×
☰ فهرست و مشخصات
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

تتمة كتاب العدل و المعاد ص : 1

 

الجزء السادس‏

تتمة كتاب العدل و المعاد

تتمة أبواب العدل‏

باب 19 عفو الله تعالى و غفرانه و سعة رحمته و نعمه على العباد

الآيات البقرة فَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ‏ و قال تعالى‏ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ في موضعين و قال تعالى‏ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ و قال تعالى‏ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ و قال تعالى 221 وَ اللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَ الْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَ يُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ‏ و قال تعالى‏ وَ اللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ‏ و قال تعالى‏ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ و قال‏ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ‏ و قال‏ وَ لكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ‏ آل عمران‏ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ و قال تعالى‏ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ‏ و قال تعالى‏ وَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ و قال‏ وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ‏ و قال‏ وَ لَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ‏ و قال تعالى‏ وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ‏ النساء إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً و قال‏ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ و قال‏ وَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ‏ و قال‏ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ‏ و قال‏ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً و قال‏ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً و قال تعالى‏ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ و قال‏ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً و قال 99 فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَ كانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً

 

1
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 19 عفو الله تعالى و غفرانه و سعة رحمته و نعمه على العباد ص : 1

المائدة فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ و قال‏ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ و قال تعالى‏ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ و قال تعالى‏ أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ الأنعام‏ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ الأعراف‏ قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ‏ الأنفال‏ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ‏ التوبة 80 اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ‏ و قال تعالى‏ وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ و قال تعالى‏ وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَ إِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ‏ و قال تعالى‏ ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَ لَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى‏ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ‏ و قال تعالى‏ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ‏ و قال تعالى‏ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ‏ و قال تعالى‏ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ‏ يوسف 92 قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ‏ إبراهيم 10 يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَ يُؤَخِّرَكُمْ إِلى‏ أَجَلٍ مُسَمًّى‏ الحجر 49 نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَ أَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ‏ الأسرى 54 رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ‏ النور وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ وَ أَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ‏ و قال تعالى‏ وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ وَ أَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ‏ و قال تعالى‏ أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ القصص‏ مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ‏

2
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 19 عفو الله تعالى و غفرانه و سعة رحمته و نعمه على العباد ص : 1

الأحزاب‏ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيراً فاطر وَ لَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى‏ ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَ لكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى‏ أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً الزمر قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ‏ المؤمن 61 إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ‏ حمعسق‏ وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ الفتح‏ وَ لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً الحجرات‏ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ النجم‏ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ الحديد وَ إِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ‏ و قال تعالى‏ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلى‏ شَيْ‏ءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَ أَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ‏

1- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام الْقَطَّانُ وَ النَّقَّاشُ وَ الطَّالَقَانِيُّ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ الرِّضَا ع‏ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها قَالَ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا رَبٌّ يَغْفِرُ لَهَا.

بيان قيل اللام بمعنى على أي إن أسأتم فعلى أنفسكم و قيل أي فلها الجزاء و العقاب و ما في الخبر مبني على الاكتفاء ببعض الكلام و هو شائع.

2- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْعَيْنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِسْعَرٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَفَرَ لَهُ فَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ هَذَا كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‏ وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ‏

3
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 19 عفو الله تعالى و غفرانه و سعة رحمته و نعمه على العباد ص : 1

يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ وَ لكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ وَ ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ‏ «1» فَإِذَا كَانَ الظَّنُّ هُوَ الْمُرْدِيَ كَانَ ضِدُّهُ هُوَ الْمُنْجِيَ.

3- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِي عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَاصِمٍ عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِ‏ «2» عَنْ جُنْدَبٍ‏ «3» الْغِفَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ: إِنَّ رَجُلًا قَالَ يَوْماً وَ اللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلَانٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ ذَا الَّذِي تَأَلَّى عَلَيَّ أَنْ لَا أَغْفِرَ لِفُلَانٍ فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلَانٍ وَ أَحْبَطْتُ عَمَلَ الْمُتَأَلِّي بِقَوْلِهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلَانٍ.

بيان قال الجزري فيه من يتألى على الله يكذبه أي من حكم عليه و حلف كقولك و الله ليدخلن الله فلانا النار و هو من الأليّة اليمين يقال آلى يؤلي إيلاء و تألى يتألى تأليا و الاسم الألية و منه الحديث مَنِ الْمُتَأَلِّي عَلَى اللَّهِ.

4- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّمَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الْأَنْبَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سُلَيْمَانَ الزَّاهِدِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الطَّائِيَّ الْوَاعِظَ يَقُولُ سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ‏ قَرَأْتُ فِي زَبُورِ دَاوُدَ أَسْطُراً مِنْهَا مَا حَفِظْتُ وَ مِنْهَا مَا نَسِيتُ فَمَا حَفِظْتُ قَوْلُهُ يَا دَاوُدُ اسْمَعْ مِنِّي مَا أَقُولُ وَ الْحَقَّ أَقُولُ مَنْ أَتَانِي وَ هُوَ يُحِبُّنِي أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ

______________________________

 (1) حم السجدة: 22- 23 أرداكم أي أهلككم، نسب الهلاك إلى الظنّ لانه كان سببا لهلاكهم، و إنّما أهلكهم اللّه سبحانه جزاء على أفعالهم القبيحة، و ظنونهم السيئة.

 (2) بفتح النون و سكون الهاء، هو عبد الرحمن بن مل- بلام ثقيلة و الميم مثلثة- قال ابن حجر في التقريب: مشهور بكنيته، مخضرم، من كبار الثانية، ثقة، ثبت، عابد، مات سنة 95 و قيل:

بعدها، و عاش 130 سنة، و قيل: أكثر.

 (3) بضم الجيم، و سكون النون، و فتح الدال المهملة، هو جندب بن جنادة، أبو ذر الغفارى، الصحابيّ الكبير، أول من حيى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم بتحية الإسلام، و فيه قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم: ما أظلت الخضراء، و لا أقلت الغبراء على ذى لهجة أصدق من أبى ذر، و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: أبو ذرّ في امتى شبيه عيسى بن مريم في زهده و ورعه. و مناقبه كثيرة جدا، نفاه عثمان إلى الربذة فمات فيها سنة 32 و صلى عليه ابن مسعود، له خطبة يشرح فيها الأمور بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم.

4
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 19 عفو الله تعالى و غفرانه و سعة رحمته و نعمه على العباد ص : 1

يَا دَاوُدُ اسْمَعْ مِنِّي مَا أَقُولُ وَ الْحَقَّ أَقُولُ مَنْ أَتَانِي وَ هُوَ مُسْتَحْيٍ مِنَ الْمَعَاصِي الَّتِي عَصَانِي بِهَا غَفَرْتُهَا لَهُ وَ أَنْسَيْتُهَا حَافِظَيْهِ يَا دَاوُدُ اسْمَعْ مِنِّي مَا أَقُولُ وَ الْحَقَّ أَقُولُ مَنْ أَتَانِي بِحَسَنَةٍ وَاحِدَةٍ أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ قَالَ دَاوُدُ يَا رَبِّ وَ مَا هَذِهِ الْحَسَنَةُ قَالَ مَنْ فَرَّجَ عَنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ فَقَالَ دَاوُدُ إِلَهِي لِذَلِكَ لَا يَنْبَغِي لِمَنْ عَرَفَكَ أَنْ يَنْقَطِعَ‏ «1» رَجَاؤُهُ مِنْكَ.

5- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ الْجِعَابِيِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبَزَّازِ عَنْ إِلْيَاسَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ‏ إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ بِأَعْمَالِهِمْ فَأَيْنَ عُتَقَاءُ اللَّهِ مِنَ النَّارِ «2».

6- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر فُضَيْلُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ ادْعُ اللَّهَ لِي فَإِنَّ لِيَ ذُنُوباً كَثِيرَةً فَقَالَ مَهْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ لَا يَكُونُ الشَّيْطَانُ عَوْناً عَلَى نَفْسِكَ‏ «3» إِنَّ عَفْوَ اللَّهِ لَا يُشْبِهُهُ شَيْ‏ءٌ.

7- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنِ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ ع‏ لَأُحَدِّثَنَّكُمْ بِحَدِيثٍ يَحِقُّ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَعِيَهُ‏ «4» فَحَدَّثَنَا بِهِ غَدَاةً وَ نَسِينَاهُ عَشِيَّةً قَالَ فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا لَهُ الْحَدِيثُ الَّذِي حَدَّثْتَنَاهُ بِهِ غَدَاةً نَسِينَاهُ وَ قُلْتَ هُوَ حَقُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَعِيَهُ فَأَعِدْهُ عَلَيْنَا فَقَالَ إِنَّهُ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُذْنِبُ ذَنْباً فَيَعْفُو اللَّهُ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا إِلَّا كَانَ أَجَلَّ وَ أَكْرَمَ مِنْ أَنْ يَعُودَ عَلَيْهِ بِعُقُوبَةٍ فِي الْآخِرَةِ وَ قَدْ أَجَّلَهُ فِي الدُّنْيَا وَ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ.

8- ما، الأمالي للشيخ الطوسي ابْنُ مَخْلَدٍ عَنِ الرَّزَّازِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَيْثَمِ الْقَاضِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ‏

______________________________

 (1) في المصدر: كذلك لا ينبغي لمن عرفك ان يقطع.

 (2) في المصدر بعد ذلك: ان للّه عتقاء من النار. م.

 (3) أي عونا على هلاك نفسك بيأسك و قنوطك عن رحمة اللّه.

 (4) أي جدير لكل مسلم و حقيق عليه أن يقبله و يتدبره و يحفظه.

5
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 19 عفو الله تعالى و غفرانه و سعة رحمته و نعمه على العباد ص : 1

عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَمْصَمِ بْنِ زُرْعَةَ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ كَانَ جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ «1» يُحَدِّثُ أَنَّ رِجَالًا سَأَلُوا النُّوَاسَ بْنَ سِمْعَانَ‏ «2» فَقَالُوا مَا أَرْجَى شَيْ‏ءٍ سَمِعْتَ لَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ النُّوَاسُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ مَنْ مَاتَ وَ هُوَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ شَيْئاً فَقَدْ حَلَّتْ لَهُ مَغْفِرَتُهُ إِنْ شَاءَ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ قَالَ نُوَاسٌ عِنْدَ ذَلِكَ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يَمُوتَ أَحَدٌ تَحِلُّ لَهُ مَغْفِرَةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا غَفَرَ لَهُ.

9- ثو، ثواب الأعمال أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ مَنْ أَذْنَبَ ذَنْباً فَعَلِمَ أَنَّ لِي أَنْ أُعَذِّبَهُ وَ أَنَّ لِي أَنْ أَعْفُوَ عَنْهُ عَفَوْتُ عَنْهُ:.

سن، المحاسن أبي عمن ذكره عن العلاء عن محمد بن مسلم‏ مثله.

10- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ رُوزْبِهُ وَ كَانَ مِنَ الزَّيْدِيَّةِ عَنِ الثُّمَالِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ مَا مِنْ عَبْدٍ يَعْمَلُ عَمَلًا لَا يَرْضَاهُ اللَّهُ إِلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ أَوَّلًا فَإِذَا ثَنَّى سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَإِذَا ثَلَّثَ أَهْبَطَ اللَّهُ مَلَكاً فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ يَقُولُ لِلنَّاسِ فَعَلَ كَذَا وَ كَذَا.

11- شي، تفسير العياشي عَنْ حُسَيْنِ بْنِ هَارُونَ شَيْخٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْهُ ع قَالَ سَمِعْتُهُ‏ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ وَ آتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ‏ قَالَ ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع الثَّوْبَ وَ الشَّيْ‏ءَ لَمْ تَسْأَلْهُ إِيَّاهُ أَعْطَاكَ.

12- يج، الخرائج و الجرائح قَالَ أَبُو هَاشِمٍ سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ يَقُولُ‏ إِنَّ اللَّهَ لَيَعْفُو يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَفْواً يُحِيطُ عَلَى الْعِبَادِ «3» حَتَّى يَقُولَ أَهْلُ الشِّرْكِ‏ وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ‏ فَذَكَرْتُ‏

______________________________

 (1) بالنون و الفاء مصغرا، هو جبير بن نفير بن مالك الحضرمى، وثقه ابن حجر و قال: جليل من الثانية، مخضرم و لابيه صحبة، مات سنة 80 و قيل: بعدها.

 (2) بالنون المفتوحة و الواو المشددة، هو ابن سمعان بن خالد الكلابى أو الأنصاريّ، صحابى مشهور، سكن الشام، قاله ابن حجر. و يوجد ذكره في باب أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم من رجال الشيخ.

 (3) في الخرائج المطبوع هكذا: عفوا لا يخطر على بال العباد.

6
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 19 عفو الله تعالى و غفرانه و سعة رحمته و نعمه على العباد ص : 1

فِي نَفْسِي حَدِيثاً حَدَّثَنِي بِهِ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَرَأَ «1» إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ‏ فَقَالَ الرَّجُلُ وَ مَنْ أَشْرَكَ‏ «2» فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ وَ تَنَمَّرْتُ‏ «3» لِلرَّجُلِ فَأَنَا أَقُولُ فِي نَفْسِي إِذْ أَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ‏ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ بِئْسَمَا قَالَ هَذَا «4» وَ بِئْسَمَا رَوَى.

13- شي، تفسير العياشي عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ السَّعْدِيِّ قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع‏ فِي قَوْلِهِ‏ إِنَّ رَبِّي عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ يَعْنِي أَنَّهُ عَلَى حَقٍّ يَجْزِي بِالْإِحْسَانِ إِحْسَاناً وَ بِالسَّيِّئِ سَيِّئاً وَ يَعْفُو عَمَّنْ يَشَاءُ وَ يَغْفِرُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى.

14 نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِيِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ اللَّهُ‏ إِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِي وَ أَمَتِي يَشِيبَانِ فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ أُعَذِّبُهُمَا.

15 دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيِّ، رَوَى‏ أَنَّ فِي الْعَرْشِ تِمْثَالًا لِكُلِّ عَبْدٍ فَإِذَا اشْتَغَلَ الْعَبْدُ بِالْعِبَادَةِ رَأَتِ الْمَلَائِكَةُ تِمْثَالَهُ وَ إِذَا اشْتَغَلَ الْعَبْدُ بِالْمَعْصِيَةِ أَمَرَ اللَّهُ بَعْضَ الْمَلَائِكَةِ حَتَّى يَحْجُبُوهُ بِأَجْنِحَتِهِمْ لِئَلَّا تَرَاهُ الْمَلَائِكَةُ فَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ ص يَا مَنْ أَظْهَرَ الْجَمِيلَ وَ سَتَرَ الْقَبِيحَ.

16- وَ قَالَ الصَّادِقُ ع سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ‏ وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ‏ أَ فَتَرَاكَ يَجْمَعُ بَيْنَ أَهْلِ الْقِسْمَيْنِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ وَ هِيَ النَّارُ.

17- عدة، عدة الداعي عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ: يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَحْتَ الْعَرْشِ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ مَا كَانَ لِي قِبَلَكُمْ فَقَدْ وَهَبْتُهُ لَكُمْ وَ قَدْ بَقِيَتِ التَّبِعَاتُ‏ «5» بَيْنَكُمْ فَتَوَاهَبُوا وَ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي.

أقول: سيأتي الأخبار في ذلك في أبواب الحشر.

فائدة قال العلامة الدواني في شرح العقائد المعتزلة و الخوارج أوجبوا عقاب صاحب الكبيرة إذا مات بلا توبة و حرموا عليه العفو و استدلوا عليه بأن الله تعالى‏

______________________________

 (1) في المصدر: قد قرأ. م.

 (2) في نسخة: و من المشرك.

 (3) أي تنكرت و تغيرت. و في الخرائج المطبوع: و همزت للرجل، و انتهرت الرجل خ ل.

 (4) في المصدر: قال ذلك الرجل. م.

 (5) التبعة: ما يترتب على الفعل من الخير أو الشر، الا أن استعماله في الشر أكثر، و هو المراد هاهنا.

7
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 19 عفو الله تعالى و غفرانه و سعة رحمته و نعمه على العباد ص : 1

أوعد مرتكب الكبيرة بالعقاب فلو لم يعاقب لزم الخلف في وعده و الكذب في خبره و هما محالان ثم قال بعد ذكر أجوبة مردودة الوجه في الجواب ما أشرنا إليه سابقا من أن الوعد و الوعيد مشروطان بقيود و شروط معلومة من النصوص فيجوز التخلف بسبب انتفاء بعض تلك الشروط و أن الغرض منها إنشاء الترغيب و الترهيب.

ثم قال و اعلم أن بعض العلماء ذهب إلى أن الخلف في الوعيد جائز على الله تعالى و ممن صرح به الواحدي في التفسير الوسيط في قوله تعالى في سورة النساء وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ‏ «1» الآية حيث قال و الأصل في هذا أن الله تعالى يجوز أن يخلف الوعيد و إن كان لا يجوز أن يخلف الوعد و بهذا وردت السنة عن رسول الله ص‏

فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ وَ أَبُو جَعْفَرٍ السُّلَمِيُّ وَ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَيَّالِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ: مَنْ وَعَدَهُ اللَّهُ عَلَى عَمَلِهِ ثَوَاباً فَهُوَ مُنْجِزٌ لَهُ وَ مَنْ أَوْعَدَهُ عَلَى عَمَلِهِ عِقَاباً فَهُوَ بِالْخِيَارِ.

و أخبرنا أبو بكر حدثنا محمد بن عبد الله بن حمزة حدثنا أحمد بن الخليل الأصمعي قال جاء عمرو بن عبيد إلى أبي عمرو بن العلاء و قال يا أبا عمرو يخلف الله ما وعده قال لا قال أ فرأيت من أوعده الله على عمل عقابا أ يخلف الله وعيده فيه فقال أبو عمرو من العجمة أتيت يا أبا عثمان إن الوعد غير الوعيد إن العرب لا يعد عيبا و لا خلفا أن يعد شرا ثم لم يفعله بل يرى ذلك كرما و فضلا و إنما الخلف أن يعد خيرا ثم لم يفعله‏ «2» قال فأوجدني هذا العرب قال نعم أ ما سمعت قول الشاعر

______________________________

 (1) النساء: 93.

 (2) و هذا ممّا اشتبه فيه الامر على أبى عمرو فعد حكم المعنى حكما للفظ حتّى أنشد فيه الشعر مع أن البحث عقلي لا لفظى و اي ربط لمسألة خلف الوعيد باللغة حتّى يختلف الحكم بالعربية و العجمية؟

و لهذا الاشتباه نظائر كثيرة في الأبحاث الكلامية يعثر عليه المتتبع؛ و حقيقة الامر أن الوفاء بالوعد واجب بحسب قضاء الفطرة غير أن كرامة النفس و نشر الرحمة ربما يحكمان على هذا الحكم بحسب المصلحة فيقدمان عليه أثرا و هو العفو عند المجازاة من غير أن يبطلا أصل الامر و النهى حتّى يعود إلى التناقض أو ما يشبهه فافهم ذلك. ط.

8
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 19 عفو الله تعالى و غفرانه و سعة رحمته و نعمه على العباد ص : 1

و إني إذا أوعدته أو وعدته‏

 

 لمخلف إيعادي و منجز موعدي.

 

و الذي ذكره أبو عمرو مذهب الكرام و مستحسن عند كل أحد خلف الوعيد كما قال السري الموصلي‏

 إذا وعد السراء أنجز وعده.

 

 و إن أوعد الضراء فالعفو مانعه.

 

و أحسن يحيى بن معاذ في هذا المعنى حيث قال الوعد و الوعيد حق فالوعد حق العباد على الله تعالى إذ من ضمن أنهم إذا فعلوا ذلك أن يعطيهم كذا فالوفاء حقهم عليه و من أولى بالوفاء من الله و الوعيد حق على العباد قال لا تفعلوا كذا فأعذبكم ففعلوا فإن شاء عفا و إن شاء أخذ لأنه حقه و هو أولى بالعفو و الكرم إنه غفور رحيم انتهى لفظه.

و قيل إن المحققين على خلافه كيف و هو تبديل للقول و قد قال الله تعالى‏ ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَ ما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ «1» قلت إن حمل آيات الوعيد على إنشاء التهديد فلا خلف لأنه حينئذ ليس خبرا بحسب المعنى و إن حمل على الإخبار كما هو الظاهر فيمكن أن يقال بتخصيص المذنب المغفور عن عمومات الوعيد بالدلائل المنفصلة و لا خلف على هذا التقدير أيضا فلا يلزم تبدل القول و أما إذا لم نقل بأحد هذين الوجهين فيشكل التفصي عن لزوم التبدل و الكذب اللهم إلا أن يحمل آيات الوعيد على استحقاق ما أوعد به لا على وقوعه بالفعل و في الآية المذكورة إشارة إلى ذلك حيث قال‏ فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها انتهى.

و قال الشيخ المفيد قدس الله روحه في كتاب العيون و المحاسن حكى أبو القاسم الكعبي في كتاب الغرر عن أبي الحسين الخياط قال حدثني أبو مجالد قال مر أبو عمرو بن العلاء بعمرو بن عبيد و هو يتكلم في الوعيد قال إنما أتيتم من العجمة لأن العرب لا يرى ترك الوعيد ذما و إنما يرى ترك الوعد ذما و أنشد

 و إني و إن أوعدته و وعدته‏

 

 لأخلف إيعادي و أنجز موعدي‏

 

 قال فقال له عمرو أ فليس تسمي تارك الإيعاد مخلفا قال بلى قال فتسمي‏

______________________________

 (1) ق: 29.

9
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 19 عفو الله تعالى و غفرانه و سعة رحمته و نعمه على العباد ص : 1

الله تعالى مخلفا إذا لم يفعل ما أوعده قال لا قال فقد أبطلت شهادتك.

قال الشيخ رحمه الله و وجدت أبا القاسم قد اعتمد على هذا الكلام و استحسنه و رأيته قد وضعه في أماكن شتى من كتبه و احتج به على أصحابنا الراجئة فيقال له إن عمرو بن عبيد ذهب عن موضع الحجة في الشعر و غالط أبا عمرو بن العلاء و جهل موضع المعتمد من كلامه و ذلك أنه إذا كانت العرب و العجم و كل عاقل يستحسن العفو بعد الوعيد و لا يعلقون بصاحبه ذما فقد بطل أن يكون العفو من الله تعالى مع الوعيد قبيحا لأنه لو جاز أن يكون منه قبيحا ما هو حسن في الشاهد عند كل عاقل لجاز أن يكون منه حسنا ما هو قبيح في الشاهد عند كل عاقل و هذا نقض العدل و المصير إلى قول أهل الجور و الجبر مع أنه إذا كان العفو مستحسنا مع الخلف فهو أولى بأن يكون حسنا مع عدم الخلف و نحن إذا قلنا إن الله سبحانه يعفو مع الوعيد فإنما نقول إنه توعد بشرط يخرجه من الخلف في وعيده لأنه حكيم لا يعبث و إذا كان حسن العفو في الشاهد منا يغمر قبح الخلف حتى يسقط الذم عليه و هو لو حصل في موضع لم يجزيه العفو أو ما حاصل في معناه من الحسن لكان الذم عليه قائما و يجعل وجود الخلف كعدمه في ارتفاع اللوم عليه فهو في إخراج الشرط المشهور عن القبح إلى صفة الحسن و إيجاب الحمد و الشكر لصاحبه أحرى و أولى من إخراجه الخلف عما كان يستحق عليه من الذم عند حسن العفو و أوضح في باب البرهان و هذا بين لمن تدبره.

و شي‏ء آخر و هو أنا لا نطلق على كل تارك للإيعاد الوصف بأنه مخلف لأنه يجوز أن يكون قد شرط في وعيده شرطا أخرجه به عن الخلف و إن أطلقنا ذلك في البعض فلإحاطة العلم به أو عدم الدليل على الشرط فنحكم على الظاهر فإن كان أبو عمرو بن العلاء أطلق القول في الجواب إطلاقا فإنما أراد به الخصوص دون العموم و تكلم على معنى البيت الذي استشهد به و ما رأيت أعجب من متكلم يقطع على حسن معنى مع مضامته لقبيح و يجعل حسنه مسقطا للذم على القبيح ثم يمتنع من حسن ذلك المعنى مع تعريه من ذلك القبيح ثم يفتخر بهذه النكتة عند أصحابه و يستحسن احتجاجه المؤدي إلى هذه المناقضة و لكن العصبية ترين القلوب.

10
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها

الآيات البقرة فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ‏ «1» فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ‏ و قال تعالى‏ وَ إِذْ قالَ مُوسى‏ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى‏ بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ‏ و قال‏ وَ أَرِنا مَناسِكَنا وَ تُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ‏ و قال تعالى‏ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَ أَصْلَحُوا وَ بَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَ أَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ‏ و قال تعالى‏ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ‏ و قال تعالى‏ وَ إِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ‏ آل عمران‏ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ أَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ و قال تعالى‏ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ‏ءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ‏ النساء وَ الَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَ أَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَ لَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً و قال تعالى‏ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَ يَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ‏ و قال تعالى‏ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَ أَصْلَحُوا وَ اعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَ أَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ‏ المائدة وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ و قال تعالى‏ فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَ أَصْلَحَ فَإِنَ‏

______________________________

 (1) تلقى الكلمات: استقبالها بالاخذ و القبول و العمل بها، أي أخذها من ربّه على سبيل الطاعة و رغب إلى اللّه فيها. و ياتى تفسير الكلمات في محله.

11
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ و قال تعالى‏ وَ حَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَ صَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَ صَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ‏ و قال تعالى‏ أَ فَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَهُ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ الأنعام‏ وَ إِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى‏ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ الأعراف‏ فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ‏ و قال تعالى‏ وَ الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَ آمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ‏ التوبة فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ‏ و قال تعالى‏ فَإِنْ تابُوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ و قال تعالى‏ فَإِنْ تابُوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ‏ و قال عز و جل‏ وَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلى‏ مَنْ يَشاءُ و قال تعالى‏ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ‏ و قال سبحانه‏ وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ و قال جل شأنه‏ أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ‏ و قال تعالى‏ وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَ إِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ‏ و قال سبحانه‏ التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ‏ و قال تعالى‏ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ‏ و قال سبحانه‏ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ‏ هود وَ أَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى‏ أَجَلٍ مُسَمًّى وَ يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ‏ و قال تعالى ناقلا عن هود وَ يا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَ يَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى‏ قُوَّتِكُمْ‏ و قال ناقلا عن صالح ع‏ فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ‏

12
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

النحل‏ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ أَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ‏ مريم‏ إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ لا يُظْلَمُونَ شَيْئاً طه‏ وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى‏ و قال سبحانه‏ ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَ هَدى‏ النور إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ أَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ و قال سبحانه 10 وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ وَ أَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ‏ و قال تعالى‏ وَ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‏ الفرقان‏ إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً وَ مَنْ تابَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً القصص‏ قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ‏ و قال تعالى‏ فَأَمَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَعَسى‏ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ‏ التنزيل‏ قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ‏ الأحزاب‏ وَ يُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً و قال تعالى‏ لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَ الْمُنافِقاتِ وَ الْمُشْرِكِينَ وَ الْمُشْرِكاتِ وَ يَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً الزمر وَ أَنِيبُوا إِلى‏ رَبِّكُمْ وَ أَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ‏ المؤمن‏ غافِرِ الذَّنْبِ وَ قابِلِ التَّوْبِ‏ و قال تعالى‏ فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ‏ حمعسق‏ وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ‏

13
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

الأحقاف‏ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَ إِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ‏ الحجرات‏ وَ مَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ‏ و قال تعالى‏ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ‏ المجادلة فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ تابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ‏ التحريم‏ إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما «1» و قال تعالى‏ قانِتاتٍ تائِباتٍ‏ و قال سبحانه‏ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى‏ رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ يُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ المزمل‏ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ‏ البروج‏ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ‏ النصر وَ اسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً تفسير قال الطبرسي رحمه الله‏ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا أي ندموا على ما قدموا وَ أَصْلَحُوا نياتهم فيما يستقبل من الأوقات‏ وَ بَيَّنُوا اختلف فيه فقال أكثر المفسرين بينوا ما كتموه من البشارة بالنبي ص و قيل بينوا التوبة و إصلاح السريرة بالإظهار لذلك فإن من ارتكب المعصية سرا كفاه التوبة سرا و من أظهر المعصية يجب عليه أن يظهر التوبة و قيل بينوا التوبة بإصلاح العمل‏ فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ‏ أي أقبل توبتهم‏ وَ أَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ‏ هذه اللفظة للمبالغة إما لكثرة ما يقبل التوبة و إما لأنه لا يرد تائبا منيبا أصلا و وصفه نفسه بالرحيم عقيب التواب يدل على أن إسقاط العقاب بعد التوبة تفضل من الله سبحانه و رحمة من جهته على ما قاله أصحابنا و أنه غير واجب عقلا على ما ذهب‏

______________________________

 (1) قال الطبرسيّ رحمه اللّه: ثم خاطب سبحانه عائشة و حفصة فقال: «إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ» من التعاون على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم بالايذاء و التظاهر عليه فقد حقّ عليكما التوبة و وجب عليكما الرجوع إلى الحق؛ «فَقَدْ صَغَتْ» أى مالت‏ «قُلُوبُكُما» إلى الاثم عن ابن عبّاس و مجاهد.

و قيل: معناه: ضاقت قلوبكما عن سبيل الاستقامة و عدلت عن الثواب إلى ما يوجب الاثم و قيل:

تقديره: إن تتوبا إلى اللّه يقبل توبتكما. و قيل: إنّه شرط في معنى الامر، أي توبا إلى اللّه فقد صغت قلوبكما.

14
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

إليه المعتزلة فإن قالوا قد يكون الفعل الواجب نعمة إذا كان منعما بسببه كالثواب و العوض لما كان منعما بالتكليف و بالآلام التي يستحق بها الأعواض جاز أن يطلق عليهما اسم النعمة فالجواب أن ذلك إنما قلناه في الثواب و العوض ضرورة و لا ضرورة هاهنا تدعو إلى ارتكابه.

و قال رحمه الله في قوله تعالى‏ إِنَّمَا التَّوْبَةُ معناه لا توبة مقبولة عَلَى اللَّهِ‏ أي عند الله إلا لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ‏ و اختلف في معنى قوله بجهالة على وجوه أحدها أن كل معصية يفعلها العبد جهالة و إن كانت على سبيل العمد لأنه يدعو إليها الجهل و يزينها للعبد عن ابن عباس و عطاء و مجاهد و قتادة و هو المروي عن أبي عبد الله ع.

و ثانيها أن معنى قوله تعالى‏ بِجَهالَةٍ أنهم لا يعلمون كنه ما فيه من العقوبة كما يعلم الشي‏ء ضرورة عن الفراء.

و ثالثها أن معناه أنهم يجهلون أنها ذنوب و معاص فيفعلونها إما بتأويل يخطئون فيه و إما بأن يفرطوا في الاستدلال على قبحها عن الجبائي و ضعف الرماني هذا القول لأنه بخلاف ما أجمع عليه المفسرون و لأنه يوجب أن لا يكون لمن علم أنها ذنوب توبة لأن قوله‏ إِنَّمَا التَّوْبَةُ يفيد أنها لهؤلاء دون غيرهم و قال أبو العالية و قتادة أجمعت الصحابة على أن كل ذنب أصابه العبد فبجهالة و قال الزجاج إنما قال بجهالة لأنهم في اختيارهم اللذة الفانية على اللذة الباقية جهال فهو جهل في الاختيار و معنى‏ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ‏ أي يتوبون قبل الموت لأن ما بين الإنسان و بين الموت قريب فالتوبة مقبولة قبل اليقين بالموت و قال الحسن و الضحاك و ابن عمر القريب ما لم يعاين الموت و قال السدي هو ما دام في الصحة قبل المرض و الموت.

وَ رُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قِيلَ‏ فَإِنْ عَادَ وَ تَابَ مِرَاراً قَالَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ قِيلَ إِلَى مَتَى قَالَ حَتَّى يَكُونَ الشَّيْطَانُ هُوَ الْمَحْسُورَ.

وَ فِي كِتَابِ مَنْ لَا يَحْضُرُهُ الْفَقِيهُ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي آخِرِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَ إِنَّ السَّنَةَ لَكَثِيرَةٌ مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ‏

15
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

وَ إِنَّ الشَّهْرَ لَكَثِيرٌ مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِيَوْمٍ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَ إِنَّ يَوْماً لَكَثِيرٌ مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَاعَةٍ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَ إِنَّ السَّاعَةَ لَكَثِيرَةٌ مَنْ تَابَ وَ قَدْ بَلَغَتْ نَفْسُهُ هَذِهِ وَ أَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ:.

وَ رَوَى الثَّعْلَبِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِيِّ ص هَذَا الْخَبَرَ بِعَيْنِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ‏ وَ إِنَّ السَّاعَةَ لَكَثِيرَةٌ مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ يُغَرْغِرَ بِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ:.

وَ رَوَى أَيْضاً بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لَمَّا هَبَطَ إِبْلِيسُ قَالَ وَ عِزَّتِكَ وَ جَلَالِكَ وَ عَظَمَتِكَ لَا أُفَارِقُ ابْنَ آدَمَ حَتَّى تُفَارِقَ رُوحُهُ جَسَدَهُ فَقَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي وَ عَظَمَتِي لَا أَحْجُبُ التَّوْبَةَ عَنْ عَبْدِي حَتَّى يُغَرْغِرَ بِهَا.

فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ‏ أي يقبل توبتهم‏ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً بِمَصَالِحِ الْعِبَادِ حَكِيماً فِيمَا يُعَامِلُهُمْ بِهِ‏ وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ المقبولة التي تنفع صاحبها لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ‏ أي المعاصي و يصرون عليها و يسوفون التوبة حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ‏ أي أسبابه من معاينة ملك الموت و انقطع الرجاء من الحياة و هو حال اليأس التي لا يعلمها أحد غير المحتضر قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ‏ أي فليس عند ذلك توبة و أجمع أهل التأويل على أن هذه قد تناولت عصاة أهل الإسلام إلا ما روي عن الربيع أنه قال إنها في المنافقين و هذا لا يصح لأن المنافقين من جملة الكفار و قد بين الكفار بقوله‏ وَ لَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفَّارٌ أي و ليست التوبة أيضا للذين يموتون على الكفر ثم يندمون بعد الموت‏ أُولئِكَ أَعْتَدْنا أي هيأنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً أي موجعا إنما لم يقبل الله عز اسمه التوبة في حال البأس و اليأس من الحياة لأنه يكون العبد ملجئا هناك إلى فعل الحسنات و ترك القبائح فيكون خارجا من حد التكليف إذ لا يستحق على فعله المدح و لا الذم و إذا زال عنه التكليف لم تصح منه التوبة و لهذا لم يكن أهل الآخرة مكلفين و لا تقبل توبتهم انتهى كلامه رفع الله مقامه.

أقول قال بعض المفسرين و من لطف الله بالعباد أن أمر قابض الأرواح بالابتداء في نزعها من أصابع الرجلين ثم يصعد شيئا فشيئا إلى أن تصل إلى الصدر ثم تنتهي إلى الحلق ليتمكن في هذه المهلة من الإقبال بالقلب على الله تعالى و الوصية و التوبة ما

16
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

لم يعاين و الاستحلال و ذكر الله تعالى فيخرج روحه و ذكر الله على لسانه فيرجى بذلك حسن خاتمته رزقنا الله ذلك بمنه و كرمه.

قوله تعالى‏ قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ‏ قال المفسرون أي يوم القيامة فإنه يوم نصر المسلمين على الكفرة و الفصل بينهم و قيل يوم بدر أو يوم فتح مكة و المراد بالذين كفروا المقتولون منهم فيه فإنه لا ينفعهم إيمانهم حال القتل و لا يمهلون.

ثم اعلم أن المفسرين اختلفوا في تفسير التوبة النصوح على أقوال منها أن المراد توبة تنصح الناس أي تدعوهم إلى أن يأتوا بمثلها لظهور آثارها الجميلة في صاحبها أو ينصح صاحبها فيقلع عن الذنوب ثم لا يعود إليها أبدا.

و منها أن النصوح ما كانت خالصة لوجه الله سبحانه من قولهم عسل نصوح إذا كان خالصا من الشمع بأن يندم على الذنوب لقبحها و كونها خلاف رضى الله تعالى لا لخوف النار مثلا.

و منها أن النصوح من النصاحة و هي الخياطة لأنها تنصح من الدين ما مزقته الذنوب أو يجمع بين التائب و بين أوليائه و أحبائه كما تجمع الخياطة بين قطع الثوب. «1» و منها أن النصوح وصف للتائب و إسناده إلى التوبة من قبيل الإسناد المجازي أي توبة تنصحون بها أنفسكم بأن تأتوا بها على أكمل ما ينبغي أن تكون عليه حتى تكون قالعة لآثار الذنوب من القلوب بالكلية و سيأتي في الأخبار تفسيرها ببعض تلك الوجوه.

______________________________

 (1) أو من نصح الغيث البلد: إذا سقاه حتّى اتصل نبته فلم يكن فيه فضاء، لان التوبة تسقى و تحيى القلب الميت بارتكاب المعاصى و المحرمات، و تصفيه من الكدورات العارضة من مزاولة القبائح و المنكرات، و تصقله و تجلوه عن رين الشبهات، فتحيط به و تشغله و لم تترك فيه محلا للعزم على الرجوع، و العود إلى المحظور. و قيل: توبة نصوح أي صادقة. و قال الجزريّ في النهاية:

و في حديث ابى: سألت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم عن التوبة النصوح، فقال: هى الخالصة التي لا يعاود بعدها الذنب. و فعول من أبنية المبالغة يقع على الذكر و الأنثى، فكأن الإنسان بالغ في نصح نفسه بها.

17
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

ثم اعلم أن من القوم من استدل بالخبر الذي نقله من الفقيه على جواز النسخ قبل الفعل لأنه ع نسخ السنة بالشهر و الشهر باليوم و فيه نظر إذ يمكن أن يكون هذا التدريج لبيان اختلاف مراتب التوبة فإن التوبة الكاملة هي ما كانت قبل الموت بسنة ليأتي منه تدارك لما فات منه من الطاعات و إزالة لما أثرت فيه الذنوب من الكدورات و الظلمات ثم إن لم يتأت منه و لم يمهل لذلك فلا بد من شهر لتدارك شي‏ء مما فات و إزالة قليل من آثار السيئات و هكذا و أما توبة وقت الاحتضار فهي لأهل الاضطرار و الغرغرة تردد الماء و غيره من الأجسام المائعة في الحلق و المراد هنا تردد الروح وقت النزع.

1- ك، إكمال الدين أَبِي عَنْ سَعْدٍ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُسْلِيِّ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْعَامِرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَا زَالَتِ الْأَرْضُ إِلَّا وَ لِلَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِيهَا حُجَّةٌ يُعَرِّفُ الْحَلَالَ وَ الْحَرَامَ وَ يَدْعُو إِلَى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا تَنْقَطِعُ الْحُجَّةُ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا أَرْبَعِينَ يَوْماً قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَإِذَا رُفِعَتِ الْحُجَّةُ أُغْلِقَتْ أَبْوَابُ التَّوْبَةِ وَ لَمْ يَنْفَعْ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُرْفَعَ الْحُجَّةُ أُولَئِكَ شِرَارُ مَنْ خَلَقَ اللَّهُ وَ هُمُ الَّذِينَ تَقُومُ عَلَيْهِمُ الْقِيَامَةُ.

2- كا، الكافي عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَوْ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع‏ قَالَ إِنَّ آدَمَ ع قَالَ يَا رَبِّ سَلَّطْتَ عَلَيَّ الشَّيْطَانَ وَ أَجْرَيْتَهُ مِنِّي مَجْرَى الدَّمِ‏ «1» فَاجْعَلْ لِي شَيْئاً فَقَالَ يَا آدَمُ جَعَلْتُ لَكَ أَنَّ مَنْ هَمَّ مِنْ‏

______________________________

 (1) روى العامّة أيضا (ان الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم) قال بعضهم: ذهب قوم ممن ينتمى إلى ظاهر العلم إلى أن المراد به أن الشيطان لا يفارق ابن آدم ما دام حيا، كما لا يفارقه دمه، و حكى هذا عن الازهرى، و قال: هذا طريق ضرب المثل، و الجمهور من علماء الأمة أجروا ذلك على ظاهره، و قالوا: إن الشيطان جعل له هذا القدر من التطرق إلى باطن الآدمي بلطافة هيئته، لمحنة الابتلاء، و يجرى في العروق التي هي مجارى الدم من الآدمي إلى أن يصل إلى قلبه فيوسوسه على حسب ضعف إيمان العبد و قلة ذكره و كثرة غفلته، و يبعد عنه و يقل تسلطه و سلوكه إلى باطنه بمقدار قوة إيمانه و يقظته و دوام ذكره و إخلاص عمله، و ما رواه المفسرون عن ابن عبّاس قال: (ان اللّه جعل الشياطين من بني آدم مجرى الدم، و صدور بني آدم مساكن لهم).

18
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

ذُرِّيَّتِكَ بِسَيِّئَةٍ لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ وَ مَنْ هَمَّ مِنْهُمْ بِحَسَنَةٍ فَإِنْ لَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ وَ إِنْ هُوَ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْراً قَالَ يَا رَبِّ زِدْنِي قَالَ جَعَلْتُ لَكَ أَنَّ مَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ سَيِّئَةً ثُمَّ اسْتَغْفَرَ غَفَرْتُ لَهُ قَالَ يَا رَبِّ زِدْنِي قَالَ جَعَلْتُ لَهُمُ التَّوْبَةَ وَ بَسَطْتُ لَهُمُ التَّوْبَةَ «1» حَتَّى تَبْلُغَ النَّفْسُ هَذِهِ قَالَ يَا رَبِّ حَسْبِي:.

ين ابن أبي عمير مثله.

- 3- يه، من لا يحضر الفقيه‏ سُئِلَ الصَّادِقُ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ‏ قَالَ ذَلِكَ إِذَا عَايَنَ أَمْرَ الْآخِرَةِ.

4- كا، الكافي الْعِدَّةُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ قَبِلَ اللَّهُ تَوْبَتَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ السَّنَةَ لَكَثِيرَةٌ مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ قَبِلَ اللَّهُ تَوْبَتَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الشَّهْرَ لَكَثِيرٌ مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِجُمْعَةٍ قَبِلَ اللَّهُ تَوْبَتَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْجُمُعَةَ لَكَثِيرَةٌ مَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِيَوْمٍ قَبِلَ اللَّهُ تَوْبَتَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْيَوْمَ لَكَثِيرٌ «2» مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ يُعَايِنَ قَبِلَ اللَّهُ تَوْبَتَهُ.

5 دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيِّ، قَالَ النَّبِيُّ ص‏ إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ عَبْدِهِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ تُوبُوا إِلَى رَبِّكُمْ قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا وَ بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ الزَّاكِيَةِ قَبْلَ أَنْ تَشْتَغِلُوا وَ صِلُوا الَّذِي بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُ بِكَثْرَةِ ذِكْرِكُمْ إِيَّاهُ.

6- ف، تحف العقول لي، الأمالي للصدوق عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَا شَفِيعَ أَنْجَحُ مِنَ التَّوْبَةِ.

______________________________

يؤيد لما ذهب إليه الجمهور، و هم يسمون وسوسته لمة الشيطان. و من ألطافه تعالى أنّه هيأ ذوات الملائكة على ذلك الوصف من أجل لطافتهم، و أعطاهم قوة الحفظ لبني آدم و قوة الالمام في بواطنهم و تلقين الخير لهم في مقابلة لمة الشيطان، كما روى أن للملك لمة بابن آدم، و للشيطان لمة، لمة الملك إيعاد بالخير و تصديق بالحق، و لمة الشيطان إيعاد بالشر و تكذيب بالحق. قاله المصنّف في شرحه على الكافي.

 (1) في الكافي: أو قال: بسطت.

 (2) في المصدر: إن يوما لكثير. م.

19
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

7- لي، الأمالي للصدوق أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَرَّ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ع عَلَى قَوْمٍ يَبْكُونَ فَقَالَ عَلَى مَا يَبْكِي هَؤُلَاءِ فَقِيلَ يَبْكُونَ عَلَى ذُنُوبِهِمْ قَالَ فَلْيَدَعُوهَا يُغْفَرْ لَهُمْ.

: ثو، ثواب الأعمال أبي عن محمد بن يحيى عن الحسين بن إسحاق عن علي بن مهزيار عن الحسين بن سعيد عن محمد بن خالد عن ابن المغيرة مثله.

8- فس، تفسير القمي الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع‏ فِي قَوْلِ اللَّهِ‏ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً قَالَ يَتُوبُ الْعَبْدُ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ فِيهِ وَ أَحَبُ‏ «1» عِبَادِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ الْمُتَّقِي التَّائِبُ‏ «2».

9- ل، الخصال أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: كَفَى بِالنَّدَمِ تَوْبَةً.

بيان إذ الندامة الصادقة تستلزم العزم على الترك في المستقبل غالبا أو المعنى أنه فرد من التوبة و إن لم يؤثر ما تؤثر التوبة الكاملة.

10- ل، الخصال حَمْزَةُ الْعَلَوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَعْبَدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ يَلْزَمُ الْحَقُّ لِأُمَّتِي فِي أَرْبَعٍ يُحِبُّونَ التَّائِبَ وَ يَرْحَمُونَ الضَّعِيفَ وَ يُعِينُونَ الْمُحْسِنَ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلْمُذْنِبِ‏ «3».

11- ل، الخصال أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ النَّهْدِيِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا تَكُونُ سَجِيَّتُهُ‏ «4» الْكَذِبَ وَ لَا الْبُخْلَ وَ لَا الْفُجُورَ وَ لَكِنْ رُبَّمَا أَلَمَ‏ «5» بِشَيْ‏ءٍ مِنْ هَذَا لَا يَدُومُ عَلَيْهِ فَقِيلَ لَهُ‏

______________________________

 (1) في المصدر: و ان أحبّ. م.

 (2) في نسخة: المفتن التواب. و في أخرى: المتقى الثابت.

 (3) في نسخة: للذنب.

 (4) السجية: الطبيعة و الخلق.

 (5) ألم: باشر اللمم أي صغار الذنوب.

20
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

أَ فَيَزْنِي قَالَ نَعَمْ هُوَ مُفَتَّنٌ تَوَّابٌ وَ لَكِنْ لَا يُولَدُ لَهُ مِنْ تِلْكَ النُّطْفَةِ.

12- ل، الخصال الْعَسْكَرِيُّ عَنْ بَدْرِ بْنِ الْهَيْثَمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُنْذِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ قَالَ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ع‏ مَنْ أُعْطِيَ أَرْبَعاً لَمْ يُحْرَمْ أَرْبَعاً مَنْ أُعْطِيَ الدُّعَاءَ لَمْ يُحْرَمِ الْإِجَابَةَ وَ مَنْ أُعْطِيَ الِاسْتِغْفَارَ لَمْ يُحْرَمِ التَّوْبَةَ وَ مَنْ أُعْطِيَ الشُّكْرَ لَمْ يُحْرَمِ الزِّيَادَةَ وَ مَنْ أُعْطِيَ الصَّبْرَ لَمْ يُحْرَمِ الْأَجْرَ.

13- ل، الخصال الْعَطَّارُ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يُونُسَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‏ أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ فِي نُورِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ مَنْ كَانَتْ عِصْمَةُ أَمْرِهِ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ قَالَ‏ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ‏ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَ خَيْراً قَالَ‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَ خَطِيئَةً قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ.

14- ل، الخصال الْأَرْبَعُمِائَةِ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ‏ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ادْخُلُوا فِي مَحَبَّتِهِ فَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ‏ وَ الْمُؤْمِنُ تَوَّابٌ.

15- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام بِالْأَسَانِيدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَثَلُ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ كَمَثَلِ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ مُؤْمِنٍ تَائِبٍ أَوْ مُؤْمِنَةٍ تَائِبَةٍ:.

صح، صحيفة الرضا عليه السلام عن الرضا عن آبائه ع‏ مثله.

16- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَى دَارِمٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‏ التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ.

17- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْمُقْرِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُوسَى بْنِ زَكَرِيَّا عَنْ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الْعَيْنِيِّ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ‏

21
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع يَقُولُ‏ الْعَجَبُ مِمَّنْ يَقْنَطُ وَ مَعَهُ الْمِمْحَاةُ فَقِيلَ لَهُ وَ مَا الْمِمْحَاةُ قَالَ الِاسْتِغْفَارُ.

18- ما، الأمالي للشيخ الطوسي بِإِسْنَادِ أَخِي دِعْبِلٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ‏ تَعَطَّرُوا بِالاسْتِغْفَارِ لَا تَفْضَحْكُمْ رَوَائِحُ الذُّنُوبِ.

19- مع، معاني الأخبار أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ‏ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ‏ قَالَ هِيَ الْإِقَالَةُ «1».

20- مع، معاني الأخبار أَبِي عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الْأَخِيرَ ع عَنِ التَّوْبَةِ النَّصُوحِ مَا هِيَ فَكَتَبَ ع أَنْ يَكُونَ الْبَاطِنُ كَالظَّاهِرِ وَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ.

21- مع، معاني الأخبار ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْبَطَائِنِيِّ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً قَالَ هُوَ صَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ «2» وَ الْخَمِيسِ وَ الْجُمُعَةِ.

قال الصدوق رحمه الله معناه أن يصوم هذه الأيام ثم يتوب.

22- مع، معاني الأخبار ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْيَقْطِينِيِّ عَنْ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ وَ غَيْرِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: التَّوْبَةُ النَّصُوحُ هُوَ أَنْ يَكُونَ بَاطِنُ الرَّجُلِ كَظَاهِرِهِ وَ أَفْضَلَ.

23- وَ قَدْ رُوِيَ‏ أَنَّ تَوْبَةَ النَّصُوحِ‏ «3» هُوَ أَنْ يَتُوبَ الرَّجُلُ مِنْ ذَنْبٍ وَ يَنْوِيَ أَنْ لَا يَعُودَ إِلَيْهِ أَبَداً.

24- فس، تفسير القمي‏ وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ‏

______________________________

 (1) أي هي الصفح عنه و الاعراض عن ذنبه.

 (2) في المصدر: يوم الاربعاء و يوم في الخميس و يوم في الجمعة. م.

 (3) في المصدر: ان التوبة النصوح. م.

22
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً قَالَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً عَلَى دِينِهِ لَمْ تُقْبَلْ تَوْبَتُهُ وَ مَنْ قَتَلَ نَبِيّاً أَوْ وَصِيَّ نَبِيٍّ فَلَا تَوْبَةَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مِثْلَهُ فَيُقَادَ بِهِ‏ «1» وَ قَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَ الْيَهُودِ وَ النَّصَارَى يَقْتُلُ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَإِذَا دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ مَحَاهُ اللَّهُ عَنْهُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ص الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ أَيْ يَمْحُو لِأَنَّ أَعْظَمَ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ‏ «2» فَإِذَا قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ فِي الشِّرْكِ قُبِلَتْ فِيمَا سِوَاهُ فَأَمَّا قَوْلُ الصَّادِقِ ع لَيْسَتْ لَهُ تَوْبَةٌ فَإِنَّهُ عَنَى مَنْ قَتَلَ نَبِيّاً أَوْ وَصِيّاً فَلَيْسَتْ لَهُ تَوْبَةٌ لِأَنَّهُ لَا يُقَادُ أَحَدٌ بِالْأَنْبِيَاءِ وَ بِالْأَوْصِيَاءِ إِلَّا الْأَوْصِيَاءُ وَ الْأَنْبِيَاءُ وَ الْأَنْبِيَاءُ وَ الْأَوْصِيَاءُ لَا يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ غَيْرُ النَّبِيِّ وَ الْوَصِيِّ لَا يَكُونُ مِثْلَ النَّبِيِّ وَ الْوَصِيِّ فَيُقَادَ بِهِ وَ قَاتِلُهُمَا لَا يُوَفَّقُ بِالتَّوْبَةِ.

25- ع، علل الشرائع ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام ابْنُ عُبْدُوسٍ عَنِ ابْنُ قُتَيْبَةَ عَنْ حَمْدَانَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَمَدَانِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا ع لِأَيِّ عِلَّةٍ أَغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ وَ قَدْ آمَنَ بِهِ وَ أَقَرَّ بِتَوْحِيدِهِ قَالَ لِأَنَّهُ آمَنَ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَأْسِ وَ الْإِيمَانُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَأْسِ غَيْرُ مَقْبُولٍ وَ ذَلِكَ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي السَّلَفِ وَ الْخَلَفِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ‏ فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ‏ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً وَ هَكَذَا فِرْعَوْنُ لَمَّا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ‏ فَقِيلَ لَهُ‏ آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ‏ الْخَبَرَ.

26- لي، الأمالي للصدوق الطَّالَقَانِيُّ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ دَاوُدَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الدَّوْسِيِّ قَالَ: دَخَلَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص بَاكِياً فَسَلَّمَ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ ثُمَّ قَالَ مَا يُبْكِيكَ يَا مُعَاذُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بِالْبَابِ شَابّاً

______________________________

 (1) في النهاية: اي لا يكون مثله فيقتل به بدلا منه. م.

 (2) في المصدر: الا ان أعظم الذنوب عند اللّه هو الشرك باللّه. م.

23
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

طَرِيَّ الْجَسَدِ «1» نَقِيَّ اللَّوْنِ حَسَنَ الصُّورَةِ يَبْكِي عَلَى شَبَابِهِ بُكَاءَ الثَّكْلَى عَلَى وَلَدِهَا يُرِيدُ الدُّخُولَ عَلَيْكَ فَقَالَ النَّبِيُّ ص أَدْخِلْ عَلَيَّ الشَّابَّ يَا مُعَاذُ فَأَدْخَلَهُ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ ثُمَّ قَالَ مَا يُبْكِيكَ يَا شَابُّ قَالَ كَيْفَ لَا أَبْكِي وَ قَدْ رَكِبْتُ ذُنُوباً «2» إِنْ أَخَذَنِيَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِبَعْضِهَا أَدْخَلَنِي نَارَ جَهَنَّمَ وَ لَا أَرَانِي إِلَّا سَيَأْخُذُنِي بِهَا وَ لَا يَغْفِرُ لِي أَبَداً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص هَلْ أَشْرَكْتَ بِاللَّهِ شَيْئاً قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أُشْرِكَ بِرَبِّي شَيْئاً قَالَ أَ قَتَلْتَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ قَالَ لَا فَقَالَ النَّبِيُّ ص يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ ذُنُوبَكَ وَ إِنْ كَانَتْ مِثْلَ الْجِبَالِ الرَّوَاسِي‏ «3» فَقَالَ الشَّابُّ فَإِنَّهَا أَعْظَمُ مِنَ الْجِبَالِ الرَّوَاسِي فَقَالَ النَّبِيُّ ص يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ ذُنُوبَكَ وَ إِنْ كَانَتْ مِثْلَ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَ بِحَارِهَا وَ رِمَالِهَا وَ أَشْجَارِهَا وَ مَا فِيهَا مِنَ الْخَلْقِ قَالَ فَإِنَّهَا أَعْظَمُ مِنَ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَ بِحَارِهَا وَ رِمَالِهَا وَ أَشْجَارِهَا وَ مَا فِيهَا مِنَ الْخَلْقِ فَقَالَ النَّبِيُّ ص يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ ذُنُوبَكَ وَ إِنْ كَانَتْ مِثْلَ السَّمَاوَاتِ وَ نُجُومِهَا وَ مِثْلَ الْعَرْشِ وَ الْكُرْسِيِّ قَالَ فَإِنَّهَا أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَنَظَرَ النَّبِيُّ ص إِلَيْهِ كَهَيْئَةِ الْغَضْبَانِ ثُمَّ قَالَ وَيْحَكَ‏ «4» يَا شَابُّ ذُنُوبُكَ أَعْظَمُ أَمْ رَبُّكَ فَخَرَّ الشَّابُّ لِوَجْهِهِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي مَا شَيْ‏ءٌ أَعْظَمَ مِنْ رَبِّي رَبِّي أَعْظَمُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مِنْ كُلِّ عَظِيمٍ فَقَالَ النَّبِيُّ ص فَهَلْ يَغْفِرُ الذَّنْبَ الْعَظِيمَ إِلَّا الرَّبُّ الْعَظِيمُ قَالَ الشَّابُّ لَا وَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ سَكَتَ الشَّابُّ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ص وَيْحَكَ يَا شَابُّ أَ لَا تُخْبِرُنِي بِذَنْبٍ وَاحِدٍ مِنْ ذُنُوبِكَ قَالَ بَلَى أُخْبِرُكَ إِنِّي كُنْتُ أَنْبُشُ الْقُبُورَ سَبْعَ سِنِينَ أُخْرِجُ الْأَمْوَاتَ وَ أَنْزِعُ الْأَكْفَانَ فَمَاتَتْ جَارِيَةٌ مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الْأَنْصَارِ فَلَمَّا حُمِلَتْ إِلَى قَبْرِهَا وَ دُفِنَتْ وَ انْصَرَفَ عَنْهَا أَهْلُهَا وَ جَنَّ عَلَيْهِمُ اللَّيْلُ أَتَيْتُ قَبْرَهَا فَنَبَشْتُهَا ثُمَّ اسْتَخْرَجْتُهَا وَ نَزَعْتُ مَا كَانَ عَلَيْهَا مِنْ أَكْفَانِهَا وَ تَرَكْتُهَا مُتَجَرِّدَةً عَلَى شَفِيرِ قَبْرِهَا وَ مَضَيْتُ مُنْصَرِفاً

______________________________

 (1) طرى الغصن أو اللحم: كان غضا لينا فهو طرى.

 (2) أي اقترفتها.

 (3) الرواسى: الجبال الثوابت الرواسخ.

 (4) كلمة ترحم و توجع، و قد يأتي بمعنى المدح و التعجب، و قيل: إنها بمعنى الويل؛ تقول:

ويح لزيد، و ويحا لزيد، و ويحه؛ على الابتداء أو باضمار فعل، كأنّك قلت: ألزمه اللّه ويحا.

24
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

فَأَتَانِي الشَّيْطَانُ فَأَقْبَلَ يُزَيِّنُهَا لِي وَ يَقُولُ أَ مَا تَرَى بَطْنَهَا وَ بَيَاضَهَا أَ مَا تَرَى وَرِكَيْهَا «1» فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ لِي هَذَا حَتَّى رَجَعْتُ إِلَيْهَا وَ لَمْ أَمْلِكْ نَفْسِي حَتَّى جَامَعْتُهَا وَ تَرَكْتُهَا مَكَانَهَا فَإِذَا أَنَا بِصَوْتٍ مِنْ وَرَائِي يَقُولُ يَا شَابُّ وَيْلٌ‏ «2» لَكَ مِنْ دَيَّانِ يَوْمِ الدِّينِ يَوْمَ يَقِفُنِي وَ إِيَّاكَ كَمَا تَرَكْتَنِي عُرْيَانَةً فِي عَسَاكِرِ الْمَوْتَى وَ نَزَعْتَنِي مِنْ حُفْرَتِي وَ سَلَبْتَنِي أَكْفَانِي وَ تَرَكْتَنِي أَقُومُ جُنُبَةً إِلَى حِسَابِي فَوَيْلٌ لِشَبَابِكَ مِنَ النَّارِ فَمَا أَظُنُّ أَنِّي أَشَمُّ رِيحَ الْجَنَّةِ أَبَداً فَمَا تَرَى لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِيُّ ص تَنَحَّ عَنِّي يَا فَاسِقُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَحْتَرِقَ بِنَارِكَ فَمَا أَقْرَبَكَ مِنَ النَّارِ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ ع يَقُولُ وَ يُشِيرُ إِلَيْهِ حَتَّى أَمْعَنَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ فَذَهَبَ فَأَتَى الْمَدِينَةَ فَتَزَوَّدَ مِنْهَا ثُمَّ أَتَى بَعْضَ جِبَالِهَا فَتَعَبَّدَ فِيهَا وَ لَبِسَ مِسْحاً «3» وَ غَلَّ يَدَيْهِ جَمِيعاً إِلَى عُنُقِهِ وَ نَادَى يَا رَبِّ هَذَا عَبْدُكَ بُهْلُولٌ‏ «4» بَيْنَ يَدَيْكَ مَغْلُولٌ يَا رَبِّ أَنْتَ الَّذِي تَعْرِفُنِي وَ زَلَّ مِنِّي مَا تَعْلَمُ سَيِّدِي يَا رَبِّ أَصْبَحْتُ‏ «5» مِنَ النَّادِمِينَ وَ أَتَيْتُ نَبِيَّكَ تَائِباً فَطَرَدَنِي وَ زَادَنِي خَوْفاً فَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ وَ جَلَالِكَ وَ عَظَمَةِ سُلْطَانِكَ أَنْ لَا تُخَيِّبَ رَجَائِي سَيِّدِي وَ لَا تُبْطِلْ دُعَائِي وَ لَا تُقَنِّطْنِي مِنْ رَحْمَتِكَ فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ أَرْبَعِينَ يَوْماً وَ لَيْلَةً تَبْكِي لَهُ السِّبَاعُ وَ الْوُحُوشُ فَلَمَّا تَمَّتْ لَهُ أَرْبَعُونَ يَوْماً وَ لَيْلَةً رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ مَا فَعَلْتَ فِي حَاجَتِي إِنْ كُنْتَ اسْتَجَبْتَ دُعَائِي وَ غَفَرْتَ خَطِيئَتِي فَأَوْحِ إِلَى نَبِيِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَسْتَجِبْ لِي دُعَائِي وَ لَمْ تَغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَ أَرَدْتَ عُقُوبَتِي فَعَجِّلْ بِنَارٍ تُحْرِقُنِي أَوْ عُقُوبَةٍ فِي الدُّنْيَا تُهْلِكُنِي وَ خَلِّصْنِي مِنْ فَضِيحَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ ص‏ وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً يَعْنِي الزِّنَا أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ‏ يَعْنِي بِارْتِكَابِ ذَنْبٍ أَعْظَمَ مِنَ الزِّنَا

______________________________

 (1) الورك بالفتح و الكسر و ككتف: ما فوق الفخذ، و الجمع أوراك.

 (2) الويل: حلول الشر. الهلاك. و يدعى به لمن وقع في هلكة يستحقها، و كلمة عذاب و واد في جهنم، أو بئر أو باب لها.

 (3) بكسر الميم و سكون السين ما يلبس من نسيج الشعر على البدن تقشفا و قهرا للجسد.

 (4) لعله بمعنى المبتهل و المتضرع، أو بمعنى الملعون، أو كان الرجل يسمى بذلك. و أمّا ما في المعاجم و كتب اللغة من أنّه بمعنى الضحّاك و السيّد الجامع لكل خير فلا يناسب المقام.

 (5) في المصدر: انى أصبحت. م.

