×
☰ فهرست و مشخصات
لسان العرب12

الجزء الثاني عشر

الجزء الثاني عشر
م‏
حرف الميم‏
م:
الميمُ من الحُروف الشَّفَوِيَّة و من الحُروف المَجْهورة، و كان الخليل يسمي الميم مُطْبقَة لأَنه يطبق إِذا لفظ بها.
فصل الألف‏
إبريسم:
قال ابن الأَعرابي: هو الإِبْرِيسِم، بكسر الراء، و سنذكره في برسم إِن شاء الله تعالى.
أتم:
الأَتْمُ من الخُرَز: أَن تُفْتَق خُرْزَتان فتَصِيرا واحدة، و الأَتُومُ من النساء: التي التَقى مَسْلَكاها عند الافْتِضاض، و هي المُفْضاة، و أَصلُه أَتَمَ يأْتِمُ إِذا جمع بين شيئين، و منه سمي المَأْتَمُ لاجتماع النساء فيه؛ قال الجوهري: و أَصله في السِّقاء تَنْفَتِق خُرْزَتان فَتَصيران واحدة؛ و قال:
أَيا ابنَ نخّاسِيَّة أَتُومِ‏


و قيل الأَتُومُ الصغيرة الفَرْج؛ و المَأْتم كل مُجْتَمَعٍ من رجال أَو نساء في حُزْن أَو فَرَحٍ؛ قال:
حتى تَراهُنَّ لَدَيْه قُيّما،             كما تَرى حَوْلَ الأَمِير المَأْتَما

فالمَأْتَمُ هنا رِجالٌ لا مَحالةَ، و خصَّ بعضهم به النساء يجتمعن في حُزْن أَو فرَح. و
في الحديث: فأَقاموا عليه مَأْتَماً.
؛ المَأْتَمُ في الأَصل: مُجْتَمَعُ الرجال و النساء في الغَمِّ و الفَرَح، ثم خصَّ به اجتماع النساء للموت، و قيل: هو الشَّوابُّ منهنَّ لا غير، و الميم زائدة. الجوهري: المَأْتم عند العرب النِّساء يجتمعن في الخير و الشر؛ و قال أَبو حَيَّة النُّمَيْرِيّ:
رِمَتْهُ أَناةٌ من رَبِيعةِ عامِرٍ،             نَؤُومُ الضُّحى في مَأْتَمٍ أَيّ مأْتَمِ‏

فهذا لا مَحالة مَقام فَرَح؛ و قال أَبو عطاء السِّنْدي:
عَشِيَّة قام النائحاتُ، و شُقِّقت             جُيوبٌ بأَيْدي مَأْتَمٍ و خُدُودُ

أَي بأَيدي نِساءٍ فهذا لا مَحالة مَقام حُزْن و نَوْح. قال ابن سيدة: و خصَّ بعضهم بالمَأْتَم الشوابَّ من‏

3
لسان العرب12

أتم ص 3

النِّساء لا غير، قال: و ليس كذلك؛ و قال ابن مقبل في الفَرَح:
و مَأْتَمٍ كالدُّمى حور مَدامِعها،             لم تَيْأَس العَيْشَ أَبكاراً و لا عُونا «2».

قال أبو بكر: و العامة تَغْلَط فتظنُّ أَن المأْتم النَّوْح و النياحة، و إِنما المَأْتَمُ النساء المجتَمِعات في فَرَح أَو حُزْن؛ و أَنشد بيت أَبي عَطاء السِّنْدي:
عَشِيَّة قام النائحاتُ، و شُقِّقت             جُيوبٌ بأَيْدي مَأْتَمٍ و خُدُودُ

فجعل المأْتم النساء و لم يجعله النِّياحة؛ قال: و كان أَبو عطاء فصيحاً، ثم ذكر بيت ابن مقبل:
و مَأْتمٍ كالدُّمى حور مَدامِعها،             لم تيْأَس العَيْشَ أَبكاراً و لا عُونا

و قال: أَراد و نِساء كالدُّمى؛ و أَنشد الجوهري بيت أَبي حَيَّة النميري:
رَمَتْهُ أَناةٌ من رَبيعةِ عامِرٍ،             نَؤُومُ الضُّحى في مَأْتَمٍ أَيّ مَأْتَمِ‏

يريد في نِساء أَي نِساء، و الجمع المَآتِم، و هو عند العامَّة المُصيبة؛ يقولون: كنّا في مَأْتَمِ فلان و الصواب أَن يقال: كُنّا في مَناحة فلان. قال ابن بري: لا يمتنع أَن يقَع المَأْتَم بمعنى المَناحةِ و الحزْن و النَّوْحِ و البُكاءِ لأَن النساء لذلك اجْتَمَعْنَ، و الحُزْن هو السبب الجامع؛ و على ذلك قول التيمي في منصور بن زِياد:
و الناسُ مَأْتَمُهُم عليه واحدٌ،             في كل دار رَنَّةٌ و زَفِيرُ

و قال زيد الخيل:
أَ في كلِّ عامٍ مَأْتَمٌ تَبْعَثُونَه             على مِحْمَرٍ، ثَوَّبْتُموه و ما رضَا

و قال آخر:
أَضْحى بَناتُ النَّبِّي، إِذْ قُتلوا،             في مَأْتَمٍ، و السِّباعُ في عُرُسِ «3».

أَي هُنَّ في حُزْن و السِّباع في سُرورٍ؛ و قال الفرزدق:
فَما ابْنُكِ إِلا ابنٌ من الناس، فاصْبِري             فَلن يُرْجِع المَوْتَى حَنِينُ المَآتِمِ‏

فهذا كله في الشرّ و الحُزْن، و بيت أَبي حية النميري في الخير. قال ابن سيدة: و زعم بعضهم أَن المأْتَم مشتقٌّ من الأَتْمِ في الخُرْزَتَيْنِ، و من المرأَة الأَتُوم، و التقاؤهما أَنَّ المَأْتَم النساء يجتمعن و يَتقابلن في الخير و الشرِّ. و ما في سيره أَتَمٌ و يَتَمٌ أَي إِبطاء. و خطب فما زال على «4» ...... شي‏ء واحد. و الأُتُم: شجر يشبه شجر الزيْتون ينبت بالسَّراة في الجبال، و هو عِظام لا يحمل، واحدته أُتُمة، قال: حكاها أَبو حنيفة. و الأَتْم: موضع؛ قال النابغة:
فأَوْرَدَهُنَّ بَطْنَ الأَتْمِ، شُعْثاً،             يَصُنَّ المَشْيَ كالحِدَإِ التُّؤامِ‏

و قيل: اسم واد؛ قال ابن بري: و مثله قول الآخر:
أُكَلَّفُ، أَن تَحُلَّ بنو سُلَيم             بطونَ الأَتْمِ؛ ظُلْم عَبْقَريّ‏

__________________________________________________
 (2). قوله [تيأس‏] كذا في التهذيب بمثناة تحتية.
 (3). قوله [النبي‏] كذا في الأَصل، و الذي في شرح القاموس: السبي.
 (4). كذا بياض بالأصل المعول عليه قدر هذا.

4
لسان العرب12

أتم ص 3

قال: و قيل الأَتْمُ اسم جبل؛ و عليه قول خُفاف بن نُدْبة يصف غَيثاً:
عَلا الأَتْمَ منه وابلٌ بعد وابِلٍ،             فقد أُرْهقَتْ قِيعانُه كل مُرْهَق‏

أثم:
الإِثْمُ: الذَّنْبُ، و قيل: هو أَن يعمَل ما لا يَحِلُّ له. و في التنزيل العزيز: وَ الْإِثْمَ وَ الْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِ‏
. و قوله عز و جل: فَإِنْ عُثِرَ عَلى‏ أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً
؛ أَي ما أُثِم فيه. قال الفارسي: سماه بالمصدر كما جعل سيبويه المَظْلِمة اسم ما أُخِذ منك، و قد أَثِم يأْثَم؛ قال:
لو قُلْتَ ما في قَوْمِها لم تِيثَمِ‏


أَراد ما في قومها أَحد يفْضُلها. و
في حديث سعيد بن زيد: و لو شَهِدْتُ على العاشر لم إِيثَم.
؛ هي لغة لبعض العرب في آثَم، و ذلك أَنهم يكسرون حَرْف المُضارَعة في نحو نِعْلَم و تِعْلَم، فلما كسروا الهمزة في إِأْثَم انقلبت الهمزة الأَصلية ياء. و تأَثَّم الرجل: تابَ من الإِثْم و استغفر منه، و هو على السَّلْب كأَنه سَلَب ذاته الإِثْم بالتوْبة و الاستغفار أَو رامَ ذلك بهما. و
في حديث مُعاذ: فأَخْبر بها عند موتِه تَأَثُّماً.
أَي تَجَنُّباً للإِثْم؛ يقال: تأَثَّم فلانٌ إِذا فَعَل فِعْلًا خرَج به من الإِثْم، كما يقال تَحَرَّج إِذا فعل ما يخرُج به عن الحَرج؛ و منه‏
حديث الحسن: ما عَلِمْنا أَحداً منهم تَرك الصلاة على أَحدٍ من أَهْل القِبْلة تأَثُّماً.
و قوله تعالى: فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ وَ إِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما
؛ قال ثعلب: كانوا إِذا قامَرُوا فَقَمَروا أَطْعَمُوا منه و تصدَّقوا، فالإِطعام و الصّدَقة مَنْفَعَة، و الإِثْم القِمارُ، و هو أَن يُهْلِك الرجلُ و يذهِب مالَه، و جمع الإِثْم آثامٌ، لا يكسَّر على غير ذلك. و أَثِم فلان، بالكسر، يأْثَم إثْماً و مَأْثَماً أَي وقع في الإِثْم، فهو آثِم و أَثِيمٌ و أَثُومٌ أَيضاً. و أَثَمَه الله في كذا يَأْثُمُه و يأْثِمُه أَي عدَّه عليه إِثْماً، فهو مَأْثُومٌ. ابن سيدة: أَثَمَه الله يَأْثُمُه عاقَبَه بالإِثْم؛ و قال الفراء: أَثَمَه الله يَأْثِمُه إِثْماً و أَثاماً إِذا جازاه جزاء الإِثْم، فالعبد مأْثومٌ أَي مجزيّ جزاء إثْمه، و أَنشد الفراء لنُصيب الأَسود؛ قال ابن بري: و ليس بنُصيب الأَسود المَرواني و لا بنُصيب الأَبيض الهاشمي:
و هَلْ يَأْثِمَنِّي اللهُ في أَن ذَكَرْتُها،             و عَلَّلْتُ أَصحابي بها لَيْلة النفْرِ؟

و رأَيت هنا حاشيةً صورتُها: لم يقُل ابن السِّيرافي إِن الشِّعْر لنُصيب المرواني، و إِنما الشعر لنُصيب بن رياح الأَسود الحُبَكي، مولى بني الحُبَيك بن عبد مناة ابن كِنانة، يعني هل يَجْزِيَنّي الله جزاء إِثْمِي بأَن ذكرت هذه المرأَة في غِنائي، و يروى بكسر الثاء و ضمها، و قال في الحاشية المذكورة: قال أَبو محمد السيرافي كثير من الناس يغلَط في هذا البيت، يرويه النَّفَرْ، بفتح الفاء و سكون الراء، قال: و ليس كذلك، و قيل: هذا البيت من القصيد التي فيها:
أَما و الذي نادَى من الطُّور عَبْدَه،             و عَلَّم آياتِ الذَّبائح و النَّحْر
لقد زادني للجَفْر حبّاً و أَهِله،             ليالٍ أَقامَتْهُنَّ لَيْلى على الجَفْر
و هل يَأْثِمَنِّي اللهُ في أَن ذَكَرْتُها،             و عَلَّلْتُ أَصحابي بها ليلة النَّفْر؟

5
لسان العرب12

أثم ص 5

و طيَّرْت ما بي من نُعاسٍ و من كَرىً،             و ما بالمَطايا من كَلال و من فَتْرِ

و الأَثامُ: جَزاء الإِثْم. و في التنزيل العزيز: يَلْقَ أَثاماً
، أَراد مُجازاة الأَثام يعني العقوبة. و الأَثامُ و الإِثامُ: عُقوبة الإِثمِ؛ الأَخيرة عن ثعلب. و سأَل محمد بن سلام يونس عن قوله عز و جل: يَلْقَ أَثاماً
، قال: عُقوبةً؛ و أَنشد قول بشر:
و كان مقامُنا نَدْعُو عليهم،             بأَبْطَح ذي المَجازِ له أَثامُ‏

قال أَبو إسحاق: تأْويلُ الأَثامِ المُجازاةُ. و قال أَبو عمرو الشيباني: لَقِي فلان أَثامَ ذلك أَي جَزاء ذلك، فإِنَّ الخليل و سيبويه يذهبان إِلى أَن معناه يَلْقَ جَزاء الأَثامِ؛ و قول شافع الليثي في ذلك:
جَزى اللهُ ابنَ عُرْوةَ حيث أَمْسَى             عَقُوقاً، و العُقوقُ له أَثامُ‏

أَي عُقوبة مُجازاة العُقُوق، و هي قطيعة الرَّحِم. و قال الليث: الأَثامُ في جملة التفسير عُقوبة الإِثمِ، و قيل في قوله تعالى، يَلْقَ أَثاماً
، قيل: هو وادٍ في جهنم؛ قال ابن سيدة: و الصواب عندي أَن معناه يَلْقَ عِقابَ الأَثام. و
في الحديث: مَن عَضَّ على شِبذِعِه سَلِمَ من الأَثام.
؛ الأَثامُ، بالفتح: الإِثمُ. يقال: أَثِمَ يَأْثَم أَثاماً، و قيل: هو جَزاء الإِثمِ، و شِبْذِعُه لسانه. و آثَمه، بالمدّ: أَوقعه في الإِثمِ؛ عن الزجَّاج؛ و قال العجاج:
بل قُلْت بَعْض القَوْمِ غير مُؤْثِمِ‏


و أَثَّمه، بالتشديد: قال له أَثِمْت. و تأَثَّم: تحَرَّجَ من الإِثمِ و كَفَّ عنه، و هو على السَّلْب، كما أَن تَحَرَّجَ على السّلْب أَيضاً؛ قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود:
تَجَنَّبْت هِجْرانَ الحَبيب تأَثُّماً،             إِلا إِنَّ هِجْرانَ الحَبيب هو الإِثمُ‏

و رجل أَثَّامٌ من قوم آثمين، و أَثِيمٌ من قوم أُثَماء. و قوله عز و جل: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ‏
؛ قال الفراء: الأَثِيمُ الفاجر، و قال الزجاج: عُنِيَ به هنا أَبو جهل بن هِشام، و أَثُومٌ من قوْم أُثُمٍ؛ التهذيب: الأَثِيمُ في هذه الآية بمعنى الآثِم. يقال: آثَمَهُ اللهُ يُؤْثمه، على أَفْعَله، أَي جعله آثِماً و أَلفاه آثِماً. و
في حديث ابن مسعود، رضي الله عنه: أَنه كان يُلَقِّنُ رَجُلًا إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ‏
.
و هو فَعِيل من الإِثم. و المَأْثَم: الأَثامُ، و جمعه المَآثِم. و
في الحديث عنه، صلى الله عليه و سلم، قال: اللّهم إِني أَعوذ بك من المَأْثَمِ و المَغْرَمِ.
؛ المَأْثَمُ: الأَمرُ الذي يَأْثَمُ به الإِنسان أَو هو الإِثْمُ نفسهُ، وَضْعاً للمصدر موضع الاسم. و قوله تعالى: لا لَغْوٌ فِيها وَ لا تَأْثِيمٌ‏
، يجوز أَن يكون مصدر أَثِمَ، قال ابن سيدة: و لم أَسمع به، قال: و يجوز أَن يكون اسماً كما ذهب إِليه سيبويه في التَّنْبيت و التَّمْتين؛ و قال أُمية بن أَبي الصلت:
فلا لَغْوٌ و لا تأْثيمَ فيها،             و ما فاهُوا به لَهُمُ مُقِيمُ‏

و الإِثمُ عند بعضهم: الخمر؛ قال الشاعر:
شَرِبْتُ الإِثْمَ حتى ضَلَّ عَقْلي،             كذاكَ الإِثمُ تَذْهَبُ بالعُقولِ‏

قال ابن سيدة: و عندي أَنه إِنما سمَّاها إِثْماً لأَن‏

6
لسان العرب12

أثم ص 5

شُرْبها إِثْم، قال: و قال رجل في مجلس أَبي العباس:
نَشْرَبُ الإِثمَ بالصُّواعِ جِهارا،             و تَرى المِسْكَ بيننا مُسْتَعارا

أَي نَتَعاوَره بأَيدينا نشتمُّه، قال: و الصُّواعُ الطِّرْجِهالةُ، و يقال: هو المَكُّوكُ الفارسيُّ الذي يَلْتَقِي طَرفاه، و يقال: هو إِناء كان يشرَب فيه الملِك. قال أَبو بكر: و ليس الإِثمُ من أَسماء الخمر بمعروف، و لم يصح فيه ثبت صحيح. و أَثِمَتِ الناقة المشي تأْثَمُه إِثْماً: أَبطأَت؛ و هو معنى قول الأَعشى:
جُمالِيَّة تَغْتَلي بالرِّداف،             إِذا كَذَبَ الآثِماتُ الهَجِيرَا

يقال: ناقة آثِمَةٌ و نوق آثِماتٌ أَي مُبْطِئات. قال ابن بري: قال ابن خالويه كذب هاهنا خفيفة الذال، قال: و حقها أَن تكون مشدّدة، قال: و لم تجئ مخففة إِلا في هذا البيت، قال: و الآثِمات اللاتي يُظنُّ أَنهنَّ يَقْوَيْن على الهَواجِر، فإِذا أَخْلَفْنه فكأَنهنَّ أَثِمْنَ.
أجم:
أَجَمَ الطعامَ و اللَّبنَ و غيرَهما يَأْجِمُه أَجْماً و أَجِمَهُ أَجَماً: كَرِهَه و مَلَّه من المُداومةِ عليه، و قد آجَمَهُ. الكسائي و أَبو زيد: إِذا كَرِه الطعامَ فهو آجِمٌ، على فاعل. قال ابن بري: ذكره سيبويه على فَعِل فقال: أَجِمَ يَأْجَم فهو أَجِمٌ، و سَنِقَ فهو سَنِقٌ. الليث: أَكلْتُه حتى أَجِمْتُه. و
في حديث معاوية: قال له عَمْرو بن مسعود، رضي الله عنهما: ما تَسْأَل عَمَّنْ سُحِلَتْ مَرِيرَتُه و أَجِمَ النساءَ.
أَي كَرِهَهُنَّ و أَنشد ابن بري لرؤبة فقال:
جادَتْ بمَطْحونٍ لها لا تَأْجِمُهْ،             تَطْبُخُه ضُروعُها و تَأْدِمُهْ،
يَمْسُد أَعْلى لَحْمِه و يَأْدِمُه‏


يصف إِبلًا جادتْ لها المَراعي باللبَن الذي لا يحتاج إلى الطَّحْن كما يُطْحنُ الحبُّ، و ليس اللبَن مما يَحتاج إِلى الطَّحْن بل الضروع طَبَخَتْه، و يريد بِتَأْدِمُه تخلط بأُدْمٍ، و عَنى بالأُدْم ما فيه من الدَّسَم، يريد أَن اللبَن يَشُدُّ لحمه، و معنى يأْدمه يشدُّه و يُقَوّيه؛ يقال: حَبْل مَأْدُومٌ إِذا أُحكم فَتْلُه، يريد أَن شرْب اللبَن قد شدَّ لحمه و وثَّقَه؛ و قال الراعي:
خَمِيص البَطْن قد أَجِمَ الحسارا «1».


أَي كَرِهَه، و تَأَجَّمَ النهارُ تَأَجُّماً: اشتدَّ حَرُّه. و تَأَجَّمَت النار: ذَكَتْ مثال تأَجَّجَتْ، و إِن لها لأَجيماً و أَجيجاً؛ قال عبيد بن أَيوب العَنْبري:
و يَوْمٍ كتَنُّورِ الإِماء سَجَرْنَهُ،             حَمَلْنَ عليه الجِذْل حتى تَأَجّما
رَمَيْت بنفْسي في أَجِيج سَمُومِه،             و بالعَنْسِ حتى جاش مَنْسِمُها دَما

و يقال منه: أَجِّمْ نارك. و تأَجَّمَ عليه: غَضِب من ذلك. و فلان يَتأَجَّم على فلان: يَتَأَطَّمُ إِذا اشتَدَّ غضبهُ عليه و تَلَهَّف. و أَجَمَ الماءُ: تَغَيَّرَ كأَجَنَ، و زعم يعقوب أَن ميمَها بدَلٌ من النون؛ و أَنشد لعوف بن الخَرِع:
و تَشْرَبُ أَسْآرَ الحِياض تَسوفُهُ،             و لو وَرَدَتْ ماءَ المُرَيْرةِ آجِما «2».

__________________________________________________
 (1). قوله [الحسارا] كذا في النسخ بحاء مهملة، و الحسار، بالفتح: عشبة خضراء تسطح على الأَرض و تأكلها الماشية أكلًا شديداً كما تقدم في مادة حسر.
 (2). قوله [تسوفه‏] كذا في الأَصل هنا، و في مادة مرر و في التكلمة و التهذيب: تسوفها.

7
لسان العرب12

أجم ص 7

هكذا أَنشده بالميم. الأَصمعي: ماءٌ آجِنٌ و آجِمٌ إِذا كان متغيِّراً، و أَراد ابنُ الخَرِع آجِناً، و قيل: آجِمٌ بمعنى مَأْجومٍ أَي تَأْجِمُه و تَكْرَهه. و يقال: أَجَمْت الشي‏ء إِذا لم يُوافِقْك فكَرِهته. و الأُجُمُ: حِصْن بَناه أَهلُ المدينة من حجارة. ابن سيدة: الأُجُمُ الحِصْن، و الجمع آجامٌ. و الأُجْمُ، بسكون الجيم: كل بيت مُرَبَّع مُسَطَّح؛ عن يعقوب، و حكى الجوهري عن يعقوب قال: كلُّ بيت مربَّع مُسَطَّح أُجُم؛ قال إمرؤ القيس:
و تَيْماءَ لم يَتْرُكْ بها جِذْعَ نَخْلَةٍ             و لا أُجُماً إِلّا مَشِيداً بِجَنْدلِ «1».

قال: و قال الأَصمعي هو يخفَّف و يثقَّل، قال: و الجمع آجامٌ مثل عُنُق و أَعْناق. و الأَجَمُ: موضع بالشام قُرْب الفَراديس. التهذيب: الأَجَمَة مَنْبت الشجر كالغَيْضة و هي الآجام. و الأُجُمُ: القَصْر بلغة أَهل الحجاز. و
في الحديث: حتى تَوارَتْ بآجامِ المدينة.
أَي حُصونها، واحدها أُجُم، بضمتين. ابن سيدة. و الأَجَمَة الشجر الكثير الملتفُّ، و الجمع أُجْمٌ و أُجُمٌ و أُجَمٌ و آجامٌ و إِجامٌ، قال: و قد يجوز أَن تكون الآجام و الإِجامُ جمع أَجَمٍ، و نص اللحياني على أَن آجاماً جمع أَجَمٍ. و تأَجّم الأَسدُ: دخَل في أَجَمَتِه؛ قال:
مَحَلًّا، كَوعْساءِ القَنافِذِ ضارِباً             به كَنَفاً، كالمُخْدِرِ المُتَأَجِّمِ‏

الجوهري: الأَجَمَةُ من القَصَب، و الجمع أَجَماتٌ و أُجَمٌ و إِجامٌ و آجامٌ و أُجُمٌ، كما سنذكره «2». في أَكَم إِن شاء الله تعالى.
أدم:
الأُدْمةُ: القَرابةُ و الوَسيلةُ إِلى الشي‏ء. يقال: فلان أُدْمَتي إِليك أَي وَسيلَتي. و يقال: بينهما أُدْمةٌ و مُلْحة أَي خُلْطةٌ، و قيل: الأُدْمة الخُلْطة، و قيل: المُوافَقةُ. و الأُدْمُ: الأُلْفَةُ و الاتِّفاق؛ و أَدَمَ الله بينهم يَأْدِمُ أَدْماً. و يقال: آدَم بينهما يُؤْدِمُ إِيداماً أَيضاً، فَعَل و أَفْعَل بمعنى؛ و أَنشد:
و البِيضُ لا يُؤْدِمْنَ إِلَّا مُؤْدَما


أَي لا يُحْبِبْنَ إِلَّا مُحَبَّباً موضِعاً «3». و أَدَمَ: لأَمَ و أَصْلَح و أَلَّفَ و وفَّق و كذلك آدم يُؤْدِمُ، بالمدّ، و كل موافق إِدامٌ؛ قالت غادية الدُّبَيْرِيَّة:
كانوا لِمَنْ خالَطَهُمْ إِداما


و
في الحديث عن النبي، صلى الله عليه و سلم: أَنه قال للمغيرة بن شُعبة و خَطَبَ امرأَة لو نَظَرْت إِليها فإِنه أَحْرى أَن يُؤْدَمَ بينكما.
؛ قال الكسائي: يُؤدَم بينكما يعني أَن تكون بينهما المحبَّة و الاتِّفاق؛ قال أَبو عبيد: لا أَرى الأَصل فيه إِلا من أَدْمِ الطعام لأَن صَلاحَه و طِيبَه إِنما يكون بالإِدامِ، و لذلك يقال طعام مَأْدُومٌ. قال ابن الأَعرابي: و إِدامُ اسم امرأَة من ذلك؛ و أَنشد:
أَلا ظَعَنَتْ لِطِيَّتِها إِدامُ،             و كلُّ وِصالِ غانِيةٍ زِمامُ «4».

و أَدَمَهُ بأَهْلهِ أَدْماً: خَلَطه. و فلان أَدْمُ أَهْلِه و أَدْمَتُهم أَي أُسْوَتُهم، و به يُعْرَفون. و أَدَمَهم‏
__________________________________________________
 (1). في معلَّقة إمرئ القيس: و لا أُطُماً بدل أُجماً.
 (2). قوله [كما سنذكره إلخ‏] عبارة الجوهري: كما قلناه في الأكمة.
 (3). قوله [إلا محبباً موضعاً] الذي في التهذيب: إلا محبباً موضعاً لذلك.
 (4). قوله [زمام‏] كذا في الأصل، و شرح القاموس بالزاي، و لعله بالراء.

8
لسان العرب12

أدم ص 8

يَأْدُمُهم أَدْماً: كان لهم أَدَمَةٌ؛ عن ابن الأَعرابي. التهذيب: فلان أَدَمَةُ بني فلان، و قد أَدَمَهم يَأْدُمُهم و هو الذي عَرّفهم الناس. الجوهري: يقال جعلتُ فلاناً أَدَمَةَ أَهلي أَي أُسْوَتَهُم. و الإِدامُ: معروف ما يُؤْتَدَمُ به مع الخبز. و
في الحديث: نِعْمَ الإِدام الخَلُّ.
؛ الإِدام، بالكسر، و الأُدْمُ، بالضم: ما يؤكل بالخبز أَيَّ شي‏ء كان. و
في الحديث: سَيِّدُ إِدامِ أَهْل الدُّنيا و الآخرة اللحمُ.
؛ جعل اللحم أُدْماً و بعض الفقهاء لا يجعله أُدْماً و يقول: لو حَلَفَ أَن لا يَأْتَدِمَ ثم أَكل لَحْماً لم يحنَث، و الجمع آدِمةٌ و جمع الأُدْمِ آدامٌ، و قد ائتَدَمَ به. و أَدَمَ الخبز يَأْدِمُه، بالكسر، أَدْماً: خلطه بالأُدْم، و قال غيره: أَدَمَ الخبزَ باللحم؛ و أَنشد ابن بري:
         إِذا ما الخُبْزُ تَأْدِمُه بلَحْمٍ،             فذاك أَمانَة الله الثَّريدُ

و قال آخر:
         تَطْبُخه ضُروعُها و تَأْدِمُهْ‏


قال: و شاهد الإِدامِ قولُ الشاعر:
         الأَبْيَضانِ أَبْرَدا عِظامِي:             الماءُ و الفَثُّ بلا إِدامِ‏

و
في حديث أُمّ مَعْبَد: أَنا رأَيت الشاةَ و إِنها لَتأْدُمُها و تَأْدُم صِرْمَتها.
 «1». و
في حديث أَنس: و عَصَرَتْ عليه أُمُّ سُلَيْم عُكَّةً لها فأَدَمَتْه.
أَي خَلَطته و جعلت فيه إِداماً يؤْكل، يقال فيه بالمَدّ و القَصْر، و روي بتشديد الدال على التكثير. و
في الحديث: أَنه مَرَّ بقوم فقال: إِنَّكم تَأْتَدِمون على أَصحابكم فأَصْلِحوا رِحالَكم حتى تكونوا شامَةً في الناس.
أَي إِنَّ لكم من الغِنى ما يُصْلِحكم كالإِدامِ الذي يُصلِح الخُبز، فإِذا أَصلَحتم حالكم كنْتُم في الناس كالشَّامة في الجسَد تَظْهرون للناظِرين؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في بعض كتب الغريب مَرْوِيّاً مَشْروحاً، و المعروف‏
في الرواية: إِنكم قادِمون على أَصحابكم فأَصْلِحوا رِحالَكم.
قال: و الظاهر، و الله أَعلم، أَنه سَهْوٌ. و
في حديث خديجة، رضوان الله عليها: فوالله إِنك لتَكْسِبُ المَعْدُوم و تُطْعِم المأْدوم.
و
قول امرأَة دُرَيد بن الصِّمَّة حين طلَّقها: أَبا فلان، أَ تُطَلِّقُني؟ فوالله لقد أَبْثَثْتَك مَكْتُومي، و أَطْعَمْتُك مَأْدُومي، و جئتُك باهِلًا غير ذات صِرارٍ.
؛ إِنما عَنَت بالمَأْدُومِ الخُلُق الحسَن، و أَرادت أَنها لم تَمْنَع منه شيئاً كالناقة الباهِلة التي لم تُصَرَّ و يأْخُذ لبنَها مَن شاء. و أَدَمَ القومَ: أَدَمَ لهم خُبْزَهم؛ أَنشد يعقوب في صفة كلاب الصيد:
         فهي تُباري كلَّ سارٍ سَوْهَقِ،             و تُؤْدِمُ القوم إِذا لم تُغْبقِ «2».

و قولهم: سَمْنُهم في أَديمهم، يعني طَعامَهم المَأْدُوم أَي خُبزهم راجع فيهم. التهذيب: من أَمثالهم: سَمْنُكم هُرِيقَ في أَدِيمِكم أَي في مَأْدُومِكم، و يقال: في سِقائكم. و الأَدِيمُ: الجِلْد ما كان، و قيل: الأَحْمَر، و قيل: هو المَدْبوغُ، و قيل: هو بعد الأَفيق، و ذلك إِذا تَمَّ و احْمَرَّ، و استعاره بعضهم للحرب فقال أَنشده‏
__________________________________________________
 (1). قوله [و إنها لتأدمها و تأدم صرمتها] ضبط في الأصل و النهاية بضم الدال.
 (2). قوله [فهي تباري إلخ‏] هكذا في الأصل هنا، و تقدم في مادة سهق على غير هذا الوجه و أتى بمشطورين بين هذين المشطورين.

9
لسان العرب12

أدم ص 8

بعضهم للحرث بن وَعْلة:
و إِيَّاك و الحَرْبَ التي لا أَدِيمها             صحيحٌ، و قد تُعْدَى الصِّحاحُ على السُّقْمِ‏

إِنما أَراد لا أَدِيمَ لها، و أَراد على ذَوات السُّقْم، و الجمع آدِمَةٌ و أُدُمٌ، بضمتين؛ عن اللحياني؛ قال ابن سيدة: و عندي أَن من قال رُسْل فسكَّنَ قال أُدْمٌ، هذا مطرد، و الأَدَمُ، بنصب الدال: اسم للجمع عند سيبويه مثل أَفِيقٍ و أَفَقٍ. و الآدامُ: جمع أَدِيمٍ كَيَتيمٍ و أَيْتام، و إِن كان هذا في الصفة أَكثر، قال: و قد يجوز أَن يكون جمع أَدَمٍ؛ أَنشد ثعلب:
إِذا جَعَلْت الدَّلْوَ في خِطامِها             حَمْراءَ من مكَّة، أَو حَرَامِها،
أَو بعض ما يُبْتاع من آدامِها


و الأَدَمَةُ: باطنُ الجلْد الذي يَلي اللحم و البَشَرةُ ظاهرها، و قيل: ظاهرهُ الذي عليه الشعَر و باطنه البَشَرة؛ قال ابن سيدة: و قد يجوز أَن يكون الأَدَم جمعاً لهذا بل هو القياس، إِلَّا أَن سيبويه جعله اسماً للجمع و نَظَّره بأَفَيقٍ و أفق، و هو الأَدِيمُ أَيضاً. الأَصمعي: يقال للجلد إِهابٌ، و الجمع أُهُبٌ و أَهَبٌ، مؤنثة، فأَما الأَدَمُ و الأَفَقُ فمذكَّران إِلّا أَن يقْصد قَصْد الجلودِ و الآدِمَة فتقول: هي الأَدَمُ و الأَفَقُ. و يقال: أَدِيمٌ و آدِمَةٌ في الجمع الأَقلّ، على أَفعِلة. يقال: ثلاثة آدِمةٌ و أَربعة آدِمةٍ. و
في حديث عمر، رضي الله عنه: قال لرجل ما مالُكَ؟ فقال: أَقْرُنٌ و آدِمةٌ في المَنِيئةِ.
؛ الآدِمةُ، بالمدّ: جمع أَديم مثل رَغِيف و أَرْغِفة، قال: و المشهور في جمعه أُدَم، و المَنِيئةُ، بالهمز: الدِّباغ. و آدَمَ الأَدِيمَ: أَظهر أَدَمَتَهُ؛ قال العجاج: «1»
في صَلَبٍ مثل العِنانِ المُؤْدَمِ‏


و أَدِيمُ كل شي‏ء: ظاهِرُ جلْدِه. و أَدَمَةُ الأَرض: وجهُها؛ قال الجوهري: و ربما سمي وجْهُ الأَرض أَديماً؛ قال الأَعشى:
يَوْماً تَراها كَشِبْه أَرْدِية             العَصْب، و يوماً أَدِيمُها نَغِلا

و رجل مُؤْدَمٌ أَي مَحْبوب. و رجل مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ: حاذقٌ مُجَرَّب قد جمع لِيناً و شدَّةً مع المعرفة بالأُمور، و أَصلُه من أَدَمَةِ الجلد و بَشَرَته، فالبَشرةُ ظاهِرهُ و هو مَنْبتُ الشعَر. و الأَدَمةُ: باطِنُه، و هو الذي يَلي اللَّحْم، فالذي يراد منه أَنه قد جَمع لينَ الأَدَمةِ و خُشونَة البَشرة و جرَّب الأُمورَ؛ و قال ابن الأَعرابي: معناه كريم الجلْدِ غلِيظُه جَيِّده؛ و قال الأَصمعي: فلان مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ أَي هو جامع يصلُح للشدَّة و الرَّخاء، و في المثل: إِنما يُعاتَبُ الأَدِيمُ ذو البَشرةِ أَي يُعادُ في الدِّباغِ، و معناه إِنما يُعاتَب من يُرْجَى و فيه مُسْكةٌ و قُوَّةٌ و يُراجَع مَن فيه مُراجَعٌ. و يقال: بَشَرْتُه و أَدَمْتُه و مَشَنْتُه أَي قَشَرْته، و الأَدِيمُ إِذا نَغِلَتْ بَشَرَته فقد بَطَل. و يقال: آدَمْتُ الجلد بَشَرْتُ أَدَمَتَهُ. و امرأَة مُؤدَمَةٌ مُبْشَرَةٌ: إِذا حسن مَنْظَرُها و صحَّ مَخْبَرُها. و
في حديث نَجبَة: ابنتُك المُؤْدَمَة المُبْشَرة.
يُقال للرجل الكامل: إِنه لَمُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ، أَي جمع لينَ الأَدَمةِ و نُعُومَتَها، و هي باطن الجِلْد، و شدَّة البشرة
__________________________________________________
 (1). قوله [قال العجاج‏] عبارة الجوهري في صلب: و الصلب، بالتحريك، لغة في الصلب من الظهر، قال العجاج يصف امرأة:
ريا العظام فخمة المخدّم             في صَلَبٍ مثل العِنانِ المُؤْدَمِ.

10
لسان العرب12

أدم ص 8

و خُشونَتها، و هي ظاهره. قال ابن سيدة: و قد يقال رجل مُبْشَرٌ مُؤْدَمٌ و امرأَة مُبْشَرة مُؤْدَمَةٌ فيُقدِّمون المُبْشَر على المؤدَم، قال: و الأَول أَعرف أَعني تقديم المُؤْدَمِ على المُبْشَر. و قيل: الأَدَمةُ ما ظهر من جلدة الرأْس. و أَدَمَةُ الأَرض: باطِنُها، و أَدِيُمها، وَجْهُها، و أَدِيمُ الليل: ظلمته؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أَنشد:
قد أَغْتَدِي و الليلُ في جَرِيمِه،             و الصُّبْحُ قد نَشَّمَ في أَدِيمهِ‏

و أَدِيمُ النهار: بَياضُه. حكى ابن الأَعرابي: ما رأَيته في أَدِيمِ نَهارٍ و لا سَوادِ لَيْلٍ، و قيل: أَدِيمُ النهار عامَّته. و حكى اللحياني: جئتُك أديمَ الضُّحي أَي عند ارتفاع الضُّحى. و أَديمُ السماء: ما ظهَر منها. و فلان بَرِي‏ءُ الأَدِيمِ مما يُلْطخ به. و الأُدْمَةُ: السُّمرةُ. و الآدَمُ من الناس: الأَسْمَرُ. ابن سيدة: الأُدْمةُ في الإِبل لَوْنٌ مُشْرَب سَواداً أَو بياضاً، و قيل: هو البياضُ الواضِحُ، و قيل: في الظِّباء لَوْنٌ مُشْرَبٌ بياضاً و في الإِنسان السُّمرة. قال أَبو حنيفة: الأُدْمةُ البياضُ، و قد أَدِمَ و أَدُمَ، فهو آدمُ، و الجمع أُدْمٌ، كسَّروه على فُعْل كما كسَّروا فَعُولًا على فُعُل، نحو صَبور و صُبُرٍ، لأَن أَفْعَل من الثلاثة «2». و فيه كما أَن فَعُولًا فيه زيادة و عدة حُروفه كعِدَّة حُروف فَعُول، إِلَّا أَنهم لا يثقِّلون العين في جمع أَفْعَل إِلَّا أَن يُضطَرَّ شاعر، و قد قالوا في جمعه أُدْمانٌ، و الأُنثى أَدْماءُ و جمعها أُدْمٌ، و لا يجمع على فُعْلان؛ و قول ذي الرمة:
و الجِيدُ، من أُدْمانَةٍ، عَتُودُ


عِيبَ عليه فقيل: إِنما يقال هي أَدْماءُ، و الأُدْمان جمع كأَحْمَر و حُمْران، و أَنت لا تقول حُمْرانة و لا صُفْرانة، و كان أَبو عليّ يقول: بُنيَ من هذا الأَصل فُعْلانة كخُمْصانة. و العرب تقول: قُرَيْش الإِبلِ أُدْمُها و صُهْبَتُها، يذهبون في ذلك إِلى تفضيلها على سائر الإِبلِ، و قد أَوضحوا ذلك بقولهم: خَيرُ الإِبل صُهْبُها و حُمْرُها، فجعلوهما خيرَ أَنواع الإِبل، كما أَنّ قُرَيْشاً خيرُ الناس. و-
في الحديث: أَنه لمَّا خرج من مكة قال له رجل: إِن كنتَ تُريد النساء البيضَ و النُّوقَ الأُدْمَ فعَلَيْكَ بِبَنِي مُدْلِجٍ.
؛ قال ابن الأَثير: الأُدْم جمع آدم كأَحْمَر و حُمْر. و الأُدْمة في الإِبل: البياض مع سواد المُقْلَتَيْن، قال: و هي في الناس السُّمرة الشديدة، و قيل: هو من أُدْمة الأَرض، و هو لَوْنُها، قال: و به سمي آدم أَبو البَشَر، على نبينا و عليه الصلاة و السلام. الليث: و الأُدْمةُ في الناس شُرْبةٌ من سَواد، و في الإِبِل و الظِّباء بَياض. يقال: ظَبْيَة أَدْماء، قال: و لم أَسمع أَحداً يقول للذُّكور من الظِّباء أُدْمٌ، قال: و إن قيل كان قياساً. و قال الأَصمعي: الآدَمُ من الإِبل الأَبْيض، فإِن خالطته حُمْرة فهو أَصْهب، فإِن خالَطَتِ الحُمْرة صَفاءً فهو مُدَمًّى. قال: و الأُدْمُ من الظِّباء بيضٌ تَعْلوهُنّ جُدَدٌ فيهنَّ غُبْرة، فإِن كانت خالصة البَياض فهي الآرامُ. و
روى الأَزهري بسنده عن أَحمد بن عبيد بن ناصح قال: كُنّا نأْلَف مجلِس أَبي أَيوب بن أُخت الوزير فقال لنا يوماً، و كان ابنُ السكيت حاضراً: ما تَقولْ في الأُدْمِ من الظِّباء؟ فقال: هي البيضُ البُطون السُّمْر الظُّهور يَفْصِل بين لَوْنِ ظُهورِها و بُطونها جُدَّتان مِسْكِيَّتان، قال: فالتفت إِليَّ و قال: ما تقول يا أَبا جعفر؟ فقلت؟ الأُدْمُ على ضَرْبين: أَما التي‏
__________________________________________________
 (2). قوله [لأَن أفعل من الثلاثة إلخ‏] هكذا في الأَصل، و لعله لأن أفعل من ذي الثلاثة و فيه زيادة كما أن فعولا إلخ.

11
لسان العرب12

أدم ص 8

مَساكنها الجِبال في بِلاد قَيْس فهي على ما وَصَف، و أَما التي مَساكنها الرمْل في بلاد تَميم فهي الخَوالِص البَياض، فأَنكر يعقوب و استأْذن ابنُ الأَعرابي على تَفِيئَةِ ذلك فقال أَبو أَيوب: قد جاءكم مَن يفصِل بينكم، فدَخَل، فقال له أَبو أَيوب: يا أَبا عبد الله، ما تقول في الأُدْم من الظِّباء؟ فتكلَّم كأَنما يَنْطِق عن لسان ابن السكِّيت، فقلت: يا أَبا عبد الله، ما تقول في ذي الرمة؟ قال: شاعر، قلت: ما تقول في قصيدته صَيْدَح «1»؟ قال: هو بها أَعرف منها به، فأَنشدته:
من المُؤْلِفاتِ الرَّمْل أَدْماءُ             حُرَّةٌ، شُعاعُ الضُّحى في مَتْنِها يَتَوَضَّح‏


فسكت ابنُ الأَعرابي و قال: هي العرب تقول ما شاءت.
ابن سيدة: الأُدْمُ من الظِّباء ظِباء بيضٌ يَعْلوها جُدَدٌ فيها غُبْرة، زاد غيره: و تسكُن الجِبال، قال: و هي على أَلْوان الجبال؛ يقال: ظَبْية أَدْماء؛ قال: و قد جاء في شعر ذي الرمة أُدْمانة؛ قال:
أَقُول للرَّكْب لمَّا أَعْرَضَتْ أُصُلًا:             أُدْمانةٌ لمْ تُرَبِّيها الأَجالِيدُ

قال ابن بري: الأَجاليد جمع أَجْلاد، و أَجْلاد جمع جَلَد، و هو ما صَلُب من الأَرض، و أَنكر الأَصمعي أُدْمانة لأَن أُدْماناً جمعٌ مثل حُمْران و سُودان و لا تدخله الهاء، و قال غيره: أُدْمانةٌ و أُدْمان مثل خُمْصانة و خُمْصان، فجعله مُفرداً لا جمعاً، قال: فعلى هذا يصح قوله. الجوهري: و الأُدْمة في الإِبِلِ البياض الشديد. يقال: بعير آدَم و ناقة أَدْماء، و الجمع أُدْمٌ؛ قال الأَخْطل في كَعْب بن جُعَيْل:
فإِنْ أَهْجُهُ يَضْجَرْ كما ضَجْرَ بازِلٌ             من الأُدْمِ، دَبْرَت صَفْحَتاه و غارِبُهْ‏

و يقال: هو الأَبيضُ الأَسودُ المُقْلَتَيْن. و اختُلف في اشتِقاق اسم آدَم فقال بعضهم: سُمِّيَ آدَم لأَنه خُلِق من أَدَمةِ الأَرض، و قال بعضهم: لأُدْمةٍ جعلَها الله تعالى فيه، و قال الجوهري: آدَمُ أَصله بهمزتين لأَنه أَفْعَل، إِلا أَنهم لَيَّنُوا الثانية، فإِذا احتَجْت إِلى تحريكها جعلتها واواً و قلت أَوادِم في الجمع، لأَنه ليس لها أَصل في الياء معروف، فَجُعِلَ الغالبُ عليها الواو؛ عن الأَخفش؛ قال ابن بري: كل أَلِف مجهولة لا يُعْرَف عمَّا ذا انْقِلابُها، و كانت عن همزة بعد همزة يدعو أَمْرٌ إِلى تحريكها، فإِنها تبدَل واواً حملًا على ضَوارب و ضُوَيْرب، فهذا حكمُها في كلام العرب إِلا أَن تكون طَرفاً رابعةً فحينئذ تبدل ياءً؛ و قال الزجاج «2»: يقول أَهلُ اللغة إِنَّ اشْتِقاق آدم لأَنه خُلِق من تُراب، و كذلك الأُدْمةُ إِنَّما هي مُشَبَّهة بلَوْن التُّراب؛ و قوله:
سادُوا الملُوكَ فأَصْبَحوا في آدَمٍ،             بَلَغُوا بها غُرَّ الوُجوهِ فُحُولا

جعل آدمَ اسْماً للقَبيلة لأَنه قال بَلَغوا بها، فأَنّث و جمَع و صرف آدم ضرورة؛ و قوله:
__________________________________________________
 (1). قوله [في قصيدته صيدح‏] هكذا في الأصل و التهذيب و شرح القاموس، و لعله في قصيدته في صيدح لأَنه اسم لناقة ذي الرمة و يمكن أن يكون سمى القصيدة باسمها.
 (2). قوله [و قال الزجاج إلخ‏] كذا في الأصل، و عبارة التهذيب: و قال الزجاج يقول أهل اللغة في آدم إِن اشتقاقه من أديم الأَرض لأَنه خلق من تراب.

12
لسان العرب12

أدم ص 8

الناسُ أَخْيافٌ و شَتَّى في الشِّيَمْ،             و كلُّهم يَجْمَعُهم بيتُ الأَدَمْ‏

قيل: أَراد آدَم، و قيل: أَراد الأَرض؛ قال الأَخفش: لو جعلت في الشعر آدَم مع هاشم لجَاز؛ قال ابن جني: و هذا هو الوجه القويُّ لأَنه لا يحقِّق أَحدٌ همزةَ آدَم، و لو كان تحقيقُها حَسَناً لكان التحقيقُ حَقيقاً بأَن يُسْمَع فيها، و إِذا كان بَدلًا البتَّة وجَب أَن يُجْرى على ما أَجْرَتْه عليه العرب من مُراعاة لفظِه و تنزيل هذه الهمزة الأَخيرة منزلةَ الأَلفِ الزائدة التي لا حظَّ فيها للهمزة نحو عالم و صابر، أَ لا تَراهم لما كسّروا قالوا آدَم و أَوادِم كسالِم و سَوالِم؟ و الأَدَمانُ في النَّخْل: كالدَّمانِ و هو العَفَن، و سيأْتي ذكره؛: و قيل: الأَدَمانُ عَفَن و سَوادٌ في قلْب النَّخْلة و هو وَدِيُّه؛ عن كُراع، و لم يقل أَحَد في القَلْب إِنه الوَدِيُّ إِلَّا هو. و الأَدَمان: شجرة؛ حكاها أَبو حنيفة، قال: و لم أَسمعها إِلا من شُبَيْل بن عزرة. و الإِيدامةُ: الأَرضُ الصُّلْبة من غير حجارة مأْخوذة من أَديم الأَرض و هو وَجْهُها. الجوهري: الأَياديمُ مُتون الأَرض لا واحد لها؛ قال ابن بري: و المشهور عند أهل اللغة أَن واحدتها إِيدامة، و هي فيعالة من أَدِيم الأَرض؛ و كذا قال الشيباني واحدتها إِيدامةٌ في قول الشاعر:
كما رَجَا من لُعابِ الشمْسِ، إِذ وَقَدَتْ،             عَطْشانُ رَبْعَ سَراب بالأَيادِيمِ‏

الأَصمعي: الإِيدامةُ أَرض مُسْتَوِية صُلْبة ليست بالغَليظة، و جمعها الأَياديمُ، قال: أُخِذَتِ الإِيدامةُ من الأَديمِ؛ قال ذو الرمَّة:
كأَنَّهُنَّ ذُرى هَدْيٍ محوبة             عنها الجِلالُ، إِذا ابْيَضَّ الأَياديمُ «1».

و ابْيِضاضُ الأَياديمِ للسَّراب: يعني الإِبل التي أُهْدِيَتْ إِلى مكة جُلِّلَتْ بالجِلال. و قال: الإِيدامةُ الصُّلْبة من غير حجارة. ابن شميل: الإِيدامةُ من الأَرض السَّنَد الذي ليس بشديد الإِشْراف، و لا يكون إِلا في سُهول الأَرض، و هي تنبت و لكن في نَبْتِها زُمَرٌ، لِغِلَظِ مكانها و قِلَّة اسْتقْرار الماء فيها. و أُدمى، على فُعَلى، و الأُدَمى: موضع، و قيل: الأُدَمى أَرض بظهر اليمامة. و أَدام: بلد؛ قال صخر الغيّ:
لقد أَجْرى لِمَصْرَعِه تَلِيدٌ،             و ساقَتْه المَنِيَّةُ من أداما

و أُدَيْمَةُ: موضع؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّة:
كأَن بَني عَمْرو يُرادُ، بدارهم             بِنَعْمانَ، راعٍ في أُدَيْمَةَ مُعْزبُ‏

يقول: كأَنهم من امتناعِهم على مَن أَرادهم في جَبَل، و إِن كانوا في السَّهْل.
أرم:
أَرَمَ ما على المائدة يَأْرِمهُ: أَكله؛ عن ثعلب. و أَرَمَتِ الإِبِلُ تَأْرِمُ أَرْماً: أَكَلَتْ. و أَرَمَ على الشي‏ء يَأْرِمُ، بالكسر، أَي عَضَّ عليه. و أَرَمَه أَيضاً: أَكَلَه؛ قال الكميت:
__________________________________________________
 (1). قوله [كأنهن ذرى إلخ‏] الشطر الأول في الأصل من غير نقط، و كتب في هامش الأصل و شرح القاموس: كأنهن ذرى هدي بمجوبة ثم شرحه شارح القاموس بمثل ما هنا، و لعل عنها في البيت بمعنى عليها كما يؤخذ من تفسيره.

13
لسان العرب12

أرم ص 13

و يَأْرِمُ كلَّ نابِتَةٍ رِعاءً،             و حُشَّاشاً لهنَّ و حاطِبينا

أَي من كثرتها؛ قال ابن بري: صوابه و نأْرِم، بالنون، لأَن قبله:
تَضِيقُ بنا الفِجاجُ، و هُنَّ فِيجٌ،             و نَجْهَرُ ماءَها السَّدِمَ الدَّفِينا

و منه سنَةٌ آرِمةٌ أَي مُسْتأْصِلة. و يقال: أَرَمَتِ السنَةُ بأَموالنا أَي أَكَلت كل شي‏ء. و قال أَبو حنيفة: أَرَمَتِ السائمة المَرْعَى تَأْرِمُه أَتَتْ عليه حتى لم تَدَعْ منه شيئاً. و ما فيه إِرْمٌ و أَرْمٌ أَي ضِرس. و الأُرَّمُ: الأَضراس؛ قال الجوهري: كأَنه جمع آرِمٍ. و يقال: فلان يَحْرُقُ عليك الأُرَّم إِذا تغَيَّظ فَحكَّ أَضْراسه بعضها ببعض، و قيل: الأُرّمُ أَطراف الأَصابع. ابن سيدة: و قالوا هو يَعْلُك عليه الأُرَّم أَي يَصْرِف بأَنيابه عليه حَنَقاً؛ قال:
أُنْبِئْتُ أَحْمَاءَ سُلَيْمَى إِنَّما             أَضْحَوا غِضاباً، يَحْرُقُونَ الأُرَّما
أَنْ قُلْت: أَسْقَى الحَرَّتَيْنِ الدِّيمَا


قال ابن بري: لا يصحُّ فتح أَنَّما إِلّا على أَن تجعل أَحْماء مفعولًا ثانياً بإِسقاط حرف الجر، تقديره نُبّئتُ عن أَحْماء سُلَيمْى أَنَّهم فَعلوا ذلك، فإِن جعلت أَحْماء مفعولًا ثانياً من غير إِسقاط حرف الجر كسرت إِنَّما لا غير لأَنها المفعولُ الثالثُ، و قال أَبو رياش: الأُرَّمُ الأَنيابُ؛ و أَنشد لعامر بن شقيق الضبيّ:
بِذِي فِرْقَيْنِ يَوْمَ بَنُو حَبيبٍ،             نُيُوبَهم علينا يَحْرُقُونَا

قال ابن بري: كذا ذكره الجوهري في فصل حَرَق فقال: حَرَقَ نابَه يَحْرُقه و يَحْرِقُه إِذا سَحَقَه حتى يسمع له صَرِيف. الجوهري: و يقال الأُرَّم الحِجارة؛ قال النضر بن شميل: سأَلت نوحَ بن جرير بن الخَطَفَى عن قول الشاعر:
يَلُوكُ من حَرْدٍ عليَّ الأُرَّمَا


قال: الحَصَى. قال ابن بري: و يقال الأُرَّم الأَنياب هنا لقولهم يَحْرُق عَليَّ الأُرَّمَ، من قولهم حَرَقَ نابُ البعير إِذا صوَّت. و الأَرْمُ: القطع. و أَرَمَتْهم السنَةُ أَرْماً: قطعتهم. و أَرَمَ الرجلَ يَأْرِمهُ أَرْماً: ليَّنَه؛ عن كُراع. و أَرْض أَرْماءُ و مَأْرُومَةٌ: لم يُتْرَك فيها أَصل و لا فَرْعٌ. و الأَرُومةُ: الأَصْل. و
في حديث عُمير بن أَفْصى: أَنا من العرب في أَرُومة بِنائها.
؛ قال ابن الأَثير: الأَرُومةُ بوزن الأَكولة الأَصْل. و فيه كيف تَبْلُغك صَلاتُنا و قد أَرِمْتَ أَي بَلِيت؛ أَرِمَ المالُ إِذا فَنِيَ. و أَرض أَرِمةٌ: لا تنبت شيئاً، و قيل: إِنما هو أُرِمْتَ من الأَرْمِ الأَكل، و منه قيل للأَسْنان الأُرَّم؛ و قال الخطابي: أَصله أَرْمَمْت أَي بَلِيت و صرت رَمِيماً، فحذف إِحدى الميمين كقولهم ظَلْت في ظَلِلْت؛ قال ابن الأَثير: و كثيراً ما تروى هذه اللفظة بتشديد الميم، و هي لغة ناسٍ من بكر بن وائل، و سنذكره في رمم. و الإِرَمُ: حِجارة تنصب عَلَماً في المَفازة، و الجمع آرامٌ و أُرُومٌ مثل ضِلَع و أَضْلاع و ضُلوع. و
في الحديث: ما يوجَد في آرامِ الجاهليَّة و خِرَبها فيه الخُمْس.
؛ الآرام: الأَعْلام، و هي حجارة تُجْمَع و تنصَب في المَفازة يُهْتَدَى بها، واحدها إِرَم‏

14
لسان العرب12

أرم ص 13

كعِنَب. قال: و كان من عادة الجاهلية أَنهم إِذا وجدوا شيئاً في طريقهم و لا يمكنهم اسْتِصْحابُه تركوا عليه حجارةً يعرفُونه بها، حتى إِذا عادوا أَخذوه. و
في حديث سلمة بن الأَكْوَع: لا يطرحون شيئاً إِلَّا جَعَلْت عليه آراماً.
ابن سيدة: الإِرَمُ و الأَرِمُ الحجارة، و الآرامُ الأَعْلام، و خص بعضهم به أَعْلام عادٍ، واحدُها إِرَمٌ و أَرِمٌ و أَيْرَمِيٌّ؛ و قال اللحياني: أَرَمِيّ و يَرَمِيّ و إِرَمِيّ. و الأُرومُ أَيضاً: الأَعْلام، و قيل: هي قُبُور عادٍ؛ و عَمَّ به أَبو عبيد في تفسير قول ذي الرمة:
و ساحِرة العُيون من المَوامي،             تَرَقَّصُ في نَواشِرِها الأُرُومُ‏

فقال: هي الأَعْلام؛ و قوله أَنشده ثعلب:
حتى تَعالى النِّيُّ في آرامها


قال: يعني في أَسْنِمَتِها؛ قال ابن سيدة: فلا أَدْري إِن كانت الآرام في الأَصل الأَسْمة، أو شبَّهها بالآرام التي هي الأَعْلام لعِظَمِها و طُولها. و إِرَمٌ: والِدُ عادٍ الأُولَى، و من ترَك صرف إِرَمٍ جعله اسماً للقبيلة، و قيل: إِرَمُ عادٌ الأَخيرة، و قيل: إرَم لبَلْدَتِهم التي كانوا فيها. و في التنزيل: بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ
، و قيل فيها أَيضاً أَرامٌ. قال الجوهري في قوله عز و جل: إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ
، قال: من لم يُضِف جعل إِرَمَ‏
 اسمَه و لم يَصْرِفه لأَنه جعل عاداً اسم أَبيهم، و من قرأَه بالإِضافة و لم يَصْرف جعله اسم أُمّهم أَو اسم بَلدةٍ. و في الحديث ذكر إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ
، و قد اختلف فيها فقيل دِمَشق، و قيل غيرها. و الأَرُوم، بفتح الهمزة: أَصْل الشجرة و القَرْن؛ قال صخر الغيّ يهجو رجلًا:
تَيْسَ تُيُوسٍ، إِذا يُناطِحُها             يَأْلَمُ قَرْناً، أَرُومه نَقِدُ

قوله: يَأْلَمُ قَرْناً أَي يَأْلَمُ قَرْنَه، و قد جاء على هذا حروف منها قولهم: يَيْجَع ظَهراً، و يَشْتكي عيناً أَي يَشْتَكي عَينَه، و نصب تَيْسَ على الذَّمِّ؛ و أَنشد ابن بري لأَبي جندب الهذلي:
أَولئك ناصري و هُمُ أُرُومِي،             و بَعْضُ القوم ليس بذِي أُرُومِ‏

و قولهم: جارية مَأْرُومَةٌ حسَنة الأَرْمِ إِذا كانت مَجْدُولة الخَلْق. و إِرَمٌ: اسم جبل؛ قال مُرَقِّش الأَكْبَرُ:
فاذْهَبْ فِدىً لك ابن عَمّك لائحا «1» ... الأَشيبة و إِرَمْ‏


و الأُرُومةُ و الأَرُومة، الأَخيرة تميمة: الأَصلُ، و الجمع أُرُومٌ؛ قال زهير:
لَهُم في الذّاهِبِينَ أُرُومُ صِدْقٍ،             و كان لِكُلِّ ذي حَسَب أُرُومُ‏

و الأَرامُ: مُلْتقى قَبائِلِ الرأْس. و رَأْس مُؤَرَّمٌ: ضخْم القَبائل. و بَيْضَةٌ مُؤَرَّمةٌ واسِعَةُ الأَعْلى. و ما بالدَّارِ أَرِمٌ و أَرِيمٌ و إِرَميٌّ و أَيْرَميّ و إِيْرَمِيّ؛ عن ثعلب و أَبي عبيد، أَي ما بها أَحَدٌ، لا يستعمل إِلا في الجَحْد؛ قال زهير:
دارٌ لأَسْماء بالغَمْرَيْنِ ماثِلةٌ،             كالوَحْيِ ليس بها من أَهْلِها أَرِمُ‏

و مثله قول الآخر:
__________________________________________________
 (1). هنا بياض في الأصل.

15
لسان العرب12

أرم ص 13

تلك القُرونُ وَرِثْنا الأَرضَ بَعْدَهُمُ،             فما يُحَسُّ عليها منهمُ أَرِمُ‏

قال ابن بري: كان ابن دَرَسْتَوَيْه يُخالف أَهل اللغة فيقول: ما بها آرِم، على فاعل، قال: و هو الذي يَنْصِب الأَرَمَ و هو العَلَم، أَي ما بها ناصِبُ عَلَم، قال: و المشهور عند أَهل اللغة ما بها أَرِمٌ، على وزن حَذِرٍ، و بيتُ زهير و غيره يشهد بصحة قولهم، قال: و على أَنه أَيضاً حكى القَزَّاز و غيره آرِم، قال: و يقال ما بها أَرَمٌ أَيضاً أَي ما بها علَم. و أَرَمَ الرجلَ يَأْرِمُه أَرْماً: لَيَّنه. و أَرَمْتُ الحَبْل آرِمُه أَرْماً إِذا فَتَلْتَه فَتْلًا شديداً. و أَرَمَ الشي‏ءَ يَأْرِمُه أَرْماً: شدَّه؛ قال رؤبة:
يَمْسُدُ أَعْلى لَحْمِه و يَأْرِمُهْ‏


و يروى بالزاي، و قد ذكر في أَجم. و آرام: موضع؛ قال:
مِن ذاتِ آرامٍ فجَنبَي أَلعسا «2».


و في الحديث ذِكْر إِرَمٍ، بكسر الهمزة و فتح الراء الخفيفة،
و هو موضع من ديار جُذام، أَقْطَعَه سيدُنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم، بني جِعال بن رَبيعة.
أزم:
الأَزْمُ: شدَّةُ العَضِّ بالفَمِ كلِّه، و قيل بالأَنْياب، و الأَنْيابُ هي الأَوازِمُ، و قيل: هو أَنَ يَعَضَّه ثم يكرِّر عليه و لا يُرْسِله، و قيل: هو أَن يَقْبِض عليه بفيه، أَزَمه، و أَزَمَ عليه يَأْزِمُ أَزْماً و أُزُوماً، فهو آزِمٌ و أَزُومٌ، و أَزَمْت يَد الرجُل آزِمُها أَزْماً، و هي أَشدُّ العَضِّ. قال الأَصمعي: قال عيسى بن عمر كانت لنا بَطَّة تَأْزِمُ أَي تَعَضُّ، و منه قيل للسَّنة أَزْمَةٌ و أَزُومٌ و أَزامِ، بكسر الميم. و أَزَمَ الفرسُ على فأْسِ اللِّجام: قَبض؛ و منه‏
حديث الصدّيق: نَظَرْت يوم أُحُدٍ إِلى حَلَقة دِرْع قد نَشِبَت في جَبين رسول الله، صلى الله عليه و سلم، فانْكَبَبْت لأَنْزِعَها، فأَقْسَم عليَّ أَبو عبيدة فأَزَمَ بها بثَنيَّتيه فجَذبها جَذْباً رَفيقاً.
أَي عَضَّها و أَمْسكها بين ثَنِيَّتَيْه؛ و منه‏
حديث الكَنْز و الشجاع الأَقْرع: فإِذا أَخذه أَزَم في يده.
أَي عَضَّها. و الأَزْمُ: القطعُ بالناب و السِّكِّين و غيرهما. و الأَوَازمُ و الأُزَّمُ و الأُزُمُ: الأَنْياب، فواحدة الأَوازمِ آزِمةٌ، و واحدة الأُزَّمِ آزِمٌ، و واحدة الأُزُمِ أَزُومٌ. و الأَزْمُ: الجَدْبُ و المَحْل. ابن سيدة: الأَزْمة الشدّة و القَحْط، و جمعها إِزَمٌ كبَدْرةٍ و بِدَر، و أَزْمٌ كتَمْرةٍ و تَمْر؛ قال أَبو خِراش:
جَزى اللهُ خيراً خالِداً من مُكافِئٍ،             على كلِّ حالٍ من رَخاء و من أَزْمِ‏

و قد يكون مصدراً لأَزَم إِذا عضَّ، و هي الوَزْمة أَيضاً. و
في الحديث: اشْتَدِّي أَزْمَة تَنْفَرِجي.
قال: الأَزْمَة السَّنة المُجْدِبة. يقال: إِن الشدَّة إِذا تَتابَعت انفرجت و إِذا تَوالَتْ تَوَلَّت. و
في حديث مجاهد: أَن قُرَيْشاً أَصابَتْهم أَزْمةٌ شديدةٌ و كان أَبو طالب ذا عيالٍ.
و الأَوازمُ: السِّنُون الشدائد كالبَوازِم. و أَزَمَ عليهم العامُ و الدهرُ يَأْزِمُ أَزْماً و أُزُوماً: اشتدّ قَحْطُه، و قيل: اشتدَّ و قَلَّ خَيرُه؛ و سنة أَزْمَةٌ و أَزِمَةٌ و أَزُومٌ و آزِمةٌ؛ قال زهير:
إِذا أَزَمَتْ بهم سَنةٌ أَزُوم‏


و يقال: قد أَزَمت أَزامِ؛ قال:
__________________________________________________
 (2). قوله [فجني ألعسا] هكذا في الأصل و شرح القاموس.

16
لسان العرب12

أزم ص 16

         أَهان لها الطَّعامَ فلم تُضِعْه،             غَداةَ الرَّوْعِ، إِذ أَزَمَتْ أَزامِ‏

قال ابن بري: و أَنشد أَبو علي هذا البيت:
         أَهانَ لها الطعامَ فَأَنْفَذَتْهُ،             غَداةَ الرَّوْعِ، إِذ أَزَمَتْ أَزُومُ‏

و يقال: نزلتْ بهم أَزامِ و أَزُومٌ أَي شدَّة. و المُتَأَزِّمُ: المُتَأَلِّم لأَزْمةِ الزمان؛ أَنشد عبد الرحمن عن عمه الأَصمعي في رجل خطَب إِليه ابنَته فردَّ الخاطب:
         قالوا: تَعَزَّ فَلَسْتَ نائِلَها،             حتى تَمَرَّ حَلاوَةُ التَّمْرِ
             لَسْنا من المُتأَزِّمينَ، إِذا             فَرِحَ اللَّمُوسُ بثائبِ الفَقْرِ

أَي لَسْنا نُزَوِّجك هذه المرأَة حتى تَعود حَلاوةُ التَّمْر مَرارةً، و ذلك ما لا يكون. و المُتَأَزِّمُ: المُتَأَلِّم لأَزْمةِ الزَّمان و شدَّتِه، و اللَّمُوسُ: الذي في نَسَبه ضَعَةٌ، أَي أَن الضعيفَ النسَب يفْرَح بالسَّنة المُجْدبة ليُرْغَب إِليه في ماله فيَنْكِحَ أَشْراف نِسائهم لحاجَتهم إِلى ماله. و أَزَمَتْهم السنةُ أَزْماً: استأْصَلَتهم، و قال شمر: إِنما هو أَرَمَتْهم، بالراء، قال: و كذلك قال أَبو الهيثم. و يقال: أَصابتنا أَزْمة و آزمةٌ أَي شدّة؛ عن يعقوب. و أَزَمَ على الشي‏ء يَأْزِمُ أُزُوماً: واظَب عليه و لَزِمَه. و أَزَمَ بِضَيْعَته و عليها: حافظ. أَبو زيد: الأُزُومُ المُحافظة على الضَّيْعَة. و تَأَزَّمَ القومُ إِذا أَطالوا الإِقامة بِدارهم. و أَزَمَ بصاحِبه يَأْزِمُ أَزْماً: لَزِقَ. و في الصحاح: أَزَمَ الرجلُ بصاحبه إِذا لَزِمَه. و أَزَمَه أَيضاً أَي عَضَّه و أَزَمَ عن الشي‏ء: أَمسك عنه. و أَزَمَ بالمكان أَزْماً: لَزِمَه. و أَزَمْتُ الحَبْلَ و العِنانَ و الخَيْط و غيرَه آزِمُه أَزْماً: أَحكَمْت فَتْله و ضَفْرَه، بالراء و الزاي جميعاً، و الراء أَعرف، و هو مَأْزُومٌ. و الأَزْمُ: ضرْب من الضَّفْر و هو الفَتْل. و أَزَمَ أَزْماً و أَزِمَ أَزَماً، كلاهما: تقبَّض. و المَأْزِمُ: المَضِيق مثل المَأْزِلِ؛ و أَنشد الأَصمعي عن أَبي مَهْدِيَّة:
         هذا طريقٌ يَأْزِمُ المَآزِما،             و عِضَواتٌ تَمْشُق اللَّهازِما

و يروى‏
         ... عَصَوات ...


، و هي جمع عَصاً. و تَمْشُق: تضرِب. و المأْزِم: كلُّ طريق ضيِّق بين جبلين، و موضع الحَرْبِ أَيضاً مَأْزِمٌ، و منه سمي الموضع الذي بين المَشْعَر و عَرَفة مَأْزِمَيْن. الأَصمعي: المَأْزِمُ في سَنَد مَضِيقٌ بين جَمْعٍ و عَرَفة. و
في حديث ابن عمر: إِذا كنتَ بين المَأْزِمَيْن دون مِنىً فإِنَّ هناك سَرْحَة سُرَّ تحتَها سبعون نبيّاً.
و
في الحديث: إِني حَرَّمْت المدينة حَراماً ما بين مَأْزِمَيْها.
؛ المَأْزِمُ: المَضِيقُ في الجبال حتى يَلتَقِي بعضُها ببعض و يَتَّسِع ما وَرَاءه، و الميمُ زائدة، و كأَنه من الأَزْمِ القُوّة و الشدّة؛ و أَنشد لِساعدة ابن جؤية الهُذَلي:
         و مُقامُهنّ، إِذا حُبِسْنَ، بِمَأْزِمٍ             ضَيْقٍ أَلَفَّ، و صَدّهنّ الأَخشَبُ‏

قال ابن بري: صواب إِنشاده‏
         و مُقامِهنَّ ...


، بالخفض على القَسَم لأَنه أَقسم بالبُدْن التي حُبِسْن بِمَأْزِمٍ أَي بمَضِيق، و أَلَفَّ: مُلْتَفّ، و الأَخْشَبُ: جبل،

17
لسان العرب12

أزم ص 16

و المَأْزِمُ: مَضِيقُ الوادي في حُزُونةٍ. و مَآزِمُ الأَرض: مَضايِقها تلْتَقي و يتَّسِع ما وراءها و ما قُدّامها. و مآزِمُ الفَرْجِ: مَضايقه، واحدها مَأْزِم. و مأْزِمُ القِتال: موضعه إِذا ضاق، و كذلك مَأْزِمُ العَيش؛ هذه عن اللحياني، و كلُّ مَضِيق مَأْزِمٌ. و الأَزْمُ: إِغْلاق الباب. و أَزَمَ البابَ أَزْماً: أَغْلَقه. و الأَزْمُ: الإِمساك. أَبو زيد: الآزِمُ الذي ضَمَّ شفتيه. و الأَزْمُ: الصمْت. و الأَزْمُ: تركُ الأَكل و أَصله من ذلك؛ و
في الحديث: أَن عمر قال للحرث بن كَلْدة و كان طبيبَ العَرب: ما الطِّبُّ؟ فقال: هو الأَزْمُ.
و هو أَن لا تدخِل طعاماً على طعام، و فسَّره الناسُ أَنه الحِمْيَةُ و الإِمساك عن الاستكثار، و في النهاية: إِمساك الأَسْنان بعضها على بعض. و الأَزْمةُ: الأَكلة الواحدة في اليوم مرَّة كالوَجْبةِ. و
في حديث الصلاة أَنه قال: أَيُّكم المُتَكلِّم؟ فَأَزَمَ القومُ.
أَي أَمسكوا عن الكلام كما يُمسِك الصائم عن الطَّعام، قال: و منه سميت الحِمْيَةُ أَزْماً، قال: و
الرواية المشهورة: فَأَرَمَّ القوم.
بالراء و تشديد الميم؛ و منه‏
حديث السِّواك: يستعمله عند تَغَيُّر الفَمِ، من الأَزْمِ.
و أَزِيمٌ: جبل بالبادية.
أسم:
أُسامَةُ: من أَسماء الأَسد، لا يَنْصرِف. و أُسامة: اسم رجل من ذلك؛ فأَما قوله:
         و كأَنِّي في فَحْمة ابن جَمِيرٍ             في نِقابِ الأُسامةِ السِّرْداحِ‏

فإِنه زاد اللام كقوله:
و لقد نَهَيتُك عن بَنات الأَوْبرِ


و أَما قوله:
عَيْنُ بَكِّي لِسَامةَ بن لُؤَيٍّ             عَلِقَتْ ساقَ سامةَ العَلَّاقهْ «1».

فإِنه أَراد بقوله لِسامةَ لأُسامة، فحذف الهمز. قال ابن السكيت: يقال هذا أُسامةُ، و هو الأَسدُ، و هو مَعْرِفة؛ قال زهير يَمْدح هَرِم بن سِنان:
و لأَنْت أَشْجَعُ من أُسامة، إِذ             دُعِيَتْ نزَالِ، و لُجَّ في الذُّعْرِ

و أَما الاسم فنذكره في المعتلّ لأَن الأَلف زائدة. قال ابن بري: و أَما أَسماءُ اسم امرأَة فمختلَف فيها، فمنهم مَن يجعلها فَعلاء و الهمزة فيها أَصْل، و منهم مَن يجعلُها بَدلًا من واو و أَصْلُها عندهم وَسْماء، و منهم مَن يجعل همزتها قطعاً زائدة و يجعلها جمعَ اسم سميت به المرأَة، قال: و يقوّي هذا الوجه قولهم في تصغيرها سُمَيَّة، و لو كانت الهمزة فيها أَصْلًا لم تحذَف.
أضم:
الأَضَمُ: الحِقْدُ و الحسَدُ و الغضَبُ، و يجمع على أَضَماتٍ؛ قال ابن بري: شاهده قول الشاعر:
و باكَرَا الصَّيْدَ بحَدٍّ و أَضَمْ،             لن يَرْجِعا أَو يَخْضِبا صَيْداً بِدَمْ‏

و أَضِمَ عليه، بالكسر، يَأْضَمُ أَضَماً: غضب؛ و أَنشد ابن بري:
فُرُحٌ بالخَيْر إِنْ جاءَهُمُ،             و إِذا ما سُئِلُوه أَضِمُوا

قال العجاج:
و رأْس أَعْداءٍ شديد أَضَمُهْ‏


__________________________________________________
 (1). قوله [و أما قوله‏
         عين بكي ...

إلخ‏] هذا البيت من قصيدة لأعرابية ترثي بها أسامة و لها حكاية ذكرت في مادة فوق فانظرها.

