×
☰ فهرست و مشخصات
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

الجزء الخامس و الأربعون

الجزء الخامس و الأربعون‏
تتمة كتاب تاريخ فاطمة و الحسن و الحسين ع‏
تتمة أبواب ما يختص بتاريخ الحسين بن علي صلوات الله عليهما
بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه‏
2- فلما كان الغداة أمر الحسين ع بفسطاطه فضرب و أمر بجفنة فيها مسك كثير فجعل فيها نورة ثم دخل ليطلي فروي أن برير بن خضير الهمداني و عبد الرحمن بن عبد ربه الأنصاري وقفا على باب الفسطاط ليطليا بعده فجعل برير يضاحك عبد الرحمن فقال له عبد الرحمن يا برير أ تضحك ما هذه ساعة باطل فقال برير لقد علم قومي أنني ما أحببت الباطل كهلا و لا شابا و إنما أفعل ذلك استبشارا بما نصير إليه فو الله ما هو إلا أن نلقى هؤلاء القوم بأسيافنا نعاجلهم ساعة ثم نعانق الحور العين «1».
رَجَعْنَا إِلَى رِوَايَةِ الْمُفِيدِ قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع إِنِّي جَالِسٌ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِي قُتِلَ أَبِي فِي صَبِيحَتِهَا وَ عِنْدِي عَمَّتِي زَيْنَبُ تُمَرِّضُنِي «2» إِذِ اعْتَزَلَ أَبِي فِي خِبَاءٍ لَهُ وَ عِنْدَهُ فُلَانٌ «3» مَوْلَى أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ وَ هُوَ يُعَالِجُ سَيْفَهُ وَ يُصْلِحُهُ‏
__________________________________________________
 (1) كتاب الملهوف ص 84.
 (2) يقال: مرضه- من باب التفعيل- اذا أحسن القيام عليه في مرضه و تكفل بمداواته، قال في اللسان: جاعت فعلت هنا للسلب و ان كانت في أكثر الامر انما تكون للاثبات.
 (3) جون. خ ل. و في المصدر: جوين.

 

1
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

وَ أَبِي يَقُولُ‏
          يَا دَهْرُ أُفٍّ لَكَ مِنْ خَلِيلٍ-             كَمْ لَكَ بِالْإِشْرَاقِ وَ الْأَصِيلِ‏
             مِنْ صَاحِبٍ وَ طَالِبٍ قَتِيلٍ-             وَ الدَّهْرُ لَا يَقْنَعُ بِالْبَدِيلِ‏
             وَ إِنَّمَا الْأَمْرُ إِلَى الْجَلِيلِ-             وَ كُلُّ حَيٍّ سَالِكٌ سَبِيلِي‏
 فَأَعَادَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً حَتَّى فَهِمْتُهَا وَ عَلِمْتُ مَا أَرَادَ فَخَنَقَتْنِيَ الْعَبْرَةُ فَرَدَدْتُهَا وَ لَزِمْتُ السُّكُوتَ وَ عَلِمْتُ أَنَّ الْبَلَاءَ قَدْ نَزَلَ وَ أَمَّا عَمَّتِي فَلَمَّا سَمِعَتْ مَا سَمِعْتُ وَ هِيَ امْرَأَةٌ وَ مِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ الرِّقَّةُ وَ الْجَزَعُ فَلَمْ تَمْلِكْ نَفْسَهَا أَنْ وَثَبَتْ تَجُرُّ ثَوْبَهَا وَ هِيَ حَاسِرَةٌ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَيْهِ وَ قَالَتْ وَا ثُكْلَاهْ لَيْتَ الْمَوْتَ أَعْدَمَنِيَ الْحَيَاةَ الْيَوْمَ مَاتَتْ أُمِّي فَاطِمَةُ وَ أَبِي عَلِيٌّ وَ أَخِيَ الْحَسَنُ يَا خَلِيفَةَ الْمَاضِي وَ ثِمَالَ الْبَاقِي فَنَظَرَ إِلَيْهَا الْحُسَيْنُ ع وَ قَالَ لَهَا يَا أُخْتَهْ لَا يَذْهَبَنَّ حِلْمَكِ الشَّيْطَانُ وَ تَرَقْرَقَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ وَ قَالَ لَوْ تُرِكَ الْقَطَا لَيْلًا لَنَامَ «1» فَقَالَتْ يَا وَيْلَتَاهْ أَ فَتُغْتَصَبُ نَفْسُكَ اغْتِصَاباً «2» فَذَلِكَ أَقْرَحُ لِقَلْبِي وَ أَشَدُّ عَلَى نَفْسِي ثُمَّ لَطَمَتْ وَجْهَهَا وَ هَوَتْ إِلَى جَيْبِهَا وَ شَقَّتْهُ وَ خَرَّتْ مَغْشِيَّةً عَلَيْهَا فَقَامَ إِلَيْهَا الْحُسَيْنُ ع فَصَبَّ عَلَى وَجْهِهَا الْمَاءَ وَ قَالَ لَهَا يَا أُخْتَاهْ اتَّقِي اللَّهَ وَ تَعَزَّيْ بِعَزَاءِ اللَّهِ وَ اعْلَمِي أَنَّ أَهْلَ الْأَرْضِ يَمُوتُونَ وَ أَهْلَ السَّمَاءِ لَا يَبْقَوْنَ وَ أَنَ‏
__________________________________________________
 (1) القطا: جمع قطاة و هي طائر في حجم الحمام صوته قطاقطا. و هذا مثل. قال الميداني: نزل عمرو بن مامة على قوم من مراد، فطرقوه ليلا فأثاروا القطا من أماكنها فرأتها امرأته طائرة، فنبهت المرأة زوجها فقال: انما هي القطا، فقالت: لو ترك القطا ليلا لنام. يضرب لمن حمل على مكروه من غير ارادته، و قيل غير ذلك. راجع مجمع الامثال ج 2 ص 174 تحت الرقم 3231.
 (2) لا أرى لذكر الاغتصاب وجها و الظاهر أنّه تصحيف و الصحيح: «أ فتحتسب نفسك احتسابا». يقال: احتسب ولدا له: إذا مات ولده كبيرا، و مثله احتسب نفسه: إذا عدها شهيدا في ذات اللّه، و قد مر في ص 138 من ج 44 كلام الحسن بن عليّ عليهما السلام «اللّهمّ إنّي احتسب نفسى عندك» فراجع.

2
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

كُلَّ شَيْ‏ءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي خَلَقَ الْخَلْقَ بِقُدْرَتِهِ وَ يَبْعَثُ الْخَلْقَ وَ يَعُودُونَ وَ هُوَ فَرْدٌ وَحْدَهُ وَ أَبِي خَيْرٌ مِنِّي وَ أُمِّي خَيْرٌ مِنِّي وَ أَخِي خَيْرٌ مِنِّي وَ لِي وَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ بِرَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ فَعَزَّاهَا بِهَذَا وَ نَحْوِهِ وَ قَالَ لَهَا يَا أُخْتَاهْ إِنِّي أَقْسَمْتُ عَلَيْكِ فَأَبِرِّي قَسَمِي- لَا تَشُقِّي عَلَيَّ جَيْباً وَ لَا تَخْمِشِي عَلَيَّ وَجْهاً وَ لَا تَدْعَيْ عَلَيَّ بِالْوَيْلِ وَ الثُّبُورِ إِذَا أَنَا هَلَكْتُ ثُمَّ جَاءَ بِهَا حَتَّى أَجْلَسَهَا عِنْدِي ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَقْرِنَ بَعْضُهُمْ بُيُوتَهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَ أَنْ يُدْخِلُوا الْأَطْنَابَ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ وَ أَنْ يَكُونُوا بَيْنَ الْبُيُوتِ فَيُقْبِلُوا الْقَوْمَ فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ وَ الْبُيُوتُ مِنْ وَرَائِهِمْ وَ عَنْ أَيْمَانِهِمْ وَ عَنْ شَمَائِلِهِمْ قَدْ حَفَّتْ بِهِمْ إِلَّا الْوَجْهَ الَّذِي يَأْتِيهِمْ مِنْهُ عَدُوُّهُمْ وَ رَجَعَ ع إِلَى مَكَانِهِ فَقَامَ لَيْلَتَهُ كُلَّهَا يُصَلِّي وَ يَسْتَغْفِرُ وَ يَدْعُو وَ يَتَضَرَّعُ وَ قَامَ أَصْحَابُهُ كَذَلِكَ يُصَلُّونَ وَ يَدْعُونَ وَ يَسْتَغْفِرُونَ «1» وَ قَالَ فِي الْمَنَاقِبِ فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ السَّحَرِ خَفَقَ الْحُسَيْنُ بِرَأْسِهِ خَفْقَةً ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَقَالَ أَ تَعْلَمُونَ مَا رَأَيْتُ فِي مَنَامِي السَّاعَةَ فَقَالُوا وَ مَا الَّذِي رَأَيْتَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ رَأَيْتُ كَأَنَّ كِلَاباً قَدْ شَدَّتْ عَلَيَّ لِتَنْهَشَنِي وَ فِيهَا كَلْبٌ أَبْقَعُ رَأَيْتُهُ أَشَدَّهَا عَلَيَّ وَ أَظُنُّ أَنَّ الَّذِي يَتَوَلَّى قَتْلِي رَجُلٌ أَبْرَصُ مِنْ بَيْنِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ ثُمَّ إِنِّي رَأَيْتُ بَعْدَ ذَلِكَ جَدِّي رَسُولَ اللَّهِ ص وَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ هُوَ يَقُولُ لِي يَا بُنَيَّ أَنْتَ شَهِيدُ آلِ مُحَمَّدٍ وَ قَدِ اسْتَبْشَرَ بِكَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَ أَهْلُ الصَّفِيحِ الْأَعْلَى فَلْيَكُنْ إِفْطَارُكَ عِنْدِي اللَّيْلَةَ عَجِّلْ وَ لَا تُؤَخِّرْ فَهَذَا مَلَكٌ قَدْ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ لِيَأْخُذَ دَمَكَ فِي قَارُورَةٍ خَضْرَاءَ فَهَذَا مَا رَأَيْتُ وَ قَدْ أَزِفَ الْأَمْرُ «2» وَ اقْتَرَبَ الرَّحِيلُ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا لَا شَكَّ فِي ذَلِكَ و قال المفيد قال الضحاك بن عبد الله: و مرت بنا خيل لابن سعد تحرسنا و إن حسينا ع ليقرأ وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى‏ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ‏
__________________________________________________
 (1) كتاب الإرشاد ص 215 و 216.
 (2) في الأصل: و قد أنف الامر، و أظنه تصحيفا.

3
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ «1» فسمعها من تلك الخيل رجل يقال له عبد الله ابن سمير و كان مضحاكا و كان شجاعا بطلا فارسا شريفا فاتكا فقال نحن و رب الطيبون ميزنا بكم فقال له برير بن الخضير يا فاسق أنت يجعلك الله من الطيبين قال له من أنت ويلك قال أنا برير بن الخضير فتسابا.
و أصبح الحسين فعبأ أصحابه بعد صلاة الغداة و كان معه اثنان و ثلاثون فارسا و أربعون راجلا و قال محمد بن أبي طالب و في رواية أخرى اثنان و ثمانون راجلا و قال السيد رُوِيَ عَنِ الْبَاقِرِ ع أَنَّهُمْ كَانُوا خَمْسَةً وَ أَرْبَعِينَ فَارِساً وَ مِائَةَ رَاجِلٍ و كذا قال ابن نما و قال المفيد فجعل زهير بن القين في ميمنة أصحابه و حبيب بن مظاهر في ميسرة أصحابه و أعطى رايته العباس أخاه و جعلوا البيوت في ظهورهم و أمر بحطب و قصب كان من وراء البيوت أن يترك في خندق كان قد حفر هناك و أن يحرق بالنار مخافة أن يأتوهم من ورائهم.
و أصبح عمر بن سعد في ذلك اليوم و هو يوم الجمعة و قيل يوم السبت فعبأ أصحابه و خرج فيمن معه من الناس نحو الحسين و كان على ميمنته عمرو بن الحجاج و على ميسرته شمر بن ذي الجوشن و على الخيل عروة بن قيس و على الرجالة شبث بن ربعي و أعطى الراية دريدا مولاه و قال محمد بن أبي طالب و كانوا نيفا على اثنين و عشرين ألفا و في رواية عن الصادق ع ثلاثين ألفا.
قَالَ الْمُفِيدُ وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا أَصْبَحَتِ الْخَيْلُ تُقْبِلُ عَلَى الْحُسَيْنِ ع رَفَعَ يَدَيْهِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي فِي كُلِّ كَرْبٍ وَ رَجَائِي فِي كُلِّ شِدَّةٍ وَ أَنْتَ لِي فِي كُلِّ أَمْرٍ نَزَلَ بِي ثِقَةٌ وَ عُدَّةٌ كَمْ مِنْ كَرْبٍ يَضْعُفُ عَنْهُ الْفُؤَادُ وَ تَقِلُّ فِيهِ الْحِيلَةُ وَ يَخْذُلُ فِيهِ الصَّدِيقُ وَ يَشْمَتُ فِيهِ الْعَدُوُّ أَنْزَلْتُهُ بِكَ وَ شَكَوْتُهُ إِلَيْكَ رَغْبَةً مِنِّي إِلَيْكَ عَمَّنْ سِوَاكَ فَفَرَّجْتَهُ وَ كَشَفْتَهُ فَأَنْتَ وَلِيُّ كُلِّ نِعْمَةٍ وَ صَاحِبُ كُلِّ حَسَنَةٍ وَ مُنْتَهَى كُلِّ رَغْبَةٍ قَالَ فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ يَجُولُونَ حَوْلَ بَيْتِ الْحُسَيْنِ فَيَرَوْنَ الْخَنْدَقَ فِي ظُهُورِهِمْ‏
__________________________________________________
 (1) آل عمران: 178 و 179.

4
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

وَ النَّارُ تَضْطَرِمُ فِي الْحَطَبِ وَ الْقَصَبِ الَّذِي كَانَ أُلْقِيَ فِيهِ فَنَادَى شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا حُسَيْنُ أَ تَعَجَّلْتَ بِالنَّارِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَقَالَ الْحُسَيْنُ ع مَنْ هَذَا كَأَنَّهُ شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ فَقَالُوا نَعَمْ فَقَالَ لَهُ يَا ابْنَ رَاعِيَةِ الْمِعْزَى أَنْتَ أَوْلى‏ بِها صِلِيًّا وَ رَامَ مُسْلِمُ بْنُ عَوْسَجَةَ أَنْ يَرْمِيَهُ بِسَهْمٍ فَمَنَعَهُ الْحُسَيْنُ ع مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ دَعْنِي حَتَّى أَرْمِيَهُ فَإِنَّ الْفَاسِقَ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَ عُظَمَاءِ الْجَبَّارِينَ وَ قَدْ أَمْكَنَ اللَّهُ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ ع لَا تَرْمِهِ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَبْدَأَهُمْ بِقِتَالٍ «1». وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ رَكِبَ أَصْحَابُ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ فَقُرِّبَ إِلَى الْحُسَيْنِ فَرَسُهُ فَاسْتَوَى عَلَيْهِ وَ تَقَدَّمَ نَحْوَ الْقَوْمِ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ بَيْنَ يَدَيْهِ بُرَيْرُ بْنُ خُضَيْرٍ فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ ع كَلِّمِ الْقَوْمَ فَتَقَدَّمَ بُرَيْرٌ فَقَالَ يَا قَوْمِ اتَّقُوا اللَّهَ فَإِنَّ ثَقَلَ مُحَمَّدٍ قَدْ أَصْبَحَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ هَؤُلَاءِ ذُرِّيَّتُهُ وَ عِتْرَتُهُ وَ بَنَاتُهُ وَ حَرَمُهُ فَهَاتُوا مَا عِنْدَكُمْ وَ مَا الَّذِي تُرِيدُونَ أَنْ تَصْنَعُوهُ بِهِمْ فَقَالُوا نُرِيدُ أَنْ نُمَكِّنَ مِنْهُمُ الْأَمِيرَ ابْنَ زِيَادٍ فَيَرَى رَأْيَهُ فِيهِمْ فَقَالَ لَهُمْ بُرَيْرٌ أَ فَلَا تَقْبَلُونَ مِنْهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي جَاءُوا مِنْهُ وَيْلَكُمْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ أَ نَسِيتُمْ كُتُبَكُمْ وَ عُهُودَكُمُ الَّتِي أَعْطَيْتُمُوهَا وَ أَشْهَدْتُمُ اللَّهَ عَلَيْهَا يَا وَيْلَكُمْ أَ دَعَوْتُمْ أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ وَ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ دُونَهُمْ حَتَّى إِذَا أَتَوْكُمْ أَسْلَمْتُمُوهُمْ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ وَ حَلَّأْتُمُوهُمْ عَنْ مَاءِ الْفُرَاتِ بِئْسَ مَا خَلَّفْتُمْ نَبِيَّكُمْ فِي ذُرِّيَّتِهِ مَا لَكُمْ لَا سَقَاكُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَبِئْسَ الْقَوْمُ أَنْتُمْ.
فَقَالَ لَهُ نَفَرٌ مِنْهُمْ يَا هَذَا مَا نَدْرِي مَا تَقُولُ فَقَالَ بُرَيْرٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي زَادَنِي فِيكُمْ بَصِيرَةً اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ فِعَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ اللَّهُمَّ أَلْقِ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ حَتَّى يَلْقَوْكَ وَ أَنْتَ عَلَيْهِمْ غَضْبَانُ فَجَعَلَ الْقَوْمُ يَرْمُونَهُ بِالسِّهَامِ فَرَجَعَ بُرَيْرٌ إِلَى وَرَائِهِ.
و تقدم الحسين ع حتى وقف بإزاء القوم فجعل ينظر إلى صفوفهم كأنهم السيل و نظر إلى ابن سعد واقفا في صناديد الكوفة فقال الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ الدُّنْيَا فَجَعَلَهَا دَارَ فَنَاءٍ وَ زَوَالٍ مُتَصَرِّفَةً بِأَهْلِهَا حَالًا بَعْدَ حَالٍ فَالْمَغْرُورُ مَنْ غَرَّتْهُ‏
__________________________________________________
 (1) إرشاد المفيد ص 217.

5
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

وَ الشَّقِيُّ مَنْ فَتَنَتْهُ فَلَا تَغُرَّنَّكُمْ هَذِهِ الدُّنْيَا فَإِنَّهَا تَقْطَعُ رَجَاءَ مَنْ رَكِنَ إِلَيْهَا وَ تُخَيِّبُ طَمَعَ مَنْ طَمِعَ فِيهَا وَ أَرَاكُمْ قَدِ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى أَمْرٍ قَدْ أَسْخَطْتُمُ اللَّهَ فِيهِ عَلَيْكُمْ وَ أَعْرَضَ بِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ عَنْكُمْ وَ أَحَلَّ بِكُمْ نَقِمَتَهُ وَ جَنَّبَكُمْ رَحْمَتَهُ فَنِعْمَ الرَّبُّ رَبُّنَا وَ بِئْسَ الْعَبِيدُ أَنْتُمْ أَقْرَرْتُمْ بِالطَّاعَةِ وَ آمَنْتُمْ بِالرَّسُولِ مُحَمَّدٍ ص ثُمَّ إِنَّكُمْ زَحَفْتُمْ إِلَى ذُرِّيَّتِهِ وَ عِتْرَتِهِ تُرِيدُونَ قَتْلَهُمْ لَقَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْكُمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاكُمْ ذِكْرَ اللَّهِ الْعَظِيمِ فَتَبّاً لَكُمْ وَ لِمَا تُرِيدُونَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ فَقَالَ عُمَرُ وَيْلَكُمْ كَلِّمُوهُ فَإِنَّهُ ابْنُ أَبِيهِ وَ اللَّهِ لَوْ وَقَفَ فِيكُمْ هَكَذَا يَوْماً جَدِيداً لَمَا انْقَطَعَ وَ لَمَا حُصِرَ فَكَلَّمُوهُ فَتَقَدَّمَ شِمْرٌ لَعَنَهُ اللَّهُ فَقَالَ يَا حُسَيْنُ مَا هَذَا الَّذِي تَقُولُ أَفْهِمْنَا حَتَّى نَفْهَمَ فَقَالَ أَقُولُ اتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ وَ لَا تَقْتُلُونِي فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَكُمْ قَتْلِي وَ لَا انْتِهَاكُ حُرْمَتِي فَإِنِّي ابْنُ بِنْتِ نَبِيِّكُمْ وَ جَدَّتِي خَدِيجَةُ زَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ وَ لَعَلَّهُ قَدْ بَلَغَكُمْ قَوْلُ نَبِيِّكُمْ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي بِرِوَايَةِ الْمُفِيدِ.
وَ قَالَ الْمُفِيدُ وَ دَعَا الْحُسَيْنُ ع بِرَاحِلَتِهِ فَرَكِبَهَا وَ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ وَ جُلُّهُمْ يَسْمَعُونَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا قَوْلِي وَ لَا تَعْجَلُوا حَتَّى أَعِظَكُمْ بِمَا يَحِقُّ لَكُمْ عَلَيَّ وَ حَتَّى أَعْذِرَ عَلَيْكُمْ فَإِنْ أَعْطَيْتُمُونِيَ النَّصَفَ كُنْتُمْ بِذَلِكَ أَسْعَدَ وَ إِنْ لَمْ تُعْطُونِيَ النَّصَفَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ فَأَجْمِعُوا رَأْيَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَ لا تُنْظِرُونِ إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَ هُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ ذَكَرَ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ وَ عَلَى مَلَائِكَتِهِ وَ عَلَى أَنْبِيَائِهِ فَلَمْ يُسْمَعْ مُتَكَلِّمٌ قَطُّ قَبْلَهُ وَ لَا بَعْدَهُ أَبْلَغُ مِنْهُ فِي مَنْطِقٍ.
ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَانْسُبُونِي فَانْظُرُوا مَنْ أَنَا ثُمَّ رَاجِعُوا أَنْفُسَكُمْ وَ عَاتِبُوهُمْ فَانْظُرُوا هَلْ يَصْلُحُ لَكُمْ قَتْلِي وَ انْتِهَاكُ حُرْمَتِي أَ لَسْتُ ابْنَ نَبِيِّكُمْ وَ ابْنَ وَصِيِّهِ وَ ابْنِ عَمِّهِ وَ أَوَّلِ مُؤْمِنٍ مُصَدِّقٍ لِرَسُولِ اللَّهِ ص بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ أَ وَ لَيْسَ حَمْزَةُ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ عَمِّي أَ وَ لَيْسَ جَعْفَرٌ الطَّيَّارُ فِي الْجَنَّةِ بِجَنَاحَيْنِ عَمِّي أَ وَ لَم‏

6
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

يَبْلُغْكُمْ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِي وَ لِأَخِي هَذَانِ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَإِنْ صَدَّقْتُمُونِي بِمَا أَقُولُ وَ هُوَ الْحَقُّ وَ اللَّهِ مَا تَعَمَّدْتُ كَذِباً مُذْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ يَمْقُتُ عَلَيْهِ أَهْلَهُ وَ إِنْ كَذَّبْتُمُونِي فَإِنَّ فِيكُمْ مَنْ إِنْ سَأَلْتُمُوهُ عَنْ ذَلِكَ أَخْبَرَكُمْ اسْأَلُوا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ وَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ وَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ وَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ وَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ «1» يُخْبِرُوكُمْ أَنَّهُمْ سَمِعُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص لِي وَ لِأَخِي أَ مَا فِي هَذَا حَاجِزٌ لَكُمْ عَنْ سَفْكِ دَمِي.
فقال له شمر بن ذي الجوشن هو يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى‏ حَرْفٍ إن كان يدري ما تقوّل فقال له حبيب بن مظاهر و الله إني لأراك تعبد الله على سبعين حرفا و أنا أشهد أنك صادق ما تدري ما يقول قد طبع الله على قلبك. ثم قال لهم الحسين ع فَإِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ هَذَا أَ فَتَشُكُّونَ أَنِّي ابْنُ بِنْتِ نَبِيِّكُمْ فَوَ اللَّهِ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ ابْنُ بِنْتِ نَبِيٍّ غَيْرِي فِيكُمْ وَ لَا فِي غَيْرِكُمْ وَيْحَكُمْ أَ تَطْلُبُونِي بِقَتِيلٍ مِنْكُمْ قَتَلْتُهُ أَوْ مَالٍ لَكُمُ اسْتَهْلَكْتُهُ أَوْ بِقِصَاصٍ مِنْ جِرَاحَةٍ فَأَخَذُوا لَا يُكَلِّمُونَهُ فَنَادَى يَا شَبَثَ بْنَ رِبْعِيٍّ يَا حَجَّارَ بْنَ أَبْجَرَ يَا قَيْسَ بْنَ الْأَشْعَثِ يَا يَزِيدَ بْنَ الْحَارِثِ أَ لَمْ تَكْتُبُوا إِلَيَّ أَنْ قَدْ أَيْنَعَتِ الثِّمَارُ وَ اخْضَرَّ الْجَنَابُ وَ إِنَّمَا تَقْدَمُ عَلَى جُنْدٍ لَكَ مُجَنَّدٍ فَقَالَ لَهُ قَيْسُ بْنُ الْأَشْعَثِ مَا نَدْرِي مَا تَقُولُ وَ لَكِنِ انْزِلْ عَلَى حُكْمِ بَنِي عَمِّكَ فَإِنَّهُمْ لَنْ يُرُوكَ إِلَّا مَا تُحِبُّ فَقَالَ لَهُمُ الْحُسَيْنُ ع لَا وَ اللَّهِ لَا أُعْطِيكُمْ بِيَدِي إِعْطَاءَ الذَّلِيلِ وَ لَا أُقِرُّ لَكُمْ إِقْرَارَ الْعَبِيدِ.
ثُمَّ نَادَى يَا عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَ رَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ وَ أَعُوذُ بِرَبِّي وَ رَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ ثم إنه أناخ راحلته و أمر عقبة بن سمعان بعقلها و أقبلوا يزحفون نحوه.
 «2»
__________________________________________________
 (1) مات جابر بن عبد اللّه سنة 74 و شهد جنازته الحجاج و الظاهر أنّه بالكوفة و أبو سعيد الخدريّ سنة 64- 74 و سهل بن سعد هو آخر من مات بالمدينة سنة احدى و تسعين و زيد بن أرقم سنة 66 بالكوفة، و أنس بن مالك آخر من مات بالبصرة سنة 71 و كان قاطنا بها.
 (2) الإرشاد ص 217 و 218.

7
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

- و في المناقب روى بإسناده عن عبد الله بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن الحسن عن أبيه عن جده عن عبد الله قال لما عبّأ عمر بن سعد أصحابه للمحاربة الحسين بن علي ع و رتّبهم مراتبهم و أقام الرايات في مواضعها و عبأ أصحاب الميمنة و الميسرة فقال لأصحاب القلب اثبتوا.
و أحاطوا بالحسين من كل جانب حتى جعلوه في مثل الحلقة فخرج ع حتى أتى الناس فاستنصتهم فأبوا أن ينصتوا حتى قال لهم وَيْلَكُمْ مَا عَلَيْكُمْ أَنْ تُنْصِتُوا إِلَيَّ فَتَسْمَعُوا قَوْلِي وَ إِنَّمَا أَدْعُوكُمْ إِلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ فَمَنْ أَطَاعَنِي كَانَ مِنَ الْمُرْشَدِينَ وَ مَنْ عَصَانِي كَانَ مِنَ الْمُهْلَكِينَ وَ كُلُّكُمْ عَاصٍ لِأَمْرِي غَيْرُ مُسْتَمِعٍ قَوْلِي فَقَدْ مُلِئَتْ بُطُونُكُمْ مِنَ الْحَرَامِ وَ طُبِعَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيْلَكُمْ أَ لَا تُنْصِتُونَ أَ لَا تَسْمَعُونَ فَتَلَاوَمَ أَصْحَابُ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ بَيْنَهُمْ وَ قَالُوا أَنْصِتُوا لَهُ.
فَقَامَ الْحُسَيْنُ ع ثُمَّ قَالَ تَبّاً لَكُمْ أَيَّتُهَا الْجَمَاعَةُ وَ تَرَحاً أَ فَحِينَ اسْتَصْرَخْتُمُونَا وَلِهِينَ مُتَحَيِّرِينَ فَأَصْرَخْتُكُمْ مُؤَدِّينَ مُسْتَعِدِّينَ سَلَلْتُمْ عَلَيْنَا سَيْفاً فِي رِقَابِنَا وَ حَشَشْتُمْ عَلَيْنَا نَارَ الْفِتَنِ خَبَأَهَا عَدُوُّكُمْ وَ عَدُوُّنَا فَأَصْبَحْتُمْ أَلْباً عَلَى أَوْلِيَائِكُمْ وَ يَداً عَلَيْهِمْ لِأَعْدَائِكُمْ بِغَيْرِ عَدْلٍ أَفْشَوْهُ فِيكُمْ وَ لَا أَمَلٍ أَصْبَحَ لَكُمْ فِيهِمْ إِلَّا الْحَرَامُ مِنَ الدُّنْيَا أَنَالُوكُمْ وَ خَسِيسُ عَيْشٍ طَمِعْتُمْ فِيهِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ كَانَ مِنَّا لَا رَأْيَ تَفَيَّلَ لَنَا فَهَلَّا لَكُمُ الْوَيْلَاتُ إِذْ كَرِهْتُمُونَا وَ تَرَكْتُمُونَا تَجَهَّزْتُمُوهَا وَ السَّيْفُ لَمْ يُشْهَرْ وَ الْجَأْشُ طَامِنٌ وَ الرَّأْيُ لَمْ يُسْتَحْصَفْ وَ لَكِنْ أَسْرَعْتُمْ عَلَيْنَا كَطَيْرَةِ الذُّبَابِ وَ تَدَاعَيْتُمْ كَتَدَاعِي الْفَرَاشِ فَقُبْحاً لَكُمْ فَإِنَّمَا أَنْتُمْ مِنْ طَوَاغِيتِ الْأُمَّةِ وَ شُذَاذِ الْأَحْزَابِ وَ نَبَذَةِ الْكِتَابِ وَ نَفَثَةِ الشَّيْطَانِ وَ عُصْبَةِ الْآثَامِ وَ مُحَرِّفِي الْكِتَابِ وَ مُطْفِئِ السُّنَنِ وَ قَتَلَةِ أَوْلَادِ الْأَنْبِيَاءِ و مُبِيرِي عِتْرَةِ الْأَوْصِيَاءِ وَ مُلْحِقِي الْعُهَّارِ بِالنَّسَبِ وَ مُؤْذِي الْمُؤْمِنِينَ و صُرَّاخِ أَئِمَّةِ الْمُسْتَهْزِئِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ وَ أَنْتُمْ- ابْنَ حَرْبٍ وَ أَشْيَاعَهُ تَعْتَمِدُونَ وَ إِيَّانَا تُخَاذِلُونَ أَجَلْ وَ اللَّهِ الْخَذْلُ فِيكُمْ مَعْرُوفٌ وَشَجَتْ عَلَيْهِ عُرُوقُكُمْ وَ تَوَارَثَتْهُ أُصُولُكُمْ وَ فُرُوعُكُمْ وَ ثَبَتَتْ عَلَيْه‏

8
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

قُلُوبُكُمْ وَ غُشِيَتْ صُدُورُكُمْ فَكُنْتُمْ أَخْبَثَ شَيْ‏ءٍ سِنْخاً لِلنَّاصِبِ وَ أُكْلَةً لِلْغَاصِبِ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى النَّاكِثِينَ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا فَأَنْتُمْ وَ اللَّهِ هُمْ.
أَلَا إِنَّ الدَّعِيَّ ابْنَ الدَّعِيَّ قَدْ رَكَزَ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ بَيْنَ القلة «1» [السَّلَّةِ] وَ الذِّلَّةِ وَ هَيْهَاتَ مَا آخُذُ الدَّنِيَّةَ أَبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَ رَسُولُهُ وَ جُدُودٌ طَابَتْ وَ حُجُورٌ طَهُرَتْ وَ أُنُوفٌ حَمِيَّةٌ وَ نُفُوسٌ أَبِيَّةٌ لَا تُؤْثِرُ مَصَارِعَ اللِّئَامِ عَلَى مَصَارِعِ الْكِرَامِ أَلَا قَدْ أَعْذَرْتُ وَ أَنْذَرْتُ أَلَا إِنِّي زَاحِفٌ بِهَذِهِ الْأُسْرَةِ عَلَى قِلَّةِ الْعَتَادِ وَ خُذَلَةِ الْأَصْحَابِ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ‏
          فَإِنْ نَهْزِمْ فَهَزَّامُونَ قِدْماً             وَ إِنْ نُهْزَمْ فَغَيْرُ مُهَزَّمِينَا
             وَ مَا إِنْ طِبُّنَا جُبْنٌ وَ لَكِنْ             مَنَايَانَا وَ دَوْلَةُ آخَرِينَا «2»
 أَلَا ثُمَّ لَا تَلْبَثُونَ بَعْدَهَا إِلَّا كَرَيْثِ مَا يُرْكَبُ الْفَرَسُ حَتَّى تَدُورَ بِكُمُ الرَّحَى عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيَّ أَبِي عَنْ جَدِّي فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَ شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ جَمِيعاً فَلا تُنْظِرُونِ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَ رَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ
__________________________________________________
 (1) القلة: قلة العدد بالقتل. و في بعض النسخ: السلة منه رحمه اللّه.
 (2) قائلها فروة بن مسيك المرادى قالها في يوم الردم لهمدان من مراد. و زاد بعدهما في الملهوف:
         اذا ما الموت رفع عن أناس             كلاكله أناخ بآخرينا
          فأفنى ذلكم سروات قومي             كما أفنى القرون الاولينا
          فلو خلد الملوك إذا خلدنا             و لو بقى الكرام إذا بقينا
          فقل للشامتين بنا أفيقوا             سيلقى الشامتون كما لقينا
 و قد تروى على غير هذا اللفظ كما نقله ابن هشام في السيرة ج 2 ص 582:
         مررن على لفات و هن خوص             ينازعن الاعنة ينتحينا
          فان نغلب فغلابون قدما             و ان نغلب فغير مغلبينا
          و ما ان طبنا جبن و لكن             منايانا و طعمة آخرينا
          كذاك الدهر دولته سجال             تكر صروفه حينا فحينا إلخ.

 

9
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ اللَّهُمَّ احْبِسْ عَنْهُمْ قَطْرَ السَّمَاءِ وَ ابْعَثْ عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ وَ سَلِّطْ عَلَيْهِمْ غُلَامَ ثَقِيفٍ يَسْقِيهِمْ كَأْساً مُصَبَّرَةً وَ لَا يَدَعُ فِيهِمْ أَحَداً إِلَّا قَتَلَهُ قَتْلَةً بِقَتْلَةٍ وَ ضَرْبَةً بِضَرْبَةٍ يَنْتَقِمُ لِي وَ لِأَوْلِيَائِي وَ أَهْلِ بَيْتِي وَ أَشْيَاعِي مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ غَرُّونَا وَ كَذَبُونَا وَ خَذَلُونَا وَ أَنْتَ رَبُّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَ إِلَيْكَ أَنَبْنا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ ثُمَّ قَالَ أَيْنَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ ادْعُوا لِي عُمَرَ فَدُعِيَ لَهُ وَ كَانَ كَارِهاً لَا يُحِبُّ أَنْ يَأْتِيَهُ فَقَالَ يَا عُمَرُ أَنْتَ تَقْتُلُنِي تَزْعُمُ أَنْ يُوَلِّيَكَ الدَّعِيُّ ابْنُ الدَّعِيِّ بِلَادَ الرَّيِّ وَ جُرْجَانَ وَ اللَّهِ لَا تَتَهَنَّأُ بِذَلِكَ أَبَداً عَهْداً مَعْهُوداً فَاصْنَعْ مَا أَنْتَ صَانِعٌ فَإِنَّكَ لَا تَفْرَحُ بَعْدِي بِدُنْيَا وَ لَا آخِرَةٍ وَ لَكَأَنِّي بِرَأْسِكَ عَلَى قَصَبَةٍ قَدْ نُصِبَ بِالْكُوفَةِ يَتَرَامَاهُ الصِّبْيَانُ وَ يَتَّخِذُونَهُ غَرَضاً بَيْنَهُم
فاغتاظ عمر من كلامه ثم صرف بوجهه عنه و نادى بأصحابه ما تنتظرون به احملوا بأجمعكم إنما هي أكلة واحدة ثم إن الحسين دعا بفرس رسول الله المرتجز فركبه و عبأ أصحابه.
أقول قد روي الخطبة في تحف العقول نحوا مما مر و رواه السيد بتغيير و اختصار «1» و ستأتي برواية الإحتجاج أيضا.
ثم قال المفيد رحمه الله فلما رأى الحر بن يزيد أن القوم قد صمموا على قتال الحسين ع قال لعمر بن سعد أي عمر أ مقاتل أنت هذا الرجل قال إي و الله قتالا شديدا أيسره أن تسقط الرءوس و تطيح الأيدي قال أ فما لكم فيما عرضه عليكم رضى قال عمر أما لو كان الأمر إلي لفعلت و لكن أميرك قد أبى فأقبل الحر حتى وقف من الناس موقفا و معه رجل من قومه يقال له قرة بن قيس فقال له يا قرة هل سقيت فرسك اليوم قال لا قال فما تريد أن تسقيه قال قرة فظننت و الله أنه يريد أن يتنحى و لا يشهد القتال فكره أن أراه حين يصنع ذلك فقلت له لم أسقه و أنا منطلق فأسقيه فاعتزل ذلك المكان الذي كان فيه فو الله لو أنه‏
__________________________________________________
 (1) تحف العقول ص 240 الملهوف ص 85- 88.

10
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

اطلعني على الذي يريد لخرجت معه إلى الحسين «1». فأخذ يدنو من الحسين قليلا قليلا فقال له مهاجر بن أوس ما تريد يا ابن يزيد أ تريد أن تحمل فلم يجبه فأخذه مثل الأفكل و هي الرعدة فقال له المهاجر إن أمرك لمريب و الله ما رأيت منك في موقف قط مثل هذا و لو قيل لي من أشجع أهل الكوفة لما عدوتك فما هذا الذي أرى منك فقال له الحر إني و الله أخير نفسي بين الجنة و النار فو الله لا أختار على الجنة شيئا و لو قطعت و أحرقت.
ثم ضرب فرسه فلحق الحسين ع فقال له جعلت فداك يا ابن رسول الله أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع و سايرتك في الطريق و جعجعت بك في هذا المكان و ما ظننت أن القوم يردون عليك ما عرضته عليهم و لا يبلغون منك هذه المنزلة و الله لو علمت أنهم ينتهون بك إلى ما ركبت مثل الذي ركبت و أنا تائب إلى الله مما صنعت فترى لي من ذلك توبة فقال له الحسين ع نعم يتوب الله عليك فانزل فقال أنا لك فارسا خير مني راجلا أقاتلهم على فرسي ساعة و إلى النزول ما يصير آخر أمري فقال له الحسين ع فاصنع يرحمك الله ما بدا لك.
فاستقدم أمام الحسين ع فقال يا أهل الكوفة لأمكم الهبل و العبر «2» أ دعوتم هذا العبد الصالح حتى إذا أتاكم أسلمتموه و زعمتم أنكم قاتلوا أنفسكم دونه ثم عدوتم عليه لتقتلوه أمسكتم بنفسه و أخذتم بكلكله و أحطتم به من كل جانب لتمنعوه التوجه إلى بلاد الله العريضة فصار كالأسير في أيديكم لا يملك لنفسه نفعا و لا يدفع عنها ضرا و حلّأتموه و نساءه و صبيته و أهله عن ماء الفرات الجاري تشربه اليهود و النصارى و المجوس و تمرغ فيه خنازير السواد و كلابهم و ها هم قد صرعهم العطش بئسما خلفتم محمدا في ذريته لا سقاكم الله يوم الظمأ.
__________________________________________________
 (1) كذب عدو اللّه، فانه قد رأى الحرّ بعد ذلك حين يقاتل ذبا عن آل رسول اللّه.
 (2) الهبل: الثكل، و العبر: الموت يقال عبر القوم: ماتوا.

11
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

فحمل عليه رجال يرمونه بالنبل فأقبل حتى وقف أمام الحسين ع و نادى عمر بن سعد يا دريد أدن رايتك فأدناها ثم وضع سهما في كبد قوسه ثم رمى و قال اشهدوا أني أول من رمى الناس «1». و قال محمد بن أبي طالب فرمى أصحابه كلهم فما بقي من أصحاب الحسين ع إلا أصابه من سهامهم قيل فلما رموهم هذه الرمية قل أصحاب الحسين ع و قتل في هذه الحملة خمسون رجلا و قال السيد فقال ع لأصحابه قُومُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ إِلَى الْمَوْتِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنَّ هَذِهِ السِّهَامَ رُسُلُ الْقَوْمِ إِلَيْكُمْ فَاقْتَتَلُوا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ حَمْلَةً وَ حَمْلَةً حَتَّى قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ الْحُسَيْنِ ع جَمَاعَةٌ قَالَ فَعِنْدَهَا ضَرَبَ الْحُسَيْنُ ع يَدَهُ عَلَى لِحْيَتِهِ وَ جَعَلَ يَقُولُ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ إِذْ جَعَلُوا لَهُ وَلَداً وَ اشْتَدَّ غَضَبُهُ عَلَى النَّصَارَى إِذْ جَعَلُوهُ ثَالِثَ ثَلَاثَةٍ وَ اشْتَدَّ غَضَبُهُ عَلَى الْمَجُوسِ إِذْ عَبَدُوا الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ دُونَهُ وَ اشْتَدَّ غَضَبُهُ عَلَى قَوْمٍ اتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمْ عَلَى قَتْلِ ابْنِ بِنْتِ نَبِيِّهِمْ أَمَا وَ اللَّهِ لَا أُجِيبُهُمْ إِلَى شَيْ‏ءٍ مَمَّا يُرِيدُونَ حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى وَ أَنَا مُخَضَّبٌ بِدَمِي.
وَ رُوِيَ عَنْ مَوْلَانَا الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي ع يَقُولُ لَمَّا الْتَقَى الْحُسَيْنُ ع وَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ قَامَتِ الْحَرْبُ أُنْزِلَ النَّصْرُ حَتَّى رَفْرَفَ عَلَى رَأْسِ الْحُسَيْنِ ع ثُمَّ خُيِّرَ بَيْنَ النَّصْرِ عَلَى أَعْدَائِهِ وَ بَيْنَ لِقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَاخْتَارَ لِقَاءَ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ الرَّاوِي ثُمَّ صَاحَ ع أَ مَا مِنْ مُغِيثٍ يُغِيثُنَا لِوَجْهِ اللَّهِ أَ مَا مِنْ ذَابٍّ يَذُبُّ عَنْ حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ «2» و قال المفيد رحمه الله و تبارزوا فبرز يسار مولى زياد بن أبي سفيان و برز إليه عبد الله بن عمير فقال له يسار من أنت فانتسب له فقال لست أعرفك حتى يخرج إلي زهير بن القين أو حبيب بن مظاهر فقال عبد الله بن عمير يا ابن الفاعلة
__________________________________________________
 (1) كتاب الإرشاد ص 219.
 (2) الملهوف ص 89 و 90.

12
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

و بك رغبة عن مبارزة أحد من الناس ثم شد عليه فضربه بسيفه حتى برد و إنه لمشغول بضربه إذ شد عليه سالم مولى عبيد الله بن زياد فصاحوا به قد رهقك العبد فلم يشعر حتى غشيه فبدره بضربة اتقاها ابن عمير بيده اليسرى فأطارت أصابع كفه ثم شد عليه فضربه حتى قتله و أقبل و قد قتلهما جميعا و هو يرتجز و يقول‏
          إن تنكروني فأنا ابن كلب             أنا امرؤ ذو مرة و عصب‏
             و لست بالخوار عند النكب‏
 و حمل عمرو بن الحجاج على ميمنة أصحاب الحسين ع فيمن كان معه من أهل الكوفة فلما دنا من الحسين ع جثوا له على الركب و أشرعوا الرماح نحوهم فلم تقدم خيلهم على الرماح فذهبت الخيل لترجع فرشقهم أصحاب الحسين ع بالنبل فصرعوا منهم رجالا و جرحوا منهم آخرين و جاء رجل من بني تميم يقال له عبد الله بن خوزة فأقدم على عسكر الحسين ع فناداه القوم إلى أين ثكلتك أمك فقال إني أقدم على رب رحيم و شفيع مطاع فقال الحسين ع لأصحابه من هذا فقيل له هذا ابن خوزة التميمي فقال اللهم جره إلى النار فاضطرب به فرسه في جدول فوقع و تعلقت رجله اليسرى في الركاب و ارتفعت اليمنى و شد عليه مسلم بن عوسجة فضرب رجله اليمنى فأطارت و عدا به فرسه فضرب برأسه كل حجر و كل شجر حتى مات و عجل الله بروحه إلى النار و نشب القتال فقتل من الجميع جماعة «1».
و قال محمد بن أبي طالب و صاحب المناقب و ابن الأثير في الكامل و رواياتهم متقاربة أن الحر أتى الحسين ع فقال يا ابن رسول الله كنت أول خارج عليك فائذن لي لأكون أول قتيل بين يديك و أول من يصافح جدك غدا و إنما قال الحر لأكون أول قتيل بين يديك و المعنى يكون أول قتيل من المبارزين و إلا فإن جماعة كانوا قد قتلوا في الحملة الأولى كما ذكر فكان أول من تقدم إلى‏
__________________________________________________
 (1) كتاب الإرشاد ص 220.

13
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

براز القوم و جعل ينشد و يقول‏
          إني أنا الحر و مأوى الضيف             أضرب في أعناقكم بالسيف‏
             عن خير من حل بأرض الخيف             أضربكم و لا أرى من حيف‏
 و روي أن الحر لما لحق بالحسين ع قال رجل من تميم يقال له يزيد بن سفيان أما و الله لو لحقته لأتبعته السنان فبينما هو يقاتل و إن فرسه لمضروب على أذنيه و حاجبيه و إن الدماء لتسيل إذ قال الحصين يا يزيد هذا الحر الذي كنت تتمناه قال نعم فخرج إليه فما لبث الحر أن قتله و قتل أربعين فارسا و راجلا فلم يزل يقاتل حتى عرقب فرسه و بقي راجلا و هو يقول‏
          إني أنا الحر و نجل الحر             أشجع من ذي لبد هزبر
             و لست بالجبان عند الكر             لكنني الوقاف عند الفر
 ثم لم يزل يقاتل حتى قتل رحمه الله فاحتمله أصحاب الحسين ع حتى وضعوه بين يدي الحسين ع و به رمق فجعل الحسين يمسح وجهه و يقول أنت الحر كما سمتك أمك و أنت الحر في الدنيا و أنت الحر في الآخرة و رثاه رجل من أصحاب الحسين ع و قيل بل رثاه علي بن الحسين ع‏
          لنعم الحر حر بني رياح             صبور عند مختلف الرماح‏
             و نعم الحر إذ نادى حسينا             فجاد بنفسه عند الصياح‏
             فيا ربي أضفه في جنان             و زوجه مع الحور الملاح‏
 و روي أن الحر كان يقول‏
          آليت لا أقتل حتى أقتلا             أضربهم بالسيف ضربا معضلا
             لا ناقل عنهم و لا معللا             لا عاجز عنهم و لا مبدلا
             أحمي الحسين الماجد المؤملا
 قال المفيد رحمه الله فاشترك في قتله أيوب بن مسرح و رجل آخر من‏

14
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

فرسان أهل الكوفة انتهى كلامه «1».
و قال ابن شهرآشوب قتل نيفا و أربعين رجلا منهم و قال ابن نما و رويت بإسنادي أنه قال للحسين ع لما وجهني عبيد الله إليك خرجت من القصر فنوديت من خلفي أبشر يا حر بخير فالتفت فلم أر أحدا فقلت و الله ما هذه بشارة و أنا أسير إلى الحسين و ما أحدث نفسي باتباعك فقال ع لقد أصبت أجرا و خيرا.
ثم قالوا و كان كل من أراد الخروج ودع الحسين ع و قال السلام عليك يا ابن رسول الله فيجيبه و عليك السلام و نحن خلفك و يقرأ ع فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى‏ نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ثم برز برير بن خضير الهمداني بعد الحر و كان من عباد الله الصالحين فبرز و هو يقول‏
          أنا برير و أبي خضير             ليث يروع الأسد عند الزئر
             يعرف فينا الخير أهل الخير             أضربكم و لا أرى من ضير
             كذاك فعل الخير من برير
 و جعل يحمل على القوم و هو يقول اقتربوا مني يا قتلة المؤمنين اقتربوا مني يا قتلة أولاد البدريين اقتربوا مني يا قتلة أولاد رسول رب العالمين و ذريته الباقين و كان برير أقرأ أهل زمانه فلم يزل يقاتل حتى قتل ثلاثين رجلا فبرز إليه رجل يقال له يزيد بن معقل فقال لبرير أشهد أنك من المضلين فقال له برير هلم فلندع الله أن يلعن الكاذب منا و أن يقتل المحق منا المبطل فتصاولا فضرب يزيد لبرير ضربة خفيفة لم يعمل شيئا و ضربه برير ضربة قدت المغفر و وصلت إلى دماغه فسقط قتيلا قال فحمل رجل من أصحاب ابن زياد فقتل بريرا رحمه الله و كان يقال لقاتله بحير بن أوس الضبي فجال في ميدان الحرب و جعل يقول‏
          سلي تخبري عني و أنت ذميمة             غداة حسين و الرماح شوارع‏
             أ لم آت أقصى ما كرهت و لم يحل             غداة الوغى و الروع ما أنا صانع‏
__________________________________________________
 (1) الإرشاد ص 222.

15
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

         معي مزني لم تخنه كعوبه             و أبيض مشحوذ الغرارين قاطع «1»
             فجردته في عصبة ليس دينهم             كديني و إني بعد ذاك لقانع‏
             و قد صبروا للطعن و الضرب حسرا «2»             و قد جالدوا لو أن ذلك نافع‏
             فأبلغ عبيد الله إذ ما لقيته             بأني مطيع للخليفة سامع‏
             قتلت بريرا ثم جلت لهمة             غداة الوغى لما دعا من يقارع‏
 قال ثم ذكر له بعد ذلك أن بريرا كان من عباد الله الصالحين و جاءه ابن عم له و قال ويحك يا بحير قتلت برير بن خضير فبأي وجه تلقى ربك غدا قال فندم الشقي و أنشأ يقول‏
          فلو شاء ربي ما شهدت قتالهم             و لا جعل النعماء عند ابن جائر
             لقد كان ذا عارا علي و سبة             يعير بها الأبناء عند المعاشر
             فيا ليت أني كنت في الرحم حيضة             و يوم حسين كنت ضمن المقابر
             فيا سوأتا ما ذا أقول لخالقي             و ما حجتي يوم الحساب القماطر «3»
 ثم برز من بعده وهب بن عبد الله بن حباب الكلبي و قد كانت معه أمه يومئذ فقالت قم يا بني فانصر ابن بنت رسول الله فقال أفعل يا أماه و لا أقصر فبرز و هو يقول‏
          إن تنكروني فأنا ابن الكلب             سوف تروني و ترون ضربي‏
             و حملتي و صولتي في الحرب             أدرك ثأري بعد ثأر صحبي‏
             و أدفع الكرب أمام الكرب             ليس جهادي في الوغى باللعب‏
__________________________________________________
 (1) قوله «مزنى» أي رمح مزنى، و كعوب الرمح: النواشر في أطراف الانابيب و عدم خيانتها: كناية عن كثرة نفوذها و عدم كلالها، و الغراران: شفرتا السيف منه رحمه اللّه.
 (2) جمع حاسر: الذي لا مغفر عليه و لا درع.
 (3) يقال: يوم قماطر بالضم: شديد، و هنا يحتمل أن يكون و صفا للحساب، أو و صفا لليوم.

16
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

ثم حمل فلم يزل يقاتل حتى قتل منهم جماعة فرجع إلى أمه و امرأته فوقف عليهما فقال يا أماه أ رضيت فقالت ما رضيت أو تقتل بين يدي الحسين ع فقالت امرأته بالله لا تفجعني في نفسك فقالت أمه يا بني لا تقبل قولها و ارجع فقاتل بين يدي ابن رسول الله فيكون غدا في القيامة شفيعا لك بين يدي الله فرجع قائلا
          إني زعيم لك أم وهب             بالطعن فيهم تارة و الضرب‏
             ضرب غلام مؤمن بالرب             حتى يذيق القوم مر الحرب‏
             إني امرؤ ذو مرة و عصب             و لست بالخوار عند النكب‏
             حسبي إلهي من عليم حسبي‏
 فلم يزل يقاتل حتى قتل تسعة عشر فارسا و اثني عشر راجلا ثم قطعت يداه فأخذت امرأته عمودا و أقبلت نحوه و هي تقول فداك أبي و أمي قاتل دون الطيبين حرم رسول الله فأقبل كي يردها إلى النساء فأخذت بجانب ثوبه و قالت لن أعود أو أموت معك فقال الحسين جزيتم من أهل بيتي خيرا ارجعي إلى النساء رحمك الله فانصرفت و جعل يقاتل حتى قتل رضوان الله عليه قال فذهبت امرأته تمسح الدم عن وجهه فبصر بها شمر فأمر غلاما له فضربها بعمود كان معه فشدخها و قتلها و هي أول امرأة قتلت في عسكر الحسين.
و رأيت حديثا أن وهب هذا كان نصرانيا فأسلم هو و أمه على يدي الحسين فقتل في المبارزة أربعة و عشرين راجلا و اثني عشر فارسا ثم أخذ أسيرا فأتي به عمر بن سعد فقال ما أشد صولتك ثم أمر فضربت عنقه و رمي برأسه إلى عسكر الحسين ع فأخذت أمه الرأس فقبلته ثم رمت بالرأس إلى عسكر ابن سعد فأصابت به رجلا فقتلته ثم شدت بعمود الفسطاط فقتلت رجلين فقال لها الحسين ارجعي يا أم وهب أنت و ابنك مع رسول الله فإن الجهاد مرفوع عن النساء فرجعت و هي تقول إلهي لا تقطع رجائي فقال لها الحسين ع لا يقطع الله رجاك يا أم وهب.

17
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

ثم برز من بعده عمرو بن خالد الأزدي و هو يقول‏
          إليك يا نفس إلى الرحمن             فأبشري بالروح و الريحان‏
             اليوم تجزين على الإحسان             قد كان منك غابر الزمان‏
             ما خط في اللوح لدى الديان             لا تجرعي فكل حي فان‏
             و الصبر أحظى لك بالأماني             يا معشر الأزد بني قحطان‏
 ثم قاتل حتى قتل رحمه الله و في المناقب ثم تقدم ابنه خالد بن عمرو و هو يرتجز و يقول‏
          صبرا على الموت بني قحطان             كي ما تكونوا في رضي الرحمن‏
             ذي المجد و العزة و البرهان             و ذي العلى و الطول و الإحسان‏
             يا أبتا قد صرت في الجنان             في قصر رب حسن البنيان «1»
 ثم تقدم فلم يزل يقاتل حتى قتل رحمة الله عليه و قال محمد بن أبي طالب ثم برز من بعده سعد بن حنظلة التميمي و هو يقول‏
          صبرا على الأسياف و الأسنة             صبرا عليها لدخول الجنة
             و حور عين ناعمات هنه             لمن يريد الفوز لا بالظنة
             يا نفس للراحة فاجهدنه             و في طلاب الخير فارغبنه «2»
 ثم حمل و قاتل قتالا شديدا ثم قتل رضوان الله عليه.
و خرج من بعده عمير بن عبد الله المذحجي و هو يرتجز و يقول‏
          قد علمت سعد و حي مذحج             أني لدى الهيجاء ليث محرج‏
             أعلو بسيفي هامة المدجج             و أترك القرن لدى التعرج‏
             فريسة الضبع الأزل الأعرج‏
__________________________________________________
 (1) في مناقب آل أبي طالب: فى قصر در حسن البنيان.
 (2) قوله: «هنه» الهاء للسكت، و كذا قوله «فاجهدنه» و «فارغبنه» منه رحمه اللّه.

18
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

و لم يزل يقاتل حتى قتله مسلم الضبابي و عبد الله البجلي.
ثم برز من بعده مسلم بن عوسجة رحمة الله و هو يرتجز
          إن تسألوا عني فإني ذو لبد             من فرع قوم من ذري بني أسد
            فمن بغانا حائد عن الرشد             و كافر بدين جبار صمد
 ثم قاتل قتالا شديدا.
و قال المفيد و صاحب المناقب بعد ذلك و كان نافع بن هلال البجلي يقاتل قتالا شديدا و يرتجز و يقول‏
          أنا ابن هلال البجلي «1»             أنا على دين علي‏
             و دينه دين النبي‏
 فبرز إليه رجل من بني قطيعة و قال المفيد هو مزاحم بن حريث فقال أنا على دين عثمان فقال له نافع أنت على دين الشيطان فحمل عليه نافع فقتله.
فصاح عمرو بن الحجاج بالناس يا حمقى أ تدرون من تقاتلون تقاتلون فرسان أهل المصر و أهل البصائر و قوما مستميتين لا يبرز منكم إليهم أحد إلا قتلوه على قتلتهم و الله لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم فقال له عمر بن سعد لعنه الله الرأي ما رأيت فأرسل في الناس من يعزم عليهم أن لا يبارزهم رجل منهم و قال لو خرجتم إليهم وحدانا لأتوا عليكم مبارزة.
و دنا عمرو بن الحجاج من أصحاب الحسين ع فقال يا أهل الكوفة الزموا طاعتكم و جماعتكم و لا ترتابوا في قتل من مرق من الدين و خالف الإمام فقال الحسين ع يَا ابْنَ الْحَجَّاجِ أَ عَلَيَّ تُحَرِّضُ النَّاسَ أَ نَحْنُ مَرَقْنَا مِنَ الدِّينِ وَ أَنْتُمْ ثَبَتُّمْ عَلَيْهِ وَ اللَّهِ لَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا الْمَارِقُ مِنَ الدِّينِ وَ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِصَلْيِ النَّارِ.
ثم حمل عمرو بن الحجاج لعنه الله في ميمنته من نحو الفرات فاضطربوا
__________________________________________________
 (1) كذا في النسخ، و لكن لا يستقيم الرجز، و الظاهر أن القائل هلال بن حجاج فقال:
         أنا هلال البجليّ‏
          أنا على دين على‏
          و دينه دين النبيّ.

19
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

ساعة فصرع مسلم بن عوسجة و انصرف عمرو و أصحابه و انقطعت الغبرة فإذا مسلم صريع و قال محمد بن أبي طالب فسقط إلى الأرض و به رمق فمشى إليه الحسين و معه حبيب بن مظاهر فقال له الحسين ع رحمك الله يا مسلم فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى‏ نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ثم دنا منه حبيب فقال يعز علي مصرعك يا مسلم أبشر بالجنة فقال له قولا ضعيفا بشرك الله بخير فقال له حبيب لو لا أعلم أني في الأثر لأحببت أن توصي إلي بكل ما أهمك فقال مسلم فإني أوصيك بهذا و أشار إلى الحسين ع فقاتل دونه حتى تموت فقال حبيب لأنعمتك عينا ثم مات رضوان الله عليه.
قال و صاحت جارية له يا سيداه يا ابن عوسجتاه فنادى أصحاب ابن سعد مستبشرين قتلنا مسلم بن عوسجة فقال شبث بن ربعي لبعض من حوله ثكلتكم أمهاتكم أما إنكم تقتلون أنفسكم بأيديكم و تذلون عزكم أ تفرحون بقتل مسلم بن عوسجة أما و الذي أسلمت له لرب موقف له في المسلمين كريم لقد رأيته يوم آذربيجان قتل ستة من المشركين قبل أن تلتام خيول المسلمين.
ثم حمل شمر بن ذي الجوشن في الميسرة فثبتوا له «1» و قاتلهم أصحاب الحسين ع قتالا شديدا و إنما هم اثنان و ثلاثون فارسا فلا يحملون على جانب من أهل الكوفة إلا كشفوهم فدعا عمر بن سعد بالحصين بن نمير في خمسمائة من الرماة فاقتبلوا «2» حتى دنوا من الحسين و أصحابه فرشقوهم بالنبل فلم يلبثوا أن عقروا خيولهم و قاتلوهم حتى انتصف النهار و اشتد القتال و لم يقدروا أن يأتوهم إلا من جانب واحد لاجتماع أبنيتهم و تقارب بعضها من بعض فأرسل عمر بن سعد الرجال ليقوضوها عن أيمانهم و شمائلهم ليحيطوا بهم و أخذ الثلاثة و الأربعة من أصحاب الحسين يتخللون فيشدون على الرجل يعرض و ينهب فيرمونه عن‏
__________________________________________________
 (1) في بعض النسخ و هكذا نسخة الإرشاد زيادة و هى: و طاعنوه و حمل على الحسين عليه السلام و أصحابه من كل جانب و قاتلهم إلخ.
 (2) في الأصل و هكذا سائر النسخ: فاقتتلوا. و هو سهو.

20
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

قريب فيصرعونه فيقتلونه. فقال ابن سعد أحرقوها بالنار فأضرموا فيها فقال الحسين ع دعوهم يحرقوها فإنهم إذا فعلوا ذلك لم يجوزوا إليكم فكان كما قال ع و قيل أتاه شبث بن ربعي و قال أفزعنا النساء ثكلتك أمك فاستحيا و أخذوا لا يقاتلونهم إلا من وجه واحد و شد أصحاب زهير بن القين فقتلوا أبا عذرة الضبابي من أصحاب شمر فلم يزل يقتل من أصحاب الحسين الواحد و الاثنان فيبين ذلك فيهم لقلتهم و يقتل من أصحاب عمر العشرة فلا يبين فيهم ذلك لكثرتهم.
فلما رأى ذلك أبو ثمامة الصيداوي قال للحسين ع يا أبا عبد الله نفسي لنفسك الفداء هؤلاء اقتربوا منك و لا و الله لا تقتل حتى أقتل دونك و أحب أن ألقى الله ربي و قد صليت هذه الصلاة فرفع الحسين رأسه إلى السماء و قال ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين نعم هذا أول وقتها ثم قال سلوهم أن يكفوا عنا حتى نصلي فقال الحصين بن نمير إنها لا تقبل فقال حبيب بن مظاهر لا تقبل الصلاة زعمت من ابن رسول الله و تقبل منك يا ختار فحمل عليه حصين بن نمير و حمل عليه حبيب فضرب وجه فرسه بالسيف فشب «1» به الفرس و وقع عنه الحصين فاحتوشته أصحابه فاستنقذوه فقال الحسين ع لزهير بن القين و سعيد بن عبد الله تقدما أمامي حتى أصلي الظهر فتقدما أمامه في نحو من نصف أصحابه حتى صلى بهم صلاة الخوف. و روي أن سعيد بن عبد الله الحنفي تقدم أمام الحسين فاستهدف لهم يرمونه بالنبل كلما أخذ الحسين ع يمينا و شمالا قام بين يديه فما زال يرمى به حتى سقط إلى الأرض و هو يقول اللهم العنهم لعن عاد و ثمود اللهم أبلغ نبيك السلام عني و أبلغه ما لقيت من ألم الجراح فإني أردت بذلك نصرة ذرية نبيك ثم مات رضوان الله عليه فوجد به ثلاثة عشر سهما سوى ما به من ضرب السيوف و طعن الرماح.
__________________________________________________
 (1) شب الفرس شبابا- بالكسر- رفع يديه و قمص و حرن.

21
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

و قال ابن نما و قيل صلى الحسين ع و أصحابه فرادى بالإيماء ثم قالوا ثم خرج عبد الرحمن بن عبد الله اليزني و هو يقول‏
          أنا ابن عبد الله من آل يزن             ديني على دين حسين و حسن‏
             أضربكم ضرب فتى من اليمن             أرجو بذاك الفوز عند المؤتمن‏
 ثم حمل فقاتل حتى قتل.
و قال السيد فخرج عمرو بن قرظة الأنصاري فاستأذن الحسين ع فأذن له فقاتل قتال المشتاقين إلى الجزاء و بالغ في خدمة سلطان السماء حتى قتل جمعا كثيرا من حزب ابن زياد و جمع بين سداد و جهاد و كان لا يأتي إلى الحسين سهم إلا اتقاه بيده و لا سيف إلا تلقاه بمهجته فلم يكن يصل إلى الحسين سوء حتى أثخن بالجراح فالتفت إلى الحسين و قال يا ابن رسول الله أ وفيت قال نعم أنت أمامي في الجنة فأقرئ رسول الله مني السلام و أعلمه أني في الأثر فقاتل حتى قتل رضوان الله عليه.
و في المناقب أنه كان يقول‏
          قد علمت كتيبة الأنصار             أن سوف أحمي حوزة الذمار
             ضرب غلام غير نكس شاري             دون حسين مهجتي و داري‏
 و قال السيد ثم تقدم جون مولى أبي ذر الغفاري و كان عبدا أسود فقال له الحسين أنت في إذن مني فإنما تبعتنا طلبا للعافية فلا تبتل بطريقنا فقال يا ابن رسول الله أنا في الرخاء ألحس قصاعكم و في الشدة أخذلكم و الله إن ريحي لمنتن و إن حسبي للئيم و لوني لأسود فتنفس علي بالجنة فتطيب ريحي و يشرف حسبي و يبيض وجهي لا و الله لا أفارقكم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم «1».
و قال محمد بن أبي طالب ثم برز للقتال و هو ينشد و يقول‏
          كيف يرى الكفار ضرب الأسود             بالسيف ضربا عن بني محمد
__________________________________________________
 (1) كتاب الملهوف ص 94- 96.

22
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

         أذب عنهم باللسان و اليد             أرجو به الجنة يوم المورد
 ثم قاتل حتى قتل فوقف عليه الحسين ع و قال اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهَهُ وَ طَيِّبْ رِيحَهُ وَ احْشُرْهُ مَعَ الْأَبْرَارِ وَ عَرِّفْ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ.
وَ رُوِيَ عَنِ الْبَاقِرِ ع عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَحْضُرُونَ الْمَعْرَكَةَ وَ يَدْفِنُونَ الْقَتْلَى فَوَجَدُوا جَوْناً بَعْدَ عَشْرَةِ أَيَّامٍ يَفُوحُ مِنْهُ رَائِحَةُ الْمِسْكِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ.
و قال صاحب المناقب كان رجزه هكذا
          كيف يرى الفجار ضرب الأسود             بالمشرفي القاطع المهند
             بالسيف صلتا عن بني محمد             أذب عنهم باللسان و اليد
             أرجو بذلك الفوز عند المورد             من الإله الأحد الموحد
             إذ لا شفيع عنده كأحمد
 و قال السيد ثم برز عمرو بن خالد الصيداوي فقال للحسين ع يا أبا عبد الله قد هممت أن ألحق بأصحابي و كرهت أن أتخلف و أراك وحيدا من أهلك قتيلا فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ تَقَدَّمْ فَإِنَّا لَاحِقُونَ بِكَ عَنْ سَاعَةٍ فتقدم فقاتل حتى قتل.
قال و جاء حنظلة بن سعد الشبامي «1» فوقف بين يدي الحسين يقيه السهام و الرماح و السيوف بوجهه و نحره و أخذ ينادي يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ وَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَ مَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ وَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ يا قوم لا تقتلوا حسينا فَيُسْحِتَكُمْ الله بِعَذابٍ وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَرى‏ «2».
و في المناقب فقال له الحسين يَا ابْنَ سَعْدٍ إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْجَبُوا الْعَذَابَ حِينَ رَدُّوا عَلَيْكَ مَا دَعَوْتَهُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ وَ نَهَضُوا إِلَيْكَ يَشْتِمُونَكَ وَ أَصْحَابَكَ فَكَيْفَ‏
__________________________________________________
 (1) في الأصل الشاميّ و هو سهو و الصحيح ما في الصلب كما في الطبريّ ج 6 ص 254 و الشبام بطن من همدان.
 (2) الملهوف ص 96 و 97.

23
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

بِهِمُ الْآنَ وَ قَدْ قَتَلُوا إِخْوَانَكَ الصَّالِحِينَ قال صدقت جعلت فداك أ فلا نروح إلى ربنا فنلحق بإخواننا فقال له رُحْ إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَ مَا فِيهَا وَ إِلَى مُلْكٍ لا يَبْلى‏ فقال السلام عليك يا ابن رسول الله صلى الله عليك و على أهل بيتك و جمع بيننا و بينك في جنته قال آمين آمين ثم استقدم فقاتل قتالا شديدا فحملوا عليه فقتلوه رضوان الله عليه.
و قال السيد فتقدم سويد بن عمرو بن أبي المطاع و كان شريفا كثير الصلاة فقاتل قتال الأسد الباسل و بالغ في الصبر على الخطب النازل حتى سقط بين القتلى و قد أثخن بالجراح فلم يزل كذلك و ليس به حراك حتى سمعهم يقولون قتل الحسين فتحامل و أخرج سكينا من خفه و جعل يقاتل حتى قتل «1».
و قال صاحب المناقب فخرج يحيى بن سليم المازني و هو يرتجز و يقول‏
          لأضربن القوم ضربا فيصلا             ضربا شديدا في العداة معجلا
             لا عاجزا فيها و لا مولولا             و لا أخاف اليوم موتا مقبلا
             لكنني كالليث أحمي أشبلا
 ثم حمل فقاتل حتى قتل رحمه الله.
ثم خرج من بعده قرة بن أبي قرة الغفاري و هو يرتجز و يقول‏
          قد علمت حقا بنو غفار             و خندف بعد بني نزار
             بأني الليث لدى الغيار             لأضربن معشر الفجار
             بكل عضب ذكر بتار             ضربا وجيعا عن بني الأخيار
             رهط النبي السادة الأبرار
 قال ثم حمل فقاتل حتى قتل رحمه الله.
و خرج من بعده مالك بن أنس المالكي و هو يرتجز و يقول‏
          قد علمت مالكها و الدودان             و الخندفيون و قيس عيلان‏
             بأن قومي آفة الأقران             لدى الوغى و سادة الفرسان‏
__________________________________________________
 (1) الملهوف ص 98.

24
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

         مباشرو الموت بطعن آن             لسنا نرى العجز عن الطعان‏
             آل علي شيعة الرحمن             آل زياد شيعة الشيطان‏
 ثم حمل فقاتل حتى قتل رحمه الله و قال ابن نما اسمه أنس بن حارث الكاهلي «1» و في المناقب ثم خرج من بعده عمرو بن مطاع الجعفي هو يقول‏
          أنا ابن جعف و أبي مطاع             و في يميني مرهف قطاع‏
             و أسمر في رأسه لماع             يرى له من ضوئه شعاع‏
             اليوم قد طاب لنا القراع             دون حسين الضرب و السطاع‏
             يرجى بذاك الفوز و الدفاع             عن حر نار حين لا انتفاع‏
 ثم حمل فقاتل حتى قتل رحمه الله و قالوا ثم خرج الحجاج بن مسروق و هو مؤذن الحسين ع و يقول‏
          أقدم حسين هاديا مهديا             اليوم تلقى جدك النبيا
             ثم أباك ذا الندا عليا             ذاك الذي نعرفه وصيا
             و الحسن الخير الرضي الوليا             و ذا الجناحين الفتى الكميا
             و أسد الله الشهيد الحيا
 ثم حمل فقاتل حتى قتل رحمه الله.
ثم خرج من بعده زهير بن القين رضي الله عنه و هو يرتجز و يقول‏
          أنا زهير و أنا ابن القين             أذودكم بالسيف عن حسين‏
             إن حسينا أحد السبطين             من عترة البر التقي الزين‏
             ذاك رسول الله غير المين             أضربكم و لا أرى من شين‏
             يا ليت نفسي قسمت قسمين‏
 و قال محمد بن أبي طالب فقاتل حتى قتل مائة و عشرين رجلا فشد عليه كثير بن‏
__________________________________________________
 (1) قد مر في ج 44 ص 320 نقلا عن أمالي الصدوق أنّه مالك بن أنس الكاهليّ و أنّه كان يقول: «قد علمت كاهلها و دودان» و ما ذكره ابن نما هو الصحيح كما عنونه في الإصابة و قال: له و لابيه صحبة.

25
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

عبد الله الشعبي و مهاجر بن أوس التميمي فقتلاه فقال الحسين ع حين صرع زهير لا يبعدك الله يا زهير و لعن قاتلك لعن الذين مسخوا قردة و خنازير.
ثم خرج سعيد بن عبد الله الحنفي و هو يرتجز
          أقدم حسين اليوم تلقى أحمدا             و شيخك الحبر عليا ذا الندا
             و حسنا كالبدر وافى الأسعدا             و عمك القوم الهمام الأرشدا
             حمزة ليث الله يدعى أسدا             و ذا الجناحين تبوأ مقعدا
             في جنة الفردوس يعلو صعدا
 و قال في المناقب و قيل بل القائل لهذه الأبيات هو سويد بن عمرو بن أبي المطاع قال فلم يزل يقاتل حتى قتل.
ثم برز حبيب بن مظاهر الأسدي و هو يقول‏
          أنا حبيب و أبي مظهر             فارس هيجاء و حرب تسعر
             و أنتم عند العديد أكثر             و نحن أعلى حجة و أظهر
             و أنتم عند الوفاء أغدر             و نحن أوفى منكم و أصبر
             حقا و أنمى منكم و أعذر «1»
 و قاتل قتالا شديدا و قال أيضا
          أقسم لو كنا لكم أعدادا             أو شطركم وليتم الأكتادا «2»
             يا شر قوم حسبا و آدا             و شرهم قد علموا أندادا
 ثم حمل عليه رجل من بني تميم فطعنه فذهب ليقوم فضربه الحصين بن نمير لعنه الله على رأسه بالسيف فوقع و نزل التميمي فاجتز رأسه فهد مقتله الحسين‏
__________________________________________________
 (1) كذا في النسخ و الصحيح ما نقله الطبريّ عن أبي مخنف بتقديم و تاخير هكذا:
         أنتم أعد عدة و أكثر             و نحن أوفى منكم و أصبر
          و نحن اعلى حجة و أظهر             حقا و اتقى منكم و اعذر.
 (2) الكتد مثل الكتف: مجتمع الكتفين من الإنسان و الآد: القوّة كالايد. منه رحمه اللّه.

26
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

ع فقال عند الله أحتسب نفسي و حماة أصحابي و قيل بل قتله رجل يقال له بديل بن صريم و أخذ رأسه فعلقه في عنق فرسه فلما دخل مكة «1» رآه ابن حبيب و هو غلام غير مراهق فوثب إليه فقتله و أخذ رأسه.
و قال محمد بن أبي طالب فقتل اثنين و ستين رجلا فقتله الحصين بن نمير و علق رأسه في عنق فرسه.
ثم برز هلال بن نافع البجلي و هو يقول‏
          أرمي بها معلمة أفواقها             و النفس لا ينفعها إشفاقها
             مسمومة تجري بها أخفاقها             ليملأن أرضها رشاقها
 فلم يزل يرميهم حتى فنيت سهامه ثم ضرب يده إلى سيفه فاستله و جعل يقول‏
          أنا الغلام اليمني البجلي             ديني على دين حسين و علي‏
             إن أقتل اليوم فهذا أملي             فذاك رأيي و ألاقي عملي‏
 فقتل ثلاثة عشر رجلا فكسروا عضديه و أخذ أسيرا فقام إليه شمر فضرب عنقه.
قال ثم خرج شاب قتل أبوه في المعركة و كانت أمه معه فقالت له أمه اخرج يا بني و قاتل بين يدي ابن رسول الله فخرج فقال الحسين هذا شاب قتل أبوه و لعل أمه تكره خروجه فقال الشاب أمي أمرتني بذلك فبرز و هو يقول‏
          أميري حسين و نعم الأمير             سرور فؤاد البشير النذير
             علي و فاطمة والداه             فهل تعلمون له من نظير
             له طلعة مثل شمس الضحى             له غرة مثل بدر منير
__________________________________________________
 (1) كذا في النسخ و لا ريب انه مصحف «الكوفة» قال الطبريّ نقلا عن أبي مخنف ان بديل بن صريم أخذ رأس حبيب و أقبل به الى ابى زياد في القصر، فبصر به ابنه القاسم بن حبيب و هو يومئذ مراهق فلزمه كلما دخل دخل معه و إذا خرج خرج معه ليجد منه غرة فيقتله فلم يجد الى ذلك سبيلا حتّى إذا كان زمان مصعب فدخل عسكره فإذا قاتل أبيه في فسطاطه فدخل عليه يوما و هو قائل نصف النهار فضربه بسيفه حتّى برد. انتهى باختصار.

27
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

و قاتل حتى قتل و جز رأسه و رمي به إلى عسكر الحسين ع فحملت أمه رأسه و قالت أحسنت يا بني يا سرور قلبي و يا قرة عيني ثم رمت برأس ابنها رجلا فقتلته و أخذت عمود خيمته و حملت عليهم و هي تقول‏
          أنا عجوز سيدي ضعيفة             خاوية بالية نحيفة
             أضربكم بضربة عنيفة             دون بني فاطمة الشريفة
 و ضربت رجلين فقتلتهما فأمر الحسين ع بصرفها و دعا لها.
و في المناقب ثم خرج جنادة بن الحارث الأنصاري و هو يقول‏
          أنا جناد و أنا ابن الحارث             لست بخوار و لا بناكث‏
             عن بيعتي حتى يرثني وارث             اليوم شلوي في الصعيد ماكث‏
 قال ثم حمل فلم يزل يقاتل حتى قتل رحمه الله.
قال ثم خرج من بعده عمرو بن جنادة و هو يقول‏
          أضق الخناق من ابن هند و ارمه             من عامه بفوارس الأنصار
             و مهاجرين مخضبين رماحهم             تحت العجاجة من دم الكفار
             خضبت على عهد النبي محمد             فاليوم تخضب من دم الفجار
             و اليوم تخضب من دماء أراذل             رفضوا القرآن لنصرة الأشرار
             طلبوا بثأرهم ببدر إذ أتوا             بالمرهفات و بالقنا الخطار
             و الله ربي لا أزال مضاربا             في الفاسقين بمرهف بتار
             هذا على الأزدي حق واجب             في كل يوم تعانق و كرار
 قال ثم خرج عبد الرحمن بن عروة فقال‏
          قد علمت حقا بنو غفار             و خندف بعد بني نزار
             لنضر بن معشر الفجار             بكل عضب ذكر بتار
             يا قوم ذودوا عن بني الأخيار             بالمشرفي و القنا الخطار
 ثم قاتل حتى قتل رحمه الله.
و قال محمد بن أبي طالب و جاء عابس بن أبي شبيب الشاكري معه شوذب مولى‏

28
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

شاكر و قال يا شوذب ما في نفسك أن تصنع قال ما أصنع أقاتل حتى أقتل قال ذاك الظن بك فتقدم بين يدي أبي عبد الله حتى يحتسبك كما احتسب غيرك فإن هذا يوم ينبغي لنا أن نطلب فيه الأجر بكل ما نقدر عليه فإنه لا عمل بعد اليوم و إنما هو الحساب. فتقدم فسلم على الحسين ع و قال يا أبا عبد الله أما و الله ما أمسى على وجه الأرض قريب و لا بعيد أعز علي و لا أحب إلي منك و لو قدرت على أن أدفع عنك الضيم أو القتل بشي‏ء أعز علي من نفسي و دمي لفعلت السلام عليك يا أبا عبد الله أشهد أني على هداك و هدى أبيك ثم مضى بالسيف نحوهم.
قال ربيع بن تميم فلما رأيته مقبلا عرفته و قد كنت شاهدته في المغازي و كان أشجع الناس فقلت أيها الناس هذا أسد الأسود هذا ابن أبي شبيب لا يخرجن إليه أحد منكم فأخذ ينادي أ لا رجل أ لا رجل.
فقال عمر بن سعد ارضخوه بالحجارة من كل جانب فلما رأى ذلك ألقى درعه و مغفره ثم شد على الناس فو الله لقد رأيت يطرد أكثر من مائتين من الناس ثم إنهم تعطفوا عليه من كل جانب فقتل فرأيت رأسه في أيدي رجال ذوي عدة هذا يقول أنا قتلته و الآخر يقول كذلك فقال عمر بن سعد لا تختصموا هذا لم يقتله إنسان واحد حتى فرق بينهم بهذا القول.
ثم جاءه عبد الله و عبد الرحمن الغفاريان فقالا يا أبا عبد الله السلام عليك إنه جئنا لنقتل بين يديك و ندفع عنك فقال مَرْحَباً بِكُمَا ادْنُوَا مِنِّي فَدَنَوَا مِنْهُ وَ هُمَا يَبْكِيَانِ فَقَالَ يَا ابْنَيْ أَخِي مَا يُبْكِيكُمَا فَوَ اللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَا بَعْدَ سَاعَةٍ قَرِيرَيِ الْعَيْنِ فَقَالا جَعَلَنَا اللَّهُ فِدَاكَ وَ اللَّهِ مَا عَلَى أَنْفُسِنَا نَبْكِي وَ لَكِنْ نَبْكِي عَلَيْكَ نَرَاكَ قَدْ أُحِيطَ بِكَ وَ لَا نَقْدِرُ عَلَى أَنْ نَنْفَعَكَ فَقَالَ جَزَاكُمَا اللَّهُ يَا ابْنَيْ أَخِي بِوُجْدِكُمَا مِنْ ذَلِكَ وَ مُوَاسَاتِكُمَا إِيَّايَ بِأَنْفُسِكُمَا أَحْسَنَ جَزَاءِ الْمُتَّقِينَ ثُمَّ اسْتَقْدَمَا وَ قَالا السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ وَ عَلَيْكُمَا السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فقاتلا حتى قتلا.
                        ب

29
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

قال ثم خرج غلام تركي كان للحسين ع و كان قارئا للقرآن فجعل يقاتل و يرتجز و يقول‏
          البحر من طعني و ضربي يصطلي             و الجو من سهمي و نبلي يمتلي‏
             إذا حسامي في يميني ينجلي             ينشق قلب الحاسد المبجل‏
 فقتل جماعة ثم سقط صريعا فجاءه الحسين ع فبكى و وضع خده على خده ففتح عينه فرأى الحسين ع فتبسم ثم صار إلى ربه رضي الله عنه.
قال ثم رماهم يزيد بن زياد بن الشعثاء بثمانية أسهم ما أخطأ منها بخمسة أسهم و كان كلما رمى قال الحسين ع اللَّهُمَّ سَدِّدْ رَمْيَتَهُ وَ اجْعَلْ ثَوَابَهُ الْجَنَّةَ فحملوا عليه فقتلوه.
و قال ابن نما حدث مهران مولى بني كاهل قال شهدت كربلاء مع الحسين ع فرأيت رجلا يقاتل قتالا شديدا شديدا لا يحمل على قوم إلا كشفهم ثم يرجع إلى الحسين ع و يرتجز و يقول‏
          أبشر هديت الرشد تلقى أحمدا             في جنة الفردوس تعلو صعدا
 فقلت من هذا فقالوا أبو عمرو النهشلي و قيل الخثعمي فاعترضه عامر بن نهشل أحد بني اللات من ثعلبة فقتله و اجتز رأسه و كان أبو عمرو هذا متهجدا كثير الصلاة.
و خرج يزيد بن مهاجر فقتل خمسة من أصحاب عمر بالنشاب و صار مع الحسين ع و هو يقول‏
          أنا يزيد و أبي المهاجر             كأنني ليث بغيل خادر «1»
__________________________________________________
 (1) ضبطه ابن شهرآشوب في المناقب ج 4 ص 103 «يزيد بن مهاصر» و الصدوق فيما مر عن الأمالي ج 44 ص 320 «زياد بن مهاصر».
و قال الطبريّ: هو يزيد بن زياد كان مع ابن سعد، فلما ردوا الشروط على الحسين صار معه ثمّ ذكر رميته و أنّه قال بعد ما قام: لقد تبين لي انى قتلت منهم خمسة.
و الغيل: الاجمة موضع الأسد، و الخادر: الكامن.

30
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

         يا رب إني للحسين ناصر             و لابن سعد تارك و هاجر
 و كان يكنى أبا الشعشاء من بني بهدلة من كندة.
قال و جاء رجل فقال أين الحسين فقال ها أنا ذا قال أبشر بالنار تردها الساعة قال بَلْ أَبْشِرْ بِرَبٍّ رَحِيمٍ وَ شَفِيعٍ مُطَاعٍ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ قَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ عَبْدُكَ كَاذِباً فَخُذْهُ إِلَى النَّارِ وَ اجْعَلْهُ الْيَوْمَ آيَةً لِأَصْحَابِهِ فما هو إلا أن ثنى عنان فرسه فرمى به و ثبتت رجله في الركاب فضربه حتى قطعه و وقعت مذاكيره في الأرض فو الله لقد عجبت من سرعة دعائه.
ثم جاء آخر فقال أين الحسين فقال ها أنا ذا قال أبشر بالنار قال أَبْشِرْ بِرَبٍّ رَحِيمٍ وَ شَفِيعٍ مُطَاعٍ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ قَالَ الْحُسَيْنُ ع اللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص رَأَيْتُ كَأَنَّ كَلْباً أَبْقَعَ يَلَغُ فِي دِمَاءِ أَهْلِ بَيْتِي وَ قَالَ الْحُسَيْنُ رَأَيْتُ كَأَنَّ كِلَاباً تَنْهَشُنِي وَ كَأَنَّ فِيهَا كَلْباً أَبْقَعَ كَانَ أَشَدَّهُمْ عَلَيَّ وَ هُوَ أَنْتَ وَ كَانَ أَبْرَصَ.
وَ نَقَلْتُ مِنَ التِّرْمِذِيِّ قِيلَ لِلصَّادِقِ ع كَمْ تَتَأَخَّرُ الرُّؤْيَا فَذَكَرَ مَنَامَ رَسُولِ اللَّهِ ص فَكَانَ التَّأْوِيلُ بَعْدَ سِتِّينَ سَنَةً.
و تقدم سيف بن أبي الحارث بن سريع و مالك بن عبد الله بن سريع الجابريان بطن من همدان يقال لهم بنو جابر أمام الحسين ع ثم التقيا فقالا عليك السلام يا ابن رسول الله فقال عليكما السلام ثم قاتلا حتى قتلا.
ثم قال محمد بن أبي طالب و غيره و كان يأتي الحسين ع الرجل بعد الرجل فيقول السلام عليك يا ابن رسول الله فيجيبه الحسين و يقول و عليك السلام و نحن خلفك ثم يقرأ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى‏ نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ حتى قتلوا عن آخرهم رضوان الله عليهم و لم يبق مع الحسين إلا أهل بيته.
و هكذا يكون المؤمن يؤثر دينه على دنياه و موته على حياته في سبيل الله و ينصر الحق و إن قتل قال سبحانه وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ «1».
__________________________________________________
 (1) آل عمران: 169.

31
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

و لما وقف رسول الله ص على شهداء أحد و فيهم حمزة رضوان الله عليه و قال أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ زَمِّلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ فَإِنَّهُمْ يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ أَوْدَاجُهُمْ تَشْخُبُ دَماً فَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَ الرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ.
و لما قتل أصحاب الحسين و لم يبق إلا أهل بيته و هم ولد علي و ولد جعفر و ولد عقيل و ولد الحسن و ولده ع اجتمعوا يودع بعضهم بعضا و عزموا على الحرب فأول من برز من أهل بيته عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب و هو يرتجز و يقول‏
          اليوم ألقى مسلما و هو أبي             و فتية بادوا على دين النبي‏
             ليسوا بقوم عرفوا بالكذب             لكن خيار و كرام النسب‏
             من هاشم السادات أهل الحسب‏
 و قال محمد بن أبي طالب فقاتل حتى قتل ثمانية و تسعين رجلا في ثلاث حملات ثم قتله عمرو بن صبيح الصيداوي و أسد بن مالك.
و قال أبو الفرج عبد الله بن مسلم أمه رقية بنت علي بن أبي طالب ع قتله عمرو بن صبيح فيما ذكرناه عن المدائني و عن حميد بن مسلم و ذكر أن السهم أصابه و هو واضع يده على جبينه فأثبته في راحته و جبهته و محمد بن مسلم بن عقيل أمه أم ولد قتله فيما رويناه عن أبي جعفر محمد بن علي ع أبو جرهم الأزدي و لقيط بن إياس الجهني «1».
و قال محمد بن أبي طالب و غيره ثم خرج من بعده جعفر بن عقيل و هو يرتجز و يقول‏
          أنا الغلام الأبطحي الطالبي             من معشر في هاشم و غالب‏
             و نحن حقا سادة الذوائب             هذا حسين أطيب الأطايب‏
             من عترة البر التقي العاقب
__________________________________________________
 (1) مقاتل الطالبيين ص 66 و 67.

32
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

فقتل خمسة عشر فارسا و قال ابن شهرآشوب و قيل قتل رجلين ثم قتله بشر بن سوط الهمداني «1» و قال أبو الفرج أمه أم الثغر بنت عامر العامري قتله عروة بن عبد الله الخثعمي فيما رويناه عن أبي جعفر الباقر ع و عن حميد بن مسلم.
و قالوا ثم خرج من بعده أخوه عبد الرحمن بن عقيل و هو يقول‏
          أبي عقيل فاعرفوا مكاني             من هاشم و هاشم إخواني‏
             كهول صدق سادة الأقران             هذا حسين شامخ البنيان‏
             و سيد الشيب مع الشبان‏
 فقتل سبعة عشر فارسا ثم قتله عثمان بن خالد الجهني.
و قال أبو الفرج و عبد الله بن عقيل بن أبي طالب أمه أم ولد و قتله عثمان بن خالد بن أشيم الجهني و بشر بن حوط القابضي فيما ذكر سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم و عبد الله الأكبر بن عقيل أمه أم ولد قتله فيما ذكر المدائني عثمان بن خالد الجهني و رجل من همدان و لم يذكر عبد الرحمن أصلا.
ثم قال و محمد بن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب الأحول و أمه أم ولد قتله لقيط بن ياسر الجهني رماه بسهم- فيما رويناه عن المدائني عن أبي مخنف عن سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم و ذكر محمد بن علي بن حمزة أنه قتل معه جعفر بن محمد بن عقيل و وصف أنه قد سمع أيضا من يذكر أنه قد قتل يوم الحرة.
و قال أبو الفرج ما رأيت في كتب الأنساب لمحمد بن عقيل ابنا يسمى جعفرا و ذكر أيضا محمد بن علي بن حمزة عن عقيل بن عبد الله بن عقيل بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب أن علي بن عقيل و أمه أم ولد قتل يومئذ «2».
__________________________________________________
 (1) راجع المناقب ج 4 ص 105، و فيه فقتل رجلين، و في قول خمسة عشر فارسا قتله بشر بن سوط الهمدانيّ، و سيجي‏ء أن الرجل بشر بن حوط القابضى، و قابض بن زيد:
بطن من همدان.
 (2) مقاتل الطالبيين ص 65- 67.

33
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

ثم قالوا و خرج من بعده محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب و هو يقول‏
          نشكو إلى الله من العدوان             قتال قوم في الردى عميان‏
             قد تركوا معالم القرآن             و محكم التنزيل و التبيان‏
             و أظهروا الكفر مع الطغيان‏
 ثم قاتل حتى قتل عشرة أنفس ثم قتله عامر بن نهشل التميمي.
ثم خرج من بعده عون بن عبد الله بن جعفر و هو يقول‏
          إن تنكروني فأنا ابن جعفر             شهيد صدق في الجنان أزهر
             يطير فيها بجناح أخضر             كفى بهذا شرفا في المحشر
 ثم قاتل حتى قتل من القوم ثلاثة فوارس و ثمانية عشر راجلا ثم قتله عبد الله بن بطة الطائي.
قال أبو الفرج بعد ذكر قتل محمد و عون و إن عونا قتله عبد الله بن قطنة التيهاني «1» و عبيد الله بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ذكر يحيى بن الحسن فيما أخبرني به أحمد بن سعيد عنه أنه قتل مع الحسين ع بالطف.
ثم قال أبو الفرج و محمد بن أبي طالب و غيرهما ثم خرج من بعده عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب ع و في أكثر الروايات أنه القاسم بن الحسن ع و هو غلام صغير لم يبلغ الحلم فلما نظر الحسين إليه قد برز اعتنقه و جعلا يبكيان حتى غشي عليهما ثم استأذن الحسين ع في المبارزة فأبى الحسين أن يأذن له فلم يزل الغلام يقبل يديه و رجليه حتى أذن له فخرج و دموعه تسيل على خديه و هو يقول‏
          إن تنكروني فأنا ابن الحسن «2»             سبط النبي المصطفى و المؤتمن‏
             هذا حسين كالأسير المرتهن             بين أناس لا سقوا صوب المزن‏
__________________________________________________
 (1) و هكذا في المناقب لابن شهرآشوب ج 4 ص 106 عبد اللّه بن قطنة الطائى و قد يقال عبد اللّه بن قطبة البتهانى، و أظنه التينانى بطن من بجيلة من القحطانية أو هو النبهانى: أبو حى.
 (2) في المناقب: ان تنكرونى فأنا فرع الحسن و هو أوفق بالوزن.

34
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

و كان وجهه كفلقة القمر فقاتل قتالا شديدا حتى قتل على صغره خمسة و ثلاثين رجلا قال حميد كنت في عسكر ابن سعد فكنت أنظر إلى هذا الغلام عليه قميص و إزار و نعلان قد انقطع شسع أحدهما ما أنسى أنه كان اليسرى فقال عمرو بن سعد الأزدي و الله لأشدن عليه فقلت سبحان الله و ما تريد بذلك و الله لو ضربني ما بسطت إليه يدي يكفيه هؤلاء الذين تراهم قد احتوشوه قال و الله لأفعلن فشد عليه فما ولى حتى ضرب رأسه بالسيف و وقع الغلام لوجهه و نادى يا عماه.
قال فجاء الحسين كالصقر المنقض فتخلل الصفوف و شد شدة الليث الحرب فضرب عمرا قاتله بالسيف فاتقاه بيده فأطنها من المرفق فصاح ثم تنحى عنه و حملت خيل أهل الكوفة ليستنقذوا عمرا من الحسين فاستقبلته بصدورها و جرحته بحوافرها و وطئته حتى مات الغلام «1» فانجلت الغبرة فإذا بالحسين قائم على رأس الغلام و هو يفحص برجله فقال الحسين يَعَزُّ وَ اللَّهِ عَلَى عَمِّكَ أَنْ تَدْعُوَهُ فَلَا يُجِيبَكَ أَوْ يُجِيبَكَ فَلَا يُعِينَكَ أَوْ يُعِينَكَ فَلَا يُغْنِي عَنْكَ بُعْداً لِقَوْمٍ قَتَلُوكَ.
__________________________________________________
 (1) قد اقتحم هاهنا لفظ [الغلام‏] و هو سهو ظاهر، يخالف نسخة المقاتل و الإرشاد و مناقب ابن شهرآشوب، و يخالف لفظ الكتاب أيضا، حيث يقول بعده «و هو يفحص برجله» فانما يفحص برجله: اي يجود بنفسه، الذي لم يمت بعد، خصوصا مع مخاطبة الحسين عليه السلام له بقوله: «يعزّ و اللّه على عمك» الخ. فالمائت تحت حوافر الخيل و سنابكها عدو اللّه عمرو بن سعد بن نفيل الأزديّ لا رحمه اللّه، و لكن عبارة المصنّف رحمه اللّه يفيد أنه هو القاسم بن الحسن.
أما نسخة المقاتل ففيه: فضرب عمرا بالسيف فاتقاه بساعده فأطنها من لدن المرفق ثمّ تنحى عنه و حملت خيل عمر بن سعد لتستنقذه من الحسين فلما حملت الخيل استقبلته بصدورها و جالت فتوطأته فلم يرم حتّى مات لعنه اللّه و أخزاه، فلما تجلت الغبرة إذا بالحسين على رأس الغلام و هو يفحص برجله و حسين يقول الخبر. و قد يظهر أن لفظ [الغلام‏] كان في نسخة المصنّف مصحفا عن كلمة [لعنه اللّه‏] التي تكتب هكذا «لعل».
راجع مقاتل الطالبيين ص 62، الإرشاد ص 223 و 224، مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج 4 ص 106 و 107.

35
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

ثم احتمله فكأني أنظر إلى رجلي الغلام يخطان في الأرض و قد وضع صدره على صدره فقلت في نفسي ما يصنع فجاء حتى ألقاه بين القتلى من أهل بيته.
ثم قال اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَداً وَ اقْتُلْهُمْ بَدَداً وَ لَا تُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً وَ لَا تَغْفِرْ لَهُمْ أَبَداً صَبْراً يَا بَنِي عُمُومَتِي صَبْراً يَا أَهْلَ بَيْتِي لَا رَأَيْتُمْ هَوَاناً بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ أَبَداً ثم خرج عبد الله بن الحسن الذي ذكرناه أولا و هو الأصح أنه برز بعد القاسم و هو يقول‏
          إن تنكروني فأنا ابن حيدرة             ضرغام آجام و ليث قسورة
             على الأعادي مثل ريح صرصرة
 فقتل أربعة عشر رجلا ثم قتله هانئ بن ثبيت الحضرمي فاسود وجهه قَالَ أَبُو الْفَرَجِ كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ ع يَذْكُرُ أَنَّ حَرْمَلَةَ بْنَ كَاهِلٍ الْأَسَدِيَّ قَتَلَهُ و روي عن هانئ بن ثبيت القابضي أن رجلا منهم قتله.
ثم قال و أبو بكر بن الحسن بن علي بن أبي طالب و أمه أم ولد- ذكر المدائني في إسنادنا عنه عن أبي مخنف عن سليمان بن أبي راشد أن عبد الله بن عقبة الغنوي قتله- و في حديث عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر ع أن عقبة الغنوي قتله «1».
قالوا ثم تقدمت إخوة الحسين عازمين على أن يموتوا دونه فأول من خرج منهم أبو بكر بن علي و اسمه عبيد الله و أمه ليلى بنت مسعود بن خالد بن ربعي التميمية فتقدم و هو يرتجز
          شيخي علي ذو الفخار الأطول             من هاشم الصدق الكريم المفضل‏
             هذا حسين بن النبي المرسل             عنه نحامي بالحسام المصقل‏
             تفديه نفسي من أخ مبجل‏
 فلم يزل يقاتل حتى قتله زحر بن بدر النخعي و قيل عبيد الله بن عقبة الغنوي قال‏
__________________________________________________
 (1) المصدر ص 61.

36
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

أبو الفرج لا يعرف اسمه و ذكر أبو جعفر الباقر ع في الإسناد الذي تقدم أن رجلا من همدان قتله و ذكر المدائني أنه وجد في ساقية مقتولا لا يدرى من قتله.
قالوا ثم برز من بعده أخوه عمر بن علي و هو يقول‏
          أضربكم و لا أرى فيكم زحر             ذاك الشقي بالنبي قد كفر
             يا زحر يا زحر تدان من عمر             لعلك اليوم تبوأ من سقر
             شر مكان في حريق و سعر             لأنك الجاحد يا شر البشر
 ثم حمل على زحر قاتل أخيه فقتله و استقبل القوم و جعل يضرب بسيفه ضربا منكرا و هو يقول‏
          خلوا عداه الله خلوا عن عمر             خلوا عن الليث العبوس المكفهر
             يضربكم بسيفه و لا يفر             و ليس فيها كالجبان المنجحر
 فلم يزل يقاتل حتى قتل.
ثم برز من بعده أخوه عثمان بن علي و أمه أم البنين بنت حزام بن خالد من بني كلاب و هو يقول‏
          إني أنا عثمان ذو المفاخر             شيخي علي ذو الفعال الظاهر
             و ابن عم للنبي الطاهر             أخي حسين خيرة الأخاير
             و سيد الكبار و الأصاغر             بعد الرسول و الوصي الناصر
 فرماه خولي بن يزيد الأصبحي على جبينه فسقط عن فرسه و جز رأسه رجل من بني أبان بن حازم- قال أبو الفرج قال يحيى بن الحسن عن علي بن إبراهيم عن عبيد الله بن الحسن و عبد الله بن العباس قالا قتل عثمان بن علي و هو ابن إحدى و عشرين سنة و قال الضحاك بإسناده إن خولي بن يزيد رمى عثمان بن علي بسهم فأسقطه «1» و شد عليه رجل من بني أبان دارم و أخذ رأسه وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ع‏
__________________________________________________
 (1) في المصدر: فأوهطه، و هو الأصحّ: يقال أوهطه: أضعفه و أوهنه و أثخنه ضربا و قيل: صرعه صرعة لا يقوم منها.

37
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا سَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَخِي عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ «1» أقول و لم يذكر أبو الفرج عمر بن علي في المقتولين يومئذ.
قالوا ثم برز من بعده أخوه جعفر بن علي و أمه أم البنين أيضا و هو يقول‏
          إني أنا جعفر ذو المعالي             ابن علي الخير ذو النوال‏
             حسبي بعمي شرفا و خالي             أحمي حسينا ذي الندى المفضال‏
 ثم قاتل فرماه خولي الأصبحي فأصاب شقيقته أو عينه.
ثم برز أخوه عبد الله بن علي و هو يقول‏
          أنا ابن ذي النجدة و الإفضال             ذاك علي الخير ذو الفعال‏
             سيف رسول الله ذو النكال             في كل قوم ظاهر الأهوال‏
 فقتله هانئ بن ثبيت الحضرمي.
- قال أبو الفرج حدثني أحمد بن سعيد عن يحيى بن الحسن عن علي بن إبراهيم عن عبيد الله بن الحسن و عبد الله بن العباس قالا قتل عبد الله بن علي بن أبي طالب ع و هو ابن خمس و عشرين سنة و لا عقب له و قتل جعفر بن علي و هو ابن تسع عشرة سنة- حدثني أحمد بن عيسى عن حسين بن نصر عن أبيه عن عمر بن سعد عن أبي مخنف عن عبد الله بن عاصم عن ضحاك المشرقي «2» قال قال العباس بن علي لأخيه من أبيه و أمه عبد الله بن علي تقدم بين يدي حتى أراك و أحتسبك فإنه لا ولد لك فتقدم بين يديه و شد عليه هانئ بن ثبيت الحضرمي فقتله و بهذا الإسناد أن العباس بن علي قدم أخاه جعفرا بين يديه «3» فشد عليه هانئ بن ثبيت الذي قتل أخاه فقتله- وَ قَالَ نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ‏
__________________________________________________
 (1) مقاتل الطالبيين ص 58.
 (2) قال الفيروزآبادي: و الضحّاك المشرقى تابعي أو صوابه كسر الميم و فتح الراء نسبة الى مشرق بطن من همدان، أقول: و مثله في المشتبه للذهبى ص 485.
 (3) زاد في المصدر: و هو لانه لم يكن له ولد ليحوز ولد العباس بن على ميراثه.

38
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ع أَنَّ خَوْلِيَّ بْنَ يَزِيدَ الْأَصْبَحِيَّ قَتَلَ جَعْفَرَ بْنَ عَلِيٍّ ع.
ثم قال و محمد الأصغر بن علي بن أبي طالب و أمه أم ولد- حدثني أحمد بن عيسى عن حسين بن نصر عن أبيه عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر ع و- حدثني أحمد بن أبي شيبة عن أحمد بن الحارث عن المدائني أن رجلا من تميم من بني أبان بن دارم قتله رضوان الله عليه.
قال و قد ذكر محمد بن علي بن حمزة أنه قتل يومئذ إبراهيم بن علي بن أبي طالب ع و أمه أم ولد و ما سمعت بهذا عن غيره و لا رأيت لإبراهيم في شي‏ء من كتب الأنساب ذكرا- و ذكر يحيى بن الحسن أن أبا بكر بن عبيد الله الطلحي حدثه عن أبيه أن عبيد الله بن علي قتل مع الحسين و هذا خطأ و إنما قتل عبيد الله يوم المذار قتله أصحاب المختار و قد رأيته بالمذار «1».
و قال كان العباس بن علي يكنى أبا الفضل و أمه أم البنين أيضا و هو أكبر ولدها و هو آخر من قتل من إخوته لأبيه و أمه فحاز مواريثهم «2» ثم تقدم فقتل فورثهم و إياه عبيد الله و نازعه في ذلك عمه عمر بن علي فصولح على شي‏ء أرضي به.
و كان العباس رجلا وسيما جميلا يركب الفرس المطهم و رجلاه يخطان في الأرض و كان يقال له قمر بني هاشم و كان لواء الحسين ع معه- حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَسَنِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنِ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع قَالَ: عَبَّأَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ أَصْحَابَهُ فَأَعْطَى رَايَتَهُ‏
__________________________________________________
 (1) المذار- كسحاب- بلد بين واسط و البصرة، و بها كانت يوم لمصعب بن الزبير على أحمر بن شميط البجليّ، راجع أيّام العرب في الإسلام للميدانى بذيل مجمع الامثال ج 2 ص 447.
 (2) في المصدر: لانه كان له عقب، و لم يكن لهم؛ فقدمهم بين يديه فقتلوا جميعا فحاز مواريثهم.

39
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

أَخَاهُ الْعَبَّاسَ- حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى عَنْ حُسَيْنِ بْنِ نَصْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّ زَيْدَ بْنَ رُقَادٍ وَ حَكِيمَ بْنَ الطُّفَيْلِ الطَّائِيَّ قَتَلَا الْعَبَّاسَ بْنَ عَلِيٍّ ع وَ كَانَتْ أُمُّ الْبَنِينِ أُمَّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْإِخْوَةِ الْقَتْلَى تَخْرُجُ إِلَى الْبَقِيعِ فَتَنْدُبُ بَنِيهَا أَشْجَى نُدْبَةٍ وَ أَحْرَقَهَا فَيَجْتَمِعُ النَّاسُ إِلَيْهَا يَسْمَعُونَ مِنْهَا فَكَانَ مَرْوَانُ يَجِي‏ءُ فِيمَنْ يَجِي‏ءُ لِذَلِكَ فَلَا يَزَالُ يَسْمَعُ نُدْبَتَهَا وَ يَبْكِي- ذَكَرَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى الْجُهَنِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع «1»
قالوا و كان العباس السقاء قمر بني هاشم صاحب لواء الحسين ع و هو أكبر الإخوان مضى يطلب الماء فحملوا عليه و حمل عليهم و جعل يقول‏
          لا أرهب الموت إذا الموت رقا «2»             حتى أواري في المصاليت لقى‏
             نفسي لنفس المصطفى الطهر وقا             إني أنا العباس أغدو بالسقا
             و لا أخاف الشر يوم الملتقى‏
 ففرقهم فكمن له زيد بن ورقاء «3» من وراء نخلة و عاونه حكيم بن الطفيل السنبسي فضربه على يمينه فأخذ السيف بشماله و حمل و هو يرتجز
          و الله إن قطعتم يميني             إني أحامي أبدا عن ديني‏
             و عن إمام صادق اليقين             نجل النبي الطاهر الأمين‏
 فقاتل حتى ضعف فكمن له الحكم بن الطفيل الطائي من وراء نخلة فضربه على شماله فقال‏
          يا نفس لا تخشي من الكفار             و أبشري برحمة الجبار
__________________________________________________
 (1) مقاتل الطالبيين ص 59.         
 (2) في بعض النسخ «زقا» أي صاح، كانت العرب تزعم ان روح القتيل الذي لا يدرك بثأره تصير هامة فتزقو عند قبره تقول: اسقونى اسقونى، فإذا أدرك بثأره طارت.        
 (3) هكذا في نسخة الإرشاد ص 225 و مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 108، و قد مر عن المقاتل أنّه زيد بن رقاد فتحرر.

40
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

         مع النبي السيد المختار             قد قطعوا ببغيهم يساري‏
             فأصلهم يا رب حر النار
 فضربه ملعون بعمود من حديد فقتله فلما رآه الحسين ع صريعا على شاطئ الفرات بكى و أنشأ يقول‏
          تعديتم يا شر قوم ببغيكم             و خالفتم دين النبي محمد
             أ ما كان خير الرسل أوصاكم بنا             أ ما نحن من نجل النبي المسدد
             أ ما كانت الزهراء أمي دونكم             أ ما كان من خير البرية أحمد
             لعنتم و أخزيتم بما قد جنيتم             فسوف تلاقوا حر نار توقد
 أقول و في بعض تأليفات أصحابنا أن العباس لما رأى وحدته ع أتى أخاه و قال يا أخي هل من رخصة فبكى الحسين ع بكاء شديدا ثم قال يا أَخِي أَنْتَ صَاحِبُ لِوَائِي وَ إِذَا مَضَيْتَ تَفَرَّقَ عَسْكَرِي «1» فَقَالَ الْعَبَّاسُ قَدْ ضَاقَ صَدْرِي وَ سَئِمْتُ مِنَ الْحَيَاةِ وَ أُرِيدُ أَنْ أَطْلُبَ ثَأْرِي مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ.
فَقَالَ الْحُسَيْنُ ع فَاطْلُبْ لِهَؤُلَاءِ الْأَطْفَالِ قَلِيلًا مِنَ الْمَاءِ فذهب العباس و وعظهم و حذرهم فلم ينفعهم فرجع إلى أخيه فأخبره فسمع الأطفال ينادون العطش العطش فركب فرسه و أخذ رمحه و القربة و قصد نحو الفرات فأحاط به أربعة آلاف ممن كانوا موكلين بالفرات و رموه بالنبال فكشفهم و قتل منهم على ما روي ثمانين رجلا حتى دخل الماء.
فلما أراد أن يشرب غرفة من الماء ذكر عطش الحسين و أهل بيته فرمى الماء و ملأ القربة «2» و حملها على كتفه الأيمن و توجه نحو الخيمة فقطعوا عليه‏
__________________________________________________
 (1) هذه رواية مرسلة عن كتاب مجهول، يخالف كل المقاتل. فان أصحاب الحسين عليه السلام كلهم قد تفانوا دون أهل بيته، و كان العباس عليه السلام آخر المستشهدين مع أخيه الحسين فلم يكن هناك عسكر! حتى يقول الحسين: إذا مضيت تفرق عسكرى.
 (2) و قال على ما روى:
         يا نفس من بعد الحسين هونى             و بعده لا كنت ان تكونى‏
          هذا الحسين وارد المنون             و تشربين بارد المعين‏
          تاللّه ما هذا فعال دينى.

41
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

الطريق و أحاطوا به من كل جانب فحاربهم حتى ضربه نوفل الأزرق على يده اليمنى فقطعها فحمل القربة على كتفه الأيسر فضربه نوفل فقطع يده اليسرى من الزند فحمل القربة بأسنانه فجاءه سهم فأصاب القربة و أريق ماؤها ثم جاءه سهم آخر فأصاب صدره فانقلب عن فرسه و صاح إلى أخيه الحسين أدركني فلما أتاه رآه صريعا فبكى و حمله إلى الخيمة.
ثم قالوا و لما قتل العباس قال الحسين ع الْآنَ انْكَسَرَ ظَهْرِي وَ قَلَّتْ حِيلَتِي.
قال ابن شهرآشوب ثم برز القاسم بن الحسين «1» و هو يرتجز و يقول‏
          إن تنكروني فأنا ابن حيدرة             ضرغام آجام و ليث قسورة
             على الأعادي مثل ريح صرصرة             أكيلكم بالسيف كيل السندرة «2»
 و ذكر هذا بعد أن ذكر القاسم بن الحسن سابقا و فيه غرابة «3».
قالوا ثم تقدم علي بن الحسين ع و قال محمد بن أبي طالب و أبو الفرج و أمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي و هو يومئذ ابن ثماني عشرة سنة و قال ابن شهرآشوب و يقال ابن خمس و عشرين سنة «4».
قالوا و رفع الحسين سبابته نحو السماء «5» و قال اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَى هَؤُلَاءِ
__________________________________________________
 (1) القاسم بن الحسن خ ل.
 (2) قد مر في ما سبق أن هذا الرجز لعبد اللّه بن الحسن.
 (3) و الظاهر أنّه أراد القاسم بن الحسن عليه السلام و انما كرره لاختلاف الرواية في ترتيب الشهداء، و هكذا في رجزه، قال في ج 4 ص 106: ثم برز أخوه- يعنى عبد اللّه بن الحسن- القاسم و عليه ثوب و ازار و نعلان فقط و كأنّه فلقة قمر، و أنشأ يقول:
         انى أنا القاسم من نسل على             نحن و بيت اللّه أولى بالنبى‏
          من شمر ذى الجوشن أو ابن الدعى.
 (4) مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 109، مقاتل الطالبيين ص 55 و 56.
 (5) شيبته خ ل.

42
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

الْقَوْمِ فَقَدْ بَرَزَ إِلَيْهِمْ غُلَامٌ أَشْبَهُ النَّاسِ خَلْقاً وَ خُلُقاً وَ مَنْطِقاً بِرَسُولِكَ كُنَّا إِذَا اشْتَقْنَا إِلَى نَبِيِّكَ نَظَرْنَا إِلَى وَجْهِهِ اللَّهُمَّ امْنَعْهُمْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ وَ فَرِّقْهُمْ تَفْرِيقاً وَ مَزِّقْهُمْ تَمْزِيقاً وَ اجْعَلْهُمْ طَرَائِقَ قِدَداً وَ لَا تُرْضِ الْوُلَاةَ عَنْهُمْ أَبَداً فَإِنَّهُمْ دَعَوْنَا لِيَنْصُرُونَا ثُمَّ عَدَوْا عَلَيْنَا يُقَاتِلُونَنَا.
ثُمَّ صَاحَ الْحُسَيْنُ بِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ مَا لَكَ قَطَعَ اللَّهُ رَحِمَكَ وَ لَا بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَمْرِكَ وَ سَلَّطَ عَلَيْكَ مَنْ يَذْبَحُكَ بَعْدِي عَلَى فِرَاشِكَ كَمَا قَطَعْتَ رَحِمِي وَ لَمْ تَحْفَظْ قَرَابَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص ثُمَّ رَفَعَ الْحُسَيْنُ ع صَوْتَهُ وَ تَلَا إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى‏ آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ- ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ثم حمل علي بن الحسين على القوم و هو يقول‏
          أنا علي بن الحسين بن علي             من عصبة جد أبيهم النبي‏
             و الله لا يحكم فينا ابن الدعي             أطعنكم بالرمح حتى ينثني‏
             أضربكم بالسيف أحمي عن أبي             ضرب غلام هاشمي علوي‏
 فلم يزل يقاتل حتى ضج الناس من كثرة من قتل منهم و روي أنه قتل على عطشه مائة و عشرين رجلا ثم رجع إلى أبيه و قد أصابته جراحات كثيرة فقال يا أبه العطش قد قتلني و ثقل الحديد أجهدني فهل إلى شربة من ماء سبيل أتقوى بها على الأعداء فبكى الحسين ع و قال يا بني يعز على محمد و على علي بن أبي طالب و علي أن تدعوهم فلا يجيبوك و تستغيث بهم فلا يغيثوك يا بني هات لسانك فأخذ بلسانه فمصه و دفع إليه خاتمه و قال امسكه في فيك و ارجع إلى قتال عدوك فإني أرجو أنك لا تمسي حتى يسقيك جدك بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها أبدا فرجع إلى القتال و هو يقول‏
          الحرب قد بانت لها الحقائق             و ظهرت من بعدها مصادق‏
             و الله رب العرش لا نفارق             جموعكم أو تغمد البوارق‏

43
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

فلم يزل قتل تمام المائتين ثم ضربه منقذ بن مرة العبدي «1» على مفرق رأسه ضربة صرعته و ضربه الناس بأسيافهم ثم اعتنق فرسه فاحتمله الفرس إلى عسكر الأعداء فقطعوه بسيوفهم إربا إربا.
فلما بلغت الروح التراقي قال رافعا صوته يا أبتاه هذا جدي رسول الله صلى الله عليه و آله قد سقاني بكأسه الأوفى شربة لا أظمأ بعدها أبدا و هو يقول العجل العجل فإن لك كأسا مذخورة حتى تشربها الساعة فصاح الحسين ع و قال قَتَلَ اللَّهُ قَوْماً قَتَلُوكَ مَا أَجْرَأَهُمْ عَلَى الرَّحْمَنِ وَ عَلَى رَسُولِهِ وَ عَلَى انْتِهَاكِ حُرْمَةِ الرَّسُولِ عَلَى الدُّنْيَا بَعْدَكَ الْعَفَا.
قال حميد بن مسلم فكأني أنظر إلى امرأة خرجت مسرعة كأنها الشمس الطالعة تنادي بالويل و الثبور و تقول يا حبيباه يا ثمرة فؤاداه يا نور عيناه فسألت عنها فقيل هي زينب بنت علي ع و جاءت و انكبت عليه فجاء الحسين فأخذ بيدها فردها إلى الفسطاط و أقبل ع بفتيانه و قال احملوا أخاكم فحملوه من مصرعه فجاءوا به حتى وضعوه عند الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه.
و قال المفيد و ابن نما بعد ذلك ثم رمى رجل من أصحاب عمر بن سعد يقال له عمرو بن صبيح عبد الله بن مسلم بن عقيل بسهم فوضع عبد الله يده على جبهته يتقيه فأصاب السهم كفه و نفذ إلى جبهته فسمّرها به فلم يستطع تحريكها ثم انحنى عليه آخر برمحه فطعنه في قلبه فقتله.
و حمل عبد الله بن قطبة الطائي على عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فقتله و حمل عامر بن نهشل التميمي على محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فقتله و شد عثمان بن خالد الهمداني على عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب فقتله «2».
__________________________________________________
 (1) كذا في الأصل و نقل عن مقتل العوالم ص 95 أيضا و لكن المشهور كما في الطبريّ ج 6 ص 625 مرة بن منقذ بن النعمان العبدى ثمّ الليثى و هكذا ابن الأثير ج 4 ص 30، الاخبار الطوال ص 254، مقاتل الطالبيين ص 84 و غير ذلك.
 (2) الإرشاد ص 223.

44
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

- وَ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ فِي الْمَقَاتِلِ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَسَنِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ ع أَنَّ أَوَّلَ قَتِيلٍ قُتِلَ مِنْ وُلْدِ أَبِي طَالِبٍ مَعَ الْحُسَيْنِ ابْنُهُ عَلِيٌّ- وَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَسَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: لَمَّا بَرَزَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنَ إِلَيْهِمْ أَرْخَى الْحُسَيْنُ ع عَيْنَيْهِ فَبَكَى ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ فَكُنْ أَنْتَ الشَّهِيدَ عَلَيْهِمْ فَقَدْ بَرَزَ إِلَيْهِمْ غُلَامٌ أَشْبَهُ الْخَلْقِ بِرَسُولِ اللَّهِ ص فَجَعَلَ يَشُدُّ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى أَبِيهِ فَيَقُولُ يَا أَبَهْ الْعَطَشَ فَيَقُولُ لَهُ الْحُسَيْنُ اصْبِرْ حَبِيبِي فَإِنَّكَ لَا تُمْسِي حَتَّى يَسْقِيَكَ رَسُولُ اللَّهِ بِكَأْسِهِ وَ جَعَلَ يَكُرُّ كَرَّةً بَعْدَ كَرَّةٍ حَتَّى رُمِيَ بِسَهْمٍ فَوَقَعَ فِي حَلْقِهِ فَخَرَقَهُ وَ أَقْبَلَ يَتَقَلَّبُ فِي دَمِهِ ثُمَّ نَادَى يَا أَبَتَاهْ عَلَيْكَ السَّلَامُ هَذَا جَدِّي رَسُولُ اللَّهِ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ عَجِّلِ الْقَدُومَ عَلَيْنَا وَ شَهَقَ شَهْقَةً فَارَقَ الدُّنْيَا «1».
قال أبو الفرج علي بن الحسين هذا هو الأكبر و لا عقب له و يكنى أبا الحسن و أمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي و هو أول من قتل في الوقعة و إياه عنى معاوية في الخبر الذي- حدثني به محمد بن محمد بن سليمان عن يوسف بن موسى القطان عن جرير عن مغيرة قال قال معاوية من أحق الناس بهذا الأمر قالوا أنت قال لا أولى الناس بهذا الأمر علي بن الحسين بن علي جده رسول الله و فيه شجاعة بني هاشم و سخاء بني أمية و زهو ثقيف.
و قال يحيى بن الحسن العلوي و أصحابنا الطالبيون يذكرون أن المقتول لأم ولد و أن الذي أمه ليلى هو جدهم و ولد في خلافة عثمان «2».
ثم قالوا و خرج غلام و بيده عمود «3» من تلك الأبنية و في أذنيه درتان‏
__________________________________________________
 (1) مقاتل الطالبيين ص 85.
 (2) المصدر ص 55 و 56.
 (3) الزيادة من الطبريّ ج 6 ص 258 و البداية ج 8 ص 186.
قالا: قال هانئ بن ثبيت الحضرمى: «انى لواقف عاشر عشرة لما صرع الحسين.

45
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

و هو مذعور فجعل يلتفت يمينا و شمالا و قرطاه يتذبذبان فحمل عليه هانئ بن ثبيت فقتله فصارت شهربانو تنظر إليه و لا تتكلم كالمدهوشة.
ثم التفت الحسين عن يمينه فلم ير أحدا من الرجال و التفت عن يساره فلم ير أحدا فخرج علي بن الحسين زين العابدين ع و كان مريضا لا يقدر أن يقل سيفه و أم كلثوم تنادي خلفه يا بني ارجع فقال يَا عَمَّتَاهْ ذَرِينِي أُقَاتِلْ بَيْنَ يَدَيِ ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ الْحُسَيْنُ ع يَا أُمَّ كُلْثُومٍ خُذِيهِ لِئَلَّا تَبْقَى الْأَرْضُ خَالِيَةً مِنْ نَسْلِ آلِ مُحَمَّدٍ ص.
و لما فجع الحسين بأهل بيته و ولده و لم يبق غيره و غير النساء و الذراري نادى هَلْ مِنْ ذَابٍّ يَذُبُّ عَنْ حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ هَلْ مِنْ مُوَحِّدٍ يَخَافُ اللَّهَ فِينَا هَلْ مِنْ مُغِيثٍ يَرْجُو اللَّهَ فِي إِغَاثَتِنَا وَ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُ النِّسَاءِ بِالْعَوِيلِ فَتَقَدَّمَ ع إِلَى بَابِ الْخَيْمَةِ فَقَالَ نَاوِلُونِي عَلِيّاً ابْنِيَ الطِّفْلَ حَتَّى أُوَدِّعَهُ فَنَاوَلُوهُ الصَّبِيَّ.
و قال المفيد دعا ابنه عبد الله «1» قالوا فجعل يقبله و هو يقول وَيْلٌ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ إِذَا كَانَ جَدُّكَ مُحَمَّدٌ الْمُصْطَفَى خَصْمَهُمْ و الصبي في حجره إذ رماه حرملة بن كاهل الأسدي بسهم فذبحه في حجر الحسين فتلقى الحسين دمه حتى امتلأت كفه ثم رمى به إلى السماء.
و قال السيد ثم قال هَوَّنَ عَلَيَّ مَا نَزَلَ بِي أَنَّهُ بِعَيْنِ اللَّهِ قَالَ الْبَاقِرُ ع فَلَمْ يَسْقُطْ مِنْ ذَلِكَ الدَّمِ قَطْرَةٌ إِلَى الْأَرْضِ «2».
__________________________________________________
اذ نظرت الى غلام من آل الحسين عليه ازار و قميص و في اذنيه درتان و بيده عمود من تلك الابنية و هو مذعور يلتفت يمينا و شمالا فأقبل رجل يركض حتّى إذا دنا منه مال عن فرسه و علاه بالسيف و قطعه، فلما عيب عليه كنى عن نفسه».
فعدو اللّه هو الذي قتله، لكنه لم يذكر نفسه لما عيب عليه بل نسبه الى رجل لا يعرف و جعل نفسه راويا.
 (1) في الإرشاد المطبوع ص 224: ثم جلس الحسين أمام الفسطاط فأتى بابنه عبد اللّه و هو طفل إلخ.
 (2) الملهوف ص 103.