25
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

وَ نَبْشِ الْقُبُورِ وَ أَخْذِ الْأَكْفَانِ‏ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ‏ يَقُولُ خَافُوا اللَّهَ فَعَجَّلُوا التَّوْبَةَ وَ مَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ‏ يَقُولُ عَزَّ وَ جَلَّ أَتَاكَ عَبْدِي يَا مُحَمَّدُ تَائِباً فَطَرَدْتَهُ فَأَيْنَ يَذْهَبُ وَ إِلَى مَنْ يَقْصِدُ وَ مَنْ يَسْأَلُ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ ذَنْباً غَيْرِي ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ‏ وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى‏ ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ‏ يَقُولُ لَمْ يُقِيمُوا عَلَى الزِّنَا وَ نَبْشِ الْقُبُورِ وَ أَخْذِ الْأَكْفَانِ‏ أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ‏ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص خَرَجَ وَ هُوَ يَتْلُوهَا وَ يَتَبَسَّمُ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ مَنْ يَدُلُّنِي عَلَى ذَلِكَ الشَّابِّ التَّائِبِ فَقَالَ مُعَاذٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَنَا أَنَّهُ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ ص بِأَصْحَابِهِ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى ذَلِكَ الْجَبَلِ فَصَعِدُوا إِلَيْهِ يَطْلُبُونَ الشَّابَّ فَإِذَا هُمْ بِالشَّابِّ قَائِمٌ بَيْنَ صَخْرَتَيْنِ مَغْلُولَةً يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ قَدِ اسْوَدَّ وَجْهُهُ وَ تَسَاقَطَتْ أَشْفَارُ عَيْنَيْهِ مِنَ الْبُكَاءِ وَ هُوَ يَقُولُ سَيِّدِي قَدْ أَحْسَنْتَ خَلْقِي وَ أَحْسَنْتَ صُورَتِي فَلَيْتَ شِعْرِي مَا ذَا تُرِيدُ بِي أَ فِي النَّارِ تُحْرِقُنِي أَوْ فِي جِوَارِكَ تُسْكِنُنِي اللَّهُمَّ إِنَّكَ قَدْ أَكْثَرْتَ الْإِحْسَانَ إِلَيَّ وَ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَيْتَ شِعْرِي مَا ذَا يَكُونُ آخِرُ أَمْرِي إِلَى الْجَنَّةِ تَزُفُّنِي‏ «1» أَمْ إِلَى النَّارِ تَسُوقُنِي اللَّهُمَّ إِنَّ خَطِيئَتِي أَعْظَمُ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ مِنْ كُرْسِيِّكَ الْوَاسِعِ وَ عَرْشِكَ الْعَظِيمِ فَلَيْتَ شِعْرِي تَغْفِرُ خَطِيئَتِي أَمْ تَفْضَحُنِي بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ نَحْوَ هَذَا وَ هُوَ يَبْكِي وَ يَحْثُو التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ‏ «2» وَ قَدْ أَحَاطَتْ بِهِ السِّبَاعُ وَ صَفَّتْ فَوْقَهُ الطَّيْرُ وَ هُمْ يَبْكُونَ لِبُكَائِهِ فَدَنَا رَسُولُ اللَّهِ ص فَأَطْلَقَ يَدَيْهِ مِنْ عُنُقِهِ وَ نَفَضَ التُّرَابَ عَنْ رَأْسِهِ وَ قَالَ يَا بُهْلُولُ أَبْشِرْ فَإِنَّكَ عَتِيقُ اللَّهِ مِنَ النَّارِ ثُمَّ قَالَ ع لِأَصْحَابِهِ هَكَذَا تَدَارَكُوا الذُّنُوبَ كَمَا تَدَارَكَهَا بُهْلُولٌ ثُمَّ تَلَا عَلَيْهِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِ وَ بَشَّرَهُ بِالْجَنَّةِ.

27- ما، الأمالي للشيخ الطوسي أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: كَانَ غُلَامٌ مِنَ الْيَهُودِ يَأْتِي النَّبِيَّ ص كَثِيراً حَتَّى اسْتَخَفَّهُ وَ رُبَّمَا أَرْسَلَهُ فِي حَاجَتِهِ وَ رُبَّمَا كَتَبَ لَهُ الْكِتَابَ إِلَى قَوْمِهِ‏

______________________________

 (1) من زف العروس إلى زوجها أي أهداها.

 (2) أي يصب التراب على رأسه.

26
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

فَافْتَقَدَهُ أَيَّاماً فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ تَرَكْتُهُ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا فَأَتَاهُ النَّبِيُّ ص فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ كَانَ لَهُ ع بَرَكَةٌ لَا يُكَلِّمُ أَحَداً إِلَّا أَجَابَهُ فَقَالَ يَا فُلَانُ‏ «1» فَفَتَحَ عَيْنَهُ وَ قَالَ لَبَّيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ قَالَ قُلْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَنَظَرَ الْغُلَامُ إِلَى أَبِيهِ فَلَمْ يَقُلْ لَهُ شَيْئاً ثُمَّ نَادَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ص ثَانِيَةً وَ قَالَ لَهُ مِثْلَ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ فَالْتَفَتَ الْغُلَامُ إِلَى أَبِيهِ فَلَمْ يَقُلْ لَهُ شَيْئاً ثُمَّ نَادَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ص الثَّالِثَةَ فَالْتَفَتَ الْغُلَامُ إِلَى أَبِيهِ فَقَالَ إِنْ شِئْتَ فَقُلْ وَ إِنْ شِئْتَ فَلَا فَقَالَ الْغُلَامُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَ مَاتَ مَكَانَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِأَبِيهِ اخْرُجْ عَنَّا ثُمَّ قَالَ ع لِأَصْحَابِهِ اغْسِلُوهُ وَ كَفِّنُوهُ وَ أْتُونِي بِهِ أُصَلِّي عَلَيْهِ ثُمَّ خَرَجَ وَ هُوَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْجَى بِيَ الْيَوْمَ نَسَمَةً مِنَ النَّارِ.

28- ف، تحف العقول عَنْ كُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْعَبْدُ يُصِيبُ الذَّنْبَ فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهُ فَمَا حَدُّ الِاسْتِغْفَارِ قَالَ يَا ابْنَ زِيَادٍ التَّوْبَةُ قُلْتُ بَسْ‏ «2» قَالَ لَا قُلْتُ فَكَيْفَ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَصَابَ ذَنْباً يَقُولُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ بِالتَّحْرِيكِ قُلْتُ وَ مَا التَّحْرِيكُ قَالَ الشَّفَتَانِ وَ اللِّسَانُ يُرِيدُ أَنْ يَتْبَعَ ذَلِكَ بِالْحَقِيقَةِ قُلْتُ وَ مَا الْحَقِيقَةُ قَالَ تَصْدِيقٌ فِي الْقَلْبِ وَ إِضْمَارُ أَنْ لَا يَعُودَ إِلَى الذَّنْبِ الَّذِي اسْتَغْفَرَ مِنْهُ قَالَ كُمَيْلٌ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِنَ الْمُسْتَغْفِرِينَ‏ «3» قَالَ لَا قَالَ كُمَيْلٌ فَكَيْفَ ذَاكَ قَالَ لِأَنَّكَ لَمْ تَبْلُغْ إِلَى الْأَصْلِ بَعْدُ قَالَ كُمَيْلٌ فَأَصْلُ الِاسْتِغْفَارِ مَا هُوَ قَالَ الرُّجُوعُ إِلَى التَّوْبَةِ مِنَ الذَّنْبِ الَّذِي اسْتَغْفَرْتَ مِنْهُ وَ هِيَ أَوَّلُ دَرَجَةِ الْعَابِدِينَ وَ تَرْكُ الذَّنْبِ وَ الِاسْتِغْفَارُ اسْمٌ وَاقِعٌ لِمَعَانٍ سِتٍّ أَوَّلُهَا النَّدَمُ عَلَى مَا مَضَى وَ الثَّانِي الْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ الْعَوْدِ أَبَداً وَ الثَّالِثُ أَنْ تُؤَدِّيَ حُقُوقَ الْمَخْلُوقِينَ الَّتِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُمْ وَ الرَّابِعُ أَنْ تُؤَدِّيَ حَقَّ اللَّهِ فِي كُلِّ فَرْضٍ وَ الْخَامِسُ أَنْ تُذِيبَ اللَّحْمَ الَّذِي نَبَتَ عَلَى السُّحْتِ وَ الْحَرَامِ حَتَّى يَرْجِعَ الْجِلْدُ إِلَى عَظْمِهِ ثُمَ‏

______________________________

 (1) في المصدر: يا غلام. م.

 (2) أي حسب و كفاية؛ كلمة مأخوذة من الفارسية.

 (3) في المصدر: فاذا فعلت ذلك فأنا من المستغفرين؟. م.

27
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

تُنْشِئَ فِيمَا بَيْنَهُمَا لَحْماً جَدِيداً وَ السَّادِسُ أَنْ تُذِيقَ الْبَدَنَ أَلَمَ الطَّاعَاتِ كَمَا أَذَقْتَهُ لَذَّاتِ الْمَعَاصِي.

29- عدة، عدة الداعي رُوِيَ عَنِ الْعَالِمِ ع أَنَّهُ قَالَ: وَ اللَّهِ مَا أُعْطِيَ مُؤْمِنٌ قَطُّ خَيْرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ إِلَّا بِحُسْنِ ظَنِّهِ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَجَائِهِ لَهُ وَ حُسْنِ خُلُقِهِ وَ الْكَفِّ عَنِ اغْتِيَابِ الْمُؤْمِنِينَ وَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يُعَذِّبُ عَبْداً بَعْدَ التَّوْبَةِ وَ الِاسْتِغْفَارِ إِلَّا بِسُوءِ ظَنِّهِ وَ تَقْصِيرِهِ فِي رَجَائِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سُوءِ خُلُقِهِ وَ اغْتِيَابِهِ الْمُؤْمِنِينَ الْخَبَرَ.

30- ثو، ثواب الأعمال ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْبَطَائِنِيِّ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى دَاوُدَ النَّبِيِّ عَلَى نَبِيِّنَا وَ آلِهِ وَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَا دَاوُدُ إِنَّ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً ثُمَّ رَجَعَ وَ تَابَ مِنْ ذَلِكَ الذَّنْبِ وَ اسْتَحْيَا مِنِّي عِنْدَ ذِكْرِهِ غَفَرْتُ لَهُ وَ أَنْسَيْتُهُ الْحَفَظَةَ وَ أَبْدَلْتُهُ الْحَسَنَةَ وَ لَا أُبَالِي وَ أَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.

31- ثو، ثواب الأعمال أَبِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ إِذَا تَابَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ تَوْبَةً نَصُوحاً أَحَبَّهُ اللَّهُ فَسَتَرَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ قُلْتُ وَ كَيْفَ يَسْتُرُ عَلَيْهِ قَالَ يُنْسِي مَلَكَيْهِ مَا كَتَبَا عَلَيْهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَ أَوْحَى إِلَى جَوَارِحِهِ اكْتُمِي عَلَيْهِ ذُنُوبَهُ وَ أَوْحَى إِلَى بِقَاعِ الْأَرْضِ اكْتُمِي عَلَيْهِ مَا كَانَ يَعْمَلُ عَلَيْكِ مِنَ الذُّنُوبِ فَيَلْقَى اللَّهَ حِينَ يَلْقَاهُ وَ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ يَشْهَدُ عَلَيْهِ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الذُّنُوبِ‏ «1».

32- ثو، ثواب الأعمال ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ بَشِيرٍ عَنِ الْمَسْعُودِيِّ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ مَنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ أُمِرَتْ جَوَارِحُهُ أَنْ تَسْتُرَ عَلَيْهِ وَ بِقَاعُ الْأَرْضِ أَنْ تَكْتُمَ عَلَيْهِ وَ أُنْسِيَتِ الْحَفَظَةُ مَا كَانَتْ تَكْتُبُ عَلَيْهِ‏ «2».

33- ثو، ثواب الأعمال أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ سَلَمَةَ بَيَّاعِ‏

______________________________

 (1) في المصدر: عليه بالذنوب. م.

 (2) في نسخة: ما كانت كتبت عليه.

28
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

السَّابِرِيِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ تَابَ فِي سَنَةٍ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ السَّنَةَ لَكَثِيرَةٌ ثُمَّ قَالَ مَنْ تَابَ فِي شَهْرٍ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الشَّهْرَ لَكَثِيرٌ ثُمَّ قَالَ مَنْ تَابَ فِي يَوْمِهِ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ يَوْماً لَكَثِيرٌ ثُمَّ قَالَ مَنْ تَابَ إِذَا بَلَغَتْ نَفْسُهُ هَذِهِ يَعْنِي حَلْقَهُ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ:.

ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر ابن أبي عمير عن سلمة عن جابر عنه ع‏ مثله.

34- ثو، ثواب الأعمال مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ‏ إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فُضُولًا مِنْ رِزْقِهِ يَنْحَلُهُ مِنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ‏ «1» وَ اللَّهُ بَاسِطٌ يَدَيْهِ عِنْدَ كُلِّ فَجْرٍ لِمُذْنِبِ اللَّيْلِ هَلْ يَتُوبُ فَيَغْفِرَ لَهُ وَ يَبْسُطُ يَدَيْهِ‏ «2» عِنْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ لِمُذْنِبِ النَّهَارِ هَلْ يَتُوبُ فَيَغْفِرَ لَهُ.

35- سن، المحاسن أَبِي رَفَعَهُ قَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع صَعِدَ الْمِنْبَرَ بِالْكُوفَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الذُّنُوبَ ثَلَاثَةٌ ثُمَّ أَمْسَكَ فَقَالَ لَهُ حَبَّةُ الْعُرَنِيُ‏ «3» يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ‏ «4» فَسِّرْهَا لِي فَقَالَ مَا ذَكَرْتُهَا إِلَّا وَ أَنَا أُرِيدُ أَنْ أُفَسِّرَهَا وَ لَكِنَّهُ عَرَضَ لِي بُهْرٌ «5» حَالَ بَيْنِي وَ بَيْنَ الْكَلَامِ نَعَمْ الذُّنُوبُ ثَلَاثَةٌ فَذَنْبٌ مَغْفُورٌ وَ ذَنْبٌ غَيْرُ مَغْفُورٍ وَ ذَنْبٌ نَرْجُو لِصَاحِبِهِ وَ نَخَافُ عَلَيْهِ قِيلَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَبَيِّنْهَا لَنَا قَالَ نَعَمْ أَمَّا الذَّنْبُ الْمَغْفُورُ فَعَبْدٌ عَاقَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى ذَنْبِهِ فِي الدُّنْيَا فَاللَّهُ أَحْكَمُ وَ أَكْرَمُ أَنْ يُعَاقِبَ عَبْدَهُ مَرَّتَيْنِ وَ أَمَّا الذَّنْبُ الَّذِي لَا يُغْفَرُ فَظُلْمُ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ‏

______________________________

 (1) أي يعطيه من يشاء.

 (2) بسط اليد هنا كناية عن البذل و الاعطاء.

 (3) هو حبة- بالحاء المفتوحة و الباء المشددة المفتوحة- ابن جوين- بالنون مصغرا كما في رجال الشيخ و تقريب ابن حجر؛ أو بالراء كما في القاموس- أبو قدامة العرنيّ- بضم العين المهملة و فتح الراء، منسوب إلى عرينة كجهينة قبيلة من العرب- عده الشيخ و العلامة و غيرهما من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام من اليمن، و قال ابن حجر في التقريب بعد عنوانه و ضبطه: صدوق، له أغلاط، و كان غاليا في التشيع، من الثانية، مات سنة ست و قيل: تسع و سبعين.

 (4) في المصدر: يا أمير المؤمنين قلت: الذنوب ثلاثة ثمّ امسكت؛ فقال له: ما ذكرتها اه م.

 (5) البهر بضم الباء و سكون الهاء: انقطاع النفس من الاعياء.

29
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

لِبَعْضٍ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِذَا بَرَزَ لِخَلْقِهِ أَقْسَمَ قَسَماً عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي لَا يَجُوزُنِي ظُلْمُ ظَالِمٍ وَ لَوْ كَفٌّ بِكَفٍّ وَ لَوْ مَسْحَةٌ بِكَفٍّ وَ نَطْحَةٌ «1» مَا بَيْنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ إِلَى الشَّاةِ الْجَمَّاءِ فَيَقْتَصُّ اللَّهُ لِلْعِبَادِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ حَتَّى لَا يَبْقَى لِأَحَدٍ عِنْدَ أَحَدٍ مَظْلِمَةٌ ثُمَّ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ إِلَى الْحِسَابِ وَ أَمَّا الذَّنْبُ الثَّالِثُ فَذَنْبٌ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَى عَبْدِهِ وَ رَزَقَهُ التَّوْبَةَ فَأَصْبَحَ خَاشِعاً مِنْ ذَنْبِهِ رَاجِياً لِرَبِّهِ فَنَحْنُ لَهُ كَمَا هُوَ لِنَفْسِهِ نَرْجُو لَهُ الرَّحْمَةَ وَ نَخَافُ عَلَيْهِ الْعِقَابَ.

بيان لعل المراد بالكف أولا المنع و الزجر و بالثاني اليد و يحتمل أن يكون المراد بهما معا اليد أي تضرر كف إنسان بكف آخر بغمز و شبهه أو تلذذ كف بكف و المراد بالمسحة بالكف ما يشتمل على إهانة و تحقير أو تلذذ و يمكن حمل التلذذ في الموضعين على ما إذا كان من امرأة ذات بعل أو قهرا بدون رضى الممسوح ليكون من حق الناس و الجماء التي لا قرن لها قال في النهاية فيه إن الله ليدين الجماء من ذوات القرن الجماء التي لا قرن لها و يدين أي يجزي انتهى و أما الخوف بعد التوبة فلعله لاحتمال التقصير في شرائط التوبة.

36- ف، تحف العقول عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي ع قَالَ: تَأْخِيرُ التَّوْبَةِ اغْتِرَارٌ وَ طُولُ التَّسْوِيفِ حَيْرَةٌ وَ الِاعْتِلَالُ عَلَى اللَّهِ هَلَكَةٌ وَ الْإِصْرَارُ عَلَى الذَّنْبِ أَمْنٌ لِمَكْرِ اللَّهِ وَ لا يَأْمَنُ‏ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ‏

37- يج، الخرائج و الجرائح رُوِيَ‏ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ ع كَانَ فِي الْحَجِّ وَ مَعَهُ ابْنُهُ جَعْفَرٌ ع فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَ جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ قَالَ سَلْ ابْنِي جَعْفَراً قَالَ فَتَحَوَّلَ الرَّجُلُ فَجَلَسَ إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَسْأَلُكَ قَالَ سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ قَالَ أَسْأَلُكَ عَنْ رَجُلٍ أَذْنَبَ ذَنْباً عَظِيماً قَالَ أَفْطَرَ يَوْماً فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مُتَعَمِّداً قَالَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ زَنَى فِي شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ قَتَلَ النَّفْسَ قَالَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ إِنْ كَانَ مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ ع مَشَى إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَ حَلَفَ أَنْ لَا يَعُودَ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ شِيعَتِهِ فَلَا بَأْسَ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ رَحِمَكُمُ اللَّهُ يَا وُلْدَ فَاطِمَةَ ثَلَاثاً هَكَذَا

______________________________

 (1) نطح الثور و نحوه: أصابه بقرنه.

30
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ ذَهَبَ فَالْتَفَتَ أَبُو جَعْفَرٍ فَقَالَ عَرَفْتَ الرَّجُلَ قَالَ لَا قَالَ ذَلِكَ الْخَضِرُ إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أُعَرِّفَكَهُ.

بيان لعل في الخبر سقطا و إنما أوردته كما وجدته و يحتمل أن يكون السائل غرضه السؤال عن حال من جمع بين تلك الأعمال و يكون سؤاله ع على الإعجاز لعلمه بالمراد و يكون المراد بالجواب أن المقتول إن كان من الشيعة فليمش إلى البيت لكمال قبول التوبة و إلا فلا بأس و لو كان الضمير راجعا إلى القاتل فلا بد من ارتكاب تكلف في قوله ع فلا بأس به.

38- مص، مصباح الشريعة قَالَ الصَّادِقُ ع‏ التَّوْبَةُ حَبْلُ اللَّهِ وَ مَدَدُ عِنَايَتِهِ وَ لَا بُدَّ لِلْعَبْدِ مِنْ مُدَاوَمَةِ التَّوْبَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَ كُلُّ فِرْقَةٍ مِنَ الْعِبَادِ لَهُمْ تَوْبَةٌ فَتَوْبَةُ الْأَنْبِيَاءِ مِنِ اضْطِرَابِ السِّرِّ وَ تَوْبَةُ الْأَصْفِيَاءِ مِنَ التَّنَفُّسِ وَ تَوْبَةُ الْأَوْلِيَاءِ مِنْ تَلْوِينِ الْخَطَرَاتِ وَ تَوْبَةُ الْخَاصِّ مِنَ الِاشْتِغَالِ بِغَيْرِ اللَّهِ وَ تَوْبَةُ الْعَامِّ مِنَ الذُّنُوبِ وَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَعْرِفَةٌ وَ عِلْمٌ فِي أَصْلِ تَوْبَتِهِ وَ مُنْتَهَى أَمْرِهِ وَ ذَلِكَ يَطُولُ شَرْحُهُ هَاهُنَا فَأَمَّا تَوْبَةُ الْعَامِّ فَأَنْ يَغْسِلَ بَاطِنَهُ بِمَاءِ الْحَسْرَةِ وَ الِاعْتِرَافِ بِالْجِنَايَةِ دَائِماً وَ اعْتِقَادِ النَّدَمِ عَلَى مَا مَضَى وَ الْخَوْفِ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِهِ وَ لَا يَسْتَصْغِرَ ذُنُوبَهُ فَيَحْمِلَهُ ذَلِكَ إِلَى الْكَسَلِ وَ يُدِيمَ الْبُكَاءَ وَ الْأَسَفَ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَ يَحْبِسَ نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ وَ يَسْتَغِيثَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لِيَحْفَظَهُ عَلَى وَفَاءِ تَوْبَتِهِ وَ يَعْصِمَهُ عَنِ الْعَوْدِ إِلَى مَا سَلَفَ وَ يَرُوضَ نَفْسَهُ فِي مَيْدَانِ الْجَهْدِ وَ الْعِبَادَةِ وَ يَقْضِيَ عَنِ الْفَوَائِتِ مِنَ الْفَرَائِضِ وَ يَرُدَّ الْمَظَالِمَ وَ يَعْتَزِلَ قُرَنَاءَ السَّوْءِ وَ يَسْهَرَ لَيْلَهُ وَ يَظْمَأَ نَهَارَهُ وَ يَتَفَكَّرَ دَائِماً فِي عَاقِبَتِهِ وَ يستهين [يَسْتَعِينَ‏] بِاللَّهِ سَائِلًا مِنْهُ الِاسْتِقَامَةَ فِي سَرَّائِهِ وَ ضَرَّائِهِ وَ يَثْبُتَ عِنْدَ الْمِحَنِ وَ الْبَلَاءِ كَيْلَا يَسْقُطَ عَنْ دَرَجَةِ التَّوَّابِينَ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ طَهَارَةً مِنْ ذُنُوبِهِ وَ زِيَادَةً فِي عَمَلِهِ وَ رِفْعَةً فِي دَرَجَاتِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ‏ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ‏

بيان من التنفس أي بغير ذكر الله و في بعض النسخ على بناء التفعيل من تنفيس الهم أي تفريجه أي من الفرح و النشاط و الظاهر أنه مصحف و تلوين الخطرات إخطار الأمور المتفرقة بالبال و عدم اطمئنان القلب بذكر الله.

31
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

39- شي، تفسير العياشي عَنْ أَبِي عَمْرٍو الزُّبَيْرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً لَمْ يَرْضَ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ يَكُونَ إِبْلِيسُ نَظِيراً لَهُ فِي دِينِهِ وَ فِي كِتَابِ اللَّهِ نَجَاةٌ مِنَ الرَّدَى وَ بَصِيرَةٌ مِنَ الْعَمَى وَ دَلِيلٌ إِلَى الْهُدَى وَ شِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ فِيمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ مَعَ التَّوْبَةِ قَالَ اللَّهُ‏ وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَ مَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى‏ ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ‏ وَ قَالَ‏ وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً فَهَذَا مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ وَ اشْتَرَطَ مَعَهُ بِالتَّوْبَةِ وَ الْإِقْلَاعِ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ فَإِنَّهُ يَقُولُ‏ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ‏ وَ هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِغْفَارَ لَا يَرْفَعُهُ إِلَى اللَّهِ إِلَّا الْعَمَلُ الصَّالِحُ وَ التَّوْبَةُ.

40- شي، تفسير العياشي عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع‏ فِي قَوْلِ اللَّهِ‏ وَ مَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى‏ ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ‏ قَالَ الْإِصْرَارُ أَنْ يُذْنِبَ الْعَبْدُ وَ لَا يَسْتَغْفِرَ وَ لَا يُحَدِّثَ نَفْسَهُ بِالتَّوْبَةِ فَذَلِكَ الْإِصْرَارُ.

41- شي، تفسير العياشي عَنْ أَبِي عَمْرٍو الزُّبَيْرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ فِي قَوْلِ اللَّهِ‏ وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى‏ قَالَ لِهَذِهِ الْآيَةِ تَفْسِيرٌ يَدُلُّ ذَلِكَ التَّفْسِيرُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا إِلَّا مِمَّنْ لَقِيَهُ بِالْوَفَاءِ مِنْهُ بِذَلِكَ التَّفْسِيرِ وَ مَا اشْتَرَطَ فِيهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ قَالَ‏ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ يَعْنِي كُلَّ ذَنْبٍ عَمِلَهُ الْعَبْدُ وَ إِنْ كَانَ بِهِ عَالِماً فَهُوَ جَاهِلٌ حِينَ خَاطَرَ بِنَفْسِهِ فِي مَعْصِيَةِ رَبِّهِ وَ قَدْ قَالَ فِي ذَلِكَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَحْكِي قَوْلَ يُوسُفَ لِإِخْوَتِهِ‏ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ‏ فَنَسَبَهُمْ إِلَى الْجَهْلِ لِمُخَاطَرَتِهِمْ بِأَنْفُسِهِمْ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ.

42- شي، تفسير العياشي عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ فِي قَوْلِ اللَّهِ‏ وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ‏ قَالَ هُوَ الْفَرَّارُ تَابَ حِينَ لَمْ يَنْفَعْهُ التَّوْبَةُ وَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ.

43- شي، تفسير العياشي عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِذَا بَلَغَتِ النَّفْسُ هَذِهِ وَ أَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى حَنْجَرَتِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْعَالِمِ تَوْبَةٌ وَ كَانَتْ لِلْجَاهِلِ تَوْبَةٌ.

: ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عنه ع‏ مثله‏

32
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

بيان ظاهره الفرق بين العالم و الجاهل في قبول التوبة عند مشاهدة أحوال الآخرة و هو مخالف لما ذهب إليه المتكلمون من عدم قبول التوبة في ذلك الوقت مطلقا و عدم الفرق في التوبة مطلقا بين العالم و الجاهل و يمكن توجيهه بوجهين الأول أن يكون المراد بالعالم من شاهد أحوال الآخرة و بالجاهل من لم يشاهدها لأن بلوغ النفس إلى الحنجرة قد ينفك عن المشاهدة.

الثاني أن يكون المراد نفي التوبة الكاملة عن العالم في هذا الوقت دون الجاهل مع حمل تلك الحالة على عدم المشاهدة إذ العالم غير معذور في تأخيرها إلى هذا الوقت.

44- شي، تفسير العياشي عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ: كَانَ إِبْلِيسُ أَوَّلَ مَنْ نَاحَ وَ أَوَّلَ مَنْ تَغَنَّى وَ أَوَّلَ مَنْ حَدَا قَالَ لَمَّا أَكَلَ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ تَغَنَّى قَالَ فَلَمَّا أَهْبَطَ حَدَا بِهِ قَالَ فَلَمَّا اسْتَقَرَّ عَلَى الْأَرْضِ نَاحَ فَأَذْكَرَهُ مَا فِي الْجَنَّةِ فَقَالَ آدَمُ رَبِّ هَذَا الَّذِي جَعَلْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ الْعَدَاوَةَ لَمْ أَقْوَ عَلَيْهِ وَ أَنَا فِي الْجَنَّةِ وَ إِنْ لَمْ تُعِنِّي عَلَيْهِ لَمْ أَقْوَ عَلَيْهِ فَقَالَ اللَّهُ السَّيِّئَةُ بِالسَّيِّئَةِ وَ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةٍ قَالَ رَبِّ زِدْنِي قَالَ لَا يُولَدُ لَكَ وَلَدٌ إِلَّا جَعَلْتُ مَعَهُ مَلَكاً أَوْ مَلَكَيْنِ يَحْفَظَانِهِ قَالَ رَبِّ زِدْنِي قَالَ التَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ «1» فِي الْجَسَدِ مَا دَامَ فِيهَا الرُّوحُ قَالَ رَبِّ زِدْنِي قَالَ أَغْفِرُ الذُّنُوبَ وَ لَا أُبَالِي قَالَ حَسْبِي.

45- شي، تفسير العياشي عَنْ أَبِي عَمْرٍو الزُّبَيْرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً تَابَ إِلَى اللَّهِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَإِنَّ التَّوْبَةَ مَطْهَرَةٌ مِنْ دَنَسِ الْخَطِيئَةِ وَ مَنْقَذَةٌ مِنْ شَفَا «2» الْهَلَكَةِ فَرَضَ اللَّهُ بِهَا عَلَى نَفْسِهِ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ فَقَالَ‏ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى‏ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً

______________________________

 (1) في نسخة: مفروضة.

 (2) شفا كعصا: طرف كل شي‏ء و جانبه، و يضرب به المثل في القرب من الهلاك.

33
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

46- م، تفسير الإمام عليه السلام‏ أَتَى أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ ص فَقَالَ أَخْبِرْنِي عَنِ التَّوْبَةِ إِلَى مَتَى تُقْبَلُ فَقَالَ ص إِنَّ بَابَهَا مَفْتُوحٌ لِابْنِ آدَمَ لَا يُسَدُّ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ‏ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ‏ وَ هِيَ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً.

47- شي، تفسير العياشي عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ فِي قَوْلِهِ‏ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً قَالَ هُمُ التَّوَّابُونَ الْمُتَعَبِّدُونَ.

48- شي، تفسير العياشي عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ بِأَبِي وَ أُمِّي إِنِّي أَدْخُلُ كَنِيفاً لِي وَ لِي جِيرَانٌ وَ عِنْدَهُمْ جَوَارٍ يَتَغَنَّيْنَ وَ يَضْرِبْنَ بِالْعُودِ فَرُبَّمَا أَطَلْتُ الْجُلُوسَ اسْتِمَاعاً مِنِّي لَهُنَّ فَقَالَ لَا تَفْعَلْ فَقَالَ الرَّجُلُ وَ اللَّهِ مَا هُوَ شَيْ‏ءٌ آتِيهِ بِرِجْلِي إِنَّمَا هُوَ سَمَاعٌ أَسْمَعُهُ بِأُذُنِي فَقَالَ لَهُ أَنْتَ أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ‏ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا قَالَ بَلَى وَ اللَّهِ فَكَأَنِّي لَمْ أَسْمَعْ هَذِهِ الْآيَةَ قَطُّ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مِنْ عَجَمِيٍّ وَ لَا مِنْ عَرَبِيٍّ لَا جَرَمَ‏ «1» أَنِّي لَا أَعُودُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ أَنِّي أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فَقَالَ لَهُ قُمْ فَاغْتَسِلْ وَ صَلِّ مَا بَدَا لَكَ فَإِنَّكَ كُنْتَ مُقِيماً عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ مَا كَانَ أَسْوَأَ حَالَكَ لَوْ مِتَّ عَلَى ذَلِكَ احْمَدِ اللَّهَ وَ سَلْهُ التَّوْبَةَ مِنْ كُلِّ مَا يَكْرَهُ إِنَّهُ لَا يَكْرَهُ إِلَّا الْقَبِيحَ‏ «2» وَ الْقَبِيحَ دَعْهُ لِأَهْلِهِ فَإِنَّ لِكُلٍّ أَهْلًا.

49- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ شَجَرَةَ عَنْ عِيسَى بْنِ رَاشِدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ‏ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُذْنِبُ ذَنْباً إِلَّا أُجِّلَ سَبْعَ سَاعَاتٍ فَإِنِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ غَفَرَ لَهُ وَ إِنَّهُ لَيَذْكُرُ ذَنْبَهُ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُ وَ إِنَّ الْكَافِرَ لَيُنْسَى ذَنْبَهُ لِئَلَّا يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ.

50- ما، الأمالي للشيخ الطوسي جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ‏

______________________________

 (1) لا جرم بفتح الجيم و الراء، أو بضم الجيم و سكون الراء، أو ككرم أي لا بد، أو لا محالة أو حقا، و قد تحول إلى معنى القسم فيقال: لا جرم لافعلن.

 (2) في نسخة: إلّا كل القبيح.

34
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

الْأَشْعَرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ع فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ‏ احْتَجَّ فِيهِ عَلَى مُعَاوِيَةَ قَالَ فَأَمَّا الْقَرَابَةُ فَقَدْ نَفَعَتِ الْمُشْرِكَ وَ هِيَ وَ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِ أَنْفَعُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ وَ هُوَ فِي الْمَوْتِ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْفَعْ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ ص يَقُولُ لَهُ وَ يَعِدُ إِلَّا مَا يَكُونُ مِنْهُ عَلَى يَقِينٍ وَ لَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ غَيْرِ شَيْخِنَا أَعْنِي أَبَا طَالِبٍ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ‏ وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَ لَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً الْخَبَرَ.

بيان لعل هذا للإلزام على العامة لقولهم بكفر أبي طالب ع و يحتمل أن يكون المراد أنه لما كان السؤال في ذلك الوقت مع علمه ص بإيمانه لعلم الناس بإيمانه فلو لم يكن للإيمان في هذا الوقت فائدة لم يحصل الغرض.

51- جع، جامع الأخبار قَالَ النَّبِيُّ ص‏ التَّائِبُ إِذَا لَمْ يَسْتَبِنْ أَثَرُ التَّوْبَةِ فَلَيْسَ بِتَائِبٍ يُرْضِي الْخُصَمَاءَ وَ يُعِيدُ الصَّلَوَاتِ وَ يَتَوَاضَعُ بَيْنَ الْخَلْقِ وَ يَتَّقِي نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ وَ يُهَزِّلُ رَقَبَتَهُ بِصِيَامِ النَّهَارِ وَ يُصَفِّرُ لَوْنَهُ بِقِيَامِ اللَّيْلِ وَ يَخْمُصُ بَطْنَهُ‏ «1» بِقِلَّةِ الْأَكْلِ وَ يُقَوِّسُ ظَهْرَهُ مِنْ مَخَافَةِ النَّارِ وَ يُذِيبُ عِظَامَهُ شَوْقاً إِلَى الْجَنَّةِ وَ يُرِقُّ قَلْبَهُ مِنْ هَوْلِ مَلَكِ الْمَوْتِ وَ يُجَفِّفُ جِلْدَهُ عَلَى بَدَنِهِ بِتَفَكُّرِ الْأَجَلِ فَهَذَا أَثَرُ التَّوْبَةِ وَ إِذَا رَأَيْتُمُ الْعَبْدَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَهُوَ تَائِبٌ نَاصِحٌ لِنَفْسِهِ.

52- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ أَ تَدْرُونَ مَنِ التَّائِبُ قَالُوا اللَّهُمَّ لَا قَالَ إِذَا تَابَ الْعَبْدُ وَ لَمْ يُرْضِ الْخُصَمَاءَ فَلَيْسَ بِتَائِبٍ وَ مَنْ تَابَ وَ لَمْ يَزِدْ فِي الْعِبَادَةِ فَلَيْسَ بِتَائِبٍ وَ مَنْ تَابَ وَ لَمْ يُغَيِّرْ لِبَاسَهُ فَلَيْسَ بِتَائِبٍ وَ مَنْ تَابَ وَ لَمْ يُغَيِّرْ رُفَقَاءَهُ فَلَيْسَ بِتَائِبٍ وَ مَنْ تَابَ وَ لَمْ يُغَيِّرْ مَجْلِسَهُ‏ «2» فَلَيْسَ بِتَائِبٍ وَ مَنْ تَابَ وَ لَمْ يُغَيِّرْ فِرَاشَهُ وَ وِسَادَتَهُ‏ «3» فَلَيْسَ بِتَائِبٍ‏

______________________________

 (1) خمص بطنه: فرغ و ضمر.

 (2) في نسخة: مجلسه و طعامه.

 (3) مثلثة الواو: المخدة أو أعم منها كما في فقه اللغة للثعالبى، فانه قال: المصدغة و المخدة.

35
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

وَ مَنْ تَابَ وَ لَمْ يُغَيِّرْ خُلُقَهُ وَ نِيَّتَهُ فَلَيْسَ بِتَائِبٍ وَ مَنْ تَابَ وَ لَمْ يَفْتَحْ قَلْبَهُ وَ لَمْ يُوَسِّعْ كَفَّهُ فَلَيْسَ بِتَائِبٍ وَ مَنْ تَابَ وَ لَمْ يُقَصِّرْ أَمَلَهُ وَ لَمْ يَحْفَظْ لِسَانَهُ فَلَيْسَ بِتَائِبٍ وَ مَنْ تَابَ وَ لَمْ يُقَدِّمْ‏ «1» فَضْلَ قُوتِهِ مِنْ بَدَنِهِ فَلَيْسَ بِتَائِبٍ وَ إِذَا اسْتَقَامَ عَلَى هَذِهِ الْخِصَالِ فَذَاكَ التَّائِبُ.

53- نبه، تنبيه الخاطر جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع‏ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى‏ وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى‏ ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ‏ قَالَ الْإِصْرَارُ أَنْ يُذْنِبَ وَ لَا يُحَدِّثَ نَفْسَهُ بِتَوْبَةٍ فَذَاكَ الْإِصْرَارُ.

54 سَيْفُ بْنُ يَعْقُوبَ‏ «2» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ الْمُقِيمُ عَلَى الذَّنْبِ وَ هُوَ مِنْهُ مُسْتَغْفِرٌ كَالْمُسْتَهْزِئِ.

55 ابْنُ فَضَّالٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: لَا وَ اللَّهِ مَا أَرَادَ اللَّهُ مِنَ النَّاسِ إِلَّا خَصْلَتَيْنِ أَنْ يُقِرُّوا لَهُ بِالنِّعَمِ فَيَزِيدَهُمْ وَ بِالذُّنُوبِ فَيَغْفِرَهَا لَهُمْ.

56- وَ عَنْهُ ع قَالَ: وَ اللَّهِ مَا يَنْجُو مِنَ الذَّنْبِ إِلَّا مَنْ أَقَرَّ بِهِ‏ «3».

57- وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ أَذْنَبَ ذَنْباً وَ هُوَ ضَاحِكٌ دَخَلَ النَّارَ وَ هُوَ بَاكٍ.

58- نهج، نهج البلاغة مَا كَانَ اللَّهُ لِيَفْتَحَ عَلَى عَبْدٍ بَابَ الشُّكْرِ وَ يُغْلِقَ عَنْهُ بَابَ الزِّيَادَةِ وَ لَا لِيَفْتَحَ عَلَى عَبْدٍ بَابَ الدُّعَاءِ وَ يُغْلِقَ عَنْهُ بَابَ الْإِجَابَةِ وَ لَا لِيَفْتَحَ عَلَى عَبْدٍ بَابَ التَّوْبَةِ وَ يُغْلِقَ عَنْهُ بَابَ الْمَغْفِرَةِ.

59- نهج، نهج البلاغة قَالَ ع لِقَائِلٍ بِحَضْرَتِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أَ تَدْرِي مَا الِاسْتِغْفَارُ إِنَّ الِاسْتِغْفَارَ دَرَجَةُ الْعِلِّيِّينَ وَ هُوَ اسْمٌ وَاقِعٌ عَلَى سِتَّةِ مَعَانٍ أَوَّلُهَا النَّدَمُ‏

______________________________

للرأس: المنبذة التي تنبذ أي تطرح للزائر و غيره. النمرقة واحدة النمارق و هي التي تصف،- و قد نطق بها القرآن- المسند: الوسادة التي يستند إليها، المسورة: التي يتكأ عليها، الحسبانة ما صغر منها، الوسادة تجمعها كلها.

 (1) في النسخ كلها: «و لم يقدم» بالقاف، و لعله بالفاء من قولهم: فدم الابريق و على الابريق وضع الفدام عليه، و الفدام مصفاة صغيرة أو خرقة تجعل على فم الابريق ليصفى بها ما فيه.

 (2) الظاهر: يوسف بن يعقوب.

 (3) يأتي الحديث مسندا تحت رقم 66 عن الاحمسى عمن ذكره.

36
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

عَلَى مَا مَضَى وَ الثَّانِي الْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ الْعَوْدِ إِلَيْهِ أَبَداً وَ الثَّالِثُ أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى الْمَخْلُوقِينَ حُقُوقَهُمْ حَتَّى تَلْقَى اللَّهَ أَمْلَسَ‏ «1» لَيْسَ عَلَيْكَ تَبِعَةٌ وَ الرَّابِعُ أَنْ تَعْمِدَ إِلَى كُلِّ فَرِيضَةٍ عَلَيْكَ ضَيَّعْتَهَا فَتُؤَدِّيَ حَقَّهَا وَ الْخَامِسُ أَنْ تَعْمِدَ إِلَى اللَّحْمِ الَّذِي نَبَتَ عَلَى السُّحْتِ‏ «2» فَتُذِيبَهُ بِالْأَحْزَانِ حَتَّى يَلْصَقَ الْجِلْدُ بِالْعَظْمِ وَ يَنْشَأَ بَيْنَهُمَا لَحْمٌ جَدِيدٌ وَ السَّادِسُ أَنْ تُذِيقَ الْجِسْمَ أَلَمَ الطَّاعَةِ كَمَا أَذَقْتَهُ حَلَاوَةَ الْمَعْصِيَةِ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَقُولُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ.

بيان ما سوى الأولين عند جمهور المتكلمين من شرائط كمال التوبة كما ستعرف.

60- نهج، نهج البلاغة وَ قَالَ ع لِرَجُلٍ سَأَلَهُ أَنْ يَعِظَهُ لَا تَكُنْ مِمَّنْ يَرْجُو الْآخِرَةَ بِغَيْرِ الْعَمَلِ وَ يُرْجِئُ التَّوْبَةَ «3» بِطُولِ الْأَمَلِ وَ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ ع إِنْ عَرَضَتْ لَهُ شَهْوَةٌ أَسْلَفَ الْمَعْصِيَةَ وَ سَوَّفَ التَّوْبَةَ «4».

61- نهج، نهج البلاغة وَ قَالَ ع‏ مَنْ أُعْطِيَ أَرْبَعاً لَمْ يُحْرَمْ أَرْبَعاً مَنْ أُعْطِيَ الدُّعَاءَ لَمْ يُحْرَمِ الْإِجَابَةَ وَ مَنْ أُعْطِيَ التَّوْبَةَ لَمْ يُحْرَمِ الْقَبُولَ وَ مَنْ أُعْطِيَ الِاسْتِغْفَارَ لَمْ يُحْرَمِ الْمَغْفِرَةَ وَ مَنْ أُعْطِيَ الشُّكْرَ لَمْ يُحْرَمِ الزِّيَادَةَ.

و تصديق ذلك في كتاب الله سبحانه قال الله عز و جل في الدعاء ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ‏ و قال في الاستغفار وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً و قال في الشكر لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ‏ و قال في التوبة إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ما، الأمالي للشيخ الطوسي الحسين بن إبراهيم عن محمد بن وهبان عن محمد بن أحمد بن زكريا عن الحسن بن فضال عن علي بن عقبة عن أبي كهمش عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع‏ مثله‏ «5».

______________________________

 (1) الاملس: ضد الخشن، قال ابن ميثم: استعار لفظ الاملس لنفاء الصحيفة من الآثام.

 (2) بالضم: المال من كسب حرام، و قال الثعالبى في فقه اللغة: كل حرام قبيح الذكر يلزم منه العار كثمن الكلب فهو سحت.

 (3) يرجئ بالتشديد أي يؤخر المعصية.

 (4) أسلف: قدم؛ و سوف: أخر. و الموعظة بتمامه في ص 181 من ج 2 ط مصر.

 (5) الى قوله: و تصديق ذلك اه. م.

37
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

62- نهج، نهج البلاغة وَ سُئِلَ ع عَنِ الْخَيْرِ مَا هُوَ فَقَالَ لَيْسَ الْخَيْرَ أَنْ يَكْثُرَ مَالُكَ وَ وَلَدُكَ وَ لَكِنَّ الْخَيْرَ أَنْ يَكْثُرَ عِلْمُكَ‏ «1» وَ يَعْظُمَ حِلْمُكَ وَ أَنْ تُبَاهِيَ النَّاسَ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ فَإِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ اللَّهَ وَ إِنْ أَسَأْتَ اسْتَغْفَرْتَ اللَّهَ وَ لَا خَيْرَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا لِرَجُلَيْنِ رَجُلٍ أَذْنَبَ ذُنُوباً فَهُوَ يَتَدَارَكُهَا بِالتَّوْبَةِ وَ رَجُلٍ يُسَارِعُ فِي الْخَيْرَاتِ‏ «2» وَ لَا يَقِلُّ عَمَلٌ مَعَ التَّقْوَى وَ كَيْفَ يَقِلُّ مَا يُتَقَبَّلُ.

63- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر النَّضْرُ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ حَفْصٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ يُذْنِبُ ذَنْباً إِلَّا أَجَّلَهُ اللَّهُ سَبْعَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ فَإِنْ هُوَ تَابَ لَمْ يَكْتُبْ عَلَيْهِ شَيْئاً وَ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ فَأَتَاهُ عَبَّادٌ الْبَصْرِيُّ فَقَالَ لَهُ بَلَغَنَا أَنَّكَ قُلْتَ مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْباً إِلَّا أَجَّلَهُ اللَّهُ سَبْعَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ فَقَالَ لَيْسَ هَكَذَا قُلْتُ وَ لَكِنِّي قُلْتُ مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ يُذْنِبُ ذَنْباً إِلَّا أَجَّلَهُ اللَّهُ سَبْعَ سَاعَاتٍ مِنْ نَهَارِهِ هَكَذَا قُلْتُ.

64- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر فَضَالَةُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ إِنَّ مِنْ أَحَبِّ عِبَادِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ الْمُفَتَّنَ التَّوَّابَ‏ «3».

65- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً أُجِّلَ فِيهَا سَبْعَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ فَإِنْ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي‏ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ‏ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ.

66- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ الْأَحْمَسِيِّ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: وَ اللَّهِ مَا يَنْجُو مِنَ الذَّنْبِ إِلَّا مَنْ أَقَرَّ بِهِ.

67- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر عَلِيُّ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع‏ أَلَا إِنَّ اللَّهَ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ مِنْ رَجُلٍ ضَلَّتْ رَاحِلَتُهُ فِي أَرْضٍ قَفْرٍ وَ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَ شَرَابُهُ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ لَا يَدْرِي مَا يَصْنَعُ وَ لَا أَيْنَ يَتَوَجَّهُ حَتَّى وَضَعَ رَأْسَهُ لِيَنَامَ فَأَتَاهُ آتٍ فَقَالَ لَهُ هَلْ لَكَ فِي رَاحِلَتِكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ هُوَ ذِهْ‏

______________________________

 (1) في نسخة: علمك و عملك.

 (2) الظاهر أن ما يأتي بعد كلام آخر له، و ليس ملحقا بما قبله.

 (3) في نسخة: المحسن التواب.

38
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

فَاقْبِضْهَا فَقَامَ إِلَيْهَا فَقَبَضَهَا فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع وَ اللَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ حِينَ وَجَدَ رَاحِلَتَهُ‏ «1».

68- كا، الكافي الْعِدَّةُ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنِ الْكِنَانِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً قَالَ يَتُوبُ الْعَبْدُ مِنَ الذَّنْبِ ثُمَّ لَا يَعُودُ فِيهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ سَأَلْتُ عَنْهَا أَبَا الْحَسَنِ ع فَقَالَ يَتُوبُ مِنَ الذَّنْبِ ثُمَّ لَا يَعُودُ فِيهِ وَ أَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ الْمُفَتَّنُونَ التَّوَّابُونَ.

69- كا، الكافي عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً قَالَ هُوَ الذَّنْبُ الَّذِي لَا يَعُودُ فِيهِ أَبَداً قُلْتُ وَ أَيُّنَا لَمْ يَعُدْ فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ الْمُفَتَّنَ‏ «2» التَّوَّابَ:.

ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر ابن أبي عمير مثله.

70- كا، الكافي عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رَفَعَهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَعْطَى التَّائِبِينَ ثَلَاثَ خِصَالٍ لَوْ أَعْطَى خَصْلَةً مِنْهَا جَمِيعَ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ لَنَجَوْا بِهَا قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ‏ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ‏ فَمَنْ أَحَبَّهُ اللَّهُ لَمْ يُعَذِّبْهُ وَ قَوْلُهُ‏ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَ قِهِمُ السَّيِّئاتِ وَ مَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ‏ وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ‏ وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ‏

______________________________

 (1) يأتي الحديث بإسناد آخر عن ابى عبيدة تحت رقم 73.

 (2) قال الجزريّ في النهاية: «إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ» قال: فتنوهم بالنار، أي امتحنوهم و عذبوهم، و منه الحديث «المؤمن خلق مفتنا» أي ممتحنا يمتحنه اللّه بالذنب ثمّ يتوب، ثمّ يعود ثمّ يتوب، يقال: فتنته افتنه فتنا و فتونا: إذا امتحنته. و يقال فيها: أفتنته أيضا؛ و هو قليل.

39
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً

71- كا، الكافي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: يَا مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ ذُنُوبُ الْمُؤْمِنِ إِذَا تَابَ مِنْهَا مَغْفُورَةٌ لَهُ فَلْيَعْمَلِ الْمُؤْمِنُ لِمَا يَسْتَأْنِفُ بَعْدَ التَّوْبَةِ وَ الْمَغْفِرَةِ أَمَا وَ اللَّهِ إِنَّهَا لَيْسَتْ إِلَّا لِأَهْلِ إِيمَانٍ قُلْتُ فَإِنْ عَادَ بَعْدَ التَّوْبَةِ وَ الِاسْتِغْفَارِ مِنَ الذُّنُوبِ وَ عَادَ فِي التَّوْبَةِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ أَ تَرَى الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ يَنْدَمُ عَلَى ذَنْبِهِ وَ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى مِنْهُ وَ يَتُوبُ ثُمَّ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ تَوْبَتَهُ قُلْتُ فَإِنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ مِرَاراً يُذْنِبُ ثُمَّ يَتُوبُ وَ يَسْتَغْفِرُ فَقَالَ كُلَّمَا عَادَ الْمُؤْمِنُ بِالاسْتِغْفَارِ وَ التَّوْبَةِ عَادَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ ... وَ يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ‏ فَإِيَّاكَ أَنْ تُقَنِّطَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ.

72- كا، الكافي أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ‏ «1» مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ‏ قَالَ هُوَ الْعَبْدُ يَهُمُّ بِالذَّنْبِ ثُمَّ يَتَذَكَّرُ فَيُمْسِكُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ‏ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ‏.

73- كا، الكافي عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ‏ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ أَضَلَّ رَاحِلَتَهُ وَ زَادَهُ فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ فَوَجَدَهَا فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِرَاحِلَتِهِ حِينَ وَجَدَهَا «2».

74- كا، الكافي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ‏ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُفَتَّنَ التَّوَّابَ‏ «3»

______________________________

 (1) الطوف: المشى حول الشي‏ء، و منه الطائف: لمن يدور حول البيت حافظا، و منه استعير الطائف من الجن و الخيال و الحادثة و غيرها، قال تعالى: «إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ» و هو الذي يدور على الإنسان من الشيطان يريد اقتناصه. قاله الراغب في مفرداته.

 (2) تقدم الحديث بإسناد آخر عن أبي عبيدة تحت رقم 67 أبسط من هذا.

 (3) في المصدر: العبد المفتن التواب. م.

40
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 20 التوبة و أنواعها و شرائطها ص : 11

وَ مَنْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ‏ «1» مِنْهُ كَانَ أَفْضَلَ.

75- كا، الكافي مُحَمَّدٌ عَنْ أَحْمَدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ بَيَّاعِ الْأَرُزِّ «2» عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ‏ التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ وَ الْمُقِيمُ عَلَى الذَّنْبِ وَ هُوَ مُسْتَغْفِرٌ مِنْهُ كَالْمُسْتَهْزِئِ.

76- كا، الكافي عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً أُجِّلَ مِنْ غَدَاةٍ إِلَى اللَّيْلِ فَإِنِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ.

: ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر ابن أبي عمير مثله.

77- كا، الكافي عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ وَ أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى جَمِيعاً عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً أَجَّلَهُ اللَّهُ سَبْعَ سَاعَاتٍ فَإِنِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ‏ «3» وَ إِنْ مَضَتِ السَّاعَاتُ وَ لَمْ يَسْتَغْفِرْ كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ وَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُذَكَّرُ ذَنْبَهُ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً حَتَّى يَسْتَغْفِرَ رَبَّهُ فَيَغْفِرَ لَهُ وَ إِنَّ الْكَافِرَ لَيُنْسَاهُ مِنْ سَاعَتِهِ.

78- كا، الكافي عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ وَ الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَحْوَلِ عَنْ سَلَّامِ بْنِ الْمُسْتَنِيرِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ ع فَدَخَلَ عَلَيْهِ حُمْرَانُ بْنُ أَعْيَنَ وَ سَأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ فَلَمَّا هَمَّ حُمْرَانُ بِالْقِيَامِ قَالَ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع أُخْبِرُكَ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَكَ لَنَا وَ أَمْتَعَنَا بِكَ‏ «4» إِنَّا نَأْتِيكَ فَمَا نَخْرُجُ‏

______________________________

 (1) أي المراجعة إلى الذنب بعد التوبة.

 (2) هو يوسف بن السخت، أورده العلامة في القسم الثاني من الخلاصة و ترجمه بقوله: يوسف بن السخت- بالسين المهملة، و الخاء المعجمة، و التاء المنقطة فوقها النقطتين- بصرى، ضعيف، مرتفع القول، استثناه القميون من نوادر الحكمة. انتهى. و أضاف الفاضل المامقاني إلى الضبط ضم السين و سكون الخاء، و حكى أن الوحيد مال إلى إصلاح حاله.

 (3) في المصدر: عليه شي‏ء.

 (4) أي صيرنا ننتفع و نلتذ بك زمانا طويلا.

41
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

اختتام فيه مباحث رائقة ص : 42

 

مِنْ عِنْدِكَ حَتَّى تَرِقُّ قُلُوبُنَا وَ تَسْلُو أَنْفُسُنَا عَنِ الدُّنْيَا وَ يَهُونُ عَلَيْنَا مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ ثُمَّ نَخْرُجُ مِنْ عِنْدِكَ فَإِذَا صِرْنَا مَعَ النَّاسِ وَ التُّجَّارِ أَحْبَبْنَا الدُّنْيَا قَالَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع إِنَّمَا هِيَ الْقُلُوبُ‏ «1» مَرَّةً تَصْعُبُ وَ مَرَّةً تَسْهُلُ ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع أَمَا إِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ ص قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَخَافُ عَلَيْنَا النِّفَاقَ قَالَ فَقَالَ وَ لِمَ تَخَافُونَ ذَلِكَ قَالُوا إِذَا كُنَّا عِنْدَكَ فَذَكَّرْتَنَا وَ رَغَّبْتَنَا وَجِلْنَا وَ نَسِينَا الدُّنْيَا وَ زَهِدْنَا حَتَّى كَأَنَّنَا نُعَايِنُ الْآخِرَةَ وَ الْجَنَّةَ وَ النَّارَ وَ نَحْنُ عِنْدَكَ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ وَ دَخَلْنَا هَذِهِ الْبُيُوتَ وَ شَمِمْنَا الْأَوْلَادَ وَ رَأَيْنَا الْعِيَالَ وَ الْأَهْلَ يَكَادُ أَنْ نُحَوَّلَ عَنِ الْحَالَةِ الَّتِي كُنَّا عَلَيْهَا عِنْدَكَ حَتَّى كَأَنَّا لَمْ نَكُنْ عَلَى شَيْ‏ءٍ أَ فَتَخَافُ عَلَيْنَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ نِفَاقاً فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ص كَلَّا إِنَّ هَذِهِ خُطُوَاتُ الشَّيْطَانِ فَيُرَغِّبُكُمْ فِي الدُّنْيَا وَ اللَّهِ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي وَصَفْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِهَا لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ وَ مَشَيْتُمْ عَلَى الْمَاءِ وَ لَوْ لَا أَنَّكُمْ تُذْنِبُونَ فَتَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَخَلَقَ اللَّهُ خَلْقاً حَتَّى يُذْنِبُوا ثُمَّ يَسْتَغْفِرُوا اللَّهَ فَيَغْفِرَ لَهُمْ إِنَّ الْمُؤْمِنَ مُفَتَّنٌ تَوَّابٌ أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ‏ وَ قَالَ‏ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ‏.

اختتام فيه مباحث رائقة

الأول في وجوب التوبة

و لا خلاف في وجوبها في الجملة و الأظهر أنها إنما تجب لما لم يكفّر من الذنوب كالكبائر و الصغائر التي أصرّت عليها فإنها ملحقة بالكبائر و الصغائر التي لم يجتنب معها الكبائر فأما مع اجتناب الكبائر فهي مكفّرة إذا لم يصرّ عليها و لا يحتاج إلى التوبة عنها لقوله تعالى‏ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ‏ و سيأتي تحقيق القول في ذلك في باب الكبائر إن شاء الله تعالى.

قال المحقق الطوسي قدس الله روحه في التجريد التوبة واجبة لدفعها الضرر و لوجوب الندم على كل قبيح أو إخلال بواجب.

______________________________

 (1) قال المصنّف قدّس سرّه في شرح الحديث في كتابه مرآة العقول: إنّما هي القلوب أي إنّما سمى بالقلب لتقلب أحواله، مرة تصعب اه.

 

42
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الثاني اختلف المتكلمون في أنه هل تتبعض التوبة أم لا ص : 43

و قال العلامة رحمه الله في شرحه التوبة هي الندم على المعصية لكونها معصية و العزم على ترك المعاودة في المستقبل لأن ترك العزم يكشف عن نفي الندم و هي واجبة بالإجماع لكن اختلفوا فذهب جماعة من المعتزلة إلى أنها تجب من الكبائر المعلوم كونها كبائر أو المظنون فيها ذلك و لا تجب من الصغائر المعلوم أنها صغائر و قال آخرون إنها لا تجب من ذنوب تاب عنها من قبل و قال آخرون إنها تجب من كل صغير و كبير من المعاصي أو الإخلال بالواجب سواء تاب منها قبل أو لم يتب.

و قد استدل المصنف على وجوبها بأمرين الأول أنها دافعة للضرر الذي هو العقاب أو الخوف فيه و دفع الضرر واجب الثاني أنا نعلم قطعا وجوب الندم على فعل القبيح أو الإخلال بالواجب إذا عرفت هذا فنقول إنها تجب من كل ذنب لأنها تجب من المعصية لكونها معصية و من الإخلال بواجب لكونه كذلك و هذا عامّ في كل ذنب و إخلال بواجب انتهى.

أقول ظاهر كلامه وجوب التوبة عن الذنب الذي تاب منه و لعله نظر إلى أن الندم على القبيح واجب في كل حال و كذا ترك العزم على الحرام واجب دائما و فيه أن العزم على الحرام ما لم يأت به لا يترتّب عليه إثم كما دلت عليه الأخبار الكثيرة إلا أن يقول إن العفو عنه تفضّلا لا ينافي كونه منهيا عنه كالصغائر المكفّرة و أما الندم على ما صدر عنه فلا نسلم وجوبه بعد تحقيق الندم سابقا و سقوط العقاب و إن كان القول بوجوبه أقوى.

الثاني اختلف المتكلمون في أنه هل تتبعض التوبة أم لا

و الأول أقوى لعموم النصوص و ضعف المعارض.

قال المحقق في التجريد و يندم على القبيح لقبحه و إلا انتفت و خوف النار إن كان الغاية فكذلك و كذا الإخلال فلا تصح من البعض و لا يتم القياس على الواجب و لو اعتقد فيه الحسن صحت و كذا المستحقر و التحقيق أن ترجيح الداعي إلى الندم عن البعض يبعث عليه و إن اشترك الداعي في الندم على القبيح كما في الداعي إلى الفعل و لو اشترك الترجيح اشترك وقوع الندم و به يتأوّل كلام أمير المؤمنين و أولاده‏

43
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الثاني اختلف المتكلمون في أنه هل تتبعض التوبة أم لا ص : 43

عليهم السلام و إلا لزم الحكم ببقاء الكفر على التائب منه المقيم على صغيرة.

و قال العلامة اختلف شيوخ المعتزلة هنا فذهب أبو هاشم‏ «1» إلى أن التوبة لا تصح من قبيح دون قبيح و ذهب أبو علي‏ «2» إلى جواز ذلك و المصنف رحمه الله استدل على مذهب أبي هاشم بأنا قد بينا بأنه يجب أن يندم على القبيح لقبحه و لو لا ذلك لم تكن مقبولة و القبح حاصل في الجميع فلو تاب من قبيح دون قبيح كشف ذلك عن كونه تائبا عنه لا لقبحه و احتج أبو علي بأنه لو لم تصح التوبة من قبيح دون قبيح لم يصح الإتيان بواجب دون واجب و التالي باطل بيان الشرطية أنه كما يجب عليه ترك القبيح لقبحه كذا بجب عليه فعل الواجب لوجوبه فلو لزم من اشتراك القبائح في القبح عدم صحة التوبة من بعضها لزم من اشتراك الواجبات في الوجوب عدم صحة الإتيان بواجب دون آخر و أما بطلان التالي فبالإجماع إذ لا خلاف في صحة صلاة من أخل بالصوم.

و أجاب أبو هاشم بالفرق بين ترك القبيح لقبحه و فعل الواجب لوجوبه بالتعميم في الأول دون الثاني فإن من قال لا آكل الرمانة لحموضتها فإنه لا يقدم على أكل كل حامض لاتحاد الجهة في المنع و لو أكل الرمانة لحموضتها لم يلزم أن يأكل كل رمانة حامضة فافترقا.

و إليه أشار المصنف رحمه الله و لا يتم القياس على الواجب أي لا يتم قياس ترك القبيح لقبحه على فعل الواجب لوجوبه و قد تصح التوبة من قبيح دون قبيح إذا اعتقد التائب في بعض القبائح أنها حسنة و تاب عما يعتقده قبيحا فإنه تقبل توبته لحصول الشرط فيه و هو ندمه على القبيح لقبحه و إذا كان هناك فعلان أحدهما عظيم القبح و الآخر صغيره و هو مستحقر بالنسبة إليه حتى لا يكون معتدا به و يكون وجوده بالنسبة إلى‏

______________________________

 (1) هو عبد السلام بن أبي على محمّد بن عبد الوهاب، يلقب هو و أبوه أبو عليّ بالجبّائيّ، و كلاهما من رؤساء المعتزلة و لهما مقالات في الكلام على مذهب الاعتزال، توفى أبو هاشم سنة 321.

و كانت ولادته سنة 247.

 (2) أي محمّد بن عبد الوهاب الجبّائيّ المتوفّى سنة 303، و قد أوعزنا سابقا إلى ترجمته.

44
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الثاني اختلف المتكلمون في أنه هل تتبعض التوبة أم لا ص : 43

العظيم كعدمه حتى تاب فاعل القبيح عن العظيم فإنه تقبل توبته و مثال ذلك أن الإنسان إذا قتل ولد غيره و كسر له قلما ثم تاب و أظهر الندم على قتل الولد دون كسر القلم فإنه تقبل توبته و لا يعتد العقلاء بكسر القلم و إن كان لا بد من أن يندم على جميع إساءته و كما أن كسر القلم حال قتل الولد لا يعد إساءة فكذا العزم.