18
لسان العرب12

أضم ص 18

و
في حديث نَجْران «1»
: و أَضِمَ عليه أَخوه كُرْزُ بنُ عَلْقَمَة حتى أَسلم.
يقال: أَضِمَ الرجل، بالكسر، يَأْضَمُ أَضَماً إِذا أَضْمَر حِقْداً لا يستطيع أَن يُمْضِيَه؛ و
في حديث آخر: فَأَضِمُوا عليه.
و أَضِمَ به أَضَماً، فهو أَضِمٌ: عَلِقَ به. و أَضِمَ الفحل بالشُّوَّل: عَلِقَ بها يَطْرُدها و يَعَضُّها و أَضِم الرجل بأَهله كذلك. و إِضَمٌ: موضع؛ قال النابغة:
و احْتَلَّت الشَّرْعَ فالأَجْراعَ من إِضَما


و إِضَمٌ، بكسر الهمزة: اسم جبل؛ قال الراجز يصف ناراً:
نَظَرْت و العَيْنُ مُبينة التَّهَمْ             إِلى سَنا نارٍ، وقُودُها الرَّتَمْ،
شُبَّتْ بأَعلى عانِدَيْن من إِضَمْ‏


قال ابن بري: و قد جاء غير مصروف، و أَنشد بيت النابغة. و في بعض الأَحاديث ذِكْر إِضَمٍ، و هو بكسر الهمزة و فتح الضاد، اسم جبل، و قيل: موضع.
أطم:
الأُطُم: حِصْنٌ مَبْنِيٌّ بحجارة، و قيل: هو كل بيت مُرَبَّع مُسَطَّح، و قيل: الأُطْم مثل الأَجّم، يخفف و يثقَّل، و الجمع القليلُ آطامٌ و آجامٌ؛ قال الأَعشى:
فإِمَّا أَتَتْ آطامَ جَوٍّ و أَهلَه،             أُنِيخَت فأَلقَتْ رَحْلَها بِفِنائكا

و الكثير أُطُومٌ، و هي حُصون لأَهل المدينة؛ قال أَوْس بن مَغْراء السعدي:
بَثَّ الجُنودَ لهم في الأَرض يَقْتُلُهم،             ما بين بُصْرى إِلى آطامِ نَجْرانا

و الواحدة أَطَمة مثل أَكَمَة؛ و باليمن حِصْن يُعرف بأُطُم الأَضْبطِ، و هو الأَضْبط بن قُرَيْع بن عوف بن سعد بن زيد مَناة، كان أَغار على أَهْل صَنْعاء و بَنَى بها أُطُماً و قال:
و شَفَيْتُ نَفْسِي، من ذوِي يَمَنٍ،             بالطَّعْنِ في اللَّبَّات و الضربِ‏
قَتَّلتهمْ و أَبَحْتُ بَلْدَتَهم،             و أَقَمْتُ حَوْلًا كامِلًا أَسْبي‏
و بَنَيْتُ أُطْماً في بلادهم،             لأُثَبِّت التَّقْهِيرَ بالغَصْبِ‏

ابن سيدة و غيره: الأُطْم حِصْن مَبْنِيٌّ. ابن الأَعرابي: الأُطُوم القُصور. و
في حديث بلال: أَنه كان يؤذِّن على أُطْمٍ.
؛ الأُطْم، بالضم: بناء مرتفع، و جمعه آطام. و
في الحديث: حتى تَوارَتْ بآطامِ المدينة.
يعني بأَبنيتها المرتفعة كالحُصون. ابن بُزُرْج: أَطَمْت على البَيْت أَطْماً أَي أَرْخَيْت سُتورَه. و التَّأْطِيمُ في الهَوْدَج: أَن يُسَتَّر بثياب، يقال: أَطَّمْته تَأْطِيماً؛ و أَنشد:
تدخل جَوْزَ الهَوْدَجِ المُؤَطَّمِ‏


و أَزَمَ بيده و أَطَمَ إِذا عضَّ عليها. و أَطَمْت أُطوماً إِذا سكتّ. أَبو عمرو: التَّأَطُّم سكوت الرجل على ما في نفسه. و أَطَمْتُ البئر أَطْماً: ضَيَّقْت فاها. و تأَطُّمُ الليل: ظُلْمته و أَطِمَ أَطَماً: غضِب. و تَأَطَّم فلان تأَطُّماً إِذا غضِب. و فلان يتأَطَّم على فلان: مثل يَتَأَجَّم. و أَطِمَ أَطَماً: انضمَّ. و الأُطامُ و الإِطامُ: حصْر البَعير و الرجُل، و هو أَن لا يَبُول و لا يَبْعَر من داءٍ، و قد أَطِمَ أَطَماً
__________________________________________________
 (1). قوله [و في حديث نجران إلخ‏] عبارة النهاية: و في حديث وفد نجران و أضم عليها منه أخوه إلخ.

19
لسان العرب12

أطم ص 19

و أُطِمَ أَطْماً و أُطِمَ عليه. و يقال للرجل إِذا عَسُر عليه بُروزُ غائطِه: قد أُطِم أَطْماً، و أْتُطِمَ ائتِطاماً. و يقال: أَصابه أُطامٌ و إِطامٌ إِذا احتبس بَطْنُه. و بعير مَأْطُومٌ و قد أُطِمَ إِذا لم يَبُل من داءٍ يكون به. الجوهري: الأُطامُ، بالضم، احتباس البول، تقول منه: أُؤْتُطِمَ على الرجل؛ و أَنشد ابن بري:
تَمْشي من التَّحْفِيلِ مَشْيَ المُؤْتَطِمْ‏


قال: و قال عبد الواحد التَّأَطُّم امتناع النَّجْوِ، قال: و قال أَبو عمرو المُؤَطَّم المكسر بالتراب؛ و أَنشد لعياض بن درَّة:
إِذا سَمِعتْ أَصْوات لأْمٍ من المَلا،             بَكَتْ جَزَعاً من تحت قَبرٍ مُؤَطَّمِ‏

و الأَطِيمةُ: مَوْقِدُ النار، و جمعها أَطائم؛ قال الأَفْوَهُ الأَوْديّ:
في مَوْطِنٍ ذَرِبِ الشَّبا، فكأَنَّما             فيه الرِّجالُ على الأَطائِم و اللَّظى‏

شمر: الأَطِيمةُ توثق الحمام بالفارسية. ابن شميل: الأَتُّون و الأَطيمة الداستورن «1». و الأَطُوم: سمكة في البحر يقال لها المَلِصَةُ و الزَّالِخَة. و الأَطُومُ: السُّلَحْفاة البحريّة، و في المحكم: سُلَحْفاة بَحْريّة غليظة الجلْد في البَحْر يُشَبَّه بها جِلْد البعير الأَمْلَس، و تُتَّخذ منها الخفاف للجَمّالين و تُخْصَفُ بها النِّعال؛ قال الشمَّاخ «2»:
و جِلْدُها من أَطُومٍ ما يُؤَيِّسهُ             طِلْحٌ، بضاحِية البَيْداء، مَهْزُولُ‏

و قيل: الأَطُوم القُنْفُذُ. و الأَطُوم: البَقَرةُ، قيل: إِنما سُمِّيت بذلك على التَّشْبيه بالسَّمَكة لغِلَظ جِلْدها؛ و أَنشد الفارسي:
كأَطُومٍ فَقَدَتْ بُرْغُزَها،             أَعْقبَتْها الغُبْسُ منها نَدَما
غَفَلَتْ ثم أَتَتْ تَطْلُبُه،             فإِذا هي بِعِظام وَ دَما

و في قصيدة كعب بن زُهَير يمدح سيدَنا رسولَ الله، صلى الله عليه و سلم:
و جِلْدُها من أَطُوم لا يُؤَيِّسُهُ‏


قال ابن الأَثير: الأَطُومُ الزَّرافةُ يَصِفُ جِلْدها بالقُوَّة و المَلاسَةِ، لا يُؤَيِّسه: لا يُؤَثِّر فيه. و الأَطِيمُ: شحْم و لَحْم يُطْبخ في قِدْرٍ سُدَّ فَمُها. الفراء: السِّنَّوْرُ يَتَأَطَّمُ و يَتَحَدَّم للصَّوْت الذي في صَدْره. و تَأَطَّم السَّيْلُ إِذا ارتفعت في وَجْهه طَحَماتٌ كالأَمْواج ثم يكسَّر بعضها على بعض؛ قال رؤبة:
إِذا ارْتَمَى في وَأْدِه تَأَطُّمُهْ‏


وَأْدُه: صَوْتُه.
أكم:
الأَكَمَةُ: معروفة، و الجمع أَكَماتٌ و أَكَمٌ، و جمع الأَكَمِ إِكامٌ مثل جَبَلٍ و جِبالٍ، و جمع الإِكامِ أُكُم مثل كتابٍ و كُتُبٍ، و جمع الأُكُم آكامٌ مثل عُنُقٍ و أَعْناقٍ، كما تقدّم في جمع تَمْرة. قال: يقال أَكمة و أَكَم مثل ثَمَرة و ثَمَر، و جمع أَكَمَةٍ أُكُم كخَشَبَة و خُشُبٍ، و إِكام كرَحَبةٍ و رِحاب، و يجوز أَن يكون آكام كجَبَل و أَجْبالٍ، غيره: الأَكَمَةُ تَلٌّ من القُفِّ و هو حَجر واحد.
__________________________________________________
 (1). قوله [شمر الأطيمة إلى قوله الداستورن‏] مثله في التهذيب إلا أن لفظ توثق الحمام منقوط في التهذيب هكذا و في الأصل من غير نقط، و قوله الداستورن هو في الأصل هكذا و في التهذيب الداشوزن.
 (2). هذا البيت لكعب بن زهير لا للشماخ، و في القصيدة: بضاحية المتنين بدل بضاحية البيداء.

20
لسان العرب12

أكم ص 20

ابن سيدة الأَكَمَة القُفُّ من حجارة واحدة، و قيل: هو دون الجبال، و قيل: هو الموضع الذي هو أَشدُّ ارتفاعاً ممَّا حَوْلَه و هو غليظ لا يبلغ أَن يكون حَجَراً، و الجمع أَكَمٌ و أُكُمٌ و أُكْمٌ و إِكامٌ و آكامٌ و آكُمٌ كأَفْلُسٍ؛ الأَخيرة عن ابن جني. ابن شميل: الأَكَمَةُ قُفٌّ غير أَن الأَكَمةَ أَطْول في السماء و أَعظم. و يقال: الأَكَمُ أَشْرافٌ في الأَرض كالرَّوابي. و يقال: هو ما اجتمع من الحِجارة في مكانٍ واحد، فَرُبَّما غَلُظَ و ربما لم يَغْلُظ. و يقال: الأَكَمَةُ ما ارتَفَعَ عن القُفِّ مُلَمْلَمٌ مُصَعَّدٌ في السماء كثير الحجارة. و روى ابن هانئ عن زَيْد بن كَثْوة أَنه قال: من أَمثالهم: حَبَسْتُموني و وَراء الأَكَمَةِ ما وَراءها؛ قالَتْها امرأَة كانت واعَدَتْ تَبَعاً لها أَن تأْتِيَهُ وراء الأَكَمة إِذا جَنَّ رُؤْيٌ رُؤْياً، فَبَيْنا هي مُعِيرةٌ في مَهْنَة أَهْلِها إِذ نَسَّها شَوْقٌ إِلى مَوْعِدها و طال عليها المُكْث و ضَجِرت «1».، فخرج منها الذي كانت لا تريد إِظْهارَه و قالت: حَبَسْتُموني و وَراء الأَكَمة ما وَراءها يقال ذلك عند الهُزْء بكل مَنْ أَخبر عن نفسه ساقِطاً مَا لا يريد إِظْهارَه. و اسْتَأْكَم الموضعُ: صار أَكَماً؛ قال أَبو نخيلة:
بين النَّقَا و الأَكَم المُسْتَأْكِمِ‏


و
في حديث الاسْتِسْقاء: على الإِكامِ و الظِّرابِ و مَنابتِ الشجَرِ.
؛ الإِكامُ: جمع أَكَمة و هي الرابِيَة. و المَأْكَمَةُ: العَجِيزةُ. و المَأْكَمان و المَأْكَمَتان: اللَّحْمَتان اللتان على رُؤوس الوَرِكَيْن، و قيل: هما بَخَصَتان مُشْرِفتان على الحَرْقَفَتَيْنِ، و هما رُؤوس أَعالي الوَرِكَيْن عن يمين و شمال، و قيل: هما لَحْمتان وَصَلَتا ما بين العَجُز و المَتْنَيْن، و الجمع المَآكِمُ؛ قال:
إِذا ضَرَبَتْها الرِّيح في المِرْطِ أَشْرَفَتْ             مَآكِمُها، و الزُّلُّ في الرِّيحِ تُفْضَحُ‏

و قد يُفْرَد فيقال مَأْكَمٌ و مَأْكِمٌ و مَأْكَمَةٌ و مَأْكِمَةٌ؛ قال:
أَرَغْت به فَرْجاً أَضاعَتْه في الوَغى،             فَخَلَّى القُصَيْرى بين خَصْر و مَأْكَمِ‏

و حكى اللحياني: إِنه لعَظيمُ المَآكِمِ كأنهم جعلوا كل جزء منه مَأْكَماً. و
في حديث أَبي هريرة: إِذا صَلَّى أَحدُكم فلا يَجْعل يَدَهُ على مَأْكَمتَيْه.
؛ قال ابن الأَثير: هما لَحْمتان في أَصل الوَرِكَيْن، و قيل: بين العَجُز و المَتْنَيْن، قال: و تفتح كافُها و تكْسَر؛ و منه‏
حديث المُغِيرة: أَحْمَر المَأْكَمَةِ.
؛ قال ابن الأَثير: لم يرد حُمْرة ذلك الموضع بعينه، و إِنما أَراد حُمْرَة ما تحتها من سَفِلَته، و هو ما يُسَبُّ به فَكَنَى عنها بها؛ و مثله قولهم في السَّبِّ: يا ابن حَمْراء العِجَانِ و مَرْأَة مُؤَكِّمَةٌ: عظيمة المَأْكِمَتَيْن. و أُكِمَتِ الأَرضُ: أُكِلَ جميعُ ما فيها. و إِكامٌ: جبل بالشام؛ و روي بيت إمرئ القيس:
بين حامِرٍ و بين إِكام «2»


__________________________________________________
 (1). قوله [و ضجرت‏] في التهذيب: و صخبت.
 (2). قوله [بين حامر] عبارة ياقوت معجمه بعد أن ذكر أن حامراً عدّة مواضع: و حامراً أيضاً واد في رمال بني سعد، و حامر أيضاً موضع في ديار غطفان، و لا أدري أيهما أراد إمرؤ القيس بقوله:
أ حار ترى برقاً أريك وميضه             كلمع اليدين في حيّ مكلل‏
قعدت له و صحبتي بين حامر             و بين إكام بعد ما متأمل‏


و قال عند التكلم على إِكام بكسر الهمزة موضع بالشام، و أنشد البيت الثاني و يروى أيضاً: بين ضارجٍ و بين العُذيب بدل بين حامر و بين إِكام.

21
لسان العرب12

أكم ص 20

ألم:
الأَلَمُ: الوجَعُ، و الجمع آلامٌ. و قد أَلِمَ الرجلُ يَأْلَمُ أَلَماً، فهو أَلِمٌ. و يُجْمَعُ الأَلَمُ آلاماً، و تَأَلَّم و آلَمْتُه. و الأَلِيمُ: المُؤلِمُ المُوجِعُ مثل السَّمِيع بمعنى المُسْمِع؛ و أَنشد ابن بري لذي الرمة:
يَصُكُّ خُدُودَها وهَجٌ أَلِيمُ‏


و العَذاب الأَلِيمُ: الذي يَبْلغ إِيجاعُهُ غاية البلوغ، و إِذا قلت عَذاب أَلِيمٌ فهو بمعنى مُؤلِم، قال: و مثله رجل وجِع. و ضرْب وَجِع أَي مُوجِع. و تَأَلَّم فلان من فلان إِذا تَشَكَّى و تَوَجَّع منه. و التَّأَلُّم: التَّوجُّع. و الإِيلامُ: الإِيجاعُ. و أَلِمَ بَطنَه: من باب سَفِه رأْيَه. الكسائي: يقال أَلِمْت بطنَك و رَشِدْت أَمْرَك أَي أَلِمَ بَطنُك و رَشِدَ أَمْرُك، و انتِصاب قوله بَطْنَك عند الكسائي على التفسير، و هو معرفة، و المُفَسرات نَكرات كقولك قَرِرْت به عَيْناً و ضِقْتُ به ذَرْعاً، و ذلك مذكور عند قوله عز و جل: إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ، قال: و وجه الكلام أَلِمَ بَطْنُه يَأْلَم أَلَماً، و هو لازم فَحُوِّل فِعْلُه إِلى صاحب البَطْن، و خَرَج مُفَسّراً في قوله أَلِمْتَ بَطْنَك. و الأَيْلَمَةُ: الأَلمُ. و يقال: ما أَخذ أَيْلمةً و لا أَلماً، و هو الوجَع. و قال ابن الأَعرابي: ما سمعت له أَيْلمةً أَي صَوْتاً. و قال شمر عنه: ما وَجَدْت أَيلمةً و لا أَلَماً أَي وَجَعاً. و قال أَبو عمرو: الأَيْلمةُ الحَركة؛ و أَنشد:
فما سمعت بعد تلك النَّأَمَهْ             منها و لا مِنْهُ، هناك، أَيْلمهْ‏

قال الأَزهري: و قال شمر تقول العرب أَما و الله لأُبِيتَنَّك على أَيْلَمَةٍ، و لأَدَعَنَّ نَوْمَك تَوْثاباً، و لأُثئِدَنَّ مَبْرَكَك، و لأُدْخِلنَّ صَدْرك غمَّة: كلُّه في إِدْخال المشقَّة عليه و الشدَّة. و أَلُومةُ: موضع؛ قال صَخْر الغيّ:
القَائد الخَيْلَ من أَلومَةَ أَو             من بَطْن وادٍ، كأَنها العجَدُ «1».

و في التهذيب: و
يَجْلُبُوا الخَيْلَ من أَلُومَةَ أَوْ             من بَطْنِ عَمْقٍ، كأَنَّها البُجُدُ

أمم:
الأَمُّ، بالفتح: القَصْد. أَمَّهُ يَؤُمُّه أَمّاً إِذا قَصَدَه؛ و أَمَّمهُ و أْتَمَّهُ و تَأَمَّمَهُ و يَمَّه و تَيَمَّمَهُ، الأَخيرتان على البَدل؛ قال:
فلم أَنْكُلْ و لم أَجْبُنْ، و لكنْ             يَمَمْتُ بها أَبا صَخْرِ بنَ عَمرو

و يَمَّمْتُه: قَصَدْته؛ قال رؤبة:
أَزْهَر لم يُولَدْ بنَجْم الشُّحِّ،             مُيَمَّم البَيْت كَرِيم السِّنْحِ «2».

و تَيَمَّمْتُهُ: قَصَدْته. و
في حديث ابن عمر: مَن كانت فَتْرَتُهُ إِلى سُنَّةٍ فَلِأَمٍّ ما هو.
أَي قَصْدِ الطريق المُسْتقيم. يقال: أَمَّه يَؤمُّه أَمّاً، و تأَمَّمَهُ و تَيَمَّمَه. قال: و يحتمل أَن يكون الأَمُّ أُقِيم مَقام المَأْمُوم أَي هو على طريق ينبغي أَن يُقْصد، و إِن كانت الرواية بضم الهمزة، فإِنه يرجع إِلى أَصله «3». ما هو
__________________________________________________
 (1). قوله [قال صخر الغيّ‏] أنشده في ياقوت هكذا:
هم جلبوا الخيل من ألومة أو             من بطن عمق كأنها البجد


جمع بجاد و هو كساء مخطط انتهى. و تقدم للمؤلف في مادة عجد بغير هذه الأَلفاط.
 (2). قوله [أزهر إلخ‏] تقدم في مادة سنح على غير هذا الوجه.
 (3). قوله [إلى أصله إلخ‏] هكذا في الأصل و بعض نسخ النهاية و في بعضها إلى ما هو بمعناه بإسقاط لفظ أصله.

22
لسان العرب12

أمم ص 22

بمعناه؛ و منه‏
الحديث: كانوا يَتَأَمَّمُون شِرارَ ثِمارِهم في الصدَقة.
أَي يَتَعَمَّدون و يَقْصِدون، و
يروى يَتَيَمَّمون.
و هو بمعناه؛ و منه‏
حديث كعب بن مالك: و انْطَلَقْت أَتَأَمَّمُ رسول الله، صلى الله عليه و سلم.
و
في حديث كعب بن مالك: فتَيمَّمت بها التَّنُّور.
أَي قَصَدت. و
في حديث كعب بن مالك: ثم يُؤمَرُ بأَمِّ الباب على أَهْلِ النار فلا يخرج منهم غَمٌّ أَبداً.
أَي يُقْصَد إِليه فَيُسَدُّ عليهم. و تَيَمَّمْت الصَّعيد للصلاة، و أَصلُه التَّعَمُّد و التَّوَخِّي، من قولهم تَيَمَّمْتُك و تَأَمَّمْتُك. قال ابن السكيت: قوله: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً*
، أَي اقْصِدوا لصَعِيد طيِّب، ثم كَثُر استعمالُهم لهذه الكلِمة حتى صار التَّيَمُّم اسماً علَماً لِمَسْح الوَجْه و اليَدَيْن بالتُّراب. ابن سيدة: و التَّيَمُّم التَّوَضُّؤ بالتُّراب على البَدل، و أَصْله من الأَول لأَنه يقصِد التُّراب فيَتَمَسَّحُ به. ابن السكيت: يقال أَمَمْتُه أَمًّا و تَيَمَّمته تَيَمُّماً و تَيَمَّمْتُه يَمامَةً، قال: و لا يعرف الأَصمعي أَمَّمْتُه، بالتشديد، قال: و يقال أَمَمْتُه و أَمَّمْتُه و تَأَمَّمْتُه و تَيَمَّمْتُه بمعنى واحد أَي تَوَخَّيْتُه و قَصَدْته. قال: و التَّيَمُّمُ بالصَّعِيد مأْخُوذ من هذا، و صار التيمم عند عَوامّ الناس التَّمَسُّح بالتراب، و الأَصلُ فيه القَصْد و التَّوَخِّي؛ قال الأَعشى:
تَيَمَّمْتُ قَيْساً و كم دُونَه،             من الأَرض، من مَهْمَهٍ ذي شزَنْ‏

و قال اللحياني: يقال أَمُّو و يَمُّوا بمعنى واحد، ثم ذكَر سائر اللغات. و يَمَّمْتُ المَرِيضَ فَتَيَمَّم للصلاة؛ و ذكر الجوهري أَكثر ذلك في ترجمة يمم بالياء. و يَمَّمْتُه بِرُمْحي تَيْمِيماً أَي تَوَخَّيْتُه و قَصَدْته دون مَن سواه؛ قال عامر بن مالك مُلاعِب الأَسِنَّة:
يَمَّمْتُه الرُّمْح صَدْراً ثم قلت له:             هَذِي المُرُوءةُ لا لِعْب الزَّحالِيقِ‏

و قال ابن بري في ترجمة يَمم: و اليَمامة القَصْد؛ قال المرَّار:
إِذا خَفَّ ماءُ المُزْن عنها، تَيَمَّمَتْ             يَمامَتَها، أَيَّ العِدادِ تَرُومُ‏

و جَمَلٌ مِئمٌّ: دَلِيلٌ هادٍ، و ناقة مِئَمَّةٌ كذلك، و كلُّه من القَصْد لأَن الدَّليلَ الهادي قاصدٌ. و الإِمَّةُ: الحالةُ، و الإِمَّة و الأُمَّةُ: الشِّرعة و الدِّين. و في التنزيل العزيز: إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى‏ أُمَّةٍ*
؛ قاله اللحياني، و روي عن مجاهد و عمر بن عبد العزيز: على إِمَّةٍ. قال الفراء: قرئ إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى‏ أُمَّةٍ*
، و هي مثل السُّنَّة، و قرئ على إِمَّةٍ، و هي الطريقة من أَمَمْت. يقال: ما أَحسن إِمَّتَهُ، قال: و الإِمَّةُ أيضاً النَّعِيمُ و المُلك؛ و أَنشد لعديّ بن زيد:
ثم، بَعْدَ الفَلاح و المُلك و الإِمَّةِ،             وارَتْهُمُ هناك القُبورُ

قال: أَراد إِمامَة المُلك و نَعِيمه. و الأُمَّةُ و الإِمَّةُ: الدِّينُ. قال أَبو إِسحق في قوله تعالى: كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ‏
، أي كانوا على دينٍ واحد.
قال أَبو إِسحق: و قال بعضهم في معنى الآية: كان الناس فيما بين آدم و نوح كُفّاراً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ يُبَشِّرون من أَطاع بالجنة و يُنْذِرون من عَصى بالنار.
و
قال آخرون: كان جميع مَن مع نوح في السفينة مؤمناً ثم تفرَّقوا من بعد عن كُفر فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ.
و
قال آخرون: الناسُ كانوا كُفّاراً فَبَعَثَ اللَّهُ إبراهيم و النَّبِيِّينَ من بعدهِ.
قال‏

23
لسان العرب12

أمم ص 22

أَبو منصور «1»: فيما فسَّروا يقع على الكُفَّار و على المؤمنين. و الأُمَّةُ: الطريقة و الدين. يقال: فلان لا أُمَّةَ له أَي لا دِينَ له و لا نِحْلة له؛ قال الشاعر:
و هَلْ يَسْتَوي ذو أُمَّةٍ و كَفُورُ؟


و قوله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ
؛ قال الأَخفش: يريد أَهْل أُمّةٍ أَي خير أَهْلِ دينٍ؛ و أَنشد للنابغة:
حَلَفْتُ فلم أَتْرُكْ لِنَفْسِك رِيبةً،             و هل يأْثَمَنْ ذو أُمَّةٍ و هو طائعُ؟

و الإِمَّةُ: لغة في الأُمَّةِ، و هي الطريقة و الدينُ. و الإِمَّة: النِّعْمة؛ قال الأَعشى:
و لقد جَرَرْتُ لك الغِنى ذا فاقَةٍ،             و أَصاب غَزْوُك إِمَّةً فأَزالَها

و الإِمَّةُ: الهَيْئة؛ عن اللحياني. و الإِمَّةُ أَيضاً: الحالُ و الشأْن. و قال ابن الأَعرابي: الإِمَّةُ غَضارةُ العَيش و النعْمةُ؛ و به فسر
قول عبد الله بن الزبير، رضي الله عنه:
فهلْ لكُمُ فيكُمْ، و أَنْتُم بإِمَّةٍ             عليكم عَطاءُ الأَمْنِ، مَوْطِئُكم سَهْلُ.


و الإِمَّةُ، بالكسر: العَيْشُ الرَّخِيُّ؛ يقال: هو في إِمَّةٍ من العَيْش و آمَةٍ أَي في خِصْبٍ. قال شمر: و آمَة، بتخفيف الميم: عَيْب؛ و أَنشد:
مَهْلًا، أَبَيْتَ اللَّعْنَ مَهْلًا             إِنَّ فيما قلتَ آمَهْ‏

و يقال: ما أَمّي و أَمُّه و ما شَكْلي و شَكله أَي ما أَمْري و أَمْره لبُعْده مني فلِمَ يَتعرَّض لي؟ و منه قول الشاعر:
فما إِمِّي و إِمُّ الوَحْشِ لَمَّا             تَفَرَّعَ في ذُؤابَتِيَ المَشيبُ‏

يقول: ما أَنا و طَلَب الوَحْش بعد ما كَبِرْت، و ذكر الإِمِّ حَشْو في البيت؛ قال ابن بري: و رواه بعضهم و ما أَمِّي و أَمُّ الوَحْش، بفتح الهمزة، و الأَمُّ: القَصْد. و قال ابن بُزُرْج: قالوا ما أَمُّك و أَمّ ذات عِرْق أَي أَيْهاتَ منك ذاتُ عِرْق. و الأَمُّ: العَلَم الذي يَتْبَعُه الجَيْش ابن سيدة: و الإِمَّة و الأُمَّة السُّنَّةُ. و تَأَمَّم به و أْتَمَّ: جعله أَمَّةً. و أَمَّ القومَ و أَمَّ بهم: تقدَّمهم، و هي الإِمامةُ. و الإِمامُ: كل من ائتَمَّ به قومٌ كانوا على الصراط المستقيم أَو كانوا ضالِّين. ابن الأَعرابي في قوله عز و جل: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ‏
، قالت طائفة: بكتابهم، و قال آخرون: بنَبيّهم و شَرْعهم، و قيل: بكتابه الذي أَحصى فيه عَمَله. و سيدُنا رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، إِمامُ أُمَّتِه، و عليهم جميعاً الائتمامُ بسُنَّته التي مَضى عليها. و رئيس القوم: أَمُّهم. ابن سيدة: و الإِمامُ ما ائْتُمَّ به من رئيسٍ و غيرِه، و الجمع أَئِمَّة. و في التنزيل العزيز: فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ
، أَي قاتِلوا رؤساءَ الكُفْر و قادَتَهم الذين ضُعَفاؤهم تَبَعٌ لهم. الأَزهري: أَكثر القُراء قَرَؤوا أَيِمَّة الكُفْرِ، بهمزة واحدة، و قرأَ بعضهم أَئِمَّةَ، بهمزتين، قال: و كل ذلك جائز. قال ابن سيدة: و كذلك قوله تعالى: و جَعلْناهم أَيِمَّةً يَدْعون إِلى النارِ، أَي مَن تَبِعَهم فهو في النار يوم القيامة، قُلبت الهمزة ياء لثِقَلها لأَنها حرف سَفُل في الحَلْق و بَعُد
__________________________________________________
 (1). قوله [قال أبو منصور إلخ‏] هكذا في الأصل، و لعله قال أبو منصور الأمة فيما فسروا إلخ.

24
لسان العرب12

أمم ص 22

عن الحروف و حَصَل طرَفاً فكان النُّطْق به تكَلُّفاً، فإِذا كُرِهت الهمزة الواحدة، فَهُمْ باسْتِكْراه الثِّنْتَيْن و رَفْضِهما لا سِيَّما إِذا كانتا مُصْطَحِبتين غير مفرَّقتين فاءً و عيناً أَو عيناً و لاماً أَحرى، فلهذا لم يأْت في الكلام لفظةٌ توالتْ فيها هَمْزتان أَصلًا البتَّة؛ فأَما ما حكاه أَبو زيد من قولهم دَريئة و دَرائئٌ و خَطيئة و خَطائيٌ فشاذٌّ لا يُقاس عليه، و ليست الهمزتان أَصْلَين بل الأُولى منهما زائدة، و كذلك قراءة أَهل الكوفة أَئِمَّةً، بهمزتين، شاذ لا يقاس عليه؛ الجوهري: الإِمامُ الذي يُقْتَدى به و جمعه أَيِمَّة، و أَصله أَأْمِمَة، على أَفْعِلة، مثل إِناء و آنِيةٍ و إِلَه و آلِهةٍ، فأُدغمت الميم فنُقِلَت حركتُها إلى ما قَبْلَها، فلما حَرَّكوها بالكسر جعلوها ياء، و قرئ أَيِمَّة الكُفْر؛ قال الأَخفش: جُعلت الهمزة ياء، و قرئ أَيِمَّة الكُفْر؛ قال الأَخفش: جُعلت الهمزة ياء لأَنها في موضع كَسْر و ما قبلها مفتوح فلم يَهمِزُوا لاجتماع الهمزتين، قال: و من كان من رَأْيه جمع الهمزتين همَز، قال: و تصغيرها أُوَيْمة، لما تحرّكت الهمزة بالفتحة قلبها واواً، و قال المازني أُيَيْمَة و لم يقلِب، و إِمامُ كلِّ شي‏ء: قَيِّمُهُ و المُصْلِح له، و القرآنُ إِمامُ المُسلمين، و سَيدُنا محمد رسول الله، صلى الله عليه و سلم، إِمام الأَئِمَّة، و الخليفة إمام الرَّعِيَّةِ، و إِمامُ الجُنْد قائدهم. و هذا أَيَمُّ من هذا و أَوَمُّ من هذا أَي أَحسن إمامةً منه، قَلَبوها إِلى الياء مرَّة و إِلى الواو أُخرى كَراهِية التقاء الهمزتين. و قال أَبو إِسحق: إِذا فضَّلنا رجُلًا في الإِمامةِ قلنا: هذا أَوَمُّ من هذا، و بعضهم يقول: هذا أَيَمُّ من هذا، قال: و الأَصل في أَئمَّة أَأْمِمَة لأَنه جمع إِمامٍ مثل مِثال و أَمْثِلة و لكنَّ المِيمَيْن لمَّا اجتمعتا أُدغمت الأُولى في الثانية و أُلقيت حركتها على الهمزة، فقيل أَئِمَّة، فأَبدلت العرب من الهمزة المكسورة الياء، قال: و من قال هذا أَيَمُّ من هذا، جعل هذه الهمزة كلَّما تحركت أَبدل منها ياء، و الذي قال فلان أَوَمُّ من هذا كان عنده أَصلُها أَأَمُّ، فلم يمكنه أَن يبدل منها أَلفاً لاجتماع الساكنين فجعلها واواً مفتوحة، كما قال في جمع آدَم أَوادم، قال: و هذا هو القياس، قال: و الذي جَعَلها ياء قال قد صارت الياءُ في أَيِمَّة بدلًا لازماً، و هذا مذهب الأَخفش، و الأَول مذهب المازني، قال: و أَظنه أَقْيَس المذهَبين، فأَما أَئمَّة باجتماع الهمزتين فإِنما يُحْكى عن أَبي إِسحق، فإِنه كان يُجيز اجتماعَهما، قال: و لا أَقول إِنها غير جائزة، قال: و الذي بَدَأْنا به هو الاختيار. و يقال: إِمامُنا هذا حَسَن الإِمَّة أَي حَسَن القِيام بإِمامته إِذا صلَّى بنا. و أَمَمْتُ القومَ في الصَّلاة إِمامةً. و أْتمّ به أَي اقْتَدَى به. و الإِمامُ: المِثالُ؛ قال النابغة:
أَبوه قَبْلَه، و أَبو أَبِيه،             بَنَوْا مَجْدَ الحيَاة على إِمامِ‏

و إِمامُ الغُلام في المَكْتَب: ما يَتعلَّم كلَّ يوم. و إِمامُ المِثال: ما امْتُثِلَ عليه. و الإِمامُ: الخَيْطُ الذي يُمَدُّ على البناء فيُبْنَى عليه و يُسَوَّى عليه سافُ البناء، و هو من ذلك؛ قال:
و خَلَّقْتُه، حتى إِذا تمَّ و اسْتَوى             كَمُخَّةِ ساقٍ أَو كَمَتْنِ إِمامِ‏

أَي كهذا الخَيْط المَمْدود على البِناء في الامِّلاسِ و الاسْتِواء؛ يصف سَهْماً؛ يدل على ذلك قوله:
قَرَنْتُ بِحَقْوَيْه ثَلاثاً فلم يَزِغْ،             عن القَصْدِ، حتى بُصِّرَتْ بِدِمامِ‏

و في الصحاح: الإِمامُ خشبة البنَّاء يُسَوِّي عليها البِناء.

25
لسان العرب12

أمم ص 22

و إِمامُ القِبلةِ: تِلْقاؤها. و الحادي: إمامُ الإِبل، و إِن كان وراءها لأَنه الهادي لها. و الإِمامُ: الطريقُ. و قوله عز و جل: وَ إِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ
، أَي لَبِطريق يُؤَمُّ أَي يُقْصَد فَيُتَمَيَّز، يعني قومَ لوط و أَصحابَ الأَيكةِ. و الإِمامُ: الصُّقْعُ من الطريق و الأَرض. و قال الفراء: وَ إِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ‏
، يقول: في طَريق لهم يَمُرُّون عليها في أَسْفارِهم فَجعل الطَّريقَ إِماماً لأَنه يُؤم و يُتَّبَع. و الأَمامُ: بمعنى القُدّام. و فلان يَؤمُّ القومَ: يَقْدُمهم. و يقال: صَدْرك أَمامُك، بالرفع، إِذا جَعَلْته اسماً، و تقول: أَخوك أَمامَك، بالنصب، لأَنه صفة؛ و قال لبيد فَجَعله اسماً:
فَعَدَتْ كِلا الفَرْجَيْن تَحْسِبُ أَنه             مَوْلَى المَخافَةِ: خَلْفُها و أَمامُها «2».

يصف بَقَرة وَحْشِية ذَعَرها الصائدُ فَعَدَتْ. و كِلا فَرْجَيها: و هو خَلْفُها و أَمامُها. تَحْسِب أَنه: الهاء عِمادٌ. مَوْلَى مَخافَتِها أَي وَلِيُّ مَخافَتِها. و قال أَبو بكر: معنى قولهم يَؤُمُّ القَوْمَ أَي يَتَقَدَّمُهم، أُخِذ من الأَمامِ. يقال: فُلانٌ إِمامُ القوم؛ معناه هو المتقدّم لهم، و يكون الإِمامُ رئِيساً كقولك إمامُ المسلمين، و يكون الكتابَ، قال الله تعالى: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ‏
، و يكون الإِمامُ الطريقَ الواضحَ؛ قال الله تعالى: وَ إِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ‏
، و يكون الإِمامُ المِثالَ، و أَنشد بيت النابغة:
بَنَوْا مَجْدَ الحَياةِ على إِمامِ‏


معناه على مِثال؛ و قال لبيد:
و لكُلِّ قَوْمٍ سُنَّةٌ و إِمامُها


و الدليل: إِمامُ السَّفْر. و قوله عز و جل: وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً
؛ قال أَبو عبيدة: هو واحد يَدُلُّ على الجمع كقوله:
في حَلْقِكم عَظْماً و قد شُجِينا


و إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ. و قيل: الإِمامُ جمع آمٍّ كصاحِبٍ و صِحابٍ، و قيل: هو جمع إِمامٍ ليس على حَدِّ عَدْلٍ و رِضاً لأَنهم قد قالوا إِمامان، و إِنما هو جمع مُكَسَّر؛ قال ابن سيدة: أَنْبأَني بذلك أَبو العَلاء عن أَبي علي الفارسي قال: و قد استعمل سيبويه هذا القياسَ كثيراً، قال: و الأُمَّةُ الإِمامُ. الليث: الإِمَّةُ الائتِمامُ بالإِمامِ؛ يقال: فُلانٌ أَحقُّ بإِمَّةِ هذا المسجد من فُلان أَي بالإِمامة؛ قال أَبو منصور: الإِمَّة الهَيْئةُ في الإِمامةِ و الحالةُ؛ يقال: فلان حَسَن الإِمَّةِ أَي حَسَن الهَيْئة إِذا أَمَّ الناسَ في الصَّلاة، و قد ائتَمَّ بالشي‏ء و أْتَمَى به، على البدَل كراهية التضعيف؛ و أَنشد يعقوب:
نَزُورُ امْرأً، أَمّا الإِلَه فَيَتَّقِي،             و أَمّا بفعلِ الصَّالحين فَيَأْتَمِي‏

و الأُمَّةُ: القَرْن من الناس؛ يقال: قد مَضَتْ أُمَمٌ أَي قُرُونٌ. و أُمَّةُ كل نبي: مَن أُرسِل إِليهم من كافر و مؤمنٍ. الليث: كلُّ قوم نُسِبُوا إِلى نبيّ فأُضيفوا إِليه فَهُمْ أُمَّتُه، و قيل: أُمة محمد، صلى الله عليهم و سلم، كلُّ مَن أُرسِل إِليه مِمَّن آمَن به أَو كَفَر، قال: و كل جيل من الناس هم أُمَّةٌ على حِدَة.
__________________________________________________
 (2). قوله [فعدت كلا الفرجين‏] هو في الأصل بالعين المهملة و وضع تحتها عيناً صغيرة، و في الصحاح في مادة ولي بالغين المعجة و مثله في التكملة في مادة فرج، و مثله كذلك في معلقة لبيد.

26
لسان العرب12

أمم ص 22

و قال غيره: كلُّ جِنس من الحيوان غير بني آدم أُمَّةٌ على حِدَة، و الأُمَّةُ: الجِيلُ و الجِنْسُ من كل حَيّ. و في التنزيل العزيز: وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ‏
؛ و معنى قوله إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ‏
 في مَعْنىً دون مَعْنىً، يُريدُ، و الله أعلم، أن الله خَلَقَهم و تَعَبَّدَهُم بما شاء أن يَتَعَبَّدَهُم من تسْبيح و عِبادةٍ عَلِمها منهم و لم يُفَقِّهْنا ذلك. و كل جنس من الحيوان أُمَّةٌ. و
في الحديث: لو لا أنَّ الكِلاب أُمَّةٌ من الأُمَمِ لأَمَرْت بقَتْلِها، و لكن اقْتُلوا منها كل أَسْوَد بَهيم.
و
ورد في رواية: لو لا أنها أُمَّةٌ تُسَبِّحُ لأَمَرْت بقَتْلِها.
؛ يعني بها الكلاب. و الأُمُّ: كالأُمَّةِ؛ و
في حديث: إن أَطاعُوهما، يعني أبا بكر و عمر، رَشِدوا و رَشَدت أُمُّهم!.
و قيل، هو نَقِيضُ قولهم هَوَتْ أُمُّه، في الدُّعاء عليه، و كل مَن كان على دينِ الحَقِّ مُخالفاً لسائر الأَدْيان، فهو أُمَّةٌ وحده. و كان إبراهيمُ خليلُ الرحمن، على نبينا و عليه السلام، أُمَّةً؛ و الأُمَّةُ: الرجل الذي لا نظِير له؛ و منه قوله عز و جل: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ‏
؛ و قال أبو عبيدة: كانَ أُمَّةً
 أي إماماً. أَبو عمرو الشَّيباني: إن العرب تقول للشيخ إذا كان باقِيَ القوّة: فلان بإِمَّةٍ، معناه راجع إلى الخير و النِّعْمة لأَن بَقاء قُوّتِه من أَعظم النِّعْمة، و أصل هذا الباب كله من القَصْد. يقال: أَمَمْتُ إليه إذا قَصَدْته، فمعنى الأُمَّة في الدِّينِ أَنَّ مَقْصِدَهم مقْصِد واحد، و معنى الإِمَّة في النِّعْمة إنما هو الشي‏ء الذي يَقْصِده الخلْق و يَطْلُبونه، و معنى الأُمَّة في الرجُل المُنْفَرد الذي لا نَظِير له أن قَصْده منفرد من قَصْد سائر الناس؛ قال النابغة:
و هل يَأْثَمَنْ ذو أُمَّةٍ و هو طائعُ‏


و يروي:
... ذو إمَّةٍ ...


، فمن قال‏
... ذو أُمَّةٍ ...


فمعناه ذو دينٍ و من قال‏
... ذو إمَّةٍ ...


فمعناه ذو نِعْمة أُسْدِيَتْ إليه، قال: و معنى الأُمَّةِ القامة «1». سائر مقصد الجسد، و ليس يخرج شي‏ء من هذا الباب عن معنى أَمَمْت قَصَدْت. و قال الفراء في قوله عز و جل: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً
؛ قال: أُمَّةً
 مُعلِّماً للخَير.
و جاء رجل إلى عبد الله فسأَله عن الأُمَّةِ، فقال: مُعَلِّمُ الخير.
و الأُمَّةُ المُعَلِّم. و
يروى عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أنه قال: يُبْعَث يوم القيامة زيدُ بنُ عمرو بنِ نُفَيْل أُمَّةً على حِدَةٍ.
و ذلك أَنه كان تَبَرَّأَ من أَدْيان المشركين و آمَن بالله قبل مَبْعَث سيدِنا محمد رسول الله، صلى الله عليه و سلم. و
في حديث قُسِّ بن ساعدة: أَنه يُبْعَث يوم القيامة أُمَّةً وحْدَه.
؛ قال: الأُمَّةُ الرجل المُتَفَرِّد بدينٍ كقوله تعالى: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ‏
، و قيل: الأُمَّةُ الرجلُ الجامع للخير. و الأُمَّةُ: الحِينُ. قال الفراء في قوله عز و جل: وَ ادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ
، قال بعد حينٍ من الدَّهْرِ. و قال تعالى: وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى‏ أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ
. و قال ابن القطاع: الأُمَّةُ المُلْك، و الأُمة أَتْباعُ الأَنبياء، و الأُمّةُ الرجل الجامعُ للخير، و الأُمَّةُ الأُمَمُ، و الأُمَّةُ الرجل المُنْفَرد بدينه لا يَشْرَكُه فيه أَحدٌ، و الأُمَّةُ القامةُ و الوجهُ؛ قال الأَعشى:
و إنَّ مُعاوية الأَكْرَمِينَ             بيضُ الوُجوهِ طِوالُ الأُمَمْ‏

أي طِوالُ القاماتِ؛ و مثله قول الشَّمَرْدَل بن شريك اليَرْبوعي:
طِوال أَنْصِية الأَعْناقِ و الأُمَمِ‏


__________________________________________________
 (1). و قوله [و معنى الأُمة القامة إلخ‏] هكذا في الأَصل.

27
لسان العرب12

أمم ص 22

قال: و يروى البيت للأَخْيَلِيَّة. و يقال: إنه لحسَنُ الأُمَّةِ أي الشَّطاطِ. و أُمَّةُ الوجه: سُنَّته و هي مُعظَمه و مَعْلم الحُسْن منه. أبو زيد: إنه لَحَسن أُمَّة الوجه يَعْنُون سُنَّته و صُورَته. و إنه لَقَبيحُ أُمَّةِ الوجه. و أُمَّة الرجل: وَجْهُه و قامَتُه. و الأُمَّة: الطاعة. و الأُمَّة: العالِم. و أُمَّةُ الرجل: قومُه. و الأُمَّةُ: الجماعة؛ قال الأَخفش: هو في اللفظ واحد و في المعنى جَمْع، و قوله‏
في الحديث: إنَّ يَهُودَ بَني عَوْفٍ أُمَّةٌ من المؤْمنين.
يريد أَنهم بالصُّلْح الذي وقَع بينهم و بين المؤْمنين كجماعةٍ منهم كلمَتُهم و أيديهم واحدة. و أُمَّةُ الله: خلْقه: يقال: ما رأَيت من أُمَّةِ الله أَحسنَ منه. و أُمَّةُ الطريق و أُمُّه: مُعْظَمُه. و الأُمَمُ: القَصْد الذي هو الوسَط. و الأَمَمُ: القُرب، يقال: أَخذت ذلك من أَمَمٍ أي من قُرْب. و داري أَمَمُ دارِه أي مُقابِلَتُها. و الأَمَمُ: اليسير. يقال: داركم أَمَمٌ، و هو أَمَمٌ منك. و كذلك الاثنان و الجمع. و أمْرُ بَني فُلان أَمَمٌ و مُؤامٌّ أي بيّنٌ لم يجاوز القدر. و المؤَامُّ، بتشديد الميم: المقارب، أُخِذ من الأَمَم و هو القرب؛ يقال: هذا أَمْرٌ مؤَامٌّ مثل مُضارٍّ. و يقال للشي‏ء إذا كان مُقارِباً: هو مُؤامٌّ. و
في حديث ابن عباس: لا يَزال أَمْرُ الناس مُؤَامّاً ما لم يَنْظروا في القَدَرِ و الوِلْدان.
أي لا يَزال جارياً على القَصْد و الاستقامة. و المُؤَامُّ: المُقارَب، مُفاعَل من الأَمِّ، و هو القَصْد أَو من الأَمَمِ القرب، و أَصله مُؤامَم فأُدْغِم. و منه‏
حديث كعب: لا تَزال الفِتْنة مُؤامّاً بها ما لم تبْدأْ من الشام.
؛ مُؤَامٌّ هنا: مُفاعَل، بالفتح، على المفعول لأَن معناه مُقارَباً بها، و الباء للتعدية، و
يروى مُؤَمّاً.
بغير مدٍّ. و المُؤَامٌّ: المُقارِب و المُوافِق من الأَمَم، و قد أَمَّهُ؛ و قول الطرِمّاح:
مثل ما كافَحْتَ مَحْزُوبَةً             نَصَّها ذاعِرُ وَرْعٍ مُؤَامْ‏

يجوز أَن يكون أَراد مُؤَامٌّ فحذف إحدى الميمين لالتقاء الساكنين، و يجوز أن يكون أَراد مُؤَامٌّ فأَبدل من الميم الأَخيرة ياء فقال: مُؤَامي ثم وقف للقافية فحذف الياء فقال: مُؤَامْ، و قوله: نَصَّها أي نَصَبَها؛ قال ثعلب: قال أَبو نصر أَحسنُ ما تكون الظَّبْية إذا مَدَّت عُنُقَها من رَوْعٍ يَسير، و لذلك قال مؤَامْ لأَنه المُقاربُ اليَسير. قال: و الأَمَمُ بين القريب و البعيد، و هو من المُقارَبة. و الأَمَمُ: الشي‏ءُ اليسير؛ يقال: ما سأَلت إلا أَمَماً. و يقال: ظلَمْت ظُلْماً أَمَماً؛ قال زهير:
كأَنّ عَيْني، و قد سال السَّلِيلُ بهم،             وَ جِيرة ما هُمُ لَوْ أَنَّهم أَمَمُ‏

يقول: أيّ جيرةٍ كانوا لو أنهم بالقرب مِنِّي. و هذا أمْر مُؤَامٌّ أي قَصْدٌ مُقارب؛ و أَنشد الليث:
تَسْأَلُني بِرامَتَيْنِ سَلْجَما،             لو أنها تَطْلُب شيئاً أَمَما

أراد: لو طَلَبَت شيئاً يقْرُب مُتَناوَله لأَطْلَبْتُها، فأَما أن تَطْلُب بالبلدِ السَّباسِبِ السَّلْجَمَ فإنه غير مُتَيَسِّر و لا أَمَمٍ. و أُمُّ الشي‏ء: أَصله. و الأُمُّ و الأُمَّة: الوالدة؛ و أَنشد ابن بري:
تَقَبَّلَها من أُمَّةٍ، و لَطالما             تُنُوزِعَ، في الأَسْواق منها، خِمارُها

28
لسان العرب12

أمم ص 22

و قال سيبويه «1» ..... لإِمِّك؛ و قال أيضاً:
اضْرِب الساقَيْنِ إمِّك هابِلُ‏


قال فكسَرهما جميعاً كما ضم هنالك، يعني أُنْبُؤُك و مُنْحُدُر، و جعلها بعضهم لغة، و الجمع أُمَّات و أُمّهات، زادوا الهاء، و قال بعضهم: الأُمَّهات فيمن يعقل، و الأُمّات بغير هاء فيمن لا يعقل، فالأُمَّهاتُ للناس و الأُمَّات للبهائم، و سنذكر الأُمَّهات في حرف الهاء؛ قال ابن بري: الأَصل في الأُمَّهات أن تكون للآدميين، و أُمَّات أن تكون لغير الآدَمِيِّين، قال: و ربما جاء بعكس ذلك كما قال السفَّاح اليَرْبوعي في الأُمَّهات لغير الآدَمِيِّين:
قَوّالُ مَعْروفٍ و فَعّالُه،             عَقَّار مَثْنى أُمَّهات الرِّباعْ‏

قال: و قال ذو الرمة:
سِوى ما أَصابَ الذئبُ منه و سُرْبَةٌ             أطافَتْ به من أُمَّهات الجَوازِل‏

فاستعمل الأُمَّهات للقَطا و استعملها اليَرْبوعي للنُّوق؛ و قال آخر في الأُمَّهات للقِرْدانِ:
رَمى أُمَّهات القُرْدِ لَذْعٌ من السَّفا،             و أَحْصَدَ من قِرْبانِه الزَّهَرُ النَّضْرُ

و قال آخر يصف الإِبل:
و هام تَزِلُّ الشمسُ عن أُمَّهاتِه             صِلاب و أَلْحٍ، في المَثاني، تُقَعْقِعُ‏

و قال هِمْيان في الإِبل أيضاً:
جاءَتْ لِخِمْسٍ تَمَّ من قِلاتِها،             تَقْدُمُها عَيْساً مِنُ امَّهاتِها

و قال جرير في الأُمَّات للآدَمِييِّن:
لقد وَلَدَ الأُخَيْطِلَ أُمُّ سَوْءٍ،             مُقَلَّدة من الأُمَّاتِ عارا

التهذيب: يَجْمَع الأُمَّ من الآدَميّاتِ أُمَّهات، و من البَهائم أُمَّات؛ و قال:
لقد آلَيْتُ أَغْدِرُ في جَداعِ،             و إن مُنِّيتُ، أُمَّاتِ الرِّباعِ‏

قال الجوهري: أَصل الأُمِّ أُمّهةٌ، و لذلك تُجْمَع على أُمَّهات. و يقال: يا أُمَّةُ لا تَفْعَلي و يا أَبَةُ افْعَلْ، يجعلون علامة التأْنيث عوضاً من ياء الإِضافة، و تَقِفُ عليها بالهاء؛ و قوله:
ما أُمّك اجْتاحَتِ المَنايا،             كلُّ فُؤادٍ عَلَيْك أُمُ‏

قال ابن سيدة: عَلَّق الفؤاد بعَلى لأَنه في معنى حَزينٍ، فكأَنه قال: عليك حَزينٌ. و أَمَّتْ تَؤُمُّ أُمُومَةً: صارت أُمّاً. و قال ابن الأَعرابي في امرأَة ذكرها: كانت لها عمة تَؤُمها أي تكون لها كالأُمِّ. و تَأَمَّها و اسْتَأَمَّها و تأَمَّمها: اتَّخَذَها أُمّاً؛ قال الكميت:
و مِن عَجَبٍ، بَجِيلَ، لَعَمْرُ أُمّ             غَذَتْكِ، و غيرَها تَتأَمّمِينا

قوله: و من عَجَبٍ خبر مبتدإٍ محذوف، تقديرهُ: و من عَجَبٍ انْتِفاؤكم عن أُمِّكم التي أَرْضَعَتْكم و اتِّخاذكم أُمّاً غيرَها. قال الليث: يقال تأَمَّم فلان أُمّاً إذا اتَّخذَها لنفسه أُمّاً، قال: و تفسير الأُمِّ في كل معانيها أُمَّة لأَن تأْسيسَه من حَرْفين صحيحين و الهاء فيها أصلية، و لكن العَرب حذَفت تلك الهاء إذ أَمِنُوا اللَّبْس. و يقول بعضُهم في تَصْغير أُمّ أُمَيْمة،
__________________________________________________
 (1). هنا بياض بالأَصل.
                       

29
لسان العرب12

أمم ص 22

قال: و الصواب أُمَيْهة، تُردُّ إلى أَصل تأْسيسِها، و من قال أُمَيْمَة صغَّرها على لفظها، و هم الذين يقولون أُمّات؛ و أَنشد:
إذِ الأُمّهاتُ قَبَحْنَ الوُجوه،             فَرَجْتَ الظَّلامَ بأُمَّاتِكا

و قال ابن كيسان: يقال أُمٌّ و هي الأَصل، و منهم من يقول أُمَّةٌ، و منهم من يقول أُمَّهة؛ و أنشد:
تَقَبَّلْتَها عن أُمَّةٍ لك، طالَما             تُنوزِعَ بالأَسْواقِ عنها خِمارُها

يريد: عن أُمٍّ لك فأَلحقها هاء التأْنيث؛ و قال قُصَيّ:
عند تَناديهمْ بِهالٍ وَهَبِي،             أُمَّهَتي خِنْدِفُ، و الياسُ أَبي‏

فأَما الجمع فأَكثر العرب على أُمَّهات، و منهم من يقول أُمَّات، و قال المبرّد: و الهاء من حروف الزيادة، و هي مزيدة في الأُمَّهات، و الأَصل الأَمُّ و هو القَصْد؛ قال أَبو منصور: و هذا هو الصواب لأَن الهاء مزيدة في الأُمَّهات؛ و قال الليث: من العرب من يحذف أَلف أُمّ كقول عديّ بن زيد:
أَيُّها العائِبُ، عِنْدِ، امَّ زَيْدٍ،             أنت تَفْدي مَن أَراكَ تَعِيبُ‏

و إنما أراد عنْدي أُمَّ زيدٍ، فلمّا حذَف الأَلف التَزقَتْ ياء عنْدي بصَدْر الميم، فالتقى ساكنان فسقطت الياء لذلك، فكأَنه قال: عندي أُمَّ زيد. و ما كنت أُمّاً و لقد أَمِمْتِ أُمُومةً؛ قال ابن سيدة: الأُمَّهة كالأُمِّ، الهاء زائدة لأَنه بمعنى الأُمِّ، و قولهم أمٌّ بَيِّنة الأُمومة يُصَحِّح لنا أن الهمزة فيه فاء الفعل و الميم الأُولى عَيْن الفِعْل، و الميم الأُخرى لام الفعْل، فَأُمٌّ بمنزلة دُرّ و جُلّ و نحوهما مما جاء على فُعْل و عينُه و لامُه من موضع، و جعل صاحبُ العَيْنِ الهاء أَصْلًا، و هو مذكور في موضعه. الليث: إذا قالت العرب لا أُمَّ لك فإنه مَدْح عندهم؛ غيره: و يقال لا أُمَّ لك، و هو ذَمٌّ. قال أَبو عبيد: زعم بعض العلماء أن قولهم لا أُمَّ لك قد وُضعَ موضع المَدح؛ قال كعب بن سعد الغَنَويّ يَرْثي أَخاه:
هَوَتْ أُمُّه ما يَبْعَث الصُّبْح غادِياً،             و ما ذا يُؤدّي الليلُ حينَ يَؤوبُ؟

قال أبو الهيثم في هذا البيت: و أَيْنَ هذا مما ذهب إليه أَبو عبيد؟ و إنما معنى هذا كقولهم: وَيْحَ أُمِّه و وَيْلَ أُمِّه و الوَيلُ لها، و ليس للرجل في هذا من المَدْح ما ذهَب إليه، و ليس يُشْبِه هذا قولهم لا أُمَّ لك لأَن قوله لا أُمَّ لك في مذهب ليس لك أُمٌّ حُرَّة، و هذا السَّبُّ الصَّريح، و ذلك أَنّ بَني الإِماء عند العرب مَذْمومون لا يلحقون بِبَني الحَرائر، و لا يقول الرجل لصاحبه لا أُمَّ لك إلَّا في غضَبه عليه مُقَصِّراً به شاتِماً له، قال: و أَمّا إذا قال لا أَبا لَك، فلم يَترك له من الشَّتِيمَة شيئاً، و قيل: معنى قولهم لا أُمَّ لك، يقول أنت لَقِيطٌ لا تُعْرَف لك أُمٌّ. قال ابن بري في تفسير بيت كعب بن سعد قال: قوله‏
هَوَتْ أُمُّه ...


، يُسْتَعْمَل على جهة التعَجُّب كقولهم: قاتَله الله ما أَسْمَعه ما يَبْعَث الصبحُ: ما استفهام فيها معنى التعَجُّب و موضعها نَصْب بيَبْعَث، أَيْ أَيُّ شي‏ءٍ يَبعَثُ الصُّبْح من هذا الرجل؟ أَي إذا أَيْقَظه الصُّبح تصرَّف في فِعْل ما يُريده. و غادِياً منصوب على الحال و العامل فيه يَبْعَث، و يَؤُوب: يَرجع، يريد أَن إِقْبال اللَّيل سَبَب رجوعه إلى بيته كما أَن إِقْبال النهار

30
لسان العرب12

أمم ص 22

سَبَب لتصرُّفه، و سنذكره أَيضاً في المعتل. الجوهري: و قولهم وَيْلِمِّهِ، و يريدون وَيْلٌ لأُمّه فحذف لكثرته في الكلام. قال ابن بري: وَيْلِمِّه، مكسورة اللام، شاهده قول المتنخل الهذلي يَرْثي ولدهَ أُثَيلة:
وَيْلِمِّه رجلَا يأْتي به غَبَناً،             إذا تَجَرَّد لا خالٌ و لا بَخِلُ‏

الغَبَنُ: الخَديعةُ في الرأْي، و معنى التَّجَرُّد هاهنا التَّشْميرُ للأَمرِ، و أَصْله أَن الإِنسان يَتجرَّد من ثيابه إذا حاوَل أَمْراً. و قوله: لا خالٌ و لا بَخِل، الخالُ: الاختيال و التَّكَبُّر من قولهم رجل فيه خالٌ أي فيه خُيَلاء و كِبْرٌ، و أَما قوله: وَيْلِمِّه، فهو مَدْح خرج بلفظ الذمِّ، كما يقولون: أَخْزاه الله ما أَشْعَرَه و لعَنه الله ما أَسْمَعه قال: و كأَنهم قَصَدوا بذلك غَرَضاً مَّا، و ذلك أَن الشي‏ء إذا رآه الإِنسان فأَثْنى عليه خَشِيَ أَن تُصِيبه العين فيَعْدِل عن مَدْحه إلى ذمّه خوفاً عليه من الأَذيَّةِ، قال: و يحتمل أيضاً غَرَضاً آخر، و هو أَن هذا الممدوح قد بلَغ غاية الفَضْل و حصل في حَدّ من يُذَمُّ و يُسَب، لأَن الفاضِل تَكْثُر حُسَّاده و عُيّابه و الناقِص لا يُذَمُّ و لا يُسَب، بل يَرْفعون أَنفسَهم عن سَبِّه و مُهاجاتِه، و أَصْلُ وَيْلِمِّه وَيْلُ أُمِّه، ثم حذفت الهمزة لكثرة الاستعمال و كَسَروا لامَ وَيْل إِتْباعاً لكسرة الميم، و منهم من يقول: أصله وَيلٌ لأُمِّه، فحذفت لام وَيْل و همزة أُمّ فصار وَيْلِمِّه، و منهم من قال: أَصله وَيْ لأُمِّه، فحذفت همزة أُمّ لا غير. و
في حديث ابن عباس أَنه قال لرجل: لا أُمَّ لك.
؛ قال: هو ذَمٌّ و سَبٌّ أَي أَنت لَقِيطٌ لا تُعْرف لك أُمٌّ، و قيل: قد يقَع مَدْحاً بمعنى التعَجُّب منه، قال: و فيه بُعدٌ. و الأُمُّ تكون للحيَوان الناطِق و للموات النامِي كأُمّ النَّخْلة و الشجَرة و المَوْزَة و ما أَشبه ذلك؛ و منه قول ابن الأَصمعي له: أنا كالمَوْزَة التي إنما صَلاحُها بمَوْت أُمِّها. و أُمُّ كل شي‏ء: أَصْلُه و عِمادُه؛ قال ابن دُرَيد: كل شي‏ء انْضَمَّت إليه أَشياء، فهو أُمٌّ لها. و أُم القوم: رئيسُهم، من ذلك؛ قال الشنْفَرى:
و أُمَّ [أُمِ‏] عِيال قد شَهِدْتُ تَقُوتُهُمْ‏


يعني تأَبط شرّاً. و روى الرَّبيعُ عن الشافعي قال: العرب تقول للرجل يَلِي طَعام القَوْم و خِدْمَتَهم هو أُمُّهم؛ و أَنشد للشنفرى:
و أُمِّ عِيال قد شَهدت تَقُوتُهُمْ،             إذا أَحْتَرَتْهُم أَتْفَهَتْ و أَقَلَّتِ «2».

و أُمُّ الكِتاب: فاتِحَتُه لأَنه يُبْتَدَأُ بها في كل صلاة، و قال الزجاج: أُمُّ الكتاب أَصْلُ الكتاب، و قيل: اللَّوْحُ المحفوظ. التهذيب: أُمُّ الكتاب كلُّ آية مُحْكَمة من آيات الشَّرائع و الأَحْكام و الفرائض، و جاء
في حديث: أنَّ أُم الكِتاب هي فاتحة الكتاب لأَنها هي المُقَدَّمة أَمامَ كلِّ سُورةٍ في جميع الصلوات و ابْتُدِئ بها في المُصْحف فقدِّمت و هي «3» ..... القرآن العظيم. و أَما قول الله عز و جل: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا
، فقال: هو اللَّوْح المَحْفوظ.
و
قال قَتادة: أُمُّ الكتاب أَصْلُ الكِتاب.
و
عن ابن عباس: أُمُّ الكِتاب القرآن من أَوله إلى آخره.
الجوهري: و قوله تعالى: هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ‏
، و لم يقل أُمَّهات لأَنه على الحِكاية كما يقول الرجل ليس لي مُعين، فتقول: نحن مُعِينك فتَحْكِيه، و كذلك قوله تعالى:
__________________________________________________
 (2). قوله‏
[و أم عيال قد شهدت ...]

تقدم هذا البيت في مادة حتر على غير هذا الوجه و شرح هناك.
 (3). هنا بياض في الأَصل.

31
لسان العرب12

أمم ص 22

وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً. و أُمُّ النُّجوم: المَجَرَّة لأَنها مُجْتَمَع النُّجوم. و أُمُّ التَّنائف: المفازةُ البعيدة. و أُمُّ الطريق: مُعْظَمها إذا كان طريقاً عظيماً و حَوْله طرُق صِغار فالأَعْظم أُمُّ الطريق؛ الجوهري: و أُمُّ الطريق مُعظمه في قول كثير عَزّة:
يُغادِرْنَ عَسْبَ الوالِقِيّ و ناصِحٍ،             تَخصُّ به أُمُّ الطريقِ عِيالَها

قال: و يقال هي الضَّبُع، و العَسْب: ماء الفَحْل، و الوالِقِيّ و ناصِح: فَرَسان، و عِيالُ الطريق: سِباعُها؛ يريد أَنهنّ يُلْقِين أَولادَهنّ لغير تَمامٍ من شِدّة التَّعَب. و أُمُّ مَثْوَى الرجل: صاحِبةُ مَنْزِله الذي يَنْزله؛ قال:
و أُمُّ مَثْوايَ تُدَرِّي لِمَّتي‏


الأَزهري: يقال للمرأَة التي يَأْوي إليها الرجل هي أُمُّ مَثْواهُ. و
في حديث ثُمامَة: أَتى أُمَّ مَنْزِلِه.
أَي امرأَته و من يُدَبِّر أَمْر بَيْته من النساء. التهذيب: ابن الأَعرابي الأُم امرأَة الرجل المُسِنَّة، قال: و الأُمّ الوالدة من الحيوان. و أُمُّ الحَرْب: الراية. و أُم الرُّمْح: اللِّواء و ما لُفَّ عليه من خِرْقَةٍ؛ و منه قول الشاعر:
و سَلَبْنا الرُّمْح فيه أُمُّه             من يَدِ العاصِي، و ما طَالَ الطِّوَلْ‏

و أُم القِرْدانِ: النُّقْرَةُ التي في أَصْل فِرْسِن البعير. و أُم القُرَى: مكة، شرَّفها الله تعالى، لأَنها توسطَت الأَرض فيما زَعَموا، و قيل لأَنها قِبْلةُ جميع الناس يؤُمُّونها، و قيل: سُمِّيَت بذلك لأَنها كانت أَعظم القُرَى شأْناً، و في التنزيل العزيز: وَ ما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى‏ حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولًا
. و كلُّ مدينة هي أُمُّ ما حَوْلها من القُرَى. و أُمُّ الرأْسِ: هي الخَريطةُ التي فيها الدِّماغ، و أُمُّ الدِّماغِ الجِلدة التي تجْمع الدِّماغَ. و يقال أَيضاً: أُم الرأْس، و أُمُّ الرأْس الدِّماغ؛ قال ابن دُرَيد: هي الجِلْدة الرقيقة التي عليها، و هي مُجْتَمعه. و قالوا: ما أَنت و أُمُّ الباطِل أي ما أنت و الباطِل؟ و لأُمّ أَشياءُ كثيرة تضاف إليها؛ و
في حديث: أنه قال لزيد الخيل نِعْم فَتىً إن نَجا من أُمّ كلْبةَ.
هي الحُمَّى، و
في حديث آخر: لم تَضُرّه أُمُّ الصِّبْيان.
يعني الريح التي تَعْرِض لهم فَربما غُشِي عليهم منها. و أُمُّ اللُّهَيْم: المَنِيّة، و أُمُّ خَنُّورٍ الخِصْب، و أُمُّ جابرٍ الخُبْزُ، و أُمُّ صَبّار الحرَّةُ، و أُم عُبيدٍ الصحراءُ، و أُم عطية الرَّحى، و أُمُّ شملة الشمس «1»، و أُمُّ الخُلْفُف الداهيةُ، و أُمُّ رُبَيقٍ الحَرْبُ، و أُم لَيْلى الخَمْر، و لَيْلى النَّشْوة، و أُمُّ دَرْزٍ الدنيْا، و أُم جرذان النخلة، و أُم رَجيه النحلة، و أُمُّ رياح الجرادة، و أُمُّ عامِرٍ المقبرة، و أُمُّ جابر السُّنْبُلة، و أُمُّ طِلْبة العُقابُ، و كذلك شَعْواء، و أُمُّ حُبابٍ الدُّنيا، و هي أُمُّ وافِرَةَ، و أُمُّ وافرة البيرة «2»، و أُم سمحة العنز، و يقال للقِدْر: أُمُّ غياث، و أُمُّ عُقْبَة، و أُمُّ بَيْضاء، و أُمُّ رسمة، و أُمُّ العِيَالِ، و أُمُّ جِرْذان النَّخْلة، و إذا سميت رجُلًا بأُمِّ جِرْذان لم تَصْرِفه، و أُمُّ خبيص «3»، و أُمُّ سويد، و أُمُّ عِزْم، و أُم عقاق، و أُم طبيخة و هي أُم تسعين، و أُمُّ حِلْس كُنْية الأَتان، و يقال للضَّبُع أُمُّ عامِر و أُمُّ عَمْرو.
__________________________________________________
 (1). قوله [و أم شملة الشمس‏] كذا بالأَصل هنا، و تقدم في مادة شمل: أن أم شملة كنية الدنيا و الخمر.
 (2). قوله [و أم خبيص إلخ‏] قال شارح القاموس قبلها: و يقال للنخلة أيضاً أم خبيص إلى آخر ما هنا، لكن في القاموس: أم سويد و أم عزم بالكسر و أم طبيخة كسكينة في باب الجيم الاست.
 (3). قوله: البيرة هكذا في الأَصل. و في القاموس: أم وافرة الدنيا.

32
لسان العرب12

أمم ص 22

الجوهري: و أُم البَيْضِ في شِعْرِ أَبي دُواد النعَامة و هو قوله:
و أَتانا يَسْعَى تَفَرُّسَ أُمِّ             البيضِ شَدّاً، و قد تَعالى النَّهارُ

قال ابن بري: يصف رَبيئَة، قال: و صوابه تَفَرُّش، بالشين معجَمةً، و التَّفَرُّش: فَتْحُ جَناحَي الطائر أَو النَّعامة إذا عَدَتْ. التهذيب: و اعلم أنَّ كل شي‏ء يُضَمُّ إليه سائرُ ما يليه فإنَّ العربَ تسمي ذلك الشي‏ء أُمّاً، من ذلك أُمُّ الرأْس و هو الدِّماغُ، و الشجَّةُ الآمَّةُ التي تَهْجُمُ على الدِّماغ. و أَمَّه يَؤُمُّه أَمّاً، فهو مَأْمُومٌ و أَمِيم: أصاب أُمَّ رأْسِه. الجوهري: أَمَّهُ أي شجَّهُ آمَّةً، بالمدِّ، و هي التي تَبْلُغ أُمَّ الدِّماغِ حتى يبقَى بينها و بين الدِّماغ جِلْدٌ رقيقٌ. و
في حديث الشِّجاج: في الآمَّة ثُلُثُ الدِّيَة، و في حديث آخر: المَأْمُومَة.
و هي الشَّجَّة التي بلغت أُمَّ الرأْس، و هي الجلدة التي تجمَع الدماغ. المحكم: و شَجَّةٌ آمَّةٌ و مَأْمُومةٌ بلغت أُمَّ الرأْس، و قد يُستعار ذلك في غير الرأْس؛ قال:
قَلْبي منَ الزَّفَرَاتِ صَدَّعَهُ الهَوى،             وَ حَشايَ من حَرِّ الفِرَاقِ أَمِيمُ‏

و قوله أَنشده ثعلب:
فلو لا سِلاحي، عندَ ذاكَ، و غِلْمَتي             لَرُحْت، و في رَأْسِي مآيِمُ تُسْبَرُ

فسره فقال: جَمَع آمَّةً على مآيِمَ و ليس له واحد من لفظه، و هذا كقولهم الخيل تَجْرِي على مَسَاوِيها؛ قال ابن سيدة: و عندي زيادة و هو أَنه أراد مآمَّ، ثم كَرِه التَّضْعِيف فأَبدل الميم الأَخيرة ياءً، فقال مآمِي، ثم قلب اللامَ و هي الياء المُبْدَلة إلى موضع العين فقال مآيِم، قال ابن بري في قوله في الشَّجَّة مَأْمُومَة، قال: و كذا قال أَبو العباس المبرّد بعضُ العرب يقول في الآمَّة مَأْمُومَة؛ قال: قال عليّ بن حمزة و هذا غلَطٌ إنما الآمَّةُ الشَّجَّة، و المَأْمُومَة أُمُّ الدِّماغ المَشْجُوجَة؛ و أَنشد:
يَدَعْنَ أُمَّ رأْسِه مَأْمُومَهْ،             و أُذْنَهُ مَجْدُوعَةً مَصْلُومَه‏

و يقال: رجل أَمِيمٌ و مَأْمُومٌ للذي يَهْذِي من أُمِّ رأْسه. و الأُمَيْمَةُ: الحجارة التي تُشْدَخ بها الرُّؤُوس، و في الصحاح: الأَمِيمُ حَجَرٌ يُشْدَخُ به الرأْس؛ و أَنشد الأَزهري:
و يَوْمَ جلَّيْنا عن الأَهاتِم             بالمَنْجَنِيقاتِ و بالأَمائِم‏

قال: و مثله قول الآخر:
مُفَلَّقَة هاماتُها بالأَمائِم‏


و أُم التَّنائف: أَشدُّها. و قوله تعالى: فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ
، و هي النارُ «1». يَهْوِي مَن أُدْخِلَها أي يَهْلِك، و قيل: فَأُمُّ رأْسه هاوِيَة فيها أي ساقِطة. و
في الحديث: اتَّقوا الخَمْر فإنها أُمُّ الخَبائث.
؛ و قال شمر: أُمُّ الخبائث التي تَجْمَع كلَّ خَبيث، قال: و قال الفصيح في أَعراب قيس إذا قيل أُمُّ الشَّرِّ فهي تَجْمَع كل شرّ على وَجْه الأَرض، و إذا قيل أُمُّ الخير فهي تجمع كلَّ خَيْر. ابن شميل: الأُمُّ لكل شي‏ء هو المَجْمَع و المَضَمُّ.
__________________________________________________
 (1). قوله [و هي النار إلخ‏] كذا بالأَصل و لعله هي النار يهوي فيها من إلخ.