46
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

قالوا ثُمَّ قَالَ لَا يَكُونُ أَهْوَنَ عَلَيْكَ مِنْ فَصِيلٍ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ حَبَسْتَ عَنَّا النَّصْرَ فَاْجَعْل ذَلِكَ لِمَا هُوَ خَيْرٌ لَنَا.
أقول و في بعض الكتب أن الحسين لما نظر إلى اثنين و سبعين رجلا من أهل بيته صرعى التفت إلى الخيمة و نَادَى يَا سُكَيْنَةُ يَا فَاطِمَةُ يَا زَيْنَبُ يَا أُمَّ كُلْثُومٍ عَلَيْكُنَّ مِنِّي السَّلَامُ فَنَادَتْهُ سُكَيْنَةُ يَا أَبَهْ اسْتَسْلَمْتَ لِلْمَوْتِ؟ فَقَالَ كَيْفَ لَا يَسْتَسْلِمُ مَنْ لَا نَاصِرَ لَهُ وَ لَا مُعِينَ فَقَالَتْ يَا أَبَهْ رُدَّنَا إِلَى حَرَمِ جَدِّنَا فَقَالَ هَيْهَاتَ لَوْ تُرِكَ الْقَطَا لَنَامَ فتصارخن النساء فسكتهن الحسين و حمل على القوم.
و قال أبو الفرج و عبد الله بن الحسين و أمه الرباب بنت إمرئ القيس و هي التي يقول فيها أبو عبد الله الحسين‏
          لعمرك إنني لأحب دارا             تكون بها سكينة و الرباب‏
             أحبهما و أبذل جل مالي             و ليس لعاتب عندي عتاب‏
 و سكينة التي ذكرها ابنته من الرباب و اسم سكينة أمينة و إنما غلب عليها سكينة و ليس باسمها و كان عبد الله يوم قتل صغيرا جاءه نشابة و هو في حجر أبيه فذبحته- حدثني أحمد بن شبيب عن أحمد بن الحارث عن المدائني عن أبي مخنف عن سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم قال دعا الحسين بغلام فأقعده في حجره فرماه عقبة بن بشر فذبحه و حدثني محمد بن الحسين الأشناني بإسناده عمن شهد الحسين قال كان معه ابن له صغير فجاء سهم فوقع في نحره قال فجعل الحسين يمسح الدم من نحر لبته فيرمي به إلى السماء فما رجع منه شي‏ء و يَقُولُ اللَّهُمَّ لَا يَكُونُ أَهْوَنَ عَلَيْكَ مِنْ فَصِيلٍ «1».
ثُمَّ قَالُوا ثُمَّ قَامَ الْحُسَيْنُ ع وَ رَكِبَ فَرَسَهُ وَ تَقَدَّمَ إِلَى الْقِتَالِ وَ هُوَ يَقُولُ‏
          كَفَرَ الْقَوْمُ وَ قِدْماً رَغِبُوا             عَنْ ثَوَابِ اللَّهِ رَبِّ الثَّقَلَيْنِ‏
             قَتَلُوا الْقَوْمُ عَلِيّاً وَ ابْنَهُ             حَسَنَ الْخَيْرِ كَرِيمَ الْأَبَوَيْنِ‏
             حَنَقاً مِنْهُمْ وَ قَالُوا أَجْمِعُوا             احْشُرُوا النَّاسَ إِلَى حَرْبِ الْحُسَيْنِ‏
__________________________________________________
 (1) مقاتل الطالبيين ص 63 و 64.

47
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

         يَا لَقَوْمٍ مِنْ أُنَاسٍ رُذَّلٍ             جَمَعَ الْجَمْعَ لِأَهْلِ الْحَرَمَيْنِ‏
             ثُمَّ سَارُوا وَ تَوَاصَوْا كُلُّهُمْ             بِاجْتِيَاحِي لِرِضَاءِ الْمُلْحِدِينَ «1»
             لَمْ يَخَافُوا اللَّهَ فِي سَفْكِ دَمِي             لِعُبَيْدِ اللَّهِ نَسْلِ الْكَافِرِينَ‏
             وَ ابْنِ سَعْدٍ قَدْ رَمَانِي عَنْوَةً             بِجُنُودٍ كَوُكُوفِ الْهَاطِلِينَ‏
             لَا لِشَيْ‏ءٍ كَانَ مِنِّي قَبْلَ ذَا             غَيْرَ فَخْرِي بِضِيَاءِ النَّيِّرَيْنِ‏
             بِعَلِيِّ الْخَيْرِ مِنْ بَعْدِ النَّبِيِّ             وَ النَّبِيِّ الْقُرَشِيِّ الْوَالِدَيْنِ‏
             خِيرَةِ اللَّهِ مِنَ الْخَلْقِ أَبِي             ثُمَّ أُمِّي فَأَنَا ابْنُ الْخَيِّرَيْنِ‏
             فِضَّةٌ قَدْ خَلَصَتْ مِنْ ذَهَبٍ             فَأَنَا الْفِضَّةُ وَ ابْنُ الذَّهَبَيْنِ‏
             مَنْ لَهُ جَدٌّ كَجَدِّي فِي الْوَرَى             أَوْ كَشَيْخِي فَأَنَا ابْنُ الْعَلَمَيْنِ‏
             فَاطِمُ الزَّهْرَاءُ أُمِّي وَ أَبِي             قَاصِمُ الْكُفْرِ بِبَدْرٍ وَ حُنَيْنٍ‏
             عَبَدَ اللَّهَ غُلَاماً يَافِعاً             وَ قُرَيْشٌ يَعْبُدُونَ الْوَثَنَيْنِ‏
             يَعْبُدُونَ اللَّاتَ وَ الْعُزَّى مَعاً             وَ عَلِيٌّ كَانَ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ‏
             فَأَبِي شَمْسٌ وَ أُمِّي قَمَرٌ             فَأَنَا الْكَوْكَبُ وَ ابْنُ الْقَمَرَيْنِ‏
             وَ لَهُ فِي يَوْمِ أُحُدٍ وَقْعَةٌ             شَفَتِ الْغِلَّ بِفَضِّ الْعَسْكَرَيْنِ‏
             ثُمَّ فِي الْأَحْزَابِ وَ الْفَتْحِ مَعاً             كَانَ فِيهَا حَتْفُ أَهْلِ الْفَيْلَقَيْنِ‏
             فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا ذَا صَنَعَتْ             أُمَّةُ السَّوْءِ مَعاً بِالْعِتْرَتَيْنِ‏
             عِتْرَةِ الْبَرِّ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى             وَ عَلِيِّ الْوَرْدِ يَوْمَ الْجَحْفَلَيْنِ «2»
 ثُمَّ وَقَفَ ع قُبَالَةَ الْقَوْمِ وَ سَيْفُهُ مُصْلَتٌ فِي يَدِهِ آيِساً مِنَ الْحَيَاةِ عَازِماً عَلَى الْمَوْتِ‏
__________________________________________________
 (1) في كشف الغمّة «للرضا بالملحدين».
 (2) قال في كشف الغمّة ج 2 ص 200: من كلامه المنثور قطعة نقلها صاحب كتاب الفتوح، و أنّه عليه السلام لما أحاط به جموع ابن زياد، و قتلوا من قتلوا من أصحابه و منعوهم الماء كان له ولد صغير فجاءه سهم منهم فقتله، فرمله الحسين (ع) و حفر له بسيفه و صلى عليه و دفنه و قال: ثم ذكر الاشعار، و ذكرها ابن شهرآشوب ج 4 ص 79. و فيه زيادة سينقلها المصنّف.

48
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

وَ هُوَ يَقُولُ‏
          أَنَا ابْنُ عَلِيِّ الطُّهْرِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ             كَفَانِي بِهَذَا مَفْخَراً حِينَ أَفْخَرُ
             وَ جَدِّي رَسُولُ اللَّهِ أَكْرَمُ مَنْ مَضَى             وَ نَحْنُ سِرَاجُ اللَّهِ فِي الْخَلْقِ نَزْهَرُ
             وَ فَاطِمُ أُمِّي مِنْ سُلَالَةِ أَحْمَدَ             وَ عَمِّي يُدْعَى ذَا الْجَنَاحَيْنِ جَعْفَرُ
             وَ فِينَا كِتَابُ اللَّهِ أُنْزِلَ صَادِقاً             وَ فِينَا الْهُدَى وَ الْوَحْيُ بِالْخَيْرِ يُذْكَرُ
             وَ نَحْنُ أَمَانُ اللَّهِ لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ             نُسِرُّ بِهَذَا فِي الْأَنَامِ وَ نَجْهَرُ
             وَ نَحْنُ وُلَاةُ الْحَوْضِ نَسْقِي وُلَاتَنَا             بِكَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ مَا لَيْسَ يُنْكَرُ
             وَ شِيعَتُنَا فِي النَّاسِ أَكْرَمُ شِيعَةٍ             وَ مُبْغِضُنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَخْسَرُ
 أقول روي في الإحتجاج أنه لما بقي فردا ليس معه إلا ابنه علي بن الحسين ع و ابن آخر في الرضاع اسمه عبد الله أخذ الطفل ليودعه فإذا بسهم قد أقبل حتى وقع في لبة الصبي فقتله فنزل عن فرسه و حفر للصبي بجفن سيفه و رمله بدمه و دفنه ثم وثب قائما و هو يقول إلى آخر الأبيات «1».
وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ ذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ السَّلَامِيُّ فِي تَارِيخِهِ أَنَّ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ لِلْحُسَيْنِ ع مِنْ إِنْشَائِهِ وَ قَالَ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِثْلُهَا
          فَإِنْ تَكُنِ الدُّنْيَا تُعَدُّ نَفِيسَةً             فَإِنَّ ثَوَابَ اللَّهِ أَعْلَى وَ أَنْبَلُ‏
             وَ إِنْ تَكُنِ الْأَبْدَانُ لِلْمَوْتِ أُنْشِئَتْ             فَقَتْلُ امْرِئٍ بِالسَّيْفِ فِي اللَّهِ أَفْضَلُ‏
             وَ إِنْ تَكُنِ الْأَرْزَاقُ قِسْماً مُقَدَّراً             فَقِلَّةُ سَعْيِ الْمَرْءِ فِي الْكَسْبِ أَجْمَلُ‏
             وَ إِنْ تَكُنِ الْأَمْوَالُ لِلتَّرْكِ جَمْعُهَا             فَمَا بَالُ مَتْرُوكٍ بِهِ الْمَرْءُ يَبْخَلُ‏
 ثُمَّ إِنَّهُ دَعَا النَّاسَ إِلَى الْبِرَازِ فَلَمْ يَزَلْ يَقْتُلُ كُلَّ مَنْ دَنَا مِنْهُ مِنْ عُيُونِ الرِّجَالِ حَتَّى قَتَلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً ثُمَّ حَمَلَ ع عَلَى الْمَيْمَنَةِ وَ قَالَ‏
          الْمَوْتُ خَيْرٌ مِنْ رُكُوبِ الْعَارِ
 ثُمَّ عَلَى الْمَيْسَرَةِ وَ هُوَ يَقُولُ‏
          أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ             آلَيْتُ أَنْ لَا أَنْثَنِي‏
             أَحْمِي عِيَالاتِ أَبِي             أَمْضِي عَلَى دِينِ النَّبِي‏
__________________________________________________
 (1) الاحتجاج ص 154 و 155.

49
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

قال المفيد و السيد و ابن نما رحمهم الله و اشتد العطش بالحسين ع فركب المسناة يريد الفرات و العباس أخوه بين يديه فاعترضه خيل ابن سعد فرمى رجل من بني دارم الحسين ع بسهم فأثبته في حنكه الشريف فانتزع ع السهم و بسط يده تحت حنكه حتى امتلأت راحتاه من الدم ثم رمى به و قال اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ مَا يُفْعَلُ بِابْنِ بِنْتِ نَبِيِّكَ ثم اقتطعوا العباس عنه و أحاطوا به من كل جانب حتى قتلوه و كان المتولي لقتله زيد بن ورقاء الحنفي و حكيم بن الطفيل السنبسي فبكى الحسين لقتله بكاء شديدا «1».
قال السيد ثم إن الحسين ع دعا الناس إلى البراز فلم يزل يقتل كل من برز إليه حتى قتل مقتلة عظيمة و هو في ذلك يقول‏
          الْقَتْلُ أَوْلَى مِنْ رُكُوبِ الْعَارِ             وَ الْعَارُ أَوْلَى مِنْ دُخُولِ النَّارِ
 قال بعض الرواة فو الله ما رأيت مكثورا قط «2» قد قتل ولده و أهل بيته و صحبه أربط جأشا منه و إن كانت الرجال لتشد عليه فيشد عليها بسيفه فتنكشف عنه انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب و لقد كان يحمل فيهم و قد تكملوا ألفا فينهزمون بين يديه كأنهم الجراد المنتشر ثم يرجع إلى مركزه و هو يقول لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ «3».
و قال ابن شهرآشوب و محمد بن أبي طالب و لم يزل يقاتل حتى قتل ألف رجل و تسعمائة رجل و خمسين رجلا سوى المجروحين فقال عمر بن سعد لقومه الويل لكم أ تدرون لمن تقاتلون هذا ابن الأنزع البطين هذا ابن قتال العرب فاحملوا عليه من كل جانب و كانت الرماة أربعة آلاف فرموه بالسهام فحالوا
__________________________________________________
 (1) الملهوف ص 103- الإرشاد ص 224.
 (2) المكثور: المغلوب و هو الذي تكاثر عليه الناس فقهروه، قال في التاج و في حديث مثل الحسين: «ما رأينا مكثورا أجرا مقدما منه».
 (3) كتاب الملهوف ص 105 و مثله في الطبريّ ج 6 ص 259 عن عبد اللّه بن عمار ابن [عبد] يغوث.

50
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

بينه و بين رحله «1».
وَ قَالَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ صَاحِبُ الْمَنَاقِبِ وَ السَّيِّدُ فَصَاحَ بِهِمْ وَيْحَكُمْ يَا شِيعَةَ آلِ أَبِي سُفْيَانَ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ دِينٌ وَ كُنْتُمْ لَا تَخَافُونَ الْمَعَادَ فَكُونُوا أَحْرَاراً فِي دُنْيَاكُمْ وَ ارْجِعُوا إِلَى أَحْسَابِكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْرَاباً فَنَادَاهُ شِمْرٌ فَقَالَ مَا تَقُولُ يَا ابْنَ فَاطِمَةَ قَالَ أَقُولُ أَنَا الَّذِي أُقَاتِلُكُمْ وَ تُقَاتِلُونِّي وَ النِّسَاءُ لَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ فَامْنَعُوا عُتُاتَكُمْ عَنِ التَّعَرُّضِ لِحَرَمِي مَا دُمْتُ حَيّاً فقال شمر لك هذا ثم صاح شمر إليكم عن حرم الرجل فاقصدوه في نفسه فلعمري لهو كفو كريم قال فقصده القوم و هو في ذلك يطلب شربة من ماء فكلما حمل بفرسه على الفرات حملوا عليه بأجمعهم حتى أحلوه عنه «2».
- و قال ابن شهرآشوب و روى أبو مخنف عن الجلودي أن الحسين ع حمل على الأعور السلمي و عمرو بن الحجاج الزبيدي و كانا في أربعة آلاف رجل على الشريعة و أقحم الفرس على الفرات فلما أولغ الفرس برأسه ليشرب قال ع أَنْتَ عَطْشَانُ وَ أَنَا عَطْشَانُ وَ اللَّهِ لَا ذُقْتُ الْمَاءَ حَتَّى تَشْرَبَ فَلَمَّا سَمِعَ الْفَرَسُ كَلَامَ الْحُسَيْنِ ع شَالَ رَأْسَهُ وَ لَمْ يَشْرَبْ كَأَنَّهُ فَهِمَ الْكَلَامَ فَقَالَ الْحُسَيْنُ ع فَأَنَا أَشْرَبُ فمد الحسين ع يده فغرف من الماء فقال فارس يا أبا عبد الله تتلذذ بشرب الماء و قد هتكت حرمك فنفض الماء من يده و حمل على القوم فكشفهم فإذا الخيمة سالمة «3».
قال أبو الفرج قال «4» و جعل الحسين ع يطلب الماء و شمر يقول له و الله لا ترده أو ترد النار فقال له رجل أ لا ترى إلى الفرات يا حسين كأنه بطون الحيتان و الله لا تذوقه أو تموت عطشا فقال الحسين ع اللَّهُمَّ أَمِتْهُ عَطَشاً قال‏
__________________________________________________
 (1) مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 110.
 (2) الملهوف ص 106.
 (3) مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 58.
 (4) القائل حميد بن مسلم برواية أبى مخنف.

51
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

و الله لقد كان هذا الرجل يقول اسقوني ماء فيؤتى بماء فيشرب حتى يخرج من فيه ثم يقول اسقوني قتلني العطش فلم يزل كذلك حتى مات «1».
فقالوا ثم رماه رجل من القوم يكنى أبا الحتوف الجعفي «2» بسهم فوقع السهم في جبهته فنزعه من جبهته فسالت الدماء على وجهه و لحيته فَقَالَ ع اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَرَى مَا أَنَا فِيهِ مِنْ عِبَادِكَ هَؤُلَاءِ الْعُصَاةِ اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَداً وَ اقْتُلْهُمْ بَدَداً وَ لَا تَذَرْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْهُمْ أَحَداً وَ لَا تَغْفِرْ لَهُمْ أَبَداً.
ثم حمل عليهم كالليث المغضب فجعل لا يلحق منهم أحدا إلا بعجه «3» بسيفه فقتله و السهام تأخذه من كل ناحية و هو يتقيها بنحره و صدره و يَقُولُ يَا أُمَّةَ السَّوْءِ بِئْسَمَا خَلَفْتُمْ مُحَمَّداً فِي عِتْرَتِهِ أَمَا إِنَّكُمْ لَنْ تَقْتُلُوا بَعْدِي عَبْداً مِنْ عِبَادِ اللَّهِ فَتَهَابُوا قَتْلَهُ بَلْ يَهُونُ عَلَيْكُمْ عِنْدَ قَتْلِكُمْ إِيَّايَ وَ ايْمُ اللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يُكْرِمَنِي رَبِّي بِالشَّهَادَةِ بِهَوَانِكُمْ ثُمَّ يَنْتَقِمُ لِي مِنْكُمْ مِنْ حَيْثُ لَا تَشْعُرُونَ.
قَالَ فَصَاحَ بِهِ الْحُصَيْنُ بْنُ مَالِكٍ السَّكُونِيُّ فَقَالَ يَا ابْنَ فَاطِمَةَ وَ بِمَا ذَا يَنْتَقِمُ لَكَ مِنَّا قَالَ يُلْقِي بَأْسَكُمْ بَيْنَكُمْ وَ يَسْفِكُ دِمَاءَكُمْ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَيْكُمُ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ثم لم يزل يقاتل حتى أصابته جراحات عظيمة.
و قال صاحب المناقب و السيد حتى أصابته اثنتان و سبعون جراحة و قال ابن شهرآشوب قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ع قَالَ وَجَدْنَا بِالْحُسَيْنِ ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِينَ طَعْنَةً وَ أَرْبَعاً وَ ثَلَاثِينَ ضَرْبَةً وَ قَالَ الْبَاقِرُ ع أُصِيبَ الْحُسَيْنُ ع وَ وُجِدَ بِهِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ بِضْعٌ وَ عِشْرُونَ طَعْنَةً بِرُمْحٍ وَ ضَرْبَةً بِسَيْفٍ أَوْ رَمْيَةً بِسَهْمٍ وَ رُوِيَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتُّونَ جِرَاحَةً و قيل ثلاث و ثلاثون ضربة سوى السهام و قيل ألف و تسعمائة جراحة و كانت السهام في درعه كالشوك في جلد القنفذ و روي أنها كانت كلها في مقدمه «4».
__________________________________________________
 (1) مقاتل الطالبيين ص 86.
 (2) و اسمه زياد بن عبد الرحمن. قيل و الصحيح: أبا الجنوب كنى باسم ولده جنوب.
 (3) نفحه خ ل.
 (4) راجع مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 110 و 111، كتاب الملهوف ص 106 و 114.

52
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

قالوا فوقف ع يستريح ساعة و قد ضعف عن القتال فبينما هو واقف إذ أتاه حجر فوقع في جبهته فأخذ الثوب ليمسح الدم عن وجهه فأتاه سهم محدد مسموم له ثلاث شعب فوقع السهم في صدره و في بعض الروايات على قلبه فقال الحسين ع بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ قَالَ إِلَهِي إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقْتُلُونَ رَجُلًا لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ابْنُ نَبِيٍّ غَيْرُهُ ثم أخذ السهم فأخرجه من قفاه فانبعث الدم كالميزاب فوضع يده على الجرح فلما امتلأت رمى به إلى السماء فما رجع من ذلك الدم قطرة و ما عرفت الحمرة في السماء حتى رمى الحسين ع بدمه إلى السماء ثم وضع يده ثانيا فلما امتلأت لطخ بها رأسه و لحيته و قال هَكَذَا أَكُونُ حَتَّى أَلْقَى جَدِّي رَسُولَ اللَّهِ وَ أَنَا مَخْضُوبٌ بِدَمِي وَ أَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَ فُلَانٌ. ثم ضعف عن القتال فوقف فكلما أتاه رجل و انتهى إليه انصرف عنه حتى جاءه رجل من كندة يقال له مالك بن اليسر فشتم الحسين ع و ضربه بالسيف على رأسه و عليه برنس فامتلأ دما فقال له الحسين ع لَا أَكَلْتَ بِهَا وَ لَا شَرِبْتَ وَ حَشَرَكَ اللَّهُ مَعَ الظَّالِمِينَ ثم ألقى البرنس و لبس قلنسوة و اعتم عليها و قد أعيا و جاء الكندي و أخذ البرنس و كان من خز فلما قدم بعد الوقعة على امرأته فجعل يغسل الدم عنه فقالت له امرأته أ تدخل بيتي بسلب ابن رسول الله اخرج عني حشى الله قبرك نارا فلم يزل بعد ذلك فقيرا بأسوإ حال و يبست يداه و كانتا في الشتاء ينضحان دما و في الصيف تصيران يابستين كأنهما عودان.
و قال المفيد و السيد فلبثوا هنيئة ثم عادوا إليه و أحاطوا به فخرج عبد الله بن الحسن بن علي ع و هو غلام لم يراهق من عند النساء يشتد حتى وقف إلى جنب الحسين ع فلحقته زينب بنت علي ع لتحبسه فقال الحسين ع احبسيه يا أختي فأبى و امتنع امتناعا شديدا و قال لا و الله لا أفارق عمي و أهوى أبجر بن كعب و قيل حرملة بن كاهل إلى الحسين ع بالسيف فقال له الغلام ويلك يا ابن الخبيثة أ تقتل عمي فضربه بالسيف فاتقاه الغلام بيده فأطنها إلى الجلد

53
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

فإذا هي معلقة فنادى الغلام يا أماه فأخذه الحسين ع فضمه إليه و قال يَا ابْنَ أَخِي اصْبِرْ عَلَى مَا نَزَلَ بِكَ وَ احْتَسِبْ فِي ذَلِكَ الْخَيْرَ فَإِنَّ اللَّهَ يُلْحِقُكَ بِآبَائِكَ الصَّالِحِينَ «1» قال السيد فرماه حرملة بن كاهل بسهم فذبحه و هو في حجر عمه الحسين ع.
ثم إن شمر بن ذي الجوشن حمل على فسطاط الحسين ع فطعنه بالرمح ثم قال علي بالنار أحرقه على من فيه فقال له الحسين ع يَا ابْنَ ذِي الْجَوْشَنِ أَنْتَ الدَّاعِي بِالنَّارِ لِتُحْرِقَ عَلَى أَهْلِي أَحْرَقَكَ اللَّهُ بِالنَّارِ وَ جَاءَ شَبَثٌ فَوَبَّخَهُ فَاسْتَحْيَا وَ انْصَرَفَ.
قَالَ وَ قَالَ الْحُسَيْنُ ع ابْعَثُوا إِلَيَّ ثَوْباً لَا يُرْغَبُ فِيهِ أَجْعَلْهُ تَحْتَ ثِيَابِي لِئَلَّا أُجَرَّدَ فَأُتِيَ بِتُبَّانٍ فَقَالَ لَا ذَاكَ لِبَاسُ مَنْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ بِالذِّلَّةِ فأخذ ثوبا خلقا فخرقه و جعله تحت ثيابه فلما قتل جردوه منه ثم استدعى الحسين ع بسراويل من حبرة ففزرها و لبسها و إنما فزرها لئلا يسلبها فلما قتل سلبها أبجر بن كعب و تركه ع مجردا فكانت يد أبجر بعد ذلك ييبسان في الصيف كأنهما عودان و يترطبان في الشتاء فينضحان دما و قيحا إلى أن أهلكه الله تعالى.
قال و لما أثخن بالجراح و بقي كالقنفذ طعنه صالح بن وهب المزني على خاصرته طعنة فسقط ع عن فرسه إلى الأرض على خده الأيمن ثم قام صلوات الله عليه.
قال و خرجت زينب من الفسطاط و هي تنادي وا أخاه وا سيداه وا أهل بيتاه ليت السماء أطبقت على الأرض و ليت الجبال تدكدكت على السهل و قال و صاح الشمر ما تنتظرون بالرجل فحملوا عليه من كل جانب فضربه زرعة بن شريك على كتفه و ضرب الحسين زرعة فصرعه و ضربه آخر على عاتقه المقدس بالسيف ضربة كبا ع بها لوجهه و كان قد أعيا و جعل ع ينوء و يكبو فطعنه سنان‏
__________________________________________________
 (1) الإرشاد ص 225. الملهوف ص 107 و 108.

54
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

بن أنس النخعي في ترقوته ثم انتزع الرمح فطعنه في بواني صدره ثم رماه سنان أيضا بسهم فوقع السهم في نحره فسقط ع و جلس قاعدا فنزع السهم من نحره و قرن كفيه جميعا و كلما امتلأتا من دمائه خضب بهما رأسه و لحيته و هو يقول هكذا حتى ألقى الله مخضبا بدمي مغصوبا على حقي.
فقال عمر بن سعد لرجل عن يمينه انزل ويحك إلى الحسين فأرحه فبدر إليه خولي بن يزيد الأصبحي ليجتز رأسه فأرعد فنزل إليه سنان بن أنس النخعي فضربه بالسيف في حلقه الشريف و هو يقول و الله إني لأجتز رأسك و أعلم أنك ابن رسول الله و خير الناس أبا و أما ثم اجتز رأسه المقدس المعظم صلى الله عليه و سلم و كرم.
و روي أن سنانا هذا أخذه المختار فقطع أنامله أنملة أنملة ثم قطع يديه و رجليه و أغلى له قدرا فيها زيت و رماه فيها و هو يضطرب «1».
و قال صاحب المناقب و محمد بن أبي طالب و لما ضعف ع نادى شمر ما وقوفكم و ما تنتظرون بالرجل قد أثخنته الجراح و السهام احملوا عليه ثكلتكم أمهاتكم فحملوا عليه من كل جانب فرماه الحصين بن تميم في فيه و أبو أيوب الغنوي بسهم في حلقه و ضربه زرعة بن شريك التميمي على كتفه و كان قد طعنه سنان بن أنس النخعي في صدره و طعنه صالح بن وهب المزني على خاصرته فوقع ع إلى الأرض على خده الأيمن ثم استوى جالسا و نزع السهم من حلقه ثم دنا عمر بن سعد من الحسين ع.
قال حميد و خرجت زينب بنت علي ع و قرطاها يجولان بين أذنيها و هي تقول ليت السماء انطبقت على الأرض يا عمر بن سعد أ يقتل أبو عبد الله و أنت تنظر إليه و دموع عمر تسيل على خديه و لحيته و هو يصرف وجهه عنها و الحسين ع جالس و عليه جبة خز و قد تحاماه الناس فنادى شمر ويلكم ما تنتظرون به اقتلوه ثكلتكم أمهاتكم فضربه زرعة بن شريك فأبان كفه اليسرى ثم ضربه على عاتقه ثم انصرفوا عنه و هو يكبو مرة و يقوم أخرى.
__________________________________________________
 (1) كتاب الملهوف ص 108- 112.

55
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

فحمل عليه سنان في تلك الحال فطعنه بالرمح فصرعه و قال لخولي بن يزيد اجتز رأسه فضعف و ارتعدت يده فقال له سنان فت الله عضدك و أبان يدك فنزل إليه شمر لعنه الله و كان اللعين أبرص فضربه برجله فألقاه على قفاه ثم أخذ بلحيته فقال الحسين ع أنت الأبقع الذي رأيتك في منامي فقال أ تشبهني بالكلاب ثم جعل يضرب بسيفه مذبح الحسين ع و هو يقول‏
          أقتلك اليوم و نفسي تعلم             علما يقينا ليس فيه مزعم‏
             و لا مجال لا و لا تكتم             إن أباك خير من تكلم‏
 و- روى في المناقب بإسناده عن عبد الله بن ميمون عن محمد بن عمرو بن الحسن قال كنا مع الحسين بنهر كربلاء و نظر إلى شمر بن ذي الجوشن و كان أبرص فقال اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى كَلْبٍ أَبْقَعَ يَلَغُ فِي دَمِ أَهْلِ بَيْتِي.
ثم قال فغضب عمر بن سعد لعنه الله ثم قال لرجل عن يمينه انزل ويحك إلى الحسين فأرحه فنزل إليه خولي بن يزيد الأصبحي لعنه الله فاجتز رأسه و قيل بل جاء إليه شمر و سنان بن أنس و الحسين ع بآخر رمق يلوك لسانه من العطش و يطلب الماء فرفسه شمر لعنه الله برجله و قال يا ابن أبي تراب أ لست تزعم أن أباك على حوض النبي يسقي من أحبه فاصبر حتى تأخذ الماء من يده ثم قال لسنان اجتز رأسه قفاء فقال سنان و الله لا أفعل فيكون جده محمد صلى الله عليه و آله خصمي.
فغضب شمر لعنه الله و جلس على صدر الحسين و قبض على لحيته و هم بقتله فضحك الحسين ع فقال له أ تقتلني و لا تعلم من أنا فقال أعرفك حق المعرفة أمك فاطمة الزهراء و أبوك علي المرتضى و جدك محمد المصطفى و خصمك العلي الأعلى أقتلك و لا أبالي فضربه بسيفه اثنتي عشرة ضربة ثم جز رأسه صلوات الله و سلامه عليه و لعن الله قاتله و مقاتله و السائرين إليه بجموعهم.
- و قال ابن شهرآشوب روى أبو مخنف عن الجلودي أنه كان صرع الحسين‏

56
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

ع فجعل فرسه يحامي عنه و يثب على الفارس فيخبطه عن سرجه و يدوسه حتى قتل الفرس أربعين رجلا ثم تمرغ في دم الحسين ع و قصد نحو الخيمة و له صهيل عال و يضرب بيديه الأرض «1».
و قال السيد رضي الله عنه فلما قتل صلوات الله عليه ارتفعت في السماء في ذلك الوقت غبرة شديدة سوداء مظلمة فيها ريح حمراء لا ترى فيها عين و لا أثر حتى ظن القوم أن العذاب قد جاءهم فلبثوا كذلك ساعة ثم انجلت عنهم.
و روى هلال بن نافع قال إني لواقف مع أصحاب عمر بن سعد إذ صرخ صارخ أبشر أيها الأمير فهذا شمر قد قتل الحسين قال فخرجت بين الصفين فوقفت عليه و إنه ليجود بنفسه فو الله ما رأيت قط قتيلا مضمخا بدمه أحسن منه و لا أنور وجها و لقد شغلني نور وجهه و جمال هيبته عن الفكرة في قتله فاستسقى في تلك الحالة ماء فسمعت رجلا يقول لا تذوق الماء حتى ترد الحامية فتشرب من حميمها فسمعته يقول أَنَا أَرِدُ الْحَامِيَةَ فَأَشْرَبُ مِنْ حَمِيمِهَا بَلْ أَرِدُ عَلَى جَدِّي رَسُولِ اللَّهِ ص وَ أَسْكُنُ مَعَهُ فِي دَارِهِ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ وَ أَشْرَبُ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَ أَشْكُو إِلَيْهِ مَا رَكِبْتُمْ مِنِّي وَ فَعَلْتُمْ بِي قال فغضبوا بأجمعهم حتى كأن الله لم يجعل في قلب أحد منهم من الرحمة شيئا فاجتزوا رأسه و إنه ليكلمهم فتعجبت من قلة رحمتهم و قلت و الله لا أجامعكم على أمر أبدا.
قال ثم أقبلوا على سلب الحسين ع فأخذ قميصه إسحاق بن حوية الحضرمي فلبسه فصار أبرص و امتعط شعره و روي أنه وجد في قميصه مائة و بضع عشرة ما بين رمية و طعنة و ضربة وَ قَالَ الصَّادِقُ ع وُجِدَ بِالْحُسَيْنِ ع ثَلَاثٌ وَ ثَلَاثُونَ طَعْنَةً وَ أَرْبَعٌ وَ ثَلَاثُونَ ضَرْبَةً و أخذ سراويله أبجر بن كعب التيمي و روي أنه صار زمنا مقعدا من رجليه و أخذ عمامته أخنس بن مرسد بن علقمة الحضرمي و قيل جابر بن يزيد الأودي فاعتم بها فصار معتوها و في غير رواية السيد فصار مجذوما و أخذ درعه مالك بن بشير الكندي فصار معتوها.
__________________________________________________
 (1) مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 58.

57
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

فقال السيد و أخذ نعليه الأسود بن خالد و أخذ خاتمه بجدل بن سليم الكلبي فقطع إصبعه ع مع الخاتم و هذا أخذه المختار فقطع يديه و رجليه و تركه يتشحط في دمه حتى هلك و أخذ قطيفة له ع كانت من خز قيس بن الأشعث و أخذ درعه البتراء عمر بن سعد فلما قتل عمر بن سعد وهبها المختار لأبي عمرة قاتله و أخذ سيفه جميع بن الخلق الأزدي و يقال رجل من بني تميم يقال له الأسود بن حنظلة و في رواية ابن سعد أنه أخذ سيفه القلافس «1» النهشلي و زاد محمد بن زكريا أنه وقع بعد ذلك إلى بنت حبيب بن بديل و هذا السيف المنهوب ليس بذي الفقار و إن ذلك كان مذخورا و مصونا مع أمثاله من ذخائر النبوة و الإمامة و قد نقل الرواة تصديق ما قلناه و صورة ما حكيناه.
قال و جاءت جارية من ناحية خيم الحسين ع فقال لها رجل يا أمة الله إن سيدك قتل قالت الجارية فأسرعت إلى سيدتي و أنا أصيح فقمن في وجهي و صحن قال و تسابق القوم على نهب بيوت آل الرسول و قرة عين الزهراء البتول حتى جعلوا ينزعون ملحفة المرأة عن ظهرها و خرجن بنات الرسول و حرمه يتساعدن على البكاء و يندبن لفراق الحماة و الأحباء.
و روى حميد بن مسلم قال رأيت امرأة من بكر بن وائل كانت مع زوجها في أصحاب عمر بن سعد فلما رأت القوم قد اقتحموا على نساء الحسين ع فسطاطهن و هم يسلبونهن أخذت سيفا و أقبلت نحو الفسطاط فقالت يا آل بكر بن وائل أ تسلب بنات رسول الله لا حكم إلا لله يا ثارات رسول الله فأخذها زوجها و ردها إلى رحله.
قال ثم أخرجوا النساء من الخيمة و أشعلوا فيها النار فخرجن حواسر مسلبات حافيات باكيات يمشين سبايا في أسر الذلة و قلن بحق الله إلا ما مررتم بنا على مصرع الحسين فلما نظرت النسوة إلى القتلى صحن و ضربن وجوههن.
قال فو الله لا أنسى زينب بنت علي ع و هي تندب الحسين و تنادي بصوت حزين و قلب كئيب وا محمداه صلى عليك مليك السماء هذا حسين مرمل بالدماء مقطع‏
__________________________________________________
 (1) كذا في المصدر ص 115، و هكذا تذكرة الخواص ص 144، و المصنّف اختار كلمة «الفلان» و هي نسخة.

58
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

الأعضاء و بناتك سبايا إلى الله المشتكى و إلى محمد المصطفى و إلى علي المرتضى و إلى حمزة سيد الشهداء وا محمداه هذا حسين بالعراء يسفي عليه الصبا قتيل أولاد البغايا يا حزناه يا كرباه اليوم مات جدي رسول الله يا أصحاب محمداه هؤلاء ذرية المصطفى يساقون سوق السبايا. و في بعض الروايات يا محمداه بناتك سبايا و ذريتك مقتلة تسفي عليهم ريح الصبا و هذا حسين مجزوز الرأس من القفا مسلوب العمامة و الرداء بأبي من عسكره في يوم الإثنين نهبا بأبي من فسطاطه مقطع العرى بأبي من لا هو غائب فيرتجى و لا جريح فيداوى بأبي من نفسي له الفداء بأبي المهموم حتى قضى بأبي العطشان حتى مضى بأبي من شيبته تقطر بالدماء بأبي من جده رسول إله السماء بأبي من هو سبط نبي الهدى بأبي محمد المصطفى بأبي خديجة الكبرى بأبي علي المرتضى بأبي فاطمة الزهراء سيدة النساء بأبي من ردت عليه الشمس حتى صلى.
قال فأبكت و الله كل عدو و صديق ثم إن سكينة اعتنقت جسد الحسين ع فاجتمع عدة من الأعراب حتى جروها عنه قال ثم نادى عمر بن سعد في أصحابه من ينتدب للحسين فيوطئ الخيل ظهره فانتدب منهم عشرة و هم إسحاق بن حوية الذي سلب الحسين ع قميصه و أخنس بن مرثد و حكيم بن الطفيل السنبسي و عمرو بن صبيح الصيداوي و رجاء بن منقذ العبدي و سالم بن خيثمة الجعفي و واحظ بن ناعم و صالح بن وهب الجعفي و هانئ بن ثبيت الحضرمي و أسيد بن مالك فداسوا الحسين ع بحوافر خيلهم حتى رضوا ظهره و صدره.
قال و جاء هؤلاء العشرة حتى وقفوا على ابن زياد فقال أسيد بن مالك أحد العشرة شعر
          نحن رضضنا الصدر بعد الظهر             بكل يعبوب شديد الأسر
 فقال ابن زياد من أنتم فقالوا نحن الذين وطئنا بخيولنا ظهر الحسين حتى‏

59
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

طحنا جناجن صدره فأمر لهم بجائزة يسيرة.
قال أبو عمرو الزاهد فنظرنا في هؤلاء العشرة فوجدناهم جميعا أولاد زنا و هؤلاء أخذهم المختار فشد أيديهم و أرجلهم بسكك الحديد و أوطأ الخيل ظهورهم حتى هلكوا «1».
أقول المعتمد عندي ما سيأتي في رواية الكافي أنه لم يتيسر لهم ذلك.
و قال صاحب المناقب و محمد بن أبي طالب قتل الحسين ع باتفاق الروايات يوم عاشوراء عاشر المحرم سنة إحدى و ستين و هو ابن أربع و خمسين سنة و ستة أشهر و نصف قالا و أقبل فرس الحسين ع و قد عدا من بين أيديهم أن لا يؤخذ فوضع ناصيته في دم الحسين ع ثم أقبل يركض نحو خيمة النساء و هو يصهل و يضرب برأسه الأرض عند الخيمة حتى مات فلما نظر أخوات الحسين و بناته و أهله إلى الفرس ليس عليه أحد رفعن أصواتهن بالبكاء و العويل و وضعت أم كلثوم يدها على أم رأسها و نادت وا محمداه وا جداه وا نبياه وا أبا القاسماه وا علياه وا جعفراه وا حمزتاه وا حسناه هذا حسين بالعراء صريع بكربلاء مجزوز الرأس من القفا مسلوب العمامة و الرداء ثم غشي عليها.
فأقبل أعداء الله لعنهم الله حتى أحدقوا بالخيمة و معهم شمر فقال ادخلوا فاسلبوا بزتهن فدخل القوم لعنهم الله فأخذوا ما كان في الخيمة حتى أفضوا إلى قرط كان في أذن أم كلثوم أخت الحسين ع فأخذوه و خرموا أذنها حتى كانت المرأة لتنازع ثوبها على ظهرها حتى تغلب عليه و أخذ قيس بن الأشعث لعنه الله قطيفة الحسين ع فكان يسمى قيس القطيفة و أخذ نعليه رجل من بني أود يقال له الأسود ثم مال الناس على الورس و الحلي و الحلل و الإبل فانتهبوها.
أقول رأيت في بعض الكتب أن فاطمة الصغرى قالت كنت واقفة بباب الخيمة و أنا أنظر إلى أبي و أصحابي مجززين كالأضاحي على الرمال و الخيول على أجسادهم تجول و أنا أفكر فيما يقع علينا بعد أبي من بني أمية أ يقتلوننا أو
__________________________________________________
 (1) كتاب الملهوف ص 112- 121.

60
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

يأسروننا فإذا برجل على ظهر جواده يسوق النساء بكعب رمحه و هن يلذن بعضهن ببعض و قد أخذ ما عليهن من أخمرة و أسورة و هن يصحن وا جداه وا أبتاه وا علياه وا قلة ناصراه وا حسناه أ ما من مجير يجيرنا أ ما من ذائد يذود عنا قالت فطار فؤادي و ارتعدت فرائصي فجعلت أجيل بطرفي يمينا و شمالا على عمتي أم كلثوم خشية منه أن يأتيني.
فبينا أنا على هذه الحالة و إذا به قد قصدني ففررت منهزمة و أنا أظن أني أسلم منه و إذا به قد تبعني فذهلت خشية منه و إذا بكعب الرمح بين كتفي فسقطت على وجهي فخرم أذني و أخذ قرطي و مقنعتي و ترك الدماء تسيل على خدي و رأسي تصهره الشمس و ولى راجعا إلى الخيم و أنا مغشي علي و إذا أنا بعمتي عندي تبكي و هي تقول قومي نمضي ما أعلم ما جرى على البنات و أخيك العليل فقمت و قلت يا عمتاه هل من خرقة أستر بها رأسي عن أعين النظار فقالت يا بنتاه و عمتك مثلك فرأيت رأسها مكشوفة و متنها قد أسود من الضرب فما رجعنا إلى الخيمة إلا و هي قد نهبت و ما فيها و أخي علي بن الحسين مكبوب على وجهه لا يطيق الجلوس من كثرة الجوع و العطش و الأسقام فجعلنا نبكي عليه و يبكي علينا.
و قال المفيد رحمه الله قال حميد بن مسلم فانتهينا إلى علي بن الحسين و هو منبسط على فراش و هو شديد المرض و مع شمر جماعة من الرجالة فقالوا له أ لا نقتل هذا العليل فقلت سبحان الله أ تقتل الصبيان إنما هذا صبي و إنه لما به فلم أزل حتى دفعتهم عنه و جاء عمر بن سعد فصاحت النساء في وجهه و بكين فقال لأصحابه لا يدخل أحد منكم بيوت هؤلاء النساء و لا تعرضوا لهذا الغلام المريض فسألته النسوة أن يسترجع ما أخذ منهن ليستترن به فقال من أخذ من متاعهم شيئا فليرده فو الله ما رد أحد منهم شيئا فوكل بالفسطاط و بيوت النساء و علي بن الحسين جماعة ممن كان معه و قال احفظوهم لئلا يخرج منهم أحد و لا يساء إليهم.
 «1»
__________________________________________________
 (1) كتاب الإرشاد ص 226 و 227.

61
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

و قال محمد بن أبي طالب ثم إن عمر بن سعد سرح برأس الحسين ع يوم عاشوراء مع خولي بن يزيد الأصبحي و حميد بن مسلم إلى ابن زياد ثم أمر برءوس الباقين من أهل بيته و أصحابه فقطعت و سرح بها مع شمر بن ذي الجوشن إلى الكوفة و أقام ابن سعد يومه ذلك و غده إلى الزوال فجمع قتلاه فصلى عليهم و دفنهم و ترك الحسين و أصحابه منبوذين بالعراء فلما ارتحلوا إلى الكوفة عمد أهل الغاضرية من بني أسد فصلوا عليهم و دفنوهم و قال ابن شهرآشوب و كانوا يجدون لأكثرهم قبورا و يرون طيورا بيضا «1».
و قال محمد بن أبي طالب و روي أن رءوس أصحاب الحسين و أهل بيته كانت ثمانية و سبعين رأسا و اقتسمتها القبائل ليتقربوا بذلك إلى عبيد الله و إلى يزيد فجاءت كندة بثلاثة عشر رأسا و صاحبهم قيس بن الأشعث و جاءت هوازن باثني عشر رأسا و في رواية ابن شهرآشوب بعشرين و صاحبهم شمر لعنه الله و جاءت تميم بسبعة عشر رأسا و في رواية ابن شهرآشوب بتسعة عشر و جاءت بنو أسد بستة عشر رأسا و في رواية ابن شهرآشوب بتسعة رءوس و جاءت مذحج بسبعة رءوس و جاءت سائر الناس بثلاثة عشر رأسا و قال ابن شهرآشوب و جاء سائر الجيش بتسعة رءوس و لم يذكر مذحج قال فذلك سبعون رأسا ثم قال و جاءوا بالحرم أسارى إلا شهربانويه فإنها أتلفت نفسها في الفرات.
و قال ابن شهرآشوب و صاحب المناقب و محمد بن أبي طالب اختلفوا في عدد المقتولين من أهل البيت ع فالأكثرون على أنهم كانوا سبعة و عشرين سبعة من بني عقيل مسلم المقتول بالكوفة و جعفر و عبد الرحمن ابنا عقيل و محمد بن مسلم و عبد الله بن مسلم و جعفر بن محمد بن عقيل و محمد بن أبي سعيد بن عقيل و زاد ابن شهرآشوب عونا و محمدا ابني عقيل و ثلاثة من ولد جعفر بن أبي طالب محمد بن عبد الله بن جعفر و عون الأكبر بن عبد الله و عبيد الله بن عبد الله و من ولد علي ع تسعة الحسين ع و العباس و يقال و ابنه محمد بن العباس و عمر بن‏
__________________________________________________
 (1) مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 112.

62
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

علي و عثمان بن علي و جعفر بن علي و إبراهيم بن علي و عبد الله بن علي الأصغر و محمد بن علي الأصغر و أبو بكر شك في قتله و أربعة من بني الحسن أبو بكر و عبد الله و القاسم و قيل بشر و قيل عمر و كان صغيرا و ستة من بني الحسين مع اختلاف فيه علي الأكبر و إبراهيم و عبد الله و محمد و حمزة و علي و جعفر و عمر و زيد و ذبح عبد الله في حجره و لم يذكر صاحب المناقب إلا عليا و عبد الله و أسقط ابن أبي طالب حمزة و إبراهيم و زيدا و عمر.
و قال ابن شهرآشوب و يقال لم يقتل محمد الأصغر بن علي ع لمرضه و يقال رماه رجل من بني دارم فقتله «1» و قال أبو الفرج جميع من قتل يوم الطف من ولد أبي طالب سوى من يختلف في أمره اثنان و عشرون رجلا «2» وَ قَالَ ابْنُ نَمَا رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَتِ الرُّوَاةُ كُنَّا إِذَا ذَكَرْنَا عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ ع قَتْلَ الْحُسَيْنِ ع قَالَ قَتَلُوا سَبْعَةَ عَشَرَ إِنْسَاناً كُلُّهُمْ ارْتَكَضَ فِي بَطْنِ فَاطِمَةَ يَعْنِي بِنْتَ أَسَدٍ أُمَّ عَلِيٍّ ع.
3- أَقُولُ رَوَى الشَّيْخُ فِي الْمِصْبَاحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَيِّدِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَأَلْفَيْتُهُ كَاسِفَ اللَّوْنِ ظَاهِرَ الْحُزْنِ وَ دُمُوعُهُ تَنْحَدِرُ مِنْ عَيْنَيْهِ كَاللُّؤْلُؤِ الْمُتَسَاقِطِ فَقُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مِمَّ بُكَاؤُكَ لَا أَبْكَى اللَّهُ عَيْنَيْكَ فَقَالَ لِي أَ وَ فِي غَفْلَةٍ أَنْتَ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ع أُصِيبَ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ قُلْتُ يَا سَيِّدِي فَمَا قَوْلُكَ فِي صَوْمِهِ فَقَالَ لِي صُمْهُ مِنْ غَيْرِ تَبْيِيتٍ وَ أَفْطِرْهُ مِنْ غَيْرِ تَشْمِيتٍ وَ لَا تَجْعَلْهُ يَوْمَ صَوْمٍ كَمَلًا وَ لْيَكُنْ إِفْطَارُكَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ بِسَاعَةٍ عَلَى شَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ فَإِنَّهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ تَجَلَّتِ الْهَيْجَاءُ عَنْ آلِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ انْكَشَفَتِ الْمَلْحَمَةُ عَنْهُمْ وَ فِي الْأَرْضِ مِنْهُمْ ثَلَاثُونَ صَرِيعاً فِي مَوَالِيهِمْ يَعَزُّ عَلَى رَسُولِ اللَّهُ مَصْرَعُهُمْ وَ لَوْ كَانَ فِي الدُّنْيَا يَوْمَئِذٍ حَيّاً لَكَانَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ هُوَ الْمُعَزَّى بِهِمْ‏
__________________________________________________
 (1) مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 112 و 113.
 (2) مقاتل الطالبيين ص 67.

63
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

قَالَ وَ بَكَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ بِدُمُوعِهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمَّا خَلَقَ النُّورَ خَلَقَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي تَقْدِيرِهِ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ خَلَقَ الظُّلْمَةَ فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ يَعْنِي الْعَاشِرَ مِنْ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ فِي تَقْدِيرِهِ وَ جَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً إِلَى آخِرِ الْخَبَرِ «1».
وَ رَوَى صَاحِبُ الْمَنَاقِبِ مِنْ كِتَابِ بُسْتَانِ الطُّرَفِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: قُتِلَ مَعَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع سِتَّةَ عَشَرَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ مَا كَانَ لَهُمْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ شَبِيهٌ وَ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ بِإِسْنَادٍ آخَرَ سَبْعَةَ عَشَرَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ.
و قال ابن شهرآشوب المقتولون من أصحاب الحسين ع في الحملة الأولى- نعيم بن عجلان و عمران بن كعب بن حارث الأشجعي و حنظلة بن عمرو الشيباني «2» و قاسط بن زهير و كنانة بن عتيق و عمرو بن مشيعة و ضرغامة بن مالك و عامر بن مسلم و سيف بن مالك النميري و عبد الرحمن الأرحبي و مجمع العائذي و حباب بن الحارث و عمرو الجندي و الجلاس بن عمرو الراسبي و سوار بن أبي حمير الفهمي و عمار بن أبي سلامة الدالاني و النعمان بن عمرو الراسبي و زاهر بن عمرو مولى ابن الحمق و جبلة بن علي و مسعود بن الحجاج و عبد الله بن عروة الغفاري و زهير بن بشير الخثعمي و عمار بن حسان و عبد الله بن عمير و مسلم بن كثير و زهير بن سليم و عبد الله و عبيد الله ابنا زيد البصري و عشرة من موالي الحسين ع و اثنان من موالي أمير المؤمنين ع «3».
- و لنذكر هنا زيارة أوردها السيد في كتاب الإقبال يشتمل على أسماء الشهداء و بعض أحوالهم رضوان الله عليهم و أسماء قاتليهم لعنهم الله.
قَالَ رَوَيْنَا بِإِسْنَادِنَا إِلَى جَدِّي أَبِي جَعْفَرٍ الطُّوسِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ‏
__________________________________________________
 (1) راجع مصباح المتهجد ص 547.
 (2) كذا في النسخ. و قد عرفت في ص 23 أنّه الشبامى و شبام بطن من همدان و قد نسب فيما سبق بأنّه حنظلة بن سعد.
 (3) مناقب ابن شهرآشوب ج 4 ص 113، و فيه: سوار ابن أبي عمير.

64
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

عَيَّاشٍ عَنِ الشَّيْخِ الصَّالِحِ أَبِي مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ النُّعْمَانِ الْبَغْدَادِيِّ رَحِمَهُمُ اللَّهُ قَالَ: خَرَجَ مِنَ النَّاحِيَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَ خَمْسِينَ وَ مِائَتَيْنِ عَلَى يَدِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْأَصْفَهَانِيِّ حِينَ وَفَاةِ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ وَ كُنْتُ حَدِيثَ السِّنِّ وَ كَتَبْتُ أَسْتَأْذِنُ فِي زِيَارَةِ مَوْلَايَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ زِيَارَةِ الشُّهَدَاءِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فَخَرَجَ إِلَيَّ مِنْهُ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذَا أَرَدْتَ زِيَارَةَ الشُّهَدَاءِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فَقِفْ عِنْدَ رِجْلَيِ الْحُسَيْنِ ع وَ هُوَ قَبْرُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع فَاسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ بِوَجْهِكَ فَإِنَّ هُنَاكَ حَوْمَةَ الشُّهَدَاءِ وَ أَوْمِئْ وَ أَشِرْ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع وَ قُلْ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَوَّلَ قَتِيلٍ مِنْ نَسْلِ خَيْرِ سَلِيلٍ مِنْ سُلَالَةِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَ عَلَى أَبِيكَ إِذْ قَالَ فِيكَ قَتَلَ اللَّهُ قَوْماً قَتَلُوكَ يَا بُنَيَّ مَا أَجْرَأَهُمْ عَلَى الرَّحْمَنِ وَ عَلَى انْتِهَاكِ حُرْمَةِ الرَّسُولِ عَلَى الدُّنْيَا بَعْدَكَ الْعَفا كَأَنِّي بِكَ بَيْنَ يَدَيْكَ مَاثِلًا وَ لِلْكَافِرِينَ قَاتِلًا قَائِلًا-
          أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ-             نَحْنُ وَ بَيْتِ اللَّهِ أَوْلَى بِالنَّبِيِّ-
             أَطْعَنُكُمْ بِالرُّمْحِ حَتَّى يَنْثَنِي-             أَضْرِبُكُمْ بِالسَّيْفِ أَحْمِي عَنْ أَبِي-
             ضَرْبَ غُلَامٍ هَاشِمِيٍّ عَرَبِيٍّ-             وَ اللَّهِ لَا يَحْكُمُ فِينَا ابْنُ الدَّعِيِّ-
 حَتَّى قَضَيْتَ نَحْبَكَ وَ لَقِيتَ رَبَّكَ أَشْهَدُ أَنَّكَ أَوْلَى بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ أَنَّكَ ابْنُ رَسُولِهِ وَ حُجَّتُهُ وَ أَمِينُهُ وَ ابْنُ حُجَّتِهِ وَ أَمِينِهِ حَكَمَ اللَّهُ عَلَى قَاتِلِكَ مُرَّةَ بْنِ مُنْقِذِ بْنِ النُّعْمَانِ الْعَبْدِيِّ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ أَخْزَاهُ وَ مَنْ شَرِكَهُ فِي قَتْلِكَ وَ كَانُوا عَلَيْكَ ظَهِيراً أَصْلَاهُمُ اللَّهُ جَهَنَّم‏

65
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

وَ ساءَتْ مَصِيراً وَ جَعَلَنَا اللَّهُ مِنْ مُلَاقِيكَ وَ مُرَافِقِي جَدِّكَ وَ أَبِيكَ وَ عَمِّكَ وَ أَخِيكَ وَ أُمِّكَ الْمَظْلُومَةِ وَ أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَعْدَائِكِ أُولِي الْجُحُودِ وَ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ الطِّفْلِ الرَّضِيعِ الْمَرْمِيِّ الصَّرِيعِ الْمُتَشَحِّطِ دَماً الْمُصَعَّدِ دَمُهُ فِي السَّمَاءِ الْمَذْبُوحِ بِالسَّهْمِ فِي حَجْرِ أَبِيهِ لَعَنَ اللَّهُ رَامِيَهُ حَرْمَلَةَ بْنَ كَاهِلٍ الْأَسَدِيَّ وَ ذَوِيهِ السَّلَامُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مُبْلَى الْبَلَاءِ وَ الْمُنَادِي بِالْوَلَاءِ فِي عَرْصَةِ كَرْبَلَاءَ الْمَضْرُوبِ مُقْبِلًا وَ مُدْبِراً لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ هَانِئَ بْنَ ثُبَيْتٍ الْحَضْرَمِيَّ السَّلَامُ عَلَى أَبِي الْفَضْلِ الْعَبَّاسِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُوَاسِي أَخَاهُ بِنَفْسِهِ الْآخِذِ لِغَدِهِ مِنْ أَمْسِهِ الْفَادِي لَهُ الْوَاقِي السَّاعِي إِلَيْهِ بِمَائِهِ الْمَقْطُوعَةِ يَدَاهُ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ يَزِيدَ بْنَ الرُّقَادِ الْجُهَنِيَّ وَ حَكِيمَ بْنَ الطُّفَيْلِ الطَّائِيَّ السَّلَامُ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الصَّابِرِ بِنَفْسِهِ مُحْتَسِباً وَ النَّائِي عَنِ الْأَوْطَانِ مُغْتَرِباً الْمُسْتَسْلِمِ لِلْقِتَالِ الْمُسْتَقْدِمِ لِلنِّزَالِ الْمَكْثُورِ بِالرِّجَالِ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ هَانِئَ بْنَ ثُبَيْتٍ الْحَضْرَمِيَّ-

66
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

السَّلَامُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ سَمِيِّ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ لَعَنَ اللَّهُ رَامِيَهُ بِالسَّهْمِ خَوْلِيَّ بْنَ يَزِيدَ الْأَصْبَحِيَّ الْإِيَادِيَّ وَ الْأَبَانِيَّ الدَّارِيَّ «1» السَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قَتِيلِ الْأَبَانِيِّ الدَّارِيِّ «2» لَعَنَهُ اللَّهُ وَ ضَاعَفَ عَلَيْهِ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ وَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكِ الصَّابِرِينَ السَّلَامُ عَلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الزَّكِيِّ الْوَلِيِّ الْمَرْمِيِّ بِالسَّهْمِ الرَّدِيِّ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُقْبَةَ الْغَنَوِيَّ السَّلَامُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الزَّكِيِّ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ وَ رَامِيَهُ حَرْمَلَةَ بْنَ كَاهِلٍ الْأَسَدِيَّ السَّلَامُ عَلَى الْقَاسِمِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَضْرُوبِ عَلَى هَامَتِهِ الْمَسْلُوبِ لَامَتُهُ حِينَ نَادَى الْحُسَيْنَ عَمَّهُ فَجَلَّى عَلَيْهِ عَمُّهُ كَالصَّقْرِ وَ هُوَ يَفْحَصُ بِرِجْلَيْهِ التُّرَابَ وَ الْحُسَيْنُ يَقُولُ بُعْداً لِقَوْمٍ قَتَلُوكَ وَ مَنْ خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَدُّكَ وَ أَبُوكَ ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ اللَّهِ عَلَى عَمِّكَ أَنْ تَدْعُوَهُ فَلَا يُجِيبَكَ أَوْ أَنْ يُجِيبَكَ وَ أَنْتَ قَتِيلٌ جَدِيلٌ فَلَا يَنْفَعُكَ هَذَا وَ اللَّهِ يَوْمٌ كَثُرَ وَاتِرُهُ‏
__________________________________________________
 (1) يريد رجلا من بنى أبان بن دارم.
 (2) يريد رجلا من بنى أبان بن دارم.

67
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

وَ قَلَّ نَاصِرُهُ جَعَلَنِيَ اللَّهُ مَعَكُمَا يَوْمَ جَمْعِكُمَا وَ بَوَّأَنِي مُبَوَّأَكُمَا وَ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَكَ عُمَرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ نُفَيْلٍ الْأَزْدِيَّ وَ أَصْلَاهُ جَحِيماً وَ أَعَدَّ لَهُ عَذَاباً أَلِيماً السَّلَامُ عَلَى عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الطَّيَّارِ فِي الْجِنَانِ حَلِيفِ الْإِيمَانِ وَ مُنَازِلِ الْأَقْرَانِ النَّاصِحِ لِلرَّحْمَنِ التَّالِي لِلْمَثَانِي وَ الْقُرْآنِ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قُطْبَةَ النَّبْهَانِيَّ السَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الشَّاهِدِ مَكَانَ أَبِيهِ وَ التَّالِي لِأَخِيهِ وَ وَاقِيهِ بِبَدَنِهِ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ عَامِرَ بْنَ نَهْشَلٍ التَّمِيمِيَّ السَّلَامُ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ عَقِيلٍ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ وَ رَامِيَهُ بِشْرَ بْنَ حَوْطٍ الْهَمْدَانِيَّ السَّلَامُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَقِيلٍ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ وَ رَامِيَهُ عُثْمَانَ بْنَ خَالِدِ بْنِ أَشْيَمَ الْجُهَنِيَّ «1» السَّلَامُ عَلَى الْقَتِيلِ ابْنِ الْقَتِيلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ وَ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ عَامِرَ بْنَ صَعْصَعَةَ وَ قِيلَ أَسَدَ بْنَ مَالِكٍ السَّلَامُ عَلَى أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ وَ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ وَ رَامِيَهُ عَمْرَو بْنَ صَبِيحٍ الصَّيْدَاوِيَ‏
__________________________________________________
 (1) في بعض النسخ: عمر بن خالد بن أسد، و هو تصحيف.

68
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

السَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ عَقِيلٍ وَ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ لَقِيطَ بْنَ نَاشِرٍ «1» الْجُهَنِيَّ السَّلَامُ عَلَى سُلَيْمَانَ مَوْلَى الْحُسَيْنِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ سُلَيْمَانَ بْنَ عَوْفٍ الْحَضْرَمِيَّ السَّلَامُ عَلَى قَارِبٍ مَوْلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ السَّلَامُ عَلَى مُنْجِحٍ مَوْلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ السَّلَامُ عَلَى مُسْلِمِ بْنِ عَوْسَجَةَ الْأَسَدِيِّ الْقَائِلِ لِلْحُسَيْنِ وَ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي الِانْصِرَافِ أَ نَحْنُ نُخَلِّي عَنْكَ وَ بِمَ نَعْتَذِرُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَدَاءِ حَقِّكَ- لَا وَ اللَّهِ حَتَّى أَكْسِرَ فِي صُدُورِهِمْ رُمْحِي هَذَا وَ أَضْرِبَهُمْ بِسَيْفِي مَا ثَبَتَ قَائِمُهُ فِي يَدِي وَ لَا أُفَارِقُكَ وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعِي سِلَاحٌ أُقَاتِلُهُمْ بِهِ لَقَذَفْتُهُمْ بِالْحِجَارَةِ وَ لَمْ أُفَارِقْكَ حَتَّى أَمُوتَ مَعَكَ وَ كُنْتَ أَوَّلَ مَنْ شَرَى نَفْسَهُ وَ أَوَّلَ شَهِيدٍ شَهِدَ لِلَّهِ وَ قَضَى نَحْبَهُ فَفُزْتَ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ شَكَرَ اللَّهُ اسْتِقْدَامَكَ وَ مُوَاسَاتَكَ إِمَامَكَ إِذْ مَشَى إِلَيْكَ وَ أَنْتَ صَرِيعٌ فَقَالَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا مُسْلِمَ بْنَ عَوْسَجَةَ وَ قَرَأَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى‏ نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا لَعَنَ اللَّهُ الْمُشْتَرِكِينَ فِي قَتْلِكَ- عَبْدَ اللَّهِ الضَّبَابِيَّ وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَشْكَارَةَ
__________________________________________________
 (1) لقيط بن ياسر خ ل.

69
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

الْبَجَلِيَّ وَ مُسْلِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الضَّبَابِيَّ السَّلَامُ عَلَى سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَنَفِيِّ الْقَائِلِ لِلْحُسَيْنِ وَ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي الِانْصِرَافِ- لَا وَ اللَّهِ لَا نُخَلِّيكَ حَتَّى يَعْلَمَ اللَّهُ أَنَّا قَدْ حَفِظْنَا غَيْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ ص فِيكَ وَ اللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُحْرَقُ ثُمَّ أُذْرَى وَ يُفْعَلُ بِي ذَلِكَ سَبْعِينَ مَرَّةً مَا فَارَقْتُكَ حَتَّى أَلْقَى حِمَامِي دُونَكَ وَ كَيْفَ أَفْعَلُ ذَلِكَ وَ إِنَّمَا هِيَ مَوْتَةٌ أَوْ قَتْلَةٌ وَاحِدَةٌ ثُمَّ هِيَ بَعْدَهَا الْكَرَامَةُ الَّتِي لَا انْقِضَاءَ لَهَا أَبَداً فَقَدْ لَقِيتَ حِمَامَكَ وَ وَاسَيْتَ إِمَامَكَ وَ لَقِيتَ مِنَ اللَّهِ الْكَرَامَةَ فِي دَارِ الْمُقَامَةِ حَشَرَنَا اللَّهُ مَعَكُمْ فِي الْمُسْتَشْهَدِينَ وَ رَزَقَنَا مُرَافَقَتَكُمْ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ السَّلَامُ عَلَى بِشْرِ بْنِ عُمَرَ الْحَضْرَمِيِّ شَكَرَ اللَّهُ لَكَ قَوْلَكَ لِلْحُسَيْنِ وَ قَدْ أَذِنَ لَكَ فِي الِانْصِرَافِ أَكَلَتْنِي إِذَنْ السِّبَاعُ حَيّاً إِنْ فَارَقْتُكَ وَ أَسْأَلُ عَنْكَ الرُّكْبَانَ وَ أَخْذُلُكَ مَعَ قِلَّةِ الْأَعْوَانِ لَا يَكُونُ هَذَا أَبَداً السَّلَامُ عَلَى يَزِيدَ بْنِ حُصَيْنٍ الْهَمْدَانِيِّ الْمَشْرِقِيِّ الْقَارِي الْمُجَدَّلِ بِالْمَشْرَفِيِّ السَّلَامُ عَلَى عُمَرَ بْنِ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيِّ السَّلَامُ عَلَى نُعَيْمِ بْنِ عَجْلَانَ الْأَنْصَارِيِّ-

70
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

السَّلَامُ عَلَى زُهَيْرِ بْنِ الْقَيْنِ الْبَجَلِيِّ الْقَائِلِ لِلْحُسَيْنِ وَ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي الِانْصِرَافِ- لَا وَ اللَّهِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ أَبَداً أَتْرُكُ ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَسِيراً فِي يَدِ الْأَعْدَاءِ وَ أَنْجُو لَا أَرَانِيَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ السَّلَامُ عَلَى عَمْرِو بْنِ قَرَظَةَ الْأَنْصَارِيِّ السَّلَامُ عَلَى حَبِيبِ بْنِ مُظَاهِرٍ الْأَسَدِيِّ السَّلَامُ عَلَى الْحُرِّ بْنِ يَزِيدَ الرِّيَاحِيِّ السَّلَامُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ الْكَلْبِيِّ السَّلَامُ عَلَى نَافِعِ بْنِ هِلَالِ بْنِ نَافِعٍ الْبَجَلِيِّ «1» الْمُرَادِيِّ السَّلَامُ عَلَى أَنَسِ بْنِ كَاهِلٍ الْأَسَدِيِّ السَّلَامُ عَلَى قَيْسِ بْنِ مُسْهِرٍ الصَّيْدَاوِيِّ السَّلَامُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنَيْ عُرْوَةَ بْنِ حَرَاقٍ الْغِفَارِيَّيْنِ السَّلَامُ عَلَى جَوْنِ بْنِ حُوَيٍّ مَوْلَى أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ السَّلَامُ عَلَى شَبِيبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّهْشَلِيِّ السَّلَامُ عَلَى الْحَجَّاجِ بْنِ زَيْدٍ السَّعْدِيِّ السَّلَامُ عَلَى قَاسِطٍ وَ كَرِشٍ «2» ابْنَيْ ظَهِيرٍ التَّغْلِبِيَّيْنِ السَّلَامُ عَلَى كِنَانَةَ بْنِ عَتِيقٍ السَّلَامُ عَلَى ضِرْغَامَةَ بْنِ مَالِكٍ‏
__________________________________________________
 (1) هو في الطبريّ ج 6 ص 253 و كامل ابن الأثير ج 4 ص 29 و البداية ج 8 ص 184 «الجملى» نسبة الى جمل بن كنانة.
 (2) كردوس خ ل.

71
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

السَّلَامُ عَلَى حُوَيِّ بْنِ مَالِكٍ الضُّبَعِيِّ السَّلَامُ عَلَى عَمْرِو بْنِ ضُبَيْعَةَ الضُّبَعِيِّ السَّلَامُ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثُبَيْتٍ الْقَيْسِيِّ السَّلَامُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَ عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنَيْ يَزِيدَ بْنِ ثُبَيْتٍ الْقَيْسِيِّ السَّلَامُ عَلَى عَامِرِ بْنِ مُسْلِمٍ السَّلَامُ عَلَى قَعْنَبِ بْنِ عَمْرٍو التَّمْرِيِّ السَّلَامُ عَلَى سَالِمٍ مَوْلَى عَامِرِ بْنِ مُسْلِمٍ السَّلَامُ عَلَى سَيْفِ بْنِ مَالِكٍ السَّلَامُ عَلَى زُهَيْرِ بْنِ بِشْرٍ الْخَثْعَمِيِّ السَّلَامُ عَلَى زَيْدِ بْنِ مَعْقِلٍ الْجُعْفِيِّ السَّلَامُ عَلَى الْحَجَّاجِ بْنِ مَسْرُوقٍ الْجُعْفِيِّ السَّلَامُ عَلَى مَسْعُودِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَ ابْنِهِ السَّلَامُ عَلَى مُجَمِّعِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَائِذِيِّ السَّلَامُ عَلَى عَمَّارِ بْنِ حَسَّانَ بْنِ شُرَيْحٍ الطَّائِيِّ السَّلَامُ عَلَى حُبَابِ بْنِ الْحَارِثِ السَّلْمَانِيِّ الْأَزْدِيِّ السَّلَامُ عَلَى جُنْدَبِ بْنِ حُجْرٍ الْخَوْلَانِيِّ السَّلَامُ عَلَى عُمَرَ بْنِ خَالِدٍ الصَّيْدَاوِيِّ السَّلَامُ عَلَى سَعِيدٍ مَوْلَاهُ السَّلَامُ عَلَى يَزِيدَ بْنِ زِيَادِ بْنِ مُهَاصِرٍ الْكِنْدِيِّ السَّلَامُ عَلَى زَاهِدٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ الْخُزَاعِيِّ السَّلَامُ عَلَى جَبَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ الشَّيْبَانِيِّ السَّلَامُ عَلَى سَالِمٍ مَوْلَى بَنِي الْمَدَنِيَّةِ الْكَلْبِيِّ السَّلَامُ عَلَى أَسْلَمَ بْنِ كُثَيْرٍ الْأَزْدِيِّ الْأَعْرَجِ السَّلَامُ عَلَى زُهَيْرِ بْنِ سُلَيْمٍ الْأَزْدِيِّ-

72
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

السَّلَامُ عَلَى قَاسِمِ بْنِ حَبِيبٍ الْأَزْدِيِّ السَّلَامُ عَلَى عُمَرَ بْنِ جُنْدَبٍ الْحَضْرَمِيِّ السَّلَامُ عَلَى أَبِي ثُمَامَةَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصَّائِدِيِّ السَّلَامُ عَلَى حَنْظَلَةَ بْنِ سَعْدٍ الشِّبَامِيِّ السَّلَامُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْكَدِرِ الْأَرْحَبِيِّ السَّلَامُ عَلَى عَمَّارِ بْنِ أَبِي سَلَامَةَ الْهَمْدَانِيِّ السَّلَامُ عَلَى عَابِسِ «1» بْنِ أَبِي شَبِيبٍ الشَّاكِرِيِّ السَّلَامُ عَلَى شَوْذَبٍ مَوْلَى شَاكِرٍ السَّلَامُ عَلَى شَبِيبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ سَرِيعٍ السَّلَامُ عَلَى مَالِكِ بْنِ عَبْدِ بْنِ سَرِيعٍ السَّلَامُ عَلَى الْجَرِيحِ الْمَأْسُورِ- سَوَّارِ بْنِ أَبِي حِمْيَرٍ الْفَهْمِيِّ الْهَمْدَانِيِّ السَّلَامُ عَلَى الْمُرَتَّبِ مَعَهُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُنْدُعِيِّ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا خَيْرَ أَنْصَارٍ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ بَوَّأَكُمُ اللَّهُ مُبَوَّأَ الْأَبْرَارِ أَشْهَدُ لَقَدْ كَشَفَ اللَّهُ لَكُمُ الْغِطَاءَ وَ مَهَّدَ لَكُمُ الْوِطَاءَ وَ أَجْزَلَ لَكُمُ الْعَطَاءَ وَ كُنْتُمْ عَنِ الْحَقِّ غَيْرَ بِطَاءٍ وَ أَنْتُمْ لَنَا فُرَطَاءُ وَ نَحْنُ لَكُمْ خُلَطَاءُ فِي دَارِ الْبَقَاءِ وَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.
__________________________________________________
 (1) في الأصل: عائش.

73
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

أقول: قوله و قيل لعله من السيد أو من بعض الرواة.
4- وَ قَالَ الْمَسْعُودِيُّ فِي كِتَابِ مُرُوجِ الذَّهَبِ فَعَدَلَ الْحُسَيْنُ إِلَى كَرْبَلَاءَ وَ هُوَ فِي مِقْدَارِ أَلْفِ فَارِسٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ أَصْحَابِهِ وَ نَحْوِ مِائَةِ رَاجِلٍ فَلَمْ يَزَلْ يُقَاتِلُ حَتَّى قُتِلَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ كَانَ الَّذِي تَوَلَّى قَتْلَهُ رَجُلًا مِنْ مَذْحِجٍ وَ قُتِلَ وَ هُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَ خَمْسِينَ سَنَةً وَ قِيلَ ابْنُ تِسْعٍ وَ خَمْسِينَ سَنَةً وَ قِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَ وُجِدَ بِهِ ع يَوْمَ قُتِلَ ثَلَاثٌ وَ ثَلَاثُونَ طَعْنَةً وَ أَرْبَعٌ وَ ثَلَاثُونَ ضَرْبَةً وَ ضَرَبَ زُرْعَةُ بْنُ شَرِيكٍ التَّمِيمِيُّ لَعَنَهُ اللَّهُ كَفَّهُ الْيُسْرَى وَ طَعَنَهُ سِنَانُ بْنُ أَنَسٍ النَّخَعِيُّ لَعَنَهُ اللَّهُ ثُمَّ نَزَلَ وَ اجْتَزَّ رَأْسَهُ وَ تَوَلَّى قَتْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ خَاصَّةً لَمْ يَحْضُرْهُمْ شَامِيٌّ وَ كَانَ جَمِيعُ مَنْ قُتِلَ مَعَهُ سَبْعاً وَ ثَمَانِينَ وَ كَانَ عِدَّةُ مَنْ قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ فِي حَرْبِ الْحُسَيْنِ ع ثَمَانِيَةً وَ ثَمَانِينَ رَجُلًا.
أقول و لنوضح بعض مشكلات ما تقدم في هذا الباب.
قوله ع لو لا تقارب الأشياء أي قرب الآجال أو إناطة الأشياء بالأسباب بحسب المصالح أو أنه يصير سببا لتقارب الفرج و غلبة أهل الحق و لما يأت أوانه و في بعض النسخ لو لا تفاوت الأشياء أي في الفضل و الثواب. قوله ع فلم يبعد أي من الخير و النجاح و الفلاح و قد شاع قولهم بعدا له و أبعده الله و الإغذاذ في السير الإسراع و قال الجزري في حديث أبي قتادة فانطلق الناس لا يلوي أحد على أحد أي لا يلتفت و لا يعطف عليه و ألوى برأسه و لواه إذا أماله من جانب إلى جانب انتهى.
و الوله الحيرة و ذهاب العقل حزنا و المراد هنا شدة الشوق و قال الفيروزآبادي عسل الذئب أو الفرس يعسل عسلانا اضطرب في عدوه و هز رأسه و العسل الناقة السريعة و أبو عسلة بالكسر الذئب انتهى أي يتقطعها الذئاب الكثيرة العدو السريعة أو الأعم منه و من سائر السباع و الكرش من الحيوانات كالمعدة من الإنسان و الأجربة جمع الجراب و هو الهميان أطلق على بطونها على الاستعارة و لعل المعنى أني أصير بحيث يزعم الناس أني أصير كذلك بقرينة

74
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

قوله ع و هو مجموعة له في حظيرة القدس فيكون استعارة تمثيلية أو يقال نسب إلى نفسه المقدسة ما يعرض لأصحابه أو يقال إنها تصير ابتداء إلى أجوافها لشدة الابتلاء ثم تنتزع منها و تجتمع في حظيرة القدس و يقال انكمش أي أسرع.
قوله كأنما على رءوسنا الطير أي بقينا متحيرين لا نتحرك قال الجزري في صفة الصحابة كأنما على رءوسهم الطير وصفهم بالسكون و الوقار و أنهم لم يكن فيهم طيش و لا خفة لأن الطير لا تكاد تقع إلا على شي‏ء ساكن انتهى.
و التقويض نقض من غير هدم أو هو نزع الأعواد و الأطناب و الإرقال ضرب من الخبب و هو ضرب من العدو و هوادي الخيل أعناقها.
قوله كان أسنتهم اليعاسيب هو جمع يعسوب أمير النحل شبهها في كثرتها بأن كلا منها كأنه أمير النحل اجتمع عليه عسكره‏
قال الجزري في حديث الدجال فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل.
جمع يعسوب أي تظهر له و تجتمع عنده كما تجتمع النحل على يعاسيبها انتهى و كذا تشبيه الرايات بأجنحة الطير إنما هو في الكثرة و اتصال بعضها ببعض.
و قال الجوهري و قولهم هم زهاء مائة أي قدر مائة قوله ع و رشفوا الخيل أي اسقوهم قليلا قال الجوهري الرشف المص و في المثل الرشف أنقع أي إذا ترشفت الماء قليلا قليلا كان أسكن للعطش و الطساس بالكسر جمع الطس و هو لغة في الطست و لا تغفل عن كرمه عليه الصلاة و السلام حيث أمر بسقي رجال المخالفين و دوابهم.
قوله و الراوية عندي السقاية أي كنت أظن أن مراده ع بالراوية المزادة التي يسقى به و لم أعرف أنها تطلق على البعير فصرح ع بذكر الجمل قال الفيروزآبادي الراوية المزادة فيها الماء و البعير و البغل و الحمار يستقي عليه و قال الجزري فيه نهي عن اختناث الأسقية خنثت السقاء إذا ثنيت فمه إلى خارج و شربت منه و قبعته إذا ثنيته إلى داخل و الخميس الجيش و الوغى الحرب و العرمرم الجيش الكثير و الباتر السيف القاطع و قال الجوهري الجعجعة

75
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

الحبس و كتب عبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد أن جعجع بحسين ع قال الأصمعي يعني احبسه و قال ابن الأعرابي يعني ضيق عليه و قال العراء بالمد الفضاء لا ستر به قال الله تعالى لَنُبِذَ بِالْعَراءِ و يقال ما لي به قبل بكسر القاف أي طاقة و الصبابة بالضم البقية من الماء في الإناء.
و قال الجوهري الوبلة بالتحريك الثقل و الوخامة و قد وبل المرتع وبلا و وبالا فهو وبيل أي وخيم و البرم بالتحريك ما يوجب السأمة و الضجر و الوثير الفراش الوطي‏ء اللين و الخمير الخبز البائت و الفتك أن يأتي الرجل صاحبه و هو غار غافل حتى يشد عليه فيقتله.
و قال البيضاوي في قوله وَ لاتَ حِينَ مَناصٍ أي ليس الحين حين مناص و لا هي المشبهة بليس زيدت عليها تاء التأنيث للتأكيد كما زيدت على رب و ثم و خصت بلزوم الأحيان و حذف أحد المعمولين و قيل هي النافية للجنس أي و لا حين مناص لهم و قيل للفعل و النصب بإضماره أي و لا أرى حين مناص و المناص المنجى.
قوله قد خشيت أي ظننت أو علمت و كبد السماء وسطها و البغر بالتحريك داء و عطش قال الأصمعي هو عطش يأخذ الإبل فتشرب فلا تروى و تمرض عنه فتموت تقول منه بغر بالكسر و الزحف المشي و المناجزة المبارزة و المقاتلة و الثمال بالكسر الغياث يقال فلان ثمال قومه أي غياث لهم يقوم بأمرهم و يقال حلأت الإبل عن الماء تحلئة إذا طردتها عنه و منعتها أن ترده قاله الجوهري و قال تقول تبا لفلان تنصبه على المصدر بإضمار فعل أي ألزمه الله هلاكا و خسرانا و الترح بالتحريك ضد الفرح و المستصرخ المستغيث و حششت النار أحشها حشا أوقدتها.
قوله جناها أي أخذها و جمع حطبها
و في رواية السيد فأصرخناكم موجفين سللتم علينا سيفا لنا في أيمانكم و حششتم علينا نارا اقتدحناها على عدوكم و عدونا.

76
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

و قال الجوهري ألبت الجيش إذا جمعته و تألبوا تجمعوا و هم ألب و إلب إذا كانوا مجتمعين و تفيل رأيه أخطأ و ضعف و الجأش رواغ القلب إذا اضطرب عند الفزع و نفس الإنسان و قد لا يهمز.
قوله ع طامن أي ساكن مطمئن و استحصف الشي‏ء استحكم و شذاذ الناس الذين يكونون في القوم و ليسوا من قبائلهم.
قوله ع و نفثة الشيطان أي ينفث فيهم الشيطان بالوساوس أو أنهم شرك شيطان قال الفيروزآبادي نفث ينفث و ينفث و هو كالنفخ و نفث الشيطان الشعر و النفاثة ككناسة ما ينفثه المصدور من فيه و الشطيبة من السواك تبقى في الفم فتنفث و في تحف العقول بقية الشيطان.
قوله ع جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ قال الجوهري هو من عضوته أي فرقته لأن المشركين فرقوا أقاويلهم فيه فجعلوه كذبا و سحرا و كهانة و شعرا و قيل أصله عضهة لأن العضة و العضين في لغة قريش السحر.
قوله ع قد ركز أي أقامنا بين الأمرين من قولهم ركز الرمح أي غرزه في الأرض و في رواية السيد و التحف ركن بالنون أي مال و سكن إلينا بهذين و الأظهر تركني كما في الإحتجاج و القلة قلة العدد بالقتل و في رواية السيد و الإحتجاج السلة و هي بالفتح و الكسر اعتلال السيوف و هو أظهر.
قوله فغير مهزمينا على صيغة المفعول أي إن أرادوا أن يهزمونا فلا نهزم أو إن هزمونا و أبعدونا فليس على وجه الهزيمة بل على جهة المصلحة و الأول أظهر و الطب بالكسر العادة و الحاصل أنا لم نقتل بسبب الجبن فإنه ليس من عادتنا و لكن بسبب أن حضر وقت منايانا و دولة الآخرين.
قوله ع إلا ريثما يركب أي إلا قدر ما يركب و طاح يطوح و يطيح هلك و سقط و الهبل بالتحريك مصدر قولك هبلته أمه أي ثكلته و الكلكل الصدر و في بعض النسخ بكظمه و هو بالتحريك مخرج النفس و هو أظهر و الزئير صوت الأسد في صدره.

77
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

قوله لعنه الله مزني أي رمح مزني و كعوب الرمح النواشز في أطراف الأنابيب و عدم خيانتها كناية عن كثرة نفوذها و عدم كلالها و الغراران شفرتا السيف و الحاسر الذي لا مغفر عليه و لا درع و يوم قماطر بالضم شديد قوله هنه الهاء للسكت و كذا في قوله فاجهدنه و فارغبنه و رجل مدجج أي شاك في السلاح و يقال عرج فلان على المنزل إذا حبس مطيته عليه و أقام و كذلك التعرج ذكره الجوهري و قال قال أبو عمرو الأزل الخفيف الوركين و السمع الأزل الذئب الأرسح يتولد بين الذئب و الضبع و هذه الصفة لازمة له كما يقال الضبع العرجاء و في المثل هو أسمع من الذئب الأزل «1» و اللبد بكسر اللام و فتح الباء جمع اللبدة و هي الشعر المتراكب بين كتفي الأسد و يقال للأسد ذو لبد.
قوله لأنعمتك عينا أي نعم أفعل ذلك إكراما لك و إنعاما لعينك و شب الفرس يشب و يشب شبابا و شبيبا إذا قمص و لعب و أشببته أنا إذا هيجته و احتوش القوم على فلان أي جعلوه وسطهم.
و قال الجوهري قولهم فلان حامي الذمار أي إذا ذمر و غضب حمي و فلان أمنع ذمارا من فلان و يقال الذمار ما وراء الرجل مما يحق عليه أن يحميه قوله شاري أي شرى نفسه و باعها بالجنة و المهند السيف المطبوع من حديد الهند و أصلت سيفه أي جرده من غمده فهو مصلت و ضربه بالسيف صلتا و صلتا إذا ضربه به و هو مصلت و الباسل البطل الشجاع و الفيصل الحاكم‏
__________________________________________________
 (1) قال في مجمع الامثال تحت الرقم 1885 «أسمع من سمع» و يقال: «أسمع من السمع الازل» لان هذه الصفة لازمة له و السمع سبع مركب لانه ولد الذئب من الضبع و السمع كالحية لا يعرف الاسقام و العلل، و لا يموت حتف أنفه، بل يموت بعرض من الاعراض يعرض له، و ليس في الحيوان شي‏ء عدوه كعدو السمع لانه أسرع من الطير، و يقال: و ثبات السمع تزيد على عشرين أو ثلاثين ذراعا.
أقول: و هو شديد السمع يضرب به المثل في ذلك.

78
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

و القضاء بين الحق و الباطل و الولولة الإعوال و الأشبل جمع الشبل ولد الأسد و الغيار بالكسر من الغيرة أو الغارة و قد يكون بمعنى الدخول في الشي‏ء و العضب بالفتح السيف القاطع.
و قال الجوهري سيف ذكر و مذكر أي ذو ماء قال أبو عبيد هي سيوف شفراتها حديد ذكر و متونها أنيث قال و يقول الناس إنها من عمل الجن و دودان بن أسد أبو قبيلة قوله بطعن آن أي حار شديد الحرارة و يقال أرهفت سيفي أي رققته فهو مرهف و الأسمر الرمح و السطاع لعله من سطوع الغبار و الكمي الشجاع المتكمي في سلاحه لأنه كمي نفسه أي سترها بالدرع و البيضة.
و القرم السيد و الأكتاد جمع الكتد و هو ما بين الكاهل إلى الظهر و الآد القوة و الأخفاق لعله جمع الخفق بمعنى الاضطراب أو الخفق بمعنى ضربك الشي‏ء بدرة أو عريض أو صوت النعل أو من أخفق الطائر ضرب بجناحيه و الرشق الرمي بالنبل و غيره و بالكسر الاسم و الخور الضعف و الجبن و الشلو بالكسر العضو من أعضاء اللحم و أشلاء الإنسان أعضاؤه بعد البلى و التفرق.
قوله من عامه أي متحير ضال و لعله بيان لابن هند و العجاجة الغبار و الذوائب جمع الذؤابة و هي من العز و الشرف و كل شي‏ء أعلاه و الصوب نزول المطر و المزن جمع المزنة و هي السحابة البيضاء و الفلقة بالكسر القطعة و أسد حرب بكسر الراء أي شديد الغضب.
قوله فأطنها أي قطعها و الضرغام بالكسر الأسد و قال الجزري فيه و اقتلهم بددا يروى بكسر الباء جمع بدة و هي الحصة و النصيب أي اقتلهم حصصا مقسمة لكل واحد حصته و نصيبه و يروى بالفتح أي متفرقين في القتل واحدا بعد واحد من التبديد انتهى و القسورة العزيز و الأسد و الرماة من الصيادين و يقال أجحرته أي ألجأته إلى أن دخل جحره فانجحر.
قوله ع إذا الموت رقا أي صعد كناية عن الكثرة أو القرب و الإشراف‏

79
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

و في بعض النسخ زقا بالزاء المعجمة أي صالح و المصاليت جمع المصلات و هو الرجل الماضي في الأمور و اللقا بالفتح الشي‏ء الملقى لهوانه و قال الجوهري القدة الطريقة و الفرقة من الناس إذا كان هوى كل واحد على حدة يقال كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً و قال الجوهري العفاء بالفتح و المد التراب و قال صفوان بن محرز إذا دخلت بيتي فأكلت رغيفا و شربت عليه ماء فعلى الدنيا العفاء و قال أبو عبيدة العفاء الدروس و الهلاك قال و هذا كقولهم عليه الدبار إذا دعا عليه أن يدبر فلا يرجع و التذبذب التحرك و الوكوف القطرات و الهطل تتابع المطر و الفيلق بفتح الفاء و اللام الجيش و الورد بالفتح الأسد و الجحفل الجيش و نفحه بالسيف تناوله من بعيد و في بعض النسخ بعجه من قولهم بعج بطنه بالسكين إذا شقه.
و قال الجوهري البقع في الطير و الكلاب بمنزلة البلق في الدواب و الرفس الضرب بالرجل و سفت الريح التراب تسفيه سفيا أذرته و اليعبوب الفرس الكثير الجري و شددنا أسره أي خلقه و الجناجن عظام الصدر.
5- ني، الغيبة للنعماني ابْنُ عُقْدَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَمَّدِيِّ عَنِ التَّفْلِيسِيِّ عَنِ السَّمَنْدِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ ع أَنَّهُ قَالَ: الْمُؤْمِنُونَ يُبْتَلَوْنَ ثُمَّ يُمَيِّزُهُمُ اللَّهُ عِنْدَهُ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُؤْمِنِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ بَلَاءِ الدُّنْيَا وَ مَرَائِرِهَا وَ لَكِنْ آمَنَهُمْ مِنَ الْعَمَى وَ الشَّقَاءِ فِي الْآخِرَةِ ثُمَّ قَالَ كَانَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع يَضَعُ قَتَلَاهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ يَقُولُ قَتْلَانَا قَتْلَى النَّبِيِّينَ وَ آلِ النَّبِيِّينَ «1».
6- يج، الخرائج و الجرائح سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ فَضْلٍ عَنْ سَعْدٍ الْجَلَّابِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قَالَ الْحُسَيْنُ ع لِأَصْحَابِهِ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ لِي يَا بُنَيَّ إِنَّكَ سَتُسَاقُ إِلَى الْعِرَاقِ وَ هِيَ أَرْضٌ قَدِ الْتَقَى بِهَا النَّبِيُّونَ وَ أَوْصِيَاءُ النَّبِيِّينَ وَ هِيَ أَرْضٌ تُدْعَى عَمُورَا وَ إِنَّكَ تُسْتَشْهَدُ بِهَا وَ يُسْتَشْهَدُ مَعَكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِكَ لَا يَجِدُونَ أَلَمَ مَسِّ الْحَدِيدِ وَ تَلَا قُلْنا يا نارُ
__________________________________________________
 (1) غيبة النعمانيّ ص 112 و 113.

80
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلى‏ إِبْراهِيمَ «1» يَكُونُ الْحَرْبُ بَرْداً وَ سَلَاماً عَلَيْكَ وَ عَلَيْهِمْ فَأَبْشِرُوا فَوَ اللَّهِ لَئِنْ قَتَلُونَا فَإِنَّا نَرِدُ عَلَى نَبِيِّنَا قَالَ ثُمَّ أَمْكُثُ مَا شَاءَ اللَّهُ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْهُ فَأَخْرُجُ خَرْجَةً يُوَافِقُ ذَلِكَ خَرْجَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ قِيَامَ قَائِمِنَا وَ حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ ص ثُمَّ لَيَنْزِلَنَّ عَلَيَّ وَفْدٌ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَمْ يَنْزِلُوا إِلَى الْأَرْضِ قَطُّ وَ لَيَنْزِلَنَّ إِلَيَّ جَبْرَئِيلُ وَ مِيكَائِيلُ وَ إِسْرَافِيلُ وَ جُنُودٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ لَيَنْزِلَنَّ مُحَمَّدٌ وَ عَلِيٌّ وَ أَنَا وَ أَخِي وَ جَمِيعُ مَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي حَمُولَاتٍ مِنْ حَمُولَاتِ الرَّبِّ جِمَالٍ مِنْ نُورٍ لَمْ يَرْكَبْهَا مَخْلُوقٌ ثُمَّ لَيَهُزَّنَّ مُحَمَّدٌ ص لِوَاءَهُ وَ لَيَدْفَعُهُ إِلَى قَائِمِنَا مَعَ سَيْفِهِ ثُمَّ إِنَّا نَمْكُثُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ يُخْرِجُ مِنْ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ عَيْناً مِنْ دُهْنٍ وَ عَيْناً مِنْ مَاءٍ وَ عَيْناً مِنْ لَبَنٍ ثُمَّ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَدْفَعُ إِلَيَّ سَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ يَبْعَثُنِي إِلَى الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ فَلَا آتِي عَلَى عَدُوٍّ لِلَّهِ إِلَّا أَهْرَقْتُ دَمَهُ وَ لَا أَدَعُ صَنَماً إِلَّا أَحْرَقْتُهُ حَتَّى أَقَعَ إِلَى الْهِنْدِ فَأَفْتَحَهَا وَ إِنَّ دَانِيَالَ وَ يُوشَعَ يَخْرُجَانِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع يَقُولَانِ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ يَبْعَثُ مَعَهُمَا إِلَى الْبَصْرَةِ سَبْعِينَ رَجُلًا فَيَقْتُلُونَ مُقَاتِلِيهِمْ وَ يَبْعَثُ بَعْثاً إِلَى الرُّومِ فَيَفْتَحُ اللَّهُ لَهُمْ ثُمَّ لَأَقْتُلَنَّ كُلَّ دَابَّةٍ حَرَّمَ اللَّهُ لَحْمَهَا حَتَّى لَا يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ إِلَّا الطَّيِّبُ وَ أَعْرِضُ عَلَى الْيَهُودِ وَ النَّصَارَى وَ سَائِرِ الْمِلَلِ وَ لَأُخَيِّرَنَّهُمْ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَ السَّيْفِ فَمَنْ أَسْلَمَ مَنَنْتُ عَلَيْهِ وَ مَنْ كَرِهَ الْإِسْلَامَ أَهْرَقَ اللَّهُ دَمَهُ وَ لَا يَبْقَى رَجُلٌ مِنْ شِيعَتِنَا إِلَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكاً يَمْسَحُ عَنْ وَجْهِهِ التُّرَابَ وَ يُعَرِّفُهُ أَزْوَاجَهُ وَ مَنْزِلَتَهُ فِي الْجَنَّةِ وَ لَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَعْمَى وَ لَا مُقْعَدٌ وَ لَا مُبْتَلًى إِلَّا كَشَفَ اللَّهُ عَنْهُ بَلَاءَهُ بِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ لَيُنْزِلَنَّ الْبَرَكَةَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ حَتَّى إِنَّ الشَّجَرَةَ لَتُقْصَفُ بِمَا يَزِيدُ اللَّهُ فِيهَا مِنَ الثَّمَرَةِ وَ لَتَأْكُلُنَّ ثَمَرَةَ الشِّتَاءِ فِي الصَّيْفِ وَ ثَمَرَةَ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى‏ آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ‏
__________________________________________________
 (1) الأنبياء ص 69.

81
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ وَ لكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ «1» ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ لَيَهَبُ لِشِيعَتِنَا كَرَامَةً- لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ شَيْ‏ءٌ فِي الْأَرْضِ وَ مَا كَانَ فِيهَا حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ يُرِيدُ أَنْ يَعْلَمَ عِلْمَ أَهْلِ بَيْتِهِ فَيُخْبِرَهُمْ بِعِلْمِ مَا يَعْمَلُونَ.
بيان لتقصف أي تنكسر أغصانها لكثرة ما حملت من الثمرة.
7- لي، الأمالي للصدوق أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ وَ ابْنِ بُكَيْرٍ وَ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْعِجْلِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ ع قَالَ: أُصِيبَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع وَ وُجِدَ بِهِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ بِضْعٌ وَ عِشْرُونَ طَعْنَةً بِرُمْحٍ أَوْ ضَرْبَةً بِسَيْفٍ أَوْ رَمْيَةً بِسَهْمٍ فَرُوِيَ أَنَّهَا كَانَتْ كُلُّهَا فِي مُقَدَّمِهِ لِأَنَّهُ ع كَانَ لَا يُوَلِّي «2».
8- ما، الأمالي للشيخ الطوسي أَحْمَدُ بْنُ عُبْدُونٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبِي عُمَارَةَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ وُجِدَ بِالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع نَيِّفٌ وَ سَبْعُونَ طَعْنَةً وَ نَيِّفٌ وَ سَبْعُونَ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ.
9- لي، الأمالي للصدوق ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِيِّ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ زِيَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ «3» عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ: دَخَلَتِ الْعَامَّةُ «4» عَلَيْنَا الْفُسْطَاطَ وَ أَنَا جَارِيَةٌ صَغِيرَةٌ وَ فِي رِجْلَيَّ خَلْخَالانِ مِنْ ذَهَبٍ فَجَعَلَ رَجُلٌ يَفُضُّ الْخَلْخَالَيْنِ مِنْ رِجْلَيَّ وَ هُوَ يَبْكِي فَقُلْتُ مَا يُبْكِيكَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ فَقَالَ كَيْفَ لَا أَبْكِي وَ أَنَا أَسْلُبُ ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ فَقُلْتُ لَا تَسْلُبْنِي قَالَ أَخَافُ أَنْ يَجِي‏ءَ غَيْرِي فَيَأْخُذَهُ قَالَتْ وَ انْتَهَبُوا مَا فِي الْأَبْنِيَةِ حَتَّى كَانُوا يَنْزِعُونَ الْمَلَاحِفَ عَنْ ظُهُورِنَا.
__________________________________________________
 (1) الأعراف: 96.
 (2) أمالي الصدوق المجلس 31 تحت الرقم: 1.
 (3) هو عبد اللّه بن الحسن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام و في نسخة الأصل و نسخة الكمبانيّ و هكذا المصدر «عبد اللّه بن الحسين» و هو تصحيف.
 (4) في المصدر المجلس 31 تحت الرقم 2: «الغانمة».

82
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

10- ج، الإحتجاج عَنْ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا اسْتَكَفَّ النَّاسُ بِالْحُسَيْنِ ع رَكِبَ فَرَسَهُ وَ اسْتَنْصَتَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ تَبّاً لَكُمْ أَيَّتُهَا الْجَمَاعَةُ وَ تَرَحاً وَ بُؤْساً لَكُمْ وَ تَعْساً حِينَ اسْتَصْرَخْتُمُونَا وَلِهِينَ فَأَصْرَخْنَاكُمْ مُوجِفِينَ فَشَحَذْتُمْ عَلَيْنَا سَيْفاً كَانَ فِي أَيْدِينَا وَ حَشَشْتُمْ عَلَيْنَا نَاراً أَضْرَمْنَاهَا عَلَى عَدُوِّكُمْ وَ عَدُوِّنَا فَأَصْبَحْتُمْ أَلْباً عَلَى أَوْلِيَائِكُمْ وَ يَداً لِأَعْدَائِكُمْ مِنْ غَيْرِ عَدْلٍ أَفْشَوْهُ فِيكُمْ وَ لَا أَمَلٍ أَصْبَحَ لَكُمْ فِيهِمْ وَ لَا ذَنْبٍ كَانَ مِنَّا إِلَيْكُمْ فَهَلَّا لَكُمُ الْوَيْلَاتُ إِذْ كَرِهْتُمُونَا وَ السَّيْفُ مَشِيمٌ وَ الْجَأْشُ طَامِنٌ وَ الرَّأْيُ لَمْ يُسْتَحْصَفْ وَ لَكِنَّكُمُ اسْتَسْرَعْتُمْ إِلَى بَيْعَتِنَا كَطَيْرَةِ الدَّبَى «1» وَ تَهَافَتُّمْ إِلَيْهَا كَتَهَافُتِ الْفَرَاشِ ثُمَّ نَقَضْتُمُوهَا سَفَهاً وَ ضِلَّةً بُعْداً وَ سُحْقاً لِطَوَاغِيتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ بَقِيَّةِ الْأَحْزَابِ وَ نَبَذَةِ الْكِتَابِ وَ مُطْفِئِ السُّنَنِ وَ مُوَاخِي الْمُسْتَهْزِءِينَ- الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ وَ عُصَاةِ الْأُمَمِ وَ مُلْحِقِ الْعَهْرَةِ بِالنَّسَبِ- لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ فِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ أَ فَهَؤُلَاءِ تَعْضُدُونَ وَ عَنَّا تَتَخَاذَلُونَ أَجَلْ وَ اللَّهِ الْخَذْلُ فِيكُمْ مَعْرُوفٌ نَبَتَتْ عَلَيْهِ أُصُولُكُمْ وَ تَأَزَّرَتْ عَلَيْهِ عُرُوقُكُمْ فَكُنْتُمْ أَخْبَثَ شَجَرٍ لِلنَّاظِرِ وَ أُكْلَةً لِلْغَاصِبِ- أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ النَّاكِثِينَ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا أَلَا وَ إِنَّ الدَّعِيَّ ابْنَ الدَّعِيَّ قَدْ تَرَكَنِي بَيْنَ السِّلَّةِ وَ الذِّلَّةِ وَ هَيْهَاتَ لَهُ ذَلِكَ هَيْهَاتَ مِنِّي الذِّلَّةُ أَبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ جُدُودٌ طَهُرَتْ وَ حُجُورٌ طَابَتْ أَنْ نُؤْثِرَ طَاعَةَ اللِّئَامِ عَلَى مَصَارِعِ الْكِرَامِ أَلَا وَ إِنِّي زَاحِفٌ بِهَذِهِ الْأُسْرَةِ عَلَى قِلَّةِ الْعَدَدِ وَ كَثْرَةِ الْعَدُوِّ وَ خِذْلَةِ النَّاصِرِ ثُمَّ تَمَثَّلَ فَقَالَ-
          فَإِنْ نَهْزِمْ فَهَزَّامُونَ قِدْماً-             وَ إِنْ نُهْزَمْ فَغَيْرُ مُهَزَّمِينَا
بيان يقال شمت السيف أغمدته و شمته سللته و هو من الأضداد «2».
__________________________________________________
 (1) الدبى: أصغر الجراد، يقال: جاء الخيل كالدبى فبلغ السيل الربى.
 (2) الاحتجاج ص 154، و قد مر مثله في ص 8 فراجع.

83
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

11- فس، تفسير القمي أَبِي عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَقِيَ الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع فَقَالَ لَهُ كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ وَيْحَكَ أَ مَا آنَ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ كَيْفَ أَصْبَحْتُ أَصْبَحْنَا فِي قَوْمِنَا مِثْلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي آلِ فِرْعَوْنَ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَنَا وَ يَسْتَحْيُونَ نِسَاءَنَا وَ أَصْبَحَ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ يُلْعَنُ عَلَى الْمَنَابِرِ وَ أَصْبَحَ عَدُوُّنَا يُعْطَى الْمَالَ وَ الشَّرَفَ وَ أَصْبَحَ مَنْ يُحِبُّنَا مَحْقُوراً مَنْقُوصاً حَقُّهُ وَ كَذَلِكَ لَمْ يَزَلِ الْمُؤْمِنُونَ وَ أَصْبَحَتِ الْعَجَمُ تَعْرِفُ لِلْعَرَبِ حَقَّهَا بِأَنَّ مُحَمَّداً كَانَ مِنْهَا وَ أَصْبَحَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ لِقُرَيْشٍ حَقَّهَا بِأَنَّ مُحَمَّداً كَانَ مِنْهَا وَ أَصْبَحَتْ قُرَيْشٌ تَفْتَخِرُ عَلَى الْعَرَبِ بِأَنَّ مُحَمَّداً كَانَ مِنْهَا وَ أَصْبَحَتِ الْعَرَبُ تَفْتَخِرُ عَلَى الْعَجَمِ بِأَنَّ مُحَمَّداً كَانَ مِنْهَا وَ أَصْبَحْنَا- أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ- لَا يُعْرَفُ لَنَا حَقٌّ فَهَكَذَا أَصْبَحْنَا.
12- ثو، ثواب الأعمال ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمَشْرِقِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَنَا وَ ابْنُ عَمٍّ لِي وَ هُوَ فِي قَصْرِ بَنِي مُقَاتِلٍ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَمِّي يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَذَا الَّذِي أَرَى خِضَابٌ أَوْ شَعْرُكَ فَقَالَ خِضَابٌ وَ الشَّيْبُ إِلَيْنَا بَنِي هَاشِمٍ يُعَجِّلُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ جِئْتُمَا لِنُصْرَتِي فَقُلْتُ إِنِّي رَجُلٌ كَبِيرُ السِّنِّ كَثِيرُ الدَّيْنِ كَثِيرُ الْعِيَالِ وَ فِي يَدِي بَضَائِعُ لِلنَّاسِ وَ لَا أَدْرِي مَا يَكُونُ وَ أَكْرَهُ أَنْ أُضَيِّعَ أَمَانَتِي وَ قَالَ لَهُ ابْنُ عَمِّي مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ لَنَا فَانْطَلِقَا فَلَا تَسْمَعَا لِي وَاعِيَةً وَ لَا تَرَيَا لِي سَوَاداً فَإِنَّهُ مَنْ سَمِعَ وَاعِيَتَنَا أَوْ رَأَى سَوَادَنَا فَلَمْ يُجِبْنَا وَ لَمْ يُغِثْنَا كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُكِبَّهُ عَلَى مَنْخِرَيْهِ فِي النَّارِ.
كش، رجال الكشي وجدت بخط محمد بن عمر السمرقندي و حدثني بعض الثقات عن الأشعري مثله «1».
13- ير، بصائر الدرجات أَيُّوبُ بْنُ نُوحٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: ذَكَرْنَا خُرُوجَ الْحُسَيْنِ وَ تَخَلُّفَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ
__________________________________________________
 (1) رجال الكشّيّ ص 105.

84
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

عَنْهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَا حَمْزَةُ إِنِّي سَأُحَدِّثُكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَ لَا تَسْأَلْ عَنْهُ بَعْدَ مَجْلِسِنَا هَذَا إِنَّ الْحُسَيْنَ لَمَّا فَصَلَ مُتَوَجِّهاً دَعَا بِقِرْطَاسٍ وَ كَتَبَ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مِنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ مَنْ لَحِقَ بِي مِنْكُمْ اسْتُشْهِدَ مَعِي وَ مَنْ تَخَلَّفَ لَمْ يَبْلُغِ الْفَتْحَ وَ السَّلَامُ «1».
14- كا، الكافي عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ع خَرَجَ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ إِلَى الْعِرَاقِ وَ قَدْ كَانَ دَخَلَ مُعْتَمِراً.
15- كا، الكافي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَرَّارٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ الْمُتَمَتِّعَ مُرْتَبِطٌ بِالْحَجِّ وَ الْمُعْتَمِرَ إِذَا فَرَغَ مِنْهَا ذَهَبَ حَيْثُ شَاءَ وَ قَدِ اعْتَمَرَ الْحُسَيْنُ فِي ذِي الْحِجَّةِ ثُمَّ رَاحَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ إِلَى الْعِرَاقِ وَ النَّاسُ يَرُوحُونَ إِلَى مِنًى وَ لَا بَأْسَ بِالْعُمْرَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ لِمَنْ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ «2».
16- مل، كامل الزيارات أَبِي وَ ابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الصُّهْبَانِ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ فُضَيْلٍ الرَّسَّانِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَقِيصَا قَالَ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ع وَ خَلَا بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَنَاجَاهُ طَوِيلًا قَالَ ثُمَّ أَقْبَلَ الْحُسَيْنُ ع بِوَجْهِهِ إِلَيْهِمْ وَ قَالَ إِنَّ هَذَا يَقُولُ لِي كُنْ حَمَاماً مِنْ حَمَامِ الْحَرَمِ وَ لَأَنْ أُقْتَلَ وَ بَيْنِي وَ بَيْنَ الْحَرَمِ بَاعٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُقْتَلَ وَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ شِبْرٌ وَ لَأَنْ أُقْتَلَ بِالطَّفِّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُقْتَلَ بِالْحَرَمِ «3».
17- مل، كامل الزيارات أَبِي وَ ابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع لَوْ جِئْتَ إِلَى مَكَّةَ فَكُنْتَ بِالْحَرَمِ فَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع- لَا
__________________________________________________
 (1) بصائر الدرجات ص 482 من الطبعة الحديثة.
 (2) الكافي ج 4 ص 535 تحت الرقم 3 و 4.
 (3) راجع كامل الزيارات الباب 23 و هكذا ما بعده.

85
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

نَسْتَحِلُّهَا وَ لَا تُسْتَحَلُّ بِنَا وَ لَأَنْ أُقْتَلَ عَلَى تَلِّ أَعْفَرَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُقْتَلَ بِهَا.
بيان قال الجوهري الأعفر الرمل الأحمر و الأعفر الأبيض و ليس بالشديد البياض انتهى و قال المسعودي تل أعفر موضع من بلاد ديار ربيعة.
18- مل، كامل الزيارات أَبِي وَ ابْنُ الْوَلِيدِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ الْحُسَيْنَ ع خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ فَشَيَّعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَدْ حَضَرَ الْحَجُّ وَ تَدَعُهُ وَ تَأْتِي الْعِرَاقَ فَقَالَ يَا ابْنَ الزُّبَيْرِ لَأَنْ أُدْفَنَ بِشَاطِئِ الْفُرَاتِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُدْفَنَ بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ.
19- مل، كامل الزيارات أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ع قَالَ لِأَصْحَابِهِ يَوْمَ أُصِيبُوا أَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ أُذِنَ فِي قَتْلِكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ اصْبِرُوا.
مل، كامل الزيارات محمد بن جعفر عن خاله ابن أبي الخطاب عن علي بن النعمان عن الحسين بن أبي العلا مثله.
20- مل، كامل الزيارات الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّ الْحُسَيْنَ ع صَلَّى بِأَصْحَابِهِ الْغَدَاةَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ فِي قَتْلِكُمْ فَعَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ.
بيان: أي قدر قتلكم في علمه تعالى «1».
21- مل، كامل الزيارات الْحَسَنُ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى «2» عَنْ
__________________________________________________
 (1) و يحتمل أن يكون «آذن» أي أخبر بأنكم مقتولون.
 (2) في الأصل و هكذا في المصدر في هذا السند و الذي قبله تصحيفات و الصحيح ما في الصلب، و الحسن هو الحسن بن عبد اللّه بن محمّد بن عيسى يروى عن أبيه عن جده محمّد ابن عيسى.

86
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

صَفْوَانَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ قَالَ قَالَ: وَ الَّذِي رُفِعَ إِلَيْهِ الْعَرْشُ لَقَدْ حَدَّثَنِي أَبُوكَ بِأَصْحَابِ الْحُسَيْنِ- لَا يَنْقُصُونَ رَجُلًا وَ لَا يَزِيدُونَ رَجُلًا تَعْتَدِي بِهِمْ هَذِهِ الْأُمَّةُ كَمَا اعْتَدَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَ قُتِلَ يَوْمَ السَّبْتِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ.
أقول هكذا وجدنا الخبر و لعله سقط منه شي‏ء.
22- مل، كامل الزيارات أَبِي وَ جَمَاعَةُ مَشَايِخِي عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ الْأَهْوَازِيِّ عَنِ النَّضْرِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ الْحَلَبِيِّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ الْحُسَيْنَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ يَوْمَ أُصِيبُوا ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ أُذِنَ فِي قَتْلِكُمْ يَا قَوْمِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ اصْبِرُوا.
23- مل، كامل الزيارات أَبِي وَ جَمَاعَةُ مَشَايِخِي عَنْ سَعْدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ مَعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: كَتَبَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع مِنْ مَكَّةَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* مِنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَ مَنْ قِبَلَهُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مَنْ لَحِقَ بِي اسْتُشْهِدَ وَ مَنْ لَمْ يَلْحَقْ بِي لَمْ يُدْرِكِ الْفَتْحَ وَ السَّلَامُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو وَ حَدَّثَنِي كَرَّامٌ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ مُيَسِّرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: كَتَبَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ مِنْ كَرْبَلَاءَ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مِنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَ مَنْ قِبَلَهُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ أَمَّا بَعْدُ فَكَأَنَّ الدُّنْيَا لَمْ تَكُنْ وَ كَأَنَّ الْآخِرَةَ لَمْ تَزَلْ وَ السَّلَامُ «1».
24- مل، كامل الزيارات جَمَاعَةُ مَشَايِخِي مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنِ ابْنِ عَبْدِ رَبِّهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا صَعِدَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع عَقَبَةَ الْبَطْنِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ مَا أَرَانِي إِلَّا مَقْتُولًا قَالُوا وَ مَا ذَاكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ رُؤْيَا رَأَيْتُهَا فِي الْمَنَامِ قَالُوا وَ مَا هِيَ قَالَ رَأَيْتُ كِلَاباً تَنْهَشُنِي‏
__________________________________________________
 (1) المصدر ص 75 و هكذا ما بعده.

87
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

أَشَدُّهَا عَلَيَّ كَلْبٌ أَبْقَعُ.
25- مل، كامل الزيارات مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْخَثْعَمِيِّ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع قَالَ قَالَ: وَ الَّذِي نَفْسُ حُسَيْنٍ بِيَدِهِ- لَا يَهْنِئُ بَنِي أُمَيَّةَ مُلْكُهُمْ حَتَّى يَقْتُلُونِّي وَ هُمْ قَاتِلِيَّ فَلَوْ قَدْ قَتَلُونِي لَمْ يُصَلُّوا جَمِيعاً أَبَداً وَ لَمْ يَأْخُذُوا عَطَاءً فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَمِيعاً أَبَداً إِنَّ أَوَّلَ قَتِيلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَنَا وَ أَهْلُ بَيْتِي وَ الَّذِي نَفْسُ حُسَيْنٍ بِيَدِهِ- لَا تَقُومُ السَّاعَةُ وَ عَلَى الْأَرْضِ هَاشِمِيٌّ يَطْرِفُ.
مل، كامل الزيارات أبي عن سعد عن ابن عيسى عن محمد بن يحيى الخزاز عن طلحة عن جعفر ع مثله بيان لعل المعنى لم يوفق الناس للصلاة جماعة «1» مع إمام الحق و لا أخذ الزكاة و حقوق الله على ما يحب الله إلى قيام القائم ع و آخر الخبر إشارة إلى ما يصيب بني هاشم من الفتن في آخر الزمان.
26- مل، كامل الزيارات أَبِي وَ جَمَاعَةُ مَشَايِخِي عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمُعَاذِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْأَصَمِّ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ع قَالَ: لَمَّا هَمَّ الْحُسَيْنُ بِالشُّخُوصِ إِلَى الْمَدِينَةِ أَقْبَلَتْ نِسَاءُ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَاجْتَمَعْنَ لِلنِّيَاحَةِ حَتَّى مَشَى فِيهِنَّ الْحُسَيْنُ ع فَقَالَ أَنْشُدُكُنَّ اللَّهَ أَنْ تُبْدِينَ هَذَا الْأَمْرَ مَعْصِيَةً لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ قَالَتْ لَهُ نِسَاءُ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلِمَنْ نَسْتَبْقِي النِّيَاحَةَ وَ الْبُكَاءَ فَهُوَ عِنْدَنَا كَيَوْمَ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ عَلِيٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ رُقَيَّةُ وَ زَيْنَبُ وَ أُمُّ كُلْثُومٍ فَنَنْشُدُكَ اللَّهَ جَعَلَنَا اللَّهُ فِدَاكَ مِنَ الْمَوْتِ فَيَا حَبِيبَ الْأَبْرَارِ مِنْ أَهْلِ الْقُبُورِ وَ أَقْبَلَتْ بَعْضُ عَمَّاتِهِ تَبْكِي وَ تَقُولُ أَشْهَدُ يَا حُسَيْنُ لَقَدْ سَمِعْتُ الْجِنَّ نَاحَتْ بِنَوْحِكَ وَ هُمْ يَقُولُونَ-
          وَ إِنَّ قَتِيلَ الطَّفِّ مِنْ آلِ هَاشِمٍ-             أَذَلَّ رِقَاباً مِنْ قُرَيْشٍ فَذَلَّتِ‏
             حَبِيبُ رَسُولِ اللَّهِ لَمْ يَكُ فَاحِشاً-             أَبَانَتْ مُصِيبَتُكَ الْأُنُوفَ وَ جَلَّتِ‏
__________________________________________________
 (1) و الظاهر أنّه بالتخفيف من وصل يصل، أي لا يجمع اللّه بينهم حتّى يصل بعضهم بعضا.

88
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

وَ قُلْنَ أَيْضاً-
          بَكُّوا حُسَيْناً سَيِّداً وَ لِقَتْلِهِ شَابَ الشَّعَرُ             وَ لِقَتْلِهِ زُلْزِلْتُمُ وَ لِقَتْلِهِ انْكَسَفَ الْقَمَرُ
             وَ احْمَرَّتْ آفَاقُ السَّمَاءِ مِنَ الْعَشِيَّةِ وَ السَّحَرِ             وَ تَغَيَّرَتْ شَمْسُ الْبِلَادِ بِهِمْ وَ أَظْلَمَتِ الْكُوَرُ
             ذَاكَ ابْنُ فَاطِمَةَ الْمُصَابُ بِهِ الْخَلَائِقُ وَ الْبَشَرُ             أَوْرَثْتَنَا ذُلًّا بِهِ جَدَعَ الْأُنُوفَ مَعَ الْغُرَرِ «1»
27- يج، الخرائج و الجرائح مِنْ مُعْجِزَاتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ الْعِرَاقَ قَالَتْ لَهُ أُمُّ سَلَمَةَ- لَا تَخْرُجْ إِلَى الْعِرَاقِ فَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ يُقْتَلُ ابْنِيَ الْحُسَيْنُ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ وَ عِنْدِي تُرْبَةٌ دَفَعَهَا إِلَيَّ فِي قَارُورَةٍ فَقَالَ إِنِّي وَ اللَّهِ مَقْتُولٌ كَذَلِكَ وَ إِنْ لَمْ أَخْرُجْ إِلَى الْعِرَاقِ يَقْتُلُونِي أَيْضاً وَ إِنْ أَحْبَبْتِ أَنْ أراك [أُرِيَكِ‏] مَضْجَعِي وَ مَصْرَعَ أَصْحَابِي ثُمَّ مَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى وَجْهِهَا فَفَسَحَ اللَّهُ عَنْ بَصَرِهَا حَتَّى رَأَيَا ذَلِكَ كُلَّهُ وَ أَخَذَ تُرْبَةً فَأَعْطَاهَا مِنْ تِلْكَ التُّرْبَةِ أَيْضاً فِي قَارُورَةٍ أُخْرَى وَ قَالَ ع إِذَا فَاضَتْ دَماً فَاعْلَمِي أَنِّي قُتِلْتُ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ نَظَرْتُ إِلَى الْقَارُورَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَإِذَا هُمَا قَدْ فَاضَتَا دَماً فَصَاحَتْ «2» وَ لَمْ يُقَلَّبْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ حَجَرٌ وَ لَا مَدَرٌ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِيطٌ.
وَ مِنْهَا مَا رُوِيَ عَنْ زَيْنِ الْعَابِدِينَ ع أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي قُتِلَ الْحُسَيْنُ فِي صَبِيحَتِهَا قَامَ فِي أَصْحَابِهِ فَقَالَ ع إِنَّ هَؤُلَاءِ يُرِيدُونِّي دُونَكُمْ وَ لَوْ قَتَلُونِي لَمْ يَصِلُوا إِلَيْكُمْ فَالنَّجَاءَ النَّجَاءَ وَ أَنْتُمْ فِي حِلٍّ فَإِنَّكُمْ إِنْ أَصْبَحْتُمْ مَعِي قُتِلْتُمْ كُلُّكُمْ فَقَالُوا لَا نَخْذُلُكَ وَ لَا نَخْتَارُ الْعَيْشَ بَعْدَكَ فَقَالَ ع إِنَّكُمْ تُقْتَلُونَ كُلُّكُمْ حَتَّى لَا يُفْلِتَ مِنْكُمْ أَحَدٌ فَكَانَ كَمَا قَالَ ع.
28- شا، الإرشاد رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع‏
__________________________________________________
 (1) كامل الزيارات ص 97 و 98.
 (2) فصحت ظ.