ثم قال رحمه الله و لما فرغ من تقرير كلام أبي هاشم ذكر التحقيق في هذا المقام و تقريره أن نقول الحق أنه يجوز التوبة عن قبيح دون قبيح لأن الأفعال تقع بحسب الدواعي و تنتفي الصوارف فإذا ترجح الداعي وقع الفعل إذا عرفت هذا فنقول يجوز أن يرجح فاعل القبائح دواعيه إلى الندم على بعض القبائح دون بعض و إن كانت القبائح مشتركة في أن الداعي يدعو إلى الندم عليها و ذلك بأن يقترن ببعض القبائح قرائن زائدة كعظم الذنب أو كثرة الزواجر عنه أو الشناعة عند العقلاء عند فعله و لا تقترن هذه القرائن ببعض القبائح فلا يندم عليها و هذا كما في دواعي الفعل فإن الأفعال الكثيرة قد تشترك في الدواعي ثم يؤثر صاحب الدواعي بعض تلك الأفعال على بعض بأن يترجح دواعيه إلى ذلك الفعل بما يقترن به من زيادة الدواعي فلا استبعاد في كون قبح الفعل داعيا إلى العدم ثم يقترن ببعض القبائح زيادة الدواعي إلى الندم عليه فيرجح لأجلها الداعي إلى الندم على ذلك البعض و لو اشتركت القبائح في قوة الدواعي اشتركت في وقوع الندم عليها و لم يصح الندم على البعض دون الآخر و على هذا ينبغي أن يحمل كلام أمير المؤمنين علي ع و كلام أولاده كالرضا و غيره ع حيث نقل عنهم نفي تصحيح التوبة عن بعض القبائح دون بعض لأنه لو لا ذلك لزم خرق الإجماع و التالي باطل فالمقدم مثله بيان الملازمة أن الكافر إذا تاب عن كفره و أسلم و هو مقيم على الكذب إما أن يحكم بإسلامه و تقبل توبته من الكفر أو لا و الثاني خرق الإجماع لاتفاق المسلمين على إجراء حكم المسلم عليه و الأول هو المطلوب و قد التزم أبو هاشم استحقاقه عقاب الكفر و عدم قبول توبته و إسلامه و لكن لا يمتنع إطلاق اسم الإسلام عليه.

45
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الثالث ص : 46

الثالث‏

اعلم أن العزم على عدم العود إلى الذنب فيما بقي من العمر لا بد منه في التوبة كما عرفت و هل إمكان صدوره منه في بقية العمر شرط حتى لو زنى ثم جب‏ «1» و عزم على أن يعود إلى الزنا على تقدير قدرته عليه لم تصح توبته أم ليس بشرط فتصح الأكثر على الثاني بل نقل بعض المتكلمين إجماع السلف عليه و أولى من هذا بصحة التوبة من تاب في مرض مخوف غلب على ظنه الموت فيه و أما التوبة عند حضور الموت و تيقن الفوت و هو المعبر عنه بالمعاينة فقد انعقد الإجماع على عدم صحتها و قد مر ما يدل عليه من الآيات و الأخبار.

الرابع في أنواع التوبة

قال العلامة رحمه الله التوبة إما أن تكون من ذنب يتعلق به تعالى خاصة أو يتعلق به حق الآدمي.

و الأول إما أن يكون فعل قبيح كشرب الخمر و الزنا أو إخلالا بواجب كترك الزكاة و الصلاة فالأول يكفي في التوبة منه الندم عليه و العزم على ترك العود إليه و أما الثاني فتختلف أحكامه بحسب القوانين الشرعية فمنه ما لا بد مع التوبة من فعله أداء كالزكاة و منه ما يجب معه القضاء كالصلاة و منه ما يسقطان عنه كالعيدين و هذا الأخير يكفي فيه الندم و العزم على ترك المعاودة كما في فعل القبيح و أما ما يتعلق به حق الآدمي فيجب فيه الخروج إليهم منه فإن كان أخذ مال وجب رده على مالكه أو ورثته إن مات و لو لم يتمكن من ذلك وجب العزم عليه و كذا إن كان حد قذف و إن كان قصاصا وجب الخروج إليهم منه بأن يسلم نفسه إلى أولياء المقتول فإما أن يقتلوه أو يعفوا عنه بالدية أو بدونها و إن كان في بعض الأعضاء وجب تسليم نفسه ليقتص منه في ذلك العضو إلى المستحق من المجني عليه أو الورثة و إن كان إضلالا وجب إرشاد من أضله و رجوعه مما اعتقده بسببه من الباطل إن أمكن ذلك و اعلم أن هذه التوابع ليست أجزاء من التوبة فإن العقاب سقط بالتوبة ثم إن قام المكلف بالتبعات كان ذلك إتماما للتوبة من جهة المعنى لأن ترك التبعات لا يمنع من سقوط العقاب بالتوبة عما تاب منه بل يسقط العقاب و يكون ترك القيام بالتبعات بمنزلة ذنوب مستأنفة يلزمه التوبة منها نعم التائب إذا فعل التبعات بعد إظهار توبته كان ذلك دلالة

______________________________

 (1) أي استؤصل ذكره و خصياه.

46
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الرابع في أنواع التوبة ص : 46

على صدق الندم و إن لم يقم بها أمكن جعله دلالة على عدم صحة الندم ثم قال رحمه الله المغتاب إما أن يكون قد بلغه اغتيابه أو لا و يلزم الفاعل للغيبة في الأول الاعتذار عنه إليه لأنه أوصل إليه ضرر الغم فوجب عليه الاعتذار منه و الندم عليه و في الثاني لا يلزمه الاعتذار و لا الاستحلال منه لأنه لم يفعل به ألما و في كلا القسمين يجب الندم لله تعالى لمخالفة النهي و العزم على ترك المعاودة.

و قال المحقق في التجريد و في إيجاب التفصيل مع الذكر إشكال و قال العلامة ذهب قاضي القضاة «1» إلى أن التائب إن كان عالما بذنوبه على التفصيل وجب عليه التوبة عن كل واحدة منها مفصلا و إن كان يعلمها على الإجمال وجب عليه التوبة كذلك مجملا و إن كان يعلم بعضها على التفصيل و بعضها على الإجمال وجب عليه التوبة عن المفصل بالتفصيل و عن المجمل بالإجمال و استشكل المصنف رحمه الله إيجاب التفصيل مع الذكر لإمكان الاجتزاء بالندم على كل قبيح وقع منه و إن لم يذكره مفصلا.

ثم قال المحقق رحمه الله و في وجوب التجديد إشكال و قال العلامة قدس سره إذا تاب المكلف عن معصية ثم ذكرها هل يجب عليه تجديد التوبة قال أبو علي نعم بناء على أن المكلف القادر بقدرة لا ينفك عن الضدين إما الفعل أو الترك فعند ذكر المعصية إما أن يكون نادما عليها أو مصرا عليها و الثاني قبيح فيجب الأول.

و قال أبو هاشم لا يجب لجواز خلو القادر بقدرة عنهما.

ثم قال المحقق و كذا المعلول مع العلة و قال الشارح إذا فعل المكلف العلة قبل وجود المعلول هل يجب عليه الندم على المعلول أو على العلة أو عليهما مثاله الرامي إذا رمى قبل الإصابة قال الشيوخ عليه الندم على الإصابة لأنها هي القبيح و قد صارت في حكم الموجود لوجوب حصوله عند حصول السبب و قال القاضي يجب عليه ندمان أحدهما على الرمي لأنه قبيح و الثاني على كونه مولدا للقبيح و لا يجوز أن يندم على المعلول لأن الندم على القبيح إنما هو لقبحه و قبل وجوده لا قبح.

______________________________

 (1) هو عبد الجبار المعتزلى، ابن أحمد بن عبد الجبار الهمدانيّ الأسدآبادي، شيخ معتزلة عصره، المتوفّى سنة 415.

47
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الخامس اعلم أنه لا خلاف بين المتكلمين في وجوب التوبة سمعا ص : 48

الخامس اعلم أنه لا خلاف بين المتكلمين في وجوب التوبة سمعا

و اختلفوا في وجوبها عقلا فأثبته المعتزلة لدفعها ضرر العقاب قال الشيخ البهائي رحمه الله هذا لا يدل على وجوب التوبة عن الصغائر ممن يجتنب الكبائر لكونها مكفرة و لهذا ذهبت البهشمية «1» إلى وجوبها عن الصغائر سمعا لا عقلا نعم الاستدلال بأن الندم على القبيح من مقتضيات العقل الصحيح يعم القسمين و أما فورية الوجوب فقد صرح بها المعتزلة فقالوا يلزم بتأخيرها ساعة إثم آخر تجب التوبة منه أيضا حتى أن من أخر التوبة عن الكبيرة ساعة واحدة فقد فعل كبيرتين و ساعتين أربع كبائر الأولتان و ترك التوبة عن كل منهما و ثلاث ساعات ثمان كبائر و هكذا و أصحابنا يوافقونهم على الفورية لكنهم لم يذكروا هذا التفصيل فيما رأيته من كتبهم الكلامية.

السادس سقوط العقاب بالتوبة

مما أجمع عليه أهل الإسلام و إنما الخلاف في أنه هل يجب على الله حتى لو عاقب بعد التوبة كان ظلما أو هو تفضل يفعله سبحانه كرما منه و رحمة بعباده فالمعتزلة على الأول و الأشاعرة على الثاني و إلى الثاني ذهب شيخ الطائفة في كتاب الاقتصاد و العلامة الحلي رحمه الله في بعض كتبه الكلامية و توقف المحقق الطوسي طاب ثراه في التجريد و مختار الشيخين هو الظاهر من الأخبار و أدعية الصحيفة الكاملة و غيرها و هو الذي اختاره الشيخ الطبرسي رحمه الله و نسبه إلى أصحابنا كما عرفت و دليل الوجوب ضعيف مدخول كما لا يخفى على من تأمل فيه.

أقول: أثبتنا بعض أخبار التوبة في باب الاستغفار و باب صفات المؤمن و باب صفات خيار العباد و باب جوامع المكارم و سيأتي تحقيق الكبائر و الصغائر و الذنوب و أنواعها و حبط الصغائر بترك الكبائر في أبوابها إن شاء الله تعالى.

______________________________

 (1) اتباع أبى على و أبى هاشم الجبائيين، و هؤلاء فرقة من المعتزلة، انفردوا عنهم بأمور كإثبات إرادات حادثة لا في محل يكون البارى تعالى بها موصوفا، و تعظيما لا في محل إذا أراد أن يعظم ذاته، و فناء لا في محل إذا أراد أن يفنى العالم، و قالا: بأنه تعالى متكلم بكلام يخلقه في محل و حقيقة الكلام أصوات مقطعة، و حروف منظومة، و المتكلم من فعل الكلام، و قالا بأنّه تعالى لا يرى بالابصار في دار القرار، و إن المعرفة و شكر المنعم و معرفة الحسن و القبح واجبات عقلية و أن الذم و العقاب ليسا على الفعل، و إن التوبة لا تصح من العاجز بعد العجز عن مثله إلى غير ذلك ممّا هو مذكور في تراجم الفرق، و كتب الملل و النحل، كالملل للشهرستانى، و الفرق بين الفرق للبغداديّ.

48
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 21 نفي العبث و ما يوجب النقص من الاستهزاء و السخرية و المكر و الخديعة عنه تعالى و تأويل الآيات فيها ص : 49

باب 21 نفي العبث و ما يوجب النقص من الاستهزاء و السخرية و المكر و الخديعة عنه تعالى و تأويل الآيات فيها

الآيات البقرة اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ‏ النساء يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ‏ الأنفال‏ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ‏ التوبة فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ‏ يونس‏ قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً الرعد وَ قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً النمل‏ وَ مَكَرُوا مَكْراً وَ مَكَرْنا مَكْراً وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ‏ الطارق‏ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَ أَكِيدُ كَيْداً فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً تفسير قال البيضاوي‏ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ‏ «1» يجازيهم على استهزائهم سمّي جزاء

______________________________

 (1) قال الرضى رضوان اللّه تعالى عليه في تلخيص البيان في مجازات القرآن: و هاتان استعارتان:

فالاولى منهما إطلاق صفة الاستهزاء على اللّه سبحانه، و المراد بها أنّه يجازيهم على استهزائهم بارصاد العقوبة لهم فسمى الجزاء على الاستهزاء باسمه، إذ كان واقعا في مقابلته، و إنّما قلنا:

إن الوصف بحقيقة الاستهزاء غير جائز عليه تعالى لانه عكس أوصاف الحكيم و ضد طرائق الحليم.

و الاستعارة الأخرى قوله تعالى: «وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ» أى يمد لهم كأنّه يخليهم، و الامتداد عمههم و الجماح في غيهم إيجابا للحجة و انتظارا للمراجعة، تشبيها بمن أرخى الطول للفرس أو الراحلة ليتنفس خناقها و يتسع مجالها. و ربما حمل قوله سبحانه: «يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ الَّذِينَ آمَنُوا» على أنّه استعارة في بعض الأقوال، و هو أن يكون المعنى: أنهم يمنون أنفسهم أن لا يعاقبوا و قد علموا أنهم مستحقون للعقاب، فقد أقاموا أنفسهم بذلك مقام المخادعين؛ و لذلك قال سبحانه: «وَ ما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَ ما يَشْعُرُونَ» لان اللّه تعالى لا يجوز عليه الخداع و لا تخفى عنه الاسرار، و إذا حمل قوله سبحانه: «يُخادِعُونَ اللَّهَ» على أن المراد به يخادعون رسول اللّه كان من باب إسقاط المضاف، و جرى مجرى قوله: «وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ» و أراد أهل القرية.

49
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 21 نفي العبث و ما يوجب النقص من الاستهزاء و السخرية و المكر و الخديعة عنه تعالى و تأويل الآيات فيها ص : 49

الاستهزاء باسمه كما سمّي جزاء السيئة سيئة إما لمقابلة اللفظ باللفظ أو لكونه مماثلا له في القدر أو يرجع وبال الاستهزاء عليهم فيكون كالمستهزئ بهم أو ينزل بهم الحقارة و الهوان الذي هو لازم الاستهزاء و الغرض منه أو يعاملهم معاملة المستهزئ أما في الدنيا فبإجراء أحكام المسلمين عليهم و استدراجهم بالإمهال و زيادة في النعمة على التمادي في الطغيان و أما في الآخرة فبأن يفتح لهم و هم في النار بابا إلى الجنة فيسرعون نحوه فإذا صاروا إليه سدّ عليهم الباب و ذلك قوله تعالى‏ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ‏ وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ‏ من مد الجيش و أمده إذا زاده و قواه لا من المد في العمر فإنه يعدى باللام و المعتزلة قالوا لما منعهم الله ألطافه التي يمنحها المؤمنين و خذلهم بسبب كفرهم و إصرارهم و سدهم طريق التوفيق على أنفسهم فتزايدت بسببه قلوبهم رينا و ظلمة و تزايد قلوب المؤمنين انشراحا و نورا أو مكّن الشيطان من إغوائهم فزادهم طغيانا أسند ذلك إلى الله تعالى إسناد الفعل إلى المسبّب و أضاف الطغيان إليهم لئلا يتوهّم أن إسناد الفعل إليه على الحقيقة و مصداق ذلك أنه لما أسند المدّ إلى الشياطين أطلق الغيّ و قال‏ وَ إِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِ‏ و قيل أصله نمد لهم يعني نملي لهم و نمد في أعمارهم كي ينتبهوا و يطيعوا فما زادوا إلا طغيانا و عمها فحذفت اللام و عدي الفعل بنفسه كما في قوله تعالى‏ وَ اخْتارَ مُوسى‏ قَوْمَهُ‏ أو التقدير يمدهم استصلاحا و هم مع ذلك يعمهون في طغيانهم.

و قال في قوله تعالى‏ يُخادِعُونَ اللَّهَ‏ الخدع أن توهم غيرك خلاف ما تخفيه من المكروه لتنزله عما هو بصدده و خداعهم مع الله ليس على ظاهره لأنه لا تخفى عليه خافية و لأنهم لم يقصدوا خديعته بل المراد إما مخادعة رسوله على حذف المضاف أو على أن معاملة الرسول معاملة الله من حيث إنه خليفته كما قال‏ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ‏ و إما أن صورة صنعهم مع الله من إظهار الإيمان و استبطان الكفر و صنع الله معهم بإجراء أحكام المسلمين عليهم استدراجا لهم و امتثال الرسول و المؤمنين أمر الله في إخفاء حالهم مجازاة لهم بمثل صنيعهم صورة صنيع المتخادعين.

و قال في قوله تعالى‏ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ‏ برد مكرهم أو بمجازاتهم عليه أو بمعاملة

50
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 21 نفي العبث و ما يوجب النقص من الاستهزاء و السخرية و المكر و الخديعة عنه تعالى و تأويل الآيات فيها ص : 49

الماكرين معهم بأن أخرجهم إلى بدر و قلل المسلمين في أعينهم حتى حملوا عليهم فقتلوا وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ‏ إذ لا يؤبه بمكرهم دون مكره و إسناد أمثال هذا إنما يحسن للمزاوجة و لا يجوز إطلاقها ابتداء لما فيه من إيهام الذم و قال في قوله‏ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ‏ جازاهم على سخريتهم.

1- يد، التوحيد مع، معاني الأخبار ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام الْمُعَاذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ‏ وَ عَنْ قَوْلِهِ‏ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ‏ وَ عَنْ قَوْلِهِ‏ وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللَّهُ‏ وَ عَنْ قَوْلِهِ‏ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ‏ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يَسْخَرُ وَ لَا يَسْتَهْزِئُ وَ لَا يَمْكُرُ وَ لَا يُخَادِعُ وَ لَكِنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يُجَازِيهِمْ جَزَاءَ السُّخْرِيَّةِ وَ جَزَاءَ الِاسْتِهْزَاءِ وَ جَزَاءَ الْمَكْرِ وَ الْخَدِيعَةِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً:.

ج، الإحتجاج مرسلا مثله.

2- م، تفسير الإمام عليه السلام‏ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ ما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَ ما يَشْعُرُونَ‏ قَالَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع لَمَّا نَصَبَ النَّبِيُّ ص عَلِيّاً ع يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍ‏ «1» وَ أَمَرَ عُمَرَ وَ تَمَامَ تِسْعَةٍ مِنْ رُؤَسَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ أَنْ يُبَايِعُوهُ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَ تَوَاطَئُوا بَيْنَهُمْ أَنْ يَدْفَعُوا هَذَا الْأَمْرَ عَنْ عَلِيٍّ ع وَ أَنْ يُهْلِكُوهُمَا كَانَ مِنْ مُوَاطَاتِهِمْ أَنْ قَالَ أَوَّلُهُمْ مَا اعْتَدَدْتُ بِشَيْ‏ءٍ كَاعْتِدَادِي بِهَذِهِ الْبَيْعَةِ وَ لَقَدْ رَجَوْتُ أَنْ يَفْسَحَ اللَّهُ بِهَا لِي فِي قُصُورِ الْجِنَانِ وَ يَجْعَلَنِي فِيهَا مِنْ أَفْضَلِ النُّزَّالِ وَ السُّكَّانِ وَ قَالَ ثَانِيهِمْ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَثِقْتُ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ وَ النَّجَاةِ مِنَ النَّارِ إِلَّا بِهَذِهِ الْبَيْعَةِ وَ اللَّهِ مَا يَسُرُّنِي أَنْ نَقَضْتُهَا أَوْ نَكَثْتُ بَعْدَ مَا أَعْطَيْتُ وَ أنَّ لِي طِلَاعَ مَا بَيْنَ الثَّرَى إِلَى الْعَرْشِ لَآلِيَ رَطْبَةً وَ جَوَاهِرَ فَاخِرَةً وَ قَالَ ثَالِثُهُمْ وَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ صِرْتُ مِنَ الْفَرَحِ بِهَذِهِ الْبَيْعَةِ وَ مِنَ السُّرُورِ الْفَسِيحِ مِنَ الْآمَالِ فِي رِضْوَانِ اللَّهِ مَا أَيْقَنْتُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ ذُنُوبُ أَهْلِ الْأَرْضِ كُلُّهَا عَلَيَّ لَمُحِّصَتْ عَنِّي بِهَذِهِ الْبَيْعَةِ وَ حَلَفَ عَلَى مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ تَتَابَعَ بِمِثْلِ هَذَا الِاعْتِذَارِ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْجَبَابِرَةِ وَ الْمُتَمَرِّدِينَ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُحَمَّدٍ ص‏ يُخادِعُونَ اللَّهَ‏

______________________________

 (1) قال الفيروزآبادي في القاموس: غدير خم: موضعه على ثلاثة أميال من الجحفة بين الحرمين.

51
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 21 نفي العبث و ما يوجب النقص من الاستهزاء و السخرية و المكر و الخديعة عنه تعالى و تأويل الآيات فيها ص : 49

يَعْنِي يُخَادِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِأَيْمَانِهِمْ خِلَافَ مَا فِي جَوَانِحِهِمْ‏ وَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ أَيْضاً الَّذِينَ سَيِّدُهُمْ وَ فَاضِلُهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ قَالَ‏ وَ ما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ‏ مَا يَضُرُّونَ بِتِلْكَ الْخَدِيعَةِ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْهُمْ وَ عَنْ نُصْرَتِهِمْ وَ لَوْ لَا إِمْهَالُهُ لَهُمْ مَا قَدَرُوا عَلَى شَيْ‏ءٍ مِنْ فُجُورِهِمْ وَ طُغْيَانِهِمْ‏ وَ ما يَشْعُرُونَ‏ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ وَ أَنَّ اللَّهَ يُطْلِعُ نَبِيَّهُ عَلَى نِفَاقِهِمْ وَ كَذِبِهِمْ وَ كُفْرِهِمْ وَ يَأْمُرُهُ بِلَعْنِهِمْ فِي لَعْنَةِ الظَّالِمِينَ النَّاكِثِينَ وَ ذَلِكَ اللَّعْنُ لَا يُفَارِقُهُمْ فِي الدُّنْيَا يَلْعَنُهُمْ خِيَارُ عِبَادِ اللَّهِ وَ فِي الْآخِرَةِ يُبْتَلَوْنَ بِشَدَائِدِ عِقَابِ اللَّهِ‏ وَ إِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى قَوْلِهِ‏ يَعْمَهُونَ‏ قَالَ مُوسَى ع وَ إِذَا لَقِيَ هَؤُلَاءِ النَّاكِثُونَ لِلْبَيْعَةِ الْمُوَاطِئُونَ‏ «1» عَلَى مُخَالَفَةِ عَلِيٍّ ع وَ دَفْعِ الْأَمْرِ عَنْهُ الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا كَإِيمَانِكُمْ إِذَا لَقُوا سَلْمَانَ وَ الْمِقْدَادَ وَ أَبَا ذَرٍّ وَ عَمَّاراً قَالُوا آمَنَّا بِمُحَمَّدٍ وَ سَلَّمْنَا لَهُ بَيْعَةَ عَلِيٍّ وَ فَضْلَهُ كَمَا آمَنْتُمْ وَ إِنَّ أَوَّلَهُمْ وَ ثَانِيَهُمْ وَ ثَالِثَهُمْ إِلَى تَاسِعِهِمْ رُبَّمَا كَانُوا يَلْتَقُونَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِمْ مَعَ سَلْمَانَ وَ أَصْحَابِهِ فَإِذَا لَقُوهُمْ اشْمَأَزُّوا مِنْهُمْ وَ قَالُوا هَؤُلَاءِ أَصْحَابُ السَّاحِرِ وَ الْأَهْوَجِ يَعْنُونَ مُحَمَّداً وَ عَلِيّاً ع فَيَقُولُ أَوَّلُهُمْ انْظُرُوا كَيْفَ أَسْخَرُ مِنْهُمْ وَ أَكُفُّ عَادِيَتَهُمْ عَنْكُمْ فَإِذَا الْتَقَوْا قَالَ أَوَّلُهُمْ مَرْحَباً بِسَلْمَانَ ابْنِ الْإِسْلَامِ وَ يَمْدَحُهُ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ ص فِيهِ وَ كَذَا كَانَ يَمْدَحُ تَمَامَ الْأَرْبَعَةِ فَلَمَّا جَازُوا عَنْهُمْ كَانَ يَقُولُ الْأَوَّلُ كَيْفَ رَأَيْتُمْ سُخْرِيَّتِي لِهَؤُلَاءِ وَ كَفِّي عَادِيَتَهُمْ عَنِّي وَ عَنْكُمْ فَيَقُولُ لَهُ لَا نَزَالُ بِخَيْرٍ مَا عِشْتَ لَنَا فَيَقُولُ لَهُمْ فَهَكَذَا فَلْتَكُنْ مُعَامَلَتُكُمْ لَهُمْ إِلَى أَنْ تَنْتَهِزُوا الْفُرْصَةَ فِيهِمْ مِثْلَ هَذَا فَإِنَّ اللَّبِيبَ الْعَاقِلَ مَنْ تَجَرَّعَ عَلَى الْغُصَّةِ حَتَّى يَنَالَ الْفُرْصَةَ ثُمَّ يَعُودُونَ إِلَى أَخْدَانِهِمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ الْمُتَمَرِّدِينَ الْمُشَارِكِينَ لَهُمْ فِي تَكْذِيبِ رَسُولِ اللَّهِ ص فِيمَا أَدَّاهُ إِلَيْهِمْ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ ذِكْرِ تَفْضِيلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ نَصْبِهِ إِمَاماً عَلَى كَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ قَالُوا لَهُمْ إِنَّا مَعَكُمْ فِيمَا وَاطَأْنَاكُمْ عَلَيْهِ مِنْ دَفْعِ عَلِيٍّ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ إِنْ كَانَتْ لِمُحَمَّدٍ كَائِنَةٌ فَلَا يَغُرَّنَّكُمْ وَ لَا يُهَوِّلَنَّكُمْ مَا تَسْمَعُونَهُ مِنَّا مِنْ تَقْرِيظِهِمْ وَ تَرَوْنَا نَجْتَرِئُ عَلَيْهِمْ مِنْ مُدَارَاتِهِمْ فَإِنَّا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ بِهِمْ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ‏ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ‏ يُجَازِيهِمْ جَزَاءَ اسْتِهْزَائِهِمْ فِي الدُّنْيَا

______________________________

 (1) أي الموافقون و المساهمون.

52
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 21 نفي العبث و ما يوجب النقص من الاستهزاء و السخرية و المكر و الخديعة عنه تعالى و تأويل الآيات فيها ص : 49

وَ الْآخِرَةِ وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ‏ يُمْهِلُهُمْ وَ يَتَأَنَّى بِهِمْ وَ يَدْعُوهُمْ إِلَى التَّوْبَةِ وَ يَعِدُهُمْ إِذَا تَابُوا الْمَغْفِرَةَ وَ هُمْ يَعْمَهُونَ لَا يَرْعَوُونَ عَنْ قَبِيحٍ وَ لَا يَتْرُكُونَ أَذًى بِمُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ يُمْكِنُهُمْ إِيصَالُهُ إِلَيْهِمَا إِلَّا بَلَغُوهُ قَالَ الْعَالِمُ ع أَمَّا اسْتِهْزَاءُ اللَّهِ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ إِجْرَاؤُهُ إِيَّاهُمْ عَلَى ظَاهِرِ أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ لِإِظْهَارِهِمُ السَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ وَ أَمَّا اسْتِهْزَاؤُهُ بِهِمْ فِي الْآخِرَةِ فَهُوَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا أَقَرَّهُمْ فِي دَارِ اللَّعْنَةِ وَ الْهَوَانِ وَ عَذَّبَهُمْ بِتِلْكَ الْأَلْوَانِ الْعَجِيبَةِ مِنَ الْعَذَابِ وَ أَقَرَّ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجِنَانِ بِحَضْرَةِ مُحَمَّدٍ صَفِيِّ اللَّهِ الْمَلِكِ الدَّيَّانِ أَطْلَعَهُمْ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُسْتَهْزِءِينَ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا حَتَّى يَرَوْا مَا هُمْ فِيهِ مِنْ عَجَائِبِ اللَّعَائِنِ وَ بَدَائِعِ النَّقِمَاتِ فَيَكُونَ لَذَّتُهُمْ وَ سُرُورُهُمْ بِشَمَاتَتِهِمْ كَلَذَّتِهِمْ وَ سُرُورِهِمْ بِنَعِيمِهِمْ فِي جِنَانِ رَبِّهِمْ فَالْمُؤْمِنُونَ يَعْرِفُونَ أُولَئِكَ الْكَافِرِينَ الْمُنَافِقِينَ بِأَسْمَائِهِمْ وَ صِفَاتِهِمْ وَ الْكَافِرُونَ وَ الْمُنَافِقُونَ يَنْظُرُونَ فَيَرَوْنَ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ كَانُوا بِهِمْ فِي الدُّنْيَا يَسْخَرُونَ لِمَا كَانُوا مِنْ مُوَالاةِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ آلِهِمَا يَعْتَقِدُونَ فَيَرْونَهُمْ فِي أَنْوَاعِ الْكَرَامَةِ وَ النَّعِيمِ فَيَقُولُ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنُونَ الْمُشْرِفُونَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْكَافِرِينَ الْمُنَافِقِينَ يَا فُلَانُ وَ يَا فُلَانُ وَ يَا فُلَانُ حَتَّى يُنَادُوهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ مَا بَالُكُمْ فِي مَوَاقِفِ خِزْيِكُمْ مَاكِثُونَ هَلُمُّوا إِلَيْنَا نَفْتَحْ لَكُمْ أَبْوَابَ الْجِنَانِ لِتَخَلَّصُوا مِنْ عَذَابِكُمْ وَ تَلْحَقُوا بِنَا فَيَقُولُونَ يَا وَيْلَنَا أَنَّى لَنَا هَذَا فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُونَ انْظُرُوا إِلَى هَذِهِ الْأَبْوَابِ فَيَنْظُرُونَ إِلَى أَبْوَابٍ مِنَ الْجِنَانِ مُفَتَّحَةٍ يُخَيَّلُ إِلَيْهِمْ أَنَّهَا إِلَى جَهَنَّمَ الَّتِي فِيهَا يُعَذَّبُونَ وَ يَقْدِرُونَ أَنَّهُمْ يَتَمَكَّنُونَ مِنْ أَنْ يَخْلَصُوا إِلَيْهَا فَيَأْخُذُونَ فِي السِّبَاحَةِ فِي بِحَارِ حَمِيمِهَا وَ عَدْواً مِنْ بَيْنِ أَيْدِي زَبَانِيَتِهَا «1» وَ هُمْ يَلْحَقُونَهُمْ يَضْرِبُونَهُمْ بِأَعْمِدَتِهِمْ وَ مِرْزَبَاتِهِمْ‏ «2» وَ سِيَاطِهِمْ فَلَا يَزَالُونَ هَكَذَا يَسِيرُونَ هُنَاكَ وَ هَذِهِ الْأَصْنَافُ مِنَ الْعَذَابِ تَمَسُّهُمْ حَتَّى إِذَا قَدَرُوا أَنْ قَدْ بَلَغُوا تِلْكَ الْأَبْوَابَ وَجَدُوهَا مَرْدُومَةً «3» عَنْهُمْ وَ

______________________________

 (1) قال الجوهريّ: الزبانية عند العرب: الشرط. و سموا بها بعض الملائكة لدفعهم أهل النار إليها.

 (2) جمع (المرزبة) و قد يشدد الباء: عصية من حديد.

 (3) أي مسدودة.

53
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 22 عقاب الكفار و الفجار في الدنيا ص : 54

تُدَهْدِهُهُمُ الزَّبَانِيَةُ «1» بِأَعْمِدَتِهَا فَتُنَكِّسُهُمْ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ وَ يَسْتَلْقِي أُولَئِكَ الْمُؤْمِنُونَ عَلَى فُرُشِهِمْ فِي مَجَالِسِهِمْ يَضْحَكُونَ مِنْهُمْ مُسْتَهْزِءِينَ بِهِمْ فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ‏.

بيان قال في القاموس الهوج محركة طول في حمق و طيش و تسرع و الهوجاء الناقة المسرعة.

أقول سيأتي تمام الخبر في موضعه إن شاء الله تعالى.

باب 22 عقاب الكفار و الفجار في الدنيا

الآيات الرعد إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ‏ الكهف‏ وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ‏ طه‏ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ‏ «2» حمعسق‏ وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ ن‏ إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ وَ لا يَسْتَثْنُونَ فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَ هُمْ نائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلى‏ حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ فَانْطَلَقُوا وَ هُمْ يَتَخافَتُونَ أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ وَ غَدَوْا عَلى‏ حَرْدٍ قادِرِينَ فَلَمَّا رَأَوْها قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ قالَ أَوْسَطُهُمْ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا

______________________________

 (1) أي و تدحرجهم الزبانية.

 (2) أي لا مماسة و لا مخالطة، لا أمس و لا امس، عوقب السامرى في الدنيا بالمنع من مخالطة الناس، و حرم عليهم مكالمته و مخالطته و مجالسته و مؤاكلته، فإذا اتفق أن يماس أحدا حم الماس و الممسوس، فكان يهيم في البرية مع الوحش، و إذا لقى أحدا قال: لا مساس، أي لا تقربنى و لا تماسنى.

54
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 22 عقاب الكفار و الفجار في الدنيا ص : 54

طاغِينَ عَسى‏ رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى‏ رَبِّنا راغِبُونَ كَذلِكَ الْعَذابُ وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ‏ تفسير لَيَصْرِمُنَّها أي ليقطعنها وَ لا يَسْتَثْنُونَ‏ أي لا يقولون إن شاء الله‏ طائِفٌ‏ أي بلاء طائف‏ كَالصَّرِيمِ‏ أي كالبستان الذي صرمت ثماره‏ «1» وَ هُمْ يَتَخافَتُونَ‏ أي يتشاورون بينهم خفية عَلى‏ حَرْدٍ «2» أي نكد من حردت السنة إذا لم يكن فيها مطر قادِرِينَ‏ عند أنفسهم على صرامها و سيأتي تفسير سائر الآيات و تأويلها في مواضعها.

1- فس، تفسير القمي فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع‏ فِي قَوْلِهِ‏ وَ لا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ وَ هِيَ النَّقِمَةُ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ‏ فَتَحُلُّ بِقَوْمٍ غَيْرِهِمْ فَيَرَوْنَ ذَلِكَ وَ يَسْمَعُونَ بِهِ وَ الَّذِينَ حَلَّتْ بِهِمْ عُصَاةٌ كُفَّارٌ مِثْلُهُمْ وَ لَا يَتَّعِظُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ وَ لَنْ يَزَالُوا كَذَلِكَ‏ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ‏ الَّذِي وَعَدَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ النَّصْرِ وَ خِزْيِ الْكَافِرِينَ.

2- فس، تفسير القمي‏ وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَ حَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَ جَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً قَالَ نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ كَانَ لَهُ بُسْتَانَانِ كَبِيرَانِ عَظِيمَانِ كَثِيرُ الثِّمَارِ كَمَا حَكَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ فِيهِمَا نَخْلٌ وَ زَرْعٌ وَ مَاءٌ وَ كَانَ لَهُ جَارٌ فَقِيرٌ فَافْتَخَرَ الْغَنِيُّ عَلَى الْفَقِيرِ وَ قَالَ لَهُ‏ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالًا وَ أَعَزُّ نَفَراً ثُمَّ دَخَلَ بُسْتَانَهُ وَ قَالَ‏ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ «3» هذِهِ أَبَداً وَ ما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَ لَئِنْ رُدِدْتُ إِلى‏ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً فَقَالَ لَهُ الْفَقِيرُ أَ كَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَ لا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً ثُمَّ قَالَ الْفَقِيرُ لِلْغَنِيِّ فَهَلَّا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَ وَلَداً ثُمَّ قَالَ الْفَقِيرُ فَعَسى‏

______________________________

 (1) و قيل: الصريم: الليل اي صارت سوداء كالليل لاحتراقها.

 (2) قال الشيخ في التبيان: «وَ غَدَوْا عَلى‏ حَرْدٍ» فالحرد: القصد، قال الحسن: معناه على جهة من الفاهة. و قال مجاهد: معناه على جد من أمرهم. و قال سفيان: معناه على حنق. و قيل معناه على منع، من قولهم: حاردت السنة: إذا منعت قطرها، و الأصل القصد، و قوله: «قادِرِينَ» معناه: مقدرين أنهم يصرمون ثمارها؛ و يجوز أن يكون المراد: و غدوا على حرد قادرين عند أنفسهم على صرام جنتهم.

 (3) أي أن تهلك.

55
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 22 عقاب الكفار و الفجار في الدنيا ص : 54

رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَ يُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً «1» مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً «2» أَيْ مُحْتَرِقاً أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَوَقَعَ فِيهَا مَا قَالَ الْفَقِيرُ فِي ذَلِكَ‏ «3» اللَّيْلَةِ فَأَصْبَحَ‏ الْغَنِيُ‏ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ‏ «4» عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَ هِيَ خاوِيَةٌ «5» عَلى‏ عُرُوشِها وَ يَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً وَ لَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ ما كانَ مُنْتَصِراً وَ هَذِهِ عُقُوبَةُ الْغَنِيِ‏ «6».

3- عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ع قَاعِداً فَأُتِيَ بِامْرَأَةٍ قَدْ صَارَ وَجْهُهَا قَفَاهَا فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى فِي جَبِينِهَا وَ يَدَهُ الْيُسْرَى مِنْ خَلْفِ ذَلِكَ ثُمَّ عَصَرَ وَجْهَهَا عَنِ الْيَمِينِ ثُمَّ قَالَ‏ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ‏ فَرَجَعَ وَجْهُهَا فَقَالَ احْذَرِي أَنْ تَفْعَلِي كَمَا فَعَلْتِ قَالُوا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ مَا فَعَلَتْ فَقَالَ ذَلِكَ مَسْتُورٌ إِلَّا أَنْ تَتَكَلَّمَ بِهِ فَسَأَلُوهَا فَقَالَتْ كَانَتْ لِي ضَرَّةٌ فَقُمْتُ أُصَلِّي فَظَنَنْتُ أَنَّ زَوْجِي مَعَهَا فَالْتَفَتُّ إِلَيْهَا فَرَأَيْتُهَا قَاعِدَةً وَ لَيْسَ هُوَ مَعَهَا فَرَجَعَ وَجْهُهَا عَلَى مَا كَانَ.

4- شي، تفسير العياشي عَنْ أَبِي عَمْرٍو الْمَدَائِنِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ إِنَّ أَبِي كَانَ يَقُولُ‏ إِنَّ اللَّهَ قَضَى قَضَاءً حَتْماً لَا يُنْعِمُ عَلَى عَبْدِهِ بِنِعْمَةٍ فَيَسْلُبَهَا إِيَّاهُ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ الْعَبْدُ مَا يَسْتَوْجِبُ بِذَلِكَ الذَّنْبِ سَلْبَ تِلْكَ النِّعْمَةِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ‏ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ‏

5- شي، تفسير العياشي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع‏ فِي قَوْلِ اللَّهِ‏ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ

______________________________

 (1) بضم الحاء، قال الراغب في مفرداته: قيل: نارا و عذابا و إنّما هو في الحقيقة ما يحاسب عليه فيجازى بحسبه انتهى. و قيل: أصل السهام التي ترمى لتجرى في طلق واحد و كان ذلك من رمى الاساورة، و الحسبان: المرامى الكثيرة. و قيل: بردا.

 (2) أرض زاق: لمساء ليس بها شي‏ء.

 (3) في المصدر: فى تلك الليلة. م.

 (4) تقليب الكف عبارة عن الندم ذكرا لحال ما يوجد عليه النادم، أي فاصبح يصفق ندامة.

 (5) خاوية أي ساقطة من خوى النجم: إذا سقط، أو خالية من خلى المنزل: إذا خلى من أهله و كل مرتفع أظلك من سقف أو كرم أو بيت فهو عرش.

 (6) في المصدر: فهذه عقوبة البغى. م.

56
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 22 عقاب الكفار و الفجار في الدنيا ص : 54

ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ إِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ‏ فَصَارَ الْأَمْرُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.

6- شي، تفسير العياشي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَكْفُوفِ‏ كَتَبَ إِلَيْهِ فِي كِتَابٍ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا سَيِّدِي عَلِّمْ مَوْلَاكَ مَا لَا يُقْبَلُ لِقَائِلِهِ دَعْوَةٌ وَ مَا لَا يُؤَخَّرُ لِفَاعِلِهِ دَعْوَةٌ وَ مَا حَدُّ الِاسْتِغْفَارِ الَّذِي وُعِدَ عَلَيْهِ نُوحٌ وَ الِاسْتِغْفَارِ الَّذِي لَا يُعَذَّبُ قَائِلُهُ وَ كَيْفَ يُلْفَظُ بِهِمَا وَ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ‏ وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ‏ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ‏ وَ قَوْلِهِ‏ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ‏ وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي‏ وَ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ‏ وَ كَيْفَ تَغْيِيرُ الْقَوْمِ مَا بِأَنْفُسِهِمْ حَتَّى يُغَيِّرَ مَا بِأَنْفُسِهِمْ فَكَتَبَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ كَافَأَكُمُ اللَّهُ عَنِّي بِتَضْعِيفِ الثَّوَابِ وَ الْجَزَاءِ الْحَسَنِ الْجَمِيلِ وَ عَلَيْكُمْ جَمِيعاً السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ الِاسْتِغْفَارُ أَلْفٌ وَ التَّوَكُّلُ مَنْ تَوَكَّلَ‏ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ‏ وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ‏ وَ أَمَّا قَوْلُهُ‏ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ‏ مَنْ قَالَ بِالْإِمَامَةِ وَ اتَّبَعَ أَمْرَكُمْ بِحُسْنِ طَاعَتِهِمْ وَ أَمَّا التَّغَيُّرُ إِنَّهُ لَا يُسِي‏ءُ إِلَيْهِمْ حَتَّى يَتَوَلَّوْا ذَلِكَ بِأَنْفُسِهِمْ بِخَطَايَاهُمْ وَ ارْتِكَابِهِمْ مَا نُهِيَ عَنْهُ وَ كَتَبَ بِخَطِّهِ.

7- نهج، نهج البلاغة وَ ايْمُ اللَّهِ مَا كَانَ قَوْمٌ قَطُّ فِي غَضِّ نِعْمَةٍ مِنْ عَيْشٍ فَزَالَ عَنْهُمْ إِلَّا بِذُنُوبٍ اجْتَرَحُوهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى‏ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ وَ لَوْ أَنَّ النَّاسَ حِينَ تَنْزِلُ بِهِمُ النِّقَمُ وَ تَزُولُ عَنْهُمُ النِّعَمُ فَزِعُوا إِلَى رَبِّهِمْ بِصِدْقٍ مِنْ نِيَّاتِهِمْ وَ وَلَهٍ مِنْ قُلُوبِهِمْ لَرَدَّ عَلَيْهِمْ كُلَّ شَارِدٍ وَ أَصْلَحَ لَهُمْ كُلَّ فَاسِدٍ.

توضيح في غضّ نعمة أي في نعمة غضّة طريّة ناضرة و الوله بالتحريك الحزن و الخوف و الشارد النافر.

8 دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيِّ، قَالَ الصَّادِقُ ع‏ اتَّقُوا الذُّنُوبَ وَ حَذِّرُوهَا إِخْوَانَكُمْ فَوَ اللَّهِ مَا الْعُقُوبَةُ إِلَى أَحَدٍ أَسْرَعَ مِنْهَا إِلَيْكُمْ لِأَنَّكُمْ لَا تُؤَاخَذُونَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

9- وَ قَالَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ ع‏ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ تُصِيبُهُ رَفَاهِيَةٌ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِلِ إِلَّا ابْتُلِيَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِبَدَنِهِ أَوْ مَالِهِ حَتَّى يَتَوَفَّرَ حَظُّهُ فِي دَوْلَةِ الْحَقِّ.

57
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 23 علل الشرائع و الأحكام ص : 58

 

باب 23 علل الشرائع و الأحكام‏

الآيات المائدة ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَ لكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَ لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ‏ الأعراف‏ قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ حمعسق‏ اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَ الْمِيزانَ‏ الرحمن‏ وَ السَّماءَ رَفَعَها وَ وَضَعَ الْمِيزانَ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ‏ تفسير قد فسر جماعة من المفسرين الميزان في الآيتين بالشرع و بعضهم بالعدل و بعضهم بالميزان المعروف و أما الأخبار ففيها ثلاثة فصول.

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان‏

1 ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام ع، علل الشرائع حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبْدُوسٍ النَّيْسَابُورِيُّ الْعَطَّارُ بِنَيْسَابُورَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَ خَمْسِينَ وَ ثَلَاثِ مِائَةٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَيْبَةَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ وَ حَدَّثَنَا الْحَاكِمُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ شَاذَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ عَمِّهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ قَالَ قَالَ الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ النَّيْسَابُورِيُ‏ إِنْ سَأَلَ سَائِلٌ فَقَالَ أَخْبِرْنِي هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُكَلِّفَ الْحَكِيمُ‏ «1» عَبْدَهُ فِعْلًا مِنَ الْأَفَاعِيلِ لِغَيْرِ عِلَّةٍ وَ لَا مَعْنِيٍّ قِيلَ لَهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ حَكِيمٌ غَيْرُ عَابِثٍ وَ لَا جَاهِلٍ فَإِنْ قَالَ فَأَخْبِرْنِي لِمَ كَلَّفَ الْخَلْقَ قِيلَ لِعِلَلٍ فَإِنْ قَالَ فَأَخْبِرْنِي مِنْ تِلْكَ الْعِلَلِ مَعْرُوفَةٌ مَوْجُودَةٌ هِيَ أَمْ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ وَ لَا مَوْجُودَةٍ قِيلَ بَلْ هِيَ مَعْرُوفَةٌ وَ مَوْجُودَةٌ عِنْدَ أَهْلِهَا فَإِنْ قَالَ أَ تَعْرِفُونَهَا أَنْتُمْ أَمْ لَا تَعْرِفُونَهَا قِيلَ لَهُمْ مِنْهَا مَا نَعْرِفُهُ وَ مِنْهَا مَا لَا نَعْرِفُهُ فَإِنْ قَالَ فَمَا أَوَّلُ الْفَرَائِضِ قِيلَ‏ «2» الْإِقْرَارُ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ بِرَسُولِهِ وَ حُجَّتِهِ ع وَ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏

______________________________

 (1) في العلل: هل يكلف الحكيم. م.

 (2) في العيون: قيل له. م.

 

58
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

فَإِنْ قَالَ لِمَ أَمَرَ اللَّهُ الْخَلْقَ‏ «1» بِالْإِقْرَارِ بِاللَّهِ وَ بِرُسُلِهِ‏ «2» وَ حُجَجِهِ وَ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قِيلَ لِعِلَلٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا أَنَّ مَنْ لَمْ يُقِرَّ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ يَجْتَنِبْ مَعَاصِيَهُ وَ لَمْ يَنْتَهِ عَنِ ارْتِكَابِ الْكَبَائِرِ وَ لَمْ يُرَاقِبْ أَحَداً فِيمَا يَشْتَهِي وَ يَسْتَلِذُّ مِنَ الْفَسَادِ وَ الظُّلْمِ فَإِذَا فَعَلَ النَّاسُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ وَ ارْتَكَبَ كُلُّ إِنْسَانٍ مَا يَشْتَهِي وَ يَهْوَاهُ مِنْ غَيْرِ مُرَاقَبَةٍ لِأَحَدٍ كَانَ فِي ذَلِكَ فَسَادُ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ وَ وُثُوبُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فَغَصَبُوا الْفُرُوجَ وَ الْأَمْوَالَ وَ أَبَاحُوا الدِّمَاءَ وَ النِّسَاءَ وَ السَّبْيَ وَ قَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً مِنْ غَيْرِ حَقٍّ وَ لَا جَرَمَ فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ خَرَابُ الدُّنْيَا وَ هَلَاكُ الْخَلْقِ وَ فَسَادُ الْحَرْثِ وَ النَّسْلِ وَ مِنْهَا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حَكِيمٌ وَ لَا يَكُونُ الْحَكِيمُ وَ لَا يُوصَفُ‏ «3» بِالْحِكْمَةِ إِلَّا الَّذِي يَحْظُرُ الْفَسَادَ وَ يَأْمُرُ بِالصَّلَاحِ وَ يَزْجُرُ عَنِ الظُّلْمِ وَ يَنْهَى عَنِ الْفَوَاحِشِ وَ لَا يَكُونُ حَظْرُ الْفَسَادِ وَ الْأَمْرُ بِالصَّلَاحِ وَ النَّهْيُ عَنِ الْفَوَاحِشِ إِلَّا بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَعْرِفَةِ الْآمِرِ وَ النَّاهِي فَلَوْ تُرِكَ النَّاسُ بِغَيْرِ إِقْرَارٍ بِاللَّهِ وَ لَا مَعْرِفَتِهِ لَمْ يَثْبُتْ أَمْرٌ بِصَلَاحٍ وَ لَا نَهْيٌ عَنْ فَسَادٍ إِذْ لَا آمِرَ وَ لَا نَاهِيَ وَ مِنْهَا أَنَّا وَجَدْنَا الْخَلْقَ قَدْ يُفْسِدُونَ بِأُمُورٍ بَاطِنَةٍ مَسْتُورَةٍ عَنِ الْخَلْقِ فَلَوْ لَا الْإِقْرَارُ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ خَشْيَتُهُ بِالْغَيْبِ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ إِذَا خَلَا بِشَهْوَتِهِ وَ إِرَادَتِهِ يُرَاقِبُ أَحَداً فِي تَرْكِ مَعْصِيَةٍ وَ انْتِهَاكِ حُرْمَةٍ وَ ارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ إِذَا كَانَ فِعْلُهُ ذَلِكَ مَسْتُوراً «4» عَنِ الْخَلْقِ غَيْرَ مُرَاقَبٍ لِأَحَدٍ وَ كَانَ يَكُونُ فِي ذَلِكَ هَلَاكُ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ فَلَمْ يَكُنْ قِوَامُ الْخَلْقِ وَ صَلَاحُهُمْ إِلَّا بِالْإِقْرَارِ مِنْهُمْ بِعَلِيمٍ خَبِيرٍ يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفَى آمِرٍ بِالصَّلَاحِ نَاهٍ عَنِ الْفَسَادِ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ لِيَكُونَ فِي ذَلِكَ انْزِجَارٌ لَهُمْ عَمَّا يَخْلُونَ‏ «5» بِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَ عَلَيْهِمْ‏ «6» مَعْرِفَةُ الرُّسُلِ وَ الْإِقْرَارُ بِهِمْ وَ الْإِذْعَانُ لَهُمْ بِالطَّاعَةِ قِيلَ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ‏ «7» فِي خَلْقِهِمْ وَ قَوْلِهِمْ وَ قُوَاهُمْ مَا يَكْمُلُونَ لِمَصَالِحِهِمْ‏ «8» وَ كَانَ‏

______________________________

 (1) في العلل: لم امر الخلق. م.

 (2) في العلل: برسوله. م.

 (3) في المصدر: و لا يكون حكيما و لا يوصف. م.

 (4) في العلل: إذا فعل ذلك مستورا. م.

 (5) في العلل عما يحلون به. م.

 (6) في العلل: فان قال قائل: فلم وجب عليكم. م.

 (7) في العيون: لما إن لم يكن؛ و في العلل: لما لم يكتف. م.

 (8) في العلل بعد قوله: و قواهم: ما يثبتون به لمباشرة الصانع عزّ و جلّ حتّى يكلمهم و يشافههم و كان الصانع اه. م.

59
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

الصَّانِعُ مُتَعَالِياً عَنْ أَنْ يُرَى‏ «1» وَ كَانَ ضَعْفُهُمْ وَ عَجْزُهُمْ عَنْ إِدْرَاكِهِ ظَاهِراً لَمْ يَكُنْ بُدٌّ «2» مِنْ رَسُولٍ بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُمْ مَعْصُومٍ يُؤَدِّي إِلَيْهِمْ أَمْرَهُ وَ نَهْيَهُ وَ أَدَبَهُ وَ يَقِفُهُمْ عَلَى مَا يَكُونُ بِهِ إِحْرَازُ مَنَافِعِهِمْ‏ «3» وَ دَفْعُ مَضَارِّهِمْ إِذْ لَمْ يَكُنْ فِي خَلْقِهِمْ مَا يَعْرِفُونَ بِهِ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْ مَنَافِعِهِمْ وَ مَضَارِّهِمْ فَلَوْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ مَعْرِفَتُهُ وَ طَاعَتُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي مَجِي‏ءِ الرَّسُولِ مَنْفَعَةٌ وَ لَا سَدُّ حَاجَةٍ وَ لَكَانَ يَكُونُ إِتْيَانُهُ عَبَثاً لِغَيْرِ مَنْفَعَةٍ وَ لَا صَلَاحٍ وَ لَيْسَ هَذَا مِنْ صِفَةِ الْحَكِيمِ‏ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جَعَلَ أُولِي الْأَمْرِ وَ أَمَرَ بِطَاعَتِهِمْ قِيلَ لِعِلَلٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا أَنَّ الْخَلْقَ لَمَّا وَقَعُوا عَلَى حَدٍّ مَحْدُودٍ وَ أُمِرُوا أَنْ لَا يَتَعَدَّوْا ذَلِكَ الْحَدَّ (تِلْكَ الْحُدُودَ) لِمَا فِيهِ مِنْ فَسَادِهِمْ لَمْ يَكُنْ يَثْبُتُ ذَلِكَ وَ لَا يَقُومُ إِلَّا بِأَنْ يَجْعَلَ عَلَيْهِمْ فِيهِ أَمِيناً يَمْنَعُهُمْ مِنَ التَّعَدِّي وَ الدُّخُولِ فِيمَا حُظِرَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ‏ «4» كَذَلِكَ لَكَانَ أَحَدٌ لَا يَتْرُكُ لَذَّتَهُ وَ مَنْفَعَتَهُ لِفَسَادِ غَيْرِهِ فَجَعَلَ عَلَيْهِمْ قَيِّماً يَمْنَعُهُمْ مِنَ الْفَسَادِ وَ يُقِيمُ فِيهِمُ الْحُدُودَ وَ الْأَحْكَامَ وَ مِنْهَا أَنَّا «5» لَا نَجِدُ فِرْقَةً مِنَ الْفِرَقِ وَ لَا مِلَّةً مِنَ الْمِلَلِ بَقُوا وَ عَاشُوا إِلَّا بِقَيِّمٍ وَ رَئِيسٍ لِمَا لَا بُدَّ لَهُمْ‏ «6» مِنْهُ فِي أَمْرِ الدِّينِ وَ الدُّنْيَا فَلَمْ يَجُزْ فِي حِكْمَةِ الْحَكِيمِ أَنْ يَتْرُكَ الْخَلْقَ مِمَّا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْهُ وَ لَا قِوَامَ لَهُمْ إِلَّا بِهِ فَيُقَاتِلُونَ بِهِ عَدُوَّهُمْ وَ يَقْسِمُونَ بِهِ‏ «7» فَيْئَهُمْ وَ يُقِيمُ‏ «8» لَهُمْ جُمُعَتَهُمْ وَ جَمَاعَتَهُمْ وَ يَمْنَعُ ظَالِمَهُمْ مِنْ مَظْلُومِهِمْ وَ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ إِمَاماً قَيِّماً أَمِيناً حَافِظاً مُسْتَوْدَعاً لَدَرَسَتِ الْمِلَّةُ وَ ذَهَبَ الدِّينُ وَ غُيِّرَتِ السُّنَّةُ وَ الْأَحْكَامُ وَ لَزَادَ فِيهِ الْمُبْتَدِعُونَ وَ نَقَصَ مِنْهُ الْمُلْحِدُونَ وَ شَبَّهُوا ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّا قَدْ وَجَدْنَا «9» الْخَلْقَ مَنْقُوصِينَ مُحْتَاجِينَ‏

______________________________

 (1) في العلل: متعاليا عن أن يرى و يباشر. م.

 (2) في المصدرين: لم يكن بدلهم. م.

 (3) في العلل: اجتلاب منافعهم. م.

 (4) في العلل: ذلك لو لم يكن لكان. م.

 (5) في العلل لم نجد. م.

 (6) في العيون: و لما لا بدّ لهم. م.

 (7) ليس في العيون لفظة (به). م.

 (8) في العلل و يقيمون به. م.

 (9) في العلل: اذ قد وجدنا. م.

60
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

غَيْرَ كَامِلِينَ مَعَ اخْتِلَافِهِمْ وَ اخْتِلَافِ أَهْوَائِهِمْ وَ تَشَتُّتِ أَنْحَائِهِمْ‏ «1» فَلَوْ لَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ قَيِّماً حَافِظاً «2» لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ص لَفَسَدُوا عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا وَ غُيِّرَتِ الشَّرَائِعُ وَ السُّنَنُ وَ الْأَحْكَامُ وَ الْإِيمَانُ وَ كَانَ فِي ذَلِكَ فَسَادُ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ فَإِنْ قِيلَ فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَرْضِ إِمَامَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِعِلَلٍ مِنْهَا أَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَخْتَلِفُ فِعْلُهُ وَ تَدْبِيرُهُ وَ الِاثْنَيْنِ لَا يَتَّفِقُ فِعْلُهُمَا وَ تَدْبِيرُهُمَا وَ ذَلِكَ أَنَّا لَمْ نَجِدْ اثْنَيْنِ إِلَّا مُخْتَلِفَيِ الْهَمِّ وَ الْإِرَادَةِ فَإِذَا كَانَا اثْنَيْنِ ثُمَّ اخْتَلَفَ هَمُّهُمَا وَ إِرَادَتُهُمَا وَ تَدْبِيرُهُمَا وَ كَانَا كِلَاهُمَا مُفْتَرِضَيِ الطَّاعَةِ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَوْلَى بِالطَّاعَةِ مِنْ صَاحِبِهِ فَكَانَ يَكُونُ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافُ الْخَلْقِ وَ التَّشَاجُرُ وَ الْفَسَادُ ثُمَّ لَا يَكُونُ أَحَدٌ مُطِيعاً لِأَحَدِهِمَا إِلَّا وَ هُوَ عَاصٍ لِلْآخَرِ فَتَعُمُّ الْمَعْصِيَةُ أَهْلَ الْأَرْضِ ثُمَّ لَا يَكُونُ لَهُمْ مَعَ ذَلِكَ السَّبِيلُ إِلَى الطَّاعَةِ وَ الْإِيمَانِ وَ يَكُونُونَ إِنَّمَا أَتَوْا فِي ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ الصَّانِعِ الَّذِي وَضَعَ لَهُمْ بَابَ الِاخْتِلَافِ‏ «3» وَ التَّشَاجُرِ «4» إِذْ أَمَرَهُمْ بِاتِّبَاعِ الْمُخْتَلِفَيْنِ وَ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَا إِمَامَيْنِ كَانَ لِكُلٍّ مِنَ الْخَصْمَيْنِ أَنْ يَدْعُوَ «5» إِلَى غَيْرِ مَا يَدْعُو إِلَيْهِ صَاحِبُهُ فِي الْحُكُومَةِ ثُمَّ لَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا أَوْلَى بِأَنْ يُتَّبَعَ مِنْ صَاحِبِهِ فَتَبْطُلُ الْحُقُوقُ وَ الْأَحْكَامُ وَ الْحُدُودُ وَ مِنْهَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ وَاحِدٌ مِنَ الْحُجَّتَيْنِ أَوْلَى بِالنُّطْقِ‏ «6» وَ الْحُكْمِ وَ الْأَمْرِ وَ النَّهْيِ مِنَ الْآخَرِ فَإِذَا كَانَ هَذَا كَذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَبْتَدِئَا بِالْكَلَامِ وَ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَسْبِقَ صَاحِبَهُ بِشَيْ‏ءٍ إِذَا كَانَا فِي الْإِمَامَةِ شِرْعاً وَاحِداً فَإِنْ جَازَ لِأَحَدِهِمَا السُّكُوتُ جَازَ «7» السُّكُوتُ لِلْآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ وَ إِذَا جَازَ لَهُمَا السُّكُوتُ بَطَلَتِ الْحُقُوقُ وَ الْأَحْكَامُ وَ عُطِّلَتِ الْحُدُودُ وَ صَارَتِ‏ «8» النَّاسُ كَأَنَّهُمْ لَا إِمَامَ لَهُمْ‏

______________________________

 (1) في العلل: حالاتهم. م.

 (2) في العلل: لم يجعل فيها حافظا. م.

 (3) في العلل بعد ذلك: و سبب التشاجر اذ امرهم. م.

 (4) في العيون بعد ذلك: و الفساد. م.

 (5) في العلل: الى غير الذي يدعو. م.

 (6) في العلل: بالنظر. م.

 (7) في العلل: جاز للآخر. م.

 (8) في العلل: و حار (صار خ ل) الناس. م.

61
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الرَّسُولِ ع قِيلَ لِعِلَلٍ مِنْهَا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْإِمَامُ مُفْتَرَضَ الطَّاعَةِ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ دَلَالَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ وَ يَتَمَيَّزُ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ وَ هِيَ الْقَرَابَةُ الْمَشْهُورَةُ وَ الْوَصِيَّةُ الظَّاهِرَةُ لِيُعْرَفَ مِنْ غَيْرِهِ وَ يُهْتَدَى إِلَيْهِ بِعَيْنِهِ وَ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ جَازَ فِي غَيْرِ جِنْسِ الرَّسُولِ لَكَانَ قَدْ فَضَّلَ مَنْ لَيْسَ بِرَسُولٍ عَلَى الرُّسُلِ إِذْ جَعَلَ أَوْلَادَ الرُّسُلِ أَتْبَاعاً لِأَوْلَادِ أَعْدَائِهِ كَأَبِي جَهْلٍ وَ ابْنِ أَبِي مُعَيْطٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ بِزَعْمِهِ أَنْ يَنْتَقِلَ ذَلِكَ فِي أَوْلَادِهِمْ إِذَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ فَيَصِيرَ أَوْلَادُ الرَّسُولِ تَابِعِينَ وَ أَوْلَادُ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَ أَعْدَاءِ رَسُولِهِ مَتْبُوعِينَ وَ كَانَ الرَّسُولُ أَوْلَى بِهَذِهِ الْفَضِيلَةِ مِنْ غَيْرِهِ وَ أَحَقَّ وَ مِنْهَا أَنَّ الْخَلْقَ إِذَا أَقَرُّوا لِلرَّسُولِ بِالرِّسَالَةِ وَ أَذْعَنُوا لَهُ بِالطَّاعَةِ لَمْ يَتَكَبَّرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ أَنْ يَتَّبِعَ وُلْدَهُ وَ يُطِيعَ ذُرِّيَّتَهُ وَ لَمْ يَتَعَاظَمْ ذَلِكَ فِي أَنْفُسِ النَّاسِ وَ إِذَا كَانَ فِي غَيْرِ جِنْسِ الرَّسُولِ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَ دَخَلَهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْكِبْرُ وَ لَمْ تَسْخَ‏ «1» أَنْفُسُهُمْ بِالطَّاعَةِ لِمَنْ هُوَ عِنْدَهُمْ دُونَهُمْ فَكَانَ يَكُونُ فِي ذَلِكَ دَاعِيَةٌ لَهُمْ إِلَى الْفَسَادِ وَ النِّفَاقِ وَ الِاخْتِلَافِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَ عَلَيْهِمُ الْإِقْرَارُ وَ الْمَعْرِفَةُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَاحِدٌ أَحَدٌ قِيلَ لِعِلَلٍ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمُ الْإِقْرَارُ وَ الْمَعْرِفَةُ لَجَازَ «2» أَنْ يَتَوَهَّمُوا مُدَبِّرَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَ إِذَا جَازَ ذَلِكَ لَمْ يَهْتَدُوا إِلَى الصَّانِعِ لَهُمْ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ كَانَ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ إِنَّمَا يَعْبُدُ غَيْرَ الَّذِي خَلَقَهُ وَ يُطِيعُ غَيْرَ الَّذِي أَمَرَهُ فَلَا يَكُونُونَ عَلَى حَقِيقَةٍ مِنْ صَانِعِهِمْ وَ خَالِقِهِمْ وَ لَا يَثْبُتُ عِنْدَهُمْ أَمْرُ آمِرٍ وَ لَا نَهْيُ نَاهٍ إِذْ لَا يَعْرِفُ الْآمِرَ بِعَيْنِهِ وَ لَا النَّاهِيَ مِنْ غَيْرِهِ وَ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ اثْنَيْنِ لَمْ يَكُنْ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوْلَى بِأَنْ يُعْبَدَ وَ يُطَاعَ مِنَ الْآخَرِ وَ فِي إِجَازَةِ أَنْ يُطَاعَ ذَلِكَ الشَّرِيكُ إِجَازَةُ أَنْ لَا يُطَاعَ اللَّهُ وَ فِي أَنْ لَا يُطَاعَ‏ «3»

______________________________

 (1) في العيون المطبوع و لم تسبح. م.