33
لسان العرب12

أمم ص 22

و المَأْمُومُ من الإِبِل: الذي ذهَب وَبَرهُ عن ظَهْره من ضَرْب أو دَبَرٍ؛ قال الراجز:
         ليس بذِي عَرْكٍ و لا ذِي ضَبِّ،             و لا بِخَوّارٍ و لا أَزَبِّ،
             و لا بمأْمُومٍ و لا أَجَبِ‏


و يقال للبعير العَمِدِ المُتَأَكِّل السَّنامِ: مَأْمُومٌ. و الأُمِّيّ: الذي لا يَكْتُبُ، قال الزجاج: الأُمِّيُّ الذي على خِلْقَة الأُمَّةِ لم يَتَعَلَّم الكِتاب فهو على جِبِلَّتِه، و في التنزيل العزيز: وَ مِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَ‏
؛ قال أَبو إسحاق: معنى الأُمِّيّ المَنْسُوب إلى ما عليه جَبَلَتْه أُمُّه أي لا يَكتُبُ، فهو في أَنه لا يَكتُب أُمِّيٌّ، لأَن الكِتابة هي مُكْتسَبَةٌ فكأَنه نُسِب إلى ما يُولد عليه أي على ما وَلَدَته أُمُّهُ عليه، و كانت الكُتَّاب في العرب من أَهل الطائف تَعَلَّموها من رجل من أهل الحِيرة، و أَخذها أَهل الحيرة عن أَهل الأَنْبار. و
في الحديث: إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لا نَكْتُب و لا نَحْسُب.
؛ أَراد أَنهم على أَصل ولادة أُمِّهم لم يَتَعَلَّموا الكِتابة و الحِساب، فهم على جِبِلَّتِهم الأُولى. و
في الحديث: بُعِثتُ إلى أُمَّةٍ أُمِّيَّة.
؛ قيل للعرب الأُمِّيُّون لأَن الكِتابة كانت فيهم عَزِيزة أَو عَديمة؛ و منه قوله: بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ‏
. و الأُمِّيُّ: العَييّ الجِلْف الجافي القَليلُ الكلام؛ قال:
         و لا أعُودُ بعدَها كَرِيّا             أُمارسُ الكَهْلَةَ و الصَّبيَّا،
             و العَزَبَ المُنَفَّه الأُمِّيَّا


قيل له أُمِّيٌّ لأَنه على ما وَلَدَته أُمُّه عليه من قِلَّة الكلام و عُجْمَة اللِّسان، و قيل لسيدنا محمدٍ رسول الله، صلى الله عليه و سلم، الأُمِّي لأَن أُمَّة العرب لم تكن تَكْتُب و لا تَقْرَأ المَكْتُوبَ، و بَعَثَه الله رسولًا و هو لا يَكْتُب و لا يَقْرأُ من كِتاب، و كانت هذه الخَلَّة إحْدَى آياته المُعجِزة لأَنه، صلى الله عليه و سلم، تَلا عليهم كِتابَ الله مَنْظُوماً، تارة بعد أُخْرَى، بالنَّظْم الذي أُنْزِل عليه فلم يُغَيِّره و لم يُبَدِّل أَلفاظَه، و كان الخطيبُ من العرب إذا ارْتَجَل خُطْبَةً ثم أَعادها زاد فيها و نَقَص، فحَفِظه الله عز و جل على نَبيِّه كما أَنْزلَه، و أَبانَهُ من سائر مَن بَعَثه إليهم بهذه الآية التي بايَنَ بَينه و بينهم بها، ففي ذلك أَنْزَل الله تعالى: وَ ما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَ لا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ الذين كفروا، و لَقالوا: إنه وَجَدَ هذه الأَقاصِيصَ مَكْتوبةً فَحَفِظَها من الكُتُب. و الأَمامُ: نَقِيضُ الوَراء و هو في معنى قُدَّام، يكون اسماً و ظرفاً. قال اللحياني: و قال الكِسائي أمام مؤنثة، و إن ذُكِّرتْ جاز، قال سيبويه: و قالوا أَمامَك إذا كنت تُحَذِّره أو تُبَصِّره شيئاً، و تقول أنت أَمامَه أي قُدَّامه. ابن سيدة: و الأَئمَّةُ كِنانة «1»؛ عن ابن الأَعرابي. و أُمَيْمَة و أُمامةُ: اسم امرأَة؛ قال أَبو ذؤيب:
         قالتْ أُمَيْمةُ: ما لجِسْمك شاحِباً             مثلي ابْتُذِلْتَ، و مِثلُ ما لك يَنْفَعُ «2».

و روى الأَصمعي‏
         ... أُمامةُ ...


بالأَلف، فَمَن روى‏
         ... أُمامة ...


على الترخيم «3». و أُمامةُ: ثَلَثُمائة من الإِبِلِ؛ قال:
__________________________________________________
 (1). قوله: و الأئمة كِنانة؛ هكذا في الأَصل، و لعله أراد أن بني كنانة يقال لهم الأَئمة.
 (2). قوله [مثلي ابتذلت‏] تقدم في مادة نفع بلفظ منذ ابتذلت و شرحه هناك.
 (3). قوله [فمن روى أمامة على الترخيم‏] هكذا في الأَصل، و لعله فمن روى أمامة فعلى الأَصل و من روى أميمة فعلى تصغير الترخيم.

34
لسان العرب12

أمم ص 22

أَ أَبْثُرهُ مالي و يَحْتِرُ [يَحْتُرُ] رِفْدَه؟             تَبَيَّنْ رُوَيْداً ما أُمامةُ من هِنْدِ

أَراد بأُمامة ما تقدَّم، و أَراد بِهِنْد هُنَيْدَة و هي المائة من الإِبل؛ قال ابن سيدة: هكذا فسره أَبو العَلاء؛ و رواية الحَماسة:
أَ يُوعِدُني، و الرَّمْلُ بيني و بينه؟             تَبَيَّنْ رُوَيْداً ما أُمامة من هِنْدِ

و أَما: من حروف الابتداء و معناها الإِخْبار. و إمَّا في الجَزاء: مُرَكَّبة من إنْ و مَا. و إمَّا في الشَّكِّ: عَكْسُ أو في الوضع، قال: و من خَفِيفِه أَمْ. و أَمْ حرف عَطف، معناه الاستفهام، و يكون بمعنى بَلْ. التهذيب: الفراء أَمْ في المعنى تكون ردّاً على الاستفهام على جِهَتَيْن: إحداهما أن تُفارِق معنى أَمْ، و الأُخرى أن تَسْتَفْهِم بها على جهة النّسَق، و التي يُنْوى به الابتداء إلَّا أَنه ابتداء متصِل بكلام، فلو ابْتَدَأْت كلاماً ليس قبله كلامٌ ثم استَفْهَمْت لم يكن إلا بالأَلف أو بهَلْ؛ من ذلك قوله عز و جل: الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ‏
، فجاءت بأَمْ و ليس قَبْلَها استفهام فهذه دليل على أَنها استفهام مبتدأٌ على كلام قد سبقه، قال: و أَما قوله أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ‏
، فإن شئت جعَلْته استفهاماً مبتدأً قد سبقه كلامٌ، و إن شئت جعَلْته مردوداً على قوله ما لَنا لا نَرى«1»، و مثله قوله: أَ لَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَ هذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي، ثم قال: أَمْ أَنَا خَيْرٌ
، فالتفسير فيهما واحدٌ. و قال الفراء: و ربما جَعَلتِ العرب أَمْ إِذا سبقها استفهام و لا يَصْلُح فيه أَمْ على جهة بَلْ فيقولون: هل لك قِبَلَنا حَقٌّ أَم أَنتَ رجل معروف بالظُّلْم، يُريدون بل أنت رجُل معروف بالظُّلْم؛ و أَنشد:
فوَالله ما أَدري أَ سَلْمى تَغَوَّلَتْ،             أَمِ النَّوْمُ أَمْ كلٌّ إليَّ حَبِيبُ‏

يُريد: بَلْ كلٌّ، قال: و يفعلون مثل ذلك بأَوْ، و هو مذكور في موضعه؛ و قال الزجاج: أَمْ إِذا كانت معطوفة على لفظ الاستفهام فهي معروفة لا إِشكال فيها كقولك زيد أَحسن أَمْ عَمرو، أَ كذا خيرٌ أَمْ كذا، و إذا كانت لا تقَعُ عطفاً على أَلِف الاستفهام، إِلا أَنها تكون غير مبتدأَة، فإِنها تُؤذِن بمعنى بَلْ و معنى أَلف الاستفهام، ثم ذكر قول الله تعالى: أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ‏
، قال: المعنى بَلْ تُريدون أَن تَسأَلوا رسولَكم، قال: و كذلك قوله: الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ‏
؛ قال: المعنى بَلْ يقولون افْتَراه، قال الليث: أَمْ حَرْف أَحسَن ما يكون في الاستفهام على أَوَّله، فيصير المعنى كأَنه استفهام بعد استفهام، قال: و يكون أمْ بمعنى بَلْ، و يكون أم بمعنى ألِف الاستفهام كقولك: أَمْ عِنْدك غَداء حاضِرٌ؟ و أنت تريد: أَ عِندَك غداء حاضِرٌ و هي لغة حسنة من لغات العرب؛ قال أَبو منصور: و هذا يَجُوز إِذا سبقه كلام، قال الليث: و تكون أَمْ مبتدَأَ الكلام في الخبر، و هي لغة يَمانية، يقول قائلُهم: أم نَحْن خَرَجْنا خِيارَ الناس، أَمْ نُطْعِم الطَّعام، أَمْ نَضْرِب الهامَ، و هو يُخْبِر. و روي عن أبي حاتم قال: قال أَبو زيد أَم تكون زائدة لغةُ أَهل اليمن؛ قال و أَنشد:
__________________________________________________
 (1). قوله [و إن شئت جعلته مردوداً على قوله ما لَنا لا نَرى‏] هكذا في الأَصل.

35
لسان العرب12

أمم ص 22

يا دَهْن أَمْ ما كان مَشْيي رَقَصا،             بل قد تكون مِشْيَتي تَوَقُّصا

أَراد يا دَهْناء فَرَخَّم، و أَمْ زائدة، أراد ما كان مَشْيي رَقَصاً أي كنت أَتَوقَّصُ و أَنا في شَبِيبتي و اليومَ قد أَسْنَنْت حتى صار مَشيي رَقَصاً، و التَّوَقُّص: مُقارَبةُ الخَطْو؛ قال و مثلُه:
يا ليت شعري و لا مَنْجى من الهَرَمِ،             أَمْ هلْ على العَيْش بعدَ الشَّيْب مِن نَدَمِ؟

قال: و هذا مذهب أَبي زيد و غيره، يذهَب إلى أَن قوله أَمْ كان مَشْيي رَقَصاً معطوف على محذوف تقدّم، المعنى كأَنه قال: يا دَهْن أَ كان مَشْيي رَقَصاً أَمْ ما كان كذلك، و قال غيره: تكون أَمْ بلغة بعض أَهل اليَمن بمعنى الأَلِف و اللامِ، و
في الحديث: ليس من امْبرِّ امْصِيامُ في امْسَفَر.
أي ليس من البِرِّ الصِّيامُ في السفَر؛ قال أَبو منصور: و الأَلفُ فيها أَلفُ وَصْلٍ تُكْتَب و لا تُظْهر إذا وُصِلت، و لا تُقْطَع كما تُقْطَع أَلِف أَم التي قدَّمنا ذكْرَها؛ و أَنشد أَبو عبيد:
ذاكَ خَلِيلي و ذُو يُعاتِبُني،             يَرْمي ورائي بامْسَيْفِ و امْسَلِمَه‏

أ لا تراه كيف وَصَل الميمَ بالواو؟ فافهمه. قال أَبو منصور: الوجه أن لا تثبت الأَلف في الكِتابة لأَنها مِيمٌ جعلتْ بدَلَ الأَلفِ و اللام للتَّعْريف. قال محمد بن المكرَّم: قال في أَوَّل كلامه: أَمْ بلغة اليمن بمعنى الأَلف و اللام، و أَوردَ الحديث ثم قال: و الأَلف أَلفُ وَصْل تُكْتَبُ و لا تُظْهر و لا تُقْطَع كما تُقْطَع أَلف أَمْ، ثم يقول: الوَجُه أَن لا تثبت الأَلِف في الكتابة لأَنها ميمٌ جُعِلَتْ بدَل الأَلف و اللام للتَّعْريف، و الظاهر من هذا الكلام أَن الميمَ عِوَض لام التَّعْريف لا غَيْر، و الأَلفُ على حالِها، فكيف تكون الميم عِوَضاً من الأَلف و اللام؟ و لا حُجَّة بالبيت الذي أَنشده فإِن أَلفَ التَّعْريف و اللام في قوله و السَّلِمَة لا تظهر في ذلك، و لا في قوله و امْسَلِمَة، و لو لا تشديدُ السين لَما قدر على الإِتْيان بالميم في الوزْن، لأَنَّ آلةَ التَّعْريف لا يَظْهر منها شي‏ء في قوله و السَّلِمة، فلمّا قال و امْسَلِمة احتاج أَن تظهر الميم بخلاف اللام و الأَلف على حالتها في عَدَم الظُّهور في اللفظ خاصَّة، و بإِظهاره الميم زالت إِحْدى السِّينَيْن و خَفَّت الثانية و ارْتَفَع التشديدُ، فإِن كانت الميم عِوَضاً عن الأَلف و اللام فلا تثبت الأَلف و لا اللام، و إِن كانت عِوَضَ اللام خاصَّة فَثُبوت الأَلف واجبٌ. الجوهري: و أَمّا أَمْ مُخَفَّفة فهي حَرف عَطف في الاستفهام و لها مَوْضِعان: أحدهُما أَنْ تَقَع مُعادِلةً لأَلِفِ الاستفهام بمعنى أيّ تقول أَ زَيْدٌ في الدار أَمْ عَمرو و المعنى أَيُّهما فيها، و الثاني أَن تكون مُنْقَطِعة مما قبلها خَبراً كان أو استفهاماً، تقول في الخَبَر: إِنها لإِبلٌ أَمْ شاءٌ يا فتى، و ذلك إِذا نَظَرْت إلى شَخْص فَتَوَهَّمته إبِلًا فقلت ما سبق إليك، ثم أَدْرَكك الظنُّ أَنه شاءٌ فانصَرَفْت عن الأَوَّل فقلت أَمْ شاءٌ بمعنى بَلْ لأَنه إضْرابٌ عمَّا كان قبله، إلَّا أَنَّ ما يَقَع بعد بَلْ يَقِين و ما بَعْد أَمْ مَظْنون، قال ابن بري عند قوله فقلت أمْ شاءٌ بمعنى بَلْ لأَنه إِضْراب عما كان قبله: صَوابُه أَنْ يَقول بمعنى بل أَ هِيَ شاءٌ، فيأْتي بأَلِف الاستفهام التي وَقَع بها الشكُّ، قال: و تَقول في الاستفهام هل زيد مُنْطَلِق أمْ عَمرو يا فَتى؟ إنما أَضْرَبْت عن سُؤالك عن انْطِلاق زيدٍ و جعَلْته عن عَمرو، فأَم‏

36
لسان العرب12

أنم ص 37

معها ظنٌّ و استفهام و إضْراب؛ و أَنشد الأَخفش للأَخطل:
كَذَبَتْك عَينُكَ أَمْ رأَيت بِواسِطٍ             غَلَسَ الظَّلام، من الرَّبابِ، خَيالا؟

و قال في قوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ‏
؛ و هذا لم يكن أَصلهُ استفهاماً، و ليس قوله أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ‏
 شكّاً، و لكنَّه قال هذا لِتَقبيح صَنيعِهم، ثم قال: بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ، كأَنه أَراد أَن يُنَبِّه على ما قالوه نحو قولك للرجل: الخَيرُ أَحَبُّ إليك أمِ الشرُّ؟ و أَنتَ تَعْلَم أنه يقول الخير و لكن أَردت أن تُقَبِّح عنده ما صنَع، قاله ابن بري. و مثله قوله عز و جل: أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ‏
، و قد عَلِم النبيُّ، صلى الله عليه و سلم، و المسلمون، رضي الله عنهم، أنه تعالى و تقدّس لم يَتَّخِذ وَلَداً سبحانه و إنما قال ذلك لِيُبَصِّرهم ضَلالَتَهم، قال: و تَدْخُل أَمْ على هلْ تقول أَمْ هلْ عندك عمرو؛ و قال عَلْقمة بن عَبَدة:
أَمْ هلْ كَبيرٌ بَكَى لم يَقْضِ عَبْرَتَه،             إثْرَ الأَحبَّةِ، يَوْمَ البَيْنِ، مَشْكُومُ؟

قال ابن بري: أمْ هنا مُنْقَطِعة، و استَأْنَف السُّؤال بها فأَدْخَلها على هلْ لتَقَدُّم هلْ في البيت قبله؛ و هو:
هلْ ما عَلِمْت و ما اسْتودِعْت مَكْتوم‏


ثم استأْنف السؤال بِأَمْ فقال: أَمْ هلْ كَبير؛ و مثله قول الجَحَّاف بن حكيم:
أَبا مالِكٍ، هلْ لُمْتَني مُذْ حَضَضتَنِي             على القَتْل أَمْ هلْ لامَني منكَ لائِمُ؟

قال: إلّا أَنه متى دَخَلَتْ أَمْ على هلْ بَطَل منها معنى الاستفهام، و إنما دَخَلتْ أَم على هلْ لأَنها لِخُروجٍ من كلام إِلى كلام، فلهذا السَّبَب دخلتْ على هلْ فقلْت أَمْ هلْ و لم تَقُل أَ هَلْ، قال: و لا تَدْخُل أَم على الأَلِف، لا تَقول أَ عِنْدك زيد أَمْ أَ عِنْدك عَمْرو، لأَن أصل ما وُضِع للاستفهام حَرْفان: أَحدُهما الأَلفُ و لا تَقع إِلا في أَوَّل الكلام، و الثاني أمْ و لا تقع إلا في وَسَط الكلام، و هلْ إِنما أُقيم مُقام الأَلف في الاستفهام فقط، و لذلك لم يَقَع في كل مَواقِع الأَصْل.
أنم:
الأَنامُ: ما ظهر على الأَرض من جميع الخَلْق، و يجوز في الشِّعْر الأَنِيمُ، و قال المفسرون في قوله عز و جل: وَ الْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ‏
؛ همُ الجِنُّ و الإِنْس، قال: و الدليلُ على ما قالوا أَنَّ الله تعالى قال بعَقِبِ ذِكْره الأَنامَ إِلى قوله: وَ الرَّيْحانُ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، و لم يَجْرِ للجنِّ ذِكْر قبلَ ذلك إِنما ذَكَر الجانَّ بعده فقال: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ وَ خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ؛ و الجِنُّ و الإِنسُ هُما الثَّقَلان، و قيل: جاز مُخاطَبَةُ الثَّقَلَيْن قبل ذِكْرِهِما معاً لأَنها ذكرا بِعَقِب الخِطاب؛ قال المُثَقَّب العَبْدي:
فما أَدْرِي، إذا يَمَّمْتُ أَرْضاً             أُرِيدُ الخَيْرَ، أَيُّهما يَلِيني؟
أَ أَلخَيْر الذي أنا أَبْتَغيهِ،             أمِ الشَّر الذي هو يَبْتَغِيني؟

فقال: أَيُهما و لم يَجْر للشرّ ذكر إلا بعد تَمام البيت.

37
لسان العرب12

اندرم ص 38

اندرم:
النهاية لابن الأَثير
في حديث عبد الرحمن بن يزيد و سُئل كيف نُسَلِّم «2». على أهل الذِّمَّة؟ فقال: قُلْ أَنْدَرَايَمْ.
؛ قال أَبو عبيد: هي كلمة فارسية مَعْناها أَ أَدْخُل، و لم يُرِدْ أَن يَخُصَّهم بالاسْتِئذان بالفارِسِيَّة، و لكنهم كانوا مَجوساً فأَمَره أَن يُخاطِبَهم بِلِسانِهم، قال: و الذي يُراد منه أَنه لم يَذْكُر السَّلامَ قَبْل الاسْتِئذان، أ لا تَرَى أَنه لم يَقُلْ عليكم أَنْدَرَايَمْ؟
أوم:
الأُوامُ، بالضم: العَطَش، و قيل: حَرُّه، و قيل: شِدَّةُ العَطَش و أَن يَضِجَّ العَطْشان؛ قال ابن بري: شاهده قول أبي محمد الفَقْعَسِي:
قد عَلِمَتْ أَنِّي مُرَوِّي هامِها،             و مُذْهِبُ الغَلِيلِ من أُوامِها

و قد آمَ يَؤُومُ أَوْماً، و في التهذيب: و لم يذكر له فِعلًا. و الإِيامُ: الدُّخان، و الجمع أُيُمٌ، أُلْزِمَتْ عَيْنُه البَدَل لغير عِلّة، و إِلا فحُكْمُه أن يَصِحَّ لأَنه ليس بمَصْدر فيعتلّ باعْتِلال فِعْله، و قد آمَ عليها و آمَها يَؤُومُها أَوماً و إِياماً: دَخَّنَ؛ قال ساعدة بن جُؤية:
فما بَرِحَ الأَسْبابَ، حتى وَضَعْنَه             لَدَى الثَّوْلِ يَنْفِي جَثَّها و يؤُومُها

و هذه الكلِمة واوِيَّة و يائية، و هي من الياء بدَلالةِ قولهم آمَ يَئِيمُ، و هي من الواو بدليل قولهم يَؤُومُ أَوْماً، فحصل من ذلك أَنها واويَّة و يائِيَّة، غير أَنهم لم يَقولوا في الدُّخَان أُوَام إِنما قالوا إِيَام فقط، و إِنما تَدَاوَلَتِ الياءُ و الواوُ فِعْلَه و مَصْدَرَه، قال ابن سيدة: فإِن قيل فقد ذَكَرْت الإِيَامَ الذي هو الدُّخَان هنا و إِنما موضعه الياء، قلنا: إنَّ الياء في الإِيَام الذي هو الدُّخان قد تكون مقْلوبة في لغة مَنْ قال آمَها يَؤُومُها أَوْماً، فكأَنَّا إِنما قلنا الأُوام و إِن كان حُكْمُها أَن لا تَنْقَلِب هنا لأَنه اسمٌ لا مَصْدَر، لكنَّها قُلِبَتْ هنا قَلْباً لغير عِلَّة كما قلنا، إِلا طَلَبَ الخِفَّة، و سنذكر الإِيَامَ في الياء. و المُؤَوَّمُ مثل المُعَوَّمِ: العظيم الرأْس و الخَلْق، و قيل: المُشَوَّه كالمُوَأَّمِ، قال: و أَرَى المُوَأَّم مَقْلُوباً عن المُؤَوَّم؛ و أَنشد ابن الأَعرابي لعنترة:
         و كأَنَّما يَنْأَى بِجانِب دَفِّها             الوَحْشِيّ من هَزِجِ العَشِيِّ مُؤَوَّم «3».

فسّره بأَنه المُشَوَّه الخَلْق؛ قال ابن بري: يعني سِنَّوْراً، قال: و الهَزِج المُتراكِب الصَّوْت و عَنى به هرّاً و إِن لم يتقدَّم له ذِكْر، و إنما أَتى به في أَول البيت الثاني و التقدير يَنْأَى بِجانِبها من مُصَوِّت بالعَشِيِّ هِرٌّ، و مَن رَوى تَنْأَى بالتاء لتأْنِيثِ الناقةِ قال هِرٍّ، بالخفض، و تقديره من هِرٍّ هَزِج العَشِيّ؛ و فسَّر الأَزهري هذا البيت فقال: أَراد من حادٍ هَزِج العشيّ بحُدائه. قال: و الأُوامُ أَيضاً دُخان المُشْتار. و الآمةُ: العيب؛ قال عَبِيد:
مَهْلًا، أَبيتَ اللَّعْنَ مَهْلًا،             إنَّ فيما قلت آمَهْ‏

و الآمَةُ أَيضاً: ما يَعْلَق بسُرَّةِ المَوْلود إذا سقط من بطن أُمِّه. و يقال: ما لُفَّ فيه من خِرْقة و ما
__________________________________________________
 (2). قوله [كيف نسلم‏] هكذا في الأَصل بالنون مبنياً للفاعل، و في نسخ النهاية: كيف يسلم، بالياء و بناء الفعل للمفعول.
 (3). هو مذكور في مادة هزج.

38
لسان العرب12

أوم ص 38

خَرَج معه؛ و قال حسان:
وَ مَوْؤُودَةٍ مَقْرُورةٍ في مَعاوِزٍ             بآمَتِها، مَرْسُومةٍ لم تُوَسَّدِ

أَبو عمرو: اللَّيالي الأُوَّمُ المُنْكَرَة، و لَيالٍ أُوَمٌ كذلك؛ و أَنشد:
لَمَّا رأَيت آخِرَ اللَّيلِ عَتَمْ،             و أَنها إحْدى لَيالِيك الأُوَمْ‏

قال أَبو علي: يجوز أن يكون مأْخوذاً من الآمة و هي العَيْب، و من قولهم مُؤَوّم.
و دَعا جريرٌ رجُلًا من بني كُلَيب إلى مُهاجاتِه فقال الكُلَيْبيُّ: إنَّ نِسائي بآمَتِهِنَّ و إنَّ الشُّعراء لم تَدَع في نِسائك مُتَرقَّعاً.
؛ أَراد أَنَّ نِساءَه لم يُهْتَك سِتْرهنَّ و لم يَذْكُر سِواهنُّ سَوأَتَهُنَّ، بمنزلة التي وُلدتْ و هي غير مَخْفوضَة و لا مُقْتَضَّة. و آمَهُ اللهُ أي شَوَّه خَلْقه. و الأُوامُ: دُوارٌ في الرأْس. الجوهري: يقال أَوَّمَه الكَلأُ تأْويماً أَي سَمَّنه و عظَّم خَلْقه؛ قال الشاعر:
عَرَكْرَكٌ مُهْجِرُ الضُّؤْبان، أَوَّمَهُ             روْضُ القِذافِ رَبيعاً أَيَّ تَأْويمِ‏

قال ابن بري: عَرَكْرَك غَلِيظ قَويٌّ، و مُهْجِر أَي فائق، و الأَصل في قولهم بعير مُهْجِر أَي يَهْجُرُ الناسُ بذِكْره أي يَنْعَتُونه، و الضُّؤبانُ: السَّمِين الشديدُ أَي يَفوقُ السمان.
أيم:
الأَيامى: الذين لا أَزواجَ لهم من الرجال و النساء و أَصله أَيايِمُ، فقلبت لأَن الواحد رجل أَيِّمٌ سواء كان تزوَّج قبل أَو لم يتزوج. ابن سيدة: الأَيِّمُ من النساء التي لا زَوْج لها، بِكْراً كانت أَو ثَيِّباً، و من الرجال الذي لا امرأَة له، و جمعُ الأَيِّمِ من النساء أَيايِمُ و أَيامى، فأَمَّا أَيايِم «1» فعلى بابه و هو الأَصل أَيايِم جمع الأَيِّم، فقلبت الياء و جُعلت بعد الميم، و أَمّا أَيامى فقيل: هو من باب الوَضْع وُضِع على هذه الصيغة؛ و قال الفارسي: هو مَقلوب موضع العين إلى اللام. و قد آمَتِ المرأَة من زَوْجها تَئِيمُ أَيْماً و أُيُوماً و أَيْمَةً و إِيمة و تأَيَّمَتْ زماناً و أتامَتْ و أْتَيَمْتها: تَزَوَّجْتُها أَيّماً. و تأَيَّم الرجلُ زماناً و تأَيَّمتِ المرأَة إذا مَكَثا أَيّاماً و زماناً لا يتزوَّجان؛ و أَنشد ابن بري:
لقد إمْتُ حتى لامَني كلُّ صاحِبٍ،             رَجاءً بسَلْمى أَن تَئِيمَ كما إمْتُ‏

و أَنشد أيضاً:
فإن تَنْكِحِي أَنْكِحْ، و إن تَتَأَيَّمِي،             يَدَا الدَّهْرِ، ما لم تنْكِحي أَتَأَيَّم‏

و قال يزيد بن الحكم الثقفي:
كلُّ امْرئٍ سَتَئيمُ منهُ             العِرْسُ، أو منها يَئيم‏

و قال آخر:
نَجَوْتَ بِقُوفِ نَفْسِك، غير أَني             إخالُ بأَنْ سَيَيْتَمُ أو تَئِيمُ‏

أي يَيتمُ ابنُك أو تَئِيمُ امرأَتُك. قال الجوهري: و قال يعقوب سَمِعت رجُلًا من العرب يقول: أَيٌّ يَكُونَنَّ على الأَيْمِ نَصِيبي؛ يقول ما يَقَعُ بيَدي بعد تَرْك التزوُّج أَيّ امرأَة صالحة أَو غير ذلك؛ قال ابن بري: صوابه أَن يقول امرأَة صالحة أم غير ذلك. و الحَرْبُ مَأْيَمَة للنساء أَي تَقْتل الرجال فتَدَعُ‏
__________________________________________________
 (1). قوله [فأما أيايم إلى قوله و أما أيامى‏] هكذا في الأَصل.

39
لسان العرب12

أيم ص 39

النساء بلا أَزواجٍ فَيَئِمْنَ، و قد أَأَمْتُها و أَنا أُئيمُها: مثل أَعَمْتُها و أَنا أُعِيمُها. و آمَتِ المرأَةُ إذا مات عنها زوجها أو قُتِل و أقامت لا تَتَزوَّج. يقال: امرأَةٌ أَيِّمٌ و قد تأَيَّمَتْ إذا كانت بغير زَوْج، و قيل ذلك إذا كان لها زوج فمات عنها و هي تَصْلُح للأَزْواج لأَنَّ فيها سُؤْرةً من شَباب؛ قال رؤبة:
مُغايراً أَو يَرْهَبُ التَّأْيِيما


و أَيَّمَهُ اللهُ تَأْيِيماً. و
في الحديث: امرأَةٌ آمَتْ من زوجِها ذاتُ مَنْصِب و جَمالٍ.
أي صارَتْ أَيِّماً لا زوج لها؛ و منه‏
حديث حفصة: أَنها تَأَيَّمتْ من ابن خُنَيْسٍ زَوْجِها قَبْل النبي، صلى الله عليه و سلم.
و
في حديث علي، عليه السلام: مات قَيِّمُها و طال تَأَيُّمُها.
و الاسم من هذه اللفظة الأَيْمةُ. و
في الحديث: تَطول أَيْمَةُ إحْداكُنَّ، يقال: أَيِّمٌ بَيِّن الأَيْمة.
ابن السكيت: يقال ما لهُ آمٌ و عامٌ أي هَلَكتِ امرأَته و ماشِيَتُه حتى يَئِيمَ و يَعيمَ إِلى اللَّبَن. و رجلٌ أَيْمانُ عَيْمانُ؛ أَيْمانُ: هَلَكتِ امرأَته، فأَيْمانُ إِلى النساء و عَيْمانُ إِلى اللَّبَنِ، و امرأَة أَيْمَى عَيْمَى. و في التنزيل العزيز: وَ أَنْكِحُوا الْأَيامى‏ مِنْكُمْ‏
؛ دخَل فيه الذَّكَر و الأُنْثى و البِكْر و الثَّيِّب، و قيل في تفسيره: الحَرائر. و
قول النبي، صلى الله عليه و سلم: الأَيِّمُ أَحَقُّ بنفسها.
فهذه الثَّيِّبُ لا غير؛ و كذلك قول الشاعر:
لا تَنْكِحَنَّ الدَّهْرَ، ما عِشْتَ، أَيِّماً             مُجَرَّبةً، قد مُلَّ منها، و مَلَّتِ‏

و الأَيِّمُ في الأَصل: التي لا زوجَ لها، بِكْراً كانت أَو ثَيِّباً، مطلَّقة كانت أو مُتَوَفّى عنها، و قيل: الأَيامى القَرابات الابْنةُ و الخالةُ و الأُختُ. الفراء: الأَيِّمُ الحُرَّة، و الأَيِّمُ القَرابة. ابن الأَعرابي: يقال للرجل الذي لم يتزوّج أَيِّمٌ، و المرأَة أَيِّمَةٌ إِذا لم تَتَزَوَّج، و الأَيِّمُ البِكْر و الثَّيّب. و آمَ الرجلُ يَئِيمُ أَيْمةً إِذا لم تكن له زوجة، و كذلك المرأَة إِذا لم يكن لها زوج. و
في الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، كان يَتَعَوَّذُ من الأَيْمةِ و العَيْمة.
و هو طولُ العُزْبةِ. ابن السكيت: فُلانَةُ أَيِّمٌ إِذا لم يكن لها زوج. و رجل أَيِّمٌ: لا مرأَة له، و رجلان أَيِّمانِ و رجال أَيِّمُون و نساءٌ أَيِّماتٌ و أُيَّمٌ بَيِّنُ الأُيُوم و الأَيْمةِ. و الآمةُ: العُزَّاب، جمع آمٍ، أَراد أيِّم فقلَب؛ قال النابغة:
أُمْهِرْنَ أَرْماحاً، و هُنَّ بآمَةٍ،             أَعْجَلْنَهُنَّ مَظنَّة الإِعْذارِ

يريد أَنَّهنَّ سُبِينَ قبل أَن يُخْفَضْنَ، فجعل ذلك عَيْباً. و الأَيْمُ و الأَيِّمُ: الحيَّة الأَبْيَضُ اللطيف، و عَمَّ به بعضهم جميع ضُروب الحيّات. قال ابن شميل: كل حيَّة أيْمٌ ذكراً كان أَو أُنثى، و ربَّما شدِّد فقيل أَيِّم كما يقال هَيْن و هَيِّن؛ قال الهذلي:
باللَّيْل مَوْرِدَ أَيِّم مُتَغَضِّفِ‏


و قال العجاج:
و بَطْنَ أَيْمٍ و قَواماً عُسْلُجا


و الأَيْم و الأَيْنُ: الحيَّة. قال أبو خيرة: الأَيْمُ و الأَيْنُ و الثُّعْبان الذُّكْرانُ من الحَيَّات، و هي التي لا تَضُرُّ أَحداً، و جمع الأَيْمِ أُيُومٌ و أَصله التَّثْقِيل فكسِّر على لفظه، كما قالوا قُيُول في جمع قَيْل، و أصله فَيْعِل، و قد جاء مشدّداً في الشعر؛ قال أَبو كبير الهذلي:

40
لسان العرب12

أيم ص 39

إلَّا عَواسِرُ كالمِراطِ مُعِيدَةٌ،             باللَّيْلِ، مَوْرِدَ أَيِّمٍ مُتَغَضِّفِ «2».

يعني أَن هذا الكلام من مَوارِد الحيَّات و أَماكِنها؛ و مُعِيدة: تُعاوِد الوِرْد مرّة بعد مرة؛ قال ابن بري: و أَنشد أَبو زيد لسوار بن المضرب:
كأَنَّما الخَطْو من مَلْقَى أَزِمَّتِها             مَسْرَى الأُيُومِ، إِذا لم يُعْفِها ظَلَفُ‏

و
في الحديث: أَنه أَتَى على أَرض جُرُزٍ مُجْدِبةٍ مثل الأَيْم.
؛ الأَيْمُ و الأَيْنُ: الحيَّة اللَّطِيفة؛ شبَّه الأَرض في مَلاسَتِها بالحيَّة. و
في حديث القاسم بن محمد: أَنه أَمَرَ بِقَتْلِ الأَيْمِ.
و قال ابن بري في بيت أبي كبير الهذلي: عَواسِرُ بالرفع، و هو فاعل يَشْرب في البيت قبله، و هو:
و لقد وَرَدْتُ الماء، لم يَشْرَبْ به،             حَدَّ الرّبيعِ إِلى شُهورِ الصَّيِّفِ‏

قال: و كذلك مُعِيدة الصوابُ رَفْعُها على النَّعْت لِعَواسِر، و عَواسِرُ ذِئابٌ عَسَرت بأَذْنابِها أَي شالَتْها كالسِّهام المَمْرُوطَةِ، و مُعِيدة: قد عاوَدت الوُرودَ إِلى الماء، و المُتَغَضِّف: المُتَثَنِّي. ابن جني: عَيْنُ أَيِّمٍ ياءٌ، يدلُّ على ذلك قولهم أَيْم، فظاهر هذا أَن يكون فَعْلًا و العينُ منه ياءٌ، و قد يمكن أَن يكون مخففاً من أَيِّم فلا يكون فيه دليل، لأَن القَبِيلين معاً يَصيرانِ مع التخفيف إِلى لفظ الياء، و ذلك نحو لَيْنٍ و هَيْنٍ. و الإِيَامُ: الدُّخَان؛ قال أَبو ذؤيب الهذلي:
فَلمَّا جَلاها بالإِيَامِ تَحَيَّزَتْ             ثُباتٍ، عليها ذُلُّها و اكْتِئابُها

و جمعُه أُيُمٌ. و آم الدُّخانُ يَئيم إيَاماً: دخَّن. و آم الرجُلُ إيَاماً إِذا دَخَّن على النَّحْل ليخرج من الخَلِيَّة فيأْخُذ ما فيها من العَسَل. قال ابن بري: آمَ الرجُل من الواو، يقال: آمَ يَؤُومُ، قال: و إيامٌ الياء فيه منقلِبة عن الواو. و قال أَبو عمرو: الإِيَامُ عُودٌ يجعَل في رأْسه نارٌ ثم يُدَخَّنُ به على النَّحْل ليُشْتارَ العَسَلُ. و الأُوامُ: الدُّخانُ، و قد تقدم. و الآمةُ: العيب، و في بعض النسخ: و آمةٌ عَيْب؛ قال:
مَهْلًا، أَبَيْتَ اللَّعْنَ مَهْلًا،             أَن فيما قلتَ آمَهْ‏

و في ذلك آمةٌ علينا أي نَقْص و غَضاضَةٌ؛ عن ابن الأَعرابي. و بَنُو إيَامٍ: بَطْن من هَمْدان. و
قوله في الحديث: يتَقارب الزَّمان و يَكْثُر الهَرْج، قيل: أَيْمَ هو يا رسول الله؟ قال: القَتْل.
يريد ما هو؛ و أَصله أَيّ ما هو أَي أَيُّ شي‏ءٍ هو فخفف الياء و حذف أَلف ما. و منه‏
الحديث: أَن رجلًا ساوَمَهُ النبيُّ، صلى الله عليه و سلم، طعاماً فجعل شَيْبَة بن ربيعة يَشير إِليه لا تَبِعْه، فجعل الرجل يقولُ أَيْمَ تَقول؟.
يعني أَيّ شي‏ء تقول؟
فصل الباء
بالام:
النهاية في ذكر أُدْمِ أَهلِ الجنة قال: إدامُهم بالامُ و النونُ، قالوا: و ما هذا؟ قال: ثَوْرٌ و نونٌ.
؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في الحديث مفسَّراً، أمَّا النونُ فهو الحُوتُ و به سمِّي يونس،
__________________________________________________
 (2). قوله [إلا عواسر إلخ‏] تقدم هذا البيت في مادة عسر و مرط و عود و صيف و غضف و فيه روايات، و قوله: يعني أَن هذا الكلام، لعله أَن هذا المكان.

41
لسان العرب12

بالام ص 41

على نبينا محمد و عليه الصلاة و السلام، ذا النُّون، و أَما بَالامُ فقد تَمَحَّلوا لها شرحاً غير مرضِيّ، و لَعَلَّ اللفظة عبرانية، قال: و قال الخطابي لعل اليهوديَّ أَراد التَعْمِيَة فقطع الهِجاء و قدَّم أحدَ الحَرفَين على الآخر، و هي لام أَلف و ياء؛ يريد لَأَى بوزْن لَعَا، و هو الثَّوْر الوحشيُّ، فصحَّف الراوي الياء بالباء، و قال: هذا أقرب ما يقع لي فيه.
ببم:
أَبَنْبَمُ و يَبَنْبَمُ: موضع. قال ابن بري: أَبَنْبَم على أَفَنْعَل من أَبْنية الكتاب؛ قال طُفيل:
أَ شاقَتْكَ أَظْعانٌ بِحَفر أَبَنْبَمِ؟             نَعَمْ بُكُراً مثل الفَسيلِ المُكَمَّمِ‏

التهذيب: يَبَمْبَمُ ذكره حميد بن ثور فقال:
إِذا شِئتُ غَنَّتْني بأَجْزاعِ بِيشَةٍ،             أو الجِزْع من تَثْلِيثَ أو من يَبَمبَما

بتم:
البُتْمُ و البُتَّمُ: جبل من ناحية فَرْغانَة.
بجم:
بَجَم الرجلُ يَبْجِمُ بَجْماً و بُجُوماً: سكت من هيبة أو عِيّ. و رأَيت بَجْماً من الناس و بَجْداً أَي جماعة. و البَجْمُ: الجماعة الكثيرة.
بجرم:
البَجارِمُ: الدواهِي.
بحم:
غَدِير بَحْوَمٌ: كثير الماء؛ عن الهَجَري؛ و أَنشد:
فصِغارُها مِثْلُ الدَّبَى، و كِبارُها             مِثْل الضَّفادِعِ في غَدِيرٍ بَحْوَمِ‏

بخذم:
بَخْذَم: اسمٌ.
بذم:
البُذْمُ: الرأْيُ الجَيِّدُ. و البُذْمُ: احتمالُك لِما حُمِّلْت. و البُذْمُ: النَّفْس. و البُذْمُ: القوَّة و الطاقةُ؛ قال الشاعر:
أَنُوءُ بِرِجْلٍ بها بُذْمُها،             و أَعْيَتْ بها أُخْتُها الآخِرَه‏

أو الغابِرَه. و رجلٌ ذو بُذْمٍ أي كَثافَةٍ و جلَدَ، و كذلك الثَّوْبُ. و ثوبٌ ذو بُذْمٍ أي كثير الغَزْل. و رجل ذو بُذْمٍ أي سَمِينٌ، و يقال: ذو رَأْيٍ و حَزْمٍ، و قال الأُموي: ذو نَفَس، و قال الكِسائي: ذو احْتِمال لِما حُمِّل. قال ابن بري: قال الأَصمعي إِذا لم يكن للرجل رَأْيٌ قيل: ما له بُذْمٌ. و البَذْمُ: مَصْدَرُ البَذِيمِ، و هو العاقِلُ الغَضَبِ [الغَضَبَ‏] مِن الرِّجال أي أَنه يعلم ما يأْتيه عند الغضَب؛ كذا حكاه أَهل اللغة، و قيل: يَعْلم ما يَغْضَب له؛ قال الشاعر:
كَرِيمُ عُروقِ النَّبْعَتَينِ مُطَهَّرٌ،             و يَغْضَبُ ممَّا منه ذو البَذْمِ يَغْضَبُ‏

الليث: رجلٌ بُذْمٌ و بَذِيمٌ إِذا غَضِب ممَّا يجب أَن يُغْضَب منه. و قال الفراء: البَذِيمةُ الذي لا يَغْضَب في غير موضع الغضَب؛ قال ابن بري: و قول المرّار:
يا أُمَّ عِمْران و أُخْتَ عَتْمِ،             قد طالَ ما عِشْتُ بغير بُذْمِ «1».

أَي بغير مُروءةٍ، و قد بَذُمَ بَذامةً. ابن الأَعرابي: و البَذيمُ من الأَفْواه المُتَغَيِّر الرائحة؛ و أَنشد:
شَمِمْتها بشارِبٍ بَذِيمِ             قد خَمَّ، أو قد هَمَّ بالخُمُومِ‏

و قال غيره: أَبْذَمَتِ الناقةُ و أَبْلَمَتْ إِذا وَرِمَ حيَاؤُها من شدّةِ الضَّبَعَة، و إنما يكون ذلك في‏
__________________________________________________
 (1). قوله [يا أم عمران إلخ‏] هكذا في الأَصل مضبوطاً، و في شرح القاموس: و أخت عثم، بالثاء.

42
لسان العرب12

بذم ص 42

بَكَرات الإِبل؛ قال الراجز:
إِذا سَمَا فوق جَمُوحٍ مِكْتامْ             من غَمْطِه الأَثْناءَ ذات الإِبْذامْ‏

يَصِف فَحْل إبِل أَراد أَنه يَحْتَقِر الأَثْناءَ ذواتِ البَلمَة، فيَعْلُو الناقةَ التي لا تَشُول بذَنَبها، و هي لاقِح، كأَنها تكتُم لَقاحَها.
برم:
البَرَمُ: الذي لا يَدْخُل مع القوم في المَيْسِر، و الجمع أَبْرامٌ؛ و أَنشد الليث:
إِذا عُقَبُ القُدُور عُدِدْنَ مالًا،             تَحُتُّ حَلائلَ الأَبْرامِ عِرْسِي‏

و أَنشد الجوهري:
و لا بَرَماً تُهْدى النساءُ لعِرْسِهِ،             إِذا القَشْعُ من بَرْدِ الشتاءِ تَقَعْقَعا

و في المثل: أَ بَرَماً قَرُوناً أي هو بَرَمٌ و يأْكل مع ذلك تَمرَتَيْن تَمرتَيْن، و
في حديث وفْدِ مَذحِج: كِرامٌ غير أَبْرامٍ.
؛ الأَبْرامُ: اللِّئامُ، واحِدُهم بَرَمٌ، بفتح الراء، و هو في الأَصل الذي لا يَدْخُل مع القومِ في المَيْسِر و لا يُخْرِج معهم فيه شيئاً؛ و منه‏
حديث عمرو بن معديكرب: قال لعُمر أَ أَبْرامٌ بَنو المُغِيرة؟ قال: و لِمَ؟ قال نزلتُ فيهم فما قَرَوْني غير قَوْس و ثَوْرٍ و كَعْب، فقال عمر: إِنَّ في ذلك لَشِبَعاً.
؛ القَوْسُ: ما يَبْقى في الجُلَّة من التَّمْر، و الثَّوْرُ: قطعة عظيمة من الأَقِط، و الكَعْبُ: قِطْعة من السَّمْن؛ و أما ما أَنشده ابن الأَعرابي من قول أُحَيْحة:
إِنْ تُرِدْ حَرْبي، تُلاقِ فَتىً             غيرَ مَمْلوكٍ و لا بَرَمَهْ‏

قال ابن سيدة: فإنه عَنى بالبَرَمَة البَرَمَ، و الهاء مبالغة، و قد يجوز أَن يؤنث على معنى العَيْنِ و النَّفْس، قال: و التفسير لنا نحن إِذ لا يَتَّجِه فيه غير ذلك. و البَرَمةُ: ثَمَرةُ العِضاهِ، و هي أَوَّل وَهْلة فَتْلةٌ ثم بَلَّةٌ ثم بَرَمةٌ، و الجمع البَرَمُ، قال: و قد أَخطأَ أَبو حنيفة في قوله: إِن الفَتْلة قَبْل البَرَمَة، و بَرَمُ العِضاهِ كله أَصفر إلَّا بَرَمَة العُرْفُطِ فإِنها بَيْضاء كأَنَّ هَيادِبها قُطْن، و هي مثل زِرِّ القَمِيص أَو أَشَفُّ، و بَرَمة السَّلَم أَطيب البَرَمِ رِيحاً، و هي صَفْراء تؤْكَل، طيِّبة، و قد تكون البَرَمَةُ للأَراكِ، و الجمع بَرَمٌ و بِرامٌ. و المُبْرِمُ: مُجْتَني البَرَمِ، و خصَّ بعضهم به مُجْتَني بَرَمَ الأَراك. أَبو عمرو: البَرَمُ ثَمَر الطَّلْح، واحدته بَرَمَة. ابن الأَعرابي: العُلَّفَةُ من الطَّلْح ما أَخلفَ بعد البَرَمَة و هو شبه اللُّوبياء، و البَرَمُ ثَمَرُ الأَراك، فإذا أَدْرَك فهو مَرْدٌ، و إِذا اسْوَدَّ فهو كَباثٌ و بَريرٌ. و
في حديث خُزيمة السلمي: أَيْنَعَتِ العَنَمَةُ و سَقَطَت البَرَمةُ.
؛ هي زَهْرُ الطَّلْح، يعني أَنها سَقَطَتْ من أَغْصانها للجَدْب. و البَرَمُ: حَبُّ العِنب إِذا كان فوق الذَّرِّ، و قد أَبْرَمَ الكَرْمُ؛ عن ثعلب. و البَرَمُ، بالتحريك: مصدر بَرِمَ بالأَمْرِ، بالكسر، بَرَماً إِذا سَئِمَهُ، فهو بَرِمٌ ضَجِر. و قد أَبْرَمَهُ فلان إِبْراماً أي أَمَلَّه و أَضْجَره فَبَرِمَ و تَبَرَّم به تَبَرُّماً. و يقال: لا تُبْرِمْني بكَثرة فُضولك. و
في حديث الدعاء: السلامُ عليك غير مُوَدَّعٍ بَرَماً.
؛ هو مصدر بَرِمَ به، بالكسر، يَبْرَمُ بَرَماً، بالفتح، إِذا سَئِمَه و مَلَّه. و أَبْرَمَ الأَمرَ و بَرَمَه: أَحْكَمه، و الأَصل فيه إِبْرامُ الفَتْل إِذا كان ذا طاقيْن. و أَبْرَمَ الحَبْلَ:

43
لسان العرب12

برم ص 43

أَجادَ فتله. و قال أَبو حنيفة: أَبْرَمَ الحَبْلَ جعله طاقَيْن ثم فَتَله. و المُبْرَمُ و البَريمُ: الحَبْل الذي جمع بين مَفْتُولَيْن فَفُتِلا حَبْلًا واحداً مثل ماء مُسْخَنٌ و سَخِينٌ، و عَسَلٌ مُعْقَدٌ و عَقِيدٌ، و مِيزانٌ مُتْرَصٌ و تَريصٌ. و المُبْرَمُ من الثِّياب: المَفْتُول الغَزْل طاقَيْن، و منه سمِّي المُبْرَمُ، و هو جنسٌ من الثِّياب. و المَبارِمُ: المَغازِلُ التي يُبْرَمُ بها. و البَريمُ: خَيْطان مُخْتلفان أَحمرُ و أَصفرُ، و كذلك كل شي‏ء فيه لَوْنان مُخْتلِطان، و قيل: البَريمُ خَيْطان يكونان من لَوْنَيْن. و البَريمُ: ضَوْءُ الشمس مع بَقِيَّة سَوادِ الليل. و البَريمُ: الصبْح لِما فيه من سَوادِ الليل و بَياض النهار، و قيل: بَريمُ الصبح خَيْطه المُخْتلط بِلَوْنَيْن، و كل شيئين اختلَطا و اجْتمعا بَريمٌ. و البَريمُ: حَبْل فيه لَوْنان مُزَيَّن بجَوْهر تشدُّه المرأَة على وَسَطها و عَضُدِها؛ قال الكَروّس بن حصن «1».
و قائلةٍ: نِعْمَ الفَتى أَنت من فَتىً؛             إِذا المُرْضِعُ العَرْجاءُ جالَ بَريمُها

و في رواية:
مُحَضَّرة لا يُجْعَل السِّتْر دُونها


قال ابن بري: و هذا البيت على هذه الرواية ذكره أَبو تَمّام للفرزدق في باب المديح من الحماسة. أبو عبيد: البَريمُ خَيْط فيه أَلوانٌ تشدُّه المرأَة على حَقْوَيْها. و قال الليث: البَريمُ خيط يُنْظَم فيه خَرَز فتشدُّه المرأَة على حَقْوَيْها. و البَريمُ: ثوب فيه قَزٌّ و كتّانٌ. و البَريمُ: خيط يُفْتَل على طاقَيْن، يُقال: بَرَمْتُه و أَبْرَمْتُه. الجوهري: البَريمُ الحبْل المَفْتول يكون فيه لَوْنان، و ربَّما شدَّتْه المرأَةُ على وَسَطها و عَضُدها، و قد يُعلَّق على الصبيّ تدفَع به العَيْن، و منه قيل للجيش بَريم لأَلْوان شِعار القَبائل فيه؛ و أَنشد ابن بري للعجاج:
أَبْدى الصَّباحُ عن بَريمٍ أَخْصفَا


قال: البَريمُ حبْل فيه لَوْنان أَسود و أبيض، و كذلك الأَخْصَفُ و الخَصِيفُ، و يشبَّه به الفَجْر الكاذِبُ أَيضاً، و هو ذَنَب السِّرْحان؛ قال جامِعُ بن مُرْخِيَة:
لقد طَرَقَتْ دَهْماء، و البُعْدُ بينها،             و لَيْل، كأثْناء اللِّفاعِ، بَهِيمُ‏
على عَجَلٍ، و الصبحُ بالٍ كأَنه             بأَدْعَجَ من لَيْلِ التِّمام بَريمُ‏

قال: و البَريمُ أيضاً الماءُ الذي خالَط غيرَه؛ قال رؤبة:
حتى إِذا ما خاضَتِ البَرِيما


و البَريمُ: القَطيع من الغنَم يكون فيه ضَرْبان من الضَّأْن و المَعَز. و البَريمُ: الدمع مع الإِثْمِدِ. و بَرِيمُ القوم: لَفِيفُهم. و البَرِيمُ: الجَيْش فيه أَخْلاط من الناس. و البَرِيمان: الجَيْشان عرَب و عَجَم؛ قالت لَيْلى الأَخْيَلِيَّة:
يا أَيها السَّدِمُ المُلَوِّي رأْسَه             لِيَقُود من أَهل الحِجاز بَرِيما

أَرادت جَيْشاً ذا لَوْنَيْن، و كلُّ ذي لَوْنَيْن بَريمٌ. و يُقال: اشْوِ لَنا من بَرِيمَيْها أَي من الكَبِد و السَّنام يُقَدَّان طُولًا و يُلَفَّان بِخَيْط أو غيره، و يقال: سمِّيا بذلك لبَياض السَّنام و سَوادِ الكَبِد.
__________________________________________________
 (1). قوله [قال الكروس بن حصن‏] هكذا في الأَصل، و في شرح القاموس: الكروس بن زيد، و قد استدرك الشارح هذا الاسم على المجد في مادة كرس.

44
لسان العرب12

برم ص 43

و البُرُمُ: القَومُ السيِّئُو الأَخْلاق. و البَرِيمُ العُوذَة. و البَرَم: قِنانٌ من الجبال، واحدتها بَرَمَة. و البُرْمَةُ: قِدْر من حجارة، و الجمع بُرَمٌ و بِرامٌ و بُرْمٌ؛ قال طرَفة:
جاؤوا إِليك بكل أَرْمَلَةٍ             شَعْثاءَ تَحْمِل مِنْقَعَ البُرم‏

و أَنشد ابن بري للنابغة الذبياني:
و البائعات بِشَطَّيْ نخْلةَ البُرَمَا


و
في حديث بَرِيرَةَ: رَأَى بُرْمةً تَفُورُ.
؛ البُرْمة: القِدْرُ مطلقاً، و هي في الأَصل المُتَّخَذَة من الحَجر المعروف بالحجاز و اليَمن. و المُبْرِمُ: الذي يَقْتَلِعُ حِجارةَ البِرامِ من الجبل و يقطَعُها و يُسَوِّيها و يَنْحَتها. يقال: فلان مُبْرِمٌ للَّذي يقْتَطِعُها من جَبَلها و يَصْنعَها. و رجل مُبْرِمٌ: ثَقِيلٌ، منه، كأَنه يَقْتَطِع من جُلَسائه شيئاً، و قيل: الغَثُّ الحديثِ من المُبْرِمِ و هو المُجْتَني ثَمَر الأَراك. أَبو عبيدة: المُبْرِمُ الغَثُّ الحديثِ الذي يحدِّث الناسَ بالأَحاديث التي لا فائدة فيها و لا معنى لها، أُخِذَ من المُبْرِم الذي يَجْني البَرَمَ، و هو ثمر الأَراك لا طَعْم له و لا حَلاوة و لا حُمُوضة و لا معنى له. و قال الأَصمعي: المُبْرِمُ الذي هو كَلٌّ على صاحبه لا نَفْعَ عنده و لا خَيْر، بمنزلة البَرَم الذي لا يدخُل مع القومِ في المَيْسِر و يأْكل معهم من لَحْمِه. و البَيْرَمُ العَتَلَةُ، فارِسيّ معرَّب، و خصَّ بعضهم به عَتَلَة النَّجَّار، و هو بالفارسيَّة بتفخيم الباء. و البَرَمُ: الكُحْل؛ و منه الخبر الذي‏
جاء: من تسمَّع إِلى حديث قومٍ صُبَّ في أُذنه البَرَمُ.
؛ قال ابن الأَعرابي: قلت للمفضَّل ما البَرَمُ؟ قال: الكُحْل المُذاب؛ قال أَبو منصور: و رواه بعضهم صُبَّ في أُذنه البَيْرَمُ، قال ابن الأَعرابي: البَيْرَمُ البِرْطِيلُ، و قال أَبو عبيدة: البَيْرَمُ عَتَلَةُ النَّجار، أو قال: العَتَلة بَيْرَمُ النجار. و
روى ابن عباس قال: قال رسُول الله، صلى الله عليه و سلم: من اسْتَمَع إِلى حديث قومٍ و هم له كارِهُون مَلأَ الله سمعَه من البَيْرَم و الآنُكِ.
بزيادة الياء. و البُرامُ، بالضم: القُرادُ و هو القِرْشام؛ و أَنشد ابن بري لجؤية بن عائذ النَّصْري:
مُقيماً بمَوْماةٍ كأَن بُرَامَها،             إِذا زالَ في آل السَّراب، ظَليمُ‏

و الجمع أَبْرِمَةٌ؛ عن كراع. و بِرْمةُ: موضع؛ قال كثيِّر عَزَّة:
رَجَعْت بها عَنِّي عَشِيَّة بِرْمةٍ،             شَماتةَ أَعْداءٍ شُهودٍ و غُيَّب‏

و أَبْرَمُ: موضع، و قيل نَبْت «2»؛ مثَّل به سيبويه و فسَّره السيرافي. و بَرامٌ و بِرامٌ: موضع؛ قال لبيد:
أَقْوى فَعُرِّيَ واسطٌ فبِرامُ             من أَهْلِه، فَصُوَائِقٌ فَخُزامُ‏

و بُرْمٌ: اسم جبل؛ قال أَبو صخر الهذلي:
و لو أَنَّ ما حُمِّلْتُ حُمِّلَه             شَعَفَاتُ رَضْوَى، أَو ذُرَى بُرْم‏

برجم:
ابن دريد: البَرْجَمةُ غِلَظُ الكلام. و
في حديث الحجاج: أَ مِنْ أَهْل الرَّهْمَسَة و البَرْجَمة أنت؟.
__________________________________________________
 (2). قوله [و أبرم موضع و قيل نبت‏] ضبط في الأَصل و القاموس و التكملة بفتح الهمزة، و في ياقوت بكسرها و صوبه شارح القاموس.

45
لسان العرب12

برجم ص 45

البَرْجَمة، بالفتح: غِلَظ في الكلام. الجوهري: البُرْجُمَة، بالضم، واحدة البَراجِمِ و هي مَفاصِل الأَصابع التي بين الأَشاجِع و الرَّواجِب، و هي رؤوس السُّلامَيَات من ظَهْر الكف إِذا قَبَض القابض كفَّه نَشَزَت و ارتفعت. ابن سيدة: البُرْجُمةُ المَفْصِل الظاهر من المَفَاصِل، و قيل: الباطِن، و قيل: البَراجِمُ مَفاصِل الأَصابع كلها، و قيل: هي ظُهور القَصَب من الأَصابع. و البُرْجُمةُ: الإِصْبَعُ الوُسْطى من كل طائر. و البَراجِم: أَحْياءٌ من بني تميم، من ذلك، و ذلك أَن أَباهُمْ قبَض أَصابعه و قال: كونوا كَبرَاجِم يَدِي هذه أي لا تَفَرَّقُوا، و ذلك أَعزُّ لكم؛ قال أَبو عبيدة: خَمسة من أَولادِ حَنْظلة ابن مالك بن عمرو بن تميم يقال لهم البَراجِم، قال ابن الأَعرابي: البَراجِمُ في بني تميم: عمرو و قَيْس و غالِب و كُلْفَة و ظُلَيْم، و هو بنو حَنْظلة بن زيد مَناة، تَحالَفوا على أَن يكونوا كبَراجِم الأَصابع في الاجتماع. و من أَمثالهم: إِنَّ الشَّقِيَّ راكِبُ البراجِمِ،
و كان عمرو بن هِنْد له أخٌ فقتله نَفَر من تميم فآلى أن يَقْتُل به منهم مائة فقتل تسعةً و تسعين، و كان نازلًا في ديار بني تميم، فأَحْرَق القَتْلى بالنار، فمرَّ رجل من البَراجِم و راحَ رائحةَ حَرِيق القَتْلى فَحسبه قُتَارَ الشِّواء فمال إِليه، فلمَّا رآه عَمْرو قال له: ممَّن أنت؟ فقال: رجل من البَراجِم، فقال حينئذ: إِنَّ الشَّقِيَّ راكبُ البراجِم، و أَمَر فقُتِلَ و أُلْقِيَ في النار فَبرَّت به يَمينه.
و في الصحاح: إِن الشَّقِيَّ وافِدُ البَراجِم، و ذلك أَن عمرو بن هِنْد كان حلف ليُحْرِقَنَّ بأَخيه سعدِ بن المُنْذِر مائة، و ساق الحديث، و سمَّت العرب عمرو بن هِنْد مُحَرِّقاً لذلك. التهذيب: الرَّاجِبَةُ البُقْعة المَلْساء بين البراجِم. قال: و البراجِمُ المُشَنَّجاتُ في مَفاصِل الأَصابع، و في موضع آخر في ظُهور الأَصابع، و الرَّواجِبُ ما بينها، و في كلّ إصبع ثلاث بُرْجمات إلا الإِبهام، و في موضع آخر: و في كل إصبع بُرْجُمَتان. أَبو عبيد: الرَّواجِمُ «1» و البَراجِمُ مَفاصِل الأَصابع كُلِّها. و
في الحديث: من الفِطْرة غَسْلُ البَراجِمِ.
؛ هي العُقَدُ التي تكون في ظُهور الأَصابع يَجْتَمع فيها الوَسَخ.
برسم:
البِرسامُ: المُومُ. و يقال لهذه العِلَّة البِرسامُ، و كأَنه معرَّب، و بر: هو الصدر، و سَام: من أَسماء الموت، و قيل: معناه الابن، و الأَول أَصحُّ لأَن العلَّة إِذا كانت في الرأْس يقال سِرْسام، و سِرْ هو الرأْس، و المُبَلْسَم و المُبَرْسَم واحد. الجوهري: البِرْسامُ علَّة معروفة، و قد بُرْسِمَ الرجل، فهو مُبَرْسَمٌ. قال: و الإِبْرِيسَم معرب و فيه ثلاث لغات، و العرب تخلط فيما ليس من كلامها؛ قال ابن السكيت: هو الإِبريسَم، بكسر الهمزة و الراء و فتح السين، و قال: ليس في كلام العرب «2» إفْعِيلِل مثل إهْليلَج و إبْريسَم، و هو ينصرف، و كذلك إِن سمَّيت به على جهة التَّلْقيب انصرف في المعرفة و النَّكِرة، لأَن العرب أَعْرَبَته في نَكِرَته و أَدْخَلَت عليه الأَلف و اللام و أَجْرته مجْرى ما أَصل بنائهِ لهم، و كذلك الفِرِنْدُ و الدِّيباجُ و الرَّاقُودُ و الشِّهْريز و الآجُرُّ و النَّيْرُوزُ و الزَّنْجَبِيل، و ليس كذلك إسحق و يعقوب و إبراهيم، لأَن العرب ما أَعربتها إلّا في حال‏
__________________________________________________
 (1). قوله [الرواجم‏] هو بالميم في الأَصل، و في التهذيب بالباء، و في المصباح نقلًا عن الكفاية: البراجم رؤوس السلاميات و الرواجم بطونها و ظهورها.
 (2). قوله [ليس في كلام العرب إلخ‏] عبارة الصحاح نقلًا عن ابن السكيت أَيضاً: و ليس في الكلام افعيلل بالكسر و لكن افعيلل مثل إهلِيلَج إلخ، ففي العبارة سقط ظاهر، و تقدم له في هلج مثل ما في الصحاح.

46
لسان العرب12

برسم ص 46

تعْريفها و لم تنطِق بها إلا مَعارف و لم تنقُلْها من تَنْكِير إِلى تَعْريف؛ قال ابن بري: و منهم من يقول أَبْرَيْسَم، بفتح الهمزة و الراء، و منهم من يكسر الهمزة و يفتح الراء؛ قال ذو الرمة:
كأَنَّما اعْتَمَّتْ ذُرَى الأَجْبالِ             بالقَزِّ، و الإِبْرَيْسَمِ الهَلْهالِ‏

برشم:
البَرْشَمةُ: تلوين النُّقَطِ. و بَرْشَم الرجلُ: أَدامَ النظر أَو أَحَدَّه، و هو البِرْشامُ، و البِرْشامُ: حِدَّةُ النظَر. و المُبَرْشِمُ: الحادُّ النظر، و هي البَرْشَمة و البَرْهَمة؛ قال ابن بري: و أَنشد أَبو عبيدة للكميت:
أَ لُقْطَةَ هُدْهُدٍ و جُنُودَ أُنْثى             مُبَرْشِمَةً، أَ لَحْمِي تَأْكلونا؟

و
في حديث حُذيفة: كان الناس يَسأَلون رسولَ الله، صلى الله عليه و سلم، عن الخَيْر و كنت أَسْأَلُه عن الشرِّ فبَرْشَموا له.
أَي حَدَّقوا النظر إِليه. و البَرْشَمة: إدامةُ النَّظر. و رجل بُراشِم: حَديدُ النظرَ. و بَرْشَمَ الرجل إِذا وَجَمَ و أَظهر الحُزْن. و البُرْشُم: البُرقُعُ؛ عن ثعلب؛ و أنشد:
غَداةَ تَجْلُو واضِحاً مُوَشَّما،             عَذْباً لها تُجْري عليه البُرْشُما

و البُرْشومُ: ضرْب من النخل، واحدته بُرْشومةٌ، بالضم لا غير؛ قال ابن دُريد: لا أَدْري ما صحَّته؛ و قال أَبو حنيفة: البُرْشومُ جِنْس من التمر، و قال مرَّة: البُرْشُومةُ و البَرْشُومةُ، بالضم و الفتح، أَبْكَرُ النخْل بالبَصرة. ابن الأَعرابي: البُرْشُومُ من الرُّطَب الشَّقمُ، و رُطَب البُرْشُوم يتقدَّم عند أَهل البصرة على رُطَب الشِّهْريزِ و يُقْطَع عِذْقُه قبله، و الله أعلم.
برصم:
البُرْصُوم: عِفاصُ القارُورةِ و نحوِها في بعض اللغات.
برطم:
البِرْطامُ و البُراطِمُ: الرجل الضَّخْم الشَّفَة. و شَفةٌ بِرْطامٌ: ضخمة، و الاسم البَرْطَمة، و البَرطَمَةُ: عُبوس في انتِفاخ و غَيْظ: قال:
مُبَرْطِمٌ بَرْطَمة الغَضْبانِ،             بِشَفةٍ ليستْ على أَسْنانِ‏

تقول منه: رأَيتُه مُبَرْطماً، و ما أَدْري ما الذي بَرْطَمهُ. و البَرْطَمةُ: الانتفاخُ من الغضَب. و يقال للرجل: قد بَرْطَم بَرْطَمةً إِذا غضِب، و مثله اخْرَنْطَم. و جاء فلان مُبْرَنْطِماً إِذا جاء مُتَغَضِّباً. و بَرْطَم الليلُ إِذا اسودّ. الكسائي: البَرْطَمَةُ و البَرْهَمةُ كهيئة التَّخاوُص. و تَبَرْطَمَ الرجل أي تغضَّب من كلام. و بَرْطَم الرجل إِذا أَدْلى شَفَتَيْه من الغَضب. و
في حديث مجاهد في قوله عز و جل: وَ أَنْتُمْ سامِدُونَ، قال: هي البَرْطَمةُ و هو الانتفاخُ من الغضَب.
و رجل مُبَرْطِمٌ: مُتَكَبِّر، و قيل: مُقَطِّب مُتَغَضِّب، و السامِدُ الرافع رأْسه تكبراً.
برعم:
البُرْعُمُ و البُرْعومُ و البُرْعُمةُ و البُرْعُومةُ، كلُّه: كِمُّ ثَمَر الشجَر و النَّوْر، و قيل: هو زَهْرَةُ الشجرة و نَوْرُ النَّبْتِ قبل أَن يَتَفَتَّح. و بَرْعَمتِ الشجرة، فهي مُبَرْعِمةٌ و تَبَرْعَمتْ: أَخرجت بُرْعُمَتَها؛ و منه قول الشاعر:
الآكِلين صَريحَ مَحْضِهما،             أَكْلَ الحُبارى بُرْعُمَ الرُّطْب‏

47
لسان العرب12

برعم ص 47

و بَراعِيمُ الجبال: شَماريخها، واحداتها بُرْعُومةٌ. و البَراعِيمُ: أَكْمامُ الشجر فيها الثَّمرة، و فسَّر مُؤرّج قول ذي الرمة:
         فيها الدِّهابُ و حَفَّتْها البَراعِيم‏


فقال: هي رِمالٌ فيها داراتٌ تُنْبِت البَقل. و البَراعِيمُ: اسم موضع؛ قال لبيد:
كأَنَّ قُتُودي فوق جَأْبٍ مُطَرَّدٍ،             يُريدُ نَحُوصاً بالبَراعِيمِ حائلا

برهم:
بَرْهَمةُ الشجَر: بُرْعُمَتُهُ، و هو مُجْتَمَعُ ورَقه و ثَمره و نَوْره. و بَرْهَمَ: أَدام النظَر؛ قال العجاج:
بُدَّلْنَ بالنّاصعِ لَوْناً مُسْهَما،             و نَظَراً هَوْنَ الهُوَيْنا بَرْهَما

و يروى:
... دون الهُوَيْنا ...


؛ و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
عَذْب اللِّثى تَجْرى عليه البرْهَما


قال: البَرْهَمُ من قولهم بَرْهَمَ إِذا أَدام النظرَ؛ قال ابن سيدة. و هذا إِذا تأَمَّلْته وجَدْته غير مُقْنِع. الأَصمعي: بَرْهَمَ و بَرْشَم إِذا أَدام النظر. غيرهُ: البَرْهَمةُ إدامةُ النظَر و سكون الطَّرْف. الكسائي: البَرْطَمةُ و البَرْهَمَةُ كهيئة التَّخاوُص. و إبراهيم: اسم أَعجمي و فيه لغات: إبْراهامُ و إبْراهَم و إبْراهِمُ، بحذف الياء؛ و قال عبد المطلب:
عُذْتُ بما عاذَ به إبْراهِمُ             مُسْتَقْبِلَ القِبْلةِ، و هْو قائمُ،
إني لك اللَّهمَّ عانٍ راغِمُ‏


و تصغيرُ إبراهيم أُبَيْرِةٌ، و ذلك لأَن الأَلف من الأَصل لأَن بعدَها أَربعة أَحرف أُصول، و الهمزة لا تُلْحق ببَنات الأَربعة زائدة في أَوَّلها، و ذلك يُوجِب حَذف آخره كما يُحذف من سَفَرْجَل فيقال سُفَيْرج، و كذلك القولُ في إسماعيل و إسرافيل، و هذا قولُ المبرّد، و بعضُهم يتوهَّم أَن الهمزة زائدة إِذا كان الاسم أعْجميّاً فلا يُعْلَم اشتِقاقُه، فيصغِّره على بُرَيْهِيمٍ و سُمَيْعيلٍ و سُرَيْفيلٍ، و هذا قول سيبويه و هو حسن، و الأَوَّل قِياسٌ، و منهم مَن يقول بُرَيْهٌ بطَرْح الهمزة و الميم. و البَراهِمةُ: قوم لا يُجَوِّزُونَ على الله تعالى بِعْثةَ الرسل.
بزم:
البَزْمُ: شدَّةُ العَضّ بالثَّنايا و الرَّباعِيَات، و قيل: هو العَضُّ بمقدَّمِ الفَمِ، و هو أَخف العَضِّ؛ و أَنشد:
و لا أَظُنُّكَ، إِن عَضَّتْكَ بازِمَةٌ             من البَوازِمِ، إلَّا سَوْفَ تَدْعوني‏

بَزَمَ عليه يَبْزِمُ بَزْماً أَي عَضَّ بمقدَّم أَسْنانِه. و المِبْزَمُ: السنُّ لذلك، و أَهل اليَمن يُسمون السِّنَّ البَزَمَ. أَبو زيد: بَزَمْتُ الشي‏ء و هو العَضُّ بالثَّنايا دون الأَنْياب و الرَّباعِيَات، أُخِذ ذلك من بَزْمِ الرامي، و هو أَخْذُه الوَتَر بالإِبْهام و السبَّابة ثم يُرْسِل السَّهْمَ، و الكَدْمُ بالقَوادِم و الأَنْيابِ، و البَزْمُ و المَصْرُ الحَلْب بالسبَّابة و الإِبْهامِ. و بَزَمَ الناقةَ يَبْزِمُها و يَبْزُمُها بَزْماً: حَلَبها بالسبَّابةِ و الإِبْهام فقط. و البَزْمُ: أَن تأْخُذ الوَتَرَ بالسبَّابة و الإِبْهام ثم تُرْسِله. و البَزْمُ: صَريمة الأَمر. و هو ذو مُبازَمة أي ذو صَريمَةٍ للأَمر. و فلان ذو بازِمَةٍ أي ذُو صَرِيمةٍ للأَمْر؛ قال ذو الرمة يَصف فَلاةً أَجْهَضَت الركابُ فيها أَولادَها:
بها مُكَفَّنَةٌ أَكْنافُها قَسَبٌ،             فَكَّتْ خَواتِيمَها عنها الأَبازِيم‏

48
لسان العرب12

بزم ص 48

بها: بهذه الفَلاة أَولادُ إِبلٍ أَجْهَضَتْها فهي مُكَفَّنَة في أَغْراسِها، فَكَّتْ خَواتِيمَ رَحِمِها عنها الأَبازِيم، و هي أَبازيمُ الأَنْساعِ. و البَزْمةُ: وَزْنُ ثلاثين، و الأُوقِيَّة أَربعون، و النَّشُّ وَزْنُ عشرين. و البَزمةُ: الشدّةُ. و البَوازِمُ: الشَّدائدُ، واحدتها بازِمةٌ؛ و أَنشد لعنترة بن الأَخرس:
خَلُّوا مَراعِي العينِ، إِنَّ سَوامَنَا             تَعَوَّدُ طُولَ الحَبْسِ عندَ البَوازِمِ‏

و يقال: بَزَمَتْه بازِمَةٌ من بَوازِمِ الدَّهْر أَي أَصابَتْه شدّة من شدائده. و بَزَمَ بالعِبْ‏ءِ: نَهَضَ و استمرَّ به. و بَزَمَه ثَوْبَه بَزْماً: كَبَزَّه إِيَّاه؛ عن كراع. و البَزِيمُ: الخُوصةُ يشدُّ بها البَقْلُ. الليث: البَزِيمُ و هو الوَزِيمُ حُزْمةٌ من البَقْل؛ و قول الشاعر:
و جاؤوا ثائرِين، فلم يؤُوبوا             بأُبْلُمةٍ تُشَدُّ على بَزِيمِ‏

قال: فيروَى بالباء و الراء، و يقال: هو باقةُ بَقْل، و يقال: هو فَضْلة الزادِ، و يقال: هو الطَّلْع يُشقُّ ليُلْقَحَ ثم يُشَدُّ بِخُوصة؛ قال ابن بري: و يُروى بالواو: تُشَدُّ على وَزِيمِ. و هو يأكل البَزْمَة و الوَزْمَةَ إِذا كان يأْكل وَجْبَةً أَي مرة واحدة في اليوم و الليلة. و البَزِيمُ: ما يَبْقَى من المَرَق في أَسفل القِدْر من غير لَحْم، و قيل: هو الوَزيم. و الإِبْزيمُ و الإِبْزامُ: الذي في رأس المِنْطَقة و ما أَشبهه و هو ذو لِسانٍ يُدْخَل فيه الطَرَف الآخر، و الجمع الأَبازيمُ. و قال ابن شميل: الحَلْقة التي لها لِسان يدخَل في الخَرْق في أَسفل المِحْمَل ثم تعضّ عليها حَلْقَتها، و الحَلْقة جميعاً إبْزيمٌ، و هو الجَوامِع تَجْمع الحَوامِلَ، و هي الأَوازِمُ قد أَزَمْنَ عليه. أَراد بالمِحْمَل حَمائل السيف. و البَزيمُ: خَيْط القِلادة «1»؛ قال الشاعر:
هُمُ ما هُمُ في كل يَومِ كَريهة،             إِذا الكاعِبُ الحَسْناء طاحَ بَزيمُها

و قال جرير في البَعِيث:
تَركناك لا تُوفي بِجارٍ أَجَرْتَهُ،             كأَنَّك ذاتُ الوَدْعِ أَوْدى بَزيمُها

قال ابن بري: الإِبْزيمُ حديدةٌ تكون في طرَف حزام السرْج يَسْرَج بها، قال: و قد تكون في طَرف المِنْطَقة؛ قال مُزاحِم:
تُباري سَديساها، إِذا ما تَلَمَّجَت،             شَباً مِثل إِبْزيمِ السلاح المُوشَّلِ‏

و قال العجاج:
يَدُقُّ إبْزيمَ الحِزام جُشَمُهْ‏


و قال آخر:
لولا الأَبازيمُ، و إنَّ المِنْسَجا             ناهى عنِ الذِّئْبَةِ أَن تَفَرَّجا

و يقال للإِبْزيمِ أَيضاً زِرْفين و زُرْفين، و يقال للقُفْل أَيضاً الإِبْزيم، لأَن الإِبْزِيم هو إِفْعِيل من بزَم إِذا عضَّ، و يقال أَيضاً إِبْزين، بالنون؛ قال أَبو دواد:
__________________________________________________
 (1). قوله [و البزيم خيط القلادة إلخ‏] مثله في الصحاح، و قال في القاموس تبعاً للصاغاني: و قول الجوهري البزيم خيط القلادة تصحيف و صوابه بالراء المكررة في اللغة، و في البيتين الشاهدين، و قال شارحه: و البريم في البيتين ودع منظوم يكون في أحقي الإِماء، ثم قال: و ذات الودع الأَمة لأَن الودع من لباس الإِماء و إنما أراد أَن أمة أمة.