89
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ الْحُسَيْنِ فَمَا نَزَلَ مَنْزِلًا وَ مَا ارْتَحَلَ مِنْهُ إِلَّا ذَكَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا وَ قَتْلَهُ وَ قَالَ يَوْماً وَ مِنْ هَوَانِ الدُّنْيَا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ رَأْسَ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا أُهْدِيَ إِلَى بَغِيٍّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ مَضَى الْحُسَيْنُ ع فِي يَوْمِ السَّبْتِ الْعَاشِرِ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ إِحْدَى وَ سِتِّينَ مِنَ الْهِجْرَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْهُ قَتِيلًا مَظْلُوماً ظَمْآنَ صَابِراً مُحْتَسِباً وَ سِنُّهُ يَوْمَئِذٍ ثَمَانٌ وَ خَمْسُونَ سَنَةً أَقَامَ بِهَا مَعَ جَدِّهِ سَبْعَ سِنِينَ وَ مَعَ أَبِيهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ثَلَاثِينَ سَنَةً «1» وَ مَعَ أَخِيهِ الْحَسَنِ عَشْرَ سِنِينَ وَ كَانَتْ مُدَّةُ خِلَافَتِهِ بَعْدَ أَخِيهِ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً وَ كَانَ ع يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَ الْكَتَمِ وَ قُتِلَ ع وَ قَدْ نَصَلَ «2» الْخِضَابُ مِنْ عَارِضَيْهِ «3».
29- م، تفسير الإمام عليه السلام قَالَ الْإِمَامُ ع وَ لَمَّا امْتُحِنَ الْحُسَيْنُ ع وَ مَنْ مَعَهُ بِالْعَسْكَرِ الَّذِينَ قَتَلُوهُ وَ حَمَلُوا رَأْسَهُ قَالَ لِعَسْكَرِهِ أَنْتُمْ فِي حِلٍّ مِنْ بَيْعَتِي فَالْحَقُوا بِعَشَائِرِكُمْ وَ مَوَالِيكُمْ وَ قَالَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ قَدْ جَعَلْتُكُمْ فِي حِلٍّ مِنْ مُفَارَقَتِي فَإِنَّكُمْ لَا تُطِيقُونَهُمْ لِتَضَاعُفِ أَعْدَادِهِمْ وَ قُوَاهُمْ وَ مَا الْمَقْصُودُ غَيْرِي فَدَعُونِي وَ الْقَوْمَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُعِينُنِي وَ لَا يُخَلِّينِي مِنْ حُسْنِ نَظَرِهِ كَعَادَاتِهِ فِي أَسْلَافِنَا الطَّيِّبِينَ فَأَمَّا عَسْكَرُهُ فَفَارَقُوهُ وَ أَمَّا أَهْلُهُ الْأَدْنَوْنَ مِنْ أَقْرِبَائِهِ فَأَبَوْا وَ قَالُوا- لَا نُفَارِقُكَ وَ يَحْزُنُنَا مَا يَحْزُنُكَ وَ يُصِيبُنَا مَا يُصِيبُكَ وَ إِنَّا أَقْرَبُ مَا نَكُونُ إِلَى اللَّهِ إِذَا كُنَّا مَعَكَ فَقَالَ لَهُمْ فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ وَطَّنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ عَلَى مَا وَطَّنْتُ نَفْسِي عَلَيْهِ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا يَهَبُ الْمَنَازِلَ الشَّرِيفَةَ لِعِبَادِهِ بِاحْتِمَالِ الْمَكَارِهِ وَ أَنَّ اللَّهَ وَ إِنْ كَانَ خَصَّنِي مَعَ مَنْ مَضَى مِنْ أَهْلِيَ الَّذِينَ أَنَا آخِرُهُمْ بَقَاءً فِي الدُّنْيَا مِنَ الْكَرَامَاتِ بِمَا يَسْهُلُ عَلَيَّ مَعَهَا احْتِمَالُ الْمَكْرُوهَاتِ فَإِنَّ لَكُمْ شَطْرَ ذَلِكَ مِنْ كَرَامَاتِ اللَّهِ تَعَالَى‏
__________________________________________________
 (1) في المصدر: سبعا و ثلاثين سنة و مع أخيه الحسن سبع و أربعين سنة.
 (2) نصل الخضاب أي خرج.
 (3) كتاب الإرشاد ص 236.

90
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

وَ اعْلَمُوا أَنَّ الدُّنْيَا حُلْوَهَا وَ مُرَّهَا حُلُمٌ وَ الِانْتِبَاهَ فِي الْآخِرَةِ وَ الْفَائِزُ مَنْ فَازَ فِيهَا وَ الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِيهَا.
أقول تمامه في أبواب أحوال آدم ع.
30- كِتَابُ النَّوَادِرِ لِعَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ رَوَاهُ قَالَ إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ ع قَالَ: كَانَ أَبِي مَبْطُوناً يَوْمَ قُتِلَ أَبُوهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا وَ كَانَ فِي الْخَيْمَةِ وَ كُنْتُ أَرَى مَوَالِيَنَا كَيْفَ يَخْتَلِفُونَ مَعَهُ يُتْبِعُونَهُ بِالْمَاءِ يَشُدُّ عَلَى الْمَيْمَنَةِ مَرَّةً وَ عَلَى الْمَيْسَرَةِ مَرَّةً وَ عَلَى الْقَلْبِ مَرَّةً وَ لَقَدْ قَتَلُوهُ قَتْلَةً نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ص أَنْ يُقْتَلَ بِهَا الْكِلَابُ لَقَدْ قُتِلَ بِالسَّيْفِ وَ السِّنَانِ وَ بِالْحِجَارَةِ وَ بِالْخَشَبِ وَ بِالْعَصَا وَ لَقَدْ أَوْطَئُوهُ الْخَيْلَ بَعْدَ ذَلِكَ.
31- قب، المناقب لابن شهرآشوب الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَ أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ دَخَلَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ بَيْنَ يَدَيْهِ جَبْرَئِيلُ فَجَعَلَا يَدُورَانِ حَوْلَهُ يُشَبِّهَانِهِ بِدِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ فَجَعَلَ جَبْرَئِيلُ يُومِئُ بِيَدِهِ كَالْمُتَنَاوِلِ شَيْئاً فَإِذَا فِي يَدِهِ تُفَّاحَةٌ وَ سَفَرْجَلَةٌ وَ رُمَّانَةٌ فَنَاوَلَهُمَا وَ تَهَلَّلَتْ وُجُوهُهُمَا وَ سَعَيَا إِلَى جَدِّهِمَا فَأَخَذَ مِنْهُمَا فَشَمَّهَا ثُمَّ قَالَ صِيرَا إِلَى أُمِّكُمَا بِمَا مَعَكُمَا وَ بُدُوُّكُمَا بِأَبِيكُمَا أَعْجَبُ فَصَارَا كَمَا أَمَرَهُمَا فَلَمْ يَأْكُلُوا حَتَّى صَارَ النَّبِيُّ إِلَيْهِمْ فَأَكَلُوا جَمِيعاً فَلَمْ يَزَلْ كُلَّمَا أَكَلَ مِنْهُ عَادَ إِلَى مَا كَانَ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ الْحُسَيْنُ ع فَلَمْ يَلْحَقْهُ التَّغْيِيرُ وَ النُّقْصَانُ أَيَّامَ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى تُوُفِّيَتْ فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ فَقَدْنَا الرُّمَّانَ وَ بَقِيَ التُّفَّاحُ وَ السَّفَرْجَلُ أَيَّامَ أَبِي فَلَمَّا اسْتُشْهِدَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فُقِدَ السَّفَرْجَلُ وَ بَقِيَ التُّفَّاحُ عَلَى هَيْئَتِهِ عِنْدَ الْحَسَنِ حَتَّى مَاتَ فِي سَمِّهِ وَ بَقِيَتِ التُّفَّاحَةُ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي حُوصِرْتُ عَنِ الْمَاءِ فَكُنْتُ أَشَمُّهَا إِذَا عَطِشْتُ فَيَسْكُنُ لَهَبُ عَطَشِي فَلَمَّا اشْتَدَّ عَلَيَّ الْعَطَشُ عَضَضْتُهَا وَ أَيْقَنْتُ بِالْفَنَاءِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع سَمِعْتُهُ يَقُولُ ذَلِكَ قَبْلَ مَقْتَلِهِ بِسَاعَةٍ فَلَمَّا قَضَى نَحْبَهُ وُجِدَ رِيحُهَا فِي مَصْرَعِهِ فَالْتَمَسْتُ فَلَمْ يُرَ لَهَا أَثَرٌ فَبَقِيَ رِيحُهَا بَعْدَ الْحُسَيْنِ ع وَ لَقَدْ زُرْتُ قَبْرَهُ فَوَجَدْتُ رِيحَهَا يَفُوحُ مِنْ قَبْرِهِ فَمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ مِنْ شِيعَتِنَا الزَّائِرِينَ لِلْقَبْرِ-

91
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

فَلْيَلْتَمِسْ ذَلِكَ فِي أَوْقَاتِ السَّحَرِ فَإِنَّهُ يَجِدُهُ إِذَا كَانَ مُخْلِصاً «1».
32- قب، المناقب لابن شهرآشوب أَنْشَأَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَوْمَ الطَّفِّ-
          كَفَرَ الْقَوْمُ وَ قِدْماً رَغِبُوا
 إِلَى آخِرِ مَا مَرَّ مِنَ الْأَبْيَاتِ وَ زَادَ فِيمَا بَيْنَهَا-
          فَاطِمُ الزَّهْرَاءُ أُمِّي وَ أَبِي-             وَارِثُ الرُّسْلِ مَوْلَى الثَّقَلَيْنِ‏
             طَحَنَ الْأَبْطَالَ لَمَّا بَرَزُوا-             يَوْمَ بَدْرٍ وَ بِأُحُدٍ وَ حُنَيْنٍ‏
             وَ أَخُو خَيْبَرَ إِذْ بَارَزَهُمْ             بِحُسَامٍ صَارِمٍ ذِي شَفْرَتَيْنِ‏
             وَ الَّذِي أَرْدَى جُيُوشاً أَقْبَلُوا             يَطْلُبُونَ الْوِتْرَ فِي يَوْمِ حُنَيْنٍ‏
             مَنْ لَهُ عَمٌّ كَعَمِّي جَعْفَرٍ             وَهَبَ اللَّهُ لَهُ أَجْنِحَتَيْنِ‏
             جَدِّيَ الْمُرْسَلُ مِصْبَاحُ الْهُدَى             وَ أَبِي الْمُوفِي لَهُ بِالْبَيْعَتَيْنِ‏
             بَطَلٌ قَرْمٌ هِزَبْرٌ ضَيْغَمٌ             مَاجِدٌ سَمِحٌ قَوِيُّ السَّاعِدَيْنِ‏
             عُرْوَةُ الدِّينِ عَلِيٌّ ذَا كُمُ             صَاحِبُ الْحَوْضِ مُصَلِّي الْقِبْلَتَيْنِ‏
             مَعَ رَسُولِ اللَّهِ سَبْعاً كَامِلًا             مَا عَلَى الْأَرْضِ مُصَلٍّ غَيْرَ ذَيْنِ‏
             تَرَكَ الْأَوْثَانَ لَمْ يَسْجُدْ لَهَا             مَعَ قُرَيْشٍ مُذْ نَشَا طَرْفَةَ عَيْنٍ‏
             وَ أَبِي كَانَ هِزَبْراً ضَيْغَماً             يَأْخُذُ الرُّمْحَ فَيَطْعَنُ طَعْنَتَيْنِ‏
             كَتَمَشِّي الْأُسْدِ بَغْياً فَسُقُوا             كَأْسَ حَتْفٍ مِنْ نَجِيعِ الْحَنْظَلَيْنِ «2».
33- كش، رجال الكشي جَبْرَئِيلُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْأَسَدِيِّ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: مَرَّ مِيثَمٌ التَّمَّارُ عَلَى فَرَسٍ لَهُ فَاسْتَقْبَلَ حَبِيبَ بْنَ مُظَاهِرٍ الْأَسَدِيَّ عِنْدَ مَجْلِسِ بَنِي أَسَدٍ فَتَحَدَّثَا حَتَّى اخْتَلَفَتْ أَعْنَاقُ فَرَسَيْهِمَا ثُمَّ قَالَ حَبِيبٌ لَكَأَنِّي بِشَيْخٍ أَصْلَعَ ضَخْمِ الْبَطْنِ يَبِيعُ الْبِطِّيخَ عِنْدَ دَارِ الرِّزْقِ قَدْ صُلِبَ فِي حُبِّ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّهِ ع وَ يُبْقَرُ بَطْنُهُ عَلَى الْخَشَبَةِ
__________________________________________________
 (1) مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 391.
 (2) المصدر ج 4 ص 79.

92
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

فَقَالَ مِيثَمٌ وَ إِنِّي لَأَعْرِفُ رَجُلًا أَحْمَرَ لَهُ ضَفِيرَتَانِ يَخْرُجُ لِنُصْرَةِ ابْنِ بِنْتِ نَبِيِّهِ وَ يُقْتَلُ وَ يُجَالُ بِرَأْسِهِ بِالْكُوفَةِ ثُمَّ افْتَرَقَا فَقَالَ أَهْلُ الْمَجْلِسِ مَا رَأَيْنَا أَحَداً أَكْذَبَ مِنْ هَذَيْنِ قَالَ فَلَمْ يَفْتَرِقْ أَهْلُ الْمَجْلِسِ حَتَّى أَقْبَلَ رُشَيْدٌ الْهَجَرِيُّ فَطَلَبَهُمَا فَسَأَلَ أَهْلَ الْمَجْلِسِ عَنْهُمَا فَقَالُوا افْتَرَقَا وَ سَمِعْنَاهُمَا يَقُولَانِ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ رُشَيْدٌ رَحِمَ اللَّهُ مِيثَماً نَسِيَ وَ يُزَادُ فِي عَطَاءِ الَّذِي يَجِي‏ءُ بِالرَّأْسِ مِائَةُ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَالَ الْقَوْمُ هَذَا وَ اللَّهِ أَكْذَبُهُمْ فَقَالَ الْقَوْمُ وَ اللَّهِ مَا ذَهَبَتِ الْأَيَّامُ وَ اللَّيَالِي حَتَّى رَأَيْنَاهُ مَصْلُوباً عَلَى بَابِ دَارِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ وَ جِي‏ءَ بِرَأْسِ حَبِيبِ بْنِ مُظَاهِرٍ وَ قَدْ قُتِلَ مَعَ الْحُسَيْنِ وَ رَأَيْنَا كُلَّ مَا قَالُوا وَ كَانَ حَبِيبٌ مِنَ السَّبْعِينَ الرِّجَالِ الَّذِينَ نَصَرُوا الْحُسَيْنَ ع وَ لَقُوا جِبَالَ الْحَدِيدِ وَ اسْتَقْبَلُوا الرِّمَاحَ بِصُدُورِهِمْ وَ السُّيُوفَ بِوُجُوهِهِمْ وَ هُمْ يُعْرَضُ عَلَيْهِمُ الْأَمَانُ وَ الْأَمْوَالُ فَيَأْبَوْنَ فَيَقُولُونَ لَا عُذْرَ لَنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ إِنْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ وَ مِنَّا عَيْنٌ تَطْرِفُ حَتَّى قُتِلُوا حَوْلَهُ وَ لَقَدْ مَزَحَ حَبِيبُ بْنُ مُظَاهِرٍ الْأَسَدِيُّ فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ بْنُ حُصَيْنٍ الْهَمْدَانِيُّ وَ كَانَ يُقَالُ لَهُ سَيِّدُ الْقُرَّاءِ يَا أَخِي لَيْسَ هَذِهِ بِسَاعَةِ ضَحِكٍ قَالَ فَأَيُّ مَوْضِعٍ أَحَقُّ مِنْ هَذَا بِالسُّرُورِ وَ اللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ تَمِيلَ عَلَيْنَا هَذِهِ الطَّغَامُ بِسُيُوفِهِمْ فَنُعَانِقَ الْحُورَ الْعِينَ.
قال الكشي هذه الكلمة مستخرجة من كتاب مفاخرة الكوفة و البصرة «1».
توضيح قوله اختلفت أعناق فرسيهما أي كانت تجي‏ء و تذهب و تتقدم و تتأخر كما هو شأن الفرس الذي يريد صاحبه أن يقف و هو يمتنع أو المعنى حاذى عنقاهما على الخلاف و البقر الشق و الضفيرة العقيصة يقال ضفرت المرأة شعرها «2».
34- كا، الكافي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَحْمَرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ صَبَّاحٍ الْمُزَنِيِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ قَالَ: لَقِيَ رَجُلٌ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ع بِالثَّعْلَبِيَّةِ وَ هُوَ يُرِيدُ كَرْبَلَاءَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ‏
__________________________________________________
 (1) رجال الكشّيّ ص 73 و 74.
 (2) أي نسجها و فتلها.

93
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ ع مِنْ أَيِّ الْبِلَادِ أَنْتَ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَالَ أَمَا وَ اللَّهِ يَا أَخَا أَهْلِ الْكُوفَةِ لَوْ لَقِيتُكَ بِالْمَدِينَةِ لَأَرَيْتُكَ أَثَرَ جَبْرَئِيلَ ع مِنْ دَارِنَا وَ نُزُولِهِ بِالْوَحْيِ عَلَى جَدِّي يَا أَخَا أَهْلِ الْكُوفَةِ أَ فَمُسْتَقَى النَّاسِ الْعِلْمَ مِنْ عِنْدِنَا فَعَلِمُوا وَ جَهِلْنَا هَذَا مَا لَا يَكُونُ «1».
35- كا، الكافي الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ صَفْوَانَ عَنْ يُوسُفَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: أُصِيبَ الْحُسَيْنُ وَ عَلَيْهِ جُبَّةُ خَزٍّ.
36- كا، الكافي أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع وَ عَلَيْهِ جُبَّةُ خَزٍّ دَكْنَاءُ فَوَجَدُوا فِيهَا ثَلَاثَةً وَ سِتِّينَ مِنْ بَيْنِ ضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ أَوْ طَعْنَةٍ بِرُمْحٍ أَوْ رَمْيَةٍ بِسَهْمٍ «2».
37- كا، الكافي الْعِدَّةُ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَمِّهِ يَعْقُوبَ بْنِ سَالِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع قُتِلَ الْحُسَيْنُ ع وَ هُوَ مُخْتَضِبٌ بِالْوَسِمَةِ «3».
38- كا، الكافي الْعِدَّةُ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يُونُسَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْخِضَابِ بِالْوَسِمَةِ فَقَالَ لَا بَأْسَ قَدْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ ع وَ هُوَ مُخْتَضِبٌ بِالْوَسِمَةِ.
39- كا، الكافي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عِيسَى أَخُوهُ قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا ع عَنْ صَوْمِ عَاشُورَاءَ وَ مَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهِ فَقَالَ عَنْ صَوْمِ ابْنِ مَرْجَانَةَ تَسْأَلُنِي ذَلِكَ يَوْمٌ صَامَهُ الْأَدْعِيَاءُ مِنْ آلِ زِيَادٍ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ ع وَ هُوَ يَوْمٌ يَتَشَاءَمُ بِهِ آلُ مُحَمَّدٍ ص وَ يَتَشَاءَمُ بِهِ أَهْلُ الْإِسْلَامِ وَ الْيَوْمُ الَّذِي يَتَشَاءَمُ بِهِ أَهْلُ الْإِسْلَامِ لَا يُصَامُ وَ لَا يُتَبَرَّكُ بِهِ وَ يَوْمُ الْإِثْنَيْنِ يَوْمُ نَحْسٍ قَبَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 1 ص 398 و 399.
 (2) الكافي باب لبس الخز من كتاب الزى و التجمل الرقم 3.
 (3) المصدر باب السواد و الوسمة الرقم 5 و 6.

94
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

فِيهِ نَبِيَّهُ وَ مَا أُصِيبَ آلُ مُحَمَّدٍ إِلَّا فِي يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ فَتَشَاءَمْنَا بِهِ وَ تَتَبَرَّكُ بِهِ عَدُوُّنَا وَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ ع وَ تَبَرَّكَ بِهِ ابْنُ مَرْجَانَةَ وَ تَشَاءَمَ بِهِ آلُ مُحَمَّدٍ فَمَنْ صَامَهُمَا أَوْ تَبَرَّكَ بِهِمَا لَقِيَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مَمْسُوخَ الْقَلْبِ وَ كَانَ مَحْشَرُهُ مَعَ الَّذِينَ سَنُّوا صَوْمَهُمَا وَ التَّبَرُّكَ بِهِمَا.
40- كا، الكافي عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ صَوْمِ تَاسُوعَا وَ عَاشُورَاءَ مِنْ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ فَقَالَ تَاسُوعَا يَوْمٌ حُوصِرَ فِيهِ الْحُسَيْنُ وَ أَصْحَابُهُ بِكَرْبَلَاءَ وَ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ خَيْلُ أَهْلِ الشَّامِ وَ أَنَاخُوا عَلَيْهِ وَ فَرِحَ ابْنُ مَرْجَانَةَ وَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ بِتَوَافُرِ الْخَيْلِ وَ كَثْرَتِهَا وَ اسْتَضْعَفُوا فِيهِ الْحُسَيْنَ ع وَ أَصْحَابَهُ وَ أَيْقَنُوا أَنَّهُ لَا يَأْتِي الْحُسَيْنَ نَاصِرٌ وَ لَا يُمِدُّهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ بِأَبِي الْمُسْتَضْعَفَ الْغَرِيبَ ثُمَّ قَالَ وَ أَمَّا يَوْمُ عَاشُورَاءَ فَيَوْمٌ أُصِيبَ فِيهِ الْحُسَيْنُ ع صَرِيعاً بَيْنَ أَصْحَابِهِ وَ أَصْحَابُهُ حَوْلَهُ صَرْعَى عُرَاةً أَ فَصَوْمٌ يَكُونُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ كَلَّا وَ رَبِّ الْبَيْتِ الْحَرَامِ مَا هُوَ يَوْمَ صَوْمٍ وَ مَا هُوَ إِلَّا يَوْمُ حُزْنٍ وَ مُصِيبَةٍ دَخَلَتْ عَلَى أَهْلِ السَّمَاءِ وَ أَهْلِ الْأَرْضِ وَ جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَ يَوْمُ فَرَحٍ وَ سُرُورٍ لِابْنِ مَرْجَانَةَ وَ آلِ زِيَادٍ وَ أَهْلِ الشَّامِ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ عَلَى ذُرِّيَّاتِهِمْ وَ ذَلِكَ يَوْمٌ بَكَتْ جَمِيعُ بِقَاعِ الْأَرْضِ خَلَا بُقْعَةِ الشَّامِ فَمَنْ صَامَهُ أَوْ تَبَرَّكَ بِهِ حَشَرَهُ اللَّهُ مَعَ آلِ زِيَادٍ مَمْسُوخَ الْقَلْبِ مَسْخُوطاً عَلَيْهِ وَ مَنِ اذَّخَرَ إِلَى مَنْزِلِهِ ذَخِيرَةً أَعْقَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى نِفَاقاً فِي قَلْبِهِ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ وَ انْتَزَعَ الْبَرَكَةَ عَنْهُ وَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ وُلْدِهِ وَ شَارَكَهُ الشَّيْطَانُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ «1».
41- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَزْوِينِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي غُنْدَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقَالَ ذَاكَ يَوْمُ قَتْلِ الْحُسَيْنِ ع فَإِنْ كُنْتَ شَامِتاً فَصُمْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ آلَ أُمَيَّةَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ مَنْ أَعَانَهُمْ عَلَى قَتْلِ الْحُسَيْنِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب صوم عرفة و عاشوراء تحت الرقم 5 و 7.

95
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

بقية الباب 37 سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات الله عليه ص 1

نَذَرُوا نَذْراً إِنْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ ع وَ سَلِمَ مَنْ خَرَجَ إِلَى الْحُسَيْنِ وَ صَارَتِ الْخِلَافَةُ فِي آلِ أَبِي سُفْيَانَ أَنْ يَتَّخِذُوا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيداً لَهُمْ يَصُومُونَ فِيهِ شُكْراً فَصَارَتْ فِي آلِ أَبِي سُفْيَانَ سُنَّةً إِلَى الْيَوْمِ فِي النَّاسِ وَ اقْتَدَى بِهِمُ النَّاسُ جَمِيعاً لِذَلِكَ فَلِذَلِكَ يَصُومُونَهُ وَ يُدْخِلُونَ عَلَى عِيَالاتِهِمْ وَ أَهَالِيهِمُ الْفَرَحَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الْخَبَرَ «1».
42- كا، الكافي الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ يَزِيدَ أَوْ غَيْرِهِ عَنْ سُلَيْمَانَ كَاتِبِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ شَرِكَ فِي دَمِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ ابْنَتُهُ جَعْدَةُ سَمَّتِ الْحَسَنَ ع وَ مُحَمَّدٌ ابْنُهُ شَرِكَ فِي دَمِ الْحُسَيْنِ ع «2».
تذنيب‏
قال السيد رحمه الله في كتاب تنزيه الأنبياء فإن قيل ما العذر في خروجه صلوات الله عليه من مكة بأهله و عياله إلى الكوفة و المستولي عليها أعداؤه و المتأمر فيها من قبل يزيد اللعين يتسلط الأمر و النهي «3» و قد رأى صنع أهل الكوفة بأبيه و أخيه صلوات الله عليهما و أنهم غادرون خوانون و كيف خالف ظنه ظن جميع نصحائه في الخروج و ابن عباس رحمه الله يشير بالعدول عن الخروج و يقطع على العطب فيه و ابن عمر لما ودعه ع يقول له أستودعك الله من قتيل إلى غير ذلك ممن تكلم في هذا الباب.
ثم لما علم بقتل مسلم بن عقيل و قد أنفذه رائدا له كيف لم يرجع و يعلم الغرور من القوم و يفطن بالحيلة و المكيدة ثم كيف استجاز أن يحارب بنفر قليل لجموع عظيمة خلفها مواد لها كثيرة ثم لما عرض عليه ابن زياد الأمان و أن يبايع يزيد كيف لم يستجب حقنا لدمه و دماء من معه من أهله و شيعته و مواليه و لم ألقى بيده إلى التهلكة و بدون هذا الخوف سلم أخوه الحسن ع الأمر إلى معاوية فكيف يجمع بين فعليهما في الصحة.
__________________________________________________
 (1) أمالي الشيخ ص 61.
 (2) الكافي ج 8 (كتاب الروضة) ص 167.
 (3) منبسط الامر و النهى. خ.

96
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

تذنيب ص 96

الجواب قلنا قد علمنا أن الإمام متى غلب على ظنه أنه يصل إلى حقه و القيام بما فوض إليه بضرب من الفعل وجب عليه ذلك و إن كان فيه ضرب من المشقة يتحمل مثلها و سيدنا أبو عبد الله ع لم يسر طالبا الكوفة إلا بعد توثق من القوم و عهود و عقود و بعد أن كاتبوه ع طائعين غير مكرهين و مبتدئين غير مجيبين و قد كانت المكاتبة من وجوه أهل الكوفة و أشرافها و قرائها تقدمت إليه في أيام معاوية و بعد الصلح الواقع بينه و بين الحسن ع فدفعهم و قال في الجواب ما وجب ثم كاتبوه بعد وفاة الحسن ع و معاوية باق فوعدهم و مناهم و كانت أيام معاوية صعبة لا يطمع في مثلها.
فلما مضى معاوية و أعادوا المكاتبة و بذلوا الطاعة و كرروا الطلب و الرغبة و رأى ع من قوتهم على ما كان يليهم في الحال من قبل يزيد و تسلطهم عليه و ضعفه عنهم ما قوي في ظنه أن المسير هو الواجب تعين عليه ما فعله من الاجتهاد و التسبب و لم يكن في حسبانه ع أن القوم يغدر بعضهم و يضعف أهل الحق عن نصرته و يتفق ما اتفق من الأمور الغريبة فإن مسلم بن عقيل لما دخل الكوفة أخذ البيعة على أكثر أهلها.
و لما وردها عبيد الله بن زياد و قد سمع بخبر مسلم و دخوله الكوفة و حصوله في دار هانئ بن عروة المرادي على ما شرح في السيرة و حصل شريك بن الأعور بها جاء ابن زياد عائدا و قد كان شريك وافق مسلم بن عقيل على قتل ابن زياد عند حضوره لعيادة شريك و أمكنه ذلك و تيسر له فما فعل و اعتذر بعد فوت الأمر إلى شريك بأن ذلك فتك و
أن النبي ص قال إن الإيمان قيد الفتك «1».
و لو كان فعل مسلم من قتل ابن زياد ما تمكن منه و وافقه شريك عليه لبطل الأمر و دخل الحسين ع الكوفة غير مدافع عنها و حسر كل أحد قناعه في نصرته و اجتمع له من كان في قلبه نصرته و ظاهره مع أعدائه.
و قد كان مسلم بن عقيل أيضا لما حبس ابن زياد هانئا سار إليه في جماعة من‏
__________________________________________________
 (1) مر ذكر الحديث في ج 44 ص 344 فراجع.

97
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

تذنيب ص 96

أهل الكوفة حتى حضره في قصره و أخذ بكظمه و أغلق ابن زياد الأبواب دونه خوفا و جبنا حتى بث الناس في كل وجه يرغبون الناس و يرهبونهم و يخذلونهم عن نصرة ابن عقيل فتقاعدوا و تفرق أكثرهم حتى أمسى في شرذمة و انصرف و كان من أمره ما كان.
و إنما أردنا بذكر هذه الجملة أن أسباب الظفر بالأعداء كانت لائحة متوجهة و أن الاتفاق السيئ عكس الأمر إلى ما يروون من صبره و استسلامه و قلة ناصره على الرجوع إلى الحق دينا أو حمية فقد فعل ذلك نفر منهم حتى قتلوا بين يديه ع شهداء و مثل هذا يطمع فيه و يتوقع في أحوال الشدة. فأما الجمع بين فعله و فعل أخيه الحسن ع فواضح صحيح لأن أخاه سلم كفا للفتنة و خوفا على نفسه و أهله و شيعته و إحساسا بالغدر من أصحابه و هذا ع لما قوي في ظنه النصرة ممن كاتبه و وثق له و رأى من أسباب قوة نصار الحق و ضعف نصار الباطل ما وجب معه عليه الطلب و الخروج فلما انعكس ذلك و ظهرت أمارات الغدر فيه و سوء الاتفاق رام الرجوع و المكافة و التسليم كما فعل أخوه ع فمنع من ذلك و حيل بينه و بينه فالحالان متفقان إلا أن التسليم و المكافة عند ظهور أسباب الخوف لم يقبلا منه ع و لم يجب إلى الموادعة و طلبت نفسه ع فمنع منها بجهده حتى مضى كريما إلى جنة الله تعالى و رضوانه و هذا واضح لمتأمله انتهى.
أقول قد مضى في كتاب الإمامة و كتاب الفتن أخبار كثيرة دالة على أن كلا منهم ع كان مأمورا بأمور خاصة مكتوبة في الصحف السماوية النازلة على الرسول ص فهم كانوا يعملون بها و لا ينبغي قياس الأحكام المتعلقة بهم على أحكامنا و بعد الاطلاع على أحوال الأنبياء ع و إن كثيرا منهم كانوا يبعثون فرادى على ألوف من الكفرة و يسبون آلهتهم و يدعونهم إلى دينهم و لا يبالون بما ينالهم من المكاره و الضرب و الحبس و القتل و الإلقاء في النار و غير ذلك لا ينبغي الاعتراض على أئمة الدين في أمثال ذلك مع أنه بعد ثبوت عصمتهم بالبراهين‏

98
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

تذنيب ص 96

و النصوص المتواترة لا مجال للاعتراض عليهم بل يجب التسليم لهم في كل ما يصدر عنهم.
على أنك لو تأملت حق التأمل علمت أنه ع فدى نفسه المقدسة دين جده و لم يتزلزل أركان دول بني أمية إلا بعد شهادته و لم يظهر للناس كفرهم و ضلالتهم إلا عند فوزه بسعادته و لو كان ع يسالمهم و يوادعهم كان يقوى سلطانهم و يشتبه على الناس أمرهم فيعود بعد حين أعلام الدين طامسة و آثار الهداية مندرسة مع أنه قد ظهر لك من الأخبار السابقة أنه ع هرب من المدينة خوفا من القتل إلى مكة و كذا خرج من مكة بعد ما غلب على ظنه أنهم يريدون غيلته و قتله حتى لم يتيسر له فداه نفسي و أبي و أمي و ولدي أن يتم حجة فتحلل و خرج مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ و قد كانوا لعنهم الله ضيقوا عليه جميع الأقطار و لم يتركوا له موضعا للفرار.
و لقد رأيت في بعض الكتب المعتبرة «1» أن يزيد أنفذ عمرو بن سعيد بن العاص في عسكر عظيم و ولاه أمر الموسم و أمره على الحاج كلهم و كان قد أوصاه بقبض الحسين ع سرا و إن لم يتمكن منه بقتله غيلة ثم إنه دس مع الحاج في تلك السنة ثلاثين رجلا من شياطين بني أمية و أمرهم بقتل الحسين ع على أي حال اتفق فلما علم الحسين ع بذلك حل من إحرام الحج و جعلها عمرة مفردة.
وَ قَدْ رُوِيَ بِأَسَانِيدَ: أَنَّهُ لَمَّا مَنَعَهُ ع مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ عَنِ الْخُرُوجِ إِلَى الْكُوفَةِ قَالَ وَ اللَّهِ يَا أَخِي لَوْ كُنْتُ فِي جُحْرِ هَامَّةٍ مِنْ هَوَامِّ الْأَرْضِ- لَاسْتَخْرَجُونِي مِنْهُ حَتَّى يَقْتُلُونِّي.
بل الظاهر أنه صلوات الله عليه لو كان يسالمهم و يبايعهم لا يتركونه لشدة عداوتهم و كثرة وقاحتهم بل كانوا يغتالونه بكل حيلة و يدفعونه بكل وسيلة و إنما كانوا يعرضون البيعة عليه أولا لعلمهم بأنه لا يوافقهم في ذلك أ لا ترى‏
__________________________________________________
 (1) كما في المنتخب ص 304.

99
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

تذنيب ص 96

إلى مروان لعنه الله كيف كان يشير على والي المدينة بقتله قبل عرض البيعة عليه و كان عبيد الله بن زياد عليه لعائن الله إلى يوم التناد يقول اعرضوا عليه فلينزل على أمرنا ثم نرى فيه رأينا أ لا ترى كيف أمنوا مسلما ثم قتلوه.
فأما معاوية فإنه مع شدة عداوته و بغضه لأهل البيت ع كان ذا دهاء و نكراء حزم و كان يعلم أن قتلهم علانية يوجب رجوع الناس عنه و ذهاب ملكه و خروج الناس عليه فكان يداريهم ظاهرا على أي حال و لذا صالحه الحسن ع و لم يتعرض له الحسين و لذلك كان يوصي ولده اللعين بعدم التعرض للحسين ع لأنه كان يعلم أن ذلك يصير سببا لذهاب دولته.
اللهم العن كل من ظلم أهل بيت نبيك و قتلهم و أعان عليهم و رضي بما جرى عليهم من الظلم و الجور لعنا وبيلا و عذبهم عذابا أليما و اجعلنا من خيار شيعة آل محمد و أنصارهم و الطالبين بثأرهم مع قائمهم صلوات الله عليهم أجمعين.
باب 38 شهادة ولدي مسلم الصغيرين رضي الله عنهما
1- لي، الأمالي للصدوق أَبِي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ رَجَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْهَاشِمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ شَيْخٍ لِأَهْلِ الْكُوفَةِ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع أُسِرَ مِنْ مُعَسْكَرِهِ غُلَامَانِ صَغِيرَانِ فَأُتِيَ بِهِمَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ فَدَعَا سَجَّاناً لَهُ فَقَالَ خُذْ هَذَيْنِ الْغُلَامَيْنِ إِلَيْكَ فَمِنْ طَيِّبِ الطَّعَامِ فَلَا تُطْعِمْهُمَا وَ مِنَ الْبَارِدِ فَلَا تَسْقِهِمَا وَ ضَيِّقْ عَلَيْهِمَا سِجْنَهُمَا وَ كَانَ الْغُلَامَانِ يَصُومَانِ النَّهَارَ فَإِذَا جَنَّهُمَا اللَّيْلُ أُتِيَا بِقُرْصَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَ كُوزٍ مِنْ مَاءِ الْقَرَاحِ-

100
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 38 شهادة ولدي مسلم الصغيرين رضي الله عنهما ص 100

فَلَمَّا طَالَ بِالْغُلَامَيْنِ الْمَكْثُ حَتَّى صَارَا فِي السَّنَةِ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ يَا أَخِي قَدْ طَالَ بِنَا مَكْثُنَا وَ يُوشِكُ أَنْ تَفْنَى أَعْمَارُنَا وَ تَبْلَى أَبْدَانُنَا فَإِذَا جَاءَ الشَّيْخُ فَأَعْلِمْهُ مَكَانَنَا وَ تَقَرَّبْ إِلَيْهِ بِمُحَمَّدٍ ص لَعَلَّهُ يُوَسِّعُ عَلَيْنَا فِي طَعَامِنَا وَ يَزِيدُنَا فِي شَرَابِنَا فَلَمَّا جَنَّهُمَا اللَّيْلُ أَقْبَلَ الشَّيْخُ إِلَيْهِمَا بِقُرْصَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَ كُوزٍ مِنْ مَاءِ الْقَرَاحِ فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ الصَّغِيرُ يَا شَيْخُ أَ تَعْرِفُ مُحَمَّداً قَالَ فَكَيْفَ لَا أَعْرَفُ مُحَمَّداً وَ هُوَ نَبِيِّي قَالَ أَ فَتَعْرِفُ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ وَ كَيْفَ لَا أَعْرِفُ جَعْفَراً وَ قَدْ أَنْبَتَ اللَّهُ لَهُ جَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا مَعَ الْمَلَائِكَةِ كَيْفَ يَشَاءُ قَالَ أَ فَتَعْرِفُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ وَ كَيْفَ لَا أَعْرِفُ عَلِيّاً وَ هُوَ ابْنُ عَمِّ نَبِيِّي وَ أَخُو نَبِيِّي قَالَ لَهُ يَا شَيْخُ فَنَحْنُ مِنْ عِتْرَةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ نَحْنُ مِنْ وُلْدِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِيَدِكَ أُسَارَى نَسْأَلُكَ مِنْ طَيِّبِ الطَّعَامِ فَلَا تُطْعِمُنَا وَ مِنْ بَارِدِ الشَّرَابِ فَلَا تَسْقِينَا وَ قَدْ ضَيَّقْتَ عَلَيْنَا سِجْنَنَا فَانْكَبَّ الشَّيْخُ عَلَى أَقْدَامِهِمَا يُقَبِّلُهُمَا وَ يَقُولُ نَفْسِي لِنَفْسِكُمَا الْفِدَاءُ وَ وَجْهِي لِوَجْهِكُمَا الْوِقَاءُ يَا عِتْرَةَ نَبِيِّ اللَّهِ الْمُصْطَفَى هَذَا بَابُ السِّجْنِ بَيْنَ يَدَيْكُمَا مَفْتُوحٌ فَخُذَا أَيَّ طَرِيقٍ شِئْتُمَا فَلَمَّا جَنَّهُمَا اللَّيْلُ أَتَاهُمَا بِقُرْصَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَ كُوزٍ مِنْ مَاءِ الْقَرَاحِ وَ وَقَفَهُمَا عَلَى الطَّرِيقِ وَ قَالَ لَهُمَا سِيرَا يَا حَبِيبَيَّ اللَّيْلَ وَ اكْمُنَا النَّهَارَ حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَكُمَا مِنْ أَمْرِكُمَا فَرَجاً وَ مَخْرَجاً فَفَعَلَ الْغُلَامَانِ ذَلِكَ فَلَمَّا جَنَّهُمَا اللَّيْلُ انْتَهَيَا إِلَى عَجُوزٍ عَلَى بَابٍ فَقَالا لَهَا يَا عَجُوزُ إِنَّا غُلَامَانِ صَغِيرَانِ غَرِيبَانِ حَدَثَانِ غَيْرُ خَبِيرَيْنِ بِالطَّرِيقِ وَ هَذَا اللَّيْلُ قَدْ جَنَّنَا أَضِيفِينَا سَوَادَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ فَإِذَا أَصْبَحْنَا لَزِمْنَا الطَّرِيقَ فَقَالَتْ لَهُمَا فَمَنْ أَنْتُمَا يَا حَبِيبَيَّ فَقَدْ شَمِمْتُ الرَّوَائِحَ كُلَّهَا فَمَا شَمِمْتُ رَائِحَةً هِيَ أَطْيَبُ مِنْ رَائِحَتِكُمَا فَقَالا لَهَا يَا عَجُوزُ نَحْنُ مِنْ عِتْرَةِ نَبِيِّكِ مُحَمَّدٍ ص هَرَبْنَا مِنْ سِجْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ مِنَ الْقَتْلِ قَالَتِ الْعَجُوزُ يَا حَبِيبَيَّ إِنَّ لِي خَتَناً فَاسِقاً قَدْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ أَتَخَوَّفُ أَنْ يُصِيبَكُمَا هَاهُنَا فَيَقْتُلَكُمَا قَالا سَوَادَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ فَإِذَا أَصْبَحْنَا لَزِمْنَا الطَّرِيقَ فَقَالَتْ سَآتِيكُمَا

101
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 38 شهادة ولدي مسلم الصغيرين رضي الله عنهما ص 100

بِطَعَامٍ ثُمَّ أَتَتْهُمَا بِطَعَامٍ فَأَكَلَا وَ شَرِبَا فَلَمَّا وَلَجَا الْفِرَاشَ قَالَ الصَّغِيرُ لِلْكَبِيرِ يَا أَخِي إِنَّا نَرْجُو أَنْ نَكُونَ قَدْ أَمِنَّا لَيْلَتَنَا هَذِهِ فَتَعَالَ حَتَّى أُعَانِقَكَ وَ تُعَانِقَنِي وَ أَشَمَّ رَائِحَتَكَ وَ تَشَمَّ رَائِحَتِي قَبْلَ أَنْ يُفَرِّقَ الْمَوْتُ بَيْنَنَا فَفَعَلَ الْغُلَامَانِ ذَلِكَ وَ اعْتَنَقَا وَ نَامَا فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ أَقْبَلَ خَتَنُ الْعَجُوزِ الْفَاسِقُ حَتَّى قَرَعَ الْبَابَ قَرْعاً خَفِيفاً فَقَالَتِ الْعَجُوزُ مَنْ هَذَا قَالَ أَنَا فُلَانٌ قَالَتْ مَا الَّذِي أَطْرَقَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ وَ لَيْسَ هَذَا لَكَ بِوَقْتٍ قَالَ وَيْحَكِ افْتَحِي الْبَابَ قَبْلَ أَنْ يَطِيرَ عَقْلِي وَ تَنْشَقَّ مَرَارَتِي فِي جَوْفِي جَهْدُ الْبَلَاءِ قَدْ نَزَلَ بِي قَالَتْ وَيْحَكَ مَا الَّذِي نَزَلَ بِكَ قَالَ هَرَبَ غُلَامَانِ صَغِيرَانِ مِنْ عَسْكَرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَنَادَى الْأَمِيرُ فِي مُعَسْكَرِهِ مَنْ جَاءَ بِرَأْسِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَ مَنْ جَاءَ بِرَأْسِهِمَا فَلَهُ أَلْفَا دِرْهَمٍ فَقَدْ أُتْعِبْتُ وَ تَعِبْتُ وَ لَمْ يَصِلْ فِي يَدِي شَيْ‏ءٌ فَقَالَتِ الْعَجُوزُ يَا خَتَنِي احْذَرْ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ خَصْمَكَ فِي الْقِيَامَةِ قَالَ لَهَا وَيْحَكِ إِنَّ الدُّنْيَا مُحَرَّصٌ عَلَيْهَا فَقَالَتْ وَ مَا تَصْنَعُ بِالدُّنْيَا وَ لَيْسَ مَعَهَا آخِرَةٌ قَالَ إِنِّي لَأَرَاكِ تُحَامِينَ عَنْهُمَا كَأَنَّ عِنْدَكِ مِنْ طَلَبِ الْأَمِيرِ شي‏ء- [شَيْئاً] فَقُومِي فَإِنَّ الْأَمِيرَ يَدْعُوكِ قَالَتْ وَ مَا يَصْنَعُ الْأَمِيرُ بِي وَ إِنَّمَا أَنَا عَجُوزٌ فِي هَذِهِ الْبَرِّيَّةِ قَالَ إِنَّمَا لِيَ الطَّلَبُ افْتَحِي لِيَ الْبَابَ حَتَّى أُرِيحَ وَ أَسْتَرِيحَ فَإِذَا أَصْبَحْتُ بَكَّرْتُ فِي أَيِّ الطَّرِيقِ آخُذُ فِي طَلَبِهِمَا فَفَتَحَتْ لَهُ الْبَابَ وَ أَتَتْهُ بِطَعَامٍ وَ شَرَابٍ فَأَكَلَ وَ شَرِبَ فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ سَمِعَ غَطِيطَ الْغُلَامَيْنِ فِي جَوْفِ الْبَيْتِ فَأَقْبَلَ يَهِيجُ كَمَا يَهِيجُ الْبَعِيرُ الْهَائِجُ وَ يَخُورُ كَمَا يَخُورُ الثَّوْرُ وَ يَلْمِسُ بِكَفِّهِ جِدَارَ الْبَيْتِ حَتَّى وَقَعَتْ يَدُهُ عَلَى جَنْبِ الْغُلَامِ الصَّغِيرِ فَقَالَ لَهُ مَنْ هَذَا قَالَ أَمَّا أَنَا فَصَاحِبُ الْمَنْزِلِ فَمَنْ أَنْتُمَا فَأَقْبَلَ الصَّغِيرُ يُحَرِّكُ الْكَبِيرَ وَ يَقُولُ قُمْ يَا حَبِيبِي فَقَدْ وَ اللَّهِ وَقَعْنَا فِيمَا كُنَّا نُحَاذِرُهُ قَالَ لَهُمَا مَنْ أَنْتُمَا قَالا لَهُ يَا شَيْخُ إِنْ نَحْنُ صَدَّقْنَاكَ فَلَنَا الْأَمَانُ قَالَ نَعَمْ قَالا أَمَانُ اللَّهِ وَ أَمَانُ رَسُولِهِ وَ ذِمَّةُ اللَّهِ وَ ذِمَّةُ رَسُولِهِ ص قَالَ نَعَمْ قَالا وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ قَالَ نَعَمْ قَالا وَ اللَّهُ عَلى‏ ما نَقُولُ وَكِيل‏

102
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 38 شهادة ولدي مسلم الصغيرين رضي الله عنهما ص 100

وَ شَهِيدٌ قَالَ نَعَمْ قَالا لَهُ يَا شَيْخُ فَنَحْنُ مِنْ عِتْرَةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ ص هَرَبْنَا مِنْ سِجْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ مِنَ الْقَتْلِ فَقَالَ لَهُمَا مِنَ الْمَوْتِ هَرَبْتُمَا وَ إِلَى الْمَوْتِ وَقَعْتُمَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَظْفَرَنِي بِكُمَا فَقَامَ إِلَى الْغُلَامَيْنِ فَشَدَّ أَكْتَافَهُمَا فَبَاتَ الْغُلَامَانِ لَيْلَتَهُمَا مُكَتَّفَيْنِ فَلَمَّا انْفَجَرَ عَمُودُ الصُّبْحِ دَعَا غُلَاماً لَهُ أَسْوَدَ يُقَالُ لَهُ فُلَيْحٌ فَقَالَ لَهُ خُذْ هَذَيْنِ الْغُلَامَيْنِ فَانْطَلِقْ بِهِمَا إِلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ وَ اضْرِبْ أَعْنَاقَهُمَا وَ ائْتِنِي بِرُءُوسِهِمَا لِأَنْطَلِقَ بِهِمَا إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَ آخُذَ جَائِزَةَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَحَمَلَ الْغُلَامُ السَّيْفَ وَ مَشَى أَمَامَ الْغُلَامَيْنِ فَمَا مَضَى إِلَّا غَيْرَ بَعِيدٍ حَتَّى قَالَ أَحَدُ الْغُلَامَيْنِ يَا أَسْوَدُ مَا أَشْبَهَ سَوَادَكَ بِسَوَادِ بِلَالٍ مُؤَذِّنِ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ إِنَّ مَوْلَايَ قَدْ أَمَرَنِي بِقَتْلِكُمَا فَمَنْ أَنْتُمَا قَالا لَهُ يَا أَسْوَدُ نَحْنُ مِنْ عِتْرَةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ ص هَرَبْنَا مِنْ سِجْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ مِنَ الْقَتْلِ أَضَافَتْنَا عَجُوزُكُمْ هَذِهِ وَ يُرِيدُ مَوْلَاكَ قَتْلَنَا فَانْكَبَّ الْأَسْوَدُ عَلَى أَقْدَامِهِمَا يُقَبِّلُهُمَا وَ يَقُولُ نَفْسِي لِنَفْسِكُمَا الْفِدَاءُ وَ وَجْهِي لِوَجْهِكُمَا الْوِقَاءُ يَا عِتْرَةَ نَبِيِّ اللَّهِ الْمُصْطَفَى وَ اللَّهِ لَا يَكُونُ مُحَمَّدٌ خَصْمِي فِي الْقِيَامَةِ ثُمَّ عَدَا فَرَمَى بِالسَّيْفِ مِنْ يَدِهِ نَاحِيَةً وَ طَرَحَ نَفْسَهُ فِي الْفُرَاتِ وَ عَبَرَ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَصَاحَ بِهِ مَوْلَاهُ يَا غُلَامُ عَصَيْتَنِي فَقَالَ يَا مَوْلَايَ إِنَّمَا أَطَعْتُكَ مَا دُمْتَ لَا تَعْصِي اللَّهَ فَإِذَا عَصَيْتَ اللَّهَ فَأَنَا مِنْكَ بَرِي‏ءٌ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ فَدَعَا ابْنَهُ فَقَالَ يَا بُنَيَّ إِنَّمَا أَجْمَعُ الدُّنْيَا حَلَالَهَا وَ حَرَامَهَا لَكَ وَ الدُّنْيَا مُحَرَّصٌ عَلَيْهَا فَخُذْ هَذَيْنِ الْغُلَامَيْنِ إِلَيْكَ فَانْطَلِقْ بِهِمَا إِلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمَا وَ ائْتِنِي بِرُءُوسِهِمَا لِأَنْطَلِقَ بِهِمَا إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَ آخُذَ جَائِزَةَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَأَخَذَ الْغُلَامُ السَّيْفَ وَ مَشَى أَمَامَ الْغُلَامَيْنِ فَمَا مَضَيَا إِلَّا غَيْرَ بَعِيدٍ حَتَّى قَالَ أَحَدُ الْغُلَامَيْنِ يَا شَابُّ مَا أَخْوَفَنِي عَلَى شَبَابِكَ هَذَا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ فَقَالَ يَا حَبِيبَيَّ فَمَنْ أَنْتُمَا قَالا مِنْ عِتْرَةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ ص يُرِيدُ وَالِدُكَ قَتْلَنَا فَانْكَبَّ الْغُلَامُ عَلَى أَقْدَامِهِمَا يُقَبِّلُهُمَا وَ يَقُولُ لَهُمَا مَقَالَةَ الْأَسْوَدِ وَ رَمَى بِالسَّيْفِ نَاحِيَةً وَ طَرَحَ نَفْسَهُ فِي الْفُرَاتِ وَ عَبَرَ فَصَاحَ بِهِ أَبُوهُ يَا بُنَيَّ عَصَيْتَنِي قَالَ لَأَنْ أُطِيعَ اللَّهَ وَ أَعْصِيَكَ-

103
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 38 شهادة ولدي مسلم الصغيرين رضي الله عنهما ص 100

أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْصِيَ اللَّهَ وَ أُطِيعَكَ- قَالَ الشَّيْخُ لَا يَلِي قَتْلَكُمَا أَحَدٌ غَيْرِي وَ أَخَذَ السَّيْفَ وَ مَشَى أَمَامَهُمَا فَلَمَّا صَارَ إِلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ سَلَّ السَّيْفَ عَنْ جَفْنِهِ فَلَمَّا نَظَرَ الْغُلَامَانِ إِلَى السَّيْفِ مَسْلُولًا اغْرَوْرَقَتْ أَعْيُنُهُمَا وَ قَالا لَهُ يَا شَيْخُ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى السُّوقِ وَ اسْتَمْتِعْ بِأَثْمَانِنَا وَ لَا تُرِدْ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ خَصْمَكَ فِي الْقِيَامَةِ غَداً فَقَالَ لَا وَ لَكِنْ أَقْتُلُكُمَا وَ أَذْهَبُ بِرُءُوسِكُمَا إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَ آخُذُ جَائِزَةَ أَلْفَيْنِ فَقَالا لَهُ يَا شَيْخُ أَ مَا تَحْفَظُ قَرَابَتَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ مَا لَكُمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ قَرَابَةٌ قَالا لَهُ يَا شَيْخُ فَأْتِ بِنَا إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ حَتَّى يَحْكُمَ فِينَا بِأَمْرِهِ قَالَ مَا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ إِلَّا التَّقَرُّبُ إِلَيْهِ بِدَمِكُمَا قَالا لَهُ يَا شَيْخُ أَ مَا تَرْحَمُ صِغَرَ سِنِّنَا قَالَ مَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمَا فِي قَلْبِي مِنَ الرَّحْمَةِ شَيْئاً قَالا يَا شَيْخُ إِنْ كَانَ وَ لَا بُدَّ فَدَعْنَا نُصَلِّي رَكَعَاتٍ قَالَ فَصَلِّيَا مَا شِئْتُمَا إِنْ نَفَعَتْكُمَا الصَّلَاةُ فَصَلَّى الْغُلَامَانِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ رَفَعَا طَرْفَيْهِمَا إِلَى السَّمَاءِ فَنَادَيَا يَا حَيُّ يَا حَلِيمُ «1» يَا أَحْكَمَ الْحَاكِمِينَ احْكُمْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُ بِالْحَقِّ فَقَامَ إِلَى الْأَكْبَرِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَ أَخَذَ بِرَأْسِهِ وَ وَضَعَهُ فِي الْمِخْلَاةِ وَ أَقْبَلَ الْغُلَامُ الصَّغِيرُ يَتَمَرَّغُ فِي دَمِ أَخِيهِ وَ هُوَ يَقُولُ حَتَّى أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ وَ أَنَا مُخْتَضِبٌ بِدَمِ أَخِي فَقَالَ لَا عَلَيْكَ سَوْفَ أُلْحِقُكَ بِأَخِيكَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الْغُلَامِ الصَّغِيرِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَ أَخَذَ رَأْسَهُ وَ وَضَعَهُ فِي الْمِخْلَاةِ وَ رَمَى بِبَدَنِهِمَا فِي الْمَاءِ وَ هُمَا يَقْطُرَانِ دَماً وَ مَرَّ حَتَّى أَتَى بِهِمَا عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ وَ هُوَ قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِيٍّ لَهُ وَ بِيَدِهِ قَضِيبُ خَيْزُرَانٍ فَوَضَعَ الرَّأْسَيْنِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمَا قَامَ ثُمَّ قَعَدَ ثُمَّ قَامَ ثُمَّ قَعَدَ ثَلَاثاً ثُمَّ قَالَ الْوَيْلُ لَكَ أَيْنَ ظَفِرْتَ بِهِمَا قَالَ أَضَافَتْهُمَا عَجُوزٌ لَنَا قَالَ فَمَا عَرَفْتَ لَهُمَا حَقَّ الضِّيَافَةِ قَالَ لَا قَالَ فَأَيَّ شَيْ‏ءٍ قَالا لَكَ قَالَ قَالا يَا شَيْخُ اذْهَبْ بِنَا إِلَى السُّوقِ فَبِعْنَا فَانْتَفِعْ بِأَثْمَانِنَا وَ لَا تُرِدْ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ خَصْمَكَ فِي الْقِيَامَةِ قَالَ فَأَيَّ شَيْ‏ءٍ قُلْتَ لَهُمَا قَالَ‏
__________________________________________________
 (1) في المصدر المطبوع «يا حكيم» و هكذا فيما يأتي.

104
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 38 شهادة ولدي مسلم الصغيرين رضي الله عنهما ص 100

قُلْتُ لَا وَ لَكِنْ أَقْتُلُكُمَا وَ أَنْطَلِقُ بِرُءُوسِكُمَا إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَ آخُذُ جَائِزَةَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ قَالَ فَأَيَّ شَيْ‏ءٍ قَالا لَكَ قَالَ قَالا ائْتِ بِنَا إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ حَتَّى يَحْكُمَ فِينَا بِأَمْرِهِ قَالَ فَأَيَّ شَيْ‏ءٍ قُلْتَ قَالَ قُلْتُ لَيْسَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ إِلَّا التَّقَرُّبُ إِلَيْهِ بِدَمِكُمَا قَالَ أَ فَلَا جِئْتَنِي بِهِمَا حَيَّيْنِ فَكُنْتُ أُضَعِّفُ لَكَ الْجَائِزَةَ وَ أَجْعَلُهَا أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ قَالَ مَا رَأَيْتُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا إِلَّا التَّقَرُّبَ إِلَيْكَ بِدَمِهِمَا قَالَ فَأَيَّ شَيْ‏ءٍ قَالا لَكَ أَيْضاً قَالَ قَالا لِي يَا شَيْخُ احْفَظْ قَرَابَتَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ فَأَيَّ شَيْ‏ءٍ قُلْتَ لَهُمَا قَالَ قُلْتُ لَهُمَا مَا لَكُمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهُ قَرَابَةٌ قَالَ وَيْلَكَ فَأَيَّ شَيْ‏ءٍ قَالا لَكَ أَيْضاً قَالَ قَالا يَا شَيْخُ ارْحَمْ صِغَرَ سِنِّنَا قَالَ فَمَا رَحِمْتَهُمَا قَالَ قُلْتُ مَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمَا مِنَ الرَّحْمَةِ فِي قَلْبِي شَيْئاً قَالَ وَيْلَكَ فَأَيَّ شَيْ‏ءٍ قَالا لَكَ أَيْضاً قَالَ قَالا دَعْنَا نُصَلِّي رَكَعَاتٍ فَقُلْتُ فَصَلِّيَا مَا شِئْتُمَا إِنْ نَفَعَتْكُمَا الصَّلَاةُ فَصَلَّى الْغُلَامَانِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَالَ فَأَيَّ شَيْ‏ءٍ قَالا فِي آخِرِ صَلَاتِهِمَا قَالَ رَفَعَا طَرْفَيْهِمَا إِلَى السَّمَاءِ وَ قَالا يَا حَيُّ يَا حَلِيمُ يَا أَحْكَمَ الْحَاكِمِينَ احْكُمْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُ بِالْحَقِّ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ فَإِنَّ أَحْكَمَ الْحَاكِمِينَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَكُمْ مَنْ لِلْفَاسِقِ قَالَ فَانْتَدَبَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالَ أَنَا لَهُ قَالَ فَانْطَلِقْ بِهِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَتَلَ فِيهِ الْغُلَامَيْنِ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ وَ لَا تَتْرُكْ أَنْ يَخْتَلِطَ دَمُهُ بِدَمِهِمَا وَ عَجِّلْ بِرَأْسِهِ فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ وَ جَاءَ بِرَأْسِهِ فَنَصَبَهُ عَلَى قَنَاةٍ فَجَعَلَ الصِّبْيَانُ يَرْمُونَهُ بِالنَّبْلِ وَ الْحِجَارَةِ وَ هُمْ يَقُولُونَ هَذَا قَاتِلُ ذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ص «1».
بيان غطيط النائم و المخنوق نخيرهما.
أَقُولُ رَوَى فِي الْمَنَاقِبِ الْقَدِيمِ هَذِهِ الْقِصَّةَ مَعَ تَغْيِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعْدُ الْأَئِمَّةِ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ الْفُقَيْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السرختكي [السُّرْخَكَتِيِ‏] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَدَّادِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ نُعَيْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍ‏
__________________________________________________
 (1) راجع أمالي الصدوق المجلس 19 تحت الرقم: 2.

105
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 38 شهادة ولدي مسلم الصغيرين رضي الله عنهما ص 100

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع بِكَرْبَلَاءَ هَرَبَ غُلَامَانِ مِنْ عَسْكَرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ أَحَدُهُمَا يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ وَ الْآخَرُ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ وَ كَانَا مِنْ وُلْدِ جَعْفَرٍ الطَّيَّارِ «1» فَإِذَا هُمَا بِامْرَأَةٍ تَسْتَقِي فَنَظَرَتْ إِلَى الْغُلَامَيْنِ وَ إِلَى حُسْنِهِمَا وَ جَمَالِهِمَا فَقَالَتْ لَهُمَا مَنْ أَنْتُمَا فَقَالا نَحْنُ مِنْ وُلْدِ جَعْفَرٍ الطَّيَّارِ فِي الْجَنَّةِ هَرَبْنَا مِنْ عَسْكَرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ إِنَّ زَوْجِي فِي عَسْكَرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَ لَوْ لَا أَنِّي أَخْشَى أَنْ يَجِي‏ءَ اللَّيْلَةَ وَ إِلَّا ضَيَّفْتُكُمَا وَ أَحْسَنْتُ ضِيَافَتَكُمَا فَقَالا لَهَا أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ انْطَلِقِي بِنَا فَنَرْجُو أَنْ لَا يَأْتِيَنَا زَوْجُكِ اللَّيْلَةَ فَانْطَلَقَتِ الْمَرْأَةُ وَ الْغُلَامَانِ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى مَنْزِلِهَا فَأَتَتْهُمَا بِطَعَامٍ فَقَالا مَا لَنَا فِي الطَّعَامِ مِنْ حَاجَةٍ ائْتِنَا بِمُصَلًّى نَقْضِي فَوَائِتَنَا فَصَلَّيَا فَانْطَلَقَا إِلَى مَضْجَعِهِمَا فَقَالَ الْأَصْغَرُ لِلْأَكْبَرِ يَا أَخِي وَ يَا ابْنَ أُمِّي الْتَزِمْنِي وَ اسْتَنْشِقْ مِنْ رَائِحَتِي فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّهَا آخِرُ لَيْلَتِي لَا نُصْبِحُ بَعْدَهَا وَ سَاقَ الْحَدِيثَ نَحْواً مِمَّا مَرَّ إِلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ هَزَّ السَّيْفَ وَ ضَرَبَ عُنُقَ الْأَكْبَرِ وَ رَمَى بِبَدَنِهِ الْفُرَاتَ فَقَالَ الْأَصْغَرُ سَأَلْتُكَ بِاللَّهِ أَنْ تَتْرُكَنِي حَتَّى أَتَمَرَّغَ بِدَمِ أَخِي سَاعَةً قَالَ وَ مَا يَنْفَعُكَ ذَلِكَ قَالَ هَكَذَا أُحِبُّ فَتَمَرَّغَ بِدَمِ أَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ لَهُ قُمْ فَلَمْ يَقُمْ فَوَضَعَ السَّيْفَ عَلَى قَفَاهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ مِنْ قِبَلِ الْقَفَا وَ رَمَى بِبَدَنِهِ إِلَى الْفُرَاتِ فَكَانَ بَدَنُ الْأَوَّلِ عَلَى وَجْهِ الْفُرَاتِ سَاعَةً حَتَّى قَذَفَ الثَّانِيَ فَأَقْبَلَ بَدَنُ الْأَوَّلِ رَاجِعاً يَشَقُّ الْمَاءَ شَقّاً حَتَّى الْتَزَمَ بَدَنَ أَخِيهِ وَ مَضَيَا فِي الْمَاءِ وَ سَمِعَ هَذَا الْمَلْعُونُ صَوْتاً مِنْ بَيْنِهِمَا وَ هُمَا فِي الْمَاءِ رَبِّ تَعْلَمُ وَ تَرَى مَا فَعَلَ بِنَا هَذَا الْمَلْعُونُ فَاسْتَوْفِ لَنَا حَقَّنَا مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ قَالَ فَدَعَا عُبَيْدُ اللَّهِ بِغُلَامٍ لَهُ أَسْوَدَ يُقَالُ لَهُ نَادِرٌ فَقَالَ لَهُ يَا نَادِرُ دُونَكَ هَذَا الشَّيْخَ شُدَّ كَتِفَيْهِ فَانْطَلِقْ بِهِ الْمَوْضِعَ الَّذِي قَتَلَ الْغُلَامَيْنِ فِيهِ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ وَ سَلَبُهُ لَكَ وَ لَكَ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَ أَنْتَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ فَانْطَلَقَ الْغُلَامُ بِهِ إِلَى الْمَوْضِعِ‏
__________________________________________________
 (1) لو صح هذه القصة لكانا من أحفاد جعفر الطيار، و الا فجعفر الطيار قد استشهد في سنة ثمان يوم مؤتة و بينه و بين مقتل الحسين عليه السلام اثنتان و خمسون سنة.

106
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 38 شهادة ولدي مسلم الصغيرين رضي الله عنهما ص 100

الَّذِي ضَرَبَ أَعْنَاقَهُمَا فِيهِ فَقَالَ لَهُ يَا نَادِرُ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ قَتْلِي قَالَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ فَرَمَى بِجِيفَتِهِ إِلَى الْمَاءِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ الْمَاءُ وَ رَمَى بِهِ إِلَى الشَّطِّ وَ أَمَرَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ أَنْ يُحْرَقَ بِالنَّارِ فَفُعِلَ بِهِ ذَلِكَ وَ صَارَ إِلَى عَذَابِ اللَّهِ.
باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال‏
1- قَالَ السَّيِّدُ ابْنُ طَاوُسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِ الْمَلْهُوفِ عَلَى أَهْلِ الطُّفُوفِ وَ الشَّيْخُ ابْنُ نَمَا رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مُثِيرِ الْأَحْزَانِ وَ اللَّفْظُ لِلسَّيِّدِ إِنَّ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ بَعَثَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ هُوَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ مَعَ خَوْلِيِّ بْنِ يَزِيدَ الْأَصْبَحِيِّ وَ حُمَيْدِ بْنِ مُسْلِمٍ الْأَزْدِيِّ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَ أَمَرَ بِرُءُوسِ الْبَاقِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ فَنُظِّفَتْ وَ سُرِّحَ بِهَا مَعَ شِمْرِ بْنِ ذِي الْجَوْشَنِ وَ قَيْسِ بْنِ الْأَشْعَثِ وَ عَمْرِو بْنِ الْحَجَّاجِ فَأَقْبَلُوا بِهَا حَتَّى قَدِمُوا الْكُوفَةَ وَ أَقَامَ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَ الْيَوْمَ الثَّانِيَ إِلَى زَوَالِ الشَّمْسِ ثُمَّ رَحَلَ بِمَنْ تَخَلَّفَ مِنْ عِيَالِ الْحُسَيْنِ ع وَ حَمَلَ نِسَاءَهُ عَلَى أَحْلَاسِ أَقْتَابٍ بِغَيْرِ وِطَاءٍ مُكَشَّفَاتِ الْوُجُوهِ بَيْنَ الْأَعْدَاءِ وَ هُنَّ وَدَائِعُ خَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَ سَاقُوهُنَّ كَمَا يُسَاقُ سَبْيُ التُّرْكِ وَ الرُّومِ فِي أَسْرِ الْمَصَائِبِ وَ الْهُمُومِ وَ لِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ-
          يُصَلَّى عَلَى الْمَبْعُوثِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ-             وَ يُغْزَى بَنُوهُ إِنَّ ذَا لَعَجِيبٌ-
 قَالَ وَ لَمَّا انْفَصَلَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ كَرْبَلَاءَ خَرَجَ قَوْمٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ فَصَلَّوْا عَلَى تِلْكَ الْجُثَثِ الطَّوَاهِرِ الْمُرَمَّلَةِ بِالدِّمَاءِ وَ دَفَنُوهَا عَلَى مَا هِيَ الْآنَ عَلَيْهِ «1».
__________________________________________________
 (1) كتاب الملهوف ص 125- 127.

107
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

وَ قَالَ الْمُفِيدُ رَحِمَهُ اللَّهُ دَفَنُوا الْحُسَيْنَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ حَيْثُ قَبْرُهُ الْآنَ وَ دَفَنُوا ابْنَهُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ الْأَصْغَرَ عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَ حَفَرُوا لِلشُّهَدَاءِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ صُرِعُوا حَوْلَهُ مِمَّا يَلِي رِجْلَيِ الْحُسَيْنِ ع وَ جَمَعُوهُمْ وَ دَفَنُوهُمْ جَمِيعاً مَعاً وَ دَفَنُوا الْعَبَّاسَ بْنَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ عَلَى طَرِيقِ الْغَاضِرِيَّةِ حَيْثُ قَبْرُهُ الْآنَ «1».
وَ قَالَ السَّيِّدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ سَارَ ابْنُ سَعْدٍ بِالسَّبْيِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ فَلَمَّا قَارَبُوا الْكُوفَةَ اجْتَمَعَ أَهْلُهَا لِلنَّظَرِ إِلَيْهِنَّ قَالَ فَأَشْرَفَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْكُوفِيَّاتِ فَقَالَتْ مِنْ أَيِّ الْأُسَارَى أَنْتُنَّ فَقُلْنَ نَحْنُ أُسَارَى آلِ مُحَمَّدٍ فَنَزَلَتْ مِنْ سَطْحِهَا وَ جَمَعَتْ مُلَاءً وَ أُزُراً وَ مَقَانِعَ «2» فَأَعْطَتْهُنَّ فَتَغَطَّيْنَ قَالَ وَ كَانَ مَعَ النِّسَاءِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع قَدْ نَهَكَتْهُ الْعِلَّةُ وَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُثَنَّى وَ كَانَ قَدْ وَاسَى عَمَّهُ وَ إِمَامَهُ فِي الصَّبْرِ عَلَى الرِّمَاحِ «3» وَ إِنَّمَا ارْتُثَّ وَ قَدْ أُثْخِنَ بِالْجِرَاحِ وَ كَانَ مَعَهُمْ أَيْضاً زَيْدٌ وَ عَمْرٌو وَلَدَا الْحَسَنِ السِّبْطِ ع فَجَعَلَ أَهْلُ الْكُوفَةِ يَنُوحُونَ وَ يَبْكُونَ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع أَ تَنُوحُونَ وَ تَبْكُونَ مِنْ أَجْلِنَا فَمَنْ قَتَلَنَا قَالَ بَشِيرُ بْنُ خُزَيْمٍ الْأَسَدِيُّ وَ نَظَرْتُ إِلَى زَيْنَبَ بِنْتِ عَلِيٍّ ع يَوْمَئِذٍ وَ لَمْ أَرَ وَ اللَّهِ خَفِرَةً قَطُّ أَنْطَقَ مِنْهَا كَأَنَّمَا تُفَرِّعُ عَنْ لِسَانِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ قَدْ أَوْمَأَتْ إِلَى النَّاسِ أَنِ اسْكُتُوا فَارْتَدَّتِ الْأَنْفَاسُ وَ سَكَنَتِ اْلْأَجْرَاسُ ثُمَّ قَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ الصَّلَاةُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ الْأَخْيَارِ
__________________________________________________
 (1) الإرشاد ص 227.
 (2) ملاء جمع ملاءة و هي الريطة ذات لفقين، و أزر جمع ازار و هو ثوب يلبس على الفخذين و مقانع جمع مقنع- بالكسر- ما تقنع به المرأة رأسها و تغطيه به.
 (3) في المصدر المطبوع: «فى الصبر على ضرب السيوف و طعن الرماح» ثم قال: و روى مصنف كتاب المصابيح أن الحسن بن الحسن المثنى قتل بين يدي عمه الحسين عليه السلام في ذلك اليوم سبعة عشر نفسا و أصابه ثمانية عشر جراحة، فوقع فأخذ خاله أسماء بن خارجة فحمله الى الكوفة و داواه حتّى برء.

108
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

أَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ يَا أَهْلَ الْخَتْلِ وَ الْغَدْرِ أَ تَبْكُونَ فَلَا رَقَأَتِ الدَّمْعَةُ وَ لَا هَدَأَتِ الرَّنَّةُ إِنَّمَا مَثَلُكُمْ كَمَثَلِ الَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَلَا وَ هَلْ فِيكُمْ إِلَّا الصَّلَفُ وَ النَّطَفُ وَ مَلَقُ الْإِمَاءِ وَ غَمْزُ الْأَعْدَاءِ أَوْ كَمَرْعًى عَلَى دِمْنَةٍ أَوْ كَفِضَّةٍ عَلَى مَلْحُودَةٍ «1» أَلَا سَاءَ مَا قَدَّمَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وَ فِي الْعَذَابِ أَنْتُمْ خَالِدُونَ أَ تَبْكُونَ وَ تَنْتَحِبُونَ إِي وَ اللَّهِ فَابْكُوا كَثِيراً وَ اضْحَكُوا قَلِيلًا فَلَقَدْ ذَهَبْتُمْ بِعَارِهَا وَ شَنَآنِهَا «2» وَ لَنْ تَرْحَضُوهَا بِغَسْلٍ بَعْدَهَا أَبَداً وَ أَنَّى تَرْحَضُونَ قَتْلَ سَلِيلِ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ وَ سَيِّدِ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مَلَاذِ خِيَرَتِكُمْ وَ مَفْزَعِ نَازِلَتِكُمْ وَ مَنَارِ حُجَّتِكُمْ وَ مَدَرَةِ سُنَّتِكُمْ أَلَا سَاءَ مَا تَزِرُونَ وَ بُعْداً لَكُمْ وَ سُحْقاً فَلَقَدْ خَابَ السَّعْيُ وَ تَبَّتِ الْأَيْدِي وَ خَسِرَتِ الصَّفْقَةُ وَ بُؤْتُمْ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ* وَ ضُرِبَتْ عَلَيْكُمُ الذِّلَّةُ وَ الْمَسْكَنَةُ وَيْلَكُمْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ أَيَّ كَبِدٍ لِرَسُولِ اللَّهِ فَرَيْتُمْ وَ أَيَّ كَرِيمَةٍ لَهُ أَبْرَزْتُمْ وَ أَيَّ دَمٍ لَهُ سَفَكْتُمْ وَ أَيَّ حُرْمَةٍ لَهُ انْتَهَكْتُمْ لَقَدْ جِئْتُمْ بِهِمْ صَلْعَاءَ عَنْقَاءَ سَوْءَاءَ فَقْمَاءَ وَ فِي بَعْضِهَا خَرْقَاءَ شَوْهَاءَ كَطِلَاعِ الْأَرْضِ وَ ملاء [مِلْ‏ءِ] السَّمَاءِ أَ فَعَجِبْتُمْ أَنْ قَطَرَتِ السَّمَاءُ دَماً وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى‏ وَ أَنْتُمْ لَا تُنْصَرُونَ فَلَا يَسْتَخِفَّنَّكُمُ الْمَهَلُ فَإِنَّهُ لَا تَحْفِزُهُ الْبِدَارُ وَ لَا يُخَافُ فَوْتُ الثَّأْرِ وَ إِنَّ رَبَّكُمْ لَبِالْمِرْصَادِ «3» قَالَ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّاسَ يَوْمَئِذٍ حَيَارَى يَبْكُونَ وَ قَدْ وَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ فِي‏
__________________________________________________
 (1) كذا في المصدر ص 130، و نقله المصنّف- رحمه اللّه- بلفظه ثمّ شرحه فيما يأتي من بيان الغرائب بالتزيين، و لكن الصحيح: «كقصة على ملحودة» و القصة هي الجصة بلغة أهل الحجاز، كما في أكثر معاجم اللغة- القاموس- الصحاح- تاج العروس- النهاية و قال في الفائق ج 2 ص 173 روى أن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن تطيين القبور و تقصيصها أى تجصيصها، فان القصة هي الجصة أقول: و سائر غرائب الحديث يأتي بيانه عن المصنّف- رحمه اللّه- فلا نكررها.
 (2) و شنارها خ ل.
 (3) و مثله في كتاب الاحتجاج ص 256، و زاد بعده أبياتا و سيأتي.

109
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

أَفْوَاهِهِمْ وَ رَأَيْتُ شَيْخاً وَاقِفاً إِلَى جَنْبِي يَبْكِي حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ وَ هُوَ يَقُولُ بِأَبِي أَنْتُمْ وَ أُمِّي كُهُولُكُمْ خَيْرُ الْكُهُولِ وَ شَبَابُكُمْ خَيْرُ الشَّبَابِ وَ نِسَاؤُكُمْ خَيْرُ النِّسَاءِ وَ نَسْلُكُمْ خَيْرُ نَسْلٍ لَا يُخْزَى وَ لَا يُبْزَى.
وَ رَوَى زَيْدُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي ع قَالَ: خَطَبَتْ فَاطِمَةُ الصُّغْرَى بَعْدَ أَنْ رُدَّتْ مِنْ كَرْبَلَاءَ فَقَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ الرَّمْلِ وَ الْحَصَى وَ زِنَةَ الْعَرْشِ إِلَى الثَّرَى أَحْمَدُهُ وَ أُؤْمِنُ بِهِ وَ أَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ ص وَ أَنَّ وُلْدَهُ ذُبِحُوا بِشَطِّ الْفُرَاتِ بِغَيْرِ ذَحْلٍ وَ لَا تِرَاتٍ- اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَفْتَرِيَ عَلَيْكَ الْكَذِبَ وَ أَنْ أَقُولَ عَلَيْكَ خِلَافَ مَا أَنْزَلْتَ مِنْ أَخْذِ الْعُهُودِ لِوَصِيِّهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْمَسْلُوبِ حَقُّهُ الْمَقْتُولِ مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ كَمَا قُتِلَ وُلْدُهُ بِالْأَمْسِ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ مَعْشَرٌ مُسْلِمَةٌ بِأَلْسِنَتِهِمْ تَعْساً لِرُءُوسِهِمْ مَا دَفَعَتْ عَنْهُ ضَيْماً فِي حَيَاتِهِ وَ لَا عِنْدَ مَمَاتِهِ حَتَّى قَبَضْتَهُ إِلَيْكَ مَحْمُودَ النَّقِيبَةِ طَيِّبَ الْعَرِيكَةِ مَعْرُوفَ الْمَنَاقِبِ مَشْهُورَ الْمَذَاهِبِ لَمْ يَأْخُذْهُ اللَّهُمَّ فِيكَ لَوْمَةُ لَائِمٍ وَ لَا عَذْلُ عَاذِلٍ هَدَيْتَهُ يَا رَبِّ لِلْإِسْلَامِ صَغِيراً وَ حَمِدْتَ مَنَاقِبَهُ كَبِيراً وَ لَمْ يَزَلْ نَاصِحاً لَكَ وَ لِرَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ حَتَّى قَبَضْتَهُ إِلَيْكَ زَاهِداً فِي الدُّنْيَا غَيْرَ حَرِيصٍ عَلَيْهَا رَاغِباً فِي الْآخِرَةِ مُجَاهِداً لَكَ فِي سَبِيلِكَ رَضَيْتَهُ فَاخْتَرْتَهُ وَ هَدَيْتَهُ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ* أَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ يَا أَهْلَ الْمَكْرِ وَ الْغَدْرِ وَ الْخُيَلَاءِ فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ ابْتَلَانَا اللَّهُ بِكُمْ وَ ابْتَلَاكُمْ بِنَا فَجَعَلَ بَلَاءَنَا حَسَناً وَ جَعَلَ عِلْمَهُ عِنْدَنَا وَ فَهْمَهُ لَدَيْنَا فَنَحْنُ عَيْبَةُ عِلْمِهِ وَ وِعَاءُ فَهْمِهِ وَ حِكْمَتِهِ وَ حُجَّتُهُ فِي الْأَرْضِ لِبِلَادِهِ وَ لِعِبَادِهِ أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِكَرَامَتِهِ وَ فَضَّلَنَا بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ص عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا بَيِّناً فَكَذَّبْتُمُونَا وَ كَفَّرْتُمُونَا وَ رَأَيْتُمْ قِتَالَنَا حَلَالًا وَ أَمْوَالَنَا نَهْباً كَأَنَّا أَوْلَادُ تُرْكٍ أَوْ كَابُلَ كَمَا قَتَلْتُمْ جَدَّنَا بِالْأَمْسِ وَ سُيُوفُكُمْ تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ لِحِقْدٍ مُتَقَدِّمٍ قَرَّتْ بِذَلِكَ عُيُونُكُمْ وَ فَرِحَتْ قُلُوبُكُمْ افْتِرَاءً مِنْكُمْ عَلَى اللَّهِ وَ مَكْراً مَكَرْتُمْ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ فَلا

110
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

تَدْعُوَنَّكُمْ أَنْفُسُكُمْ إِلَى الْجَذَلِ بِمَا أَصَبْتُمْ مِنْ دِمَائِنَا وَ نَالَتْ أَيْدِيكُمْ مِنْ أَمْوَالِنَا فَإِنَّ مَا أَصَابَنَا مِنَ الْمَصَائِبِ الْجَلِيلَةِ وَ الرَّزَايَا الْعَظِيمَةِ- فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ تَبّاً لَكُمْ فَانْتَظِرُوا اللَّعْنَةَ وَ الْعَذَابَ وَ كَأَنْ قَدْ حَلَّ بِكُمْ وَ تَوَاتَرَتْ مِنَ السَّمَاءِ نَقِمَاتٌ فَيُسْحِتَكُمْ بِمَا كَسَبْتُمْ- وَ يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ثُمَّ تَخْلُدُونَ فِي الْعَذَابِ الْأَلِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَا ظَلَمْتُمُونَا- أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ وَيْلَكُمْ أَ تَدْرُونَ أَيَّةُ يَدٍ طَاعَنَتْنَا مِنْكُمْ وَ أَيَّةُ نَفْسٍ نَزَعَتْ إِلَى قِتَالِنَا أَمْ بِأَيَّةِ رِجْلٍ مَشَيْتُمْ إِلَيْنَا تَبْغُونَ مُحَارَبَتَنَا قَسَتْ قُلُوبُكُمْ وَ غَلُظَتْ أَكْبَادُكُمْ وَ طُبِعَ عَلَى أَفْئِدَتِكُمْ وَ خُتِمَ عَلَى سَمْعِكُمْ وَ بَصَرِكُمْ وَ سَوَّلَ لَكُمُ الشَّيْطَانُ وَ أَمْلَى لَكُمْ وَ جَعَلَ عَلَى بَصَرِكُمْ غِشَاوَةً فَأَنْتُمْ لَا تَهْتَدُونَ تَبّاً لَكُمْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ أَيُّ تِرَاتٍ لِرَسُولِ اللَّهِ قِبَلَكُمْ وَ ذُحُولٍ لَهُ لَدَيْكُمْ بِمَا عَنِدْتُمْ بِأَخِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع جَدِّي وَ بَنِيهِ عِتْرَةِ النَّبِيِّ الطَّاهِرِينَ الْأَخْيَارِ وَ افْتَخَرَ بِذَلِكَ مُفْتَخِرُ [كُمْ‏] فَقَالَ-
          نَحْنُ قَتَلْنَا عَلِيّاً وَ بَنِي عَلِيٍّ «1»-             بِسُيُوفٍ هِنْدِيَّةٍ وَ رِمَاحٍ‏
             وَ سَبَيْنَا نِسَاءَهُمْ سَبْيَ تُرْكٍ-             وَ نَطَحْنَاهُمْ فَأَيَّ نِطَاحٍ-
 بِفِيكَ أَيُّهَا الْقَائِلُ الْكَثْكَثُ وَ لَكَ الْأَثْلَبُ افْتَخَرْتَ بِقَتْلِ قَوْمٍ زَكَّاهُمُ اللَّهُ وَ طَهَّرَهُمْ وَ أَذْهَبَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ فَاكْظِمْ وَ أَقْعِ كَمَا أَقْعَى أَبُوكَ وَ إِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ حَسَدْتُمُونَا وَيْلًا لَكُمْ عَلَى مَا فَضَّلَنَا اللَّهُ عَلَيْكُمْ-
          فَمَا ذَنْبُنَا أَنْ جَاشَ دَهْراً بُحُورُنَا-             وَ بَحْرُكَ سَاجٍ لَا يُوَارِي الدَّعَامِصَا
 ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ- وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ
__________________________________________________
 (1) كذا في النسخ، و لا يستقيم الشعر وزنا.

111
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

قَالَ فَارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ بِالْبُكَاءِ وَ قَالُوا حَسْبُكِ يَا ابْنَةَ الطَّيِّبِينَ فَقَدْ أَحْرَقْتِ قُلُوبَنَا وَ أَنْضَجْتِ نُحُورَنَا وَ أَضْرَمْتِ أَجْوَافَنَا فَسَكَتَتْ عَلَيْهَا وَ عَلَى أَبِيهَا وَ جَدَّتِهَا السَّلَامُ.
أقول ذكر في الإحتجاج هذه الخطبة بهذا الإسناد «1» و لنرجع إلى كلام السيد رحمه الله.
قَالَ: وَ خَطَبَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عَلِيٍّ ع فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ وَرَاءِ كِلَّتِهَا رَافِعَةً صَوْتَهَا بِالْبُكَاءِ فَقَالَتْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ سَوْأَةً لَكُمْ مَا لَكُمْ خَذَلْتُمْ حُسَيْناً وَ قَتَلْتُمُوهُ وَ انْتَهَبْتُمْ أَمْوَالَهُ وَ وَرِثْتُمُوهُ وَ سَبَيْتُمْ نِسَاءَهُ وَ نَكَبْتُمُوهُ فَتَبّاً لَكُمْ وَ سُحْقاً وَيْلَكُمْ أَ تَدْرُونَ أَيَّ دَوَاهٍ دَهَتْكُمْ وَ أَيَّ وِزْرٍ عَلَى ظُهُورِكُمْ حَمَلْتُمْ وَ أَيَّ دِمَاءٍ سَفَكْتُمُوهَا وَ أَيَّ كَرِيمَةٍ أَصَبْتُمُوهَا وَ أَيَّ صِبْيَةٍ سَلَبْتُمُوهَا وَ أَيَّ أَمْوَالٍ انْتَهَبْتُمُوهَا قَتَلْتُمْ خَيْرَ رِجَالاتٍ بَعْدَ النَّبِيِّ وَ نُزِعَتِ الرَّحْمَةُ مِنْ قُلُوبِكُمْ أَلَا حِزْبُ اللَّهِ هُمُ الْفَائِزُونَ وَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخاسِرُونَ* ثُمَّ قَالَتْ-
          قَتَلْتُمْ أَخِي صَبْراً فَوَيْلٌ لِأُمِّكُمْ-             سَتُجْزَوْنَ نَاراً حَرُّهَا يَتَوَقَّدُ
             سَفَكْتُمْ دِمَاءً حَرَّمَ اللَّهُ سَفْكَهَا-             وَ حَرَّمَهَا الْقُرْآنُ ثُمَّ مُحَمَّدٌ-
             أَلَا فَابْشِرُوا بِالنَّارِ إِنَّكُمُ غَداً-             لَفِي سَقَرٍ حَقّاً يَقِيناً تُخَلَّدُوا-
             وَ إِنِّي لَأَبْكِي فِي حَيَاتِي عَلَى أَخِي-             عَلَى خَيْرِ مَنْ بَعْدَ النَّبِيِّ سَيُولَدُ-
             بِدَمْعٍ غَزِيرٍ مُسْتَهَلٍّ مُكَفْكَفٍ-             عَلَى الْخَدِّ مِنِّي ذَائِباً لَيْسَ يَجْمُدُ-
 قَالَ فَضَجَّ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ وَ الْحَنِينِ وَ النَّوْحِ وَ نَشَرَ النِّسَاءُ شُعُورَهُنَّ وَ وَضَعْنَ التُّرَابَ عَلَى رُءُوسِهِنَّ وَ خَمَشْنَ وُجُوهَهُنَّ وَ ضَرَبْنَ خُدُودَهُنَّ وَ دَعَوْنَ بِالْوَيْلِ وَ الثُّبُورِ وَ بَكَى الرِّجَالُ فَلَمْ يُرَ بَاكِيَةٌ وَ بَاكٍ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ ثُمَّ إِنَّ زَيْنَ الْعَابِدِينَ ع أَوْمَأَ إِلَى النَّاسِ أَنِ اسْكُتُوا فَسَكَتُوا فَقَامَ قَائِماً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ ذَكَرَ النَّبِيَّ وَ صَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي وَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي فَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ‏
__________________________________________________
 (1) كتاب الملهوف ص 127- 137، الاحتجاج ص 155 و 156.

112
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

أَنَا ابْنُ الْمَذْبُوحِ بِشَطِّ الْفُرَاتِ مِنْ غَيْرِ ذَحْلٍ وَ لَا تِرَاتٍ أَنَا ابْنُ مَنِ انْتُهِكَ حَرِيمُهُ وَ سُلِبَ نَعِيمُهُ وَ انْتُهِبَ مَالُهُ وَ سُبِيَ عِيَالُهُ أَنَا ابْنُ مَنْ قُتِلَ صَبْراً وَ كَفَى بِذَلِكَ فَخْراً أَيُّهَا النَّاسُ نَاشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ كَتَبْتُمْ إِلَى أَبِي وَ خَدَعْتُمُوهُ وَ أَعْطَيْتُمُوهُ مِنْ أَنْفُسِكُمْ الْعَهْدَ وَ الْمِيثَاقَ وَ الْبَيْعَةَ وَ قَاتَلْتُمُوهُ وَ خَذَلْتُمُوهُ فَتَبّاً لِمَا قَدَّمْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ سَوْأَةً لِرَأْيِكُمْ بِأَيَّةِ عَيْنٍ تَنْظُرُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص إِذْ يَقُولُ لَكُمْ قَتَلْتُمْ عِتْرَتِي وَ انْتَهَكْتُمْ حُرْمَتِي فَلَسْتُمْ مِنْ أُمَّتِي قَالَ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُ النَّاسِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ وَ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ هَلَكْتُمْ وَ مَا تَعْلَمُونَ فَقَالَ ع رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً قَبِلَ نَصِيحَتِي وَ حَفِظَ وَصِيَّتِي فِي اللَّهِ وَ فِي رَسُولِهِ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ فَإِنَّ لَنَا فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةً حَسَنَةً فَقَالُوا بِأَجْمَعِهِمْ نَحْنُ كُلُّنَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهُ سَامِعُونَ مُطِيعُونَ حَافِظُونَ لِذِمَامِكَ غَيْرَ زَاهِدِينَ فِيكَ وَ لَا رَاغِبِينَ عَنْكَ فَمُرْنَا بِأَمْرِكَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَإِنَّا حَرْبٌ لِحَرْبِكَ وَ سِلْمٌ لِسِلْمِكَ لَنَأْخُذَنَّ يَزِيدَ وَ نَبْرَأُ مِمَّنْ ظَلَمَكَ وَ ظَلَمَنَا فَقَالَ ع هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ أَيُّهَا الْغَدَرَةُ الْمَكَرَةُ حِيلَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ شَهَوَاتِ أَنْفُسِكُمْ أَ تُرِيدُونَ أَنْ تَأْتُوا إِلَيَّ كَمَا أَتَيْتُمْ إِلَى آبَائِي مِنْ قَبْلُ كَلَّا وَ رَبِّ الرَّاقِصَاتِ فَإِنَّ الْجُرْحَ لَمَّا يَنْدَمِلْ قُتِلَ أَبِي صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ بِالْأَمْسِ وَ أَهْلُ بَيْتِهِ مَعَهُ وَ لَمْ يَنْسَنِي ثُكْلُ رَسُولِ اللَّهِ وَ ثُكْلُ أَبِي وَ بَنِي أَبِي وَ وَجْدُهُ بَيْنَ لَهَاتِي وَ مَرَارَتُهُ بَيْنَ حَنَاجِرِي وَ حَلْقِي وَ غُصَصُهُ يَجْرِي فِي فِرَاشِ صَدْرِي وَ مَسْأَلَتِي أَنْ لَا تَكُونُوا لَنَا وَ لَا عَلَيْنَا ثُمَّ قَالَ-
          لَا غَرْوَ إِنْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ وَ شَيْخُهُ-             قَدْ كَانَ خَيْراً مِنْ حُسَيْنٍ وَ أَكْرَمَا-
             فَلَا تَفْرَحُوا يَا أَهْلَ كُوفَانَ بِالَّذِي-             أُصِيبَ حُسَيْنٌ كَانَ ذَلِكَ أَعْظَمَا-
             قَتِيلٌ بِشَطِّ النَّهْرِ رُوحِي فِدَاؤُهُ-             جَزَاءُ الَّذِي أَرْدَاهُ نَارُ جَهَنَّمَا
أَقُولُ رُوِيَ فِي الْإِحْتِجَاجِ هَكَذَا قَالَ حِذْيَمُ بْنُ بَشِيرٍ خَرَجَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ ع إِلَى النَّاسِ وَ أَوْمَأَ إِلَيْهِمْ أَنِ اسْكُتُوا فَسَكَتُوا إِلَى آخِرِ الْخَبَرِ «1».
__________________________________________________
 (1) الاحتجاج ص 157 و فيه: عن حذام بن ستير.

113
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

قَالَ السَّيِّدُ ثُمَّ قَالَ ع رَضِينَا مِنْكُمْ رَأْساً بِرَأْسٍ فَلَا يَوْمَ لَنَا وَ لَا عَلَيْنَا.
أَقُولُ رَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ رُوِيَ مُرْسَلًا عَنْ مُسْلِمٍ الْجَصَّاصِ قَالَ: دَعَانِي ابْنُ زِيَادٍ لِإِصْلَاحِ دَارِ الْإِمَارَةِ بِالْكُوفَةِ فَبَيْنَمَا أَنَا أُجَصِّصُ الْأَبْوَابَ وَ إِذَا أَنَا بِالزَّعَقَاتِ قَدِ ارْتَفَعَتْ مِنْ جَنَبَاتِ الْكُوفَةِ فَأَقْبَلْتُ عَلَى خَادِمٍ كَانَ مَعَنَا فَقُلْتُ مَا لِي أَرَى الْكُوفَةَ تَضِجُّ قَالَ السَّاعَةَ أَتَوْا بِرَأْسِ خَارِجِيٍّ خَرَجَ عَلَى يَزِيدَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا الْخَارِجِيُّ فَقَالَ- الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع قَالَ فَتَرَكْتُ الْخَادِمَ حَتَّى خَرَجَ وَ لَطَمْتُ وَجْهِي حَتَّى خَشِيتُ عَلَى عَيْنِي أَنْ يَذْهَبَ وَ غَسَلْتُ يَدَيَّ مِنَ الْجِصِّ وَ خَرَجْتُ مِنْ ظَهْرِ الْقَصْرِ وَ أَتَيْتُ إِلَى الْكِنَاسِ فَبَيْنَمَا أَنَا وَاقِفٌ وَ النَّاسُ يَتَوَقَّعُونَ وَصُولَ السَّبَايَا وَ الرُّءُوسِ إِذْ قَدْ أَقْبَلَتْ نَحْوَ أَرْبَعِينَ شُقَّةً تُحْمَلُ عَلَى أَرْبَعِينَ جَمَلًا فِيهَا الْحُرَمُ وَ النِّسَاءُ وَ أَوْلَادُ فَاطِمَةَ ع وَ إِذَا بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع عَلَى بَعِيرٍ بِغَيْرِ وِطَاءٍ وَ أَوْدَاجُهُ تَشْخُبُ دَماً وَ هُوَ مَعَ ذَلِكَ يَبْكِي وَ يَقُولُ-
          يَا أُمَّةَ السَّوْءِ لَا سُقْيَا لِرَبْعِكُمْ-             يَا أُمَّةً لَمْ تُرَاعِ جَدَّنَا فِينَا
             لَوْ أَنَّنَا وَ رَسُولُ اللَّهِ يَجْمَعُنَا             يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَا
             تُسَيِّرُونَا عَلَى الْأَقْتَابِ عَارِيَةً             كَأَنَّنَا لَمْ نُشَيِّدْ فِيكُمْ دِيناً
             بَنِي أُمَيَّةَ مَا هَذَا الْوُقُوفُ عَلَى             تِلْكَ الْمَصَائِبِ لَا تُلَبُّونَ دَاعِيَنَا
             تُصَفِّقُونَ عَلَيْنَا كَفَّكُمْ فَرَحاً             وَ أَنْتُمُ فِي فِجَاجِ الْأَرْضِ تَسْبُونَا
             أَ لَيْسَ جَدِّي رَسُولُ اللَّهِ وَيْلَكُمْ             أَهْدَى الْبَرِيَّةِ مِنْ سُبُلِ الْمُضِلِّينَا
             يَا وَقْعَةَ الطَّفِّ قَدْ أَوْرَثْتِنِي حَزَناً             وَ اللَّهُ يَهْتِكُ أَسْتَارَ الْمُسِيئِينَا
 قَالَ صَارَ أَهْلُ الْكُوفَةِ يُنَاوِلُونَ الْأَطْفَالَ الَّذِينَ عَلَى الْمَحَامِلِ بَعْضَ التَّمْرِ وَ الْخُبْزِ وَ الْجَوْزِ فَصَاحَتْ بِهِمْ أُمُّ كُلْثُومٍ وَ قَالَتْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَيْنَا حَرَامٌ وَ صَارَتْ تَأْخُذُ ذَلِكَ مِنَ أَيْدِي الْأَطْفَالِ وَ أَفْوَاهِهِمْ وَ تَرْمِي بِهِ إِلَى الْأَرْضِ قَالَ كُلُّ ذَلِكَ وَ النَّاسُ يَبْكُونَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ-

114
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

ثُمَّ إِنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ أَطْلَعَتْ رَأْسَهَا مِنَ الْمَحْمِلِ وَ قَالَتْ لَهُمْ صَهْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ تَقْتُلُنَا رِجَالُكُمْ وَ تَبْكِينَا نِسَاؤُكُمْ فَالْحَاكِمُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ يَوْمَ فَصْلِ الْقَضَاءِ فَبَيْنَمَا هِيَ تُخَاطِبُهُنَّ إِذَا بِضَجَّةٍ قَدِ ارْتَفَعَتْ فَإِذَا هُمْ أَتَوْا بِالرُّءُوسِ يَقْدُمُهُمْ رَأْسُ الْحُسَيْنِ ع وَ هُوَ رَأْسٌ زُهْرِيٌّ قَمَرِيٌّ أَشْبَهُ الْخَلْقِ بِرَسُولِ اللَّهِ ص وَ لِحْيَتُهُ كَسَوَادِ السَّبَجِ قَدِ انْتَصَلَ مِنْهَا «1» الْخِضَابُ وَ وَجْهُهُ دَارَةُ قَمَرٍ طَالِعٍ وَ الرُّمْحُ تَلْعَبُ بِهَا يَمِيناً وَ شِمَالًا فَالْتَفَتَتْ زَيْنَبُ فَرَأَتْ رَأْسَ أَخِيهَا فَنَطَحَتْ جَبِينَهَا بِمُقَدَّمِ الْمَحْمِلِ حَتَّى رَأَيْنَا الدَّمَ يَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ قِنَاعِهَا وَ أَوْمَأَتْ إِلَيْهِ بخرقة [بِحُرْقَةٍ] وَ جَعَلْتْ تَقُولُ-
          يَا هِلَالًا لَمَّا اسْتَتَمَّ كَمَالًا             غَالَهُ خَسْفُهُ فَأَبْدَا غُرُوبَا
             مَا تَوَهَّمْتُ يَا شَقِيقَ فُؤَادِي             كَانَ هَذَا مُقَدَّراً مَكْتُوبَا
             يَا أَخِي فَاطِمَ الصَّغِيرَةَ كَلِّمْهَا             فَقَدْ كَادَ قَلَبُهَا أَنْ يَذُوبَا
             يَا أَخِي قَلْبُكَ الشَّفِيقُ عَلَيْنَا             مَا لَهُ قَدْ قَسَى وَ صَارَ صَلِيبَا
             يَا أَخِي لَوْ تَرَى عَلِيّاً لَدَى الْأَسْرِ             مَعَ الْيُتْمِ لَا يُطِيقُ وُجُوبَا
             كُلَّمَا أَوْجَعُوهُ بِالضَّرْبِ نَادَاكَ             بِذُلٍّ يَغِيضُ دَمْعاً سَكُوبَا
             يَا أَخِي ضُمَّهُ إِلَيْكَ وَ قَرِّبْهُ             وَ سَكِّنْ فُؤَادَهُ الْمَرْعُوبَا
             مَا أَذَلَّ الْيَتِيمَ حِينَ يُنَادِي             بِأَبِيهِ وَ لَا يَرَاهُ مُجِيبَا
 ثُمَّ قَالَ السَّيِّدُ ثُمَّ إِنَّ ابْنَ زِيَادٍ جَلَسَ فِي الْقَصْرِ لِلنَّاسِ وَ أَذِنَ إِذْناً عَامّاً وَ جِي‏ءَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ ع فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ أُدْخِلَ نِسَاءُ الْحُسَيْنِ وَ صِبْيَانُهُ إِلَيْهِ فَجَلَسَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ عَلِيٍّ ع مُتَنَكِّرَةً فَسَأَلَ عَنْهَا فَقِيلَ هَذِهِ زَيْنَبُ بِنْتُ عَلِيٍّ فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا فَقَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَحَكُمْ وَ أَكْذَبَ أُحْدُوثَتَكُمْ فَقَالَتْ إِنَّمَا يَفْتَضِحُ الْفَاسِقُ وَ يَكْذِبُ الْفَاجِرُ وَ هُوَ غَيْرُنَا فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ كَيْفَ رَأَيْتِ صُنْعَ اللَّهِ بِأَخِيكِ وَ أَهْلِ بَيْتِكِ‏
__________________________________________________
 (1) السبج معرب شبه و هو حجر أسود شديد السواد براق و له فوائد طبية، و كثيرا ما يشبه به الأشياء سوادا كقول الحكيم الطوسيّ «شبى چون شبه روى شسته بقير» و به سموا السبيج و السبيجة و السبجة للثوب الأسود و قد صحفت الكلمة تارة بالشيخ كما في الأصل و تارة بالشبح كما في الكمبانيّ. و اما النصل و الانتصال: فهو خروج اللحية من الخضاب و منه لحية ناصل.

115
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

فَقَالَتْ مَا رَأَيْتُ إِلَّا جَمِيلًا هَؤُلَاءِ قَوْمٌ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْقَتْلَ فَبَرَزُوا إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَ سَيَجْمَعُ اللَّهُ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُمْ فَتُحَاجُّ وَ تُخَاصَمُ فَانْظُرْ لِمَنِ الْفَلْجُ يَوْمَئِذٍ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا ابْنَ مَرْجَانَةَ قَالَ فَغَضِبَ وَ كَأَنَّهُ هَمَّ بِهَا فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ إِنَّهَا امْرَأَةٌ وَ الْمَرْأَةُ لَا تُؤَاخَذُ بِشَيْ‏ءٍ مِنْ مَنْطِقِهَا فَقَالَ لَهُ ابْنُ زِيَادٍ لَقَدْ شَفَى اللَّهُ قَلْبِي مِنْ طَاغِيَتِكِ الْحُسَيْنِ وَ الْعُصَاةِ الْمَرَدَةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكِ فَقَالَتْ لَعَمْرِي لَقَدْ قَتَلْتَ كَهْلِي وَ قَطَعْتَ فَرْعِي وَ اجْتَثَثْتَ أَصْلِي فَإِنْ كَانَ هَذَا شِفَاءَكَ فَقَدِ اشْتَفَيْتَ فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ هَذِهِ سَجَّاعَةٌ وَ لَعَمْرِي لَقَدْ كَانَ أَبُوكِ سَجَّاعاً شَاعِراً فَقَالَتْ يَا ابْنَ زِيَادٍ مَا لِلْمَرْأَةِ وَ السَّجَّاعَةَ «1» و قال ابن نما و إن لي عن السجاعة لشغلا و إني لأعجب ممن يشتفي بقتل أئمته و يعلم أنهم منتقمون منه في آخرته وَ قَالَ الْمُفِيدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فَوُضِعَ الرَّأْسُ بَيْنَ يَدَيْهِ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَ يَتَبَسَّمُ وَ بِيَدِهِ قَضِيبٌ يَضْرِبُ بِهِ ثَنَايَاهُ وَ كَانَ إِلَى جَانِبِهِ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ هُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ فَلَمَّا رَآهُ يَضْرِبُ بِالْقَضِيبِ ثَنَايَاهُ قَالَ ارْفَعْ قَضِيبَكَ عَنْ هَاتَيْنِ الشَّفَتَيْنِ فَوَ اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ رَأَيْتُ شَفَتَيْ رَسُولِ اللَّهِ ص عَلَيْهِمَا مَا لَا أُحْصِيهِ يُقَبِّلُهُمَا ثُمَّ انْتَحَبَ بَاكِياً فَقَالَ لَهُ ابْنُ زِيَادٍ أَبْكَى اللَّهُ عَيْنَيْكَ أَ تَبْكِي لِفَتْحِ اللَّهِ وَ اللَّهِ لَوْ لَا أَنَّكَ شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ خرقت [خَرِفْتَ‏] وَ ذَهَبَ عَقْلُكَ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ فَنَهَضَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ صَارَ إِلَى مَنْزِلِهِ «2»
__________________________________________________
 (1) الملهوف ص 142 و 143.
 (2) الإرشاد ص 228، و لكن قد يقال ان زيد بن أرقم كان حينذاك أعمى: قد كف بصره بدعاء على أمير المؤمنين عليه السلام حين استشهده عن كلام رسول اللّه «من كنت مولاه فهذا على مولاه» فكتمه، كما في شرح النهج ج 1 ص 362 لابن أبي الحديد، الا انه لم يثبت، و لا نقله أرباب التراجم في ترجمته.
و لو صح لم يناف انكاره على ابن زياد بضرب القضيب على ثناياه عليه السلام، لجواز أن يكون قد أنكر على ما سمعه ممن رأى ذلك نعم قال ابن عساكر في تاريخه ج 4 ص 340 أنه كان حاضر المجلس و يؤيد ابن زياد.

116
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ثُمَّ رَفَعَ زَيْدٌ صَوْتَهُ يَبْكِي وَ خَرَجَ وَ هُوَ يَقُولُ مَلَكَ عَبْدٌ حُرّاً أَنْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ الْعَبِيدُ بَعْدَ الْيَوْمِ قَتَلْتُمُ ابْنَ فَاطِمَةَ وَ أَمَّرْتُمُ ابْنَ مَرْجَانَةَ حَتَّى يَقْتُلَ خِيَارَكُمْ وَ يَسْتَعْبِدَ أَشْرَارَكُمْ رَضِيتُمْ بِالذُّلِّ فَبُعْداً لِمَنْ رَضِيَ «1» وَ قَالَ الْمُفِيدُ فَأُدْخِلَ عِيَالُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا عَلَى ابْنِ زِيَادٍ فَدَخَلَتْ زَيْنَبُ أُخْتُ الْحُسَيْنِ ع فِي جُمْلَتِهِمْ مُتَنَكِّرَةً وَ عَلَيْهَا أَرْذَلُ ثِيَابِهَا وَ مَضَتْ حَتَّى جَلَسَتْ نَاحِيَةً وَ حَفَّتْ بِهَا إِمَاؤُهَا فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ مَنْ هَذِهِ الَّتِي انْحَازَتْ فَجَلَسَتْ نَاحِيَةً وَ مَعَهَا نِسَاؤُهَا فَلَمْ تُجِبْهُ زَيْنَبُ فَأَعَادَ الْقَوْلَ ثَانِيَةً وَ ثَالِثَةً يَسْأَلُ عَنْهَا فَقَالَتْ لَهُ بَعْضُ إِمَائِهَا هَذِهِ- زَيْنَبُ بِنْتُ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا ابْنُ زِيَادٍ وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَحَكُمْ وَ قَتَلَكُمْ وَ أَكْذَبَ أُحْدُوثَتَكُمْ فَقَالَتْ زَيْنَبُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَكْرَمَنَا بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ص وَ طَهَّرَنَا مِنَ الرِّجْسِ تَطْهِيراً إِنَّمَا يَفْتَضِحُ الْفَاسِقُ إِلَى آخِرِ مَا مَرَّ «2» وَ قَالَ السَّيِّدُ وَ ابْنُ نَمَا ثُمَّ الْتَفَتَ ابْنُ زِيَادٍ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقِيلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فَقَالَ أَ لَيْسَ قَدْ قَتَلَ اللَّهُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ فَقَالَ عَلِيٌّ قَدْ كَانَ لِي أَخٌ يُسَمَّى عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ قَتَلَهُ النَّاسُ فَقَالَ بَلِ اللَّهُ قَتَلَهُ فَقَالَ عَلِيٌّ- اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَ الَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها «3» فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ وَ لَكَ جُرْأَةٌ عَلَى جَوَابِي اذْهَبُوا بِهِ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ فَسَمِعَتْ عَمَّتُهُ زَيْنَبُ فَقَالَتْ يَا ابْنَ زِيَادٍ إِنَّكَ لَمْ تُبْقِ مِنَّا أَحَداً فَإِنْ عَزَمْتَ عَلَى قَتْلِهِ فَاقْتُلْنِي مَعَهُ وَ قَالَ الْمُفِيدُ وَ ابْنُ نَمَا فَتَعَلَّقَتْ بِهِ زَيْنَبُ عَمَّتُهُ وَ قَالَتْ يَا ابْنَ زِيَادٍ حَسْبُكَ مِنْ دِمَائِنَا وَ اعْتَنَقَتْهُ وَ قَالَتْ وَ اللَّهِ لَا أُفَارِقُهُ فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَاقْتُلْنِي مَعَهُ «4» فَنَظَرَ ابْنُ زِيَادٍ إِلَيْهَا وَ إِلَيْهِ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ عَجَباً لِلرَّحِمِ وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّهَا وَدَّتْ أَنِّي قَتَلْتُهَا مَعَهُ‏
__________________________________________________
 (1) و مثله في الطبريّ ج 6 ص 262.
 (2) الإرشاد ص 228.
 (3) الزمر: 42.
 (4) الملهوف ص 144.

117
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

دَعُوهُ فَإِنِّي أَرَاهُ لِمَا بِهِ وَ قَالَ السَّيِّدُ فَقَالَ عَلِيٌّ لِعَمَّتِهِ اسْكُتِي يَا عَمَّةِ حَتَّى أُكَلِّمَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ ع فَقَالَ أَ بِالْقَتْلِ تُهَدِّدُنِي يَا ابْنَ زِيَادٍ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الْقَتْلَ لَنَا عَادَةٌ وَ كَرَامَتَنَا الشَّهَادَةُ ثُمَّ أَمَرَ ابْنُ زِيَادٍ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع وَ أَهْلِهِ فَحُمِلُوا إِلَى دَارٍ إِلَى جَنْبِ الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ فَقَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ عَلِيٍّ- لَا يَدْخُلَنَّ عَلَيْنَا عَرَبِيَّةٌ إِلَّا أُمُّ وَلَدٍ أَوْ مَمْلُوكَةٌ فَإِنَّهُنَّ سُبِينَ وَ قَدْ سُبِينَا وَ قَالَ ابْنُ نَمَا رُوِّيتُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ شَهِدْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ وَ هُوَ يَنْكُتُ بِقَضِيبٍ عَلَى أَسْنَانِ الْحُسَيْنِ وَ يَقُولُ إِنَّهُ كَانَ حَسَنَ الثَّغْرِ فَقُلْتُ أَمَ وَ اللَّهِ لَأَسُوأَنَّكَ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يُقَبِّلُ مَوْضِعَ قَضِيبِكَ مِنْ فِيهِ وَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُعَاذٍ وَ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ أَنَّهُمَا حَضَرَا عُبَيْدَ اللَّهِ يَضْرِبُ بِقَضِيبِهِ أَنْفَ الْحُسَيْنِ وَ عَيْنَيْهِ وَ يَطْعَنُ فِي فَمِهِ فَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ ارْفَعْ قَضِيبَكَ إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهُ وَاضِعاً شَفَتَيْهِ عَلَى مَوْضِعِ قَضِيبِكَ ثُمَّ انْتَحَبَ بَاكِياً فَقَالَ لَهُ أَبْكَى اللَّهُ عَيْنَيْكَ عَدُوَّ اللَّهِ لَوْ لَا أَنَّكَ شَيْخٌ قَدْ خَرِفْتَ وَ ذَهَبَ عَقْلُكَ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ فَقَالَ زَيْدٌ لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثاً هُوَ أَغْلَظُ عَلَيْكَ مِنْ هَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص أَقْعَدَ حَسَناً عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى وَ حُسَيْناً عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى يَافُوخِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ إِيَّاهُمَا وَ صَالِحَ الْمُؤْمِنِينَ فَكَيْفَ كَانَ وَدِيعَتُكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص و قال و لما اجتمع عبيد الله بن زياد و عمر بن سعد- بعد قتل الحسين ع قال عبيد الله لعمر ائتني بالكتاب الذي كتبته إليك في معنى قتل الحسين ع و مناجزته فقال ضاع فقال لتجيئنني به أ تراك معتذرا في عجائز قريش قال عمر و الله لقد نصحتك في الحسين نصيحة لو استشارني بها أبي سعد كنت قد أديت حقه فقال عثمان بن زياد أخو عبيد الله صدق و الله لوددت أنه ليس من بني زياد رجل إلا و في أنفه خزامة إلى يوم القيامة و أن حسينا لم يقتل قال عمر بن سعد و الله ما رجع أحد بشر مما رجعت أطعت عبيد الله و عصيت الله و قطعت الرحم‏

118
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

وَ قَالَ السَّيِّدُ ثُمَّ أَمَرَ ابْنُ زِيَادٍ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ ع فَطِيفَ بِهِ فِي سِكَكِ الْكُوفَةِ وَ يَحِقُّ لِي أَنْ أَتَمَثَّلَ هَاهُنَا بِأَبْيَاتٍ لِبَعْضِ ذَوِي الْعُقُولِ يَرْثِي بِهَا قَتِيلًا مِنْ آلِ الرَّسُولِ ص فَقَالَ-
          رَأْسُ ابْنِ بِنْتِ مُحَمَّدٍ وَ وَصِيِّهِ-             لِلنَّاظِرِينَ عَلَى قَنَاةٍ يُرْفَعُ-
             وَ الْمُسْلِمُونَ بِمَنْظَرٍ وَ بِمَسْمَعٍ-             لَا مُنْكِرٌ مِنْهُمْ وَ لَا مُتَفَجِّعُ-
             كُحِلَتْ بِمَنْظَرِكَ الْعُيُونُ عَمَايَةً-             وَ أَصَمَّ رُزْؤُكَ كُلَّ أُذُنٍ تَسْمَعُ-
             مَا رَوْضَةٌ إِلَّا تَمَنَّتْ أَنَّهَا-             لَكَ حُفْرَةٌ وَ لِخَطِّ قَبْرِكَ مَضْجَعُ-
             أَيْقَظْتَ أَجْفَاناً وَ كُنْتَ لَهَا كَرًى-             وَ أَنَمْتَ عَيْناً لَمْ يَكُنْ بِكَ تَهْجَعُ «1»
 قَالَ ثُمَّ إِنَّ ابْنَ زِيَادٍ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ قَالَ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَظْهَرَ الْحَقَّ وَ أَهْلَهُ وَ نَصْرَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ أَشْيَاعَهُ وَ قَتَلَ الْكَذَّابَ ابْنَ الْكَذَّابِ فَمَا زَادَ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ شَيْئاً حَتَّى قَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَفِيفٍ الْأَزْدِيُّ وَ كَانَ مِنْ خِيَارِ الشِّيعَةِ وَ زُهَّادِهَا وَ كَانَتْ عَيْنُهُ الْيُسْرَى ذَهَبَتْ فِي يَوْمِ الْجَمَلِ وَ الْأُخْرَى فِي يَوْمِ صِفِّينَ وَ كَانَ يُلَازِمُ الْمَسْجِدَ الْأَعْظَمَ فَيُصَلِّي فِيهِ إِلَى اللَّيْلِ فَقَالَ يَا ابْنَ مَرْجَانَةَ إِنَّ الْكَذَّابَ ابْنَ الْكَذَّابِ أَنْتَ وَ أَبُوكَ وَ مَنِ اسْتَعْمَلَكَ وَ أَبُوهُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَ تَقْتُلُونَ أَبْنَاءَ النَّبِيِّينَ وَ تَتَكَلَّمُونَ بِهَذَا الْكَلَامِ عَلَى مَنَابِرِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ فَغَضِبَ ابْنُ زِيَادٍ ثُمَّ قَالَ مَنْ هَذَا الْمُتَكَلِّمُ فَقَالَ أَنَا الْمُتَكَلِّمُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ تَقْتُلُ الذُّرِّيَّةَ الطَّاهِرَةَ الَّتِي قَدْ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ تَزْعُمُ أَنَّكَ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ وَا غَوْثَاهْ أَيْنَ أَوْلَادُ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ- لَا يَنْتَقِمُونَ مِنْ طَاغِيَتِكَ اللَّعِينِ ابْنِ اللَّعِينِ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ فَازْدَادَ غَضَبُ ابْنِ زِيَادٍ حَتَّى انْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ وَ قَالَ عَلَيَّ بِهِ فَبَادَرَ إِلَيْهِ الْجَلَاوِزَةُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ لِيَأْخُذُوهُ فَقَامَتِ الْأَشْرَافُ مِنَ الْأَزْدِ مِنْ بَنِي عَمِّهِ فَخَلَّصُوهُ مِنْ أَيْدِي الْجَلَاوِزَةِ وَ أَخْرَجُوهُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ وَ انْطَلَقُوا بِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ اذْهَبُوا إِلَى هَذَا الْأَعْمَى أَعْمَى الْأَزْدِ أَعْمَى اللَّهُ قَلْبَهُ كَمَا أَعْمَى عَيْنَهُ فَأْتُونِي بِهِ‏
__________________________________________________
 (1) في المصدر ص 145 بين البيتين الأخيرين تقديم و تأخير.

119
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

فَانْطَلَقُوا فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الْأَزْدَ اجْتَمَعُوا وَ اجْتَمَعَتْ مَعَهُمْ قَبَائِلُ الْيَمَنِ لِيَمْنَعُوا صَاحِبَهُمْ قَالَ وَ بَلَغَ ذَلِكَ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ فَجَمَعَ قَبَائِلَ مُضَرَ وَ ضَمَّهُمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ وَ أَمَرَهُمْ بِقِتَالِ الْقَوْمِ قَالَ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيداً حَتَّى قُتِلَ بَيْنَهُمْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعَرَبِ قَالَ وَ وَصَلَ أَصْحَابُ ابْنُ زِيَادٍ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَفِيفٍ فَكَسَرُوا الْبَابَ وَ اقْتَحَمُوا عَلَيْهِ فَصَاحَتْ ابْنَتُهُ أَتَاكَ الْقَوْمُ مِنْ حَيْثُ تَحْذَرُ فَقَالَ لَا عَلَيْكِ نَاوِلِينِي سَيْفِي فَنَاوَلَتْهُ إِيَّاهُ فَجَعَلَ يَذُبُّ عَنْ نَفْسِهِ وَ يَقُولُ-
          أَنَا ابْنُ ذِي الْفَضْلِ عَفِيفِ الطَّاهِرِ-             عَفِيفٌ شَيْخِي وَ ابْنُ أُمِّ عَامِرِ-
             كَمْ دَارِعٍ مِنْ جَمْعِكُمْ وَ حَاسِرِ-             وَ بَطَلٍ جَدَّلْتُهُ مُغَادِرِ-
 قَالَ وَ جَعَلَتْ ابْنَتُهُ تَقُولُ يَا أَبَتِ لَيْتَنِي كُنْتُ رَجُلًا أُخَاصِمُ بَيْنَ يَدَيْكَ الْيَوْمَ هَؤُلَاءِ الْفَجَرَةَ قَاتِلِي الْعِتْرَةِ الْبَرَرَةِ قَالَ وَ جَعَلَ الْقَوْمُ يَدُورُونَ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَ هُوَ يَذُبُّ عَنْ نَفْسِهِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَ كُلَّمَا جَاءُوا مِنْ جِهَةٍ قَالَتْ يَا أَبَهْ قَدْ جَاءُوكَ مِنْ جِهَةِ كَذَا حَتَّى تَكَاثَرُوا عَلَيْهِ وَ أَحَاطُوا بِهِ فَقَالَتْ بِنْتُهُ وَا ذُلَّاهْ يُحَاطُ بِأَبِي وَ لَيْسَ لَهُ نَاصِرٌ يَسْتَعِينُ بِهِ فَجَعَلَ يُدِيرُ سَيْفَهُ وَ يَقُولُ-
          أُقْسِمُ لَوْ يُفْسَحُ لِي عَنْ بَصَرِي-             ضَاقَ عَلَيْكُمْ مَوْرِدِي وَ مَصْدَرِي-
 قَالَ فَمَا زَالُوا بِهِ حَتَّى أَخَذُوهُ ثُمَّ حُمِلَ فَأُدْخِلَ عَلَى ابْنِ زِيَادٍ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخْزَاكَ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَفِيفٍ يَا عَدُوَّ اللَّهِ وَ بِمَا ذَا أَخْزَانِيَ اللَّهُ-
          وَ اللَّهِ لَوْ فُرِّجَ لِي عَنْ بَصَرِي-             ضَاقَ عَلَيْكَ مَوْرِدِي وَ مَصْدَرِي-
 فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ يَا عَدُوَّ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَالَ يَا عَبْدَ بَنِي عِلَاجٍ يَا ابْنَ مَرْجَانَةَ وَ شَتَمَهُ مَا أَنْتَ وَ عُثْمَانَ إِنْ أَسَاءَ أَمْ أَحْسَنَ وَ أَصْلَحَ أَمْ أَفْسَدَ وَ اللَّهُ تَعَالَى وَلِيُّ خَلْقِهِ يَقْضِي بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ عُثْمَانَ بِالْعَدْلِ وَ الْحَقِّ وَ لَكِنْ سَلْنِي عَنْ أَبِيكَ وَ عَنْكَ وَ عَنْ يَزِيدَ وَ أَبِيهِ فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ وَ اللَّهِ لَا سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْ‏ءٍ أَوْ تَذُوقَ الْمَوْتَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَفِيفٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمَا إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَسْأَلُ اللَّهَ رَبِّي أَنْ يَرْزُقَنِيَ الشَّهَادَةَ قَبْلَ أَنْ تَلِدَكَ أُمُّكَ وَ سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ عَلَى يَدَيْ أَلْعَن‏

120
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

خَلْقِهِ وَ أَبْغَضِهِمْ إِلَيْهِ فَلَمَّا كُفَّ بَصَرِي يَئِسْتُ مِنَ الشَّهَادَةِ وَ الْآنَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَزَقَنِيهَا بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْهَا وَ عَرَّفَنِيَ الْإِجَابَةَ مِنْهُ فِي قَدِيمِ دُعَائِي فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ اضْرِبُوا عُنُقَهُ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَ صُلِبَ فِي السَّبَخَةِ «1» وَ قَالَ الْمُفِيدُ فَلَمَّا أَخَذَتْهُ الْجَلَاوِزَةُ نَادَى شِعَارَ الْأَزْدِ فَاجْتَمَعَ مِنْهُمْ سَبْعُمِائَةٍ فَانْتَزَعُوهُ مِنَ الْجَلَاوِزَةِ فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ ابْنُ زِيَادٍ مَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ بَيْتِهِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَ صَلَبَهُ فِي السَّبَخَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ «2» وَ قَالَ ابْنُ نَمَا ثُمَّ دَعَا جُنْدَبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيَّ وَ كَانَ شَيْخاً فَقَالَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَ لَسْتَ صَاحِبَ أَبِي تُرَابٍ قَالَ بَلَى لَا أَعْتَذِرُ مِنْهُ قَالَ مَا أَرَانِي إِلَّا مُتَقَرِّباً إِلَى اللَّهِ بِدَمِكَ قَالَ إِذَنْ لَا يُقَرِّبُكَ اللَّهُ مِنْهُ بَلْ يُبَاعِدُكَ قَالَ شَيْخٌ قَدْ ذَهَبَ عَقْلُهُ وَ خَلَّى سَبِيلَهُ ثُمَّ قَالَ الْمُفِيدُ وَ لَمَّا أَصْبَحَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ بَعَثَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ ع فَدِيرَ بِهِ فِي سِكَكِ الْكُوفَةِ وَ قَبَائِلِهَا فَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّهُ مُرَّ بِهِ عَلَيَّ وَ هُوَ عَلَى رُمْحٍ وَ أَنَا فِي غُرْفَةٍ لِي فَلَمَّا حَاذَانِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ- أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً فَقَفَّ وَ اللَّهِ شِعْرِي عَلَيَّ وَ نَادَيْتُ رَأْسُكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَعْجَبُ وَ أَعْجَبُ وَ قَالَ السَّيِّدُ وَ كَتَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ إِلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ يُخْبِرُهُ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ وَ خَبَرِ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ كَتَبَ أَيْضاً إِلَى عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَمِيرِ الْمَدِينَةِ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَ قَالَ الْمُفِيدُ وَ لَمَّا أَنْفَذَ إلى ابْنُ زِيَادٍ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ ع إِلَى يَزِيدَ تَقَدَّمَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الْحَارِثِ السُّلَمِيِّ فَقَالَ انْطَلِقْ حَتَّى تَأْتِيَ عَمْرَو بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِالْمَدِينَةِ فَبَشِّرْهُ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَرَكِبْتُ رَاحِلَتِي وَ سِرْتُ نَحْوَ الْمَدِينَةِ فَلَقِيَنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ مَا الْخَبَرُ فَقُلْتُ الْخَبَرُ عِنْدَ الْأَمِيرِ تَسْمَعُهُ‏
__________________________________________________
 (1) الملهوف ص 146- 150، و المراد بالسبخة: الكناسة.
 (2) الإرشاد ص 229، و هكذا ما بعده.