 (2) في العلل: لو لم يجب ذلك عليهم لجاز لهم. م.

 (3) في العيون: و في اجازة ان لا يطاع اللّه. م.

62
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْكُفْرُ بِاللَّهِ وَ بِجَمِيعِ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ وَ إِثْبَاتُ كُلِّ بَاطِلٍ وَ تَرْكُ كُلِّ حَقٍّ وَ تَحْلِيلُ كُلِّ حَرَامٍ وَ تَحْرِيمُ كُلِّ حَلَالٍ وَ الدُّخُولُ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ وَ الْخُرُوجُ مِنْ كُلِّ طَاعَةٍ وَ إِبَاحَةُ كُلِّ فَسَادٍ وَ إِبْطَالٌ لِكُلِّ حَقٍ‏ «1» وَ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ لَجَازَ لِإِبْلِيسَ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ ذَلِكَ الْآخَرُ حَتَّى يُضَادَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي جَمِيعِ حُكْمِهِ وَ يَصْرِفَ الْعِبَادَ إِلَى نَفْسِهِ فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ أَعْظَمُ الْكُفْرِ وَ أَشَدُّ النِّفَاقِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَ عَلَيْهِمُ الْإِقْرَارُ لِلَّهِ بِأَنَّهُ‏ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ قِيلَ لِعِلَلٍ مِنْهَا أَنْ يَكُونُوا قَاصِدِينَ نَحْوَهُ بِالْعِبَادَةِ وَ الطَّاعَةِ دُونَ غَيْرِهِ غَيْرَ مُشْتَبِهٍ عَلَيْهِمْ أَمْرُ رَبِّهِمْ وَ صَانِعِهِمْ وَ رَازِقِهِمْ‏ «2» وَ مِنْهَا أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ‏ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ لَمْ يَدْرُوا لَعَلَّ رَبَّهُمْ وَ صَانِعَهُمْ هَذِهِ الْأَصْنَامُ‏ «3» الَّتِي نَصَبَتْهَا لَهُمْ آبَاؤُهُمْ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النِّيرَانُ إِذَا كَانَ جَائِزاً أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِمْ مُشَبَّهَةً «4» وَ كَانَ يَكُونُ فِي ذَلِكَ الْفَسَادُ وَ تَرْكُ طَاعَاتِهِ كُلِّهَا وَ ارْتِكَابُ مَعَاصِيهِ كُلِّهَا عَلَى قَدْرِ مَا يَتَنَاهَى إِلَيْهِمْ مِنْ أَخْبَارِ هَذِهِ الْأَرْبَابِ وَ أَمْرِهَا وَ نَهْيِهَا وَ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْرِفُوا أَنْ‏ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ لَجَازَ عِنْدَهُمْ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِ مَا يَجْرِي عَلَى الْمَخْلُوقِينَ مِنَ الْعَجْزِ وَ الْجَهْلِ وَ التَّغْيِيرِ وَ الزَّوَالِ وَ الْفَنَاءِ وَ الْكَذِبِ وَ الِاعْتِدَاءِ وَ مَنْ جَازَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَمْ يُؤْمَنْ فَنَاؤُهُ وَ لَمْ يُوثَقْ بِعَدْلِهِ وَ لَمْ يُحَقَّقْ قَوْلُهُ وَ أَمْرُهُ وَ نَهْيُهُ وَ وَعْدُهُ وَ وَعِيدُهُ وَ ثَوَابُهُ وَ عِقَابُهُ وَ فِي ذَلِكَ فَسَادُ الْخَلْقِ وَ إِبْطَالُ الرُّبُوبِيَّةِ فَإِنْ قَالَ لِمَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْعِبَادَ وَ نَهَاهُمْ قِيلَ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ بَقَاؤُهُمْ وَ صَلَاحُهُمْ إِلَّا بِالْأَمْرِ وَ النَّهْيِ وَ الْمَنْعِ عَنِ الْفَسَادِ وَ التَّغَاصُبِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ تَعَبَّدَهُمْ قِيلَ لِئَلَّا يَكُونُوا نَاسِينَ لِذِكْرِهِ وَ لَا تَارِكِينَ لِأَدَبِهِ وَ لَا لَاهِينَ عَنْ أَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ إِذْ كَانَ فِيهِ صَلَاحُهُمْ وَ قِوَامُهُمْ فَلَوْ تُرِكُوا بِغَيْرِ تَعَبُّدٍ لَطَالَ‏ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ‏

______________________________

 (1) في المصدرين: و إبطال كل حق. م.

 (2) في العيون بعد ذلك: بهذا الأصنام. م.

 (3) في نسخة: لعل ربهم وضع لهم هذه الأصنام.

 (4) في نسخة: مشبها.

63
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِالصَّلَاةِ قِيلَ لِأَنَّ فِي الصَّلَاةِ الْإِقْرَارَ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَ هُوَ صَلَاحٌ عَامٌّ لِأَنَّ فِيهِ خَلْعَ الْأَنْدَادِ وَ الْقِيَامَ بَيْنَ يَدَيِ الْجَبَّارِ بِالذُّلِّ وَ الِاسْتِكَانَةِ وَ الْخُضُوعِ وَ الِاعْتِرَافِ وَ طَلَبِ الْإِقَالَةِ مِنْ سَالِفِ الذُّنُوبِ وَ وَضْعَ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ لِيَكُونَ الْعَبْدُ ذَاكِراً لِلَّهِ تَعَالَى غَيْرَ نَاسٍ لَهُ وَ يَكُونَ خَاشِعاً وَجِلًا مُتَذَلِّلًا طَالِباً رَاغِباً فِي الزِّيَادَةِ لِلدِّينِ وَ الدُّنْيَا مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الِانْزِجَارِ عَنِ الْفَسَادِ وَ صَارَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ لِئَلَّا يَنْسَى الْعَبْدُ مُدَبِّرَهُ وَ خَالِقَهُ فَيَبْطَرَ «1» وَ يَطْغَى وَ لِيَكُونَ فِي ذِكْرِ خَالِقِهِ وَ الْقِيَامِ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ زَاجِراً لَهُ عَنِ الْمَعَاصِي وَ حَاجِزاً وَ مَانِعاً عَنْ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِالْوُضُوءِ وَ بُدِئَ بِهِ قِيلَ لِأَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ طَاهِراً إِذَا قَامَ بَيْنَ يَدَيِ الْجَبَّارِ عِنْدَ مُنَاجَاتِهِ إِيَّاهُ مُطِيعاً لَهُ فِيمَا أَمَرَهُ نَقِيّاً مِنَ الْأَدْنَاسِ وَ النَّجَاسَةِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ ذَهَابِ الْكَسَلِ وَ طَرْدِ النُّعَاسِ وَ تَزْكِيَةِ الْفُؤَادِ لِلْقِيَامِ بَيْنَ يَدَيِ الْجَبَّارِ فَإِنْ قَالَ لِمَ وَجَبَ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ وَ الْيَدَيْنِ وَ الرَّأْسِ وَ الرِّجْلَيْنِ قِيلَ لِأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ بَيْنَ يَدَيِ الْجَبَّارِ فَإِنَّمَا «2» يَنْكَشِفُ مِنْ جَوَارِحِهِ وَ يَظْهَرُ مَا وَجَبَ فِيهِ الْوُضُوءُ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ بِوَجْهِهِ يَسْجُدُ وَ يَخْضَعُ وَ بِيَدِهِ يَسْأَلُ وَ يَرْغَبُ وَ يَرْهَبُ وَ يَتَبَتَّلُ وَ يَنْسُكُ‏ «3» وَ بِرَأْسِهِ يَسْتَقْبِلُ فِي رُكُوعِهِ وَ سُجُودِهِ وَ بِرِجْلَيْهِ يَقُومُ وَ يَقْعُدُ

______________________________

 (1) بطر يبطر بطرا: أخذته دهشة و حيرة عند هجوم النعمة. طغى بالنعمة أو عندها فصرفها إلى غير وجهها. بطر الحق: تكبر عنه و لم يقبله.

 (2) في العلل: قائما.

 (3) أصل الرغبة: السعة في الشي‏ء يقال: رغب الشي‏ء: اتسع، و الرغبة و الرغب و الرغبى: السعة في الإرادة، قال تعالى: وَ يَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً، قاله الراغب. و في لسان العرب: الرغب (بفتح الراء و ضمها) و الرغب (بفتح الراء و الغين) و الرغبة، و الرغبوت، و الرغبى (بفتح الراء و ضمها) و الرغباء: الضراعة و المسألة، و في حديث الدعاء: رغبة و رهبة إليك. و فيه أن الرهبة الخوف و الفزع.

و قال الراغب: الرهبة و الرهب: مخافة مع تحرز و اضطراب. و التبتل: الانقطاع إلى اللّه في العبادة و إخلاص النية انقطاعا يختص به، و أصله من بتل الشي‏ء: قطعه و أبانه من غيره، و سميت فاطمة عليها سلام اللّه البتول لانقطاعها إلى اللّه، و عن نساء زمانها و نساء الأمة عملا و حسبا و دينا. و النسك:

العبادة و التطوع بقربة، و في الحديث الرغبة: تبسط يديك و تظهر باطنهما، و الرهبة: تبسط يديك تظهر ظهرهما. و التبتل: تحرك السبابة اليسرى ترفعها في السماء رسلا و تضعها؛ كل ذلك في حال الدعاء و التضرع.

64
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَ الْغَسْلُ عَلَى الْوَجْهِ وَ الْيَدَيْنِ وَ جُعِلَ الْمَسْحُ عَلَى الرَّأْسِ وَ الرِّجْلَيْنِ وَ لَمْ يُجْعَلْ ذَلِكَ غَسْلًا كُلُّهُ أَوْ مَسْحاً كُلُّهُ قِيلَ لِعِلَلٍ شَتَّى مِنْهَا أَنَّ الْعِبَادَةَ الْعُظْمَى إِنَّمَا هِيَ الرُّكُوعُ وَ السُّجُودُ وَ إِنَّمَا يَكُونُ الرُّكُوعُ وَ السُّجُودُ بِالْوَجْهِ وَ الْيَدَيْنِ لَا بِالرَّأْسِ وَ الرِّجْلَيْنِ وَ مِنْهَا أَنَّ الْخَلْقَ لَا يُطِيقُونَ فِي كُلِّ وَقْتٍ غَسْلَ الرَّأْسِ وَ الرِّجْلَيْنِ وَ يَشْتَدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فِي الْبَرْدِ وَ السَّفَرِ وَ الْمَرَضِ وَ أَوْقَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ وَ غَسْلُ الْوَجْهِ وَ الْيَدَيْنِ أَخَفُّ مِنْ غَسْلِ الرَّأْسِ وَ الرِّجْلَيْنِ وَ إِنَّمَا وُضِعَتِ الْفَرَائِضُ عَلَى قَدْرِ أَقَلِّ النَّاسِ طَاقَةً مِنْ أَهْلِ الصِّحَّةِ ثُمَّ عُمَّ فِيهَا الْقَوِيُّ وَ الضَّعِيفُ وَ مِنْهَا أَنَّ الرَّأْسَ وَ الرِّجْلَيْنِ لَيْسَا هُمَا فِي كُلِّ وَقْتٍ بَادِيَيْنِ ظَاهِرَيْنِ كَالْوَجْهِ وَ الْيَدَيْنِ لِمَوْضِعِ الْعِمَامَةِ وَ الْخُفَّيْنِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَ الْوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ مِنَ الطَّرَفَيْنِ خَاصَّةً وَ مِنَ النَّوْمِ دُونَ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ قِيلَ لِأَنَّ الطَّرَفَيْنِ هُمَا طَرِيقُ النَّجَاسَةِ وَ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ طَرِيقٌ تُصِيبُهُ النَّجَاسَةُ مِنْ نَفْسِهِ إِلَّا مِنْهُمَا فَأُمِرُوا بِالطَّهَارَةِ عِنْدَ مَا تُصِيبُهُمْ تِلْكَ النَّجَاسَةُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَمَّا النَّوْمُ فَإِنَّ النَّائِمَ‏ «1» إِذَا غَلَبَ عَلَيْهِ النَّوْمُ يُفْتَحُ كُلُّ شَيْ‏ءٍ مِنْهُ وَ اسْتَرْخَى وَ كَانَ أَغْلَبُ الْأَشْيَاءِ عَلَيْهِ فِي الْخُرُوجِ مِنْهُ الرِّيحَ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ لَمْ يُؤْمَرُوا بِالْغُسْلِ مِنْ هَذِهِ النَّجَاسَةِ كَمَا أُمِرُوا بِالْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ قِيلَ لِأَنَّ هَذَا شَيْ‏ءٌ دَائِمٌ غَيْرُ مُمْكِنٍ لِلْخَلْقِ الِاغْتِسَالُ مِنْهُ كُلَّمَا يُصِيبُ ذَلِكَ وَ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وَ الْجَنَابَةُ لَيْسَ‏ «2» هِيَ أَمْراً دَائِماً إِنَّمَا هِيَ شَهْوَةٌ يُصِيبُهَا إِذَا أَرَادَ وَ يُمْكِنُهُ تَعْجِيلُهَا وَ تَأْخِيرُهَا الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ وَ الْأَقَلَّ وَ الْأَكْثَرَ وَ لَيْسَ ذَلِكَ هَكَذَا فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِالْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ لَمْ يُؤْمَرُوا بِالْغُسْلِ مِنَ الْخَلَاءِ وَ هُوَ أَنْجَسُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ أَقْذَرُ قِيلَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْجَنَابَةَ مِنْ نَفْسِ الْإِنْسَانِ وَ هُوَ شَيْ‏ءٌ يَخْرُجُ مِنْ جَمِيعِ جَسَدِهِ وَ الْخَلَاءُ لَيْسَ هُوَ مِنْ نَفْسِ الْإِنْسَانِ إِنَّمَا هُوَ غِذَاءٌ يَدْخُلُ مِنْ بَابٍ وَ يَخْرُجُ مِنْ بَابٍ.

______________________________

 (1) في العيون: فلان النائم. م.

 (2) في المصدرين ليست. م.

65
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

أقول: في بعض نسخ علل الشرائع زيادة هي هذه.

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ صَارَ الِاسْتِنْجَاءُ فَرْضاً قِيلَ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَقُومَ بَيْنَ يَدَيِ الْجَبَّارِ وَ شَيْ‏ءٌ مِنْ ثِيَابِهِ وَ جَسَدِهِ نَجِسٌ.

قال مصنف هذا الكتاب غلط الفضل و ذلك لأن الاستنجاء به ليس بفرض و إنما هو سنة «1» رجعنا إلى كلام الفضل انتهى.

و لنرجع إلى المشترك بين الكتابين.

فَإِنْ قَالَ أَخْبِرْنِي عَنِ الْأَذَانِ لِمَ أُمِرُوا بِهِ قِيلَ لِعِلَلٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ تَذْكِيراً لِلسَّاهِي وَ تَنْبِيهاً لِلْغَافِلِ وَ تَعْرِيفاً لِمَنْ جَهِلَ الْوَقْتَ وَ اشْتَغَلَ عَنِ الصَّلَاةِ وَ لِيَكُونَ ذَلِكَ دَاعِياً إِلَى عِبَادَةِ الْخَالِقِ مُرَغِّباً فِيهَا مُقِرّاً لَهُ بِالتَّوْحِيدِ مُجَاهِراً بِالْإِيمَانِ مُعْلِناً بِالْإِسْلَامِ مُؤَذِّناً لِمَنْ نَسِيَهَا «2» وَ إِنَّمَا يُقَالُ مُؤَذِّنٌ لِأَنَّهُ يُؤَذِّنُ بِالصَّلَاةِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ بُدِئَ فِيهِ بِالتَّكْبِيرِ قَبْلَ التَّسْبِيحِ وَ التَّهْلِيلِ وَ التَّحْمِيدِ «3» قِيلَ لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَبْدَأَ بِذِكْرِهِ وَ اسْمِهِ لِأَنَّ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِي التَّكْبِيرِ فِي أَوَّلِ الْحَرْفِ وَ فِي التَّسْبِيحِ وَ التَّهْلِيلِ وَ التَّحْمِيدِ اسْمُ اللَّهِ فِي آخِرِ الْحَرْفِ فَبُدِئَ بِالْحَرْفِ الَّذِي اسْمُ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ لَا فِي آخِرِهِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ مَثْنَى مَثْنَى قِيلَ لِأَنْ يَكُونَ مُكَرَّراً فِي آذَانِ الْمُسْتَمِعِينَ مُؤَكَّداً عَلَيْهِمْ إِنْ سَهَا أَحَدٌ عَنِ الْأَوَّلِ لَمْ يَسْهُ عَنِ الثَّانِي وَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ فَلِذَلِكَ جُعِلَ الْأَذَانُ مَثْنَى مَثْنَى فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ التَّكْبِيرُ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ أَرْبَعاً قِيلَ لِأَنَّ أَوَّلَ الْأَذَانِ إِنَّمَا يَبْدُو غَفْلَةً وَ لَيْسَ قَبْلَهُ كَلَامٌ يَتَنَبَّهُ الْمُسْتَمِعُ لَهُ فَجُعِلَ ذَلِكَ تَنْبِيهاً لِلْمُسْتَمِعِينَ لِمَا بَعْدَهُ فِي الْأَذَانِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جَعَلَ بَعْدَ التَّكْبِيرِ شَهَادَتَيْنِ قِيلَ لِأَنَّ أَوَّلَ الْإِيمَانِ التَّوْحِيدُ وَ الْإِقْرَارُ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَ الثَّانِيَ الْإِقْرَارُ بِالرَّسُولِ بِالرِّسَالَةِ وَ أَنَّ طَاعَتَهُمَا

______________________________

 (1) الظاهر عدم ورود هذا الاشكال كما يأتي عن المصنّف قدّس سرّه في البيان الآتي.

 (2) في العلل: لمن يتناهى. م.

 (3) في العيون و بعض نسخ الكتاب ذكر التهليل فقط و كذا فيما يأتي بعده. م.

66
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

وَ مَعْرِفَتَهُمَا مَقْرُونَتَانِ وَ أَنَّ أَصْلَ الْإِيمَانِ إِنَّمَا هُوَ الشَّهَادَةُ فَجَعَلَ شَهَادَتَيْنِ‏ «1» فِي الْأَذَانِ كَمَا جَعَلَ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ شَهَادَتَيْنِ فَإِذَا أُقِرَّ لِلَّهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَ أُقِرَّ لِلرَّسُولِ بِالرِّسَالَةِ فَقَدْ أُقِرَّ بِجُمْلَةِ الْإِيمَانِ لِأَنَّ أَصْلَ الْإِيمَانِ إِنَّمَا هُوَ الْإِقْرَارُ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ الدُّعَاءُ إِلَى الصَّلَاةِ قِيلَ لِأَنَّ الْأَذَانَ إِنَّمَا وُضِعَ لِمَوْضِعِ الصَّلَاةِ وَ إِنَّمَا هُوَ نِدَاءٌ إِلَى الصَّلَاةِ فَجُعِلَ النِّدَاءُ إِلَى الصَّلَاةِ فِي وَسَطِ الْأَذَانِ فَقَدَّمَ الْمُؤَذِّنُ قَبْلَهَا أَرْبَعاً التَّكْبِيرَتَيْنِ وَ الشَّهَادَتَيْنِ وَ أَخَّرَ بَعْدَهَا أَرْبَعاً يَدْعُو إِلَى الْفَلَاحِ حَثّاً عَلَى الْبِرِّ وَ الصَّلَاةِ ثُمَّ دَعَا إِلَى خَيْرِ الْعَمَلِ مُرَغِّباً فِيهَا وَ فِي عَمَلِهَا وَ فِي أَدَائِهَا ثُمَّ نَادَى بِالتَّكْبِيرِ وَ التَّهْلِيلِ لِيُتِمَّ بَعْدَهَا أَرْبَعاً كَمَا أَتَمَّ قَبْلَهَا أَرْبَعاً وَ لِيَخْتِمَ كَلَامَهُ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا فَتَحَهُ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى‏ «2» فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ آخِرُهَا التَّهْلِيلَ وَ لَمْ يُجْعَلْ آخِرُهَا التَّكْبِيرَ كَمَا جُعِلَ فِي أَوَّلِهَا التَّكْبِيرُ قِيلَ لِأَنَّ التَّهْلِيلَ اسْمُ اللَّهِ فِي آخِرِهِ فَأَحَبَّ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَخْتِمَ الْكَلَامَ بِاسْمِهِ كَمَا فَتَحَهُ بِاسْمِهِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ لَمْ يُجْعَلْ بَدَلَ التَّهْلِيلِ التَّسْبِيحُ أَوِ التَّحْمِيدُ وَ اسْمُ اللَّهِ فِي آخِرِهِمَا- «3» قِيلَ لِأَنَّ التَّهْلِيلَ هُوَ إِقْرَارٌ لِلَّهِ تَعَالَى بِالتَّوْحِيدِ وَ خَلْعِ الْأَنْدَادِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ هُوَ أَوَّلُ الْإِيمَانِ وَ أَعْظَمُ التَّسْبِيحِ وَ التَّحْمِيدِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ بُدِئَ فِي الِاسْتِفْتَاحِ وَ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ وَ الْقِيَامِ وَ الْقُعُودِ بِالتَّكْبِيرِ قِيلَ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْأَذَانِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جَعَلَ الدُّعَاءَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَ لِمَ جَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ الْقُنُوتَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ قِيلَ لِأَنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يَفْتَحَ قِيَامَهُ لِرَبِّهِ وَ عِبَادَتَهُ بِالتَّحْمِيدِ وَ التَّقْدِيسِ وَ الرَّغْبَةِ وَ الرَّهْبَةِ وَ يَخْتِمَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ لِيَكُونَ فِي الْقِيَامِ عِنْدَ الْقُنُوتِ طُولٌ‏ «4»

______________________________

 (1) في العلل: فجعلت شهادتين شهادتين كما جعل اه. م.

 (2) في العلل: بذكر اللّه و تحميده تعالى كما فتحه بذكر اللّه و تحميده تعالى. م.

 (3) في العلل: فى آخر الحرف من هذين الحرفين. م.

 (4) في العلل: بعض الطول. م.

67
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

فَأَحْرَى أَنْ يُدْرِكَ الْمُدْرِكُ الرُّكُوعَ فَلَا تَفُوتَهُ الرَّكْعَةُ «1» فِي الْجَمَاعَةِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ قِيلَ لِئَلَّا يَكُونَ الْقُرْآنُ مَهْجُوراً مُضَيَّعاً وَ لِيَكُونَ مَحْفُوظاً «2» فَلَا يَضْمَحِلَّ وَ لَا يُجْهَلَ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ بُدِئَ بِالْحَمْدِ فِي كُلِّ قِرَاءَةٍ دُونَ سَائِرِ السُّوَرِ قِيلَ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ مِنَ الْقُرْآنِ‏ «3» وَ الْكَلَامِ جُمِعَ فِيهِ مِنْ جَوَامِعِ الْخَيْرِ وَ الْحِكْمَةِ مَا جُمِعَ فِي سُورَةِ الْحَمْدِ وَ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ إِنَّمَا هُوَ أَدَاءٌ لِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ مِنَ الشُّكْرِ وَ شُكْرٌ لِمَا وَفَّقَ عَبْدَهُ لِلْخَيْرِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ تَمْجِيدٌ لَهُ وَ تَحْمِيدٌ وَ إِقْرَارٌ بِأَنَّهُ هُوَ الْخَالِقُ الْمَالِكُ لَا غَيْرُهُ‏ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ اسْتِعْطَافٌ وَ ذِكْرٌ لِآلَائِهِ وَ نَعْمَائِهِ‏ «4» عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ‏ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏ إِقْرَارٌ بِالْبَعْثِ وَ الْحِسَابِ وَ الْمُجَازَاةِ وَ إِيجَابٌ لَهُ مُلْكَ الْآخِرَةِ كَمَا أَوْجَبَ لَهُ مُلْكَ الدُّنْيَا إِيَّاكَ نَعْبُدُ رَغْبَةٌ وَ تَقَرُّبٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِخْلَاصٌ بِالْعَمَلِ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ‏ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ اسْتِزَادَةٌ مِنْ تَوْفِيقِهِ وَ عِبَادَتِهِ وَ اسْتِدَامَةٌ لِمَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ وَ نَصَرَهُ‏ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ اسْتِرْشَادٌ لِأَدَبِهِ وَ اعْتِصَامٌ بِحَبْلِهِ وَ اسْتِزَادَةٌ فِي الْمَعْرِفَةِ بِرَبِّهِ وَ بِعَظَمَتِهِ وَ كِبْرِيَائِهِ‏ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ تَوْكِيدٌ فِي السُّؤَالِ وَ الرَّغْبَةِ وَ ذِكْرٌ لِمَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ نِعَمِهِ عَلَى أَوْلِيَائِهِ وَ رَغْبَةٌ فِي ذَلِكَ النِّعَمِ‏ «5» غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ اسْتِعَاذَةٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُعَانِدِينَ الْكَافِرِينَ الْمُسْتَخِفِّينَ بِهِ وَ بِأَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ‏ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ اعْتِصَامٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنَ الضَّالِّينَ الَّذِينَ ضَلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً فَقَدِ اجْتَمَعَ فِيهِ مِنْ جَوَامِعِ الْخَيْرِ وَ الْحِكْمَةِ فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ وَ الدُّنْيَا مَا لَا يَجْمَعُهُ شَيْ‏ءٌ مِنَ الْأَشْيَاءِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ التَّسْبِيحُ فِي الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ قِيلَ لِعِلَلٍ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ‏

______________________________

 (1) في العلل: الركعتان. م.

 (2) في العلل: بل يكون محفوظا مدروسا. م.

 (3) في العيون: فى القرآن. م.

 (4) في العلل: و ذكر لربه و نعمائه. م.

 (5) في نسخة: تلك النعم. و في العلل: مثل ذلك النعم.

68
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

الْعَبْدُ مَعَ خُضُوعِهِ وَ خُشُوعِهِ وَ تَعَبُّدِهِ وَ تَوَرُّعِهِ وَ اسْتِكَانَتِهِ وَ تَذَلُّلِهِ وَ تَوَاضُعِهِ وَ تَقَرُّبِهِ إِلَى رَبِّهِ مُقَدِّساً لَهُ مُمَجِّداً مُسَبِّحاً مُعَظِّماً «1» شَاكِراً لِخَالِقِهِ وَ رَازِقِهِ وَ لِيَسْتَعْمِلَ التَّسْبِيحَ وَ التَّحْمِيدَ كَمَا اسْتَعْمَلَ التَّكْبِيرَ وَ التَّهْلِيلَ وَ لِيَشْغَلَ قَلْبَهُ وَ ذِهْنَهُ بِذِكْرِ اللَّهِ فَلَا يَذْهَبَ بِهِ الْفِكْرُ وَ الْأَمَانِيُّ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ أَصْلُ الصَّلَاةِ رَكْعَتَيْنِ وَ لِمَ زِيدَ عَلَى بَعْضِهَا رَكْعَةٌ وَ عَلَى بَعْضِهَا رَكْعَتَانِ وَ لَمْ يُزَدْ عَلَى بَعْضِهَا شَيْ‏ءٌ قِيلَ لِأَنَّ أَصْلَ الصَّلَاةِ إِنَّمَا هِيَ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ أَصْلَ الْعَدَدِ وَاحِدٌ فَإِذَا نَقَصَتْ‏ «2» مِنْ وَاحِدٍ فَلَيْسَتْ هِيَ صَلَاةً فَعَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ الْعِبَادَ لَا يُؤَدُّونَ تِلْكَ الرَّكْعَةَ الْوَاحِدَةَ الَّتِي لَا صَلَاةَ أَقَلُّ مِنْهَا بِكَمَالِهَا وَ تَمَامِهَا وَ الْإِقْبَالِ عَلَيْهَا فَقَرَنَ إِلَيْهَا رَكْعَةً لِيَتِمَّ بِالثَّانِيَةِ مَا نَقَصَ مِنَ الْأُولَى فَفَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَصْلَ الصَّلَاةِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَنَّ الْعِبَادَ لَا يُؤَدُّونَ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ بِتَمَامِ مَا أُمِرُوا بِهِ وَ كَمَالِهِ فَضَمَّ إِلَى الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ وَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ لِيَكُونَ فِيهِمَا تَمَامُ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ يَكُونُ شُغُلُ النَّاسِ فِي وَقْتِهَا أَكْثَرَ لِلِانْصِرَافِ إِلَى الْأَوْطَانِ وَ الْأَكْلِ وَ الْوُضُوءِ وَ التَّهْيِئَةِ لِلْمَبِيتِ فَزَادَ فِيهَا رَكْعَةً وَاحِدَةً لِيَكُونَ أَخَفَّ عَلَيْهِمْ وَ لِأَنْ تَصِيرَ رَكَعَاتُ الصَّلَاةِ فِي الْيَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ فَرْداً ثُمَّ تَرَكَ الْغَدَاةَ عَلَى حَالِهَا لِأَنَّ الِاشْتِغَالَ فِي وَقْتِهَا أَكْثَرُ وَ الْمُبَادَرَةَ إِلَى الْحَوَائِجِ فِيهَا أَعَمُّ وَ لِأَنَّ الْقُلُوبَ فِيهَا أَخْلَى مِنَ الْفِكْرِ لِقِلَّةِ مُعَامَلَاتِ النَّاسِ بِاللَّيْلِ وَ لِقِلَّةِ الْأَخْذِ وَ الْإِعْطَاءِ فَالْإِنْسَانُ فِيهَا أَقْبَلُ عَلَى صَلَاتِهِ مِنْهُ فِي غَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ لِأَنَ‏ «3» الْفِكْرَ أَقَلُّ لِعَدَمِ الْعَمَلِ مِنَ اللَّيْلِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ‏ «4» التَّكْبِيرُ فِي الِاسْتِفْتَاحِ سَبْعَ مَرَّاتٍ قِيلَ‏ «5» لِأَنَّ الْفَرْضَ‏

______________________________

 (1) في العيون: مطيعا. م.

 (2) في العيون: فان انقضت. م.

 (3) في العيون: لان الذكر قد تقدم العمل من الليل. م.

 (4) في العلل: فلم جعل في الاستفتاح سبع تكبيرات؟ قيل انما جعل ذلك لان التكبير في الصلاة الأولى التي هي الأصل اه. م.

 (5) في العيون و بعض نسخ الكتاب: قيل: إنّما جعل ذلك إلخ. م.

69
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

مِنْهَا وَاحِدٌ وَ سَائِرَهَا سُنَّةٌ وَ إِنَّمَا جُعِلَ ذَلِكَ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ كُلَّهُ سَبْعُ تَكْبِيرَاتٍ تَكْبِيرَةِ الِاسْتِفْتَاحِ وَ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ وَ تَكْبِيرَتَيِ السُّجُودِ وَ تَكْبِيرَةٍ أَيْضاً لِلرُّكُوعِ وَ تَكْبِيرَتَيْنِ لِلسُّجُودِ فَإِذَا كَبَّرَ الْإِنْسَانُ أَوَّلَ الصَّلَاةِ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ فَقَدْ أَحْرَزَ التَّكْبِيرَ كُلَّهُ‏ «1» فَإِنْ سَهَا فِي شَيْ‏ءٍ مِنْهَا أَوْ تَرَكَهَا لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ نَقْصٌ فِي صَلَاتِهِ.

أَقُولُ وَ فِي الْعِلَلِ كَمَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ مَنْ كَبَّرَ أَوَّلَ صَلَاتِهِ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ أَجْزَأَهُ وَ يُجْزِي تَكْبِيرَةٌ وَاحِدَةٌ ثُمَّ إِنْ لَمْ يُكَبِّرْ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ صَلَاتِهِ أَجْزَأَهُ عَنْهُ ذَلِكَ وَ إِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ إِذَا تَرَكَهَا سَاهِياً أَوْ نَاسِياً.

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ غَلِطَ الْفَضْلُ أَنَّ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ فَرِيضَةٌ وَ إِنَّمَا هِيَ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ رَجَعْنَا إِلَى كَلَامِ الْفَضْلِ أَقُولُ رَجَعْنَا إِلَى الْمُشْتَرَكِ.

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جَعَلَ رَكْعَةً وَ سَجْدَتَيْنِ‏ «2» قِيلَ لِأَنَّ الرُّكُوعَ مِنْ فِعْلِ الْقِيَامِ وَ السُّجُودَ مِنْ فِعْلِ الْقُعُودِ وَ صَلَاةَ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقِيَامِ فَضُوعِفَ السُّجُودُ لِيَسْتَوِيَ بِالرُّكُوعِ فَلَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ لِأَنَّ الصَّلَاةَ إِنَّمَا هِيَ رُكُوعٌ وَ سُجُودٌ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ التَّشَهُّدُ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ قِيلَ لِأَنَّهُ كَمَا قُدِّمَ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ الْأَذَانُ وَ الدُّعَاءُ وَ الْقِرَاءَةُ فَكَذَلِكَ أَيْضاً أُمِرَ «3» بَعْدَهَا بِالتَّشَهُّدِ وَ التَّحْمِيدِ وَ الدُّعَاءِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ التَّسْلِيمُ تَحْلِيلَ الصَّلَاةِ وَ لَمْ يُجْعَلْ بَدَلُهُ تَكْبِيراً أَوْ تَسْبِيحاً أَوْ ضَرْباً آخَرَ قِيلَ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ تَحْرِيمُ الْكَلَامِ لِلْمَخْلُوقِينَ وَ التَّوَجُّهُ إِلَى الْخَالِقِ كَانَ تَحْلِيلُهَا كَلَامَ الْمَخْلُوقِينَ وَ الِانْتِقَالَ عَنْهَا وَ ابْتِدَاءُ الْمَخْلُوقِينَ بِالْكَلَامِ إِنَّمَا هُوَ بِالتَّسْلِيمِ‏

______________________________

 (1) في العلل: فقد علم اجزاء التكبير كله. م.

 (2) في العلل: ركعة بركوع و سجدتين. م.

 (3) في العلل: أخر. م.

70
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ الْقِرَاءَةُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَ التَّسْبِيحُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ قِيلَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ مَا فَرَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ عِنْدِهِ وَ مَا فَرَضَهُ مِنْ عِنْدِ رَسُولِهِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتِ الْجَمَاعَةُ قِيلَ لِأَنْ لَا يَكُونَ الْإِخْلَاصُ وَ التَّوْحِيدُ وَ الْإِسْلَامُ وَ الْعِبَادَةُ لِلَّهِ إِلَّا ظَاهِراً مَكْشُوفاً مَشْهُوداً لِأَنَّ فِي إِظْهَارِهِ حُجَّةً عَلَى أَهْلِ الشَّرْقِ وَ الْغَرْبِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِيَكُونَ الْمُنَافِقُ الْمُسْتَخِفُّ مُؤَدِّياً لِمَا أَقَرَّ بِهِ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ‏ «1» وَ الْمُرَاقَبَةَ وَ لِتَكُونَ شَهَادَاتُ النَّاسِ بِالْإِسْلَامِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ جَائِزَةً مُمْكِنَةً مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْمُسَاعَدَةِ عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوَى وَ الزَّجْرِ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ الْجَهْرُ فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ وَ لَمْ يُجْعَلْ فِي بَعْضٍ قِيلَ لِأَنَّ الصَّلَوَاتِ الَّتِي يُجْهَرُ فِيهَا إِنَّمَا هِيَ صَلَوَاتٌ تُصَلَّى فِي أَوْقَاتٍ مُظْلِمَةٍ فَوَجَبَ أَنْ يُجْهَرَ فِيهَا لِأَنْ يَمُرَّ الْمَارُّ فَيَعْلَمَ أَنَّ هَاهُنَا جَمَاعَةً فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَّى وَ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَرَ جَمَاعَةً تُصَلِّي سَمِعَ وَ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ السَّمَاعِ وَ الصَّلَاتَانِ اللَّتَانِ لَا يُجْهَرُ فِيهِمَا فَإِنَّهُمَا بِالنَّهَارِ وَ فِي أَوْقَاتٍ مُضِيئَةٍ فَهِيَ تُدْرَكُ مِنْ جِهَةِ الرُّؤْيَةِ فَلَا يَحْتَاجُ فِيهَا إِلَى السَّمَاعِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتِ الصَّلَوَاتُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ وَ لَمْ تُقَدَّمْ وَ لَمْ تُؤَخَّرْ قِيلَ لِأَنَّ الْأَوْقَاتَ الْمَشْهُورَةَ الْمَعْلُومَةَ الَّتِي تَعُمُّ أَهْلَ الْأَرْضِ فَيَعْرِفُهَا الْجَاهِلُ وَ الْعَالِمُ أَرْبَعَةٌ غُرُوبُ الشَّمْسِ مَعْرُوفٌ‏ «2» تَجِبُ عِنْدَهُ الْمَغْرِبُ وَ سُقُوطُ الشَّفَقِ مَشْهُورٌ تَجِبُ عِنْدَهُ الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ وَ طُلُوعُ الْفَجْرِ مَشْهُورٌ مَعْلُومٌ تَجِبُ عِنْدَهُ الْغَدَاةُ وَ زَوَالُ الشَّمْسِ مَشْهُورٌ مَعْلُومٌ تَجِبُ عِنْدَهُ الظُّهْرُ وَ لَمْ يَكُنْ لِلْعَصْرِ وَقْتٌ مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ مِثْلُ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الْأَرْبَعَةِ فَجُعِلَ وَقْتُهَا عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الصَّلَاةِ الَّتِي قَبْلَهَا «3» وَ عِلَّةٌ أُخْرَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَحَبَّ أَنْ‏

______________________________

 (1) في المصدرين: بظاهر الإسلام: م.

 (2) في العلل: مشهور معرفتها. م.

 (3) الموجود في العلل هكذا: و زوال الشمس و إيفاء الفي‏ء معلوم فوجب عنده الظهر، و لم يكن للعصر وقت معلوم مشهور مثل هذه الأوقات الأربعة فجعل وقتها الفراغ من الصلاة التي قبلها إلى أن يصير الظل من كل شي‏ء أربعة أضعافه انتهى. و الظاهر أن الجملة الأخيرة سقطت من قلم النسّاخ من المتن، لما أن المصنّف سيشير في شرحه للحديث إليها.

71
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

يَبْدَأَ النَّاسُ فِي كُلِّ عَمَلٍ أَوَّلًا بِطَاعَتِهِ وَ عِبَادَتِهِ فَأَمَرَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ أَنْ يَبْدَءُوا بِعِبَادَتِهِ ثُمَّ يَنْتَشِرُوا فِيمَا أَحَبُّوا مِنْ مَرَمَّةِ «1» دُنْيَاهُمْ فَأَوْجَبَ صَلَاةَ الْغَدَاةِ عَلَيْهِمْ فَإِذَا كَانَ نِصْفُ النَّهَارِ وَ تَرَكُوا مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الشُّغُلِ‏ «2» وَ هُوَ وَقْتٌ يَضَعُ النَّاسُ فِيهِ ثِيَابَهُمْ وَ يَسْتَرِيحُونَ وَ يَشْتَغِلُونَ بِطَعَامِهِمْ وَ قَيْلُولَتِهِمْ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَبْدَءُوا أَوَّلًا بِذِكْرِهِ وَ عِبَادَتِهِ فَأَوْجَبَ عَلَيْهِمُ الظُّهْرَ ثُمَّ يَتَفَرَّغُوا لِمَا أَحَبُّوا مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا قَضَوْا وَطَرَهُمْ‏ «3» وَ أَرَادُوا الِانْتِشَارَ فِي الْعَمَلِ لِآخِرِ النَّهَارِ بَدَءُوا أَيْضاً بِعِبَادَتِهِ ثُمَّ صَارُوا إِلَى مَا أَحَبُّوا مِنْ ذَلِكَ فَأَوْجَبَ عَلَيْهِمُ الْعَصْرَ ثُمَّ يَنْتَشِرُونَ فِيمَا شَاءُوا مِنْ مَرَمَّةِ دُنْيَاهُمْ فَإِذَا جَاءَ اللَّيْلُ وَ وَضَعُوا زِينَتَهُمْ وَ عَادُوا إِلَى أَوْطَانِهِمْ ابْتَدَءُوا أَوَّلًا بِعِبَادَةِ رَبِّهِمْ ثُمَّ يَتَفَرَّغُونَ‏ «4» لِمَا أَحَبُّوا مِنْ ذَلِكَ فَأَوْجَبَ عَلَيْهِمُ الْمَغْرِبَ فَإِذَا جَاءَ وَقْتُ النَّوْمِ وَ فَرَغُوا مِمَّا كَانُوا بِهِ مُشْتَغِلِينَ أَحَبَّ أَنْ يَبْدَءُوا أَوَّلًا بِعِبَادَتِهِ وَ طَاعَتِهِ ثُمَّ يَصِيرُونَ إِلَى مَا شَاءُوا أَنْ يَصِيرُوا إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فَيَكُونُوا قَدْ بَدَءُوا فِي كُلِّ عَمَلٍ بِطَاعَتِهِ وَ عِبَادَتِهِ فَأَوْجَبَ عَلَيْهِمُ الْعَتَمَةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ لَمْ يَنْسَوْهُ وَ لَمْ يَغْفُلُوا عَنْهُ وَ لَمْ تَقْسُ قُلُوبُهُمْ وَ لَمْ تَقِلَّ رَغْبَتُهُمْ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْعَصْرِ وَقْتٌ مَشْهُورٌ مِثْلُ تِلْكَ الْأَوْقَاتِ أَوْجَبَهَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لَمْ يُوجِبْهَا بَيْنَ الْعَتَمَةِ وَ الْغَدَاةِ أَوْ بَيْنَ الْغَدَاةِ وَ الظُّهْرِ قِيلَ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَقْتٌ عَلَى النَّاسِ أَخَفَّ وَ لَا أَيْسَرَ وَ لَا أَحْرَى أَنْ يَعُمَّ فِيهِ الضَّعِيفَ‏ «5» وَ الْقَوِيَّ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ وَ ذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ عَامَّتَهُمْ يَشْتَغِلُونَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ بِالتِّجَارَاتِ وَ الْمُعَامَلَاتِ وَ الذَّهَابِ فِي الْحَوَائِجِ وَ إِقَامَةِ الْأَسْوَاقِ فَأَرَادَ أَنْ لَا يَشْغَلَهُمْ عَنْ طَلَبِ مَعَاشِهِمْ وَ مَصْلَحَةِ دُنْيَاهُمْ وَ لَيْسَ يَقْدِرُ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ وَ لَا يَشْعُرُونَ بِهِ‏ «6» وَ لَا يَنْتَبِهُونَ لِوَقْتِهِ لَوْ كَانَ وَاجِباً وَ لَا يُمْكِنُهُمْ ذَلِكَ فَخَفَّفَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَ لَمْ يَجْعَلْهَا فِي أَشَدِّ الْأَوْقَاتِ عَلَيْهِمْ وَ لَكِنْ جَعَلَهَا فِي أَخَفِّ الْأَوْقَاتِ عَلَيْهِمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ‏ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ

______________________________

 (1) في العلل: من مئونة. م.

 (2) في العلل: ما كانوا من شغل. م.

 (3) في العلل: ظهرهم. م.

 (4) في العلل: يتضرعون. م.

 (5) في العلل: و لا اثر فيه للضعيف. م.

 (6) في العلل و في نسخة من الكتاب: و لا يشتغلون به. م.

72
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ يُرْفَعُ الْيَدَانِ فِي التَّكْبِيرِ قِيلَ لِأَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ هُوَ ضَرْبٌ مِنَ الِابْتِهَالِ وَ التَّبَتُّلِ وَ التَّضَرُّعِ فَأَوْجَبَ اللَّهُ‏ «1» عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ فِي وَقْتِ ذِكْرِهِ مُتَبَتِّلًا مُتَضَرِّعاً مُبْتَهِلًا وَ لِأَنَّ فِي وَقْتِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ إِحْضَارَ النِّيَّةِ وَ إِقْبَالَ الْقَلْبِ عَلَى مَا قَالَ وَ قَصَدَ.

أقول في العلل لأن الفرض من الذكر إنما هو الاستفتاح و كل سنة فإنما تؤدى على جهة الفرض فلما أن كان في الاستفتاح الذي هو الفرض رفع اليدين أحب أن يؤدوا السنة على جهة ما يؤدون الفرض و لنرجع إلى المشترك.

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ صَلَاةُ السُّنَّةِ أَرْبَعاً وَ ثَلَاثِينَ رَكْعَةً قِيلَ لِأَنَّ الْفَرِيضَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً فَجُعِلَتِ السُّنَّةُ مِثْلَيِ الْفَرِيضَةِ كَمَالًا لِلْفَرِيضَةِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ صَلَاةُ السُّنَّةِ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَ لَمْ تُجْعَلْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ قِيلَ لِأَنَّ أَفْضَلَ الْأَوْقَاتِ ثَلَاثَةٌ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَ بِالْأَسْحَارِ فَأَحَبَ‏ «2» أَنْ يُصَلَّى لَهُ فِي كُلِّ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُ إِذَا فُرِّقَتِ السُّنَّةُ فِي أَوْقَاتٍ شَتَّى كَانَ أَدَاؤُهَا أَيْسَرَ وَ أَخَفَّ مِنْ أَنْ تُجْمَعَ كُلُّهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ صَارَتْ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ إِذَا كَانَتْ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَتَيْنِ وَ إِذَا كَانَتْ بِغَيْرِ إِمَامٍ رَكْعَتَيْنِ وَ رَكْعَتَيْنِ قِيلَ لِعِلَلٍ شَتَّى مِنْهَا أَنَّ النَّاسَ يَتَخَطَّوْنَ إِلَى الْجُمُعَةِ «3» مِنْ بُعْدٍ فَأَحَبَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْهُمْ لِمَوْضِعِ التَّعَبِ الَّذِي صَارُوا إِلَيْهِ وَ مِنْهَا أَنَّ الْإِمَامَ يَحْبِسُهُمْ لِلْخُطْبَةِ وَ هُمْ مُنْتَظِرُونَ لِلصَّلَاةِ وَ مَنِ انْتَظَرَ الصَّلَاةَ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ «4» فِي حُكْمِ التَّمَامِ وَ مِنْهَا أَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ أَتَمُّ وَ أَكْمَلُ لِعِلْمِهِ وَ فِقْهِهِ وَ عَدْلِهِ وَ فَضْلِهِ وَ مِنْهَا أَنَّ الْجُمُعَةَ عِيدٌ وَ صَلَاةَ الْعِيدِ رَكْعَتَانِ وَ لَمْ تُقْصَرْ لِمَكَانِ الْخُطْبَتَيْنِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتِ الْخُطْبَةُ قِيلَ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ مَشْهَدٌ عَامٌّ فَأَرَادَ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ سَبَباً لِمَوْعِظَتِهِمْ وَ تَرْغِيبِهِمْ فِي الطَّاعَةِ وَ تَرْهِيبِهِمْ مِنَ‏

______________________________

 (1) في المصدرين: فاحب اللّه. م.

 (2) في العلل: فاوجب. م.

 (3) أي يتجاوزون و يتسابقون إليها.

 (4) في العلل: فى الصلاة. م.

73
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

الْمَعْصِيَةِ وَ تَوْفِيقِهِمْ عَلَى مَا أَرَادَ «1» مِنْ مَصْلَحَةِ دِينِهِمْ وَ دُنْيَاهُمْ وَ يُخْبِرُهُمْ بِمَا وَرَدَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْآفَاتِ وَ مِنَ الْأَهْوَالِ الَّتِي لَهُمْ فِيهَا الْمَضَرَّةُ وَ الْمَنْفَعَةُ «2» فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتْ خُطْبَتَيْنِ قِيلَ لِأَنْ يَكُونَ وَاحِدَةٌ لِلثَّنَاءِ وَ التَّمْجِيدِ وَ التَّقْدِيسِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْأُخْرَى لِلْحَوَائِجِ وَ الْإِعْذَارِ وَ الْإِنْذَارِ وَ الدُّعَاءِ وَ مَا يُرِيدُ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ مِنْ أَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ مَا فِيهِ‏ «3» الصَّلَاحُ وَ الْفَسَادُ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتِ الْخُطْبَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَ جُعِلَتْ فِي الْعِيدَيْنِ بَعْدَ الصَّلَاةِ قِيلَ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ أَمْرٌ دَائِمٌ وَ تَكُونُ فِي الشَّهْرِ مِرَاراً وَ فِي السَّنَةِ كَثِيراً «4» فَإِذَا كَثُرَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ مَلُّوا وَ تَرَكُوا وَ لَمْ يُقِيمُوا عَلَيْهِ وَ تَفَرَّقُوا عَنْهُ فَجُعِلَتْ قَبْلَ الصَّلَاةِ لِيُحْتَبَسُوا عَلَى الصَّلَاةِ وَ لَا يَتَفَرَّقُوا وَ لَا يَذْهَبُوا وَ أَمَّا الْعِيدَيْنِ فَإِنَّمَا هُوَ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ‏ «5» وَ هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْجُمُعَةِ وَ الزِّحَامُ فِيهِ أَكْثَرُ وَ النَّاسُ فِيهِ أَرْغَبُ فَإِنْ تَفَرَّقَ بَعْضُ النَّاسِ بَقِيَ عَامَّتُهُمْ وَ لَيْسَ هُوَ بِكَثِيرٍ فَيَمَلُّوا وَ يَسْتَخِفُّوا بِهِ.

قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله جاء هذا الخبر هكذا.

وَ الْخُطْبَتَانِ فِي الْجُمُعَةِ وَ الْعِيدَيْنِ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَاوَيْنِ‏ «6» وَ أَوَّلُ مَنْ قَدَّمَ الْخُطْبَتَيْنِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ لِأَنَّهُ لَمَّا أَحْدَثَ مَا أَحْدَثَ لَمْ يَكُنِ النَّاسُ يَقِفُونَ‏ «7» عَلَى خُطْبَتِهِ وَ يَقُولُونَ مَا نَصْنَعُ بِمَوَاعِظِهِ وَ قَدْ أَحْدَثَ مَا أَحْدَثَ فَقَدَّمَ الْخُطْبَتَيْنِ لِيَقِفَ النَّاسُ انْتِظَاراً لِلصَّلَاةِ «8» فَلَا يَتَفَرَّقُوا عَنْهُ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَتِ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ يَكُونُ عَلَى فَرْسَخَيْنِ لَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ‏

______________________________

 (1) في العلل: أرادوا. م.

 (2) في العلل بعد هذه العبارة: و لا يكون الصائر في الصلاة منفصلا و ليس بفاعل غيره ممن يؤم الناس في غير يوم الجمعة. م.

 (3) في العيون: بما فيه. م.

 (4) و يكون في الشهور و السنة كثيرا. م.

 (5) في العيون: و اما العيدان فانما هو في السنة مرتان. و هو الموافق للقواعد. م.

 (6) في العيون: الأخيرتين. م.

 (7) في العلل: ليقفوا. م.

 (8) ليس في العلل بعد قوله: «للصلاة» شي‏ء. م.

74
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

قِيلَ لِأَنَّ مَا يُقَصَّرُ فِيهِ الصَّلَاةُ بَرِيدَانِ‏ «1» ذَاهِباً أَوْ بَرِيدٌ ذَاهِباً وَ جَائِياً وَ الْبَرِيدُ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ فَوَجَبَتِ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ هُوَ عَلَى نِصْفِ الْبَرِيدِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ التَّقْصِيرُ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجِي‏ءُ فَرْسَخَيْنِ‏ «2» وَ يَذْهَبُ فَرْسَخَيْنِ فَذَلِكَ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ وَ هُوَ نِصْفُ طَرِيقِ الْمُسَافِرِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ زِيدَ فِي صَلَاةِ السُّنَّةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ قِيلَ تَعْظِيماً لِذَلِكَ الْيَوْمِ وَ تَفْرِقَةً بَيْنَهُ وَ بَيْنَ سَائِرِ الْأَيَّامِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ قُصِّرَتِ الصَّلَاةُ فِي السَّفَرِ قِيلَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ أَوَّلًا إِنَّمَا هِيَ عَشْرُ رَكَعَاتٍ وَ السَّبْعُ إِنَّمَا زِيدَتْ فِيهَا «3» بَعْدُ فَخَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُ‏ «4» تِلْكَ الزِّيَادَةَ لِمَوْضِعِ سَفَرِهِ‏ «5» وَ تَعَبِهِ وَ نَصَبِهِ وَ اشْتِغَالِهِ بِأَمْرِ نَفْسِهِ وَ ظَعْنِهِ‏ «6» وَ إِقَامَتِهِ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ عَمَّا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَعِيشَتِهِ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَ تَعَطُّفاً عَلَيْهِ إِلَّا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهَا لَمْ تُقَصَّرْ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ مُقَصَّرَةٌ «7» فِي الْأَصْلِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ يَجِبُ التَّقْصِيرُ فِي ثَمَانِيَةِ فَرَاسِخَ لَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَ لَا أَكْثَرَ قِيلَ لِأَنَّ ثَمَانِيَةَ فَرَاسِخَ مَسِيرَةُ يَوْمٍ لِلْعَامَّةِ وَ الْقَوَافِلِ وَ الْأَثْقَالِ فَوَجَبَ التَّقْصِيرُ فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَ التَّقْصِيرُ فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ‏ «8» قِيلَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ لَمَا وَجَبَ فِي مَسِيرَةِ سَنَةٍ «9» وَ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ يَوْمٍ يَكُونُ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ فَإِنَّمَا هُوَ نَظِيرُ هَذَا الْيَوْمِ فَلَوْ لَمْ يَجِبْ فِي هَذَا الْيَوْمِ لَمَا وَجَبَ فِي نَظِيرِهِ إِذَا كَانَ نَظِيرُهُ مِثْلَهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ قَالَ قَدْ يَخْتَلِفُ السَّيْرُ «10» فَلِمَ جَعَلْتَ أَنْتَ‏ «11» مَسِيرَةَ يَوْمٍ ثَمَانِيَةَ فَرَاسِخَ قِيلَ لِأَنَّ ثَمَانِيَةَ فَرَاسِخَ هِيَ مَسِيرُ الْجِمَالِ وَ الْقَوَافِلِ‏ «12» وَ هُوَ السَّيْرُ الَّذِي يَسِيرُهُ الْجَمَّالُونَ وَ الْمُكَارُونَ‏

______________________________

 (1) في العيون: بريدان ذاهب و كذا في الفقرة الأخرى. م.

 (2) في المصدرين: على فرسخين.

 (3) في العيون: عليها. م.

 (4) في العيون: عنهم. و في العلل: فخفف اللّه تلك اه.

 (5) في العيون: لموضع السفر. م.

 (6) الظعن: السير و الترحال.

 (7) في المصدرين: مقصورة. م.

 (8) في العيون: فى مسيرة يوم لا أكثر. م.

 (9) في العلل: مسيرة الف سنة. م.

 (10) في العلل هاهنا زيادة و هي هذه: و ذلك ان سير البقر إنّما هو أربعة، و سير الفرس عشرين فرسخا.

 (11) في العيون: جعلت مسيرة. م.

 (12) في العلل بعد هذه الفقرة: و هو الغالب على المسير و هو أعظم السير الذي يسيره الجمالون و المكارون. م.

75
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ تُرِكَ‏ «1» تَطَوُّعُ النَّهَارِ وَ لَا يُتْرَكُ تَطَوُّعُ اللَّيْلِ قِيلَ لِأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ لَا تَقْصِيرَ فِيهَا فَلَا تَقْصِيرَ فِي تَطَوُّعِهَا وَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَغْرِبَ لَا تَقْصِيرَ «2» فِيهَا فَلَا تَقْصِيرَ فِيمَا بَعْدَهَا مِنَ التَّطَوُّعِ وَ كَذَلِكَ الْغَدَاةُ لَا تَقْصِيرَ فِيمَا قَبْلَهَا مِنَ التَّطَوُّعِ فَإِنْ قَالَ فَمَا بَالُ الْعَتَمَةِ مُقَصَّرَةٌ وَ لَيْسَ تُتْرَكُ رَكْعَتَاهَا قِيلَ إِنَّ تِلْكَ الرَّكْعَتَيْنِ لَيْسَتَا مِنَ الْخَمْسِينَ وَ إِنَّمَا هِيَ زِيَادَةٌ فِي الْخَمْسِينَ تَطَوُّعاً لِيُتِمَّ بِهَا بَدَلَ كُلِّ رَكْعَةٍ مِنَ الْفَرِيضَةِ رَكْعَتَيْنِ مِنَ النَّوَافِلِ‏ «3» فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جَازَ لِلْمُسَافِرِ وَ الْمَرِيضِ أَنْ يُصَلِّيَا صَلَاةَ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ قِيلَ لِاشْتِغَالِهِ وَ ضَعْفِهِ لِيُحْرِزَ صَلَاتَهُ فَيَسْتَرِيحَ‏ «4» الْمَرِيضُ فِي وَقْتِ رَاحَتِهِ وَ يَشْتَغِلَ الْمُسَافِرُ بِأَشْغَالِهِ وَ ارْتِحَالِهِ وَ سَفَرِهِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ قِيلَ لِيَشْفَعُوا لَهُ وَ يَدْعُوا لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ أَحْوَجَ إِلَى الشَّفَاعَةِ فِيهِ وَ الطَّلَبِ‏ «5» وَ الِاسْتِغْفَارِ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتْ خَمْسُ تَكْبِيرَاتٍ دُونَ أَنْ يُكَبَّرَ أَرْبَعاً أَوْ سِتّاً «6» قِيلَ إِنَّ الْخَمْسَ إِنَّمَا أُخِذَتْ مِنَ الْخَمْسِ الصَّلَوَاتِ فِي الْيَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ.

أقول في العلل و ذلك أنه ليس في الصلاة تكبيرة مفروضة إلا تكبيرة الافتتاح فجمعت التكبيرات المفروضات في اليوم و الليلة فجعلت صلاة على الميت و لنرجع على [إلى‏] المشترك.

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا رُكُوعٌ وَ سُجُودٌ قِيلَ لِأَنَّهُ‏ «7» إِنَّمَا يُرِيدُ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ الشَّفَاعَةَ لِهَذَا الْعَبْدِ الَّذِي قَدْ تَخَلَّى مِمَّا خَلَّفَ‏ «8» وَ احْتَاجَ إِلَى مَا قَدَّمَ‏

______________________________

 (1) في العلل: ترك في السفر. م.

 (2) في العلل: لا تقصر و كذا في الفقرتين الأخراوين. م.

 (3) في المصدرين: من التطوع. م.

 (4) في العلل: فيشرع م.

 (5) في العلل: و الدعاء. م.

 (6) في العلل: دون ان تصير اربعا أو ستا. م.

 (7) في العلل هاهنا زيادة و هي قوله: لم يكن يريد بهذه الصلاة التذلل و الخضوع إنّما أريد بها الشفاعة.

 (8) في المصدرين عما خلف. م.

76
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرَ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ قِيلَ لِأَنَّهُ إِذَا مَاتَ كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ النَّجَاسَةَ وَ الْآفَةَ وَ الْأَذَى فَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ طَاهِراً إِذَا بَاشَرَ أَهْلَ الطَّهَارَةِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يَلُونَهُ وَ يُمَاسُّونَهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ نَظِيفاً مُوَجَّهاً بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ «1» وَ لَيْسَ مِنْ مَيِّتٍ يَمُوتُ إِلَّا خَرَجَتْ مِنْهُ الْجَنَابَةُ فَلِذَلِكَ أَيْضاً وَجَبَ الْغُسْلُ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِكَفْنِ الْمَيِّتِ قِيلَ لِيَلْقَى رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ طَاهِرَ الْجَسَدِ وَ لِئَلَّا تَبْدُوَ عَوْرَتُهُ لِمَنْ يَحْمِلُهُ وَ يَدْفِنُهُ وَ لِئَلَّا يَظْهَرَ النَّاسُ عَلَى بَعْضِ حَالِهِ وَ قُبْحِ مَنْظَرِهِ‏ «2» وَ لِئَلَّا يَقْسُوَ الْقَلْبُ مِنْ كَثْرَةِ النَّظَرِ إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ لِلْعَاهَةِ وَ الْفَسَادِ وَ لِيَكُونَ أَطْيَبَ لِأَنْفُسِ الْأَحْيَاءِ وَ لِئَلَّا يُبْغِضَهُ حَمِيمٌ فَيُلْقِيَ ذِكْرَهُ وَ مَوَدَّتَهُ فَلَا يَحْفَظَهُ فِيمَا خَلَّفَ وَ أَوْصَاهُ وَ أَمَرَ بِهِ وَ أَحَبَ‏ «3» فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِدَفْنِهِ قِيلَ لِئَلَّا يَظْهَرَ النَّاسُ عَلَى فَسَادِ جَسَدِهِ وَ قُبْحِ مَنْظَرِهِ وَ تَغَيُّرِ رِيحِهِ وَ لَا يَتَأَذَّى بِهِ الْأَحْيَاءُ بِرِيحِهِ وَ بِمَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنَ الْآفَةِ «4» وَ الْفَسَادِ وَ لِيَكُونَ مَسْتُوراً عَنِ الْأَوْلِيَاءِ وَ الْأَعْدَاءِ فَلَا يَشْمَتَ عَدُوٌّ وَ لَا يَحْزَنَ صَدِيقٌ‏ «5» فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرَ مَنْ يَغْسِلُهُ بِالْغُسْلِ قِيلَ لِعِلَّةِ الطَّهَارَةِ مِمَّا أَصَابَهُ مِنْ نَضْحِ الْمَيِّتِ لِأَنَّ الْمَيِّتَ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ الرُّوحُ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ آفَتِهِ‏ «6» فَإِنْ قَالَ فَلِمَ لَمْ يَجِبِ الْغُسْلُ عَلَى مَنْ مَسَّ شَيْئاً مِنَ الْأَمْوَاتِ غَيْرِ الْإِنْسَانِ كَالطَّيْرِ وَ الْبَهَائِمِ وَ السِّبَاعِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ قِيلَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا مُلَبَّسَةٌ رِيشاً وَ صُوفاً وَ شَعَراً وَ وَبَراً وَ هَذَا كُلُّهُ ذَكِيٌ‏ «7» وَ لَا يَمُوتُ وَ إِنَّمَا يُمَاسُّ مِنْهُ الشَّيْ‏ءُ الَّذِي هُوَ ذَكِيٌّ مِنَ الْحَيِّ وَ الْمَيِّتِ.

