجَوْفِ.
فمم:
فُمَّ: لغة في ثُمَّ، و قيل: فاء فمّ بدل من ثاء ثمّ. يقال: رأَيت عَمراً فُمَّ زيداً و ثم زيداً بمعنى واحد. التهذيب: الفراء قبَّلها في فُمّها و ثُمِّها. الفراء: يقال هذا فَمٌ، مفتوح الفاء مخفف الميم، و كذلك في النصب و الخفض رأَيت فَماً و مررتُ بفَمٍ، و منهم من يقول هذا فُمٌ و مررت بفُمٍ و رأَيت فُماً، فيضم الفاء في كل حال كما يفتحها في كل حال؛ و أما بتشديد الميم فإنه يجوز في الشعر كما قال محمد بن ذؤيب العُماني الفُقَيْمي:
يا لَيْتَها قد خَرَجَتْ مِن فُمِّه،             حتَّى يَعُودَ المُلْكُ في أُسْطُمِّه‏

قال: و لو قال من فَمِّه، بفتح الفاء، لجاز؛ و أما فُو و في و فا فإنما يقال في الإِضافة إلا أن العجاج قال:
خالَط مِن سَلْمَى خَياشِيمَ و فا

قال: و ربما قالوا ذلك في غير الإِضافة و هو قليل. قال الليث: أما فو و فا و في فإن أَصل بنائها الفَوْه، حذفت الهاء من آخرها و حملت الواو على الرفع و النصب و الجر فاجترّت الواو صروف النحو إلى نفسها فصارت كأنها مدة تتبع الفاء، و إنما يستحسنون هذا اللفظ في الإِضافة، فأما إذا لم تُضَف فإن الميم تجعل عماداً للفاء لأَن الياء و الواو و الأَلف يسقطن مع التنوين فكرهوا أن يكون اسم بحرف مغلق، فعمدت الفاء بالميم، إلا أن الشاعر قد يضطر إلى إفراد ذلك بلا ميم فيجوز له في القافية كقولك:
خالط من سلمى خياشيم و فا

الجوهري: الفم أَصله فَوْه نقصت منه الهاء فلم تحتمل الواو الإِعراب لسكونها فعوض منها الميم، فإذا صغَّرت أو جمَعْت رددته إلى أَصله و قلت فُوَيْه و أَفْواه، و لا تقل أَفماء، فإذا نسبت إليه قلت فَمِيٌّ، و إن شئت فَمَوِيٌّ يجمع بين العوض و بين الحرف الذي عوّض منه، كما قالوا في التثنية فَمَوانِ، قال: و إنما أَجازوا ذلك لأَن هناك حرفاً آخر محذوفاً و هو الهاء، كأَنهم جعلوا الميم في هذه الحال عوضاً عنها لا عن الواو؛ و أنشد الأَخفش للفرزدق:
هُما نَفَثا في فيَّ مِن فَمَوَيْهما،             على النابِحِ العاوي، أَشَدَّ رِجامِ‏

قوله أَشد رجام أي أَشدَّ نَفْث، قال: و حق هذا أن يكون جماعة لأَن كل شيئين من شيئين جماعة في كلام العرب، كقوله تعالى: فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما؛ إلا أنه يجي‏ء في الشعر ما لا يجي‏ء في الكلام، قال: و فيه لغات: يقال هذا فَمٌ و رأَيت فَماً و مررت بِفَمٍ، بفتح الفاء على كل حال، و منهم من يضم الفاء على كل حال، و منهم من يكسر الفاء على كل حال، و منهم من يعربه في مكانين، يقول: رأَيت فَماً و هذا فُمٌ و مررت بِفِمٍ. قال الفراء: فُمَّ و ثُمَّ من حروف النسق. التهذيب: الفراء أَلقَيْتُ على الأَديم دَبْغةً، و الدَّبْغة أن تُلقي عليه فَماً من دباغ خفيفة أي فَماً من دِباغ أي نَفْساً، و دَبَغْتُه نَفْساً و يجمع أَنْفُساً كأَنْفُس الناس و هي المرة.
فهم:
الفَهْمُ: معرفتك الشي‏ء بالقلب. فَهِمَه فَهْماً و فَهَماً و فَهامة: عَلِمَه؛ الأَخيرة عن سيبويه. و فَهِمْت الشي‏ء: عَقَلتُه و عرَفْته. و فَهَّمْت فلاناً و أَفْهَمْته، و تَفَهَّم الكلام: فَهِمه شيئاً بعد شي‏ء. و رجل فَهِمٌ: سريع الفَهْم، و يقال: فَهْمٌ و فَهَمٌ. و أَفْهَمه الأَمرَ و فَهَّمه إياه: جعله يَفْهَمُه. و اسْتَفْهَمه: سأَله أن يُفَهِّمَه. و قد اسْتعفْهَمَني الشي‏ءَ فأَفْهَمْته و فَهَّمْته تفهيماً.

459
لسان العرب12

فهم ص 459

و فَهْم: قبيلة أبو حي، و هو فَهْم بن عَمرو بن قَيْسِ ابن عَيْلان.
فوم:
الفُومُ: الزَّرع أو الحِنْطة، و أَزْدُ الشَّراة يُسمون السُّنْبُل فُوماً، الواحدة فُومة؛ قال:
و قالَ رَبِيئُهم لَمّا أَتانا             بِكَفِّه فُومةٌ أوْ فُومَتانِ‏

و الهاء في قوله بكفه غير مشبعة. و قال بعضهم: الفُومُ الحِمَّص لغة شامية، و بائِعُه فامِيٌّ مُغَيَّر عن فُومِيّ، لأَنَهم قد يُغيِّرون في النسب كما قالوا في السَّهْل و الدَّهْر سُهْليٌّ و دُهْرِيٌّ. و الفُوم: الخبز أيضاً. يقال: فَوِّموا لنا أي اخْتَبِزُوا؛ و قال الفراء: هي لغة قديمة، و قيل: الفُوم لغة في الثُّوم. قال ابن سيدة: أُراه على البدل. قال ابن جني: ذهب بعض أَهل التفسير في قوله عز و جل: وَ فُومِها وَ عَدَسِها، إلى أنه أراد الثُّوم، فالفاء على هذا عنده بدل من الثاء، قال: و الصواب عندنا أن الفُوم الحِنطة و ما يُخْتَبَز من الحبُوب. يقال: فَوَّمْت الخبز و اختبزته، و ليست الفاء على هذا بدلًا من الثاء، و جمعوا الجمع فقالوا فُومانٌ؛ حكاه ابن جني، قال: و الضمة في فُوم غير الضمة في فُومان، كما أن الكسرة التي في دِلاصٍ و هِجانٍ غير الكسرة التي فيها للواحد و الأَلف غير الأَلف. التهذيب: قال الفراء في قوله تعالى وَ فُومِها، قال: الفُوم مما يذكرون لغة قديمة و هي الحنطة و الخبز جميعاً. و قال بعضهم: سمعنا العرب من أهل هذه اللغة يقولون فَوّمُوا لنا، بالتشديد، يريدون اختبزوا؛ قال: و هي في قراءة عبد الله و ثُومها، بالثاء، قال: و كأنه أَشبه المعنيين بالصواب لأَنه مع ما يشاكله من العدس و البصل، و العرب تبدل الفاء ثاء فيقولونَ جَدَفٌ و جَدَثٌ للقبر، و وقع في عافُور شَرٍّ و عاثُورِ شر. و قال الزجاج: الفوم الحنْطة، و يقال الحبوب، لا اختلاف بين أهل اللغة أن الفُوم الحِنطة، و سائرُ الحبوب التي تختبز يلحقها اسم الفُوم، قال: و من قال الفُوم هاهنا الثُّوم فإن هذا لا يعرف، و محال أن يطلب القوم طعاماً لا بُرَّ فيه، و هو أصل الغذاء، و هذا يقطع هذا القول، و قال اللحياني: هو الثُّوم و الفُوم للحنطة. قال أبو منصور: فإن قرأَها ابن مسعود بالثاء فمعناه الفوم و هو الحنطة. الجوهري: يقال هو الحنطة؛ و أَنشد الأَخفش لأَبي مِحْجَن الثَّقَفي:
قَدْ كُنْتُ أَحْسِبُني كأَغْنى واحِدٍ             نَزَلَ المَدِينةَ عن زِراعةِ فُومِ‏

و قال أُميّة في جمع الفُوم:
كانت لهم جَنّةٌ إذ ذاك ظاهِرةٌ،             فيها الفَرادِيسُ و الفُومانُ و البَصَلُ‏

و يروى: الفَرارِيسُ؛ قال أبو الإِصبع: الفَرارِيسُ البصل. و قال ابن دريد: الفُومة السُّنبلة، قال: و الفامِيُّ السُّكري «4». قال أبو منصور: ما أُراه عربيّاً محضاً. و قَطَّعُوا الشاة فُوماً فُوماً أي قِطَعاً قِطَعاً. و الفَيُّوم: من أَرض مصر قتل بها مروان بن محمد آخر ملوك بني أُمية.
فيم:
الفَيامُ و الفِيامُ: الجماعة من الناس و غيرهم، قال: و لو لا الفَيام لقلت إن الفِيام مخفف من الفِئام.
فصل القاف‏
قأم:
قَئِمَ من الشراب قَأَماً: ارْتوى؛ عن أبي حنيفة.
قتم:
القُتْمة: سواد ليس بشديد، قَتَمَ يَقْتِم قَتامةً فهو قاتِمٌ و قَتِم قَتَماً و هو أَقتَمُ؛ أنشد سيبويه:
__________________________________________________
 (4). قوله [السكري‏] كذا في شرح القاموس، و الذي في الأَصل السين عليها ضمة و ما بعد الكاف غير واضح.

460
لسان العرب12

قتم ص 460

سيُصْبِحُ فَوقي أَقتَمُ الرِّيش واقِعاً             بِقالِيقَلا أَوْ مِن وَراء دَبِيلِ «1»

التهذيب: الأَقتم الذي يعلوه سواد ليس بالشديد و لكنه كسواد ظهر البازي، و أَنشد:
كما انقَضَّ بازٍ أَقتَمُ اللَّوْن كاسِرُ


و المصدر القُتْمة. و سنة قَتْماء: شاحبة. و قَتَم وجهه قُتوماً: تغَيَّر. و أَسودُ قاتِمٌ و قاتِنٌ، بالنون، مُبالَغ فيه كحالِكٍ، حكاه يعقوب في الإِبدال، و قيل: إِنه لغة و ليس ببدل. و القاتمُ: الأَحمر، و قيل: هو الذي فيه حمرة و غُبرة، و هو القُتْمة، و قد اقتَمَّ اقتِماماً، و بازٍ أَقتمُ الريشِ. و مكانٌ قاتِم الأَعماق: مُغْبَرُّ النَّواحي. و القَتَمُ و القَتامُ: الغُبار، و حكى يعقوب فيه القَتان، و هو لغة فيه، و قد قَتَمَ يَقْتِمُ قُتوماً إِذا ضرب إِلى السواد، و أَنشد:
و قاتِم الأَعماقِ خاوي المُخْتَرَق‏


و أَنشد ابن الأَعرابي:
و قَتْلِ الكُماةِ و تَمْتِيعِهم             بِطَعْنِ الأَسِنَّة تَحْتَ القَتَمْ‏

و قال الأَصمعي: إِذا كانت فيه غُبرة و حمرة فهو قاتِم، و فيه قُتْمةٌ، جاء به في الثياب و أَلوانها. و
في حديث عمرو بن العاص: قال لابنه عبد اللَّه يوم صِفِّين انظُر أَين ترى عليّاً؟ قال: أَراه في تلك الكَتِيبة القَتْماء، فقال: للَّه درّ ابن عمَر و ابن مالك! فقال له: أَيْ أَبَهْ فما يَمْنَعُك إِذ غَبَطْتَهم أَن تَرجِع؟ فقال: يا بني أَنا أَبو عبد اللَّه إِذا حككت قَرْحة دَمَّيْتُها.
القَتْماء: الغبراء من القَتام، و تَدْمِيةُ القَرْحة مَثَلٌ أَي إِذا قصدت غايةً تَقصَّيْتُها، و ابن عمر: هو عبد اللَّه، و ابن مالك: هو سعد بن أَبي وقاص، و كانا ممن تخلف عن الفريقين. أَبو عمرو: أَحمر قاتِمٌ شديد الحُمرة، و أَنشد:
كُوماً جِلاداً عِند جَلْدٍ قاتِم‏


و أَقتَم اليومُ: اشتدَّ قَتَمُه، عن أَبي علي. و القَتَمُ: ريح ذاتُ غُبار كريهة. و قُتَيْمٌ: من أَسماء الموت. و القَتَمةُ: رائحة كريهة، و هي ضد الخَمْطة، و الخَمْطة تُسْتَحَبُّ و القَتَمة تُكره. قال الأَزهري: أَرى الذي أَراده ابن المظفر القَنَمة، بالنون، يقال: قَنِمَ السِّقاء يَقْنَمُ إِذا أَرْوَحَ، و أَما القَتَمةُ، بالتاء، فهي في اللون الذي يضرب إِلى السواد، و القَنَمةُ، بالنون: الرائحة الكريهة.
قثم:
قَثَمَ الشي‏ء يَقْثِمه قَثْماً و اقتَثَمه: جَمَعه و اجترفه. و يقال: قَثام أي اقْثِم، مطرد عند سيبويه و موقوف عند أبي العباس. و رجل قَثُومٌ: جَمّاع لعياله. و القُثَمُ و القَثوم: الجَموع للخير. و يقال في الشر أَيضاً: قَثَم و اقْتَثَم. و يقال: إنه لقَثُوم للطعام و غيره؛ و أنشد:
لأَصْبَحَ بَطْنُ مَكةَ مُقْشَعِرًّا،             كأَنَّ الأَرضَ ليس بها هِشامُ‏
يَظَلُّ كأَنه أَثناءَ سَرْطٍ،             و فَوْقَ جِفانِه شَحْمٌ رُكامُ
«2». فللكُبَراء أَكْلٌ حيثُ شاؤوا،
و للصُّغَراء أَكْلٌ و اقْتِثامُ‏


قال ابن بري: يعني هشام بن المغيرة، قال: و الاقتِثام التَّزْلِيلُ. و قَثَم له من العطاء قَثْماً: أكثَر،
__________________________________________________
 (1). 1 قوله «واقعاً» كذا في الأصل تبعاً لابن سيدة، و الذي في معجم ياقوت في غير موضع: كاسراً.
 (2). قوله [كأنه أثناء إلخ‏] كذا بالأصل و لينظر خبر كأنّ.

461
لسان العرب12

قثم ص 461

و قيل: قَثَم له أعطاه دُفعة من المال جيِّدة مثل قَذَمَ و غَذَمَ و غَثَمَ. و قُثَم: اسم رجل مشتق منه، و هو معدول عن قاثِم و هو المُعطي. و يقال للرجل إذا كان كثير العَطاء: مائحٌ قُثَمُ؛ و قال:
ماحَ البِلادَ لنا في أوَّلِيَّتِنا،             على حَسودِ الأَعادِي، مائحٌ قُثَمُ‏

و رجل قُثَم و قُذَم إذا كان مِعطاء. و قَثَم مالًا إذا كَسبَه. و قَثامِ: اسم للغنيمة إذا كانت كثيرة. و قد اقْتَثَم مالًا كثيراً إذا أَخذه. و
في حديث المبعث: أَنت قُثَم، أَنت المُقَفَّى، أَنت الحاشر.
؛ هذه أَسماء النبي سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم. و
في الحديث: أَتاني ملَك فقال أَنت قُثَم و خَلْقُك قَيّم.
؛ القُثَمُ: المجتمع الخلق، و قيل: الجامع الكامل، و قيل: الجَموع للخير، و به سمي الرجل قُثَم، و قيل: قُثم معدول عن قاثم، و هو الكثير العطاء. و يقال للذِّيخ قُثُمُ، و اسم فِعله القُثْمة، و قد قَثَم يَقْثم قَثْماً و قُثْمة. و القَثم: لَطْخُ الجَعْر و نحوه. و قَثامِ: من أَسماء الضّبُع، سميت به لالتطاخها بالجعر؛ قال سيبويه: سميت به لأَنها تَقْثِم أي تُقطِّع. و قُثَمُ: الذكَر من الضِّباع، و كلاهما معدول عن فاعل و فاعلة، و الأُنثى قَثامِ مثل حَذامِ، سميت الضَّبُع بذلك لتلطخها بجَعْرها. و القُثْمة: الغُبرة. و قَثُم قَثْماً و قَثامة: اغْبَرّ. و يقال للأَمة: يا قَثامِ، كما يقال لها: يا ذَفارِ. قال ابن بري: سمي الذكر من الضِّبْعان قُثَم لبُطئه في مشيه، و كذلك الأُنثى. يقال: هو يَقْثُم في مشيه، و يقال: هو يَقْثِمُ أي يَكْسِب، و لذلك سمي أبا كاسب، و هذا هو الصحيح.
قحم:
القَحْم: الكبير المُسنّ، و قيل: القَحْم فوق المسنّ مثل القَحْر؛ قال رؤبة:
رأَينَ قَحْماً شابَ و اقْلَحَمّا،             طالَ عليه الدَّهْرُ فاسْلَهَمّا

و الأُنثى قَحْمة، و زعم يعقوب أن ميمها بدل من باء قَحْبٍ. و القَحومُ: كالقَحْم. و القَحْمة: المسنة من الغنم و غيرها كالقَحْبة، و الاسم القَحامة و القُحومة، و هي من المصادر التي ليست لها أَفعال. قال أبو عمرو: القَحْم الكبير من الإِبل و لو شبه به الرجل كان جائزاً؛ و القَحْرُ مثله. و قال أبو العميثل: القَحْمُ الذي قد أَقحَمَتْه السِّنُّ، تراه قد هَرِمَ من غير أوان الهَرَم؛ قال الراجز:
إني، و إنْ قالوا كَبيرٌ قَحْمُ،             عِندي حُداءٌ زَجَلٌ و نَهْمُ‏

و النَّهْم: زَجر الإِبل. الجوهري: شيخ قَحْمٌ أي هِمٌّ مثل قَحْل. و
في حديث ابن عُمر: ابْغِني خادماً لا يكون قَحْماً فانِياً و لا صغيراً ضَرَعاً.
؛ القَحْم: الشيخُ الهِمُّ الكبير. و قَحَمَ الرَّجُلُ في الأَمرِ يَقْحُم قُحوماً و اقتَحَمَ و انْقَحَم، و هما أَفصح: رَمَى بنفسه فيه من غير رَوِيَّةٍ، و قيل: رَمى بنفسه في نهر أو وَهْدةٍ أو في أَمر من غير دُرْبةٍ، و قيل: إنما جاءت قَحَمَ في الشِّعر وحده. و
في الحديث: أَقْحِمْ يا ابنَ سيفِ الله.
قال الأَزهري: و في الكلام العام اقْتَحَم. و تَقْحِيمُ النفْسِ في الشي‏ء: إدخالها فيه من غير رَويَّة. و
في حديث عائشة: أَقبلت زَيْنبُ تَقَحَّمُ لها.
أي تَتَعرَّضُ لشتمها و تدخل عليها فيه كأنها أَقبلت تشتُمها من غير رويّة و لا تثَبُّت. و
في الحديث: أنا آخِذٌ بحُجَزِكم عن النار و أَنتم تقْتَحِمُون فيها.
أي تقَعُونَ فيها. يقال: اقْتَحَم الإِنسانُ الأَمرَ العظيم و تقَحَّمَه؛ و منه‏
حديث عليّ، رضي الله عنه: مَنْ سَرَّه أن‏

462
لسان العرب12

قحم ص 462

يتَقَحَّم جرَاثِيمَ جهنم فلْيَقْضِ في الجَدِّ.
أي يرمي بنفسه في مَعاظِم عذابها. و
في حديث ابن مسعود: مَنْ لَقِيَ الله لا يُشرك به شيئاً غَفر له المُقْحِماتِ.
أي الذنوبَ العِظامِ التي تُقْحِمُ أَصحابها في النار أي تُلقيهم فيها. و في التنزيل: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ؛ ثم فسر اقْتِحامَها فقال: فَكَّ رقَبةً أَو أَطْعَمَ، و قرئ: فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ، و معنى فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ
 أي فلا هو اقتحم العقبة، و العرب إذا نفت بلا فِعْلًا كررتها كقوله: فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلَّى، و لم يكررها هاهنا لأَنه أَضمر لها فعلًا دل عليه سياق الكلام كأَنه قال: فلا أَمن و لا اقْتَحَمَ العقبة، و الدليل عليه قوله: ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا. و اقتحمَ النجمُ إذا غاب و سَقط؛ قال ابن أَحمر:
أُراقِبُ النجمَ كأَني مُولَع،             بحيْثُ يَجْري النجمُ حتى يقْتَحِم‏

أي يسقط؛ و قال جرير في التقدم:
همُ الحامِلونَ الخَيلَ حتى تقَحَّمَت             قَرابِيسُها، و ازدادَ مَوجاً لُبُودها

و القُحَمُ: الأُمور العِظام التي لا يَركبها كل أَحد. و للخصومة قُحَم أَي أَنها تَقْحَمُ بصاحبها على ما لا يريده. و
في حديث عليّ، كرم الله وجهه: أَنه وكَّلَ عبدَ الله بن جعفر بالخُصومة، و قال: إن للخُصومةِ قُحَماً.
، و هي الأُمور العظام الشاقة، واحدتها قُحْمةٌ، قال أَبو زيد الكلابي: القُحَم المَهالك؛ قال أَبو عبيد: و أَصله من التَّقَحُّم، و منه قُحْمة الأَعْراب، و هو كله مذكور في هذا الفصل؛ و قال ذو الرمة يصف الإِبل و شدة ما تلقى من السير حتى تُجْهِض أَولادها:
يُطَرِّحْنَ بالأَوْلادِ أَو يَلْتَزمْنها،             على قُحَمٍ، بينَ الفَلا و المَناهِل‏

و قال شمر: كل شاقّ صَعْب من الأُمور المُعضِلة و الحروب و الديون فهي قُحَم؛ و أَنشد لرؤْبة:
مِنْ قُحَمِ الدَّيْنِ و زُهْدِ الأَرْفاد

قال: قُحَمُ الدين كثرته و مَشقَّته؛ قال ساعدة بن جؤية:
و الشَّيْبُ داءٌ نَحِيسٌ، لا دواءَ له             للمَرءِ كان صَحيحاً صائِبَ القُحَمِ‏

يقول: إذا تقَحَّمَ في أَمر لم يَطِش و لم يُخْطِئ؛ قال: و قال ابن الأَعرابي في قوله:
قومٌ إذا حارَبوا، في حَرْبِهم قُحَمُ‏

قال: إقدام و جُرأَة و تقَحُّم، و قال في‏
قوله: مَن سرَّه أَن يتَقَحَّم جَراثِيمَ جهنم.
؛ قال شمر: التَّقحُّم التقدُّم و الوُقوعُ في أُهْوِيّة و شدّة بغير روية و لا تثبت؛ و قال العجاج:
إذا كُلِي و اقْتُحِمَ المَكْلِيُ‏

يقول: صُرِعَ الذي أُصِيبت كُلْيَتُه. و قُحَمُ الطريق: ما صَعُبَ منها. و اقْتَحَم المنزل: هَجَمه. و اقْتَحم الفَحْلُ الشَّوْلَ: اهْتَجَمها من غير أَن يُرْسَلَ فيها. الأَزهري: المَقاحِيمُ من الإِبل التي تَقْتَحِم فتَضْرب الشول من غير إرسال فيها، و الواحد مِقْحام؛ قال الأَزهري: هذا من نعت الفُحول. و الإِقْحامُ: الإِرْسال في عجلة. و بعير مُقْحَم: يذهب في المفازة من غير مُسِيم و لا سائق؛ قال ذو الرمة:
أو مُقْحَم أَضْعفَ الإِبْطانَ حادِجُه،             بالأَمْسِ، فاسْتَأْخَرَ العِدْلان و القتَبُ‏

قال: شبَّه به جَناحَي الظليم. و أَعْرابي مُقْحَم: نشأَ في البَدْو و الفَلوَات لم يُزايِلها. و قَحَم المنازل: طَواها؛ و قول عائذ بن منقذ العَنْبري أَنشده ابن الأَعرابي:

463
لسان العرب12

قحم ص 462

تُقَحِّم الرَّاعي إذا الراعي أَكَبُ‏

فسره فقال: تُقَحِّمُ لا تَنزِل المَنازل و لكن تَطوي فتُقَحِّمُه منزلًا منزلًا يصف إبلًا؛ و قوله:
مُقَحِّم الرَّاعي ظَنُونَ الشِّرْبِ‏

يعني أَنه يقتحم منزلًا بعد منزل يَطْوِيه فلا ينزل فيه، و قوله ظَنونَ الشِّرب أي لا يدري أَ به ماء أم لا. و القُحْمة: الانْقِحام في السير؛ قال:
لمَّا رأَيتُ العامَ عاماً أَسْحَما،             كَلَّفْتُ نفْسي و صِحابي قُحَما

و المُقْحَم، بفتح الحاء: البعير الذي يُرْبِعُ و يُثْني في سنة واحدة فيَقتحِم سناً على سن قبل وقتها، و لا يكون ذلك إلا لابن الهَرِمَيْن أَو السَّيِ‏ءِ الغذاء. الأَزهري: البعير إذا أَلقَى سِنَّيْه في عام واحد فهو مُقْحَم، قال: و ذلك لا يكون إلَّا لابن الهَرِمَين؛ و أَنشد ابن بري لعمرو بن لجإٍ:
و كنتُ قد أَعْدَدْتُ، قَبْلَ مَقْدَمي،             كَبْداء فَوْهاء كجَوْزِ المُقْحَمِ‏

و عنى بالكَبداء مَحالة عظيمة الوَسَط. و أُقْحِمَ البعير: قُدِّم إلى سن لم يبلغها كأَن يكون في جِرْم رَباعٍ و هو ثَنِيٌّ فيقال رَباعٌ لعِظَمِه، أَو يكون في جرم ثنيّ و هو جَذَعٌ فيقال ثني لذلك أَيضاً، و قيل: المُقْحَم الحِقُّ و فوق الحِقِّ مما لم يَبْزُل. و قُحْمة الأَعراب: أن تصيبهم السنة فتُهْلِكَهم، فذلك تقَحُّمها عليهم أو تقَحُّمُهم بلاد الريف. و قَحَمَتهم سنة جدبة تقْتحِم عليهم و قد أَقْحَموا و أُقْحِموا؛ الأُولى عن ثعلب، و قُحِّموا فانْقَحَمُوا: أُدْخِلوا بلاد الريف هرباً من الجدب. و أَقْحَمَتْهم السنةُ الحَضَرَ و في الحَضر: أَدْخَلَتْهم إياه. و كلُّ ما أَدْخلتَه شيئاً فقد أَقْحَمْتَه إياه و أَقْحَمْتَه فيه؛ و قال:
في كلِّ حَمْدٍ أَفادَ الحَمْد يُقْحِمُها،             ما يُشْتَرَى الحَمْدُ إلا دُونَه قُحَمُ‏

الجوهري: القُحْمة السنة الشديدة. يقال: أَصابت الأَعرابَ القُحْمةُ إذا أَصابهم قَحْط. و
في الحديث: أَقحَمَتِ السنةُ نابِغةَ بني جَعْدة.
أي أَخرجَته من البادية و أَدخَلتْه الحضَر. و القُحمة: ركوب الإِثْم؛ عن ثعلب. و القُحمة، بالضم: المهلكة. و أَسودُ قاحِمٌ: شديد السواد كفاحم. و التَّقْحِيمُ: رَميُ الفرسِ فارسَه على وجهه؛ قال:
يُقَحِّمُ الفارِسَ لو لا قَبْقَبُهْ‏

و يقال: تقَحَّمَتْ بفلان دابته، و ذلك إذا ندَّت به فلم يَضْبِطْ رأْسَها و ربما طَوَّحت به في وَهْدة أَو وَقَصَتْ به؛ قال الراجز:
أَقولُ، و الناقةُ بي تقَحَّمُ،             و أَنا منها مُكْلَئِزُّ مُعْصِمُ:
ويْحَكِ ما اسْمُ أُمِّها، يا عَلْكَمُ؟

يقال: إن الناقة إذا تقَحَّمت براكبها نادَّةً لا يَضْبِطُ رأْسها إنها إذا سَمَّى أُمَّها وقفت. و عَلْكَم: اسم ناقة. و أَقْحَمَ فرسَه النهرَ فانْقَحَم، و اقْتَحم النهر أَيضاً: دخَله. و
في حديث عمر: أَنه دخلَ عليه و عنده غُلَيِّمٌ أَسْودُ يَغْمِزُ ظَهرَه فقال: ما هذا الغلام؟ قال: إنه تقَحَّمَتْ بي الناقةُ الليلةَ.
أَي أَلَقَتْني. و القُحْمةُ: الوَرْطةُ و المَهْلكة. و قَحَمَ إليه يَقْحَم: دَنا. و القُحَمُ: ثلاث ليال من آخر الشهر لأَن القمر قحَمَ في دُنُوِّه إلى الشمس. و اقْتَحمَتْه عيني: ازْدَرَتْه، قال: و قد يكون الذي تَقْحَمُه عينُك فترفعه فوق سنِّه لعِظَمه و حُسنه نحو أَن يكون ابن لَبُون فتظنه حِقّاً أو جَذَعاً.

464
لسان العرب12

قحم ص 462

و
في حديث أُم معبد في صفة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم: لا تَقْتَحِمهُ عَين من قِصَر.
أي لا تتجاوَزُه إلى غيره احتقاراً له. و كل شي‏ء ازْدَرَيْتَه فقد اقتحَمْتَه؛ أَراد الواصفُ أَنه لا تَسْتَصْغِرُه العينُ و لا تَزْدَرِيه لقِصَرِه. و فلان مُقْحَمٌ أي ضعيف. و كلُّ شي‏ء نُسِبَ إلى الضعف فهو مُقْحَم؛ و منه قول النابغة الجَعْدي:
عَلَوْنا و سُدنا سُودَداً غيرَ مُقْحَمِ‏

قال: و أَصل هذا و شبهه من المُقحم الذي يتحوَّل من سنّ إلى سنّ في سنة واحدة؛ و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
من الناسِ أَقْوامٌ، إذا صادَفوا الغِنى             توَلَّوْا، و قالوا للصَّديقِ و قَحَّمُوا

فسره فقال: أَغْلَظُوا عليه و جَفَوه.
قحدم:
القَحْدَمةُ و القَمَحْدُوةُ و القَحْدُوةُ «3»: الهَنةُ الناشزة فوق القفا، و هي بين الذُّؤابة و القفا مُنحدرة عن الهامة، إذا استلقى الرجل أَصابت الأَرض من رأْسه؛ قال:
فإن يُقْبِلُوا نَطْعُنْ ثُغُورَ نُحورِهم،             و إنْ يُدْبِرُوا نَضْرِبْ أَعالي القَماحِدِ «4».

الأَزهري: أَبو عمرو تقَحْدَمَ الرجلُ في أَمره تقَحْدُماً إذا تشدد، فهو مُتَقَحْدِمٌ؛ و قَحْدَم: اسم رجل مأْخوذ منه.
قحذم:
تقَحْذَم الرجل: وقع مُنْصَرِعاً. و تقَحْذَم البيتَ: دخَله. و القَحْذَمةُ و التَّقَحْذُم: الهُوِيّ على الرأْس؛ قال:
كَمْ مِن عدوّ زالَ أو تَدَحْلَما،             كأَنَّه في هُوَّةٍ تقَحْذَما

تَدَحْلَم إذا تَدَهْوَرَ في بئر أَو من جبَلٍ.
قحزم:
قَحْزَمَ الرجلَ: صرَفَه عن الشي‏ء.
قخم:
القَيْخَمُ: الضَّخم العظيم؛ قال العجاج:
و شَرَفاً ضَخْماً و عِزّاً قَيْخَما

و القَيْخمان: كبير القَرية و رأْسُها؛ قال العجاج:
أَو قَيْخَمانِ القَرْيةِ الكبير

قدم:
في أَسماء اللّه تعالى المُقَدِّم: هو الذي يُقَدِّم الأَشياءَ و يضعها في مواضعها، فمن استحق التَّقديم قدَّمه. و القَدِيم، على الإِطلاق: اللّه عز و جل. و القِدَمُ: العِتْقُ مصدر القَدِيم. و القِدَمُ: نَقِيضُ الحُدوث، قَدُمَ يَقْدُم قِدَماً و قَدامةً و تَقادَمَ، و هو قَدِيم، و الجمع قُدَماء و قُدَامى. و شي‏ءٌ قُدامٌ: كقَدِيم. و
في حديث ابن مسعود: فسَلَّم عليه و هو يُصلِّي فلم يَرُدَّ عليه، قال: فأَخذني ما قَدُم و ما حَدُثَ.
أَي الحزن و الكآبَة، يريد أَنه عاوَدَتْه أَحْزانه القديمة و اتَّصَلَت بالحَدِيثة، و قيل: معناه غَلَب عليّ التفَكُّر في أَحوالي القديمة و الحديثة، أَيُّها كان سبباً لترك ردِّه السلام عليّ. و القَدَمُ و القُدْمةُ: السابقة في الأَمر. يقال: لفلان قَدَمُ صِدْقٍ أَي أَثرَةٌ حَسنَة. قال ابن بري: القَدَمُ التَّقَدُّم، قال الشاعر:
و إِنْ يَكُ قَوْمٌ قد أُصِيبُوا، فإِنهم             بَنَوْا لكُمُ خَيرَ البَنِيَّة و القَدَمْ‏

و قال أُمية بن أَبي الصلت:
عَرَفْتُ أَن لا يَفُوتَ اللَّهَ ذُو قَدَمٍ،             و أَنَّه من أَمِيرِ السُّوءِ مُنْتَقِمُ‏

و قال عبد اللَّه بن هَمّام السَّلُولي:
و نسْتَعِينُ، إِذا اصْطَكَّتْ حُدُودُهمُ             عِندَ اللِّقاءِ، بِحَدٍّ ثابتِ القَدَمِ‏

__________________________________________________
 (3). قوله [و القحدوة] كذا بالأَصل مضبوطاً، و في شرح القاموس: و المقحدوة بزيادة ميم قبل القاف.
 (4). قوله [
         فان يقبلوا ...

إلخ‏] تقدم في قمحد: أتى به هنا شاهداً على التفسير.

465
لسان العرب12

قدم ص 465

و قال جرير:
أَ بَنِي أُسَيْدٍ، قد وَجَدْتُ لِمازِنٍ             قَدَماً، و ليس لكمْ قُدَيْمٌ يُعْلَمُ‏

و
في حديث عمر: إِنَّا على مَنازِلنا من كتاب اللَّه و قِسْمةِ رَسوله و الرَّجلُ و قَدَمُه و الرجل و بَلاؤه.
أَي أَفْعاله و تقَدُّمُه في الإسلام و سَبْقُه. و في التنزيل العزيز: وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ‏
، أَي سابِقَ خير و أَثراً حسناً، قال الأَخفش: هو التقديم كأَنه قدم خيراً و كان له فيه تقديم، و كذلك القُدْمة، بالضم و التسكين، قال سيبويه: رجل قَدَمٌ و امرأة قَدَمةٌ يعني أَن لهما قدَم صدق في الخير، قيل: و قَدَمُ الصدقِ المنزلة الرفيعةُ و السابقة، و المعنى أَنه قد سبق لهم عند الله خير، قال: و للكافر قَدم شر، قال ذو الرمة:
و أَنتَ امْرُؤٌ من أَهلِ بَيْتِ ذُؤابَةٍ،             لهم قَدَمٌ مَعْروفةٌ و مَفَاخِرُ

قالوا: القَدَمُ و السابقة ما تقَدَّموا فيه غيرهم. و
روي عن أَحمد بن يحيى: قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ‏، القدَم كل ما قَدَّمْت من خير.
و تَقَدَّمَتْ فيه لفلان قَدَمٌ أَي تقَدُّمٌ في الخير.
ابن قتيبة: أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ‏ يعني عملًا صالحاً قدّموه.
أَبو زيد: رجل قَدَمٌ و امرأَة قَدَمٌ من رجال و نساء قَدَمٍ، و هم ذوو القَدَم. و جاء في تفسير قَدَمَ صِدْقٍ‏: شفاعةَ النبي، صلى اللَّه عليه و سلم، يوم القيامة. و قُدّام: نقيض وراء، و هما يؤنثان و يصغران بالهاء: قَدَيْدِمةٌ و قُدَيْدِيمة وَ وُرَيِّئة، و هما شاذان لأَن الهاء لا تلحق الرباعي في التصغير، قال القطامي،
قُدَيْدِمةُ التَّجْرِيبِ و الحِلْمِ أَنَّني             أَرَى غَفَلاتِ العَيْشِ قبْلَ التَّجَارِبِ‏

قال ابن بري: من كسر أَن استأْنف، و من فتح فعلى المفعول له. و تقول: لقيته قُدَيْدِيمةَ ذلك و وُرَيِّئةَ ذلك. قال اللحياني: قال الكسائي قُدّام مؤنثة و إن ذكرت جاز، و قد قيل في تصغيره قُدَيْديم، و هذا يقوي ما حكاه الكسائي من تذكيرها، و هي أَيضاً القُدّامُ و القَيْدامُ و القَيْدُوم، عن كراع. و القُدُم: المُضيّ أَمَام أَمامَ، و هو يمشي القُدُمَ و القُدَمِيَّةَ «1» و اليَقْدُمِيَّة و التَّقْدُمِيَّةَ إِذا مَضى في الحرب. و مضى القومُ التَّقْدُمِيَّةَ إِذا تَقَدّموا، قال سيبويه: التاء زائدة، و قال:
ما ذا بِبَدْرٍ فالعَقَنْقَلِ             مِن مَرازِبةٍ جَحاجِحْ‏
الضَّارِبينَ التَّقْدُمِيْيَةَ             بالمُهَنَّدةِ الصَّفائِحْ‏

التهذيب: يقال مشى فلان القُدَمِيَّةَ و التَّقْدُمِيّةَ إِذا تقدّم في الشرف و الفضل و لم يتأَخر عن غيره في الإِفْضال على الناس. و
روي عن ابن عباس أَنه قال: إِن ابن أَبي العاص مشى القُدَمية و إِن ابن الزبير لَوَى ذَنَبه.
، أَراد أَن أَحدهما سَما إِلى مَعالي الأُمور فحازها، و أَن الآخر قَصَّر عما سما له منها، قال أَبو عبيد في قوله مشى القُدَمِيّة: قال أَبو عمرو معناه التبَخْتر، قال أَبو عبيد: إِنما هو مثل و لم يرد المشي بعينه، و لكنه أَراد به ركب معالي الأُمور، قال ابن الأَثير: و في رواية اليقدمية، قال: و الذي جاء في رواية البخاري القُدَمِيّة، و معناها أَنه تَقدّم في الشرف و الفضل على أَصحابه، قال: و الذي جاء في كتب الغريب اليَقْدُمِيّة و التَّقْدُمِيّة، بالياء و التاء، و هما زائدتان و معناهما التقدّم، و رواه الأَزهري‏
__________________________________________________
 (1). قوله" و القدمية" ضبطت الدال في الأصل و المحكم بالفتح، و فيما بأيدينا من نسخ القاموس الطبع بالضم.

466
لسان العرب12

قدم ص 465

بالياء المعجمة من تحت، و الجوهري بالتاء المعجمة من فوق، قال: و قيل إِن اليقدمية بالياء من تحت هو التَّقَدُّم بهمته و أَفعاله. و التُّقْدُمةُ و التُّقْدُمِيّةُ: أَول تقدم الخيل، عن السيرافي. و قَدَمَهم يَقْدُمُهم قَدْماً و قُدُوماً و قَدِمَهم، كلاهما: صار أَمامهم. و أَقْدَمَه و قَدَّمه بمعنى، قال لبيد:
فَمَضَى و قَدَّمَها و كانت عادةً             مِنه، إِذا هِي عَرَّدَتْ، إِقْدامُها

أَي يُقدِّمُها، قالوا: أَنث الإِقْدام لأَنه في معنى التقْدِمة، و قيل: لأَنه في معنى العادة و هي خبر كان، و خبر كان هو اسمها في المعنى، و مثله قولهم: ما جاءت، حاجتُك، فأَنث ما حيث كانت في المعنى الحاجة. و تَقَدّم: كَقَدَّمَ. و قدَّمَ و اسْتَقْدَم: تَقدَّم. التهذيب: و يقال قَدَمَ فلان فلاناً إِذا تَقدَّمه. الجوهري قَدَم، بالفتح، يَقْدُم قُدوماً أَي تقدّم، و منه قوله تعالى: يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ، أَي يَتقدَّمُهم إلى النار و مصدره القَدْمُ. يقال: قَدَمَ يَقْدُم و تَقَدَّمَ يتقَدَّمُ و أَقدَمَ يُقْدِم و اسْتَقْدَم يَسْتَقْدِم بمعنى واحد. و في التنزيل العزيز: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ‏، و قرى‏ء لا تَقَدَّمُوا، قال الزجاج: معناه إِذا أُمرتم بأَمر فلا تفعلوه قبل الوقت الذي أُمرتم أَن تفعلوه فيه، و
جاء في التفسير: أَن رجلًا ذَبح يوم النحر قبل الصلاة، فتقدّم قبل الوقت فأَنزل اللَّه الآية و أَعْلَمَ أَن ذلك غير جائز.
و قال الزجاج في قوله وَ لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ‏: في طاعة اللَّه، و الْمُسْتَأْخِرِينَ: فيها. و القَدَمةُ من الغنم: التي تكون أَمام الغنم في الرعي. و قوله تعالى: وَ لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَ لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ‏، يعني من يتقدم من الناس على صاحبه في الموت و من يتأَخر منهم فيه، و قيل: عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ‏
 من الأُمم و عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ، و قال ثعلب: معناه من يأْتي منكم أَولًا إِلى المسجد و من يأْتي متأَخراً. و قَدَّمَ بين يديه أَي تَقدَّم. و قوله عز و جل: لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ‏، و لا تَقَدَّموا، فسره ثعلب فقال: من قرأَ تُقَدِّمُوا
 فمعناه لا تُقدّموا كلاماً قبل كلامه، و من قرأَ لا تَقَدَّموا فمعناه لا تَقَدَّموا قبله، و قال الزجاج: تقدموا و تَقدَّموا بمعنى. و أَقْدِمْ و أَقْدُمْ: زجر للفرس و أَمر له بالتقَدُّم. و
في حديث بدر: إِقْدُمْ حَيْزُوم.

، بالكسر، و الصواب فتح الهمزة، كأنه يُؤمر بالإِقدام و هو التقدم في الحرب. و الإِقْدام: الشجاعة. قال: و قد تكسر الهمزة من إِقْدم، و يكون أَمراً بالتقدُّم لا غير، و الصحيح الفتح من أَقْدَم. و قَيْدُوم كلِّ شي‏ء و قَيْدامُه: أَوله، قال تميم بن مقبل:
مُسامِيةٌ خَوْصاء ذاتُ نَثيلةٍ،             إِذا كان قَيْدامُ المَجَرَّة أَقْوَدا

و قيْدُومُ الجبل و قُدَيْدِيمَتُه: أَنف يتقدَّم منه، قال الشاعر:
بمُسْتَهْطِعٍ رَسْلٍ، كأَن جَدِيلَه             بقَيْدُومِ رَعْنٍ مِن صَوامٍ مُمَنَّعِ‏

و صَوام: اسم جبل، و قول رؤبة بن العجاج:
أَحْقَبَ يَحْذُو رَهَقَى قَيْدُوما

أَي أَتاناً يمشي قُدُماً. و قَيْدُوم كل شي‏ء: مُقدَّمه و صدره. و قيدوم كُل شي‏ءٍ: ما تقدم منه، قال أَبو حية:
تحَجَّرَ الطيرَ مِن قَيْدُومِها البَرَد

467
لسان العرب12

قدم ص 465

أَي من قَيْدُومِ هذه السحابة. و قيدوم كُل شي‏ء: مقدمه و صدره. و قُدُم: نقيض أُخُر، بمنزلة قُبُل و دُبُر. و رجل قُدُم: يقتحم الأُمور و الأَشياء يتقدم الناس و يمشي في الحروب قُدُماً. و رجل قُدُمٌ و قَدَمٌ: شجاع، و الأُنثى قَدَمة. ابن شميل: رجل قَدَمٌ و امرأَة قَدَمٌ إِذا كانا جريئين. و
في حديث علي، رضي اللَّه عنه: غير نَكِلٍ في قَدَم و لا واهناً في عَزْم.
أَي في تقدم، و قد يكون القَدَم بمعنى التقدم. و
في الحديث: طُوبَى لعبد مُغْبَرٍّ قُدُمٍ في سبيل اللَّه!.
رجل قُدُم، بضمتين، أَي شجاع، و معنى قُدُمٍ أَي لم يُعَرِّج. و
في حديث علي: نظر قُدُماً أَمامه.
أَي لم يُعرِّج و لم ينثن، و قد تسكن الدال. يقال: قَدَم، بالفتح، يَقْدَمُ قُدْماً أَي تَقدّم. و
في حديث شيبة بن عثمان: فقال النبي، صلى اللّه عليه و سلم: قُدْماً هَا.
أَي تقدموا، و ها تنبيه، يحرضهم على القتال. و القَدْمُ: الشرف القديم، على مثال فَعْل. ابن شميل: لفلان عند فلان قَدَمٌ أَي يد و معروف و صنيعة، و قد قَدَم و قَدِمَ و أَقْدَمَ و تَقَدَّم و استقدم بمعنى كما يقال استجاب و أَجاب. و رجل مِقْدام و مِقْدامةٌ: مُقْدِم كثير الإِقْدام على العدوّ جري‏ء في الحرب، الأَخيرة عن اللحياني. و رجال مَقادِيمُ و الاسم منه القُدْمة، أَنشد ابن الأَعرابي:
تراه على الخَيلِ ذا قُدْمةٍ،             إِذا سَرْبَلَ الدمُ أَكْفالَها

و رجل قَدِمٌ، بكسر الدال، أَي مُتَقدِّم، أَنشد أَبو عمرو لجرير:
أَ سُراقَ قد عَلِمَتْ مَعَدٌّ أَنَّني             قَدِمٌ إِذا كُرِه الخِياضُ، جَسُورُ

و يقال: ضُرِب فَركِبَ مَقادِيمَه إِذا وقَع على وجهه، واحدها مُقْدِم. و في المثل: اسْتَقْدَمَتْ رِحالَتُك، يعني سَرْجَك أَي سبقَ ما كان غيرُه أَحَقَّ به. و يقال: هو جَري‏ء المُقْدَم، بضم الميم و فتح الدال، أَي هو جري‏ء عند الإِقدام. و القُدْمُ: المُضِيُّ و هو الإِقدْام. يقال: أقْدَمَ فلان على قِرْنه إِقْداماً و قُدْماً و مَقْدَماً إِذا تَقَدَّم عليه بجراءة صدره. و أَقْدَمَ على الأَمر إِقداماً، و الإِقْدامُ: ضدّ الإِحجام. و مُقَدِّمة العسكر و قادِمَتُهم و قُداماهُم: مُتَقَدِّموهم. التهذيب: مُقَدِّمة الجيش، بكسر الدال، أَوله الذين يتقدمون الجيش، و أَنشد ابن بري للأَعشى:
هُمُ ضَرَبُوا بالحِنْو حِنْوِ قُراقِر،             مُقَدِّمةَ الهامَرْزِ حتَّى توَلَّت‏

و قيل: إِنه يجوز مُقدَّمة بفتح الدال. و مُقدِّمة الجيش: هي من قَدَّم بمعنى تَقدَّم، و منه قولهم: المُقدِّمة و النَّتيجة، قال البطليوسي: و لو فتحت الدال لم يكن لحناً لأَن غيره قدَّمه، و قال لبيد في قَدَّم بمعنى تَقدَّم:
قَدَّمُوا إِذ قيلَ: قَيْسٌ قَدِّمُوا             و ارْفَعُوا المَجْدَ بأَطرافِ الأَسَلْ!

أَراد: يا قيس، و يروى:
قَدَّمُوا إِذ قال قَيْسٌ قَدِّمُوا

و قال آخر:
إِن نَطق القوم فأَنت صُيّاب،             أَو سَكَتَ القَومُ فأَنتَ قَبْقاب،
أَو قَدَّموا يَوْماً فأَنتَ وَجَّاب‏

و قال الأَحوص:
فَلَوْ ماتَ إِنسانٌ من الحُبِّ مُقْدِما             لَمُتُّ، و لكِنّي سَأَمْضِي مُقَدِّما

468
لسان العرب12

قدم ص 465

و
في كتاب معاوية إِلى مَلك الروم: لأَكونَن مُقَدِّمتَه إِليك.
أَي الجماعة التي تتقَدَّمُ الجيش، من قَدَّم بمعنى تَقَدَّمَ، و قد استعير لكل شي‏ء فقيل: مُقَدِّمة الكتاب و مُقدِّمة الكلام، بكسر الدال، قال: و قد تفتح. و مُقَدِّمةُ الإِبل و الخيل و مُقَدَّمتهما، الأَخيرة عن ثعلب: أَول ما يُنْتَج منهما و يَلْقَح، و قيل: مُقَدِّمةُ كل شي‏ء أَوله، و مُقَدَّم كل شي‏ء نقيض مؤخره. و يقال: ضَرب مُقدَّم وجهه. و مُقْدِم العين: ما وَلِيَ الأَنف، بكسر الدال، كَمُؤْخِرها ما يلي الصدغ، و قال أَبو عبيد: هو مُقدَّم العين و قال بعض المحررين: لم يسمع المُقدَّمُ إِلا في مُقدَّم العين، و كذلك لم يسمع في نقيضه المؤخَّر إِلا مؤخَّر العين، و هو ما يلي الصدغ. و يقال: ضرب مُقدَّم رأْسه و مؤخَّره. و المُقَدِّمة: ما استقبلك من الجبهة و الجبين. و المُقَدِّمة: الناصية و الجَبهة. و مَقادِيم وجهه: ما استقبلت منه، واحدها مُقْدِم و مُقَدِّم، الأَخيرة عن اللحياني. قال ابن سيدة: فإِذا كان مَقادِيم جمع مُقْدِم فهو شاذ، و إِذا كان جمع مُقَدِّم فالياء عوض. و امْتَشَطت المرأَةُ المُقدِّمةَ، بكسر الدال لا غير: و هو ضرب من الامتشاط، قال: أَراه من قُدّام رأْسها. و قادِمةُ الرحل و قادِمُه و مُقْدِمُه و مُقْدِمَتُه، بكسر الدال مخففة، و مُقَدَّمُه و مُقَدَّمَتُه، بفتح الدال المشددة: أَمام الواسط، و كذلك هذه اللغات كلها في آخرة الرحل، و قال:
كأَنَّ، مِن آخِرها إِلقادِمِ،             مَخْرِمَ فَخْذٍ فارغِ المَخارِمِ‏

أَراد من آخرها إلى القادم فحذف إِحدى اللامين الأُولى. قال أَبو منصور: العرب تقول آخِرة الرحل و واسِطُه و لا تقول قادمته. و
في الحديث: إِن ذِفْراها لتكاد تُصيب قادِمةَ الرَّحل.
، هي الخشبة التي في مُقَدِّمة كَوْر البعير بمنزلة قَرَبوس السرج. و قَيْدُوم الرحل: قادِمتُه. و قادِم الإِنسان: رأْسه، و الجمع القَوادِمُ، و هي المَقَادِم، و أَكثر ما يتكلم به جمعاً، و قيل: لا يكاد يتكلم بالواحد منه. و القادِمتَانِ و القادِمان: الخِلْفانِ المُتقدِّمان من أَخلاف الناقة. و قادِم الأَطْباء و الضُّروع: الخلفان المتقدمان من أَخلاف البقرة و الناقة، و إِنما يقال قادِمانِ لكل ما كان له آخِران، إِلا أَن طرفة استعاره للشاة فقال:
مِنَ الزَّمِراتِ أَسْبَلَ قادِماها،             و ضَرَّتُها مُرَكَّنةٌ دَرُورُ

و ليس لهما آخِران، و للناقة قَادِمان و آخران، الواحد قادم و آخر، و كذلك البقرة و قادِماها خِلفاها اللذان يليان السرة، و آخراها الخلفان اللذان يليان مؤخرها. و قَوادِمُ ريش الطائر: ضد خَوافِيها، الواحدة قَادِمَة و خافِية. ابن سيدة: و القَوادِمُ أَربع رِيشات في مُقَدَّم الجناح، الواحدة قَادِمَة، و هي القُدَامَى، و المناكب اللواتي بعدهن إِلى أَسفل الجناح، و الخَوافي ما بعد المناكب، و الأَباهر من بعد الخوافي، و قيل: قَوَادِم الطير مَقادِيم ريشه، و هي عشر في كل جناح. ابن الأَنباري: قُدَامَى الريش المُقَدَّم، قال رؤبة:
خُلِقْتُ مِنْ جَناحِك الغُدافي،             مِن القُدَامَى لا مِن الخَوافي «2»

و من أَمثالهم: ما جَعل القَوادِم كالخَوافي: قال ابن بري: القُدامَى تكون واحداً كشُكاعَى و تكون جمعا كسُكارَى، قال القطامي:
و قد عَلمت شُيوخُهمُ القُدامى‏

و هذا البيت أَورده الأَزهري مستشهداً به على القُدَامَى‏
__________________________________________________
 (2). أنشده في غدف:
ركِّب في جناحك الغدافي             من القُدَامَى و من الخوافي.

469
لسان العرب12

قدم ص 465

بمعنى القدماء، و سيأتي. و المِقْدام: ضرب من النخل، قال أَبو حنيفة، هو أَبكر نخل عُمان، سميت بذلك لتقدمها النخل بالبلوغ. و القَدَمُ: الرِّجل، أُنثى، و الجمع أَقْدَام لم يجاوزوا به هذا البناء. ابن السكيت: القَدَمُ و الرِّجل أُنثيان، و تصغيرهما قُدَيْمَة و رُجَيلة، و يجمعان أَرجُلًا و أَقْدَاماً. الليث: القَدَمُ من لدن الرُّسْغ ما يطأُ عليه الإِنسان، قال ابن بري: و قد يجمع قَدَم على قُدَام، قال جرير:
و أُمَّاتُكُمْ فُتْخُ القُدَامِ و خَيْضَفُ‏

و خيضف: فيعل من الخَضْف و هو الضُّراط. و قوله تعالى: رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا،
جاء في التفسير: أَنه يعني ابن آدم قابيل، الذي قتل أَخاه، و إِبليس.
و معنى نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا
 أَي يكونان فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ. و
قوله، صلى اللَّه عليه و سلم: كلُّ دم و مالٍ و مَأْثُرة كانت في الجاهلية فهي تحت قَدَمَيَّ هاتين.
، أَراد أَني قد أَهدرت ذلك كله، قال ابن الأَثير: أَراد إِخفاءها و إِعدامها و إِذلال أَمر الجاهلية و نقض سُنَّتها، و منه‏
الحديث: ثلاثة في المَنْسَى تحت قَدَمِ الرحمن.
أَي أَنهم مَنسيون متروكون غير مذكورين بخير. و
في أَسمائه، صلى اللَّه عليه و سلم: أَنا الحاشر الذي يُحشَر الناسُ على قَدَمِي.
أَي على أَثَرِي. و
في حديث مواقيت الصلاة: كان قَدْرُ صلاته الظهر في الصيف ثلاثة أَقْدَام إِلى خمسة أَقْدَام.
، قال ابن الأَثير: أَقْدَامُ الظل التي تُعرف بها أَوقات الصلاة هي قَدَمُ كل إِنسان على قدر قامته، و هذا أَمر يختلف باختلاف الأَقاليم و البلاد، لأَن سبب طول الظل و قصره هو انحطاط الشمس و ارتفاعها إِلى سمت الرؤوس، فكلما كانت أَعلى و إِلى محاذاة الرؤوس في مجراها أَقرب كان الظل أَقصر، و ينعكس الأَمر بالعكس، و لذلك ترى ظل الشتاء في البلاد الشمالية أَبداً أَطول من ظل الصيف في كل موضع منها، و كانت صلاته، صلى اللَّه عليه و سلم، بمكة و المدينة و هما من الإِقليم الثاني، و يذكر أَن الظل فيهما عند الاعتدال في آذار و أَيلول ثلاثة أَقْدَام و بعض قدم، فيشبه أَن تكون صلاته إِذا اشتد الحر متأَخرة عن الوقت المعهود قبله إِلى أَن يصير الظل خمسة أَقدام أَو خمسة و شيئاً، و يكون في الشتاء أَول الوقت خمسة أقدام و آخره سبعة أَو سبعة و شيئاً، فينزل هذا الحديث على هذا التقدير في ذلك الإِقليم دون سائر الأَقاليم. قال ابن سيدة: و أَما ما جاء
في حديث صفة النار من أَنه، صلى اللَّه عليه و سلم، قال: لا تسكن جهنم حتى يضع اللَّه فيها قَدَمه.
، فإِنه‏
روي عن الحسن و أَصحابه أَنه قال: حتى يجعل اللَّه فيها الذين قَدَّمهم لها من شرار خلقه، فهم قَدَمُ اللَّه للنار كما أَن المسلمين قَدَمُه إِلى الجنة.
و القَدَمُ: كل ما قَدَّمت من خير أَو شر و تَقَدَّمتْ لفلان فيه قَدَمٌ أَي تَقَدُّمٌ من خير أَو شر، و قيل: وضع القَدَم على الشي‏ء مثل للرَّدْع و القَمْع، فكأَنه قال يأْتيها أَمر اللَّه فيكفها عن طلب المزيد، و قيل: أَراد به تسكين فَوْرَتها كما يقال للأَمر تريد إِبطاله: وَضَعْتُه تحت قَدَمِي، و قيل: حتى يضع اللَّه فيها قدمه، إِنه متروك على ظاهره و يُؤمَن به و لا يُفسر و لا يُكيَّف. ابن بري: يقال هو يضع قدماً على قدم إِذا تتبع السهل من الأَرض، قال الراجز:
قد كان عَهْدِي ببَني قَيْس، و هُمْ             لا يَضَعُون قَدَماً على قَدَمْ،
و لا يَحُلُّوَن بِإِلٍّ في الحَرَمْ‏

يقول: عهدي بهم أَعزاء لا يَتَوَقَّوْن و لا يَطلبون السَّهل، و قيل: لا يكونون تِباعاً لقوم، قال:

470
لسان العرب12

قدم ص 465

و هذا أَحسن القولين، و قوله: و لا يحلون بإِلٍّ أَي لا ينزلون بجوار أَحد يأْخذون منه إِلًّا و ذمَّة. و القُدُوم: الرجوع من السفر، قَدِمَ من سفره يَقْدَمُ قُدُوماً و مَقْدَماً، بفتح الدال، فهو قَادِم: آب، و الجمع قُدُمٌ و قُدَّام، تقول: وردت مَقْدَم الحاج تجعله ظرفاً، و هو مصدر، أَي وقت مَقْدَم الحاج. و يقال: قَدِمَ فلان من سفره يَقْدَمُ قُدُوما. و قَدِمَ فلان على الأَمر إِذا أَقْدَمَ عليه، و منه قول الأَعشى:
فَكَمْ ما تَرَينَ امْرءاً راشِداً،             تَبَيَّنَ ثم انتهى، إِذْ قَدِمَ‏

و قَدِمَ فلان إِلى أَمر كذا و كذا أَي قصد له، و منه قوله تعالى: وَ قَدِمْنا إِلى‏ ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ‏
، قال الزجاج و الفراء: معنى قَدِمْنا
 عَمَدنا و قصَدنا، كما تقول قام فلان يفعل كذا، تريد قصد إِلى كذا و لا تريد قام من القيام على الرِّجلين. و القُدَائِمُ: القَدِيم من الأَشياء، همزته زائدة. و يقال: قِدْماً كان كذا و كذا، و هو اسم من القِدَم، جعل اسماً من أَسماء الزمان. و القُدامَى: القُدَماء، قال القطامي:
و قد عَلِمَتْ شُيُوخُهُمُ القُدَامَى،             إِذا قَعَدوا كأَنَّهمُ النِّسارُ

جمع النَّسْر. و مضى قُدُماً، بضم الدال: لم يُعرّج و لم يَنثن، و قال يصف امرأَة فاجرة:
تَمضِي، إِذا زُجِرَتْ عن سَوْأَةٍ، قُدُما،             كأنَّها هَدَمٌ في الجَفْرِ مُنْقاضُ‏

يقول: إِذا زُجِرَت عن قبيح أَسرعت إِليه و وقعت فيه كما يقع الهَدَمُ في البئر بإِسراع، و هذا البيت أَنشده ابن السيرافي عن ابن دريد مع أَبيات و هي:
قد رابَني مِنْكِ، يا أَسماء، إِعْراضُ             فَدامَ مِنَّا لكمْ مَقْتٌ و إِبْغاضُ‏
إِن تُبْغِضِيني، فما أَحْبَبْتُ غانِيةً             يرُوضُها من لِئامِ الناس رَوَّاضُ‏
تمضي، إِذا زُجِرَت عن سوأَة، قُدُماً،             كأنها هَدَمٌ في الجفر منقاضُ‏
قُل لِلغَواني: أَما فِيكُنَّ فاتكةٌ،             تَعْلُو اللَّئِيم بِضَرْبٍ فيه إِمحاضُ؟

و القُدَّام: القادمون من سفر. و القُدَّام: الملِك، قال مهلهل:
إِنا لَنضْرِبُ بالصَّوارِمِ هامَهُمْ،             ضَرْبَ القُدارِ نَقِيعَةَ القُدَّامِ‏

و قيل: القُدَّام هاهنا جمع قادم من سفر. و قال ابن القطاع: القِدِّيمُ الملِك، و في حديث الطُّفَيْل بن عمرو:
فَفينا الشِّعر و المَلِكُ القُدَامُ‏

أَي القَدِيمُ المُتَقَدِّم مثل طويل و طُوالٍ. أَبو عمرو: القُدَّامُ و القِدِّيم الذي يتَقدَّم الناس بشرف. و يقال: القُدَّام رئيس الجيش. و القَدُوم: التي يُنحَت بها، مخفف أُنثى، قال ابن السكيت: و لا تقل قدُّوم، بالتشديد، قال مرقش:
يا بِنْتَ عَجْلانَ، ما أَصبرَني             على خُطوبٍ كنَحْتٍ بالقَدوم‏

و أَنشد الفراء:
فقُلتُ: أَعِيراني القَدُومَ لعَلَّني             أَخُطُّ بها قَبْراً لأِبيَضَ ماجِدِ

و الجمع قَدائِمُ و قُدُمٌ، قال الأَعشى:
أَقامَ به شاهَبُورُ الجُنودَ             حَوْلَين تَضرب فيه القُدُم‏

471
لسان العرب12

قدم ص 465

و قيل: قَدائِم جمع القُدُم مثل قُلُصٍ و قَلائِصَ، قال ابن بري: من نصب الجنود جعله مفعولًا لأَقام أَي أَقام الجنود بهذا البلد حولين، و من خفضه فعلى الإِضافة على معنى ملكُ الجنودِ و قائد الجنود، قال: و قَدَائِمُ جمع قَدُوم لا قُدُم، قال: و كذلك قلائصُ جمع قَلوص لا قُلُص، قال: و هذا مذهب سيبويه و جميع النحويين. و قَدُوم: ثنية بالسَّراة، و قيل: قَدُوم قرية بالشام، قال: و قد يقال بالأَلف و اللام. و قوله: اخْتَتن إبراهيم بقَدُوم أَي هنالك. ابن شميل‏
في قوله، صلى اللَّه عليه و سلم: أَوّل من اختتن إِبراهيم بالقَدوم.
، قال: قطعه بها، فقيل له: يقولون قَدُوم قرية بالشام، فلم يعرفه و ثبت على قوله، و يروى بغير أَلف و لام، و قيل: القَدوم، بالتخفيف و التشديد، قدوم النجار. و
في الحديث: أَن زوج فُرَيْعة قتل بطرَف القدوم.
، هو بالتخفيف و بالتشديد موضع على ستة أَميال من المدينة. الصحاح: القدوم اسم موضع. و
في حديث أَبي هريرة: قال له أَبان بن سعيد وَبْرٌ تَدَلى من قَدومِ ضَأْنٍ.
، قيل: هي ثنية أَو جبل بالسَّراة من أَرض دَوْس، و قيل: القَدُوم ما تقدَّم من الشاة و هو رأْسُها، و إِنما أَراد احتِقاره و صِغَر قَدْره. قال ابن بري: و في هذا الفصل أَبو قُدَامَة، و هو جبل يُشْرف على المُعَرَّف. ابن سيدة: و قَدُومى، «1» مقصور، موضع بالجزيرة أَو ببابل. و بنو قَدَم: «2» حيّ. و قُدَم: حيّ منهم. و قُدَم: موضع باليمن، سمي باسم أَبي هذه القبيلة، و الثياب القُدَمِيَّة منسوبة إليه. شمر عن ابن الأَعرابي: القَدْم، بالقاف، ضرب من الثياب حُمر، قال: و أَقرأَني بيت عنترة:
و بِكُلِّ مُرْهَفةٍ لها نَفَثٌ             تحْتَ الضُّلوعِ، كَطُرَّة القَدْمِ‏

لا يرويه إِلا القَدْم، قال: و الفَدْم، بالفاء، هذا على ما جاء و ذاك على ما جاء. و قَادِم و قُدَامَة و مُقَدَّم و مِقْدَام و مُقْدِم: أَسماء. و قَدَمُ: اسم امرأَة. و قَدَامِ: اسم فرس عُروة بن سِنان. و قَدامِ: اسم كلبة، و قال:
و تَرَمَّلَتْ بِدَمٍ قَدامِ، و قدْ             أَوفى اللَّحاقَ، و حانَ مَصْرَعُهُ‏

و يقْدُم، بالياء: اسم رجل، و هو يَقْدُمُ بن عَنَزَة بن أَسد بن رَبيعة بن نِزار. ابن شميل: و يقال قَدِمَة من الحَرّة و قَدِمٌ و صَدِمةٌ و صَدِمٌ ما غَلُظ من الحرَّة، و اللَّه أَعلم.
قذم:
قَذِمَ من الماء قُذْمَةً أَي جَرِعَ جُرْعة؛ قال أَبو النجم:
يَقْذَمْنَ جَرْعاً يَقْصَعُ الغَلائِلا

و قَذَمَ له من العطاء يَقْذِمُ قَذْمَاً: أَكثر مثل قَثَم و غَذَمَ و غَثَمَ إِذا أَكثر. و رجل قُذَمٌ، مثل قُثَمٍ، و مُنْقَذِم: كثير العطاء؛ حكاه ابن الأَعرابي. و رجل قِذَمٌّ، مثل خِضَمٍّ، إِذا كان سيِّداً يعطي الكثير من المال و يأْخذ الكثير. النضر: القِذَمُّ السيد الرغيب الخُلُق الواسع البلدة. و القُذُم و القُثُم: الأَسخِياءُ. و القَذِيمَةُ: قِطعة من المال يعطيها الرجل، و جمعها قَذَائِم. و القِذَمُّ، على وزن الهِجَفِّ: الرجل الشديد، و قيل: الشديد
__________________________________________________
 (1). قوله" و قَدُومَى" هذا الضبط لابن سيدة و تبعه المجد فقال: كهيولى، و قال ياقوت: بفتح أوله و ثانيه و سكون الواو.
 (2). قوله" و بنو قدم" ضبط في الأصل و المحكم بفتحتين و في القاموس في معاني القدم محركة و حيّ، قال شارحه: و بنو قَدَم حيّ، و عبارة التكملة نقلًا عن ابن دريد: و بنو قَدَم حيّ من العرب و موضع باليمن، سمي باسم هذه القبيلة نسبت إليها الثياب القَدَمِيَّة، و ضبط فيها قدم بضم ففتح.

472
لسان العرب12

قذم ص 472

السريع. و قد انْقَذَمَ أَي أَسرع. و بئر قِذَمٌّ؛ عن كراع، و قُذَامٌ و قَذُوم: كثيرة الماء؛ قال:
قد صَبَّحَتْ قَلَيْذَماً قَذُوما

و كذلك فرج المرأَة؛ قال ابن خالويه: القُذام هَنُ المرأَة؛ قال جرير:
إِذا ما الفَعْلُ نادَمَهُنَّ يوماً،             على الفِعِّيل، و انفَتَحَ القُذَامُ‏

و يروى:
... و افتخَّ القُذام.

و يقال: القُذام الواسع. يقال: جَفْر قُذام أَي واسع الفم كثير الماء يَقْذِم بالماء أَي يدفعه. و قالوا: امرأَة قُذُم فوصفوا به الجملة؛ قال جرير:
و أَنتُم بنو الخَوَّارِ يُعرفُ ضَربُكم،             و أُمُّكُمُ فُجٌّ قُذَامٌ و خَيْضَفُ‏

ابن الأَعرابي: القُذُم الآبار الخُسُف، واحدها قَذُوم.
قذحم:
النضر: ذهبوا قِذَّحْرةً و قِذَّحْمَةً، بالراء و الميم، إِذا ذهبوا في كل وجه.
قرم:
القَرَمُ، بالتحريك: شدّة الشهوة إِلى اللحم، قَرِمَ إِلى اللحم، و في المحكم: قَرِمَ يَقْرَمُ قَرَماً، فهو قَرِمٌ: اشتهاه، ثم كثر حتى قالوا مثلًا بذلك: قَرِمْتُ إِلى لقائك. و
في الحديث: كان يتعوّذ من القَرَم.
، و هو شدة شهوة اللحم حتى لا يُصبَر عنه. يقال: قَرِمت إِلى اللحم. و حكى بعضهم فيه: قَرِمْتُه. و
في حديث الضحية: هذا يومٌ اللحمُ فيه مَقْرُوم.
، قال: هكذا جاء في رواية، و قيل: تقديره مَقْرومٌ إِليه فحذف الجارّ. و
في حديث جابر: قَرِمنا إِلى اللحم فاشتريت بدرهم لحماً.
و القَرْمُ: الفحل الذي يترك من الركوب و العمل و يُودَع للفِحْلة، و الجمع قُروم؛ قال:
يا ابْن قُروم لَسْنَ بالأَحْفاضِ‏

و قيل: هو الذي لم يمسه الحَبْل. و الأَقْرَمُ: كالقَرْم. و أَقْرَمَه: جَعله قَرْماً و أَكرمه عن المهْنة، فهو مُقْرَم، و منه قيل للسيد قَرْمٌ مُقْرَم تشبيهاً بذلك. قال الجوهري: و أَما الذي‏
في الحديث: كالبعير الأَقْرَم.
، فلغة مجهولة. و اسْتَقْرَمَ البَكرُ قبل أَناه، و في المحكم: و اسْتَقْرَمَ البكر صار قَرْماً. و القَرْمُ من الرجال: السيد المعظم، على المثل بذلك. و
في حديث علي، عليه السلام: أَنا أَبو حسن القَرْم.
أَي المُقْرَم في الرأْي؛ و القَرْم: فحل الإِبل، أَي أَنا فيهم بمنزلة الفحل في الإِبل؛ قال ابن الأَثير: قال الخطابي و
أَكثر الروايات القوم.
، بالواو، قال: و لا معنى له و إِنما هو بالراء أَي المقدَّم في المعرفة و تَجارِب الأُمور. ابن السكيت: أَقْرَمْتُ الفحل، فهو مُقْرَم، و هو أَن يُودَع للفحلة من الحمل و الركوب، و هو القَرْم أَيضاً. و
في حديث رواه دُكَين بن سعيد قال: أَمر النبي، صلى الله عليه و سلم، عمر أَن يُزوِّد النُّعمان بن مُقرِّن المُزَني و أَصحابه ففتح غُرفة له فيها تمر كالبعير الأَقْرَمِ.
؛ قال أَبو عبيد: قال أَبو عمرو لا أَعرف الأَقْرَم و لكني أَعرف المُقْرَم، و هو البعير المُكْرَم الذي لا يحمل عليه و لا يذلل، و لكن يكون للفحلة و الضراب، قال: و إِنما سمي السيد الرئيس من الرجال المُقْرَم لأَنه شبه بالمُقْرَم من الإِبل لعِظَم شأْنه و كَرَمه عندهم؛ قال أَوس:
إِذا مُقْرَمٌ مِنَّا ذرا حَدُّ نابِه،             تَخَمَّطَ فِينا نابُ آخَرَ مُقْرَم‏

أَراد: إِذا هلَك منا سيد خلفه آخر. قال الزمخشري: قَرِمَ البعير، فهو قَرِمٌ إِذا اسْتَقْرَمَ أَي صار قَرْماً. و قد أَقْرَمَه صاحبه، فهو مُقْرَم إِذا تركه للفِحْلة، و فَعِلَ و أَفْعَلَ يلتقيان كوَجِلَ و أَوْجَلَ و تَبِعَ و أَتْبَعَ في الفعل، و خَشِنٍ و أَخْشَنَ و كَدِرٍ و أَكْدَرَ في‏

473
لسان العرب12

قرم ص 473

الاسم، قال: و أَما المَقْرُوم من الإِبل فهو الذي به قُرْمَةٌ، و هي سِمةٌ تكون فوق الأَنف تُسلخ منها جِلدة ثم تُجمع فوق أَنفه فتلك القُرْمَة؛ يقال منه: قَرَمْتُ البعير أَقْرِمُه. و يقال للقُرْمة أَيضاً القِرَام، و مثله في الجسد الجُرْفة. الليث: هي القُرْمَة و القَرْمَة لغتان، و تلك الجلدة التي قطعْتَها هي القُرَامَة، و ربما قَرَمُوا من كِرْكِرَته و أُذنه قُرَامَات يُتَبَلَّغ بها في القحط. المحكم: و قَرَمَ البعيرَ يَقْرِمُه قَرْماً قطع من أَنفه جلدة لا تبين و جَمعَها عليه للسِّمة، و اسم ذلك الموضع القِرَام و القُرْمَة و قيل: القُرْمَة اسم ذلك الفعل. و القَرْمَة و القُرَامَة: الجلدة المقطوعة منه، فإِن كان مثلُ ذلك الوسْم في الجسم بعد الأُذن و العنق فهي الجُرْفة. و ناقة قَرْمَاء: بها قَرْم في أَنفها؛ عن ابن الأَعرابي. ابن الأَعرابي: في السِّمات القَرْمة، و هي سِمة على الأَنف ليست بحَزٍّ، و لكنها جَرْفة للجلد ثم يترك كالبعرة، فإِذا حُزَّ الأَنف حَزّاً فذلك الفَقْر. يقال: بعير مَفْقُور و مَقْرُوم و مَجْرُوف؛ و منه ابن مَقْرُومٍ الشاعر. و قَرَمَ الشي‏ءَ قَرْماً: قَشَره. و القُرَامَة من الخبز: ما تقشَّر منه، و قيل: ما يَلتزِق منه في التنور، و كل ما قَشَرْته عن الخبز فهو القُرَامَة. و ما في حَسَبِه قُرَامَة أَي وَصْم، و هما العيب. و قَرَمَه قَرْماً: عابَه. و القَرْمُ: الأَكل ما كان. ابن السكيت: قَرَمَ يَقْرِمُ قَرْماً إِذا أَكل أَكلًا ضعيفاً. و يقال: هو يَتَقَرَّمُ تَقَرُّم البَهْمة. و قَرَمَتِ البَهمة تَقْرِمُ قَرْماً و قُروماً و قَرَمَاناً و تَقَرَّمَتْ: و ذلك في أَول ما تأْكل، و هو أدنى التناوُل، و كذلك الفَصيل و الصبي في أَول أَكله. و قَرَّمَه هو: علَّمه ذلك؛ و منه قول الأَعرابية ليعقوب تذكر له تَرْبِية البَهْم: و نحن في كل ذلك نُقَرِّمُهُ و نعلمه. أَبو زيد: يقال للصبي أَوّل ما يأْكل قد قَرَمَ يَقْرِمُ قَرْماً و قُرُوماً. الفراء: السخلة تَقْرِمُ قَرْماً إِذا تعلمت الأَكل؛ قال عدي:
فَظِباءُ الرَّوْضِ يَقْرِمْنَ الثَّمَرْ

و يقال: قَرَمَ الصبيُّ و البَهْمُ قَرْماً و قُروماً، و هو أَكل ضعيف في أَول ما يأْكل، و تَقَرَّمَ مثله. و قَرَّمَ القِدْحَ: عَجَمَه؛ قال:
خَرَجْنَ حَرِيراتٍ و أَبْدَيْنَ مِجْلَداً،             و دارَتْ عليهن المُقَرَّمَةُ الصُّفْر

يعني أَنهن سُبِين و اقْتُسمن بالقِداح التي هي صفتها، و أَراد مَجالِد فَوضع الواحد موضع الجمع. و القِرَامُ: ثوب من صوف ملوّن فيه أَلوان من العِهن، و هو صفيق يتخذ سِتراً، و قيل: هو الستر الرقيق، و الجمع قُرُم، و هو المِقْرَمَة، و قيل: المِقْرَمَةُ مَحْبِس الفِراش. و قَرَّمَه بالمِقْرَمَة: حبسَه بها. و القِرَام: ستر فيه رَقْم و نقُوش، و كذلك المِقْرَمُ و المِقْرَمَة؛ و قال يصف داراً:
على ظَهْرِ جَرْعاء العَجُوز، كأَنهَّا             دَوائِرُ رَقْمٍ في سَراةِ قِرَامِ‏

و
في حديث عائشة: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، دخل عليها و على الباب قِرَامٌ فيه تَماثِيلُ، و في رواية: و على الباب قِرَامُ سِترٍ.
؛ هو الستر الرقيق فإِذا خيط فصار كالبيت فهو كِلَّةٌ؛ و أَنشد بيت لبيد يصف الهودج:
مِنْ كلِّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّه             زَوْجٌ، عليه كِلَّةٌ و قِرَامُها

و قيل: القِرَام ثوب من صوف غليظ جدّاً يُفرش في الهودج ثم يجعل في قواعد الهودج أَو الغَبِيط، و قيل: هو الصَّفِيق من صوف ذي أَلوان، و الإِضافة فيه كقولك ثوبُ قميصٍ، و قيل: القِرَام الستر الرقِيقُ وراء الستر الغليظ، و لذلك أَضاف؛ و قوله‏
في حديث‏

474
لسان العرب12

قرم ص 473

الأَحنف بلغه أَن رجلًا يغتابه فقال:
عُثَيْثةٌ تَقْرِمُ جِلْداً أَمْلَسا.

أَي تَقْرِض، و قد ذكرته في موضعه. و القَرْمُ: ضرب من الشجر؛ حكاه ابن دريد، قال: و لا أَدري أَ عربي هو أَم دخيل. و قال أَبو حنيفة: القُرْم، بالضم، شجر ينبت في جَوف ماء البحر، و هو يشبه شجر الدُّلْب في غِلَظِ سُوقه و بياض قشره، و ورقه مثل ورق اللوز و الأَراك، و ثمرُه مثل ثمر الصَّوْمَر، و ماء البحر عدوّ كل شي‏ء من الشجر إِلَّا القُرْم و الكَنْدَلى، فإِنهما ينبتان به. و قَارِمٌ و مَقْرُومٌ و قُرَيْمٌ: أَسماء. و بنو قُرَيْمٍ: حي. و قَرْمَانُ: موضع، و كذلك قَرَمَاء؛ أَنشد سيبويه:
علا قَرَمَاءَ عالِيةً شَواه،             كأَنَّ بَياضَ غُرَّتِه خِمارُ

قيل: هي عَقَبة، و قد ذكر ذلك في فرم مستوفى. و قال ابن الأَعرابي: هي قَرْمَاء بسكون الراء، و كذلك أَنشد البيت على قَرْمَاء ساكنة و قال: هي أَكَمة معروفة، قال: و قيل قَرْمَاء هنا ناقة بها قَرْمٌ في أَنفها أَي وَسْم، قال: و لا أَدري وجهه و لا يعطيه معنى البيت. ابن الأَنباري في كتاب المقصور و الممدود: جاء على فَعَلاء يقال له سَحَناء أَي هَيئة، و له ثَأَداءُ أَي أَمَة، و قَرَماء اسم أَرض، و أَنشد البيت و قال: كتبت عنه بالقاف، و كان عندنا فَرَماء لأَرض بمصر، قال: فلا أَدري قَرَماء أَرض بنجد و فَرَماء بمصر. و مَقْرُوم: اسم جبل؛ و روي بيت رؤبة:
و رَعْنِ مَقْرُومٍ تَسامى أَرَمُهْ‏


و القَرَمُ: الجِداء الصغار. و القَرَمُ: صِغار الإِبل، و القَزَمُ، بالزاي: صغار الغنم و هي الحَذَف.
قردم:
القُرْدُمانيُّ و القُرْدُمانِيَّة: سِلاح مُعدّ كانت الفُرس و الأَكاسرة تدّخره في خزائنها، أَصله بالفارسية كَرْدَمانِدْ، معناه عُمِلَ و بَقِي؛ قال الأَزهري: هكذا حكاه أَبو عبيد عن الأَصمعي؛ و قال ابن الأَعرابي: أَراه فارسيّاً؛ و أَنشد للبيد:
فَخْمةً ذَفْراءَ تُرْتى بالعُرى             قُرْدُمَانِيّاً و تَرْكاً كالبَصَلْ‏

قال: القُرْدُمَانِيّة الدُّروع الغليظة مثل الثوب الكُرْدُواني. و يقال: القُرْدُمانيُّ ضرب من الدروع. الجوهري: القُرْدُماني، مقصور، دواء و هو كَرَوْياء رومي. قال ابن بري: كَرَوْيا مثل زكريا؛ و قال ابن منصور الجَواليقي: هو ممدود كروياء، بفتح الراء و سكون الواو و تخفيف الياء. قال أَبو عبيدة: القُرْدُمانيّ قباء محشوّ يتخذ للحرب، فارسي معرب يقال له كَبْر بالرومية أَو بالنبطية، و أَنشد بيت لبيد. و يقال: القُرْدُمانيّ ضرب من الدروع، و يقال: هو المِغْفَر، و قال بعضهم: إِذا كان للبيضة مِغفر فهي قُرْدُمَانِيَة؛ قال: و هذا هو الصحيح لأَنه قال بعد البيت:
أَحْكَمَ الجِنْثِيُّ مِن عَوْراتِها             كُلَّ حِرْباءٍ، إِذا أُكْرِه صَلْ‏

قال: فدل على أَنها الدرع، و قيل: القُرْدُمان أَصل للحديد و ما يعمل منه بالفارسية، و قيل: بل هو بلد يعمل فيه الحديد؛ عن السيرافي.
قردحم:
قِرْدَحْمَة: موضع. الفراء: ذهبوا شَعالِيل بِقِرْدَحْمَةٍ أَي تفرقوا. قال ابن بري: و في الغريب المصنف بِقِرْدَحْمَةَ غير مصروف. و حكى اللحياني في نوادره: ذهب القوم بِقِنْدَحْرةٍ و قِنْذَحْرةٍ و قِدَّحْرة و قِذَّحْرةٍ إِذا تفرقوا.
قرزم:
القُرْزُومُ: سِندان الحدّاد، و الفاء أَعلى. قال ابن بري: قال ابن القطاع و هو أَيضاً الإِزْمِيل،

475
لسان العرب12

قرزم ص 475

و يسمي عبدُ القيس المِرْطَ و المِئزر قُرْزُوماً؛ قال ابن دريد: و أَحسبه معرباً. و رجل مُقَرْزَم: قصير مجتمع. و المُقَرْزَم: القصير النسب؛ قال الطرماح:
إِلى الأَبطالِ من سَبَإٍ تَنَمَّتْ             مَناسِبُ منه غَيْرُ مُقَرْزَمات‏

أَي غير لَئيمات من القُرْزُوم. و القِرْزَام: الشاعر الدُّون. يقال: هو يُقَرْزِم الشِّعر؛ و أَنشد ابن بري للقطامي:
إِنَّ رِزاماً عَرَّها قِرْزَامُها،             قُلْفٌ على زِبابِها كِمامُها

ابن الأَعرابي: القُرْزُوم، بالقاف، الخشبة التي يحذو عليها الحَذّاء، و جمعها القَرَازِيم. قال ابن السكيت: القُرْزُوم و الفُرْزُوم كأَنهما لغتان، قال الجوهري: ذكر ابن دريد أَن القُرْزُوم، بالقاف مضمومة، لوح الإِسكاف المدوّر و تشبه به كِرْكِرة البعير، قال: و هو بالفاء أَعلى.
قرسم:
قَرْسَمَ الرجلُ: سكت؛ عن ثعلب، قال: و لستُ منه على ثقة.
قرشم:
قَرْشَمَ الشي‏ءَ: جمعه. و القُرْشُوم: شجرة زعمت العرب أَنها تنبت القِرْدان لأَنها مأْوى القِرْدان، و في المحكم: شجرة يأْوي إِليها القِردان، و يقال لها أُم قُرَاشِمَاء، بالمد. و قُرَاشِمَى، مقصور: اسم بلد. و القِرْشَامُ و القُرْشُومُ و القُرَاشِم: القُراد العظيم، و في المحكم: القُراد الضخم؛ قال الطرماح:
و قد لوى أَنْفَه بِمِشْفَرِها             طِلْحُ قَرَاشِيمَ شاحِبٌ جسَدُه‏

و القُرَاشِم: الخَشن المَسِّ. و القُرْشُوم: الصغير الجسم. و القِرْشَمُّ: الصُّلْب الشديد.
قرصم:
قَرْصَمَ الشي‏ءَ: كسرَه.
قرضم:
هو يُقَرْضِم كل شي‏ء أَي يأْخذه. و رجل قُراضِمٌ و قِرْضِم: يُقَرضمُ كل شي‏ء. و القِرْضِمُ: قشر الرمَّان و هو يدبغ به. و قَرْضَمْت الشي‏ء: قَطَعْته، و الأَصل قَرَضْتُه. و قِرْضِمٌ: أَبو قبيلة من مهرة بن حيدان. و قِرْضِمٌ اسم؛ قال ذو الرمة يصف إِبلًا:
مَهارِيسَ مِثْلَ الهَضْبِ يَنْمي فُحولُها             إِلى السِّرِّ من أذْوادِ رَهْطِ بنِ قِرْضِم‏

قال أَبو منصور: و الميم فيه زائدة؛ قال ابن بري: القِرْضِم السمينة من الإِبل.
قرطم:
القُرْطُمُ و القِرْطِمُ و القُرْطُمُّ و القِرْطِمُّ: حب العُصْفُر، و في التهذيب: ثَمَر العصفر. و
في الحديث: فتَلْتَقِطُ المنافقين لَقْطَ الحَمامةِ القِرْطِمَ.
؛ هو بالكسر و الضم حب العصفر، و قد جعله ابن جني ثلاثيّاً و جعل الميم زائدة كما ذكرناه في حرف الطاء في ترجمة قرط. الأَزهري: قُرْمُوطُ الغَضَى زهره الأَحمر يحكي لونُه لونَ نَوْر الرمان أَوَّل ما يخرج. و القُرْطم [القِرْطم‏]: شجر يشبه الراء، يكون بجبلي جهينة الأَشْعَرِ و الأَجْرَدِ و تكون عنه الصَّربَةُ، و كل ما في القرطم عن الهجري. و القِرْطِمَتانِ: الهُنَيَّتانِ اللتان عن جانبي أَنف الحمامة؛ عن أَبي حاتم، قال: أُراه على التشبيه. و قَرْطَمَ الشي‏ء: قطَعه. ابن السكيت: القُرْطُمَانيُّ الفتى الحسن الوجه من الرجال؛ و أَنشد:
القُرْطُمَانِيّ الوأَى الطِّوَلَّا

ابن الأَعرابي قال: قال أَعرابي جاءنا فلان في نِخافَيْن مُقَرْطَمَيْنِ أَي لهما مِنقاران، و النِّخافُ الخُفّ، رواه بالقاف، و رواه الليث: خُفٌّ مُفَرْطَمٌ، بالفاء، قال: و هو أَصح مما رواه الليث بالفاء.

476
لسان العرب12

قرعم ص 477

قرعم:
قال ابن بري: القِرْعِم التمر.
قرقم:
القَرْقَمَةُ: ثيابُ كتانٍ بيض. و المُقَرْقَم: البطي‏ء الشباب الذي لا يَشِبُّ، و تسميه الفرس شِيرَزْدَهْ، و قيل: السيِ‏ء الغِذاء، و قد قَرْقَمَه؛ قال الراجز:
أَشْكُو إِلى اللهِ عِيالًا دَرْدَقا،             مُقَرْقَمِينَ و عَجُوزاً سَمْلَقا

و قُرْقِمَ الصبي إِذا أُسِي‏ء غِذاؤه. قال ابن بري: قال ابن الأَعرابي هو بالسين غير المعجمة أَحب إِلي من الشين معجمة، قال: و رواه أَبو عبيد و كراع شملقا بالشين المعجمة، قال: و ردّه علي بن حمزة و قال هو بالسين المهملة، و فسره بأَن قال: العجوز السَّمْلَق هي التي لا خير عندها مأْخوذ من السَّمْلَق و هي الأَرض التي لا نبات بها، قال: و أَما أَبو عبيد فإِنه فسره بأَنها السيئة الخُلُق، و ذلك بالشين المعجمة. و حكى عمرو عن أَبيه: شَمْلق و سَمْلق، بالشين و السين؛ و حكى عنه أَيضاً شَمَلَّق و سَمَلَّق، و
في بعض الخبر: ما قَرْقَمَني إِلا الكَرَمُ.
أَي إِنما جئت ضاوِياً لكَرَم آبائي و سَخائهم بطعامهم عن بطونهم. و في المحكم: القِرْقِم الحَشَفة؛ قال الأَزهري: و لا أَعرفه؛ أَنشد أَبو عمرو لابن سعد المعني:
بِعَيْنَيْكَ وَغْفٌ، إِذْ رَأَيتَ ابن مَرْثَدٍ             يُقَسْبِرُها بِقِرْقِمٍ يَتَرَبَّدُ

و يروى:
... يَتَزَبَّدُ.

قرهم:
القَرْهَمُ من الثّيران: كالقَرْهَب، و هو المسنُّ الضَّخم؛ قال كراع: القَرْهَم المسن؛ قال ابن سيدة: فلا أَدري أَ عمّ به أَم أَراد الخصوص، و قال مرة: القَرْهَمُ أَيضاً من المعَز ذاتُ الشعر، و زعم أَن الميم في كل ذلك بدل من الباء. و القَرْهَمُ من الإِبل: الضخم الشديد. و القَرْهَم: السيد كالقَرْهَب؛ عن اللحياني، و زعم أَن الميم بدل من باء قرهب و ليس بشي‏ء. الأَزهري في أَثناء كلامه على القَهْرَمان: أَبو زيد يقال قَهْرَمان و قَرْهَمان مقلوب.
قزم:
القَزَمُ، بالتحريك: الدَّناءَة و القَماءةُ. و
في الحديث: أَنه كان يتعَوَّذ من القَزَم.
: هو اللُّؤم و الشحُّ، و يروى بالراء، و قد تقدم. و القَزَمُ: اللئيم الدَّني‏ء الصغير الجُثة الذي لا غناء عنده، الواحد و الجمع و المذكر و المؤنث في ذلك سواء لأَنه في الأَصل مصدر، تقول العرب: رجل قَزَمٌ و امرأَة قَزَمٌ، و هو ذو قَزَم، و لغة أُخرى رجل قَزَم و رجُلان قَزَمَان و رجال أَقْزَامٌ و امرأَة قَزَمَةٌ و امرأَتان قَزَمَتَانِ و نِساء قَزَمَات، و قيل: الجمع أَقْزَام و قَزَامَى و قُزُمٌ. و
في الحديث عن علي، عليه السلام، في ذمّ أهل الشام: جُفاة طَغامٌ عَبيدٌ أَقْزامٌ.
؛ هو جمع قَزَمٍ. و القِزامُ: اللِّئام؛ و قال:
أَحْصَنُوا أُمَّهُمُ مِن عَبْدِهِمْ،             تِلْكَ أَفْعالُ القِزَامِ الوَكَعَهْ‏

و قد قَزِمَ قَزَماً فهو قَزِمٌ و قُزُمٌ، و الأُنثى قَزِمَة و قُزُمَة. و شاة قَزَمَة: رديئة صغيرة. و غنم قَزَم أَي رُذال لا خير فيها، و إِن شئت غنم أَقْزَام، و كذلك رُذالُ الإِبل و غيرها. و القَزَمُ: أَردأُ المال. و قَزَمُ المالِ: صغاره و رديئه. قال بعضهم: القَزَمُ في الناس صِغر الأَخلاق، و في المال صغر الجسم. و رجل قَزَمَة: قصير، و كذلك الأُنثى، و الاسم القَزَم. و القَزَمُ: رذال الناس و سَفِلَتُهم؛ قال زياد بن منقذ:
و هُمْ، إِذا الخَيْلُ جالُوا في كَواثِبِها،             فَوارِسُ الخيلِ، لا مِيلٌ و لا قَزَم‏

477
لسان العرب12

قزم ص 477

و يقال للرذال من الأَشياء: قَزَم، و الجمع قُزُمٌ؛ و أَنشد:
لا بَخَلٌ خالَطَه و لا قَزَم‏

و القَزَمُ: صِغار الغنم و هي الحَذَف. و سُودَدٌ أَقْزَمُ: ليس بقديم؛ قال العجاج:
و السُّودَدُ العاديُّ غَيرُ الأَقْزَم‏

و قَزَمَه قَزْماً: عابه كَقَرَمَه. و التَّقَزُّمُ: اقتحام الأُمور بِشدَّة. و القُزَامُ: الموت؛ عن كراع. و قُزْمَانُ: اسم رجل. و قُزْمَانُ: موضع.
قسم:
القَسْمُ: مصدر قَسَمَ الشي‏ءَ يَقْسِمُه قَسْماً فانْقَسَمَ، و الموضع مَقْسِم مثال مجلس. و قَسَّمَه: جزَّأَه، و هي القِسْمَةُ. و القِسْم، بالكسر: النصيب و الحَظُّ، و الجمع أَقْسَام، و هو القَسِيم، و الجمع أَقْسِماء و أَقَاسِيمُ، الأَخيرة جمع الجمع. يقال: هذا قِسْمُك و هذا قِسْمِي. و الأَقاسِيمُ: الحُظُوظ المقسومة بين العباد، و الواحدة أُقْسُومَة مثل أُظفُور «3». و أَظافِير، و قيل: الأَقَاسِيمُ جمع الأَقْسَام، و الأَقْسَام جمع القِسْم. الجوهري: القِسْم، بالكسر، الحظ و النصيب من الخير مثل طَحَنْت طِحْناً، و الطِّحْنُ الدَّقيق. و قوله عز و جل: فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً
؛ هي الملائكة تُقَسِّم ما وُكِّلت به. و المِقْسَمُ و المَقْسَم: كالقِسْم؛ التهذيب: كتب عن أَبي الهيثم أَنه أَنشد:
فَما لكَ إِلَّا مِقْسَمٌ ليس فائِتاً             به أَحدٌ، فاسْتَأْخِرَنْ أَو تقَدَّما «4»

قال: القِسْم و المِقْسَم و القَسِيم نصيب الإِنسان من الشي‏ء. يقال: قَسَمْت الشي‏ء بين الشركاء و أَعطيت كل شريك مِقْسَمه و قِسْمه و قَسِيمه، و سمي مِقْسم بهذا و هو اسم رجل. و حصاة القَسْم: حصاة تلقى في إِناء ثم يصب فيها من الماء قدر ما يَغمر الحصاة ثم يتعاطونها، و ذلك إِذا كانوا في سفَر و لا ماء معهم إِلا شي‏ء يسير فيقسمونه هكذا. الليث: كانوا إِذا قَلَّ عليهم الماء في الفلَوات عَمدوا إِلى قَعْب فأَلقوا حصاة في أَسفله، ثم صَبُّوا عليه من الماء قدر ما يغمرها و قُسِمَ الماء بينهم على ذلك، و تسمى تلك الحصاةُ المَقْلَةَ. و تَقَسَّمُوا الشي‏ء و اقْتَسَمُوه و تَقَاسَمُوه: قَسَمُوه بينهم. و اسْتَقسَمُوا بالقِداح: قَسَمُوا الجَزُور على مِقدار حُظوظهم منها. الزجاج في قوله تعالى: وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ‏
، قال: موضع أَن رفع، المعنى: و حُرّم عليكم الاسْتِقْسام بالأَزلام؛ و الأَزْلام: سِهام كانت لأَهل الجاهلية مكتوب على بعضها: أَمَرَني ربِّي، و على بعضها: نَهاني ربي، فإِذا أَراد الرجل سفَراً أَو أَمراً ضرب تلك القِداح، فإِن خَرج السهم الذي عليه أَمرني ربي مضى لحاجته، و إِن خرج الذي عليه نهاني ربي لم يمض في أَمره، فأَعلم الله عز و جل أَن ذلك حَرام؛ قال الأَزهري: و معنى قوله عز و جل وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ‏
 أَي تطلبوا من جهة الأَزلام ما قُسِم لكم من أَحد الأَمرين، و مما يبين ذلك أَنَّ الأَزلام التي كانوا يستقسمون بها غير قداح الميسر، ما
روي عن عبد الرحمن بن مالك المُدْلجِي، و هو ابن أَخي سُراقة بن جُعْشُم، أَن أَباه أَخبره أَنه سمع سراقة يقول: جاءتنا رُسُل كفار قريش يجعلون لنا في رسول الله، صلى الله عليه و سلم، و أَبي بكرٍ دية كل واحد منهما لمن قتلهما أَو أَسَرَهما، قال: فبينا أَنا جالس في مجلس قومي بني مُدْلج أَقبل منهم رجل فقام على رؤوسنا فقال: يا سراقة، إِني رأَيت آنفاً أَسْوِدةً
__________________________________________________
 (3). قوله [مثل أظفور] في التكملة: مثل أُظفورة، بزيادة هاء التأنيث.
 (4). قوله‏
[... فاستأخرن أو تقدما]

في الأساس بدله:
... فاعجل به أو تأخرا.

 

478
لسان العرب12

قسم ص 478

بالساحل لا أُراها إِلا محمداً و أَصحابه، قال: فعرفت أَنهم هم، فقلت: إِنهم ليسوا بهم و لكنك رأَيت فلاناً و فلاناً انطلقوا بُغاة، قال: ثم لَبِثْت في المجلس ساعة ثم قمتُ فدخلت بيتي و أَمرت جاريتي أَن تخرج لي فرسي و تحبِسها من وراء أَكَمَة، قال: ثم أَخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت، فخفَضْت عالِيةَ الرُّمح و خَطَطْت برمحي في الأَرض حتى أَتيت فرسي فركبتها و رفَعْتها تُقَرِّب بي حتى رأَيت أَسودتهما، فلما دنوت منهم حيث أُسْمِعُهم الصوت عَثَرَت بي فرسي فخَرَرت عنها، أَهويت بيدي إِلى كِنانتي فأَخرجت منها الأَزْلامَ فاسْتَقْسَمْتُ بها أَضِيرُهم أَم لا، فخرج الذي أَكره أَن لا أَضِيرَهم، فعَصَيْت الأَزلام و ركبت فرسي فرَفَعتها تُقَرِّب بي، حتى إِذا دنوت منهم عَثَرت بي فرسي و خَرَرْت عنها، قال: ففعلت ذلك ثلاث مرات إِلى أَن ساخت يدا فرسي في الأَرض، فلما بلغتا الركبتين خَرَرت عنها ثم زجرتها، فنهضت فلم تَكد تَخْرج يداها، فلما استوت قائمة إِذا لأَثرِ يَدَيها عُثان ساطع في السماء مثل الدُّخان؛ قال معمر، أَحد رواة الحديث: قلت لأَبي عمرو بن العلاء ما العُثان؟ فسكت ساعة ثم قال لي: هو الدخان من غيرنا، و قال: ثم ركبت فرسي حتى أَتيتهم و وقع في نفسي حين لَقِيت ما لقيت من الحبس عنهم أَن سيظهر أَمرُ رسولِ الله، صلى الله عليه و سلم، قال: فقلت له إِن قومك جعلوا لي الدية و أَخبرتهم بأَخبار سفرهم و ما يريد الناس منهم، و عَرَضت عليهم الزاد و المتاع فلم يَرْزَؤُوني شيئاً و لم يسأَلوني إِلا قالوا أَخْفِ عنا، قال: فسأَلت أَن يكتب كتاب مُوادَعة آمَنُ به، قال: فأَمرَ عامرَ بن فُهَيْرَةَ مولى أَبي بكر فكتبه لي في رُقعة من أَديم ثم مضى.
؛ قال الأَزهري: فهذا الحديث يبين لك أَن الأَزلام قِداحُ الأَمر و النهي لا قِداح المَيْسر، قال: و قد قال المؤَرّج و جماعة من أَهل اللغة إِن الأَزلام قداح الميسر، قال: و هو وهَم. و اسْتَقْسَمَ أَي طلب القَسْم بالأَزلام. و
في حديث الفتح: دخل البيت فرأَى إِبراهيم و إِسماعيلَ بأَيديهما الأَزلام فقال: قاتَلَهم الله و الله لقد علِموا أَنهما لم يَسْتَقْسِمَا بها قطُّ.
؛ الاسْتِقْسَام: طلب القِسم الذي قُسِم له و قُدِّر مما لم يُقسَم و لم يُقَدَّر، و هو استِفعال منه، و كانوا إِذا أَراد أَحدهم سفَراً أَو تزويجاً أَو نحو ذلك من المَهامِّ ضرب بالأَزلام، و هي القداح، و كان على بعضها مكتوب أَمَرَني ربِّي، و على الآخر نهاني ربي، و على الآخر غُفْل، فإِن خرج أَمرني مَضى لشأْنه، و إِن خرج نهاني أَمسك، و إِن خرج الغُفْل عادَ فأَجالَها و ضرب بها أُخرى إِلى أَن يخرج الأَمر أَو النهي، و قد تكرّر في الحديث. و قَاسَمْتُه المال: أَخذت منه قِسْمَك و أَخذ قِسْمه. و قَسِيمُك: الذي يُقاسِمك أَرضاً أَو داراً أَو مالًا بينك و بينه، و الجمع أَقسِماء و قُسَماء. و هذا قَسِيم هذا أَي شَطْرُه. و يقال: هذه الأَرض قَسيمة هذه الأَرض أَي عُزِلت عنها. و
في حديث علي، عليه السلام: أَنا قَسِيم النار.
؛ قال القتيبي: أَراد أَن الناس فريقان: فريق معي و هم على هُدى، و فريق عليّ و هم على ضَلال كالخوارج، فأنا قسيم النار نصف في الجنة معي و نصف عليّ في النار. و قَسِيم: فعيل في معنى مُقاسِم مُفاعِل، كالسَّمير و الجليس و الزَّميل؛ قيل: أَراد بهم الخوارج، و قيل: كل من قاتله. و تَقَاسَما المال و اقْتَسَمَاه، و الاسم القِسْمَة مؤَنثة. و إِنما قال تعالى: فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ، بعد قوله تعالى: وَ إِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ، لأَنها في معنى الميراث و المال فذكَّر على ذلك. و القَسَّام: الذي يَقْسِم الدور و الأَرض بين الشركاء فيها، و في المحكم: الذي يَقسِم الأَشياء بين الناس؛ قال لبيد:

479
لسان العرب12

قسم ص 478

فارْضَوْا بما قَسَمَ المَلِيكُ، فإِنما             قَسَمَ المَعِيشةَ بيننا قَسَّامُها «1»

عنى بالمليك الله عز و جل. الليث: يقال قَسَمْت الشي‏ء بينهم قَسْماً و قِسْمة. و القِسْمة: مصدر الاقْتِسام. و
في حديث قراءة الفاتحة: قَسَمْت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين.
؛ أَراد بالصلاة هاهنا القراءة تسمية للشي‏ء ببعضه، و قد جاءت مفسرة في الحديث، و هذه القِسْمة في المعنى لا اللفظ لأَن نصف الفاتحة ثناء و نصفها مَسْأَلة و دُعاء، و انتهاء الثناء عند قوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ، و كذلك قال في إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ: هذه الآية بيني و بين عبدي. و القُسَامَة: ما يَعْزِله القاسم لنفسه من رأْس المال ليكون أَجْراً له. و
في الحديث: إِياكم و القُسَامَة.
، بالضم؛ هي ما يأْخذه القَسَّام من رأْس المال عن أُجرته لنفسه كما يأْخذ السماسرة رَسماً مرسُوماً لا أَجراً معلوماً، كتواضُعهم أَن يأْخذوا من كل أَلف شيئاً معيناً، و ذلك حرام؛ قال الخطابي: ليس في هذا تحريم إِذا أَخذ القَسّام أُجرته بإِذن المقسوم لهم، و إِنما هو فيمن وَلِيَ أَمر قوم فإِذا قسم بين أَصحابه شيئاً أَمسك منه لنفسه نصيباً يستأْثر به عليهم، و قد جاء
في رواية أُخرى: الرجل يكون على الفِئام من الناس فيأْخذ من حَظّ هذا و حظ هذا.
و أَما القِسَامَةُ، بالكسر، فهي صنعة القَسَّام كالجُزارة و الجِزارة و البُشارة و البِشارة. و القُسَامَةُ: الصَّدقة لأَنها تُقسم على الضعفاء. و
في الحديث عن وابِصة: مثَلُ الذي يأْكل القُسَامَة كمثل جَدْيٍ بَطنُه مملوء رَضْفاً.
؛ قال ابن الأَثير: جاء تفسيرها في الحديث أَنها الصدقة، قال: و الأَصل الأَوَّل. ابن سيدة: و عنده قَسْمٌ يَقْسِمه أَي عَطاء، و لا يجمع، و هو من القِسْمة. و قَسَمَهم الدَّهر يَقْسِمُهُم فتَقَسَّموا أَي فَرَّقهم فتَفَرَّقوا، و قَسَّمَهم فرَّقهم قِسْماً هنا و قِسماً هنا. و نَوىً قَسُومٌ: مُفَرِّقة مُبَعِّدة؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
نَأَتْ عن بَناتِ العَمِّ و انقَلَبَتْ بها             نَوىً، يَوْم سُلَّانِ البَتِيلِ، قَسُوم «2».

أَي مُقَسِّمة للشَّمْل مُفَرِّقة له. و التَّقْسِيم: التفريق؛ و قول الشاعر يذكر قِدْراً:
تُقَسِّمُ ما فيها، فإِنْ هِي قَسَّمَتْ             فَذاكَ، و إِن أَكْرَتْ فعن أَهلِها تُكْري‏

قال أَبو عمرو: قَسَّمَت عَمَّت في القَسْم، و أَكْرَتْ نَقَصَتْ. ابن الأَعرابي: القَسَامَةُ الهُدنة بين العدو و المسلِمين، و جمعها قَسَامَات، و القَسَم الرَّأْي، و قيل: الشكُّ، و قيل: القَدَرُ؛ و أَنشد ابن بري في القَسْم الشَّكِّ لعدي بن زيد:
ظِنّة شُبِّهتْ فأَمْكَنَها القَسْمُ             فأَعدَتْه، و الخَبِيرُ خبِيرُ

و قَسَمَ أَمرَه قَسْماً: قَدَّره و نَظَر فيه كيف يفعل، و قيل: قَسَمَ أَمرَه لم يدر كيف يَصنع فيه. يقال: هو يَقْسِمُ أَمره قَسْماً أَي يُقَدِّره و يُدَبِّره ينظر كيف يعمل فيه؛ قال لبيد:
فَقُولا له إِن كان يَقْسِمُ أَمْرَه:             أَ لَمَّا يَعِظْكَ الدَّهْرُ؟ أُمُّكَ هابِلُ‏

و يقال: قَسَمَ فلان أَمره إِذا مَيَّل فيه أَن يفعله أَو لا يفعله. أَبو سعيد: يقال تركت فلاناً يَقْتَسِم أَي يفكر و يُرَوِّي بين أَمرين، و في موضع آخر: تركت فلاناً يَسْتَقْسِم بمعناه. و يقال: فلان جَيِّد القَسْمِ‏
__________________________________________________
 (1). رواية المعلقة:
فاقنع بما قسم المليكُ، فإنما             قسم الخلائقَ بيننا عَلامُها.

 (2). قوله [و انقلبت‏] كذا في الأصل، و الذي في المحكم: و انفلتت.

480
لسان العرب12

قسم ص 478

أَي جيِّد الرأْي. و رجل مُقَسَّمٌ: مُشتَرك الخواطِر بالهُموم. و القَسَمُ، بالتحريك: اليمين، و كذلك المُقْسَمُ، و هو المصدر مثل المُخْرَج، و الجمع أَقْسَام. و قد أَقْسَمَ بالله و اسْتَقْسَمَه به و قَاسَمَه: حلَف له. و تَقَاسَمَ القومُ: تحالفوا. و في التنزيل: قالُوا تَقاسَمُوا بِاللَّهِ‏. و أَقْسَمْت: حلفت، و أَصله من القَسامة.
ابن عرفة في قوله تعالى: كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ‏؛ هم الذين تَقاسَمُوا و تَحالَفُوا على كَيْدِ الرسول، صلى الله عليه و سلم.
؛ قال ابن عباس: هم اليهود و النصارى الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ آمنوا ببعضه و كفروا ببعضه.
وَ قاسَمَهُما أَي حلَفَ لهما. و القَسامة: الذين يحلفون على حَقِّهم و يأْخذون. و
في الحديث: نحن نازِلُون بخَيْفِ بني كِنانة حيث تَقَاسَمُوا على الكفر.
؛ تَقَاسَمُوا: من القَسَم اليمين أَي تحالفوا، يريد لمَّا تعاهدت قريش على مُقاطعة بني هاشم و ترك مُخالطتهم. ابن سيدة: و القَسامة الجماعة يُقْسِمُون على الشي‏ء أَو يُشهدون، و يَمِينُ القَسامةِ منسوبة إِليهم. و
في حديثٍ: الأَيْمانُ تُقْسَمُ على أَوْلياء الدمِ.
أَبو زيد: جاءت قَسَامَةُ الرجلِ، سمي بالمصدر. و قَتل فلان فلاناً بالقَسَامَة أَي باليمين. و جاءت قَسامة من بني فلان، و أَصله اليمين ثم جُعِل قَوْماً. و المُقْسَمُ: القَسَمُ. و المُقْسَمُ: المَوْضِع الذي حلف فيه. و المُقْسِم: الرجل الحالف، أَقْسَمَ يُقْسِمُ إِقْساماً. قال الأَزهري: و تفسير القَسَامَة في الدم أَن يُقْتل رجل فلا تشهد على قتل القاتل إِياه بينة عادلة كاملة، فيجي‏ء أَولياء المقتول فيدّعون قِبَل رجل أَنه قتله و يُدْلُون بِلَوْث من البينة غير كاملة، و ذلك أَن يُوجد المُدَّعى عليه مُتلَطِّخاً بدم القتيل في الحال التي وُجد فيها و لم يشهد رجل عدل أَو امرأَة ثقة أَن فلاناً قتله، أَو يوجد القتيل في دار القاتل و قد كان بينهما عداوة ظاهرة قبل ذلك، فإِذا قامت دلالة من هذه الدلالات سَبَق إِلى قلب من سمعه أَن دعوى الأَولياء صحيحة فَيُستَحْلَفُ أَولياءُ القتيل خمسين يميناً أَن فلاناً الذي ادعوا قتله انفرد بقتل صاحبهم ما شَرَكه في دمه أَحد، فإِذا حلفوا خمسين يميناً استحقوا دية قتيلهم، فإِن أَبَوْا أَن يحلفوا مع اللوث الذي أَدلوا به حلف المُدَّعى عليه و بَرِئ، و إِن نكل المدّعى عليه عن اليمين خير ورثة القتيل بين قتله أَو أَخذ الدية من مال المدّعى عليه، و هذا جميعه قول الشافعي. و القَسامةُ: اسم من الإِقْسام، وُضِع مَوْضِع المصدر، ثم يقال للذين يُقْسِمونَ قَسَامة، و إِن لم يكن لوث من بينة حلف المدَّعى عليه خمسين يميناً و برئ، و قيل: يحلف يميناً واحدة. و
في الحديث: أَنه اسْتَحْلَف خمسةَ نفَر في قَسَامة معهم رجل من غيرهم فقال: رُدُّوا الأَيمان على أَجالدِهم.
؛ قال ابن الأَثير: القَسَامة، بالفتح، اليمين كالقسَم، و حقيقتها أَن يُقْسِم من أَولياء الدم خمسون نفراً على استحقاقِهم دمَ صاحبِهم إِذا وجدوه قتيلًا بين قوم و لم يُعرف قاتله، فإِن لم يكونوا خمسين أَقسم الموجودون خمسين يميناً، و لا يكون فيهم صبي و لا امرأَة و لا مجنون و لا عبد، أَو يُقسم بها المتهمون على نفي القتل عنهم، فإِن حلف المدعون استحقوا الدية، و إِن حلف المتهَمون لم تلزمهم الدية، و قد أَقْسَمَ يُقْسِمُ قَسَماً و قَسَامَة، و قد جاءت على بِناء الغَرامة و الحَمالة لأَنها تلزم أَهل الموضع الذي يوجد فيه القتيل؛ و منه‏
حديث عمر، رضي الله عنه: القَسامة توجب العَقْل.
أَي تُوجب الدّية لا القَوَد. و
في حديث الحسن: القَسامةُ جاهِلِيّة.
أَي كان أَهل الجاهلية يَدِينُون بها و قد قرّرها الإِسلام، و
في رواية: القَتْلُ بالقَسَامة جاهِليةٌ.
أَي أَن أَهل الجاهلية كانوا يقتُلُون بها أَو أَن‏

481
لسان العرب12

قسم ص 478

القتل بها من أَعمال الجاهلية، كأَنه إِنكار لذلك و اسْتِعْظام. و القَسامُ: الجَمال و الحُسن؛ قال بشر بن أَبي خازم:
يُسَنُّ على مَراغِمِها القَسَامُ‏


و فلان قَسِيمُ الوَجْهِ و مُقَسَّمُ الوجهِ؛ و قال باعث بن صُرَيْم اليَشْكُري، و يقال هو كعب بن أَرْقَمَ اليشكري قاله في امرأَته و هو الصحيح:
و يَوْماً تُوافِينا بَوجْهٍ مُقَسَّمٍ،             كأَنْ ظَبْية تَعْطُو إِلى وارِق السَّلَمْ‏
و يَوْماً تُرِيدُ مالَنا مع مالها،             فإِنْ لم نُنِلْها لم تُنِمْنا و لم تَنَمْ‏
نَظَلُّ كأَنَّا في خُصومِ غَرامةٍ،             تُسَمِّعُ جِيراني التَّأَلِّيَ و القَسَمْ‏
فَقُلْتُ لها: إِنْ لا تَناهَي، فإِنَّني             أَخو النُّكْر حتى تَقْرَعي السِّنَّ من نَدَمْ‏

و هذا البيت في التهذيب أَنشده أَبو زيد:
كأَنْ ظبية تعطو إِلى ناضِرِ السَّلم‏


و قال: قال أَبو زيد: سمعت بعض العرب ينشده:
كأَنْ ظبيةٌ ...


؛ يريد كأَنها ظبية فأَضمر الكناية؛ و قول الربيع بن أَبي الحُقَيْق:
بأَحْسَنَ منها، و قامَتْ تريك             وجَهاً كأَنَّ عَلَيْه قَسَاما

أَي حُسْناً. و
في حديث أُم معبد: قَسِيمٌ وَسِيم.
؛ القَسامةُ: الحسن. و رجل مُقَسَّم الوجهِ أَي جميل كله كأَن كل موضع منه أَخذ قِسْماً من الجمال. و يقال لحُرِّ الوجه: قَسِمة، بكسر السين، و جمعها قَسِماتٌ. و رجل مُقَسَّمٌ و قَسِيم، و الأُنثى قَسِيمَة، و قد قَسُمَ. أَبو عبيد: القَسَام و القَسَامَة الحُسْن. و قال الليث: القَسِيمَة المرأَة الجميلة؛ و أَما قول الشاعر «3»:
و كأَنَّ فارةَ تاجِرٍ بِقَسِيمَةٍ             سَبَقَتْ عَوارِضَها إِليكَ مِن الفَمِ‏

فقيل: هي طلوع الفجر، و قيل: هو وقت تَغَير الأَفواه، و ذلك في وقت السحر، قال: و سمي السحر قَسِيمَة لأَنه يَقْسِم بين الليل و النهار، و قد قيل في هذا البيت إِنه اليمين، و قيل: امرأَة حسَنة الوجه، و قيل: موضع، و قيل: هو جُؤْنة العَطَّار؛ قال ابن سيدة: و المعروف عن ابن الأَعرابي في جُؤْنة العطار قَسِمَة، فإِن كان ذلك فإِن الشاعر إِنما أَشبع للضرورة، قال: و القَسِيمَة السُّوقُ؛ عن ابن الأَعرابي، و لم يُفسِّر به قول عنترة؛ قال ابن سيدة: و هو عندي مما يجوز أَن يُفسَّر به؛ و قول العجاج:
الحمدُ للهِ العَلِيّ الأَعْظَمِ،             باري السَّماواتِ بِغَيْرِ سُلَّمِ‏
و رَبِّ هذا الأَثَرِ المُقَسَّمِ،             مِن عَهْد إِبراهيمَ لَمَّا يُطْسَمِ‏

أَراد المُحَسَّن، يعني مَقام إِبراهيم، عليه السلام، كأَنه قُسِّم أَي حُسِّن؛ و قال أَبو ميمون يصف فرساً:
كلِّ طَوِيلِ السّاقِ حُرِّ الخدّيْن،             مُقَسَّمِ الوجهِ هَرِيتِ الشِّدْقَيْن‏

و وَشْيٌ مُقَسَّمٌ أَي مُحَسَّنٌ. و شي‏ء قَسَامِيٌّ: منسوب إِلى القَسَام، و خفف القطامي ياء النسبة منه فأَخرجه مُخرج تِهامٍ و شآمٍ، فقال:
إِنَّ الأُبُوَّةَ والدَيْنِ تَراهُما             مُتَقابلينِ قَسَامِياً و هِجانا

أَراد أُبوّة والدين. و القَسِمَةُ: الحُسن. و القَسِمَةُ: الوجهُ، و قيل: ما أَقبل عليك منه، و قيل: قَسِمَةُ
__________________________________________________
 (3). قوله [الشاعر] هو عنترة.

482
لسان العرب12

قسم ص 478

الوجه ما خَرج من الشعر. و قيل: الأَنفُ و ناحِيتاه، و قيل: وسَطه، و قيل: أَعلى الوَجْنة، و قيل: ما بين الوَجْنتين و الأَنف، تكسر سينها و تفتح، و قيل: القَسِمَة أَعالي الوجه، و قيل: القَسِمَات مَجارِي الدموع، و الوجوه، واحدتها قَسِمَةٌ. و يقال من هذا: رجل قَسِيم و مُقَسَّم إِذا كان جميلًا. ابن سيدة: و المُقْسَم موضع القَسَم؛ قال زهير:
فتُجْمَعُ أَيْمُنٌ مِنَّا و مِنْكُم             بمُقْسَمَةٍ تَمُورُ بها الدِّماء

و قيل: القَسِمَاتُ مجاري الدموع؛ قال مُحْرِز بن مُكَعْبَرٍ الضبي:
و إِنِّي أُراخيكم على مَطِّ سَعْيِكم،             كما في بُطونِ الحامِلاتِ رِخاءُ
فَهلَّا سَعَيْتُمْ سَعْيَ عُصْبةِ مازِنٍ،             و ما لعَلائي في الخُطوب سَواءُ
كأَنَّ دَنانِيراً على قَسِمَاتِهِم،             و إِنْ كان قَدْ شَفَّ الوُجُوهَ لِقاءُ
لَهُمْ أَذْرُعٌ بادٍ نواشِزُ لَحْمِها،             و بَعضُ الرِّجالِ في الحُروب غُثاءُ

و قيل: القَسِمَةُ ما بين العينين؛ روي ذلك عن ابن الأَعرابي، و به فسر قوله‏
... دنانيراً على قَسِمَاتهم‏


؛ و قال أَيضاً: القَسِمَةُ و القَسَمَةُ ما فوق الحاجب، و فتح السين لغة في ذلك كله. أَبو الهيثم: القَسَامِيُّ الذي يكون بين شيئين. و القَسَامِيّ: الحَسَن، من القَسَامَة. و القَسَامِيُّ: الذي يَطوي الثياب أَول طَيّها حتى تتكسر على طيه؛ قال رؤبة:
طاوِينَ مَجْدُولَ الخُروقِ الأَحداب،             طَيَّ القَسَامِيِّ بُرودَ العَصّاب‏

و رأَيت في حاشية: القَسَّامُ المِيزان، و قيل: الخَيّاطُ. و فرس قَسَامِيٌّ أَي إِذا قَرَحَ [قَرِحَ‏] من جانب واحد و هو، من آخرَ، رَباعٍ؛ و أَنشد الجَعْدي يصف فرساً:
أَشَقَّ قَسَامِيّاً رَباعِيَ جانِبٍ،             و قارِحَ جَنْبٍ سُلَّ أَقْرَحَ أَشْقَرا

و فرس قَسَامِيٌّ: منسوب إِلى قَسَام فرس لبني جَعْدة؛ و فيه يقول الجعدي:
أَغَرّ قَسَامِيّ كُمَيْت مُحَجَّل،             خَلا يده اليُمْنى فتَحْجِيلُه خَسا

أَي فَرْدٌ. و قال ابن خالويه: اسم الفرس قَسَامَة، بالهاء؛ و أَما قول النابغة يصف ظبية:
تَسَفُّ برِيرَه، و تَرُودُ فيه             إِلى دُبُر النهارِ من القَسَامِ‏

قيل: القَسَامَة شدّة الحرّ، و قيل: إِن القَسَام أَول وقت الهاجرة، قال الأَزهري: و لا أَدري ما صحته، و قيل: القَسَام وقت ذُرور الشمس، و هي تكون حينئذ أَحسن ما تكون و أَتمّ ما تكون مَرْآةً، و أَصل القَسَام الحُسن؛ قال الأَزهري: و هذا هو الصواب عندي؛ و قول ذي الرمة:
لا أَحْسَبُ الدَّهْرَ يُبْلي جِدّةً أَبداً،             و لا تُقَسَّم شَعْباً واحِداً شُعَبُ‏

يقول: إِني ظننت أَن لا تنقسم حالاتٌ كثيرة، يعني حالاتِ شبابه، حالًا واحداً و أَمراً واحداً، يعني الكِبَر و الشيب؛ قال ابن بري: يقول كنت لغِرّتي أَحسب أَن الإِنسان لا يَهرم، و أَن الثوبَ الجديد لا يَخْلُق، و أَن الشَّعْب الواحد الممتنع لا يَتفرَّق الشُّعَبَ المتفرِّقةَ فيتفرق بعد اجتماع و يحصل متفرقاً في تلك الشُّعَبِ «1». و القَسُومِيَّات: مواضع؛ قال زهير:
__________________________________________________
 (1). قوله: و أن الشعب إلخ؛ هكذا في الأَصل.

483
لسان العرب12

قسم ص 478

ضَحَّوْا قَليلًا قَفا كُثْبانِ أَسْنِمةٍ،             و مِنْهُمُ بالقَسُومِيّاتِ مُعْتَرَكُ «1».