121
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ قُتِلَ وَ اللَّهِ الْحُسَيْنُ فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَى عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ قَالَ مَا وَرَاكَ فَقُلْتُ مَا سَرَّ الْأَمِيرَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ فَقَالَ اخْرُجْ فَنَادِ بِقَتْلِهِ فَنَادَيْتُ فَلَمْ أَسْمَعْ وَ اللَّهِ وَاعِيَةً قَطُّ مِثْلَ وَاعِيَةِ بَنِي هَاشِمٍ فِي دُورِهِمْ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ حِينَ سَمِعُوا النِّدَاءَ بِقَتْلِهِ ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ فَلَمَّا رَآنِي تَبَسَّمَ إِلَيَّ ضَاحِكاً ثُمَّ أَنْشَأَ مُتَمَثِّلًا بِقَوْلِ عَمْرِو بْنِ مَعْدِيكَرِبَ-
          عَجَّتْ نِسَاءُ بَنِي زِيَادٍ عَجَّةً-             كَعَجِيجِ نِسْوَتِنَا غَدَاةَ الْأَرْنَبِ-
 ثُمَّ قَالَ عَمْرٌو هَذِهِ وَاعِيَةٌ بِوَاعِيَةِ عُثْمَانَ ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَأَعْلَمَ النَّاسَ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ ع وَ دَعَا لِيَزِيدَ وَ نَزَلَ «1» و قال صاحب المناقب قال في خطبته إنها لدمة بلدمة و صدمة بصدمة كم خطبة بعد خطبة و موعظة بعد موعظة- حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ و الله لوددت أن رأسه في بدنه و روحه في جسده أحيانا كان يسبنا و نمدحه و يقطعنا و نصله كعادتنا و عادته و لم يكن من أمره ما كان و لكن كيف نصنع بمن سل سيفه يريد قتلنا إلا أن ندفعه عن أنفسنا «2» فقام عبد الله بن السائب فقال لو كانت فاطمة حية فرأت رأس الحسين لبكت عليه فجبهه عمرو بن سعيد و قال نحن أحق بفاطمة منك أبوها عمنا و زوجها أخونا و ابنها ابننا لو كانت فاطمة حية لبكت عينها و حرت كبدها و ما لامت من قتله و دفعه عن نفسه ثُمَّ قَالَ الْمُفِيدُ فَدَخَلَ بَعْضُ مَوَالِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَنَعَى إِلَيْهِ ابْنَيْهِ فَاسْتَرْجَعَ فَقَالَ أَبُو السَّلَاسِلِ «3» مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ هَذَا مَا لَقِينَا مِنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ فَحَذَفَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بِنَعْلِهِ ثُمَّ قَالَ يَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ أَ لِلْحُسَيْنِ تَقُولُ هَذَا
__________________________________________________
 (1) الإرشاد ص 231 و 332، و ذكره الطبريّ في تاريخه ج 6 ص 268.
 (2) ذكره ابن أبي الحديد في شرح النهج ج 9 ص 361.
 (3) ذكر القصة الطبريّ في ج 6 ص 268 و سماه أبا اللسلاس.

122
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

وَ اللَّهِ لَوْ شَهِدْتُهُ لَأَحْبَبْتُ أَنْ لَا أُفَارِقَهُ حَتَّى أُقْتَلَ مَعَهُ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَمِمَّا يَسْخَى بِنَفْسِي عَنْهُمَا وَ يُعَزِّي عَنِ الْمُصَابِ بِهِمَا أَنَّهُمَا أُصِيبَا مَعَ أَخِي وَ ابْنِ عَمِّي مُوَاسِيَيْنِ لَهُ صَابِرَيْنِ مَعَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى جُلَسَائِهِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَزَّ عَلَيَّ مَصْرَعُ الْحُسَيْنِ إِنْ لَا أَكُنْ آسَيْتُ حُسَيْناً بِيَدِي فَقَدْ آسَاهُ وَلَدَايَ فَخَرَجَتْ أُمُّ لُقْمَانَ بِنْتُ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حِينَ سَمِعَتْ نَعْيَ الْحُسَيْنِ ع حَاسِرَةً وَ مَعَهَا أَخَوَاتُهَا أُمُّ هَانِئٍ وَ أَسْمَاءُ وَ رَمْلَةُ وَ زَيْنَبُ بَنَاتُ عَقِيلٍ تَبْكِي قَتْلَاهَا بِالطَّفِّ وَ هِيَ تَقُولُ-
          مَا ذَا تَقُولُونَ إِذْ قَالَ النَّبِيُّ لَكُمْ-             مَا ذَا فَعَلْتُمْ وَ أَنْتُمْ آخِرُ الْأُمَمِ-
             بِعِتْرَتِي وَ بِأَهْلِي بَعْدَ مُفْتَقَدِي-             مِنْهُمْ أُسَارَى وَ قَتْلَى ضُرِّجُوا بِدَمِ-
             مَا كَانَ هَذَا جَزَائِي إِذْ نَصَحْتُ لَكُمْ-             أَنْ تُخْلِفُونِي بِسُوءٍ فِي ذَوِي رَحِمِي-
 فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي خَطَبَ فِيهِ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ ع بِالْمَدِينَةِ سَمِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ مُنَادِياً يُنَادِي يَسْمَعُونَ صَوْتَهُ وَ لَا يَرَوْنَ شَخْصَهُ-
          أَيُّهَا الْقَاتِلُونَ جَهْلًا حُسَيْناً-             أَبْشِرُوا بِالْعَذَابِ وَ التَّنْكِيلِ-
             كُلُّ أَهْلِ السَّمَاءِ يَدْعُو عَلَيْكُمْ-             مِنْ نَبِيٍّ وَ مُرْسَلٍ وَ قَبِيلِ «1»-
             قَدْ لُعِنْتُمْ عَلَى لِسَانِ ابْنِ دَاوُدَ-             وَ مُوسَى وَ صَاحِبِ الْإِنْجِيلِ «2»
 و قال ابن نما و روي أن يزيد بن معاوية لعنهما الله بعث بمقتل الحسين ع إلى المدينة محرز بن حريث بن مسعود الكلبي من بني عدي بن حباب و رجلا من يهرا «3» و كانا من أفاضل أهل الشام فلما قدما خرجت امرأة من بنات عبد المطلب قيل هي زينب بنت عقيل ناشرة شعرها واضعة كمها على رأسها تتلقاهم و هي تبكي-
          ما ذا تقولون إذ قال النبي لكم‏
 إلى آخر الأبيات‏
__________________________________________________
 (1) كذا، و الصحيح «و قتيل» يعنى الشهيد.
 (2) الإرشاد ص 232 و 233.
 (3) كذا في الأصل، و لعله مصحف بهراء بطن من قضاعة، و هم بنو بهراء بن عمرو ابن الحافى بن قضاعة، كانت منازلهم شمالى منازل بلى من الينبع الى عقبة أيلة.

123
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

وَ قَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ إِذْ دَخَلَتْ صَارِخَةٌ تَصْرُخُ وَ قَالَتْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَعَلُوهَا مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ نَاراً وَ نَقَلْتُ مِنْ تَارِيخِ الْبَلاذُرِيِّ أَنَّهُ لَمَّا وَافَى رَأْسُ الْحُسَيْنِ الْمَدِينَةَ سُمِعَتِ الْوَاعِيَةُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ فَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ-
          ضَرَبَتْ دَوْسَرُ فِيهِمْ ضَرْبَةً «1»-             أَثْبَتَتْ أَوْتَادَ مُلْكٍ فَاسْتَقَرَّ-
 ثُمَّ أَخَذَ يَنْكُتُ وَجْهَهُ بِقَضِيبٍ وَ يَقُولُ-
          يَا حَبَّذَا بَرْدُكَ فِي الْيَدَيْنِ-             وَ لَوْنُكَ الْأَحْمَرُ فِي الْخَدَّيْنِ-
             كَأَنَّهُ بَاتَ بِمِجْسَدَيْنِ «2»-             شَفَيْتُ مِنْكَ النَّفْسَ يَا حُسَيْنُ‏
- وَ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ النَّطَنْزِيُّ فِي الْخَصَائِصِ عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ أَبِي قُبَيْلٍ قِيلَ سُمِعَ فِي الْهَوَاءِ بِالْمَدِينَةِ قَائِلٌ-
          يَا مَنْ يَقُولُ بِفَضْلِ آلِ مُحَمَّدٍ-             بَلِّغْ رِسَالَتَنَا بِغَيْرِ تَوَانِي-
             قَتَلَتْ شِرَارُ بَنِي أُمَيَّةَ سَيِّداً-             خَيْرَ الْبَرِيَّةِ مَاجِداً ذَا شَأْنِ-
             ابْنَ الْمُفَضَّلِ فِي السَّمَاءِ وَ أَرْضِهَا-             سِبْطَ النَّبِيِّ وَ هَادِمَ الْأَوْثَانِ-
             بَكَتِ الْمَشَارِقُ وَ الْمَغَارِبُ بَعْدَ مَا-             بَكَتِ الْأَنَامُ لَهُ بِكُلِّ لِسَانِ‏
 ثُمَّ قَالَ السَّيِّدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ أَمَّا يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَإِنَّهُ لَمَّا وَصَلَ كِتَابُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَ وَقَفَ عَلَيْهِ أَعَادَ الْجَوَابَ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ فِيهِ بِحَمْلِ رَأْسِ الْحُسَيْنِ ع وَ رُءُوسِ مَنْ قُتِلَ مَعَهُ وَ حَمْلِ أَثْقَالِهِ وَ نِسَائِهِ وَ عِيَالِهِ فَاسْتَدْعَى ابْنُ زِيَادٍ بِمُخْفِرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْعَائِذِيِّ فَسَلَّمَ إِلَيْهِ الرُّءُوسَ وَ النِّسَاءَ فَسَارَ بِهِمْ إِلَى الشَّامِ كَمَا يُسَارُ سَبَايَا الْكُفَّارِ يَتَصَفَّحُ وُجُوهَهُنَّ أَهْلُ الْأَقْطَارِ «3» وَ قَالَ الْمُفِيدُ رَحِمَهُ اللَّهُ دَفَعَ ابْنُ زِيَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ رَأْسَ الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِلَى‏
__________________________________________________
 (1) دوسر: اسم كتيبة كانت للنعمان بن المنذر.
 (2) المجسد- كمكرم و معظم- الأحمر من الثياب أو هو المصبوغ بالزعفران، و كمبرد:
ما يلي الجسد من الثياب.
 (3) الملهوف ص 152.

124
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

زَحْرِ بْنِ قَيْسٍ وَ دَفَعَ إِلَيْهِ رُءُوسَ أَصْحَابِهِ وَ سَرَّحَهُ إِلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَ أَنْفَذَ مَعَهُ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ عَوْفٍ الْأَزْدِيَّ وَ طَارِقَ بْنَ أَبِي ظَبْيَانَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ حَتَّى وَرَدُوا بِهَا عَلَى يَزِيدَ بِدِمَشْقَ «1» وَ- قَالَ صَاحِبُ الْمَنَاقِبِ رَوَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي قُبَيْلٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع بُعِثَ بِرَأْسِهِ إِلَى يَزِيدَ فَنَزَلُوا فِي أَوَّلِ مَرْحَلَةٍ فَجَعَلُوا يَشْرَبُونَ وَ يَتَبَجَّحُونَ بِالرَّأْسِ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَخَرَجَتْ عَلَيْهِمْ كَفٌّ مِنَ الْحَائِطِ مَعَهَا قَلَمٌ مِنْ حَدِيدٍ فَكَتَبَتْ أَسْطُراً بِدَمٍ-
          أَ تَرْجُو أُمَّةٌ قَتَلَتْ حُسَيْناً-             شَفَاعَةَ جَدِّهِ يَوْمَ الْحِسَابِ‏
- و قال صاحب الكامل و صاحب المناقب و ابن نما ذكر أبو مخنف أن عمر بن سعد لما دفع الرأس إلى خولي الأصبحي لعنهما الله ليحمله إلى ابن زياد عليه اللعنة أقبل به خولي ليلا فوجد باب القصر مغلقا فأتى به منزله و له امرأتان امرأة من بني أسد و أخرى حضرمية يقال لها النوار فأوى إلى فراشها فقالت له ما الخبر فقال جئتك بالذهب هذا رأس الحسين معك في الدار فقالت ويلك جاء الناس بالذهب و الفضة و جئت برأس ابن رسول الله ص و الله لا يجمع رأسي و رأسك وسادة أبدا قالت فقمت من فراشي فخرجت إلى الدار و دعا الأسدية فأدخلها عليه فما زالت و الله أنظر إلى نور مثل العمود يسطع من الإجانة التي فيها رأس الحسين ع إلى السماء و رأيت طيورا بيضا ترفرف حولها و حول الرأس «2» وَ قَالَ صَاحِبُ الْمَنَاقِبِ وَ السَّيِّدُ وَ اللَّفْظُ لِصَاحِبِ الْمَنَاقِبِ رَوَى ابْنُ لَهِيعَةَ وَ غَيْرُهُ حَدِيثاً أَخَذْنَا مِنْهُ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ قَالَ كُنْتُ أَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَ مَا أَرَاكَ فَاعِلًا فَقُلْتُ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ وَ لَا تَقُلْ مِثْلَ هَذَا فَإِنَّ ذُنُوبَكَ لَوْ كَانَتْ مِثْلَ قَطْرِ الْأَمْطَارِ وَ وَرَقِ الْأَشْجَارِ فَاسْتَغْفَرْتَ اللَّهَ غَفَرَهَا لَكَ فَإِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَالَ فَقَالَ لِي تَعَالَ حَتَّى أُخْبِرَكَ بِقِصَّتِي فَأَتَيْتُهُ‏
__________________________________________________
 (1) الإرشاد ص 229.
 (2) ذكر مثله البلاذري في أنساب الأشراف ج 5 ص 238 و سما زوجته بالعيوف.

125
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

فَقَالَ اعْلَمْ أَنَّنَا كُنَّا خَمْسِينَ نَفَراً مِمَّنْ سَارَ مَعَ رَأْسِ الْحُسَيْنِ إِلَى الشَّامِ وَ كُنَّا إِذَا أَمْسَيْنَا وَضَعْنَا الرَّأْسَ فِي التَّابُوتِ وَ شَرِبْنَا الْخَمْرَ حَوْلَ التَّابُوتِ فَشَرِبَ أَصْحَابِي لَيْلَةً حَتَّى سَكِرُوا وَ لَمْ أَشْرَبْ مَعَهُمْ فَلَمَّا جَنَّ اللَّيْلُ سَمِعْتُ رَعْداً وَ رَأَيْتُ بَرْقاً فَإِذَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ قَدْ فُتِحَتْ وَ نَزَلَ آدَمُ وَ نُوحٌ وَ إِبْرَاهِيمُ وَ إِسْمَاعِيلُ وَ إِسْحَاقُ وَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ ص وَ مَعَهُمْ جَبْرَئِيلُ وَ خَلْقٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَدَنَا جَبْرَئِيلُ مِنَ التَّابُوتِ فَأَخْرَجَ الرَّأْسَ وَ ضَمَّهُ إِلَى نَفْسِهِ وَ قَبَّلَهُ ثُمَّ كَذَلِكَ فَعَلَ الْأَنْبِيَاءُ كُلُّهُمْ وَ بَكَى النَّبِيُّ ص عَلَى رَأْسِ الْحُسَيْنِ فَعَزَّاهُ الْأَنْبِيَاءُ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَنِي أَنْ أُطِيعَكَ فِي أُمَّتِكَ فَإِنْ أَمَرْتَنِي زَلْزَلْتُ بِهِمُ الْأَرْضَ وَ جَعَلْتُ عالِيَها سافِلَها* كَمَا فَعَلْتُ بِقَوْمِ لُوطٍ فَقَالَ النَّبِيُّ ص لَا يَا جَبْرَئِيلُ فَإِنَّ لَهُمْ مَعِي مَوْقِفاً بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيْهِ ثُمَّ أَتَى قَوْمٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَمَرَنَا بِقَتْلِ الْخَمْسِينَ فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ شَأْنَكُمْ بِهِمْ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِالْحَرَبَاتِ ثُمَّ قَصَدَنِي وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِحَرْبَتِهِ لِيَضْرِبَنِي فَقُلْتُ الْأَمَانَ الْأَمَانَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ اذْهَبْ فَلَا غَفَرَ اللَّهُ لَكَ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ رَأَيْتُ أَصْحَابِي كُلَّهُمْ جَاثِمِينَ رَمَاداً «1»- ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْمَنَاقِبِ وَ بِإِسْنَادِي إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَدَادِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْهُنْدُوَانِيِّ بِإِسْنَادِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِيهِ زِيَادَةٌ عِنْدَ قَوْلِهِ لِيَحْمِلَهُ إِلَى يَزِيدَ قَالَ كُلُّ مَنْ قَتَلَهُ جَفَّتْ يَدُهُ وَ فِيهِ إِذْ سَمِعْتُ صَوْتَ بَرْقٍ لَمْ أَسْمَعْ مِثْلَهُ فَقِيلَ قَدْ أَقْبَلَ مُحَمَّدٌ ص فَسَمِعْتُ صَهِيلَ الْخَيْلِ وَ قَعْقَعَةَ السِّلَاحِ مَعَ جَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ وَ إِسْرَافِيلَ وَ الْكَرُوبِيِّينَ وَ الرُّوحَانِيِّينَ وَ الْمُقَرَّبِينَ ع وَ فِيهِ فَشَكَا النَّبِيُّ ص إِلَى الْمَلَائِكَةِ وَ النَّبِيِّينَ وَ قَالَ قَتَلُوا وَلَدِي وَ قُرَّةَ عَيْنِي وَ كُلُّهُمْ قَبَّلَ الرَّأْسَ وَ ضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ وَ الْبَاقِي يَقْرُبُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ أَقُولُ وَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّهُمْ لَمَّا قَرُبُوا مِنْ بَعْلَبَكَّ كَتَبُوا إِلَى صَاحِبِهَا فَأَمَرَ بِالرَّايَاتِ فَنُشِرَتْ وَ خَرَجَ الصِّبْيَانُ يَتَلَقَّوْنَهُمْ عَلَى نَحْوٍ مِنْ سِتَّةِ أَمْيَالٍ فَقَالَتْ‏
__________________________________________________
 (1) الملهوف ص 152- 154.

126
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

أُمُّ كُلْثُومٍ أَبَادَ اللَّهُ كَثْرَتَكُمْ وَ سَلَّطَ عَلَيْكُمْ مَنْ يَقْتُلُكُمْ ثُمَّ بَكَى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع وَ قَالَ-
          وَ هُوَ الزَّمَانُ فَلَا تَفْنَى عَجَائِبُهُ-             مِنَ الْكِرَامِ وَ مَا تُهْدَى مَصَائِبُهُ-
             فَلَيْتَ شَعْرِي إِلَى كَمْ ذَا تُجَاذِبُنَا-             فُنُونُهُ وَ تَرَانَا لَمْ نُجَاذِبْهُ-
             يُسْرَى بِنَا فَوْقَ أَقْتَابٍ بِلَا وِطَاءٍ-             وَ سَابِقُ الْعِيسِ يَحْمِي عَنْهُ غَارِبُهُ-
             كَأَنَّنَا مِنْ أُسَارَى الرُّومِ بَيْنَهُمْ-             كَأَنَّ مَا قَالَهُ الْمُخْتَارُ كَاذِبُهُ-
             كَفَرْتُمُ بِرَسُولِ اللَّهِ وَيْحَكُمْ-             فَكُنْتُمْ مِثْلَ مَنْ ضَلَّتْ مَذَاهِبُهُ‏
 ثُمَّ قَالَ السَّيِّدُ ره وَ سَارَ الْقَوْمُ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ ع وَ نِسَائِهِ وَ الْأَسْرَى مِنْ رِجَالِهِ فَلَمَّا قَرُبُوا مِنْ دِمَشْقَ دَنَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ مِنْ شِمْرٍ وَ كَانَ فِي جُمْلَتِهِمْ فَقَالَتْ لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ فَقَالَ مَا حَاجَتُكِ فَقَالَتْ إِذَا دَخَلْتَ بِنَا الْبَلَدَ فَاحْمِلْنَا فِي دَرْبٍ قَلِيلِ النَّظَّارَةِ وَ تَقَدَّمْ إِلَيْهِمْ أَنْ يُخْرِجُوا هَذِهِ الرُّءُوسَ مِنْ بَيْنِ الْمَحَامِلِ وَ يُنَحُّونَا عَنْهَا فَقَدْ خُزِينَا مِنْ كَثْرَةِ النَّظَرِ إِلَيْنَا وَ نَحْنُ فِي هَذِهِ الْحَالِ فَأَمَرَ فِي جَوَابِ سُؤَالِهَا أَنْ يُجْعَلَ الرُّءُوسُ عَلَى الرِّمَاحِ فِي أَوْسَاطِ الْمَحَامِلِ بَغْياً مِنْهُ وَ كُفْراً وَ سَلَكَ بِهِمْ بَيْنَ النَّظَّارَةِ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ حَتَّى أَتَى بِهِمْ بَابَ دِمَشْقَ فَوَقَفُوا عَلَى دَرَجِ بَابِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ حَيْثُ يُقَامُ السَّبْيُ «1»- وَ رَوَى صَاحِبُ الْمَنَاقِبِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ زَيْدٍ عَنْ آبَائِهِ أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ خَرَجْتُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ حَتَّى تَوَسَّطْتُ الشَّامَ فَإِذَا أَنَا بِمَدِينَةٍ مُطَّرَدَةِ الْأَنْهَارِ كَثِيرَةِ الْأَشْجَارِ قَدْ عَلَّقُوا السُّتُورَ وَ الْحُجُبَ وَ الدِّيبَاجَ وَ هُمْ فَرِحُونَ مُسْتَبْشِرُونَ وَ عِنْدَهُمْ نِسَاءٌ يَلْعَبْنَ بِالدُّفُوفِ وَ الطُّبُولِ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي لَا نَرَى لِأَهْلِ الشَّامِ عِيداً لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ فَرَأَيْتُ قَوْماً يَتَحَدَّثُونَ فَقُلْتُ يَا قَوْمُ لَكُمْ بِالشَّامِ عِيدٌ لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ قَالُوا يَا شَيْخُ نَرَاكَ أَعْرَابِيّاً فَقُلْتُ أَنَا سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ قَدْ رَأَيْتُ مُحَمَّداً ص قَالُوا يَا سَهْلُ مَا أَعْجَبَكَ السَّمَاءُ- لَا تَمْطُرُ دَماً وَ الْأَرْضُ لَا تَنْخَسِفُ بِأَهْلِهَا قُلْتُ وَ لِمَ ذَاكَ قَالُوا هَذَا رَأْسُ الْحُسَيْنِ ع عِتْرَةِ مُحَمَّدٍ ص يُهْدَى مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ فَقُلْتُ وَا عَجَبَاهْ يُهْدَى رَأْسُ‏
__________________________________________________
 (1) الملهوف ص 155 و 156.

127
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

الْحُسَيْنِ وَ النَّاسُ يَفْرَحُونَ قُلْتُ مِنْ أَيِّ بَابٍ يُدْخَلُ فَأَشَارُوا إِلَى بَابٍ يُقَالُ لَهُ بَابُ سَاعَاتٍ قَالَ فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ حَتَّى رَأَيْتُ الرَّايَاتِ يَتْلُو بَعْضُهَا بَعْضاً فَإِذَا نَحْنُ بِفَارِسٍ بِيَدِهِ لِوَاءٌ مَنْزُوعُ السِّنَانِ عَلَيْهِ رَأْسٌ مِنْ أَشْبَهِ النَّاسِ وَجْهاً بِرَسُولِ اللَّهِ ص فَإِذَا أَنَا مِنْ وَرَائِهِ رَأَيْتُ نِسْوَةً عَلَى جِمَالٍ بِغَيْرِ وِطَاءٍ فَدَنَوْتُ مِنْ أُولَاهُمْ فَقُلْتُ يَا جَارِيَةُ مَنْ أَنْتِ فَقَالَتْ أَنَا سُكَيْنَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ فَقُلْتُ لَهَا أَ لَكِ حَاجَةٌ إِلَيَّ فَأَنَا سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ مِمَّنْ رَأَى جَدَّكِ وَ سَمِعْتُ حَدِيثَهُ قَالَتْ يَا سَعْدُ قُلْ لِصَاحِبِ هَذَا الرَّأْسِ أَنْ يُقَدِّمَ الرَّأْسَ أَمَامَنَا حَتَّى يَشْتَغِلَ النَّاسُ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ وَ لَا يَنْظُرُوا إِلَى حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ سَهْلٌ فَدَنَوْتُ مِنْ صَاحِبِ الرَّأْسِ فَقُلْتُ لَهُ هَلْ لَكَ أَنْ تَقْضِيَ حَاجَتِي وَ تَأْخُذَ مِنِّي أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ قَالَ مَا هِيَ قُلْتُ تُقَدِّمُ الرَّأْسَ أَمَامَ الْحَرَمِ فَفَعَلَ ذَلِكَ فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ مَا وَعَدْتُهُ وَ وَضَعَ الرَّأْسَ فِي حُقَّةٍ وَ دَخَلُوا عَلَى يَزِيدَ فَدَخَلْتُ مَعَهُمْ وَ كَانَ يَزِيدُ جَالِساً عَلَى السَّرِيرِ وَ عَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ مُكَلَّلٌ بِالدُّرِّ وَ الْيَاقُوتِ وَ حَوْلَهُ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِ قُرَيْشٍ فَلَمَّا دَخَلَ صَاحِبُ الرَّأْسِ وَ هُوَ يَقُولُ-
          أَوْقِرْ رِكَابِي فِضَّةً وَ ذَهَباً-             أَنَا قَتَلْتُ السَّيِّدَ الْمُحَجَّبَا-
             قَتَلْتُ خَيْرَ النَّاسِ أُمّاً وَ أَباً-             وَ خَيْرَهُمْ إِذْ يَنْسُبُونَ النَّسَبَا-
 قَالَ لَوْ عَلِمْتَ أَنَّهُ خَيْرُ النَّاسِ لِمَ قَتَلْتَهُ قَالَ رَجَوْتُ الْجَائِزَةَ مِنْكَ فَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ فَجَزَّ رَأْسَهُ وَ وَضَعَ رَأْسَ الْحُسَيْنِ ع عَلَى طَبَقٍ مِنْ ذَهَبٍ وَ هُوَ يَقُولُ كَيْفَ رَأَيْتَ يَا حُسَيْنُ ثُمَّ قَالَ السَّيِّدُ فَرُوِيَ أَنَّ بَعْضَ فُضَلَاءِ التَّابِعِينَ لَمَّا شَهِدَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ بِالشَّامِ أَخْفَى نَفْسَهُ شَهْراً مِنْ جَمِيعِ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا وَجَدُوهُ بَعْدَ إِذْ فَقَدُوهُ سَأَلُوهُ عَنْ سَبَبِ ذَلِكَ فَقَالَ أَ لَا تَرَوْنَ مَا نَزَلَ بِنَا ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ-

128
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

         جَاءُوا بِرَأْسِكَ يَا ابْنَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ-             قَتَلُوا جِهَاراً عَامِدِينَ رَسُولًا-
             قَتَلُوكَ عَطْشَاناً وَ لَمَّا يَرْقُبُوا-             فِي قَتْلِكَ التَّأْوِيلَ وَ التَّنْزِيلَا-
             وَ يُكَبِّرُونَ بِأَنْ قُتِلْتَ وَ إِنَّمَا-             قَتَلُوا بِكَ التَّكْبِيرَ وَ التَّهْلِيلَا
 قَالَ وَ جَاءَ شَيْخٌ فَدَنَا مِنْ نِسَاءِ الْحُسَيْنِ وَ عِيَالِهِ وَ هُمْ أُقِيمُوا عَلَى دَرَجِ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَتَلَكُمْ وَ أَهْلَكَكُمْ وَ أَرَاحَ الْبِلَادَ مِنْ رِجَالِكُمْ وَ أَمْكَنَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْكُمْ فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ يَا شَيْخُ هَلْ قَرَأْتَ الْقُرْآنَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَهَلْ عَرَفْتَ هَذِهِ الْآيَةَ- قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏ «1» قَالَ الشَّيْخُ قَدْ قَرَأْتُ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ فَنَحْنُ الْقُرْبَى يَا شَيْخُ فَهَلْ قَرَأْتَ هَذِهِ الْآيَةَ- وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى‏ «2» قَالَ نَعَمْ قَالَ عَلِيٌّ فَنَحْنُ الْقُرْبَى يَا شَيْخُ وَ هَلْ قَرَأْتَ هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «3» قَالَ الشَّيْخُ قَدْ قَرَأْتُ ذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ فَنَحْنُ أَهْلُ الْبَيْتِ الَّذِينَ خُصِّصْنَا بِآيَةِ الطَّهَارَةِ يَا شَيْخُ قَالَ فَبَقِيَ الشَّيْخُ سَاكِتاً نَادِماً عَلَى مَا تَكَلَّمَ بِهِ وَ قَالَ بِاللَّهِ إِنَّكُمْ هُمْ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ تَاللَّهِ إِنَّا لَنَحْنُ هُمْ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَ حَقِّ جَدِّنَا رَسُولِ اللَّهِ إِنَّا لَنَحْنُ هُمْ فَبَكَى الشَّيْخُ وَ رَمَى عِمَامَتَهُ وَ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ عَدُوِّ آلِ مُحَمَّدٍ مِنْ جِنٍّ وَ إِنْسٍ ثُمَّ قَالَ هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ لَهُ نَعَمْ إِنْ تُبْتَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَ أَنْتَ مَعَنَا فَقَالَ أَنَا تَائِبٌ فَبَلَغَ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ حَدِيثُ الشَّيْخِ فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ «4»- وَ قَالَ الْمُفِيدُ وَ ابْنُ نَمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعَةَ الْحِمْيَرِيُّ قَالَ: إِنِّي لَعِنْدَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بِدِمَشْقَ إِذْ أَقْبَلَ زَحْرُ بْنُ قَيْسٍ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ وَيْلَكَ مَا وَرَاكَ وَ مَا عِنْدَكَ قَالَ أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِفَتْحِ اللَّهِ وَ نَصْرِهِ وَرَدَ عَلَيْنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ سِتِّينَ مِنْ شِيعَتِهِ فَسِرْنَا إِلَيْهِمْ فَسَأَلْنَاهُمْ أَنْ‏
__________________________________________________
 (1) الشورى: 33.
 (2) الأنفال: 41.
 (3) الأحزاب: 33.
 (4) الملهوف ص 156- 158.

129
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

يَسْتَسْلِمُوا أَوْ يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِ الْأَمِيرِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَوِ الْقِتَالِ فَاخْتَارُوا الْقِتَالَ عَلَى الِاسْتِسْلَامِ فَعَدَوْنَا عَلَيْهِمْ مَعَ شُرُوقِ الشَّمْسِ فَأَحَطْنَا بِهِمْ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ السُّيُوفُ مَأْخَذَهَا مِنْ هَامِ الْقَوْمِ جَعَلُوا يَهْرُبُونَ إِلَى غَيْرِ وَزَرٍ وَ يَلُوذُونَ مِنَّا بِالَآكَامِ وَ الْحُفَرِ لِوَاذاً كَمَا لَاذَ الْحَمَامُ مِنَ الصَّقْرِ فَوَ اللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا كَانَ إِلَّا جَزْرَ جَزُورٍ أَوْ نَوْمَةَ قَائِلٍ حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى آخِرِهِمْ فَهَاتِيكَ أَجْسَادُهُمْ مُجَرَّدَةً وَ ثِيَابُهُمْ مُرَمَّلَةً وَ خُدُودُهُمْ مُعَفَّرَةً تَصْهَرُهُمُ الشَّمْسُ وَ تَسْفِي عَلَيْهِمُ الرِّيحُ زُوَّارُهُمُ الرَّخَمُ وَ الْعِقْبَانُ «1» فَأَطْرَقَ يَزِيدُ هُنَيْئَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ قَالَ قَدْ كُنْتُ أَرْضَى مِنْ طَاعَتِكُمْ بِدُونِ قَتْلِ الْحُسَيْنِ أَمَا لَوْ كُنْتُ صَاحِبَهُ لَعَفَوْتُ عَنْهُ ثُمَّ إِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ بَعْدَ إِنْفَاذِهِ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ ع أَمَرَ فِتْيَانَهُ وَ صِبْيَانَهُ وَ نِسَاءَهُ فَجُهِّزُوا وَ أَمَرَ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَغُلَّ بِغُلٍّ فِي عُنُقِهِ ثُمَّ سَرَّحَ بِهِمْ فِي أَثَرِ الرُّءُوسِ مَعَ مُخْفِرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْعَائِذِيِّ وَ شِمْرِ بْنِ ذِي الْجَوْشَنِ فَانْطَلَقُوا بِهِمْ حَتَّى لَحِقُوا بِالْقَوْمِ الَّذِينَ مَعَهُمُ الرَّأْسُ وَ لَمْ يَكُنْ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ يُكَلِّمُ أَحَداً مِنَ الْقَوْمِ فِي الطَّرِيقِ كَلِمَةً وَاحِدَةً حَتَّى بَلَغُوا فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى بَابِ يَزِيدَ رَفَعَ مُخْفِرُ بْنُ ثَعْلَبَةَ صَوْتَهُ فَقَالَ هَذَا مُخْفِرُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْفَجَرَةِ اللِّئَامِ فَأَجَابَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ مَا وَلَدَتْ أُمُّ مُخْفِرٍ أَشَرُّ وَ أَلْأَمُ «2» وَ زَادَ فِي الْمَنَاقِبِ وَ لَكِنْ قَبَّحَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ قَالَ فِي الْمَنَاقِبِ وَ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ قَاعِداً فِي مَجْلِسِ يَزِيدَ فَقَالَ-
          لَهَامٌ بِجَنْبِ الطَّفِّ أَدْنَى قَرَابَةً-             مِنِ ابْنِ زِيَادِ الْعَبْدِ ذِي النَّسَبِ الْوَغْلِ-
             سُمَيَّةُ أَمْسَى نَسْلُهَا عَدَدَ الْحَصَا-             وَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ لَيْسَتْ بِذِي نَسْلِ-
__________________________________________________
 (1) الرخم: طائر أبقع يشبه النسر في الخلقة، و العقبان جمع عقاب- بالضم- طائر من الجوارح تسميها العرب بالكاسر.
 (2) الإرشاد ص 229 و 230.

130
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

قَالَ يَزِيدُ نَعَمْ فَلَعَنَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ إِذْ أَقْدَمَ عَلَى مِثْلِ الْحُسَيْنِ بْنِ فَاطِمَةَ لَوْ كُنْتُ صَاحِبَهُ لَمَا سَأَلَنِي خَصْلَةً إِلَّا أَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا وَ لَدَفَعْتُ عَنْهُ الْحَتْفَ بِكُلِّ مَا اسْتَطَعْتُ وَ لَوْ بِهَلَاكِ بَعْضِ وُلْدِي وَ لَكِنْ قَضَى اللَّهُ أَمْراً فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَرَدٌّ وَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّ يَزِيدَ أَسَرَّ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ أَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَ مَا يَسَعُكَ السُّكُوتُ وَ قَالَ الْمُفِيدُ وَ لَمَّا وُضِعَتِ الرُّءُوسُ بَيْنَ يَدِي يَزِيدَ وَ فِيهَا رَأْسُ الْحُسَيْنِ ع قَالَ يَزِيدُ-
          نُفَلِّقُ هَاماً مِنْ أُنَاسٍ أَعِزَّةٍ-             عَلَيْنَا وَ هُمْ كَانُوا أَعَقَّ وَ أَظْلَمَا- «1»
 فَقَالَ يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ مَا مَرَّ ذِكْرُهُ فَضَرَبَ يَزِيدُ عَلَى صَدْرِ يَحْيَى يَدَهُ وَ قَالَ اسْكُتْ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَهْلِ مَجْلِسِهِ فَقَالَ إِنَّ هَذَا كَانَ يَفْخَرُ عَلَيَّ وَ يَقُولُ- أَبِي خَيْرٌ مِنْ أَبِ يَزِيدَ وَ أُمِّي خَيْرٌ مِنْ أُمِّهِ وَ جَدِّي خَيْرٌ مِنْ جَدِّهِ وَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ فَهَذَا الَّذِي قَتَلَهُ فَأَمَّا قَوْلُهُ بِأَنَّ أَبِي خَيْرٌ مِنْ أَبِ يَزِيدَ فَلَقَدْ حَاجَّ أَبِي أَبَاهُ فَقَضَى اللَّهُ لِأَبِي عَلَى أَبِيهِ وَ أَمَّا قَوْلُهُ بِأَنَّ أُمِّي خَيْرٌ مِنْ أُمِّ يَزِيدَ فَلَعَمْرِي لَقَدْ صَدَقَ إِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أُمِّي وَ أَمَّا قَوْلُهُ جَدِّي خَيْرٌ مِنْ جَدِّهِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يَقُولُ بِأَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ مُحَمَّدٍ وَ أَمَّا قَوْلُهُ بِأَنَّهُ خَيْرٌ مِنِّي فَلَعَلَّهُ لَمْ يَقْرَأْ هَذِهِ الْآيَةَ قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ وَ- قَالَ ابْنُ نَمَا نَقَلْتُ مِنْ تَارِيخِ دِمَشْقَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَمْرٍو الْجُرَشِيِّ قَالَ أَنَا عِنْدَ يَزِيدَ إِذْ سَمِعْتُ صَوْتَ مُخْفِرٍ يَقُولُ هَذَا مُخْفِرُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِاللِّئَامِ الْفَجَرَةِ فَأَجَابَهُ يَزِيدُ مَا وَلَدَتْ أُمُّ مُخْفِرٍ أَشَرُّ وَ أَلْأَمُ وَ قَالَ السَّيِّدُ ثُمَّ أُدْخِلَ ثَقَلُ الْحُسَيْنِ ع وَ نِسَاؤُهُ وَ مَنْ تَخَلَّفَ مِنْ أَهْلِهِ عَلَى يَزِيدَ وَ هُمْ مُقَرَّنُونَ فِي الْحِبَالِ فَلَمَّا وَقَفُوا بَيْنَ يَدَيْهِ وَ هُمْ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ قَالَ لَهُ عَلِيُ‏
__________________________________________________
 (1) نسبه في الطبريّ ج 6 ص 267 الى الحصين بن الحمام المرى و قبله:
         صبرنا و كان الصبر منا عزيمة             و أسيافنا يقطعن هاما و معصما
          أبى قومنا أن ينصفونا فأنصفت             قواضب في أيماننا تقطر الدما.

 

131
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

بْنُ الْحُسَيْنِ أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا يَزِيدُ مَا ظَنُّكَ بِرَسُولِ اللَّهِ لَوْ رَآنَا عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ فَأَمَرَ يَزِيدُ بِالْحِبَالِ فَقُطِّعَتْ ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَ الْحُسَيْنِ ع بَيْنَ يَدَيْهِ وَ أَجْلَسَ النِّسَاءَ خَلْفَهُ لِئَلَّا يَنْظُرْنَ إِلَيْهِ فَرَآهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فَلَمْ يَأْكُلِ الرُّءُوسَ بَعْدَ ذَلِكَ أَبَداً «1»- وَ قَالَ ابْنُ نَمَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع أُدْخِلْنَا عَلَى يَزِيدَ وَ نَحْنُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مُغَلَّلُونَ فَلَمَّا وَقَفْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا يَزِيدُ مَا ظَنُّكَ بِرَسُولِ اللَّهِ لَوْ رَآنَا عَلَى هَذِهِ الْحَالِ وَ قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ يَا يَزِيدُ بَنَاتُ رَسُولِ اللَّهِ سَبَايَا فَبَكَى النَّاسُ وَ بَكَى أَهْلُ دَارِهِ حَتَّى عَلَتِ الْأَصْوَاتُ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فَقُلْتُ وَ أَنَا مَغْلُولٌ أَ تَأْذَنُ لِي فِي الْكَلَامِ فَقَالَ قُلْ وَ لَا تَقُلْ هُجْراً فَقَالَ لَقَدْ وَقَفْتُ مَوْقِفاً لَا يَنْبَغِي لِمِثْلِي أَنْ يَقُولَ الْهُجْرَ مَا ظَنُّكَ بِرَسُولِ اللَّهِ لَوْ رَآنِي فِي الْغُلِّ فَقَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ حُلُّوهُ حَدَّثَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ لَمَّا أُتِيَ يَزِيدُ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ لَوْ كَانَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ ابْنِ مَرْجَانَةَ قَرَابَةٌ لَأَعْطَاكَ مَا سَأَلْتَ ثُمَّ أَنْشَدَ يَزِيدُ-
          نُفَلِّقُ هَاماً مِنْ رِجَالٍ أَعِزَّةٍ-             عَلَيْنَا وَ هُمْ كَانُوا أَعَقَّ وَ أَظْلَمَا-
 قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع- ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ «2» ثُمَّ قَالُوا وَ أَمَّا زَيْنَبُ فَإِنَّهَا لَمَّا رَأَتْهُ أَهْوَتْ إِلَى جَيْبِهَا فَشَقَّتْهُ ثُمَّ نَادَتْ بِصَوْتٍ حَزِينٍ تُفْزِعُ الْقُلُوبَ يَا حُسَيْنَاهْ يَا حَبِيبَ رَسُولِ اللَّهِ يَا ابْنَ مَكَّةَ وَ مِنَى يَا ابْنَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ سَيِّدَةَ النِّسَاءِ يَا ابْنَ بِنْتِ الْمُصْطَفَى قَالَ فَأَبْكَتْ وَ اللَّهِ كُلَّ مَنْ كَانَ فِي الْمَجْلِسِ وَ يَزِيدُ سَاكِتٌ ثُمَّ جَعَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فِي دَارِ يَزِيدَ تَنْدُبُ عَلَى الْحُسَيْنِ ع وَ تُنَادِي وَا حَبِيبَاهْ يَا سَيِّدَ أَهْلِ بَيْتَاهْ يَا ابْنَ مُحَمَّدَاهْ يَا رَبِيعَ الْأَرَامِلِ وَ الْيَتَامَى يَا قَتِيلَ أَوْلَادِ الْأَدْعِيَاءِ قَالَ فَأَبْكَتْ كُلَّ مَنْ سَمِعَهَا ثُمَّ دَعَا يَزِيدُ بِقَضِيبِ خَيْزُرَانٍ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِ ثَنَايَا الْحُسَيْنِ ع فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ‏
__________________________________________________
 (1) الملهوف ص 158 و 159.
 (2) الحديد: 22.

132
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ وَ قَالَ وَيْحَكَ يَا يَزِيدُ أَ تَنْكُتُ بِقَضِيبِكَ ثَغْرَ الْحُسَيْنِ بْنِ فَاطِمَةَ أَشْهَدُ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ يَرْشُفُ ثَنَايَاهُ وَ ثَنَايَا أَخِيهِ الْحَسَنِ وَ يَقُولُ أَنْتُمَا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقَتَلَ اللَّهُ قَاتِلَكُمَا وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِيراً قَالَ فَغَضِبَ يَزِيدُ وَ أَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ فَأُخْرِجَ سَحْباً قَالَ فَجَعَلَ يَزِيدُ يَتَمَثَّلُ بِأَبْيَاتِ ابْنِ الزِّبَعْرَي شِعْرٌ-
          لَيْتَ أَشْيَاخِي بِبَدْرٍ شَهِدُوا-             جَزِعَ الْخَزْرَجُ مِنْ وَقْعِ الْأَسَلِ «1»-
             فَأَهَلُّوا وَ اسْتَهَلُّوا فَرَحاً-             ثُمَّ قَالُوا يَا يَزِيدُ لَا تُشَلَ‏
 أَقُولُ وَ زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ‏
          لَسْتُ مِنْ خِنْدِفَ إِنْ لَمْ أَنْتَقِمْ             مِنْ بَنِي أَحْمَدَ مَا كَانَ فَعَلَ‏
 وَ فِي الْمَنَاقِبِ‏
          لَسْتُ مِنْ عُتْبَةَ إِنْ لَمْ أَنْتَقِمْ‏
 قَالَ السَّيِّدُ وَ غَيْرُهُ فَقَامَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَقَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَ آلِهِ أَجْمَعِينَ صَدَقَ اللَّهُ كَذَلِكَ يَقُولُ- ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى‏ أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَ كانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ أَ ظَنَنْتَ يَا يَزِيدُ حَيْثُ أَخَذْتَ عَلَيْنَا أَقْطَارَ الْأَرْضِ وَ آفَاقَ السَّمَاءِ فَأَصْبَحْنَا نُسَاقُ كَمَا تُسَاقُ الْأُسَارَى أَنَّ بِنَا عَلَى اللَّهِ هَوَاناً وَ بِكَ عَلَيْهِ كَرَامَةً وَ أَنَّ ذَلِكَ لِعِظَمِ خَطَرِكَ عِنْدَهُ فَشَمَخْتَ بِأَنْفِكَ وَ نَظَرْتَ فِي عِطْفِكَ جَذْلَانَ مَسْرُوراً حِينَ رَأَيْتَ الدُّنْيَا لَكَ مُسْتَوْسِقَةً وَ الْأُمُورَ مُتَّسِقَةً وَ حِينَ صَفَا لَكَ مُلْكُنَا وَ سُلْطَانُنَا مَهْلًا مَهْلًا أَ نَسِيتَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ «2»
__________________________________________________
 (1) هذا البيت لعبد اللّه بن الزبعرى في يوم احد، و انما استشهد به يزيد هناك أوله:
         يا غراب البين أسمعت فقل             انما تنطق شيئا قد فعل‏
 و بعده‏
          حين حكت بقباء بركها             و استحر القتل في عبد الاشل‏
 و ما ذكره بعد ذلك فهو ليزيد أنشدها مضمنا لابيات ابن الزبعرى و سيجي‏ء لذلك توفية بحث.
 (2) آل عمران: 178.

133
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

أَ مِنَ الْعَدْلِ يَا ابْنَ الطُّلَقَاءِ تَخْدِيرُكَ حَرَائِرَكَ وَ إِمَاءَكَ وَ سَوْقُكَ بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ سَبَايَا قَدْ هَتَكْتَ سُتُورَهُنَّ وَ أَبْدَيْتَ وُجُوهَهُنَّ تَحْدُو بِهِنَّ الْأَعْدَاءُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَ يَسْتَشْرِفُهُنَّ أَهْلُ الْمَنَاهِلِ وَ الْمَنَاقِلِ وَ يَتَصَفَّحُ وُجُوهَهُنَّ الْقَرِيبُ وَ الْبَعِيدُ وَ الدَّنِيُّ وَ الشَّرِيفُ لَيْسَ مَعَهُنَّ مِنْ رِجَالِهِنَّ وَلِيٌّ وَ لَا مِنْ حُمَاتِهِنَّ حَمِيٌّ وَ كَيْفَ يُرْتَجَى مُرَاقَبَةُ مَنْ لَفَظَ فُوهُ أَكْبَادَ الْأَزْكِيَاءِ وَ نَبَتَ لَحْمُهُ بِدِمَاءِ الشُّهَدَاءِ وَ كَيْفَ يَسْتَبْطِئُ فِي بُغْضِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ مَنْ نَظَرَ إِلَيْنَا بِالشَّنَفِ وَ الشَّنَآنِ وَ الْإِحَنِ وَ الْأَضْغَانِ ثُمَّ تَقُولُ غَيْرَ مُتَأَثِّمٍ وَ لَا مُسْتَعْظِمٍ-
          وَ أَهَلُّوا وَ اسْتَهَلُّوا فَرَحاً-             ثُمَّ قَالُوا يَا يَزِيدُ لَا تُشَلُ‏
 مُنْتَحِياً عَلَى ثَنَايَا أَبِي عَبْدِ اللَّهِ سَيِّدِ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَنْكُتُهَا بِمِخْصَرَتِكَ وَ كَيْفَ لَا تَقُولُ ذَلِكَ وَ قَدْ نَكَأْتَ الْقَرْحَةَ وَ اسْتَأْصَلْتَ الشَّافَةَ بِإِرَاقَتِكَ دِمَاءَ ذُرِّيَّةِ مُحَمَّدٍ ص وَ نُجُومِ الْأَرْضِ مِنْ آلِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ تَهْتِفُ بِأَشْيَاخِكَ زَعَمْتَ أَنَّكَ تُنَادِيهِمْ فَلَتَرِدَنَّ وَشِيكاً مَوْرِدَهُمْ وَ لَتَوَدَّنَّ أَنَّكَ شَلَلْتَ وَ بَكِمْتَ وَ لَمْ يَكُنْ قُلْتَ مَا قُلْتَ وَ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ اللَّهُمَّ خُذْ بِحَقِّنَا وَ انْتَقِمْ مِنْ ظَالِمِنَا وَ أَحْلِلْ غَضَبَكَ بِمَنْ سَفَكَ دِمَاءَنَا وَ قَتَلَ حُمَاتَنَا فَوَ اللَّهِ مَا فَرَيْتَ إِلَّا جِلْدَكَ وَ لَا جَزَزْتَ إِلَّا لَحْمَكَ وَ لَتَرِدَنَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ بِمَا تَحَمَّلْتَ مِنْ سَفْكِ دِمَاءِ ذُرِّيَّتِهِ وَ انْتَهَكْتَ مِنْ حُرْمَتِهِ فِي عِتْرَتِهِ وَ لُحْمَتِهِ حَيْثُ يَجْمَعُ اللَّهُ شَمْلَهُمْ وَ يَلُمُّ شَعَثَهُمْ وَ يَأْخُذُ بِحَقِّهِمْ- وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ حَسْبُكَ بِاللَّهِ حَاكِماً وَ بِمُحَمَّدٍ خَصِيماً وَ بِجَبْرَئِيلَ ظَهِيراً وَ سَيَعْلَمُ مَنْ سَوَّى لَكَ وَ مَكَّنَكَ مِنْ رِقَابِ الْمُسْلِمِينَ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا وَ أَيُّكُمْ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضْعَفُ جُنْداً- وَ لَئِنْ جَرَّتْ عَلَيَّ الدَّوَاهِي مُخَاطَبَتَكَ إِنِّي لَأَسْتَصْغِرُ قَدْرَكَ وَ أَسْتَعْظِمُ تَقْرِيعَكَ وَ أَسْتَكْبِرُ تَوْبِيخَكَ لَكِنَّ الْعُيُونَ عَبْرَى وَ الصُّدُورَ حَرَّى أَلَا فَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ لِقَتْلِ حِزْبِ اللَّهِ النُّجَبَاءِ بِحِزْبِ الشَّيْطَانِ الطُّلَقَاءِ فَهَذِهِ الْأَيْدِي تَنْطِفُ مِن‏

134
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

دِمَائِنَا وَ الْأَفْوَاهُ تَتَحَلَّبُ مِنْ لُحُومِنَا وَ تِلْكَ الْجُثَثُ الطَّوَاهِرُ الزَّوَاكِي تَنْتَابُهَا الْعَوَاسِلُ وَ تَعْفُوهَا أُمَّهَاتُ الْفَرَاعِلِ وَ لَئِنِ اتَّخَذْتَنَا مَغْنَماً لَتَجِدُنَا وَشِيكاً مَغْرَماً حِينَ لَا تَجِدُ إِلَّا مَا قَدَّمْتَ وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ فَإِلَى اللَّهِ الْمُشْتَكَى وَ عَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ فَكِدْ كَيْدَكَ وَ اسْعَ سَعْيَكَ وَ نَاصِبْ جُهْدَكَ فَوَ اللَّهِ لَا تَمْحُو ذِكْرَنَا وَ لَا تُمِيتُ وَحْيَنَا وَ لَا تُدْرِكُ أَمَدَنَا وَ لَا تَرْحَضُ عَنْكَ عَارَهَا وَ هَلْ رَأْيُكَ إِلَّا فَنَدٌ وَ أَيَّامُكَ إِلَّا عَدَدٌ وَ جَمْعُكَ إِلَّا بَدَدٌ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ- أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَتَمَ لِأَوَّلِنَا بِالسَّعَادَةِ وَ لِآخِرِنَا بِالشَّهَادَةِ وَ الرَّحْمَةِ وَ نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُكْمِلَ لَهُمُ الثَّوَابَ وَ يُوجِبَ لَهُمُ الْمَزِيدَ وَ يُحْسِنَ عَلَيْنَا الْخِلَافَةَ إِنَّهُ رَحِيمٌ وَدُودٌ وَ حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ فَقَالَ يَزِيدُ-
          يَا صَيْحَةً تُحْمَدُ مِنْ صَوَائِحِ-             مَا أَهْوَنَ الْمَوْتَ عَلَى النَّوَائِحِ‏
 قَالَ ثُمَّ اسْتَشَارَ أَهْلَ الشَّامِ فِيمَا يَصْنَعُ بِهِمْ فَقَالُوا لَا تَتَّخِذْ مِنْ كَلْبِ سَوْءٍ جَرْواً فَقَالَ لَهُ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ انْظُرْ مَا كَانَ الرَّسُولُ يَصْنَعُهُ بِهِمْ فَاصْنَعْهُ بِهِمْ «1» وَ قَالَ الْمُفِيدُ رَحِمَهُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ يَا ابْنَ حُسَيْنٍ أَبُوكَ قَطَعَ رَحِمِي وَ جَهِلَ حَقِّي وَ نَازَعَنِي سُلْطَانِي فَصَنَعَ اللَّهُ بِهِ مَا قَدْ رَأَيْتَ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ- ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ «2» فَقَالَ يَزِيدُ لِابْنِهِ خَالِدٍ ارْدُدْ عَلَيْهِ فَلَمْ يَدْرِ خَالِدٌ مَا يَرُدُّ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ قُلْ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ «3» وَ قَالَ صَاحِبُ الْمَنَاقِبِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ يَا ابْنَ مُعَاوِيَةَ وَ هِنْدٍ وَ صَخْرٍ لَمْ تَزَلِ النُّبُوَّةُ وَ الْإِمْرَةُ لِآبَائِي وَ أَجْدَادِي مِنْ قَبْلِ أَنْ تُولَدَ وَ لَقَدْ كَانَ جَدِّي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي يَوْمِ بَدْرٍ وَ أُحُدٍ وَ الْأَحْزَابِ فِي يَدِهِ رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ أَبُوكَ‏
__________________________________________________
 (1) الملهوف ص 161- 166.
 (2) الحديد: 22.
 (3) الشورى: 30. راجع الإرشاد ص 230.

135
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

وَ جَدُّكَ فِي أَيْدِيهِمَا رَايَاتُ الْكُفَّارِ ثُمَّ جَعَلَ عَلَيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع يَقُولُ-
          مَا ذَا تَقُولُونَ إِذْ قَالَ النَّبِيُّ لَكُمْ-             مَا ذَا فَعَلْتُمْ وَ أَنْتُمْ آخِرُ الْأُمَمِ-
             بِعِتْرَتِي وَ بِأَهْلِي عِنْدَ مُفْتَقَدِي-             مِنْهُمْ أُسَارَى وَ مِنْهُمْ ضُرِّجُوا بِدَمٍ-
 ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَيْلَكَ يَا يَزِيدُ إِنَّكَ لَوْ تَدْرِي مَا ذَا صَنَعْتَ وَ مَا الَّذِي ارْتَكَبْتَ مِنْ أَبِي وَ أَهْلِ بَيْتِي وَ أَخِي وَ عُمُومَتِي إِذاً لَهَرَبْتَ فِي الْجِبَالِ وَ افْتَرَشْتَ الرَّمَادَ وَ دَعَوْتَ بِالْوَيْلِ وَ الثُّبُورِ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ أَبِي الْحُسَيْنِ ابْنِ فَاطِمَةَ وَ عَلِيٍّ مَنْصُوباً عَلَى بَابِ مَدِينَتِكُمْ وَ هُوَ وَدِيعَةُ رَسُولِ اللَّهِ فِيكُمْ فَأَبْشِرْ بِالْخِزْيِ وَ النَّدَامَةِ غَداً إِذَا جُمِعَ النَّاسُ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ قَالَ الْمُفِيدُ ثُمَّ دَعَا بِالنِّسَاءِ وَ الصِّبْيَانِ فَأُجْلِسُوا بَيْنَ يَدَيْهِ فَرَأَى هَيْئَةً قَبِيحَةً فَقَالَ قَبَّحَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ لَوْ كَانَتْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُ قَرَابَةٌ وَ رَحِمٌ مَا فَعَلَ هَذَا بِكُمْ وَ لَا بَعَثَ بِكُمْ عَلَى هَذَا فَقَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ وَ لَمَّا جَلَسْنَا بَيْنَ يَدَيْ يَزِيدَ رَقَّ لَنَا فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَحْمَرُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَبْ لِي هَذِهِ الْجَارِيَةَ يَعْنِينِي وَ كُنْتُ جَارِيَةً وَضِيئَةً فَأُرْعِدْتُ وَ ظَنَنْتُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُمْ فَأَخَذْتُ بِثِيَابِ عَمَّتِي زَيْنَبَ وَ كَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ وَ فِي رِوَايَةِ السَّيِّدِ قُلْتُ أُوتِمْتُ وَ أُسْتَخْدَمُ فَقَالَتْ عَمَّتِي لِلشَّامِيِّ كَذَبْتَ وَ اللَّهِ وَ لَوْ مِتُّ وَ اللَّهِ مَا ذَلِكَ لَكَ وَ لَا لَهُ فَغَضِبَ يَزِيدُ وَ قَالَ كَذَبْتِ وَ اللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ لِي وَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَفْعَلَ لَفَعَلْتُ قَالَتْ كَلَّا وَ اللَّهِ مَا جَعَلَ اللَّهُ لَكَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ مِلَّتِنَا وَ تَدِينَ بِغَيْرِهَا فَاسْتَطَارَ يَزِيدُ غَضَباً وَ قَالَ إِيَّايَ تَسْتَقْبِلِينَ بِهَذَا إِنَّمَا خَرَجَ مِنَ الدِّينِ أَبُوكِ وَ أَخُوكِ قَالَتْ زَيْنَبُ بِدِينِ اللَّهِ وَ دِيْنِ أَبِي وَ دِيْنِ أَخِي اهْتَدَيْتَ أَنْتَ وَ أَبُوكَ وَ جَدُّكَ إِنْ كُنْتَ مُسْلِماً قَالَ كَذَبْتِ يَا عَدُوَّةَ اللَّهِ قَالَتْ لَهُ أَنْتَ أَمِيرٌ تَشْتِمُ ظَالِماً وَ تَقْهَرُ لِسُلْطَانِكَ فَكَأَنَّهُ اسْتَحْيَا وَ سَكَتَ وَ عَادَ الشَّامِيُّ فَقَالَ هَبْ لِي هَذِهِ الْجَارِيَةَ فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ اعْزُبْ وَهَبَ اللَّهُ لَكَ حَتْفاً قَاضِياً «1»
__________________________________________________
 (1) كتاب الإرشاد ص 231.

136
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

وَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ قَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ لِلشَّامِيِّ اسْكُتْ يَا لُكَعَ الرِّجَالِ قَطَعَ اللَّهُ لِسَانَكَ وَ أَعْمَى عَيْنَيْكَ وَ أَيْبَسَ يَدَيْكَ وَ جَعَلَ النَّارَ مَثْوَاكَ إِنَّ أَوْلَادَ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَكُونُونَ خَدَمَةً لِأَوْلَادِ الْأَدْعِيَاءِ قَالَ فَوَ اللَّهِ مَا اسْتَتَمَّ كَلَامُهَا حَتَّى أَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهَا فِي ذَلِكَ الرَّجُلِ فَقَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَجَّلَ لَكَ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ فَهَذَا جَزَاءُ مَنْ يَتَعَرَّضُ لِحَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ فِي رِوَايَةِ السَّيِّدِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَالَ الشَّامِيُّ مَنْ هَذِهِ الْجَارِيَةُ فَقَالَ يَزِيدُ هَذِهِ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ وَ تِلْكَ زَيْنَبُ بِنْتُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ الشَّامِيُّ الْحُسَيْنُ ابْنُ فَاطِمَةَ وَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ الشَّامِيُّ لَعَنَكَ اللَّهُ يَا يَزِيدُ تَقْتُلُ عِتْرَةَ نَبِيِّكَ وَ تَسْبِي ذُرِّيَّتَهُ وَ اللَّهِ مَا تَوَهَّمْتُ إِلَّا أَنَّهُمْ سَبْيُ الرُّومِ فَقَالَ يَزِيدُ وَ اللَّهِ لَأُلْحِقَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ عُنُقُهُ قَالَ السَّيِّدُ وَ دَعَا يَزِيدُ الْخَاطِبَ وَ أَمَرَهُ أَنْ يَصْعَدَ الْمِنْبَرَ فَيَذُمَّ الْحُسَيْنَ وَ أَبَاهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فَصَعِدَ وَ بَالَغَ فِي ذَمِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْحُسَيْنِ الشَّهِيدِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا وَ الْمَدْحِ لِمُعَاوِيَةَ وَ يَزِيدَ فَصَاحَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع وَيْلَكَ أَيُّهَا الْخَاطِبُ اشْتَرَيْتَ مَرْضَاةَ الْمَخْلُوقِ بِسَخَطِ الْخَالِقِ فَتَبَوَّأْ مَقْعَدَكَ مِنَ النَّارِ وَ لَقَدْ أَحْسَنَ ابْنُ سِنَانٍ الْخَفَاجِيُّ فِي وَصْفِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع بِقَوْلِهِ-
          أَ عَلَى الْمَنَابِرِ تُعْلِنُونَ بِسَبِّهِ-             وَ بِسَيْفِهِ نُصِبَتْ لَكُمْ أَعْوَادُهَا «1»
 وَ قَالَ صَاحِبُ الْمَنَاقِبِ وَ غَيْرُهُ رُوِيَ أَنَّ يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ أَمَرَ بِمِنْبَرٍ وَ خَطِيبٍ لِيُخْبِرَ النَّاسَ بِمَسَاوِي الْحُسَيْنِ وَ عَلِيٍّ ع وَ مَا فَعَلَا فَصَعِدَ الْخَطِيبُ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ أَكْثَرَ الْوَقِيعَةَ فِي عَلِيٍّ وَ الْحُسَيْنِ وَ أَطْنَبَ فِي تَقْرِيظِ مُعَاوِيَةَ وَ يَزِيدَ لَعَنَهُمَا اللَّهُ فَذَكَرَهُمَا بِكُلِّ جَمِيلٍ قَالَ فَصَاحَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَيْلَكَ أَيُّهَا الْخَاطِبُ اشْتَرَيْتَ مَرْضَاةَ الْمَخْلُوقِ بِسَخَطِ الْخَالِقِ فَتَبَّوأْ مَقْعَدَكَ مِنَ النَّارِ ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع يَا يَزِيدُ ائْذَنْ لِي حَتَّى أَصْعَدَ هَذِهِ الْأَعْوَادَ فَأَتَكَلَّمَ بِكَلِمَاتٍ لِلَّهِ فِيهِنَّ رِضاً وَ لِهَؤُلَاءِ الْجُلَسَاءِ فِيهِنَّ أَجْرٌ وَ ثَوَابٌ قَالَ فَأَبَى يَزِيدُ
__________________________________________________
 (1) الملهوف ص 167 و 168.

137
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

عَلَيْهِ ذَلِكَ فَقَالَ النَّاسُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ائْذَنْ لَهُ فَلْيَصْعَدِ الْمِنْبَرَ فَلَعَلَّنَا نَسْمَعُ مِنْهُ شَيْئاً فَقَالَ إِنَّهُ إِنْ صَعِدَ لَمْ يَنْزِلْ إِلَّا بِفَضِيحَتِي وَ بِفَضِيحَةِ آلِ أَبِي سُفْيَانَ فَقِيلَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَا قَدْرُ مَا يُحْسِنُ هَذَا فَقَالَ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ قَدْ زُقُّوا الْعِلْمَ زَقّاً قَالَ فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى أَذِنَ لَهُ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ خَطَبَ خُطْبَةً أَبْكَى مِنْهَا الْعُيُونَ وَ أَوْجَلَ مِنْهَا الْقُلُوبَ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ أُعْطِينَا سِتّاً وَ فُضِّلْنَا بِسَبْعٍ أُعْطِينَا الْعِلْمَ وَ الْحِلْمَ وَ السَّمَاحَةَ وَ الْفَصَاحَةَ وَ الشَّجَاعَةَ وَ الْمَحَبَّةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ وَ فُضِّلْنَا بِأَنَّ مِنَّا النَّبِيَّ الْمُخْتَارَ مُحَمَّداً وَ مِنَّا الصِّدِّيقُ وَ مِنَّا الطَّيَّارُ وَ مِنَّا أَسَدُ اللَّهِ وَ أَسَدُ رَسُولِهِ وَ مِنَّا سِبْطَا هَذِهِ الْأُمَّةِ مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي وَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي أَنْبَأْتُهُ بِحَسَبِي وَ نَسَبِي أَيُّهَا النَّاسُ أَنَا ابْنُ مَكَّةَ وَ مِنَى أَنَا ابْنُ زَمْزَمَ وَ الصَّفَا أَنَا ابْنُ مَنْ حَمَلَ الرُّكْنَ بِأَطْرَافِ الرِّدَا أَنَا ابْنُ خَيْرِ مَنِ ائْتَزَرَ وَ ارْتَدَى أَنَا ابْنُ خَيْرِ مَنِ انْتَعَلَ وَ احْتَفَى أَنَا ابْنُ خَيْرِ مَنْ طَافَ وَ سَعَى أَنَا ابْنُ خَيْرِ مَنْ حَجَّ وَ لَبَّى أَنَا ابْنُ مَنْ حُمِلَ عَلَى الْبُرَاقِ فِي الْهَوَاءِ أَنَا ابْنُ مَنْ أُسْرِيَ بِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى أَنَا ابْنُ مَنْ بَلَغَ بِهِ جَبْرَئِيلُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى أَنَا ابْنُ مَنْ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى‏ أَنَا ابْنُ مَنْ صَلَّى بِمَلَائِكَةِ السَّمَاءِ أَنَا ابْنُ مَنْ أَوْحَى إِلَيْهِ الْجَلِيلُ مَا أَوْحَى أَنَا ابْنُ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى أَنَا ابْنُ عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى أَنَا ابْنُ مَنْ ضَرَبَ خَرَاطِيمَ الْخَلْقِ حَتَّى قَالُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَنَا ابْنُ مَنْ ضَرَبَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ بِسَيْفَيْنِ وَ طَعَنَ بِرُمْحَيْنِ وَ هَاجَرَ الْهِجْرَتَيْنِ وَ بَايَعَ الْبَيْعَتَيْنِ وَ قَاتَلَ بِبَدْرٍ وَ حُنَيْنٍ وَ لَمْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ أَنَا ابْنُ صَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ النَّبِيِّينَ وَ قَامِعِ الْمُلْحِدِينَ وَ يَعْسُوبِ الْمُسْلِمِينَ وَ نُورِ الْمُجَاهِدِينَ وَ زَيْنِ الْعَابِدِينَ وَ تَاجِ الْبَكَّائِينَ وَ أَصْبَرِ الصَّابِرِينَ وَ أَفْضَلِ الْقَائِمِينَ مِنْ آلِ يَاسِينَ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَنَا ابْنُ الْمُؤَيَّدِ بِجَبْرَئِيلَ الْمَنْصُورِ بِمِيكَائِيلَ أَنَا ابْنُ الْمُحَامِي عَنْ حَرَمِ الْمُسْلِمِينَ وَ قَاتِلِ الْمَارِقِينَ وَ النَّاكِثِينَ وَ الْقَاسِطِينَ وَ الْمُجَاهِدِ أَعْدَاءَهُ النَّاصِبِينَ وَ أَفْخَرِ مَنْ مَشَى مِنْ قُرَيْشٍ أَجْمَعِينَ وَ أَوَّلِ مَنْ أَجَابَ وَ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ مِن‏

138
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

الْمُؤْمِنِينَ وَ أَوَّلِ السَّابِقِينَ وَ قَاصِمِ الْمُعْتَدِينَ وَ مُبِيدِ الْمُشْرِكِينَ وَ سَهْمٍ مِنْ مَرَامِي اللَّهِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَ لِسَانِ حِكْمَةِ الْعَابِدِينَ وَ نَاصِرِ دِينِ اللَّهِ وَ وَلِيِّ أَمْرِ اللَّهِ وَ بُسْتَانِ حِكْمَةِ اللَّهِ وَ عَيْبَةِ عِلْمِهِ سَمِحٌ سَخِيٌّ بَهِيٌّ بُهْلُولٌ زَكِيٌّ أَبْطَحِيٌّ رَضِيٌّ مِقْدَامٌ هُمَامٌ صَابِرٌ صَوَّامٌ مُهَذَّبٌ قَوَّامٌ قَاطِعُ الْأَصْلَابِ وَ مُفَرِّقُ الْأَحْزَابِ أَرْبَطُهُمْ عِنَاناً وَ أَثْبَتُهُمْ جَنَاناً وَ أَمْضَاهُمْ عَزِيمَةً وَ أَشَدُّهُمْ شَكِيمَةً أَسَدٌ بَاسِلٌ يَطْحَنُهُمْ فِي الْحُرُوبِ إِذَا ازْدَلَفَتِ الْأَسِنَّةُ وَ قَرُبَتِ الْأَعِنَّةُ طَحْنَ الرَّحَى وَ يَذْرُوهُمْ فِيهَا ذَرْوَ الرِّيحِ الْهَشِيمَ لَيْثُ الْحِجَازِ وَ كَبْشُ الْعِرَاقِ مَكِّيٌّ مَدَنِيٌّ خَيْفِيٌّ عَقَبِيٌّ بَدْرِيٌّ أُحُدِيٌّ شَجَرِيٌّ مُهَاجِرِيٌّ مِنَ الْعَرَبِ سَيِّدُهَا وَ مِنَ الْوَغَى لَيْثُهَا وَارِثُ الْمَشْعَرَيْنِ وَ أَبُو السِّبْطَيْنِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ذَاكَ جَدِّي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ثُمَّ قَالَ أَنَا ابْنُ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ أَنَا ابْنُ سَيِّدَةِ النِّسَاءِ فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ أَنَا أَنَا حَتَّى ضَجَّ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ وَ النَّحِيبِ وَ خَشِيَ يَزِيدُ لَعَنَهُ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ فِتْنَةٌ فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَقَطَعَ عَلَيْهِ الْكَلَامَ فَلَمَّا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ عَلِيٌّ لَا شَيْ‏ءَ أَكْبَرُ مِنَ اللَّهِ فَلَمَّا قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ شَهِدَ بِهَا شَعْرِي وَ بَشَرِي وَ لَحْمِي وَ دَمِي فَلَمَّا قَالَ الْمُؤَذِّنُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ الْتَفَتَ مِنْ فَوْقِ الْمِنْبَرِ إِلَى يَزِيدَ فَقَالَ مُحَمَّدٌ هَذَا جَدِّي أَمْ جَدُّكَ يَا يَزِيدُ فَإِنْ زَعَمْتَ أَنَّهُ جَدُّكَ فَقَدْ كَذَبْتَ وَ كَفَرْتَ وَ إِنْ زَعَمْتَ أَنَّهُ جَدِّي فَلِمَ قَتَلْتَ عِتْرَتَهُ قَالَ وَ فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ مِنَ الْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ وَ تَقَدَّمَ يَزِيدُ فَصَلَّى صَلَاةَ الظُّهْرِ قَالَ وَ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسِ يَزِيدَ هَذَا حَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ فَقَالَ مَنْ هَذَا الْغُلَامُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ هُوَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ فَمَنِ الْحُسَيْنُ قَالَ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ فَمَنْ أُمُّهُ قَالَ أُمُّهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ فَقَالَ الْحَبْرُ يَا سُبْحَانَ اللَّهِ فَهَذَا ابْنُ بِنْتِ نَبِيِّكُمْ قَتَلْتُمُوهُ فِي هَذِهِ السُّرْعَةِ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُوهُ فِي ذُرِّيَّتِهِ وَ اللَّهِ لَوْ تَرَكَ فِينَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ سِبْطاً مِنْ صُلْبِهِ لَظَنَنَّا أَنَّا كُنَّا نَعْبُدُهُ مِنْ دُونِ رَبِّنَا وَ أَنْتُمْ إِنَّمَا فَارَقَكُمْ نَبِيُّكُمْ بِالْأَمْسِ فَوَثَبْتُمْ عَلَى ابْنِهِ فَقَتَلْتُمُوهُ سَوْءَةً لَكُمْ مِنْ أُمَّةٍ-

139
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

قَالَ فَأَمَرَ بِهِ يَزِيدُ لَعَنَهُ اللَّهُ فَوُجِئَ فِي حَلْقِهِ ثَلَاثاً فَقَامَ الْحَبْرُ وَ هُوَ يَقُولُ إِنْ شِئْتُمْ فَاضْرِبُونِي وَ إِنْ شِئْتُمْ فَاقْتُلُونِي أَوْ فَذَرُونِي فَإِنِّي أَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ مَنْ قَتَلَ ذُرِّيَّةَ نَبِيٍّ- لَا يَزَالُ مَلْعُوناً أَبَداً مَا بَقِيَ فَإِذَا مَاتَ يُصْلِيهِ اللَّهُ نَارَ جَهَنَّمَ- وَ رَوَى الصَّدُوقُ فِي الْأَمَالِي عَنْ مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْكُوفِيِّ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ لُوطِ بْنِ يَحْيَى عَنِ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيٍّ ص قَالَتْ ثُمَّ إِنَّ يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ أَمَرَ بِنِسَاءِ الْحُسَيْنِ فحبس [فَحُبِسْنَ‏] مَعَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع فِي مَحْبِسٍ لَا يَكُنُّهُمْ مِنْ حَرٍّ وَ لَا قَرٍّ حَتَّى تَقَشَّرَتْ وُجُوهُهُمْ وَ لَمْ يُرْفَعْ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ حَجَرٌ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِيطٌ وَ أَبْصَرَ النَّاسُ الشَّمْسَ عَلَى الْحِيطَانِ حَمْرَاءَ كَأَنَّهَا الْمَلَاحِفُ الْمُعَصْفَرَةُ إِلَى أَنْ خَرَجَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بِالنِّسْوَةِ وَ رَدَّ رَأْسَ الْحُسَيْنِ ع إِلَى كَرْبَلَاءَ «1» وَ قَالَ ابْنُ نَمَا وَ رَأَتْ سُكَيْنَةُ فِي مَنَامِهَا وَ هِيَ بِدِمَشْقَ كَأَنَّ خَمْسَةَ نُجُبٍ مِنْ نُورٍ قَدْ أَقْبَلَتْ وَ عَلَى كُلِّ نَجِيبٍ شَيْخٌ وَ الْمَلَائِكَةُ مُحْدِقَةٌ بِهِمْ وَ مَعَهُمْ وَصِيفٌ يَمْشِي فَمَضَى النُّجُبُ وَ أَقْبَلَ الْوَصِيفُ إِلَيَّ وَ قَرُبَ مِنِّي وَ قَالَ يَا سُكَينَةُ إِنَّ جَدَّكِ يُسَلِّمُ عَلَيْكِ فَقُلْتُ وَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ السَّلَامُ يَا رَسُولُ مَنْ أَنْتَ قَالَ وَصِيفٌ مِنْ وَصَائِفِ الْجَنَّةِ فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ الْمَشِيخَةُ الَّذِينَ جَاءُوا عَلَى النُّجُبِ قَالَ الْأَوَّلُ آدَمُ صَفْوَةُ اللَّهِ وَ الثَّانِي إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اللَّهِ وَ الثَّالِثُ مُوسَى كَلِيمُ اللَّهِ وَ الرَّابِعُ عِيسَى رُوحُ اللَّهِ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا الْقَابِضُ عَلَى لِحْيَتِهِ يَسْقُطُ مَرَّةً وَ يَقُومُ أُخْرَى فَقَالَ جَدُّكِ رَسُولُ اللَّهِ ص فَقُلْتُ وَ أَيْنَ هُمْ قَاصِدُونَ قَالَ إِلَى أَبِيكِ الْحُسَيْنِ فَأَقْبَلْتُ أَسْعَى فِي طَلَبِهِ لِأُعَرِّفَهُ مَا صَنَعَ بِنَا الظَّالِمُونَ بَعْدَهُ فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَتْ خَمْسَةُ هَوَادِجَ مِنْ نُورٍ فِي كُلِّ هَوْدَجٍ امْرَأَةٌ فَقُلْتُ مَنْ هَذِهِ النِّسْوَةُ الْمُقْبِلَاتُ قَالَ الْأُولَى حَوَّاءُ أُمُّ الْبَشَرِ الثَّانِيَةُ آسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ وَ الثَّالِثَةُ مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ وَ الرَّابِعَةُ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ فَقُلْتُ مَنِ الْخَامِسَةُ الْوَاضِعَةُ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا تَسْقُطُ مَرَّةً وَ تَقُومُ أُخْرَى فَقَالَ جَدَّتُكِ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ
__________________________________________________
 (1) تراه في الأمالي المجلس 31 تحت الرقم 4.

140
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

أُمُّ أَبِيكِ فَقُلْتُ وَ اللَّهِ لَأُخْبِرَنَّهَا مَا صُنِعَ بِنَا فَلَحِقْتُهَا وَ وَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْهَا أَبْكِي وَ أَقُولُ يَا أُمَّتَاهْ جَحَدُوا وَ اللَّهِ حَقَّنَا يَا أُمَّتَاهْ «1» بَدَّدُوا وَ اللَّهِ شَمْلَنَا يَا أُمَّتَاهْ اسْتَبَاحُوا وَ اللَّهِ حَرِيمَنَا يَا أُمَّتَاهْ قَتَلُوا وَ اللَّهِ الْحُسَيْنَ أَبَانَا فَقَالَتْ كُفِّي صَوْتَكِ يَا سُكَيْنَةُ فَقَدْ أَحْرَقْتِ كَبِدِي وَ قَطَعْتِ نِيَاطَ قَلْبِي هَذَا قَمِيصُ أَبِيكِ الْحُسَيْنِ مَعِي لَا يُفَارِقُنِي حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ بِهِ ثُمَّ انْتَبَهْتُ وَ أَرَدْتُ كِتْمَانَ ذَلِكَ الْمَنَامِ وَ حَدَّثْتُ بِهِ أَهْلِي فَشَاعَ بَيْنَ النَّاسِ وَ قَالَ السَّيِّدُ وَ قَالَتْ سُكَيْنَةُ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ مِنْ مُقَامِنَا رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ وَ ذَكَرْتُ مَنَاماً طَوِيلًا تَقُولُ فِي آخِرِهِ وَ رَأَيْتُ امْرَأَةً رَاكِبَةً فِي هَوْدَجٍ وَ يَدُهَا مَوْضُوعَةٌ عَلَى رَأْسِهَا فَسَأَلْتُ عَنْهَا فَقِيلَ لِي هَذِهِ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ أُمُّ أَبِيكِ فَقُلْتُ وَ اللَّهِ لَأَنْطَلِقَنَّ إِلَيْهَا وَ لَأُخْبِرَنَّهَا بِمَا صُنِعَ بِنَا فَسَعَيْتُ مُبَادِرَةً نَحْوَهَا حَتَّى لَحِقْتُ بِهَا فَوَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْهَا أَبْكِي وَ أَقُولُ يَا أُمَّتَاهْ جَحَدُوا وَ اللَّهِ حَقَّنَا يَا أُمَّتَاهْ بَدَّدُوا وَ اللَّهِ شَمْلَنَا يَا أُمَّتَاهْ اسْتَبَاحُوا وَ اللَّهِ حَرِيمَنَا يَا أُمَّتَاهْ قَتَلُوا وَ اللَّهِ الْحُسَيْنَ أَبَانَا فَقَالَتْ لِي كُفِّي صَوْتَكِ يَا سُكَيْنَةُ فَقَدْ قَطَعْتِ نِيَاطَ قَلْبِي هَذَا قَمِيصُ أَبِيكِ الْحُسَيْنِ ع- لَا يُفَارِقُنِي حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ «2»- وَ قَالَ السَّيِّدُ وَ ابْنُ نَمَا وَ رَوَى ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: لَقِيَنِي رَأْسُ الْجَالُوتِ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنَّ بَيْنِي وَ بَيْنَ دَاوُدَ لَسَبْعِينَ أَباً وَ إِنَّ الْيَهُودَ تَلْقَانِي فَتُعَظِّمُنِي وَ أَنْتُمْ لَيْسَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ ابْنِ نَبِيِّكُمْ إِلَّا أَبٌ وَاحِدٌ قَتَلْتُمُوهُ وَ رُوِيَ عَنْ زَيْنِ الْعَابِدِينَ ع أَنَّهُ لَمَّا أُتِيَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ إِلَى يَزِيدَ كَانَ يَتَّخِذُ مَجَالِسَ الشَّرَابِ وَ يَأْتِي بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ وَ يَضَعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ يَشْرَبُ عَلَيْهِ فَحَضَرَ فِي مَجْلِسِهِ ذَاتَ يَوْمٍ رَسُولُ مَلِكِ الرُّومِ وَ كَانَ مِنْ أَشْرَافِ الرُّومِ وَ عُظَمَائِهِمْ فَقَالَ يَا مَلِكَ الْعَرَبِ هَذَا رَأْسُ مَنْ فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ مَا لَكَ وَ لِهَذَا الرَّأْسِ فَقَالَ إِنِّي إِذَا رَجَعْتُ إِلَى مَلِكِنَا يَسْأَلُنِي عَنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ رَأَيْتُهُ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُخْبِرَهُ بِقِصَّةِ هَذَا الرَّأْسِ وَ صَاحِبِهِ حَتَّى يُشَارِكَكَ فِي الْفَرَحِ وَ السُّرُورِ فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ هَذَا رَأْسُ‏
__________________________________________________
 (1) لغية، الحق التاء بالام كما في أبتاه.
 (2) الملهوف ص 168 و 169.

141
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ الرُّومِيُّ وَ مَنْ أُمُّهُ فَقَالَ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ أُفٍّ لَكَ وَ لِدِينِكَ لِي دِينٌ أَحْسَنُ مِنْ دِينِكَ إِنَّ أَبِي مِنْ حَوَافِدِ دَاوُدَ ع وَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ آبَاءٌ كَثِيرَةٌ وَ النَّصَارَى يُعَظِّمُونِّي وَ يَأْخُذُونَ مِنْ تُرَابِ قَدَمِي تَبَرُّكاً بِأَبِي مِنْ حَوَافِدِ دَاوُدَ وَ أَنْتُمْ تَقْتُلُونَ ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ وَ مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ نَبِيِّكُمْ إِلَّا أُمٌّ وَاحِدَةٌ فَأَيُّ دِينٍ دِينُكُمْ ثُمَّ قَالَ لِيَزِيدَ هَلْ سَمِعْتَ حَدِيثَ كَنِيسَةِ الْحَافِرِ فَقَالَ لَهُ قُلْ حَتَّى أَسْمَعَ فَقَالَ بَيْنَ عُمَانَ وَ الصِّينِ بَحْرٌ مَسِيرَةُ سَنَةٍ لَيْسَ فِيهَا عُمْرَانٌ إِلَّا بَلْدَةٌ وَاحِدَةٌ فِي وَسْطِ الْمَاءِ طُولُهَا ثَمَانُونَ فَرْسَخاً فِي ثَمَانِينَ مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بَلْدَةٌ أَكْبَرُ مِنْهَا وَ مِنْهَا يُحْمَلُ الْكَافُورُ وَ الْيَاقُوتُ أَشْجَارُهُمُ الْعُودُ وَ الْعَنْبَرُ وَ هِيَ فِي أَيْدِي النَّصَارَى لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُلُوكِ فِيهَا سِوَاهُمْ وَ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ كَنَائِسُ كَثِيرَةٌ أَعْظَمُهَا كَنِيسَةُ الْحَافِرِ فِي مِحْرَابِهَا حُقَّةُ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٌ فِيهَا حَافِرٌ يَقُولُونَ إِنَّ هَذَا حَافِرُ حِمَارٍ كَانَ يَرْكَبُهُ عِيسَى وَ قَدْ زَيَّنُوا حَوْلَ الْحُقَّةِ بِالذَّهَبِ وَ الدِّيبَاجِ يَقْصِدُهَا فِي كُلِّ عَامٍ عَالَمٌ مِنَ النَّصَارَى وَ يَطُوفُونَ حَوْلَهَا وَ يُقَبِّلُونَهَا وَ يَرْفَعُونَ حَوَائِجَهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى هَذَا شَأْنُهُمْ وَ دَأْبُهُمْ بِحَافِرِ حِمَارٍ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ حَافِرُ حِمَارٍ كَانَ يَرْكَبُهُ عِيسَى نَبِيُّهُمْ وَ أَنْتُمْ تَقْتُلُونَ ابْنَ بِنْتِ نَبِيِّكُمْ فَلَا بَارَكَ اللَّهُ تَعَالَى فِيكُمْ وَ لَا فِي دِينِكُمْ فَقَالَ يَزِيدُ اقْتُلُوا هَذَا النَّصْرَانِيَّ لِئَلَّا يَفْضَحَنِي فِي بِلَادِهِ فَلَمَّا أَحَسَّ النَّصْرَانِيُّ بِذَلِكَ قَالَ لَهُ تُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي قَالَ نَعَمْ قَالَ اعْلَمْ أَنِّي رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ نَبِيَّكُمْ فِي الْمَنَامِ يَقُولُ لِي يَا نَصْرَانِيُّ أَنْتَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَتَعَجَّبْتُ مِنْ كَلَامِهِ وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ص ثُمَّ وَثَبَ إِلَى رَأْسِ الْحُسَيْنِ فَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ وَ جَعَلَ يُقَبِّلُهُ وَ يَبْكِي حَتَّى قُتِلَ «1» وَ قَالَ صَاحِبُ الْمَنَاقِبِ وَ ذَكَرَ أَبُو مِخْنَفٍ وَ غَيْرُهُ أَنَّ يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ أَمَرَ بِأَنْ يُصْلَبَ الرَّأْسُ عَلَى بَابِ دَارِهِ وَ أَمَرَ بِأَهْلِ بَيْتِ الْحُسَيْنِ ع أَنْ يَدْخُلُوا دَارَهُ فَلَمَّا دَخَلَتِ النِّسْوَةُ دَارَ يَزِيدَ لَمْ يَبْقَ مِنْ آلِ مُعَاوِيَةَ وَ لَا أَبِي سُفْيَانَ أَحَدٌ إِلَّا اسْتَقْبَلَهُنَّ بِالْبُكَاءِ
__________________________________________________
 (1) الملهوف ص 169- 173.

142
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

وَ الصُّرَاخِ وَ النِّيَاحَةِ عَلَى الْحُسَيْنِ ع وَ أَلْقَيْنَ مَا عَلَيْهِنَّ مِنَ الثِّيَابِ وَ الْحُلِيِّ وَ أَقَمْنَ الْمَأْتَمَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَ خَرَجَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ امْرَأَةُ يَزِيدَ وَ كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ تَحْتَ الْحُسَيْنِ ع حَتَّى شَقَّتِ السِّتْرَ وَ هِيَ حَاسِرَةٌ فَوَثَبَتْ إِلَى يَزِيدَ وَ هُوَ فِي مَجْلِسٍ عَامٍّ فَقَالَتْ يَا يَزِيدُ أَ رَأْسُ ابْنِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ مَصْلُوبٌ عَلَى فِنَاءِ بَابِي فَوَثَبَ إِلَيْهَا يَزِيدُ فَغَطَّاهَا وَ قَالَ نَعَمْ فَأَعْوِلِي عَلَيْهِ يَا هِنْدُ وَ ابْكِي عَلَى ابْنِ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ وَ صَرِيخَةِ قُرَيْشٍ عَجَّلَ عَلَيْهِ ابْنُ زِيَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ فَقَتَلَهُ قَتَلَهُ اللَّهُ ثُمَّ إِنَّ يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ أَنْزَلَهُمْ فِي دَارِهِ الْخَاصَّةِ فَمَا كَانَ يَتَغَدَّى وَ لَا يَتَعَشَّى حَتَّى يَحْضُرَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَ قَالَ السَّيِّدُ وَ غَيْرُهُ وَ خَرَجَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ ع يَوْماً يَمْشِي فِي أَسْوَاقِ دِمَشْقَ فَاسْتَقْبَلَهُ الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ لَهُ كَيْفَ أَمْسَيْتَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ أَمْسَيْنَا كَمَثَلِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي آلِ فِرْعَوْنَ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَ يَسْتَحْيُونَ نِسَاءَهُمْ يَا مِنْهَالُ أَمْسَتِ الْعَرَبُ تَفْتَخِرُ عَلَى الْعَجَمِ بِأَنَّ مُحَمَّداً عَرَبِيٌّ وَ أَمْسَتْ قُرَيْشٌ تَفْتَخِرُ عَلَى سَائِرِ الْعَرَبِ بِأَنَّ مُحَمَّداً مِنْهَا وَ أَمْسَيْنَا مَعْشَرَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ نَحْنُ مَغْصُوبُونَ مَقْتُولُونَ مُشَرَّدُونَ فَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ مِمَّا أَمْسَيْنَا فِيهِ يَا مِنْهَالُ وَ لِلَّهِ دَرُّ مَهْيَارَ حَيْثُ قَالَ-
          يُعَظِّمُونَ لَهُ أَعْوَادَ مِنْبَرِهِ-             وَ تَحْتَ أَرْجُلِهِمْ أَوْلَادَهُ وَضَعُوا-
             بِأَيِّ حُكْمٍ بَنُوهُ يَتْبَعُونَكُمْ-             وَ فَخْرُكُمْ أَنَّكُمْ صَحْبٌ لَهُ تَبَعٌ-
 قَالَ وَ دَعَا يَزِيدُ يَوْماً بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع وَ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ ع وَ كَانَ عَمْرٌو صَغِيراً يُقَالُ إِنَّ عُمُرَهُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً فَقَالَ لَهُ أَ تُصَارِعُ هَذَا يَعْنِي ابْنَهُ خَالِداً فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو لَا وَ لَكِنْ أَعْطِنِي سِكِّيناً وَ أَعْطِهِ سِكِّيناً ثُمَّ أُقَاتِلُهُ قَالَ يَزِيدُ
          شِنْشِنَةٌ أَعْرِفُهَا مِنْ أَخْزَمٍ «1»
          هَلْ تَلِدُ الْحَيَّةُ إِلَّا الْحَيَّةَ-
__________________________________________________
 (1) شطر بيت لابى أخزم الطائى و هو جد حاتم أو جد جده مات ابنه أخزم و ترك بنين فوثبوا يوما على جدهم فأدموه فقال:
         ان بنى رملونى بالدم             من يلق آساد الرجال يكلم‏
          و من يكن درء به يقوم             شنشنة أعرفها من أخزم‏
 يعنى أن هؤلاء أشبهوا أباهم في العقوق، و الشنشنة: الطبيعة.

143
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

وَ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ اذْكُرْ حَاجَاتِكَ الثَّلَاثَ اللَّاتِي وَعَدْتُكَ بِقَضَائِهِنَّ فَقَالَ الْأُولَى أَنْ تُرِيَنِي وَجْهَ سَيِّدِي وَ أَبِي وَ مَوْلَايَ الْحُسَيْنِ فَأَتَزَوَّدَ مِنْهُ وَ أَنْظُرَ إِلَيْهِ وَ أُوَدِّعَهُ وَ الثَّانِيَةُ أَنْ تَرُدَّ عَلَيْنَا مَا أُخِذَ مِنَّا وَ الثَّالِثَةُ إِنْ كُنْتَ عَزَمْتَ عَلَى قَتْلِي أَنْ تُوَجِّهَ مَعَ هَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ مَنْ يَرُدُّهُنَّ إِلَى حَرَمِ جَدِّهِنَّ ص فَقَالَ أَمَّا وَجْهُ أَبِيكَ فَلَنْ تَرَاهُ أَبَداً وَ أَمَّا قَتْلُكَ فَقَدْ عَفَوْتُ عَنْكَ وَ أَمَّا النِّسَاءُ فَمَا يُؤَدِّيهِنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ غَيْرُكَ وَ أَمَّا مَا أُخِذَ مِنْكُمْ فَأَنَا أُعَوِّضُكُمْ عَنْهُ أَضْعَافَ قِيمَتِهِ فَقَالَ ع أَمَّا مَالُكَ فَمَا نُرِيدُهُ وَ هُوَ مُوَفَّرٌ عَلَيْكَ وَ إِنَّمَا طَلَبْتُ مَا أُخِذَ مِنَّا لِأَنَّ فِيهِ مِغْزَلَ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ ص وَ مِقْنَعَتَهَا وَ قِلَادَتَهَا وَ قَمِيصَهَا فَأَمَرَ بِرَدِّ ذَلِكَ وَ زَادَ عَلَيْهِ مِائَتَيْ دِينَارٍ فَأَخَذَهَا زَيْنُ الْعَابِدِينَ ع وَ فَرَّقَهَا فِي الْفُقَرَاءِ وَ الْمَسَاكِينِ ثُمَّ أَمَرَ بِرَدِّ الْأُسَارَى وَ سَبَايَا الْبَتُولِ إِلَى أَوْطَانِهِمْ بِمَدِينَةِ الرَّسُولِ قَالَ ابْنُ نَمَا وَ أَمَّا الرَّأْسُ الشَّرِيفُ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ فَقَالَ قَوْمٌ إِنَّ عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ دَفَنَهُ بِالْمَدِينَةِ وَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ جُمْهُورٍ أَنَّهُ دَخَلَ خِزَانَةَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ لَمَّا فُتِحَتْ وَجَدَ بِهِ جُؤْنَةً حَمْرَاءَ فَقَالَ لِغُلَامِهِ سُلَيْمٍ احْتَفِظْ بِهَذِهِ الْجُؤْنَةِ فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ بَنِي أُمَيَّةَ فَلَمَّا فَتَحَهَا إِذَا فِيهَا رَأْسُ الْحُسَيْنِ ع وَ هُوَ مَخْضُوبٌ بِالسَّوَادِ فَقَالَ لِغُلَامِهِ ائْتِنِي بِثَوْبٍ فَأَتَاهُ بِهِ فَلَفَّهُ ثُمَّ دَفَنَهُ بِدِمَشْقَ عِنْدَ بَابِ الْفَرَادِيسِ عِنْدَ الْبُرْجِ الثَّالِثِ مِمَّا يَلِي الْمَشْرِقَ وَ حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ أَنَّ مَشْهَدَ الرَّأْسِ عِنْدَهُمْ يُسَمُّونَهُ مَشْهَدَ الْكَرِيمِ عَلَيْهِ مِنَ الذَّهَبِ شَيْ‏ءٌ كَثِيرٌ يَقْصِدُونَهُ فِي الْمَوَاسِمِ وَ يَزُورُونَهُ وَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَدْفُونٌ هُنَاكَ وَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ مِنَ الْأَقْوَالِ أَنَّهُ أُعِيدَ إِلَى الْجَسَدِ بَعْدَ أَنْ طِيفَ بِهِ فِي الْبِلَادِ وَ دُفِنَ مَعَهُ وَ قَالَ السَّيِّدُ فَأَمَّا رَأْسُ الْحُسَيْنِ فَرُوِيَ أَنَّهُ أُعِيدَ فَدُفِنَ بِكَرْبَلَاءَ مَعَ جَسَدِهِ الشَّرِيفِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ كَانَ عَمَلُ الطَّائِفَةِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى الْمُشَارِ إِلَيْهِ و رويت آثار مختلفة كثيرة غير ما ذكرناه تركنا وضعها لئلا ينفسخ ما شرطناه من اختصار الكتاب «1»
__________________________________________________
 (1) الملهوف: 175.

144
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

- وَ قَالَ صَاحِبُ الْمَنَاقِبِ وَ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَبُو العَلَاءِ الْحَافِظُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مَشَايِخِهِ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ رَأْسُ الْحُسَيْنِ ع بَعَثَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَقْدَمَ عَلَيْهِ عِدَّةً مِنْ مَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ وَ ضَمَّ إِلَيْهِمْ عِدَّةً مِنْ مَوَالِي أَبِي سُفْيَانَ ثُمَّ بَعَثَ بِثَقَلِ الْحُسَيْنِ وَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِهِ مَعَهُمْ وَ جَهَّزَهُمْ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ لَمْ يَدَعْ لَهُمْ حَاجَةً بِالْمَدِينَةِ إِلَّا أَمَرَ لَهُمْ بِهَا وَ بَعَثَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ ع إِلَى عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَ هُوَ إِذْ ذَاكَ عَامِلُهُ عَلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ عَمْرٌو وَدِدْتُ أَنَّهُ لَمْ يَبْعَثْ بِهِ إِلَيَّ ثُمَّ أَمَرَ عَمْرٌو بِهِ فَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ عِنْدَ قَبْرِ أُمِّهِ فَاطِمَةَ ع وَ ذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ رَأَى النَّبِيَّ ص فِي الْمَنَامِ كَأَنَّهُ يَبَرُّهُ وَ يُلْطِفُهُ فَدَعَا الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَعَلَّكَ اصْطَنَعْتَ إِلَى أَهْلِهِ مَعْرُوفاً فَقَالَ سُلَيْمَانُ إِنِّي وَجَدْتُ رَأْسَ الْحُسَيْنِ ع فِي خِزَانَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَكَسَوْتُهُ خَمْسَةً مِنَ الدِّيبَاجِ وَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِي وَ قَبَرْتُهُ فَقَالَ الْحَسَنُ إِنَّ النَّبِيَّ ص رَضِيَ مِنْكَ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَ أَحْسَنَ إِلَى الْحَسَنِ وَ أَمْرَهُ بِالْجَوَائِزِ وَ ذِكْرَ غَيْرُهُمَا أَنَّ رَأْسَهُ ع صُلِبَ بِدِمَشْقَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَ مَكَثَ فِي خَزَائِنِ بَنِي أُمَيَّةَ حَتَّى وَلِيَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَطَلَبَ فَجِي‏ءَ بِهِ وَ هُوَ عَظِيمٌ أَبْيَضُ فَجَعَلَهُ فِي سَفَطٍ وَ طَيَّبَهُ وَ جَعَلَ عَلَيْهِ ثَوْباً وَ دَفَنَهُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ مَا صَلَّى عَلَيْهِ فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعَثَ إِلَى الْمَكَانِ يَطْلُبُ مِنْهُ الرَّأْسَ فَأُخْبِرَ بِخَبَرِهِ فَسَأَلَ عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ فَنَبَشَهُ وَ أَخَذَهُ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ مَا صَنَعَ بِهِ فَالظَّاهِرُ مِنْ دِينِهِ أَنَّهُ بُعِثَ إِلَى كَرْبَلَاءَ فَدُفِنَ مَعَ جَسَدِهِ ع أقول هذه أقوال المخالفين في ذلك و المشهور بين علمائنا الإمامية أنه دفن رأسه مع جسده رده علي بن الحسين ع و قد وردت أخبار كثيرة في أنه مدفون عند قبر أمير المؤمنين ع و سيأتي بعضها و الله يعلم ثُمَّ قَالَ الْمُفِيدُ وَ صَاحِبُ الْمَنَاقِبِ وَ اللَّفْظُ لِصَاحِبِ الْمَنَاقِبِ وَ رُوِيَ أَنَّ يَزِيدَ عَرَضَ عَلَيْهِمُ الْمُقَامَ بِدِمَشْقَ فَأَبَوْا ذَلِكَ وَ قَالُوا بَلْ رُدَّنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَإِنَّهُ مُهَاجَر

145
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

جَدِّنَا ص فَقَالَ لِلنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ ص جَهِّزْ هَؤُلَاءِ بِمَا يُصْلِحُهُمْ وَ ابْعَثْ مَعَهُمْ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَمِيناً صَالِحاً وَ ابْعَثْ مَعَهُمْ خَيْلًا وَ أَعْوَاناً ثُمَّ كَسَاهُمْ وَ حَبَاهُمْ وَ فَرَضَ لَهُمُ الْأَرْزَاقَ وَ الْأَنْزَالَ «1» ثُمَّ دَعَا بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع فَقَالَ لَهُ لَعَنَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ كُنْتُ صَاحِبَهُ مَا سَأَلَنِي خَلَّةً إِلَّا أَعْطَيْتُهَا إِيَّاهُ وَ لَدَفَعْتُ عَنْهُ الْحَتْفَ بِكُلِّ مَا قَدَرْتُ عَلَيْهِ وَ لَوْ بِهَلَاكِ بَعْضِ وُلْدِي وَ لَكِنْ قَضَى اللَّهُ مَا رَأَيْتَ فَكَاتِبْنِي وَ أَنْهِ «2» إِلَيَّ كُلَّ حَاجَةٍ تَكُونُ لَكَ ثُمَّ أَوْصَى بِهِمُ الرَّسُولَ فَخَرَجَ بِهِمُ الرَّسُولُ يُسَايِرُهُمْ فَيَكُونُ أَمَامَهُمْ فَإِذَا نَزَلُوا تَنَحَّى عَنْهُمْ وَ تَفَرَّقَ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ كَهَيْئَةِ الْحَرَسِ ثُمَّ يَنْزِلُ بِهِمْ حَيْثُ أَرَادَ أَحَدُهُمُ الْوَضُوءَ وَ يَعْرِضُ عَلَيْهِمْ حَوَائِجَهُمْ وَ يُلْطِفُهُمْ حَتَّى دَخَلُوا الْمَدِينَةَ قَالَ الْحَارِثُ بْنُ كَعْبٍ قَالَتْ لِي فَاطِمَةُ بِنْتُ عَلِيٍّ ع قُلْتُ لِأُخْتِي زَيْنَبَ قَدْ وَجَبَ عَلَيْنَا حَقُّ هَذَا لِحُسْنِ صُحْبَتِهِ لَنَا فَهَلْ لَكَ أَنْ تَصِلَهُ قَالَتْ فَقَالَتْ وَ اللَّهِ مَا لَنَا مَا نَصِلُهُ بِهِ إِلَّا أَنْ نُعْطِيَهُ حُلِيَّنَا فَأَخَذْتُ سِوَارِي وَ دُمْلُجِي أَوْ سِوَارَ أُخْتِي وَ دُمْلُجَهَا فَبَعَثْنَا بِهَا إِلَيْهِ وَ اعْتَذَرْنَا مِنْ قِلَّتِهَا وَ قُلْنَا هَذَا بَعْضُ جَزَائِكَ لِحُسْنِ صُحْبَتِكَ إِيَّانَا فَقَالَ لَوْ كَانَ الَّذِي صَنَعْتُهُ لِلدُّنْيَا كَانَ فِي دُونِ هَذَا رِضَايَ وَ لَكِنْ وَ اللَّهِ مَا فَعَلْتُهُ إِلَّا لِلَّهِ وَ قَرَابَتِكُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص ثُمَّ قَالَ السَّيِّدُ وَ لَمَّا رَجَعَتْ نِسَاءُ الْحُسَيْنِ ع وَ عِيَالُهُ مِنَ الشَّامِ وَ بَلَغُوا إِلَى الْعِرَاقِ قَالُوا لِلدَّلِيلِ مُرَّ بِنَا عَلَى طَرِيقِ كَرْبَلَاءَ فَوَصَلُوا إِلَى مَوْضِعِ الْمَصْرَعِ فَوَجَدُوا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ وَ جَمَاعَةً مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَ رَجُلًا مِنْ آلِ رَسُولِ اللَّهِ قَدْ وَرَدُوا لِزِيَارَةِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ فَوَافَوْا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَ تَلَاقَوْا بِالْبُكَاءِ وَ الْحُزْنِ وَ اللَّطْمِ وَ أَقَامُوا الْمَآتِمَ الْمُقْرِحَةَ لِلْأَكْبَادِ وَ اجْتَمَعَ إِلَيْهِمْ نِسَاءُ ذَلِكَ السَّوَادِ وَ أَقَامُوا عَلَى ذَلِكَ أَيَّاماً فَرُوِيَ عَنْ أَبِي حُبَابٍ الْكَلْبِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا الْجَصَّاصُونَ قَالُوا كُنَّا نَخْرُجُ‏
__________________________________________________
 (1) جمع نزل- كقفل- ما هيئ للضيف أن ينزل عليه، أي رزقه و قراه.
 (2) من الانهاء بمعنى الابلاغ و الاعلام.

146
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

إِلَى الْجَبَّانَةِ «1» فِي اللَّيْلِ- عِنْدَ مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ ع فَنَسْمَعُ الْجِنَّ يَنُوحُونَ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ-
          مَسَحَ الرَّسُولُ جَبِينَهُ فَلَهُ بَرِيقٌ فِي الْخُدُودِ-             أَبَوَاهُ مِنْ عَلْيَا قُرَيْشٍ وَ جَدُّهُ خَيْرُ الْجُدُودِ-
 قَالَ ثُمَّ انْفَصَلُوا مِنْ كَرْبَلَاءَ طَالِبِينَ الْمَدِينَةَ قَالَ بَشِيرُ بْنُ حَذْلَمٍ فَلَمَّا قَرُبْنَا مِنْهَا نَزَلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع فَحَطَّ رَحْلَهُ وَ ضَرَبَ فُسْطَاطَهُ وَ أَنْزَلَ نِسَاءَهُ وَ قَالَ يَا بَشِيرُ رَحِمَ اللَّهُ أَبَاكَ لَقَدْ كَانَ شَاعِراً فَهَلْ تَقْدِرُ عَلَى شَيْ‏ءٍ مِنْهُ قُلْتُ بَلَى يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنِّي لَشَاعِرٌ قَالَ فَادْخُلِ الْمَدِينَةَ وَ انْعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَشِيرٌ فَرَكِبْتُ فَرَسِي وَ رَكَضْتُ حَتَّى دَخَلْتُ الْمَدِينَةَ فَلَمَّا بَلَغْتُ مَسْجِدَ النَّبِيِّ ص رَفَعْتُ صَوْتِي بِالْبُكَاءِ وَ أَنْشَأْتُ أَقُولُ-
          يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ بِهَا-             قُتِلَ الْحُسَيْنُ فَأَدْمُعِي مِدْرَارُ-
             الْجِسْمُ مِنْهُ بِكَرْبَلَاءَ مُضَرَّجٌ-             وَ الرَّأْسُ مِنْهُ عَلَى الْقَنَاةِ يُدَارُ-
 قَالَ ثُمَّ قُلْتُ هَذَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ مَعَ عَمَّاتِهِ وَ أَخَوَاتِهِ قَدْ حَلُّوا بِسَاحَتِكُمْ وَ نَزَلُوا بِفِنَائِكُمْ وَ أَنَا رَسُولُهُ إِلَيْكُمْ أُعَرِّفُكُمْ مَكَانَهُ فَمَا بَقِيَتْ فِي الْمَدِينَةِ مُخَدَّرَةٌ وَ لَا مُحَجَّبَةٌ إِلَّا بَرَزْنَ مِنْ خُدُورِهِنَّ مَكْشُوفَةً شُعُورُهُنَّ مُخَمَّشَةً وُجُوهُهُنَّ ضَارِبَاتٍ خُدُودَهُنَّ يَدْعُونَ بِالْوَيْلِ وَ الثُّبُورِ فَلَمْ أَرَ بَاكِياً أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ لَا يَوْماً أَمَرَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْهُ وَ سَمِعْتُ جَارِيَةً تَنُوحُ عَلَى الْحُسَيْنِ فَتَقُولُ-
          نَعَى سَيِّدِي نَاعٍ نَعَاهُ فَأَوْجَعَا-             وَ أَمْرَضَنِي نَاعٍ نَعَاهُ فَأَفْجَعَا-
             فَعَيْنَيَّ جُودَا بِالدُّمُوعِ وَ أَسْكِبَا-             وَ جُودَا بِدَمْعٍ بَعْدَ دَمْعِكُمَا مَعاً-
             عَلَى مَنْ دَهَى عَرْشَ الْجَلِيلِ فَزَعْزَعَا-             فَأَصْبَحَ هَذَا الْمَجْدُ وَ الدِّينُ أَجْدَعَا-
             عَلَى ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ وَ ابْنِ وَصِيِّهِ-             وَ إِنْ كَانَ عَنَّا شَاحِطَ الدَّارِ أَشْسَعَا
 ثُمَّ قَالَتْ أَيُّهَا النَّاعِي جَدَّدْتَ حُزْنَنَا بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَ خَدَشْتَ مِنَّا قُرُوحاً لَمَّا تَنْدَمِلْ فَمَنْ أَنْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ فَقُلْتُ أَنَا بَشِيرُ بْنُ حَذْلَمٍ وَجَّهَنِي مَوْلَايَ عَلِيُّ بْنُ‏
__________________________________________________
 (1) الجبانة: الصحراء، و المقبرة، و عن المغرب: المصلى العام في الصحراء.

147
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ وَ هُوَ نَازِلٌ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا مَعَ عِيَالِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَ نِسَائِهِ قَالَ فَتَرَكُونِي مَكَانِي وَ بَادَرُوا فَضَرَبْتُ فَرَسِي حَتَّى رَجَعْتُ إِلَيْهِمْ فَوَجَدْتُ النَّاسَ قَدْ أَخَذُوا الطُّرُقَ وَ الْمَوَاضِعَ فَنَزَلْتُ عَنْ فَرَسِي وَ تَخَطَّيْتُ رِقَابَ النَّاسِ حَتَّى قَرُبْتُ مِنْ بَابِ الْفُسْطَاطِ وَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع دَاخِلًا وَ مَعَهُ خِرْقَةٌ يَمْسَحُ بِهَا دُمُوعَهُ وَ خَلْفَهُ خَادِمٌ مَعَهُ كُرْسِيٌّ فَوَضَعَهُ لَهُ وَ جَلَسَ عَلَيْهِ وَ هُوَ لَا يَتَمَالَكُ مِنَ الْعَبْرَةِ وَ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُ النَّاسِ بِالْبُكَاءِ وَ حَنِينِ الْجَوَارِي وَ النِّسَاءِ وَ النَّاسُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ يُعَزُّونَهُ فَضَجَّتْ تِلْكَ الْبُقْعَةُ ضَجَّةً شَدِيدَةً فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ أَنِ اسْكُتُوا فَسَكَنَتْ فَوْرَتُهُمْ فَقَالَ ع- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ بَارِئِ الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ الَّذِي بَعُدَ فَارْتَفَعَ فِي السَّمَاوَاتِ الْعُلَى وَ قَرُبَ فَشَهِدَ النَّجْوَى نَحْمَدُهُ عَلَى عَظَائِمِ الْأُمُورِ وَ فَجَائِعِ الدُّهُورِ وَ أَلَمِ الْفَجَائِعِ وَ مَضَاضَةِ اللَّوَاذِعِ وَ جَلِيلِ الرُّزْءِ وَ عَظِيمِ الْمَصَائِبِ الْفَاضِعَةِ الْكَاظَّةِ الْفَادِحَةِ الْجَائِحَةِ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ وَ لَهُ الْحَمْدُ ابْتَلَانَا بِمَصَائِبَ جَلِيلَةٍ وَ ثُلْمَةٍ فِي الْإِسْلَامِ عَظِيمَةٍ قُتِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَ عِتْرَتُهُ وَ سُبِيَ نِسَاؤُهُ وَ صِبْيَتُهُ وَ دَارُوا بِرَأْسِهِ فِي الْبُلْدَانِ مِنْ فَوْقِ عَامِلِ السِّنَانِ وَ هَذِهِ الرَّزِيَّةُ الَّتِي لَا مِثْلَهَا رَزِيَّةٌ أَيُّهَا النَّاسُ فَأَيُّ رِجَالاتٍ مِنْكُمْ يُسَرُّونَ بَعْدَ قَتْلِهِ أَمْ أَيَّةُ عَيْنٍ مِنْكُمْ تَحْبِسُ دَمْعَهَا وَ تَضَنُّ عَنِ انْهِمَالِهَا فَلَقَدْ بَكَتِ السَّبْعُ الشِّدَادُ لِقَتْلِهِ وَ بَكَتِ الْبِحَارُ بِأَمْوَاجِهَا وَ السَّمَاوَاتُ بِأَرْكَانِهَا وَ الْأَرْضُ بِأَرْجَائِهَا وَ الْأَشْجَارُ بِأَغْصَانِهَا وَ الْحِيتَانُ وَ لُجَجُ الْبِحَارِ وَ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ أَجْمَعُونَ أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ قَلْبٍ لَا يَنْصَدِعُ لِقَتْلِهِ أَمْ أَيُّ فُؤَادٍ لَا يَحِنُّ إِلَيْهِ أَمْ أَيُّ سَمْعٍ يَسْمَعُ هَذِهِ الثُّلْمَةَ الَّتِي ثُلِمَتْ فِي الْإِسْلَامِ أَيُّهَا النَّاسُ أَصْبَحْنَا مَطْرُودِينَ مُشَرَّدِينَ مَذُودِينَ شَاسِعِينَ عَنِ الْأَمْصَارِ كَأَنَّا أَوْلَادُ تُرْكٍ وَ كَابُلَ مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ اجْتَرَمْنَاهُ وَ لَا مَكْرُوهٍ ارْتَكَبْنَاهُ وَ لَا ثُلْمَةٍ فِي الْإِسْلَامِ ثَلَمْنَاهَا- ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ- إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ-

148
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

وَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ النَّبِيَّ تَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ فِي قِتَالِنَا كَمَا تَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ فِي الْوِصَايَةِ بِنَا لَمَا ازْدَادُوا عَلَى مَا فَعَلُوا بِنَا فَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ مِنْ مُصِيبَةٍ مَا أَعْظَمَهَا وَ أَوْجَعَهَا وَ أَفْجَعَهَا وَ أَكَظَّهَا وَ أَفَظَّهَا وَ أَمَرَّهَا وَ أَفْدَحَهَا فَعِنْدَ اللَّهِ نَحْتَسِبُ فِيمَا أَصَابَنَا وَ مَا بَلَغَ بِنَا إِنَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ قَالَ فَقَامَ صُوحَانُ بْنُ صَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ وَ كَانَ زَمِناً فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ بِمَا عِنْدَهُ مِنْ زَمَانَةِ رِجْلَيْهِ فَأَجَابَهُ بِقَبُولِ مَعْذِرَتِهِ وَ حُسْنِ الظَّنِّ فِيهِ وَ شَكَرَ لَهُ وَ تَرَحَّمَ عَلَى أَبِيهِ «1» ثُمَّ قَالَ السَّيِّدُ رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ إِنَّ زَيْنَ الْعَابِدِينَ ع بَكَى عَلَى أَبِيهِ أَرْبَعِينَ سَنَةً صَائِماً نَهَارَهُ قَائِماً لَيْلَهُ فَإِذَا حَضَرَ الْإِفْطَارُ جَاءَهُ غُلَامُهُ بِطَعَامِهِ وَ شَرَابِهِ فَيَضَعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقُولُ كُلْ يَا مَوْلَايَ فَيَقُولُ قُتِلَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ جَائِعاً قُتِلَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ عَطْشَاناً فَلَا يَزَالُ يُكَرِّرُ ذَلِكَ وَ يَبْكِي حَتَّى يُبَلَّ طَعَامُهُ مِنْ دُمُوعِهِ ثُمَّ يُمْزَجُ شَرَابُهُ بِدُمُوعِهِ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ حَدَّثَ مَوْلًى لَهُ ع أَنَّهُ بَرَزَ يَوْماً إِلَى الصَّحْرَاءِ قَالَ فَتَبِعْتُهُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَجَدَ عَلَى حِجَارَةٍ خَشِنَةٍ فَوَقَفْتُ وَ أَنَا أَسْمَعُ شَهِيقَهُ وَ بُكَاءَهُ وَ أَحْصَيْتُ عَلَيْهِ أَلْفَ مَرَّةٍ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَقّاً حَقّاً- لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعَبُّداً وَ رِقّاً لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِيمَاناً وَ صِدْقاً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ وَ إِنَّ لِحْيَتَهُ وَ وَجْهَهُ قَدْ غَمَرَ بِالْمَاءِ مِنْ دُمُوعِ عَيْنَيْهِ فَقُلْتُ يَا سَيِّدِي أَ مَا آنَ لِحُزْنِكَ أَنْ يَنْقَضِيَ وَ لِبُكَائِكَ أَنْ تَقِلَّ فَقَالَ لِي وَيْحَكَ إِنَّ يَعْقُوبَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ع كَانَ نَبِيّاً ابْنَ نَبِيٍّ كَانَ لَهُ اثْنَا عَشَرَ ابْناً فَغَيَّبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَاحِداً مِنْهُمْ فَشَابَ رَأْسُهُ مِنَ الْحُزْنِ وَ احْدَوْدَبَ ظَهْرُهُ مِنَ الْغَمِّ وَ ذَهَبَ بَصَرُهُ مِنَ الْبُكَاءِ وَ ابْنُهُ حَيٌّ فِي دَارِ الدُّنْيَا وَ أَنَا فَقَدْتُ أَبِي وَ أَخِي وَ سَبْعَةَ عَشَرَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي صَرْعَى مَقْتُولِينَ فَكَيْفَ يَنْقَضِي حُزْنِي وَ يَقِلُّ بُكَائِي «2».
إيضاح قال الجوهري ارتث فلان هو افتعل على ما لم يسم فاعله أي حمل من المعركة رثيثا أي جريحا و به رمق و قال الخفر بالتحريك شدة الحياء
__________________________________________________
 (1) الملهوف ص 177- 182.
 (2) المصدر ص 188- 190.

149
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

و جارية خفرة و متخفرة و قال فرعت في الجبل صعدته و فرعت في الجبل صعدت و يقال بئسما أفرعت به أي ابتدأت.
أقول و في بعض النسخ تفرغ بالغين المعجمة من الإفراغ بمعنى السكب و هو أظهر و الختل الخدعة و في الإحتجاج الختر و هو أيضا بالتحريك الغدر.
قولها ع كمثل التي إشارة إلى قوله تعالى وَ لا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ «1» قال الطبرسي ره أي لا تكونوا كالمرأة التي غزلت ثم نقضت غزلها من بعد إمرار و فتل للمغزل و هي امرأة حمقاء من قريش كانت تغزل مع جواريها إلى انتصاف النهار ثم تأمرهن أن ينقضن ما غزلن و لا تزال ذلك دأبها و قيل إنه مثل ضربه الله شبه فيه حال ناقض العهد بمن كان كذلك أَنْكاثاً جمع نكث و هو الغزل من الصوف و الشعر يبرم ثم ينكث و ينقض ليغزل ثانية تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أي دغلا و خيانة و مكرا.
و قال الخليل الصلف مجاوزة قدر الظرف و الادعاء فوق ذلك تكبرا و النطف بالتحريك التلطخ بالعيب و في الإحتجاج بعد الصلف و العجب و الشنف و الكذب و الشنف بالتحريك البغض و التنكر و الدمنة بالكسر ما تدمنه الإبل و الغنم بأبوالها و أبعارها أي تلبده في مرابضها فربما نبت فيها النبات شبهتهم تارة بذلك النبات في دناءة أصلهم و عدم الانتفاع بهم مع حسن ظاهرهم و خبث باطنهم و أخرى بفضة «2» تزين بها القبور في أنهم كالأموات زينوا أنفسهم بلباس الأحياء و لا ينتفع بهم الأحباء و لا يرجى منهم الكرم و الوفاء.
قولها بعارها الضمير راجع إلى الأمة أو الأزمنة
و في الإحتجاج أجل و الله فابكوا فإنكم و الله أحق بالبكاء فابكوا كثيرا و اضحكوا قليلا فقد بليتم بعارها و منيتم بشنارها.
و الشنار العيب و رحضه كمنعه غسله كأرحضه و المدرة بالكسر زعيم القوم و خطيبهم و المتكلم عنهم و الذي يرجعون إلى رأيه و تبت الأيدي أي خسرت أو هلكت و الأيدي إما مجاز للأنفس أو بمعناها.
__________________________________________________
 (1) النحل: 92.
 (2) الصحيح بقصة: اي بجصة، كما مر.