______________________________

 (1) في العلل هكذا: و قد روى عن بعض الأئمّة عليهم السلام أنّه قال: ليس من ميت إلخ.

 (2) في العيون بعد هذه الفقرة: و تغير ريحه. م.

 (3) قد اضطربت النسخ في هذه الجملة ففى العيون: و امر به واجبا كان او ندبا. و في العلل:

امر به واجب. و في بعض نسخ الكتاب: امر به بواجب. م.

 (4) في العلل بعد قوله الآفة: و الدنس. م.

 (5) في العيون: فلا يشمت عدوه و لا يحزن صديقه. م.

 (6) في العلل هنا زيادة و هي هذه: و لئلا يلهج الناس به و بمماسته، إذ قد غلبت عليه علة النجاسة و الآفة.

 (7) في العيون: ذكى طاهر. م.

77
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

أقول: فِي الْعِلَلِ‏ الَّذِي قَدْ أُلْبِسَهُ وَ عَلَاهُ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جَوَّزْتُمُ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ قِيلَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا رُكُوعٌ وَ لَا سُجُودٌ وَ إِنَّمَا هِيَ دُعَاءٌ وَ مَسْأَلَةٌ وَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ تَدْعُوَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ تَسْأَلَهُ عَلَى أَيِّ حَالٍ كُنْتَ وَ إِنَّمَا يَجِبُ الْوُضُوءُ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي فِيهَا رُكُوعٌ وَ سُجُودٌ «1» و لنرجع إلى المشترك.

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جَوَّزْتُمُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَ بَعْدَ الْفَجْرِ قِيلَ لِأَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ إِنَّمَا تَجِبُ فِي وَقْتِ الْحُضُورِ وَ الْعِلَّةِ وَ لَيْسَتْ هِيَ مُوَقَّتَةً كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَ إِنَّمَا هِيَ صَلَاةٌ تَجِبُ فِي وَقْتِ حُدُوثِ الْحَدَثِ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ فِيهِ اخْتِيَارٌ وَ إِنَّمَا هُوَ حَقٌّ يُؤَدَّى وَ جَائِزٌ أَنْ يُؤَدَّى الْحُقُوقُ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْحَقُّ مُوَقَّتاً فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتْ لِلْكُسُوفِ صَلَاةٌ قِيلَ لِأَنَّهُ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يُدْرَى أَ لِرَحْمَةٍ ظَهَرَتْ أَمْ لِعَذَابٍ فَأَحَبَّ النَّبِيُّ ص أَنْ تَفْزَعَ أُمَّتُهُ إِلَى خَالِقِهَا وَ رَاحِمِهَا عِنْدَ ذَلِكَ لِيَصْرِفَ عَنْهُمْ شَرَّهَا وَ يَقِيَهُمْ مَكْرُوهَهَا كَمَا صَرَفَ عَنْ قَوْمِ يُونُسَ حِينَ تَضَرَّعُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتْ عَشْرَ رَكَعَاتٍ قِيلَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي نَزَلَ فَرْضُهَا مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ أَوَّلًا فِي الْيَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ فَإِنَّمَا هِيَ عَشْرُ رَكَعَاتٍ فَجُمِعَتْ تِلْكَ الرَّكَعَاتُ هَاهُنَا وَ إِنَّمَا جُعِلَ فِيهَا السُّجُودُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ صَلَاةٌ فِيهَا رُكُوعٌ إِلَّا وَ فِيهَا سُجُودٌ وَ لِأَنْ يَخْتِمُوا صَلَاتَهُمْ أَيْضاً بِالسُّجُودِ وَ الْخُضُوعِ‏ «2» وَ إِنَّمَا جُعِلَتْ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ لِأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ نَقَصَ سُجُودُهَا مِنْ أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ لَا تَكُونُ صَلَاةً لِأَنَّ أَقَلَّ الْفَرْضِ مِنَ السُّجُودِ فِي الصَّلَاةِ لَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ لَمْ يُجْعَلْ بَدَلُ الرُّكُوعِ سُجُوداً قِيلَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ قَائِماً أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ قَاعِداً وَ لِأَنَّ الْقَائِمَ يَرَى الْكُسُوفَ وَ الِانْجِلَاءَ وَ السَّاجِدُ لَا يَرَى فَإِنْ قَالَ فَلِمَ غُيِّرَتْ عَنْ أَصْلِ الصَّلَاةِ الَّتِي افْتَرَضَهَا اللَّهُ قِيلَ لِأَنَّهُ صَلَّى لِعِلَّةِ

______________________________

 (1) ظاهر العبارة ان قوله: الذي قد البسه إلى قوله: ركوع و سجود مختص بالعلل و ليس في العيون؛ و لكن في العيون المطبوع لم يسقط شي‏ء غير قوله: الذي قد البسه و علاه. م.

 (2) في العلل: بالسجود و الخضوع و الخشوع. م.

78
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

تَغَيُّرِ أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ وَ هُوَ الْكُسُوفُ فَلَمَّا تَغَيَّرَتِ الْعِلَّةُ تَغَيَّرَ الْمَعْلُولُ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ يَوْمُ الْفِطْرِ الْعِيدَ قِيلَ لِأَنْ يَكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ مَجْمَعاً يَجْتَمِعُونَ فِيهِ وَ يَبْرُزُونَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَيَحْمَدُونَهُ عَلَى مَا مَنَّ عَلَيْهِمْ فَيَكُونَ يَوْمَ عِيدٍ وَ يَوْمَ اجْتِمَاعٍ وَ يَوْمَ فِطْرٍ وَ يَوْمَ زَكَاةٍ وَ يَوْمَ رَغْبَةٍ وَ يَوْمَ تَضَرُّعٍ وَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنَ السَّنَةِ يَحِلُّ فِيهِ الْأَكْلُ وَ الشُّرْبُ لِأَنَّ أَوَّلَ شُهُورِ السَّنَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ شَهْرُ رَمَضَانَ فَأَحَبَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مَجْمَعٌ يَحْمَدُونَهُ فِيهِ وَ يُقَدِّسُونَهُ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ التَّكْبِيرُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْهُ فِي غَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ قِيلَ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ إِنَّمَا هُوَ تَعْظِيمٌ لِلَّهِ وَ تَمْجِيدٌ عَلَى مَا هَدَى وَ عَافَى كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ‏ وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ «1» وَ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى‏ ما هَداكُمْ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ‏ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ فِيهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً قِيلَ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي رَكْعَتَيْنِ‏ «2» اثْنَتَا عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً فَلِذَلِكَ جُعِلَ فِيهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ سَبْعٌ فِي الْأُولَى وَ خَمْسٌ فِي الْآخِرَةِ «3» وَ لَمْ يُسَوَّ بَيْنَهُمَا قِيلَ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ أَنْ يُسْتَفْتَحَ بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ فَلِذَلِكَ بُدِئَ هَاهُنَا بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ وَ جُعِلَ فِي الثَّانِيَةِ خَمْسُ تَكْبِيرَاتٍ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ مِنَ التَّكْبِيرِ فِي الْيَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ خَمْسُ تَكْبِيرَاتٍ وَ لِيَكُونَ التَّكْبِيرُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَمِيعاً وَتْراً وَتْراً فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِالصَّوْمِ قِيلَ لِكَيْ يَعْرِفُوا أَلَمَ الْجُوعِ وَ الْعَطَشِ فَيَسْتَدِلُّوا «4» عَلَى فَقْرِ الْآخِرَةِ وَ لِيَكُونَ الصَّائِمُ خَاشِعاً ذَلِيلًا مُسْتَكِيناً مَأْجُوراً مُحْتَسِباً عَارِفاً صَابِراً لِمَا أَصَابَهُ مِنَ الْجُوعِ وَ الْعَطَشِ فَيَسْتَوْجِبَ الثَّوَابَ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الِانْكِسَارِ عَنِ الشَّهَوَاتِ وَ لِيَكُونَ ذَلِكَ وَاعِظاً لَهُمْ فِي الْعَاجِلِ وَ رَائِضاً لَهُمْ عَلَى أَدَاءِ

______________________________

 (1) ليست هذه الجملة موجودة في العلل.

 (2) في العلل: الركعتين، و في العيون: كل ركعتين. م.

 (3) في العلل: فى الأولى سبع و خمس في الثانية؛ و في العيون: سبع تكبيرات في الأولى و خمس في الثانية. م.

 (4) في العلل: و يستدلوا؛ و في العيون: فليستدلوا. م.

79
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

مَا كَلَّفَهُمْ وَ دَلِيلًا «1» فِي الْآجِلِ وَ لِيَعْرِفُوا شِدَّةَ مَبْلَغِ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ الْفَقْرِ وَ الْمَسْكَنَةِ فِي الدُّنْيَا فَيُؤَدُّوا إِلَيْهِمْ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ فَإِنْ قَالَ لِمَ جُعِلَ الصَّوْمُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ خَاصَّةً دُونَ سَائِرِ الشُّهُورِ قِيلَ لِأَنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ هُوَ الشَّهْرُ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ الْقُرْآنَ وَ فِيهِ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‏ شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَ بَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى‏ وَ الْفُرْقانِ‏ وَ فِيهِ نُبِّئَ مُحَمَّدٌ ص وَ فِيهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ‏ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ وَ فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ‏ وَ هِيَ رَأْسُ السَّنَةِ يُقَدَّرُ فِيهَا مَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ أَوْ مَضَرَّةٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ أَوْ رِزْقٍ أَوْ أَجَلٍ وَ لِذَلِكَ سُمِّيَتْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِصَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ لَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَ لَا أَكْثَرَ قِيلَ لِأَنَّهُ قُوَّةُ الْعِبَادِ الَّتِي يُعَمُّ فِيهَا الْقَوِيُّ وَ الضَّعِيفُ وَ إِنَّمَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْفَرَائِضَ عَلَى أَغْلَبِ الْأَشْيَاءِ وَ أَعَمِّ الْقُوَى‏ «2» ثُمَّ رَخَّصَ لِأَهْلِ الضَّعْفِ وَ رَغَّبَ أَهْلَ الْقُوَّةِ فِي الْفَضْلِ وَ لَوْ كَانُوا يُصْلَحُونَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَنَقَصَهُمْ وَ لَوِ احْتَاجُوا إِلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَزَادَهُمْ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ لَا تَصُومُ وَ لَا تُصَلِّي قِيلَ لِأَنَّهَا فِي حَدِّ النَّجَاسَةِ فَأَحَبَّ أَنْ لَا تَعْبُدَ إِلَّا طَاهِراً «3» وَ لِأَنَّهُ لَا صَوْمَ لِمَنْ لَا صَلَاةَ لَهُ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ صَارَتْ تَقْضِي الصِّيَامَ‏ «4» وَ لَا تَقْضِي الصَّلَاةَ قِيلَ لِعِلَلٍ شَتَّى فَمِنْهَا أَنَّ الصِّيَامَ لَا يَمْنَعُهَا مِنْ خِدْمَةِ نَفْسِهَا وَ خِدْمَةِ زَوْجِهَا وَ إِصْلَاحِ بَيْتِهَا وَ الْقِيَامِ بِأُمُورِهَا «5» وَ الِاشْتِغَالِ بِمَرَمَّةِ مَعِيشَتِهَا وَ الصَّلَاةُ تَمْنَعُهَا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَكُونُ فِي الْيَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ مِرَاراً فَلَا تَقْوَى عَلَى ذَلِكَ وَ الصَّوْمُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَ مِنْهَا أَنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا عَنَاءٌ وَ تَعَبٌ وَ اشْتِغَالُ الْأَرْكَانِ وَ لَيْسَ فِي الصَّوْمِ شَيْ‏ءٌ مِنْ ذَلِكَ وَ إِنَّمَا هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنِ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ وَ لَيْسَ فِيهِ اشْتِغَالُ الْأَرْكَانِ‏

______________________________

 (1) في المصدرين: و دليلا لهم. م.

 (2) في نسخة: القوم.

 (3) في العلل: فاحب ان لا يتعبد إلّا طاهرة؛ و في العيون: فاحب اللّه أن لا تعبده إلّا طاهرا. م.

 (4) في العيون: الصوم. م.

 (5) في العيون: بامرها. م.

80
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

وَ مِنْهَا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ وَقْتٍ يَجِي‏ءُ إِلَّا تَجِبُ عَلَيْهَا فِيهِ صَلَاةٌ جَدِيدَةٌ فِي يَوْمِهَا وَ لَيْلَتِهَا وَ لَيْسَ الصَّوْمُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلَّمَا حَدَثَ يَوْمٌ وَجَبَ عَلَيْهَا الصَّوْمُ وَ كُلَّمَا حَدَثَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَجَبَ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ إِذَا مَرِضَ الرَّجُلُ أَوْ سَافَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ سَفَرِهِ أَوْ لَمْ يُفِقْ مِنْ مَرَضِهِ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانٍ آخَرُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْفِدَاءُ لِلْأَوَّلِ وَ سَقَطَ الْقَضَاءُ فَإِذَا أَفَاقَ بَيْنَهُمَا أَوْ أَقَامَ وَ لَمْ يَقْضِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَ الْفِدَاءُ قِيلَ لِأَنَّ ذَلِكَ الصَّوْمَ إِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ فَأَمَّا الَّذِي لَمْ يُفِقْ فَإِنَّهُ لَمَّا أَنْ مَرَّ «1» عَلَيْهِ السَّنَةُ كُلُّهَا وَ قَدْ غَلَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ السَّبِيلَ إِلَى أَدَائِهِ سَقَطَ عَنْهُ وَ كَذَلِكَ كُلُّ مَا غَلَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مِثْلَ الْمُغْمَى الَّذِي يُغْمَى عَلَيْهِ يَوْماً وَ لَيْلَةً فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَ الصَّادِقُ ع كُلُّ مَا غَلَبَ اللَّهُ عَلَى الْعَبْدِ فَهُوَ أَعْذَرُ لَهُ لِأَنَّهُ دَخَلَ الشَّهْرَ وَ هُوَ مَرِيضٌ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الصَّوْمُ فِي شَهْرِهِ وَ لَا سَنَتِهِ لِلْمَرَضِ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْفِدَاءُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمٌ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَدَاءَهُ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْفِدَاءُ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ‏ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ‏ ... فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً وَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ‏ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ‏ فَأَقَامَ الصَّدَقَةَ مَقَامَ الصِّيَامِ إِذَا عَسُرَ عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ إِذْ ذَاكَ فَهُوَ الْآنَ يَسْتَطِيعُ قِيلَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا أَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانٍ آخَرُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْفِدَاءُ لِلْمَاضِي لِأَنَّهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمٌ فِي كَفَّارَةٍ فَلَمْ يَسْتَطِعْهُ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْفِدَاءُ وَ إِذَا وَجَبَ الْفِدَاءُ سَقَطَ الصَّوْمُ وَ الصَّوْمُ سَاقِطٌ وَ الْفِدَاءُ لَازِمٌ فَإِنْ أَفَاقَ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَ لَمْ يَصُمْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْفِدَاءُ لِتَضْيِيعِهِ وَ الصَّوْمُ لِاسْتِطَاعَتِهِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ صَوْمُ السُّنَّةِ قِيلَ لِيَكْمُلَ بِهِ صَوْمُ الْفَرْضِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَ فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ يَوْماً قِيلَ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ‏ مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها فَمَنْ صَامَ فِي كُلِ‏

______________________________

 (1) في العيون: مرت. م.

81
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

عَشَرَةِ أَيَّامٍ يَوْماً فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ كَمَا قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الشَّهْرِ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ فَمَنْ وَجَدَ شَيْئاً غَيْرَ الدَّهْرِ فَلْيَصُمْهُ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ أَوَّلَ خَمِيسٍ مِنَ الْعَشْرِ الْأُوَلِ وَ آخِرَ خَمِيسٍ مِنَ الْعَشْرِ الْآخِرِ وَ أَرْبِعَاءَ فِي الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ قِيلَ أَمَّا الْخَمِيسُ فَإِنَّهُ قَالَ الصَّادِقُ ع يُعْرَضُ كُلَّ خَمِيسٍ أَعْمَالُ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ‏ «1» فَأَحَبَّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلُ الْعَبْدِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَ هُوَ صَائِمٌ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ آخِرَ خَمِيسٍ قِيلَ لِأَنَّهُ إِذَا عُرِضَ عَمَلُ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ وَ الْعَبْدُ صَائِمٌ كَانَ أَشْرَفَ وَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلُ يَوْمَيْنِ وَ هُوَ صَائِمٌ وَ إِنَّمَا جُعِلَ أَرْبِعَاءُ فِي الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ لِأَنَّ الصَّادِقَ ع أَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ النَّارَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ فِيهِ أَهْلَكَ اللَّهُ الْقُرُونَ الْأُولَى وَ هُوَ يَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ فَأَحَبَّ أَنْ يَدْفَعَ الْعَبْدُ عَنْ نَفْسِهِ نَحْسَ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِصَوْمِهِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَ فِي الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَجِدْ تَحْرِيرَ رَقَبَةٍ الصِّيَامُ دُونَ الْحَجِّ وَ الصَّلَاةِ وَ غَيْرِهِمَا قِيلَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَ الْحَجَّ وَ سَائِرَ الْفَرَائِضِ مَانِعَةٌ لِلْإِنْسَانِ مِنَ التَّقَلُّبِ فِي أَمْرِ دُنْيَاهُ وَ مَصْلَحَةِ مَعِيشَتِهِ مَعَ تِلْكَ الْعِلَلِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْحَائِضِ الَّتِي تَقْضِي الصِّيَامَ وَ لَا تَقْضِي الصَّلَاةَ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ دُونَ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ شَهْرٌ وَاحِدٌ أَوْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ قِيلَ لِأَنَّ الْفَرْضَ الَّذِي فَرَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى الْخَلْقِ هُوَ شَهْرٌ وَاحِدٌ فَضُوعِفَ هَذَا الشَّهْرُ فِي الْكَفَّارَةِ «2» تَوْكِيداً وَ تَغْلِيظاً عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتْ مُتَتَابِعَيْنِ قِيلَ لِئَلَّا يَهُونَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ فَيَسْتَخِفَّ بِهِ لِأَنَّهُ إِذَا قَضَاهُ مُتَفَرِّقاً هَانَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرَ بِالْحَجِّ قِيلَ لِعِلَّةِ الْوِفَادَةِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ طَلَبِ الزِّيَادَةِ وَ الْخُرُوجِ مِنْ كُلِّ مَا اقْتَرَفَ الْعَبْدُ تَائِباً مِمَّا مَضَى مُسْتَأْنِفاً لِمَا يَسْتَقْبِلُ مَعَ‏

______________________________

 (1) في نسخة: على اللّه.

 (2) في العيون: فى كفّارته. م.

82
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

مَا فِيهِ مِنْ إِخْرَاجِ الْأَمْوَالِ وَ تَعَبِ الْأَبْدَانِ وَ الِاشْتِغَالِ عَنِ الْأَهْلِ وَ الْوَلَدِ وَ حَظْرِ الْأَنْفُسِ عَنِ اللَّذَّاتِ شَاخِصاً فِي الْحَرِّ وَ الْبَرْدِ ثَابِتاً ذَلِكَ عَلَيْهِ دَائِماً مَعَ الْخُضُوعِ وَ الِاسْتِكَانَةِ وَ التَّذَلُّلِ مَعَ مَا فِي ذَلِكَ لِجَمِيعِ الْخَلْقِ مِنَ الْمَنَافِعِ.

أقول: في العلل كُلُّ ذلك لطلب الرَّغبة إلى الله و الرَّهبة منه و ترك قساوة القلب و خَسارة الأنفس و نسيان الذكر و انقطاع الرجاء و الأمل و تجديد الحقوق و حَظْر الأنفس عن الفساد مع ما في ذلك من المنافع لجميع مَنْ «المشترك».

فِي شَرْقِ الْأَرْضِ وَ غَرْبِهَا وَ مَنْ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ مِمَّنْ يَحِجُّ وَ مِمَّنْ لَا يَحِجُّ مِنْ بَيْنِ تَاجِرٍ وَ جَالِبٍ وَ بَائِعٍ وَ مُشْتَرٍ وَ كَاسِبٍ وَ مِسْكِينٍ وَ مُكَارٍ وَ فَقِيرٍ وَ قَضَاءِ حَوَائِجِ أَهْلِ الْأَطْرَافِ فِي الْمَوَاضِعِ الْمُمْكِنِ لَهُمُ الِاجْتِمَاعُ فِيهَا مَعَ مَا فِيهِ مِنَ التَّفَقُّهِ وَ نَقْلِ أَخْبَارِ الْأَئِمَّةِ ع إِلَى كُلِّ صُقْعٍ وَ نَاحِيَةٍ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ‏ فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ‏ وَ لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ‏ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِحَجَّةٍ وَاحِدَةٍ لَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَضَعَ الْفَرَائِضَ عَلَى أَدْنَى الْقَوْمِ قُوَّةً كَمَا قَالَ عَزَّ وَ جَلَ‏ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ‏ يَعْنِي شَاةً لِيَسَعَ لَهُ الْقَوِيُّ وَ الضَّعِيفُ وَ كَذَلِكَ سَائِرُ الْفَرَائِضِ إِنَّمَا وُضِعَتْ عَلَى أَدْنَى الْقَوْمِ قُوَّةً «1» وَ كَانَ مِنْ تِلْكَ الْفَرَائِضِ الْحَجُّ الْمَفْرُوضُ وَاحِداً ثُمَّ رَغَّبَ بَعْدُ أَهْلَ الْقُوَّةِ بِقَدْرِ طَاقَتِهِمْ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِالتَّمَتُّعِ إِلَى الْحَجِ‏ «2» قِيلَ‏ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ رَحْمَةٌ لِأَنْ يَسْلَمَ النَّاسُ مِنْ إِحْرَامِهِمْ وَ لَا يَطُولَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَيَدْخُلَ‏ «3» عَلَيْهِمُ الْفَسَادُ وَ أَنْ يَكُونَ الْحَجُّ وَ الْعُمْرَةُ وَاجِبَيْنِ جَمِيعاً فَلَا تُعَطَّلَ الْعُمْرَةُ وَ لَا تَبْطُلَ وَ لَا يَكُونَ الْحَجُّ مُفْرَداً مِنَ الْعُمْرَةِ وَ يَكُونَ بَيْنَهُمَا فَصْلٌ وَ تَمْيِيزٌ وَ قَالَ النَّبِيُّ ص دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِ‏

______________________________

 (1) في العيون: مرة. م.

 (2) في العيون: بالتمتع بالعمرة الى الحجّ؛ و في العلل بالتمتع في الحجّ.

 (3) في العيون: فيتداخل. م.

83
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ لَوْ لَا أَنَّهُ ص كَانَ سَاقَ الْهَدْيَ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُحِلَّ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ لَفَعَلَ كَمَا أَمَرَ النَّاسَ وَ لِذَلِكَ قَالَ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَفَعَلْتُ كَمَا أَمَرْتُكُمْ وَ لَكِنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ وَ لَيْسَ لِسَائِقِ الْهَدْيِ أَنْ يُحِلَ‏ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ‏ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَخْرُجُ حُجَّاجاً وَ رُءُوسُنَا تَقْطُرُ مِنْ مَاءِ الْجَنَابَةِ فَقَالَ إِنَّكَ لَنْ تُؤْمِنَ بِهَذَا أَبَداً.

أقول: ليس في العلل قوله و قال النبي ص إلى قوله لن تؤمن بهذا و هو موجود في العيون و في العلل مكانه زيادة ليست فيه و هي هذه و يكون بينهما فصل و تمييز و أن لا يكون الطواف بالبيت محظورا لأن المحرم إذا طاف بالبيت قد أحل إلا لعلة فلو لا التمتع لم يكن للحاج أن يطوف لأنه إن طاف أحل و فسد إحرامه و يخرج منه قبل أداء الحج و لأن يجب على الناس الهدي و الكفارة فيذبحون و ينحرون و يتقربون إلى الله جل جلاله فلا تبطل هراقة الدماء و الصدقة على المسلمين و لنرجع إلى المشترك بين الكتابين.

فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَ وَقْتُهَا عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ قِيلَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحَبَّ أَنْ يُعْبَدَ بِهَذِهِ الْعِبَادَةِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَكَانَ أَوَّلُ مَا حَجَّتْ إِلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ وَ طَافَتْ بِهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ فَجَعَلَهُ سُنَّةً وَ وَقْتاً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَأَمَّا النَّبِيُّونَ آدَمُ وَ نُوحٌ وَ إِبْرَاهِيمُ وَ مُوسَى وَ عِيسَى وَ مُحَمَّدٌ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَ غَيْرُهُمْ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ إِنَّمَا حَجُّوا فِي هَذَا الْوَقْتِ فَجُعِلَتْ سُنَّةً فِي أَوْلَادِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ أُمِرُوا بِالْإِحْرَامِ قِيلَ لِأَنْ يَخْشَعُوا قَبْلَ دُخُولِ حَرَمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَمْنِهِ وَ لِئَلَّا يَلْهُوا وَ يَشْتَغِلُوا بِشَيْ‏ءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَ زِينَتِهَا وَ لَذَّاتِهَا وَ يَكُونُوا جَادِّينَ فِيمَا فِيهِ قَاصِدِينَ نَحْوَهُ مُقْبِلِينَ عَلَيْهِ بِكُلِّيَّتِهِمْ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ التَّعْظِيمِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِنَبِيِّهِ‏ «1» وَ التَّذَلُّلِ لِأَنْفُسِهِمْ عِنْدَ قَصْدِهِمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ وِفَادَتِهِمْ إِلَيْهِ رَاجِينَ ثَوَابَهُ‏

______________________________

 (1) في العيون و لبيته و اعلم أنّه كان بين المصدرين و بينهما مع نسخ الكتاب اختلافات جزئية عدا ما ذكرنا، و زوائد و نواقص لا يعبأ بها، أعرضنا عن التعرض لذكرها لعدم اختلال المعنى و تغيره بتركها. م.

84
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

رَاهِبِينَ مِنْ عِقَابِهِ مَاضِينَ نَحْوَهُ مُقْبِلِينَ إِلَيْهِ بِالذُّلِّ وَ الِاسْتِكَانَةِ وَ الْخُضُوعِ وَ اللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ.

2- ع، علل الشرائع ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبْدُوسٍ النَّيْسَابُورِيُّ الْعَطَّارُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَيْبَةَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ: قُلْتُ لِلْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ لَمَّا سَمِعْتُ مِنْهُ هَذِهِ الْعِلَلَ أَخْبِرْنِي عَنْ هَذِهِ الْعِلَلِ أَ ذَكَرْتَهَا عَنِ الِاسْتِنْبَاطِ وَ الِاسْتِخْرَاجِ وَ هِيَ مِنْ نَتَائِجِ الْعَقْلِ أَوْ هِيَ مِمَّا سَمِعْتَهُ وَ رَوَيْتَهُ فَقَالَ لِي مَا كُنْتُ لِأَعْلَمَ مُرَادَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِمَا فَرَضَ وَ لَا مُرَادَ رَسُولِ اللَّهِ ص بِمَا شَرَعَ وَ سَنَّ وَ لَا عِلَلَ‏ «1» ذَلِكَ مِنْ ذَاتِ نَفْسِي بَلْ سَمِعْتُهَا مِنْ مَوْلَايَ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا ع الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَ الشَّيْ‏ءَ بَعْدَ الشَّيْ‏ءِ فَجَمَعْتُهَا فَقُلْتُ فَأُحَدِّثُ بِهَا عَنْكَ عَنِ الرِّضَا ع قَالَ نَعَمْ.

3- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام وَ حَدَّثَنَا الْحَاكِمُ أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ شَاذَانَ النَّيْسَابُورِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ عَمِّهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ هَذِهِ الْعِلَلَ مِنْ مَوْلَايَ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا ع مُتَفَرِّقَةً فَجَمَعْتُهَا وَ أَلَّفْتُهَا.

بيان: قوله منها أن من لم يقرّ أقول لعل الفرق بين الوجه الأول و الثاني هو أن المحذور في الوجه الأول عدم تحقق الأفعال الحسنة و عدم ترك الأفعال القبيحة و في ذلك فساد الخلق و عدم بقائهم و اختلال نظامهم و في الثاني المحذور عدم تحقق الأمر و النهي اللذين هما مقتضى حكمة الحكيم فلو فرض الإتيان بالأفعال الحسنة و الانتهاء عن الأعمال الفاحشة بدون أمر الله تعالى و نهيه أيضا لتم الوجه الثاني بدون الأول و الفرق بين الأول و الثالث هو أن الأول جار في الأمور الظاهرة بخلاف الثالث فإنه مختص بالأمور الباطنة فلو فرض أن يكون للناس حياء يردعهم عن إظهار الفواحش و الظلم و الفساد لتم الوجه الثالث أيضا بخلاف الأول. قوله فلو لم يجب عليهم معرفته أي الرسول قوله ثم اختلف همهما أقول لعل المقصود نفي إمامة من كان في عصر الأئمة ع من أئمة الضلال إذ كانت آراؤهم مخالفة لآراء أئمتنا و أفعالهم مناقضة لأفعالهم و يحتمل أن يكون إلزاما على المخالفين‏

______________________________

 (1) في المصدرين: و لا اعلل.

85
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

إذ هم قائلون باجتهاد النبي و الإمام في الأحكام و الاجتهاد مظنة الاختلاف كما يقولون في أمير المؤمنين ع و معاوية ثم اعلم أن المراد بالإمامين الأميران على طائفة واحدة أو اللذان تكون لهما الرئاسة العامة و إلا فينتقض باجتماع الأنبياء الكثيرين في عصر واحد في زمن بني إسرائيل قوله منها أن يكونوا قاصدين أقول لعل المنظور في الوجه الأول عدم تعيين شي‏ء للعبادة لأنه يحتمل أن يكون كل شي‏ء ربهم حتى الأشياء التي لم يعبدها أحد و في الثاني إضلال الناس بعبادة الأصنام و أشباهها باحتمال أن تكون هي ربهم و يحتمل أن يكون المراد بالوجه الأول هو أنه لا بد لهم من معرفة ربهم لتصح العبادة له و لا يمكنهم المعرفة بالكنه و أقرب الوجوه التي تصل إليها عقول الخلق هو معرفته تعالى بأنه لا يشبه شيئا من الأشياء في ذاته و صفاته و يحتمل أن يكون غرض السائل من الإقرار بأنه‏ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ الإقرار بجميع الصفات الثبوتية و السلبية فإن جميعها راجعة إليه داخلة فيه إجمالا و لعل هذا أظهر. قوله لأن في الصلاة الإقرار بالربوبية أقول إما لأنها مشتملة على الإقرار بالربوبية في رب العالمين و على التوحيد في التشهد و على الإخلاص في‏ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ و إما لأن أصل عبادته تعالى دون غيره خلع للأنداد و إقرار بالربوبية و أما الزجر عن الفساد فلأن من خواص الصلاة أنها تصلح صاحبها و تزجره عن الفساد كما قال تعالى‏ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى‏ عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ «1» و لا أقل أنه في حال الصلاة ينزجر عن المعاصي و بعدها يستحيي عن ارتكاب كثير منها و اسم كان الضمير الراجع إلى المصلي و خبره الظرف و زاجرا و حاجزا منصوبان بالحالية. «2» قوله ع ليسا هما في كل وقت باديين أي لا يحصل فيهما الكثافة و القذارة مثل ما يحصل في الوجه و اليدين قوله و ذلك لأن الاستنجاء به ليس بفرض أقول لم يقيد الفضل الاستنجاء بالماء حتى يرد عليه إيراد الصدوق مع أنه يمكن تخصيصه‏

______________________________

 (1) العنكبوت: 45.

 (2) و يحتمل زيادة كلمة (فى) اشتباها من النسّاخ، أو كان في الأصل (زاجرا و حاجزا و مانعا) مرفوعات.

86
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

بالمتعدي أو يقال إن مراده الأعم من الوجوب التخييري و يمكن توجيه كلامه بأن الفرض في عرف الحديث ما ثبت وجوبه بالقرآن و الاستنجاء لم يثبت وجوبه بنص القرآن حتى يكون فرضا و يرد عليه أن استعمال الفرض في الوجوب بالمعنى الأعم أيضا شائع و غاية الأمر أن يكون مجازا في عرفهم و ارتكابه لتوجيه الكلام مجوز. قوله و تعريفا لمن جهل الوقت يمكن تخصيصه بمن لا يمكنه العلم بدخول الوقت و يحتمل أن يكون المراد أنه يتنبه لاحتمال دخول الوقت فيحصل العلم به مع أنه سيأتي كثير من الأخبار الدالة على جواز الاعتماد على المؤذنين في دخول الوقت. قوله مجاهرا بالإيمان أي الصلاة كما قال الله تعالى‏ وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ‏ «1» أو للتكلم بالكلمتين‏ «2» قوله فجعل الأولين يفهم منه أن التكبيرتين الأوليين ليستا من الأذان و إنما هما من المقدمات الخارجة عنه و به يمكن الجمع بين الأخبار المختلفة في ذلك قوله ليكون لعل الأظهر و ليكون. قوله إنما هو أداء أي علمهم طريق الشكر أو حمد نفسه بدلا عن خلقه و قوله و شكر تخصيص بعد التعميم قوله و إقرار بأنه هو الخالق لأن المراد بالعالم ما يعلم به الصانع و هو كل ما سوى الله و جمع ليدل على جميع أنواعه فإذا كان تعالى خالق الجميع و مدبرهم فيكون هو الواجب تعالى و غيره آثاره. قوله ع استعطاف لأن ذكره تعالى بالرحمانية و الرحيمية نوع من طلب الرحمة بل أكمل أفراده. قوله لأن التكبير في الركعة الأولى في العلل في الصلوات الأول و هو الصواب أي التكبيرات الافتتاحية إذ الأولى افتتاح للقراءة و الثانية افتتاح للركوع و الثالثة للسجود الأول و الرابعة للسجود الثاني و هكذا إلى تمام الركعتين و ليست التكبيرات التي للرفع من الركوع و السجود بافتتاحية.

______________________________

 (1) البقرة: 143.

 (2) أي الشهادتين. و يحتمل أن يكون المراد بالايمان مجموع الشهادتين و الدعوة إلى الصلاة و إلى خير العمل.

87
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

قوله غلط الفضل أقول بل اشتبه على الصدوق رحمه الله إذ الظاهر أن تكبيرة الافتتاح فريضة لقوله تعالى‏ وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ «1» و لذا تبطل الصلاة بتركها عمدا و سهوا على أنه يحتمل أن يكون مراده بالفرض الواجب كما مر و العجب من الصدوق أنه مع ذكره في آخر الخبر أن هذا العلل كلها مأخوذة عن الرضا ع و تصريحه في سائر كتبه بأنها مروية عنه ع كيف يجتري على الاعتراض عليها و لعله ظن أن الفضل أدخل بينها بعض كلامه فما لا يوافق مذهبه يحمله على أنه من كلام الفضل و يعترض عليه و فيه أيضا ما لا يخفى. قوله إلى أن يصير في كل شي‏ء أربعة أضعافه أقول هذه العبارة غير موجودة في العيون و فيه أنه لا يوافق شيئا من الأخبار المختلفة الواردة في آخر وقت العصر فإنه لم يرد في شي‏ء من الأخبار أكثر من المثلين و لعل فيه تصحيفا و لذا أسقطه في العيون. قوله و لأن في وقت رفع اليدين أقول لعل المعنى أن في وقت ذكر الله تعالى يناسب التضرع و الابتهال خصوصا في وقت هذا الذكر المخصوص لأنه وقت إحضار النية و إقبال القلب فيكون التضرع و الابتهال أنسب و لما كان هذا الوجه إنما يناسب تكبيرة الاستفتاح ذكر لاطراده في سائر التكبيرات وجها آخر على ما في العلل و لعل التضرع و الابتهال في رفع اليدين إنما هو لدلالته على اختصاص الكبرياء بالله و نفيه عما سواه و أنه تعالى لا يدرك بالأخماس و الحواس الظاهرة و الباطنة كما سيأتي في علل الصلاة. قوله ع فجعلت السنة مثلي الفريضة قال الوالد العلامة رحمه الله لأن الغالب في أحوال الناس أنهم لا يمكنهم لتشبثهم بعلائقهم إحضار القلب في أكثر من ثلث الصلاة فلما صارت النافلة مثلي الفريضة أمكن تحصيل ثلث المجموع و هو يساوي عدد الفريضة. قوله ع و لم تقصر لمكان الخطبتين الأظهر أنه لا يختص بالوجه الأخير بل الغرض دفع توهم أنها صلاة مقصورة كصلاة السفر و ذلك لأن الخطبتين فيها بمنزلة الركعتين فليست بمقصورة أو الغرض بيان عدم جواز إيقاعها في السفر بتوهم‏

______________________________

 (1) المدّثّر: 3.

88
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

أنها صلاة مقصورة إذ الخطبة من شرائطها فلا يتحقق بدونها و معها ليست بمقصورة لأنها بمنزلة الركعتين و يمكن أن يقرأ لم بكسر اللام استفهاما أي إنما تقصر العيد لمكان خطبتيه. قوله ع و المنفعة أقول كأنها معطوفة على الأهوال و لا يبعد أن يكون الأهوال تصحيف الأحوال و بعد ذلك في نسخ العلل زيادة ليست في العيون و هي هذه و لا يكون الصائر في الصلاة منفصلا و ليس بفاعل غيره ممن يؤم الناس في غير يوم الجمعة و لعله لإغلاقه و عدم وضوح معناه أسقطه عن العيون و يمكن توجيهه بوجوه. الأول أن يكون المراد بيان كون حالة الخطبة حالة متوسطة بين حالة الصلاة و غيرها فيكون تقدير الكلام أنه لا يكون الصائر في الصلاة أي المتلبس بها منفصلا عنها في غير يوم الجمعة و في يوم الجمعة في حال الخطبة كذلك لأنه كالداخل في الصلاة لاشتراط كثير من أحكام الصلاة فيها و كونها عوضا عن الركعتين و ليس بداخل حقيقة فيها و ليس فاعل غير الصلاة يؤم الناس في غير يوم الجمعة و يوم الجمعة كذلك لأن الإمام في الخطبة يؤم الناس من حيث يلزمهم الاجتماع إليه و الاستماع لكلامه كالاستماع لقراءته حال الصلاة و ليست الخطبة بصلاة حقيقة فالباء في قوله بفاعل زائدة و الضمير في غيره راجع إلى الصلاة بتأويل الفعل. الثاني أن يرجع المعنى إلى الأول و يوجه العبارة بوجه آخر بأن يكون و ليس بفاعل عطف تفسير لقوله منفصلا و يكون قوله و غيره حالا للصائر و قوله ممن يؤم صفة لغيره أو حالا أخرى للصائر و حاصل المعنى أن الصائر في الصلاة الذي يكون غير إمام الجمعة و يؤم الناس في غير يوم الجمعة لا يكون منفصلا عن الصلاة غير فاعل لها بخلاف يوم الجمعة فإنه كذلك في حال الخطبة و ليس في هذا الوجه شي‏ء من التكليفين السابقين. الثالث أن يكون ممن يؤم خبر كان و قوله منفصلا و قوله ليس بفاعل غيره حالين للصائر فيكون لبيان علة أخرى للخطبة و الحاصل أنه إنما جعلت الخطبة لئلا يكون الصائر في صلاة الجمعة حال كونه منفصلا ممتازا عن سائر الأئمة و لا يفعلها

89
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

غيره ممن يؤم الناس في غير الجمعة إذ يشترط في الخطبة العلم بما يعظ الناس و يأمرهم به و العمل بها و لا يشترك ذلك في سائر الأئمة و هذا وجه قريب و إن كان فيه بعد ما لفظا بل الأظهر عندي أنه كان في الأصل ليكون أي إنما جعلت الخطبة ليكون الإمام في تلك الصلاة منفصلا ممتازا و لا يفعل تلك الصلاة غيره من أئمة الصلوات في سائر الأيام و في هذا الوجه و في قوله فأراد أن يكون للأمير إشعار بأن هذه الصلاة إنما يفعلها الأمراء أو المنصوبون من قبل الإمام ع. الرابع أن يكون قوله ممن يؤم متعلقا بقوله منفصلا و يكون قوله و ليس بفاعل غيره تفسيرا لقوله منفصلا و يكون حاصل الكلام أنه إنما جعلت الخطبة لئلا يكون المصلي في يوم الجمعة منفصلا عن المصلي في غيره بأن يكون صلاته ركعتين فإنها مع الخطبتين بمنزلة أربع ركعات. قوله و الخطبتان في الجمعة و العيدين بعد الصلاة أقول لم يذهب إلى هذا القول فيما علمنا أحد من علمائنا غيره في هذين الكتابين و سيأتي القول في ذلك في بابه قوله فوجبت الجمعة على من هو على نصف البريد في مناسبة هذا الأصل الحكم خفاء و لعله مبني على ما لا يصل إليه علمنا من المناسبات الواقعية و يمكن أن يقال لما كان الغالب في المسافرين الركبان و القوافل المحملة المثقلة إنما تقطع في بياض الأيام القصار ثمانية فراسخ و التكليف بحضور صلاة الجمعة يتعلق بالركبان و المشاة و الغالب فيهم المشاة و الماشي يسير غالبا نصف الراكب فلذا جعل هنا نصف ما جعل للمسافر أو أن ليوم الجمعة أعمالا أخرى غير الصلاة فجعل نصفه للصلاة و نصفه لسائر الأعمال فلو وجب عليهم المسير أكثر من فرسخين لم يتيسر له سائر الأعمال و الله يعلم. قوله ليلقى ربه طاهر الجسد أي لا يصير جسده كثيفا من تراب القبر و غيره و المراد بملاقاة الرب ملاقاة ملائكته و رحمته قوله لأن هذه الأشياء كلها ملبّسة لعل المعنى أنه لما كان غالب المماسة فيها هكذا فلذا رفع الغسل من رأس فلا يتوهم منه وجوب الغسل بمس ما تحله الحياة منها قوله ع يرى الكسوف أي آثاره من ضوء الشمس و القمر.

90
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

قوله ع فلما تغيرت العلة أي المناسب لهذا العلة الدالة على نزول العذاب زيادة تضرع و استكانة ليست في سائر الصلوات فلذا زيد في ركوعاتها قوله لأن أول شهور السنة علة للتقييد بسنة الأكل قوله لأنه يكون في ركعتين اثنتا عشرة تكبيرة أي مع تكبيرة القنوت. قوله فلذلك جعل فيها أي في القيام فقط و إلا فالمجموع أزيد بعدد ما زيد فيها و يقال راض الفرس رياضا و رياضة ذلله فهو رائض قوله و فيه فرق أي في شهر رمضان بسبب نزول القرآن و يحتمل إرجاع الضمير إلى القرآن. قوله ع و فيه نبئ محمد ص لعل النبوة و الوحي كان في شهر رمضان و الرسالة و الأمر بالتبليغ كان في شهر رجب. قوله ع لأنه كان بمنزلة من وجب عليه صوم أقول لعل التعليل مبني على أن وقت القضاء هو ما بين الرمضانين إذ لا يجوز له التأخير اختيارا عنه فلما كان فيما بين ذلك معذورا سهل الله عليه و قبل منه الفداء و لم يكن الله ليجمع عليه العوض و المعوض فلذا أسقط القضاء عنه بعد القدرة لانتقال فرضه إلى شي‏ء آخر قوله لأنه إذا عرض عمل ثمانية أيام كذا في العيون و في العلل ثلاثة أيام و على التقديرين يشكل فهمه أما على الأول فيمكن توجيهه بوجهين الأول أن يقال العرض غير مختص بعمل الأسبوع بل يعرض عمل ما مر من الشهر في كل خميس و إذا لم يكن في العشر الآخر خميسان فليس مورد هذه العلة و إذا كان فيه خميسان ففيه ثلاثة احتمالات الأول أن يكون الخميس الأول الحادي و العشرين و الخميس الثاني الثامن و العشرين الثاني أن يكون الخميس الثاني التاسع و العشرين الثالث أن يكون الخميس الثاني الثلاثين و هذا الأخير أيضا ليس بداخل في المفروض لأن المفروض هو ما علم دخول خميسين فيه أوّلا و هاهنا غير معلوم لاحتمال أن لا يكون للشهر سلخ فبقي الاحتمالان الأولان و في الثاني منهما يكون استيعاب الخميس الأول لأعمال الشهر أكثر كالثاني فلذا خصه بالذكر فنقول دخول أعمال الشهر إلى العشرين معلوم فيهما فأما بعده فما يدخل في عرض الخميس الأول منه يومان أي يوم و بعض يوم و يدخل في‏

91
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان ص : 58

الثاني زائدا على هذا ثمانية أيام أي سبعة أيام و بعض يوم فبعض الخميس الأول حسب من اليومين و بعضه من الثمانية فالمراد بقوله إذا عرض عمل ثمانية أيام أي زائدا على ما سيأتي من اليومين و على ما هو المعلوم دخوله فيهما من العشرين على أنه يحتمل أن يكون المعروض في الخميس عمل العشر فلا يحتاج إلى إضافة العشرين و يمكن أن يقال أخذ في الخميس الأول أكثر محتملاته و في الخميس الثاني أقل محتملاته استظهارا و تأكيدا إذ على ما قررنا أكثر محتملات الخميس الأول أن يدخل فيه عرض عمل يومين من العشر بأن يكون في الثاني و العشرين أقل محتملات الثاني أن يدخل فيه ثمانية بأن يكون الأول في الحادي و العشرين و على هذا يندفع و يرتفع أكثر التكلفات. الثاني أن يكون المعروض في الخميس عمل الأسبوع فقط لكن لما خص كل عشر بصوم يوم كان الأنسب أن يكون ما يعرض في خميس العشر الآخر أكثر استيعابا لأيامه فإذا عرض في الخميس الأول فما هو من احتماليه أكثر استيعابا هو أن يشمل يومين منه كما مر بيانه و إذا عرض في الخميس الثاني يستوعب ثمانية أيام من ذلك العشر على كل احتمال من الاحتمالات فيكون أولى بالصوم و أما على الثاني فيمكن توجيهه أيضا بوجهين الأول أنه إذا لزمه صوم الخميس الثاني ففي بعض الشهور أي ما يكون سلخه الخميس يلزمه احتياطا صوم خميسين كما ورد في أخبار أخر فيعرض عمله في ثلاثة أيام و هو صائم في بعض الأحيان‏ «1» بخلاف ما إذا كان المستحب صوم الخميس الأول من العشر الآخر فإنه يكون دائما عرض العمل في الشهر في يومين و هو صائم. الثاني أن يكون المقصود من السؤال بيان علة جعل الخميس الثاني بعد الأربعاء سواء كان في العشر الوسط أو في العشر الأخير و سواء كان الخميس الأول من العشر الأخير أو الثاني منه فالمراد بالجواب أنه إنما جعل هذا الخميس بعد الأربعاء لأن يعرض فيه صوم ثلاثة أيام في هذا الشهر مع أنه يكون في يوم العرض صائما أيضا و على التقادير لا يخلو من تكلف. قوله ع و استخف بالإيمان أي بأعماله و المراد هنا الصوم و سائر ما تلزم فيه‏

______________________________

 (1) في نسخة: الايام.

92
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الثاني ما ورد من ذلك برواية ابن سنان ص : 93

الكفارة و يحتمل أن يكون بفتح الهمزة بناء على إطلاق اليمين على النذر و أن كفارته كذلك. قوله ع لعلة الوفادة الوفد القوم يجتمعون و يردون البلاد الواحد وافد و كذا من يقصد الأمراء بالزيادة و الاسترفاد و الانتجاع يقال وفد يفد وفادة قوله ثابتا ذلك عليه دائما أي في مدة مديدة زائدا على أزمنة سائر الطاعات قوله ع و لأن يجب على الناس الهدي لعله مبني على أن هدي التمتع جبران لا نسك فيكون قوله و الكفارة عطف تفسير.

الفصل الثاني ما ورد من ذلك برواية ابن سنان‏

1- ع، علل الشرائع عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الرَّبِيعِ الصَّحَّافِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ‏ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا ع كَتَبَ إِلَيْهِ بِمَا فِي هَذَا الْكِتَابِ جَوَابَ كِتَابِهِ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ عَنْهُ جَاءَنِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يُحِلَّ شَيْئاً وَ لَمْ يُحَرِّمْهُ لِعِلَّةٍ أَكْثَرَ مِنَ التَّعَبُّدِ لِعِبَادِهِ بِذَلِكَ قَدْ ضَلَّ مَنْ قَالَ ذَلِكَ ضَلَالًا بَعِيداً وَ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ جَائِزاً أَنْ يَسْتَعْبِدَهُمْ بِتَحْلِيلِ مَا حَرَّمَ وَ تَحْرِيمِ مَا أَحَلَّ حَتَّى يَسْتَعْبِدَهُمْ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَ الصِّيَامِ وَ أَعْمَالِ الْبِرِّ كُلِّهَا وَ الْإِنْكَارِ لَهُ وَ لِرُسُلِهِ وَ كُتُبِهِ وَ الْجُحُودِ بِالزِّنَا وَ السَّرِقَةِ وَ تَحْرِيمِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي فِيهَا فَسَادُ التَّدْبِيرِ وَ فَنَاءُ الْخَلْقِ إِذِ الْعِلَّةُ فِي التَّحْلِيلِ وَ التَّحْرِيمِ التَّعَبُّدُ لَا غَيْرُهُ فَكَانَ كَمَا أَبْطَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ قَوْلَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ أَنَّا وَجَدْنَا كُلَّ مَا أَحَلَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَفِيهِ صَلَاحُ الْعِبَادِ وَ بَقَاؤُهُمْ وَ لَهُمْ إِلَيْهِ الْحَاجَةُ الَّتِي لَا يَسْتَغْنُونَ عَنْهَا وَ وَجَدْنَا الْمُحَرَّمَ مِنَ الْأَشْيَاءِ لَا حَاجَةَ لِلْعِبَادِ إِلَيْهِ وَ وَجَدْنَاهُ مُفْسِداً دَاعِياً إِلَى الْفَنَاءِ وَ الْهَلَاكِ ثُمَّ رَأَيْنَاهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَدْ أَحَلَّ بَعْضَ مَا حَرَّمَ فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ الصَّلَاحِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ نَظِيرَ مَا أَحَلَّ مِنَ الْمَيْتَةِ وَ الدَّمِ وَ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ

93
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الثاني ما ورد من ذلك برواية ابن سنان ص : 93

إِذَا اضْطُرَّ إِلَيْهِ الْمُضْطَرُّ لِمَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنَ الصَّلَاحِ وَ الْعِصْمَةِ وَ دَفْعِ الْمَوْتِ فَكَيْفَ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُحِلَّ إِلَّا لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ لِلْأَبْدَانِ وَ حَرَّمَ مَا حَرَّمَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْفَسَادِ وَ كَذَلِكَ وَصَفَ فِي كِتَابِهِ وَ أَدَّتْ عَنْهُ رُسُلُهُ وَ حُجَجُهُ كَمَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لَوْ يَعْلَمُ الْعِبَادُ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الْخَلْقِ مَا اخْتَلَفَ اثْنَانِ وَ قَوْلُهُ ع لَيْسَ بَيْنَ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ إِلَّا شَيْ‏ءٌ يَسِيرٌ يُحَوِّلُهُ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَى شَيْ‏ءٍ فَيَصِيرُ حَلَالًا وَ حَرَاماً.

بيان: قوله بما في هذا الكتاب جواب كتابه إليه هذا كلام الصدوق و لما فرق في كتاب العلل هذه العلل الواردة في هذا الخبر على الأبواب المناسبة لها ذكر صدر الخبر و أشار إلى أن ما فرقه كلها من تتمة هذا الخبر و لعله أسقط هذا مما رواه في العيون اختصارا أو لم يكن هذا في بعض ما أورده هناك من الأسانيد. قوله ع فكان كما أبطل الله يحتمل أن يكون أنا وجدنا اسم كان و كما أبطل الله خبره أي يبطل ذلك وجداننا كما يبطله صريح الآيات الدالة على أن الأحكام الشرعية معللة بالحكم الكاملة و يحتمل أن يكون إنا وجدنا استئنافا. قوله ع كيف كان بدء الخلق أي لأي علة خلقهم و لأي حكمة كلفهم لم يختلفوا في أمثال تلك المسائل المتعلقة بذلك قوله ع يحوله من شي‏ء إلى شي‏ء أي اختلاف الأحوال و الأوقات و الأزمان يوجب تغير الحكم لتبدل الحكمة كحرمة الميتة في حال الاختيار و حليتها في حال الاضطرار و كحرمة الأجنبية بدون الصيغة و حليتها معها فظهر أن دقائق الحكم مرعية في كل حكم من الأحكام.

2- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ وَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الدَّقَّاقُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ السِّنَانِيُّ وَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقُ وَ الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ هِشَامٍ الْمُكَتِّبُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالُوا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الرَّبِيعِ الصَّحَّافُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ وَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيُّ وَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْمُجَاوِرُ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْبَرْقِيُ‏

94
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الثاني ما ورد من ذلك برواية ابن سنان ص : 93

بِالرَّيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالُوا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ‏ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا ع كَتَبَ إِلَيْهِ فِي جَوَابِ مَسَائِلِهِ عِلَّةُ غُسْلِ الْجَنَابَةِ النَّظَافَةُ وَ تَطْهِيرُ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ مِمَّا أَصَابَهُ مِنْ أَذَاهُ وَ تَطْهِيرُ سَائِرِ جَسَدِهِ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ خَارِجَةٌ مِنْ كُلِّ جَسَدِهِ فَلِذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ تَطْهِيرُ جَسَدِهِ كُلِّهِ وَ عِلَّةُ التَّخْفِيفِ فِي الْبَوْلِ وَ الْغَائِطِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ وَ أَدْوَمُ مِنَ الْجَنَابَةِ فَرَضِيَ فِيهِ بِالْوُضُوءِ لِكَثْرَتِهِ وَ مَشَقَّتِهِ وَ مَجِيئِهِ بِغَيْرِ إِرَادَةٍ مِنْهُ وَ لَا شَهْوَةٍ وَ الْجَنَابَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا بِالاسْتِلْذَاذِ مِنْهُمْ وَ الْإِكْرَاهِ لِأَنْفُسِهِمْ وَ عِلَّةُ غُسْلِ الْعِيدِ وَ الْجُمُعَةِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَغْسَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِ الْعَبْدِ رَبَّهُ وَ اسْتِقْبَالِهِ الْكَرِيمَ الْجَلِيلَ وَ طَلَبِ الْمَغْفِرَةِ لِذُنُوبِهِ وَ لِيَكُونَ لَهُمْ يَوْمَ عِيدٍ مَعْرُوفٍ يَجْتَمِعُونَ فِيهِ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَجَعَلَ فِيهِ الْغُسْلَ تَعْظِيماً لِذَلِكَ الْيَوْمِ وَ تَفْضِيلًا لَهُ عَلَى سَائِرِ الْأَيَّامِ وَ زِيَادَةً فِي النَّوَافِلِ وَ الْعِبَادَةِ وَ لِيَكُونَ تِلْكَ طَهَارَةً لَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ وَ عِلَّةُ غُسْلِ الْمَيِّتِ أَنَّهُ يُغَسَّلُ لِأَنَّهُ يُطَهَّرُ وَ يُنَظَّفُ مِنْ أَدْنَاسِ أَمْرَاضِهِ وَ مَا أَصَابَهُ مِنْ صُنُوفِ عِلَلِهِ لِأَنَّهُ يَلْقَى الْمَلَائِكَةَ وَ يُبَاشِرُ أَهْلَ الْآخِرَةِ فَيُسْتَحَبُّ إِذَا وَرَدَ عَلَى اللَّهِ وَ لَقِيَ أَهْلَ الطَّهَارَةِ وَ يُمَاسُّونَهُ وَ يُمَاسُّهُمْ أَنْ يَكُونَ طَاهِراً نَظِيفاً مُوَجَّهاً بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِيُطْلَبَ بِهِ وَ يُشْفَعَ لَهُ وَ عِلَّةٌ أُخْرَى أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ الْأَذَى‏ «1» الَّذِي مِنْهُ خُلِقَ فَيُجْنِبُ فَيَكُونُ غُسْلُهُ لَهُ وَ عِلَّةُ اغْتِسَالِ مَنْ غَسَلَهُ أَوْ مَسَّهُ فَظَاهِرَةٌ لِمَا أَصَابَهُ مِنْ نَضْحِ الْمَيِّتِ لِأَنَّ الْمَيِّتَ إِذَا خَرَجَتِ الرُّوحُ مِنْهُ بَقِيَ أَكْثَرَ آفَةً فَلِذَلِكَ يُتَطَهَّرُ مِنْهُ وَ يُطَهَّرُ وَ عِلَّةُ الْوُضُوءِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا صَارَ غَسْلُ الْوَجْهِ وَ الذِّرَاعَيْنِ وَ مَسْحُ الرَّأْسِ وَ الرِّجْلَيْنِ فَلِقِيَامِهِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اسْتِقْبَالِهِ إِيَّاهُ بِجَوَارِحِهِ الظَّاهِرَةِ وَ مُلَاقَاتِهِ بِهَا الْكِرَامَ الْكَاتِبِينَ فَغَسْلُ الْوَجْهِ لِلسُّجُودِ وَ الْخُضُوعِ وَ غَسْلُ الْيَدَيْنِ لِيَقْلِبَهُمَا وَ يَرْغَبَ بِهِمَا وَ يَرْهَبَ وَ يَتَبَتَّلَ وَ مَسْحُ الرَّأْسِ وَ الْقَدَمَيْنِ لِأَنَّهُمَا ظَاهِرَانِ مَكْشُوفَانِ يَسْتَقْبِلُ بِهِمَا فِي حَالاتِهِ وَ لَيْسَ فِيهِمَا مِنَ الْخُضُوعِ وَ التَّبَتُّلِ مَا فِي الْوَجْهِ وَ الذِّرَاعَيْنِ‏

______________________________

 (1) في المصدر: المنى (الاذى خ ل). م.

95
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الثاني ما ورد من ذلك برواية ابن سنان ص : 93

وَ عِلَّةُ الزَّكَاةِ مِنْ أَجْلِ قُوتِ الْفُقَرَاءِ وَ تَحْصِينِ أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كَلَّفَ أَهْلَ الصِّحَّةِ الْقِيَامَ بِشَأْنِ أَهْلِ الزَّمَانَةِ وَ الْبَلْوَى كَمَا قَالَ عَزَّ وَ جَلَ‏ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ‏ بِإِخْرَاجِ الزَّكَاةِ «1» وَ أَنْفُسِكُمْ‏ بِتَوْطِينِ الْأَنْفُسِ عَلَى الصَّبْرِ مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ أَدَاءِ شُكْرِ نِعَمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الطَّمَعِ فِي الزِّيَادَةِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الرَّحْمَةِ وَ الرَّأْفَةِ لِأَهْلِ الضَّعْفِ وَ الْعَطْفِ عَلَى أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ وَ الْحَثِّ لَهُمْ عَلَى الْمُوَاسَاةِ وَ تَقْوِيَةِ الْفُقَرَاءِ وَ الْمَعُونَةِ لَهُمْ عَلَى أَمْرِ الدِّينِ وَ هُمْ عِظَةٌ لِأَهْلِ الْغِنَى وَ عِبْرَةٌ لَهُمْ لِيَسْتَدِلُّوا عَلَى فَقْرِ الْآخِرَةِ بِهِمْ وَ مَا لَهُمْ مِنَ الْحَثِّ فِي ذَلِكَ عَلَى الشُّكْرِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِمَا خَوَّلَهُمْ وَ أَعْطَاهُمْ وَ الدُّعَاءِ وَ التَّضَرُّعِ وَ الْخَوْفِ مِنْ أَنْ يَصِيرُوا مِثْلَهُمْ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ مِنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ «2» وَ الصَّدَقَاتِ وَ صِلَةِ الْأَرْحَامِ وَ اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ وَ عِلَّةُ الْحَجِّ الْوِفَادَةُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ طَلَبُ الزِّيَادَةِ وَ الْخُرُوجُ مِنْ كُلِّ مَا اقْتَرَفَ وَ لِيَكُونَ تَائِباً مِمَّا مَضَى مُسْتَأْنِفاً لِمَا يَسْتَقْبِلُ وَ مَا فِيهِ مِنِ اسْتِخْرَاجِ الْأَمْوَالِ وَ تَعَبِ الْأَبْدَانِ وَ حَظْرِهَا عَنِ الشَّهَوَاتِ وَ اللَّذَّاتِ وَ التَّقَرُّبِ بِالْعِبَادَةِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْخُضُوعِ وَ الِاسْتِكَانَةِ وَ الذُّلِّ شَاخِصاً فِي الْحَرِّ «3» وَ الْبَرْدِ وَ الْخَوْفِ وَ الْأَمْنِ دَائِباً فِي ذَلِكَ دَائِماً وَ مَا فِي ذَلِكَ لِجَمِيعِ الْخَلْقِ مِنَ الْمَنَافِعِ وَ الرَّغْبَةِ وَ الرَّهْبَةِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مِنْهُ تَرْكُ قَسَاوَةِ الْقَلْبِ وَ جَسَارَةِ الْأَنْفُسِ وَ نِسْيَانِ الذِّكْرِ وَ انْقِطَاعِ الرَّجَاءِ وَ الْأَمَلِ وَ تَجْدِيدُ الْحُقُوقِ وَ حَظْرُ النَّفْسِ عَنِ الْفَسَادِ وَ مَنْفَعَةُ مَنْ فِي شَرْقِ الْأَرْضِ وَ غَرْبِهَا وَ مَنْ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ مِمَّنْ يَحِجُّ وَ مَنْ لَا يَحِجُّ مِنْ تَاجِرٍ وَ جَالِبٍ وَ بَائِعٍ وَ مُشْتَرٍ وَ كَاسِبٍ وَ مِسْكِينٍ وَ قَضَاءُ حَوَائِجِ أَهْلِ الْأَطْرَافِ وَ الْمَوَاضِعِ الْمُمْكِنِ لَهُمُ الِاجْتِمَاعُ فِيهَا كَذَلِكَ‏ لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ‏ وَ عِلَّةُ فَرْضِ الْحَجِّ مَرَّةً وَاحِدَةً لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَضَعَ الْفَرَائِضَ عَلَى أَدْنَى الْقَوْمِ قُوَّةً فَمِنْ تِلْكَ الْفَرَائِضِ الْحَجُّ الْمَفْرُوضُ وَاحِدٌ ثُمَّ رَغَّبَ أَهْلَ الْقُوَّةِ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِمْ‏

______________________________

 (1) في المصدر: «لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ» في اموالكم بإخراج الزكاة اه. م.

 (2) في المصدر: فى أداء الزكاة. م.

 (3) في المصدر: شاخصا إليه في الحر. م.