49
لسان العرب12

بزم ص 48

من كُلِّ جَرْداء قد طارتْ عَتِيقَتُها،             و كُلِّ أَجْرَد مُسْتَرْخي الأَبازِينِ‏

و يقال: إِنَّ فلاناً لإِبْزيمٌ أَي بَخِيل.
بسم:
بَسَمَ يَبْسِم بَسْماً و ابْتَسَمَ و تَبَسَّم: و هو أَقلُّ الضَّحِك و أَحَسنُه. و في التنزيل: فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها
؛ قال الزجاج: التَّبَسُّم أكثرُ ضَحِك الأَنبياء، عليهم الصلاة و السلام. و قال الليث: بَسَمَ يَبْسم بَسْماً إِذا فَتَح شَفَتَيه كالمُكاشِر، و امرأَة بَسَّامةٌ و رجل بَسَّامٌ. و
في صفته، صلى الله عليه و سلم: أَنه كان جلُّ ضَحِكهِ التَّبَسُّم.
و ابْتَسَمَ السحابُ عن البَرْق: انْكَلَّ عنه.
بسطم:
الجوهري: بِسْطامُ ليس من أَسماء العرب، و إنما سَمَّى قيسُ بنُ مسعود ابنَه بِسْطاماً باسم ملك من مُلوك فارِس، كما سَمَّوا قابُوس و دَخْتَنُوس، فعرَّبوه بكسر الباء؛ قال ابن بري: إِذا ثبَت أَن بِسْطام اسم رجل مَنْقول من اسم بسْطام الذي هو اسم ملِك من مُلوك فارس فالواجبُ تَرْكُ صَرْفه للعُجْمة و التَّعْريف، قال: و كذلك قال ابن خالويه ينبغي أَن لا يُصْرف.
بشم:
البَشَم: تُخَمَةٌ على الدَّسَمِ، و ربما بَشِمَ الفَصِيلُ من كثرة شُرْب اللبَن حتى يَدْقى سَلْحاً فَيَهلِك. يقال: دَقِيَ إِذا كثُر سَلْحُه. ابن سيدة: البَشَمُ التُّخَمة، و قيل: هو أَن يكثر من الطعام حتى يَكْرُبَه. يقال: بَشِمْت من الطعام، بالكسر؛ و منه قول الحسن: و أنت تَتَجَشَّأُ من الشِّبَع بَشَماً، و أَصله في البهائم، و قد بَشِم و أَبْشَمه الطَّعامُ؛ أَنشد ثعلب للحذلميّ:
و لم يُجَشِّئْ عن طَعام يُبْشِمُهْ‏


قال ابن بري: الرَّجَز لأَبي محمد الفَقْعَسي؛ و قبله:
و لم تَبِتْ حُمَّى به تُوَصِّمُهْ‏


و بعده:
كأنَّ سَفُّودَ حَديدٍ مِعْصَمُه‏


و
في حديث سمُرة بن جُنْدَب: و قيل له إِنَّ ابنَك لم يَنَمِ البارِحةَ بَشَماً، قال: لو مات ما صلَّيْت عليه.
؛ البَشَمُ: التُّخَمة عن الدَّسَم؛ و رجل بَشِمٌ، بالكسر. و بَشِمَ الفَصِيلُ: دَقِيَ من اللبَن فكثر سَلْحُه. و بَشِمْت منه بَشماً أَي سَئمْت. و البَشامُ: شجر طيِّب الريح و الطَّعْم يُستاكُ به. و
في حديث عُبادة: خيرُ مالِ المُسْلِم شاةٌ تأْكلُ من ورَق القَتاد و البَشام.
و
في حديث عَمرو بن دِينار: لا بأسَ بنَزْع السِّواك من البَشامةِ.
و
في حديث عُتْبة بن غَزْوان: ما لنا طَعام إلا ورق البَشام.
؛ قال أَبو حنيفة: البَشام يُدَقُّ ورَقُه و يُخْلَط بالحِنَّاء للتَّسْويد. و قال مرَّة: البَشام شجَر ذو ساقٍ و أَفْنانٍ و ورَقٍ صِغار أكبر من ورق الصَّعْتَر و لا ثَمَر له، و إِذا قُطِعت وَرقَتُه أَو قُصِف غُصْنُه هُريقَ لبَناً أَبيض، واحدته بَشامة؛ قال جرير:
أَ تَذْكُر يومَ تَصْقُل عارِضَيْها             بِفَرعِ بَشامةٍ؛ سُقِيَ البَشامُ‏

يعني أَنها أَشارَتْ بسِواكِها، فكان ذلك وداعَها و لم تتكلَّم خِيفة الرُّقَباء؛ و صدر هذا البيت في التهذيب:
أَ تَذْكُر إِذ تُوَدِّعُنا سُلَيْمَى‏


و بَشامةُ: اسم رجل سمي بذلك.
بصم:
رجلٌ ذو بُصْمٍ: غليظ. و ثوبٌ له بُصْمٌ إِذا كان كَثِيفاً كثير الغَزْل. و البُصْمُ: فَوْتُ ما بين‏

50
لسان العرب12

بصم ص 50

طَرَفِ الخِنْصِر إِلى طرَف البِنْصِر؛ عن أَبي مالك و لم يجئ به غيره. ابن الأَعرابي: يقال ما فارَقْتُك شِبْراً و لا فِتْراً و لا عَتَباً و لا رَتَباً و لا بُصْماً؛ قال: البُصْم ما بين الخِنْصِر و البِنْصِر، و العَتَب و الرَّتَب مذكوران في مواضِعهما، و هو ما بين الوسَط و السَّبابة، و الفتر ما بين السَّبابة و الإِبْهام، و الشِّبْرُ ما بين الإِبهام و الخِنْصِر، و الفوْت ما بين كل أُصْبُعَيْن طُولًا.
بضم:
ما له بُضْمٌ أَي نفْس. و البُضُمُ أَيضاً: نَفْس السُّنبلة حين تخرُج من الحبَّة فَتَعْظُم. و بَضَمَ الحبُّ: اشتدّ قليلًا.
بطم:
البُطْمُ: شجَر الحبَّةِ الخَضْراء، واحدته بُطمةٌ، و يقال بالتشديد، و أهل اليمن يسمُّونها الضَّرْو. و البُطْمُ: الحبَّة الخَضْراء، عند أَهل العالِية. الأَصمعي: البُطُمُ، مثقَّلة، الحبَّة الخَضْراء. و البُطَيْمة: بُقْعة معروفة؛ قال عديّ بن الرِّقاع:
و عُونٍ يُباكِرْنَ البُطَيْمَة مَوْقِعا،             حَزأْنَ فما يَشْرَبْنَ إِلّا النَّقائِعا

بغم:
بُغَامُ الظَّبْيَة: صَوْتُها. بَغَمَتِ الظَّبْيةُ تَبْغَمُ و تَبْغِمُ و تَبْغُمُ بُغاماً و بُغُوماً، و هي بَغُومٌ: صاحتْ إِلى ولَدها بأَرْخَم ما يكون من صوْتها. و بَغَمْتُ الرجلَ إِذا لم تُفْصِح له عن معنى ما تُحَدِّثه به؛ قال ذو الرمة:
لا يَنْعَشُ الطَّرْفَ إِلّا ما تَخَوَّنَهُ،             داعٍ يُنادِيهِ باسْمِ الماء مَبْغُومُ‏

وَضَع مَفْعولًا مكان فاعِل. و المَبْغُومُ: الولد، و أُمُّه تَبْغُمُه أَي تَدْعوه، و البَقَرةُ تَبْغُم، و قوله داعٍ يُناديه حكى صوْت الظَّبْية إِذا صاحت ماءْ ماءْ، و داعٍ هو الصوْتُ، مَبْغُوم يقال بُغام مَبْغُوم كقولك قوْلٌ مَقُول، يقول: لا يَرْفَع طَرْفه إِلّا إِذا سمع بُغام أُمِّه. و بُغامُ الناقة: صَوْتٌ لا تُفْصِح به؛ و منه قول ذِي الخِرَق:
حَسِبْتَ بُغامَ رَاحِلَتي عَناقاً،             و ما هِيَ، وَيْبَ غَيْرِك، بالعَناقِ‏

و باغَمَ فلان المرأةَ مُباغَمةً إِذا غازَلها بكلامه؛ قال الأَخطل:
حَثُّوا المَطِيَّ فَوَلَّوْنا مَناكِبَها،             و في الخُدُورِ، إِذا باغَمْتَها، صُوَرُ «2».

و بَغَمتِ الناقة تَبْغِمُ، بالكسر، بُغاماً: قَطَّعَتِ الحَنِينَ و لم تَمُدَّه و يكون ذلك للبعير؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
بِذِي هِبابٍ دائبٍ بُغامُهُ‏


و قال ذو الرمة:
أُنِيخَتْ، فأَلْقَتْ بَلْدَةً فَوق بَلْدةٍ             قَلِيلٍ بها الأَصْواتُ، إلَّا بُغامُها

و
في الحديث: كانت إِذا وَضَعَت يَدَها على سَنامِ بعيرٍ أَو عَجُزه رفَع بُغامَه.
؛ البُغامُ: صوْت الإِبل. و المُباغَمةُ: المُحادثةُ بصَوْتٍ رَخِيمٍ؛ قال الكميت:
يَتَقَنَّصْنَ لي جآذِرَ كالدّرِّ،             يُباغِمْنَ من وَراء الحِجاب‏

و امرأَة بَغُومٌ: رَخِيمةُ الصَّوْت. و قال بعضهم: ما كان من الخُفِّ خاصة فإنه يقال لصَوْته إِذا بَدا البُغامُ، و ذلك لأَنه يُقَطِّعه و لا يَمُدُّه. و بَغَم‏
__________________________________________________
 (2). و في رواية أخرى: الصور بدل صور.

51
لسان العرب12

بغم ص 51

الثَّيْتَلُ و الأَيِّل يَبْغَم: صوَّت، و ربما اسْتُعْمِل البُغامُ في البَقَرَة؛ قال لبيد يصف بقرةَ وَحْشٍ:
خَنْساء ضَيَّعَتِ الفَرِيرَ، فلم يَرِمْ             عُرْضَ الشَّقائقِ طَرْفُها و بُغامُها «1».

و تَبَغَّم في ذلك كله: كَبَغَم؛ قال كثيِّر عزَّة:
إِذا رُحِلَتْ منها قَلُوصٌ تَبَغَّمَتْ،             تَبَغُّمَ أُمِّ الخِشْفِ تَبْغِي غَزالَها

و بَغَمَ بَغْماً: كَنَغَمَ نَغْماً؛ عن كراع؛ قال ابن دُريد: و أَحسَبُهُم قد سَمَّوْا بَغُوماً.
بغثم:
بَغْثَمٌ: اسمٌ.
بقم:
البُقامةُ: الصُّوفةُ يُغْزَل لُبُّها و يَبْقَى سائرُها، و بُقامةُ النَّادِف: ما سقَط من الصُّوفِ لا يقْدر على غَزْلِه، و قيل: البُقامةُ ما يُطَيِّره النجَّادُ؛ و قوله أَنشده ثعلب:
إِذا اغْتَزَلَتْ من بُقام الفَرِيرِ،             فَيا حُسْنَ شَمْلَتها شَمْلَتا
و يا طِيبَ أَرْواحِها بالضُّحَى             إِذا الشَّمْلَتان لهَا ابتُلَّتَا

قال ابن سيدة: يجوز أَن يكون البُقامُ هنا جمع بُقامَة، و أَن يكون لغة في البُقامةِ، قال: و لا أَعرفها، و أَن يكون حذف الهاء للضرورة؛ و قوله شَمْلَتا كأَنَّ هذا يقول في الوَقْف شَمْلَت ثم أَجْراها في الوَصْل مُجْراها في الوَقْف. و ما كان فُلان إلَّا بُقامَةً من قِلَّة عَقْلِه و ضعفه شُبِّه بالبُقامة من الصُّوف. و قال اللحياني: يقال للرجل الضعيف: ما أَنت إلا بُقامةٌ، قال فلا أَدري أَ عَنَى الضعيفَ في عَقْله أَمِ الضعِيفَ في جسمه. التهذيب: روى سلمة عن الفراء البُقامةُ ما تَطاير من قَوْس الندَّاف من الصُّوف. و البَقَّمُ: شَجر يُصْبغ به، دَخِيل معرَّب؛ قال الأَعشى:
بكأسٍ و إبْرِيقٍ كأَنَّ شَرابَها،             إِذا صُبَّ في المِسْحاة، خالَطَ بَقَّمَا

الجوهري: البَقَّمُ صِبْغ معروف و هو العَنْدَمُ؛ قال العجاج:
بِطَعْنَةٍ نَجْلاءَ فيها أَلَمُهْ،             يَجِيشُ ما بين تَراقِيه دَمُهْ،
كمِرْجَل الصَّبَّاغ جاش بَقَّمُهْ «2».


قال الجوهري: قلتُ لأَبي عليٍّ الفَسَوِيّ أَ عربيّ هو؟ فقال: معرَّب، قال: و ليس في كلامهم اسم على فَعَّل إلَّا خمسة: خَضَّم بن عَمرو بن تميم و بالفعل سمِّي، و بَقَّم لهذا الصِّبْغ، و شَلَّم موضع الشام، و قيل هو بَيْت المَقْدِس و هُما أَعجميان، و بَذَّر اسم ماء من مياه العرَب، و عَثَّر موضع؛ قال: و يحتمل أَن يكونا سمِّيا بالفعْل، فثَبَت أَن فَعَّل ليس في أُصول أَسمائهم و إنما يختصُّ بالفِعْل فإذا سمَّيْت به رجلًا لم يَنصرف في المَعْرفة للتعريف و وزن الفِعْل، و انْصَرَف في النَّكِرة؛ و قال غيره: إِنما عَلِمْنا من بَقَّم أَنه دَخِيل معرَّب لأَنه ليس للعرب بناء على حُكْم فَعَّل، قال: فلو كانت بَقَّم عربيَّة لوُجِدَ لها نظير إلا ما يقال بَذَّر و خَضَّم، هم بَنو العَنْبر من عَمرو بن تميم، و حكي عن الفراء: كل فَعَّل لا
__________________________________________________
 (1). قوله‏
[... طرفها و بغامها]

في المحكم:
... أطوفها و بغامها.

و في المعلقة:
... طَوفها و بغامها.

 (2). قوله [بطعنة إلخ‏] مثله في الصحاح، و قال الصاغاني: الرواية من بين تراقيه، و سقط بين قوله دمه و قوله كمرجل مشطور و هو: تغلي إِذا جاوبها تكلمه.

52
لسان العرب12

بقم ص 52

يَنصرف إلا أَن يكون مؤنثاً «1»؛ قال ابن بري: و ذكر أَبو منصور بن الجَوالِيقِي في المعرَّب: تَوَّج موضع، و كذلك خَوَّد؛ قال جرير:
أَعْطوا البَعِيثَ جَفَّةً و مِنْسَجا،             و افْتَحَلُوه بَقَراً بِتَوَّجَا

و قال ذو الرمة:
و أَعْيُن العِينِ بأَعْلى خَوَّدَا


و شمَّر: اسم فرس؛ قال:
و جَدِّيَ يا حَجَّاجُ فارِسُ شَمَّرَا


و البُقْمُ: قَبيلةٌ.
بكم:
البَكَمُ: الخرَسُ مع عِيّ و بَلَهٍ، و قيل: هو الخرَس ما كان، و قال ثعلب: البَكَمُ أَنْ يُولَدَ الإِنسانُ لا يَنْطِق و لا يَسْمَع و لا يُبْصِر، بَكِمَ بَكَماً و بَكامةً، و هو أَبْكَمُ و بَكِيمٌ أَي أَخْرَس بَيِّن الخَرَس. و قوله تعالى: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ*
؛ قال أَبو إِسحاق: قيل معناه أَنهم بمنزلة من وُلد أَخْرَس، قال: و قيل البُكْمُ هنا المَسْلُوبُو الأَفئدة. قال الأَزهري: بَيْن الأَخْرسِ و الأَبْكَمِ فَرقٌ في كلام العرَب: فالأَخْرسُ الذي خُلِقَ و لا نُطْقَ له كالبَهيمة العَجْماء، و الأَبْكَم الذي للسانه نُطْقٌ و هو لا يعْقِل الجوابَ و لا يُحْسِن وَجْه الكلام. و
في حديث الإِيمان: الصُّمّ البُكْمُ.
؛ قال ابن الأَثير: البُكُم جمع الأَبْكَم و هو الذي خُلِقَ أَخْرَس، و أَراد بهم الرَّعاعَ و الجُهَّالَ لأَنهم لا ينتفعون بالسَّمْع و لا بالنُّطْق كبيرَ منْفعةٍ فكأَنهم قد سُلِبُوهُما؛ و منه‏
الحديث: سَتكونُ فِتنةٌ صَمَّاءُ بَكْماءُ عَمْياءُ.
؛ أَراد أَنها لا تَسْمَع و لا تُبْصِر و لا تَنْطِق فهي لذهاب حَواسِّها لا تُدْرِك شيئاً و لا تُقلِع و لا تَرْتَفِع، و قيل: شَبَّههَا لاخْتِلاطِها و قَتْل البري‏ء فيها و السَّقِيم بالأَصَمّ الأَخْرس الأَعمى الذي لا يَهْتَدِي إِلى شي‏ء، فهو يَخْبِطُ خَبْطَ عَشْواء. التهذيب في قوله تعالى في صِفَة الكُفَّار: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ*
؛ و كانوا يَسْمَعون و يَنْطِقُون و يُبْصرون و لكنهم لا يعُون ما أَنزل الله و لا يتكلَّمون بما أُمروا به، فهم بمنزِلة الصُّمِّ البُكْمِ العُمْي. و البَكِيمُ: الأَبْكَمُ، و الجمع أَبْكامٌ؛ و أَنشد الجوهري:
فَلَيْتَ لِساني كانَ نِصْفَيْنِ: منهما             بَكِيمٌ و نِصفٌ عند مَجْرَى الكَواكِب‏

و بَكُمَ: انقَطع عن الكلام جَهْلًا أَو تَعَمُّداً. الليث: و يقال للرجل إِذا امتنَع من الكلام جَهْلًا أو تَعمُّداً: بَكُمَ عن الكلام. أَبو زيد في النوادر: رجلٌ أَبْكَم و هو العَييُّ المُفْحَم، و قال في موضع آخر: الأَبْكَم الأَقْطَع اللسان، و هو العَييُّ بالجَواب الذي لا يُحسِن وجه الكلام. ابن الأَعرابي: الأَبْكَمُ الذي لا يَعْقِل الجَواب، و جمع الأَبْكَم بُكْمٌ و بُكْمان، و جمع الأَصَمِّ صُمٌّ و صُمَّانٌ.
بلم:
البَلَمةُ: بَرَمةُ العِضاه؛ عن أَبي حنيفة. و البَيلَمُ: القُطْنُ، و قيل: قُطْن القَصَب، و قيل: الذي في جَوْف القَصَبة، و قيل: قُطْن البَرْدِيِّ، و قيل: جَوْزُ القُطْن. و سيف بَيْلَمِيٌّ: أَبْيضُ. و الإِبْلِمُ و الأَبْلَمُ و الأُبْلُمُ و الإِبْلِمَةُ و الأُبْلُمة، كل ذلك: الخُوصةُ. يقال: المالُ بيننا و الأَمْرُ بيننا شِقّ الإِبْلِمَة، و بعضهم يقول: شِقَّ الأُبْلُمة، و هي الخُوصة، و ذلك لأَنها تؤخذ فتُشَقُّ طُولًا على‏
__________________________________________________
 (1). قوله [لا ينصرف إلا أَن يكون مؤنثاً] هكذا في الأَصل و التهذيب.

53
لسان العرب12

بلم ص 53

السَّواء. و
في حديث السقِيفَة: الأَمْرُ بيننا و بينكم كقَدِّ الأُبْلُمة.
؛ الأُبْلُمة، بضم الهمزة و اللام و فتحهما و كسرهما، أَي خُوصة المُقْلِ، و همزتها زائدة، يقول: نحن و إِيَّاكم في الحُكْم سواء لا فَضْل لأَميرٍ على مأمور كالخُوصة إِذا شُقَّتْ باثْنَتَيْن مُتَساوِيتين. الجوهري: الأَبْلَم خُوصُ المُقْل، و فيه ثلاثُ لُغات: أَبْلَم و أُبْلُم و إبْلِم، و الواحدة بالهاء. و نَخْلٌ مُبَلَّم: حوله الأَبْلَمِ؛ قال:
خَوْد تُرِيكَ الجَسَدَ المُنَعَّما،             كما رأَيتَ الكَثَرَ المُبَلَّمَا

قال أَبو زياد: الأَبْلَم، بالفَتح، بَقْلة تخْرج لها قُرُونٌ كالباقِلّى و ليس لها أَرُومةٌ، و لها وُرَيْقة مُنْتَشِرة الأَطْراف كأَنها ورَق الجَزَر؛ حكى ذلك أَبو حنيفة. و البَلَمُ و البَلَمَةُ: داءٌ يأخذ الناقة في رَحِمِها فتَضيق لذلك، و أَبْلَمتْ: أَخذها ذلك. و البَلَمةُ: الضَّبَعةُ، و قيل: هي ورَمُ الحَياء من شدة الضَّبَعة. الأَصمعي: إِذا وَرِمَ حياءُ الناقة من الضَّبَعةِ قيل: قد أَبْلَمتْ، و يقال بها بَلَمَةٌ شديدة. و المُبْلِمُ و المِبْلامُ: الناقة التي لا تَرْغُو من شِدَّة الضَّبَعَةِ، و خصَّ ثعلب به البَكْرة من الإِبل؛ قال أَبو الهَيثم: إنما تُبْلِمُ البَكْرات خاصَّة دون غيرها؛ قال نصير: البَكْرة التي لم يَضْرِبْها الفحل قطُّ فإِنها إِذا ضَبِعَتْ أَبْلَمَتْ فيقال هي مُبْلِمٌ، بغير هاء، و ذلك أَن يَرِمَ حَياؤُها عند ذلك، و لا تُبْلِمُ إلَّا بَكْرة، قال أَبو منصور: و كذلك قال أَبو زيد: المُبْلِمُ البَكْرةُ التي لم تُنْتَج قطُّ و لم يَضْرِبها فَحلٌ، فذلك الإِبْلامُ، و إِذا ضربها الفحلُ ثم نَتَجُوها فإِنها تَضْبَع و لا تُبْلِمُ. الجوهري: أَبْلَمت الناقة إِذا وَرِمَ حَياؤها من شدَّة الضَّبَعَةِ، و قيل: لا تُبْلِم إلَّا البَكْرة ما لم تُنْتَج. و أَبْلَمَت شَفَته: وَرِمَتْ، و الاسمُ البَلَمَةُ. و رجل أَبْلَم أَي غَليظُ الشفتَين، و كذلك بعير أَبْلَم و أَبلَم الرجل إِذا وَرِمَتْ شَفَتاه. و رأَيت شَفَتيه مُبْلَمَتَيْن إِذا وَرِمتَا. و التَّبْلِيمُ: التقْبيحُ. يقال: لا تُبَلِّم عليه أَمرَه أَي لا تُقَبِّح أَمْره، مأخوذ من أَبْلَمتِ الناقة إِذا وَرِم حَياؤها من الضَّبَعةِ. ابن بري: قال أَبو عمرو يقال ما سمِعْت له أَبْلَمةً أَي حركة؛ و أَنشد:
فما سمعْت، بعدَ تلك النَّأمهْ،             منها و لا مِنْه هناك أَبْلَمَهْ‏

و
في حديث الدجال: رأَيته بَيْلَمانِيّاً أَقْمَر هِجاناً.
أَي ضخمٌ مُنتَفِخ، و يروى بالفاء. و البَلْماءُ: ليلةُ البَدْر لعِظَم القَمر فيها لأَنه يكون تامّاً. التهذيب: أَبو الهذيل الإِبْلِيمُ العَنْبر؛ و أَنشد:
و حُرَّةٍ غير مِتْفالٍ لَهَوْتُ بها،             لو كان يَخْلُد ذو نُعْمى لِتَنْعيمِ‏
كأَنَّ، فوقَ حَشاياها و مِحْبَسِها،             صَوائرَ المسْك مَكْبُولًا بإِبْلِيمِ‏

أَي بالعَنْبر؛ قال الأَزهري و قال غيره: الإِبْلِيمُ العسَل، قال: و لا أَحفَظُه لإِمامٍ ثقةٍ، و بَيْلَمُ النجَّارِ: لغَة في البَيْرَم.
بلتم:
قال في ترجمة بلدم: البَلَنْدَم و البَلْدَم و البِلْدامة الثَّقِيل المَنْظَر البليدُ، و البَلْتَم لغة في ذلك أَرى.
بلدم:
بَلْدَمُ الفَرس: ما اضْطَرب من حُلْقومه، قال الجوهري و قال الأَصمعي في كتاب الفَرَس: ما

54
لسان العرب12

بلدم ص 54

اضطرب من حُلْقومه و مَريئه و جِرانِه، قال: و قَرَأْته على أَبي سعيد بذال معجمة. البَلْدَمُ: مقدَّم الصَّدْرِ، و قيل: الحُلْقوم و ما اتَّصل به من المَري‏ء، و قيل: هي بالذال، قال ابن بري: و منه قول الراجز:
ما زالَ ذِئْب الرَّقْمَتَيْنِ كلَّما             دارَتْ بِوَجهٍ دارَ مَعْها أَيْنَما،
             حتى اخْتَلى بالنابِ منها البَلْذَما


قال ابن خالويه: بَلْدَمُ الفرس صدْرُه، بالدال و الذال معاً. و بَلْدَمَ الرجلُ بَلْدَمةً إِذا فَرِق فسكَتَ، بدال غير معجمة. و البَلَنْدَم و البَلْدَمُ و البِلْدامةُ: الرجلُ الثقيل في المنظَر البليد في المَخْبَر المضطرب الخلْق، و أَنشد الجوهري:
ما أَنتَ إِلَّا أَعْفَكٌ بَلَنْدَمُ،             هِرْدَبَّةٌ هَوْهاءَةٌ مُزَرْدَمُ‏

قال أَبو منصور: و هذان الحَرْفان أَعني هذا و البَلْدَم: مقدَّم الصدر عند الأَئمة الثِّقات، بالذال المعجمة، و منهم من يَجْعل الدالَ و الذالَ في البَلْدَم لُغَتين. و سيف بَلْدَم: لا يقطع.
بلذم:
البَلْذَمُ: ما اضطرب من المَري‏ء، و كذلك هو من الفَرسِ، و قيل: هو الحُلْقوم. و البَلْذَمُ: البليدُ؛ عن ثعلب، و قد تقدم في ترجمة بلدم، بالدال. ابن شميل: البَلْذَمُ المَري‏ءُ و الحُلْقوم، و الأَوْداجُ يقال لها بَلْذَم. قال: و البَلْذَمُ من الفرس ما اضطرب من حُلْقومه و مَريئه و جِرانه، قرئ على أَبي سعيد بذال معجمة، قال: و المري‏ء مَجْرى الطعام و الشراب، و الجِرانُ الجلْد الذي في باطن الحَلْق متَّصل بالعُنُق، و الحْلْقوم مَخْرَج النفَس و الصوْت. و قال ابن خالويه: بَلْذَم الفرس صدْره، بالدال و الذال معاً.
بلسم:
بَلْسَمَ: سكت عن فَزَع، و قيل: سكت فقط من غير أَن يقَيَّد بفَرَقٍ؛ عن ثعلب. الأَصمعي: طَرْسَم الرجل طَرْسَمةً و بَلْسَمَ بَلْسَمَة إِذا أَطرق و سكَت و فَرِق. و البِلْسامُ: البِرْسامُ؛ قال العجاج يصف شاعراً أَفْحَمَه:
فلم يَزَلْ بالقَوْم و التَّهَكُّمِ «2». حتى التَقَيْنا، و هو مثل المُفْحَمِ،             و اصْفَرَّ حتى آضَ كالمُبَلْسَمِ‏

قال: المُبَلْسَمُ و المُبَرْسَم واحد. قال ابن بري: البِلْسامُ البِرْسامُ و هو المُومُ؛ قال رؤبة:
كأَنَّ بِلْساماً به أَو مُوما


و قد بُلْسِمَ و بَلْسَمَ: كَرَّهَ وجهَه.
بلصم:
بَلْصَم الرجلُ و غيره بَلْصَمةً: فَرَّ.
بلطم:
بَلْطَمَ الرجلُ: سكَت.
بلعم:
البُلْعُم و البُلْعومُ: مَجْرى الطعام في الحَلْق و هو المَري‏ءُ. و
في حديث عليّ: لا يَذهَب أَمرُ هذه الأُمَّة إلا على رجل واسِع السُّرْمِ ضَخْم البُلْعُوم.
؛ يُريدُ على رجل شديد عَسُوف أَو مُسْرِف في الأَمْوال و الدِّماء، فوصفه بسَعة المَدْخَل و المَخْرَج؛ و منه‏
حديث أَبي هريرة: حَفِظْت من رسول الله، صلى الله عليه و سلم، ما لو بَثَثْتُه فيكم لقُطِع هذا البُلْعُوم.
و بَلْعَم اللُّقْمة: أَكلها. و البُلْعومُ: البياض الذي في جَحْفَلة الحِمار في طرَف‏
__________________________________________________
 (2). قوله [فلم يزل بالقوم‏] هكذا في الأَصل بالميم.

55
لسان العرب12

بلعم ص 55

الفم؛ و أَنشد:
بِيض البَلاعِيم أَمثال الخَواتِيم‏


و قال أَبو حنيفة: البُلْعوم مَسِيل يكون في القُفِّ داخل في الأَرض. و البَلْعَمة: الإِبْتِلاعُ. و البَلْعَمُ: الرجل الكثير الأَكل الشديد البَلْع للطعام، و الميم زائدة. و بَلْعَم: اسمُ رجلٍ؛ حكاه ابن دُريد، قال: و لا أَحسبه عربيّاً.
بلغم:
البَلْغَم: خِلْطٌ من أَخلاط الجسَد، و هو أَحد الطّبائع الأَرْبَع.
بمم:
البَمُّ من العُود: معروف أَعجمي. الجوهري: البَمُّ الوَتَر الغليظ من أَوتار المَزاهِر. التهذيب: بَمُّ العُودِ الذي يُضْرَب به هو أَحدُ أَوتارِه، و ليس بعربي. ابن سيدة: و بَمُّ، غير مصروف، أَرض من كِرْمان. و في الحديث: مدينة بكِرْمان، و قيل: موضع؛ قال الطرماح:
ألا أَيها الليل الذي طالَ أَصْبِحِ             بِبَمَّ، و ما الإِصْباح فيك بأَرْوَحِ‏

و أَورد الأَزهري للطِّرِمَّاح:
أَ لَيْلَتَنا في بَمِّ كِرْمانَ أَصْبِحِي‏


بنم:
البَنامُ: لغة في البنَانِ؛ قال عُمر بن أَبي رَبيعة:
فقالتْ و عَضَّتْ بالبنَام: فَضَحْتَني «1».


بهم:
البَهِيمةُ: كلُّ ذاتِ أَربَعِ قَوائم من دَوابّ البرِّ و الماء، و الجمع بَهائم. و البَهْمةُ: الصغيرُ من أَولاد الغَنَم الضأْن و المَعَز و البَقَر من الوحش و غيرها، الذكَرُ و الأُنْثى في ذلك سواء، و قل: هو بَهْمةٌ إِذا شبَّ، و الجمع بَهْمٌ و بَهَمٌ و بِهامٌ، و بِهاماتٌ جمع الجمعِ. و قال ثعلب في نَوادِره: البَهْمُ صِغارُ المعَز؛ و به فسِّر قول الشاعر:
عَداني أَنْ أَزُورَك أَنَّ بَهْمي             عَجايا كلُّها إلا قليلا

أَبو عبيد: يقال لأَوْلاد الغنَم ساعة تَضَعها من الضأْن و المَعَز جميعاً، ذكراً كان أَو أُنثى، سَخْلة، و جمعها سِخال، ثم هي البَهْمَة الذكَرُ و الأُنْثى. ابن السكيت: يقال هُم يُبَهِّمون البَهْمَ إِذا حَرَمُوه عن أُمَّهاتِه فَرَعَوْه وحدَه، و إِذا اجتَمَعَت البِهامُ و السِّخالُ قلت لها جميعاً بِهامٌ، قال: و بَهِيمٌ هي الإِبْهامُ للإِصْبَع. قال: و لا يقال البِهامُ، و الأَبْهم كالأَعْجم. و اسْتُبْهِم عليه: اسْتُعْجِم فلم يَقْدِرْ على الكلام. و قال نفطويه: البَهْمةُ مُسْتَبْهِمَةٌ عن الكلام أَي مُنْغَلِق ذلك عنها. و قال الزجاج في قوله عز و جل: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ‏
؛ و إنما قيل لها بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ‏
 لأَنَّ كلَّ حَيّ لا يميِّز، فهو بَهِيمة لأَنه أُبْهِم عن أَن يميِّز. و يقال: أُبْهِم عن الكلام. و طريقٌ مُبْهَمٌ إِذا كان خَفِيّا لا يَسْتَبين. و يقال: ضرَبه فوقع مُبْهَماً أَي مَغْشيّاً عليه لا يَنْطِق و لا يميِّز. و وقع في بُهْمةٍ لا يتَّجه لها أَي خُطَّة شديدة. و استَبْهَم عليهم الأَمرُ: لم يدْرُوا كيف يأْتون له. و اسْتَبْهَم عليه الأَمر أَي استَغْلَق، و تَبَهَّم أَيضاً إِذا أُرْتِجَ عليه؛ و روى ثعلب أَن ابن الأَعرابي أَنشده:
أَعْيَيْتَني كلَّ العَياءِ،             فلا أَغَرَّ و لا بَهِيم‏

قال: يُضْرَب مثلًا للأَمر إِذا أَشكل لم تَتَّضِحْ جِهَته‏
__________________________________________________
 (1). في ديوان عمر:
... و عضت بالبنان ...

بدل البنام.

56
لسان العرب12

بهم ص 56

و استقامَتُه و معرِفته؛ و أَنشد في مثله:
تَفَرَّقَتِ المَخاضُ على يسارٍ،             فما يَدْرِي أَ يُخْثِرُ أَم يُذِيبُ‏

و أَمرٌ مُبْهَم: لا مَأْتَى له. و اسْتَبْهَم الأَمْرُ إِذا اسْتَغْلَق، فهو مُسْتَبْهِم. و
في حديث عليّ: كان إِذا نَزَل به إحْدى المُبْهَمات كَشَفَها.
؛ يُريدُ مسألةً مُعضِلةً مُشْكِلة شاقَّة، سمِّيت مُبْهَمة لأَنها أُبْهِمت عن البيان فلم يُجْعل عليها دليل، و منه قيل لِما لا يَنْطِق بَهِيمة. و
في حديث قُسّ: تَجْلُو دُجُنَّاتِ «1». الدَّياجي و البُهَم.
؛ البُهَم: جمع بُهْمَة، بالضم، و هي مُشكلات الأُمور. و كلام مُبْهَم: لا يعرَف له وَجْه يؤتى منه، مأخوذ من قولهم حائط مُبْهَم إِذا لم يكن فيه بابٌ. ابن السكيت: أَبْهَمَ عليّ الأَمْرَ إِذا لم يَجعل له وجهاً أَعرِفُه. و إبْهامُ الأَمر: أَن يَشْتَبه فلا يعرَف وجهُه، و قد أَبْهَمه. و حائط مُبْهَم: لا باب فيه. و بابٌ مُبْهَم: مُغلَق لا يُهْتَدى لفتحِه إِذا أُغْلِق. و أبْهَمْت البابَ: أَغلَقْته و سَدَدْته. و ليلٌ بَهيم: لا ضَوء فيه إِلى الصَّباح. و
روي عن عبد الله بن مسعود في قوله عز و جل: إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ، قال: في تَوابيت من حديدٍ مُبْهَمةٍ عليهم.
؛ قال ابن الأَنباري: المُبْهَمة التي لا أَقْفالَ عليها. يقال: أَمرٌ مُبْهَم إِذا كان مُلْتَبِساً لا يُعْرَف معناه و لا بابه. غيره: البَهْمُ جمع بَهْمَةٍ و هي أَولادُ الضأْن. و البَهْمة: اسم للمذكّر و المؤنث، و السِّخالُ أَولادُ المَعْزَى، فإذا اجتمع البهامُ و السِّخالُ قلت لهما جميعاً بِهامٌ و بَهْمٌ أَيضاً؛ و أَنشد الأَصمعي:
لو أَنَّني كنتُ، من عادٍ و مِن إِرَمٍ،             غَذِيَّ بَهْمٍ و لُقْماناً و ذا جَدَنِ‏

لأَنَّ الغَذِيَّ السَّخلة؛ قال ابن بري: قول الجوهري لأَن الغَذِيَّ السَّخْلة وَهَم، قال: و إِنما غَذِيُّ بَهْمٍ أَحدُ أَمْلاك حِمْير كان يُغَذّى بلُحوم البَهْم، قال و عليه قول سلمى بن ربيعة الضبّيّ:
أَهلَك طَسْماً، و بَعْدَهم             غَذِيَّ بَهْمٍ و ذا جَدَنِ‏

قال: و يدل على ذلك أَنه عطف لُقْماناً على غَذِيَّ بَهْمٍ، و كذلك في بيت سلمى الضبيّ، قال: و البيت الذي أَنشده الأَصمعي لأَفْنون التغلبي؛ و بعده:
لَمَا وَفَوْا بأَخِيهم من مُهَوّلةٍ             أَخا السُّكون، و لا جاروا عن السَّنَنِ‏

و قد جَعل لَبيد أَولادَ البقر بِهاماً بقوله:
و العِينُ ساكنةٌ على أَطلائِها             عُوذاً، تأَجَّل بالفَضاء بِهامُها

و يقال: هُم يُبَهِّمُون البَهْمَ تَبْهِيماً إِذا أَفرَدُوه عن أُمَّهاته فَرَعَوْه وحْدَه. الأَخفش: البُهْمَى لا تُصْرَف. و كلُّ ذي أَربع من دوابِّ البحر و البرّ يسمَّى بَهِيمة. و
في حديث الإِيمان و القَدَر: و ترى الحُفاةَ العُراة رِعاءَ الإِبل و البَهْم يَتطاوَلون في البُنْيان.
؛ قال الخطابي: أَراد بِرِعاءِ الإِبِل و البَهْم الأَعْرابَ و أَصحابَ البَوادي الذين يَنْتَجِعون مواقعَ الغَيْث و لا تَسْتَقِرُّ بهم الدار، يعني أَن البلاد تفتَح‏
__________________________________________________
 (1). قوله [تجلو دجنات‏] هكذا في الأَصل و النهاية بالتاء، و في مادة دجن من النهاية: يجلو دجنات بالياء.

57
لسان العرب12

بهم ص 56

فيسكنونها و يَتطاوَلون في البُنْيان، و جاء
في رواية: رُعاة الإِبل البُهُم،.
بضم الباء و الهاء، على نعت الرُّعاة و هم السُّودُ؛ قال الخطابي: البُهُم، بالضم، جمع البَهِيم و هو المجهول الذي لا يُعْرَف. و
في حديث الصلاة: أَنَّ بَهْمَةً مرّت بين يديه و هو يصلِّي.
و
الحديث الآخر: أَنه قال للراعي ما ولَّدت؟ قال: بَهْمة، قال: اذْبَحْ مكانَها شاةً.
؛ قال ابن الأَثير: فهذا يدل على أَن البَهْمة اسم للأُنثى لأَنه إنما سأله ليعلَم أ ذَكَراً ولَّد أَمْ أُنْثى، و إلَّا فقد كان يَعْلم أَنه إنما ولَّد أَحدَهما. و المُبْهَم و الأَبْهَمُ: المُصْمَت؛ قال:
فَهَزَمتْ ظَهْر السِّلامِ الأَبْهَم‏


أَي الذي لا صَدْع فيه؛ و أَما قوله:
لكافرٍ تاهَ ضَلالًا أَبْهَمُه‏


فقيل في تفسيره: أَبْهَمُه قلبُه، قال: و أَراه أَراد أَنَّ قلب الكافر مُصْمَت لا يَتَخَلَّله وعْظ و لا إنْذار. و البُهْمةُ، بالضم الشجاع، و قيل: هو الفارس الذي لا يُدْرَى من أَين يُؤتى له من شدَّة بأْسِه، و الجمع بُهَم؛ و في التهذيب: لا يَدْرِي مُقاتِله من أَين يَدخل عليه، و قيل: هم جماعة الفُرْسان، و يقال للجيش بُهْمةٌ، و منه قولهم فلان فارِس بُهْمةٍ و ليثُ غابةٍ؛ قال مُتَمِّم بن نُوَيْرة:
و للِشرْب فابْكِي مالِكاً، و لِبُهْمةٍ             شديدٍ نَواحِيها على مَن تَشَجَّعا

و هُم الكُماة، قيل لهم بُهْمةٌ لأَنه لا يُهْتَدى لِقِتالهم؛ و قال غيره: البُهْمةُ السوادُ أَيضاً، و في نوادر الأَعراب: رجل بُهْمَةٌ إِذا كان لا يُثْنَى عن شي‏ء أَراده؛ قال ابن جني: البُهْمةُ في الأَصل مصدر وُصف به، يدل على ذلك قولهم: هو فارسُ بُهْمةٍ كما قال تعالى: وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ، فجاء على الأَصل ثم وصف به فقيل رجل عَدْل، و لا فِعْل له، و لا يُوصف النساءُ بالبُهْمةِ. و البَهِيمُ: ما كان لَوناً واحداً لا يُخالِطه غيره سَواداً كان أَو بياضاً، و يقال للَّيالي الثلاث التي لا يَطْلُع فيها القمر بُهَمٌ، و هي جمع بُهْمةٍ. و المُبْهَم من المُحرَّمات: ما لا يحلُّ بوجْهٍ و لا سبب كتحريم الأُمِّ و الأُخْت و ما أَشبَهه. و
سئل ابن عباس عن قوله عز و جل: وَ حَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ، و لم يُبَيّن أَ دَخَل بها الإِبنُ أَمْ لا، فقال ابن عباس: أَبْهِموا ما أَبْهَمَ الله.
؛ قال الأَزهري: رأَيت كثيراً من أَهل العلم يذهَبون بهذا إِلى إِبهام الأَمر و استِبهامِه، و هو إشْكالُه و هو غلَطٌ. قال: و كثير من ذَوي المعرفة لا يميِّزون بين المُبْهَم و غير المُبْهَم تمييزاً مُقْنِعاً، قال: و أَنا أُبيّنه بعَوْن الله عز و جل، فقوله عز و جل: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ أَخَواتُكُمْ وَ عَمَّاتُكُمْ وَ خالاتُكُمْ وَ بَناتُ الْأَخِ وَ بَناتُ الْأُخْتِ، هذا كله يُسمَّى التحريمَ المُبْهَم لأَنه لا يحلُّ بوجه من الوجوه و لا سبب من الأَسباب، كالبَهِيم من أَلوان الخيل الذي لا شِيَةَ فيه تُخالِف مُعْظم لونِه،
قال: و لمَّا سئل ابن عباس عن قوله وَ أُمَّهاتُ نِسائِكُمْ و لم يُبيِّن الله الدُّخولَ بهنَّ أَجاب فقال: هذا من مُبْهَم التحريم الذي لا وجه فيه غير التحريم، سواء دَخَلْتم بالنساء أَو لم تَدْخُلوا بهن، فأُمَّهات نِسائكم حُرِّمْنَ عليكم من جميع الجهات.
و أَما قوله: وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ، فالرَّبائبُ هاهنا لسْنَ من المُبْهمات لأَنَّ لهنَّ وجهين مُبيَّنَين أُحْلِلْن في أَحدِهما

58
لسان العرب12

بهم ص 56

و حُرِّمْن في الآخر، فإذا دُخِل بأُمَّهات الرَّبائب حَرُمت الرَّبائبُ، و إِن لم يُدخل بأُمَّهات الربائب لم يَحْرُمن، فهذا تفسيرُ المُبْهَم الذي أَراد ابنُ عباس، فافهمه؛ قال ابن الأَثير: و هذا التفسير من الأَزهري إنما هو للرَّبائب و الأُمَّهات لا للحَلائل، و هو في أَول الحديث إنما جَعل سؤال ابنِ عباس عن الحَلائل لا عن الرّبائب. و لَونٌ بهيم: لا يُخالطه غيرُه. و
في الحديث: في خيل دُهْمٍ بُهْمٍ.
؛ و قيل: البَهِيمُ الأَسودُ. و البَهِيمُ من الخيل: الذي لا شِيةَ فيه، الذكَر و الأُنثى في ذلك سواء، و الجمع بُهُم مثل رغِيفٍ و رُغُف. و يقال: هذا فرس جواد و بَهِيمٌ و هذه فرس جواد و بَهِيمٌ، بغير هاء، و هو الذي لا يُخالط لونَه شي‏ء سِوى مُعْظَم لونِه. الجوهري: و هذا فرس بَهِيمٌ أَي مُصْمَتٌ. و
في حديث عياش ابن أَبي ربيعة: و الأَسود البَهيمُ كأَنه من ساسَمٍ كأَنه المُصْمَتُ.
 «1». الذي لا يُخالِطُ لونَه لون غيرُه. و البَهيمُ من النِّعاج: السَّوْداءُ التي لا بياض فيها، و الجمع من ذلك بُهْمٌ و بُهُمٌ فأَما قوله‏
في الحديث: يُحْشَر الناسُ يوم القيامة حُفاةً عُراةً غُرْلًا بُهْماً.
أَي ليس معهم شي‏ء، و يقال: أَصِحَّاءَ؛ قال أَبو عمرو البُهْمُ واحدها بَهيم و هو الذي لا يخالِط لَونَه لونٌ سِواه من سَوادٍ كان أَو غيره؛ قال أَبو عبيد: فمعناه عندي أَنه أَراد بقوله بُهْماً يقولُ: ليس فيهم شي‏ءٌ من الأَعراض و العاهات التي تكون في الدنيا من العَمى و العَوَر و العَرَج و الجُذام و البَرَص و غير ذلك من صُنوف الأَمراض و البَلاءِ، و لكنها أَجسادٌ مُبْهَمَة مُصَحَّحَة لِخُلود الأَبد، و قال غيره: لِخُلود الأَبَدِ في الجنة أَو النار، ذكره ابن الأَثير في النهاية؛ قال محمد بن المكرم: الذي ذكره الأَزهري و غيره أَجْسادٌ مُصَحَّحة لخُلود الأَبد، و قول ابن الأَثير في الجنة أَو في النار فيه نَظَر، و ذلك أَن الخلود في الجنة إنما هو للنَّعيم المحْضِ، فصحَّة أَجْسادِهم من أَجل التَّنَعُّم، و أَما الخلود في النار فإنما هو للعذاب و التأسُّف و الحَسرة، و زيادةُ عذابِهم بعاهات الأَجسام أَتمُّ في عُقوبتهم، نسأَل الله العافية من ذلك بكرمه. و قال بعضهم:
رُوي في تمام الحديث: قيل و ما البُهْم؟ قال: ليس معهم شي‏ء من أَعراض الدنيا و لا من متاعِها.
قال: و هذا يخالف الأَول من حيث المعنى. و صَوْتٌ بَهِيم: لا تَرْجيع فيه. و الإِبْهامُ من الأَصابع: العُظْمى، معروفة مؤنثة؛ قال ابن سيدة: و قد تكون في اليَدِ و القدَم، و حكى اللحياني أَنها تذكَّر و تؤنَّثُ؛ قال:
إِذا رأَوْني، أَطال الله غَيْظَهُمُ،             عَضُّوا من الغَيظِ أَطرافَ الأَباهيمِ‏

و أَما قول الفرزدق:
فقد شَهدَت قَيْسٌ فما كان نَصْرُها             قُتَيبةَ، إِلَّا عَضَّها بالأَباهِمِ‏

فإِنما أَراد الأَباهِيم غير أَنه حذف لأَنَّ القصِيدةَ ليست مُرْدَفَة، و هي قصيدة معروفة. قال الأَزهري: و قيل للإِصْبَع إِبْهامٌ لأَنها تُبْهِم الكفّ أَي تُطْبِقُ عليها. قال: و بَهِيم هي الإِبْهام للإِصبع، قال: و لا يقال البِهامُ. و قال في موضع آخر: الإِبْهام الإِصْبَع الكُبْرى التي تلي المُسَبِّحةَ، و الجمع الأَباهِيم، و لها مَفْصِلان. الجوهري: و بُهْمى نَبْت، و في المحكم: و البُهْمى نَبْت؛ قال أَبو حنيفة: هي خير أَحْرار البُقُولِ رَطْباً و يابساً و هي تَنْبُت أَوَّل شي‏ء بارِضاً، و حين تخرج من الأَرض تَنْبت كما يَنْبُت الحَبُّ، ثم يبلُغ‏
__________________________________________________
 (1). قوله [كأنه المصمت‏] الذي في النهاية: أي المصمت.

59
لسان العرب12

بهم ص 56

بها النَّبْت إِلى أَن تصير مثل الحَبّ، و يخرج لها إِذا يَبِسَتْ شَوْك مثل شوك السُّنْبُل، و إِذا وَقَع في أُنوف الغَنَم و الإِبل أَنِفَت عنه حتى يَنْزِعه الناسُ من أَفواهها و أُنوفِها، فإِذا عَظُمَت البُهْمى و يَبِسَتْ كانت كَلأً يَرْعاه الناس حتى يُصِيبه المطَر من عامٍ مُقْبِل، و يَنْبت من تحتِه حبُّه الذي سقَط من سُنْبُله؛ و قال الليث: البُهْمى نَبْت تَجِد به الغنَم وَجْداً شديداً ما دام أَخضر، فإِذا يَبِس هَرّ شَوْكُه و امتَنَع، و يقولون للواحد بُهْمى، و الجمع بُهْمى؛ قال سيبويه: البُهْمى تكون واحدة و جمعاً و أَلفها للتأنيث؛ و قال قومٌ: أَلفها للإِلْحاق، و الواحدة بُهْماةٌ؛ و قال المبرد: هذا لا يعرف و لا تكون أَلف فُعْلى، بالضم، لغير التأنيث؛ و أَنشد ابن السكيت:
رَعَتْ بارِضَ البُهْمى جَمِيماً و بُسْرةً،             و صَمْعاءَ حتى آنَفَتْها نِصالُها

و العرب تقول: البُهْمى عُقْر الدارِ و عُقارُ الدارِ؛ يُريدون أَنه من خِيار المَرْتَع في جَناب الدَّار؛ و قال بعض الرُّواة: البُهْمى ترتفِع نحو الشِّبْر و نَباتُها أَلْطَف من نَبات البُرِّ، و هي أَنْجَعُ المَرْعَى في الحافرِ ما لم تُسْفِ، واحدتُها بُهْماة؛ قال ابن سيدة: هذا قولُ أَهل اللغة، و عندي أَنّ مَن قال بُهماةٌ فالأَلف مُلْحِقة له بِجُخْدَب، فإِذا نزع الهاء أَحال اعْتِقاده الأَول عما كان عليه، و جعل الأَلف للتأنيث فيما بعد فيجعلها للإِلْحاق مع تاء التأنيث و يجعلها للتأنيث إِذا فقد الهاء. و أَبْهَمَتِ الأَرض، فهي مبْهِمة: أَنْبَتَت البُهْمَى و كثُر بُهْماها، قال: كذلك حكاه أَبو حنيفة و هذا على النسب. و بَهَّم فلان بموضع كذا إِذا أَقام به و لم يَبْرَحْهُ. و البهائم: اسم أَرض، و في التهذيب: البَهائم أَجْبُل بالحِمَى على لَون واحد؛ قال الراعي:
بَكَى خَشْرَمٌ لمَّا رأَى ذا مَعارِكٍ             أَتى دونه، و الهَضْبَ هَضْبَ البَهائِم‏

و الأَسماءُ المُبْهَمة عند النحويين: أَسماء الإِشارات نحو قولك هذا و هؤلاء و ذاك و أُولئك، قال الأَزهري: الحُروف المُبْهَمة التي لا اشتقاقَ لها و لا يُعْرف لها أُصول مثل الذي و الذين و ما و مَن و عن «2». و ما أَشبهها، و الله أَعلم.
بهرم:
بَهْرَمَةُ النَّوْر: زَهْرُه؛ عن أَبي حنيفة. و البَهْرَمَةُ: عِبادةُ أَهلِ الهند. قال الأَصمعي: الرَّنْفُ بَهْرامَج البرِّ. و البَهْرَم و البَهْرَمان: العُصْفُر، و قيل: ضرْب من العصفر؛ و أَنشد ابن بري لشاعر يصف ناقة:
كَوْماء مِعْطير كلَوْنِ البَهْرَمِ‏


و يقال للعُصْفر: البَهْرَم و الفَغْوُ. و بَهْرَمَ لِحْيَته: حَنَّأَها تحْنِئة مُشْبَعَةً؛ قال الراجز:
أَصْبَحَ بالحِنَّاء قد تَبَهْرَما


يعني رأسه أَي شاخَ فَخَضَب. و
في حديث عثمان، رضي الله عنه: أَنه غَطَّى وجهَه بقَطيفَة حَمراء أُرْجُوانٍ و هو مُحْرم.
؛ قال: الأُرْجُوان هو الشديد الحُمْرة، و لا يقال لغير الحُمْرة أُرْجُوانٌ. و البَهرَمان دونه بشي‏ء في الحُمْرة، و المُفَدَّمُ المُشْبَع حُمرة، و المُضَرَّجُ دون المُشْبَع، ثم المُوَرَّدُ بعده. و
في‏
__________________________________________________
 (2). قوله [و من و عن‏] كذا في الأَصل و التهذيب و نسخة من شرح القاموس غير المطبوع، و في شرح القاموس المطبوع: و من نحن.

60
لسان العرب12

بهرم ص 60

حديث عُروة: أَنه كَرِه المُفَدَّم للمُحْرِم و لم يَرَ بالمُضَرَّج المُبَهْرَم بأْساً.
و المُبَهْرَم: المُعَصفر. و بَهْرام: اسم المِرِّيخ؛ و إِيَّاه عَنَى القائل:
أَ ما تَرَى النَّجْم قد تَوَلَّى،             و هَمَّ بَهْرام بالأُفُولِ؟

و قال حبيب بن أَوس:
له كِبْرِياءُ المُشْتَرِي و سُعُودُهُ،             و سَوْرَة بَهْرام و ظَرْفُ عُطارِدِ

بوم:
البُومُ: ذكَر الهامِ، واحدته بُومةٌ. قال الأَزهري: و هو عربي صحيح. يقال: بُومٌ بَوّامٌ صَوَّاتٌ. الجوهري: البُومُ و البُومةُ طائر يقَع على الذكَر و الأُنثى حتى تقول صَدىً أَو فَيَّاد، فَيختصّ بالذكر. ابن بري: يُجمع بُومٌ على أَبْوام؛ قال ذو الرمة:
و أَغْضَف قد غادَرْتُه و ادَّرَعْتُه،             بِمُسْتَنْبَحِ الأَبْوامِ، جَمِّ العَوازِف‏

فصل التاء
تأم:
التَّوْأَمُ من جميع الحيوان: المولود مع غيره في بَطْن من الاثنين إِلى ما زاد، ذكَراً كان أَو أُنْثى، أَو ذكراً مع أُنثى، و قد يستعار في جميع المُزْدَوِجات و أَصله ذلك؛ فأَما قوله:
تَحْسَبه ممَّا به نِضْوَ سَقَمْ،             أَو تَوْأَماً أَزْرَى به ذاك التَّوَمْ‏

قال ابن سيده: إِنما أَراد ذاك التَّوْأَم، فخفَّف الهمزة بأَن حَذَفها و أَلقى حركتها على الساكن الذي قبلها كما حكاه سيبويه في الهمزة المتحرِّكة الساكن ما قبلها، و لا يكون التَّوَم هنا من ت و م لأَنَّ معنى التَّوْأَم الذي هو من ت أ م قائم فيه و كأنَّ هذا إِنما يكون على الحذف كأنه قال وُجودُ ذلك التَّوْأَم. و الجمع تَوائم و تُؤامٌ؛ قال الراجز:
قالتْ لنَا و دمْعُها تُؤامُ،         كالدُّرِّ إِذ أَسْلَمَهُ النِّظامُ:على الذين ارْتَحَلُوا السَّلامُ‏


و قال أَبو دواد:
نَخَلات من نَخْل نَيْسان أَيْنَعْنَ             جميعاً، و نَبْتُهُنَّ تُؤام‏

قال الأَزهري: و مثل تُؤام غَنَم رُبابٌ و إبل ظُؤار، و هو من الجمع العزيز، و له نظائر قد أُثبتت في غير موضع من هذا الكتاب. قال ابن سيدة: و يقال تَوْأَم للذكَر، و تَوْأَمة للأُنثى، فإِذا جمَعوهما قالوا هما تَوْأَمان و هما تَوْأَمٌ، قال حميد بن ثور:
فجاؤوا بِشَوْشاةٍ مِزاقٍ تَرَى بها             نُدُوباً، من الأَنْساعِ، فَذّاً و تَوْأَمَا

و قد أَتْأَمَتِ المرأة إِذا ولدت اثنين في بَطْن واحد، و قال ابن سيدة: أَتْأَمت المرأة و كل حامل و هي مُتْئِمٌ، فإِذا كان ذلك لها عادة فهي مِتآمٌ. و تاءَمَ أَخاه: وُلِد معه، و هو تِئْمُه و تُؤْمُه و تَئِيمُه؛ عن أَبي زيد في المصادر، و الوَلَدان تَوْأَمان. الأَزهري في ترجمة وأَم: ابن السكيت و غيره يقال هما تَوْأَمان، و هذا تَوْأَم هذا، على فَوْعَل، و هذه تَوْأَمةُ هذه، و الجمع توَائِم مثل قَشْعَم قَشاعِم، و تُؤام على ما فُسر في عُراق؛ قال حدير «1». عبد بني قَمِيئة من بني قيس بن ثعلبة:
قالت لنا و دَمْعُها تُؤَامُ‏


__________________________________________________
 (1). قوله [قال حدير إلخ‏] هكذا في الأَصل و شرح القاموس.

61
لسان العرب12

تأم ص 61

قال: و لا يَمتنع هذا من الواو و النون في الآدَميِّين كما أَنَّ مؤَنثه يجمع بالتاء؛ قال الكميت:
فلا تَفْخَرْ فإِنَّ بني نِزَارٍ             لعَلَّاتٍ، و لَيْسوا تَوْأَمِينا

قال ابن بري: و شاهد تَوْأَم قول الأَسلع بن قِصاف الطُّهَوِيّ:
فِداء لقَوْمِي كلُّ مَعْشَرِ جارِمٍ             طَريدٍ و مَخْذُولٍ بما جَرَّ، مُسْلَمِ‏
هُمُ أَلْجَمُوا الخَصْم الذي يَسْتَقِيدُني،             و هُمْ فَصَمُوا حِجْلي، و هم حَقَنوا دَمِي‏
بأَيْدٍ يُفَرِّجْنَ المَضِيقَ، و أَلْسُنٍ             سِلاطٍ، و جمع ذي زُهاءٍ عَرَمْرَمِ‏
إِذا شِئت لم تَعْدَم لَدى الباب منهُمُ             جَمِيلَ المُحَيَّا، واضحاً غير تَوْأَمِ‏

قال: و شاهد تَوْأَمة قول الأَخطل بن ربيعة:
و ليلة ذي نَصَب بِتُّها             على ظَهْرِ تَوْأَمةٍ ناحِلَهْ‏
و بَيْني، إِلى أَنْ رأَيت الصَّباح،             و من بَينها الرَّحْل و الراحِلَهْ‏

قال: و شاهد تَوائم في الجمع قول المُرَقِّش:
يُحَلَّيْنَ ياقوتاً و شَذْراً و صَيْعة،             و جَزْعاً ظفارِيّاً و دُرّاً تَوائِما «1».

قال ابن بري: و ذهب بعض أَهل اللغة إِلى أَن تَوأَم فَوْعَل من الوِئام، و هو المُوافقةُ و المُشاكلةُ، فقال: هو يُوائمُني أَي يُوافِقُني، فالتَّوْأَمُ على هذا أَصله وَوْأَم، و هو الذي واءَم غيره أَي وافَقه، فقلبت الواو الأُولى ياء، و كل واحد منهما تَوْأَم للآخر أَي مُوافِقه. و قال الليث: التَّوْأَمُ ولَدان معاً، و لا يقال هما تَوْأَمان، و لكن يقال هذا تَوْأَم هذه و هذه تَوْأَمَتُه، فإِذا جمعا فهما تَوْأَم؛ قال أَبو منصور: أَخطأَ الليث فيما قال، و القول ما قال ابن السكيت، و هو قول الفراء و النحويّين الذين يُوثَق بعلْمهم، قالوا: يقال للواحد تَوْأَمٌ، و هما توأَمان إِذا ولدا في بطْن واحد؛ قال عنترة:
بَطَلٌ كأَنَّ ثيابَه في سَرْحَةٍ،             يُحْذَى نِعالَ السِّبْتِ ليس بِتَوْأَمِ‏

قال الأَزهري: و قد ذكرت هذا الحرف في باب التاء و أَعَدْت ذكره في باب الواو لأُعرِّفك أَن التاء مُبْدَلة من الواو، فالتَّوْأَمُ وَوْأَمٌ في الأَصل، و كذلك التَّوْلَجُ في الأَصل وَوْلَجٌ، و هو الكِناس، و أصل ذلك من الوِئام، و هو الوِفاق. و يقال: فلان يغنِّي غِناء مُتوائماً وافَق بعضُه بعضاً و لم تختلف أَلحانه؛ قال ابن أَحمر:
أَرَى ناقَتي حَنَّتْ بِلَيْلٍ و ساقَها             غِناءٌ، كَنَوْحِ الأَعْجَمِ المُتَوائم‏

و
في حديث عُمَير بن أَفصى: مُتْئم أَو مُفْرِد.
؛ المُتئم التي تَضَع اثنين في بطْن، و المُفْرِد: التي تَلِد واحداً. و توائِم النُّجوم: ما تشابك منها، و كذلك تَوائمُ اللؤلؤ. و تاءَم الثوبَ: نسَجه على خَيْطَين. و ثوب مِتْآم إِذا كان سَداه و لُحْمَتُه طاقَين طاقين. و قد تاءَمْتُ مُتاءمةً، على مُفاعلة، إِذا نَسَجْته على خَيطَين خيطين. و أَتْأَمَها أَي أَفْضاها؛ قال عروة
__________________________________________________
 (1). قوله [و صيعة] هكذا في الأَصل مضبوطاً.

62
لسان العرب12

تأم ص 61

بن الورد «1».
أَخَذْتَ وَراءَنا بِذِنابِ عَيْشٍ،             إِذا ما الشمسُ قامَتْ لا تَزُولُ‏
و كنتَ كلَيْلَةِ الشَّيْباء هَمَّتْ             بِمَنع الشَّكْرِ، أَتْأَمَها القَبيلُ‏

و فرس مُتائم: تأتي بِجَرْيٍ بَعد جَرْيٍ؛ قال:
عافِي الرَّقاقِ مِنْهَبٌ مُوائِمُ،             و في الدَّهاسِ مِضْبَرٌ مُتائمُ‏
تَرْفَضُّ عن أَرْساغِه الجَرائِمُ‏


و كلُّ هذا من التَّوْأَم. و التَّوْأَمُ: من منازلِ الجَوْزاء، و هما توأَمانِ. و التَّوْأَم: السَّهم من سِهام المَيْسِر، قيل: هو الثاني منها؛ و قال اللحياني: فيه فَرْضان و له نَصِيبان إِن فازَ، و عليه غُرْم نَصيبَين إِن لم يفُزْ. و التَّوْأَماتُ من مَراكِب النساء: كالمَشاجِرِ لا أَظْلالَ لها، واحدَتُها تَوْأَمة؛ قال أَبو قِلابة الهُذلي يذكر الظُّعْن:
صَفَّا جَوانحَ بَيْنَ التَّوْأَماتِ، كما             صَفَّ الوُقوعَ حَمامُ المشْرَبِ الحاني‏

قال: و التَّوْأَمُ في أكثر ما ذكرتُ الأَصل فيه وَوْأَمٌ. و التَّوْأَمانِ: نَبْت مُسْلَنْطح. و التَّوْأَمانِ: عُشْبَة صغيرة لها ثمَرة مثلُ الكَمُّون كثيرةُ الورق، تَنْبُت في القِيعان مُسْلَنْطِحة، و لها زَهْرة صَفراء؛ عن أَبي حنيفة. و التِّئمَةُ: الشاة تكونُ للمرأَة تَحْتَلِبها، و الإِتْآم ذَبْحها. و تُؤام، مثل تُعَام: مدينة من مُدُن عُمَان يقَع إِليها اللؤلؤ فيُشْترى من هنالك. و التُّؤَامِيَّة، مثل التُّعامِيَّة، و التُّوآمِيَّة، مثل التُّوعامِيَّة: اللؤلؤ. الجوهري: تُؤَام قصَبَة عُمَان «2» مما يَلي الساحِل و ينسَب إِليها الدُّرُّ؛ قال سُويد:
كالتُّؤامِيَّة إِن باشَرْتَها،             قَرَّتِ العينُ و طابَ المُضْطَجَعْ‏

التُّؤامِيَّة: الدُّرة نسَبها إِلى التُّؤام. قال الأَصمعي: التُّؤَام موضع بالبحرين مَغاص، و قال ثعلب: ساحِل عُمان، و يقال: قرية لبني سامة بن لُؤَي، و قال النَّجِيرَمِيُّ: الذي عندي أَنَّ التُّؤَامِية منسوبة إِلى الصَّدَف و الصَّدَف كله تُؤام كما قالوا صَدَفِيَّة، و لم نَرُدّه إِلى الواحد فنقول تَوْأَمِيَّة للضرورة. و في ترجمة توم:
في الحديث: أَ تَعْجِزُ إِحداكنَّ أَن تَتَّخِذ تُومَتَين؟.
قال: مَن رواه «3» تَوْأَمِيَّة فهما درَّتان للأُذنين إحداهما تَوْأَمة الأُخْرى. و تَوْأَم و تَوْأَمة: اسمان.
تحم:
الأَتْحَمِيُّ: ضرْب من البُرود؛ قال رؤبة:
أَمْسَى كَسَحْقِ الأَتْحَمِيِّ أَرْسُمُهْ‏


و قال الشاعر:
__________________________________________________
 (1). قوله [قال عروة بن الورد] مثله في الصحاح، و تعقبه الصاغاني بأن البيت الثاني ليس لعروة بن الورد، و هو غير مرويّ في ديوانه.
 (2). قوله [الجوهري تؤام قصبة عمان إلخ‏] هكذا في الأَصل، و لعل المؤلف وقعت له نسخة صحيحة من الصحاح كما وقع لشارح القاموس فإِنه نبه على ذلك لما اعترض المجد على الجوهري حيث وقعت له نسخة سقيمة فقال: و كغراب بلد على عشرين فرسخاً من قصبة عمان و موضع بالبحرين، و وهم الجوهري في قوله توأم كجوهر و في قوله قصبة عمان.
 (3). قوله [من رواه إلخ‏] هذا ليس برواية في الحديث بل أحد احتمالين للأَزهري في تفسير الحديث كما نقله عنه في مادة توم و عبارته هناك: و من قال توأمية إلخ. و انظرها هناك فما هنا تحريف.

63
لسان العرب12

تحم ص 63

و عليه أَتْحَمِيٌّ،             نَسْجُه من نَسْج هَوْرَمْ «1». غَزلَتْه أُمُّ حِلْمِي،
كلّ يومٍ وزن دِرْهَمْ‏


و قال:
و صَهْوَتُه من أَتْحَمِيّ مُشَرْعَبِ‏


و قال آخر يصف رَسْماً:
أَصْبَح مثل الأَتْحَمِيِّ أَتْحَمُهْ‏


أَراد أَصبح أَتْحَمِيُّه كالثوب الأَتْحَمِيِّ و هي أَيضاً المُتْحَمةُ و المُتَحَّمة. و قد أَتْحمت البُرودَ إتْحاماً، فهي مُتْحَمة؛ قال الشاعر:
صَفْراءَ مُتْحَمةً حِيكَتْ نَمانِمُها             من الدِّمَقْسِيِّ، أَو من فاخر الطُّوطِ

الطُّوطُ: القُطْن؛ و قال أَبو خراش:
كأَنَّ المُلاءَ المَحْضَ، خَلْفَ ذِراعِه،             صُراحِيُّهُ و الآخِنِيّ المُتَحَّمُ‏

و يقال: تَحَّمْت الثوبَ إِذا وَشَّيْته. و فرس مُتَحَّمُ اللَّوْن إِلى الشُّقرة: كأَنه شبه بالأَتْحَمِيِّ من البرود، و هو الأَحْمر، و فرس أَتْحَمِيُّ اللَّون. و روي عن الفراء قال: التَّحَمةُ البُرود المخطَّطة بالصُّفْرة. أَبو عمرو: التاحِمُ الحائكُ.
تخم:
التُّخومُ: الفَصْل بين الأَرضَيْن من الحدود و المَعالِم، مؤنثة؛ قال أُحَيْحة بن الجُلاح، و يقال هو لأَبي قيس بن الأَسلت:
يا بَنِيَّ التُّخومَ لا تَظْلِموها،             إِنَّ ظُلْمَ التُّخوم ذو عُقَّالِ‏

و التَّخْمُ: منتهى كل قَرْية أَو أَرض؛ يقال: فلان على تَخْم من الأَرْض، و الجمع تُخوم مثل فَلْس و فُلوس. و قال الفراء: تُخومها حُدودُها، أَ لا ترى أَنه قال لا تَظْلِموها و لم يقل لا تظلموه؟ قال ابن السكيت: سمعت أَبا عمرو يقول هي تُخومُ الأَرض، و الجمع تُخُم، و هي التُّخوم أَيضاً على لفظ الجمع و لا يفرد لها واحد، و قد قيل: واحدها تَخْم و تُخْم، شامية. و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه قال: مَلْعون من غَيَّر تُخومَ الأَرض.
أَبو عبيد: التُّخومُ هاهنا الحُدود و المَعالِمُ، و المعنى من ذلك يقع في موضعين: أَحدهما أَن يكون ذلك في تغيير حُدود الحَرم التي حَدَّها إبراهيم خليل الرحمن على نبينا و عليه الصلاة و السلام، و المعنى الآخر أَنْ يَدْخُل الرجلُ في ملك غيره من الأَرض فيَقْتَطِعه ظلماً، فقيل: أَراد حُدودَ الحَرم خاصَّة، و قيل: هو عامٌّ في جميع الأَرض، و أَراد المَعالم التي يُهْتدى بها في الطريق، و يروى تَخُوم، بفتح التاء على الإِفراد، و جمعه تُخُم، بضم التاء و الخاء. و قال أَبو حنيفة: قال السُّلَميّ التَّخُومة، بالفتح؛ قال:
و إِن أَفْخَرْ بمَجْدِ بَني سُلَيْم،             أَكُنْ منها التَّخُومةَ و السَّرارا

و إِنه لَطيِّب التُّخُوم و التَّخُوم أَي السُّعُوف يعني الضَّرائب. الليث: التُّخوم مَفْصِل ما بين الكُورَتَيْن و القَرْيَتَيْن، قال: و منتهى أَرض كل كُورة و قَرْية تُخومها، و قال أَبو الهيثم: يقال هذه الأَرض تُتاخِم أَرض كذا أَي تُحادُّها، و بِلاد عُمان تُتاخِم بلاد
__________________________________________________
 (1). قوله [من نسج هورم‏] هكذا في الأَصل بالراء و مثله في بعض نسخ الصحاح، و في بعضها هوزم بالزاي. و قوله: أُم حلمي، في الأَصل بالحاء و في نسخ الصحاح بالخاء.

64
لسان العرب12

تخم ص 64

الشَّحْر. و قال غيره: و تُطاخِم، بالطاء، بهذا المعنى لغة، قلبت التاء طاء لقرب مخرجهما، و الأَصل التُّخومُ و هي الحُدود، و قال الفراء: هي التُّخومُ مضمومة، و قال الكسائي: هي التَّخوم العلامة؛ و أَنشد:
         يا بَنيَّ التَّخُومَ لا تَظْلِموها


و مَن روى هذا البيت التُّخوم فهو جمع تَخْم، قال أَبو عبيد: أَصحاب العربية يقولون هي التَّخوم، بفتح التاء، و يجعلونها واحدة، و أَما أَهل الشام فيقولون التُّخوم، و يجعلونها جمعاً، و الواحد تَخْم. قال ابن بري: يقال تَخوم و تُخوم و زَبور و زُبور و عَذوب و عُذوب في هذه الأَحرف الثلاثة، قال: و لم يعلم لها رابع، و البصريون يقولون تُخوم، بالضم، و الكوفيون يقولون تَخُوم، بالفتح و قال كُثَيِّر في التُّخوم، بالضم:
         و عُلَّ ثَرى تلك الحَفيرةِ بالنَّدى،             و بُورِكَ مَن فيها و طابَتْ تُخومُها

قال: و يروى‏
         ... و طاب تَخُومها


؛ و قال ابن هَرْمة في التُّخُوم أَيضاً:
         إَذا نَزلوا أَرضَ الحَرام تَباشَرَتْ،             بِرُؤْيَتِهم، بَطْحاؤها و تُخُومُها

و يروى:
         ... و تَخُومها


، بالفتح أَيضاً؛ و أَنشد ابن دُريد للمنذر بن وبرة الثعلبيّ:
         و لهم دانَ كلُّ مَن قَلَّت العَيْرُ             بنَجْدٍ إِلى تُخوم العِراقِ‏

قال: العَيْرُ هنا البَصَر، و يقال: اجعل هَمَّك تُخوماً أَي حَدّاً تنتهي إِليه و لا تجاوزه؛ و قال أَبو دُواد:
         جاعلًا قَبْرَه تُخوماً و قد جرْرَ             العَذارى عليه وافي الشَّكِيرِ

قال شمر: أَقْرَأَني ابنُ الأَعرابي لعديّ بن زيد:
         جاعِلًا سِرَّك التُّخومَ، فما أَحْفِلُ             قَوْلَ الوُشاةِ و الأَنْذالِ «2».