150
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

و الفري القطع‏
و في بعض النسخ و الروايات فرثتم.
بالثاء المثلثة
قال في النهاية في حديث أم كلثوم بنت علي ع لأهل الكوفة أ تدرون أي كبد فرثتم لرسول الله ص.
الفرث تفتيت الكبد بالغم و الأذى و الصلعاء الداهية القبيحة قال الجزري في حديث عائشة أنها قالت لمعاوية حين ادعى زيادا ركبت الصليعاء أي الداهية و الأمر الشديد أو السوءة الشنيعة البارزة المكشوفة انتهى.
و العنقاء بالقاف الداهية و في بعض النسخ بالفاء من العنف و الفقماء من قولهم تفاقم الأمر أي عظم و الخرق ضد الرفق و الشوهاء القبيحة و الضمير في قولها جئتم بها راجع إلى الفعلة القبيحة و القضية الشنيعة التي أتوا بها و الكلام مبني على التجريد و طلاع الأرض بالكسر ملؤها و الحفز الحث و الإعجال.
قولها لا يبزى أي لا يغلب و لا يقهر و الذحل الحقد و العداوة يقال طلب بذحله أي بثأره و الموتور الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه تقول منه وتره يتره وترا و ترة.
قولها ع في بيت متعلق بالمقتول لأن أمير المؤمنين ع قتل في المسجد و سائر الأوصاف بعد ذلك نعوت له و التعس الهلاك و الضيم الظلم و النقيبة النفس و العريكة الطبيعة و العذل الملامة و الجدل بالتحريك الفرح و سحته و أسحته أي استأصله و نزع إليه اشتاق و في بعض النسخ فزعت أي لجأت.
و قال الجوهري الكثكث و الكثكث فتات الحجارة و التراب مثل الأثلب و الإثلب و يقال بفيه الكثكث و قال كظم غيظه كظما اجترعه و الكظوم السكوت و كظم البعير يكظم كظوما إذا أمسك عن الجرة و قال أقعى الكلب إذا جلس على استه مفترشا رجليه و ناصبا يديه و قد جاء النهي عن الإقعاء في الصلاة و قال الشاعر
          فأقع كما أقعى أبوك على استه             رأى أن ريما فوقه لا يعادله‏
 و قال جاش الوادي زخر و امتد جدا و قال سجا يسجو سجوا سكن و دام و قوله تعالى وَ اللَّيْلِ إِذا سَجى‏ أي إذ دام و سكن و منه البحر الساجي‏

151
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

قال الأعشى‏
          فما ذنبنا إن جاش بحر ابن عمكم             و بحرك ساج لا يواري الدعامصا
 و قال الدعموص دويبة تغوص في الماء و الجمع الدعاميص و الدعامص أيضا ثم ذكر بيت الأعشى و الكلة بالكسر الستر الرقيق و الصبية جمع الصبي.
و قال الجزري فيه أنه نهى عن قتل شي‏ء من الدواب صبرا هو أن يمسك شي‏ء من ذوات الروح حيا ثم يرمى بشي‏ء حتى يموت و كل من قتل في غير معركة و لا حرب و لا خطاء فإنه مقتول صبرا قوله و لم ينسني كأنه على سبيل القلب و فيه لطف أو المعنى لم يتركني و اللهاة اللحمة في أقصى الفم و الفراش بالفتح ما يبس بعد الماء من الطين على الأرض و بالكسر ما يفرش و موقع اللسان في قعر الفم.
قولها لا يطيق وجوبا أي لزوما بالأرض و سكونا أو عملا بواجب على هيئة الاختيار و يقال طعنه فجدله أي رماه بالأرض و رجل مغاور بضم الميم أي مقاتل و هو صفة لقوله بطل أو حال عنه بالإضافة إلى ياء المتكلم و ضرجه بدم أي لطخه و يقال قف شعري أي قام من الفزع و قال الجوهري اللدم صوت الحجر أو الشي‏ء يقع بالأرض و ليس بالصوت الشديد
و في الحديث و الله لا أكون مثل الضبع تسمع اللدم حتى تخرج فتصاد.
ثم يسمى الضرب لدما و لدمت المرأة وجهها ضربته و التدام النساء ضربهن صدورهن في النياحة و اللدم بالتحريك الحرم في القرابات و القبيل الكفيل و العريف و الجماعة تكون من الثلاثة فصاعدا من قوم شتى أي كل قبيل من قبائل الملائكة و الوزر بالتحريك الملجأ.
قوله لعنه الله تصهرهم الشمس أي تذيبهم و المخصرة بكسر الميم كالسوط و كلما اختصر الإنسان بيده فأمسكه من عصا و نحوها و الأسل الرمح و شمخ الرجل بأنفه تكبر و عطفا الرجل بالكسر جانباه و النظر في العطف كناية عن الخيلاء و الجذل بالتحريك الفرح و قد جذل بالكسر يجذل فهو جذلان.
و قولها ع يحدو بهن أي يسوقهن سوقا شديدا و استشرف الشي‏ء

152
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

رفع بصره ينظر إليه و المنقل الطريق في الجبل و المنقلة المرحلة من مراحل السفر قولها و كيف يستبطئ في بغضنا أي لا يطلب منه الإبطاء و التأخير في البغض و الشنف بالتحريك البغض و التنكر و الإحن بكسر الهمزة و فتح الحاء جمع الإحنة بالكسر و هي الحقد و الانتحاء الاعتماد و الميل و انتحيت لفلان أي عرضت له و أنحيت على حلقه السكين أي عرضت و نكأت القرحة قشرتها.
و قال الفيروزآبادي الشافة قرحة تخرج في أسفل القدم فتكوى فتذهب و إذا قطعت مات صاحبها و الأصل و استأصل الله شافته أذهبه كما تذهب تلك القرحة أو معناه أزاله من أصله انتهى و يقال خرج وشيكا أي سريعا و الفري القطع.
قولها و لئن جرت علي الدواهي مخاطبتك يحتمل أن يكون مخاطبتك مرفوعا بالفاعلية أي إن أوقعت علي مخاطبتك البلايا فلا أبالي و لا أعظم قدرك أو يكون منصوبا بالمفعولية أي إن أوقعتني دواهي الزمان إلى حال احتجت إلى مخاطبتك فلست معظمة لقدرك.
قولها تنطف بكسر الطاء و ضمها أي تقطر و قال الفيروزآبادي تحلب عينه و فوه أي سالا و العواسل الذئاب السريعة العدو قولها و تعفوها أمهات الفراعل من قولهم عفت الريح المنزل أي درسته أو من قولهم فلان تعفوه الأضياف أي تأتيه كثيرا و في بعض النسخ تعفرها أي تلطخها بالتراب عند الأكل و في بعضها بالقاف من العقر بمعنى الجرح و منه كلب عقور و الفرعل بالضم ولد الضبع‏
و في رواية السيد أمهات الفراعل.
و هو أظهر و الفند بالتحريك الكذب و ضعف الرأي و البهلول من الرجال الضحاك و ربط العنان كناية عن ترك المحارم و ملازمة الشريعة في جميع الأمور و فلان شديد الشكيمة إذا كان شديد النفس أنفا أبيا و وجأته بالسكين ضربته.
و النياط بالكسر عرق علق به القلب من الوتين فإذا قطع مات صاحبه و الشنشنة الخلق و الطبيعة و الشحط البعد و الشاسع البعيد و اللواذع المصائب المحرقة الموجعة و يقال كظني هذا الأمر أي جهدني من الكرب و الجائحة الشدة التي تستأصل المال و غيره و قال الجوهري عامل الرمح ما يلي السنان.

153
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

2- قل، إقبال الأعمال رَأَيْتُ فِي كِتَابِ الْمَصَابِيحِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع قَالَ قَالَ لِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ سَأَلْتُ أَبِي عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ عَنْ حَمْلِ يَزِيدَ لَهُ فَقَالَ حَمَلَنِي عَلَى بَعِيرٍ يَطْلُعُ بِغَيْرِ وِطَاءٍ وَ رَأْسُ الْحُسَيْنِ ع عَلَى عَلَمٍ وَ نِسْوَتُنَا خَلْفِي عَلَى بِغَالٍ فأكف- [وَاكِفَةً] وَ الْفَارِطَةُ خَلْفَنَا وَ حَوْلَنَا بِالرِّمَاحِ إِنْ دَمَعَتْ مِنْ أَحَدِنَا عَيْنٌ قُرِعَ رَأْسُهُ بِالرُّمْحِ حَتَّى إِذَا دَخَلْنَا دِمَشْقَ صَاحَ صَائِحٌ يَا أَهْلَ الشَّامِ هَؤُلَاءِ سَبَايَا أَهْلِ الْبَيْتِ الْمَلْعُونِ.
بيان قوله فأكف أي أميل و أشرف على السقوط و الأظهر واكفة أي كانت البغال بإكاف أي برذعة من غير سرج و فرط سبق و في الأمر قصر به و ضيعه و عليه في القول أسرف و فرط القوم تقدمهم إلى الورد لإصلاح الحوض و الفرط بضمتين الظلم و الاعتداء و الأمر المجاوز فيه الحد و لعل فيه أيضا تصحيفا.
3- لي، الأمالي للصدوق الطَّالَقَانِيُّ عَنِ الْجَلُودِيِّ عَنِ الْجَوْهَرِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنِي حَاجِبُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ لَمَّا جِي‏ءَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ ع أَمَرَ فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ وَ جَعَلَ يَضْرِبُ بِقَضِيبٍ فِي يَدِهِ عَلَى ثَنَايَاهُ وَ يَقُولُ لَقَدْ أَسْرَعَ الشَّيْبُ إِلَيْكَ يَا بَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ مَهْ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَلْثِمُ حَيْثُ تَضَعُ قَضِيبَكَ فَقَالَ يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ ثُمَّ أَمَرَ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع فَغُلَّ وَ حُمِلَ مَعَ النِّسْوَةِ وَ السَّبَايَا إِلَى السِّجْنِ وَ كُنْتُ مَعَهُمْ فَمَا مَرَرْنَا بِزُقَاقٍ إِلَّا وَجَدْنَاهُ مِلْ‏ءَ رِجَالٍ وَ نِسَاءٍ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ يَبْكُونَ فَحُبِسُوا فِي سِجْنٍ وَ طُبِّقَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ إِنَّ ابْنَ زِيَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ دَعَا بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ النِّسْوَةِ وَ أَحْضَرَ رَأْسَ الْحُسَيْنِ ع وَ كَانَتْ زَيْنَبُ ابْنَةُ عَلِيٍّ ع فِيهِمْ فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَحَكُمْ وَ قَتَلَكُمْ وَ أَكْذَبَ أَحَادِيثَكُمْ فَقَالَتْ زَيْنَبُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَكْرَمَنَا بِمُحَمَّدٍ وَ طَهَّرَنَا تَطْهِيراً إِنَّمَا يَفْضَحُ اللَّهُ الْفَاسِقَ وَ يُكَذِّبُ الْفَاجِرَ قَالَ كَيْفَ رَأَيْتِ صَنِيعَ اللَّهِ بِكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ قَالَ كَتَبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلَ فَبَرَزُوا إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَ سَيَجْمَعُ اللَّهُ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُمْ فَتَتَحَاكَمُونَ عِنْدَهُ فَغَضِبَ ابْنُ زِيَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا وَ هَمَّ بِهَا فَسَكَّنَ مِنْهُ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ-

154
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

فَقَالَتْ زَيْنَبُ يَا ابْنَ زِيَادٍ حَسْبُكَ مَا ارْتَكَبْتَ مِنَّا فَلَقَدْ قَتَلْتَ رِجَالَنَا وَ قَطَعْتَ أَصْلَنَا وَ أَبَحْتَ حَرِيمَنَا وَ سَبَيْتَ نِسَاءَنَا وَ ذَرَارِيَّنَا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِلِاشْتِفَاءِ فَقَدِ اشْتَفَيْتَ فَأَمَرَ ابْنُ زِيَادٍ بِرَدِّهِمْ إِلَى السِّجْنِ وَ بَعَثَ الْبَشَائِرَ إِلَى النَّوَاحِي بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ ع ثُمَّ أَمَرَ بِالسَّبَايَا وَ رَأْسِ الْحُسَيْنِ فَحُمِلُوا إِلَى الشَّامِ فَلَقَدْ حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ كَانُوا خَرَجُوا فِي تِلْكَ الصُّحْبَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَ بِاللَّيَالِي نَوْحَ الْجِنِّ عَلَى الْحُسَيْنِ إِلَى الصَّبَاحِ وَ قَالُوا فَلَمَّا دَخَلْنَا دِمَشْقَ أُدْخِلَ بِالنِّسَاءِ وَ السَّبَايَا بِالنَّهَارِ مُكَشَّفَاتِ الْوُجُوهِ فَقَالَ أَهْلُ الشَّامِ الْجُفَاةُ مَا رَأَيْنَا سَبَايَا أَحْسَنَ مِنْ هَؤُلَاءِ فَمَنْ أَنْتُمْ فَقَالَتْ سُكَيْنَةُ ابْنَةُ الْحُسَيْنِ نَحْنُ سَبَايَا آلِ مُحَمَّدٍ ص فَأُقِيمُوا عَلَى دَرَجِ الْمَسْجِدِ حَيْثُ يُقَامُ السَّبَايَا وَ فِيهِمْ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ فَتًى شَابٌّ فَأَتَاهُمْ شَيْخٌ مِنْ أَشْيَاخِ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالَ لَهُمْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَتَلَكُمْ وَ أَهْلَكَكُمْ وَ قَطَعَ قَرْنَ الْفِتْنَةِ فَلَمْ يَأْلُ عَنْ شَتْمِهِمْ فَلَمَّا انْقَضَى كَلَامُهُ قَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع أَ مَا قَرَأْتَ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَ مَا قَرَأْتَ هَذِهِ الْآيَةَ- قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى«1» قَالَ بَلَى قَالَ فَنَحْنُ أُولَئِكَ ثُمَّ قَالَ أَ مَا قَرَأْتَ وَ آتِ ذَا الْقُرْبى‏ حَقَّهُ «2» قَالَ بَلَى قَالَ فَنَحْنُ هُمْ فَهَلْ قَرَأْتَ هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «3» قَالَ بَلَى قَالَ فَنَحْنُ هُمْ فَرَفَعَ الشَّامِيُّ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَتُوبُ إِلَيْكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ عَدُوِّ آلِ مُحَمَّدٍ وَ مِنْ قَتَلَةِ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ لَقَدْ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ فَمَا شَعَرْتُ بِهَذَا قَبْلَ الْيَوْمِ ثُمَّ أُدْخِلَ نِسَاءُ الْحُسَيْنِ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَصِحْنَ نِسَاءُ آلِ يَزِيدَ وَ بَنَاتُ مُعَاوِيَةَ وَ أَهْلُهُ وَ وَلْوَلْنَ وَ أَقَمْنَ الْمَأْتَمَ وَ وُضِعَ رَأْسُ الْحُسَيْنِ ع بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَتْ سُكَيْنَةُ مَا رَأَيْتُ أَقْسَى قَلْباً مِنْ يَزِيدَ وَ لَا رَأَيْتُ كَافِراً وَ لَا مُشْرِكاً شَرّاً مِنْهُ وَ لَا
__________________________________________________
 (1) الشورى: 23.
 (2) أسرى: 26.
 (3) الأحزاب: 33.

155
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

أَجْفَى مِنْهُ وَ أَقْبَلَ يَقُولُ وَ يَنْظُرُ إِلَى الرَّأْسِ-
          لَيْتَ أَشْيَاخِي بِبَدْرٍ شَهِدُوا-             جَزِعَ الْخَزْرَجُ مِنْ وَقْعِ الْأَسَلِ‏
 ثُمَّ أَمَرَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ فَنُصِبَ عَلَى بَابِ مَسْجِدِ دِمَشْقَ فَرُوِيَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيٍّ ع أَنَّهَا قَالَتْ لَمَّا أُجْلِسْنَا بَيْنَ يَدَيْ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ رَقَّ لَنَا أَوَّلَ شَيْ‏ءٍ وَ أَلْطَفَنَا ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَحْمَرَ قَامَ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَبْ لِي هَذِهِ الْجَارِيَةَ يَعْنِينِي وَ كُنْتُ جَارِيَةً وَضِيئَةً فَأُرْعِبْتُ وَ فَرِقْتُ وَ ظَنَنْتُ أَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَأَخَذْتُ بِثِيَابِ أُخْتِي وَ هِيَ أَكْبَرُ مِنِّي وَ أَعْقَلُ فَقَالَتْ كَذَبْتَ وَ اللَّهِ وَ لُعِنْتَ مَا ذَاكَ لَكَ وَ لَا لَهُ فَغَضِبَ يَزِيدُ وَ قَالَ بَلْ كَذَبْتِ وَ اللَّهِ لَوْ شِئْتُ لَفَعَلْتُهُ قَالَتْ لَا وَ اللَّهِ مَا جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ لَكَ إِلَّا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ مِلَّتِنَا وَ تَدِينَ بِغَيْرِ دِينِنَا فَغَضِبَ يَزِيدُ ثُمَّ قَالَ إِيَّايَ تَسْتَقْبِلِينَ بِهَذَا إِنَّمَا خَرَجَ مِنَ الدِّينِ أَبُوكِ وَ أَخُوكِ فَقَالَتْ بِدِينِ اللَّهِ وَ دِيْنِ أَبِي وَ أَخِي وَ جَدِّي اهْتَدَيْتَ أَنْتَ وَ جَدُّكَ وَ أَبُوكَ قَالَ كَذَبْتِ يَا عَدُوَّةَ اللَّهِ قَالَتْ أَمِيرٌ يَشْتِمُ ظَالِماً وَ يَقْهَرُ بِسُلْطَانِهِ قَالَتْ فَكَأَنَّهُ لَعَنَهُ اللَّهُ اسْتَحْيَا فَسَكَتَ فَأَعَادَ الشَّامِيُّ لَعَنَهُ اللَّهُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَبْ لِي هَذِهِ الْجَارِيَةَ فَقَالَ لَهُ اعْزُبْ وَهَبَ اللَّهُ لَكَ حَتْفاً قَاضِياً «1».
4- أقول قال عبد الحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة في جملة أبيات ذكرها عن ابن الزبعري أنه قالها لوصف يوم أحد-
          ليت أشياخي ببدر شهدوا-             جزع الخزرج من وقع الأسل-
             حين حطت بقباء بركها «2»-             و استحر القتل في عبد الأشل‏
 ثم قال كثير من الناس يعتقدون أن هذا البيت ليزيد بن معاوية و قال من أكره التصريح باسمه هذا البيت ليزيد فقلت له إنما قاله يزيد متمثلا لما حمل إليه رأس الحسين ع و هو لابن الزبعري فلم تسكن نفسه إلى ذلك حتى أوضحته له فقلت أ لا تراه قال‏
          جزع الخزرج من وقع الأسل-
 و الحسين- ع لم‏
__________________________________________________
 (1) أمالي الصدوق المجلس 31 تحت الرقم 3.
 (2) البرك: الصدر، و قباء موضع بالمدينة و عبد الاشل: أى عبد الاشهل حذف الهاء للضرورة.

156
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

تحارب عنه الخزرج و كان يليق أن يقول جزع بني هاشم من وقع الأسل فقال بعض من كان حاضرا لعله قاله يوم الحرة فقلت المنقول أنه أنشده لما حمل إليه رأس الحسين ع و المنقول أنه شعر ابن الزبعري و لا يجوز أن يترك المنقول إلى ما ليس بمنقول «1».
4، 3- 5- ج، الإحتجاج رَوَى شَيْخٌ صَدُوقٌ مِنْ مَشَايِخِ بَنِي هَاشِمٍ وَ غَيْرُهُ مِنَ النَّاسِ أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ حَرَمُهُ عَلَى يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ جِي‏ءَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ ع وَ وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي طَسْتٍ فَجَعَلَ يَضْرِبُ ثَنَايَاهُ بِمِخْصَرَةٍ كَانَتْ فِي يَدِهِ وَ هُوَ يَقُولُ-
          لَيْتَ أَشْيَاخِي بِبَدْرٍ شَهِدُوا-             جَزَعَ الْخَزْرَجِ مِنْ وَقْعِ الْأَسَلِ-
             لَأَهَلُّوا وَ اسْتَهَلُّوا فَرَحاً-             وَ لَقَالُوا يَا يَزِيدُ لَا تُشَلَّ-
             فَجَزَيْنَاهُمْ بِبَدْرٍ مِثْلَهَا-             وَ أَقَمْنَا مِثْلَ بَدْرٍ فَاعْتَدَلَ-
             لَسْتُ مِنْ خِنْدِفَ إِنْ لَمْ أَنْتَقِمْ-             مِنْ بَنِي أَحْمَدَ مَا كَانَ فَعَلَ‏
 فَقَامَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ أُمُّهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَ قَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى جَدِّي سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ صَدَقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ كَذَلِكَ يَقُولُ- ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى‏ أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَ كانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ «2» أَ ظَنَنْتَ يَا يَزِيدُ حِينَ أَخَذْتَ عَلَيْنَا أَقْطَارَ الْأَرْضِ وَ ضَيَّقْتَ عَلَيْنَا آفَاقَ السَّمَاءِ فَأَصْبَحْنَا لَكَ فِي إِسَارٍ نُسَاقُ إِلَيْكَ سَوْقاً فِي قِطَارٍ وَ أَنْتَ عَلَيْنَا
__________________________________________________
 (1) لا ريب أن الشعر لعبد اللّه بن الزبعرى كما مرّ الإشارة إليه في ص 133 ترى الأبيات في سيرة ابن هشام عند ذكر ما قيل من الشعر يوم أحد و هي ستة عشر بيتا و قد أجابه حسان ابن ثابت الأنصاريّ فقال:
         ذهبت يا بن الزبعرى وقعة             كان منا الفضل فيها لو عدل‏
          و لقد نلتم و نلنا منكم             و كذلك الحرب أحيانا دول‏
 الى آخر الأبيات راجع ج 2 ص 136- 138.
 (2) الروم: 10.

157
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

ذُو اقْتِدَارٍ أَنَّ بِنَا مِنَ اللَّهِ هَوَاناً وَ عَلَيْكَ مِنْهُ كَرَامَةً وَ امْتِنَاناً وَ أَنَّ ذَلِكَ لِعِظَمِ خَطَرِكَ وَ جَلَالَةِ قَدْرِكَ فَشَمَخْتَ بِأَنْفِكَ وَ نَظَرْتَ فِي عِطْفٍ تَضْرِبُ أَصْدَرَيْكَ فَرِحاً وَ تَنْفُضُ مِدْرَوَيْكَ مَرِحاً حِينَ رَأَيْتَ الدُّنْيَا لَكَ مُسْتَوْسِقَةً وَ الْأُمُورَ لَدَيْكَ مُتَّسِقَةً وَ حِينَ صَفِيَ لَكَ مُلْكُنَا وَ خَلَصَ لَكَ سُلْطَانُنَا فَمَهْلًا مَهْلًا لَا تَطِشْ جَهْلًا أَ نَسِيتَ قَوْلَ اللَّهِ- وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ «1» أَ مِنَ الْعَدْلِ يَا ابْنَ الطُّلَقَاءِ تَخْدِيرُكَ حَرَائِرَكَ وَ سَوْقُكَ بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ سَبَايَا قَدْ هَتَكْتَ سُتُورَهُنَّ وَ أَبْدَيْتَ وُجُوهَهُنَّ يَحْدُو بِهِنَّ الْأَعْدَاءُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَ يَسْتَشْرِفُهُنَّ أَهْلُ الْمَنَاقِلِ وَ يَبْرُزْنَ لِأَهْلِ الْمَنَاهِلِ وَ يَتَصَفَّحُ وُجُوهَهُنَّ الْقَرِيبُ وَ الْبَعِيدُ وَ الْغَائِبُ وَ الشَّهِيدُ وَ الشَّرِيفُ وَ الْوَضِيعُ وَ الدَّنِيُّ وَ الرَّفِيعُ لَيْسَ مَعَهُنَّ مِنْ رِجَالِهِنَّ وَلِيٌّ وَ لَا مِنْ حُمَاتِهِنَّ حَمِيمٌ عُتُوّاً مِنْكَ عَلَى اللَّهِ وَ جُحُوداً لِرَسُولِ اللَّهِ وَ دَفْعاً لِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ لَا غَرْوَ مِنْكَ وَ لَا عَجَبَ مِنْ فِعْلِكَ وَ أَنَّى يُرْتَجَى مُرَاقَبَةُ مَنْ لَفَظَ فُوهُ أَكْبَادَ الشُّهَدَاءِ وَ نَبَتَ لَحْمُهُ بِدِمَاءِ السُّعَدَاءِ وَ نَصَبَ الْحَرْبَ لِسَيِّدِ الْأَنْبِيَاءِ وَ جَمَعَ الْأَحْزَابَ وَ شَهَرَ الْحِرَابَ وَ هَزَّ السُّيُوفَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ ص أَشَدُّ الْعَرَبِ لِلَّهِ جُحُوداً وَ أَنْكَرُهُمْ لَهُ رَسُولًا وَ أَظْهَرُهُمْ لَهُ عُدْوَاناً وَ أَعْتَاهُمْ عَلَى الرَّبِّ كُفْراً وَ طُغْيَاناً أَلَا إِنَّهَا نَتِيجَةُ خِلَالِ الْكُفْرِ وَ ضَبٌّ يُجَرْجِرُ فِي الصَّدْرِ لِقَتْلَى يَوْمِ بَدْرٍ فَلَا يَسْتَبْطِئُ فِي بُغْضِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ مَنْ كَانَ نَظَرُهُ إِلَيْنَا شَنَفاً وَ شَنْآناً وَ أَحَناً وَ ضَغَناً يُظْهِرُ كُفْرَهُ بِرَسُولِهِ وَ يُفْصِحُ ذَلِكَ بِلِسَانِهِ وَ هُوَ يَقُولُ فَرِحاً بِقَتْلِ وُلْدِهِ وَ سَبْيِ ذُرِّيَّتِهِ غَيْرَ مُتَحَوِّبٍ وَ لَا مُسْتَعْظِمٍ-
          لَأَهَلُّوا وَ اسْتَهَلُّوا فَرَحاً-             وَ لَقَالُوا يَا يَزِيدُ لَا تُشَلَّ-
 مُنْتَحِياً عَلَى ثَنَايَا أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَ كَانَ مُقَبَّلَ رَسُولِ اللَّهِ ص يَنْكُتُهَا بِمِخْصَرَتِهِ‏
__________________________________________________
 (1) آل عمران: 178.

158
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

قَدِ الْتَمَعَ السُّرُورُ بِوَجْهِهِ لَعَمْرِي لَقَدْ نَكَأْتَ الْقُرْحَةَ وَ اسْتَأْصَلْتَ الشَّافَةَ بِإِرَاقَتِكَ دَمَ سَيِّدِ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ ابْنِ يَعْسُوبِ الْعَرَبِ وَ شَمْسِ آلِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ هَتَفْتَ بِأَشْيَاخِكَ وَ تَقَرَّبْتَ بِدَمِهِ إِلَى الْكَفَرَةِ مِنْ أَسْلَافِكِ ثُمَّ صَرَخْتَ بِنِدَائِكَ وَ لَعَمْرِي قَدْ نَادَيْتَهُمْ لَوْ شَهِدُوكَ وَ وَشِيكاً تَشْهَدُهُمْ وَ يَشْهَدُوكَ «1» وَ لَتَوَدُّ يَمِينُكَ كَمَا زَعَمْتَ شُلَّتْ بِكَ عَنْ مِرْفَقِهَا وَ أَحْبَبْتَ أُمَّكَ لَمْ تَحْمِلْكَ وَ أَبَاكَ لَمْ يَلِدْكَ حِينَ تَصِيرُ إِلَى سَخَطِ اللَّهِ وَ مُخَاصِمُكَ وَ مُخَاصِمُ أَبِيكَ رَسُولُ اللَّهِ ص اللَّهُمَّ خُذْ بِحَقِّنَا وَ انْتَقِمْ مِنْ ظَالِمِنَا وَ أَحْلِلْ غَضَبَكَ بِمَنْ سَفَكَ دِمَاءَنَا وَ نَقَصَ ذِمَامَنَا وَ قَتَلَ حُمَاتَنَا وَ هَتَكَ عَنَّا سُدُولَنَا- وَ فَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَ مَا فَرَيْتَ إِلَّا جِلْدَكَ وَ مَا جَزَزْتَ إِلَّا لَحْمَكَ وَ سَتَرِدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ بِمَا تَحَمَّلْتَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وَ انْتَهَكْتَ مِنْ حُرْمَتِهِ وَ سَفَكْتَ مِنْ دِمَاءِ عِتْرَتِهِ وَ لُحْمَتِهِ حَيْثُ يَجْمَعُ بِهِ شَمْلَهُمْ وَ يَلُمُّ بِهِ شَعَثَهُمْ وَ يَنْتَقِمُ مِنْ ظَالِمِهِمْ وَ يَأْخُذُ لَهُمْ بِحَقِّهِمْ مِنْ أَعْدَائِهِمْ وَ لَا يَسْتَفِزَّنَّكَ الْفَرَحُ بِقَتْلِهِ- وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ- فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ «2» وَ حَسْبُكَ بِاللَّهِ وَلِيّاً وَ حَاكِماً وَ بِرَسُولِ اللَّهِ خَصِيماً وَ بِجَبْرَئِيلَ ظَهِيراً وَ سَيَعْلَمُ مَنْ بَوَّأَكَ وَ مَكَّنَكَ مِنْ رِقَابِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا وَ أَنَّكُمْ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضَلُّ سَبِيلًا وَ مَا اسْتِصْغَارِي قَدْرَكَ وَ لَا اسْتِعْظَامِي تَقْرِيعَكَ تَوَهُّماً لِانْتِجَاعِ الْخِطَابِ فِيكَ بَعْدَ أَنْ تَرَكْتَ عُيُونَ الْمُسْلِمِينَ بِهِ عَبْرَى وَ صُدُورَهُمْ عِنْدَ ذِكْرِهِ حَرَّى فَتِلْكَ قُلُوبٌ قَاسِيَةٌ وَ نُفُوسٌ طَاغِيَةٌ وَ أَجْسَامٌ مَحْشُوَّةٌ بِسَخَطِ اللَّهِ وَ لَعْنَةِ الرَّسُولِ قَدْ عَشَّشَ فِيهِ الشَّيْطَانُ وَ فَرَّخَ وَ مَنْ هُنَاكَ مِثْلُكَ مَا دَرَجَ وَ نَهَضَ فَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ لِقَتْلِ الْأَتْقِيَاءِ وَ أَسْبَاطِ الْأَنْبِيَاءِ وَ سَلِيلِ الْأَوْصِيَاءِ بِأَيْدِي الطُّلَقَاءِ الْخَبِيثَةِ وَ نَسْلِ الْعَهَرَةِ
__________________________________________________
 (1) في الأصل و هكذا المصدر «و ان يشهدوك» و هو تصحيف.
 (2) آل عمران: 169.

159
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

الْفَجَرَةِ تَنْطِفُ أَكُفُّهُمْ مِنْ دِمَائِنَا وَ تَتَحَلَّبُ أَفْوَاهُهُمْ مِنْ لُحُومِنَا وَ لِلْجُثَثِ الزَّاكِيَةِ عَلَى الْجُبُوبِ الضَّاحِيَةِ تَنْتَابُهَا الْعَوَاسِلُ وَ تُعَفِّرُهَا الْفَرَاعِلُ فَلَئِنِ اتَّخَذْتَنَا مَغْنَماً لَتَتَّخِذُنَا وَشِيكاً مَغْرَماً حِينَ لَا تَجِدُ إِلَّا مَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَ مَا اللَّهُ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ وَ إِلَى اللَّهِ الْمُشْتَكَى وَ الْمُعَوَّلُ وَ إِلَيْهِ الْمَلْجَأُ وَ الْمُؤَمَّلُ ثُمَّ كِدْ كَيْدَكَ وَ اجْهَدْ جُهْدَكَ فَوَ الَّذِي شَرَّفَنَا بِالْوَحْيِ وَ الْكِتَابِ وَ النُّبُوَّةِ وَ الِانْتِجَابِ- لَا تُدْرِكُ أَمَدَنَا وَ لَا تَبْلُغُ غَايَتَنَا وَ لَا تَمْحُو ذِكْرَنَا وَ لَا تَرْحَضُ عَنْكَ عَارُنَا وَ هَلْ رَأْيُكَ إِلَّا فَنَدٌ وَ أَيَّامُكَ إِلَّا عَدَدٌ وَ جَمْعُكَ إِلَّا بَدَدٌ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي أَلَا لُعِنَ الظَّالِمُ الْعَادِي وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حَكَمَ لِأَوْلِيَائِهِ بِالسَّعَادَةِ وَ خَتَمَ لِأَوْصِيَائِهِ بِبُلُوغِ الْإِرَادَةِ نَقَلَهُمْ إِلَى الرَّحْمَةِ وَ الرَّأْفَةِ وَ الرِّضْوَانِ وَ الْمَغْفِرَةِ وَ لَمْ يَشْقَ بِهِمْ غَيْرُكَ وَ لَا ابْتَلَى بِهِمْ سِوَاكَ وَ نَسْأَلُهُ أَنْ يُكْمِلَ لَهُمُ الْأَجْرَ وَ يُجْزِلَ لَهُمُ الثَّوَابَ وَ الذُّخْرَ وَ نَسْأَلُهُ حُسْنَ الْخِلَافَةِ وَ جَمِيلَ الْإِنَابَةِ إِنَّهُ رَحِيمٌ وَدُودٌ فَقَالَ يَزِيدُ مُجِيباً لَهَا شِعْراً-
          يَا صَيْحَةً تُحْمَدُ مِنْ صَوَائِحِ-             مَا أَهْوَنَ الْمَوْتَ عَلَى النَّوَائِحِ‏
 ثُمَّ أَمَرَ بِرَدِّهِمْ «1».
بيان قال الجزري في حديث الحسن يضرب أسدريه أي عطفيه و منكبيه يضرب بيده عليهما و روي بالزاء و الصاد بدل السين بمعنى واحد و هذه الأحرف الثلاثة تتعاقب مع الدال و قال في باب الصاد في حديث الحسن يضرب أصدريه أي منكبيه و قال في باب الميم و الذال في حديث الحسن ما تشاء أن ترى أحدهم ينفض مذرويه المذروان جانبا الأليتين و لا واحد لهما و قيل هما طرفا كل شي‏ء و أراد بهما الحسن فرعا المنكبين يقال جاء فلان ينفض مذرويه إذا جاء باغيا يتهدد و كذلك إذا جاء فارغا في غير شغل و الميم زائدة.
و قال الفيروزآبادي الأصدران عرقان تحت الصدغين و جاء يضرب‏
__________________________________________________
 (1) الاحتجاج ص 157- 159.

160
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

أصدريه أي فارغا و قال في المذروين بكسر الميم نحوا مما مر.
و يقال لا غرو أي ليس بعجب و الضب الحقد الكامن في الصدر و في بعض النسخ مكان شنفا و شنآنا سيفا و سنانا و فلان يتحوب من كذا أي يتأثم و التحوب أيضا التوجع و التحزن و السديل ما أسبل على الهودج و الجمع السدول.
قولها رضي الله عنها فتلك إشارة إلى أعوانه و أنصاره و في بعض النسخ قبلك بكسر القاف و فتح الباء عندك أو بفتح القاف و سكون الباء إشارة إلى آبائه لعنهم الله.
قولها ما درج كلمة ما زائدة كما في قوله تعالى فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ أي بإعانة هؤلاء درجت و مشيت و قمت أو في حجور هؤلاء الأشقياء ربيت و منهم تفرعت و الجبوب بضم الجيم و الباء الأرض الغليظة و يقال وجه الأرض و في بعض النسخ بالنون فعلى الأول الضاحية من قولهم مكان ضاح أي بارز و على الثاني من قولهم ضحيت للشمس أي برزت و إنما أوردت بعض الروايات مكررا لكثرة اختلافها.
6- ج، الإحتجاج رَوَى ثِقَاتُ الرُّوَاةِ وَ عُدُولُهُمْ لَمَّا أُدْخِلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ زَيْنُ الْعَابِدِينَ ع فِي جُمْلَةِ مَنْ حُمِلَ إِلَى الشَّامِ سَبَايَا مِنْ أَوْلَادِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع وَ أَهَالِيهِ عَلَى يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ قَالَ لَهُ يَا عَلِيُّ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَتَلَ أَبَاكَ قَالَ ع قَتَلَ أَبِيَ النَّاسُ قَالَ يَزِيدُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَتَلَهُ فَكَفَانِيهِ قَالَ ع عَلَى مَنْ قَتَلَ أَبِي لَعْنَةُ اللَّهِ أَ فَتَرَانِي لَعَنْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ يَزِيدُ يَا عَلِيُّ اصْعَدِ الْمِنْبَرَ فَأَعْلِمِ النَّاسَ حَالَ الْفِتْنَةِ وَ مَا رَزَقَ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الظَّفَرِ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ مَا أَعْرَفَنِي بِمَا تُرِيدُ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ صَلَّى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي وَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي فَأَنَا أُعَرِّفُهُ بِنَفْسِي أَنَا ابْنُ مَكَّةَ وَ مِنَى أَنَا ابْنُ الْمَرْوَةِ وَ الصَّفَا أَنَا ابْنُ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى أَنَا ابْنُ مَنْ لَا يَخْفَى أَنَا ابْنُ مَنْ عَلَا فَاسْتَعْلَى فَجَازَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى وَ كَانَ مِنْ رَبِّهِ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى‏-

161
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

فَضَجَّ أَهْلُ الشَّامِ بِالْبُكَاءِ حَتَّى خَشِيَ يَزِيدُ أَنْ يَرْحَلَ مِنْ مَقْعَدِهِ فَقَالَ لِلْمُؤَذِّنِ أَذِّنْ فَلَمَّا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ جَلَسَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَمَّا قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ بَكَى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى يَزِيدَ فَقَالَ يَا يَزِيدُ هَذَا أَبُوكَ أَمْ أَبِي قَالَ بَلْ أَبُوكَ فَانْزِلْ فَنَزَلَ فَأَخَذَ نَاحِيَةَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَلَقِيَهُ مَكْحُولٌ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ لَهُ كَيْفَ أَمْسَيْتَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ أَمْسَيْنَا بَيْنَكُمْ مِثْلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي آلِ فِرْعَوْنَ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَ يَسْتَحْيُونَ نِسَاءَهُمْ- وَ فِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ فَلَمَّا انْصَرَفَ يَزِيدُ إِلَى مَنْزِلِهِ دَعَا بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع وَ قَالَ يَا عَلِيُّ أَ تُصَارِعُ ابْنِي خَالِداً قَالَ ع مَا تَصْنَعُ بِمُصَارَعَتِي إِيَّاهُ أَعْطِنِي سِكِّيناً وَ أَعْطِهِ سِكِّيناً فَلْيَقْتُلْ أَقْوَانَا أَضْعَفَنَا فَضَمَّهُ يَزِيدُ إِلَى صَدْرِهِ ثُمَّ قَالَ لَا تَلِدُ الْحَيَّةُ إِلَّا الْحَيَّةَ أَشْهَدُ أَنَّكَ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ يَا يَزِيدُ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُرِيدُ قَتْلِي فَإِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ قَاتِلِي فَوَجِّهْ مَعَ هَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ مَنْ يَرُدُّهُنَّ إِلَى حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ لَعَنَهُ اللَّهُ لَا يَرُدُّهُنَّ غَيْرُكَ لَعَنَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ فَوَ اللَّهِ مَا أَمَرْتُهُ بِقَتْلِ أَبِيكَ وَ لَوْ كُنْتُ مُتَوَلِّياً لِقِتَالِهِ مَا قَتَلْتُهُ ثُمَّ أَحْسَنَ جَائِزَتَهُ وَ حَمَلَهُ وَ النِّسَاءَ إِلَى الْمَدِينَةِ «1».
7- ج، الإحتجاج عَنْ حِذْيَمِ بْنِ شَرِيكٍ الْأَسَدِيِّ قَالَ: لَمَّا أَتَى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ زَيْنُ الْعَابِدِينَ ع بِالنِّسْوَةِ مِنْ كَرْبَلَاءَ وَ كَانَ مَرِيضاً وَ إِذَا نِسَاءُ أَهْلِ الْكُوفَةِ يَنْتَدِبْنَ مُشَقَّقَاتِ الْجُيُوبِ وَ الرِّجَالُ مَعَهُنَّ يَبْكُونَ فَقَالَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ بِصَوْتٍ ضَئِيلٍ وَ قَدْ نَهَكَتْهُ الْعِلَّةُ إِنَّ هَؤُلَاءِ يَبْكُونَ فَمَنْ قَتَلَنَا غَيْرَهُمْ فَأَوْمَأَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع إِلَى النَّاسِ بِالسُّكُوتِ قَالَ حِذْيَمٌ الْأَسَدِيُّ فَلَمْ أَرَ وَ اللَّهِ خَفِرَةً أَنْطَقَ مِنْهَا كَأَنَّمَا تَنْطِقُ وَ تُفْرِغُ عَنْ لِسَانِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ قَدْ أَشَارَتْ إِلَى النَّاسِ بِأَنْ أَنْصِتُوا فَارْتَدَّتِ الْأَنْفَاسُ وَ سَكَنَتِ اْلْأَجْرَاسُ ثُمَّ قَالَتْ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَ الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِهِ‏
__________________________________________________
 (1) الاحتجاج ص 159 و 160.

162
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

أَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ يَا أَهْلَ الْخَتْرِ وَ الْغَدْرِ وَ الْحَدْلِ «1» أَلَا فَلَا رَقَأَتِ الْعَبْرَةُ وَ لَا هَدَأَتِ الزَّفْرَةُ إِنَّمَا مَثَلُكُمْ مَثَلُ الَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ هَلْ فِيكُمْ إِلَّا الصَّلَفُ وَ الْعُجْبُ وَ الشَّنَفُ وَ الْكَذِبُ وَ مَلَقُ الْإِمَاءِ وَ غَمْزُ الْأَعْدَاءِ كَمَرْعًى عَلَى دِمْنَةٍ أَوْ كَقَصَّةٍ عَلَى مَلْحُودَةٍ أَلَا بِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وَ فِي الْعَذَابِ أَنْتُمْ خَالِدُونَ أَ تَبْكُونَ عَلَى أَخِي أَجَلْ وَ اللَّهِ فَابْكُوا فَإِنَّكُمْ وَ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْبُكَاءِ فَابْكُوا كَثِيراً وَ اضْحَكُوا قَلِيلًا فَقَدْ بُلِيتُمْ بِعَارِهَا وَ مُنِيتُمْ بِشَنَارِهَا وَ لَنْ تَرْحَضُوهَا أَبَداً وَ أَنَّى تَرْحَضُونَ قَتْلَ سَلِيلِ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ وَ مَعْدِنِ الرِّسَالَةِ وَ سَيِّدِ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مَلَاذِ حَرْبِكُمْ وَ مَعَاذِ حِزْبِكُمْ وَ مَقَرِّ سِلْمِكُمْ وَ آسِي كَلْمِكُمْ وَ مَفْزَعِ نَازِلَتِكُمْ وَ الْمَرْجَعِ إِلَيْهِ عِنْدَ مَقَالَتِكُمْ وَ مَدَرَةِ حُجَجِكُمْ وَ مَنَارِ مَحَجَّتِكُمْ أَلَا سَاءَ مَا قَدَّمَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ وَ سَاءَ مَا تَزِرُونَ لِيَوْمِ بَعْثِكُمْ فَتَعْساً تَعْساً وَ نُكْساً نُكْساً لَقَدْ خَابَ السَّعْيُ وَ تَبَّتِ الْأَيْدِي وَ خَسِرَتِ الصَّفْقَةُ وَ بُؤْتُمْ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ* وَ ضُرِبَتْ عَلَيْكُمُ الذِّلَّةُ وَ الْمَسْكَنَةُ أَ تَدْرُونَ وَيْلَكُمْ أَيَّ كَبِدٍ لِمُحَمَّدٍ ص فَرَيْتُمْ وَ أَيَّ عَهْدٍ نَكَثْتُمْ وَ أَيَّ كَرِيمَةٍ لَهُ أَبْرَزْتُمْ وَ أَيَّ حُرْمَةٍ لَهُ هَتَكْتُمْ وَ أَيَّ دَمٍ لَهُ سَفَكْتُمْ- لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا لَقَدْ جِئْتُمْ بِهَا شَوْهَاءَ صَلْعَاءَ عَنْقَاءَ سَوْءَاءَ فَقْمَاءَ خَرْقَاءَ طِلَاعَ الْأَرْضِ وَ مِلْ‏ءَ «2» السَّمَاءِ أَ فَعَجِبْتُمْ أَنْ لَمْ تُمْطَرِ السَّمَاءُ دَماً- وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى‏ وَ هُمْ لا يُنْصَرُونَ فَلَا يَسْتَخِفَّنَّكُمُ الْمَهَلُ فَإِنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ لَا يَحْفِزُهُ الْبِدَارُ وَ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ فَوْتُ الثَّأْرِ كَلَّا إِنَّ رَبَّكَ لَنَا وَ لَهُمْ بِالْمِرْصَادِ ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ-
          مَا ذَا تَقُولُونَ إِذْ قَالَ النَّبِيُّ لَكُمْ-             مَا ذَا صَنَعْتُمْ وَ أَنْتُمْ آخِرُ الْأُمَمِ-
             بِأَهْلِ بَيْتِي وَ أَوْلَادِي وَ مَكْرُمَتِي-             مِنْهُمْ أُسَارَى وَ مِنْهُمْ ضُرِّجُوا بِدَمٍ‏
__________________________________________________
 (1) يقال: حدل عليه حدلا و حدولا: مال عليه بالظلم، و في بعض النسخ «الجدل» و في بعضها «الخذل».       
 (2) ما بين العلامتين زيادة من المصدر ص 156.

163
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

         مَا كَانَ ذَاكَ جَزَائِي إِذْ نَصَحْتُ لَكُمْ-             أَنْ تَخْلُفُونِي بِسُوءٍ فِي ذَوِي رَحِمِي-
             إِنِّي لَأَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ يَحُلَّ بِكُمْ-             مِثْلُ الْعَذَابِ الَّذِي أَوْدَى عَلَى إِرَمَ-
 ثُمَّ وَلَّتْ عَنْهُمْ قَالَ حِذْيَمٌ فَرَأَيْتُ النَّاسَ حَيَارَى قَدْ رَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ فَالْتَفَتُّ إِلَى شَيْخٍ إِلَى جَانِبِي يَبْكِي وَ قَدِ اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ بِالْبُكَاءِ وَ يَدُهُ مَرْفُوعَةٌ إِلَى السَّمَاءِ وَ هُوَ يَقُولُ بِأَبِي وَ أُمِّي كُهُولُهُمْ خَيْرُ الْكُهُولِ وَ شَبَابُهُمْ خَيْرُ شَبَابٍ وَ نَسْلُهُمْ نَسْلٌ كَرِيمٌ وَ فَضْلُهُمْ فَضْلٌ عَظِيمٌ ثُمَّ أَنْشَدَ شِعْراً-
          كُهُولُهُمْ خَيْرُ الْكُهُولِ وَ نَسْلُهُمْ-             إِذَا عُدَّ نَسْلٌ لَا يَبُورُ وَ لَا يَخْزَى‏
 فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ يَا عَمَّةِ اسْكُتِي فَفِي الْبَاقِي مِنَ الْمَاضِي اعْتِبَارٌ وَ أَنْتِ بِحَمْدِ اللَّهِ عَالِمَةٌ غَيْرُ مُعَلَّمَةٍ فَهِمَةٌ غَيْرُ مُفَهَّمَةٍ إِنَّ الْبُكَاءَ وَ الْحَنِينَ لَا يَرُدَّانِ مَنْ قَدْ أَبَادَهُ الدَّهْرُ فَسَكَتَتْ ثُمَّ نَزَلَ ع وَ ضَرَبَ فُسْطَاطَهُ وَ أَنْزَلَ نِسَاءَهُ وَ دَخَلَ الْفُسْطَاطَ.
بيان قولها و آسى كلمكم الآسي الطبيب و الكلم الجراحة و قال الجوهري النكس بالضم عود المرض بعد النقه و قد نكس الرجل نكسا يقال تعسا له و نكسا و قد يفتح هاهنا للازدواج أو لأنه لغة و في أكثر النسخ هنا من لا يحفزه بالحاء المهملة و الزاء المعجمة يقال حفزه أي دفعه من خلفه يحفزه بالكسر حفزا و الليل يحفز النهار أي يسوقه قولها أودى في أكثر النسخ بالدال المهملة يقال أودى أي هلك و أودى به الموت أي ذهب فكأن على هنا بمعنى الباء و في بعضها بالراء من أورى الزند إذا أخرج منه النار.
8- جا، المجالس للمفيد ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ حِذْلَمِ بْنِ سُتَيْرٍ «1» قَالَ: قَدِمْتُ الْكُوفَةَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ إِحْدَى وَ سِتِّينَ عِنْدَ مُنْصَرَفِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِالنِّسْوَةِ مِنْ كَرْبَلَاءَ وَ مَعَهُمُ الْأَجْنَادُ يُحِيطُونَ بِهِمْ وَ قَدْ
__________________________________________________
 (1) و قد يقال حذلم بن ستير، أو حذام بن ستير، و الصحيح: حذيم بن بشير كما مر.

164
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

خَرَجَ النَّاسُ لِلنَّظَرِ إِلَيْهِمْ فَلَمَّا أُقْبِلَ بِهِمْ عَلَى الْجِمَالِ بِغَيْرِ وِطَاءٍ جَعَلَ نِسَاءُ الْكُوفَةِ يَبْكِينَ وَ يَنْدُبْنَ فَسَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع وَ هُوَ يَقُولُ بِصَوْتٍ ضَئِيلٍ وَ قَدْ نَهَكَتْهُ الْعِلَّةُ وَ فِي عُنُقِهِ الْجَامِعَةُ وَ يَدُهُ مَغْلُولَةٌ إِلَى عُنُقِهِ إِنَّ هَؤُلَاءِ النِّسْوَةَ يَبْكِينَ فَمَنْ قَتَلَنَا قَالَ وَ رَأَيْتُ زَيْنَبَ بِنْتَ عَلِيٍّ ع وَ لَمْ أَرَ خَفِرَةً قَطُّ أَنْطَقَ مِنْهَا كَأَنَّهَا تُفْرِغُ عَنْ لِسَانِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ وَ قَدْ أَوْمَأَتْ إِلَى النَّاسِ أَنِ اسْكُتُوا فَارْتَدَّتِ الْأَنْفَاسُ وَ سَكَنَتِ الْأَصْوَاتُ فَقَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ الصَّلَاةُ عَلَى أَبِي رَسُولِ اللَّهِ أَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ يَا أَهْلَ الْخَتْلِ وَ الْخَذْلِ فَلَا رَقَأَتِ الْعَبْرَةُ وَ لَا هَدَأَتِ الرَّنَّةُ فَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَلَا وَ هَلْ فِيكُمْ إِلَّا الصَّلَفُ وَ السَّرَفُ خَوَّارُونَ فِي اللِّقَاءِ عَاجِزُونَ عَنِ الْأَعْدَاءِ نَاكِثُونَ لِلْبَيْعَةِ مُضَيِّعُونَ لِلذِّمَّةِ فَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وَ فِي الْعَذَابِ أَنْتُمْ خَالِدُونَ أَ تَبْكُونَ إِي وَ اللَّهِ فَابْكُوا كَثِيراً وَ اضْحَكُوا قَلِيلًا فَلَقَدْ فُزْتُمْ بِعَارِهَا وَ شَنَارِهَا وَ لَنْ تَغْسِلُوا دَنَسَهَا عَنْكُمْ أَبَداً فَسَلِيلَ خَاتَمِ الرِّسَالَةِ وَ سَيِّدَ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مَلَاذَ خِيَرَتِكُمْ وَ مَفْزَعَ نَازِلَتِكُمْ وَ أَمَارَةَ مَحَجَّتِكُمْ وَ مَدْرَجَةَ حُجَّتِكُمْ «1» خَذَلْتُمْ وَ لَهُ قَتَلْتُمْ أَلَا سَاءَ مَا تَزِرُونَ فَتَعْساً وَ نُكْساً وَ لَقَدْ خَابَ السَّعْيُ وَ تَبَّتِ الْأَيْدِي وَ خَسِرَتِ الصَّفْقَةُ وَ بُؤْتُمْ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ* وَ ضُرِبَتْ عَلَيْكُمُ الذِّلَّةُ وَ الْمَسْكَنَةُ وَيْلَكُمْ أَ تَدْرُونَ أَيَّ كَبِدٍ لِمُحَمَّدٍ فَرَيْتُمْ وَ أَيَّ دَمٍ لَهُ سَفَكْتُمْ وَ أَيَّ كَرِيمَةٍ لَهُ أَصَبْتُمْ- لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا- تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا وَ لَقَدْ أَتَيْتُمْ بِهَا خَرْمَاءَ شَوْهَاءَ طِلَاعُ الْأَرْضِ وَ السَّمَاءِ أَ فَعَجِبْتُمْ أَنْ قَطَرَتِ السَّمَاءُ دَماً وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى‏ فَلَا يَسْتَخِفَّنَّكُمُ الْمَهَلُ فَإِنَّهُ لَا يُعْجِزُهُ الْبِدَارُ وَ لَا يُخَافُ عَلَيْهِ فَوْتُ الثَّأْرِ كَلَّا إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ
__________________________________________________
 (1) المدرجة: الطريق- و معظمه و سننه و- الورقة التي تكتب فيها الرسالة و يدرج فيها الكتاب. و لكن الصحيح «مدره حجتكم» كما مر.

165
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

قَالَ ثُمَّ سَكَتَتْ فَرَأَيْتُ النَّاسَ حَيَارَى قَدْ رَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَ رَأَيْتُ شَيْخاً وَ قَدْ بَكَى حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ وَ هُوَ يَقُولُ‏
          كُهُولُهُمْ خَيْرُ الْكُهُولِ وَ نَسْلُهُمْ-             إِذَا عُدَّ نَسْلٌ لَا يَخِيبُ وَ لَا يَخْزَى‏
9- ج، الإحتجاج وَ عَنْ دَيْلَمِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ بِالشَّامِ حَتَّى أُتِيَ بِسَبَايَا آلِ مُحَمَّدٍ فَأُقِيمُوا عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ حَيْثُ تُقَامُ السَّبَايَا وَ فِيهِمْ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع فَأَتَاهُمْ شَيْخٌ مِنْ أَشْيَاخِ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَتَلَكُمْ وَ أَهْلَكَكُمْ وَ قَطَعَ قَرْنَ الْفِتْنَةِ وَ لَمْ يَأْلُ عَنْ شَتْمِهِمْ فَلَمَّا انْقَضَى كَلَامُهُ قَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ إِنِّي قَدْ أَنْصَتُّ لَكَ حَتَّى فَرَغْتَ مِنْ مَنْطِقِكَ وَ أَظْهَرْتَ مَا فِي نَفْسِكَ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَ الْبَغْضَاءِ فَأَنْصِتْ لِي كَمَا أَنْصَتُّ لَكَ فَقَالَ لَهُ هَاتِ قَالَ عَلِيٌّ ع أَ مَا قَرَأْتَ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ أَ مَا قَرَأْتَ هَذِهِ الْآيَةَ- قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏ «1» قَالَ بَلَى فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ ع فَنَحْنُ أُولَئِكَ فَهَلْ تَجِدُ لَنَا فِي سُورَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَقّاً خَاصَّةً دُونَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ لَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أَ مَا قَرَأْتَ هَذِهِ الْآيَةَ وَ آتِ ذَا الْقُرْبى‏ حَقَّهُ «2» قَالَ نَعَمْ قَالَ عَلِيٌّ ع فَنَحْنُ أُولَئِكَ الَّذِينَ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَبِيَّهُ ص أَنْ يُؤْتِيَهُمْ حَقَّهُمْ فَقَالَ الشَّامِيُّ إِنَّكُمْ لَأَنْتُمْ هُمْ فَقَالَ عَلِيٌّ ع نَعَمْ فَهَلْ قَرَأْتَ هَذِهِ الْآيَةَ وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى‏ «3» فَقَالَ لَهُ الشَّامِيُّ بَلَى فَقَالَ عَلِيٌّ فَنَحْنُ ذَوُو الْقُرْبَى فَهَلْ تَجِدُ لَنَا فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ حَقّاً خَاصَّةً دُونَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ لَا قَالَ عَلِيٌّ أَ مَا قَرَأْتَ هَذِهِ الْآيَةَ- إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «4» قَالَ فَرَفَعَ الشَّامِيُّ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَتُوبُ إِلَيْكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ اللَّهُمَّ إِنِّي أَتُوبُ إِلَيْكَ مِنْ عَدَاوَةِ آلِ مُحَمَّدٍ وَ مِنْ قَتْلِ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ وَ لَقَدْ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ مُنْذُ دَهْرٍ فَمَا شَعَرْتُ بِهَا قَبْلَ الْيَوْمِ «5».
__________________________________________________
 (1) الشورى: 23.
 (2) أسرى: 26.
 (3) الأنفال: 41.
 (4) الأحزاب: 33.
 (5) الاحتجاج ص 157.

166
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

10- ما، الأمالي للشيخ الطوسي أَبُو عُمَرَ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَامِرٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ حَضَرَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ حِينَ أُتِيَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ ع فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِقَضِيبٍ ثَنَايَاهُ وَ يَقُولُ إِنْ كَانَ لَحَسَنَ الثَّغْرِ فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ ارْفَعْ قَضِيبَكَ فَطَالَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَلْثِمُ مَوْضِعَهُ قَالَ إِنَّكَ شَيْخٌ قَدْ خَرِفْتَ فَقَالَ زَيْدٌ يَجُرُّ ثِيَابَهُ ثُمَّ عُرِضُوا عَلَيْهِ فَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ إِنْ كَانَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ النِّسَاءِ رَحِمٌ فَأَرْسِلْ مَعَهُنَّ مَنْ يُؤَدِّيهِنَّ فَقَالَ تُؤَدِّيهِنَّ أَنْتَ وَ كَأَنَّهُ اسْتَحْيَا وَ صَرَفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْقَتْلَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مُحَمَّدٍ «1» مَا رَأَيْتُ مَنْظَراً قَطُّ أَفْظَعَ مِنْ إِلْقَاءِ رَأْسِ الْحُسَيْنِ ع بَيْنَ يَدَيْهِ وَ هُوَ يَنْكُتُهُ.
11- ما، الأمالي للشيخ الطوسي بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ يَوْمَئِذٍ وَ هُوَ يَقُولُ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَهُ وَ صَالِحَ الْمُؤْمِنِينَ فَكَيْفَ حِفْظُكُمْ لِوَدِيعَةِ رَسُولِ اللَّهِ.
12- فس، تفسير القمي ذلِكَ وَ مَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ «2» فَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَمَّا أَخْرَجَتْهُ قُرَيْشٌ مِنْ مَكَّةَ وَ هَرَبَ مِنْهُمْ إِلَى الْغَارِ وَ طَلَبُوهُ لِيَقْتُلُوهُ فَعَاقَبَهُمُ اللَّهُ يَوْمَ بَدْرٍ وَ قُتِلَ عُتْبَةُ وَ شَيْبَةُ وَ الْوَلِيدُ وَ أَبُو جَهْلٍ وَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَ غَيْرُهُمْ فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ طُلِبَ بِدِمَائِهِمْ فَقُتِلَ الْحُسَيْنُ وَ آلُ مُحَمَّدٍ بَغْياً وَ عُدْوَاناً وَ هُوَ قَوْلُ يَزِيدَ حِينَ تَمَثَّلَ بِهَذَا الشِّعْرِ-
          لَيْتَ أَشْيَاخِي بِبَدْرٍ شَهِدُوا-             وَقْعَةَ الْخَزْرَجِ مِنْ وَقْعِ الْأَسَلِ «3»-
             لَسْتُ مِنْ خِنْدِفَ إِنْ لَمْ أَنْتَقِمْ-             مِنْ بَنِي أَحْمَدَ مَا كَانَ فَعَلَ-
             وَ كَذَاكَ الشَّيْخُ أَوْصَانِي بِهِ-             فَاتَّبَعْتُ الشَّيْخَ فِيمَا قَدْ سَأَلَ-
             قَدْ قَتَلْنَا الْقَرْمَ مِنْ سَادَاتِهِمْ             وَ عَدَلْنَاهُ بِبَدْرٍ فَاعْتَدَلَ‏
__________________________________________________
 (1) يعني الحكم بن محمّد بن القاسم، عن أبيه، عن جده فانه كان حاضر المجلس.
 (2) الحجّ: 6.
 (3) الصحيح: جزع الخزرج.

167
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

وَ قَالَ الشَّاعِرُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ شِعْرٌ-
          يَقُولُ وَ الرَّأْسُ مَطْرُوحٌ يُقَلِّبُهُ-             يَا لَيْتَ أَشْيَاخَنَا الْمَاضِينَ بِالْحَضَرِ
             حَتَّى يَقِيسُوا قِيَاساً لَا يُقَاسُ بِهِ-             أَيَّامَ بَدْرٍ وَ كَانَ الْوَزْنُ بِالْقَدَرِ
 فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ مَنْ عاقَبَ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ- بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ يَعْنِي حِينَ أَرَادُوا أَنْ يَقْتُلُوهُ- ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ يَعْنِي بِالْقَائِمِ ع مِنْ وُلْدِهِ.
13- فس، تفسير القمي قَالَ الصَّادِقُ ع لَمَّا أُدْخِلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع عَلَى يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ نَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ يَا عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ- وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ كَلَّا مَا هَذِهِ فِينَا نَزَلَتْ وَ إِنَّمَا نَزَلَتْ فِينَا ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ- لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ «1» فَنَحْنُ الَّذِينَ لَا نَأْسَى عَلَى مَا فَاتَنَا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَ لَا نَفْرَحُ بِمَا أُوتِينَا.
14- فس، تفسير القمي قَالَ الصَّادِقُ ع لَمَّا أُدْخِلَ رَأْسُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع عَلَى يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ أُدْخِلَ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع وَ بَنَاتُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِنَّ السَّلَامُ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع مُقَيَّداً مَغْلُولًا فَقَالَ يَزِيدُ لَعَنَهُ اللَّهُ يَا عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَتَلَ أَبَاكَ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى مَنْ قَتَلَ أَبِي قَالَ فَغَضِبَ يَزِيدُ وَ أَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فَإِذَا قَتَلْتَنِي فَبَنَاتُ رَسُولِ اللَّهِ مَنْ يَرُدُّهُمْ إِلَى مَنَازِلِهِمْ وَ لَيْسَ لَهُمْ مَحْرَمٌ غَيْرِي فَقَالَ أَنْتَ تَرُدُّهُمْ إِلَى مَنَازِلِهِمْ ثُمَّ دَعَا بِمِبْرَدٍ فَأَقْبَلَ يَبْرُدُ الْجَامِعَةَ مِنْ عُنُقِهِ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ يَا عَلَيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ أَ تَدْرِي مَا الَّذِي أُرِيدُ بِذَلِكَ قَالَ بَلَى تُرِيدُ أَنْ لَا يَكُونَ لِأَحَدٍ عَلَيَّ مِنَّةٌّ غَيْرُكَ فَقَالَ يَزِيدُ هَذَا وَ اللَّهِ مَا أَرَدْتُ ثُمَّ قَالَ يَزِيدُ يَا عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ كَلَّا مَا هَذِهِ فِينَا نَزَلَتْ إِنَّمَا نَزَلَتْ فِينَا- ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها فَنَحْنُ الَّذِينَ لَا نَأْسَى عَلَى مَا فَاتَنَا وَ لَا
__________________________________________________
 (1) الآية الأولى في الشورى: 30، و الثانية في الحديد: 22.

168
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

نَفْرَحُ بِمَا آتَانَا مِنْهَا.
15- ب، قرب الإسناد الْيَقْطِينِيُّ عَنِ الْقَدَّاحِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلَى يَزِيدَ بِذَرَارِيِّ الْحُسَيْنِ ع أُدْخِلَ بِهِنَّ نَهَاراً مُكَشَّفَاتٍ وُجُوهُهُنَّ فَقَالَ أَهْلُ الشَّامِ الْجُفَاةُ مَا رَأَيْنَا سَبْياً أَحْسَنَ مِنْ هَؤُلَاءِ فَمَنْ أَنْتُمْ فَقَالَتْ سُكَيْنَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ نَحْنُ سَبَايَا آلِ مُحَمَّدٍ «1».
16- كش، رجال الكشي مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ حَمْدَانَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَهْلٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الرِّضَا ع فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَ ابْنُ السَّرَّاجِ وَ ابْنُ الْمُكَارِي فَقَالَ عَلِيٌّ بَعْدَ كَلَامٍ جَرَى بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَهُ ع فِي إِمَامَتِهِ إِنَّا رُوِّينَا عَنْ آبَائِكَ ع أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَلِي أَمْرَهُ إِلَّا إِمَامٌ مِثْلُهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ ع فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ كَانَ إِمَاماً أَوْ غَيْرَ إِمَامٍ قَالَ كَانَ إِمَاماً قَالَ فَمَنْ وَلِيَ أَمْرَهُ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ وَ أَيْنَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ كَانَ مَحْبُوساً فِي يَدِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ خَرَجَ وَ هُمْ كَانُوا لَا يَعْلَمُونَ حَتَّى وَلِيَ أَمْرَ أَبِيهِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ إِنَّ هَذَا الَّذِي أَمْكَنَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ أَنْ يَأْتِيَ كَرْبَلَاءَ فَيَلِيَ أَمْرَ أَبِيهِ فَهُوَ يُمَكِّنُ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ أَنَّ يَأْتِيَ بَغْدَادَ وَ يَلِيَ أَمْرَ أَبِيهِ «2».
أقول تمامه في باب الرد على الواقفية.
17- كا، الكافي الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْبٍ وَ أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ إِدْرِيسَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيِّ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ ع أَرَادَ الْقَوْمُ أَنْ يُوطِئُوهُ الْخَيْلَ فَقَالَتْ فِضَّةُ لِزَيْنَبَ يَا سَيِّدَتِي إِنَّ سَفِينَةَ كُسِرَ بِهِ فِي الْبَحْرِ فَخَرَجَ بِهِ إِلَى جَزِيرَةٍ فَإِذَا هُوَ بِأَسَدٍ فَقَالَ يَا أَبَا الْحَارِثِ أَنَا مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَهَمْهَمَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى وَقَفَهُ عَلَى الطَّرِيقِ وَ الْأَسَدُ رَابِضٌ فِي نَاحِيَةٍ فَدَعِينِي أَمْضِي إِلَيْهِ فَأُعْلِمَهُ مَا هُمْ صَانِعُونَ غَداً قَالَ فَمَضَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ‏
__________________________________________________
 (1) قرب الإسناد ص 20.
 (2) رجال الكشّيّ ص 394.

169
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

يَا أَبَا الْحَارِثِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَتْ أَ تَدْرِي مَا يُرِيدُونَ أَنْ يَعْمَلُوا غَداً بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع يُرِيدُونَ أَنْ يُوطِئُوا الْخَيْلَ ظَهْرَهُ قَالَ فَمَشَى حَتَّى وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى جَسَدِ الْحُسَيْنِ ع فَأَقْبَلَتِ الْخَيْلُ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ قَالَ لَهُمْ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ لَعَنَهُ اللَّهُ فِتْنَةٌ لَا تُثِيرُوهَا انْصَرِفُوا فَانْصَرَفُوا «1».
بيان قولها إن سفينة كسر به إشارة إلى قصة سفينة مولى رسول الله ص و إن الأسد رده إلى الطريق و قد مر بأسانيد في أبواب معجزات الرسول «2» و أبو الحارث من كنى الأسد.
18- كا، الكافي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ يُونُسَ عَنْ مَصْقَلَةَ الطَّحَّانِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ ع أَقَامَتِ امْرَأَتُهُ الْكَلْبِيَّةُ عَلَيْهِ مَأْتَماً وَ بَكَتْ وَ بَكَيْنَ النِّسَاءُ وَ الْخَدَمُ حَتَّى جَفَّتْ دُمُوعُهُنَّ وَ ذَهَبَتْ فَبَيْنَا هِيَ كَذَلِكَ إِذَا رَأَتْ جَارِيَةً مِنْ جَوَارِيهَا تَبْكِي وَ دُمُوعُهَا تَسِيلُ فَدَعَتْهَا فَقَالَتْ لَهَا مَا لَكِ أَنْتِ مِنْ بَيْنِنَا تَسِيلُ دُمُوعُكِ قَالَتْ إِنِّي لَمَّا أَصَابَنِي الْجَهْدُ شَرِبْتُ شَرْبَةَ سَوِيقٍ قَالَ فَأَمَرَتْ بِالطَّعَامِ وَ الْأَسْوِقَةِ فَأَكَلَتْ وَ شَرِبَتْ وَ أَطْعَمَتْ وَ سَقَتْ وَ قَالَتْ إِنَّمَا نُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ نَتَقَوَّى عَلَى الْبُكَاءِ عَلَى الْحُسَيْنِ ع وَ قَالَ وَ أُهْدِيَ إِلَى الْكَلْبِيَّةِ جُوَناً لِتَسْتَعِينَ بِهَا عَلَى مَأْتَمِ الْحُسَيْنِ ع فَلَمَّا رَأَتِ الْجُوَنَ قَالَتْ مَا هَذِهِ قَالُوا هَدِيَّةٌ أَهْدَاهَا فُلَانٌ لِتَسْتَعِينِي بِهَا عَلَى مَأْتَمِ الْحُسَيْنِ ع فَقَالَتْ لَسْنَا فِي عُرْسٍ فَمَا نَصْنَعُ بِهَا ثُمَّ أَمَرَتْ بِهِنَّ فَأُخْرِجْنَ مِنَ الدَّارِ فَلَمَّا أُخْرِجْنَ مِنَ الدَّارِ لَمْ يُحَسَّ لَهَا حِسٌّ كَأَنَّمَا طِرْنَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ لَمْ يُرَ لَهُنَّ بَعْدَ خُرُوجِهِنَّ مِنَ الدَّارِ أَثَرٌ «3».
بيان الجوني ضرب من القطا سود البطون و الأجنحة ذكره الجوهري‏
__________________________________________________
 (1) أصول الكافي ج 1 ص 465، و لكن الحديث ضعيف جدا مخالف لضرورة التاريخ من جهات شتّى.
 (2) راجع ج 17 ص 409 من الطبعة الحديثة.
 (3) أصول الكافي ج 1 ص 466.

170
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

و كأن الجون بالضم أو كصرد جمعه و إن لم يذكره اللغويون «1».
قوله و أهدى أي رجل و الظاهر أهدي على بناء المجهول و رفع جون و لعل فقدهن على سبيل الإعجاز ذهب بهن إلى الجنة و يحتمل أن يكون الآتي بهن من الملائكة أيضا.
19- أَقُولُ رَوَى فِي كِتَابِ الْمَنَاقِبِ الْقَدِيمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْعَاصِمِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَيْهَقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظِ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيِّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيِّ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الطَّرَسُوسِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَعْمُرَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبَّادٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ الْجُعْفِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ جَاءَ غُرَابٌ فَوَقَعَ فِي دَمِهِ ثُمَّ تَمَرَّغَ ثُمَّ طَارَ فَوَقَعَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى جِدَارِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع وَ هِيَ الصُّغْرَى فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيداً وَ أَنْشَأَتْ تَقُولُ-
          نَعَبَ الْغُرَابُ فَقُلْتُ مَنْ-             تَنْعَاهُ وَيْلَكَ يَا غُرَابُ-
             قَالَ الْإِمَامَ فَقُلْتُ مَنْ-             قَالَ الْمُوَفَّقُ لِلصَّوَابِ-
             إِنَّ الْحُسَيْنَ بِكَرْبَلَاءَ-             بَيْنَ الْأَسِنَّةِ وَ الضِّرَابِ-
             فَابْكِي الْحُسَيْنَ بِعَبْرَةٍ-             تُرْجِي الْإِلَهَ مَعَ الثَّوَابِ‏
__________________________________________________
 (1) بل ذكروه على ما في أقرب الموارد قال: و الجمع جون قال عبد اللّه بن الدمينة:
         و أنت التي كلفتنى دلج السرى             و جون القطا بالجلهتين جثوم‏
 و لكن الظاهر كما أثبتناه «الجؤن» بالهمز، و قد لا يهمز- على وزن صرد: جمع جونة و هي جونة العطار: سليلة مغشاة بالادم يجعلون فيها الغالية، و لذلك قالت: «لسنا في عرس فما نصنع بها» أي ما نصنع بالطيب و الغالية؟ و قوله «ثم أمرت بهن» أي امرت بالنسوة التي أهدت الجؤن فأخرجن من الدار.
و أمّا اهداء الطيب و الغالية ليتسعن بها على المأتم، فهو أمر صحيح حيث ان الإنسان إذا بكى كثيرا غشى عليه، و إذا تغلى بالغالية أفاق و قوى و نشط على البكاء ثانيا.

171
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

         قُلْتُ الْحُسَيْنَ فَقَالَ لِي-             حَقّاً لَقَدْ سَكَنَ التُّرَابَ-
             ثُمَّ اسْتَقَلَّ بِهِ الْجَنَاحُ-             فَلَمْ يُطِقْ رَدَّ الْجَوَابِ-
             فَبَكَيْتُ مِمَّا حَلَّ بِي-             بَعْدَ الدُّعَاءِ الْمُسْتَجَابِ‏
 قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ فَنَعَتُّهُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَالُوا قَدْ جَاءَتْنَا بِسِحْرِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ أَنْ جَاءَهُمُ الْخَبَرُ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع.
بيان نعب الغراب أي صاح.
20- وَ قَالَ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا حُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى الشَّامِ جَنَّ عَلَيْهِمُ اللَّيْلُ فَنَزَلُوا عِنْدَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ فَلَمَّا شَرِبُوا وَ سَكِرُوا قَالُوا عِنْدَنَا رَأْسُ الْحُسَيْنِ ع فَقَالَ أَرُوهُ لِي فَأَرَوْهُ وَ هُوَ فِي الصُّنْدُوقِ يَسْطَعُ مِنْهُ النُّورُ نَحْوَ السَّمَاءِ فَتَعَجَّبَ مِنْهُ الْيَهُودِيُّ فَاسْتَوْدَعَهُ مِنْهُمْ وَ قَالَ لِلرَّأْسِ اشْفَعْ لِي عِنْدَ جَدِّكَ فَأَنْطَقَ اللَّهُ الرَّأْسَ فَقَالَ إِنَّمَا شَفَاعَتِي لِلْمُحَمَّدِيِّينَ وَ لَسْتَ بِمُحَمَّدِيٍّ فَجَمَعَ الْيَهُودِيُّ أَقْرِبَاءَهُ ثُمَّ أَخَذَ الرَّأْسَ وَ وَضَعَهُ فِي طَسْتٍ وَ صَبَّ عَلَيْهِ مَاءَ الْوَرْدِ وَ طَرَحَ فِيهِ الْكَافُورَ وَ الْمِسْكَ وَ الْعَنْبَرَ ثُمَّ قَالَ لِأَوْلَادِهِ وَ أَقْرِبَائِهِ هَذَا رَأْسُ ابْنِ بِنْتِ مُحَمَّدٍ ع ثُمَّ قَالَ يَا لَهْفَاهْ حَيْثُ لَمْ أَجِدْ جَدَّكَ مُحَمَّداً ص فَأُسْلِمَ عَلَى يَدَيْهِ يَا لَهْفَاهْ حَيْثُ لَمْ أَجِدْكَ حَيّاً فَأُسْلِمَ عَلَى يَدَيْكَ وَ أُقَاتِلَ بَيْنَ يَدَيْكَ فَلَوْ أَسْلَمْتُ الْآنَ أَ تَشْفَعُ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَنْطَقَ اللَّهُ الرَّأْسَ فَقَالَ بِلِسَانٍ فَصِيحٍ إِنْ أَسْلَمْتَ فَأَنَا لَكَ شَفِيعٌ قَالَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ سَكَتَ فَأَسْلَمَ الرَّجُلُ وَ أَقْرِبَاؤُهُ.
- وَ لَعَلَّ هَذَا الْيَهُودِيَّ كَانَ رَاهِبَ قِنَّسْرِينَ لِأَنَّهُ أَسْلَمَ بِسَبَبِ رَأْسِ الْحُسَيْنِ ع وَ جَاءَ ذِكْرُهُ فِي الْأَشْعَارِ وَ أَوْرَدَهُ الْجَوْهَرِيُّ الْجُرْجَانِيُّ فِي مَرْثِيَةِ الْحُسَيْنِ ع «1».
21- مل، كامل الزيارات ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصَمِّ عَنِ الْحُسَيْنِ عَنِ الْحَلَبِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ ع سَمِعَ أَهْلُنَا قَائِلًا بِالْمَدِينَةِ يَقُولُ الْيَوْمَ نَزَلَ الْبَلَاءُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ فَلَا يَرَوْنَ فَرَحاً حَتَّى يَقُومَ قَائِمُكُمْ فَيَشْفِيَ صُدُورَكُمْ وَ يَقْتُلَ عَدُوَّكُمْ وَ يَنَالَ بِالْوَتْرِ أَوْتَاراً فَفَزِعُوا مِنْهُ وَ قَالُوا إِنَّ لِهَذَا الْقَوْلِ لَحَادِثاً قَدْ حَدَثَ مَا نَعْرِفُهُ فَأَتَاهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ خَبَرُ الْحُسَيْنِ‏
__________________________________________________
 (1) لكن اليهودى لا يكون راهبا تاركا للدنيا، بل يكون حبرا من الاحبار.

172
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

وَ قَتْلِهِ فَحَسَبُوا ذَلِكَ فَإِذَا هِيَ تِلْكَ اللَّيْلَةُ الَّتِي تَكَلَّمَ فِيهَا الْمُتَكَلِّمُ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِلَى مَتَى أَنْتُمْ وَ نَحْنُ فِي هَذَا الْقَتْلِ وَ الْخَوْفِ وَ الشِّدَّةِ فَقَالَ حَتَّى مَاتَ سَبْعُونَ فَرْخاً أَخُو أَبٍ «1» وَ يَدْخُلَ وَقْتُ السَّبْعِينَ فَإِذَا دَخَلَ وَقْتُ السَّبْعِينَ أَقْبَلَتِ الْآيَاتُ تَتْرَى كَأَنَّهَا نِظَامٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ قَرَّتْ عَيْنُهُ إِنَّ الْحُسَيْنَ لَمَّا قُتِلَ أَتَاهُمْ آتٍ وَ هُمْ فِي الْمُعَسْكَرِ فَصَرَخَ فَزُبِرَ فَقَالَ لَهُمْ وَ كَيْفَ لَا أَصْرُخُ وَ رَسُولُ اللَّهُ قَائِمٌ يَنْظُرُ إِلَى الْأَرْضِ مَرَّةً وَ يَنْظُرُ إِلَى حَرْبِكُمْ مَرَّةً وَ أَنَا أَخَافُ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَأَهْلِكَ فِيهِمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ هَذَا إِنْسَانٌ مَجْنُونٌ فَقَالَ التَّوَّابُونَ تَاللَّهِ مَا صَنَعْنَا بِأَنْفُسِنَا قَتَلْنَا لِابْنِ سُمَيَّةَ سَيِّدَ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَخَرَجُوا عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ الَّذِي كَانَ قَالَ قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَنْ هَذَا الصَّارِخُ قَالَ مَا نَرَاهُ إِلَّا جَبْرَئِيلَ أَمَا إِنَّهُ لَوْ أُذِنَ لَهُ فِيهِمْ لَصَاحَ بِهِمْ صَيْحَةً يَخْطَفُ مِنْهَا أَرْوَاحَهُمْ مِنْ أَبْدَانِهِمْ إِلَى النَّارِ وَ لَكِنْ أُمْهِلَ لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا تَقُولُ فِيمَنْ تَرَكَ زِيَارَتَهُ وَ هُوَ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ إِنَّهُ قَدْ عَقَّ رَسُولَ اللَّهِ وَ عَقَّنَا وَ اسْتَخَفَّ بِأَمْرٍ هُوَ لَهُ وَ مَنْ زَارَهُ كَانَ اللَّهُ لَهُ مِنْ وَرَاءِ حَوَائِجِهِ وَ كَفَى مَا أَهَمَّهُ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاهُ وَ إِنَّهُ لَيَجْلِبُ الرِّزْقَ عَلَى الْعَبْدِ وَ يُخْلِفُ عَلَيْهِ مَا أَنْفَقَ وَ يَغْفِرُ لَهُ ذُنُوبَ خَمْسِينَ سَنَةً وَ يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ وَ مَا عَلَيْهِ وِزْرٌ وَ لَا خَطِيئَةٌ إِلَّا وَ قَدْ مُحِيَتْ مِنْ صَحِيفَتِهِ فَإِنْ هَلَكَ فِي سَفَرِهِ نَزَلَتِ الْمَلَائِكَةُ فَغَسَّلَتْهُ وَ فُتِحَ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ يَدْخُلُ عَلَيْهِ رَوْحُهَا حَتَّى يُنْشَرَ وَ إِنْ سَلِمَ فُتِحَ الْبَابُ الَّذِي يَنْزِلُ مِنْهُ رِزْقُهُ فَجُعِلَ لَهُ بِكُلِّ دِرْهَمٍ أَنْفَقَهُ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَ ذُخِرَ ذَلِكَ لَهُ فَإِذَا حُشِرَ قِيلَ لَهُ لَكَ بِكُلِّ دِرْهَمٍ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى نَظَرَ لَكَ‏
__________________________________________________
 (1) في المصدر ص 107 «حتى يأتي سبعون فرجا أجواب» و قال المحشى: «الاجواب جمع جوب و هو القطع و لعلّ المراد ان بين كل فرج و فرج آخر انقطاع و تباعد» لكنه تصحيف و الصحيح ما في الصلب.

173
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

وَ ذَخَرَهَا لَكَ عِنْدَهُ «1».
22- قب، المناقب لابن شهرآشوب فِي كِتَابِ الْأَحْمَرِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَمَّا أُتِيَ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع وَ رَأْسِ أَبِيهِ إِلَى يَزِيدَ بِالشَّامِ قَالَ لِخَطِيبٍ بَلِيغٍ خُذْ بِيَدِ هَذَا الْغُلَامِ فَأْتِ بِهِ الْمِنْبَرَ وَ أَخْبِرِ النَّاسَ بِسُوءِ رَأْيِ أَبِيهِ وَ جَدِّهِ وَ فِرَاقِهِمُ الْحَقَّ وَ بَغْيِهِمْ عَلَيْنَا قَالَ فَلَمْ يَدَعْ شَيْئاً مِنَ الْمَسَاوِي إِلَّا ذَكَرُهُ فِيهِمْ فَلَمَّا نَزَلَ قَامَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فَحَمِدَ اللَّهَ بِمَحَامِدَ شَرِيفَةٍ وَ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَاةً بَلِيغَةً مُوجَزَةً ثُمَّ قَالَ مَعَاشِرَ النَّاسِ مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي وَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي فَأَنَا أُعَرِّفُهُ نَفْسِي أَنَا ابْنُ مَكَّةَ وَ مِنًى أَنَا ابْنُ الْمَرْوَةِ وَ الصَّفَا أَنَا ابْنُ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى أَنَا ابْنُ مَنْ لَا يَخْفَى أَنَا ابْنُ مَنْ عَلَا فَاسْتَعْلَى فَجَازَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى وَ كَانَ مِنْ رَبِّهِ كَقَابِ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى‏ أَنَا ابْنُ مَنْ صَلَّى بِمَلَائِكَةِ السَّمَاءِ مَثْنَى مَثْنَى أَنَا ابْنُ مَنْ أُسْرِيَ بِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى أَنَا ابْنُ عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى أَنَا ابْنُ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ أَنَا ابْنُ خَدِيجَةَ الْكُبْرَى أَنَا ابْنُ الْمَقْتُولِ ظُلْماً أَنَا ابْنُ الْمَجْزُوزِ الرَّأْسِ مِنَ الْقَفَا أَنَا ابْنُ الْعَطْشَانِ حَتَّى قَضَى أَنَا ابْنُ طَرِيحِ كَرْبَلَاءَ أَنَا ابْنُ مَسْلُوبِ الْعِمَامَةِ وَ الرِّدَاءِ أَنَا ابْنُ مَنْ بَكَتْ عَلَيْهِ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ أَنَا ابْنُ مَنْ نَاحَتْ عَلَيْهِ الْجِنُّ فِي الْأَرْضِ وَ الطَّيْرُ فِي الْهَوَاءِ أَنَا ابْنُ مَنْ رَأْسُهُ عَلَى السِّنَانِ يُهْدَى أَنَا ابْنُ مَنْ حَرَمُهُ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَى الشَّامِ تُسْبَى- أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَ لَهُ الْحَمْدُ ابْتَلَانَا أَهْلَ الْبَيْتِ بِبَلَاءٍ حَسَنٍ حَيْثُ جَعَلَ رَايَةَ الْهُدَى وَ الْعَدْلِ وَ التُّقَى فِينَا وَ جَعَلَ رَايَةَ الضَّلَالَةِ وَ الرَّدَى فِي غَيْرِنَا فَضَّلَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ بِسِتِّ خِصَالٍ فَضَّلَنَا بِالْعِلْمِ وَ الْحِلْمِ وَ الشَّجَاعَةِ وَ السَّمَاحَةِ وَ الْمَحَبَّةِ وَ الْمَحَلَّةِ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ وَ آتَانَا ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ مِنْ قَبْلِنَا فِينَا مُخْتَلَفُ الْمَلَائِكَةِ وَ تَنْزِيلُ الْكُتُبِ قَالَ فَلَمْ يَفْرُغْ حَتَّى قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ عَلِيٌّ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيراً فَقَالَ الْمُؤَذِّنُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَ عَلِيٌّ أَشْهَدُ بِمَا تَشْهَدُ بِهِ فَلَمَّا قَالَ‏
__________________________________________________
 (1) راجع كامل الزيارات باب نوادر الزيارات آخر حديث في الخاتمة و ما جعلناه بين العلامتين ساقط من الأصل.

174
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

الْمُؤَذِّنُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ قَالَ عَلِيٌّ يَا يَزِيدُ هَذَا جَدِّي أَوْ جَدُّكَ فَإِنْ قُلْتَ جَدُّكَ فَقَدْ كَذَبْتَ وَ إِنْ قُلْتَ جَدِّي فَلِمَ قَتَلْتَ أَبِي وَ سَبَيْتَ حَرَمَهُ وَ سَبَيْتَنِي ثُمَّ قَالَ مَعَاشِرَ النَّاسِ هَلْ فِيكُمْ مَنْ أَبُوهُ وَ جَدُّهُ رَسُولُ اللَّهِ فَعَلَتِ الْأَصْوَاتُ بِالْبُكَاءِ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ شِيعَتِهِ يُقَالُ لَهُ الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو الطَّائِيُّ وَ فِي رِوَايَةٍ مَكْحُولٌ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ لَهُ كَيْفَ أَمْسَيْتَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ وَيْحَكَ كَيْفَ أَمْسَيْتُ أَمْسَيْنَا فِيكُمْ كَهَيْئَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي آلِ فِرْعَوْنَ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَ يَسْتَحْيُونَ نِسَاءَهُمْ الْآيَةَ وَ أَمْسَتِ الْعَرَبُ تَفْتَخِرُ عَلَى الْعَجَمِ بِأَنَّ مُحَمَّداً مِنْهَا وَ أَمْسَتْ قُرَيْشٌ تَفْتَخِرُ عَلَى الْعَرَبِ بِأَنَّ مُحَمَّداً مِنْهَا وَ أَمْسَى آلُ مُحَمَّدٍ مَقْهُورِينَ مَخْذُولِينَ فَإِلَى اللَّهِ نَشْكُو كَثْرَةَ عَدُوِّنَا وَ تَفَرُّقَ ذَاتِ بَيْنِنَا وَ تَظَاهُرَ الْأَعْدَاءِ عَلَيْنَا «1».
كِتَابُ النَّسَبِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَسَنِ قَالَ يَزِيدُ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَا عَجَبَا لِأَبِيكَ سَمَّى عَلِيّاً وَ عَلِيّاً فَقَالَ ع إِنَّ أَبِي أَحَبَّ أَبَاهُ فَسَمَّى بِاسْمِهِ مِرَاراً.
تَارِيخُ الطَّبَرِيِّ وَ الْبَلاذُرِيِّ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَ تُصَارِعُ هَذَا يَعْنِي خَالِداً ابْنَهُ قَالَ وَ مَا تَصْنَعُ بِمُصَارَعَتِي إِيَّاهُ أَعْطِنِي سِكِّيناً وَ أَعْطِهِ سِكِّيناً ثُمَّ أُقَاتِلُهُ فَقَالَ يَزِيدُ
          شِنْشِنَةٌ أَعْرِفُهَا مِنْ أَخْزَمَ‏
          هَذَا الْعَصَا جَاءَتْ مِنَ الْعُصَيَّةِ «2»-             هَلْ تَلِدُ الْحَيَّةُ إِلَّا الْحَيَّةَ
 وَ فِي كِتَابِ الْأَحْمَرِ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
وَ رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ لِزَيْنَبَ تَكَلَّمِي فَقَالَتْ هُوَ الْمُتَكَلِّمُ فَأَنْشَدَ السَّجَّادُ-
          لَا تَطْمَعُوا أَنْ تُهِينُونَا فَنُكْرِمَكُمْ-             وَ أَنْ نَكُفَّ الْأَذَى عَنْكُمْ وَ تُؤْذُونَا-
             وَ اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّا لَا نُحِبُّكُمْ-             وَ لَا نَلُومُكُمُ أَنْ لَا تُحِبُّونَا
 فَقَالَ صَدَقْتَ يَا غُلَامُ وَ لَكِنْ أَرَادَ أَبُوكَ وَ جَدُّكَ أَنْ يَكُونَا أَمِيرَيْنِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ‏
__________________________________________________
 (1) مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 168- 169.
 (2) مثل أصله «العصا من العصية» و العصا اسم فرس لجذيمة الابرش سرى عليها حتّى لم يبق فيها قوة، و العصية أمها، و المعنى ان الفرس المسماة بالعصا هي بنت الفرس المسماة بالعصية، و المراد ان بعض الامر من بعض. و في الأصل و المصدر «هذا من العصا عصية» و هو سهو.

175
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

الَّذِي قَتَلَهُمَا وَ سَفَكَ دِمَاءَهُمَا فَقَالَ ع لَمْ تَزَلِ النُّبُوَّةُ وَ الْإِمْرَةُ لآِبَائِي وَ أَجْدَادِي مِنْ قَبْلِ أَنْ تُولَدَ.
قَالَ الْمَدَائِنِيُّ لَمَّا انْتَسَبَ السَّجَّادُ إِلَى النَّبِيِّ ص قَالَ يَزِيدُ لِجِلْوَازِهِ أَدْخِلْهُ فِي هَذَا الْبُسْتَانِ وَ اقْتُلْهُ وَ ادْفِنْهُ فِيهِ فَدَخَلَ بِهِ إِلَى الْبُسْتَانِ وَ جَعَلَ يَحْفِرُ وَ السَّجَّادُ يُصَلِّي فَلَمَّا هَمَّ بِقَتْلِهِ ضَرَبَتْهُ يَدٌ مِنَ الْهَوَاءِ فَخَرَّ لِوَجْهِهِ وَ شَهَقَ وَ دُهِشَ فَرَآهُ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ وَ لَيْسَ لِوَجْهِهِ بَقِيَّةٌ فَانْقَلَبَ إِلَى أَبِيهِ وَ قَصَّ عَلَيْهِ فَأَمَرَ بِدَفْنِ الْجِلْوَازِ فِي الْحُفْرَةِ وَ إِطْلَاقِهِ وَ مَوْضِعُ حَبْسِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ ع هُوَ الْيَوْمَ مَسْجِدٌ «1».
23- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام ابْنُ عُبْدُوسٍ عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ عَنِ الْفَضْلِ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا ع يَقُولُ لَمَّا حُمِلَ رَأْسُ الْحُسَيْنِ إِلَى الشَّامِ أَمَرَ يَزِيدُ لَعَنَهُ اللَّهُ فَوُضِعَ وَ نَصَبَ عَلَيْهِ مَائِدَةً فَأَقْبَلَ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ يَأْكُلُونَ وَ يَشْرَبُونَ الْفُقَّاعَ فَلَمَّا فَرَغُوا أَمَرَ بِالرَّأْسِ فَوُضِعَ فِي طَسْتٍ تَحْتَ سَرِيرِهِ وَ بُسِطَ عَلَيْهِ رُقْعَةُ الشِّطْرَنْجِ وَ جَلَسَ يَزِيدُ لَعَنَهُ اللَّهُ يَلْعَبُ بِالشِّطْرَنْجِ وَ يَذْكُرُ الْحُسَيْنَ وَ أَبَاهُ وَ جَدَّهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَ يَسْتَهْزِئُ بِذِكْرِهِمْ فَمَتَى قَمَرَ صَاحِبَهُ تَنَاوَلَ الْفُقَّاعَ فَشَرِبَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ صَبَّ فَضْلَتَهُ مِمَّا يَلِي الطَّسْتَ مِنَ الْأَرْضِ فَمَنْ كَانَ مِنْ شِيعَتِنَا فَلْيَتَوَرَّعْ عَنْ شُرْبِ الْفُقَّاعِ وَ اللَّعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ وَ مَنْ نَظَرَ إِلَى الْفُقَّاعِ أَوْ إِلَى الشِّطْرَنْجِ فَلْيَذْكُرِ الْحُسَيْنَ ع وَ لْيَلْعَنْ يَزِيدَ وَ آلَ زِيَادٍ يَمْحُو اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِذَلِكَ ذُنُوبَهُ وَ لَوْ كَانَتْ كَعَدَدِ النُّجُومِ «2».
24- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام تَمِيمٌ الْقُرَيْشِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ الْأَنْصَارِيِّ عَنِ الْهَرَوِيِّ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا ع يَقُولُ أَوَّلُ مَنِ اتُّخِذَ لَهُ الْفُقَّاعُ فِي الْإِسْلَامِ بِالشَّامِ- يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَأُحْضِرَ وَ هُوَ عَلَى الْمَائِدَةِ وَ قَدْ نَصَبَهَا عَلَى رَأْسِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع فَجَعَلَ يَشْرَبُهُ وَ يَسْقِي أَصْحَابَهُ وَ يَقُولُ اشْرَبُوا فَهَذَا شَرَابٌ مُبَارَكٌ مِنْ بَرَكَتِهِ أَنَّا أَوَّلَ تَنَاوَلْنَاهُ وَ رَأْسُ عَدُوِّنَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَ مَائِدَتُنَا مَنْصُوبَةٌ عَلَيْهِ وَ نَحْنُ نَأْكُلُ وَ نُفُوسُنَا سَاكِنَةٌ وَ قُلُوبُنَا مُطْمَئِنَّةٌ
__________________________________________________
 (1) المصدر ج 4 ص 173.
 (2) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 22.

176
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

فَمَنْ كَانَ مِنْ شِيعَتِنَا فَلْيَتَوَرَّعْ عَنْ شُرْبِ الْفُقَّاعِ فَإِنَّهُ شَرَابُ أَعْدَائِنَا الْخَبَرَ «1».
25- ير، بصائر الدرجات أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْأَهْوَازِيِّ وَ الْبَرْقِيِّ عَنِ النَّضْرِ عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ عَنْ عِمْرَانَ الْحَلَبِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ لَمَّا أُتِيَ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَلَيْهِمَا لَعَائِنُ اللَّهِ وَ مَنْ مَعَهُ جَعَلُوهُ فِي بَيْتٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا جُعِلْنَا فِي هَذَا الْبَيْتِ لِيَقَعَ عَلَيْنَا فَيَقْتُلَنَا فَرَاطَنَ الْحَرَسَ فَقَالُوا انْظُرُوا إِلَى هَؤُلَاءِ يَخَافُونَ أَنْ تَقَعَ عَلَيْهِمُ الْبَيْتُ وَ إِنَّمَا يَخْرُجُونَ غَداً فَيُقْتَلُونَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ لَمْ يَكُنْ فِينَا أَحَدٌ يُحْسِنُ الرِّطَانَةَ غَيْرِي وَ الرِّطَانَةُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الرُّومِيَّةُ «2».
26- ير، بصائر الدرجات مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ قَالَ ذَكَرَ قَتْلَ الْحُسَيْنِ وَ أَمْرَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ لَمَّا أَنْ حُمِلَ إِلَى الشَّامِ فَدُفِعْنَا إِلَى السِّجْنِ فَقَالَ أَصْحَابِي مَا أَحْسَنَ بُنْيَانَ هَذَا الْجِدَارِ فَتَرَاطَنَ أَهْلُ الرُّومِ بَيْنَهُمْ فَقَالُوا مَا فِي هَؤُلَاءِ صَاحِبُ دَمٍ إِنْ كَانَ إِلَّا ذَلِكَ يَعْنُونِي فَمَكَثْنَا يَوْمَيْنِ ثُمَّ دَعَانَا وَ أَطْلَقَ عَنَّا «3».
بيان قوله فدفعنا من كلام علي بن الحسين ع و قد حذف صدر الخبر قوله صاحب دم أي طالب دم المقتول أو من يريد يزيد قتله.
27- ما، الأمالي للشيخ الطوسي أَحْمَدُ بْنُ عُبْدُونٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبِي عُمَارَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَيَابَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَ قَدْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ اسْتَقْبَلَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَ قَالَ يَا عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ مَنْ غَلَبَ وَ هُوَ يُغَطِّي رَأْسَهُ وَ هُوَ فِي الْمَحْمِلِ قَالَ فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ مَنْ غَلَبَ وَ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَأَذِّنْ ثُمَّ أَقِمْ.
__________________________________________________
 (1) المصدر الباب 30 تحت الرقم 51.
 (2) بصائر الدرجات (الطبعة الحديثة) ص 337. باب ان الأئمّة عليهم السلام يعرفون الألسن كلها.
 (3) المصدر ص 339.

177
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

28- مل، كامل الزيارات أَبِي وَ الْكُلَيْنِيُّ مَعاً عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمْرِو بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع وَ هُوَ بِالْحِيرَةِ أَ مَا تُرِيدُ مَا وَعَدْتُكَ قَالَ قُلْتُ بَلَى يَعْنِي الذَّهَابَ إِلَى قَبْرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ فَرَكِبَ وَ رَكِبَ إِسْمَاعِيلُ مَعَهُ وَ رَكِبْتُ مَعَهُمْ حَتَّى إِذَا جَازَ الثُّوَيَّةَ وَ كَانَ بَيْنَ الْحِيرَةِ وَ النَّجَفِ عِنْدَ ذَكَوَاتٍ بِيضٍ نَزَلَ وَ نَزَلَ إِسْمَاعِيلُ وَ نَزَلْتُ مَعَهُمْ فَصَلَّى وَ صَلَّى إِسْمَاعِيلُ وَ صَلَّيْتُ فَقَالَ لِإِسْمَاعِيلَ قُمْ فَسَلِّمْ عَلَى جَدِّكَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَ لَيْسَ الْحُسَيْنُ بِكَرْبَلَاءَ فَقَالَ نَعَمْ وَ لَكِنْ لَمَّا حُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى الشَّامِ سَرَقَهُ مَوْلًى لَنَا فَدَفَنَهُ بِجَنْبِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا «1».
29- مل، كامل الزيارات مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ مَعاً عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَشْيَمَ عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ أَوْ عَنْ رَجُلٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ الْمَلْعُونَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ لَمَّا بَعَثَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع إِلَى الشَّامِ رُدَّ إِلَى الْكُوفَةِ فَقَالَ أَخْرِجُوهُ عَنْهَا لَا يَفْتَتِنْ بِهِ أَهْلُهَا فَصَيَّرَهُ اللَّهُ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَالرَّأْسُ مَعَ الْجَسَدِ وَ الْجَسَدُ مَعَ الرَّأْسِ «2».
بيان قوله فقال أي قال عبيد الله قوله فالرأس مع الجسد أي بعد ما دفن هناك ظاهرا ألحق بالجسد بكربلاء أو صعد به مع الجسد إلى السماء كما في بعض الأخبار أو أن بدن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كالجسد لذلك الرأس و هما من نور واحد.
أقول قد روي غير ذلك من الأخبار في الكافي و التهذيب تدل على كون رأسه ع مدفونا عند قبر والده صلى الله عليهما و الله يعلم «3».
__________________________________________________
 (1) كامل الزيارات ص 34، الكافي ج 4 ص 571.
 (2) المصدر ص 36.
 (3) راجع الكافي أبواب الزيارات من كتاب الحجّ باب موضع رأس الحسين عليه السلام.

178
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

30- مل، كامل الزيارات «1» عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ الْكُوفِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيِّ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي شَيْبَةَ الْقَاضِي عَنْ نُوحِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ قُدَامَةَ بْنِ زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع بَلَغَنِي يَا زَائِدَةُ أَنَّكَ تَزُورُ قَبْرَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْيَاناً فَقُلْتُ إِنَّ ذَلِكَ لَكَمَا بَلَغَكَ فَقَالَ لِي فَلِمَا ذَا تَفْعَلُ ذَلِكَ وَ لَكَ مَكَانٌ عِنْدَ سُلْطَانِكَ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ أَحَداً عَلَى مَحَبَّتِنَا وَ تَفْضِيلِنَا وَ ذِكْرِ فَضَائِلِنَا وَ الْوَاجِبِ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ حَقِّنَا فَقُلْتُ وَ اللَّهِ مَا أُرِيدُ بِذَلِكَ إِلَّا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَا أَحْفِلُ بِسَخَطِ مَنْ سَخِطَ وَ لَا يَكْبُرُ فِي صَدْرِي مَكْرُوهٌ يَنَالُنِي بِسَبَبِهِ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ لَكَذَلِكَ فَقُلْتُ وَ اللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ لَكَذَلِكَ يَقُولُهَا ثَلَاثاً وَ أَقُولُهَا ثَلَاثاً فَقَالَ أَبْشِرْ ثُمَّ أَبْشِرْ ثُمَّ أَبْشِرْ فَلَأُخْبِرَنَّكَ بِخَبَرٍ كَانَ عِنْدِي فِي النُّخَبِ الْمَخْزُونِ إِنَّهُ لَمَّا أَصَابَنَا بِالطَّفِّ مَا أَصَابَنَا وَ قُتِلَ أَبِي ع وَ قُتِلَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ وُلْدِهِ وَ إِخْوَتِهِ وَ سَائِرِ أَهْلِهِ وَ حُمِلَتْ حَرَمُهُ وَ نِسَاؤُهُ عَلَى الْأَقْتَابِ يُرَادُ بِنَا الْكُوفَةُ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ صَرْعَى وَ لَمْ يُوَارَوْا فَيَعْظُمُ ذَلِكَ فِي صَدْرِي وَ يَشْتَدُّ لِمَا أَرَى مِنْهُمْ قَلَقِي فَكَادَتْ نَفْسِي تَخْرُجُ وَ تَبَيَّنَتْ ذَلِكَ مِنِّي عَمَّتِي زَيْنَبُ بِنْتُ عَلِيٍّ الْكُبْرَى فَقَالَتْ مَا لِي أَرَاكَ تَجُودُ بِنَفْسِكَ يَا بَقِيَّةَ جَدِّي وَ أَبِي وَ إِخْوَتِي فَقُلْتُ وَ كَيْفَ لَا أَجْزَعُ وَ أَهْلَعُ وَ قَدْ أَرَى سَيِّدِي وَ إِخْوَتِي وَ عُمُومَتِي وَ وُلْدَ عَمِّي وَ أَهْلِي مُضَرَّجِينَ بِدِمَائِهِمْ مُرَمَّلِينَ بِالْعَرَاءِ مُسَلَّبِينَ- لَا يُكَفَّنُونَ وَ لَا يُوَارَوْنَ وَ لَا يُعَرِّجُ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ وَ لَا يَقْرَبُهُمْ بَشَرٌ كَأَنَّهُمْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَ الدَّيْلَمِ وَ الْخَزَرِ فَقَالَتْ لَا يَجْزَعَنَّكَ مَا تَرَى فَوَ اللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ لَعَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى جَدِّكَ وَ أَبِيكَ وَ عَمِّكَ وَ لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ‏
__________________________________________________
 (1) هذا الحديث و ان كان منقولا من رواية الشيخ أبى القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه مؤلف كتاب كامل الزيارات، الا أنّه ليس من أصل كتابه، بل أدرجه فيه بعض تلامذته الذي روى الكتاب و نسخه، و قد صرّح بذلك تلميذه في صدر الخبر، و لكن ذهل عنه المؤلّف قدّس سرّه فأورده بحيث يظهر أنّه من كتاب كامل الزيارات راجع المصدر ص 259 الباب 88 فضل كربلا و زيارة الحسين عليه السلام، و هكذا نبه على ذلك مفصلا العلامة النوريّ في المستدرك ج 3 ص 522 فراجع.

179
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

مِيثَاقَ أُنَاسٍ مِنْ هَذِه الْأُمَّةِ- لَا تَعْرِفُهُمْ فَرَاعِنَةُ هَذِهِ الْأَرْضِ «1» وَ هُمْ مَعْرُوفُونَ فِي أَهْلِ السَّمَاوَاتِ أَنَّهُمْ يَجْمَعُونَ هَذِهِ الْأَعْضَاءَ الْمُتَفَرِّقَةَ فَيُوَارُونَهَا وَ هَذِهِ الْجُسُومَ الْمُضَرَّجَةَ وَ يَنْصِبُونَ لِهَذَا الطَّفِّ عَلَماً لِقَبْرِ أَبِيكَ سَيِّدِ الشُّهَدَاءِ لَا يَدْرُسُ أَثَرُهُ وَ لَا يَعْفُو رَسْمُهُ عَلَى كُرُورِ اللَّيَالِي وَ الْأَيَّامِ وَ لَيَجْتَهِدَنَّ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَ أَشْيَاعُ الضَّلَالَةِ فِي مَحْوِهِ وَ تَطْمِيسِهِ فَلَا يَزْدَادُ أَثَرُهُ إِلَّا ظُهُوراً وَ أَمْرُهُ إِلَّا عُلُوّاً فَقُلْتُ وَ مَا هَذَا الْعَهْدُ وَ مَا هَذَا الْخَبَرُ فَقَالَتْ حَدَّثَتْنِي أُمُّ أَيْمَنَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص زَارَ مَنْزِلَ فَاطِمَةَ ع فِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ فَعَمِلَتْ لَهُ حَرِيرَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهَا وَ أَتَاهُ عَلِيٌّ ع بِطَبَقٍ فِيهِ تَمْرٌ ثُمَّ قَالَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَأَتَيْتُهُمْ بِعُسٍّ فِيهِ لَبَنٌ وَ زُبْدٌ فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ وَ عَلِيٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ ع مِنْ تِلْكَ الْحَرِيرَةِ وَ شَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ شَرِبُوا مِنْ ذَلِكَ اللَّبَنِ ثُمَّ أَكَلَ وَ أَكَلُوا مِنْ ذَلِكَ التَّمْرِ بِالزُّبْدِ ثُمَّ غَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ يَدَهُ وَ عَلِيٌّ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غَسْلِ يَدِهِ مَسَحَ وَجْهَهُ ثُمَّ نَظَرَ إِلَى عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ نَظَراً عَرَفْنَا فِيهِ السُّرُورَ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ رَمَقَ بِطَرْفِهِ نَحْوَ السَّمَاءِ مَلِيّاً ثُمَّ وَجَّهَ وَجْهَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَ بَسَطَ يَدَيْهِ يَدْعُو ثُمَّ خَرَّ سَاجِداً وَ هُوَ يَنْشِجُ فَأَطَالَ النُّشُوجَ وَ عَلَا نَحِيبُهُ وَ جَرَتْ دُمُوعُهُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ أَطْرَقَ إِلَى الْأَرْضِ وَ دُمُوعُهُ تَقْطُرُ كَأَنَّهَا صَوْبُ الْمَطَرِ فَحَزِنَتْ فَاطِمَةُ وَ عَلِيٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ وَ حَزِنْتُ مَعَهُمْ لِمَا رَأَيْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ هِبْنَاهُ أَنْ نَسْأَلَهُ حَتَّى إِذَا طَالَ ذَلِكَ قَالَ لَهُ عَلِيٌّ وَ قَالَتْ لَهُ فَاطِمَةُ مَا يُبْكِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أَبْكَى اللَّهُ عَيْنَيْكَ وَ قَدْ أَقْرَحَ قُلُوبَنَا مَا نَرَى مِنْ حَالِكَ فَقَالَ يَا أَخِي سُرِرْتُ بِكُمْ وَ قَالَ مُزَاحِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ فِي حَدِيثِهِ هَاهُنَا «2» فَقَالَ‏
__________________________________________________
 (1) في المصدر: هذه الأمة.
 (2) روى تلميذ ابن قولويه الحسين بن أحمد بن المغيرة هذا الحديث بسندين أحدهما ما ذكره المصنّف في المتن و الآخر: قال: و قد كنت استفدت هذا الحديث بمصر عن شيخي أبى القاسم عليّ بن محمّد بن عبدوس الكوفيّ رحمه اللّه ممّا نقله عن مزاحم بن عبد الوارث البصرى بإسناده، عن قدامة بن زائدة، عن أبيه زائدة، عن عليّ بن الحسين عليه السلام.

180
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

يَا حَبِيبَيَّ إِنِّي سُرِرْتُ بِكُمْ سُرُوراً مَا سُرِرْتُ مِثْلَهُ قَطُّ وَ إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَيْكُمْ وَ أَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى نِعْمَتِهِ عَلَيَّ فِيكُمْ إِذْ هَبَطَ عَلَيَّ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اطَّلَعَ عَلَى مَا فِي نَفْسِكَ وَ عَرَفَ سُرُورَكَ بِأَخِيكَ وَ ابْنَتِكَ وَ سِبْطَيْكَ فَأَكْمَلَ لَكَ النِّعْمَةَ وَ هَنَّأَكَ الْعَطِيَّةَ بِأَنْ جَعَلَهُمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَ مُحِبِّيهِمْ وَ شِيعَتَهُمْ مَعَكَ فِي الْجَنَّةِ- لَا يُفَرِّقُ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُمْ يَحْيَوْنَ كَمَا تَحْيَا «1» وَ يُعْطَوْنَ كَمَا تُعْطَى حَتَّى تَرْضَى وَ فَوْقَ الرِّضَا عَلَى بَلْوَى كَثِيرَةٍ تَنَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَ مَكَارِهَ تُصِيبُهُمْ بِأَيْدِي أُنَاسٍ يَنْتَحِلُونَ مِلَّتَكَ وَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أُمَّتِكَ بِرَاءٌ مِنَ اللَّهِ وَ مِنْكَ خَبْطاً خَبْطاً وَ قَتْلًا قَتْلًا شَتَّى مَصَارِعِهِمْ نَائِيَةٌ قُبُورُهُمْ خِيَرَةٌ مِنَ اللَّهِ لَهُمْ وَ لَكَ فِيهِمْ فَاحْمَدِ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ عَلَى خِيَرَتِهِ وَ ارْضَ بِقَضَائِهِ فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَ رَضِيتُ بِقَضَائِهِ بِمَا اخْتَارَهُ لَكُمْ ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِيلُ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ أَخَاكَ مُضْطَهَدٌ بَعْدَكَ مَغْلُوبٌ عَلَى أُمَّتِكَ مَتْعُوبٌ مِنْ أَعْدَائِكَ ثُمَّ مَقْتُولٌ بَعْدَكَ يَقْتُلُهُ أَشَرُّ الْخَلْقِ وَ الْخَلِيقَةِ وَ أَشْقَى الْبَرِيَّةِ نَظِيرُ عَاقِرِ النَّاقَةِ بِبَلَدٍ تَكُونُ إِلَيْهِ هِجْرَتُهُ وَ هُوَ مَغْرِسُ شِيعَتِهِ وَ شِيعَةِ وُلْدِهِ وَ فِيهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ يَكْثُرُ بَلْوَاهُمْ وَ يَعْظُمُ مُصَابُهُمْ وَ إِنَّ سِبْطَكَ هَذَا وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْحُسَيْنِ ع مَقْتُولٌ فِي عِصَابَةٍ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ وَ أَهْلِ بَيْتِكَ وَ أَخْيَارٍ مِنْ أُمَّتِكَ بِضَفَّةِ الْفُرَاتِ بِأَرْضٍ تُدْعَى كَرْبَلَاءَ مِنْ أَجْلِهَا يَكْثُرُ الْكَرْبُ وَ الْبَلَاءُ عَلَى أَعْدَائِكَ وَ أَعْدَاءِ ذُرِّيَّتِكَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي لَا يَنْقَضِي كَرْبُهُ وَ لَا تَفْنَى حَسْرَتُهُ وَ هِيَ أَطْهَرُ بِقَاعِ الْأَرْضِ وَ أَعْظَمُهَا
__________________________________________________
و قد ذاكرت شيخنا ابن قولويه بهذا الحديث بعد فراغه من تصنيف هذا الكتاب ليدخله فيه فما قضى ذلك و عاجلته منيته رضي اللّه عنه و هذا الحديث داخل فيما أجاز لي شيخي- ره و قد جمعت بين الروايتين بالألفاظ الزائدة و النقصان و التقديم و التأخير فيها حتّى صح بجميعه عمن حدّثني به أولا ثمّ الآن، و ذلك انى ما قرأته على شيخي و لا أقرأه على، غير أني ارويه عمن حدّثني به عنه إلخ.
فقوله: «و قال مزاحم بن عبد الوارث» هو البصرى الذي وقع في السند الآخر فلا تغفل.
 (1) تحبون كما تحبى، خ ل و الحباء هو العطاء بلا من.

181
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

حُرْمَةً وَ إِنَّهَا لَمِنْ بَطْحَاءِ الْجَنَّةِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي يُقْتَلُ فِيهِ سِبْطُكَ وَ أَهْلُهُ وَ أَحَاطَتْ بِهِمْ كَتَائِبُ أَهْلِ الْكُفْرِ وَ اللَّعْنَةِ تَزَعْزَعَتِ الْأَرْضُ مِنْ أَقْطَارِهَا وَ مَادَتِ الْجِبَالُ وَ كَثُرَ اضْطِرَابُهَا وَ اصْطَفَقَتِ الْبِحَارُ بِأَمْوَاجِهَا وَ مَاجَتِ السَّمَاوَاتُ بِأَهْلِهَا غَضَباً لَكَ يَا مُحَمَّدُ وَ لِذُرِّيَّتِكَ وَ اسْتِعْظَاماً لِمَا يُنْتَهَكُ مِنْ حُرْمَتِكَ وَ لِشَرِّ مَا يُتَكَافَى بِهِ فِي ذُرِّيَّتِكَ وَ عِتْرَتِكَ وَ لَا يَبْقَى شَيْ‏ءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا اسْتَأْذَنَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِي نُصْرَةِ أَهْلِكَ الْمُسْتَضْعَفِينَ الْمَظْلُومِينَ الَّذِينَ هُمْ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ بَعْدَكَ فَيُوحِي اللَّهُ إِلَى السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبَالِ وَ الْبِحَارِ وَ مَنْ فِيهِنَّ إِنِّي أَنَا اللَّهُ اللَّهُ الْمَلِكُ الْقَادِرُ وَ الَّذِي لَا يَفُوتُهُ هَارِبٌ وَ لَا يُعْجِزُهُ مُمْتَنِعٌ وَ أَنَا أَقْدَرُ عَلَى الِانْتِصَارِ وَ الِانْتِقَامِ وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي لَأُعَذِّبَنَّ مَنْ وَتَرَ رَسُولِي وَ صَفِيِّي وَ انْتَهَكَ حُرْمَتَهُ وَ قَتَلَ عِتْرَتَهُ وَ نَبَذَ عَهْدَهُ وَ ظَلَمَ أَهْلَهُ- عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَضِجُّ كُلُّ شَيْ‏ءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ بِلَعْنِ مَنْ ظَلَمَ عِتْرَتَكَ وَ اسْتَحَلَّ حُرْمَتَكَ فَإِذَا بَرَزَتْ تِلْكَ الْعِصَابَةُ إِلَى مَضَاجِعِهَا تَوَلَّى اللَّهُ جَلَّ وَ عِزَّ قَبْضَ أَرْوَاحِهَا بِيَدِهِ وَ هَبَطَ إِلَى الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ مَعَهُمْ آنِيَةٌ مِنَ الْيَاقُوتِ وَ الزُّمُرُّدِ مَمْلُوءَةٌ مِنْ مَاءِ الْحَيَاةِ وَ حُلَلٌ مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ وَ طِيبٌ مِنْ طِيبِ الْجَنَّةِ فَغَسَّلُوا جُثَثَهُمْ بِذَلِكَ الْمَاءِ وَ أَلْبَسُوهَا الْحُلَلَ وَ حَنَّطُوهَا بِذَلِكَ الطِّيبِ وَ صَلَّى الْمَلَائِكَةُ صَفّاً صَفّاً عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ قَوْماً مِنْ أُمَّتِكَ لَا يَعْرِفُهُمُ الْكُفَّارُ لَمْ يَشْرَكُوا فِي تِلْكَ الدِّمَاءِ بِقَوْلٍ وَ لَا فِعْلٍ وَ لَا نِيَّةٍ فَيُوَارُونَ أَجْسَامَهُمْ وَ يُقِيمُونَ رَسْماً لِقَبْرِ سَيِّدِ الشُّهَدَاءِ بِتِلْكَ الْبَطْحَاءِ يَكُونُ عَلَماً لِأَهْلِ الْحَقِّ وَ سَبَباً لِلْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْفَوْزِ وَ تَحُفُّهُ مَلَائِكَةٌ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مِائَةُ أَلْفِ مَلَكٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ وَ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَ يُسَبِّحُونَ اللَّهَ عِنْدَهُ وَ يَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لِزُوَّارِهِ وَ يَكْتُبُونَ أَسْمَاءَ مَنْ يَأْتِيهِ زَائِراً مِنْ أُمَّتِكَ مُتَقَرِّباً إِلَى اللَّهِ وَ إِلَيْكَ بِذَلِكَ وَ أَسْمَاءَ آبَائِهِمْ وَ عَشَائِرِهِمْ وَ بُلْدَانِهِمْ وَ يُوسِمُونَ فِي وُجُوهِهِمْ بِمِيسَمِ نُورِ عَرْشِ اللَّهِ هَذَا زَائِرُ قَبْرِ خَيْرِ الشُّهَدَاءِ وَ ابْنِ خَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ سَطَعَ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ ذَلِكَ الْمِيسَمِ نُورٌ تَغْشَى مِنْهُ الْأَبْصَارُ يُدَلُّ عَلَيْهِمْ وَ يُعْرَفُونَ بِهِ-

182
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

وَ كَأَنِّي بِكَ يَا مُحَمَّدُ بَيْنِي وَ بَيْنَ مِيكَائِيلَ وَ عَلِيٌّ أَمَامَنَا وَ مَعَنَا مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ مَا لَا يُحْصَى عَدَدُهُ وَ نَحْنُ نَلْتَقِطُ مِنْ ذَلِكَ الْمِيسَمَ فِي وَجْهِهِ مِنْ بَيْنِ الْخَلَائِقِ حَتَّى يُنْجِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ هَوْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ شَدَائِدِهِ وَ ذَلِكَ حُكْمُ اللَّهِ وَ عَطَاؤُهُ لِمَنْ زَارَ قَبْرَكَ يَا مُحَمَّدُ أَوْ قَبْرَ أَخِيكَ أَوْ قَبْرَ سِبْطَيْكَ- لَا يُرِيدُ بِهِ غَيْرَ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ وَ سَيَجِدُ «1» أُنَاسٌ مِمَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ مِنَ اللَّهِ اللَّعْنَةُ وَ السَّخَطُ أَنْ يَعْفُوا رَسْمَ ذَلِكَ الْقَبْرِ وَ يَمْحُوا أَثَرَهُ فَلَا يَجْعَلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَهُمْ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَهَذَا أَبْكَانِي وَ أَحْزَنَنِي قَالَتْ زَيْنَبُ فَلَمَّا ضَرَبَ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ أَبِي ع وَ رَأَيْتُ أَثَرَ الْمَوْتِ مِنْهُ قُلْتُ لَهُ يَا أَبَهْ حَدَّثَتْنِي أُمُّ أَيْمَنَ بِكَذَا وَ كَذَا وَ قَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْكَ فَقَالَ يَا بُنَيَّةِ الْحَدِيثُ كَمَا حَدَّثَتْكِ أُمُّ أَيْمَنَ وَ كَأَنِّي بِكِ وَ بِبَنَاتِ أَهْلِكِ سَبَايَا بِهَذَا الْبَلَدِ أَذِلَّاءَ خَاشِعِينَ- تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَصَبْراً صَبْراً فَوَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ مَا لِلَّهِ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ وَلِيٌّ غَيْرُكُمْ وَ غَيْرُ مُحِبِّيكُمْ وَ شِيعَتِكُمْ وَ لَقَدْ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ حِينَ أَخْبَرَنَا بِهَذَا الْخَبَرِ إِنَّ إِبْلِيسَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَطِيرُ فَرَحاً فَيَجُولُ الْأَرْضَ كُلَّهَا فِي شَيَاطِينِهِ وَ عَفَارِيتِهِ فَيَقُولُ يَا مَعْشَرَ الشَّيَاطِينِ قَدْ أَدْرَكْنَا مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ الطَّلِبَةَ وَ بَلَغْنَا فِي هَلَاكِهِمُ الْغَايَةَ وَ أَوْرَثْنَاهُمُ النَّارَ إِلَّا مَنِ اعْتَصَمَ بِهَذِهِ الْعِصَابَةِ فَاجْعَلُوا شُغُلَكُمْ بِتَشْكِيكِ النَّاسِ فِيهِمْ وَ حَمْلِهِمْ عَلَى عَدَاوَتِهِمْ وَ إِغْرَائِهِمْ بِهِمْ وَ أَوْلِيَائِهِمْ حَتَّى تَسْتَحْكِمَ ضَلَالَةُ الْخَلْقِ وَ كُفْرُهُمْ وَ لَا يَنْجُوَ مِنْهُمْ نَاجٍ وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ وَ هُوَ كَذُوبٌ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ مَعَ عَدَاوَتِكُمْ عَمَلٌ صَالِحٌ وَ لَا يَضُرُّ مَعَ مَحَبَّتِكُمْ وَ مُوَالاتِكُمْ ذَنْبٌ غَيْرَ الْكَبَائِرِ قَالَ زَائِدَةُ ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بَعْدَ أَنْ حَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ خُذْهُ إِلَيْكَ أَمَا لَوْ ضَرَبْتَ فِي طَلَبِهِ آبَاطَ الْإِبِلِ حَوْلًا لَكَانَ قَلِيلًا «2».
__________________________________________________
 (1) في المصدر: «و سيجتهد».
 (2) راجع كامل الزيارات ص 257- 266 و أنت خبير بأن ألفاظ الحديث تشهد بأنها قصة مسرودة و كيف يصحّ جهل عليّ بن الحسين صلوات اللّه عليه و هو امام الخلق بهذا الحديث.