96
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الثاني ما ورد من ذلك برواية ابن سنان ص : 93

وَ عِلَّةُ وَضْعِ الْبَيْتِ وَسَطَ الْأَرْضِ أَنَّهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي مِنْ تَحْتِهِ دُحِيَتِ الْأَرْضُ وَ كُلُّ رِيحٍ تَهُبُّ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ الرُّكْنِ الشَّامِيِّ وَ هِيَ أَوَّلُ بُقْعَةٍ وُضِعَتْ فِي الْأَرْضِ لِأَنَّهَا الْوَسَطُ لِيَكُونَ الْفَرْضُ لِأَهْلِ الشَّرْقِ وَ الْغَرْبِ فِي ذَلِكَ سَوَاءً وَ سُمِّيَتْ مَكَّةُ مَكَّةَ لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَمْكُونَ فِيهَا وَ كَانَ يُقَالُ لِمَنْ قَصَدَهَا قَدْ مَكَا وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ وَ ما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِيَةً فَالْمُكَاءُ الصَّفِيرُ وَ التَّصْدِيَةُ صَفْقُ الْيَدَيْنِ وَ عِلَّةُ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ فَرَدُّوا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ هَذَا الْجَوَابَ فَنَدِمُوا فَلَاذُوا بِالْعَرْشِ وَ اسْتَغْفَرُوا فَأَحَبَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَتَعَبَّدَ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْعِبَادُ فَوَضَعَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ بَيْتاً بِحِذَاءِ الْعَرْشِ يُسَمَّى الضُّرَاحَ ثُمَّ وَضَعَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بَيْتاً يُسَمَّى الْمَعْمُورَ بِحِذَاءِ الضُّرَاحِ ثُمَّ وَضَعَ هَذَا الْبَيْتَ بِحِذَاءِ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ثُمَّ أَمَرَ آدَمَ ع فَطَافَ بِهِ فَتَابَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ فَجَرَى ذَلِكَ فِي وُلْدِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ عِلَّةُ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمَّا أَخَذَ مِيثَاقَ بَنِي آدَمَ الْتَقَمَهُ الْحَجَرُ فَمِنْ ثَمَّ كَلَّفَ النَّاسَ تَعَاهُدَ ذَلِكَ الْمِيثَاقِ وَ مِنْ ثَمَّ يُقَالُ عِنْدَ الْحَجَرِ أَمَانَتِي أَدَّيْتُهَا وَ مِيثَاقِي تَعَاهَدْتُهُ لِتَشْهَدَ لِي بِالْمُوَافَاةِ وَ مِنْهُ قَوْلُ سَلْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَيَجِيئَنَّ الْحَجَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِثْلَ أَبِي قُبَيْسٍ لَهُ لِسَانٌ وَ شَفَتَانِ يَشْهَدُ لِمَنْ وَافَاهُ بِالْمُوَافَاةِ وَ الْعِلَّةُ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا سُمِّيَتْ مِنًى مِنًى أَنَّ جَبْرَئِيلَ ع قَالَ هُنَاكَ لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَمَنَّ عَلَى رَبِّكَ مَا شِئْتَ فَتَمَنَّى إِبْرَاهِيمُ ع فِي نَفْسِهِ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ مَكَانَ ابْنِهِ إِسْمَاعِيلَ كَبْشاً يَأْمُرُهُ بِذَبْحِهِ فِدَاءً لَهُ فَأُعْطِيَ مُنَاهُ وَ عِلَّةُ الصَّوْمِ لِعِرْفَانِ مَسِّ الْجُوعِ وَ الْعَطَشِ لِيَكُونَ الْعَبْدُ ذَلِيلًا مُسْتَكِيناً مَأْجُوراً مُحْتَسِباً صَابِراً وَ يَكُونَ ذَلِكَ دَلِيلًا لَهُ عَلَى شَدَائِدِ الْآخِرَةِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الِانْكِسَارِ لَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ وَاعِظاً لَهُ فِي الْعَاجِلِ دَلِيلًا عَلَى الْآجِلِ لِيَعْلَمَ شِدَّةَ مَبْلَغِ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْفَقْرِ وَ الْمَسْكَنَةِ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ حَرَّمَ قَتْلَ النَّفْسِ لِعِلَّةِ فَسَادِ الْخَلْقِ فِي تَحْلِيلِهِ لَوْ أَحَلَّ وَ فَنَائِهِمْ وَ فَسَادِ التَّدْبِيرِ

97
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الثاني ما ورد من ذلك برواية ابن سنان ص : 93

وَ حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْخُرُوجِ عَنِ التَّوْقِيرِ «1» لِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ التَّوْقِيرِ لِلْوَالِدَيْنِ وَ تَجَنُّبِ كُفْرِ النِّعْمَةِ وَ إِبْطَالِ الشُّكْرِ وَ مَا يَدْعُو مِنْ ذَلِكَ إِلَى قِلَّةِ النَّسْلِ وَ انْقِطَاعِهِ لِمَا فِي الْعُقُوقِ مِنْ قِلَّةِ تَوْقِيرِ الْوَالِدَيْنِ وَ الْعِرْفَانِ بِحَقِّهِمَا وَ قَطْعِ الْأَرْحَامِ وَ الزُّهْدِ مِنَ الْوَالِدَيْنِ فِي الْوَلَدِ وَ تَرْكِ التَّرْبِيَةِ لِعِلَّةِ تَرْكِ الْوَلَدِ بِرَّهُمَا وَ حَرَّمَ الزِّنَا لِمَا فِيهِ مِنَ الْفَسَادِ مِنْ قَتْلِ الْأَنْفُسِ وَ ذَهَابِ الْأَنْسَابِ وَ تَرْكِ التَّرْبِيَةِ لِلْأَطْفَالِ وَ فَسَادِ الْمَوَارِيثِ وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْفَسَادِ وَ حَرَّمَ أَكْلَ مَالِ الْيَتِيمِ ظُلْماً لِعِلَلٍ كَثِيرَةٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَسَادِ أَوَّلُ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا أَكَلَ الْإِنْسَانُ مَالَ الْيَتِيمِ ظُلْماً فَقَدْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ إِذِ الْيَتِيمُ غَيْرُ مُسْتَغْنٍ وَ لَا مُحْتَمِلٍ لِنَفْسِهِ وَ لَا عَلِيمٍ بِشَأْنِهِ وَ لَا لَهُ مَنْ يَقُومُ عَلَيْهِ وَ يَكْفِيهِ كَقِيَامِ وَالِدَيْهِ فَإِذَا أَكَلَ مَالَهُ فَكَأَنَّهُ قَدْ قَتَلَهُ وَ صَيَّرَهُ إِلَى الْفَقْرِ وَ الْفَاقَةِ مَعَ مَا خَوَّفَ اللَّهُ تَعَالَى وَ جَعَلَ مِنَ الْعُقُوبَةِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ وَ لْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ‏ وَ كَقَوْلِ أَبِي جَعْفَرٍ ع إِنَّ اللَّهَ وَعَدَ فِي أَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ عُقُوبَتَيْنِ عُقُوبَةً فِي الدُّنْيَا وَ عُقُوبَةً فِي الْآخِرَةِ فَفِي تَحْرِيمِ مَالِ الْيَتِيمِ اسْتِغْنَاءُ الْيَتِيمِ‏ «2» وَ اسْتِقْلَالُهُ بِنَفْسِهِ وَ السَّلَامَةُ لِلْعَقِبِ أَنْ يُصِيبَهُ مَا أَصَابَهُ لِمَا وَعَدَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ طَلَبِ الْيَتِيمِ بِثَارِهِ إِذَا أَدْرَكَ وَ وُقُوعِ الشَّحْنَاءِ وَ الْعَدَاوَةِ وَ الْبَغْضَاءِ حَتَّى يَتَفَانَوْا وَ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الْفِرَارَ مِنَ الزَّحْفِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْوَهْنِ فِي الدِّينِ وَ الِاسْتِخْفَافِ بِالرُّسُلِ وَ الْأَئِمَّةِ الْعَادِلَةِ ع وَ تَرْكِ نُصْرَتِهِمْ عَلَى الْأَعْدَاءِ وَ الْعُقُوبَةِ لَهُمْ عَلَى إِنْكَارِ مَا دُعُوا إِلَيْهِ مِنَ الْإِقْرَارِ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَ إِظْهَارِ الْعَدْلِ وَ تَرْكِ الْجَوْرِ وَ إِمَاتَةِ الْفَسَادِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ جُرْأَةِ الْعَدُوِّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَ مَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ مِنَ السَّبْيِ وَ الْقَتْلِ وَ إِبْطَالِ دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ غَيْرِهِ مِنَ الْفَسَادِ وَ حَرَّمَ التَّعَرُّبَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ لِلرُّجُوعِ عَنِ الدِّينِ وَ تَرْكِ الْمُؤَازَرَةِ لِلْأَنْبِيَاءِ وَ الْحُجَجِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْفَسَادِ وَ إِبْطَالِ حَقِّ كُلِّ ذِي حَقٍّ لَا لِعِلَّةِ سُكْنَى الْبَدْوِ

______________________________

 (1) في نسخة: التوفيق.

 (2) في المصدر: استبقاء اليتيم. م.

98
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الثاني ما ورد من ذلك برواية ابن سنان ص : 93

وَ كَذَلِكَ لَوْ عَرَفَ الرَّجُلُ الدِّينَ كَامِلَةً لَمْ يَجُزْ لَهُ مُسَاكَنَةُ أَهْلِ الْجَهْلِ وَ الْخَوْفِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَقَعَ مِنْهُ تَرْكُ الْعِلْمِ وَ الدُّخُولُ مَعَ أَهْلِ الْجَهْلِ وَ التَّمَادِي فِي ذَلِكَ وَ حَرَّمَ مَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِلَّذِي أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى خَلْقِهِ مِنَ الْإِقْرَارِ بِهِ وَ ذِكْرِ اسْمِهِ عَلَى الذَّبَائِحِ الْمُحَلَّلَةِ وَ لِئَلَّا يُسَوِّيَ بَيْنَ مَا تُقُرِّبَ بِهِ إِلَيْهِ وَ بَيْنَ مَا جُعِلَ عِبَادَةً لِلشَّيَاطِينِ وَ الْأَوْثَانِ لِأَنَّ فِي تَسْمِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْإِقْرَارَ بِرُبُوبِيَّتِهِ وَ تَوْحِيدِهِ وَ مَا فِي الْإِهْلَالِ لِغَيْرِ اللَّهِ مِنَ الشِّرْكِ بِهِ وَ التَّقَرُّبِ بِهِ إِلَى غَيْرِهِ لِيَكُونَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَ تَسْمِيَتُهُ عَلَى الذَّبِيحَةِ فَرْقاً بَيْنَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَ بَيْنَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَ حَرَّمَ سِبَاعَ الطَّيْرِ الْوَحْشِ كُلَّهَا لِأَكْلِهَا مِنَ الْجِيَفِ وَ لُحُومِ النَّاسِ وَ الْعَذِرَةِ وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ دَلَائِلَ مَا أَحَلَّ مِنَ الْوَحْشِ وَ الطَّيْرِ وَ مَا حَرَّمَ كَمَا قَالَ أَبِي ع كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ حَرَامٌ وَ كُلُّ مَا كَانَتْ لَهُ قَانِصَةٌ مِنَ الطَّيْرِ فَحَلَالٌ وَ عِلَّةٌ أُخْرَى يُفَرِّقُ بَيْنَ مَا أُحِلَّ مِنَ الطَّيْرِ وَ مَا حُرِّمَ قَوْلُهُ ع كُلْ مَا دَفَّ وَ لَا تَأْكُلْ مَا صَفَّ وَ حَرَّمَ الْأَرْنَبَ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ السِّنَّوْرِ وَ لَهَا مَخَالِيبُ كَمَخَالِيبِ السِّنَّوْرِ وَ سِبَاعِ الْوَحْشِ فَجَرَتْ مَجْرَاهَا مَعَ قَذَرِهَا فِي نَفْسِهَا وَ مَا يَكُونُ مِنْهَا مِنَ الدَّمِ كَمَا يَكُونُ مِنَ النِّسَاءِ لِأَنَّهَا مَسْخٌ وَ عَلَيْهِ تَحْرِيمُ الرِّبَا إِنَّمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسَادِ الْأَمْوَالِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا اشْتَرَى الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ كَانَ ثَمَنُ الدِّرْهَمِ دِرْهَماً وَ ثَمَنُ الْآخَرِ بَاطِلًا فَبَيْعُ الرِّبَا وَ شِرَاهُ وَكْسٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ عَلَى الْمُشْتَرِي وَ عَلَى الْبَائِعِ فَحَظَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الرِّبَا لِعِلَّةِ فَسَادِ الْأَمْوَالِ كَمَا حَظَرَ عَلَى السَّفِيهِ أَنْ يُدْفَعَ إِلَيْهِ مَالُهُ لِمَا يُتَخَوَّفُ عَلَيْهِ مِنْ إِفْسَادِهِ حَتَّى يُؤْنَسَ مِنْهُ رُشْدٌ «1» فَلِهَذِهِ الْعِلَّةِ حَرَّمَ اللَّهُ الرِّبَا وَ بَيْعَ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَيْنِ يَداً بِيَدٍ وَ عِلَّةُ تَحْرِيمِ الرِّبَا بَعْدَ الْبَيِّنَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ الِاسْتِخْفَافِ بِالْحَرَامِ الْمُحَرَّمِ وَ هِيَ كَبِيرَةٌ بَعْدَ الْبَيَانِ وَ تَحْرِيمِ اللَّهِ لَهَا وَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ إِلَّا اسْتِخْفَافاً بِالْمُحَرِّمِ لِلْحَرَامِ وَ الِاسْتِخْفَافُ بِذَلِكَ دُخُولٌ فِي الْكُفْرِ

______________________________

 (1) في بعض النسخ: رشده. م.

99
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الثاني ما ورد من ذلك برواية ابن سنان ص : 93

وَ عِلَّةُ تَحْرِيمِ الرِّبَا بِالنَّسِيئَةِ لِعِلَّةِ ذَهَابِ الْمَعْرُوفِ وَ تَلَفِ الْأَمْوَالِ وَ رَغْبَةِ النَّاسِ فِي الرِّبْحِ وَ تَرْكِهِمُ الْقَرْضَ وَ الْقَرْضُ مِنْ صَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ وَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْفَسَادِ وَ الظُّلْمِ وَ فَنَاءِ الْأَمْوَالِ وَ حَرَّمَ الْخِنْزِيرَ لِأَنَّهُ مُشَوَّهٌ جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عِظَةً لِلْخَلْقِ وَ عِبْرَةً وَ تَخْوِيفاً وَ دَلِيلًا عَلَى مَا مُسِخَ عَلَى خِلْقَتِهِ وَ لِأَنَّ غِذَاءَهُ أَقْذَرُ الْأَقْذَارِ مَعَ عِلَلٍ كَثِيرَةٍ وَ كَذَلِكَ حَرَّمَ الْقِرْدَ لِأَنَّهُ مُسِخَ مِثْلَ الْخِنْزِيرِ وَ جُعِلَ عِظَةً وَ عِبْرَةً لِلْخَلْقِ وَ دَلِيلًا عَلَى مَا مُسِخَ عَلَى خِلْقَتِهِ وَ صُورَتِهِ وَ جَعَلَ فِيهِ شَيْئاً مِنَ الْإِنْسَانِ‏ «1» لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْخَلْقِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِ وَ حُرِّمَتِ الْمَيْتَةُ لِمَا فِيهَا مِنْ فَسَادِ الْأَبْدَانِ وَ الْآفَةِ وَ لِمَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَجْعَلَ التَّسْمِيَةَ سَبَباً لِلتَّحْلِيلِ وَ فَرْقاً بَيْنَ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ وَ حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الدَّمَ كَتَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسَادِ الْأَبْدَانِ وَ لِأَنَّهُ يُورِثُ الْمَاءَ الْأَصْفَرَ وَ يُبْخِرُ الْفَمَ وَ يُنَتِّنُ الرِّيحَ وَ يُسِيئُ الْخُلُقَ وَ يُورِثُ الْقَسْوَةَ لِلْقَلْبِ وَ قِلَّةَ الرَّأْفَةِ وَ الرَّحْمَةِ حَتَّى لَا يُؤْمَنَ أَنْ يَقْتُلَ وَلَدَهُ وَ وَالِدَهُ وَ صَاحِبَهُ وَ حَرَّمَ الطِّحَالَ لِمَا فِيهِ مِنَ الدَّمِ وَ لِأَنَّ عِلَّتَهُ وَ عِلَّةَ الدَّمِ وَ الْمَيْتَةِ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَاهَا فِي الْفَسَادِ وَ عِلَّةُ الْمَهْرِ وَ وُجُوبِهِ عَلَى الرِّجَالِ وَ لَا يَجِبُ عَلَى النِّسَاءِ أَنْ يُعْطِينَ أَزْوَاجَهُنَّ لِأَنَّ عَلَى الرَّجُلِ مَئُونَةَ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ بَائِعَةٌ نَفْسَهَا وَ الرَّجُلَ مُشْتَرٍ وَ لَا يَكُونُ الْبَيْعُ إِلَّا بِثَمَنٍ وَ لَا الشِّرَاءُ بِغَيْرِ إِعْطَاءِ الثَّمَنِ مَعَ أَنَّ النِّسَاءَ مَحْظُورَاتٌ عَنِ التَّعَامُلِ وَ الْمَجِي‏ءِ «2» مَعَ عِلَلٍ كَثِيرَةٍ وَ عِلَّةُ تَزْوِيجِ الرَّجُلِ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ وَ تَحْرِيمِ أَنْ تَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ لِأَنَّ الرَّجُلَ إِذَا تَزَوَّجَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ كَانَ الْوَلَدُ مَنْسُوباً إِلَيْهِ وَ الْمَرْأَةُ لَوْ كَانَ لَهَا زَوْجَانِ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُعْرَفِ الْوَلَدُ لِمَنْ هُوَ إِذْ هُمْ مُشْتَرِكُونَ فِي نِكَاحِهَا وَ فِي ذَلِكَ فَسَادُ الْأَنْسَابِ وَ الْمَوَارِيثِ وَ الْمَعَارِفِ‏

______________________________

 (1) في المصدر: شبها من الإنسان. م.

 (2) في نسخة: المتجر.

100
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الثاني ما ورد من ذلك برواية ابن سنان ص : 93

وَ عِلَّةُ تَزْوِيجِ الْعَبْدِ اثْنَتَيْنِ لَا أَكْثَرَ مِنْهُ لِأَنَّهُ نِصْفُ رَجُلٍ حُرٍّ فِي الطَّلَاقِ وَ النِّكَاحِ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ وَ لَا لَهُ مَالٌ إِنَّمَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ مَوْلَاهُ وَ لِيَكُونَ ذَلِكَ فَرْقاً بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْحُرِّ وَ لِيَكُونَ أَقَلَّ لِاشْتِغَالِهِ عَنْ خِدْمَةِ مَوَالِيهِ وَ عِلَّةُ الطَّلَاقِ ثَلَاثاً لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُهْلَةِ فِيمَا بَيْنَ الْوَاحِدَةِ إِلَى الثَّلَاثِ لِرَغْبَةٍ تَحْدُثُ أَوْ سُكُونِ غَضَبٍ إِنْ كَانَ وَ لِيَكُونَ ذَلِكَ تَخْوِيفاً وَ تَأْدِيباً لِلنِّسَاءِ وَ زَجْراً لَهُنَّ عَنْ مَعْصِيَةِ أَزْوَاجِهِنَّ فَاسْتَحَقَّتِ الْمَرْأَةُ الْفُرْقَةَ وَ الْمُبَايَنَةَ لِدُخُولِهَا فِيمَا لَا يَنْبَغِي مِنْ مَعْصِيَةِ زَوْجِهَا وَ عِلَّةُ تَحْرِيمِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ تِسْعِ تَطْلِيقَاتٍ فَلَا تَحِلُّ لَهُ أَبَداً عُقُوبَةً لِئَلَّا يُتَلَاعَبَ بِالطَّلَاقِ وَ لَا تُسْتَضْعَفَ الْمَرْأَةُ وَ لِيَكُونَ نَاظِراً فِي أَمْرِهِ مُتَيَقِّظاً مُعْتَبِراً وَ لِيَكُونَ يَأْساً لَهُمَا مِنَ الِاجْتِمَاعِ بَعْدَ تِسْعِ تَطْلِيقَاتٍ وَ عِلَّةُ طَلَاقِ الْمَمْلُوكِ اثْنَتَيْنِ لِأَنَّ طَلَاقَ الْأَمَةِ عَلَى النِّصْفِ فَجَعَلَهُ اثْنَتَيْنِ احْتِيَاطاً لِكَمَالِ الْفَرَائِضِ وَ كَذَلِكَ فِي الْفَرْقِ فِي الْعِدَّةِ لِلْمُتَوَفَّى‏ «1» عَنْهَا زَوْجُهَا وَ عِلَّةُ تَرْكِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ فِي الطَّلَاقِ وَ الْهِلَالِ لِضَعْفِهِنَّ عَنِ الرُّؤْيَةِ وَ مُحَابَاتِهِنَّ النِّسَاءَ فِي الطَّلَاقِ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ إِلَّا فِي مَوْضِعِ ضَرُورَةٍ مِثْلِ شَهَادَةِ الْقَابِلَةِ وَ مَا لَا يَجُوزُ لِلرِّجَالِ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَيْهِ كَضَرُورَةِ تَجْوِيزِ شَهَادَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُمْ وَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ مُسْلِمَيْنِ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ كَافِرَيْنِ وَ مِثْلِ شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ عَلَى الْقَتْلِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُمْ وَ الْعِلَّةُ فِي شَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ فِي الزِّنَا وَ اثْنَيْنِ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ لِشِدَّةِ حَدِّ الْمُحْصَنِ لِأَنَّ فِيهِ الْقَتْلَ فَجُعِلَتِ الشَّهَادَةُ فِيهِ مُضَاعَفَةً مُغَلَّظَةً لِمَا فِيهِ مِنْ قَتْلِ نَفْسِهِ وَ ذَهَابِ نَسَبِ وَلَدِهِ وَ لِفَسَادِ الْمِيرَاثِ وَ عِلَّةُ تَحْلِيلِ مَالِ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَ لَيْسَ ذَلِكَ لِلْوَلَدِ لِأَنَّ الْوَلَدَ مَوْهُوبٌ لِلْوَالِدِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ مَعَ أَنَّهُ الْمَأْخُوذُ بِمَئُونَتِهِ صَغِيراً وَ كَبِيراً وَ الْمَنْسُوبُ إِلَيْهِ وَ الْمَدْعُوُّ لَهُ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ‏ وَ قَوْلِ النَّبِيِّ ص أَنْتَ وَ مَالُكَ لِأَبِيكَ وَ لَيْسَتِ الْوَالِدَةُ كَذَلِكَ‏

______________________________

 (1) في نسخة: المتوفى.

101
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الثاني ما ورد من ذلك برواية ابن سنان ص : 93

لَا تَأْخُذُ مِنْ مَالِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ أَوْ بِإِذْنِ الْأَبِ لِأَنَّ الْأَبَ مَأْخُوذٌ بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ وَ لَا تُؤْخَذُ الْمَرْأَةُ بِنَفَقَةِ وَلَدِهَا وَ الْعِلَّةُ فِي أَنَّ الْبَيِّنَةَ فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ عَلَى الْمُدَّعِي وَ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا خَلَا الدَّمَ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَاحِدٌ وَ لَا يُمْكِنُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْجُحُودِ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ وَ صَارَتِ الْبَيِّنَةُ فِي الدَّمِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ حَوْطٌ يَحْتَاطُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ لِئَلَّا يَبْطُلَ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَ لِيَكُونَ ذَلِكَ زَاجِراً وَ نَاهِياً لِلْقَاتِلِ لِشِدَّةِ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَنْ يَشْهَدُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ قَلِيلٌ وَ أَمَّا عِلَّةُ الْقَسَامَةِ أَنْ جُعِلَتْ خَمْسِينَ رَجُلًا فَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّغْلِيظِ وَ التَّشْدِيدِ وَ الِاحْتِيَاطِ لِئَلَّا يَهْدِرَ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَ عِلَّةُ قَطْعِ الْيَمِينِ مِنَ السَّارِقِ لِأَنَّهُ يُبَاشِرُ الْأَشْيَاءَ غَالِباً بِيَمِينِهِ وَ هِيَ أَفْضَلُ أَعْضَائِهِ وَ أَنْفَعُهَا لَهُ فَجُعِلَ قَطْعُهَا نَكَالًا وَ عِبْرَةً لِلْخَلْقِ لِئَلَّا يَبْتَغُوا أَخْذَ الْأَمْوَالِ مِنْ غَيْرِ حِلِّهَا وَ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مَا يُبَاشِرُ السَّرِقَةَ بِيَمِينِهِ وَ حُرِّمَ غَصْبُ الْأَمْوَالِ وَ أَخْذُهَا مِنْ غَيْرِ حِلِّهَا لِمَا فِيهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ وَ الْفَسَادُ مُحَرَّمٌ لِمَا فِيهِ مِنَ الْفَنَاءِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْفَسَادِ وَ حُرِّمَ السَّرِقَةُ لِمَا فِيهَا مِنْ فَسَادِ الْأَمْوَالِ وَ قَتْلِ الْأَنْفُسِ لَوْ كَانَتْ مُبَاحَةً وَ لِمَا يَأْتِي فِي التَّغَاصُبِ مِنَ الْقَتْلِ وَ التَّنَازُعِ وَ التَّحَاسُدِ وَ مَا يَدْعُو إِلَى تَرْكِ التِّجَارَاتِ وَ الصِّنَاعَاتِ فِي الْمَكَاسِبِ وَ اقْتِنَاءِ الْأَمْوَالِ إِذَا كَانَ الشَّيْ‏ءُ الْمُقْتَنَى لَا يَكُونُ أَحَدٌ أَحَقَّ بِهِ مِنْ أَحَدٍ وَ عِلَّةُ ضَرْبِ الزَّانِي عَلَى جَسَدِهِ بِأَشَدِّ الضَّرْبِ لِمُبَاشَرَتِهِ الزِّنَا وَ اسْتِلْذَاذِ الْجَسَدِ كُلِّهِ بِهِ فَجُعِلَ الضَّرْبُ عُقُوبَةً لَهُ وَ عِبْرَةً لِغَيْرِهِ وَ هُوَ أَعْظَمُ الْجِنَايَاتِ وَ عِلَّةُ ضَرْبِ الْقَاذِفِ وَ شَارِبِ الْخَمْرِ ثَمَانِينَ جَلْدَةً لِأَنَّ فِي الْقَذْفِ نَفْيَ الْوَلَدِ وَ قَطْعَ النَّسْلِ وَ ذَهَابَ النَّسَبِ وَ كَذَلِكَ شَارِبُ الْخَمْرِ لِأَنَّهُ إِذَا شَرِبَ هَذَى وَ إِذَا هَذَى افْتَرَى فَوَجَبَ حَدُّ الْمُفْتَرِي وَ عِلَّةُ الْقَتْلِ بَعْدَ إِقَامَةِ الْحَدِّ فِي الثَّالِثَةِ عَلَى الزَّانِي وَ الزَّانِيَةِ لِاسْتِخْفَافِهِمَا وَ قِلَّةِ مُبَالاتِهِمَا بِالضَّرْبِ حَتَّى كَأَنَّهُمَا مُطْلَقٌ لَهُمَا ذَلِكَ الشَّيْ‏ءُ وَ عِلَّةٌ أُخْرَى أَنَّ الْمُسْتَخِفَّ بِاللَّهِ وَ بِالْحَدِّ كَافِرٌ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ لِدُخُولِهِ فِي الْكُفْرِ

102
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الثاني ما ورد من ذلك برواية ابن سنان ص : 93

وَ عِلَّةُ تَحْرِيمِ الذُّكْرَانِ لِلذُّكْرَانِ وَ الْإِنَاثِ لِلْإِنَاثِ لِمَا رُكِّبَ فِي الْإِنَاثِ وَ مَا طُبِعَ عَلَيْهِ الذُّكْرَانُ وَ لِمَا فِي إِتْيَانِ الذُّكْرَانِ الذُّكْرَانَ وَ الْإِنَاثِ لِلْإِنَاثِ مِنِ انْقِطَاعِ النَّسْلِ وَ فَسَادِ التَّدْبِيرِ وَ خَرَابِ الدُّنْيَا وَ أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى الْبَقَرَ وَ الْغَنَمَ وَ الْإِبِلَ لِكَثْرَتِهَا وَ إِمْكَانِ وُجُودِهَا وَ تَحْلِيلِ بَقَرِ الْوَحْشِ وَ غَيْرِهَا مِنْ أَصْنَافِ مَا يُؤْكَلُ مِنَ الْوَحْشِ الْمُحَلَّلَةِ لِأَنَّ غِذَاءَهَا غَيْرُ مَكْرُوهٍ وَ لَا مُحَرَّمٍ وَ لَا هِيَ مُضِرَّةٌ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَ لَا مُضِرَّةٌ بِالْإِنْسِ وَ لَا فِي خَلْقِهَا تَشْوِيهٌ وَ كُرِهَ أَكْلُ لُحُومِ الْبِغَالِ وَ الْحَمِيرِ الْأَهْلِيَّةِ لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَى ظُهُورِهَا وَ اسْتِعْمَالِهَا وَ الْخَوْفِ مِنْ قِلَّتِهَا لَا لِقَذَرِ خَلْقِهَا وَ لَا قَذَرِ غِذَائِهَا وَ حُرِّمَ النَّظَرُ إِلَى شُعُورِ النِّسَاءِ الْمَحْجُوبِ بِالْأَزْوَاجِ وَ إِلَى غَيْرِهِنَّ مِنَ النِّسَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَهْيِيجِ الرِّجَالِ وَ مَا يَدْعُو التَّهْيِيجُ إِلَيْهِ مِنَ الْفَسَادِ وَ الدُّخُولِ فِيمَا لَا يَحِلُّ وَ لَا يَجْمُلُ‏ «1» وَ كَذَلِكَ مَا أَشْبَهَ الشُّعُورَ إِلَّا الَّذِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ‏ وَ الْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ‏ أَيْ غَيْرَ الْجِلْبَابِ فَلَا بَأْسَ بِالنَّظَرِ إِلَى شُعُورِ مِثْلِهِنَّ وَ عِلَّةُ إِعْطَاءِ النِّسَاءِ نِصْفَ مَا يُعْطَى الرِّجَالَ مِنَ الْمِيرَاثِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا تَزَوَّجَتْ أَخَذَتْ وَ الرَّجُلَ يُعْطِي فَلِذَلِكَ وُفِّرَ عَلَى الرِّجَالِ وَ عِلَّةٌ أُخْرَى فِي إِعْطَاءِ الذَّكَرِ مِثْلَيْ مَا تُعْطَى الْأُنْثَى لِأَنَّ الْأُنْثَى فِي عِيَالِ الذَّكَرِ إِنِ احْتَاجَتْ وَ عَلَيْهِ أَنْ يَعُولَهَا وَ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا وَ لَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَعُولَ الرَّجُلَ وَ لَا تُؤْخَذَ بِنَفَقَتِهِ إِذَا احْتَاجَ فَوَفَّرَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الرِّجَالِ لِذَلِكَ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ‏ وَ عِلَّةُ الْمَرْأَةِ أَنَّهَا لَا تَرِثُ مِنَ الْعَقَارِ شَيْئاً إِلَّا قِيمَةَ الطُّوبِ وَ النِّقْضِ لِأَنَّ الْعَقَارَ لَا يُمْكِنُ تَغْيِيرُهُ وَ قَلْبُهُ وَ الْمَرْأَةُ يَجُوزُ أَنْ يَنْقَطِعَ مَا بَيْنَهَا وَ بَيْنَهُ مِنَ الْعِصْمَةِ وَ يَجُوزُ تَغْيِيرُهَا وَ تَبْدِيلُهَا وَ لَيْسَ الْوَلَدُ وَ الْوَالِدُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّفَصِّي مِنْهُمَا وَ الْمَرْأَةُ يُمْكِنُ الِاسْتِبْدَالُ بِهَا فَمَا يَجُوزُ أَنْ يَجِي‏ءَ وَ يَذْهَبَ كَانَ مِيرَاثُهُ فِيمَا يَجُوزُ تَبْدِيلُهُ وَ تَغْيِيرُهُ إِذْ أَشْبَهَهُ وَ كَانَ الثَّابِتُ الْمُقِيمُ عَلَى حَالِهِ لِمَنْ كَانَ مِثْلَهُ فِي الثَّبَاتِ وَ الْقِيَامِ.

______________________________

 (1) في نسخة: و لا يحمد.

103
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الثاني ما ورد من ذلك برواية ابن سنان ص : 93

توضيح قوله ع لأنه أكثر الضمير راجع إلى كل واحد من البول و الغائط و قوله و أدوم عطف تفسير لقوله أكثر قوله ع و مشقته لأنه اشتغال بفعل لا استلذاذ فيه. قوله ع و الإكراه لأنفسهم أي بإرادتهم كأن المريد لشي‏ء يكره نفسه عليه و الأظهر أنه تصحيف و لا إكراه ثم اعلم أن الاختيار في الجنابة مبني على الغالب إذ الاحتلام يقع بغير اختيار. قوله لما فيه من تعظيم العبد الضمير راجع إلى العيد أو إلى الغسل قوله ع و زيادة في النوافل أي ثوابها أو هو نفسه زيادة فيها. قوله ع ليطلب به أي ليطلب الناس الأجر بسببه للصلاة عليه و تشييعه و دفنه و يؤيده ما في العلل ليطلب وجهه إلى وجه الله و رضاه و في بعض نسخ العيون ليطالب فيه فيكون قوله و يشفع له عطفا تفسيريا له. قوله ع لأنهما ظاهران مكشوفان علة لأصل المسح و قوله و ليس فيهما علة للاكتفاء به بدون الغسل. قوله ع و تحصين أموال الأغنياء أي حفظها من الضياع فإن أداء الزكاة يوجب عدم تلفها و ضياعها قوله ع و الحث لهم أي للأغنياء على المواساة بإعطاء أصل الزكاة أو لأن إعطاء الزكاة يوجب تزكية النفس عن البخل و هذا أنسب بلفظ المواساة إذ هي المساهمة و المساواة في المال بأن يعطي الفقراء مثل ما يأخذ لنفسه قوله عليه السلام من الحث في ذلك أي في الاستدلال و العبرة قوله ع في أمور كثيرة متعلق بقوله الشكر لله أو بمقدر أي تحصل تلك الفضائل في أمور كثيرة. قوله ع و منه متعلق بالرهبة كما أن إلى الله متعلق بالرغبة قوله ع و تجديد الحقوق عطف على الترك كما أن ما قبله معطوف على مدخوله. قوله ع و علة وضع البيت وسط الأرض أي لم يقال إنه وضع وسط الأرض لأن الأرض دحيت من تحته إلى أطراف الأرض فلذا يقال إنه الوسط أو المراد

104
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الثاني ما ورد من ذلك برواية ابن سنان ص : 93

بالوسط وسط المعمورة تقريبا لكون بعض العمارة في العرض الجنوبي أيضا و يحتمل على بعد أن يكون الوسط بمعنى الأشرف و على الاحتمال الأول يمكن أن يكون هبوب الريح أيضا علة أخرى لكونه وسطا قوله ع كانوا يمكون فيها هذا لا يساعده الاشتقاق إلا أن يقال كان أصل مكة مكوة فصارت بكثرة الاستعمال هكذا أو يقال كان أصل المكاء المك فقلبت الكاف الثانية من باب أمليت و أمللت أو يقال إن بيان ذلك ليس لبيان مبدإ الاشتقاق بل لبيان أن الذين كان ذلك فعالهم أهلكهم و نقصهم يقال مكة أهلكه و نقصه و يمكن أن يكون مبنيا على الاشتقاق الكبير. قوله ع ليعلم فيه لف و نشر فإن العلم بحال أهل الفقر في الدنيا علة لكونه واعظا و العلم بحال أهل الفقر في الآخرة علة لكونه دليلا. قوله ع من قتل الأنفس أي للتغاير قوله ع و العقوبة لهم لعلها معطوفة على نصرتهم أو على الأعداء و على التقديرين ضمير الجمع راجع إلى الأعداء أو إلى الرسول و الأئمة و دعوا على المعلوم أو على المجهول. قوله ع و كذلك لو عرف الرجل أي أن التعرب بعد الهجرة إنما يحرم لتضمنه ترك نصرة الأنبياء و الحجج ع و ترك الحقوق اللازمة بين المسلمين و الرجوع إلى الجهل لا لخصوص كونه في الأصل من أهل البادية إذ يحرم على من كمل علمه من غير أهل البادية أيضا أن يساكنهم لتلك العلة أو المعنى أنه ليس لخصوص سكنى البادية مدخل في ذلك بل لا يجوز لمن كمل علمه أن يساكن أهل الجهل من أهل القرى و البلاد أيضا و في العلل و لذلك و هو أظهر قوله ع و الخوف عليه كأنه معطوف على الجهل أي مساكنة جماعة يخاف عليه من مجالستهم الضلال و ترك الحق و يحتمل أن يكون معطوفا على ذلك إذا كان لذلك و على التقديرين المراد عدم جواز مساكنة من يخاف عليه في مجالستهم‏ «1» ترك الدين أو الوقوع في المحرمات. قوله ع فجعل الله عز و جل المفعول الثاني لجعل قوله كل ذي ناب أي لما كانت العلة في حرمتها أكلها اللحوم و افتراسها الحيوانات جعل ضابط الحكم ما

______________________________

 (1) في نسخة: من مجالستهم.

105
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الثاني ما ورد من ذلك برواية ابن سنان ص : 93

يدل عليه من الناب و المخلب و قوله و علة أخرى يمكن أن يكون لبيان قاعدة أخرى ذكرها استطرادا و يكون المراد بالعلة القاعدة و يحتمل أن يكون الصفيف أيضا من علامات الجلادة و السبعية و لا يبعد أن يكون و علة أخرى كلام ابن سنان أدخلها بين كلامه ع بقرينة تغيير الأسلوب و أما عدم القانصة فمن لوازم سباع الطير غالبا. قوله ع وكس أي نقص قوله ع على المشتري متعلق بالبيع و قوله ع على البائع متعلق بالشراء على اللف و النشر قوله ع بالحرام المحرم أي المبين حرمته. قوله ع و لما أراد الله لما كانت الميتة نوعين الأول أن يكون موتها بغير الذبح فيجمد الدم في بدنها و يورث أكلها فساد الأبدان و الآفة و الثاني أن يكون ترك التسمية أو الاستقبال فقوله لما أراد الله لهذا الفرد منها أي العلة فيها أمر آخر يرجع إلى صلاح أديانهم لا أبدانهم. قوله ع احتياطا لكمال الفرائض أي ليس لثلاث تطليقات نصف لعدم تنصف الطلاق فإما أن يؤخذ واحد أو اثنان فاختير الاثنان لرعاية الاحتياط. قوله ع و لا تؤخذ المرأة أي مع وجود الوالد و قدرته على الإنفاق قوله ع لما ركب في الإناث أي من الميل إلى الرجال أو من العضو الذي يناسب وطي الرجال لهن. و قال في النهاية الجلباب الإزار و الرداء و قيل الملحفة و قيل هو كالمقنعة تغطي به المرأة رأسها و ظهرها و صدرها و قيل ثوب أوسع من الخمار و دون الرداء انتهى و قد ورد في الأخبار المعتبرة أنها تضع من الثياب الجلباب و هذا الخبر يدل على أنه لا تضعه و لعل لفظ غير زيد من النساخ كما هو في بعض النسخ أو المراد بالجلباب ما يكشف بوضعه سائر الجسد غير الشعر و ما يجوز لهن كشفه إذ قد فسر بالقميص أيضا. قوله ع و عليه نفقتها لعل المراد أنه يجبر الرجال على نفقة النساء كالبنت‏

106
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الثالث في نوادر العلل و متفرقاتها ص : 107

و الأم و إن كان فقيرا إذا كان قادرا على الكسب بخلاف العكس و الطوب بالضم الآجر و سيأتي توضيح تلك العلل في الأبواب المناسبة لها.

3- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِيِّ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع يَقُولُ‏ حَرَّمَ اللَّهُ الْخَمْرَ لِمَا فِيهَا مِنَ الْفَسَادِ وَ مِنْ تَغْيِيرِهَا عُقُولَ شَارِبِيهَا وَ حَمْلِهَا إِيَّاهُمْ عَلَى إِنْكَارِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْفِرْيَةِ عَلَيْهِ وَ عَلَى رُسُلِهِ وَ سَائِرِ مَا يَكُونُ مِنْهُمْ مِنَ الْفَسَادِ وَ الْقَتْلِ وَ الْقَذْفِ وَ الزِّنَا وَ قِلَّةِ الِاحْتِجَازِ مِنْ شَيْ‏ءٍ مِنَ الْحَرَامِ فَبِذَلِكَ قَضَيْنَا عَلَى كُلِّ مُسْكِرٍ مِنَ الْأَشْرِبَةِ أَنَّهُ حَرَامٌ مُحَرَّمٌ لِأَنَّهُ يَأْتِي مِنْ عَاقِبَتِهَا مَا يَأْتِي مِنْ عَاقِبَةِ الْخَمْرِ فَلْيَجْتَنِبْ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ يَتَوَلَّانَا وَ يَنْتَحِلُ مَوَدَّتَنَا كُلَّ شَرَابٍ مُسْكِرٍ فَإِنَّهُ لَا عِصْمَةَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ شَارِبِيهَا.

الفصل الثالث في نوادر العلل و متفرقاتها

1- ع، علل الشرائع ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِيِّ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ عَلِيٍّ ع قَالَتْ‏ قَالَتْ فَاطِمَةُ ع فِي خُطْبَتِهَا فِي مَعْنَى فَدَكَ لِلَّهِ فِيكُمْ عَهْدٌ قَدَّمَهُ إِلَيْكُمْ وَ بَقِيَّةٌ اسْتَخْلَفَهَا عَلَيْكُمْ كِتَابُ اللَّهِ بَيِّنَةٌ بَصَائِرُهُ وَ آيٌ مُنْكَشِفَةٌ سَرَائِرُهُ وَ بُرْهَانٌ مُتَجَلِّيَةٌ ظَوَاهِرُهُ مُدِيمٌ لِلْبَرِيَّةِ اسْتِمَاعُهُ وَ قَائِدٌ إِلَى الرِّضْوَانِ أَتْبَاعَهُ وَ مُؤَدٍّ إِلَى النَّجَاةِ أَشْيَاعَهُ فِيهِ تِبْيَانُ حُجَجِ اللَّهِ الْمُنِيرَةِ وَ مَحَارِمِهِ الْمُحَرَّمَةِ وَ فَضَائِلِهِ الْمُدَوَّنَةِ وَ جُمَلِهِ الْكَافِيَةِ وَ رُخَصِهِ الْمَوْهُوبَةِ وَ شَرَائِعِهِ الْمَكْتُوبَةِ وَ بَيِّنَاتِهِ الْجَالِيَةِ فَفَرَضَ الْإِيمَانَ تَطْهِيراً مِنَ الشِّرْكِ وَ الصَّلَاةَ تَنْزِيهاً مِنَ الْكِبْرِ وَ الزَّكَاةَ زِيَادَةً فِي الرِّزْقِ وَ الصِّيَامَ تَثْبِيتاً لِلْإِخْلَاصِ وَ الْحَجَّ تَسْلِيَةً لِلدِّينِ وَ الْعَدْلَ مُسْكاً لِلْقُلُوبِ وَ الطَّاعَةَ نِظَاماً لِلْمِلَّةِ وَ الْإِمَامَةَ لَمّاً مِنَ الْفُرْقَةِ وَ الْجِهَادَ عِزّاً لِلْإِسْلَامِ وَ الصَّبْرَ مَعُونَةً عَلَى الِاسْتِيجَابِ وَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ مَصْلَحَةً لِلْعَامَّةِ وَ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ وِقَايَةً عَنِ السَّخَطِ «1» وَ صِلَةَ الْأَرْحَامِ مَنْمَاةً لِلْعَدَدِ وَ الْقِصَاصَ حَقْناً لِلدِّمَاءِ وَ الْوَفَاءَ لِلنَّذْرِ

______________________________

 (1) في نسخة: من السخط.

107
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الثالث في نوادر العلل و متفرقاتها ص : 107

تَعَرُّضاً لِلْمَغْفِرَةِ وَ تَوْفِيَةَ الْمَكَايِيلِ وَ الْمَوَازِينِ تَغْيِيراً لِلْبَخْسَةِ وَ اجْتِنَابَ قَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ حَجْباً عَنِ اللَّعْنَةِ وَ اجْتِنَابَ السَّرِقَةِ إِيجَاباً لِلْعِفَّةِ وَ مُجَانَبَةَ أَكْلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى إِجَارَةً مِنَ الظُّلْمِ وَ الْعَدْلَ فِي الْأَحْكَامِ إِينَاساً لِلرَّعِيَّةِ وَ حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الشِّرْكَ إِخْلَاصاً لِلرُّبُوبِيَّةِ فَ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ‏ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَ انْتَهُوا عَمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ.

قال الصدوق رحمه الله أخبرنا علي بن حاتم عن محمد بن أسلم عن عبد الجليل الباقطاني عن الحسن بن موسى الخشاب عن عبد الله بن محمد العلوي عن رجال من أهل بيته عن زينب بنت علي عن فاطمة ع‏ بمثله‏

وَ أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حَاتِمٍ أَيْضاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمِصْرِيِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ يَحْيَى النَّاشِبِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى الْعَبْسِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى الْمَعْمَرِيِّ عَنْ حَفْصٍ الْأَحْمَرِ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَمَّتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ عَلِيٍّ عَنْ فَاطِمَةَ ع‏ بِمِثْلِهِ وَ زَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي اللَّفْظِ.

بيان قولها و بقية أي من رحمته أقامها مقام نبيكم قولها بصائره أي دلائله المبصرة الواضحة. قولها ع مديم للبرية استماعه أي ما دام القرآن بينهم لا ينزل عليهم العذاب كما ورد في الأخبار هذا إذا قرئ استماعه بالرفع و إذا قرئ بالنصب فالمعنى أنه يجب على الخلائق استماعه و العمل به إلى يوم القيامة أو لا يكرر بتكرر الاستماع و لا يخلق بكثرة التلاوة. قولها اتباعه بصيغة المصدر ليناسب ما تقدمه أو الجمع ليوافق ما بعده و في الفقيه المنورة مكان المنيرة و المحدودة مكان المحرمة و المندوبة مكان المدونة. قولها و شرائعها المكتوبة أي الواجبة أو المقرّرة و الجالية الواضحة قولها تثبيتا للإخلاص لأنه أمر عدمي ليس فيه رياء و السناء الرفعة قولها مسكا للقلوب أي يمسكها عن الخوف و القلق و الاضطراب أو عن الجور و الظلم. قولها ع و الطاعة أي طاعة الله و النبي و الإمام و اللم الاجتماع قولها

108
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الثالث في نوادر العلل و متفرقاتها ص : 107

ع معونة على الاستيجاب أي طلب إيجاب المطلوب و الظفر به و في بعض النسخ الاستنجاب أي طلب نجابة النفس. قولها ع منماة للعدد أي إذا وصلهم أحبوه و أعانوه فيكثر عدد أتباعه و أحبائه بهم أو يزيد الله أولاده و أحفاده و سيأتي شرح تمام الخطبة مفصلا في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى.

2- ع، علل الشرائع عَلِيُّ بْنُ حَاتِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْعَبْدِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْوَرَّاقِ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ مَعْمَرٍ بن [عَنْ‏] قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ جَاءَنِي جَبْرَئِيلُ فَقَالَ لِي يَا أَحْمَدُ الْإِسْلَامُ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ وَ قَدْ خَابَ مَنْ لَا سَهْمَ لَهُ فِيهَا أَوَّلُهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ هِيَ الْكَلِمَةُ وَ الثَّانِيَةُ الصَّلَاةُ وَ هِيَ الطُّهْرُ وَ الثَّالِثَةُ الزَّكَاةُ وَ هِيَ الْفِطْرَةُ وَ الرَّابِعَةُ الصَّوْمُ وَ هِيَ الْجُنَّةُ وَ الْخَامِسَةُ الْحَجُّ وَ هِيَ الشَّرِيعَةُ وَ السَّادِسَةُ الْجِهَادُ وَ هُوَ الْعِزُّ وَ السَّابِعَةُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ هُوَ الْوَفَاءُ وَ الثَّامِنَةُ النَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ هُوَ الْحُجَّةُ وَ التَّاسِعَةُ الْجَمَاعَةُ وَ هِيَ الْأُلْفَةُ وَ الْعَاشِرَةُ الطَّاعَةُ وَ هِيَ الْعِصْمَةُ قَالَ قَالَ حَبِيبِي جَبْرَئِيلُ إِنَّ مَثَلَ هَذَا الدِّينِ كَمَثَلِ شَجَرَةٍ ثَابِتَةٍ «1» الْإِيمَانُ أَصْلُهَا وَ الصَّلَاةُ عُرُوقُهَا وَ الزَّكَاةُ مَاؤُهَا وَ الصَّوْمُ سَعَفُهَا وَ حُسْنُ الْخُلُقِ وَرَقُهَا وَ الْكَفُّ عَنِ الْمَحَارِمِ ثَمَرُهَا فَلَا تَكْمُلُ شَجَرَةٌ إِلَّا بِالثَّمَرِ كَذَلِكَ الْإِيمَانُ لَا يَكْمُلُ إِلَّا بِالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ.

إيضاح قوله ص و هي الكلمة أي هي الكلمة الجامعة التامة التي تستحق أن تسمى كلمة أو هي مع الشهادة بالرسالة التي هي قرينتها كلمة بها يحكم بالإسلام. قوله ص و هي الطهر أي مطهرة من الذنوب قوله ص و هي الفطرة تطلق الفطرة على دين الإسلام لأن الناس مفطورون عليه و الحمل هنا للمبالغة في بيان اشتراط الإيمان بالزكاة. قوله ص و هي الشريعة أي من أعظم الشرائع و لذا سمى الله تعالى تركه‏

______________________________

 (1) في نسخة: نابتة.

109
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الثالث في نوادر العلل و متفرقاتها ص : 107

كفرا قوله ص و هو العز أي يوجب عز الدين و غلبته على سائر الأديان قوله ص و هو الوفاء أي بعهد الله حيث أخذ عهدهم على الأمر بالمعروف قوله ص و هو الحجة أي إتمام الحجة لله على الخلق قوله ص الجماعة أي في الصلاة أو الاجتماع على الحق قوله ص و هي العصمة أي تعصم الناس عن الذنوب و عن استيلاء الشيطان و السعف بالتحريك أغصان النخيل.

3- ع، علل الشرائع أَبِي وَ ابْنُ الْوَلِيدِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ شَيْ‏ءٍ مِنَ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ فَقَالَ إِنَّهُ لَمْ يُجْعَلْ شَيْ‏ءٌ إِلَّا لِشَيْ‏ءٍ.

بيان: أي لم يشرع الله تعالى حكما من الأحكام إلا لحكمة من الحكم و لم يحلل الحلال إلا لحسنه و لم يحرم الحرام إلا لقبحه لا كما تقوله الأشاعرة من نفي الغرض و إنكار الحسن و القبح العقليين و يمكن أن يعم بحيث يشمل الخلق و التقدير أيضا فإنه تعالى لم يخلق شيئا أيضا إلا لحكمة كاملة و علة باعثة و على نسخة الباء أيضا يرجع إلى ما ذكرنا بأن تكون سببية و يحتمل أن تكون للملابسة أي لم يخلق و لم يقدر شيئا في الدنيا إلا متلبسا بحكم من الأحكام يتعلق به و هو مخزون عند أهله من الأئمة ع.

4- شي، تفسير العياشي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ مَنْ أَغْيَرُ مِمَّنْ حَرَّمَ‏ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ‏

5- نهج، نهج البلاغة قب، المناقب لابن شهرآشوب قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى الْإِيمَانَ تَطْهِيراً مِنَ الشِّرْكِ وَ الصَّلَاةَ تَنْزِيهاً عَنِ الْكِبْرِ وَ الزَّكَاةَ تَسْبِيباً لِلرِّزْقِ وَ الصِّيَامَ ابْتِلَاءً لِإِخْلَاصِ الْمُحِقِّ وَ الْحَجَّ تَقْوِيَةً لِلدِّينِ‏ «1» وَ الْجِهَادَ عِزّاً لِلْإِسْلَامِ وَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ مَصْلَحَةً لِلْعَوَامِّ وَ النَّهْيَ‏

______________________________

 (1) في النهج: و الصيام ابتلاء لاخلاص الخلق، و الحجّ تقربة للدين. أى سببا لتقرب أهل الدين بعضهم من بعض إذ يجتمعون من جميع الاقطار في مقام واحد لغرض واحد. و على ما في المتن فالمعنى ظاهر، إذ الحجّ عبادة تستلزم اجتماع أكثر أهل الملّة في مجمع واحد على غاية من الذلة و الخضوع و الانقياد، فمن يرى من الملوك و غيرهم هذا المجتمع و المحشد عظم الدين في عينه و لم يطمع فيهم ففى ذلك تقوية الدين و إعزاز للمسلمين.

110
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الثالث في نوادر العلل و متفرقاتها ص : 107

عَنِ الْمُنْكَرِ رَدْعاً لِلسُّفَهَاءِ وَ صِلَةَ الْأَرْحَامِ مَنْمَاةً لِلْعَدَدِ وَ الْقِصَاصَ حَقْناً لِلدِّمَاءِ وَ إِقَامَةَ الْحُدُودِ إِعْظَاماً لِلْمَحَارِمِ وَ تَرْكَ شُرْبِ الْخَمْرِ تَحْصِيناً لِلْعَقْلِ وَ مُجَانَبَةَ السَّرِقَةِ إِيجَاباً لِلْعِفَّةِ وَ تَرْكَ الزِّنَا تَحْقِيقاً لِلنَّسَبِ وَ تَرْكَ اللِّوَاطِ تَكْثِيراً لِلنَّسْلِ وَ الشَّهَادَاتِ‏ «1» اسْتِظْهَاراً عَلَى الْمُجَاحَدَاتِ وَ تَرْكَ الْكَذِبِ تَشْرِيفاً لِلصِّدْقِ وَ السَّلَامَ أَمَاناً مِنَ الْمَخَاوِفِ وَ الْإِمَامَةَ نِظَاماً لِلْأُمَّةِ «2» وَ الطَّاعَةَ تَعْظِيماً لِلسُّلْطَانِ‏ «3».

6- قب، المناقب لابن شهرآشوب‏ مِمَّا أَجَابَ الرِّضَا ع بِحَضْرَةِ الْمَأْمُونِ لِصَبَّاحِ بْنِ نَصْرٍ الْهِنْدِيِّ وَ عِمْرَانَ الصَّابِي عَنْ مَسَائِلِهِمَا قَالَ عِمْرَانُ الْعَيْنُ نُورٌ مُرَكَّبَةٌ أَمِ الرُّوحُ تُبْصِرُ الْأَشْيَاءَ مِنْ مَنْظَرِهَا قَالَ ع الْعَيْنُ شَحْمَةٌ وَ هُوَ الْبَيَاضُ وَ السَّوَادُ وَ النَّظَرُ لِلرُّوحِ دَلِيلُهُ أَنَّكَ تَنْظُرُ فِيهِ فَتَرَى صُورَتَكَ فِي وَسَطِهِ وَ الْإِنْسَانُ لَا يَرَى صُورَتَهُ إِلَّا فِي مَاءٍ أَوْ مِرْآةٍ وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَالَ صَبَّاحٌ فَإِذَا عَمِيَتِ الْعَيْنُ كَيْفَ صَارَتِ الرُّوحُ قَائِمَةً وَ النَّظَرُ ذَاهِبٌ قَالَ كَالشَّمْسِ طَالِعَةً يَغْشَاهَا الظَّلَامُ قَالا «4» أَيْنَ تَذْهَبُ الرُّوحُ قَالَ أَيْنَ يَذْهَبُ الضَّوْءُ الطَّالِعُ مِنَ الْكُوَّةِ «5» فِي الْبَيْتِ إِذَا سُدَّتِ الْكُوَّةُ قَالَ أَوْضِحْ لِي ذَلِكَ قَالَ الرُّوحُ مَسْكَنُهَا فِي الدِّمَاغِ وَ شُعَاعُهَا مُنْبَثٌّ فِي الْجَسَدِ بِمَنْزِلَةِ الشَّمْسِ دَارَتُهَا فِي السَّمَاءِ وَ شُعَاعُهَا مُنْبَسِطٌ عَلَى الْأَرْضِ فَإِذَا غَابَتِ الدَّارَةُ فَلَا شَمْسَ وَ إِذَا قُطِعَتِ الرَّأْسُ فَلَا رُوحَ قَالا فَمَا بَالُ الرَّجُلِ يَلْتَحِي دُونَ الْمَرْأَةِ قَالَ ع زَيَّنَ اللَّهُ الرِّجَالَ بِاللِّحَى وَ جَعَلَهَا فَصْلًا يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ

______________________________

 (1) و في نسخة من النهج: و الشهادة. قيل: هى الموت في نصر الحق ليستعان بذلك على قهر الجاحدين له فيبطل جحوده. و قيل: هى الاخبار بما شاهده و شهده، و غايتها استظهار المستشهد على مجاهدة خصمه كى لا يضيع لو لم يكن بينهما شاهد.

 (2) و في نسخة من النهج: و الامانات نظاما للامة. قيل: لانه إذا روعيت الأمانة في الاعمال أدى كل عامل ما يجب عليه فتنتظم شئون الأمة، أما لو كثرت الخيانات فقد فسدت و كثر الاهمال فاختل النظام.

 (3) في النهج: تعظيما للإمامة.

 (4) في المصدر: قال. م.

 (5) بضم الكاف و فتحها مع الواو المشددة المفتوحة: الخرق في الحائط.

111
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الثالث في نوادر العلل و متفرقاتها ص : 107

قَالَ عِمْرَانُ مَا بَالُ الرَّجُلِ إِذَا كَانَ مُؤَنَّثاً وَ الْمَرْأَةُ إِذَا كَانَتْ مُذَكَّرَةً قَالَ ع عِلَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا حَمَلَتْ وَ صَارَ الْغُلَامُ مِنْهَا فِي الرَّحِمِ مَوْضِعَ الْجَارِيَةِ كَانَ مُؤَنَّثاً وَ إِذَا صَارَتِ الْجَارِيَةُ مَوْضِعَ الْغُلَامِ كَانَتْ مُذَكَّرَةً وَ ذَلِكَ أَنَّ مَوْضِعَ الْغُلَامِ فِي الرَّحِمِ مِمَّا يَلِي مَيَامِنَهَا وَ الْجَارِيَةِ مِمَّا يَلِي مَيَاسِرَهَا وَ رُبَّمَا وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَإِنْ عَظُمَ ثَدْيَاهَا جَمِيعاً تَحْمِلُ تَوْأَمَيْنِ وَ إِنْ عَظُمَ أَحَدُ ثَدْيَيْهَا كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهَا تَلِدُ وَاحِداً إِلَّا أَنَّهُ إِذَا كَانَ الثَّدْيُ الْأَيْمَنُ أَعْظَمَ كَانَ الْمَوْلُودُ ذَكَراً وَ إِذَا كَانَ الْأَيْسَرُ أَعْظَمَ كَانَ الْمَوْلُودُ أُنْثَى وَ إِذَا كَانَتْ حَامِلًا فَضَمُرَ ثَدْيُهَا الْأَيْمَنُ فَإِنَّهَا تُسْقِطُ غُلَاماً وَ إِذَا ضَمُرَ «1» ثَدْيُهَا الْأَيْسَرُ فَإِنَّهَا تُسْقِطُ أُنْثَى وَ إِذَا ضَمُرَا جَمِيعاً تُسْقِطُهُمَا جَمِيعاً قَالا مِنْ أَيِّ شَيْ‏ءٍ الطُّولُ وَ الْقِصَرُ فِي الْإِنْسَانِ فَقَالَ مِنْ قِبَلِ النُّطْفَةِ إِذَا خَرَجَتْ مِنَ الذَّكَرِ فَاسْتَدَارَتْ جَاءَ الْقِصَرُ وَ إِنْ اسْتَطَالَتْ جَاءَ الطُّولُ قَالَ صَبَّاحٌ مَا أَصْلُ الْمَاءِ قَالَ ع أَصْلُ الْمَاءِ خَشْيَةُ اللَّهِ بَعْضُهُ مِنَ السَّمَاءِ وَ يَسْلُكُهُ فِي الْأَرْضِ يَنَابِيعَ وَ بَعْضُهُ مَاءٌ عَلَيْهِ‏ «2» الْأَرَضُونَ وَ أَصْلُهُ وَاحِدٌ عَذْبٌ فُرَاتٌ قَالَ فَكَيْفَ مِنْهَا عُيُونُ نِفْطٍ وَ كِبْرِيتٍ وَ قَارٍ «3» وَ مِلْحٍ وَ أَشْبَاهِ ذَلِكَ قَالَ غَيَّرَهُ الْجَوْهَرُ وَ انْقَلَبَتْ كَانْقِلَابِ الْعَصِيرِ خَمْراً وَ كَمَا انْقَلَبَتِ الْخَمْرُ فَصَارَتْ خَلًّا وَ كَمَا يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَ دَمٍ لَبَناً خَالِصاً قَالَ فَمِنْ أَيْنَ أُخْرِجَتْ أَنْوَاعُ الْجَوَاهِرِ قَالَ انْقَلَبَ مِنْهَا كَانْقِلَابِ النُّطْفَةِ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ خِلْقَةً مُجْتَمِعَةً مَبْنِيَّةً عَلَى الْمُتَضَادَّاتِ الْأَرْبَعِ قَالَ عِمْرَانُ إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ خُلِقَتْ مِنَ الْمَاءِ وَ الْمَاءُ بَارِدٌ رَطْبٌ فَكَيْفَ صَارَتِ الْأَرْضُ بَارِدَةً يَابِسَةً قَالَ سُلِبَتِ النَّدَاوَةُ فَصَارَتْ يَابِسَةً قَالَ الْحَرُّ أَنْفَعُ أَمِ الْبَرْدُ قَالَ بَلِ الْحَرُّ أَنْفَعُ مِنَ الْبَرْدِ لِأَنَّ الْحَرَّ مِنْ حَرِّ الحيات [الْحَيَاةِ] وَ الْبَرْدَ مِنْ بَرْدِ الْمَوْتِ وَ كَذَلِكَ السُّمُومُ الْقَاتِلَةُ الْحَارُّ مِنْهَا أَسْلَمُ وَ أَقَلُّ ضَرَراً مِنَ السُّمُومِ الْبَارِدَةِ

______________________________

 (1) أي هزل و دق و قل لحمه.

 (2) في نسخة: علته.

 (3) في المصدر: فكيف منها عيون نفط و كبريت و منها قار. و القار مادة سوداء تطلى بها السفن يقال بالفارسية: قير.

112
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الثالث في نوادر العلل و متفرقاتها ص : 107

وَ سَأَلَاهُ عَنْ عِلَّةِ الصَّلَاةِ فَقَالَ طَاعَةٌ أَمَرَهُمْ بِهَا وَ شَرِيعَةٌ حَمَلَهُمْ عَلَيْهَا وَ فِي الصَّلَاةِ تَوْقِيرٌ لَهُ وَ تَبْجِيلٌ وَ خُضُوعٌ مِنَ الْعَبْدِ إِذَا سَجَدَ وَ الْإِقْرَارُ بِأَنَّ فَوْقَهُ رَبّاً يَعْبُدُهُ وَ يَسْجُدُ لَهُ وَ سَأَلَاهُ عَنِ الصَّوْمِ فَقَالَ ع امْتَحَنَهُمْ بِضَرْبٍ مِنَ الطَّاعَةِ كَيْمَا يَنَالُوا بِهَا عِنْدَهُ الدَّرَجَاتِ لِيُعَرِّفَهُمْ فَضْلَ مَا أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ مِنْ لَذَّةِ الْمَاءِ وَ طِيبِ الْخُبُزِ وَ إِذَا عَطِشُوا يَوْمَ صَوْمِهِمْ ذَكَرُوا يَوْمَ الْعَطَشِ الْأَكْبَرِ فِي الْآخِرَةِ وَ زَادَهُمْ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي الطَّاعَةِ وَ سَأَلَاهُ لِمَ حَرَّمَ الزِّنَا قَالَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْفَسَادِ وَ ذَهَابِ الْمَوَارِيثِ وَ انْقِطَاعِ الْأَنْسَابِ لَا تَعْلَمُ الْمَرْأَةُ فِي الزِّنَا مَنْ أَحْبَلَهَا وَ لَا الْمَوْلُودُ يَعْلَمُ مَنْ أَبُوهُ وَ لَا أَرْحَامَ مَوْصُولَةَ وَ لَا قَرَابَةَ مَعْرُوفَةَ.