و قاسِمٌ و قَسِيمٌ و قُسَيْمٌ و قَسَّام و مِقْسَم و مُقَسِّم: أَسماء. و القَسْم: موضع معروف. و المُقْسِم: أَرض؛ قال الأَخطل:
مُنْقَضِبِين انْقِضابَ الخيل، سَعْيُهُم             بَين الشقيق و عَيْن المُقْسِمِ البَصِر

و أَما قول القُلاخ بن حَزْن السعدي:
أَنا القُلاخُ في بُغائي مِقْسَما،             أَقْسَمْتُ لا أَسْأَمُ حتَّى تَسْأَما

فهو اسم غلام له كان قد فرّ منه.
قشم:
القَشْم: الأَكل، و قيل: شِدة الأَكل و خَلْطُه، قَشَمَ يَقْشِمُ قَشْماً. و القُشَامُ: اسم لما يؤْكل مشتق من القشْمِ. و القُشَامَة: ردي‏ء التمر؛ عن أَبي حنيفة. و القُشَام و القُشَامةُ: ما وقع على المائدة و نحوها مما لا خير فيه أَو ما بقي فيها من ذلك. ابن الأَعرابي: القُشَامةُ ما يَبْقَى من الطعام على الخِوان. و قَشَمْت أَقْشِمُ قَشْماً: نفَيته. و قَشَمْت الطعام قَشْماً إِذا نفَيتَ الرَّدي‏ء منه. و ما أَصابت الإِبلُ مَقْشَماً أَي شيئاً ترعاه. و قَشَمَ الرجلُ قَشْماً: مات؛ قال أَبو وجزة:
قَشَمَتْ فجَرَّ برِجلها أَصحابُها،             و حَثَوْا على حَفْصٍ لها و عِماد

أَي ماتت فدفنوها مع مَتاع بيتها. و قَشَمَ في بيته قشُماً: دخل. و القِشْمُ و القَشْمُ: اللحم المحمرُّ من شدة النُّضج. و القَشْمُ، بالكسر: الجسم؛ عن يعقوب في بعض نسخه من الإِصلاح؛ و أَنشد، ابن الأَعرابي:
طَبيخُ نُحازٍ أَو طَبيخُ أمِيهةٍ،             دَقِيقُ العِظامِ سَيِ‏ءُ القِشْمِ أَمْلَطُ

يقول: كانت أُمه به حاملًا و بها نُحاز أَي سعال أَو جُدَرِيٌّ فجاءت به ضاوِياً. و يقال: أَرى صبيكم مُخْتَلًّا قد ذهب قِشْمه أَي لحمه و شَحْمه. و القَشَمُ و القَشْمُ: البُسْر الأَبيض الذي يؤْكل قبل أَن يُدرك و هو حُلو. و القُشَامُ: أَن يَنتَقِض البلح قبل أَن يصير بُسْراً. و قال الأَصمعي: فإِذا انْتقض البُسر قبل أَن يصير بلحاً قيل قد أَصابه القُشَامُ. ابن الأَعرابي: يقال للبسرة إِذا ابيضَّت فأُكلت طيبة هي القَشِيمَة. و يقال: أَصاب الثمرَ القُشَامُ، هو بالضم، أَن ينتقض ثمر النخل قبل أَن يصير بلحاً. و قَشَمَ الخُوصَ يَقْشِمُه قَشْماً: شقه لِيَسُفَّه. و إِنه لقبيح القِشْمِ أَي الهيئة و قالوا: الكرَم من قِشْمِه أَي من طَبعه و أَصله. و القِشْمُ: المَسِيل الضيِّقُ في الوادي. و قال أَبو حنيفة: القَشْمُ، بالفتح، مسيل الماء في الروض، و جمعه قُشُوم. و قُشَام: موضع؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أَنشد:
كأَنَّ قَلُوصِي تَحْمِلُ الأَجْوَلَ الذي             بشَرْقِيِّ سَلْمَى، يَوْمَ جَنْبِ قُشَامِ‏

و قُشَامٌ في قول الراجز:
يا لَيْتَ أَنَّي و قُشَاماً نَلْتَقي،             وَ هْو على ظَهْر البعير الأَوْرقِ‏

اسم رجل راعٍ. أَبو تراب عن مُدرك: يقال لفلان قوم يَقْمشون له و يَهْمِشون له بمعنى يجمعون له، و الله أَعلم.
قشعم:
القُشْعُوم: الصغير الجسم، و به سمي القُراد، و هو القُرْشوم و القِرْشامُ. و القَشْعَمُ و القِشْعامُ: المُسِنُّ من الرجال و النُّسور و الرخَم لطول عمره،
__________________________________________________
 (1). قوله [ضحوا قليلًا إلخ‏] أنشده في التكملة و معجم ياقوت:
و عرسوا ساعة في كثب أسنمة.

 

484
لسان العرب12

قشعم ص 484

و هو صفة، و الأُنثى قَشْعَم؛ قال الشاعر:
ترَكْتُ أَباكَ قد أَطْلَى، و مالَتْ             عليه القَشْعَمَانِ من النُّسور

و قيل: هو الضخم المسن من كل شي‏ء. قال أَبو زيد: كل شي‏ء يكون ضخماً فهو قَشْعَمٌ؛ و أَنشد:
و قِصَعٌ تُكْسَى ثُمالًا قَشْعَما

و الثُّمال: الرَّغْوة. و أُمُّ قَشْعَم: الحَرب، و قيل: المنيَّة، و قيل: الضبع، و قيل: العنكبوت، و قيل: الذِّلة؛ و بكل فسر قول زهير:
فشَدّ و لم يُفْزِعْ بُيوتاً كثِيرةً،             لدَى حيثُ أَلقَتْ رَحْلَها أُمُّ قَشْعَمِ‏

الأَزهري: الشيخ الكبير يقال له قَشْعم، القاف مفتوحة و الميم خفيفة، فإِذا ثقلت الميم كسرت القاف، و كذلك بناء الرباعي المنبسط إذا ثُقل آخره كُسِر أَوله؛ و أَنشد للعجاج:
إِذْ زَعَمَتْ رَبِيعةُ القِشْعَمُ‏

قال ابن سيدة: القِشْعَمُّ مثل القَشْعم. و قَشْعَم: من أَسماء الأَسد، و كان ربيعة بن نزار يسمى القَشْعَم؛ قال طرفة:
و الجَوْزُ مِن رَبيعةَ القَشَعْمِ‏

أَراد القَشْعَم فوقف، و أَلقى حركة الميم على العين، كما قالوا البَكِرْ، ثم أَوقعوا القَشْعم على القبيلة؛ قال:
إِذ زعمت ربيعةُ القَشْعَمُ‏

شدَّد ضرورة و أَجرى الوصل مجرى الوقف.
قصم:
القَصْمُ: دَقُّ الشي‏ء. يقال للظالم: قَصَمَ الله ظهره. ابن سيدة: القَصْمُ كسر الشي‏ء الشديد حتى يَبين. قَصَمَه يَقْصِمُهُ قَصْماً فانْقَصَمَ و تَقَصَّمَ: كسَره كسْراً فيه بَيْنونة. و رجل قَصِمٌ أَي سريع الانْقِصام هَيَّابٌ ضعيف. و قُصَمُ مثل قُثَم: يَحْطِم ما لقي؛ قال ابن بري: صوابه قُصَمٌ مثل قُثَمٍ تَصْرِفُهما لأَنهما صِفتانِ، و إِنما العدل يكون في الأَسماء لا غير. و
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم: أَنه قال في أَهل الجنة يُرْفَعُ أَهلُ الغُرَفِ إِلى غُرَفِهم في دُرَّة بَيْضاء ليس فيها قَصْمٌ و لا فَصْمٌ.
؛ أَبو عبيدة: القَصْمُ، بالقاف، هو أَن ينكسر الشي‏ء فيَبين، يقال منه: قَصَمْت الشي‏ء إِذا كسرتَه حتى يبين، و منه قيل: فلان أَقْصَمُ الثَّنِيَّة إذا كان منكسرها، و أَما الفَصْمُ، بالفاء، فهو أَن يَنْصَدِعَ الشي‏ء من غير أَن يَبِين. و
في الحديث: الفاجرُ كالأَرْزَةِ صمَّاءُ مُعْتدِلة حتى يَقْصِمها الله.
و
في حديث عائشة تصف أَباها، رضي الله عنهما: و لا قَصَمُوا له قَناة.
، و يروى بالفاء. و
في حديث كعب: وجدت انْقِصاماً في ظهري.
، و يروى بالفاء، و قد تقدما. و رمح قَصِمٌ: منكسر، و قناة قَصِمَةٌ كذلك، و قد قَصِمَ. و قَصِمَتْ سِنُّه قَصَماً و هي قَصْماء: انشقت عَرْضاً و رجل أَقْصَمُ الثنية إِذا كان منكسرها من النصف بيّن القَصَمِ، و الأَقْصَمُ أَعمُّ و أَعرف من الأَقصف، و هو الذي انقصمت ثنيته من النصف. يقال: جاءتكمُ القَصْمَاء، تذهب به إِلى تأْنيث الثنية. قال بعض الأَعراب لرجل أَقْصَمِ الثنيةِ: جاءتكم القَصْمَاء، ذهب إِلى سِنِّه فأَنثها. و القَصْمَاء من المعز: التي انكسر قرناها من طرفيهما إِلى المُشاشة، و قال ابن دريد: القَصْمَاء، من المعز المكسورة القرنِ الخارجِ، و العَضْباء المكسورة القرن الداخل، و هو المُشاش. و القَصْمُ في عَروض الوافر: حذف الأَول و إِسكان الخامس، فيبقى الجزء فاعِيلٌ، فينقل في التقطيع إِلى مَفْعولن، و ذلك على التشبيه بقَصْم السن أَو القَرْن. و قَصْمُ السواكِ و قَصْمَتُه و قِصْمَتُه الكسرة منه،

485
لسان العرب12

قصم ص 485

و
في الحديث: اسْتَغْنُوا عن الناس و لو عن قِصْمَةِ السواكِ.
و القصمة، بكسر القاف، أَي الكسرة منه إِذا استيك به، و يروى بالفاء. و قَصَمَه يَقْصِمُه قَصْماً: أَهلكه. و قال الزجاج في قوله تعالى: وَ كَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ؛ كَمْ في موضع نصب ب قَصَمْنا، و معنى قَصَمْنا
 أَهلكنا و أَذهبنا. و يقال: قَصَمَ الله عُمُر الكافر أَي أَذهبه. و القاصِمةُ: اسم مدينة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم؛ قال ابن سيدة: أَرى ذلك لأَنها قَصَمت الكفر أَي أَذْهَبته. و القَصْمة، بالفتح: مَرْقاة الدرجة مثل القَصْفة. و
في الحديث: إِن الشمس لتَطْلُعُ من جهنم بين قَرْنَيْ شيطان فما ترتفع في السماء من قَصْمة إِلا فُتحَ لها باب من النار، فإِذا اشتدَّت الظهيرة فُتحت الأَبواب كلها.
و سميت المرقاة قَصْمَة لأَنها كسرة من القَصْم الكسر. و كلُّ شي‏ء كَسَرْته فقد قَصَمْته. و أَقْصامُ المَرْعى: أُصُوله و لا يكون إِلا من الطَّريفة، الواحد قِصْمٌ. و القَصْمُ: العتيق من القطن؛ عن أَبي حنيفة. و القَصِيمَة: ما سهل من الأَرض و كثر شجره. و القَصِيمةُ: مَنْبِت الغَضى و الأَرْطَى و السَّلَم؛ و هي رملة؛ قال لبيد:
و كتِيبة الأَحْلافِ قد لاقَيْتُهمْ،             حيثُ اسْتَفاضَ دَكادِكٌ و قَصِيمُ‏

و قال بشر في مفرده:
و باكَرَه عِندَ الشُّروقِ مُكَلَّبٌ             أَزَلُّ، كسِرْحانِ القَصِيمةِ، أَغْبَرُ

قال: و قال أُنَيْف بن جَبَلة:
و لقدْ شَهِدْتُ الخَيْلَ يَحْمِلُ شِكَّتي             عَتِدٌ، كسِرْحانِ القَصِيمَة، مُنْهِب‏

الليث: القَصِيمَةُ من الرمل ما أَنبت الغَضَى و هي القَصَائِمُ. أَبو عبيد: القَصَائِمُ من الرمال ما أَنبت العِضاه. قال أَبو منصور: و قول الليث في القَصِيمَة ما يُنبت الغضى هو الصواب. و القَصِيمُ: موضع معروف يَشُقُّه طَرِيقُ بَطْن فَلْجٍ؛ و أَنشد ابن السكيت:
يا رِيَّها اليومَ على مُبِينِ،             على مُبينٍ جَرِدِ القَصِيمِ‏

مُبِين: اسم بئر. و القَصِيم: نَبْت. و الأَجارِدُ من الأَرض: ما لا يُنبت؛ و قال:
أَفْرِغْ لِشَوْلٍ و عِشارٍ كُومِ             باتَتْ تُعَشَّى اللَّيلَ بالقَصِيم،
لبَابة من هَمِقٍ عَيْشُوم‏


الرياشي: أَنشدني الأَصمعي في النون مع الميم:
يَطْعُنُها بخَنْجَرٍ مِنْ لَحْمِ،             تحْتَ الذُّنابَى في مكانٍ سُخْنِ‏

قال: و يسمى هذا السناد. قال الفراء: سمي الدال و الجيم الإِجادة، رواه عن الخليل؛ و قال الشاعر يصف صَيّاداً:
و أَشْعَثَ أَعْلى ماله كِفَفٌ له،             بفَرْشِ فَلاة، بَيْنَهُنَّ قَصِيمُ الفَرْش‏

مَنابت العُرْفُط. ابن الأَعرابي: فَرْشٌ من عُرفط، و قَصِيمَةٌ من غَضىً، و أَيْكَةٌ من أَثْل، و غالٌّ من سَلَم، و سَلِيلٌ من سَمُرٍ للجماعة منها. و قال أَبو حنيفة: القَصِيمُ، بغير هاء، أَجَمة الغضى، و جمعها قَصَائِم و قُصْم. و القَصِيمَةُ: الغَيْضة. و القَيْصُوم: ما طال من العشب، و هو كالقَيْعُون؛ عن كراع. و القَيْصُوم: من نبات السهل؛ قال أَبو حنيفة: القَيْصُوم من الذكور و من الأَمْرار، و هو طيب الرائحة من رَياحين البر، و ورقه هَدَب، و له‏

486
لسان العرب12

قصم ص 485

نَوْرَة صفراء و هي تَنْهض على ساق و تطول؛ قال جرير:
نَبتَتْ بمَنْبِتِه فطابَ لشمِّها،             و نَأَتْ عن الجَثْجاثِ و القَيْصُوم‏

و قال الشاعر:
بلادٌ بها القَيْصُومُ و الشِّيحُ و الغَضَى‏

أَبو زيد: قَصَم راجعاً و كصَمَ راجعاً إذا رجع من حيث جاء و لم يُتِمَّ إلى حيث قصَد.
قصلم:
التهذيب فَحل قِصْلامٌ عَضُوضٌ؛ و أَنشد شمر:
سوى زِجاجاتِ مُعِيدٍ قِصْلام‏

قال: و المُعِيد الفحل الذي أَعاد الضِّراب في الإِبل مرّة بعد أُخرى.
قضم:
قَضِمَ الفرسُ يَقْضَمُ و خَضِمَ الإِنسانُ يَخْضَم، و هو كقَضْم الفرس، و القَضْمُ بأَطراف الأَسنان و الخَضْمُ بأَقصَى الأَضراس؛ و أَنشد لأَيمن بن خُرَيْم الأَسدي يذكر أهل العراق حين ظهر عبد الملك على مصعب:
رَجَوْا بالشِّقاقِ الأَكْلَ خَضْماً، و قد رَضُوا             أَخيراً مِنَ اكْلِ الخَضْمِ أَن يأْكلوا القَضْما

و يدل على هذا
قول أَبي ذر: اخْضَمُوا فإنا سنَقْضَمُ.
ابن سيدة: القَضْمُ أَكل بأَطراف الأَسنان و الأَضراس، و قيل: هو أَكل الشي‏ء اليابس، قَضِمَ يَقْضَم قَضْماً، و الخَضْم: الأَكل بجميع الفم، و قيل: هو أَكل الشي‏ء الرَّطْب، و القَضْمُ دون ذلك. و قولهم: يُبْلَغُ الخَضْم بالقَضْم أَي أَن الشَّبْعة قد تُبْلَغ بالأَكل بأَطراف الفم، و معناه أن الغايةَ البعيدة قد تُدْرَك بالرِّفق؛ قال الشاعر:
تَبَلَّغْ بأَخْلاقِ الثياب جَدِيدَها،             و بالقَضْمِ حتى تُدْرِكَ الخَضْمَ بالقَضْمِ‏

و
في حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه: ابْنُوا شَدِيداً و أَمِّلُوا بعيداً و اخْضَمُوا فإنا سنَقْضَم.
؛ القَضْمُ: الأَكل بأطراف الأَسنان. و
في حديث أَبي ذرّ: تأْكلون خَضْماً و نأْكل قَضْماً.
و
في حديث عائشة، رضي الله عنها: فأَخَذتِ السواكَ فقَضِمَتْه و طَيَّبَتْه.
أي مَضَغَتْه بأَسنانها و لَيَّنَتْه. و القَضِيم: شعير الدابة. و قَضِمت الدابةُ شعيرَها، بالكسر، تَقْضَمُهُ قَضْماً: أكلته. و أَقْضَمْته أنا إياه أي علفتها القضِيم. و قال الليث: القَضْم أَكل دونٌ كما تَقْضَمُ الدابةُ الشعير، و اسمه القَضِيم، و قد أَقْضَمْته قَضِيماً. قال ابن بري: يقال قَضِمَ الرجلُ الدابةَ شعيرَها فيعدِّيه إلى مفعولين، كما تقول كسا زيد ثوباً و كسوته ثوباً؛ و استعار عديّ بن زيد القَضْمَ للنار فقال:
رُبَّ نارٍ بِتُّ أَرْمُقها             تَقْضَمُ الهِنْدِيَّ و الغارا

و القَضِيمُ: ما قَضِمتْه. و ما للقوم قَضِيمٌ و قَضامٌ و قُضْمَة و مَقْضَمٌ أي ما يُقْضَمُ عليه؛ و منه قول بعض العرب و قد قدم عليه ابن عم له بمكة فقال: إن هذه بلادَ مَقْضَم و ليست ببلاد مَخْضَم. و ما ذقت قَضَاماً أَي شيئاً. و أَتتهم قَضِيمَة أي مِيرة قليلة. و القِضْمُ: ما ادَّرَعَتْه الإِبل و الغنم من بقية الحلْي. و القَضَمُ: انصداع في السن، و قيل: تَثَلُّمٌ و تَكسُّر في أَطراف الأَسنان و تفَلُّلٌ و اسوداد، قَضِمَ قَضَماً، فهو قَضِمٌ و أَقْضَم، و الأُنثى قَضْمَاء. و قد قَضِمَ فوه إذا انكسر، و نَقِدَ مثله. و القَضِم، بكسر الضاد: السيف الذي طال عليه الدهر فتكسر حدُّه، و في المحكم: و سيف قَضِمٌ طال عليه الدهر فتكسر حَدُّه. و في مضاربه قَضَم، بالتحريك، أي تكسر، و الفعل كالفعل؛ قال راشد بن شهاب اليشكري:

487
لسان العرب12

قضم ص 487

فلا تُوعِدَنِّي، إنَّني إنْ تُلاقِني             مَعِي مَشْرَفِيٌّ في مَضارِبهِ قَضَمْ‏

قال ابن بري: و رواه ابن قتيبة قَصَم، بصاد غير معجمة؛ و يروى صدره:
مَتى تَلْقَني تَلْقَ امْرأً ذا شَكِيمةٍ

و القَضِيم: الجلد الأَبيض يكتب فيه، و قيل: هي الصحيفة البيضاء، و قيل: النِّطع، و قيل: هو العَيبة، و قيل: هو الأَديم ما كان، و قيل: هو حصير منسوج خيوطه سيُور بلغة أهل الحجاز؛ قال النابغة:
كأَنَّ مَجَرَّ الرَّامِساتِ ذُيولَها             عليه قَضِيمٌ، نَمَّقَتْه الصَّوانِعُ‏

و الجمع من كل ذلك أَقضِمةٌ و قُضُم، فأَما القَضَمُ فاسم للجمع عند سيبويه. و
في حديث الزهري: قُبض رسول الله، صلى الله عليه و سلم، و القرآن في العُسُب و القُضُم.
؛ هي الجلود البيض، واحدها قَضِيم، و يجمع أَيضاً على قَضَم، بفتحتين، كأَدَمٍ و أَدِيمٍ؛ و منه‏
الحديث: أنه دخل على عائشة، رضي الله عنها، و هي تلعب ببنت مُقَضِّمة.
؛ هي لُعبة تتخذ من جلود بيض، و يقال لها بنت قُضَّامَة، بالضم و التشديد؛ قال ابن بري: و لعبة أهل المدينة اسمها بنت قُضَّامَة، بضم القاف غير مصروف، تعمل من جلود بيض. و القَضِيم: النطع الأَبيض، و قيل: من صحف بيض من القَضِيمَة و هي الصحيفة البيضاء. ابن سيدة: و القَضِيمة الصحيفة البيضاء كالقَضِيم؛ عن اللحياني، قال: و جمعها قُضُم كصحيفة و صحف، و قَضَمٌ أَيضاً، قال: و عندي أَن قَضَماً اسم لجمع قَضِيمة كما كان اسماً لجمع قضيم؛ و قال أَبو عبيد في القَضِيم بمعنى الجلد الأَبيض:
كأَنَّ ما أبْقَتِ الرَّوامِسُ منه،             و السِّنُونَ الذَّواهِبُ الأُوَلُ،
قَرْعُ قَضِيمٍ غَلا صَوانِعُه،             في يَمَنِيِّ العَيَّاب، أَو كِلَلُ‏

غلا أي تأَنَّق في صنعه. الليث: و القَضِيم الفضة؛ و أَنشد:
و ثُدِيٌّ ناهِداتٌ،             و بَياضٌ كالقَضِيمِ‏

قال الأَزهري: القَضِيم هاهنا الرَّق الأَبيض الذي يكتب فيه، قال: و لا أَعرف القضيم بمعنى الفضة فلا أَدري ما قول الليث هذا. و القُضَامُ و القَضَاضِيمُ: النخل التي تطول حتى يَخِفّ ثمرها، واحدتها قُضَّامَة و قُضامةٌ. و القُضَّام: من نجيل السباخ؛ قال أَبو حنيفة: هو من الحمض، و قال مرة: هو نبت يشبه الخِذْراف، فإذا جفّ ابيضَّ، و له وريقة صغيرة. و
في حديث علي: كانت قريش إذا رأَته قالت احذروا الحُطَمَ احذروا القُضَمَ.
أي الذي يَقْضَمُ الناس فيُهْلِكُهم.
قضعم:
القَضْعَم و القَعْضَم: هو الشيخ المسن الذاهب الأَسنان. ابن بري: القَضْعَم الأَدْرد؛ قال خليد اليشكري:
دِرْحاية البطنِ يُناغي القَضْعَمَا

الأَزهري: يقال للناقة الهرمة قِضْعم و جِلْعِم.
قطم:
القَطَمُ، بالتحريك: شهوة اللحم و الضِّراب و النكاح قَطِمَ يَقْطَم قَطَماً فهو قَطِمٌ بيِّن القَطَم أي اهتاجَ و أَراد الضراب و هو شدة اغتلامه، و رجل قَطِم: شَهْوان للحم. و قَطِمَ الصقْر إلى اللحم: اشتهاه، و قيل: كل مُشتهٍ شيئاً قَطِمٌ، و الجمع قُطُمٌ. و القَطِمُ: الغضبان. و فحل قَطِمٌ و قِطَمٌّ و قِطْيَمٌّ: ضَؤُولٌ؛ و أَنشد:
يَسوقُ قَرْماً قَطِماً قِطْيَمّا «2».

__________________________________________________
 (2). قوله [قرماً] كذا في النسخة المنقولة مما في وقف السلطان الأَشرف، و الذي في التهذيب: قطماً.

488
لسان العرب12

قطم ص 488

و القُطامِيُّ: الصَّقْر، و يفتح. و صَقر قَطَام و قَطامِيٌّ و قُطامِيٌّ: لَحِمٌ، قيس يفتحون و سائر العرب يضمون و قد غلب عليه اسماً، و هو مأْخوذ من القَطِم و هو المشتهي اللحْم و غيره. الليث: القطامي من أَسماء الشاهين؛ و قوله أَنشده ثعلب:
تأَمَّلُ ما تقولُ، و كُنتَ قِدْماً             قَطامِيّاً تَأَمُّلُه قَلِيلُ‏

فسره فقال: معناه كنت مرّة «1». تركب رأْسك في الأُمور في حداثتك، فاليوم قد كَبِرت و شِخت و تركت ذلك؛ و قول أُم خالد الخثعمية في جَحْوش العُقَيلي:
فَلَيْتَ سِماكِيّاً يَحارُ رَبابُه،             يُقادُ إلى أَهلِ الغَضى بزِمامِ‏
لِيَشْرَبَ منه جَحْوشٌ، و يَشيمُه             بِعَيْنَيْ قَطامِيّ أَغَرَّ شآمِي‏

إنما أَرادت بعيني رجل كأَنهما عينا قطامي، و إنما وجهناه على هذا لأَن الرجل نوع و القطامي نوع آخر سواه، فمحال أن ينظر نوع بعين نوع، أ لا ترى أَن الرجل لا ينظر بعيني حمار و كذلك الحمار لا ينظر بعيني رجل؟ هذا ممتنع في الأَنواع، فافهم. و مِقْطَمُ البازي: مِخْلبه. و قَطَم الشي‏ء يَقطِمُه قَطْماً: عَضَّه بأَطراف أَسنانه أو ذاقه. الفراء: قَطَمْتُ الشي‏ء بأَطراف أَسناني أَقْطِمُهُ إذا تناولته. و قال غيره: قَطَمَ يَقْطِمُ إذا عضَّ بمقدَّم الأَسنان؛ قال أَبو وجزة:
و خائفٍ لَحِمٍ شاكاً بَراثنُه،             كأَنه قَاطِمٌ وَقْفَينِ مِن عاجِ‏

ابن السكيت: القَطْم العض بأَطراف الأَسنان. يقال: اقْطِمْ هذا العود فانظر ما طعمه. و الخمر قُطاميّ، بالضم لا غير، أي طريّ «2». و قطم الشي‏ء يقطمه قطماً: عضه بأطراف أسنانه أو ذاقه؛ قال أَبو وجزة:
و إذا قَطَمْتَهمُ قَطَمْتَ عَلاقِماً             و قَواضِيَ الذِّيفانِ فيما تَقْطِمُ‏

و الذِّيفان: السم، بكسر الذال: و القَطْمُ: تناول الحشيش بأَدنى الفم. و القُطَامَة: ما قُطم بالفم ثم أُلقي. و قَطَمَ الفَصِيلُ النبتَ: أخذه بمقدّم فيه قبل أن يستحكم أكله. و قَطَمَ الشي‏ءَ قطماً: قطَعَه. و قَطَّمَ الشاربُ: ذاق الشراب فكَرِهه و زَوَى وجهَه و قَطَّبَ. و القُطامي، بالضم: من شعرائهم من تَغْلِب و اسمه عُمير بن شُيَيْم. و قطام: من أسماء النساء. ابن سيدة: و قَطَامِ و قَطَامُ اسم امرأة، و أَهل الحجاز يبنونه على الكسر في كل حال، و أَهل نجد يُجرونه مُجرى ما لا ينصرف، و قد ذكرناه في رَقاشِ أَيضاً. و ابن أُمّ قَطَامِ: من ملوك كندة. و قُطَامَةُ: اسم. و القُطَمِيّاتُ: مواضع؛ قال عبيد:
أَقْفَرَ من أَهْلِه مَلْحُوبُ،             فالقُطَمِيَّاتُ فالذَّنُوبُ‏

و قُطْمان: اسم جبل؛ قال المخبل السعدي:
و لَما رأَتْ قُطْمَانَ منْ عَن شِمالِها،             رأَت بَعْضَ ما تَهْوَى و قَرَّتْ عُيونُها

و المُقَطَّم: جبل بمصر، صانها الله تعالى.
قعم:
قُعِمَ الرجل و أُقْعِمَ: أَصابه طاعون أَو داء فمات من ساعته. و أَقْعَمَتْه الحيةُ: لدغته فمات من ساعته. و القَعَمُ: ردّة مَيَلٍ في الأَنف و طمأْنينة في‏
__________________________________________________
 (1). قوله [كنت مرة] كذا في الأَصل و المحكم بالراء.
 (2). قوله أي طري؛ لعله يعود إلى العود لا إلى الخمر.

489
لسان العرب12

قعم ص 489

وسطه، و قيل: هو ضِخَم الأَرنبة و نُتوءُها و انخفاض القصبة في الوجه، و هو أَحسن من الخَنَس و الفَطَس، قَعِمَ قَعَماً، فهو أَقْعَم، و الأُنثى قَعْمَاء. و حكى ابن بري عن ابن الأَعرابي: القَعَمُ كالخَنَس أَو أَحسن منه. و يقال: في فمه قَعَمٌ أي عَوَجٌ، و في أَسنانه قَعَم: و هو دخول أَعلاها إلى فمه. و خُفٌّ أَقْعَمُ و مُقْعَمٌ و مُقَعَّمٌ: متطامن الوسط مرتفع الأَنف؛ قال:
عَلَيَّ خُفّانِ مُهَدَّمانِ،             مُشْتَبها الآنُفِ مُقْعَمَانِ‏

و القَيْعَمُ: السِّنَّور. و القَعْمُ: صُياح السنور. الأَصمعي: لك قُعْمَةُ هذا المال و قُمْعَتُه أي خِياره و أَجْوَدُه.
قعضم:
العَعْضَمُ و القِعْضِمُ: الشيخ المسنّ الذاهب الأَسنان.
ققم:
رجل قَيْقَمٌ: واسع الخُلُق؛ عن كراع.
قلم:
القَلَم: الذي يُكتب به، و الجمع أَقْلام و قِلام. قال ابن بري: و جمع أَقْلام أَقَالِيم؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
كأَنَّني، حِينَ آتِيها لتُخْبِرَني             و ما تُبَيّنُ لي شَيْئاً بِتَكْلِيمِ،
صَحِيفةٌ كُتِبَتْ سِرّاً إلى رَجُلٍ،             لم يَدْرِ ما خُطَّ فيها بالأَقَالِيم‏

و المِقْلَمَة: وعاء الأَقْلام. قال ابن سيدة: و القَلَمُ الذي في التنزيل لا أعرف كَيفيته؛ قال أَبو زيد: سمعت أعرابيّاً مُحرِماً يقول:
سَبَقَ القَضاءُ و جَفَّتِ الأَقْلامُ‏

و القَلَمُ: الزَّلَمُ. و القَلَم: السَّهْم الذي يُجال بين القوم في القِمار، و جمعهما أَقْلام. و في التنزيل العزيز: وَ ما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ‏؛ قيل: معناه سهامهم، و قيل: أَقْلامهم التي كانوا يكتبون بها التوراة؛ قال الزجاج: الأَقْلام هاهنا القِداح، و هي قِداح جعلوا عليها علامات يعرفون بها من يكفل مريم على جهة القرعة، و إنما قيل للسهم القَلَم لأَنه يُقْلم أي يُبْرى. و كلُّ ما قطَعت منه شيئاً بعد شي‏ء فقد قَلَمْته؛ من ذلك القلم الذي يكتب به، و إنما سمي قَلَماً لأَنه قلِمَ مرة بعد مرة، و من هذا قيل: قَلَمت أَظفاري. و قَلَمت الشي‏ء: بَرَيْته و فيه عالَ قلمُ زكريا؛ هو هاهنا القِدْح و السهم الذي يُتقارَع به، سمي بذلك لأَنه يُبرى كبَرْي القلم. و يقال للمِقْراض: المِقْلامُ. و القَلَمُ: الجَلَمُ. و القَلَمانِ: الجَلَمانِ لا يفرد له واحد؛ و أَنشد ابن بري:
لعَمْرِيَ لو يُعْطِي الأَميرُ على اللِّحَى،             لأُلْفِيتُ قد أَيْسَرْتُ مُنْذُ زَمانِ‏
إذا كشَفَتْني لِحْيَتي من عِصابةٍ،             لهُمُ عندَه ألفٌ و لي مائتانِ‏
لهَا دِرْهَمُ الرحمنِ في كلِّ جُمعةٍ،             و آخَرُ للِخَناء يَبْتَدِرانِ‏
إذا نُشِرتْ في يَوْمِ عِيدٍ رأَيْتِها،             على النَّحْرِ، مِرْماتيْنِ كالقَفَدانِ‏
و لوْ لا أَيادٍ مِنْ يَزِيدَ تتابَعتْ،             لَصَبَّحَ في حافاتِها القَلمانِ‏

و المِقْلَم: قَضِيب الجمل و التيس و الثور، و قيل: هو طرَفه. شمر: المِقْلم طَرف قضيب البعير، و في طرفه حَجَنةٌ فتلك الحَجَنة المِقْلم، و جمعه مَقَالِمُ. و المِقْلَمة: وعاء قضيب البعير. و مَقَالِم الرمح: كُعوبه؛ قال:
و عادِلًا مارِناً صُمّاً مَقَالِمُه،             فيه سِنانٌ حَلِيفُ الحَدِّ مَطْرُور

490
لسان العرب12

قلم ص 490

و يروى: و عاملًا. و قَلَم الظُّفُر و الحافر و العُود يَقْلِمُه قَلْماً و قَلَّمَه: قطَعه بالقَلَمَيْن، و اسم ما قُطِع منه القُلامة. الليث: القَلْم قطع الظفر بالقلمين، و هو واحد كله. و القُلامة: هي المَقْلومة عن طرف الظفر؛ و أَنشد:
لَمَّا أَتَيْتُم فلم تَنْجُوا بِمَظْلِمةٍ،             قِيسَ القُلامةِ مما جَزَّه القَلَمُ‏

قال الجوهري: قَلَمْت ظُفري و قَلَّمت أظفاري، شدد للكثرة. و يقال للضعيف: مَقْلُوم الظفر و كَلِيل الظفر. و القَلَمُ: طول أَيْمةِ المرأَة. و امرأَة مُقَلَّمة أي أَيّم. و
في الحديث: اجتاز النبي، صلى الله عليه و سلم، بنسوة فقال أَظنُّكُنَّ مُقَلَّماتٍ.
أي ليس عليكن حافظ؛ قال ابن الأَثير: كذا قال ابن الأَعرابي في نوادره، قال ابن الأَعرابي و خَطَب رجل إلى نسوة فلم يُزَوِّجنَه، فقال: أَظنكنّ مُقَلَّماتٍ أي ليس لكنّ رجل و لا أحد يدفع عنكن. ابن الأَعرابي: القَلَمة العُزّاب من الرجال، الواحد قَالِمٌ. و نساء مُقَلَّمات: بغير أَزواج. و أَلفٌ مُقَلَّمَةٌ: يعني الكَتِيبة الشاكَّة في السلاح. و القُلَّام، بالتشديد: ضرب من الحَمْض، يذكر و يؤنث، و قيل: هي القاقُلَّى. التهذيب: القُلَّام القاقُلى؛ قال لبيد:
مَسْجُورةً متجاوِراً قُلَّامها

و قال أَبو حنيفة: قال شُبَيل بن عَزْرة القُلَّام مثل الأَشنان إلا أَن القلام أَعظم، قال: و قال غيره ورقه كورق الحُرْف؛ و أَنشد:
أَتوْني بِقُلَّامٍ فَقالوا: تَعَشَّهُ             و هل يأْكُلُ القُلَّامَ إلا الأَباعِرُ؟

و الإِقْلِيمُ: واحد أَقَالِيم الأَرض السبعة. و أَقَالِيمُ الأَرضِ: أَقْسامها، واحدها إِقْلِيم؛ قال ابن دريد: لا أَحسب الإِقْلِيم عربيّاً؛ قال الأَزهري: و أَحسبه عربيّاً. و أَهل الحِساب يزعمون أَن الدُّنيا سبعة أَقَالِيم كل إقْلِيم معلوم، كأَنه سمي إِقْلِيماً لأَنه مَقْلوم من الإِقلِيم الذي يُتاخِمه أي مقطوع. و إِقْلِيم: موضع بمصر؛ عن اللحياني. و أَبو قَلَمُون: ضرب من ثِياب الروم يتلوّن ألواناً للعيون. قال ابن بري: قَلَمُون، فَعَلُول، مثل قَرَبُوسٍ. و قال الأَزهري: قَلَمون ثوب يُتراءى إذا طلعت الشمس عليه بأَلوان شتى. و قال بعضهم: أَبو قَلَمُون طائر يُتراءى بأَلوان شتى يشبَّه الثوب به.
قلحم:
القِلْحَمُّ: المُسِنُّ الضَّخْم من كل شي‏ء، و قيل: هو من الرجال الكبير المسن مثل القِلْعَمِّ، و هو ملحق بجِرْدَحْلٍ، بزيادة ميم؛ قال رؤبة بن العجاج:
قد كنتُ قَبْلَ الكِبَر القِلْحَمِّ،             و قَبْلَ نَخْصِ العَضَل الزِّيَمِ‏

و قال آخر:
أَنا ابنُ أَوْسٍ حَيَّةً أَصَمّا،             لا ضَرَعَ السِّنِّ و لا قِلْحَمَّا

و القِلْحَمُّ: الذي يَتَضَعْضَعُ لحمه. و القِلَحْمُ على مثال سِبَطْرٍ. اليابس الجلد؛ عن كراع. و قِلْحَمٌّ ذكره الجوهري في هذا الباب مختصراً ثم قال: و قد ذكرناه في باب الحاء لأَن الميم زائدة؛ قال ابن بري: صواب قِلْحَمّ أَن يذكر في باب قلحم لأَن في آخره ميمين: إحداهما أَصلية، و الأُخرى زائدة للإِلحاق لأَنه يقال للمسن قِلْحَمٌّ، فالميم الأَخيرة في قلحمّ زائدة للإِلحاق كما كانت الباء الثانية في جَلْبَبَ زائدة للإِلحاق بدَحْرَجَ، و أُتي باللام في قِلحمّ لأَنه يقال رجل قَحْل و قَحْم للمسن فركب اللفظ منهما،

491
لسان العرب12

قلحم ص 491

و كذلك في الفعل قالوا: اقْلَحَمَّ؛ و أَنشد ابن بري:
رأَيْنَ قَحْماً شابَ و اقْلَحَمَّا،             طالَ عليهِ الدَّهْرُ فاسْلَهَمَّا

قلحذم:
الأَزهري: القَلَحْذَم: الخفيف السريع.
قلخم:
ابن شميل: القِلَّخْمُ و الدِّلَّخْم اللام منهما شديدة، و هما الجليل من الجمال الضخْم العظيم.
قلدم:
ماء قَلَيْدَمٌ: كثير.
قلذم:
القَلَيْذَمُ: البئر الغزيرة الكثيرة الماء، و قد تقدَّم بالدال المهملة؛ قال:
إنَّ لنا قَلَيْذَماً قَذُوما،             يَزِيدُهُ مَخْجُ الدِّلا جُمُوما

و يروى:
قَدْ صَبَّحَتْ قَلَيْذَماً قَذُوما،

و يروى:
... قُلَيْزِماً ...

، اشْتَقَّه من بحر القُلْزُم فصغره على جهة المدح، و هو مذكور في موضعه.
قلزم:
القَلْزَمَةُ: ابْتِلاع الشي‏ء، و في المحكم. الابتلاع؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
و لا ذِي قَلازِمَ عِندَ الحِياض،             إذا ما الشَّريبُ أَرادَ الشَّريبا

فأَما اشتقاقه من القَلْز الذي هو الشرب الشديد فبعيد. يقال: تَقَلْزمَه إذا ابتلعه و الْتَهَمَه، و بحر القُلْزُم مشتق منه، و به سمي القُلْزُم لالتهامه من ركبه، و هو المكان الذي غرق فيه فرعون و آلُه؛ قال ابن خالويه: القُلْزُم مقلوب من الزُّلقُم و هو البحر. و الزَّلْقمةُ: الاتساع؛ و قوله:
قد صَبَّحَتْ قُلَيْزِماً قذوما


إنما أَخذه من بحر القلزم شبه البئر في غُزرها به و صغرها على جهة المدح كقول أَوس:
فُوَيْقَ جُبَيْلٍ شامِخِ الرأسِ لم يكن             لِيُدْرِكَه، حتَّى يَكِلَّ و يَعْملا «3».

قلعم:
القِلْعَمُّ: الشيخ الكبير المسن الهَرِم مثل القلْحَمِّ. ابن الأَعرابي: القَلْعَمُ العجوز المسنة. الأَزهري: القَلْعَمَةُ المُسِنة من الإِبل، قال: و الحاء أصوب اللغتين. و اقْلَعَمَّ الرجل: أَسنَّ، و كذلك البعير. القِلْعَمُّ و القِلْعَمُ: الطويل، و التخفيف عن كراع. و قِلْعَمٌ: من أَسماء الرجال، مثَّل به سيبويه و فسره السيرافي. و القَلْعَمُ و القُمْعُلُ القَدَحُ الضخم؛ قال ابن بري: و هو أيضاً اسم جبل.
قلقم:
القَلْقَمُ: الواسِعُ من الفُروج.
قلهم:
القَلْهَم: الفَرج الواسِع. و
في الحديث: أَن قوماً افتَقَدُوا سِخابَ فَتاتِهم، فاتهموا امرأَة، فجاءت عجوز ففتشَت قَلْهَمَها.
أي فرجها؛ التفسير للهروي في الغريبين و روايته قَلْهَمَها، بالقاف، و المعروف فَلْهَمَها، بالفاء، و قد تقدّم. قال ابن الأَثير: و الصحيح أنه بالفاء، و قد تقدَّم. و قَلْهَمٌ: اسم. و القَلْهَمَةُ: السُّرعةُ
قلهذم:
القَلَهْذَم: القصير. و القَلَهْذَم: البحر الكثير الماء. و بحر قَلَهْذَمٌ: كثير الماء. الجوهري: القَلَهْذَم الخفيف.
قلهزم:
التهذيب: القَلَهْزَم الرجل المُرتَبِعُ الجسم الذي ليس بفَرِجِ الرَّأْي و لا طَرير في المَنطق، و ليس من عِظَم رأْسه و لا صِغره. و يقال: بل هو
__________________________________________________
 (3). قوله [فويق جبيل إلى آخر البيت‏] ما بعده موجود في النسخة التي كانت في قف السلطان الأَشرف و هي العمدة، و تقدم في مادة ق ص م:
باتت تعشى الليل بالقصيم             لبابة من همق عيشوم‏

و في المحكم و التهذيب: لباية، بلام مضمومة و مثناة تحتية، و فسرها في التهذيب فقال: اللباية شجر الأَمطى، و فيه: عيشوم، بالعين، و في المحكم: هيشوم، بالهاء بدل العين.

492
لسان العرب12

قلهزم ص 492

ضَخْم الرأْس و اللِّهْزِمَتَينِ. ابن سيدة: القَلَهْزم الضَّيِّق الخُلُق المِلْحاح، و قيل: هو القصير؛ قال عياض بن درّة:
و ما يَجْعَلُ السَّاطِي السَّبُوحَ عِنانَه             إلى المُجْنَحِ الجاذِي الأَنُوحِ القَلَهْزَمِ‏

المُجْنَحُ: المائل الخِلقة، و الجاذِي الخَلْقِ: الذي لم يَطل خَلْقُه. و الأَنُوحُ: القصير من الخيل. قال ابن بري في مختصر العين: القَلَهْزَم الضيِّق الخُلُق؛ و قال حميد بن ثور:
جِلادَ تخاطَتْها الرِّعاء، فأُهْمِلَتْ،             و آلَفْنَ رَجَّافاً جُرازاً قَلَهْزَما

جِلادٌ: غِلاظ من الإِبل، و جُرازٌ: شديد الأَكل، و رَجَّافٌ: يَرْجُف رأْسه. و قَلَهْزَمٌ: قصير غليظ. و امرأة قَلَهْزَمَة: قصيرة جدّاً. و القَلَهْزَمُ من الخيل: الجَعْدُ الخَلْق. الأَصمعي: إذا صَغُر خَلقه و جَعُد قيل له قَلَهْزَم، و نحو ذلك قال الليث.
قمم:
قَمَّ الشي‏ءَ قَمّاً: كنسه، حجازية. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: أنه قدم مكة فكان يطوف في سِكَكِها فيمر بالقوم فيقول: قُمُّوا فِناءكم، حتى مرّ بدار أَبي سفيان فقال: قُمُّوا فِناءكم فقال: نعم يا أَمير المؤمنين حتى يجي‏ء مُهَّانُنا الآن، ثم مرَّ به فلم يَصنع شيئاً، ثم مرَّ ثالثاً فلم يصنع شيئاً، فوضع الدِّرَّة بين أُذنيه ضرباً، فجاءت هند فقالت: و اللهِ لَرُبَّ يومٍ لو ضربته لاقْشَعَرَّ بطن مكة، فقال: أَجل.
و المِقَمَّة: المِكْنَسة. و القُمَامَة: الكُناسة، و الجمع قُمَام. و قال اللحياني: قُمَامَة البيت ما كُسِح منه فأُلقي بعضه على بعض. الليث القَمُّ ما يُقَمُّ من قُمامات القُماش و يكنس. يقال: قَمَّ بيته يَقُمُّه قَمّاً إذا كنسه. و
في حديث فاطمة، عليها السلام: أَنها قَمَّتِ البيت حتى اغبرّت ثيابها.
أي كنسته. و
في حديث ابن سيرين: أَنه كتب يسأَلهم عن المُحاقَلة، فقيل: إنهم كانوا يشترطون لرب الماء قُمَامة الجُرُن.
أي الكُساحة، و الجُرُن: جمع جَرِين و هو البَيْدَر. و يقال: أَلقِ قُمَامة بيتك على الطريق أي كُناسة بيتك. و تَقَمَّمَ أي تتبع القُمامَ في الكُناسات. قال ابن بري: و القُمَّةُ، بالضم، المَزْبَلة؛ قال أَوْس بن مَغْراء: قالوا:
فما حالُ مِسْكِينٍ؟ فَقُلْت لهم:             أَضحى كَقُمَّةِ دارٍ بَيْنَ أَنْداء

و قَمَّ ما على المائدة يَقُمُّه قَمّاً: أَكله فلم يَدَع منه شيئاً. و
في الحديث: أَن جماعة من الصحابة كانوا يَقُمُّون شواربهم.
أي يَسْتأْصِلونها قَصّاً، تشبيهاً بقَمِّ البيت و كنسه. و في مثل لهم: أَدْرِكي القُوَيْمَّة لا تأْكله الهوَيْمَّة؛ يعني الصبي الذي يأكل البعر و القَصَب و هو لا يعرفه، يقول لأُمه: أَدركيه لا تأْكُلُه الهامَّةُ أَي الحية؛ و في التهذيب: أَراد بالقُوَيْمَّة الصبي الصغير يلقُط ما تقع عليه يده، فربما وقعت يده على هامَّة من الهَوامِّ فتَلْسَعُه. و قَمَّتِ الشاةُ تَقُمُّ قَمّاً إذا ارْتَمَّت من الأَرض. و اقْتَمَّت الشي‏ء: طلبَتْه لتأْكله، و في الصحاح: إذا أَكلت من المِقَمَّة، ثم يستعار فيقال: اقْتَمَّ الرجل ما على الخِوان إذا أكله كله، و قَمَّه فهو رجل مِقَمّ. و المِقَمَّةُ: مِرَمَّة الشاة تَلُفُّ بها ما أَصابت على وجه الأَرض و تأكله. ابن الأَعرابي: للغَنم مَقامُّ، واحدتها مِقَمَّةٌ، و للخيل الجَحافِلُ، و هي الشفة للإِنسان. الأَصمعي: يقال مِقَمَّة و مِرَمَّة لفم الشاة، قال: و من العرب من يقول مَقَمَّة و مَرَمَّة، قال: و هي من الكلب الزُّلْقُوم، و من السباع الخَطْمُ. و المِقَمَّةُ:

493
لسان العرب12

قمم ص 493

مِقَمَّةُ الثور. ابن سيدة: و المِقَمَّة و المَقَمَّةُ الشَّفة، و قيل: هي من ذوات الظِّلف خاصة، سميت بذلك لأَنها تَقْتَمُّ به ما تأْكله أي تَطلبه. و القَمِيمُ: ما بقي من نبات عام أَوّل؛ عن اللحياني. و يقال ليبيس البقل: القَمِيم، و قيل: القَمِيم حُطام الطَّرِيفة و ما جَمعتْه الريح من يَبيسها، و الجمع أَقِمَّة. و القَمِيم: السويق؛ عن اللحياني؛ و أَنشد:
تُعَلَّلُ بالنَّبيذةِ حين تُمْسي،             و بالمَعْوِ المُكَمَّمِ و القَمِيم «1».

و قَمَّ الفحلُ الإِبل يَقُمُّها قَمًّا و أَقَمَّها إقْمَاماً: اشتمل عليها و ضرَبها كلها فأَلقحها، و كذلك تَقَمَّمها و اقْتَمَّها حتى قَمَّتْ تَقِمُّ و تَقُمُّ قُموماً، و إنه لَمِقَمُّ ضِرابٍ؛ قال:
إذا كَثُرَتْ رَجْعاً، تَقَمَّمَ حَوْلَها             مِقَمُّ ضِرابٍ للطَّرُوقة مِغْسَلُ‏

و تَقَمَّم الفحلُ الناقةَ إذا علاها و هي باركة ليضْرِبها، و كذلك الرجل يعلو قِرْنَه؛ قال العجاج:
يَقْتَسِرُ الأَقْرانَ بالتَّقَمُّمِ‏

و يقال: شد الفرسُ على الحِجْر فَتَقَمَّمَها أَي تَسَنَّمها. و جاء القَومُ القِمَّة أي جميعاً، دخلت الأَلف و اللام فيه كما دخلت في الجَمَّاء الغَفير. و القِمَّةُ: أعلى الرأْسِ و أَعلى كلِّ شي‏ء. و قِمَّةُ النخلة: رأْسها. و تَقَمَّمَها: ارتقى فيها حتى يبلغ رأسَها. و قِمَّةُ كل شي‏ء: أَعلاه و وسطه. و تَقْمِيم النجم: أَن يتوسط السماء فتراه على قِمَّة الرأس. و القِمَّة، بالكسر: القامةُ؛ عن اللحياني. و هو حَسن القِمَّة أَي اللِّبْسةِ و الشخص و الهيئة، و قيل: القِمَّة شَخْص الإِنسان ما دام قائماً، و قيل: ما دام راكباً. يقال: أَلقى عليه قِمَّتَه أي بدنه. و يقال: فلان حَسَنُ القامةِ و القِمَّةِ و القُومِيّةِ بمعنى. يقال: إنه لحسن القِمَّةِ على الرَّحْل. و
في الحديث: أَنه حَضّ على الصدقة فقام رجل صغير القِمَّة.
؛ القِمَّةُ، بالكسر: شخص الإِنسان إذا كان قائماً، و هي القامةُ. و القِمَّةُ أيضاً: وسط الرأْس. و القِمَّة: رأْس الإِنسان؛ و أَنشد:
ضَخْم الفَرِيسةِ لو أَبْصَرْت قِمَّتَه،             بَيْنَ الرِّجالِ، إذاً شَبَّهْتَه الجَبَلا

الأَصمعي: القِمّةُ قِمَّة الرأْس و هو أَعلاه. يقال: صار القَمر على قِمَّة الرأْس إذا صار على حِيال وسط الرأْس؛ و أَنشد:
على قِمَّةِ الرأس ابنُ ماءٍ مُحَلِّقُ‏

و القِمَّة و القُمَامَةُ: جماعة القَوْم. و تَقَمَّمَ الفرَسُ الحِجْرَ: علاها. و القَمْقَامُ و القُمَاقِمُ من الرجال: السيّد الكثير الخير الواسع الفضل. و يقال: سيد قُمَاقِمٌ، بالضم، لكثرة خيره؛ و أَنشد ابن بري:
أَوْرَثَها القُمَاقِمُ القُمَاقِما

و وقع في قَمْقَام من الأَمر أي وقع في أَمر عظيم كبير. و القَمْقَامُ: الماء الكثير. و قَمْقَام البحر: مُعْظَمه لاجتماع مائه، و قيل: هو البحر كله، و البحر القَمْقام أَيضاً؛ قال الفرزدق:
و غَرِقْت حينَ وَقَعْت في القَمْقَام‏

و القَمْقام: البحر. و
في حديث علي، عليه السلام: يَحملها الأَخْضَرُ المُثْعَنْجَرُ، و القَمْقامُ المُسَخَّر.
: هو البحر «2». و القَمْقَامُ: العدد الكثير، و القُمْقُمَانُ مثله. و عدد قَمْقَامٌ و قُمَاقِمٌ و قُمْقُمَانٌ؛ الأَخيرة عن ثعلب: كثير؛ و أَنشد للعجاج:
__________________________________________________
 (1). قوله [بالنبيذة] كذا في الأَصل و المحكم هنا، و الذي في المحكم في كمم و في معو: بالنهيدة؛ و فسر النهيدة بالزبدة.
 (2). في النهاية: المثعنجر بكسر الجيم، و المسجِر بدل المسخر.

494
لسان العرب12

قمم ص 493

له نَواحٍ و له أُسْطُمُّ،             و قُمْقُمَانُ عَدَدٍ قُمْقُمُ‏

هو من قَمْقَامٍ العدَدِ الكثير؛ قال رَكَّاضُ بن أَبَّاقٍ:
من نَوْفَلٍ في الحَسَبِ القَمْقَامِ‏

و قال رؤبة:
من خَرَّ في قَمْقَامِنا تَقَمْقَمَا

أَي من خَرَّ في عددنا غُمِر و غُلِب كما يُغْمر الواقع في البحر الغَمْر. و القَمْقَام: صِغار القِرْدانِ و ضرب من القمل شديد التشبُّث بأُصول الشعر، واحدتها قَمْقَامَة، و قيل: هي القُراد أوَّل ما يكون صغيراً لا يكاد يرى من صغره؛ و قوله:
و عَطَّنَ الذِّبَّانُ في قَمْقَامِها

لم يفسره ثعلب؛ قال ابن سيدة: و قد يجوز أَن يعني الكثير أَو يعني القِرْدان. ابن الأَعرابي: قَمَّ إذا جَمع و قَمَّ إذا جَفَّ. و قَمْقَمَ الله عَصَبَه أَي جَفَّفَ عصَبه. و قَمْقَمَ الله عصبه أَي سلَّط الله عليه القَمْقام، و قيل: قَمْقَمَ الله عصَبه أي جَمعه و قَبَضه، و قال ثعلب: شدَّده، و يقال ذلك في الشتم. و القُمْقُمُ: الجَرَّة؛ عن كراع. و القُمْقُم: ضرب من الأَواني؛ قال عنترة:
و كأَنَّ رُبّاً أَو كحِيلًا مُعْقَداً             حَشَّ القيانُ به جوانِبَ قُمْقُمِ «1».

و القُمْقُمُ: ما يُسْتَقى به من نحاس، و قال أَبو عبيد: القُمْقُم بالرُّومية. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: لأَن أَشْربَ قُمْقُماً أَحْرَقَ ما أَحرَقَ أَحبُّ إليّ من أن أَشرب نبيذَ جَرّ.
؛ القُمْقُم: ما يسخن فيه الماء من نحاس و غيره، و يكون ضيّق الرأْس، أَراد شرب ما يكون فيه من الماء الحارّ؛ و منه‏
الحديث: كما يَغْلي المِرْجَلُ بالقُمْقُم.
؛ قال ابن الأَثير: هكذا رُوي، و
رواه بعضهم: كما يَغْلي المِرْجَلُ القُمْقُم.
قال: و هو أَبين إن ساعدته صحة الرواية. و القُمْقُم: الحُلْقوم. و قُمَيْقِمٌ: ماء ينزله من خرج من عانةَ يريد سِنْجارَ؛ قال القطامي:
حَلَّتْ جَنُوبُ قُمَيْقِماً بِرِهانِها،             فَمَتى الخَلاصُ بِذِي الرِّهانِ المُغْلَق؟

و في المثل: على هذا دارَ القُمْقُم أي إلى هذا صار معنى الخبر، يُضرب للرجل إذا كان خبيراً بالأَمر، و كذلك قولهم: على يَديَّ دارَ الحديثُ، و الجمع قَمَاقِمُ. و القِمْقِم: البُسْر اليابس، بالكسر، و قيل: هو ما يبس من البُسر إذا سقط اخضرّ و لانَ؛ قال مَعدان بن عبيد:
و أَمةٍ أَكَّالةٍ للقِمْقِم‏

قنم:
قَنِمَ الطَّعامُ و اللحمُ و الثَّرِيد و الدُّهن و الرُّطب يَقْنَم قَنَماً، فهو قَنِمٌ و أَقْنَمُ: فَسَد و تغيرت رائحته؛ و أَنشد:
و قد قَنِمَتْ من صَرِّها و احْتِلابها             أَنامِلُ كَفَّيْها، و لَلْوَطْبُ أَقْنَمُ‏

و الاسم: القَنَمةُ؛ قال سيبويه: جعلوه اسماً للرائحة. التهذيب: و يقال فيه قَنَمَةٌ و نَمَقَةٌ إذا أَرْوَح و أَنْتَن. الجوهري: القَنَمة، بالتحريك، خُبْث ريح الأَدهان و الزيت و نحو ذلك. و قَنِمت يدي من الزيت قَنَماً، فهي قَنِمة: اتَّسخت. و القَنَمُ في الخيل و الإِبل: أَن يُصيب الشعرَ النَّدى ثم يصيبه الغُبار فيركبه لذلك وَسَخ. و بقرة قَنِمَة: متغيرة الرائحة؛ حكاه‏
__________________________________________________
 (1). قوله [القيان‏] هذا ما في الأَصل و ابن سيدة، و الذي في المعلقات: الوقود.

495
لسان العرب12

قنم ص 495

ثعلب. و قد قَنِمَ سِقاؤه، بالكسر، قَنَماً أي تَمِهَ. و قَنِمَ الجَوْزُ، فهو قَانِم أي فاسد. و الأَقَانِيمُ: الأُصول، واحدها أُقْنُوم؛ قال الجوهري: و أَحسبها رومية.
قهم:
القَهِمُ: القليل الأَكل من مرض أَو غيره. و قد أَقْهَمَ عن الطعام و أَقْهى أي أَمْسَكَ و صار لا يشتهيه، و قَهِيَ لبعض بني أَسد. و حكى ابن الأَعرابي: أَقْهَمَ عن الشراب و الماء تركه. و يقال للقليل الطُّعْم: قد أَقْهَى و أَقْهَمَ. و قال أَبو زيد في نوادره: المُقْهِمُ الذي لا يَطْعَمُ من مرض أَو غيره، و قيل: الذي لا يشتهي الطعام من مرض أَو غيره. و روى ثعلب عن ابن الأَعرابي: أَقْهَمَ فلان إلى الطعام إقْهَاماً إذا اشتهاه، و أَقْهَمَ عن الطعام إذا لم يَشتَهِه؛ و أَنشد في الشهوة:
و هْو إلى الزّادِ شَدِيدُ الإِقْهَامْ‏

و أَقْهَمَتِ الإِبلُ عن الماء إذا لم تُرِدْهُ؛ و أَنشد لجَهْم بن سَبَل:
و لو أَنّ لُؤْمَ ابْنَيْ سُلَيمانَ في الغَضى             أَو الصِّلِّيانِ، لم تَذُقْه الأَباعِرُ
أَو الحَمْضِ لاقْوَرَّتْ، أَو الماءِ أَقْهَمَتْ             عن الماء، حِمْضِيَّاتُهُنَّ الكَناعِرُ

قال الأَزهري: من جعل الإِقْهام شهوة ذهب به إلى الهَقِمِ، و هو الجائع، ثم قلبه فقال قَهِم، ثم بَنى الإِقْهام منه. و قال أَبو حنيفة: أَقْهَمَتِ الحُمُرُ عن اليبيس إذا تَرَكَتْهُ بعد فِقدان الرَّطْب، و أَقْهَمَ الرجلُ عنك إذا كَرِهَك، و أَقْهَمَتِ السماءُ إذا انقَشَعَ الغَيمُ عنها.
قهرم:
القَهْرَمَان: هو المُسَيْطِرُ الحَفِيظ على من تحت يديه؛ قال:
مَجْداً و عِزّاً قَهْرَمَاناً قَبْقَبا

قال سيبويه: هو فارسي. و القُهْرُمَان: لغة في القَهْرمان؛ عن اللحياني. و تُرْجُمان و تَرْجُمان: لغتان. قال أَبو زيد: يقال قَهْرَمَانٌ و قَرْهَمانٌ مقلوب. ابن بري: القَهْرَمَان من أُمناء الملك و خاصته، فارسي معرب. و
في الحديث: كتَب إلى قَهرمانِه.
هو كالخازِن و الوكيل الحافظ لا تحت يده و القائم بأُمور الرجل بلغة الفرس.
قهقم:
القِهْقَمُّ: الذي يبتلع كل شي‏ء. الأَزهري: القَهْقَم الفحل الضخم المغتلم. أَبو عمرو: القَهْقَبُّ و القَهْقَمُّ الجمل الضخم.
قوم:
القِيَامُ: نقيض الجلوس، قَامَ يَقُومُ قَوْماً و قِياماً و قَوْمَة و قَامَةً، و القَوْمَةُ المرة الواحدة. قال ابن الأَعرابي: قال عبد لرجل أَراد أن يشتريه: لا تشترني فإني إذا جعت أَبغضت قَوْماً، و إذا شبِعت أَحببت نَوْماً، أي أَبغضت قياماً من موضعي؛ قال:
قد صُمْتُ رَبِّي، فَتَقَبَّلْ صامتي،             و قُمْتُ لَيْلي، فتقَبَّل قَامَتي‏
أَدْعُوك يا ربِّ من النارِ التي             أَعْدَدْتَ للكُفَّارِ في القِيامةِ

و قال بعضهم: إنما أَراد قَوْمَتي و صَوْمَتي فأَبدل من الواو أَلفاً، و جاء بهذه الأَبيات مؤسَّسة و غير مؤسسة، و أَراد من خوف النار التي أَعددت؛ و أَورد ابن بري هذا الرجز شاهداً على القَوْمة فقال:
قد قمت ليلي، فتقبَّل قَوْمَتي،             و صمت يومي، فتقبَّل صَوْمَتي‏

و رجل قائم من رجال قُوَّمٍ و قُيَّمٍ و قِيَّمٍ و قُيَّامٍ و قِيَّامٍ. و قَوْمٌ: قيل هو اسم للجمع، و قيل: جمع. التهذيب: و نساء قُيَّمٌ و قَائِمَات أَعرف.

496
لسان العرب12

قوم ص 496

و القَامَةُ: جمع قَائِم؛ عن كراع. قال ابن بري رحمه الله: قد ترتجل العرب لفظة قام بين يدي الجمل فيصير كاللغو؛ و معنى القِيام العَزْمُ كقول العماني الراجز للرشيد عند ما همَّ بأَن يعهد إلى ابنه قاسم:
قُل للإِمامِ المُقْتَدَى بأَمِّه:             ما قاسِمٌ دُونَ مَدَى ابنِ أُمِّه،
فَقَدْ رَضِيناهُ فَقُمْ فسَمِّه‏

أي فاعْزِمْ و نُصَّ عليه؛ و كقول النابغة الذبياني:
نُبِّئتُ حِصْناً و حَيّاً مِن بَني أَسَدٍ             قامُوا فقالُوا؛ حِمانا غيرُ مَقْروبِ

أَي عَزَموا فقالوا؛ و كقول حسان بن ثابت:
علاما قامَ يَشْتُمُني لَئِيمٌ،             كخِنْزِيرٍ تَمَرَّغَ في رَمادِ «2».

معناه علام يعزم على شتمي؛ و كقول الآخر:
لَدَى بابِ هِنْدٍ إذْ تَجَرَّدَ قائِما

و منه قوله تعالى: وَ أَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ‏؛ أي لما عزم. و قوله تعالى: إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏؛ أي عزَموا فقالوا، قال: و قد يجي‏ء القيام بمعنى المحافظة و الإِصلاح؛ و منه قوله تعالى: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ، و قوله تعالى: إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً؛ أي ملازماً محافظاً. و يجي‏ء القيام بمعنى الوقوف و الثبات. يقال للماشي: قف لي أي تحبَّس مكانَك حتى آتيك، و كذلك قُم لي بمعنى قف لي، و عليه فسروا قوله سبحانه: وَ إِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا؛ قال أهل اللغة و التفسير: قامُوا
 هنا بمعنى وقَفُوا و ثبتوا في مكانهم غير متقدّمين و لا متأَخرين، و منه التَّوَقُّف في الأَمر و هو الوقُوف عنده من غير مُجاوَزة له؛ و منه‏
الحديث: المؤمن وَقَّافٌ متَأَنّ.

، و على ذلك قول الأَعشى:
كانت وَصاةٌ و حاجاتٌ لها كَفَفُ،             لَوْ أَنَّ صَحْبَكَ، إذْ نادَيْتَهم، وقَفُوا

أي ثبتوا و لم يتقدَّموا؛ و منه قول هُدبة يصف فلاة لا يُهتدى فيها:
يَظَلُّ بها الهادي يُقلِّبُ طَرْفَه،             يَعَضُّ على إبْهامِه، و هو واقِفُ‏

أَي ثابت بمكانه لا يتقدَّم و لا يتأَخر؛ قال: و منه قول مزاحم:
أَ تَعْرِفُ بالغَرَّيْنِ داراً تَأبَّدَتْ،             منَ الحَيِّ، و استَنَّتْ عَليها العَواصِفُ‏
وقَفْتُ بها لا قاضِياً لي لُبانةً،             و لا أَنا عنْها مُسْتَمِرٌّ فَصارِفُ‏

قال: فثبت بهذا ما تقدم في تفسير الآية. قال: و منه قَامَتِ الدابة إذا وقفت عن السير. و قَامَ عندهم الحق أي ثبت و لم يبرح؛ و منه قولهم: أَقَامَ بالمكان هو بمعنى الثبات. و يقال: قَامَ الماء إذا ثبت متحيراً لا يجد مَنْفَذاً، و إذا جَمد أيضاً؛ قال: و عليه فسر بيت أبي الطيب:
و كذا الكَريمُ إذا أَقام بِبَلدةٍ،             سالَ النُّضارُ بها و قَامَ الماء

أي ثبت متحيراً جامداً. و قَامَت السُّوق إذا نفَقت، و نامت إذا كسدت. و سُوق قَائِمَة: نافِقة. و سُوق نائِمة: كاسِدة. و قَاوَمْتُه قِوَاماً: قُمْت معه، صحَّت الواو في قِوام لصحتها في قاوَم. و القَوْمَةُ: ما بين الركعتين من القِيام. قال أَبو الدُّقَيْش: أُصلي الغَداة قَوْمَتَيْنِ، و المغرب ثلاث قَوْمات، و كذلك قال في الصلاة.
__________________________________________________
 (2). قوله [علاما] ثبتت ألف ما في الإِستفهام مجرورة بعلى في الأَصل، و عليها فالجزء موفور و إن كان الأَكثر حذفها حينئذ.

497
لسان العرب12

قوم ص 496

و المَقَام: موضع القدمين؛ قال:
هذا مَقَامُ قَدَمَي رَباحِ،             غُدْوَةَ حتَّى دَلَكَتْ بَراحِ‏

و يروى:
... بِراحِ.

و المُقَامُ و المُقَامَةُ: الموضع الذي تُقيم فيه. و المُقَامَة، بالضم: الإِقامة. و المَقَامَة، بالفتح: المجلس و الجماعة من الناس، قال: و أما المَقامُ و المُقامُ فقد يكون كل واحد منهما بمعنى الإِقامة، و قد يكون بمعنى موضع القِيام، لأَنك إذا جعلته من قام يَقُوم فمفتوح، و إن جعلته من أقام يُقِيمُ فَمضْموم، فإن الفعل إذا جاوز الثلاثة فالموضع مضموم الميم، لأَنه مُشَبَّه ببنات الأَربعة نحو دَحْرَجَ و هذا مُدَحْرَجُنا. و قوله تعالى: لا مَقَامَ لكم، أي لا موضع لكم، و قُرئ لا مُقامَ لَكُمْ‏
، بالضم، أي لا إقامة لكم. و حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَ مُقاماً
؛ أَي موضعاً؛ و قول لبيد:
عَفَتِ الدِّيارُ: مَحلُّها فَمُقامُها             بِمنىً، تأَبَّدَ غَوْلُها فَرِجامُها

يعني الإِقامة. و قوله عزَّ و جل: كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ وَ زُرُوعٍ وَ مَقامٍ كَرِيمٍ‏
؛ قيل: المَقَامُ الكريم هو المِنْبَر، و قيل: المنزلة الحسَنة. و قَامَتِ المرأَة تَنُوح أَي جعَلت تنوح، و قد يُعْنى به ضدّ القُعود لأَن أكثر نوائح العرب قِيامٌ؛ قال لبيد:
قُوما تَجُوبانِ مَعَ الأَنْواح‏

و قوله:
يَوْمُ أَدِيمِ بَقَّةَ الشَّرِيمِ             أَفضَلُ من يومِ احْلِقِي و قُومِي‏

إنما أَراد الشدّة فكنى عنه باحْلِقي و قُومِي، لأَن المرأَة إذا مات حَمِيمها أو زوجها أو قُتل حلَقَت رأْسها و قامَت تَنُوح عليه. و قولهم: ضَرَبه ضَرْبَ ابنةِ اقْعُدي و قُومِي أي ضَرْبَ أمة، سميت بذلك لقُعودها و قِيامها في خدمة مواليها، و كأنَّ هذا جعل اسماً، و إن كان فِعْلًا، لكونه من عادتها كما قال: إن الله ينهاكم عن قِيلٍ و قالٍ. و أَقَامَ بالمكان إِقَاماً و إقَامةً و مُقَاماً و قَامَةً؛ الأَخيرة عن كراع: لَبِثَ. قال ابن سيدة: و عندي أن قَامَة اسم كالطّاعةِ و الطّاقَةِ. التهذيب: أَقَمْتُ إِقَامَةً، فإذا أَضَفْت حَذَفْت الهاء كقوله تعالى: وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِيتاءَ الزَّكاةِ*
. الجوهري: و أَقَامَ بالمكان إِقَامَةً، و الهاء عوض عن عين الفعل لأَن أصلَه إقْواماً، و أَقَامَه من موضعه. و أَقَامَ الشي‏ء: أَدامَه، من قوله تعالى: وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ*
، و قوله تعالى: وَ إِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ‏
؛ أراد إن مدينة قوم لوط لبطريق بيِّن واضح؛ هذا قول الزجاج. و الاسْتِقَامَةُ: الاعْتدالُ، يقال: اسْتَقَامَ له الأَمر. و قوله تعالى: فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ‏
 أي في التَّوَجُّه إليه دون الآلهةِ. و قَامَ الشي‏ءُ و اسْتَقَامَ: اعْتدَل و استوى. و قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا*
؛ معنى قوله اسْتَقامُوا*
 عملوا بطاعته و لَزِموا سُنة نبيه، صلى الله عليه و سلم. و
قال الأَسود بن مالك: ثُمَّ اسْتَقامُوا*
 لم يشركوا به شيئاً.
و
قال قتادة: اسْتَقامُوا* على طاعة الله.
؛ قال كعب بن زهير:
فَهُمْ صَرفُوكم، حينَ جُزْتُمْ عنِ الهُدَى،             بأَسْيافِهِمْ حَتَّى اسْتَقَمْتُمْ على القِيَمْ‏

قال: القِيَمُ الاسْتِقامةُ. و
في الحديث: قل آمَنتُ بالله ثم اسْتَقِمْ.
؛ فسر على وجهين: قيل هو الاسْتقامة على الطاعة، و قيل هو ترك الشِّرك. أَبو زيد: أَقَمْتُ الشي‏ء و قَوَّمْته فَقامَ بمعنى اسْتقام، قال: و الاسْتِقامة اعتدال الشي‏ء و اسْتِواؤه. و اسْتَقامَ فلان بفلان أي مدَحه و أَثنى عليه. و قَامَ مِيزانُ النهار إذا انْتَصفَ،

498
لسان العرب12

قوم ص 496

و قام قائمُ الظَّهِيرة؛ قال الراجز:
و قَامَ مِيزانُ النَّهارِ فاعْتَدَلْ‏

و القَوامُ: العَدْل؛ قال تعالى: وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً
؛ و قوله تعالى: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ‏
؛ قال الزجاج: معناه للحالة التي هي أَقْوَمُ الحالاتِ و هي تَوْحِيدُ الله، و شهادةُ أن لا إله إلا الله، و الإِيمانُ برُسُله، و العمل بطاعته. و قَوَّمَه هو؛ و استعمل أبو إسحاق ذلك في الشِّعر فقال: اسْتَقَامَ الشِّعر اتَّزَنَ. و قَوَّمَ دَرْأَه: أَزال عِوَجَه؛ عن اللحياني، و كذلك أَقَامَه؛ قال:
أَقِيمُوا، بَني النُّعْمانِ، عَنَّا صُدُورَكُم،             و إلا تُقِيموا، صاغِرِينَ، الرُّؤوسا

عدَّى أَقِيمُوا بعن لأَن فيه معنى نَحُّوا أَو أَزيلُوا، و أَما قوله:
و إلَّا تُقِيموا صاغرين الرُّؤوسا

فقد يجوز أَن يُعْنى به عُني بأَقِيموا أي و إلا تُقيموا رؤوسكم عنا صاغرين، فالرُّؤوسُ على هذا مفعول بتُقيموا، و إن شئت جعلت أَقيموا هنا غير متعدّ بعن فلم يكن هنالك حرف و لا حذف، و الرُّؤوسا حينئذ منصوب على التشبيه بالمفعول. أَبو الهيثم: القَامَةُ جماعة الناس. و القَامَةُ أيضاً: قامةُ الرجل. و قَامَةُ الإِنسان و قَيْمَتُه و قَوْمَتُه و قُومِيَّتُه و قَوامُه: شَطاطُه؛ قال العجاج:
أَ ما تَرَيني اليَوْمَ ذا رَثِيَّهْ،             فَقَدْ أَرُوحُ غيرَ ذي رَذِيَّهْ‏
صُلْبَ القَناةِ سَلْهَبَ القُومِيَّهْ‏

و صَرَعَه من قَيْمَتِه و قَوْمَتِه و قَامَته بمعنى واحد؛ حكاه اللحياني عن الكسائي. و رجل قَوِيمٌ و قَوَّامٌ: حَسَنُ القامة، و جمعهما قِوَامٌ. و قَوَام الرجل: قامته و حُسْنُ طُوله، و القُومِيَّةُ مثله؛ و أنشد ابن بري رجز العجاج:
أَيامَ كنتَ حسَنَ القُومِيَّهْ،             صلبَ القناة سَلهبَ القَوْسِيَّهْ‏

و القَوَامُ: حُسْنُ الطُّول. يقال: هو حسن القَامَةِ و القُومِيَّة و القِمّةِ. الجوهري: و قَامَةُ الإِنسان قد تُجمَع على قاماتٍ و قِيَمٍ مِثْل تاراتٍ و تِيَر، قال: و هو مقصور قيام و لحقه التغيير لأَجل حرف العلة و فارق رَحَبة و رِحاباً حيث لم يقولوا رِحَبٌ كما قالوا قِيَمٌ و تِيَرٌ. و القُومِيَّةُ: القَوام أَو القامةُ. الأَصمعي: فلان حسن القامةِ و القِمّة و القُوميَّة بمعنى واحد؛ و أَنشد:
فَتَمَّ مِنْ قَوامِها قُومِيّ‏

و يقال: فلان ذُو قُومِيَّةٍ على ماله و أَمْره. و تقول: هذا الأَمر لا قُومِيَّة له أي لا قِوامَ له. و القُومُ: القصدُ؛ قال رؤبة:
و اتَّخَذَ الشَّد لهنَّ قُوما

و قَاوَمَه في المُصارَعة و غيرها. و تَقَاوَمُوا في الحرب أي قام بعضهم لبعض. و قِوَامُ الأَمر، بالكسر: نِظامُه و عِماده. أَبو عبيدة: هو قِوَامُ أهل بيته و قِيامُ أهل بيته، و هو الذي يُقيم شأْنهم من قوله تعالى: وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً. و قال الزجاج: قرئت جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً
 و قِيَماً. و يقال: هذا قِوامُ الأَمر و مِلاكُه الذي يَقوم به؛ قال لبيد:
أَ فَتِلْكَ أمْ وَحْشِيّةٌ مَسْبُوعَةٌ             خُذِلَتْ، و هادِيةُ الصِّوارِ قوامُها؟

قال: و قد يفتح، و معنى الآية أي التي جعلَها الله لكم قِياماً تُقِيمكم فتَقُومون بها قِياماً، و من قرأَ قِيَماً فهو راجع إلى هذا، و المعنى جعلها الله قِيمة

499
لسان العرب12

قوم ص 496

الأَشياء فبها تَقُوم أُمورُكم؛ و قال الفراء: الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً
 يعني التي بها تَقُومون قياماً و قِواماً، و قرأَ نافع المدني قيَماً، قال: و المعنى واحد. و دِينارٌ قائِم إذا كان مثقالًا سَواء لا يَرْجح، و هو عند الصيارفة ناقص حتى يَرْجَح بشي‏ء فيسمى مَيّالًا، و الجمع قُوَّمٌ و قِيَّمٌ. و قَوَّمَ السِّلْعة و اسْتَقَامَها: قَدَّرها. و
في حديث عبد الله بن عباس: إذا اسْتَقَمْت بنَقْد فبِعْتَ بنقد فلا بأْس به، و إذا اسْتَقَمْت بنقد فبعته بِنَسيئة فلا خير فيه فهو مكروه.
؛ قال أَبو عبيد:
قوله إذا اسْتَقَمْتَ.
يعني قوَّمت، و هذا كلام أهل مكة، يقولون: استَقَمْتُ المَتاع أي قَوَّمْته، و هما بمعنى، قال: و معنى الحديث أن يدفَعَ الرجلُ إلى الرجل الثوب فيقوّمه مثلًا بثلاثين درهماً، ثم يقول: بعه فما زاد عليها فلك، فإن باعه بأكثر من ثلاثين بالنقد فهو جائز، و يأْخذ ما زاد على الثلاثين، و إن باعه بالنسيئة بأَكثر مما يبيعه بالنقد فالبيع مردود و لا يجوز؛ قال أَبو عبيد: و هذا عند من يقول بالرأْي لا يجوز لأَنها إجارة مجهولة، و هي عندنا معلومة جائزة، لأَنه إذا وَقَّت له وَقْتاً فما كان وراء ذلك من قليل أو كثير فالوقت يأْتي عليه، قال: و قال سفيان بن عيينة بعد ما روى هذا الحديث يَسْتَقِيمه بعشرة نقداً فيبيعه بخمسة عشر نسيئة، فيقول: أُعْطِي صاحب الثوب من عندي عشرة فتكون الخمسة عشر لي، فهذا الذي كره. قال إسحاق: قلت لأَحمد
قول ابن عباس إذا اسْتَقَمْتَ بنقد فبعت بنقد.
، الحديث، قال: لأَنه يتعجل شيئاً و يذهب عَناؤه باطلًا، قال إسحاق: كما قال قلت فما المُسْتَقِيم؟ قال: الرجل يدفع إلى الرجل الثوب فيقول بعه بكذا، فما ازْدَدْتَ فهو لك، قلت: فمن يدفع الثوب إلى الرجل فيقول بعه بكذا فما زاد فهو لك؟ قال: لا بأْس، قال إسحاق كما قال. و القِيمَةُ: واحدة القِيَم، و أَصله الواو لأَنه يقوم مقام الشي‏ء. و القِيمة: ثمن الشي‏ء بالتَّقْوِيم. تقول: تَقَاوَمُوه فيما بينهم، و إذا انْقادَ الشي‏ء و استمرّت طريقته فقد اسْتَقَامَ لوجه. و يقال: كم قَامَتْ ناقتُك أي كم بلغت. و قد قَامَتِ الأَمةُ مائة دينار أي بلغ قيمتها مائة دينار، و كم قَامَتْ أَمَتُك أي بلغت. و الاسْتِقَامة: التقويم، لقول أهل مكة اسْتَقَمْتُ المتاع أي قوَّمته. و
في الحديث: قالوا يا رسول الله لو قَوَّمْتَ لنا، فقال: الله هو المُقَوِّم.
، أي لو سَعَّرْت لنا، و هو من قيمة الشي‏ء، أي حَدَّدْت لنا قيمتها. و يقال: قَامَتْ بفلان دابتُهُ إذا كلَّتْ و أَعْيَتْ فلم تَسِر. و قَامَتِ الدابة: وَقَفَت. و
في الحديث: حين قَامَ قَائِمُ الظهيرة.
أي قيام الشمس وقت الزوال من قولهم قَامَت به دابته أي وقفت، و المعنى أن الشمس إذا بلغت وسَط السماء أَبْطأَت حركةُ الظل إلى أن تزول، فيحسب الناظر المتأَمل أنها قد وقفت و هي سائرة لكن سيراً لا يظهر له أثر سريع كما يظهر قبل الزوال و بعده، و يقال لذلك الوقوف المشاهد: قَامَ قَائِم الظهيرة، و القَائِمُ قَائِمُ الظهيرة. و يقال: قَامَ ميزان النهار فهو قَائِم أي اعْتَدَل. ابن سيدة: و قَامَ قَائِم الظهيرة إذا قامت الشمس و عقَلَ الظلُّ، و هو من القيام. و عَيْنٌ قَائِمَة: ذهب بصرها و حدَقَتها صحيحة سالمة. و القَائِم بالدِّين: المُسْتَمْسِك به الثابت عليه. و
في الحديث: إنَّ حكيم بن حِزام قال: بايعت رسول الله، صلى الله عليه و سلم، أن لا أخِرَّ إلا قَائِماً؛ قال له النبي، صلى الله عليه و سلم: أمّا من قِبَلِنا فلا تَخِرُّ إلا قَائِماً.
أي لسنا ندعوك و لا نبايعك إلا قَائِماً أي على الحق؛ قال أبو عبيد: معناه بايعت أن لا أموت إلا ثابتاً على الإِسلام و التمسُّك به. و كل‏

500
لسان العرب12

قوم ص 496

من ثبت على شي‏ء و تمسك به فهو قَائِم عليه. و قال تعالى: لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ
؛ إنما هو من المُواظبة على الدين و القيام به؛ الفراء: القَائِم المتمسك بدينه، ثم ذكر هذا الحديث. و قال الفراء: أُمَّةٌ قائِمَةٌ
 أي متمسكة بدينها. و قوله عز و جل: لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً
؛ أي مُواظِباً مُلازِماً، و منه قيل في الكلام للخليفة: هو القائِمُ بالأَمر، و كذلك فلان قَائِمٌ بكذا إذا كان حافظاً له متمسكاً به. قال ابن بري: و القَائِمُ على الشي‏ء الثابت عليه، و عليه قوله تعالى: مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ
؛ أي مواظِبة على الدين ثابتة. يقال: قَامَ فلان على الشي‏ء إذا ثبت عليه و تمسك به؛ و منه‏
الحديث: اسْتَقِيموا لقُريش ما اسْتَقَامُوا لكم، فإنْ لم يَفْعَلوا فضَعُوا سيُوفَكم على عَواتِقكم فأَبِيدُوا خضْراءهم.
، أي دُوموا لهم في الطاعة و اثْبُتوا عليها ما داموا على الدين و ثبتوا على الإِسلام. يقال: قَامَ و اسْتَقَامَ كما يقال أَجابَ و اسْتجابَ؛ قال الخطابي: الخَوارِج و من يَرى رأْيهم يتأَوَّلونه على الخُروج على الأَئمة و يحملون قوله ما اسْتَقَامُوا لكم على العدل في السِّيرة، و إنما الاسْتِقَامَة هاهنا الإِقامة على الإِسلام، و دليله‏
في حديث آخر: سيَلِيكم أُمَراءُ تَقْشَعِرُّ منهم الجلود و تَشْمَئِزُّ منهم القلوب، قالوا: يا رسول الله، أَ فلا نُقاتلهم؟ قال: لا ما أَقَامُوا الصلاة.
، و
حديثه الآخر: الأَئمة من قريش أَبرارُها أُمَراءُ أَبرارِها و فُجَّارُها أُمَراءُ فُجَّارِها.
؛ و منه‏
الحديث: لو لم تَكِلْه لقَامَ لكم.
أي دام و ثبت، و
الحديث الآخر: لو تَرَكَتْه ما زال قَائِماً.
، و
الحديث الآخر: ما زال يُقِيمُ لها أُدْمَها.
و قَائِمُ السيف: مَقْبِضُه، و ما سوى ذلك فهو قَائِمَة نحو قَائِمَةِ الخِوان و السرير و الدابة. و قَوَائِم الخِوان و نحوها: ما قامت عليه. الجوهري: قَائِمُ السيف و قَائِمَتُه مَقْبِضه. و القَائِمَةُ: واحدة قَوَائِم الدَّوابّ. و قَوَائِم الدابة: أربَعُها، و قد يستعار ذلك في الإِنسان؛ و قول الفرزدق يصف السيوف:
إذا هِيَ شِيمتْ فالقَوَائِمُ تَحْتها،             و إنْ لمْ تُشَمْ يَوْماً علَتْها القَوَائِمُ‏

أَراد سُلَّت. و القَوَائِم: مقَابِض السيوف. و القُوَام: داءٌ يأْخذ الغنم في قوائمها تقوم منه. ابن السكيت: ما فَعل قُوام كان يَعتري هذه الدابة، بالضم، إذا كان يقوم فلا يَنْبَعث. الكسائي: القُوَام داءٌ يأْخذ الشاة في قوائمها تقوم منه؛ و قَوَّمْتُ الغنم: أَصابها ذلك فقامت. و قَامُوا بهم: جاؤوهم بأَعْدادهم و أَقرانِهم و أَطاقوهم. و فلان لا يَقُوم بهذا الأَمر أي لا يُطِيق عليه، و إذا لم يُطِق الإِنسان شيئاً قيل: ما قَامَ به. الليث: القَامَةُ مِقدار كهيئة رجل يبني على شَفِير البئر يوضع عليه عود البَكْرة، و الجمع القِيَم، و كذلك كل شي‏ء فوق سطح و نحوه فهو قَامَة؛ قال الأَزهري: الذي قاله الليث في تفسير القامة غير صحيح، و القَامَة عند العرب البكرة التي يستقى بها الماء من البئر، و روي عن أبي زيد أنه قال: النَّعامة الخشبة المعترضة على زُرْنُوقي البئر ثم تعلق القامة، و هي البَكْرة من النعامة. ابن سيدة: و القامةُ البكرة يُستقَى عليها، و قيل: البكرة و ما عليها بأَداتِها، و قيل: هي جُملة أَعْوادها؛ قال الشاعر:
لَمّا رأَيْتُ أَنَّها لا قامَهْ،             و أَنَّني مُوفٍ على السَّآمَهْ،
نزَعْتُ نَزْعاً زَعْزَعَ الدِّعامهْ‏

و الجمع قِيَمٌ مثل تارةٍ و تِيَرٍ، و قَامٌ؛ قال الطِّرِمّاح:
و مشَى تُشْبِهُ أَقْرابُه             ثَوْبَ سَحْلٍ فوقَ أَعوادِ قَام‏

501
لسان العرب12

قوم ص 496

و قال الراجز:
يا سَعْدُ غَمَّ الماءَ وِرْدٌ يَدْهَمُه،             يَوْمَ تَلاقى شاؤُه و نَعَمُهْ،
و اخْتَلَفَتْ أَمْراسُه و قِيَمُهْ‏

و قال ابن بري في قول الشاعر:
لَمّا رأَيت أَنها لا قَامَه‏

قال: قال أَبو عليّ ذهب ثعلب إلى أَن قَامَة في البيت جمع قَائِم مثل بائِع و باعةٍ، كأَنه أَراد لا قائمين على هذا الحوض يَسْقُون منه، قال: و مثله فيما ذهب إليه الأَصمعي:
و قَامَتي رَبِيعةُ بنُ كَعْبِ،             حَسبُكَ أَخلاقُهمُ و حَسْبي‏

أي رَبِيعة قائمون بأَمري؛ قال: و قال عديّ بن زيد:
و إنِّي لابنُ ساداتٍ             كِرامٍ عنهمُ سُدْتُ‏
و إنِّي لابنُ قَامَاتٍ             كِرامٍ عنهمُ قُمْتُ‏

أَراد بالقَامَاتِ الذين يقومون بالأُمور و الأَحداث؛ و مما يشهد بصحة قول ثعلب أن القَامَة جمع قائم لا البكرة قوله:
نزعت نزعاً زعزع الدِّعامه‏

و الدِّعامة إنما تكون للبكرة، فإن لم تكن بكْرَةٌ فلا دعامة و لا زعزعةَ لها؛ قال ابن بري: و شاهد القَامَة للبكرة قول الراجز:
إنْ تَسْلَمِ القَامَةُ و المَنِينُ،             تُمْسِ و كلُّ حائِمٍ عَطُونُ‏

و قال قيس بن ثُمامة الأَرْحبي في قَامٍ جمع قامةِ البئر:
قَوْداءَ تَرْمَدُّ مِنْ غَمْزي لها مَرَطَى،             كأَن هادَيها قَامٌ على بِيرِ

و المِقْوَم: الخَشَبة التي يُمْسكها الحرّاث. و
قوله في الحديث: إنه أَذِنَ في قَطْع المسَدِ و القائمَتينِ من شجر الحَرَم.
، يريد قائمتي الرَّحْل اللتين تكونان في مُقَدَّمِه و مُؤَخَّره. و قَيِّمُ الأَمر: مُقِيمهُ. و أمرٌ قَيِّمٌ: مُسْتقِيم. و
في الحديث: أتاني مَلَك فقال: أَنت قُثَمٌ و خُلُقُكَ قَيِّم.
أي مُسْتَقِيم حسَن. و
في الحديث: ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ‏
 أي المستقيم الذي لا زَيْغ فيه و لا مَيْل عن الحق.
و قوله تعالى: فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ
؛ أَي مستقيمة تُبيّن الحقّ من الباطل على اسْتِواء و بُرْهان؛ عن الزجاج. و قوله تعالى: وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ
؛ أَي دين الأُمةِ القيّمة بالحق، و يجوز أَن يكن دين المِلة المستقيمة؛ قال الجوهري: إنما أَنثه لأَنه أَراد المِلة الحنيفية. و القَيِّمُ: السيّد و سائسُ الأَمر. و قَيِّمُ القَوْم: الذي يُقَوِّمُهم و يَسُوس أَمرهم. و
في الحديث: ما أَفْلَحَ قَوْمٌ قَيِّمَتُهُم امرأة.
و قَيِّمُ المرأَةِ: زوجها في بعض اللغات. و قال أَبو الفتح ابن جني في كتابه الموسوم بالمُغْرِب. يروى أَن جاريتين من بني جعفر بن كلاب تزوجتا أَخوين من بني أَبي بكر ابن كلاب فلم تَرْضَياهما فقالت إحداهما:
أَلا يا ابْنَةَ الأَخْيار مِن آلِ جَعْفَرٍ             لقد ساقَنا منْ حَيِّنا هَجْمَتاهُما
أُسَيْوِدُ مِثْلُ الهِرِّ لا دَرَّ دَرُّه             و آخَرُ مِثْلُ القِرْدِ لا حَبَّذا هُما
يَشِينانِ وجْهَ الأَرْضِ إنْ يَمْشِيا بِها،             و نَخْزَى إذَا ما قِيلَ: مَنْ قَيِّماهُما؟

قَيِّمَاهما: بَعْلاهُما، ثنت الهَجّمتين لأَنها أَرادت القِطْعَتَين أَو القَطيعَيْنِ. و
في الحديث: حتى يكون لخمسين امرأَة قَيِّمٌ واحد.
؛ قَيِّمُ المرأَةِ: زوجها لأَنه‏

502
لسان العرب12

قوم ص 496

يَقُوم بأَمرها و ما تحتاج إليه. و قام بأَمر كذا. و قام الرجلُ على المرأَة: مانَها. و إنه لَقَوّام عليها: مائنٌ لها. و في التنزيل العزيز: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ
؛ و ليس يراد هاهنا، و الله أَعلم، القِيام الذي هو المُثُولُ و التَّنَصُّب و ضدّ القُعود، إنما هو من قولهم قمت بأَمرك، فكأنه، و الله أَعلم، الرجال مُتكفِّلون بأُمور النساء مَعْنِيُّون بشؤونهن، و كذلك قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ
؛ أَي إذا هَمَمْتم بالصلاة و تَوَجّهْتم إليها بالعِناية و كنتم غير متطهرين فافعلوا كذا، لا بدّ من هذا الشرط لأَن كل من كان على طُهر و أَراد الصلاة لم يلزمه غَسْل شي‏ء من أعضائه، لا مرتَّباً و لا مُخيراً فيه، فيصير هذا كقوله: وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا؛ و قال هذا، أَعني قوله إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ
 فافعلوا كذا، و هو يريد إذا قمتم و لستم على طهارة، فحذف ذلك للدلالة عليه، و هو أَحد الاختصارات التي في القرآن و هو كثير جدّاً؛ و منه قول طرفة:
إذا مُتُّ فانْعِينِي بما أَنا أَهْلُه،             و شُقِّي عَلَيَّ الجَيْبَ، يا ابنةَ مَعْبَدِ

تأْويله: فإن مت قبلك، لا بدّ أَن يكون الكلام مَعْقوداً على هذا لأَنه معلوم أَنه لا يكلفها نَعْيَه و البُكاء عليه بعد موتها، إذ التكليفُ لا يصح إلا مع القدرة، و الميت لا قدرة فيه بل لا حَياة عنده، و هذا واضح. و أَقامَ الصلاة إِقَامةً و إِقَاماً؛ فإِقَامةً على العوض، و إِقَاماً بغير عوض. و في التنزيل: وَ أَقامَ الصَّلاةَ*. و من كلام العرب: ما أَدري أَ أَذَّنَ أَو أَقَامَ؛ يعنون أَنهم لم يَعْتَدّوا أَذانَه أَذاناً و لا إقامَته إقامةً، لأَنه لم يُوفِّ ذلك حقَّه، فلما وَنَى فيه لم يُثبت له شيئاً منه إذ قالوها بأَو، و لو قالوها بأَم لأَثبتوا أَحدهما لا محالة. و قالوا: قَيِّمُ المسجد و قَيِّمُ الحَمَّام. قال ثعلب: قال ابن ماسَوَيْهِ ينبغي للرجل أَن يكون في الشتاء كقَيِّم الحَمَّام، و أَما الصيف فهو حَمَّام كله و جمع قَيِّم عند كراع قَامَة. قال ابن سيدة: و عندي أَن قَامَة إنما هو جمع قَائِم على ما يكثر في هذا الضرب. و المِلَّة القَيِّمة: المُعتدلة، و الأُمّة القَيِّمة كذلك. و في التنزيل: وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ

؛ أي الأُمَّة القيمة. و قال أَبو العباس و المبرد: هاهنا مضمر، أَراد ذلك دِينُ الملَّةِ القيمة، فهو نعت مضمرٍ محذوفٌ محذوقٌ؛ و قال الفراء: هذا مما أُضيف إلى نفسه لاختلاف لفظيه؛ قال الأَزهري: و القول ما قالا، و قيل: الهاء في القَيِّمَة للمبالغة، و دين قَيِّمٌ كذلك. و في التنزيل العزيز: ديناً قَيِّماً مِلَّةَ إبراهيم. و قال اللحياني و قد قُرئ دِيناً قِيَماً
 أي مستقيماً. قال أَبو إسحاق: القَيِّمُ هو المُسْتَقيم، و القِيَمُ: مصدر كالصِّغَر و الكِبَر إلا أَنه لم يُقل قِوَمٌ مثل قوله: لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا؛ لأَن قِيَماً من قولك قَامَ قِيَماً، و قَامَ كان في الأَصل قَوَمَ أَو قَوُمَ، فصار قام فاعتل قِيَم، و أَما حِوَلٌ فهو على أَنه جار على غير فِعْل؛ و قال الزجاج: قِيَماً مصدر كالصغر و الكبر، و كذلك دين قَوِيم و قِوَامٌ. و يقال: رمح قَوِيمٌ و قَوَامٌ قَوِيمٌ أَي مستقيم؛ و أَنشد ابن بري لكعب بن زهير:
فَهُمْ ضَرَبُوكُم حِينَ جُرْتم عن الهُدَى             بأَسْيافهم، حتَّى اسْتَقَمْتُمْ على القِيَمْ «3».

و قال حسان:
و أَشْهَدُ أَنَّكَ، عِنْد المَلِيكِ،             أُرْسِلْتَ حَقّاً بِدِينٍ قِيَمْ‏

قال: إلا أنّ القِيَمَ مصدر بمعنى الاستقامة. و الله‏
__________________________________________________
 (3). قوله [ضربوكم حين جرتم‏] تقدم في هذه المادة تبعاً للأَصل: صرفوكم حين جزتم، و لعله مروي بهما.

503
لسان العرب12

قوم ص 496

تعالى القَيُّوم و القَيَّامُ. ابن الأَعرابي: القَيُّوم و القَيَّام و المُدبِّر واحد. و قال الزجاج: القَيُّوم و القَيَّام في صفة الله تعالى و أَسمائه الحسنى القائم بتدبير أَمر خَلقه في إنشائهم و رَزْقهم و علمه بأَمْكِنتهم. قال الله تعالى: وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَ يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَ مُسْتَوْدَعَها. و قال الفراء: صورة القَيُّوم من الفِعل الفَيْعُول، و صورة القَيَّام الفَيْعال، و هما جميعاً مدح، قال: و أَهل الحجاز أَكثر شي‏ء قولًا للفَيْعال من ذوات الثلاثة مثل الصَّوَّاغ، يقولون الصَّيَّاغ. و قال الفراء في القَيِّم: هو من الفعل فَعِيل، أَصله قَوِيم، و كذلك سَيّد سَوِيد و جَيِّد جَوِيد بوزن ظَرِيف و كَرِيم، و كان يلزمهم أَن يجعلوا الواو أَلفاً لانفتاح ما قبلها ثم يسقطوها لسكونها و سكون التي بعدها، فلما فعلوا ذلك صارت سَيْد على فَعْل، فزادوا ياء على الياء ليكمل بناء الحرف؛ و قال سيبويه: قَيِّم وزنه فَيْعِل و أَصله قَيْوِم، فلما اجتمعت الياء و الواو و السابق ساكن أَبدلوا من الواو ياء و أَدغموا فيها الياء التي قبلها، فصارتا ياء مشدّدة، و كذلك قال في سيّد و جيّد و ميّت و هيّن و ليّن. قال الفراء: ليس في أَبنية العرب فَيْعِل، و الحَيّ كان في الأَصل حَيْواً، فلما اجتمعت الياء و الواو و السابق ساكن جعلتا ياء مشدّدة. و
قال مجاهد: الْقَيُّومُ* القائم على كل شي‏ء.
، و
قال قتادة: الْقَيُّومُ* القائم على خلقه بآجالهم و أَعمالهم و أَرزاقهم.
و
قال الكلبي: الْقَيُّومُ* الذي لا بَدِي‏ء له.
و
قال أَبو عبيدة: الْقَيُّومُ* القائم على الأَشياء.
الجوهري: و قرأَ عمر الحيُّ القَيَّام، و هو لغة، و الْحَيُّ الْقَيُّومُ* أَي القائم بأَمر خلقه في إنشائهم و رزقهم و علمه بمُسْتَقرِّهم و مستودعهم. و
في حديث الدعاء: و لكَ الحمد أَنت قَيَّام السماواتِ و الأَرض، و في رواية: قَيِّم، و في أُخرى: قَيُّوم.، و هي من أبنية المبالغة، و معناها القَيّام بأُمور الخلق و تدبير العالم في جميع أَحواله، و أَصلها من الواو قَيْوامٌ و قَيْوَمٌ و قَيْوُومٌ، بوزن فَيْعالٍ و فَيْعَلٍ و فَيْعُول. و الْقَيُّومُ*: من أَسماء الله المعدودة، و هو القائم بنفسه مطلقاً لا بغيره، و هو مع ذلك يقوم به كل موجود حتى لا يُتَصوَّر وجود شي‏ء و لا دوام وجوده إلا به. و القِوَامُ من العيش «1»: ما يُقيمك. و
في حديث المسألة: أَو لذي فَقْرٍ مُدْقِع حتى يُصِيب قِوَاماً من عيش.
أَي ما يقوم بحاجته الضرورية. و قِوَامُ العيش: عماده الذي يقوم به. و قِوَامُ الجِسم: تمامه. و قِوَام كل شي‏ء: ما استقام به؛ قال العجاج:
رأْسُ قِوَامِ الدِّينِ و ابنُ رَأْس‏

و إِذا أَصاب البردُ شجراً أَو نبتاً فأَهلك بعضاً و بقي بعض قيل: منها هامِد و منها قائم. الجوهري: و قَوَّمْتُ الشي‏ء، فهو قَوِيم أي مستقيم، و قولهم ما أَقْوَمَه شاذ، قال ابن بري: يعني كان قياسه أَن يقال فيه ما أَشدَّ تَقْويمه لأَن تقويمه زائد على الثلاثة، و إنما جاز ذلك لقولهم قَويم، كما قالوا ما أَشدَّه و ما أَفقَره و هو من اشتدّ و افتقر لقولهم شديد و فقير. قال: و يقال ما زِلت أُقَاوِمُ فلاناً في هذا الأَمر أي أُنازِله. و
في الحديث: مَن جالَسه أَو قَاوَمَه في حاجة صابَره.
قال ابن الأَثير: قَاوَمَه فاعَله من القِيام أَي إذا قامَ معه ليقضي حاجتَه صبَر عليه إلى أن يقضِيها. و
في الحديث: تَسْويةُ الصفّ من إِقَامَة الصلاة.
أي من تمامها و كمالها، قال: فأَمّا قوله قد قَامَتِ الصلاة فمعناه‏
__________________________________________________
 (1). قوله [و القِوَام من العيش‏] ضبط القوام في الأَصل بالكسر و اقتصر عليه في المصباح، و نصه: و القِوَام، بالكسر، ما يقيم الإِنسان من القوت، و قال أيضاً في عماد الأَمر و ملاكه أنه بالفتح و الكسر، و قال صاحب القاموس: القوام كسحاب ما يعاش به، و بالكسر، نظام الأَمر و عماده.

504
لسان العرب12

قوم ص 496

قامَ أَهلُها أَو حان قِيامهم. و
في حديث عمر: في العين القَائِمَة ثُلُث الدية.
؛ هي الباقية في موضعها صحيحة و إنما ذهب نظرُها و إبصارُها. و
في حديث أَبي الدرداء: رُبَّ قَائِمٍ مَشكورٌ له و نائمٍ مَغْفورٌ له.
أَي رُبَّ مُتَهَجِّد يَستغفر لأَخيه النائم فيُشكر له فِعله و يُغفر للنائم بدعائه. و فلان أَقْوَمُ كلاماً من فلان أَي أَعدَلُ كلاماً. و القَوْمُ: الجماعة من الرجال و النساء جميعاً، و قيل: هو للرجال خاصة دون النساء، و يُقوِّي ذلك قوله تعالى: لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى‏ أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَ لا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى‏ أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَ‏
؛ أَي رجال من رجال و لا نساء من نِساء، فلو كانت النساء من القوم لم يقل وَ لا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ؛ و كذلك قول زهير:
و ما أَدرِي، و سوفَ إخالُ أَدري،             أَ قَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أَمْ نِساء؟

و قَوْمُ كل رجل: شِيعته و عشيرته. و روي عن أَبي العباس: النَّفَرُ و القَوْم و الرَّهط هؤُلاء معناهم الجمع لا واحد لهم من لفظهم للرجال دون النساء. و
في الحديث: إن نَسَّاني الشيطان شيئاً من صلاتي فليُسبِّح القَوْمُ و ليُصَفِّقِ النساء.
؛ قال ابن الأَثير: القَوْم في الأَصل مصدر قام ثم غلب على الرجال دون النساء، و لذلك قابلهن به، و سموا بذلك لأَنهم قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بالأُمور التي ليس للنساء أَن يقمن بها. الجوهري: القَوْم الرجال دون النساء لا واحد له من لفظه، قال: و ربما دخل النساء فيه على سبيل التبع لأَن قوم كل نبي رجال و نساء، و القَوْم يذكر و يؤَنث، لأَن أَسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كانت للآدميين تذكر و تؤنث مثل رهط و نفر و قَوْم، قال تعالى: وَ كَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ‏
، فذكَّر، و قال تعالى: كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ‏
، فأَنَّث؛ قال: فإن صَغَّرْتَ لم تدخل فيها الهاء و قلت قُوَيْم و رُهَيْط و نُفَير، و إنما يلحَقُ التأْنيثُ فعله، و يدخل الهاء فيما يكون لغير الآدميين مثل الإِبل و الغنم لأَن التأنيث لازم له، و أَما جمع التكسير مثل جمال و مساجد، و إن ذكر و أُنث، فإنما تريد الجمع إذا ذكرت، و تريد الجماعة إذا أَنثت. ابن سيدة: و قوله تعالى: كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ‏
، إِنما أَنَّثَ على معنى كذبت جماعة قوم نوح، و قال الْمُرْسَلِينَ، و إن كانوا كذبوا نوحاً وحده، لأَن من كذب رسولًا واحداً من رسل الله فقد كذب الجماعة و خالفها، لأَن كل رسول يأْمر بتصديق جميع الرسل، و جائز أَن يكون كذبت جماعة الرسل، و حكى ثعلب: أَن العرب تقول يا أَيها القَوْم كفُّوا عنا و كُفّ عنا، على اللفظ و على المعنى. و قال مرة: المخاطب واحد، و المعنى الجمع، و الجمع أَقْوام و أَقَاوِم و أَقَايِم؛ كلاهما على الحذف؛ قال أَبو صخر الهذلي أَنشده يعقوب:
فإنْ يَعْذِرِ القَلبُ العَشِيَّةَ في الصِّبا             فُؤادَكَ، لا يَعْذِرْكَ فيه الأَقَاوِمُ‏

و يروى:
... الأَقايِمُ‏


، و عنى بالقلب العقل؛ و أَنشد ابن بري لخُزَز بن لَوْذان:
مَنْ مُبْلغٌ عَمْرَو بنَ لَأْيٍ،             حَيْثُ كانَ مِن الأَقَاوِمْ‏

و قوله تعالى: فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ‏
؛ قال الزجاج: قيل عنى بالقَوْم هنا الأَنبياء، عليهم السلام، الذين جرى ذكرهم، آمنوا بما أَتى به النبي، صلى الله عليه و سلم، في وقت مَبْعثهم؛ و قيل: عنى به من آمن من أَصحاب النبي، صلى الله عليه و سلم، و أَتباعه، و قيل: يُعنى به الملائكة فجعل القوم من الملائكة

505
لسان العرب12

قوم ص 496

كما جعل النفر من الجن حين قال عز و جل: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ، و قوله تعالى: يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ‏؛
قال الزجاج: جاء في التفسير: إن تولى العِبادُ استبدل الله بهم الملائكة، و جاء: إن تَوَلَّى أهلُ مكة استبدل الله بهم أهل المدينة، و جاء أيضاً: يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ‏
 من أهل فارس، و قيل: المعنى إِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً أَطْوَعَ له منكم. قال ابن بري: و يقال قوم من الجنّ و ناسٌ من الجنّ و قَوْمٌ من الملائكة.
؛ قال أُمية:
و فيها مِنْ عبادِ اللهِ قَوْمٌ،             مَلائِكُ ذُلِّلوا، و هُمُ صِعابُ‏

و المَقامُ و المَقَامَة: المجلس. و مَقَامَات الناس: مَجالِسُهم؛ قال العباس بن مرداس أَنشده ابن بري:
فأَيِّي ما و أَيُّكَ كان شَرّاً             فَقِيدَ إلى المَقَامَةِ لا يَراها

و يقال للجماعة يجتمعون في مَجْلِسٍ: مَقَامَة؛ و منه قول لبيد:
و مَقَامَةٍ غُلْبِ الرِّقابِ كأَنَّهم             جِنٌّ، لدَى بابِ الحَصِيرِ، قِيامُ‏

الحَصِير: المَلِك هاهنا، و الجمع مَقَامَات؛ أَنشد ابن بري لزهير:
و فيهِمْ مَقَامَاتٌ حِسانٌ وجُوهُهُمْ،             و أَنْدِيةٌ يَنْتابُها القَوْلُ و الفِعْلُ‏

و مَقَامَاتُ الناسِ: مَجالِسهم أيضاً. و المَقَامَة و المَقَام: الموضع الذي تَقُوم فيه. و المَقَامَةُ: السّادةُ. و كل ما أَوْجَعَك من جسَدِك فقد قَامَ بك. أَبو زيد في نوادره: قَامَ بي ظَهْري أَي أَوْجَعَني، و قَامَت بي عيناي. و يومُ القِيامة: يومُ البَعْث؛ و في التهذيب: القِيامة يوم البعث يَقُوم فيه الخَلْق بين يدي الحيّ القيوم. و في الحديث ذكر يوم القِيامة في غير موضع، قيل: أَصله مصدر قَامَ الخَلق من قُبورهم قِيَامَةً، و قيل: هو تعريب قِيَمْثَا «2»، و هو بالسريانية بهذا المعنى. ابن سيدة: و يوم القِيَامة يوم الجمعة؛ و منه‏
قول كعب: أَ تَظْلِم رجُلًا يوم القيامة؟.
و مَضَتْ قُوَيْمَةٌ من الليلِ أَي ساعةٌ أَو قِطْعة، و لم يَجِدْه أَبو عبيد، و كذلك مضَى قُوَيْمٌ من الليلِ، بغير هاء، أَي وَقْت غيرُ محدود.
فصل الكاف‏
كتم:
الكِتْمانُ: نَقِيض الإِعْلانِ، كَتَمَ الشي‏ءَ يَكْتُمُه كَتْماً و كِتْمَاناً و اكْتَتَمَه و كَتَّمَه؛ قال أَبو النجم:
و كانَ في المَجْلِسِ جَمّ الهَذْرَمَهْ،             لَيْثاً على الدَّاهِية المُكَتَّمَهْ‏

و كَتَمَه إياه؛ قال النابغة:
كَتَمْتُكَ لَيْلًا بالجَمُومَينِ ساهِراً،             و همَّيْن: هَمّاً مُسْتَكِنّاً، و ظاهرا
أَحادِيثَ نَفْسٍ تشْتَكي ما يَرِيبُها،             و وِرْدَ هُمُومٍ لا يَجِدْنَ مَصادِرا

و كَاتَمَه إياه: ككَتَمَه؛ قال:
تَعَلَّمْ، و لوْ كَاتَمْتُه الناسَ، أَنَّني             عليْكَ، و لم أَظْلِمْ بذلكَ، عاتِبُ‏

و قوله:
... و لم أَظلم بذلك ...

، اعتراض بين أَنّ و خبرِها، و الاسم الكِتْمَةُ. و حكى اللحياني: إنه لحَسن الكِتْمَةِ.
__________________________________________________
 (2). قوله [تعريب قيمثا] كذا ضبط في نسخة صحيحة من النهاية، و في أخرى بفتح القاف و الميم و سكون المثناة بينهما. و وقع في التهذيب بدل المثلثة ياء مثناة و لم يضبط.

506
لسان العرب12

كتم ص 506

و رجل كُتَمَة، مثال هُمَزة، إذا كان يَكْتُمُ سِرَّه. و كَاتَمَنِي سِرَّه: كتَمه عني. و يقال للفرَس إذا ضاق مَنْخِرهُ عن نفَسِه: قد كَتَمَ الرَّبْوَ؛ قال بشر:
كأَنَّ حَفِيفَ مَنْخِرِه، إذا ما             كَتَمْنَ الرَّبْوَ، كِيرٌ مُسْتَعارُ

يقول: مَنْخِره واسع لا يَكْتُم الرَّبو إذا كتمَ غيره من الدَّوابِّ نفَسَه من ضِيق مَخْرَجه، و كَتَمَه عنه و كَتَمَه إياه؛ أَنشد ثعلب:
مُرَّةٌ، كالذُّعافِ، أَكْتُمُها النَّاسَ             على حَرِّ مَلَّةٍ كالشِّهابِ‏

و رجل كَاتِمٌ للسر و كَتُومٌ. و سِرٌّ كَاتِمٌ أَي مَكْتُومٌ؛ عن كراع. و مُكَتَّمٌ، بالتشديد: بُولِغ في كِتْمانه. و اسْتَكْتَمه الخَبَر و السِّرَّ: سأَله كَتْمَه. و ناقة كَتُوم و مِكتَامٌ: لا تَشُول بذنبها عند اللَّقاح و لا يُعلَم بحملها، كَتَمَتْ تَكْتُمُ كُتُوماً؛ قال الشاعر في وصف فحل:
فَهْوَ لجَولانِ القِلاصِ شَمّامْ،             إذا سَما فوْقَ جَمُوحٍ مِكْتَامْ‏

ابن الأَعرابي: الكَتِيمُ الجَمل الذي لا يَرغو. و الكَتِيمُ: القَوْسُ التي لا تَنشَقُّ. و سحاب مَكْتُومٌ «1»: لا رَعْد فيه. و الكَتُوم أَيضاً: الناقة التي لا تَرْغُو إذا ركبها صاحبها، و الجمع كُتُمٌ؛ قال الأَعشى:
كَتُومُ الرُّغاءِ إذا هَجَّرَتْ،             و كانتْ بَقِيَّةَ ذَوْدٍ كُتُمْ‏

و قال آخر:
كَتُومُ الهَواجِرِ ما تَنْبِسُ‏

و قال الطِّرِمّاح:
قد تجاوَزْتُ بِهِلْواعةٍ             عبْرِ أَسْفارٍ كَتُومِ البُغامِ «2».

و ناقة كَتُوم: لا تَرْغُو إذا رُكِبت. و الكَتُومُ و الكَاتِمُ من القِسِيِّ: التي لا تُرِنُّ إذا أُنْبِضَتْ، و ربما جاءت في الشعر كَاتِمَةً، و قيل: هي التي لا شَق فيها، و قيل: هي التي لا صَدْعَ في نَبْعِها، و قيل: هي التي لا صدع فيها كانت من نَبْع أو غيره؛ و قال أَوس بن حجر:
كَتُومٌ طِلاعُ الكفِّ لا دُونَ مِلْئِها،             و لا عَجْسُها عَنْ مَوْضِعِ الكفِّ أَفْضَلا

قوله‏
... طِلاعُ الكَفِّ ...


أي مِلْ‏ءٌ الكف، قال: و مثله‏
قول الحسن أَحَبُّ إليَّ من طِلاع الأَرض ذهباً.
و
في الحديث: أَنه كان اسم قَوْسِ سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم، الكَتُومَ.
؛ سميت به لانْخِفاضِ صوتِها إذا رُمي عنها، و قد كَتَمْت كُتُوماً. أَبو عمرو: كَتَمَتِ المَزادةُ تَكْتُمُ كُتُوماً إذا ذهب مَرَحُها و سَيَلانُ الماءِ من مَخارِزها أَوّل ما تُسرَّب، و هي مَزادة كَتُوم. و سِقاءٌ كَتِيم، و كَتَمَ السِّقاءُ يَكْتُمُ كِتْمَاناً و كُتُوماً: أَمسك ما فيه من اللبن و الشراب، و ذلك حين تذهب عِينته ثم يدهن السقاءُ بعد ذلك، فإذا أَرادوا أن يستقوا فيه سرَّبوه، و التسريب: أن يصُبُّوا فيه الماءَ بعد الدهن حتى يَكْتُمَ خَرْزُه و يسكن الماء ثم يستقى فيه. و خَرْز كَتِيم: لا يَنْضَح الماء و لا يخرج ما فيه. و الكَاتِم: الخارِز، من الجامع لابن القَزاز، و أَنشد فيه:
و سالَتْ دُموعُ العَينِ ثم تَحَدَّرَتْ،             و للهِ دَمْعٌ ساكِبٌ و نَمُومُ‏

__________________________________________________
 (1). قوله [و سحاب مكتوم‏] كذا في الأَصل و قد استدركها شارح القاموس على المجد، و الذي في الصحاح و الأَساس: مكتتم.
 (2). قوله‏
[عبر أسفار ...]

هو بالعين المهملة و وقع في هلع بالمعجمة كما وقع هنا في الأَصل و هو تصحيف.

507
لسان العرب12

كتم ص 506

فما شَبَّهَتْ إلَّا مَزادة كَاتِمٍ             وَهَتْ، أَو وَهَى مِنْ بَيْنِهنَّ كَتُومُ‏

و هو كله من الكَتم لأَن إخفاء الخارز للمخروز بمنزلة الكتم لها، و حكى كراع: لا تسأَلوني عن كَتْمةٍ، بسكون التاء، أي كلمة. و رجل أَكْتَمُ: عظيم البطن، و قيل: شبعان. و الكَتَمُ، بالتحريك: نبات يخلط مع الوسْمة للخضاب الأَسود. الأَزهري: الكَتَم نبت فيه حُمرة. و
روي عن أَبي بكر، رضي الله عنه، أَنه كان يَخْتَضِب بالحِنَّاء و الكَتَم، و في رواية: يصبُغ بالحِنَاء و الكَتَم.
؛ قال أُمية بن أَبي الصلت:
و شَوَّذَتْ شَمْسُهمْ إذا طَلَعَتْ             بالجِلْب [بالجُلْب‏] هِفّاً كأَنه كَتَمُ‏

قال ابن الأَثير في تفسير الحديث: يشبه أَن يراد به استعمال الكَتَم مفرداً عن الحناء، فإن الحِناء إذا خُضِب به مع الكتم جاء أَسود و قد صح النهي عن السواد، قال: و لعل الحديث بالحناء أَو الكَتم على التخيير، و لكن الروايات على اختلافها بالحناء و الكتم. و قال أَبو عبيد: الكَتَّم، مشدد التاء، و المشهور التخفيف. و قال أَبو حنيفة: يُشَبَّب الحناء بالكتم ليشتدّ لونه، قال: و لا ينبت الكتم إلَّا في الشواهق و لذلك يَقِلُّ. و قال مرة: الكتم نبات لا يَسْمُو صُعُداً و ينبت في أَصعب الصخر فيَتَدلَّى تَدَلِّياً خِيطاناً لِطافاً، و هو أَخضر و ورقه كورق الآس أَو أصغر؛ قال الهذلي و وصف وعلًا:
ثم يَنُوش إذا آدَ النَّهارُ له،             بَعْدَ التَّرَقُّبِ مِن نِيمٍ و مِن كَتَمِ‏

و
في حديث فاطمة بنت المنذر: كنا نَمتشط مع أَسماء قبل الإِحرام و نَدَّهِنُ بالمَكْتُومة.
؛ قال ابن الأَثير: هي دُهن من أَدْهان العرب أَحمر يجعل فيه الزعفران، و قيل: يجعل فيه الكَتَم، و هو نبت يخلط مع الوسْمة و يصبغ به الشعر أَسود، و قيل: هو الوَسْمة. و الأَكْثَم: العظيم البطن. و الأَكثم: الشبعان، بالثاء المثلثة، و يقال ذلك فيهما بالتاء المثناة أَيضاً و سيأْتي ذكره. و مَكْتُوم و كَتِيمٌ و كُتَيْمَة: أَسماء؛ قال:
و أَيَّمْتَ مِنَّا التي لم تَلِدْ             كُتَيْمَ بَنِيك، و كنتَ الحليلا «1».

أَراد كتيمة فرخم في غير النداء اضطراراً.
و ابنُ أُم مَكْتُوم: مؤذن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم، كان يؤذن بعد بلال لأَنه كان أَعمى فكان يقتدي ببلال.
و
في حديث زمزم: أَن عبد المطلب رأَى في المنام قيل: احْفِر تُكْتَمَ بين الفَرْث و الدم.
؛ تُكْتَمُ: اسم بئر زمزم، سميت بذلك لأَنها كانت اندفنت بعد جُرْهُم فصارت مكتومة حتى أَظهرها عبد المطلب. و بنو كُتَامَة: حي من حِمْيَر صاروا إلى بَرْبَر حين افتتحها افريقس الملك، و قيل: كُتَامَة قبيلة من البربر. و كُتْمان، بالضم: موضع، و قيل: اسم جبل؛ قال ابن مقبل:
قد صَرَّحَ السَّيرُ عن كُتْمانَ، و ابتُذِلَت             وَقعُ المَحاجِنِ بالمَهْرِيّةِ الذُّقُنِ‏

و كُتْمانُ: اسم ناقة.
كثم:
الكَثَمة: المرأَة الرَّيَّا من شراب أَو غيره. وَ وَطْبٌ أَكْثَم أَي مملوء، و أَنشد:
مُذَمَّمةٌ يُمْسِي و يُصْبِحُ وَطْبُها             حَراماً على مُعتَرِّها، و هو أَكْثَمُ‏

__________________________________________________
 (1). قوله [و أيمت‏] هذا ما في الأَصل، و وقع في نسخة المحكم التي بأيدينا: و أَيتمت، من اليتم.