183
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

بيان العس القدح العظيم قولها رمق بطرفه أي نظر و نشج الباكي ينشج بالكسر نشيجا إذا غص بالبكاء في حلقه من غير انتحاب و خبطه يخبطه ضربه شديدا و البعير بيده الأرض وطئه شديدا و القوم بسيفه جلدهم و ضفة النهر بالكسر جانبه و التزعزع التحرك و كذلك الميد و الاصطفاق الاضطراب يقال الريح تصفق الأشجار فتصطفق و الموتور الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه تقول منه وتره يتره وترا و ترة و ضرب آباط الإبل كناية عن الركض و الاستعجال فإن المستعجل يضرب رجليه بإبطي الإبل ليعدو أي لو سافرت سفرا سريعا في طلبه حولا.
31- يج، الخرائج و الجرائح أَبُو الْفَرَجِ سَعِيدُ بْنُ أَبِي الرَّجَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْخَانِيِّ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ بَكْرَادَ بْنِ الطَّيِّبِ بْنِ شَمْعُونَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ الْأَعْمَشِ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا فِي الطَّوَافِ بِالْمَوْسِمِ إِذَا رَأَيْتُ رَجُلًا يَدْعُو وَ هُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكَ لَا تَغْفِرُ قَالَ فَارْتَعَدْتُ لِذَلِكَ وَ دَنَوْتُ مِنْهُ وَ قُلْتُ يَا هَذَا أَنْتَ فِي حَرَمِ اللَّهِ وَ حَرَمِ رَسُولِهِ وَ هَذَا أَيَّامٌ حُرُمٌ فِي شَهْرٍ عَظِيمٍ فَلِمَ تَيْأَسُ مِنَ الْمَغْفِرَةِ قَالَ يَا هَذَا ذَنْبِي عَظِيمٌ قُلْتُ أَعْظَمُ مِنْ جَبَلِ تِهَامَةَ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ يُوَازِنُ الْجِبَالَ الرَّوَاسِيَ قَالَ نَعَمْ فَإِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ قُلْتُ أَخْبِرْنِي قَالَ اخْرُجْ بِنَا عَنِ الْحَرَمِ فَخَرَجْنَا مِنْهُ فَقَالَ لِي أَنَا أَحَدُ مَنْ كَانَ فِي الْعَسْكَرِ الْمَيْشُومِ «1» عَسْكَرِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ حِينَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ وَ كُنْتُ أَحَدَ الْأَرْبَعِينَ الَّذِينَ حَمَلُوا الرَّأْسَ إِلَى يَزِيدَ مِنَ الْكُوفَةِ فَلَمَّا حَمَلْنَاهُ عَلَى طَرِيقِ الشَّامِ نَزَلْنَا عَلَى دَيْرٍ لِلنَّصَارَى وَ كَانَ الرَّأْسُ مَعَنَا مَرْكُوزاً عَلَى‏
__________________________________________________
و مفاده حتّى ينبهه زينب بنت عليّ عليه السلام بإسناده عن أم ايمن، فتكون هي التي تسليه و تعزيه و تبشره بدرجات الشهداء و ظنى أن ابن قولويه رضي اللّه عنه و أرضاه انما أعرض عن هذا الحديث لما كان يرى فيه من العلل.
 (1) كذا، و القياس: المشئوم.

184
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

رُمْحٍ وَ مَعَهُ الْأَحْرَاسُ فَوَضَعْنَا الطَّعَامَ وَ جَلَسْنَا لِنَأْكُلَ فَإِذَا بِكَفٍّ فِي حَائِطِ الدَّيْرِ تَكْتُبُ-
          أَ تَرْجُو أُمَّةٌ قَتَلَتْ حُسَيْناً-             شَفَاعَةَ جَدِّهِ يَوْمَ الْحِسَابِ‏
 قَالَ فَجَزِعْنَا مِنْ ذَلِكَ جَزَعاً شَدِيداً وَ أَهْوَى بَعْضُنَا إِلَى الْكَفِّ لِيَأْخُذَهَا فَغَابَتْ ثُمَّ عَادَ أَصْحَابِي إِلَى الطَّعَامِ فَإِذَا الْكَفُّ قَدْ عَادَتْ تَكْتُبُ-
          فَلَا وَ اللَّهِ لَيْسَ لَهُمْ شَفِيعٌ-             وَ هُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْعَذَابِ‏
 فَقَامَ أَصْحَابُنَا إِلَيْهَا فَغَابَتْ ثُمَّ عَادُوا إِلَى الطَّعَامِ فَعَادَتْ تَكْتُبُ-
          وَ قَدْ قَتَلُوا الْحُسَيْنَ بِحُكْمِ جَوْرٍ-             وَ خَالَفَ حُكْمُهُمْ حُكْمَ الْكِتَابِ‏
 فَامْتَنَعْتُ وَ مَا هَنَّأَنِي أَكْلُهُ ثُمَّ أَشْرَفَ عَلَيْنَا رَاهِبٌ مِنَ الدَّيْرِ فَرَأَى نُوراً سَاطِعاً مِنْ فَوْقِ الرَّأْسِ فَأَشْرَفَ فَرَأَى عَسْكَراً فَقَالَ الرَّاهِبُ لِلْحُرَّاسِ مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ قَالُوا مِنَ الْعِرَاقِ حَارَبْنَا الْحُسَيْنَ فَقَالَ الرَّاهِبُ ابْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ نَبِيِّكُمْ وَ ابْنُ ابْنِ عَمِّ نَبِيِّكُمْ قَالُوا نَعَمْ قَالَ تَبّاً لَكُمْ وَ اللَّهِ لَوْ كَانَ لِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ابْنٌ لَحَمَلْنَاهُ عَلَى أَحْدَاقِنَا وَ لَكِنْ لِي إِلَيْكُمْ حَاجَةٌ قَالُوا وَ مَا هِيَ قَالَ قُولُوا لِرَئِيسِكُمْ عِنْدِي عَشَرَةُ آلَافِ دَرَاهِمَ وَرِثْتُهَا مِنْ آبَائِي يَأْخُذُهَا مِنِّي وَ يُعْطِينِي الرَّأْسَ يَكُونُ عِنْدِي إِلَى وَقْتِ الرَّحِيلَ فَإِذَا رَحَلَ رَدَدْتُهُ إِلَيْهِ فَأَخْبَرُوا عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ بِذَلِكَ «1» فَقَالَ خُذُوا مِنْهُ الدَّنَانِيرَ وَ أَعْطُوهُ إِلَى وَقْتِ الرَّحِيلِ فَجَاءُوا إِلَى الرَّاهِبِ فَقَالُوا هَاتِ الْمَالَ حَتَّى نُعْطِيَكَ الرَّأْسَ فَأَدْلَى إِلَيْهِمْ جِرَابَيْنِ فِي كُلِّ جِرَابٍ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَدَعَا عُمَرُ بِالنَّاقِدِ وَ الْوَزَّانِ فَانْتَقَدَهَا وَ وَزَنَهَا وَ دَفَعَهَا إِلَى خَازِنٍ لَهُ وَ أَمَرَ أَنْ يُعْطَى الرَّأْسَ فَأَخَذَ الرَّاهِبُ الرَّأْسَ فَغَسَلَهُ وَ نَظَّفَهُ وَ حَشَاهُ بِمِسْكٍ وَ كَافُورٍ كَانَ عِنْدَهُ ثُمَّ جَعَلَهُ فِي حَرِيرَةٍ وَ وَضَعَهُ فِي حَجْرِهِ وَ لَمْ يَزَلْ يَنُوحُ وَ يَبْكِي حَتَّى نَادَوْهُ وَ طَلَبُوا مِنْهُ الرَّأْسَ فَقَالَ يَا رَأْسُ وَ اللَّهِ لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي فَإِذَا كَانَ غَداً فَاشْهَدْ لِي عِنْدَ جَدِّكَ‏
__________________________________________________
 (1) فيه وهم حيث ان ابن زياد بعث الرءوس مع زحر بن قيس كما مرّ في ص 125، و لم يكن عمر بن سعد هناك.

185
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

مُحَمَّدٍ أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَسْلَمْتُ عَلَى يَدَيْكَ وَ أَنَا مَوْلَاكَ وَ قَالَ لَهُمْ إِنِّي أَحْتَاجُ أَنَّ أُكَلِّمَ رَئِيسَكُمْ بِكَلِمَةٍ وَ أُعْطِيَهُ الرَّأْسَ فَدَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ فَقَالَ سَأَلْتُكَ بِاللَّهِ وَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ أَنْ لَا تَعُودَ إِلَى مَا كُنْتَ تَفْعَلُهُ بِهَذَا الرَّأْسِ وَ لَا تَخْرُجَ بِهَذَا الرَّأْسِ مِنْ هَذَا الصُّنْدُوقِ فَقَالَ لَهُ أَفْعَلُ فَأَعْطَاهُ الرَّأْسَ وَ نَزَلَ مِنَ الدَّيْرِ يَلْحَقُ بِبَعْضِ الْجِبَالِ يَعْبُدُ اللَّهَ وَ مَضَى عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ فَفَعَلَ بِالرَّأْسِ مِثْلَ مَا كَانَ يَفْعَلُ فِي الْأَوَّلِ فَلَمَّا دَنَا مِنْ دِمَشْقَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ انْزِلُوا وَ طَلَبَ مِنَ الْجَارِيَةِ الْجِرَابَيْنِ فَأَحْضَرَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَنَظَرَ إِلَى خَاتَمِهِ ثُمَّ أَمَرَ أَنْ يُفْتَحَ فَإِذَا الدَّنَانِيرُ قَدْ تَحَوَّلَتْ خَزَفِيَّةً فَنَظَرُوا فِي سِكَّتِهَا فَإِذَا عَلَى جَانِبِهَا مَكْتُوبٌ- لا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ وَ عَلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ مَكْتُوبٌ- سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ فَقَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ خَسِرْتُ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةَ ثُمَّ قَالَ لِغِلْمَانِهِ اطْرَحُوهَا فِي النَّهَرِ فَطُرِحَتْ وَ رَحَلَ إِلَى دِمَشْقَ مِنَ الْغَدِ وَ أَدْخَلَ الرَّأْسَ إِلَى يَزِيدَ وَ ابْتَدَرَ قَاتِلُ الْحُسَيْنِ إِلَى يَزِيدَ فَقَالَ-
          امْلَأْ رِكَابِي فِضَّةً أَوْ ذَهَباً             إِنِّي قَتَلْتُ الْمَلِكَ الْمُحَجَّبَا
             قَتَلْتُ خَيْرَ النَّاسِ أُمّاً وَ أَباً
- فَأَمَرَ يَزِيدُ بِقَتْلِهِ وَ قَالَ إِنْ عَلِمْتَ أَنَّ حُسَيْناً خَيْرُ النَّاسِ أُمّاً وَ أَباً فَلِمَ قَتَلْتَهُ فَجَعَلَ الرَّأْسَ فِي طَسْتٍ وَ هُوَ يَنْظُرُ إِلَى أَسْنَانِهِ وَ يَقُولُ-
          لَيْتَ أَشْيَاخِي بِبَدْرٍ شَهِدُوا-             جَزَعَ الْخَزْرَجِ مِنْ وَقْعِ الْأَسَلِ‏
             فَأَهَلُّوا وَ اسْتَهَلُّوا فَرَحاً-             ثُمَّ قَالُوا يَا يَزِيدُ لَا تُشَلَّ-
             وَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَدْرٍ مِثْلَهَا-             وَ بِأُحُدٍ يَوْمَ أُحُدٍ فَاعْتَدَلَ-
             لَسْتُ مِنْ خِنْدِفَ إِنْ لَمْ أَنْتَقِمْ-             مِنْ بَنِي أَحْمَدَ مَا كَانَ فَعَلَ-
 فَدَخَلَ عَلَيْهِ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَ رَأَى الرَّأْسَ فِي الطَّسْتِ وَ هُوَ يَضْرِبُ بِالْقَضِيبِ عَلَى أَسْنَانِهِ فَقَالَ كُفَّ عَنْ ثَنَايَاهُ فَطَالَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ يُقَبِّلُهَا فَقَالَ يَزِيدُ لَوْ لَا أَنَّك‏

186
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

شَيْخٌ كَبِيرٌ خَرِفْتَ لَقَتَلْتُكَ وَ دَخَلَ عَلَيْهِ رَأْسُ الْيَهُودِ فَقَالَ مَا هَذَا الرَّأْسُ فَقَالَ رَأْسُ خَارِجِيٍّ قَالَ وَ مَنْ هُوَ قَالَ الْحُسَيْنُ قَالَ ابْنُ مَنْ قَالَ ابْنُ عَلِيٍّ قَالَ وَ مَنْ أُمُّهُ قَالَ فَاطِمَةُ قَالَ وَ مَنْ فَاطِمَةُ قَالَ بِنْتُ مُحَمَّدٍ قَالَ نَبِيُّكُمْ قَالَ نَعَمْ قَالَ لَا جَزَاكُمُ اللَّهُ خَيْراً بِالْأَمْسِ كَانَ نَبِيَّكُمْ وَ الْيَوْمَ قَتَلْتُمْ ابْنَ بِنْتِهِ وَيْحَكَ إِنَّ بَيْنِي وَ بَيْنَ دَاوُدَ النَّبِيِّ نَيِّفاً وَ ثَلَاثِينَ أَباً فَإِذَا رَأَتْنِي الْيَهُودُ كَفَّرَتْ إِلَيَّ ثُمَّ مَالَ إِلَى الطَّسْتِ وَ قَبَّلَ الرَّأْسَ وَ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ جَدَّكَ محمد [مُحَمَّداً] رَسُولُ اللَّهِ وَ خَرَجَ فَأَمَرَ يَزِيدُ بِقَتْلِهِ وَ أَمَرَ فَأُدْخِلَ الرَّأْسُ الْقُبَّةَ الَّتِي بِإِزَاءِ الْقُبَّةِ الَّتِي يَشْرَبُ فِيهَا وَ وَكَّلَنَا بِالرَّأْسِ وَ كُلُّ ذَلِكَ كَانَ فِي قَلْبِي فَلَمْ يَحْمِلْنِي النَّوْمُ فِي تِلْكَ الْقُبَّةِ فَلَمَّا دَخَلَ اللَّيْلُ وَكَّلَنَا أَيْضاً بِالرَّأْسِ فَلَمَّا مَضَى وَهْنٌ مِنَ اللَّيْلِ سَمِعْتُ دَوِيّاً مِنَ السَّمَاءِ فَإِذَا مُنَادٍ يُنَادِي يَا آدَمُ اهْبِطْ فَهَبَطَ أَبُو الْبَشَرِ وَ مَعَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ سَمِعْتُ مُنَادِياً يُنَادِي يَا إِبْرَاهِيمُ اهْبِطْ فَهَبَطَ وَ مَعَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ سَمِعْتُ مُنَادِياً يُنَادِي يَا مُوسَى اهْبِطْ فَهَبَطَ وَ مَعَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ سَمِعْتُ مُنَادِياً يُنَادِي يَا عِيسَى اهْبِطْ فَهَبَطَ وَ مَعَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ سَمِعْتُ دَوِيّاً عَظِيماً وَ مُنَادٍ يُنَادِي يَا مُحَمَّدُ اهْبِطْ فَهَبَطَ وَ مَعَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَأَحْدَقَ الْمَلَائِكَةُ بِالْقُبَّةِ ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ دَخَلَ الْقُبَّةَ وَ أَخَذَ الرَّأْسَ مِنْهَا وَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّ مُحَمَّداً قَعَدَ تَحْتَ الرَّأْسِ فَانْحَنَى الرُّمْحُ وَ وَقَعَ الرَّأْسُ فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ فَأَخَذَهُ وَ جَاءَ بِهِ إِلَى آدَمَ فَقَالَ يَا أَبِي آدَمُ مَا تَرَى مَا فَعَلَتْ أُمَّتِي بِوَلَدِي مِنْ بَعْدِي فَاقْشَعَرَّ لِذَلِكَ جِلْدِي ثُمَّ قَامَ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَنَا صَاحِبُ الزَّلَازِلِ فَأْمُرْنِي لِأُزَلْزِلَ بِهِمُ الْأَرْضَ وَ أَصِيحَ بِهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً يَهْلِكُونَ فِيهَا فَقَالَ لَا قَالَ يَا مُحَمَّدُ دَعْنِي وَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعِينَ الْمُوَكَّلِينَ بِالرَّأْسِ قَالَ فَدُونَكَ فَجَعَلَ يَنْفُخُ بِوَاحِدٍ وَاحِدٍ فَدَنَا مِنِّي فَقَالَ تَسْمَعُ وَ تَرَى فَقَالَ النَّبِيُّ دَعُوهُ دَعُوهُ- لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ فَتَرَكَنِي وَ أَخَذُوا الرَّأْسَ وَ وَلَّوْا فَافْتُقِدَ الرَّأْسُ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَمَا عُرِفَ لَهُ خَبَرٌ وَ لَحِقَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ الرَّيَّ فَمَا لَحِقَ بِسُلْطَانِهِ وَ مَحَقَ اللَّهُ عُمُرَهُ فَأُهْلِكَ فِي‏

187
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

الطَّرِيقِ فَقَالَ سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ قُلْتُ لِلرَّجُلِ تَنَحَّ عَنِّي لَا تُحْرِقْنِي بِنَارِكَ وَ وَلَّيْتُ وَ لَا أَدْرِي بَعْدَ ذَلِكَ مَا خَبَرُهُ.
بيان: التكفير أن يخضع الإنسان لغيره كما يكفر العلج للدهاقين يضع يده على صدره و يتطأمن له و الوهن نحو من نصف الليل قوله تسمع و ترى كأنه كلام على سبيل التهديد أي وقفت هاهنا و تنظر و تسمع أو المعنى أنك كنت في العسكر و إن لم تفعل شيئا فكنت تسمع واعيتهم و ترى ما يفعل بهم.
32- يج، الخرائج و الجرائح عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: أَنَا وَ اللَّهِ رَأَيْتُ رَأْسَ الْحُسَيْنِ حِينَ حُمِلَ وَ أَنَا بِدِمَشْقَ وَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَجُلٌ يَقْرَأُ الْكَهْفَ حَتَّى بَلَغَ قَوْلَهُ- أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً «1» فَأَنْطَقَ اللَّهُ الرَّأْسَ بِلِسَانٍ ذَرِبٍ ذَلِقٍ فَقَالَ أَعْجَبُ مِنْ أَصْحَابِ الْكَهْفِ قَتْلِي وَ حَمْلِي.
33- سن، المحاسن الْحَسَنُ بْنُ ظَرِيفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ لَبِسَ نِسَاءُ بَنِي هَاشِمٍ السَّوَادَ وَ الْمُسُوحَ وَ كُنَّ لَا يَشْتَكِينَ مِنْ حَرٍّ وَ لَا بَرْدٍ وَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ يَعْمَلُ لَهُنَّ الطَّعَامَ لِلْمَأْتَمِ «2».
34- جا، المجالس للمفيد الْمَرْزُبَانِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيلٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فَخَّارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: لَمَّا أَتَى نَعْيُ الْحُسَيْنِ ع إِلَى الْمَدِينَةِ خَرَجَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ نِسَائِهَا حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَلَاذَتْ بِهِ وَ شَهَقَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ التفت [الْتَفَتَتْ‏] إِلَى الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ وَ هِيَ تَقُولُ‏
          مَا ذَا تَقُولُونَ إِنْ قَالَ النَّبِيُّ لَكُمْ-             يَوْمَ الْحِسَابِ وَ صِدْقُ الْقَوْلِ مَسْمُوعٌ-
             خَذَلْتُمْ عِتْرَتِي أَوْ كُنْتُمْ غُيَّباً-             وَ الْحَقُّ عِنْدَ وَلِيِّ الْأَمْرِ مَجْمُوعٌ-
             أَسْلَمْتُمُوهُمْ بِأَيْدِي الظَّالِمِينَ فَمَا-             مِنْكُمْ لَهُ الْيَوْمَ عِنْدَ اللَّهِ مَشْفُوعٌ-
             مَا كَانَ عِنْدَ غَدَاةِ الطَّفِّ إِذْ حَضَرُوا-             تِلْكَ الْمَنَايَا وَ لَا عَنْهُنَّ مَدْفُوعٌ‏
__________________________________________________
 (1) الكهف: 9.
 (2) كتاب المحاسن ص 420.

188
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

قَالَ فَمَا رَأَيْنَا بَاكِياً وَ لَا بَاكِيَةً أَكْثَرَ مِمَّا رَأَيْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ.
35- يب، تهذيب الأحكام مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُبَيْسِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: جُدِّدَتْ أَرْبَعَةُ مَسَاجِدَ بِالْكُوفَةِ فَرَحاً لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ ع- مَسْجِدُ الْأَشْعَثِ وَ مَسْجِدُ جَرِيرٍ وَ مَسْجِدُ سِمَاكٍ وَ مَسْجِدُ شَبَثِ بْنِ رِبْعِيٍّ «1».
36- أَقُولُ رُوِيَ فِي بَعْضِ مُؤَلَّفَاتِ أَصْحَابِنَا مُرْسَلًا أَنَّ نَصْرَانِيّاً أَتَى رَسُولًا مِنْ مَلِكِ الرُّومِ إِلَى يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَ قَدْ حَضَرَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي أُتِيَ إِلَيْهِ فِيهِ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ فَلَمَّا رَأَى النَّصْرَانِيُّ رَأْسَ الْحُسَيْنِ ع بَكَى وَ صَاحَ وَ نَاحَ حَتَّى ابْتَلَّتْ لِحْيَتُهُ بِالدُّمُوعِ ثُمَّ قَالَ اعْلَمْ يَا يَزِيدُ أَنِّي دَخَلْتُ الْمَدِينَةَ تَاجِراً فِي أَيَّامِ حَيَاةِ النَّبِيِّ وَ قَدْ أَرَدْتُ أَنْ آتِيَهُ بِهَدِيَّةٍ فَسَأَلْتُ مِنْ أَصْحَابِهِ أَيُّ شَيْ‏ءٍ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْهَدَايَا فَقَالُوا الطِّيبُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ إِنَّ لَهُ رَغْبَةً فِيهِ قَالَ فَحَمَلْتُ مِنَ الْمِسْكِ فَأْرَتَيْنِ وَ قَدْراً مِنَ الْعَنْبَرِ الْأَشْهَبِ وَ جِئْتُ بِهَا إِلَيْهِ وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ فِي بَيْتِ زَوْجَتِهِ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَلَمَّا شَاهَدْتُ جَمَالَهُ ازْدَادَ لِعَيْنِي مِنْ لِقَائِهِ نُوراً سَاطِعاً وَ زَادَنِي مِنْهُ سُرُورٌ وَ قَدْ تَعَلَّقَ قَلْبِي بِمَحَبَّتِهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَ وَضَعْتُ الْعِطْرَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ مَا هَذَا قُلْتُ هَدِيَّةٌ مُحَقَّرَةٌ أَتَيْتُ بِهَا إِلَى حَضْرَتِكَ فَقَالَ لِي مَا اسْمُكَ فَقُلْتُ اسْمِي عَبْدُ الشَّمْسِ فَقَالَ لِي بَدِّلِ اسْمَكَ فَإِنِّي أُسَمِّيكَ عَبْدَ الْوَهَّابِ إِنْ قَبِلْتَ مِنِّي الْإِسْلَامَ قَبِلْتُ مِنْكَ الْهَدِيَّةَ قَالَ فَنَظَرْتُهُ وَ تَأَمَّلْتُهُ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَ هُوَ النَّبِيُّ الَّذِي أَخْبَرَنَا عَنْهُ عِيسَى ع حَيْثُ قَالَ إِنِّي مُبَشِّرٌ لَكُمْ بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَاعْتَقَدْتُ ذَلِكَ وَ أَسْلَمْتُ عَلَى يَدِهِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَ رَجَعْتُ إِلَى الرُّومِ وَ أَنَا أُخْفِي الْإِسْلَامَ وَ لِي مُدَّةٌ مِنَ السِّنِينَ وَ أَنَا مُسْلِمٌ مَعَ خَمْسٍ مِنَ الْبَنِينَ وَ أَرْبَعٍ مِنَ الْبَنَاتِ وَ أَنَا الْيَوْمَ وَزِيرُ مَلِكِ الرُّومِ وَ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ النَّصَارَى اطِّلَاعٌ عَلَى حَالِنَا وَ اعْلَمْ يَا يَزِيدُ أَنِّي يَوْمَ كُنْتُ فِي حَضْرَةِ النَّبِيِّ ص وَ هُوَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ
__________________________________________________
 (1) التهذيب:

189
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

رَأَيْتُ هَذَا الْعَزِيزَ الَّذِي رَأْسُهُ وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْكَ مَهِيناً حَقِيراً قَدْ دَخَلَ عَلَى جَدِّهِ مِنْ بَابِ الْحُجْرَةِ وَ النَّبِيُّ فَاتِحٌ بَاعَهُ لِيَتَنَاوَلَهُ وَ هُوَ يَقُولُ مَرْحَباً بِكَ يَا حَبِيبِي حَتَّى إِنَّهُ تَنَاوَلَهُ وَ أَجْلَسَهُ فِي حَجْرِهِ وَ جَعَلَ يُقَبِّلُ شَفَتَيْهِ وَ يَرْشِفُ ثَنَايَاهُ وَ هُوَ يَقُولُ بَعُدَ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ مَنْ قَتَلَكَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ يَا حُسَيْنُ وَ أَعَانَ عَلَى قَتْلِكَ وَ النَّبِيُّ ص مَعَ ذَلِكَ يَبْكِي فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ فِي مَسْجِدِهِ إِذْ أَتَاهُ الْحُسَيْنُ مَعَ أَخِيهِ الْحَسَنِ ع وَ قَالَ يَا جَدَّاهْ قَدْ تَصَارَعْتُ مَعَ أَخِيَ الْحَسَنِ وَ لَمْ يَغْلِبْ أَحَدُنَا الْآخَرَ وَ إِنَّمَا نُرِيدُ أَنْ نَعْلَمَ أَيُّنَا أَشَدُّ قُوَّةً مِنَ الْآخَرِ فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ حَبِيبَيَّ يَا مُهْجَتَيَّ إِنَّ التَّصَارُعَ لَا يَلِيقُ بِكُمَا وَ لَكِنِ اذْهَبَا فَتَكَاتِبَا فَمَنْ كَانَ خَطُّهُ أَحْسَنَ كَذَلِكَ تَكُونُ قُوَّتُهُ أَكْثَرَ قَالَ فَمَضَيَا وَ كَتَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَطْراً وَ أَتَيَا إِلَى جَدِّهِمَا النَّبِيِّ فَأَعْطَيَاهُ اللَّوْحَ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمَا فَنَظَرَ النَّبِيُّ إِلَيْهِمَا سَاعَةً وَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَكْسِرَ قَلْبَ أَحَدِهِمَا فَقَالَ لَهُمَا يَا حَبِيبَيَّ إِنِّي نَبِيٌّ أُمِّيٌّ- لَا أَعْرِفُ الْخَطَّ اذْهَبَا إِلَى أَبِيكُمَا لِيَحْكُمَ بَيْنَكُمَا وَ يَنْظُرَ أَيُّكُمَا أَحْسَنُ خَطّاً قَالَ فَمَضَيَا إِلَيْهِ وَ قَامَ النَّبِيُّ أَيْضاً مَعَهُمَا وَ دَخَلُوا جَمِيعاً إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ ع فَمَا كَانَ إِلَّا سَاعَةً وَ إِذَا النَّبِيُّ مُقْبِلٌ وَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ مَعَهُ وَ كَانَ بَيْنِي وَ بَيْنَ سَلْمَانَ صَدَاقَةٌ وَ مَوَدَّةٌ فَسَأَلْتُهُ كَيْفَ حَكَمَ أَبُوهُمَا وَ خَطُّ أَيِّهِمَا أَحْسَنُ قَالَ سَلْمَانُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنَّ النَّبِيَّ لَمْ يُجِبْهُمَا بِشَيْ‏ءٍ لِأَنَّهُ تَأَمَّلَ أَمْرَهُمَا وَ قَالَ لَوْ قُلْتُ خَطُّ الْحَسَنِ أَحْسَنُ كَانَ يَغْتَمُّ الْحُسَيْنُ وَ لَوْ قُلْتُ خَطُّ الْحُسَيْنِ أَحْسَنُ كَانَ يَغْتَمُّ الْحَسَنُ فَوَجَّهَهُمَا إِلَى أَبِيهِمَا فَقُلْتُ يَا سَلْمَانُ بِحَقِّ الصَّدَاقَةِ وَ الْأُخُوَّةِ الَّتِي بَيْنِي وَ بَيْنَكَ وَ بِحَقِّ دِينِ الْإِسْلَامِ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي كَيْفَ حَكَمَ أَبُوهُمَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ لَمَّا أَتَيَا إِلَى أَبِيهِمَا وَ تَأَمَّلَ حَالَهُمَا رَقَّ لَهُمَا وَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَكْسِرَ قَلْبَ أَحَدِهِمَا قَالَ لَهُمَا امْضِيَا إِلَى أُمِّكُمَا فَهِيَ تَحْكُمُ بَيْنَكُمَا فَأَتَيَا إِلَى أُمِّهِمَا وَ عَرَضَا عَلَيْهَا مَا كَتَبَا فِي اللَّوْحِ وَ قَالا يَا أُمَّاهْ إِنَّ جَدَّنَا أَمَرَنَا أَنْ نَتَكَاتَبَ فَكُلُّ مَنْ كَانَ خَطُّهُ أَحْسَنَ تَكُونُ قُوَّتُهُ أَكْثَرَ فَتَكَاتَبْنَا وَ جِئْنَا

190
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

إِلَيْهِ فَوَجَّهَنَا إِلَى أَبِينَا فَلَمْ يَحْكُمْ بَيْنَنَا وَ وَجَّهَنَا إِلَيْكِ فَتَفَكَّرَتْ فَاطِمَةُ بِأَنَّ جَدَّهُمَا وَ أَبَاهُمَا مَا أَرَادَا كَسْرَ خَاطِرِهِمَا أَنَا مَا ذَا أَصْنَعُ وَ كَيْفَ أَحْكُمُ بَيْنَهُمَا فَقَالَتْ لَهُمَا يَا قُرَّتَيْ عَيْنِي إِنِّي أَقْطَعُ قِلَادَتِي عَلَى رَأْسِكُمَا فَأَيُّكُمَا يَلْتَقِطُ مِنْ لُؤْلُؤِهَا أَكْثَرَ كَانَ خَطُّهُ أَحْسَنَ وَ تَكُونُ قُوَّتُهُ أَكْثَرَ قَالَ وَ كَانَ فِي قِلَادَتِهَا سَبْعُ لُؤْلُؤَاتٍ ثُمَّ إِنَّهَا قَامَتْ فَقَطَعَتْ قِلَادَتَهَا عَلَى رَأْسِهِمَا فَالْتَقَطَ الْحَسَنُ ثَلَاثَ لُؤْلُؤَاتٍ وَ الْتَقَطَ الْحُسَيْنُ ثَلَاثَ لُؤْلُؤَاتٍ وَ بَقِيَتِ الْأُخْرَى فَأَرَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا تَنَاوُلَهَا فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى جَبْرَئِيلَ بِنُزُولِهِ إِلَى الْأَرْضِ وَ أَنْ يَضْرِبَ بِجَنَاحِهِ تِلْكَ اللُّؤْلُؤَةَ وَ يَقُدَّهَا نِصْفَيْنِ فَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفاً فَانْظُرْ يَا يَزِيدُ كَيْفَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَمْ يُدْخِلْ عَلَى أَحَدِهِمَا أَلَمَ تَرْجِيحِ الْكِتَابَةِ وَ لَمْ يُرِدْ كَسْرَ قَلْبِهِمَا وَ كَذَلِكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ فَاطِمَةُ ع وَ كَذَلِكَ رَبُّ الْعِزَّةِ لَمْ يُرِدْ كَسْرَ قَلْبِ أَحَدِهِمَا بَلْ أَمَرَ مَنْ قَسَمَ اللُّؤْلُؤَةَ بَيْنَهُمَا لِجَبْرِ قَلْبِهِمَا وَ أَنْتَ هَكَذَا تَفْعَلُ بِابْنِ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ أُفٍّ لَكَ وَ لِدِينِكَ يَا يَزِيدُ ثُمَّ إِنَّ النَّصْرَانِيَّ نَهَضَ إِلَى رَأْسِ الْحُسَيْنِ ع وَ احْتَضَنَهُ وَ جَعَلَ يُقَبِّلُهُ وَ هُوَ يَبْكِي وَ يَقُولُ يَا حُسَيْنُ اشْهَدْ لِي عِنْدَ جَدِّكَ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى وَ عِنْدَ أَبِيكَ عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى وَ عِنْدَ أُمِّكَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.
قَالَ وَ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ أَهْلِ الْبَيْتِ ع أَنَّهُ لَمَّا اسْتُشْهِدَ الْحُسَيْنُ ع بَقِيَ فِي كَرْبَلَاءَ صَرِيعاً وَ دَمُهُ عَلَى الْأَرْضِ مَسْفُوحاً وَ إِذَا بِطَائِرٍ أَبْيَضَ قَدْ أَتَى وَ تَمَسَّحَ بِدَمِهِ وَ جَاءَ وَ الدَّمُ يَقْطُرُ مِنْهُ فَرَأَى طُيُوراً تَحْتَ الظِّلَالِ عَلَى الْغُصُونِ وَ الْأَشْجَارِ وَ كُلٌّ مِنْهُمْ يَذْكُرُ الْحَبَّ وَ الْعَلَفَ وَ الْمَاءَ فَقَالَ لَهُمْ ذَلِكَ الطَّيْرُ الْمُتَلَطِّخُ بِالدَّمِ يَا وَيْلَكُمْ أَ تَشْتَغِلُونَ بِالْمَلَاهِي وَ ذِكْرِ الدُّنْيَا وَ الْمَنَاهِي وَ الْحُسَيْنُ فِي أَرْضِ كَرْبَلَاءَ فِي هَذَا الْحَرِّ مُلْقًى عَلَى الرَّمْضَاءِ ظَامِئٌ مَذْبُوحٌ وَ دَمُهُ مَسْفُوحٌ فَعَادَتِ الطُّيُورُ كُلٌّ مِنْهُمْ قَاصِداً كَرْبَلَاءَ فَرَأَوْا سَيِّدَنَا الْحُسَيْنَ ع مُلْقًى فِي الْأَرْضِ جُثَّةً بِلَا رَأْسٍ وَ لَا غُسْلٍ وَ لَا كَفَنٍ قَدْ سَفَتْ عَلَيْهِ السَّوَافِي وَ بَدَنُهُ مَرْضُوضٌ قَدْ هَشَّمَتْهُ الْخَيْلُ بِحَوَافِرِهَا زُوَّارُهُ وُحُوشُ الْقِفَارِ وَ نَدَبَتُهُ جِنُّ السُّهُولِ وَ الْأَوْعَارِ قَدْ أَضَاءَ التُّرَابُ مِنْ أَنْوَارِهِ وَ أَزْهَرَ الْجَوُّ مِنْ أَزْهَارِهِ-

191
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

فَلَمَّا رَأَتْهُ الطُّيُورُ تَصَايَحْنَ وَ أَعْلَنَّ بِالْبُكَاءِ وَ الثُّبُورِ وَ تَوَاقَعْنَ عَلَى دَمِهِ يَتَمَرَّغْنَ فِيهِ وَ طَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَى نَاحِيَةٍ يُعْلِمُ أَهْلَهَا عَنْ قَتْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ ع فَمِنَ الْقَضَاءِ وَ الْقَدَرِ أَنَّ طَيْراً مِنْ هَذِهِ الطُّيُورِ قَصَدَ مَدِينَةَ الرَّسُولِ وَ جَاءَ يُرَفْرِفُ وَ الدَّمُ يَتَقَاطَرُ مِنْ أَجْنِحَتِهِ وَ دَارَ حَوْلَ قَبْرِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ يُعْلِنُ بِالنِّدَاءِ أَلَا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بِكَرْبَلَاءَ أَلَا ذُبِحَ الْحُسَيْنُ بِكَرْبَلَاءَ فَاجْتَمَعَتِ الطُّيُورُ عَلَيْهِ وَ هُمْ يَبْكُونَ عَلَيْهِ وَ يَنُوحُونَ- فَلَمَّا نَظَرَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنَ الطُّيُورِ ذَلِكَ النَّوْحَ وَ شَاهَدُوا الدَّمَ يَتَقَاطَرُ مِنَ الطَّيْرِ لَمْ يَعْلَمُوا مَا الْخَبَرُ حَتَّى انْقَضَتْ مُدَّةٌ مِنَ الزَّمَانِ وَ جَاءَ خَبَرُ مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ الطَّيْرَ كَانَ يُخْبِرُ رَسُولَ اللَّهِ بِقَتْلِ ابْنِ فَاطِمَةَ الْبَتُولِ وَ قُرَّةِ عَيْنِ الرَّسُولِ وَ قَدْ نُقِلَ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ الطَّيْرُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَانَ فِي الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَهُودِيٌّ وَ لَهُ بِنْتٌ عَمْيَاءُ زَمْنَاءُ طَرْشَاءُ «1» مَشْلُولَةٌ وَ الْجُذَامُ قَدْ أَحَاطَ بِبَدَنِهَا فَجَاءَ ذَلِكَ الطَّائِرُ وَ الدَّمُ يَتَقَاطَرُ مِنْهُ وَ وَقَعَ عَلَى شَجَرَةٍ يَبْكِي طُولَ لَيْلَتِهِ وَ كَانَ الْيَهُودِيُّ قَدْ أَخْرَجَ ابْنَتَهُ تِلْكَ الْمَرِيضَةَ إِلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ إِلَى بُسْتَانٍ وَ تَرَكَهَا فِي الْبُسْتَانِ الَّذِي جَاءَ الطَّيْرُ وَ وَقَعَ فِيهِ فَمِنَ الْقَضَاءِ وَ الْقَدَرِ أَنَّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَرَضَ لِلْيَهُودِيِّ عَارِضٌ فَدَخَلَ الْمَدِينَةَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَخْرُجَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ إِلَى الْبُسْتَانِ الَّتِي فِيهَا ابْنَتُهُ الْمَعْلُولَةُ وَ الْبِنْتُ لَمَّا نَظَرَتْ أَبَاهَا لَمْ يَأْتِهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ لَمْ يَأْتِهَا نَوْمٌ لِوَحْدَتِهَا لِأَنَّ أَبَاهَا كَانَ يُحَدِّثُهَا وَ يُسَلِّيهَا حَتَّى تَنَامَ فَسَمِعَتْ عِنْدَ السَّحَرِ بُكَاءَ الطَّيْرِ وَ حَنِينَهُ فَبَقِيَتْ تَتَقَلَّبُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ إِلَى أَنْ صَارَتْ تَحْتَ الشَّجَرَةِ الَّتِي عَلَيْهَا الطَّيْرُ فَصَارَتْ كُلَّمَا حَنَّ ذَلِكَ الطَّيْرُ تُجَاوِبُهُ مِنْ قَلْبٍ مَحْزُونٍ فَبَيْنَمَا هِيَ كَذَلِكَ إِذْ وَقَعَ قَطْرَةٌ مِنَ الدَّمِ فَوَقَعَتْ عَلَى عَيْنِهَا فَفُتِحَتْ ثُمَّ قَطْرَةٌ أُخْرَى عَلَى عَيْنِهَا الْأُخْرَى فَبَرَأَتْ ثُمَّ قَطْرَةٌ عَلَى يَدَيْهَا فَعُوفِيَتْ ثُمَّ عَلَى رِجْلَيْهَا فَبَرَأَتْ وَ عَادَتْ كُلَّمَا قَطَرَتْ قَطْرَةٌ مِنَ الدَّمِ تُلَطِّخُ بِهِ جَسَدَهَا فَعُوفِيَتْ مِنْ جَمِيعِ مَرَضِهَا مِنْ بَرَكَاتِ دَمِ الْحُسَيْنِ ع‏
__________________________________________________
 (1) مؤنث أطرش، و هو الأصمّ الذي تعطلت آلات سمعه.

192
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

فَلَمَّا أَصْبَحَتْ أَقْبَلَ أَبُوهَا إِلَى الْبُسْتَانِ فَرَأَى بِنْتاً تَدُورُ وَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا ابْنَتُهُ فَسَأَلَهَا أَنَّهُ كَانَ لِي فِي الْبُسْتَانِ ابْنَةٌ عَلِيلَةٌ لَمْ تَقْدِرْ أَنْ تَتَحَرَّكَ فَقَالَتِ ابْنَتُهُ وَ اللَّهِ أَنَا ابْنَتُكَ فَلَمَّا سَمِعَ كَلَامَهَا وَقَعَ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاقَ قَامَ عَلَى قَدَمَيْهِ فَأَتَتْ بِهِ إِلَى ذَلِكَ الطَّيْرِ فَرَآهَا وَاكِراً عَلَى الشَّجَرَةِ يَئِنُّ مِنْ قَلْبٍ حَزِينٍ مُحْتَرِقٍ مِمَّا رَأَى مِمَّا فُعِلَ بِالْحُسَيْنِ ع فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ بِالَّذِي خَلَقَكَ أَيُّهَا الطَّيْرُ أَنْ تُكَلِّمَنِي بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَنَطَقَ الطَّيْرُ مُسْتَعْبِراً ثُمَّ قَالَ إِنِّي كُنْتُ وَاكِراً عَلَى بَعْضِ الْأَشْجَارِ مَعَ جُمْلَةِ الطُّيُورِ عِنْدَ الظَّهِيرَةِ وَ إِذَا بِطَيْرٍ سَاقِطٍ عَلَيْنَا وَ هُوَ يَقُولُ أَيُّهَا الطُّيُورُ تَأْكُلُونَ وَ تَتَنَعَّمُونَ وَ الْحُسَيْنُ فِي أَرْضِ كَرْبَلَاءَ فِي هَذَا الْحَرِّ عَلَى الرَّمْضَاءِ طَرِيحاً ظَامِئاً وَ النَّحْرُ دَامٍ وَ رَأْسُهُ مَقْطُوعٌ عَلَى الرُّمْحِ مَرْفُوعٌ وَ نِسَاؤُهُ سَبَايَا حُفَاةٌ عَرَايَا فَلَمَّا سَمِعْنَ بِذَلِكَ تَطَايَرْنَ إِلَى كَرْبَلَاءَ فَرَأَيْنَاهُ فِي ذَلِكَ الْوَادِي طَرِيحاً الْغُسْلُ مِنْ دَمِهِ وَ الْكَفَنُ الرَّمْلُ السَّافِي عَلَيْهِ فَوَقَعْنَا كُلُّنَا عَلَيْهِ نَنُوحُ وَ نَتَمَرَّغُ بِدَمِهِ الشَّرِيفِ وَ كَانَ كُلٌّ مِنَّا طَارَ إِلَى نَاحِيَةٍ فَوَقَعْتُ أَنَا فِي هَذَا الْمَكَانِ فَلَمَّا سَمِعَ الْيَهُودِيُّ ذَلِكَ تَعَجَّبَ وَ قَالَ لَوْ لَمْ يَكُنِ الْحُسَيْنُ ذَا قَدْرٍ رَفِيعٍ عِنْدَ اللَّهِ مَا كَانَ دَمُهُ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ ثُمَّ أَسْلَمَ الْيَهُودِيُّ وَ أَسْلَمَتِ الْبِنْتُ وَ أَسْلَمَ خَمْسُمِائَةٍ مِنْ قَوْمِهِ.
وَ قَالَ: حُكِيَ عَنْ رَجُلٍ أَسَدِيٍّ قَالَ: كُنْتُ زَارِعاً عَلَى نَهَرِ الْعَلْقَمِيِّ بَعْدَ ارْتِحَالِ الْعَسْكَرِ عَسْكَرِ بَنِي أُمَيَّةَ فَرَأَيْتُ عَجَائِبَ لَا أَقْدِرُ أَحْكِي إِلَّا بَعْضَهَا مِنْهَا أَنَّهُ إِذَا هَبَّتِ الرِّيَاحُ تَمُرُّ عَلَيَّ نَفَحَاتٌ كَنَفَحَاتِ الْمِسْكِ وَ الْعَنْبَرِ إِذَا سَكَنَتْ أَرَى نُجُوماً تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَ يَرْقَى مِنَ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ مِثْلُهَا وَ أَنَا مُنْفَرِدٌ مَعَ عِيَالِي وَ لَا أَرَى أَحَداً أَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ وَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ يُقْبِلُ أَسَدٌ مِنَ الْقِبْلَةِ فَأُوَلِّي عَنْهُ إِلَى مَنْزِلِي فَإِذَا أَصْبَحَ وَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَ ذَهَبْتُ مِنْ مَنْزِلِي أَرَاهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ذَاهِباً فَقُلْتُ فِي نَفْسِي إِنَّ هَؤُلَاءِ خَوَارِجُ قَدْ خَرَجُوا عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ وَ أَرَى مِنْهُمْ مَا لَمْ أَرَهُ مِنْ سَائِرِ الْقَتْلَى فَوَ اللَّهِ هَذِهِ اللَّيْلَةُ لَا بُدَّ مِنَ الْمُسَاهَرَةِ لِأُبْصِرَ هَذَا

193
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

الْأَسَدَ يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْجُثُثِ أَمْ لَا فَلَمَّا صَارَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَ إِذَا بِهِ أَقْبَلَ فَحَقَّقْتُهُ وَ إِذَا هُوَ هَائِلُ الْمَنْظَرِ فَارْتَعَدْتُ مِنْهُ وَ خَطَرَ بِبَالِي إِنْ كَانَ مُرَادُهُ لُحُومَ بَنِي آدَمَ فَهُوَ يَقْصِدُنِي وَ أَنَا أُحَاكِي نَفْسِي بِهَذَا فَمَثَّلْتُهُ وَ هُوَ يَتَخَطَّى الْقَتْلَى حَتَّى وَقَفَ عَلَى جَسَدٍ كَأَنَّهُ الشَّمْسُ إِذَا طَلَعَتْ فَبَرَكَ عَلَيْهِ فَقُلْتُ يَأْكُلُ مِنْهُ وَ إِذَا بِهِ يُمَرِّغُ وَجْهَهُ عَلَيْهِ وَ هُوَ يُهَمْهِمُ وَ يُدَمْدِمُ فَقُلْتُ اللَّهُ أَكْبَرُ مَا هَذِهِ إِلَّا أُعْجُوبَةٌ فَجَعَلْتُ أَحْرُسُهُ حَتَّى اعْتَكَرَ الظَّلَامُ «1» وَ إِذَا بِشُمُوعٍ مُعَلَّقَةٍ مَلَأَتِ الْأَرْضَ وَ إِذَا بِبُكَاءٍ وَ نَحِيبٍ وَ لَطْمٍ مُفْجِعٍ فَقَصَدْتُ تِلْكَ الْأَصْوَاتِ فَإِذَا هِيَ تَحْتَ الْأَرْضِ فَفَهِمْتُ مِنْ نَاعٍ فِيهِمْ يَقُولُ وَا حُسَيْنَاهْ وَا إِمَامَاهْ فَاقْشَعَرَّ جِلْدِي فَقَرُبْتُ مِنَ الْبَاكِي وَ أَقْسَمْتُ عَلَيْهِ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ مَنْ تَكُونُ فَقَالَ إِنَّا نِسَاءٌ مِنَ الْجِنِّ فَقُلْتُ وَ مَا شَأْنُكُنَّ فَقُلْنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ هَذَا عَزَاؤُنَا عَلَى الْحُسَيْنِ الذَّبِيحِ الْعَطْشَانِ فَقُلْتُ هَذَا الْحُسَيْنُ الَّذِي يَجْلِسُ عِنْدَهُ الْأَسَدُ قُلْنَ نَعَمْ أَ تَعْرِفُ هَذَا الْأَسَدَ قُلْتُ لَا قُلْنَ هَذَا أَبُوهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَرَجَعْتُ وَ دُمُوعِي تَجْرِي عَلَى خَدِّي «2».
: قَالَ وَ نُقِلَ أَنَّ سُكَيْنَةَ بِنْتَ الْحُسَيْنِ ع قَالَتْ: يَا يَزِيدُ رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ رُؤْيَا إِنْ سَمِعْتَهَا مِنِّي قَصَصْتُهَا عَلَيْكَ فَقَالَ يَزِيدُ هَاتِي مَا رَأَيْتِي قَالَتْ بَيْنَمَا أَنَا سَاهِرَةٌ وَ قَدْ كَلَلْتُ مِنَ الْبُكَاءِ بَعْدَ أَنْ صَلَّيْتُ وَ دَعَوْتُ اللَّهَ بِدَعَوَاتٍ فَلَمَّا رَقَدَتْ عَيْنِي رَأَيْتُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ قَدْ تَفَتَّحَتْ وَ إِذَا أَنَا بِنُورٍ سَاطِعٍ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَ إِذَا
__________________________________________________
 (1) اعتكر الظلام: اي اختلط كأنّه كر بعضه على بعض من بطء انجلائه.
 (2) هذه كلها قصة مسرودة منثورة، و كل قاص انما يسرد و ينثر على حسب ما يراه في نفسه عظيما مؤثرا، و هذا الرجل الذي يقص هذه الاقاصيص، قد صور عظمة الامام على ابن أبي طالب بصورة أسد يجيى‏ء لنوح الحسين عليه السلام، و لا بأس بنقلها بعد العلم بكونها قصة مسرودة، كما أن المصنّف رحمه اللّه انما ينقل أمثال هذه الروايات القصصية لترويح النفوس.

194
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

أَنَا بِوَصَائِفَ مِنْ وَصَائِفِ الْجَنَّةِ وَ إِذَا أَنَا بِرَوْضَةٍ خَضْرَاءَ وَ فِي تِلْكَ الرَّوْضَةِ قَصْرٌ وَ إِذَا أَنَا بِخَمْسِ مَشَايِخَ يَدْخُلُونَ إِلَى ذَلِكَ الْقَصْرِ وَ عِنْدَهُمْ وَصِيفٌ فَقُلْتُ يَا وَصِيفُ أَخْبِرْنِي لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ فَقَالَ هَذَا لِأَبِيكِ الْحُسَيْنِ أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى ثَوَاباً لِصَبْرِهِ فَقُلْتُ وَ مَنْ هَذِهِ الْمَشَايِخُ فَقَالَ أَمَّا الْأَوَّلُ فَآدَمُ أَبُو الْبَشَرِ وَ أَمَّا الثَّانِي فَنُوحٌ نَبِيُّ اللَّهِ وَ أَمَّا الثَّالِثُ فَإِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ وَ أَمَّا الرَّابِعُ فَمُوسَى الْكَلِيمُ فَقُلْتُ لَهُ وَ مَنِ الْخَامِسُ الَّذِي أَرَاهُ قَابِضاً عَلَى لِحْيَتِهِ بَاكِياً حَزِيناً مِنْ بَيْنِهِمْ فَقَالَ لِي يَا سُكَيْنَةُ أَ مَا تعرفه [تَعْرِفِينَهُ‏] فَقُلْتُ لَا فَقَالَ هَذَا جَدُّكِ رَسُولُ اللَّهِ فَقُلْتُ لَهُ إِلَى أَيْنَ يُرِيدُونَ فَقَالَ إِلَى أَبِيكِ الْحُسَيْنِ فَقُلْتُ وَ اللَّهِ لَأَلْحَقَنَّ جَدِّي وَ أُخْبِرَنَّهُ بِمَا جَرَى عَلَيْنَا فَسَبَقَنِي وَ لَمْ أَلْحَقْهُ فَبَيْنَمَا أَنَا مُتَفَكِّرَةٌ وَ إِذَا بِجَدِّي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ بِيَدِهِ سَيْفُهُ وَ هُوَ وَاقِفٌ فَنَادَيْتُهُ يَا جَدَّاهْ قُتِلَ وَ اللَّهِ ابْنُكَ مِنْ بَعْدِكَ فَبَكَى وَ ضَمَّنِي إِلَى صَدْرِهِ وَ قَالَ يَا بُنَيَّةِ صَبْراً وَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ ثُمَّ إِنَّهُ مَضَى وَ لَمْ أَعْلَمْ إِلَى أَيْنَ فَبَقِيتُ مُتَعَجِّبَةً كَيْفَ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا بِبَابٍ قَدْ فُتِحَ مِنَ السَّمَاءِ وَ إِذَا بِالْمَلَائِكَةِ يَصْعَدُونَ وَ يَنْزِلُونَ عَلَى رَأْسِ أَبِي قَالَ فَلَمَّا سَمِعَ يَزِيدُ ذَلِكَ لَطَمَ عَلَى وَجْهِهِ وَ بَكَى وَ قَالَ مَا لِي وَ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ: وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ سُكَيْنَةَ قَالَتْ: ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ دُرِّيُّ اللَّوْنِ قَمَرِيُّ الْوَجْهِ حَزِينُ الْقَلْبِ فَقُلْتُ لِلْوَصِيفِ مَنْ هَذَا فَقَالَ جَدُّكِ رَسُولُ اللَّهِ ص فَدَنَوْتُ مِنْهُ وَ قُلْتُ لَهُ يَا جَدَّاهْ قُتِلَتْ وَ اللَّهِ رِجَالُنَا وَ سُفِكَتْ وَ اللَّهِ دِمَاؤُنَا وَ هُتِكَتْ وَ اللَّهِ حَرِيمُنَا وَ حُمِلْنَا عَلَى الْأَقْتَابِ مِنْ غَيْرِ وِطَاءٍ نُسَاقُ إِلَى يَزِيدَ فَأَخَذَنِي إِلَيْهِ وَ ضَمَّنِي إِلَى صَدْرِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى آدَمَ وَ نُوحٍ وَ إِبْرَاهِيمَ وَ مُوسَى ثُمَّ قَالَ لَهُمْ مَا تَرَوْنَ إِلَى مَا صَنَعَتْ أُمَّتِي بِوَلَدِي مِنْ بَعْدِي ثُمَّ قَالَ الْوَصِيفُ يَا سُكَيْنَةُ اخْفِضِي صَوْتَكِ فَقَدْ أَبْكَيْتِي رَسُولَ اللَّهِ ص ثُمَّ أَخَذَ الْوَصِيفُ بِيَدِي فَأَدْخَلَنِي الْقَصْرَ وَ إِذَا بِخَمْسِ نِسْوَةٍ قَدْ عَظَّمَ اللَّهُ خِلْقَتَهُنَّ وَ زَادَ فِي نُورِهِنَّ وَ بَيْنَهُنَّ امْرَأَةٌ عَظِيمَةُ الْخِلْقَةِ نَاشِرَةٌ شَعْرَهَا وَ عَلَيْهَا ثِيَابٌ سُودٌ-

195
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

وَ بِيَدِهَا قَمِيصٌ مُضَمَّخٌ بِالدَّمِ وَ إِذَا قَامَتْ يَقُمْنَ مَعَهَا وَ إِذَا جَلَسَتْ يَجْلِسْنَ مَعَهَا فَقُلْتُ لِلْوَصِيفِ مَا هَؤُلَاءِ النِّسْوَةُ اللَّاتِي قَدْ عَظَّمَ اللَّهُ خِلْقَتَهُنَّ فَقَالَ يَا سُكَيْنَةُ هَذِهِ حَوَّاءُ أُمُّ الْبَشَرِ وَ هَذِهِ مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ وَ هَذِهِ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَ هَذِهِ هَاجَرُ وَ هَذِهِ سَارَةُ وَ هَذِهِ الَّتِي بِيَدِهَا الْقَمِيصُ الْمُضَمَّخُ وَ إِذَا قَامَتْ يَقُمْنَ مَعَهَا وَ إِذَا جَلَسَتْ يَجْلِسْنَ مَعَهَا هِيَ جَدَّتُكِ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ فَدَنَوْتُ مِنْهَا وَ قُلْتُ لَهَا يَا جَدَّتَاهْ قُتِلَ وَ اللَّهِ أَبِي وَ أُوتِمْتُ عَلَى صِغَرِ سِنِّي فَضَمَّتْنِي إِلَى صَدْرِهَا وَ بَكَتْ شَدِيداً وَ بَكَيْنَ النِّسَاءُ كُلُّهُنَّ وَ قُلْنَ لَهَا يَا فَاطِمَةُ يَحْكُمُ اللَّهُ بَيْنَكِ وَ بَيْنَ يَزِيدَ يَوْمَ فَصْلِ الْقَضَاءِ ثُمَّ إِنَّ يَزِيدَ تَرَكَهَا وَ لَمْ يَعْبَأْ بِقَوْلِهَا.
: 3- قَالَ: وَ نُقِلَ عَنْ هِنْدٍ زَوْجَةِ يَزِيدَ قَالَتْ: كُنْتُ أَخَذْتُ مَضْجَعِي فَرَأَيْتُ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ وَ قَدْ فُتِحَتْ وَ الْمَلَائِكَةُ يَنْزِلُونَ كَتَائِبَ كَتَائِبَ إِلَى رَأْسِ الْحُسَيْنِ وَ هُمْ يَقُولُونَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ نَظَرْتُ إِلَى سَحَابَةٍ قَدْ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ وَ فِيهَا رِجَالٌ كَثِيرُونَ وَ فِيهِمْ رَجُلٌ دُرِّيُّ اللَّوْنِ قَمَرِيُّ الْوَجْهِ فَأَقْبَلَ يَسْعَى حَتَّى انْكَبَّ عَلَى ثَنَايَا الْحُسَيْنِ يُقَبِّلُهُمَا وَ هُوَ يَقُولُ يَا وَلَدِي قَتَلُوكَ أَ تَرَاهُمْ مَا عَرَفُوكَ وَ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ مَنَعُوكَ يَا وَلَدِي أَنَا جَدُّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَ هَذَا أَبُوكَ عَلِيٌّ الْمُرْتَضَى وَ هَذَا أَخُوكَ الْحَسَنُ وَ هَذَا عَمُّكَ جَعْفَرٌ وَ هَذَا عَقِيلٌ وَ هَذَانِ حَمْزَةُ وَ الْعَبَّاسُ ثُمَّ جَعَلَ يُعَدِّدُ أَهْلَ بَيْتِهِ وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ قَالَتْ هِنْدٌ فَانْتَبَهْتُ مِنْ نَوْمِي فَزِعَةً مَرْعُوبَةً وَ إِذَا بِنُورٍ قَدِ انْتَشَرَ عَلَى رَأْسِ الْحُسَيْنِ فَجَعَلْتُ أَطْلُبُ يَزِيدَ وَ هُوَ قَدْ دَخَلَ إِلَى بَيْتٍ مُظْلِمٍ وَ قَدْ دَارَ وَجْهَهُ إِلَى الْحَائِطِ وَ هُوَ يَقُولُ مَا لِي وَ لِلْحُسَيْنِ وَ قَدْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْهُمُومَاتُ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْمَنَامَ وَ هُوَ مُنَكِّسُ الرَّأْسِ قَالَ فَلَمَّا أَصْبَحَ اسْتَدْعَى بِحَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ لَهُنَّ أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكُنَّ الْمُقَامُ عِنْدِي أَوِ الرُّجُوعُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَ لَكُمُ الْجَائِزَةُ السَّنِيَّةُ قَالُوا نُحِبُّ أَوَّلًا أَنْ نَنُوحَ عَلَى الْحُسَيْنِ قَالَ افْعَلُوا مَا بَدَا لَكُمْ ثُمَّ أُخْلِيَتْ لَهُنَّ الْحُجَرُ وَ الْبُيُوتُ فِي دِمَشْقَ وَ لَمْ تَبْقَ هَاشِمِيَّةٌ وَ لَا قُرَشِيَّةٌ إِلَّا وَ لَبِسَتِ السَّوَادَ عَلَى الْحُسَيْنِ وَ نَدَبُوهُ عَلَى مَا نُقِلَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّامِنُ دَعَاهُنَّ يَزِيدُ وَ عَرَضَ عَلَيْهِنَّ الُمَقَام‏

196
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

فَأَبَيْنَ وَ أَرَادُوا الرُّجُوعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَحْضَرَ لَهُمُ الْمَحَامِلَ وَ زَيَّنَهَا وَ أَمَرَ بِالْأَنْطَاعِ الْإِبْرِيسَمِ وَ صَبَّ عَلَيْهَا الْأَمْوَالَ وَ قَالَ يَا أُمَّ كُلْثُومٍ خُذُوا هَذَا الْمَالَ عِوَضَ مَا أَصَابَكُمْ فَقَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ يَا يَزِيدُ مَا أَقَلَّ حَيَاءَكَ وَ أَصْلَبَ وَجْهَكَ تَقْتُلُ أَخِي وَ أَهْلَ بَيْتِي وَ تُعْطِينِي عِوَضَهُمْ.
-
3، 4- ثُمَّ قَالَ: وَ أَمَّا أُمُّ كُلْثُومٍ فَحِينَ تَوَجَّهَتْ إِلَى الْمَدِينَةِ جَعَلَتْ تَبْكِي وَ تَقُولُ‏
          مَدِينَةَ جَدِّنَا لَا تَقْبَلِينَا             فَبِالْحَسَرَاتِ وَ الْأَحْزَانِ جِئْنَا
             أَلَا فَأَخْبِرْ رَسُولَ اللَّهِ عَنَّا             بِأَنَّا قَدْ فُجِعْنَا فِي أَبِينَا
             وَ أَنَّ رِجَالَنَا بِالطَّفِّ صَرْعَى             بِلَا رُؤْسٍ وَ قَدْ ذَبَحُوا الْبَنِينَا
             وَ أَخْبِرْ جَدَّنَا أَنَّا أُسِرْنَا             وَ بَعْدَ الْأَسْرِ يَا جَدَّا سُبِينَا
             وَ رَهْطُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْحَوْا             عَرَايَا بِالطُّفُوفِ مُسَلَّبِينَا
             وَ قَدْ ذَبَحُوا الْحُسَيْنَ وَ لَمْ يُرَاعُوا             جَنَابَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِينَا
             فَلَوْ نَظَرَتْ عُيُونُكَ لِلْأُسَارَى             عَلَى أَقْتَابِ الْجِمَالِ مُحَمَّلِينَا
             رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ الصَّوْنِ صَارَتْ             عُيُونُ النَّاسِ نَاظِرَةً إِلَيْنَا
             وَ كُنْتَ تَحُوطُنَا حَتَّى تَوَلَّتْ             عُيُونُكَ ثَارَتِ الْأَعْدَا عَلَيْنَا
             أَ فَاطِمُ لَوْ نَظَرْتِ إِلَى السَّبَايَا             بَنَاتِكَ فِي الْبِلَادِ مُشَتَّتِينَا
             أَ فَاطِمُ لَوْ نَظَرْتِ إِلَى الْحَيَارَى             وَ لَوْ أَبْصَرْتِ زَيْنَ الْعَابِدِينَا
             أَ فَاطِمُ لَوْ رَأَيْتِينَا سَهَارَى             وَ مِنْ سَهَرِ اللَّيَالِي قَدْ عَمِينَا
             أَ فَاطِمُ مَا لَقِيتِي مِنْ عِدَاكِي             وَ لَا قِيرَاطَ مِمَّا قَدْ لَقِينَا
             فَلَوْ دَامَتْ حَيَاتُكِ لَمْ تَزَالِي             إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ تَنْدُبِينَا
             وَ عَرِّجْ بِالْبَقِيعِ وَ قِفْ وَ نَادِ             أَيَا ابْنَ حَبِيبِ رَبِّ الْعَالَمِينَا
             وَ قُلْ يَا عَمِّ يَا حَسَنَ الْمُزَكَّى             عِيَالُ أَخِيكَ أَضْحَوْا ضَائِعِينَا
             أَيَا عَمَّاهْ إِنَّ أَخَاكَ أَضْحَى             بَعِيداً عَنْكَ بِالرَّمْضَا رَهِيناً
             بِلَا رَأْسٍ تَنُوحُ عَلَيْهِ جَهْراً             طُيُورٌ وَ الْوُحُوشُ الْمُوحِشِينَا
             وَ لَوْ عَايَنْتَ يَا مَوْلَايَ سَاقُوا             حَرِيماً لَا يَجِدْنَ لَهُمْ مُعِينا

197
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

         عَلَى مَتْنِ النِّيَاقِ بِلَا وِطَاءٍ             وَ شَاهَدْتَ الْعِيَالَ مُكَشَّفِينَا
             مَدِينَةَ جَدِّنَا لَا تَقْبَلِينَا             فَبِالْحَسَرَاتِ وَ الْأَحْزَانِ جِئْنَا
             خَرَجْنَا مِنْكِ بِالْأَهْلِينَ جَمْعاً             رَجَعْنَا لَا رِجَالَ وَ لَا بَنِينَا
             وَ كُنَّا فِي الْخُرُوجِ بِجَمْعِ شَمْلٍ             رَجَعْنَا حَاسِرِينَ مُسَلَّبِينَا
             وَ كُنَّا فِي أَمَانِ اللَّهِ جَهْراً             رَجَعْنَا بِالْقَطِيعَةِ خَائِفِينَا
             وَ مَوْلَانَا الْحُسَيْنُ لَنَا أَنِيسٌ             رَجَعْنَا وَ الْحُسَيْنُ بِهِ رَهِينَا
             فَنَحْنُ الضَّائِعَاتُ بِلَا كَفِيلٍ             وَ نَحْنُ النَّائِحَاتُ عَلَى أَخِينَا
             وَ نَحْنُ السَّائِرَاتُ عَلَى الْمَطَايَا             نُشَالُ عَلَى جِمَالِ الْمُبْغِضِينَا
             وَ نَحْنُ بَنَاتُ يس وَ طه             وَ نَحْنُ الْبَاكِيَاتُ عَلَى أَبِينَا
             وَ نَحْنُ الطَّاهِرَاتُ بِلَا خَفَاءٍ             وَ نَحْنُ الْمُخْلَصُونَ الْمُصْطَفَوْنَا
             وَ نَحْنُ الصَّابِرَاتُ عَلَى الْبَلَايَا             وَ نَحْنُ الصَّادِقُونَ النَّاصِحُونَا
             أَلَا يَا جَدَّنَا قَتَلُوا حُسَيْناً             وَ لَمْ يَرْعَوْا جَنَابَ اللَّهِ فِينَا
             أَلَا يَا جَدَّنَا بَلَغَتْ عِدَانَا             مُنَاهَا وَ اشْتَفَى الْأَعْدَاءُ فِينَا
             لَقَدْ هَتَكُوا النِّسَاءَ وَ حَمَّلُوهَا             عَلَى الْأَقْتَابِ قَهْراً أَجْمَعِينَا
             وَ زَيْنَبُ أَخْرَجُوهَا مِنْ خِبَاهَا             وَ فَاطِمُ وَالِهٌ تُبْدِي الْأَنِينَا
             سُكَيْنَةُ تَشْتَكِي مِنْ حَرِّ وَجْدٍ             تُنَادِي الْغَوْثَ رَبَّ الْعَالَمِينَا
             وَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ بِقَيْدِ ذُلٍّ             وَ رَامُوا قَتْلَهُ أَهْلُ الْخَئُونَا
             فَبَعْدَهُمُ عَلَى الدُّنْيَا تُرَابٌ             فَكَأْسُ الْمَوْتِ فِيهَا قَدْ سُقِينَا
             وَ هَذِي قِصَّتِي مَعَ شَرْحِ حَالِي             أَلَا يَا سَامِعُونَ ابْكُوا عَلَيْنَا
 قَالَ الرَّاوِي وَ أَمَّا زَيْنَبُ فَأَخَذَتْ بِعِضَادَتَيْ بَابِ الْمَسْجِدِ وَ نَادَتْ يَا جَدَّاهْ إِنِّي نَاعِيَةٌ إِلَيْكَ أَخِيَ الْحُسَيْنَ وَ هِيَ مَعَ ذَلِكَ لَا تَجِفُّ لَهَا عَبْرَةٌ وَ لَا تَفْتُرُ مِنَ الْبُكَاءِ وَ النَّحِيبِ وَ كُلَّمَا نَظَرَتْ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ تَجَدَّدَ حُزْنُهَا وَ زَادَ وَجْدُهَا.
38- يف، الطرائف مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ بِإِسْنَادِهِ إِلَى سَهْلٍ قَالَ: قالت [سَمِعْتُ‏] أُمَّ سَلَمَة

198
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

زَوْجَةَ النَّبِيِّ ص حِينَ جَاءَهَا نَعْيُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ لَعَنَتْ أَهْلَ الْعِرَاقِ وَ قَالَتْ قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ غَرُّوهُ وَ أَذَلُّوهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص وَ قَدْ جَاءَتْهُ فَاطِمَةُ ع عَشِيَّةً بِبُرْمَةٍ قَدْ صَنَعَتْ فِيهَا عَصِيدَةً «1» تَحْمِلُهَا فِي طَبَقٍ حَتَّى وَضَعَتْهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لَهَا أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ قَالَتْ هُوَ فِي الْبَيْتِ قَالَ اذْهَبِي فَادْعِيهِ وَ ائْتِينِي بِابْنَيْهِ قَالَتْ وَ جَاءَتْ تَقُودُ ابْنَيْهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِيَدٍ وَ عَلِيٌّ ع يَمْشِي بِأَثَرِهَا حَتَّى دَخَلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَجْلَسَهُمَا فِي حَجْرِهِ وَ جَلَسَ عَلِيٌّ ع عَنْ يَمِينِهِ وَ جَلَسَتْ فَاطِمَةُ ع عَنْ يَسَارِهِ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَاجْتَذَبَ مِنْ تَحْتِي كِسَاءً خَيْبَرِيّاً كَانَ بِسَاطاً لَنَا فَلَفَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ أَخَذَ طَرَفَيِ الْكِسَاءِ وَ أَلْوَى بِيَدِهِ الْيُمْنَى إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهِّرْهُمْ تَطْهِيراً قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ لَسْتُ مِنْ أَهْلِكَ قَالَ بَلَى قَالَتْ فَأَدْخَلَنِي فِي الْكِسَاءِ بَعْدَ مَا قَضَى دُعَاءَهُ لِابْنِ عَمِّهِ عَلِيٍّ وَ ابْنَتِهِ فَاطِمَةَ وَ ابْنَيْهِمَا «2».
39- أَقُولُ رَوَى شَارِحُ دِيوَانِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع عَنْ هِشَامٍ الْكَلْبِيِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ ع سَمِعُوا صَوْتَ هَاتِفٍ مِنَ السَّمَاءِ يَقُولُ-
          أَيُّهَا الْقَاتِلُونَ جَهْلًا حُسَيْناً-             أَبْشِرُوا بِالْعَذَابِ وَ التَّنْكِيلِ-
             كُلُّ أَهْلِ السَّمَاءِ يَدْعُو عَلَيْكُمْ-             مِنْ نَبِيٍّ وَ مُرْسَلٍ وَ قَتِيلٍ-
             قَدْ لُعِنْتُمْ عَلَى لِسَانِ بْنِ دَاوُدَ-             وَ مُوسَى وَ صَاحِبِ الْإِنْجِيلِ‏
40- وَ وَجَدْتُ بِخَطِّ بَعْضِ الْأَفَاضِلِ نَقْلًا مِنْ خَطِّ الشَّهِيدِ قُدِّسَ سِرُّهُ قَالَ: لَمَّا جِي‏ءَ بِرُءُوسِ الشُّهَدَاءِ وَ السَّبَايَا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ع أَنْشَدَ يَزِيدُ لَعَنَهُ اللَّهُ-
          لَمَّا بَدَتْ تِلْكَ الرُّءُوسُ وَ أَشْرَقَتْ-             تِلْكَ الشَّمُوسُ عَلَى رُبَى جَيْرُونِ «3»-
             صَاحَ الْغُرَابُ فَقُلْتُ صِحْ أَوْ لَا تَصِحْ-             فَلَقَدْ قَضَيْتُ مِنَ النَّبِيِّ دُيُونِي‏
__________________________________________________
 (1) البرمة: القدر من الحجر، و العصيدة: دقيق يلت بالسمن و يطبخ.
 (2) الطرائف: 30.
 (3) باب من أبواب دمشق.

199
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال ص 107

41- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيِّ، وَ رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا حُمِلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع إِلَى يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ هَمَّ بِضَرْبِ عُنُقِهِ فَوَقَّفَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ هُوَ يُكَلِّمُهُ لِيَسْتَنْطِقَهُ بِكَلِمَةٍ يُوجِبُ بِهَا قَتْلَهُ وَ عَلِيٌّ ع يُجِيبُهُ حَسَبَ مَا يُكَلِّمُهُ وَ فِي يَدِهِ سُبْحَةٌ صَغِيرَةٌ يُدِيرُهَا بِأَصَابِعِهِ وَ هُوَ يَتَكَلَّمُ فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ أُكَلِّمُكَ وَ أَنْتَ تُجِيبُنِي وَ تُدِيرُ أَصَابِعَكَ بِسُبْحَةٍ فِي يَدِكَ فَكَيْفَ يَجُوزُ ذَلِكَ فَقَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ وَ انْفَتَلَ- لَا يَتَكَلَّمُ حَتَّى يَأْخُذَ سُبْحَةً بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ أُسَبِّحُكَ وَ أُمَجِّدُكَ وَ أُحَمِّدُكَ وَ أُهَلِّلُكَ بِعَدَدِ مَا أُدِيرُ بِهِ سُبْحَتِي وَ يَأْخُذُ السُّبْحَةَ وَ يُدِيرُهَا وَ هُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا يُرِيدُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالتَّسْبِيحِ وَ ذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ مُحْتَسَبٌ لَهُ وَ هُوَ حِرْزٌ إِلَى أَنْ يَأْوِيَ إِلَى فِرَاشِهِ فَإِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَ وَضَعَ سُبْحَتَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ فَهِيَ مَحْسُوبَةٌ لَهُ مِنَ الْوَقْتِ إِلَى الْوَقْتِ فَفَعَلْتُ هَذَا اقْتِدَاءً بِجَدِّي فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ لَسْتُ أُكَلِّمُ أَحَداً مِنْكُمْ إِلَّا وَ يُجِيبُنِي بِمَا يَعُوذُ بِهِ وَ عَفَا عَنْهُ وَ وَصَلَهُ وَ أَمَرَ بإطلاقه.
- 3 42- نَوَادِرُ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ: إِنَّ مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ لَمَّا تَوَجَّهَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يُقَاتِلُهُ وَ بَلَغَ الْحَيْرَ دَخَلَ فَوَقَفَ عَلَى قَبْرِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ كُنْتَ غُصِبْتَ نَفْسَكَ مَا غُصِبْتَ دِينَكَ ثُمَّ انْصَرَفَ وَ هُوَ يَقُولُ شِعْرٌ-
          وَ إِنَّ الْأُولَى بِالطَّفِّ مِنْ آلِ هَاشِمٍ-             تَأَسَّوْا فَسَنُّوا لِلْكِرَامِ التَّأَسِّيَا
وَ مِنْهُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ قَالَ: لَمَّا بَلَغَ أَهْلَ الْبُلْدَانِ مَا كَانَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَدِمَتْ لِزِيَارَتِهِ مِائَةُ أَلْفِ امْرَأَةٍ مِمَّنْ كَانَتْ لَا تَلِدُ فَوَلَدْنَ كُلُّهُنَّ.

200
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 40 ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء و الأرض عليه ص و انكساف الشمس و القمر و غيرها ص 201

باب 40 ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء و الأرض عليه ص و انكساف الشمس و القمر و غيرها
1- فس، تفسير القمي أَبِي عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ: مَرَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ عَدُوٌّ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ فَقَالَ فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ «1» ثُمَّ مَرَّ عَلَيْهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع فَقَالَ لَكِنْ هَذَا لَتَبْكِيَنَّ عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ وَ قَالَ وَ مَا بَكَتِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا عَلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا وَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا.
2- ب، قرب الإسناد عَنْهُمَا «2» عَنْ حَنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: زُورُوا الْحُسَيْنَ ع وَ لَا تَجْفُوهُ فَإِنَّهُ سَيِّدُ شَبَابِ الشُّهَدَاءِ أَوْ سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ شَبِيهُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا وَ عَلَيْهِمَا بَكَتِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ.
أَقُولُ فِي خَبَرِ ابْنِ شَبِيبٍ عَنِ الرِّضَا ع أَنَّهُ بَكَتِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ الْأَرَضُونَ لِقَتْلِهِ «3».
3- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَ أَبُو سَلَمَةَ السَّرَّاجُ‏
__________________________________________________
 (1) الدخان: 29.
 (2) يعني محمّد بن عبد الحميد و عبد الصمد بن محمّد، و صدر الحديث هكذا: قال:
حنان- قلت لابى عبد اللّه عليه السلام: ما تقول في زيارة قبر الحسين عليه السلام فانه بلغنا عن بعضكم أنّه قال: تعدل حجة و عمرة، قال فقال ما أصعب هذا الحديث ما تعدل هذا كله لكن زوروه الحديث، راجع المصدر ص 66.
 (3) راجع ج 44 ص 286.

201
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 40 ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء و الأرض عليه ص و انكساف الشمس و القمر و غيرها ص 201

وَ يُونُسُ بْنُ يَعْقُوبَ وَ الْفُضَيْلُ بْنُ يَسَارٍ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنَ مُحَمَّدٍ ع فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي أَحْضُرُ مَجَالِسَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَأَذْكُرُكُمْ فِي نَفْسِي فَأَيُّ شَيْ‏ءٍ أَقُولُ فَقَالَ يَا حُسَيْنُ إِذَا حَضَرْتَ مَجَالِسَ هَؤُلَاءِ فَقُلْ اللَّهُمَّ أَرِنَا الرَّخَاءَ وَ السُّرُورَ فَإِنَّكَ تَأْتِي عَلَى مَا تُرِيدُ قَالَ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي أَذْكُرُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ع فَأَيُّ شَيْ‏ءٍ أَقُولُ إِذَا ذَكَرْتُهُ فَقَالَ قُلْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ يَا بَا عَبْدِ اللَّهِ تُكَرِّرُهَا ثَلَاثاً ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا وَ قَالَ إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَمَّا قُتِلَ بَكَتْ عَلَيْهِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ الْأَرَضُونَ السَّبْعُ وَ مَا فِيهِنَّ وَ مَا بَيْنَهُنَّ وَ مَنْ يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ وَ النَّارِ وَ مَا يُرَى وَ مَا لَا يُرَى إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ فَإِنَّهَا لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ مَا هَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ فَقَالَ الْبَصْرَةُ وَ دِمَشْقُ وَ آلُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ.
4- لي، الأمالي للصدوق ع، علل الشرائع ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَرْطَاةَ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ فُضَيْلٍ الرَّسَّانِ عَنْ جَبَلَةَ الْمَكِّيَّةِ قَالَ سَمِعْتُ مِيثَمَ التَّمَّارِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ يَقُولُ وَ اللَّهِ لَتَقْتُلُ هَذِهِ الْأُمَّةُ ابْنَ نَبِيِّهَا فِي الْمُحَرَّمِ لِعَشْرٍ يَمْضِينَ مِنْهُ وَ لَيَتَّخِذَنَّ أَعْدَاءُ اللَّهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ يَوْمَ بَرَكَةٍ وَ إِنَّ ذَلِكَ لَكَائِنٌ قَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَعْلَمُ ذَلِكَ لِعَهْدٍ عَهِدَهُ إِلَيَّ مَوْلَايَ- أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ لَقَدْ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ يَبْكِي عَلَيْهِ كُلُّ شَيْ‏ءٍ حَتَّى الْوُحُوشُ فِي الْفَلَوَاتِ وَ الْحِيتَانُ فِي الْبَحْرِ وَ الطَّيْرُ فِي السَّمَاءِ وَ يَبْكِي عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ وَ مُؤْمِنُو الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ وَ جَمِيعُ مَلَائِكَةِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ وَ رِضْوَانُ وَ مَالِكٌ وَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ وَ تَمْطُرُ السَّمَاءُ دَماً وَ رَمَاداً ثُمَّ قَالَ وَجَبَتْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ كَمَا وَجَبَتْ عَلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ كَمَا وَجَبَتْ عَلَى الْيَهُودِ وَ النَّصَارَى وَ الْمَجُوسِ قَالَ جَبَلَةُ فَقُلْتُ لَهُ يَا مِيثَمُ فَكَيْفَ يَتَّخِذُ النَّاسُ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ الْحُسَيْنُ يَوْمَ بَرَكَةٍ فَبَكَى مِيثَمٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ يَزْعُمُونَ لِحَدِيثٍ يَضَعُونَهُ أَنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي تَابَ اللَّهُ فِيهِ عَلَى آدَمَ وَ إِنَّمَا تَابَ اللَّهُ عَلَى آدَمَ فِي ذِي الْحِجَّةِ وَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي قَبِلَ اللَّهُ فِيهِ تَوْبَةَ دَاوُدَ-

202
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 40 ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء و الأرض عليه ص و انكساف الشمس و القمر و غيرها ص 201

وَ إِنَّمَا قَبِلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ تَوْبَتَهُ فِي ذِي الْحِجَّةِ وَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي أَخْرَجَ اللَّهُ فِيهِ- يُونُسَ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ وَ إِنَّمَا أَخْرَجَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يُونُسَ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ فِي ذِي الْحِجَّةِ وَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي اسْتَوَتْ فِيهِ سَفِينَةُ نُوحٍ عَلَى الْجُودِيِّ وَ إِنَّمَا اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ فِي يَوْمِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي فَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِ الْبَحْرَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ ثُمَّ قَالَ مِيثَمٌ يَا جَبَلَةُ اعْلَمِي أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لِأَصْحَابِهِ عَلَى سَائِرِ الشُّهَدَاءِ دَرَجَةٌ يَا جَبَلَةُ إِذَا نَظَرْتِ إِلَى الشَّمْسِ حَمْرَاءَ كَأَنَّهَا دَمٌ عَبِيطٌ فَاعْلَمِي أَنَّ سَيِّدَ الشُّهَدَاءِ الْحُسَيْنَ قَدْ قُتِلَ قَالَتْ جَبَلَةُ فَخَرَجْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَرَأَيْتُ الشَّمْسَ عَلَى الْحِيطَانِ كَأَنَّهَا الْمَلَاحِفُ الْمُعَصْفَرَةُ فَصِحْتُ حِينَئِذٍ وَ بَكَيْتُ وَ قُلْتُ قَدْ وَ اللَّهِ قُتِلَ سَيِّدُنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع «1».
بيان العبيط الطري.
5- مل، كامل الزيارات أَبِي وَ جَمَاعَةُ مَشَايِخِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ الْأَهْوَازِيِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ بَشِيرٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: بَعَثَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى أَبِي فَأَشْخَصَهُ إِلَى الشَّامِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ يَا بَا جَعْفَرٍ أَشْخَصْنَاكَ لِنَسْأَلَكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يَسْأَلَكَ عَنْهَا غَيْرِي وَ لَا أَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ خَلْقاً يَنْبَغِي أَنْ يَعْرِفَ أَوْ عَرَفَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ إِنْ كَانَ إِلَّا وَاحِدٌ فَقَالَ أَبِي لِيَسْأَلْنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَمَّا أَحَبَّ فَإِنْ عَلِمْتُ أَجَبْتُ ذَلِكَ وَ إِنْ لَمْ أَعْلَمْ قُلْتُ لَا أَدْرِي وَ كَانَ الصِّدْقُ أَوْلَى بِي فَقَالَ هِشَامٌ أَخْبِرْنِي عَنِ اللَّيْلَةِ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِمَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْغَائِبُ عَنِ الْمِصْرِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ عَلَى قَتْلِهِ وَ مَا الْعَلَامَةُ فِيهِ لِلنَّاسِ فَإِنْ عَلِمْتَ ذَلِكَ وَ أَحْبَبْتَ فَأَخْبِرْنِي هَلْ كَانَ تِلْكَ الْعَلَامَةُ لِغَيْرِ عَلِيٍّ ع فِي قَتْلِهِ فَقَالَ لَهُ أَبِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ لَمَّا كَانَ تِلْكَ اللَّيْلَةُ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ‏
__________________________________________________
 (1) علل الشرائع ج 1 ص 217 أمالي الصدوق المجلس 27 تحت الرقم: 1.

203
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 40 ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء و الأرض عليه ص و انكساف الشمس و القمر و غيرها ص 201

ع لَمْ يُرْفَعْ حَجَرٌ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِيطٌ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ وَ كَذَلِكَ كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا هَارُونُ أَخُو مُوسَى ع وَ كَذَلِكَ كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا يُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَ كَذَلِكَ كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي رُفِعَ فِيهَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَ كَذَلِكَ كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا شَمْعُونُ بْنُ حَمُّونَ الصَّفَا وَ كَذَلِكَ كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع وَ كَذَلِكَ كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع قَالَ فَتَرَبَّدَ وَجْهُ هِشَامٍ حَتَّى انْتُقِعَ لَوْنُهُ وَ هَمَّ أَنْ يَبْطِشَ بِأَبِي فَقَالَ لَهُ أَبِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْوَاجِبُ عَلَى الْعِبَادِ الطَّاعَةُ لِإِمَامِهِمْ وَ الصِّدْقُ لَهُ بِالنَّصِيحَةِ وَ إِنَّ الَّذِي دَعَانِي إِلَى أَنْ أَجَبْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِيمَا سَأَلَنِي عَنْهُ مَعْرِفَتِي لَهُ بِمَا يَجِبُ لَهُ عَلَيَّ مِنَ الطَّاعَةِ فَلْيُحْسِنْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الظَّنَّ فَقَالَ لَهُ هِشَامٌ انْصَرِفْ إِلَى أَهْلِكَ إِذَا شِئْتَ قَالَ فَخَرَجَ فَقَالَ لَهُ هِشَامٌ عِنْدَ خُرُوجِهِ أَعْطِنِي عَهْدَ اللَّهِ وَ مِيثَاقَهُ أَنْ لَا تُوقِعَ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَى أَحَدٍ حَتَّى أَمُوتَ فَأَعْطَاهُ أَبِي مِنْ ذَلِكَ مَا أَرْضَاهُ وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ «1».
بيان قال الجوهري تربد وجه فلان أي تغير من الغضب و انتقع لونه على بناء المجهول أي تغير من حزن أو سرور.
6- مل، كامل الزيارات أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلَمِيِّ وَ قَالَ أَحْمَدُ وَ أَخْبَرَنِي عَمِّي عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَنَّهُ قَالَ: وَ اللَّهِ لَقَدْ عَرَفْنَا أَهْلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَ نَوَاحِيهَا- عَشِيَّةَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قُلْتُ وَ كَيْفَ ذَلِكَ قَالَ مَا رَفَعْنَا حَجَراً وَ لَا مَدَراً وَ صَخْراً إِلَّا وَ رَأَيْنَا تَحْتَهَا دَماً يَغْلِي وَ احْمَرَّتِ الْحِيطَانُ كَالْعَلَقِ وَ مُطِرْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ دَماً عَبِيطاً وَ سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي فِي جَوْفِ اللَّيْلِ يَقُولُ-
          أَ تَرْجُو أُمَّةٌ قَتَلَتْ حُسَيْناً-             شَفَاعَةَ جَدِّهِ يَوْمَ الْحِسَابِ-
             مَعَاذَ اللَّهِ لَا نِلْتُمْ يَقِيناً-             شَفَاعَةَ أَحْمَدَ وَ أَبِي تُرَابٍ-
__________________________________________________
 (1) كامل الزيارات ص 75 و 76.

204
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 40 ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء و الأرض عليه ص و انكساف الشمس و القمر و غيرها ص 201

         قَتَلْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ الْمَطَايَا-             وَ خَيْرَ الشِّيبِ طُرّاً وَ الشَّبَابِ‏
 وَ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ ثَلَاثاً ثُمَّ تَجَلَّتْ عَنْهَا وَ انْشَبَكَتِ النُّجُومُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أُرْجِفْنَا بِقَتْلِهِ فَلَمْ يَأْتِ عَلَيْنَا كَثِيرُ شَيْ‏ءٍ حَتَّى نُعِيَ إِلَيْنَا الْحُسَيْنُ ع «1».
7- مل، كامل الزيارات أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ النَّاقِدُ بِإِسْنَادِهِ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِي أَبُو مَعْشَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ لَمْ يَبْقَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ حَصَاةٌ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهَا دَمٌ عَبِيطٌ.
مل، كامل الزيارات محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد مثله «2».
- 8- مل، كامل الزيارات مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ عَنْ خَالِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ ابْنِ بَزِيعٍ عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ السَّرَّاجِ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُعَمَّرٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: بَكَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ وَ الطَّيْرُ وَ الْوَحْشُ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع حَتَّى ذَرَفَتْ دُمُوعُهَا «3».
مل، كامل الزيارات أبي و جماعة مشايخي عن سعد و محمد العطار معا عن محمد بن الحسين مثله بيان ذرفت أي سالت.
9- مل، كامل الزيارات أَبِي وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ مَعاً عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَمْرٍو الْجَلَّابِ عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ ع بِأَبِي وَ أُمِّي الْحُسَيْنُ الْمَقْتُولُ بِظَهْرِ الْكُوفَةِ وَ اللَّهِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى الْوَحْشِ مَادَّةً أَعْنَاقَهَا عَلَى قَبْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْوَحْشِ يَبْكُونَهُ وَ يَرْثُونَهُ لَيْلًا حَتَّى الصَّبَاحِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِيَّاكُمْ وَ الْجَفَاءَ.
10- مل، كامل الزيارات مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي‏
__________________________________________________
 (1) المصدر ص 77 و هكذا ما يأتي بعده.
 (2) المصدر ص 93.
 (3) كامل الزيارات الباب 26 ص 79 و هكذا ما بعده على الترتيب إلى آخر الباب.

205
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 40 ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء و الأرض عليه ص و انكساف الشمس و القمر و غيرها ص 201

عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ النَّهَاوَنْدِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ ثُوَيْرٍ وَ ابْنِ ظَبْيَانَ وَ أَبِي سَلَمَةَ السَّرَّاجِ وَ الْمُفَضَّلِ كُلِّهِمْ قَالُوا سَمِعْنَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ع لَمَّا مَضَى بَكَتْ عَلَيْهِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ الْأَرَضُونَ السَّبْعُ وَ مَا فِيهِنَّ وَ مَا بَيْنَهُنَّ وَ مَنْ يَتَقَلَّبُ عَلَيْهِنَّ وَ الْجَنَّةُ وَ النَّارُ وَ مَنْ خَلَقَ رَبَّنَا وَ مَا يُرَى وَ مَا لَا يُرَى.
مل، كامل الزيارات أبي عن سعد عن محمد بن الحسين مثله.
11- مل، كامل الزيارات أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ ثُوَيْرٍ عَنْ يُونُسَ وَ أَبِي سَلَمَةَ السَّرَّاجِ وَ الْمُفَضَّلِ قَالُوا سَمِعْنَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ لَمَّا مَضَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا بَكَى عَلَيْهِ جَمِيعُ مَا خَلَقَ اللَّهُ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ- الْبَصْرَةَ وَ دِمَشْقَ وَ آلَ عُثْمَانَ.
12- مل، كامل الزيارات أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَحْيَى عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ ثُوَيْرٍ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَ ابْنُ ظَبْيَانَ وَ الْمُفَضَّلُ وَ أَبُو سَلَمَةَ السَّرَّاجُ جُلُوساً عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَكَانَ الْمُتَكَلِّمُ يُونُسَ وَ كَانَ أَكْبَرَنَا سِنّاً وَ ذَكَرَ حَدِيثاً طَوِيلًا يَقُولُ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع لَمَّا مَضَى بَكَتْ عَلَيْهِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ مَا فِيهِنَّ وَ الْأَرَضُونَ السَّبْعُ وَ مَا فِيهِنَّ وَ مَا بَيْنَهُنَّ وَ مَا يَنْقَلِبُ فِي الْجَنَّةِ وَ النَّارِ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا وَ مَا يُرَى وَ مَا لَا يُرَى بَكَى عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا هَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْأَشْيَاءِ قَالَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ الْبَصْرَةُ وَ لَا دِمَشْقُ وَ لَا آلُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ.
13- مل، كامل الزيارات مُحَمَّدٌ الْحِمْيَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْبَصْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَبِي يَعْقُوبَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَا زُرَارَةُ إِنَّ السَّمَاءَ بَكَتْ عَلَى الْحُسَيْنِ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً بِالدَّمِ وَ إِنَّ الْأَرْضَ بَكَتْ أَرْبَعِين‏

206
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 40 ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء و الأرض عليه ص و انكساف الشمس و القمر و غيرها ص 201

صَبَاحاً بِالسَّوَادِ وَ إِنَّ الشَّمْسَ بَكَتْ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً بِالْكُسُوفِ وَ الْحُمْرَةِ وَ إِنَّ الْجِبَالَ تَقَطَّعَتْ وَ انْتَثَرَتْ وَ إِنَّ الْبِحَارَ تَفَجَّرَتْ وَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ بَكَتْ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً عَلَى الْحُسَيْنِ وَ مَا اخْتَضَبَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ وَ لَا ادَّهَنَتْ وَ لَا اكْتَحَلَتْ وَ لَا رَجَّلَتْ حَتَّى أَتَانَا رَأْسُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ مَا زِلْنَا فِي عَبْرَةٍ بَعْدَهُ وَ كَانَ جَدِّي إِذَا ذَكَرَهُ بَكَى حَتَّى تَمْلَأَ عَيْنَاهُ لِحْيَتَهُ وَ حَتَّى يَبْكِيَ لِبُكَائِهِ رَحْمَةً لَهُ مَنْ رَآهُ وَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ عِنْدَ قَبْرِهِ لَيَبْكُونَ فَيَبْكِي لِبُكَائِهِمْ كُلُّ مَنْ فِي الْهَوَاءِ وَ السَّمَاءِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ لَقَدْ خَرَجَتْ نَفْسُهُ ع فَزَفَرَتْ جَهَنَّمُ زَفْرَةً كَادَتِ الْأَرْضُ تَنْشَقُّ لِزَفْرَتِهَا وَ لَقَدْ خَرَجَتْ نَفْسُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَشَهَقَتْ جَهَنَّمُ شَهْقَةً لَوْ لَا أَنَّ اللَّهَ حَبَسَهَا بِخُزَّانِهَا لَأَحْرَقَتْ مَنْ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ مِنْ فَوْرِهَا وَ لَوْ يُؤْذَنُ لَهَا مَا بَقِيَ شَيْ‏ءٌ إِلَّا ابْتَلَعَتْهُ وَ لَكِنَّهَا مَأْمُورَةٌ مَصْفُودَةٌ وَ لَقَدْ عَتَتْ عَلَى الْخُزَّانِ غَيْرَ مَرَّةٍ حَتَّى أَتَاهَا جَبْرَئِيلُ فَضَرَبَهَا بِجَنَاحِهِ فَسَكَنَتْ وَ إِنَّهَا لَتَبْكِيهِ وَ تَنْدُبُهُ وَ إِنَّهَا لَتَتَلَظَّى عَلَى قَاتِلِهِ وَ لَوْ لَا مَنْ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ حُجَجِ اللَّهِ لَنَقَضَتِ الْأَرْضَ وَ أَكْفَأَتْ مَا عَلَيْهَا وَ مَا تَكْثُرُ الزَّلَازِلُ إِلَّا عِنْدَ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ وَ مَا عَيْنٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ وَ لَا عَبْرَةٌ مِنْ عَيْنٍ بَكَتْ وَ دَمَعَتْ عَلَيْهِ وَ مَا مِنْ بَاكٍ يَبْكِيهِ إِلَّا وَ قَدْ وَصَلَ فَاطِمَةَ وَ أَسْعَدَهَا عَلَيْهِ وَ وَصَلَ رَسُولَ اللَّهِ ص وَ أَدَّى حَقَّنَا وَ مَا مِنْ عَبْدٍ يُحْشَرُ إِلَّا وَ عَيْنَاهُ بَاكِيَةٌ إِلَّا الْبَاكِينَ عَلَى جَدِّي فَإِنَّهُ يُحْشَرُ وَ عَيْنُهُ قَرِيرَةٌ وَ الْبِشَارَةُ تَلْقَاهُ وَ السُّرُورُ عَلَى وَجْهِهِ وَ الْخَلْقُ فِي الْفَزَعِ وَ هُمْ آمِنُونَ وَ الْخَلْقُ يُعْرَضُونَ وَ هُمْ حُدَّاثُ الْحُسَيْنِ ع تَحْتَ الْعَرْشِ وَ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ- لَا يَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ يُقَالُ لَهُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ فَيَأْبَوْنَ وَ يَخْتَارُونَ مَجْلِسَهُ وَ حَدِيثَهُ وَ إِنَّ الْحُورَ لَتُرْسِلُ إِلَيْهِمْ إِنَّا قَدِ اشْتَقْنَاكُمْ مَعَ الْوِلْدَانِ الْمُخَلَّدِينَ فَمَا يَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ إِلَيْهِمْ لِمَا يَرَوْنَ فِي مَجْلِسِهِمْ مِنَ السُّرُورِ وَ الْكَرَامَةِ وَ إِنَّ أَعْدَاءَهُمْ مِنْ بَيْنِ مَسْحُوبٍ بِنَاصِيَتِهِ إِلَى النَّارِ وَ مِنْ قَائِلٍ فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ وَ إِنَّهُمْ لَيُرَوْنَ مَنْزِلَهُمْ وَ مَا يَقْدِرُونَ أَنْ يَدْنُوا إِلَيْهِمْ وَ لَا يَصِلُونَ إِلَيْهِمْ وَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَأْتِيهِمْ بِالرِّسَالَةِ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ وَ مِنْ خُزَّانِهِمْ «1» عَلَى مَا أُعْطُوا مِنَ الْكَرَامَةِ
__________________________________________________
 (1) في المصدر: و خدامهم.

207
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 40 ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء و الأرض عليه ص و انكساف الشمس و القمر و غيرها ص 201

فَيَقُولُونَ نَأْتِيكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَيَرْجِعُونَ إِلَى أَزْوَاجِهِمْ بِمَقَالاتِهِمْ فَيَزْدَادُونَ إِلَيْهِمْ شَوْقاً إِذَا هُمْ خَبَّرُوهُمْ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْكَرَامَةِ وَ قُرْبِهِمْ مِنَ الْحُسَيْنِ ع فَيَقُولُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانَا الْفَزَعَ الْأَكْبَرَ وَ أَهْوَالَ الْقِيَامَةِ وَ نَجَّانَا مِمَّا كُنَّا نَخَافُ وَ يُؤْتَوْنَ بِالْمَرَاكِبِ وَ الرِّحَالِ عَلَى النَّجَائِبِ فَيَسْتَوُونَ عَلَيْهَا وَ هُمْ فِي الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ وَ الْحَمْدِ لِلَّهِ وَ الصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى آلِهِ حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ.
14- مل، كامل الزيارات مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْبَصْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ أُحَدِّثُهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ ابْنُهُ فَقَالَ لَهُ مَرْحَباً وَ ضَمَّهُ وَ قَبَّلَهُ وَ قَالَ حَقَّرَ اللَّهُ مَنْ حَقَّرَكُمْ وَ انْتَقَمَ مِمَّنْ وَتَرَكُمْ وَ خَذَلَ اللَّهُ مَنْ خَذَلَكُمْ وَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكُمْ وَ كَانَ اللَّهُ لَكُمْ وَلِيّاً وَ حَافِظاً وَ نَاصِراً فَقَدْ طَالَ بُكَاءُ النِّسَاءِ وَ بُكَاءُ الْأَنْبِيَاءِ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَدَاءِ وَ مَلَائِكَةِ السَّمَاءِ ثُمَّ بَكَى وَ قَالَ يَا أَبَا بَصِيرٍ إِذَا نَظَرْتُ إِلَى وُلْدِ الْحُسَيْنِ أَتَانِي مَا لَا أَمْلِكُهُ بِمَا أَتَى إِلَى أَبِيهِمْ وَ إِلَيْهِمْ يَا أَبَا بَصِيرٍ إِنَّ فَاطِمَةَ لَتَبْكِيهِ وَ تَشْهَقُ فَتَزْفِرُ جَهَنَّمُ زَفْرَةً لَوْ لَا أَنَّ الْخَزَنَةَ يَسْمَعُونَ بُكَاءَهَا وَ قَدِ اسْتَعَدُّوا لِذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا عُنُقٌ أَوْ يَشْرُدَ دُخَانُهَا فَيُحْرِقَ أَهْلَ الْأَرْضِ فَيَكْبَحُونَهَا مَا دَامَتْ بَاكِيَةً وَ يَزْجُرُونَهَا وَ يُوثِقُونَ مِنْ أَبْوَابِهَا مَخَافَةً عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَلَا تَسْكُنُ حَتَّى يَسْكُنَ صَوْتُ فَاطِمَةَ وَ إِنَّ الْبِحَارَ تَكَادُ أَنْ تَنْفَتِقَ فَيَدْخُلَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَ مَا مِنْهَا قَطْرَةٌ إِلَّا بِهَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ فَإِذَا سَمِعَ الْمَلَكُ صَوْتَهَا أَطْفَأَ نَارَهَا «1» بِأَجْنِحَتِهِ وَ حَبَسَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ مَخَافَةً عَلَى الدُّنْيَا وَ مَنْ فِيهَا وَ مَنْ عَلَى الْأَرْضِ فَلَا تَزَالُ الْمَلَائِكَةُ مُشْفِقِينَ يَبْكُونَ لِبُكَائِهَا وَ يَدْعُونَ اللَّهَ وَ يَتَضَرَّعُونَ إِلَيْهِ وَ يَتَضَرَّعُ أَهْلُ الْعَرْشِ وَ مَنْ حَوْلَهُ وَ تَرْتَفِعُ أَصْوَاتٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِالتَّقْدِيسِ لِلَّهِ مَخَافَةً عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَ لَوْ أَنَّ صَوْتاً مِنْ أَصْوَاتِهِمْ يَصِلُ‏
__________________________________________________
 (1) يقال: نأرت النائرة نارا: هاجت، و المراد ثوران الماء و غليانها، و لذلك عبر بقوله «أطفأ».

208
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 40 ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء و الأرض عليه ص و انكساف الشمس و القمر و غيرها ص 201

إِلَى الْأَرْضِ لَصَعِقَ أَهْلُ الْأَرْضِ وَ تَقَلَّعَتِ الْجِبَالُ وَ زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ عَظِيمٌ قَالَ غَيْرُهُ أَعْظَمُ مِنْهُ مَا لَمْ تَسْمَعْهُ ثُمَّ قَالَ يَا بَا بَصِيرٍ أَ مَا تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ فِيمَنْ يُسْعِدُ فَاطِمَةَ فَبَكِيتُ حِينَ قَالَهَا فَمَا قَدَرْتُ عَلَى الْمَنْطِقِ وَ مَا قَدَرْتُ عَلَى كَلَامِي مِنَ الْبُكَاءِ ثُمَّ قَامَ إِلَى الْمُصَلَّى يَدْعُو وَ خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَمَا انْتَفَعْتُ بِطَعَامٍ وَ مَا جَاءَنِي النَّوْمُ وَ أَصْبَحْتُ صَائِماً وَجِلًا حَتَّى أَتَيْتُهُ فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قَدْ سَكَنَ سَكَنْتُ وَ حَمِدْتُ اللَّهَ حَيْثُ لَمْ تَنْزِلْ بِي عُقُوبَةٌ.
بيان تقول كبحت الدابة إذا جذبتها إليك باللجام لكي تقف و لا تجري.
15- مل، كامل الزيارات أَبِي وَ جَمَاعَةُ مَشَايِخِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ يَزِيدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ الْأَزْرَقِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَكَمِ النَّخَعِيِّ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ هُوَ يَقُولُ فِي الرَّحْبَةِ وَ هُوَ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ- فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ «1» وَ خَرَجَ عَلَيْهِ الْحُسَيْنُ ع مِنْ بَعْضِ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ أَمَا إِنَّ هَذَا سَيُقْتَلُ وَ تَبْكِي عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ «2».
16- مل، كامل الزيارات مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِينٍ عَنْ يَزْدَادَ بْنِ عِيسَى الْأَنْصَارِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: خَرَجَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَجَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ وَ اجْتَمَعَ أَصْحَابُهُ حَوْلَهُ وَ جَاءَ الْحُسَيْنُ ع حَتَّى قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَقَالَ يَا بُنَيَّ إِنَّ اللَّهَ عَيَّرَ أَقْوَاماً فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ وَ ايْمُ اللَّهِ لَيَقْتُلَنَّكَ ثُمَّ تَبْكِيكَ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ.
مل، كامل الزيارات أبي عن سعد عن ابن أبي الخطاب بإسناده مثله.
17- مل، كامل الزيارات مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ وُهَيْبِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ الْحُسَيْنَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ بَكَى لِقَتْلِهِ السَّمَاءُ
__________________________________________________
 (1) الدخان: 29.
 (2) كامل الزيارات الباب 28 ص 88 و هكذا ما بعده على الترتيب إلى آخر الباب.

209
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 40 ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء و الأرض عليه ص و انكساف الشمس و القمر و غيرها ص 201

وَ الْأَرْضُ وَ احْمَرَّتَا وَ لَمْ تَبْكِيَا عَلَى أَحَدٍ قَطُّ إِلَّا عَلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا وَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ.
مل، كامل الزيارات أبي عن سعد عن ابن أبي الخطاب بإسناده مثله.
18- مل، كامل الزيارات عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَ غَيْرُهُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّ السَّمَاءَ بَكَتْ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع وَ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا وَ لَمْ تَبْكِ عَلَى أَحَدٍ غَيْرِهِمَا قُلْتُ وَ مَا بُكَاؤُهَا قَالَ مَكَثُوا أَرْبَعِينَ يَوْماً تَطْلُعُ الشَّمْسُ بِحُمْرَةٍ وَ تَغْرُبُ بِحُمْرَةٍ قُلْتُ فَذَلِكَ بُكَاؤُهَا قَالَ نَعَمْ.
مل، كامل الزيارات أبي و علي بن الحسين معا عن سعد عن ابن عيسى عن الوشاء عن حماد بن عثمان مثله «1».
19- مل، كامل الزيارات أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ الْقُرَشِيِّ قَالَ حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي أَنَّهَا أَدْرَكَتِ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ حِينَ قُتِلَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَتْ فَمَكَثْنَا سَنَةً وَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ وَ السَّمَاءُ مِثْلُ الْعَلَقَةِ مِثْلُ الدَّمِ مَا تُرَى الشَّمْسُ.
20- مل، كامل الزيارات عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ قَالَ لَمْ تَبْكِ السَّمَاءُ أَحَداً مُنْذُ قُتِلَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا حَتَّى قُتِلَ الْحُسَيْنُ ع فَبَكَتْ عَلَيْهِ.
ص، قصص الأنبياء عليهم السلام بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن علي بن إبراهيم مثله.
21- مل، كامل الزيارات مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: احْمَرَّتِ السَّمَاءُ حِينَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ سَنَةً ثُمَّ قَالَ بَكَتِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ سَنَةً وَ عَلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا وَ حُمْرَتُهَا بُكَاؤُهَا.
__________________________________________________
 (1) ترى هذا الحديث بالسند المذكور في الباب 28 من المصدر تحت الرقم 15.

210
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 40 ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء و الأرض عليه ص و انكساف الشمس و القمر و غيرها ص 201

22- مل، كامل الزيارات أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا «1»- الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّاً وَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّاً وَ لَمْ تَبْكِ السَّمَاءُ إِلَّا عَلَيْهِمَا أَرْبَعِينَ صَبَاحاً قَالَ قُلْتُ مَا بُكَاؤُهَا قَالَ كَانَتْ تَطْلُعُ حَمْرَاءَ وَ تَغْرُبُ حَمْرَاءَ.
23- مل، كامل الزيارات عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَ سَعْدٍ مَعاً عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: مَا بَكَتِ السَّمَاءُ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا إِلَّا عَلَى الْحُسَيْنِ بْنَ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهَا بَكَتْ عَلَيْهِ أَرْبَعِينَ يَوْماً.
24- مل، كامل الزيارات مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ كُلَيْبِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَمْ تَبْكِ السَّمَاءُ إِلَّا عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا ع.
25- مل، كامل الزيارات مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع أَمْطَرَتِ السَّمَاءُ تُرَاباً أَحْمَرَ.
26- مل، كامل الزيارات حَكِيمُ بْنُ دَاوُدَ عَنْ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَسْلَمَ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثُبَيْتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ: إِنَّ السَّمَاءَ لَمْ تَبْكِ مُنْذُ وُضِعَتْ إِلَّا عَلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا وَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع قُلْتُ أَيُّ شَيْ‏ءٍ بُكَاؤُهَا قَالَ كَانَتْ إِذَا اسْتُقْبِلَتْ بِالثَّوْبِ وَقَعَ عَلَى الثَّوْبِ شِبْهُ أَثَرِ الْبَرَاغِيثِ مِنَ الدَّمِ.
27- مل، كامل الزيارات أَبِي وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ عَنْ حَنَانٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مَا تَقُولُ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع فَإِنَّهُ بَلَغَنَا عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهَا تَعْدِلُ حَجَّةً وَ عُمْرَةً قَالَ لَا تَعْجَبْ‏
__________________________________________________
 (1) مريم: 7.

211
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 40 ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء و الأرض عليه ص و انكساف الشمس و القمر و غيرها ص 201

مَا أَصَابَ مَنْ يَقُولُ هَذَا كُلُّهُ «1» وَ لَكِنْ زُرْهُ وَ لَا تَجْفُهُ فَإِنَّهُ سَيِّدُ شَبَابِ الشُّهَدَاءِ وَ سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ شَبِيهُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا وَ عَلَيْهِمَا بَكَتِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ.
مل، كامل الزيارات أبي و أبي الوليد عن الصفار عن عبد الصمد بن محمد عن حنان بن سدير عن أبي عبد الله ع مثله- مل، كامل الزيارات أبي و جماعة مشايخي عن سعد عن ابن عيسى عن ابن بزيع عن حنان مثله بيان قوله ع ما أصاب محمول على التقية «2».
28- مل، كامل الزيارات بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ مَعْقِلٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ قَاتِلُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا وَلَدَ زِنًا وَ قَاتِلُ الْحُسَيْنِ وَلَدُ زِنًا وَ لَمْ تَبْكِ السَّمَاءُ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا عَلَيْهِمَا قَالَ قُلْتُ وَ كَيْفَ تَبْكِي قَالَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ فِي حُمْرَةٍ وَ تَغِيبُ فِي حُمْرَةٍ.
مل، كامل الزيارات محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير مثله.
29- مل، كامل الزيارات أَبِي وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْحَسَنِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَكَمِ النَّخَعِيِّ عَنْ كَثِيرِ بْنِ شِهَابٍ الْحَارِثِيِّ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي الرَّحْبَةِ إِذَا طَلَعَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ فَضَحِكَ عَلِيٌّ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ ذَكَرَ قَوْماً فَقَالَ- فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَيُقْتَلَنَّ هَذَا وَ لَتَبْكِيَنَّ عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ.
مل، كامل الزيارات أبي عن سعد و الحميري معا عن ابن عيسى مثله.
__________________________________________________
 (1) لا تعجب بالقول هذا كله خ ل.
 (2) هذا إذا كانت «ما» نافية، لكنها ما التعجبية دخلت على أفعل التعجب، و قد مر في ذيل الحديث المرقم 2 عن قرب الإسناد بلفظ آخر فراجع.

212
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 40 ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء و الأرض عليه ص و انكساف الشمس و القمر و غيرها ص 201

30- مل، كامل الزيارات أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْحَسَنِيِّ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ع مَا بَكَتِ السَّمَاءُ إِلَّا عَلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا وَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع.
31- مل، كامل الزيارات أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ كَانَ الَّذِي قَتَلَ الْحُسَيْنَ ع وَلَدَ زِناً وَ الَّذِي قَتَلَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا وَلَدَ زِناً وَ قَالَ احْمَرَّتِ السَّمَاءُ حِينَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ سَنَةً ثُمَّ قَالَ بَكَتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ عَلَى الْحُسَيْنِ وَ عَلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا وَ حُمْرَتُهَا بُكَاؤُهَا «1».
32- مل، كامل الزيارات أَبِي وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: اتَّخِذُوا الْحَمَامَ الرَّاعِبِيَّةَ فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّهَا تَلْعَنُ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ ع.
33- مل، كامل الزيارات أَبِي وَ أَخِي وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ جَمِيعاً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ عَنِ الْجَامُورَانِيِّ عَنِ ابْنِ الْبَطَائِنِيِّ عَنْ صَنْدَلٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً فِي بَيْتِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَنَظَرْتُ إِلَى الْحَمَامِ الرَّاعِبِيِّ يُقَرْقِرُ طَوِيلًا فَنَظَرَ إِلَيَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع طَوِيلًا فَقَالَ يَا دَاوُدُ تَدْرِي مَا يَقُولُ هَذَا الطَّيْرُ قُلْتُ لَا وَ اللَّهِ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ تَدْعُو عَلَى قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَاتَّخِذُوهُ فِي مَنَازِلِكُمْ.
مل، كامل الزيارات أبي و جماعة مشايخي عن سعد عن الجاموراني بإسناده مثله.
34- مل، كامل الزيارات ابْنُ الْوَلِيدِ وَ جَمَاعَةُ مَشَايِخِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْيَقْطِينِيِّ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي غُنْدَرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي الْبُومَةِ فَقَالَ هَلْ أَحَدٌ مِنْكُمْ رَآهَا بِالنَّهَارِ قِيلَ لَهُ لَا تَكَادُ تَظْهَرُ بِالنَّهَارِ وَ لَا تَظْهَرُ إِلَّا لَيْلًا قَالَ أَمَا إِنَّهَا لَمْ تَزَلْ تَأْوِي الْعُمْرَانَ أَبَداً فَلَمَّا أَنْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ ع‏
__________________________________________________
 (1) كامل الزيارات الباب 30 و ما بعده على الترتيب، و الحمام الراعبية مر تفسيرها في ج 44 ص 305.

213
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 40 ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء و الأرض عليه ص و انكساف الشمس و القمر و غيرها ص 201

آلَتْ عَلَى نَفْسِهَا أَنْ لَا تَأْوِيَ الْعُمْرَانَ أَبَداً وَ لَا تَأْوِي إِلَّا الْخَرَابَ فَلَا تَزَالُ نَهَارَهَا صَائِمَةً حَزِينَةً حَتَّى يَجُنَّهَا اللَّيْلُ فَإِذَا جَنَّهَا اللَّيْلُ فَلَا تَزَالُ تَرِنُّ عَلَى الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ حَتَّى تُصْبِحَ «1».
35- مل، كامل الزيارات حَكِيمُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ سَلَمَةَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ صَاعِدٍ الْبَرْبَرِيِّ قَيِّماً لِقَبْرِ الرِّضَا ع قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الرِّضَا ع فَقَالَ لِي مَا يَقُولُ النَّاسُ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ جِئْنَا نَسْأَلُكَ قَالَ فَقَالَ لِي تَرَى هَذِهِ الْبُومَةَ كَانَتْ عَلَى عَهْدِ جَدِّي رَسُولِ اللَّهِ ص تَأْوِي الْمَنَازِلَ وَ الْقُصُورَ وَ الدُّورَ وَ كَانَتْ إِذَا أَكْلَ النَّاسُ الطَّعَامَ تَطِيرُ فَتَقَعُ أَمَامَهُمْ فَيُرْمَى إِلَيْهَا بِالطَّعَامِ وَ تُسْقَى ثُمَّ تَرْجِعُ إِلَى مَكَانِهَا وَ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ خَرَجَتْ مِنَ الْعُمْرَانِ إِلَى الْخَرَابِ وَ الْجِبَالِ وَ الْبَرَارِي وَ قَالَتْ بِئْسَ الْأُمَّةُ أَنْتُمْ قَتَلْتُمُ ابْنَ نَبِيِّكُمْ وَ لَا آمَنُكُمْ عَلَى نَفْسِي.
36- مل، كامل الزيارات مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ الْبُومَةُ لَتَصُومُ النَّهَارَ فَإِذَا أَفْطَرَتْ تَدَلَّهَتْ «2» عَلَى الْحُسَيْنِ ع حَتَّى تُصْبِحَ.
بيان قال الفيروزآبادي الدلة محركة «3» و الدلوة ذهاب الفؤاد من هم و نحوه و دلهه العشق تدليها فتدله.
37- مل، كامل الزيارات عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُمَرَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْمِيثَمِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَا يَعْقُوبُ «4» رَأَيْتَ بُومَةً قَطُّ تَنَفَّسُ بِالنَّهَارِ فَقَالَ لَا قَالَ وَ تَدْرِي لِمَ ذَلِكَ قَالَ لَا قَالَ لِأَنَّهَا تَظَلُّ يَوْمَهَا صَائِمَةً فَإِذَا جَنَّهَا اللَّيْلُ أَفْطَرَتْ عَلَى مَا رُزِقَتْ ثُمَّ لَمْ تَزَلْ تَرَنَّمُ عَلَى الْحُسَيْنِ حَتَّى تُصْبِحَ.
__________________________________________________
 (1) كامل الزيارات الباب 31 و ما بعده إلى آخر الباب.
 (2) تولهت خ ل، و في المصدر «اندبت» و هو تصحيف.
 (3) في القاموس: الدله، و يحرك إلخ.
 (4) الظاهر أنّه كان يعقوب بن شعيب الميثمى حاضرا في المجلس، و خطاب الامام معه.

214
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 40 ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء و الأرض عليه ص و انكساف الشمس و القمر و غيرها ص 201

بيان لعل التنفس كناية عن التصويت أو عن الأكل و الشرب قال الفيروزآبادي تنفس في الإناء شرب من غير أن يبينه عن فيه انتهى أو عن التفرج و التوسع يقال أنت في نفس من عمرك أي في سعة و فسحة و قال الجزري فيه فلو كنت تنفست أي أطلت الكلام.
38- قب، المناقب لابن شهرآشوب أَبُو نُعَيْمٍ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ وَ النَّسَوِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ قَالَتْ نَصْرَةُ الْأَزْدِيَّةُ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ ع أَمْطَرَتِ السَّمَاءُ دَماً وَ حِبَابُنَا وَ جِرَارُنَا صَارَتْ مَمْلُوَّةً دَماً «1».
وَ قَالَ قَرَظَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ مَطَرَتِ السَّمَاءُ يَوْماً نِصْفَ النَّهَارِ عَلَى شَمْلَةٍ بَيْضَاءَ فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ دَمٌ وَ ذَهَبَتِ الْإِبِلُ إِلَى الْوَادِي لِتَشْرَبَ فَإِذَا هُوَ دَمٌ وَ إِذَا هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ الْحُسَيْنُ ع.
وَ قَالَ الصَّادِقُ ع بَكَتِ السَّمَاءُ عَلَى الْحُسَيْنِ ع أَرْبَعِينَ يَوْماً بِالدَّمِ.
زُرَارَةُ بْنُ أَعْيَنَ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: بَكَتِ السَّمَاءُ عَلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا وَ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع أَرْبَعِينَ صَبَاحاً وَ لَمْ تَبْكِ إِلَّا عَلَيْهِمَا قُلْتُ فَمَا بُكَاؤُهَا قَالَ كَانَتِ الشَّمْسُ تَطْلُعُ حَمْرَاءَ وَ تَغِيبُ حَمْرَاءَ.
أُسَامَةُ بْنُ شَبِيبٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ قَالَتْ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ مَطَرَتِ السَّمَاءُ مَطَراً كَالدَّمِ احْمَرَّتْ مِنْهُ الْبُيُوتُ وَ الْحِيطَانُ.
- وَ رَوَى قَرِيباً مِنْ ذَلِكَ فِي الْإِبَانَةِ.
تَفْسِيرُ الْقُشَيْرِيِّ وَ الْفَتَّالُ: قَالَ السُّدِّيُّ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بَكَتْ عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَ عَلَامَتُهَا حُمْرَةُ أَطْرَافِهَا.
مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ: أُخْبِرْنَا أَنَّ حُمْرَةَ أَطْرَافِ السَّمَاءِ لَمْ تَكُنْ قَبْلَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ ع.
تَارِيخُ النَّسَوِيِّ رَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: تَعْلَمُ هَذِهِ الْحُمْرَةُ فِي الْأُفُقِ مِمَّ هِيَ ثُمَّ قَالَ مِنْ يَوْمَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ ع «2».
__________________________________________________
 (1) جمع الحب و الجرة: اناء للماء من خزف و الثاني أصغر من الأول.
 (2) مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 54.