بيان: الدارة الحلقة و الشعر المستدير على قرن الإنسان أو موضع الذؤابة أطلقت هنا على جرم الشمس مجازا قوله ع خشية الله أي لما نظر الله بالهيبة في الدرة صارت ماء كما ورد في الخبر و النظر مجاز فلذا نسب الماء إلى الخشية و يحتمل أن يكون تصحيف خلقة الله.

7- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر فَضَالَةُ عَنْ أَبَانٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي رَجَاءٍ «1» عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي سُخَيْلَةَ «2» عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص إِذَا قَصَدَ لَهُ رَجُلٌ فَقَالَ‏

______________________________

 (1) قال النجاشيّ في ص 122 من رجاله: زياد بن عيسى أبو عبيدة الحذاء كوفيّ، مولى ثقة، روى عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام، و أخته حمادة بنت رجاء. و قيل: بنت الحسن روت عن أبي عبد اللّه، قاله ابن نوح، عن أبي سعيد. و قال الحسن بن عليّ بن فضال: و من أصحاب أبى جعفر أبو عبيدة الحذاء و اسمه زياد، مات في حياة أبي عبد اللّه عليه السلام. قال سعد بن عبد اللّه الأشعريّ: و من أصحاب أبى جعفر أبو عبيدة و هو زياد بن أبي رجاء، كوفيّ، ثقة، صحيح، و اسم أبى رجاء منذر، و قيل: زياد بن أحرم و لم يصحّ. و قال العقيقى العلوى: أبو عبيدة زياد الحذاء، و كان حسن المنزلة عند آل محمّد صلّى اللّه عليه و عليهم و كان زامل أبا جعفر عليه السلام إلى مكّة، له كتاب يرويه عليّ بن رئاب. انتهى. أقول: الظاهر من كلام النجاشيّ اتّحاد زياد بن أبي رجاء و أبى عبيدة الحذاء، فعليه يحتمل إمّا زيادة كلمة (عن) في السند و إرساله لغرابة رواية زياد و هو من أصحاب الصادقين عليهما السلام عن أبي سخيلة و هو من أصحاب عليّ عليه السلام؛ و إمّا كون أبى عبيدة كنية لشخص آخر مجهول غير الحذاء، و في نسخة من البحار عن عبيدة باسقاط كلمة «أبى».

 (2) مصغرا، و حكى المامقاني في فصل الكنى عن رجال البرقي أن اسمه عاصم بن طريف، و أنه مجهول من أصحاب عليّ عليه السلام.

113
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الثالث في نوادر العلل و متفرقاتها ص : 107

يَا رَسُولَ اللَّهِ الْمَمْلُوكُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص ابْتُلِيَ بِكَ وَ بُلِيتَ بِهِ لِيَنْظُرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ كَيْفَ تَشْكُرُ وَ يَنْظُرَ كَيْفَ يَصْبِرُ.

8- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ عَنِ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ إِنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ يَسْأَلُنِي الشَّيْ‏ءَ مِنْ طَاعَتِي لِأُحِبَّهُ فَأَصْرِفُ ذَلِكَ عَنْهُ لِكَيْ لَا يُعْجِبَهُ عَمَلُهُ.

9- ما، الأمالي للشيخ الطوسي جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لَوْ لَا أَنَّ الذَّنْبَ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْعُجْبِ مَا خَلَّى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بَيْنَ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ وَ بَيْنَ ذَنْبٍ أَبَداً.

ع، «1» علل الشرائع أبي عن سعد عن ابن عيسى عن علي بن الحكم عن ابن أسباط رفعه إلى أبي عبد الله ع‏ مثله.

10- نهج، نهج البلاغة قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَضَعَ الثَّوَابَ عَلَى طَاعَتِهِ وَ الْعِقَابَ عَلَى مَعْصِيَتِهِ زِيَادَةً لِعِبَادِهِ عَنْ نَقِمَتِهِ وَ حِيَاشَةً لَهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ «2».

11- وَ قَالَ ع فِي الْقَاصِعَةِ وَ كُلَّمَا كَانَتِ الْبَلْوَى وَ الِاخْتِبَارُ أَعْظَمَ كَانَتِ الْمَثُوبَةُ وَ الْجَزَاءُ أَجْزَلَ أَ لَا تَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ اخْتَبَرَ الْأَوَّلِينَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِلَى الْآخِرِينَ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ بِأَحْجَارٍ لَا تَضُرُّ وَ لَا تَنْفَعُ وَ لَا تُبْصِرُ وَ لَا تَسْمَعُ فَجَعَلَهَا بَيْتَهُ الْحَرَامَ الَّذِي جَعَلَهُ لِلنَّاسِ قِيَاماً ثُمَّ وَضَعَهُ بِأَوْعَرِ «3» بُقَاعِ الْأَرْضِ حَجَراً وَ أَقَلِّ نَتَائِقِ‏ «4» الدُّنْيَا مَدَراً إِلَى قَوْلِهِ وَ لَكِنَّ اللَّهَ يَخْتَبِرُ عِبَادَهُ بِأَنْوَاعِ الشَّدَائِدِ وَ

______________________________

 (1) من هنا إلى آخر الباب سقط عن طبع أمين الضرب و هو موجود في نسخة المصنّف بخطه الشريف.

 (2) من حاش الإبل: جمعها و ساقها.

 (3) الوهر بالتسكين: الصعب: ضد السهل.

 (4) النتائق جمع نتيقة: البقاع المرتفعة، سميت مكّة بذلك لارتفاعها و ارتفاع بنائها و شهرتها و علوها من الأرض.

114
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

الفصل الثالث في نوادر العلل و متفرقاتها ص : 107

يَتَعَبَّدُهُمْ بِأَلْوَانِ الْمَجَاهِدِ وَ يَبْتَلِيهِمْ بِضُرُوبِ الْمَكَارِهِ إِخْرَاجاً لِلتَّكَبُّرِ مِنْ قُلُوبِهِمْ وَ إِسْكَاناً لِلتَّذَلُّلِ فِي نُفُوسِهِمْ وَ لِيَجْعَلَ ذَلِكَ أَبْوَاباً فُتُحاً «1» إِلَى فَضْلِهِ وَ أَسْبَاباً ذُلُلًا لِعَفْوِهِ فَاللَّهَ اللَّهَ فِي عَاجِلِ الْبَغْيِ وَ آجِلِ وَخَامَةِ الظُّلْمِ وَ سُوءِ عَاقِبَةِ الْكِبْرِ إِلَى قَوْلِهِ ع وَ عَنْ ذَلِكَ مَا حَرَسَ اللَّهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالصَّلَوَاتِ وَ الزَّكَوَاتِ وَ مُجَاهَدَةِ الصِّيَامِ فِي الْأَيَّامِ الْمَفْرُوضَاتِ تَسْكِيناً لِأَطْرَافِهِمْ‏ «2» وَ تَخْشِيعاً لِأَبْصَارِهِمْ وَ تَذْلِيلًا لِنُفُوسِهِمْ وَ تَخْفِيضاً لِقُلُوبِهِمْ وَ إِذْهَاباً لِلْخُيَلَاءِ عَنْهُمْ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَعْفِيرِ عَتَاقِ الْوُجُوهِ‏ «3» بِالتُّرَابِ تَوَاضُعاً وَ إِلْصَاقِ كَرَائِمِ الْجَوَارِحِ بِالْأَرْضِ تَصَاغُراً وَ لُحُوقِ الْبُطُونِ بِالْمُتُونِ‏ «4» مِنَ الصِّيَامِ تَذَلُّلًا مَعَ مَا فِي الزَّكَاةِ مِنْ صَرْفِ ثَمَرَاتِ الْأَرْضِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ إِلَى أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ وَ الْفَقْرِ انْظُرُوا إِلَى مَا فِي هَذِهِ الْأَفْعَالِ مِنْ قَمْعِ نَوَاجِمِ الْفَخْرِ وَ قَدْعِ طَوَالِعِ الْكِبْرِ «5».

إلى آخر ما سيأتي مشروحا في آخر المجلد الخامس‏ «6».

______________________________

 (1) بضمتين أي مفتوحة موسعة.

 (2) المراد بالاطراف هنا الأيدي و الارجل.

 (3) عتاق الوجوه: كرامها و حسانها، و هو جمع عتيق من عتق: إذا رقت بشرته.

 (4) المتون: الظهور.

 (5) القمع: القهر. النواجم: الطوالع جمع ناجمة. القدع: الكف و المنع.

 (6) و هو كتاب النبوّة، في باب ما ورد بلفظ نبى من الأنبياء و بعض نوادر أحوالهم.

115
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

أبواب الموت و ما يلحقه إلى وقت البعث و النشور ص : 116

 

أبواب الموت و ما يلحقه إلى وقت البعث و النشور

باب 1 حكمة الموت و حقيقته و ما ينبغي أن يعبر عنه‏

الآيات الملك‏ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ تفسير قال الطبرسي أي خلق الموت للتعبد بالصبر عليه و الحياة للتعبد بالشكر عليها أو الموت للاعتبار و الحياة للتزود و قيل قدم الموت لأنه إلى القهر أقرب أو لأنه أقدم‏ لِيَبْلُوَكُمْ‏ أي ليعاملكم معاملة المختبر بالأمر و النهي فيجازي كلا بقدر عمله و قيل ليبلوكم أيكم أكثر ذكرا للموت و أحسن له استعدادا و عليه صبرا و أكثر امتثالا في الحياة.

1- لي، الأمالي للصدوق ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ إِنَّ قَوْماً أَتَوْا نَبِيّاً لَهُمْ فَقَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ‏ «1» يَرْفَعْ عَنَّا الْمَوْتَ فَدَعَا لَهُمْ فَرَفَعَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مِنْهُمُ الْمَوْتَ وَ كَثُرُوا حَتَّى ضَاقَتْ بِهِمُ الْمَنَازِلُ وَ كَثُرَ النَّسْلُ وَ كَانَ الرَّجُلُ يُصْبِحُ فَيَحْتَاجُ أَنْ يُطْعِمَ أَبَاهُ وَ أُمَّهُ وَ جَدَّهُ وَ جَدَّ جَدِّهِ وَ يُوَضِّيَهُمْ‏ «2» وَ يَتَعَاهَدَهُمْ فَشُغِلُوا عَنْ طَلَبِ الْمَعَاشِ فَأَتَوْهُ فَقَالُوا سَلْ رَبَّكَ أَنْ يَرُدَّنَا إِلَى آجَالِنَا الَّتِي كُنَّا عَلَيْهَا فَسَأَلَ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَرَدَّهُمْ إِلَى آجَالِهِمْ.

______________________________

 (1) في المصدر: ربنا. م.

 (2) أي ينظفهم. و في المصدر: يرضيهم.

 

116
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 1 حكمة الموت و حقيقته و ما ينبغي أن يعبر عنه ص : 116

كا، الكافي علي عن أبيه عن ابن أبي عمير مثله‏ «1».

2- كا، الكافي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: الْحَيَاةُ وَ الْمَوْتُ خَلْقَانِ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ الْمَوْتُ فَدَخَلَ فِي الْإِنْسَانِ لَمْ يَدْخُلْ فِي شَيْ‏ءٍ إِلَّا وَ خَرَجَتْ‏ «2» مِنْهُ الْحَيَاةُ.

3- كا، الكافي الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُكَيْنٍ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَقُولُ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِفُلَانٍ فَقَالَ ذَا مَكْرُوهٌ فَقِيلَ فُلَانٌ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ أَ مَا تَرَاهُ يَفْتَحُ فَاهُ عِنْدَ مَوْتِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً فَذَلِكَ حِينَ يَجُودُ بِهَا لِمَا يَرَى مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَدْ كَانَ بِهَا ضَنِيناً.

بيان: قال الجزري الاستيثار الانفراد بالشي‏ء و منه الحديث إذا استأثر الله بشي‏ء فاله عنه انتهى أقول لعل كراهة ذلك لإشعاره بأنه قبل ذلك لم يكن الله متفردا بالقدرة و التدبير فيه أو لإيمائه إلى افتقاره سبحانه بذلك و انتفاعه تعالى به.

4- ع، علل الشرائع عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّمَا صَارَ الْإِنْسَانُ يَأْكُلُ وَ يَشْرَبُ بِالنَّارِ وَ يُبْصِرُ وَ يَعْمَلُ بِالنُّورِ وَ يَسْمَعُ وَ يَشَمُّ بِالرِّيحِ وَ يَجِدُ الطَّعَامَ وَ الشَّرَابَ بِالْمَاءِ وَ يَتَحَرَّكُ بِالرُّوحِ وَ سَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ فَهَكَذَا الْإِنْسَانُ خُلِقَ مِنْ شَأْنِ الدُّنْيَا وَ شَأْنِ الْآخِرَةِ فَإِذَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا صَارَتْ حَيَاتُهُ فِي الْأَرْضِ لِأَنَّهُ نَزَلَ مِنْ شَأْنِ السَّمَاءِ إِلَى الدُّنْيَا فَإِذَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا صَارَتْ تِلْكَ الْفُرْقَةُ الْمَوْتَ تَرُدُّ شَأْنَ الْأُخْرَى إِلَى السَّمَاءِ فَالْحَيَاةُ فِي الْأَرْضِ وَ الْمَوْتُ فِي السَّمَاءِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْأَرْوَاحِ وَ الْجَسَدِ فَرُدَّتِ الرُّوحُ وَ النُّورُ إِلَى‏ «3» الْقُدْرَةِ [الْقُدُسِ‏] الْأُولَى وَ تُرِكَ الْجَسَدُ لِأَنَّهُ مِنْ شَأْنِ الدُّنْيَا وَ إِنَّمَا فَسَدَ الْجَسَدُ فِي الدُّنْيَا لِأَنَّ الرِّيحَ تُنَشِّفُ الْمَاءَ فَيَيْبَسُ فَيَبْقَى الطِّينُ فَيَصِيرُ رُفَاتاً وَ يَبْلَى وَ يَرْجِعُ‏

______________________________

 (1) الا أن فيه: فردهم إلى حالهم. م.

 (2) في المصدر: و قد خرجت. م.

 (3) في المصدر: إلى القدرة (القدس خ ل) الأولى. م.

117
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 2 علامات الكبر و أن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا و تفسير أرذل العمر ص : 118

كُلٌّ إِلَى جَوْهَرِهِ الْأَوَّلِ وَ تَحَرَّكَتِ الرُّوحُ‏ «1» بِالنَّفْسِ حَرَكَتَهَا مِنَ الرِّيحِ فَمَا كَانَ مِنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ فَهُوَ نُورٌ مُؤَيَّدٌ بِالْعَقْلِ وَ مَا كَانَ مِنْ نَفْسِ الْكَافِرِ فَهُوَ نَارٌ مُؤَيَّدٌ بِالنُّكْرِ «2» فَهَذِهِ صُورَةُ نَارٍ وَ هَذِهِ صُورَةُ نُورٍ وَ الْمَوْتُ رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَ نَقِمَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ.

أقول: سيأتي الخبر بتمامه و أسناده و شرحه في كتاب السماء و العالم.

5 دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيِّ، «3» قَالَ النَّبِيُّ ص‏ لَوْ لَا ثَلَاثَةٌ فِي ابْنِ آدَمَ مَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ شَيْ‏ءٌ الْمَرَضُ وَ الْمَوْتُ وَ الْفَقْرُ وَ كُلُّهُنَّ فِيهِ وَ إِنَّهُ لَمَعَهُنَّ وَثَّابٌ.

باب 2 علامات الكبر و أن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا و تفسير أرذل العمر

الآيات النحل‏ وَ اللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى‏ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ الحج‏ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَ غَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَ نُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى‏ أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَ مِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى‏ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً يس‏ وَ مَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَ فَلا يَعْقِلُونَ‏ تفسير قال الطبرسي رحمه الله‏ إِلى‏ أَرْذَلِ الْعُمُرِ أي أدون العمر و أوضعه أي يبقيه حتى يصير إلى حال الهرم و الخوف فيظهر النقصان في جوارحه و حواسه و عقله.

______________________________

 (1) في المصدر: و حركت (تحركت خ ل) الأرواح (الروح خ ل).

 (2) في المصدر: النكر له. م.

 (3) سقط هذا الخبر عن طبع أمين الضرب و هو موجود في نسخة المصنّف بخطه الشريف.

118
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 2 علامات الكبر و أن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا و تفسير أرذل العمر ص : 118

و روي عن علي ع‏ أَنَّ أَرْذَلَ الْعُمُرِ خَمْسٌ وَ سَبْعُونَ سَنَةً.

و روي مثل ذلك عن النبي ص و عن قتادة تسعون سنة. لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً أي ليرجع إلى حال الطفولية بنسيان ما كان علمه لأجل الكبر فكأنه لا يعلم شيئا مما كان عليه و قيل ليقل علمه بخلاف ما كان عليه في حال شبابه.

1- ل، الخصال ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الصَّبَّاحِ مَوْلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَلَمَّا مَرَرْنَا بِأُحُدٍ قَالَ تَرَى الثَّقْبَ الَّذِي فِيهِ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ أَرَاهُ وَ عَلَامَةُ الْكِبَرِ ثَلَاثٌ كَلَالُ الْبَصَرِ وَ انْحِنَاءُ الظَّهْرِ وَ رِقَّةُ الْقَدَمِ.

2- مع، معاني الأخبار أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ: مَاتَ رَجُلٌ مِنْ آلِ أَبِي طَالِبٍ لَمْ يَكُنْ حَضَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ ع فَجَاءَهُ قَوْمٌ فَلَمَّا جَلَسَ أَمْسَكَ الْقَوْمُ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرَ فَكَانُوا فِي ذِكْرِ الْفُقَرَاءِ «1» وَ الْمَوْتِ فَلَمَّا جَلَسَ قَالَ ابْتِدَاءً مِنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ مُعْتَرَكُ الْمَنَايَا ثُمَّ قَالَ ع الْفُقَرَاءُ مِحَنُ الْإِسْلَامِ.

3- فس، تفسير القمي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ: إِذَا بَلَغَ الْعَبْدُ مِائَةَ سَنَةٍ فَهِيَ أَرْذَلُ الْعُمُرِ.

4- ل، الخصال رُوِيَ‏ أَنَّهُ إِذَا بَلَغَ الْمِائَةَ فَذَلِكَ أَرْذَلُ الْعُمُرِ.

5- وَ رُوِيَ‏ أَنَّ أَرْذَلَ الْعُمُرِ أَنْ يَكُونَ عَقْلُهُ عَقْلَ ابْنِ سَبْعِ سِنِينَ‏ «2».

6- ف، تحف العقول عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الثَّالِثِ ع‏ أَنَّهُ قَالَ يَوْماً إِنَّ أَكْلَ الْبِطِّيخِ يُورِثُ الْجُذَامَ فَقِيلَ لَهُ أَ لَيْسَ قَدْ أَمِنَ الْمُؤْمِنُ إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ سَنَةً مِنَ الْجُنُونِ وَ الْجُذَامِ وَ الْبَرَصِ قَالَ نَعَمْ وَ لَكِنْ إِذَا خَالَفَ الْمُؤْمِنُ مَا أُمِرَ بِهِ مِمَّنْ آمَنَهُ لَمْ يَأْمَنْ أَنْ تُصِيبَهُ عُقُوبَةُ الْخِلَافِ.

______________________________

 (1) في المصدر: الفقر. و كذا في الفقرة الأخيرة. م.

 (2) في المصدر: عقل سبع سنين. م.

119
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 3 الطاعون و الفرار منه ص : 120

7- شي، تفسير العياشي عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ إِذَا بَلَغَ الْعَبْدُ ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً فَقَدْ بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ إِذَا بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَقَدِ انْتَهَى مُنْتَهَاهُ وَ إِذَا بَلَغَ إِحْدَى وَ أَرْبَعِينَ فَهُوَ فِي النُّقْصَانِ وَ يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الْخَمْسِينَ أَنْ يَكُونَ كَمَنْ هُوَ فِي النَّزْعِ.

8 دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيِّ، قَالَ النَّبِيُّ ص‏ الْمُسْلِمُ إِذَا ضَعُفَ مِنَ الْكِبَرِ يَأْمُرُ اللَّهُ الْمَلَكَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ فِي حَالِهِ تِلْكَ مَا كَانَ يَعْمَلُ وَ هُوَ شَابٌّ نَشِيطٌ مُجْتَمِعٌ.

9- نهج، نهج البلاغة قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ الْعُمُرُ الَّذِي أَعْذَرَ اللَّهُ فِيهِ إِلَى ابْنِ آدَمَ سِتُّونَ سَنَةً.

باب 3 الطاعون و الفرار منه‏ «1» «2»

الآيات البقرة أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ‏ تفسير قيل نزلت في أهل داوردان قرية قبل واسط وقع فيهم طاعون فخرجوا هاربين فأماتهم الله فمر بهم حزقيل‏ «3» و قد عريت عظامهم و تفرقت أوصالهم فتعجب من ذلك فأوحى الله إليه ناد فيهم أن قوموا بإذن الله فنادى فقاموا يقولون سبحانك اللهم و بحمدك لا إله إلا أنت و قيل نزلت في قوم من بني إسرائيل دعاهم ملكهم إلى الجهاد ففروا حذر الموت فأماتهم الله ثمانية أيام ثم أحياهم.

______________________________

 (1) سقط هذا الخبر و تاليه عن طبع أمين الضرب و هما موجودان في نسخة المصنّف بخطه الشريف.

 (2) الطاعون: مرض معروف، هو بثر و ورم مؤلم جدا، يخرج مع لهب، و يسود ما حواليه أو يخضر أو يحمر حمرة بنفسجية كدرة، و يحصل معه خفقان القلب و القى‏ء، و يخرج في المراق و الآباط غالبا و الأيدي و الأصابع و سائر الجسد. قاله النووى في تهذيب الأسماء و اللغات.

 (3) هو حزقيل بن بورى و يلقب بابن العجوز، من سلالة لاوى أحد أنبياء بني إسرائيل، يأتي ذكره في كتاب النبوّة.

120
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 3 الطاعون و الفرار منه ص : 120

1- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام الْمُفَسِّرُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَيْنِيِّ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيِّ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ قَالَ: قِيلَ لِلصَّادِقِ ع أَخْبِرْنَا عَنِ الطَّاعُونِ فَقَالَ عَذَابُ اللَّهِ لِقَوْمٍ‏ «1» وَ رَحْمَةٌ لِآخَرِينَ قَالُوا وَ كَيْفَ تَكُونُ الرَّحْمَةُ عَذَاباً قَالَ أَ مَا تَعْرِفُونَ أَنَّ نِيرَانَ جَهَنَّمَ عَذَابٌ عَلَى الْكُفَّارِ وَ خَزَنَةُ جَهَنَّمَ مَعَهُمْ فِيهَا فَهِيَ رَحْمَةٌ عَلَيْهِمْ.

ع، علل الشرائع الْمُفَسِّرُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ النَّاصِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْجَوَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ‏ مثله.

2 ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام بِالْأَسَانِيدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ عَلِيٌّ ع‏ الطَّاعُونُ مِيتَةٌ وَحِيَّةٌ.

صح، صحيفة الرضا عليه السلام عَنْهُ ع‏ مِثْلَهُ.

بيان وحيّة أي سريعة.

3- ع، علل الشرائع ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِيِّ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع الْقَوْمُ يَكُونُونَ فِي الْبَلَدِ يَقَعُ فِيهَا الْمَوْتُ أَ لَهُمْ أَنْ يَتَحَوَّلُوا عَنْهَا إِلَى غَيْرِهَا قَالَ نَعَمْ قُلْتُ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص عَابَ قَوْماً بِذَلِكَ فَقَالَ أُولَئِكَ كَانُوا رَتَبَةً بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ص أَنْ يَثْبُتُوا فِي مَوْضِعِهِمْ وَ لَا يَتَحَوَّلُوا مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ فَلَمَّا وَقَعَ فِيهِمُ الْمَوْتُ تَحَوَّلُوا مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ إِلَى غَيْرِهِ فَكَانَ تَحْوِيلُهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ إِلَى غَيْرِهِ كَالْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ.

بيان في بعض النسخ رئية بالهمزة من الرؤية أي كانوا يتراءون العدوّ و يترقّبونهم و في بعضها رتبة بالتاء قبل الباء الموحّدة أي رتّبوا و أثبتوا بإزاء العدوّ.

4- مع، معاني الأخبار ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانٍ الْأَحْمَرِ قَالَ: سَأَلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَبَا الْحَسَنِ ع عَنِ الطَّاعُونِ يَقَعُ فِي بَلْدَةٍ وَ أَنَا فِيهَا أَتَحَوَّلُ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَفِي الْقَرْيَةِ وَ أَنَا فِيهَا أَتَحَوَّلُ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَفِي الدَّارِ وَ أَنَا فِيهَا أَتَحَوَّلُ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَإِنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ‏

______________________________

 (1) في نسخة: عذاب لقوم.

121
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 3 الطاعون و الفرار منه ص : 120

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ الْفِرَارُ مِنَ الطَّاعُونِ كَالْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص إِنَّمَا قَالَ هَذَا فِي قَوْمٍ كَانُوا يَكُونُونَ فِي الثُّغُورِ فِي نَحْوِ الْعَدُوِّ فَيَقَعُ الطَّاعُونُ فَيُخَلُّونَ أَمَاكِنَهُمْ وَ يَفِرُّونَ مِنْهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص ذَلِكَ فِيهِمْ.

5- وَ رُوِيَ‏ أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ الطَّاعُونُ فِي أَهْلِ مَسْجِدٍ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَفِرُّوا مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ.

بيان يمكن أن يكون الرواية الأخيرة على تقدير صحتها محمولة على الكراهة جمعا بينها و بين ما سبق و الظاهر أن لخصوصية المسجد مدخلا و ليس لبيان الفرد الخفي‏

لِمَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ فِي كِتَابِ الْمَسَائِلِ، عَنْ أَخِيهِ مُوسَى ع‏ قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْوَبَاءِ «1» يَقَعُ فِي الْأَرْضِ هَلْ يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَهْرُبَ مِنْهُ قَالَ يَهْرُبُ مِنْهُ مَا لَمْ يَقَعْ فِي مَسْجِدِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ فَإِذَا وَقَعَ فِي أَهْلِ مَسْجِدِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ فَلَا يَصْلُحُ الْهَرَبُ مِنْهُ‏

. 6- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام جَعْفَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَمَّنْ سَمِعَ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِيَّ عَنِ الرِّضَا ع قَالَ: إِنَّ قَوْماً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ هَرَبُوا مِنْ بِلَادِهِمْ مِنَ الطَّاعُونِ‏ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ‏ فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَعَمَدَ أَهْلُ تِلْكَ الْقَرْيَةِ فَحَظَرُوا عَلَيْهِمْ حَظِيرَةً «2» فَلَمْ يَزَالُوا فِيهَا حَتَّى نَخِرَتْ عِظَامُهُمْ‏ «3» فَصَارُوا رَمِيماً فَمَرَّ بِهِمْ نَبِيٌّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَتَعَجَّبَ مِنْهُمْ وَ مِنْ كَثْرَةِ الْعِظَامِ الْبَالِيَةِ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ أَ تُحِبُّ أَنْ أُحْيِيَهُمْ لَكَ فَتُنْذِرَهُمْ فَقَالَ نَعَمْ يَا رَبِّ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ نَادِهِمْ فَقَالَ أَيَّتُهَا الْعِظَامُ الْبَالِيَةُ قُومِي بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَامُوا أَحْيَاءً أَجْمَعُونَ يَنْفُضُونَ التُّرَابَ عَنْ رُءُوسِهِمْ.

7- كا، الكافي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى يَرْفَعُهُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ: دَعَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى قَوْمِهِ فَقِيلَ لَهُ أُسَلِّطُ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ فَقَالَ لَا فَقِيلَ لَهُ فَالْجُوعَ فَقَالَ لَا

______________________________

 (1) قال ابن منظور في لسان العرب: الوباء: الطاعون بالقصر و المد و الهمز، و قيل: هو كل مرض عام.

 (2) الحظيرة: ما يحاط بالشي‏ء خشبا أو قصبا.

 (3) أي بليت و تفتّت.

122
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 3 الطاعون و الفرار منه ص : 120

فَقِيلَ لَهُ مَا تُرِيدُ فَقَالَ مَوْتٌ دَفِيفٌ يَحْزُنُ الْقَلْبَ وَ يُقِلُّ الْعَدَدَ فَأُرْسِلَ عَلَيْهِمُ الطَّاعُونُ.

8- فس، تفسير القمي‏ أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا الْآيَةَ قَالَ إِنَّهُ كَانَ وَقَعَ طَاعُونٌ بِالشَّامِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فَخَرَجَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ هَرَباً مِنَ الطَّاعُونِ فَصَارُوا إِلَى مَفَازَةٍ فَمَاتُوا فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ كُلُّهُمْ وَ كَانُوا حَتَّى إِنَّ الْمَارَّ فِي تِلْكَ الطُّرُقِ كَانَ يُنَحِّي عِظَامَهُمْ بِرِجْلِهِ عَنِ الطَّرِيقِ ثُمَّ أَحْيَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَدَّهُمْ إِلَى مَنَازِلِهِمْ وَ عَاشُوا دَهْراً طَوِيلًا ثُمَّ مَاتُوا وَ دُفِنُوا.

9- كا، الكافي الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ وَ غَيْرِهِ عَنْ بَعْضِهِمْ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ بَعْضِهِمْ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع‏ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ‏ فَقَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ مَدِينَةٍ مِنْ مَدَائِنِ الشَّامِ وَ كَانُوا سَبْعِينَ أَلْفَ بَيْتٍ وَ كَانَ الطَّاعُونُ يَقَعُ فِيهِمْ فِي كُلِّ أَوَانٍ فَكَانُوا إِذَا أَحَسُّوا بِهِ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ الْأَغْنِيَاءُ لِقُوَّتِهِمْ وَ بَقِيَ فِيهَا الْفُقَرَاءُ لِضَعْفِهِمْ فَكَانَ الْمَوْتُ يَكْثُرُ فِي الَّذِينَ أَقَامُوا وَ يَقِلُّ فِي الَّذِينَ خَرَجُوا فَيَقُولُ الَّذِينَ خَرَجُوا لَوْ كُنَّا أَقَمْنَا لَكَثُرَ فِينَا الْمَوْتُ وَ يَقُولُ الَّذِينَ أَقَامُوا لَوْ كُنَّا خَرَجْنَا لَقَلَّ فِينَا الْمَوْتُ قَالَ فَأَجْمَعَ رَأْيُهُمْ جَمِيعاً أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ الطَّاعُونُ وَ أَحَسُّوا بِهِ خَرَجُوا كُلُّهُمْ مِنَ الْمَدِينَةِ فَلَمَّا أَحَسُّوا بِالطَّاعُونِ خَرَجُوا جَمِيعاً وَ تَنَحَّوْا عَنِ الطَّاعُونِ حَذَرَ الْمَوْتِ فَسَارُوا فِي الْبِلَادِ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ إِنَّهُمْ مَرُّوا بِمَدِينَةٍ خَرِبَةٍ قَدْ جَلَا أَهْلُهَا عَنْهَا وَ أَفْنَاهُمُ الطَّاعُونُ فَنَزَلُوا بِهَا فَلَمَّا حَطُّوا رِحَالَهُمْ وَ اطْمَأَنُّوا بِهَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُوتُوا جَمِيعاً فَمَاتُوا مِنْ سَاعَتِهِمْ وَ صَارُوا رَمِيماً عِظَاماً تَلُوحُ وَ كَانُوا عَلَى طَرِيقِ الْمَارَّةِ فَكَنَسَتْهُمُ الْمَارَّةُ فَنَحَّوْهُمْ وَ جَمَعُوهُمْ فِي مَوْضِعٍ فَمَرَّ بِهِمْ نَبِيٌّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ حِزْقِيلُ فَلَمَّا رَأَى تِلْكَ الْعِظَامَ بَكَى وَ اسْتَعْبَرَ «1» وَ قَالَ يَا رَبِّ لَوْ شِئْتَ لَأَحْيَيْتَهُمُ السَّاعَةَ كَمَا أَمَتَّهُمْ فَعَمَرُوا بِلَادَكَ وَ وَلَدُوا عِبَادَكَ وَ عَبَدُوكَ مَعَ مَنْ يَعْبُدُكَ مِنْ خَلْقِكَ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَ فَتُحِبُ‏

______________________________

 (1) أي جرت عبرته أي دمعته.

123
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 4 حب لقاء الله و ذم الفرار من الموت ص : 124

ذَلِكَ فَقَالَ نَعَمْ يَا رَبِّ فَأَحْيِهِمْ قَالَ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ قُلْ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ الَّذِي أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَقُولَهُ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع وَ هُوَ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ فَلَمَّا قَالَ حِزْقِيلُ ذَلِكَ الْكَلَامَ نَظَرَ إِلَى الْعِظَامِ يَطِيرُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فَعَادُوا أَحْيَاءً يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ يُسَبِّحُونَ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ يُكَبِّرُونَهُ وَ يُهَلِّلُونَهُ فَقَالَ حِزْقِيلُ عِنْدَ ذَلِكَ أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ قَالَ عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.

10 دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيِّ، سُئِلَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ ع عَنِ الطَّاعُونِ أَ نَبْرَأُ مِمَّنْ يَلْحَقُهُ فَإِنَّهُ مُعَذَّبٌ فَقَالَ ع إِنْ كَانَ عَاصِياً فَابْرَأْ مِنْهُ طُعِنَ أَوْ لَمْ يُطْعَنْ‏ «1» وَ إِنْ كَانَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مُطِيعاً فَإِنَّ الطَّاعُونَ مِمَّا تُمَحَّصُ بِهِ ذُنُوبُهُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَذَّبَ بِهِ قَوْماً وَ يَرْحَمُ بِهِ آخَرِينَ وَاسِعَةٌ قُدْرَتُهُ لِمَا يَشَاءُ أَ مَا تَرَوْنَ أَنَّهُ جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً لِعِبَادِهِ وَ مُنْضِجاً لِثِمَارِهِمْ وَ مُبْلِغاً لِأَقْوَاتِهِمْ وَ قَدْ يُعَذِّبُ بِهَا قَوْماً يَبْتَلِيهِمْ بِحَرِّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِذُنُوبِهِمْ وَ فِي الدُّنْيَا بِسُوءِ أَعْمَالِهِمْ.

باب 4 حب لقاء الله و ذم الفرار من الموت‏

الآيات البقرة قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وَ لَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ وَ لَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى‏ حَياةٍ وَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَ ما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ‏ آل عمران‏ وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ‏ و قال تعالى‏ الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَ قَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ‏

______________________________

 (1) أي أصابه الطاعون أولا.

124
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 4 حب لقاء الله و ذم الفرار من الموت ص : 124

النساء أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ يونس‏ إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَ رَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَ اطْمَأَنُّوا بِها وَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ‏ الأحزاب‏ قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَ إِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا الجمعة قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وَ لا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى‏ عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ‏ تفسير خالِصَةً أي خاصة بكم و الخطاب لليهود لقولهم‏ لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ‏ لأنه من أيقن أنه من أهل الجنة اشتاقها و أحب التخلص إليها من الدار ذات الشوائب‏ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ‏ أي من موجبات النار و روي أنهم لو تمنوا الموت لغص‏ «1» كل إنسان بريقه فمات مكانه و ما بقي على وجه الأرض يهودي‏ وَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أي أحرص منهم أو خبر مبتداء محذوف صفته‏ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ‏ أي و منهم ناس يود أحدهم و على هذا أيضا يحتمل أن يكون المراد بالمشركين اليهود لقولهم‏ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ‏ و الزحزحة التبعيد و يحتمل أن يكون المراد عذاب الآخرة أو الأعم فيكون الزحزحة كناية عن رفعه عنهم إذ بمقدار زيادة العمر يبعد عنهم عذاب البرزخ‏ وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ‏ أي الحرب فإنها من أسباب الموت أو الموت بالشهادة و هو توبيخ لمن لم يشهد بدرا و تمنى الجهاد ثم شهد أحدا و فر لا يَرْجُونَ لِقاءَنا أي لا يتوقعونه لإنكارهم البعث أو لا يخافون عقابنا إذ قد يكون الرجاء بمعنى الخوف‏ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ‏ الخطاب و إن توجه ظاهرا إلى اليهود لكنه تعريض عام لكل من يدعي ولاية الله و يكره الموت.

1- فس، تفسير القمي‏ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ‏ قَالَ إِنَّ فِي التَّوْرَاةِ مَكْتُوبٌ‏

______________________________

 (1) غص بالطعام أو الماء اعترض في حلقه شي‏ء منه فمنعه التنفس.

125
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 4 حب لقاء الله و ذم الفرار من الموت ص : 124

أَوْلِيَاءُ اللَّهِ يَتَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ ثُمَّ قَالَ‏ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ‏

2- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَيْمَنَ عَنْ دَاوُدَ الْأَبْزَارِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: يُنَادِي مُنَادٍ كُلَّ يَوْمٍ لِدْ لِلْمَوْتِ وَ اجْمَعْ لِلْفَنَاءِ وَ ابْنِ لِلْخَرَابِ‏ «1».

3- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع جُعِلْتُ فِدَاكَ حَدِّثْنِي بِمَا أَنْتَفِعُ بِهِ فَقَالَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ مَا أَكْثَرَ ذِكْرَ الْمَوْتِ إِنْسَانٌ إِلَّا زَهِدَ فِي الدُّنْيَا.

4- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر عَلِيُّ بْنُ النُّعْمَانِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ دَاوُدَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ الْمَوْتَ الْمَوْتَ جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ جَاءَ بِالرَّوْحِ وَ الرَّاحَةِ وَ الْكَرَّةِ الْمُبَارَكَةِ إِلَى جَنَّةٍ عَالِيَةٍ لِأَهْلِ دَارِ الْخُلُودِ الَّذِينَ كَانَ لَهَا سَعْيُهُمْ وَ فِيهَا رَغْبَتُهُمْ وَ جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ جَاءَ بِالشِّقْوَةِ وَ النَّدَامَةِ وَ الْكَرَّةِ الْخَاسِرَةِ إِلَى نَارٍ حَامِيَةٍ «2» لِأَهْلِ دَارِ الْغُرُورِ الَّذِينَ كَانَ لَهَا سَعْيُهُمْ وَ فِيهَا رَغْبَتُهُمْ.

5- وَ قَالَ: إِذَا اسْتَحَقَّتْ وِلَايَةُ الشَّيْطَانِ وَ الشَّقَاوَةُ جَاءَ الْأَمَلُ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ وَ ذَهَبَ الْأَجَلُ وَرَاءَ الظَّهْرِ.

6- قَالَ وَ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ قَالَ أَكْثَرُهُمْ ذِكْراً لِلْمَوْتِ وَ أَشَدُّهُمُ اسْتِعْدَاداً لَهُ.

7- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ أَيُّهَا النَّاسُ كُلُّ امْرِئٍ لَاقٍ فِي فِرَارِهِ مَا مِنْهُ يَفِرُّ وَ الْأَجَلُ مَسَاقُ النَّفْسِ إِلَيْهِ وَ الْهَرَبُ مِنْهُ مُوَافَاتُهُ.

أقول سيأتي شرحه في باب شهادة أمير المؤمنين ع‏ «3».

______________________________

 (1) اللام في الجمل الثلاثة للعاقبة.

 (2) في نسخة: خاصّة.

 (3) قال رضي اللّه عنه هناك: قوله: كل امرئ لاق في فراره أي من الأمور المقدرة الحتمية كالموت، قال اللّه تعالى: «قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ» و إنّما قال عليه السلام: فى فراره، لان كل أحد يفر دائما من الموت و إن كان تبعدا، و المساق مصدر ميمى، فيحتمل أن يكون المراد بالاجل منتهى العمر و المساق ما يساق إليه، و أن يكون المراد به المدة فالمساق زمان السوق.

126
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 4 حب لقاء الله و ذم الفرار من الموت ص : 124

8- لي، الأمالي للصدوق الدَّقَّاقُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِحْصَنٍ عَنِ ابْنِ ظَبْيَانَ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَبْضَ رُوحِ إِبْرَاهِيمَ ع أَهْبَطَ اللَّهُ مَلَكَ الْمَوْتِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ أَ دَاعٍ أَمْ نَاعٍ قَالَ بَلْ دَاعٍ يَا إِبْرَاهِيمُ فَأَجِبْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَهَلْ رَأَيْتَ خَلِيلًا يُمِيتُ خَلِيلَهُ قَالَ فَرَجَعَ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ فَقَالَ إِلَهِي قَدْ سَمِعْتَ مَا قَالَ خَلِيلُكَ إِبْرَاهِيمُ فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ اذْهَبْ إِلَيْهِ وَ قُلْ لَهُ هَلْ رَأَيْتَ حَبِيباً يَكْرَهُ لِقَاءَ حَبِيبِهِ إِنَّ الْحَبِيبَ يُحِبُّ لِقَاءَ حَبِيبِهِ.

9- ل، الخصال ابْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِيهِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ ص رَجُلٌ فَقَالَ مَا لِي لَا أُحِبُّ الْمَوْتَ فَقَالَ لَهُ أَ لَكَ مَالٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَقَدَّمْتَهُ قَالَ لَا قَالَ فَمِنْ ثَمَّ لَا تُحِبُّ الْمَوْتَ.

10 ل، الخصال أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَقِيناً لَا شَكَّ فِيهِ أَشْبَهَ بِشَكٍّ لَا يَقِينَ فِيهِ مِنَ الْمَوْتِ.

11- ل، الخصال الْفَامِيُّ وَ ابْنُ مَسْرُورٍ مَعاً عَنِ ابْنِ بُطَّةَ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ع قَالَ: سُئِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع بِمَا ذَا أَحْبَبْتَ لِقَاءَ اللَّهِ قَالَ لَمَّا رَأَيْتُهُ قَدِ اخْتَارَ لِي دِينَ مَلَائِكَتِهِ وَ رُسُلِهِ وَ أَنْبِيَائِهِ عَلِمْتُ أَنَّ الَّذِي أَكْرَمَنِي بِهَذَا لَيْسَ يَنْسَانِي فَأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ.

12- يد، التوحيد الْهَمْدَانِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ ع‏ مِثْلَهُ.

______________________________

و قوله عليه السلام: و الهرب منه موافاته من حمل اللازم على الملزوم، فان الإنسان ما دام يهرب من موته بحركات و تصرفات يفنى عمره فيها فكان الهرب منه موافاته، و المعنى: أنه إذا قدر زوال عمر أو دولة فكل ما يدبره الإنسان لرفع ما يهرب منه يصير سببا لحصوله، إذ تأثير الأدوية و الأسباب باذنه تعالى، مع أنّه عند حلول الأجل يصير أحذق الاطباء أجهلهم و يغفل عما ينفع المريض و هكذا في سائر الأمور انتهى.

127
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 4 حب لقاء الله و ذم الفرار من الموت ص : 124

13- ل، الخصال الْخَلِيلُ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ السَّرَّاجِ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ: شَيْئَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَ الْمَوْتُ رَاحَةٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْفِتْنَةِ وَ يَكْرَهُ قِلَّةَ الْمَالِ وَ قِلَّةُ الْمَالِ أَقَلُّ لِلْحِسَابِ.

14- ل، الخصال أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ أَحَبَّ الْحَيَاةَ ذَلَّ.

15- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام الْمُفَسِّرُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَيْنِيِّ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيِّ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الصَّادِقِ ع فَقَالَ قَدْ سَئِمْتُ الدُّنْيَا فَأَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ الْمَوْتَ فَقَالَ تَمَنَّ الْحَيَاةَ لِتُطِيعَ لَا لِتَعْصِيَ فَلَأَنْ تَعِيشَ فَتُطِيعَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَمُوتَ فَلَا تَعْصِيَ وَ لَا تُطِيعَ.

16- ما، الأمالي للشيخ الطوسي ابْنُ مَخْلَدٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَاقِدِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ الْفِرَاسِيَّةِ «1» عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ‏ «2» قَالَتْ‏ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى رَجُلٍ يَعُودُهُ وَ هُوَ شَاكٍ فَتَمَنَّى الْمَوْتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا تَتَمَنَّ الْمَوْتَ فَإِنَّكَ إِنْ تَكُ مُحْسِناً تَزْدَدْ إِحْسَاناً إِلَى إِحْسَانِكَ وَ إِنْ كُنْتَ مُسِيئاً «3» فَتُؤَخَّرُ لِتَسْتَعْتِبَ فَلَا تَمَنَّوُا الْمَوْتَ.

______________________________

 (1) بكسر الفاء و تخفيف الراء بعدها مهملة. و يقال: القرشية، أوردها ابن حجر في فصل النساء من التقريب، و وثقها.

 (2) اسمها لبابة بتخفيف الباء، بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم الهلالية، زوج العباس ابن عبد المطلب، و اخت ميمونة زوج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، عدها الشيخ في رجاله من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. و قيل: إنها أول امرأة أسلمت بعد خديجة؛ حكى عن ابن حبان أنّها ماتت بعد العباس في خلافة عثمان، و أوردها النسابة البغداديّ محمّد بن حبيب ابن أميّة بن عمرو الهاشمى المتوفّى سنة 245 في كتابه المحبر في فصل المنجبات من النساء فقال: ولدت الفضل: الردف، و عبد اللّه الحبر، و عبيد اللّه الجواد، و معبدا- شهيدا بافريقية- و عبد الرحمن- شهيدا بافريقية- و قثم- شهيدا بسمرقند- بني العباس بن عبد المطلب، مات الفضل بالشام في طاعون عمواس، و عبد اللّه بالطائف، و عبيد اللّه بالمدينة. انتهى.

 (3) في المصدر: و ان تك. م.

128
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 4 حب لقاء الله و ذم الفرار من الموت ص : 124

17- مع، معاني الأخبار ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَ مَنْ أَبْغَضَ لِقَاءَ اللَّهِ أَبْغَضَ اللَّهُ لِقَاءَهُ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَوَ اللَّهِ إِنَّا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ فَقَالَ لَيْسَ ذَاكَ حَيْثُ تَذْهَبُ إِنَّمَا ذَلِكَ عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ إِذَا رَأَى مَا يُحِبُّ فَلَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَقَدَّمَ وَ اللَّهُ يُحِبُّ لِقَاءَهُ وَ هُوَ يُحِبُّ لِقَاءَ اللَّهِ حِينَئِذٍ وَ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنْ لِقَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يُبْغِضُ لِقَاءَهُ.

ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر القاسم بن محمد مثله.

18- مع، معاني الأخبار مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ الْمُعَاذِيِّ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع قَالَ: كَانَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا صَدِيقٌ وَ كَانَ مَاجِناً فَتَبَاطَى عَلَيْهِ أَيَّاماً فَجَاءَهُ يَوْماً فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ ع كَيْفَ أَصْبَحْتَ فَقَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَصْبَحْتُ بِخِلَافِ مَا أُحِبُّ وَ يُحِبُّ اللَّهُ وَ يُحِبُّ الشَّيْطَانُ فَضَحِكَ الْحَسَنُ ع ثُمَّ قَالَ وَ كَيْفَ ذَاكَ قَالَ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُحِبُّ أَنْ أُطِيعَهُ وَ لَا أَعْصِيَهُ وَ لَسْتُ كَذَلِكَ وَ الشَّيْطَانُ يُحِبُّ أَنْ أَعْصِيَ اللَّهَ وَ لَا أُطِيعَهُ وَ لَسْتُ كَذَلِكَ وَ أَنَا أُحِبُّ أَنْ لَا أَمُوتَ وَ لَسْتُ كَذَلِكَ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا بَالُنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ وَ لَا نُحِبُّهُ قَالَ فَقَالَ الْحَسَنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّكُمْ أَخْرَبْتُمْ آخِرَتَكُمْ وَ عَمَرْتُمْ دُنْيَاكُمْ فَأَنْتُمْ تَكْرَهُونَ النُّقْلَةَ مِنَ الْعُمْرَانِ إِلَى الْخَرَابِ.

توضيح الماجن من لا يبالي قولا و فعلا.

19- مع، معاني الأخبار أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ شُعَيْبٍ الْعَقَرْقُوفِيِ‏ «1» قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع شَيْ‏ءٌ يُرْوَى عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ‏

______________________________

 (1) بالعين المهملة و القاف المثناة المفتوحتين، ثمّ الراء المهملة الساكنة، ثمّ القاف و الواو، ثمّ الفاء الموحدة، ثمّ الياء، نسبة إلى عقرقوف، و هو على ما حكى عن مراصد الاطلاع قرية من نواحي نهر عيسى، بينها و بين بغداد أربع فراسخ، إلى جانبها تل عظيم يرى من خمسة فراسخ أو اكثر، و في وسطه بناء باللبن و القصب؛ و الرجل هو شعيب بن يعقوب ابن اخت يحيى بن القاسم أبي بصير، روى عن أبي عبد اللّه و أبى الحسن عليهما السلام، ثقة، عين، له كتاب يرويه حماد بن عيسى و غيره.

129
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 4 حب لقاء الله و ذم الفرار من الموت ص : 124

أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ثَلَاثَةٌ يُبْغِضُهَا النَّاسُ وَ أَنَا أُحِبُّهَا أُحِبُّ الْمَوْتَ وَ أُحِبُّ الْفَقْرَ وَ أُحِبُّ الْبَلَاءَ فَقَالَ إِنَّ هَذَا لَيْسَ عَلَى مَا تَرْوُونَ‏ «1» إِنَّمَا عَنَى الْمَوْتُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْحَيَاةِ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَ الْفَقْرُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْغِنَى فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَ الْبَلَاءُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الصِّحَّةِ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ.

جا، المجالس للمفيد أحمد بن الوليد عن أبيه عن الصفار عن ابن معروف عن ابن مهزيار عن ابن فضال‏ مثله.

20- مع، معاني الأخبار أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْحَسَنِ الطَّحَّانِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: لَا يَبْلُغُ أَحَدُكُمْ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَكُونَ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ يَكُونُ الْمَوْتُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْحَيَاةِ وَ الْفَقْرُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْغِنَى وَ الْمَرَضُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الصِّحَّةِ قُلْنَا وَ مَنْ يَكُونُ كَذَلِكَ قَالَ كُلُّكُمْ ثُمَّ قَالَ أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَى أَحَدِكُمْ يَمُوتُ فِي حُبِّنَا أَوْ يَعِيشُ فِي بُغْضِنَا فَقُلْتُ نَمُوتُ وَ اللَّهِ فِي حُبِّكُمْ أَحَبُّ إِلَيْنَا قَالَ وَ كَذَلِكَ الْفَقْرُ وَ الْغِنَى وَ الْمَرَضُ وَ الصِّحَّةُ قُلْتُ إِي وَ اللَّهِ.

21- لي، الأمالي للصدوق عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ أَكْيَسُ النَّاسِ مَنْ كَانَ أَشَدَّ ذِكْراً لِلْمَوْتِ.

22- لي، الأمالي للصدوق ابْنُ الْمُغِيرَةِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ‏ مَا أَنْزَلَ الْمَوْتَ حَقَّ مَنْزِلَتِهِ مَنْ عَدَّ غَداً مِنْ أَجَلِهِ.

23- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر حَمَّادُ بْنُ عِيسَى عَنْ حُسَيْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ رَفَعَهُ إِلَى سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ لَا السُّجُودُ لِلَّهِ وَ مُجَالَسَةُ قَوْمٍ يَتَلَفَّظُونَ طَيِّبَ الْكَلَامِ كَمَا يُتَلَفَّظُ طَيِّبُ التَّمْرِ لَتَمَنَّيْتُ الْمَوْتَ.

24- لي، الأمالي للصدوق مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ‏

______________________________

 (1) في نسخة: على ما يرون.

130
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 4 حب لقاء الله و ذم الفرار من الموت ص : 124

أَبِي الْحَسَنِ الْعَبْدِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِبْعِيٍ‏ «1» قَالَ: إِنَّ شَابّاً مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ يَأْتِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ وَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُكْرِمُهُ وَ يدينه‏ «2» [يُدْنِيهِ‏] فَقِيلَ لَهُ إِنَّكَ تُكْرِمُ هَذَا الشَّابَّ وَ تدينه [تُدْنِيهِ‏] وَ هُوَ شَابُّ سَوْءٍ يَأْتِي الْقُبُورَ فَيَنْبُشُهَا بِاللَّيَالِي فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَعْلِمُونِي قَالَ فَخَرَجَ الشَّابُّ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي يَتَخَلَّلُ الْقُبُورَ فَأُعْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ بِذَلِكَ فَخَرَجَ لِيَنْظُرَ مَا يَكُونُ مِنْ أَمْرِهِ وَ وَقَفَ نَاحِيَةً يَنْظُرُ إِلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَرَاهُ الشَّابُّ قَالَ فَدَخَلَ قَبْراً قَدْ حَفَرَ ثُمَّ اضْطَجَعَ فِي اللَّحْدِ وَ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا وَيْحِي إِذَا دَخَلْتُ لَحْدِي وَحْدِي وَ نَطَقَتِ الْأَرْضُ مِنْ تَحْتِي فَقَالَتْ لَا مَرْحَباً بِكَ وَ لَا أَهْلًا قَدْ كُنْتُ أُبْغِضُكَ وَ أَنْتَ عَلَى ظَهْرِي فَكَيْفَ وَ قَدْ صِرْتَ فِي بَطْنِي بَلْ وَيْحِي إِذَا نَظَرْتُ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ وُقُوفاً وَ الْمَلَائِكَةِ صُفُوفاً فَمِنْ عَدْلِكَ غَداً مَنْ يُخَلِّصُنِي وَ مِنَ الْمَظْلُومِينَ مَنْ يَسْتَنْقِذُنِي وَ مِنْ عَذَابِ النَّارِ مَنْ يُجِيرُنِي عَصَيْتُ مَنْ لَيْسَ بِأَهْلٍ أَنْ يُعْصَى عَاهَدْتُ رَبِّي مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَلَمْ يَجِدْ عِنْدِي صِدْقاً وَ لَا وَفَاءً وَ جَعَلَ يُرَدِّدُ هَذَا الْكَلَامَ وَ يَبْكِي فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْقَبْرِ الْتَزَمَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ عَانَقَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ نِعْمَ النَّبَّاشُ نِعْمَ النَّبَّاشُ مَا أَنْبَشَكَ لِلذُّنُوبِ وَ الْخَطَايَا ثُمَّ تَفَرَّقَا.

25- ب، قرب الإسناد الْيَقْطِينِيُّ عَنِ الْقَدَّاحِ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ قَالُوا وَ مَا نَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَإِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ فَلَا يَبِيتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَ أَجَلُهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَ لْيَحْفَظِ الرَّأْسَ وَ مَا وَعَى وَ الْبَطْنَ وَ مَا حَوَى وَ لْيَذْكُرِ الْقَبْرَ وَ الْبِلَى وَ مَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ فَلْيَدَعْ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا.

بيان و ما وعى أي و ليحفظ ما وعاه الرأس من البصر و السمع و اللسان و غيرها من المشاعر عن ارتكاب ما يسخط الله و ليحفظ البطن و ما حواه من الطعام و الشراب أن يكونا من حرام و يمكن أن يعمّ البطن بحيث يشمل الفرج أيضا.

______________________________

 (1) عباية بفتح العين و تخفيف الباء و فتح الياء، و ربعى بكسر الراء و سكون الباء و العين المهملة المكسورة ثمّ الياء هو عباية بن عمرو بن ربعى، عده الشيخ في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين و الحسن عليهما السلام، و عده البرقي- على ما حكى- من خواص عليّ عليه السلام.

 (2) أي يحسن إليه.

131
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 4 حب لقاء الله و ذم الفرار من الموت ص : 124

26- ل، الخصال الْأَرْبَعُمِائَةِ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ أَكْثِرُوا ذِكْرَ الْمَوْتِ وَ يَوْمِ خُرُوجِكُمْ مِنَ الْقُبُورِ وَ قِيَامِكُمْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ تُهَوَّنْ عَلَيْكُمُ الْمَصَائِبُ.

27- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام الْمُفَسِّرُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَيْنِيِّ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيِّ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ كَمْ مِنْ غَافِلٍ يَنْسِجُ ثَوْباً لِيَلْبَسَهُ وَ إِنَّمَا هُوَ كَفَنُهُ وَ يَبْنِي بَيْتاً لِيَسْكُنَهُ وَ إِنَّمَا هُوَ مَوْضِعُ قَبْرِهِ.

28- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَى دَارِمٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَادِمِ اللَّذَّاتِ.

29- ما، الأمالي للشيخ الطوسي‏ فِيمَا أَوْصَى بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع عِنْدَ وَفَاتِهِ قَصِّرِ الْأَمَلَ وَ اذْكُرِ الْمَوْتَ وَ ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّكَ رَهْنُ مَوْتٍ وَ غَرَضُ بَلَاءٍ وَ صَرِيعُ سُقْمٍ‏ «1».

30- ما، الأمالي للشيخ الطوسي‏ فِيمَا كَتَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ مِنْهُ‏ «2» فَوْتٌ فَاحْذَرُوا قَبْلَ وُقُوعِهِ وَ أَعِدُّوا لَهُ عُدَّتَهُ فَإِنَّكُمْ طَرْدُ الْمَوْتِ إِنْ أَقَمْتُمْ لَهُ أَخَذَكُمْ وَ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنْهُ أَدْرَكَكُمْ وَ هُوَ أَلْزَمُ لَكُمْ مِنْ ظِلِّكُمْ الْمَوْتُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيكُمْ وَ الدُّنْيَا تُطْوَى خَلْفَكُمْ فَأَكْثِرُوا ذِكْرَ الْمَوْتِ عِنْدَ مَا تُنَازِعُكُمْ إِلَيْهِ أَنْفُسُكُمْ مِنَ الشَّهَوَاتِ وَ كَفَى بِالْمَوْتِ وَاعِظاً وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص كَثِيراً مَا يُوصِي أَصْحَابَهُ بِذِكْرِ الْمَوْتِ فَيَقُولُ أَكْثِرُوا ذِكْرَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ هَادِمُ اللَّذَّاتِ حَائِلٌ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ الشَّهَوَاتِ.

31- ما، الأمالي للشيخ الطوسي جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ عَبَّادٍ الْمِنْقَرِيِ‏ «3»

______________________________

 (1) قوله: «رهن موت» شبه عليه السلام الموت للزومه الإنسان و عدم انفكاك الإنسان منه بالرهن في يد المرتهن. و الغرض: الهدف. و الصريع بمعنى مصروع أي المطروح على الأرض و الساقط عليها، لان طبيعة الإنسان دائما يصارع المرض و السقم و يدافعه حتّى تضعف و يغلب عليه المرض و السقم فيصرعها و يطرحها على الأرض، فهو إمّا زمن مقعد على فراشه، و إمّا راكب على سريره و نعشه.

 (2) في نسخة: فيه.

 (3) نسبة إلى منقر وزان منبر؛ أبى بطن من سعد و هو منقر بن عبيد بن مقاعس.

132
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 4 حب لقاء الله و ذم الفرار من الموت ص : 124

عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لَوْ أَنَّ الْبَهَائِمَ يَعْلَمُونَ مِنَ الْمَوْتِ مَا تَعْلَمُونَ أَنْتُمْ مَا أَكَلْتُمْ مِنْهَا سَمِيناً.

بيان لا ينافي هذا الخبر ما سيأتي من الأخبار في أن الموت مما لم تبهم عنه البهائم إذ المعنى فيه لو علموا كما تعلمون من خصوصيات الموت و شدائده فلا ينافي علمهم بأصل الموت أو المراد أنهم لو كانوا مكلفين و علموا ما أوعد الله من العقاب لما كانوا غافلين كغفلتكم و لذا قال ص من الموت.

32- مص، مصباح الشريعة قَالَ الصَّادِقُ ع‏ ذِكْرُ الْمَوْتِ يُمِيتُ الشَّهَوَاتِ فِي النَّفْسِ وَ يَقْلَعُ مَنَابِتَ الْغَفْلَةِ وَ يُقَوِّي الْقَلْبَ بِمَوَاعِدِ اللَّهِ وَ يُرِقُّ الطَّبْعَ وَ يَكْسِرُ أَعْلَامَ الْهَوَى وَ يُطْفِئُ نَارَ الْحِرْصِ وَ يُحَقِّرُ الدُّنْيَا وَ هُوَ مَعْنَى مَا قَالَ النَّبِيُّ ص فِكْرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سَنَةٍ وَ ذَلِكَ عِنْدَ مَا يَحُلُّ أَطْنَابَ خِيَامِ الدُّنْيَا وَ يَشُدُّهَا فِي الْآخِرَةِ وَ لَا يُشَكُّ بِنُزُولِ الرَّحْمَةِ عَلَى ذَاكِرِ الْمَوْتِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَ مَنْ لَا يَعْتَبِرُ بِالْمَوْتِ وَ قِلَّةِ حِيلَتِهِ وَ كَثْرَةِ عَجْزِهِ وَ طُولِ مُقَامِهِ فِي الْقَبْرِ وَ تَحَيُّرِهِ فِي الْقِيَامَةِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ.

: «1» قَالَ النَّبِيُّ ص‏ اذْكُرُوا هَادِمَ اللَّذَّاتِ فَقِيلَ وَ مَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ الْمَوْتُ فَمَا ذَكَرَهُ عَبْدٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ فِي سَعَةٍ إِلَّا ضَاقَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا وَ لَا فِي شِدَّةٍ إِلَّا اتَّسَعَتْ عَلَيْهِ وَ الْمَوْتُ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ وَ آخِرُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الدُّنْيَا فَطُوبَى لِمَنْ أُكْرِمَ عِنْدَ النُّزُولِ بِأَوَّلِهَا وَ طُوبَى لِمَنْ أُحْسِنَ مُشَايَعَتُهُ فِي آخِرِهَا وَ الْمَوْتُ أَقْرَبُ الْأَشْيَاءِ مِنْ بَنِي آدَمَ وَ هُوَ يَعُدُّهُ أَبْعَدَ فَمَا أَجْرَأَ الْإِنْسَانَ عَلَى نَفْسِهِ وَ مَا أَضْعَفَهُ مِنْ خَلْقٍ وَ فِي الْمَوْتِ نَجَاةُ الْمُخْلِصِينَ وَ هَلَاكُ الْمُجْرِمِينَ وَ لِذَلِكَ اشْتَاقَ مَنِ اشْتَاقَ إِلَى الْمَوْتِ وَ كَرِهَ مَنْ كَرِهَ:.

قَالَ النَّبِيُّ ص‏ مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَ مَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ.

______________________________

 (1) يحتمل أن يكون ذلك و الحديث الآتي بعده من بقية كلام الإمام الصّادق عليه السلام استشهد بهما على ما قال أولا من الترغيب في ذكر الموت، أو يكونان خبرين مرسلين من جامع المصباح و الظاهر من المصنّف الأول.

