متعدّيا لا التلاوة، و التلاوة من صفة التالي القاري.
و أمّا معنى الترك و الإعراض: فمن لوازم ذلك المفهوم، فانّ التبعيّة لشيء يلازم الإعراض عن الآخر.
وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها- 91/ 2.
وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ- 11/ 17.
أى يقع القمر خلف الشمس، و يقع الشاهد خلف من كان على بيّنة.
ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ ...، وَ أَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ ...، وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ ...، إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ ...، الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ.
في هذه الآيات الكريمة إشارة الى جعل الكتاب إماما و مقتدى و فيما بين أيديهم، و هم واقعون خلفه مستضيئون بنوره مستفيدون من أحكامه، يراقبونه و يجعلونه نصب أعينهم، و يرفعونه بالقراءة و الاعلان و الإفشاء.
و هذه المعاني إنّما تفهم من انتخاب هذه الكلمة. و أمّا القراءة الصرفة فليست تدلّ على أزيد من النطق و التلفّظ و التوجّه الى المعنى- كما في آيات:
اقْرَؤُا كِتابِيَهْ ...، فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ...، وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ ...، اقْرَأْ كِتابَكَ ...، فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ.
فظهر الخصوصيّات المنظورة في التعبير بالقراءة أو بالتلاوة في مواردهما.
قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ- 6/ 151.
رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا ...، حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا ...، أَ لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ- 39/ 71.
يظهر من هذه الآيات الكريمة أنّ برنامج وظائف الأنبياء هو اراءة الآيات و إعلامها و جعلها أمام امور حياتهم، و الآيات ما يدلّ عليه و على صفاته و ما يعرّف عظمته و جلاله و جماله، من التكوين و التشريع.
فَالتَّالِياتِ ذِكْراً- 37/ 3- أى وجهة أمورهم و برنامج حياتهم التذكّر للّه المتعال في السرّ و العلن.
تمّ
مصبا- تَمَ الشيْءُ يَتِمُ بالكسر: تَكَمَّلت أجزاؤه، و تَمَّ الشهر: كملت عدّة أيّامه ثلاثين، فهو تَامٌّ، و يعدّى بالهمزة و التضعيف فيقال أَتْمَمْتُهُ و تَمَّمْتُهُ، و الاسم التَّمَامُ. و تَتِمَّةُ كُلِّ شيء تَمَامُ غَايَتِهِ، و اسْتَتَمَّهُ مثل أَتَمَّهُ.
مقا- تمّ: أصل واحد منقاس، و هو دليل الكمال. يقال تمّ الشيء إذا كمل، و أَتْمَمْتُهُ أنا. و من هذا الباب التَّمِيمَةُ، كأنّهم يريدون أنّها تمام الدواء و الشفاء المطلوب.
و التحقيق
أنّ التمام ما كملت أجزاؤه و لا يحتاج الى شيء خارج في اكتماله، و يقابله الناقص و هو ما لم يتمّ. و أغلب استعمال التمام في الكمّيّات، كما أنّ أغلب استعمال الكمال في الكيفيّات. و أيضا- إنّ التمام يصدق حيث كملت الأجزاء، و الكمال إذا أضيفت اليها خصوصيّات اخر يزيدها حسنا و بهاء و تماما على تمام.