508
لسان العرب12

كثم ص 508

و كَثَمَ آثارَهُم يَكْثِمُها كَثْماً: اقتَصَّها. و الكَثْم أَكل القِثَّاء و نحوه مما تدخله في فيك ثم تكسره، كَثَمَه يَكْثِمُه كَثْماً. و أَكْثَمَ الرجلُ في منزله: توارَى فيه و تَغَيَّب، عن ابن الأَعرابي. و الأَكْثَمُ: العظيم البطن، و في الصحاح: الواسع البطن. و الأَكْثَم: الشبعان، و يقال ذلك فيهما بالتاء أَيضاً، و قد تقدم: عن ثعلب. و يقال: إِنه لأَيْهَمُ أَكْثَمُ، الأَيهم: الأَعمى. ابن بري: يقال رجل أَكْثَمُ إذا امتلأَ بطنه من الشبع، و أَنشد ابن الأَعرابي:
فَبات يُسَوِّي بَرْكَها و سَنامَها،             كأَنْ لم يَجُعْ منْ قَبْلِها و هو أَكْثَمُ‏

و طريق أَكْثَمُ: واسع. و كَثَمُ الطريق: وجْهُه و ظاهِره. و يقال: انْكَثَمُوا عن وجه كذا أَي انصرفوا عنه. و الكَثَم: القرب كالكَثَب، و قيل: الميم بدل من الباء. يقال: هو يرمي من كَثَمٍ و كَثَبٍ أَي قُرْب و تَمَكُّن. و أَكْثَمَ قربتَهُ: مَلأَها. و كَثَمَه عن الأَمر: صَرَفه عنه. و حمأَةٌ كَاثِمَةٌ «1» و كَثِمَةٌ: غليظة. و أَكْثَمُ: من أَسماء الرجال. و أَكْثَمُ بن صَيفِيٍّ: أحد حكام العرب‏
كثحم:
رجل كُثْحُمُ اللِّحْيَةِ، و لحية كُثْحُمَةٌ: و هي التي كَثُفَت و قَصُرَت و جَعُدت، و مثلها الكَثَّة.
كثعم:
الكَعْثَمُ و الكَثْعَم: الرَّكَبُ الناتئ الضَّخم كالكَعْثَبِ. و امرأَة كَعْثَمِ و كَثْعَمٌ إذا عظُم ذلك منها كَكَعْثَبٍ و كَثْعَبٍ. و كَثْعَمٌ: الأَسد أَو النَّمر أَو الفَهْد.
كحم:
الكَحْمُ: لغة في الكَحْب، و هو الحِصْرِم، واحدته كَحْمَة، يمانية.
كحثم:
رجل كُحْثُمُ اللِّحْيَةِ: كثيفها. و لحية كُحْثُمَة: قَصُرت و كثُفت و جعدت، و قد تقدم في كثحم.
كخم:
الإِكْخَام: لغة في الإِكْماخ. و مُلْكٌ كَيْخَمٌ: عظيم عريض، و كذلك سُلطان كَيْخَم. قال الليث: الكَيْخَم يوصف به المُلك و السلطان؛ و أَنشد:
قُبَّةَ إسْلامٍ و مُلْكاً كَيْخَما

و الكَخْمُ: المَنع و الدَّفع. و قال أَبو عمرو: الكَخْمُ دفعك إنساناً عن موضعه. تقول: كخَمْتُه كَخْماً إذا دفعته؛ و قال المَرَّار:
إني أَنا المَرَّارُ غَيْرُ الوَخْمِ،             و قد كَخَمْتُ القومَ أَيَّ كَخْمِ‏

أي دفَعْتهم و منَعْتُهم، و منه قيل للملك: كَيْخم.
كدم:
الكَدْم: تَمَشْمُشُ العَظم و تَعَرُّقُه، و قيل: هو العَض بأَدنى الفم كما يَكْدُمُ [يَكْدِمُ‏] الحِمار، و قيل: هو العَض عامة، كَدَمَهُ يَكْدُمُه و يَكْدِمُه كَدْماً، و كذلك إذا أَثَّرْت فيه بحديدة؛ و قال طرفة:
سَقَتْهُ إياةُ الشمسِ إلَّا لِثاتِه             أُسِفَّ، وَ لَمْ تَكْدِمْ [تَكْدُمْ‏] عليه، بإثْمِدِ

و إنه لَكَدَّامٌ و كَدُوم أي عَضُوض. و الكَدْم و الكَدَمُ؛ الأُولى عن اللحياني: أَثَرُ العض، و جمعه كُدُوم. و الكَدْم: اسم أَثر الكَدْم. يقال: به كُدُومٌ. و المُكَدَّمُ، بالتشديد: المُعضَّض. و حمار مُكَدَّم: معضض. و تَكَادَمَ الفرسانِ: كَدَم أَحدهما صاحبه. و الكُدَامَةُ: ما يُكْدَم من الشي‏ء أي يُعض فيُكْسَر، و قيل: هو بقية كل شي‏ء
__________________________________________________
 (1). قوله" و حمأة كَاثِمَة" كذا في الأَصل بالحاء، و الذي في المجد و تكملة الصاغاني و تهذيب الأَزهري: و كمأة بالكاف، و اغتر السيد مرتضى بما في نسخة اللسان فخطَّأ المجد.

509
لسان العرب12

كدم ص 509

أُكِل، و العرب تقول: بَقِي من مَرْعانا كُدَامَة أي بقية تَكْدمها المالُ بأَسنانها و لا تَشبع منه. و
في حديث العرنيين: فلقد رأَيتهم يَكْدِمُون الأَرض بأَفواههم.
أي يقبضون عليها و يَعَضُّونها، و الدواب تُكادِمُ الحشيشَ بأَفواهها إذا لم تَسْتَمْكِنْ منه. و الكُدَم: الكثير الكَدْم، و قد يستعمل في عَض الجَراد و أَكلها للنبات. و الكُدَمُ: من أَحْناش الأَرض. قال ابن سيدة: أُراه سمي بذلك لعضه. و الكُدَم و المِكْدَم: الشديد القِتال. و رجل مُكَدَّمٌ إذا لقي قِتالًا فأَثَّرت فيه الجراح. و كَدَمَ الصيْدَ كَدْماً إذا جدَّ في طلبه حتى يغلبه. و كَدَمْتُ الصيدَ أَي طرَدْته. و يقال للرجل إذا طلب حاجة لا يُطلب مثلها: لقد كَدَمْتَ في غير مَكْدَمٍ [مَكْدِمٍ‏]. و الكُدْمَة، بضم الكاف: الشديد الأَكل؛ و أَنشد أَبو عمرو:
يا أَيُّها الحَرْشَف ذُو الأَكْلِ الكُدَمْ‏

و الحَرْشفُ: الجراد. و كَدَمْتَ غير مَكْدَم أي طلبت غير مَطْلَب. و ما بالبعير كَدْمَة أي أُثْرة و لا وَسْمٌ، و الأُثرة أن يُسْحَى باطن الخفّ بحديدة. و فَنِيقٌ مُكْدَمٌ أي فحل غليظ، و قيل: صُلْب؛ قال بشر:
لَوْ لا تُسَلِّي الهَمَّ عَنْكَ بِجَسْرةٍ             عَيْرانةٍ، مثلِ الفَنِيقِ المُكْدَم‏

ابن الأَعرابي: نعجة كَدِمَةٌ غليظة كثيرة اللحم؛ و قول رؤبة:
كأَنَّه شَلَّالُ عاناتٍ كُدُمْ‏

قال: حمار كَدِمٌ غليظ شديد، و الجمع كُدُم. و عَير مُكْدَم: غليظ شديد. و قَدَحٌ مُكْدَم: زُجاجه غليظ. و أَسِير مُكْدَم: مصفود مشدود بالصِّفاد؛ هذه الثلاثة عن اللحياني. و فحل مُكَدَّم و مُكْدَم إذا كان قويّاً قد نُيِّب فيه. و أُكْدِم الأَسير إذا اسْتُوثِق منه. و كِساء مُكْدَم: شديد الفتل، و كذلك الحبْ. و الكَدَمَة، بفتح الدال: الحركة؛ عن كراع و ليست بصحيحة؛ و أَنشد ابن بري في ذلك:
لَمَّا تَمَشَّيْتُ بُعَيْدَ العَتَمَهْ،             سَمعتُ مِن فَوْق البُيوتِ كَدَمَهْ‏

و قد ذكر ذلك في حذم. و الكُدَام: ريح يأْخذ الإِنسان في بعض جسده فيسخنون خِرقة ثم يضعونها على المكان الذي يشتكي. و كَدَمُ السَّمُرِ: ضرب من الجَنادب. و كِدَامٌ و مُكَدَّمٌ و كُدَيْمٌ: أَسماء.
كرم:
الكَريم: من صفات الله و أَسمائه، و هو الكثير الخير الجَوادُ المُعطِي الذي لا يَنْفَدُ عَطاؤه، و هو الكريم المطلق. و الكَرِيم: الجامع لأَنواع الخير و الشرَف و الفضائل. و الكَريم. اسم جامع لكل ما يُحْمَد، فالله عز و جل كريم حميد الفِعال و رب العرش الكريم العظيم. ابن سيدة: الكَرَم نقيض اللُّؤْم يكون في الرجل بنفسه، و إن لم يكن له آباء، و يستعمل في الخيل و الإِبل و الشجر و غيرها من الجواهر إذا عنوا العِتْق، و أَصله في الناس قال ابن الأَعرابي: كَرَمُ الفرَس أن يَرِقَّ جلده و يَلِين شعره و تَطِيب رائحته. و قد كَرُمَ الرجل و غيره، بالضم، كَرَماً و كَرَامَة، فهو كَرِيم و كَرِيمَةٌ و كِرْمَةٌ و مَكْرَم و مَكْرَمَة «2». و كُرَامٌ و كُرَّامٌ و كُرَّامَةٌ، و جمع الكَرِيم كُرَماء و كِرام، و جمع الكُرَّام كُرَّامون؛ قال سيبويه: لا يُكَسَّر كُرَّام‏
__________________________________________________
 (2). قوله [و مَكْرَم و مَكْرَمَة] ضبط في الأَصل و المحكم بفتح أولهما و هو مقتضى إطلاق المجد، و قال السيد مرتضى فيهما بالضم.

510
لسان العرب12

كرم ص 510

استغنوا عن تكسيره بالواو و النون؛ و إنه لكَرِيم من كَرَائِم قومه، على غير قياس؛ حكى ذلك أَبو زيد. و إنه لَكَرِيمة من كَرائم قومه، و هذا على القياس. الليث: يقال رجل كَرِيم و قوم كَرَمٌ كما قالوا أَديمٌ و أَدَمٌ و عَمُود و عَمَدٌ، و نسوة كَرَائِم. ابن سيدة و غيره: و رجل كَرَمٌ: كريم، و كذلك الاثنان و الجمع و المؤنث، تقول: امرأَة كَرمٌ و نسوة كَرَمٌ لأَنه وصف بالمصدر؛ قال سعيد بن مسحوح «1» الشيباني: كذا ذكره السيرافي، و ذكر أَيضاً أنه لرجل من تَيْم اللّات بن ثعلبة، اسمه عيسى، و كان يُلَوَّمُ في نُصرة أَبي بلال مرداس بن أُدَيَّةَ، و أَنه منعته الشفقة على بناته، و ذكر المبرد في أَخبار الخوارج أَنه لأَبي خالد القَناني فقال: و من طَريف أَخبار الخوارج قول قَطَرِيِّ بن الفُجاءة المازِني لأَبي خالد القَناني:
أَبا خالدٍ إنْفِرْ فلَسْتَ بِخالدٍ،             وَ ما جَعَلَ الرحمنُ عُذْراً لقاعِدِ
أَ تَزْعُم أَنَّ الخارِجيَّ على الهُدَى،             و أنتَ مُقِيمٌ بَينَ راضٍ و جاحِدِ؟

فكتب إليه أَبو خالد:
لَقدْ زادَ الحَياةَ إليَّ حُبّاً             بَناتي، أَنَّهُنَّ من الضِّعافِ‏
مخافةَ أنْ يَرَيْنَ البُؤسَ بَعْدِي،             و أنْ يَشْرَبْنَ رَنْقاً بعدَ صافِ و
أنْ يَعْرَيْنَ، إنْ كُسِيَ الجَوارِي،             فَتَنْبُو العينُ عَن كَرَمٍ عِجافِ‏
و لَوْ لا ذاكَ قد سَوَّمْتُ مُهْري،             و في الرَّحمن للضُّعفاءِ كافِ‏
أَبانا مَنْ لَنا إنْ غِبْتَ عَنَّا،             و صارَ الحيُّ بَعدَك في اخْتِلافِ؟

قال أَبو منصور: و النحويون ينكرون ما قال الليث، إنما يقال رجل كَرِيم و قوم كِرَام كما يقال صغير و صغار و كبير و كِبار، و لكن يقال رجل كَرَمٌ و رجال كَرَمٌ أي ذوو كَرَم، و نساء كَرَمٌ أي ذوات كرَم، كما يقال رجل عَدْل و قوم عدل، و رجل دَنَفٌ و حَرَضٌ، و قوم حَرَضٌ و دَنَفٌ. و قال أَبو عبيد: رجل كَرِيم و كُرَامٌ و كُرَّامٌ بمعنى واحد، قال: و كُرَام، بالتخفيف، أبلغ في الوصف و أكثر من كريم، و كُرَّام، بالتشديد، أَبلغ من كُرَام، و مثله ظَرِيف و ظُراف و ظُرَّاف، و الجمع الكُرَّامُون. و قال الجوهري: الكُرَام، بالضم، مثل الكَرِيم فإذا أفرط في الكرم قلت كُرَّام، بالتشديد، و التَّكْرِيمُ و الإِكْرَامُ بمعنى، و الاسم منه الكَرَامَة؛ قال ابن بري: و قال أَبو المُثَلم:
و مَنْ لا يُكَرِّمْ نفْسَه لا يُكَرَّم «2».

ابن سيدة: قال سيبويه و مما جاء من المصادر على إضمار الفعل المتروك إظهاره و لكنه في معنى التعجب قولك كَرَماً و صَلَفاً، كأَنه يقول أَكْرَمَك الله و أَدام لك كَرَماً، و لكنهم خزلوا الفعل هنا لأَنه صار بدلًا من قولك أَكْرِمْ به و أَصْلِف، و مما يخص به النداء قولهم يا مَكْرَمان؛ حكاه الزجاجي، و قد حكي في غير النداء فقيل رجل مَكْرَمَان؛ عن أَبي العميثل الأَعرابي؛ قال ابن سيدة: و قد حكاها أَيضاً أَبو حاتم. و يقال للرجل يا مَكرَمَان، بفتح الراء، نقيض قولك يا مَلأَمان من اللُّؤْم و الكَرَم. و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم: أَن رجلًا أَهدى إليه راوية خمر فقال: إن الله حَرَّمها، فقال الرجل: أَ فلا أُكارِمُ بها يَهودَ؟ فقال: إن الذي حرَّمها حرَّم أن يُكارَم بها.
؛ المُكارَمَةُ: أَن تُهْدِيَ لإِنسانٍ شيئاً
__________________________________________________
 (1). قوله [مسحوح‏] كذا في الأَصل بمهملات و في شرح القاموس بمعجمات.
 (2). هذا الشطر لزهير من معلقته.

511
لسان العرب12

كرم ص 510

ليكافِئَك عليه، و هي مُفاعَلة من الكَرَم، و أَراد بقوله أُكَارِمُ بها يهود أي أُهْديها إليهم ليُثِيبوني عليها؛ و منه قول دكين:
يا عُمَرَ الخَيراتِ و المَكارِمِ،             إنِّي امْرُؤٌ من قَطَنِ بن دارِمِ،
أَطْلُبُ دَيْني من أَخٍ مُكارِمِ‏

أراد من أَخٍ يُكافِئني على مَدْحي إياه، يقول: لا أَطلب جائزته بغير وَسِيلة. و كَارَمْتُ الرجل إذا فاخَرْته في الكرم، فكَرَمْته أَكْرُمُه، بالضم، إذا غلبته فيه. و الكَرِيم: الصَّفُوح. و كَارَمَنِي فكَرَمْته أَكْرُمُه: كنت أَكْرَمَ منه. و أَكْرَمَ الرجلَ و كَرَّمَه: أَعْظَمه و نزَّهه. و رجل مِكْرَام: مُكْرِمٌ و هذا بناء يخص الكثير. الجوهري: أَكْرَمْتُ الرجل أُكْرِمُه، و أَصله أُأَكْرمه مثل أُدَحْرِجُه، فاستثفلوا اجتماع الهمزتين فحذفوا الثانية، ثم أَتبعوا باقي حروف المضارعة الهمزة، و كذلك يفعلون، أ لا تراهم حذفوا الواو من يَعِد استثقالًا لوقوعها بين ياء و كسرة ثم أَسقطوا مع الأَلف و التاء و النون؟ فإن اضطر الشاعر جاز له أَن يرده إلى أَصله كما قال:
فإنه أَهل لأَن يُؤَكْرَما

فأَخرجه على الأَصل. و يقال في التعجب: ما أَكْرَمَه لي، و هو شاذ لا يطرد في الرباعي؛ قال الأَخفش: و قرأَ بعضهم و مَن يُهِن اللهُ فما له من مُكْرَم، بفتح الراء، أي إكْرام، و هو مصدر مثل مُخْرَج و مُدْخَل. و له عليَّ كَرَامَةٌ أَي عَزازة. و اسْتَكْرَمَ الشي‏ءَ: طلَبه كَرِيماً أَو وجده كذلك. و لا أَفْعلُ ذلك و لا حُبّاً و لا كُرْماً و لا كُرْمَةً و لا كَرَامَةً كل ذلك لا تُظهر له فعلًا. و قال اللحياني: أَفْعَلُ ذلك و كَرَامَةً لك و كُرْمَى لك و كُرْمَةً لك و كُرْماً لك، و كُرْمةَ عَيْن و نَعِيمَ عين و نَعْمَةَ عَينٍ و نُعامَى عَينٍ «1». و يقال: نَعَمْ و حُبّاً و كَرَامةً؛ قال ابن السكيت: نَعَمْ و حُبّاً و كُرْمَاناً، بالضم، و حُبّاً و كُرْمَة. و حكي عن زياد بن أَبي زياد: ليس ذلك لهم و لا كُرْمَة. و تَكَرَّمَ عن الشي‏ء و تَكَارَمَ: تَنزَّه. الليث: تَكَرَّمَ فلان عما يَشِينه إذا تَنزَّه و أَكْرَمَ نفْسَه عن الشائنات، و الكَرَامَةُ: اسم يوضع للإِكرام «2»، كما وضعت الطَّاعةُ موضع الإِطاعة، و الغارةُ موضع الإِغارة. و المُكَرَّمُ: الرجل الكَرِيم على كل أَحد. و يقال: كَرُمَ الشي‏ءُ الكَرِيمُ كَرَماً، و كَرُمَ فلان علينا كَرَامةً. و التَّكَرُّمُ: تكلف الكَرَم؛ و قال المتلمس:
تكَرَّمْ لتَعْتادَ الجَمِيلَ، و لنْ تَرَى             أَخَا كَرَمٍ إلا بأَنْ يتَكَرَّمَا

و المَكْرُمةُ و المَكْرُمُ: فعلُ الكَرَمِ، و في الصحاح: واحدة المَكَارِمِ و لا نظير له إلَّا مَعُونٌ من العَوْنِ، لأَنَّ كل مَفْعُلة فالهاء لها لازمة إلا هذين؛ قال أَبو الأَخْزَرِ الحِمّاني:
مَرْوانُ مَرْوانُ أَخُو اليَوْم اليَمِي،             ليَوْمِ رَوْعٍ أو فَعالِ مَكْرُمِ‏

و يروى:
نَعَمْ أَخُو الهَيْجاء في اليوم اليمي‏

و قال جميل:
بُثَيْنَ الْزَمي لا، إنَّ لا، إنْ لَزِمْتِه،             على كَثرةِ الواشِينَ، أَيُّ مَعُونِ‏

قال الفراء: مَكْرُمٌ جمع مَكْرُمَةٍ و مَعُونٌ جمع‏
__________________________________________________
 (1). قوله [و نعامى عين‏] زاد في التهذيب قبلها: و نعم عين أي بالضم، و بعدها: نعام عين أي بالفتح.
 (2). قوله [يوضع للإِكرام‏] كذا بالأَصل، و الذي في التهذيب: يوضع موضع الإِكرام.

512
لسان العرب12

كرم ص 510

مَعُونةٍ. و الأُكْرُومَة: المَكْرُمةُ. و الأُكْرُومةُ من الكَرَم: كالأُعْجُوبة من العَجَب. و أَكْرَمَ الرجل: أَتى بأَولاد كِرام. و استَكْرَمَ: استَحْدَث عِلْقاً كريماً. و في المثل: استَكْرَمْتَ فارْبِطْ. و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه قال: إنَّ اللهَ يقولُ إذا أَنا أَخَذْتُ من عبدي كَرِيمته و هو بها ضَنِين فصَبرَ لي لم أَرْض له بها ثواباً دون الجنة، و بعضهم رواه: إذا أَخذت من عبدي كَرِيمتَيْه.
؛ قال شمر: قال إسحق بن منصور قال بعضهم يريد أهله، قال: و بعضهم يقول يريد عينه، قال: و من رواه كريمتيه فهما العينان، يريد جارحتيه أي الكريمتين عليه. و كل شي‏ء يَكْرُمُ عليك فهو كَرِيمُكَ و كَرِيمَتُك. قال شمر: و كلُّ شي‏ء يَكْرُمُ عليك فهو كَرِيمُك و كَرِيمَتُك. و الكَرِيمَةُ: الرجل الحَسِيب؛ يقال: هو كَرِيمَة قومه؛ و أَنشد:
و أَرَى كَرِيمَكَ لا كَرِيمَةَ دُونَه،             و أَرى بِلادَكَ مَنْقَعَ الأَجْوادِ «1».

أَراد من يَكْرمُ عليك لا تدَّخر عنه شيئاً يَكْرُم عليك. و أَما
قوله، صلى الله عليه و سلم: خير الناس يومئذ مُؤمن بين كَرِيمَين.
، فقال قائل: هما الجهاد و الحج، و قيل: بين فرسين يغزو عليهما، و قيل: بين أَبوين مؤْمنين كريمين، و قيل: بين أَب مُؤْمن هو أَصله و ابن مؤْمن هو فرعه، فهو بين مؤمنين هما طَرَفاه و هو مؤْمن. و الكَرِيم: الذي كَرَّم نفْسَه عن التَّدَنُّس بشي‏ءٍ من مخالفة ربه. و يقال: هذا رجل كَرَمٌ أَبوه و كَرَمٌ آباؤُه. و
في حديث آخر: أَنه أَكْرَم جرير بن عبد الله لمّا ورد عليه فبَسط له رداءَه و عممه بيده، و قال: إذا أَتاكم كَرِيمَةُ قوم فأَكْرِمُوه.
أي كَرِيمُ قوم و شَريفُهم، و الهاء للمبالغة؛ قال صخر:
أَبى الفَخْرَ أَنِّي قد أَصابُوا كَرِيمَتِي،             و أنْ ليسَ إهْداء الخَنَى مِنْ شِمالِيا

يعني بقوله كَرِيمَتِي أَخاه معاوية بن عمرو. و أَرض مَكْرَمَةٌ «2» و كَرَمٌ: كريمة طيبة، و قيل: هي المَعْدُونة المُثارة، و أَرْضان كَرَم و أَرَضُون كَرَم. و الكَرَمُ: أَرض مثارة مُنَقَّاةٌ من الحجارة؛ قال: و سمعت العرب تقول للبقعة الطيبة التُّربةِ العَذاة المنبِت هذه بُقْعَة مَكْرَمة. الجوهري: أَرض مَكْرَمة للنبات إذا كانت جيدة للنبات. قال الكسائي: المَكْرُمُ المَكْرُمَة، قال: و لم يجئ مَفْعُل للمذكر إلا حرفان نادران لا يُقاس عليهما: مَكْرُمٌ و مَعُون. و قال الفراء: هو جمع مَكْرُمَة و مَعُونة، قال: و عنده أَنَّ مفْعُلًا ليس من أَبنية الكلام، و يقولون للرجل الكَريم مَكْرَمَان إذا وصفوه بالسخاء و سعة الصدر. و في التنزيل العزيز: إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ‏؛ قال بعضهم: معناه حسن ما فيه، ثم بينت ما فيه فقالت: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَ أْتُونِي مُسْلِمِينَ؛ و قيل: أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ‏، عَنَتْ أَنه جاء من عند رجل كريم، و قيل: كِتابٌ كَرِيمٌ‏ أي مَخْتُوم. و قوله تعالى: لا بارِدٍ وَ لا كَرِيمٍ‏؛ قال الفراء: العرب تجعل الكَرِيم تابعاً لكل شي‏ء نَفَتْ عنه فعلًا تَنْوِي به الذَّم. يقال: أَ سَمِين هذا؟ فيقال: ما هو بسَمِين و لا كَرِيم و ما هذه الدار بواسعة و لا كريمة. و قال: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ‏؛ أَي قرآن يُحمد ما فيه من الهُدى و البيان و العلم و الحِكمة.
__________________________________________________
 (1). قوله [منقع الأجواد] كذا بالأَصل و التهذيب، و الذي في التكملة: منقعاً لجوادي، و ضبط الجواد فيها بالضم و هو العطش.
 (2). قوله [و أرض مَكْرَمَة] ضبطت الراء في الأَصل و الصحاح بالفتح و في القاموس بالضم و قال شارحه: هي بالضم و الفتح.

513
لسان العرب12

كرم ص 510

و قوله تعالى: وَ قُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً؛ أَي سهلًا ليِّناً. و قوله تعالى: وَ أَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً؛ أي كثيراً. و قوله تعالى: وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً؛ قالوا: حسَناً و هو الجنة. و قوله: هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَ‏؛ أي فضَّلْت. و قوله: رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ‏؛ أَي العظيم. و قوله: فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ‏؛ أي عظيم مُفْضِل. و الكَرْمُ: شجرة العنب، واحدتها كَرْمَة؛ قال:
إذا مُتُّ فادْفِنِّي إلى جَنْبِ كَرْمَةٍ             تُرَوِّي عِظامي، بَعْدَ مَوْتي، عُرُوقُها

و قيل: الكَرْمة الطاقة الواحدة من الكَرْم، و جمعها كُرُوم. و يقال: هذه البلدة إنما هي كَرْمَة و نخلة، يُعنَى بذلك الكثرة. و تقول العرب: هي أَكثر الأَرض سَمْنة و عَسَلة، قال: و إذا جادَت السماءُ بالقَطْر قيل: كَرَّمَت. و
في حديث أَبي هريرة عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أنه قال: لا تُسَمُّوا العِنب الكَرْم فإنما الكَرْمُ الرجل المسلم.
؛ قال الأَزهري: و تفسير هذا، و الله أَعلم، أن الكَرَمَ الحقيقي هو من صفة الله تعالى، ثم هو من صفة مَنْ آمن به و أَسلم لأَمره، و هو مصدر يُقام مُقام الموصوف فيقال: رجل كَرَمٌ و رجلان كَرَمٌ و رجال كَرَمٌ و امرأَة كَرَمٌ، لا يثنى و لا يجمع و لا يؤَنث لأَنه مصدر أُقيمَ مُقام المنعوت، فخففت العرب الكَرْم، و هم يريدون كَرَم شجرة العنب، لما ذُلِّل من قُطوفه عند اليَنْع و كَثُرَ من خيره في كل حال و أَنه لا شوك فيه يُؤْذي القاطف، فنهى النبي، صلى الله عليه و سلم، عن تسميته بهذا الاسم لأَنه يعتصر منه المسكر المنهي عن شربه، و أَنه يغير عقل شاربه و يورث شربُه العدواة و البَغْضاء و تبذير المال في غير حقه، و قال: الرجل المسلم أَحق بهذه الصفة من هذه الشجرة. قال أَبو بكر: يسمى الكَرْمُ كَرْماً لأَن الخمر المتخذة منه تَحُثُّ على السخاء و الكَرَم و تأْمر بمَكارِم الأَخلاق، فاشتقوا له اسماً من الكَرَم للكرم الذي يتولد منه، فكره النبي، صلى الله عليه و سلم، أن يسمى أَصل الخمر باسم مأْخوذ من الكَرَم و جعل المؤْمن أَوْلى بهذا الاسم الحَسن؛ و أَنشد:
و الخَمْرُ مُشتَقَّةُ المَعْنَى من الكَرَمِ‏

و كذلك سميت الخمر راحاً لأَنَّ شاربها يَرْتاح للعَطاء أَي يَخِفُّ؛ و قال الزمخشري: أَراد أن يقرّر و يسدِّد ما في قوله عز و جل: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ‏
، بطريقة أَنِيقة و مَسْلَكٍ لَطِيف، و ليس الغرض حقيقة النهي عن تسمية العنب كَرْماً، و لكن الإِشارة إلى أَن المسلم التقي جدير بأَن لا يُشارَك فيما سماه الله به؛ و قوله: فإنما الكَرْمُ الرجل المسلم أَي إنما المستحق للاسم المشتقِّ من الكَرَمِ الرَّجلُ المسلم. و
في الحديث: إنَّ الكَرِيمَ ابنَ الكريمِ ابنِ الكريم يُوسُفُ بن يعقوب بن إسحاق.
لأَنه اجتمع له شَرَف النبوة و العِلم و الجَمال و العِفَّة و كَرَم الأَخلاق و العَدل و رِياسة الدنيا و الدين، فهو نبيٌّ ابن نبيّ ابن نبيٍّ ابن نبي رابع أربعة في النبوة. و يقال للكَرْم: الجَفْنةُ و الحَبَلةُ و الزَّرَجُون. و قوله‏
في حديث الزكاة: و اتَّقِ كَرَائِمَ أَموالهم.
أي نَفائِسها التي تتعلَّق بها نفْسُ مالكها، و يَخْتَصُّها لها حيث هي جامعة للكمال المُمكِن في حقّها، و واحدتها كَرِيمة؛ و منه‏
الحديث: و غَزْوٌ تُنْفَقُ فيه الكَرِيمَةُ.
أي العزيزة على صاحبها. و الكَرْمُ: القِلادة من الذهب و الفضة، و قيل: الكَرْم نوع من الصِّياغة التي تُصاغُ في المَخانِق، و جمعه كُرُوم؛ قال:
تُباهِي بصَوْغ من كُرُوم و فضَّة

يقال: رأَيت في عُنُقها كَرْماً حسناً من لؤلؤٍ؛

514
لسان العرب12

كرم ص 510

قال الشاعر:
و نَحْراً عَليْه الدُّر تُزْهِي كُرُومُه             تَرائبَ لا شُقْراً، يُعَبْنَ، و لا كُهْبا

و أَنشد ابن بري لجرير:
لقَدْ وَلَدَتْ غَسّانَ ثالِبةُ الشَّوَى،             عَدُوسُ السُّرَى لا يَقْبَلُ الكَرْمَ جِيدُها

ثالبة الشوء: مشققة القدمين؛ و أَنشد أَيضاً له في أُم البَعِيث:
إذا هَبَطَتْ جَوَّ المَراغِ فعَرَّسَتْ             طُرُوقاً، و أَطرافُ التَّوادي كُرُومُها

و الكَرْمُ: ضَرْب من الحُلِيِّ و هو قِلادة من فِضة تَلْبَسها نساء العرب. و قال ابن السكيت: الكَرْم شي‏ء يُصاغ من فضة يُلبس في القلائد؛ و أَنشد غيره تقوية لهذا:
فيا أَيُّها الظَّبْيُ المُحَلَّى لَبانُه             بكَرْمَيْنِ: كَرْمَيْ فِضّةٍ و فَرِيدِ

و قال آخر:
تُباهِي بِصَوغٍ منْ كُرُومٍ و فِضّةٍ،             مُعَطَّفَة يَكْسونَها قَصَباً خَدْلا

و
في حديث أُم زرع: كَرِيم الخِلِّ لا تُخادِنُ أَحداً في السِّرِّ.
؛ أَطْلَقَت كَرِيماً على المرأَة و لم تقُل كرِيمة الخلّ ذهاباً به إلى الشخص. و
في الحديث: و لا يُجلس على تَكْرِمَتِه إلا بإذنه.
؛ التَّكْرِمَةُ: الموضع الخاصُّ لجلوس الرجل من فراش أو سَرِير مما يُعدّ لإِكرامه، و هي تَفْعِلة من الكرامة. و الكَرْمَةُ: رأْس الفخذ المستدير كأَنه جَوْزة و موضعها الذي تدور فيه من الوَرِك القَلْتُ؛ و قال في صفة فرس:
أُمِرَّتْ عُزَيْزاه، و نِيطَتْ كُرُومُه             إلى كَفَلٍ رابٍ و صُلْبٍ مُوَثَّقِ‏

و كَرَّمَ المَطَرُ و كُرِّم: كَثُرَ ماؤه؛ قال أَبو ذؤَيب يصف سحاباً:
وَهَى خَرْجُه و اسْتُجِيلَ الرَّبابُ             مِنْه، و كُرِّمَ ماءً صَرِيحا

و رواه بعضهم:
... و غُرِّم ماء صَرِيحا

؛ قال أَبو حنيفة: زعم بعض الرواة أن غُرِّم خطأ و إنما هو و كُرِّم ماء صَريحا؛ و قال أَيضاً: يقال للسحاب إذا جاد بمائه كُرِّم، و الناس على غُرِّم، و هو أشبه بقوله: وَهَى خَرْجُه. الجوهري: كَرُمَ السَّحابُ إذا جاء بالغيث. و الكَرَامَةُ: الطَّبَق الذي يوضع على رأْس الحُبّ و القِدْر. و يقال: حَمَلَ إليه الكرامةَ، و هو مثل النُّزُل، قال: و سأَلت عنه في البادية فلم يُعرف. و كَرْمان و كِرْمان: موضع بفارس؛ قال ابن بري: و كَرْمَانُ اسم بلد، بفتح الكاف، و قد أُولِعت العامة بكسرها، قال: و قد كسرها الجوهري في فصل رحب فقال يَحكي قول نَصر بن سَيَّار: أَ رَحُبَكُمُ الدُّخولُ في طاعة الكِرْمَانيّ؟ و الكَرْمةُ: موضع أيضاً؛ قال ابن سيدة: فأَما قول أَبي خِراش:
و أَيْقَنْتُ أَنَّ الجُودَ مِنْكَ سَجِيَّةٌ،             و ما عِشْتُ عَيْشاً مثْلَ عَيْشِكَ بالكَرْمِ‏

قيل: أَراد الكَرْمة فجمعها بما حولها؛ قال ابن جني: و هذا بعيد لأَن مثل هذا إنما يسوغ في الأَجناس المخلوقات نحو بُسْرَة و بُسْر لا في الأَعلام، و لكنه حذف الهاء للضرورة و أَجْراه مُجْرى ما لا هاء فيه؛ التهذيب: قال أَبو ذؤيب «3» في الكُرْم:
__________________________________________________
 (3). قوله [أبو ذؤيب إلخ‏] انفرد الأزهري بنسبة البيت لأبي ذؤيب، إذ الذي في معجم ياقوت و المحكم و التكملة أنه لأبي خراش.

515
لسان العرب12

كرم ص 510

و أَيقنتُ أَن الجود منك سجية،             و ما عشتُ عيشاً مثل عيشكَ بالكُرْم‏

قال: أَراد بالكُرْمِ الكَرامة. ابن شميل: يقال كَرُمَتْ أَرضُ فلان العامَ، و ذلك إذا سَرْقَنَها فزكا نبتها. قال: و لا يَكْرُم الحَب حتى يكون كثير العَصْف يعني التِّبْن و الورق. و الكُرْمةُ: مُنْقَطَع اليمامة في الدَّهناء؛ عن ابن الأَعرابي.
كرتم:
الكِرْتِيمُ: الفَأْس العَظيمة لها رأْس واحد، و قيل: هي نحو المِطْرقة. و الكُرْتُوم: الصَّفا من الحجارة، و حَرَّةُ بني عُذرة تُدعَى كُرْتُوم؛ و أَنشد:
أَسْقاكِ كلُّ رائِحٍ هَزِيمِ،             يَتْرُكُ سَيْلًا جارِحَ الكُلُومِ،
و ناقِعاً بالصَّفْصَفِ الكُرْتُومِ‏

كردم:
الكَرْدَمُ و الكُرْدُوم: الرجل القصير الضَّخم. و الكَرْدَمَةُ: عَدْوُ القَصير. و كَرْدَمَ الحِمارُ و كَرْدَحَ إذا عَدا على جنب واحد. و الكَرْدَمَة: الشدّ المتثاقل، و قيل: هو دُوَيْن الكَرْدَحَة و هي الإِسراع. و تَكَرْدَمَ في مِشْيته: عدا مِن فَزَع. و الكَرْدَمَة: عَدْوُ البغل، و قيل الإِسراع. الأَزهري: الكَرْمحة و الكرْبَحة في العَدْو دون الكَرْدَمَة و لا يُكَرْدِم إلا الحمار و البغل. ابن الأَعرابي: الكَرْدَم الشجاع؛ و أَنشد:
و لو رَآهُ كَرْدَمٌ لكَرْدَما

أي لهرب. و يقال: كَرْدَمْتُ القَومَ إذا جمعتَهم و عَبَّأْتَهم فهم مُكَرْدَمون؛ قال:
إذا فَزِعُوا يَسْعَى إلى الرَّوْعِ مِنْهُمُ،             بِجُرْدِ القَنا، سَبْعون أَلفاً مُكَرْدَما

قال: و قول ابن عتاب تسعون ألفاً مُكَرْدَما أي مُجْتمِعاً. و كَرْدَمَ الرجلُ إذا عَدا فأَمْعَن، و هي الكَرْدَمة. و المُكَرْدِمُ: النَّفُور. و المُكَرْدِم أَيضاً: المُتَذَلِّل المُتَصاغر. و قال المبرد: كَرْدَمَ ضَرط؛ و أَنشد:
و لَو رَآنا كردمٌ لكردما،             كَرْدَمةَ العَيْرِ أَحَسَّ ضَيْغَما

و كَرْدَم: اسم رجل؛ و أَنشد ابن بري لشاعر:
و لما رأَيْنا أَنه عاتِمُ القِرَى             بَخيلٌ، ذَكَرْنا لَيْلَة الهَضْب كَرْدَما

كرزم:
رجل مُكَرْزَم: قصير مُجْتَمِع. قال ابن بري: الكَرْزَمُ القَصير الأَنف؛ قال خليد اليشكري:
فتِلْكَ لا تُشبِه أُخْرَى صِلْقِما             صَهْصَلِقَ الصَّوْتِ دَرُوجاً كَرْزَما

و الكَرْزَم: فأْس مَفْلُولة الحدّ، و قيل: التي لها حدّ كالكَرْزَنِ، و هي الكِرْزِيمُ أَيضاً؛ عن أَبي حنيفة؛ و أَنشد:
ما ذا يَرِيبُكَ من خِلّ عَلِقْتُ به؟             إنَّ الدُّهُورَ عَلَينا ذاتُ كِرْزِيمِ «1».

أي تَنْحَتُنا بالنَّوائب و الهُموم كما يُنْحت الخشب بهذه القَدُوم، و الجمع الكَرازِم، و قيل: هو الكَرْزَن؛ و قال جرير في الكَرازِم الفُؤوس يهجو الفرزدق:
عَنِيفٌ بِهَزِّ السيفِ قَيْنُ مُجاشِعٍ،             رفِيقٌ بِأخْراتِ الفُؤوس الكَرازِم‏

و أنشد الجوهري لجرير:
و أَوْرَثَكَ القَيْنُ العَلاةَ و مِرْجَلًا،             و تَقْوِيمَ إصْلاحِ الفُؤوس الكَرازِمِ «2».

__________________________________________________
 (1). قوله [من خل‏] في التكملة و الأزهري: من خلم أي بالكسر أَيضاً و هو الصديق.
 (2). قوله‏
[و تقويم إصلاح الفؤوس ...]

كذا بالأَصل، و الذي في ديوان جرير و في الصحاح للجوهري:
و إصلاح أخرات الفؤوس.

 

516
لسان العرب12

كرزم ص 516

و الكَرْزَمُ و الكَرْزَنُ: الفأْس. و الكِرْزِم: الشدّة من شدائد الدهر، و هي الكَرَازِم على القياس، و يحتمل أن يكون قوله:
إن الدهور علينا ذات كِرْزِيم‏


أَراد به الشدة، فكَرَازِيمُ إذاً جمع على القياس. و الكَرْزَمَةُ: أَكل نِصف النهار. قال ابن الأَعرابي: لم أَسمعه لغير الليث. و كَرْزَمٌ: اسم. قال الأَزهري: و سمعت العرب تقول للرجل القصير كَرْزَم، يصغر كُرَيْزِماً. ابن الأَعرابي: الكَرْزَمُ الكثير «1» الأَكل.
كرشم:
الكَرْشَمَةُ: الأَرض الغليظة. و قَبَّحَ اللهُ كَرْشَمَتَه أَي وجهه. و الكُرْشُوم: القَبِيح الوجه. و كِرْشِم: اسم رجل، و هو مذكور في موضعه، لأَن يعقوب زعم أن ميمه زائدة اشتقه من الكَرِش.
كركم:
الكُرْكُمُ: نَبْت. و ثَوب مُكَرْكَمٌ: مَصبوغ بالكُرْكُم، و هو شبيه بالوَرْس، قال: و الكُرْكُم تسميه العرب الزَّعْفَران؛ و أَنشد:
قامَ على المَركُوِّ ساقٍ يُفْعِمُهْ،             يَرُدُّ فيه سُؤْرَه و يَثْلِمُهْ‏
مُخْتَلِطاً عِشْرِقُه و كُرْكُمُهْ،             فَرِيحُه يَدْعُو على مَنْ يَظْلِمُهْ‏

يصف عروساً ضعُف عن السقي فاستعان بعِرْسِه. و
في الحديث: فعادَ لَوْنُه كأَنه كُرْكُمة.
، قال الليث: هو الزعفران. قال: و الكُرْكُمَانِيُّ دواء منسوب إلى الكُرْكُم و هو نَبْت شبيه بالكَمُّون يُخْلَط بالأَدْوِية؛ و توهَّم الشاعر أَنه الكمون فقال:
غَيْباً أُرَجِّيهِ ظُنونَ الأَظْننِ             أَمانيَ الكُرْكُمِ، إذْ قال اسْقِني‏

و هذا كما تقول أَماني الكمون. ابن سيدة: و الكركم الزعفران، القطعة منه كُرْكُمة، بالضم، و به سمي دَواء الكركم، و قيل: هو فارسي؛ أَنشد أَبو حنيفة للبَعِيث يصف قَطاً:
سَماوِيّةٌ كدْرٌ، كأَنَّ عُيونها             يُذافُ بِه وَرْسٌ حَدِيثٌ و كُرْكُمُ‏

قال ابن بري: و قال ابن حمزة الكُرْكُم عُروق صفر معروفة و ليس من أَسماء الزعفران؛ و قال الأَغلب:
فبَصُرَتْ بِعَزَبٍ مُلَوَّمِ،             فأَخَذَتْ من رادِنٍ و كُرْكُمِ‏

و
في الحديث: بينا هو و جبريل يَتَحادثانِ تغَيَّر وجه جبريل حتى عاد كأَنه كُرْكُمَة.
؛ قال ابن الأَثير: هي واحدة الكُرْكُم و هو الزعفران، و قيل: العصفر، و قيل: شي‏ء كالورس، و هو فارسي معرب، قال الزمخشري: الميم مزيدة لقولهم للأَحمر كُرْكٌ.
في الحديث حين ذكر سعد بن معاذ: فَعادَ و لونُه كالكُرْكُمة.
، و زعم السيرافي أَن الكُرْكُم و الكُرْكُمان الرِّزْقُ بالفارسية؛ و أَنشد:
كُلُّ امرِئٍ مُشَمِّرٌ لِشانِه،             لِرِزْقِه الغادِي و كُرْكُمَانِه‏

و بيت الاستشهاد في التهذيب:
رَيْحانه الغادي و كُرْكُمَانه‏

قال الأَزهري: و رأَيت في نسخة الكُرْكُم اسم العِلْك.
كزم:
كَزِمَ الرجُل كَزَماً، فهو كَزِمٌ: هاب التقَدُّمَ على الشي‏ء ما كان. و في النوادر: أَكْزَمْتُ عن الطعام و أَقْهَمْتُ و أَزْهَمْت إذا أكثر منه حتى لا يشتهي أَن يعود فيه. و رجل كَزْمان و زَهْمان‏
__________________________________________________
 (1). قوله [الكَرْزَمُ الكثير إلخ‏] هكذا ضبط في التكملة و التهذيب و ضبطه المجد بالضم.

517
لسان العرب12

كزم ص 517

و قَهْمان و دَقْيان. و الكَزَمُ: قِصَر في الأَنف قبيح و قصر في الأَصابع شديد. و الكَزَمُ في الأُذن و الأَنف و الشفة و اللَّحْي و اليد و الفم و القدم: القِصَرُ و التَّقَلُّص و الاجتماع. تقول: أَنْفٌ أَكْزَمُ و يد كَزْماء. و العرب تقول للرجل البخيل: أَكْزَمُ اليدِ، و قد كَزَّمَ العَملُ و القُرُّ بنانَه؛ قال أَبو المُثَلَّمِ:
بها يَدَعُ القُرُّ البنَانَ مُكَزَّماً،             و كان أَسِيلًا قَبْلَها لم يُكَزَّمِ‏

مُكَزَّم: مُقَفَّع. و رجل أَكْزَمُ الأَنف: قصيره، و قيل: لا يكون الكَزَمُ قِصَر الأُذن إلا من الخيل، و قيل: الكَزَمُ قصر الأَنف كله و انفتاح المَنْخِرَيْنِ. و الكَزَمُ: خروج الذقن مع الشفة السفلى و دخول الشفة العليا، كَزِمَ كَزَماً و هو أَكْزَم. و يقال كَزَمَ فلان يَكْزِمُ كَزْماً إذا ضم فاه و سكت، فإن ضم فاه عن الطعام قيل: أَزَمَ يأْزِمُ. و وصف عون بن عبد الله رجلًا يُذَمّ فقال: إن أُفِيضَ في الخير كَزَمَ و ضَعُف و اسْتَسْلَم أي إن تكلم الناس في خير سكت فلم يُفِض معهم فيه كأَنه ضم فاه فلم يَنطِق. و يقال: كَزَمَ الشي‏ءَ الصُّلْبَ كَزْماً إذا عضه عضّاً شديداً. و كَزَمَ الشي‏ءَ يَكْزِمُه كَزْماً: كسره بمقدّم فيه. الجوهري: كَزَمَ شيئاً بمقدم فيه أي كسره و استخرج ما فيه ليأْكله. و الكَزَمُ: غِلَظُ الجَحْفلة و قصرها. يقال: فرس أَكْزَمُ بيِّن الكَزَم. و العَيْرُ يَكْزِمُ من الحَدَج: يكسر فيأْكل. و
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم: أنه كان يتعوذ من الكَزَم و القَزَمِ.
؛ فالكَزَمُ، بالتحريك: شدة الأَكل، و المصدر ساكن من قولك كَزَمَ فلان الشي‏ء بفيه كَزْماً إذا كسره، و الاسم الكَزَمُ. و قد كَزَمَ الشي‏ء بفيه يَكْزِمُه كَزْماً إذا كسره و ضمّ فمه عليه، و قيل: الكَزَمُ البخل. يقال: هو أَكْزَمُ البنانِ أي قصيرها، كما يقال جَعْدُ الكَفِّ. ابن الأَعرابي: الكَزَمُ أن يريد الرجل الصدقة و المعروف فلا يَقْدِر على دينار و لا درهم. و
في حديث علي في صفة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم: لم يكن بالكَزِّ و لا المُنْكَزِم.
؛ فالكَزُّ: المُعَبِّس في وجوه السائلين، و المُنْكَزِم: الصغيرُ الكفّ الصغير القَدَم؛ و قولُ ساعِدةَ بن جُؤيَّةَ:
أُتِيحَ لها شَثْنُ البَنانِ مُكَزَّمٌ،             أَخُو حُزَنٍ قد وقَّرَتْه كُلُومُها

عنى بالمُكَزَّم الذي أَكلت أَظفارَه الصخْرُ. و الكَزُوم من الإِبل: الهَرِمة من النوق التي لم يبق في فيها ناب، و قيل: و لا سن من الهَرَم، نعت لها خاصة دون البعير. و يقال: من يشتري ناقة كَزوُماً، و قيل: هي المسنَّة فقط؛ قال الشاعر:
لا قَرَّبَ اللهُ محَلَّ الفَيْلَمِ،             و الدِّلقِمِ النابِ الكَزُومِ الضِّرْزِم‏

و كُزَيْم و كُزْمان: اسمان.
كسم:
ابن الأَعرابي: الكَسْمُ الكَدُّ على العيال من حرام أَو حلال، و قال: كَسَمَ و كَسَبَ واحد. و الكَسْم: البَقية تَبْقى في يدك من الشي‏ء اليابس. و الكَسْمُ: فَتُّك الشي‏ء بيدك و لا يكون إلا من شي‏ء يابس، كَسَمَه يَكْسِمُه كَسْماً؛ و قول الشاعر:
و حامِل القِدْر أَبو يَكْسُوم‏


يقال: جاء يَحْمِل القِدْر إذا جاء بالشر. و الكَيْسُوم: الكثير من الحشيش، و لُمْعة أُكْسُوم و كَيْسُوم؛ أَنشد أبو حنيفة:
باتَتْ تُعَشَّى الحَمْضَ بالقَصِيمِ،             و مِنْ حَليّ وَسْطَه كَيْسُومِ‏

الأَصمعي: الأَكَاسِمُ اللُّمَعُ من النبت المتراكبة.

518
لسان العرب12

كسم ص 518

يقال: لُمْعةٌ أُكْسُومٌ أَي مُتراكِمة؛ و أَنشد:
أَكَاسِماً للِطَّرْفِ فيها مُتَّسَعْ،             و لِلأَيُولِ الآيلِ الطَّبّ فَنَعْ‏

و قال غيره: روضة أُكْسُومٌ و يَكْسُوم أَي نَدِيَّة كثيرة، و أَبو يَكْسُوم من ذلك: صاحب الفيل؛ قال لبيد:
لو كان حَيٌّ في الحياة مُخَلَّداً،             في الدَّهْر، أَلْفاه أَبو يَكْسُوم‏

و كَيْسُوم، فَيْعُول: منه. و خَيْل أَكَاسِمُ أَي كثيرة يكاد يركب بعضها بعضاً. وَ كَيْسَمٌ: أَبو بطن من العرب مشتق من ذلك. و كَيْسُومٌ: اسم و هو أَيضاً موضع، مُعَرَّب. و يَكْسُوم: اسم أَعجمي. و يَكْسُوم: موضع.
كسعم:
الكُعْسُوم: الحِمار، بالحِمْيرية. و يقال: بل الكُسْعُوم، و الأَصل فيه الكُسْعة، و الميم زائدة، و جمع الكُسْعُوم كَسَاعِيم، سميت كُسْعُوماً لأَنها تُكْسَع مِن خَلْفِها.
كشم:
كَشَمَ أَنفَه: دَقَّه؛ عن اللحياني. و كَشَمَ أَنفَه يَكْشِمُهُ كَشْماً: جَدَعه. و الكَشْم: قَطْع الأَنف باستئصال. و أَنْفٌ أَكْشَم و كَشِمٌ: مقطوع من أصله، و قد كَشِمَ كَشَماً. و حَنَكٌ أَكْشَم: كالأَكَسِّ. و أُذُنٌ كَشْمَاء: لم يُبِنِ القطعُ منها شيئاً، و هي كالصَّلْماء، و الاسم الكَشْمَة «2». و الكَشَم: نقصان الخَلْق و الحَسَب. و الأَكْشَم: الناقص الخَلْق، و رجل أَكْشَم بَيِّن الكَشَم، و قد يكون ذلك النقصان أَيضاً في الحَسَب. ابن سيدة: الأَكْشَم الناقص في جسمه و حَسَبه؛ قال حسان بن ثابت يهجو ابنه الذي كان من الأَسلمية:
غلامٌ أتاه اللُّؤم مِنْ نَحْوِ خاله،             له جانبٌ وافٍ و آخَرُ أَكْشَمُ‏

أي أَبوه حُرٌّ و أُمُّه أَمَة، فقالت امرأَته تناقضه:
غلام أَتاه اللُّؤمُ من نَحْو عَمِّه،             و أَفضَلُ أَعْراقِ ابْنِ حَسَّانَ أَسْلَمُ‏

و كَشَمَ القِثَّاءَ و الجَزَر: أَكله أَكلًا عنيفاً. و الكَشْمُ: اسم الفَهْد، و روى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه قال: الأَكْشَم الفَهْد، و الأُنثى كَشْمَاء، و الجمع كُشْمٌ. و كَيْشَم: اسم.
كصم:
الكَصْمُ: العَضُّ. و كَصَمَه كَصْماً: دفَعه بشدّة أَو ضربه بيده. و كَصَمَ يَكْصِمُ «3» كَصْماً: نَكَص و ولَّى مدبراً؛ و أَنشد بعض الرواة لعَدِيّ:
و أَمَرْناهُ به من بَيْنِها،             بَعْدَ ما انْصاعَ مُصِرّاً أو كَصَمْ‏

أي دَفَع بشدّة، و قيل: عَضَّ، و قيل: نكص. قال أبو نصر: كَصَمَ كُصُوماً إذا وَلَّى و أَدبرَ. و روى أَبو تراب عن أبي سعيد: قَصَم راجعاً و كَصَمَ راجعاً إذا رجع من حيث شاء و لم يتِمَّ إلى حيث قَصَد، و أَنشد بيت عديّ. و المُكَاصَمَة: كناية عن النكاح، و الله أَعلم.
كظم:
الليث: كَظَمَ الرَّجُلُ غيظَه إذا اجترعه. كَظَمَه يَكْظِمُه كَظْماً: ردَّه و حبَسَه، فهو رجل كَظِيمٌ، و الغيظ مَكْظُوم. و في التنزيل العزيز: وَ الْكاظِمِينَ الْغَيْظَ؛ فسره ثعلب فقال: يعني الحابسين الغيظ لا يُجازُون عليه، و قال الزجاج: معناه أُعِدَّتِ الجنة للذين جرى ذكرهم و للذين يَكْظِمُون الغيظ. و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أنه قال: ما
__________________________________________________
 (2). قوله [و الاسم الكَشْمَة] كذا ضبط في الأَصل، و بالتحريك ضبط في المحكم.
 (3). قوله [و كَصَمَ يَكْصِمُ‏] ضبط في الأَصل كما ترى فهو من باب ضرب و أطلق في القاموس.

519
لسان العرب12

كظم ص 519

من جُرْعة يَتَجَرَّعُها الإِنسان أَعظم أَجراً من جُرْعة غيظ في الله عز و جل.
و يقال: كَظَمْت الغيظ أَكْظِمُه كَظْماً إذا أَمسكت على ما في نفسك منه. و
في الحديث: من كَظَمَ غيظاً فله كذا و كذا.
؛ كَظْمُ الغيظ: تجرُّعُه و احتمال سببه و الصبر عليه. و
في الحديث: إذا تثاءب أَحدكم فليَكْظِمْ ما استطاع.
أي ليحبسْه مهما أَمكنه. و منه‏
حديث عبد المطلب: له فَخْرٌ يَكْظِم عليه.
أي لا يُبْديه و يظهره، و هو حَسَبُه. و يقال: كَظَمَ البعيرُ على جِرَّته إذا ردَّدها في حلقه. و كَظَمَ البعيرُ يَكْظِمُ كُظُوماً إذا أَمسك عن الجِرّة، فهو كَاظِمٌ. و كَظَمَ البعيرُ إذا لم يَجْتَرَّ؛ قال الراعي:
فأَفَضْنَ بعد كُظومِهِنَّ بِجِرَّةٍ             مِنْ ذي الأَبارِقِ، إذ رَعَيْنَ حَقِيلا

ابن الأَنباري في قوله:
فأَفضن بعد كُظُومِهِنَّ بجِرّة

أي دفعت الإِبل بجرتّها بعد كظومها، قال: و الكَاظِم منها العطشان اليابس الجوف، قال: و الأَصل في الكَظْم الإِمساك على غيظ و غمّ، و الجِرَّة ما تخرجه من كروشها فتَجْتَرُّ، و قوله:
من ذي الأَبارق ...

معناه أن هذه الجِرّة أَصلها ما رعت بهذا الموضع، و حَقِيل: اسم موضع. ابن سيدة: كَظَمَ البعير جِرَّته ازْذَرَدَها و كفّ عن الاجترار. و ناقة كَظُوم و نوق كُظُوم: لا تجتَرُّ، كَظَمَتْ تَكْظِمُ كُظُوماً، و إبل كُظُوم. تقول: أرى الإِبل كُظُوماً لا تجترّ؛ قال ابن بري: شاهد الكُظُوم جمع كَاظِم قول المِلْقَطي:
فهُنَّ كُظُومٌ ما يُفِضْنَ بجِرَّةٍ،             لَهُنَّ بمُسْتَنِّ اللُّغام صَرِيف‏

و الكَظَم: مَخْرَج النفس. يقال: كَظَمَنِي فلان و أَخذ بكَظَمِي. أَبو زيد: يقال أَخذت بكِظام الأَمر أي بالثقة، و أَخذ بكَظَمِهِ أي بحلقه؛ عن ابن الأَعرابي. و يقال: أَخذت بكَظَمِهِ أي بمَخْرجَ نَفَسه، و الجمع كِظَام. و
في الحديث: لعلَّ الله يصلح أَمر هذه الأُمة و لا يؤخذ بأَكْظَامها.
؛ هي جمع كَظَم، بالتحريك، و هو مخرج النفَس من الحلق؛ و منه‏
حديث النخعي: له التوبة ما لم يؤخذ بكَظَمِهِ.
أي عند خروج نفْسه و انقطاع نَفَسه. و أَخَذَ الأَمرُ بكَظَمِه إذا غمَّه؛ و قول أَبي خِراش:
و كلُّ امرئ يوماً إلى الله صائر             قضاءً، إذا ما كان يؤخذ بالكَظْم‏

أَراد الكَظَم فاضطرّ، و قد دفع ذلك سيبويه فقال: أ لا ترى أَن الذين يقولون في فَخِذ فَخْذ و في كَبِد كَبْد لا يقولون في جَمَل جَمْل؟ و رجل مَكْظُومٌ و كَظِيمٌ: مكروب قد أَخذ الغمُّ بكَظَمه. و في التنزيل العزيز: ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَ هُوَ كَظِيمٌ*. و الكُظُوم: السُّكوت. و قوم كُظَّمٌ أي ساكنون؛ قال العجاج:
و رَبِّ أَسرابِ حَجِيجٍ كُظَّمِ             عنِ اللَّغا، و رَفَثِ التَّكَلُّمِ‏

و قد كُظِمَ و كَظَمَ على غيظه يَكْظِمُ كَظْماً، فهو كَاظِمٌ و كَظِيم: سكت. و فلان لا يَكْظِمُ على جِرَّتِه أي لا يسكت على ما في جوفه حتى يتكلم به؛ و قول زياد بن عُلْبة الهذلي:
كَظِيمَ الحَجْلِ واضِحةَ المُحَيَّا،             عَديلةَ حُسْنِ خَلْقٍ في تَمامِ‏

عَنى أَنَّ خَلخالها لا يُسْمع له صوت لامتلائه. و الكَظِيمُ: غَلَق الباب. و كَظَمَ البابَ يَكْظِمُهُ كَظْماً: قام عليه فأَغلقَه بنفسه أو بغير نفسه. و في التهذيب: كَظَمْتُ البابَ أَكْظِمُهُ إذا قُمت عليه‏

520
لسان العرب12

كظم ص 519

فسددته بنفسك أو سددته بشي‏ء غيرك. و كلُّ ما سُدَّ من مَجْرى ماء أو باب أو طَريق كَظْمٌ، كأَنه سمي بالمصدر. و الكِظَامَةُ و السِّدادةُ: ما سُدَّ به. و الكِظَامَةُ: القَناة التي تكون في حوائط الأَعناب، و قيل: الكِظَامَة رَكايا الكَرْم و قد أَفضى بعضُها إلى بعض و تَناسقَت كأنها نهر. و كَظَمُوا الكِظَامَة: جَدَروها بجَدْرَين، و الجَدْر طِين حافَتِها، و قيل: الكِظَامَة بئر إلى جنبها بئر، و بينهما مجرى في بطن الوادي، و في المحكم: بطن الأَرض أينما كانت، و هي الكَظِيمَة. غيره: و الكِظَامَة قَناة في باطن الأَرض يجري فيها الماء. و
في الحديث: أن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَتى كِظَامَةَ قوم فتوضَّأَ منها و مسَح على خُفَّيْه.
؛ الكِظَامَةُ: كالقَناة، و جمعها كَظَائِم. قال أَبو عبيدة: سأَلت الأَصمعي عنها و أهل العلم من أَهل الحجاز فقالوا: هي آبار متناسقة تُحْفَر و يُباعَد ما بينها، ثم يُخْرق ما بين كل بئرين بقناة تؤَدِّي الماء من الأُولى إلى التي تليها تحت الأَرض فتجتمع مياهها جارية، ثم تخرج عند منتهاها فتَسِحُّ على وجه الأَرض، و في التهذيب: حتى يجتمع الماء إلى آخرهن، و إنما ذلك من عَوَزِ الماء ليبقى في كل بئر ما يحتاج إليه أَهلُها للشرب و سَقْيِ الأَرض، ثم يخرج فضلها إلى التي تليها، فهذا معروف عند أهل الحجاز، و قيل: الكِظَامَةُ السِقاية. و
في حديث عبد الله بن عَمْرو: إذا رأَيت مكة قد بُعِجَتْ كَظَائِمَ و ساوى بِناؤُها رؤوسَ الجبال فاعلم أن الأَمر قد أَظَلَّك.
؛ و قال أَبو إسحق: هي الكَظِيمَة و الكِظَامَةُ معناه أي حُفِرت قَنَوات. و
في حديث آخر: أنه أَتى كِظَامَةَ قوم فبال.
؛ قال ابن الأَثير: و قيل أَراد بالكِظَامَة في هذا الحديث الكُناسة. و الكِظَامَةُ من المرأة: مخرج البول. و الكِظَامَةُ: فَمُ الوادي الذي يخرج منه الماء؛ حكاه ثعلب. و الكِظَامَةُ: أَعلى الوادي بحيث ينقطع و الكِظَامَةُ: سير يُوصَل بطرَف القَوْس العربية ثم يُدار بطرَف السِّيةِ العُليا. و الكِظَامَة: سير مَضفْور موصول بوتر القوس العربية ثم يدار بطرف السية. و الكِظَامَة: حبل يَكْظِمُون به خَطْمَ البعير. و الكِظَامَةُ: العَقَب الذي على رؤُوس القُذَذ العليا من السهم، و قيل: ما يلي حَقْو السَّهم، و هو مُسْتَدَقُّه مما يلي الرِّيش، و قيل: هو موضع الريش؛ و أَنشد ابن بري لشاعر:
تَشُدُّ على حَزّ الكِظَامَة بالكُظْر «1».

و قال أَبو حنيفة: الكِظَامَة العَقَبُ الذي يُدْرَج على أَذناب الريش يَضْبِطها على أَيِّ نَحوٍ ما كان التركيب، كلاهما عبر فيه بلفظ الواحد عن الجمع. و الكِظَامَةُ: حبْل يُشدُّ به أَنف البعير، و قد كَظَمُوه بها. و كِظَامُةُ المِيزان: مسمارُه الذي يدور فيه اللسان، و قيل: هي الحلقة التي يجتمع فيها خيوط الميزان في طَرَفي الحديدة من الميزان. و كَاظِمَةُ مَعرفة: موضع؛ قال إمرؤُ القيس:
إذْ هُنَّ أَقساطٌ كَرِجْلِ الدَّبى،             أَو كَقَطا كَاظِمَةَ النّاهِلِ‏

و قول الفرزدق:
فَيا لَيْتَ دارِي بالمدِينة أَصْبَحَتْ             بأَعفارِ فَلْجٍ، أو بسِيفِ الكَوَاظِمِ‏

فإنه أَراد كَاظِمَةَ و ما حَولها فجمع لذلك. الأَزهري: و كَاظِمَةُ جَوٌّ على سِيفِ البحر من البصرة على مرحلتين، و فيها رَكايا كثيرة و ماؤُها شَرُوب؛ قال: و أَنشدني‏
__________________________________________________
 (1). قوله [بالكظر] كذا ضبط في الأَصل، و الذي في القاموس: الكظر بالضم محز القوس تقع فيه حلقة الوتر، و الكظر بالكسر عقبة تشد في أصل فوق السهم.

521
لسان العرب12

كظم ص 519

أَعرابي من بني كُلَيْب بن يَرْبوع:
ضَمنْت لَكُنَّ أَن تَهْجُرْن نَجْداً،             و أَن تَسْكُنَّ كَاظِمَةَ البُحورِ

و في بعض الحديث ذكر كَاظِمَة، و هو اسم موضع، و قيل: بئر عُرِف الموضع بها.
كعم:
الكِعامُ: شي‏ء يُجعل على فم البعير. كَعَمَ البعير يَكْعَمُه كَعْماً، فهو مَكْعُوم و كَعِيم: شدَّ فاه، و قيل: شدَّ فاه في هِياجه لئلا يَعَضَّ أَو يأْكل. و الكِعَامُ: ما كَعَمَه به، و الجمع كُعُمٌ. و
في الحديث: دخل إخوةُ يوسف، عليهم السلام، مصر و قد كَعَمُوا أَفواهَ إبلهم.
و
في حديث علي، رضي الله عنه: فهم بين خائفٍ مَقْمُوع و ساكت مَكْعُوم.
؛ قال ابن بري: و قد يجعل على فم الكلب لئلا ينبح؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
مَرَرْنا عليه و هْوَ يَكْعَمُ كَلْبَه؛             دَعِ الكَلبَ يَنبَحْ، إنما الكلبُ نابحُ‏

و قال آخر:
و تَكْعَمُ كلبَ الحيِّ مِن خَشْيةِ القِرى،             و نارُكَ كالعَذْراء مِن دونها سِتْرُ

و كَعَمَه الخوفُ: أمسك فاه، على المثَل؛ قال ذو الرمة:
بَيْنَ الرَّجا و الرجا مِن جَنْبِ واصِيةٍ             يَهْماءُ، خابِطُها بالخَوْفِ مَكْعُومُ‏

و هذا على المثل؛ يقول: قد سَدّ الخوف فمَه فمنعه من الكلام. و المُكَاعَمَةُ: التقْبيل. و كَعَمَ المرأَةَ يَكْعَمُها كَعْماً و كُعُوماً: قَبَّلها، و كذلك كَاعَمَها. و
في الحديث: أنه، صلى الله عليه و سلم، نَهى عن المُكاعَمَة و المُكامَعةِ.
؛ و المُكَاعَمَة: هو أن يَلْثِمَ الرجلُ صاحَبَه و يَضَع فمَه على فَمِه كالتقبيل، أُخِذَ من كَعْمِ البعير فجعل النبي، صلى الله عليه و سلم، لَثْمه إياه بمنزلة الكِعام، و المُكاعَمة مُفاعلة منه. و الكِعْمُ: وِعاء تُوعى فيه السلاح و غيرها، و الجمع كِعَام. و المُكَاعَمَة: مُضاجعةُ الرجل صاحبه في الثوب، و هو منه، و قد نهي عنه. و كَعَمْتُ الوعاءَ: سددت رأْسه. و كُعُوم الطريق: أَفواهُه؛ و أَنشد:
ألا نامَ الخَلِيُّ و بِتُّ حِلْساً،             بظَهْرِ الغَيْبِ، سُدَّ به الكُعُومُ‏

قال: باتَ هذا الشاعرُ حِلْساً لما يحفظ و يرعى كأَنه حِلْس قد سُدَّ به كُعُوم الطريق و هي أَفواهه. و كَيْعُومٌ: اسم.
كعثم:
الكَعْثَمُ و الكَثْعَمُ: الرَّكَب الناتئ الضخم كالكَعْثَب. و امرأَة كَعْثَمٌ و كَثْعمٌ إذا عَظُمَ ذلك منها ككَعْثَب و كَثْعَبٍ.
كعسم:
الكَعْسَم و الكُعْسُوم: الحِمار، حميرية، كلاهما كالعُكْسوم. و كَعْسَمَ الرجلُ و كَعْسَبَ: أَدْبَرَ هارباً.
كلم:
القرآنُ: كَلَامُ الله و كَلِمُ الله و كَلِمَاتُه و كَلِمَته، و كلامُ الله لا يُحدّ و لا يُعدّ، و هو غير مخلوق، تعالى الله عما يقول المُفْتَرُون علُوّاً كبيراً. و
في الحديث: أَعوذ بِكَلِمَاتِ الله التامّاتِ.
؛ قيل: هي القرآن؛ قال ابن الأَثير: إنما وَصَف كلامه بالتَّمام لأَنه لا يجوز أَن يكون في شي‏ء من كلامه نَقْص أَو عَيْب كما يكون في كلام الناس، و قيل: معنى التمام هاهنا أَنها تنفع المُتَعَوِّذ بها و تحفظه من الآفات و تَكْفِيه. و
في الحديث: سبحان الله عَدَد كَلِمَاتِه.
؛ كَلِمَاتُ الله أي كلامُه، و هو صِفتُه و صِفاتُه لا تنحصر بالعَدَد، فذِكر العدد هاهنا مجاز بمعنى المبالغة

522
لسان العرب12

كلم ص 522

في الكثرة، و قيل: يحتمل أَن يريد عدد الأَذْكار أَو عدد الأُجُور على ذلك، و نَصْبُ عدد على المصدر؛ و
في حديث النساء: اسْتَحْلَلْتم فُرُوجَهن بكَلِمَة الله.
؛ قيل: هي قوله تعالى: فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ، و قيل: هي إباحةُ الله الزواج و إذنه فيه. ابن سيدة: الكَلَام القَوْل، معروف، و قيل: الكَلَام ما كان مُكْتَفِياً بنفسه و هو الجملة، و القول ما لم يكن مكتفياً بنفسه، و هو الجُزْء من الجملة؛ قال سيبويه: اعلم أَنّ قُلْت إنما وقعت في الكلام على أَن يُحكى بها ما كان كلاماً لا قولًا، و مِن أَدلّ الدليل على الفرق بين الكَلَام و القول إجماعُ الناس على أَن يقولوا القُرآن كلام الله و لا يقولوا القرآن قول الله، و ذلك أَنّ هذا موضع ضيِّق متحجر لا يمكن تحريفه و لا يسوغ تبديل شي‏ء من حروفه، فَعُبِّر لذلك عنه بالكَلَام الذي لا يكون إلا أَصواتاً تامة مفيدة؛ قال أَبو الحسن: ثم إنهم قد يتوسعون فيضعون كل واحد منهما موضع الآخر؛ و مما يدل على أَن الكلام هو الجمل المتركبة في الحقيقة قول كثيِّر:
لَوْ يَسْمَعُونَ كما سَمِعتُ كَلَامَها،             خَرُّوا لِعَزَّةَ رُكَّعاً و سُجُودا

فمعلوم أَن الكلمة الواحدة لا تُشجِي و لا تُحْزِنُ و لا تَتملَّك قلب السامع، و إنما ذلك فيما طال من الكلام و أَمْتَع سامِعِيه لعُذوبة مُسْتَمَعِه و رِقَّة حواشيه، و قد قال سيبويه: هذا باب أَقل ما يكون عليه الكَلِم، فدكر هناك حرف العطف و فاءه و لام الابتداء و همزة الاستفهام و غير ذلك مما هو على حرف واحد، و سمى كل واحدة من ذلك كَلِمَة. الجوهري: الكَلَام اسم جنس يقع على القليل و الكثير، و الكَلِمُ لا يكون أقل من ثلاث كلمات لأَنه جمع كَلِمَة مثل نَبِقة و نَبِق، و لهذا قال سيبويه: هذا باب علم ما الكلِمُ من العربية، و لم يقل ما الكلام لأَنه أَراد نفس ثلاثة أَشياء: الاسم و الفِعْل و الحَرف، فجاء بما لا يكون إلا جمعاً و ترك ما يمكن أن يقع على الواحد و الجماعة، و تميم تقول: هي كِلْمَة، بكسر الكاف، و حكى الفراء فيها ثلاث لُغات: كَلِمَة و كِلْمَة و كَلْمَة، مثل كَبِدٍ و كِبْدٍ و كَبْدٍ، و وَرِقٍ و وِرْقٍ و وَرْقٍ، و قد يستعمل الكَلَام في غير الإِنسان؛ قال:
فَصَبَّحَتْ، و الطَّيْرُ لَمْ تَكَلَّمِ،             جابِيةً حُفَّتْ بِسَيْلٍ مُفْعَمِ «2».

و كأَنّ الكلام في هذا الاتساع إنما هو محمول على القول، أَ لا ترى إلى قلة الكلام هنا و كثرة القول؟ و الكِلْمَة: لغةٌ تَميمِيَّةٌ، و الكَلِمَة: اللفظة، حجازيةٌ، و جمعها كَلِمٌ، تذكر و تؤنث. يقال: هو الكَلِمُ و هي الكَلِمُ. التهذيب: و الجمع في لغة تميم الكِلَمُ؛ قال رؤبة:
لا يَسْمَعُ الرَّكْبُ به رَجْعَ الكِلَمْ‏


و قول سيبويه: هذا باب الوقف في أَواخر الكَلِم المتحركة في الوصل، يجوز أن تكون المتحركة من نعت الكَلِم فتكون الكَلِم حينئذ مؤنثة، و يجوز أن تكون من نعت الأَواخر، فإذا كان ذلك فليس في كلام سيبويه هنا دليل على تأْنيث الكَلِم بل يحتمل الأَمرين جميعاً؛ فأَما قول مزاحم العُقَيليّ:
لَظَلّ رَهِيناً خاشِعَ الطَّرْفِ حَطَّه             تَحَلُّبُ جَدْوَى و الكَلام الطَّرائِف‏

فوصفه بالجمع، فإنما ذلك وصف على المعنى كما حكى أَبو الحسن عنهم من قولهم: ذهب به الدِّينار الحُمْرُ
__________________________________________________
 (2). قوله [مفعم‏] ضبط في الأَصل و المحكم هنا بصيغة اسم المفعول و به أيضاً ضبط في مادة فعم من الصحاح.

523
لسان العرب12

كلم ص 522

و الدِّرْهَمُ البِيضُ؛ و كما قال:
تَراها الضَّبْع أَعْظَمهُنَّ رَأْسا


فأَعادَ الضمير على معنى الجنسية لا على لفظ الواحد، لما كانت الضبع هنا جنساً، و هي الكِلْمَة، تميمية و جمعها كِلْم، و لم يقولوا كِلَماً على اطراد فِعَلٍ في جمع فِعْلة. و أما ابن جني فقال: بنو تميم يقولون كِلْمَة و كِلَم كَكِسْرَة و كِسَر. و قوله تعالى: وَ إِذِ ابْتَلى‏ إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ‏
؛ قال ثعلب: هي الخِصال العشر التي في البدن و الرأْس. و قوله تعالى: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ‏
؛ قال أَبو إسحاق: الكَلِمات، و الله أَعلم، اعْتِراف آدم و حواء بالذَّنب لأَنهما قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا. قال أَبو منصور: و الكلمة تقع على الحرف الواحد من حروف الهجاء، و تقع على لفظة مؤلفة من جماعة حروفٍ ذَاتِ مَعْنىً، و تقع على قصيدة بكمالها و خطبة بأَسْرها. يقال: قال الشاعر في كَلِمته أَي في قصيدته. قال الجوهري: الكَلِمَة القصيدة بطُولها. و تَكَلَّمَ الرجل تَكَلُّماً و تِكِلَّاماً و كَلَّمَه كِلَّاماً، جاؤوا به على مُوازَنَة الأَفْعال، و كَالَمَه: ناطَقَه. و كَلِيمُك: الذي يُكالِمُك. و في التهذيب: الذي تُكَلِّمه و يُكَلِّمُك يقال: كَلَّمْتُه تَكلِيماً و كِلَّاماً مثل كَذَّبْته تَكْذيباً و كِذَّاباً. و تَكَلَّمْت كَلِمَةً و بكَلِمة. و ما أَجد مُتَكَلَّماً، بفتح اللام، أي موضع كلام. و كَالَمْتُهُ إذا حادثته، و تَكَالَمْنا بعد التَّهاجُر. و يقال: كانا مُتَصارِمَيْن فأَصبحا يَتَكَالَمَانِ و لا تقل يَتَكَلَّمانِ. ابن سيدة: تَكَالَمَ المُتَقاطِعانِ كَلَّمَ كل واحد منهما صاحِبَه، و لا يقال تَكَلَّما. و قال أَحمد بن يحيى في قوله تعالى: وَ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسى‏ تَكْلِيماً
؛ لو جاءت كَلَّمَ اللَّهُ مُوسى‏
 مجردة لاحتمل ما قلنا و ما قالوا، يعني المعتزلة، فلما جاء تَكْلِيماً
 خرج الشك الذي كان يدخل في الكلام، و خرج الاحتمال للشَّيْئين، و العرب تقول إذا وُكِّد الكلامُ لم يجز أن يكون التوكيد لغواً، و التوكيدُ بالمصدر دخل لإِخراج الشك. و قوله تعالى: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ‏
؛ قال الزجاج: عنى بالكَلِمَة هنا كَلِمَة التوحيد، و هي لا إله إلا الله، جَعلَها باقِيةً في عَقِب إبراهيم لا يزال من ولده من يوحِّد الله عز و جل. و رجل تِكْلامٌ و تِكْلامة و تِكِلَّامةٌ و كِلِّمانيٌّ: جَيِّدُ الكلام فَصِيح حَسن الكلامِ مِنْطِيقٌ. و قال ثعلب: رجل كِلِّمَانِيٌّ كثير الكلام، فعبر عنه بالكثرة، قال: و الأُنثى كِلِّمَانِيَّةٌ، قال: و لا نظير لِكِلِّمانيّ و لا لِتِكِلَّامةٍ. قال أَبو الحسن: وله عندي نظير و هو قولهم رجل تِلِقَّاعةٌ كثير الكلام. و الكَلْمُ: الجُرْح، و الجمع كُلُوم و كِلامٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
يَشْكُو، إذا شُدَّ له حِزامُه،             شَكْوَى سَلِيم ذَرِبَتْ كِلامُه‏

سمى موضع نَهْشة الحية من السليم كَلْماً، و إنما حقيقته الجُرْحُ، و قد يكون السَّلِيم هنا الجَرِيحَ، فإذا كان كذلك فالكلم هنا أَصل لا مستعار. و كَلَمَه يَكْلِمُه «1» كَلْماً و كَلَّمَه كَلْماً: جرحه، و أَنا كَالِمٌ و رجل مَكْلُوم و كَلِيم؛ قال:
عليها الشَّيخُ كالأَسَد الكَلِيمِ‏


و الكَلِيمُ، فالجرُّ على قولك‏
__________________________________________________
 (1). قوله [و كلمه يكلمه‏] قال في المصباح: و كَلمَهُ يَكْلمُهُ من باب قتل و من باب ضرب لغة انتهى. و على الأَخيرة اقتصر المجد. و قوله [و كَلَّمَه كَلْماً جرحه‏] كذا في الأَصل و أصل العبارة للمحكم و ليس فيها كلماً.

524
لسان العرب12

كلم ص 522

عليها الشيخ كالأَسدِ الكليم إذا جُرِح فَحَمِي أَنْفاً، و الرفع على قولك عليها الشيخُ الكلِيمُ كالأَسد، و الجمع كَلْمَى. و قوله تعالى: أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ‏
؛ قرئت: تَكْلِمُهم و تُكَلِّمُهُمْ‏
، ف تَكْلِمُهم: تجرحهم و تَسِمهُم، و تُكَلِّمُهُمْ: من الكلام، و قيل: تَكْلِمُهُم و تُكَلِّمُهُمْ‏
 سواء كما تقول تَجْرحهُم و تُجَرِّحهم، قال الفراء: اجتمع القراء على تشديد تُكَلِّمُهُمْ‏
 و هو من الكلام، و قال أَبو حاتم: قرأَ بعضهم تَكْلِمهُم و فسر تَجْرحهُم، و الكِلام: الجراح، و كذلك إن شدد تُكَلِّمُهُمْ‏
 فذلك المعنى تُجَرِّحهم، و فسر فقيل: تَسِمهُم في وجوههم، تَسِمُ المؤمن بنقطة بيضاء فيبيضُّ وجهه، و تَسِم الكافر بنقطة سوداء فيسودّ وجهه. و التَّكْلِيمُ: التَّجْرِيح؛ قال عنترة:
إذ لا أَزال على رِحالةِ سابِحٍ             نَهْدٍ، تَعاوَرَه الكُماة، مُكَلَّمِ‏

و
في الحديث: ذهَب الأَوَّلون لم تَكْلِمْهم الدنيا من حسناتهم شيئاً.
أي لم تؤثِّر فيهم و لم تَقْدح في أَديانهم، و أَصل الكَلْم الجُرْح. و
في الحديث: إنا نَقُوم على المَرْضى و نُداوي الكَلْمَى.
؛ جمع كَلِيم و هو الجَريح، فعيل بمعنى مفعول، و قد تكرر ذكره اسماً و فعلًا مفرداً و مجموعاً. و في التهذيب في ترجمة مسح في قوله عز و جل: بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ‏
؛ قال أَبو منصور: سمى الله ابتداء أَمره كَلِمَة لأَنه أَلْقَى إليها الكَلِمَة ثم كَوَّن الكَلِمَة بشَراً، و معنى الكَلِمَة معنى الولد، و المعنى يُبَشِّرُك بولد اسمه المسيح؛ و قال الجوهري: و عيسى، عليه السلام، كَلِمَة الله لأَنه لما انتُفع به في الدّين كما انتُفع بكلامه سمي به كما يقال فلان سَيْفُ الله و أَسَدُ الله. و الكُلام: أَرض غَليظة صَليبة أو طين يابس، قال ابن دريد: و لا أَدري ما صحته، و الله أَعلم.
كلثم:
الكُلْثُوم: الفِيلُ، و هو الزَّنْدَبِيل و الكُلْثُوم: الكثير لحم الخدّين و الوجه. و الكَلْثمة: اجتماع لحم الوجه. و جارية مُكَلْثَمة: حسنَة دوائر الوجه ذات وجنتين فاتَتْهما سُهولة الخدَّين و لم تلزمهما جُهومة القُبْح. و وجه مُكَلْثَمٌ: مُستدير كثير اللحم و فيه كالجَوْز من اللحم، و قيل: هو المُتقارب الجَعْدُ المُدَوَّر، و قيل: هو نحو الجَهْم غير أَنه أَضيق منه و أَملَح، و المصدر الكَلْثَمَة. قال شمر:
قال أَبو عبيد في صفة النبي، صلى الله عليه و سلم: إنه لم يكن بالمُكَلْثَم.
؛ قال: معناه أَنه لم يكن مستدير الوجه و لكنه كان أَسِيلًا، صلى الله عليه و سلم. و قال شمر: المُكَلْثَمُ من الوجوه القَصِيرُ الحنكِ الدّاني الجَبهة المستدير الوجه؛ و في النهاية لابن الأَثير: مستدير الوجهِ مع خفة اللحم، قال: و لا تكون الكَلْثَمَة إلَّا مع كثرة اللحم؛ و قال شَبِيب بن البَرْصاء يَصِف أَخلاف ناقة:
و أَخْلافٌ مُكَلْثَمَةٌ و ثَجْرُ


صيَّر أَخْلافَها مُكَلْثَمَة لغلَظها و عِظَمها. و كُلْثُوم: رجل. و أُمّ كُلْثُوم: امرأَة.
كلحم:
الكِلْحِمُ و الكِلْمِحُ: التراب؛ كلاهما عن كراع و اللحياني. و حكى اللحياني: بفيه الكِلْحِمُ و الكِلْمِحُ، فاستعمل في الدعاء، كقولك و أَنت تدعو عليه: التُّرْب له.
كلدم:
الكُلْدُوم: كالكُرْدُوم.
كلذم:
الكَلْذَمُ: الصُّلْب.
كلسم:
الكَلْسَمةُ: الذَّهاب في سُرْعة، و هي الكَلْمسة أَيضاً، تقول: كَلْمَسَ الرجلُ و كَلْسَمَ إذا ذهب ابن الأَعرابي: يقال كَلْسَمَ فلان إذا تمادى كَسَلًا عن قضاء الحُقوق.

525
لسان العرب12

كلشم ص 526

كلشم:
الكَلْشَمَة: الذهاب في سرعة، و السين المهملة أَعلى، و قد ذكر.
كلصم:
التهذيب: ابن السكيت بَلْصَمَ الرجُلُ و كَلْصَمَ إذا فرّ.
كمم:
الكُمُّ: كمُّ القَمِيص. ابن سيدة: الكُمُّ من الثوب مَدْخَل اليد و مَخْرَجُها، و الجمع أَكْمَام، لا يكسَّر على غير ذلك، و زاد الجوهري في جمعه كِمَمَة مثل حُبّ و حِبَبةٍ. و أَكَمَّ القَميص: جعل له كُمَّين. و كُمُّ السبُع: غِشاء مَخالِبه. و قال أَبو حنيفة: كَمَّ الكَبائس يَكُمُّها كَمّاً و كَمَّمَها جعلها في أَغْطِية تُكِنُّها كما تُجعل العَناقيد في الأَغْطِية إلى حين صِرامها، و اسم ذلك الغِطاء الكِمَام، و الكُمُّ للطَّلْعِ «1». و قد كُمَّتِ النَّخلة، على صيغة ما لم يسم فاعله، كَمّاً و كُمُوماً. و كُمُّ كل نَوْر: وِعاؤه، و الجمع أَكْمَام و أَكَامِيم، و هو الكِمَام، و جمعه أَكِمَّةٌ. التهذيب: الكُمُّ كُمُّ الطلع، و لكل شجرة مُثمرة كُمٌّ، و هو بُرْعُومته. و كِمامُ العُذوق: التي تجعل عليها، واحدها كُمٌّ. و أَما قول الله تعالى: وَ النَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ‏
،
فإن الحسن قال: أَراد سَبائبَ من لِيف تزينت بها.
و الكُمَّةُ: كلُّ ظَرْف غطَّيت به شيئاً و أَلْبسته إياه فصار له كالغِلاف، و من ذلك أَكْمَام الزرع غُلُفها التي يَخرج منها. و قال الزجاج في قوله: ذاتُ الْأَكْمامِ‏
، قال: عنى بالأَكْمَام ما غَطَّى. و كل شجرة تخرج ما هو مُكَمَّم فهي ذات أَكْمَام. و أَكْمَامُ النخلة: ما غَطى جُمّارَها من السَّعَف و الليف و الجِذْع. و كلُّ ما أَخرجته النخلة فهو ذو أَكْمَام، فالطَّلْعة كُمُّها قشرها، و من هذا قيل للقَلَنْسُوة كُمَّة لأَنها تُغَطِّي الرأْس، و من هذا كُمّا القميص لأَنهما يغطيان اليدين؛ و قال شمر في قول الفرزدق:
يُعَلِّقُ لَمّا أَعْجَبَتْه أَتانُه،             بأَرْآدِ، لَحْيَيْها جِيادَ الكَمائِمِ‏

يريد جمع الكِمَامة التي يجعلها على مَنْخِرها لئلا يُؤْذيها الذُّباب. الجوهري: و الكِمّ، بالكسر، و الكِمامة وِعاءُ الطلع و غِطاءُ النَّور، و الجمع كِمام و أَكِمَّة و أَكْمَام؛ قال الشماخ:
قَضَيْتَ أُموراً ثم غادرتَ بَعدها             بَوائِجَ في أَكْمَامِها، لم تُفَتَّقِ‏

و قال الطرماح:
تَظَلُّ بالأَكْمَامِ مَحْفُوفةً،             تَرْمُقُها أَعْيُنُ حُرّاسِها

و الأَكامِيمُ أَيضاً؛ قال ذو الرمة:
لما تَعالَتْ من البُهْمَى ذوائِبُها،             بالصَّيْفِ، و انضَرَجَتْ عنه الأَكَامِيمُ «2».

و كُمَّتِ النخلة، فهي مَكْمُومة؛ قال لبيد يصف نخيلًا:
عُصَبٌ كَوارِعُ في خليجِ مُحَلِّمٍ،             حَمَلَت، فمنها مُوقَرٌ مَكْمُومُ‏

و
في الحديث: حتى يَيْبَس في أَكْمَامه.
، جمع كِمّ، و هو غِلافُ الثمر و الحب قبل أَن يظهر. و كُمَّ الفَصِيل «3» إذا أُشْفِقَ عليه فسُتِر حتى يَقْوَى؛ قال العجاج:
بَل لو شَهِدْتَ الناسَ إذْ تُكُمُّوا             بِغُمَّةٍ، لو لم تُفَرَّج غُمُّوا

__________________________________________________
 (1). قوله [و الكُمُّ للطلع‏] ضبط في الأَصل و المحكم و التهذيب بالضم ككُمّ القميص، و قال في المصباح و القاموس و النهاية: كِمّ الطلع و كل نور بالكسر.
 (2). قوله [لما تعالت‏] تقدم في مادة ضرج: مما.
 (3). قوله [و كم الفصيل‏] كذا بالصاد في الأَصل، و في بيت ابن مقبل الآتي و الذي في الصحاح و القاموس: بالسين، و بها في المحكم أيضاً في بيت طفيل الآتي و ياقوت في بيت ابن مقبل: كالفسيل المكمم.

526
لسان العرب12

كمم ص 526

و تُكُمُّوا أَي أُغمِيَ عليهم و غُطُّوا. و أَكَمَّتْ و كَمَّمَت أَي أَخرجت كِمامها. قال ابن بري: و يقال كُمِّمَ الفَصِيل أَيضاً؛ قال ابن مقبل:
أَ مِنْ ظُعُنٍ هَبَّتْ بِلَيْل فأَصْبَحَتْ             بِصَوْعةَ تُحْدَى، كالفَصِيل المُكَمَّمِ‏

و المِكَمُّ: الشَّوْفُ الذي تُسَوَّى به الأَرض من بعد الحرث. و الكُمُّ: القِشرة أَسفل السَّفاة يكون فيها الحَبة. و الكُمَّة: القُلْفة. و الكُمَّة: القَلَنسوة، و في الصحاح: الكُمَّة القلنسوة المدوَّرة لأَنها تغطي الرأْس. و
يروى عن عمر، رضي الله عنه: أَنه رأَى جارية مُتَكَمْكِمة فسأَل عنها فقالوا: أَمةُ آل فلان، فضرَبها بالدِّرّة و قال: يا لَكْعاء أَ تَشَبَّهِين بالحَرائر.
؟ أَرادوا مُتَكَمِّمة فضاعَفوا، و أَصله من الكُمَّة و هي القَلَنْسُوة فشبه قِناعها بها. قال ابن الأَثير: كَمْكَمْتُ الشي‏ءَ إِذا أَخفيته. و تَكَمْكَمَ في ثوبه تلَفَّف فيه، و قيل: أَراد مُتَكَمِّمة من الكُمَّة القلنسوة. و
في الحديث: كانت كِمامُ أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه و سلم، بُطْحاً، و في رواية: أَكِمَّةُ.
، قال: هما جمع كثرة و قِلة للكُمَّة القلنسوة، يعني أَنها كانت مُنْبطحة غير منتصبة. و إِنه لحَسن الكِمَّةِ أَي التكمُّم، كما تقول: إِنه لحسن الجِلسة، و كَمَّ الشي‏ءَ يَكُمُّه كَمّاً: طيَّنه و سَدَّه؛ قال الأَخطل يصف خمراً:
كُمَّتْ ثَلاثةَ أَحْوالٍ بِطِينَتِها،             حتى اشْتَراها عِبادِيٌّ بدِينارِ

و هذا البيت أَورده الجوهري و أَورد عجزَه:
حتى إِذا صَرَّحتْ مِن بَعْدِ تَهْدارِ


و كذلك كَمَّمَه؛ قال طُفيل:
أَ شاقَتْكَ أَظْعانٌ بِحَفْرِ أبَنْبَمِ             أَجَلْ بَكَراً مثْلَ الفَسِيلِ المُكَمَّمِ‏

و تَكَمَّمَه و تَكَمَّاه: ككَمَّه؛ الأَخيرة على تحويل التضعيف؛ قال الراجز:
بل لو رأَيتَ الناسَ إِذ تُكُمُّوا             بِغُمَّةٍ، لو لم تُفَرَّجْ غُمُّوا «1».

قيل: أَراد تُكُمِّمُوا من كَمَّمْت الشي‏ء إِذا سَترْته، فأَبدل الميم الأَخيرة ياء، فصار في التقدير تُكُمِّيُوا. ابن شميل عن اليمامي: كَمَمْتُ الأَرض كَمّاً، و ذلك إِذا أَثارُوها ثم عَفَّوا آثارَ السِّنِّ في الأَرض بالخشبة العريضة التي تُزَلِّقها، فيقال: أَرض مَكْمُومَة. الأَصمعي: كَمَمْتُ رأْسَ الدَّنِّ أَي سَدَدْته. و المِغَمَّة و المِكَمَّة: شي‏ءٌ يُوضع على أَنفِ الحِمار كالكِيس، و كذلك الغِمامةُ و الكِمَامَةُ. و الكِمامُ: ما سُدَّ به. و الكِمَام، بالكسر، و الكِمَامَة: شي‏ءٌ يُسدُّ به فم البعير و الفرس لئلا يَعَض. و كَمَّه: جعل على فيه الكِمام، تقول منه: بعير مَكْموم أَي مَحْجُوم. و
في حديث النُّعمان بن مُقَرِّن أَنه قال يوم نهاوَنْدَ: أَلا إِني هازٌّ لكم الرَّاية فإِذا هزَزْتُها فلْيَثِب الرِّجالُ إِلى أَكِمَّةِ خُيولها و يُقَرِّطُوها أَعِنَّتها.
؛ أَراد بأَكِمَّة الخيول مَخالِيَها المعلقة على رؤوسها و فيها عَلَفُها يأْمرهم بأَن يَنزِعوها من رؤوسها و يُلْجِموها بلُجُمِها، و ذلك تَقْرِيطها، واحدها كِمَام، و هو من كِمَام البعير الذي يُكَمُّ به فمُه لئلا يعض. و كَمَمْتُ الشي‏ءَ: غَطَّيته. يقال: كَمَمْتُ الحُبَّ إِذا سدَدْت رأْسَهُ. و كَمَّمَ النخلةَ: غطَّاها لتُرْطِب؛ قال:
تَعَلَّلُ بالنَّهِيدة حينَ تُمْسي،             و بالمَعْوِ المُكَمَّمِ و القَمِيمِ‏

القَمِيمُ: السويق. و المَكْمُوم من العُذُوق: ما غُطِّي‏
__________________________________________________
 (1). قوله [بل لو رأيت الناس إلخ‏] عبارة المحكم بعد البيت: تكموا من الثلاثي المعتل وزنه تفعلوا من تكميته إذا قصدته و عمدته و ليس من هذا الباب، و قيل أراد تكمموا إلخ.

527
لسان العرب12

كمم ص 526

بالزُّبْلانِ عند الإِرطاب ليبقى ثمرها عضّاً و لا يفسدها الطير و الحُرور؛ و منه قول لبيد:
حَمَلتْ فمِنْها مُوقَرٌ مَكْمُومُ‏


ابن الأَعرابي: كُمَّ إِذا غُطِّي، و كُمَّ إِذا قَتَل «2». الشُّجْعان؛ أَنشد الفراء:
بل لو شهدتَ الناسَ إِذ تُكُمُّوا


قوله تُكُمُّوا أَي أُلبِسوا غُمَّةً كُمُّوا بها. و الكَمُّ: قَمْعُ الشي‏ء و ستره، و منه كَمَمْتُ الشهادةَ إِذا قمَعْتَها و سَترْتها، و الغُمَّة ما غَطَّاك من شي‏ء؛ المعنى بل لو «3». شهدت الأَصل تكَمَّمْت مثل تَقَمَّيْتُ، الأَصل تَقَمَّمْتُ. و الكَمْكَمَةُ: التَّغَطي بالثياب. و تَكَمْكَمَ في ثيابه: تغَطَّى بها. و رجل كَمْكَام: غليظ كثير اللحم. و امرأَة كَمْكَامَةٌ و مُتَكَمْكِمَة: غليظة كثيرة اللحم. و الكَمكَامُ: فِرْفُ شجر الضِّرْو، و قيل: لِحاؤُها و هو من أَفواه الطيب. و الكَمكَام: المجتمع الخَلق. و كَمْ: اسم، و هو سؤَال عن عدد، و هي تَعمل في الخبر عَملَ رُبَّ، إِلَّا أَن معنى كَم التكثير و معنى ربّ التقليل و التكثير، و هي مغنية عن الكلام الكثير المتناهي في البُعد و الطول، و ذلك أَنك إِذا قلت: كَمْ مالُك؟ أَغناك ذلك عن قولك: أَ عَشَرة مالُك أَم عِشرون أَم ثلاثون أَم مائة أَم أَلف؟ فلو ذهبت تَسْتَوعب الأَعداد لم تبلغ ذلك أَبداً لأَنه غير مُتَناهٍ، فلما قلت كَمْ، أَغنتك هذه اللفظة الواحدة عن الإِطالة غير المُحاط بآخرها و لا المُسْتَدْركة. التهذيب: كَمْ حرف مسأَلة عن عدد و خبر، و تكون خبراً بمعنى رُبَّ، فإِن عُنِي بها رُبَّ جَرَّت ما بعدها، و إِن عُني بها رُبَّمَا رفَعَت، و إِن تبعها فعل رَافع ما بعدها انتصبت، قال: و يقال إِنها في الأَصل من تأْليف كاف التشبيه ضُمت إِلى ما، ثم قُصِرت ما فأُسكنت الميم، فإِذا عنيت بكم غير المسأَلة عن العدد، قلت: كمْ هذا الشي‏ءُ الذي معك؟ فهو مجيبك: كذا و كذا. و قال الفراء: كَمْ و كأَيِّن لغتان و تصحبها مِن، فإِذا أَلقيت من، كان في الاسم النكرة النصب و الخفض، من ذلك قول العرب: كَمْ رجلٍ كريمٍ قد رأَيتَ، و كَمْ جَيْشاً جَرَّاراً قد هَزَمْتَ، فهذان وجهان يُنصبان و يُخفضان، و الفعل في المعنى واقع، فإِن كان الفعل ليس بواقع و كان للاسم جاز النصب أَيضاً و الخفض، و جاز أَن تُعمل الفعل فترفع في النكرة فتقول كَمْ رجلٌ كريم قد أَتاني، ترفعه بفعله، و تُعمل فيه الفعل إِن كان واقعاً عليه فتقول: كَمْ جيشاً جراراً قد هَزَمْت، فتنصبه بهَزمْت؛ و أَنشدونا:
كَمْ عَمَّة لكَ يا جَريرُ و خالة             فَدْعاء، قد حَلَبَتْ عَليَّ عِشاري‏

رفعاً و نصباً و خفضاً، فمن نصب قال: كان أَصل كم الاستفهام و ما بعدها من النكرة مُفَسِّر كتفسير العدد فتركناها في الخبر على ما كانت عليه في الاستفهام فنصبنا ما بعد كَمْ من النكرات كما تقول عندي كذا و كذا درهماً، و من خفض قال: طالت صحبة من النكرة في كَمْ فلما حذفناها أَعملنا إِرادَتَها؛ و أَما من رفع فأَعمَل الفعل الآخر و نوى تقديم الفعل كأَنه قال: كم قد أَتاني رجل كريم. الجوهري: كَمْ اسم ناقص مبهم مبنيّ على السكون، و له موضعان: الاستفهام و الخبر، تقول إِذا استفهمت: كَمْ رجلًا عندك؟ نصبت ما بعده على التمييز، و تقول إِذا أَخبرت: كَمْ درهمٍ أنفقت، تريد التكثير، و خفضت ما بعده كما تخفض برب لأَنه في التكثير نقيض رب في التقليل، و إِن شئت نصبت،
__________________________________________________
 (2). قوله [و كم إذا قتل‏] كذا ضبط في نسخة التهذيب.
 (3). قوله [المعنى بل لو إلخ‏] كذا بالأصل و فيه سقط ظاهر، و لعل الأصل: المعنى بل لو شهدت الناس إذ تكميوا أي غطوا و ستروا الأصل تكممت إلخ كما يؤخذ من سابق الكلام.

528
لسان العرب12

كمم ص 526

و إِن جعلته اسماً تامّاً شددت آخره و صرفته، فقلت: أَكثرت من الكَمِّ، و هو الكَمِّيَّةُ.
كنم:
التهذيب: أَهمل الليث نكم و كنم و استعملهما ابن الأَعرابي فيما رواه ثعلب عنه، قال: النَّكْمةُ المُصيبة الفادِحة. و الكَنْمَةُ: الجِراحة.
كهم:
كَهُمَ الرجلُ و كَهَمَ يَكْهَمُ كَهَامَةً، فهو كَهَامٌ و كَهِيمٌ، و تكَهَّمَ: بَطُؤَ عن النُّصرة و الحرب؛ قال مِلْحة الجرمي:
إِذا ما رَمى أَصْحابَه بِجَنيبِه،             سُرى اللَّيلةِ الظلماء، لم يَتَكَهَّمِ «1».

و فَرَس كَهَام: بِطي‏ء عن الغاية. و رجل كَهَام و كَهِيم: ثقيل مُسِنٌّ دَثور لا غَناء عنده، و قوم كَهَامٌ أَيضاً. و سيف كَهَام و كَهِيم: لا يقطع، كَلِيل عن الضربة.
و في مَقتل أَبي جهل: إِن سيفك كَهَامٌ.
أَي كَليل لا يقطع. و لسان كَهِيمٌ: كَليل عن البلاغة، و في التهذيب: لسان كَهَامٌ. الجوهري: لسان كَهَام عَيِيٌّ. و يقال: أَكْهَمَ بَصَرُه إِذا كَلَّ و رَقَّ. و كَهَّمَتْه الشدائدُ: نكَّصَتْه عن الإِقدام و جبَّنَتْه. و كَيْهَمٌ: اسم. و قوله‏
في حديث أُسامة: فجعل يتَكهَّمُ بهم.
؛ التَّكَهُّم: التعرُّض للشر و الاقتحام به، و ربما يَجْري مَجرى السُّخرية، و لعله إِن كان محفوظاً مقلوب من التَّهَكُّم، و هو الاستهزاء. الأَزهري في ترجمة كهكه: الكَهْكاهةُ المُتَهَيِّب، قال: و كَهْكَامَة، بالميم، مثل كَهْكاهةٍ المُتَهيِّبُ، و كذلك كَهْكَمٌ، قال: و أَصله كَهامٌ فزيدت الكاف؛ و أَنشد:
يا رُبَّ شَيْخٍ مِن عَدِيٍّ كَهْكَمِ «2».


و أَنشد الليث قول أَبي العيال الهذلي:
و لا كَهْكَامَةٌ بَرَمٌ،             إِذا ما اشتَدَّتِ الحِقَبُ‏

و رواه أَبو عبيد:
و لا كَهكَاهةٌ برم‏


بالهاء، و سيأْتي ذكره. ابن الأَعرابي: الكَهْكَمُ و الكَهْكَبُ الباذِنجان.
كوم:
الكَوَمُ: العِظَم في كل شي‏ء، و قد غلَب على السَّنام؛ سَنام أَكْوَمُ: عَظيم؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
و عَجُزٌ خَلْفَ السَّنامِ الأَكْوَمِ‏


و بَعير أَكْوَمُ، و الجمع كُوم؛ قال الشاعر:
رِقابٌ كالمَواجن خاظِياتٌ،             و أَسْتاهٌ على الأَكْوارِ كُومُ‏

و الكُومُ: القِطعة من الإِبل. و ناقة كَوْمَاء: عَظيمة السَّنام طويلته. و الكَوَمُ: عِظَم في السنام. و
في الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، رأَى في نَعَم الصَّدَقة ناقةً كَوْمَاء.
، و هي الضخمة السنام، أَي مُشْرِفَةَ السَّنام عالِيتَه؛ و منه‏
الحديث: فيأْتي منه بناقَتَينِ كَوْمَاوَينِ.
، قلب الهمزة في التثنية واواً. و جبَل أَكْوَمُ: مُرتفِع؛ قال ذو الرمة:
و ما زالَ فَوْقَ الأَكْوَمِ الفَرْدِ             واقِفاً عَلَيْهِنَّ، حتى فارَقَ الأَرضَ نُورُها

و منه‏
الحديث: أَنّ قوماً من المُوَحِّدين يُحْبَسُون يوم القِيامة على الكَوْمِ إِلى أَن يُهَذَّبُوا.
؛ هي بالفتح المَواضع المشرفة، واحدتها كَوْمَة، و يُهَذَّبوا أَي يُنَقَّوا من المَآثم؛ و منه‏
الحديث: يَجِي‏ء يومَ القيامة
__________________________________________________
 (1). قوله [بجنيبه‏] كذا بالأصل مضبوطاً، و الذي في نسخة المحكم: بحنيبه، بالحاء المهملة بدل الجيم.
 (2). قوله [من عديّ‏] كذا في الأصل و التهذيب، و الذي في التكملة على إصلاح بدل علي لكيز بصيغة التصغير.

529
لسان العرب12

كوم ص 529

على كَوْمٍ فوقَ الناسِ.
؛ و منه‏
حديث الحث على الصدقة: حتى رأَيتُ كَوْمَيْنِ مِن طَعام و ثِياب.
و
في حديث علي، كرم الله وجهه: أَنه أُتيَ بالمال فَكَوَّمَ كَوْمةً من ذهب و كَوْمَة من فِضة و قال: يا حَمْراء احْمَرِّي، و يا بَيْضاء ابْيَضِّي، غُرِّي غيري‏
هذا جَنايَ و خِيارُه فيه            ، إِذْ كلُّ جانٍ يَدُه إِلى فيه.


، أَي جَمَعَ من كل واحد منهما صُبرة و رَفَعها و عَلَّاها، و بعضهم يضم الكاف، و قيل: هو بالضم اسم لما كُوِّم، و بالفتح اسم الفَعْلة الواحدة. و الكَوْم: الفَرْج الكبير. و كَامَها كَوْماً: نَكَحها، و قيل: الكَوْم يكون للإِنسان و الفَرس. و يقال للفرس في السِّفاد: كَامَ يَكُوم كَوْماً، يقال: كَامَ الفرَسُ أُنثاه يَكُومُها كَوْماً إِذا نَزا عليها. و
في الحديث: أَفضل الصدَقَةِ رِباطٌ في سبيل الله لا يُمْنَعُ كَوْمُه.
؛ الكَوم، بالفتح: الضراب، و أَصل الكَوْم من الارتفاع و العلو، و كذلك كل ذي حافر من بغل أَو حمار. الأَصمعي: يقال للحمار باكَها و للفرس كَامَها، و قال ابن الأَعرابي: كَامَ الحِمارُ أَيضاً. و امرأَة مُكَامَة: منكوحة، على غير قياس، و قد استعمله بعضهم في العُقْربان. يقال: كَامَ كَوْماً؛ قال إِياس بن الأرت:
كأَنَّ مَرْعى أُمِّكُمْ، إِذْ غَدَتْ،             عَقْرَبةٌ يَكُومُها عُقْربان‏

يَكُومُها: يَنْكِحها. و كَوَّمَ الشي‏ءَ: جمعه و رفعه. و كَوَّمَ المَتاع: أَلقى بعضه فوق بعض. و قد كَوَّمَ الرجل ثيابه في ثوب واحد إِذا جمعها فيه. يقال: كَوَّمْت كُومَةً، بالضم، إِذا جمعت قِطعة من تراب و رفعت رأْسها، و هو في الكلام بمنزلة قولك صُبْرة من طعام. و الكُومَة: الصُّبرة من الطعام و غيره. ابن شميل: الكُومَة تراب مجتمع طوله في السماء ذراعان و ثلث و يكون من الحجارة و الرمل، و الجمع الكُومُ. و الأَكْومانِ: ما تحت الثُّنْدُوَتَيْنِ. و الكِيمِياءُ معروف مثل السِّيمِياء. و في الحديث ذكر كُوم عَلْقام، و في رواية: كُوم عَلْقَماء، هو بضم الكاف، موضع بأَسفل ديار مصر، صانها الله تعالى. و كُومَةُ: اسم امرأَة. التهذيب: هنا الاكْتِيَام القُعود على أَطْراف الأَصابع، تقول: اكتَمْتُ له و تَطالَلْتُ له، و رأَيته مُكْتَاماً على أَطراف أَصابع رجليه.
فصل اللام‏
لأم:
اللُّؤْم: ضد العِتْقِ و الكَرَمِ. و اللَّئِيمُ: الدَّني‏ءُ الأَصلِ الشحيحُ النفس، و قد لَؤُمَ الرجلُ، بالضم، يَلْؤُمُ لُؤْماً، على فُعْلٍ، و مَلأَمةً على مَفْعَلةٍ، و لآمةً على فَعالةٍ، فهو لَئِيمٌ من قوم لِئَامٍ و لُؤَماءَ، و مَلأَمانُ؛ و قد جاء في الشعر أَلائِمُ على غير قياس؛ قال:
إِذا زالَ عنكمْ أَسْودُ العينِ كنتُمُ             كِراماً، و أَنتم ما أَقامَ أَلائِمُ‏

و أَسْودُ العين: جبل معروف، و الأُنثى مَلأَمَانَةٌ. و قالوا في النِّداء: يا مَلأَمَانُ خلاف قولك يا مَكْرَمانُ. و يقال للرجل إِذا سُبَّ: يا لُؤْمانُ و يا مَلأَمَانُ و يا مَلأَمُ. و أَلْأَمَ: أَظْهَرَ خصالَ اللُّؤْم. و يقال: قد أَلْأَمَ الرجلُ إِلْآماً إِذا صنع ما يدعوه الناس عليه لَئيماً، فهو مُلْئِمٌ. و أَلْأَمَ: ولَدَ اللِّئامَ؛ هذه عن ابن الأَعرابي، و اسْتَلْأَمَ أَصْهاراً «1». لِئاماً،
__________________________________________________
 (1). قوله [و اسْتَلْأَمَ أصهاراً لئاماً] هكذا في الأَصل، و عبارة القاموس: و استلأَم أصهاراً اتخذهم لئاماً.

530
لسان العرب12

لأم ص 530

و اسْتَلْأَمَ أَباً إِذا كان له أَبٌ سوءٌ لئيمٌ و لَأَّمَه: نسبَه «1». إِلى اللُّؤْمِ؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
يرومُ أَذَى الأَحرارِ كلُّ مُلأَّمٍ،             و يَنْطِقُ بالعَوْراء مَن كانَ مُعْوِرا

و المِلأَمُ و المِلآمُ: الذي يُعْذِرُ اللِّئامَ. و المُلْئِمُ: الذي يأْتي اللِّئام. و المُلْئِمُ: الرجل اللَّئيم. و المِلأَمُ و المِلْآمُ على مِفْعَل و مِفْعال: الذي يقوم يُعْذِرُ اللئام. و اللَّأْم: الاتفاقُ: و قد تَلَاءَمَ القومُ و الْتَأَمُوا: اجتمعوا و اتَّفقوا. و تَلاءَمَ الشيئان إِذا اجتمعا و اتصلا. و يقال: الْتَأَمَ الفَرِيقان و الرجلان إِذا تَصالحا و اجتمعا؛ و منه قول الأَعشى:
يَظُنُّ الناسُ بالمَلِكين             أَنَّهما قد الْتَأَمَا
فإِنْ تَسْمَعْ بِلأْمِهما،             فإِنَّ الأَمْرَ قد فَقِما

و هذا طعامٌ يُلائِمُنِي أَي يوافقني، و لا تقل يُلاوِمني. و
في حديث ابن أُمّ مكتوم: لي قائدٌ لا يُلائِمُنِي.
أَي يُوافِقني و يُساعدني، و قد تخفف الهمزة فتصير ياء، و
يروى يُلاوِمني.
، بالواو، و لا أَصل له، و هو تحريف من الرُّواة، لأَن المُلاوَمة مُفاعَلة من اللَّوْم. و
في حديث أَبي ذر: مَن لا يَمَسكم من مملوكِيكم فأَطْعِموه مما تأْكلون.
؛ قال ابن الأَثير: هكذا يروى بالياء منقلبة عن الهمزة، و الأَصل لاءَمكم. و لَأَمَ الشي‏ءَ لَأْماً و لاءَمَه و لَأَّمَه و أَلْأَمَه: أَصلحه فالْتَأَمَ و تَلأَّمَ. و اللِّئْمُ: الصلح، مهموز. و لاءَمْت بين الفريقين إِذا أَصلحت بينهما. و شي‏ء لأْمٌ أَي مُلْتئِم. و لَاءَمْت بين القوم مُلاءَمَةً إِذا أَصلحتَ و جمعت، و إِذا اتَّفق الشيئان فقد التَأَمَا؛ و منه قولهم: هذا طعامٌ لا يُلائِمُني، و لا تقل يُلاوِمُني، فإِنما هذا من اللَّوْم. و اللِّئْم: الصُّلح و الاتفاقُ بين الناس؛ و أَنشد ثعلب:
إِذا دُعِيَتْ يَوْماً نُمَيْرُ بنُ غالب،             رأَيت وُجوهاً قد تَبَيَّنَ لِيمُها

و ليَّن الهمز كما يُلَيَّنُ في اللِّيام جمع اللَّئيم. و اللِّئْم: فِعْلٌ من الملاءَمة، و معناه الصلح. و لَاءَمَنِيَ الأَمرُ: وافقني. و ريشٌ لُؤَامٌ: يُلائم بعضُه بعضاً، و هو ما كان بَطْنُ القُذَّة منه يلي ظَهْرَ الأُخرى، و هو أَجود ما يكون، فإِذا التقى بَطْنان أَو ظَهْران فهو لُغاب و لَغْب؛ و قال أَوْس بن حَجَر:
يُقَلِّبُ سَهْماً راشَه بمَناكبٍ             ظُهارٍ لُؤامٍ، فهو أَعْجَفُ شاسِفُ‏

و سهم لَأْمٌ: عليه ريشٌ لُؤامٌ؛ و منه قول إِمْرِئِ القيس:
نَطْعَنهم سُلْكَى و مَخْلوجةً،             لَفْتَكَ لَأْمَيْنِ على نابِل‏

و يروى:
كَرَّكَ لأْمَيْنِ.


و لَأَمْتُ السهم، مثل فَعَلْت: جعلت له لُؤاماً. و اللُّؤامُ: القُذَذُ الملتَئِمة، و هي التي يلي بطنُ القُذّة منها ظهرَ الأُخرى، و هو أَجود ما يكون و لَأَمَ السهمَ لَأْماً: جعل عليه ريشاً لُؤاماً. و الْتَأَمَ الجرحُ الْتِئَاماً إِذا بَرَأَ و التَحَمَ. الليث: أَلْأَمْتُ الجُرحَ بالدَّواء و أَلْأَمْتُ القُمْقُم إِذا سدَدْت صُدوعَه، و لَأَمْت الجرحَ و الصَّدْعَ إِذا سددته فالْتَأَمَ. و
في حديث جابر: أَنه أَمر الشَّجَرَتَين فجاءتا، فلما كانتا بالمَنْصَفِ لأَم بينهما.
يقال: لَأَمَ و لَاءَمَ بين الشيئين إِذا جمع بينهما و وافق. و تَلاءَمَ الشيئان و الْتَأَما بمعنى. و فلانٌ لِئْمُ فلانٍ و لِئَامُه أَي مثلُه و شِبهه، و الجمع أَلآمٌ و لِئَامٌ؛ عن ابن‏
__________________________________________________
 (1). [و لَأَّمَه نسبه إلخ‏] عبارة شرح القاموس: و رجل مُلَأَّمٌ كمُعَظَّم منسوب إلى اللؤم و كذا مِلْآم، و أنشد ابن الأَعرابي:
يروم أذى الأَحرار كلّ ملأَم.

 

531
لسان العرب12

لأم ص 530

الأَعرابي؛ و أَنشد:
أَ نَقْعُد العامَ لا نَجْني على أَحدٍ             مُجَنَّدِينَ، و هذا الناسُ أَلآمُ؟

و قالوا: لو لا الوِئام هلك اللِّئَام؛ قيل: معناه الأَمثال، و قيل: المتلائمون. و
في حديث عمر: أَن شابَّة زُوِّجت شيخاً فقتلته، فقال: أَيها الناس، ليَنْكِح الرجلُ لُمَتَه من النساء، و لتَنْكِح المرأَةُ لُمَتها من الرجال.
أَي شكله و تِرْبَه و مثلَه، و الهاء عوض من الهمزة الذاهبة من وسطه؛ و أَنشد ابن بري:
فإِن نَعْبُرْ فإِنَّ لنا لُماتٍ،             و إِن نَغْبُرْ فنحنُ على نُدورِ

أَي سنموت لا محالة. و قوله لُمَات أَي أَشباهاً. و اللُّمَة أَيضاً: الجماعة من الرجال ما بين الثلاثة إِلى العشرة. و اللِّئْمُ: السيْف؛ قال:
و لِئْمُك ذُو زِرَّيْنِ مَصْقولُ‏


و اللَّأْمُ: الشديد من كل شي‏ء. و اللَّأْمَةُ و اللُّؤْمَةُ: متاع الرجل من الأَشِلّةِ و الوَلايا؛ قال عديّ بن زيد:
حتى تَعاوَنَ مُسْتَكٌّ له زَهَرٌ             من التَناويرِ، شَكْل العِهْنِ في اللُّؤَمِ‏

و اللَّأْمَةُ: الدرع، و جمعها لُؤَم، مِثل فُعَل، و هذا على غير قياس. و
في حديث عليّ، كرم الله وجهه: كان يُحرِّضُ أَصحابَه يقول تَجَلْبَبُوا السكِينةَ و أَكمِلُوا اللُّؤَمَ.
؛ هو جمع لَأْمة على غير قياس فكأَنَّ واحدَته لُؤْمة. و اسْتَلْأَمَ لأْمَتَه و تلأَّمَها؛ الأَخيرة عن أَبي عبيدة: لَبِسَها. و جاء مُلَأَّماً عليه لَأْمَةٌ؛ قال:
و عَنْتَرة الفَلْحاء جاء مُلَأَّماً،             كأَنَّكَ فِنْدٌ مِن عَمايةَ أَسْودُ «2»

قال الفَلْحاء فأَنَّث حملًا له على لفظ عنترة لمكان الهاء، أَ لا ترى أَنه لما استغنى عن ذلك ردّه إِلى التذكير فقال كأَنَّك؟ و اللَّأْمَةُ: السّلاح؛ كلها عن ابن الأَعرابي. و قد اسْتَلْأَمَ الرجلُ إِذا لبِس ما عنده من عُدّةٍ رُمْحٍ و بيضة و مِغْفَر و سيف و نَبْل؛ قال عنترة:
إِن تُغْدِفي دُوني القِناعَ، فإِنَّني             طَبٌّ بأَخْذِ الفارِسِ المُسْتَلْئِمِ‏

الجوهري: اللَّأْم جمع لَأْمَة و هي الدرع، و يجمع أَيضاً على لُؤَم مثل نُغَر، على غير قياس أَنه جمع لُؤْمَة. غيره: اسْتَلْأَمَ الرجلُ لبِس اللأْمة. و المُلأَّم، بالتشديد: المُدَرَّع. و
في الحديث: لما انصرف النبي، صلى الله عليه و سلم، من الخَنْدقِ و وضَع لَأْمته أَتاه جبريلُ، عليه السلام، فأَمره بالخروج إِلى بني قُرَيْظة.
؛ اللَّأْمة، مهموزةً: الدرعُ، و قيل: السلاح. و لَأْمَةُ الحرب: أَداتها، و قد يترك الهمز تخفيفاً. و يقال للسيف لَأْمَة و للرمح لَأْمَة، و إِنما سمّي لَأْمةً لأَنها تُلائم الجسد و تلازمه؛ و قال بعضهم: اللَّأْمة الدرع الحصِينة، سميت لَأْمة لإِحْكامِها و جودة حلَقِها؛ قال ابن أَبي الحُقَيق فجعل اللَّأْمَة البَيْضَ:
بفَيْلَقٍ تُسْقِطُ الأَحْبالَ رؤيتُها،             مُسْتَلْئِمِي البَيْضِ من فوق السَّرابِيل‏

و قال الأَعشى فجعل اللَّأْمَة السلاح كله:
وقُوفاً بما كان من لَأْمَةٍ،             و هنَّ صِيامٌ يَلُكْنَ اللُّجُم‏

و قال غيره فجعل اللَّأْمة الدرع و فروجها بين يديها و من خلفها:
كأَنَّ فُروجَ اللَّأَمةِ السَّرْد شَكَّها،             على نفسِه، عَبْلُ الذِّراعَيْن مُخْدِرُ

و اسْتَلْأَمَ الحَجَر: من المُلاءَمة، عنه أَيضاً، و أَما يعقوب فقال: هو من السِّلام، و هو مذكور في موضعه.
__________________________________________________
 (2). قوله [كأنك‏] تقدم له في مادة فلح: كأنه.

532
لسان العرب12

لأم ص 530

و اللُّؤْمَة: جماعة أَداةِ الفدَّان؛ قاله أَبو حنيفة، و قال مرة: هي جماع آلة الفدّان حديدها و عيدانها. الجوهري: اللُّؤْمَة جماعةُ أَداة الفدّان، و كل ما يبخل به الإِنسان لحسنه من متاع البيت. ابن الأَعرابي: اللُّؤْمَة السِّنَّة التي تحرث بها الأَرض، فإِذا كانت على الفدّان فهي العِيانُ، و جمعها عُيُنٌ. قال ابن بري: اللُّؤْمَة السِّكَّة؛ قال:
كالثَّوْرِ تحت اللُّؤْمَةِ المُكَبِّس‏


أَي المُطأْطئ الرأْس. و لَأْم: اسم رجل؛ قال:
إِلى أَوْسِ بنِ حارِثَةَ بنِ لَأْم،             ليَقْضِيَ حاجَتي فِيمنْ قَضاها
فما وَطِئَ الحصى مثلُ ابن سُعْدى،             و لا لَبس النِّعالَ و لا احْتَذاها

لبم:
ابن الأَعرابي قال: اللَّبْمُ «1». اختلاج الكتف.
لتم:
اللَّتْم: الطَّعْن في النحر مثل اللَّتْب. لَتَمَ مَنْحر البعير بالشَّفْرة، و في مَنْحرِه لَتْماً: طَعَنه. و لَتَمَ نحره: كلطَمَ خَدَّه. الأَزهري: سمعت غير واحد من الأَعراب يقول لَتَمَ فلان بشَفْرَتِه في لَبَّة بعيره إِذا طعن فيها بها. قال أَبو تراب: قال ابن شميل يقال خُذ الشَّفْرة فالْتُب بها في لَبَّة الجزور و الْتُم بها بمعنى واحد، و قد لَتَمَ في لَبَّتها و لَتَبَ بالشفرة إِذا طعن بها فيها. و لَتَمَ الشي‏ءَ بيده: ضَرَبه. و لَتَمَتِ الحجارةُ رِجْلَ الماشي: عَقَرتْها. و لاتِمٌ و مِلْتَم و لُتَيْم: أَسماء. و مُلاتِمات: اسم أَبي قبيلة من الأَزد، فإِذا سئلوا عن نَسبِهم قالوا نحن بنو مُلاتَم، بفتح التاء.
لثم:
اللِّثَامُ: رَدُّ المرأَة قِناعَها على أَنفها و ردُّ الرجل عمامَته على أَنفه، و قد لَثَمَتْ تَلْثِمُ «2»، و قيل: اللِّثَامُ على الأَنف و اللِّفامُ على الأَرْنبة. أَبو زيد قال: تميم تقول تَلَثَّمَت على الفم، و غيرهم يقول تَلَفَّمَت؛ قال الفراء: إِذا كان على الفم فهو اللِّثام، و إِذا كان على الأَنف فهو اللِّفام. و يقال من اللِّثَام: لَثَمْتُ أَلْثِمُ، فإِذا أَراد التقبيل قلت: لَثِمْتُ أَلْثَمُ؛ قال الشاعر:
فلَثِمُْ فاها آخِذاً بِقُرونِها،             و لَثِمْتُ من شَفَتَيْهِ أَطْيَبَ مَلْثَم‏

و لَثِمْتُ فاها، بالكسر، إِذا قبَّلتها، و ربما جاء بالفتح؛ قال ابن كيسان: سمعت المبرد ينشد قول جَمِيل:
فلَثَمْتُ فاها آخِذاً بقرونِها،             شُرْبَ النَّزِيف ببَرْدِ ماءِ الحَشْرَج‏

بالفتح، و يروى البيت لعمر بن أَبي ربيعة، أَبو زيد: تميم تقول تَلَثَّمَت على الفم، و غيرهم يقول تَلَفَّمَت، فإِذا كان على طرف الأَنف فهو اللِّفام، و إِذا كان على الفم فهو اللِّثَام. قال الفراء: اللِّثَام ما كان على الفم من النقاب، و اللِّفام ما كان على الأَرْنبة. و
في حديث مكحول: أَنه كَرِهَ التَّلَثُّم من الغبار في الغَزْوِ.
، و هو شدُّ الفم باللثام، و إِنما كرهه رغبة في زيادة الثواب بما يناله من الغبار في سبيل الله. و المَلْثَم: الأَنف و ما حوله و إِنها لحسنَةُ اللِّثْمَةِ: من اللِّثام؛ و قول الحَذْلميّ:
و تَكْشِف النُّقْبةَ عن لِثَامِها


لم يفسر ثعلب اللِّثام، قال «3»: و عندي أَنه جلدها؛ و قول الأَخطل:
__________________________________________________
 (1). قوله [اللبم‏] ضبط في الأصل بالفتح، و هو الذي في نوادر ابن الأعرابي، و ضبطه المجد بالتحريك.
 (2). قوله [و قد لَثَمَتْ تَلْثِمُ‏] هكذا ضبط في الصحاح و المحكم أيضاً، و مقتضى إطلاق القاموس أنه من باب قتل، و في المصباح: و لَثِمَتِ المرأة من باب تعب لَثْماً مثل فلس. و تَلَثَّمَتْ و الْتَثَمَتْ شدت اللثام.
 (3). قوله [قال‏] أي ابن سيدة.