قال: التُّخومُ الحال الذي تريده. و أَما التُّخَمةُ من الطعام فأَصلها وُخَمة، و سيأتي ذكرها إِن شاء الله تعالى.
ترم:
ابن الأَعرابي: التَّريمُ من الرجال المُلَوَّث بالمَعايب و الدَّرَن، قال: و التَّريمُ المُتواضِع لله عز و جل. و التَّرَمُ: وجَع الخَوْران. و تِرْيَم: موضع؛ قال النَّمَريُّ:
         أَتيتُ الزِّبْرِقانَ فلم يُضِعْني،             و ضَيَّعَني بتِرْيَم مَن دَعاني‏

قال ابن جني: فقال تِرْيَم فِعْيَل كحِذْيم و طِرْيم، و لا يكون فِعْلَل كدِرْهَم لأَن الياء و الواو لا يكونان أَصلا في ذوات الأَربعة، فأَما وَرَنْتَل فشاذ؛ الجوهري: تَرْيَم موضع؛ قال الشاعر:
         هلْ أُسْوَةٌ ليَ في رِجالٍ صُرِّعُوا             بِتِلاعِ تَرْيَمَ هامُهُمْ لم تُقْبَر؟

قال ابن بري: و تَرْيم واد قرب النَّقِيع «3»، قال:
__________________________________________________
 (2). قوله [جاعلًا سرك إلخ‏] هكذا في الأَصل، و الذي في التكملة: جاعل همك بالرفع.
 (3). قوله [و تريم واد قرب النقيع‏] قال شارح القاموس: قرأت في كتاب نصر هو بالحجاز واد قريب من ينبع و قيل دوين مدين و أيضاً موضع في بادية البصرة انتهى فحينئذ قول ابن بري قرب النقيع تصحيف فإِن النقيع من أودية المدينة.

65
لسان العرب12

ترجم ص 66

و رأَيته بخط القزاز تَرْيَم، بفتح التاء، كما ذكره الجوهري، قال: و الصواب تِرْيَم مثل عِثْير، قال: و ليس في الكلام فَعْيَل غير ضَهْيَد، قال: و لا يصح فتح التاء من تِرْيم إِلا أَن يكون وزنها تَفْعَل، قال: و هذا الوجه غير ممتنع، و الأَول أَظهر.
ترجم:
التُّرْجُمانُ و التَّرْجَمان: المفسِّر للسان. و
في حديث هِرَقْلَ: قال لتُرْجُمانه.
؛ الترجمان، بالضم و الفتح: هو الذي يُتَرْجِم الكلام أَي ينقله من لغة إِلى لغة أُخرى، و الجمع التَّراجِم، و التاء و النون زائدتان، و قد تَرْجَمه و تَرْجَم عنه، و تَرْجُمان هو من المُثُل التي لم يذكرها سيبويه، قال ابن جني: أَما تَرْجُمان فقد حكيت فيه تُرْجُمان بضم أَوله، و مثاله فُعْلُلان كعُتْرُفان و دُحْمُسان، و كذلك التاء أَيضاً فيمن فَتَحها أَصلية، و إِن لم يكن في الكلام مثل جَعْفُر لأَنه قد يجوز مع الأَلف و النون من الأَمثلة ما لولاهما لم يجز كعُنْفُوان و خِنْذِيان و رَيْهُقان، أَ لا ترى أَنه ليس في الكلام فُعْلُو و لا فِعْلي و لا فَيْعُل؟
تغلم:
ابن سيدة: تَغْلَمُ موضع و ليس له اشتقاق فأَقضي على التاء بالزيادة؛ و قول حسان بن ثابت:
دِيار لِشَعْثاء الفُؤاد و تِرْبها،             ليَاليَ تَحْتَلّ المَراض فَتَغْلَما

قال مفسره: هما تَغْلَمان جبلان فأَفرد للضرورة.
تقدم:
تَقْدَم: اسم كأنه يُعنى به القَدَم.
تكم:
تُكْمَةُ: بنْتُ مُرٍّ و هي أُمُّ السُّلَمِيِّين.
تلم:
التَّلَمُ: مشَقُّ الكِراب في الأَرض، بلغة أَهل اليمن و أَهل الغَوْر، و قيل: كل أُخْدُودٍ من أَخاديد الأَرض، و الجمع أَتْلامٌ، و هو التِّلامُ و الجمع تُلُم، و قيل: التِّلامُ أَثَرُ اللُّومَةِ في الأَرض، و جمعها التُّلُم. و اللُّومَةُ: التي يُحْرَثُ بها، قال ابن بري: التَّلَم خَطُّ الحارث، و جمعه أَتْلامٌ. و العَنَفَةُ: ما بين الخَطَّين، و السَّخْلُ: الخَطُّ، بلغة نَجْران. و التِّلامُ و التَّلام جميعاً في شعر الطِّرمَّاح الصاغةُ، واحدهم تِلْم، و قيل: التِّلام، بالكسر، الحِمْلاجُ الذي يُنفَخ فيه، و التَّلامُ، بالفتح، التَّلاميذُ التي تنفُخ فيها محذوف؛ و أَنشد:
كالتَّلامِيذِ بأَيْدي التِّلامِ‏


قال: يريد بالتُّلْمُوذ الحُمْلُوجَ، قال أَبو منصور: أَما الرُّواة فقد رَوَوْا هذا البيت للطِّرمَّاح يصف بقرة:
تَتَّقِي الشمسَ بِمَدْرِيَّةٍ،             كالحَاليج بأَيدي التِّلامي‏

و قال: التِّلامُ اسم أَعْجَمِي و يُراد به الصاغة، و قيل: غِلْمان الصاغة، يقال: هو بالكسر يُقْرأُ «1». بإثبات الياء في القافية، و رواه بعضهم بأَيدي التَّلامْ، فمن رواه التَّلامِي، بفتح التاء و إثبات الياء، أَراد التَّلامِيذ يعني تَلاميذَ الصَّاغة، قال: هكذا رواه أَبو عمرو؛ و قال: حذف الذال من آخرها كقول الآخر:
لها أَشارِيرُ من لَحْم تُتَمِّرهُ             من الثَّعالي، و وَخْزٌ من أَرانِيها «2».

أَراد من الثعالِب و من أَرانِبِها، و من رواه بأَيدي التِّلامْ، بكسر التاء، فإِن أَبا سعيد قال: التِّلْم‏
__________________________________________________
 (1). قوله [يقرأ] في التكملة: يروى، و هو أنسب بما بعده.
 (2). قوله [تتمره‏] هكذا في الأَصل، و الذي في التكملة: متمرة.

66
لسان العرب12

تمم ص 67

الغُلام، قال: و كل غلامٍ تِلْم، تلميذاً كان أَو غير تِلْميذ، و الجمع التِّلام. ابن الأَعرابي: التِّلامُ الصاغة، و التِّلامُ الأَكَرَةُ. قال أبو منصور: قال الليث إِن بعضهم قال: التَّلاميذ الحَماليجُ التي يُنفَخ فيها، قال: و هذا باطل ما قاله أَحدٌ؛ و الحَماليِجُ، قال شمر: هي مَنافِخُ الصاغة الحديديَّة الطِّوال، واحدها حُمْلوج، شبَّه الطِّرمَّاح قَرْن البَقرة الوحشيَّة بها. الجوهري: التَّلامي التلاميذ، سقطت منه الذال، قال ابن بري: و قد جاء التَّلام، بفتح التاء، في شعر غَيْلان بن سلمة الثقفي:
و سِرْبال مُضاعَفَة دِلاصٍ             قد أحْرَزَ شَكَّها صُنْعُ التَّلامِ‏

و يروى التِّلام جمع تِلْم، و هم الصاغة.
تمم:
تَمَّ الشي‏ء يَتِمُّ تَمّاً و تُمّاً و تَمامةً و تَماماً و تِمامةً و تُماماً و تِماماً و تُمَّة و أَتَمَّه غيره و تَمَّمَه و اسْتَتَمَّه بمعنىً، و تَمَّمَه الله تَتْميماً و تَتِمَّةً، و تَمامُ الشي‏ء و تِمامَتُه و تَتِمَّتُه: ما تَمَّ به. قال الفارسي: تَمامُ الشي‏ء ما تمَّ به، بالفتح لا غير؛ يحكيه عن أَبي زيد. و أَتمَّ الشي‏ءَ و تَمَّ به يَتِمُّ: جعله تامّاً؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
إِنْ قلتَ يوماً نَعَمْ بَدْأً، فَتِمَّ بها،             فإِنَّ إمْضاءَها صِنْف من الكَرَم‏

و
في الحديث أَعوذ بكلمات الله التامَّاتِ.
؛ قال ابن الأَثير: إِنما وصف كلامه بالتمام لأَنه لا يجوز أَن يكون في شي‏ء من كلامه نَقْص أَو عَيْبٌ كما يكون في كلام الناس، و قيل: معنى التَّمام هاهنا أَنها تنفَع المُتَعَوِّذ بها و تَحْفَظه من الآفات و تَكْفيه. و
في حديث دُعاء الأَذان: اللهمَّ رَبَّ هذه الدَّعْوة التامَّة.
؛ وصَفَها بالتَّمام لأَنها ذِكْر الله و يُدْعَى بها إِلى عِبادته، و ذلك هو الذي يستحِق صِفَة الكمال و التمام. و تَتِمَّة كل شي‏ء: ما يكون تَمام غايته كقولك هذه الدراهم تمام هذه المائة و تَتِمَّة هذه المائة. و التِّمُّ: الشي‏ء التامُّ، و قوله عز و جل: وَ إِذِ ابْتَلى‏ إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ‏
؛ قال الفراء: يريد فَعمِل بهنّ، و الكلمات عَشْر من السُّنَّة: خَمْسٌ في الرأس، و خَمْسٌ في الجَسد، فالتي في الرأس: الفَرْق و قَصُّ الشارب و المَضْمَضةُ و الاسْتِنْشاقُ و السِّواكُ، و أما التي في الجسَد فالخِتانةُ و حَلْقُ العانةِ و تَقْليمُ الأَظفار و نتفُ الرُّفْغَيْن و الاستِنْجاءُ بالماء. و يقال: تَمَّ إِلى كذا و كذا أَي بَلغه؛ قال العجاج:
لما دَعَوْا يالَ تَمِيمٍ تَمُّوا             إِلى المَعالي، و بهنَّ سُمُّوا

و
في حديث معاوية: إِن تَمَمْتَ على ما تريد.
؛ قال ابن الأَثير: هكذا روي مُخَفَّفاً و هي بمعنى المشدّد. يقال: تَمَّ على الأَمر و تَمَمَ عليه، بإِظهار الإِدغام، أَي استمرَّ عليه. و قوله‏
في الحديث: تَتامَّتْ إِليه قُرَيش.
أَي أَجابته و جاءَتْه مُتوافِرة مُتَابعة. و قوله عز و جل: وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ‏
؛ قيل: إتْمامهما تَأدِيةُ كلِّ ما فيهما من الوقوف و الطَّواف و غير ذلك. و وُلِدَ فلان لِتَمامٍ «1» و لِتِمام، بالكسر. و ليلُ التِّمامِ، بالكسر لا غير، أَطول ما يكون من ليَالي الشِّتاء؛ و يقال: هي ثلاث ليال لا يُسْتَبان زيادتُها من نُقْصانها، و قيل: هي إِذا بَلَغَت اثنَتَيْ عَشْرة ساعة فما زاد؛ قال إمرؤ القَيس:
         فَبِتُّ أُكابِدُ لَيْلَ التِّمامِ،             و القَلْبُ من خَشْيَةٍ مُقْشَعِر

__________________________________________________
 (1). قوله [و ولد فلان لتمام إلخ‏] عبارة القاموس: و ولدته لتم و تمام و يفتح الثاني.

67
لسان العرب12

تمم ص 67

و
في حديث عائشة، رضي الله عنها، أَنها قال: كان رسول الله، صلى الله عليه و سلم، يقوم الليلةَ التِّمام فيقرأُ سورة البقرة و آل عمران و سورة النساء و لا يَمرُّ بآية إِلّا دعا الله فيها.
؛ قال ابن شميل: ليل التِّمام أَطول ما يكون من الليل، و يكون لكل نجْم هَوِيّ من الليل يَطْلُع فيه حتى تَطْلُع كلها فيه، فهذا ليل التِّمام. و يقال: سافرنا شهرنا ليل التِّمام لا نُعَرِّسُه، و هذه ليالي التِّمام، أَي شَهْراً في ذلك الزمان. الأَصمعي: ليل التِّمام في الشتاء أَطول ما يكون من الليل، قال: و يَطُول لَيْلُ التِّمام حتى تَطْلُع فيه النُّجوم كلها، و هي ليلة ميلاد عيسى، على نبينا و عليه الصلاة و السلام، و النصارى تعظِّمُها و تقوم فيها. حكي عن أَبي عمرو الشيباني أَنه قال: ليل تِمام إِذا كان الليل ثلاثَ عشرة ساعة إِلى خمس عشرة ساعة. و يقال لليلة أربع عشرة و هي الليلة التي يَتِمُّ فيها القمر ليلة التَّمام، بفتح التاء. و قال أَبو عمرو: ليلُ التِّمام ستة أَشهر: ثلاثة أَشهر حين يزيد على ثنتَيْ عشْرة ساعة، و ثلاثة أَشهر حين يَرْجِع، قال: و سمعت ابن الأَعرابي يقول: كل ليلة طالت عليك فلم تَنَمْ فيها فهي ليلة التِّمام أَو هي كليلة التِّمام. و يقال: ليلٌ تِمامٌ و ليلُ تِمام، على الإِضافة، و ليلُ التِّمام و ليلٌ تِمامِيٌّ أَيضاً؛ و قال الفرزدق:
تِمامِيّاً، كأَنَّ شَآمِياتٍ             رَجَحْنَ بِجانِبَيْه من الغُؤُور

و قال ابن شميل: ليلة السَّواء ليلة ثلاث عشرة و فيها يَسْتوي القمر، و هي ليلة التَّمام. و ليلة تَمامِ القمر، هذا بفتح التاء، و الأَول بالكسر. و يقال: رُئِيَ الهلال لتِمِّ الشهر، و ولدت المرأة لِتِمّ و تِمام و تَمامٍ إِذا أَلْقَتْه و قد تَمَّ خَلْفه. و حكى ابن بري عن الأَصمعي: ولدَتْه للتَّمام، بالأَلف و اللام، قال: و لا يَجي‏ء نكِرةً إِلّا في الشعر. و أَتَمَّت المرأة، و هي مُتِمٌّ: دنا وِلادُها. و أَتَمَّت الحُبْلى، فهي مُتِمٌّ إِذا تَمَّت أَيامُ حَمْلِها. و
في حديث أَسماء: خرجْت و أَنا مُتِمٌّ.
؛ يقال: امرأَة مُتِمٌّ للحامل إِذا شارَفَتِ الوَضْع، و وُلِد المَوْلود لِتَمامِ و تِمامٍ. و أَتَمَّت الناقة، و هي مُتِمٌّ: دنا نتاجها. و أَتَمَّ النَّبْتُ: اكْتَهل. و أَتَمَّ القمرُ: امْتلأَ فبَهَر، و هو بدْرُ تَمامٍ و تِمامٍ و بدرٌ تَمامٌ. قال ابن دريد: وُلِد الغلام لِتِمٍّ و تِمامٍ و بدرُ تِمامٍ و كل شي‏ء بعد هذا فهو تَمامٌ، بالفتح. غيره: و قمرُ تَمامٍ و تِمامٍ إِذا تَمَّ ليلة البَدْر. و في التنزيل العزيز: ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ‏
؛ قال الزجاج: يجوز أَن يكون تَماما على المُحْسِن، أَراد تَماماً من الله على المُحْسِنين، و يجوز تَماماً على الذي أَحسنه موسى من طاعة الله و اتِّباع أَمره، و يجوز تَماماً على الذي هو أَحسن الأَشياء، و تَماماً
 منصوب مفعول له، و كذلك وَ تَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ؛ المعنى: آتيناه لهذه العِلَّة أَي للتَّمام و التَّفصيل؛ قال: و القراءة عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ، بفتح النون؛ قال: و يجوز أَحسنُ على إضمار الذي هو أَحسنُ، و أَجاز القُراءُ أَن يكون أَحْسَنَ في موضع خفض، و أَن يكون من صفة الَّذِي، و هو خطأٌ عند البصريين لأَنهم لا يعرفون الذي إِلَّا موصولة و لا تُوصَف إِلا بعد تمام صِلَتها. و المُسْتَتِمُّ في شِعر أَبي دُواد: هو الذي يطلب الصُّوفَ و الوَبَرَ لِيُتِمَّ به نَسْجَ كِسائه، و المَوْهوب تُمَّةٌ؛ قال ابن بري: صوابه عن أَبي زيد، و الجمع تِمَمٌ، بالكسر، و هو الجِزَّة من الصُّوف أَو الشعَر أَو الوَبَر؛ و بيت أَبي دواد هو قوله:

68
لسان العرب12

تمم ص 67

         فَهْيَ كالبَيْضِ، في الأَداحِيّ، لا يُوهَبُ             منها لِمُسْتَتِمٍّ عِصامُ‏

أَي هذه الإِبل كالبَيْض في الصِّيانة، و قيل في المَلاسة لا يُوهب منها لمُسْتَتِمّ أَي لا يُوجد فيها ما يُوهَب لأَنها قد سَمِنت و أَلْقَت أَوْبارَها؛ قال: و المُسْتَتِمُّ الذي يطلُب التُّمَّةَ، و العِصامُ: خيط القِرْبة. و المُتَتَمِّمُ: المتكسِّر؛ قال الشاعر
         إِذا ما رآها رُؤيةً هِيضَ قَلْبه             بها، كانْهِياضِ المُتْعَب المُتَتَمِّمِ‏

و تَمَّمَ على الجَريح: أَجْهَزَ. و تَمَّ على الشي‏ء: أَكمله؛ قال الأَعشى:
         فتَمَّ على مَعْشوقَةٍ لا يَزيدُها             إِليه، بَلاءُ السُّوءِ، إِلَّا تَحبُّبا

قال ابن سيدة: و قول أَبي ذؤيب:
         فَباتَ بجَمْعٍ ثم ثابَ إِلى مِنىً،             فأَصْبَحَ رَأْداً يبتغي المَزْجَ بالسَّحْل‏

قال: أَراه يعني «1». بتَمَّ أَكْمَل حَجَّه. و اسْتَتَمَّ النِّعْمة: سأَل إِتْمامها. و جعله تِمّاً أَي تَماماً. و جعلْته لك تِمّاً أَي بِتَمامه. و تَمَّمَ الكَسْر فَتَمَّمَ و تَتَمَّم: انصَدَعَ و لم يَبِنْ، و قيل: إِذا انصَدَعَ ثم بانَ. و قالوا: أَبى قائلُها إِلَّا تَمّاً و تُمّاً و تِمّاً، ثلاث لغات، أَي تَماماً، و مضى على قوله و لم يرجع عنه، و الكسر أَفصح؛ قال الراعي:
         حتى وَرَدْنَ لِتِمِّ خِمْسٍ بائصٍ             جُدّاً، تَعاوَرَه الرياحُ وَبيلًا

بائصٍ: بعيدٍ شاقٍّ، و وَبِيلًا: وَخِيماً. و التَّمِيمُ: الطويلُ؛ و أَنشد بيت العجاج:
         لما دَعَوْا يال تَمِيمٍ تَمُّوا


و التَّمِيمُ: التامُّ الخلْق. و التَّمِيمُ: الشادُّ الشديدُ. و التَّميمُ: الصُّلْب؛ قال:
         و صُلْب تَمِيم يَبْهَرُ اللِّبْدَ جَوْزُه،             إِذا ما تَمَطَّى في الحِزام تَبَطَّرا

أَي يَضيق عنه اللِّبْد لتَمامه، و قيل: التَّمِيمُ التامُّ الخلْقِ الشديده من الناس و الخَيْل. و
في حديث سليمان بن يَسار: الجَذَعُ التامُّ التِّمُّ يُجْزئ.
؛ قال ابن الأَثير: يقال تِمٌّ و تَمٌّ بمعنى التامِّ، و يروى الجَذَع التامُّ التَّمَمُ، فالتامُّ الذي استوفى الوقت الذي يسمَّى فيه جَذَعاً و بَلغ أَن يسمَّى ثَنِيّاً، و التَّمَمُ التامُّ الخلْق، و مثله خلْق عَمَمٌ. و التَّمِيمُ: العُوَذ، واحدتها تَمِيمةٌ. قال أَبو منصور: أَراد الخَرز الذي يُتَّخَذ عُوَذاً. و التَّمِيمةُ: خَرزة رَقْطاء تُنْظَم في السَّير ثم يُعقد في العُنق، و هي التَّمائم و التَّمِيمُ؛ عن ابن جني، و قيل: هي قِلادة يجعل فيها سُيُورٌ و عُوَذ؛ و حكي عن ثعلب: تَمَّمْت المَوْلود علَّقْت عليه التَّمائم. و التَّمِيمةُ: عُوذةٌ تعلق على الإِنسان؛ قال ابن بري: و منه قول سلَمة بن الخُرْشُب:
         تُعَوَّذُ بالرُّقى من غير خَبْلٍ،             و تُعْقَد في قَلائدها التَّمِيمُ‏

قال: و التَّمِيمُ جمع تمِيمةٍ؛ و قال رفاع «2» بن قيس‏
__________________________________________________
 (1). قوله [أراه يعني إلخ‏] هكذا في الأصل، و لعل الشاهد في بيت ذكره ابن سيدة غير هذا، و أما هذا البيت فهو في الأصل كما ترى و لا شاهد فيه و قد تقدم مع بيت بعده في مادة سحل.
 (2). قوله [رفاع‏] هكذا في الأصل رفاع بالفاء، و تقدم في مادة نوط: رقاع منقوطاً بالقاف و مثله في شرح القاموس هنا و هناك.

69
لسان العرب12

تمم ص 67

الأَسدي:
بِلادٌ بها نِيطَتْ عليَّ تَمائِمي             و أَوَّل أَرضٍ مَسَّ جِلدي تُرابُها

و
في حديث ابن عَمرو «1»
: ما أُبالي ما أَتيت إِن تعلقت تَمِيمةً.
و
في الحديث: مَن عَلَّق تَمِيمةً فلا أَتَمَّ الله له.
؛ و يقال: هي خَرزة كانوا يَعْتَقِدون أَنها تَمامُ الدَّواء و الشِّفاء، قال: و أَمّا المَعاذاتُ إِذا كُتِب فيها القرآن و أَسماءُ الله تعالى فلا بأْسَ بها. و التَّمِيمةُ: قِلادةٌ من سُيورٍ، و ربما جُعِلَتِ العُوذةَ التي تعلَّق في أَعناق الصبيان. و
في حديث ابن مسعود: التَّمائمُ و الرُّقى و التِّوَلةُ من الشِّرْك.
قال أَبو منصور: التَّمائمُ واحدتُها تَمِيمةٌ، و هي خَرزات كان الأَعرابُ يعلِّقونها على أَولادِهم يَنْفون بها النفْس و العَين بزَعْمهم، فأَبطله الإِسلامُ؛ و إِيّاها أَراد الهُذَلي بقوله:
و إِذا المَنِيَّةُ أَنْشَبَتْ أَظْفارَها،             أَلْفَيْتَ كلَّ تَمِيمة لا تَنْفَعُ‏

و قال آخر:
إِذا مات لم تُفْلِحْ مُزَيْنةُ بعدَه،             فنُوطِي عليه، يا مُزَيْنُ، التَّمائما

و جعلها ابن مسعود من الشِّرْك لأَنهم جَعلوها واقِيةً من المَقادِير و الموْتِ و أَرادُوا دَفْعَ ذلك بها، و طلبوا دَفْعَ الأَذى من غير الله الذي هو دافِعُه، فكأَنهم جعلوا له شريكاً فيما قَدّر و كَتَب من آجال العِبادِ و الأَعْراضِ التي تُصيبهم، و لا دافع لما قَضى و لا شريك له تعالى و تقدّس فيما قَدّر. قال أَبو منصور: و من جَعل التَّمائم سُيوراً فغيرُ مُصِيبٍ؛ و أَما قول الفرزدق:
و كيف يَضِلُّ العَنْبَرِيُّ ببلْدةٍ،             بها قُطِعَتْ عنه سُيور التَّمائِم؟

فإِنه أَضاف السُّيورَ إِلى التَّمائم لأَن التمائم خَرز تُثْقَب و يجعل فيها سُيورٌ و خُيوط تُعلَّق بها. قال: و لم أَرَ بين الأَعراب خلافاً أَنّ التَّميمةَ هي الخرزة نفسُها، و على هذا مذهب قول الأَئمة؛ و قول طُفَيل:
فإِلَّا أَمُتْ أَجْعَلْ لِنَفْرٍ قِلادَةٌ،             يُتِمُّ بها نَفْرٌ قَلائدَه قَبْلُ‏

قال: أَي عاذه «2». الذي كان تقلَّده قبل؛ قال: يُتِمُّ يحطها تَمِيمةَ خَرزِ قلائده إِلى الواسطة، و إِنما أَراد أُقَلِّده الهِجاء. ابن الأَعرابي: تُمَّ إِذا كُسِر و تَمَّ إِذا بلَّغ «3»؛ و قال رؤبة:
في بَطْنه غاشيةٌ تُتَمِّمُهْ‏


قال شمر: الغاشية وَرَم يكون في البطْن، و قال: تُتَمِّمُهُ أَي تُهْلِكه و تبلِّغه أَجَلَه؛ و قال ذو الرمة:
كانْهِياض المُعْنَتِ المُتَتَمِّمِ‏


يقال: ظَلَع فلان ثم تَتَمَّم تَتَمُّماً أَي تَمَّ عَرَجُه كَسْراً، من قولك تُمَّ إِذا كسر. و المُتَمُّ: منقَطَع عِرْق السُّرَّة. و التُّمَمُ و التِّمَمُ من الشعَر و الوَبر و الصُّوف: كالجِزَزِ، الواحدة تُمَّة. قال ابن سيدة: فأَمَّا التَّمُّ فأَراه اسماً للجمع. و اسْتَتَمَّه:
__________________________________________________
 (1). قوله [و في حديث ابن عمرو] هكذا في الأصل و نسخة من النهاية بفتح أوله، و في نسخة من النهاية: عمر بضم أوله.
 (2). قوله [قال أي عاذه إِلى قوله إِلى الواسطة] هكذا في الأصل.
 (3). قوله [و تم إِذا بلغ إلخ‏] هكذا في الأصل و التكملة و التهذيب، و أما شارح القاموس فذكر هذا الشطر عقب قول المتن: و تمم الشي‏ء أهلكه و بلغه أجله، ثم قال في المستدرك: تم إِذا كسر و تم إِذا بلغ، و لم يذكر شاهداً عليه.

70
لسان العرب12

تمم ص 67

طلب منه التِّمَمَ، و أَتَمَّه: أَعطاه إِياها. ابن الأَعرابي: التِّمُّ الفأْس، و جمعه تِمَمةٌ. و التَّامُّ من الشِّعْر «1»: ما يمكن أَن يَدْخُله الزِّحافُ فيَسلَمُ منه، و قد تم الجُزء تَماماً، و قيل: المُتَمَّمُ كلُّ ما زدت عليه بعد اعتدالِ البيت، و كانا من الجُزْء الذي زِدْتَه عليه نحو فاعِلاتُنْ في ضرب الرمل، سمي مُتَمَّماً لأَنك تَمَّمْتَ أَصل الجُزْء. و رجل مُتَمِّم إِذا فازَ قِدْحُه مرَّة بعد مرَّة فأَطعَم لَحْمَه المساكين. و تَمَّمَهم: أَطعمهم نَصِيبَ قِدْحه؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ و أَنشد قول النابغة:
إِني أُتَمِّمُ أَيْساري و أَمْنَحُهُمْ             مَثْنى الأَيادي، و أَكْسُو الجَفْنَة الأُدُما

أَي أُطْعِمهم ذلك اللَّحْم. و مُتَمِّمُ بن نُويْرة: من شُعرائهم شاعرُ بني يَرْبوع؛ قال ابن الأَعرابي: سمي بالمُتَمِّم الذي يُطْعِم اللَّحْم المساكين و الأَيْسار؛ و قيل: التَّتْمِيمُ في الأَيسار أَن ينقُص الأَيْسار في الجَزُور فيأْخذ رجُل ما بَقِي حتى يُتَمِّم الأَنْصِباء. و تَمِيمٌ: قَبيلةٌ، و هو تَمِيمُ بنُ مُرِّ بنِ أُدِّ بنِ طابِخَة بنِ إِلْياسَ بن مُضَرَ؛ قال سيبويه: من العرب من يقول هذه تَميمٌ يجعله اسماً للأَب و يصرِف، و منهم مَن يجعله اسماً للقبيلة فلا يَصْرِف، و قال: قالوا تَميم بنتُ مُرٍّ فأَنَّثوا و لم يقولوا ابن. و تَمَّمَ الرجلُ: صار هَواه تَمِيمِيّاً. و تَمَّم: انتَسب إِلى تَمِيمٍ؛ و قول العجاج:
إِذا دَعَوْا يالَ تَمِيمٍ تَمُّوا


قال ابن سيدة: أَراه من هذا أَي أَسرعوا إِلى الدعوة. الليث: تَمَّم الرجلُ إِذا صار تَميميَّ الرأْي و الهوى و المَحَلَّة. قال أَبو منصور: و قياسُ ما جاء في هذا الباب تَتَمَّم، بتاءين، كما يقال تَمَضَّر و تَنَزَّر، و كأَنهم حذفوا إِحدى التاءين استثقالًا للجمع. و تتامُّوا أَي جاؤوا كلهم و تَمُّوا. و التَّمْتَمةُ: ردُّ الكلام إِلى التاء و الميم، و قيل: هو أَن يَعْجَل بكلامه فلا يكاد يُفْهِمك، و قيل: هو أَن تسبِق كلمتُه إِلى حَنَكِه الأَعْلى، و الفأْفاء: الذي يعسُر عليه خروج الكلام، و رجل تَمْتام، و الأُنْثى تَمْتامةٌ. و قال الليث: التَّمْتَمةُ في الكلام أَن لا يبين اللسان يُخْطئ موضع الحرف فيرجِع إِلى لفظ كأَنه التاء و الميم، و إِن لم يكن بَيِّناً. محمد بن يزيد: التَّمْتَمَة الترديد في التاء، و الفأْفأَة الترديد في الفاء.
تنم:
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم: أَن الشمسَ كُسِفَت على عهده فاسْوّدتْ و آضَتْ كأَنها تَنُّومةٌ.
؛ قال أَبو عبيد: التَّنُّومةُ نوعٌ من نبات الأَرض فيه سوادٌ «2». و في ثمره يأْكله النَّعام. ابن سيدة: التَّنُّوم شجر له حَمْل صِغار كمثل حبِّ الخِرْوَع و يتفلَّق عن حبٍّ يأْكله أَهلُ البادية، و كَيْفَما زالت الشمس تَبِعها بأَعْراض الورق، و واحدته تَنُّومة. و قال أَبو حنيفة: التَّنُّوم من الأَغْلاث، و هي شجرة غَبْراء يأْكلها النَّعام و الظِّباءُ، و هي مما تُحْتَبَل فيها الظِّباء، و لها حَبٌّ إِذا تَفَتَّحتْ أَكمامُه اسودَّ، و له عِرْق، و ربما اتُّخِذَ زَنْداً، و أَكثر مَنابتها شُطآن الأَودية؛ و لِحُبِّ النعام له قال زهير في صفة الظَّليم:
أَصَكّ مُصَلَّم الأُذُنَيْنِ أَجْنى،             له بالسِّيِّ تَنُّومٌ وآهُ‏

__________________________________________________
 (1). قوله [و التام من الشعر إلخ‏] هكذا في الأصل، و عبارة التكملة: و من ألقاب العروض التام و هو ما استوفى نصفه نصف الدائرة و كان نصفه الأخير بمنزلة الحشو يجوز فيه ما جاز فيه.
 (2). قوله [فيه سواد إلخ‏] عبارة النهاية: فيها و في ثمرها سواد قليل.

71
لسان العرب12

تنم ص 71

و قال ابن الأَعرابي: التَّنُّومةُ، بالهاء، شجرة من الجَنْبَةِ عظيمة تنبت، فيها حب كالشَّهْدانِج يَدَّهِنون به و يأْتَدِمونه، ثم تَيْبَس عند دخول الشِّتاء و تذهب؛ هذا كله عن أَبي حنيفة. قال الأَزهري: التَّنُّومة شجرة رأَيتها في البادية يضرِب لَوْنُ ورَقها إِلى السواد، و لها حبّ كحب الشَّهْدانِج أَو أَكبر منها قليلًا، و رأَيت نساء البادية يَدْقُقْن حبَّه و يَعْتَصِرْن منه دُهناً أَزرق فيه لُزوجة، و يَدَّهِنَّ به إِذا امْتَشَطْن. و قال أَبو عمرو: التَّنُّوم حبَّة دَسِمة غَبْراء. و قال ابن شميل: التَّنُّومة تَمِهة الطَّعْم لا يَحْمَدُها المال. و تَنَمَ البعيرُ، بتخفيف النون: أَكل التَّنُّوم.
تهم:
تَهِمَ الدُّهْنُ و اللحمُ تَهَماً، فهو تَهِمٌ: تغيّر. و فيه تَهَمةٌ أَي خُبْث رِيح نحو الزُّهومة. و التَّهَمُ: شدَّة الحرِّ و سكونُ الريح. و تِهامةُ: اسم مكة و النازل فيها مُتْهِمٌ، يجوز أَن يكون اشتِقاقُها من هذا، و يجوز أَن يكون من الأَوَّل لأَنها سَفُلتْ عن نجد فَخبُث ريحُها، و قيل: تِهامةُ بلد، و النسب إِليه تِهامِيٌّ و تَهامٍ على غير قياس، كأَنهم بَنَوا الاسم على تَهْمِيّ أَو تَهَمِيٍّ، ثم عوَّضوا الأَلف قبل الطَّرف من إِحْدى الياءَين اللَّاحِقَتين بعدها؛ قال ابن جني: و هذا يدُلُّك على أَن الشيئين إِذا اكتَنَفا الشي‏ء من ناحيته تقاربَتْ حالاهما و حالاهُ بهما، و لأَجله و بسبَبه ما ذهَب قوم إِلى أَن حركة الحرف تَحْدُث قبله، و آخرون إِلى أَنها تَحْدُث بعده، و آخرون إِلى أَنها تحدُث معه؛ قال أَبو عليّ: و ذلك لغُمُوضِ الأَمر و شدّة القُرْب، و كذلك القول في شَآمٍ و يَمانٍ. قال ابن سيدة: فإِن قلت فإِنَّ في تِهامةَ أَلِفاً فلِمَ ذهَبْتَ في تَهام إِلى أَن الأَلف عِوَض من إِحْدَى ياءَي الإِضافة؟ قيل: قال الخليل في هذا إِنهم كأَنهم نسَبوا إِلى فَعْل أَو فَعَل، فكأَنهم فَكُّوا صِيغة تِهامةَ فأَصاروها إِلى تَهْمٍ أَو تَهَم، ثم أَضافوا إِليه فقالوا تَهامٍ، و إِنما مثَّل الخليل بين فَعْل و فَعَل و لم يقطع بأَحدهما لأَنه قد جاء هذا العمل في هذين جميعاً، و هما الشام و اليمن؛ قال ابن جني: و هذا التَّرْخيم الذي أَشرف عليه الخليل ظنّاً قد جاء به السماع نصّاً؛ أنشد أَحمد بن يحيى:
أَرَّقَنِي الليلةَ ليلٌ بالتَّهَمْ،             يا لك بَرْقاً، مَن يَشِمْه لا يَنَمْ‏

قال: فانظر إِلى قوَّة تصوُّر الخليل إِلى أَن هَجَم به الظنُّ على اليقين، و مَن كسر التاء قال تِهامِيّ؛ هذا قول سيبويه. الجوهري: النسبة إِلى تِهامةَ تِهامِيّ و تَهامٍ، إِذا فتحت التاء لم تشدّد كما قالوا يَمانٍ و شآمٍ، إِلَّا أَنَّ الأَلف في تَهامٍ من لفظها، و الأَلف في يَمانٍ و شآمٍ عوض من ياءَي النسبة؛ قال ابن أَحمر:
و كنَّا و هُم كابْنَيْ سُباتٍ تَفَرَّقا             سِوىً، ثم كانا مُنْجِداً و تَهامِيَا
و أَلْقى التَّهامِي منهما بِلَطاتِه،             و أَحْلَط هذا: لا أَرِيمُ مَكانِيَا

قال ابن بري: قول الجوهري إِلا أَنَّ الأَلف في تَهام من لفظها ليس بصحيح، بل الأَلف غير التي في تِهامة، بدليل انفتاح التاء في تَهام، و أَعاد ما ذكرناه عن الخليل أَنه منسوب إِلى تَهْم أَو تَهَم، أَراد بذلك أَن الأَلف عِوَض من إِحدى ياءَي النسب، قال: و حكى ابن قتيبة في غريب الحديث عن الزيادي عن الأَصمعي أَن التَّهَمةَ الأَرض المُتَصَوِّبة إِلى البحر، قال: و كأَنها مصدر من تِهامةَ. قال ابن بري: و هذا

72
لسان العرب12

تهم ص 72

يقوِّي قول الخليل في تَهامٍ كأَنه منسوب إِلى تَهَمَة أَو تَهْمة؛ قال: و شاهدُ تَهامٍ قول أَبي بكر بن الأَسود المعروف بابن شعوب الليثي و شعوب أُمُّه:
ذَرِيني أَصْطَبِحْ يا بَكْرُ، إِني             رأَيتُ الموت نقَّب عن هِشامِ‏
تَخَيَّره و لم يَعْدِلَ سِواهُ،             فَنِعْمَ المَرْءُ من رجُل تَهامِ‏

و أَتْهَم الرجلُ و تَتَهَّمَ: أَتَى تِهامَةَ؛ قال الممزَّق العَبْدِيّ:
فإِنْ تُتْهِمُوا أُنْجِدْ خِلافاً عليكُم،             و إِنْ تُعْمِنوا مُستَحْقبي الحَرب أُعْرِق‏

قال ابن بري: صواب إِنْشاد البيت:
فإِنْ يُتْهِموا أُنْجِدْ خلافاً عليهمُ‏


على الغَيبة لا على الخطاب، يُخاطب بذلك بعض الملوك و يَعْتَذِرُ إِليه لسُوءٍ بلَغه عنه؛ و قبل البيت:
أَ كَلَّفْتَني أَدْواءَ قَومٍ تَرَكْتُهمْ،             فإِلَّا تَداركْني من البَحْر أَغْرَق‏

أَي كلَّفْتَنِي جنايات قوم أَنا منهم بري‏ء و مُخالِف لهم و مُتباعد عنهم، إِن أَتْهَموا أَنْجَدْت مخالِفاً لهم، و إِن أَنْجَدوا أَعْرَقْت، فكيف تأْخُذني بذَنْب مَن هذه حاله؟ و قال أُمية بن أَبي عائذ الهُذليّ:
شَآم يَمان مُنْجِد مُتَتَهِّم،             حِجازِيَّة أَعْجازُه و هو مُسْهِلُ‏

قال الرِّياشيّ: سمعت الأَعراب يقولون: إِذا انْحَدرْت من ثَنايا ذاتِ عِرْق فقد أَتْهَمْت. قال الرِّياشيّ: و الغَوْرُ تهِامةُ، قال: و أَرض تَهِمةٌ شديدة الحرّ، قال: و تَبالةُ من تِهامةَ. و
في الحديث: أَنَّ رجلًا أَتى النبي، صلى الله عليه و سلم، و به وَضَحٌ، فقال: انظُرْ بَطْن وادٍ لا مُنْجِدٍ و لا مُتْهِمٍ فَتَمَعَّكْ فيه، ففعل فلم يَزِدِ الوَضَحُ حتى مات.
؛ فالمُتْهِمُ: الذي يَنْصبُّ ماؤه إِلى تِهامةَ؛ قال الأَزهري: لم يُرد سيدُنا رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، أَنَّ الوادي ليس من نَجْد و لا تِهامةَ، و لكنه أَراد حدّاً منهما فليس ذلك الموضع من نَجْد كله و لا من تِهامةَ كله، و لكنه منهما، فهو مُنْجِد مُتْهِم، و نَجْد ما بين العُذَيب إِلى ذاتِ عِرْق و إِلى اليمامة و إِلى جَبَلَيْ طَيِ‏ءٍ و إِلى وَجْرة و إِلى اليمن، و ذات عِرْق: أَوّل تِهامة إِلى البحر و جُدَّةَ، و قيل: تِهامةُ ما بين ذات عِرْق إِلى مَرْحَلَتين من وراء مكة، و ما وراء ذلك من المَغْرب فهو غَوْر، و المدينة لا تِهاميَّة و لا نَجْديَّة فإِنها فوق الغَوْر و دون نَجْد. و قومٌ تَهامون: كما يقال يَمانون. و قال سيبويه: منهم مَن يقول تَهامِيّ و يَمانيّ و شآمِيّ، بالفتح مع التشديد. و التَّهْمة: تُسْتَعمل في موضع تِهامةَ كأَنها المرّة في قياس قول الأَصمعي. و التَّهَم، بالتحريك: مصدر من تِهامة؛ و قال:
نَظَرْت، و العينُ مُبينةُ التَّهَمْ،             إِلى سَنا نارٍ وَقُودُها الرَّتَمْ،
شُبَّتْ بأَعْلى عانِدَيْن من إِضَمْ‏


و المِتْهامُ: الكثير الإِتْيان إِلى تِهامةَ. و إِبل مَتاهِيم و مَتاهِم: تأْتي تِهامةَ؛ قال:
أَ لا انْهَماها إِنَّها مَناهِيمْ،             و إِنَّنا مَناجِدٌ مَتاهِيمْ‏

يقول: نحن نأْتي نَجْداً ثم كثيراً ما نأْخُذ منها

73
لسان العرب12

تهم ص 72

إِلى تِهامةَ. و أَتْهَمَ الرجلُ إِذا أَتى بما يُتْهَم عليه؛ قال الشاعر:
هُما سَقَياني السُّمَّ من غير بَغْضةٍ،             على غير جُرْم في أَقاوِيل مُتْهِم‏

و رجل تِهامٌ و امرأَة تِهاميَّة إِذا نسبا إِلى تِهامةَ. الأَصمعي: التَّهَمةُ الأَرض المُتَصَوِّبة إِلى البحر كأَنها مصدر من تِهامة. و التَّهائم: المُتصوِّبة إِلى البحر. قال المبرّد: إِنما قالوا رجل تَهام في النسبة إِلى التَّهْمة لأَن الأَصل تَهمة، فلما زادوا أَلفاً خفَّفوا ياء النسبة كما قالوا رجل يَمان إِذا نسبوا إِلى اليمن، خفَّفوا لما زادوا أَلفاً، و شآمٍ إِذا نسبتَ إِلى الشام زادوا أَلفاً في تَهام و خفَّفوا ياء النسبة. و تَهِمَ البعيرُ تَهَماً: و هو أَن يستنكِر المَرْعَى و لا يَسْتَمْرِئه و تَسُوء حالُه، و قد تَهِم أَيضاً، و هو تَهِمٌ إِذا أَصابه حَرُورٌ فهُزِل، و تَهِم الرجل، فهو تَهِمٌ: خَبُثت ريحُه. و تَهِمَ الرجل، فهو تَهِمٌ: ظهر عجزه و تحيَّر؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
مَنْ مُبْلِغ الحَسْنَا اْنَّ بَعْلَها تَهِمْ،             و أَنَّ ما يُكْتَم منه قد عُلِمْ؟

أَراد الحَسْناء فقصَر للضرورة، و أَراد أَنَّ فحذف الهمزة للضرورة أَيضاً كقراءة من قرأَ: أَنِ ارْضِعيه. و التُّهْمةُ: أَصلها الواو فتذكر هناك.
توم:
التُّومةُ: اللؤلؤة، و الجمع تُوَمٌ و تُومٌ؛ قال ذو الرمة:
وَحْفٌ كأَنَّ النَّدَى، و الشمسُ ماتِعةٌ،             إِذا تَوقَّد في أَفْنانِهِ، التُّومُ‏

قال أَبو عمرو: هي الدرَّة و التُّومةُ و التُّؤَامِيَّة و اللَّطَمِيَّة. الجوهري: التُّومةُ، بالضم، واحدة التُّوَمِ، و هي حبَّة تعمَل من الفِضَّة كالدرَّة؛ هكذا فسر في شعر ذي الرمة. و التُّومةُ: القُرْط فيه حبَّة. و قال الليث: التُّومةُ القُرْط. ابن السكيت: قال أَيوب و مِسْحَل ابنا رَبْداء ابنة جرير: كان جرير يسمي قصيدتيه اللتين مدَح فيهما عبدَ العزيز بن مَرْوان و هجا الشعراء و إِحداهما:
ظَعَن الخليطُ لغُرْبة و تَنائِي،             و لقد نَسِيت برَامَتَيْنِ عَزائي‏

و الأُخرى:
يا صاحِبَيَّ دَنا الرَّواحُ فَسِيرَا


قالا: كان يسمِّيهما التُّومَتَيْنِ. و
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم: أَنه قال للنساء أَ تَعْجِز إِحداكُنَّ أَن تَتَّخِذ تُومَتَيْن من فضَّة ثم تُلَطِّخَهما بعَنْبر؟.
قال أَبو منصور: من قال للدرَّة تُومةٌ شبَّهها بما يسوَّى من الفضَّة كاللؤلؤة المستديرة تجعلُها الجارية في أُذنيها، و من قال تَوْأَمِيَّة فهما دُرَّتان للأُذنين إِحداهما تَوْأَمةُ الأُخرى. و
في حديث الكوثر: و رَضْراضُه التُّومُ.
أَي الدرُّ. و التُّومةُ: بيضَةُ النَّعام تشبيهاً بتُومة اللؤلؤ، و الجمع كالجمع؛ قال ذو الرمة:
و حتى أَتى يومٌ يَكادُ من اللَّظى             به التُّومُ، في أُفْحُوصه، يَتَصَيَّحُ‏

قال أَبو عبيد: يَعني البَيْض. و يَتَصَيَّح: لغة في يَتَصَوَّح بمعنى يتشقَّق؛ و قال ذو الرمة يصِف نباتاً وقع عليه الطَّلُّ فتعلَّق من أَغْصانه كأَنه الدرُّ فقال:
وَحْفٌ كأَنَّ النَّدَى، و الشمسُ ماتِعةٌ،             إِذا توقَّد في أَفْنانه، التُّوم‏

74
لسان العرب12

توم ص 74

أَفْنانُه: أَغْصانُه، الواحد فَنَن. توقَّد: أَنارَ لطلوع الشمس عليه. و تَوْماءُ: موضع و هو من عمَل دِمَشْق؛ قال جرير:
صَبَّحْنَ تَوْماءَ، و الناقُوسُ يَقْرَعُه             قَسُّ النصارى، حَراجِيجاً بنا تَجِفُ‏

تيم:
التَّيْمُ: أَن يَسْتَعْبده الهَوَى، و قد تامَه؛ و منه تَيْمُ الله: و هو ذَهابُ العقل من الهَوى، و رجل مُتَيَّم، و قيل: التَّيم ذهاب العقل و فساده؛ و في قصيدة كعب:
مُتَيَّم إِثْرها لم يُفْدَ مَكْبولُ‏


أَي مُعَبَّد مُذَلَّل. و تيَّمَه الحبُّ إِذا اسْتولى عليه. قال الأَصمعي: تَيَّمَتْ فلانةُ فلاناً تُتَيِّمهُ و تامَتْه تَتِيمُه تَيْماً، فهو مُتَيَّم بالنساء و مَتِيمٌ بهنَّ؛ و أَنشد للقِيط بن زُرارة:
تامَتْ فؤادَك، لو يَحْزُنْك ما صَنَعَتْ،             إِحْدَى نِساء بني ذُهْلِ بنِ شَيْبانا

و قيل: المُتَيَّم المُضَلَّل؛ و منه قيل للفَلاة تَيْماء، لأَنه يُضَلُّ فيها. و أَرض تَيْماءُ: مُضِلَّة مُهْلِكة، و قيل: واسعة. ابن الأَعرابي: التَّيْماء فَلاة واسعة. قال الأَصمعي: التَّيْماء التي لا ماء بها من الأَرَضِين، و نحو ذلك قال أَبو وَجْزة. ابن الأَعرابي: تامَ إِذا عَشِق، و تامَ إِذا تَخَلَّى من الناس. و التَّيم: العبد، و تَيمُ الله منه كما تقولُ عبد الله. و تَيمُ: قبيلةٌ. و بنو تَيمٍ: بطْن من الرِّباب. و بنو تَيْم اللَّاتِ بن ثعلبة: من بكر بن وائل. و أَما قولهم التَّيم فإِنما أَدخلوا اللام على إِرادة التَّيْمِيِّين، كما قالوا المجوس و اليهود؛ قال جرير:
و التَّيْمُ أَلأَمُ مَن يَمْشي، و أَلأَمُهُ             تَيمُ بنُ ذُهْلٍ بنُو السُّود المَدانِيس‏

الجوهري: تَيْمُ الله حَيٌّ من بكر يقال لهم اللَّهازم، و هو تَيْمُ الله بن ثعلبة بنِ عُكابةَ. و تَيمُ الله في النَّمِر ابن قاسِط، و أَصله من قولهم تَيَّمه الحبُّ أَي عَبَّدَه و ذلَّلَهُ، فهو مُتَيَّم، و معنى تَيْمِ الله عبدُ الله. و تَيْمٌ في قريش: رَهْطُ أَبي بكر الصديق، رضي الله عنه، و هو تَيْمُ بنُ مُرَّة بن كعب بن لُؤَيِّ بن غالب بن فِهْر بن مالك. و تَيْم بن غالب بن فِهْر أَيضاً في قريش و هم بنو الأَدْرَمِ، و تَيم بن عبد مَناة ابن أُدِّ بن طابِخَة بن إِلْياس بن مُضَر، و تَيْم بن قيس بن ثعلبة بن عُكابَة، و تَيْمُ بن شَيْبان بن ثعلبة ابن عُكابَة في بكر، و تَيْم بن ضَبَّة، و تَيْمُ اللَّاتِ أَيضاً في ضَبَّة، و تَيْمُ اللَّاتِ أَيضاً في الخَزْرَج من الأَنْصار و هم تَيْمُ اللَّاتِ بن ثعلبة، و اسمه النجَّار؛ و أَما قول إمرئ القيس:
أَقَرَّ حَشا إمْرِئ القيس بن حُجْرٍ             بنو تَيْمٍ مَصابيحُ الظَّلامِ‏

فهو بنو تَيْم بن ثعلبة من طَيِ‏ءٍ. و التِّيمةُ، بالكسر: الشاة تُذْبَح في المَجاعة، و الإِتْئام ذبحُها، و هو مذكور في الهمز. و
كتب سيدُنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم، لوائل بن حُجْر كتاباً أَمْلَى فيه: في التِّيعة شاةٌ و التِّيمَةُ لصاحبها.
و قيل: التِّيَمةُ الشاة الزائدة على الأَربعين حتى تبلُغ الفَرِيضة الأُخرى، و قيل: هي الشاة تكون لصاحبها في منزله يَحْتَلِبُها، و ليست بسائمةٍ، و هي من الغنم الرَّبائب؛ قال أَبو عبيد: و ربما احتاج صاحبها إِلى لَحْمها فيَذْبَحها فيقال عند ذلك: قد أَتامَ الرجل و أَتامَتِ المرأَة. و
في الحديث: التِّيمةُ
                       

75
لسان العرب12

تيم ص 75

لأَهْلها.
؛ تقول منه: اتَّامَ الرجل يَتَّامُ اتِّياماً إِذا ذَبَحَ تِيمَته، و هو افْتَعَل؛ قال الحُطَيئة:
فما تَتَّامُ جارةُ آلِ لأْيٍ،             و لكن يَضْمَنُون لها قِراها

يقول: جارتُهم لا تحتاج أَن تَذْبَح تِيمَتَها لأَنهم يَضْمَنون لها كفايتَها من القِرى فهي مُسْتَغنية عن ذبح تِيمَتِها. قال أَبو الهيثم: الاتِّيامُ أَن يَشْتَهيَ القومُ اللحمَ فيذبَحوا شاةً من الغنم، فتلك يقال لها التِّيمة تذبح من غير مرض، يقول: فجارتُهم لا تَتَّامُ لأَن اللحمَ عندها من عندهم فتكتفي و لا تحتاج أَن تذبح شاتها. قال ابن الأَعرابي: الاتِّيام أَن تُذْبَح الإِبل و الغنم بغير عِلَّة؛ قال العماني:
يَأْنَفُ للجارة أَن تَتَّاما،             و يَعْقِر الكُومَ و يُعْطي حاما

أَي يُطْعِم السُّودان من أَولاد حامٍ. و قال أَبو زيد: التِّيمةُ الشاة يذبَحُها القومُ في المَجاعة حين يُصِيب الناسَ الجوعُ. و تَيْماء: موضع؛ و منه قول الأَعشى:
و الأَبْلَقُ الفَرْدُ من تَيْماء مَنْزِله‏


و قيل: هو موضع من عَمل دِمَشْق؛ قال جرير:
صَبَّحْنَ تَيْماءَ، و الناقُوسُ يَقْرَعُه             قَسُّ النصارى، حَراجِيجاً بنا تَجِفُ‏

و الله أَعلم.
فصل الثاء
ثتم:
يقال: ثَتَمَتْ «3» خَرْزها أَفْسَدَتْه‏
ثجم:
الثَّجْمُ: سُرْعة الصرْف عن الشي‏ء. و الإِثْجامُ: سُرْعة المطَر. و أَثْجَمت السماءُ: دام مطرُها، و في الصحاح: أَثْجَمَت السماء أَيَّاماً ثم أَنْجَمَتْ، و قيل: كلُّ شي‏ء دام، فقد أَثْجَم. الأَصمعي: أَثْجَم المطَرُ و أَغْضَنَ إِذا دام أَيّاماً لا يُقْلِعُ و كثر.
ثدم:
رجُل ثَدْمٌ: عَيِيُّ الحجَّةِ و الكلامِ مع ثِقَل و رَخاوةٍ و قِلَّة فَهْم، و هو أَيضاً الغَليظ الشِّريِّر الأَحْمق الجافي، و الجمع ثِدام، و الأُنثى ثَدْمة و هي الضخْمة الرِّخْوة؛ عن اللحياني. و الثِّدامُ: المصْفاة. و إِبْريقٌ مُثَدَّم: وُضِع عليه الثِّدامُ، و حكى يعقوب أَن الثاء في كل ذلك بدل من الفاء. و رجل فَدْم ثدْم بمعنى واحد.
ثرم:
الثَّرَمُ، بالتحريك: انكِسارُ السِّنِّ من أَصلها، و قيل: هو انكِسار سِنٍّ من الأَسْنان المقدَّمة مثل الثَّنايا و الرَّباعِيات، و قيل: انكِسار الثَّنِيَّة خاصَّة، ثَرِمَ، بالكسر، ثَرَماً و هو أَثْرَمُ و الأُنْثَى ثَرْماء. و ثَرَمه، بالفتح، يَثْرِمه ثرْماً إِذا ضربه على فِيه فَثَرِمَ، و أَثْرَمَه فانْثَرَمَ. و ثَرَمْتُ ثَنِيَّته فانْثَرَمَتْ، و أَثْرَمَه الله أَي جعله أَثْرَم. أَبو زيد: أَثْرَمت الرجل إِثْراماً حتى ثَرِمَ إِذا كَسرت بعض ثَنيَّته. قال: و مثله أَنْتَرْت الكَبْش حتى نَتِر «4» و أَعْوَرْت عينَه، و أَعْضَبْت الكَبْشَ حتى عَضِب إِذا كسرْت قَرْنه. و الثَّرْم: مصدر الأَثْرَم، و قد ثرَمْت الرجل فثَرِم، و ثَرمْت ثَنِيَّته فانْثَرَمَتْ. قال أَبو منصور: و كلُّ كسر ثَرْمٌ و رَثْم و رَتْم. و
في الحديث: أَنه نهى أَن يُضَحَّى بالثَّرْماء.
؛ الثَّرَمُ: سقوط الثَّنِيَّة من‏
__________________________________________________
 (3). 1 قوله [ثتمت خرزها] هكذا في الأصل بسكون الراء و في القاموس بفتحها.
 (4). قوله [و مثله أنترت الكبش حتى نتر إلخ‏] هكذا في الأصل و شرح القاموس.

76
لسان العرب12

ثرم ص 76

الأَسْنان، و قيل: الثنيَّة و الرَّباعيَة، و قيل: هو أَن تُقْلَع السنُّ من أَصلها مطلقاً، و إِنما نَهى عنها لنُقْصان أَكلها. و منه‏
الحديث في صفة فِرْعَون: أَنه كان أَثْرَم.
و الأَثْرَمُ من أَجزاء العَروض: ما اجتمع فيه القَبْض و الخَرْمُ، يكون ذلك في الطَّويل و المتَقارَب، شبِّه بالأَثْرَم من الناس. و الأَثْرَمان: الليلُ و النهارُ. و الأَثْرَمان: الدَّهْر و الموْت؛ و أَنشد ثعلب:
و لمَّا رأَيتُك تَنْسى الذِّمام،             و لا قَدْرَ عندك للمُعْدِمِ،
و تَجْفُو الشَّريف إِذا ما أَخَلَّ،             و تُدْني الدَّنيَّ على الدِّرْهَمِ،
وهَبْتُ إِخاءَك للأَعْمَيَيْن،             و للأَثْرَمَيْنِ و لم أَظْلِمِ‏

الأَعْمَيان: السَّيلُ و النار. و أَخَلَّ: احتاج، و الخَلَّةُ الحاجة. و الثَّرْمانُ: نَبْت، و هو فيما ذكَر أَبو حنيفة عن بعض الأَعراب شجَر لا ورَق له، ينبُت نبات الحُرُض من غير ورَق، و إِذا غُمِزَ انْثَمأَ كما يَنْثمِئٌ الحَمْضُ. و هو كثير الماء و هو حامِضٌ عَفِصٌ تَرْعاه الإِبِل و الغنم و هو أَخْضَر، و نَباته في أَرُومةٍ، و الشِّتاءُ يُبِيدُه، و لا خَشَبَ له إِنما هو مَرْعىً فقط. و الثَّرْماء: ماء لكِنْدةَ معروف. و ثَرَم: اسم ثنية تُقابِل موضعاً يقال له الوَشْم، و هو مذكور في موضعه؛ قال:
و الوَشْم قد خَرَجَتْ منه، و قابَلَها             من الثَّنايا التي لم أَقْلِها ثَرَمُ‏

ثرتم:
الثُّرْتُم، بالضم: ما فَضَل من الطعام و الإِدام في الإِناء، و خصَّ اللحياني به ما فضَل في القَصْعة؛ أَنشد أَبو عبيد:
لا تَحْسَبَنَّ طِعانَ قَيْس بالقَنا             و ضِرابَهْم بالبيضِ حَسْوَ الثُّرْتُم‏

ثرطم:
الطَّرْثَمة و الثَّرْطَمة: الإِطْراق من غضب أَو تكبُّر، و قد ثَرْطَم. و المُثَرْطِمُ: المُتناهي السِّمَن من الدوابِّ، و قيل: هو المُنْتَهي سِمناً من كل شي‏ء، و قد ثَرْطَم.
ثرعم:
ابن الأَعرابي: الثِّرْعامة المرأَة؛ و أَنشد:
أَفْلَحَ مَن كانت له ثِرْعامَهْ‏


أَي امرأَة، و قال ابن بري: الثِّرْعامة مِظلَّة الناطور؛ و أَنشد:
أفْلَح مَن كانت له ثِرْعامَهْ،             يُدخلُ فيها كلَّ يوم هامَهْ‏

ثطعم:
تَثَطْعَم على أَصحابه: عَلاهم بكلام، و هي الثَّطْعَمة؛ قال ابن دريد: و ليس بثبت.
ثعم:
الثَّعْمُ: النَّزْعُ و الجرُّ. ثعَمه ثَعْماً: جَرَّه و نزَعه. و تثَعَّمَتْه الأَرضُ: أَعْجبته فَذَعَتْه إِليها و جرَّته لها، على المثَل، و نحو ذلك كذلك؛ قال الأَزهري: و ما سمعت الثَّعْم في شي‏ء من كلامهم غير ما ذكره الليث؛ و رواه أَبو زيد بالنون. و ابنُ الثُّعامة: ابنُ الفاجِرة.
ثغم:
الثَّغام، بالفتح: نَبْت على شَكْل الحَلِيِّ و هو أَغلظ منه و أَجلُّ عُوداً، يكون في الجَبل ينبُت أَخضر ثم يبيضّ إِذا يَبِس و له سَنَمة غليظة، و يقال‏

77
لسان العرب12

ثغم ص 77

له بالفارسية دَرْمَنَه إِسْبيذ «1». و لا ينبُت إِلَّا في قُنَّة سوداء، و هو ينبُت بنَجْد و تِهامة. التهذيب: الثَّغامةُ نَبات ذو ساقٍ جُمَّاحَته مثل هامة الشَّيْخ. و
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم: أَنه أُتِيَ بأَبي قُحافةَ يوم الفتح و كأَن رأْسه ثَغامةٌ فأَمرهم أَن يغيِّروه.
؛ قال أَبو عبيد: هو نَبْت أَبيض الثَّمر و الزَّهْر يُشَبَّه بياض الشَّيْب به؛ قال حسان:
إِمَّا تَرَيْ رَأْسي تَغَيَّر لونُه             شَمَطاً، فأَصبح كالثَّغامِ المُمْحِل‏

و قال الدِّينَورِي: الثَّغام حَلِيُّ الجَبل يكون أَبيضَ. قال أَبو حنيفة: الثَّغام أَرقُّ من الحَلِيِّ و أَدقُّ و أَضعف، و هو يُشْبِهه، و نَبْتُه نَبْت النَّصِيّ ما دام رَطْباً، فإِذا يَبِس ابْيضَّ ابْيِضاضاً شديداً فشبِّه الشَّيْب به، واحدته ثَغامة، و أَثْغِماء اسم للجمع، و كأَنَّ أَلفَيه بدل من هاء أَثْغِمة. و رأْس ثاغِمٌ إِذا ابيضَّ كله؛ قال المرّار الأَسدي «2»:
أَ عَلاقةً أُمَّ الوُلَيِّد، بعد ما             أَفْنان رأْسِكَ كالثَّغامِ المُخْلِسِ؟

ابن الأَعرابي: الثَّغامة شجرة تبيضُّ كأَنها الثلج؛ و أَنشد:
إِذا رأَيت صَلَعاً في الهامَهْ،             و حَدَباً بعد اعْتِدال القامَهْ‏
و صار رأْسُ الشيخ كالثَّغامَهْ،             فايأَسْ من الصحَّة و السَّلامَهْ‏

و المُثاغَمةُ و المُفاغمة: مُلاثَمةُ الرجل امرأَته. و الثَّغِمُ: الضارِي من الكِلاب.
ثكم:
ثَكَمُ الطريق، بالتحريك: وسَطه؛ قال ابن بري: شاهده قول الشاعر:
لمّا خَشِيت بسُحْرَةٍ إِلْحاحَها،             أَلْزَمْتها ثَكَمَ النَّقِيل اللَّاحِبِ‏

الإِلْحاح: قيامُ الدابة على أَهله فلم يَبرح، و النَّقِيلُ: الطريق. ابن الأَعرابي: الثُّكْمةُ المَحَجَّة.
روي عن أُم سلمة أَنها قالت لعثمان بن عفان، رضي الله عنه: تَوَخَّ حَيث تَوَخَّى صاحباك فإِنهما ثَكَما لك الحقَّ ثَكْماً.
أَي بَيَّناه و أَوضحاه حتى تَبَين كأَنه مَحَجَّة ظاهرة، و الثَّكْمُ: مصدر ثَكَمَ؛ قال القتيبي: أَرادت أُم سلمة أَنهما لَزِما الحقَّ و لم يَظْلما و لا خَرَجا عن المَحَجَّة يميناً و لا شمالًا؛ و منه‏
الحديث الآخر: أَنَّ أَبا بكر و عُمر ثَكَما الأَمر فلم يَظْلماه.
؛ قال الأَزهري: أَراد رَكِبا ثَكَم الطريق و هو قَصْده. و ثَكِمَ بالمكان، بالكسر، يَثْكَم إِذا أَقام به، و ثَكِمْت الطريق إِذا لَزِمته. و ثُكامة: اسم بلد.
ثلم:
ثَلَمَ الإِناءَ و السيفَ و نحوَه يَثْلِمُهُ ثَلْماً و ثلَّمه فانْثَلَم و تَثَلّم: كسر حَرْفَه. ابن السكيت: يقال في الإِناء ثَلْم إِذا انكسر من شَفَتِه شي‏ء، و في السيف ثَلْم. و الثُّلْمة: الموضع الذي قد انْثَلم، و جمعها ثُلَم، و قد انْثَلَم الحائط و تَثَلَّم؛ و قال الشاعر:
بالحَزْن فالصَّمَّان فالمُتَثَلَّمِ «3»


و يقال: ثَلَمْت الحائط أَثْلِمُه، بالكسر، ثَلْماً
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [درمنه اسبيذ] عبارة شارح القاموس: و اختلف في ضبطه، فالذي في نسختنا بكسر الدال و فتح الراء و سكون الميم، و في بعضها بفتح الدال و تشديد الراء المفتوحة و سكون الميم، و كل هذا خبط، و الصحيح درمنه بفتح الأَول و الثالث و سكون الراء و أصله درميانه و اسبيذ بالكسر و المعنى في وسطه أبيض.
 (2). 2 قوله [قال المرار الأسدي‏] عبارة التكملة: المرار الفقعسي.
 (3). 1 هذا البيت لعنترة من معلقته و صدره:
و تحلّ عبلة بالجواء و أهلنا

و يروى أيضاً:
... المتثلِّم‏

، بكسر اللام.

78
لسان العرب12

ثلم ص 78

فهو مَثْلوم. و الثُّلْمة: الخَلَل في الحائط و غيره. و ثَلِمَ الشي‏ء، بالكسر، يَثْلَم، فهو أَثْلَم بيِّن الثَّلَم، و ثَلَّمته أَيضاً شُدِّد للكثرة. و
في الحديث: أَنه نَهى عن الشُّرْب من ثُلْمة القَدَح.
أَي موضع الكسر، و إِنما نَهى عنه لأَنه لا يَتماسك عليها فَمُ الشارب و ربَّما انصبَّ الماء على ثوبه و بدنه، و قيل: لأَنَّ موضعها لا يناله التنظيف التامُّ إِذا غُسل الإِناء، و قد جاء
في الحديث: أَنه مَقْعَدُ الشيطان.
قال: و لعله أَراد به عدم النظافة. و الثُّلْمة: فُرْجة الجُرْف المكسور. و الثَّلَم في الوادي، بالتحريك: أَن يَنْثَلِم جُرْفُه، و كذلك هو في النُّؤْي و الحَوْضِ، قال أَبو منصور: و رأَيت بناحية الصَّمَّان موضعاً يقال له الثَّلَم، قال: و أَنشدني أَعرابي:
تَرَبَّعَتْ جَوَّ خُوَيّ فالثَّلَمْ‏


و الثَّلْم في العَرُوض: نوع من الخَرْم و هو يكون في الطويل و المُتَقارَب. و ثُلِمَ في مالهِ ثَلْمة إِذا ذهَب منه شي‏ء. و الأَثْلم: التراب و الحجارة كالأَثْلَب، عن الهجري، قال ابن سيدة: لا أَدري أَ لغة أَم بدل، و أَنشد:
أَحْلِف لا أُعْطِي الخبيثَ دِرْهَمَا             ظُلْماً، و لا أُعطِيه إِلّا الأَثْلَمَا

و مُثَلَّم: اسم. و الثَّلْماءُ: موضع. و الثَّلَم: موضع، قال زهير:
هلْ رامَ أَمْ لم يَرِمْ ذو الجِزْعِ فالثَّلَمُ،             ذاك الهَوى منك لا دانٍ و لا أَمَمُ‏

أَراد ذاك المَهْوِيّ فوضع المصدر موضع المفعول، و يروى فالسَّلَم. و المُتَثَلَّم: موضع رواه أَهل المدينة في بيت زهير:
بحَوْمانَةِ الدَّرَّاجِ فالمُتَثَلَّمِ «1»


و رواية غيرهم من أَهل الحجاز: فالمُتَثَلِّمِ. و المُثَلَّم: اسم موضع. و أَبو المُثَلَّم: من شعرائهم.
ثمم:
ابن الأَعرابي: ثُمَّ إِذا حُشي، و ثُمَّ إِذا أُصلِحَ. ابن سيدة: ثَمّ يَثُمُّ، بالضم، ثَمّاً أَصلَح. و ثمَمْت الشي‏ء أَثُمُّه، بالضم، ثَمّاً إِذا أَصلَحته و رمَمْتَه بالثُّمام؛ و منه قيل: ثَمَمْت أُموري إِذا أَصلَحتها و رمَمْتَها. و
رُوي عن عُرْوة بن الزبير أَنه ذكر أُحَيْحة بن الجُلاح و قَوْل أَخْوالِه فيه: كنَّا أَهلَ ثُمِّهِ و رُمِّهِ حتى استَوى على عُمَمِه و عَمَمِه.
؛ قال أَبو عبيد: المحدّثون هكذا يَرْوُونه، بالضم، و وجْهه عندي بالفتح. و الثَّمُّ: إِصلاحُ الشي‏ء و إِحكامُه، و هو و الرَّمُّ بمعنى الإِصلاح، و قيل: هما، بالضم، مصدران كالشكر أَو بمعنى المفعول كالذُّخْر أَي كنَّا أَهل تَرْبِيَتِه و المُتَولِّين لإِصلاح شأْنه، يقال منه: ثَمَمْت أَثُمُّ ثَمّاً؛ و قال هِمْيان بن قُحافة يذكر الإِبل و أَلْبانَها:
حتى إِذا ما قضَتِ الحوائجا،             و مَلأَتْ حُلَّابُها الخَلانِجا
منها، و ثَمُّوا الأَوْطُبَ النَّواشِجا


قال: أَراد أَنهم شدُّوها و أَحكَموها، قال: و النَّواشجُ الممتلئة؛ قال أَبو منصور: يعني بقوله‏
... ثَمُّوا الأَوْطُب النَّواشِجَ‏


أَي فَرشوا لها الثُّمامَ و ظَلَّلوها به، قال: و هكذا سمعت العرب تقول: ثَمَمْت السِّقاء إِذا فَرَشْت له الثُّمام و جعلتَه فوقه لئلا تُصيبه الشمسُ فَيَتَقطَّع لَبَنُه. و الثُّمامُ: نَبْت معروف في البادية و لا تَجْهَدُه النَّعَم‏
__________________________________________________
 (1) صدر هذا البيت:

أ مِن أُمِّ أوفى دِمنةٌ لم تكلَّمِ.

 

79
لسان العرب12

ثمم ص 79

إِلَّا في الجُدوبة، قال: و هو الثُّمَّةُ أَيضاً، و ربما خفِّف فقيل: الثُّمَة، و الثُّمَةُ: الثُّمامُ. و رجلٌ مِعَمٌّ مِثَمٌّ مِلَمٌّ للذي يُصْلح الأَمْر و يقوم به. ابن شميل: المِثَمُّ الذي يَرْعَى على مَن لا راعِيَ له، و يُفْقِرُ مَنْ لا ظهر له، و يَثُمُّ ما عجز عنه الحيُّ من أَمرهم، و إِذا كان الرجل شديداً يأْتي من وراء الصاغية و يحمل الزيادة و يردُّ الرِّكاب قيل له: مِثَمٌّ، و إِنه لَمِثَمٌّ لأَسافِل الأَشياء. و مَثَمُّ الفَرس، بالفتح: منقطَع سُرَّتِه، و المَثَمَّةُ مثله. و ثَمَّ الشي‏ءَ يَثُمه ثَمّاً: جمعه، و أَكثرُ ما يُستعمَل في الحَشيش. و يقال: هو يَثُمُّه و يقمُّه أَي يَكْنُسُه و يَجمع الجيِّد و الرَّدي‏ء. و رجل مِثَمٌّ و مِقَمٌّ، بكسر الميم، إِذا كان كذلك، و مِثَمَّةٌ و مِقَمَّةٌ أَيضاً، الهاء للمبالغة. و قال أَعرابي: جَعْجَع بي الدهرُ عن ثُمِّه و رُمِّه أَي عن قليله و كثيره. و الثُّمَّةُ، بالضم: القَبْضة من الحشيش. و ثَمَّ يده بالحشيشِ أَو الأَرضِ: مَسَحها، و ثَمَمْت يدي كذلك. و انْثَمَّ عليه أَي انْثال عليه. و انْثَمَّ جسمُ فلان أَي ذاب مثل انْهَمَّ؛ عن ابن السكيت. أَبو حنيفة: الثُّمُّ لغة في الثُّمامِ، الواحدة ثُمَّةٌ؛ قال الشاعر:
فأَصبح فيه آلُ خَيْمٍ مُنَضَّدٍ،             و ثُمٍّ على عَرْش الخيام غَسيِل‏

و قالوا في المَثَلِ لنَجاحِ الحاجة: هو على رأْس الثُّمَّة؛ و قال:
لا تَحْسبي أَنَّ يَدي في غُمَّهْ،             في قَعْر نِحْيٍ أَسْتَثِيرُ جَمَّهْ،
أَمسحُها بتُرْبَةٍ أَو ثُمَّهْ‏


و ثَمَّتِ الشاةُ الشي‏ءَ و النَّباتَ بفِيها تَثُمُّه ثَمّا، و هي ثَمُومٌ: قَلَعَتْه بفِيها، و كلَّ ما مرَّت به، و هي شاة ثَمُومٌ. الأُموي: الثَّمُومُ من الغنم التي تَقْلَع الشي‏ء بفيها، يقال منه: ثَمَمْت أَثُمُّ، و العرب تقول للشي‏ء الذي لا يَعسُر تَناوُلُه: هو على طَرَف الثُّمام، و ذلك أَن الثُّمامَ لا يَطول فيَشُقّ تناوُلُه. أَبو الهيثم: تقول العرب في التشبيه هو أَبوه على طَرَف الثُّمَّة إِذا كان يُشْبهه، و بعضهم يقول الثَّمَّة، مفتوحة. قال: و الثُّمَّة الثُّمام إِذا نُزِع فجعل تحت الأَساقي. يقال: ثَمَمْتُ السِّقاء أَثُمُّه إِذا جعلت تحتَه الثُّمَّة، و يقال: ثُمَّ لها أَي اجْمع لها. و ثَمَّ الشي‏ءَ يَثُمُّه و ثَمَّمَهُ: وطِئَه، و الاسم الثُّمُّ، و كذلك ثَمَّ الوَطْأَة. و ثَمَّمَ الكثيرُ: لغة في ثَمَّمَ «1»، و يقال ذلك على الثُّمَّة، يضرَب مثلًا في النجاح. و انْثَمَّ الشيخ انْثِماماً: ولَّى و كَبِرَ و هَرِمَ. و ثَمَّ الطَّعامَ ثَمّاً: أَكلَ جَيِّده. و ما له ثُمٌّ و لا رُمٌّ: فالثُّمُّ قُماشُ الناسِ أَساقيهم و آنِيتَهُم، و الرُّمُّ مَرمَّةُ البيت. و ما يملك ثُمّاً و لا رُمّاً أَي قليلًا و لا كثيراً، لا يُستعمل إِلَّا في النفي. قال أَبو منصور: الثُّمُّ و الرُّمُّ صحيح من كلام العرب. قال أَبو عمرو: الثُّمُّ الرُّمُّ؛ و أَنشد لأَبي سلمة المحاربي:
ثَمَمْت حوائجي و وَذَأْتُ عَمْراً،             فبئس مُعَرَّسُ الرَّكْب السِّغاب «2».