215
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 40 ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء و الأرض عليه ص و انكساف الشمس و القمر و غيرها ص 201

أقول قال صاحب المناقب و روى هذا الحديث أبو عيسى الترمذي.
39- قب، المناقب لابن شهرآشوب الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ ارْتَفَعَتْ حُمْرَةٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ وَ حُمْرَةٌ مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ فَكَادَتَا يَلْتَقِيَانِ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ.
تَارِيخُ النَّسَوِيِّ قَالَ أَبُو قَبِيلٍ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع كُسِفَتِ الشَّمْسُ كَسْفَةً بَدَتِ الْكَوَاكِبُ نِصْفَ النَّهَارِ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهَا هِيَ.
بيان أنها هي أي القيامة- أقول روي هذا الخبر في بعض كتب المناقب المعتبرة عن علي بن أحمد العاصمي عن إسماعيل بن أحمد البيهقي عن والده عن محمد بن الحسين القطان عن عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي عن يعقوب بن سفيان عن النضر بن عبد الجبار عن ابن لهيعة عن أبي قبيل مثله.
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنْ جَدَّتِهِ قَالَتْ كُنْتُ أَيَّامَ الْحُسَيْنِ جَارِيَةً شَابَّةً فَكَانَتِ السَّمَاءُ أَيَّاماً عَلَقَةً.
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أُمِّ سُرَّقٍ الْعَبْدِيَّةِ عَنْ نَضْرَةَ الْأَزْدِيَّةِ قَالَتْ لَمَّا أَنْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ ع مَطَرَتِ السَّمَاءُ دَماً فَأَصْبَحْتُ وَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ لَنَا مَلْآنُ دَماً.
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيِّ عَنْ سَلَّامِ بْنِ سُلَيْمَانَ الثَّقَفِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو الْكِنْدِيِّ عَنْ أُمِّ حَيَّانَ قَالَتْ يَوْمَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ أَظْلَمَتْ عَلَيْنَا ثَلَاثاً وَ لَمْ يَمَسَّ أَحَدٌ مِنْ زَعْفَرَانِهِمْ «1» شَيْئاً فَجَعَلَهُ عَلَى وَجْهِهِ إِلَّا احْتَرَقَ وَ لَمْ يُقَلَّبْ حَجَرٌ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَّا أَصْبَحَ تَحْتَهُ دَماً عَبِيطاً.
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: أَوَّلُ مَا عُرِفَ الزُّهْرِيُّ تَكَلَّمَ فِي مَجْلِسِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ الْوَلِيدُ أَيُّكُمْ يَعْلَمُ مَا فَعَلَتْ أَحْجَارُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ- يَوْمَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ بَلَغَنِي أَنَّهُ لَمْ يُقَلَّبْ حَجَرٌ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِيطٌ.
__________________________________________________
 (1) تريد بالزعفران: الخلوق المتخذة من الزعفران.

216
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 40 ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء و الأرض عليه ص و انكساف الشمس و القمر و غيرها ص 201

40- يف، الطرائف رُوِيَ فِي أَوَّلِ الْجُزْءِ الْخَامِسِ مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى- فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ «1» قَالَ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع بَكَتِ السَّمَاءُ وَ بُكَاؤُهَا حُمْرَتُهَا.
وَ رَوَى الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الْحُمْرَةَ الَّتِي مَعَ الشَّفَقِ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ ع.
وَ رَوَى الثَّعْلَبِيُّ أَيْضاً يَرْفَعُهُ قَالَ: مُطِرْنَا دَماً بِأَيَّامِ قَتْلِ الْحُسَيْنِ ع.
41- ما، الأمالي للشيخ الطوسي ابْنُ حَشِيشٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ دَلِيلٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَهْلٍ عَنْ مُؤَمِّلٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ: أَمْطَرَتِ السَّمَاءُ يَوْمَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ ع دَماً عَبِيطاً.
42- لي، الأمالي للصدوق ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ ابْنِ مَتِّيلٍ عَنِ ابْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَطِيفٍ التَّفْلِيسِيِّ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ ع لَمَّا ضُرِبَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع بِالسَّيْفِ ثُمَّ ابْتُدِرَ لِيُقْطَعَ رَأْسُهُ نَادَى مُنَادٍ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْعِزَّةِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ فَقَالَ أَلَا أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ الْمُتَحَيِّرَةُ الظَّالِمَةُ بَعْدَ نَبِيِّهَا- لَا وَفَّقَكُمُ اللَّهُ لِأَضْحًى وَ لَا فِطْرٍ قَالَ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع- لَا جَرَمَ وَ اللَّهِ مَا وُفِّقُوا وَ لَا يُوَفَّقُونَ أَبَداً حَتَّى يَقُومَ ثَائِرُ الْحُسَيْنِ ع «2».
ع، علل الشرائع علي بن أحمد عن الكليني عن علي بن محمد عمن ذكره عن محمد بن سليمان عن عبد الله بن لطيف عن رزين عن أبي عبد الله ع مثله «3» بيان عدم توفيقهم للفطر و الأضحى إما لاشتباه الهلال في كثير من الأزمان في هذين الشهرين كما فهمه الأكثر أو لأنهم لعدم ظهور أئمة الحق و عدم استيلائهم‏
__________________________________________________
 (1) الدخان: 29.
 (2) أمالي الصدوق المجلس 31 تحت الرقم 5، و رواه في الفقيه ج 1 ص 62.
 (3) علل الشرائع ج 2 ص 76 و تراه في الكافي ج 4 ص 170، و فيه حتّى يثأر ثائر الحسين عليه السلام.

217
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 40 ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء و الأرض عليه ص و انكساف الشمس و القمر و غيرها ص 201

لا يوفقون للصلاتين إما كاملة أو مطلقا بناء على اشتراط الإمام أو يخص الحكم بالعامة كما هو الظاهر و الأخير عندي أظهر و الله يعلم.
43- ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِيدِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنِ السَّيَّارِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الرَّازِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي ع قَالَ: قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا تَقُولُ فِي الْعَامَّةِ فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُمْ لَا يُوَفَّقُونَ لِصَوْمٍ فَقَالَ لِي أَمَا إِنَّهُمْ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَةُ الْمَلَكِ فِيهِمْ قَالَ قُلْتُ وَ كَيْفَ ذَلِكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ إِنَّ النَّاسَ لَمَّا قَتَلُوا الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ع أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَلَكاً يُنَادِي أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ الظَّالِمَةُ الْقَاتِلَةُ عِتْرَةَ نَبِيِّهَا- لَا وَفَّقَكُمُ اللَّهُ لِصَوْمٍ وَ لَا فِطْرٍ وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ لِفِطْرٍ وَ لَا أَضْحًى «1».
44- لي، الأمالي للصدوق الْفَامِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ع دَخَلَ يَوْماً إِلَى الْحَسَنِ ع فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ بَكَى فَقَالَ لَهُ مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَبْكِي لِمَا يُصْنَعُ بِكَ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ ع إِنَّ الَّذِي يُؤْتَى إِلَيَّ سَمٌّ يُدَسُّ إِلَيَّ فَأُقْتَلُ بِهِ وَ لَكِنْ لَا يَوْمَ كَيَوْمِكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَزْدَلِفُ إِلَيْكَ ثَلَاثُونَ أَلْفَ رَجُلٍ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أُمَّةِ جَدِّنَا مُحَمَّدٍ ص وَ يَنْتَحِلُونَ دِينَ الْإِسْلَامِ فَيَجْتَمِعُونَ عَلَى قَتْلِكَ وَ سَفْكِ دَمِكَ وَ انْتِهَاكِ حُرْمَتِكَ وَ سَبْيِ ذَرَارِيِّكَ وَ نِسَائِكَ وَ انْتِهَابِ ثِقْلِكَ فَعِنْدَهَا تَحِلُّ بِبَنِي أُمَيَّةَ اللَّعْنَةُ وَ تُمْطِرُ السَّمَاءُ رَمَاداً وَ دَماً وَ يَبْكِي عَلَيْكَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ حَتَّى الْوُحُوشُ فِي الْفَلَوَاتِ وَ الْحِيتَانُ فِي الْبِحَارِ «2».
45- ص، قصص الأنبياء عليهم السلام عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا «3» قَالَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ سَمِيٌّ قَبْلَهُ وَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَمِيٌّ قَبْلَهُ وَ بَكَتِ السَّمَاءُ عَلَيْهِمَا أَرْبَعِينَ صَبَاحاً وَ كَذَلِكَ بَكَتِ الشَّمْسُ‏
__________________________________________________
 (1) المصدر ج 2 ص 76 و تراه في الكافي ج 4 ص 169.
 (2) أمالي الصدوق المجلس 24 تحت الرقم 3.
 (3) مريم: 7.

218
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 40 ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء و الأرض عليه ص و انكساف الشمس و القمر و غيرها ص 201

عَلَيْهِمَا وَ بُكَاؤُهَا أَنْ تَطْلُعَ حَمْرَاءَ وَ تَغِيبَ حَمْرَاءَ وَ قِيلَ أَيْ بَكَى أَهْلُ السَّمَاءِ وَ هُمُ الْمَلَائِكَةُ.
46- ص، قصص الأنبياء عليهم السلام عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ بَكَى لِقَتْلِهِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ وَ احْمَرَّتَا وَ لَمْ يَبْكِيَا عَلَى أَحَدٍ قَطُّ إِلَّا عَلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا.
47- مل، كامل الزيارات مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ النَّاقِدُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ قَدْ أَخْرَجَهُ عُثْمَانُ إِلَى الرَّبَذَةِ فَقَالَ لَهُ النَّاسُ يَا أَبَا ذَرٍّ أَبْشِرْ فَهَذَا قَلِيلٌ فِي اللَّهِ فَقَالَ مَا أَيْسَرَ هَذَا وَ لَكِنْ كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ قَتْلًا أَوْ قَالَ ذُبِحَ ذَبْحاً وَ اللَّهِ لَا يَكُونُ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ قَتْلِ الْخَلِيفَةِ أَعْظَمَ «1» قَتِيلًا مِنْهُ وَ إِنَّ اللَّهَ سَيَسُلُّ سَيْفَهُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ لَا يَغْمِدُهُ أَبَداً وَ يَبْعَثُ نَاقِماً مِنْ ذُرِّيَّتِهِ فَيَنْتَقِمُ مِنَ النَّاسِ وَ إِنَّكُمْ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِ الْبِحَارَ وَ سُكَّانِ الْجِبَالِ فِي الْغِيَاضِ وَ الْآكَامِ وَ أَهْلِ السَّمَاءِ مِنْ قَتْلِهِ لَبَكِيتُمْ وَ اللَّهِ حَتَّى تَزْهَقَ أَنْفُسُكُمْ وَ مَا مِنْ سَمَاءٍ يَمُرُّ بِهِ رُوحُ الْحُسَيْنِ ع إِلَّا فَزِعَ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَقُومُونَ قِيَاماً تُرْعَدُ مَفَاصِلُهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ مَا مِنْ سَحَابَةٍ تَمُرُّ وَ تُرْعِدُ وَ تُبْرِقُ إِلَّا لَعَنَتْ قَاتِلَهُ وَ مَا مِنْ يَوْمٍ إِلَّا وَ تُعْرَضُ رُوحُهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فَيَلْتَقِيَانِ «2».
48- شا، الإرشاد رَوَى يُوسُفُ بْنُ عَبْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَقُولُ لَمْ تُرَ هَذِهِ الْحُمْرَةُ فِي السَّمَاءِ إِلَّا بَعْدَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ «3».
بيان يمكن أن يكون المراد كثرة الحمرة و زيادتها.
__________________________________________________
 (1) يريد بالخليفة عليّ بن أبي طالب عليه السلام، و في بعض النسخ: «بعد قتل الحسين عليه السلام أعظم قتيلا منه».
 (2) كامل الزيارات ص 74.
 (3) الإرشاد ص 236.
أقول: ان اختلاف الجو و الكائنات بانظلام الدنيا ثلاثة أيّام و بكاء الشمس بحمرتها غدوا و عشيا و غير ذلك ممّا مر عليك في هذا الباب ممّا تواتر عند المؤرخين فلا ريب في وقوعها كما اعترف به المخالفون، قال السيوطي في الدّر المنثور ج 6 ص 31: أخرج ابن أبي حاتم.

219
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 41 ضجيج الملائكة إلى الله تعالى في أمره و أن الله بعثهم لنصره و بكائهم و بكاء الأنبياء و فاطمة ع عليه صلوات الله عليه ص 220

باب 41 ضجيج الملائكة إلى الله تعالى في أمره و أن الله بعثهم لنصره و بكائهم و بكاء الأنبياء و فاطمة ع عليه صلوات الله عليه‏
1 أقول قد أثبتنا خبر ابن شبيب في باب البكاء عليه «1» صلى الله عليه.
2- لي، الأمالي للصدوق ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ ابْنِ مَتِّيلٍ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقُ ع إِنَّ أَرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ هَبَطُوا يُرِيدُونَ الْقِتَالَ مَعَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ فِي الْقِتَالِ فَرَجَعُوا فِي الِاسْتِئْذَانِ وَ هَبَطُوا وَ قَدْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ ع فَهُمْ عِنْدَ قَبْرِهِ شُعْثٌ غُبْرٌ يَبْكُونَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ رَئِيسُهُمْ مَلَكٌ يُقَالُ لَهُ مَنْصُورٌ «2».
__________________________________________________
عن عبيد المكتب، عن إبراهيم رضي اللّه عنه قال: ما بكت السماء منذ كانت الدنيا الا على اثنين (قيل لعبيد أ ليس السماء و الأرض تبكى على المؤمن؟ قال ذاك مقامه و حيث يصعد عمله قال و تدرى ما بكاء السماء قال: لا قال: تحمر و تصير وردة كالدهان) ان يحيى بن زكريا لما قتل احمرت السماء و قطرت دما و ان حسين بن على يوم قتل احمرت السماء.
و أخرج ابن أبي حاتم، عن زيد بن زياد، عنه قال: لما قتل الحسين احمرت آفاق السماء أربعة أشهر.
فترى أمثال ما أخرجه المصنّف رحمه اللّه من كتب الشيعة، في تاريخ ابن عساكر ج 4 ص 339، الخصائص الكبرى ج 2 ص 126، الخطط المقريزية ج 2 ص 289 تذكرة الخواص ص 155، المقتل للخوارزمي ج 2 ص 90، الاتحاف بحب الاشراف ص 24 تهذيب التهذيب ج 2 ص 354، الصواعق المحرقة ص 116، تاريخ الخلفاء ص 138 الكواكب الدرية ج 1 ص 56، مجمع الزوائد ج 9 ص 197، عقد الفريد ج 2 ص 315 و غير ذلك فراجع.
 (1) راجع ج 44 ص 285.
 (2) أمالي الصدوق المجلس 92 تحت الرقم 7.

220
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 41 ضجيج الملائكة إلى الله تعالى في أمره و أن الله بعثهم لنصره و بكائهم و بكاء الأنبياء و فاطمة ع عليه صلوات الله عليه ص 220

مل، كامل الزيارات محمد بن جعفر الرزاز عن ابن أبي الخطاب مثله «1».
3- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنِ ابْنِ عَمِيرَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ مَا كَانَ ضَجَّتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَ قَالَتْ يَا رَبِّ يُفْعَلُ هَذَا بِالْحُسَيْنِ صَفِيِّكَ وَ ابْنِ نَبِيِّكَ قَالَ فَأَقَامَ اللَّهُ لَهُمْ ظِلَّ الْقَائِمِ ع وَ قَالَ بِهَذَا أَنْتَقِمُ لَهُ مِنْ ظَالِمِيهِ.
4- ع، علل الشرائع الدَّقَّاقُ وَ ابْنُ عِصَامٍ مَعاً عَنِ الْكُلَيْنِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْفَزَارِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ الْعَمِّيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنِ الثُّمَالِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَ لَسْتُمْ كُلُّكُمْ قَائِمِينَ بِالْحَقِّ قَالَ بَلَى قُلْتُ فَلِمَ سُمِّيَ الْقَائِمُ قَائِماً قَالَ لَمَّا قُتِلَ جَدِّيَ الْحُسَيْنُ ضَجَّتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْبُكَاءِ وَ النَّحِيبِ وَ قَالُوا إِلَهَنَا وَ سَيِّدَنَا أَ تَغْفُلُ عَمَّنْ قَتَلَ صَفْوَتَكَ وَ ابْنَ صَفْوَتِكَ وَ خِيَرَتَكَ مِنْ خَلْقِكَ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِمْ قِرُّوا مَلَائِكَتِي فَوَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي لَأَنْتَقِمَنَّ مِنْهُمْ وَ لَوْ بَعْدَ حِينٍ ثُمَّ كَشَفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنِ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ ع لِلْمَلَائِكَةِ فَسُرَّتِ الْمَلَائِكَةُ بِذَلِكَ فَإِذَا أَحَدُهُمْ قَائِمٌ يُصَلِّي فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِذَلِكَ الْقَائِمِ أَنْتَقِمُ مِنْهُمْ «2».
5- مل، كامل الزيارات الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الزَّعْفَرَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ النَّصِيبِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي الْمَشِيخَةُ أَنَّ الْمَلَكَ الَّذِي جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ أَخْبَرَهُ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ كَانَ مَلَكَ الْبِحَارِ وَ ذَلِكَ أَنَّ مَلَكاً مِنْ مَلَائِكَةِ الْفِرْدَوْسِ نَزَلَ عَلَى الْبَحْرِ وَ نَشَرَ أَجْنِحَتَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ صَاحَ صَيْحَةً وَ قَالَ يَا أَهْلَ الْبِحَارِ الْبَسُوا أَثْوَابَ الْحُزْنِ فَإِنَّ فَرْخَ الرَّسُولِ مَذْبُوحٌ ثُمَّ حَمَلَ مِنْ تُرْبَتِهِ فِي أَجْنِحَتِهِ إِلَى السَّمَاوَاتِ فَلَمْ يَلْقَ مَلَكاً فِيهَا إِلَّا شَمَّهَا وَ صَارَ عِنْدَهُ لَهَا أَثَرٌ وَ لَعَنَ قَتَلَتَهُ‏
__________________________________________________
 (1) كامل الزيارات ص 83.
 (2) علل الشرائع ج 1 ص 154.

221
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 41 ضجيج الملائكة إلى الله تعالى في أمره و أن الله بعثهم لنصره و بكائهم و بكاء الأنبياء و فاطمة ع عليه صلوات الله عليه ص 220

وَ أَشْيَاعَهُمْ وَ أَتْبَاعَهُمْ «1».
6- مل، كامل الزيارات أَبِي وَ جَمَاعَةُ مَشَايِخِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَا لَكُمْ لَا تَأْتُونَهُ يَعْنِي قَبْرَ الْحُسَيْنِ ع فَإِنَّ أَرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ يَبْكُونَ عِنْدَ قَبْرِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ «2».
7- مل، كامل الزيارات أَبِي وَ جَمَاعَةُ مَشَايِخِنَا عَنْ سَعْدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَا لَكُمْ لَا تَأْتُونَهُ يَعْنِي قَبْرَ الْحُسَيْنِ فَإِنَّ أَرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ يَبْكُونَ عِنْدَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
8- مل، كامل الزيارات مُحَمَّدُّ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ السَّرَّاجِ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعْمَرٍ الْقَطَّانِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: أَرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ شُعْثٌ غُبْرٌ يَبْكُونَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
9- مل، كامل الزيارات «3» أَبِي وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ مَعاً عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: وَكَّلَ اللَّهُ بِالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ شُعْثاً غُبْراً مُنْذُ يَوْمَ قُتِلَ إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ يَعْنِي بِذَلِكَ قِيَامَ الْقَائِمِ ع.
10- مل، كامل الزيارات بِالْإِسْنَادِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ عَنْ مُبَارَكٍ الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عِنْدَ قَبْرِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ شُعْثٌ غُبْرٌ يَبْكُونَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
11- مل، كامل الزيارات أَبِي وَ ابْنُ الْوَلِيدِ وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ جَمِيعاً عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ الْأَهْوَازِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَارُونَ عَنْ‏
__________________________________________________
 (1) كامل الزيارات ص 67 و 68.
 (2) راجع المصدر الباب 27 و ما بعده على الترتيب.
 (3) في النسخ هنا رمز المحاسن: سن و هو سهو ظاهر بقرينة الاسناد، راجع كامل الزيارات ص 84.

222
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 41 ضجيج الملائكة إلى الله تعالى في أمره و أن الله بعثهم لنصره و بكائهم و بكاء الأنبياء و فاطمة ع عليه صلوات الله عليه ص 220

أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ «1» أَرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ شُعْثٌ غُبْرٌ يَبْكُونَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
12- مل، كامل الزيارات ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ حَرِيزٍ عَنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَحَدِهِمَا قَالَ: إِنَّ عَلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ أَرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ شُعْثٌ غُبْرٌ يَبْكُونَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
قال محمد بن مسلم يحرسونه.
13- مل، كامل الزيارات أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ رِبْعِيٍّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع بِالْمَدِينَةِ أَيْنَ قُبُورُ الشُّهَدَاءِ فَقَالَ أَ لَيْسَ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَكُمْ وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ حَوْلَهُ أَرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ شُعْثٌ غُبْرٌ يَبْكُونَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
مل، كامل الزيارات ابن الوليد عن الصفار عن ابن معروف بإسناده مثله.
14- مل، كامل الزيارات مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ بَزِيعٍ عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ السَّرَّاجِ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعْمَرٍ الْعَطَّارِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: أَرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ شُعْثٌ غُبْرٌ يَبْكُونَ الْحُسَيْنَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا يَأْتِيهِ أَحَدٌ إِلَّا اسْتَقْبَلُوهُ وَ لَا يَمْرَضُ أَحَدٌ إِلَّا عَادُوهُ وَ لَا يَمُوتُ أَحَدٌ إِلَّا شَهِدُوهُ.
مل، كامل الزيارات أبي عن سعد عن ابن أبي الخطاب بإسناده مثله.
15- مل، كامل الزيارات أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبَانٍ عَنِ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ وَكَّلَ بِقَبْرِ الْحُسَيْنِ أَرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ شُعْثٌ غُبْرٌ يَبْكُونَهُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى زَوَالِ الشَّمْسِ وَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ هَبَطَ أَرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ وَ صَعِدَ أَرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ فَلَمْ يَزَلْ يَبْكُونَهُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ.
16- مل، كامل الزيارات أَبِي وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ أَخِيهِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَارُونَ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع وَ أَنَا عِنْدَهُ فَقَالَ مَا لِمَنْ زَارَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ‏
__________________________________________________
 (1) يعني قبر الحسين عليه السلام.

223
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 41 ضجيج الملائكة إلى الله تعالى في أمره و أن الله بعثهم لنصره و بكائهم و بكاء الأنبياء و فاطمة ع عليه صلوات الله عليه ص 220

فَقَالَ إِنَّ الْحُسَيْنَ لَمَّا أُصِيبَ بَكَتْهُ حَتَّى الْبِلَادُ فَوَكَّلَ اللَّهُ بِهِ أَرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ شُعْثاً غُبْراً يَبْكُونَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ.
17- مل، كامل الزيارات مُحَمَّدٌ الْحِمْيَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ «1» عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْبَصْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصَمِّ قَالَ وَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْبَصْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُقَرِّنٍ «2» عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا زُرْتُمْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَالْزَمُوا الصَّمْتَ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ وَ إِنَّ مَلَائِكَةَ اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ مِنَ الْحَفَظَةِ تَحْضُرُ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ بِالْحَائِرِ فَتُصَافِحُهُمْ فَلَا يُجِيبُونَهَا مِنْ شِدَّةِ الْبُكَاءِ فَيَنْتَظِرُونَهُمْ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ وَ حَتَّى يُنَوِّرَ الْفَجْرُ ثُمَّ يُكَلِّمُونَهُمْ وَ يَسْأَلُونَهُمْ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ السَّمَاءِ فَأَمَّا مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ فَإِنَّهُمْ لَا يَنْطِقُونَ وَ لَا يَفْتُرُونَ عَنِ الْبُكَاءِ وَ الدُّعَاءِ وَ لَا يَشْغَلُونَهُمْ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ عَنْ أَصْحَابِهِمْ فَإِنَّهُمْ شُغُلُهُمْ بِكُمْ إِذَا نَطَقْتُمْ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ مَا الَّذِي يَسْأَلُونَهُمْ عَنْهُ وَ أَيُّهُمْ يَسْأَلُ صَاحِبَهُ الْحَفَظَةُ أَوْ أَهْلُ الْحَائِرِ قَالَ أَهْلُ الْحَائِرِ يَسْأَلُونَ الْحَفَظَةَ لِأَنَّ أَهْلَ الْحَائِرِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَا يَبْرَحُونَ وَ الْحَفَظَةُ تَنْزِلُ وَ تَصْعَدُ قُلْتُ فَمَا تَرَى يَسْأَلُونَهُمْ عَنْهُ قَالَ إِنَّهُمْ يَمُرُّونَ إِذَا عَرَجُوا بِإِسْمَاعِيلَ صَاحِبِ الْهَوَاءِ فَرُبَّمَا وَافَقُوا النَّبِيَّ ص عِنْدَهُ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ وَ الْأَئِمَّةَ مَنْ مَضَى مِنْهُمْ فَيَسْأَلُونَهُمْ عَنْ أَشْيَاءَ وَ عَمَّنْ حَضَرَ مِنْكُمُ الْحَائِرَ وَ يَقُولُونَ بَشِّرُوهُمْ بِدُعَائِكُمْ فَتَقُولُ الْحَفَظَةُ كَيْفَ نُبَشِّرُهُمْ وَ هُمْ لَا يَسْمَعُونَ كَلَامَنَا فَيَقُولُونَ لَهُمْ بَارِكُوا عَلَيْهِمْ وَ ادْعُوا لَهُمْ عَنَّا فَهِيَ الْبِشَارَةُ مِنَّا وَ إِذَا انْصَرَفُوا فَحُفُّوهُمْ بِأَجْنِحَتِكُمْ حَتَّى يُحِسُّوا مَكَانَكُمْ وَ إِنَّا نَسْتَوْدِعُهُمُ الَّذِي لَا تَضِيعُ وَدَائِعُهُ‏
__________________________________________________
 (1) ما بين العلامتين ساقط من الأصل راجع المصدر ص 86 و 87.
 (2) قيل: الظاهران المروى عنه هو مقرن لا ولده حيث انه هو الذي يروى عنه الهيثم ابن واقد، و هو الراوي عن الإمام عليه السلام و ليس في كتب الرجال و الحديث، عن ابنه هذا عين و لا أثر، فتحرر.

224
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 41 ضجيج الملائكة إلى الله تعالى في أمره و أن الله بعثهم لنصره و بكائهم و بكاء الأنبياء و فاطمة ع عليه صلوات الله عليه ص 220

وَ لَوْ يَعْلَمُوا مَا فِي زِيَارَتِهِ مِنَ الْخَيْرِ وَ يَعْلَمُ ذَلِكَ النَّاسُ لَاقْتَتَلُوا عَلَى زِيَارَتِهِ بِالسُّيُوفِ وَ لَبَاعُوا أَمْوَالَهُمْ فِي إِتْيَانِهِ وَ إِنَّ فَاطِمَةَ ع إِذَا نَظَرَتْ إِلَيْهِمْ وَ مَعَهَا أَلْفُ نَبِيٍّ وَ أَلْفُ صِدِّيقٍ وَ أَلْفُ شَهِيدٍ وَ مِنَ الْكَرُوبِيِّينَ أَلْفُ أَلْفٍ يُسْعِدُونَهَا عَلَى الْبُكَاءِ وَ إِنَّهَا لَتَشْهَقُ شَهْقَةً فَلَا تَبْقَى فِي السَّمَاوَاتِ مَلَكٌ إِلَّا بَكَى رَحْمَةً لِصَوْتِهَا وَ مَا تَسْكُنُ حَتَّى يَأْتِيَهَا النَّبِيُّ فَيَقُولَ يَا بُنَيَّةِ قَدْ أَبْكَيْتِ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَ شَغَلْتِهِمْ عَنِ التَّقْدِيسِ وَ التَّسْبِيحِ فَكُفِّى حَتَّى يُقَدِّسُوا فَ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ وَ إِنَّهَا لَتَنْظُرُ إِلَى مَنْ حَضَرَ مِنْكُمْ فَتَسْأَلُ اللَّهَ لَهُمْ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ وَ لَا تَزْهَدُوا فِي إِتْيَانِهِ فَإِنَّ الْخَيْرَ فِي إِتْيَانِهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَى.
18- مل، كامل الزيارات بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْبَزَّازِ «1» عَنْ حَرِيزٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا أَقَلَّ بَقَاءَكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ أَقْرَبَ آجَالَكُمْ بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ مَعَ حَاجَةِ هَذَا الْخَلْقِ إِلَيْكُمْ فَقَالَ إِنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا صَحِيفَةً فِيهَا مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ فِي مُدَّتِهِ فَإِذَا انْقَضَى مَا فِيهَا مِمَّا أُمِرَ بِهِ عَرَفَ أَنَّ أَجَلَهُ قَدْ حَضَرَ وَ أَتَاهُ النَّبِيُّ ص يَنْعَى إِلَيْهِ نَفْسَهُ وَ أَخْبَرَهُ بِمَا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ وَ إِنَّ الْحُسَيْنَ ع قَرَأَ صَحِيفَتَهُ الَّتِي أُعْطِيَهَا وَ فُسِّرَ لَهُ مَا يَأْتِي وَ مَا يَبْقَى وَ بَقِيَ مِنْهَا أَشْيَاءُ لَمْ تَنْقَضِ فَخَرَجَ إِلَى الْقِتَالِ وَ كَانَتْ تِلْكَ الْأُمُورُ الَّتِي بَقِيَتْ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ سَأَلَتِ اللَّهَ فِي نُصْرَتِهِ فَأَذِنَ لَهُمْ فَمَكَثَتْ تَسْتَعِدُّ لِلْقِتَالِ وَ تَتَأَهَّبُ لِذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ فَنَزَلَتْ وَ قَدِ انْقَطَعَتْ مُدَّتُهُ وَ قُتِلَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا رَبِّ أَذِنْتَ لَنَا فِي الِانْحِدَارِ وَ أَذِنْتَ لَنَا فِي نُصْرَتِهِ فَانْحَدَرْنَا وَ قَدْ قَبَضْتَهُ فَأَوْحَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِلَيْهِمْ أَنِ الْزَمُوا قُبَّتَهُ حَتَّى تَرَوْنَهُ وَ قَدْ خَرَجَ فَانْصُرُوهُ وَ ابْكُوا عَلَيْهِ وَ عَلَى مَا فَاتَكُمْ مِنْ نُصْرَتِهِ وَ إِنَّكُمْ خُصِّصْتُمْ بِنُصْرَتِهِ وَ الْبُكَاءِ عَلَيْهِ فَبَكَتِ الْمَلَائِكَةُ تَقَرُّباً وَ جَزَعاً عَلَى مَا فَاتَهُمْ مِنْ نُصْرَتِهِ فَإِذَا خَرَجَ ع يَكُونُونَ أَنْصَارَهُ.
كا، الكافي علي عن أبيه عن الأصم عن أبي عبد الله البزاز عن حريز مثله «2».
__________________________________________________
 (1) الظاهر أبو عبد اللّه البزاز كما في الكافي.
 (2) أصول الكافي ج 1 ص 283.

225
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 41 ضجيج الملائكة إلى الله تعالى في أمره و أن الله بعثهم لنصره و بكائهم و بكاء الأنبياء و فاطمة ع عليه صلوات الله عليه ص 220

19- مل، كامل الزيارات أَبِي وَ أَخِي مَعاً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى مَعاً عَنِ الْعَمْرَكِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى وَ كَانَ فِي خِدْمَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي ع عَنْ عَلِيٍّ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَ نَحْنُ نُرِيدُ مَكَّةَ فَقُلْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا لِي أَرَاكَ كَئِيباً حَزِيناً مُنْكَسِراً فَقَالَ لَوْ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ لَشَغَلَكَ عَنْ مُسَاءَلَتِي فَقُلْتُ وَ مَا الَّذِي تَسْمَعُ قَالَ ابْتِهَالُ الْمَلَائِكَةِ إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ عَلَى قَتَلَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ ع وَ نَوْحُ الْجِنِّ وَ بُكَاءُ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ حَوْلَهُ وَ شِدَّةُ جَزَعِهِمْ فَمَنْ يَتَهَنَّأُ مَعَ هَذَا بِطَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ أَوْ نَوْمٍ وَ ذَكَرَ الْحَدِيثَ «1».
20- مل، كامل الزيارات أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ قُتَيْبَةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنِّي كُنْتُ بِالْحِيرَةِ لَيْلَةَ عَرَفَةَ وَ كُنْتُ أُصَلِّي وَ ثَمَّ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِينَ أَلْفاً مِنَ النَّاسِ جَمِيلَةٍ وُجُوهُهُمْ طَيِّبَةٍ أَرْوَاحُهُمْ وَ أَقْبَلُوا يُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ أَجْمَعَ فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ سَجَدْتُ ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي فَلَمْ أَرَ مِنْهُمْ أَحَداً فَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّهُ مَرَّ بِالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ خَمْسُونَ أَلْفَ مَلَكٍ وَ هُوَ يُقْتَلُ فَعَرَجُوا إِلَى السَّمَاءِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِمْ مَرَرْتُمْ بِابْنِ حَبِيبِي وَ هُوَ يُقْتَلُ فَلَمْ تَنْصُرُوهُ فَاهْبِطُوا إِلَى الْأَرْضِ فَاسْكُنُوا عِنْدَ قَبْرِهِ شُعْثاً غُبْراً إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ «2».
21- مل، كامل الزيارات مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع هَبَطَ أَرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ يُرِيدُونَ الْقِتَالَ مَعَ الْحُسَيْنِ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ فِي الْقِتَالِ فَرَجَعُوا فِي الِاسْتِئْمَارِ فَهَبَطُوا وَ قَدْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ لُعِنَ قَاتِلُهُ وَ مَنْ أَعَانَ عَلَيْهِ وَ مَنْ شَرِكَ فِي دَمِهِ فَهُمْ عِنْدَ قَبْرِهِ شُعْثٌ غُبْرٌ يَبْكُونَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ رَئِيسُهُمْ مَلَكٌ يُقَالُ لَهُ مَنْصُورٌ فَلَا يَزُورُهُ زَائِرٌ إِلَّا اسْتَقْبَلُوهُ وَ لَا يُوَدِّعُهُ مُوَدِّعٌ إِلَّا شَيَّعُوهُ وَ لَا يَمْرَضُ إِلَّا عَادُوهُ وَ لَا يَمُوتُ إِلَّا صَلُّوا عَلَى جِنَازَتِهِ وَ اسْتَغْفَرُوا لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَكُلُّ هَؤُلَاءِ فِي الْأَرْضِ يَنْتَظِرُونَ قِيَامَ الْقَائِمِ ع «3».
__________________________________________________
 (1) المصدر ص 92.
 (2) المصدر ص 115.
 (3) المصدر ص 192.

226
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 41 ضجيج الملائكة إلى الله تعالى في أمره و أن الله بعثهم لنصره و بكائهم و بكاء الأنبياء و فاطمة ع عليه صلوات الله عليه ص 220

22- قب، المناقب لابن شهرآشوب جَامِعُ التِّرْمِذِيِّ وَ كِتَابُ السُّدِّيِّ وَ فَضَائِلُ السَّمْعَانِيِّ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص فِي الْمَنَامِ وَ عَلَى رَأْسِهِ التُّرَابُ فَقُلْتُ مَا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ شَهِدْتُ قَتْلَ الْحُسَيْنِ آنِفاً.
ابْنُ فَوْرَكَ فِي فُصُولِهِ وَ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ وَ الْعَامِرِيُّ فِي إِبَانَتِهِ مِنْ طُرُقٍ مِنْهَا عَنْ عَائِشَةَ وَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ أَنَّهُ دَخَلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى النَّبِيِّ وَ هُوَ يُوحَى إِلَيْهِ فَنَزَلَ الْوَحْيُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ هُوَ مُنْكَبٌّ عَلَى ظَهْرِهِ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ تُحِبُّهُ فَقَالَ أَ لَا أُحِبُّ ابْنِي فَقَالَ إِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ مِنْ بَعْدِكَ فَمَدَّ جَبْرَئِيلُ يَدَهُ فَإِذَا بِتُرْبَةٍ بَيْضَاءَ فَقَالَ فِي هَذِهِ التُّرْبَةِ يُقْتَلُ ابْنُكَ هَذِهِ يَا مُحَمَّدُ اسْمُهَا الطَّفُّ الْخَبَرَ.
: وَ فِي أَخْبَارِ سَالِمِ بْنِ الْجَعْدِ: أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ مِيكَائِيلَ.
وَ فِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى أَنَّ ذَلِكَ مَلَكُ الْقَطْرِ.
أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ عَنْ أَنَسٍ وَ الْغَزَّالِيُّ فِي كِيمْيَاءِ السَّعَادَةِ وَ ابْنُ بَطَّةَ فِي كِتَابِهِ الْإِبَانَةِ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ طَرِيقاً وَ ابْنُ حُبَيْشٍ التَّمِيمِيُّ وَ اللَّفْظُ لَهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بَيْنَا أَنَا رَاقِدٌ فِي مَنْزِلِي إِذْ سَمِعْتُ صُرَاخاً عَظِيماً عَالِياً مِنْ بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ وَ هِيَ تَقُولُ يَا بَنَاتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَسْعِدِينِي وَ ابْكِينَ مَعِي فَقَدْ قُتِلَ سَيِّدُكُنَّ فَقِيلَ وَ مِنْ أَيْنَ عَلِمْتِ ذَلِكَ قَالَتْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ السَّاعَةَ فِي الْمَنَامِ شَعِثاً مَذْعُوراً فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ قُتِلَ ابْنِيَ الْحُسَيْنُ وَ أَهْلُ بَيْتِهِ فَدَفَنْتُهُمْ قَالَتْ فَنَظَرْتُ فَإِذَا بِتُرْبَةِ الْحُسَيْنِ الَّذِي أَتَى بِهَا جَبْرَئِيلُ مِنْ كَرْبَلَاءَ وَ قَالَ إِذَا صَارَتْ دَماً فَقَدْ قُتِلَ ابْنُكِ فَأَعْطَانِيهَا النَّبِيُّ فَقَالَ اجْعَلِيهَا فِي زُجَاجَةٍ فَلْتَكُنْ عِنْدَكِ فَإِذَا صَارَتْ دَماً فَقَدْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ ع فَرَأَيْتُ الْقَارُورَةَ الْآنَ قَدْ صَارَتْ دَماً عَبِيطاً يَفُورُ «1».
أَمَالِي الْمُفِيدِ النَّيْسَابُورِيُّ أَنَّ زَرَّةَ النَّائِحَةَ رَأَتْ فَاطِمَةَ ع فِيمَا يَرَى النَّائِمُ أَنَّهَا وَقَفَتْ عَلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ تَبْكِي وَ أَمَرَتْهَا أَنْ تُنْشِدَ-
          أَيُّهَا الْعَيْنَانِ فِيضَا-             وَ اسْتَهِلَّا لَا تَغِيظَا
__________________________________________________
 (1) مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 55.

227
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 41 ضجيج الملائكة إلى الله تعالى في أمره و أن الله بعثهم لنصره و بكائهم و بكاء الأنبياء و فاطمة ع عليه صلوات الله عليه ص 220

         وَ ابْكِيَا بِالطَّفِّ مَيْتاً-             تُرِكَ الصَّدْرُ رَضِيضاً-
             لَمْ أُمَرِّضْهُ قَتِيلًا-             لَا وَ لَا كَانَ مَرِيضاً «1»
بيان تهللت دموعه أي سالت و استهل المطر اشتد انصبابه و غاض الماء قل.
23- كا، الكافي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ شَمُّونٍ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ كَرَّامٍ قَالَ: حَلَفْتُ فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَ نَفْسِي أَنْ لَا آكُلَ طَعَاماً بِنَهَارٍ أَبَداً حَتَّى يَقُومَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ رَجُلٌ مِنْ شِيعَتِكُمْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَأْكُلَ طَعَاماً بِنَهَارٍ أَبَداً حَتَّى يَقُومَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ قَالَ فَصُمْ إِذاً يَا كَرَّامُ وَ لَا تَصُمِ الْعِيدَيْنِ وَ لَا ثَلَاثَةَ التَّشْرِيقِ وَ لَا إِذَا كُنْتَ مُسَافِراً وَ لَا مَرِيضاً فَإِنَّ الْحُسَيْنَ ع لَمَّا قُتِلَ عَجَّتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ عَلَيْهِمَا وَ الْمَلَائِكَةُ فَقَالُوا يَا رَبَّنَا ائْذَنْ لَنَا فِي هَلَاكِ الْخَلْقِ حَتَّى نَجُدَّهُمْ مِنْ جَدِيدِ الْأَرْضِ بِمَا اسْتَحَلُّوا حُرْمَتَكَ وَ قَتَلُوا صَفْوَتَكَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَا مَلَائِكَتِي وَ يَا سَمَاوَاتِي وَ يَا أَرْضِيَ اسْكُنُوا ثُمَّ كَشَفَ حِجَاباً مِنَ الْحُجُبِ فَإِذَا خَلْفَهُ مُحَمَّدٌ وَ اثْنَا عَشَرَ وَصِيّاً لَهُ ع ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ فُلَانٍ الْقَائِمِ مِنْ بَيْنِهِمْ فَقَالَ يَا مَلَائِكَتِي وَ يَا سَمَاوَاتِي وَ يَا أَرْضِي بِهَذَا أَنْتَصِرُ لِهَذَا قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «2».
بيان جددت الشي‏ء أجده جدا قطعته و جد النخل يجده أي صرمه و الجديد وجه الأرض.
24- أَقُولُ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ سُلَيْمَانَ مِنْ كِتَابِ الْمِعْرَاجِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ع قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ص لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ فَبَلَغْتُ السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ نَظَرْتُ إِلَى صُورَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقُلْتُ حَبِيبِي جَبْرَئِيلُ مَا هَذِهِ الصُّورَةُ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ يَا مُحَمَّدُ اشْتَهَتِ الْمَلَائِكَةُ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى صُورَةِ عَلِيٍّ فَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّ بَنِي آدَمَ فِي دُنْيَاهُمْ يَتَمَتَّعُونَ غُدْوَةً وَ عَشِيَّةً بِالنَّظَرِ إِلَى‏
__________________________________________________
 (1) المصدر ص 63.
 (2) أصول الكافي ج 1 ص 534.

228
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 41 ضجيج الملائكة إلى الله تعالى في أمره و أن الله بعثهم لنصره و بكائهم و بكاء الأنبياء و فاطمة ع عليه صلوات الله عليه ص 220

عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حَبِيبِ حَبِيبِكَ مُحَمَّدٍ ص وَ خَلِيفَتِهِ وَ وَصِيِّهِ وَ أَمِينِهِ فَمَتِّعْنَا بِصُورَتِهِ قَدْرَ مَا تَمَتَّعَ أَهْلُ الدُّنْيَا بِهِ فَصَوَّرَ لَهُمْ صُورَتَهُ مِنْ نُورِ قُدْسِهِ عَزَّ وَ جَلَّ- فَعَلِيٌّ ع بَيْنَ أَيْدِيهِمْ لَيْلًا وَ نَهَاراً يَزُورُونَهُ وَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ غُدْوَةً وَ عَشِيَّةً قَالَ فَأَخْبَرَنِي الْأَعْمَشُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ فَلَمَّا ضَرَبَهُ اللَّعِينُ ابْنُ مُلْجَمٍ عَلَى رَأْسِهِ صَارَتْ تِلْكَ الضَّرْبَةُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي فِي السَّمَاءِ فَالْمَلَائِكَةُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ غُدْوَةً وَ عَشِيَّةَ يَلْعَنُونَ قَاتِلَهُ ابْنَ مُلْجَمٍ فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ هَبَطَتِ الْمَلَائِكَةُ وَ حَمَلَتْهُ حَتَّى أَوْقَفَتْهُ مَعَ صُورَةِ عَلِيٍّ فِي السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ فَكُلَّمَا هَبَطَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنَ السَّمَاوَاتِ مِنْ عُلًا وَ صَعَدَتْ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَمَنْ فَوْقَهَا إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ لِزِيَارَةِ صُورَةِ عَلِيٍّ ع وَ النَّظَرِ إِلَيْهِ وَ إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ مُتَشَحِّطاً بِدَمِهِ لَعَنُوا يَزِيدَ وَ ابْنَ زِيَادٍ وَ قَاتِلَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ الْأَعْمَشُ قَالَ لِيَ الصَّادِقُ ع هَذَا مِنْ مَكْنُونِ الْعِلْمِ وَ مَخْزُونِهِ- لَا تُخْرِجْهُ إِلَّا إِلَى أَهْلِهِ «1».
__________________________________________________
 (1) كتاب المحتضر ص 146 و 147.

229
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 42 رؤية أم سلمة و غيرها رسول الله ص في المنام و إخباره بشهادة الكرام ص 230

باب 42 رؤية أم سلمة و غيرها رسول الله ص في المنام و إخباره بشهادة الكرام‏
1- جا، المجالس للمفيد ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُلَيْلٍ الْعَنْزِيِّ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْقَاسِمِ الْعَلَوِيِّ عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْعَرَبِيِّ عَنْ غِيَاثِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنَ مُحَمَّدٍ ع قَالَ: أَصْبَحَتْ يَوْماً أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَبْكِي فَقِيلَ لَهَا مِمَّ بُكَاؤُكِ فَقَالَتْ لَقَدْ قُتِلَ ابْنِيَ الْحُسَيْنُ اللَّيْلَةَ وَ ذَلِكَ أَنَّنِي مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ مُنْذُ مَضَى إِلَّا اللَّيْلَةَ فَرَأَيْتُهُ شَاحِباً كَئِيباً فَقَالَتْ قُلْتُ مَا لِي أَرَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَاحِباً كَئِيباً قَالَ مَا زالت [زِلْتُ‏] اللَّيْلَةَ أَحْفِرُ الْقُبُورَ- لِلْحُسَيْنِ وَ أَصْحَابِهِ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.
لي، الأمالي للصدوق أبي عن سعد عن البرقي عن أبيه عن وهب بن وهب عنه ع مثله «1» بيان شحب جسمه أي تغير.
14، 3، 5- 2- ما، الأمالي للشيخ الطوسي ابْنُ حُشَيْشٍ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَوْنِ بْنِ مُبَارَكٍ الْخَثْعَمِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَا أَنَا رَاقِدٌ فِي مَنْزِلِي إِذْ سَمِعْتُ صُرَاخاً عَظِيماً عَالِياً مِنْ بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ص فَخَرَجْتُ يَتَوَجَّهُ بِي قَائِدِي إِلَى مَنْزِلِهَا وَ أَقْبَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ إِلَيْهَا الرِّجَالُ وَ النِّسَاءُ فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَيْهَا قُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مَا لَكِ تَصْرُخِينَ وَ تَغُوثِينَ فَلَمْ تُجِبْنِي وَ أَقْبَلَتْ عَلَى النِّسْوَةِ الْهَاشِمِيَّاتِ وَ قَالَتْ يَا بَنَاتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَسْعِدِينِي وَ ابْكِينَ مَعِي‏
__________________________________________________
 (1) أمالي الصدوق المجلس 29 تحت الرقم 1.

230
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 42 رؤية أم سلمة و غيرها رسول الله ص في المنام و إخباره بشهادة الكرام ص 230

فَقَدْ قُتِلَ وَ اللَّهِ سَيِّدُكُنَّ وَ سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَدْ وَ اللَّهِ قُتِلَ سِبْطُ رَسُولِ اللَّهِ وَ رَيْحَانَتُهُ الْحُسَيْنُ فَقُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَ مِنْ أَيْنَ عَلِمْتِ ذَلِكَ قَالَتْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ فِي الْمَنَامِ السَّاعَةَ شَعِثاً مَذْعُوراً فَسَأَلْتُهُ عَنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ فَقَالَ قُتِلَ ابْنِيَ الْحُسَيْنُ ع وَ أَهْلُ بَيْتِهِ الْيَوْمَ فَدَفَنْتُهُمْ وَ السَّاعَةَ فَرَغْتُ مِنْ دَفْنِهِمْ قَالَتْ فَقُمْتُ حَتَّى دَخَلْتُ الْبَيْتَ وَ أَنَا لَا أَكَادُ أَنْ أَعْقِلَ فَنَظَرْتُ فَإِذَا بِتُرْبَةِ الْحُسَيْنِ الَّتِي أَتَى بِهَا جَبْرَئِيلُ مِنْ كَرْبَلَاءَ فَقَالَ إِذَا صَارَتْ هَذِهِ التُّرْبَةُ دَماً فَقَدْ قُتِلَ ابْنُكِ وَ أَعْطَانِيهَا النَّبِيُّ فَقَالَ اجعل [اجْعَلِي‏] هَذِهِ التُّرْبَةَ فِي زُجَاجَةٍ أَوْ قَالَ فِي قَارُورَةٍ وَ لْتَكُنْ عِنْدَكِ فَإِذَا صَارَتْ دَماً عَبِيطاً فَقَدْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ فَرَأَيْتُ الْقَارُورَةَ الْآنَ وَ قَدْ صَارَتْ دَماً عَبِيطاً تَفُورُ قَالَ فَأَخَذَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ ذَلِكَ الدَّمِ فَلَطَّخَتْ بِهِ وَجْهَهَا وَ جَعَلَتْ ذَلِكَ الْيَوْمَ مَأْتَماً وَ مَنَاحَةً عَلَى الْحُسَيْنِ ع فَجَاءَتِ الرُّكْبَانُ بِخَبَرِهِ وَ أَنَّهُ قُتِلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ قَالَ عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ إِنِّي دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ مَنْزِلَهُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَ ذَكَرْتُ لَهُ رِوَايَةَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع حَدَّثَنِيهِ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهِ أُمِّ سَلَمَةَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ قَالَ: فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الْقَابِلَةُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص فِي مَنَامِي أَغْبَرَ أَشْعَثَ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ شَأْنِهِ فَقَالَ لِي أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنِّي فَرَغْتُ مِنْ مَدْفَنِ الْحُسَيْنِ وَ أَصْحَابِهِ.
قَالَ عَمْرُو بْنُ أَبِي الْمِقْدَامِ فَحَدَّثَنِي سَدِيرٌ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّ جَبْرَئِيلَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ص بِالتُّرْبَةِ الَّتِي يُقْتَلُ عَلَيْهَا الْحُسَيْنُ ع قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع فَهِيَ عِنْدَنَا.
3- فِي بَعْضِ كُتُبِ الْمَنَاقِبِ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ التَّمِيمِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْقَطِيفِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ عَمَّارٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَأَى النَّبِيَّ ص فِي مَنَامِهِ يَوْماً بِنِصْفِ النَّهَارِ وَ هُوَ أَشْعَثُ أَغْبَرُ فِي يَدِهِ قَارُورَةٌ فِيهَا دَمٌ-

231
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 42 رؤية أم سلمة و غيرها رسول الله ص في المنام و إخباره بشهادة الكرام ص 230

فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا الدَّمُ قَالَ دَمُ الْحُسَيْنِ لَمْ أَزَلْ أَلْتَقِطُهُ مُنْذُ الْيَوْمِ فَأُحْصِي ذَلِكَ الْيَوْمُ فَوُجِدَ أَنَّهُ قُتِلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ «1».
وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْعَاصِمِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ وَالِدِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ تَمْتَامٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْأَحْمَرِ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ سَلْمَى قَالَتْ دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَ هِيَ تَبْكِي فَقُلْتُ لَهَا مَا يُبْكِيكِ قَالَتْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص فِي الْمَنَامِ وَ عَلَى رَأْسِهِ وَ لِحْيَتِهِ أَثَرُ التُّرَابِ فَقُلْتُ مَا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مُغْبَرّاً قَالَ شَهِدْتُ قَتْلَ الْحُسَيْنِ آنِفاً «2».
وَ جَاءَ فِي الْمَرَاسِيلِ أَنَّ سَلْمَى الْمَدَنِيَّةَ قَالَتْ دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ قَارُورَةً فِيهَا رَمْلٌ مِنَ الطَّفِّ وَ قَالَ لَهَا إِذَا تَحَوَّلَ هَذَا دَماً عَبِيطاً فَعِنْدَ ذَلِكَ يُقْتَلُ الْحُسَيْنُ قَالَتْ سَلْمَى فَارْتَفَعَتْ وَاعِيَةٌ مِنْ حُجْرَةِ أُمِّ سَلَمَةَ فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ أَتَاهَا فَقُلْتُ مَا دَهَاكِ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص فِي الْمَنَامِ وَ التُّرَابُ عَلَى رَأْسِهِ فَقُلْتُ مَا لَكَ فَقَالَ وَثَبَ النَّاسُ عَلَى ابْنِي فَقَتَلُوهُ وَ قَدْ شَهِدْتُهُ قَتِيلًا السَّاعَةَ فَاقْشَعَرَّ جِلْدِي فَوَثَبْتُ إِلَى الْقَارُورَةِ فَوَجَدْتُهَا تَفُورُ دَماً قَالَتْ سَلْمَى فَرَأَيْتُهَا مَوْضُوعَةً بَيْنَ يَدَيْهَا.
4- يف، الطرائف مِنْ كِتَابِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصِّحَاحِ السِّتَّةِ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ رُئِيَ فِي الْمَنَامِ وَ هُوَ يَبْكِي فَقِيلَ لَهُ مَا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ ع آنِفاً.
__________________________________________________
 (1) أخرجه في مشكاة المصابيح ص 572 قال: رواها البيهقيّ في دلائل النبوّة و أحمد.
و رواه ابن حجر في الإصابة ج 1 ص 334، و ابن عبد البر في الاستيعاب بذيله ص 380 و هكذا ابن الأثير في أسد الغابة ج 2 ص 22.
 (2) رواه الترمذي و قال: هذا حديث غريب كما في مشكاة المصابيح ص 570 و سلمى هي زوجة أبى رافع مولى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.
و قد روى هذا الخبر و الذي قبله في أسد الغابة لابن الأثير ج 2 ص 22.

232
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 43 نوح الجن عليه صلوات الله عليه ص 233

باب 43 نوح الجن عليه صلوات الله عليه‏
1- أَقُولُ وَجَدْتُ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْمَنَاقِبِ الْمُعْتَبَرَةِ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ سَيِّدِ الْحُفَّاظِ أَبِي مَنْصُورٍ الدَّيْلَمِيِّ عَنِ الرَّئِيسِ أَبِي الْفَتْحِ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْحَنَفِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الطَّبَرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَطَّارِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ حَارِثَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْخُزَاعِيِّ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْجَوْنِ قَالَتْ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِخَيْمَةِ خَالَتِهَا أُمِّ مَعْبَدٍ وَ مَعَهُ أَصْحَابٌ لَهُ فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ فِي الشَّاةِ مَا قَدْ عَرَفَهُ النَّاسُ فَقَالَ فِي الْخَيْمَةِ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ حَتَّى أَبْرَدَ وَ كَانَ يَوْمٌ قَائِظٌ شَدِيدٌ حَرُّهُ فَلَمَّا قَامَ مِنْ رَقْدَتِهِ دَعَا بِمَاءٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ فَأَنْقَاهُمَا ثُمَّ مَضْمَضَ فَاهُ وَ مَجَّهُ عَلَى عَوْسَجَةٍ كَانَتْ إِلَى جَنْبِ خَيْمَةِ خَالَتِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ اسْتَنْشَقَ ثَلَاثاً وَ غَسَلَ وَجْهَهُ وَ ذِرَاعَيْهِ ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَ رِجْلَيْهِ وَ قَالَ لِهَذِهِ الْعَوْسَجَةِ شَأْنٌ ثُمَّ فَعَلَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَعَجِبْتُ وَ فَتَيَاتُ الْحَيِّ مِنْ ذَلِكَ وَ مَا كَانَ عَهِدْنَا وَ لَا رَأَيْنَا مُصَلِّياً قَبْلَهُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَصْبَحْنَا وَ قَدْ عَلَتِ الْعَوْسَجَةُ «1» حَتَّى صَارَتْ كَأَعْظَمِ دَوْحَةٍ عَادِيَةٍ وَ أَبْهَى وَ خَضَدَ اللَّهُ شَوْكَهَا وَ سَاخَتْ عُرُوقُهَا وَ كَثُرَتْ أَفْنَانُهَا وَ اخْضَرَّ سَاقُهَا وَ وَرَقُهَا ثُمَّ أَثْمَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَ أَيْنَعَتْ بِثَمَرٍ كَأَعْظَمِ مَا يَكُونُ مِنَ الْكَمْأَةِ فِي لَوْنِ الْوَرْسِ الْمَسْحُوقِ وَ رَائِحَةِ الْعَنْبَرِ وَ طَعْمِ الشَّهْدِ وَ اللَّهِ مَا أَكَلَ مِنْهَا جَائِعٌ إِلَّا شَبِعَ وَ لَا ظَمْآنُ إِلَّا رَوِيَ وَ لَا سَقِيمٌ إِلَّا بَرَأَ وَ لَا ذُو حَاجَةٍ وَ فَاقَةٍ إِلَّا اسْتَغْنَى وَ لَا أَكَلَ مِنْ وَرَقِهَا
__________________________________________________
 (1) العوسج: من شجر الشوك له جناة حمراء و يكون غالبا في السباخ، الواحدة عوسجة.

233
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 43 نوح الجن عليه صلوات الله عليه ص 233

بَعِيرٌ وَ لَا نَاقَةٌ وَ لَا شَاةٌ إِلَّا سَمِنَتْ وَ دَرَّ لَبَنُهَا وَ رَأَيْنَا النَّمَاءَ وَ الْبَرَكَةَ فِي أَمْوَالِنَا مُنْذُ يَوْمَ نَزَلَ وَ أَخْصَبَتْ بِلَادُنَا وَ أَمْرَعَتْ «1» فَكُنَّا نُسَمِّي تِلْكَ الشَّجَرَةَ الْمُبَارَكَةَ وَ كَانَ يَنْتَابُنَا مَنْ حَوْلَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَوَادِي يَسْتَظِلُّونَ بِهَا وَ يَتَزَوَّدُونَ مِنْ وَرَقِهَا فِي الْأَسْفَارِ وَ يَحْمِلُونَ مَعَهُمْ فِي الْأَرْضِ الْقِفَارِ فَيَقُومُ لَهُمْ مَقَامَ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ فَلَمْ تَزَلْ كَذَلِكَ وَ عَلَى ذَلِكَ أَصْبَحْنَا ذَاتَ يَوْمٍ وَ قَدْ تَسَاقَطَ ثِمَارُهَا وَ اصْفَرَّ وَرَقُهَا فَأَحْزَنَنَا ذَلِكَ وَ فَرِقْنَا لَهُ فَمَا كَانَ إِلَّا قَلِيلٌ حَتَّى جَاءَ نَعْيُ رَسُولِ اللَّهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ قُبِضَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَكَانَتْ بَعْدَ ذَلِكَ تُثْمِرُ ثَمَراً دُونَ ذَلِكَ فِي الْعِظَمِ وَ الطَّعْمِ وَ الرَّائِحَةِ فَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ ثَلَاثِينَ سَنَةً فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ يَوْمٍ أَصْبَحْنَا وَ إِذَا بِهَا قَدْ تَشَوَّكَتْ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا فَذَهَبَتْ نَضَارَةُ عِيدَانِهَا وَ تَسَاقَطَ جَمِيعُ ثَمَرِهَا فَمَا كَانَ إِلَّا يَسِيراً حَتَّى وَافَى مَقْتَلَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَمَا أَثْمَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَا قَلِيلًا وَ لَا كَثِيراً وَ انْقَطَعَ ثَمَرُهَا وَ لَمْ نَزَلْ وَ مَنْ حَوْلَنَا نَأْخُذُ مِنْ وَرَقِهَا وَ نُدَاوِي مَرْضَانَا بِهَا وَ نَسْتَشْفِي بِهِ مِنْ أَسْقَامِنَا فَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بُرْهَةً طَوِيلَةً ثُمَّ أَصْبَحْنَا ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا بِهَا قَدِ انْبَعَثَتْ مِنْ سَاقِهَا دَماً عَبِيطاً جَارِياً وَ وَرَقُهَا ذَابِلَةٌ تَقْطُرُ دَماً كَمَاءِ اللَّحْمِ فَقُلْنَا أَنْ قَدْ حَدَثَ عَظِيمَةٌ فَبِتْنَا لَيْلَتَنَا فَزِعِينَ مَهْمُومِينَ نَتَوَقَّعُ الدَّاهِيَةَ فَلَمَّا أَظْلَمَ اللَّيْلُ عَلَيْنَا سَمِعْنَا بُكَاءً وَ عَوِيلًا مِنْ تَحْتِهَا وَ جَلَبَةً شَدِيدَةً وَ رَجَّةً وَ سَمِعْنَا صَوْتَ بَاكِيَةٍ تَقُولُ-
          أَيَا ابْنَ النَّبِيِّ وَ يَا ابْنَ الْوَصِيِّ-             وَ يَا مَنْ بَقِيَّةُ سَادَاتِنَا الْأَكْرَمِينَا
 ثُمَّ كَثُرَتِ الرَّنَّاتُ وَ الْأَصْوَاتُ فَلَمْ نَفْهَمْ كَثِيراً مِمَّا كَانُوا يَقُولُونَ فَأَتَانَا بَعْدَ ذَلِكَ قَتْلُ الْحُسَيْنِ ع وَ يَبِسَتِ الشَّجَرَةُ وَ جَفَّتْ فَكَسَرَتْهَا الرِّيَاحُ وَ الْأَمْطَارُ بَعْدَ ذَلِكَ فَذَهَبَتْ وَ انْدَرَسَ أَثَرُهَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ فَلَقِيتُ دِعْبِلَ بْنَ عَلِيٍّ الْخُزَاعِيَّ بِمَدِينَةِ الرَّسُولِ فَحَدَّثْتُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَلَمْ يُنْكِرْهُ وَ- قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ أُمِّهِ سَعِيدَةَ بِنْتِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيَّةِ أَنَّهَا أَدْرَكَتْ تِلْكَ الشَّجَرَةَ فَأَكَلَتْ مِنْ ثَمَرِهَا عَلَى عَهْدِ عَلِيِّ بْنِ‏
__________________________________________________
 (1) يقال: أمرعت الأرض: شبع غنمها و أكلأت في الشجر و البقر.

234
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 43 نوح الجن عليه صلوات الله عليه ص 233

أَبِي طَالِبٍ ع وَ أَنَّهَا سَمِعَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ نَوْحَ الْجِنِّ فَحَفِظَتْ مِنْ جِنِّيَّةٍ مِنْهُنَّ-
          يَا ابْنَ الشَّهِيدِ وَ يَا شَهِيداً عَمُّهُ-                خَيْرُ الْعُمُومَةِ جَعْفَرٌ الطَّيَّارُ-
          عَجَباً لِمَصْقُولٍ أَصَابَكَ حَدُّهُ-                   فِي الْوَجْهِ مِنْكَ وَ قَدْ عَلَاهُ غُبَارٌ-
 قَالَ دِعْبِلٌ فَقُلْتُ فِي قَصِيدَتِي-
          زُرْ خَيْرَ قَبْرٍ بِالْعِرَاقِ يُزَارُ-                    وَ اعْصِ الْحِمَارَ فَمَنْ نَهَاكَ حِمَارٌ-
           لِمَ لَا أَزُورُكَ يَا حُسَيْنُ لَكَ الْفِدَا-              قَوْمِي وَ مَنْ عُطِفَتْ عَلَيْهِ نِزَارُ-
           وَ لَكَ الْمَوَدَّةُ فِي قُلُوبِ ذَوِي النُّهَى            وَ عَلَى عَدُوِّكَ مَقْتَةٌ وَ دَمَارٌ-
           يَا ابْنَ الشَّهِيدِ وَ يَا شَهِيداً عَمُّهُ-               خَيْرُ الْعُمُومَةِ جَعْفَرٌ الطَّيَّارُ «1»
بيان خضدت الشجر قطعت شوكها.
2- وَ قَالَ ابْنُ نَمَا رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مُثِيرِ الْأَحْزَانِ نَاحَتْ عَلَيْهِ الْجِنُّ وَ كَانَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ص مِنْهُمْ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ يَسْتَمِعُونَ النَّوْحَ وَ يَبْكُونَ.
وَ ذَكَرَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ سُمِعَ لَيْلَةَ قَتْلِهِ بِالْمَدِينَةِ مُنَادٍ يَسْمَعُونَهُ وَ لَا يَرَوْنَ شَخْصَهُ-
          أَيُّهَا الْقَاتِلُونَ جَهْلًا حُسَيْناً-                     أَبْشِرُوا بِالْعَذَابِ وَ التَّنْكِيلِ-
          كُلُّ أَهْلِ السَّمَاءِ يَدْعُو عَلَيْكُمْ-                  مِنْ نَبِيٍّ وَ مَلْأَكٍ وَ قَبِيلٍ-
          قَدْ لُعِنْتُمْ عَلَى لِسَانِ ابْنِ دَاوُدَ-                 وَ مُوسَى وَ صَاحِبِ الْإِنْجِيلِ «2»
وَ رُوِيَ أَنَّ هَاتِفاً سُمِعَ بِالْبَصْرَةِ يُنْشِدُ لَيْلًا
          إن الرماح الواردات صدورها-              نحو الحسين تقاتل التنزيلا-
          و يهللون بأن قتلت و إنما-                   قتلوا بك التكبير و التهليلا-
          فكأنما قتلوا أباك محمدا-                     صلى عليه الله أو جبريلا
و ذكر ابن الجوزي في كتاب النور في فضائل الأيام و الشهور نوح الجن عليه فقالت‏
__________________________________________________
 (1) ترى حديث دعبل في مقتل الخوارزمي ج 2 ص 100.
 (2) تراها في تاريخ ابن عساكر ج 4 ص 341.

235
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 43 نوح الجن عليه صلوات الله عليه ص 233

         لقد جئن نساء الجن يبكين شجيات                    و يلطمن خدودا كالدنانير نقيات‏
         و يلبسن الثياب السود بعد القصبيات‏
3- قب، المناقب لابن شهرآشوب قال دعبل حدثني أبي عن جدي عن أمه سعدى بنت مالك الخزاعية أنها سمعت نوح الجن على الحسين ع-
          يا ابن الشهيد و يا شهيدا عمه-                      خير العمومة جعفر الطيار-
          عجبا لمصقول أصابك حده-                         في الوجه منك و قد علاك غبار
إبانة ابن بطة أنه سمع من نوحهم‏
          أيا عين جودي و لا تجمدي-                         و جودي على الهالك السيد-
          فبالطف أمسى صريعا فقد-                          رزئنا الغداة بأمر بدي‏
 و من نوحهم‏
          نساء الجن يبكين من الحزن شجيات-              و أسعدن بنوح للنساء الهاشميات-
          و يندبن حسينا عظمت تلك الرزيات-               و يلطمن خدودا كالدنانير نقيات-
          و يلبسن ثياب السود بعد القصبيات‏
 و من نوحهم-
          احمرت الأرض من قتل الحسين كما-             اخضر عند سقوط الجونة العلق-
          يا ويل قاتله يا ويل قاتله-                            فإنه في سعير النار يحترق‏
 و من نوحهم-
          أبكى ابن فاطمة الذي من قتله شاب الشعر-      و لقتله زلزلتم و لقتله خسف القمر
 و سمع نوح جن قصدوه لموازرته-
          و الله ما جئتكم حتى بصرت به-                   بالطف منعفر الخدين منحورا
قال الطبري و سمع نوح الملائكة في أول منزل نزلوا قاصدين إلى الشام-
          أيها القاتلون جهلا حسينا-                          أبشروا بالعذاب و التنكيل-
          كل أهل السماء يدعو عليكم-                       من نبي و مرسل و قتيل-

236
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 43 نوح الجن عليه صلوات الله عليه ص 233

         قد لعنتم على لسان ابن داود-                   و موسى و صاحب الإنجيل «1»
بيان بأمر بدي أي بأمر بديع غريب و قال الجوهري الجونة عين الشمس و إنما سميت جونة عند مغيبها لأنها تسود حين تغيب و العلق القطعة من الدم أي كما يخضر الأفق عند سقوط الشفق و لعل الأظهر كما احمر.
4- مل، كامل الزيارات أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ عَنْ أَبِي لَيْلَى الْوَاسِطِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَّانَ الْكِنَانِيِّ قَالَ: بَكَتِ الْجِنُّ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَقَالَتْ‏
          مَا ذَا تَقُولُونَ إِذْ قَالَ النَّبِيُّ لَكُمْ-                 مَا ذَا فَعَلْتُمْ وَ أَنْتُمْ آخِرُ الْأُمَمِ-
          بِأَهْلِ بَيْتِي وَ إِخْوَانِي وَ مَكْرُمَتِي-              مِنْ بَيْنِ أَسْرَى وَ قَتْلَى ضُرِّجُوا بِدَمٍ «2»
5- مل، كامل الزيارات حَكِيمُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع قَالَ: بَيْنَا الْحُسَيْنُ ع يَسِيرُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَ هُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى الْعِرَاقِ وَ إِذَا رَجُلٌ يَرْتَجِزُ وَ يَقُولُ- وَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ عَنِ الرِّضَا ع مِثْلَ أَلْفَاظِ سَلَمَةَ قَالَ: وَ هُوَ يَقُولُ-
          يَا نَاقَتِي لَا تُذْعَرِي مِنْ زَجْرِي-              وَ شَمِّرِي قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ-
          بِخَيْرِ رُكْبَانٍ وَ خَيْرِ سَفْرٍ-                    حَتَّى تَحَلَّيْ بِكَرِيمِ الْبَحْرِ-
          بِمَاجِدِ الْجِدِّ رَحِيبِ الصَّدْرِ-                  أَثَابَهُ اللَّهُ لِخَيْرِ أَمْرٍ «3»-
          ثَمَّتَ أَبْقَاهُ بَقَاءَ الدَّهْرِ
 فَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع‏
__________________________________________________
 (1) مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 62 و 63. و زاد ابن الجوزى في التذكرة ص 153 عن هشام بن محمّد الكلبى: فكانوا يرون أنّه بعض الملائكة، و قد أكثر الناس فيها.
 (2) كامل الزيارات ص 95.
 (3) في الأصل و كذا المصدر ص 96: أبانه اللّه، و الصحيح ما في الصلب و يحتمل «أنابه اللّه».

237
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 43 نوح الجن عليه صلوات الله عليه ص 233

         سَأَمْضِي وَ مَا بِالْمَوْتِ عَارٌ عَلَى الْفَتَى-                 إِذَا مَا نَوَى حَقّاً وَ جَاهَدَ مُسْلِماً-
         وَ وَاسَى الرِّجَالَ الصَّالِحِينَ بِنَفْسِهِ-                      وَ فَارَقَ مَثْبُوراً وَ خَالَفَ مُجْرِماً-
         فَإِنْ عِشْتُ لَمْ أَنْدَمْ وَ إِنْ مِتُّ لَمْ أُلَمْ-                      كَفَى بِكَ مَوْتاً أَنْ تَذِلَّ وَ تَغْرَمَا
6- مل، كامل الزيارات أَبِي وَ جَمَاعَةُ مَشَايِخِي عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمُعَاذِيِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عِكْرِمَةَ قَالَ: أَصْبَحْنَا لَيْلَةَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ بِالْمَدِينَةِ فَإِذَا مَوْلًى لَنَا يَقُولُ سَمِعْنَا الْبَارِحَةَ مُنَادِياً يُنَادِي وَ يَقُولُ-
          أَيُّهَا الْقَاتِلُونَ جَهْلًا حُسَيْناً-                               أَبْشِرُوا بِالْعَذَابِ وَ التَّنْكِيلِ-
          كُلُّ أَهْلِ السَّمَاءِ يَدْعُو عَلَيْكُمْ-                            مِنْ نَبِيٍّ وَ مُرْسَلٍ وَ قَتِيلٍ-
          قَدْ لُعِنْتُمْ عَلَى لِسَانِ بْنِ دَاوُدَ-                             وَ ذِي الرُّوحِ حَامِلِ الْإِنْجِيلِ «1»
7- مل، كامل الزيارات حَكِيمُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ قَالَ حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي أَنَّ الْجِنَّ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ ع بَكَتْ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ-
          يَا عَيْنُ جُودِي بِالْعِبَرِ وَ ابْكِي فَقَدْ حَقَّ الْخَبَرُ-           ابْكِي ابْنَ فَاطِمَةَ الَّذِي وَرَدَ الْفُرَاتَ فَمَا صَدَرَ-
          الْجِنُّ تَبْكِي شَجْوَهَا لَمَّا أَتَى مِنْهُ الْخَبَرُ-                  قُتِلَ الْحُسَيْنُ وَ رَهْطُهُ تَعْساً لِذَلِكَ مِنْ خَبَرٍ-
          فَلَأَبْكِيَنَّكَ حُرْقَةً عِنْدَ الْعِشَاءِ وَ بِالسَّحَرِ-                 وَ لَأَبْكِيَنَّكَ مَا جَرَى عِرْقٌ وَ مَا حَمَلَ الشَّجَرُ
8- لي، الأمالي للصدوق ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَةِ النَّبِيِّ ص قَالَتْ مَا سَمِعْتُ نَوْحَ الْجِنِّ مُنْذُ قُبِضَ النَّبِيُّ إِلَّا اللَّيْلَةَ وَ لَا أَرَانِي إِلَّا وَ قَدْ أُصِبْتُ بِابْنِي قَالَ وَ جَاءَتِ الْجِنِّيَّةُ مِنْهُمْ تَقُولُ-
          أَلَا يَا عَيْنُ فَانْهَمِلِي بِجُهْدِي-                             فَمَنْ يَبْكِي عَلَى الشُّهَدَاءِ بَعْدِي‏
__________________________________________________
 (1) كامل الزيارات ص 97 و هكذا ما بعده.

238
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 43 نوح الجن عليه صلوات الله عليه ص 233

         عَلَى رَهْطٍ تَقُودُهُمُ الْمَنَايَا-                            إِلَى مُتَجَبِّرٍ فِي مِلْكِ عَبْدٍ «1»
مل، كامل الزيارات محمد بن جعفر القرشي عن ابن أبي الخطاب مثله- قب، المناقب لابن شهرآشوب أمالي النيسابوري و الطوسي مثله «2»
و روي في المناقب القديم عن شهردار الديلمي عن محمود بن إسماعيل عن أحمد بن فازشاه قال و أخبرني أبو علي مناولة عن أبي نعيم الحافظ قالا أخبرنا الطبراني عن القاسمِ بن عباد الخطابي عن سويد بن سعيد عن عمرو بن ثابت مثله و فيه‏
          ألا يا عين فاحتفلي بجهد «3».
9- جا، المجالس للمفيد ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُقِيلٍ الْحَارِثِيِّ عَنِ الْمَحْفُوظِ بْنِ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ كَانَ يَسْكُنُ الرَّابِيَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ مَا شَعَرْنَا بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ حَتَّى كَانَ مَسَاءُ لَيْلَةِ عَاشُورَاءَ فَإِنِّي لَجَالِسٌ بِالرَّابِيَةِ وَ مَعِي رَجُلٌ مِنَ الْحَيِّ فَسَمِعْنَا هَاتِفاً يَقُولُ-
          وَ اللَّهِ مَا جِئْتُكُمْ حَتَّى بَصُرْتُ بِهِ                    بِالطَّفِّ مُنْعَفِرَ الْخَدَّيْنِ مَنْحُوراً
          وَ حَوْلَهُ فِتْيَةٌ تُدْمَى نُحُورُهُمْ                         مِثْلَ الْمَصَابِيحِ يُطْفُونَ الدُّجَى نُوراً
          وَ قَدْ حَثَثْتُ قَلُوصِي كَيْ أُصَادِفَهُمْ                  مِنْ قَبْلِ أَنْ تَتَلَاقَى الْحُرَّدُ الْحُورَا «4»
          فَعَاقَنِي قَدَرٌ وَ اللَّهُ بَالِغُهُ                             وَ كَانَ أَمْراً قَضَاهُ اللَّهُ مَقْدُوراً
          كَانَ الْحُسَيْنُ سِرَاجاً يُسْتَضَاءُ بِهِ                   اللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَقُلْ زُوراً
__________________________________________________
 (1) أمالي الصدوق المجلس 29 الرقم 2.
 (2) كامل الزيات ص 93، مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 62.
 (3) ترى الحديث مسندا و مرسلا في تاريخ ابن عساكر ج 4 ص 341. و الخصائص للسيوطي ج 2 ص 127 مجمع الزوائد ج 9 ص 199، تذكرة الخواص ص 152 و فيه «الى متجبر في ثوب عبد».      
 (4) في تذكرة الخواص ص 154 عن المدائنى: «من قبل ما ينكحون الخرد الحورا».

239
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 43 نوح الجن عليه صلوات الله عليه ص 233

         صَلَّى الْإِلَهُ عَلَى جِسْمٍ تَضَمَّنَهُ              قَبْرُ الْحُسَيْنِ حَلِيفِ الْخَيْرِ مَقْبُوراً
         مُجَاوِراً لِرَسُولِ اللَّهِ فِي غُرَفٍ             وَ لِلْوَصِيِّ وَ لِلطَّيَّارِ مَسْرُوراً
 فَقُلْنَا لَهُ مَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ قَالَ أَنَا وَ آلِي مِنْ جِنِّ نَصِيبِينَ أَرَدْنَا مُؤَازَرَةَ الْحُسَيْنِ ع وَ مُوَاسَاتَهُ بِأَنْفُسِنَا فَانْصَرَفْنَا مِنَ الْحَجِّ فَأَصَبْنَاهُ قَتِيلًا.
بيان حرد جمع حارد من قولهم أسد حارد أي غضبان أو من حرد الرجل حرودا إذا تحول عن قومه و فيما سيأتي من رواية ابن قولويه‏
         من قبل ما أن يلاقوا الخرد الحورا
 و هو أظهر قال الفيروزآبادي الخريد و بهاء و الخرود البكر لم تمسس أو الخفرة الطويلة السكوت الخافضة الصوت المتسترة و الجمع خرائد و خرد خرد.
10- مل، كامل الزيارات أَبِي عَنْ سَعْدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْمِيثَمِيِّ قَالَ: خَمْسَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَرَادُوا نَصْرَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع فَعَرَّسُوا «1» بِقَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا شَاهِي إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ رَجُلَانِ شَيْخٌ وَ شَابٌّ وَ سَلَّمَا عَلَيْهِمْ قَالَ فَقَالَ الشَّيْخُ أَنَا رَجُلٌ مِنَ الْجِنِّ وَ هَذَا ابْنُ أَخِي أَرَادَ نَصْرَ هَذَا الرَّجُلِ الْمَظْلُومِ قَالَ فَقَالَ لَهُمُ الشَّيْخُ الْجِنِّيُّ قَدْ رَأَيْتُ رَأْياً قَالَ فَقَالَ الْفِتْيَةُ الْإِنْسِيُّونَ وَ مَا هَذَا الرَّأْيُ الَّذِي رَأَيْتَ قَالَ رَأَيْتُ أَنْ أَطِيرَ فَآتِيَكُمْ بِخَبَرِ الْقَوْمِ فَتَذْهَبُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ فَقَالُوا لَهُ نِعْمَ مَا رَأَيْتَ قَالَ فَغَابَ يوم [يَوْماً] وَ لَيْلَتَهُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ إِذَا هُمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُونَهُ وَ لَا يَرَوْنَ الشَّخْصَ وَ هُوَ يَقُولُ-
         وَ اللَّهِ مَا جِئْتُكُمْ حَتَّى بَصُرْتُ بِهِ‏
 إِلَى آخِرِ مَا مَرَّ مِنَ الْأَبْيَاتِ سِوَى بَيْتَيْنِ مُصَدَّرَيْنِ بِقَوْلِهِ فَعَاقَنِي وَ بِقَوْلِهِ فَصَلَّى فَأَجَابَهُ بَعْضُ الْفِتْيَةِ مِنَ الْإِنْسِيِّينَ يَقُولُ‏
          اذْهَبْ فَلَا زَالَ قَبْرٌ أَنْتَ سَاكِنُهُ-             إِلَى الْقِيَامَةِ يُسْقَى الْغَيْثَ مَمْطُوراً
          وَ قَدْ سَلَكْتَ سَبِيلًا كُنْتَ سَالِكَهُ-             وَ قَدْ شَرِبْتَ بِكَأْسٍ كَانَ مَغْزُوراً-
__________________________________________________
 (1) في المصدر ص 92: «فمروا» و التعريس نزول القوم في السفر من آخر الليل يقعون فيه وقعة للاستراحة ثمّ يرتحلون و شاهى موضع قرب القادسية.

240
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 43 نوح الجن عليه صلوات الله عليه ص 233

         وَ فِتْيَةٍ فَرَّغُوا لِلَّهِ أَنْفُسَهُمْ-                                وَ فَارَقُوا الْمَالَ وَ الْأَحْبَابَ وَ الدُّورَا «1»
11- مل، كامل الزيارات حَكِيمُ بْنُ دَاوُدَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي زِيَادٍ الْقَنْدِيِّ قَالَ: كَانَ الْجَصَّاصُونَ يَسْمَعُونَ نَوْحَ الْجِنِّ حِينَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع فِي السَّحَرِ بِالْجَبَّانَةِ وَ هُمْ يَقُولُونَ-
          مَسَحَ الرَّسُولُ جَبِينَهُ فَلَهُ بِرِيقٌ فِي الْخُدُودِ-             أَبَوَاهُ فِي عَلْيَا قُرَيْشٍ جَدُّهُ خَيْرُ الْجُدُودِ
أقول روي في المناقب القديم عن أبي العلا الحسن بن أحمد الهمداني عن محمود بن إسماعيل عن أحمد بن محمد بن الحسين عن أبي القاسم اللخمي عن محمد بن عثمان عن جندل بن والق عن عبد الله بن الطفيل عن أبي زيد الفقيمي عن أبي حباب الكلبي عن الجصاصين مثله.
12- مل، كامل الزيارات بِالْإِسْنَادِ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ غَسَّانَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ: كَانَتِ الْجِنُّ تَنُوحُ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فَتَقُولُ-
          لِمَنِ الْأَبْيَاتُ بِالطَّفِّ عَلَى كُرْهٍ بَنَيْنَهُ                     تِلْكَ أَبْيَاتُ حُسَيْنٍ يَتَجَاوَبْنَ الرَّنِينَةَ
- 13- مل، كامل الزيارات حَكِيمُ بْنُ دَاوُدَ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَزَوَّرِ قَالَ سَمِعْتُ لَيْلَى وَ هِيَ تَقُولُ سَمِعْتُ نَوْحَ الْجِنِّ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع وَ هِيَ تَقُولُ-
          يَا عَيْنُ جُودِي بِالدُّمُوعِ فَإِنَّمَا                             يَبْكِي الْحَزِينُ بِحُرْقَةٍ وَ تَوَجُّعٍ‏
          يَا عَيْنُ أَلْهَاكِ الرُّقَادُ بِطِيبِهِ                               مِنْ ذِكْرِ آلِ مُحَمَّدٍ وَ تَوَجُّعٍ‏
          بَاتَتْ ثَلَاثاً بِالصَّعِيدِ جُسُومُهُمْ                            بَيْنَ الْوُحُوشِ وَ كُلُّهُمْ فِي مَصْرَعٍ‏
أقول قد أوردنا بعض الأخبار في باب شهادته صلوات الله عليه.
__________________________________________________
 (1) كامل الزيارات ص 93، و هكذا ما بعده على الترتيب.

241
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه‏
1- جا، المجالس للمفيد ما، الأمالي للشيخ الطوسي المفيد عن محمد بن عمران عن محمد بن إبراهيم عن عبد الله بن أبي سعد عن مسعود بن عمرو عن إبراهيم بن داحة قال أول شعر رثي به الحسين بن علي ع قول عقبة بن عمرو السهمي من بني سهم بن عوف بن غالب-
          إذا العين قرت في الحياة و أنتم-             تخافون في الدنيا فأظلم نورها
             مررت على قبر الحسين بكربلاء             ففاض عليه من دموعي غزيرها
             فما زلت أرثيه و أبكي لشجوه             و يسعد عيني دمعها و زفيرها
             و بكيت من بعد الحسين عصائب             أطافت به من جانبيها قبورها
             سلام على أهل القبور بكربلاء             و قل لها مني سلام يزورها
             سلام بآصال العشي و بالضحى             تؤديه نكباء الرياح و مورها
             و لا برح الوفاد زوار قبره             يفوح عليهم مسكها و عبيرها.
قب، المناقب لابن شهرآشوب مرسلا «1»
 مثله بيان النكباء الريح الناكبة التي تنكب عن مهاب الرياح القوم ذكره الجوهري و قال الفيروزآبادي ريح انحرفت و وقعت بين ريحين أو بين الصبا و الشمال و المور بالضم الغبار بالريح «2».
2- قب، المناقب لابن شهرآشوب الكميت‏
          أضحكني الدهر و أبكاني             و الدهر ذو صرف و ألوان‏
             لتسعة بالطف قد غودروا-             صاروا جميعا رهن أكفان
__________________________________________________
 (1) مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 123، و فيه «عقبة بن عميق» و في تذكرة الخواص:
ص 153 عقبة بن عمرو العبسى.
 (2) و في المناقب «تؤديه نكباء الصبا و دبورها».

242
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         و ستة لا يتجازى بهم-             بنو عقيل خير فرسان-
             ثم عليُّ الخير مولاهم-             ذكرهم هيج أحزاني «1».
بيان التجازي التقاضي.
3- قب المناقب لابن شهرآشوب السري الرفاء «2»
          أقام روح و ريحان على جدث             ثوى الحسين به ظمآن آمينا-
             كأن أحشاءنا من ذكره أبدا-             تطوى على الجمر أو تحشي السكاكينا-
             مهلا فما نقضوا أوتار والده-             و إنما نقضوا في قتله الدينا.
بيان لعل الأوتار جمع وتر القوس كناية عن العهود و المواثيق «3».
4- قب، المناقب لابن شهرآشوب دِعْبِلٌ
          هَلَّا بَكَيْتَ عَلَى الْحُسَيْنِ وَ أَهْلِهِ             هَلَّا بَكَيْتَ لِمَنْ بَكَاهُ مُحَمَّدٌ
             فَلَقَدْ بَكَتْهُ فِي السَّمَاءِ مَلَائِكٌ             زُهْرٌ كِرَامٌ رَاكِعُونَ وَ سُجَّدٌ
             لَمْ يَحْفَظُوا حُبَّ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ             إِذْ جَرَّعُوهُ حَرَارَةً مَا تَبْرُدُ
             قَتَلُوا الْحُسَيْنَ فَأَثْكَلُوهُ بِسِبْطِهِ             فَالثُّكْلُ مِنْ بَعْدِ الْحُسَيْنِ مُبَدَّدٌ
             هَذَا حُسَيْنٌ بِالسُّيُوفِ مُبَضَّعٌ             مُتَخَضَّبٌ بِدِمَائِهِ مُسْتَشْهِدٌ
             عَارٍ بِلَا ثَوْبٍ صَرِيعٌ فِي الثَّرَى             بَيْنَ الْحَوَافِرِ وَ السَّنَابِكِ يُقْصَدُ
             كَيْفَ الْقَرَارُ وَ فِي السَّبَايَا زَيْنَبُ             تَدْعُو بِفَرْطِ حَرَارَةٍ يَا أَحْمَدُ
             يَا جَدِّ إِنَّ الْكَلْبَ يَشْرَبُ آمِناً             رَيّاً وَ نَحْنُ عَنِ الْفُرَاتِ نُطْرَدُ
             يَا جَدِّ مِنْ ثَكْلِي وَ طُولِ مُصِيبَتِي             وَ لِمَا أُعَايِنُهُ أَقُومُ وَ أَقْعُدُ.
بيان قوله‏
          فالثكل من بعد الحسين مبدد
 أي تفرق و كثر القتل و الثكل بعد قتله ع في أولاد الرسول ص أو سائر الخلق أيضا و لا يبعد أن يكون فالكل فصحف.
__________________________________________________
 (1) المصدر ج 4 ص 116، و هكذا ما بعده على الترتيب.
 (2) المصدر: الوفى السرى.
 (3) و لعله كناية عن السداة: مامد من خيوط الثوب و نسج عليه اللحمة، فإذا انتقض انتقض اللحمة.

243
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

5- قب، المناقب لابن شهرآشوب كشاجم‏
          إذا تفكرت في مصابهم             أثقب زند الهموم قادحة
             فبعضهم قربت مصارعه             و بعضهم بعدت مطارحه‏
             أظلم في كربلاء يومهم             ثم تجلى و هم ذبائحه‏
             ذل حماه و قل ناصره             و نال أقوى مناه كاشحة.
خالد بن معدان‏
          جاءوا برأسك يا ابن بنت محمد             مترملا بدمائه ترميلا-
             قتلوك عطشانا و لم يترقبوا-             في قتلك التنزيل و التأويلا-
             و كأنما بك يا ابن بنت محمد-             قتلوا جهارا عامدين رسولا-
             و يكبرون بأن قتلت و إنما-             قتلوا بك التكبير و التهليلا.
سليمان بن قتة «1» الهاشمي‏
          مررت على أبيات آل محمد             فلم أرها أمثالها يوم حلت‏
             أ لم تر أن الأرض أضحت مريضة             لفقد حسين و البلاد اقشعرت-
             و إن قتيل الطف من آل هاشم-             أذل رقاب المسلمين فذلت-
             و كانوا رجاء ثم عادوا رزية-             لقد عظمت تلك الرزايا و جلت.
السوسي
          لهفي على السبط و ما ناله-             قد مات عطشانا بكرب الظما-
             لهفي لمن نكس عن سرجه-             ليس من الناس له من حما
__________________________________________________
 (1) هذا هو الصحيح كما نص عليه الفيروزآبادي قال: وقته كضبة: أم سليمان و عنونه ابن قتيبة في التابعين و قال: منسوب الى أمه و هو مولى لتيم قريش، و كان مع روايته شاعرا، و هكذا قال المبرد في الكامل: سليمان بن قتة رجل من تيم بن مرة و كان منقطعا الى بنى هاشم.
أقول و لعلّ ابن شهرآشوب أراد من وصفه بالهاشمى انقطاعه ذلك، و الا فهو تيمى ولاء، و لعله تصحيف القرشيّ، و قد يقال أنّه خزاعى كما في أسد الغابة ج 2 ص 21، و هكذا في الاستيعاب بذيل الإصابة ج 1 ص 378.

244
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         لهفي على بدر الهدى إذ علا             في رمحه يحكيه بدر الدجى‏
             لهفي على النسوة إذ برزت             تساق سوقا بالعنا و الجفا
             لهفي على تلك الوجوه التي             أبرزن بعد الصون بين الملا
             لهفي على ذاك العذار الذي             علاه بالطف تراب العرا
             لهفي على ذاك القوام الذي             حناه بالطف سيوف العدا
 و له‏
          كم دموع ممزوجة بدماء             سكبتها العيون في كربلاء
             لست أنساه بالطفوف غريبا             مفردا بين صحبه بالعراء
             و كأني به و قد خر في الترب             صريعا مخضبا بالدماء
             و كأني به و قد لحظ النسوان             يهتكن مثل هتك الإماء
 و له‏
          جودي على حسين يا عين بانغزار             جودي على الغريب إذا الجار لا يجار
             جودي على النساء مع الصبية الصغار-             جودي على القتيل مطروح في القفار
 و له‏
          ألا يا بني الرسول لقد قل الاصطبار-             ألا يا بني الرسول خلت منكم الديار-
             ألا يا بني الرسول فلا قر لي قرار
 و له‏
          لا عذر للشيعي يرقأ دمعه-             و دم الحسين بكربلاء أريقا
             يا يوم عاشوراء لقد خلفتني-             ما عشت في بحر الهموم غريقا-
             فيك استبيح حريم آل محمد             و تمزقت أسبابهم تمزيقا-
             أ أذوق ري الماء و ابن محمد-             لم يرو حتى للمنون أذيقا
 و له‏
          و كل جفني بالسهاد             مذ عرس الحزن في فؤادي‏
             ناع نعى بالطفوف بدرا             أكرم به رائحا و غادي‏

 

245
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         نعى حسينا فدته روحي             لما أحاطت به الأعادي‏
             في فتية ساعدوا و واسوا             و جاهدوا أعظم الجهاد
             حتى تفانوا و ظل فردا             و نكسوه عن الجواد
             و جاء شمر إليه حتى             جرعه الموت و هو صاد
             و ركب الرأس في سنان             كالبدر يجلو دجى السواد
             و احتملوا أهله سبايا             على مطايا بلا مهاد
 و له أيضا
          أ أنسى حسينا بالطفوف مجدلا             و من حوله الأطهار كالأنجم الزهر
             أ أنسى حسينا يوم سير برأسه             على الرمح مثل البدر في ليلة البدر
             أ أنسى السبايا من بنات محمد             يهتكن من بعد الصيانة و الخدر.
بيان: و هو صاد أي عطشان.
6- قب، المناقب لابن شهرآشوب العوني‏
          فيا بضعة من فؤاد النبي             بالطف أضحت كَثِيباً مَهِيلًا
             و يا كبدا من فؤاد البتول             بالطف شلت فأضحت أكيلا «1»
             قتلت فأبكيت عين الرسول             و أبكيت من رحمة جبرئيلا
 و له‏
          يا قمرا غاب حين لاحا             أورثني فقدك المنايا
             يا نوب الدهر لم يدع لي             صرفك من حادث صلاحا
             أ بعد يوم الحسين ويحي             استعذب اللهو و المزاحا
             يا بأبي أنفس ظلماء             ماتوا و لم يشربوا المباحا
             يا بأبي غرة هداة             باكرها حتفها صباحا
             يا سادتي يا بني علي             بكى الهدى فقدكم و ناحا «2»
__________________________________________________
 (1) في المناقب ج 4 ص 119 «ثلت» و الثلّ: الهدم و الهلاك.     
 (2) في المصدر: بعدكم و ناحا.

246
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         يا سادتي يا بني إمامي             أقولها عنوة صراحا
             أوحشتم الحجر و المساعي             آنستم القفر و البطاحا
             أوحشتم الذكر و المثاني             و السور النول الفصاحا «1».
بيان: النول كركع جمع النائل أي العطاء.
7- قب، المناقب لابن شهرآشوب و له‏
          لم أنس يوما للحسين و قد ثوى             بالطف مسلوب الرداء خليعا
             ظمآن من ماء الفرات معطشا             ريان من غصص الحتوف نقيعا
             يرنو إلى ماء الفرات بطرفه             فيراه عنه محرما ممنوعا.
بيان: نقيعا أي كأنه نقع له سم الحتوف أو من قولهم سم ناقع أي بالغ و سم منقع أي مربى و رنا إليه يرنو رنوا أدام النظر.
8- قب، المناقب لابن شهرآشوب الزاهي‏
          أعاتب عيني إذا أقصرت             و أفني دموعي إذا ما جرت-
             لذكراكم يا بني المصطفى-             دموعي على الخد قد سطرت-
             لكم و عليكم جفت غمضها-             جفوني عن النوم و استشعرت-
             أ مثل أجسادكم بالعراق-             و فيها الأسنة قد كسرت-
             أ مثلكم في عراق الطفوف-             بدورا تكسف إذ أقمرت-
             غدت أرض يثرب من جمعكم-             كخط الصحيفة إذ أقفرت-
             و أضحى بكم كربلاء مغربا-             لزهر النجوم إذا غورت «2»-
             كأني بزينب حول الحسين-             و منها الذوائب قد نشرت-
             تمرغ في نحره شعرها-             و تبدي من الوجد ما أضمرت-
             و فاطمة عقلها طائر-             إذا السوط في جنبها أبصرت-
__________________________________________________
 (1) كذا في الأصل و هو سهو و الصحيح كما في المصدر: و السور الطول الفصاحا.      
 (2) في الأصل و هكذا نسخة الكمبانيّ «كزهر النجوم».

247
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         و للسبط فوق الثرى شيبة-             يفيض دم النحر قد عفرت-
             و رأس الحسين أمام الرفاق-             كغرة صبح إذا أسفرت-
 و له أيضا
          لست أنسى النساء في كربلاء-             و حسين ظام فريد وحيد-
             ساجد يلثم الثرى و عليه-             قضب الهند ركع و سجود-
             يطلب الماء و الفرات قريب-             و يرى الماء و هو عنه بعيد.
بيان: جفت أي أبعدت و قوله جفوني فاعله و قوله عن النوم متعلق به بتضمين معنى الفرار و نحوه أي أبعدت و تركت جفوني غمضها و ضمها فرارا عن النوم و استشعرت أي أضمرت حزنا يقال استشعر فلان خوفا أي أضمره قوله إذ أقمرت أي قبل أن تصل إلى البدرية و الكمال تكسفت قوله إذ أقفرت أي خلت أرض يثرب منكم فبقي منكم فيها آثار خربة كخط الصحيفة يقال سيف قاضب و قضيب أي قطاع و الجمع قواضب و قضب.
9- قب، المناقب لابن شهرآشوب الناشي‏
          مصائب نسل فاطمة البتول             نكت حسراتها كبد الرسول‏
             ألا بأبي البدور لقين كسفا             و أسلمها الطلوع إلى الأفول‏
             ألا يا يوم عاشوراء رماني             مصابي منك بالداء الدخيل‏
             كأني بابن فاطمة جديلا             يلاقي الترب بالوجه الجميل‏
             يجرن في الثرى قدا و نحرا             على الحصباء بالخد التليل‏
             صريعا ظل فوق الأرض أرضا             فوا أسفا على الجسم النحيل‏
             أعاديه توطأه و لكن             تخطاه العتاق من الخيول‏
             و قد قطع العداة الرأس منه             و علوه على رمح طويل‏
             و قد برز النساء مهتكات             يجززن الشعور من الأصول‏
             يسرن مع اليتامى من قتيل             يخضب بالدماء إلى قتيل‏
             فطورا يلتثمن بني علي             و طورا يلتثمن بني عقيل‏

 

248
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         و فاطمة الصغيرة بعد عز             كساها الحزن أثواب الذليل‏
             تنادي جدها يا جد إنا             طلبنا بعد فقدك بالذحول.
بيان: قال الفيروزآبادي داء و حب دخيل أي داخل و الجديل الصريع و جرن الحب طحنه و جرن الثوب جرونا انسحق و القد القامة وَ تَلَّهُ لِلْجَبِينِ أي صرعه و الذحول جمع الذحل يقال طلب بذحله أي بثأره.
10- قب، المناقب لابن شهرآشوب المرتضى‏
          إن يوم الطف يوما كان للدين عصيبا             لم يدع للقلب مني في المسرات نصيبا
             لعن الله رجالا أترعوا الدنيا غصوبا             سالموا عجزا فلما قدروا شنوا الحروبا
             طلبوا أوتار بدر عندنا ظلما و حوبا             و له لقد كسرت للدين في يوم كربلاء
             كسائر لا تؤسى و لا هي تجبر             فإما سبي بالرماح مسوق‏
             و إما قتيل بالتراب معفر             و جرحى كما اختارت رماح و أنصل‏
             و صرعى كما شاءت ضباع و أنسر.
بيان: يوم عصيب أي شديد و أترعه أي ملأه و الترع محركة الإسراع إلى الشر و ترع فلان كفرح اقتحم الأمور مرحا و نشاطا و الحوب بالضم الإثم و الهلاك و البلاء قوله لا تؤسى من أسوت الجرح أي داويته.
الرضي‏
          كربلاء لا زلت كربا و بلا             ما لقي عندك آل المصطفى «1»
             كم على تربك لما صرعوا             من دم سال و من دمع جرى‏
             و ضيوف لفلاة قفرة             نزلوا فيها على غير قرى-
             لم يذوقوا الماء حتى اجتمعوا-             بحدى السيف على ورد الردى‏
             تكسف الشمس شموس منهم-             لا تدانيها علوا و ضيا
_________________________________________________
 (1) لقاه، يلقاه مثل لقيه لغة طائية قال شاعرهم:
         لم تلق خيل قبلها ما قد لقت             من غب هاجرة و سير مساد.

249
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         و تنوش الوحش من أجسادهم-             أرجل السبق و أيمان الندا-
             و وجوها كالمصابيح فمن-             قمر غاب و من نجم هوى-
             غيرتهن الليالي و غدا-             جائر الحكم عليهن البلى-
             يا رسول الله لو عاينتهم-             و هم ما بين قتل و سبا-
             من رميض يمنع الظل و من-             عاطش يسقي أنابيب القنا-
             و مسوق عاثر يسعى به-             خلف محمول على غير وطا-
             جزروا جزر الأضاحي نسله-             ثم ساقوا أهله سوق الإما-
             قتلوه بعد علم منهم-             إنه خامس أصحاب الكسا-
             ميت تبكي له فاطمة-             و أبوها و علي ذو العلا
 و له أيضا
          شغل الدموع عن الديار بكاؤها-             لبكاء فاطمة على أولادها-
             لم يخلفوها في الشهيد و قد رأى-             دفع الفرات يذاد عن ورادها-
             أ ترى درت أن الحسين طريده-             لقنا بني الطرداء عند ولادها-
             كانت مآتم بالعراق تعدها             أموية بالشام من أعيادها-
             ما راقبت غضب النبي و قد غدا-             زرع النبي مظنة لحصادها-
             جعلت رسول الله من خصمائها-             فلبئس ما ادخرت ليوم معادها-
             نسل النبي على صعاب مطيها-             و دم الحسين على رءوس صعادها-
             وا لهفتاه لعصبة علوية-             تبعت أمية بعد ذل قيادها-
             جعلت عران الذل في آنافها-             و غلاظ وسم الضيم في أجيادها-
             و استأثرت بالأمر عن غيابها-             و قضت بما شاءت على أشهادها-
             طلبت تراث الجاهلية عندها-             و شفت قديم الغل من أحقادها-
             يا يوم عاشوراء كم لك لوعة-             تترقص الأشياء من إيقادها
 أقول و في بعض الكتب فيه زيادة
          إن قوضت تلك القباب فإنها-             خرت عماد الدين قبل عمادها-

250
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         هي صفوة الله التي أوحي بها-             و قضى أوامره إلى أمجادها-
             يروي مناقب فضلها أعداؤها-             أبدا فيسندها إلى أضدادها-
             يا فرقة ضاعت دماء محمد-             و بنيه بين يزيدها و زيادها-
             صغرا بمال الله مل‏ء أكفها-             و أكف آل الله في أصفادها-
             ضربوا بسيف محمد أبناءه-             ضرب الغرائب عدن بعد ذيادها-
             يا يوم عاشوراء كم لك لوعة-             تترقص الأحشاء من إيقادها-
             ما عدت إلا عاد قلبي علة-             حزني و لو بالغت في إيرادها.
بيان: قوله بحدى السيف أي حداهم السيف حتى اجتمعوا على نوبة هلاكهم أو على ما يورد عليه من الهلاك و يمكن أن يكون بحد السيف على التخفيف لضرورة الشعر و في بعض النسخ بحذا السيف أي قبال السيف قوله تكسف الشمس أي هم شموس كل منهم يغلب نوره نور الشمس و يكسفها و النوش التناول قوله جائر الحكم حال عن البلى أي بلى كثير كأنه جار في الحكم و لعل مراده غير المعصوم فإنه لا يتطرق إليه البلى مع أنه في الشعر قد لا يراعى تلك الأمور.
قوله شغل الدموع أي شغل البكاء على تلك المصيبة الدموع عن انصبابها لذكر ديار المحبوبين و منازلهم فالضمير في بكاؤها راجع إلى العيون بقرينة المقام و الأصوب شغل العيون أي عن النظر إلى الديار قوله لم يخلفوها أي لم يرعوا حرمة فاطمة في الشهيد و الدفع بضم الدال و فتح الفاء جمع الدفعة أي دفعات الفرات و انصباباتها و الدفاع طحمة الموج و السيل.
قوله درت أي علمت فاطمة ع قوله بني الطرداء أي أبناء الذين كانوا مطرودين ملعونين حين تلد فاطمة تلك الأولاد و الزرع الولد و هنا معناه الآخر مرعى و السعدة القناة المستوية تنبت كذلك لا تحتاج إلى تثقيف و الصعاد جمعها و العران العود الذي يجعل في وتره أنف البختي.

251
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

11- قب، المناقب لابن شهرآشوب آخر
          تبيت النشاوى من أمية نوما-             و بالطف قتلى ما ينام حميمها-
             و ما قتل الإسلام إلا عصابة-             تأمر نوكاها و نام زعيمها-
             فأضحت قناة الدين في كف ظالم-             إذا اعوج منها جانب لا يقيمها-
 غيره‏
          وا خجلة الإسلام من أضداده-             ظفروا له بمعايب و معاير-
             آل العزير يعظمون حماره-             و يرون فوزا لثمهم للحافر-
             و سيوفكم بدم ابن بنت نبيكم-             مخضوبة لرضى يزيد الفاجر
 و في رواية
          وا خجلة الإسلام من أضداده-             ظفروا له بمعايب و معاير- «1»
             رأس ابن بنت محمد و وصيه-             تهدى جهارا للشقي الفاجر.
الصنوبري‏
          يا خير من لبس النبوة من جميع الأنبياء-             وجدي على سبطيك وجد ليس يؤذن بانقضاء-
             هذا قتيل الأشقياء و ذا قتيل الأدعياء-             يوم الحسين هرقت دمع الأرض بل دمع السماء-
             يوم الحسين تركت باب العز مهجور الفناء-             يا كربلاء خلفت من كرب علي و من بلاء-
             كم فيك من وجه تشرب ماؤه ماء البهاء-             نفسي فداء المصطلي نار الوغى أي اصطلاء
             حيث الأسنة في الجواشن كالكواكب في السماء-             فاختار درع الصبر حيث الصبر من لبس السناء-
__________________________________________________
 (1) هذا البيت ساقط من المصدر، راجع ج 4 ص 124.

252
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         و أبا إباء الأسد إن الأسد صادقة الإباء-             و قضى كريما إذ قضى ظمآن في نفر ظماء-
             منعوه طعم الماء لا وجدوا لما طعم ماء-             من ذا لمعفور الجواد ممال أعواد الخباء-
             من للطريح الشلو عريانا مخلى بالعراء-             من للمحنط بالتراب و للمغسل بالدماء-
             من لابن فاطمة المغيب عن عيون الأولياء.

بيان: الشلو بالكسر العضو من أعضاء اللحم و أشلاء الإنسان أعضاؤه بعد التفرق.
12- قب، المناقب لابن شهرآشوب للشافعي‏
          تأوه قلبي و الفؤاد كئيب-             و أرق نومي فالسهاد عجيب‏
             فمن مبلغ عني الحسين رسالة             و إن كرهتها أنفس و قلوب‏
             ذبيح بلا جرم كأن قميصه             صبيغ بماء الأرجوان خضيب‏
             فللسيف إعوال و للرمح رنة             و للخيل من بعد الصهيل نحيب‏
             تزلزلت الدنيا لآل محمد             و كادت لهم صم الجبال تذوب‏
             و غارت نجوم و اقشعرت كواكب             و هتك أستار و شق جيوب‏
             يصلى على المبعوث من آل هاشم             و يغزي بنوه إن ذا لعجيب‏
             لئن كان ذنبي حب آل محمد             فذلك ذنب لست عنه أتوب‏
             هم شفعائي يوم حشري و موقفي             إذا ما بدت للناظرين خطوب.
الجوهري‏
          عاشورنا ذا ألا لهفي على الدين             خذوا حدادكم يا آل ياسين‏
             اليوم شقق جيب الدين و انتهبت             بنات أحمد نهب الروم و الصين‏
             اليوم قام بأعلا الطف نادبهم             يقول من ليتيم أو لمسكين‏
             اليوم خضب جيب المصطفى بدم             أمسى عبير نحور الحور و العين‏

253
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         اليوم خر نجوم الفخر من مضر             على مناخر تذليل و توهين‏
             اليوم أطفئ نور الله متقدا             و جزرت لهم التقوى على الظين «1»
             اليوم هتك أسباب الهدى مزقا             و برقعت عزة الإسلام بالهون‏
             اليوم زعزع قدس من جوانبه             و طاح بالخيل ساحات الميادين‏
             اليوم نال بنو حرب طوائلها             مما صلوه ببدر ثم صفين‏
             اليوم جدك سبط المصطفى شرقا             من نفسه بنجيع غير مسنون.
إيضاح الحداد بالكسر ثياب المأتم السود و طاح أي هلك و سقط و الطوائل جمع طائلة و هي العداوة و الترة و النجيع من الدم ما كان إلى السواد و قيل هو دم الجوف خاصة و المسنون المتغير المنتن و قوله شرقا فعل و الألف للإشباع أي شرق بسبب مصيبة من هو بمنزلة نفسه بدم طري من الحزن.
13- قب، المناقب لابن شهرآشوب شاعر
          يا كربلاء يا كربتي و زفرتي             كم فيك من ساق و من جمجمة
             و من يمين بالحسام بينت             للفاطميات العظام الحرمة
             قد خر أركان العلي و انهدت             و غلقت أبوابه و سدت‏
             تلك الرزايا عظمت و جلت‏
 آخر
          كم سيد لي بكربلاء فديته السيد الغريب             كم سيد لي بكربلاء للموت في صدره وجيب‏
             كم سيد لي بكربلاء عسكره بالعرا نهيب             كم سيد لي بكربلاء ليس لما يشتهي طبيب‏
             كم سيد لي بكربلاء خاتمه و الرداء سليب             كم سيد لي بكربلاء خضب من نحره المشيب‏
__________________________________________________
 (1) و جررت لمم التقوى على الطين. خ ل.

254
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         كم سيد لي بكربلاء ملثمه و الردا خضيب             كم سيد لي بكربلاء يسمع صوتي و لا يجيب‏
             كم سيد لي بكربلاء ينقر في ثغرة القضيب‏
 آخر
          رأس ابن بنت محمد و وصيه             للناظرين على قناة يرفع‏
             و المسلمون بمنظر و بمسمع             لا منكر منهم و لا متفجع‏
             كحلت بمنظرك العيون عماية             و أصم رزءك كل أذن يسمع‏
             أيقظت أجفانا و كنت لها كرى             و أنمت عينا لم تكن بك تهجع‏
             ما روضة إلا تمنت أنها             لك منزل و لخط قبرك مضجع‏
 آخر
          إذا جاء عاشوراء تضاعف حسرتي             لآل رسول الله و انهل عبرتي‏
             هو اليوم فيه اغبرت الأرض كلها             وجوما عليها و السماء اقشعرت‏
             أريقت دماء الفاطميين بالملإ             فلو عقلت شمس النهار لخرت‏
             بنفسي خدود في التراب تعفرت             بنفسي جسوم بالعراء تعرت‏
             بنفسي رءوس معليات على القنا             إلى الشام تهدى بازفات الأسنة «1»
             بنفسي شفاه ذابلات من الظمإ             و لم تحظ من ماء الفرات بقطرة
             بنفسي عيون غائرات سواهر             إلى الماء منها قطرة بعد قطرة
             بنفسي من آل النبي خرائد             حواسر لم تعرف عليهم بسترة.
إيضاح قال الجوهري وجم من الأمر وجوما و الواجم الذي اشتد حزنه حتى أمسك عن الكلام و يوم وجيم أي شديد الحر و قال الفيروزآبادي الزفت المل‏ء و الغيظ و الطرد و السوق و الدفع و المنع و بالكسر القار و المزفت المطلي به و الظاهر بارقات كما ستجي‏ء و الخريدة من النساء الحيية و الجمع خرائد قوله لم تعرف من العرف و المعروف بمعنى الإحسان.
__________________________________________________
 (1) في المصدر ج 4 ص 126 «بارقات» و يمكن أن يقرأ «بازقات».

255
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

14- قب، المناقب لابن شهرآشوب لأبي الفرج بن الجوزي «1»
          أ حسين و المبعوث جدك بالهدى             قسما يكون الحق فيه مسائلي‏
             لو كنت شاهد كربلاء لبذلت في             تنفيس كربك جهد بذل الباذل‏
             و سقيت حد السيف من أعدائكم             جللا و حد السمهري الذابل «2»
             لكنني أخرت عنك لشقوتي             فبلابلي بين الغري و بابل‏
             إذ لم أفز بالنصر من أعدائكم             فأقل من حزن و دمع سائل‏
 آخر
          يا حر صدري يا لهيب الحشا             انهد ركني يا أخي و القوا
             كنت أخي ركني و لم يبق لي             ذخر و لا ركن و لا ملتجا
             و كنت أرجوك فقد خانني             ما كنت أرجوه فخاب الرجا
             أيا ابن أمي لو تأملتني             رأيت مني ما يسر العدا
             حل بأعدائك ما حل بي             من ألم السير و ذل السبا
             و يا شقيقي أنا أفديك من             يومك هذا و أكون الفدا
             و لا هنأني العيش يا سيدي             ما عشت من بعدك أو أدفنا
 آخر
          يا من رأى حسينا شلوا لدى الفلاة             و الرأس منه عال في ذروة القناة
             و زينب تنادي قد قتلوا حماتي             يا جد لو ترانا أسرى مهتكات.
توضيح الجلل بالتحريك العظيم و السمهري الرمح الصلب و البلابل شدة الهموم و الوساوس.
__________________________________________________
 (1) قال سبطه في التذكرة ص 154: و أنشدنا أبو عبد اللّه محمّد ابن البنديجى البغداديّ قال: أنشدنا بعض مشايخنا أن ابن الهبارية الشاعر اجتاز بكربلاء فجلس يبكى على الحسين و أهله و قال بديها: «أ حسين و المبعوث جدك بالهدى» الأبيات، ثمّ نام مكانه فرأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في المنام فقال له: يا فلان! جزاك اللّه عنى خيرا، أبشر فان اللّه قد كتبك ممن جاهد بين يدي الحسين.
 (2) في التذكرة: «عللا» و العل: الشرب الثاني، يقال «علل بعد نهل».

256
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

15- أَقُولُ رَأَيْتُ فِي بَعْضِ مُؤَلَّفَاتِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ قَالَ حَكَى دِعْبِلٌ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَيِّدِي وَ مَوْلَايَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا ع فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَيَّامِ فَرَأَيْتُهُ جَالِساً جِلْسَةَ الْحَزِينِ الْكَئِيبِ وَ أَصْحَابُهُ مِنْ حَوْلِهِ فَلَمَّا رَآنِي مُقْبِلًا قَالَ لِي مَرْحَباً بِكَ يَا دِعْبِلُ مَرْحَباً بِنَاصِرِنَا بِيَدِهِ وَ لِسَانِهِ ثُمَّ إِنَّهُ وَسَّعَ لِي فِي مَجْلِسِهِ وَ أَجْلَسَنِي إِلَى جَانِبِهِ ثُمَّ قَالَ لِي يَا دِعْبِلُ أُحِبُّ أَنْ تُنْشِدَنِي شِعْراً فَإِنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ أَيَّامَ حُزْنٍ كَانَتْ عَلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ أَيَّامَ سُرُورٍ كَانَتْ عَلَى أَعْدَائِنَا خُصُوصاً بَنِي أُمَيَّةَ يَا دِعْبِلُ مَنْ بَكَى وَ أَبْكَى عَلَى مُصَابِنَا وَ لَوْ وَاحِداً كَانَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ يَا دِعْبِلُ مَنْ ذَرَفَتْ عَيْنَاهُ عَلَى مُصَابِنَا وَ بَكَى لِمَا أَصَابَنَا مِنْ أَعْدَائِنَا حَشَرَهُ اللَّهُ مَعَنَا فِي زُمْرَتِنَا يَا دِعْبِلُ مَنْ بَكَى عَلَى مُصَابِ جَدِّيَ الْحُسَيْنِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ الْبَتَّةَ ثُمَّ إِنَّهُ ع نَهَضَ وَ ضَرَبَ سِتْراً بَيْنَنَا وَ بَيْنَ حُرَمِهِ وَ أَجْلَسَ أَهْلَ بَيْتِهِ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ لِيَبْكُوا عَلَى مُصَابِ جَدِّهِمُ الْحُسَيْنِ ع ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ وَ قَالَ لِي يَا دِعْبِلُ ارْثِ الْحُسَيْنَ فَأَنْتَ نَاصِرُنَا وَ مَادِحُنَا مَا دُمْتَ حَيّاً فَلَا تُقَصِّرْ عَنْ نَصْرِنَا مَا اسْتَطَعْتَ قَالَ دِعْبِلٌ فَاسْتَعْبَرْتُ وَ سَالَتْ عَبْرَتِي وَ أَنْشَأْتُ أَقُولُ‏
          أَ فَاطِمُ لَوْ خِلْتِ الْحُسَيْنَ مُجَدَّلًا             وَ قَدْ مَاتَ عَطْشَاناً بِشَطِّ فُرَاتِ‏
             إِذاً لَلَطَمْتِ الْخَدَّ فَاطِمُ عِنْدَهُ             وَ أَجْرَيْتِ دَمْعَ الْعَيْنِ فِي الْوَجَنَاتِ‏
             أَ فَاطِمُ قُومِي يَا ابْنَةَ الْخَيْرِ وَ انْدُبِي             نُجُومَ سَمَاوَاتٍ بِأَرْضِ فَلَاةٍ
             قُبُورٌ بِكُوفَانَ وَ أُخْرَى بِطَيْبَةَ             وَ أُخْرَى بِفَخٍّ نَالَهَا صَلَوَاتِي‏
             قُبُورٌ بِبَطْنِ النَّهْرِ مِنْ جَنْبِ كَرْبَلَا             مُعَرَّسُهُمْ فِيهَا بِشَطِّ فُرَاتٍ‏
             توافوا [تُوُفُّوا] عِطَاشَا بِالْعَرَاءِ فَلَيْتَنِي             تُوُفِّيتُ فِيهِمْ قَبْلَ حِينِ وَفَاتِي‏
             إِلَى اللَّهِ أَشْكُو لَوْعَةً عِنْدَ ذِكْرِهِمْ «1»             سَقَتْنِي بِكَأْسِ الثُّكْلِ وَ الفضعات [الْفَظِعَاتِ‏]
             إِذَا فَخَرُوا يَوْماً أَتَوْا بِمُحَمَّدٍ             وَ جِبْرِيلَ وَ الْقُرْآنِ وَ السُّورَاتِ‏
             وَ عَدُّوا عَلِيّاً ذَا الْمَنَاقِبِ وَ الْعُلَا             وَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءَ خَيْرَ بَنَاتِ‏
             وَ حَمْزَةَ وَ الْعَبَّاسَ ذَا الدِّينِ وَ التُّقَى             وَ جَعْفَرَهَا الطَّيَّارَ فِي الْحُجُبَاتِ‏
__________________________________________________
 (1) اللوعة: حرقة الحزن و الهوى و الوجد.

257
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         أُولَئِكَ مَشْئُومُونَ هِنْداً وَ حَرْبَهَا             سُمَيَّةَ مِنْ نَوْكَى وَ مِنْ قَذِرَاتٍ‏
             هُمْ مَنَعُوا الْآبَاءَ مِنْ أَخْذِ حَقِّهِمْ             وَ هُمْ تَرَكُوا الْأَبْنَاءَ رَهْنَ شَتَاتٍ‏
             سَأَبْكِيهِمُ مَا حَجَّ لِلَّهِ رَاكِبٌ             وَ مَا نَاحَ قُمْرِيٌّ عَلَى الشَّجَرَاتِ‏
             فَيَا عَيْنُ بَكِّيهِمْ وَ جُودِي بِعَبْرَةٍ             فَقَدْ آنَ لِلتَّسْكَابِ وَ الْهَمَلَاتِ‏
             بَنَاتُ زِيَادٍ فِي الْقُصُورِ مَصُونَةٌ             وَ آلُ رَسُولِ اللَّهِ مُنْهَتِكَاتٌ‏
             وَ آلُ زِيَادٍ فِي الْحُصُونِ مَنِيعَةٌ             وَ آلُ رَسُولِ اللَّهِ فِي الْفَلَوَاتِ‏
             دِيَارُ رَسُولِ اللَّهِ أَصْبَحْنَ بَلْقَعاً             وَ آلُ زِيَادٍ تَسْكُنُ الُحُجرَاتِ‏
             و آلُ رَسُولِ اللَّهِ نُحْفٌ جُسُومُهُمْ             وَ آلُ زِيَادٍ غُلَّظُ الْقَصَرَاتِ «1»
             وَ آلُ رَسُولِ اللَّهِ تُدْمَى نُحُورُهُمْ             وَ آلُ زِيَادٍ رَبَّةُ الْحَجَلَاتِ‏
             وَ آلُ رَسُولِ اللَّهِ تُسْبَى حَرِيمُهُمْ             وَ آلُ زِيَادٍ آمِنُوا السَّرَبَاتِ‏
             إِذَا وُتِرُوا مَدُّوا إِلَى وَاتِرِيهِمْ             أَكُفّاً مِنَ الْأَوْتَارِ مُنْقَبِضَاتٍ‏
             سَأَبْكِيهِمْ مَا ذَرَّ فِي الْأَرْضِ شَارِقٌ             وَ نَادَى مُنَادِي الْخَيْرِ لِلصَّلَوَاتِ‏
             وَ مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ وَ حَانَ غُرُوبُهَا             وَ بِاللَّيْلِ أَبْكِيهِمْ وَ الْغُدُوَاتِ‏
أقول سيأتي تمام القصيدة و شرحها في أبواب تاريخ الرضا ع 16 و رأيت في بعض مؤلفات بعض ثقات المعاصرين بعض المراثي فأحببت إيرادها للشيخ الخليعي‏
          لم أبك ربعا للأحبة قد خلا             و عفا و غيره الجديد و أمحلا
             كلا و لا كلفت صحبي وقفة             في الدار إن لم اشف ضبا عللا
             و مطارح النادي و غزلان النقا             و الجزع لم أحفل بها متغزلا
             و بواكر الأظعان لم أسكب لها             دمعا و لا خل نأى و ترحلا
             لكن بكيت لفاطم و لمنعها             فدكا و قد أتت الخئون الأولا
             إذ طالبته بإرثها فروى لها             خبرا ينافي المحكم المتنزلا
             لهفي لها و جفونها قرحى و قد             حملت من الأحزان عبئا مثقلا
__________________________________________________
 (1) جمع قصرة: أصل العنق إذا غلظت.