533
لسان العرب12

لثم ص 533

آلَت إِلى النِّصف من كَلْفاء أَتْأَقَها             عِلْجٌ، و لَثَّمَها بالجَفْنِ و الغارِ

إِنما أَراد أَنه صيّر الجفنَ و الغارَ لهذه الخابية كاللِّثام. و لَثِمَها و لَثَمَها يَلْثِمُها و يَلْثُمُها لَثْماً: قبّلها. الجوهري: و اللُّثْم، بالضم، جمع لاثِمٍ. و اللَّثْم: القُبْلة. يقال: لَثَمَت المرأَةُ تَلْثِمُ لَثْماً و الْتَثَمَت و تَلَثَّمَت إِذا شدَّت اللِّثامَ، و هي حسنَة اللِّثْمَة. و خُفٌّ مَلْثُوم و مُلَثَّم: جرحته الحجارة؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
يَرْمِي الصُّوَى بمُجْمَراتٍ سُمْرِ             مُلَثَّماتٍ، كمَرادِي الصَّخْرِ

الجوهري: لَثَمَ البعير الحجارة بخُفِّه يَلْثِمُها إِذا كسرَها. و خفٌّ مِلْثَم: يَصُكّ الحجارة. و يقال أَيضاً: لَثَمَتِ الحجارةُ خُفَّ البعير إِذا أَصابته و أَدْمته.
لجم:
لِجامُ الدابة: معروف، و قال سيبويه: هو فارسي معرب، و الجمع أَلْجِمَة و لُجُم و لُجْم، و قد أَلْجَمَ الفرس. و
في الحديث: من سُئل عما يَعْلَمُه فكَتَمَه أَلْجَمَه اللهُ بلِجَامٍ من نار يوم القيامة.
، قال المُمْسِك عن الكلام مُمَثَّل بمن أَلْجَمَ نَفْسَه بلِجام، و المراد بالعلم ما يلزمه تعليمه و يتعيّن عليه، كمن يرى رجلًا حديثَ عَهْدٍ بالإِسلام و لا يُحْسِن الصلاةَ و قد حضر وقتُها فيقول عَلِّمُوني كيف أُصَلِّي، و كم جاء مُسْتَفْتِياً في حلال أَو حرام فإِنه يلزم في هذا و أَمثاله تعريف الجواب. و مَن مَنَعَه استحق الوعيد؛ و منه‏
الحديث: يَبْلُغ العَرَقُ منهم ما يُلْجِمُهم.
أَي يَصِل إِلى أَفواههم فيصير لهم بمنزلة اللِّجام يمنعهم عن الكلام، يعني في المحشر يوم القيامة. و المُلَجَّم: موضع اللِّجام، و إِن لم يقولوا لَجَّمْتُه كأَنهم توهموا ذلك و استأْنفوا هذه الصيغة؛ أَنشد ثعلب:
و قد خاضَ أَعْدائي من الإِثْمِ حَوْمةً             يغِيبون فيها، أَو تَنال المحزّما «1».

و لَجَمَةُ الدابةِ: موقع اللِّجام من وجهها. و اللِّجام: حبْلٌ أَو عصاً تُدْخَل في فم الدابة و تُلْزق إِلى قفاه. و جاء و قد لفَظ لِجامَه أَي جاء و هو مجهود من العطش و الإِعْياء، كما يقال: جاء و قد قَرَضَ رِباطَه. و اللِّجامُ: ضربٌ من سِمات الإِبل يكون من الخدين إِلى صَفْقَي العنق، و الجمع كالجمع. يقال: أَلْجَمْتُ الدابةَ، و القياس على الآخر مَلجوم، قال: و لم يسمع، و أحسن منه أَن يقال بهِ سمَةُ لِجَام. و تَلَجَّمَتِ المرأَةُ إِذا استثْفَرت لمحيضها. و اللِّجَامُ: ما تشدُّه الحائض. و
في حديث المُسْتحاضة: تَلَجَّمِي.
أَي شُدِّي لجاماً، و هو شبيه بقوله: اسْتثْفِري أَي اجعلي موضع خروج الدم عِصابةً تمنع الدم، تشبيهاً بوضع اللجام في فم الدابة. و لجَمَةُ الوادي: فُوَّهَتُه. و اللُّجْمَة: العلَمُ من أَعلام الأَرض. و اللَّجَم: الصمْدُ المرتفع. أَبو عمرو: اللُّجْمَةُ الجَبل المسطَّح ليس بالضخم. و اللُّجَم: دُوَيْبَّة؛ قال عدي بن زيد:
له مَنْخِرٌ مثْلُ جُحْر اللُّجَمْ «2».


يصف فرساً، و قيل: هي دويبة أَصغر من العَظاية. و قال ابن بري: اللُّجَم دابة أَكبر من شحمة الأَرض و دون الحِرْباء؛ قال أَدهم بن أَبي الزعراء:
لا يَهْتدِي الغرابُ فيها و اللُّجَم‏


و قيل: هو الوَزَغ؛ التهذيب: و منه قول الأَخطل:
__________________________________________________
 (1). قوله [حومة] هكذا في الأصل. و في المحكم: خوضة. و قوله [المحزما] هكذا في الأصل أيضاً و لا شاهد فيه. و في المحكم: الملحما، و فيه الشاهد.
 (2). قوله [له منخر إلخ‏] هذه رواية المحكم، و الذي في التكملة:
له ذنب مثل ذيل العروس             إلى سبة مثل جحر اللُّجَم‏


و سبة بالفتح في خط المؤلف، و كذا في التهذيب.

534
لسان العرب12

لجم ص 534

و مَرَّت على الأَلْجَامِ، أَلْجَامِ حامرٍ،             يُثِرْن قَطاً لو لا سُراهن هُجَّدا «1»

أَراد جمع لُجْمَةِ الوادي و هي ناحية منه؛ و قال رؤبة:
إِذا ارتمت أَصحانه و لُجَمُهْ‏


قال ابن الأَعرابي: واحدتها لُجْمَة و هي نواحيه. ابن بري: قال ابن خالويه اللُّجَم العاطوسُ و هي سمكة في البحر و العرب تتشاءم بها؛ و أَنشد لرؤبة:
و لا أُحِبُّ اللُّجَمَ العاطوسا


و اللَّجَمُ: الشُّؤْم. و اللَّجَم: ما يُتَطَيَّرُ منه، واحدته لَجَمَة. و مُلْجَم: اسم رجل. و بنو لُجَيم: بطن.
لحم:
اللَّحْم و اللَّحَم، مخفف و مثقل لغتان: معروف، يجوز أَن يكون اللحَمُ لغة فيه، و يجوز أَن يكون فُتح لمكان حرف الحلق؛ و قول العجاج:
و لم يَضِعْ جارُكم لحمَ الوَضَم‏


إِنما أَراد ضَياعَ لحم الوَضم فنصب لحمَ الوضم على المصدر، و الجمع أَلْحُمٌ و لُحُوم و لِحَامٌ و لُحْمَان، و اللَّحْمة أَخصُّ منه، و اللَّحْمة: الطائفة منه؛ و قال أَبو الغول الطُّهَوي يهجو قوماً:
رَأَيْتُكمُ، بني الخَذْوَاء، لَمّا             دَنا الأَضْحَى و صَلَّلتِ اللِّحَامُ،
توَلَّيْتُمْ بِوُدِّكُمُ، و قُلْتم:             لَعَكٌّ منك أَقْرَبُ أَو جُذامُ‏

يقول: لما أَنتَنت اللحومُ من كثرتها عندكم أَعْرَضْتم عني. و لَحْمُ الشي‏ء: لُبُّه حتى قالوا لَحْمُ الثَّمرِ للُبِّه. و أَلْحَمَ الزرعُ: صار فيه القمحُ، كأَنّ ذلك لَحْمُه. ابن الأَعرابي: اسْتَلْحَمَ الزرعُ و استَكَّ و ازدَجَّ أَي الْتَفَّ، و هو الطِّهْلئ، قال أَبو منصور: معناه التفَّ. الأَزهري: ابن السكيت رجلٌ شَحِيمٌ لَحِيمٌ أَي سَمِين، و رجلٌ شَحِمٌ لَحِمٌ إِذا كان قَرِماً إِلى اللحْم و الشَّحْمِ يَشْتهِيهما، و لَحِمَ، بالكسر: اشتهى اللَّحْم. و رجل شَحَّامٌ لَحَّامٌ إِذا كان يبيع الشحمَ و اللحم، و لَحُمَ الرجلُ و شَحُمَ في بدنه، و إِذا أَكل كثيراً فلَحُم عليه قيل: لَحُمَ و شَحُم. و رجل لَحِيمٌ و لَحِمٌ: كثير لَحْم الجسد، و قد لَحُمَ لَحَامةً و لَحِمَ؛ الأَخيرة عن اللحياني: كُثرَ لحم بدنهِ. و
قول عائشة، رضي الله عنها: فلما عَلِقْت اللَّحْمَ سَبَقني.
أَي سَمِنْت فثقُلت. و رجل لَحِمٌ: أَكول للَّحم و قَرِمٌ إِليه، و قيل: هو الذي أَكل منه كثيراً فشكا منه، و الفعل كالفعل. و اللَّحَّامُ: الذي يبيع اللحم. و رجل مُلْحِمٌ إِذا كثر عنده اللحم، و كذلك مُشْحِم. و
في قول عمر: اتَّقوا هذه المَجازِرَ فإِن لها ضَراوةً كضراوةِ الخَمْر.
، و
في رواية: إِن لِلَّحم ضَراوةً كضراوةِ الخَمْر.
يقال: رجل لَحِمٌ و مُلْحِمٌ و لاحِمٌ و لَحِيمٌ، فاللَّحِمُ: الذي يُكْثِر أَكلَه، و المُلْحِم: الذي يكثر عنده اللحم أَو يُطْعِمه، و اللَّاحِمُ: الذي يكون عنده لحمٌ، و اللّحِيمُ: الكثيرُ لحمِ الجسد. الأَصمعي: أَلْحَمْتُ القومَ، بالأَلف، أَطعمتهم اللحمَ؛ و قال مالك بن نُوَيْرة يصف ضبعاً:
و تَظَلُّ تَنْشِطُني و تُلْحِمُ أَجْرِياً،             وسْطَ العَرِينِ، و ليسَ حَيٌّ يَمنعُ‏

قال: جعل مأْواها لها عَرِيناً. و قال غير الأَصمعي: لَحَمْتُ القومَ، بغير أَلف؛ قال شمر: و هو القياس. و بيْتٌ لَحِمٌ: كثير اللحْم؛ و قال الأَصمعي في قول الراجز يصف الخيل:
نُطْعِمُها اللَّحْمَ، إِذا عَزَّ الشَّجَرْ،             و الخيْلُ في إِطْعامِها اللَّحْمَ ضَرَرْ

__________________________________________________
 (1). قوله [و مرت إلخ‏] في التكملة بخط المؤلف:
عوامد للأَلْجَام أَلْجَام حامر             يثرن قطاً لو لا سراهن هجدا.

535
لسان العرب12

لحم ص 535

قال: أَراد نُطْعمها اللبنَ فسمى اللبن لَحْماً لأَنها تسمَنُ على اللبن. و قال ابن الأَعرابي: كانوا إِذا أَجْدَبوا و قلَّ اللبنُ يَبَّسُوا اللحمَ و حمَلوه في أَسفارهم و أَطعَموه الخيلَ، و أَنكر ما قال الأَصمعي و قال: إِذا لم يكن الشجرُ لم يكن اللبنُ. و أَما
قوله، عليه السلام: إِن اللهَ يُبْغِضُ البيتَ اللَّحِمَ و أَهلَه.
، فإِنه أَراد الذي تؤْكل فيه لُحومُ الناس أَخْذاً. و
في حديث آخر: يُبْغِضُ أَهلَ البيت اللَّحِمِين.
و سأَل رجل سفيان الثوريّ: أَ رأَيت هذا الحديث إِن الله تبارك و تعالى لَيُبْغِضُ أَهلَ البيت اللَّحِمِين؟ أَ هُم الذين يُكِثرون أَكل اللحْم؟ فقال سفيان: هم الذين يكثرون أَكلَ لحومِ الناس.
و أَما
قوله ليُبْغِضُ البيتَ اللَّحِمَ و أَهلَه.
قيل: هم الذين يأْكلون لحوم الناس بالغِيبة، و قيل: هم الذين يكثرون أَكل اللحم و يُدْمِنُونه، قال: و هو أَشبَهُ. و فلانٌ يأْكل لُحومَ الناس أَي يغتابهم؛ و منه قوله:
و إِذا أَمْكَنَه لَحْمِي رَتَعْ‏


و
في الحديث: إِنَّ أَرْبَى الربا استِطالةُ الرجل في عِرْضِ أَخيه.
و لَحِمَ الصقرُ و نحوُه لَحَماً: اشتهى اللحْم. و بازٍ لَحِمٌ: يأْكل اللحمَ أَو يشتهيه، و كذلك لاحِمٌ، و الجمع لَوَاحِمُ، و مُلْحِمٌ: مُطْعِم للَّحم، و مُلْحَمٌ: يُطْعَم اللحمَ. و رجل مُلْحَمٌ أَي مُطْعَم للصيد مَرزوق منه. و لَحْمَةُ البازي و لُحْمَته: ما يُطْعَمُه مما يَصِيده، يضم و يفتح، و قيل: لَحْمةُ الصقرِ الطائرُ يُطْرَح إِليه أَو يصيده؛ أَنشد ثعلب:
مِن صَقْع بازٍ لا تُبِلُّ لُحَمُه‏


و أَلْحَمْتُ الطيرَ إِلحَاماً. و بازٍ لَحِمٌ: يأْكل اللحم لأَن أَكله لَحْمٌ؛ قال الأَعشى:
تدَلَّى حَثيثاً كأَنَّ الصِّوارَ             يَتْبَعُه أَزرَقِيٌّ لَحِمْ‏

و لُحْمَةُ الأَسد: ما يُلْحَمُه، و الفتح لغة. و لَحَمَ القومَ يَلحَمُهم لَحْماً، بالفتح، و أَلْحَمَهم: أَطعمهم اللحمَ، فهو لَاحِمٌ؛ قال الجوهري و لا تقل أَلحَمْتُ، و الأَصمعي يقوله. و أَلْحَمَ الرجلُ: كثُر في بيته اللحم، و أَلْحَمُوا: كثُر عندهم اللحم. و لَحَمَ العَظمَ يَلْحُمُه و يَلْحَمُه لَحْماً: نزع عنه اللحم؛ قال:
و عامُنا أَعْجَبَنا مُقَدَّمُهْ،             يُدعى أَبا السَّمْحِ و قِرْضابٌ سُمُهْ،
مُبْتَرِكاً لكل عَظْمٍ يَلحُمُهْ‏


و رجل لَاحِمٌ و لَحِيمٌ: ذو لحمٍ على النسب مثل تامر و لابن، و لَحَّام: بائع اللحم. و لَحِمَت الناقة و لَحُمَتْ لَحَامَةً و لُحُوماً فيهما، فهي لَحِيمَةٌ: كثر لحمُها. و لُحْمة جلدة الرأْس و غيرها: ما بَطَن مما يلي اللحم. و شجَّة مُتَلَاحِمَة: أَخذت في اللحم و لم تبلُغ السِّمْحاق، و لا فعل لها. الأَزهري: شجّة مُتَلاحِمَة إِذا بلغت اللحم. و يقال: تَلاحَمَتِ الشجّةُ إِذا أَخذت في اللحم، و تَلَاحَمَت أَيضاً إِذا بَرأَتْ و التَحمتْ. و قال شمر: قال عبد الوهاب المُتلاحِمة من الشِّجاج التي تَشُقُّ اللحمَ كلَّه دون العظم ثم تَتَلاحَمُ بعد شَقِّها، فلا يجوز فيها المِسْبارُ بعد تَلاحُمِ اللحم. قال: و تَتَلاحَمُ من يومِها و من غَدٍ. قال ابن الأَثير في حديث: الشِّجاج المتلاحِمة هي التي أَخذتْ في اللحم، قال: و قد تكون التي برأَتْ و التحَمتْ. و امرأَة مُتلاحِمة: ضيِّقةُ مَلاقي لحم الفَرْج و هي مآزِم الفَرج. و المُتلاحِمة من النساء: الرَّتقاء؛ قال أَبو سعيد: إِنما يقال لها لاحِمةٌ كأَنَّ هناك لحماً يمنع من الجماع، قال: و لا يصح مُتلاحِمة. و
في حديث عمر: قال لرجل لِمَ طَلَّقْتَ امرأَتَك؟ قال: إِنها كانت مُتَلَاحِمَة، قال: إِنّ ذلك منهن لمُسْتَرادٌ.
؛ قيل: هي الضيِّقة المَلاقي، و قيل: هي التي بها رَتَقٌ. و الْتَحَمَ الجرحُ للبُرْء.

536
لسان العرب12

لحم ص 535

و أَلْحَمَه عِرْضَ فلان: سَبَعهُ إِيّاه، و هو على المثل. و يقال: أَلْحَمْتُك عِرْضَ فلان إِذا أَمكنْتك منه تَشْتُمه، و أَلْحَمْتُه سَيفي. و لُحِمَ الرجلُ، فهو لَحِيمٌ، و أُلْحِمَ: قُتِل. و
في حديث أُسامة: أَنه لَحَمَ رجلًا من العَدُوِّ.
أَي قتَله، و قيل: قَرُب منه حتى لَزِق به، من الْتَحَمَ الجرحُ إِذا الْتَزَق، و قيل: لَحَمَه أَي ضربه مِن أَصابَ لَحْمَه. و اللَّحِيمُ: القَتيلُ؛ قال ساعدة بن جؤية أَورده ابن سيدة:
و لكنْ تَرَكتُ القومَ قد عَصَبوا به،             فلا شَكَّ أَن قد كان ثَمَّ لَحِيمُ‏

و أَورده الجوهري:
فقالوا: تَرَكْنا القومَ قد حَضَروا به،             و لا غَرْوَ أَن قد كان ثَمَّ لَحِيمُ‏

قال ابن بري صواب إِنشاده: فقال «2» تركناه؛ و قبله:
و جاء خَلِيلاه إِليها كِلاهُما             يُفِيض دُموعاً، غَرْبُهُنّ سَجُومُ‏

و اسْتُلحِمَ: رُوهِقَ في القتال. و استُلْحِمَ الرجلُ إِذا احْتَوَشه العدوُّ في القتال؛ أَنشد ابن بري للعُجَير السَّلولي:
و مُسْتَلْحَمٍ قد صَكَّه القومُ صَكَّة             بَعِيد المَوالي، نِيلَ ما كان يَجْمَعُ‏

و المُلْحَم: الذي أُسِر و ظَفِر به أَعداؤُه؛ قال العجاج:
إِنَّا لَعَطَّافون خَلْف المُلْحَمِ‏


و المَلْحَمَة: الوَقْعةُ العظيمة القتل، و قيل: موضع القتال. و أَلحَمْتُ القومَ إِذا قتلتَهم حتى صاروا لحماً. و أُلْحِمَ الرجلُ إِلْحَاماً و اسْتُلحِمَ اسْتِلْحَاماً إِذا نَشِب في الحرب فلم يَجِدْ مَخْلَصاً، و أَلْحَمَه غيرُه فيها، و أَلْحَمَه القتالُ. و
في حديث جعفر الطيّار، عليه السلام، يوم مُؤْتةَ: أَنه أَخذ الراية بعد قتْل زيدٍ فقاتَلَ بها حتى أَلْحَمَه القتالُ فنزَلَ و عَقَرَ فرَسَه.
؛ و منه‏
حديث عمر، رضي الله عنه، في صفة الغُزاة: و منهم مَن أَلْحَمَه القتالُ.
؛ و منه‏
حديث سُهيل: لا يُرَدُّ الدعاءُ عند البأْس حين يُلْحِم بعضُهم بعضاً.
أَي تشتَبكُ الحرب بينهم و يلزم بعضهم بعضاً. و
في الحديث: اليوم يومُ المَلْحَمَة.
، و
في حديث آخر: و يُجْمَعون للمَلْحَمَة.
؛ هي الحرب و موضعُ القتال، و الجمع المَلاحِمُ مأْخوذ من اشتباك الناس و اختلاطِهم فيها كاشتِباك لُحْمةِ الثوب بالسَّدى، و قيل: هو من اللحْم لكثرة لُحوم القتلى فيها، و أَلْحَمْتُ الحربَ فالْتَحَمْتُ. و المَلْحَمَة: القتالُ في الفتنة، ابن الأَعرابي: المَلْحَمَة حيث يُقاطِعون لُحومَهم بالسيوف؛ قال ابن بري: شاهد المَلْحَمَة قول الشاعر:
بمَلْحَمَةٍ لا يَسْتَقِلُّ غُرابُها             دَفِيفاً، و يمْشي الذئبُ فيها مع النَّسْر

و المَلْحَمَة: الحربُ ذات القتل الشديد. و المَلْحَمَة: الوَقعة العظيمة في الفتنة. و في قولهم نَبيُّ المَلْحَمَة قولان: أَحدهما نبيُّ القتال و هو كقوله‏
في الحديث الآخر بُعِثْت بالسيف.
، و الثاني نبيُّ الصلاح و تأْليفِ الناس كان يُؤَلِّف أَمرَ الأُمَّة. و قد لَحَمَ الأَمرَ إِذا أَحكمه و أَصلحَه؛ قال ذلك الأَزهري عن شمر. و لَحِمَ بالمكان «3» يَلْحَمُ لَحْماً: نَشِب بالمكان. و أَلْحَمَ بالمكان: أَقامَ؛ عن ابن الأَعرابي، و قيل: لَزِم الأَرض، و أَنشد:
إِذا افْتَقَرا لم يُلْحِمَا خَشْيةَ الرَّدى،             و لم يَخْشَ رُزءاً منهما مَوْلَياهُما

__________________________________________________
 (2). قوله [فقال إلخ‏] كذا بالأَصل و لعله فقالا كما يدل عليه قوله و جاء خليلاه.
 (3). قوله [و لَحِمَ بالمكان‏] قال في التكملة بالكسر، و في القاموس كعلم، و لم يتعرضا للمصدر، و ضبط في المحكم بالتحريك.

537
لسان العرب12

لحم ص 535

و أَلْحَمَ الدابةُ إِذا وقف فلم يَبرح و احتاج إِلى الضرب. و
في الحديث: أَنه قال لرجل صُمْ يوماً في الشهر، قال: إِني أَجد قوَّةً، قال: فصُمْ يومين، قال: إِني أَجد قوَّة، قال: فصُم ثلاثة أَيام في الشهر، و أَلْحَمَ عند الثالثة.
أَي وقَف عندها فلم يَزِدْه عليها، من أَلْحَمَ بالمكان إِذا أَقام فلم يبرح. و أَلْحَمَ الرجلَ: غَمَّه. و لَحَمَ الشي‏ءَ يَلْحُمُه لَحْماً و أَلْحَمَه فالْتَحَمَ: لأَمَه. و اللِّحَامُ: ما يُلأَم به و يُلْحَم به الصَّدْعُ. و لاحَمَ الشي‏ءَ بالشي‏ء: أَلْزَقَه به، و الْتَحَمَ الصَّدْعُ و الْتَأَم بمعنى واحد. و المُلْحَم: الدَّعِيُّ المُلْزَقُ بالقوم ليس منهم؛ قال الشاعر:
حتى إِذا ما فَرَّ كلُّ مُلْحَم‏


و لَحْمةُ النَّسَبِ: الشابِكُ منه. الأَزهري: لَحْمةُ النسب، بالفتح، و لُحْمةُ الصيد ما يُصاد به، بالضم. و اللُّحْمَةُ، بالضم: القرابة. و لَحْمَةُ الثوب و لُحْمَتُه: ما سُدِّي بين السَّدَيَيْن، يضم و يفتح، و قد لَحَمَ الثوب يَلْحَمُه و أَلْحَمُه. ابن الأَعرابي: لَحْمَة الثوب و لَحْمَة النَّسب، بالفتح. قال الأَزهري: و لُحْمَةُ الثوب الأَعْلى «1» و لَحْمَتهُ، و السَّدَى الأَسفل من الثوب؛ و أَنشد ابن بري:
سَتاهُ قَزٌّ و حَرِيرٌ لَحْمَتُهْ‏


و أَلْحَمَ الناسجُ الثوبَ. و في المثل: أَلْحِمْ ما أَسْدَيْتَ أَي تَمِّمْ ما ابْتَدَأْتَه من الإِحسان. و
في الحديث: الوَلاءُ لُحْمَةٌ كلُحْمَةِ النسب، و في رواية: كلُحْمَةِ الثوب.
قال ابن الأَثير: قد اختلف في ضم اللّحْمَة و فتحها فقيل: هي في النسب بالضم، و في الثوب بالضم و الفتح، و قيل: الثوب بالفتح وحده، و قيل: النسب و الثوب بالفتح، فأَما بالضم فهو ما يُصاد به الصيدُ، قال: و معنى الحديث المُخالَطةُ في الوَلاءِ و أَنها تَجْرِي مَجْرَى النسب في المِيراث كما تُخالِطُ اللُّحمةُ سَدَى الثوب حتى يَصِيرا كالشي‏ء الواحد، لما بينهما من المُداخَلة الشديدة. و
في حديث الحجاج و المطر: صار الصِّغار لُحْمةَ الكِبار.
أَي أَن القَطْرَ انتسَج لتتَابُعه فدخل بعضه في بعض و اتَّصل. قال أَبو سعيد: و يقال هذا الكلام لَحِيمُ هذا الكلامِ و طَريدُه أَي وَفْقُه و شَكْلُه. و استَلْحَمَ الطريقُ: اتَّسَعَ. و اسْتَلْحَمَ الرجلُ الطريقَ: رَكِبَ أَوْسَعَه و اتَّبَعَه؛ قال رؤبة:
و مَن أَرَيْناهُ الطريقَ استَلْحَمَا


و قال إمرؤ القيس:
اسْتَلْحَمَ الوَحْشَ على أَكْسائِها             أَهْوَجُ مِحْضِيرٌ، إِذا النَّقْعُ دَخَنْ‏

استَلْحَمَ: اتَّبَعَ. و
في حديث أُسامة: فاسْتَلْحَمَنا رجلٌ من العدُوّ.
أَي تَبِعَنا يقال: استَلْحَمَ الطَّريدةَ و الطريقَ أَي تَبع. و أَلْحَم بَيْنَ بني فلان شرّاً: جناه لهم. و أَلْحَمَه بصَرَه: حَدَّدَه نحوَه و رَماه به. و حَبْلٌ مُلاحَمٌ: شديدُ الفتل؛ عن أَبي حنيفة؛ و أَنشد:
مُلاحَمُ الغارةِ لم يُغْتَلَبْ‏


و المُلْحَم: جنس من الثياب. و أَبو اللَّحَّام: كنية أَحد فُرْسان العرب.
لحجم:
طريقٌ لَحْجَمٌ: واسعٌ واضح؛ حكاه اللحياني؛ قال ابن سيدة: و أَرى حاءَه بدلًا من هاء لَهْجَم.
لحسم:
التهذيب في النوادر: اللَّهاسِمُ و اللَّحاسِمُ مَجارِي الأَوْدِية الضيّقةُ، واحدها لُهْسُم و لُحْسُم، و هي اللَّخافيقُ.
لخم:
اللَّخْم: القَطْعُ. و قد لَخَمَ الشي‏ءَ لَخْماً: قطَعه. و لَخُمَ الرجلُ: كثُر لَحْمُ وجهه و غلُظ. و بالرجل لَخْمةٌ أَي ثِقَلُ نَفْسٍ و فَتْرةٌ. و اللَّخَمَةُ:
__________________________________________________
 (1). أي الأَعلى من الثوب.

538
لسان العرب12

لخم ص 538

العَقَبة التي من المَتْن. و اللُّخَمَة: كلُّ ما يُتطيَّرُ منه. و اللِّخَامُ: اللِّطامُ. يقال: لاخَمَه و لامَخَه أَي لطَمَه. و اللُّخْمُ، بالضم «1»: ضَرْبٌ من سمك البحر، قال رؤبة:
كَثيرة حيتانُه و لُخُمهْ‏


قال: و الجَمَل سمكة تكون في البحر؛ و رواه ابن الأَعرابي:
و اعْتَلَجَتْ جِمالُه و لُخُمهْ‏


قال: و لا يكون الجَمَل في العَذْب، و قيل: هو سمك ضخم، قيل: لا يمرّ بشي‏ء إِلا قطعه، و هو يأْكل الناس، و يقال له الكَوْسَج. و
في حديث عكرمة: اللُّخُمُ حَلالٌ.
؛ هو ضَرْبٌ من سمك البحر، و يقال له القِرْشُ؛ و قال المُخبَّل يصف دُرّة و غوَّاصاً:
بِلَبانهِ زَيْتٌ و أَخْرَجها             منْ ذي غَوارِبَ، وَسْطَه اللُّخُم‏

و لَخْمٌ: حَيٌّ من جُذام؛ قال ابن سيدة: لَخْم حيٌّ من اليمن، و منهم كانت ملوك العرب في الجاهلية و هم آلُ عمرو بن عَديّ بن نصر اللَّخْمِيّ. قال أَبو منصور: مُلوك لَخْمٍ كانوا نزلوا الحيرة، و هم آل المُنْذِر.
لخجم:
اللَّخْجَمُ: البعيرُ المُجْفَر الجنبين، و في التهذيب: اللَّخْجَم البعيرُ الواسع الجوف.
لدم:
اللَّدْمُ: ضرْبُ المرأَةِ صَدْرَها. لَدَمَت المرأَة وجهَها: ضربته. و لَدَمَتْ خُبْزَ المَلَّة إِذا ضربته. و
في حديث الزبير يوم أُحُد: فخرجْتُ أَسْعَى إِليها، يعني أُمَّه، فأَدْرَكْتُها قبل أَنْ تَنْتَهِيَ إِلى القَتْلى فلَدَمَتْ في صَدْري و كانت امرأَة جَلْدةً.
، أَي ضربَتْ و دفعت. ابن سيدة: لَدَمَتِ المرأَةُ صدْرَها تَلْدِمُه لَدْماً ضربته، و الْتَدَمَتْ هي. و اللَّدْمُ: ضرْبُ خُبْزِ الملّة إِذا أَخرجته منها و ضَرْبُ غيرهِ أَيضاً. و اللَّدْمُ: صوتُ الشي‏ء يَقعُ في الأَرض من الحَجر و نحوه و ليس بالشديد؛ قال ابن مقبل:
و للفُؤادِ وَجِيبٌ تَحْتَ أَبْهَرِه،             لَدْمَ الغُلامِ وراءَ الغَيْبِ بالحَجَرِ

و قيل: اللَّدْمُ اللَّطْم و الضربُ بشي‏ء ثقيل يُسْمَعُ وَقْعُه. و الْتَدَمَ النساءُ إِذا ضربْنَ وُجوهَهُنَّ في المآتم. و اللَّدْمُ: الضرْبُ، و التِدامُ النساء من هذا، و اللَّدْمُ و اللّطْمُ واحدٌ. و الالْتِدَامُ: الاضْطراب. و الْتِدَامُ النساء: ضَرْبهُنّ صُدورَهنّ و وجوهَهن في النِّياحة. و رجل مِلْدَمٌ: أَحمقُ ضخم ثقيل كثير اللحم. و فَدْمٌ لَدْمٌ: إِتباع. و يقال: فلان فَدْمٌ ثَدْمٌ لَدْمٌ بمعنى واحد. و
روي عن عليّ، عليه السلام، أَن الحسن قال له في مَخْرجِه إِلى العراق: إِنه غير صواب، فقال: و الله لا أَكون مثلَ الضَّبُع تسمع اللَّدْمَ فتخرُجُ فتُصاد.
، و ذلك أَن الصَّيّاد يجي‏ء إِلى جحرها فيضرب بحجَر أَو بيدِه، فتخرج و تَحْسبه شيئاً تَصِيده لتأْخذَه فيأْخذها، و هي من أَحمق الدَّوابّ؛ أَراد أَني لا أُخْدَع كما تُخْدعُ الضبع باللَّدْم، و يُسمَّى الضرْبُ لَدْماً. و لَدَمْتُ أَلْدِمُ لَدْماً، فأَنا لادِمٌ، و قوم لَدَمٌ مثل خادِمٍ و خَدَمٍ. و أُمُّ مِلْدَم: الحُمَّى، الليث: أُمّ مِلدَم كنية الحُمَّى، و العرب تقول: قالت الحمى أَنا أُمُّ مِلْدَم آكُل اللحم و أَمَصُّ الدمَ، قال: و يقال‏
__________________________________________________
 (1). قوله [و اللخم بالضمّ إلخ‏] عبارة الصحاح: و اللخم و اللخم بالضم ضرب إلخ و الأَولى بضمتين.

539
لسان العرب12

لدم ص 539

لها أُمّ الهِبْرِزِيّ. و أَلْدَمَت عليه الحُمّى أَي دامَتْ. و
في الحديث: جاءت أُمُّ مِلْدَمٍ تستأْذن.
؛ هي الحُمَّى، و الميم الأُولى مكسورة زائدة، و بعضهم يقولها بالذال المعجمة. و اللَّدِيمُ: الثوب الخلَق. و ثوب لَدِيم و مُلَدَّم: خَلَقٌ. و لَدَمَه: رَقَعَه. الأَصمعي: المُلَدَّم و المُرَدَّمُ من الثياب المُرقَّعُ، و هو اللَّديم. و لَدَمْت الثوب لَدْماً و لَدَّمتُه تَلْدِيماً أَي رَقَّعْتُه، فهو مُلَدَّم و لَدِيمٌ أَي مُرَقَّع مُصْلَح. و اللِّدامُ: مثل الرِّقاع يُلْدَمُ به الخفّ و غيره. و تَلَدَّمَ الثوبُ أَي أَخْلَق و اسْتَرْقَع. و تَلَدَّمَ الرجلُ ثوبَه أَي رَقعَه، يتعدَّى و لا يتعدى، مثل تَرَدَّم. و اللَّدَمُ، بالتحريك: الحُرَمُ في القَرابات. و يقال: إِنما سميت الحُرْمَةُ اللَّدَمَ لأَنها تَلْدِمُ القَرابةَ أَي تُصْلِح و تَصِل؛ تقول العرب: اللَّدَمُ اللَّدَمُ إِذا أَرادت توكيد المُحالفة أَي حُرْمَتُنا حُرْمَتُكم و بيتنا بيتُكم لا فرق بيننا. و
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم: أَن الأَنصار لما أَرادوا أَن يُبايعوه في بَيْعَةِ العَقَبة بمكة قال أَبو الهيثم بن التَّيِّهان: يا رسول الله، إن بينَنا و بينَ القَوم حِبالًا و نحنُ قاطِعوها، فنخشى إنِ اللهُ أَعَزَّك و أَظْهَرَكَ أَن ترجع إِلى قومك، فتبسَّم النبي، صلى الله عليه و سلم، و قال: بل الدَّمُ الدَّمُ و الهَدَمُ الهَدَمُ أُحارِبُ مَنْ حارَبْتُم و أُسالمُ مَنْ سالَمْتُم و رواه بعضهم: بل اللَّدَمُ اللَّدَمُ و الهَدَمُ الهَدَمُ.
، قال: فمن رواه بل الدَّم الدّم و الهَدَم الهَدَم فإِن ابن الأَعرابي قال: العرب تقول: دَمِي دَمُك و هَدَمِي هَدَمُك في النُّصْرة أَي إِن ظُلِمْتَ فقد ظُلِمْتُ؛ قال: و أَنشد العقيليّ:
دَماً طَيِّباً يا حَبَّذا أَنتَ من دَمِ‏


قال أَبو منصور: و قال الفراء العرب تدخل الأَلف و اللام اللتين للتعريف على الاسم فتقومان مقام الإِضافة كقول الله عز و جل: فَأَمَّا مَنْ طَغى‏ وَ آثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى‏؛ أَي الجحيم مأْواه، و كذلك قوله: وَ أَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى‏ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى‏؛ المعنى فإِن الجنة مأْواه؛ و قال الزجاج؛ معناه فإِن الجنة هي المأْوى له، قال: و كذلك هذا في كل اسم، يدلان على مثل هذا الإِضمار فعلى قول الفراء
قوله الدَّمُ الدَّمُ.
أَي دمكم دمي و هَدَمكم هَدَمي؛ و قال ابن الأَثير
في رواية: الدَّمُ الدَّمُ.
، قال: هو أَن يهدر دَم القتيل، المعنى إِن طلِب دمُكم فقد طُلب دمي، فدمي و دمُكم شي‏ء واحد، و أَما
من رواه بل اللَّدَم اللَّدَم و الهَدَم الهَدَم.
فإِن ابن الأَعرابي أَيضاً قال: اللَّدَم الحُرَم جمع لادِمٍ و الهدَم القَبر، فالمعنى حُرَمكم حُرَمي و أُقْبَرُ حيث تُقْبَرون؛ و هذا كقوله: المَحْيا مَحْياكم و المَمات مماتُكم لا أُفارقكم. و ذكر القتيبي أَن أَبا عبيدة قال في معنى هذا الكلام: حُرْمَتي مع حُرْمَتِكم و بَيْتي مع بيتكم؛ و أَنشد:
ثم الْحَقي بهَدَمِي و لَدَمِي‏


أَي بأَصْلي و موضعي. و اللَّدَمُ: الحُرَمُ جمع لادِم، سُمِّي نساءُ الرجل و حُرَمُه لَدَماً لأَنهن يَلْتَدِمْنَ عليه إِذا مات. و
في حديث عائشة: قُبِض رسول الله، صلى الله عليه و سلم، و هو في حَجْري ثم وضَعْت رأْسَه على وِسادَةٍ و قُمْتُ أَلْتَدِمُ مع النِّساء و أَضْرِب وَجْهي.
و المِلْدَمُ و المِلْدَامُ: حَجَرٌ يُرْضَخُ به النوى، و هو المِرْضاخُ أَيضاً. قال ابن بري عند قول الجوهري سُمِّيَت الحُرْمة اللَّدَمَ قال: صوابه أَن يقول سميت الحُرَمُ اللَّدَم لأَن اللَّدَم جمعُ لادِمٍ. و لَدْمَانُ: ماء معروف. و مُلادِمٌ: اسم؛ و في‏

540
لسان العرب12

لدم ص 539

ترجمة دعع في التهذيب قال: قرأْت بخط شمر للطِّرمَّاح:
لم تُعالِجْ دَمْحَقاً بائتاً             شُجَّ بالطَّخْفِ لِلَدْمِ الدَّعاعْ‏

قال: اللَّدْمُ اللَّعْقُ.
لذم:
لَذِمَ بالمكان، بالكسر، لَذْماً و أَلْذَمَ: ثَبَت و لَزِمَه و أَقام. و أَلذَمْتُ فلاناً بفلان إِلذاماً. و رجلٌ لُذَمَةٌ: لازمٌ للبيت، يطرد على هذا بابٌ فيما زعم ابن دريد في كتابه الموسوم بالجمهرة، قال ابن سيدة: و هو عندي موقوف. و يقال للأَرْنب: حُذَمةٌ لُذَمة تَسبق الجَمْع بالأَكَمةِ؛ فحُذَمةٌ: حديدة، و قيل: حُذَمة إِذا عَدَتْ أَسرعت، و لُذَمة: ثابتةُ العَدْو لازمة له، و قيل: إِتباع. و اللُّذَمةُ: اللازم للشي‏ء لا يفارقه. و اللُّذُومُ: لُزُومُ الخير أَو الشر. و لَذِمَه الشي‏ءُ: أَعجَبه، و هو في شعر الهذلي. و لَذِمَ بالشي‏ء لَذَماً: لَهِجَ به و أَلذَمَه إِيَّاه و به و أَلهَجَه به؛ و أَنشد:
ثَبْت اللِّقاء في الحروبِ مُلْذَما


و أَنشد أَبو عمرو لأَبي الوَرْد الجعْديّ:
لَذِمْتَ أَبا حَسَّانَ أَنْبارَ مَعْشَرٍ             جَنافَى عليكم، يَطْلُبون الغَوائلا

و أُلْذِمَ به أَي أُولِعَ به، فهو مُلْذَم به. و رجل لَذُومٌ و لَذِمٌ و مِلْذَمٌ: مُولَع بالشي‏ء؛ قال:
قَصْرَ عَزِيز بالأَكالِ مِلْذَمِ‏


الليث: اللَّذِمُ المُولَع بالشي‏ء، و قد لَذِمَ لَذَماً. و يقال للشجاعِ: مِلْذَمٌ لعَلَثِه بالقتال، و للذّئب مِلْذَم لعَلَثِه بالفَرْسِ. و لَذِمَ به لَذَماً؛ عَلِقَه؛ و أَما ما أَنشده من قول الشاعر:
زعم ابن سيِّئةِ البنان بأَنَّني             لَذِمٌ لآخُذَ أَرْبَعاً بالأَشْقَرِ

فقد يكون العَلِقَ و على العَلِق، استشهد به ابن الأَعرابي، و قد يكون اللَّهِجَ الحَرِيص، و المعنيان مُقتربان. و يقال: أَلْذِمْ لفلانٍ كَرامتَك أَي أَدِمْها له. و أُمُّ مِلْذم: كنية الحُمَّى؛ قال ابن الأَثير: بعضهم يقولها بالذال المعجمة.
لزم:
اللُّزومُ: معروف. و الفِعل لَزِمَ يَلْزَمُ، و الفاعل لازِمٌ و المفعول به ملزومٌ، لَزِمَ الشي‏ءَ يَلْزَمُه لَزْماً و لُزوماً و لازَمَهُ مُلازَمَةً و لِزاماً و الْتَزَمَه و أَلْزَمَه إِيَّاه فالْتَزَمَه. و رجل لُزَمَةٌ: يَلْزَم الشي‏ء فلا يفارِقه. و اللِّزَامُ: الفَيْصل جدّاً. و قوله عز و جل: قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ؛ أَي ما يصنع بكم ربي لو لا دعاؤه إِيَّاكم إِلى الإِسلام، فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً
؛ أَي عذاباً لازماً لكم؛ قال الزجاج: قال أَبو عبيدة فَيْصلًا، قال: و
جاء في التفسير عن الجماعة أَنه يعني يومَ بدر و ما نزل بهم فيه، فإِنه لُوزِمَ بين القَتْلى لِزَاماً.
أَي فُصل؛ و أَنشد أَبو عبيدة لصخر الغَيّ:
فإِمَّا يَنْجُوَا من حَتْفِ أَرْضٍ،             فقد لَقِيا حُتوفَهما لِزاماً

و تأْويل هذا أَن الحَتْف إِذا كان مُقَدَّراً فهو لازِمٌ، إِن نجا من حَتْفِ مكانٍ لقيه الحَتْفُ في مكان آخر لِزاماً؛ و أَنشد ابن بري:
لا زِلْتَ مُحْتَمِلًا عليَّ ضَغِينَةً،             حتى المَماتِ يكون منك لِزاماً

و قرئَ لَزاماً، و تأْويله فسوف يَلْزمُكم تكذيبكم لَزاماً و تَلْزمُكم به العقوبة و لا تُعْطَوْن التوبة،

541
لسان العرب12

لزم ص 541

و يدخل في هذا يومُ بدر و غيره مما يَلْزَمُهم من العذاب. و اللِّزام: مصدر لَازَمَ. و اللَّزَام، بفتح اللام: مصدر لَزِمَ كالسَّلام بمعنى سَلِمَ، و قد قرئ بهما جميعاً، فمن كسر أَوقعه مُوقَع مُلازِم، و من فتح أَوقعه موقع لازِم. و في حديث أَشراط الساعة ذكرُ اللِّزام، و فسِّر بأَنه يوم بدر، و هو في اللغة المُلازَمة للشي‏ء و الدوامُ عليه، و هو أَيضاً الفَصْل في القضية، قال: فكأَنه من الأَضداد. و اللِّزامُ: الموتُ و الحسابُ. و قوله تعالى: وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً
؛ معناه لكان العذاب لازِماً لهم فأَخّرَهم إِلى يوم القيامة. و اللَّزَمُ: فَصْلُ الشي‏ء، من قوله لَكانَ لِزاماً
 فَيْصَلًا، و قال غيره: هو من اللُّزومِ. الجوهري: لَزِمْت به و لَازَمْتُه. و اللِّزامُ: المُلازِمُ؛ قال أَبو ذؤيب:
فلم يرَ غيرَ عاديةٍ لِزاماً،             كما يَتَفَجَّر الحوضُ اللَّقِيفُ‏

و العاديةُ: القوم يَعْدُون على أَرجلهم أَي فحَمْلَتُهم لِزامٌ كأَنهم لَزِمُوه لا يفارقون ما هم فيه، و اللَّقيفُ: المُتهوِّر من أَسفله. و الالْتِزَامُ: الاعتِناقُ. قال الكسائي: تقول سَبَبْتُه سُبَّةً تكون لَزَامِ، مثل قَطامِ أَي لازمة. و حكى ثعلب: لأَضْرِبَنَّك ضَرْبةً تكون لَزَامِ، كما يقال دَراكِ و نَظارِ، أَي ضربة يُذكر بها فتكون له لِزَاماً أَي لازِمةً. و المِلْزَم، بالكسر: خشبتان مشدودٌ أَوساطُهما بحديدة تُجْعَل في طرفها قُنّاحة فتَلْزَم ما فيها لُزوماً شديداً، تكون مع الصَّياقِلة و الأَبَّارِين. و صار الشي‏ءُ ضربةَ لازِمٍ، كلازِبٍ، و الباء أَعلى؛ قال كُثيّر في محمد بن الحنفية و هو في حبس ابن الزبير:
سَمِيُّ النبيِّ المُصْطَفى و ابنُ عَمِّه،             و فَكّاك أَغْلالٍ و نَفّاع غارِمِ‏
أَبى فهو لا يَشْرِي هُدىً بضَلالةٍ،             و لا يَتَّقي في الله لَوْمةَ لائمِ‏
و نحنُ، بحَمْدِ اللهِ، نَتْلُو كِتابَه             حُلولًا بهذا الخَيْفِ، خَيْفِ المَحارِم‏
بحيثُ الحمامُ آمِنُ الرَّوْعِ ساكِنٌ،             و حيثُ العَدُوُّ كالصَّديقِ المُلازِم‏
فما وَرِقُ الدُّنْيا بِباقٍ لأَهْلهِ،             و ما شِدَّةُ البَلْوَى بضَرْبةِ لازِم‏
تُحَدِّثُ مَن لاقَيْت أَنك عائذٌ،             بَل العائذُ المظلوم في سِجْنِ عادِم‏

و المُلازِمُ: المُغالِقُ. و لازِم: فرس وُثَيل بن عوف.
لسم:
أَلْسَمَه حُجَّتُه: أَلزَمَه كما يُلْسَم ولَدُ المنتوجة ضرْعَها. و قال ابن شميل: الإِلْسامُ إِلْقامُ الفصيلِ الضرعَ أَوَّلَ ما يُولد. و يقال: أَلْسَمْته إِلْساماً، فهو مُلْسَمٌ. و يقال: أَلْسَمْتُه حُجَّتَه إِلْسَاماً أَي لَقَّنْتُه إِياها؛ و أَنشد:
لا يُلْسَمَنَّ أَبا عِمْرانَ حُجَّتَه،             فلا تكونَنْ له عَوْناً على عُمرا

ابن الأَعرابي: اللَّسْم السكوتُ حياءً لا عَقْلًا.
لضم:
التهذيب: اللَّضْمُ العُنْفُ و الإِلْحاحُ على الرجل، يقال: لَضَمْتُه أَلْضِمُه لَضْماً أَي عَنُفْتُ عليه و أَلْحَحْت؛ و أَنشد:
مَنَنْتَ بِنائلٍ و لَضَمْتَ أُخْرى             بِرَدٍّ، ما كذا فِعْلُ الكِرام‏

قال أَبو منصور: و لم أَسمع لضم لغير الليث.
لطم:
اللَّطْمُ: ضَرْبُك الخدَّ و صَفْحةَ الجسد ببَسْط اليد، و في المحكم: بالكفّ مفتوحة، لَطَمَه يَلْطِمُه لَطْماً و لَاطَمَه مُلاطَمةً و لِطَاماً. و المَلْطِمانِ:

542
لسان العرب12

لطم ص 542

الخدّان؛ قال:
نابي المَعَدَّيْنِ أَسِيل مَلْطِمُه «2».


و هما المَلْطَمانِ نادر. ابن حبيب: المَلاطِمُ الخدود، واحدها مَلْطَمٌ؛ و أَنشد:
خَصِمُون نَفّاعُون بِيضُ المَلاطِم‏


ابن الأَعرابي: اللَّطْمُ إِيضاحُ الحمرة. و اللَّطْمُ: الضرب على الوجه بباطن الراحة. و في المثل: لو ذاتُ سِوارٍ لَطَمَتْني؛ قالته امرأَة لَطَمَتْها مَن ليست بكف‏ءٍ لها. الليث: اللَّطِيمُ، بلا فِعْلٍ، من الخيل الذي يأْخذ خدَّيه بياضٌ. و قال أَبو عبيدة: إِذا رجعت غُرّةُ الفرس من أَحد شِقّي وجهه إِلى أَحد الخدّين فهو لَطِيمٌ، و قيل: اللَّطِيمُ من الخيل الذي سالت غُرّتُه في أَحد شِقّي وجهه، يقال منه: لُطِمَ الفرس، على ما لم يسمّ فاعله، فهو لَطِيمٌ؛ عن الأَصمعي. و اللَّطِيمُ من الخيل: الأَبيضُ موضِع اللَّطْمةِ من الخدّ، و الجمع لُطُمٌ، و الأُنثى لَطِيمٌ أَيضاً، و هو من باب مُدَرْهم أَي لا فِعْل له، و قيل: اللَّطيمُ الذي غُرّته في أَحد شِقّي وجهه إِلى أَحد الخدّين في موضع اللَّطْمة، و قيل: لا يكون لَطيماً إِلا أَن تكون غُرّتُه أَعظمَ الغُررِ و أَفشاها حتى تُصِيبَ عينيه أَو إِحداهما، أَو تُصِيبَ خَدّيه أَو أَحدَهما. و خَدٌّ مُلَطَّمٌ: شُدِّد للكثرة. و اللَّطيمُ من خَيْلِ الحَلْبة: هو التاسع من سوابق الخيل، و ذلك أَنه يُلْطَم وجهُه فلا يدخل السُّرادِق. و اللَّطِيمُ: الصغيرُ من الإِبل الذي يُفْصَل عند طلوع سُهَيْل، و ذلك أَن صاحبه يأْخذ بأُذُنِه ثم يَلْطِمه عند طلوع سهيل و يستقبله به و يَحْلِف أَن لا يذوق قطرة لَبَن بعد يومه ذلك، ثم يَصُرُّ أَخلافَ أُمِّه كلَّها و يَفْصِله منها، و لهذا قالت العرب: إِذا طلع سُهيلْ، بَرَدَ الليلْ، و امتنع القَيْلْ، و للفصيل الوَيْلْ؛ و ذلك لأَنه يُفْصَل عند طلوعه. الجوهري: اللَّطِيمُ فَصيلٌ إِذا طلع سهيل أَخذه الراعي و قال له: أَ تَرى سهيلًا؟ و الله لا تذوق عندي قطرة ثم لَطَمَه و نَحّاه. ابن الأَعرابي: اللَّطِيمُ الفصيل إِذا قَوِي على الركوب لُطِمَ خَدُّه عند عَيْنِ الشمس، ثم يقال اغْرُبْ، فيصير ذلك الفصيلُ مؤدَّباً و يسمى لَطِيماً. و اللَّطِيمُ: الذي يموت أَبواه. و العَجِيُّ: الذي تموت أُمُّه. و اليتيمُ: الذي يموت أَبوه. و اللَّطِيم و اللَّطِيمةُ: المِسْكُ؛ الأُولى عن كراع، قال الفارسي: قال ابن دريد هي كل ضربٍ من الطِّيب يُحمل على الصُّدْغ من المَلْطِم الذي هو الخدّ، و كان يستحسنها، و قال: ما قالها إِلَّا بطالع سعد. و اللَّطِيمةُ: وِعاءُ المِسْك، و قيل: هي العير تحمله، و قيل: سُوقُه، و قيل: كلُّ سُوقٍ يُجْلب إِليها غيرُ ما يؤكل من حُرِّ الطِّيب و المتاعِ غير المِيرة لَطِيمةٌ، و الميرة لما يؤكل؛ ثعلب عن ابن الأَعرابي: أَنه أَنشده لِعاهانَ بن كَعْب بن عمرو بن سعد:
إِذا اصْطَكَّتْ بضَيْقٍ حُجْرتاها،             تَلاقِي العَسْجَدِيَّةِ و اللَّطِيمِ‏

قال: العَسْجَدِيّة إِبل منسوبة إِلى سُوق يكون فيها العَسْجد و هو الذهب؛ و قال ابن بري: العسجدية التي تَحْمِل الذهب، و اللَّطِيمُ: منسوب إِلى سُوق يكون أَكثرُ بَزِّها اللَّطِيمَ، و هو جمع اللَّطِيمَة، و هي العيرُ التي تحمل المسك. ابن السكيت: اللَّطِيمَة عِيرٌ فيها طِيبٌ، و العسجديةِ ركابُ المُلوكِ التي تحمل الدِّقَّ، و الدِّقُّ الكثير الثمن الذي ليس بجافٍ. الجوهري: اللَّطِيمةُ العيرُ تحمل الطِّيبَ و بَزَّ التِّجار، و ربما قيل لسُوقِ العَطَّارِين لَطِيمَةٌ؛
__________________________________________________
 (2). قوله [نابي‏] كذا في الأَصل و شرح القاموس بالباء، و الذي في المحكم: نائي.

543
لسان العرب12

لطم ص 542

قال ذو الرمة يَصف أَرطأة تَكنَّسَ فيها الثور الوحشي:
كأَنَّها بيتُ عَطَّارٍ يُضَمِّنُه             لَطَائِمَ المِسْكِ، يَحْويها و تُنْتَهَبُ‏

قال أَبو عمرو: اللَّطِيمَةُ قِطْعةُ مِسْك، و يقال فارة مِسْك؛ قال الشاعر في اللَّطِيمَة المسك:
فقلت: أَ عَطَّاراً نَرى في رِحالِنا؟             و ما إِنْ بمَوْماةٍ تُباعُ اللَّطائِمُ‏

و قال آخر في مثله:
عَرُفْتَ كإِتْبٍ عَرَّفَتْه اللَّطائِمُ‏


و
في حديث بدر: قال أَبو جهل يا قومِ اللَّطِيمَة اللَّطِيمَةَ.
أَي أَدْرِكوها، و هي منصوبة بإِضمار هذا الفعل. و اللَّطِيمَة: الجِمالُ التي تحمل العِطْرَ و البَزَّ غير المِيرة. و لَطَائِمُ المِسْك: أَوْعِيتُه. ابن الأَعرابي: اللَّطيمةُ سُوقُ الإِبل، و اللَّطيمة و الزَّوْمَلةُ من العِير التي عليها أَحمالها، قال: و يقال اللَّطيمةُ و العِيرُ و الزَّوْملة، و هي العير التي كان عليها «1» حِمْل أَو لم يكن، و لا تسمى لَطِيمَةً و لا زَوْملة حتى تكون عليها أَحمالها؛ و قول أَبي ذؤيب:
فجاءَ بها ما شِئتَ من لَطَمِيَّةٍ،             تَدُورُ البحارُ فوقَها و تَمُوجُ‏

إِنما عنى دُرَّة. و قوله: ما شئت من لَطَمِيّة، في موضع الحال. و تَلَطَّمَ وجهُه: ارْبَدّ. و المُلَطَّم: اللئيم. و لَطَّمَ الكتاب: ختَمه؛ و قوله:
لا يُلْطَمُ المصْبُورُ وَسْطَ بُيوتِنا،             و نَحُجُّ أَهلَ الحقِّ بالتَّحْكِيم‏

يقول: لا يُظْلَم فينا فيُلْطَم و لكن نأْخذ الحق منه بالعدل عليه. الليث: اللَّطِيمَة سُوق فيها أَوْعيةٌ من العِطْر و نحوه من البِياعات؛ و أَنشد:
يَطُوفُ بها وَسْطَ اللَّطِيمة بائعُ‏


و قال في قول ذي الرمة:
لَطَائِم المِسْكِ يَحْوِيها و تُنْتَهَبُ‏


يعني أَوْعِيَة المسك. أَبو سعيد: اللَّطِيمَة العَنْبَرةُ التي لُطِمَت بالمسك فتَفَتَّقت به حتى نَشِبَت رائحتها، و هي اللَّطَمِيَّة، و يقال: بالةٌ لَطَمِيّةٌ؛ و منه قول أَبي ذؤيب:
كأَنَّ عليها بالةً لَطَمِيَّةً،             لها من خِلالِ الدَّأْيَتينِ أَرِيجُ‏

أَراد بالبالة الرائحة و الشَّمّة، مأْخوذ من بَلْوته أَي شَمَمْته، و أَصلها بَلوة، فقدَّم الواو و صيرها أَلفاً كقولهم قاعَ و قَعا. و يقال: أَعْطِني لَطِيمَةً من مِسك أَي قطعة. و اللَّطِيمَة في قول النابغة «2»: هي الغوالي المُعَنْبَرة، و لا تسمى لَطِيمة حتى تكون مخلوطة بغيرها. الفراء: اللَّطِيمَة سُوق العطّارين، و اللَّطِيمَة العِيرُ تحمل البُرَّ و الطِّيبَ. أَبو عمرو: اللَّطِيمَةُ سُوقٌ فيها بَزٌّ و طِيب. و لاطَمَه فتَلاطَمَا؛ و الْتَطَمَتِ الأَمْواجُ: ضرب بعضها بعضاً؛ و في حديث حسّان:
يُلَطِّمُهنّ بالخُمُرِ النساءُ


أَي يَنْفُضْن ما عليها من الغُبار، فاستعار له اللَّطْم، و روي‏
يُطَلُِّهنّ ...


، و هو الضرب بالكف.
لعم:
انفرد بها الأَزهري و قال: لم أَسمع فيه شيئاً غير حرف واحد وجدته لابن الأَعرابي، قال: اللَّعَمُ اللُّعابُ، بالعين، قال: و يقال لم يتَلعْثَمْ في كذا و لم يَتَلَعْلَمْ في كذا أَي لم يتمكَّث و لم ينتظر.
__________________________________________________
 (1). قوله [و هي العير التي كان عليها إلخ‏] كذا في الأَصل، و عبارة التهذيب: و هي العير كان عليها حمل أو لم يكن.
 (2). قوله [و اللَّطِيمَة في قول النابغة إلخ‏] عبارة التهذيب: و اللَّطِيمَة في قول النابغة السوق، سميت لَطِيمَة لتصافق الأَيدي فيها، قال: و أما لَطَائِم المسك في قول ذي الرمة فهي الغوالي إلخ.

544
لسان العرب12

لعثم ص 545

لعثم:
تَلَعْثَمَ عن الأَمر: نَكَل و تمكَّث و تأَنَّى و تبصَّر، و قيل: التَّلَعْثُم الانتظار. و ما تَلَعْثَمَ عن شي‏ء أَي ما تأَخَّر و لا كذَّب. و قرأَ فما تَلَعْثَمَ و ما تَلَعْذَمَ أَي ما توقَّف و لا تمكَّث و لا تردّد، و قيل: ما تَلَعْثَمَ أَي لم يُبْطِئ بالجواب. و
في الحديث عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه قال: ما عرَضْتُ الإِسْلامَ على أَحَدٍ إِلا كانت فيه كَبْوةٌ إِلا أَن أَبا بكر ما تَلَعْثَمَ!.
أَي أَجاب من ساعتِه أَوَّلَ ما دعوته و لم ينتظر و لم يتمكَّث و صدَّق بالإِسلام و لم يتوقَّف. و
في حديث لقمان بن عاد أَنه قال في أَحدِ إِخْوتِه: فليسَت فيه لَعْثَمَةٌ إِلا أَنه ابن أَمَةٍ.
؛ أَراد أَنه لا توقُّفَ عن ذِكْرِ مَناقبه إِلا عند ذكر صَراحةِ نَسبِه فإِنه يُعاب بهُجْنته. و يقال: سأَلته عن شي‏ء فلم يَتَلَعْثَمْ و لم يتَلَعْذَمْ و لم يَتَتَمْتَمْ و لم يتمرَّغ و لم يتفكَّر أَي لم يتوقف حتى أَجابني.
لعذم:
قرأَ فما تَلَعْذَمَ أَي ما تردَّد كتلَعْثَم، و زعم يعقوب أَن الذال بدل من التاء، و قد تقدم.
لعظم:
الجوهري: يقال لَعْمَظْتُ اللحمَ أَي انتهَسْته عن العظم، قال: و ربما قالوا لَعْظَمْتُه على القلب.
لغم:
لَغِمَ لَغَماً و لَغْماً: و هو استِخْبارُه عن الشي‏ء لا يستيقنه و إِخبارُه عنه غير مستيقن أَيضاً. و لَغَمْتُ أَلْغَمُ لَغْماً إِذا أَخبَرْت صاحبك بشي‏ء لا تستيقنه. وَ لَغَمَ لَغْماً: كنَغَم نَغْماً. و قال ابن الأَعرابي: قلت لأَعرابي مَتى المَسِير؟ فقال: تَلَغَّموا بيومِ السبْت، يعني ذكَروه، و اشتقاقه من أَنهم حرَّكوا مَلاغِمَهم به. و اللَّغِيمُ: السِّرّ. و اللُّغَامُ و المَرْغُ: اللُّعاب للإِنسان. و لُغَام البعير: زَبَدُه. و اللُّغَامُ: زَبَدُ أَفواهِ الإِبل، و الرُّوالُ للفرس. ابن سيدة: و اللُّغَام من البعير بمنزلة البُزاقِ أَو اللُّعاب من الإِنسان. و لَغَمَ البعيرُ يَلْغَمُ لُغَامه لَغْماً إِذا رمى به. و
في حديث ابن عُمر: و أَنا تحت ناقة رسول الله، صلى الله عليه و سلم، يُصِيبُني لُغَامُها.
؛ لُغامُ الدابة: لُعابُها و زبدُها الذي يخرج من فيها معه، و قيل: هو الزَّبَدُ وحده، سمي بالمَلاغِم، و هي ما حَوْلَ الفَم مما يَبْلُغه اللسان و يَصِل إِليه؛ و منه‏
الحديث: يَستعمِل مَلاغِمَهُ.
؛ هو جمع مَلْغَم؛ و منه‏
حديث عمرو بن خارجة: و ناقة رسول الله، صلى الله عليه و سلم، تَقْصَع بِجِرّتها و يَسِيل لُغَامُها بين كَتِفَيَّ.
و المَلْغَمُ: الفمُ و الأَنْف و ما حولهما. و قال الكلابي: المَلاغِمُ من كل شي‏ء الفم و الأَنف و الأَشْداق، و ذلك أَنها تُلَغَّم بالطيب، و من الإِبل بالزَّبَدِ و اللُّغامِ. و المَلْغَمُ و المَلاغِم: ما حول الفم الذي يبلغه اللسان، و يشبه أَن يكون مَفْعَلًا من لُغامِ البعير، سمي بذلك لأَنه موضع اللُّغامِ. الأَصمعي: مَلاغِمُ المرأَة ما حول فمها. الكسائي: لَغَمْت أَلْغَمُ لَغْماً. و يقال: لَغَمْتُ المرأَة أَلْغَمُها إِذا قبَّلْت مَلْغَمها؛ و قال:
خَشَّمَ منها مَلْغَمُ المَلْغومِ             بشَمَّةٍ من شارِفٍ مَزْكومِ‏
قدْ خَمَّ أَو قد هَمَّ بالخُمومِ،             ليسَ بمَعْشوقٍ و لا مَرْؤُومِ‏

خَشَّم منها أَي نتُن منها مَلْغُومُها بشَمَّة شارف. و تَلَغَّمْت بالطِّيب إِذا جعلته في المَلاغِم؛ و أَنشد ابن بري لرؤبة:
تَزْدَج بالجادِيّ أَو تَلَغَّمُهْ «3».


و قد تلَغَّمَتِ المرأَةُ بالزعفران و الطِّيب؛ و أَنشد:
__________________________________________________
 (3). قوله [تزدج إلخ‏] هكذا في الأَصل.

545
لسان العرب12

لغم ص 545

و لُغِمَ فلانٌ بالطِّيب، فهو مَلْغُوم إِذا جعل الطِّيب على مَلاغِمه. و المَلْغَم: طرف أَنفه. و تلَغَّمَتِ المرأَة بالطيب تَلَغُّماً: وضَعَتْه على مَلاغمها. و كلُّ جوهر ذوّاب كالذهب و نحوه خُلِط بالزَّاوُوق مُلْغَمٌ، و قد أُلْغِمَ فالْتَغَمَ. و الغنَمُ تَتَلَغَّمُ بالعُشْب و بالشِّرْب تَبُلُّ مَشافِرَها. و اللَّغَم: الإِرْجافُ الحادُّ.
لغذم:
تَلَغْذَمَ الرجلُ: اشتدَّ كلامه. الليث: المُتَلَغْذِم الشديد الأَكل.
لفم:
اللِّفَام: النقاب على طرف الأَنف، و قد لَفَمَ و تَلَفَّمَ. و لَفَمَتِ المرأَة فاها بِلِفامِها: نَقَّبَته. و لَفَمَتْ و تَلَفَّمَت و الْتَفَمَت إِذا شدَّت اللِّفام. أَبو زيد: تميم تقول تلَثَّمت على الفم، و غيرهم يقول تَلَفَّمَت. قال الفراء: يقال من اللِّفَام لَفَمْت أَلْفِمُ، فإِذا كان على طرف الأَنف فهو اللِّفَام، و إِذا كان على الفم فهو اللِّثام. الجوهري: قال الأَصمعي إِذا كان النِّقاب على الفم فهو اللِّثام و اللِّفام، كما قالوا الدَّفَئِيُّ و الدَّثَئِيُّ؛ قال الشاعر:
يُضِي‏ءُ لنا كالبَدْر تحت غَمامةٍ،             و قد زلَّ عن غُرّ الثَّنايا لِفامُها

و قال أَبو زيد: تَلَفَّمْت تَلَفُّماً إِذا أَخذت عمامة فجعلتها على فيك شِبْه النقاب و لم تبلغ بها أَرنبة الأَنف و لا مارِنَه، قال: و بنو تميم تقول في هذا المعنى: تلَثَّمت تلَثُّماً، قال: و إِذا انتهى إِلى الأَنف فغشِيَه أَو بعضه فهو النقاب.
لقم:
اللَّقْمُ: سُرعة الأَكل و المُبادرةُ إِليه. لَقِمَه لَقْماً و الْتَقَمَه و أَلْقَمَه إِياه، و لَقِمْت اللُّقْمةَ أَلْقَمُها لَقْماً إِذا أَخَذْتَها بِفِيك، و أَلْقَمْتُ غيري لُقْمةً فلَقِمَها. و الْتَقَمْت اللُّقْمةَ أَلْتَقِمُها الْتِقَاماً إِذا ابْتَلَعْتها في مُهْلة، و لَقَّمْتها غيري تَلْقِيماً. و في المثل: سَبَّه فكأَنما أَلْقَمَ فاه حَجَراً. و
في الحديث: أَن رجلًا أَلْقَمَ عينَه خَصاصةَ الباب.
أَي جعل الشَّقَّ الذي في الباب يُحاذي عينَه فكأَنه جعله للعين كاللُّقمة للفم. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: فهو كالأَرْقم إِن يُتْرك يَلْقَم.
أَي إِن تَتْرُكه يأْكلك. يقال: لَقِمْتُ الطعامَ أَلْقَمُه و تَلَقَّمْتُه و الْتَقَمْتُه. و رجُل تِلْقَام و تِلْقَامَة: كبير اللُّقَم، و في المحكم: عظيم اللُّقَم، و تِلْقَامَة من المُثُل التي لم يذكرها صاحب الكتاب. و اللَّقْمَة و اللُّقْمَة: ما تُهيِّئه لِلّقم؛ الأُولى عن اللحياني. التهذيب: و اللُّقْمَة اسم لما يُهيِّئه الإِنسان للالتقام، و اللَّقْمَةُ أَكلُها بمرّة، تقول: أَكلت لُقْمَة بلَقْمَتَيْنِ، و أَكلت لُقْمَتَيْنِ بلَقْمَة، و أَلْقَمْت فلاناً حجَراً. و لَقَّمَ البعيرَ إِذا لم يأْكل حتى يُناوِلَه بيده. ابن شميل: أَلْقَمَ البعيرُ عَدْواً بينا هو يمشي إِذْ عَدا فذلك الإِلْقَام، و قد أَلْقَمَ عَدْواً و أَلْقَمْتُ عَدْواً. و اللَّقَمُ، بالتحريك: وسط الطريق؛ و أَنشد ابن بري للكميت:
و عبدُ الرحِيمِ جماعُ الأُمور،             إِليه انتَهى اللَّقَمُ المُعْمَلُ‏

و لَقَمُ الطريق و لُقَمُه؛ الأَخيرة عن كراع: مَتْنُه و وسطه؛ و قال الشاعر يصف الأَسد:
غابَتْ حَلِيلتُه و أَخْطأَ صَيْده،             فله على لَقَمِ الطريقِ زَئِير «1».

و اللَّقْمُ، بالتسكين: مصدر قولك لَقَمَ الطريقَ و غير الطريق، بالفتح، يَلْقُمُه، بالضم، لَقْماً: سدَّ فمه. و لَقَمَ الطريقَ و غيرَ الطريق يَلْقُمُه لَقْماً:
__________________________________________________
 (1). هذا البيت لبشار بن بُرد.

546
لسان العرب12

لقم ص 546

سدَّ فمه. و اللَّقَمُ، محرَّك: مُعْظم الطريق. الليث: لَقَمُ الطريق مُنْفَرَجُه، تقول: عليك بلَقَمِ الطريق فالْزَمْه. و لُقْمَانُ: صاحب النُّسور تنسبه الشعراءُ إلى عاد؛ و قال:
تَراه يُطوِّفُ الآفاقَ حِرْصاً             ليأْكل رأْسَ لُقْمَانَ بنِ عادِ

قال ابن بري: قيل إن هذا البيت لأَبي المهوش الأَسَديّ، و قيل: ليزيد بن عمرو بن الصَّعِق، و هو الصحيح؛ و قبله:
إذا ما ماتَ مَيْتٌ من تَميمٍ             فسَرَّك أَن يَعِيش، فجِئْ بِزادِ
بخُبْزٍ أَو بسَمْنٍ أَو بتَمْرٍ،             أَو الشي‏ء المُلَفَّفِ في البِجادِ

و قال أَوس بن غَلْفاء يردّ عليه:
فإنَّكَ، في هِجاء بني تَميمٍ،             كمُزْدادِ الغَرامِ إلى الغَرامِ‏
هُمُ ضَرَبوكَ أُمَّ الرأْسِ، حتى             بَدَتْ أُمُّ الشُّؤُونِ من العِظام‏
و همْ ترَكوكَ أَسْلَح مِن حُبارَى             رأَت صَقْراً، و أَشْرَدَ من نَعامِ‏

ابن سيدة: و لُقْمَان اسم؛ فأَما لُقْمَان الذي أَثنى عليه الله تعالى في كتابه فقيل في التفسير: إنه كان نبيّاً، و قيل: كان حكيماً لقول الله تعالى: وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ
؛ و قيل: كان رجلًا صالحاً، و قيل: كان خَيّاطاً، و قيل: كان نجّاراً، و قيل: كان راعياً؛ و
روي في التفسير أَن إنساناً وقف عليه و هو في مجلسه قال: أَ لَسْتَ الذي كنتَ ترعى معي في مكان كذا و كذا؟ قال: بلى، فقال: فما بَلَغَ بك ما أرى؟ قال: صِدْقُ الحديث و أَداءُ الأَمانةِ و الصَّمْتُ عما لا يَعْنِيني.
، و قيل: كان حَبَشِيّاً غليظ المَشافر مشقَّق الرجلين؛ هذا كله قول الزجاج، و ليس يضرّه ذلك عند الله عز و جل لأَن الله شرّفه بالحِكْمة. و لُقَيم: اسم، يجوز أَن يكون تصغير لُقْمَان على تصغير الترخيم، و يجوز أَن يكون تصغير اللّقم؛ قال ابن بري: لُقَيم اسم رجل؛ قال الشاعر:
لُقَيم بن لُقْمانَ من أُخْتِه،             و كان ابنَ أُخْتٍ له و ابْنَما

لكم:
اللَّكْم: الضرب باليد مجموعة، و قيل: هو اللَّكْزُ في الصدر و الدفْعُ، لَكَمَه يَلْكُمُه لَكْماً؛ أَنشد الأَصمعي:
كأَن صوتَ ضَرْعِها تَشاجُلُ «1». هاتِيك هاتا حَتنا تكايِلُ،             لَدْمُ العُجا تَلْكُمُها الجَنادِلُ‏

و المُلَكَّة: القُرْصة المضروبة باليد. و خُفٌّ مِلْكَم و مُلَكَّم و لَكَّام: صُلْب شديد يكسر الحجارة؛ أَنشد ثعلب:
ستأتِيك منها، إن عَمَرْتَ، عِصابةٌ             و خُفَّانِ لَكَّامَانِ للقِلَعِ الكُبْدِ

قال ابن سيدة: هذا شعر للصّ يتهزّأُ بمسروقه. و يقال: جاءنا فلانٌ في نِخافَيْنِ مُلَكَّمَيْنِ أَي في خُفَّيْنِ مُرقَّعَيْن. و المُلَكَّم: الذي في جانبه رِقاعٌ يَلْكُم بها الأَرض. و جَبَلُ اللُّكَامِ: معروف؛ التهذيب: جبَل لُكامٍ معروف بناحية الشأْم. الجوهري: اللُّكّام، بالتشديد، جبل بالشأْم. و مُلْكُومٌ: اسم ماء بمكة، شرفها الله تعالى.
لمم:
اللَّمُّ: الجمع الكثير الشديد. و اللَّمُّ: مصدر لَمَّ الشي‏ء يَلُمُّه لَمّاً جمعه و أصلحه. و لَمَّ اللهُ‏
__________________________________________________
 (1). قوله: تشاجل: هكذا في الأَصل.

547
لسان العرب12

لمم ص 547

شَعَثَه يَلُمُّه لَمّاً: جمعَ ما تفرّق من أُموره و أَصلحه. و في الدعاء: لَمَّ اللهُ شعثَك أي جمع اللهُ لك ما يُذْهب شعثك؛ قال ابن سيدة: أي جمعَ مُتَفَرِّقَك و قارَبَ بين شَتِيت أَمرِك. و
في الحديث: اللهمِّ الْمُمْ شَعَثَنا.
، و
في حديث آخر: و تَلُمّ بها شَعَثي.
؛ هو من اللَّمّ الجمع أَي اجمع ما تَشَتَّتَ من أَمْرِنا. و رجُل مِلَمٌّ: يَلُمُّ القوم أي يجمعهم. و تقول: هو الذي يَلُمّ أَهل بيته و عشيرَته و يجمعهم؛ قال رؤبة:
 فابْسُط علينا كَنَفَيْ مِلَمّ‏


أَي مُجَمِّع لِشَمْلِنا أَي يَلُمُّ أَمرَنا. و رجل مِلَمٌّ مِعَمٌّ إذا كان يُصْلِح أُمور الناس و يَعُمّ الناس بمعروفه. و قولهم: إنّ دارَكُما لَمُومةٌ أَي تَلُمُّ الناس و تَرُبُّهم و تَجْمعهم؛ قال فَدَكيّ بن أَعْبد يمدح علقمة بن سيف:
أَحَبَّني حُبَّ الصَّبيّ، و لَمَّني             لَمَّ الهَدِيّ إلى الكريمِ الماجِدِ «1».

ابن شميل: لُمَّة الرجلِ أَصحابُه إذا أَرادوا سفراً فأَصاب مَن يصحبه فقد أَصاب لُمّةً، و الواحد لُمَّة و الجمع لُمَّة. و كلُّ مَن لقِيَ في سفره ممن يُؤنِسُه أَو يُرْفِدُه لُمَّة. و
في الحديث: لا تسافروا حتى تُصيبوا لُمَّة «2».
أَي رُفْقة. و
في حديث فاطمة، رضوان الله عليها، أَنها خرجت في لُمَّةٍ من نسائها تَتوطَّأ ذَيْلَها إلى أَبي بكر فعاتبته.
، أَي في جماعة من نسائها؛ قال ابن الأَثير: قيل هي ما بين الثلاثة إلى العشرة، و قيل: اللُّمَّة المِثْلُ في السن و التِّرْبُ؛ قال الجوهري: الهاء عوض من الهمزة الذاهبة من وسطه، و هو مما أَخذت عينه كَسَهٍ و مَهٍ، و أَصلها فُعْلة من المُلاءمة و هي المُوافقة. و
في حديث علي، كرم الله وجهه: ألا و إنّ معاوية قادَ لُمَّة من الغواة.
أي جماعة. قال: و أما لُمَة الرجل مثله فهو مخفف. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: أن شابة زُوِّجَت شيخاً فقتَلتْه فقال: أيها الناس لِيتزوَّج كلٌّ منكم لُمَتَه من النساء و لتَنْكح المرأةُ لُمَتَها من الرجال.
أي شكله و تِرْبَه و قِرْنَه في السِّن. و يقال: لك فيه لُمَةٌ أي أُسْوة؛ قال الشاعر:
فإن نَعْبُرْ فنحنُ لنا لُمَاتٌ،             و إن نَغْبُرْ فنحن على نُدورِ

و قال ابن الأَعرابي: لُمَات أَي أَشباه و أَمثال، و قوله:
... فنحن على ندور


أي سنموت لا بدّ من ذلك. و قوله عز و جل: وَ تَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلًا لَمًّا
؛ قال ابن عرفة: أَكلًا شديداً؛ قال ابن سيدة: و هو عندي من هذا الباب، كأنه أَكلٌ يجمع التُّراث و يستأْصله، و الآكلُ يَلُمُّ الثَّريدَ فيجعله لُقَماً؛ قال الله عز و جل: وَ تَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلًا لَمًّا
؛ قال الفراء: أي شديداً، و قال الزجاج: أي تأْكلون تُراث اليتامى لَمّاً أي تَلُمُّون بجميعه. و في الصحاح: أَكْلًا لَمًّا
 أي نَصِيبَه و نصيب صاحبه. قال أبو عبيدة: يقال لَمَمْتُه أَجمعَ حتى أتيت على آخره. و
في حديث المغيرة: تأْكل لَمّاً و تُوسِع ذَمّاً.
أي تأْكل كثيراً مجتمعاً. و روى الفراء عن الزهري أنه قرأَ: و إنَّ كُلًا لَمّاً، مُنَوَّنٌ، لَيُوَفِّيَنَّهُمْ؛ قال: يجعل اللَّمَّ شديداً كقوله تعالى: وَ تَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلًا لَمًّا
؛ قال الزجاج: أراد و إن كلًا ليُوَفِّينهم جَمْعاً لأَن معنى اللّمّ الجمع، تقول:
__________________________________________________
 (1). قوله [لأَحبني‏] أَنشده الجوهري: و أحبني.
 (2). قوله [حتى تصيبوا لُمة] ضبط لُمة في الأَحاديث بالتشديد كما هو مقتضى سياقها في هذه المادة، لكن ابن الأَثير ضبطها بالتخفيف و هو مقتضى قوله: قال الجوهري الهاء عوض إلخ و كذا قوله يقال لك فيه لمة إلخ البيت مخفف فمحل ذلك كله مادة لأَم.
                       

548
لسان العرب12

لمم ص 547

لَمَمْت الشي‏ء أَلُمُّه إذا جمعته. الجوهري: و إنَّ كلًا لَمًّا ليوفينهم، بالتشديد؛ قال الفراء: أصله لممّا، فلما كثرت فيها المِيماتُ حذفت منها واحد، و قرأَ الزهري: لَمّاً، بالتنوين، أي جميعاً؛ قال الجوهري: و يحتمل أن يكون أن صلة لمن من، فحذفت منها إحدى الميمات؛ قال ابن بري: صوابه أن يقول و يحتمل أن يكون أصله لَمِن مَن، قال: و عليه يصح الكلام؛ يريد أن لَمّاً في قراءة الزهري أصلها لَمِنْ مَن فحذفت الميم، قال: و قولُ من قال لَمّا بمعنى إلَّا، فليس يعرف في اللغة. قال ابن بري: و حكى سيبويه نَشدْتُك الله لَمّا فَعَلْت بمعنى إلّا فعلت، و قرئ: إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ
؛ أي ما كل نفس إلا عليها حافظ، و إن كل نفس لعليها «1». حافظ. و ورد
في الحديث: أنْشُدك الله لَمّا فعلت كذا.
، و تخفف الميم و تكونُ ما زائدة، و قرئ بهما لما عليها حافظ. و الإِلْمامُ و اللَّمَمُ: مُقاربَةُ الذنب، و قيل: اللَّمَم ما دون الكبائر من الذنوب. و في التنزيل العزيز: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ‏
. و أَلَمَّ الرجلُ: من اللَّمَمِ و هو صغار الذنوب؛ و قال أميّة:
إنْ تَغْفِر، اللَّهمَّ، تَغْفِرْ جَمّا             و أَيُّ عَبْدٍ لك لا أَلَمّا؟

و يقال: هو مقارَبة المعصية من غير مواقعة. و قال الأَخفش: اللَّمَمُ المُقارَبُ من الذنوب؛ قال ابن بري: الشعر لأُميَّة بن أَبي الصّلْت؛ قال: و ذكر عبد الرحمن عن عمه عن يعقوب عن مسلم بن أَبي طرفة الهذليّ قال: مر أَبو خِراش يسعى بين الصفا و المروة و هو يقول:
لاهُمَّ هذا خامِسٌ إن تَمّا،             أَتَمَّه اللهُ، و قد أَتَمَّا
إن تغفر، اللهم، تغفر جمّاً             و أيُّ عبدٍ لك لا أَلَمَّا؟

قال أبو إسحاق: قيل اللَّمَمُ نحو القُبْلة و النظْرة و ما أَشبهها؛ و ذكر الجوهري في فصل نول: إن اللَّمَم التقبيلُ في قول وَضّاح اليَمَن:
فما نَوّلَتْ حتى تَضَرَّعْتُ عندَها،             و أنْبأتُها ما رَخّصَ اللهُ في اللَّمَمْ‏

و قيل: إِلَّا اللَّمَمَ: إلّا أن يكونَ العبدُ ألَمَّ بفاحِشةٍ ثم تاب، قال: و يدلّ عليه قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ؛ غير أن اللَّمَم أن يكونَ الإِنسان قد أَلَمَّ بالمعصية و لم يُصِرَّ عليها، و إنما الإِلْمَامُ في اللغة يوجب أنك تأْتي في الوقت و لا تُقيم على الشي‏ء، فهذا معنى اللَّمَم؛ قال أبو منصور: و يدل على صاحب قوله قولُ العرب: أَلْمَمْتُ بفلانٍ إلْمَاماً و ما تَزورُنا إلَّا لِمَاماً؛ قال أبو عبيد: معناه الأَحيانَ على غير مُواظبة، و قال الفراء في قوله إِلَّا اللَّمَمَ‏
: يقول إلّا المُتقاربَ من الذنوب الصغيرة، قال: و سمعت بعض العرب يقول: ضربته ما لَمَم القتلِ؛ يريدون ضرباً مُتقارِباً للقتل، قال: و سمعت آخر يقول: أَلَمَّ يفعل كذا في معنى كاد يفعل، قال: و ذكر الكلبي أنها النَّظْرةُ من غير تعمُّد، فهي لَمَمٌ و هي مغفورة، فإن أَعادَ النظرَ فليس بلَمَمٍ، و هو ذنب. و قال ابن الأَعرابي: اللَّمَم من الذنوب ما دُون الفاحشة. و قال أبو زيد: كان ذلك منذ شهرين أو لَمَمِهما، و مُذ شهر و لَمَمِه أو قِرابِ شهر. و
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم: و إن مما يُنْبِتُ‏
__________________________________________________
 (1). قوله [و إن كل نفس لعليها حافظ] هكذا في الأَصل و هو إنما يناسب قراءة لما بالتخفيف.

549
لسان العرب12

لمم ص 547

الربيعُ ما يَقْتُلُ حَبَطاً أو يُلِمُّ.
؛ قال أبو عبيد: معناه أو يقرب من القتل؛ و منه‏
الحديث الآخر في صفة الجنة: فلو لا أنه شي‏ء قضاه اللهُ لأَلَمَّ أن يذهب بصرُه.
، يعني لِما يرى فيها، أي لَقَرُب أن يذهب بصره. و قال أبو زيد: في أرض فلان من الشجر المُلِمّ كذا و كذا، و هو الذي قارَب أن يَحمِل. و
في حديث الإِفْكِ: و إن كنتِ أَلْمَمْتِ بذَنْبٍ فاستغْفرِي الله.
، أي قارَبْتِ، و قيل: اللَّمَمُ مُقارَبةُ المعصية من غير إِيقاعِ فِعْلٍ، و قيل: هو من اللَّمَم صغار الذنوب. و
في حديث أبي العالية: إن اللَّمَم ما بين الحَدَّين حدِّ الدنيا و حدِّ الآخرة.
أي صغارُ الذنوب التي ليس عليها حَدٌّ في الدنيا و لا في الآخرة، و الإِلْمَامُ: النزولُ. و قد أَلَمَّ أَي نزل به. ابن سيدة: لَمَّ به و أَلَمَّ و الْتَمَّ نزل. و أَلَمَّ به: زارَه غِبّاً. الليث: الإِلْمَامُ الزيارةُ غِبّا، و الفعل أَلْمَمْتُ به و أَلْمَمْتُ عليه. و يقال: فلانٌ يزورنا لِمَاماً أي في الأَحايِين. قال ابن بري: اللِّمَامُ اللِّقاءُ اليسيرُ، واحدتها لَمَّة؛ عن أبي عمرو. و
في حديث جميلة: أنها كانت تحت أَوس بن الصامت و كان رجلًا به لَمَمٌ، فإذا اشْتَدَّ لَمَمُه ظاهر من امرأَته فأَنزل الله كفّارة الظهار.
؛ قال ابن الأَثير: اللَّمَمُ هاهنا الإِلْمامُ بالنساء و شدة الحرص عليهن، و ليس من الجنون، فإنه لو ظاهر في تلك الحال لم يلزمه شي‏ء. و غلام مُلِمٌّ: قارَب البلوغَ و الاحتلامَ. و نَخْلةٌ مُلِمٌّ و مُلِمَّة: قارَبتِ الإِرْطابَ. و قال أَبو حنيفة: هي التي قاربت أن تُثْمِرَ. و المُلِمَّة: النازلة الشديدة من شدائد الدهر و نوازِل الدنيا؛ و أما قول عقيل بن أبي طالب:
أُعِيذُه من حادِثات اللَّمَّهْ‏


فيقال: هو الدهر. و يقال: الشدة، و وافَق الرجَزَ من غير قصد؛ و بعده:
و من مُريدٍ هَمَّه و غَمَّهْ‏


و أنشد الفراء:
علَّ صُروفِ الدَّهْرِ أَو دُولاتِها             تُدِيلُنا اللَّمَّةَ من لَمَّاتِها،
فتَسْتَرِيحَ النَّفْسُ من زَفْراتِها


قال ابن بري و حكي أن قوماً من العرب يخفضون بلعل، و أنشد:
لعلَّ أَبي المِغْوارِ منكَ قريبُ‏


و جَمَلٌ مَلْمُومٌ و مُلَمْلَم: مجتمع، و كذلك الرجل، و رجل مُلَمْلَم: و هو المجموع بعضه إلى بعض. و حجَر مُلَمْلَم: مُدَمْلَك صُلْب مستدير، و قد لَمْلَمَه إذا أَدارَه. و حكي عن أعرابي: جعلنا نُلَمْلِمُ مِثْلَ القطا الكُدْرِيّ من الثريد، و كذلك الطين، و هي اللَّمْلَمَة. ابن شميل: ناقة مُلَمْلَمَة، و هي المُدارة الغليظة الكثيرة اللحم المعتدلة الخلق. و كَتيبة مَلْمُومَة و مُلَمْلَمَة: مجتمعة، و حجر مَلْموم و طين مَلْموم؛ قال أبو النجم يصف هامة جمل:
مَلْمُومة لَمًّا كظهر الجُنْبُل‏


و مُلَمْلَمَة الفيلِ: خُرْطومُه. و
في حديث سويد بن غَفلة: أتانا مُصدِّقُ رسولِ الله، صلى الله عليه و سلم، فأَتاه رجل بناقة مُلَمْلَمَة فأَبى أَن يأْخذَها.
؛ قال: هي المُسْتدِيرة سِمَناً، من اللَّمّ الضمّ و الجمع؛ قال ابن الأَثير: و إنما ردّها لأَنه نُهِي أن يؤخذ في الزكاة خيارُ المال. و قَدح مَلْمُوم: مستدير؛ عن أبي حنيفة. و جَيْش لَمْلَمٌ: كثير مجتمع، و حَيٌّ لَمْلَمٌ كذلك، قال ابن أَحمر:
منْ دُونِهم، إن جِئْتَهم سَمَراً،             حَيٌّ حِلالٌ لَمْلَمٌ عَسكَر

550
لسان العرب12

لمم ص 547

و كتيبة مُلَمْلَمَة و مَلْمُومَة أيضاً أي مجتمعة مضموم بعضها إلى بعض. و صخرة مَلْمُومة و مُلَمْلَمَة أي مستديرة صلبة. و اللِّمَّة: شعر الرأْس، بالكسر، إذا كان فوق الوَفْرة، و في الصحاح؛ يُجاوِز شحمة الأُذن، فإذا بلغت المنكبين فهي جُمّة. و اللِّمَّة: الوَفْرة، و قيل: فوقَها، و قيل: إذا أَلَمَّ الشعرُ بالمنكب فهو لِمَّة، و قيل: إذا جاوزَ شحمة الأُذن، و قيل: هو دون الجُمّة، و قيل: أَكثرُ منها، و الجمع لِمَمٌ و لِمَامٌ؛ قال ابن مُفَرِّغ:
شَدَخَتْ غُرّة السَّوابِق منهم  في وُجوهٍ مع اللِّمَامِ الجِعاد
و‌
في الحديث: ما رأَيتُ ذا لِمَّةٍ أَحسَن من رسول الله، صلى الله عليه و سلم‌
؛ اللِّمَّةُ من شعر الرأْس: دون الجُمّة، سمِّيت بذلك لأَنها أَلمّت بالمنكبين، فإذا زادت فهي الجُمّة. و‌
في حديث رِمْثة: فإذا رجل له لِمَّةٌ‌
؛ يعني النبي، صلى الله عليه و سلم. و ذو اللِّمَّة: فرس سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم. و ذو اللِّمَّة أيضاً: فرس عُكاشة بن مِحْصَن. و لِمَّةُ الوتِدِ: ما تشَعَّثَ منه؛ و في التهذيب: ما تشَعّث من رأْس المَوتود بالفِهْر؛ قال:
و أَشْعَثَ في الدارِ ذي لِمَّةٍ  يُطيلُ الحُفوفَ، و لا يَقْمَلُ
و شعر مُلَمَّم و مُلَمْلَمٌ: مَدهون؛ قال:
و ما التَّصابي للعُيونِ الحُلَّمِ  بعدَ ابْيِضاض الشعَرِ المُلَمْلَمِ
العُيون هنا سادةُ القوم، و لذلك قال الحُلَّم و لم يقل الحالِمة. و اللَّمَّةُ: الشي‌ء المجتمع. و اللَّمَّة و اللَّمَم، كلاهما: الطائف من الجن. و رجل مَلمُوم: به لَمَم، و ملموس و ممسُوس أي به لَمَم و مَسٌّ، و هو من الجنون. و اللَّمَمُ: الجنون، و قيل طرَفٌ من الجنون يُلِمُّ بالإِنسان، و هكذا كلُّ ما ألمَّ بالإِنسان طَرَف منه؛ و قال عُجَير السلوليّ:
و خالَطَ مِثْل اللحم و احتَلَّ قَيْدَه،  بحيث تَلاقَى عامِر و سَلولُ
و إذا قيل: بفلان لَمّةٌ، فمعناه أن الجن تَلُمّ الأَحْيان «2». و‌
في حديث بُرَيدة: أن امرأة أَتت النبي، صلى الله عليه و سلم، فشكت إليه لَمَماً بابنتِها‌
؛ قال شمر: هو طرَف من الجنون يُلِمُّ بالإِنسان أي يقرب منه و يعتريه، فوصف لها الشُّونِيزَ و قال: سيَنْفَع من كل شي‌ء إلَّا السامَ و هو الموت. و يقال: أَصابتْ فلاناً من الجن لَمَّةٌ، و هو المسُّ و الشي‌ءُ القليل؛ قال ابن مقبل:
فإذا و ذلك، يا كُبَيْشةُ، لم يكن  إلّا كَلِمَّة حالِمٍ بخَيالٍ
قال ابن بري: قوله فإذا و ذلك مبتدأ، و الواو زائدة؛ قال: كذا ذكره الأَخفش و لم يكن خبرُه: و أنشد ابن بري لحباب بن عمّار السُّحَيمي:
بَنو حَنيفة حَيٌّ حين تُبْغِضُهم،  كأنَّهم جِنَّةٌ أو مَسَّهم لَمَمُ
و اللَّامَّةُ: ما تَخافه من مَسٍّ أو فزَع. و اللامَّة: العين المُصيبة و ليس لها فعل، هو من باب دارِعٍ. و قال ثعلب: اللامَّة ما أَلمَّ بك و نظَر إليك؛ قال ابن سيدة: و هذا ليس بشي‌ء. و العَين اللامَّة: التي تُصيب بسوء. يقال: أُعِيذُه من كلِّ هامّةٍ و لامَّة. و‌
في حديث ابن عباس قال: كان رسول الله، صلى الله عليه و سلم، يُعَوِّذ الحسن و الحسين‌
، و‌
في رواية:
______________________________
 (2). قوله: تلم الأحيان؛ هكذا في الأصل، و لعله أراد تلمّ به بعض الأَحيان‌

551
لسان العرب12

لمم ص 547

أنه عَوَّذ ابنيه، قال: و كان أبوكم إبراهيمُ يُعَوِّذ إسحاق و يعقوب بهؤلاء الكلمات: أُعِيذُكُما بكلمة الله التامّة من كل شيطان و هامّة، و في رواية: من شرِّ كل سامّة، و من كل عين لامَّة‌
؛ قال أبو عبيد: قال لامَّة و لم يقل مُلِمَّة، و أصلها من أَلْمَمْت بالشي‌ء تأْتيه و تُلِمّ به ليُزاوِج قوله من شرِّ كل سامّة، و قيل: لأَنه لم يُرَد طريقُ الفعل، و لكن يُراد أنها ذاتُ لَمَمٍ فقيل على هذا لامَّة كما قال النابغة:
كِلِيني لِهَمٍّ، يا أُمَيْمة، ناصِب
و لو أراد الفعل لقال مُنْصِب. و قال الليث: العينُ اللامَّة هي العين التي تُصيب الإِنسان، و لا يقولون لَمَّتْه العينُ و لكن حمل على النسب بذي و ذات. و‌
في حديث ابن مسعود قال: لابن آدم لَمَّتَان: لَمّة من المَلَك، و لَمّة من الشيطان، فأما لَمَّة الملك فاتِّعادٌ بالخير و تَصْديق بالحق و تطييب بالنفس، و أما لَمَّةُ الشيطان فاتِّعادٌ بالشرّ و تكذيب بالحق و تخبيث بالنفس.
و‌
في الحديث: فأما لَمَّة الملَك فيَحْمَد اللهَ عليها و يتعوَّذ من لَمَّة الشيطان‌
؛ قال شمر: اللَّمَّة الهَمّة و الخَطرة تقع في القلب؛ قال ابن الأَثير: أراد إلمامَ المَلَك أو الشيطان به و القربَ منه، فما كان من خَطَرات الخير فهو من المَلك، و ما كان من خطرات الشرّ فهو من الشيطان. و اللَّمَّة: كالخطرة و الزَّوْرة و الأَتْية؛ قال أَوس بن حجر:
و كان، إذا ما الْتَمَّ منها بحاجةٍ،  يراجعُ هِتْراً من تُماضِرَ هاتِرا
يعني داهيةً، جعل تُماضِر، اسم امرأة، داهية. قال: و الْتَمَّ من اللَّمّة أي زار، و قيل في قوله للشيطان لَمَّةٌ أي دُنُوٌّ، و كذلك للمَلك لَمَّة أي دُنوّ. و يَلَمْلَم و أَلَمْلَم على البدل: جبل، و قيل: موضع، و قال ابن جني: هو مِيقاتٌ، و في الصحاح: مِيقاتُ أهل اليمن. قال ابن سيدة؛ و لا أدري ما عَنى بهذا اللهم إلّا أن يكون الميقات هنا مَعْلَماً من مَعالِم الحج، التهذيب: هو ميقات أهل اليمن للإِحرام بالحج موضع بعينه. التهذيب: و أما لَمَّا، مُرْسَلة الأَلِف مشدَّدة الميم غير منوّنة، فلها معانٍ في كلام العرب: أحدها أنها تكون بمعنى الحين إذا ابتدئ بها، أو كانت معطوفة بواو أو فاءٍ و أُجِيبت بفعل يكون جوابها كقولك: لَمَّا جاء القوم قاتَلْناهم أي حينَ جاؤُوا كقول الله عز و جل: وَ لَمّٰا وَرَدَ مٰاءَ مَدْيَنَ، و قال: فَلَمّٰا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قٰالَ يٰا بُنَيَّ؛ معناه كله حين؛ و قد يقدّم الجوابُ عليها فيقال: اسْتَعَدَّ القومُ لقتال العَدُوِّ لَمَّا أَحَسُّوا بهم أي حين أَحَسُّوا بهم، و تكون لمّا بمعنى لم الجازمة؛ قال الله عز و جل: بَلْ لَمّٰا يَذُوقُوا عَذٰابِ؛ أي لم يذوقوه، و تكون بمعنى إلَّا في قولك: سأَلتكَ لَمَّا فعلت، بمعنى إلا فعلت، و هي لغة هذيل بمعنى إلا إذا أُجيب بها إن التي هي جَحْد كقوله عزَّ و جل: إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمّٰا عَلَيْهٰا حٰافِظٌ، فيمن قرأَ به، معناه ما كل نفس إلا عليها حافظ؛ و مثله قوله تعالى: وَ إِنْ كُلٌّ لَمّٰا جَمِيعٌ لَدَيْنٰا مُحْضَرُونَ؛ شدّدها عاصم، و المعنى ما كلّ إلا جميع لدينا. و قال الفراء: لَمَّا إذا وُضِعت في معنى إلا فكأَنها لمْ ضُمَّت إليها ما، فصارا جميعاً بمعنى إن التي تكون جَحداً، فضموا إليها لا فصارا جميعاً حرفاً واحداً و خرجا من حدّ الجحد، و كذلك لَمَّا؛ قال: و مثل ذلك قولهم: لو لا، إنما هي لَوْ و لا جُمِعتا، فخرجت لَوْ مِنْ حدِّها و لا من الجحد إذ جُمِعتا فصُيِّرتا حرفاً؛ قال: و كان الكسائي يقول لا أَعرفَ وَجْهَ لَمَّا بالتشديد؛ قال أبو منصور: و مما يدُلُّك على أن لَمَّا‌

552
لسان العرب12

لمم ص 547

تكون بمعنى إلا مع أن التي تكون جحداً قولُ الله عز و جل: إِنْ كُلٌّ إِلّٰا كَذَّبَ الرُّسُلَ؛ و هي قراءة قُرّاء الأَمْصار؛ و قال الفراء: و هي في قراءة عبد الله: إن كلُّهم لَمَّا كذّب الرسلَ، قال: و المعنى واحد. و قال الخليل: لَمَّا تكون انتِظاراً لشي‌ء متوقَّع، و قد تكون انقطاعةً لشي‌ء قد مضى؛ قال أَبو منصور: و هذا كقولك: لَمَّا غابَ قُمْتُ. قال الكسائي: لَمَّا تكون جحداً في مكان، و تكون وقتاً في مكان، و تكون انتظاراً لشي‌ء متوقَّع في مكان، و تكون بمعنى إلا في مكان، تقول: بالله لَمَّا قمتَ عنا، بمعنى إلا قمتَ عنا؛ و أما قوله عز و جل: وَ إِنَّ كُلًّا لَمّٰا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ، فإنها قرئت مخففة و مشددة، فمن خفّفها جعل ما صلةً، المعنى و إن كلًّا ليوفينهم ربُّك أَعمالَهم، و اللام في لَمَّا لام إنّ، و ما زائدة مؤكدة لم تُغيِّر المعنى و لا العملَ؛ و قال الفراء في لما هاهنا، بالتخفيف، قولًا آخر جعل ما اسْماً للناس، كما جاز في قوله تعالى: فَانْكِحُوا مٰا طٰابَ لَكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ؛ أن تكون بمعنى مَن طابَ لكم؛ المعنى و إن كلًّا لَما ليوفِّينَهم، و أما اللام التي في قوله لَيُوَفِّيَنَّهُمْ فإنها لامٌ دخلت على نية يمينٍ فيما بين ما و بين صلتها، كما تقول هذا مَنْ لَيذْهبَنّ، و عندي مَنْ لَغيرُه خيْرٌ منه؛ و مثله قوله عز و جل: وَ إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ؛ و أما مَن شدَّد لمّا من قوله لَمّٰا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ فإن الزجاج جعلها بمعنى إلا، و أما الفراء فإنه زعم أن معناه لَمَنْ ما، ثم قلبت النون ميماً فاجتمعت ثلاث ميمات، فحذفت إحداهنّ و هي الوسطى فبقيت لمَّا؛ قال الزجاج: و هذا القول ليس بشي‌ء أيضاً لأَن مَنْ «1» .... لا يجوز حذفها لأَنها اسم على حرفين، قال: و زعم المازني أنّ لَمَّا أصلها لمَا، خفيفة، ثم شدِّدت الميم؛ قال الزجاج: و هذا القول ليس بشي‌ء أَيضاً لأَن الحروف نحو رُبَّ و ما أَشبهها يخفف، و لا يثَقّل ما كان خفيفاً فهذا منتقض، قال: و هذا جميع ما قالوه في لمَّا مشدّدة، و ما و لَما مخففتان مذكورتان في موضعهما. ابن سيدة: و مِن خَفيفِه لَمْ و هو حرف جازم يُنْفَى به ما قد مضى، و إن لم يقع بَعْدَه إلا بلفظ الآتي. التهذيب: و أما لَمْ فإنه لا يليها إلا الفعل الغابِرُ و هي تَجْزِمُه كقولك: لَمْ يفعلْ و لَمْ يسمعْ؛ قال الله تعالى: لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ؛ قال الليث: لَمْ عزيمةُ فِعْلٍ قد مضى، فلمّا جُعِلَ الفعل معها على جهة الفعل الغابر جُزِمَ، و ذلك قولك: لَمْ يخرُجْ زيدٌ إنما معناه لا خرَجَ زيد، فاستقبحوا هذا اللفظ في الكلام فحمَلوا الفعل على بناء الغابر، فإذا أُعِيدَت لا و لا مرّتين أو أَكثرَ حَسُنَ حينئذ، لقول الله عز و جل: فَلٰا صَدَّقَ وَ لٰا صَلّٰى؛ أي لَمْ يُصَدِّق و لَمْ يُصَلِّ، قال: و إذا لم يُعد لا فهو في المنطق قبيح، و قد جاء؛ قال أمية:
و أيُّ عَبدٍ لك لا أَلَمَّا؟
أي لم يُلِمَّ. الجوهري: لمْ حرفُ نفي لِما مضى، تقول: لَمْ يفعلْ ذاك، تريد أنه لم يكن ذلك الفعل منه فيما مضى من الزمان، و هي جازمة، و حروف الجزم: لَمْ و لَمَّا و أَلَمْ و أَلَمّا؛ قال سيبويه: لم نفيٌ لقولك هو يفعل إذا كان في حال الفعل، و لَمَّا نفْيٌ لقولك قد فعل، يقول الرجلُ: قد ماتَ فلانٌ، فتقول: لَمَّا و لَمْ يَمُتْ، و لَمَّا أَصله لم أُدخل عليه ما، و هو يقع موقع لم، تقول: أَتيتُك و لَمَّا أَصِلْ إليك أي و لم أَصِلْ إليك، قال: و قد يتغير معناه عن معنى لم فتكون جواباً و سبباً لِما وقَع و لِما لم يَقع، تقول: ضربته لَمَّا ذهبَ و لمّا لم يذهبْ، و قد يُخْتَزَلُ الفعل بعده تقول: قاربْتُ المكانَ و لَمَّا، تريد و لمَّا أَدخُلْه؛ و أنشد ابن بري:
______________________________
 (1). هكذا بياض بالأصل‌

553
لسان العرب12

لهم ص 554

فجئتُ قُبورَهم بَدْأً و لَمَّا،  فنادَيْتُ القُبورَ فلم تُجِبْنَه
البَدْءُ: السيِّدُ أي سُدْتُ بعد موتهم، و قوله: و لَمَّا أي و لمّا أَكن سيِّداً، قال: و لا يجوز أن يُخْتَزَلَ الفعلُ بعد لمْ. و قال الزجاج: لَمَّا جوابٌ لقول القائل قد فعلَ فلانٌ، فجوابه: لمّا يفعلْ، و إذا قال فَعل فجوابه: لم يَفعلْ، و إذا قال لقد فعل فجوابه: ما فعل، كأَنه قال: و الله لقد فعل فقال المجيب و الله ما فعل، و إذا قال: هو يفعل، يريد ما يُسْتَقْبَل، فجوابه: لَن يفعلَ و لا يفعلُ، قال: و هذا مذهب النحويين. قال: و لِمَ، بالكسر، حرف يستفهم به، تقول: لِمَ ذهبتَ؟ و لك أن تدخل عليه ما ثم تحذف منه الأَلف، قال الله تعالى: عَفَا اللّٰهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ؟ و لك أن تدخل عليها الهاء في الوقف فتقول لِمَهْ؛ و قول زياد الأَعْجم؛
يا عَجَبا و الدَّهرُ جَمٌّ عَجَبُهْ،  مِنْ عَنَزِيٍّ سبَّني لم أَضْرِبُهْ
فإنه لما وقف على الهاء نقل حركتها إلى ما قبلها، و المشهور في البيت الأَول:
عَجِبْتُ و الدهرُ كثيرٌ عَجَبُهْ
قال ابن بري: قولُ الجوهري لِمَ حرفٌ يستفهم به، تقول لِمَ ذهبتَ؟ و لك أن تدخل عليه ما، قال: و هذا كلام فاسد لأَن ما هي موجودة في لِمَ، و اللام هي الداخلة عليها، و حذفت أَلفها فرقاً بين الاستفهاميّة و الخبرية، و أما أَلَمْ فالأَصل فيها لَمْ، أُدْخِل عليها أَلفُ الاستفهام، قال: و أما لِمَ فإنها ما التي تكون استفهاماً وُصِلَت بلام، و سنذكرها مع معاني اللامات و وجوهها، إن شاء الله تعالى.
لهم‌
: اللَّهْمُ: الابْتِلاعُ. الليث: يقال لَهِمْتُ الشي‌ءَ و قَلَّما يقال إِلا الْتَهَمْت، و هو ابتلاعُكه بمرّة، قال جرير:
ما يُلْقَ في أَشْداقِه تَلَهَّما «2»
و لَهِمَ الشي‌ءَ لَهْماً و لَهَماً و تَلَهَّمَه و الْتَهَمَه: ابْتَلعَه بمرّة. و رجل لَهِمٌ و لُهَمٌ و لَهُومٌ: أَكولٌ. و المِلْهَمُ: الكثيرُ الأَكْلِ. و الْتَهَمَ الفصيلُ ما في الضرع: اسْتَوْفاه. و لَهِمَ الماءَ لَهْماً: جرَعه، قال:
جابَ لها لُقْمانُ، في قِلاتِها،  ماءً نَقُوعاً لِصَدَى هاماتِها،  تَلْهَمُه لَهْماً بِجَحْفَلاتِها
و جَيْشٌ لُهامٌ: كثير يَلْتَهِم كلّ شي‌ء و يَغْتَمِر مَنْ دخل فيه أَي يُغَيِّبُه و يَسْتَغْرِقُه. و اللُّهَامُ: الجيش الكثير كأَنه يَلْتَهِم كلّ شي‌ء. و اللُّهَيْمُ و أُمُّ اللُّهَيم: الحمَّى، «3» كلاهما على التشبيه بالمَنِيَّة. قال شمر: أُمُّ اللُّهَيْم كنية الموت لأَنه يَلْتَهِم كلّ أَحد. و اللُّهَيْمُ: الداهية، و كذلك أُمُّ اللُّهَيْم، و أَنشد ابن بري:
لَقُوا أُمَّ اللُّهَيْم، فجَهَّزَتْهم  غَشُوم الوِرْدِ نَكْنِيها المَنونا
و اللِّهَمُّ من الرجال: الرَّغِيبُ الرأْي الكافي العظيمُ، و قيل: هو الجوادُ، و الجمع لِهَمُّون، و لا توصَف به النساء. و فرسٌ لِهَمٌّ، على لفظ ما تقدم، و لِهْمِيمٌ و لُهْمُومٌ: جَوادٌ سابق يجري أَمام الخيل لالْتِهامِه الأَرض، و الجمع لَهامِيمُ. الجوهري: اللُّهْمومُ‌
______________________________
 (2). قوله" قال جرير‌
ما يلق ...
إلخ" عبارة التهذيب: قال جرير:
كذاك الليث يَلْتَهِمُ الذبابا
و قال آخر:
ما يلق ...
إلخ. و في التكملة: قال رؤبة يصف أسداً ما يلق إلخ.
 (3). قوله" و اللُّهَيم و أم اللُّهَيم الحمى" عبارة المحكم: و اللُّهَيْم و أم اللُّهَيْم المنية لأَنها تلتهم كل أحد، و اللُّهَيْم و أم اللُّهَيْم الحمى كلاهما إلخ.

554
لسان العرب12

لهم ص 554

الجوادُ من الناس و الخيل، و قال:
لا تَحْسَبنَّ بَياضاً فِيَّ مَنْقَصةً،  إِنّ اللَّهامِيمَ في أَقرابِها بَلَق
و فرس لِهَمٌّ، مثل هِجَفٍّ: سَبّاق كأَنه يَلْتَهِم الأَرض. و‌
في حديث علي، عليه السلام: و أَنتم لَهامِيمُ العرب‌
، جمع لُهْمومٍ الجواد من الناس و الخيلِ، و حكى سيبويه لِهْمِم و هو ملحق بزِهْلِقٍ، و لذلك لم يُدْغَم، و عليه وُجِّه قولُ غَيْلان:
شَأْو مُدِلّ سابِق اللَّهامِمِ
قال: ظهر في الجمع لأَنَّ مِثلَ واحد هذا لا يُدْغَم. و اللُّهْمومُ من الأَحْراحِ: الواسعُ. و ناقة لُهْمُومٌ: غَزيرة القَطْرِ «1». و اللُّهُومُ من النوق: الغزيرةُ اللبن. و إِبِلٌ لَهَامِيمُ إِذا كانت غزيرة، واحدها لُهْمُومٌ، و كذلك إِذا كانت كثيرةَ المشي، و أَنشد الراعي:
لَهَامِيمُ في الخَرْقِ البَعيدِ نِياطُه
و اللِّهَمُّ: العظيم. و رجل لِهَمٌّ: كثير العطاء، مثل خِضمّ. و عدَدٌ لُهْمُومٌ: كثير، و كذلك جيش لُهْمُومٌ. و جمل لِهْمِيمٌ: عظيم الجوف. و بَحْرٌ لِهَمٌّ: كثير الماء. و أَلْهَمَه اللَّهُ خَيْراً: لَقَّنَه إِيّاه. و اسْتَلْهَمَه إِيّاه: سأَله أَن يُلْهِمَه إِيّاه. و الإِلْهَامُ: ما يُلْقى في الرُّوعِ. و يَسْتَلْهِمُ اللَّهَ الرَّشادَ، و أَلْهَمَ اللَّهُ فلاناً. و‌
في الحديث: أَسأَلك رحمةً من عندك تُلْهِمُني بها رُشْدي‌
، الإِلْهَامُ أَن يُلْقِيَ اللَّهُ في النفس أَمراً يَبْعَثُه «2» على الفعل أَو الترك، و هو نوع من الوَحْي، يَخُصُّ اللَّهُ به مَنْ يشاء مِن عباده. و اللِّهْمُ: المُسِنُّ من كل شي‌ء، و قيل: اللِّهْمُ الثور المُسِنّ، و الجمع من كل ذلك لُهومٌ، قال صخرُ الغيّ يصف وَعِلًا:
بها كان طِفْلًا، ثم أَسْدَسَ فاسْتَوى،  فأَصبَحَ لِهْماً في لُهومٍ قَراهِبِ
و قول العجاج:
لاهُمَّ لا أَدْرِي، و أَنْتَ الداري،  كلُّ امْرى‌ءٍ مِنْكَ على مِقْدارِ
يريد اللَّهُمَّ، و الميم المشددة في آخره عوض من ياء النداء لأَنّ معناه يا اللَّه. ابن الأَعرابي: الهُلُمُ ظِباء الجبال، و يقال لها اللُّهُم، واحدها لِهْمٌ، و يقال في الجمع لُهومٌ أَيضاً، قال: و يقال له الجُولان و الثَّياتِل و الأَبدانُ و العَنَبانُ و البَغابِغ. ابن الأَعرابي: إِذا كَبِرَ الوَعِلُ فهو لِهْمٌ، و جمعُه لُهُومٌ، و قال غيره: يقال ذلك لبقر الوحش أَيضاً، و أَنشد:
فأَصبح لِهْماً في لُهومٍ قراهب
و مَلْهَمٌ: أَرض: قال طرفة:
يَظَلُّ نِساءُ الحَيِّ يَعْكُفْنَ حَوْلَه،  يَقُلْنَ عَسِيبٌ من سَرارةِ مَلْهَمَا
و قد ذكره التهذيب في الرباعي، و سنذكره في فصل الميم.
لهجم‌
: طريقٌ لَهْجَمٌ و لَهْمج: موطوءٌ بَيّنٌ مُذلّل مُنقاد واسع قد أَثر فيه السابلةُ حتى اسْتَتَبَّ، و كأَن الميم فيه زائدة و الأَصل فيه لهج و قد تَلَهْجَم، و يكون تَلَهْجُمُ الطريق سَعتَه و اعتيادَ المارّة إياه. الفراء: طريقٌ لَهْجَمٌ و طريق مُذنَّبٌ و طريق مُوقَّعٌ أي مُذلَّل. و تَلَهْجَمَ لَحْيَا البعيرِ إذا تحرَّكا؛ قال حميد بن ثور الهلاليّ:
______________________________
 (1). قوله" غزيرة القطر" عبارة المحكم: و ناقة لُهْمُوم غزيرة، و رجل لهم و لُهْمُوم غزير الخير، و سحابة لُهْمُوم غزيرة القطر.
 (2). قوله: يبعثه أي يبعث المُلهَمَ.

555
لسان العرب12

لهذم ص 556

كأَنّ وَحَى الصِّردانِ في جَوفِ ضالةٍ  تَلَهْجُمُ لَحْيَيه، إذا ما تَلَهْجَمَا
يقول: كأَنّ تَلَهْجُمَ لَحْيَيْ هذا البعير وَحَى الصِّرْدانِ، قال: و هذا يحتمل أن تكون الميم فيه زائدة، و أَصله من اللَّهَج، و هو الوُلوعُ. و التَّلَهْجُمُ: الوُلوعُ بالشي‌ء. و اللَّهْجَمُ: العُسُّ الضخم؛ و أنشد أبو زيد:
ناقةُ شيخٍ للإِلهِ راهِبِ،  تَصُفُّ في ثَلاثةِ المَحالِبِ:  في اللَّهْجَمَيْنِ و الْهنِ المُقارِبِ
يعني بالمُقارِب العُسَّ بين العُسَّينِ.
لهذم‌
: سيفٌ لَهْذمٌ: حادٌّ، و كذلك السِّنان و النابُ. و لَهْذَمَ الشي‌ء: قطَعه. و اللَّهاذِمةُ: اللُّصوص؛ قال ابن سيدة: و أَصله من ذلك و لا أَعرف له واحداً إلا أن يكون واحده مُلَهْذِماً، و تكون الهاء لتأْنيث الجمع. و قال بعضهم: اللَّهْذَمَةُ في كلِّ شي‌ء قاطعٍ. غيره: و يقال اللُّصوصُ لَهَاذِمةٌ و قَراضِبةٌ، من لَهْذَمْتُه و قَرْضَبْتُه إذا قطعته. الليث: اللَّهْذَمُ كلُّ شي‌ء من سِنانٍ أو سَيْفٍ قاطِع، و لَهْذَمَتُه فِعْلُه. و التَّلَهْذُمُ: الأَكْلُ؛ قال سُبَيْع:
لَو لا الإِلهُ و لو لا حَزْمُ طالبِها  تَلَهْذَمُوها،  كما نالُوا من العِيرِ
لهزم‌
: الأَزهري: اللِّهْزِمَتانِ مَضِيغتان عَليَّتان في أصل الحَنكين في أَسفل الشِّدْقَيْن، و في المحكم: مضيغتان في أَصل الحَنكِ، و قيل: عند مُنْحَنَى اللَّحْيَين أسفل من الأُذُنين و هما معظم اللَّحْيَيْن، و قيل: هما ما تحت الأُذنين من أعلى اللحيين و الخدَّين، و قيل: هما مجتمع اللحم بين الماضغ و الأُذُن من اللَّحْي. و‌
في حديث أبي بكر، رضي الله عنه، و النَّسَّابة: أَ مِنْ هامِها أو لَهَازِمها‌
أي من أَشرافها أَنت أَو من أَوساطها؛ و اللَّهَازِمُ: أُصولُ الحنكين، واحدتُها لِهْزِمة، بالكسر، فاستعارها لِوَسط النسب و القبيلةِ. و‌
في حديث الزكاة: ثم يأْخذ بِلِهْزِمَتَيه‌
؛ يعني شِدْقَيْهِ، و قيل: هما عَظْمان ناتئانِ في اللحيين تحت الأَذنين، و قيل: هما مضيغتان عَلِيّتان تحتهما، و الجمع اللَّهَازم؛ قال:
يا خازِ بازِ أرْسِل اللَّهَازِما،  إنّي أخافُ أن تكونَ لازِما
و قال آخر:
أَزوحٌ أَنوحٌ ما يَهَشُّ إلى النَّدَى،  قَرَى ما قَرَى للضِّرْس بينَ اللَّهَازِمِ
و لَهْزَمَه: أَصابَ لِهْزِمَته. و لَهْزَمَ الشيبُ خَدَّيْهِ أي خالَطَهُما؛ و أنشد أبو زيد لأَحد بني فَزارة:
إمَّا تَرَيْ شَيْباً عَلاني أَغْثَمُهْ،  لَهْزَمَ خَدَّيَّ به مُلَهْزِمُهْ
و لَهَزَه الشيبُ و لَهْزَمَه بمعنى. و اللَّهَازِمُ عِجْلٌ، و تَيْم اللَّات، و قَيْس بن ثعلبة، و عَنَزة. الجوهري: و تَيْم الله بن ثَعْلبة بن عُكابةَ يقال لَهُم اللَّهَازِم، و هم حُلَفاءُ بني عِجْلٍ، قال ابن بري: و منه قول الفرزدق:
و قد ماتَ بِسْطامُ بنُ قَيْسٍ و عامِرٌ.،  و ماتَ أبو غَسَّانَ شيخُ اللَّهَازِمِ
لهسم‌
: لَهْسَمَ ما على المائدة: أَكَلَه أَجمَعَ. و في النوادر: اللَّهَاسِمُ و اللَّحاسِمُ مجاري الأَوْدية الضيِّقة، واحدُها لُهْسُمٌ و لُحْسُمٌ، و هي اللّخافِيقُ.