ثَمَمْت: أَصلحت؛ و منه قولهم: كنَّا أَهل ثُمِّه و رُمِّه. و الثُّمامُ: شجر، واحدته ثُمامة و ثُمَّة؛ عن كراع؛ قال ابن سيدة: لا أَدري كيف ذلك، و به فسر
__________________________________________________
 (1) قوله [و كذلك ثم الوطأة و ثمم الكثير لغة في ثمم‏] هكذا في الأصل.
 (2) قوله [و وذأت عمراً] في نسخة: بشراً و هو كذلك في الصحاح هنا و في مادة وذأ، و في الأصل: الشعاب بالشين المعجمة و العين المهملة. و في الصحاح في المادتين المذكورتين: السغاب بالسين المهملة و الغين المعجمة.

80
لسان العرب12

ثمم ص 79

قولهم: هو لك على رأْس الثُّمَّةِ، و بها سمي الرجل ثُمامة. و الثُّمام: نبت ضعيف له خوص أَو شبيه بالخُوص، و ربما حُشِي به و سُدَّ به خَصاص البيوت؛ قال الشاعر يصف ضعيف الثُّمام:
         و لو أَنّ ما أَبْقَيْت مِني مُعَلَّقٌ             بعُودِ ثُمامٍ، ما تأَوَّدَ عُودُها

و
في حديث عمر: اغْزوا و الغَزْوُ حُلْوٌ خَضِر قبل أَن يصير ثُماماً ثم رُماماً ثم حُطاماً.
؛ و الثُّمام: نبت ضعيف قصير لا يطول، و الرُّمامُ: البالي، و الحُطامُ: المتَكسِّر المُتَفَتِّت؛ المعنى: اغْزُوا و أَنتم تُنْصَرون و تُوفِّرُون غنائمكم قبل أَن يَهِنَ و يَضْعُف و يصير كالثُّمام. و الثُّمام: ما يَبِس من الأَغْصان التي توضَع تحت النَّضَدِ. و بيتٌ مَثْمومٌ: مُغَطىًّ بالثُّمامِ، و كذلك الوَطْب، و هو على طَرَف الثُّمام أَي ممكن لا مُحال؛ عن ابن الأَعرابي. الأَزهري: الثُّمامُ أَنواع: فمنها الضَّعَة و منها الجَليلةُ و منها الغَرَفُ، و هو شبيه بالأَسَل و تُتَّخذ منه المَكانِس و يُظَلَّل به المَزاد فيُبَرِّد الماء. و شاة ثَمومٌ: تأْكل الثُّمامَ، و قد قلنا إِنها التي تقلَع الشي‏ء بفِيها. ابن السكيت: ثَمَّمْتُ العَظْم تَثْميماً، و ذلك إِذا كان عَنِتاً فأَبَنْتَه. و الثَّمِيمةُ: التّامورةُ المشدودةُ الرأْس، و هي الثِّفالُ و هي الإِبريقُ. و ثَمَّ، بفتح الثاء: إِشارة إِلى المكان؛ قال الله عز و جل: وَ إِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً
؛ قال الزجاج: ثَمَ‏
 يعني به الجَنَّة، و العامل في ثَمَ‏
 معنى رَأَيْتَ، المعنى و إِذا رميت ببصَرك ثَمَّ؛ و قال الفراء: المعنى إِذا رأَيت ما ثَمَّ رأَيت نَعيماً، و قال الزجاج: هذا غلط لأَن ما موصولة بقوله ثمّ على هذا التفسير، و لا يجوز إِسقاط الموصول و تَرْكُ الصِّلة، و لكن رأَيت متعدٍّ في المعنى إِلى ثَمَّ. و أَما قول الله عز و جل: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ‏
، فإِن الزجاج قال أَيضاً: ثَمَّ موضِعُه موضعُ نَصْب، و لكنه مبني على الفتح و لا يجوز أَن يكون ثَمّاً زيدٌ «1»، و إِنما بُنيَ على الفتح لالتقاء الساكنين. و ثَمَّ في المكان: إِشارة إِلى مكان مُنْزاحٍ عنك، و إِنما مُنِعَت ثَمَّ الإِعراب لإِبْهامها، قال: و لا أَعلم أَحداً شرح ثَمَّ هذا الشرح، و أَما هنا فهو إِشارة إِلى القريب منك. و ثَمَّ: بمعنى هناك و هو للتبعيد بمنزلة هنا للتقريب. قال أَبو إِسحاق: ثَمَّ في الكلام إِشارة بمنزلة هناك زيد، و هو المكان البعيد منك، و مُنِعت الإِعرابَ لإِبهامها و بَقِيت على الفتح لالتقاء الساكنين. و ثَمَّتَ أَيضاً: بمعنى ثَمَّ. و ثُمّ و ثُمَّتَ و ثُمَّتْ، كلها: حرف نَسَق و الفاء في كل ذلك بدل من الثاء لكثرة الاستعمال. الليث: ثُمَّ حرف من حروف النَّسَق لا يُشَرِّك ما بعدَها بما قبلها إِلا أَنها تبيّن الآخر من الأَوّل، و أَما قوله: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها
، و الزَّوْج مخلوق قبل الولد، فالمعنى أَن يُجْعَل خلْقُه الزوجَ مردوداً على واحدةٍ، المعنى خلقها واحدة ثم جعل منها زَوْجَها، و نحو ذلك قال الزجاج، قال: المعنى خلقكم من نفسٍ خلقها واحدة ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها
 أَي خلق منها زوجَها قبلكم؛ قال: و ثُمَّ لا تكون في العُطوف إِلَّا لشي‏ء بعد شي‏ء، و العرب تزيد في ثُمَّ تاءً تقول فعلت كذا و كذا ثُمَّت فعلت كذا؛ و قال الشاعر:
         و لقد أَمُرُّ على اللَّئِيم يَسُبُّني،             فمضَيْت ثُمَّتَ قلت: لا يَعْنِيني‏

و قال الشاعر:
__________________________________________________
 (1) قوله [و لا يجوز أَن يكون ثماً زيد] هكذا في الأصل و لعله و لا يجوز أَن تقول ثماً زيد.

81
لسان العرب12

ثمم ص 79

         ثُمَّتَ يَنْباعُ انْبِياعَ الشجاعْ‏


و ثُمَّ: حرف عطف يدل على الترتيب و التراخي.
ثمثم:
الثَّمْثَمُ: الكلب، و قيل: الثَّمْثَمُ كلب الصيد. الأَزهري في الرباعي: العُرْبُجُ و الثَّمْثَمُ كلب الصيد. و ثَمْثَمَ الرجلُ عن الشي‏ء و تَثَمْثَم: توقف، و كذلك الثورُ و الحِمارُ؛ قال الأَعشى:
         فَمَرَّ نَضِيُّ السَّهْمِ تحت لَبانِه،             و جالَ على وَحْشِيِّه لم يُثَمْثِمِ‏

و تكلم فما تَثَمْثَمَ و لا تَلَعْثَم بمعنىً. و ثَمْثَموا الرجل: تَعْتَعُوه؛ عن ابن الأَعرابي. و ثَمْثَمَ الرجل إِذا غَطَّى رأْس إِنائه. و يقال: مَثْمِثُوا بنا ساعةً و ثَمْثِموا بنا ساعة و لَثْلِثوا ساعةً و حَفْحِفوا «1». ساعة أَي رَوِّحوا بنا قليلًا. الثَّمْثام: الذي إِذا أَخذ الشي‏ء كسَره. و يقال: هذا سَيْف لا يُثَمْثَمُ نَصْله أَي لا يُثْنَى إِذا ضُرب به و لا يَرْتَدّ؛ و قال ساعدة:
         فوَرَّك لَيْناً لا يُثَمْثَمُ نَصْلُه،             إِذا صابَ أَوساطَ العِظامِ صَمِيمُ‏

صَميمٌ أَي مُصَمِّم في العَظْم؛ و قول العجاج:
         مُسْتَرْدِفاً، مِن السَّنام الأَسْنَمِ،             حَشاً طويل الفَرْع لم يُثَمْثَمِ‏

أَي لم يكْسَر و لم يُشْدخ بالحَمْل، يعني سَنامه، و لم يُصِبْه عَمَدٌ فَيَنْهَشِم؛ العَمَدُ: أَن يَنْشَدِخ فَيَنْغَمِر. و ثَمْثَمَ قِرْنَه إِذا قَهَرَه؛ قال:
         فهو لِحُولانِ القِلاصِ ثَمْثام‏


ثوم:
قال أَبو حنيفة: الثُّومُ هذه البَقْلة معروف، و هي ببلد العرب كثيرة منها بَرِّيٌّ و منها رِيفِيٌّ، واحدته ثُومةٌ. و الثُّومة: قَبِيعةُ السيْفِ على التشبيه لأَنها على شَكْلها. و الثُّوم: لغة في الفُوم، و هي الحِنْطة. و أُمُّ ثُومةَ: امرأَة؛ أَنشد ابن الأَعرابي لأَبي الجراح نفسه:
         فلو أَنَّ عندي أُمَّ ثُومةَ لم يكن             عليَّ، لِمُسْتَنِّ الرِّياح، طريقُ‏

و قد يجوز أَن تكون أُمُّ ثُومةَ هنا السيف لما تقدّم من أَن الثُّومةَ قَبيعةُ السيفِ، و كأَنه يقول: لو كان سيْفي حاضراً لم أُذَلَّ و لم أُهَنْ. و الثِّوَمُ: شجر طيِّب الريح عظام واسع الورَق أَخضر، أَطيب رِيحاً من الآس، يُبْسط في المجالس كما يُبْسَط الرَّيحان، واحدته ثِوَمةٌ؛ حكاه أَبو حنيفة. ابن الأَعرابي: هي الخُنْعُبَة و النُّونَةُ و الثُّومَةُ و الهَزْمةُ و الوَهْدَةُ و القَلْدةُ و الهَرْتَمَةُ و العَرْتَمَةُ و الحِثْرِمةُ؛ قال الليث: الخُنْعُبَةُ مَشقّ ما بين الشارِبين بحِيال الوتَرَةِ، و الله تعالى أَعلم.
فصل الجيم‏
جثم:
جثَم الإِنسانُ و الطائرُ و النَّعامةُ و الخِشْف و الأَرْنبُ و اليَرْبوعُ يَجْثِم و يَجْثُم جَثْماً و جثُوماً، فهو جاثِم: لَزِم مكانه فلم يَبْرَح أَي تَلَبَّد بالأَرض، و قيل: هو أَن يَقَعَ على صدره؛ قال الراجز:
         إِذا الكُماةُ جَثَمُوا على الرُّكَبْ،             ثَبَجْتَ، يا عَمْرو، ثُبُوجَ المُحْتَطِبْ‏

قال: و هي بمنزلة البُرُوك للإِبل؛ و منه‏
الحديث: فلزِمها حتى تَجَثَّمَها تَجَثُّمَ الطير أُنْثاه إِذا عَلاها
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [حفحفوا] هكذا هو في الأصل هنا و في مادة لثث.

82
لسان العرب12

جثم ص 82

للسِّفاد.
و جَثَم فلان بالأَرضَ يَجْثُم جُثوماً: لصِق بها و لَزِمها؛ قال النابغة يصِف رَكَبَ امرأَةٍ:
         و إِذا لَمَسْتَ لَمَسْتَ أَجْثَمَ جاثماً.             مُتَحَيِّراً بمكانه مِلْ‏ءَ اليَدِ

الليث: الجاثِمُ اللَّازِمُ مكانه لا يَبْرح. الليث: الجاثِمَةُ و اللَّبِدُ الذي لا يَبْرحُ بيتَه؛ يقال: رجل جُثَمةٌ و جَثَّامة للنَّؤوم الذي لا يسافِر. و يقال: إِن العسَل يَجْثُم على المَعِدة ثم يَقْذِف بالداء، و في بعض الكلام: إِذا شرِبت العسَل جَثَم على رأْس المَعِدة ثم قَذف الداء؛ و جمعُ الجاثِمِ جُثوم. و قوله تعالى: فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ*
؛ أَي أَجساداً مُلْقاةً في الأَرض؛ و قال أَبو العباس: أَي أَصابهم البلاءُ فبَركوا فيها، و الجاثِمُ: البارِك على رِجْليه كما يَجْثِمُ الطيرُ، أي أَصابهم العذابُ فماتوا جاثِمين أي بارِكين. الأَصمعي: جَثَمْت و جَثَوْت واحد. و الجَثُومُ: الأَرْنَبُ لأَنها تَجْثِمُ، و مكانها مَجْثَمٌ. و الجُثامُ و الجاثُومُ: الكابُوس يَجْثِمُ على الإِنسان، و هو الدَّيَثانيُّ. التهذيب: و يقال للذي يقَع على الإِنسان و هو نائم جاثُوم و جُثَم و جُثَمة و رازِمٌ و رَكَّاب و جَثَّامة؛ قال: و هو هذا النجت «1» الذي يقَع على النائم. و جَثَمَ الليلُ جُثوماً: انتصَف؛ عن ثعلب. و الجَثَمَةُ و الحَثَمة «2». و الجَثوم: الأَكَمَةُ؛ قال تأَبط شرّاً:
 نَهَضْتُ إليها من جَثومٍ كأَنَّها             عجوزٌ، عليها هِدْمِلٌ ذاتُ خَيْعَلِ‏

و الجَثَّامةُ: البَلِيدُ؛ قال الراعي:
مِنْ أَمْرِ ذي بَدَواتٍ لا تَزالُ له             بَزْلاءُ، يعيا بها الجَثَّامة اللُّبَدُ

و يروى‏
... اللَّبِدُ


، بالكسر، و هي أَجود عند أَبي عبيد، و الجَثَّامةُ: السيد الحليم: و المُجَثَّمةُ: المَحْبوسةُ. و
في الحديث: أَنه نَهى عن المَصْبُورة و المُجَثَّمةِ.
؛ قال أَبو عبيد: المُجَثَّمة التي نهى عنها هي المَصْبورة و هي كل حيوان يُنْصَب و يُرْمَى و يُقْتَل. قال أَبو عبيد: و لكن المُجَثَّمة لا تكون إِلَّا من الطير و الأَرانِب و أَشْباهِها مما يَجْثِمُ بالأَرض أي يَلْزمها، لأَن الطير تَجْثِم بالأَرض إِذا لَزِمَتْها و لَبَدت عليها، فإِنْ حَبَسَها إنسان قيل: قد جُثِّمتْ، فهي مُجَثَّمة إِذا فُعِل ذلك بها، و هي المحبوسة، فإِذا فَعَلَتْ هي من غير فِعْل أَحد قيل: جَثَمتْ تَجْثِمُ و تَجْثُمُ جُثُوماً، فهي جاثمة. شمر: المُجَثَّمة هي الشاة التي تُرْمى بالحجارة حتى تموت ثم تؤكل، قال: و الشاة لا تَجْثِم إِنما الجُثوم للطير و لكنه استُعِير. و
روي عن عِكْرمة أَنه قال: المُجَثَّمة الشاة تُرمَى بالنَّبْل حتى تُقْتَل.
و جَثَمَ الطِّين و الترابَ و الرَّماد: جَمَعها، و هي الجُثْمة. و الجَثْمُ و الجَثَم: الزَّرْع إِذا ارتفع عن الأَرض شيئاً و استقَلّ نباته، و قد جَثَم يجثِم. قال أَبو حنيفة: الجَثْمُ العِذْقُ إذا عَظُم بُسْرُه، و الجمع جُثُومٌ. و جَثَمَت العُذُوق تَجْثُمُ، بضم الثاء، جُثوماً: عَظُم بُسْرُها شيئاً، و في التهذيب: إذا عظُمت فلزِمتْ مكانها. و الجُثْمان: الجِسْم؛ و قول الفرزدق:
__________________________________________________
 (1) قوله [و هو هذا النجت‏] هكذا في أصل من غير نقط، و في نسخة سقيمة من التهذيب: و هو هذا النجت.
 (2) قوله [و الجثمة إلخ‏] عبارة التكملة: الجثمة و الحثمة، بالتحريك فيهما، و الجثوم الأكمة إِلى آخر ما هنا، و ضبط الأَخير فيها كصبور و لكن يستفاد من القاموس أَن الأَخير مضموم الأَول.

83
لسان العرب12

جثم ص 82

و باتَتْ بِجُثْمانِيَّةِ الماءِ نِيبُها،             إلى ذاتِ رَحْلٍ كالمآتِمِ حُسَّرا

جُثْمانِيَّة الماء: الماءُ نفسُه. و يقال: جُثْمانِيَّة الماءِ وسَطُه و مُجْتَمَعُه و مكانُه؛ و قول رؤبة:
و اعْطِفْ على بازٍ تَراخى مَجْثَمُهْ‏


أي بعد وَكْره. التهذيب: الجُثْمان بمنزلة الجُسْمان جامع لكل شي‏ء تريد به جِسْمه و أَلواحَه. و يقال: ما أَحسن جُثْمان الرجل و جُسْمانه أي جسده؛ قال الممزَّق العَبْديّ:
و قد دعَوْا ليَ أَقْواماً، و قد غَسَلوا،             بالسِّدْر و الماءِ، جُثْماني و أَطْباقي‏

الأَزهري: قال الأَصمعي الجُثْمان الشخص، و الجُسْمانُ الجِسْم؛ قال بِشْر:
أَمُونٌ كدُكَّان العِباديِّ فَوْقَها             سَنامٌ كجُثْمان البَنِيَّةِ أَتْلَعا

يعني بالبَنِيَّة الكعبة، و هو شخص و ليس بجَسد؛ قال ابن بري: صوابُ إنْشاده‏
أَمُوناً ...


بالنصب لأَنه منصوب بقوله فكَلَّفْت قبله، و هو:
فكَلَّفْت ما عندي، و إن كنتُ عامِداً             من الوَجْدِ كالثَّكْلان، بل أَنا أَوْجَعُ‏

و أَتْلَعُ بالرفع لأَنه نعت لسَنام، و الذي في شِعْره كجُثْمان البَلِيَّة، و هي الناقة تجعل عند قبر الميت؛ شبَّه سَنام ناقته بجُثْمانِها. و يقال: جاءني بثَريد مثل جُثْمان القَطاة. و الجُثُوم: جبل؛ قال:
جَبَل يَزيدُ على الجِبالِ إذا بدا،             بين الرَّبائِع و الجُثُومِ مُقِيمُ‏

جحم:
أَجْحَم عنه: كَفَّ كأَحْجَم. و أَحْجَم الرجلَ: دَنا أَن يُهْلِكَه. و الجحيمُ: اسم من أَسماء النار. و كلُّ نارٍ عظيمة في مَهْواةٍ فهي جَحِيمٌ، من قوله تعالى: قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ‏
. ابن سيدة: الجحيمُ النارُ الشديدة التأَجُّج كما أَجَّجوا نارَ إبراهيم النبيِّ، على نبينا و عليه الصلاة و السلام، فهي تَجْحَمُ جُحوماً أي توقَّد توقُّداً، و كذلك الجَحْمةُ و الجُحْمةُ؛ قال ساعدة بن جؤية:
إنْ تأْتِه، في نَهار الصَّيْفِ، لا تَرَهُ             إلَا يُجَمِّع ما يَصْلى من الجُحَمِ‏

و رأَيت جُحْمةَ النارِ أي توقُّدَها. و كلُّ نارٍ تُوقد على نارٍ جَحِيمٌ، و هي نارٌ جاحِمةٌ؛ و أَنشد الأَصمعي:
و ضالةٌ مثلُ الجحِيمِ المُوقَدِ


شَبَّه النِّصال و حِدَّتها بالنار؛ و نحو منه قول الهذلي:
كأَنّ ظُباتِها عُقُرٌ بَعِيجُ‏


و يقال للنار: جاحِمٌ أَي توقُّد و التهابٌ. و قال بعضهم: هو يَتجاحَمُ أَي يتحرَّق حِرْصاً و بُخْلًا، و هو من الجحِيم، و قد تكرر ذكر الجحيم في غير موضع في الحديث، و هو اسم من أَسماء جهنم، و أَصله ما اشْتَدَّ لَهَبُه من النار. و الجاحِمُ: المكان الشديد الحرّ؛ قال الأَعشى:
يُعِدُّون للهَيْجاء قبلَ لِقائها،             غَداةَ احْتِضار البأْس، و الموتُ جاحِمُ‏

و جحَم النارَ: أَوْقَدها. و جَحُمَت نارُكم تَجْحُم جُحوماً: عَظُمت و تأَجَّجَتْ، و جَحِمتْ جَحَماً و جَحْماً و جُحوماً: اضْطَرمَتْ و كثُر جَمْرُها

84
لسان العرب12

جحم ص 84

و لَهَبُها و تَوقُّدها، و هي جَحيمٌ و جاحِمةٌ. و جَمْرٌ جاحِمٌ: شديد الاشتِعال. و جاحِمُ الحَرْب: مُعْظَمُها، و قيل: شدَّة القَتْل في مُعْتَركها؛ و أَنشد:
حتى إذا ذاق منها جاحِماً بَرَدا


و قال الآخر:
و الحَرْب لا يَبْقى             لجاحِمِها التخيُّل و المِراح‏

و روى المنذري عن أَبي طالب في قولهم فلان جَحَّامُ و هو يَتجاحَمُ علينا أي يَتضايَقُ، و هو مأْخوذ من جاحِمِ الحَرْب، و هو ضِيقُها و شدّتُها. و الجُحام: داء يُصِيب الإِنسانَ في عينه فتَرِم، و قيل: هو داء يُصيب الكلب يُكْوى منه بين عينيه. و
في الحديث: كان لِمَيْمُونةَ كلبٌ يقال له مِسْمار فأَخذه داء يقال له الجُحام، فقالت: وا رَحْمَتَا لمِسْمار.
تعني كلبَها؛ قال ابن الأَثير: الجُحام داء يأْخذ الكلب في رأْسه فيُكوَى منه بين عينيه، قال: و قد يُصيبُ الإِنسان أَيضاً. و الجَحْمةُ: العينُ. و جَحْمَتا الإِنسان: عيناه. و جَحْمَتا الأَسدِ: عيناه، بلغة حمير؛ قال ابن سيدة: بلغة أَهل اليمن خاصَّة: قال:
أَيا جَحْمَتا بَكِّي على أُمِّ مالك،             أَكِيلةِ قِلَّوْبٍ بأَعْلى المَذانِب‏

القِلَّوْب: الذئب؛ قال ابن بري: صوابه بما قبله و ما بعده:
أُتِيحَ لها القِلَّوْبُ من أَرض قَرْقَرى،             و قد يَجْلُبُ [يَجْلِبُ‏] الشَّرَّ البَعِيدَ الجَوالِبُ‏
فيا جَحْمَتي بَكِّي على أُمِّ مالكٍ،             أَكِيلةِ قِلِّيبٍ ببعضِ المَذانِب‏

فلم يُبْقِ منها غيرَ نِصفِ عِجانِها،             و شُنْتُرةٍ منها، و إحْدى الذَّوائِب‏

و أَجْحَم العينِ: جاحِمها. قال الأَزهري: جَحْمَتا الأَسدِ عيناه، بكل لغة. ابن الأَعرابي: الجُحامُ معروف. و الجُحُمُ: القليلُو الحياء. و التَّجْحِيمُ: الاسْتِثبات في النظر لا تَطْرِف عينه؛ قال:
كأَنّ عينيه، إذا ما حَجَّما             عينا أَتان تَبْتَغِي أن تُرْطَما

و عينٌ جاحِمةٌ: شاخِصةٌ. و جَحَم الرجلُ عينيه كالشاخِص. و جَحَّمني بعينِه تَجْحيماً: أحدَّ إليَّ النظر. و الأَجْحَمُ: الشديدُ حُمْرةِ العينين مع سَعَتِهما، و الأُنثى جَحْماءُ من نِسْوةٍ جُحْمٍ و جَحْمى. قال ابن سيدة: و الجَوْحَمُ الوَرْد الأَحمر، و الأَعْرف تقديم الحاء. و أجْحَمُ بنُ دِنْدِنَةَ الخُزاعي: أحد سادات العرب، و هو زوج خالدة بنت هشام بن عبد مناف.
جحدم:
جَحْدَم: اسمٌ. و الجَحْدمةُ: الضِّيقُ و سوءُ الخلُق. و الجَحْدَمة: السُّرعة في عَدْوٍ.
جحرم:
الجَحْرَمة: الضيقُ و سوءُ الخلُق. و رجلٌ جَحْرَمٌ و جُحارِم: سيِ‏ءُ الخلُق ضَيِّقُه، و هي الجَحْرمة.
جحشم:
بعيرٌ جَحْشَمٌ: مُنْتَفِخ الجَنْبين؛ قال الفَقْعسيّ:
نِيطَتْ بِجَوْزِ جَحْشَمٍ كُمَاتِر

85
لسان العرب12

جحشم ص 85

الجوهري: الجَحْشَمُ البعيرُ المُنْتَفِخ الجَنْبَينِ.
جحظم:
رجل جَحْظَمٌ: عظيم العينين من الجَحَظِ، و الميم زائدة، و هو الجَحْظَم. الكسائي: جَحْظَمْت الغلامَ جَحْظَمةً إذا شَدَدْت يَدَيْه على رُكْبَتَيْه ثم ضَرَبْتَه. ثم سأَلت ابن الأَعرابي عن قوله جَحْظَمْتُ فقال: أَخبرني به الدُّبَيْرِيّ هاهنا، و أَشار إلى دُكان؛ جَحْظَمَه بالحَبْل: أَوثقه كيفما كان.
جحلم:
جَحْلمه: صَرَعَه؛ قال:
هُمْ شَهِدُوا يومَ النِّسارِ المَلْحَمَهْ،             و غادَرُوا سَراتَكُمْ مُجَحْلَمَهْ‏

و جَحْلَم الحبلَ: مثل حَمْلَجَه.
جخدم:
الجَخْدَمَةُ: السرعة في عَدْوٍ؛ ذكره الأَزهري، و في موضع آخر: السرعةُ في العمل و المشي، و الله أَعلم.
جدم:
الجَدَمةُ، بالتحريك: القصيرُ من الرجال و النساء و الغنَم، و الجمع جَدَمٌ؛ قال:
فما لَيلَى من الهَيْقاتِ طُولًا،             و لا لَيْلى من الجَدَمِ القِصارِ

و الاسم الجَدَم، على لفظ الجمع؛ هذه وحدها عن ابن الأَعرابي خاصة؛ و قال الراجز في الجَدَمَةِ القصيرة من النساء:
لَمَّا تَمَشَّيْتُ بُعَيْدَ العَتَمَهْ،             سَمِعْتُ من فَوْقِ البُيوتِ كَدَمَه‏
إذا الخَرِيعُ العَنْقَفِيرُ الجَدَمَه،             يَؤُرُّها فَحْلٌ شَديدُ الضَّمْضَمَهْ

الكَدَمَة: الحركة، و الخَرِيعُ. الماجِنة، و العَنْقَفِيرُ: السَّلِطة، و الجَدَمة: القصيرةُ؛ قال ابن بري: و يروى‏
... الحُذَمة


، بالحاء على مثال هُمَزة، قال: و الأَوّل هو المَشْهور، و كذلك ذكره أَبو عمرو. و شاةٌ جَدَمَةٌ: رَدِيِئة. و الجَدَمُ: الرُّذالُ من الناس؛ عن ابن الأَعرابي؛ و به فسر قوله: من الجَدَمِ القِصارِ. و الجَدَمَةُ: ما لم يَنْدقَّ من السُّنْبُل و بقي أَنصافاً. و الجَدَمة أيضاً: ما يُغَرْبَلُ و يُعْزَل ثم يُدَقّ فيخرج منه أَنْصافُ سُنْبُلٍ ثم يُدَقّ ثانيةً، فالأُولى القَصَرة، و الثانية الجَدَمةُ و الجُدامةُ، و قيل للحَبَّة قِشْرَتانِ: فالعُلْيا جَدَمةٌ و السُّفْلى قَصَرة. ابن سيدة: و الجَدَم ضَرْب من التمر. و قال أبو حنيفة: الجُدامِيُّ ضَرْبٌ من التمر باليمامة، و هو بمنزلة الشُّهْرِيز [الشِّهْرِيز] بالبصرة و التَّبِّيّ بالبحرين؛ قال مُلَيْح:
بذِي حُبُكٍ مثلِ القُنِيِّ، تَزِينُه             جُدامِيَّةٌ من نَخْل خَيْبرَ دُلَّخِ‏

التهذيب: و الجُدامُ أَصْل السَّعَف. و نخلة جُدامِيَّة: كثيرة السَّعَف. و في نوادر الأَعراب: أَجْدَم النخْلُ و زَبَّب إذا حَمل شِيصاً. و نخل جادِم و جُدامِيّ: مُوقَرٌ. و إجْدَمْ و هِجْدَم على البدَل كلاهما: من زَجْر الخيل إذا زُجِرت لِتَمْضِيَ. و يقال للفرس: إجْدَمْ و أَقْدِمْ إذا هِيجَ ليَمْضِيَ. و أَقْدِمْ أَجْودها. و أَجْدَمَ الفرسَ: قال له إجْدَمْ، و سنذكر ذلك مستوفى في هجدم.
جذم:
الجَذْم: القَطْع. جَذَمه يَجْذِمه جَذْماً: قطَعه، فهو جذِيم. و جَذَّمه فانْجَذم و تَجَذَّم. و جَذَب فلانٌ حَبْلَ وصاله و جَذَمه إذا قطَعه؛
                       

86
لسان العرب12

جذم ص 86

قال البعيث:
         أ لا أَصْبَحَت خَنْساءُ جاذِمةَ الوَصْلِ‏


و الجَذْمُ: سرعة القَطْع؛ و
في حديث زيد بن ثابت: أنه كتب إلى معاوية أن أَهل المدينة طال عليهم الجَذْم و الجَذْبُ.
أي انْقِطاعُ المِيرة عنهم. و الجِذْمة: القِطْعة من الشي‏ء يُقْطع طَرَفُه و يبقى جَذْمُه، و هو أَصله. و الجِذْمة: السَّوْط لأَنه يتقطع ممَّا يُضْرَب به. و الجِذْمة من السَّوْط: ما يُقْطع طرفُه الدَّقِيق و يبقى أَصله؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّة:
يُوشُونَهُنَّ، إذا ما آنَسوا فَزَعاً             تحت السَّنَوَّر، بالأَعْقابِ و الجِذَم‏

و رجلٌ مِجْذامٌ و مِجذامةٌ: قاطع للأُمور فَيْصل. قال اللحياني: رجل مِجْذامة للحرب و السَّير و الهَوَى أي يقطع هَواه و يَدَعُه. الجوهري: رجل مِجْذامة أي سريع القطع للمَوَدَّة؛ و أَنشد ابن بري:
و إني لبَاقِي الوُدِّ مِجْذامةُ الهَوَى،             إذا الإِلف أَبْدَى صَفْحه غير طائل‏

و الأَجْذَمُ: المقطوع اليَد، و قيل: هو الذي ذهبت أنامِلُه، جَذِمَتْ يَدُه جَذَماً و جَذَمها و أَجْذَمها، و الجَذْمةُ و الجَذَمةُ: موضع الجَذْم منها. و الجِذْمة: القِطعة من الحبل و غيره. و حبل جِذْمٌ مَجْذومٌ: مقطوع؛ قال:
هَلَّا تُسَلِّي حاجةٌ عَرَضَتْ             عَلَقَ القَرينةِ، حَبْلُها جِذْمُ‏

و الجَذَم: مصدر الأَجْذَم اليَدِ، و هو الذي ذهبت أَصابعِ كفيه. و يقال: ما الذي جَذَّمَ يدَيه و ما الذي أَجْذمه حتى جَذِم. و الجُذام من الدَّاء: معروف لتَجَذُّم الأَصابع و تقطُّعها. و رجل أَجْذَمَ و مُجَذَّم: نَزَل به الجُذام؛ الأَوّل عن كراع؛ غيره: و قد جُذِم الرجل، بضم الجيم، فهو مَجْذوم. قال الجوهري: و لا يقال أَجْذَمَ. و الجاذِمُ: الذي وَلِيَ جَذْمَه. و المُجذَّم: الذي ينزل به ذلك، و الاسم الجُذام. و
في حديث النبي، صلى الله عليه و سلم: من تَعَلَّم القرآن ثم نَسِيه لَقِيَ اللهَ يومَ القيامة و هو أَجْذَم.
قال أَبو عبيد: الأَجْذَم المَقْطوع اليد. يقال: جَذِمَت يدُه تَجْذَمُ جَذَماً إذا انقطعت فَذَهَبت، فإن قَطَعْتها أَنت قلت: جَذَمْتُها أَجْذِمُها جَذْماً؛ قال. و
في حديث عليّ مَنْ نَكَثَ بَيْعَتَه لَقِي الله و هو أَجْذم ليست له يد.
فهذا تفسيره؛ و قال المُتَلَمِّسُ.
و هل كنتُ إلَّا مِثْلَ قاطِعِ كَفِّه             بِكَفٍّ له أُخْرى، فأَصْبَحَ أَجْذَما؟

و قال القتيبي: الأَجْذَم في هذا الحديث الذي ذهبت أَعضاؤه كلها، قال: و ليست يَدُ الناسِي للقرآن أَولى بالجَذْم من سائر أَعضائه. و يقال: رجل أَجْذَمُ و مَجْذوم و مُجَذَّم إذا تَهافَتَتْ أَطْرافُه من داء الجُذام. قال الأَزهري: و قول القتيبي قريب من الصواب. قال ابن الأَثير: و قال ابن الأَنباري ردّاً على ابن قتيبة: لو كان العقاب لا يقَعُ إلَّا بالجارحة التي باشرت المعصية لَما عُوقب الزاني بالجَلْد و الرَّجْم في الدنيا، و في الآخرة بالنار؛ و قال ابن الأَنباري: معنى الحديث أَنه لَقِيَ اللهَ و هو أَجْذَمُ الحُجَّةِ، لا لِسانَ له يتكلم به، و لا حجة في يده. و
قول عليّ: ليست له يد.
أَي لا حُجَّة له، و قيل: معناه لَقِيَه و هو منقطع السَّبَب، يدلُّ عليه‏
قوله: القرآنُ سَبَبٌ بيدِ الله و سَبَبٌ بأَيديكم، فَمن نَسِيه فقد قَطع‏

87
لسان العرب12

جذم ص 86

سَبَبَه.
؛ و قال الخطابي: معنى الحديث ما ذهب إليه ابن الأَعرابي، و هو أن من نَسِيَ القرآن لقي الله تعالى خاليَ اليد من الخير، صِفْرَها من الثواب، فكنى باليد عما تحويه و تشتمل عليه من الخير، قال ابن الأَثير: و في تخصيص حديث عليّ بذكْر اليَدِ معنى ليس في حديث نسيان القرآن، لأَن البَيْعَة تُباشِرُها اليد من بين سائر الأَعضاء، و هو أن يَضَع المُبايِعُ يده في يد الإِمام عند عقد البَيْعة و أَخذِها عليه؛ و منه‏
الحديث: كل خُطْبة ليس فيها شَهادة كاليد الجَذْماء.
أي المقطوعة. و
في الحديث أنه قال لمَجْذُوم في وَفْدِ ثَقيفٍ: ارْجِعْ فقد بايَعْناك.
؛ المَجْذومُ: الذي أَصابه الجُذام، كأَنه من جُذِمَ فهو مَجْذوم، و إنما ردَّة النبي، صلى الله عليه و سلم، لئلا ينظر أصحابُه إليه فَيزْدَرُوه و يَرَوْا لأَنفسهم فضْلًا عليه، فيَدْخُلهم العُجْبُ و الزَّهْو، أو لئلا يَحْزَن المَجْذومُ برؤية النبي، صلى الله عليه و سلم، و أَصحابه و ما فَضَلوا عليه فيَقِلّ شكره على بَلاء الله، و قيل: لأَن الجُذام من الأَمراض المُعْدِية، و كان العرب تتطيَّرُ منه و تَتَجَنَّبُه، فردَّه لذلك، أَو لئلا يَعْرِض لأَحدهم جُذام فيظنَّ أَن ذلك قد أَعْداه، و يَعْضُد ذلك‏
حديثه الآخر: أَنه أَخذ بيد مَجْذوم فَوضعها مع يده في القَصْعة و قال: كُلْ ثِقَةً بالله و تَوكُّلًا عليه.
و إنما فَعل ذلك ليُعْلِم الناسَ أَن شيئاً من ذلك لا يكون إلَّا بتقدير الله عز و جل، و رَدَّ الأَوَّلَ لئلا يَأْثَم فيه الناسُ، فإنَّ يَقِينهم يَقْصُر عن يَقِينه. و
في الحديث: لا تُدِيمُوا النظَر إلى المَجْذومين.
لأَنه إذا أَدام النظر إليه حَقَرَه، و رأَى لنفسه عليه فضلًا، و تأَذَّى به المَنْظور إليه. و
في حديث ابن عباس: أَربعٌ لا يَجُزْنَ في البَيْع و لا النكاح: المَجْنونةُ و المَجْذومةُ و البَرْصاءُ و العفْلاء.
و الجمع من ذلك جَذْمى مثل حَمْقى و نَوْكَى. و جَذِمَ الرجلُ، بالكسر، جَذَماً: صار أَجْذَمَ، و هو المقطوع اليَدِ. و الجِذْمُ، بالكسر: أَصل الشي‏ء، و قد يفتح. و جِذْمُ كل شي‏ء: أَصلُه، و الجمع أَجْذامٌ و جُذُومٌ. و جِذْمُ الشجرة: أَصلُها، و كذلك من كل شي‏ء. و جِذْمُ القوم: أَصلُهم. و
في حديث حاطِب: لم يكن رجُل من قُرَيْش إلَّا له جِذْمٌ بمكَّة.
؛ يريد الأَهْلَ و العَشِيرةَ. و جِذْمُ الأَسْنان: مَنابِتُها؛ و قال الحَرِث بن وَعْلة الذُّهْليُّ:
أَلآنَ لمَّا ابيَضَّ مَسْرُبَتي،             و عَضِضْتُ منْ نابي على جِذْمِ‏

أي كَبِرت حتى أَكلْت على جِذْم نابي. و
في حديث عبد الله بن زيد في الأَذان: أَنه رأَى في المنام كأَنَّ رجُلًا نزلَ من السماء فعَلا جِذْمَ حائط فأَذَّن.
؛ الجِذْمُ: الأَصلُ، أَراد بقيَّة حائط أو قِطْعة من حائط. و الجَذْمُ و الخَذْمُ: القَطْعُ. و الانْجِذامُ: الانْقِطاعُ؛ قال النابغة:
بانَتْ سُعادُ فأَمسى حَبْلُها انْجَذما،             و احْتَلَّتِ الشِّرْعَ فالأَجْراعَ مِنْ إضَما «3».

و
في حديث قتادة في قوله تعالى: وَ الرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، قال: انْجَذَمَ أَبو سفيان بالعير.
أي انقطَع بها «4». من الرَّكْب. و سارَ و أَجْذمَ السيرَ: أَسرع فيه؛ قال لبيد:
         صائب الجِذْمةِ من غير فَشَلْ‏


__________________________________________________
 (3) في ديوان النابغة: و أَمسى بدل فأَمسى، و الشَّرع بدل الشِّرع، و الأَجزاع بدل الأجراع.
 (4) قوله [أي انقطع بها إلخ‏] عبارة النهاية: أي انقطع عن الجادة نحو البحر.

88
لسان العرب12

جذم ص 86

ابن الأَعرابي: الجِذْمة في بيته الإِسْراعُ، جعله اسماً من الإِجْذام، و جعله الأَصمعي بقيَّة السَّوْط و أَصلَه. الليث و غيره: الإِجْذامُ السرعةُ في السّير. و أَجذم البعيرُ في سيره أي أَسرع. و رجل مِجْذامُ الرَّكْض في الحرْب: سريعُ الرَّكْض فيها. و قال اللحياني: أَجْذَمَ الفرسُ و غيره مما يَعْدُو اشْتَدَّ عَدْوُه. و الإِجْذام: الإِقْلاع عن الشي‏ء «5»؛ قال الربيع بن زياد:
و حَرَّقَ قَيْسٌ عَليَّ البِلادَ،             حَتَّى إذا اضْطَرَمَتْ أَجْذَما

و رجل مُجَذَّمٌ: مُجَرّب؛ عن كراع. و الجَذَمةُ: بَلَحاتٌ يَخْرُجْنَ في قَمِع واحد، فمجموعها يقال له جَذَمةٌ. و الجُذامةُ من الزرع: ما بقي بعد الحَصْد. و جُذْمان: نخلٌ؛ قال قيس بن الخَطِيم:
فلا تَقْرَبُوا جُذْمانَ، إِنَّ حَمامَهُ             و جَنَّتَه تَأْذى بكم فَتَحَمَّلُوا

و قوله‏
في الحديث: أَنه أُتِيَ بتمر من تَمر اليَمامة فقال: ما هذا؟ فقيل: الجُذامِيُّ، فقال: اللهم بارِكْ في الجُذامِيّ.
؛ قال ابن الأَثير: قيل هو تمر أَحمرُ اللَّوْن، و قد ذكر ابن سيدة في ترجمة جدم، بالدال اليابسة، شيئاً من هذا. و الجَذْماء: امرأَة من بني شَيْبان كانت ضَرَّة للبَرْشاء، و هي امرأَة أُخرى، فَرَمَت الجَذْماءُ البَرْشاءَ بنار فأَحرقتها فسُمِّيَت البَرْشاءَ، ثم وثَبَتْ عليها البَرْشاءُ فقطعتْ يدَها فسُمِّيت الجَذْماءَ. و بنو جَذيمَة: حيّ من عَبْد القَيْس، و منازلهم البَيْضاءُ بناحية الخَطِّ من البَحْرين. و جُذامُ: قبيلة من اليَمن تنزل بجبال حِسْمَى، و تَزْعُم نُسَّابُ مُضَرَ أَنهم من مَعَدٍّ؛ قال الكميت يذكر انتقالهم إِلى اليَمن بنسَبهم:
نَعَاءِ جُذاماً غير موتٍ و لا قَتْلِ،             و لكن فِراقاً للدَّعائم و الأَصْلِ‏

ابن سيدة: جُذامٌ حيّ من اليَمنِ، قيل: هم من ولد أَسَد بن خُزَيمة؛ و قول أَبي ذؤيب:
كأَن ثِقالَ المُزْن بين تُضارُعٍ             و شابَةَ بَرْكٌ، من جُذامَ، لَبِيجُ‏

أَراد بَرْك من إبل جُذام؛ و خَصَّهم لأَنهم أكثر الناس إبلًا كقول النابغة الجعْديِّ:
فأَصْبَحَتِ الثِّيرانُ غَرْقى، و أَصْبحتْ             نِساءُ تميم يَلْتَقِطْنَ الصَّياصِيا

ذهب إِلى أَن تَمِيماً حاكةٌ، فنِساؤهم يَلْتَقِطْن قُرونَ البَقر المَيْتَة في السَّيْل. قال سيبويه: إِن قالوا وَلَدَ جُذامٌ كذا و كذا صَرَفته لأَنك قصدْت قَصْدَ الأَب، قال: و إِن قلت هذه جُذامُ فهي كسَدُوسَ. و جَذِيمةُ: قبيلةٌ؛ و النسب إليها جُذَمِيٌّ، و هو من نادر مَعْدول النسَب. و جَذِيمةُ: مَلِك من ملوك العرب؛ قال الجوهري: جَذِيمةُ الأَبْرَشُ ملِك الحِيرة صاحبُ الزَّبَّاء، و هو جَذيمة بنُ مالك بنِ فَهْم بن دَوْسٍ من الأَزْدِ. الجوهري: جَذيمة قبيلة من عبد القيس ينسَب إليهم جَذَمِيٌّ، بالتحريك، و كذلك إِلى جَذيمةِ أَسَدٍ. قال سيبويه: و حدّثني بعضُ من أَثِق به يقول في بني جَذيمة جُذَميّ،
__________________________________________________
 (5). 1 قوله [و الإِجذام الإقلاع عن الشي‏ء] و يطلق على العزم على الشي‏ء أيضاً كما في القاموس و التكملة، فهو من الأَضداد.

89
لسان العرب12

جذم ص 86

بضم الجيم؛ قال أَبو زيد: إذا قال سيبويه حدّثني من أَثق به فإِنما يَعْنِيني. و يقال: ما سَمِعت له جُذْمة أي كلمة؛ قال ابن سيدة: و ليست بالثَّبَت انتهى.
جذعم:
يقال للجَذَع: جَذْعَمٌ و جَذْعَمَة. قال ابن الأَثير: و
في حديث عليٍّ، كرم الله وجهه: أَسْلَم و الله أَبو بكر و أنا جَذْعَمة، و في رواية: أَسلمت و أنا جَذْعَمة.
؛ أَراد: و أنا جَذَعٌ أي حديثُ السِّنِّ، فزاد في آخره ميماً توكيداً، كما قالوا زُرْقُمٌ و غيره «1» انتهى.
جرم:
الجَرْمُ: القَطْعُ. جَرَمَه يَجْرِمُه جَرْماً: قطعه. و شجرة جَرِيمَةٌ: مقطوعة. و جَرَمَ النَّخْلَ و التَّمْرَ يَجْرِمه جَرْماً و جِراماً و جَراماً و اجْتَرَمه: صَرَمَه: عن اللحياني، فهو جارمٌ، و قوم جُرَّمٌ و جُرَّام، و تمر جَرِيم: مَجْرُوم. و أَجْرَمَ: حان جِرامُه؛ و قول ساعدة بن جؤية: «2».
سَادٍ تَجَرَّمَ في البَضِيع ثمانِياً،             يَلْوِي بعَيْقاتِ البحار و يَجْنُبُ‏

يقول: قطع ثماني ليال مقيماً في البضيع يشرب الماء؛ و الجَرِيم: النَّوَى، واحدته جَرِيمة، و هو الجَرامُ أَيضاً؛ قال ابن سيدة: و لم أَسمع للجَرام بواحد، و قيل: الجَرِيمُ و الجَرامُ، بالفتح، التمر اليابس؛ قال:
يَرَى مَجْداً و مَكْرُمَةً و عِزّاً،             إذا عَشَّى الصَّديِقَ جَرِيمَ تمرِ

و الجُرامَة: التمر المَجْرُوم، و قيل: هو ما يُجْرَمُ منه بعد ما يُصْرَمُ يُلْقَطُ من الكَرَب؛ و قال الشماخ:
مُفِجُّ الحَوامِي عن نُسُورٍ، كأَنَّها             نَوَى القَسْبِ تَرَّتْ عن جَرِيم مُلَجْلَجِ «3».

أَراد النوى؛ و قيل: الجَرِيم البُؤْرَةُ التي يُرْضَحُ فيها النَّوَى. أَبو عمرو: الجَرام، بالفتح، و الجَرِيمُ هما النوى و هما أَيضاً التمر اليابس؛ ذكرهما ابن السكيت في باب فَعِيل و فَعالٍ مثل شَحاجٍ و شَحيج و كَهامٍ و كَهِيم و عَقامٍ و عَقِيمٍ و بَجَالٍ و بَجِيل و صَحاحِ الأَدِيم و صَحِيح. قال: و أَما الجِرام، بالكسر، فهو جمع جَرِيم مثل كريم و كرام. يقال: جِلَّةٌ جَرِيمٌ أي عِظامُ الأَجْرام، و الجِلَّة: الإِبلُ المَسانُّ. و
روي عن أَوْس بن حارثَةَ أنه قال: لا و الذي أَخْرَجَ العِذْقَ من الجَريمة و النارَ من الوثِيمةِ.
؛ أَراد بالجريمة النواةَ أَخرج الله تعالى منها النخلة. و الوَثِيمةُ: الحجارة المكسورة. و الجَريمُ: التمر المَصْرُوم. و الجُرامةُ: قِصَدُ البُرِّ و الشعير، و هي أَطرافه تُدَقُّ ثم تُنَقَّى، و الأَعرفُ الجُدَامَة، بالدال، و كله من القَطْع. و جَرَمَ النَّخْلَ جَرْماً و اجْتَرَمَه: خَرَصَه و جَرَّه. و الجِرْمةُ: القومُ يَجْتَرِمون النخلَ أي يَصْرِمُون؛ قال إمرؤ القيس:
عَلَوْنَ بأَنْطاكِيَّةٍ، فَوْقَ عَقْمَةٍ،             كجِرْمةِ نَخْلٍ أو كجَنَّة يَثْرِبِ‏

الجِرْمَةُ: ما جُرِمَ و صُرِمَ من البُسْر، شبه ما على‏
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [كما قالوا زرقم و غيره‏] الذي في النهاية: كما قالوا زرقم و ستهم، و التاء للمبالغة.
 (2). 2 قوله [و قول ساعدة بن جؤية] أي يصف سحاباً كما في ياقوت و قبله: أ فعنك لا برق كأنّ وميضه غاب تشيمه ضرام مثقب قال الأَزهري: ساد أي مهمل، و قال أَبو عمرو: السادي الذي يبيت حيث يمسي. و تجرم أي قطع ثمانياً في البضيع و هي جزيرة بالبحر. يلوي بماء البحر: أي يحمله ليمطره ببلده.
 (3). 1 قوله [عن نسور] الذي في نسخة التهذيب: من، بالميم.

90
لسان العرب12

جرم ص 90

الهودج من وَشْيٍ و عِهْنٍ بالبُسْر الأَحمر و الأَصفر، أو بجنة يثرب لأَنها كثيرة النخل، و العَقْمةُ: ضرب من الوَشْيِ. الأَصمعي: الجُرامة، بالضم، ما سقط من التمر إذا جُرِمَ، و قيل: الجُرامة ما الْتُقِطَ من التمر بعد ما يُصْرَمُ يُلْقَط من الكَرَبِ. أَبو عَمْرو: جَرِمَ الرجل «1» إذا صار يأْكل جُرامة النخل بين السَّعَفِ. و يقال: جاء زمنُ الجِرامِ و الجَرام أي صِرامِ النخل. و الجُرَّامُ: الذين يَصْرِمونَ التمر. و
في الحديث: لا تَذْهَبُ مائةُ سنةٍ و على الأَرض عَيْنٌ تَطْرِفُ.
يريد تَجَرُّم ذلك القَرْنِ. يقال: تَجَرَّم ذلك القَرْنُ أي انْقَضَى و انْصَرَم، و أصله من الجَرْم القَطْعِ، و يروى بالخاء المعجمة من الخَرْم، و هو القطع. و جَرَمْتُ صُوفَ الشاة أَي جَزَزْته، و قد جَرَمْتُ منه إذا أَخذت منه مثل جَلَمْتُ. و الجُرْمُ: التَّعدِّي، و الجُرْمُ: الذنب، و الجمع أَجْرامٌ و جُرُومٌ، و هو الجَرِيمَةُ، و قد جَرَمَ يَجْرِمُ جَرْماً و اجْتَرَمَ و أَجْرَم، فهو مُجْرِم و جَرِيمٌ. و
في الحديث: أَعظمُ المسلمين في المسلمين جُرْماً من سأَل عن شي‏ء لم يُجَرَّمْ عليه فَحُرِمَ من أجل مسألته.
؛ الجُرْم: الذنب. و قولُه تعالى: حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ‏
؛ قال الزجاج: المُجْرِمون هاهنا، و الله أعلم، الكافرون لأَن الذي ذكر من قِصَّتهم التكذيب بآيات الله و الاستكبار عنها. و تَجَرَّم عَليَّ فُلانٌ أي ادَّعَى ذنباً لم أفعله؛ قال الشاعر:
تَعُدُّ عَليَّ الذَّنْبَ، إِنْ ظَفِرَتْ به،             و إِلَّا تَجِدْ ذَنْباً عَليَّ تَجَرَّم‏

ابن سيدة: تَجَرَّم ادَّعَى عليه الجُرْمَ و إِن لم يُجْرِم؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أَنشد:
قد يُعْتَزَى الهِجْرانُ بالتَّجَرُّم‏


و قالوا: اجْتَرَم الذنبَ فَعَدَّوْه؛ قال الشاعر أَنشده ثعلب:
و تَرَى اللبيبَ مُحَسَّداً لم يَجْتَرِمْ             عِرْضَ الرجالِ، و عِرْضُه مَشْتُومُ‏

و جَرَمَ إليهم و عليهم جَرِيمة و أَجْرَم: جَنَى جِناية، و جَرُمَ إذا عَظُمَ جُرْمُه أي أَذنب. أَبو العباس: فلان يَتَجَرَّمُ علينا أي يَتَجَنَّى ما لم نَجْنه؛ و أَنشد:
أ لا لا تُبالي حَرْبَ قَومٍ تَجَرَّمُوا


قال: معناه تَجَرَّمُوا الذنوب علينا. و الجَرِمَةُ: الجُرْمُ، و كذلك الجَرِيمَةُ؛ قال الشاعر:
فإِنَّ مَوْلايَ ذو يُعَيِّرُني،             لا إحْنَةٌ عِنْدَه و لا جَرِمَهْ‏

و قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
و لا مَعْشَرٌ شُوسُ العُيون كأَنَّهم             إليَّ، و لم أجْرِمْ بهم، طالِبُو ذحْلِ‏

قال: أَراد لم أجْرِم إليهم أَو عليهم فأَبدل الباء مكان إِلى أو على. و الجُرْم: مصدر الجارِم الذي يَجْرِم نَفْسَه و قومه شَرّاً. و فلان له جَرِيمةٌ إليَّ أَي جُرْم. و الجارمُ: الجاني. و المُجْرِم: المذنب؛ و قال:
و لا الجَارِمُ الجاني عليهم بمُسْلَم‏


__________________________________________________
 (1). 1 قوله [أبو عمرو جرم الرجل إلخ‏] عبارة الأزهري: عمرو عن أبيه جرم إلخ.

91
لسان العرب12

جرم ص 90

قال: و قوله عز و جل: وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ*
، قال الفراء: القُرّاءُ قرؤوا وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ*
، و قرأَها يحيى بن وَثَّابٍ و الأَعْمَشُ و لا يُجْرِمَنَّكم، من أَجْرَمْتُ، و كلام العرب بفتح الياء، و جاء في التفسير: و لا يَحْمِلَنَّكم بُغْضُ قوم أَن تَعْتَدُوا، قال: و سمعت العرب يقولون فلان جَريمَة أَهله أي كاسبهم. و خرج يَجْرِمُ أَهْلَه أي يَكْسبهم، و المعنى فيهما متقارب لا يَكْسِبَنَّكم بُغْضُ قوم أَن تعتدوا. و جَرَمَ يَجْرِمُ و اجْتَرم: كَسَبَ؛ و أنشد أبو عبيدة للهَيْرُدانِ السَّعْدِيِّ أَحدِ لُصوص بني سَعْد:
طَريدُ عَشِيرةٍ، و رهينُ جُرْمٍ             بما جَرَمَتْ يَدي و جنَى لِساني‏

و هو يَجْرِمُ لأَهله و يَجْتَرِمُ: يَتَكَسَّبُ و يطلب و يَحْتالُ. و جَريمةُ القوم: كاسِبُهم. يقال: فلان جارِمُ أَهْلِهِ و جَريمَتُهم أي كاسبهم؛ قال أَبو خِراشٍ الهُذَليُّ يصف عُقاباً تَرْزُق فَرخَها و تَكْسِبُ له:
جَريمَةُ ناهِضٍ في رأْسِ نِيقٍ،             تَرى لِعظامِ ما جَمَعَتْ صَلِيبا

جَريمَةُ: بمعنى كاسبة، و قال في التهذيب عن هذا البيت: قال يصف عُقاباً تصيد فَرْخَها الناهضَ ما تأْكله من لحم طير أكلته، و بقي عظامه يسيل منها الودك. قال ابن بري: و حكى ثعلب أَن الجَريمة النَّواة. و قال أَبو إسحاق: يقال: أَجْرَمَني كذا و جَرَمَني و جَرَمْتُ و أَجْرَمْت بمعنى واحد، و قيل في قوله تعالى لا يُجْرِمنَّكم: لا يُدْخِلَنَّكم في الجُرم، كما يقال آثَمْتُه أي أَدخلته في الإِثم. الأَخفش في قوله وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ*
 أي لا يُحِقَّنَّ لكم لأَن قوله: لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ
، إِنما هو حَقٌّ أَن لهم النار؛ و أَنشد:
جَرَمَتْ فَزارةُ بعدَها أَن يَغْضَبوا


يقول: حَقَّ لها. قال أَبو العباس: أما قوله لا يُحِقَّنَّ لكم فإِنما أَحْقَقْتُ الشي‏ءَ إذا لم يكن حَقّاً فجعلته حقّاً، و إِنما معنى الآية، و الله أَعلم، في التفسير لا يَحْملَنَّكُم و لا يَكْسبَنَّكم، و قيل في قوله وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ*
 قال: لا يَحْمِلَنَّكم «1»، و أنشد بيت أبي أَسماء. و الجِرْمُ، بالكسر: الجَسَدُ، و الجمع القليل أَجرام؛ قال يزيدُ بن الحَكَمِ الثَّقَفيُّ:
و كم مَوْطِنٍ، لَوْلاي، طِحْتَ كما هَوى             بأَجْرامِه من قُلَّة النِّيقِ مُنْهَوي‏

و جَمَعَ، كأنه صَيَّر كل جزء من جِرْمه جِرْماً، و الكثير جُرُومٌ و جُرُم؛ قال:
ما ذا تقُولُ لأَشْياخ أُولي جُرُمٍ،             سُودِ الوُجوهِ كأمْثالِ المَلاحِيبِ‏

التهذيب: و الجِرْمُ أَلْواحُ الجَسد و جُثْمانه. و أَلقى عليه أَجْرامه؛ عن اللحياني و لم يفسره؛ قال ابن سيدة: و عندي أنه يريد ثَقَلَ جِرْمِه، و جمع على ما تَقَدَّم في بيت يزيد. و
في حديث عليّ: اتّقُوا الصُّبْحة فإنها مَجْفَرة مَنْتَنَة للجِرْم.
؛ قال ثعلب: الجِرْمُ البَدَنُ. و رجل جَريمٌ: عظيم الجِرْم؛ و أَنشد ثعلب:
و قد تَزْدَري العينُ الفَتى، و هو عاقِلٌ،             و يُؤفَنُ بَعْضُ القومِ، و هو جَريمُ‏

__________________________________________________
 (1). 1 قوله [و قيل في قوله وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ* قال لا يحملنكم‏]، هذا القول ليونس كما نص عليه الأَزهري.

92
لسان العرب12

جرم ص 90

و يروى: و هو حزيم، و سنذكره، و الأُنثى جَريمة ذات جِرْم و جِسْم. و إبل جَريمٌ: عِظامُ الأَجْرام؛ حكى يعقوب عن أَبي عمرو: جِلَّةٌ جَريمٌ، و فسره فقال: عِظام الأَجْرام يعني الأَجسام. و الجِرْم: الحَلْقُ؛ قال مَعْنُ بن أَوْسٍ:
لأَسْتَلّ منه الضِّغْنَ حتى اسْتَلَلْتُه،             و قد كانَ ذا ضِغْنٍ يَضِيقُ به الجِرْمُ‏

يقول: هو أمر عظيم لا يُسِيغُه الحَلْقُ. و الجِرْمُ: الصوت، و قيل: جَهارَتُه، و كرهها بعضهم. و جِرْمُ الصوت: جَهارته. و يقال: ما عرفته إِلا بِجِرْم صوته. قال أَبو حاتم: قد أُولِعَتِ العامَّةُ بقولهم فلان صافي الجِرْم أي الصوت أو الحَلْق، و هو خطأٌ. و
في حديث بعضهم: كان حَسَنَ الجِرْم.
؛ قيل: الجِرْم هنا الصوت، و الجِرْمُ البَدَنُ، و الجِرْم اللَّوْنُ؛ عن ابن الأَعرابي. و جَرِمَ لونُه «1» إذا صفا. و حَوْلٌ مُجَرَّمٌ: تامٌّ. و سنة مُجَرَّمة: تامَّة، و قد تَجَرَّم. أَبو زيد: العامُ المُجَرَّمُ الماضي المُكَمَّلُ؛ و أَنشد ابن بري لعمر بن أَبي ربيعة:
و لكنَّ حُمَّى أَضْرَعَتْني ثلاثَةً             مُجَرَّمةً، ثم اسْتَمَرَّتْ بنا غِبَّا

ابن هانئ: سَنَةٌ مُجَرَّمةٌ و شهر مُجَرَّمٌ و كَريتٌ فيهما، و يوم مُجَرَّمٌ و كَريتٌ، و هو التام، الليث: جَرَّمْنا هذه السنةَ أي خَرَجْنا منها، و تَجَرَّمَتِ السنةُ أي انقضت، و تَجَرَّمَ الليلُ ذهب؛ قال لبيد:
دِمَنٌ، تَجَرَّم، بَعدَ عَهْدِ أَنِيسِها،             حِجَجٌ خَلَوْنَ: حَلالُها و حَرامُها

أي تَكَمَّل؛ قال الأَزهري: و هذا كله من القَطْع كأَنّ السنة لما مضت صارت مقطوعة من السنة المستقبلة. و جَرَّمْنا القومَ: خرجنا عنهم. و لا جَرَم أي لا بدّ و لا محالة، و قيل: معناه حَقّاً؛ قال أَبو أسماء بن الضَّريبَةِ:
و لقد طَعَنْتُ أبا عُيَيْنَةَ طَعْنَةً             جَرَمَتْ فَزارةَ، بعدَها، أَن يَغْضَبُوا

أي حَقَّتْ لها الغَضَبَ، و قيل: معناه كسَبَتْها الغَضَبَ. قال سيبويه: فأما قوله تعالى: لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ
، فإِن جَرَم عَمِلَتْ لأَنها فعل، و معناها لقد حَقَّ أَن لهم النار، و قول المفسرين: معناها حَقّاً أَن لهم النارَ يَدُلُّك على أَنها بمنزلة هذا الفعل إذا مثَّلْتَ، فَجَرَمَ عَمِلَتْ بعدُ في أَنّ، و العرب تقول: لا جرم لآتِيَنَّك، لا جَرَم لقد أَحْسَنْتَ، فتراها بمنزلة اليمين، و كذلك فسرها المفسرون حَقّاً أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ، و أصلها من جَرَمْتُ أي كَسَبْتُ الذنبَ؛ و قال الفراء: و ليس قول من قال إِن جَرَمْتُ كقولك حُقِقْتُ أو حَقَقْتُ بشي‏ء، و إِنما لَبَّس عليه قولُ الشاعر:
جَرَمَتْ فَزارةُ بعدها أَن يَغْضَبُوا


فرفعوا فَزارة و قالوا: نجعل الفعل لفَزارة كأَنها بمنزلة حَقَّ لها أو حُقَّ لها أَن تَغْضَبَ، قال: و فزارة منصوب في البيت، المعنى جَرَمَتْهُم الطعنةُ الغَضَبَ أي كَسَبَتْهم. و قال غير الفراء: حقيقة معنى لا جَرَمَ‏
 أن لا نَفْيٌ هاهنا لَمَّا ظنوا أنه ينفعهم؛ فرُدَّ ذلك عليهم فقيل: لا ينفعهم ذلك، ثم ابتدأ فقال:
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [و جرم لونه‏] و كذلك جرم إذا عظم بدنه، و بابهما فرح كما ضبط بالأَصل و التهذيب و التكملة و صوّبه السيد مرتضى على قول المجد: و أَجرم عظم لونه و صفا.

93
لسان العرب12

جرم ص 90

جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ‏
؛ أي كَسَبَ ذلك العملُ لهم الخُسْرانَ، و كذلك قوله: لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَ أَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ‏
؛ المعنى لا ينفعهم ذلك، ثم ابتدأ فقال: جَرَم إفْكُهم و كَذِبُهم لهم عذابَ النار أي كَسَبَ بهم عَذابَها. قال الأَزهري: و هذا من أَبْيَن ما قيل فيه. الجوهري: قال الفراء لا جَرَم كلمةٌ كانت في الأَصل بمنزلة لا بد و لا محالة، فَجَرتْ على ذلك و كثرت حتى تَحَوَّلتْ إلى معنى القَسَم و صارت بمنزلة حقّاً، فلذلك يجاب عنها باللام كما يجاب بها عن القسم، أ لا تراهم يقولون لا جَرَم لآتينك؟ قال: و ليس قول من قال جَرَمْتُ حَقَقْتُ بشي‏ء، و إنما لبس عليه الشاعر أَبو أَسماء بقوله: جَرَمْتَ فَزارة؛ و قال أَبو عبيدة: أَحَقّت عليهم الغضَبَ أي أَحَقَّتْ الطعنةُ فزارة أن يغضبوا، و حَقَّتْ أيضاً: من قولهم لا جَرَمَ لأَفْعَلَنَّ كذا أي حَقّاً؛ قال ابن بري: و هذا القول ردٌّ على سيبويه و الخليل لأَنهما قَدَّراه أَحَقَّتْ فزارةَ الغضَبَ أي بالغَضَبِ فأسقط الباء، قال: و في قول الفراء لا يحتاج إلى إسقاط حرف الجرّ فيه لأَن تقديره عنده كسَبَتْ فَزارةَ الغضبَ عليك، قال: و البيت لأَبي أَسماء بن الضَّريبة، و يقال لعَطِية بن عفيف، و صوابه: و لقد طعنتَ أَبا عُيَيْنة، بفتح التاء، لأَنه يخاطب كُرْزاً العُقَيليَّ و يَرْثيه؛ و قبل البيت:
يا كُرْزُ إنَّك قد قُتِلْتَ بفارسٍ             بَطَلٍ، إذا هابَ الكُماةُ و جَبَّبُوا

و كان كُرْزٌ قد طعن أبا عيينة، و هو حِصْنُ بن حذيفة بن بَدْر الفَزاريّ. ابن سيدة: و زعم الخليل أن جَرَم إنما تكون جواباً لما قبلها من الكلام، يقول الرجل: كان كذا و كذا و فعلوا كذا فتقول: لا جَرَمَ أنهم سيندمون، أو أَنه سيكون كذا و كذا. و قال ثعلب: الفراء و الكسائي يقولان لا جَرَمَ تَبْرِئةٌ. و يقال: لا جَرَم «2» و لا ذا جَرَم و لا أنْ ذا جَرَم و لا عَنْ ذا جَرَم و لا جَرَ، حذفوه لكثرة استعمالهم إياه. قال الكسائي: من العرب من يقول لا ذا جرم و لا أن ذا جرم و لا عن ذا جرم و لا جَرَ، بلا ميم، و ذلك أنه كثر في الكلام فحذفت الميم، كما قالوا حاشَ لِلَّهِ* و هو في الأَصل حاشَى، و كما قالوا أَيْشْ و إنما هو أيُّ شي‏ء، و كما قالوا سَوْ تَرَى و إنما هو سوفَ تَرَى. قال الأَزهري: و قد قيل لا صلة في جَرَم و المعنى كَسَبَ لهم عَمَلُهم النَّدَم؛ و أَنشد ثعلب:
يا أُمَّ عَمْرٍو، بَيِّني لا أو نَعَمْ،             إن تَصْرمِي فراحةٌ ممن صَرَمْ،
أو تَصِلِي الحَبْلَ فقد رَثَّ و رَمّ             قُلْتُ لها: بِينِي فقالت: لا جَرَمْ‏
أنَّ الفِراقَ اليومَ، و اليومُ ظُلَمْ‏


ابن الأَعرابي: لا جَرَ لقد كان كذا و كذا أي حقّاً، و لا ذا جَرَ و لا ذا جَرَم، و العرب تَصِلُ كلامها بذي و ذا و ذو فتكون حَشْواً و لا يُعْتَدُّ بها؛ و أَنشد:
إن كِلاباً والِدِي لا ذا جَرَمْ‏


و
في حديث قَيْس بن عاصم: لا جَرَمَ لأَفُلَّنَّ حَدَّها.
؛ قال ابن الأَثير: هذه كلمة تَرِدُ بمعنى تحقيق الشي‏ء، و قد اختلف في تقديرها فقيل أصلها التبرئة بمعنى لا بُدَّ، و قد استعملت في معنى حقّاً، و قيل:
__________________________________________________
 (2). 1 قوله [و يقال لا جرم إلخ‏] زاد الصاغاني: لا جرم بضم فسكون، و لا جرم بوزن كرم، و معنى لا ذا جرم و لا أن ذا جرم أستغفر الله، و الأجرام: متاع الراعي. و الأجرام من السمك: لونان مستدير بلون و أسود له أجنحة.

94
لسان العرب12

جرثم ص 95

جَرَمَ بمعنى كَسَب، و قيل: بمعنى وَجَبَ و حَقَّ و لا رَدٌّ لما قبلها من الكلام ثم يبتدأُ بها كقوله تعالى: لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ
؛ أي ليس الأَمْرُ كما قالوا، ثم ابتدأَ و قال: وَجَبَ لهم النار. و الجَرْمُ: الحَرُّ، فارسي معرَّب. و أَرض جَرْمٌ: حارّة، و قال أَبو حنيفة: دَفِيئةٌ، و الجمع جُرُومٌ، و قال ابن دُرَيْدٍ: أَرْضٌ جَرْمٌ توصف بالحرِّ، و هو دخيل. الليث: الجَرْمُ نَقِيض الصَّرْد؛ يقال: هذه أَرض جَرْمٌ و هذه أَرض صَرْدٌ، و هما دخِيلان «1». في الحرِّ و البرد. الجوهري: و الجُروُمُ من البلاد خلافُ الصُّرُودِ. و الجَرْمُ: زَورَقٌ من زوارقِ اليَمَن، و الجمع من كل ذلك جُرُومٌ. و المُدّ يُدْعَى بالحجاز: جَرِيماً. يقال: أَعطيته كذا و كذا جَرِيماً من الطعام. و جَرْمٌ: بَطْنانِ بطنٌ في قُضاعة و هو جَرْمُ بنُ زَيَّانَ، و الآخر في طيِ‏ء. و بنو جارِمٍ: بطنانِ بطنٌ في بني ضَبَّة، و الآخر في بني سَعْدٍ. الليث: جَرْمٌ قبيلة من اليمن، و بَنُو جارِمٍ: قومٌ من العرب؛ و قال:
إذا ما رَأَتْ حَرْباً عَبُ الشمسِ شَمَّرَتْ             إلى رَمْلِها، و الجارمِيُّ عَمِيدُها «2».

عَبُ الشَّمْس: ضَوْءُها، و قد يثقل، و هو أَيضاً اسم قبيلة.
جرثم:
الجُرْثُومة: الأَصل؛ و جُرْثُومة كل شي‏ء أَصلُه و مُجْتَمَعُه، و قيل: الجُرْثُومة ما اجتمع من التراب في أُصول الشجر؛ عن اللحياني. و جُرثومة النمل: قَرْيته. الليث: الجُرْثومة أصل شجرة يجتمع إليها التراب. و الجُرْثُومة: التراب الذي تَسْفيه الريحُ، و هي أيضاً ما يَجْمَعُ النَّمْلُ من التراب. و
في حديث ابن الزبير: لما أَراد أن يهدم الكعبة و يبنيها كانت في المسجد جَراثيمُ.
أي كان فيها أماكن مرتفعة عن الأَرض مجتمعة من تراب أو طين؛ أَراد أَن أَرض المسجد لم تكن مستوية. و الاجْرِنْثامُ: الاجتماعُ و اللزومُ للموضع. و اجْرَنْثَمَ القومُ إذا اجتمعوا و لزموا موضعاً. و
في حديث خزيمة: و عادَ لها النِّقادُ مُجْرَنْثِماً.
أي مجتمعاً مُتَقَبضاً، و النِّقادُ صغار الغنم، و إنما اجتمعت من الجَدْب لأَنها لم تجد مَرْعىً تنتشر فيه، و إنما لم يقل مُجْرَنْثِمةً لأَن لفظ النِّقادِ لفظ الاسم الواحد كالحِذَارِ و الخِمارِ، و يروى مُتَجَرْثِماً، و هو مُتَفَعْلِلٌ منه، و النون و التاء فيهما زائدتان، و قد اجْرَنْثَمَ و تَجَرْثَم؛ قال نُصَيْبٌ:
يَعلُّ بَنِيهِ المَحْض من بَكَراتِها،             و لم يُحْتلَبْ زِمْزيرُها المُتَجَرْثِمُ‏

و تَجَرْثَم الرجلُ: اجتمع. و
روي عن بعضهم: الأَسْدُ جُرْثُومةُ العربِ فمن أَضَلَّ نَسَبه فليأْتهم.
؛ هُمْ، بسكون السين، الأَزْدُ فأَبدلوا الزاي سيناً، و تَجَرْثَمَ الشي‏ءُ و اجْرَنْثَم إذا اجتمع؛ قال خُلَيْدٌ اليَشْكُريُّ:
و كَعْثَباً مُرَكَّناً مُجْرَنْثِما


و
في الحديث: تَمِيم بُرْثُمَتُها و جُرْثُمَتُها.
؛ الجُرثُمة هي الجُرْثُومة، و جمعها جَرَاثِيمُ. و
في حديث عليّ: مَن سَرَّه أن يَتَقَحَّمَ جَراثِيمَ جهنم فلْيَقْضِ في الجَدِّ.
و الجُرْثُومة: الغَلْصَمَةُ. و اجْرَنْثَم الرجلُ و تَجَرْثَمَ إذا سقط من عُلْوٍ إلى سُفْلٍ.
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [و هما دخيلان إلخ‏] عبارة التهذيب: دخيلان مستعملان.
 (2). 2 قوله [إذا ما إلخ‏] تقدم في عمد: شمساً بدل حرباً و الجلهمي بدل الجارميّ، و الذي هناك هو ما في المحكم.