133
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 4 حب لقاء الله و ذم الفرار من الموت ص : 124

بيان قوله ع و ذلك أي فكر الساعة الذي هو خير من عبادة سنة و حلّ أطناب خيام الدنيا كناية عن قطع العلائق عنها و عن شهواتها و كذا شدها في الآخرة عبارة عن جعل ما يأخذه و يدعه في الدنيا لتحصيل الآخرة.

33- شي، تفسير العياشي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَخْبِرْنِي عَنِ الْكَافِرِ الْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ أَمِ الْحَيَاةُ فَقَالَ الْمَوْتُ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ وَ الْكَافِرِ قُلْتُ وَ لِمَ قَالَ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ‏ وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ وَ يَقُولُ‏ وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ‏.

34- سر، السرائر مِنْ كِتَابِ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ قُولَوَيْهِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ بَلَغَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع مَوْتُ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ثُمَّ جَاءَ خَبَرٌ آخَرُ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ فَكَتَبَ إِلَيْهِ‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ أَتَانَا خَبَرٌ ارْتَاعَ لَهُ إِخْوَانُكَ‏ «1» ثُمَّ جَاءَ تَكْذِيبُ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ فَأَنْعَمَ ذَلِكَ أَنْ سُرِرْنَا وَ إِنَّ السُّرُورَ وَشِيكُ الِانْقِطَاعِ‏ «2» يَبْلُغُهُ عَمَّا قَلِيلٍ تَصْدِيقُ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ فَهَلْ أَنْتَ كَائِنٌ كَرَجُلٍ قَدْ ذَاقَ الْمَوْتَ ثُمَّ عَاشَ بَعْدَهُ فَسَأَلَ الرَّجْعَةَ «3» فَأُسْعِفَ بِطَلِبَتِهِ فَهُوَ مُتَأَهِّبٌ بِنَقْلِ مَا سَرَّهُ مِنْ مَالِهِ إِلَى دَارِ قَرَارِهِ لَا يَرَى أَنَّ لَهُ مَالًا غَيْرَهُ وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّيْلَ وَ النَّهَارَ دَائِبَانِ‏ «4» فِي نَقْصِ الْأَعْمَارِ وَ إِنْفَادِ الْأَمْوَالِ وَ طَيِّ الْآجَالِ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ قَدْ صَبَّحَا عاداً وَ ثَمُودَ ... وَ قُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً فَأَصْبَحُوا قَدْ وَرَدُوا عَلَى رَبِّهِمْ وَ قَدِمُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ وَ اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ غَضَّانِ جَدِيدَانِ لَا يُبْلِيهِمَا مَا مَرَّا بِهِ يَسْتَعِدَّانِ لِمَنْ بَقِيَ بِمِثْلِ مَا أَصَابَا مَنْ مَضَى‏ «5» وَ اعْلَمْ أَنَّمَا أَنْتَ نَظِيرُ إِخْوَانِكَ وَ أَشْبَاهِكَ مَثَلُكَ كَمَثَلِ الْجَسَدِ قَدْ نُزِعَتْ قُوَّتُهُ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا حُشَاشَةُ نَفْسِهِ يَنْتَظِرُ الدَّاعِيَ فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِمَّا نَعِظُ بِهِ ثُمَّ نَقْصُرُ عَنْهُ.

______________________________

 (1) ارتاع منه و له: فزع و تفزع.

 (2) أي سريع الانقطاع و قريبه.

 (3) في السرائر المطبوع: قد ذاق الموت و عاين ما بعده يسأل الرجعة.

 (4) دأب في العمل: جد و تعب و استمر عليه فهو دائب. و في السرائر المطبوع: و اعلم أن الليل و النهار لم يزالا دائبين في قصر (نقص خ ل) الاعمار.

 (5) في نسخة: يستعدان لمن بقى أن يصيباه ما أصابا من مضى.

134
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 4 حب لقاء الله و ذم الفرار من الموت ص : 124

بيان فأنعم ذلك أي أقر عيون إخوانك يقال نعم الله بك عينا و أنعم الله بك عينا و أنعم صباحا و يقال ما أنعمنا بك أي ما أقدمك فسررنا بلقائك و أنعمت على فلان أي أصرت إليه نعمة و الحشاش و الحشاشة بضمهما بقية الروح في الجسد في المرض.

35- ضه، روضة الواعظين قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ أَكْيَسُ النَّاسِ مَنْ كَانَ أَشَدَّ ذِكْراً لِلْمَوْتِ.

36- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي خُطْبَتِهِ‏ فَإِنَّ الْغَايَةَ أَمَامَكُمْ وَ إِنَّ وَرَاءَكُمْ السَّاعَةَ تَحْدُوكُمْ تَخَفَّفُوا تَلْحَقُوا فَإِنَّمَا يُنْتَظَرُ بِأَوَّلِكُمْ آخِرُكُمْ‏ «1».

______________________________

 (1) قال السيّد في نهج البلاغة بعد ايراده هذا الكلام: إن هذا الكلام لو وزن بعد كلام اللّه سبحانه و بعد كلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بكل كلام لمال به راجحا و برز عليه سابقا، فأما قوله عليه السلام:

 «تخففوا تلحقوا» فما سمع كلام أقل منه مسموعا و لا أكثر محصولا و ما أبعد غورها من كلمة!، و أنقع نطفتها من حكمة!، و قد نبهنا في كتاب الخصائص على عظم قدرها و شرف جوهرها انتهى. منه أقول: و قال بعض الشارحين: الغاية: الثواب و العقاب، و النعيم و الشقاء، فعليكم أن تعدوا للغاية ما يصل بكم إليها، و لا تستبطئوها فان الساعة التي تصيبونها فيها- و هي القيامة- آزفة إليكم فكأنها في تقربها نحوكم و تقليل المسافة بينها و بينكم بمنزلة سائق يسوقكم إلى ما تسيرون إليه، سبق السابقون بأعمالهم إلى الحسنى فمن أراد اللحاق بهم فعليه أن يتخفف من أثقال الشهوات و أوزار العناء في تحصيل اللذات، و يحفز بنفسه عن هذه الفانيات فيلحق بالذين فازوا بعقبى الدار، و أصله الرجل يسعى و هو غير مثقل بما يحمله يكون أجدر أن يلحق الذين سبقوه. قال ابن ميثم: كون الساعة وراءهم فلان الإنسان لما كان بطبعه ينفر من الموت و يفر منه و كانت العادة في الهارب من الشي‏ء أن يكون وراءه المهروب منه و كانت الموت متأخرا عن وجود الإنسان و لاحقا تأخرا و لحوقا عقليا أشبه المهروب منه المتأخر اللاحق هربا و تأخرا و لحوقا حسيا فلا جرم استعير لفظ المحسوسة و هي الوراء. و أمّا كونهم تحدوهم فلان الحادي لما كان من شأنه سوق الإبل بالحداء و كان تذكر الموت و سماع نوادبه مزعجا للنفوس إلى الاستعداد للامور الآخرة و الاهبة للقاء اللّه سبحانه فهو يحملها على قطع عقبات طريق الآخرة، كما يحمل الحادي الإبل على قطع الطريق البعيدة الوعرة لا جرم أشبه الحادي فاسند الحداء إليه. قوله: «تخففوا تلحقوا» لما نبههم بكون الغاية أمامهم و أن الساعة تحدوهم في سفر واجب و كان السابق إلى الغاية من ذلك السفر هو الفائز برضوان اللّه و قد علم أن التخفيف و قطع العلائق في الاسفار سبب للسبق و الفوز بلحوق السابقين لا جرم أمرهم.

135
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 4 حب لقاء الله و ذم الفرار من الموت ص : 124

37- وَ قَالَ أَيْضاً فِي خُطْبَتِهِ‏ فَمَا يَنْجُو مِنَ الْمَوْتِ مَنْ يَخَافُهُ وَ لَا يُعْطَى الْبَقَاءَ مَنْ أَحَبَّهُ وَ مَنْ جَرَى فِي عِنَانِ أَمَلِهِ عَثَرَ بِهِ أَجَلُهُ وَ إِذَا كُنْتَ فِي إِدْبَارٍ وَ الْمَوْتُ فِي إِقْبَالٍ فَمَا أَسْرَعَ الْمُلْتَقَى الْحَذَرَ الْحَذَرَ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ سَتَرَ حَتَّى كَأَنَّهُ غَفَرَ.

38 وَ تَبِعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ جِنَازَةً فَسَمِعَ رَجُلًا يَضْحَكُ فَقَالَ كَأَنَّ الْمَوْتَ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا كُتِبَ وَ كَأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا وَجَبَ وَ كَأَنَّ الَّذِي نَرَى مِنَ الْأَمْوَاتِ سَفْرٌ عَمَّا قَلِيلٍ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ نُبَوِّئُهُمْ أَجْدَاثَهُمْ وَ نَأْكُلُ تُرَاثَهُمْ قَدْ نَسِينَا كُلَّ وَاعِظٍ وَ وَاعِظَةٍ وَ رُمِينَا بِكُلِّ جَائِحَةٍ وَ عَجِبْتُ لِمَنْ نَسِيَ الْمَوْتَ وَ هُوَ يَرَى الْمَوْتَ وَ مَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ الْمَوْتِ رَضِيَ مِنَ الدُّنْيَا بِالْيَسِيرِ «1».

39- قَالَ الصَّادِقُ ع‏ مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ نُحْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَبْكُوا وَ شَوَّقْنَاكُمْ فَلَمْ تَشْتَاقُوا أَعْلِمِ الْقَتَّالِينَ أَنَّ لِلَّهِ سَيْفاً لَا يَنَامُ وَ هُوَ جَهَنَّمُ أَبْنَاءَ الْأَرْبَعِينَ أَوْفُوا لِلْحِسَابِ أَبْنَاءَ الْخَمْسِينَ زَرْعٌ قَدْ دَنَا حَصَادُهُ أَبْنَاءَ السِّتِّينَ مَا ذَا قَدَّمْتُمْ وَ مَا ذَا أَخَّرْتُمْ أَبْنَاءَ السَّبْعِينَ عُدُّوا أَنْفُسَكُمْ فِي الْمَوْتَى أَبْنَاءَ الثَّمَانِينَ تُكْتَبُ لَكُمُ الْحَسَنَاتُ وَ لَا تُكْتَبُ عَلَيْكُمُ السَّيِّئَاتُ أَبْنَاءَ التِّسْعِينَ أَنْتُمْ أُسَرَاءُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ ثُمَّ قَالَ مَا يَقُولُ كَرِيمٌ أَسَرَ رَجُلًا مَا ذَا يَصْنَعُ بِهِ قُلْتُ يُطْعِمُهُ وَ يَسْقِيهِ وَ يَفْعَلُ بِهِ فَقَالَ مَا تَرَى اللَّهَ صَانِعاً بِأَسِيرِهِ.

بيان الغاية الموت أو الجنة و النار قوله ع ينتظر بأولكم أي إنما ينتظر ببعث الأولين و نشرهم مجي‏ء الآخرين و موتهم لقد ستر أي الذنوب حتى‏

______________________________

بالتخفيف لغاية اللحوق في كلمتين فالاولى منهما قوله: «تخففوا» و كنى بهذا الامر عن الزهد الحقيقي الذي هو أقوى أسباب السلوك إلى اللّه سبحانه، و هو عبارة عن حذف كل شاغل عن التوجه إلى القبلة الحقيقية، و الاعراض عن متاع الدنيا و طيباتها، فان ذلك تخفيف للاوزار المانعة عن الصعود في درجات الابرار، و الموجبة لحلول دار البوار، و هي كناية باللفظ المستعار و هذا الامر في معنى الشرط. و الثانية قوله: «تلحقوا» و هو جزاء الشرط، أي إن تتخففوا تلحقوا. إلى آخر كلامه و من شاء فليراجعه.

 (1) أورده السيّد في نهج البلاغة في باب المختار من حكم أمير المؤمنين عليه السلام. و السفر بفتح السين و سكون الفاء: مسافرون. نبوّئهم أي ننزلهم. فى أجداثهم أي قبورهم. الجائحة: الآفة تهلك الأصل و الفرع.

136
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 4 حب لقاء الله و ذم الفرار من الموت ص : 124

كأنه قد غفرها فاحذروا عقاب ما ستره و اشكروه على هذا الستر و يحتمل على بعد أن يكون المعنى ستر الموت عن الخلائق بحيث يظنون أنه رفع عنهم لكثرة غفلتهم عنه قوله أوفوا أي أكملوا و سلموا ما طلب منكم من الأعمال لأنكم تحاسبون عليها قوله زرع أي أنتم أو أعمالكم.

40- تم، فلاح السائل فِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ مَوْلَانَا عَلِيّاً ع قَالَ: مَا رَأَيْتُ إِيمَاناً مَعَ يَقِينٍ أَشْبَهَ مِنْهُ بِشَكٍّ عَلَى هَذَا الْإِنْسَانِ إِنَّهُ كُلَّ يَوْمٍ يُوَدِّعُ إِلَى الْقُبُورِ وَ يُشَيِّعُ وَ إِلَى غُرُورِ الدُّنْيَا يَرْجِعُ وَ عَنِ الشَّهْوَةِ وَ الذُّنُوبِ لَا يُقْلِعُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِابْنِ آدَمَ الْمِسْكِينِ ذَنْبٌ يَتَوَكَّفُهُ وَ لَا حِسَابٌ يَقِفُ عَلَيْهِ إِلَّا مَوْتٌ يُبَدِّدُ شَمْلَهُ وَ يُفَرِّقُ جَمْعَهُ وَ يؤتم [يُوتِمُ‏] وُلْدَهُ لَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحَاذِرَ مَا هُوَ فِيهِ بِأَشَدِّ النُّصُبِ وَ التَّعَبِ وَ لَقَدْ غَفَلْنَا عَنِ الْمَوْتِ غَفْلَةَ أَقْوَامٍ غَيْرِ نَازِلٍ بِهِمْ وَ رَكَنَّا إِلَى الدُّنْيَا وَ شَهَوَاتِهَا رُكُونَ أَقْوَامٍ قَدْ أَيْقَنُوا بِالْمُقَامِ وَ غَفَلْنَا عَنِ الْمَعَاصِي وَ الذُّنُوبِ غَفْلَةَ أَقْوَامٍ لَا يَرْجُونَ حِسَاباً وَ لَا يَخَافُونَ عِقَاباً.

بيان لعل الضمير في قوله ع منه راجع إلى الموت المتقدم ذكره في الرواية أو المعلوم بقرينة المقام و قوله على الإنسان متعلق بقوله أشبه و الظاهر أنه سقط منه شي‏ء و التوكف التوقع أي يتوقع و ينتظر عقابه.

41- جع، جامع الأخبار قَالَ النَّبِيُّ ص‏ أَفْضَلُ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا ذِكْرُ الْمَوْتِ وَ أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ ذِكْرُ الْمَوْتِ وَ أَفْضَلُ التَّفَكُّرِ ذِكْرُ الْمَوْتِ فَمَنْ أَثْقَلَهُ ذِكْرُ الْمَوْتِ وَجَدَ قَبْرَهُ رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ.

42 وَ قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ مَا لَنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ قَالَ لِأَنَّكُمْ عَمَّرْتُمُ الدُّنْيَا وَ خَرَّبْتُمُ الْآخِرَةَ فَتَكْرَهُونَ أَنْ تَنْتَقِلُوا مِنْ عُمْرَانٍ إِلَى خَرَابٍ قِيلَ لَهُ فَكَيْفَ تَرَى قُدُومَنَا عَلَى اللَّهِ قَالَ أَمَّا الْمُحْسِنُ فَكَالْغَائِبِ يَقْدَمُ عَلَى أَهْلِهِ وَ أَمَّا الْمُسِي‏ءُ فَكَالْآبِقِ يَقْدَمُ عَلَى مَوْلَاهُ قِيلَ فَكَيْفَ تَرَى حَالَنَا عِنْدَ اللَّهِ قَالَ أَعْرِضُوا أَعْمَالَكُمْ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى‏ إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَ إِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ‏ قَالَ الرَّجُلُ فَأَيْنَ رَحْمَةُ اللَّهِ قَالَ‏ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ‏

43- كِتَابُ الدُّرَّةِ الْبَاهِرَةِ، قِيلَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع مَا الِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ‏

137
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 4 حب لقاء الله و ذم الفرار من الموت ص : 124

فَقَالَ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ وَ اجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ وَ الِاشْتِمَالُ عَلَى الْمَكَارِمِ ثُمَّ لَا يُبَالِي أَ وَقَعَ عَلَى الْمَوْتِ أَوْ وَقَعَ الْمَوْتُ عَلَيْهِ وَ اللَّهِ لَا يُبَالِي ابْنُ أَبِي طَالِبٍ أَ وَقَعَ عَلَى الْمَوْتِ أَمْ وَقَعَ الْمَوْتُ عَلَيْهِ.

44 دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيِّ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لَا يَتَمَنَيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لِفَتْرٍ نَزَلَ بِهِ.

45- وَ قَالَ: لَا تَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ فَإِنَّ هَوْلَ الْمُطَّلَعِ شَدِيدٌ وَ إِنَّ مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ أَنْ يَطُولَ عُمُرُهُ وَ يَرْزُقَهُ اللَّهُ الْإِنَابَةَ إِلَى دَارِ الْخُلُودِ.

46- وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ بَقِيَّةُ عُمُرِ الْمَرْءِ لَا قِيمَةَ لَهُ يُدْرِكُ بِهَا مَا قَدْ فَاتَ وَ يُحْيِي مَا مَاتَ.

أقول: سيأتي أخبار الاستعداد للموت في باب موضوع له في كتاب المكارم.

تحقيق مقام لرفع شكوك و أوهام ربما يتوهم التنافي بين الآيات و الأخبار الدالة على حبّ لقاء الله و بين ما يدل على ذم طلب الموت و ما ورد في الأدعية من استدعاء طول العمر و بقاء الحياة و ما روي من كراهة الموت عن كثير من الأنبياء و الأولياء و يمكن الجواب عنه بوجوه الأول ما ذكره الشهيد رحمه الله في الذكرى من أن حب لقاء الله غير مقيد بوقت فيحمل على حال الاحتضار و معاينة ما يحب و استشهد لذلك بما مر من خبر عبد الصمد بن بشير. «1» الثاني أن الموت ليس نفس لقاء الله فكراهته من حيث الألم الحاصل منه لا يستلزم كراهة لقاء الله و هذا لا ينفع في كثير من الأخبار.

الثالث أن ما ورد في ذم كراهة الموت فهي محمولة على ما إذا كرهه لحب الدنيا و شهواتها و التعلق بملاذها و ما ورد بخلاف ذلك على ما إذا كرهه لطاعة الله تعالى و تحصيل مرضاته و توفير ما يوجب سعادة النشأة الأخرى و يؤيده خبر سلمان. «2» الرابع أن كراهة الموت إنما تذم إذا كانت مانعة من تحصيل السعادات الأخروية بأن يترك الجهاد و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و هجران الظالمين لحب الحياة

______________________________

 (1) الواقع تحت رقم 17.

 (2) الواقع تحت رقم 23.

138
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 5 ملك الموت و أحواله و أعوانه و كيفية نزعه للروح ص : 139

و البقاء و الحاصل أن حب الحياة الفانية الدنيوية إنما يذم إذا آثرها على ما يوجب الحياة الباقية الأخروية و يدل عليه خبر شعيب العقرقوفي و فضيل بن يسار «1» و هذا الوجه قريب من الوجه الثالث.

الخامس أن العبد يلزم أن يكون في مقام الرضا بقضاء الله فإذا اختار الله له الحياة فيلزمه الرضا بها و الشكر عليها فلو كره الحياة و الحال هذه فقد سخط ما ارتضاه الله له و علم صلاحه فيه و هذا مما لا يجوز و إذا اختار الله تعالى له الموت يجب أن يرضى بذلك و يعلم أن صلاحه فيما اختاره الله له فلو كره ذلك كان مذموما و أما الدعاء لطلب الحياة و البقاء لأمره تعالى بذلك فلا ينافي الرضاء بالقضاء و كذا في الصحة و المرض و الغنى و الفقر و سائر الأحوال المتضادة يلزم الرضا بكل منها في وقته و أمرنا بالدعاء لطلب خير الأمرين عندنا فما ورد في حب الموت إنما هو إذا أحب الله تعالى ذلك لنا و أما الاقتراح عليه في ذلك و طلب الموت فهو كفر لنعمة الحياة غير ممدوح عقلا و شرعا كطلب المرض و الفقر و أشباه ذلك و هذا وجه قريب و يؤيده كثير من الآيات و الأخبار و الله تعالى يعلم.

باب 5 ملك الموت و أحواله و أعوانه و كيفية نزعه للروح‏

الآيات الأنعام‏ وَ هُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَ يُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ‏ الأعراف‏ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَ شَهِدُوا عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ‏ يونس‏ وَ لكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ‏ النحل‏ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ‏ و قال تعالى‏ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ‏

______________________________

 (1) الواقعان تحت رقمى 19 و 20.

139
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 5 ملك الموت و أحواله و أعوانه و كيفية نزعه للروح ص : 139

التنزيل‏ قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى‏ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ‏ الزمر 42 اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَ الَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى‏ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَ يُرْسِلُ الْأُخْرى‏ إِلى‏ أَجَلٍ مُسَمًّى‏ تفسير وَ هُوَ الْقاهِرُ أي المقتدر المستولي على عباده‏ وَ يُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً أي ملائكة يحفظون أعمالكم و يحصونها عليكم‏ تَوَفَّتْهُ‏ أي تقبض روحه‏ رُسُلُنا يعني أعوان ملك الموت‏ وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ‏ لا يضيعون و لا يقصرون فيما أمروا به من ذلك‏ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا أي ملك الموت و أعوانه‏ يَتَوَفَّوْنَهُمْ‏ أي يقبضون أرواحهم و قيل معناه حتى إذا جاءتهم الملائكة لحشرهم يتوفونهم إلى النار يوم القيامة قالُوا ضَلُّوا عَنَّا أي ذهبوا عنا و افتقدناهم فلا يقدرون على الدفع عنا و بطلت عبادتنا إياهم.

و قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى‏ قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ‏ أي وكل بقبض أرواحكم عن ابن عباس قال جعلت الدنيا بين يدي ملك الموت مثل جام يأخذ منها ما شاء إذا قضي عليه الموت من غير عناء و خطوته ما بين المشرق و المغرب و قيل إن له أعوانا كثيرة من ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب فعلى هذا المراد بملك الموت الجنس و يدل عليه قوله‏ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا و قوله‏ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ و أما إضافة التوفي إلى نفسه في قوله‏ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها فلأنه سبحانه خلق الموت و لا يقدر عليه أحد سواه.

1- ج، الإحتجاج فِي خَبَرِ الزِّنْدِيقِ الْمُدَّعِي لِلتَّنَاقُضِ فِي الْقُرْآنِ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَ قَوْلِهِ‏ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ‏ وَ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ‏ وَ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ‏ فَهُوَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَجَلُّ وَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَ فِعْلُ رُسُلِهِ وَ مَلَائِكَتِهِ فِعْلُهُ لِأَنَّهُمْ‏ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ‏ فَاصْطَفَى جَلَّ ذِكْرُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَ سَفَرَةً بَيْنَهُ وَ بَيْنَ خَلْقِهِ وَ هُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ‏ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَ مِنَ النَّاسِ‏ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الطَّاعَةِ

140
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 5 ملك الموت و أحواله و أعوانه و كيفية نزعه للروح ص : 139

تَوَلَّتْ قَبْضَ رُوحِهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْصِيَةِ تَوَلَّى‏ «1» قَبْضَ رُوحِهِ مَلَائِكَةُ النَّقِمَةِ وَ لِمَلَكِ الْمَوْتِ أَعْوَانٌ مِنْ مَلَائِكَةِ الرَّحْمَةِ وَ النَّقِمَةِ يَصْدُرُونَ عَنْ أَمْرِهِ وَ فِعْلُهُمْ فِعْلُهُ وَ كُلُّ مَا يَأْتُونَهُ مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ وَ إِذَا كَانَ فِعْلُهُمْ فِعْلَ مَلَكِ الْمَوْتِ وَ فِعْلُ مَلَكِ الْمَوْتِ فِعْلُ اللَّهِ لِأَنَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ عَلَى يَدِ مَنْ يَشَاءُ وَ يُعْطِي وَ يَمْنَعُ وَ يُثِيبُ وَ يُعَاقِبُ عَلَى يَدِ مَنْ يَشَاءُ وَ إِنَّ فِعْلَ أُمَنَائِهِ فِعْلُهُ كَمَا قَالَ‏ وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ‏

2- فس، «2» تفسير القمي أَبِي عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عن هِشَامٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ رَأَيْتُ مَلَكاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِيَدِهِ لَوْحٌ مِنْ نُورٍ لَا يَلْتَفِتُ يَمِيناً وَ لَا شِمَالًا مُقْبِلًا عَلَيْهِ ثَبُّهُ كَهَيْئَةِ الْحَزِينِ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا يَا جَبْرَئِيلُ فَقَالَ هَذَا مَلَكُ الْمَوْتِ مَشْغُولٌ فِي قَبْضِ الْأَرْوَاحِ فَقُلْتُ أَدْنِنِي مِنْهُ يَا جَبْرَئِيلُ لِأُكَلِّمَهُ فَأَدْنَانِي مِنْهُ فَقُلْتُ لَهُ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ أَ كُلُّ مَنْ مَاتَ أَوْ هُوَ مَيِّتٌ فِيمَا بَعْدُ أَنْتَ تَقْبِضُ رُوحَهُ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَ تَحْضُرُهُمْ بِنَفْسِكَ قَالَ نَعَمْ مَا الدُّنْيَا كُلُّهَا عِنْدِي فِيمَا سَخَّرَهَا اللَّهُ لِي وَ مَكَّنَنِي مِنْهَا إِلَّا كَدِرْهَمٍ فِي كَفِّ الرَّجُلِ يُقَلِّبُهُ كَيْفَ يَشَاءُ وَ مَا مِنْ دَارٍ فِي الدُّنْيَا إِلَّا وَ أَدْخُلُهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ‏ «3» وَ أَقُولُ إِذَا بَكَى أَهْلُ الْبَيْتِ عَلَى مَيِّتِهِمْ لَا تَبْكُوا عَلَيْهِ فَإِنَّ لِي إِلَيْكُمْ عَوْدَةً وَ عَوْدَةً حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْكُمْ أَحَدٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ كَفَى بِالْمَوْتِ طَامَّةً «4» يَا جَبْرَئِيلُ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَطَمُ‏ «5» وَ أَعْظَمُ مِنَ الْمَوْتِ.

3- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام بِالْأَسَانِيدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ‏

______________________________

 (1) في المصدر: تولت. م.

 (2) في المطبوع «ن» و هو وهم من النسّاخ و الصحيح «فس» أي تفسير عليّ بن إبراهيم.

 (3) أي في أوقات الصلوات، على ما في حديث آخر يأتي تحت رقم 44 من الباب الآتي.

 (4) الطامة: الداهية تفوق ما سواها.

 (5) أي أعظم و أفقم.

141
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 5 ملك الموت و أحواله و أعوانه و كيفية نزعه للروح ص : 139

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‏ لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ رَأَيْتُ فِي السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ رَجُلًا قَاعِداً رِجْلٌ لَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَ رِجْلٌ‏ «1» فِي الْمَغْرِبِ وَ بِيَدِهِ لَوْحٌ يَنْظُرُ فِيهِ وَ يُحَرِّكُ رَأْسَهُ فَقُلْتُ يَا جَبْرَئِيلُ مَنْ هَذَا فَقَالَ مَلَكُ الْمَوْتِ ع‏ «2».

4- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمَلَكِ الْمَوْتِ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي وَ ارْتِفَاعِي فِي عُلُوِّي لَأُذِيقَنَّكَ طَعْمَ الْمَوْتِ كَمَا أَذَقْتَ عِبَادِي.

5- ما، الأمالي للشيخ الطوسي ابْنُ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ دَاوُدَ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ ع عَنِ النَّبِيِّ ص‏ مِثْلَهُ‏ «3».

6- يد، التوحيد الْقَطَّانُ عَنِ ابْنِ زَكَرِيَّا عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ مَطَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ السَّعْدَانِيِ‏ فِي خَبَرِ مَنْ أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع مُدَّعِياً لِلتَّنَاقُضِ فِي الْقُرْآنِ قَالَ ع أَمَّا قَوْلُهُ‏ قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ‏ «4» وَ قَوْلُهُ‏ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَ قَوْلُهُ‏ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ‏ وَ قَوْلُهُ‏ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ‏ وَ قَوْلُهُ‏ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ‏ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يُدَبِّرُ الْأُمُورَ كَيْفَ يَشَاءُ وَ يُوَكِّلُ مِنْ خَلْقِهِ مَنْ يَشَاءُ بِمَا يَشَاءُ أَمَّا مَلَكُ الْمَوْتِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُوَكِّلُهُ بِخَاصَّتِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ وَ يُوَكِّلُ رُسُلَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ خَاصَّةً بِمَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَكَّلَهُمْ بِخَاصَّةِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ إِنَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى‏ «5» يُدَبِّرُ الْأُمُورَ كَيْفَ يَشَاءُ وَ لَيْسَ كُلُّ الْعِلْمِ يَسْتَطِيعُ صَاحِبُ الْعِلْمِ أَنْ يُفَسِّرَهُ لِكُلِّ النَّاسِ لِأَنَّ مِنْهُمُ الْقَوِيَ‏

______________________________

 (1) في المصدر: و رجل له. م.

 (2) في المصدر: قال: هذا ملك الموت. م.

 (3) الا ان فيه: و ارتفاعى في علو مكانى. م.

 (4) في المصدر بعد هذه الجملة: ثم الى ربكم ترجعون. م.

 (5) ليس في المصدر قوله: إنّه تبارك و تعالى. م.

142
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 5 ملك الموت و أحواله و أعوانه و كيفية نزعه للروح ص : 139

وَ الضَّعِيفَ وَ لِأَنَّ مِنْهُ مَا يُطَاقُ حَمْلُهُ وَ مِنْهُ مَا لَا يُطَاقُ حَمْلُهُ إِلَّا مَنْ يُسَهِّلُ اللَّهُ لَهُ‏ «1» حَمْلَهُ وَ أَعَانَهُ عَلَيْهِ مِنْ خَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ وَ إِنَّمَا يَكْفِيكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ الْمُحْيِي الْمُمِيتُ وَ أَنَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ عَلَى يَدَيْ مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ مِنْ مَلَائِكَتِهِ وَ غَيْرِهِمْ.

أقول تمامه في كتاب القرآن.

7- شي، تفسير العياشي عَنْ حُمْرَانَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ‏ إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ‏ قَالَ هُوَ الَّذِي سُمِّيَ لِمَلَكِ الْمَوْتِ ع فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ.

8- جع، جامع الأخبار قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ ع لِمَلَكِ الْمَوْتِ هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِي صُورَتَكَ الَّتِي تَقْبِضُ فِيهَا رُوحَ الْفَاجِرِ قَالَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ قَالَ بَلَى قَالَ فَأَعْرِضْ عَنِّي فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ أَسْوَدَ قَائِمِ الشَّعْرِ مُنْتِنِ الرِّيحِ أَسْوَدِ الثِّيَابِ يَخْرُجُ مِنْ فِيهِ وَ مَنَاخِرِهِ لَهِيبُ النَّارِ وَ الدُّخَانُ فَغُشِيَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ لَوْ لَمْ يَلْقَ الْفَاجِرُ عِنْدَ مَوْتِهِ إِلَّا صُورَةَ وَجْهِكَ لَكَانَ حَسْبَهُ.

9- نهج، نهج البلاغة مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ ع ذَكَرَ فِيهَا مَلَكَ الْمَوْتِ‏ هَلْ تُحِسُّ بِهِ إِذَا دَخَلَ مَنْزِلًا أَمْ هَلْ تَرَاهُ إِذَا تَوَفَّى أَحَداً بَلْ كَيْفَ يَتَوَفَّى الْجَنِينَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَ يَلِجُ عَلَيْهِ مِنْ بَعْضِ جَوَارِحِهَا أَمِ الرُّوحُ أَجَابَتْهُ بِإِذْنِ رَبِّهَا أَمْ هُوَ سَاكِنٌ مَعَهُ فِي أَحْشَائِهَا كَيْفَ يَصِفُ إِلَهَهُ مَنْ يَعْجِزُ عَنْ صِفَةِ مَخْلُوقٍ مِثْلِهِ.

10- كا، الكافي عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ‏ مَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِ شَعْرٍ وَ لَا وَبَرٍ إِلَّا وَ مَلَكُ الْمَوْتِ يَتَصَفَّحُهُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ.

بيان لعل الأظهر مدر مكان وبر.

11- كا، الكافي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ لَحْظَةِ مَلَكِ‏

______________________________

 (1) في المصدر: الا ان يسهل اللّه له.

143
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 5 ملك الموت و أحواله و أعوانه و كيفية نزعه للروح ص : 139

الْمَوْتِ قَالَ أَ مَا رَأَيْتَ النَّاسَ يَكُونُونَ جُلُوساً فَتَعْتَرِيهِمُ السَّكْتَةُ «1» فَمَا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَتِلْكَ لَحْظَةُ مَلَكِ الْمَوْتِ حَيْثُ يَلْحَظُهُمْ.

: ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر ابن علوان‏ مثله.

12- كا، الكافي عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ مَلَكِ الْمَوْتِ يُقَالُ‏ «2» الْأَرْضُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالْقَصْعَةِ يَمُدُّ يَدَهُ حَيْثُ يَشَاءُ فَقَالَ نَعَمْ.

13- يه، من لا يحضره الفقيه قَالَ الصَّادِقُ ع‏ قِيلَ لِمَلَكِ الْمَوْتِ ع كَيْفَ تَقْبِضُ الْأَرْوَاحَ وَ بَعْضُهَا فِي الْمَغْرِبِ وَ بَعْضُهَا فِي الْمَشْرِقِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ أَدْعُوهَا فَتُجِيبُنِي قَالَ وَ قَالَ مَلَكُ الْمَوْتِ ع إِنَّ الدُّنْيَا بَيْنَ يَدَيَّ كَالْقَصْعَةِ بَيْنَ يَدَيْ أَحَدِكُمْ يَتَنَاوَلُ مِنْهَا مَا يَشَاءُ وَ الدُّنْيَا عِنْدِي كَالدِّرْهَمِ فِي كَفِّ أَحَدِكُمْ يُقَلِّبُهُ كَيْفَ شَاءَ.

14- ل، الخصال ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اخْتَارَ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ أَرْبَعَةً اخْتَارَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ جَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ وَ إِسْرَافِيلَ وَ مَلَكَ الْمَوْتِ ع.

15- يه، من لا يحضره الفقيه‏ سُئِلَ الصَّادِقُ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ‏ وَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ‏ وَ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ‏ وَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ وَ لَوْ تَرى‏ إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ وَ قَدْ يَمُوتُ فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ فِي جَمِيعِ الْآفَاقِ مَا لَا يُحْصِيهِ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَكَيْفَ هَذَا فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى جَعَلَ لِمَلَكِ الْمَوْتِ أَعْوَاناً مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَقْبِضُونَ الْأَرْوَاحَ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرْطَةِ لَهُ أَعْوَانٌ مِنَ الْإِنْسِ يَبْعَثُهُمْ فِي حَوَائِجِهِمْ فَتَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَ يَتَوَفَّاهُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَعَ مَا يَقْبِضُ هُوَ وَ يَتَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ مَلَكِ الْمَوْتِ.

______________________________

 (1) في المصدر: السكينة (السكتة خ ل). م.

 (2) في المصدر: فقال الأرض. و الظاهر ان النسخة مغلوطة لتكرر الجواب بناء عليه. م.

144
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 6 سكرات الموت و شدائده و ما يلحق المؤمن و الكافر عنده ص : 145

16- كا، الكافي أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَسْبَاطِ بْنِ سَالِمٍ مَوْلَى أَبَانٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع جُعِلْتُ فِدَاكَ يَعْلَمُ مَلَكُ الْمَوْتِ بِقَبْضِ مَنْ يَقْبِضُ قَالَ لَا إِنَّمَا هِيَ صِكَاكٌ‏ «1» تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ اقْبِضْ نَفْسَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ.

: ما، الأمالي للشيخ الطوسي الحسين بن إبراهيم القزويني عن محمد بن وهبان عن محمد بن أحمد بن زكريا عن الحسن بن فضال عن علي بن عقبة مثله.

17- كا، الكافي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمِيثَمِيِّ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى مَوْلَى آلِ سَامٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا قَالَ فَمَا هُوَ «2» عِنْدَكَ قُلْتُ عَدَدُ الْأَيَّامِ قَالَ إِنَّ الْآبَاءَ وَ الْأُمَّهَاتِ يُحْصُونَ ذَلِكَ لَا وَ لَكِنَّهُ عَدَدُ الْأَنْفَاسِ.

18- كا، الكافي عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ‏ إِلَى قَوْلِهِ‏ تَعْمَلُونَ‏ قَالَ تَعُدُّ «3» السِّنِينَ ثُمَّ تَعُدُّ الشُّهُورَ ثُمَّ تَعُدُّ الْأَيَّامَ ثُمَّ تَعُدُّ السَّاعَاتِ ثُمَّ يَعُدُّ النَّفَسَ فَ إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ‏

ب، قرب الإسناد ابن سعد عن الأزدي‏ مِثْلَهُ.

باب 6 سكرات الموت و شدائده و ما يلحق المؤمن و الكافر عنده‏

الآيات النساء إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ ساءَتْ مَصِيراً

______________________________

 (1) وزان بحار جمع الصك و هو الكتاب.

 (2) في المصدر: ما هو عندك؟. م.

 (3) في المصدر: بعد السنين ثمّ بعد الشهور؛ و هكذا. م.

145
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 6 سكرات الموت و شدائده و ما يلحق المؤمن و الكافر عنده ص : 145

الأنفال‏ وَ لَوْ تَرى‏ إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ‏ يونس‏ الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى‏ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ‏ الأحزاب‏ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ‏ السجدة إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ‏ محمد فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ‏ ق‏ وَ جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ «1» الواقعة فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَ أَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَ لكِنْ لا تُبْصِرُونَ فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ‏ المنافقين 10 وَ أَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى‏ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَ أَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ‏ القيامة كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ وَ قِيلَ مَنْ راقٍ وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ وَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ‏ «2» إِلى‏ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ‏

______________________________

 (1) قال الرضى رحمه اللّه: هذه استعارة، و المراد بسكرة الموت هاهنا الكرب الذي يتغشى المحتضر عند الموت فيفقد تمييزه و يفارق معه معقوله، فشبه تعالى بالسكرة من الشراب، إلّا أن تلك السكرة منعمة، و هذه السكرة مؤلمة. و قوله: «بالحق» يحتمل معنيين: إحداهما أن يكون و جاءت بالحق من أمر الآخرة حتّى عرفه الإنسان اضطرارا و رآه جهارا، و الآخر أن يكون المراد بالحق هاهنا أي بالموت الذي هو الحق. تلخيص البيان ص 228.

 (2) قال السيّد الرضيّ رضوان اللّه عليه في ص 268 من تلخيص البيان: هذه استعارة على أكثر الأقوال و المراد به- و اللّه أعلم- صفة الشدتين المجتمعين على المرء من فراق الدنيا و لقاء أسباب الآخرة، و قد ذكرنا فيما تقدم مذهب العرب في العبارة عن الامر الشديد و الخطب الفظيع بذكر.

146
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 6 سكرات الموت و شدائده و ما يلحق المؤمن و الكافر عنده ص : 145

الفجر يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى‏ رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَ ادْخُلِي جَنَّتِي‏ تفسير قال الطبرسي رحمه الله‏ تَوَفَّاهُمُ‏ أي تَقْبِضُ أَرْوَاحَهُمْ‏ الْمَلائِكَةُ ملك الموت أو ملك الموت و غيره فإن الملائكة تتوفى و ملك الموت يتوفى و الله يتوفى و ما يفعله ملك الموت أو الملائكة يجوز أن يضاف إلى الله تعالى إذا فعلوه بأمره و ما تفعله الملائكة جاز أن يضاف إلى ملك الموت إذا فعلوه بأمره‏ فِيمَ كُنْتُمْ‏ أي في أي شي‏ء كنتم من دينكم على وجه التقرير لهم و التوبيخ لفعلهم‏ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ‏ يستضعفنا أهل الشرك بالله في أرضنا و بلادنا و يمنعوننا من الإيمان بالله و اتباع رسوله‏ وَ لَوْ تَرى‏ يا محمد إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ أي يقبضون أرواحهم عند الموت‏ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ‏ يريد أستاههم و لكن الله سبحانه كنى عنها و قيل وجوههم ما أقبل منهم و أدبارهم ما أدبر منهم و المراد يضربون أجسادهم من قدامهم و من خلفهم و المراد بهم قتلى بدر و قيل معناه سيضربهم الملائكة عند الموت‏ وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ‏ أي و تقول الملائكة للكفار استخفافا بهم ذوقوا عذاب الحريق بعد هذا في الآخرة و قيل إنه كان مع الملائكة يوم بدر مقامع من حديد كلما ضربوا المشركين بها التهبت النار في جراحاتهم فذلك قوله‏ وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ‏ الَّذِينَ آمَنُوا أي صدقوا بالله و وحدانيته‏ وَ كانُوا يَتَّقُونَ‏ مع ذلك معاصيه‏ لَهُمُ الْبُشْرى‏ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ قيل فيه أقوال.

أحدها أن البشرى في الحياة الدنيا هي ما بشرهم الله تعالى به في القرآن على‏

______________________________

الكشف عن الساق و القيام على ساق، و قد يجوز أيضا أن يكون الساق هاهنا جمع ساقة كما قالوا:

حاجة و حاج، و غاية و غاى، و الساقة: هم الذين يكونون في أعقاب الناس يحفزونهم على السير، و هذا في صفة أحوال الآخرة و سوق الملائكة للناس إلى القيامة، فكأنّه تعالى وصف الملائكة السابقين بالكثرة (بالكرة خ) حتى يلتف بعضهم ببعض من شدة الحفز و عنيف السير و السوق، و ممّا يقوى ذلك قوله تعالى: «إِلى‏ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ» و الوجه الأوّل أقرب، و هذا الوجه أغرب. انتهى. أقول:

قوله: الملائكة السابقين هكذا في النسخ و لعلّ الصحيح «السائقين».

147
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 6 سكرات الموت و شدائده و ما يلحق المؤمن و الكافر عنده ص : 145

الأعمال الصالحة و نظيره قوله تعالى‏ وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ‏ و قوله‏ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ‏ و ثانيها أن البشارة في الحياة الدنيا بشارة الملائكة للمؤمنين عند موتهم‏ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ‏ و ثالثها أنها في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها المؤمن لنفسه أو ترى له و في الآخرة الجنة و هي ما تبشرهم الملائكة عند خروجهم من القبور و في القيامة إلى أن يدخلوا الجنة يبشرونهم بها حالا بعد حال و هو المروي عن أبي جعفر ع و روي ذلك في حديث مرفوع عن النبي ص.

وَ رَوَى عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: يَا عُقْبَةُ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنَ الْعِبَادِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا هَذَا الدِّينَ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَ مَا بَيْنَ أَحَدِكُمْ وَ بَيْنَ أَنْ يَرَى مَا تَقَرُّ بِهِ عَيْنُهُ إِلَّا أَنْ تَبْلُغَ نَفْسُهُ إِلَى هَذِهِ وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْوَرِيدِ الْخَبَرَ بِطُولِهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ.

و قيل إن المؤمن يفتح له باب إلى الجنة في قبره فيشاهد ما أعد له في الجنة قبل دخولها لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ‏ أي لا خلف لما وعد الله و لا خلاف.

و في قوله تعالى‏ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ‏ روي عن البراء «1» أنه قال يوم يلقون ملك الموت لا يقبض روح مؤمن إلا سلم عليه.

و في قوله‏ إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا أي استمروا على أن الله ربهم وحده لم يشركوا به شيئا أو ثم استقاموا على طاعته و أداء فرائضه‏

وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ع عَنِ الِاسْتِقَامَةِ فَقَالَ هِيَ وَ اللَّهِ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ‏ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ يَعْنِي عِنْدَ الْمَوْتِ: وَ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع.

و قيل تستقبلهم الملائكة إذا خرجوا من قبورهم في الموقف بالبشارة من الله تعالى و قيل إن البشرى تكون في ثلاثة مواطن عند الموت و في القبر و عند البعث‏ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا أي يقولون لهم لا تخافوا عقاب الله و لا تحزنوا لفوت الثواب و قيل لا تخافوا ما أمامكم من أمور الآخرة و لا تحزنوا على ما وراءكم و على ما خلفتم من أهل و ولد.

______________________________

 (1) بالباء المفتوحة و الراء المهملة، و الالف و الهمزة.

148
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 6 سكرات الموت و شدائده و ما يلحق المؤمن و الكافر عنده ص : 145

و قيل لا تخافوا و لا تحزنوا على ذنوبكم فإني أغفرها لكم و قيل إن الخوف يتناول المستقبل و الحزن يتناول الماضي أي لا تخافوا فيما يستقبل من الأوقات و لا تحزنوا على ما مضى.

وَ جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ‏ أي غمرة الموت‏ «1» و شدته التي تغشي الإنسان و تغلب على عقله‏ بِالْحَقِ‏ أي أمر الآخرة حتى عرفه صاحبه و اضطر إليه و قيل معناه‏ جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِ‏ الذي هو الموت‏ ذلِكَ‏ أَيْ ذَلِكَ الْمَوْتُ‏ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ أي تهرب و تميل.

فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ‏ أي فهلا إذا بلغت النفس الحلقوم عند الموت‏ وَ أَنْتُمْ‏ يا أهل الميت‏ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ‏ أي ترون تلك الحال و قد صار إلى أن يخرج نفسه و قيل معناه تنظرون لا يمكنكم الدفع و لا تملكون شيئا وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ‏ بالعلم و القدرة وَ لكِنْ لا تُبْصِرُونَ‏ ذلك و لا تعلمونه و قيل معناه و رسلنا الذين يقبضون روحه أقرب إليه منكم و لكن لا تبصرون رسلنا فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَها يعني فهلا ترجعون نفس من يعز عليكم إذا بلغت الحلقوم و تردونها إلى موضعها إن كنتم غير مجزيين بثواب و عقاب و غير محاسبين و قيل أي غير مملوكين و قيل أي غير مبعوثين و المراد أن الأمر لو كان كما تقولونه من أنه لا بعث و لا حساب و لا جزاء و لا إله يحاسب و يجازي فهلا رددتم الأرواح و النفوس من حلوقكم إلى أبدانكم‏ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ‏ في قولكم فإذا لم تقدروا على ذلك فاعلموا أنه من تقدير مقدر حكيم و تدبير مدبر عليم.

فَأَمَّا إِنْ كانَ‏ ذلك المحتضر مِنَ الْمُقَرَّبِينَ‏ عند الله‏ فَرَوْحٌ‏ أي فله روح و هو الراحة و الاستراحة من تكاليف الدنيا و مشاقها و قيل الروح الهواء الذي تستلذه النفس و يزيل عنها الهم‏ وَ رَيْحانٌ‏ يعني الرزق في الجنة و قيل هو الريحان المشموم من ريحان الجنة يؤتى به عند الموت فيشمه.

و قيل الروح الرحمة و الريحان كل نباهة و شرف و قيل الروح النجاة

______________________________

 (1) غمرة الشي‏ء: شدته و مزدحمه، غمرة الموت: مكارهه و شدائده.

149
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 6 سكرات الموت و شدائده و ما يلحق المؤمن و الكافر عنده ص : 145

من النار و الريحان الدخول في دار القرار و قيل روح في القبر و ريحان في الجنة و قيل روح في القبر و ريحان في القيامة. فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ‏ أي فترى فيهم ما تحب لهم من السلامة من المكاره و الخوف و قيل معناه فسلام لك أيها الإنسان الذي هو من أصحاب اليمين من عذاب الله و سلمت عليك ملائكة الله قال الفراء فسلام لك إنك من أصحاب اليمين فحذف إنك و قيل معناه فسلام لك منهم في الجنة لأنهم يكونون معك و يكون لك بمعنى عليك.

فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ‏ أي فنزلهم الذي أعد لهم من الطعام و الشراب من حميم جهنم‏ وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ‏ أي إدخال نار عظيمة كَلَّا أي ليس يؤمن الكافر بهذا و قيل معناه حقا إِذا بَلَغَتِ‏ أي النفس أو الروح‏ التَّراقِيَ‏ أي العظام المكتنفة بالحلق و كني بذلك عن الإشفاء على الموت‏ وَ قِيلَ مَنْ راقٍ‏ أي و قال من حضره هل من راق أي من طبيب شاف يرقيه و يداويه فلا يجدونه أو قالت الملائكة من يرقي بروحه أ ملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب و قال الضحاك أهل الدنيا يجهزون البدن و أهل الآخرة يجهزون الروح‏ وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ‏ أي و علم عند ذلك أنه الفراق من الدنيا و الأهل و المال و الولد و جاء في الحديث أن العبد ليعالج كرب الموت و سكراته و مفاصله يسلم بعضها على بعض تقول عليك السلام تفارقني و أفارقك إلى يوم القيامة.

وَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ‏ فيه وجوه أحدها التفت شدة أمر الآخرة بأمر الدنيا و الثاني التفت حال الموت بحال الحياة و الثالث التفت ساقاه عند الموت لأنه تذهب القوة فتصير كجلد يلتف بعضه ببعض و قيل هو أن يضطرب فلا يزال يمد إحدى رجليه و يرسل الأخرى و يلف إحداهما بالأخرى و قيل هو التفاف الساقين في الكفن و الرابع التفت ساق الدنيا بساق الآخرة و هو شدة كرب الموت بشدة هول المطلع و المعنى في الجميع أنه تتابعت عليه الشدائد فلا يخرج من شدة إلا جاء أشد منها.

إِلى‏ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ‏ أي مساق الخلائق إلى المحشر الذي لا يملك فيه الأمر

150
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 6 سكرات الموت و شدائده و ما يلحق المؤمن و الكافر عنده ص : 145

و النهي إلا الله تعالى و قيل يسوق الملك بروحه إلى حيث أمر الله به إن كان من أهل الجنة فإلى عليين و إن كان من أهل النار فإلى سجين.

يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ بالإيمان المؤمنة الموقنة بالثواب و البعث و قيل المطمئنة الآمنة بالبشارة بالجنة عند الموت و يوم البعث و قيل النفس المطمئنة التي يبيض وجهها و تعطى كتابها بيمينها فحينئذ تطمئن‏ ارْجِعِي إِلى‏ رَبِّكِ‏ أي يقال لها عند الموت و قيل عند البعث ارجعي إلى ثواب ربك و ما أعده لك من النعيم و قيل ارجعي إلى الموضع الذي يختص الله سبحانه بالأمر و النهي فيه دون خلقه و قيل إن المراد ارجعي إلى صاحبك و جسدك فيكون الخطاب للروح أن ترجع إلى الجسد راضِيَةً بثواب الله‏ مَرْضِيَّةً أعمالها التي عملتها و قيل راضية عن الله بما أعدلها مرضية رضي عنها ربها بما عملت من طاعته و قيل راضية بقضاء الله في الدنيا حتى رضي الله عنها و رضي باعتقادها و أفعالها فَادْخُلِي فِي عِبادِي‏ أي في زمرة عبادي الصالحين المصطفين الذين رضيت عنهم‏ وَ ادْخُلِي جَنَّتِي‏ التي وعدتكم بها و أعددت نعيمكم فيها «1».

1- ل، الخصال ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ النَّاسُ اثْنَانِ وَاحِدٌ أَرَاحَ وَ آخَرُ اسْتَرَاحَ فَأَمَّا الَّذِي اسْتَرَاحَ فَالْمُؤْمِنُ إِذَا مَاتَ اسْتَرَاحَ مِنَ الدُّنْيَا وَ بَلَائِهَا وَ أَمَّا الَّذِي أَرَاحَ فَالْكَافِرُ إِذَا مَاتَ أَرَاحَ الشَّجَرَ وَ الدَّوَابَّ وَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ.

2- مع، معاني الأخبار مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ مِثْلَهُ.

3- جا، المجالس للمفيد ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ الصَّدُوقِ عَنْ مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ مَعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ الْمَوْتُ كَفَّارَةٌ لِذُنُوبِ الْمُؤْمِنِينَ.

______________________________

 (1) سيأتي في تفسير الآية حديث عن الكافي في باب ما يعاين المؤمن عند الموت تحت رقم 50.

151
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 6 سكرات الموت و شدائده و ما يلحق المؤمن و الكافر عنده ص : 145

4- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَذُكِرَ عِنْدَهُ الْمُؤْمِنُ وَ مَا يَجِبُ مِنْ حَقِّهِ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ لِي يَا أَبَا الْفَضْلِ أَ لَا أُحَدِّثُكَ بِحَالِ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ اللَّهِ فَقُلْتُ بَلَى فَحَدِّثْنِي جُعِلْتُ فِدَاكَ فَقَالَ إِذَا قَبَضَ اللَّهُ رُوحَ الْمُؤْمِنِ صَعِدَ مَلَكَاهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالا يَا رَبِّ عَبْدُكَ وَ نِعْمَ الْعَبْدُ كَانَ سَرِيعاً إِلَى طَاعَتِكَ بَطِيئاً عَنْ مَعْصِيَتِكَ وَ قَدْ قَبَضْتَهُ إِلَيْكَ فَمَا تَأْمُرُنَا مِنْ بَعْدِهِ فَيَقُولُ الْجَلِيلُ الْجَبَّارُ اهْبِطَا إِلَى الدُّنْيَا وَ كُونَا عِنْدَ قَبْرِ عَبْدِي وَ مَجِّدَانِي وَ سَبِّحَانِي وَ هَلِّلَانِي وَ كَبِّرَانِي وَ اكْتُبَا ذَلِكَ لِعَبْدِي حَتَّى أَبْعَثَهُ مِنْ قَبْرِهِ.

أقول سيأتي تمامه في باب قضاء حاجة المؤمن.

5- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ عَنِ الْفَزَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُمَرَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ضَوْءٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ زَيْنُ الْعَابِدِينَ ع‏ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ أَتَرَدَّدُ عَنْهُ تَرَدُّدِي عَنْ قَبْضِ رُوحِ الْمُؤْمِنِ‏ «1» يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَ أَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ فَإِذَا حَضَرَهُ أَجَلُهُ الَّذِي لَا يُؤَخَّرُ فِيهِ‏ «2» بَعَثْتُ إِلَيْهِ بِرَيْحَانَتَيْنِ مِنَ الْجَنَّةِ تُسَمَّى إِحْدَاهُمَا الْمُسْخِيَةُ وَ الْأُخْرَى الْمُنْسِيَةُ فَأَمَّا الْمُسْخِيَةُ فَتُسْخِيهِ عَنْ مَالِهِ‏ «3» وَ أَمَّا الْمُنْسِيَةُ فَتُنْسِيهِ أَمْرَ الدُّنْيَا.

6- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام الْمُفَسِّرُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَيْنِيِّ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيِّ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ: قِيلَ لِلصَّادِقِ ع صِفْ لَنَا الْمَوْتَ قَالَ ع لِلْمُؤْمِنِ كَأَطْيَبِ رِيحٍ يَشَمُّهُ فَيَنْعُسُ‏ «4» لِطِيبِهِ وَ يَنْقَطِعُ التَّعَبُ وَ الْأَلَمُ كُلُّهُ عَنْهُ وَ لِلْكَافِرِ كَلَسْعِ الْأَفَاعِي وَ لَدْغِ الْعَقَارِبِ أَوْ أَشَدَّ قِيلَ فَإِنَّ قَوْماً يَقُولُونَ إِنَّهُ أَشَدُّ مِنْ نَشْرٍ بِالْمَنَاشِيرِ «5» وَ قَرْضٍ بِالْمَقَارِيضِ وَ رَضْخٍ بِالْأَحْجَارِ وَ تَدْوِيرِ قُطْبِ الْأَرْحِيَةِ عَلَى الْأَحْدَاقِ قَالَ كَذَلِكَ هُوَ عَلَى‏

______________________________

 (1) في المصدر: اتردد فيه مثل ترددى عند قبض روح المؤمن. م.

 (2) في المصدر: لا تأخير فيه. م.

 (3) كأنّه من سخوت نفسى عن الشي‏ء اي تركته و لم تنازعنى إليه نفسى.

 (4) أي تأخذه فترة في حواسه فقارب النوم.

 (5) جمع المنشار و هي آلة ذات أسنان ينشر بها الخشب و نحوه.

152
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 6 سكرات الموت و شدائده و ما يلحق المؤمن و الكافر عنده ص : 145

بَعْضِ الْكَافِرِينَ وَ الْفَاجِرِينَ أَ لَا تَرَوْنَ مِنْهُمْ مَنْ يُعَايِنُ تِلْكَ الشَّدَائِدَ فَذَلِكُمُ الَّذِي هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا لَا مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ فَإِنَّهُ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا قِيلَ فَمَا بَالُنَا نَرَى كَافِراً يَسْهُلُ عَلَيْهِ النَّزْعُ فَيَنْطَفِئُ وَ هُوَ يُحَدِّثُ وَ يَضْحَكُ وَ يَتَكَلَّمُ وَ فِي الْمُؤْمِنِينَ أَيْضاً مَنْ يَكُونُ كَذَلِكَ وَ فِي الْمُؤْمِنِينَ وَ الْكَافِرِينَ مَنْ يُقَاسِي عِنْدَ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ هَذِهِ الشَّدَائِدَ فَقَالَ مَا كَانَ مِنْ رَاحَةٍ لِلْمُؤْمِنِينَ هُنَاكَ فَهُوَ عَاجِلُ ثَوَابِهِ وَ مَا كَانَ مِنْ شَدِيدَةٍ فَتَمْحِيصُهُ مِنْ ذُنُوبِهِ لِيَرِدَ الْآخِرَةَ نَقِيّاً نَظِيفاً مُسْتَحِقّاً لِثَوَابِ الْأَبَدِ لَا مَانِعَ لَهُ دُونَهُ وَ مَا كَانَ مِنْ سُهُولَةٍ هُنَاكَ عَلَى الْكَافِرِ فَلِيُوَفَّى أَجْرَ حَسَنَاتِهِ فِي الدُّنْيَا لِيَرِدَ الْآخِرَةَ وَ لَيْسَ لَهُ إِلَّا مَا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْعَذَابَ وَ مَا كَانَ مِنْ شِدَّةٍ عَلَى الْكَافِرِ هُنَاكَ فَهُوَ ابْتِدَاءُ عَذَابِ اللَّهِ لَهُ بَعْدَ نَفَادِ حَسَنَاتِهِ‏ «1» ذَلِكُمْ بِأَنَّ اللَّهَ عَدْلٌ لَا يَجُورُ.

: ع، علل الشرائع مع، معاني الأخبار المفسر عن أحمد بن الحسن الحسيني عن الحسن بن علي الناصري عن أبيه عن أبي جعفر الثاني عن أبيه عن جده عن الصادق ع‏ مثله.

7- مع، معاني الأخبار الْهَمَدَانِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَ كَانَ خَيِّراً عَنْ عَمَّارٍ الْأَسَدِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لَوْ أَنَّ مُؤْمِناً أَقْسَمَ عَلَى رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ لَا يُمِيتَهُ مَا أَمَاتَهُ أَبَداً وَ لَكِنْ إِذَا حَضَرَ أَجَلُهُ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ رِيحَيْنِ رِيحاً يُقَالُ لَهُ الْمُنْسِيَةُ وَ رِيحاً يُقَالُ لَهُ الْمُسْخِيَةُ فَأَمَّا الْمُنْسِيَةُ فَإِنَّهَا تُنْسِيهِ أَهْلَهُ وَ مَالَهُ فَأَمَّا الْمُسْخِيَةُ فَإِنَّهَا تُسْخِي نَفْسَهُ عَنِ الدُّنْيَا حَتَّى يَخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى.

8- ل، الخصال الْأَرْبَعُمِائَةِ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ تَمَسَّكُوا بِمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ فَمَا بَيْنَ أَحَدِكُمْ وَ بَيْنَ أَنْ يَغْتَبِطَ وَ يَرَى مَا يُحِبُّ إِلَّا أَنْ يَحْضُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَ أَبْقى‏ وَ تَأْتِيهِ الْبِشَارَةُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَتَقَرُّ عَيْنُهُ وَ يُحِبُّ لِقَاءَ اللَّهِ.

بيان الاغتباط كون الإنسان على حال يغبطه الناس و يتمنون حاله.

9- مع، معاني الأخبار الْمُفَسِّرُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَيْنِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ النَّاصِرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْجَوَادِ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ: قِيلَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع صِفْ‏

______________________________

 (1) ليس في المصدر قوله: بعد نفاد حسناته. م.

153
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار6 (ط – بيروت)

باب 6 سكرات الموت و شدائده و ما يلحق المؤمن و الكافر عنده ص : 145

لَنَا الْمَوْتَ فَقَالَ عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتُمْ هُوَ أَحَدُ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ يَرِدُ عَلَيْهِ إِمَّا بِشَارَةٌ بِنَعِيمِ الْأَبَدِ وَ إِمَّا بِشَارَةٌ بِعَذَابِ الْأَبَدِ وَ إِمَّا تَحْزِينٌ‏ «1» وَ تَهْوِيلٌ وَ أَمْرُهُ مُبْهَمٌ لَا تَدْرِي مِنْ أَيِّ الْفِرَقِ هُوَ فَأَمَّا وَلِيُّنَا الْمُطِيعُ لِأَمْرِنَا فَهُوَ الْمُبَشَّرُ بِنَعِيمِ الْأَبَدِ وَ أَمَّا عَدُوُّنَا الْمُخَالِفُ عَلَيْنَا فَهُوَ الْمُبَشَّرُ بِعَذَابِ الْأَبَدِ وَ أَمَّا الْمُبْهَمُ أَمْرُهُ الَّذِي لَا يُدْرَى مَا حَالُهُ فَهُوَ الْمُؤْمِنُ الْمُسْرِفُ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَدْرِي مَا يَئُولُ إِلَيْهِ حَالُهُ يَأْتِيهِ الْخَبَرُ مُبْهَماً مَخُوفاً ثُمَّ لَنْ يُسَوِّيَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِأَعْدَائِنَا لَكِنْ يُخْرِجُهُ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَتِنَا فَاعْمَلُوا وَ أَطِيعُوا وَ لَا تَتَّكِلُوا «2» وَ لَا تَسْتَصْغِرُوا عُقُوبَةَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّ مِنَ الْمُسْرِفِينَ مَنْ لَا تَلْحَقُهُ شَفَاعَتُنَا إِلَّا بَعْدَ عَذَابِ ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ سَنَةٍ.

: وَ سُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع مَا الْمَوْتُ الَّذِي جَهِلُوهُ قَالَ أَعْظَمُ سُرُورٍ يَرِدُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذَا نُقِلُوا عَنْ دَارِ النَّكَدِ إِلَى نَعِيمِ الْأَبَدِ وَ أَعْظَمُ ثُبُورٍ يَرِدُ عَلَى الْكَافِرِينَ إِذَا نُقِلُوا عَنْ جَنَّتِهِمْ إِلَى نَارٍ لَا تَبِيدُ وَ لَا تَنْفَدُ.

وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع‏: لَمَّا اشْتَدَّ الْأَمْرُ بِالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع نَظَرَ إِلَيْهِ مَنْ كَانَ مَعَهُ فَإِذَا هُوَ بِخِلَافِهِمْ لِأَنَّهُمْ