556
لسان العرب12

لوم ص 557

لوم‌
: اللّومُ و اللّوْماءُ و اللّوْمَى و اللَّائِمَة: العَدْلُ. لَامَه على كذا يَلُومُه لَوْماً و مَلاماً و ملامةً و لَوْمةً، فهو مَلُوم و مَلِيمٌ: استحقَّ اللَّوْمَ؛ حكاها سيبويه، قال: و إنما عدلوا إلى الياء و الكسرة استثقالًا للواو مع الضَّمَّة. و أَلامَه و لَوَّمَه و أَلَمْتُه: بمعنى لُمْتُه؛ قال مَعْقِل بن خُوَيلد الهذليّ:
حَمِدْتُ اللهَ أن أَمسَى رَبِيعٌ،  بدارِ الهُونِ، مَلْحِيّاً مُلامَا
قال أبو عبيدة: لُمْتُ الرجلَ و أَلَمْتُه بمعنى واحد، و أنشد بيت مَعْقِل أيضاً؛ و قال عنترة:
ربِذٍ يَداه بالقِداح إذا شَتَا،  هتّاكِ غاياتِ التِّجارِ مُلَوِّمِ
أي يُكْرَم كَرَماً يُلامُ من أَجله، و لَوَّمَه شدّد للمبالغة. و اللُّوَّمُ: جمع اللَّائِم مثل راكِعٍ و رُكَّعٍ. و قوم لُوَّامٌ و لُوَّمٌ و لُيَّمٌ: غُيِّرت الواوُ لقربها من الطرف. و أَلامَ الرجلُ: أَتى ما يُلامُ عليه. قال سيبويه: أَلَامَ صارَ ذا لائمة. و لَامَه: أخبر بأمره. و اسْتلامَ الرجلُ إلى الناس أي استَذَمَّ. و استَلامَ إليهم: أَتى إليهم ما يَلُومُونه عليه؛ قال القطامي:
فمنْ يكن اسْتَلامَ إلى نَوِيٍّ،  فقد أَكْرَمْتَ، يا زُفَر، المتاعا
التهذيب: أَلامَ الرجلُ، فهو مُليم إذا أَتى ذَنْباً يُلامُ عليه، قال الله تعالى: فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَ هُوَ مُلِيمٌ. و في النوادر: لَامَني فلانٌ فالْتَمْتُ، و مَعّضَني فامْتَعَضْت، و عَذَلَني فاعْتَذَلْتُ، و حَضَّني فاحْتَضَضت، و أَمَرني فأْتَمَرْت إذا قَبِلَ قولَه منه. و رجل لُومَة: يَلُومُه الناس. و لُوَمَة: يَلُومُ الناس مثل هُزْأَة و هُزَأَة. و رجل لُوَمَة: لَوّام، يطرّد عليه بابٌ «1» ... و لاوَمْتُه: لُمْته و لامَني. و تَلاوَمَ الرجُلان: لامَ كلُّ واحد منهما صاحبَه. و جاءَ بلَوْمَةٍ أي ما يُلامُ عليه. و المُلاوَمَة: أن تَلُوم رجلًا و يَلُومَك. و تَلاوَمُوا: لام بعضهم بعضاً؛ و‌
في الحديث: فتَلاوَموا بينهم‌
أي لامكَ بعضُهم بعضاً، و هي مُفاعلة من لامَه يَلومه لَوماً إذا عذَلَه و عنَّفَه. و‌
في حديث ابن عباس: فتَلاوَمْنا.
و تَلَوَّمَ في الأَمر: تمكَّث و انتظر. و لي فيه لُومةٌ أَي تَلَوُّم، ابن بزرج: التَّلَوُّمُ التَّنَظُّر للأَمر تُريده. و التَّلَوُّم: الانتظار و التلبُّثُ. و‌
في حديث عمرو بن سَلَمة الجَرْميّ: و كانت العرب تَلَوّمُ بإسلامهم الفتح‌
أي تنتظر، و أراد تَتَلَوّم فحذف إحدى التاءين تخفيفاً، و هو كثير في كلامهم. و‌
في حديث علي، عليه السلام: إذا أجْنَبَ في السفَر تَلَوَّمَ ما بينه و بين آخر الوقت‌
أي انتظر و تَلَوّمَ على الأَمر يُريده. و تَلَوَّمَ على لُوامَته أي حاجته. و يقال: قضى القومُ لُواماتٍ لهم و هي الحاجات، واحدتها لُوَامة. و‌
في الحديث: بِئسَ، لَعَمْرُ اللهِ، عَمَلُ الشيخ المتوسِّم و الشابِّ المُتَلَوِّم‌
أي المتعرِّض للأَئمةِ في الفعل السيّ‌ء، و يجوز أن يكون من اللُّومَة و هي الحاجة أي المنتظر لقضائها. و لِيمَ بالرجل: قُطع. و اللَّوْمةُ: الشَّهْدة. و اللامةُ و اللامُ، بغير همز، و اللَّوْمُ: الهَوْلُ؛ و أنشد للمتلمس:
و يكادُ من لامٍ يَطيرُ فُؤادُها
و اللامُ: الشديد من كل شي‌ء؛ قال ابن سيدة: و أُراه قد تقدم في الهمز، قال أبو الدقيش: اللامُ القُرْبُ، و قال أَبو خيرة: اللامُ من قول القائل لامٍ، كما يقول الصائتُ أيا أيا إذا سمعت الناقة ذلك طارت من حِدّة قلبها؛ قال: و قول أبي الدقيش أَوفقُ لمعنى المتنكّس في البيت لأَنه قال:
______________________________
 (1). هكذا بياض بالأصل‌

557
لسان العرب12

لوم ص 557

و يكادُ من لامٍ يطيرُ فؤادُها،  إذ مَرّ مُكّاءُ الضُّحى المُتَنَكِّسُ
قال أبو منصور: و حكى ابن الأَعرابي أنه قال اللامُ الشخص في بيت المتلمس. يقال: رأَيت لامَه أي شخصه. ابن الأَعرابي: اللَّوَمُ كثرة اللَّوْم. قال الفراء: و من العرب من يقول المَلِيم بمعنى المَلوم؛ قال أبو منصور: من قال مَلِيم بناه على لِيمَ. و اللائِمةُ: المَلامة، و كذلك اللَّوْمى، على فَعْلى. يقال: ما زلت أَتَجَرّعُ منك اللَّوَائِمَ. و المَلاوِم: جمع المَلامة. و اللّامةُ: الأَمر يُلام عليه. يقال: لامَ فلانٌ غيرَ مُليم. و في المثل: رُبَّ لائم مُليم؛ قالته أُم عُمَير بن سلمى الحنفي تخاطب ولدها عُمَيراً، و كان أسلم أخاه لرجل كلابيٍّ له عليه دَمٌ فقتله، فعاتبته أُمُّه في ذلك و قالت:
تَعُدُّ مَعاذِراً لا عُذْرَ فيها،  و من يَخْذُلْ أَخاه فقد أَلاما
قال ابن بري: و عُذْره الذي اعتذر به أن الكلابيّ التجأَ إلى قبر سلمى أَبي عمير، فقال لها عمير:
قَتَلْنا أَخانا للوَفاءِ بِجارِنا،  و كان أَبونا قد تُجِيرُ مَقابِرُهْ
و قال لبيد:
سَفَهاً عَذَلْتَ، و لُمْتَ غيرَ مُليم،  و هَداك قبلَ اليومِ غيرُ حَكيم
و لامُ الإِنسان: شخصُه، غير مهموز؛ قال الراجز:
مَهْرِيّة تَخظُر في زِمامِها،  لم يُبْقِ منها السَّيْرُ غيرَ لامِها
و قوله‌
في حديث ابن أُم مكتوم: و لي قائد لا يُلاوِمُني‌
؛ قال ابن الأَثير: كذا جاء في رواية بالواو، و أَصله الهمز من المُلاءمة و هي المُوافقة؛ يقال: هو يُلائمُني بالهمز ثم يُخَفَّف فيصير ياء، قال: و أما الواو فلا وجه لها إلا أن تكون يُفاعِلني من اللَّوْم و لا معنى له في هذا الحديث. و‌
قول عمر في حديثه: لوْ ما أَبقَيْتَ‌
أي هلَّا أَبقيت، و هي حرف من حروف المعاني معناها التحضيض كقوله تعالى: لَوْ مٰا تَأْتِينٰا بِالْمَلٰائِكَةِ. و اللام: حرف هجاء و هو حرف مجهور، يكون أَصلًا و بدلًا و زائداً؛ قال ابن سيدة: و إنما قضيت على أن عينها منقلبة عن واو لما تقدم في أخواتها مما عينه أَلف؛ قال الأَزهري: قال النحويون لَوّمْت لاماً أي كتبته كما يقال كَوَّفْت كافاً. قال الأَزهري في باب لَفيف حرف اللام قال: نبدأ بالحروف التي جاءت لمعانٍ من باب اللام لحاجة الناس إلى معرفتها، فمنها اللام التي توصل بها الأَسماء و الأَفعال، و لها فيها معانٍ كثيرة: فمنها لامُ المِلْك كقولك: هذا المالُ لزيد، و هذا الفرس لمحَمد، و من النحويين من يسمِّيها لامَ الإِضافة، سمّيت لامَ المِلْك لأَنك إذا قلت إن هذا لِزيد عُلِمَ أنه مِلْكُه، فإذا اتصلت هذه اللام بالمَكْنيِّ عنه نُصِبَت كقولك: هذا المالُ له و لنا و لَك و لها و لهما و لهم، و إنما فتحت مع الكنايات لأَن هذه اللامَ في الأَصل مفتوحة، و إنما كسرت مع الأَسماء ليُفْصَل بين لام القسم و بين لام الإِضافة، أ لا ترى أنك لو قلت إنّ هذا المالَ لِزيدٍ عُلِم أنه مِلكه؟ و لو قلت إن هذا لَزيدٌ عُلم أن المشار إليه هو زيد فكُسِرت ليُفرق بينهما، و إذا قلت: المالُ لَك، فتحت لأَن اللبس قد زال، قال: و هذا قول الخليل و يونس و البصريين. [لام كي]: كقولك جئتُ لِتقومَ يا هذا، سمّيت لامَ كَيْ لأَن معناها جئتُ لكي تقوم، و معناه معنى لام الإِضافة أيضاً، و كذلك كُسِرت لأَن المعنى جئتُ لقيامك. و قال الفراء في‌

558
لسان العرب12

لوم ص 557

قوله عز و جل: رَبَّنٰا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ؛ هي لام كَيْ، المعنى يا ربّ أَعْطيْتهم ما أَعطَيتَهم لِيضِلُّوا عن سبيلك؛ و قال أبو العباس أحمد بن يحيى: الاختيار أن تكون هذه اللام و ما أَشبهها بتأْويل الخفض، المعنى آتيتَهم ما آتيتَهم لضلالهم، و كذلك قوله: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ؛ معناه لكونه لأَنه قد آلت الحال إلى ذلك، قال: و العرب تقول لامُ كي في معنى لام الخفض، و لام الخفض في معنى لام كَي لِتقارُب المعنى؛ قال الله تعالى: يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ؛ المعنى لإِعْراضِكم «2». عنهم و هم لم يَحْلِفوا لكي تُعْرِضوا، و إنما حلفوا لإِعراضِهم عنهم؛ و أنشد:
سَمَوْتَ، و لم تَكُن أَهلًا لتَسْمو،  و لكِنَّ المُضَيَّعَ قد يُصابُ
أَراد: ما كنتَ أَهلا للسُمُوِّ. و قال أبو حاتم في قوله تعالى: لِيَجْزِيَهُمُ اللّٰهُ أَحْسَنَ مٰا كٰانُوا يَعْمَلُونَ؛ اللام في لِيَجْزِيَهُمُ لامُ اليمين كأنه قال لَيَجْزِيَنّهم الله، فحذف النون، و كسروا اللام و كانت مفتوحة، فأَشبهت في اللفظ لامَ كي فنصبوا بها كما نصبوا بلام كي، و كذلك قال في قوله تعالى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللّٰهُ مٰا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ مٰا تَأَخَّرَ؛ المعنى لَيَغْفِرنَّ اللهُ لك؛ قال ابن الأَنباري: هذا الذي قاله أبو حاتم غلط لأَنَّ لامَ القسم لا تُكسَر و لا ينصب بها، و لو جاز أن يكون معنى لِيَجْزِيَهُمُ اللّٰهُ* لَيَجْزيَنَّهم الله لقُلْنا: و الله ليقومَ زيد، بتأْويل و الله لَيَقُومَنَّ زيد، و هذا معدوم في كلام العرب، و احتج بأن العرب تقول في التعجب: أَظْرِفْ بزَيْدٍ، فيجزمونه لشبَهِه بلفظ الأَمر، و ليس هذا بمنزلة ذلك لأَن التعجب عدل إلى لفظ الأَمر، و لام اليمين لم توجد مكسورة قط في حال ظهور اليمين و لا في حال إضمارها؛ و احتج مَن احتج لأَبي حاتم بقوله:
إذا هو آلى حِلْفةً قلتُ مِثْلَها،  لِتُغْنِيَ عنِّي ذا أَتى بِك أَجْمَعا
قال: أَراد لَتُغْنِيَنَّ، فأَسقط النون و كسر اللام؛ قال أَبو بكر: و هذه رواية غير معروفة و إنما رواه الرواة:
إذا هو آلى حِلْفَةً قلتُ مِثلَها،  لِتُغْنِنَّ عنِّي ذا أَتى بِك أَجمَعا
قال: الفراء: أصله لِتُغْنِيَنّ فأسكن الياء على لغة الذين يقولون رأيت قاضٍ و رامٍ، فلما سكنت سقطت لسكونها و سكون النون الأَولى، قال: و من العرب من يقول اقْضِنَّ يا رجل، و ابْكِنَّ يا رجل، و الكلام الجيد: اقْضِيَنَّ و ابْكِيَنَّ؛ و أَنشد:
يا عَمْرُو، أَحْسِنْ نَوالَ الله بالرَّشَدِ،  و اقْرَأ سلاماً على الأَنقاءِ و الثَّمدِ  و ابْكِنَّ عَيْشاً تَوَلَّى بعد جِدَّتِه،  طابَتْ أَصائِلُه في ذلك البَلدِ
قال أبو منصور: و القول ما قال ابن الأَنباري. قال أبو بكر: سأَلت أبا العباس عن اللام في قوله عز و جل: لِيَغْفِرَ لَكَ اللّٰهُ، قال: هي لام كَيْ، معناها إِنّٰا فَتَحْنٰا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لكي يجتمع لك مع المغفرة تمام النعمة في الفتح، فلما انضم إلى المغفرة شي‌ءٌ حادثٌ واقعٌ حسُنَ معنى كي، و كذلك قوله: لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّٰالِحٰاتِ*، هي لامُ كي تتصل بقوله: لٰا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقٰالُ ذَرَّةٍ، إلى قوله: فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ أَحصاه عليهم لكيْ يَجْزِيَ المُحْسِنَ بإحسانه و المُسِي‌ءَ بإساءَته. [لام الأَمر]: و هو كقولك لِيَضْرِبْ زيدٌ عمراً؛ و قال أبو إسحاق: أَصلها نَصْبٌ، و إنما كسرت ليفرق بينها و بين لام التوكيد و لا يبالَى بشَبهِها بلام‌
______________________________
 (2). قوله [يحلفون لكم لترضوا عنهم؛ المعنى لإعراضكم إلخ] هكذا في الأصل‌

559
لسان العرب12

لوم ص 557

الجر، لأَن لام الجر لا تقع في الأَفعال، و تقعُ لامُ التوكيد في الأَفعال، أ لا ترى أنك لو قلت لِيضْرِبْ، و أنت تأْمُر، لأَشبَهَ لامَ التوكيد إذا قلت إنك لَتَضْرِبُ زيداً؟ و هذه اللام في الأَمر أَكثر ما اسْتُعْملت في غير المخاطب، و هي تجزم الفعل، فإن جاءَت للمخاطب لم يُنْكَر. قال الله تعالى: فَبِذٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ؛ أكثرُ القُرّاء قرؤُوا: فَلْيَفْرَحُوا، بالياء. و روي عن زيد بن ثابت أنه قرأَ: فبذلك فلْتَفْرَحوا؛ يريد أَصحاب سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم، هُوَ خَيْرٌ مِمّٰا يَجْمَعُونَ؛ أي مما يجمع الكُفَّار؛ و قَوَّى قراءةَ زيد قراءةُ أُبيّ فبذلك فافْرَحوا، و هو البِناء الذي خُلق للأَمر إذا واجَهْتَ به؛ قال الفراء: و كان الكسائي يَعيب قولَهم فلْتَفْرَحوا لأَنه وجده قليلًا فجعله عَيْباً؛ قال أبو منصور: و قراءة يعقوب الحضرمي بالتاء فلْتَفرَحوا، و هي جائزة. قال الجوهري: لامُ الأَمْرِ تأْمُر بها الغائبَ، و ربما أَمرُوا بها المخاطَبَ، و قرئ: فبذلك فلْتَفْرَحوا، بالتاء؛ قال: و قد يجوز حَذْفُ لامِ الأَمر في الشعر فتعمل مضْمرة كقول مُتمِّم بن نُوَيْرة:
على مِثْلِ أَصحابِ البَعوضةِ فاخْمُشِي [فاخْمِشِي،  لكِ الوَيْلُ حُرَّ الوَجْهِ أو يَبكِ من بَكى
أراد: لِيَبْكِ، فحذف اللام، قال: و كذلك لامُ أَمرِ المُواجَهِ؛ قال الشاعر:
قلتُ لبَوَّابٍ لَدَيْه دارُها:  تِئْذَنْ، فإني حَمْؤها و جارُها
أراد: لِتَأْذَن، فحذف اللامَ و كسرَ التاءَ على لغة من يقول أَنتَ تِعْلَمُ؛ قال الأَزهري: اللام التي للأَمْرِ في تأْويل الجزاء، من ذلك قولُه عز و جل: اتَّبِعُوا سَبِيلَنٰا وَ لْنَحْمِلْ خَطٰايٰاكُمْ؛ قال الفراء: هو أَمر فيه تأْويلُ جَزاء كما أَن قوله: ادْخُلُوا مَسٰاكِنَكُمْ لٰا يَحْطِمَنَّكُمْ، نهيٌ في تأْويل الجزاء، و هو كثير في كلام العرب؛ و أَنشد:
فقلتُ: ادْعي و أدْعُ، فإنَّ أنْدَى  لِصَوْتٍ أن يُناديَ داعِيانِ
أي ادْعِي و لأَدْعُ، فكأَنه قال: إن دَعَوْتِ دَعَوْتُ، و نحو ذلك. قال الزجاج: و زاد فقال: يُقْرأُ قوله وَ لْنَحْمِلْ خَطٰايٰاكُمْ، بسكون اللام و كسرها، و هو أَمر في تأْويل الشرط، المعنى إِن تتَّبعوا سَبيلَنا حمَلْنا خطاياكم. [لام التوكيد]: و هي تتصل بالأَسماء و الأَفعال التي هي جواباتُ القسم و جَوابُ إنَّ، فالأَسماء كقولك: إن زيداً لَكَريمٌ و إنّ عمراً لَشُجاعٌ، و الأَفعال كقولك: إنه لَيَذُبُّ عنك و إنه ليَرْغَبُ في الصلاح، و في القسَم: و اللّهِ لأُصَلِّيَنَّ و ربِّي لأَصُومَنَّ، و قال اللّه تعالى: وَ إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ؛ أي مِمّنْ أَظهر الإِيمانَ لَمَنْ يُبَطِّئُ عن القتال؛ قال الزجاج: اللامُ الأُولى التي في قوله لَمَنْ لامُ إنّ، و اللام التي في قوله لَيُبَطِّئَنَّ لامُ القسَم، و مَنْ موصولة بالجالب للقسم، كأَنّ هذا لو كان كلاماً لقلت: إنّ منكم لَمنْ أَحْلِف بالله و اللّه ليُبَطِّئنّ، قال: و النحويون مُجْمِعون على أنّ ما و مَنْ و الذي لا يوصَلْنَ بالأَمر و النهي إلا بما يضمر معها من ذكر الخبر، و أَن لامَ القسَمِ إِذا جاءت مع هذه الحروف فلفظ القَسم و ما أَشبَه لفظَه مضمرٌ معها. قال الجوهري: أما لامُ التوكيد فعلى خمسة أَضرب، منها لامُ الابتداء كقولك لَزيدٌ أَفضل من عمرٍو، و منها اللام التي تدخل في خبر إنّ المشددة و المخففة كقوله عز و جل: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصٰادِ، و قوله عز من قائلٍ: وَ إِنْ كٰانَتْ لَكَبِيرَةً؛ و منها التي تكون جواباً لِلَوْ و لَوْ لا كقوله تعالى: لَوْ لٰا أَنْتُمْ لَكُنّٰا مُؤْمِنِينَ، و قوله تعالى: لَوْ تَزَيَّلُوا‌

560
لسان العرب12

لوم ص 557

لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا؛ و منها التي في الفعل المستقبل المؤكد بالنون كقوله تعالى: لَيُسْجَنَنَّ وَ لَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ؛ و منها لام جواب القسم، و جميعُ لاماتِ التوكيد تصلح أَن تكون جواباً للقسم كقوله تعالى: وَ إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ؛ فاللام الأُولى للتوكيد و الثانية جواب، لأَنّ المُقْسَم جُمْلةٌ توصل بأخرى، و هي المُقْسَم عليه لتؤكَّدَ الثانيةُ بالأُولى، و يربطون بين الجملتين بحروف يسميها النحويون جوابَ القسَم، و هي إنَّ المكسورة المشددة و اللام المعترض بها، و هما بمعنى واحد كقولك: و الله إنّ زيداً خَيْرٌ منك، و و اللّه لَزَيْدٌ خيرٌ منك، و قولك: و الله ليَقومَنّ زيدٌ، إذا أدخلوا لام القسم على فعل مستقبل أَدخلوا في آخره النون شديدة أَو خفيفة لتأْكيد الاستقبال و إِخراجه عن الحال، لا بدَّ من ذلك؛ و منها إن الخفيفة المكسورة و ما، و هما بمعنى كقولك: و اللّه ما فعَلتُ، و و اللّه إنْ فعلتُ، بمعنى؛ و منها لا كقولك: و اللّهِ لا أفعَلُ، لا يتصل الحَلِف بالمحلوف إلا بأَحد هذه الحروف الخمسة، و قد تحذف و هي مُرادةٌ. قال الجوهري: و اللام من حروف الزيادات، و هي على ضربين: متحركة و ساكنة، فأَما الساكنة فعلى ضربين: أَحدهما لام التعريف و لسُكونِها أُدْخِلَتْ عليها ألفُ الوصل ليصح الابتداء بها، فإِذا اتصلت بما قبلها سقَطت الأَلفُ كقولك الرجُل، و الثاني لامُ الأَمرِ إِذا ابْتَدَأتَها كانت مكسورة، و إِن أَدخلت عليها حرفاً من حروف العطف جاز فيها الكسرُ و التسكين كقوله تعالى: وَ لْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ؛ و أما اللاماتُ المتحركة فهي ثلاثٌ: لامُ الأَمر و لامُ التوكيد و لامُ الإِضافة. و قال في أَثناء الترجمة: فأَما لامُ الإِضافةِ فعلى ثمانية أضْرُبٍ: منها لامُ المِلْك كقولك المالُ لِزيدٍ، و منها لامُ الاختصاص كقولك أخ لِزيدٍ، و منها لام الاستغاثة كقولك الحرث بن حِلِّزة:
يا لَلرِّجالِ ليَوْمِ الأَرْبِعاء، أما             يَنْفَكُّ يُحْدِث لي بعد النُّهَى طَرَبا؟

و اللامان جميعاً للجرّ، و لكنهم فتحوا الأُولى و كسروا الثانية ليفرقوا بين المستغاثِ به و المستغاثَ له، و قد يحذفون المستغاث به و يُبْقُون المستغاثَ له، يقولون: يا لِلْماءِ، يريدون يا قومِ لِلْماء أَي للماء أَدعوكم، فإن عطفتَ على المستغاثِ به بلامٍ أخرى كسرتها لأَنك قد أمِنْتَ اللبس بالعطف كقول الشاعر:
يا لَلرِّجالِ و لِلشُّبَّانِ للعَجَبِ‏


قال ابن بري: صواب إنشاده:
يا لَلْكُهُولِ و لِلشُّبَّانِ للعجب‏


و البيت بكماله:
يَبْكِيكَ ناءٍ بَعِيدُ الدارِ مُغْتَرِبٌ،             يا لَلْكهول و للشبّان للعجب‏

و قول مُهَلْهِل بن ربيعة و اسمه عديّ:
يا لَبَكْرٍ أنشِروا لي كُلَيْباً،             يا لبَكرٍ أيْنَ أينَ الفِرارُ؟

استغاثة. و قال بعضهم: أَصله يا آلَ بكْرٍ فخفف بحذف الهمزة كما قال جرير يخاطب بِشْر بن مَرْوانَ لما هجاه سُراقةُ البارِقيّ:
قد كان حَقّاً أَن نقولَ لبارِقٍ:             يا آلَ بارِقَ، فِيمَ سُبَّ جَرِيرُ؟

و منها لام التعجب مفتوحة كقولك يا لَلْعَجَبِ، و المعنى يا عجبُ احْضُرْ فهذا أوانُك، و منها لامُ العلَّة بمعنى كَيْ كقوله تعالى: لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ؛ و ضَرَبْتُه لِيتَأدَّب أَي لِكَيْ يتَأدَّبَ لأَجل‏

561
لسان العرب12

لوم ص 557

التأدُّبِ، و منها لامُ العاقبة كقول الشاعر:
فلِلْمَوْتِ تَغْذُو الوالِداتُ سِخالَها،             كما لِخَرابِ الدُّورِ تُبْنَى المَساكِنُ «1».

أي عاقبته ذلك؛ قال ابن بري: و مثله قول الآخر:
أموالُنا لِذَوِي المِيراثِ نَجْمَعُها،             و دُورُنا لِخَرابِ الدَّهْر نَبْنِيها

و هم لم يَبْنُوها للخراب و لكن مآلُها إلى ذلك؛ قال: و مثلُه ما قاله شُتَيْم بن خُوَيْلِد الفَزاريّ يرثي أَولاد خالِدَة الفَزارِيَّةِ، و هم كُرْدم و كُرَيْدِم و مُعَرِّض:
لا يُبْعِد اللّهُ رَبُّ البِلادِ             و المِلْح ما ولَدَتْ خالِدَهْ «2». فأُقْسِمُ لو قَتَلوا خالدا،
لكُنْتُ لهم حَيَّةً راصِدَهْ             فإن يَكُنِ الموْتُ أفْناهُمُ،
فلِلْمَوْتِ ما تَلِدُ الوالِدَهْ‏


و لم تَلِدْهم أمُّهم للموت، و إنما مآلُهم و عاقبتُهم الموتُ؛ قال ابن بري: و قيل إن هذا الشعر لِسِمَاك أَخي مالك بن عمرو العامليّ، و كان مُعْتَقَلا هو و أخوه مالك عند بعض ملوك غسّان فقال:
فأبْلِغْ قُضاعةَ، إن جِئْتَهم،             و خُصَّ سَراةَ بَني ساعِدَهْ‏
و أبْلِغْ نِزاراً على نأْيِها،             بأَنَّ الرِّماحَ هي الهائدَهْ‏
فأُقسِمُ لو قَتَلوا مالِكاً،             لكنتُ لهم حَيَّةً راصِدَهْ‏
برَأسِ سَبيلٍ على مَرْقَبٍ،             و يوْماً على طُرُقٍ وارِدَهْ‏
فأُمَّ سِمَاكٍ فلا تَجْزَعِي،             فلِلْمَوتِ ما تَلِدُ الوالِدَهْ‏

ثم قُتِل سِماكٌ فقالت أمُّ سماك لأَخيه مالِكٍ: قبَّح الله الحياة بعد سماك فاخْرُج في الطلب بأخيك، فخرج فلَقِيَ قاتِلَ أَخيه في نَفَرٍ يَسيرٍ فقتله. قال و في التنزيل العزيز: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَ حَزَناً؛ و لم يلتقطوه لذلك و إنما مآله العداوَة، و فيه: رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ؛ و لم يُؤْتِهم الزِّينةَ و الأَموالَ للضلال و إِنما مآله الضلال، قال: و مثله: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً؛ و معلوم أَنه لم يَعْصِر الخمرَ، فسماه خَمراً لأَنَّ مآله إلى ذلك، قال: و منها لام الجَحْد بعد ما كان و لم يكن و لا تَصْحَب إلا النفي كقوله تعالى: وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ، أي لأَن يُعذِّبهم، و منها لامُ التاريخ كقولهم: كَتَبْتُ لِثلاث خَلَوْن أي بَعْد ثلاث؛ قال الراعي:
حتّى وَرَدْنَ لِتِمِّ خِمْسٍ بائِصٍ             جُدّاً، تَعَاوَره الرِّياحُ، وَبِيلا

البائصُ: البعيد الشاقُّ، و الجُدّ: البئرْ و أَرادَ ماءَ جُدٍّ، قال: و منها اللامات التي تؤكَّد بها حروفُ المجازاة و يُجاب بلام أُخرى توكيداً كقولك: لئنْ فَعَلْتَ كذا لَتَنْدَمَنَّ، و لئن صَبَرْتَ لَترْبحنَّ. و في التنزيل العزيز: وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ [الآية]؛ روى المنذري عن أبي طالب النحوي أَنه قال: المعنى في قوله لَما آتَيْتُكُمْ لَمَهْما آتيتكم‏
__________________________________________________
 (1). قوله [لخراب الدور] الذي في القاموس و الجوهري: لخراب الدهر.
 (2). قوله [رب البلاد] تقدم في مادة ملح: رب العباد.

562
لسان العرب12

لوم ص 557

أَي أَيُّ كِتابٍ آتيتُكم لتُؤمنُنَّ به و لَتَنْصُرُنَّه، قال: و قال أحمد بن يحيى قال الأَخفش: اللام التي في لَمَا اسم «1». و الذي بعدها صلةٌ لها، و اللام التي في لتؤمِنُنّ به و لتنصرنَّه لامُ القسم كأَنه قال و اللّه لتؤْمنن، يُؤَكّدُ في أَول الكلام و في آخره، و تكون من زائدة؛ و قال أَبو العباس: هذا كله غلط، اللام التي تدخل في أَوائل الخبر تُجاب بجوابات الأَيمان، تقول: لَمَنْ قامَ لآتِينَّه، و إذا وقع في جوابها ما و لا عُلِم أَن اللام ليست بتوكيد، لأَنك تضَع مكانها ما و لا و ليست كالأُولى و هي جواب للأُولى، قال: و أَما قوله مِنْ كِتابٍ فأَسْقط من، فهذا غلطٌ لأَنّ من التي تدخل و تخرج لا تقع إِلَّا مواقع الأَسماء، و هذا خبرٌ، و لا تقع في الخبر إِنما تقع في الجَحْد و الاستفهام و الجزاء، و هو جعل لَما بمنزلة لَعَبْدُ اللّهِ و اللّهِ لَقائمٌ فلم يجعله جزاء، قال: و من اللامات التي تصحب إنْ: فمرّةً تكون بمعنى إِلَّا، و مرةً تكون صلة و توكيداً كقول اللّه عز و جل: إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا؛ فمَنْ جعل إنْ جحداً جعل اللام بمنزلة إلّا، المعنى ما كان وعدُ ربِّنا إِلا مفعولًا، و من جعل إن بمعنى قد جعل اللام تأكيداً، المعنى قد كان وعدُ ربنا لمفعولًا؛ و مثله قوله تعالى: إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ، يجوز فيها المعنيان؛ التهذيب: [لامُ التعجب و لام الاستغاثة] روى المنذري عن المبرد أنه قال: إذا اسْتُغِيث بواحدٍ أو بجماعة فاللام مفتوحة، تقول: يا لَلرجالِ يا لَلْقوم يا لزيد، قال: و كذلك إذا كنت تدعوهم، فأَما لام المدعوِّ إليه فإِنها تُكسَر، تقول: يا لَلرِّجال لِلْعجب؛ قال الشاعر:
تَكَنَّفَني الوُشاةُ فأزْعَجوني،             فيا لَلنّاسِ لِلْواشي المُطاعِ‏

و تقول: يا للعجب إذا دعوت إليه كأَنك قلت يا لَلنَّاس لِلعجب، و لا يجوز أَن تقول يا لَزيدٍ و هو مُقْبل عليك، إِنما تقول ذلك للبعيد، كما لا يجوز أَن تقول يا قَوْماه و هم مُقبِلون، قال: فإن قلت يا لَزيدٍ و لِعَمْرو كسرْتَ اللام في عَمْرو، و هو مدعوٌ، لأَنك إِنما فتحت اللام في زيد للفصل بين المدعوّ و المدعوّ إليه، فلما عطفت على زيد استَغْنَيْتَ عن الفصل لأَن المعطوف عليه مثل حاله؛ و قد تقدم قوله:
يا لَلكهولِ و لِلشُّبّانِ لِلعجب‏


و العرب تقول: يا لَلْعَضِيهةِ و يا لَلأَفيكة و يا لَلبَهيتة، و في اللام التي فيها وجهان: فإِن أردت الاستغاثة نصبتها، و إِن أَردت أَن تدعو إليها بمعنى التعجب منه كسرتها، كأَنك أَردت: يا أَيها الرجلُ اعْجَبْ لِلْعَضيهة، و يا أيها الناس اعْجَبوا للأَفيكة. و قال ابن الأَنباري: لامُ الاستغاثة مفتوحة، و هي في الأَصل لام خفْضٍ إِلا أَن الاستعمال فيها قد كثر مع يا، فجُعِلا حرفاً واحداً؛ و أَنشد:يا لَبَكرٍ أنشِروا لي كُلَيباً


قال: و الدليل على أَنهم جعلوا اللام مع يا حرفاً واحداً قول الفرزدق:
فخَيرٌ نَحْنُ عند الناس منكمْ،             إذا الداعي المُثَوِّبُ قال: يا لا

و قولهم: لِم فعلتَ، معناه لأَيِّ شي‏ء فعلته؟ و الأَصل فيه لِما فعلت فجعلوا ما في الاستفهام مع الخافض حرفاً واحداً و اكتفَوْا بفتحة الميم من الألف فأسْقطوها، و كذلك قالوا: عَلامَ تركتَ و عَمَّ تُعْرِض و إلامَ تنظر و حَتَّامَ عَناؤُك؟ و أنشد:
فحَتَّامَ حَتَّام العَناءُ المُطَوَّل‏


و في التنزيل العزيز: فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ؛ أراد لأَي علَّة
__________________________________________________
 (1). قوله [اللام التي في لما اسم إلخ‏] هكذا بالأصل، و لعل فيه سقطاً، و الأصل اللام التي في لما موطئة و ما اسم موصول و الذي بعدها إلخ.

563
لسان العرب12

لوم ص 557

و بأيِّ حُجّة، و فيه لغات: يقال لِمَ فعلتَ، و لِمْ فعلتَ، و لِما فعلت، و لِمَهْ فعلت، بإدخال الهاء للسكت؛ و أنشد:
يا فَقْعَسِيُّ، لِمْ أَكَلْتَه لِمَهْ؟             لو خافَك اللهُ عليه حَرَّمَهْ‏

قال: و من اللامات لامُ التعقيب للإِضافة و هي تدخل مع الفعل الذي معناه الاسم كقولك: فلانٌ عابرُ الرُّؤْيا و عابرٌ لِلرؤْيا، و فلان راهِبُ رَبِّه و راهبٌ لرَبِّه. و في التنزيل العزيز: لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ، و فيه: إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ؛ قال أبو العباس ثعلب: إنما دخلت اللام تَعْقِيباً للإِضافة، المعنى هُمْ راهبون لربهم و راهِبُو ربِّهم، ثم أَدخلوا اللام على هذا، و المعنى لأَنها عَقَّبت للإِضافة، قال: و تجي‏ء اللام بمعنى إلى و بمعنى أَجْل، قال الله تعالى: بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى‏ لَها؛ أي أَوحى إليها، و قال تعالى: وَ هُمْ لَها سابِقُونَ؛ أي و هم إليها سابقون، و قيل في قوله تعالى: وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً؛ أي خَرُّوا من أَجلِه سُجَّداً كقولك أَكرمت فلاناً لك أي من أَجْلِك. و قوله تعالى: فَلِذلِكَ فَادْعُ وَ اسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ؛ معناه فإلى ذلك فادْعُ؛ قاله الزجاج و غيره. و
روى المنذري عن أبي العباس أنه سئل عن قوله عز و جل: إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها؛ أي عليها «2».
جعل اللام بمعنى على؛ و قال ابن السكيت في قوله:
فلما تَفَرَّقْنا، كأنِّي و مالِكاً             لطولِ اجْتماعٍ لم نَبِتْ لَيْلةً مَعا

قال: معنى لطول اجتماع أي مع طول اجتماع، تقول: إذا مضى شي‏ء فكأنه لم يكن، قال: و تجي‏ء اللام بمعنى بَعْد؛ و منه قوله:
حتى وَرَدْنَ لِتِمِّ خِمْسٍ بائِص‏


أي بعْد خِمْسٍ؛ و منه قولهم: لثلاث خَلَوْن من الشهر أي بعد ثلاث، قال: و من اللامات لام التعريف التي تصحبها الأَلف كقولك: القومُ خارجون و الناس طاعنون الحمارَ و الفرس و ما أشبهها، و منها اللام الأَصلية كقولك: لَحْمٌ لَعِسٌ لَوْمٌ و ما أَشبهها، و منها اللام الزائدة في الأَسماء و في الأَفعال كقولك: فَعْمَلٌ لِلْفَعْم، و هو الممتلئ، و ناقة عَنْسَل للعَنْس الصُّلبة، و في الأَفعال كقولك قَصْمَله أي كسره، و الأَصل قَصَمه، و قد زادوها في ذاك فقالوا ذلك، و في أُولاك فقالوا أُولالِك، و أما اللام التي في لَقد فإنها دخلت تأْكيداً لِقَدْ فاتصلت بها كأَنها منها، و كذلك اللام التي في لَما مخفّفة. قال الأَزهري: و من اللَّاماتِ ما رَوى ابنُ هانِئٍ عن أبي زيد يقال: اليَضْرِبُك و رأَيت اليَضْرِبُك، يُريد الذي يضرِبُك، و هذا الوَضَع الشعرَ، يريد الذي وضَع الشعر؛ قال: و أَنشدني المُفضَّل:
يقولُ الخَنا و ابْغَضُ العُجْمِ ناطِقاً،             إلى ربِّنا، صَوتُ الحمارِ اليُجَدَّعُ‏

يريد الذي يُجدَّع؛ و قال أيضاً:
أَخِفْنَ اطِّنائي إن سَكَتُّ، و إنَّني            لَفي شُغُلٍ عن ذَحْلِها اليُتَتَبَّعُ «3».

يريد: الذي يُتتبَّع؛ و قال أبو عبيد في قول مُتمِّم:
و عَمْراً و حوناً بالمُشَقَّرِ ألْمَعا «4».


قال: يعني اللَّذَيْنِ معاً فأَدْخل عليه الأَلف و اللام صِلةً، و العرب تقول: هو الحِصْنُ أن يُرامَ، و هو العَزيز أن يُضَامَ، و الكريمُ أن يُشتَمَ؛ معناه‏
__________________________________________________
 (2). قوله [فلها أي عليها] هكذا بالأصل، و لعل فيه سقطاً، و الأصل: فقال أي عليها.
 (3). قوله [
أخفن اطنائي ...

إلخ‏] هكذا في الأَصل هنا، و فيه في مادة تبع:
... اطناني إن شكين ...

، و ذحلي بدل ذحلها.
 (4). قوله [و حوناً] كذا بالأصل.

564
لسان العرب12

لوم ص 557

هو أَحْصَنُ من أن يُرامَ، و أعزُّ من أن يُضامَ، و أَكرمُ من أن يُشْتَم، و كذلك هو البَخِيلُ أن يُرْغَبَ إليه أي هو أَبْخلُ من أَن يُرْغَبَ إليه، و هو الشُّجاع أن يَثْبُتَ له قِرْنٌ. و يقال: هو صَدْقُ المُبْتَذَلِ أي صَدْقٌ عند الابتِذال، و هو فَطِنُ الغَفْلةِ فَظِعُ المُشاهدة. و قال ابن الأَنباري: العرب تُدْخِل الأَلف و اللام على الفِعْل المستقبل على جهة الاختصاص و الحكاية؛ و أنشد للفرزدق:
ما أَنتَ بالحَكَمِ التُّرْضَى حْكُومَتُه،             و لا الأَصِيلِ، و لا ذِي الرَّأْي و الجَدَلِ‏

و أَنشد أَيضاً:
أَخفِنَ اطِّنائي إن سكتُّ، و إنني             لفي شغل عن ذحلها اليُتَتَبَّع‏

فأَدخل الأَلف و اللام على يُتتبّع، و هو فعلٌ مستقبل لِما وَصَفْنا، قال: و يدخلون الأَلف و اللام على أَمْسِ و أُلى، قال: و دخولها على المَحْكِيّات لا يُقاس عليه؛ و أَنشد:
و إنِّي جَلَسْتُ اليومَ و الأَمْسِ قَبْلَه             بِبابِك، حتى كادت الشمسُ تَغْرُبُ‏

فأَدخلهما على أَمْسِ و تركها على كسرها، و أَصل أَمْسِ أَمرٌ من الإِمْساء، و سمي الوقتُ بالأَمرِ و لم يُغيَّر لفظُه، و الله أَعلم.
فصل الميم‏
مرهم:
الليث: هو أَلْيَنُ ما يكون من الدواء الذي يُضَمَّدُ به الجرحُ، يقال: مَرْهَمْتُ الجُرْحَ.
ملهم:
التهذيب في الرباعي: مَلْهَم قَرْية باليمامة؛ قال ابن بري: هي لبَني يَشْكُرَ و أَخلاطٍ من بَكْرِ وائل. و المِلْهَمُ: الكثيرُ الأَكْلِ. الجوهري في ترجمة لهم: و مَلْهَم، بالفتح، موضع و هي أرض كثيرة النخل؛ قال جرير و شبَّه ما على الهوادج من الرَّقْم بالبُسْر اليانِع لحمرته و صُفْرته:
كأنَّ حُمولَ الحَيِّ زُلْنَ بِيانِعٍ             من الوارِدِ البَطْحاءِ من نَخْلِ مَلْهَما

و يومُ مَلْهم: حَرْبٌ لبني تميم و حنيفة. ابن سيدة: و مَلْهَم أَرض؛ قال طرفة:
يَظَلُّ نِساءُ الحَيّ يَعْكُفْنَ حَوْله،             يَقُلْنَ عَسِيبٌ من سَرارَةِ مَلْهَمَا

و مَلْهَم و قُرّانُ: قريتان من قُرَى اليمامة معروفتان.
مهم:
النهاية لابن الأَثير: و في حديث سَطيح:
أزْرَقُ مَهْمُ النابِ صَرّارُ الأُذُنْ.


قال أي حديد الناب؛ قال الأَزهري: هكذا روي، قال و أَظنه مَهْوُ الناب، بالواو. يقال: سَيْفٌ مَهْوٌ أي حديدٌ ماضٍ، قال: و أَورده الزمخشري أزْرَقُ مُمْهى النابِ، و قال: المُمْهى المُحَدَّدُ، من أَمْهَيْتُ الحَديدةَ إذا حَدَّدْتَها، شبَّه بَعيرَه بالنَّمِر لزُرْقة عينيه و سرعة سيره. و
في حديث زيد بن عَمْرو؛ مَهْما تُجَشِّمْني تَجَشَّمْتُ.
؛ قال ابن الأَثير: مَهْمَا حرف من حروف الشرط التي يُجازَى بها، تقول: مَهْمَا تَفْعَلْ أَفْعَلْ؛ قيل إن أَصلها مَامَا فقلبت الأَلف الأُولى هاء، و قد تكرر في الحديث.
مهيم:
في الحديث: أن النبي، صلى الله عليه و سلم، رأَى على عبد الرحمن بن عَوف وضَراً من صُفْرةٍ فقال: مَهْيَمْ؟ قال: قد تَزَوَّجْتُ امرأَة من الأَنصار على نَواةٍ من ذهَبٍ، فقال: أَوْلِمْ و لو بشاةٍ.
؛ أبو عبيد: قوله مَهْيَمْ، كلمة يمانية معناها ما أَمْرُك و ما هذا الذي أَرى بكَ و نحو هذا من الكلام؛ قال الأَزهري:

565
لسان العرب12

مهيم ص 565

و لا أَعلم على وزن مَهْيَمْ كلمةً غير مَرْيَمْ. الجوهري: مَهْيَمْ كلمة يستفهم بها، معناها ما حالُك و ما شأْنُك. و
في حديث الدجال: فأخَذَ بِلَجَفَتَيِ البابِ فقال: مَهْيَمْ.
أي ما أمْرُكم و شأْنُكم؟ و
في حديث لَقيط: فيَسْتَوي جالِساً فيقول رَبِّ مَهْيَمْ.
موم:
المَوْماةُ: المَفازةُ الواسعة المَلْساء، و قيل: هي الفلاة التي لا ماءَ بها و لا أَنِيسَ بها، قال: و هي جماع أَسماء الفَلَوات؛ يقال: عَلَوْنا مَوْماةً، و أرضٌ مَوْماةٌ؛ قال سيبويه: هي «1» ... و لا يجعلها بمنزلة تَمَسْكَن لأَن ما جاء هكذا و الأَول من نفس الحرف هو الكلام الكثير، يعني نحو الشَّوْشاةِ و الدَّوْداةِ، و الجمع مَوامٍ، و حكاها ابن جني مَيامٍ؛ قال ابن سيدة: و الذي عندي في ذلك أنها مُعاقَبة لغير علّة إلا طلبَ الخفَّة. التهذيب: و المَوامِي الجماعةُ، و المَوامِي مثلُ السَّباسِب، و قال أبو خَيْرة: هي المَوْماءُ و المَوْماةُ، و بعضهم يقول: الهَوْمةُ و الهَوْماةُ، و هو اسم يقع على جميع الفَلَواتِ. و قال المبرد: يقال لها المَوْماةُ و البَوْباةُ، بالباء و الميم. و المُومُ: الحُمَّى مع البِرْسامِ، و قيل: المُومُ البِرْسامُ؛ يقال منه: مِيمَ الرجلُ، فهو مَمُومٌ. و رجل مَمُومٌ و قد مِيمَ يُمَامُ مُوماً و مَوْماً، من المُومِ، و لا يكون يَمُومُ لأَنه مفعولٌ به مثل بُرْسِمَ؛ قال ذو الرمة يصف صائداً:
إذا تَوَجَّسَ رِكْزاً منْ سَنابِكِها،             أَو كانَ صاحِبَ أَرضٍ، أَو به المُومُ‏

فالأَرض: الزُّكامُ، و المُومُ: البِرْسامُ، و المُومُ: الجُدَرِيُّ الكثيرُ المُتراكِبُ. و قال الليث: قيل المُومُ أشدُّ الجُدَرِيّ يكون صاحبَ أرضٍ أو به المُومُ، و معناه أن الصيّاد يُذْهِبُ نَفَسَه إلى السماء و يَفْغَر إليها أبداً لئلا يَجِد الوحشُ نفسَه فَينْفُرَ [فَينْفِرَ]، و شُبِّهَ بالمُبَرْسَم أو المزكومِ لأَن البِرْسامَ مُفْغِر، و الزكام مُفْغِر. و المُومُ، بالفارسية: الجُدَرِيّ الذي يكون كله قُرْحة واحدة، و قيل هو بالعربية. ابن بري: المُومُ الحُمَّى؛ قال مُلَيح الهذلي:
بهِ مِن هَواكِ اليومَ، قد تَعْلَمِينَه،             جَوًى مثلُ مُومِ الرِّبْع يَبرِي و يَلعَجُ‏

و
في حديث العُرَنِيِّين: و قد وقع بالمدينة المُومُ.
؛ هو البِرْسامُ مع الحُمَّى، و قيل: هو بَثْرٌ أَصغَرُ من الجُدَرِيّ. و المُومُ: الشَّمَعُ، معرَّب، واحدته مُومَة؛ عن ثعلب، قال الأَزهري؛ و أَصله فارسي. و
في صفة الجنة: وَ أَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى من مُومِ العسَلِ.
؛ المُومُ: الشَّمَعُ، معرّب. و المِيمُ: حرفُ هجاءٍ، و هو حرف مجهور يكون أصلًا و بدلًا و زائداً؛ و قول ذي الرمة:
كأَنَّها عَيْنَها منها، و قد ضَمَرَتْ             و ضَمَّها السَّيْر في بعضِ الأَضامِيمُ‏

قيل له: من أَين عرفت المِيمَ؟ قال: و الله ما أَعرفها إلّا أَني خرجت إلى البادية فكتب رجلٌ حرفاً، فسأَلتُه عنه فقال هذا المِيمُ، فشبَّهتُ به عينَ الناقة. و قد مَوَّمَها: عَمِلَها. قال الخليل: الميمُ حرف هجاءٍ من حروف المعجم لو قصرت في اضطرار الشعر جاز؛ قال الراجز:
تخال منه الأَرْسُمَ الرَّواسِما             كافاً و مِيمَيْنِ و سِيناً طاسِما

و زعم الخليل أَنه رأَى يمانيّاً سئل عن هجائه فقال: بابا مِمْ مِمْ، قال: و أَصاب الحكاية على اللفظ، و لكن الذين مدُّوا أَحسنوا الحكاية بالمَدَّة، قال: و المِيمانِ هما بمنزلة النُّونَيْنِ من الجَلَمَيْنِ. قال: و كان‏
__________________________________________________
 (1). كذا بياض بالأَصل.

566
لسان العرب12

موم ص 566

الخليل يُسَمِّي المِيمَ مُطْبَقة لأَنك إِذا تكلَّمت بها أَطْبَقْت، قال: و الميم من الحروفِ الصِّحاحِ الستَّةِ المُذْلَقة هي التي في حَيِّزَيْنِ: حَيِّز الفاء، و الآخر حيِّز اللام، و جعلها في التأْليف الحرفَ الثالث للفاء و الباء، و هي آخر الحروف من الحيِّز الأَول، قال: و هذا الحيِّز شفويٌّ. النهاية لابن الأَثير: و في كتابه لوائل بن حُجْر: مَنْ زنى مِمْ بِكْرٍ و مَنْ زَنى مِمْ ثَيِّب أَي مِنْ بِكْرٍ و مِنْ ثَيِّب، فقلب النون مِيماً، أَما مع بِكْر فلأَنَّ النون إِذا سكنت قبل الباء فإِنها تقلب ميماً في النطق نحو عَنْبر و شَنْباء، و أَما مع غير الباء فإِنها لغة يمانية، كما يبدلون الميم من لام التعريف. و مَامةُ: اسم؛ و منه كعب بن مَامَة الإِيادِيّ؛ قال:
أَرضٌ تخيَّرَها لِطِيبِ مَقيلِها             كعبُ بنُ مَامَةَ، و ابنُ أُمِّ دُوادِ

قال ابن سيدة: قضينا على أَلف مَامَةَ أَنها واو لكونها عَيْناً، و حكى أَبو علي في التذكرة عن أَبي العباس: مَامَة من قولهم أَمْرٌ مُوَامٌ؛ كذا حكاه بالتخفيف، قال: و هو عنده فُعَال، قال: فإِذا صحّت هذه الحكاية لم يُحْتَجْ إِلى الاستدلال على مادة الكلمة. و مَامَةُ: اسم أُمّ عمرو بن مَامَةَ.
فصل النون‏
نأم:
النّأْمةُ، بالتسكين: الصوتُ. نَأَمَ الرجلُ يَنْئِمُ و يَنْأَمُ نَئِيماً، و هو كالأَنِينِ، و قيل: هو كالزَّحِير، و قيل: هو الصوت الضعيف الخفيّ أَيّاً كان. و نَأَمَ الأَسدُ يَنْئِمُ نَئِيماً: و هو دون الزَّئِير، و سمعت نَئِيمَ الأَسَد. قال ابن الأَعرابي: نَأَمَ الظبي يَنْئِمُ، و أَصله في الأَسد؛ و أَنشد:
أَلا إِنَّ سَلْمَى مُغْزِلٌ بتَبالةٍ،             تُراعي غَزالًا بالضُّحَى غيرَ نَوْأَمِ‏
مَتى تَسْتَثِرْه من مَنامٍ يَنامُه             لِتُرْضِعَه، يَنْئِمْ إِليها و يَبْغُمِ‏

و النَّئِيمُ: صوت البُوم؛ قال الشاعر:
إِلَّا نَئِيمَ البُومِ و الضُّوَعا


و يقال: أَسْكَتَ اللهُ نَأْمَتَه، مهموزة مخففة الميم، و هو من النَّئِيم الصوت الضعيف أَي نَغْمَتَه و صوتَه. و يقال: نامَّتَه، بتشديد الميم، فيجعل من المضاعف، و هو ما يَنِمُّ عليه مِن حركتِه يُدْعى بذلك على الإِنسان. و النَّئِيمُ: صوتٌ فيه ضعف كالأَنينِ. يقال: نَأَمَ يَنْئِمُ. و النَّأْمَةُ و النَّئِيمُ: صَوتُ القوس؛ قال أَوس:
إِذا ما تَعاطَوْها سَمِعْتَ لِصَوْتِها،             إِذا أَنْبَضوا فيها، نَئِيماً و أَزْمَلا

و نَأَمَتِ القوسُ نَئِيماً؛ و قول الشاعر:
و سَماع مُدْجِنة تُعَلِّلُنا،             حتى نَؤُوبَ، تَنَؤُّمَ العُجْمِ‏

رواه ابن الأَعرابي: تَنَؤُّم، مهموز، على أَنه من النَّئيم، و قال: يريد صياحَ الدِّيَكة كأَنه قال: وقت تَنَؤُّمِ العُجْم، و إِنما سمَّى الدِّيَكة عُجْماً لأَن كل حيوان غير الإِنسان أَعْجم، و رواه غيره: تَناوُمَ العُجْم، فالعُجْمُ على هذه الروايةِ ملوك العجَم، و التَّناوُم: من النَّوْم، و ذلك أَن ملوك العجم كانت تَناوَمُ على اللّهْو، و جاء بالمصدر على هذه الرواية في البيت على غير الفعل. و النَّأْمَةُ: الحركة.
نتم:
الانْتِتَامُ: الانْفِجارُ بالقبيح و السبِّ. و انْتَتَمَ فلانٌ على فلانٍ بقولِ سوءٍ أَي انفَجَرَ بالقول القبيح،

567
لسان العرب12

نثم ص 568

كأَنه افْتَعَل من نَتَم، كما تقول مِنْ نَتَل انتَتَل، و مِن نَتَقَ انتَتَقَ، على افتعل؛ و أَنشد أَبو عمرو لمنظور الأَسدي:
قد انْتَتَمَتْ علَيَّ بقَوْلِ سُوءٍ             بُهَيْصِلةٌ، لها وَجْهٌ ذَمِيمُ‏
حَليلةُ فاحِشٍ وأْنٍ بَئِيلٍ،             مُزَوْزِكَةٌ، لها حَسَبٌ لَئِيمُ‏

يقال: ضَئيلٌ بَئِيلٌ أَي قَبيح، و المُزَوْزِكة: التي إِذا مشَتْ أَسْرَعت و حركت أَلْيَتَيْها، قال أَبو منصور: لا أَدري انتَثَمتْ، بالثاء، أَو انْتَتَمَتْ، بتاءَين، قال: و الأَقرب أَنه مِن نَثَمَ يَنْثِمُ لأَنه أَشبه بالصواب، قال: و لا أَعرفُ واحداً منهما. و قال الأَصمعي: امرأَة وَأْنَةٌ إِذا كانت مقاربة الخَلْق.
نثم:
لم أَرَ فيها غيرَ ما قال أَبو منصور في ترجمة نتم قبلها: لا أَدري انْتَثَمَتْ، بالثاء، أَو انتَتَمتْ، بتاءَين، في قول الشاعر:
قد انتَتمتْ عليَّ بقول سوءٍ             بُهَيْصِلةٌ، لها وجه ذميم‏

قال: و الأَقرب أَنه من نَثَمَ يَنْثِمُ لأَنه أَشبه بالصواب، قال: و لا أَعرف واحداً منهما.
نجم:
نَجَمَ الشي‏ءُ يَنْجُمُ، بالضم، نُجوماً: طَلَعَ و ظهر. و نَجَمَ النباتُ و النابُ و القَرْنُ و الكوكبُ و غيرُ ذلك: طلَعَ. قال الله تعالى: وَ النَّجْمُ وَ الشَّجَرُ يَسْجُدانِ‏
. و
في الحديث: هذا إِبَّانُ نُجومِه.
أَي وقتُ ظهورِه، يعني النبيّ، صلى الله عليه و سلم. يقال: نَجَمَ النبتُ يَنْجُمُ إِذا طلع. و كلُّ ما طلع و ظهر فقد نَجَمَ. و قد خُصَّ بالنَّجْم منه ما لا يقوم على ساقٍ، كما خُصَّ القائمُ على الساق منه بالشجر. و
في حديث حُذَيفة: سِراجٌ من النارِ يَظْهَرُ في أَكتافِهم حتى يَنْجُم في صُدورِهم.
و النَّجْمُ من النباتِ: كلُّ ما نبتَ على وجه الأَرض و نَجَمَ على غيرِ ساقٍ و تسطَّح فلم يَنْهَض، و الشجرُ كلُّ ما له ساقٌ: و معنى سُجودِهما دَوَرانُ الظلِّ معهما. قال أَبو إِسحاق: قد قيل إِن النَّجْمَ يُراد به النجومُ، قال: و جائز أَن يكون النَّجْمُ هاهنا ما نبت على وجه الأَرض و ما طلع من نُجومِ السماء. و يقال لكل ما طلع: قد نَجَمَ، و النَّجِيمُ منه الطَّرِيُّ حين نَجَمَ فنبَت؛ قال ذو الرمة:
يُصَعِّدْنَ رُقْشاً بَيْنَ عُوجٍ كأَنها             زِجاجُ القَنا، منها نَجِيمٌ و عارِدُ

و النُّجُومُ: ما نَجَمَ من العروق أَيامَ الربيع، ترى رؤوسها أَمثالَ المَسالِّ تَشُقُّ الأَرضَ شقّاً. ابن الأَعرابي: النَّجْمَةُ شجرةٌ، و النَّجْمَةُ الكَلِمةُ، و النَّجْمَةُ نَبْتةٌ صغيرة، و جمعها نَجْمٌ، فما كان له ساقٌ فهو شجر، و ما لم يكن له ساقٌ فهو نَجْمٌ. أَبو عبيد: السَّرادِيحُ أَماكنُ ليِّنةٌ تُنْبت النَّجَمةَ و النَّصِيَّ، قال: و النَّجَمَة شجرة تنبت ممتدة على وجه الأَرض، و قال شمر: النَّجَمَة هاهنا، بالفتح «2»، قال: و قد رأَيتها في البادية و فسرها غير واحد منهم، و هي الثَّيِّلَةُ، و هي شجرة خضراء كأَنها أَوَّلُ بَذْر الحبّ حين يخرج صِغاراً، قال: و أَما النَّجْمَةُ فهو شي‏ءٌ ينبت في أُصول النخلة، و في الصحاح: ضرْبٌ من النبت؛ و أَنشد للحرث بن ظالم المُرّيّ يهجو النعمان:
أَ خُصْيَيْ حِمارٍ ظَلَّ يَكْدِمُ نَجْمَةً،             أَ تُؤْكَلُ جاراتي و جارُك سالمُ؟

و النَّجْمُ هنا: نَبْتٌ بعينه، واحدُه نَجْمَةٌ «3» و هو
__________________________________________________
 (2). قوله [بالفتح‏] هكذا في التهذيب مع ضبطه بالتحريك، و عبارة الصاغاني: بفتح الجيم.
 (3). قوله [واحده نَجْمَة و هو الثَّيِّلُ‏] تقدم ضبطه عن شمر بالتحريك و ضبط ما ينبت في أصول النخل بالفتح. و نقل الصاغاني عن الدينوري أنه لا فرق بينهما.

568
لسان العرب12

نجم ص 568

الثَّيِّلُ. قال أَبو عمرو الشيباني: الثَّيِّل يقال له النَّجْم، الواحدة نَجْمَة. و قال أَبو حنيفة: الثَّيِّلُ و النَّجْمَة و العكْرِشُ كله شي‏ءٌ واحد. قال: و إِنما قال ذلك لأَن الحمارَ إِذا أَراد أَن يَقْلَع النَّجْمةَ من الأَرض و كَدَمَها ارْتَدَّتْ خُصْيتاه إِلى مؤخَّرِه. قال الأَزهري: النَّجْمَةُ لها قضْبة تَفْتَرِشُ الأَرضَ افْتِراشاً. و قال أَبو نصر: الثَّيِّلُ الذي ينبت على شُطُوطِ الأَنهارِ و جمعه نَجْمٌ؛ و مثلُ البيت في كون النَّجْم فيه هو الثَّيِّل قولُ زهير:
مُكَلَّلٌ بأُصولِ النَّجْمِ تَنسجُه             ريحُ خَرِيقٌ، لِضاحي مائه حُبُكُ‏

و
في حديث جرير: بينَ نَخْلةٍ و ضالةٍ و نَجْمَةٍ و أَثْلةٍ.
؛ النَّجْمَةُ: أَخصُّ من النجم و كأَنها واحدتُه كنَبْتَةٍ و نَبْت. و في التنزيل العزيز: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى‏؛ قال أَبو إِسحاق: أَقْسَمَ الله تعالى بالنجم، و جاء في التفسير أَنه الثُّرَيّا، و كذلك سمتها العرب. و منه قول ساجعهم: طَلَع النَّجْم غُدَيَّهْ، و ابْتَغَى الراعي شُكَيَّهْ؛ و قال:
فباتت تَعُدُّ النَّجْم في مُسْتَحِيرة،             سريعٍ بأَيدي الآكِلينَ جُمودُها

أَراد الثُّرَيا. قال: و جاء في التفسير أَيضاً أَن النَّجْم نُزول القرآن نَجْماً بعد نَجْمٍ، و كان تَنزل منه الآيةُ و الآيتان، و قال أَهل اللغة: النَّجْمُ بمعنى النُّجوم، و النُّجُوم تَجمع الكواكب كلها. ابن سيدة: و النَّجْمُ الكوكب، و قد خصّ الثرَيا فصار لها علماً، و هو من باب الصَّعِق، و كذلك قال سيبويه في ترجمة هذا الباب: هذا باب يكون فيه الشي‏ءُ غالباً عليه اسمٌ، يكون لكل مَنْ كان من أُمَّتِه أَو كان في صِفتِه من الأَسماء التي تدخلها الأَلف و اللام، و تكون نَكِرتُه الجامعةَ لما ذكرتْ من المعاني ثم مثَّل بالصَّعِق و النَّجمِ، و الجمع أَنْجُمٌ و أَنْجَامٌ؛ قال الطرماح:
و تجْتَلي غُرَّة مَجْهولِها             بالرَّأْيِ منه، قبلَ أَنْجَامِها

و نُجُومٌ و نُجُمٌ، و من الشاذ قراءَةُ مَنْ قرأَ: و علاماتٍ و بالنُّجُم؛ و قال الراجز:
إِن الفَقيرَ بينَنا قاضٍ حَكَمْ،             أَنْ تَرِد الماءَ إِذا غابَ النُّجُمْ‏

و قال الأَخطل:
كلَمْعِ أَيْدي مَثاكِيلٍ مُسَلِّبةٍ،             يَنْدُبْنَ ضَرْس بَناتِ الدَّهرِ و الخُطُبِ‏

و ذهب ابن جني إِلى أَنه جمع فَعْلًا على فُعْل ثم ثَقَّل، و قد يجوز أَن يكون حذف الواو تخفيفاً، فقد قرئَ: و بالنُّجُم هُمْ يَهْتَدون، قال: و هي قراءة الحسن و هي تحتمل التوجيهين. و النَّجْمُ: الثُّرَيَّا، و هو اسم لها علم مثل زيد و عمرو، فإِذا قالوا طلع النَّجْمُ يريدون الثرَيا، و إِن أَخرجت منه الأَلف و اللام تنَكَّرَ؛ قال ابن بري: و منه قول المرار:
و يومٌ، مِن النَّجْم، مُسْتَوْقِد             يَسوقُ إِلى الموت نُورَ الظُّبا

أَراد بالنَّجْم الثرَيا؛ و قال ابن يعفر:
وُلِدْتُ بِحادِي النَّجْمِ يَتْلُو قَرِينَه،             و بالقَلْبِ قَلْبِ العَقْرَبِ المُتَوَقِّدِ

و قال أَبو ذؤيب:
فوَرَدْنَ و العَيُّوقُ مَقْعَدَ رابئِ الضُّرَباءِ،             خَلْفَ النَّجْمِ، لا يَتَتلَّع‏

و قال الأَخطل:
فهلَّا زَجَرْتِ الطيرَ لَيْلةَ جِئتِه             بضِيقةَ، بين النَّجْمِ و الدَّبَران‏

569
لسان العرب12

نجم ص 568

و قال الراعي:
فباتت تَعُدُّ النَّجْمَ في مُسْتَحيرةٍ،             سَريعٍ بأَيدي الآكِلينَ جُمودُها

قوله: تعدّ النَّجْم، يريد الثريَّا لأَن فيها ستة أَنجم ظاهرة يتخللها نجوم صغار خفية. و
في الحديث: إِذا طلع النَّجْمُ ارتفعت العاهةُ.
، و
في رواية: ما طلعَ النَّجْمُ و في الأَرض من العاهة شي‏ءٌ.
، و
في رواية: ما طلعَ النَّجْمُ قَط و في الأَرض عاهةٌ إِلا رُفِعت.
؛ النَّجْمُ في الأَصل: اسمٌ لكل واحد من كواكب السماء، و هو بالثريَّا أَخصُّ، فإِذا أُطلق فإِنما يراد به هي، و هي المرادة في هذا الحديث، و أَراد بطلوعها طُلوعَها عند الصبح، و ذلك في العَشْرِ الأَوْسَط من أَيَّارَ، و سقوطُها مع الصبح في العَشْر الأَوسط من تِشْرِينَ الآخِرِ، و العرب تزعم أَن بين طلوعها و غروبها أَمْراضاً و وَباءً و عاهاتٍ في الناس و الإِبلِ و الثِّمارِ، و مُدَّةُ مغيبِها بحيث لا تُبْصَر في الليل نَيِّفٌ و خمسون ليلةً لأَنها تخفى بقربها من الشمس قبلها و بعدها، فإِذا بعدت عنها ظهرت في الشَّرْق وقت الصبح؛ قال الحربي: إِنما أَراد بهذا الحديث أَرضَ الحجاز لأَن في أَيَّارَ يقع الحَصادُ بها و تُدْرِك الثمارُ، و حينئذ تُباعُ لأَنها قد أُمِنَ عليها من العاهة؛ قال القتيبي: أَحْسَبُ أَن رسول الله، صلى الله عليه و سلم، أَرادَ عاهةَ الثِّمارِ خاصة. و المُنَجِّمُ و المُتَنَجِّمُ: الذي ينظر في النُّجوم يَحْسُب مَواقِيتَها و سيرَها. قال ابن سيدة: فأَما قول بعض أَهل اللغة: يقوله النَّجَّامون، فأُراه مُولَّداً. قال ابن بري: و ابنُ خالويه يقول في كثير من كلامه و قال النَّجَّامُونَ و لا يقول المُنَجِّمون، قال: و هذا يدل على أَن فعله ثلاثي. و تَنَجَّمَ: رعى النُّجومَ من سَهَرٍ. و نُجُومُ الأَشياء: وظائفُها. التهذيب: و النُّجُومُ وظائفُ الأَشياء، و كلُّ وظيفةٍ نَجْمٌ. و النَّجْمُ: الوقتُ المضروب، و به سمي المُنَجِّم. و نَجَّمْتُ المالَ إِذا أَدَّيته نُجوماً؛ قال زهير في دياتٍ جُعِلت نُجوماً على العاقلة:
يُنَجِّمُها قومٌ لقَوْمٍ غَرامةً،             و لم يُهَرِيقُوا بينَهم مِل‏ءَ مِحْجَمِ‏

و
في حديث سعد: و اللهِ لا أَزيدُك على أَربعة آلافٍ مُنَجَّمةٍ.
؛ تَنْجِيمُ الدَّينِ: هو أَن يُقَدَّرَ عطاؤه في أَوقات معلومة متتابعةٍ مُشاهرةً أَو مُساناةً، و منه تَنْجِيمُ المُكاتَب و نُجُومُ الكتابةِ، و أَصله أَن العرب كانت تجعل مطالعَ منازِل القمر و مساقِطَها مَواقيتَ حُلولِ دُيونِها و غيرها، فتقول إِذا طلع النَّجْمُ: حلَّ عليك ما لي أَي الثريّا، و كذلك باقي المنازل، فلما جاء الإِسلام جعل الله تعالى الأَهِلّةَ مَواقيتَ لِمَا يحتاجون إِليه من معرفة أَوقات الحج و الصوم و مَحِلِّ الدُّيون، و سَمَّوْها نُجوماً اعتباراً بالرَّسْمِ القديم الذي عرفوه و احْتِذاءً حَذْوَ ما أَلفُوه و كتبوا في ذُكورِ حقوقِهم على الناس مُؤَجَّلة. و قوله عز و جل: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ‏
؛ عنَى نُجومَ القرآن لأَن القرآن أُنْزِل إِلى سماء الدنيا جملة واحدة، ثم أُنزل على النبي، صلى الله عليه و سلم، آيةً آيةً، و كان بين أَول ما نزل منه و آخره عشرون سنةً. و نَجَّمَ عليه الدّيةَ: قطَّعها عليه نَجْماً نجماً؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أَنشد:
و لا حَمالاتِ امْرِئٍ مُنَجِّم‏


و يقال: جعلت ما لي على فلان نُجوماً مُنَجَّمةً يؤدي كلَّ نَجْمٍ في شهر كذا، و قد جعل فلانٌ ما لَه على فلان نُجوماً معدودة يؤدِّي عند انقضاء كل شهر منها نَجْماً، و قد نَجَّمَها عليه تَنْجِيماً. نظر في النُّجوم:

570
لسان العرب12

نجم ص 568

فَكَّر في أَمر ينظر كيف يُدَبِّره. و قوله عز و جل مُخْبِراً عن إِبراهيم، عليه السلام: فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ‏
؛ قيل: معناه فيما نَجَمَ له من الرأْي. و قال أَبو العباس أَحمد بن يحيى: النُّجُومُ جمع نَجْم و هو ما نَجَمَ من كلامهم لَمَّا سأَلوه أَن يخرج معهم إِلى عِيدِهم، و نَظَرَ هاهنا: تَفكّر ليُدَبِّرَ حُجَّة فقال: إِنِّي سَقِيمٌ، أَي منْ كُفْرِكم. و
قال أَبو إِسحاق: إِنه قال لقومه و قد رأَى نَجْماً إِنِّي سَقِيمٌ، أَوْهَمَهم أَن به طاعوناً فتَوَلَّوْا عنه مُدْبِرين فِراراً من عَدْوَى الطاعون.
قال الليث: يقال للإِنسان إِذا تفكر في أَمر لينظر كيف يُدبِّره: نظر في النُّجوم، قال: و هكذا جاء عن الحسن في تفسير هذه الآية أَي تفكّر ما الذي يَصْرِفُهم عنه إِذا كلَّفوه الخروج معهم. و المِنْجَم: الكعب و العرقوبُ و كل ما نَتأَ. و المِنْجَم أَيضاً: الذي يُدَقّ به الوتد. و يقال: ما نَجَمَ لهم مَنْجَمٌ مما يطلبون أَي مَخْرج. و ليس لهذا الأَمر نَجْمٌ أَي أَصلٌ، و ليس لهذا الحديث نَجْم أَي ليس له أَصلٌ. و المَنْجَمُ: الطريق الواضح؛ قال البعيث:
لها في أَقاصِي الأَرضِ شأْوٌ و مَنْجَمُ‏


و قول ابن لَجَإٍ:
فصَبَّحَتْ، و الشمسُ لَمَّا تُنْعِمِ             أَن تَبْلغَ الجُدَّةَ فوقَ المَنْجَمِ‏

قال: معناه لم تُرِدْ أن تبلغ الجُدّة، و هي جُدّة الصبح طريقتُه الحمراء. و المَنْجَمُ: مَنْجَمُ النهار حين يَنْجُمُ. و نَجَمَ الخارجيّ، و نَجَمَتْ ناجمةٌ بموضع كذا أَي نَبَعت. و فلانٌ مَنْجَمُ الباطل و الضلالة أَي معدنُه. و المَنْجِمان و المِنْجَمانِ: عظمان شاخِصان في بواطن الكعبين يُقْبِل أَحدُهما على الآخر إِذا صُفَّت القدمان. و مِنْجَما الرجْل: كَعْباها. و المِنْجَم، بكسر الميم، من الميزان: الحديدة المعترضة التي فيها اللسان. و أَنْجَمَ المطرُ: أَقْلَع، و أَنْجَمَت عنه الحُمّى كذلك، و كذلك أَفْصَمَ و أَفْصَى. و أَنْجَمَتِ السماءُ: أَقْشَعَتْ، و أَنْجَمَ البَرْد؛ و قال:
أَنْجَمَتْ قُرَّةُ السماء، و كانت             قد أَقامَتْ بكُلْبة و قِطارِ

و ضرَبه فما أَنْجَمَ عنه حتى قتله أَي ما أَقْلَع، و قيل: كلُّ ما أَقْلَع فقد أَنْجَمَ. و النِّجامُ: موضع؛ قال معقل بن خُويلِد:
نَزِيعاً مُحْلِباً من أَهلِ لِفْتٍ             لِحَيٍّ بين أَثْلةَ و النِّجامِ‏

نحم:
النَّحِيمُ: الزَّحِيرُ و التنحْنُح. و
في الحديث: دخلتُ الجنةَ فسمعتُ نَحْمةً من نُعَيم.
أَي صوتاً. و النَّحِيمُ: صوتٌ يخرج من الجوف، و رجل نَحِمٌ، و ربما سمي نُعَيْمٌ النَّحَّامَ. نَحَمَ يَنْحِمُ، بالكسر، نَحْماً و نَحِيماً و نَحَمَاناً، فهو نَحَّام، و هو فوق الزَّحير، و قيل: هو مثل الزحير: قال رؤبة:
من نَحَمَانِ الحَسَدِ النِّحَمِ‏


بالَغ بالنِّحَمِّ كشِعْر شاعر و نحوه و إِلا فلا وجه له؛ و قال ساعدة بن جؤية:
و شَرْحَب نَحْرُه دامٍ و صَفْحَتُه،             يَصِيحُ مثلَ صِياحِ النَّسْرِ مُنْتَحَم‏

و أَنشد ابن بري:
ما لَك لا تَنْحِمُ يا فلاحُ،             إِنَّ النَّحِيمَ للسُّقاةِ راحُ‏

و أَنشده أَبو عمرو:
ما لك لا تَنْحِمُ يا فلاحه،             إِن النَّحِيم للسُّقاة راحه «1».

__________________________________________________
 (1). قوله [يا فلاحه‏] في التهذيب: يا رواحه.

571
لسان العرب12

نخم ص 572

و فَلاحة: اسم رجل. و رجل نَحَّام: بَخِيل إِذا طُلِبت إِليه حاجة كثر سُعالُه عندها؛ قال طرفة:
أَرَى قَبْرَ نَحّامٍ بَخيلٍ بماله،             كقَبْرِ غَوِيٍّ في البَطالةِ مُفْسِد

و قد نَحَمَ نَحِيماً. ابن الأَعرابي: النَّحْمَة السَّعْلة، و تكون الزحيرةَ. و النَّحِيمُ: صوتُ الفَهْدِ و نحوه من السباع، و الفعل كالفعل و المصدر كالمصدر، و نَحَمَ الفَهْدُ يَنْحِمُ نَحِيماً و نحوه من السباع كذلك، و كذلك النَّئِيمُ، و هو صوت شديد. و نَحَمَ السَّوَّاقُ «1» و العاملُ يَنْحَمُ و يَنْحِمُ نَحِيماً إِذا استراح إِلى شِبْه أَنينٍ يُخرِجه من صدره. و النَّحِيمُ: صوت من صَدْر الفرس. و النُّحَامُ: طائر أَحمر على خلقة الإِوَزِّ، واحدته نُحَامَة، و قيل: يقال له بالفارسية سُرْخ آوى؛ قال ابن بري: ذكره ابن خالويه النُّحام الطائر، بضم النون. و النَّحَّامُ: فرس لبعض فُرْسان العرب؛ قال ابن سيدة: أُراه السُلَيْكَ بن السُّلَكة السَّعْديّ عن الأَصمعي في كتاب الفرس؛ قال:
كأَنَّ قَوائِمَ النَّحَّامِ، لَمَّا             تَرَحَّل صُحْبَتي أُصُلًا، مَحارُ

و النَّحَّامُ: اسمُ فارس من فرسانهم.
نخم:
النُّخَامةُ، بالضم: النُّخاعةُ. نَخِمَ الرجلُ نَخَماً و نَخْماً و تَنَخَّمَ: دفع بشي‏ء من صَدْرِه أَو أَنفِه، و اسم ذلك الشي‏ء النُّخامةُ، و هي النُّخاعةُ. و تَنَخَّمَ أَي نَخَع. و نَخْمَةُ الرجل: حِسُّه، و الحاء المهملة فيه لغة. و النَّخَمُ: الإِعْياء، و قال غيره النَّخْمَةُ ضربٌ من خُشامِ الأَنفِ و هو ضِيقٌ في نفسه. يقال: هو يَنْخَمُ نَخْماً. قال أَبو منصور: و قال غيره النُّخَامَةُ ما يُلْقِيه الرجلُ من خَراشيِّ صدره، و النُّخاعةُ ما ينزِل من النُّخاعِ إِذْ مادّتُه من الدماغ «2». الليث: النُّخَامَةُ ما يخرج من الخَيْشوم عند التَّنَخُّمِ. الليث: النَّخْمُ اللَّعِبُ و الغِناءُ. قال أَبو منصور: هذا صحيح. ابن الأَعرابي: النَّخْمُ أَجودُ الغِناء؛ و منه‏
حديث الشعبي: أَنه اجتمع شَرْبٌ من أَهل الأَنْبارِ و بين أَيديهم ناجودٌ فغنَّى نَاخِمُهم.
أَي مُغنِّيهم: أَلا فاسْقِياني قبل جَيْش أَبي بَكْرِ «3» أَي غَنَّى مُغَنِّيهم بهذا. ابن الأَعرابي: النَّخْمَةُ النخاعة. و النَّخْمَةُ: اللَّطْمةُ.
ندم:
نَدِمَ على الشي‏ء و نَدِمَ على ما فعل نَدَماً و نَدَامةً و تَنَدَّمَ: أَسِفَ. و رجل نادِمٌ سادِمٌ و نَدْمانُ سَدْمانُ أَي نادِمٌ مُهْتمٌّ. و
في الحديث: النَّدَمُ تَوْبةٌ.
، و قوم نُدَّامٌ سُدَّامٌ و نِدامٌ سِدامٌ و نَدَامَى سَدامى. و النَّدِيمُ: الشَّرِيبُ الذي يُنادِمه، و هو نَدْمانُه أَيضاً. و نَادَمَني فلانٌ على الشراب. فهو نَدِيمِي و نَدْمَاني؛ قال النُّعْمان بن نَضْلةَ العدويّ، و يقال للنعمان بن عَدِيٍّ و كان عُمَرُ اسْتَعْمَلَهم على مَيْسانَ:
فإِن كنتَ نَدْماني فبالأَكْبَرِ اسْقِني،             و لا تَسْقِني بالأَصْغَر المُتَثَلِّمِ‏
لعلّ أَميرَ المؤمنينَ يَسُوءُه             تَنَادُمُنَا في الجَوْسَقِ المُتَهَدِّمِ‏

قال: و مثله للبُرْجِ بن مُسْهِرٍ:
و نَدْمانٍ يَزِيدُ الكأْسَ طِيباً،             سقيْتُ إِذا تَغَوَّرتِ النُّجومُ‏

__________________________________________________
 (1). قوله [نحم السواق‏] في التهذيب: الساقي.
 (2). قوله [إذ مادته من الدماغ‏] في التهذيب: الذي مادته.
 (3). قوله [ألا فاسقياني‏] في النهاية: سقياني.

572
لسان العرب12

ندم ص 572

قال: و شاهدُ نَديمٍ قولُ البُرَيْق الهذلي:
زُرنا أَبا زيدٍ، و لا حيَّ مِثْله،             و كان أَبو زيدٍ أَخي و نَدِيمي‏

و جمعُ النَّدِيم نِدامٌ، و جمع النِّدامِ نَدامَى. و
في الحديث: مَرْحَباً بالقوم غيرَ خَزايا و لا نَدامى.
أَي نادِمِينَ، فأَخرجه على مذهبهم في الإِتباع بِخَزايا، لأَن النَّدامى جمع نَدْمانٍ، و هو النَّدِيمُ الذي يُرافِقُك و يُشارِبُك. و يقال في النَّدَم: نَدْمان أَيضاً، فلا يكون إِتْباعاً لِخَزايا، بل جمعاً برأْسه، و المرأَة نَدْمانةٌ، و النسوة نَدامَى. و يقال: المُنادَمةُ مقلوبةٌ من المُدامَنةِ، لأَنه يُدْمِنُ شُرْبَ الشراب مع نَدِيمه، لأَن القلب في كلامهم كثير كالقِسيِّ من القُوُوسِ، و جَذَب و جَبَذَ، و ما أَطْيَبَه و أَيْطَبَه، و خَنِزَ اللحمُ و خَزِنَ، و واحِدٌ و حادٍ. و نادَمَ الرجل مُنادَمةً و نِداماً: جالَسه على الشراب. و النَّدِيمُ: المُنادِمُ، و الجمع نُدَماءُ، و كذلك النَّدْمانُ، و الجمع نَدامى و نِدامٌ، و لا يجمع بالواو و النون، و إِن أَدخلت الهاء في مؤنثه؛ قال أَبو الحسن: إِنما ذلك لأَن الغالب على فَعْلانَ أَن يكون أُنثاه بالأَلف نحو رَيَّان و رَيَّا و سَكْرانَ و سَكْرَى، و أَما بابُ نَدْمانةٍ و سَيْفانةٍ فيمن أَخَذه من السيف و مَوْتانةٍ فعزيزٌ بالإِضافة إلى فَعْلان الذي أُنثاه فَعْلى، و الأُنثى نَدْمَانَةٌ، و قد يكون النَّدْمان واحداً و جمعاً؛ و قول أَبي محمد الحذْلميِّ:
فذاكَ بعدَ ذاكَ من نِدَامِها


فسره ثعلب فقال: نِدامُها سَقْيُها. و النَيْدَمانُ: نبت. و النَّدَبُ و النَّدَمُ: الأَثرُ. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: إِياكم و رَضاع السَّوْء فإِنه لا بُدَّ من أَنْ يَنْتَدِمَ يوماً مّا.
أَي يظهر أَثرُه. و النَّدَم: الأَثَر، و هو مثل النَّدَب، و الباء و الميم يتبادلان، و ذكره الزمخشري بسكون الدال من النَّدْمِ، و هو الغَمّ اللازم إِذ يَنْدَم صاحبُه لما يَعْثر عليه من سوء آثاره. و يقال: خُذْ ما انْتَدَمَ و انتَدَب و أَوْهَف أَي خُذْ ما تَيسَّر. و التَّنَدُّم: أَن يَتَّبع الإِنسان أَمراً نَدَماً. يقال: التقَدُّم قبل التنَدُّم؛ و هذا
يروى عن أَكثم بن صَيفي أَنه قال: إِن أَردتَ المُحاجَزة فقبْل المُناجزة.
؛ قال أَبو عبيد: معناه انجُ بنفسك قبل لِقاء من لا قِوامَ لك به، قال: و قال الذي قتلَ محمدَ بن طلحة بن عبيد الله يوم الجمَل:
يُذَكِّرُني حاميمَ، و الرُّمْحُ شاجرٌ،             فهلَّا تَلا حاميمَ قبلَ التقدُّم‏

و أَنْدَمَه اللهُ فنَدِمَ. و يقال: اليَمين حِنْثٌ أَو مَنْدَمة؛ قال لبيد:
و إِلا فما بالمَوْتِ ضُرٌّ لأَهْلِه،             و لم يُبْقِ هذا الأَمرُ في العَيْش مَنْدَما

نسم:
النَّسَمُ و النَّسَمَةُ: نفَسُ الروح. و ما بها نَسَمَة أَي نفَس. يقال: ما بها ذو نَسَمٍ أَي ذو رُوح، و الجمع نَسَمٌ. و النَّسِيمُ: ابتداءُ كلِّ ريحٍ قبل أَن تَقْوى؛ عن أَبي حنيفة. و تَنَسَّمَ: تنفَّس، يمانية. و النَّسَمُ و النَّسِيمُ: نفَس الرِّيح إِذا كان ضعيفاً، و قيل: النَّسِيم من الرياح التي يجي‏ء منها نفس ضعيف، و الجمع منها أَنْسَامٌ؛ قال يصف الإِبل:
و جَعَلَتْ تَنْضَحُ من أَنْسَامِها،             نَضْحَ العُلوجِ الحُمْرِ في حَمَّامِها

أَنْسَامُها: روائح عَرَقِها؛ يقول: لها ريح طيبة. و النَّسِيمُ: الريح الطيبة. يقال: نسَمت الريحُ نَسِيما

573
لسان العرب12

نسم ص 573

و نَسَماناً. و النَّيْسَمُ: كالنسيم، نَسَمَ يَنْسِمُ نَسْماً و نَسِيماً و نَسَماناً. و تَنَسَّمَ النسيمَ: تَشمَّمه. و تَنَسَّمَ منه علْماً: على المثل، و الشين لغة عن يعقوب، و سيأْتي ذكرها، و ليست إِحداهما بدلًا من أُختها لأَن لكل واحد منهما وجهاً، فأَما تَنَسَّمت فكأَنه من النَّسيم كقولك اسْتَرْوَحتُ خَبراً، فمعناه أَنه تَلطَّف في التِماس العلم منه شيئاً فشيئاً كهُبوب النسيم، و أَما تنَشَّمت فمن قولهم نَشَّم في الأَمر أَي بَدأَ و لم يُوغِل فيه أَي ابتدأْت بطَرَفٍ من العلم من عنده و لم أَتمكَّن فيه. التهذيب: و نَسيم الريح هُبوبها. قال ابن شميل: النَّسِيم من الرياح الرُّويدُ، قال: و تَنَسَّمَتْ ريحُها بشي‏ء من نَسيمٍ أَي هبَّت هبوباً رُويداً ذات نَسيمٍ، و هو الرُّوَيد. و قال أَبو عبيد: النَّسِيم من الرياح التي تجي‏ء بنفَسٍ ضعيف. و النَّسَمُ: جمع نَسَمَة، و هو النَّفَس و الرَّبْوُ. و
في الحديث: تَنكَّبُوا الغُبارَ فإِن منه تكون النَّسَمةُ.
؛ قيل: النَّسَمَة هاهنا الرَّبْوُ، و لا يزال صاحب هذه العلة يتنَفَّس نفساً ضعيفاً؛ قال ابن الأَثير: النَّسَمَةُ في الحديث، بالتحريك، النفَس، واحد الأَنفاس، أَراد تَواترَ النفَس و الرَّبوَ و النَّهيجَ، فسميت العلة نَسَمَة لاستراحة صاحبِها إِلى تنفسِه، فإِن صاحب الرَّبوِ لا يزال يتنفَّس كثيراً. و يقال: تَنَسَّمَتِ الريحُ و تَنَسَّمْتُها أَنا؛ قال الشاعر:
فإِن الصَّبا رِيحٌ إِذا ما تَنَسَّمَتْ             على كِبْدِ مَخْزونٍ، تجَلَّتْ هُمومُها

و إِذا تَنَسَّمَ العليلُ و المحزون هبوبَ الريح الطيِّبة وجَد لها خَفّاً و فرَحاً. و نَسِيمُ الريح: أَوَّلها حين تُقْبل بلينٍ قبل أَن تشتدّ. و
في حديث مرفوع أَنه قال: بُعِثْت في نَسَمِ الساعة.
، و في تفسيره قولان: أَحدهما بُعِثْت في ضَعْفِ هُبوبها و أَول أَشراطها و هو قول ابن الأَعرابي، قال: و النَّسَم أَولُ هبوب الريح، و قيل: هو جمع نَسَمَةٍ أَي بُعِثت في ذوي أَرواح خلقهم الله تعالى في وقت اقتراب الساعة كأَنه قال في آخر النَّشْ‏ءِ من بني آدم. و قال الجوهري: أَي حين ابتدأَت و أَقبَلت أَوائِلُها. و تَنَسَّمَ المكانُ بالطِّيب: أَرِجَ؛ قال سَهْم بن إِياس الهذلي:
إِذا ما مَشَتْ يَوْماً بوادٍ تَنَسَّمَتْ             مَجالِسُها بالمَنْدَليِّ المُكَلَّلِ‏

و ما بها ذو نَسيم أَي ذو رُوح. و النَّسَم و المَنْسَمُ من النَّسيم. و المَنْسِم، بكسر السين: طرف خفّ البعير و النعامة و الفيل و الحافر، و قيل: مَنْسِما البعير ظُفْراه اللذان في يديه، و قيل: هو للناقة كالظفر للإِنسان؛ قال الكسائي: هو مشتق من الفعل، يقال: نَسَمَ به يَنْسِمُ نَسْماً. قال الأَصمعي: و قالوا مَنسِمُ النعامة كما قالوا للبعير. و
في حديث علي، كرم الله وجهه: وَطِئَتْهم بالمَناسِم.
، جمع مَنْسِم، أَي بأَخفافِها؛ قال ابن الأَثير: و قد تطلق على مَفاصل الإِنسان اتساعاً؛ و منه‏
الحديث: على كل مَنسِمٍ من الإِنسان صَدقةٌ.
أَي كل مَفْصِل. و نَسَمَ به يَنْسِمُ نَسْماً: ضرب؛ و استعاره بعض الشعراء للظَّبْي فقال:
تَذُبُّ بسَحْماوَيْنِ لم يَتَفَلَّلا،             وَحى الذِّئبِ عن طَفْلٍ مَنَاسِمُه مُخْلي‏

و نَسِمَ نَسَماً: نَقِبَ مَنسِمُه. و النَّسَمَةُ: الإِنسان، و الجمع نَسَمٌ و نَسَمَاتٌ؛ قال الأَعشى:
بأَعْظَمَ منه تُقىً في الحِساب،             إِذا النَّسَمَاتُ نَقَضْنَ الغُبارا

و تَنَسَّمَ أَي تَنَفَّسَ. و
في الحديث: لمَّا تَنَسَّموا رَوْح‏

574
لسان العرب12

نسم ص 573

الحياة.
أَي وَجدوا نَسيمَها. و التَّنَسُّم: طلبُ النسيم و اسْتِنشاقه. و النَّسَمَةُ في العِتْق: المملوك، ذكراً كان أَو أُنثى. ابن خالويه: تَنَسَّمْت منه و تَنشَّمْت بمعنى. و كان في بني أَسد رجلٌ ضمِن لهم رِزْقَ كلِّ بِنْتٍ تولَد فيهم، و كان يقال له المُنَسِّم أَي يُحْيي النَّسَمات؛ و منه قول الكميت:
و منَّا ابنُ كُوزٍ، و المُنَسِّمُ قَبْله،             و فارِسُ يوم الفَيْلَقِ العَضْبُ ذو العَضْبِ‏

و المُنَسِّمُ: مُحْيي النَّسَمات. و
في الحديث: أَنَّ النبي، صلى الله عليه و سلم، قال: مَنْ أَعتق نَسَمَةً مُؤمِنةً وقى اللهُ عز و جل بكل عُضْوٍ منه عُضْواً من النار.
؛ قال خالد: النَّسَمَةُ النَّفْسُ و الروحُ. و كلُّ دابة في جوفها رُوح فهي نَسَمَةٌ. و النَّسَمُ: الرُّوح، و كذلك النَّسِيمُ؛ قال الأَغلب:
ضَرْبَ القُدارِ نَقيعةَ القِدِّيمِ،             يَفْرُقُ بينَ النَّفْسِ و النَّسِيمِ‏

قال أَبو منصور: أَراد بالنفْس هاهنا جسمَ الإِنسان أَو دَمَه لا الرُّوحَ، و أَراد بالنَّسِيم الروحَ، قال: و معنى‏
قوله، عليه السلام: مَنْ أَعْتَقَ نَسَمَةً.
أَي من أَعتق ذا نَسَمةٍ، و قال ابن الأَثير: أَي مَنْ أَعْتَقَ ذا رُوح؛ و كلُّ دابَّةٍ فيها رُوحٌ فهي نَسَمَةٌ، و إِنما يريد الناس. و
في حديث علي: و الذي فَلَقَ الحَبَّةَ و بَرأَ النَّسَمَةَ.
أَي خَلَقَ ذاتَ الروح، و كثيراً ما كان يقولها إِذا اجتهد في يمينه. و قال ابن شميل: النَّسَمَةُ غرة عبد أَو أَمة. و
في الحديث عن البراء بن عازب قال: جاء أَعرابي إِلى النبي، صلى الله عليه و سلم، فقال: عَلِّمْني عملًا يُدْخِلُني الجنة، قال: لئن كنت أَقْصَرْت الخُطْبةَ لقد أَعْرَضْت المَسْأَلة، أَعْتِق النَّسَمَةَ و فُكَّ الرقبةَ، قال: أَ وَ ليسا واحداً؟ قال: لا، عِتْقُ النَّسَمَةِ أَن تَفَرَّدَ بعتقها، و فك الرقبة أَن تُعينَ في ثمنها، و المِنْحة الوَكوف، و أَبقِ على ذي الرحم «1» الظالم، فإِن لم تُطِقْ ذلك فأَطْعِم الجائعَ، و اسْقِ الظمْآنَ، و أْمُرْ بالمعروف و انْهَ عن المنكر، فإِن لم تُطِقْ فكُفَّ لِسانَك إِلا مِنْ خَيرٍ.
و يقال: نَسَّمْتُ نَسَمة إِذا أَحْيَيْتَها أَو أَعْتَقْتها. و قال بعضهم: النَّسَمَة الخَلْقُ، يكون ذلك للصغير و الكبير و الدوابِّ و غيرها و لكل من كان في جوفِه رُوحٌ حتى قالوا للطير؛ و أَنشد شمر:
يا زُفَرُ القَيْسِيّ ذو الأَنْف الأَشَمّ             هَيَّجْتَ من نخلةَ أَمثالَ النَّسَمْ‏

قال: النَّسَمُ هاهنا طيرٌ سِراعٌ خِفافٌ لا يَسْتَبينُها الإِنسان من خفَّتِها و سرعتِها، قال: و هي فوق الخَطاطيف غُبْرٌ تعلوهنَّ خُضرة، قال: و النَّسَمُ كالنفَس، و منه يقال: نَاسَمْتُ فلاناً أَي وجَدْت ريحَه و وَجدَ رِيحي؛ و أَنشد:
لا يَأْمَنَنَّ صُروف الدهرِ ذو نَسَمٍ‏


أَي ذو نفَسٍ، و نَاسَمَه أَي شامَّه؛ قال ابن بري: و جاء في شعر الحرث بن خالد بن العاص:
عُلَّتْ به الأَنْيابُ و النَّسَمُ‏


يريد به الأَنفَ الذي يُتَنَسَّمُ به. و نَسَمَ الشي‏ءُ و نَسِمَ نَسَماً: تغيَّر، و خص بعضهم به الدُّهن. و النَّسَمُ: ريحُ اللبَن و الدسَم. و النَّسَمُ: أَثر الطريق الدارِس. و النَّيْسَمُ: الطريق المُستقيم، لغة في النَّيْسَب. و
في حديث عمرو بن العاص و إِسلامِه قال: لقد
__________________________________________________
 (1). قوله [و المنحة الوكوف و أَبقِ على ذي الرحم‏] كذا بالأَصل، و لعله و أعط المنحة الوكوف و أبق إلخ.

575
لسان العرب12

نسم ص 573

اسْتقام المَنْسِمُ و إِن الرجل لَنَبيٌّ، فأَسْلَمَ.
يقال: قد استَقامَ المَنْسِمُ أَي تَبَيَّنَ الطريقُ. و يقال: رأَيت مَنْسِماً من الأَمر أَعْرِفُ به وَجْهَه أَي أَثراً منه و علامة؛ قال أَوْس بن حَجَر:
لَعَمْرِي لقد بَيَّنْت يومَ سُوَيْقةٍ             لِمَنْ كان ذا رأْيٍ بِوِجْهةِ مَنْسِمِ‏

أَي بوجهِ بيانٍ، قال: و الأَصل فيه مَنْسِما خُفِّ البعير، و هما كالظُّفرين في مُقدَّمه بهما يُسْتبان أَثرُ البعير الضالّ، و لكل خُفٍّ مَنْسِمان، و لِخُفِّ الفِيل مَنْسِمٌ. و قال أَبو مالك: المَنْسِمُ الطريق؛ و أَنشد للأَحْوَص:
و إِن أَظْلَمَتْ يوماً على الناسِ غَسْمةٌ،             أَضَاءَ بكُم، يا آل مَرْوانَ، مَنْسِمُ‏

يعني الطريق، و الغَسْمة: الظُّلْمة. ابن السكيت: النَّيْسَمُ ما وجدتَ من الآثار في الطريق، و ليست بِجادّة بَيّنَةٍ؛ قال الراجز:
باتَتْ على نَيْسَمِ خَلٍّ جازع،             وَعْثِ النِّهاض قاطِع المَطالِع‏

و المَنْسِمُ: المَذْهب و الوجهُ منه. يقال: أَين مَنْسِمُك أَي أَين مذهبُك و مُتوجَّهُك. و من أَين مَنْسِمُك أَي من أَين وِجْهتُك. و حكى ابن بري: أَين مَنْسِمُك أَي بيتُك. و الناسِمُ: المريضُ الذي قد أَشفى على الموت. يقال: فلان يَنْسِمُ كنَسْم الريح الضعيف؛ و قال المرّار:
يمْشِينَ رَهْواً، و بعد الجَهْدِ من نَسَمٍ،             و من حَياءِ غَضِيضِ الطَّرْفِ مَسْتورِ

ابن الأَعرابي: النَّسِيم العرَقُ. و النَّسْمَة العرْقة في الحمّام و غيره، و يجمع النَّسَم بمعنى الخَلْق أَنَاسِم. و يقال: ما في الأَنَاسِم مثلُه، كأَنَّه جمع النَّسَم أَنْسَاماً، ثم أَنَاسِمُ جمعُ الجمع.
نشم:
النَّشَمُ، بالتحريك: شجر جبليّ تتخذ منه القسيّ، و هو من عُتُق العِيدان؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّة:
يأْوي إِلى مُشْمَخِرّاتٍ مُصَعِّدةٍ             شُمٍّ، بِهِنّ فُروعُ القانِ و النَّشَم‏

واحدتُه نَشَمَةٌ. الأَصمعي: من أَشجار الجبال النَّبْع و النَّشَمُ و غيره تتَّخذ من النَّشَم القِسِيُّ؛ و منه قول إمرئ القيس:
عارِضٍ زَوْراءَ من نَشَمٍ،             غَيْرِ باناتٍ على وتَرِهْ‏

و النَّشَمُ أَيضاً: مثل النَّمَش على القلب؛ يقال منه: نَشِمَ، بالكسر، فهو ثورٌ نَشِمٌ إِذا كان فيه نقط بيض و نقط سود. و نَشَّمَ اللحمُ تَنْشِيماً: تغيَّر و ابتدأَتْ فيه رائحةٌ كريهة، و قيل: تغيرت ريحُه و لم يبلغ النَّتْنَ، و في التهذيب: إِذا تغيرت ريحُه لا من نَتْنٍ و لكن كَراهةً. يقال: يَدِي من الجُبْنِ و نحوِه نَشِمَةٌ. و المُنَشِّمُ: الذي قد ابتدأَ يتغيَّر؛ و أَنشد:
و قد أُصاحِبُ فِتْياناً شَرابُهُمُ             خُضْرُ المَزاد، و لَحْمٌ فيه تَنْشِيمُ‏

قال: خضر المَزادِ الفَظُّ و هو ماءُ الكَرِش. و يقال: إِن الماء بَقِي في الأَداوي فاخْضَرَّت من القِدَم. و تَنَشَّمْتُ منه علْماً إِذا استفَدْت منه علماً. و نَشَّمَ القومُ في الأَمر تَنْشِيماً: نَشَبوا فيه و أَخذوا فيه. قال: و لا يكون ذلك إِلا في الشرّ؛ و منه قولهم: نَشَّمَ الناسُ في عُثْمان. و نَشَّمَ في الأَمر: ابتدأَ فيه؛ عن اللحياني، هكذا قال فيه، و لم يقل به. و نَشَّمَه و نَشَّمَ فيه: نال منه و طَعَن عليه. و قال أَبو عبيد
في حديث مَقْتل عثمان: لما

576
لسان العرب12

نشم ص 576

نَشَّمَ الناسُ في أَمره.
؛ قال: معناه طعنوا فيه و نالوا منه، أَصلُه من تَنْشِيم اللحم أَوَّلَ ما يُنْتِن. و تَنَشَّمَ في الشي‏ء و نَشَّمَ فيه إذا ابتدأَ فيه؛ قال الشاعر:
قد أَغْتَدي، و الليلُ في جَرِيمه،             مُعَسْكِراً في الغُرِّ من نجُومِه‏
و الصُّبْحُ قد نَشَّمَ في أَديمِه،             يَدُعُّه بِضَفَّتَيْ حَيْزُومِه،
دَعَّ الرَّبِيب لحْيَتَيْ يَتِيمِه‏


قال: نَشَّم في أَديمِه يريد تَبدَّى في أَول الصبح، قال: و أَديمُ الليل سواده، و جريمُه: نفسه. و التَّنْشِيم: الابتداءُ في كل شي‏ء. و في النوادر: نَشَمْتُ في الأَمر و نَشَّمْت و نَشَّبْت أي ابتدأْت. و نَشَّمَتِ الأَرضُ: نَزَّتْ بالماء. و المَنْشِم: حبُّ «2» من العِطْر شاقٌّ الدَّقّ. و المَنْشَم و المَنْشِم: شي‏ء يكون في سنبل العِطر يُسَمِّيه العطّارون رَوْقاً، و هو سَمُّ ساعةٍ، و قال بعضهم: هي ثمرة سوداء مُنْتِنَة، و قد أَكثرت الشعراءُ ذِكْر مَنْشِمٍ في أَشعارهم؛ قال الأَعشى:
أَراني و عَمْراً بيننا دَقُّ مَنْشِمٍ،             فلم يبق إلا أَن أُجَنَّ و يَكْلَبَا

و مَنْشِمُ، بكسر الشين: امرأَة عطّارة من هَمْدان كانوا إذا تطيَّبوا من ريحها اشتدَّت الحرب فصارت مثلًا في الشرّ؛ قال زهير:
تَدارَكْتُمُ عَبْساً و ذُبْيانَ، بعد ما             تَفانَوْا، و دَقُّوا بينهم عِطْرَ مَنْشِمِ‏

صرفه للشِّعر. و قال أَبو عمرو بن العلاء: هو من ابتداء الشرّ، و لم يكن يذهب إلى أَن مَنْشِمَ امرأَةٌ كما يقول غيره؛ و قال ابن الكلبي في عِطْرِ مَنْشِم: مَنْشِمُ امرأَةٌ من حِمْيَر، و كانت تبيع الطيب، فكانوا إذا تطيبوا بطيبِها اشتدَّت حربُهم فصارت مثلًا في الشرّ؛ قال الجوهري: مَنْشِمُ امرأَةٌ كانت بمكة عطّارة، و كانت خُزاعةُ و جُرْهُم إذا أَرادوا القتال تطيَّبوا من طيبها، و كانوا إذا فعلوا ذلك كَثُرَ القَتْلى فيما بينهم فكان يقال: أَشْأَمُ من عِطْرِ مَنْشِم، فصار مثلًا: قال: و يقال هو حبُّ بَلَسانٍ. و حكى ابن بري قال: يقال عطرُ مَنْشَم و مَنْشِم، قال: و قال أَبو عمرو مَنْشَمٌ الشرُّ بعينه، قال: و زعم آخرون أَنه شي‏ء من قُرون السُّنْبُل يقال له البَيْش، و هو سَمُّ ساعةٍ؛ قال: و قال الأَصمعي هو اسم امرأَة عطَّارة كانوا إذا قصدوا الحرب غَمَسوا أَيْدِيَهم في طِيبها، و تحالفوا عليه بأَن يسْتَمِيتُوا في الحرب و لا يُوَلُّوا أو يُقْتَلوا، قال: و قال أَبو عمرو الشَّيْباني: مَنْشِم امرأَة عطارة تبيع الحَنُوط، و هي من خُزاعة، قال: و قال هشامٌ الكَلْبيُّ من قال مَنْشِم، بكسر الشين، فهي مَنْشِم بنت الوَجيه من حِمْير، و كانت تبيع العِطْرَ، و يتشاءمون بعطرها، و من قال مَنْشَم، بفتح الشين، فهي امرأَة كانت تَنْتجع العربَ تبيعُهم عِطرها، فأَغار عليها قومٌ من العرب فأَخذوا عِطْرَها، فبلغ ذلك قومَها فاستأْصلوا كلَّ مَنْ شَمُّوا عليه ريحَ عطرها؛ و قال الكلبي: هي امرأَة من جُرهُم، و كانت جُرْهُم إذا خرجت لقتال خُزاعة خرجت معهم فطيَّبتهم، فلا يتطيب بطيبها أَحد إِلا قاتلَ حتى يُقتل أَو يجرح، و قيل: مَنْشِمُ امرأَةٌ كانت صنعت طيباً تُطَيِّب به زوجها، ثم إنها صادقت رجلًا و طيّبته بطيبِها، فلقِيَه زوجُها فشمَّ ريحَ طيبها عليه فقتَله، فاقتتل الحيّانِ من أَجله.
__________________________________________________
 (2). قوله [و المنشم حب إلخ‏] هو كمجلس و مقعد.

577
لسان العرب12

نطم ص 578

نصم:
ابن الأَعرابي: الصَّنَمةُ «1» و النَّصَمةُ الصورةُ التي تُعْبَدُ.
نضم:
أَهمله الليث، و روى أَبو العباس عن عمرو عن أَبيه: النَّضْمُ الحنطةُ الحادرةُ السمينة، واحدتها نَضْمَةٌ، و هو صحيح.
نطم:
أَهمله الليث، ابن الأَعرابي: النَّطْمَةُ النَّقْرةُ من الدِّيك و غيره، و هي النَّطْبَةُ بالباء أَيضاً.
نظم:
النَّظْمُ: التأْليفُ، نَظَمَه يَنْظِمُه نَظْماً و نِظاماً و نَظَّمَه فانْتَظَمَ و تَنَظَّمَ. و نَظَمْتُ اللؤْلؤَ أي جمعته في السِّلْك، و التَّنْظِيمُ مثله، و منه نَظَمْتُ الشِّعر و نَظَّمْته، و نَظَمَ الأَمرَ على المثَل. و كلُّ شي‏ء قَرَنْتَه بآخر أو ضَمَمْتَ بعضَه إلى بعض، فقد نَظَمْته. و النَّظْمُ: المَنْظومُ، وصف بالمصدر. و النَّظْمُ: ما نظَمْته من لؤلؤٍ و خرزٍ و غيرهما، واحدته نَظْمَة. و نَظْم الحَنْظل: حبُّه في صِيصائه. و النِّظَامُ: ما نَظَمْتَ فيه الشي‏ء من خيط و غيره، و كلُّ شعبةٍ منه و أَصْلٍ نِظامٌ. و نِظامُ كل أَمر: مِلاكُه، و الجمع أَنْظِمَة و أَناظِيمُ و نُظُمٌ. الليث: النَّظْمُ نَظمُك الخرزَ بعضَه إلى بعض في نِظامٍ واحد، كذلك هو في كل شي‏ء حتى يقال: ليس لأَمره نِظامٌ أي لا تستقيم طريقتُه. و النِّظامُ: الخيطُ الذي يُنْظمُ به اللؤلؤُ، و كلُّ خيطٍ يُنْظَم به لؤلؤ أو غيرهُ فهو نِظامٌ، و جمعه نُظُمٌ؛ و قال:
مِثْل الفَرِيدِ الذي يَجري متى النُّظُم‏


و فعلُك النَّظْمُ و التَّنْظِيمُ. و نَظْمٌ من لؤلؤٍ، قال: و هو في الأَصل مصدر، و الانْتِظام: الاتِّساق. و
في حديث أَشراط الساعة: و آيات تَتابعُ كنِظامٍ بالٍ قُطِعَ سِلْكُه.
؛ النِّظام: العِقْدُ من الجوهر و الخرز و نحوهما، و سِلْكُه خَيْطُه. و النِّظامُ: الهَديَةُ و السِّيرة. و ليس لأَمرهم نِظامٌ أي ليس له هَدْيٌ و لا مُتَعَلَّق و لا استقامة. و ما زالَ على نِظامٍ واحد أي عادةٍ. و تَنَاظَمَتِ الصُّخورُ: تلاصَقَت. و النِّظَامَان من الضبِّ: كُشْيَتان مَنْظومتانِ من جانبي كُلْيَتَيْه طويلتان. و نِظَامَا الضبَّةِ و إِنْظَاماها: كُشْيَتاها، و هما خيْطانِ مُنْتَظِمانِ بَيْضاً، يَبْتَدَّان جانبيها من ذَنَبها إلى أُذُنها. و يقال: في بطنها إنْظامان من بَيْضٍ، و كذلك إِنْظاما السمكة. و حكي عن أَبي زيد: أُنْظُومَتَا الضبِّ و السمكةِ، و قد نَظَمَت و نَظَّمَت و أَنْظَمَت، و هي نَاظِمٌ و مُنَظِّمٌ و مُنْظِم، و ذلك حين تمتلئ من أَصل ذنبها إلى أُذنِها بَيْضاً. و يقال: نَظَّمَت الضبَّةُ بيضها تَنْظِيماً في بطنها، و نَظَمَها نَظْماً، و كذلك الدجاجة أَنْظَمَت إذا صار في بطنها بَيْضٌ. و الأَنْظَامُ: نفس البيض المُنَظَّم كأَنه منظوم في سلك. و الإِنْظَامُ من الخرز: «2» خيطٌ قد نُظِمَ خَرزاً، و كذلك أَنَاظِيمُ مَكْنِ الضبَّة. و يقال: جاءنا نَظْمٌ من جرادٍ، و هو الكثير. و نِظامُ الرمل و أَنْظَامَتُه: ضَفِرتُه، و هي ما تعقَّد منه. و نَظَمَ الحبْلَ: شَكّه و عَقَدَه. و نَظَمَ الخَوّاصُ المُقْلَ يَنْظِمُه: شَكّه و ضَفَرَه. و النَّظَائِمُ: شَكائِكُ الحَبْلِ و خَلَلُه. و طعَنَه بالرُّمح فانْتَظَمَه أَي اخْتَلَّه. و انْتَظَم ساقيه و جانبيه كما قالوا اخْتَلَّ فؤادَه أي ضمها بالسِّنان؛ و قد روي:
__________________________________________________
 (1). قوله [الصنمة] هو في الأَصل بهذا الضبط، و في القاموس و التكملة بفتح فسكون.
 (2). قوله [و الإِنْظَام من الخرز] ضبط في الأَصل و التكملة بالكسر، و في القاموس بالفتح.

578
لسان العرب12

نظم ص 578

و الرواية المشهورة: اخْتَلَلْتُ فُؤادَه؛ قال أَبو زيد: الانْتِظَامُ للجانِبَين و الاخْتلالُ للفؤاد و الكبد. و
قال الحسن في بعض مواعظه: يا ابنَ آدم عليكَ بنَصيبك من الآخرة، فإنه يأْتي بك على نصيبك من الدنيا فيَنْتَظِمُهُ لك انْتِظَاماً ثم يزولُ معك حيثما زُلْتَ.
و انْتَظَمَ الصيدَ إذا طعنه أو رماه حتى يُنْفِذَه، و قيل: لا يقال انْتَظَمَه حتى يَجْمَعَ رَمْيَتَين بسهم أو رمح. و النَّظْمُ: الثُّريّا، على التشبيه بالنظْمِ من اللؤلؤ؛ قال أَبو ذؤيب:
فوَرَدْن، و العَيُّوقُ مَقْعَدَ رابئ الضُّرَباء             فوق النَّظْمِ، لا يَتَتَلَّع‏

و رواه بعضهم:
فوق النجم ...


، و هما الثريا معاً. و النَّظْمُ أَيضاً: الدّبَرانُ الذي يلي الثُّريا. ابن الأَعرابي: النَّظْمةُ كواكبُ الثُّريا. الجوهري: يقال لثلاثة كواكبَ من الجَوْزاء نَظْمٌ. و نَظْم: موضعٌ. و النظْمُ: ماءٌ بنجد. و النَّظِيمُ: موضعٌ؛ قال ابن هَرْمة:
فإنَّ الغَيْثَ قد وَهِيَتْ كُلاهُ             ببَطْحاء السَّيالة، فالنَّظِيمِ‏

ابن شميل: النَّظِيمُ شِعْبٌ فيه غُدُرٌ أو قِلاتٌ مُتواصلة بعضها قريب من بعض، فالشِّعْبُ حينئذ نَظِيمٌ لأَنه نَظَم ذلك الماء، و الجماعةُ النُّظُمُ. و قال غيره: النَّظِيمُ من الرُّكِيِّ ما تناسق فُقُرُهُ على نسق واحد.
نعم:
النَّعِيمُ و النُّعْمَى و النَّعْمَاء و النِّعْمَة، كله: الخَفْض و الدَّعةُ و المالُ، و هو ضد البَأْساء و البُؤْسى. و قوله عز و جل: وَ مَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ‏
؛ يعني في هذا الموضع حُجَجَ الله الدالَّةَ على أَمر النبي، صلى الله عليه و سلم. و قوله تعالى: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ‏
؛ أي تُسْأَلون يوم القيامة عن كل ما استمتعتم به في الدنيا، و جمعُ النِّعْمَةِ نِعَمٌ و أَنْعُمٌ كشِدَّةٍ و أَشُدّ؛ حكاه سيبويه؛ و قال النابغة:
فلن أَذْكُرَ النُّعْمان إلا بصالحٍ،             فإنَّ له عندي يُدِيّاً و أَنْعُما

و النُّعْم، بالضم: خلافُ البُؤْس. يقال: يومٌ نُعْمٌ و يومٌ بؤْسٌ، و الجمع أَنْعُمٌ و أَبْؤُسٌ. و نَعُمَ الشي‏ءُ نُعُومَةً أي صار ناعِما لَيِّناً، و كذلك نَعِمَ يَنْعَمُ مثل حَذِرَ يَحْذَر، و فيه لغة ثالثة مركبة بينهما: نَعِمَ يَنْعُمُ مثل فَضِلَ يَفْضُلُ، و لغة رابعة: نَعِمَ يَنْعِمُ، بالكسر فيهما، و هو شاذ. و التَّنَعُّم: الترفُّه، و الاسم النَّعْمَة. و نَعِمَ الرجل يَنْعَمُ نَعْمَةً، فهو نَعِمٌ بيّن المَنْعَم، و يجوز تَنَعَّمَ، فهو نَاعِمٌ، و نَعِمَ يَنْعُمُ؛ قال ابن جني: نَعِمَ في الأَصل ماضي يَنْعَمُ، و يَنْعُمُ في الأَصل مضارعُ نَعُمَ، ثم تداخلت اللغتان فاستضاف من يقول نَعِمَ لغة من يقول يَنْعُمُ، فحدث هنالك لغةٌ ثالثة، فإن قلت: فكان يجب، على هذا، أَن يستضيف من يقول نَعُمَ مضارعَ من يقول نَعِمَ فيتركب من هذا لغةٌ ثالثة و هي نَعُمَ يَنْعَمُ، قيل: منع من هذا أَن فَعُل لا يختلف مضارعُه أَبداً، و ليس كذلك نَعِمَ، فإن نَعِمَ قد يأْتي فيه يَنْعِمُ و يَنْعَمُ، فاحتمل خِلاف مضارعِه، و فَعُل لا يحتمل مضارعُه الخلافَ، فإن قلت: فما بالهُم كسروا عينَ يَنْعِمُ و ليس في ماضيه إلا نَعِمَ و نَعُمَ و كلُّ واحدٍ مِنْ فَعِل و فَعُل ليس له حَظٌّ في باب يَفْعِل؟ قيل: هذا طريقُه غير طريق ما قبله، فإما أن يكون يَنْعِمُ، بكسر العين، جاء على ماضٍ وزنه فعَل غير أَنهم لم يَنْطِقوا به استغناءً عنه بنَعِم و نَعُم، كما اسْتَغْنَوْا بتَرَك عن وَذَر

579
لسان العرب12

نعم ص 579

و وَدَعَ، و كما استغنَوْا بمَلامِحَ عن تكسير لَمْحةٍ، أَو يكون فَعِل في هذا داخلًا على فَعُل، أَعني أَن تُكسَر عينُ مضارع نَعُمَ كما ضُمَّت عينُ مضارع فَعِل، و كذلك تَنَعَّمَ و تَنَاعَمَ و نَاعَمَ و نَعَّمَه و نَاعَمَه. و نَعَّمَ أَولادَه: رَفَّهَهم. و النَّعْمَةُ، بالفتح: التَّنْعِيمُ. يقال: نَعَّمَه الله و نَاعَمَه فتَنَعَّمَ. و
في الحديث: كيف أَنْعَمُ و صاحبُ القَرْنِ قد الْتَقَمه؟.
أي كيف أَتَنَعَّمُ، من النَّعْمة، بالفتح، و هي المسرّة و الفرح و الترفُّه. و
في حديث أَبي مريم: دخلتُ على معاوية فقال: ما أَنْعَمَنا بك؟.
أَي ما الذي أَعْمَلَكَ إلينا و أَقْدَمَك علينا، و إنما يقال ذلك لمن يُفرَح بلقائه، كأنه قال: ما الذي أَسرّنا و أَفرَحَنا و أَقَرَّ أَعيُنَنا بلقائك و رؤيتك. و النَّاعِمَةُ و المُنَاعِمَةُ و المُنَعَّمَةُ: الحَسنةُ العيشِ و الغِذاءِ المُتْرَفةُ؛ و منه‏
الحديث: إنها لَطَيْرٌ نَاعِمةٌ.
أي سِمانٌ مُتْرَفةٌ؛ قال و قوله:
ما أَنْعَمَ العَيْشَ، لو أَنَّ الفَتى حَجَرٌ،             تنْبُو الحوادِثُ عنه، و هو مَلْمومُ‏

إنما هو على النسب لأَنا لم نسمعهم قالوا نَعِمَ العيشُ، و نظيره ما حكاه سيبويه من قولهم: هو أَحْنكُ الشاتين و أَحْنَكُ البَعيرين في أَنه استعمل منه فعل التعجب، و إن لم يك منه فِعْلٌ، فتَفهَّمْ. و رجل مِنْعَامٌ أي مِفْضالٌ. و نَبْتٌ نَاعِمٌ و مُنَاعِمٌ و مُتنَاعِمٌ سواء؛ قال الأَعشى:
و تَضْحَك عن غُرِّ الثَّنايا، كأَنه             ذرى أُقْحُوانٍ، نَبْتُه مُتَنَاعِمُ‏

و التَّنْعِيمَةُ: شجرةٌ نَاعِمَةُ الورَق ورقُها كوَرَق السِّلْق، و لا تنبت إلا على ماء، و لا ثمرَ لها و هي خضراء غليظةُ الساقِ. و ثوبٌ نَاعِمٌ: ليِّنٌ؛ و منه قول بعض الوُصَّاف: و عليهم الثيابُ النَّاعِمَةُ؛ و قال:
و نَحْمي بها حَوْماً رُكاماً و نِسْوَةً،             عليهنَّ قَزٌّ نَاعِمٌ و حَريرُ

و كلامٌ مُنَعَّمٌ كذلك. و النِّعْمَةُ: اليدُ البَيْضاء الصاحلة و الصَّنيعةُ و المِنَّة و ما أُنْعِم به عليك. و نِعْمَةُ الله، بكسر النون: مَنُّه و ما أَعطاه الله العبدَ مما لا يُمْكن غيره أَن يُعْطيَه إياه كالسَّمْع و البصَر، و الجمعُ منهما نِعَمٌ و أَنْعُمٌ؛ قال ابن جني: جاء ذلك على حذف التاء فصار كقولهم ذِئْبٌ و أَذْؤب و نِطْع و أَنْطُع، و مثله كثير، و نِعِماتٌ و نِعَمَاتٌ، الإِتباعُ لأَهل الحجاز، و حكاه اللحياني قال: و قرأَ بعضهم: أَن الفُلْكَ تجرِي في البَحْرِ بنِعَمات الله، بفتح العين و كسرِها، قال: و يجوز بِنِعْمات الله، بإسكان العين، فأَما الكسرُ «1» فعلى مَنْ جمعَ كِسْرَةً كِسِرات، و مَنْ قرأَ بِنِعَمات فإن الفتح أخفُّ الحركات، و هو أَكثر في الكلام من نِعِمات الله، بالكسر. و قوله عز و جل: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً
 «2». قال الجوهري: و النُّعْمَى كالنِّعْمة، فإن فتحتَ النون مددتَ فقلت النَّعْماء، و النَّعِيمُ مثلُه. و فلانٌ واسعُ النِّعْمَةِ أي واسعُ المالِ. و قرأَ بعضهم: و أَسْبَغَ عليكم نِعْمَةً، فمن قرأَ نِعَمَهُ‏
 أَراد جميعَ ما أَنعم به عليهم؛ قال الفراء: قرأَها ابن عباس «3» نِعَمَهُ‏
، و هو وَجْهٌ جيِّد لأَنه قد قال شاكِراً لِأَنْعُمِهِ‏
، فهذا جمع النِّعْم و هو دليل على أَن نِعَمَه جائز، و مَنْ قرأَ نِعْمَةً أَراد ما أُعطوه من‏
__________________________________________________
 (1). قوله [فأما الكسر إلخ‏] عبارة التهذيب: فأما الكسر فعلى من جمع كسرة كسرات، و من أسكن فهو أجود الأَوجه على من جمع الكسرة كسرات و من قرأ إلخ.
 (2). قوله و قوله عز و جل وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً إلى قوله [و قرأ بعضهم‏] هكذا في الأَصل بتوسيط عبارة الجوهري بينهما.
 (3). قوله [قرأها ابن عباس إلخ‏] كذا بالأَصل.

580
لسان العرب12

نعم ص 579

توحيده؛ هذا قول الزجاج، و أَنْعَمَها اللهُ عليه و أَنْعَمَ بها عليه؛
قال ابن عباس: النِّعْمَةُ الظاهرةُ الإِسلامُ، و الباطنةُ سَتْرُ الذنوب.
و قوله تعالى: وَ إِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ‏
؛ قال الزجاج: معنى إنْعَامِ الله عليه هِدايتُه إلى الإِسلام، و معنى إنْعَامِ النبي، صلى الله عليه و سلم، عليه إعْتاقُه إياه من الرِّقِّ. و قوله تعالى: وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ‏
؛ فسره ثعلب فقال: اذْكُر الإِسلامَ و اذكر ما أَبْلاكَ به ربُّك. و قوله تعالى: ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ‏
؛ يقول: ما أَنت بإنْعامِ الله عليك و حَمْدِكَ إياه على نِعْمتِه بمجنون. و قوله تعالى: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها
؛ قال الزجاج: معناه يعرفون أَن أمرَ النبي، صلى الله عليه و سلم، حقٌّ ثم يُنْكِرون ذلك. و النِّعْمَةُ، بالكسر: اسمٌ من أَنْعَمَ اللهُ عليه يُنْعِمُ إنْعَاماً و نِعْمَةً، أُقيم الاسمُ مُقامَ الإِنْعَام، كقولك: أَنْفَقْتُ عليه إنْفاقاً و نَفَقَةً بمعنى واحد. و أَنْعَمَ: أَفْضل و زاد. و
في الحديث: إن أَهلَ الجنة ليَتراءوْنَ أَهلَ عِلِّيِّين كما تَرَوْنَ الكوكبَ الدُّرِّيَّ في أُفُقِ السماء، و إنَّ أبا بكر و عُمَر منهم و أَنْعَمَا!.
أي زادا و فَضَلا، رضي الله عنهما. و يقال: قد أَحْسَنْتَ إليَّ و أَنْعَمْتَ أي زدت عليَّ الإِحسانَ، و قيل: معناه صارا إلى النعيم و دخَلا فيه كما يقال أَشْمَلَ إذا دخل في الشِّمالِ، و معنى قولهم: أَنْعَمْتَ على فلانٍ أي أَصَرْتَ إليه نِعْمةً. و تقول: أَنْعَمَ اللهُ عليك، من النِّعْمة. و أَنْعَمَ اللهُ صَباحَك، من النُّعُومةِ. و قولهُم: عِمْ صباحاً كلمةُ تحيّةٍ، كأَنه محذوف من نَعِمَ يَنْعِمُ، بالكسر، كما تقول: كُلْ من أَكلَ يأْكلُ، فحذف منه الأَلف و النونَ استخفافاً. و نَعِمَ اللهُ بك عَيْناً، و نَعَمَ، و نَعِمَك اللهُ عَيْناً، و أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْناً: أَقرَّ بك عينَ من تحبّه، و في الصحاح: أي أَقرَّ اللهُ عينَك بمن تحبُّه؛ أَنشد ثعلب:
أَنْعَمَ اللهُ بالرسولِ و بالمُرْسِلِ،             و الحاملِ الرسالَة عَيْنا

الرسولُ هنا: الرسالةُ، و لا يكون الرسولَ لأَنه قد قال و الحامل الرسالة، و حاملُ الرسالةِ هو الرسولُ، فإن لم يُقَل هذا دخل في القسمة تداخُلٌ، و هو عيب. قال الجوهري: و نَعِمَ اللهُ بكَ عَيْناً نُعْمةً مثل نَزِهَ نُزْهةً. و
في حديث مطرّف: لا تقُلْ نَعِمَ اللهُ بكَ عَيْناً فإن الله لا يَنْعَمُ بأَحدٍ عَيْناً، و لكن قل أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْناً.
؛ قال الزمخشري: الذي منَع منه مُطرّفٌ صحيحٌ فصيحٌ في كلامهم، و عَيْناً نصبٌ على التمييز من الكاف، و الباء للتعدية، و المعنى نَعَّمَكَ اللهُ عَيْناً أي نَعَّمَ عينَك و أَقَرَّها، و قد يحذفون الجارّ و يُوصِلون الفعل فيقولون نَعِمَك اللهُ عَيْناً، و أَمَّا أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْناً فالباء فيه زائدة لأَن الهمزة كافية في التعدية، تقول: نَعِمَ زيدٌ عيناً و أَنْعَمَه اللهُ عيناً، و يجوز أَن يكون من أَنْعَمَ إذا دخل في النَّعيم فيُعدَّى بالباء، قال: و لعل مُطرِّفاً خُيِّلَ إليه أَنَّ انتصاب المميِّز في هذا الكلام عن الفاعل فاستعظمه، تعالى اللهُ أن يوصف بالحواس علوّاً كبيراً، كما يقولون نَعِمْتُ بهذا الأَمرِ عَيْناً، و الباء للتعدية، فحَسِبَ أن الأَمر في نَعِمَ اللهُ بك عيناً كذلك، و نزلوا منزلًا يَنْعِمُهم و يَنْعَمُهم بمعنى واحد؛ عن ثعلب، أي يُقِرُّ أَعْيُنَهم و يَحْمَدونه، و زاد اللحياني: و يَنْعُمُهم عيناً، و زاد الأَزهري: و يُنْعمُهم، و قال أَربع لغات. و نُعْمةُ العين: قُرَّتُها، و العرب تقول: نَعْمَ و نُعْمَ عينٍ و نُعْمَةَ عينٍ و نَعْمَةَ عينٍ و نِعْمَةَ عينٍ و نُعْمَى عينٍ و نَعَامَ عينٍ و نُعامَ [نِعامَ‏] عينٍ و نَعامةَ عينٍ و نَعِيمَ عينٍ و نُعَامَى عين‏

581
لسان العرب12

نعم ص 579

أي أفعلُ ذلك كرامةً لك و إِنْعَاماً بعَينِك و ما أَشبهه؛ قال سيبويه: نصبوا كلَّ ذلك على إضمار الفعل المتروك إظهارهُ. و
في الحديث: إذا سَمِعتَ قولًا حسَناً فَرُوَيْداً بصاحبه، فإن وافقَ قولٌ عَملًا فنَعْمَ و نُعْمَةَ عينٍ آخِه و أَوْدِدْه.
أي إذا سمعت رجُلًا يتكلّم في العلم بما تستحسنه فهو كالداعي لك إلى مودّتِه و إخائه، فلا تَعْجَلْ حتى تختبر فعلَه، فإن رأَيته حسنَ العمل فأَجِبْه إلى إخائه و مودّتهِ، و قل له نَعْمَ و نُعْمَة عين أَي قُرَّةَ عينٍ، يعني أُقِرُّ عينَك بطاعتك و اتّباع أمرك. و نَعِمَ العُودُ: اخضرَّ و نَضَرَ؛ أنشد سيبويه:
و اعْوَجَّ عُودُك من لَحْوٍ و من قِدَمٍ،             لا يَنْعَمُ العُودُ حتى يَنْعَم الورَقُ «4».