95
لسان العرب12

جرثم ص 95

و تَجَرْثمَ الشي‏ءَ: أخَذ مُعْظَمَه؛ عن نُصَيْرٍ. و جُرْثُمُ: موضع.
جرجم:
جَرْجَمَ الطعامَ: أَكله، على البَدَل من جَرجَبَ. و جَرْجَمَ الشرابَ: شَرِبه. و جَرْجَمَ البيتَ: هَدَمَه أو قَوَّضَه. و تَهَدّم الحائطُ و تَجَرْجَمَ هو: سقط. و
في الحديث: أنّ جبريل، عليه السلام، أخَذ بعُرْوتها الوُسطَى، يعني مدائن قَوم لوط، على نبينا و عليه السلام، ثم أَلْوَى بها في جَوِّ السماء حتى سمعت الملائكةُ ضَواغِيَ كلابها، ثم جَرْجَمَ بعضها على بعض.
أي أَسقط. و المُجَرْجَمُ: المَصْرُوعُ؛ قال العجاج:
كأَنهم من فائِظٍ مُجَرْجَمِ‏


و جَرْجَمَ الرجلَ: صَرَعه. و تَجَرْجَمَ الوَحْشِيُّ و غيره في وجاره: تَقَبَّض و سكن، و قد جَرْجَمه الخوفُ. و
في حديث وَهْبٍ قال: قال طالوتُ لداود، عليه السلام: أنت رجل جَرِي‏ءٌ و في جبالنا هذه جَراجِمةٌ يَحْتَرِبُون الناسَ.
أي لصوص يَسْتَلِبون الناسَ و يَنْتَهبونهم. و الجَراجِمَة: قوم من العجم بالجزيرة. و يقال: الجَراجِمة نَبَطُ الشَّام؛ قال ابن بري: و منه قول أَبي وَجْزة:
لو أَنَّ جَمْعَ الرُّومِ و الجَراجِمَا


جردم:
الجَرْدَمَة في الطعام: مثل الجَرْدَبَة. ابن سيدة: جَرْدَمَ على الطعام و في الطعام لغة في جَرْدَب، و هو أن يستر ما بين يديه من الطعام بشماله لئلا يتناوله غيره. و قد تقدّم شرحه؛ و قال يعقوب: ميمه بدل من باء جَرْدَبَ؛ و أَنشد:
هذا غُلامٌ لَهِمٌ مُجَرْدِمُ،             لزادِ مَنْ رافَقَه مُزَرْدِمُ‏

و رجل جَرْدَمٌ: كثير الكلام. و جَرْدَمَ السِّتِّين: جاوَزَها؛ عن ابن الأَعرابي. و جَرْدَمَ ما في الجَفْنة: أَتَى عليه؛ عنه أَيضاً. و جَرْدَمَ الخُبْزَ: أكله كلَّه. شمر: هو يُجَرْدِمُ ما في الإِناء أي يأْكله و يُفْنيه. و جَرْدَم إذا أكثر الكلام. و الجَرْدَمَةُ: الإِسراعُ؛ عن كراع.
جرذم:
الجَرْذَمة: السُّرْعة في المَشْي و العَمَل.
جرزم:
الجَرْزَم و الجِرْزِم «1»؛ كلاهما عن كراع: الخُبْزُ القَفارُ اليابس.
جرسم:
الجُرْسُم: السَّمُّ «2»؛ عن كراع، و قد ذكر بالحاء؛ قال الأَزهري: رأيته مقيداً بخط اللحياني الجُرْسُم، بالجيم، قال: و هو الصواب. و الجِرْسامُ: البِرسامُ. ابن دريد: جِرْسامٌ و جِلْسامٌ الذي تُسميه العامة بِرْساماً، و الله أَعلم.
جرشم:
جَرْشَمَ الرجلُ: لغة في جَرْشَبَ. الليث: جَرْشَم الرجلُ و جَرْشَبَ بمعنى أي انْدَمل بعد المرض و الهُزال. و جَرْشَم: مثل بَرْشَم أي أَحَدَّ النَّظَرَ. و جَرْشَمَ: كَرَّهَ وَجْهَه. غيره: جَرْشَم الرجلُ إذا كان مهزولًا أو مريضاً ثم اندمل، و بعضهم يقول: جَرْشَبَ؛ و أَنشد ابن السكيت لابن الرِّقاع:
مُجْرَنْشِماً لعَماياتٍ تُضِي‏ءُ به،             منه الرِّضابُ و منه المُسْبِلُ الهَطِلُ‏

قال: مُجْرَنْشِمٌ مجتمع مُتَقَبِّضٌ، بالجيم، و قد روي بالخاء، و سنذكره، و قد وردت حروف تَعاقب فيها الخاء و الجيم كالزَّلَخَانِ و الزَّلَجانِ،
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [الجرزم و الجرزم‏] كجعفر و زبرج. قاموس.
 (2). 2 قوله [الجرسم السم‏] عبارة التكملة: الجرسم و الجرسام السم انتهى و ضبط الأَول كقنفذ و الثاني بكسر الجيم كسروال، و لما رأى السيد مرتضى اقتصار اللسان على الأَول كتب على قول المجد: و الجرسام بالكسر السم، الصواب فيه كقنفذ.

96
لسان العرب12

جرشم ص 96

و انْتَجَبْتُ الشي‏ء و انْتَخَبْتُه إذا اخْتَرْتَه. و الجَرْشَمُ من الحيَّات: الخَشِنُ الجِلْد.
جرضم:
ناقة جِرْضِمٌ: ضَخْمة. الليث: الجُرْضُمُ و الجُراضِمُ من الغنمِ الأَكُول الواسع البطن، و هو الأَكُول جِدّاً، ذا جِسْم كان أو نحيفاً؛ قال الفرزدق:
فلما تَصافنَّا الإِداوَةَ أَجْهَشَتْ             إليَّ غُضُونُ العَنْبَرِيِّ الجُراضِمِ‏

ابن دريد: جُراضِمٌ و جُرافِضٌ و هو الثَّقِيلُ الوَخِمُ. و الجِرْضَمُّ من الغنم «1»: الكبيرة السمينة، و من الإِبل الضَّخْمة.
جرهم:
جُرْهُم: حيّ من اليَمن نزلوا مكة و تزوج فيهم إسماعيل بن إبراهيم، عليهما السلام، و هم أَصهاره ثم أَلْحَدُوا في الحرَم فأَبادَهم الله تعالى. و رجل جِرْهامٌ و مُجْرَهِمٌّ: جادٌّ «2». في أَمْره، و به سمي جُرْهُمٌ. و جِرْهامٌ: من صفات الأَسد. التهذيب: الفراء الجُرْهُمُ الجَرِي‏ءُ في الحرب و غيرها. و جمل جراهم: عظيم؛ و قول ساعدة بن جُؤَيَّة يصف ضَبُعاً:
تراها الضَّبْعَ أَعْظَمَهُنَّ رأْساً             جُراهِمَةً، لها حِرَةٌ و ثِيلُ‏

عنى بالجُراهِمَةِ الضخمةَ الثقيلةَ، و قوله: لها حِرَةٌ و ثِيل، معناه أن كل ضَبُع خنثى فيما زعموا، و استعار الثِّيلَ لها و إنما هو للبعير، يقال: بعير عُرَاهِنٌ و عُراهِمٌ و جُراهِمٌ عظيم؛ و قال عمرو الهُذَلي:
فلا تَتَمَنَّنِي و تَمنَّ جِلْفاً             جُراهِمَةً هِجَفّاً، كالخَيالِ‏

جُراهِمَة: ضخماً، هِجَفّاً: ثقيلًا طويلًا، كالخيال: لا غَناءَ عنده. و جمَل جُراهِمٌ و ناقة جُراهِمَةٌ أَي ضَخمة.
جزم:
الجَزْمُ: القطع. جَزَمْتُ الشي‏ء أَجْزِمُهُ جَزْماً: قطعته. و جَزَمْتُ اليمين جَزْماً: أَمضيتها، و حلف يميناً حَتْماً جَزْماً. و كل أمر قطعته قطعاً لا عَوْدَةَ فيه، فقد جَزَمْتَه. و جَزَمْتُ ما بيني و بينه أي قطعته؛ و منه جَزْمُ الحَرْفِ، و هو في الإِعراب كالسكون في البناء، تقول جَزَمْتُ الحرف فانْجَزم. الليث: الجَزْمُ عَزِيمةٌ في النحو في الفعل فالحرفُ المَجْزُومُ آخرهُ لا إعراب له. و من القراءة أَن تَجْزِمَ الكلام جَزْماً بوضع الحروف مواضعها في بيانٍ و مَهَلٍ. و الجَزْمُ: الحرف إذا سكن آخره. المُبرّد: إنما سُمِّيَ الجَزْمُ في النحو جَزْماً لأَن الجَزْم في كلام العرب القطع. يقال: افعل ذلك جَزْماً فكأَنه قُطِعَ الإِعرابُ عن الحرف. ابن سيدة: الجَزْمُ إسكان الحرف عن حركته من الإِعراب من ذلك، لقصوره عن حَظِّه منه و انقطاعه عن الحركة و مَدِّ الصوت بها للإِعراب، فإن كان السكون في موضوع الكلمة و أَوَّلِيَّتها لم يُسَمَّ جَزْماً، لأَنه لم يكن لها حظ فقَصُرَتْ عنه. و
في حديث النخعي: التكبير جَزْمٌ و التسليم جَزْمٌ.
؛ أراد أنهما لا يُمَدَّان و لا يُعْرَبُ آخر حروفهما، و لكن يُسَكَّنُ فيقال: الله أكْبَرْ، إذا وقف عليه، و لا يقال الله أَكْبَرُ في الوقف. الجوهري: و العرب تسمِّي خَطَّنا هذا جَزْماً. ابن سيدة: و الجَزْمُ هذا الخطُّ المؤَلَّف من حروف المعجم؛ قال أَبو حاتم: سُمِّيَ جَزْماً
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [و الجرضم من الغنم إلخ‏] و كذلك الشيخ الساقط هزالًا و ضبط في التكملة كقرشبّ و في القاموس كجعفر.
 (2). 2 قوله [مجرهم جادّ] كذا ضبط مجرهم كمقشعرّ بالأصل و المحكم لكن ضبط في القاموس كالتكملة بوزن مدحرج.

97
لسان العرب12

جزم ص 97

لأَنه جُزِمَ عن المُسْنَدِ، و هو خَطُّ حِمْيَر في أَيام مُلْكهم، أي قُطِعَ. و جَزَمَ على الأَمر و جَزَّمَ: سكت. و جَزَّم عن الشي‏ء: عجز «1». و جَبُنَ. و جَزَّمَ القومُ إذا عجزوا و بَقِيتُ مُجَزِّماً: منقطعاً؛ قال:
و لكنِّي مَضَيْتُ و لم أُجَزِّمْ،             و كان الصَّبْرُ عادَةَ أَوَّلِينا

و الجَزْمُ من الخَطِّ: تسويةُ الحرف. و قَلَمٌ جَزْمٌ: لا حرف له. و جَزَمَ القراءةَ جَزْماً: وضع الحروف مواضعها في بيان و مَهَلٍ. و جَزَمْت القِربةَ: ملأْتها، و التّجْزيمُ مثله. و سِقاء جازِمٌ و مِجْزَمٌ: ممتلئ؛ قال:
جَذْلانَ يَسَّر جُلَّةً مَكْنوزةً،             دَسْماءَ بَحْوَنَةً و وَطْباً مِجْزَما

و قد جَزَمَهُ جَزْماً: قال صَخْرُ الغَيّ:
فلما جَزَمْتُ بها قِرْبَتي،             تَيَمَّمْتُ أَطْرِقَةً أو خَلِيفا

و الخَلِيفُ: طريق بين جبلين. و جَزَّمَهُ: كَجَزَمَهُ. و يقال للسِّقاء مِجْزَمٌ، و جمعه مَجازِمُ. و الجَزْمَةُ: الأَكْلَة الواحدة. و جَزَمَ يَجْزِمُ جَزْماً: أكل أكلة تَمَّلأَ عنها؛ عن ابن الأَعرابي. و قال ثعلب: جَزَمَ إذا أكل أكلةً في كل يوم و ليلة. و جَزَم النخلَ يَجْزِمُه جَزْماً و اجْتَزمَه: خَرَصَه و حَزَرَه؛ و قد روي بيت الأَعشى:
هو الواهِبُ المائةِ المُصْطَفاةِ،             كالنَّخْلِ طافَ بها المُجْتَزِم‏

بالزاي، مكان المجترم، بالراء؛ قال الطُّوسي: قلت لأَبي عمرو لم قال طاف بها المُجْتَرِم؟ فتبسم و قال: أَراد أنه يَهَبُها عِشاراً في بطونها أولادها قد بلغت أن تُنتَج كالنخل التي بلغت أن تُجتَرَمَ أي تُصْرَمَ، فالجارم يطوف بها لصَرْمِها. و يقال: اجْتَزَمْتُ النَّخلةَ اشتريت تمرها فقط. و قال أَبو حنيفة: الاجْتِزامُ شراء النخل إذا أَرْطَبَ. و اجْتَزَمَ فلانٌ حَظِيرةَ فلان إِذا اشتراها، قال: و هي لغة أَهل اليمامة. و اجْتَزَمَ فلان نَخْل فلانٍ فأَجْزَمه إِذا ابتاعه منه فباعه. و جَزَم من نخله جِزْماً أَي نصيباً. ابن الأَعرابي: إِذا باع الثمرة في أَكمامها بالدراهم فذلك الجَزْمُ. و الجَزْم: شي‏ء يُدْخَلُ في حَياء الناقة لتَحْسِبَهُ ولدَها فتَرْأَمَه كالدُّرْجَة. و جَزَّمَ بسَلْحه: أَخرج بعضه و بقي بعضه، و قيل: جَزَّم بسلحه «2». خَذَفَ. و تَجَزَّمَتِ العصا: تَشَقَّقَتْ كَتَهَزَّمَتْ. و الجَزْمُ من الأُمور: الذي يأْتي قبل حينه «3»، و الوَزْمُ الذي يأْتي في حينه. و الجِزْمةُ، بالكسر، من الماشية: المائةُ فما زادت، و قيل: هي من العشرة إلى الأَربعين، و قيل: الجِزْمَةُ من الإِبل خاصة نحو الصِّرْمَة. الجوهري: الجِزْمَةُ، بالكسر، الصِّرْمةُ من الإِبل، و الفِرْقةُ من الضأْن. و يقال: جَزَّم البعيرُ فما يَبْرَحُ، و انْجَزَمَ العظمُ إِذا انكسر. الفراء: جَزَمَتِ الإِبلُ إذا رَوِيَتْ‏
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [و جزم عن الشي‏ء عجز] و كذلك جزم بالتخفيف كما في القاموس و التهذيب.
 (2). 1 قوله [و جزم بسلحه‏] كذا ضبط بالتثقيل بالأصل و المحكم و التكملة، و مقتضى صنيع القاموس أَنه بالتخفيف.
 (3). 2 قوله [الذي يأتي قبل حينه إلخ‏] و منه قول شبيل بالتصغير ابن عذرة بفتح فسكون: إلى أجل يوقت ثم يأتي بجزم أو بوزم باكتمال انتهى. التكملة. و زاد الجوازم: و طاب اللبن المملوءة، و الجزم، بالفتح، إيجاب الشي‏ء؛ يقال: جزم على فلان كذا و كذا أوجبه، و اجتزمت جزمة من المال، بالكسر، أي أَخذت بعضه و أَبقيت بعضه.

98
لسان العرب12

جزم ص 97

من الماء، و بعير جازمٌ و إِبل جَوازِمُ.
جسم:
الجِسْمُ: جماعة البَدَنِ أَو الأَعضاء من الناس و الإِبل و الدواب و غيرهم من الأَنواع العظيمة الخَلْق، و استعاره بعض الخطباء للأَعراض فقال يذكر عِلْم القَوافي: لا ما يتعاطاه الآن أَكثر الناس من التَّحَلي باسمه، دون مباشرة جَوْهَره و جِسْمه، و كأَنه إِنما كَنى بذلك عن الحقيقة لأَن جِسْم الشي‏ء حقيقةٌ و اسْمه ليس بحقيقة، أ لا ترى أن العَرَض ليس بذي جِسْمٍ و لا جَوْهَرٍ إِنما ذلك كله استعارة و مَثَلٌ؟ و الجمع أَجْسامٌ و جُسومٌ. و الجُسْمانُ: جماعة الجِسْمِ. و الجُسْمانُ: جِسْمُ الرجل. و يقال: إِنه لنَحيفُ الجُسْمان، و جُسمانُ الرجلُ و جُثْمانُه واحد. و رجُل جُسْمانيٌّ و جُثْمانيٌّ إِذا كان ضَخْم الجُثَّة. أَبو زيد: الجِسْمُ الجَسَدُ، و كذلك الجُسْمانُ، و الجُثْمانُ الشخص. و قد جَسُمَ الشي‏ءُ أَي عَظُمَ، فهو جَسِيمٌ و جُسام، بالضم. و الجِسامُ، بالكسر: جمع جَسيمٍ. و جَسُمَ الرجلُ و غيره يَجْسُمُ جَسامةً، فهو جَسِيمٌ، و الأُنثى من كل ذلك بالهاء؛ و أَنشد شاهداً على جُسامٍ:
أَنْعَتُ عَيْراً سَهُوَقاً جُساما


أَبو عبيد: تجَسَّمْتُ فلاناً من بين القوم أَي اخترته كأَنك قصدت جِسْمَه، كما تقول تأَيَّيْتُه أَي قصدت آيَتَه و شخصه. و تَجَسَّمْها ناقةً من الإِبل فانْحَرْها أَي اخْتَرْها؛ و أَنشد:
تَجَسَّمَه من بَينِهِنَّ بمُرْهَفٍ،             له جالِبٌ، فوق الرِّصاف، عَلِيلُ‏

ابن السكيت: تَجَسَّمْتُ الأَمْرَ إِذا ركبت أَجْسَمَه و جَسِيمَه و مُعْظَمه. قال أَبو سعيد: المُرْهَفُ النَّصْلُ الرقيق، و الجالب الذي عليه كالجُلْبَةِ من الدم، عَليلٌ عُلَّ بالدم مرةً بعد مرة. و تَجَسَّمْتُ الرملَ و الجبل أَي ركبت أَعظمه. و تَجَسَّمْتُ الأَرضَ إِذا أَخذتَ نحوَها تريدها؛ قال الراجز:
يُلِجْنَ من أَصواتِ حادٍ شَيْظَمِ،             صُلْبٍ عَصاهُ للمَطيّ مِنْهَمِ،
ليس يُماني عُقَبَ التَّجَسُّم‏


أَي ليس يَنْتَظر. و تَجَسَّمَ: من الجِسْم. و التَّجَسُّمُ: ركوب أَجْسمِ الأَمرِ و مُعْظَمِه. قال أَبو تراب: سمِعت أبا مِحْجَنٍ و غيرَه يقول: تَجَسَّمْتُ الأَمر و تَجشَّمْتُهُ إِذا حَمَلْت نفسك عليه؛ و قال عمرو بن جَبَلٍ:
         تَجَسَّمَ القُرْقُور مَوْجَ الآذيّ‏


و الجُسُم: الأُمور العظام. و الجُسُمُ: الرجال العُقلاء. و الجَسِيمُ: ما ارتفع من الأَرض و علاه الماء؛ و قال الأَخْطَلُ:
فما زال يَسْقي بَطْنَ خَبْتٍ و عَرْعَرٍ             و أَرْضَهُما، حتى اطْمأَنَّ جَسِيمُها

و الأَجْسَمُ: الأَضْخَمُ؛ قال عامر بن الطُّفَيْلِ:
لقد عَلِمَ الحَيُّ من عامرٍ             بأَنَّ لنا الذِّرْوَةَ الأَجْسَما «1».

و بنو جَوْسَم: حَيٌّ قديم من العرب، و كذلك بنو جاسِمٍ. و جاسِمٌ: موضع بالشام؛ أَنشد ابن بري لعَديّ بن الرِّقاعِ:
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [
لقد علم الحي ...

إلخ‏] تبع فيه الجوهري، قال الصاغاني: الرواية
... ذروة الأَجسم‏

و القافية مجرورة و بعده:
و أَنا المصاليت يوم الوغى             إِذا ما العواوير لم تقدم.

99
لسان العرب12

جسم ص 99

لولا الحَياءُ، و أَنّ رأْسِيَ قد عَفا             فيه المَشِيبُ، لزُرْتُ أُمَّ القاسِمِ‏
فكأَنَّها، بين النِّساءِ، أعارها             عَيْنَيْهِ أَحْوَرُ من جآذِرِ جاسِمِ‏

و يروى‏
... عاسِم.


جشم:
جَشِمَ الأَمْرَ، بالكسر، يَجْشَمُه جَشْماً و جَشامةً و تَجَشَّمَه: تَكَلَّفَه على مشقة. و أَجْشَمَني فلانٌ أَمْراً و جَشَّمَنِيه أي كَلَّفَني؛ و أَنشد ابن بري للأَعْشى:
فما أَجْشَمْتُ من إِتْيانِ قَومٍ،             هُمُ الأَعْداءُ و الأَكْبادُ سُودُ

و جَشَّمْتُه الأَمرَ تَجْشِيماً؛ و في حديث زيد بن عمرو ابن نُفَيْلٍ:
مَهْما تُجَشِّمْني فإِنِّي جاشِمُ‏


أَبو تراب: سمعت أَبا مِحْجَنٍ و باهِليّاً تَجَشَّمْتُ الأَمر و تَجَسَّمْتُه إِذا حملت نفسك عليه؛ و قال عمرو بن جَميل «1»:
تَجَشَّم القُرْقُورُ مَوْجَ الآذيّ‏


ابن السكيت: تَجَشَّمْتُ الأَمْرَ إذا ركبت أَجْسَمه، و تَجَشَّمْتُه إذا تكلفته، و تَجَشَّمْتُ الأَرضَ إذا أخذتَ نحوَها تريدها، و تَجَشَّمْت الرملَ ركبت أَعْظَمَه. أَبو النضر: تَجَشَّمْتُ فلاناً من بين القوم أي قَصَدْتُ قَصْدَه؛ و أَنشد:
و بَلَدٍ ناءٍ تَجَشَّمْنا به             على جَفاهُ، و على أَنقابه‏

أبو بكر في قولهم: قد تَجَشَّمْتُ كذا و كذا أَي فعلته على كُرْه و مشقة، و الجُشَمُ: الاسم من هذا الفعل؛ قال المرَّارُ:
يَمْشِينَ هَوْناً، و بعد الهَوْنِ مِنْ جُشَمٍ،             و مِنْ جَناءِ غَضِيضِ الطَّرْفِ مَسْتُورِ «2».

و الجُشَمُ: الجَوْف، و قيل: الصدر و ما اشتمل عليه من الضُّلوع. و جُشَمُ البعيرِ: صَدْرُه و ما غَشِي به القِرْنَ من صَدره و سائر خَلْقه. و يقال: غَتَّه بجُشَمِه إذا أَلقى صدره عليه. و رمى عليه جَشَمَه و جُشمه أي ثِقْلَه. و الجَشِمُ: الغليظ «3»؛ عن كراع. ابن الأَعرابي: الجُشُمُ السِّمانُ من الرجال؛ و قال أَبو عمرو: الجَشَمُ السِّمَنُ. ابن خالويه: الجُشْمُ دراهم رديئة، و جمعها جُشُومٌ؛ قال جرير:
بَدَا ضَربُ الكِرامِ و ضَرْبُ تَيْمٍ،             كضَرْبِ الدُّنْبُلِيَّة و الجُشُوم‏

أَبو زيد: ما جَشِمْتُ اليوم ظِلْفاً «4»؛ يقوله القانِصُ إذا لم يَصِدْ و رجع خائباً. و يقال: ما جَشَمْتُ اليوم طعاماً أي ما أَكلت؛ قال: و يقال ذلك عند خيبة كل طالب فيقال: ما جَشَمْتُ اليومَ شيئاً. أَبو عبيد: تَجَشَّمْتُ فلاناً من بين القوم أي اخترته؛ و أَنشد:
تَجَشَّمْتُه من بَيْنِهِنَّ بمُرْهَفٍ،             له جالِبٌ، فوقَ الرِّصافِ، عَلِيلُ‏

__________________________________________________
 (1). 1 قوله [و قال عمرو بن جميل‏] كذا بالأَصل و التهذيب، و الذي تقدم في جسم: عمرو بن جبل.
 (2). 1 قوله [و من جناء غضيض‏] كذا بالأَصل جناء بالأَلف، و في شرح القاموس: جنى.
 (3). 2 قوله [و الجشم الغليظ إلخ‏] كذا بالأَصل كالمحكم مضبوطاً بوزن كتف، و الذي في القاموس: و كأمير الغليظ انتهى. قال شارحه: و الذي في كتاب كراع ككتف.
 (4). 3 قوله [ما جشمت اليوم ظلفاً] و قوله [ما جشمت اليوم طعاماً] ضبط في الأَصل و نسخة من التهذيب بفتح الجيم و الشين و لم نجد هذه العبارة لغير التهذيب حتى نستأنس لهذا الضبط.

100
لسان العرب12

جعم ص 101

و قد تقدم أَكثر ذلك في جسم. ابن الأَعرابي: الجُشُمُ الطِّوالُ الأَعْفارُ. و الأَعْفارُ من قولك رجل عِفْرٌ: داهٍ خبيثٌ. أَبو عمرو: الجَشْمُ الهلاك. و جُشَمُ بن بكر: حيٌّ من مُضَرَ. و جُشَمُ بن هَمْدانَ: حَيّ من اليمَن. و بنو جَوْشَم: حَيّ من جُرْهُم دَرَجُوا. و جُشَمُ: حَيّ من الأَنصار، و هو جُشَمُ بن خَزْرَج؛ و قال الأَغْلَبُ العِجْليّ:
إِنْ سَرَّكَ العزُّ فَجَخْجِخْ بجُشَم
و جُشَمُ: في ثَقِيف، و هو جُشَمُ بن ثَقِيفٍ. و جُشَمُ: حَيٌّ من تَغْلِبَ و هم الأَراقِمُ. التهذيب: و جُشَمُ حَيّ من تَغْلِب، و جُشَمُ في هَوَازِنَ، و هو جُشَمُ بن مُعاوية بن بكر بن هَوازن.
جعم‌
: الجَعْماءُ من النساء: التي أُنْكِرَ عَقْلُها هَرَماً، و لا يقال للرجل أَجْعَمُ. و الجَعْماء: الناقة المُسِنَّة، و قيل: هي التي غابت أَسنانُها في اللِّثَاتِ، و الذكر أَجْعَمُ، و في الصحاح: و لا يقال للذكر أَجْعَمُ، و كذلك كل دابة ذهبت أَسنانها كلها. و قال ابن الأَعرابي: هي الجَمْعاءُ و الجَعْماءُ. و الجَعْماءُ من النساء: الهَوْجاء البَلْهاءُ. و جَعِمَ الرجلُ لكذا أي خَفَّ له. و قد جَعِمْتُ جَعَماً و أَجْعَمَتِ الأَرضُ: كثر الحَنَكُ على نباتها فأكله و ألجأَه إلى أُصوله. و أُجْعِمَ الشجر: أُكل وَرَقُه فآل إلى أُصوله؛ قال:
عَنْسِيَّة لم تَرْعَ طَلْحاً مُجْعَمَا
و جَعِمَ إِلى اللحم جَعَماً، فهو جَعِمٌ: قَرِمَ و هو مع ذلك أَكُولٌ؛ و قول العجاج:
نُوفي لَهُمْ كَيْلَ الإِناءِ الأَعْظَمِ،  إِذ جَعِمَ الذُّهْلانِ كلَّ مَجْعَمِ
و يقال: جَعامَةً في المصدر أَيضاً؛ عن ابن بري، و الذُّهْلانِ: ذُهْلُ بن ثَعْلَبَة و هو الأَكبر، و ذُهْلُ ابن شَيْبان بن ثَعْلَبة، أَي حَرَّضَ الذُّهْلان على قتالنا و قَرِمُوا إِلى الشَّرِّ كما يُقْرَمُ إلى اللحم. و جَعِمَتِ الإِبلُ تَجْعَمُ جَعَماً إِذا لم تجد حَمْضاً و لا عِضاهاً فَتَقْرَمُ إِليها، فتَقْضَمُ العظامَ و خُرْءَ الكلاب لِشبْه قَرَم يصيبها؛ و يقال: إِن داء الجُعامِ أَكثرُ ما يُصيبها من ذلك. و رجل جَيْعَمٌ: لا يرى شيئاً إِلَّا اشتهاه. و جَعِمَ جَعَماً و جَعَمَ: لم يَشْتَهِ الطعامَ، و هو من الأَضداد. و جَعِمَ جَعَماً، فهو جَعِمٌ، و تَجَعَّمَ: طَمعَ. و الجَعَمُ، بالتحريك: الطمع. و الجَعُوم: الطَّمُوع في غير مَطْمَعٍ. و الجَعَمُ: غِلَظُ الكلام في سَعَةِ حَلْقٍ، و الفعل كالفعل، و الصِّفَة كالصفة. و جَعَمَ البَعِيرَ: جعل على فيه ما يمنعه من الأَكل و العضِّ. و الجِعْمِيُّ: الحريص، و قيل: الحريص مع شهوة. و يقال: فلان جَعِمَ إِلى الفاكهة، و ليس الجَعَمُ القَرَمَ مطلقاً، و يقال: جَعِمَ الرجلُ و جَعَمَ إِذا اشتدَّ حرْصه. و أَجْعَمَتِ الأَرضُ: أُكل نباتُها. و ذكر ابن بري أَن الهَجَرِيّ قال في نوادره: الجُعامُ داء يصيب الإِبل من النَّدَى بأَرض الشام، يأْخذها لَيٌّ في بطونها ثم يُصيبها له سُلاحٌ. و قد أَجْعَمَ القومُ إِذا أَصاب إِبلَهُم الجُعامُ. و الجَعُومُ: المرأَة الجائعة. و يقال للدُّبر: الجَعْماءُ و الوَجْعاءُ و الجَهْوةُ و الصُّمارَى.

101
لسان العرب12

جعم ص 101

و الجِعْمُ: الجُوعُ «1»، و يقال: يا ابن الجَعْماء. و قال ابن الأَعرابي: الجَيْعَمُ الجائع.
جعثم:
الجُعْثُوم: الغُرْمُولُ الضخم. و الجُعْثُمَةُ: اسم. و التَّجَعْثُمُ: انقباض الشي‏ء و دخول بعضه في بعض. و بنو جُعْثُمَة: حَيّ من اليَمَن؛ قال أَبو ذؤيب:
كأَنَّ ارْتِجازَ الجُعْثُمِيَّاتِ، وَسْطَهُم،             نَوائِحُ يَشْفَعْنَ البُكا بالأَزامِلِ‏

يعني بالجُعْثُمِيَّاتِ قِسِيّاً منسوبة إِلى هذا الحيّ. الأَزهري: جُعْثُمةُ حَيّ من أَزدِ السَّراةِ. و قال أَبو نصر: جُعْثُمَةُ من هُذَيْلٍ. الأَزهري: الجِعْثِمُ و الجِعْثِن أُصول الصِّلِّيان.
جعشم:
الجُعْشُمُ: الصغير «2». البَدَن القليل لحم الجسد، و قيل: هو المنتفخ الجَنْبَيْنِ الغليظُهما، و قيل: القصير الغليظ مع شدّة، و يقال له جُعْشُمٌ و كُنْدُرٌ؛ و أَنشد:
ليس بجُعْشُوشٍ و لا بجُعْشُمِ‏


و جُعْشُمٌ: اسم، و هو جدّ سُراقَةَ بن مالك المُدْلِجِيّ؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّةَ:
يُهْدي ابنُ جُعْشُمٍ الأَنْباءَ نَحْوَهُمُ،             لا مُنْتَأَى عن حِياض المَوْتِ و الحُمَم‏

و الجَعْشَمُ: الوَسَطُ؛ قال:
و كلّ نَأْآجٍ عُراضٍ جَعْشَمُه‏


قال الفراء: فتح الجيم و الشين فيه أَفصح.
جلم:
جَلَمَ الشي‏ءَ يَجْلِمُه جَلْماً: قطعه. و الجَلَمانِ: المِقْراضانِ، واحدهما جَلَمٌ للذي يُجَزُّ به؛ قال سالم بن وابِصَةَ:
داوَيْتُ صَدْراً طويلًا غِمْرُه حَقِداً             منه، و قَلَّمْتُ أَظفاراً بلا جَلَمِ‏

و الجَلَمُ: اسم يقع على الجَلَمَيْنِ كما يقال المِقْراضُ و المِقْراضان و القَلَمُ و القَلَمانِ؛ و أَنشد ابن بري:
و لولا أَيادٍ من يَزيدَ تَتابَعَتْ،             لَصَبَّحَ في حافاتِها الجَلَمانِ‏

و قوله: فأَخذت منه بالجَلَمَيْنِ؛ الجَلَمُ: الذي يُجَزُّ به الشعرُ و الصوفُ، و الجَلَمان شَفْرَتاه، و هكذا يقال مُثَنّىً كالمِقَصِّ و المِقَصَّيْنِ. و الجَلْمُ: مصدر جَلَمَ الجَزُور يَجْلِمُها جَلْماً و اجْتَلَمها إِذا أَخذ ما على عظامها من اللحم. و الجَلَمُ: من سِمات الإِبل «3» شبيه بالجَلَم في الخَدّ؛ عن ابن حبيب من تذكرة أَبي علي؛ و أَنشد:
هو الفَزارِيُّ الذي فيه عَسَمْ،             في يده نَعْلٌ و أُخْرى بالقَدَمْ‏
يَسُوقُ أَشْباهاً عَلَيهِنَّ الجَلَمْ‏


و الجَلَمُ: الهِلالُ ليلة يُهِلُّ «4»؛ شُبِّه بالجَلَمِ. التهذيب: و الجَلَمُ القمر. و جَلْمَة الجَزُورِ و جَلَمَتُها: لحمها أَجْمَعُ، يقال: خذ جُلْمَة الجَزورِ أَي لحمها أَجْمَعَ. و الجَلَمَةُ:
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [و الجعم الجوع‏] ضبط في الأَصل بالكسر و صرح به شارح القاموس، و ضبط في نسخة من التهذيب بفتح فسكون لكن مقتضى تفسيره بالمصدر أَنه الجعم محرّكاً.
 (2). 2 قوله [الجعشم الصغير إلخ‏] بضم الشين و فتحها كما في القاموس، و في التكملة: و الجعشم الطويل مع عظم الجسم.
 (3). 1 قوله [و الجلم من سمات الإِبل إلخ‏] كذا في المحكم أَيضاً، و الذي في التكملة: و الجلم أَي محرّكاً سمة لبني فزارة في الفخذ.
 (4). 2 قوله [ليلة يهل‏] زاد في التكملة: الجيلم كصقيل القمر ليلة البدر.

102
لسان العرب12

جلم ص 102

الشاة المسلوخة إِذا ذهبت عنها أَكارعُها و فُضُولُها. الجوهري: و هذه جَلَمَةُ الجَزُور «1»، بالتحريك، أَي لحمها أَجْمَعُ. و جَلَمَةُ الشاة: مَسْلوخَتُها بلا حَشْوٍ و لا قوائم. و جَلَمَ الشَّعَرَ و صوف الشاة بالجَلَمِ يَجْلِمُه جَلْماً: جَزَّه كما تقول قَلَمْتُ الظُّفْر بالقَلَم؛ و أَنشد:
 لَمَّا أَتَيْتُم و لم تَنْجُوا بمَظْلِمَةٍ،             قِيسَ القُلامَةِ مما جَزَّه الجَلَمُ‏

و القَلَمُ، كلٌّ يُرْوى. و يقال للمِقْراضِ المِقْلامُ و القَلَمانُ و الجَلَمانُ، قال: هكذا رواه الكسائي، بضم النون، كأَنه جعله نعتاً على فَعَلانَ من القَلْمِ و الجَلْم، و جعله اسماً واحداً، كما يقال رجل شحَذَانٌ و أَبَيانٌ. و الجَلَمُ: الذي يُجَزُّ به. و الجُلامَةُ: ما جُزّ. أَبو مالك: جَلْمَةٌ مثل حَلْقَة، و هو أَن يُجْتَلَمَ ما على الظَّهْر من الشحم و اللحم. و الجُلَّامُ: التُّيُوس المَحْلوقَةُ. و هَنٌ مَجْلومٌ: محلوق؛ قال الفَرَزْدَقُ:
أَتَتْه بمَجْلُوم كأَنّ جبِينَه             صَلايةُ وَرْسٍ، وسْطُها قد تَفَلَّقا

و أَخذ الشي‏ءَ بجُلْمَتِهِ و جَلْمَتِه أَي جماعته. و الجَلَم: الجَدْيُ؛ عن كراع و جمعه جِلامٌ؛ قال الأَعشى:
سَواهِمُ جُذْعانُها كالجِلامِ             قَدْ أَقْرَحَ القَوْدُ منها النُّسُورا

و يروى:
قد اقْرَحَ منها القِيادُ النُّسورا


قال ابن بري: صواب إِنشاده بالنصب؛ و قبله:
و جَأْواءَ تُتْعِبُ أَبْطالَها،             كما أَتْعَبَ السابقُون الكَسِيرا

و قيل: الجِلامُ غنم من غنم الطائف صغار؛ قال:
قُدْنا إِلى هَمْدانَ، من أَرْضِنا،             شُعْثَ النَّواصي شُزَّباً كالجِلام‏

أَبو عبيد: الجِلامُ شاءُ أَهلِ مكة، واحدتها جَلَمَةٌ؛ و أَنشد:
شَواسِفٌ مثْلُ الجِلام قُبّ‏


جلثم:
جَلْثَمٌ: اسم.
جلحم:
اجْلَحَمَّ القومُ: اجتمعوا، و يقال: استكبروا، قال:
نَضْرِبُ جَمْعَيْهِم إِذا اجْلَحَمُّوا


جلخم:
اجْلَخَمَّ الرجلُ: استكبر، و اجْلَخَمَّ القومُ: استكبروا؛ و أَنشد للعجاج:
نَضْرِبُ جَمْعَيْهِمْ إِذا اجْلَخَمُّوا،             خَوادِباً أَهْوَنُهُنَّ الأَمُ‏

أَي ضَرَبات خَوادِب، و الخَدْبُ: الضربُ الذي لا يَتمالك، و يروى:
... إِذا اجْلَحَمُّوا


، و قد تقدم ذكره، و كذلك ذكره ابن السكيت، و أَنشده بالحاء المهملة. و اجْلَخَمَّ القوم اجْلِخْماماً: لغة في اجْلَحَمُّوا؛ عن كراع، و الحاء المهملة أَعلى.
جلسم:
الجِلْسام: البِرْسام كالجِرْسام، و قد تقدم.
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [جلمة الجزور إلخ‏] بفتح أَو ضم فسكون و بالتحريك كما في القاموس.

103
لسان العرب12

جلعم ص 104

جلعم:
الأَزهري: يقال للناقة الهَرِمَة قِضْعِمٌ و جَلْعَمٌ. ابن الأَعرابي: الجَلْعَمُ القليلُ الحياء.
جلهم:
جُلْهُمَتا الوادي: ناحيتاه، و قيل: حافتاه؛ و منه‏
حديث أَبي سُفْيان: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَخَّرَ أَبا سُفْيانَ في الإِذْنِ و أَدْخَلَ غيرَه من الناس قبله، فقال: ما كِدْتَ تَأْذَنُ لي حتى تَأْذَنَ لحجارة الجُلْهُمَتَيْنِ.
؛ قال أَبو عبيد: أَراد جانبَي الوادي، قال: و المعروف الجَلْهَتان؛ قال أَبو عبيد: و لم أَسمع بالجُلْهُمةِ إِلا في هذا الحديث و ما جاءت إِلا و لها أَصل؛ و قال شمر: لم أَسمع الجُلْهُمَة إِلا في هذا الحديث و حرفاً آخر، قال أَبو زيد: يقال هذا جُلْهُمٌ.
قال ابن بري: يروى أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، قال له أَنْتَ كما قِيل: كل الصيد في جَوْف الفَرا.
؛ أَراد، صلى الله عليه و سلم، أَن يَتأَلَّفَه بهذا الكلام و كان من المؤَلَّفَةِ قلوبهم، و هو أَبو سفيان بن الحرث بن عبد المُطَّلِبِ، و كان هجا النبي، صلى الله عليه و سلم، هجاءً قبيحاً؛ قال: و المشهور في الروايتين الجَلْهَمَتَيْنِ، بفتح الجيم، قال: و لم يَرْوِ أَحدٌ الجُلْهُمَتَيْن، بضم الجيم، إِلا شمر و ابن خالويه، قال: و الدليل على أَنه مفتوح قول أَبي عبيد: إِنه أَراد الجَلْهَتَيْنِ فزاد الميم، قال: و لو كانت الجيم مضمومة لم تكن الميم زائدة. و قال أَبو هَفَّانَ المِهْزَمِيُّ: جُلْهُمَةُ اسم رجل، بالضم، منقول من الجُلْهمة لطَرَفِ الوادي، قال: و المحدّثون يُخْطئُون و يقولون الجَلْهَمَتَيْن، قال: و الجَلْهَةُ ناحية الوادي؛ و أَنشد:
 كأَنَّها و قد بَدا عُوارِضُ،             و اللَّيْلُ بين قَنَوَيْنِ رَابِضُ،
 بِجَلْهَةِ الوادِي قَطاً نواهِضُ‏


و قال ابن الأَثير في تفسير الحديث: الجُلْهُمَةُ فم الوادي، و قيل: جانبه، زيدت فيها الميم كما زيدت في زُرْقُمٍ و سُتْهُمٍ؛ قال أَبو منصور: العرب زادت الميم في حروف كثيرة، منها قولهم قَصْمَل الشي‏ءَ إِذا كسره و أَصله قَصَلَ، و جَلْمَطَ شعره إِذا حَلقه و الأَصل جَلَطَ، و فَرْصَمَ الشي‏ء إِذا قطعه و الأَصل فَرَصَ، و الله أَعلم. و جُلْهُمَة، بالضم: اسم رجل. و جُلْهُمُ: اسم امرأَة؛ أَنشد سيبويه للأَسود بن يَعْفُرَ:
أَوْدَى ابنُ جُلْهُمَ عَبَّادٌ بصِرْمَتِهِ؛             إِنَّ ابنَ جُلْهُمَ أَمْسَى حَيَّةَ الوادي‏

أَراد المرأَة و لذلك لم يَصْرِفْ، قال سيبويه: و العرب يسمون الرجل جُلْهُمَةَ و المرأَة جُلْهُمَ. و الجُلْهُمُ: القارَةُ الضخمة «2»، و حَيٌّ من ربيعة يقال لهم الجَلاهِمُ.
جمم:
الجَمُّ و الجَمَمُ: الكثير من كل شي‏ء. و مال جَمٌّ: كثير. و في التنزيل العزيز: وَ تُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا
، أَي كثيراً، و كذلك فسره أَبو عبيدة؛ و قال أَبو خِراشٍ الهُذَليّ:
إِنْ تَغْفِرِ، اللَّهُمَّ، تَغْفِرْ جَمّا،             و أَيُّ عَبْدٍ لَكَ لا أَلَمَّا؟

و قيل: الجَمُّ الكثير المجتمع، جَمّ يَجِمُّ و يَجُمُّ، و الضم أَعلى، جُمُوماً،
قال أَنس: توفي سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم، و الوَحْيُ أَجَمُّ ما كان لم يَفْتُرْ بعدُ.
؛ قال شمر: أَجَمُّ ما كان أَكثرُ ما كان و جَمَّ المالُ و غيره إِذا كثر. و جَمُّ الظَّهِيرة: معظمها؛ قال أَبو كَبير الهذلي:
__________________________________________________
 (2). 1 قوله [القارة الضخمة] كذا بالقاف في الأصل و التهذيب و التكملة، و تحرّفت في نسخ القاموس بالفأرة.

104
لسان العرب12

جمم ص 104

و لقَد رَبَأْتُ، إِذا الصِّحابُ تَواكَلُوا،             جَمَّ الظَّهِيرَةِ في اليَفَاعِ الأَطْوَلِ‏

جَمَّ الشي‏ءُ و اسْتَجَمَّ، كلاهما: كَثُرَ. و جَمُّ الماءِ: مُعْظَمُه إِذا ثاب؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
إِذا نَزَحْنا جَمَّها عادَتْ بجَمّ‏


و كذلك جُمَّتُه، و جمعها جِمامٌ و جُمُومٌ؛ قال زهير:
فلما وَرَدْنا الماء زُرْقاً جِمامُه،             وَضَعْنَ عِصِيَّ الحاضِرِ المُتَخَيِّمِ‏

و قال ساعدة بن جؤَية:
فلما دَنا الإِفْرادُ حَطَّ بشَوْرِه             إِلى فَضَلاتٍ مُسْتَحيرٍ جُمُومُها

و جَمَّةُ المَرْكَبِ البحريّ: الموضع الذي يجتمع فيه الماء الراشح من حُزوزه، عربية صحيحة. و ماءٌ جَمٌّ: كثير: و جمعه جِمَام. و الجَمُوم: البئر الكثيرة الماء. و بئر جَمَّة و جَمُوم: كثيرة الماء؛ و قول النابغة:
كتَمْتُكَ لَيلًا بالجَمُومَيْنِ ساهِرا


يجوز أَن يَعْني رَكِيَّتَيْنِ قد غلبت هذه الصفة عليهما، و يجوز أَن يكونا موضعين. و جَمَّتْ تَجِمُّ و تَجُمُّ، و الضم أَكثر: تراجع ماؤها. و أَجَمَّ الماءَ و جَمَّه: تركه يجتمع؛ قال الشاعر:
من الغُلْبِ من عِضْدانِ هامةَ شُرِّبَتْ             لِسَقْيٍ، و جُمَّتْ للنَّواضِحِ بِئْرُها

و الجُمَّة: الماء نفسه. و اسْتُجِمَّتْ جُمَّةُ الماء: شُرِبَتْ و اسْتَقَاها الناسُ. و المَجَمُّ: مُسْتَقَرُّ الماء. و أَجَمَّه: أَعطاه جُمَّة الرِّكِيَّة. قال ثعلب: و العرب تقول منا من يُجيرُ و يُجِمُّ، فلم يفسر يُجِمُّ إِلَّا أَن يكون من قولك أَجَمَّه أَعطاه جُمَّة الماء. الأَصمعي: جَمَّتِ البئرُ، فهي تَجُمُّ و تَجِمُّ جُمُوماً إِذا كَثُر ماؤها و اجتمع؛ يقال: جئتها و قد اجتمعت جُمَّتُها و جَمُّها أَي ما جَمَّ منها و ارتفع. التهذيب: جَمَّ الشي‏ءُ يَجُمُّ و يَجِمُّ جُموماً، يقال ذلك في الماء و السَّير؛ و قال إمرؤ القيس:
يَجِمُّ على السَّاقَيْنِ، بعد كَلاله،             جُمومَ عُيونِ الحِسْيِ بعدَ المُحَيَّضِ‏

أَبو عمرو: يَجِمُّ و يَجُمُّ أَي يكثر. و مَجَمُّ البئر: حيث يَبْلُغ الماءُ و ينتهي إِليه. و الجَمُّ: ما اجتمع من ماء البئر؛ قال صخر الهذلي:
فَخَضْخَضْتُ صُفْنِيَ في جَمِّه،             خِياضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفَا

قال ابن بري: الصُّفْنُ مثل الرُّكْوةِ، و المُدابِرُ صاحبُ الدابر من السهام، و هو ضِدُّ الفائِز، و عَطوفاً الذي تكرّر مرّة بعد مرة. و الجَمَّةُ: المكان الذي يجتمع فيه ماؤه، و الجمع الجِمامُ، و الجُمُومُ، بالضم، المصدرُ. و يقال: جَمَّ الماءُ يَجُمُّ و يَجِمُّ جُموماً إِذا كثر في البئر و اجتمع بعد ما اسْتُقِيَ ما فيها؛ قال:
فَصَبَّحَتْ قَلَيْذَماً هَمُومَا،             يَزيدُها مَخْجُ الدِّلا جُمُومَا

قَلَيْذَماً: بئراً غزيرة، هَمُوماً: كثيرة الماء، و مَخْجُ الدلو: أَن تَهُزَّها في الماء حتى تَمْتَلئ. و الجَمام، بالفتح: الراحة. و جَمَّ الفرسُ يَجِمُّ و يَجُمُّ جَمّاً و جَماماً. و أَجَمَّ: تُرِكَ فلم يُرْكَب‏

105
لسان العرب12

جمم ص 104

فعَفَا من تَعَبه و ذهب إِعياؤه، و أَجَمَّه هو. و جَمَّ الفرسُ يَجِمُّ و يَجُمُّ جَماماً: ترك الضِّراب فتَجَمَّع ماؤه. و جِمامُ الفرس و جُمامُه: ما اجتمع من مائه. و أُجِمَّ الفرسُ إِذا تُرِك أَنْ يُرْكَب، على ما لم يسم فاعله، و جُمَّ و فرس جَمُومٌ إِذا ذهب منه إِحْضارٌ جاءه إِحْضار، و كذلك الأُنثى؛ قال النمر بن تَولَب:
جَمُومُ الشَّدِّ شائلةُ الذُّنابَى،             تَخالُ بَياضَ غُرَّتِها سِراجَا

قوله شائلة الذُّنابى يعني أَنها ترفع ذَنَبها في العَدْو. و اسْتَجَمَّ الفرسُ و البئر أَي جَمَّ. و يقال: أَجِمَّ نَفْسَك يوماً أو يومين أَي أَرِحْها؛ و في الصحاح: أَجْمِمْ نَفْسَك. و يقال: إِني لأَسْتَجِمُّ قلبي بشي‏ء من اللَّهو لأَقْوَى به على الحق. و
في حديث طلحة: رَمَى إِليَّ رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، بسَفَرْجلة و قال دونكها فإِنها تُجِمُّ الفُؤادَ.
أَي تُريحه، و قيل: تَجْمَعه و تُكَمِّلُ صَلاحَه و نَشاطَه؛ و منه‏
حديث عائشة في التَّلْبِينَةِ: فإِنها تُجِمُّ فؤادَ المريض، و حديثُها الآخر: فإِنها مَجَمَّة.
أَي مَظِنَّة الاستراحة. و
في حديث الحُدَيْبية: و إِلَّا فقد جَمُّوا.
أَي استراحوا و كثروا. و
في حديث أَبي قتادة: فأَتى الناسُ الماءَ جامِّينَ رِواءً.
أَي مُسْتريحين قد رَوُوا من الماء. و
في حديث ابن عباس: لأَصْبَحْنا غَداً حين نَدْخُل على القوم و بنا جَمامةٌ.
أَي راحة و شِبَعٌ و رِيٌّ. و
في حديث عائشة: بَلَغها أَن الأَحْنف قال شعراً يلومها فيه فقالت: سبحانَ الله لقد اسْتَفْرَغَ حِلْمَ الأَحْنف هِجاؤُه إِياي، أَ ليَ كان يَسْتَجِمُّ مَثابةَ سَفَهه؟.
أَرادت أَنه كان حليماً عن الناس فلما صار إِليها سَفِه، فكأَنه كان يُجِمُّ سَفَهه لها أَي يُريحُه و يَجْمعه. و منه‏
حديث معاوية: من أَحَبَّ أَن يَسْتَجِمَّ له الناسُ قِياماً فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَه من النار.
أَي يَجْتَمِعون له في القيام عنده و يَحْبِسون أَنفسَهم عليه، و يروى بالخاء المعجمة، و سنذكره. و المَجَمُّ: الصَّدْر لأَنه مُجْتَمَع لما وعاه من علم و غيره؛ قال تميم بن مُقْبِلٍ:
رَحْبُ المَجَمِّ إِذا ما الأَمر بَيَّته،             كالسَّيْفِ ليس به فَلٌّ و لا طَبَعُ‏

ابن الأَعرابي: فلان واسعُ المَجَمِّ إِذا كان واسعَ الصدر رَحْبَ الذراع؛ و أَنشد:
رُبَّ ابن عَمٍّ، ليس بابن عَمِّ،             بادي الضَّغِين ضَيِّقِ المَجَمِ‏

و يقال: إِنه لَضَيِّقُ المَجَمِّ إِذا كان ضَيِّقَ الصدر بالأُمور؛ و أَنشد ابن الأَعرابي:
و ما كُنْتُ أَخْشى أَنَّ في الحَدِّ رِيبةً،             و إِنْ كانَ مَرْدُودُ السَّلام يَضِيرُ
وقَفْنا فقلناها السَّلامُ عليكمُ،             فأَنْكَرها ضَيْقُ المَجَمِّ غَيُورُ

أَي ضَيِّقُ الصَّدْر. و رجُل رَحْبُ الجَمَمِ: واسع الصدر. و أَجَمَّ العِنَبَ: قَطَعَ كلَّ ما فوق الأَرض من أَغصانه؛ هذه عن أَبي حنيفة. و الجَمامُ و الجِمامُ و الجُمامُ و الجَمَمُ: الكَيْلُ إِلى رأْس المكيال، و قيل: جُمامه طَفافُه [طِفافُه‏] و إِناء جَمَّامٌ: بلغ الكيلُ جُمامَه، و يقال: أَجْمَمْتُ الإِناء «1». و قال أَبو زيد: في الإِناء جَمامُه و جَمُّه.
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [و يقال أجممت الإناء] و كذلك جمّمته و جممته مثقلًا و مخففاً كما في القاموس.

106
لسان العرب12

جمم ص 104

أَبو العباس في الفصيح: عنده جِمام القَدَح و جُمام المَكُّوكِ، بالرفع، دَقيقاً. و جَمَمْتُ المكيالَ جَمّاً. الجوهري: جِمامُ المَكُّوك و جُمامُه و جَمامُه و جَمَمُه، بالتحريك، و هو ما علا رأْسَه فوق طَفافه [طِفافه‏]. و جَمَمْتُ المكيالَ و أَجْمَمْتُه، فهو جَمّان إِذا بلغ الكيلُ جُمامَه. و قال الفراء: عندي جِمامُ القَدَحِ ماءً، بالكسر، أَي مِلْؤُه. و جُمامُ المَكُّوك دَقيقاً، بالضم؛ و جَمامُ الفرس، بالفتح لا غير، و لا يقال جُمام بالضم إِلا في الدقيق و أَشباهه، و هو ما علا رأْسَه بعد الامتلاء. يقال: أَعْطِني جُمامَ المَكُّوك إِذا حَطَّ ما يَحْمله رأْسُه فأَعطاه، و جُمْجُمَةٌ جَمَّاءُ، و قد جَمَّ الإِناءَ و أَجَمَّه. التهذيب: يقال أَعْطِه جُمامَ المَكُّوك أَي مَكُّوكاً بغير رأْس، و اشْتُقَّ ذلك من الشاة الجَمّاء، هكذا رأَيت في الأَصل، و رأَيت حاشية صوابه: ما حَمَله رأْسُ المَكُّوكِ. و جَمٌّ: ملك من الملوك الأَوَّلِين. و الجَمِيمُ: النبت الكثير، و قال أَبو حنيفة: هو أَن يَنْهَضَ و يَنْتَشِرَ، و قد جَمَّم و تَجَمَّمَ؛ قال أَبو وَجْزَةَ و ذكر وحشاً:
يَقْرِمَنْ سَعْدانَ الأَباهِرِ في النَّدى،             و عِذْقَ الخُزامى و النَّصِيَّ المُجَمَّما

قال ابن سيدة: هكذا أَنشده أَبو حنيفة على الخَرْم، لأَنَّ قوله يَقْرِمْ فَعْلُن و حكمه فعولن، و قيل: إِذا ارتفعت البُهْمى عن البارِضِ قليلًا فهو جَميم؛ قال ذو الرمة يصف حماراً: «1»:
رَعَتْ بارِضَ البُهْمى جَمِيماً و بُسْرَةً،             و صَمْعاءَ حتى آنَفَتْها نِصالُها

و الجمع من كل ذلك أَجِمَّاءُ. و الجَمِيمَةُ: النَّصِيَّةُ إِذا بلغت نصف شهر فملأَت الفم. و اسْتَجَمَّتِ الأَرضُ: خرج نبتها. و الجَمِيمُ: النبت الذي طال بَعض الطُّول و لم يَتِمَّ؛ و يقال: في الأَرض جَمِيمٌ حَسنُ النبت قد غَطَّى الأَرضَ و لم يَتِمَّ بَعْدُ. ابن شميل: جَمَّمَتِ الأَرضُ تَجْميماً إِذا وفى جَمِيمُها، و جَمَّمَ النَّصِيُّ و الصِّلِّيانُ إِذا صار لهما جُمَّةٌ. و
في حديث خُزيمة: اجْتاحَت جَمِيمَ اليَبِيس.
؛ الجَمِيمُ: نبت يطول حتى يصير مثل جُمَّة الشعر. و الجُمَّةُ، بالضم: مُجْتَمَعُ شعر الرأْس و هي أَكثر من الوَفْرَةِ. و
في الحديث: كان لرسول الله، صلى الله عليه و سلم، جُمَّةٌ جَعْدَةٌ.
؛ الجُمَّة من شعر الرأْس: ما سَقَط على المَنْكِبَيْن؛ و منه‏
حديث عائشة، رضي الله عنها، حيث بَنى بها رسول الله، صلى الله عليه و سلم، قالت: و قد وَفتْ لي جُمَيْمَةٌ.
أَي كَثُرت؛ و الجُمَيْمَةُ: تصغير الجُمَّة. و
في حديث ابن زِمْلٍ: كأَنما جُمِّمَ شَعَرُه.
أَي جُعل جُمَّةً، و يروى بالحاء و هو مذكور في موضعه. و
في الحديث: لعن الله المُجَمِّماتِ من النساء.
؛ هنَّ اللواتي يَتَّخِذْن شعورَهن جُمَّةً تشبهاً بالرجال. ابن سيدة: الجُمَّةُ الشعر، و قيل: الجمة من الشعر أَكثر من اللِّمَّةِ، و قال ابن دريد: هو الشعر الكثير، و الجمع جُمَمٌ و جِمامٌ. و غلام مُجَمَّمٌ: ذو جُمَّة. قال سيبويه: رجل جُمَّانيّ، بالنون، عظيم الجُمَّة طويلها، و هو من نادر النسب، قال: فإِن سميت بِجُمَّةٍ ثم أَضفت إِليها لم تقل إِلَّا جُمِّيٌّ. و الجُمَّةُ: القوم يسأَلون في الحَمالة
__________________________________________________
 (1). 1 قوله [يصف حماراً] المراد الجنس لقوله رعت و آنفتها، و أورد المؤلف كالجوهري هذا البيت كذلك في غير موضع، رواه الجوهري في هذه المادة: رعى و آنفته، قال الصاغاني: الرواية رعت و آنفتها، و قبل البيت:
طوال الهوادي و الحوادي كأنها             سماحيج قب طار عنها نسالها.

107
لسان العرب12

جمم ص 104

و الدِّياتِ؛ قال:
 لَقَدْ كانَ في لَيْلى عَطاءٌ لجُمَّةٍ،             أَناخَتْ بكم تَبْغي الفضائلَ و الرِّفْدا

ابن الأَعرابي: هم الجُمَّةُ و البُرْكَةُ؛ قال أَبو محمد الفَقْعَسِيُّ:
و جُمَّةٍ تَسْأَلني أَعْطَيْتُ،             و سائِلٍ عن خَبَرٍ لَوَيْتُ،
فقُلْتُ: لا أَدْري، و قد دَرَيْتُ‏


و يقال: جاءَ فلان في جُمَّةٍ عظيمةٍ و جَمَّةٍ عظيمةٍ أَي في جماعة يسأَلون الدِّيَة، و قيل: في جَمَّةٍ غليظة أَي في جماعة يسأَلون في حَمالةٍ. و
في حديث أُم زَرْعٍ: مالُ أَبي زَرْعٍ على الجُمَمِ محبوسٌ.
؛ الجُمَمُ: جمع جُمَّةٍ و هم القوم يسأَلون في الدِّيَةِ. يقال: أَجَمَّ يُجِمُّ إِذا أَعْطى الجُمَّةَ. و الجَمَمُ: مصدرُ؛ الشاة الأَجَمِّ: هو الذي لا قرن له. و
في حديث ابن عباس: أُمِرْنا أَن نَبْنيَ المَدائن شُرَفاً و المساجدَ جُمّاً.
يعني التي لا شُرَفَ لها، و جُمٌّ: جمع أَجَمَّ، شبَّه الشُّرَفَ بالقُرون. و شاة جَمَّاءُ إِذا لم تكن ذات قَرْن بَيِّنَةُ الجَمَمِ. و كبش أَجَمُّ: لا قَرْنَيْ له، و قد جَمَّ جَمَماً، و مثله في البَقر الجَلَحُ. و
في الحديث: إِنَّ الله تعالى لَيَدِيَنَّ الجَمَّاءَ من ذات القَرْنِ.
و الجَمَّاء: التي لا قَرنَيْ لها، و يَدِيَنَّ أَي يَجْزي. و
في حديث عمر بن عبد العزيز: أَما أَبو بكر بنُ حَزْم فلو كَتَبْتُ إِليه اذْبَحْ لأَهل المدينة شاةً لراجعني فيها: أَ قَرْناء أَم جَمَّاء؟.
و بُنْيانٌ أَجَمُّ: لا شُرَف له. و الأَجَمُّ: القَصْر الذي لا شُرَفَ له. و امرأَة جَمَّاء المَرافِقِ. و رجل أَجَمُّ: لا رمح معه في الحرب؛ قال أَوس:
وَيْلُمِّهِمْ مَعْشَراً جُمّاً بُيُوتُهُمُ             من الرِّماح، و في المَعْروفِ تَنْكِيرُ

و قال الأَعشى:
متى تَدْعُهُم لِقِراع الكُماةِ،             تأْتِك خَيْلٌ لهم غيرُ جُمّ‏

و قال عنترة:
أَ لمْ تَعْلَمْ، لَحاكَ الله أَني             أَجَمُّ إِذا لَقِيتُ ذَوِي الرِّماح‏

و الجَمَمُ: أَن تُسَكِّنَ اللامَ من مُفاعَلَتُنْ فيصير مَفاعِيلُنْ، ثم تُسْقِطَ الياء فيبقى مَفاعِلُنْ، ثم تَخْرِمَه فيبقى فاعِلُنْ؛ و بيته:
أَنْتَ خَيْرُ مَنْ رَكِبَ المَطايا،             و أَكْرَمُهُمْ أَخاً و أَباً و أُمّا

و الأَجَمُّ: قُبُلُ المرأَة؛ قال:
جارِيَةٌ أَعْظَمُها أَجَمُّها، «2». بائِنةُ الرِّجْلِ فما تَضُمُّها،             فهي تَمَنَّى عَزَباً يَشُمُّها

ابن بري: الأَجَمُّ زَرَدانُ القَرَنْبَى أَي فرجُها. و جَمَّ العظمُ، فهو أَجَمُّ: كثر لحمه. و مَرَةٌ جَمَّاءُ العِظام: كثيرة اللحم عليها؛ قال:
يَطُفْنَ بِجَمَّاءِ المَرافِقِ مِكْسالِ‏


التهذيب: جُمَّ إِذا مُلِئَ، و جَمَّ إِذا عَلا.
__________________________________________________
 (2). 1 قوله [جارية أعظمها إلخ‏] سقط بعد الشطر الأَول:
قد سمنتها بالسويق أمها

و بعد الثاني:
تبيت وسنى و النكاح همها

هكذا نص التكملة.

108
لسان العرب12

جمم ص 104

قال: و الجِمُّ الشيطانُ. و الجِمُّ: الغَوْغاء و السِّفَل. و الجَمَّاء الغَفِيرُ: جماعة الناس. و جاؤوا جَمّاً غَفِيراً، و جَمَّاء الغَفِير، و الجَمَّاءَ الغَفِيرَ أَي بجماعتهم؛ قال سيبويه: الجَمَّاءُ الغَفِيرُ من الأَسماء التي وضعت موضع الحال و دخلتها الأِلف و اللام كما دخلت في العِراكِ من قولهم: أَرْسَلَها العِراكَ، و قيل: جاؤوا بجَمَّاء الغفير أَيضاً. و قال ابن الأَعرابي: الجَمَّاءُ الغفِيرُ الجماعة، و قال: الجَمَّاءُ بَيْضَةُ الرأْس، سميت بذلك لأَنها جَمَّاء أَي مَلْساءُ، و وصفت بالغفير لأَنها تَغْفِر أَي تُغَطِّي الرأْسَ؛ قال: و لا أَعرف الجَمَّاءَ في بَيضة السلاح عن غيره. و
في حديث أَبي ذرّ: قلت يا رسول الله، كم الرُّسُلُ؟ قال: ثلثمائة و خمسة عشر، و في رواية: و ثلاثة عشر جَمَّ الغَفِير.
؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاءت الرواية، قالوا: و الصواب جَمّاً غَفِيراً؛ يقال: جاء القوم جَمّاً غَفِيراً، و الجَمَّاءَ الغَفِيرَ، و جَمَّاءَ غفيراً أَي مجتمعين كثيرين؛ قال: و الذي أُنْكِرَ من الرواية صحيح، فإِنه يقال جاؤوا الجَمَّ الغفيَر ثم حذف الأَلف و اللام و أَضاف من باب صلاة الأُولى و مسجد الجامع، قال: و أَصل الكلمة من الجُمُومِ و الجَمَّةِ، و هو الاجتماع و الكثرة، و الغَفِيرُ من الغَفْر و هو التغطية و السَّتْر، فجعلت الكلمتان في موضع الشمول و الإِحاطة، و لم تقل العرب الجَمَّاء إِلَّا موصوفاً، و هو منصوب على المصدر كطُرّاً و قاطبةً فإنها أَسماء وضعت موضع المصدر. و أَجَمَّ الأَمرُ و الفِراقُ: دنا و حضر، لغة في أَحَمَّ؛ قال الأَصمعي: ما كان معناه قد حانَ وقوعُه فقد أَجَمَّ، بالجيم، و لم يعرف أَحَمَّ، بالحاء؛ قال:
حَيِّيَا ذلك الغَزالَ الأَحَمَّا،             إِن يَكُنْ ذاكما الفِراقُ أَجَمَّا

و قال عَدِيّ بن العذير:
فإِنَّ قُرَيْشاً مُهْلِكٌ مَنْ أَطاعَها،             تنافسُ دُنْيا قد أَجَمَّ انْصِرامُها

و مثله لساعِدَةَ:
و لا يُغْني امْرَأً وَلَدٌ أَجمَّتْ             مَنِيَّتُه، و لا مالٌ أَثِيلُ‏

و مثله لزُهَيرٍ:
و كنتُ إِذا ما جِئتُ يوماً لحاجةٍ،             مَضَتْ و أَجَمَّتْ حاجةُ الغَدِ لا تَخْلُو

يقال: أَجَمَّتِ الحاجةُ إِذا دنت و حانت تُجِمُّ إِجْماماً. و جَمَّ قُدُوم فُلانٍ جُمُوماً أَي دنا و حان. و الجُمُّ: ضرب من صَدَف البحر؛ قال ابن دريد: لا أَعلم حقيقتها. و الجُمَّى، مَقْصور: الباقِلَّى؛ حكاه أَبو حنيفة. و الجَمَّاء، بالفتح و المدّ و التشديد: موضع على ثلاثة أميال من المدينة تكرَّر ذكره في الحديث. و الجَمْجَمةُ: أَن لا يُبَيِّنَ كلامَه من غير عِيٍّ، و في التهذيب: أَن لا تُبين كلامك من عِيٍّ؛ و أَنشد الليث:
لعَمْرِي لقد طالَ ما جَمْجَمُوا،             فما أَخَّروه و ما قَدَّموا

و قيل: هو الكلام الذي لا يُبَيَّنُ من غير أَن يقيد بِعِيٍّ و لا غيره، و التَّجَمْجُمُ مثله. و جَمْجَمَ في صدره شيئاً: أَخفاه و لم يُبْدِه؛ و قال أَبو الهيثم في قوله:
إِلى مُطْمَئِنِّ البِرِّ لا يَتَجَمْجَمِ «1».


__________________________________________________
 (1). 1 قوله [إلى مطمئن إلخ‏] صدره كما في معلقة زهير:
و من يوف لم يذمم و من يهد قلبه.

 

109
لسان العرب12

جمم ص 104

يقول: من أَفضى قلبُه إِلى الإِحسان المطمئن الذي لا شبهة فيه لم يَتَجَمْجَمْ لم يشتبه عليه أَمره فيتردّد فيه، و البِرُّ: ضدّ الفُجور. و جَمْجَمَ الرجل و تَجَمْجَمَ إِذا لم يُبَيِّنْ كلامَه. و الجُمْجُمَةُ: عَظْمُ الرأْس المشتملُ على الدماغ. ابن سيدة: و الجُمْجُمة القِحْفُ، و قيل: العظْم الذي فيه الدماغ، و جمعه جُمْجُمٌ. ابن الأَعرابي: عظام الرأْس كلها جُمْجُمة و أَعلاها الهامةُ، و قال ابن شميل: الهامة هي الجُمْجُمة جمعاً، و قيل: القِحْفُ القِطْعة من الجُمْجُمة، و شحمة الأُذن خَرْقُ القُرْط أَسْفلَ الأُذن أَجمعَ، و هو ما لانَ من سُفْله. ابن بري: و الجُمْجُمة رؤساء القوم. و جَماجِمُ القوم: ساداتهم، و قيل: جَماجِمُهم القبائلُ التي تَجْمَع البطونَ و يُنسب إِليها دونهم نحو كلْب بن وَبْرة، إِذا قلت كَلْبِيٌّ استغنيت أَن تَنْسُب إِلى شي‏ء من بطونه، سُمُّوا بذلك تشبيهاً بذلك. و في التهذيب: و جَماجم العرب رؤساؤهم، و كلُّ بَني أَبٍ لهم عِزٌّ و شَرَف فهم جُمْجُمة. و الجُمْجُمة: أَربعُ قَبائل، بين كل قبيلتين شأْنٌ. ابن بري: و الجُمْجُمة ستون من الإِبل؛ عن ابن فارس. و الجُمْجُمة: ضرب من المكاييل. و
في حديث عمرو بن أَخْطَبَ أَو عمر بن الخطاب: اسْتَسْقَى رسولُ الله، صلى الله عليه و سلم، فأَتَيْتُه بجُمْجُمة فيها ماء و فيها شَعْرة فرفعتها و ناولته، فنظر إِليَّ و قال: اللهم جَمِّلْه.
؛ قال القُتَيْبيُّ: الجُمْجُمَة قَدَح من خَشَب، و الجمع الجَماجِمُ. و دَيْرُ الجَماجِمِ: موضع؛ قال أَبو عبيدة: سمي دَيْر الجَماجم منه لأَنه يعمل فيها الأَقداح من خشب؛ قال أَبو منصور: تُسَوَّى من الزُّجاج فيقال قِحْفٌ و جُمْجمة؛ و بدَيْرِ الجَماجم كانت وَقْعَةُ ابن الأَشعث مع الحَجاج بالعراق، و قيل: سمي دَيْرَ الجَماجم لأَنه بُني من جَماجم القَتْلى لكثرة من قتل به. و
في حديث طلحة بن مُصَرِّف: رأَى رجلًا يضحك فقال: إِن هذا لم يشهد الجَماجِمَ.
؛ يريد وقعة دَير الجَماجم أَي أَنه لو رأَى كثرة من قتل به من قُرَّاء المسلمين و ساداتهم لم يضحك، و يقال للسادات جَماجم. و
في حديث عمر: إِيتِ الكوفة فإِن بها جُمْجُمةَ العرب.
أَي ساداتها لأَن الجُمْجُمة الرأْس و هو أَشرف الأَعضاء. و الجَماجم: موضع بين الدَهْناء و مُتالِع في ديار تميم. و يوم الجَماجمِ: يوم من وقائع العرب في الإِسلام معروف. و
في حديث يحيى بن محمد: أَنه لم يَزَلْ يرى الناسَ يجعلون الجَماجم في الحَرْث.
هي الخشبة التي تكون في رأْسها سِكَّةُ الحرث. و الجُمْجُمَة: البئر تُحْفَر في السَّبَخَة. و الجَمْجَمَة: الإِهْلاك؛ عن كراع. و جَمْجَمه أَهلكه؛ قال رؤبة:
كم من عِدىً جَمْجَمَهم و جَحْجَبا


جنم:
ابن الأَعرابي: الجَنْمة جماعة الشي‏ء؛ قال الأَزهري: أَصله الجَلْمة فقلبت اللام نوناً، يقال: أَخذت الشي‏ء بجَلْمَته إِذا أَخذته كُلَّه.
جهم:
الجَهْمُ و الجَهِيمُ «1». من الوجوه: الغليظ المجتمع في سَماجة، و قد جَهُم جُهُومةً و جَهامةً. و جَهَمَه يَجْهَمُه: استقبله بوجه كريه؛ قال عمرو بن الفَضْفاض الجُهَنيُّ:
و لا تَجْهَمِينا، أُمَّ عمرو، فإِنما             بنا داءُ ظَبْيٍ لم تَخُنه عَوامِلُه «2».

__________________________________________________
 (1). قوله [و الجهيم‏] كذا بالأصل و المحكم بوزن أمير، و في القاموس الجهم و ككتف.
 (2). قوله‏
[و لا تجهمينا ...]

كذا بالأصل بالواو، و الذي في الصحاح: فلا بالفاء، و الذي في المحكم و التهذيب: لا تجهمينا بالخرم، زاد في التكملة: الاجتهام الدخول في مآخير الليل، و مثله في التهذيب.

110
لسان العرب12

جهم ص 110

داءُ ظبي: أَنه إِذا أَراد أَن يَثِب مكث ساعة ثم وَثَب، و قيل: أَراد أَنه ليس بنا داء كما أَن الظبي ليس به داء؛ قال أَبو عبيد: و هذا أَحَبُّ إِليَّ. و تَجَهَّمَه و تَجَهَّم له: كَجَهِمَه إِذا استقبله بوجه كريه. و
في حديث الدعاء: إِلى من تَكِلُني إِلى عَدُوٍّ يَتَجَهَّمُني.
أَي يلقاني بالغِلْظة و الوجه الكريه. و
في الحديث: فتَجَهَّمَني القومُ.
و رجل جَهْمُ الوجه أَي كالِحُ الوجه، تقول منه: جَهَمْتُ الرجلَ و تَجَهَّمْتُه إِذا كلَحْتَ في وجهه. و قد جَهُم، بالضم، جُهُومةً إِذا صار باسِرَ الوجه. و رجل جَهْمُ الوَجْه و جَهِمُهُ: غليظُه، و فيه جُهُومة. و يقال للأَسد: جَهْمُ الوَجْهِ. و جَهُمَ الرَّكَبُ: غَلُظ. و رجل جَهْم و جَهِمٌ و جَهُوم: عاجز ضعيف؛ قال:
و بَلْدةٍ تَجَهَّمُ الجَهُوما،             زَجَرْتُ فيها عَيْهلًا رَسُوما

تَجَهَّمُ الجَهُوما أَي تستقبله بما يكره. و الجَهْمَةُ و الجُهْمَة: أَوّلُ مآخير الليل، و قيل: هي بقيةُ سَوادٍ من آخره. ابن السكيت: جَهْمَةُ الليل و جُهْمَته، بالفتح و الضم، و هو أَوَّلُ مآخِير الليل، و ذلك ما بين الليل إِلى قريب من وقت السَّحَر؛ و أَنشد:
قد أَغْتَدي لِفِتْيَةٍ أَنْجابِ،             و جُهْمَةُ الليلِ إِلى ذَهابِ‏

و قال الأَسْوَدُ بن يَعْفُر
و قَهْوَةٍ صَهْباءَ باكَرْتُها             بجُهْمةٍ، و الدِّيكُ لم يَنْعَب‏

أَبو عبيد: مَضى من الليل جُهْمةٌ و جَهْمة. و الجَهْمَة: القِدْر الضَّخْمة؛ قال الأَفْوَهُ:
و مَذانِبٌ ما تُسْتَعارُ، و جَهْمةٌ             سَوداءُ، عند نَشِيجِها، لا تُرْفَعُ‏

و الجَهامُ، بالفتح: السحاب «1». الذي لا ماء فيه، و قيل: الذي قد هَراقَ ماءَه مع الريح. و
في حديث طَهْفَةَ: و نَسْتَحيلُ الجَهامَ.
؛ الجَهامُ: السحاب الذي فرغ ماؤه، و من روى نستخيل، بالخاء المعجمة، أَراد نَتَخَيَّلُ في السحاب خالًا أَي المطر، و إِن كان جَهاماً لشدّة حاجتنا إِليه، و من رواه بالحاء أَراد لا ننظر من السحاب في حال إِلا إِلى جَهام من قلة المطر؛ و منه قول كعب بن أَسَدٍ لُحيَيِّ بن أَخْطَبَ: جِئتَني بجَهام أَي الذي تَعْرِضُه عَليَّ من الدِّينِ لا خير فيه كالجَهامِ الذي لا ماء فيه. و أَبو جَهْمَة اللَّيثيّ: معروف: حكاه ثعلب. و جُهَيْمٌ و جَيْهَمٌ: اسمان. و جُهَيْمة: امرأَة؛ قال:
فيا رَبّ عَمِّرْ لي جُهَيْمَةَ أَعْصُراً             فمالِكُ مَوْتٍ بالفِراق دَهاني‏

و بنو جاهِمَة: بطن منهم. و جَيْهَمٌ: موضع بالغَوْرِ كثير الجن؛ و أَنشد:
أَحاديثُ جِنٍّ زُرْنَ جِنّاً بجَيهما


جهرم:
الجَهْرَمِيَّة: ثيابٌ منسوبة من نحو البُسُط و ما يُشْبهها، يقال هي من كَتَّانٍ؛ و قال رؤبة:
بل بَلدٍ مِلْ‏ء الفِجاجِ قَتَمُه،             لا يُشْتَرى كَتَّانُه و جَهْرَمُه‏

جعله اسماً بإِخراج ياء النسبة. قال ابن بري: جَهْرَم‏
__________________________________________________
 (1). قوله [و الجهام بالفتح السحاب‏] في التكملة بعد هذا: يقال أجهمت السماء.

111
لسان العرب12

جهرم ص 111

قرية من قُرى فارِسَ تنسب إِليها الثيابُ و البُسُطُ؛ قال الزيادي: و قد يقال للبِساطِ نَفْسِه جَهْرَم.
جهضم:
الجَهْضَمُ: الضَّخْمُ الجنبين، و قيل: الضَّخْم الهامة المستديرُها، و في الصحاح: الضَّخْم الهامةِ المُسْتَدِيرُ الوجه، و قيل: هو المُنْتَفِخ الجَنْبين الغليظُ الوَسَطِ. التهذيب: ابن الأَعرابي الجَهْضَمُ الجَبان. فلان جَهْضَمٌ ماهُ القَلْبِ: نهايةٌ في الجُبْنِ، و تَجَهْضَمَ الفحلُ على أَقرانه: علاهم بكَلْكَله. و بعير جَهْضَمُ الجَنْبَيْنِ: ضخم، و في التهذيب: رَحْبُ الجَنْبَيْنِ. و الجَهْضَم: الأَسد. و التَّجَهْضُم: كالتَّعَظُّمِ و التَّغَطْرُسِ.
جهنم:
الجِهنّامُ: القَعْرُ البعيد. و بئر جَهَنَّمٌ و جِهِنَّامٌ، بكسر الجيم و الهاء: بعيدة القَعْر، و به سميت جَهَنَّم لبُعْدِ قَعْرِها، و لم يقولوا حِهِنَّام فيها؛ و قال اللحياني: جِهِنَّام اسم أَعجمي، و جُهُنّام اسم رجل، و جُهُنَّام لقب عمرو بن قَطَنٍ من بني سعد بن قيس بن ثعلبة، و كان يُهاجِي الأَعشى، و يقال هو اسم تابعته؛ و قال فيه الأَعشى:
دَعَوْتُ خَلِيلي مِسْحَلًا، و دَعَوْا له             جُهُنَّامَ جَدْعاً للهَجِينِ المُذَمَّمِ‏

و تَرْكُه إِجراءَ جهُنَّام يدل على أَنه أَعجمي، و قيل: هو أَخو هُرَيْرَة التي يَتَغَزّل بها في شعره:
وَدِّعْ هُرَيْرَةَ.


الجَوْهري: جَهَنَّم من أَسماء النار التي يعذّب الله بها عباده، نعوذ بالله منها؛ هذه عبارة الجوهري و لو قال: يعذب بها من استحق العذاب من عبيده كان أجود، قال: و هو مُلْحَق بالخماسي، بتشديد الحرف الثالث منه، و لا يُجْرَى للمعرفة و التأْنيث: و يقال: هو فارسي معرّب الأَزهري: في جَهَنَّم قولان: قال يونس بن حبيب و أَكثر النحويين: جهنم اسم النار التي يعذّب الله بها في الآخرة، و هي أَعجمية لا تُجْرَى للتعريف و العُجْمة، و قال آخرون: جَهَنَّم عربيّ سميت نار الآخرة بها لبُعْد قَعْرِها، و إِنما لم تُجْرَ لِثقَلِ التعريف و ثِقَل التأْنيث، و قيل: هو تعريب كِهِنَّام بالعِبْرانية؛ قال ابن بري: من جعل جهنَّم عربّياً احتج بقولهم بئر جِهِنَّام و يكون امتناع صرفها للتأْنيث و التعريف، و من جعل جهنم اسماً أَعجميّاً احتج بقول الأَعشى:
و دَعَوْا له جُهُنَّامَ‏


فلم يصرف، فتكون جهنم على هذا لا تنصرف للتعريف و العجمة و التأْنيث أَيضاً، و من جعل جُهُنَّام اسماً لتابعة الشاعر المُقاوِم للأَعشى لم تكن فيه حجة لأَنه يكون امتناع صرفه للتأْنيث و التعريف لا للعجمة. و حكى أَبو عليّ عن يونس: أَن جهنم اسم عجمي؛ قال أَبو عليّ: و يقويه امتناع صرف جُهُنَّام في بيت الأَعشى. و قال ابن خالويه: بئر جِهِنَّامٌ للبعيدة القعر، و منه سميت جهنم، قال: فهذا يدل أَنها عربية، و قال ابن خالويه أَيضاً: جُهُنَّامُ، بالضم، للشاعر الذي يُهاجِي الأَعشى، و اسم البئر جِهِنَّام، بالكسر.
جوم:
الجَوْمُ: الرِّعاءُ يكون أَمرهم واحداً. الليث: الجَوْمُ كأَنها فارسية، و هم الرُّعاةُ أَمرهم و كلامهم و مجلسهم واحد. و الجَامُ: إِناء من فضة، عربي صحيح؛ قال ابن سيدة: و إِنما قضينا بأَنَّ أَلفها واو لأَنها عين. ابن الأَعرابي: الجَامُ الفَاثُور من اللُّجَيْن و يُجْمَع على أَجْؤُمٍ. قال: و جامَ يَجُومُ مثل حامَ يَحُوم حَوْماً إِذا طلب شيئاً خيراً أَو شرّاً. ابن الأَعرابي: جمعُ الجَامِ جامات، و منهم من يقول جُومٌ. ابن بري: الجَام‏

112
لسان العرب12

جوم ص 112

جمع جامَة، و جمعها جاماتٌ، و تصغيرها جُوَيْمة، قال: و هي مؤنثة أَعني الجام.
جيم:
الجيم: حرف هجاء، و هو حرف مجهور؛ التهذيب: الجيم من الحروف التي تؤنث و يجوز تذكيرها. و قد جَيَّمْتُ جِيماً إِذا كتبتها «1».
جيعم:
الجَيْعَمُ: الجائع.
فصل الحاء المهملة
حبرم:
الأَزهري: من الرباعي «2». المؤلَّفِ المُحَبْرَمُ و هو مَرَقَةُ حَبِّ الرُّمَّان.
حتم:
الحَتْمُ: القضاء؛ قال ابن سيدة: الحَتْمُ إِيجاب القَضاء. و في التنزيل العزيز كانَ عَلى‏ رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا
؛ و جمعه حُتُومٌ؛ قال أُمَيَّةُ بن أَبي الصَّلْتِ:
حَنَانَيْ رَبِّنا، و له عَنَوْنَا،             بكَفَّيْهِ المَنايا و الحُتُومُ‏

و في الصحاح:
عِبادُك يُخْطِئونَ، و أَنتَ رَبٌّ             بكَفَّيْكَ المَنايا و الحُتومُ‏

و حَتَمْتُ عليه الشي‏ءَ: أَوْجَبْتُ. و
في حديث الوِتْر: الوِتْرُ ليس بحَتْمٍ كصلاة المَكْتوبة.
؛ الحَتْمُ:؛ اللازم الواجب الذي لا بد من فعله. و حَتَمَ اللهُ الأَمرَ يَحْتِمُه: قضاه. و الحاتِمُ: القاضي، و كانت في العرب امرأَة مُفَوَّهَةٌ يقال لها صَدُوفُ، قالت: لا أَتَزَوَّج إِلا مَنْ يَرُدُّ عليّ جَوابي، فجاء خاطب فوقف ببابها فقالت: مَنْ أَنتَ؟ فقال: بَشَرٌ وُلِدَ صغيراً و نشأَ كبيراً، قالت: أَين منزلك؟ قال: على بِساطٍ واسع و بلد شاسِعٍ، قريبُهُ بعيدٌ و بعيدُهُ قريبٌ، فقالت: ما اسْمُكَ؟ قال: مَنْ شاء أَحْدَثَ اسْماً، و لم يكن ذلك عليه حَتْماً، قالت: كأَنه لا حاجة لك، قال: لو لم تكن حاجةٌ لم آتِكِ، و لم أَقِفْ ببابِكِ، و أَصِلْ بأَسبابك، قالت: أَ سِرٌّ حاجتك أَمْ جَهْرٌ؟ قال: سِرٌّ و سَتُعْلَنُ قالت: فأَنتَ خاطب؟ قال: هو ذاك، قالت: قُضِيَتْ، فتزوَّجها. و الحَتْمُ: إِحْكام الأَمرِ. و الحاتِمُ: الغُراب الأَسود؛ و أَنشد لمُرَقِّش السَّدوسي، و قيل هو لخُزَرِ بن لَوْذان:
لا يَمْنَعَنَّكَ، من بِغاءِ             الخَيْرِ، تَعْقادُ التَّمائِمْ‏
و لقد غَدَوْتُ، و كنتُ لا             أَغْدُو، على واقٍ و حاتِمْ‏
فإِذا الأَشائِمُ كالأَيامِنِ،             و الأَيامِنُ كالأَشائِمْ‏
و كذاكَ لا خَيْرٌ، و لا             شَرٌّ على أَحدٍ بدائِمْ‏
قد خُطَّ ذلك في الزُّبورِ             الأَوَّليَّاتِ القَدائِمْ‏

قال: و الحاتِمُ المَشْؤوم. و الحاتِمُ: الأَسْود من كل شي‏ء. و
في حديث الملاعنة: إِن جاءتْ به أَسْحَمَ‏
__________________________________________________
 (1). زاد في شرح القاموس: الجيم بالكسر الجمل المغتلم، نقله في البصائر عن الخليل، و أنشد:
كأني جيم في الوغى ذو شكيمة             ترى البزل فيه راتعات ضوامرا


و الجيم: الديباج، عن أبي عمرو الشيباني، و به سمى كتابه في اللغة لحسنه، نقله في البصائر.
 (2). قوله [من الرباعي إلخ‏] عبارته: و من الرباعي المؤلف قولهم لمرقة حب الرمان: المحبرم، و منه قول الراجز:
لم يعرف السكباج و المحبرما.

 

113
لسان العرب12

حتم ص 113

أَحْتَمَ.
أَي أَسود. و الحَتَمَةُ، بفتح الحاء «1» و التاء: السواد، و قيل: سُمِّي الغراب الأَسود حاتِماً لأَنه يَحْتِمُ عندهم بالفِراق إِذا نَعَبَ أَي يَحْكم. و الحاتِمُ: الحاكِم الموجِبُ للحُكْم. ابن سيدة: الحاتِمُ غراب البَيْن لأَنه يَحْتِمُ بالفِراق، و هو أَحمر المِنْقار و الرجلين؛ و قال اللحياني: هو الذي يُولَعُ بنتف ريشه و هو يُتشاءم به؛ قال خُثَيْمُ بن عَدِيٍّ، و قيل الرقَّاص الكَلْبيُّ، يمدح مسعود بن بَحْرٍ، قال ابن بري و هو الصحيح:
 و ليسَ بهَيَّابٍ، إِذا شدَّ رَحْلَهُ             يقولُ: عَداني اليومَ واقٍ و حاتِمُ‏

و أَنشده الجوهري: و لسْتُ بهيَّابٍ؛ قال ابن بري: و الصحيح‏
و ليس بهَيَّابٍ ...


لأَن قبله:
وجَدْتُ أَباكَ الحُرَّ بحْراً بنجْدَةٍ،             بَناها له مَجْداً أَشَمُّ قُماقِمُ «2».
و ليس بِهَيَّابٍ، إِذا شَدَّ رحلَه             يقول: عَداني اليومَ واقٍ و حاتِمُ‏
و لكنه يَمْضي على ذاكَ مُقْدِماً،             إِذا صَدَّ عن تلك الهَناتِ الخُثارِمُ‏

و قيل: الحاتِمُ الغراب الأَسود لأَنه يَحْتِمُ عندهم بالفِراق؛ قال النابغة:
زَعَمَ البَوارِحُ أَن رِحْلَتَنا غَداً،             و بِذاكَ تَنْعابُ الغرابِ الأَسودِ

قول مُلَيْحٍ الهُذلي:
و صَدَّقَ طُوَّافٌ تَنادَوْا بِرَدِّهِمْ             لَهامِيمَ غُلْباً، و السَّوامُ المُسَرَّحُ‏
حُتوم ظِباءٍ واجَهَتْنا مَرُوعَة،             تَكادُ مَطايانا عليهِنَّ تَطْمَحُ‏

يكون حُتومٌ جمعَ حاتِمٍ كشاهِدٍ و شُهود، و يكون مصدر حَتَمَ. و تَحَتَّم: جعَل الشي‏ء عليه حَتْماً؛ قال لَبيد:
و يَوْمَ أَتانا حَيُّ عُرْوَةَ و ابنِهِ             إِلى فاتِكٍ ذي جُرْأَةٍ قد تَحَتَّما

و الحُتامةُ: ما بقي على المائدة من الطعام أَو ما سقط منه إِذا أُكِلَ، و قيل: الحُتامةُ «3» ما فضل من الطعام على الطَّبَق الذي يؤكل عليه. و التَّحَتُّم: أَكل الحُتامة و هي فُتات الخبز. و
في الحديث: من أَكل و تَحَتَّم دخل الجنة.
؛ التَّحَتُّم: أَكل الحُتامة، و هي فُتات الخبز الساقطُ على الخِوَان. و تَحَتَّم الرجلُ إِذا أَكل شيئاً هَشّاً في فيه. الليث: التَّحَتُّم الشي‏ء إِذا أَكلته فكان في فَمِك هَشّاً. و الحَتَمَةُ: السواد. و الأَحْتَمُ: الأَسود. و التَّحتُّم: الهَشاشةُ. يقال: هو ذو تَحَتُّمٍ، و هو غَضُّ المُتَحَتَّم. و التَّحَتُّم: تَفَتُّتُ الثُّؤْلول إِذا جَفَّ. و التَّحتم: تَكسُّر الزجاج بعضه على بعضٍ. و الحَتَمَةُ: القارورة المُفَتَّتةُ. و في نوادر الأَعراب: يقال تَحَتَّمْتُ له بخير أَي تمنيتُ له خيراً و تَفاءلت له. و يقال: هو الأَخ الحَتْمُ أَي المَحْضُ الحقُّ؛ و قال أَبو خِراشٍ يرثي رجلًا «4»
__________________________________________________
 (1). قوله [و الحتمة بفتح الحاء إلخ‏] كذا في النهاية و المحكم مضبوطاً بهذا الضبط أيضاً، و الذي في القاموس و التكملة: و الحتمة، بالضم، السواد انتهى. و جعلهما الشارح لغتين فيها.
 (2). قوله [الحر] سيأتي في مادة خثرم بدله الخير.
 (3). قوله [و قيل الحتامة إلخ‏] هكذا بالأصل.
 (4). قوله [رجلًا] في التكملة: يرثي خالد بن زهير.

114
لسان العرب12

حتم ص 113

 فواللهِ لا أَنساكَ، ما عِشْتُ، لَيْلَةً،             صَفيِّي من الإِخْوانِ و الولدِ الحَتْمِ‏

و حاتِمٌ الطائيُّ: يُضْرَب به المَثَلُ في الجُود، و هو حاتِمُ بنُ عبد الله بن سَعْد بن الحَشْرَجِ؛ قال الفرزدق:
على حالةٍ لو أَنَّ في القومِ حاتِماً،             على جودِهِ، ما جادَ بالمالِ، حاتِمِ «1».

و إِنما خفضه على البدل من الهاء في جودِه؛ و قول الشاعر:
و حاتِمُ الطائيُّ وَهَّابُ المِئِي‏


و هو اسم ينصرف، و إِنما تَرَكَ التنوين و جعل بدل كسرة النون لالتقاء الساكنين، حذفَ النون للضرورة؛ قال ابن بري: و هذا الشعر لامرأَة من بني عقيل تَفْخَرُ بأَخوالها من اليمن، و ذكر أَبو زيد أَنه للعامِرِيّة؛ و قبله:
حَيْدَةُ خالي و لَقِيطٌ و عَلِي،             و حاتِمُ الطائيُّ وَهَّابُ المِئِي‏
و لم يَكُنْ كخالك العَبْدِ الدَّعِي             يأْكل أَزْمانَ الهزالِ و السِّنِي‏
هَيَّاب عَيْرٍ مَيْتةٍ غيرِ ذَكِي‏


و تَحْتَمُ: موضع؛ قال السُّلَيْك بن السُّلَكة:
بِحَمْدِ الإِلَه و امْرِئٍ هُوَ دَلَّنِي،             حَوَيْتُ النِّهابَ من قَضِيبٍ و تَحْتَما

حتلم:
حَتْلَم و حِتْلِم «2»: موضع.
حثم:
الحَثْمةُ: أُكَيْمَةٌ صغيرة سوداء من حجارة. و الحُثُمُ: الطرق «3». العالية. و الحَثْمَة: أَرْنَبةُ الأَنف. و الحَثْمَةُ: المُهر الصغير؛ الأَخيرتان عن الهجري، و الجمع من كل ذلك حِثامٌ. و حَثَمَ له حَثْماً أَي أَعطاه. الجوهري: الحَثْمَةُ الأَكَمة الحمراء، و بها سميت المرأَة حَثْمَةَ. الأَزهري: سمعت العرب تقول للرابية الحَثَمَة. يقال: انزِل بهاتيك الحَثَمَة، و جمعها حَثَماتٌ، و يجوز حَثْمَة، بسكون الثاء، و منه ابن أَبي حَثْمة. و في حديث عمر، رضي الله عنه، ذكر حَثْمَة؛ هي بفتح الحاء و سكون الثاء: موضع بمكة قرب الحَجون. و أَبو حَثْمَةَ: رجل من جُلَساء عمر، رضي الله عنه، كني بذلك. و حَثَمَ له الشي‏ء يَحْثِمُه حَثْماً و مَحَثَهُ: دلَكه بيده دلْكاً شديداً؛ قال ابن دريد: و ليس بثَبَتٍ.
حثرم:
الحِثْرِمَةُ، بالكسر: الدائرة التي تحت الأَنف. الجوهري: الحِثْرِمَةُ الدائرة في وسَط الشفة العليا، و قيل هي الأَرْنبة، كلاهما بكسر الحاء و الراء، و رواه ابن دريد بفتحهما، و قد رواه بعضهم بالخاء المعجمة مع الكسر في الخاء و الراء، قال الجوهري: إِذا طالت الحِثْرِمةُ قليلًا قيل رجل أَبْظَرُ؛ و قال:
كأَنَّما حِثْرِمَةُ ابْنِ غابِنِ             قُلْفَةُ طِفْلٍ تَحْتَ مُوسى خاتِنِ‏

قال ابن بري: و حكى ابن دريد حِثْرِبَة، بالباء. و قال أَبو حاتم السِّجْزيّ: الخِثْرِمَةُ بالخاء لهذه الدائرة. ابن الأَعرابي: الحِثْرِمةُ بالحاء؛ الأَزهري: هما لغتان، بالحاء و الخاء، في هذه الكلمة. و رجل حُثارِمٌ: غليظ الشفة، و الاسم الحَثْرَمَةُ.
__________________________________________________
 (1). قوله [على جوده إلخ‏] كذا في الأصل، و المشهور:
على جوده لضنّ بالماء حاتم.

 (2). قوله [حتلم‏] كزبرج و جعفر كما في القاموس.
 (3). قوله [و الحثم الطرق‏] ضبط في نسخة من التهذيب بهذا الضبط.

115
لسان العرب12

حثلم ص 116

حثلم:
الحِثْلِبُ و الحِثْلِمُ: عَكَرُ الدهن أَو السمن في بعض اللغات.
حجم:
الإِحْجامُ: ضدُّ الإِقْدام. أَحْجَمَ عن الأَمر: كَفَّ أَو نكص هَيْبةً. و
في الحديث: أَن رسول الله، صلى الله عليه و سلم، أَخذَ سَيْفاً يوم أُحُدٍ فقال: من يأْخذ هذا السيف بحَقِّه؟ فأَحْجَم القوم.
أَي نكصوا و تأَخروا و تَهَيَّبوا أَخْذه. و رجل مِحْجام: كثير النُّكوص. و الحِجامُ: شي‏ء يجعل في فم البعير أَو خَطْمِه لئلا يَعَضَّ «1»، و هو بعير مَحْجُوم، و قد حَجَمه يَحْجُمه حَجْماً إِذا جعل على فمه حجاماً و ذلك إِذا هاجَ. و
في الحديث عن ابن عمر: و ذكر أَباه فقال: كان يَصيحُ الصَّيْحةَ يكاد مَنْ سمعها يَصْعَقُ كالبعير المَحْجُوم.
و أَما قوله‏
في حديث حمزة: إِنه خرج يومَ أُحُدٍ كأَنه بعير مَحْجُوم، و في رواية: رجل مَحْجوم.
؛ قال ابن الأَثير: أَي جسيم، من الحَجْمِ و هو النُّتُوُّ؛ قال ابن سيدة: و ربما قيل في الشعر فلان يَحْجُم فلاناً عن الأَمر أَي يكفه، و الحَجْمُ: كَفُّكَ إِنساناً عن أَمر يريده. يقال: أَحْجَمَ الرجلُ عن قِرْنِه، و أَحْجَمَ إِذا جَبُنَ و كَفَّ؛ قاله الأَصمعي و غيره، و قال مبتكر الأَعرابي: حَجَمْتُه عن حاجته منعته عنها، و قال غيره: حَجَوْتُه عن حاجته مثله، و حَجَمْتُه عن الشي‏ء أَحْجُمُه أَي كفَفْته عنه. يقال: حَجَمْتُه عن الشي‏ء فأَحْجَمَ أَي كففته فكَفَّ، و هو من النوادر مثل كبَبْتُه فأَكبَّ. قال ابن بري: يقال حَجَمْته عن الشي‏ء فأَحْجَم أَي كففته عنه و أَحْجَمَ هو و كَبَبْتُه و أَكَبَّ هو، و شَنَقْتُ البعيرَ و أَشنَقَ هو إِذا رفع رأْسه، و نَسَلْتُ ريشَ الطائر و أَنْسَلَ هو، و قَشَعَتِ الريحُ الغيمَ و أَقْشَعَ هو، و نَزَفْتُ البئرَ و أَنْزَفَتْ هي، و مَرَيْتُ الناقةَ و أَمْرَتْ هي إِذا دَرَّ لبنُها. و إِحْجام المرأَةِ المولودَ: أَوَّلُ إِرْضاعةٍ تُرْضِعُه، و قد أَحْجَمَتْ له. و حَجَمَ العظمَ يَحْجُمه حَجْماً: عَرَقَهُ. و حَجَمَ ثَدْيُ المرأَة يَحْجُم حُجُوماً: بدا نُهُوده؛ قال الأَعشى:
 قد حَجَمَ الثَّدْيُ على نَحْرِها             في مُشْرِقٍ ذي بَهْجةٍ ناضِرِ «2».

و هذه اللفظة في التهذيب بالأَلف في النثر و النظم: قد أَحْجَمَ الثديُ على نحر الجارية. قال: و حَجَّمَ و بَجَّم إِذا نظر نظراً شديداً، قال الأَزهري: و حَمَّجَ مثله. و يقال للجارية إِذا غَطَّى اللحمُ رؤوس عظامها فسمنت: ما يبدو لعِظامها حَجْمٌ؛ الجوهري: حَجْمُ الشي‏ء حَيْدهُ. يقال: ليس لِمِرْفَقِهِ حَجْمٌ أَي نُتُوٌّ. و حَجْم كلِّ شي‏ء: مَلْمَسُه الناتئ تحت يدك، و الجمع حُجُوم. و قال اللحياني: حَجْمُ العظام أَن يوجد مَسُّ العِظام من وراء الجلد، فَعَبَّرَ عنه تَعْبيرَه عن المصادر؛ قال ابن سيدة: فلا أَدري أَ هو عنده مصدر أَم اسم. قال الليث: الحَجْمُ وِجْدانُك مسَّ شي‏ء تحت ثوب، تقول: مَسِسْت [مَسَسْت‏] بطنَ الحُبْلى فوجدت حَجْمَ الصبيِّ في بطنها. و
في الحديث: لا يَصِف حَجْمَ عظامها.
؛ قال ابن الأَثير: أَراد لا يلتصق الثوب ببدنها فَيَحْكي الناتئَ و الناشزَ من عظامها و لحمها، و جعله واصفاً على التشبيه لأَنه إِذا أَظهره و بيَّنه كان بمنزلة الواصف لها بلسانه. و الحَجْمُ: المَصّ. يقال:
__________________________________________________
 (1). قوله [لئلا يعض‏] في المحكم بعده: و قال أبو حنيفة الدينوري هي مخلاة تجعل على خطمه لئلا يعض.
 (2). قوله [ذي بهجة إلخ‏] كذا في المحكم، و في التكملة: ذي صبح نائر.

116
لسان العرب12

حجم ص 116

حَجَمَ الصبيُّ ثَدي أُمه إِذا مصه. و ما حَجَمَ الصبيُّ ثدي أُمه أَي ما مَصَّه. و ثَدْيٌ مَحْجوم أَي ممصوص. و الحَجَّامُ: المَصَّاص. قال الأَزهري: يقال للحاجم حَجَّامٌ لامْتِصاصه فم المِحْجَمَة، و قد حَجَمَ يَحْجِمُ و يَحْجُم حَجْماً و حاجِمٌ حَجُومٌ و مِحْجَمٌ رَفيقٌ. و المِحْجَمُ و المِحْجَمَةُ: ما يُحْجَم به. قال الأَزهري: المحْجَمَةُ قارُورَتُهُ، و تطرح الهاء فيقال مِحْجَم، و جمعه مَحاجِم؛ قال زهير:
و لم يُهَريقُوا بينهم مِلْ‏ءَ مِحْجمِ‏


و
في الحديث: أَعْلَقَ فيه مِحْجَماً.
؛ قال ابن الأَثير: المِحْجَمُ، بالكسر، الآلة التي يجمع فيها دم الحِجامة عند المصّ، قال: و المِحْجَمُ أَيضاً مِشْرَطُ الحَجَّام؛ و منه‏
الحديث: لَعْقَةُ عَسلٍ أَو شَرْطة مِحْجَمٍ.
و حِرفَتُه و فعلُه الحِجامةُ. و الحَجْمُ: فعل الحاجم و هو الحَجّامُ. و احْتَجَمَ: طلب الحِجامة، و هو مَحْجومٌ، و قد احْتَجَمْتُ من الدم. و
في حديث الصوم: أَفْطَرَ الحاجِمُ و المَحْجومُ.
؛ ابن الأَثير: معناه: أَنهما تَعَرَّضا للإِفْطار، أَما المَحْجومُ فللضعف الذي يلحقه من خروج دمه فربما أَعجزه عن الصوم، و أَما الحاجمُ فلا يأْمَنُ أَن يصل إِلى حلقه شي‏ء من الدم فيبلعَهُ أَو من طَعْمِه، قال: و قيل هذا على سبيل الدعاء عليهما أَي بطل أَجْرُهما فكأَنهما صارا مفطرين،
كقَوله: من صام الدَّهْرَ فلا صام و لا أَفطر.
و المَحْجمة من العنق: موضع المِحْجمةِ. و أَصل الحَجْمِ المصّ، و قولهم: أَفْرَغُ من حَجَّام ساباطٍ، لأَنه كان تَمُرُّ به الجيوش فيَحْجُمهم نَسيئةً من الكساد حتى يرجعوا فضربوا به المَثَلَ؛ قال ابن دريد: الحِجامةُ من الحَجْمِ الذي هو البَداءُ لأَن اللحم يَنْتَبِرُ أَي يرتفع. و الحَوْجَمةُ: الوَرْدُ الأَحمر، و الجمع حَوْجَمٌ.
حدم:
الأَزهري: الحَدْمُ شدة إحماء الشي‏ء بحَرِّ الشمس و النار، تقول: حَدَمَه كذا فاحْتَدَمَ؛ و قال الأَعشى:
و إدْلاجُ لَيْلٍ على غِرَّةٍ،             و هاجِرَة حَرُّها محْتَدِمْ‏

الفراء: للنار حَدَمَةٌ و حَمَدَةٌ و هو صوت الالتهاب. و حَدَمةُ النار، بالتحريك: صوت التهابها. و هذا يوم مُحْتَدِمٌ و مُحْتَمِدٌ: شديد الحر. و الاحْتِدامُ: شدة الحر. و قال أَبو زيد: احْتَدَمَ يومُنا احْتَمَدَ. ابن سيدة: حَدْمُ النار و الحرِّ و حَدَمُهما شدة احتراقهما و حَمْيُهما. الجوهري: احْتَدَمَت النار التهبت. غيره: احْتَدَمَتِ النارُ و الحرُّ اتقدا. و احْتَدَمَ صدرُ فلان غيظاً و احْتَدَمَ عليَّ غيظاً و تَحَدَّمَ: تَحَرّقَ، و هو على التشبيه بذلك، و ما أَدْرِي ما أَحْدَمَه. و كل شي‏ء الْتهب فقد احْتَدَمَ. و الحَدَمَةُ: صوت جوف الأَسْود من الحيَّات. الأَزهري: قال أَبو حاتم الحَدَمَةُ من أصوات الحيَّة صوتُ حَفِّه كأَنه دَوِيٌّ يَحْتَدِمُ. و احْتَدَمَتِ القِدْرُ إِذا اشتدّ غَلَيانُها. قال أَبو زيد: زَفِيرُ النارِ لَهَبُها و شَهِيقُها و حَدَمُها و حَمَدُها و كَلْحَبَتُها بمعنى واحد. و احْتَدَمَ الشرابُ إِذا غَلَى؛ قال الجعدي يصف الخمر:
رُدَّتْ إِلى أَكْلَفِ المَناكِبِ مَرْشومٍ             مُقيمٍ في الطين مُحْتَدِمِ‏

قال الأَزهري: أَنشد أَبو عمرو «1».
__________________________________________________
 (1). قوله [أنشد أبو عمرو إلخ‏] ليس محل ذكره هنا بل محل مادة د ح م.

117
لسان العرب12

حدم ص 117

قالَتْ: و كيفَ و هو كالمُبَرْتَكِ؟             إني لطولِ الفَشْلِ فيه أَشْتَكِي،
فادْحَمْهُ شيئاً ساعةً ثم ابْرُكِ‏


ابن سيدة: احْتَدَمَ الدمُ إِذا اشتدت حمرته حتى يَسْوَدّ، و حدَمَهُ. الجوهري: قِدْرٌ حُدَمَةٌ سريعة الغَلْي، و هو ضد الصَّلُود. و
في حديث عليّ: يوشِكُ أَن تَغشاكم دَواجي ظُلَلِهِ و احْتِدامُ عِلَلِه.
أَي شدتها، و هو من احْتِدام النار أَي التهابها و شدة حرها. و حُدْمَة: موضع «2» معروف.
حذم:
الحَذْمُ: القطع الوَحِيُّ. حَذَمَه يَحْذِمُه حَذْماً: قطعه قطعاً وَحِيّاً، و قيل: هو القطع ما كان. و سيف حَذِمٌ و حِذْيَمٌ. قاطع. و الحَذْمُ: الإِسراع في المشي و كأَنه مع هذا يَهْوِي بيديه إِلى خَلْف، و الفعل كالفعل؛ و منه‏
قول عمر، رضي الله عنه، لبعض المؤذنين: إذا أَذَّنْتَ فَتَرَسَّلْ و إذا أَقَمْتَ فاحْذِمْ.
؛ قال الأَصمعي: الحَذْمُ الحَدْرُ في الإِقامة و قطع التطويل؛ يريد عَجّلْ إِقامة الصلاة و لا تُطَوِّلها كالأَذان، هكذا رواه الهروي بالحاء المهملة، و ذكره الزمخشري في الخاء المعجمة، و سيجي‏ء، و قيل: الحَذْم كالنَّتْفِ في المشي شيبةٌ بمشي الأَرانب. و الحَذْمُ: المشي الخفيف. و كل شي‏ء أَسرعت فيه فقد حَذَمْتَهُ، يقال: حَذَمَ في قراءته، و الحَمامُ يَحْذِمُ في طَيَرانِه كذلك. ابن الأَعرابي: الحُذُمُ الأَرانب السراع، و الحُذُمُ أَيضاً اللصوص الحُذَّاقُ. و الأَرنب تَحْذِمُ أَي تسرع، و يقال لها حُذَمَةٌ لُذَمَةٌ، تسبِقُ الجمع بالأَكَمَة؛ حُذمَةٌ إذا عَدَتْ في الأَكَمَةِ أَسرعت فسبقت مَنْ يطلبها، لُذَمَةٌ: لازمةٌ للعَدْوِ. و يقال: حَذَمَ في مِشْيَته إِذا قارب الخُطى و أَسرع. و الحُذَمُ: القصير من الرجال القريب الخَطْو. و قال أَبو عدنان: الحَذَمانُ شي‏ء من الذَّمِيل فوق المشي، قال: و قال لي خالد بن جَنْبة الحَذَمانُ إِبْطاءُ المشي، و هو من حروف الأَضداد، قال: و اشترى فلانٌ عبداً حُذامَ المشي لا خير فيه. و امرأَة حُذَمَةٌ: قصيرة. و الحُذَمةُ: المرأة القصيرة؛ و قال:
إِذا الخَرِيعُ العَنْقَقِيرُ الحُذَمَهْ             يَؤُرُّها فحلٌ شديد الصُّمَمَه‏

قال ابن بري: كذا ذكره يعقوب الحُذَمَة، بالحاء، و كذا أَنشده أَبو عمرو الشيباني في نوادره بالحاء أَيضاً، و المعروف الجَدَمَةُ، بالجيم مفتوحةً و الدال، و صواب القافية الأَخيرة الضَّمْضَمَة، قال: و كذا أَنشده أَبو عمرو الشيباني، و كذا أَنشده ابن السكيت أيضاً و فسره فقال: الضَّمْضَمَةُ الأَخذ الشديد. يقال: أَخذه فَضَمْضَمَهُ أَي كسره؛ قال و أَوَّله:
سَمِعتُ من فوق البُيوت كَدَمَهْ،             إِذا الخَريعُ العَنْقَفِيرُ الجَدَمَهْ‏
يَؤُرُّها فَحْلٌ شديد الضَّمْضَمَه،             أَرّاً بعَتَّارٍ إِذا ما قَدَّمهْ‏
فيها انْفَرَى وَمَّاحُها و خَرَمَهْ،             فَطَفِقَتْ تدعو الهَجِينَ ابن الأَمَهْ‏
فما سَمِعْتُ بَعْدَ تِيك النَّأَمَهْ             منها، و لا منه هناك، أبْلُمَهْ‏

قال: و الرجز لرِياحٍ الدبيري.
__________________________________________________
 (2). قوله [و حدمة موضع‏] عبارة المحكم: و حدمة مضبوطاً بالضم و قيل حدمة مضبوطاً كهمزة موضع، و صرح بذلك كله في التكملة.

118
لسان العرب12

حذم ص 118

و الحِذْيَمُ: الحاذق بالشي‏ء. و حُذَمَةُ: اسم فرس. و حَذامِ: مثل قَطامِ. و حَذامِ: اسم امرأة معدولةٌ عن حاذِمَةٍ؛ قال ابن بري: هي بنت العَتِيك بن أَسْلَمَ بن يَذْكُر بن عَنَزَةَ؛ قال وسِيمُ بن طارقٍ، و يقال لجيم بن صَعْب و حَذامِ امرأَته:
         إِذا قالتْ حَذامِ فَصَدِّقُوها،             فإِنَّ القولَ ما قالَتْ حَذامِ‏

التهذيب: حَذامِ من أَسماء النساء، قال: جَرَّت العربُ حَذامِ في موضع الرفع لأَنها مصروفةٌ عن حاذِمة، فلما صُرِفَتْ إِلى فَعال كُسِرَتْ لأَنهم وجدوا أَكثر حالات المؤنث إِلى الكسر، كقولك: أَنتِ عَلَيْكِ، و كذلكِ فَجار و فَساقِ، قال: و فيه قول آخر أَنَّ كل شي‏ء عُدِلَ من هذا الضرب عن وجهه يُحْمَلُ على إِعراب الأَصوات و الحكاياتِ من الزَّجْرِ و نحوه مجروراً، كما يقال في زَجْر البعير ياهٍ ياهٍ، ضاعف ياهٍ مرتين؛ قال ذو الرمة:
         ينادي بِيَهْياهٍ و ياهٍ، كأَنَّهُ             صُوَيْتُ الرُّوَيْعِي ضَلَّ بالليل صاحِبُهْ «1».

يقول: سَكَنَ الحَرْفُ الذي قبل الحرف الآخر فحُرِّكَ آخره بكسرةٍ، و إِذا تحرك الحَرْفُ قبل الحرف الآخر و سكن الآخِرُ جَزَمْتَ، كقولك بَجَلْ و أَجَلْ، و أَما حَسْب و جَيْر فإِنك كَسَرْت آخره و حركته بسكون السين و الياء؛ قال ابن بري: و أَما قول الشاعر:
بَصيرٌ بما أَعْيَا النِّطاسِيَّ حِذْيَما


فإِنما أَراد ابن حِذْيَمٍ «2»، فحذف ابن. و حَذِيمةُ: بن يَرْبوع بن غَيْظ بن مُرَّة. و حُذَيْمٌ و حِذْيَمٌ: إسمان.
حذلم:
الأَصمعي: حَذْلَمَ سِقاءه إذا ملأَه؛ و أَنشد:
بِشابةَ فالقُهْبِ المَزادَ المُحَذْلَما


و حَذْلَمَ فَرسَه: أَصلحه. و حَذْلَم العُودَ: بَرَاه و أَحَدَّه. و إِناء مُحَذْلَمٌ: مملوء. و الحُذْلوم: الخفيف السريع. و تَحَذْلَمَ الرجلُ إذا تأَدَّب و ذهب فضول حُمْقه. و حَذْلَم: اسم مشتق منه. و حَذْلَم: اسم رجل. و تميم ابن حَذْلَم الضَّبّيّ: من التابعين. و الحَذْلَمَةُ: الهَذْلَمةُ، و هو الإِسراع. يقال: مرَّ يَتَحَذْلَمُ إذا مرّ كأَنه يتدحْرج. و حَذْلَمْتُ: دَحْرجت. و ذَحْلَمْتُ، بتقديم الذال: صرعت. الأَزهري: الحَذْلمةُ السرعة؛ قال الأَزهري: هذا الحرف وجد في كتاب الجمهرة لابن دريد مع حروف غيرها و ما وجدت أَكثرها لأَحد من الثقات.
حرم:
الحِرْمُ، بالكسر، و الحَرامُ: نقيض الحلال، و جمعه حُرُمٌ؛ قال الأَعشى:
مَهادي النَّهارِ لجاراتِهِمْ،             و بالليل هُنَّ عليهمْ حُرُمْ‏

و قد حَرُمَ عليه الشي‏ء حُرْماً و حَراماً و حَرُمَ الشي‏ءُ، بالضم، حُرْمَةً و حَرَّمَهُ الله عليه و حَرُمَتِ الصلاة على المرأة حُرُماً و حُرْماً، و حَرِمَتْ عليها
__________________________________________________
 (1). قوله‏
[ينادي بيهياه و ياه ...]

أَي ينادي ياهياه ثم يسكت منتظراً الجواب عن دعوته فإِذا أَبطأ عنه قال ياه.
 (2). قوله [فإِنما أَراد ابن حذيم إلخ‏] عبارة شرح القاموس: قال ابن السكيت في شرح الديوان الطبيب هو حذيم نفسه أو هو ابن حذيم، و إنما حذف ابن اعتماداً على الشهرة، قال شيخنا: و هل يكون هذا من الحذف مع اللبس أو من الحذف مع أمن اللبس خلاف، و قد بسطه البغدادي في شرح شواهد الرضي بما فيه كفاية.

119
لسان العرب12

حرم ص 119

حَرَماً و حَراماً: لغة في حَرُمَت. الأَزهري: حَرُمَت الصلاة على المرأة تَحْرُمُ حُروماً، و حَرُمَتِ المرأةُ على زوجها تَحْرُمُ حُرْماً و حَراماً، و حَرُمَ عليه السَّحورُ حُرْماً، و حَرِمَ لغةٌ. و الحَرامُ: ما حَرَّم اللهُ. و المُحَرَّمُ: الحَرامُ. و المَحارِمُ: ما حَرَّم اللهُ. و مَحارِمُ الليلِ: مَخاوِفُه التي يَحْرُم على الجَبان أَن يسلكها؛ عن ابن الأَعرابي؛ و أَنشد:
مَحارِمُ الليل لهُنَّ بَهْرَجُ،             حين ينام الوَرَعُ المُحَرَّجُ «1».

و يروى:
 محارِمُ الليل ...


أَي أَوائله. و أَحْرَمَ الشي‏ء: جَعله حَراماً. و الحَريمُ: ما حُرِّمَ فلم يُمَسَّ. و الحَريمُ: ما كان المُحْرِمون يُلْقونه من الثياب فلا يَلْبَسونه؛ قال:
كَفى حَزَناً كَرِّي عليه كأَنه             لَقىً، بين أَيْدي الطائفينَ، حَريمُ‏

الأَزهري: الحَريمُ الذي حَرُمَ مسه فلا يُدْنى منه، و كانت العرب في الجاهلية إذا حَجَّت البيت تخلع ثيابها التي عليها إذا دخلوا الحَرَمَ و لم يَلْبسوها ما داموا في الحَرَم؛ و منه قول الشاعر:
لَقىً، بين أَيدي الطائفينَ، حَريمُ‏


و قال المفسرون في قوله عز و جل: يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ؛
كان أَهل الجاهلية يطوفون بالبيت عُراةً و يقولون: لا نطوف بالبيت في ثياب قد أَذْنَبْنا فيها، و كانت المرأة تطوف عُرْيانَةً أَيضاً إِلّا أنها كانت تَلْبَس رَهْطاً من سُيور؛ و قالت امرأة من العرب:
اليومَ يَبْدو بعضُه أَو كلُّهُ،             و ما بَدا منه فلا أُحِلُّهُ‏


تعني فرجها أَنه يظهر من فُرَجِ الرَّهْطِ الذي لبسته، فأَمَرَ اللهُ عز و جل بعد ذكره عُقوبة آدمَ و حوّاء بأَن بَدَتْ سَوْآتُهما بالاستتار فقال: يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ.
؛ قال الأَزهري: و التَّعَرِّي و ظهور السوءة مكروه، و ذلك مذ لَدُنْ آدم. و الحَريمُ: ثوب المُحْرم، و كانت العرب تطوف عُراةً و ثيابُهم مطروحةٌ بين أَيديهم في الطواف. و
في الحديث: أَن عِياضَ بن حِمار المُجاشِعيّ كان حِرْميَّ رسول الله، صلى الله عليه و سلم، فكان إذا حج طاف في ثيابه.
؛ كان أَشراف العرب الذين يتَحَمَّسونَ على دينهم أَي يتشدَّدون إذا حَج أحدهم لم يأكل إِلّا طعامَ رجلٍ من الحَرَم، و لم يَطُفْ إلَّا في ثيابه فكان لكل رجل من أَشرافهم رجلٌ من قريش، فيكون كل واحدٍ منهما حِرْمِيَّ صاحبه، كما يقال كَرِيٌّ للمُكْري و المُكْتَري، قال: و النَّسَبُ في الناس إِلى الحَرَمِ حِرْمِيّ، بكسر الحاء و سكون الراء. يقال: رجل حِرْمِيّ، فإذا كان في غير الناس قالوا ثوب حَرَمِيّ. و حَرَمُ مكة: معروف و هو حَرَمُ الله و حَرَمُ رسوله. و الحَرَمانِ: مكة و المدينةُ، و الجمع أَحْرامٌ. و أَحْرَمَ القومُ: دخلوا في الحَرَمِ. و رجل حَرامٌ: داخل في الحَرَمِ، و كذلك الاثنان و الجمع و المؤنث، و قد جمعه بعضهم على حُرُمٍ. و البيت الحَرامُ و المسجد الحَرامُ و البلد الحَرام. و قوم حُرُمٌ و مُحْرِمون. و المُحْرِمُ: الداخل في الشهر الحَرام، و النَّسَبُ إلى الحَرَم حِرْمِيٌّ،
__________________________________________________
 (1). قوله [المحرج‏] كذا هو بالأَصل و الصحاح، و في المحكم؛ المزلج كمعظم.

120
لسان العرب12

حرم ص 119

و الأُنثى حِرْمِيَّة، و هو من المعدول الذي يأتي على غير قياس، قال المبرد: يقال امرأة حِرْمِيَّة و حُرْمِيَّة و أَصله من قولهم: و حُرْمَةُ البيت و حِرْمَةُ البيت؛ قال الأَعشى:
لا تأوِيَنَّ لحِرْمِيّ مَرَرْتَ به،             يوماً، و إنْ أُلْقِيَ الحِرْميُّ في النار

و هذا البيت أَورده ابن سيدة في المحكم، و استشهد به ابن بري في أَماليه على هذه الصورة، و قال: هذا البيت مُصَحَّف، و إِنما هو:
لا تَأوِيَنَّ لِجَرْمِيّ ظَفِرْتَ به،             يوماً، و إِن أُلْقِيَ الجَرْميُّ في النّار
الباخِسينَ لِمَرْوانٍ بذي خُشُبٍ،             و الدَّاخِلين على عُثْمان في الدَّار

و شاهد الحِرْمِيَّةِ قول النابغة الذبياني:
كادَتْ تُساقِطُني رَحْلي و مِيثَرَتي،             بذي المَجازِ، و لم تَحْسُسْ به نَغَما
من قول حِرْمِيَّةٍ قالت، و قد ظَعنوا:             هل في مُخْفِّيكُمُ مَنْ يَشْتَري أَدَما؟

و قال أَبو ذؤيب:
         لَهُنَّ نَشيجٌ بالنَّشيلِ، كأَنها             ضَرائرُ حِرْميّ تفاحشَ غارُها

قال الأَصمعي: أَظنه عَنى به قُرَيْشاً، و ذلك لأَن أَهل الحَرَمِ أَول من اتخذ الضرائر، و قالوا في الثوب المنسوب إليه حَرَمِيّ، و ذلك للفرق الذي يحافظون عليه كثيراً و يعتادونه في مثل هذا. و بلد حَرامٌ و مسجد حَرامٌ و شهر حرام. و الأَشهُر الحُرُمُ أَربعة: ثلاثة سَرْدٌ أَي متتابِعة و واحد فَرْدٌ، فالسَّرْدُ ذو القَعْدة و ذو الحِجَّة و المُحَرَّمُ، و الفَرْدُ رَجَبٌ. و في التنزيل العزيز: مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ‏
؛ قوله مِنْها، يريد الكثير، ثم قال: فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ لما كانت قليلة. و المُحَرَّمُ: شهر الله، سَمَّتْه العرب بهذا الاسم لأَنهم كانوا لا يستَحلُّون فيه القتال، و أُضيف إلى الله تعالى إِعظاماً له كما قيل للكعبة بيت الله، و قيل: سمي بذلك لأَنه من الأَشهر الحُرُمِ؛ قال ابن سيدة: و هذا ليس بقوي. الجوهري: من الشهور أَربعة حُرُمٌ كانت العرب لا تستحل فيها القتال إِلا حَيّان خَثْعَم و طَيِ‏ءٌ، فإنهما كانا يستَحِلَّان الشهور، و كان الذين يَنْسؤُون الشهور أَيام المواسم يقولون: حَرّمْنا عليكم القتالَ في هذه الشهور إلَّا دماء المُحِلِّينَ، فكانت العرب تستحل دماءهم خاصة في هذه الشهور، و جمع المُحَرَّم مَحارِمُ و مَحاريمُ و مُحَرَّماتٌ. الأَزهري: كانت العرب تُسَمِّي شهر رجب الأَصَمَّ و المُحَرَّمَ في الجاهلية؛ و أَنشد شمر قول حميد بن ثَوْر:
رَعَيْنَ المُرارَ الجَوْنَ من كل مِذْنَبٍ،             شهورَ جُمادَى كُلَّها و المُحَرَّما

قال: و أَراد بالمُحَرَّمِ رَجَبَ، و قال: قاله ابن الأَعرابي؛ و قال الآخر:
أَقَمْنا بها شَهْرَيْ ربيعٍ كِليهما،             و شَهْرَيْ جُمادَى، و اسْتَحَلُّوا المُحَرَّما

و
روى الأَزهري بإِسناده عن أُم بَكْرَةَ: أَن النبي، صلى الله عليه و سلم، خَطَبَ في صِحَّته فقال: أَلا إنَّ الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السموات و الأَرض، السَّنَة اثْنا عَشَرَ شَهْراً، ... مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثلاثةٌ مُتَوالِياتٌ: ذو القَعْدة و ذو الحِجَّة و المحَرَّمُ،

121
لسان العرب12

حرم ص 119

و رَجَبُ مُضَرَ الذي بين جُمادَى و شعبان.
و المُحَرَّم: أَول الشهور. و حَرَمَ و أَحْرَمَ: دخل في الشهر الحرام؛ قال:
و إذْ فَتَكَ النُّعْمانُ بالناس مُحْرِماً،             فَمُلِّئَ من عَوْفِ بن كعبٍ سَلاسِلُهْ‏

فقوله مُحْرِماً ليس من إِحْرام الحج، و لكنه الداخل في الشهر الحَرامِ. و الحُرْمُ، بالضم: الإِحْرامُ بالحج. و
في حديث عائشة، رضي الله عنها: كنت أُطَيِّبُه، صلى الله عليه و سلم، لحِلِّهِ و لِحُرْمِه.
أَي عند إِحْرامه؛ الأَزهري: المعنى أَنها كانت تُطَيِّبُه إذا اغْتسل و أَراد الإِحْرام و الإِهْلالَ بما يكون به مُحْرِماً من حج أَو عمرة، و كانت تُطَيِّبُه إذا حَلّ من إِحْرامه؛ الحُرْمُ، بضم الحاء و سكون الراء: الإِحْرامُ بالحج، و بالكسر: الرجل المُحْرِمُ؛ يقال: أَنتَ حِلّ و أَنت حِرْمٌ. و الإِحْرامُ: مصدر أَحْرَمَ الرجلُ يُحْرِمُ إِحْراماً إذا أَهَلَّ بالحج أَو العمرة و باشَرَ أَسبابهما و شروطهما من خَلْع المَخِيط، و أَن يجتنب الأَشياء التي منعه الشرع منها كالطيب و النكاح و الصيد و غير ذلك، و الأَصل فيه المَنْع، فكأَنَّ المُحْرِم ممتنع من هذه الأَشياء. و منه‏
حديث الصلاة: تَحْرِيمُها التكبير.
كأَن المصلي بالتكبير و الدخول في الصلاة صار ممنوعاً من الكلام و الأَفعال الخارجة عن كلام الصلاة و أَفعالِها، فقيل للتكبير تَحْرِيمٌ لمنعه المصلي من ذلك، و إنما سميت تكبيرَة الإِحْرام أَي الإِحرام بالصلاة. و الحُرْمَةُ: ما لا يَحِلُّ لك انتهاكه، و كذلك المَحْرَمَةُ و المَحْرُمَةُ، بفتح الراء و ضمها؛ يقال: إن لي مَحْرُماتٍ فلا تَهْتِكْها، واحدتها مَحْرَمَةٌ و مَحْرُمَةٌ، يريد أن له حُرُماتٍ. و المَحارِمُ: ما لا يحل استحلاله. و
في حديث الحُدَيْبية: لا يسألوني خُطَّةً يعَظِّمون فيها حُرُماتِ الله إلا أَعْطيتُهم إِياها.
؛ الحُرُماتُ جمع حُرْمَةٍ كظُلْمَةٍ و ظُلُماتٍ؛ يريد حُرْمَةَ الحَرَمِ، و حُرْمَةَ الإِحْرامِ، و حُرْمَةَ الشهر الحرام. و قوله تعالى: ذلِكَ وَ مَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ
؛ قال الزجاج: هي ما وجب القيامُ به و حَرُمَ التفريطُ فيه، و
قال مجاهد: الحُرُماتُ مكة و الحج و العُمْرَةُ و ما نَهَى الله من معاصيه كلها.
و
قال عطاء: حُرُماتُ الله معاصي الله.
و
قال الليث: الحَرَمُ حَرَمُ مكة و ما أَحاط إِلى قريبٍ من الحَرَمِ.
قال الأَزهري: الحَرَمُ قد ضُرِبَ على حُدوده بالمَنار القديمة التي بَيَّنَ خليلُ الله، عليه السلام، مشَاعِرَها و كانت قُرَيْش تعرفها في الجاهلية و الإِسلام لأَنهم كانوا سُكان الحَرَمِ، و يعلمون أَن ما دون المَنارِ إِلى مكة من الحَرَمِ و ما وراءها ليس من الحَرَمِ، و لما بعث الله عز و جل محمداً، صلى الله عليه و سلم، أَقرَّ قُرَيْشاً على ما عرفوه من ذلك، و
كتب مع ابن مِرْبَعٍ الأَنصاري إلى قريش: أَن قِرُّوا على مشاعركم فإنكم على إرْثٍ من إرْثِ إبراهيم، فما كان دون المنار، فهو حَرَم لا يحل صيده و لا يُقْطَع شجره، و ما كان و راء المَنار، فهو من الحِلّ يحِلُّ صيده إذا لم يكن صائده مُحْرِماً.
قال: فإِن قال قائل من المُلْحِدين في قوله تعالى: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَ يُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ‏
؛ كيف يكون حَرَماً آمِناً
 و قد أُخِيفوا و قُتلوا في الحَرَمِ؟ فالجواب فيه أَنه عز و جل جعله حَرَماً آمِناً
 أَمراً و تَعَبُّداً لهم بذلك لا إِخباراً، فمن آمن بذلك كَفَّ عما نُهِي عنه اتباعاً و انتهاءً إِلى ما أُمِرَ به، و من أَلْحَدَ و أَنكر أَمر

122
لسان العرب12

حرم ص 119

الحَرَمِ و حُرْمَتَهُ فهو كافر مباحُ الدمِ، و من أَقَرَّ و ركب النهيَ فصاد صيد الحرم و قتل فيه فهو فاسق و عليه الكفَّارة فيما قَتَلَ من الصيد، فإِن عاد فإِن الله ينتقم منه. و أَما المواقيت التي يُهَلُّ منها للحج فهي بعيدة من حدود الحَرَمِ، و هي من الحلّ، و من أَحْرَمَ منها بالحج في الأَشهر الحُرُمِ فهو مُحْرِمٌ مأْمور بالانتهاء ما دام مُحْرِماً عن الرَّفَثِ و ما وراءَه من أَمر النساء، و عن التَّطَيُّبِ بالطيبِ، و عن لُبْس الثوب المَخيط، و عن صيد الصيد؛ و قال الليث في قول الأَعشى:
بأَجْيادِ غَرْبيِّ الصَّفا و المُحَرَّمِ‏


قال: المُحَرَّمُ هو الحَرَمُ. و تقول: أَحْرَمَ الرجلُ، فهو مُحْرِمٌ و حَرامٌ، و رجل حَرامٌ أَي مُحْرِم، و الجمع حُرُم مثل قَذالٍ و قُذُلٍ، و أَحْرَم بالحج و العمرة لأَنه يَحْرُم عليه ما كان له حَلالًا من قبلُ كالصيد و النساء. و أَحْرَمَ الرجلُ إِذا دخل في الإِحْرام بالإِهلال، و أَحْرَمَ إِذا صار في حُرَمِه من عهد أَو ميثاق هو له حُرْمَةٌ من أَن يُغار عليه؛ و أَما قول أُحَيْحَة أَنشده ابن الأَعرابي:
قَسَماً، ما غيرَ ذي كَذِبٍ،             أَن نُبيحَ الخِدْن و الحُرَمَه «2».

قال ابن سيدة: فإني أَحسب الحُرَمَةَ لغة في الحُرْمَةِ، و أَحسن من ذلك أَن يقول و الحُرُمَة، بضم الراء، فتكون من باب طُلْمة و ظُلُمَةٍ، أَو يكون أَتبع الضم الضم للضرورة كما أتبع الأَعشى الكسر الكسر أَيضاً فقال:
أَذاقَتْهُمُ الحَرْبُ أَنْفاسَها،             و قد تُكْرَهُ الحربُ بعد السِّلِمْ‏

إِلَّا أَن قول الأَعشى قد يجوز أَن يَتَوَجَّه على الوقف كما حكاه سيبويه من قولهم: مررت بالعِدِلْ. و حُرَمُ الرجلِ: عياله و نساؤه و ما يَحْمِي، و هي المَحارِمُ، واحدتها مَحْرَمَةٌ و مَحْرُمة. و رَحِمٌ مَحْرَمٌ: مُحَرَّمٌ تَزْويجُها؛ قال:
و جارةُ البَيْتِ أَراها مَحْرَمَا             كما بَراها الله، إِلا إِنما
مكارِهُ السَّعْيِ لمن تَكَرَّمَا


كما بَراها الله أَي كما جعلها. و قد تَحَرَّمَ بصُحْبته؛ و المَحْرَمُ: ذات الرَّحِم في القرابة أَي لا يَحِلُّ تزويجها، تقول: هو ذو رَحِمٍ مَحْرَمٍ، و هي ذاتُ رَحِمٍ مَحْرَمٍ؛ الجوهري: يقال هو ذو رَحِمٍ منها إِذا لم يحل له نكاحُها. و
في الحديث: لا تسافر امرأة إِلا مع ذي مَحْرَمٍ منها، و في رواية: مع ذي حُرْمَةٍ منها.
؛ ذو المَحْرَمِ: من لا يحل له نكاحها من الأَقارب كالأَب و الابن و العم و من يجري مجراهم. و الحُرْمَة: الذِّمَّةُ. و أَحْرَمَ الرجلُ، فهو مُحْرِمٌ إِذا كانت له ذمة؛ قال الراعي:
قَتَلوا ابنَ عَفّان الخليفةَ مُحْرِماً،             و دَعا فلم أَرَ مثلَهُ مَقْتولا

و يروى:
... مَخْذولا


، و قيل: أَراد بقوله مُحْرِماً أَنهم قتلوه في آخر ذي الحِجَّةِ؛ و قال أَبو عمرو: أَي صائماً. و يقال: أَراد لم يُحِلَّ من نفسه شيئاً يوقِعُ به فهو مُحْرِمٌ.
الأَزهري: روى شمر لعُمَرَ أَنه قال الصيام إِحْرامٌ.
قال: و إِنما قال الصيامُ إِحْرام لامتناع الصائم مما يَثْلِمُ صيامَه، و يقال للصائم أَيضاً مُحْرِمٌ؛ قال ابن بري: ليس مُحْرِماً في بيت الراعي من الإِحْرام و لا من الدخول في الشهر الحَرام، قال: و إِنما هو مثل البيت الذي قبله، و إِنما
__________________________________________________
 (2). قوله [أَن نبيح الخدن‏] كذا بالأَصل، و الذي في نسختين من المحكم: أَن نبيح الحصن.

123
لسان العرب12

حرم ص 119

يريد أَن عثمان في حُرْمةِ الإِسلام و ذِمَّته لم يُحِلَّ من نفسه شيئاً يُوقِعُ به، و يقال للحالف مُحْرِمٌ لتَحَرُّمِه به، و منه‏
قول الحسن في الرجل يُحْرِمُ في الغضب.
أَي يحلف؛ و قال الآخر:
قتلوا كِسْرى بليلٍ مُحْرِماً،             غادَرُوه لم يُمَتَّعْ بكَفَنْ‏

يريد: قَتَلَ شِيرَوَيْهِ أَباه أَبْرَوَيْز بنَ هُرْمُزَ. الأَزهري: الحُرْمة المَهابة، قال: و إِذا كان بالإِنسان رَحِمٌ و كنا نستحي منه قلنا: له حُرْمَةٌ، قال: و للمسلم على المسلم حُرْمةٌ و مَهابةٌ. قال أَبو زيد: يقال هو حُرْمَتُك و هم ذَوو رَحِمِه و جارُه و مَنْ يَنْصره غائباً و شاهداً و من وجب عليه حَقُّه. و يقال: أَحْرَمْت عن الشي‏ء إِذا أَمسكتَ عنه، و
ذكر أَبو القاسم الزجاجي عن اليزيدي أَنه قال: سألت عمي عن قول النبي، صلى الله عليه و سلم: كلُّ مُسْلم عن مسلم مُحْرِمٌ، قال: المُحْرِمُ الممسك.
معناه أَن المسلم ممسك عن مال المسلم و عِرْضِهِ و دَمِهِ؛ و أَنشد لمِسْكين الدارميّ:
أَتتْني هَناتٌ عن رجالٍ، كأَنها             خَنافِسُ لَيْلٍ ليس فيها عَقارِبُ‏
أَحَلُّوا على عِرضي، و أَحْرَمْتُ عنهُمُ،             و في اللهِ جارٌ لا ينامُ و طالِبُ‏

قال: و أَنشد المفضل لأَخْضَرَ بن عَبَّاد المازِنيّ جاهليّ:
لقد طال إِعْراضي و صَفْحي عن التي             أُبَلَّغُ عنْكم، و القُلوبُ قُلوبُ‏
و طال انْتِظاري عَطْفَةَ الحِلْمِ عنكمُ             ليَرْجِعَ وُدٌّ، و المَعادُ قريبُ‏
و لستُ أَراكُمْ تُحْرِمونَ عن التي             كرِهْتُ، و منها في القُلوب نُدُوبُ‏
فلا تأمَنُوا مِنّي كَفاءةَ فِعْلِكُمْ،             فيَشْمَتَ قِتْل أَو يُساءَ حبيبُ‏
و يَظْهَرَ مِنّاً في المَقالِ و منكُمُ،             إِذا ما ارْتَمَيْنا في المَقال، عُيوبُ‏

و يقال: أَحْرَمْتُ الشي‏ء بمعنى حَرَّمْتُه؛ قال حُمَيْدُ بن ثَوْرٍ:
إِلى شَجَرٍ أَلْمَى الظِّلالِ، كأنها             رواهِبُ أَحْرَمْنَ الشَّرابَ عُذُوبُ‏

قال: و الضمير في كأنها يعود على رِكابٍ تقدم ذكرها. و تَحَرَّم منه بحُرْمَةٍ: تَحَمّى و تَمَنَّعَ. و أَحْرَمَ القومُ إِذا دخلوا في الشهر الحَرامِ؛ قال زهير:
جَعَلْنَ القَنانَ عن يَمينٍ و حَزْنَهُ،             و كم بالقَنانِ من مُحِلّ و مُحْرِمِ‏

و أَحْرَمَ الرجلُ إِذا دخل في حُرْمة لا تُهْتَكُ؛ و أَنشد بيت زهير:
و كم بالقنانِ من مُحِلّ و مُحْرِمِ‏


أي ممن يَحِلُّ قتالُه و ممن لا يَحِلُّ ذلك منه. و المُحْرِمُ: المُسالمُ؛ عن ابن الأَعرابي، في قول خِداش بن زهير:
إِذا ما أصابَ الغَيْثُ لم يَرْعَ غَيْثَهمْ،             من الناس، إِلا مُحْرِمٌ أَو مُكافِلُ‏

هكذا أَنشده: أَصاب الغَيْثُ، برفع الغيث، قال ابن سيدة: و أَراها لغة في صابَ أَو على حذف المفعول‏

124
لسان العرب12

حرم ص 119

كأنه إِذا أَصابَهُم الغَيثُ أَو أَصاب الغيث بلادَهُم فأَعْشَبَتْ؛ و أَنشده مرة أُخرى:
إِذا شَرِبوا بالغَيْثِ‏


و المُكافِلُ: المُجاوِرُ المُحالِفُ، و الكَفيلُ من هذا أُخِذَ. و حُرْمَةُ الرجل: حُرَمُهُ و أَهله. و حَرَمُ الرجل و حَريمُه: ما يقاتِلُ عنه و يَحْميه، فجمع الحَرَم أَحْرامٌ، و جمع الحَريم حُرُمٌ. و فلان مُحْرِمٌ بنا أَي في حَريمنا. تقول: فلان له حُرْمَةٌ أَي تَحَرَّمَ بنا بصحبةٍ أَو بحق و ذِمَّةِ. الأَزهري: و الحَريمُ قَصَبَةُ الدارِ، و الحَريمُ فِناءُ المسجد. و حكي عن ابن واصل الكلابي: حَريم الدار ما دخل فيها مما يُغْلَقُ عليه بابُها و ما خرج منها فهو الفِناءُ، قال: و فِناءُ البَدَوِيِّ ما يُدْرِكُهُ حُجْرَتُه و أَطنابُهُ، و هو من الحَضَرِيّ إِذا كانت تحاذيها دار أُخرى، ففِناؤُهما حَدُّ ما بينهما. و حَريمُ الدار: ما أُضيف إليها و كان من حقوقها و مَرافِقها. و حَريمُ البئر: مُلْقى النَّبِيثَة و المَمْشى على جانبيها و نحو ذلك؛ الصحاح: حَريم البئر و غيرها ما حولها من مَرافقها و حُقوقها. و حَريمُ النهر: مُلْقى طينه و المَمْشى على حافتيه و نحو ذلك. و
في الحديث: حَريمُ البئر أَربعون ذراعاً.
هو الموضع المحيط بها الذي يُلْقى فيه ترابُها أَي أَن البئر التي يحفرها الرجل في مَواتٍ فَحريمُها ليس لأَحد أَن ينزل فيه و لا ينازعه عليها، و سمي به لأَنه يَحْرُمُ منع صاحبه منه أَو لأَنه مُحَرَّمٌ على غيره التصرفُ فيه. الأَزهري: الحِرْمُ المنع، و الحِرْمَةُ الحِرْمان، و الحِرْمانُ نَقيضه الإِعطاء و الرَّزْقُ. يقال: مَحْرُومٌ و مَرْزوق. و حَرَمهُ الشي‏ءَ يَحْرِمُهُ و حَرِمَهُ حِرْماناً و حِرْماً «1» و حَريماً و حِرْمَةً و حَرِمَةً و حَريمةً، و أَحْرَمَهُ لغةٌ ليست بالعالية، كله: منعه العطيّة؛ قال يصف امرأة:
و أُنْبِئْتُها أَحْرَمَتْ قومَها             لتَنْكِحَ في مَعْشَرٍ آخَرِينا

أَي حَرَّمَتْهُم على نفسها. الأَصمعي: أَحْرَمَتْ قومها أَي حَرَمَتْهُم أَن ينكحوها. و
روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أَنه قال: كل مُسلمٍ عن مسلم مُحْرِمٌ أَخَوانِ نَصيرانِ.
؛ قال أَبو العباس: قال ابن الأَعرابي يقال إنه لمُحْرِمٌ عنك أَي يُحَرِّمُ أَذاكَ عليه؛ قال الأَزهري: و هذا بمعنى الخبر، أَراد أَنه يَحْرُمُ على كل واحد منهما أَن يُؤْذي صاحبَهُ لحُرْمة الإِسلام المانِعَتِه عن ظُلْمِه. و يقال: مُسلم مُحْرِمٌ و هو الذي لم يُحِلَّ من نفسه شيئاً يُوقِعُ به، يريد أَن المسلم مُعْتَصِمٌ بالإِسلام ممتنع بحُرْمتِهِ ممن أَراده و أَراد ماله. و التَّحْرِيمُ: خلاف التَّحْليل. و رجل مَحْروم: ممنوع من الخير. و في التهذيب: المَحْروم الذي حُرِمَ الخيرَ حِرْماناً. و قوله تعالى: فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ‏
؛ قيل: المَحْروم الذي لا يَنْمِي له مال، و قيل أَيضاً: إِنه المُحارِفُ الذي لا يكاد يَكْتَسِبُ. و حَرِيمةُ الربِّ: التي يمنعها من شاء من خلقه. و أَحْرَمَ الرجلَ: قَمَرَه، و حَرِمَ في اللُّعبة يحْرَمُ حَرَماً: قُمِرَ و لم يَقْمُرْ هو؛ و أَنشد:
و رَمَى بسَهْمِ حَريمةٍ لم يَصْطَدِ


و يُخَطُّ خَطٌّ فيدخل فيه غِلمان و تكون عِدَّتُهُمْ في خارج من الخَطّ فيَدْنو هؤلاء من الخط و يصافحُ‏
__________________________________________________
 (1). قوله [و حرماً] أي بكسر فسكون، زاد في المحكم: و حرماً ككتف.

125
لسان العرب12

حرم ص 119

أَحدُهم صاحبَهُ، فإِن مسَّ الداخلُ الخارجَ فلم يضبطه الداخلُ قيل للداخل: حَرِمَ و أَحْرَمَ الخارِجُ الداخلَ، و إِن ضبطه الداخلُ فقد حَرِمَ الخارِجُ و أَحْرَمَه الداخِلُ. و حَرِمَ الرجلُ حَرماً: لَجَّ و مَحَكَ. و حَرِمَت المِعْزَى و غيرُها من ذوات الظِّلْف حِراماً و اسْتحْرَمَتْ: أَرادت الفحل، و ما أَبْيَنَ حِرْمَتَها، و هي حَرْمَى، و جمعها حِرامٌ و حَرامَى، كُسِّرَ على ما يُكَسَّرُ عليه فَعْلَى التي لها فَعْلانُ نحو عَجْلان و عَجْلَى و غَرْثان و غَرْثى، و الاسم الحَرَمةُ و الحِرمةُ؛ الأَول عن اللحياني، و كذلك الذِّئْبَةُ و الكلبة و أكثرها في الغنم، و قد حكي ذلك في الإِبل. و
جاء في بعض الحديث: الذين تقوم عليهم الساعةُ تُسَلَّطُ عليهم الحِرْمَةُ.
أَي الغُلْمَةُ و يُسْلَبُون الحياءَ، فاسْتُعْمِل في ذكور الأَناسِيِّ، و قيل: الاسْتِحْرامُ لكل ذات ظِلْفٍ خاصةً. و الحِرْمَةُ، بالكسر: الغُلْمةُ. قال ابن الأَثير: و كأنها بغير الآدمي من الحيوان أَخَصُّ. و قوله‏
في حديث آدم، عليه السلام: إنه اسْتَحْرَمَ بعد موت ابنه مائةَ سنةٍ لم يَضْحَكْ.
؛ هو من قولهم: أَحْرَمَ الرجلُ إِذا دخل في حُرْمَةٍ لا تهْتَكُ، قال: و ليس من اسْتِحْرام الشاة. الجوهري: و الحِرْمةُ في الشاء كالضَّبْعَةِ في النُّوقِ، و الحِنَاء في النِّعاج، و هو شهوة البِضاع؛ يقال: اسْتَحْرَمَت الشاةُ و كل أُنثى من ذوات الظلف خاصةً إِذا اشتهت الفحل. و قال الأُمَوِيُّ: اسْتَحْرَمتِ الذِّئبةُ و الكلبةُ إِذا أَرادت الفحل. و شاة حَرْمَى و شياه حِرامٌ و حَرامَى مثل عِجالٍ و عَجالى، كأَنه لو قيل لمذكَّرِهِ لَقِيل حَرْمانُ، قال ابن بري: فَعْلَى مؤنثة فَعْلان قد تجمع على فَعالَى و فِعالٍ نحو عَجالَى و عِجالٍ، و أَما شاة حَرْمَى فإنها، و إِن لم يستعمل لها مذكَّر، فإنها بمنزلة ما قد استعمل لأَن قياس المذكر منه حَرْمانُ، فلذلك قالوا في جمعه حَرامَى و حِرامٌ، كما قالوا عَجالَى و عِجالٌ. و المُحَرَّمُ من الإِبل مثل العُرْضِيِّ: و هو الذَلُول الوَسَط «1» الصعبُ التَّصَرُّفِ حين تصَرُّفِه. و ناقة مُحَرَّمةٌ: لم تُرَضْ؛ قال الأَزهري: سمعت العرب تقول ناقة مُحَرَّمَةُ الظهرِ إِذا كانت صعبةً لم تُرَضْ و لم تُذَلَّلْ، و في الصحاح: ناقة مُحَرَّمةٌ أَي لم تَتِمَّ رياضتُها بَعْدُ. و
في حديث عائشة: إِنه أَراد البَداوَة فأَرسل إليَّ ناقة مُحَرَّمةً.
؛ هي التي لم تركب و لم تُذَلَّل. و المُحَرَّمُ من الجلود: ما لم يدبغ أَو دُبغ فلم يَتَمَرَّن و لم يبالغ، و جِلد مُحَرَّم: لم تتم دِباغته. و سوط مُحَرَّم: جديد لم يُلَيَّنْ بعدُ؛ قال الأَعشى:
تَرَى عينَها صَغْواءَ في جنبِ غَرْزِها،             تُراقِبُ كَفِّي و القَطيعَ المُحَرَّما

و في التهذيب: في جنب موقها تُحاذر كفِّي؛ أَراد بالقَطيع سوطه. قال الأَزهري: و قد رأَيت العرب يُسَوُّون سياطَهم من جلود الإِبل التي لم تدبغ، يأخذون الشَّريحة العريضة فيقطعون منها سُيوراً عِراضاً و يدفنونها في الثَّرَى، فإِذا نَدِيَتْ و لانت جعلوا منها أَربع قُوىً، ثم فتلوها ثم علَّقوها من شِعْبَي خشبةٍ يَرْكُزونها في الأَرض فتُقِلُّها من الأَرض ممدودةً و قد أَثقلوها حتى تيبس. و قوله تعالى: و حِرْم على قرية أهلكناها أَنهم لا يرجعون؛
روى قَتادةُ عن ابن عباس