و قال الفرزدق:
و كُوم تَنْعَمُ الأَضيْاف عَيْناً،             و تُصْبِحُ في مَبارِكِها ثِقالا

يُرْوَى الأَضيافُ و الأَضيافَ، فمن قال الأَضيافُ، بالرفع، أراد تَنْعَم الأَضيافُ عيناً بهن لأَنهم يشربون من أَلبانِها، و من قال تَنْعَمُ الأَضيافَ، فمعناه تَنْعَم هذه الكُومُ بالأَضيافِ عيناً، فحذفَ و أَوصل فنَصب الأَضيافَ أي أن هذه الكومَ تُسَرُّ بالأَضيافِ كسُرورِ الأَضيافِ بها، لأَنها قد جرت منهم على عادة مأْلوفة معروفة فهي تأْنَسُ بالعادة، و قيل: إنما تأْنس بهم لكثرة الأَلبان، فهي لذلك لا تخاف أن تُعْقَر و لا تُنْحَر، و لو كانت قليلة الأَلبان لما نَعِمَت بهم عيناً لأَنها كانت تخاف العَقْرَ و النحر. و حكى اللحياني: يا نُعْمَ عَيْني أَي يا قُرَّة عيني؛ و أَنشد عن الكسائي:
صَبَّحكَ اللهُ بخَيْرٍ باكرِ،             بنُعْمِ عينٍ و شَبابٍ فاخِرِ

قال: و نَعْمَةُ العيش حُسْنُه و غَضارَتُه، و المذكر منه نَعْمٌ، و يجمع أَنْعُماً. و النَّعَامَةُ: معروفةٌ، هذا الطائرُ، تكون للذكر و الأُنثى، و الجمع نَعَامَاتٌ و نَعائِمُ و نَعامٌ، و قد يقع النَّعَامُ على الواحد؛ قال أبو كَثْوة:
ولَّى نَعامُ بني صَفْوانَ زَوْزَأَةً،             لَمَّا رأَى أَسَداً بالغابِ قد وَثَبَا

و النَّعَامُ أَيضاً، بغير هاء، الذكرُ منها الظليمُ، و النَّعامةُ الأُنثى. قال الأَزهري: و جائز أَن يقال للذكر نَعامة بالهاء، و قيل النَّعام اسمُ جنس مثل حَمامٍ و حَمامةٍ و جرادٍ و جرادةٍ، و العرب تقول: أَصَمُّ مِن نَعَامةٍ، و ذلك أنها لا تَلْوي على شي‏ء إذا جفَلت، و يقولون: أَشمُّ مِن هَيْق لأَنه يَشُمّ الريح؛ قال الراجز:
أَشمُّ من هَيْقٍ و أَهْدَى من جَمَلْ‏


و يولون: أَمْوَقُ من نعامةٍ و أَشْرَدُ من نَعامةٍ؛ و مُوقها: تركُها بيضَها و حَضْنُها بيضَ غيرها، و يقولون: أَجبن من نَعامةٍ و أَعْدى من نَعامةٍ. و يقال: ركب فلانٌ جَناحَيْ نَعامةٍ إذا جدَّ في أَمره. و يقال للمُنْهزِمين: أَضْحَوْا نَعاماً؛ و منه قول بشر:
فأَما بنو عامرٍ بالنِّسار             فكانوا، غَداةَ لَقُونا، نَعامَا

و تقول العرب للقوم إذا ظَعَنوا مسرعين: خَفَّتْ نَعامَتُهم و شالَتْ نَعامَتُهم، و خَفَّتْ نَعَامَتُهم أَي استَمر بهم السيرُ. و يقال للعَذارَى: كأنهن بَيْضُ نَعَامٍ. و يقال للفَرَس: له ساقا نَعَامةٍ لِقِصَرِ ساقَيْه،
__________________________________________________
 (4). قوله [من لحو] في المحكم: من لحق، و اللحق الضمر.

582
لسان العرب12

نعم ص 579

و له جُؤجُؤُ نَعامةٍ لارتفاع جُؤْجُؤها. و من أَمثالهم: مَن يَجْمع بين الأَرْوَى و النَّعام؟ و ذلك أن مَساكنَ الأَرْوَى شَعَفُ الجبال و مساكن النعام السُّهولةُ، فهما لا يجتمعان أَبداً. و يقال لمن يُكْثِرُ عِلَلَه عليك: ما أَنت إلا نَعامةٌ؛ يَعْنون قوله:
و مِثْلُ نَعامةٍ تُدْعَى بعيراً،             تُعاظِمُه إذا ما قيل: طِيري‏
و إنْ قيل: احْمِلي، قالت: فإنِّي             من الطَّيْر المُرِبَّة بالوُكور

و يقولون للذي يَرْجِع خائباً: جاء كالنَّعامة، لأَن الأَعراب يقولون إن النعامة ذهَبَتْ تَطْلُبُ قَرْنَينِ فقطعوا أُذُنيها فجاءت بلا أُذُنين؛ و في ذلك يقول بعضهم:
أو كالنَّعامةِ، إذ غَدَتْ من بَيْتِها             لتُصاغَ أُذْناها بغير أَذِينِ‏
فاجْتُثَّتِ الأُذُنان منها، فانْتَهَتْ             هَيْماءَ لَيْسَتْ من ذوات قُرونِ‏

و من أَمثالهم: أنْتَ كصاحبة النَّعامة، و كان من قصتها أَنها وجَدتْ نَعامةً قد غَصَّتْ بصُعْرورٍ فأَخذتْها و ربَطتْها بخِمارِها إلى شجرة، ثم دنَتْ من الحيّ فهتَفَتْ: من كان يحُفُّنا و يَرُفُّنا فلْيَتَّرِكْ و قَوَّضَتْ بَيْتَها لتَحْمِل على النَّعامةِ، فانتَهتْ إليها و قد أَساغَتْ غُصَّتَها و أَفْلَتَتْ، و بَقِيَت المرأَةُ لا صَيْدَها أَحْرَزَتْ و لا نصيبَها من الحيّ حَفِظتْ؛ يقال ذلك عند المَزْريَةِ على من يَثق بغير الثِّقةِ. و النَّعَامة: الخشبة المعترضة على الزُّرنُوقَيْنِ تُعَلَّق منهما القامة، و هي البَكَرة، فإن كان الزَّرانيق من خَشَبٍ فهي دِعَمٌ؛ و قال أَبو الوليد الكِلابي: إذا كانتا من خَشَب فهما النَّعامتان، قال: و المعترضة عليهما هي العَجَلة و الغَرْب مُعَلَّقٌ بها، قال الأَزهري: و تكون النَّعامتانِ خَشَبتين يُضَمُّ طرَفاهما الأَعْليان و يُرْكَز طرفاهما الأَسفلان في الأَرض، أحدهما من هذا الجانب، و الآخر من ذاك الجنب، يُصْقَعان بحَبْل يُمدّ طرفا الحبل إلى وتِدَيْنِ مُثْبَتيْنِ في الأَرض أو حجرين ضخمين، و تُعَلَّقُ القامة بين شُعْبتي النَّعامتين، و النَّعامتانِ: المَنارتانِ اللتان عليهما الخشبة المعترِضة؛ و قال اللحياني: النَّعامتان الخشبتان اللتان على زُرْنوقَي البئر، الواحدة نَعامة، و قيل: النَّعامة خشبة تجعل على فم البئر تَقوم عليها السَّواقي. و النَّعامة: صخرة ناشزة في البئر. و النَّعامة: كلُّ بناء كالظُّلَّة، أو عَلَم يُهْتَدَى به من أَعلام المفاوز، و قيل: كل بناء على الجبل كالظُّلَّة و العَلَم، و الجمع نَعامٌ؛ قال أَبو ذؤيب يصف طرق المفازة:
بِهنَّ نَعامٌ بَناها الرجالُ،             تَحْسَب آرامَهُن الصُّروحا «1».

و روى الجوهري عجزه:
تُلْقِي النَّفائِضُ فيه السَّريحا


قال: و النَّفائضُ من الإِبل؛ و قال آخر:
لا شي‏ءَ في رَيْدِها إلا نَعامَتُها،             منها هَزِيمٌ و منها قائمٌ باقِي‏

و المشهور من شعره:
لا ظِلَّ في رَيْدِها


و شرحه ابن بري فقال: النَّعَامة ما نُصب من خشب يَسْتَظِلُّ به الربيئة، و الهَزيم: المتكسر؛ و بعد هذا البيت:
__________________________________________________
 (1). قوله [بناها] هكذا بتأنيث الضمير في الأَصل و مثله في المحكم هنا، و الذي في مادة نفض تذكيره، و مثله في الصحاح في هذه المادة و تلك.

583
لسان العرب12

نعم ص 579

بادَرْتُ قُلَّتَها صَحْبي، و ما كَسِلوا             حتى نَمَيْتُ إليها قَبْلَ إشْراق‏

و النَّعَامة: الجِلْدة التي تغطي الدماغ، و النَّعَامة من الفرس: دماغُه. و النَّعَامة: باطن القدم. و النَّعَامة: الطريق. و النَّعَامة: جماعة القوم. و شالَتْ نَعَامَتُهم: تفرقت كَلِمَتُهم و ذهب عزُّهم و دَرَسَتْ طريقتُهم و ولَّوْا، و قيل: تَحَوَّلوا عن دارهم، و قيل: قَلَّ خَيْرُهم و ولَّتْ أُمورُهم؛ قال ذو الإِصْبَع العَدْوانيّ:
أَزْرَى بنا أَننا شالَتْ نَعَامَتُنا،             فخالني دونه بل خِلْتُه دوني‏

و يقال للقوم إذا ارْتَحَلوا عن منزلهم أو تَفَرَّقوا: قد شالت نعامتهم. و
في حديث ابن ذي يَزَنَ: أتى هِرَقْلًا و قد شالَتْ نَعامَتُهم.
: النعامة الجماعة أَي تفرقوا؛ و أَنشد ابن بري لأَبي الصَّلْت الثَّقَفِيِّ:
اشْرَبْ هنِيئاً فقد شالَتْ نَعامتُهم،             و أَسْبِلِ اليَوْمَ في بُرْدَيْكَ إسْبالا

و أَنشد لآخر:
إني قَضَيْتُ قضاءً غيرَ ذي جَنَفٍ،             لَمَّا سَمِعْتُ و لمّا جاءَني الخَبَرُ
أَنَّ الفَرَزْدَق قد شالَتْ نعامَتُه،             و عَضَّه حَيَّةٌ من قَومِهِ ذَكَرُ

و النَّعامة: الظُّلْمة. و النَّعامة: الجهل، يقال: سكَنَتْ نَعامتُه؛ قال المَرّار الفَقْعَسِيّ:
و لو أَنيّ حَدَوْتُ به ارْفَأَنَّتْ             نَعامتُه، و أَبْغَضَ ما أَقولُ‏

اللحياني: يقال للإِنسان إنه لخَفيفُ النعامة إذا كان ضعيف العقل. و أَراكةٌ نَعامةٌ: طويلة. و ابن النعامة: الطريق، و قيل: عِرْقٌ في الرِّجْل؛ قال الأَزهري: قال الفراء سمعته من العرب، و قيل: ابن النَّعامة عَظْم الساق، و قيل: صدر القدم، و قيل: ما تحت القدم؛ قال عنترة:
فيكونُ مَرْكبَكِ القَعودُ و رَحْلُه،             و ابنُ النَّعَامةِ، عند ذلك، مَرْكَبِي‏

فُسِّر بكل ذلك، و قيل: ابن النَّعامة فَرَسُه، و قيل: رِجْلاه؛ قال الأَزهري: زعموا أَن ابن النعامة من الطرق كأَنه مركب النَّعامة من قوله:
و ابن النعامة، يوم ذلك، مَرْكَبي‏


و ابن النَعامة: الساقي الذي يكون على البئر. و النعامة: الرجْل. و النعامة: الساق. و النَّعامة: الفَيْجُ المستعجِل. و النَّعامة: الفَرَح. و النَّعامة: الإِكرام. و النَّعامة: المحَجَّة الواضحة. قال أَبو عبيدة في قوله:
و ابن النَّعامة، عند ذلك، مركبي‏


قال: هو اسم لشدة الحَرْب و ليس ثَمَّ امرأَة، و إنما ذلك كقولهم: به داء الظَّبْي، و جاؤوا على بَكْرة أَبيهم، و ليس ثم داء و لا بَكرة. قال ابن بري: و هذا البيت، أَعني فيكون مركبكِ، لِخُزَزَ بن لَوْذان السَّدوسيّ؛ و قبله:
كذَبَ العَتيقُ و ماءُ شَنّ بارِدٍ،             إنْ كنتِ سائلَتي غَبُوقاً فاذْهَبي‏
لا تَذْكُرِي مُهْرِي و ما أَطعَمْتُه،             فيكونَ لَوْنُكِ مِثلَ لَوْنِ الأَجْرَبِ‏
إني لأَخْشَى أن تقولَ حَليلَتي:             هذا غُبارٌ ساطِعٌ فَتَلَبَّبِ‏
إن الرجالَ لَهمْ إلَيْكِ وسيلَةٌ،             إنْ يأْخذوكِ تَكَحِّلي و تَخَضِّبي‏
و يكون مَرْكَبَكِ القَلوصُ و رَحلهُ،             و ابنُ النَّعامة، يوم ذلك، مَرْكَبِي‏

584
لسان العرب12

نعم ص 579

و قال: هكذا ذكره ابن خالويه و أَبو محمد الأَسود، و قال: ابنُ النَّعامة فرس خُزَزَ بن لَوْذان السَّدوسي، و النَّعامة أُمُّه فرس الحرث بن عَبَّاد، قال: و تروى الأَبيات أَيضا لعنترة، قال: و النَّعامة خَطٌّ في باطن الرِّجْل، و رأَيت أبا الفرج الأَصبهاني قد شرح هذا البيت في كتابه «1»، و إن لم يكن الغرض في هذا الكتاب النقل عنه لكنه أَقرب إلى الصحة لأَنه قال: إن نهاية غرض الرجال منكِ إذا أَخذوك الكُحْل و الخِضابُ للتمتع بك، و متى أَخذوك أَنت حملوك على الرحل و القَعود و أَسَروني أَنا، فيكون القَعود مَرْكَبك و يكون ابن النَّعامة مَرْكَبي أَنا، و قال: ابنُ النَّعامة رِجْلاه أو ظلُّه الذي يمشي فيه، و هذا أَقرب إلى التفسير من كونه يصف المرأَة برُكوب القَعود و يصف نفسه بركوب الفرس، اللهم إلا أَن يكون راكب الفرس منهزماً مولياً هارباً، و ليس في ذلك من الفخر ما يقوله عن نفسه، فأَيُّ حالة أَسوأُ من إسلام حليلته و هرَبه عنها راكباً أو راجلًا؟ فكونُه يَسْتَهوِل أَخْذَها و حملَها و أَسْرَه هو و مشيَه هو الأَمر الذي يَحْذَرُه و يَسْتهوِله. و النَّعَم: واحد الأَنْعَام و هي المال الراعية؛ قال ابن سيدة: النَّعَم الإِبل و الشاء، يذكر و يؤنث، و النَّعْم لغة فيه؛ عن ثعلب؛ و أَنشد:
و أَشْطانُ النَّعَامِ مُرَكَّزاتٌ،             و حَوْمُ النَّعْمِ و الحَلَقُ الحُلول‏

و الجمع أَنعَامٌ، و أَنَاعِيمُ جمع الجمع؛ قال ذو الرمة:
دانى له القيدُ في دَيْمومةٍ قُذُفٍ             قَيْنَيْهِ، و انْحَسَرَتْ عنه الأَناعِيمُ‏

و قال ابن الأَعرابي: النعم الإِبل خاصة، و الأَنعام الإِبل و البقر و الغنم. و قوله تعالى: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ‏
؛ قال: ينظر إلى الذي قُتل ما هو فتؤخذ قيمته دراهم فيُتصدق بها؛ قال الأَزهري: دخل في النعم هاهنا الإِبلُ و البقرُ و الغنم. و قوله عز و جل: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَ يَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ‏
؛ قال ثعلب: لا يذكرون الله تعالى على طعامهم و لا يُسمُّون كما أَن الأَنْعام لا تفعل ذلك، و أما قول الله عز و جَل: وَ إِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ‏
؛ فإن الفراء قال: الأَنْعام هاهنا بمعنى النَّعَم، و النَّعَم تذكر و تؤنث، و لذلك قال الله عز و جل: مِمَّا فِي بُطُونِهِ، و قال في موضع آخر: مِمَّا فِي بُطُونِها، و قال الفراء: النَّعَم ذكر لا يؤَنث، و يجمع على نُعْمانٍ مثل حَمَل و حُمْلانٍ، و العرب إذا أَفردت النَّعَم لم يريدوا بها إلا الإِبل، فإذا قالوا الأَنْعَام أَرادوا بها الإِبل و البقر و الغنم، قال الله عز و جل: وَ مِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَ فَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ‏
 «2» ثم قال: ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ؛ أي خلق منها ثمانية أَزواج، و كان الكسائي يقول في قوله تعالى: نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ؛ قال: أَراد في بطون ما ذكرنا؛ و مثله قوله:
مِثْل الفراخ نُتِفَتْ حَواصِلُهْ‏


أي حواصل ما ذكرنا؛ و قال آخر في تذكير النَّعَم:
في كلّ عامٍ نَعَمٌ يَحْوونَهُ،             يُلْقِحُه قَوْمٌ و يَنْتِجونَهُ‏

و من العرب من يقول للإِبل إذا ذُكِرت «3» الأَنْعَام و الأَنَاعِيم. و النُّعامى، بالضم على فُعالى: من أَسماء ريح الجنوب لأَنها أَبلُّ الرياح و أَرْطَبُها؛ قال أَبو ذؤيب:
__________________________________________________
 (1). قوله [في كتابه‏] هو الأَغاني كما بهامش الأَصل.
 (2). الآية.
 (3). قوله [إذا ذكرت‏] الذي في التهذيب: كثرت.

585
لسان العرب12

نعم ص 579

مَرَتْه النُّعَامَى فلم يَعْتَرِفْ،             خِلافَ النُّعَامَى من الشَّأْمِ، ريحا

و روى اللحياني عن أَبي صَفْوان قال: هي ريح تجي‏ء بين الجنوب و الصَّبا. و النَّعَامُ و النَّعَائِمُ: من منازل القمر ثمانيةُ كواكبَ: أَربعة صادرٌ، و أَربعة واردٌ؛ قال الجوهري: كأنها سرير مُعْوجّ؛ قال ابن سيدة: أَربعةٌ في المجرّة و تسمى الواردةَ و أَربعة خارجة تسمَّى الصادرةَ. قال الأَزهري: النَعَائِمُ منزلةٌ من منازل القمر، و العرب تسمّيها النَّعامَ الصادرَ، و هي أَربعة كواكب مُربَّعة في طرف المَجَرَّة و هي شاميّة، و يقال لها النَّعَام؛ أَنشد ثعلب:
باضَ النَّعامُ به فنَفَّر أَهلَه،             إلا المُقِيمَ على الدّوَى المُتَأَفِّنِ‏

النَّعَامُ هاهنا: النَّعَائِمُ من النجوم، و قد ذكر مستوفى في ترجمة بيض. و نُعَامَاكَ: بمعنى قُصاراكَ. و أَنْعَمَ أن يُحْسِنَ أَو يُسِي‏ءَ: زاد. و أَنْعَمَ فيه: بالَغ؛ قال:
سَمِين الضَّواحي لم تَؤَرِّقْه، لَيْلةً،             و أَنْعَمَ، أبكارُ الهُمومِ و عُونُها

الضَّواحي: ما بدا من جَسدِه، لم تُؤرّقْه ليلةً أَبكارُ الهموم و عُونُها، و أَنْعَمَ أي و زاد على هذه الصفة، و أَبكار الهموم: ما فجَأَك، و عُونُها: ما كان هَمّاً بعدَ هَمّ، و حَرْبٌ عَوانٌ إذا كانت بعد حَرْب كانت قبلها. و فَعَل كذا و أَنْعَمَ أي زاد. و
في حديث صلاة الظهر: فأَبردَ بالظُّهْرِ و أَنْعَمَ.
أي أَطال الإِبْرادَ و أَخَّر الصلاة؛ و منه قولهم: أَنْعَمَ النظرَ في الشي‏ءِ إذا أَطالَ الفِكْرةَ فيه؛ و قوله:
فوَرَدَتْ و الشمسُ لمَّا تُنْعِمِ‏


من ذلك أَيضاً أَي لم تُبالِغْ في الطلوع. و نِعْمَ: ضدُّ بِئْسَ و لا تَعْمَل من الأَسماء إلا فيما فيه الأَلفُ و اللام أو ما أُضيف إلى ما فيه الأَلف و اللام، و هو مع ذلك دالٌّ على معنى الجنس. قال أَبو إسحاق: إذا قلت نِعْمَ الرجلُ زيدٌ أو نِعْمَ رجلًا زيدٌ، فقد قلتَ: استحقّ زيدٌ المدحَ الذي يكون في سائر جنسه، فلم يجُزْ إذا كانت تَسْتَوْفي مَدْحَ الأَجْناسِ أن تعمل في غير لفظ جنسٍ. و حكى سيبويه: أَن من العرب من يقول نَعْمَ الرجلُ في نِعْمَ، كان أصله نَعِم ثم خفَّف بإسكان الكسرة على لغة بكر بن وائل، و لا تدخل عند سيبويه إلا على ما فيه الأَلف و اللام مُظْهَراً أو مضمراً، كقولك نِعْم الرجل زيد فهذا هو المُظهَر، و نِعْمَ رجلًا زيدٌ فهذا هو المضمر. و قال ثعلب حكايةً عن العرب: نِعْم بزيدٍ رجلًا و نِعْمَ زيدٌ رجلًا، و حكى أَيضاً: مررْت بقومٍ نِعْم قوماً، و نِعْمَ بهم قوماً، و نَعِمُوا قوماً، و لا يتصل بها الضمير عند سيبويه أَعني أَنَّك لا تقول الزيدان نِعْما رجلين، و لا الزيدون نِعْموا رجالًا؛ قال الأَزهري: إذا كان مع نِعْم و بِئْسَ اسمُ جنس بغير أَلف و لام فهو نصبٌ أَبداً، و إن كانت فيه الأَلفُ و اللامُ فهو رفعٌ أَبداً، و ذلك قولك نِعْم رجلًا زيدٌ و نِعْم الرجلُ زيدٌ، و نَصَبتَ رجلًا على التمييز، و لا تَعْملُ نِعْم و بئْس في اسمٍ علمٍ، إنما تَعْمَلانِ في اسم منكورٍ دالّ على جنس، أو اسم فيه أَلف و لامٌ تدلّ على جنس. الجوهري: نِعْم و بئس فِعْلان ماضيان لا يتصرَّفان تصرُّفَ سائر الأَفعال لأَنهما استُعملا للحال بمعنى الماضي، فنِعْم مدحٌ و بئسَ ذمٌّ، و فيهما أَربع لغات: نَعِمَ بفتح أَوله و كسر ثانيه، ثم تقول: نِعِمَ فتُتْبع الكسرة الكسرةَ، ثم تطرح الكسرة الثانية فتقول: نِعْم‏

586
لسان العرب12

نعم ص 579

بكسر النون و سكون العين، و لك أَن تطرح الكسرة من الثاني و تترك الأَوَّل مفتوحاً فتقول: نَعْم الرجلُ بفتح النون و سكون العين، و تقول: نِعْمَ الرجلُ زيدٌ و نِعْمَ المرأَةُ هندٌ، و إن شئت قلت: نِعْمَتِ المرأَةُ هند، فالرجل فاعلُ نِعْمَ، و زيدٌ يرتفع من وجهين: أَحدهما أَن يكون مبتدأ قدِّم عليه خبرُه، و الثاني أن يكون خبر مبتدإٍ محذوفٍ، و ذلك أَنَّك لمّا قلت نِعْم الرجل، قيل لك: مَنْ هو؟ أو قدَّرت أَنه قيل لك ذلك فقلت: هو زيد و حذفت هو على عادة العرب في حذف المبتدإ، و الخبر إذا عرف المحذوف هو زيد، و إذا قلت نِعْم رجلًا فقد أَضمرت في نِعْمَ الرجلَ بالأَلف و اللام مرفوعاً و فسّرته بقولك رجلًا، لأَن فاعِلَ نِعْم و بِئْسَ لا يكون إلا معرفة بالأَلف و اللام أو ما يضاف إلى ما فيه الأَلف و اللام، و يراد به تعريف الجنس لا تعريفُ العهد، أو نكرةً منصوبة و لا يليها علَمٌ و لا غيره و لا يتصل بهما الضميرُ، لا تقول نِعْمَ زيدٌ و لا الزيدون نِعْموا، و إن أَدخلت على نِعْم ما قلت: نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ‏
، تجمع بين الساكنين، و إن شئت حركت العين بالكسر، و إن شئت فتحت النون مع كسر العين، و تقول غَسَلْت غَسْلًا نِعِمَّا، تكتفي بما مع نِعْم عن صلته أي نِعْم ما غَسَلْته، و قالوا: إن فعلتَ ذلك فَبِها و نِعْمَتْ بتاءٍ ساكنة في الوقف و الوصل لأَنها تاء تأْنيث، كأَنَّهم أَرادوا نِعْمَتِ الفَعْلةُ أو الخَصْلة. و
في الحديث: مَن توضَّأَ يومَ الجمعة فبها و نِعْمَتْ، و مَن اغْتَسل فالغُسْل أَفضل.
؛ قال ابن الأَثير: أَي و نِعْمَت الفَعْلةُ و الخَصْلةُ هي، فحذف المخصوص بالمدح، و الباء في فبها متعلقة بفعل مضمر أي فبهذه الخَصْلةِ أو الفَعْلة، يعني الوضوءَ، يُنالُ الفضلُ، و قيل: هو راجع إلى السُّنَّة أي فبالسَّنَّة أَخَذ فأَضمر ذلك. قال الجوهري: تاءُ نِعْمَتْ ثابتةٌ في الوقف؛ قال ذو الرمة:
أَو حُرَّة عَيْطَل ثَبْجاء مُجْفَرة             دَعائمَ الزَّوْرِ، نِعْمَتْ زَوْرَقُ البَلدِ

و قالوا: نَعِمَ القومُ، كقولك نِعْم القومُ؛ قال طرفة:
ما أَقَلَّتْ قَدَمايَ إنَّهُمُ             نَعِمَ السَّاعون في الأَمْرِ المُبِرّ

هكذا أَنشدوه نَعِمَ، بفتم النون و كسر العين، جاؤوا به على الأَصل و لم يكثر استعماله عليه، و قد روي نِعِمَ، بكسرتين على الإِتباع. و دقَقْتُه دَقّاً نِعِمّا أي نِعْمَ الدقُّ. قال الأَزهري: و دقَقْت دواءً فأَنْعَمْت دَقَّه أي بالَغْت و زِدت. و يقال: نَاعِمْ حَبْلَك و غيرهَ أَي أَحْكِمْه. و يقال: إنه رجل نِعِمّا الرجلُ و إنه لَنَعِيمٌ. و تَنَعَّمَه بالمكان: طلَبه. و يقال: أَتيتُ أَرضاً فتَنَعَّمَتْني أي وافقتني و أَقمتُ بها. و تَنَعَّمَ: مَشَى حافياً، قيل: هو مشتق من النَّعَامَة التي هي الطريق و ليس بقويّ. و قال اللحياني: تَنَعَّمَ الرجلُ قدميه أي ابتذَلَهما. و أَنْعَمَ القومَ و نَعَّمَهم: أتاهم مُتَنَعِّماً على قدميه حافياً على غير دابّة؛ قال:
تَنَعَّمَها من بَعْدِ يومٍ و ليلةٍ،             فأَصْبَحَ بَعْدَ الأُنْسِ و هو بَطِينُ‏

و أَنْعَمَ الرجلُ إذا شيَّع صَديقَه حافياً خطوات. و قوله تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ‏
، و مثلُه: إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ‏
؛ قرأَ أَبو جعفر و شيبة و نافع و عاصم و أَبو عمرو فنِعْمَّا، بكسر النون و جزم العين و تشديد الميم، و قرأَ حمزة و الكسائي فنَعِمَّا، بفتح النون و كسر العين، و
ذكر

587
لسان العرب12

نعم ص 579

أَبو عبيدة «4» حديث النبي، صلى عليه و سلم، حين قال لعمرو بن العاص: نِعْمّا بالمالِ الصالح للرجل الصالِح.
، و أَنه يختار هذه القراءة لأَجل هذه الرواية؛ قال ابن الأَثير: أَصله نِعْمَ ما فأَدْغم و شدَّد، و ما غيرُ موصوفةٍ و لا موصولةٍ كأَنه قال نِعْمَ شيئاً المالُ، و الباء زائدة مثل زيادتها في: كَفى‏ بِاللَّهِ حَسِيباً* و منه‏
الحديث: نِعْمَ المالُ الصالحُ للرجل الصالِح.
؛ قال ابن الأَثير: و في نِعْمَ لغاتٌ، أَشهرُها كسرُ النون و سكون العين، ثم فتح النون و كسر العين، ثم كسرُهما؛ و قال الزجاج: النحويون لا يجيزون مع إدغام الميم تسكينَ العين و يقولون إن هذه الرواية في نِعْمَّا ليست بمضبوطة، و روي عن عاصم أَنه قرأَ فَنِعِمَّا، بكسر النون و العين، و أَما أَبو عمرو فكأَنَّ مذهَبه في هذا كسرةٌ خفيفةٌ مُخْتَلَسة، و الأَصل في نِعْمَ نَعِمَ نِعِمَ ثلاث لغات، و ما في تأْويل الشي‏ء في نِعِمّا، المعنى نِعْمَ الشي‏ءُ؛ قال الأَزهري: إذا قلت نِعْمَ ما فَعل أو بئس ما فَعل، فالمعنى نِعْمَ شيئاً و بئس شيئاً فعَل، و كذلك قوله: إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ‏
؛ معناه نِعْمَ شيئاً يَعِظكم به. و النُّعْمان: الدم، و لذلك قيل للشَّقِر شَقائق النُّعْمان. و شقائقُ النُّعْمانِ: نباتٌ أَحمرُ يُشبَّه بالدم. و نُعْمَانُ بنُ المنذر: مَلكُ العرب نُسب إِليه الشَّقيق لأَنه حَماه؛ قال أَبو عبيدة: إن العرب كانت تُسَمِّي مُلوكَ الحيرة النُّعْمانَ لأَنه كان آخِرَهم. أَبو عمرو: من أَسماء الروضةِ الناعِمةُ و الواضِعةُ و الناصِفةُ و الغَلْباء و اللَّفّاءُ. الفراء: قالت الدُّبَيْرِيّة حُقْتُ المَشْرَبةَ و نَعَمْتُها «5» و مَصَلْتها «6» أي كَنسْتها، و هي المِحْوَقةُ. و المِنْعَمُ و المِصْوَلُ: المِكْنَسة. و أُنَيْعِمُ و الأُنَيْعِمُ و نَاعِمَةُ و نَعْمَانُ، كلها: مواضع؛ قال ابن بري: و قول الراعي:
صبا صَبْوةً مَن لَجَّ و هو لَجُوجُ،             و زايَلَه بالأَنْعَمينِ حُدوجُ‏

الأَنْعَمِين: اسم موضع. قال ابن سيدة: و الأَنْعَمَان موضعٌ؛ قال أَبو ذؤيب، و أَنشد ما نسبه ابن بري إلى الراعي:
صبا صبوةً بَلْ لجَّ، و هو لجوجُ،             و زالت له بالأَنعمين حدوجُ‏

و هما نَعْمَانَانِ: نَعْمانُ الأَراكِ بمكة و هو نَعْمانُ الأَكبرُ و هو وادي عرفة، و نَعْمَانُ الغَرْقَد بالمدينة و هو نَعْمانُ الأَصغرُ. و نَعْمَانُ: اسم جبل بين مكة و الطائف. و
في حديث ابن جبير: خلقَ اللهُ آدمَ مِن دَحْنا و مَسحَ ظهرَ آدمَ، عليه السلام، بِنَعْمَان السَّحابِ.
؛ نَعْمَانُ: جبل بقرب عرفة و أَضافه إلى السحاب لأَنه رَكَد فوقه لعُلُوِّه. و نَعْمَانُ، بالفتح: وادٍ في طريق الطائف يخرج إلى عرفات؛ قال عبد الله بن نُمَير الثَّقَفِيّ:
تَضَوَّعَ مِسْكاً بَطْنُ نَعْمانَ، أنْ مَشَتْ             به زَيْنَبٌ في نِسْوةٍ عَطرات‏

و يقال له نَعْمانُ الأَراكِ؛ و قال خُلَيْد:
أَمَا و الرَّاقِصاتِ بذاتِ عِرْقٍ،             و مَن صَلَّى بِنَعْمانِ الأَراكِ‏

و التَّنْعِيمُ: مكانٌ بين مكة و المدينة، و في التهذيب: بقرب من مكة. و مُسافِر بن نِعْمَة بن كُرَير:
__________________________________________________
 (4). قوله [و ذكر أَبو عبيدة] هكذا في الأَصل بالتاء، و في التهذيب و زاده على البيضاوي أبو عبيد بدونها.
 (5). قوله [و نَعَمْتُها] كذا بالأَصل بالتخفيف، و في الصاغاني بالتشديد.
 (6). قوله [و مصلتها] كذا بالأَصل و التهذيب، و لعلها وصلتها كما يدل عليه قوله بعد و المصول.

588
لسان العرب12

نعم ص 579

من شُعرائهم؛ حكاه ابن الأَعرابي. و نَاعِمٌ و نُعَيْمٌ و مُنَعَّم و أَنْعُمُ و نُعْمِيّ «1» و نُعْمانُ و نُعَيمانُ و تَنْعُمُ، كلهن: أَسماءٌ. و التَّنَاعِمُ: بَطْنٌ من العرب ينسبون إلى تَنْعُم بن عَتِيك. و بَنو نَعامٍ: بطنٌ. و نَعامٌ: موضع. يقال: فلانٌ من أَهل بِرْكٍ و نَعامٍ، و هما موضعان من أطراف اليَمن. و النَّعامةُ: فرسٌ مشهورة فارسُها الحرث بن عبّاد؛ و فيها يقول:
قَرِّبا مَرْبِطِ النَّعامةِ مِنّي،             لَقِحَتْ حَرْبُ وائلٍ عن حِيالِ‏

أي بَعْدَ حِيالٍ. و النَّعَامَةُ أَيضاً: فرسُ مُسافِع بن عبد العُزّى. و ناعِمَةُ: اسمُ امرأَةٍ طَبَخَت عُشْباً يقال له العُقّارُ رَجاءَ أَن يذهب الطبخ بِغائلتِه فأَكلته فقَتلَها، فسمي العُقّارُ لذلك عُقّار ناعِمةَ؛ رواه ابن سيدة عن أبي حنيفة. و يَنْعَمُ: حَيٌّ من اليمن. و نَعَمْ و نَعِمْ: كقولك بَلى، إلا أن نَعَمْ في جواب الواجب، و هي موقوفة الآخِر لأَنها حرف جاء لمعنى، و في التنزيل: فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ‏
؛ قال الأَزهري: إنما يُجاب به الاستفهامُ الذي لا جَحْدَ فيه، قال: و قد يكون نَعَمْ تَصْديقاً و يكون عِدَةً، و ربما ناقَضَ بَلى إذا قال: ليس لك عندي ودِيعةٌ، فتقول: نَعَمْ تَصْديقٌ له و بَلى تكذيبٌ. و
في حديث قتادة عن رجل من خثْعَم قال: دَفَعتُ إلى النبي، صلى الله عليه و سلم، و هو بِمِنًى فقلت: أنتَ الذي تزعُم أنك نَبيٌّ؟ فقال: نَعِمْ.
، و كسر العين؛ هي لغة في نَعَمْ، بالفتح التي للجواب، و قد قرئَ بهما.
و قال أَبو عثمان النَّهْديّ: أمرَنا أميرُ المؤمنين عمرُ، رضي الله عنه، بأمر فقلنا: نَعَمْ، فقال: لا تقولوا نَعَمْ و قولوا نَعِمْ.
، بكسر العين. و قال بعضُ ولد الزبير: ما كنت أَسمع أشياخَ قرَيش يقولون إلَّا نَعِمْ، بكسر العين. و
في حديث أبي سُفيان حين أَراد الخروج إلى أُحد: كتبَ على سَهمٍ نَعَمْ، و على آخر لا، و أَجالهما عند هُبَل، فخرج سهمُ نَعَمْ فخرج إلى أُحُد، فلما قال لِعُمر: أُعْلُ هُبَلُ، و قال عمر: اللهُ أَعلى و أَجلُّ، قال أَبو سفيان: أَنْعَمَتْ فَعالِ عنها.
أي اترك ذِكرَها فقد صدقت في فَتْواها، و أَنعَمَتْ أَي أَجابت بنَعَمْ؛ و قول الطائي:
تقول إنْ قلتُمُ لا: لا مُسَلِّمةً             لأَمرِكُمْ، و نَعَمْ إن قلتُمُ نَعَما

قال ابن جني: لا عيب فيه كما يَظنُّ قومٌ لأَنه لم يُقِرَّ نَعَمْ على مكانها من الحرفية، لكنه نقَلها فجعلها اسماً فنصَبها، فيكون على حد قولك قلتُ خَيراً أو قلت ضَيراً، و يجوز أن يكون قلتم نَعَما على موضعه من الحرفية، فيفتح للإِطلاق، كما حرَّك بعضُهم لالتقاء الساكنين بالفتح، فقال: قُمَ الليلَ و بِعَ الثوبَ؛ و اشتقَّ ابنُ جني نَعَمْ من النِّعْمة، و ذلك أن نَعَمْ أَشرفُ الجوابين و أَسرُّهما للنفْس و أَجلَبُهما للحَمْد، و لا بضِدِّها؛ أ لا ترى إلى قوله:
و إذا قلتَ نَعَمْ، فاصْبِرْ لها             بنَجاحِ الوَعْد، إنَّ الخُلْف ذَمْ‏

و قول الآخر أَنشده الفارسي:
أبى جُودُه لا البُخْلَ [البُخْلِ‏] و اسْتَعْجَلتْ به             نَعَمْ من فَتىً لا يَمْنَع الجُوع قاتِله «2».

__________________________________________________
 (1). قوله [و مُنَعَّم‏] هكذا ضبط في الأَصل و المحكم، و قال القاموس كمحدّث، و ضبط في الصاغاني كمكرم. و قوله [و أَنْعم‏] قال في القاموس بضم العين، و ضبط في المحكم بفتحها. و قوله [و نعمى‏] قال في القاموس كحُبْلَى و ضبط في الأَصل و المحكم ككُرْسِيّ.
 (2). قوله [لا يمنع الجوع قاتله‏] هكذا في الأَصل و الصحاح، و في المحكم: الجوس قاتله، و الجوس الجوع. و الذي في مغني اللبيب: لا يمنع الجود قاتله، و كتب عليه الدسوقي ما نصه: قوله لا يمنع الجود، فاعل يمنع عائد على الممدوح؛ و الجود مفعول ثان؛ و قاتله مفعول أول، و يحتمل أن الجود فاعل يمنع أي جوده لا يحرم قاتله أي فإذا أراد إنسان قتله فجوده لا يحرم ذلك الشخص بل يصله انتهى. تقرير دردير.

589
لسان العرب12

نعم ص 579

يروى بنصب البخل و جرِّه، فمن نصبه فعلى ضربين: أحدهما أن يكون بدلًا من لا لأَن لا موضوعُها للبخل فكأَنه قال أَبى جودُه البخلَ، و الآخر أن تكون لا زائدة، و الوجه الأَول أعني البدلَ أَحْسَن، لأَنه قد ذكر بعدها نَعَمْ، و نَعمْ لا تزاد، فكذلك ينبغي أَن تكون لا هاهنا غير زائدة، و الوجه الآخر على الزيادة صحيح، و مَن جرَّه فقال لا البُخْلِ فبإضافة لا إليه، لأَنَّ لا كما تكون للبُخْل فقد تكون للجُود أَيضاً، أ لا ترى أَنه لو قال لك الإِنسان: لا تُطْعِمْ و لا تأْتِ المَكارمَ و لا تَقْرِ الضَّيْفَ، فقلتَ أَنت: لا لكانت هذه اللفظة هنا للجُود، فلما كانت لا قد تصلح للأَمرين جميعاً أُضيفَت إلى البُخْل لما في ذلك من التخصيص الفاصل بين الضدّين. و نَعَّمَ الرجلَ: قال له نعَمْ فنَعِمَ بذلك بالًا، كما قالوا بَجَّلْتُه أي قلت له بَجَلْ أي حَسْبُك؛ حكاه ابن جني. و أَنْعَمَ له أي قال له نعَمْ. و نَعَامَة: لَقَبُ بَيْهَسٍ؛ و النَّعَامَةُ: اسم فرس في قول لبيد:
تَكاثرَ قُرْزُلٌ و الجَوْنُ فيها،             و تَحْجُل و النَّعَامةُ و الخَبالُ «3».

و أَبو نَعَامَة: كنية قَطَريّ بن الفُجاءةِ، و يكنى أَبا محمد أَيضاً؛ قال ابن بري: أَبو نَعَامَة كُنْيَتُه في الحرب، و أَبو محمد كُنيته في السِّلم. و نُعْم، بالضم: اسم امرأَة.
نغم:
النَّغْمةُ: جَرْسُ الكلمة و حُسْن الصوت في القراءة و غيرها، و هو حسَنُ النَّغْمَةِ، و الجمع نَغْمٌ؛ قال ساعدة بن جُؤَيّة:
وَ لو انَّها ضَحِكت فتُسمِعَ نَغْمَها             رَعِشَ المَفاصِلِ، صُلْبُه مُتَحنِّبُ‏

و كذلك نَغَمٌ. قال ابن سيدة: هذا قول اللغويين، قال: و عندي أَن النَّغَم اسمٌ للجمع كما حكاه سيبويه من أَن حَلَقاً و فَلَكاً اسمٌ لجمع حَلْقةٍ و فَلْكةٍ لا جمعٌ لهما، و قد يكون نَغَمٌ متحركاً من نَغْمٍ. و قد تنَغَّم بالغِناء و نحوه. و إنه لَيَتَنَغَّم بشي‏ء و يتَنسَّمُ بشي‏ء و يَنسِمُ بشي‏ء أي يتكلم به. و النَّغَم: الكلام الخفيّ. و النَّغْمَةُ: الكلام الحسن، و قيل: هو الكلام الخفيّ، نَغَمَ يَنْغَمُ و يَنْغِمُ؛ قال: و أُرى الضمةَ لغةً، نَغْماً. و سكت فلان فما نَغَمَ بحرف و ما تَنَغَّمَ مثله، و ما نَغَمَ بكلمة. و نَغَمَ في الشراب: شَرب منه قليلًا كنَغَب؛ حكاه أَبو حنيفة، و قد يكون بدلًا. و النُّغْمَةُ: كالنُّغْبة؛ عنه أيضاً.
نقم:
النَّقِمَةُ و النَّقْمَةُ: المكافأَة بالعقوبة، و الجمع نَقِمٌ و نِقَمٌ، فنَقِمٌ لنَقِمَة، و نِقَمٌ لنِقْمةٍ، و أَما ابن جني فقال: نَقِمَة و نِقَمٌ، قال: و كان القياس أن يقولوا في جمعِ نَقِمَة نَقِم على جمع كَلِمة و كَلِمٍ فعدلوا عنه إلى أَن فتحوا المكسورَ و كسروا المفتوح. قال ابن سيدة: و قد علمنا أَن من شرط الجمع بِخَلع الهاء أَن لا يُغَيَّر من صيغة الحروف شي‏ء و لا يُزاد على طرح الهاء نحو تَمْرة و تَمْر، و قد بيَّنَّا ذلك جميعه فيما حكاه هو من مَعِدةٍ و مِعَدٍ. الليث: يقال لم أَرْض منه حتى نَقِمْت و انْتَقَمْت إذا كافأَه عقوبةً بما صنَع. ابن الأَعرابي: النِّقْمَةُ العقوبة، و النِّقْمَةُ الإِنكار. و قوله تعالى: هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا
؛ أَي هل تُنْكِرون. قال الأَزهري: يقال النَّقْمَةُ و النِّقْمَةُ العقوبة؛ و منه‏
قول عليّ بن أَبي طالب، كرم الله وجهه:
ما تَنْقِمُ الحَرْبُ العَوانُ مِنِّي،             بازِل عامَيْنِ فَتِيّ سِنِّي.


__________________________________________________
 (3). قوله [و تحجل و الخبال‏] هكذا في الأَصل و الصحاح، و في القاموس في مادة خبل بالموحدة، و أما اسم فرس لبيد المذكور في قوله:
تكاثر قرزل و الجون فيها             و عجلى و النَّعَامَة و الخيال‏


فبالمثناة التحتية، و وهم الجوهري كما وهم في عجلى و جعلها تحجل.

590
لسان العرب12

نقم ص 590

و
في الحديث: أنه ما انْتَقَمَ لنفسِه قَطّ إلا أن تُنتَهَكَ مَحارِمُ الله.
أَي ما عاقبَ أَحداً على مكروهٍ أتاه من قِبَله، و قد تكرر في الحديث. الجوهري: نَقَمْتُ على الرجل أَنْقِمُ، بالكسر، فأَنا نَاقِمٌ إذا عَتَبْت عليه. يقال: ما نَقِمْتُ منه إلا الإِحسانَ. قال الكسائي: و نَقِمْت، بالكسر، لغة. و نَقِمَ من فلانٍ الإِحسانَ إذا جعله مما يُؤَدِّيه إلى كُفر النعمة. و
في حديث الزكاة: ما يَنْقَمُ ابنُ جَميلٍ إلا أَنه كان فَقيراً فأَغناه الله.
أَي ما يَنْقَمُ شيئاً من مَنْع الزكاة إلا أن يَكفر النِّعْمة فكأَنَّ غناه أَدَّاه إلى كُفْرِ نِعْمةِ الله. و نَقَمْتُ الأَمرَ و نَقِمْتُه إذا كَرهته. و انْتَقَمَ اللهُ منه أي عاقَبَه، و الاسم منه النَّقْمَةُ، و الجمع نَقِمَات و نَقِمٌ مثل كَلِمةٍ و كلِمات و كَلِمٍ، و إن شئتَ سكّنت القاف و نقلت حركتَها إلى النون فقلت نِقْمَة، و الجمع نِقَمٌ مثل نِعْمة و نِعَم؛ و قد نَقَمَ منه يَنْقِمُ و نَقِمَ نَقَماً. و انْتَقَمَ و نَقِمَ الشي‏ءَ و نَقَمَه: أَنكره. و في التنزيل العزيز: وَ ما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ‏
؛ قال: و معنى نَقَمْت بالَغْت في كراهة الشي‏ء؛ و أَنشد ابن قيس الرُّقيّات:
ما نَقِمُوا [نَقَمُوا] من بَني أُمَيَّةَ إلا             أَنهم يَحْلُمون، إنْ غَضِبوا

يُروى بالفتح و الكسر: نَقَمُوا و نَقِمُوا. قال ابن بري: يقال نَقَمْتُ نَقْماً و نُقوماً و نَقِمَةً و نِقْمةً، و نَقِمْتُ: بالَغْتُ في كراهة الشي‏ء. و في أَسماء الله عز و جل: المُنْتَقِم، هو البالغ في العقوبة لمنْ شاءَ، و هو مُفْتَعِل مِنْ نَقَمَ يَنْقِمُ إذا بَلَغَتْ به الكراهةُ حدَّ السَّخَطِ. و ضرَبه ضَرْبة نَقَمٍ إذا ضرَبه عَدُوٌّ له. و في التنزيل العزيز: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ‏
؛ قال أَبو إسحاق: يقال نَقَمْتُ على الرجل أَنْقِمُ و نَقِمْتُ عليه أَنْقَمُ، قال: و الأَجوَدُ نَقَمْتُ أَنْقِمُ، و هو الأَكثر في القراءة. و يقال: نَقِمَ فلانٌ وَتْرَه أي انْتَقَم. قال أَبو سعيد: معنى قول القائل في المثل: مَثَلي مَثَلُ الأَرْقَم، إن يُقْتَلْ يَنْقَمْ، و إن يُتْرَك يَلْقَمْ؛ قوله إن يُقْتَلْ يَنْقَمْ أي يُثْأَر به، قال: و الأَرْقَمُ الذي يُشْبه الجانّ، و الناسُ يَتَّقونَ قَتْلَه لشَبهه بالجانّ، و الأَرْقَم مع ذلك من أَضعف الحيّات و أَقلِّها عَضّاً. قال ابن الأَثير: و
في حديث عمر، رضي الله عنه: فهو كالأَرْقَمِ إن يُقْتَلْ يَنْقَمْ.
أي إن قتَلَه كان له من يَنْتَقِمُ منه، قال: و الأَرْقَمُ الحيّة، كانوا في الجاهلية يزعمون أن الجِنَّ تَطْلُبُ بثأْرِ الجانِّ، و هي الحيّة الدقيقة، فربما مات قاتِلُه، و ربما أَصابه خَبَلٌ. و إنه لمَيْمُونُ النَّقِيمَةِ إذا كان مُظَفَّراً بما يُحاوِل، و قال يعقوب: ميمه بدل من باء نَقِيبةٍ. يقال: فلانٌ مَيْمونُ العريكةِ و النقيبة و النَّقِيمَةِ و الطَّبيعة بمعنى واحد. و النَّاقِمُ: ضَرْبٌ من تمرِ عُمانَ، و في التهذيب: و نَاقِمٌ تمرٌ بعُمانَ. و النَّاقِمِيَّةُ: هي رَقاشِ بنتُ عامرٍ. و بنو النَّاقِمِيَّةِ: بَطْنٌ من عبد القيس؛ قال أَبو عبيد: أَنشدنا الفراء عن المُفَضَّل لسعد بن زيد مَناةَ:
أَجَدَّ فِراقُ النَّاقِمِيَّةِ غُدْوةً،             أم البَيْنُ يَحْلَوْ لي لِمَنْ هو مُولَعُ؟
لقد كنتُ أَهْوَى النَّاقِمِيَّةِ حِقْبةً،             فقد جَعَلَتْ آسانُ بَيْنٍ تَقَطَّعُ‏

التهذيب: و نَاقِم حَيٌّ من اليمن؛ قال «1».
__________________________________________________
 (1). قوله [و نَاقِم حي من اليمن قال إلخ‏] [كذا بالأَصل، و عبارة التهذيب: يقال لم أرض منه حتى نقمت و انتقمت إذا كافأته عقوبة بما صنع، و قال يقود إلخ.

591
لسان العرب12

نقم ص 590

يَقودُ بأَرسان الجِيادِ سَراتُنا،             لِيَنْقِمنَ وتراً أَو ليدفَعْنَ مَدفَعا

و نَاقِمٌ: لقبُ عامر بن سعد بن عديّ بن جَدَّانَ بنِ جَدِيلَةَ. و نَقَمَى: اسمُ موضع.
نكم:
أَهمل الليث نَكَم و كَنم، و استعملهما ابن الأَعرابي فيما رواه ثعلب عنه قال: النَّكْمَة المُصيبة الفادِحةُ، و الكَنْمة الجِراحةُ.
نمم:
النَّمُّ: التوريشُ و الإِغْراءُ و رَفْع الحديثِ على وجه الإِشاعةِ و الإِفْسادِ، و قيل: تَزْيينُ الكلام بالكذب، و الفعلُ نَمَّ يَنِمُّ و يَنُمُّ، و الأَصل الضم، و نَمَّ به و عليه نَمّاً و نَمِيمَةً و نَمِيماً، و قيل: النَّمِيمُ جمعُ نَمِيَمةٍ بعدَ أن يكون اسماً. التهذيب: النَّمِيمةُ و النَّمِيمُ هما الاسم، و النعتُ نَمَّامٌ؛ و أَنشد ثعلب في تعدية نَمَّ بِعلى:
و نَمَّ عليك الكاشِحُونَ، و قَبْلَ ذا             عليك الهَوَى قد نَمَّ، لو نَفَعَ النَّمُ‏

و رجل نَمُومٌ و نَمَّامٌ و مِنَمٌّ و نَمٌّ أَي قَتّاتٌ من قومٍ نَمِّين و أَنِمَّاءَ و نُمَّ، و صرَّح اللحياني بأَنَّ نُمّاً جمع نَمُومٍ، و هو القياس، و امرأَة نَمَّة. قال أَبو بكر: قال أَبو العباس النَّمَّام معناه في كلام العرب الذي لا يُمْسِك الأَحاديثَ و لم يَحْفَظْها، من قولهم جُلودٌ نَمَّةٌ إذا كانت لا تُمْسِك الماءَ. يقال: نَمَّ فلانٌ يَنِمُّ نَمّاً إذا ضيَّعَ الأَحاديثَ و لم يحفظها؛ و أَنشد الفراء:
بَكَتْ من حديثٍ نَمَّه و أَشاعَه،             و لَصَّقَه واشٍ من القومِ واضِعُ‏

و يقال للنَّمَّام: القَتّاتُ، يقال: قَتَّ إذا مشى بالنَّميمة. و يقال للنَّمّام قَسّاسٌ و دَرَّاجٌ و غَمّازٌ و هَمّازٌ و مائسٌ و مِمْآسٌ، و قد ماسَ من القوم و نَمِلَ. الجوهري: نَمَّ الحديثَ يَنِمُّه و يَنُمُّه نَمّاً أي قَتَّه، و الاسم النَّمِيمَةُ، و قد تكرر في الحديث ذكرُ النَّمِيمَةِ، و هو نَقْلُ الحديث من قومٍ إلى قوم على جهة الإِفْسادِ و الشَّرِّ. و نَمَّ الحديثَ: نقَلَه. و نَمَّ الحديث: إذا ظهر، فهو متعدّ و لازمٌ. و النَّمِيمَةُ: صوتُ الكتابةِ و الكتابةُ، و قيل: هو وَسْواسُ هَمْسِ الكلام؛ قال أَبو ذؤَيب:
فشَربْنَ ثمَّ سَمِعْنَ حِسّاً دُونَه             شرف الحجاب، و ريبُ قَرْعٍ يَقْرع‏
و نَمِيمة من قانِصٍ مُتَلَبّبٍ،             في كفِّه جَشْ‏ءٌ أَجَشّ و أَقْطَعُ‏

قال الأَصمعي: معناه أَنه سمع ما نَمَّ على القانص. و قال غيره: النَّمِيمَةُ الصوت الخفيّ من حركة شي‏ء أَو وَطْءِ قدَمٍ، و قال الأَصمعي: أَراد به صوت وَتَرٍ أو ريحاً اسْتَرْوَحَته الحُمُرُ، و أَنكر: و هَماهِماً من قانِصٍ، قال: لأَنه أَشد خَتْلًا في القَنِيص من أَن يُهَمْهِمَ للوحش؛ أ لا ترى لقول رؤبة:
فباتَ و النَّفْسُ من الحِرْصِ الفَشَقْ             في الزَّرْبِ، لو يُمْضَعُ شَرْياً ما بَصَقْ‏

و الفَشَقُ: الانتشار. و النَّامَّة: حياة النَّفْسِ. و
في الحديث: لا تُمَثِّلوا بنَامَّةِ الله.
أي بخَلْق الله، و ناميةِ الله أَيضاً؛ هذه الأَخيرة على البدل. و النَّمِيمَة: الهَمس و الحركة. و أَسكت الله نَامَّته أي جَرْسَه، و ما يَنِمُّ عليه من حَرَكته؛ قال: و قد يهمز فيجعل من النَّئِيم. و سَمِعْتُ نَامَّتَه و نَمَّتَه أي حِسَّه، و الأَعرفُ في ذلك نأْمَتَه. و نَمَّ الشي‏ءُ: سَطَعتْ رائحتُه. و النَّمَّام: نبت طيِّب الريح، صفة غالبة. و نَمْنَمَت الريحُ الترابَ: خَطَّتْه و تَرَكَتْ عليه أَثراً شِبْه الكتابة، و هو النِّمْنِمُ و النِّمْنِيمُ؛ قال ذو الرمة:

592
لسان العرب12

نمم ص 592

فَيْفٌ عليها لذَيْلِ الريحِ نِمْنِيمُ‏


و النَّمْنَمَةُ: خُطوطٌ متقارِبة قِصارٌ شِبْهُ ما تُنَمْنِمُ الريحُ دُقاقَ التراب، و لكل وَشْيٍ نَمْنَمةٌ. و كتابٌ مُنَمْنَمٌ: مُنقَّش. و نَمْنَمَ الشي‏ءَ نَمْنَمَةً أي رَقَّشه و زَخْرفه. و ثوبٌ مُنَمْنَمٌ: مرقوم مُوَشّىً. و النِّمْنِمُ و النُّمْنُمُ: البياض الذي على أَظْفارِ الأَحداثِ، واحدته نِمْنِمَةٌ، بالكسر، و نُمْنُمَةٌ؛ قال رؤبة يصف قوساً رُصِّع مَقْبِضُها بسُيورٍ مُنَمْنَمةٍ:
رصْعاً كَساها شِيَةً نَمِيما


أي نقَشها. ابن الأَعرابي: النَّمَّة اللُّمْعة من بياضٍ في سوادٍ و سوادٍ في بياضٍ. و النِّمَّةُ: القَمْلة. و
في حديث سُوَيْد بن غَفَلة: أُتي بناقةٍ مُنَمْنَمَةٍ.
أَي سَمِينةٍ مُلْتَفَّة. و النبتُ المُنَمْنَمُ: المُلْتَفّ المجتمِع. و النِّمَّةُ: النَّمْلة في بعض اللغات. و النُّمِّيُّ: فلوس الرَّصاص، رومية؛ قال أَوس بن حجر:
و قارَفَت، و هي لم تَجْرَبْ، و باعَ لها،             مِنَ الفَصافِصِ بالنُّمِّيِّ، سِفْسِيرُ

واحدته نُمِّيَّة، و نسب الجوهري هذا البيت للنابغة يصف فرساً «1». و النُّمِّيُّ: الضَّنْجةُ. و النُّمِّيُّ: العَيْبُ؛ عن ثعلب؛ و أَنشد لمِسْكينٍ الدارِميِّ:
و لو شِئْتُ أَبْدَيْتُ نُمِّيَّهم،             و أَدخلْتُ تحت الثِّيابِ الإِبَرْ

قال ابن بري: قال الوزير المَغْرِبيّ أَراد بالنُّمِّيّ هنا العيبَ و أَصله الرَّصاصُ. جعله في العيب بمنزلة الرَّصاص في الفِضَّة. التهذيب: النُّمِّيُّ الفَلْسُ بالرومية، بالضم. و قال بعضهم: ما كان من الدراهم فيه رَصاصٌ أَو نحاس فهو نُمِّيٌّ، قال: و كانت بالحِيرة على عهد النُّعمانِ بن المنذر. و ما بها نُمِّيٌّ أَي ما بها أَحدٌ. و النُّمِّيَّةُ: الطبيعة؛ قال الطرماح:
بلا خَدَبٍ و لا خَوَرٍ، إذا ما             بَدَتْ نُمِّيَّةُ الخُدْبِ النُّفاةِ

و نُمِّيُّ الرجلِ: نُحاسُه و طَبْعُه؛ قال أَبو وجزة:
و لو لا غيرهُ لكشَفْتُ عنه،             و عن نُمِّيَّةِ الطَّبْعِ اللَّعينِ‏

نهم:
النَّهْمَةُ: بلوغُ الهِمَّة في الشي‏ء. ابن سيدة: النَّهَمُ، بالتحريك، و النَّهَامَةُ: إفراطُ الشهوةِ في الطعام و أَن لا تَمْتَلِئَ عينُ الآكل و لا تَشْبَعَ، و قد نَهِمَ في الطعام، بالكسر، يَنْهَمُ نَهَماً إذا كان لا يَشْبَعُ. و رجل نَهِمٌ و نَهِيمٌ و مَنْهُومٌ، و قيل: المَنْهُومُ الرَّغيب الذي يَمْتَلِئُ بطنُه و لا تنتهي نفْسُه، و قد نُهِمَ بكذا فهو مَنْهُوم أي مُولَع به، و أَنكرها بعضهم. و النَّهْمَة: الحاجة، و قيل: بلوغُ الهِمَّةِ و الشهوةِ في الشي‏ء. و
في الحديث: إذا قَضى أَحدُكم نَهْمَتَه من سَفَرِه فلْيُعَجِّل إلى أَهله.
و رجل مَنْهُومٌ بكذا أي مُولَعٌ به. و
في الحديث: مَنْهومانِ لا يَشْبعانِ: مَنْهومٌ بالمالِ، و مَنْهومٌ بالعِلمِ.
، و
في رواية: طالبُ عِلمٍ و طالبُ دنيا.
الأَزهري: النَّهِيمُ شِبْهُ الأَنِينِ و الطَّحيرِ و النَّحيمِ؛ و أَنشد:
ما لَكَ لا تَنْهِمُ يا فَلَّاحُ؟             إنَّ النَّهِيمَ للسُّقاةِ راحُ‏

و نَهَمَني فلانٌ أي زَجَرني. و نَهَمَ يَنْهِم، بالكسر، نَهِيماً: و هو صوتٌ كأَنه زحيرٌ، و قيل: هو صوتٌ فوق الزَّئيرِ، و قيل: نَهَمَ يَنْهِمُ لغة في نَحمَ يَنْحِم أي زحَرَ. و النَّهْمُ و النَّهِيم: صوتٌ و تَوَعُّدٌ و زَجْرٌ، و قد
__________________________________________________
 (1). قوله [يصف فرساً] في التكملة ما نصه: هذا غلط، و ليس يصف فرساً و إنما يصف ناقة، و قبل البيت: هل تبلغينهم حرف مصرمة أجد الفقار و إدلاج و تهدير قد عريت نصف حول أشهراً جدداً يسفي على رحلها بالحيرة المور و البيت لأَوس بن حجر لا للنابغة.

593
لسان العرب12

نهم ص 593

نَهَمَ يَنْهِمُ. و نَهْمَةُ الرجلِ و الأَسدِ: نأْمَتُهما، و قال بعضهم: نَهْمَةُ الأَسد بدل من نأْمَتِه. و النَّهَّامُ: الأَسدُ لصوته. يقال: نَهَمَ يَنْهِمُ نَهِيماً. و النَّاهِمُ: الصارخُ. و النَّهِيمُ، مثلُ النَّحيمِ و مثلُ النَّئيمِ: و هو صوتُ الأَسد و الفيلِ. يقال: نَهَمَ الفيلُ يَنْهِمُ نَهْماً و نَهِيماً؛ و أَنشد ابن بري:
         إذا سَمِعْتَ الزَّأْرَ و النَّهِيما،             أَبأْت منها هَرَباً عَزِيما

الإِباءُ: الفِرارُ. و النَّهْم، بالتسكين: مصدر قولك نَهَمْتُ الإِبلَ أَنْهَمُها، بالفتح فيهما، نَهْماً و نَهِيماً إذا زَجَرْتَها لِتَجِدَّ في سيرها؛ و منه قول زياد المِلقطي:
يا مَنْ لِقَلْبٍ قد عَصاني أَنْهَمُهْ‏


أي أَزْجرهُ. و
في حديث إسلام عمر، رضي الله عنه: قال تَبِعْتُه فلما سَمِع حِسِّي ظنَّ أَني إنما تَبِعْتُه لأُوذِيَه، فنَهَمَني و قال: ما جاء بكَ هذه الساعةَ؟.
أي زَجَرَني و صاحَ بي. و
في حديث عمر أَيضاً، رضي الله عنه: قيل له إن خالدَ بن الوليد نَهَمَ ابْنَكَ فانْتَهَمَ.
أي زجَرَه فانْزَجَرَ. و نَهَم الإِبل يَنْهِمُها و يَنْهَمُها نَهْماً و نَهِيماً و نَهْمَةً؛ الأَخيرة عن سيبويه: زجرَها بصوتٍ لتَمْضيَ. و المِنْهَامُ من الإِبل: التي تُطيع على النَّهْم، و هو الزجرُ، و إبلٌ مَنَاهِيمُ: تُطيع على النَّهْمِ أي الزجرِ؛ قال:
أَلا انْهِمَاها، إنها مَنَاهِيمْ،             و إنما يَنْهِمُها القومُ الهيمْ،
و إننا مَناجِدٌ مَتاهيمْ‏


و النَّهْمُ: زجرُك الإِبلَ تَصِيحُ بها لتَمْضيَ. نَهَمَ الإِبلَ يَنْهِمُها و يَنْهَمُها نَهْماً إذا زجرَها لتَجِدَّ في سيرها. قال أَبو عبيد: الوَئيدُ الصوتُ، و النَّهِيمُ مثلُه. و النِّهَامِيُّ، بكسر النون: الراهبُ لأَنه يَنْهَمُ [يَنْهِمُ‏] «1» أي يدعو. و النِّهامِيُّ: الحدَّادُ؛ و أَنشد:
نَفْخَ النِّهَامِيِّ بالكِيرَيْن في اللَّهَب‏


و أَنشد ابن بري للأَعشى:
سأَدْفعُ عن أَعراضِكم و أُعِيرُكم             لِساناً، كمِقْراضِ النِّهَامِيِّ، مِلْحَبا

و قال الأَسود بن يعفر:
و فاقِد مَوْلاه أَعارَتْ رِماحُنا             سِناناً، كنِبراسِ النِّهَامِيِّ، مِنْجَلا

مِنْجَلًا: واسعَ الجرح، و أَراد أَعارَتْه فحذف الهاء، و قيل: النِّهَامِيُّ النَّجّارُ، و الفتح في كل ذلك «2» لغة؛ عن ابن الأَعرابي. النضر: النِّهَامِيُّ الطريقُ المَهْيَعُ الجَدَدُ، و هو النَّهَّامُ أَيضاً. و المَنْهَمَةُ: موضع النَّجْر. و طريقٌ نِهَامِيٌّ و نَهَّامٌ: بيِّنٌ واضحٌ. و النَّهْمُ: الخَذْفُ بالحصى و نحوه. و نَهَمَ الحَصى و نحوَه يَنْهَمُه نَهْماً: قذفه؛ قال رؤبة:
و الهُوجُ يُدْرينَ الحَصى المَهْجوما،             يَنْهَمْنَ في الدار الحَصى المَنْهُوما

لأَن السائق قد يَخْذِفُ بالحصى و نحوه، و هو النَّهْم. و النُّهَامُ: طائرٌ شِبْهُ الهامِ، و قيل: هو البُومُ، و قيل: البومُ الذكَرُ؛ قال الطرماح في بُومة تَصِيح:
تَبِيتُ إذا ما دَعاها النُّهَام             تُجِدُّ، و تَحْسِبها مازِحهْ‏

يعني أَنها تُجِدّ في صوتِها فكأَنها تُمازِحُ. و قال أَبو سعيد: جمع النُّهامِ نُهُمٌ، قال: و هو ذكَرُ
__________________________________________________
 (1). قوله [لأنه يَنْهِمُ‏] ضبط في الصاغاني بالفتح و الكسر و كتب عليه معاً إشارة إلى صحتهما.
 (2). قوله [و الفتح في كل ذلك إلخ‏] الذي في القاموس أنه بمعنى الحدّاد و النجار و الطريق مثلث، و بمعنى الراهب بالكسر و الضم.

594
لسان العرب12

نهم ص 593

البُومِ؛ قال: و أَنشد ابن بري في النُّهَامِ ذكرِ البوم لعديّ بن زيد:
يُؤْنِسُ فيها صَوْتُ النُّهَامِ، إذا             جاوَبَها بالعَشِيِّ قاصِبُها

ابن سيدة: و قيل سُمِّيَ البومُ بذلك لأَنه يَنْهِمُ بالليل و ليس هذا الاشتقاق بقَويّ؛ قال الطرماح:
فتَلاقَتْه فلاثَتْ به             لَعْوةٌ تَضْبَحُ ضَبْحَ النُّهَامْ‏

و الجمع نُهُمٌ. و نُهْمٌ: صنمٌ، و به سمي الرجل عَبدَ نُهْمٍ. و نِهْمٌ: اسمُ رجلٍ، و هو أَبو بطنٍ منهم. و نُهْمٌ: اسمُ شيطانٍ، و
وفد على النبي، صلى الله عليه و سلم، حيٌّ من العرب فقال: بَنُو مَنْ أَنتم؟ فقالوا: بنو نُهْمٍ، فقال: نُهْمٌ شيطان، أنتم بنو عبد الله.
و نِهْمٌ: بَطْنٌ من هَمْدانَ، منهم عَمْرو بن بَرَّاقة الهَمْداني ثم النِّهْمِيّ.
نوم:
النَّوْم: معروف. ابن سيدة: النَّوْمُ النُّعاسُ. نامَ يَنَامُ نَوْماً و نِياماً؛ عن سيبويه، و الاسمُ النِّيمَةُ، و هو نَائِمٌ إذا رَقَدَ. و
في الحديث: أَنه قال فيما يَحْكي عن ربِّه أَنْزَلْتُ عليكَ كتاباً لا يَغْسِلُه الماءُ تَقْرَؤُه نَائِماً و يَقْظانَ.
أي تَقرؤه حِفْظاً في كل حال عن قلبك أي في حالتي النوم و اليقظة؛ أراد أنه لا يُمْحى أَبداً بل هو محفوظ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَ لا مِنْ خَلْفِهِ، و كانت الكتُبُ المنزلة لا تُجْمَع حِفْظاً، و إنما يُعْتَمَد في حِفْظِها على الصُّحُف، بخِلافِ القرآن فإنَّ حُفّاظَه أَضْعافُ صُحُفِه، و قيل: أَراد تقرؤه في يُسْرٍ و سُهولة. و
في حديث عِمْرانَ بن حُصَيْن: صَلِّ قَائِماً، فإن لم تَسْتَطِعْ فقاعِداً، فإن لم تَسْتَطِعْ فنَائِماً.
؛ أَراد به الاضْطِجاعَ، و يدل عليه‏
الحديث الآخر: فإن لم تستطع فعلى جَنْبٍ.
، و قيل: نائماً تصحيف، و إنَّما أَراد فإيماءً أَي بالإِشارة كالصلاة عند التحام القتال و على ظهر الدابة. و
في حديثه الآخر: من صلى نَائِماً فله نِصْفُ أَجْرِ القاعد.
؛ قال ابن الأَثير: قال الخطابي لا أَعلم أَني سمعت صلاةَ النائم إلا في هذا الحديث، قال: و لا أَحفظ عن أحدٍ من أَهل العلم أَنه رَخَّصَ في صلاةِ التطوع نائماً كما رَخَّص فيها قاعداً، قال: فإن صحت هذه الرواية و لم يكن أَحد الرُّواةِ أَدْرَجَه في الحديث و قاسَه على صلاةِ القاعِد و صلاةِ المريضِ إذا لم يَقْدِرْ على القُعودِ، فتكون صلاةُ المتطوِّع القادرِ نائماً جائزةً، و الله أَعلم، هكذا قال في مَعالم السُّنن، قال: و عاد قال في أَعلام السُّنَّة: كنتُ تأَوْلت الحديثَ في كتاب المَعالم على أن المراد به صلاةُ التطوع، إلا أن قوله نائماً يُفْسِد هذا التأْويل لأَن المُضطجع لا يصَلي التطوُّعَ كما يصلي القاعدُ، قال: فرأَيت الآنَ أن المراد به المريضُ المُفْتَرِضُ الذي يمكنه أن يَتحامَلَ فيقعُد مع مَشَقَّة، فجعَل أَجْرَه ضِعْفَ أَجْرهِ إذا صلَّى نائماً ترغيباً له في القعود مع جواز صلاته نائماً، و كذلك جعل صلاتَه إذا تحامَل و قامَ مع مشقةٍ ضِعْفَ صلاتِه إذا صلى قاعداً مع الجواز؛ و قوله:
تاللهِ ما زيدٌ بنَامَ صاحبُه،             و لا مُخالِطِ اللِّيانِ جانِبُهْ‏

قيل: إن نَامَ صاحبُه علمٌ اسم رجل، و إذا كان كذلك جَرى مَجْرى بَني شابَ قَرناها؛ فإن قلت: فإن قوله:
و لا مخالط الليان جانبه‏


ليس علماً و إنما هو صفة و هو معطوف على نامَ صاحبهُ، فيجب أَن يكون قوله نَامَ صاحبُه صفةً أَيضاً؛ قيل:

595
لسان العرب12

نوم ص 595

قد تكون في الجُمَل إذا سُمِّيَ بها معاني الأَفعال؛ أ لا ترى أن قوله:
شابَ قَرْناها تُصَرُّ و تُحْلَبُ‏


هو اسم عَلم و فيه مع ذلك معنى الذمّ؟ و إذا كان ذلك جاز أن يكون قوله:
و لا مُخالِطِ اللِّيانِ جانِبُه‏


معطوفاً على ما في قوله نام صاحبه من معنى الفعل. و ما له نِيمةُ ليلةٍ؛ عن اللحياني، قال ابن سيدة: أُراه يعني ما يُنام عليه ليلةً واحدة. و رجلٌ نَائِمٌ و نَؤُومٌ و نُوَمَةٌ و نُوَمٌ؛ الأَخيرة عن سيبويه، من قومٍ نِيامٍ و نُوَّمٍ، على الأَصل، و نُيَّمٍ، على اللفظ، قلبوا الواو ياءً لقربها من الطرَف، و نِيَّم، عن سيبويه، كسروا لِمكان الياء، و نُوَّامٍ و نُيَّامٍ، الأَخيرة نادرة لبعدها من الطرف؛ قال:
ألا طَرَقَتْنا مَيَّةُ ابنَةُ مُنْذِرٍ،             فما أَرَّقَ النُّيَّامَ إلا سَلامُها

قال ابن سيدة: كذا سمع من أبي الغمر. و نَوْم: اسم للجمع عند سيبويه، و جمعٌ عند غيره، و قد يكون النَّوْم للواحد. و
في حديث عبد الله بن جعفر: قال للحسين و رأَى ناقته قائمةً على زِمامِها بالعَرْج و كان مريضاً: أَيها النَّوْمُ أَيها النَّوْمُ فظن أَنه نائم فإذا هو مُثْبَتٌ وَجعاً.
، أَراد أيها النائم فوضَع المصدرَ موضعَه، كما يقال رجل صَوْمٌ أي صائم. التهذيب: رجل نَوْمٌ و قومٌ نَوْمٌ و امرأَة نَوْمٌ و رجل نَوْمانُ كثيرُ النوْم. و رجل نُوَمَةٌ، بالتحريك: يَنامُ كثيراً. و رجل نُوَمَةٌ إذا كان خامِلَ الذِّكْر. و في الحديث‏
حديث عليّ، كرَّم الله وجهه: أَنه ذكر آخرَ الزمان و الفِتَنَ ثم قال: إنما يَنْجو من شرّ ذلك الزمان كلُّ مؤمنٍ نُوَمَةٍ أُولئك مصابيحُ العُلماء.
؛ قال أَبو عبيد: النُّوَمَة، بوزن الهُمَزة، الخاملُ الذِّكْرِ الغامض في الناس الذي لا يَعْرِفُ الشَّرَّ و لا أَهلَه و لا يُؤْبَهُ له. و
عن ابن عباس أَنه قال لعليّ: ما النُّوَمَةُ؟ فقال: الذي يَسْكُت في الفتنة فلا يَبْدو منه شي‏ء.
، و قال ابن المبارَك: هو الغافلُ عن الشرِّ، و قيل: هو العاجزُ عن الأُمور، و قيل: هو الخامِلُ الذِّكر الغامِضُ في الناس. و يقال للذي لا يُؤْبَهُ له نُومةٌ، بالتسكين. و قوله‏
في حديث سلمة: فنَوَّمُوا.
، هو مبالغة في نامُوا. و امرأَة نَائِمَةٌ من نِسْوة نُوَّمٍ، عند سيبويه؛ قال ابن سيدة: و أَكثرُ هذا الجمع في فاعِلٍ دون فاعلةٍ. و امرأَة نَؤُومُ الضُّحى: نائمتُها، قال: و إنما حقيقتُه نَائِمَةٌ بالضُّحى أو في الضحى. و اسْتَنَام و تَنَاوَمَ: طلب النَّوْم. و اسْتَنَامَ الرجلُ: بمعنى تَناوَم شهوة للنوم؛ و أَنشد للعجاج:
إذا اسْتَنَامَ راعَه النَّجِيُ‏


و اسْتَنَامَ أَيضاً إذا سَكَن. و يقال: أَخذه نُوَامٌ، و هو مثلُ السُّبات يكون من داءٍ به. و نَامَ الرجلُ إذا تواضَع لله. و إنه لَحَسنُ النِّيمةِ أي النَّوْم. و المَنَامُ و المَنَامةُ: موضع النوم؛ الأَخيرة عن اللحياني. و في التنزيل العزيز: إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلًا
؛ و قيل: هو هنا العَينُ لأَن النَّوْم هنالك يكون، و قال الليث: أي في عينِك؛ و
قال الزجاج: روي عن الحسن أَن معناها في عينك التي تَنامُ بها.
، قال: و كثير من أهل النحو ذهبوا إلى هذا، و معناه عندهم إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ في موضع منامك أي في عينِك، ثم حذف الموضعَ و أَقام المَنامَ مُقامَه، قال: و هذا مذهبٌ حسن، و لكن‏
قد جاء في التفسير أن النبي، صلى الله عليه و سلم، رآهم في النَّوْم قليلًا و قَصَّ الرُّؤْيا

596
لسان العرب12

نوم ص 595

على أَصْحابه فقالوا صَدَقتْ رؤْياك يا رسول الله.
، قال: و هذا المذهبُ أَسْوَغ في العربية لأَنه قد جاء: وَ إِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَ يُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ؛ فدل بها أَنَّ هذه رؤْية الالتقاء و أَن تلك رؤْية النَّوْم. الجوهري: تقول نِمْت، و أَصله نَوِمْت بكسر الواو، فلما سكنت سقطت لاجتماع الساكنين و نُقِلتْ حركتُها إِلى ما قبلها، و كان حقُّ النون أَن تُضَمَّ لتَدُلَّ على الواو الساقطة كما ضَمَمْت القاف في قلت، إِلا أَنهم كسروها فَرْقاً بين المضموم و المفتوح؛ قال ابن بري: قوله و كانَ حَقُّ النون أَن تُضَمَّ لتدلَّ على الواو الساقطة وَهَمٌ، لأَن المُراعى إِنما هو حركة الواو التي هي الكسرةُ دون الواو بمنزلة خِفْت، و أَصله خَوِفْت فنُقِلت حركة الواو، و هي الكسرة، إِلى الخاء، و حُذفت الواو لالتقاء الساكنين، فأَما قُلت فإِنما ضُمَّت القاف أَيضاً لحركة الواو، و هي الضمة، و كان الأَصل فيها قَوَلْت، نُقِلتْ إِلى قوُلت، ثم نقِلت الضمة إلى القاف و حُذِفَت الواو لالتقاء الساكنين، قال الجوهري: و أَما كِلْتُ فإِنما كسروها لتدل على الياء الساقطة، قال ابن بري: و هذا وَهَمٌ أَيضاً و إِنما كسروها للكسرة التي على الياء أَيضاً، لا للياء، و أَصلها كَيِلْت مُغَيَّرة عن كَيَلْتُ، و ذلك عند اتصال الضمير بها أَعني التاء، على ما بُيِّن في التصريف، و قال: و لا يصح أَن يكون كالَ فَعِل لقولهم في المضارع يَكيلُ، و فَعِلَ يَفْعِلُ إِنما جاء في أَفعال معدودة، قال الجوهري: و أَما على مذهب الكسائي فالقياسُ مستمرٌّ لأَنه يقول: أَصلُ قال قَوُلَ، بضم الواو. قال ابن بري: لم يذهب الكسائي و لا غيرُه إِلى أَنَّ أَصلَ قال قَوُل، لأَن قال مُتَعدٍّ و فَعُل لا يَتعدَّى و اسم الفاعل منه قائلٌ، و لو كان فَعُل لوجب أَن يكون اسم الفاعل منه فَعيل، و إِنما ذلك إِذا اتصلت بياء المتكلم أَو المخاطب نحو قُلْت، على ما تقدم، و كذلك كِلْت؛ قال الجوهري: و أَصل كالَ كَيِلَ، بكسر الياء، و الأَمر منه نَمْ، بفتح النون، بِناءً على المستقبل لأَن الواو المنقلبة أَلفاً سقطت لاجتماع الساكنين. و أَخَذه نُوَامٌ، بالضم، إِذا جعَل النَّوْمُ يَعْترِيه. و تَناوَمَ: أَرى من نفْسه أَنه نائمٌ و ليس به، و قد يكون النَّوْم يُعْنى به المَنامُ. الأَزهري: المَنامُ مصدر نَامَ يَنَامُ نَوْماً و مَنَاماً، و أَنَمْتُه و نَوَّمْتُه بمعنىً، و قد أَنَامَه و نَوَّمَه. و يقال في النداء خاصة: يا نَوْمانُ أَي يا كثير النَّوْم، قال: و لا تَقُل رجل نَوْمانُ لأَنه يختص بالنداء. و
في حديث حذيفة و غزوة الخَنْدق: فلما أَصْبَحتْ قالت: قُمْ يا نَوْمانُ.
؛ هو الكثير النَّوْم، قال: و أَكثر ما يستعمل في النداء. قال ابن جني: و في المثَل أَصْبِحْ نَوْمانُ، فأَصْبِحْ على هذا من قولك أَصْبَحَ الرجلُ إِذا دخل في الصُّبح، و رواية سيبويه أَصْبِحْ ليْلُ لِتَزُلْ حتى يُعاقِبَك الإِصباح؛ قال الأَعشى:
يقولون: أَصْبِحْ ليْلُ، و الليلُ عاتِم‏


و ربما قالوا: يا نَوْمُ، يُسَمُّون بالمصدر. و أَصابَ الثَّأْرَ المُنِيم أَي الثأْر الذي فيه وَفاءُ طِلْبتِه. و فلان لا يَنَامُ و لا يُنِيمُ أَي لا يَدَعُ أَحداً يَنام؛ قالت الخنساء:
كما مِنْ هاشمٍ أَقرَرْت عَيْني،             و كانَتْ لا تَنَامُ و لا تُنِيمُ‏

و قوله:
تَبُكُّ الحَوْضَ عَلَّاها و نَهْلا،             و خَلْفَ ذِيادِها عَطَنٌ مُنِيمُ‏

معناه تسكُن إِليها فتُنِيمُها. و نَاوَمَنِي فنُمْتُه أَي كنتُ أَشدَّ نَوْماً منه. و نُمْتُ الرجلَ، بالضم، إِذا

597
لسان العرب12

نوم ص 595

غَلَبْتَه بالنَّوْم، لأَنك تقول نَاوَمَه فنَامَه يَنُومُه. و نَامَ الخَلخالُ إِذا انقَطعَ صوتُه من امتلاء الساق، تشبيهاً بالنائم من الإِنسان و غيره، كما يقال اسْتَيْقَظَ إِذا صَوَّت؛ قال طُرَيح:
نَامَتْ خَلاخِلُها و جالَ وِشاحُها،             و جَرى الإِزارُ على كثِيبٍ أَهْيَلِ‏
فاسْتَيْقَظَتْ منها قَلائدُها التي             عُقِدَت على جِيدِ الغَزالِ الأَكْحَلِ‏

و قولهم: نامَ هَمُّه، معناه لم يكن له هَمٌّ؛ حكاه ثعلب. و رجل نُوَمٌ و نُوَمَةٌ و نَوِيمٌ: مُغفَّل، و نُوَمَةٌ: خاملٌ، و كله من النَّوْم، كأَنه نائمٌ لغَفْلَتِه و خُموله. الجوهري: رجل نُومة، بالضم ساكنة الواو، أَي لا يُؤْبَه له. و رجل نُوَمَةٌ، بفتح الواو: نَؤُوم، و هو الكثير النَّوْم، إِنه لَحَسنُ النِّيمة، بالكسر. و
في حديث بِلالٍ و الأَذان: أَلا إِن العبدَ نَام.
؛ قال ابن الأَثير: أَراد بالنَّوْمِ الغفلةَ عن وقت الأَذانِ، قال: يقال نامَ فلانٌ عن حاجتي إِذا غفَل عنها و لم يَقُمْ بها، و قيل: معناه أَنه قد عادَ لِنَوْمِه إِذا كان عليه بَعْدُ وقتٌ من الليل، فأَراد أَن يُعْلِمَ الناس بذلك لئلا يَنْزَعِجوا من نَوْمِهم بسماعِ أَذانهِ. و كلُّ شي‏ءٍ سكَنَ فقد نامَ. و ما نَامَتِ السماءُ اللَّيلةَ مطراً، و هو مثل بذلك، و كذلك البَرْق؛ قال ساعدة بن جُؤَيّة:
حتى شآها كَلِيلٌ مَوْهِناً عَمِلٌ             باتَ اضْطِراباً، و باتَ اللَّيْلُ لم يَنَم‏

و مُسْتَنَامُ الماء: حيث يَنْقَع ثم يَنشَفُ؛ هكذا قال أَبو حنيفة يَنْقَع، و المعروف يَسْتَنْقِع، كأَنَّ الماءَ يَنامُ هنالك. و نَامَ الماءُ إِذا دامَ و قامَ، و مَنامُه حيث يَقُوم. و المَنامَةُ: ثوبٌ يُنامُ فيه، و هو القَطيفةُ؛ قال الكميت:
عليه المَنَامَةُ ذاتُ الفُضول،             من القِهْزِ، و القَرْطَفُ المُخْمَلُ‏

و قال آخر:
لكلِّ مَنَامَةٍ هُدْبٌ أَصِيرُ


أَي متقارِب. و ليلٌ نَائِمٌ أَي يُنامُ فيه، كقولهم يومٌ عاصفٌ و همٌّ ناصبٌ، و هو فاعلٌ بمعنى مفعول فيه. و المَنَامَةُ: القَطِيفةُ، و هي النِّيمُ؛ و قول تأَبَّط شَرّاً:
نِياف القُرطِ غَرَّاء الثَّنايا،             تَعَرَّضُ للشَّبابِ و نِعمَ نِيمُ‏

قيل: عَنى بالنِّيمِ القَطِيفةَ، و قيل: عنى به الضجيع؛ قال ابن سيدة: و حكى المفسر أَن العرب تقول هو نِيمُ المرأَةِ و هي نِيمُهُ. و المَنَامَةُ: الدُّكّانُ. و
في حديث عليّ، كرّم الله وجهه: دخل عليّ رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، و أَنا على المَنَامَةِ.
؛ قال يحتمل أَن يكون الدُّكّانَ و أَن يكون القطيفةَ؛ حكاه الهرويّ في الغريبين. و قال ابن الأَثير: المَنَامَةُ هاهنا الدُّكَّانُ التي يُنامُ عليها، و في غير هذا هي القطيفة، و الميم الأُولى زائدة. و نَامَ الثوبُ و الفَرْوُ يَنَامُ نَوْماً: أَخْلَقَ و انْقَطَعَ. و نَامَت السُّوقُ و حَمُقت: كسَدَت. و نَامَت الريحُ: سكَنَت، كما قالوا: ماتَتْ. و نَامَ البحرُ: هدَأَ؛ حكاه الفارسي. و نَامَتِ النارُ: هَمَدَت، كلُّه من النَّوْم الذي هو ضدُّ اليَقظة. و نَامَتِ الشاةُ و غيرُها من الحيوان إِذا ماتَتْ. و
في حديث عليّ أَنه حَثَّ على قِتال الخوارج فقال: إِذا رأَيتُموهم فأَنِيمُوهم.
أَي اقْتُلوهم. و
في حديث غزوة الفتح: فما أَشْرَفَ لهم يومئذ أَحدٌ إِلا أَنَامُوه.
أَي قَتلوه. يقال: نَامَتِ الشاةُ و غيرُها إِذا ماتت. و النَّائِمَةُ: المَيِّتَةُ. و النَّامِيَةُ: الجُثّةُ. و اسْتَنَامَ إِلى‏

598
لسان العرب12

نوم ص 595

الشي‏ء: اسْتَأْنَسَ به. و استَنَامَ فلانٌ إِلى فلان إِذا أَنِسَ به و اطْمَأَنَّ إِليه و سكَن، فهو مُسْتَنِيمٌ إِليه. ابن بري: و اسْتَنَامَ بمعنى نامَ؛ قال حُميد بن ثَوْر:
فقامَتْ بأَثْناءٍ من اللَّيْلِ ساعةً             سَراها الدَّواهي، و اسْتَنَامَ الخَرائدُ

أَي نام الخرائد. و النَّامَةُ: قاعةُ الفَرْج. و النِّيمُ: الفَرْوُ، و قيل: الفَرْوُ القصيرُ إِلى الصَّدْر، و قيل له نِيمٌ أَي نِصفُ فَرْوٍ، بالفارسية؛ قال رؤبة:
و قد أَرى ذاك فلَنْ يَدُوما،             يُكْسَيْنَ من لِينِ الشَّبابِ نِيمَا

و فُسِّر أَنه الفَرْوُ، و نَسبَ ابن برّي هذا الرجزَ لأَبي النَّجْم، و قيل: النِّيم فَرْوٌ يُسَوَّى من جُلود الأَرانِب، و هو غالي الثمن؛ و في الصحاح: النِّيم الفَرْوُ الخَلَقُ. و النِّيم: كلُّ لَيِّنٍ من ثوبٍ أَو عَيْشٍ. و النِّيم: الدَّرَجُ الذي في الرمال إِذا جَرَت عليه الريح؛ قال ذو الرمة:
حتى انْجَلى الليلُ عنَّا في مُلَمَّعة             مِثْلِ الأَديمِ، لها من هَبْوَةٍ نِيمُ «3».

قال ابن بري: من فتح الميم أَراد يَلْمَع فيها السَّرابُ، و مَنْ كسَر أَراد تَلْمَعُ بالسراب، قال: و فُسِّر النِّيمُ في هذا البيت بالفَرْوِ؛ و أَنشد ابن بري للمرّار بن سعيد:
في لَيْلةٍ من ليالي القُرِّ شاتِية،             لا يُدْفِئُ الشيخَ من صُرّداها النِّيمُ‏

و أَنشد لعمرو بن الأَيْهَم «4»:
نَعِّماني بشَرْبةٍ من طِلاءٍ،             نِعْمَت النِّيمُ من شَبا الزَّمْهَريرِ

قال ابن بري: و يروى هذا البيت أَيضاً:
كأَنَّ فِداءَها، إِذ جَرَّدوه             و طافوا حَوْلَه، سُلَكٌ ينِيمُ‏

قال: و ذكره ابن وَلَّادٍ في المقصور في باب الفاء: سُلَك يَتيمُ. و النِّيمُ: النِّعْمةُ التامّةُ. و النِّيم: ضربٌ من العِضاهِ. و النِّيمُ و الكَتَمُ: شجرتان من العِضاه. و النِّيمُ: شجر تُعْمَل منه القِداحُ. قال أَبو حنيفة: النِّيمُ شجرٌ له شوك ليِّنٌ و ورَقٌ صِغارٌ، و له حبٌّ كثير متفرق أَمثال الحِمَّص حامِضٌ، فإِذا أَيْنَع اسْوَدَّ و حَلا، و هو يؤكل، و مَنابِتُه الجبالُ؛ قال ساعدة بن جُؤيّة الهذلي و وَصَف وَعِلًا في شاهق:
ثم يَنُوش إِذا آدَ النهارُ له،             بعدَ التَّرَقُّبِ من نِيمٍ و من كَتَم‏

و قال بعضهم: نامَ إِليه بمعنى هو مُستْنيِم إِليه. و يقال: فلانٌ نِيمِي إِذا كنت تأْنَسُ به و تسْكُن إِليه؛ و روى ثعلب أَن ابن الأَعرابي أَنشده:
فقلتُ: تَعَلَّمْ أَنَّني غيرُ نَائِم             إِلى مُستَقِلٍّ بالخِيانةِ أَنْيَبا

قال: غير نَائِم أَي غيرُ واثقٍ به، و الأَنْيبُ: الغليظُ الناب، يخاطب ذئباً. و النِّيمُ، بالفارسية: نِصْفُ الشي‏ء، و منه قولُهم للقُبَّة الصغيرة: نِيمُ خائجة أَي نصفُ بَيْضةٍ، و البيضة عندهم خاياه، فأُعربت فقيل خائجة. و نَوَّمان: نَبْتٌ؛ عن السيرافي، و هذه التراجِمُ كلّها أَعني نوم و نيم ذكرها ابن سيدة في ترجمة نوم، قال: و إِنما قضينا على ياء النِّيم في وجوهها كلها بالواو لوجود [ن و م‏] و عدم [ن ي م‏]، و قد ترجم الجوهري نيم، و ترجمها أَيضاً ابن بري.
__________________________________________________
 (3). قوله [حتى انجلى إلخ‏] كذا في الصحاح، و في التكملة ما نصه:
يجلي بها الليل عنا في ملمعةٍ

و يروى:
يجلو بها الليل عنها.

 

599
لسان العرب12

هبرم ص 600

فصل الهاء
هبرم:
الهَبْرَمةُ: كثرةُ الكلام.
هتم:
هَتَمَ فاه يَهْتِمُه هَتْماً: أَلْقى مُقدَّم أَسنانه. و الهَتَمُ: انكسارُ الثنايا من أُصولها خاصة، و قيل: من أَطرْافِها، هَتِمَ هَتَماً و هو أَهْتَم بيِّن الهَتَم و هَتْمَاء. و الهَتْمَاءُ من المِعْزى: التي انكسرت ثَنِيَّتُها. و أَهْتَمْتُه إِهْتَاماً إِذا كَسَرْت أَسنانه، و أَقْصَمْتُه إِذا كَسَرْتَ بعض سِنِّه، و أَشْتَرْتُه في العيْنِ، حتى قَصِم و هَتِمَ و شَتِر، و ضربه فهَتَمَ فاه. و تَهَتَّمَتْ أَسنانُه أَي تكسَّرَت. و
في الحديث: أَن أَبا عبيدة كان أَهْتَمَ الثنايا انقلعت ثناياه يوم أُحُد لما جَذَب بها الزَّرَدَتَين اللتين نَشِبتا في خدّ سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم.
و
في الحديث: نَهى أَن يُضَحَّى بِهَتْمَاءَ.
؛ هي التي انكسرت ثناياها من أَصلها و انقلعت. و تَهَتَّمَ الشي‏ءُ: تكسّر؛ قال جرير:
إِن الأَراقِمَ لن يَنال قَديمَها             كلْبٌ عَوى، مُتَهَتِّمُ الأَسنان‏

و الهُتَامَة: ما تكَسّر من الشي‏ء. و الهَيْتَم: شجرة من شجر الحَمْض جَعْدة؛ حكى ذلك أَبو حنيفة و قال: ذُكر ذلك عن شُبَيْل بن عَزْرة و كان راويةً؛ و أَنشد لرجل من بني يربوع:
رَعَتْ بِقِران الحَزْنِ رَوْضاً مُواصِلًا             عَمِيماً من الظِّلَّامِ، و الهَيْتَمِ الجَعْدِ «1».

و الأَهْتَم: لقب سِنان بن سُمَيّ بن سنان بن خالد بن مِنْقَر لأَنه هُتِمَتْ ثَنِيَّتُه يوم الكُلاب. و هَاتِمٌ و هُتَيْمٌ: اسمان؛ قال ابن سيدة: و أُرى هُتَيْماً تصغير ترخيم.
هتلم:
الهَتْلَمَة: الكَلام الخَفِيّ. و الهَتْمَلة: كالهَتْلَمة. و هَتْلَمَ الرجلان: تكلَّما بكلام يسِرَّانه عن غيرهما، و هي الهَتْمَلة.
هثم:
هَثَمَ الشي‏ءَ يَهْثِمُه: دَقَّه حتى انْسَحَقَ. و هَثَمَ له من مالِه: كما تقول قَثَم؛ حكاه ابن الأَعرابي. و قال ابن الأَعرابي: الهُثُم القِيزانُ المُنْهالة. و الهَيْثَم: الصَّقْر، و قيل: فَرْخ النَّسْر، و قيل: هو فرخ العُقاب، و منه سمي الرجل هَيْثَماً، و قيل: هو صيد العُقاب؛ قال:
تُنازِعُ كَفَّاه العِنانَ، كأَنَّه             مُوَلَّعةٌ فَتْخاءُ تَطْلُب هَيْثَمَا

و الهَيْثَم: الكَثيب السَّهَل، و قيل: الكَثيب الأَحْمر، و قيل: الهَيْثَم رملة حمراء؛ قال الطرماح يصف قِداحاً أُجِيلَتْ فخرج لها صوت:
خُوارُ غِزْلانٍ لدى هَيْثَمٍ،             تَذَكَّرَتْ فِيقةَ ارْآمِها

و الهَيْثَم: ضرب من الشجر. و الهيْثَمة: بَقْلة من النَّجيل. و الهَيْثَم: ضرب من الحِبَّة؛ عن الزجاجى. و هَيْثَم: اسم، و الله أَعلم.
هجم:
هَجَم على القوم يَهْجُمُ هُجُوماً: انتهى إِليهم بَغْتة، و هَجَمَ عليه الخَيْلَ و هَجَمَ بها. الليث: يقال: هَجَمْنا الخَيْلَ، قال: و لم أَسمعهم يقولون أَهْجَمْنا، و
استعاره عليٌّ، كرَّم الله وجهه، للعِلْم فقال: هَجَمَ بهم العِلْمُ على حقائق الأُمور فباشَرُوا رَوْحَ اليقين.
و هَجَمَ عليهم: دخل، و قيل: دخل بغير إِذن. و هَجَمَ غَيْرَه عليهم و هو هَجُومٌ: أَدْخله؛ أَنشد سيبويه:
هَجُومٌ علينا نَفْسَه، غيرَ أَنَّه             متى يُرْمَ في عَيْنَيه، بالشَّبْح، يَنْهَض «2».

__________________________________________________
 (1). قوله [بقران‏] كذا في الأَصل و المحكم، و الذي في تكملة الصاغاني: بقرار.
 (2). قوله [هَجُوم علينا] في المحكم: هجوم عليها.

600
لسان العرب12

هجم ص 600

يعني الظليم. الجوهري و غيره: و هَجَمْتُ أَنا على الشي‏ء بَغْتةً أَهْجُمُ هُجُوماً و هَجَمْتُ غَيْري، يتعدَّى و لا يتعدى. و هَجَمَ الشتاءُ: دَخَل. ابن سيدة: و هَجَمَ البيتَ يَهْجِمُه هَجْماً هَدَمه. و بيت مَهْجُومٌ: حُلَّتْ أَطْنابُه فانْضَمَّتْ سِقابُه أَي أَعْمِدتُه، و كذلك إِذا وَقَع؛ قال علقمة بن عبدة:
صَعْلٌ كأَنَّ جناحَيْه و جُؤْجُؤَه             بَيْتٌ، أَطافَتْ به خَرْقاءُ، مَهْجُوم‏

الخَرْقاء هاهنا: الريح. و هُجِمَ البيتُ إِذا قُوِّض. و لما قُتِل بِسْطامُ بن قيس لم يَبْقَ بيت في ربيعة إِلا هُجِمَ أَي قُوِّض. و الهَجْم: الهَدْم. و هَجَمَ البيتُ و انْهَجَمَ: انْهَدَم. و انْهَجَمَ الخِباءُ: سَقَط. و الهَجُوم: الريحُ التي تشتدّ حتى تَقْلَع البيوتَ و الثُّمامَ. و ريح هَجُومٌ: تَقْلَعُ البيوتَ و الثُّمامَ. و الريحُ تَهْجُمُ الترابَ على الموضع. تَجْرُفه فتلقيه عليه؛: قال ذو الرمة يصف عَجاجاً جَفَلَ من موضعه فهَجَمَتْه الريحُ على هذه الدار:
أَوْدى بها كلُّ عَرَّاصٍ أَلَثَّ بها،             و جافِلٌ من عَجاجِ الصَّيْف مَهْجُوم‏

و هَجَمَتْ عينُه تَهْجُمُ هَجْماً و هُجُوماً: غارت. و
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم: أَنه قال لعبد الله بن عمرو حين ذكَر قيامه بالليل و صيامَه بالنهار: إِنك إِذا فعلت ذلك هَجَمَتْ عيناكَ.
أَي غارَتا و دخَلَتا في موضعهما؛ قال أَبو عبيد: و منه هَجَمْتُ على القوم إِذا دخلت عليهم، و كذلك هَجَمَ عليهم البيتُ إِذا سقط عليهم. و انْهَجَمَتْ عينُه: دمَعَت. قال شمر: لم أَسمع انْهَجَمَتْ عينُه بمعنى دمَعَت إِلا هاهنا، قال: و هو بمعنى غارَتْ، معروفٌ. و هَجَمَ ما في ضرع الناقة يَهْجُمُه هَجْماً و اهْتَجَمَه: حَلَبه؛ و هَجَمْتُ ما في ضرعها إِذا حَلبْت كلَّ ما فيه؛ و أَنشد لرؤْبة:
إِذا التَقَتْ أَرْبَعُ أَيْدٍ تَهْجُمُهْ،             حَفَّ حَفِيفَ الغيْثِ جادَتْ دِيَمُهْ‏

قال: و منه قول غَيْلان بن حُرَيْث:
و امْتاح مني حَلَباتِ الهَاجِمِ‏


و هَجَمَ الناقة نَفْسَها و أَهْجَمَها: حَلَبها. و الهَجِيمَةُ: اللبنُ قبل أَن يُمْخَض، و قيل: هو الخاثرُ من أَلبْان الشاءِ، و قيل: هو اللبن الذي يُحْقَنُ في السِّقاء الجديد ثم يُشْرَب و لا يُمْخَض، و قيل هو ما لم يَرُبْ أَي يَخْثُر و قد الْهَاجَّ لأَن يَروبَ؛ قال أَبو منصور: و هذا هو الصواب. قال أَبو الجرّاح: إِذا ثَخُنَ اللبنُ و خَثُر فهو الهَجِيمَةُ. ابن الأَعرابي: الهَجِيمَةُ ما حَلَبْته من اللبن في الإِناء، فإِذا سكَنتْ رَغْوتُه حَوَّلْتَه إِلى السِّقاء. و هاجِرةٌ هَجُومٌ: تَحْلُب العرَقَ؛ و أَنشد ابن السكيت:
و العِيسُ تَهْجُمُها الحَرورُ كأَنَّها


أَي تَحْلُب عرَقَها؛ و منه هَجَمَ النَّاقَةَ إِذا حَطَّ ما في ضرعها من اللبن. يقال: تَحَمَّمَ فإِنَّ الحَمَّام هَجُومٌ، أَي مُعَرِّقٌ يُسِيل العَرَقَ. و الهَجْمُ: العَرَقُ، قال: و قد هَجَمَتْه الهَواجِر. و انْهَجَمَ العرَقُ: سالَ. و الهَجْم و الهَجَمُ؛ الأَخيرة عن كراع: القَدَحُ الضَّخْم يُحْلب فيه، و الجمع أَهْجَامٌ؛ قال الشاعر:
كانت إِذا حالِبُ الظَّلْماء أَسْمَعَها،             جاءت إِلى حالِبِ الظَّلْماءِ تَهْتَزِمُ‏
فَتَمْلأُ الهَجْمَ عَفْواً و هي وادِعةٌ،             حتى تكادَ شِفاه الهَجْمِ تَنْثَلِمُ‏

ابن الأَعرابي: هو القدَحُ و الهَجَمُ و العَسْفُ و الأَجَم‏

601
لسان العرب12

هجم ص 600

و العَتادُ؛ و أَنشد ابن بري لشاعر:
إِذا أُنِيخَتْ و الْتَقَوْا بالأَهْجَامْ،             أَوْفَت لهم كَيْلًا سَريع الإِعْذامْ‏

الأَصمعي: يقال هَجَمٌ و هَجْمٌ للقَدَحِ؛ قال الراجز:
ناقةُ شيخٍ للإِلهِ راهِبِ،             تَصُفُّ في ثلاثةِ المَحالِبِ:
في الهَجَمَيْنِ، و الْهَنِ المُقارِبِ‏


قال: الهَجَمُ العُسُّ الضخم أَي تجمع بين مِحْلَبَيْنِ أَو ثلاثة ناقة صَفوفٌ تجمع بين المحالب، قال: و الفَرَق أَربعةُ أَرباع؛ و أَنشد:
تَرْفِد بعدَ الصَّفِّ في فُرْقانِ‏


جمع الفَرَق و هو أَربعة أَرباعٍ، و الهنُ المُقارِبُ: الذي بين العُسَّين. و الهَجْمةُ: القطْعة الضَّخْمة من الإِبل، و قيل: هي ما بين الثلاثين و المائة؛ و مما يَدلّك على كثرتها قوله:
هَلْ لكِ، و العارِضُ منكِ عائِضُ،             في هَجْمَةٍ يُسْئِرُ منها القابِضُ؟ «1».

و قيل: الهَجْمَةُ أَوَّلُها الأَرْبَعون إِلى ما زادت، و قيل: هي ما بين السَّبْعِين إِلى دُوَيْن المائة، و قيل: هي ما بين السبعين إِلى المائة؛ قال المعْلُوط:
أَ عاذِل، ما يُدْريك أَنْ رُبَّ هَجْمَةٍ             لأَخْفافِها فَوْقَ المِتانِ فَدِيدُ؟

و قيل: هي ما بين التِّسعين إِلى المائة، و قيل: ما بين الستِّين إِلى المائة؛ و أَنشد الأَزهري:
بهَجْمَةٍ تَمْلأُ عَيْنَ الحاسِدِ


و قال أَبو حاتم: إِذا بلغت الإِبلُ سِتِّين فهي عَجْرمة، ثم هي هَجْمَةٌ حتى تبلغ المائة، و قيل: الهَجْمَة من الإِبل أَولها الأَربعون إِلى ما زادَت، و الهُنَيدَةُ المائة فقط. و
في حديث إِسلام أَبي ذر: فَضَمَمْنا صِرْمتَه إِلى صِرْمَتِنا فكانت لنا هَجْمَةٌ.
؛ الهَجْمَةُ من الإِبل: قريبٌ من المائة؛ و استعار بعضُ الشُّعراء الهَجْمَةَ للنَّخْل مُحاجِياً بذلك فقال:
إِلى اللهِ أَشْكُو هَجْمَةً عَرَبيَّةً،             أَضَرَّ بها مَرُّ السِّنينَ الغوابِرِ
فأَضْحَتْ رَوايا تَحْمِل الطِّينَ، بعد ما             تكونُ ثِمالَ المُقْتِرِينَ المَفاقِرِ

و الهَجْمَةُ: النَّعْجةُ الهَرِمة. و هَجَمَ الشي‏ءُ: سَكنَ و أَطْرَق؛ قال ابن مقبل:
حتى اسْتَبَنتُ الهُدى، و البيدُ هَاجِمَةٌ،             يَخشَعْنَ في الآلِ غُلْفاً أَو يُصَلِّينا

و الاهْتِجَامُ: آخر الليل. و الهَجْمُ: السَّوْق الشديد؛ قال رؤبة:
و الليلُ يَنْجُو و النهارُ يَهْجُمُهْ‏


و هَجَمَ الرجلَ و غيره يَهْجُمُه هَجْماً: ساقه و طرَده. و يقال: هَجَمَ الفحلُ آتُنَه أَي طَرَدَها؛ قال الشاعر:
وَرَدْتِ و أَرْدافُ النُّجومِ كأَنها،             و قد غارَ تاليها، هجا أُتْن هاجِم «2».

و الهَجَائِمُ: الطرائدُ. و الهَاجِمُ أَيضاً: الساكن المُطْرِقُ. و هَجْمَةُ الشِّتاءِ: شِدَّةُ بَرْدِه. و هَجْمَة الصيْفِ: حَرُّه؛ و قولُ أَبي محمد الحذلَمِيّ أَنشده ثعلب:
فاْتَجَمَ العيدانُ من أَخْصامها


__________________________________________________
 (1). قوله [هل لك إلخ‏] صدره كما في مادة عرض:
يا ليل أسقاك البريق الوامض‏

هل لك إلخ و هو لأَبي محمد الفقعسي يخاطب امرأة يرغبها في أن تنكحه، و المعنى: هل لك في هجمة يبقي منها سائقها لكثرتها عليه، و العارض أي المعطي في نكاحك عرضاً، و عائض أي آخذ عوضاً منك بالتزويج.
 (2). قوله [هجا أتن‏] كذا بالأصل.

602
لسان العرب12

هجم ص 600

غَمامةً تَبْرُقَ من غَمامِها،             و تُذْهِبُ العَيْمَة من عِيامِها

لم يفسر ثعلب اهْتَجَمَ؛ قال ابن سيدة: قد يجوز أَن يكون شَرِبَت كأَنَّ هذه الإِبل وَرَدَتْ بعد رَعْيها العيدانَ فشربت عليها، و يروى:
و اهْتَمَجَ العيدانُ ...


، من قولهم هَمَجَت الإِبلُ من الماء. و قال الأَزهري في تفسير هذا الرجز: اهْتَجَمَ أَي احْتَلب، و أَراد بأَخْصامِها جَوانِبَ ضَرْعِها. و الهَيْجُمانةُ: الدُّرّةُ و هي الوَنِيِّةُ. و هَيجُمانةُ: اسمُ امرأَةٍ، و هي بنت العَنْبَرِ بن عمرو بن تميم. و الهَيْجُمانُ: اسم رجل. و الهَجْمُ: ماءٌ لبني فَزارة، و يقال إِنه من حفرِ عادٍ. و في النوادر: أَهْجَمَ اللهُ عن فلانٍ المرضَ فهَجَمَ المرضُ عنه أَي أَقْلَعَ و فَتَر. و ابْنا هُجَيْمَةَ: فارِسان من العرب؛ قال:
و ساقَ ابْنَيْ هُجَيْمَةَ يَوْمَ غَولٍ،             إِلى أَسْيافِنا، قَدَرُ الحِمامِ‏

و بَنُو الهُجَيم: بَطْنانِ: الهُجَيم بن عمرو بن تميم، و الهُجَيْم بن علي بن سودٍ من الأَزْدِ.
هجدم:
هِجْدَمْ: زجر للفَرَس، و قال كراع: إِنما هو هِجْدُمّ. بكسر الهاء و سكون الجيم و ضمّ الدال و شدّ الميم، و بعضهم يُخَفّف الميمَ. و إِجْدَمُ و هِجْدَمْ على البدل كلاهما: من زجر الخيل إِذا زُجَرت لتمضِي؛ قال الليث: الهِجْدَمُ لغة في إِجْدَمْ في إِقْدامِك الفَرس و زَجرِكَه. يقال: أَوَّلُ مَن ركبَ الفرسَ ابنُ آدمَ القاتِلُ حَمَلَ على أَخيه فزَجرَ فرساً و قال: هِجِ الدَّمَ، فلما كثر على الأَلسنة اقتصر على هِجْدَمْ و إِجْدَمْ.
هدم:
الهَدْمُ: نَقِيضُ البناء، هَدَمَه يَهْدِمُه هَدْماً و هَدَّمَه فانْهَدَمَ و تَهَدَّمَ و هَدَّمُوا بُيوتهم، شُدِّدَ للكثرة. ابن الأَعرابي: الهَدْمُ قَلْعُ المَدَرِ، يعني البيوت، و هو فِعْلٌ مُجاوزٌ، و الفِعلُ اللازم منه الانْهِدامُ. و يقال: هَدَمَه و دَهْدَمَه بمعنى واحد؛ قال العجاج:
و ما سُؤالُ طَلَلٍ و أَرْسُمِ،             و النُّؤْيِ بعدَ عَهْدِه المُدَهْدَمِ‏

يعني الحاجرَ حولَ البيت إِذا تَهَدَّم. و الهَدَمُ، بالتحريك: ما تَهدَّم من نواحي البئر فسقط في جَوْفِها؛ قال يصف امرأَة فاجرةً:
تَمْضي، إِذا زُجِرَتْ عن سَوْأَةٍ، قُدُماً،             كأَنها هَدَمٌ في الجَفْرِ مُنْقاضُ‏

و الأَهْدَمَانِ: أَن يَنْهارَ عليكَ بناءٌ أَو تقعَ في بئرٍ أَو أُهْوِيَّة. و قوله‏
في الحديث: اللهمّ إِني أَعوذُ بك منَ الأَهْدَمَيْنِ.
؛ قيل في تفسيره: هو أَن يَنْهَدِمَ على الرجل بناءٌ أَو يقعَ في بئرٍ؛ حكاه الهرويّ في الغريبين، قال ابن سيدة: و لا أَدري ما حقيقتُه؛ قال ابن الأَثير: هو أَن ينهارَ عليه بناءٌ أو يقعَ في بئرٍ أَو أُهْوِيّة. و الأَهْدَمُ. أَفْعَلُ من الهَدَم: و هو ما تَهَدَّمَ من نواحي البئر فسقط فيها. و
في حديث الشهداء: و صاحبُ الهَدَمِ شهيدٌ.
؛ الهَدَمُ، بالتحريك: البناءُ المَهْدُومُ، فَعَلٌ بمعنى مفعول، و بالسكون الفِعْلُ نفْسُه؛ و منه‏
الحديث: مَن هَدَمَ بُنْيانَ رَبِّه فهو مَلْعونٌ.
أَي مَنْ قَتَلَ النَّفْسَ المُحرَّمة لأَنها بُنيانُ اللهِ و تَرْكِيبُه. و قالوا: دَمُنا دَمُكم و هَدَمُنا هَدَمُكم أَي نحن شي‏ءٌ واحدٌ في النُّصْرة تَغْضَبون لنا و نغْضَبُ لكم. و
في الحديث. أَن أَبا الهيثم بن التَّيِّهان قال لرسولِ الله، صلى الله عليه و سلم: إِن بيننا و بين القومِ حبالًا و نحن قاطِعوها فنخشَى إِنِ اللهُ أَعَزَّك و أَظْهَرَكَ أَن ترجعَ إِلى‏

603
لسان العرب12

هدم ص 603

قومِك، فتبسَّم النبيُّ، صلى الله عليه و سلم، ثم قال: بل الدَّمُ الدَّمُ و الهَدَمُ الهَدَمُ، أَنا منكم و أَنتم مني.
؛ يُروى بسكون الدال و فتحها، فالهَدَم، بالتحريك: القَبْرُ يعني أُقْبَرُ حيث تُقْبَرون، و قيل: هو المنزلُ أَي منزِلُكم مَنزِلي،
كحديثه الآخر: المَحْيا مَحْياكم و المماتُ مماتُكم.
أَي لا أُفارِقُكم. و الهَدْم، بالسكون و بالفتح أَيضاً: هو إِهدارُ دَمِ القتيلِ؛ يقال: دِماؤهم بينهم هَدْمٌ أَي مُهْدَرةٌ، و المعنى إِن طُلِب دَمُكم فقد طُلِبَ دَمي، و إِن أُهْدِرَ دَمُكم فقد أُهْدِرَ دَمي لاستِحكام الأُلْفة بيننا، و هو قولٌ معروف، و العرب تقول: دَمي دَمُك و هَدَمِي هَدَمُك، و ذلك عند المُعاهَدةِ و النُّصْرة. و روى الأَزهري عن ابن الأَعرابي قال: العربُ تقول دَمي دمُك و هَدَمِي هَدَمُك؛ هكذا رواه بالفتح، قال: و هذا في النُّصْرة، و الظُّلْم تقول: إِن ظُلِمْتَ فقد ظُلِمْتُ؛ قال و أَنشدني العُقَيلي:
دَماً طَيِّباً يا حَبَّذا أَنت من دَمِ‏


و كان أَبو عبيدة يقول: هو الهَدَمُ الهَدَمُ و اللَّدَمُ اللَّدَمُ أَي حُرْمتي مع حُرْمتِكم و بَيتي مع بَيْتِكم؛ و أَنشد:
ثم الْحَقي بِهَدَمي و لَدَمي‏


أَي بأَصلي و مَوْضِعي. و أَصل الهَدَم ما انْهَدَم. يقال: هَدَمْت هَدْماً، و المَهْدومُ هَدَمٌ، و سمي منزلُ الرجل هَدَماً لانْهِدامِه، و قال غيره: يجوز أَن يُسمَّى القبرُ هَدَماً لأَنه يُحْفَر تُرابُه ثم يُرَدُّ، تُرابه فيه، فهو هَدَمٌ، فكأَنه قال: مَقْبَرِي مَقْبَرُكم أَي لا أَزالُ معكم حتى أَموتَ عندكم. و روى الأَزهري عن أَبي الهيثم أَنه قال في الحِلْف: دَمي دمُك إِن قَتَلني إِنسانٌ طَلَبْتَ بدَمي كما تَطْلُبُ بدَمِ ولِيِّك أَي ابن عَمِّك و أَخِيك، و هَدَمي هَدَمُك أَي مَنْ هَدَمَ لي عِزّاً و شَرَفاً فقد هَدَمه منك. و كلُّ من قَتل ولِيِّي، فقد قَتل ولِيَّك، و مَنْ أَراد هَدْمَك فقد قصَدني بذلك. قال الأَزهري: و من رواه الدَّمُ الدَّمُ و الهَدْمُ الهَدْمُ، فهو على قول الحَلِيف تَطْلُب بدَمي و أَنا أَطلبُ بدَمِك. و ما هَدَمْتَ من الدِّماء هَدَمْتُ أَي ما عَفَوْتَ عنه و أَهْدَرْتَه فقد عفوتُ عنه و تركتُه. و يقال: إِنهم إِذا احْتَلَفوا قالوا هَدَمي هَدَمُك و دَمي دَمُك و تَرِثُني و أَرِثُك، ثم نسَخ الله بآيات المَواريثِ ما كانوا يَشْترِطونه من المِيراث في الحِلْف و الهِدْمُ، بالكسر: الثوبُ الخلَقُ المُرَقَّعُ، و قيل: هو الكِساءُ الذي ضُوعِفت رِقاعُه، و خصَّ ابنُ الأَعرابي به الكِساءَ الباليَ من الصوفِ دون الثوبِ، و الجمع أَهْدَامٌ و هِدَمٌ؛ الأَخيرة عن أَبي حنيفة، و هي نادرة؛ و قال أَوس بن حجر:
و ذات هِدْمٍ عارٍ نَواشِرُها،             تُصْمِتُ بالماءِ تَوْلَباً جَدِعا

قال ابن بري: صوابه و ذاتُ، بالرفع، لأَنه معطوف على فاعل قبله؛ و هو:
لِيُبْكِكَ الشَّرْبُ و المُدامةُ و الفِتْيانُ،             طُرّاً، و طامِعٌ طَمِعا

و أَنشد ابن بري لأَبي دُواد:
هَرَقْتُ في صُفْنِه ماءً لِيَشْرَبَه             في داثِرٍ خَلَق الأَعْضادِ أَهْدَامِ‏

و
في حديث عُمر: وقَفَتْ عليه عجوزٌ عَشَمةٌ بأَهْدَامٍ.
؛ الأَهْدامُ: الأَخْلاقُ من الثياب. و هَدَمْتُ الثوب إِذا رَقَعته. و
في حديث عليّ: لبِسْنا أَهْدَام البِلى، و روي عن الصَّمُوتيِّ الكلابي.
و ذكرَ حِبَّةَ الأَرض فقال: تَنْحَلُّ فيأُخُذُ بعضُها رِقابَ بعض‏

604
لسان العرب12

هدم ص 603

فتنطلق هِدَماً كالبُسُطِ. و شيخٌ هِدْمٌ: على التشبيه بالثوب. أَبو عبيد: الهِدْمُ الشيخ الذي قد انْحَطَم مثل الهِمِّ. و العجوزُ المُتَهدِّمة: الفانيةُ الهَرِمة. و تَهَدَّم عليه من الغضب إِذا اشتدَّ غضبُه. و خُفٌّ هِدْمٌ و مُهَدَّمٌ: مثل الثوب؛ قال:
عَليَّ خُفّانِ مُهَدَّمانِ،             مُشْتَبِها الأَنْفِ مُقَعَّمانِ‏

أَبو سعيد: هَدَّمَ فلانٌ ثوبَه و رَدَّمَه إِذا رَقَّعه؛ رواه ابنُ الفَرج عنه. و عجوز مُتَهَدِّمةٌ: هَرِمةٌ فانيةٌ، و نابٌ مُتَهَدِّمَة كذلك. و الهَدَمُ: ما بقي من نباتِ عامِ أَوّلَ، و ذلك لِقِدَمِه. و هَدِمَت الناقةُ تَهْدَمُ هَدَماً و هَدَمةً، فهي هَدِمَةٌ من إِبلٍ هَدَامَى و هَدِمَةٍ، و تَهَدَّمَت و أَهْدَمت و هي مُهْدِم، كلاهما، إذا اشتدَّت ضبَعَتُها فياسَرت الفحلَ و لم تُعاسِرْه. و قال بعضهم: الهَدِمةُ الناقة التي تقع من شدة الضَّبَعةِ؛ قال زيد بن تُرْكِيٍّ الدُّبَيري:
يُوشِكُ أَن يُوجسَ في الأَوْجاسِ             فيها هَدِيمُ ضَبَعٍ هَوَّاسِ،
إِذا دَعا العُنَّدَ بالأَجْراسِ‏


قال ابن جني: فيه ثلاث روايات، إِحداها:
فيها هَدِيمُ ضَبَعٍ هَوَّاسُ‏


و يكون الهَدِيم هُنا فحلًا و أَضافه إِلى الضَّبَع لأَنه يَهْدَمُ إِذا ضَبِعَتْ، و هَوَّاس: من نعت هديم؛ الرواية الثانية: هَوَّاسِ، بالخفض على الجِوار؛ الرواية الثالثة:
فيها هَدِيمُ ضَبَعٍ هِوَاسِ‏


و هو الصحيح لأَن الهَوَسَ يكون في النُّوق، و عليه يصحُّ استِشْهادُ الجوهريّ لأَنه جعل الهَدِيمَ الناقةَ الضَّبِعَةَ، و يكون هِواسِ بدلًا من ضبَع، و الضَّبَعُ و الهِواسُ واحدٌ. و هَديمُ في هذه الأَوجه فاعلٌ ليُوجِسَ في البيت الذي قبله أَي يُسْرِع أَن يَسمع صوتَ هذا الفحلِ ناقةٌ ضَبِعةٌ فتَشْتَدَّ ضَبَعَتُها؛ و أَول الأُرجوزة:
مِزْيدُ، يا ابنَ النَّفَر الأَشْواسِ             الشُّمْسِ، بل زادُوا على الشِّماسِ‏

و فلانٌ يَتَهَدَّمُ عليكَ غَضَباً: مَثَلٌ بذلك. و تَهَدَّمَ عليه: تَوَعَّدَه. و دِماؤهم هَدْمٌ بينهم، بالتسكين، و هَدَمٌ، بالتحريك، أَي هدَرٌ، و ذلك إِذا لم يودوا قاتلَه «3». عليّ بن حمزة: هَدْمٌ، بسكون الدال. و تَهَادَمَ القومُ: تهادَرُوا. و الهُدَامُ: الدُّوارُ يُصِيبُ الإِنسان في البحر؛ و هُدِم الرجلُ: أَصابه ذلك. و الهَدْمُ: أَن تَضْرِبَه فتكسِرَ ظهرَه؛ عن ابن الأَعرابي. و
في الحديث: من كانت الدنيا هَدَمَه و سَدَمَه.
أَي بُغْيَتَه و شَهْوَتَه. قال ابن الأَثير: هكذا رواه بعضهم، و المحفوظ هَمَّه و سَدَمَه، و الله أَعلم. و رجلٌ هَدِمٌ: أَحمقُ مُخنَّث. و ذو مَهْدَمٍ و مِهْدَمٍ: قَيْلٌ من أَقيال حِمْير. و المَهْدُومُ من اللبَن: الرَّثِيئةُ. و في التهذيب: المَهْدُومَةُ الرَّثيئة من اللبن؛ قال الشاعر:
شَفَيْتُ أَبا المُخْتارِ من داءِ بَطْنِه             بمَهْدُومَةٍ، تُنْبي ضُلوعَ الشَّراسِف‏

قال: المَهْدُومَةُ هي الرثيئةُ. قال شهاب: إِذا حُلِب الحَليبُ على الحَقِين جاءت رثيئةٌ مُذَكَّرة طيِّبة، لا فَلَقٌ و لا مُمْذَقِرّة سَمْهَجَةٌ ليّنة. و الهَدْمةُ: الدُّفْعةُ من المال. و يقال: هذا شي‏ءٌ
__________________________________________________
 (3). قوله [إذا لم يودوا قاتله‏] كذا بالأصل، و لعله يؤذوا أو نحو ذلك.

605
لسان العرب12

هدم ص 603

مُهَنْدَمٌ أَي مُصْلَح على مقدار، و هو معرَّب، و أَصله بالفارسية أَنْدام، مثل مُهَنْدِس و أَصله انْدازه. و
في الحديث: كلْ مما يَليك و إِياك و الهَذْمَ.
؛ قال ابن الأَثير: هكذا رواه بعضهم بالذال المعجمة، و هو سُرْعةُ الأَكل، و الهَيْدَامُ: الأَكولُ؛ قال أَبو موسى: أَظنّ الصحيحَ بالدال المهملة يُريد به الأَكلَ من جوانب القَصْعَةِ دون وَسَطِها، و هو من الهَدَم ما تَهدَّمَ من نواحي البئر. و الهَدْمَةُ: المَطرةُ الخفيفة. و أَرض مَهْدُومَةٌ أَي مَمْطورةٌ.
هذم:
هَذَمَ الشي‏ءَ يَهْذِمُه هَذْماً: غيّبه أَجمع؛ قال رؤبة:
كلاهما في فَلَكٍ يَسْتَلْحِمُهْ،             و اللِّهْبُ لِهْبُ الخافِقَيْنِ يَهْذِمُهْ‏

يعني تَغَيُّبَ القمرِ و نُقصانَه؛ و قال الأَزهري: كلاهما يعني الليل و النهار، في فلك يَسْتَلْحِمه أَي يأْخذ قَصْدَه و يَرْكَبُه. و اللِّهْبُ: المَهْواةُ بين الشيئين، يعني به ما بين الخافِقَين، و هما المَغْرِبانِ؛ و قال أَبو عمرو: أَراد بالخافِقَين المَشْرِقَ و المغربَ، يَهْذِمُه: يُغَيِّبُه أَجمعَ؛ و قال شمر: يَهْذِمُه فيأْكله و يُوعيه؛ و قال الليث: أَراد بقوله يَهْذِمُه نُقْصانَ القَمر. و الهَذْمُ: القَطْعُ. و الهَذْمُ: الأَكلُ، كلُّ ذلك في سُرْعةٍ. و هَذَمَ يَهْذِمُ هَذْماً: و هي سُرْعة الأَكل و القطعِ. و
في الحديث: كلْ مما يَلِيكَ و إِياكَ و الهَذْمَ.
؛ قال ابن الأَثير: هكذا رواه بعضهم بالذال المعجمة، و هو سرعة الأَكل. و الهَيْذَامُ: الأَكولُ؛ قال أَبو موسى: أَظنُّ الصحيح بالدال المهملة، يُريد به الأَكلَ من جوانب القَصْعة دون وَسَطِها، و هو من الهَدَم ما تَهدَّمَ من نواحي البئر. و سيْفٌ مِهْذَمٌ مِخْذَمٌ و هُذام: قاطعٌ حديدٌ. و سِنانُ هُذَامٌ: حديدٌ. و مُدية هُذَامٌ: كما قالوا سيفٌ جُرازٌ، و مُدْية جُرازٌ؛ قال ابن سيدة: هذا قول سيبويه، قال: و حكى غيره شَفْرةٌ هُذَمَة و هُذَامَةٌ؛ و أَنشد:
وَيْلٌ لبُعْرانِ بني نَعَامَهْ             منْكَ، و من شَفْرتِك الهُذَامَهْ‏

و سِكِّينٌ هَذُومٌ: تَهْذِمُ اللحمَ أَي تُسْرِع قطْعه فتأْكله، و سِكِّين هُذامٌ و مُوسىً هُذامٌ. و الهَيْذَام من الرجال: الأَكول، و هو أَيضاً الشُّجاعُ. و هَيْذَامٌ: اسمُ رجل. و سعدُ هُذَيْمٍ: أَبو قبيلة.
هذرم:
الهَذْرَمَةُ كالهَذْرَبةِ، و الهَذْرَمةُ: كثرةُ الكلامِ. و رجل هُذَارِمٌ و هُذارِمَةٌ: كثيرُ الكلام. و هَذْرَمَ الرجلُ في كلامِه هَذْرَمَةً إِذا خلَّط فيه، و يقال للتخليط الهَذْرَمَةُ، و يقال: هو السرعة في القراءة و الكلامِ و المشْي، و
أَخرج الهروي في حديث أَبي هريرة: و قد أَصْبَحْتُم تُهَذْرِمُون الدنيا.
، فقال أَي تتوسعون بها، و منه هَذْرَمَةُ الكلام، و هو الإِكثار و التوسُّع فيه. ابن شميل: يقال للمرأَة إِنها لَهَذْرَمَى الصَّخَبِ أَي كثيرةُ الصَّخَب. ابن السيكت: إِذا أَسرَع الرجلُ في الكلام و لم يُتَعْتِعْ فيه قيل هَذْرَمَ هَذْرَمَةً. و
قال ابن عباس: لأَنْ أَقرأَ القرآنَ في ثلاثٍ أَحبُّ إِليَّ من أَن أَقرأَه في ليلةٍ هَذْرَمَةً.
، و
في رواية: قيل له اقرإِ القرآنَ في ثلاثٍ، فقال: لأَنْ أَقرأَ البقرة في ليلة فأَدَّبَّرَها أَحبُّ إِليَّ من أَن أَقرأَ كما تقول هَذْرَمَةً.
؛ الهَذْرَمَة: السُّرْعةُ في القِراءة. يقال: هَذْرَمَ وِرْدَه أَي هَذّه، و كذلك في الكلامِ؛ قال أَبو النَّجْم يذُمّ رجلًا:
و كانَ في المَجْلِسِ جَمَّ الهَذْرَمَهْ،             لَيْناً على الدّاهيةِ المُكَتَّمَه‏

606
لسان العرب12

هذرم ص 606

و هَذْرَمَ السَّيْفُ إذا قَطَع.
هذلم:
الهَذْلَمَةُ: مَشْيٌ في سُرْعةٍ. و الهَذْلَمَةُ: مِشْيَةٌ فيها قَرْمَطةٌ و تَقارُبٌ؛ قال:
قد هَذْلَمَ السارِقُ بعدَ العَتَمَهْ،             نحوَ بُيوتِ الحَيِّ، أَيَّ هَذْلَمَهْ‏

و الهَذْمَلَةُ: كالهَذْلَمَةِ.
هرم:
الهَرَم: أقْصى الكِبَر، هَرِمَ، بالكسر، يَهْرَمُ هَرَماً و مَهْرَماً و قد أَهْرَمَه اللهُ فهو هَرِمٌ، من رجال هَرِمِينَ و هَرْمَى، كُسِّر على فَعْلى لأَنه من الأَسماء التي يُصابُون بها و هم لها كارهون، فطابَقَ بابَ فَعِيلٍ الذي بمعنى مفعول نحو قَتْلى و أسْرَى، فكُسِّرَ على ما كُسِّرَ عليه ذلك، و الأُنثى هَرِمَةٌ من نِسْوةٍ هَرِمَاتٍ و هَرْمَى، و قد أَهْرَمَه الدهرُ و هَرَّمَه؛ قال:
إذا ليلةٌ هَرَّمَتْ يَوْمَها،             أَتَى بعد ذلك يومٌ فَتي‏

و المَهْرَمَةُ: الهَرَمُ. و
في الحديث: تَرْكُ العَشاء مَهْرَمَةٌ.
أي مَظِنَّةٌ للهَرَمِ؛ قال القُتَيبيّ: هذه الكلمة جاريةٌ على أَلْسِنة الناس، قال: و لَسْتُ أَدرِي أَ رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، ابْتَدأَها أَمْ كانت تُقالُ قَبْلَه. و فلان يَتَهَارَم: يُرِي من نفْسِه أنه هَرِمٌ و ليس به. و
في الحديث: إنَّ الله لَمْ يَضَعْ داءً إلا وضَعَ له دواءً إِلا الهَرَمَ.
؛ الهَرَمُ: الكِبَرُ، جعل الهَرَمَ دَاءً تشبيهاً به لأَن الموت يتعَقَّبُه كالأَدْواءِ. و ابنُ هِرْمَة: آخرُ «1» وَلَد الشيخ و العجوز، و على مثاله ابنُ عِجْزة. و يقال: وُلِدَ لِهِرْمَةٍ. و ما عنده هُرْمَانَةٌ و لا مَهْرَمٌ أَي مَطْمعٌ. و قَدَحٌ هَرِمٌ: مُنْثَلِمٌ؛ عن أَبي حنيفة؛ و أَنشد للجعدي:
جَوْز كَجَوْزِ الحِمارِ جَرَّدَه الخَرَّاسُ،             لا ناقِسٌ و لا هَرِمُ «2».

و الهَرْمُ، بالتسكين: ضربٌ من الحَمْض فيه ملوحةٌ، و هو أَذلُّه و أَشدُّه انْبِساطاً على الأَرض و اسْتِبْطاحاً؛ قال زهير:
و وَطِئْتَنا وَطْأً على حَنَقٍ،             وَطْأَ المُقَيَّدِ يابسَ الهَرْمِ‏

واحدتُه هَرْمَةٌ، و هي التي يقال لها حَيْهَلة. و في المثل: أَذلُّ من هَرْمَة، و قيل: هي البَقْلة الحمقاء؛ عن كراع، و قيل: هو شجر؛ عنه أيضاً. و يقال للبعير إذا صار قَحْداً هَرِمٌ، و الأُنثى هَرِمَةٌ. قال الأَصمعي: و الكَزُوم الهَرِمَةُ.
و كان النبي، صلى الله عليه و سلم، يتعوَّذُ من الهَرَمِ.
و
في الحديث: اللهم إني أَعوذ بك من الأَهْرَمَيْنِ.
: البناء و البئر؛ قال: هكذا روي بالراء، و المشهور الأَهْدَمَيْنِ، بالدال، و قد تقدم. و بعيرٌ هَارِمٌ و إِبلٌ هَوَارِمُ: تَرْعَى الهَرْمَ، و قيل: هي التي تأْكل الهَرْمَ فتَبْيَضُّ منه عَثانِينُها و شعرُ وجْهِها؛ قال:
أَكَلْنَ هَرْماً فالوجُوهُ شِيبُ‏


و إنك لا تَدْرِي علامَ يُنْزأُ هَرِمُك و إنك لا تدري بمَنْ يُولَع هَرِمُك؛ حكاه يعقوب و لم يفسره. الجوهري: يقال إنك لا تَدْرِي علامَ يُنْزَأُ هَرِمُك و لا تدري بِمَ يُولَع هَرِمُك أَي نفْسُك و عقْلُك. الأَزهري: سمعت غير واحد من العرب يقول: هَرَّمْتُ اللحمَ تَهْرِيماً إذا قَطَّعْتَه قِطَعاً صغاراً
__________________________________________________
 (1). قوله [هِرْمَة آخر إلخ‏] هو بهذا الضبط في الأصل و المحكم و التهذيب، و صوّبه شارح القاموس، و في الصاغاني: قال الليث ابن هرمة بالفتح.
 (2). قوله [جوز إلخ‏] هكذا في الأصل و المحكم و التهذيب، و تقدم في مادتي خرس و نقس محرفاً عما هنا.

607
لسان العرب12

هرم ص 607

مثل الحُزّة و الوَذْرَة، و لحمٌ مُهَرَّمٌ. و هَرِمٌ و هَرَمِيٌّ و هِرْمٌ و هَرْمَةُ و هُرَيْمٌ و هَرَّام، كلها: أَسماءٌ. و يقال: ما له هُرْمَانٌ؛ و الهُرْمَانُ، بالضم: العَقْلُ و الرأْي. و ابن هَرْمَةَ: شاعرٌ. و هَرِمُ بنُ سِنانِ بنِ أَبي حارثةَ المُرِّيّ: من بني مُرّة بن عوف بن سعد بن دِينارٍ؛ و هو صاحب زهير الذي يقول فيه:
إن البَخيلَ مَلُومٌ حيثُ كان، و لكنَّ             الجَوادَ، على عِلَّاتِه، هَرِمُ‏

و أَما هَرِمُ بن قُطْبةَ بن سَيَّارٍ فمن بني فَزارة، و هو الذي تَنافَرَ إليه عامرٌ و عَلْقَمةُ و الهَرَمانِ: بناءان بمصر، حرسها الله تعالى.
هرتم:
الهَرْتَمَةُ: العَرْتَمةُ، و هي الدائرة التي وسَطَ الشفةِ العليا. الأَزهري عن ابن الأَعرابي: هي الخُنْعُبةُ و النُّونةُ و الثُّومةُ و الهَزْمةُ و الوَهْدةُ و القَلْدةُ و الهَرْتَمَةُ و العَرْتَمَةُ و الحِثْرِمة. و قال الليث: الخُنْعُبَةُ مَشَقُّ ما بين الشارِبَين بحِيالِ الوَتَرةِ.
هرثم:
الهَرْثَمَةُ: مُقَدَّمُ الأَنف، و هي أَيضاً الوترةُ التي بين مَنْخِرَي الكلبِ. و هَرْثَمَةُ: من أَسماء الأَسد، و في الصحاح: الهَرْثَمَةُ الأَسدُ، و به سمي الرجل هَرْثَمَةً.
هردم:
الهِرْدَمَّة: العجوز؛ عن كراع، كالهِرْدَبّةِ.
هرشم:
الهِرْشَمَّةُ: الغزيرةُ من الغنَم، و خص بعضهم به المَعَزَ. و يقال للناقة الخَوَّارةِ هِرْشَمَّة. و الهِرْشَمُّ، بكسر الهاء و تشديد الميم: الحجرُ الرِّخْوُ، و في المحكم: الرِّخْوُ النَّخِرُ من الجبال اللّيِّن المَحْفَر. قال أَبو زيد: يقال للجبَل الليِّن المَحْفَرِ هِرْشَمٌّ؛ و أَنشد:
هِرْشَمَّة في جَبلٍ هِرْشَمِّ،             تَبْذُلُ للجارِ و لابْنِ العَمِ‏

و جبلٌ هِرْشَمٌّ: رقيقٌ كثير الماء، و قيل: هو الحجر الصُّلْبُ، ضدٌّ؛ قال:
عادية الجُول طَمُوح الجَمِّ،             جِيبَتْ بحَرْفِ حَجرٍ هِرْشَمِ‏

فالهِرْشَمُّ هاهنا: الصُّلْبُ لأَن البئر لا تُجابُ إلا بحجرٍ صُلْبٍ، و يروى: جُوبَ لها بجَبَلٍ؛ قال ثعلب: معناه رِخْوٌ غَزِيرٌ أَي في جَبَلٍ.
هزم:
الهَزْمُ: غَمْزك الشي‏ء تَهْزِمُه بيَدِك فيَنْهَزِمُ في جوفه كما تَغْمِزُ القَناةَ فتَنْهَزِم، و كذلك القِربةُ تَنْهَزِمُ في جوفها، و هَزَمَ الشي‏ءَ يَهْزِمُه هَزْماً فانْهَزَمَ: غمَزه بيده فصارت فيه وَقْرةٌ كما يُفْعل بالقِثّاء و نحوه، و كلُّ موضعٍ مُنْهَزِمٍ منه هَزْمَةٌ، و الجمع هَزْمٌ و هُزُومٌ. و هُزُومُ الجوفِ: مواضعُ الطعامِ و الشرابِ لتَطامُنِها؛ قال:
حتى إذا ما بَلَّت العُكوما،             من قَصَبِ الأَجْوافِ و الهُزُوما

و الهَزْمَةُ: ما تَطامَن من الأَرض. الليث: الهَزْم ما اطْمَأَنَّ من الأَرض. و
في الحديث: إذا عَرَّسْتُمْ فاجتنبوا هَزْمَ الأَرضِ فإنها مأوَى الهوامِّ.
؛ هو ما تَهَزَّمَ منها أَي تَشَقَّقَ، قال: و يجوز أَن يكون جمعَ هَزْمَةٍ، و هو المُتطامِنُ من الأَرض، و الجمع هُزُومٌ؛ قال:
كأَنَّها بالخَبْتِ ذي الهُزُومِ،             و قد تدَلَّى قائدُ النُّجومِ،
نَوَّاحةٌ تَبْكِي على حَميمِ‏


و
جاء في الحديث في زمزم: إنها هَزْمَةُ جبريلَ، عليه السلام.
، أَي ضربَ برجلِه فانخفض المكان فنبَعَ الماءُ، و قيل: معناه أَنه هَزَمَ الأَرضَ أي كسَر وجهَها عن عينِها حتى فاضت بالماء الرَّواء. و بئر

608
لسان العرب12

هزم ص 608

هَزِيمَة إذا خُسِفَت و كُسِر جَبَلُها ففاض الماءُ الرَّواء، و من هذا أُخذ هَزِيمَةُ الفَرسِ، و هو تصبُّبُ عرَقِه عند شدَّة جَرْيِه؛ قال الجعدي:
فلمَّا جرَى الماءُ الحَمِيمُ، و أُدْركتْ             هَزِيمَتُه الأُولى التي كنتُ أَطلُبُ‏

و كلُّ نُقْرةٍ في الجسد هَزْمَةٌ، و الجمع كالجمع. و الهَزْمَةُ: النُّقْرةُ في الصَّدْر، و في التُّفَّاحة إذا غمزْتَها بيدِك و نحو ذلك. و
في حديث المغيرة: مَخْزونُ الهَزْمَةِ.
، يعني الوَهْدةَ التي في أَعلى الصدر و تحت العُنُقِ أَي أَن الموضع منه حَزْنٌ خَشِنٌ، أَو يريد ثِقَلَ الصدر من الحُزْنِ و الكآبةِ. و هَزَمَ البئرَ: حفَرَها. و الهَزِيمَةُ: الرَّكِيَّةُ، و قيل: الركيَّة التي خُسِفَتْ و قُطع حجرُها ففاض ماؤها. و الهَزَائِمُ: البِئارُ الكثيرةُ الماء، و ذلك لتَطامُنِها؛ قال الطرمَّاح بن عديّ:
أَنا الطِّرِمّاحُ و عَمِّي حاتمُ،             وَسْمي شَكِيٌّ و لساني عارِمُ،
كالبَحْرِ حِينَ تَنْكَدُ الهَزَائِمُ‏


وسْمِي: من السِّمَة، و شَكِيٌّ أَي مُوجِعٌ، و تَنْكَدُ أَي يَقِلُّ ماؤها، و أَراد بالهَزَائِم آباراً كثيرةَ المِياه. و هُزُومُ الليل: صُدوعه للصُّبْحِ؛ و أَنشد للفرزدق:
و سَوْداء من ليل التِّمامِ اعْتَسَفْتُها             إلى أَن تَجَلَّى، عن بياضٍ، هُزومُها

ابن الأَعرابي: هي الخُنْعُبة و النُّونة و الثُّومةُ و الهَزْمَةُ و الوَهْدَةُ و القَلْدة و الهَرتمةُ و العَرْتَمةُ و الحِثْرِمة؛ قال الليث: الخُنْعُبة مَشَقُّ ما بين الشاربَيْن بِحِيال الوتَرةِ. و هَزَمَه هَزْماً: ضربه فدخل ما بين وَرِكَيْه و خرجت سُرَّتُه. و الهَزْمَةُ و الهَزَمُ و الاهْتِزام و التهزُّم: الصوت. و اهْتِزَامُ الفرَس: صوتُ جَرْيِه؛ قال إمرؤ القيس:
على الذَّبل جَيّاشٌ، كأَنَّ اهْتِزَامَه،             إذا جاشَ فيه حَمْيُه، غَلْيُ مِرْجَلِ‏

و هَزَمَت القوسُ تَهْزِمُ هَزْماً و تَهَزَّمَت: صوَّتَت؛ عن أَبي حنيفة. و هَزِيمُ الرعدِ: صوتُه، تَهَزَّمَ الرعدُ تَهَزُّماً. و الهَزِيمُ و المُتَهَزِّمُ: الرعدُ الذي له صوتٌ شبيهٌ بالتكسُّرِ. و تَهَزَّمَتِ السحابةُ بالماء و اهْتَزَمَت: تشقَّقَت مع صوت عنه؛ قال:
كانت إذا حالِبُ الظَّلْماءِ نَبَّههَا،             قامت إلى حالبِ الظَّلْماءِ تَهْتَزِمُ‏

أَي تَهْتَزِم بالحلَب لكثرته؛ و أَورد الأَزهري هذا البيت شاهداً على جاء فلانٌ يَهْتَزِمُ أَي يُسْرِع، و فسره فقال: جاءت حالبَ الظَّلْماءِ تَهْتَزِمُ أَي جاءت إليه مُسْرِعةً. الأَصمعي: السحابُ المُتَهَزِّمُ و الهَزِيمُ و هو الذي لِرَعْدِه صوتٌ، يقال منه: سمعت هَزْمَةَ الرَّعْدِ، قال الأَصمعي: كأَنه صوت فيه تشقُّقٌ. و الهَزِيمُ من الخَيْلِ: الشديدُ الصوتِ؛ قال النَّجاشيّ:
و نَجَّى ابن حَرْب سابحٌ ذو عُلالةٍ،             أَجَشُّ هَزِيمٌ، و الرِّماحُ دَواني‏

و قال ابن أُمِّ الحكم:
أَجَشّ هَزيم جَرْيُه ذو عُلالةٍ،             و ذلك خيرٌ في العَناجِيج صالحُ‏

و فرسٌ هَزِمُ الصوتِ: يُشَبَّه صوتُه بصوت الرعد. و فرسٌ هَزِيمٌ: يتشقَّق بالجَرْيِ: و الهَزِيمُ: صوتُ جَرْيِ الفرس. و قِدْرٌ هَزِمَةٌ: شديدةُ الغَلَيانِ يُسْمَع لها صوتٌ، و قيل لابنة الخُسِّ: ما أَطْيبُ شي‏ء؟ قالت: لحمُ جزورٍ سَنِمَة، في غداة شَبِمَه،

609
لسان العرب12

هزم ص 608

بِشِفارٍ خَذِمَه، في قُدُورٍ هَزِمَه. و
في حديث ابن عمر: في قِدْرٍ هَزِمة.
، من الهَزِيم و هو صوتُ الرعد، يريد صوتَ غَلَيانِها. و قوس هَزُومٌ: بَيِّنة الهَزَمِ مُرِنّة؛ قال عمرو ذو الكَلْب:
و في اليمينِ شَمْحةٌ ذاتُ هَزَمْ‏


و تَهَزَّمَتِ العَصا و انْهَزَمَت: تشقَّقت مع صوتٍ، و كذلك القوسُ؛ قال:
ارْمِ على قَوْسك ما لم تَنْهَزِم،             رَمْيَ المَضاءِ و جوادِ بنِ عُتُمْ‏

و قَصبٌ متَهَزِّمٌ و مُهَزَّمٌ أَي قد كُسِّرَ و شُقِّق. و تَهَزَّمَتِ القِرْبَةُ: يَبِست و تكسَّرت فصوّتت. و الهُزُومُ: الكُسورُ في القِربة و غيرها، واحدها هَزْم و هَزْمَةٌ. و الهَزِيمَةُ في القتال: الكَسْرُ و الفَلُّ، هَزَمَه يَهْزِمُه هَزْماً فانْهَزَمَ، و هُزِمَ القومُ في الحرب، و الاسم الهَزِيمَة و الهِزِّيمَى، و هَزَمْتُ الجيشَ هَزْماً و هَزِيمَةً فانْهَزَمُوا؛ و قول قَيْس بن عَيْزارةَ الهُذلي:
و حُبِسْنَ في هَزْمِ الضَّريعِ، فكلُّها             حَدْباءُ باديةُ الضُّلوعِ حَرودُ

إنما عنى بهَزْمِه يَبِيسَه المتكسِّرَ، فإما أَن يكون ذلك واحداً، و إما أَن يكون جميعاً. و هَزمُ الضَّريعِ: ما تكسّر منه. و الهَزْم: ما تكسّرَ من الضريع و غيره. و التَّهَزُّمُ: التكسُّرُ. و تَهَزَّمَ السّقاء إذا يَبِس فتكسّر يقال: سِقاءٌ مُتَهَزِّمٌ و مُهَزَّمٌ إذا كان بعضُه قد ثُنِيَ على بعض مع جَفافٍ. الأَصمعي: الاهْتِزَام من شَيْئَينِ، يقال للقِرْبة إذا يَبِسَت و تكسّرت: تَهَزَّمَت، و منه الهَزِيمة في القتال، إنما هو كسرٌ، و الاهْتِزَامُ من الصوت، يقال: سمعت هَزِيمَ الرعد. و غَيْثٌ هَزِيمٌ: لا يَسْتَمْسِك كأنه مُنْهَزِمٌ عن سحابة؛ قال:
هَزِيمٌ كأَنَّ البُلْقَ مَجْنوبةٌ به،             تَحامَيْنَ أَنهاراً فَهُنَّ ضَوارِح‏

و الهَزِمُ من الغيث: كالهَزِيم؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
تأْوِي إلى دِفْ‏ءِ أَرْطاةٍ، إذا عَطَفَتْ             أَلْقَتْ بَوانِيَها عن غَيِّثٍ هَزِمِ‏

قوله:
... عن غَيِّث هَزِم‏


، يعني غزارتَها و كثرة حلَبها. و غيثٌ هَزِمٌ: مُتَهَزِّم مُتَبعِّق لا يستَمْسك كأَنه متهزِّم عن مائه، و كذلك هَزِيمُ السحاب؛ و قال يزيد بن مُفرّغ:
سَقا هَزِمُ الأَوساطِ مُنْبَجِسُ العُرى             مَنازِلَها من مَسْرُقانَ و سُرَّقا «3».

و هَزَمَ له حقَّه: كهَضَمه، و هو من الكسر. و أَصابتهم هَازِمَة من هَوَازِم الدَّهر أعني داهية كاسر. و قال أَبو إسحاق في قوله عز و جل: فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ‏
؛ معناه كسَروهم و رَدُّوهم. و أَصل الهَزْم كَسْر الشي‏ء و ثَنْيُ بعضه على بعض. و هُزِمْتُ عليك: عُطِفت؛ قال أَبو بدر السُّلَمي:
هُزِمْتُ عليكِ اليومَ، يا ابنةَ مالكٍ،             فجُودِي علينا بالنَّوالِ و أَنْعِمي‏

قال أَبو عمرو: و هو حرف غريب صحيح. و الهَزَائِم: العَجائف من الدوابّ، واحدتها هَزِيمَة. و قال غيره: هي الهِزَمُ أَيضاً، واحدتها هِزْمَة. ابن السكيت: الهَزِيمُ السحاب المُتشقِّق بالمطر، و الهَزْمُ سحابٌ رقيق يَعترِض و ليس فيه ماء. و اهْتَزَمَ الشاةَ: ذبحها؛ قال أَبّاقٌ الدُّبَيري:
إني لأَخْشَى، وَيْحَكمْ، أَن تُحْرَموا             فاهْتَزِموا من قبلِ أَنْ تَنَدَّموا «4».

__________________________________________________
 (3). قوله [من مسرقان و سرقا] هكذا في الأصل و المحكم، و في التكملة ما نصه: و الإنشاد مداخل، و الرواية: من مسرقان فشرقا، ثم قال: فشرقا أي أخذ جانب الشرق.
 (4). قوله [فاعتزموا من قبل إلخ‏] في التهذيب و التكملة: فاهتزموها قبل.

610
لسان العرب12

هزم ص 608

و اهْتزَمتُ الشاةَ: ذبحتُها. أَبو عمرو: من أَمثال العرب في انتِهاز الفُرَص: اهْتزِموا ذبيحتَكم ما دام بها طِرْقٌ؛ يقول: إذْبَحوها ما دامت سَمينةً قبل هُزالِها. و الاهْتِزَامُ: المُبادرة إلى الأَمر و الإِسراع. و جاء فلان يَهْتَزِمُ أَي يُسرِع كأَنه يُبادِر شيئاً. ابن الأَعرابي: هَزَمَه أَي قَتَله، و أَنْقَزَه مثله. و الهَزَم: المَسانُّ من المِعْزى، واحدتها هَزَمَةٌ؛ عن الشيباني. و المِهْزَام: عُود يُجْعل في رأْسه نارٌ تَلعَب به صبيان الأَعراب، و هو لُعبة لهم؛ قال جرير يهجو البَعيث و يُعَرِّض بأُمه:
كانت مُجَرِّئة تَروزُ بكَفِّها             كَمَرَ العبيد، و تَلْعبُ المِهْزَامَا

أَي تلعب بالمهزام، فحذف الجارَّ و أَوصلَ الفعلَ، و قد يجوز أَن تَجْعل المِهزامَ اسماً لِلُّعبة، فيكون المِهْزَام هنا مصدراً لِتَلعب، كما حكي من قولهم: قعَد القُرْفصاء. الأَزهري: المِهزَام لعبة لهم يَلعبونها، يُغَطّى رأْسُ أَحدِهم ثم يُلطَم، و
في رواية: ثم تُضْرب استُه، و يقال له: مَنْ لَطَمك.
؟ قال ابن الأَثير: و هي العميضا «1»؛ و قال ابن الفرج: المِهْزَام عصاً قصيرة، و هي المِرْزام؛ و أَنشد:
فشامَ فيها مثلَ مِهْزَامِ العَصا


أَو الغَضى «2»، و يروى:
... مثل مِرْزام.


و
في الحديث: أول جُمُعةٍ جُمِّعتْ في الإِسلام بالمدينة في هَزْم بني بَياضة.
؛ قال ابن الأَثير: هو موضع بالمدينة. و بنو الهُزَم: بَطن. و الهَيْزَم: لغة في الهَيْصَم، و هو الصُّلب الشديد. و هَيْزَمٌ و مِهْزَمٌ و مُهَزَّم و مِهْزَام و هَزَّام، كلها: أَسماء.
هسم:
هَسَمَ الشي‏ءَ يَهْسِمُه هَسْماً: كَسَره. الأَزهري عن ابن الأَعرابي: الهُسُم الكاوُون. قال أَبو منصور: كأَنَّ الأَصلَ الحُسُم، و هم الذين يُتابعون الكيَّ مرة بعد أُخرى، ثم قلبت الحاء هاء.
هشم:
الهَشْمُ: كَسْرُك الشي‏ء الأَجْوَف و اليابس، و قيل: هو كسْرُ العظام و الرأْس من بين سائر الجسد، و قيل: هو كسْر الوجه، و قيل: هو كسر الأَنف؛ هذه عن اللحياني، تقول: هَشَمْتُ أَنفَه إذا كسرت القَصَبة، و قيل: هو كسْر القَيْض، و قال اللحياني مرة: الهَشْم في كل شي‏ء، هَشَمَه يَهْشِمُه هَشْماً، فهو مَهْشُوم و هَشِيم، و هَشَّمَه و قد انْهَشَمَ و تَهَشَّمَ. و
في حديث أُحُد: جُرِحَ وجهُ رسول الله، صلى الله عليه و سلم، و هُشِمَت البيضةُ على رأْسه.
؛ الهَشْم: الكسْرُ، و البَيضةُ: الخَوْذةُ. و هَشَمَ الثرِيدَ؛ و منه هَاشِمُ بن عبد مَناف أَبو عبد المطلب جدّ النبي، صلى الله عليه و سلم، كان يُسمَّى عَمْراً و هو أَول من ثرَد الثَّريدَ و هَشَمَه فسُمّي هَاشِماً؛ فقالت فيه ابنتُه «3»
عَمرو العُلا هَشَمَ الثَّريدَ لِقَومه،             و رِجالُ مكَّةَ مُسْنِتُونَ عِجاف‏

و قال ابن بري: الشعر لابن الزِّبَعْري؛ و أَنشد لآخر:
أَوْسَعَهُم رَفْدُ قُصَيّ شَحْما،             و لَبَناً مَحْضاً و خُبزاً هَشْما

و قول أَبي خِراش الهذلي:
فلا و أَبي، لا تَأْكُلُ الطيرُ مِثْلَه،             طَويل النِّجاد، غير هارٍ و لا هَشْمِ‏

أَراد مَهْشومٍ، و قد يكون غيرَ ذي هَشْم. و الهَاشِمَة: شَجَّةٌ تَهشِم العَظم، و قيل: الهَاشِمَة من الشِّجاج التي‏
__________________________________________________
 (1). قوله [العميضا] هكذا في الأصل.
 (2). قوله [أو الغضى‏] عبارة التكملة: العصا أو الغضى على الشك.
 (3). قوله [فقالت فيه ابنته‏] كذا بالأَصل و المحكم، و في التهذيب ما نصه: و فيه يقول مطرود الخزاعي.

611
لسان العرب12

هشم ص 611

هَشَمتِ العَظم و لم يَتبايَنْ فَراشُه، و قيل: هي التي هَشَمت العظمَ فنُقِش و أُخْرِج فَراشُه فتَباينَ فَراشُه و الريحُ تَهْشِم اليَبيسَ من الشجر: تَكْسِرُه. يقال: هَشَمَتْه. و الهَشيم: النبت اليابس المُتكسِّر، و الشجرةُ البالية يأْخذها الحاطب كيف يشاء. و في التنزيل العزيز: فَأَصْبَحَ هَشِيماً
؛ و قيل: هو يابس كلِّ كَلإٍ إلَّا يابسَ البُهْمى فإنه عَرِبٌ لا هَشيم، و قيل: هو اليابس من كل شي‏ء. و الهَشِيمَةُ: الشجرة اليابسة البالية، و الجمع هَشِيمٌ. و ما فلانٌ إلَّا هَشِيمَةُ كَرْمٍ أَي لا يَمْنع شيئاً، و هو مثَلٌ بذلك، و أَصله من الهَشِيمَة من الشجر يأْخذها الحاطب كيف يشاء. و يقال للرجل الجَواد السَّمْح: ما فلانٌ إلا هَشِيمَةُ كَرْمٍ و الهَشِيمةُ: الأَرضُ التي يَبِسَ شجرُها حتى اسوَدَّ غير أَنها قائمةٌ على يُبْسها. و الهَشِيم: الذي بَقي من عامِ أَوَّل. ابن شميل: أَرض هَشِيمَةٌ، و هي التي يَبِس شجرُها، قائماً كان أَو مُتَهَشِّماً. و إن الأَرض البالية تَهَشَّمُ أَي تكسَّرُ إذا وَطِئْتَ عليها نَفْسِها لا شَجرِها، و شجرُها أَيضاً إذا يَبِسَ يَتَهَشَّم أَي يتكسَّر. و كلأٌ هَيْشُومٌ: هَشٌّ لَيِّنٌ. و في التنزيل العزيز: فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ
؛ قال: الهَشِيم ما يَبِس من الوَرَقِ و تكسر و تحطَّم، فكانوا كالهَشِيم الذي يَجمَعُه صاحبُ الحَظِيرة أَي قد بلغ الغايةَ في اليُبس حتى بلَغ أَن يُجْمَع. أَبو قتيبة: اللحياني يقال للنبت الذي بقي من عام أَوّلَ هذا نَبْتٌ عاميٌّ و هَشِيمٌ و حَطِيمٌ، و قال في ترجمة حظر: الهَشِيم ما يَبِس من الحَظِرات فارْفَتّ و تكسَّر، المعنى أَنهم بادُوا و هلَكوا فصاروا كيبيس الشجر إذا تحطّم. و قال العراقي: معنى قوله كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ
 الذي يَحْظُر على هَشيمه، أَراد أَنه حَظَر حِظاراً رَطباً على حِظارٍ قديمٍ قد يَبِسَ. و تَهَشَّمَ الشجرُ تَهَشُّماً إذا تكسَّر من يُبْسِه. و صارت الأَرض هَشِيماً أَي صار ما عليها من النبات و الشجر قد يَبِس و تكسَّر. و قال أَبو حنيفة: انْهَشَمَتِ الإِبلُ فتَهَشَّمَتْ خارتْ و ضعُفت. و تَهَشَّمَ الرجلَ: استعطفه؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أَنشد:
حُلْوَ الشَّمائل مِكْراماً خَليقَتُه،             إذا تَهَشَّمْته للنائل اخْتالا «1».

و رجل هَشِيمٌ: ضعيف البدن. و تَهَشَّمَ عليه فلان إذا تعطَّف. أَبو عمرو بن العلاء: تَهَشَّمْتُه للمعروف و تهضَّمْتُه إذا طلَبْتَه عنده. أَبو زيد: تَهَشَّمْتُ فلاناً أَي ترَضَّيْتُه؛ و أَنشد:
إذا أَغْضَبْتُكمْ فتَهَشَّمُونِي،             و لا تَسْتَعْتِبوني بالوَعيد

أَي تَرَضَّوْني. و تقول: اهْتَشَمْتُ نفسي لفلانٍ و اهْتَضَمْتُها له إذا رَضِيتَ منه بودن النَّصفَة. و هَشَمَ الرجلَ: أكْرَمه و عظَّمه. و هَشَمَ الناقةَ هَشْماً: حلَبها؛ و قال ابن الأَعرابي: هو الحَلْب بالكف كلها. و يقال: هَشَمْتُ ما في ضَرْع الناقة و اهْتَشَمْت أَي احتلبْت. و الهُشُم: الجِبال الرِّخْوة. و الهُشُمُ: الحَلَّابون اللبنَ الحُذَّاقُ، واحدهم هَاشِمٌ. قال أَبو حنيفة: و من بواطِن الأَرض المُنْبِتة الهُشُومَ، واحدها هَشْم، و هو ما تَصوَّب من لينِ ورقه. ابن شميل: الهَشوم من الأَرض المكان المُتَنَقّر منها المتصوّب من غِيطانها في لين الأَرض و بُطونِها. و كلُّ غائطٍ يكون وطِيئاً فهو هَشْم. ابن شميل: الهُشُومُ ما تَطامَن من الأَرض، واحدها هَشْم. أَبو عمرو:
__________________________________________________
 (1). قوله [اختالا] كذا بالأصل و التهذيب و التكملة، و في المحكم: احتالا، بالمهملة بدل المعجمة.

612
لسان العرب12

هشم ص 611

الهَشْمُ الأَرضُ المُجْدِبة. و
قال قتادة في قوله تعالى: وَ تَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً، قال: تَراها غبراءَ مُتَهَشّمَةً.
قال أَبو منصور: و إِنما تَتَهَشَّمُ الأَرضُ إِذا طال عَهْدُها بالمطر، فإِذا مُطِرتْ ذهَب تَهَشُّمُها، و أَنشد شمر لابن سَماعةَ الذُّهْليّ في تَهَشُّمِ الأَرض:
و أَخْلَفَ أَنْواءٌ، ففي وجهِ أَرْضِها             قُشَعْرِيرةٌ من جِلْدِها و تَهَشُّمُ‏

قال ابن شميل: أَرضٌ جَرْباء لم يُصِبْها مطر و لا نبتٌ تَراها مُتَهَشِّمَةً، الأَزهري: أَنشد المبرّد لابن ميّادة قولَ ابن عثمان بن حبّان المُرِّيّ في فِتْنة محمد بن عبد اللّه بن حسن، و كان أَشار عليه بأَن يَعْتزِل القومَ فلم يفعل فقُتِل، فقال ابن ميّادة:
أَمَرْتُكَ، يا رِياحُ، بأَمرِ حَزْمٍ             فقُلْت: هَشِيمَةٌ من أَهْل نَجْدِ
نَهيْتُك عن رجالٍ من قُرَيْشٍ،             على مَحْبوكةِ الأَصْلابِ جُردِ
و وَجْداً مّا وَجَدتُ على رِياحٍ،             و ما أَغْنَيْت شيئاً غيَر وَجْدِي‏

قال: قوله هَشِيمَة تأْويله ضَعْف، و أَصلُ الهَشِيم النبتُ إِذا وَلّى و جفَّ فأَذْرَتْه الريحُ، قال اللَّه عز و جل: فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ‏
. و ناقةٌ مِهْشَامٌ: سريعةُ الهُزالِ، و ناقة مِشْياطٌ: سريعةُ السِّمَنِ. و الهَشَمَةُ: الأُرْوِيّة، و جمعها هَشَمَاتٌ. و يقال للرجل الهَرِم: إِنه لَهَشمُ أَهْشامٍ. و هِشَامٌ و هَاشِمٌ و هُشَيم و هَيْشَم و هَيْشَمَانُ، كلها: أَسماء، و الأَصل فيها كلها الهَشْم، و هو الكسْر. و الهَشْمُ أَيضاً: الحَلْبُ. و مُهَشَّمَةُ: موضع، أَنشد ثعلب:
يا رُبَّ بَيْضاءَ على مُهَشَّمَهْ،             أَعْجَبها أَكلُ البَعيرِ اليَنَمهْ‏

أَعْجَبها أَي حملَها على التعجب.
هصم:
الهَصْمُ: الكَسْرُ. نابٌ هَيْصَمٌ: يَكْسِر كلَّ شي‏ء. و أَسَدٌ هَيْصَمٌ: من الهَصْمِ، و هو الكسْر، و قيل: سمّي به لشدته، و قيل: الهَيْصَم اسمٌ للأَسد، و الهَيْصَمُ من الرجال: القويّ. الأَصمعي: الهَيْصَمُ الغليظُ الشديدُ الصُّلْبُ؛ و أَنشد:
أَهْوَنُ عَيْبِ المَرْءِ، إِن تَكلَّما،             ثَنِيّةٌ تَتْرُكُ ناباً هَيْصَمَا

و الهَصَمْصَمُ: الأَسدُ لشدّتِه و صَوْلَتِه، و قال غيره: أُخِذ من الهَصْمِ، و هو الكَسْرُ. يقال هَصَمَه و هَزَمَه إذا كسَره. و الهَيْصَمُ: حجرٌ أَمْلَسُ يُتّخذ من الحِقاقُ، و أَكثرُ ما يَتكلَّم به بنو تميم، و ربما قلبت فيه الصاد زاياً. و هَيْصَمٌ: رجل.
هضم:
هضَم الدواءُ الطعامَ يَهْضِمُه هَضْماً: نَهَكَه. و الهَضَّامُ و الهَضُوم و الهَاضُومُ: كلُّ دَواءٍ هَضَمَ طعاماً كالجُوارِشْنِ «2»، و هذا طعامٌ سريعُ الانْهِضامِ و بَطي‏ءُ الانْهِضامِ. و هَضَمَه يَهْضِمُه هَضْماً و اهْتَضَمَه و تَهَضَّمَه: ظَلمه و غصَبه و قهرَه، و الاسم الهَضِيمَةُ. و رجل هَضِيمٌ مُهْتَضَمٌ: مَظْلومٌ. و هَضَمَه حقَّه هَضْماً: نقصَه. و هَضَمَ له من حقِّه يَهْضِمُ هَضْماً: تركَ له منه شيئاً عن طِيبةِ نَفْسٍ. يقال: هَضَمْت له من حَظِّي طائفةً أَي تركتُه. و يقال: هَضَمَ له من حظِّه إذا كسَر له منه. أَبو عبيد: المُتَهَضَّمُ و الهَضِيمُ جميعاً المظلومُ. و الهَضِيمَةُ: أَن يَتَهَضَّمَك القومُ شيئاً أَي يظلموك. و هَضَمَ الشي‏ءَ يَهْضِمُه هَضْماً، فهو مَهْضُومٌ و هَضِيمٌ: كسَره. و هَضَمَ له من مالِه يَهْضِمُ هَضْماً: كسَر و أَعطى. و الهَضَّامُ: المُنْفِقُ لِمالِه، و هو الهَضُوم أَيضاً،
__________________________________________________
 (2). قوله [كالجوارشن‏] ضبط في بعض نسخ النهاية بضم الجيم، و في بعض آخر منها بالفتح و كذا المحكم.

613
لسان العرب12

هضم ص 613

و الجمع هُضُمٌ؛ قال زياد بن مُنْقِذ:
يا حَبَّذا، حينَ تُمْسي الرِّيحُ بارِدةً،             وادي أُشَيّ و فِتْيانٌ به هُضُمُ‏

و يدٌ هَضُومٌ: تَجُود بما لدَيْها تُلْقِيه فما تُبْقِيه، و الجمع كالجمع؛ قال الأَعشى:
فأَمّا إذا قَعَدُوا في النَّدِيّ،             فأَحْلامُ عادٍ و أَيْدٍ هُضُمْ‏

و رجلٌ أَهْضَمُ الكَشْحَيْنِ أي مُنْضَمُّهُما. و الهَضَمُ: خَمَصُ البطونِ و لُطْفُ الكَشْحِ. و الهَضَمُ في الإِنسان: قلة انْجِفارِ الجَنْبَين و لَطافَتُهما، و رجل أَهْضَمُ بيِّن الهَضَم و امرأَة هَضْمَاءُ و هَضِيمٌ، و كذلك بطنٌ هَضِيمٌ و مَهْضُومٌ و أَهْضَمُ؛ قال طرفة:
و لا خَيرَ فيه غيرَ أَنَّ له غِنىً،             و أن له كَشْحاً، إذا قامَ، أَهْضَمَا

و الهَضِيمُ: اللَّطيف. و الهَضِيمُ: النَّضِيجُ. و الهَضَمُ، بالتحريك: انضِمامُ الجَنْبينِ، و هو في الفرس عيبٌ. يقال: لا يَسْبِقُ أَهْضَمُ من غاية بعيدةٍ أبداً. و الهَضَمُ: استقامةُ الضلوع و دخولُ أَعالِيها، و هو من عيوب الخيل التي تكون خِلْقةً، قال النابغة الجعدي:
خِيطَ على زَفْرَةٍ فتَمَّ، و لمْ             يَرْجِع إلى دِقَّةٍ و لا هَضَمِ‏

يقول: إن هذا الفرسَ لِسَعةِ جوفهِ و إجْفارِ مَحْزِمهِ كأَنه زفَرَ، فلما اغْترَقَ نفَسُه بُنِيَ على ذلك فلزِمته تلك الزَّفْرة، فصِيغَ عليها لا يُفارِقُها؛ و مثله قول الآخر:
بُنِيَتْ مَعاقِمُها على مُطَوائها


أي كأَنها تَمَطَّت، فلما تناءَت أَطرافُها و رحُبَت شَحْوَتها صِيغَت على ذلك، و فرسٌ أَهْضَمُ، قال الأَصمعي: لم يَسْبِقْ في الحَلْبة قَطّ أَهْضَمُ، و إنما الفرسُ بعُنُقهِ و بَطْنهِ، و الأُنثى هَضْمَاءُ. و الهَضِيمُ من النساء: اللطيفةُ الكَشْحَينِ، و كَشْحٌ مَهْضُومٌ؛ و أَنشد ابن بري لابن أحمر:
هُضُمٌ إذا حُبَّ الفُتارُ، و هُمْ             نُصُرٌ، و إذا ما استُبْطِئَ النَّصْرُ

و رأَيت هنا جُزازة مُلْصقَة في الكتاب فيها: هذا وَهَمٌ من الشيخ لأَن هُضُماً هنا جمعُ هَضُومٍ الجَوادُ المِتْلافُ لمالهِ، بدليل قوله نُصُر جمع نَصِير، قال: و كلاهما من أَوصاف المذكر؛ قال: و مثله قول زياد بن مُنقِذ:
و حَبَّذا، حين تُمْسي الريحُ بارِدةً،             وادي أُشَيٍّ و فِتْيانٌ به هُضُمُ‏

و قد تقدم، و قوله:
... حين تمسي الريح باردة


مثلُ قوله‏
... إذا حُبَّ الفُتارُ


، يعني أَنهم يَجُودون في وقت الجَدْب و ضيقِ العيشِ، و أَضْيَقُ ما كان عيشُهم في زمن الشتاء، و هذا بيِّنٌ لا خفاء به؛ قال: و أما شاهدُ الهَضِيم اللطيفةِ الكَشحين من النساء فقول إمرئ القيس:
إذا قلتُ: هاتي نَوِّلِيني، تَمايَلَتْ             عليَّ هَضِيم الكَشحِ، رَيَّا المُخَلخَلِ‏

و
في الحديث: أن امرأَة رأَت سَعْداً مُتَجَرِّداً و هو أميرُ الكوفةِ، فقالت: إن أَميرَكم هذا لأَهْضَمُ الكَشْحينِ.
أي مُنْضَمُّهما؛ الهَضَمُ، بالتحريك: انضمامُ الجنبينِ، و أصلُ الهَضْمِ الكسر. و هَضْمُ الطعامِ: خِفَّتُه. و الهَضْمُ: التواضُعُ. و
في حديث الحسن: و ذكَر أَبا بكرٍ فقال: و الله إنه لَخَيْرُهم و لكن المؤْمِن يَهْضِمُ نفْسَه.
أي يَضعُ من قَدْرهِ تَواضُعاً. و قوله عز و جل: وَ نَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ‏
؛ أَي مُنْهَضِمٌ مُنْضَمٌّ في جوف الجُفِّ، و قال الفراء: هَضِيمٌ‏
 ما دام في كَوافيرهِ. و الهَضِيمُ: اللَّيِّنُ. و قال ابن‏

614
لسان العرب12

هضم ص 613

الأَعرابي: طَلْعُها هَضِيمٌ‏
، قال: مَرِي‏ءٌ، و قيل: ناعِمٌ، و قيل: هَضِيمٌ‏
 مُنْهَضِم مُدْرِك، و قال الزجاج: الهَضِيم الداخلُ بعضُه في بعض، و قيل: هو مما قيل إن رُطَبَه بغير نَوىً، و قيل: الهَضِيمُ الذي يتَهَشَّم تَهَشُّماً، و يقال للطلع هَضِيم ما لم يخرج من كُفُرّاهُ لدخول بعضه في بعض. و قال الأَثْرَمُ: يقال للطعام الذي يُعْمَل في وَفاةِ الرجل الهَضِيمَة، و الجمع الهَضَائِم. و الهَاضِمُ: الشادخُ لما فيه رخاوةٌ أو لينٌ. قال ابن سيدة: الهَاضِمُ ما فيه رخاوةٌ أو لينٌ، صفة غالبة، و قد هَضَمَه فانْهَضَمَ كالقَصَبة المَهْضومة، و قصبَةٌ مَهْضُومَةٌ و مُهَضَّمَةٌ و هَضِيم: للتي يُزْمَرُ بها. و مِزْمارٌ مُهَضَّمٌ لأَنه، فيما يقال، أَكْسارٌ يُضمّ بعضها إلى بعض؛ قال لبيد يصف نهيق الحمار:
يُرَجِّعُ في الصُّوَى بمُهَضَّماتٍ،             يَجُبْنَ الصَّدْرَ من قَصَبِ العَوالي‏

شبَّه مخارجَ صوتِ حَلْقهِ بمُهَضَّماتِ المَزامير؛ قال عنترة:
بَرَكَتْ على ماءِ الرِّداعِ، كأَنما             بركتْ على قَصَبٍ أَجَشَّ مُهَضَّم‏

و أَنشد ثعلب لمالك بن نُوَيرَةَ:
كأَن هَضِيماً من سَرارٍ مُعَيَّناً،             تَعاوَرَه أَجْوافُها مَطْلَع الفَجْرِ

و الهَضْمُ و الهِضْمُ، بالكسر: المطمئنُّ من الأَرض، و قيل: بَطْنُ الوادي، و قيل: غَمْضٌ، و ربما أَنْبَتَ، و الجمع أَهْضَامٌ و هُضُومٌ؛ قال:
حتى إذا الوَحْش في أَهْضَامِ مَوْرِدِها             تغَيَّبَتْ، رابَها من خِيفةٍ رِيَبُ‏

و نحوَ ذلك قال الليث في أَهْضَامٍ من الأَرض. أَبو عمرو: الهِضْمُ ما تَطامَن من الأَرض، و جمعه أَهْضَامٌ؛ و منه قولهم في التحذير من الأَمر المَخُوف: الليلَ و أَهْضامَ الوادي؛ يقول: فاحْذَرْ فإنك لا تدري لعلَّ هناك مَن لا يُؤْمَن اغْتِيالُه. و
في الحديث: العَدُوُّ بأَهْضَامِ الغِيطانِ.
؛ هي جمع هِضْمٍ، بالكسر، و هو المطمئن من الأَرض، و قيل: هي أَسافلُ الأَوْدِيةِ من الهَضْمِ الكسرِ، لأَنها مَكاسِرُ. و
في حديث عليّ، كرّم الله وجهه: صَرْعَى بأَثناء هذا النَّهرِ و أَهْضَامِ هذا الغائِطِ. المؤرّج.
: الأَهْضَامُ الغُيوبُ، واحدها هِضْمٌ [هَضْمٌ‏]، و هو ما غيَّبها عن الناظر. ابن شميل: مَسْقِطُ الجَبل و هو ما هَضَمَ عليه أي دَنا من السهلِ من أَصلهِ، و ما هَضَمَ عليه أي ما دنا منه. و يقال: هَضَمَ فلانٌ على فلانٍ أي هَبَطَ عليه، و ما شَعَرُوا بنا حتى هَضَمْنا عليهم. و قال ابن السكيت: هو الهِضْمُ، بكسر الهاء، في غُيوبِ الأَرض. و تَهَضَّمْت للقوم تَهَضُّماً إذا انْقَدتَ لهم و تَقاصَرْت. و رجل أَهْضَمُ: غليظُ الثنايا. و أَهْضَمَ المُهْرُ للإِرْباع: دَنا منه، و كذلك الفَصيل، و كذلك الناقةُ و البَهْمةُ، إلّا أَنه في الفَصِيل و البَهْمة الإِرْباعُ و الإِسداسُ جميعاً. الجوهري: و أَهْضَمَتِ الإِبلُ للإِجْذاعِ و للإِسْداسِ جميعاً إذا ذهبت رَواضِعُها و طلعَ غيرُها، قال: و كذلك الغنم. يقال: أَهْضَمت و أَدْرَمَت و أَفَرَّتْ. و المَهْضُومَةُ: ضَرْبٌ من الطِّيبِ يخلط بالمِسْكِ و البانِ. و الأَهْضَامُ: الطيبُ، و قيل: البَخورُ، و قيل: هو كلُّ شي‏ء يُتبخر به غير العود و اللُّبْنى، واحدها هِضْم و هَضْمٌ و هَضْمَةٌ، على توهُّم حذف الزائد؛ قال الشاعر:
كأَنَّ ريحَ خُزاماها و حَنْوَتِها،             بالليل، ريحُ يَلَنْجوجٍ و أَهْضَام‏

615
لسان العرب12

هضم ص 613

و قال الأَعشى:
و إذا ما الدُّخانُ شُبّه بالآنُفِ،             يوماً، بشَتْوةٍ أَهْضَاما

يعني من شدَّة الزمان؛ و أَنشد في الأَهْضَامِ البَخورِ للعجاج:
كأَنَّ ريحَ جَوْفِها المَزْبورِ             مَثْواةُ عَطَّارين بالعُطورِ
أَهْضَامِها و المِسْكِ و القَفُّورِ القَفُّورُ


القَفُّورُ: الكافورُ، و قيل: نَبْتٌ. قال أَبو منصور: أُراه يصف حُفْرة حفرها الثور الوحشي فكَنَسَ فيها، شَبّه رائحة بَعرِها برائحة هذه العُطور. و أَهْضَامُ تَبالةَ: ما اطمأَنَّ من الأَرض بين جِبالها؛ قال لبيد:
فالضَّيْفُ و الجارُ الجَنِيبُ، كأَنما             هَبَطا تَبالةَ مُخْصِباً أَهْضَامُها

و تَبالةُ: بلدٌ مُخْضِبٌ معروف. و أَهْضَامُ تَبالة: قُراها. و بنو مُهَضَّمَة: حيٌّ.
هطم:
النهاية لابن الأَثير
في حديث أَبي هريرة في شَرابِ أَهل الجنة: إذا شَرِبوا منه هَطَمَ طعامَهم.
؛ الهَطْمُ: سرعةُ الهَضْم، و أَصله الحَطْمُ، و هو الكسرُ، فقلبت الحاءُ هاءً.
هقم:
الهَقِمُ: الشديدُ الجوعِ و الأَكل، و قد هَقِمَ، بالكسر، هَقَماً، و قيل: الهَقَمُ أن يُكْثِرَ من الطعام فلا يَتَّخِم. و الهِقَمُّ، مثل الهِجَفّ: الرجلُ الكثير الأَكل. و تَهَقَّمَ الطعامَ: لَقِمَه لُقَماً عِظاماً مُتتابعة. و الهِقَمُّ: البحر. و بحرٌ هِقَمٌّ و هَيْقَمٌ: واسعٌ بعيدُ القعرِ. و الهَيْقَمُ: حكاية صوتِ اضطرابِ البحر؛ قال:
و لم يَزَلْ عِزُّ تَمِيمٍ مِدْعَما،             كالبحرِ يَدْعُو هَيْقَماً فهَيْقَما

و الهَيْقَمُ و الهَيْقَمَانِيُّ: الظَّليمُ الطويلُ؛ قال ابن سيدة: و أَظن الضمَّ في قاف الهيْقامانيّ لغةً، الأَزهري: قال بعضهم الهَيْقمانيُّ الطويلُ من كلّ شي‏ء؛ و أَنشد للفقعسي:
منَ الهَيْقَمانيَّاتِ هَيْقٌ، كأَنه             من السِّنْدِ ذو كَبْلَيْنِ أَفْلَتَ من تَبْلِ‏

و ذكره الأَزهري في الرباعي أَيضاً، شبَّه هذا الشاعرُ الظَّليمَ برجل سِنْديّ أفلت من وَثاقٍ. و يقال: الهَيْقَمُ الرَّغيبُ من كل شي‏ء. و يقال في الهَيْقَمِ الظليمِ: إنه الهَيْقُ، و الميم زائدة. و الهَيْقَمُ: صوتُ ابْتِلاع اللُّقمة. ابن الأَعرابي: الهَقْمُ أَصواتُ شرب الإِبل الماء؛ قال الأَزهري: جعله جمع هَيْقَم و هو حكايةُ صوتِ جَرْعِها الماءَ، كما قال رؤبة:
للناس يَدْعُو هَيْقَماً و هَيقَما،             كالبحر ما لَقَّمْتَه تَلَقَّما

و قيل في قوله:
للناس يدعو هيقماً و هيقما


إنه شبَّهه بفَحْلٍ و ضربَه مثَلًا. و هَيْقَم: حكاية هَديره، و مَنْ رواه:
كالبحر يدعو هيقماً و هيقما


أَراد حكاية أَمْواجِه؛ و قال أَبو عمرو في قول رؤبة:
يَكْفِيه مِحْرابَ العِدى تهَقُّمُهْ «1».


قال: و هو قَهْرُه مَنْ يُحارِبُه، قال: و أَصله من الجائع الهَقِم؛ و قوله:
من طُولِ ما هَقَّمَه تَهَقُّمُه‏


قال: تَهَقُّمُه حِرْصُه و جوعُه.
__________________________________________________
 (1). قوله [يكفيه إلخ‏] صدره كما في التكملة:
أحمس ورّاد شجاع مقدمه‏

والورّاد: الذي يرد حومة القتال يغشاها و يأتيها، و مقدمه: إقدامه، و المحراب: البصير بالحرب.

616
لسان العرب12

هكم ص 617

هكم:
الهَكِمُ: المُتَقحِّم على ما لا يَعنيه الذي يتعرَّض للناس بشرِّه؛ و أَنشد:
تَهَكَّمَ حَرْبٌ على جارِنا،             و أَلْقى عليه له كَلْكَلا

و قد تَهَكَّمَ على الأَمرِ و تَهَكَّمَ بنا: زَرى علينا و عَبِثَ بنا. و تَهَكَّمَ له و هَكَّمَه: غَنَّاه. و التَهَكُّمُ: التكبُّرُ. و المُسْتَهْكِمُ: المُتكبِّرُ. و المُتَهَكِّمُ: المتكبِّرُ، و هو أَيضاً الذي يتهدَّمُ عليك من الغيْظ و الحُمْق. و تَهَكَّمَ عليه إِذا اشتد غضبُه. و التَهَكُّم: التبَخْتُر بطَراً. و التَهَكُّم: السيْلُ الذي لا يُطاق. و التَهَكُّم: تهوُّرُ البئر. و تَهَكَّمَتِ البئرُ: تهدَّمَت. و التَهَكُّم: الطَّعْنُ المُدارَك. و تَهَكَّمْتُ: تَغَنَّيْتُ. و هَكَّمْتُ غيري تَهْكِيماً: غنَّيْتُه، و ذلك إِذا انْبرَيْتَ تُغَنِّي له بصوت. و التَّهَكُّم: الاستهزاء. و
في حديث أُسامة: فخرجت في أَثرِ رجل منهم جَعَلَ يَتَهَكَّمُ بي أَي يستهزئ و يستخفّ.
و
في حديث عبد الله بن أَبي حَدْرَدٍ: و هو يمشي القَهْقَرى و يقول هَلُمَّ إِلى الجنة، يَتَهَكَّمُ بنا.
و
قول سُكَيْنة لهِشام: يا أَحْوَلُ لقد أَصبحتَ تَتَهَكَّمُ بنا.
و حكى ابن بري عن أَبي عمرو: التَهَكُّم حديثُ الرجلِ في نفسِه؛ و أَنشد لزيادٍ المِلْقَطيّ:
يا مَنْ لِقَلْبٍ قد عَصاني أَنْهَمُهْ             أُفْهِمُه، لو كان عَنِّي يَفْهَمُهْ‏
مِنْ ذكر ليلى دَلَّهم تَهَكُّمُهْ،             و الدَّهْرُ يَغْتالُ الفَتى و يَعْجُمُهْ‏

و قال: التَهَكُّمُ الوقوعُ في القوم؛ و أَنشد لِنَهِيك بن قَعْنَب:
تَهَكَّمْتُما حَوْلَيْنِ ثم نَزَعْتُما،             فلا إِنْ عَلا كَعْباكُما بالتَّهَكُّمِ‏

و إِن زائدة بعد لا التي للدعاء.
هلم:
الهَلِيمُ: اللاصِقُ من كل شي‏ء؛ عن كراع. و الهَلامُ «1»: طعامٌ يُتَّخَذ من لحمِ عِجْلةٍ بِجِلدِها. و الهُلُمُ: ظِباءُ الجبال، و يقال لها اللُّهُمُ، واحدها لِهْمٌ، و يقال في الجمع لُهُومٌ. و الهِلِّمَانُ: الشي‏ءُ الكثير، و قيل: هو الخير الكثير؛ قال ابن جني: إِنما هو الهِلِمَّانُ على مثال فِرِكَّان. أَبو عمرو: الهِلِمَّانُ الكثير من كل شي‏ء؛ و أَنشد لكَثِير المُحارِبيّ:
قد مَنَعَتْني البُّرَّ و هي تَلْحانْ،             و هو كثيرٌ عندها هِلِمَّانْ،
و هي تُخَنْذِي بالمَقالِ البَنْبانْ‏


الخَنْذاةُ: القول القبيحُ، و البَنْبانُ: الردي‏ء من المَنْطق. و الهَيْلَمَان: المالُ الكثير، و تقول: جاءنا بالهَيْل و الهَيْلَمانِ إِذا جاء بالمال الكثير، و الهَيْلَمان، بفتح اللام و ضمها. قال أَبو زيد في باب كثرة المال و الخير يَقْدَم به الغائبُ أَو يكون له: جاء فلانٌ بالهَيْل و الهَيْلَمان، بفتح اللام. و هَلُمَّ: بمعنى أَقْبِل، و هذه الكلمة تركيبيَّة من ها التي للتنبيه، و من لُمَّ، و لكنها قد استعملت استعمال الكلمة المفردة البسيطة؛ قال الزجاج: زعم سيبويه أَن هَلُمَّ ها ضمت إِليها لُمّ و جُعِلتا كالكلمة الواحدة، و أَكثرُ اللغات أَن يقال هَلُمَّ للواحد و الاثنين و الجماعة، و بذلك نزل القرآن: هَلُمَّ إِلَيْنا
 و هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ‏
؛ و قال سيبويه: هَلُمَّ في لغة أَهل الحجاز يكون للواحد و الاثنين و الجمع و الذكر و الأُنثى بلفظٍ واحد، و أَهلُ نَجْدٍ يُصَرِّفُونَها، و أَما في لغة بني تميم و أَهل‏
__________________________________________________
 (1). قوله [و الهلام‏] قال في القاموس: كغراب، و ضبط في الأصل و في نسخة من التكملة يوثق بضبطها بفتح الهاء و مثلها المحكم و التهذيب.

617
لسان العرب12

هلم ص 617

نجد فإِنهم يُجْرونه مُجْرَى قولك رُدَّ، يقولون للواحد هَلُمَّ كقولك رُدَّ، و للاثنين هَلُمَّا كقولك رُدَّا، و للجمع هَلُمُّوا كقولك رُدُّوا، و للأُنثى هَلُمِّي كقولك رُدِّي، و للثِّنْتَينِ كالاثْنَيْنِ، و لجماعة النساء هَلْمُمْنَ كقولك ارْدُدْنَ، و الأَوَّل أَفصَح. قال الأَزهري: فُتحت هَلُمَّ أَنها مُدْغَمة كما فُتحت رُدَّ في الأَمر فلا يجوز فيها هَلُمُّ، بالضم، كما يجوز رُدُّ لأَنها لا تتصرَّف، قال: و معنى قوله تعالى: هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ‏
، أَي هاتوا شُهداءكم و قَرِّبوا شهداءكم. الجوهري: هَلُمَّ يا رجل، بفتح الميم، بمعنى تعال؛ قال الخليل: أَصله لُمّ من قولهم لَمَّ اللهُ شَعْثه أَي جمعه، كأَنه أَراد لُمَّ نَفْسَك إِلينا أَي اقْرُب، و ها للتنبيه، و إِنما حذفت أَلِفُها لكثرة الاستعمال و جُعِلا اسماً واحداً، قال ابن سيدة: زعم الخليل أَنها لُمَّ لَحِقتها الهاء للتنبيه في اللغتين جميعاً، قال و لا تدخل النون الخفيفة و لا الثقيلةُ عليها، لأَنها ليست بفعل و إِنما هي اسمٌ للفعل، يريد أَن النون الثقيلة إِنما تدخلُ الأَفعال دون الأَسماء، و أَما في لغة بني تميم فتدخلها الخفيفةُ و الثقيلة لأَنهم قد أَجْرَوْها مُجْرَى الفعل، و لها تعليلٌ. الأَزهري: هَلُمَّ بمعنى أَعْطِ، يَدُلّ عليه ما
رُوِي عن عائشة، رضي الله عنها، أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، كان يأْتيها فيقول: هل من شي‏ءٍ؟ فتقول: لا، فيقول: إِني صائِمٌ؛ قالت: ثم أَتاني يوماً فقال: هل من شي‏ء؟ قلت: حَيْسَةٌ، فقال: هَلُمِّيها.
أَي هاتِيها أَعْطِينيها. و قال الليث: هَلُمَّ كلمةُ دَعْوةٍ إِلى شي‏ءٍ، الواحدُ و الاثنان و الجمع و التأْنيث و التذكير سواءٌ، إلَّا في لغة بني سَعْدٍ فإِنهم يحملونه على تصريف الفعل، تقول هَلُمَّ هَلُمَّا هَلُمُّوا، و نحو ذلك قال ابن السكيت، قال: و إِذا قال: هَلُمَّ إِلى كذا، قلت: إِلامَ أَهَلُمُّ؟ و إِذا قال لك هَلُمَّ كذا و كذا، قلت: لا أَهَلُمُّه، بفتح الأَلف و الهاء، أَي لا أُعْطيكَه. و
روى أَبو هريرة عن النبي، صلى الله عليه و سلم، قال: ليُذادَنَّ رجالٌ عن حَوْضي فأُناديهم أَلا هَلُمَّ أَلا هَلُمَّ فيقال: إِنهم قد بَدَّلوا، فأَقول فسُحْقاً.
قال اللحياني: و من العرب من يقول هَلَمَّ، فينصب اللام، قال: و من قال هَلُمِّي و هَلُمُّوا فكذلك قال ابن سيدة، و لست من الأَخيرة على ثِقَةٍ، و قد هَلْمَمْتُ فما ذا. و هَلْمَمْتُ بالرجل: قلتُ له هَلُمَّ. قال ابن جني: هَلْمَمْتُ كصَعْرَرْتَ و شَملَلْتَ، و أَصله قبْلُ غيرُ هذا، إِنما هو أَوَّلُ ها للتنبيه لَحِقَت مثل اللام، و خُلِطت ها بلُمَّ توكيداً للمعنى بشدة الاتصال، فحذفت الأَلف لذلك، و لأَنَّ لامَ لُمَّ في الأَصل ساكنةٌ، أَ لا ترى أَن تقديرها أَوَّلُ أُلْمَمْ، و كذلك يقولها أَهل الحجاز، ثم زال هذا كله بقولهم هَلْمَمْتُ فصارت كأَنها فَعْلَلْت من لفظ الهِلِمَّان، و تُنُوسِيَت حالُ التركيب. و حكى اللحياني: من كان عنده شي‏ء فلْيُهَلِمَّه أَي فليُؤْتِه. قال الأَزهري: و رأَيت من العرب مَن يدعو الرجل إِلى طعامه فيقول: هَلُمَّ لك، و مثله قوله عز و جل: هَيْتَ لَكَ؛ قال المبرَّد: بنو تميم يجعلون هَلُمَّ فِعلًا صحيحاً و يجعلون الهاء زائدة فيقولون هَلُمَّ يا رجل، و للاثنين هَلُمَّا، و للجمع هَلُمُّوا، و للنساء هَلْمُمْنَ لأَن المعنى الْمُمْنَ، و الهاء زائدة، قال: و معنى هَلُمَّ زيداً هاتِ زيداً. و قال ابن الأَنباري: يقال للنساء هَلُمْنَ و هَلْمُمْنَ. و حكى أَبو عمرو عن العرب: هَلُمِّينَ يا نِسوة، قال: و الحجةُ لأَصحاب هذه اللغة أَن أَصل هَلُمَّ التصرفُ من أَمَمْتُ أَؤمُّ أَمّاً، فَعمِلوا على الأَصل و لم يلتفتوا إِلى الزيادة، و إِذا قال الرجل للرجل هَلُمَّ، فأَراد أَن يقول لا أَفعل، قال: لا

618
لسان العرب12

همم ص 619

أُهَلِمُّ و لا أُهَلُمُّ و لا أُهَلَمُّ و لا أَهَلُمُّ، قال: و معنى هَلُمَّ أَقْبِلْ، و أَصله أُمَّ أَي اقصِدْ، فضمّوا هل إِلى أُمَّ و جعلوهما حرفاً واحداً، و أَزالوا أُمَّ عن التصريف، و حوَّلوا ضمة همزة أُمَّ إِلى اللام و أَسقطوا الهمزة، فاتصلت الميم باللام، و هذا مذهب الفراء. يقال للرجلين و للرجال و للمؤنث هَلُمَّ، وُحِّدَ هَلُمَّ لأَنه مُزالٌ عن تصرُّف الفعل و شُبِّه بالأَدوات كقولهم صَهْ و مَهْ و إِيهٍ و إِيهاً، و كل حرف من هذه لا يُثنَّى و لا يجمع و لا يؤنث، قال: و قد يوصل هَلُمَّ باللام فيقال: هَلُمَّ لك و هَلُمَّ لكما، كما قالوا هَيْت لك، و إِذا أَدخلت عليه النون الثقيلة قلت: هَلُمَّنَّ يا رجل، و للمرأَة: هَلُمِّنَّ، بكسر الميم، و في التثنية هَلُمّان، للمؤنث و المذكر جميعاً، و هَلُمُّنَّ يا رجال، بضم الميم، و هَلْمُمْنانِّ يا نسوة، و إِذا قيل لك هَلُمَّ إِلى كذا و كذا، قلت: إِلامَ أَهَلُمُّ، مفتوحة الأَلف و الهاء، كأَنك قلت إِلامَ أَلُمُّ، فترَكْتَ الهاء على ما كانت عليه، و إِذا قيل هَلُمَّ كذا و كذا، قلت: لا أَهَلُمُّه أَي لا أُعطيه؛ قال ابن بري: حقُّ هذا أَن يذكر في فصل لَمَمَ لأَن الهاء زائدة، و أَصله هالُمّ.
هلدم:
الهِلْدِمُ: اللِّبْدُ الغليظُ الجافي؛ قال:
عليه من لِبْدِ الزَّمانِ هِلْدِمُهْ «2».


لِبْد الزمان: يعني الشيبَ. و الهِلْدِمُ: العجوزُ.
هلقم:
الهِلْقَامَةُ و الهِلِقَّامَةُ: الأَكول. و الهِلْقَامُ: الطويل، و قيل: الضخمُ الطويلُ، و في التهذيب: الفرسُ الطويلُ؛ قال مُدْرِك بن حِصْن، و قيل هو لِخذَام الأَسدي، قال و هو الصحيح:
أَبْناء كلّ نَجِيبة لنَجِيبة،             و مُقَلِّصٍ بشَلِيله هِلْقامِ‏

يقول: هو طويل يُقلِّص عنه شَليلُه لطوله، و الشَّلِيلُ: الدِّرْعُ. و الهِلْقَامُ: السيّد الضخم القائم بالحَمالات، و كذلك الهِلْقَمُّ؛ قال:
فإِنْ خَطِيبُ مَجْلِسٍ أَرَمَّا             بِخُطْبةٍ، كنتُ لها هِلْقَمّا «3». بالحَمالاتِ لها لِهَمّا

و الهِلْقِمُ و الهِلْقامُ: الواسعُ الشِّدْقَيْن من الإِبل خاصة، و ربما استُعْمِل لغيرها. و بحرٌ هِلْقِمٌ: كأَنه يَلْتَهِم ما طُرِح فيه. و هَلْقَمَ الشي‏ءَ: ابْتَلَعه. و الهِلْقَمُّ: المُبْتَلِع. و رجل هُلَقِمٌ و جُرَضِمٌ: كثير الأَكل؛ قال:
باتَتْ بلَيْلٍ ساهِد، و قد سَهِدْ             هُلَقِمٌ يأْكل أَطْرافَ النُّجُدْ

و هِلْقامٌ و هِلْقَامَةٌ كذلك. و الهِلْقَامُ: الأَسد. و هِلْقَامٌ: اسم رجل.
همم:
الهَمُّ: الحُزْن، و جمعه هُمُومٌ، و هَمَّه الأَمرُ هَمّاً و مَهَمَّةً و أَهَمَّه فاهْتَمَّ و اهْتَمَّ به. و لا هَمَامِ لي: مبنية على الكسر مثل قَطامِ أَي لا أَهُمُّ. و يقال: لا مَهَمّةَ لي، بالفتح، و لا هَمامِ، أَي لا أَهُمّ بذلك و لا أَفْعَلُه؛ قال الكميت يمدح أَهل البيت:
إِن أَمُتْ لا أَمُتْ، و نَفْسِيَ نَفْسانِ             من الشَّكِّ في عَمىً أَو تَعامِ‏عادِلًا غيرَهم من الناسِ طُرّاً             بِهِمُ، لا هَمامِ لي لا هَمامِ‏

أَي لا أَهُمُّ بذلك، و هو مبني على الكسر مثل قَطامِ؛ يقول: لا أَعْدِل بهم أَحداً، قال: و مثلُ قوله لا
__________________________________________________
 (2). قوله [عليه إلخ‏] صدره كما في التكملة:
فجاء عود خندفيّ قشعمه.

 (3). قوله [أرما] كذا في الأَصل و التكملة، و في المحكم و التهذيب ألما. و قوله [بخطبة] كذا في الأَصل، و في التكملة و المحكم: بخطة. و قوله [لها] كذا بالأَصل و المحكم و التهذيب، و في التكملة: له.

619
لسان العرب12

همم ص 619

هَمامِ قراءةُ من قرأَ: لا مَساسِ؛ قال ابن جني: هو الحكاية كأَنه قال مَساسِ فقال لا مَساسِ، و كذلك قال في هَمامِ إِنه على الحكاية لأَنه لا يبنى على الكسر، و هو يريد به الخبر. و أَهَمَّني الأَمرُ إِذا أَقْلَقَك و حَزَنَك. و الاهْتِمَامُ: الاغتمامُ، و اهْتَمَّ له بأَمرِه. قال أَبو عبيد في باب قلّة اهتِمامِ الرجلِ بشأْن صاحِبه: هَمُّك ما هَمَّك، و يقال: هَمُّك ما أَهَمَّك؛ جعلَ ما نَفْياً في قوله ما أَهَمَّك أَي لم يُهِمَّك هَمُّك، و يقال: معنى ما أَهَمَّكَ أَي ما أَحْزَنَك، و قيل: ما أَقْلَقَك، و قيل: ما أَذابَك. و الهِمَّةُ: واحدةُ الهِمَمِ. و المُهِمَّاتُ من الأُمور: الشدائِدُ المُحْرِقةُ. و هَمَّه السُّقْمُ يَهُمُّه هَمّاً أَذابَه و أَذْهَبَ لَحمه. و هَمَّني المرضُ: أَذابَني. و هَمَّ الشحمَ يَهُمُّه هَمّاً: أَذابَه؛ و انْهَمَّ هو. و الهَامُومُ: ما أُذِيبَ من السنام؛ قال العجاج يصف بَعيرَه:
و انْهَمَّ هَامُومُ السَّدِيفِ الهاري             عن جَرَزٍ منه و جَوْزٍ عاري «1».

أَي ذهب سِمَنُه. و الهَامُومُ من الشحمِ: كثيرُ الإِهالةِ. و الهَامُومُ: ما يَسيل من الشَّحْمةِ إِذا شُوِيَت، و كلُّ شي‏ء ذائبٍ يُسمَّى هَامُوماً. ابن الأَعرابي: هُمَّ إِذا أُغْلِيَ، و هَمَّ إِذا غَلى. الليث: الانْهِمامُ في ذَوَبانِ الشي‏ء و اسْتِرْخائه بعد جُمودِه و صَلابتِه مثل الثلج إِذا ذابَ، تقول: انْهَمَّ. و انْهَمَّتِ البقُولُ إِذا طُبِخَتْ في القدر. و هَمَّتِ الشمسُ الثلجَ: أَذابَتْه. و هَمَّ الغُزْرُ الناقةَ يَهُمُّها هَمّاً: جَهَدَها كأَنه أَذابَها. و انْهَمَّ الشحمُ و البَرَدُ: ذابا؛ قال:
يَضْحَكْن عنْ كالبَرَد المُنْهَمِّ،             تحتَ عَرَانِينِ أُنوفٍ شُمِ‏

و الهُمَامُ: ما ذابَ منه، و قيل: كلُّ مُذابٍ مَهْمُومٌ؛ و قوله:
يُهَمُّ فيها القوْمُ هَمَّ الحَمِ‏


معناه يَسيل عرقهم حتى كأَنهم يَذُوبون. و هُمامُ الثلج: ما سالَ منْ مائِه إِذا ذابَ؛ و قال أَبو وجزة:
نواصح بين حَمَّاوَيْنِ أَحْصَنَتا             مُمَنَّعاً، كهُمَامِ الثَّلْج بالضَّرَبِ‏

أَراد بالنواصح الثَّنايا. و يقال: هَمَّ اللبَنَ في الصحْنِ إِذ حَلَبَه، و انْهَمَّ العرَقُ في جَبينِه إِذا سالَ؛ و قال الراعي في الهَمَاهِمِ بمعنى الهُموم:
طَرَقا، فتِلكَ هَماهِمِي أَقْرِيهِما             قُلُصاً لَواقحَ كالقِسيِّ و حُولا

و هَمَّ بالشي‏ءَ يَهمُّ هَمّاً: نواه و أَرادَه و عزَم عليه.
و سئل ثعلب عن قوله عز و جل: وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى‏ بُرْهانَ رَبِّهِ‏
؛ قال: هَمَّتْ زَلِيخا بالمعصية مُصِرّةً على ذلك، و هَمَّ يوسفُ، عليه السلام، بالمعصية و لم يأْتِها و لم يُصِرَّ عليها، فَبَيْن الهَمَّتَيْن فَرْقٌ.
قال أَبو حاتم: و قرأْتُ غريبَ القرآن على أَبي عبيدة فلما أَتيتُ على قولِه: وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها
 «2» قال أَبو عبيدة: هذا على التقديم و التأْخير كأَنه أَراد: و لقد هَمَّت به، و لو لا أَنْ رَأَى بُرْهانَ ربّه لَهَمَّ بها. و قوله عز و جل: وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا
؛
كان طائفةٌ عَزَمُوا على أَن يغْتالُوا سيّدنا رسولَ الله، صلى الله عليه و سلم، في سفَرٍ وقَفُوا له على طريقِه، فلما بَلغهم أَمَرَ بتَنْحيَتِهم عن طريقِه و سَمّاهم رجلًا رجلًا.
؛ و في‏
__________________________________________________
 (1). قوله [الهاري‏] أنشده في مادة جرز: الواري، و كذا المحكم و التهذيب.
 (2). الآية.

620
لسان العرب12

همم ص 619

حديث سَطِيح:
شَمِّرْ فإِنّك ماضي الهَمِّ شِمِّيرُ


أَي إِذَا عَزمت على أَمرٍ أَمْضَيْتَه. و الهَمُّ: ما همّ به في نَفْسِه، تقول: أَهَمَّنِي هذا الأَمرُ. و الهَمَّةُ و الهِمَّةُ: ما هَمَّ به من أَمر ليفعله. و تقول: إِنه لَعظيمُ الهَمّ و إِنه لَصغيرُ الهِمَّة، و إِنه لَبَعيدُ الهِمَّةِ و الهَمَّةِ، بالفتح. و الهُمَامُ: الملكُ العظيم الهِمّة، و
في حديث قُسٍّ: أَيها الملكُ الهُمَامُ.
، أَي العظيمُ الهِمَّة. ابن سيدة: الهُمَام اسمٌ من أَسماء الملك لِعِظمِ هِمّته، و قيل: لأَنه إِذا هَمَّ بأَمر أَمْضاه لا يُرَدُّ عنه بل يَنْفُذ كما أَراد، و قيل: الهُمَامُ السيِّدُ الشجاعُ السَّخيّ و لا يكون ذلك في النساء. و الهُمَامُ: الأَسدُ، على التشبيه، و ما يَكادُ و لا يَهُمُّ كَوْداً و لا مَكادَةً و هَمّاً و لا مَهَمَّةً. و الهَمَّةُ و الهِمَّةُ: الهَوى. و هذا رجلٌ هَمُّك من رجلٍ و هِمَّتُك من رجل أَي حسْبُك. و الهِمُّ، بالكسر: الشيخ الكبيرُ البالي، و جمعه أَهْمامٌ. و حكى كراع: شيخٌ هِمَّةٌ، بالهاء، و الأُنثى هِمَّةٌ بيِّنة الهَمَامَةِ، و الجمع هِمَّات و هَمَائِمُ، على غير قياس، و المصدر الهُمُومَةُ و الهَمَامَةُ، و قد انْهَمَّ، و قد يكون الهِمُّ و الهِمَّةُ من الإِبل؛ قال:
و نابٌ هِمَّةٌ لا خَيْرَ فيها،             مُشرَّمةُ الأَشاعِرِ بالمَدارِي‏

ابن السكيت: الهَمُّ من الحُزْن، و الهَمُّ مَصْدَرُ هَمَّ الشَّحمَ يَهُمُّه إِذا أَذابَه. و الهَمُّ: مصدر هَمَمْت بالشي‏ء هَمّاً. و الهِمُّ: الشيخ البالي؛ قال الشاعر:
و ما أَنا بالهِمِّ الكبيرِ و لا الطِّفْلِ‏


و
في الحديث: أَنه أُتِيَ برجل هِمٍّ.
؛ الهِمُّ، بالكسر: الكبيرُ الفاني. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: كان يأْمرُ جُيُوشه أَن لا يَقْتُلوا هِمّاً و لا امرأَةً.
؛ و في شعر حُميد:
فحَمَّلَ الهِمَّ كِنازاً جَلْعَدا «1»


و الهَامَّةُ: الدابّةُ. و نِعْمَ الهامَّةُ هذا: يعني الفرسَ؛ و قال ابن الأَعرابي: ما رأَيتُ هامَّةً أَحسنَ منه، يقال ذلك للفرس و البعير و لا يقال لغيرهما. و يقال للدابّة: نِعْمَ الهَامَّةُ هذا، و ما رأَيت هامَّةً أَكْرمَ من هذه الدابّة، يعني الفرس، الميمُ مشدَّدة. و الهَمِيمُ: الدَّبِيبُ. و قد هَمَمْتُ أَهِمُّ، بالكسر، هَمِيماً. و الهَمِيمُ: دوابُّ هوامِّ الأَرض. و الهوامُّ: ما كان من خَشاش الأَرض نحو العقارب و ما أَشبهها، الواحدة هَامَّة، لأَنها تَهِمُّ أَي تَدِبّ، و هَمِيمُها دبِيبُها؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّة الهذليّ يصف سيفاً:
تَرى أَثْرَهُ في صَفْحَتَيْه، كأَنه             مَدارِجُ شِبْثانٍ لَهُنَّ هَمِيمُ‏

و قد هَمَّتْ تَهِمُّ، و لا يقع هذا الاسم إِلَّا على المَخُوف من الأَحْناش. و
روى ابن عباس عن النبي، صلى الله عليه و سلم: أَنه كان يُعَوِّذ الحسنَ و الحسَينَ فيقول: أُعيذُكُما بكلمات الله التامَّة، من شرّ كل شيطانٍ و هَامَّة، و من شرِّ كل عين لامّة، و يقول: هكذا كان إِبراهيمُ يعوّذ إِسمعيل و إِسحق، عليهم السلام.
؛ قال شمر: هامَّة واحدة الهَوَامِّ، و الهَوَامُّ: الحيَّاتُ و كلُّ ذي سَمٍّ يَقْتُلُ سَمُّه، و أَما ما لا يَقْتُلُ و يَسُمُّ فهو السَّوامُّ، مشدَّدة الميم، لأَنها تَسُمُّ و لا تبلُغ أَن تَقتل مثل الزُّنْبورِ و العقرب و أَشباهِها، قال: و منها القَوامُّ، و هي أَمثال القَنافِذ و الفأْرِ و اليَرابيع و الخَنافِس، فهذه ليست بهَوامَّ و لا
__________________________________________________
 (1). قوله [كنازاً إلخ‏] تقدم هذا البيت في مادة جلعد بلفظ كباراً و الصواب ما هنا.

621
لسان العرب12

همم ص 619

سَوامَّ، و الواحدة من هذه كلها هامَّة و سامّة و قامّة. و قال ابن بُزُرْج: الهامَّة الحيّةُ و السامّة العقربُ. يقال للحية: قد هَمَّتِ الرجلَ، و للعقرب: قد سمَّتْه، و تقع الهَامَّة على غير ذواتِ السّمّ القاتِل، أَ لا ترى‏
أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، قال لكعب بن عُجْرة: أَ يُؤْذِيكَ هَوامُّ رأْسِك؟.
أَراد بها القَمْل، سمّاها هَوامَّ لأَنها تَدِبُّ في الرأْس و تَهِمُّ فيه. و في التهذيب: و تقع الهوامُّ على غير ما يَدِبُّ من الحيوان، و إِن لم يَقْتُلْ كالحَشَرات. ابن الأَعرابي: هُمَّ لنَفْسِك و لا تَهُمَّ لهؤلاء أَي اطْلُبْ لها و احْتَل. الفراء: ذهبْتُ أَتَهَمَّمُه أَنْظر أَينَ هو، و روي عنه أَيضاً: ذهبتُ أَتَهَمَّمُه أَي أَطلُبه. و تَهَمَّمَ الشي‏ءَ: طلَبه. و الهَمِيمَةُ: المطرُ الضعيف، و قيل: الهَمِيمَةُ من المطر الشي‏ءُ الهيِّنُ، و التَّهْمِيمُ نحوُه؛ قال ذو الرمة:
مَهْطولة من رياض الخُرْج هيَّجها،             مِن لَفِّ سارِيَةٍ لَوْثاءَ، تَهْمِيمُ «1»

و الهَمِيمَةُ: مطرٌ ليّنٌ دُقاقُ القَطْر. و الهَمُومُ: البئر الكثيرة الماء؛ و قال:
إِنَّ لنا قَلَيْذَماً هَمُوما،             يَزيدُه مَخْجُ الدِّلا جُموما

و سحابة هَمُومٌ: صَبوبٌ للمطر. و الهَمِيمَةُ من اللبَن: ما حُقِن في السِّقاء الجديد ثم شُرب و لم يُمْخَض. و تَهَمَّمَ رأْسَه: فَلاه. و هَمَّمَت المرأَةُ في رأْس الصبي: و ذلك إِذا نوَّمَتْه بصوت تُرَقِّقُه له. و يقال: هو يَتَهَمَّمُ رأْسَه أَي يَفْلِيه. و هَمَّمَت المرأَةُ في رأْس الرجل: فلَّتْه. و هو من هُمَّانِهِم أَي خُشارَتهم كقولك من خُمَّانِهم. و هَمَّام: اسم رجل. و الهَمْهَمَة: الكلام الخفيّ، و قيل: الهَمْهَمَة تَرَدُّد الزَّئير في الصَّدْر من الهمّ و الحَزَن، و قيل: الهَمْهَمَة تَرْديد الصوت في الصدر؛ أَنشد ابن بري لرجل قاله يوم الفتح يخاطب امرأَته:
إِنَّكِ لو شَهِدْتِنا بالحَنْدَمهْ،             إِذْ فَرَّ صَفْوان و فَرَّ عِكْرِمَهْ،
و أَبو يَزيدَ قائمٌ كالمُؤْتِمَهْ،             و اسْتَقْبَلَتْهُم بالسيوف المُسْلِمَهْ،
يَقْطَعْنَ كلَّ ساعِدٍ و جُمْجُمَهْ             ضَرْباً، فما تَسْمع إِلا غَمْغَمهْ،
لهُمْ نَهيتٌ خَلْفَنا و هَمْهَمَهْ،             لَمْ تَنْطِقي باللَّوْم أَدنى كلِمَهْ
«2»

و أَنشد هذا الرجز هنا الحَنْدَمة، بالحاء المهملة، و أَنشده في ترجمة خندم بالخاء المعجمة. و الهَمْهَمَة: نحوُ أَصوات البقر و الفِيَلَة و أَشباه ذلك. و الهَمَاهِم: من أَصوات الرعد نحو الزَّمازِم. و هَمْهَمَ الرَّعْدُ إِذا سمعتَ له دَوِيّاً. و هَمْهَمَ الأَسدُ، و هَمْهَمَ الرجلُ إِذا لم يُبَيِّن كلامه. و الهَمْهَمَة: الصوت الخفيّ، و قيل: هو صوت معه بحَحٌ. و يقال للقصَب إِذا هزَّته الريح: إِنه لَهُمْهوم. قال ابن بري: الهُمْهُوم المُصَوِّت؛ قال رؤبة:
هزّ الرياحِ القَصَبَ الهُمْهُوما


و قيل: الهَمْهَمَةُ ترديد الصوت في الصدر. و
في حديث ظبْيان: خرج في الظُّلمة فسَمِع هَمْهَمَةً.
أَي كلاماً خفيّاً لا يُفْهَم، قال: و أَصل الهَمْهَمَة صوت البقرة. و قَصَبٌ هُمْهُوم: مُصوِّت عند تَهْزيز الريح. و عَكَرٌ هُمْهُوم: كثير الأَصوات: قال الحَكَم‏
__________________________________________________
 (1). قوله [من لف‏] كذا في الأَصل و المحكم، و في التهذيب: من لفح، و في التكملة: من صوب.
 (2). رواية هذه الأَبيات في مادة خندم تختلف عما هي عليه هنا.

622
لسان العرب12

همم ص 619

الخُضْريّ و أَنشده ابن بري مستشهداً به على الهُمْهوم الكثير:
جاءَ يَسوقُ العَكَرَ الهُمْهوما             السَّجْوَرِيُّ لا رَعى مُسِيما

و الهُمْهومة و الهَمْهامة: العَكَرة العظيمة. و حِمار هِمْهيم: يُهَمْهِم في صوته يُردِّد النهيق في صدره؛ قال ذو الرمة يصف الحمار و الأُتُن:
خَلَّى لها سَرْبَ أُولاها و هَيَّجها،             مِن خَلْفِها، لاحِقُ الصُّقْلَينِ هِمْهيمُ‏

و الهِمْهِيم: الأَسد، و قد هَمْهَمَ. قال اللحياني: و سمع الكسائي رجلًا من بني عامر يقول إِذا قيل لنا أَ بَقِيَ عندكم شي‏ء؟ قلنا: هَمْهامْ و هَمْهامِ يا هذا، أَي لم يَبْقَ شي‏ء؛ قال:
أَوْلَمْتَ، يا خِنَّوْتُ، شَرَّ إِيلامْ،             في يومِ نَحْسٍ ذي عجاجٍ مِظْلامْ‏
ما كان إِلّا كاصْطِفاقِ الأَقْدامْ،             حتى أَتيناهم فقالوا: هَمْهَامْ‏

أَي لم يبق شي‏ء. قال ابن بري: رواه ابن خالويه خِنَّوْت على مثال سِنَّوْرٍ، قال: و سأَلت عنه أَبا عُمر الزاهد فقال: هو الخَسيس. و قال ابن جني: هَمْهَامِ و حَمْحامِ و مَحْماحِ اسم لفتىً مثل سَرْعانِ [سِرْعانِ‏] و وَشْكان و غيرهما من أَسماء الأَفعال التي استُعْمِلت في الخبر. و جاء
في الحديث: أَحبُّ الأَسماء إِلى الله عبدُ الله و هَمَّامٌ.
و
في رواية: أَصدقُ الأَسماء حارثة و هَمَّام.
، و هو فَعَّال من هَمَّ بالأَمر يَهُمُّ إِذا عزَم عليه، و إِنما كان أَصدَقها لأَنه ما من أَحد إِلا و هو يَهُمّ بأَمرٍ، رَشِدَ أَم غَوِيَ. أَبو عمرو: الهَموم الناقة الحسَنة المِشْية، و القِرْواحُ التي تَعافُ الشُّربَ مع الكِبار، فإِذا جاءت الدَّهْداهُ شرِبت معهنّ، و هي الصغار. و الهَمُوم: الناقة تُهَمِّم الأَرضَ بفيها و ترتَع أَدنى شي‏ء تجده، قال: و منه قول ابنة الخسّ: خيرُ النوق الهَموم الرَّموم التي كأَنَّ عَينَيْها عَيْنا محموم. و قوله‏
في الحديث في أَولاد المشركين: هُمْ من آبائهم، و في رواية: هم منهم.
، أَي حكمُهم حكم آبائهم و أَهلِهم.
هنم:
الهَنَمُ: ضربٌ من التمر، و قيل: التمر كله؛ و أَنشد أَبو حاتم عن أَبي زيد:
 ما لَكَ لا تُطْعِمُنا من الهَنَمْ،             و قد أَتاكَ التَّمْرُ في الشهر الأَصَمّ؟

و يروى:
         و قد أَتَتْك العِيرُ.


و الهِنَّمَة مثال الهِلَّعة: الخَرَز الذي تؤَخِّذ به النساءُ أَزواجَهنّ. حكى اللحياني عن العامرية أَنهنَّ يقلن: أَخَّذْتُه بالهِنَّمَه، بالليل زَوج و بالنهار أَمَه؛ و من أَسماء خَرَز الأَعراب العَطْفة و الفَطْسة و الكَحْلة و الصَّرْفة و السَّلْوانة و الهَبْرة و القَبَل و القَبْلة؛ قال ابن بري: و يقال هَيْنُوم أَيضاً؛ قال ذو الرمة:
ذاتَ الشَّمائلِ و الأَيْمانِ هَيْنوم «1»


و هَانَمَه بحَديثٍ: ناجاه. الأَزهري: الهَيْنَمَة الصوت، و هو شِبْه قراءة غير بيِّنة؛ و أَنشد لرؤبة:
لم يَسْمَعِ الرَّكْبُ بها رَجْعَ الكِلَمْ،             إِلَّا وَساوِيسَ هَيانِيمِ الهَنَم‏

و
في حديث إِسلام عمر، رضي الله عنه: قال ما هذه الهَيْنَمَةُ؟.
قال أَبو عبيدة: الهَيْنَمَة الكلام الخفي لا يُفْهَم، و الياء زائدة؛ و أَنشد قول الكميت:
و لا أَشهَدُ الهُجْرَ و القائِليهِ،             إِذا هُمْ بِهَيْنَمةٍ هَتْمَلُوا

و
في حديث الطفَيل بن عَمرو: هَيْنَمَ في المَقام.
أَي‏
__________________________________________________
 (1). صدره كما في التكملة: هنا و هنا و من هنا لهن بها.

623
لسان العرب12

هوم ص 624

قرأَ فيه قراءة خفيّة؛ و قال الليث في قوله:
ألا يا قَيْلُ، وَيحَكَ قُمْ فهَيْنِمْ‏


أي فادعُ الله. و الهِنَّمة: الدَّندَنة. و يقال للرجل الضعيف: هِنَّمة. و الهَيْنَم و الهَيْنَمَة و الهَيْنَام و الهَيْنُوم و الهَيْنَمَان، كله: الكلام الخفي، و قيل: الصوت الخفي، و قد هَيْنَمَ. و المُهَيْنِمُ: النَّمَّام. و بنو هِنَّامٍ: حيٌّ من الجن، و قد جاء في الشعر الفصيح.
هندم:
الأَزهري: الهِندامُ الحسَن القَدِّ، معرَّب.
هوم:
الهَوْم و التَّهَوُّم و التَّهْوِيم: النوم الخفيف؛ قال الفرزدق يصف صائداً:
عاري الأَشاجِع مَشْفوهٌ أَخو قَنَصٍ،             ما تَطْعَمُ العَينُ نَوْماً غير تَهْوِيم‏

و هَوَّم الرجلُ إذا هَزَّ رأْسَه من النُّعاس، و هَوَّمَ القومُ و تَهوَّمُوا كذلك، و قد هَوَّمْنا. أَبو عبيد: إذا كان النوم قليلًا فهو التَّهْوِيم. و
في حديث رُقَيقة: فبَينا أَنا نائمة أَو مُهَوِّمةٌ.
؛ التَّهْوِيم: أَولُ النوم و هو دون النوم الشديد. و الهَامَةُ: رأْس كل شي‏ء من الرُّوحانيين؛ عن الليث؛ قال الأَزهري: أراد الليث بالرُّوحانيين ذوي الأَجسام القائمة بما جعَل اللهُ فيها من الأَرْواح؛ و قال ابن شميل: الرُّوحانيون هم الملائكة و الجنّ التي ليس لها أَجسام تُرى، قال: و هذا القول هو الصحيح عندنا. الجوهري: الهَامَة الرأْس، و الجمع هَامٌ، و قيل: الهَامَة ما بين حَرْفَي الرأْس، و قيل: هي وسَطُ الرأْس و مُعظمه من كل شي‏ء، و قيل: من ذوات الأَرواح خاصة. أَبو زيد: الهَامَة أَعلى الرأْس و فيه الناصية و القُصَّة، و هما ما أقَبَل على الجبهة من شعر الرأْس، و فيه المَفْرَق، و هو فَرْق الرأْسِ بين الجَبينين إلى الدائرة، و كانت العرب تزعُم أن رُوح القتيل الذي لم يُدْرَك بثأْره تصيرُ هامَة فتَزْقو عند قبره، تقول: اسقُوني اسقُوني فإذا أُدْرِك بثأْره طارت؛ و هذا المعنى أَراد جرير بقوله:
و مِنَّا الذي أَبكى صُدَيَّ بن مالكٍ،             و نَفَّرَ طَيراً عن جُعادةَ وُقَّعا

يقول: قُتِلَ قاتِلُه فنَفَرَت الطيرُ عن قبره. و أَزْقَيْت هامَة فلان إذا قتلته؛ قال:
فإنْ تَكُ هَامَة بِهَراةَ تَزْقُو،             فقد أَزْقَيْتُ بالمَرْوَيْنِ هاما

و كانوا يقولون: إن القتيل تخرُج هامةٌ من هامَته فلا تزالُ تقول اسْقوني اسقُوني حتى يُقتل قاتِلُه؛ و منه قول ذي الإِصبع:
يا عَمْرُو، إنْ لا تَدَعْ شَتْمِي و مَنْقَصَتي،             أَضْرِبْك حتى تقولَ الهامةُ: اسقوني‏

يريد أَقْتُلْك. و يقال: هذا هامةُ اليومِ أو غدٍ، أي يموت اليومَ أو غدٍ؛ قال كُثَيِّر:
و كلُّ خليلٍ راني‏ءٍ فهو قائلٌ             مِنَ اجْلِكَ: هذا هامَةُ اليومِ أو غد

و
في الحديث: و تَرَكَت المَطِيَّ هاماً.
؛ قيل: هو جمع هَامَة من عظام الميت التي تصيرُ هامةً، أَو هو جمع هَائِمٍ و هو الذاهب على وجهه؛ يريد أَن الإِبل من قلة المَرْعَى ماتت من الجَدْبِ أَو ذهَبَتْ على وجهها. و
في الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم قال: لا عَدْوَ و لا هَامَةَ و لا صَفَرَ.
؛ الهامَة: الرأْس و اسمُ طائر، و هو المراد في الحديث، و قيل: هي البومة. أَبو عبيدة: أما الهَامَةُ فإن العرب كانت تقول إن عظام الموتَى، و قيل أَرواحهم، تصير هَامَةً فتطير، و قيل: كانوا يسمون ذلك الطائرَ الذي يخرج من هامَة الميت الصَّدَى، فنَفاه الإِسلامُ و نهاهم عنه؛

624
لسان العرب12

هوم ص 624

ذكره الهرويّ و غيره في الهاء و الواو، و ذكره الجوهري في الهاء و الياء؛ و أَنشد أَبو عبيدة:
سُلِّطَ الموتُ و المَنونُ عليهمْ،             فَلَهُمْ في صَدَى المقابِرِ هامُ‏

و قال لبيد:
فليس الناسُ بَعْدَكَ في نَقيرٍ،             و لا هُمْ غيرُ أَصْداءٍ و هامِ‏

ابن الأَعرابي: معنى‏
قوله لا هامَةَ و لا صفَر.
؛ كانوا يتشاءمون بهما، معناه لا تتشاءموا. و يقال: أصبَحَ فلانٌ هَامَةً إذا مات. و بناتُ الهَامِ: مُخُّ الدِّماغ؛ قال الراعي:
يُزِيلُ بَناتِ الهَام عن سَكِناتِها،             و ما يَلْقَهُ منْ ساعدٍ فهو طائحُ‏

و الهامَةُ: تميمٌ، تشبيهاً بذلك؛ عن ابن الأَعرابي. و هَامَةُ القومِ: سيِّدُهم و رئيسُهم؛ و أَنشد ابن بري للطرماح:
و نحن أَجازَت بالأُقَيْصِر هامُنا             طُهَيَّةَ، يومَ الفارِعَيْنِ، بلا عَقْدِ

و قال ذو الرمة:
لنا الهَامَةُ الكُبْرى التي كلُّ هَامةٍ،             و إن عُظِمت، منها أَذَلُّ و أَصْغَرُ

و
في حديث أبي بكر و النسَّابةِ: أَ مِنْ هامِها أمْ مِن لَهازِمِها؟.
أي مِنْ أَشْرافِها أَنت أو من أَوْساطِها، فشبّه الأَشْرافَ بالهامِ، و هو جمع هامةِ الرأْس. و الهامةُ: جماعةُ الناس، و الجمع من كل ذلك هامٌ؛ قال جُرَيْبة بن أَشْيم:
و لَقَلَّ لي، مما جَعَلْتُ، مَطِيَّةٌ             في الهامِ أَرْكَبُها، إذا ما رُكِّبُوا

يعني بذلك البَلِيَّةَ، و هي الناقةُ تُعْقَل عند قبر صاحِبها تَبْلى، و كان أهلُ الجاهلية يزعمون أَن صاحَبها يركبُها يوم القيامة و لا يمشي إلى المحشر. و الهَامَة مِن طيرِ الليلِ: طائرٌ صغير يأْلَفُ المَقابِرَ، و قيل: هو الصَّدى، و الجمع هامٌ؛ قال ذو الرمة:
قد أَعْسِفُ النازحَ المجهول مَعْسِفُه             في ظِلِّ أَخْضَرَ يَدْعُو هامَه البُومُ‏

ابن سيدة: و الهَامَةُ طائرٌ يخرج من رأْس الميّت إذا بَلِيَ، و الجمع أَيضاً هَامٌ. و يقال: إنما أَنتَ مِن الهَامِ. و يقال للفرس هَامَةٌ، بتخفيف الميم، و أَنكرها ابن السكيت و قال: إنما هي الهَامَّة، بالتشديد. ابن الأَثير
في الحديث: اجْتَنِبوا هَوْمَ الأَرض فإنها مأْوَى الهَوامِّ.
؛ قال: هكذا جاء في رواية و المشهور هَزْم الأَرض، بالزاي، و قد تقدم؛ و قال الخطابي: لسْتُ أَدْري ما هَوْمُ الأَرض، و قال غيره: هَوْمُ الأَرض بطنٌ منها في بعض اللغات. و الهامةُ: موضعٌ مِن دُونِ مِصر، حماها الله تعالى: قال:
مارَسْنَ رَمْلَ الهامةِ الدَّهاسا


و هامَةُ: اسمُ حائطٍ بالمدينة؛ أَنشد أَبو حنيفة:
من الغُلْبِ من عِضْدان هامَةَ شرِّبت             لِسَقْيٍ، و جُمَّتْ للنَّواضِح بئْرُها

الهَوْمَاةُ: الفَلاة، و بعضهم يقول الهَوْمَة و الهَوْمَاةُ، و ذكر ابن الأَثير في هذه الترجمة قال: و
في حديث صفوانَ: كنا مع رسول الله، صلى الله عليه و سلم، في سفر إذ ناداه أَعرابيّ بصوتٍ جَهْوَريّ يا محمد، فأَجابه رسول الله، صلى الله عليه و سلم، بنَحْوٍ من صوتِه: هاؤُمْ.
، بمعنى تعالَ و بمعنى خُذْ، و يقال للجماعة كقوله عز و جل: هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ، و إنما رفَع صوتَه، صلى الله عليه و سلم، من طريق الشَّفقة عليه لئلا يَحْبَطَ عملُه، من قوله عز و جل:

625
لسان العرب12

هوم ص 624

لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ؛ فعَذَره بجَهْلِه و رَفع النبيُّ، صلى الله عليه و سلم، صوتَه حتى كانَ مثلَ صوتِه أو فوقَه لفَرْطِ رأْفتِه به، صلى الله عليه و سلم، و لا أَعْدَمَنا رأْفَتَه و رحمتَه يومَ ضَرورتِنا إلى شفاعتِه و فاقَتنا إلى رحمته، إنه رؤوف رحيم.
هيم:
هامَتِ الناقةُ تَهِيمُ: ذهَبَت على وجهِها لرَعْيٍ كهَمَتْ، و قيل: هو مقلوب عنه. و الهُيامُ: كالجنون، و في التهذيب: كالجنون من العشق. ابن شميل: الهُيامُ نحو الدُّوارِ جنونٌ يأْخذ البعيرَ حتى يَهْلِك، يقال: بعيرٌ مَهْيُومٌ. و الهَيمُ: داءٌ يأْخذ الإِبلَ في رؤوسها. و الهَائِمُ: المتحيِّرُ. و
في حديث عكرمة: كان عليٌّ أَعْلَمَ بالمُهَيِّماتِ.
؛ يقال: هَامَ في الأَمر يَهِيمُ إذا تحيّر فيه، و
يروى المُهَيْمِنات.
، و هو أَيضاً الذاهبُ على وجهه عِشْقاً، هَامَ بها هَيْماً و هُيُوماً و هِياماً و هَيَماناً و تَهْيَاماً، و هو بناءٌ موضوعٌ للتكثير؛ قال أَبو الأَخْزر الحُمّاني:
فقد تَناهَيْتُ عن التَّهْيام‏


قال سيبويه: هذا بابُ ما تُكَثِّرُ فيه المصدرَ من فَعَلْت فتُلْحِق الزوائدَ و تبنيه بناءً آخر، كما أَنك قلت في فَعَلت فَعَّلْت حين كَثَّرت الفعل، ثم ذكرَ المصادرَ التي جاءت على التَّفْعال كالتَّهْذار و نحوها، و ليس شي‏ءٌ من هذا مصدرَ فَعَلْت، و لكن لما أردت التكثير بنيت المصدرَ على هذا كما بنيت فَعَلْت على فَعَّلْت؛ و قول كُثَير:
و إنِّي، و تَهْيامِي بعَزَّةَ، بَعْدَ ما             تَخَلَّيْتُ مِمَّا بَيْنَنا و تَخَلَّتِ‏

قال ابن جني: سأَلت أَبا عليّ فقلت له: ما موضعُ تَهْيامي من الإِعراب؟ فأَفْتَى بأَنه مرفوع بالابتداء، و خبرُه قولُه بِعَزّة، و جعل الجملة التي هي تَهْيامِي بعزّة اعتراضاً بين إنّ و خبرِها لأَن في هذا أَضْرُباً من التشديد للكلام، كما تقول: إنّك، فاعْلَم، رجلُ سَوْءٍ و إنه، و الحقَّ أَقولُ، جَمِيلُ المَذْهَب، و هذا الفصلُ و الاعتراض الجاري مَجْرى التوكيد كثيرٌ في كلامهم، قال: و إذا جازَ الاعتراض بين الفعل و الفاعل في نحو قوله:
و قد أَدْرَكَتْني، و الحَوادِثُ جَمّةٌ،             أَسِنّةُ قَوْمٍ لا ضِعافٍ، و لا عُزْلِ‏

كانَ الاعتراضُ بين اسم إنّ و خبرها أَسْوَغَ، و قد يحتمل بيتُ كُثَيّر أَيضاً تأْويلًا آخرَ غير ما ذهب إليه أَبو عليّ، و هو أَن يكون تَهْيامِي في موضع جرّ على أَنه أَقْسَم به كقولك: إنّي، و حُبِّك، لَضنِينٌ بك، قال ابن جني: و عَرَضْتُ هذا الجوابَ على أَبي عليّ فتقبَّله، و يجوز أن يكون تَهْيامي أَيضاً مُرْتَفِعاً بالابتداء، و الباء متعلقة فيه بنفس المصدر الذي هو التَّهْيامُ، و الخبر محذوف كأَنّه قال و تَهْيامِي بعزّة كائنٌ أو واقعٌ على ما يُقَدَّر في هذا و نحوه، و قد هَيَّمَه الحُبُّ؛ قال أَبو صخر:
فهل لَكَ طَبٌّ نافعٌ من عَلاقةٍ             تُهَيِّمُني بين الحَشا و التَّرائِب؟

و الاسم الهُيامُ. و رجل هَيْمانُ: مُحِبٌّ شديدُ الوَجْدِ. ابن السكيت: الهَيْمُ مصدرُ هَامَ يَهِيمُ هَيْماً و هَيَماناً إذا أَحَبَّ المرأَةَ. و الهُيَّامُ: العُشّاقُ. و الهُيَّامُ: المُوَسْوِسُون، و رجل هَائِمٌ و هَيُومٌ. و الهُيُومُ: أَن يذهبَ على وَجْهِه، و قد هَامَ يَهِيمُ هُياماً. و اسْتُهِيمَ فُؤادُه، فهو مُسْتَهامُ الفُؤاد أي مُذْهَبُه. و الهَيْمُ: هَيَمانُ العاشق و الشاعرِ إذا خلا في الصحراء. و قوله عزّ و جلّ: فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ‏
؛ قال بعضهم: هو وادِي الصَّحراء

626
لسان العرب12

هيم ص 626

يَخْلو فيه العاشقُ و الشاعرُ؛ و يقال: هو وادي الكلام، و الله أَعلم. الجوهري: هَامَ على وَجْهِه يَهِيمُ هَيْماً و هَيَماناً ذهبَ من العِشْقِ و غيره. و قلبٌ مُسْتَهَامٌ أَي هائمٌ. و الهُيامُ: داء يأْخذ الإِبلَ فتَهِيم في الأَرضِ لا ترعى، يقال: ناقة هَيْمَاء؛ قال كُثَيّر:
فلا يَحْسَب الواشون أَنّ صَبابَتي،             بِعَزَّةَ، كانت غَمْرَةً فتَجَلَّتِ‏
و إِنِّيَ قد أَبْلَلْتُ من دَنَفٍ بها             كما أَدْنَفَتْ هَيْمَاءُ، ثم اسْتَبَلَّتِ‏

و قالوا: هِمْ لنَفْسِك و لا تَهِمْ لهؤلاء أَي اطْلُبْ لها و اهْتَمَّ و احْتَلْ. و فلان لا يَهْتامُ لنفسِه أَي لا يَحْتالُ؛ قال الأَخطل:
فاهْتَمْ لنَفْسِك، يا جُمَيعُ، و لا تكنْ             لَبني قُرَيْبَةَ و البطونِ تَهِيمُ «2».

و الهُيامُ، بالضم: أَشدُّ العطش؛ أَنشد ابن بري:
يَهِيمُ، و ليس اللهُ شافٍ هُيامَه،             بِغَرّاءَ، ما غَنَّى الحَمامُ و أَنْجَدا

و شافٍ: في موضع نصب خبر ليس، و إِن شئت جعلتَه خبرَ اللهِ و في ليس ضميرُ الشأْن. و قد هَامَ الرجلُ هُيَاماً، فهو هَائِمٌ و أَهْيَمُ، و الأُنثى هَائِمَةٌ و هَيْمَاءُ، و هَيْمَانُ، عن سيبويه، و الأَنثى هَيْمَى، و الجمع هِيَامٌ. و رجل مَهْيُومٌ و أَهْيَمُ: شديدُ العَطشِ، و الأُنثى هَيْماءُ. الجوهري و غيره: و الهِيامُ، بالكسر، الإِبلُ العِطاشُ، الواحد هَيْمَان. الأَزهري: الهَيْمَانُ العَطْشانُ، قال: و هو من الداء مَهْيُومٌ. و
في حديث الاستسقاء: إِذا اغْبَرَّت أَرضُنا و هَامَت دوابُّنا.
أَي عَطِشت، و قد هَامَت تَهِيمُ هَيَماً، بالتحريك. و ناقةً هَيْمَى: مثل عَطْشان و عَطْشَى. و قومٌ هِيمٌ أَيِ عِطاشٌ، و قد هَامُوا هُياماً. و قوله عز و جل: فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ‏
، هي الإِبلُ العِطاش، و يقال: الرَّمْلُ؛
قال ابن عباس: هَيَامُ الأَرض.
و قيل: هَيَامُ الرَّمْل، و قال الفراء: شُرْبَ الْهِيمِ‏
، قال: الهِيمُ الإِبلُ التي يُصيبها داءٌ فلا تَرْوَى من الماء، واحدُها أَهْيَمُ، و الأُنثى هَيْمَاء، قال: و من العرب من يقول هَائِمٌ، و الأُنثى هَيْمَاء، قال: و من العرب من يقول هَائِمٌ، و الأُنثى هَائِمَة، ثم يجمعونه على هِيمٍ، كما قالوا عائطٌ و عِيطٌ و حائل و حُول، و هي في معنى حائلٍ إِلا أَن الضمة تُرِكت في الهِيم لئلا تصيرَ الياءُ واواً، و يقال: إِن الهِيم الرَّمْلُ. يقول عز و جل: يَشْرَبُ أَهلُ النار كما تشربُ السِّهْلةُ؛ و
قال ابن عباس: شُرْبَ الْهِيمِ‏
، قال: هَيامُ الأَرض.
؛ الهَيامُ: بالفتح: ترابٌ يخالِطُه رَمْلٌ يَنْشَفُ الماءَ نَشْفاً، و في تقديره وجهان: أَحدهما أَن الهِيم جَمعُ هَيَامٍ، جُمِعَ على فُعُلٍ ثم خفِّف و كُسرت الهاءُ لأَجل الياء، و الثاني أَن تذهب إِلى المعنى و أَن المراد الرِّمال الهِيم، و هي التي لا تَرْوَى. يقال: رَمْلٌ أَهْيَمُ؛ و منه‏
حديث الخندق: فعادتْ كَثِيباً أَهْيَمَ.
؛ قال: هكذا جاء في رواية، و
المعروف أَهْيَل.
، و قد تقدم. أَبو الجراح: الهُيَامُ داءٌ يُصِيبُ الإِبل من ماءٍ تشرَبُه. يقال: بعيرٌ هَيْمانُ و ناقةٌ هَيْمَى، و جمعُه هِيامٌ. و الهُيَامُ و الهِيامُ: داءٌ يصيب الإِبل عن بعضِ المِياه بتهامةَ يُصيبها منه مثلُ الحُمَّى؛ و قال الهَجَريّ: هو داءٌ يصيبُها عن شرب النَّجْلِ إِذا كثر طُحْلُبُه و اكْتَنَفت الذِّيَّانُ به، بعيرٌ مَهْيُومٌ و هَيْمَانُ. و
في حديث ابن عمر: أَن رجلًا باعَ منه إِبلًا هِيماً.
أَي مراضاً، جمع أَهْيَم، و هو الذي أَصابه الهُيَامُ، و هو داء يُكْسِبُها العطشَ؛ و قال بعضهم: الهِيمُ الإِبلُ الظِّماءُ، و قيل: هي المراضُ‏
__________________________________________________
 (2). قوله [لبني قريبة] ضبط في الأصل بضم القاف و فتح الراء، و ضبط في التكملة بفتح القاف و كسر الراء.

627
لسان العرب12

هيم ص 626

التي تَمَصُّ الماء مَصّاً و لا تَرْوى. الأَصمعي: الهُيَامُ للإِبل داءٌ شَبيهٌ بالحُمَّى تَسْخُن عليه جُلودُها، و قيل: إِنها لا تَرْوَى إِذا كانت كذلك. و مفازةٌ هَيْمَاءُ: لا ماءَ بها، و في الصحاح: الهَيْمَاءُ المفازة لا ماءَ بها. و الهَيَام، بالفتح، من الرمل: ما كان تُراباً دُقاقاً يابِساً، و قيل: هو التراب أَو الرملُ الذي لا يَتمالك أَن يسيل من اليَدِ لِلِينِه، و الجمع هِيمٌ مثل قَذالٍ و قُذُل؛ و منه قول لبيد:
يَجتابُ أَصْلًا قالِصاً مُتَنبِّذاً،             بِعُجوب أَنْقاءٍ يَميلُ هَيامُها

الهَيامُ: الرمل الذي يَنْهارُ. و التَّهَيُّمُ: مِشْيةٌ حسنةٌ؛ قال أَبو عمرو: التَّهيمُ أَحسَنُ المشيِ؛ و أَنشد لِخُلَيد اليَشْكُرِيّ:
أَحسَن مَن يَمْشِي كذا تَهَيُّما


و الهُيَيْمَاء: موضع، و هو ماءٌ لبني مُجاشِع، يُمَدّ و يُقْصر؛ قال الشاعر مُجَمِّع بن هلال:
و عاثِرة، يومَ الهُيَيْمَا، رأَيتُها             و قد ضمَّها مِن داخلِ الحبّ مَجْزَع‏

قال ابن بري: هُيَيْمَا قومٌ من بني مجاشع، قال: و السماع عند ابن القطاع. و هُيَيْما: ماء لبني مُجاشع، يمدّ و يقصر. الأَزهري قال: قال عمارةُ: اليَهْماءُ الفلاةُ التي لا ماءَ فيها، و يقال لها هَيْمَاءُ. و
في الحديث: فدُفِنَ في هَيامٍ من الأَرض.
و لَيْلٌ أَهْيَمُ: لا نُجوم فيه.
فصل الواو
وأم:
ابن الأَعرابي: المُوَاءَمَةُ المُوافقةُ. وَاءَمَه وِئَاماً و مُوَاءَمةً: وافقَه. و وَاءَمْتُه مُوَاءَمَةً و وِئَاماً: و هي المُوافَقة أَن تفعل كما يفعل. و
في حديث الغِيبَةِ: إِنه لَيُوَائِمُ.
أَي يُوافِق؛ و قال أَبو زيد: هو إِذا اتَّبَع أَثَره و فعَل فِعْلَه، قال: و من أَمثالهم في المُياسَرة: لو لا الوِئامُ لهلَك الإِنسانُ؛ قال السيرافي: المعنى أَن الإِنسانَ لو لا نظرُه إِلى غيره ممن يفعلُ الخيرَ و اقتداؤه به لهَلَك، و إِنما يعيشُ الناسُ بعضُهم مع بعض لأَن الصغيرَ يقتدي بالكبير و الجاهلِ بالعالِم، و يروى: لهلَك اللِّئامُ أَي لو لا أَنه يَجِد شَكْلًا يَتَأَسَّى به و يفعل فِعْلَه لهلَك. و قال أَبو عبيد: الوِئامُ المُباهاةُ، يقول: إِن اللِّئامَ ليسوا يأْتون الجَمِيلَ من الأُمور على أَنها أَخلاقُهم، و إنما يفعلونها مُباهاةً و تشبيهاً بأهل الكَرَم، فلو لا ذلك لهَلكوا، و أَما غير أَبي عبيد من علمائنا فيُفَسِّرون الوِئام المُوافَقةَ، و قال: لو لا الوِئَام، هلَك الأَنام؛ يقولون: لو لا مُوافقةُ الناس بعضِهم بعضاً في الصُّحْبةِ و العِشْرة لكانت الهَلَكةُ، قال: و لا أَحْسَبُ الأَصْلَ كان إِلا هذا، قال ابن بري: و ورد أَيضاً لو لا الوِئَام، هلكت جُذام. و يقال: فلانةُ تُوَائِمُ صواحِباتها إِذا تَكلَّفَت ما يَتَكلَّفْن من الزينة؛ و قال المرَّار:
يَتَوَاءَمْنَ بِنَوماتِ الضُّحى،             حَسَنات الدَّلِّ و الأُنْسِ الخَفِرْ

و المُوَأَّمُ: العظيم الرأْسِ؛ قال ابن سيدة: أُراه مقلوباً عن المُؤَوَّمِ، و هو مذكور في موضعه. و التَّوْأَمُ: أَصلُه وَوْأَمٌ، و كذلك التَّوْلَج أَصلُه وَوْلَجٌ، و هو الكِناسُ، و أَصل ذلك من الوِئَام و هو الوِفاقُ، و قد ذكر في فصل التاء متقدِّماً؛ قال الأَزهري: و أَعَدْتُ ذِكْرَه في هذه الترجمة لأُعَرِّفَك أَن التاء مبدلةٌ من الواو، و أَنه وَوْأَمٌ. الليث: المُوَاءَمَةُ المُباراةُ. و يَوْأَمٌ: قبيلةٌ من الحَبشِ أَو جِنْسٌ منه؛ عن ابن‏

628
لسان العرب12

وأم ص 628

الأَعرابي؛ و أَنشد:
و أَنتُم قَبيلةٌ من يَوْأَمْ،             جاءت بِكُمْ سَفينةٌ من اليَمْ‏

أَراد من يوأَمٍ و اليمِّ فخفَّف، و قوله‏
... من يَوْأَم‏


أَي أَنكم سُودانٌ فخَلْقُكم مُشَوَّهٌ. قال ابن بري: و حكى حمزة عن يعقوب أَنه يقال للبُعْد ابن يَوْأَمٍ؛ و أَنشد:
و إِنَّ الذي كَلَّفْتَني أَن أَرُدَّه             مع ابن عِبادٍ، أَو بأَرضِ ابن يَوْأَما
على كل نَأْيِ المَحْزِمَيْنِ، ترى له             شَراسِيفَ تَغْتالُ الوَضِينَ المُسمَّما

وتم:
الوَتْمةُ: السير الشديد.
وثم:
التهذيب: الفراء: الوَثْمُ الضَّرْبُ، و في الصحاح: الدّقُّ و الكَسرُ. و المَطرُ يَثِمُ الأَرض وَثْماً: يَضْرِبُها؛ قال طرفة:
جَعَلَتْه حَمَّ كَلْكَلِها،             لِرَبيعٍ، دِيمة تَثِمُهْ‏

فأَما قوله:
فسقَى بلادَك، غيرَ مُفْسِدِها،             صَوبُ الرَّبيع و دِيمةٌ تَثِم‏

فإِنه على إِرادة التعدِّي، أَرادَ تَثِمُها فحذف، و معناه أَي تؤثّر في الأَرض. وَ وَثَمَتِ الحِجارةُ رِجْلَه وَثْماً و وِثَاماً: أَدْمَتْه. و قال المزني: وَجَدْتُ كَلأً كَثِيفاً وَثِيمَةً؛ قال: الوَثِيمَةُ جماعةٌ من الحَشِيش أَو الطعامِ. يقال: ثِمْ لها أَي اجْمَعْ لها. و الوَثِيمُ: المُكتنزُ اللحمِ، و قد وَثُمَ يَوْثُمُ وثَامةً. و يقال: وَثَمَ الفرسُ الحجارةَ بحافِره يَثِمُها وَثْماً إِذا كسَرها. و وَثَمَ الشي‏ءَ وَثْماً: كسَره و دَقَّه. و
في الحديث: أَنه كان لا يَثِمُ التَّكْبيرَ.
أَي لا يكسِره بل يأْتي به تامّاً. و الوَثْمُ الكسرُ و الدَّقُّ أَي يُتِمُّ لَفْظه على جهة التعظيم مع مُطابَقةِ اللِّسانِ و القلبِ. و وَثَمَ الفرسُ الأَرضَ بحافِره وَثْماً و ثِمَةً: رَجَمَها و دَقَّها، و كذلك وَثْمُ الحجارة. و المُوَاثَمَةُ في العَدْوِ: و المُضابَرةُ كأَنه يرمي بنفسه؛ و أَنشد:
و في الدَّهاسِ مِضْبَرٌ مُوَاثِمُ‏


وَ وَثَمَ يَثِمُ أَي عَدا. و خُفٌّ مِيثَمٌ: شديدُ الوطءِ، و كأَنه يَثِمُ الأَرضَ أَي يَدُقُّها؛ قال عنترة:
خَطَّارة، غِبَّ السُّرى،             زَيَّافةٌ، تَطِسُ الإِكامَ بكلّ خُفٍّ مِيثَمِ‏

ابن السكيت: الوَثِيمَةُ الجماعةُ من الحشيش أَو الطعامِ. و قولهم: لا و الذي أَخرجَ النارَ من الوَثِيمَةِ أَي من الصخرة. و الوَثِيمَةُ: الحجرُ، و قيل: الحجر المكسور. و حكى ثعلب: أَنه سمع رجلًا يَحْلِف لرجل و هو يقول: و الذي أَخْرج العَذْقَ من الجَرِيمَةِ و النارَ من الوَثِيمَةِ؛ و الجَريمةُ: النواة؛ و قال ابن خالويه: الجَريمةُ التَّمْرةُ لأَنها مجرومة من النخلة فسَمَّى النَّواةَ جَريمةً باسم سبَبِها لأَن النَّواةَ، من الجَريمة، و الوَثِيمَةُ: حجرُ القَدَّاحة، قال و ذكر ابن سيدة قال: الوَثِيمَةُ الحجارةُ، يكون في معنى فاعِلةٍ لأَنها تَثِمُ، و في معنى مفعولة لأَنها تُوثَم. و
ذكر محمد بن السائب الكلبي: أَنَّ أَوْسَ بن حارثة عاشَ دَهْراً و ليس له ولدٌ إِلا مالِك، و كان لأَخيه الخَزْرَج خمسةُ أَولاد: عُمر و عَوْفٌ و جُشَمٌ و الحرث و كعْب، فلما حضره الموتُ قال له قومُه: قد كنا نأْمرُك بالتزويج في شبابك حتى حضرك الموت، فقال أَوْسٌ: لم يَهْلِكْ هالِك، مَن ترَك مالِك، و إِن كان الخَزْرَجُ ذا عدد، و ليس لِمالكٍ، وَلَد، فلعلَّ الذي استخرج النخلة من الجريمة، و النارَ من الوَثِيمة، أَن يجعلَ لمالكٍ نَسْلًا، و رجالًا بُسْلًا.

629
لسان العرب12

وجم ص 630

وجم:
الوُجومُ: السكوتُ على غَيْظٍ، أَبو عبيد: إِذا اشتدَّ حُزْنُه حتى يُمْسِك عن الطعام «1». فهو الوَاجِمُ، و الوَاجِمُ: الذي اشتدَّ حُزْنه حتى أَمْسَك عن الكلام. يقال: ما لي أَراكَ وَاجِماً؛ و
في حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: أَنه لَقِيَ طَلْحةَ فقال: ما لي أَراك وَاجِماً؟.
أَي مُهْتَمّاً. و الوَاجِمُ: الذي أَسْكتَه الهمُّ و عَلَتْه الكآبةُ، و قيل: الوُجُومُ الحُزْنُ. و يقال: لم أَجِمْ عنه أَي لم أَسكُتْ عنه فَزَعاً. و الوَاجِمُ و الوَجِمُ: العَبوسُ المُطْرِقُ من شدَّةِ الحُزْن، و قد وَجَمَ يَجِمُ وَجْماً و وُجُوماً و أَجَمَ على البدل؛ حكاها سيبويه. و وَجَمَ الشي‏ءَ وَجْماً و وُجُوماً: كرِهَه. و وَجَمَ الرجلَ وَجْماً: لكَزَه، يمانية. و رجلٌ وَجَمٌ: ردي‏ءٌ. و أَوْجَمُ الرملِ: مُعْظمُه؛ قال رؤبة:
و الحِجْرُ و الصَّمّانُ يَحْبُو أَوْجَمُه‏


و وَجْمةُ: اسمُ موضع؛ قال كثيِّر:
خُفوفاً من جُنوبِ كُتانةٍ             إِلى وَجْمَةٍ، لمَّا اسجَهَرَّتْ حَرورُها

ابن الأَعرابي: الوَجَمُ جبل صغير مثل الإِرَم. ابن شميل: الوَجَمُ حجارةٌ «2». مركومةٌ بعضُها فوق بعض على رؤوس القُورِ و الأِكام، و هي أَغلظُ و أَطولُ في السماء من الأُرومِ، قال: و حجارتُها عظامٌ كحجارة الصِّيرة و الأَمَرَة، لو اجتمع على حجرٍ أَلفُ رجل لم يُحَرِّكوه، و هي أَيضاً من صَنْعة عاد، و أَصلُ الوَجَمِ مُستدِيرٌ و أَعلاهُ مُحدَّد، و الجماعة الوُجُوم؛ قال رؤبة:
و هامة كالصَّمْدِ بين الأَصْمادْ،             أَو وَجَمِ العادِيّ بين الأَجْمادْ

الجوهري: و الوَجَمُ، بالتحريك، واحد الأَوْجَامِ، و هي علاماتٌ و أَبْنِيةٌ يُهْتَدى بها في الصَّحارَى. ابن الأَعرابي: بيتٌ وَجْمٌ و وَجَمٌ، و الأَوْجَامُ: البيوتُ و هي العِظامُ منها؛ قال رؤبة:
لو كان مِنْ دُونِ رُكامِ المُرْتَكَمْ،             و أَرْمُلِ الدَّهْنا و صَمّانِ الوَجَمْ‏

قال: و الوَجَمُ الصَّمّانُ نفْسُه، و يُجمع أَوْجَاماً؛ و قال رؤبة:
كأَنَّ أَوْجَاماً و صَخْراً صاخِرا


و يومٌ وَجِيمٌ أَي شديدُ الحرِّ، و هو بالحاء أَيضاً، و يقال: يكون ذلك وَجَمَة أَي مَسَبَّةً. و الوَجْمَةُ مثل الوَجْبة: و هي الأَكْلة الواحدة.
وحم:
وَحِمَت المرأَة تَوْحَمُ وَحَماً إِذا اشتَهت شيئاً على حَبَلِها، و هي تَحِمُ، و الاسم الوِحَامُ و الوَحَام، و ليس الوِحَامُ إِلا في شَهْوة الحَبَل خاصَّة. و قد وَحَّمْنَاها تَوْحِيماً: أَطْعَمناها ما تَشْتهيه. و يقال أَيضاً: وَحَّمْنَا لها أَي ذَبَحنا. و امرأَة وَحْمَى: بيِّنة الوِحامِ. و في المثل في الشَّهْوان: وَحْمَى و لا حَبَل أَي أَنه لا يُذْكر له شي‏ءٌ إِلا اشتهاه. و
في حديث المَوْلِد: فجعلَتْ آمنةُ أُمُّ النبي، صلى الله عليه و سلم، تَوْحَمُ.
أَي تَشْتهي اشْتِهاءَ الحامِل. و قال أَبو عبيدة: في المثل وَحْمَى فأَمّا حَبَل فلا؛ يقال ذلك لمن يطلب ما لا حاجة له فيه من حِرْصِه لأَن الوَحْمى التي تَوْحَمُ فتشتهي كلَّ شي‏ء على حبَلِها، فيقال هذا يشتهي كما تشتهي الحُبْلى و ليس به حَبَلٌ، قال: و قيل لِحُبْلى ما تشتهي؛ فقالت: التمرةَ و واهاً بِيَهْ و أَنا وَحْمى للدِّكَة أَي للوَدَك؛ الوَحَمُ: شدَّةُ شهوةِ الحُبْلى لشي‏ءٍ تأْكله، ثم يقال لكل مَن أَفْرَطَت شهوتُه في شي‏ء: قد وَحِمَ يَوْحَمُ وَحَماً
__________________________________________________
 (1). قوله [عن الطعام‏] في التهذيب: عن الكلام.
 (2). قوله [الوَجَم حجارة] هو بالفتح و التحريك.

630
لسان العرب12

وحم ص 630

و نسوةٌ وِحَامٌ و وَحَامَى. و الوِحَامُ من الدوابِّ: أَن تَسْتَصعِب عند الحَمْل، و قد وَحِمَت، بالكسر، قال: و الوَحَمُ في الدَّوابّ إِذا حَملَت و استَعْصتْ؛ و أَنشد:
قد رابَه عِصْيانُها و وِحَامُها


التهذيب: أَما قول الليث الوِحَامُ في الدوابّ استعصاؤُها إِذا حمَلتْ فهو غلَطٌ و إِنما غَرَّه قولُ لبيد يصف عَيْراً و أُتُنَه:
قد رابه عصيانها و وِحَامها


يظن أَنه لما عطف قولَه و وِحَامُها على عصيانُها أَنهما شي‏ءٌ واحد، و المعنى في قوله وِحَامُها شهوةُ الأُتُنِ للعَير، أَراد أَنها تَرْمَحُه مرَّةً و تستعصي عليه مع شهوتها لضِرابِه إِياها، فقد رابَه ذلك منها حين أَظهرت شيئين متضادَّين. و الوَحَمُ: اسمُ الشي‏ء المُشتَهى؛ قال:
أَزْمان لَيلى عامَ لَيلى وَحَمِي‏


أَي شَهْوتي كما يكون الشي‏ء شهوةَ الحُبْلى، لا تُريدُ غيرَه و لا تَرْضى منه ببدَلٍ، فجعل شهوته للِّقاء لَيلًا وَحَماً، و أَصلُ الوَحَمِ للحُبْلى. و وَحَّمَ المرأَةَ و وَحَّمَ لها: ذبَح لها ما تَشهَّت. و الوَحَمُ: شهوةُ النكاح؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
كتَمَ الحُبَّ فأَخْفاه، كما             تَكْتُم البِكْرُ من الناسِ الوَحَمْ‏

و قيل: الوَحَمُ الشهوةُ في كل شي‏ء. و وَحَمْتُ وَحْمَه: قصدتُ قصدَه. و التَّوْحِيمُ: أَن يَنْطُفَ الماءُ من عُودِ النَّوامي إِذا كُسِرَ. و يومٌ وَحِيمٌ: حارٌّ؛ عن كراع.
وخم:
الوَخْمُ.، بالتسكين، و الوَخِمُ، بكسر الخاء، و الوَخِيمُ: الثقيلُ من الرجال البَيِّن الوَخامةِ و الوُخومةِ، و الجمع وَخَامى و وِخامٌ و أَوْخَامٌ، و قد وَخُمَ وَخَامةً و وُخُوماً. و
في حديث أُمِّ زرع: لا مَخافةَ و لا وَخَامَةَ.
أَي لا ثِقَلَ فيها. يقال: وَخُمَ الطعامُ إِذا ثَقُل فلم يُستَمْرَأْ، فهو وَخِيمٌ، قال: و قد تكونُ الوَخَامَةُ في المعاني، يقال: هذا الأَمرُ وَخِيمُ العاقِبة أَي ثقيلٌ ردي‏ءٌ. و أَرض وَخَامٌ و وَخِيمٌ و وَخْمَةٌ و وَخِمَةٌ و وَخِيمَةٌ و مُوخِمَةٌ: لا يَنْجَعُ كلأُها، و كذلك الوَبِيلُ. و طعامٌ وَخِيمٌ: غيرُ مُوافق، و قد وَخُمَ وَخَامةً. و توَخَّمَه و استَوْخَمَه: لم يَستَمْرِئْه و لا حَمِدَ مغَبَّتَه. و استَوْخَمْتُ الطعامَ و تَوَخَّمْتُه إِذا استَوْبلْته؛ قال زهير:
قضَوْا ما قضَوْا من أَمرِهم، ثم أَوْرَدُوا             إِلى كَلإٍ مُستَوْبَلٍ مُتَوَخَّمِ‏

و منه اشتُقَّت التُّخَمَةُ. و شي‏ءٌ وَخِمٌ أَي وَبي‏ءٌ. و بَلْدةٌ وَخِمَةٌ و وَخِيمَةٌ إِذا لم يُوافِق سكَنُها، و قد اسْتَوْخَمْتُها. و التُّخَمَة، بالتحريك: الذي يُصِيبك من الطعام إِذا استوْخمْتَه، تاؤه مبدلة من واو. و
في حديث العُرَنِيِّين: و اسْتَوْخَمُوا المدينة.
أَي استثقلوها و لم يُوافِق هواؤها أَبدانَهُ، و
في حديث آخر: فاسْتَوْخَمْنا هذه الأَرضَ.
و وَخِمَ الرجلُ، بالكسر، أَي اتَّخَمَ؛ قال سيبويه: و الجمع تُخَمٌ، و قد تَخَمَ يَتْخِمُ و تَخِمَ و اتَّخَمَ يَتَّخِمُ. و أَتْخَمَه الطعامُ، على أَفْعَله، و أَصله أَوْخَمَه، و أَصل التُّخَمَة وُخَمةٌ، فحُوِّلت الواوُ تاءً، كما قالوا تُقاةٌ، و أَصلها وُقاةٌ، و تَوْلَج و أَصلُه وَوْلَج. و طعامٌ مَتْخَمَةٌ، بالفتح: يُتَّخَمُ منه، و أَصله مَوْخَمة لأَنهم توهَّموا التاءَ أَصلية لكثرة الاستعمال. و وَاخَمَني فوَخَمْتُه أَخِمُه: كنتُ أَشدَّ تُخَمةً منه، و قد اتَّخَمْتُ من الطعامِ و عن الطعام، و الاسم التُّخَمَة، بالتحريك، كما مضى في وُكَلةٍ و تُكَلةٍ، و الجمع تُخَمَاتٌ و تُخَمٌ،

631
لسان العرب12

وخم ص 631

و العامَّة تقول التُّخْمَة، بالتسكين؛ و قد جاء ذلك في شعر أَنشده ابن الأَعرابي:
و إِذا المِعْدَةُ جاشَتْ،             فارْمِها بالمَنْجَنيقِ‏
بِثلاثٍ مِنْ نَبيذٍ،             ليسَ بالحُلْوِ الرَّقيقِ‏
تَهْضِمُ التُّخْمَةَ هَضْماً،             حين تَجْري في العُروقِ‏

و الوَخَمُ: داءٌ كالباسورِ، و ربما خرج في حَياءِ الناقة عند الولادة فقُطِع، وَخِمَت الناقةُ، فهي وَخِمَةٌ إِذا كان بها ذلك، قال: و يسمى ذلك الباسورُ الوَذَمَ.
وذم:
أَوْذَمَ الشي‏ءَ: أَوْجَبه. و أَوْذَمَ على نَفْسِه حَجّاً أَو سَفَراً: أَوْجَبه. و أَوْذَمَ اليمينَ و وَذَّمَها و أَبْدَعها أَي أَوْجبها؛ قال الراجز:
لا هُمَّ، إِن عامرَ بن جَهْمِ             أَوْذَمَ حَجّاً في ثِيابٍ دُسْمِ‏

أَي مُتَلطِّخة بالذنوب، يعني أَحْرم بالحج و هو مُدَنَّسٌ بالذنوب. أَبو عمرو: الوَذِيمَةُ الهَدْيُ، و جمعها الوَذَائِمُ. و قد أَوْذَمَ الهَدْيَ إِذا عَلَّق عليه سَيراً أَو شيئاً يُعَلَّم به فيُعْلَم أَنه هَدْيٌ فلا يُعْرَض له. ابن سيدة: الوَذِيمَة الهدِيَّة. الجوهري: الوَذِيمَةُ الهدِيَّة إِلى بيت الله الحرام، و الجمع الوَذَائِمُ، و هي الأَموالُ التي نُذِرَتْ فيها النُّذورُ؛ قال الشاعر:
فإِن كنتُ لم أَذْكُرك، و القومُ بعضُهم             غَضابَى على بعضٍ، فمالي وَذَائِمُ‏

أَي مالي كلُّه في سبيل الله. و الوَذَمُ: الفَضْلُ و الزيادةُ، و قد وَذَّمَ. و الوَذَمةُ: زيادةٌ في حياء الناقة و الشاة كالثُّؤْلول تمنعها من الولَد، و الجمعُ وَذَمٌ و وِذَامٌ. و وَذَّمَها: قطع ذلك منها و عالجَها منه. الأَصمعي: المُوَذَّمَةُ من النُّوق التي يخرج في حيائها لحمٌ مثل الثَّآليل فيُقطَع ذلك منها؛ قال أَبو منصور: سمعت العرب تقول لأَشْباهِ الثَّآليل تخرُج في حياء الناقة فلا تَلْقَح معها إِذا ضرَبها الفحلُ الوَذَم، فيَعْمِدُ رجل رفيقٌ و يأْخذ مِبْضعاً لطيفاً و يُدْخِلُ يدَه في حيائها فيقطع الوَذَمَ فيقال: قد وَذَّمَها تَوْذِيماً، و الذي فعل ذلك مُوَذِّمٌ، ثم يَضْرِبُها الفحلُ بعد التَّوْذِيمِ فتَلْقَحُ. و امرأَة وَذْمَاء و فرسٌ وَذْمَاء: و هي العاقرُ، و قيل: الوَذَمَةُ في حياء الناقةِ زيادةٌ في اللحم تَنبتُ في أَعلى الحياء عند قَرْءِ الناقةِ فلا تَلْقحُ الناقةُ إِذا ضربَها الفحل، و قد تقدم ذلك في الوَخم أَيضاً. و يقال للمصير أَيضاً: وَذَمٌ، و الوَذَمُ: الحُزَّة من الكَرِشِ و الكَبِد و المَصارِين المقطوعة تُعْقَد و تُلْوَى ثم تُرْمى في القِدْر، و الجمع أَوْذُمٌ و أَوْذَامٌ و وُذُومٌ و أَوَاذِمُ؛ الأَخيرة جمع أَوْذُمٍ، و ليس بجمع أَوْذَامٍ، إِذ لو كان ذلك لثبتت الياء، و هي الوَذَمَة و الجمع وِذَامٌ. أَبو زيد و أَبو عبيدة: الوَذَمَةُ قُرْنةُ الكَرِش، و هي زاويةٌ في الكرش شِبْه الخريطة، قال: و قُرْنةُ الرحمِ المكانُ الذي ينتهي إِليه الماءُ في الرحم. و الوِذَامُ: الكَرِشُ و الأَمْعاءُ، الواحدة وَذَمَةٌ مثل ثمَرةٍ و ثِمارٍ. و قال ابن خالويه: الوَذَمُ قطعةُ كرشٍ تُطْبَخُ بالماء؛ قال الشاعر:
و ما كان إِلا نِصْفُ وَذْمٍ مُرَمَّدٍ             أَتانا، و قد حُبَّتْ إِلينا المَضاجِعُ‏

و
في حديث علي بن أَبي طالب، عليه السلام: لئِنْ وَلِيتُ بني أُميَّة لأَنْفُضَنَّهم نَفْضَ القَصّابِ الوِذَامَ التَّرِبةَ، و في رواية: التِّرابَ الوَذِمَةَ؛ قال الأَصمعي: سأَلني شعبة عن هذا الحرف فقلت: ليس‏

632
لسان العرب12

وذم ص 632

هو هكذا، إِنما نَفْض القصّاب الوِذَامَ التَّرِبة.
، و التَّرِبةُ التي قد سقطت في التراب فتتَرَّبَت، فالقصّاب يَنْفُضها، و أَراد بالوِذَامِ الحُزَزَ من الكَرِش و الكبِد الساقطةَ في التُّراب و القصّاب يُبالغُ في نَفْضِها، قال: و من هذا قيل لسيُور الدِّلاء الوَذمُ لأَنها مقدَّدةٌ طِوال، قال: و التِّراب التي سقطت في التُّراب فتتَرَّبَت، و واحدةُ الوِذَامِ وَذَمةٌ، و هي الكرش لأَنها معلَّقة، و قيل: هي غيرُ الكرش أَيضاً من البطون. أَبو سعيد: الكُروشُ كلها تسمَّى تَرِبةً لأَنها يحصل فيها التُّرابُ من المَرْتَع، و الوَذَمَة التي أَخمل باطنُها، و الكروشُ وَذَمَةٌ لأَنها مُخْمَلةٌ، و يقال لِخَمْلِها الوَذَمُ، فمعنى‏
قوله لئنْ وَلِيتُهم.
لأُطَهِّرَنَّهم من الدَّنَسِ و لأُطَيِّبَنَّهم بعد الخَبَث. و كلُّ سير قَدَدْتَه مُستطيلًا وَذَمٌ. و الوَذَمَةُ: السيرُ الذي بين آذانِ الدَّلْوِ و عَراقِيها تُشَدُّ بها، و قيل: هو السير الذي تُشدُّ به العَراقي في العُرى، و قيل: هو الخيط الذي بين العُرى التي في سُعْنَتها و بين العَراقي، و الجمع وَذَمٌ، و جمع الجمع أَوْذَامٌ. وَ وَذَّمَها: جعل لها أَوْذَاماً. و أَوْذَمَها: شَدَّ وَذَمها. و دَلْوٌ مَوْذُومَةٌ: ذات وَذَمٍ. و العرب تقول للدلو إِذا انقطع سيورُ آذانِها: قد وَذِمَتِ الدلوُ تَوْذَمُ، فإِذا شدّوها إِليها قالوا: أَوْذَمْتُها. و وَذِمَت الدلوُ تَوْذَمُ، فهي وَذِمَةٌ: انقطع وَذَمُها؛ قال يصف الدلو:
أَ خَذِمَتْ أَمْ وَذِمَتْ أَمْ ما لَها،             أَم غالَها في بئرِها ما غالَها؟

و قال:
أَرْسَلْتُ دَلْوي فأَتاني مُتْرَعا،             لا وَذِماً جاءَ، و لا مُقَنَّعا

ذكَّر على إِرادة السَّلْم أَو الغَرْب. و
في حديث عائشة تَصِفُ أَباها، رضي الله عنهما: و أَوْذَمَ السِّقاءَ.
أَي شَدَّه بالوَذَمةِ، و
في رواية أُخرى: و أَوْذَمَ العَطِلَة.
، تُريد الدلو التي كانت مُعَطَّلة عن الاستقاء لعدم عُراها و انقطاع سُيورِها. و وَذِمَ الوَذَمُ نفسُه: انقطع. و وَذَّمَ على الخَمْسينَ تَوْذِيماً و أَوْذَمَ: زادَ عليها. و وَذَّمَ مالَه: قطَّعه، و الوَذِيمَةُ: ما وَذَّمَه منه أَي قطَّعه؛ قال:
إِن لم أَكُنْ أَهْواك، و القومُ بَعضهمْ             غِضابٌ على بعضٍ، فما لي وَذَائِمُ‏

و التَّوْذِيمُ: أَن تُوَذَّم الكلابُ بِقِلادة. و وَذِيمَةُ الكلب: قِطعة تكون في عنُقِه؛ عن ثعلب. و
روي عن أَبي هريرة أَنه سُئِل عن صَيْدِ الكلب فقال: إِذا وَذَّمْتَه و أَرْسَلْتَه و ذكَرْتَ اسْمَ الله فكُلْ ما أَمْسَكَ عليك ما لم يأْكلْ.
؛ و تَوْذِيمُ الكلب: أَن يُشد في عنقه سيرٌ يُعْلَم به أَنه مُعلَّم مُؤدَّب، أَراد بِتَوْذِيمهِ أَن لا يَطْلُب الصيد بغير إِرسالٍ و لا تَسْميةٍ، مأْخوذٌ من الوَذَمِ السُّيورِ التي تُقدُّ طِوالًا. و
في الحديث: أُريتُ الشَّيطانَ فوضعتُ يدي على وَذَمَتِه.
؛ قال ابن الأَثير: الوَذَمَةُ، بالتحريك، سيرٌ يُقدُّ طُولًا، و جمعه وِذَامٌ، و تُعمل منه قلادة توضع في أَعناق الكلاب لتُرْبطَ فيها، فشبّه الشَّيطانَ بالكلب، و أَراد تَمكُّنه منه كما يَتمكَّنُ القابضُ على قِلادة الكلب. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: فرَبَط كُمَّيْه بوَذَمَةٍ.
أَي سَيْرٍ.
ورم:
الوَرَمُ: أَخْذُ الأَورام النُّتوء و الانتفاخ، و قد وَرِمَ جلدُه، و في المحكم: وَرِمَ يَرِمُ، بالكسر، نادر، و قياسه يَوْرَم، قال: و لم نسمع به، و تَوَرَّمَ مثلُه، و وَرَّمْتُه أَنا تَوْرِيماً. و
في الحديث: أَنه قام حتى تَوَرَّمَت قَدَماه.
أَي انْتَفَخَت من طُول قيامه في صلاة الليل. و أَوْرَمَت‏

633
لسان العرب12

ورم ص 633

الناقةُ: وَرِمَ ضَرْعُها. و المَوْرِمُ: مَنْبِتُ الأَضْراسِ. و أَوْرَمَ بالرجلِ و أَوْرَمَه: أَسْمَعه ما يَغْضَبُ له، و هو من ذلك، و فعَلَ به ما أَوْرَمَه أَي ساءَه و أَغْضَبه. و وَرِمَ أَنْفُه أَي غَضِب؛ و منه قول الشاعر:
و لا يُهاجُ إِذا ما أَنفُه وَرِما


و
في حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: وَلَّيْتُ أُمورَكم خَيْرَكُم فكُلُّكم وَرِمَ أَنفُه على أَن يكون له الأَمْرُ من دُونِه.
أَي امتلأَ و انتفخ من ذلك غضَباً، و خصَّ الأَنْفَ بالذِّكر لأَنه موضعُ الأَنَفَةِ و الكِبْرِ، كما يقال شَمخَ بأَنفِه. و وَرَّمَ فلانٌ بأَنفِه تَوْرِيماً إِذا شَمَخَ بأَنْفِه و تجبَّر. و أَوْرَمَتِ الناقةُ إِذا وَرِمَ ضَرْعُها. و المُوَرَّمُ: الضخمُ من الرجال؛ قال طرفة:
له شَرْبَتانِ بالعشيِّ و أَرْبَعٌ             من الليلِ، حتى عادَ صَخْداً مُوَرَّما

و قد يكون المُنَفَّخَ أَي صَخْداً منَفَّخاً. و وَرِمَ النَّبْتُ وَرَماً، و هو وَارِمٌ: سَمِنَ و طال؛ قال الجعديّ:
فتَمَطَّى زَمْخَريٌّ وَارِمٌ             من رَبيعٍ، كلَّما خَفَّ هَطَلْ‏

و الأَوْرَم: الجماعة؛ قال البُرَيق:
بأَلْبٍ أَلُوبٍ و حَرَّابةٍ،             لدى مَتْنِ وازِعِها الأَوْرَمُ‏

يقال: ما أَدْري أَيُّ الأَوْرَمِ هو، و خصَّ يعقوب به الجَحْدَ.
ورغم:
ساعِدٌ وَرْغَمِيٌّ: ممتلئٌ رَيَّان؛ و قول أَبي صخر:
و باتَ وِسادي وَرْغَمِيٌّ يَزينُه             جَبائرُ دُرٍّ، و البَنانُ المُخَضَّبُ‏

قال: و لا يكون الواو في وَرْغَمِيٍّ إِلَّا أَصلًا لأَنها أَوَّل، و الواو لا تزاد أَوَّلًا البتة.
وزم:
وَزَمَه بفِيه وَزْماً: عضَّه، و قيل: عَضَّه عَضَّةً خفيفةً. و الوَزْمُ: قضاء الدَّين. و الوَزْمُ: جمعُ الشي‏ء القليل إِلى مثْلِه. و الوَزْمَةُ: الأَكْلةُ الواحدةُ في اليوم إِلى مثلِها من الغد، يقال: هو يأْكل وَزْمةً و بَزْمةً إِذا كان يأْكلُ وَجْبةً في اليوم و الليلة، و قد وَزَّمَ نفْسَه. ابن بري: الوَزِيمُ الوَجْبةُ الشديدة؛ قال أُميَّة:
أَلا يا وَيْحَهمْ مِن حَرِّ نارٍ             كصَرْخةِ أَرْبَعينَ لها وَزِيمُ‏

و الوَزِيمُ: اللحمُ المُقطَّع. و الوَزِيمَةُ القطعةُ من اللحْم، و الجمع وَزِيمٌ. و الوَزْمُ و الوَزِيمَةُ و الوَزِيمُ: الحُزْمةُ من البَقْلِ. و الوَزِيمةُ: الخُوصةُ التي يُشدُّ بها. و الوَزِيمُ: ما جُمع من البَقْلة؛ حكاه الجوهري عن أَبي سعيد عن أَبي الأَزهر عن بُنْدارٍ؛ و أَنشد:
و جاؤُوا ثائرينَ، فلم يَؤُوبوا             بأَبْلُمة تُشَدُّ على وَزِيمِ‏

و يروى:
... على بَزيم.


و يقال: هو الطَّلْعُ يُشَقُّ لِيُلْقَح ثم يُشدُّ بخُوصةٍ، و الواحدة وَزِيمَةٌ. و قال الليث: الوَزْمُ و الوَزِيمُ دَسْتَجَةٌ من بَقْلٍ. و الوَزِيمُ: ما انْمارَ من لحمِ الفَخِذين، واحدتُه وَزِيمَةٌ. و الوَزِيمُ: العَضَلُ، و في التهذيب: لحمُ العَضَلِ. و رجل وَزَّامٌ: ذو عَضلٍ و كثرةِ لحمٍ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
فقامَ وَزَّامٌ شَديدٌ مَحْزِمُه،             لم يَلْقَ بُؤْساً لَحْمُه و لا دَمُهْ‏

و رجلٌ وَزِيمٌ إِذا كان مُكْتَنِزَ اللحمِ. و يقال: رجلٌ ذو وَزِيم إِذا تَعضَّل لحْمُه و اشتدَّ؛ قال الراجز:

634
لسان العرب12

وزم ص 634

إِنْ سَرَّكَ الرِّيُّ أَخا تَميمِ،             فاعْجَل بعِلْجَيْنِ ذَوَيْ وَزِيمِ‏
بفارِسِيٍّ و أَخٍ للرُّومِ،             كلاهُما كالجَمَلِ المَخْزُومِ‏

و يروى:
... المَحْجوم‏


؛ يقول إِذا اختلَف لِساناهُما لم يَفْهَم أَحدُهما كلام صاحبِه فلم يَشْتَغِلا عن عَمَلهِما؛ و هذا الرجز «3». أَورده الجوهري:
إِن كنتَ ساقِيّ أَخا تَميمِ‏


قال ابن بري: هو سافي، بالفاء، و يروى جابيَّ، بالجيم، أَي يَجْبي الماء في الحوض، قال: و هو المشهور، و يروى‏
بِدَيْلمِيّ ...


مكان فارسيّ. ابن الأَعرابي: الجرادُ إِذا جُفِّف و هو مطبوخ فهو الوَزِيمة. و الوَزِيمُ: اللحمُ المُجَفَّف. و الوَزِيمَةُ: ما تَجْمَعُه أَو تجعلُه العُقابُ في وَكْرِها من اللحم. و الوَزيمةُ من الضِّباب: أَن يُطْبَخ لحمُها ثم يُيَبَّس ثم يُدقّ فيُقْمَح أَو يُبْكَل بدَسَم؛ قال ابن سيدة: هكذا حكاه أَهل اللغة فجعلوا العَرَض خَبَراً عن الجوهر، و الصواب الوَزِيمُ لحمٌ يُفْعَل به كذا؛ قال أَبو سعيد: سمعت الكِلابيّ يقول الوَزْمَةُ من الضِّباب أَن يُطْبَخ لحمُها ثم يُيَبَّس ثم يُدقّ فيؤكل، قال: و هي من الجراد أَيضاً. ابن دريد: الوَزْمُ جَمْعُك الشي‏ءَ القليلَ إِلى مثله، و الوَزيمُ ما يَبْقَى من المَرَق و نحوه في القِدْر، و قيل: باقي كلِّ شي‏ء وَزِيمٌ؛ و قوله:
فتُشْبِعُ مَجْلسَ الحَيَّيْنِ لَحماً،             و تُلْقي للإِماءِ مِنَ الوَزِيمِ‏

قال ابن سيدة: يجوز أَن يكون ما انْمازَ من لَحْمِ الفَخِذِ، و أَن يكون العَضَل، و أَن يكون اللحمَ الباقيَ الذي يَفْضُل عن العيال. الليث: يقال اللحمُ «4». يَتزيَّم و يَتَزَيَّب إِذا صار زِيَماً، و هو شدّة اكتنازه و انضمام بعضه إلى بعض؛ و قال سلامة بن جندل يصف فرساً:
رَقاقُها ضَرِمٌ، و جَرْيُها خَذِمٌ،             و لحمُها زِيَمٌ، و البَطْنُ مَقبوبُ‏

و ناقةٌ وَزْماءُ: كثيرة اللحم؛ قال قيس بن الخَطيم:
مَن لا يَزالُ يَكُبُّ كلَّ ثَقيلةٍ             وَزْماءَ، غيرَ مُحاوِل الإِتْرافِ‏

و المتَوَزِّم: الشديدُ الوَطء. و الوَزْمُ من الأُمور: الذي يأْتي في حِينهِ، و قد تقدم مع ذكر الجَزْم الذي هو الأَمرُ الآتي قبل حِينهِ. و وُزِمَ فلانٌ وَزْمَةً في ماله إِذا ذهب شي‏ء من ماله؛ عن اللحياني.
وسم:
الوَسْمُ: أَثرُ الكَيّ، و الجمع وُسُومٌ؛ أَنشد ثعلب:
ظَلَّتْ تَلوذُ أَمْسِ بالصَّريمِ             و صِلِّيانٍ كسِبالِ الرُّومِ،
تَرْشَحُ إِلَّا موضِعَ الوُسُومِ‏


يقول: ترشح أَبدانُها كلها إِلا «5» ... و قد وَسَمَه وَسْماً و سِمَةً إِذا أَثَّر فيه بسِمةٍ و كيٍّ، و الهاء عوض عن الواو. و
في الحديث: أَنه كان يَسِمُ إِبلَ الصدقةِ.
أَي يُعلِّم عليها بالكيّ. و اتَّسَمَ الرجلُ إِذا جعل لنفسه سِمَةً يُعْرَف بها، و أَصلُ الياء واوٌ. و السِّمَةُ
__________________________________________________
 (3). قوله [و هذا الرجز إلخ‏] في التكملة بعد إِيراده ما في الجوهري ما نصه و الإنشاد مغير من وجوه، و الرواية:
إن كنت جاب يا أبا تميم             فجئ بسان لهم علكوم‏
معاود مختلف الأَروم             و جئ بعبدين ذوي وزيم‏
بفارسيّ و أَخ للرّوم             كلاهما كالجمل المحجوم‏
ركب بعد الجهد و النحيم             غرباً على صياحة دموم‏


و الرجز لابن محمد الفقعسي. أراد بقوله: جاب جابياً أي جامعاً للماء في الجابية و هي الحوض.
 (4). قوله [الليث يقال اللحم إلى قوله و ناقة وزماء] هكذا في الأَصل.
 (5). كذا بياض بالأَصل.

635
لسان العرب12

وسم ص 635

و الوِسَامُ: ما وُسِم به البعيرُ من ضُروبِ الصُّوَر. و المِيسَمُ: المِكْواة أَو الشي‏ءُ الذي يُوسَم به الدوابّ، و الجمع مَوَاسِمُ و مَيَاسِمُ، الأَخيرة مُعاقبة؛ قال الجوهري: أَصل الياء واو، فإِن شئت قلت في جمعه مَياسِمُ على اللفظ، و إِن شئت مَوَاسِم على الأَصل. قال ابن بري: المِيسَمُ اسم للآلة التي يُوسَم بها، و اسْمٌ لأَثَرِ الوَسْمِ أَيضاً كقول الشاعر:
و لو غيرُ أَخْوالي أرادُوا نَقِيصَتي،             جَعَلْتُ لهم فَوْقَ العَرانِين مِيسَما

فليس يريد جعلت لهم حَديدةً و إِنما يريد جعلت أَثَر وَسْمٍ. و
في الحديث: و في يده المِيسَمُ.
؛ هي الحديدة التي يُكْوَى بها، و أَصلُه مِوْسَمٌ، فقُلبت الواوُ ياءً لكسرة الميم. الليث: الوَسْمُ أَثرُ كيّةٍ، تقول مَوْسُومٌ أَي قد وُسِمَ بِسِمةٍ يُعرفُ بها، إِمّا كيّةٌ، و إِمّا قطعٌ في أُذنٍ أو قَرْمةٌ تكون علامةً له. و في التنزيل العزيز: سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ‏
. و إِن فلاناً لدوابِّه مِيسَمٌ، و مِيسَمُها أَثرُ الجَمالِ و العِتْقِ، و إِنها لَوَسِيمَةُ قَسيمةٌ. شمر: دِرْعٌ مَوْسُومَةٌ و هي المُزَيَّنة بالشِّبَةِ في أَسفلِها. و قوله‏
في الحديث: على كلِّ مِيسَمٍ من الإِنسان صَدقةٌ.
؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية فإِن كان محفوظاً فالمرادُ به أَن على كلّ عُضْوٍ مَوْسومٍ بصُنْع الله صدقةً، قال: هكذا فُسِّرَ. و
في الحديث: بئْسَ، لَعَمْرُ الله، عَمَلُ الشيخ المُتَوَسِّم و الشابِّ المُتَلَوِّمِ.
؛ المُتَوَسِّم: المُتَحَلِّي بِسمَةِ الشيوخ، و فلانٌ مَوْسُومٌ بالخير. و قد تَوَسَّمْت فيه الخير أَي تفرَّسْت. و الوَسْمِيُّ: مطرُ أَوَّلِ الربيع، و هو بعدَ الخريف لأَنه يَسِمُ الأَرض بالنبات فيُصَيِّر فيها أَثراً في أَوَّل السنة. و أَرضٌ مَوْسُومَةٌ: أَصابها الوَسْمِيُّ، و هو مطرٌ يكون بعد الخَرَفيّ في البَرْدِ، ثم يَتْبَعه الوَلْيُ في صَميم الشّتاء، ثم يَتْبَعه الرِّبْعيّ. الأَصمعي: أَوَّلُ ما يَبْدُو المطرُ في إِقْبالِ الربيع ثم الصَّيْفِ ثم الحميمِ. ابن الأَعرابي: نُجومُ الوَسْميّ أَوَّلُها فروعُ الدَّلْو المؤخَّر، ثم الحوتُ ثم الشَّرَطانِ ثم البُطَيْن ثم النَّجْم، و هو آخِرُ الصَّرْفة يَسْقُط في آخر الشتاء. الجوهري: الوَسْمِيُّ مطرُ الربيع الأَوَّلُ لأَنه يَسِمُ الأَرض بالنبات، نُسب إِلى الوسْم. و توَسَّمَ الرجلُ: طلبَ كلأَ الوَسْمِيّ؛ و أَنشد:
و أَصْبَحْنَ كالدَّوْمِ النَّواعِم، غُدْوةً،             على وِجْهَةٍ من ظاعِنٍ مُتَوَسِّم‏

ابن سيدة: و قد وُسِمَت الأَرض؛ و قول أَبي صخر الهُذَليّ:
يَتْلُونَ مُرْتَجِزاً له نَجْمٌ             جَوْنٌ تحيَّر بَرْقُه، يَسْمِي‏

أَراد يَسِمُ الأَرضَ بالنبات فقَلَب. و حكى ثعلب: أَسَمْتُه بمعنى وَسَمْتُه، فهمزتُه على هذا بدلٌ من واوٍ. و أَبْصِرْ وَسْمَ قِدْحِك أَي لا تُجاوِزَنَّ قَدْرَك. و صدَقَني وَسْمَ قِدْحِه: كصَدَقَني سِنَّ بَكْرِه. و مَوْسِمُ الحجّ و السُّوقِ: مُجْتَمعُهما؛ قال اللحياني: ذُو مَجاز مَوْسِمٌ، و إِنما سُمّيت هذه كلُّها مَوَاسِمَ لاجتماع الناس و الأَسْواق فيها «1». و وَسَّمُوا: شَهِدوا المَوْسِمَ. الليث: مَوْسِمُ الحجّ سُمِّيَ مَوْسِماً لأَنه مَعْلَم يُجْتَمع إِليه، و كذلك كانت مَواسِمُ أَسْواقِ العرب في الجاهلية. قال ابن السكيت: كل مَجْمَع من الناس كثير هو مَوْسِمٌ. و منه مَوْسِمُ مِنىً. و يقال: وَسَّمْنا مَوْسمَنا أَي شَهِدْناه، و كذلك‏
__________________________________________________
 (1). قوله [و الأَسواق فيها] كذا بالأَصل.

636
لسان العرب12

وسم ص 635

عرَّفْنا أي شهدنا عَرَفَة. و عَيَّدَ القومُ إذا شَهِدُوا عِيدَهم؛ و قول الشاعر:
حِياضُ عِراكٍ هَدَّمَتْها المَوَاسِمُ‏


يريد أَهل المَواسِم، و يقال أَراد الإِبلَ المَوْسومة. و وَسَّمَ الناسُ تَوْسِيماً: شَهِدُوا المَوْسِمَ كما يقال في العيدِ عَيَّدوا. و
في الحديث: أَنه لَبِثَ عَشْرَ سنينَ يَتَّبِعُ الحاجَّ بالمَوَاسِم.
؛ هي جمع مَوْسِم و هو الوقتُ الذي يجتمع فيه الحاجُّ كلَّ سَنةٍ، كأَنَّه وُسِمَ بذلك الوَسْم، و هو مَفْعِلٌ منه اسمٌ للزمان لأَنه مَعْلَمٌ لهم. و تَوَسَّمَ فيه الشي‏ءَ: تَخَيَّلَه. يقال: تَوَسَّمْتُ في فلان خيراً أي رأَيت فيه أَثراً منه. و تَوَسَّمْتُ فيه الخير أي تَفَرَّسْتُ، مأْخذه من الوَسْمِ أي عرَفْت فيه سِمَتَه و علامتَه. و الوَسْمَةُ، أهل الحجاز يُثَقِّلونها و غيرهم يُخَفِّفُها، كلاهما شجرٌ له ورقٌ يُخْتَضَبُ به، و قيل: هو العِظْلِمُ. الليث: الوَسْمُ و الوَسْمةُ شجرةٌ ورقها خِضابٌ؛ قال أَبو منصور: كلام العرب الوَسِمةُ، بكسر السين، قاله الفراء و غيره من النحويين. الجوهري: الوَسِمةُ، بكسر السين، العِظْلِمُ يُخْتَضَب به، و تسكينها لغة، قال: و لا تقل وُسْمةٌ، بضم الواو، و إذا أَمرْت منه قلت: تَوَسَّمَ. و
في حديث الحسن و الحسين، عليهما السلام: أَنهما كانا يَخْضِبان بالوَسْمَة.
؛ قيل: هي نبتٌ، و قيل: شجرٌ باليمن يُخْتَضَبُ بوَرقه الشعرُ أَسودُ. و المِيسَمُ و الوَسَامَةُ: أَثر الحُسْنِ؛ و قال ابن كُلْثوم:
خَلَطْنَ بمِيسَمٍ حَسَباً و دينا


ابن الأَعرابي: الوَسِيمُ الثابتُ الحُسْنِ كأَنه قد وُسِمَ. و
في الحديث: تُنْكَح المرأَة لمِيسَمِها.
أَي لحُسْنها من الوَسامةِ، و قد وَسُمَ فهو وَسِيم، و المرأَةُ وَسِيمَةٌ؛ قال: و حكمها في البناء حكم مِيساعٍ، فهي مِفْعَلٌ من الوَسامةِ. و المِيسَمُ: الجمالُ. يقال: امرأَة ذات مِيسَمٍ إذا كان عليها أثرُ الجمال. و فلانٌ وَسِيمٌ أَي حَسَنُ الوجه و السِّيما. و قومٌ وِسَامٌ و نسوةٌ وِسَامٌ أَيضاً: مثل ظَريفةً و ظِرافٍ و صَبيحةٍ و صِباحٍ. و وَسُمَ الرجلُ، بالضم، وَسَامَةً و وَسَاماً، بحذف الهاء، مثل جمُل جَمالًا، فهو وَسِيمٌ؛ قال الكميت يمدح الحُسين بن علي، عليهما السلام:
و تُطِيلُ المُرَزَّآتُ المَقالِيتُ             إليه القُعودَ بعد القيام‏
يَتَعَرَّفْنَ حُرَّ وَجْهٍ، عليه             عِقْبةُ السَّرْوِ ظاهِراً و الوِسَام‏

و الوِسَامُ معطوفٌ على السَّرْوِ. و
في صفته، صلى الله عليه و سلم: وَسِيمٌ قَسِيمٌ.
؛ الوَسَامَةُ: الحُسْنُ الوَضي‏ءُ الثابتُ، و الأُنثى وَسِيمَةٌ؛ قال:
لهِنّك مِنْ عَبْسِيّةٍ لَوَسِيمَةٌ             على هَنواتٍ كاذبٍ مَن يقولها

أراد «1» ..... و وَاسَمْتُ فلاناً فوَسَمْتُه إذا غَلبْتَه بالحُسن. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: قال لِحَفْصة لا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كانت جارتُك أَوْسَمَ مِنْكِ.
أي أَحْسَنَ، يَعني عائشة، و الضَّرَّةُ تسمى جارة. و أَسماءُ: اسمُ امرأَةٍ مشتقٌّ من الوَسامةِ، و همزته مبدلة من واوٍ؛ قال ابن سيدة: و إنما قالوا ذلك أَن سيبويه ذكر أَسْمَاء في الترخيم مع فَعْلانَ كسَكْران مُعْتَدّاً بها فَعْلاء، فقال أَبو العباس: لم يكن يجب أَن يذكر هذا الاسم مع سكْران من حيثُ كان‏
__________________________________________________
 (1). بياض بالأَصل بقد خمس كلمات.

637
لسان العرب12

وسم ص 635

وزْنه أَفْعالًا لأَنه جمعُ اسمٍ، قال: و إنما مُنِع الصَّرْف في العلم المذكر من حيثُ غلَبت عليه تسمية المؤنث له فلحِق عنده بباب سُعادَ و زَيْنَب، فقوَّى أَبو بكر قول سيبويه إنه في الأَصل وَسْماء، ثم قلبت واوه همزة، و إن كانت مفتوحة، حَمْلًا على باب أحدٍ و أَناةٍ، و إنما شَجُع أبو بكر على ارتكاب هذا القول لأَن سيبويه شرع له ذلك، و ذلك أَنه لما رآه قد جعله فَعْلاء و عدم تركيب [ي س م‏] تَطَلَّب لذلك وَجْهاً، فذهب إلى البلد، و قياسُ قولِ سيبويه أن لا ينصرفَ، و أَسْمَاءُ نكرةٌ لا معرفة لأَنه عنده فَعْلاء، و أما على غير مذهب سيبويه فإنها تَنصرفُ نكرةً و معرفةً لأَنها أَفعال كأَثمار، و مذهبُ سيبويه و أَبي بكر فيها أَشبَهُ بمعنى أَسماء النساء، و ذلك لأَنها عندهما من الوَسَامةِ، و هي الحُسْنُ، فهذا أَشبَهُ في تسميةِ النساء من معنى كونها جمعَ اسمٍ، قال: و ينبغي لسيبويه أن يعتقِدَ مَذهبَ أبي بكر، إذ ليس معنى هذا التركيب على ظاهره، و إن كان سيبويه يتأَوّل عَيْنَ سيّد على أَنها ياء، و إن عُدم هذا التركيب لأَنه [س ي د] فكذلك يتوهم أسماء من [أ س م‏] و إن عدم هذا التركيب إلا هاهنا. و الوَسْمُ: الورَعُ، و الشين لغة؛ قال ابن سيدة: و لست منها على ثقة.
وشم:
ابن شميل: الوُسُومُ و الوُشُومُ العلاماتُ. ابن سيدة: الوَشْمُ ما تجعله المرأَة على ذراعِها بالإِبْرَةِ ثم تَحْشُوه بالنَّؤُور، و هو دُخان الشحم، و الجمع وُشُومٌ و وِشَامٌ؛ قال لبيد:
كِفَفٌ تَعَرَّضُ فوْقَهُنَّ وِشَامُها


و يروى:
... تُعَرَّض ...


، و قد وَشَمَتْ ذِراعَها وَشْماً و وَشَّمَتْه، و كذلك الثَّغْرُ؛ أنشد ثعلب:
ذَكَرْتُ من فاطمةَ التبَسُّما،             غَداةَ تَجْلو واضحاً مُوَشَّما،
عَذْباً لها تُجْري عليه البُرْشُما


و يروى:
عَذْب اللَّها.


و البُرْشُمُ: البُرْقع. و وَشَمَ اليدَ وَشْماً: غَرَزها بإبْرة ثم ذَرَّ عليها النَّؤُور، و هو النِّيلجُ. و الأَشْمُ أَيضاً: الوَشْمُ. و اسْتَوْشَمَه: سأَله أَن يَشِمَه. و اسْتَوْشَمَت المرأَةُ: أَرادت الوَشْمَ أو طَلَبَتْه. و
في الحديث: لُعِنت الوَاشِمَةُ و المُسْتَوْشِمَةُ، و بعضهم يرويه: المُوتَشِمَةُ.
؛ قال أَبو عبيد: الوَشْمُ في اليد و ذلك أَن المرأَة كانت تَغْرِزُ ظهرَ كفِّها و مِعْصَمَها بإبْرةٍ أو بمِسلَّة حتى تُؤثر فيه، ثم تَحشوه بالكُحل أو النِّيل أَو بالنَّؤُور، و النَّؤُورُ دخانُ الشحم، فيَزْرَقُّ أَثره أو يَخْضَرُّ. و
في حديث أَبي بكر لما استَخْلف عمر، رضي الله عنهما: أَشرَف من كَنيفٍ، و أَسماءُ بنتُ عُمَيس مَوْشُومَة اليدِ مُمْسِكَتُه.
أي منقوشة اليد بالحِنَّاء. ابن شميل: يقال فلانٌ أَعظمُ في نفسِه من المُتَّشِمَة، و هذا مَثَل، و المُتَّشِمةُ: امرأَةٌ وَشَمَت اسْتَها ليكون أَحسَن لها. و قال الباهلي: في أمثالهم لَهُو أَخْيَل في نفسه من الوَاشِمَة. قال أَبو منصور: و المُتَّشِمَةُ في الأَصل مُوتَشِمة، و هو مثلُ المُتَّصل، أَصله مُوتَصِل. و وُشُوم الظبْية و المَهاة: خطوطٌ في الذِّراعين؛ و قال النابغة:
أو ذو وُشُومٍ بِحَوْضَى‏


و
في الحديث: أَن داود، عليه السلام، وَشَمَ خطيئتَه في كفِّه فما رَفع إلى فيه طعاماً و لا شراباً حتى بَشَرَه بدُموعه.
؛ معناه نقَشها في كَفِّه نَقْشَ الوَشْمِ. و الوَشْم: الشي‏ءُ تراه من النبات في أَول ما ينبت. و أَوْشَمت الأَرضُ إذا رأَيت فيها شيئاً من النبات. و أَوْشَمت السماءُ: بدا منها بَرْقٌ؛ قال:

638
لسان العرب12

وشم ص 638

حتى إذا ما أَوْشَمَ الرَّواعِدُ


و منه قيل: أَوْشَمَ النبتُ إذا أَبصَرْتَ أَوَّله. و أَوْشَمَ البرْق: لمَعَ لَمْعاً خفيفاً؛ قال أَبو زيد: هو أَوَّلُ البرق حين يَبرُقُ؛ قال الشاعر:
يا مَن يَرى لِبارِقٍ قد أَوْشَمَا


و قال الليث: أَوْشَمَتِ الأَرضُ إذا ظهر شي‏ء من نباتها؛ و أَوْشَمَ فلان في ذلك الأَمر إِيشَاماً إذا نظر فيه؛ قال أَبو محمد الفَقْعسيّ:
إنَّ لها رِيّاً إذا ما أَوْشَما


و أَوْشَمَ يَفْعل ذلك أي أَخذ؛ قال الراجز:
أَوْشَمَ يَذْري وابِلًا رَوِيّا


و أَوْشَمَتِ المرأَةُ: بدأَ ثدْيُها يَنتَأُ كما يُوشِم البرقُ. و أَوْشَمَ فيه الشيبُ: كثُر و انتشر؛ عن ابن الأَعرابي. و أَوْشَمَ الكرْمُ: ابتدأَ يُلوِّن؛ عن أَبي حنيفة. و قال مرة: أَوْشَمَ تَمَّ نُضْجُه. و أَوْشَمَت الأَعنابُ إذا لانَتْ و طابت؛ و قوله:
أقولُ و في الأَكْفانِ أَبْيَضُ ماجِدٌ             كغُصْنِ الأَراكِ وجهُه، حين وَشَّما

يروى: وَشَّمَ و وَسَّمَ، فوَشَّمَ بدا ورقه، و وَسَّم حسُن. و ما أَصابَتْنا العامَ وَشْمَةٌ أي قطرة مطر. و يقال: بيننا وَشِيمَةٌ أي كلام شرّ أو عداوة. و ما عصاه وَشْمَةً أي طَرْفة عَينٍ. و ما عصَيْتُه وَشْمَةً أي كلمة. و
في حديث علي، كرم الله وجهه: و الله ما كتَمْتُ وَشْمَة.
أي كلمة حكاها. و الوَشْمُ: موضع؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
رَدَدْتُهُمُ بالوَشْمِ تَدْمى لِثاتُهُمْ             على شُعَبِ الأَكوار، مِيلَ العَمائم‏

أي انصَرفوا خَزايا مائلةً أَعناقُهم فعمائمهم قد مالت، قال: تَدْمى لِثاتُهم من الحَرَض، كما يقولون: جاءنا تَضِبُّ لِثاتُه. و الوَشْمُ: بلد ذو نخل، به قبائل من رَبيعة و مُضَر دون اليمامة قريب منها، يقال له وَشْمُ اليمامة. و الوُشُوم: موضع؛ و الوَشْمُ في قول جرير:
عَفَتْ قَرْقَرى و الوَشْمُ، حتى تنَكَّرَتْ             أوارِيُّها، و الخَيْلُ مِيلُ الدَّعائمِ‏

زعم أَبو عثمان عن الحرمازيّ أَنه ثمانون قرية، و ذكر ابن الأَثير في ترجمة لثه‏
في حديث ابن عمر قال: لعنَ الوَاشِمَة.
؛ قال نافع: الوَشْمُ في اللِّثة، اللِّثة بالكسر و التخفيف، عُمور الأَسنان و هو مَغارِزُها، و المعروف الآن في الوَشْم أَنه على الجِلد و الشِّفاه، و الله أَعلم.
وصم:
الوَصْمُ: الصَّدْعُ في العُود من غير بَيْنونةٍ. يقال: بهذه القَناة وَصْمٌ. و قد وَصَمْتُ الشي‏ءَ إذا شَدَدته بسرعة. وَصَمَه وَصْماً: صَدَعه. و الوَصْمُ: العيب في الحَسَب، و جمعه وُصُومٌ؛ قال:
أرى المالَ يَغْشى ذا الوُصُومِ فلا تُرى،             و يُدْعى من الأَشْراف أن كان غانيا

و رجل مَوْصُومُ الحسَبِ إذا كان مَعيباً. و وَصَمَ الشي‏ء: عابه. و الوَصْمَةُ: العيب في الكلام؛ و منه‏
قول خالد بن صفوان لرجل: رَحِم اللهُ أَباك فما رأَيت رجلًا أَسْكَنَ فَوْراً، و لا أَبعَد غَوْراً، و لا آخَذَ بذَنَبِ حُجّةٍ، و لا أَعلمَ بوَصْمَةٍ و لا أُبْنةٍ في كلام منه.
؛ الأُبْنة: العيب في الكلام كالوَصْمة، و هو مذكور في موضعه. و الوَصَمُ: المرَضُ. أَبو عبيد: الوَصْمُ العيب يكون في الإِنسان و في كل شي‏ء و الوَصْمُ: العيب و العار، يقال: ما في فلانٍ وَصْمَة أي عيبٌ؛ قال الشاعر:
فإنْ تكُ جَرْمٌ ذاتَ وَصْمٍ، فإنما             دَلَفْنا إلى جَرْمٍ بأَلأَمَ مِن جَرْم‏

639
لسان العرب12

وصم ص 639

الفراء: الوَصْم العيب. و قَناةٌ فيها وَصْمٌ أي صَدع في أُنبوبها. و الوَصْمَةُ: الفَتْرة في الجسد. و وَصَّمَتْه الحُمَّى فتَوَصَّمَ: آلَمَتْه فتأَلَّم؛ أَنشد ثعلب لأَبي محمد الفقعسي:
لم يَلْقَ بُؤْساً لحمُه و لا دَمُهْ،             و لم تَبِتْ حُمَّى به تُوَصِّمُهْ‏
و لم يُجَشَّئْ عن طعامٍ يُبْشِمُهْ،             تَدُقُّ مِدْماكَ الطَّوِيِّ قَدَمُهْ‏

و وَصَّمَه: فتَّره و كسَّله؛ قال لبيد:
و إذا رُمْتَ رَحِيلًا فارْتَحِلْ،             و اعْصِ ما يأْمرُ تَوْصِيمُ الكَسِلْ‏

الجوهري: التَّوْصِيمُ في الجسد كالتَّكْسير و الفَتْرة و الكسَل. و
في الحديث: و إن نامَ حتى يُصْبِحَ أصبَح ثقيلًا مُوَصَّماً.
؛ الوَصْمُ: الفَترة و الكسَل و التواني. و
في حديث فارِعة أُخت أُميَّة: قالت له هل تجدُ شيئاً؟ قال: لا إلا تَوْصِيماً في جسدي، و يروى: إلا تَوْصِيباً.
، بالباء، و قد تقدم ذكره. و في كتاب وائل بن حُجْر: لا تَوْصِيم في الدِّين أي لا تَفْتُروا في إقامةِ الحُدود و لا تُحابوا فيها.
وضم:
الوَضَم: كلُّ شي‏ء يوضع عليه اللحمُ من خشبٍ أو بارِيةٍ يُوقى به من الأَرض؛ قال أَبو زُغْبة الخزرجي، و قيل: هو للحُطَم القيسيّ، و قيل: هو لرُشَيد بن رُمَيض العَنزيّ:
لستُ بِراعي إبلٍ و لا غَنَمْ،             و لا بِجَزَّارٍ على ظَهْرِ وَضَمْ‏

و مثله قول الآخر:
و فِتْيان صِدْقٍ حسان الوُجوهِ،             لا يجدونَ لشي‏ءٍ أَلَمْ‏
من آل المُغيرةِ لا يَشْهدون،             عند المَجازِرِ، لَحْمَ الوَضَمْ‏

و الجمع أَوْضَامٌ. و في المثل: إِنَّ العَيْنَ تُدْني الرجالَ من أَكفانها و الإِبل من أَوْضَامِها. و أَوْضَمَ اللحمَ و أَوْضَمَ له: وضَعَه على الوَضَم. و وَضَمَه يَضِمُه وَضْماً: عَمِلَ له وَضَماً، و في الصحاح: وضَعَه على الوَضَم. و ترَكَهم لَحْماً على وَضَم: أَوْقَع بهم فذَلَّلَهم و أَوْجَعهم. و الوَضَمُ: ما وُضع عليه الطعام فأُكِل؛ قال رؤبة:
دَقّاً كدَقِّ الوَضَم المَرْفُوشِ‏


و
في حديث عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أَنه قال: إنما النساء لَحْمٌ على وَضَمٍ إلَّا ما ذُبَّ عنه.
؛ قال أَبو عبيد: قال الأَصمعي الوَضَمُ الخشبة أو البارية التي يوضعُ عليها اللحمُ، يقول: فهنَّ في الضَّعْفِ مثل ذلك اللحمِ لا يمتنعُ من أَحد إلَّا أَن يُذَبَّ عنه و يُدْفَعَ؛ قال أَبو منصور: إنما خص اللحمَ الذي على الوَضَم و شبَّه النساءَ به لأَن من عادة العرب في باديتها إذا نُحر بعيرٌ لجماعة الحيّ يقتسمونه أن يَقْلَعُوا شجراً كثيراً، و يوضمَ بعضُه على بعض، و يُعَضَّى اللحمُ و يوضعَ عليه، ثم يُلْقى لحمُه عن عُراقِه و يُقَطَّع على الوَضَمِ هَبْراً للقَسْمِ، و تُؤجَّج نارٌ، فإذا سقطَ جَمْرُها اشْتَوى من شاءَ من الحيّ شِواءَةً بعد أُخرى على جَمْرِ النار، لا يُمْنع أَحدٌ من ذلك، فإذا وَقعَت فيه المَقاسِمُ و حازَ كلُّ شَريكٍ في الجَزورِ مَقْسِمَه حَوَّله عن الوَضَمِ إلى بيتِه و لم يَعْرض له أَحد، فشبَّه النساءَ و قلَّةَ امتِناعِهِنَّ على طُلَّابِهِنَّ باللحم ما دام على الوَضَمِ. قال الكسائي: إذا عَمِلْت له وَضَماً قلت وَضَمْتُه أَضِمُه، فإذا وضَعْتَ اللحمَ عليه قلت أَوْضَمْتُه. و الوَضِيمَةُ: طعامُ المَأْتَم، و الوَضِيمَةُ، مثل‏

640
لسان العرب12

وضم ص 640

الوَثيمةِ: الكلأُ المجتمع. و الوَضِيمَةُ: القومُ ينزلون على القوم و هم قليل فيُحْسِنون إليهم و يُكْرِمونهم. الجوهري: قال ابن الأَعرابي الوَضْمَةُ و الوَضِيمَةُ صِرْمٌ من الناس يكون فيه مائتا إنْسانٍ أو ثلاثمائةٍ. و الوَضِيمَةُ: القومُ يقلّ عددُهم فينزلون على قوم؛ قال ابن بري: و منه قول ابن أَبَّاق الدُّبَيْريّ:
أَتَتْني من بني كعْبِ بنِ عَمْرٍو             وَضِيمَتُهم لكَيْما يسأَلوني‏

و وَضَمَ بنو فلانٍ على بني فلانٍ إذا حَلُّوا عليهم. و وَضَمَ القومُ وُضُوماً: تجمَّعوا و تقارَبوا. و القومُ وَضْمَةٌ واحدة، بالتسكين، أي جماعة متقاربة. و هم في وَضْمَةٍ من الناس أي جماعة. و إنّ في جَفِيرِه لَوَضْمةً من نَبْل أي جماعة. و اسْتَوْضَمْتُ الرجلَ إذا ظَلمتَه و اسْتَضَمْتَه. و تَوَضَّمَ الرجلُ المرأَةَ إذا وقع عليها. و قال أَبو الخطاب الأَخفش: الوَضِيمُ ما بين الوُسْطى و البِنْصر. و الأَوْضَمُ: موضع.
وطم:
وَطَمَ السِّتْرَ: أَرْخاه. و وَطِمَ الرجلُ وَطْماً و وُطِمَ: احْتَبَسَ نَجْوُه، و قد ذكر في الهمز في ترجمة أَطم.
وظم:
التهذيب: ابن الأَعرابي الوَظْمَةُ التُّهَمة.
وعم:
ذكر الأَزهري عن يونس بن حبيب أَنه قال: يقال وَعَمْتُ الدار أَعِمُ وَعْماً أي قلت لها انْعِمي؛ و أَنشد:
عِما طَلَلَيْ جُمْلٍ على النَّأْيِ و اسْلَما


و قال الجوهري: وَعَمَ الدارَ قال لها عِمِي صَباحاً؛ قال يونس: و سئل أَبو عمرو بن العلاء عن قول عنترة:
و عِمِي صَباحاً دارَ عَبْلَة و اسْلَمي‏


فقال: هو كما يَعْمِي المطرُ و يَعْمي البحرُ بزَبَدِه، و أَراد كثرةَ الدعاء لها بالاسْتِسْقاء؛ قال الأَزهري: إن كان من عَمى يَعْمي إذا سال فحقّه أن يُرْوى و اعْمِي صَباحاً فيكون أَمْراً من عَمى يَعْمي إذا سال أو رَمى، قال: و الذي سمعناه و حَفِظْناه في تفسير عِمْ صَباحاً أَن معناه انْعِمْ صَباحاً، كذلك روي عن ابن الأَعرابي، قال: و يقال انْعِمْ صَباحاً و عِمْ صباحاً بمعنى واحد؛ قال الأَزهري: كأَنه لما كثر هذا الحرف في كلامهم حذفوا بعضَ حُروفه لمَعرفةِ المُخاطَب به، و هذا كقولهم: لاهُمَّ، و تمامُ الكلام اللَّهم، و كقولك: لهِنَّك، و الأَصل لله إنك. قال ابن سيدة: وَعَمَ بالخَبَر وَعْماً أَخْبَرَ به و لم يَحُقَّه، و الغين المعجمة أَعلى. و الوَعْم: خُطَّةٌ في الجبل تُخالف سائر لَونه، و الجمع وِعَامٌ.
وغم:
الوَغْمُ: القَهْرُ. و الوَغْمُ: الذَّحْلُ و التِّرَة. و الأَوْغَامُ: التِّراتُ؛ و أَنشد ابن بري لخَديج بن حَبيب:
و يا ملِكٌ يُسابِقُنا بوَغْمٍ،             إذا مَلِكٌ طلَبْناه بوَتْرِ

و قال رؤبة:
يَمْطُو بنا من يَطْلُبُ الوُغوما


و
في حديث عليّ: و إنّ بني تميم لم يُسْبَقُوا بوَغْمٍ في جاهليةٍ و لا إسْلامٍ.
؛ الوَغْمُ: التِّرَةُ. و الوَغْمُ: الحِقْدُ الثابتُ في الصدورِ، و جَمعه أَوْغَامٌ؛ قال:
لا تَكُ نَوّاماً على الأَوْغَامِ‏


و الوَغْمُ: الشَّحْناء و السَّخيمةُ. و وَغِمَ عليه، بالكسر، أي حَقَدَ، و قد وَغِمَ صدرُه يَوْغَمُ وَغْماً و وَغَماً، و وَغَمَ و أَوْغَمَه هو. و رجلٌ وَغْمٌ:

641
لسان العرب12

وغم ص 641

حَقُودٌ. و تَوَغَّمَ إذا اغتاظ. و الوَغْمُ: القِتالُ و تَوَغَّمَ القومُ و تَوَاغَمُوا: تَقاتَلوا، و قيل: تَناظروا شَزْراً في القتال. و تَوَغَّمَت الأَبطالُ في الحرْب إذا تَناظَرت شَزْراً. و وَغَمَ به وَغْماً: أَخْبَره بخَبرٍ لم يُحَقِّقْه. و وَغَمْتُ بالخبَر أَغِمُ وَغْماً إذا أَخْبَرْت به من غير أن تَسْتَيْقِنَه أَيضاً، مثل لَغَمْتُه، بالغين معجمة. التهذيب عن أَبي زيد: الوَغْمُ أن تُخْبِرَ عن الإِنسان بالخَبر من وَراء وَراء لا تَحُقُّه. الكسائي: إذا جَهِلَ الخبرَ قال غَبَيْتُ عنه، فإن أَخْبَره بشي‏ء لا يستيقنه قال وَغَمْتُ أَغِمُ وَغْماً. و وَغَمَ إلى الشي‏ء: ذهَب وَهْمُه إليه كوَهَم. و ذهب إليه وَغْمِي أي وَهْمي؛ كلُّ ذلك عن ابن الأَعرابي. ابن نجدة عن أَبي زيد: الوَغْمُ النَّفَسُ؛ قال أَبو تراب: سمعت أَبا الجَهْم الجعفريّ يقول: سمعت منه نَغْمَةً و وَغْمَةً عَرَفْتُها، قال: و الوَغْمُ النَّغْمةُ؛ و أَنشد:
سمِعْتُ وَغْماً منْكَ يا با الهَيْثَمِ،             فقلتُ: لَبَّيْهِ، و لم أَهْتَمِ‏

قال: لم أَهْتَمْ و لم أَعْتَمْ أي لم أُبطئ. و
قوله في الحديث: كلُوا الوَغْمَ و اطرَحوا الفَغْمَ.
؛ قال ابن الأَثير: الوَغْم ما تَساقَط من الطعام، و قيل: ما أَخرجَه الخِلال، و الفَغْمُ ما أَخْرَجْتَه بطرفِ لسانِك من أَسنانك، و هو مذكور في موضعه.
وقم:
الوَقْمُ: جَذْبُكَ العِنانَ. وَقَمَ الدابَّةَ وَقْماً: جَذبَ عِنانَها لتَكُفَّ. و وَقَمَ الرجلَ وَقْماً و وَقَّمَه: أَذلَّه و قهَره، و قيل: رَدَّه أَقبح الردّ؛ و أَنشد الجوهري:
به أَقِمُ الشُّجاعَ، له حُصاصٌ             من القَطِمِينَ، إذْ فَرَّ اللُّيوثُ‏

و القَطِمُ: الهائجُ. وَقَمْتُ الرجل عن حاجته: رَدَدْتُه أَقْبَحَ الردِّ. و وَقَمَه الأَمرُ وَقْماً: حَزَنَه أَشدَّ الحُزْنِ. و المَوْقُوم و المَوكوم: الشديد الحُزْنِ، و قد وَقَمَه الأَمرُ و وَكَمَهُ. الأَصمعي: المَوْقُومُ إذا رَدَدْتَه عن حاجتِه أشدَّ الردّ؛ و أَنشد:
أَجاز مِنّا جائزٌ لم يُوقَم‏


و يقال: قِمْه عن هواه أي ردَّه. ابن السكيت: إنك لَتَوَقَّمُني بالكلام أي تَرْكَبُني و تَتَوثَّبُ عليّ، قال: و سمعت أَعرابيّاً يقول التَّوَقُّمُ التَّهدُّدُ و الزجرُ. الجوهري: الوَقْمُ كسْرُ الرجُل و تذليله. يقال: وَقَمَ الله العَدوَّ إذا أَذَلَّه، و وُقِمَت الأَرض أي وُطِئت و أُكِلَ نَباتُها، قال: و ربما قالوا وُكِمَت، بالكاف، و كذلك المَوْكومُ. و الوِقَامُ: السيفُ، و قيل: السوطُ، و قيل: العصا، و قيل: الحَبْلُ؛ قال أَبو زيد: رواه ابن دريد في كتابه؛ التهذيب: و أما قول الأَعشى:
بَناها من الشَّتْوِيِّ رامٍ يُعِدُّها،             لِقَتْلِ الهَوادِي، داجنٌ بالتَّوَقُّمِ‏

قال: معناه أنه معتادٌ للتَّوَلُّج في قُتْرَتِه. و تَوَقَّمْت الصيدَ: قَتَلْتُه. و فلانٌ يَتَوَقَّمُ كلامي أي يَتَحَفَّظُه و يَعِيه. و وَاقِمٌ: أُطُمٌ من آطامِ المدينة. و حَرَّةُ وَاقِمٍ: معروفةٌ مضافة إليه، و قد ورد ذكرُها في الحديث؛ قال الشاعر:
لَوَ انَّ الرَّدى يَزْوَرُّ عن ذي مَهابةٍ،             لَهابَ خُضَيْراً يومَ أَغْلَقَ وَاقِما

و هو رجل من خَزرج يقال له خُضَير الكتائب؛ قال ابن بري: و ذكر بعضهم أَنه حُضَير، بالحاء المهملة لا غير، و رأَيت هنا حاشية بخط الشيخ رضيّ الدين‏

642
لسان العرب12

وقم ص 642

الشاطبيّ النحويّ، رحمه الله، قال: ليس حُضَير من الخزرج، و إنما هو أَوْسِيّ أَشْهَليّ، و حاؤه في أَوله مهملة، قال: لا أَعلم فيها خلافاً، و الله أَعلم.
وكم:
وَكَمَ الرجلَ وكْماً: ردَّه عن حاجته أَشدَّ الردِّ. و وَكِمَ من الشي‏ء: جَزِعَ و اغْتَمَّ له منه. الكسائي: المَوْقومُ و المَوْكُومُ الشديدُ الحُزْنِ. و وَقَمه الأَمرُ وَ وَكَمَه أي حَزَنه. و وُكِمَت الأَرضُ: وُطِئت و أُكِلَت و رُعِيَت فلم يَبْقَ فيها ما يَحْبِس الناس. ابن الأَعرابي: الوَكْمَةُ الغَيْظةُ المُشْبَعةُ «2» و الوَمْكةُ الفُسْحةُ.
ولم:
الوَلْمُ و الوَلَمُ: حِزامُ السَّرْج و الرَّحْل. و الوَلْمُ: الحَبْلُ الذي يُشَدُّ من التصْدير إلى السِّناف لئلا يَقْلَقا. و الوَلْمُ: القَيْدُ. و الوَلِيمَةُ: طعامُ العُرس و الإِمْلاكِ، و قيل: هي كلُّ طعامٍ صُنِع لعُرْسٍ و غيره، و قد أَوْلَمَ. قال أَبو عبيد: سمعت أَبا زيد يقول: يسمَّى الطعامُ الذي يُصْنَع عند العُرس الوَلِيمَةَ، و الذي عند الإِمْلاكِ النَّقيعةَ؛ و
قال النبي، صلى الله عليه و سلم، لعبد الرحمن بن عوف و قد جمع إليه أَهلَه: أَوْلِمْ و لو بشاةٍ.
أَي اصْنَع وَليمةً، و أصل هذا كلِّه من الاجتماع، و تكرَّر ذكرها في الحديث. و
في الحديث: ما أَوْلَمَ على أَحد من نسائه ما أَوْلَمَ على زينبَ، رضي الله عنها.
أَبو العباس: الوَلْمَةُ تمامُ الشي‏ء و اجتِماعُه. و أَوْلَمَ الرجلُ إذا اجتمعَ خَلْقُه و عقلُه. أَبو زيد: رجلٌ وَيْلُمِّه داهيةٌ أَيُّ داهيةٍ. و قال ابن الأَعرابي:؛ إنه لَوَيْلُمِّه من الرجال مثلُه، و الأَصل فيه وَيْلٌ لأُمِّه، ثم أُضيف وَيْلٌ إلى الأُم.
ونم:
الوَنِيمُ: خُرْءُ الذباب، وَنَمَ الذُّبابُ وَنْماً و وَنِيماً و ذَقَطَ. الجوهري: وَنِيمُ الذباب سَلْحه؛ و أَنشد الأَصمعي للفرزدق:
لقد وَنَمَ الذُّبابُ عليه، حتى             كأَنَّ وَنِيمَه نُقَطُ المِدادِ

وهم:
الوَهْمُ: من خَطَراتِ القلب، و الجمع أَوْهامٌ، و للقلب وَهْمٌ. و تَوَهَّمَ الشي‏ءَ: تخيَّله و تمثَّلَه، كان في الوجود أَو لم يكن. و قال: تَوهَّمْتُ الشي‏ءَ و تفَرَّسْتُه و تَوسَّمْتُه و تَبَيَّنْتُه بمعنى واحد؛ قال زهير في معنى التَوَهُّم:
فَلأْياً عَرَفْتُ الدار بعدَ تَوهُّمِ «3».


و الله عز و جل لا تُدْرِكُه أَوْهامُ العِبادِ. و يقال: تَوَهَّمْت فيَّ كذا و كذا. و أَوْهَمْت الشي‏ء إذا أَغفَلْته. و يقال: وَهِمْتُ في كذا و كذا أي غلِطْتُ. ثعلب: و أَوْهَمْتُ الشي‏ءَ تركتُه كلَّه أُوهِمُ. و
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم: أَنه صلَّى فأَوْهَمَ في صلاتِه، فقيل: كأَنك أَوْهَمْت في صلاتِك، فقال: كيف لا أُوهِمُ و رُفغُ أَحدِكم بين ظُفُره و أَنْمُلَتِه.
؟ أي أَسقَط من صلاته شيئاً. الأَصمعي: أَوْهَمَ إذا أَسقَط، وَ وَهِمَ إذا غَلِط. و
في الحديث: أنه سجَد للوَهَمِ و هو جالس.
أي للغلط. و
أَورد ابنُ الأَثير بعضَ هذا الحديث أَيضاً فقال: قيل له كأَنك وَهِمْتَ، قال: و كيف لا أَيهَمُ.
؟ قال: هذا على لغة بعضهم، الأَصلُ أَوْهَمُ بالفتح و الواوِ، فكُسِرت الهمزةُ لأَنَّ قوماً من العرب يكسِرون مُسْتقبَل فَعِل فيقولون إعْلَمُ و تِعْلَم، فلما كسر همزة أوْهَمُ انقلبت الواوُ ياءً. و وَهَمَ إليه يَهِمُ وَهْماً: ذَهب وهْمُه إليه. و وَهَمَ في‏
__________________________________________________
 (2). قوله [الغيظة المشبعة] هذا ما بالأَصل و التهذيب و التكملة و فيها جميعها المشبعة بالشين المعجمة كالقاموس.
 (3). صدر البيت:
وقَفْتُ بها من بعدِ عشرين حِجَّةً.

 

643
لسان العرب12

وهم ص 643

الصلاة وَهْماً و وَهِمَ، كلاهما: سَهَا. و وَهِمْتُ في الصلاة: سَهَوْتُ فأَنا أَوْهَمُ. الفراء: أَوْهَمْتُ شيئاً و وَهَمْتُه، فإذا ذهب وَهْمُك إلى الشي‏ء قلت وَهَمْت إلى كذا و كذا أَهِمُ وَهْماً. و
في الحديث: أَنه وَهَمَ في تزويج ميمونةَ.
أي ذهَب وَهْمُه. و وَهَمْت إلى الشي‏ءِ إذا ذهب قلبُك إليه و أَنت تريد غيرَهُ أَهِمُ وَهْماً. الجوهري: وَهَمْتُ في الشي‏ء، بالفتح، أَهِمُ وَهْماً إذا ذهَبَ وَهْمُك إليه و أَنت تريد غيره، و توَهَّمْتُ أي ظننت، و أَوْهَمْتُ غيري إيهَاماً، و التَّوْهِيمُ مثلُه؛ و أَنشد ابن بري لحُميد الأَرْقط يصف صَقْراً:
بَعِيد تَوْهِيم الوِقاع و النَّظَرْ


وَ وَهِمَ، بكسر الهاء: غَلِط و سَهَا. و أَوْهَمَ من الحساب كذا: أَسقط، و كذلك في الكلام و الكتاب. و قال ابن الأَعرابي: أَوْهَمَ و وَهِمَ و وَهَمَ سواء؛ و أَنشد:
فإن أَخْطَأْتُ أَو أَوْهَمْتُ شيئاً،             فقد يَهِمُ المُصافي بالحَبيبِ‏

قوله شيئاً منصوب على المصدر؛ و قال الزِّبْرِقان بن بَدْر:
فبِتِلك أَقْضي الهَمَّ إذ وَهِمَتْ به             نَفْسي، و لستُ بِنَأْنإٍ عَوّارِ

شمر: أَوْهَمَ و وَهِمَ وَ وَهَمَ بمعنى، قال: و لا أَرى الصحيح إلَّا هذا. الجوهري: أَوْهَمْتُ الشي‏ءَ إذا تركته كلَّه. يقال: أَوْهَمَ من الحساب مائةً أي أَسقَط، و أَوْهَمَ من صلاته ركعةً، و قال أبو عبيد: أَوْهَمْتُ أَسقطتُ من الحساب شيئاً، فلم يُعَدِّ أَوْهَمْتُ. و أَوْهَمَ الرجلُ في كتابه و كلامه إذا أَسقَط. و وَهِمْتُ في الحساب و غيره أَوْهَمُ وَهَماً إذا غَلِطت فيه و سَهَوْت. و يقال: لا وَهْمَ من كذا أي لا بُدَّ منه. و التُّهَمَةُ: أصلها الوُهَمةُ من الوَهْم، و يقال اتَّهَمْتُه افتِعال منه. يقال: اتَّهَمْتُ فلاناً، على بناء افتعَلْت، أي أَدخلتُ عليه التُّهَمة. الجوهري: اتَّهَمْتُ فلاناً بكذا، و الاسم التُّهَمَةُ، بالتحريك، و أَصل التاء فيه واوٌ على ما ذكر في وَكلَ. ابن سيدة: التُّهَمَةُ الظنُّ، تاؤه مبدلةٌ من واوٍ كما أبدلوها في تُخَمةٍ؛ سيبويه: الجمع تُهَمٌ، و استدل على أَنه جمع مكسر بقول العرب: هي التُّهَمُ، و لم يقولوا هو التُّهمُ، كما قالوا هو الرُّطَبُ، حيث لم يجعلوا الرُّطَبَ تكسيراً، إنما هو من باب شَعيرة و شَعير. و اتَّهَمَ الرجلَ و أَتْهَمَه و أَوْهَمَه: أَدخلَ عليه التُّهمةَ أي ما يُتَّهَم عليه، و اتَّهَمَ هو، فهو مُتَّهِمٌ و تَهِيمٌ؛ و أَنشد أَبو يعقوب:
هُما سَقياني السُّمَّ من غيرِ بِغضةٍ،             على غيرِ جُرْمٍ في إناءِ تَهِيمِ‏

و أَتْهَمَ الرجُل، على أَفْعَل، إذا صارت به الرِّيبةُ. أبو زيد: يقال للرجل إذا اتَّهَمْتَه: أَتْهَمْتُ إتْهَاماً، مثل أَدْوَأْتُ إدْواءً. و
في الحديث: أَنه حُبس في تُهْمةٍ.
؛ التُّهْمةُ: فُعْلةٌ من الوَهْم، و التاء بدل من الواو و قد تفتح الهاء. و اتَّهَمْتُه: ظننتُ فيه ما نُسب إليه. و الوَهْمُ: الطريق الواسع، و قال الليث: الوَهْمُ الطريقُ الواضح الذي يَرِدُ المَوارِدَ و يَصْدُرُ المَصادِرَ؛ قال لبيد يصف بعيرَه و بعيرَ صاحبه:
ثم أَصْدَرْناهُما في واردٍ             صادرٍ، وَهْمٍ صُواهُ، كالمُثُل‏

644
لسان العرب12

وهم ص 643

أَراد بالوَهْمِ طريقاً واسعاً؛ قال ذو الرمة يصف ناقته:
كأَنها جَمَلٌ وَهْمٌ، و ما بَقِيتْ             إِلَّا النَّحيزةُ و الأَلْواحُ و العَصَبُ‏

أَراد بالوَهْم جملًا ضَخْماً، و الأُنثى وَهْمَةٌ؛ قال الكميت:
يَجْتابُ أَرْدِيَةَ السَّرابِ، و تارةً             قُمُصَ الظّلامِ، بوَهْمةٍ شِمْلالِ‏

و الوَهْم: العظيمُ من الرجال و الجمالِ، و قيل: هو من الإِبل الذَّلولُ المُنْقادُ مع ضِخَمٍ و قوّةٍ، و الجمع أَوْهَامٌ و وُهُومٌ و وُهُمٌ. و قال الليث: الوَهْمُ الجملُ الضخم الذَّلُولُ.
ويم:
قال في ترجمة وأَم: ابن الأَعرابي الوَأْمةُ المُوافقَةُ، و الوَيْمَةُ التُّهْمَةُ، و الله أَعلم.
فصل الياء المثناة من تحتها
يتم:
اليُتْمُ: الانفرادُ؛ عن يعقوب. و اليَتِيم: الفَرْدُ. و اليُتْمُ و اليَتَمُ: فِقْدانُ الأَب. و قال ابن السكيت: اليُتْمُ في الناس من قِبَل الأَب، و في البهائم من قِبَل الأُم، و لا يقال لمن فَقَد الأُمَّ من الناس يَتِيمٌ، و لكن منقطع. قال ابن بري: اليَتِيمُ الذي يموت أَبوه، و العَجِيُّ الذي تموت أُمه، و اللَّطيم الذي يموتُ أَبَواه. و قال ابن خالويه: ينبغي أَن يكون اليُتْمُ في الطير من قِبَل الأَب و الأُمِّ لأَنهما كِلَيْهِما يَزُقَّانِ فِراخَهما، و قد يَتِمَ الصبيُّ، بالكسر، يَيْتَمُ يُتْماً و يَتْماً، بالتسكين فيهما. و يقال: يَتَمَ و يَتِمَ و أَيْتَمَه اللهُ، و هو يَتِيمٌ حتى يبلغَ الحُلُم. الليث: اليَتِيمُ الذي مات أَبوه فهو يَتِيمٌ حتى يبلغَ، فإِذا بلغ زال عنه اسمُ اليُتْم، و الجمع أَيْتَامٌ و يَتَامَى و يَتَمَةٌ، فأَما يَتَامَى فعلى باب أَسارى، أَدخلوه في باب ما يكرهون لأَن فَعالى نظيرُه فَعْلى، و أَما أَيْتَام فإِنه كُسِّر على أَفعالٍ كما كَسَّرُوا فاعلًا عليه حين قالوا شاهد و أَشْهاد، و نظيرُه شريفٌ و أَشْراف و نَصِيرٌ و أَنْصارٌ، و أَما يَتَمَةٌ فعلى يَتَمَ فهو يَاتِمٌ، و إِن لم يسمع «4». الجوهري يَتَّمَهم الله تَيْتِيماً جعلهم أَيْتَاماً؛ قال الفِنْدُ الزِّمَّانيّ و اسمه شَهْل بن شَيْبان:
بضَرْبٍ فيه تَأْيِيمُ،             و تَيْتِيمٌ و إِرْنانُ‏

قال المفضل: أَصل اليُتْم الغفْلةُ، و سمي اليَتِيمُ يَتِيماً لأَنه يُتَغافَلُ عن بَرِّه. و قال أَبو عمرو: اليُتْم الإِبطاء، و منه أُخذ اليَتيم لأَن البِرَّ يُبْطِئُ عنه. ابن شميل: هو في مَيْتَمةٍ أَي في يَتامى، و هذا جمع على مَفْعَلةٍ كما يقال مَشْيَخة للشُّيوخ و مَسْيَفَة للسُّيوف. و قال أَبو سعيد: يقال للمرأة يَتِيمةٌ لا يزول عنها اسمُ اليُتْمِ أَبداً؛ و أَنشدوا:
و ينْكِح الأَرامِل اليَتَامَى‏


و قال أَبو عبيدة: تُدْعى يَتِيمَةً ما لم تَتزوج، فإِذا تَزوَّجت زال عنها اسمُ اليُتْم؛ و كان المُفَضَّل ينشد:
أَ فاطِمَ، إِني هالكٌ فتثَبَّتي،             و لا تَجْزَعي، كلُّ النساء يَتيمُ‏

و في التنزيل العزيز: وَ آتُوا الْيَتامى‏ أَمْوالَهُمْ‏
؛ أَي أَعطوهم أَموالَهُم إِذا آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً، و سُمُّوا يَتَامَى بعد أَن أُونِسَ منهم الرُّشْدُ بالاسم الأَول الذي كان لهم قبل إِيناسِه منهم، و قد تكرر في الحديث ذكر اليُتْم و اليَتِيمِ و اليَتيمة و الأَيْتام و اليتامى و ما تصرّف منه. و اليُتْمُ في الناس: فَقدُ
__________________________________________________
 (4). قولهم: و إن لم يسمع؛ هكذا في الأصل، و لعلّ في الكلام سقطاً.

645
لسان العرب12

يتم ص 645

الصبيّ أَباه قبل البلوغ، و في الدوابّ: فَقْدُ الأُمّ، و أصلُ اليُتْم، بالضم و الفتح، الانفرادُ، و قيل: الغفْلةُ، و الأُنثى يَتيمةٌ، و إذا بَلَغا زال عنهما اسمُ اليُتْم حقيقةً، و قد يطلق عليهما مجازاً بعد البلوغ كما
كانوا يُسَمُّون النبي، صلى الله عليه و سلم، و هو كبيرٌ يَتِيمَ أَبي طالب لأَنه رَبَّاه بعد موتِ أَبيه.
و
في الحديث: تُسْتأْمَرُ اليَتِيمَة في نَفْسها، فإِن سَكَتَتْ فهو إِذْنُها.
؛ أَراد باليَتِيمَة البِكْرَ البالغةَ التي مات أَبوها قبل بلوغِها فلَزِمَها اسم اليُتْمِ، فدُعِيت به و هي بالغةٌ مجازاً. و
في حديث الشعبي: أَن امرأَة جاءَت إِليه فقالت إِني امرأَةٌ يَتِيمَةٌ، فضَحِك أَصحابُه فقال: النساءُ كلُّهنّ يَتَامَى.
أَي ضَعائفُ. و حكى ابن الأَعرابي: صَبيٌّ يَتْمانُ؛ و أَنشد لأَبي العارِم الكلابيّ:
فَبِتُّ أُشَوِّي صِبْيَتي و حَليلتي             طَرِيّاً، و جَرْوُ الذِّئب يَتْمَانُ جائعُ‏

قال ابن سيدة: و أَحْرِ بيَتَامَى أَن يكون جمعَ يَتْمَانَ أَيضاً. و أَيْتَمَتِ المرأَةُ و هي مُوتِمٌ: صار ولدُها يَتيماً أَو أَولادُها يَتَامَى، و جمعها مَيَاتِيمُ؛ عن اللحياني. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: قالت له بنتُ خُفَافٍ الغِفاريّ: إِنَّي امرأَةٌ مُوتِمةٌ تُوُفِّي زَوْجِي و تَركَهم.
و قالوا: الحَرْبُ مَيْتَمَةٌ يَيْتَمُ فيها البَنونَ، و قالوا: لا يحا «1» ..... الفصيل عن أُمّه فإِن الذِّئْب عالمٌ بمكان الفَصِيل اليَتِيم. و اليَتَمُ: الغَفْلةُ. و يَتِمَ يَتَماً: قصَّر و فَتَر؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
و لا يَيْتَمُ الدَّهْرُ المُواصِل بينَه             عن الفَهِّ، حتى يَسْتَدِير فيَضْرَعا

و اليَتَمُ: الإِبْطاءُ و يقال: في سيره يَتَمٌ؛ بالتحريك، أَي إِبْطاءٌ؛ و قال عمرو بن شاس:
و إِلا فسِيرِي مثْلَ ما سارَ راكِبٌ             تَيَمَّمَ خِمْساً، ليس في سَيْرِه يَتَمْ‏

يروى أَمَم. و اليَتَمُ أَيضاً: الحاجةُ؛ قال عِمْران بن حِطّان:
و فِرَّ عنِّي من الدُّنْيا و عِيشَتها،             فلا يكنْ لك في حاجاتها يَتَمُ‏

و يَتِمَ من هذا الأَمر يَتَماً: انْفَلَت. و كلُّ شي‏ء مُفْرَدٍ بغير نَظيرِه فهو يَتِيمٌ. يقال: دُرّةٌ يَتِيمَةٌ. الأَصمعي: اليَتِيمُ الرَّمْلةُ المُنْفردة، قال: و كلُّ مُنْفردٍ و منفردةٍ عند العرب يَتِيمٌ و يَتِيمَةٌ؛ و أَنشد ابن الأَعرابي أَيضاً البيت الذي أَنشده المفضل:
و لا تَجْزَعي، كلُّ النساء يَتِيمُ‏


و قال: أَي كلُّ مُنْفردٍ يَتِيمٌ. قال: و يقول الناس إِنّي صَحَّفت و إِنما يُصَحَّف من الصعب إِلى الهيّنِ لا من الهيّن إِلى الصعب «2». ابن الأَعرابي: المَيْتَمُ المُفْرَدُ «3». من كل شي‏ء.
يسم:
الياسِمِينُ و الياسَمِينُ: معروف، فارسيٌّ معرَّب، قد جرى في كلام العرب؛ قال الأَعشى:
و شاهِسْفَرَمْ و اليَاسِمينُ و نَرْجِسٌ             يُصَبِّحُنا في كلُّ دَجْنٍ تَغَيَّما

فمن قال يَاسِمُونَ جعل واحدَه يَاسِماً، فكأَنه في التقدير يَاسِمَة لأَنّهم ذهبوا إِلى تأْنيث الرَّيْحانة و الزَّهْرة، فجمعوه على هجاءَيْن، و من قال ياسِمينُ فرفع النون جعَله واحداً و أَعرب نُونَه، و قد جاء
__________________________________________________
 (1). كذا بياض بالأَصل.
 (2). هذه الجملة من [قال و يقول الناس‏] لا تتعلق بما قبلها و لا بما بعدها.
 (3). قوله [المَيْتَم المفرد] كذا بالأصل.

646
لسان العرب12

يسم ص 646

اليَاسِمُ في الشعر فهذا دليل على زيادة يائِه و نونِه؛ قال أَبو النجم:
منْ ياسِمٍ بِيضٍ و وَرْدٍ أَحْمَرا             يَخْرُج من أَكْمامِه مُعَصْفَرا

قال ابن بري: يَاسِمٌ جمعُ يَاسِمَةٍ، فلهذا قال بِيض، و يروى:
... و وَرْدٍ أَزْهرا.


الجوهري: بعض العرب يقول شَمِمْت اليَاسِمِينَ و هذا يَاسِمُونَ، فيُجْرِيه مُجْرى الجمع كما هو مقول في نَصيبينَ؛ و أَنشد ابن بري لعمر بن أَبي ربيعة:
إِنَّ لي عندَ كلِّ نَفْحةِ بُسْتانٍ             منَ الوَرْدِ، أَو منَ الياسِمِينَا
نَظْرةً و التفاتَةً لكِ، أَرْجُو             أَنْ تكُونِي حَلَلْتِ فيما يَلِينَا

التهذيب: يَسُومُ اسمُ جبلٍ صخرهُ مَلْساء؛ قال أَبو وجزة:
و سِرْنا بمَطْلُولٍ من اللَّهْوِ لَيِّنٍ،             يَحُطّ إِلى السَّهْلِ اليَسُومِيّ أَعْصَما

و قيل: يَسُوم جبل بعينه؛ قالت ليلى الأَخيلِيَّة:
لن تَسْتطِيعَ بأَن تُحَوِّلَ عِزّهُمْ،             حتى تُحَوِّلَ ذا الهِضابِ يَسُومَا

و يقولون: الله أَعلم مَنْ حَطَّها منْ رأْسِ يَسُومَ؛ يريدون شاةً مسروقةً «1». في هذا الجبل.
يلم:
ما سَمِعْتُ له أَيْلَمَةً أَي حركةً؛ و أَنشد ابن بري:
فما سَمِعْتُ بعدَ تِلك النَّأَمَهْ             مِنها، و لا منه هُناكَ أَيْلَمَهْ‏

قال أَبو علي: و هي أَفْعَلَة دون فَيْعَلة، و ذلك لأَن زيادةَ الهمزة أَوّلًا كثير و لأَن أَفْعَلة أَكثر من فَيْعَلة. الجوهري: يَلَمْلَم لغة في أَلَمْلَم، و هو ميقاتُ أَهل اليمن. قال ابن بري: قال أَبو علي يَلَمْلَم فَعَلْعَل، الياءُ فاءُ الكلمة و اللام عينها و الميم لامها.
يمم:
الليث: اليَمُّ البحرُ الذي لا يُدْرَكُ قَعْرُه و لا شَطَّاه، و يقال: اليَمُّ لُجَّتُه. و قال الزجاج: اليَمُّ البحرُ، و كذلك هو في الكتاب، الأَول لا يُثَنَّى و لا يُكَسَّر و لا يُجْمَع جمعَ السلامة، و زَعَم بعضُهم أَنها لغة سُرْيانية فعرّبته العرب، و أَصله يَمَّا، و يَقَع اسمُ اليَمّ على ما كان ماؤه مِلْحاً زُعاقاً، و على النهر الكبير العَذْب الماء، و أُمِرَتْ أُمُّ موسى حينَ وَلَدَتْه و خافتْ عليه فِرْعَوْنَ أَن تجعلَه في تابوت ثم تَقْذِفَه في اليَمِّ، و هو نَهَرُ النيل بمصر، حماها الله تعالى، و ماؤه عَذْبٌ. قال الله عز و جل: فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ‏
؛ فَجَعل له ساحِلًا، و هذا كله دليلٌ على بطلان قول الليث إِنه البحر الذي لا يُدْرَكُ قَعْرُه و لا شَطَّاه. و
في الحديث: ما الدنيا في الآخرة إِلا مِثْلُ ما يَجْعَلُ أَحدُكم إِصْبَعه في اليَمِّ فلْيَنْظُرْ بِمَ تَرْجِعُ.
؛ اليَمُّ: البحرُ. و يُمَّ الرجلُ، فهو مَيْمُومٌ إِذا طُرِح في البحر، و في المحكم: إِذا غَرِقَ في اليَمِّ. و يُمَّ الساحلُ يَمّاً: غَطَّاه اليَمُّ و طَما عليه فغلَب عليه. ابن بري: و اليَمُّ الحيَّةُ. و اليَمَامُ: طائرٌ، قيل: هو أَعمُّ من الحَمام، و قيل: هو ضربٌ منه، و قيل: اليَمَامُ الذي يَسْتَفْرِخُ،
__________________________________________________
 (1). قوله [شاة مسروقة إلخ‏] عبارة الميداني: أصله أن رجلًا نذر أن يذبح شاة فمر بيَسُوم و هو جبل فرأى فيه راعياً فقال: أ تبيعني شاة من غنمك؟ قال: نعم، فأنزل شاة فاشتراها و أمر بذبحها عنه ثم ولى، فذبحها الراعي عن نفسه و سمعه ابن الرجل يقول ذلك فقال لأَبيه: سمعت الراعي يقول كذا، فقال: يا بُنَيَّ الله أعلم إلخ. يضرب مثلًا في النية و الضمير، و مثله لياقوت.

647
لسان العرب12

يمم ص 647

و الحَمامُ هو البرِّي الذي لا يأْلفُ البيوت. و قيل: اليَمَامُ البري من الحَمام الذي لا طَوْقَ له. و الحَمامُ: كلُّ مُطَوَّقٍ كالقُمْريّ و الدُّبْسي و الفاخِتَةِ؛ و لما فسر ابن دريد قوله:
صُبَّة كاليَمَامِ تَهْوي سِراعاً،             و عَدِيٌّ كمثْلِ سَيرِ الطريقِ‏

قال: اليَمَامُ طائرٌ، فلا أَدري أَ عَنى هذا النوعَ من الطير أَمْ نوعاً آخر. الجوهري: اليَمَامُ الحَمامُ الوَحْشيّ، الواحدة يَمَامةٌ؛ قال الكسائي: هي التي تأْلفُ البيوت. و اليَامُومُ: فرخُ الحمامةِ كأَنه من اليمامةِ، و قيل: فرخُ النعامة. و أَما التَّيَمُّمُ الذي هو التَّوَخِّي، فالياء فيه بدلٌ من الهمزة، و قد تقدم. الجوهري: اليَمَامَةُ اسمُ جارية زَرْقاء كانت تُبْصِرُ الراكب من مسيرةِ ثلاثة أَيام، يقال: أَبْصَرُ من زَرْقاء اليَمَامَةِ. و اليَمَامَةُ: القَرْيَةُ التي قصَبتُها حَجْرٌ كان اسمُها فيما خلا جَوّاً، و في الصحاح: كان اسمُها الجَوَّ فسُمِّيت باسم هذه الجارية لكثرة ما أُضيفَ إِليها، و قيل: جوُّ اليَمَامَة، و النِّسْبةُ إِلى اليمامةِ يَمَامِيٌّ. و في الحديث ذكر اليَمَامَةِ، و هي الصُّقْعُ المعروف شرْقيَّ الحِجاز، و مدينتُها العُظْمى حَجْرُ اليَمَامَة، قال: و إِنما سُمِّي اليَمَامَةَ باسم امرأَة كانت فيه تسْكُنه اسمها يَمَامَة صُلِبَت على بابه. و قولُ العرب: اجتَمعت اليَمَامَةُ، أَصله اجتمعَ أَهلُ اليمامةِ ثم حُذف المضاف فأُنِّث الفعلُ فصار اجتمَعت اليمامةُ، ثم أُعيد المحذوف فأُقرَّ التأْنيث الذي هو الفرع بذاته، فقيل: اجتمعت أَهلُ اليمامةِ. و قالوا: هو يَمَامَتي و يَمَامِي كأَمامي. ابن بري: و يَمَامَةُ كلِّ شي‏ء قَطَنُه، يقال: الْحَقْ بيَمَامَتِك؛ قال الشاعر:
فقُلْ جابَتي لَبَّيْكَ و اسْمَعْ يَمَامَتِي،             و أَلْيِنْ فِراشي، إِنْ كَبِرْتُ، و مَطعَمي‏

ينم:
اليَنَمَةُ: عُشبةٌ طَيِّبةٌ. و اليَنَمَةُ: عشبةٌ إِذا رَعَتْها الماشيةُ كثُرَ رغوةُ أَلْبانها في قِلَّة. ابن سيدة: اليَنَمَةُ نَبْتةٌ من أَحْرار البقول تَنْبت في السَّهل و دَكادِكِ الأَرض، لها ورقٌ طِوالٌ لطافٌ محَدَّبُ الأَطرافِ، عليه وبَرٌ أَغْبَرُ كأَنه قطع الفِراءِ، و زَهْرَتُها مثلُ سُنْبلةِ الشعير و حبُّها صغيرٌ. و قال أَبو حنيفة: اليَنَمةُ ليس لها زهرٌ، و فيها حبٌّ كثير، يَسْمَن عليها الإِبلُ و لا تَغْزُرُ، قال: و من كلام العرب: قالت اليَنَمَةُ أَنا اليَنَمه، أَغْبُقُ الصبيَّ بعد العَتَمه، و أَكُبُّ الثُّمالَ فوق الأَكَمَه؛ تقول: دَرِّي يُعَجّل للصبي و ذلك أَن الصبيّ لا يَصْبر، و الجمع يَنَمٌ، قال مُرَقِّش و وصف ثورَ وحش:
بات بغَيْثٍ مُعْشِبٍ نبْتُه،             مُخْتَلِطٍ حُرْبُثُه و اليَنَمْ‏

و يقال: يَنَمَةٌ خذْواء إِذا استَرْخى ورقها عند تمامه؛ قال الراجز:
أَعْجَبَها أَكْلُ البعير اليَنَمَهْ‏


يهم:
اليَهْمَاءُ: مفازةٌ لا ماء فيها و لا يُسْمع فيها صوتٌ. و قال عُمارة: الفَلاة التي لا ماء فيها و لا عَلَمَ فيها و لا يُهتدَى لطُرُقِها؛ و في حديث قُسٍّ:
كلُّ يَهْمَاء يَقْصُرُ الطَّرْفُ عنها،             أَرْقَلَتْها قِلاصُنا إِرْقالا

و يقال لها هَيْماء. و ليلٌ أَيْهَمُ: لا نجُومَ فيه. و اليَهْمَاء: فلاةٌ مَلْساء ليس بها نبتٌ. و الأَيْهَمُ: البلدُ الذي لا عَلَم به. و اليَهْمَاءُ: العَمْياء، سميت به لِعَمَى مَن يَسْلُكها كما قيل للسَّيْلِ و البعير الهائج‏

648
لسان العرب12

يهم ص 648

الأَيْهَمَانِ، لأَنهما يَتَجَرْثَمانِ كلَّ شي‏ء كتَجَرْثُم الأَعْمى، و يقال لهما الأَعْمَيان. و اليَهْمَاءُ: التي لا مَرْتَع بها، أَرضٌ يَهْمَاء. و اليَهْمَاءُ: الأَرضُ التي لا أَثر فيها و لا طَرِيقَ و لا عَلَمَ، و قيل هي الأَرض التي لا يُهتَدى فيها لطريقٍ، و هي أَكثر استعمالًا من الهَيْماء، و ليس لها مذَكَّر من نوعها. و قد حكى ابن جني: بَرٌّ أَيْهَمُ، فإِذا كان ذلك فلها مُذكَّر. و الأَيْهَمُ من الرجال: الجري‏ء الذي لا يُستطاعُ دَفْعُه. و في التهذيب: الشجاعُ الذي لا يَنْحاشُ لشي‏ء، و قيل: الأَيْهَمُ الذي لا يَعي شيئاً و لا يحفظُه، و قيل: هو الثَّبْتُ العِناد جهلًا لا يَزِيغُ إِلى حجّةٍ و لا يَتَّهِمُ رأْيَه إِعجاباً. و الأَيْهَمُ: الأَصَمُّ، و قيل: الأَعْمى. الأَزهري: و الأَيْهَمُ من الناس الأَصمُّ الذي لا يَسمع، بيِّنُ اليَهَمِ؛ و أَنشد:
كأَني أُنادي أَو أُكَلِّمُ أَيْهَمَا


و سَنَةٌ يَهْمَاء: ذات جُدوبةٍ. و سِنون يُهْمٌ: لا كلأَ فيها و لا ماءَ و لا شجر. أَبو زيد: سَنةٌ يَهْمَاءُ شديدةٌ عَسِرَةٌ لا فَرَحَ فيها. و الأَيْهَمُ: المُصابُ في عقله. و الأَيْهَمُ: الرجلُ الذي لا عقلَ له و لا فَهْمَ؛ قال العجاج:
إِلَّا تَضالِيلُ الفُؤادِ الأَيْهَمِ‏


أَراد الأَهْيم فقلبه؛ و قال رؤبة:
كأَنما تَغْريدُه بعد العَتَمْ             مُرْتَجِسٌ جَلْجَلَ، أَوحادٍ نَهَمْ‏
أَو راجزٌ فيه لَجاجٌ و يَهَمْ‏


أَي لا يَعْقِل. و الأَيْهَمانِ عند أَهل الحَضَر: السيلُ و الحريقُ، و عند الأَعراب: الحريقُ و الجملُ الهائجُ، لأَنه إِذا هاجَ لم يُستَطَعْ دَفْعُه بمنزلة الأَيهَمِ من الرجال و إِنما سمي أَيْهَمَ لأَنه ليسَ مما يُسْتطاعُ دَفْعُه، و لا يَنْطِق فيُكلَّم أَو يُسْتَعْتَب، و لهذا قيل للفلاة التي لا يُهْتَدَى بها للطريق: يَهْمَاء، و البَرُّ أَيْهَم؛ قال الأَعشى:
و يَهْمَاء بالليل عَطْشَى الفَلاةِ،             يُؤْنِسُني صَوْتُ فَيّادِها

قال ابن جني: ليس أَيْهَم و يَهْمَاء كأَدْهَم و دَهْماء لأَمْرَين: أَحدهما أَن الأَيْهَمَ الجملُ الهائجُ أَو السيلُ و اليَهْمَاءُ الفلاة، و الآخر: أَن أَيْهَم لو كان مذكر يَهْماء لوجب أَن يأْتي فيهما يُهْمٌ مثل دُهْمٍ و لم يسمع ذلك، فعُلم لذلك أَن هذا تَلاقٍ بين اللفظ، و أَن أَيْهَم لا مؤنَّث له، و أَن يَهْمَاء لا مذكَّر له. و الأَيْهَمانِ عند أَهل الأَمْصارِ: السيلُ و الحَريقُ لأَنه لا يُهْتَدى فيهما كيف العملُ كما لا يُهْتَدى في اليَهْمَاءِ، و السَّيلُ و الجملُ الهائجُ الصَّؤُولُ يُتعوَّذُ منهما، و هُما الأَعْمَيانِ، يقال: نَعُوذ بالله من الأَيْهَمَيْنِ، و هما البعيرُ المُغْتَلِم الهائجُ و السيلُ. و
في الحديث: كان النبي، صلى الله عليه و سلم، يَتعوَّذُ من الأَيْهَمَيْنِ.
، قال: و هما السيلُ و الحريق. أَبو زيد: أَنت أَشدُّ و أَشجعُ من الأَيْهَمَيْنِ، و هما الجملُ و السَّيْلُ، و لا يقال لأَحدِهما أَيْهَم. و الأَيْهَمُ: الشامخُ من الجبالِ. و الأَيْهَمُ من الجبال: الصَّعْبُ الطويلُ الذي لا يُرْتَقَى، و قيل: هو الذي لا نبات فيه. و أَيْهَم: اسمٌ. و جبلةُ بن الأَيْهم: آخرُ ملوك غسّان.
يوم:
اليَوْمُ: معروفٌ مِقدارُه من طلوع الشمس إِلى غروبها، و الجمع أَيَّامٌ، لا يكسَّر إِلا على ذلك، و أَصله أَيْوامٌ فأُدْغم و لم يستعملوا فيه جمعَ الكثرة. و قوله عز و جل: وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ‏
؛ المعنى ذكِّرْهم بِنِعَمِ الله التي أَنْعَمَ فيها عليهم و بِنِقَمِ الله‏

649
لسان العرب12

يوم ص 649

التي انْتَقَم فيها من نوحٍ و عادٍ و ثمودَ. و قال الفراء: معناه خَوِّفْهم بما نزلَ بعادٍ و ثمود و غيرِهم من العذاب و بالعفو عن آخرين، و هو في المعنى كقولك: خُذْهُم بالشدّة و اللِّين. و قال مجاهد في قوله: لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ‏
، قال: نِعَمَه، و
روي عن أُبيّ بن كعب عن النبي، صلى الله عليه و سلم، في قوله وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ‏
، قال: أَيَّامُه نِعَمُه.
؛ و قال شمر في قولهم:
يَوْماهُ: يَوْمُ نَدىً، و يَوْمُ طِعان‏


و يَوْمَاه: يَوْم نُعْمٍ و يَوْمُ بُؤْسٍ، فاليَوْمُ هاهنا بمعنى الدَّهْر أَي هو دَهْرَه كذلك. و الأَيَّام في أَصلِ البِناء أَيْوامٌ، و لكن العرب إِذا وَجَدُوا في كلمة ياءً و واواً في موضع. و الأُولى منهما ساكنةٌ، أَدْغَموا إِحداهما في الأُخرى و جعلوا الياء هي الغالبةَ، كانت قبلَ الواو أَو بعدَها، إِلَّا في كلماتٍ شَواذَّ تُرْوَى مثل الفُتُوّة و الهُوّة. و قال ابن كيسان و سُئل عن أَيَّامٍ: لمَ ذهبَتِ الواوُ؟ فأَجاب: أَن كلّ ياءٍ و واوٍ سبقَ أَحدُهما الآخرَ بسكونٍ فإِن الواو تصير ياءً في ذلك الموضع، و تُدْغَم إِحداهما في الأُخرى، من ذلك أَيَّامٌ أَصلها أَيْوامٌ، و مثلُها سيّدٌ و ميّت، الأَصلُ سَيْوِدٌ و مَيْوِت، فأكثر الكلام على هذا إِلا حرفين صَيْوِب و حَيْوة، و لو أَعلُّوهما لقالوا صَيِّب و حيّة، و أَما الواوُ إِذا سبَقت فقولُك لَوَيْتُه لَيّاً و شَوَيْتُه شَيّاً، و الأَصل شَوْياً و لَوْياً. و سئل أَبو العباس أَحمد بن يحيى عن قول العرب اليَوْم اليَوْم، فقال: يريدون اليَوْم اليَوِمَ، ثم خفّفوا الواو فقالوا اليَوْم اليَوْم، و قالوا: أَنا اليَوْمَ أَفعلُ كذا، لا يريدون يوماً بعينه و لكنهم يريدون الوقتَ الحاضرَ؛ حكاه سيبويه؛ و منه قوله عز و جل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏
؛ و قيل: معنى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏
 أَي فَرَضْتُ ما تحتاجون إِليه في دِينِكم، و ذلك حسَنٌ جائز، فأَما أَن يكونَ دِينُ الله في وقتٍ من الأَوقات غيرَ كامل فلا. و قالوا: اليَوْمُ يَوْمُك، يريدون التشنيعَ و تعظيم الأَمر. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: السائبة و الصدَقةُ ليَوْمِهما.
أَي ليومِ القيامة، يعني يُراد بهما ثوابُ ذلك اليوم. و
في حديث عبد المَلِك: قال للحجاج سِرْ إِلى العِراق غِرارَ النوم طويل اليَوْم.
؛ يقال ذلك لِمَنْ جَدَّ في عَملِه يومَه، و قد يُرادُ باليوم الوقتُ مطلقاً؛ و منه‏
الحديث: تلك أَيَّامُ الهَرْج.
أَي وقتُه، و لا يختص بالنهارِ دون الليل. و اليَوْمُ الأَيْوَمُ: آخرُ يوم في الشهر. و يَوْمٌ أَيْوَمُ و يَوِمٌ و وَوِمٌ؛ الأَخيرة نادرة لأَن القياس لا يوجبُ قلب الياءِ واواً، كلُّه: طويلٌ شديدٌ هائلٌ. و يومٌ ذو أَيَاوِيمَ كذلك؛ و قوله:
مَرْوانُ يا مَرْوانُ لليومِ اليَمِي‏


و رواه ابن جني:
مروان مروان أَخُو اليوم اليَمِي‏


و قال: أَراد أَخو اليومِ السهْلِ اليومُ الصعبُ، فقال: يومٌ أَيْوَمُ و يَوِمٌ كأَشْعَث و شَعِث، فقُلب فصار يَمِو، فانقلبت العينُ لانكسار ما قبلها طرَفاً، و وجهٌ آخر أَنه أَراد أَخو اليَوْمِ اليَوْمُ كما يقال عند الشدة و الأَمرِ العظيم اليَوْمُ اليَوْمُ، فقُلب فصار اليَمْو ثم نقلَه من فَعْل إِلى فَعِل كما أَنشده أَبو زيد من قوله:
عَلامَ قَتْلُ مُسْلِمٍ تَعَبَّدا،             مُذْ خَمْسة و خَمِسون عدَدا

يريد خَمْسون، فلما انكسرَ ما قبل الواو قلبت ياءً فصار اليَمِي؛ قال ابن جني: و يجوز فيه عندي وجه‏

650
لسان العرب12

يوم ص 649

ثالث لم يُقَلْ به، و هو أَن يكون أَصله على ما قيل في المذهب الثاني أَخُو اليَوْم اليَوْم ثم قلب فصار اليَمْوُ، ثم نقلت الضمّةُ إِلى الميم على حد قولك هذا بَكُر، فصار اليَمُو، فلما وقعت الواو طرفاً بعد ضمة في الاسم أَبدلوا من الضمة كسرةً، ثم من الواو ياءً فصارت اليَمِي كأَحْقٍ و أَدْلٍ، و قال غيره: هو فَعِلٌ أَي الشديد؛ و قيل: أَراد اليَوْم اليَوْم كقوله:
إِنَّ مع اليَوْمِ أَخاه غَدْوَا


فاليَمِي، على القول الأَول، نعتٌ، و على القول الثاني اسمٌ مرفوع بالابتداء، و كلاهما مقلوب، و ربما عبروا عن الشدة باليَوْم، يقال يومٌ أَيْوَم، كما يقال لَيْلة ليلاءُ، قال أَبو الأَخزر الحمّاني:
نِعْمَ أَخو الهَيْجاءِ في اليومِ اليَمِي،             ليَوْمِ رَوْعٍ أَو فَعالِ مُكْرمِ‏

هو مقلوب منه، أَخَّر الواوَ و قدَّمَ الميمَ، ثم قلبت الواوُ ياءً حيث صارت طرَفاً كما قالوا أَدْلٍ في جمع دَلْوٍ. و اليَوْمُ: الكوْنُ. يقال: نِعْمَ الأَخُ فلانٌ في اليَوْم إِذا نزلَ بنا أَي في الكائنة من الكوْنِ إِذا حدَثتْ، و أَنشد:
نعم أَخو الهيجاء في اليَوْم اليَمِي‏


قال: أَراد أَن يشتقَّ من الاسم نعتاً فكان حدُّه أَن يقول في اليَوْم اليَوْم فقلَبه، كما قالوا القِسيّ و الأَيْنُق، و تقول العرب لليومِ الشديدِ: يومٌ ذو أَيّامٍ و يومٌ ذو أَيايِيمَ، لطولِ شرِّه على أَهله. الأَخفش في قوله تعالى: أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى‏ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ‏
، أَي من أَوَّل الأَيّام، كما تقول لَقِيتُ كلَّ رجلٍ تُريد كلَّ الرجال. و يَاوَمْتُ الرجلَ مُيَاوَمَةً و يِوَاماً أَي عاملتُه أَو استأْجَرْته اليومَ، الأَخيرة عن اللحياني، و عاملتُه مُيَاوَمَةً: كما تقول مُشاهرةً، و لقيتُه يَوْمَ يَوْمَ، حكاه سيبويه و قال: من العرب من يَبْنِيه، و منهم من يُضِيفُه إِلا في حدّ الحال أَو الظرف. ابن السكيت: العرب تقول الأَيَّام في معنى الوقائع، يقال: هو عالمٌ بأَيَّام العرب، يريد وقائعَها، و أَنشد:
وقائعُ في مُضَرٍ تِسْعةٌ،             و في وائلٍ كانتِ العاشِرهْ‏

فقال: تِسْعة و كان ينبغي أَن يقول تِسْع لأَن الوَقيعة أُنثى، و لكنه ذهب إِلى الأَيّام. و قال شمر: جاءت الأَيَّام بمعنى الوقائع و النِّعم. و قال: إِنما خصُّوا الأَيّام دون ذكر الليالي في الوقائع لأَنَّ حُروبهم كانت نهاراً، و إِذا كانت ليلًا ذكرُوها كقوله:
ليَلة العُرْقوبِ، حتى غامرَتْ             جَعْفَر يُدْعى و رَهْط ابن شَكَل‏

و أَما قول عمرو بن كلثوم:
و أَيَّام لنا غُرّ طِوال‏


فإِنه يريد أَيّامَ الوقائع التي نُصِروا فيها على أَعدائهم، و قوله:
شَرَّ يَوْمَيْها و أَغْواه لها             رَكِبَتْ عَنْزُ بِحِدْجٍ جَمَلا

أَراد شَرَّ أَيّام دَهْرِها، كأَنه قال: شَرّ يَوْمَيْ دَهْرِها الشَّرَّيْنِ، و هذا كما يقال إِن في الشَّرِّ خِياراً، و قد تقدم هذا البيت مع بقيّة الأَبيات و قصةُ عَنْز

651
لسان العرب12

يوم ص 649

مُسْتَوْفاة في موضعها. و يامٌ‏ و خارفٌ: قبيلتان من اليمن. و يامٌ‏: حَيٌّ من هَمْدانَ. و يامٌ‏: اسمُ ولدِ نوح، عليه السلام، الذي غَرِق بالطُّوفانِ. قال ابن سيدة: و إِنما قضينا على أَلفه بالواو لأَنها عين مع وجود «ي و م».

652