258
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         و قد اغتدت منفية و حميها             متطيرا ببكائها متثقلا
             تخفي تفجعها و تخفض صوتها             و تظل نادبة أباها المرسلا
             تبكي على تكدير دهر ما صفا             من بعده و قرير عيش ما حلا
             لم أنسها إذ أقبلت في نسوة             من قومها تروي مدامعها الملا
             و تنفست صعدا و نادت أيها             الأنصار يا أهل الحماية و الكلا
             أ ترون يا نجب الرجال و أنتم-             أنصارنا و حماتنا أن نخذلا
             ما لي و ما لدعي تيم ادعى             إرثي و ضل مكذبا و مبدلا
             أ عليه قد نزل الكتاب مبينا             حكم الفرائض أم علينا نزلا
             أم خصه المبعوث منه بعلم ما             أخفاه عنا كي نضل و نجهلا
             أم أنزلت آي بمنعي إرثه             قد كان يخفيها النبي إذا تلا
             أم كان في حكم النبي و شرعه             نقص فتممه الغوي و كملا
             أم كان ديني غير دين أبي فلا             ميراث لي منه و ليس له و لا
             قوموا بنصري إنها لغنيمة             لمن اغتدى لي ناصرا متكفلا
             و استعطفوه و خوفوه و اشهدوا             ذلي له و جفاه لي بين الملا
             إن لج في سخطي فقد عدم الرضي             من ذي الجلال و للعقاب تعجلا
             أو دام في طغيانه فقد اقتنى             لعنا على مر الزمان مطولا
             أين المودة و القرابة يا ذوي             الأيمان ما هذا القطيعة و القلا
             أ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ بأن             تمضوا على سنن الجبابرة الأولى‏
             و تنكبوا نهج السبيل بقطع ما             أمر الإله عباده أن يوصلا
             و لقد أزالكم الهوى و أحلكم             دار البوار من الجحيم و أدخلا
             و لسوف يعقب ظلمكم أن تتركوا             ولدي برمضاء الطفوف مجدلا
             في فتية مثل البدور كواملا             عرض المحاق بها فاضحت آفلا
             و أقوم من خلل اللحود حزينة             و القوم قد نزلت بهم غير البلاء
             و يروعني نقط القنا بجسومهم             و يسوؤني شكل السيوف على الطلى‏

259
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         فأقبل النحر الخضيب و أمسح             الوجه التريب مضمخا و مرملا
             و يقوم سيدنا النبي و رهطه             متلهفا متأسفا متقلقلا
             فيرى الغريب المستضام النازح             الأوطان ملقى في الثرى ما غسلا
             و تقوم آسية و تأتي مريم             يبكين من كربي بعرصة كربلاء
             و يطفن حولي نادبات الجن إشفاقا             علي يفضن دمعا مسبلا
             و تضج أملاك السماء لعبرتي             و تعج بالشكوى إلى رب العلى‏
             و أرى بناتي يشتكين حواسرا             نهب المعاجر والهات ثكلا
             و أرى إمام العصر بعد أبيه في             صفد الحديد مغللا و معللا
             و أرى كريم مؤملي في ذابل             كالبدر في ظلم الدياجي يجتلي‏
             يهدى إلى الرجس اللعين فيشتفي             منه فؤاد بالحقود قد امتلأ
             و يظل يقرع منه ثغرا طال ما             قدما ترشفه النبي و قبلا
             و مضلل أضحى يوطئ عذرة             و يقول و هو من البصيرة قد خلا
             لو لم يحرم أحمد ميراثه             لم يمنعوه أهله و تأولا
             فأجبته إصر بقلبك أم قذا             في العين منك عدتك تبصرة الجلا
             أ و ليس أعطاها ابن خطاب لحيدرة             الرضا مستعتبا متنصلا
             أ تراه حلل ما رآه محرما             أم ذاك حرم ما رآه محللا
             يا راكبا تطوي المهامة عيسه             طي الردا و تجوب أجواز الفلا
             عرج بأكناف الغري مبلغا             شوقي و ناد بها الإمام الأفضلا
             و من العجيب تشوقي لمزار من             لم يتخذ إلا فؤادي منزلا
             فاحبس و قل يا خير من وطئ الثرى             و أعزهم جارا و أعذب منهلا
             لو شئت قمت بنصر بضعة أحمد             الهادي بعقد عزيمة لن تحللا
             و رميت أعداء الرسول بجمرة             من حد سيفك حرها لا يصطلى‏
             لكن صبرت لأن تقام عليهم             حجج الإله و لن ترى أن تعجلا
             كيلا يقولوا إن عجلت عليهم             كنا نراجع أمرنا لو أمهلا

260
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         مولاي يا جنب الإله و عينه             يا ذا المناقب و المراتب و العلا
             إحياؤك العظم الرميم و ردك             الشمس المنيرة و الدجى قد أسبلا
             و خضوعها لك في الخطاب و قولها             يا قادرا يا قاهرا يا أولا
             و كلام أصحاب الرقيم و ردهم             منك السلام و ما استنار و ما انجلى‏
             و حديث سلمان و نصرته على             أسد الفرات و علم ما قد أشكلا
             لا يستفز ذوي النهى و يقل من             أن يرتضى و يجل من أن يذهلا
             أخذ الإله لك العهود على الورى             في الذر لما أن برا و بك ابتلى‏
             في يوم قال لهم أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ             و علي مولاكم معا قالُوا بَلى‏
             قسما بوردي من حياض معارفي             و بشربي العذب الرحيق السلسلا
             و من استجارك من نبي مرسل             و دعا بحقك ضارعا متوسلا
             لو قلت إنك رب كل فضيلة             ما كنت فيما قلته متنحلا
             أو بحت بالخطر الذي أعطاك رب             العرش كادوني و قالوا قد غلا
             فإليك من تقصير عبدك عذره             فكثير ما أنهي يراه مقللا
             بل كيف يبلغ كنه وصفك قائل             و الله في علياك أبلغ مقولا
             و نفائس القرآن فيك تنزلت             و بك اغتدى متحليا متجملا
             فاستجلها بكرا فأنت مليكها             و على سواك تجل من أن تجتلي «1»
             و لئن بقيت لأنظمن قلائد             ينسى ترصعها النظام الأولا
             شهد الإله بأنني متبرئ             من حبتر و من الدلام و نعثلا
             و براءة الخلعي من عصب الخنا             تبنى على أن البرا أصل الولاء.
قصيدة لابن حماد رحمه الله‏
          مصاب شهيد الطف جسمي أنحلا             و كدر من دهري و عيشي ما حلا
             فما هل شهر العشر إلا تجددت             بقلبي أحزان توسدني البلى‏
__________________________________________________
 (1) يقال: اجتلى العروس على بعلها: عرضها عليه مجلوة، فاستجلاها: أى استكشفها.

261
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         و أذكر مولاي الحسين و ما جرى عليه             من الأرجاس في طف كربلاء
             فو الله لا أنساه بالطف قائلا             لعترته الغر الكرام و من تلا
             ألا فانزلوا في هذه الأرض و اعلموا             بأني بها أمسي صريعا مجدلا
             و أسقى بها كأس المنون على ظما             و يصبح جسمي بالدماء مغسلا
             و لهفي له يدعو اللئام تأملوا             مقالي يا شر الأنام و أرذلا
             أ لم تعلموا أني ابن بنت محمد             و والدي الكرار للدين كملا
             فهل سنة غيرتها أو شريعة             و هل كنت في دين الإله مبدلا
             أ حللت ما قد حرم الطهر أحمد             أ حرمت ما قد كان قبل محللا
             فقالوا له دع ما تقول فإننا             سنسقيك كأس الموت غصبا معجلا
             كفعل أبيك المرتضى بشيوخنا             و نشفي صدورا من ضغائنكم ملا
             فأثنى إلى نحو النساء جواده             و أحزانه منها الفؤاد قد امتلأ
             و نادى ألا يا أهل بيتي تصبروا             على الضر بعدي و الشدائد و البلاء
             فإني بهذا اليوم أرحل عنكم             على الرغم مني لا ملال و لا قلا
             فقوموا جميعا أهل بيتي و أسرعوا             أودعكم و الدمع في الخد مسبلا
             فصبرا جميلا و اتقوا الله إنه             سيجزيكم خير الجزاء و أفضلا
             فأثنى على أهل العناد مبادرا             يحامي عن دين المهيمن ذي العلا
             و صال عليهم كالهزبر مجاهدا             كفعل أبيه لن يزل و يخذلا
             فمال عليه القوم من كل جانب             فألقوه عن ظهر الجواد معجلا
             و خر كريم السبط يا لك نكبة             بها أصبح الدين القويم معطلا
             فارتجت السبع الشداد و زلزلت             و ناحت عليه الجن و الوحش في الفلا
             و راح جواد السبط نحو نسائه             ينوح و ينعى الظامئ المترملا
             خرجن بنيات البتول حواسرا             فعاين مهر السبط و السرج قد خلا
             فأدمين باللطم الخدود لفقده             و أسكبن دمعا حره ليس يصطلى‏

262
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         و لم أنس زينب تستغيث سكينة «1»             أخي كنت لي حصنا حصينا و موئلا
             أخي يا قتيل الأدعياء كسرتني             و أورثتني حزنا مقيما مطولا
             أخي كنت أرجو أن أكون لك الفدا             فقد خبت فيما كنت فيه أؤملا
             أخي ليتني أصبحت عميا و لا أرى             جبينك و الوجه الجميل مرملا
             و تدعو إلى الزهراء بنت محمد             أيا أم ركني قد وهى و تزلزلا
             أيا أم قد أمسى حبيبك بالعرا             طريحا ذبيحا بالدماء مغسلا
             أيا أم نوحي فالكريم على القنا             يلوح كالبدر المنير إذا انجلى‏
             و نوحي على النحر الخضيب و اسكبي             دموعا على الخد التريب المرملا
             و نوحي على الجسم التريب تدوسه             خيول بني سفيان في أرض كربلاء
             و نوحي على السجاد في الأسر بعده             يقاد إلى الرجس اللعين مغللا
             فيا حسرة ما تنقضي و مصيبة             إلى أن نرى المهدي بالنصر أقبلا
             إمام يقيم الدين بعد خفائه             إمام له رب السماوات فضلا
             أيا آل طه يا رجائي و عدتي             و عوني أيا أهل المفاخر و العلا
             يمينا بأني ما ذكرت مصابكم             أيا سادتي إلا أبيت مقلقلا
             فحزني عليكم كل آن مجدد             مقيم إلى أن أسكن الترب و البلاء
             عبيدكم العبد الحقير محمد             كئيب و قد أمسى عليكم معولا
             يؤملكم يا سادتي تشفعوا له             إذا ما أتى يوم الحساب ليسألا
             فو الله ما أرجو النجاة بغيركم             غدا يوم آتي خائفا متوجلا
             إذا فر مني والدي و مصاحبي             و عاينت ما قدمت في زمن الخلا
             و منوا على الحضار بالعفو في غد             لأن بكم قدري و قدرهم علا
             عليكم سلام الله يا آل أحمد             سلام على مر الزمان مطولا
__________________________________________________
 (1) لفظ «سكينة» من السكون حال من «زينب» و يحتمل أن يكون تصحيف شكيمة و هي الانتصار من الظلم.

263
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

أيضا لابن حماد
          أ هجرت يا ذات الجمال دلالا             و جعلت جسمي للصدود خبالا
             و سقيتني كأس الفراق مرارة             و منعت عذب رضابك السلسالا
             أسفا كما منع الحسين بكربلاء             ماء الفرات و أوسعوه خبالا
             و سقوه أطراف الأسنة و القنا             و يزيد يشرب في القصور زلالا
             لم أنس مولاي الحسين بكربلاء             ملقى طريحا بالدماء رمالا
             وا حسرتى كم يستغيث بجده             و الشمر منه يقطع الأوصالا
             و يقول يا جداه ليتك حاضر             فعساك تمنع دوننا الأنذالا
             و يقول للشمر اللعين و قد علا             صدرا تربى في تقى و دلالا
             يا شمر تقتلني بغير جناية             حقا ستجزى في الجحيم نكالا
             و اجتز بالعضب المهند رأسه             ظلما و هز برأسه العسالا «1»
             و علا به فوق السنان و كبروا             لله جل جلاله و تعالى‏
             فارتجت السبع الطباق و أظلمت             و تزلزلت لمصابه زلزالا
             و بكين أطباق السماء و أمطرت             أسفا لمصرعه دما قد سالا
             يا ويلكم أ تكبرون لفقد من             قتلوا به التكبير و التهليلا
             تركوه شلوا في الفلاة و صيروا             للخيل في جسد الحسين مجالا
             و لقد عجبت من الإله و حلمه             في الحال جل جلاله و تعالى‏
             كفروا فلم يخسف بهم أرضا بما             فعلوا و أمهلهم به إمهالا
             و غدا الحصان من الوقيعة عاريا             ينعى الحسين و قد مضى إجفالا
             متوجها نحو الخيام مخضبا             بدم الحسين و سرجه قد مالا
             و تقول زينب يا سكينة قد أتى             فرس الحسين فانظري ذا الحالا
             قامت سكينة عاينته محمحما             ملقى العنان فأعولت إعوالا
             فبكت و قالت وا شماتة حاسدي             قتلوا الحسين و أيتموا الأطفالا
__________________________________________________
 (1) العسال: الرمح يهتز لبنا.

264
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         يا عمتا جاء الحصان مخضبا             بدم الشهيد و دمعه قد سالا
             لما سمعن الطاهرات سكينة             تنعى الحسين و تظهر الإعوالا
             أبرزن من وسط الخدور صوارخا             يندبن سبط محمد المفضالا
             فلطمن منهن الخدود و كشفت             منها الوجوه و أعلنت إعوالا
             و خمشن منهن الوجوه لفقد من             نادى مناد في السماء و قالا
             قتل الإمام ابن الإمام بكربلاء             ظلما و قاسى منهم الأهوالا
             و تقول يا جداه نسل أمية             قتلوا الحسين و ذبحوا الأطفالا
             يا جدنا فعلوا علوج أمية «1»             فعلا شنيعا يدهش الأفعالا
             يا جدنا هذا الحسين بكربلاء             قد بضعوه أسنة و نصالا
             ملقى على شاطئ الفرات مجدلا             في الغاضرية للورى أمثالا
             ثم استباحوا في الطفوف حريمه             نهبوا السراة و قوضوا الأحمالا
             و غدوا بزين العابدين مكتفا             فوق المطية يشتكي الأهوالا
             يبكي أباه بعبرة مسفوحة             أسروه مضني لا يطيق نزالا «2»
             و أتوا به نحو الخيام و أمه             تبكي و تسحب خلفه الأذيالا
             و تقول ليت الموت جاء و لم أر             هذي الفعال و أنظر الأنذالا
             لو كان والده علي المرتضى             حيا لجدل دونه الأبطالا
             و لفر جيش المارقين هزيمة             من سيفه لا يستطيع قتالا
             يا ويلكم فستسحبون أذلة             و ستحملون بفعلكم أثقالا
             فعلى ابن سعد و اللعين عبيده «3»             لعن تجدد لا يزول زوالا
             و على محمد ثم آل محمد             روح و ريحان يدوم مقالا
__________________________________________________
 (1) العلج- بالكسر- الرجل القوى الضخم من كفّار العجم، و بعض العرب يطلق العلج على الكافر مطلقا، و الجمع علوج و أعلاج.       
 (2) يقال: أضناه المرض: أثقله مرضا مخامرا كلما ظنّ برؤه نكس، فهو مضنى.
 (3) يعني عبيد اللّه ابن زياد.

265
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         و عليهم صلى المهيمن ما حدا             في البيد ركبان تسير عجالا «1»
             فمتى تعود لآل أحمد دولة             و نرى لملك الظالمين زوالا
             يا آل أحمد أنتم سفن النجا             و أنا و حقكم لكم أتوالى‏
             أرجوكم لي في المعاد ذريعة             و بكم أفوز و أبلغ الآمالا
             فلأنتم حجج الإله على الورى             من لم يقل ما قلت قال محالا
             و الله أنزل هل أتى في مدحكم             و النمل و الحجرات و الأنفالا
             و المرتقى من فوق منكب أحمد             منكم و لو رام السماء لنالا
             و عليكم نزل الكتاب مفصلا             و الله أنزله لكم إنزالا
             نص بإذن الله لا من نفسه             ذو العرش نص به لكم إفضالا
             فتكلم المختار لما جاءه             من ربه جبريلهم إرسالا
             إذ قال هذا وارثي و خليفتي             في أمتي فتسمعوا ما قالا
             أفديكم آل النبي و بمهجتي             و أبي و أبذل فيكم الأموالا
             و أنا ابن حماد وليكم الذي             لم يرض غير كم و لم يتوالا
             أصبحت معتصما بحبل ولائكم             جدا و إن قصر الزمان و طالا
             و أنا الذي أهواكم يا سادتي             أرجو بذاك عناية و نوالا
             بعد الصلاة على النبي محمد             ما غرد القمري و أرخى البالا.
أقول: لبعض تلامذة والدي الماجد نور الله ضريحه و هو محمد رفيع بن مؤمن الجيلي تجاوز الله عن سيئاتهما و حشرهما مع ساداتهما مراثي مبكية حسنة السبك جزيلة الألفاظ سألني إيرادها «2» لتكون لسان صدق له في الآخرين و هي هذه‏
__________________________________________________
 (1) البيد: جمع بيداء: الفلاة.
 (2) هذه المراثى الأربعة التي جعلناه بين المعقوفتين ممّا ألحقه المؤلّف قدّس سرّه بعد تأليف الكتاب و انتشاره، و لذلك لا يوجد منها في نسخة الأصل أثر، و انما نقلناها من نسخة الكمباني، و الظاهر أنهم نقلوها من خطّ المؤلّف قدّس سرّه على بعض النسخ.

266
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

المرثية الأولى‏
          كم لريب المنون من وثبات             زعزعتني في رقدتي و ثباتي‏
             كيف لي و الحمام أغرق في النزع             و لا يخطئ الذي في الحياة
             نفسي المقتضي مسرة نفسي             في بلوغي منيتي خطواتي‏
             كيف يلتذ عاقل لحياة             هي أمطى الرحال نحو الممات‏
             هل سليم المذاق يشهى و يستصفي             أجاجا في وهدة الكدرات‏
             هذه دار رحلة غب حل             كالتي في الطريق وسط الفلاة
             لا مكان الثواء و الطمن و الأمن             من الأخذ بغتة و البيات‏
             بئست الدار إذ قد اجتمعت فيها             صنوف الأكالب الضاريات‏
             ذل فيها أولو الشرافة و المجد             و عزت أراذل العبلات‏
             دور أهل الضلال فيها استجدت             و رسوم الهدى عفت داثرات‏
             أف للدار هذه ثم تبا             لا أرى عندها مكان الثبات‏
             كالبغاة الزناة آل زياد             نطف العاهرين و العاهرات‏
             أ ترى من يقول ذاك افتراه             أو رمى المحصنين و المحصنات‏
             لا و رب المقام و البيت و الحجر             و جمع و الخيف و العرفات‏
             هل سمعت الذي تواتر معنى             من نبي الورى بنقل الثقات‏
             إن من كان مبغضا لعلي             فهو لا شك خائن الأمهات‏
             ما وجدنا أشد بغضا و حقدا             من عبيد الغريق في اللعنات‏
             كافر فاسق دعي خبيث             فاجر ظالم شقي و عات‏
             نال آل الرسول من ذلك الرجس             رزايا قد هدت الراسيات‏
             يا لها من مصيبة رق فيها             قلب كل الأنام حتى العداة
             يا لها من مصيبة صاح فيها             فرق الجن صيحة الثاكلات‏
             يا لها من مصيبة أسبلت دمع             الأولى ما بكوا لدى النازلات‏
             لهف قلبي لسادة الخلق إذ هم             ذللوا في إسار قوم طغاة

267
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         لهف قلبي و لجة البغي هاجت             فأمالت باللطم سفن النجاة
             لهف قلبي لفتية كبدور             خسفت من تراكم الظلمات‏
             لهف قلبي لنسوة شبه حور             أخرجت من حظائر القادسات‏
             و كأني بزينب و هي تدعو             أمها بالنحيب و الزفرات‏
             آه وا سوأتاه يا أم قومي             فاثكلينا مجامع النائحات‏
             هل ترينا الحسين منعفر الخد             و أوداجه غدت شاخبات‏
             هل ترينا الحسين مات عليلا             يابس الحلق و هو عند الفرات‏
             يا أبي يا أبا الضعاف اليتامى             يا مغيث اللهيف في الطائحات‏
             لو رأيت الحسين بين الأعادي             كغريب في الأكلب العاويات‏
             طارد ما يصول قدامه إذ             عضه في الوراء آخر عات‏
             مستغيث يقول هل من مغيث             أو خليل مؤانس و موات‏
             ليت في القوم من يدين بديني             ليت في القوم من يصلي صلاتي‏
             علكم أيها العصابة صم             صمما نالكم من الأمهات‏
             أنتم جاحدوا نبوة جدي             أنتم عابدوا منات و لات‏
             هل بكم من مروة المرء شي‏ء             أو حياء النساء لا و حياتي‏
             أهل بيت الرسول في شرف الموت             ليبس الشفاه و اللهوات‏
             أنتم مظهرو دهاء و زهو             و نشاط بحبس ماء الفرات‏
             أهل بيت الرسول في الطف صرعى             ذو بطون خميصة ضامرات‏
             أنتم في تنعم و رفاه             من لذيذ اللحوم و المرقات‏
             أنتم في الرحيب مجتمع الشمل             و آل الرسول رهن شتات‏
             أين ترحيبكم أبيدت قراكم             بنزيل دعوتم دعوات‏
             أين إيفاء ما كتبتم إلينا             و وعدتم لنا به وعدات‏
             ويلكم ما جوابكم إذ دعاكم             يوم فصل الخصام قاضي القضاة
             فعليكم لعن الإله وبيلا             ما تلظى السعير باللهبات‏

268
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         ثم لعن الرسول فالخلق طرا             كل لعن مستتبع اللعنات‏
             و على من بكى لنا أو تباكى             صلوات من ربنا دائمات‏
             رب هذا القصيد قد نظم الجيلي             فانظمه في عداد الرثات‏
             و تجاوز عن سيئات جناها             يوم يدعى يا غافر السيئات‏
 المرثية الثانية له عفي عنه‏
          أما الهموم فقد حلت بوادينا             و استوطنت إذ رأت حسن القرى فينا
             و هل ترى أحدا أحرى بصحبتها             ممن حوى الفضل و الآداب و الدينا
             أنى يكون لأهل الفضل من فرح             و ما صفى عيشهم من لوعة حينا
             أ لا ترى السادة النجب الكرام بني             سليلة المصطفى الغر الميامينا
             أصابهم من بني حرب الخباث أذى             له السماوات و الأرضون يبكينا
             لهفي على قول مولانا الحسين لصحبه             و أعداؤه جاءوا يناوونا
             ألا دعوني ألا فامضوا لشأنكم             إن البغاة إذن إياي يبغونا
             لا يشتفي غلهم إلا بسفك دمي             إن كان ذا فبغيري لا يبالونا
             فقال من هؤلاء الرهط طائفة             كانوا نفوسهم للخلد شارينا
             فداك آباؤنا يا ابن الرسول لقد             كنا على ما له صرنا مصرينا
             تالله لو قطعت أعضاؤنا قطعا             لما عدلنا بها دنيا المضلينا
             هديتمونا إلى الإسلام ليس على             وجه البسيط فريق مثلنا دينا
             لولاكم ما عرفنا الله خالقنا             و لا صلاة و تطهيرا و تأذينا
             أنتم دلائلنا أنتم وسائلنا             أنتم إلى الفوز بالرضوان هادونا
             أ ليس جدك خير المرسلين ألا             أبوك منه كما موسى و هارونا
             فكيف نسلمك العلج الزنيم و قد             نراه أخبث فرعون مضى طينا
             نعوذ بالله من ذا بل نقاتلهم             بالسهم و السيف و العسال مسنونا
             حتى يفيئوا إلى أمر الإله و يرفعوا             يد البغي عن خير المصلينا
             قال الحسين أتيتم بالوفاء إذن             جزاكم الله عنا آل ياسينا

269
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         فأنزلوا يا جنود الله رحلكم             ثم استعدوا لبلوى سوف يأتينا
             شدوا حيازيمكم للموت و اصطبروا             و لا تخافوا بأن الموت لاقينا
             و هل نخاف بأن الخصم يقتلنا             و الحق و الله فينا ليس يعدونا
             لا عار للمرء لو تفقأ كريمته             إن كان مستبصرا قد أحكم الدينا
             القوم من نيل روح الله قد يئسوا             و موقف العرض من ذا لا يبالونا
             القوم قد آثروا الدنيا و زينتها             و يعبدون هواهم و الشياطينا
             بغوا رضى ابن زياد خاب آملهم             يردون أولادنا يسبون أهلينا
             يسقون أفراسهم ماء الفرات و             يقتلون آل رسول الله ظامينا
             يا ليت فاطمة الطهر البتول ترى             ما نالنا من بني حرب و تبكينا
             هل من خبير ببلوانا يمر على             زقاق طيبة يبكينا و يرثينا
             يقول يا مصطفى إني خرجت و قد             تركت ابنك منحورا و مطعونا
             يقول آخر يا طهر البتول لقد             تركت ابنك محزونا و مشجونا
             وا حسرتى لطريح بالعراء و لم             يدفن و ما كان مغسولا و مكفونا
             وا لهف قلبي لفتيان أولي شرف             قد قتلوا و هم القرآن تالونا
             وا لهف قلبي لنسوان مخدرة             ابرزن بالطف في قوم ملاعينا
             يا رب عذب عذاب الهون رائسهم             يزيد ثم عبيدا فالاعنينا «1»
             و اغفر لمسكيننا الجيلي زلته             آمين آمين يا غفار آمينا
 المرثية الثالثة له عفي عنه‏
          ألا ليس من فقد الخليل هزالي             و لا من مزاج السوء سوأة حالي‏
             و لا نابني ضيق المعاش فعابني             خليطي و أقراني بقلة مالي‏
             و لكن خيول الغم و الكرب و النوى             توالت على بالي و أي توالي‏
             لما حل من أصناف بلوى و محنة             بآل رسول الله أكرم آل‏
             فكم مشرب كأس الحتوف فبعضهم             بدس و بعض مؤذنا بقتال‏
__________________________________________________
 (1) كذا في نسخة الكمبانيّ.

270
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         أ لم تسمع الملعونة الرجس إذ مضت             توسوس للأخرى بوعد وصال‏
             إلى أن قتلن المجتبى الحسن الذي             له مع حسن الوجه حسن خصال‏
             فيا ليت كبد قطعت حين شربه             نقيع سموم خال كأس زلال‏
             و يا ليت شمس اليوم كالليل سودت             بما اخضر وجه مشرق كلئالي‏
             بنفسي إذ جاءته زينب أخته             و قد شاهدت حالا و أية حال‏
             فقال تعالي يا ابنة الخير فاعجبي             فكم فلذة مني سقطن حيالي‏
             تعالي تعالي يا ابنة الأم فانظري             أخاك بكبد قاء أم بطحال‏
             بنفسي إذ وصى أخاه معانقا             بتقوى الإله الخالق المتعال‏
             و بالصبر و التسليم لله و الرضي             و بالشكر و التحميد أية حال‏
             و قال تذكر نقل معراج جدنا             و مالك من قصر الجنان و مالي‏
             فهذا اخضراري قد تحقق حسبما             هناك و في علم الإله جرى لي‏
             سيدمون نحرا كان في غير مرة             يقبله الجد الجليل حيالي‏
             فتحمر وجها حيث لا يتيسر             اللواذ بأنصار و لا بموالي‏
             فوا حسرتى وا سوأتا وا مصيبتا             لمذبوح أرض الطف يوم نزال‏
             يزيد بما استحللت هتك حريمه             و حرمت شرب الماء رد سؤالي‏
             تدور بدور الفخر و العز و العلى             زقاق بلاد الشام فوق جمال‏
             أطايب بيض كالشموس وجوهها             بظهر شموس في مسير قلال‏
             ذراري رسول الله شد وثاقهم             كنحو أسارى أوثقت بحبال‏
             تذل مياتيم الحسين معاندا             و قد كان للأيتام خير ثمال‏
             فكيف إذا استعدى عليك محمد             لدى حاكم ذي نقمة و نكال‏
             و بطش شديد و انتقام و سطوة             و سلطنة في عزة و جلال‏
             عليك إلى يوم الجزاء و بعده             من الله لعن دائم متتال‏
             إلهي أنا الجيلي عبدك مذعنا             بما كان مني من قبيح فعال‏
             و لكنني راثي الحسين و ناشر             مدائح ساداتي بلحن مقال‏

271
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         محبة أولاد الرسول تعرقت             ببالي فلا بالموت بعد أبالي‏
             و لم أتخذ دون الوصي وليجة             و هذا عطاء منك قبل سؤالي‏
             و أنت عليم من ضميري بأنني             بغيض لأعداء الوصي و قال‏
             فلا تبعدني عنه حيا و ميتا             و عمم بهذا الفضل كل موال‏
 المرثية الرابعة أيضا له عفي عنه‏
          اطلبوا للضحك دوني و على الحزن دعوني             حرم الضحك أخلائي عن أهل الشجون‏
             حزني ليس لخل أو أنيس أو قرين             أو لولد كنت أرجو منهم أن يخلفوني‏
             إنما حزني و بثي و رنيني و أنيني             لشهيد الطف سبط المصطفى الهادي الأمين‏
             لهف قلبي إذ ينادي قومه هل من معين             ما لقومي لا يجيبونن إذ قد سمعوني‏
             ألما في قلبهم مني من داء دفين             أم لهم بغض على الإسلام أم لم يعرفوني‏
             ها أنا ابن المصطفى الآتي بقرآن مبين             ها أنا ابن المرتضى الهادي إلى دين مبين‏
             أمي الزهراء مخدومة جبرئيل الأمين             مذهبي التوحيد و التقديس و الإسلام ديني‏
             هل على الأرض نظيري اليوم قومي أنصفوني             فبما استحللتم هتك حريمي أخبروني‏
             ويلكم يوم ينادي المرء يا رب ارجعوني             و أنا أشكو إلى جدي بالصوت الحزين‏

272
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         جد يا جد ترى قومي كيف استضعفوني             ثم لم يرضوا بالاستضعاف حتى قتلوني‏
             آه من جور عبيد الفاسق العلج الهجين             آه من شمر و شبث يظهران الحقد دوني «1»
             آه من إدماء نحري آه من عفر جبيني             آه من أجل صبايا هن من لحمي و طيني‏
             آه من ذي ثفنات هو نفسي و وتيني             آه إذ أبرزت النسوان من حصن حصين‏
             حاسرات ظامئات خافضات للأنين             آه من جور يزيد بن اللعين بن اللعين‏
             رب عذبهم بتعذيب أليم و مهين             و احشر الجيلي في زمرة أصحاب اليمين «2».
أقول روي في بعض كتب المناقب القديمة بإسناده عن البيهقي عن علي بن محمد الأديب يذكر بإسناد له أن رأس الحسين بن علي ع لما صلب بالشام أخفى خالد بن عفران و هو من أفضل التابعين شخصه من أصحابه فطلبوه شهرا حتى وجدوه فسألوه عن عزلته فقال أ ما ترون ما نزل بنا ثم أنشأ يقول‏
          جاءوا برأسك يا ابن بنت محمد             مترملا بدمائه ترميلا
             و كأنما بك يا ابن بنت محمد             قتلوا جهارا عامدين رسولا
             قتلوك عطشانا و لم يترقبوا             في قتلك التنزيل و التأويلا
             و يكبرون بأن قتلت و إنما             قتلوا بك التكبير و التهليلا
أخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي عن محيي السنة أبي الفتح إجازة قال أنشدني أبو الطيب البابلي أنشدني أبو النجم بدر بن‏
__________________________________________________
 (1) آه من شمر و شبث قاطعى عرق وتينى، خ ل.
 (2) انتهى ما نقلناه من نسخة الكمبانيّ.

273
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

إبراهيم بالدينور للشافعي محمد بن إدريس‏
         : تأوب همي و الفؤاد كئيب             و أرق نومي فالرقاد غريب‏
             و مما نفى جسمي و شيب لمتي             تصاريف أيام لهن خطوب‏
             فمن مبلغ عني الحسين رسالة             و إن كرهتها أنفس و قلوب‏
             قتيلا بلا جرم كأن قميصه             صبيغ بماء الأرجوان خضيب‏
             و للسيف إعوال و للرمح رنة             و للخيل من بعد الصهيل نحيب‏
             تزلزلت الدنيا لآل محمد             و كادت لها صم الجبال تذوب‏
             يصلي على المهدي من آل هاشم             و يغزي بنوه إن ذا لعجيب‏
             لئن كان ذنبي حب آل محمد             فذلك ذنب لست منه أتوب.
أخبرني أبو منصور الديلمي عن أحمد بن علي بن عامر الفقيه أنشدني أحمد بن منصور بن علي القطيعي المعروف بالقطان ببغداد لنفسه‏
          يا أيها المنزل المحيل             غاثك مستخفر هطول‏
             أودى عليك الزمان لما             شجاك من أهله الرحيل‏
             لا تغترر بالزمان و اعلم             أن يد الدهر تستطيل‏
             فإن آجالنا قصار             فيه و آمالنا تطول‏
             تفنى الليالي و ليس يفنى             شوقي و لا حسرتي تزول‏
             لا صاحب منصف فأسلو             به و لا حافظ وصول‏
             و كيف أبقى بلا صديق             باطنه باطن جميل‏
             يكون في البعد و التداني             يقول مثل الذي أقول‏
             هيهات قل الوفاء فيهم             فلا حميم و لا وصول‏
             يا قوم ما بالنا جفينا             فلا كتاب و لا رسول‏
             لو وجدوا بعض ما وجدنا             لكاتبونا و لم يحولوا
             لكن خانوا و لم يجودوا             لنا بوصل و لم ينيلوا
             قلبي قريح به كلوم             أفتنه طرفك البخيل‏
             أنحل جسمي هواك حتى             كأنه حصرك النحيل‏

274
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         يا قاتلي بالصدود رفقا             بمهجة شفها غليل «1»
             غصن من البان حيث مالت             ريح الخزامي به تميل «2»
             يسطو علينا بغنج لحظ             كأنه مرهف صقيل‏
             كما سطت بالحسين قوم             أراذل ما لهم أصول‏
             يا أهل كوفان لم غدرتم             بنا و كم أنتم نكول‏
             أنتم كتبتم إلي كتبا             و في طرياتها ذحول‏
             فراقبوا الله في خباي             فيه لنا فتية غفول‏
             و أم كلثوم قد تنادي             ليس الذي حل بي قليل‏
             تقول لما رأته خلوا             قد خسفت صدره الخيول‏
             جاشت بشط الفرات تدعو             ما فعل السيد القتيل‏
             أين الذي حين أرضعوه             ناغاه في المهد جبرئيل‏
             أين الذي حين غمدوه             قبله أحمد الرسول‏
             أين الذي جده النبي             و أمه فاطم البتول‏
             أنا ابن منصور لي لسان             على ذوي النصب يستطيل‏
             ما الرفض ديني و لا اعتقادي             و لست عن مذهبي أحول.
قال و لدعبل الخزاعي رحمه الله‏
          أ أسبلت دمع العين بالعبرات             و بت تقاسي شدة الزفرات‏
             و تبكي لآثار لآل محمد             فقد ضاق منك الصدر بالحسرات‏
             ألا فابكهم حقا و بل عليهم             عيونا لريب الدهر منسكبات‏
             و لا تنس في يوم الطفوف مصابهم             و داهية من أعظم النكبات‏
             سقى الله أجداثا على أرض كربلاء             مرابيع أمطار من المزنات‏
__________________________________________________
 (1) شفه الهم و الحزن و الحب: هزله و أوهنه. و النسخ «ببهجة» و هو تصحيف.
 (2) الخزامى خيرى البر زهره أطيب الازهار نفحة يتمثل به في الطيب، يقال: «أطيب من نفس النعامى بين ورق الخزامى» و في النسخ «الخرامى».

275
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         و صلى على روح الحسين حبيبه             قتيلا لدى النهرين بالفلوات‏
             قتيلا بلا جرم فجيعا بفقده             فريدا ينادي أين أين حماتي‏
             أنا الظامئ العطشان في أرض غربة             قتيلا و مطلوبا بغير ترات‏
             و قد رفعوا رأس الحسين على القنا             و ساقوا نساء ولها خفرات‏
             فقل لابن سعد عذب الله روحه             ستلقى عذاب النار باللعنات‏
             سأقنت طول الدهر ما هبت الصبا             و أقنت بالآصال و الغدوات‏
             على معشر ضلوا جميعا و ضيعوا             مقال رسول الله بالشبهات‏
 قال و لدعبل أيضا رحمه الله‏
          يا أمة قتلت حسينا عنوة             لم ترع حق الله فيه فتهتدي‏
             قتلوه يوم الطف طعنا بالقنا             و بكل أبيض صارم و مهند
             و لطال ما ناداهم بكلامه             جدي النبي خصيمكم في المشهد
             جدي النبي أبي علي فاعلموا             و الفخر فاطمة الزكية محتدي‏
             يا قوم إن الماء يشربه الورى             و لقد ظمئت و قل منه تجلدي‏
             قد شقني عطشى و أقلقني الذي             ألفاه من ثقل الحديد المؤيد «1»
             قالوا له هذا عليك محرم             هذا حلال من يبايع للغبي «2»
             فأتاه سهم من يد مشئومة             من قوس ملعون خبيث المولد
             يا عين جودي بالدموع و جودي             و ابكي الحسين السيد بن السيد.
قال و لبعضهم‏
          إن كنت محزونا فما لك ترقد             هلا بكيت لمن بكاه محمد
             هلا بكيت على الحسين و نسله             إن البكاء لمثلهم قد يحمد
             لتضعضع الإسلام يوم مصابه             فالجود يبكي فقده و السؤدد
             أ نسيت إذ سارت إليه كتائب             فيها ابن سعد و الطغاة الجحد
             فسقوه من جرع الحتوف بمشهد             كثر العداة به و قل المسعد
__________________________________________________
 (1) المؤيد: الامر العظيم، الداهية.
 (2) كذا و لعله تصحيف «باليد».

276
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         ثم استباحوا الصائنات حواسرا             و الشمل من بعد الحسين مبدد «1» كيف القرار و في السبايا زينب‏
             تدعو المسا يا جدنا يا أحمد             هذا حسين بالحديد مقطع‏
             متخضب بدمائه مستشهد             عار بلا كفن صريع في الثرى‏
             تحت الحوافر و السنابك مقصد             و الطيبون بنوك قتلى حوله‏
             فوق التراب ذبائح لا تلحد             يا جد قد منعوا الفرات و قتلوا
             عطشا فليس لهم هنالك مورد             يا جد من ثكلى و طول مصيبتي‏
             و لما أعاينه أقوم و أقعد
 و له‏
          حسب الذي قتل الحسين من الخسارة و الندامة             أن الشفيع لدى الإله خصيمه يوم القيامة.
قال و لدعبل أيضا رحمه الله‏
          منازل بين أكناف الغري             إلى وادي المياه إلى الطوي‏
             لقد شغل الدموع عن الغواني             مصاب الأكرمين بني علي‏
             أتى أسفي على هفوات دهر «2»             تضاءل فيه أولاد الزكي‏
             أ لم تقف البكاء على حسين             و ذكرك مصرع الحبر التقي‏
             أ لم يحزنك أن بني زياد             أصابوا بالتراب بني النبي‏
             و أن بني الحصان يمر فيهم             علانية سيوف بني البغي.
قال و للرضي الموسوي نقيب النقباء البغدادي‏
          سقى الله المدينة من محل             لباب الودق بالنطف العذاب‏
             و جاد على البقيع و ساكنيه             رخي البال ملئان الوطاب‏
             و أعلام الغري و ما أساخت             معالمها من الحسب اللباب‏
             و قبرا بالطفوف يضم شلوا             قضى ظمأ إلى برد الشراب‏
             و بغدادا و سامرا و طوسا             هطول الودق منخرق العباب‏
__________________________________________________
 (1) هذا هو الصحيح، و قد مر في ص 243 «فالثكل من بعد الحسين مبدد» و هو تصحيف.
 (2) أيا أسفا، ظ.

277
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         بكم في الشعر فخري لا بشعري             و عنكم طال باعي في الخطاب‏
             و من أولى بكم مني وليا             و في أيديكم طرف انتسابي.
قال و لأبي الحسن علي بن أحمد الجرجاني من قصيدة طويلة يمدح أهل البيت ع‏
          وجدي بكوفان ما وجدي بكوفان-             تهمي عليه ضلوعي قبل أجفان «1»
             أرض إذا نفحت ريح العراق بها             أتت بشاشتها أقصى خراسان‏
             و من قتيل بأعلى كربلاء على             جهد الصدى فتراه غير صديان‏
             و ذي صفائح يستسقى البقيع به             ري الجوانح من روح و رضوان‏
             هذا قسيم رسول الله من آدم             قدا معا مثل ما قد الشراكان‏
             و ذاك سبطا رسول الله جدهما             وجه الهدى و هما في الوجه عيناه‏
             وا خجلتا من أبيهم يوم يشهدهم             مضرجين نشاوى من دم قان «2»
             يقول يا أمة حف الضلال بها             فاستبدلت للعمى كفرا بإيمان‏
             ما ذا جنيت عليكم إذ أتيتكم             بخير ما جاء من آي و فرقان‏
             أ لم أجركم و أنتم في ضلالتكم             على شفا حفرة من حر نيران‏
             أ لم أؤلف قلوبا منكم مزقا فرقا             مثارة بين أحقاد و أضغان‏
             أ ما تركت كتاب الله بينكم             و آية الغر في جمع و قرآن‏
             أ لم أكن فيكم غوثا لمضطهد             أ لم أكن فيكم ماء لظمآن‏
             قتلتم ولدي صبرا على ظمإ             هذا و ترجون عند الحوض إحساني‏
             سبيتم ثكلتكم أمهاتكم             بني البتول و هم لحمي و جثماني‏
             مزقتم و نكثتم عهد والدهم             و قد قطعتم بذاك النكث أقراني‏
             يا رب خذ لي منهم إذ هم ظلموا             كرام رهطي و راموا هدم بنياني‏
             ما ذا تجيبون و الزهراء خصمكم             و الحاكم الله للمظلوم و الجاني‏
__________________________________________________
 (1) همى الماء و الدمع هميا و هميانا: سال لا يثنيه شي‏ء و العين: صبت دمعها.
 (2) يقال: أحمر قان أصله قانئ بالهمز اي اشتد حمرته، و بالياء لغة.

278
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         أهل الكساء صلاة الله ما نزلت             عليكم الدهر من مثنى و وحدان‏
             أنتم نجوم بني حواء ما طلعت             شمس النهار و ما لاح السماكان «1»
             ما زلت منكم على شوق يهيجني             و الدهر يأمرني فيه و ينهاني‏
             حتى أتيتك و التوحيد راحلتي             و العدل زادي و تقوى الله إمكاني‏
             هذي حقائق لفظ كلما برقت             ردت بلألائها أبصار عميان «2»
             هي الحلي لبني طه و عترتهم             هي الردي لبني حرب و مروان‏
             هي الجواهر جاء الجوهري بها             محبة لكم من أرض جرجان‏
 قال و له أيضا في يوم عاشوراء من قصيدته الطويلة
          يا أهل عاشوراء يا لهفي على الدين             خذوا حدادكم يا آل ياسين‏
 إلى آخر ما مضى في رواية ابن شهرآشوب «3» و زاد فيه‏
          زادوا عليه بحبس الماء غلته             تبا لرأي فريق فيه مغبون‏
             نالوا أزمة دنياهم ببغيهم             فليتهم سمحوا منها بماعون‏
             حتى يصيح بقنسرين راهبها             يا فرقة الغي يا حزب الشياطين‏
             أ تهزءون برأس بات منتصبا             على القناة بدين الله يوصيني‏
             آمنت ويحكم بالله مهتديا             و بالنبي و حب المرتضى ديني‏
             فجدلوه صريعا فوق جبهته             و قسموه بأطراف السكاكين‏
             و أوقروا صهوات الخيل من أحن «4»             على أساراهم فعل الفراعين‏
             مصفدين على أقتاب أرحلهم             محمولة بين مضروب و مطعون‏
             أطفال فاطمة الزهراء قد فطموا             من الثدي بأنياب الثعابين‏
             يا أمة ولي الشيطان رأيتها             و مكن الغي منها كل تمكين‏
__________________________________________________
 (1) يريد السماك الرامح و السماك الاعزل: كوكبان نيران.
 (2) اللألاء: ضوء السراج و لمعانه.
 (3) راجع ص 253.
 (4) الصهوة: مقعد الفارس من الفرس.

279
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         ما المرتضى و بنوه من معاوية             و لا الفواطم من هند و ميسون‏
             آل الرسول عباديد السيوف فمن             هام على وجهه خوفا و مسجون‏
             يا عين لا تدعي شيئا لغادية             تهمي و لا تدعي دمعا لمحزون‏
             قومي على جدث بالطف فانتقضي             بكل لؤلؤ دمع فيك مكنون‏
             يا آل أحمد إن الجوهري لكم             سيف يقطع عنكم كل موصون.
قال و لغيره عاشورية طويلة انتخبت منها هذه الأبيات‏
          إذا جاء عاشوراء تضاعف حسرتي             لآل رسول الله و انهل عبرتي‏
             هو اليوم فيه اغبرت الأرض كلها             وجوما عليهم و السماء اقشعرت‏
             مصائب ساءت كل من كان مسلما             و لكن عيون الفاجرين أقرت‏
             إذا ذكرت نفسي مصيبة كربلاء             و أشلاء سادات بها قد تفرت‏
             أضاقت فؤادي و استباحت تجارتي             و عظم كربي ثم عيشي أمرت‏
             أريقت دماء الفاطميين بالملا             فلو عقلت شمس النهار لخرت‏
             ألا بأبي تلك الدماء التي جرت             بأيدي كلاب في الجحيم استقرت‏
             توابيت من نار عليهم قد أطبقت «1»             لهم زفرة في جوفها بعد زفرة
             فشتان من في النار قد كان هكذا             و من هو في الفردوس فوق الأسرة «2»
             بنفسي خدود في التراب تعفرت             بنفسي جسوم بالعراء تعرت‏
             بنفسي رءوس معليات على القنا             إلى الشام تهدى بارقات الأسنة
             بنفسي شفاه ذابلات من الظمإ             و لم تحظ من ماء الفرات بقطرة
             بنفسي عيون غائرات سواهر             إلى الماء منها نظرة بعد نظرة
             بنفسي من آل النبي خرائد             حواسر لم تقذف عليهم بسترة
             تفيض دموعا بالدماء مشوبة             كقطر الغوادي من مدافع سرة «3»
__________________________________________________
 (1) التوابيت: جمع تابوت.
 (2) الاسرة: جمع سرير.
 (3) الغوادى جمع غادية: السحابة تنشأ غدوة. و في النسخ «الفوادى» فتحرر.

280
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         على خير قتلى من كهول و فتية             مصاليت أنجاد إذا الخيل كرت‏
             ربيع اليتامى و الأرامل فابكها             مدارس للقرآن في كل سحرة
             و أعلام دين المصطفى و ولاته             و أصحاب قربان و حج و عمرة
             ينادون يا جداه أية محنة             تراه علينا من أمية مرت‏
             ضغائن بدر بعد ستين أظهرت             و كانت أجنت في الحشا و أسرت‏
             شهدت بأن لم ترض نفس بهذه             و فيها من الإسلام مثقال ذرة
             كأني ببنت المصطفى قد تعلقت             يداها بساق العرش و الدمع أذرت‏
             و في حجرها ثوب الحسين مضرجا             و عنها جميع العالمين بحسرة
             تقول أيا عدل اقض بيني و بين من             تعدى على ابني بعد قهر و قسرة
             أجالوا عليه بالصوارم و القنا             و كم جال فيهم من سنان و شفرة
             على غير جرم غير إنكار بيعة             لمنسلخ من دين أحمد عرة «1»
             فيقضي على قوم عليه تألبوا             بسوء عذاب النار من غير فترة
             و يسقون من ماء صديد إذا دنا             شوي الوجه و الأمعاء منه تهددت‏
             مودة ذي القربى رعوها كما ترى             و قول رسول الله أوصى بعترتي‏
             فكم عجرة قد اتبعوها بعجرة             و كم غدرة قد ألحقوها بغدرة
             هم أول العادين ظلما على الورى             و من سار فيهم بالأذى و المضرة
             مضوا و انقضت أيامهم و عهودهم             سوى لعنة باءوا بها مستمرة
             لآل رسول الله ودي خالصا             كما لمواليهم ولائي و نصرتي‏
             و ها أنا مذ أدركت حد بلاغتي             أصلي عليهم في عشيي و بكرتي‏
             و قول النبي المرء مع من أحبه             يقوي رجائي في إقالة عثرتي‏
             على حبهم يا ذا الجلال توفني             و حرم على النيران شيبي و كبرتي.
قال و لعلي بن الحسين الدوادي من قصيدة طويلة انتخبت منها
          بنو المصطفى المختار أحمد طهروا             و أثنى عليهم محكم السورات‏
__________________________________________________
 (1) يقال: «فلان عرة أهله»: شينهم و عارهم.

281
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         بنو حيدر المخصوص بالدرجات             من الله و الخواض في الغمرات‏
             فروع النبي المصطفى و وصيه             و فاطم طابت تلك من شجرات‏
             و سائلة لم تسكب الدمع دائبا             و تقذف نارا منك في الزفرات‏
             فقلت على وجه الحسين و قد ذرت             عليه السوافي ثائر الهبوات‏
             فقد غرقت منه المحاسن في دم             و أهدي للفجار فوق قناة
             و حلئ عن ماء الفرات و قد صفت             موارده للشاء و الحمرات‏
             على أم كلثوم تساق سبية             و زينب و السجاد ذي الثفنات‏
             أصيبوا بأطراف الرماح فأهلكوا             و هم للورى أمن من الهلكات‏
             بهم عن شفير النار قد نجى الورى             فجازوهم بالسيف ذي الشفرات‏
             فيا أقبرا حطت على أنجم هوت             و فرقن في الأطراف مغتربات‏
             و ليس قبورا هن بل هي روضة             منورة مخضرة الجنبات‏
             و ما غفل الرحمن عن عصبة طغت             و ما هتكت ظلما من الحرمات‏
             أ مقروعة في كل يوم صفاتكم             بأيدي رزايا فتن كل صفات «1»
             فحتام ألقى جدكم و هو مطرق             غضيض و ألقى الدهر غير موات‏
             فيا رب غير ما تراه معجلا             تعاليت يا ربي عن الغفلات.
قال و للصاحب كافي الكفاة إسماعيل بن عباد من قصيدة طويلة انتخبت منها هذه الأبيات‏
          بلغت نفسي مناها بالموالي آل طاها             برسول الله من حاز المعالي و حواها
             و ببنت المصطفى من أشبهت فضلا أباها             و بحب الحسن البالغ في العليا مداها
             و الحسين المرتضى يوم المساعي إذ حواها             ليس فيهم غير نجم قد تعالى و تناهى‏
__________________________________________________
 (1) كذا في النسخ، و لعلّ الصواب «فت» فتحرر.

282
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         عترة أصبحت الدنيا جميعا في حماها             ما يحدث عصب البغي بأنواع عماها
             أردت الأكبر بالسم و ما كان كفاها             و انبرت تبغي حسينا و عرته و عراها
             منعته شربه و الطير قد أروت صداها             فأفاتت نفسه يا ليت روحي قد فداها
             بنته تدعو أباها أخته تبكي أخاها             لو رأى أحمد ما كان دهاه و دهاها
             و رأى زينب إذ شمر أتاها و سباها             لشكا الحال إلى الله و قد كان شكاها
             و إلى الله سيأتي و هو أولى من جزاها
 و للصاحب أيضا منتخبة من قصيدته‏
          ما لعلي العلا أشباه             لا و الذي لا إله إلا هو
             مبناه مبني النبي تعرفه             و ابناه عند التفاخر ابناه‏
             لو طلب النجم ذات أخمصه             أعلاه و الفرقدان نعلاه‏
             يا بأبي السيد الحسين و قد             جاهد في الدين يوم بلواه‏
             يا بأبي أهله و قد قتلوا             من حوله و العيون ترعاه‏
             يا قبح الله أمة خذلت             سيدها لا تريد مرضاه‏
             يا لعن الله جيفة نجسا             يقرع من بغضه ثناياه‏
 و للصاحب أيضا منتخبة من قصيدته‏
          برئت من الأرجاس رهط أمية             لما صح عندي من قبيح غذائهم‏
             و لعنهم خير الوصيين جهرة             لكفرهم المعدود في شردائهم‏
             و قتلهم السادات من آل هاشم             و سبيهم عن جرأة لنسائهم‏
             و ذبحهم خير الرجال أرومة             حسين العلا بالكرب في كربلائهم‏

283
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         و تشتيتهم شمل النبي محمد             لما ورثوا من بغضه في قنائهم‏
             و ما غضبت إلا لأصنامها التي             أديلت و هم أنصارها لشقائهم‏
             أيا رب جنبني المكاره و اعف عن             ذنوبي لما أخلصته من ولائهم‏
             أيا رب أعدائي كثير فزدهم             بغيظهم لا يظفروا بابتغائهم‏
             أيا رب من كان النبي و أهله             وسائله لم يخش من غلوائهم‏
             حسين توصل لي إلى الله إنني             بليت بهم فادفع عظيم بلائهم‏
             فكم قد دعوني رافضيا لحبكم             فلم ينثني عنكم طويل عوائهم‏
 و للصاحب أيضا من قصيدته منتخبة
          يا أصل عترة أحمد لولاك لم             يك أحمد المبعوث ذا أعقاب‏
             ردت عليك الشمس و هي فضيلة             بهرت فلم تستر بكف نقاب‏
             لم أحك إلا ما روته نواصب             عادتك فهي مباحة الأسلاب‏
             عوملت يا تلو النبي و صنوه             بأوابد جاءت بكل عجاب‏
             قد لقبوك أبا تراب بعد ما             باعوا شريعتهم بكف تراب‏
             أ تشك في لعني أمية بعد ما             كفرت على الأحرار و الأطياب‏
             قتلوا الحسين فيا لعولي بعده             و لطول حزني أو أصير لما بي‏
             فسبوا بنات محمد فكأنما             طلبوا ذحول الفتح و الأحزاب‏
             رفقا ففي يوم القيامة غنية             و النار باطشة بصوت عقاب‏
 و للصاحب أيضا من قصيدته الطويل‏
          أجروا دماء أخي النبي محمد             فلتجر غزر دموعنا و لتهمل‏
             و لتصدر اللعنات غير مزالة             لعداه من ماض و من مستقبل‏
             و تجردوا لبنيه ثم بناته             بعظائم فاسمع حديث المقتل‏
             منعوا الحسين الماء و هو مجاهد             في كربلاء فنح كنوح المعول‏
             منعوه أعذب منهل و كذا غدا             يردون في النيران أوخم منهل‏
             أ يجز رأس ابن النبي و في الورى             حي أمام ركابه لم يقتل‏

284
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         و بنو السفاح تحكموا في أهل حي             على الفلاح بفرصة و تعجل‏
             نكت الدعي بن البغي ضواحكا             هي للنبي الخير خير مقبل‏
             تمضي بنو هند سيوف الهند في             أوداج أولاد النبي و تعتلي‏
             ناحت ملائكة السماء لقتلهم             و بكوا فقد سقوا كئوس الذبل‏
             فأرى البكاء على الزمان محللا             و الضحك بعد الطف غير محلل‏
             كم قلت للأحزان دومي هكذا             و تنزلي في القلب لا تترحل.

و لزينب بنت فاطمة البتول من قصيدة انتخبت منها هذه‏
          تمسك بالكتاب و من تلاه             فأهل البيت هم أهل الكتاب‏
             بهم نزل الكتاب و هم تلوه             و هم كانوا الهداة إلى الصواب‏
             إمامي وحد الرحمن طفلا             و آمن قبل تشديد الخطاب‏
             علي كان صديق البرايا             علي كان فاروق العذاب‏
             شفيعي في القيامة عند ربي             نبيي و الوصي أبو تراب‏
             و فاطمة البتول و سيدا من             يخلد في الجنان مع الشباب‏
             على الطف السلام و ساكنيه             و روح الله في تلك القباب‏
             نفوسا قدست في الأرض قدما             و قد خلصت من النطف العذاب‏
             فضاجع فتية عبدوا فناموا             هجودا في الفدافد و الشعاب‏
             علتهم في مضاجعهم كعاب             بأوراق منعمة رطاب‏
             و صيرت القبور لهم قصورا             مناخا ذات أفنية رحاب‏
             لئن وارتهم أطباق أرض             كما أغمدت سيفا في قراب‏
             كأقمار إذا جاسوا رواض             و آساد إذا ركبوا غضاب‏
             لقد كانوا البحار لمن أتاهم             من العافين و الهلكى السغاب‏
             فقد نقلوا إلى جنات عدن             و قد عيضوا النعيم من العقاب‏
             بنات محمد أضحت سبايا             يسقن مع الأسارى و النهاب‏
             مغبرة الذيول مكشفات             كسبي الروم دامية الكعاب‏

285
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         لئن أبرزن كرها من حجاب             فهن من التعفف في حجاب‏
             أ يبخل في الفرات على حسين             و قد أضحى مباحا للكلاب‏
             فلي قلب عليه ذو التهاب             و لي جفن عليه ذو انسكاب.
و لدعبل الخزاعي من قصيدته الطويلة
          جاءوا من الشام المشومة أهلها             للشوم يقدم جندهم إبليس‏
             لعنوا و قد لعنوا بقتل إمامهم             تركوه و هم مبضع مخموس‏
             و سبوا فوا حزني بنات محمد             عبرى حواسر ما لهن لبوس‏
             تبا لكم يا ويلكم أ رضيتم             بالنار ذل هنالك المحبوس‏
             بعتم بدنيا غيركم جهلا بكم             عز الحياة و إنه لنفيس‏
             أخسر بها من بيعة أموية             لعنت و حظ البائعين خسيس‏
             بؤسا لمن بايعتم و كأنني             بأمامكم وسط الجحيم حبيس‏
             يا آل أحمد ما لقيتم بعده             من عصبة هم في القياس مجوس‏
             كم عبرة فاضت لكم و تقطعت             يوم الطفوف على الحسين نفوس‏
             صبرا موالينا فسوف نديلكم             يوما على آل اللعين عبوس‏
             ما زلت متبعا لكم و لأمركم             و عليه نفسي ما حييت أسوس.
و من قصيدة لجعفر بن عفان الطائي رحمه الله‏
          ليبك على الإسلام من كان باكيا             فقد ضيعت أحكامه و استحلت‏
             غداة حسين للرماح ذرية             و قد نهلت منه السيوف و علت‏
             و غودر في الصحراء لحما مبددا             عليه عناق الطير باتت و ظلت‏
             فما نصرته أمة السوء إذ دعا             لقد طاشت الأحلام منها و ضلت‏
             ألا بل محوا أنوارهم بأكفهم             فلا سلمت تلك الأكف و شلت‏
             و ناداهم جهدا بحق محمد             فإن ابنه من نفسه حيث حلت‏
             فما حفظوا قرب الرسول و لا رعوا             و زلت بهم أقدامهم و استزلت‏
             أذاقته حر القتل أمة جده             هفت نعلها في كربلاء و زلت‏

286
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         فلا قدس الرحمن أمة جده             و إن هي صامتا للإله و صلت‏
             كما فجعت بنت الرسول بنسلها             و كانوا حماة الحرب حين استقلت‏
 و من قصيدة طويلة انتخبت منها أبياتا
          بكى الحسين لركن الدين حين وها             و للأمور العظيمات الجليلات‏
             هل لامرئ عاذر في حزن دمعته             بعد الحسين و مسبى الفاطميات‏
             أم هل لمكتئب حران فقده             لذاذة العيش تكرار الفجيعات‏
             مثل النجوم الدراري في مراتبها             إن غاب نجم بدا نجم لميقات‏
             يا أمة السوء هاتوا ما حجاجكم             إذا برزتم لجبار السماوات‏
             و أحمد خصمكم و الله منصفه             بالحق و العدل منه لا المحابات‏
             أ لم أبين لكم ما فيه رشدكم             من الحلال و من ترك الخبيثات‏
             فما صنعتم أضل الله سعيكم             فيما عهدت إليكم في وصايات‏
             أما بني فمقتول و مكبول             و هارب في رءوس المشمخرات‏
             و قد أخفتم بناتي بين أظهركم             ما ذا أردتم شفيتم من بنياتي‏
             ينقلن من عند جبار يعاهده             إلى جبابر أمثال السبيات‏
             أ كان هذا جزائي لا أبا لكم             في أقربائي و في أهل الحرمات‏
             ردوا الجحيم فحلوها بسعيكم             ثم أخلدوا في عقوبات أليمات.
قال و من مرثية زينب بنت فاطمة أخت الحسين ع حين أدخلوا دمشق‏
          أ ما شجاك يا سكن قتل الحسين و الحسن             ظمآن من طول الحزن و كل وغد ناهل‏
             يقول يا قوم أبي علي البر الوصي             و فاطم أمي التي لها التقى و النائل‏
             منوا على ابن المصطفى بشربة يحيا بها             أطفالنا من الظماء حيث الفرات سائل‏
             قالوا له لا ماء لا إلا السيوف و القنا             فانزل بحكم الأدعيا فقال بل أناضل‏
             حتى أتاه مشقص رماه وغد أبرص             من سقر لا يخلص رجس دعي واغل‏
             فهللوا بختله و اعصوصبوا لقتله             و موته في نضله قد أقحم المناضل‏
             و عفروا جبينه و خضبوا عثنونه «1»             بالدم يا معينة ما أنت عنه غافل
__________________________________________________
 (1) العثنون: اللحية أو ما فضل منها بعد العارضين.

287
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         و هتكوا حريمه و ذبحوا فطيمه             و آثروا كلثومه و سقيت الحلائل‏
             يسقن بالتنايف بضجة الهواتف             و أدمع ذوارف عقولها زوائل‏
             يقلن يا محمد يا جدنا يا أحمد             قد أسرتنا الأعبد و كلنا ثواكل‏
             تهدى سبايا كربلاء إلى الشئام و البلاء             قد انتعلن بالدماء ليس لهن ناعل‏
             إلى يزيد الطاغية معدن كل داهية             من نحو باب الجابية بجاحد و خالل‏
             حتى دنا بدر الدجى رأس الإمام المرتجى             بين يدي شر الورى ذاك اللعين القاتل‏
             يظل في بنانه قضيب خيزرانه             ينكت في أسنانه قطعت الأنامل‏
             أنامل بجاحد و حافد مراصد             مكابد معاند في صدره غوائل‏
             طوائل بدرية غوائل كفرية             شوهاء جاهلية ذلت لها الأفاضل‏
             فيا عيوني اسكبي على بني بنت النبي             بفيض دمع ناضب كذاك يبكي العاقل.
روي أن أبا يوسف عبد السلام بن محمد القزويني ثم البغدادي قال لأبي العلاء المعري هل لك شعر في أهل بيت رسول الله فإن بعض شعراء قزوين يقول فيهم ما لا يقول شعراء تنوخ فقال له المعري و ما ذا تقول شعراؤهم فقال يقولون‏
          رأس ابن بنت محمد و وصيه             للمسلمين على قناة يرفع‏
             و المسلمون بمنظر و بمسمع             لا جازع منهم و لا متوجع‏
             أيقظت أجفانا و كنت لها كرى             و أنمت عينا لم تكن بك تهجع‏
             كحلت بمنظرك العيون عماية             و أصم نعيك كل أذن تسمع‏
             ما روضة إلا تمنت أنها             لك مضجع و لخط قبر موضع‏
 فقال المعري و أنا أقول‏
          مسح الرسول جبينه فله بريق في الخدود             أبواه من عليا قريش جده خير الجدود.
و لبعض التابعين‏
          يا حسين بن علي يا قتيل ابن زياد             يا حسين بن علي يا صريعا في البوادي‏

288
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         لو رأت فاطم بكت بدموع كالعهاد «1»             لو رأت فاطم ناحت نوح ورقاء بوادي‏
             و لقامت و هي ولهاء و تبكي و تنادي             ولدي سبط نبي قد بالسمر الشداد
             آه من شمر بغي كافر و ابن زياد             لعن الله يزيدا و ابن حرب لعن عاد
             هم أعادي لرسول الله أبناء أعادي             و لهم عاجل خزي و عذاب في التناد
             و مهاد في الجحيم إنها شر مهاد.
و لبعض الشيعة
          متى يشفيك دمعك من همول             و يبرد ما بقلبك من غليل‏
             قتيل ما قتيل بني زياد             ألا بأبي و نفسي من قتيل‏
             أريق دم الحسين فلم يراعوا             و في الأحياء أموات العقول‏
             فدت نفسي جبينك من جبين             جرى دمه على خد أسيل‏
             أ يخلو قلب ذي ورع تقي             من الأحزان و الألم الطويل‏
             و قد شرقت رماح بني زياد             بري من دماء بني الرسول‏
             فؤادك و السلو فإن قلبي             سيأبى أن يعود إلى ذهول‏
             فيا طول الأسى من بعد قوم             أدير عليهم كأس الأفول‏
             تعاورهم أسنة آل حرب             و أسياف قليلات الفلول‏
             بتربة كربلاء لهم ديار             ينام الأهل دارسة السلول «2»
             تحيات و مغفرة و روح             على تلك المحلة و الحلول‏
             و أوصال الحسين ببطن قاع             ملاعب للدبور و للقبول‏
__________________________________________________
 (1) العهاد جمع العهد: المطر الذي يكون بعد المطر.
 (2) كأنّه تصحيف «الطلول» و هو جمع طلل: الشاخص من الدار.

289
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         برئنا يا رسول الله ممن             أصابك بالأذاء و بالذحول.
و لمنصور بن النمري‏
          يقتل ذرية النبي و يرجون             جنان الخلود للقاتل‏
             ما الشك عندي في كفر قاتله             لكنني قد أشك في الخاذل «1».
و للصاحب رحمه الله‏
          لا يشتفي إلا بسبي بناته             وجدانها التخويف و الإبعاد
             إن لم أكن حربا لحرب كلها             فنفاني الآباء و الأجداد
             إن لم أفضل أحمدا و وصيه             لهدمت مجدا شأوه عباد
             يا كربلاء تحدثي ببلايا             و بكربنا أن الحديث يعاد
             أسد نماه أحمد و وصيه             أرداه كلب قد نماه زياد
             فالدين يبكي و الملائك تشتكي             و الجو أكلف و السنون جماد «2».
و لسليمان بن قتة
          مررت على أبيات آل محمد             فلم أرها أمثالها حين حلت‏
__________________________________________________
 (1) ذكر أشعاره ابن عبد البر في الاستيعاب بذيل الإصابة ج 1 ص 380 و ابن الأثير في أسد الغابة ج 2 ص 22 و هى:
         ويلك يا قاتل الحسين لقد             بؤت بحمل ينوء بالحامل‏
          أى حباء حبوت أحمد في             حفرته من حرارة الثاكل‏
          تعال فاطلب غدا شفاعته             و انهض فرد حوضه مع الناهل‏
          ما الشك عندي في حال قاتله             لكننى قد أشك في الخاذل‏
          كأنّما أنت تعجبين أ لا             تنزل بالقوم نقمة العاجل‏
          لا يعجل اللّه ان عجلت و ما             ربك عما ترين بالغافل‏
          ما حصلت لامرئ سعادته             حقت عليه عقوبة الأجل.
 (2) يقال وجه أكلف: إذا على بشرته حمرة كدرة و الجماد من السنين: ما لم يصبها مطر.

290
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         فلا يبعد الله الديار و أهلها             و إن أصبحت منهم بزعمي تخلت‏
             ألا إن قتلى الطف من آل هاشم             أذلت رقاب المسلمين فذلت‏
             و كانوا غياثا ثم أضحوا رزية             ألا عظمت تلك الرزايا و جلت.
و أنشدني الإمام الأجل ركن الإسلام أبو الفضل الكرماني رحمه الله أنشدني الإمام الأجل الأستاذ فخر القضاة محمد بن الحسين الأرسايندي لواحد من الشعراء
          عين جودي بعبرة و عويل             و اندبي إن بكيت آل الرسول‏
             و اندبي تسعة لصلب علي             قد أصيبوا و خمسة لعقيل‏
             و اندبي كلهم فليس إذا ما             ضن بالخير كلهم بالبخيل‏
             و اندبي إن ندبت عونا أخاهم             ليس فيما ينوبهم بخذول‏
             و سمي النبي غودر فيهم             قد علوه بصارم مسلول.
قال فخر القضاة و أنشدني القاضي الإمام محمد بن عبد الجبار السمعاني من قيله‏
          بمحمد سلوا سيوف محمد             رضخوا بها هامات آل محمد.
و لغيره‏
          محن الزمان سحائب مترادفة             هي بالفوادح و الفواجع ساجمة
             و إذا الهموم تعاورتك فسلها             بمصاب أولاد البتولة فاطمة.
و للصاحب كافي الكفاة إسماعيل بن عباد رحمه الله‏
          عين جودي على الشهيد القتيل             و اترك الخد كالمحيل المحيل‏
             كيف يشفي البكاء في قتل مولاي             إمام التنزيل و التأويل‏
             و لو أن البحار صارت دموعي             ما كفتني لمسلم بن عقيل‏
             قاتلوا الله و النبي و مولاهم             عليا إذ قاتلوا ابن الرسول‏
             صرعوا حوله كواكب دجن «1»             قتلوا حوله ضراغم خيل‏
             إخوة كل واحد منهم ليث             عرين و حد سيف صقيل‏
__________________________________________________
 (1) هو سواد الليل.

291
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         أوسعوهم ضربا و طعنا و نحرا             و انتهابا يا ضلة من سبيل‏
             و الحسين الممنوع شربة ماء             بين حر الظبي و حر الغليل‏
             مثكلا بابنه و قد ضمه و هو             غريق من الدماء الهمول‏
             فجعوه من بعده برضيع             هل سمعتم بمرضع مقتول‏
             ثم لم يشفهم سوى قتل نفس             هي نفس التكبير و التهليل‏
             هي نفس الحسين نفس رسول الله             نفس الوصي نفس البتول‏
             ذبحوه ذبح الأضاحي فيا قلب             تصدع على العزيز الذليل‏
             وطئوا جسمه و قد قطعوه             ويلهم من عقاب يوم وبيل‏
             أخذوا رأسه و قد بضعوه             إن سعي الكفار في تضليل‏
             نصبوه على القنا فدمائي             لا دموعي تسيل كل مسيل‏
             و استباحوا بنات فاطمة الزهراء             لما صرخن حول القتيل‏
             حملوهن قد كشفن على الأقتاب             سبيا بالعنف و التهويل‏
             يا لكرب بكربلاء عظيم             و لرزء على النبي ثقيل‏
             كم بكى جبرئيل مما دهاه             في بنيه صلوا على جبرئيل‏
             سوف تأتي الزهراء تلتمس             الحكم إذ حان محشر التعديل‏
             و أبوها و بعلها و بنوها             حولها و الخصام غير قليل‏
             و تنادي يا رب ذبح أولادي             لما ذا و أنت خير مديل‏
             فينادي بمالك ألهب النار             و أجج و خذ بأهل الغلول‏
             يا بني المصطفى بكيت و أبكيت             و نفسي لم تأت بعد بسؤل‏
             ليت روحي ذابت دموعا فأبكي             للذي نالكم من التذليل‏
             فولائي لكم عتادي و زادي             يوم ألقاكم على سلسبيل‏
             لي فيكم مدائح و مراثي             حفظت حفظ محكم التنزيل‏
             قد كفاها في الشرق و الغرب فخرا             أن يقولوا هي من قيل إسماعيل‏
             و متى كادني النواصب فيكم             حسبي الله و هو خير وكيل‏

292
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

و للصاحب أيضا رحمه الله من قصيدة طويلة
          هم وكدوا أمر الدعي يزيد ملفوظ السفاح             فسطا على روح الحسين و أهله جم الجماح «1»
             صرعوهم قتلوهم نحروهم نحر الأضاحي             يا دمع حي على انسجام ثم حي على انسفاح‏
             في أهل حي على الصلاة و أهل حي على الفلاح             يحمي يزيد نساءه بين النضائد و الوشاح‏
             و بنات أحمد قد كشفن على حريم مستباح             ليت النوائح ما سكتن عن النياحة و الصياح‏
             يا سادتي لكم ودادي و هو داعية امتداحي             و بذكر فضلكم اغتباقي كل يوم و اصطباحي «2»
             لزم ابن عباد ولاءكم الصريح بلا براح.
أقول و قال ابن نما رحمه الله رويت إلى ابن عائشة قال مر سليمان بن قتة العدوي مولى بني تيم بكربلاء بعد قتل الحسين ع بثلاث فنظر إلى مصارعهم فاتكأ على فرس له عربية و أنشأ
          مررت على أبيات آل محمد             فلم أرها أمثالها يوم حلت «3»
             أ لم تر أن الشمس أضحت مريضة             لفقد حسين و البلاد اقشعرت‏
             و كانوا رجاء ثم أضحوا رزية             لقد عظمت تلك الرزايا و جلت‏
             و تسألنا قيس فنعطي فقيرها             و تقتلنا قيس إذا النعل زلت‏
__________________________________________________
 (1) الجم: الكثير من كل شي‏ء، و الجماح كأنّه جمع جموح أو جامح: الفرس الذي يركب رأسه لا يثنيه شي‏ء.
 (2) الاغتباق: شرب الغبوق: و هو ما يشرب بالعشى و الاصطباح: شرب الصبوح:
ما يشرب بالصباح.
 (3) في أسد الغابة «حين حلت» و في الاستيعاب «حين خلت».

293
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 44 ما قيل من المراثي فيه صلوات الله عليه ص 242

         و عند غني قطرة من دمائنا «1»-             سنطلبهم يوما بها حيث حلت-
             فلا يبعد الله الديار و أهلها-             و إن أصبحت منهم بزعمي تخلت-
             و إن قتيل الطف من آل هاشم-             أذل رقاب المسلمين فذلت-
             و قد أعولت تبكي السماء لفقده-             و أنجمها ناحت عليه و صلت «2»
 و قيل الأبيات لأبي الرمح الخزاعي.
حدث المرزباني قال دخل أبو الرمح «3» إلى فاطمة بنت الحسين بن علي ع فأنشدها مرثية في الحسين ع-
          أجالت على عيني سحائب عبرة             فلم تصح بعد الدمع حتى ارمعلت «4»-
             تبكى على آل النبي محمد-             و ما أكثرت في الدمع لا بل أقلت-
             أولئك قوم لم يشيموا سيوفهم-             و قد نكأت أعداؤهم حين سلت «5»-
             و إن قتيل الطف من آل هاشم-             أذل رقابا من قريش فذلت‏
 فقالت فاطمة يا أبا رمح هكذا تقول قال فكيف أقول جعلني الله فداك قالت قل‏
          أذل رقاب المسلمين فذلت-
 فقال لا أنشدها بعد اليوم إلا هكذا.
أقول: ما قيل من المراثي في مصيبته صلوات الله عليه جمة لا تحصى و لا يناسب إيرادها ما نحن بصدده في هذا الكتاب و إنما أوردنا قليلا منها رجاء أن يشركني الله تعالى مع من يبكي و ينوح بها في ثوابه و لذلك عدونا ما التزمناه في صدر الكتاب بذكر بعض القصص عن التواريخ و الكتب التي لم تكن في درجة ما أوردته في الفهرست في الوثوق و الاعتماد و تأسينا بذلك بسنة علمائنا الماضين رضوان الله عليهم فإنهم في إيراد تلك القصص الهائلة اعتمدوا على التواريخ لقلة ورود خصوصياتها في الأخبار على أن أكثرها مؤيدة بالأخبار المعتبرة التي أوردتها و الله الموفق و عليه التكلان.
__________________________________________________
 (1) في النسخ «غبى» و هو تصحيف، و الغنى: بطن من قيس عيلان.
 (2) في النسخ «تبكى النساء» و «انجمنا».
 (3) في الاستيعاب: أبى الزميج.
 (4) أي تتابع قطرة.
 (5) في أسد الغابة و الاستيعاب: «و لم تنك في أعدائهم حين سلت».

294
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 45 العلة التي من أجلها أخر الله العذاب عن قتلته صلوات الله عليه و العلة التي من أجلها يقتل أولاد قتلته ع و إن الله ينتقم له في زمن القائم ع ص 295

باب 45 العلة التي من أجلها أخر الله العذاب عن قتلته صلوات الله عليه و العلة التي من أجلها يقتل أولاد قتلته ع و إن الله ينتقم له في زمن القائم ع‏
1- ع، علل الشرائع ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام الْهَمْدَانِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْهَرَوِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي حَدِيثٍ رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ قَتَلَ ذَرَارِيَّ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ ع بِفِعَالِ آبَائِهَا فَقَالَ ع هُوَ كَذَلِكَ فَقُلْتُ وَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى‏ «1» مَا مَعْنَاهُ قَالَ صَدَقَ اللَّهُ فِي جَمِيعِ أَقْوَالِهِ وَ لَكِنْ ذَرَارِيُّ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ يَرْضَوْنَ بِفِعَالِ آبَائِهِمْ وَ يَفْتَخِرُونَ بِهَا وَ مَنْ رَضِيَ شَيْئاً كَانَ كَمَنْ أَتَاهُ وَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قُتِلَ بِالْمَشْرِقِ فَرَضِيَ بِقَتْلِهِ رَجُلٌ بِالْمَغْرِبِ لَكَانَ الرَّاضِي عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ شَرِيكَ الْقَاتِلِ وَ إِنَّمَا يَقْتُلُهُمُ الْقَائِمُ ع إِذَا خَرَجَ لِرِضَاهُمْ بِفِعْلِ آبَائِهِمْ قَالَ قُلْتُ لَهُ بِأَيِّ شَيْ‏ءٍ يَبْدَأُ الْقَائِمُ مِنْكُمْ إِذَا قَامَ قَالَ يَبْدَأُ بِبَنِي شَيْبَةَ فَيَقْطَعُ أَيْدِيَهُمْ لِأَنَّهُمْ سُرَّاقُ بَيْتِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.
2- م، تفسير الإمام عليه السلام ج، الإحتجاج بِالْإِسْنَادِ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيِّ عَنْ آبَائِهِ ع أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع كَانَ يَذْكُرُ حَالَ مَنْ مَسَخَهُمُ اللَّهُ قِرَدَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ يَحْكِي قِصَّتَهُمْ فَلَمَّا بَلَغَ آخِرَهَا قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَسَخَ أُولَئِكَ الْقَوْمَ لِاصْطِيَادِ السَّمَكِ فَكَيْفَ تَرَى عِنْدَ اللَّهِ يَكُونُ حَالُ مَنْ قَتَلَ أَوْلَادَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ هَتَكَ حَرِيمَهُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَ إِنْ لَمْ يَمْسَخْهُمْ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ الْمُعَدَّ لَهُمْ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ أَضْعَافُ أَضْعَافِ عَذَابِ الْمَسْخِ فَقِيلَ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَإِنَّا قَدْ سَمِعْنَا مِنْكَ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ لَنَا بَعْضُ‏
__________________________________________________
 (1) الأنعام: 164، و الحديث في العيون ج 1 ص 273، علل الشرائع ج 1 ص 219.

295
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 45 العلة التي من أجلها أخر الله العذاب عن قتلته صلوات الله عليه و العلة التي من أجلها يقتل أولاد قتلته ع و إن الله ينتقم له في زمن القائم ع ص 295

النُّصَّابِ فَإِنْ كَانَ قَتْلُ الْحُسَيْنِ بَاطِلًا فَهُوَ أَعْظَمُ مِنْ صَيْدِ السَّمَكِ فِي السَّبْتِ أَ فَمَا كَانَ يَغْضَبُ عَلَى قَاتِلِيهِ كَمَا غَضِبَ عَلَى صَيّادِي السَّمَكِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ قُلْ لِهَؤُلَاءِ النُّصَّابِ فَإِنْ كَانَ إِبْلِيسُ مَعَاصِيهِ أَعْظَمَ مِنْ مَعَاصِي مَنْ كَفَرَ بِإِغْوَائِهِ فَأَهْلَكَ اللَّهُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ كَقَوْمِ نُوحٍ وَ فِرْعَوْنَ وَ لَمْ يُهْلِكْ إِبْلِيسَ وَ هُوَ أَوْلَى بِالْهَلَاكِ فَمَا بَالُهُ أَهْلَكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَصُرُوا عَنْ إِبْلِيسَ فِي عَمَلِ الْمُوبِقَاتِ وَ أَمْهَلَ إِبْلِيسَ مَعَ إِيثَارِهِ لِكَشْفِ الْمُخْزِيَاتِ أَ لَا كَانَ رَبُّنَا عَزَّ وَ جَلَّ حَكِيماً بِتَدْبِيرِهِ وَ حُكْمِهِ فِيمَنْ أَهْلَكَ وَ فِيمَنِ اسْتَبْقَى فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ الصَّائِدُونَ فِي السَّبْتِ وَ هَؤُلَاءِ الْقَاتِلُونَ لِلْحُسَيْنِ ع يَفْعَلُ فِي الْفَرِيقَيْنِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ أَوْلَى بِالصَّوَابِ وَ الْحِكْمَةِ- لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ عِبَادُهُ يُسْأَلُونَ وَ قَالَ الْبَاقِرُ ع لَمَّا حَدَّثَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ فِي مَجْلِسِهِ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ كَيْفَ يُعَاتِبُ اللَّهُ وَ يُوَبِّخُ هَؤُلَاءِ الْأَخْلَافَ عَلَى قَبَائِحَ أَتَى بِهَا أَسْلَافُهُمْ وَ هُوَ يَقُولُ وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى‏ فَقَالَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ ع إِنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلُغَةِ الْعَرَبِ فَهُوَ يُخَاطِبُ فِيهِ أَهْلَ اللِّسَانِ بِلُغَتِهِمْ يَقُولُ الرَّجُلُ التَّمِيمِيُّ قَدْ أَغَارَ قَوْمُهُ عَلَى بَلَدٍ وَ قَتَلُوا مَنْ فِيهِ أَغَرْتُمْ عَلَى بَلَدِ كَذَا وَ يَقُولُ الْعَرَبِيُّ أَيْضاً وَ نَحْنُ فَعَلْنَا بِبَنِي فُلَانٍ وَ نَحْنُ سَبَيْنَا آلَ فُلَانٍ وَ نَحْنُ خَرَّبْنَا بَلَدَ كَذَا لَا يُرِيدُ أَنَّهُمْ بَاشَرُوا ذَلِكَ وَ لَكِنْ يُرِيدُ هَؤُلَاءِ بِالْعَذْلِ وَ أُولَئِكَ بِالافْتِخَارِ أَنَّ قَوْمَهُمْ فَعَلُوا كَذَا وَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِنَّمَا هُوَ تَوْبِيخٌ لِأَسْلَافِهِمْ وَ تَوْبِيخُ الْعَذْلِ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمَوْجُودِينَ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ اللُّغَةُ الَّتِي أُنْزِلَ بِهَا الْقُرْآنُ وَ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَخْلَافَ أَيْضاً رَاضُونَ بِمَا فَعَلَ أَسْلَافُهُمْ مُصَوِّبُونَ ذَلِكَ لَهُمْ فَجَازَ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ أَنْتُمْ فَعَلْتُمْ أَيْ إِذْ رَضِيتُمْ قَبِيحَ فِعْلِهِمْ «1».
3- ثو، ثواب الأعمال ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ الْقَائِمُ وَ اللَّهِ يَقْتُلُ ذَرَارِيَّ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ بِفِعَالِ آبَائِهَا.
4- مل، كامل الزيارات مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى‏
__________________________________________________
 (1) كتاب الاحتجاج ص 160.

296
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 45 العلة التي من أجلها أخر الله العذاب عن قتلته صلوات الله عليه و العلة التي من أجلها يقتل أولاد قتلته ع و إن الله ينتقم له في زمن القائم ع ص 295

عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ «1» قَالَ أَوْلَادُ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ ع.
مل، كامل الزيارات أبي عن سعد عن ابن هاشم و ابن أبي الخطاب عن عثمان بن عيسى مثله «2» بيان لعل المراد بالعدوان ما يسمى ظاهرا عدوانا و إن كان في الواقع موافقا للعدل.
4- مل، كامل الزيارات أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ حَكَمٍ الْحَنَّاطِ «3» عَنْ ضُرَيْسٍ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى‏ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ «4» قَالَ عَلِيٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ ع.
5- مل، كامل الزيارات مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ الرَّزَّازُ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدَانَ الْحَنَّاطِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَضَيْنا إِلى‏ بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ «5» قَالَ قَتْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ طَعْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ع- وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً قَتْلُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع- فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما قَالَ إِذَا جَاءَ نَصْرُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ- بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ قَوْماً يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ قَبْلَ قِيَامِ الْقَائِمِ- لَا يَدَعُونَ وِتْراً لآِلِ مُحَمَّدٍ إِلَّا أَحْرَقُوهُ وَ كَانَ وَعْدُ اللَّهِ مَفْعُولًا.
__________________________________________________
 (1) البقرة: 193.
 (2) كامل الزيارات ص 64.
 (3) يظهر من حديث في الكافي ج 5 ص 274 أنّه كان خياطا، قال: قلت لابى عبد اللّه عليه السلام انى اتقبل الثوب بدرهم و أسلمه بأكثر من ذلك الحديث.
 (4) الحجّ: 39، راجع المصدر ص 63.
 (5) أسرى: 4 و 5، راجع المصدر ص 62.

297
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 45 العلة التي من أجلها أخر الله العذاب عن قتلته صلوات الله عليه و العلة التي من أجلها يقتل أولاد قتلته ع و إن الله ينتقم له في زمن القائم ع ص 295

6- مل، كامل الزيارات أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ «1» قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ مِنْهُمْ وَ لَمْ يُنْصَرْ بَعْدُ ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ لَقَدْ قُتِلَ قَتَلَةُ الْحُسَيْنِ وَ لَمْ يُطْلَبْ بِدَمِهِ بَعْدُ.
7- مل، كامل الزيارات ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ رَجُلٍ قَالَ سَأَلْتُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ «2» قَالَ ذَلِكَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ يَخْرُجُ فَيَقْتُلُ بِدَمِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ فَلَوْ قَتَلَ أَهْلَ الْأَرْضِ لَمْ يَكُنْ سَرَفاً وَ قَوْلِهِ تَعَالَى فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ لَمْ يَكُنْ لِيَصْنَعَ شَيْئاً يَكُونُ سَرَفاً ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَقْتُلُ وَ اللَّهِ ذَرَارِيَّ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ بِفِعَالِ آبَائِهَا.
8- شي، تفسير العياشي عَنِ الْحَسَنِ بَيَّاعِ الْهَرَوِيِّ يَرْفَعُهُ عَنْ أَحَدِهِمَا ع فِي قَوْلِهِ فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ قَالَ إِلَّا عَلَى ذُرِّيَّةِ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ «3».
9- شي، تفسير العياشي عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَمَّنْ رَوَاهُ عَنْ أَحَدِهِمَا قَالَ: قُلْتُ فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ قَالَ لَا يَعْتَدِي اللَّهُ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا عَلَى نَسْلِ وُلْدِ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ ع.
10- قب، المناقب لابن شهرآشوب تَارِيخُ بَغْدَادَ وَ خُرَاسَانَ وَ الْإِبَانَةُ وَ الْفِرْدَوْسُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُحَمَّدٍ ص أَنِّي قَتَلْتُ بِيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا سَبْعِينَ أَلْفاً وَ أَقْتُلُ بِابْنِ بِنْتِكَ سَبْعِينَ أَلْفاً وَ سَبْعِينَ أَلْفاً.
الصَّادِقُ ع قُتِلَ بِالْحُسَيْنِ مِائَةُ أَلْفٍ وَ مَا طُلِبَ بِثَأْرِهِ وَ سَيُطْلَبُ بِثَأْرِهِ «4».
عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ الْحُسَيْنِ فَمَا نَزَلَ مَنْزِلًا وَ لَا ارْتَحَلَ عَنْهُ إِلَّا وَ ذَكَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا وَ قَالَ يَوْماً مِنْ هَوَانِ الدُّنْيَا عَلَى اللَّهِ أَنَّ رَأْسَ يَحْيَى‏
__________________________________________________
 (1) غافر: 51، راجع كامل الزيارات ص 63.
 (2) أسرى: 33، راجع المصدر ص 63.
 (3) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 86 و هكذا ما يليه ص 87.
 (4) المناقب ج 4 ص 81.

298
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 45 العلة التي من أجلها أخر الله العذاب عن قتلته صلوات الله عليه و العلة التي من أجلها يقتل أولاد قتلته ع و إن الله ينتقم له في زمن القائم ع ص 295

أُهْدِيَ إِلَى بَغِيٍّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ.
وَ فِي حَدِيثِ مُقَاتِلٍ عَنْ زَيْنِ الْعَابِدِينَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ امْرَأَةَ مَلِكِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَبِرَتْ وَ أَرَادَتْ أَنْ تُزَوِّجَ بِنْتَهَا مِنْهُ لِلْمَلِكِ فَاسْتَشَارَ الْمَلِكُ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَعَرَفَتِ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ وَ زَيَّنَتْ بِنْتَهَا وَ بَعَثَتْهَا إِلَى الْمَلِكِ فَذَهَبَتْ وَ لَعِبَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لَهَا الْمَلِكُ مَا حَاجَتُكِ قَالَتْ رَأْسُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا فَقَالَ الْمَلِكُ يَا بُنَيَّةِ حَاجَةٌ غَيْرُ هَذَا قَالَتْ مَا أُرِيدُ غَيْرَهُ وَ كَانَ الْمَلِكُ إِذَا كَذَبَ فِيهِمْ عُزِلَ عَنْ مُلْكِهِ فَخُيِّرَ بَيْنَ مُلْكِهِ وَ بَيْنَ قَتْلِ يَحْيَى فَقَتَلَهُ ثُمَّ بَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَيْهَا فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ فَأُمِرَتِ الْأَرْضُ فَأَخَذَتْهَا وَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بُخْتَنَصَّرَ فَجَعَلَ يَرْمِي عَلَيْهِمْ بِالْمَنَاجِيقِ وَ لَا تَعْمَلُ شَيْئاً فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ عَجُوزٌ مِنَ الْمَدِينَةِ فَقَالَتْ أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّ هَذِهِ مَدِينَةُ الْأَنْبِيَاءِ لَا تَنْفَتِحُ إِلَّا بِمَا أَدُلُّكَ عَلَيْهِ قَالَ لَكِ مَا سَأَلْتِ قَالَتْ ارْمِهَا بِالْخَبَثِ وَ الْعَذِرَةِ فَفَعَلَ فَتَقَطَّعَتْ فَدَخَلَهَا فَقَالَ عَلَيَّ بِالْعَجُوزِ فَقَالَ لَهَا مَا حَاجَتُكِ قَالَتْ فِي الْمَدِينَةِ دَمٌ يَغْلِي فَاقْتُلْ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْكُنَ فَقَتَلَ عَلَيْهِ سَبْعِينَ أَلْفاً حَتَّى سَكَنَ يَا وَلَدِي يَا عَلِيُّ وَ اللَّهِ لَا يَسْكُنُ دَمِي حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ الْمَهْدِيَّ فَيَقْتُلَ عَلَى دَمِي مِنَ الْمُنَافِقِينَ الْكَفَرَةِ الْفَسَقَةِ سَبْعِينَ أَلْفاً «1».
__________________________________________________
 (1) المصدر ص 85.

299
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده ص 300

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده‏
1- قب، المناقب لابن شهرآشوب رُوِيَ أَنَّ الْحُسَيْنَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ إِنَّ مِمَّا يُقِرُّ لِعَيْنِي أَنَّكَ لَا تَأْكُلُ مِنْ بُرِّ الْعِرَاقِ بَعْدِي إِلَّا قَلِيلًا فَقَالَ مُسْتَهْزِئاً يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فِي الشَّعِيرِ خَلَفٌ فَكَانَ كَمَا قَالَ لَمْ يَصِلْ إِلَى الرَّيِّ وَ قَتَلَهُ الْمُخْتَارُ.
تَارِيخُ النَّسَوِيِّ وَ تَارِيخُ بَغْدَادَ وَ إِبَانَةُ الْعُكْبَرِيِّ قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي أَنَّ رَجُلًا مِمَّنْ شَهِدَ قَتْلَ الْحُسَيْنِ ع كَانَ يَحْمِلُ وَرْساً فَصَارَ وَرْسُهُ دَماً وَ رَأَيْتُ النَّجْمَ كَأَنَّ فِيهِ النِّيرَانَ يَوْمَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ.
- يَعْنِي بِالنَّجْمِ النَّبَاتَ.
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ أُمِّهِ قَالَ: انْتَهَبَ النَّاسُ وَرْساً «1» مِنْ عَسْكَرِ الْحُسَيْنِ ع فَمَا اسْتَعْمَلَتْهُ امْرَأَةٌ إِلَّا بَرِصَتْ.
أَمَالِي أَبِي سَهْلٍ الْقَطَّانِ يَرْوِيهِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: أَدْرَكْتُ مِنْ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ رَجُلَيْنِ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ طَالَ ذَكَرُهُ حَتَّى كَانَ يَلُفُّهُ وَ فِي رِوَايَةٍ كَانَ يَحْمِلُهُ عَلَى عَاتِقِهِ وَ أَمَّا الْآخَرُ فَإِنَّهُ كَانَ يَسْتَقْبِلُ الرَّاوِيَةَ فَيَشْرَبُهَا إِلَى آخِرِهَا وَ لَا يَرْوَى وَ ذَلِكَ أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى الْحُسَيْنِ وَ قَدْ أَهْوَى إِلَى فِيهِ بِمَاءٍ وَ هُوَ يَشْرَبُ فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ فَقَالَ الْحُسَيْنُ ع- لَا أَرْوَاكَ اللَّهُ مِنَ الْمَاءِ فِي دُنْيَاكَ وَ لَا فِي آخِرَتِكَ.
وَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ كَلْبٍ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَشَكَّ شِدْقَهُ فَقَالَ الْحُسَيْنُ ع لَا أَرْوَاكَ اللَّهُ فَعَطِشَ الرَّجُلُ حَتَّى أَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْفُرَاتِ وَ شَرِبَ حَتَّى مَاتَ «2».
بيان الشك اللزوم و اللصوق.
__________________________________________________
 (1) الورس: نبت يكون باليمن يتخذ منه الغمرة للوجه.
 (2) مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 55 و 56.

300
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده ص 300

2- قب، المناقب لابن شهرآشوب الْمَقْتَلُ عَنِ ابْنِ بَابَوَيْهِ وَ التَّارِيخُ عَنِ الطَّبَرِيِّ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْوَاعِظُ نَادَى رَجُلٌ يَا حُسَيْنُ إِنَّكَ لَنْ تَذُوقَ مِنَ الْفُرَاتِ قَطْرَةً حَتَّى تَمُوتَ أَوْ تَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ الْأَمِيرِ فَقَالَ الْحُسَيْنُ ع اللَّهُمَّ اقْتُلْهُ عَطَشاً وَ لَا تَغْفِرْ لَهُ أَبَداً فَغَلَبَ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَكَانَ يَعُبُّ الْمِيَاهَ وَ يَقُولُ وَا عَطَشَاهْ حَتَّى تَقَطَّعَ.
تاريخ الطبري أنه كان هذا المنادي عبد الله بن الحصين الأزدي رواه حميد بن مسلم و في رواية كان رجلا من دارم.
فَضَائِلُ الْعَشَرَةِ عَنْ أَبِي السَّعَادَاتِ بِالْإِسْنَادِ فِي خَبَرٍ أَنَّهُ لَمَّا رَمَاهُ الدَّارِمِيُّ بِسَهْمٍ فَأَصَابَ حَنَكَهُ جَعَلَ يَتَلَقَّى الدَّمَ ثُمَّ يَقُولُ هَكَذَا إِلَى السَّمَاءِ «1» فَكَانَ هَذَا الدَّارِمِيُّ يَصِيحُ مِنَ الْحَرِّ فِي بَطْنِهِ وَ الْبَرْدِ فِي ظَهْرِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ الْمَرَاوِحُ وَ الثَّلْجُ وَ خَلْفَهُ الْكَانُونُ وَ النَّارُ وَ هُوَ يَقُولُ اسْقُونِي فَيَشْرَبُ الْعُسَّ ثُمَّ يَقُولُ اسْقُونِي أَهْلَكَنِيَ الْعَطَشُ قَالَ فَانْقَدَّ بَطْنُهُ.
ابْنُ بَطَّةَ فِي الْإِبَانَةِ وَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي التَّارِيخِ أَنَّهُ نَادَى الْحُسَيْنَ ع ابْنُ جَوْزَةَ فَقَالَ يَا حُسَيْنُ أَبْشِرْ فَقَدْ تَعَجَّلْتَ النَّارَ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ قَالَ وَيْحَكَ أَنَا قَالَ نَعَمْ قَالَ وَ لِي رَبٌّ رَحِيمٌ وَ شَفَاعَةُ نَبِيٍّ مُطَاعٍ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ كَاذِباً فَجُرَّهُ إِلَى النَّارِ قَالَ فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ ثَنَّى عِنَانَ فَرَسِهِ فَوَثَبَ بِهِ فَرَمَى بِهِ وَ بَقِيَتْ رِجْلُهُ فِي الرِّكَابِ وَ نَفَرَ الْفَرَسُ فَجَعَلَ يَضْرِبُ بِرَأْسِهِ كُلَّ حَجَرٍ وَ شَجَرٍ حَتَّى مَاتَ.
وَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِمَا اللَّهُمَّ جُرَّهُ إِلَى النَّارِ وَ أَذِقْهُ حَرَّهَا فِي الدُّنْيَا قَبْلَ مَصِيرِهِ إِلَى الْآخِرَةِ فَسَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ فِي الْخَنْدَقِ وَ كَانَ فِيهِ نَارٌ فَسَجَدَ الْحُسَيْنُ ع.
تاريخ الطبري قال أبو مخنف حدثني عمرو بن شعيب عن محمد بن عبد الرحمن أن يدي أبجر بن كعب كانتا في الشتاء تنضحان الماء و في الصيف تيبسان كأنهما عودان.
وَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ كَانَتْ يَدَاهُ تَقْطُرَانِ فِي الشِّتَاءِ دَماً وَ كَانَ هَذَا الْمَلْعُونُ سَلَبَ الْحُسَيْنَ ع.
وَ يُرْوَى أَنَّهُ أَخَذَ عِمَامَتَهُ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ الْأَزْدِيُّ وَ تَعَمَّمَ بِهَا فَصَارَ فِي الْحَالِ مَعْتُوهاً
__________________________________________________
 (1) أي يرميه الى السماء.

301
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده ص 300

وَ أَخَذَ ثَوْبَهُ جَعُوبَةُ بْنُ حُوَيَّةَ الْحَضْرَمِيُّ وَ لَبِسَهُ فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ وَ حُصَّ شَعْرُهُ وَ بَرِصَ بَدَنُهُ وَ أَخَذَ سَرَاوِيلَهُ الْفَوْقَانِيَّ بَحِيرُ بْنُ عَمْرٍو الْجَرْمِيُّ وَ تَسَرْوَلَ بِهِ فَصَارَ مُقْعَداً «1».
بيان رجل أحص بين الحصص أي قليل شعر الرأس و قد حصت البيضة رأسه.
3- قب، المناقب لابن شهرآشوب تَارِيخُ الطَّبَرِيِّ إِنَّ رَجُلًا مِنْ كِنْدَةَ يُقَالُ لَهُ مَالِكُ بْنُ الْيُسْرِ أَتَى الْحُسَيْنَ ع بَعْدَ مَا ضَعُفَ مِنْ كَثْرَةِ الْجِرَاحَاتِ فَضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِالسَّيْفِ وَ عَلَيْهِ بُرْنُسٌ مِنْ خَزٍّ فَقَالَ ع لَا أَكَلْتَ بِهَا وَ لَا شَرِبْتَ وَ حَشَرَكَ اللَّهُ مَعَ الظَّالِمِينَ فَأَلْقَى ذَلِكَ الْبُرْنُسَ مِنْ رَأْسِهِ فَأَخَذَهُ الْكِنْدِيُّ فَأَتَى بِهِ أَهْلَهُ فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ أَ سَلَبُ الْحُسَيْنِ تُدْخِلُهُ فِي بَيْتِي- لَا تَجْتَمِعُ رَأْسِي وَ رَأْسُكَ أَبَداً فَلَمْ يَزَلْ فَقِيراً حَتَّى هَلَكَ.
أَحَادِيثُ ابْنِ الْحَاشِرِ قَالَ: كَانَ عِنْدَنَا رَجُلٌ خَرَجَ عَلَى الْحُسَيْنِ ع ثُمَّ جَاءَ بِجَمَلٍ وَ زَعْفَرَانٍ فَكُلَّمَا دَقُّوا الزَّعْفَرَانَ صَارَ نَاراً فَلَطَخَتِ امْرَأَتُهُ عَلَى يَدَيْهَا فَصَارَتْ بَرْصَاءَ وَ قَالَ وَ نُحِرَ الْبَعِيرُ فَكُلَّمَا جَزُّوا بِالسِّكِّينِ صَارَ مَكَانُهَا نَاراً قَالَ فَقَطَّعُوهُ فَخَرَجَ مِنْهُ النَّارُ قَالَ فَطَبَخُوهُ فَفَارَتِ الْقِدْرُ نَاراً.
وَ يُرْوَى عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ الْوَاسِطِيِّ أَنَّهُمَا قَالا نُحِرَ إِبِلُ الْحُسَيْنِ ع فَإِذَا لَحْمُهُ يَتَوَقَّدُ نَاراً.
تَارِيخُ النَّسَوِيِّ قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ جَمِيلُ بْنُ مُرَّةَ لَمَّا طَبَخُوهَا صَارَتْ مِثْلَ الْعَلْقَمِ.
وَ رُوِيَ أَنَّ الْحُسَيْنَ ع دَعَا وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا أَهْلُ بَيْتِ نَبِيِّكَ وَ ذُرِّيَّتُهُ وَ قَرَابَتُهُ فَاقْصِمْ مَنْ ظَلَمَنَا وَ غَصَبَنَا حَقَّنَا إِنَّكَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ وَ أَيُّ قَرَابَةٍ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ مُحَمَّدٍ فَقَرَأَ الْحُسَيْنُ ع إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى‏ آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَرِنِي فِيهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ ذُلًّا عَاجِلًا فَبَرَزَ ابْنُ الْأَشْعَثِ لِلْحَاجَةِ فَلَسَعَتْهُ عَقْرَبٌ عَلَى ذَكَرِهِ فَسَقَطَ وَ هُوَ يَسْتَغِيثُ وَ يَتَقَلَّبُ عَلَى حَدَثِهِ.
إِبَانَةُ
__________________________________________________
 (1) المصدر ج 4 ص 56 و 57.

302
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده ص 300

ابْنِ بَطَّةَ وَ جَامِعُ الدَّارَقُطْنِيِّ وَ فَضَائِلُ أَحْمَدَ رَوَى قُرَّةُ بْنُ أَعْيَنَ عَنْ خَالِهِ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ فَقَالَ: لَا تَذْكُرُوا أَهْلَ الْبَيْتِ إِلَّا بِخَيْرٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ حَاضِرِي كَرْبَلَاءَ وَ كَانَ يَسُبُّ الْحُسَيْنَ ع فَأَهْوَى اللَّهُ عَلَيْهِ نَجْمَيْنِ فَعَمِيَتْ عَيْنَاهُ وَ سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ الْقَاضِي أَعْمَى عَنْ عَمَائِهِ فَقَالَ كُنْتُ حَضَرْتُ كَرْبَلَاءَ وَ مَا قَاتَلْتُ فَنِمْتُ فَرَأَيْتُ شَخْصاً هَائِلًا قَالَ لِي أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ فَقُلْتُ- لَا أُطِيقُ فَجَرَّنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَوَجَدْتُهُ حَزِيناً وَ فِي يَدِهِ حَرْبَةٌ وَ بُسِطَ قُدَّامَهُ نَطْعٌ وَ مَلَكٌ قِبَلَهُ قَائِمٌ فِي يَدِهِ سَيْفٌ مِنَ النَّارِ يَضْرِبُ أَعْنَاقَ الْقَوْمِ وَ تَقَعُ النَّارُ فِيهِمْ فَتُحْرِقُهُمْ ثُمَّ يُحْيَوْنَ وَ يَقْتُلُهُمْ أَيْضاً هَكَذَا فَقُلْتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ اللَّهِ مَا ضَرَبْتُ بِسَيْفٍ وَ لَا طَعَنْتُ بِرُمْحٍ وَ لَا رَمَيْتُ سَهْماً فَقَالَ النَّبِيُّ أَ لَسْتَ كَثَّرْتَ السَّوَادَ فَسَلَّمَنِي وَ أَخَذَ مِنْ طَسْتٍ فِيهِ دَمٌ فَكَحَّلَنِي مِنْ ذَلِكَ الدَّمِ فَاحْتَرَقَتْ عَيْنَايَ فَلَمَّا انْتَبَهْتُ كُنْتُ أَعْمَى.
كَنْزُ الْمُذَكِّرِينَ قَالَ الشَّعْبِيُّ رَأَيْتُ رَجُلًا مُتَعَلِّقاً بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَ هُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَ لَا أَرَاكَ تَغْفِرُ لِي فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَنْبِهِ فَقَالَ كُنْتُ مِنَ الْوُكَلَاءِ عَلَى رَأْسِ الْحُسَيْنِ وَ كَانَ مَعِي خَمْسُونَ رَجُلًا فَرَأَيْتُ غَمَامَةً بَيْضَاءَ مِنْ نُورٍ وَ قَدْ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْخَيْمَةِ وَ جَمْعاً كَثِيراً أَحَاطُوا بِهَا فَإِذَا فِيهِمْ آدَمُ وَ نُوحٌ وَ إِبْرَاهِيمُ وَ مُوسَى وَ عِيسَى ثُمَّ نَزَلَتْ أُخْرَى وَ فِيهَا النَّبِيُّ ص وَ جَبْرَائِيلُ وَ مِيكَائِيلُ وَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَبَكَى النَّبِيُّ وَ بَكَوْا مَعَهُ جَمِيعاً فَدَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ وَ قَبَضَ تِسْعاً وَ أَرْبَعِينَ فَوَثَبَ عَلَيَّ فَوَثَبْتُ عَلَى رِجْلِي وَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْأَمَانَ الْأَمَانَ فَوَ اللَّهِ مَا شَايَعْتُ فِي قَتْلِهِ وَ لَا رَضِيتُ فَقَالَ وَيْحَكَ وَ أَنْتَ تَنْظُرُ إِلَى مَا يَكُونُ فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ خَلِّ عَنْ قَبْضِ رُوحِهِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَمُوتَ يَوْماً فَتَرَكَنِي وَ خَرَجْتُ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ تَائِباً عَلَى مَا كَانَ مِنِّي.
النَّطَنْزِيُّ فِي الْخَصَائِصِ لَمَّا جَاءُوا بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ وَ نَزَلُوا مَنْزِلًا يُقَالُ لَهُ قِنَّسْرِينُ اطَّلَعَ رَاهِبٌ مِنْ صَوْمَعَتِهِ إِلَى الرَّأْسِ فَرَأَى نُوراً سَاطِعاً يَخْرُجُ مِنْ فِيهِ «1» وَ يَصْعَدُ
__________________________________________________
 (1) كأن هذا الراهب كان يرى ملكوت الأشياء برياضته و رهبانيته: فرأى النور الساطع من الرأس، و لا يراه سائر الناس.

303
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده ص 300

إِلَى السَّمَاءِ فَأَتَاهُمْ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَ أَخَذَ الرَّأْسَ وَ أَدْخَلَهُ صَوْمَعَتَهُ فَسَمِعَ صَوْتاً وَ لَمْ يَرَ شَخْصاً قَالَ طُوبَى لَكَ وَ طُوبَى لِمَنْ عَرَفَ حُرْمَتَهُ فَرَفَعَ الرَّاهِبُ رَأْسَهُ وَ قَالَ يَا رَبِّ بِحَقِّ عِيسَى تَأْمُرُ هَذَا الرَّأْسَ بِالتَّكَلُّمِ مَعِي فَتَكَلَّمَ الرَّأْسُ وَ قَالَ يَا رَاهِبُ أَيَّ شَيْ‏ءٍ تُرِيدُ قَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا ابْنُ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى وَ أَنَا ابْنُ عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى وَ أَنَا ابْنُ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ أَنَا الْمَقْتُولُ بِكَرْبَلَاءَ أَنَا الْمَظْلُومُ أَنَا الْعَطْشَانُ وَ سَكَتَ فَوَضَعَ الرَّاهِبُ وَجْهَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَقَالَ لَا أَرْفَعُ وَجْهِي عَنْ وَجْهِكَ حَتَّى تَقُولَ أَنَا شَفِيعُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَتَكَلَّمَ الرَّأْسُ وَ قَالَ ارْجِعْ إِلَى دِينِ جَدِّي مُحَمَّدٍ فَقَالَ الرَّاهِبُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فَقَبِلَ لَهُ الشَّفَاعَةَ فَلَمَّا أَصْبَحُوا أَخَذُوا مِنْهُ الرَّأْسَ وَ الدَّرَاهِمَ فَلَمَّا بَلَغُوا الْوَادِيَ نَظَرُوا الدَّرَاهِمَ قَدْ صَارَتْ حِجَارَةً.
وَ فِي أَثَرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ قَالَتْ لِحَاجِبِ ابْنِ زِيَادٍ وَيْلَكَ هَذِهِ الْأَلْفُ دِرْهَمٍ خُذْهَا إِلَيْكَ وَ اجْعَلْ رَأْسَ الْحُسَيْنِ أَمَامَنَا وَ اجْعَلْنَا عَلَى الْجِمَالِ وَرَاءَ النَّاسِ لِيَشْتَغِلَ النَّاسُ بِنَظَرِهِمْ إِلَى رَأْسِ الْحُسَيْنِ عَنَّا فَأَخَذَ الْأَلْفَ وَ قَدَّمَ الرَّأْسَ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَخْرَجَ الدَّرَاهِمَ وَ قَدْ جَعَلَهَا اللَّهُ حِجَارَةً سَوْدَاءَ مَكْتُوباً عَلَى أَحَدِ جَانِبَيْهَا- وَ لا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ وَ عَلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ.
وَ رَوَى أَبُو مِخْنَفٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ صُلِبَ رَأْسُ الْحُسَيْنِ ع بِالصَّيَارِفِ فِي الْكُوفَةِ فَتَنَحْنَحَ الرَّأْسُ وَ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ إِلَى قَوْلِهِ- إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زِدْناهُمْ هُدىً فَلَمْ يَزِدْهُمْ ذَلِكَ إِلَّا ضَلَالًا.
وَ فِي أَثَرٍ أَنَّهُمْ لَمَّا صَلَبُوا رَأْسَهُ عَلَى الشَّجَرِ سُمِعَ مِنْهُ- وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ وَ سُمِعَ أَيْضاً صَوْتُهُ بِدِمَشْقَ يَقُولُ- لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ سُمِعَ أَيْضاً يَقْرَأُ- أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً فَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ أَمْرُكَ أَعْجَبُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ.
كِتَابَيْ ابْنِ بَطَّةَ وَ التِّرْمِذِيِّ وَ خَصَائِصِ النَّطَنْزِيِّ وَ اللَّفْظُ لِلْأَوَّلِ عَنْ عُمَارَة

304
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده ص 300

بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّهُ لَمَّا جِي‏ءَ بِرَأْسِ ابْنِ زِيَادٍ وَ رُءُوسِ أَصْحَابِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ انْتَهَيْتُ إِلَيْهِمْ وَ النَّاسُ يَقُولُونَ قَدْ جَاءَتْ قَدْ جَاءَتْ قَالَ فَجَاءَتْ حَيَّةٌ تَتَخَلَّلُ الرُّءُوسَ حَتَّى دَخَلَتْ فِي مِنْخَرِهِ ثُمَّ خَرَجَتْ مِنَ الْمِنْخَرِ الْآخَرِ ثُمَّ قَالُوا قَدْ جَاءَتْ قَدْ جَاءَتْ فَفَعَلَتْ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً «1».
أَبُو مِخْنَفٍ فِي رِوَايَةٍ لَمَّا دُخِلَ بِالرَّأْسِ عَلَى يَزِيدَ كَانَ لِلرَّأْسِ طِيبٌ قَدْ فَاحَ عَلَى كُلِّ طِيبٍ وَ لَمَّا نُحِرَ الْجَمَلُ الَّذِي حُمِلَ عَلَيْهِ رَأْسُ الْحُسَيْنِ كَانَ لَحْمُهُ أَمَرَّ مِنَ الصَّبِرِ وَ لَمَّا قُتِلَ ع صَارَ الْوَرْسُ دَماً وَ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَسْبَاتٍ وَ مَا فِي الْأَرْضَ حَجَرٌ إِلَّا وَ تَحْتَهُ دَمٌ وَ نَاحَتْ عَلَيْهِ الْجِنُّ كُلَّ يَوْمٍ فَوْقَ قَبْرِ النَّبِيِّ إِلَى سَنَةٍ كَامِلَةٍ «2».
بيان قوله إلى ثلاثة أسبات أي أسابيع و إنما ذكر هكذا لأنهم ذكروا أن قتله ع كان يوم السبت فابتداء ذلك من هذا اليوم.
4- قب، المناقب لابن شهرآشوب دَلَائِلُ النُّبُوَّةِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْبَيْهَقِيِّ بِالْإِسْنَادِ إِلَى أَبِي قَبِيلٍ وَ أَمَالِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيِّ أَيْضاً أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ ع وَ اجْتُزَّ رَأْسُهُ قَعَدُوا فِي أَوَّلِ مَرْحَلَةٍ يَشْرَبُونَ النَّبِيذَ وَ يَتَحَيَّوْنَ بِالرَّأْسِ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ قَلَمٌ مِنْ حَدِيدٍ مِنْ حَائِطٍ فَكَتَبَ سَطْراً بِالدَّمِ-
          أَ تَرْجُو أُمَّةٌ قَتَلَتْ حُسَيْناً             شَفَاعَةَ جَدِّهِ يَوْمَ الْحِسَابِ‏
 قَالَ فَهَرَبُوا وَ تَرَكُوا الرَّأْسَ ثُمَّ رَجَعُوا.
وَ فِي كِتَابِ ابْنِ بَطَّةَ أَنَّهُمْ وَجَدُوا ذَلِكَ مَكْتُوباً فِي كَنِيسَةٍ.
وَ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ احْتَفَرَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ حَفِيرَةً فَوُجِدَ فِيهَا لَوْحٌ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ مَكْتُوبٌ هَذَا الْبَيْتُ وَ بَعْدَهُ-
          فَقَدْ قَدِمُوا عَلَيْهِ بِحُكْمِ جَوْرٍ             فَخَالَفَ حُكْمُهُمْ حُكْمَ الْكِتَابِ‏
__________________________________________________
 (1) ذكره ابن الأثير في أسد الغابة ج 2 ص 22 و قال: قال الترمذي: هذا حديث صحيح، أخرجه الثلاثة.
 (2) المصدر ج 4 ص 57- 61.

305
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده ص 300

         سَتَلْقَى يَا يَزِيدُ غَداً عَذَاباً             مِنَ الرَّحْمَنِ يَا لَكَ مِنْ عَذَابٍ‏
 فَسَأَلْنَاهُمْ مُنْذُ كَمْ هَذَا فِي كَنِيسَتِكُمْ فَقَالُوا قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ نَبِيُّكُمْ بِثَلَاثِمِائَةِ عَامٍ.
5- أَقُولُ رَوَى السَّيِّدُ فِي كِتَابِ الْمَلْهُوفِ وَ ابْنُ شَهْرَآشُوبَ وَ غَيْرُهُمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ الْقَاضِي قَالَ: لَقِيتُ رَجُلًا مَكْفُوفاً قَدْ شَهِدَ قَتْلَ الْحُسَيْنِ ع فَسُئِلَ عَنْ بَصَرِهِ فَقَالَ كُنْتُ شَهِدْتُ قَتْلَهُ عَاشِرَ عَشَرَةٍ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَطْعَنْ بِرُمْحٍ وَ لَمْ أَضْرِبْ بِسَيْفٍ وَ لَمْ أَرْمِ بِسَهْمٍ فَلَمَّا قُتِلَ رَجَعْتُ إِلَى مَنْزِلِي وَ صَلَّيْتُ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ وَ نِمْتُ فَأَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي فَقَالَ أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ فَقُلْتُ مَا لِي وَ لَهُ فَأَخَذَ بِتَلْبِيبِي وَ جَرَّنِي إِلَيْهِ فَإِذَا النَّبِيُّ جَالِسٌ فِي صَحْرَاءَ حَاسِرٌ عَنْ ذِرَاعَيْهِ آخِذٌ بِحَرْبَةٍ وَ مَلَكٌ قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ فِي يَدِهِ سَيْفٌ مِنْ نَارٍ يَقْتُلُ أَصْحَابِيَ التِّسْعَةَ فَكُلَّمَا ضَرَبَ ضَرْبَةً الْتَهَبَ أَنْفُسُهُمْ نَاراً فَدَنَوْتُ مِنْهُ وَ جَثَوْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ قُلْتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ وَ مَكَثَ طَوِيلًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ قَالَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ انْتَهَكْتَ حُرْمَتِي وَ قَتَلْتَ عِتْرَتِي وَ لَمْ تَرْعَ حَقِّي وَ فَعَلْتَ وَ فَعَلْتَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا ضَرَبْتُ بِسَيْفٍ وَ لَا طَعَنْتُ بِرُمْحٍ وَ لَا رَمَيْتُ بِسَهْمٍ فَقَالَ صَدَقْتَ وَ لَكِنَّكَ كَثَّرْتَ السَّوَادَ ادْنُ مِنِّي فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَإِذَا طَسْتٌ مَمْلُوءٌ دَماً فَقَالَ لِي هَذَا دَمُ وَلَدِيَ الْحُسَيْنِ فَكَحَلَنِي مِنْ ذَلِكَ الدَّمِ فَانْتَبَهْتُ حَتَّى السَّاعَةَ لَا أُبْصِرُ شَيْئاً «1».
وَ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ فِي الْمَقَاتِلِ قَالَ الْمَدَائِنِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي أَبَانِ بْنِ دَارِمٍ أَسْوَدَ الْوَجْهِ وَ كُنْتُ أَعْرِفُهُ جَمِيلًا شَدِيدَ الْبَيَاضِ فَقُلْتُ لَهُ مَا كِدْتُ أَعْرِفُكَ قَالَ إِنِّي قَتَلْتُ شَابّاً أَمْرَدَ مَعَ الْحُسَيْنِ بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَثَرُ السُّجُودِ فَمَا نِمْتُ لَيْلَةً مُنْذُ قَتَلْتُهُ إِلَّا أَتَانِي فَيَأْخُذُ بِتَلَابِيبِي حَتَّى يَأْتِيَ جَهَنَّمَ فَيَدْفَعَنِي فِيهَا فَأَصِيحَ فَمَا يَبْقَى أَحَدٌ فِي الْحَيِّ إِلَّا سَمِعَ صِيَاحِي قَالَ وَ الْمَقْتُولُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَلِيٍّ ع «2».
__________________________________________________
 (1) الملهوف ص 121- 122، و اللفظ له و قد مر عن المناقب بغير هذا اللفظ.
 (2) مقاتل الطالبيين ص 86، و قد ذكر القصة ابن شهرآشوب في المناقب ج 4 ص 58 بغير هذا اللفظ، و زاد: قال: فسمعت بذلك جارة له فقالت: ما يدعنا ننام الليل من صياحه.

306
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده ص 300

6- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ الْمَرَاغِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَمِّهِ قَالَ: لَمَّا خِفْنَا «1» أَيَّامَ الْحَجَّاجِ خَرَجَ نَفَرٌ مِنَّا مِنَ الْكُوفَةِ مُسْتَتِرِينَ وَ خَرَجْتُ مَعَهُمْ فَصِرْنَا إِلَى كَرْبَلَاءَ وَ لَيْسَ بِهَا مَوْضِعٌ نَسْكُنُهُ فَبَنَيْنَا كُوخاً عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ وَ قُلْنَا نَأْوِي إِلَيْهِ فَبَيْنَا نَحْنُ فِيهِ إِذْ جَاءَنَا رَجُلٌ غَرِيبٌ فَقَالَ أَصِيرُ مَعَكُمْ فِي هَذَا الْكُوخِ اللَّيْلَةَ فَأَنَا عَابِرُ سَبِيلٍ فَأَجَبْنَاهُ وَ قُلْنَا غَرِيبٌ مُنْقَطَعٌ بِهِ فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَ أَظْلَمَ اللَّيْلُ أَشْعَلْنَا وَ كُنَّا نُشْعِلُ بِالنِّفْطِ ثُمَّ جَلَسْنَا نَتَذَاكَرُ أَمْرَ الْحُسَيْنِ وَ مُصِيبَتَهُ وَ قَتْلَهُ وَ مَنْ تَوَلَّاهُ فَقُلْنَا مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ إِلَّا رَمَاهُ اللَّهُ بِبَلِيَّةٍ فِي بَدَنِهِ فَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَأَنَا كُنْتُ فِيمَنْ قَتَلَهُ وَ اللَّهِ مَا أَصَابَنِي سُوءٌ وَ إِنَّكُمْ يَا قَوْمِ تَكْذِبُونَ فَأَمْسَكْنَا عَنْهُ وَ قَلَّ ضَوْءُ النِّفْطِ فَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ لِيُصْلِحَ الْفَتِيلَةَ بِإِصْبَعِهِ فَأَخَذَتِ النَّارُ كَفَّهُ فَخَرَجَ نَادّاً حَتَّى أَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْفُرَاتِ يَتَغَوَّثُ بِهِ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْنَا يُدْخِلُ رَأْسَهُ فِي الْمَاءِ وَ النَّارُ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ فَإِذَا أَخْرَجَ رَأْسَهُ سَرَتِ النَّارُ إِلَيْهِ فَيَغُوصُهُ إِلَى الْمَاءِ ثُمَّ يُخْرِجُهُ فَتَعُودُ إِلَيْهِ فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبَهُ حَتَّى هَلَكَ.
7- ثو، ثواب الأعمال ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْحِجَازِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ دَاوُدَ أَبِي الْعَبَّاسِ الْأَسَدِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْخَلِيلِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمَرْتُ أَنَا وَ نَفَرٌ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَتَذَاكَرْنَا مَقْتَلَ الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ مَا تَلَبَّسَ أَحَدٌ بِقَتْلِهِ إِلَّا أَصَابَهُ بَلَاءٌ فِي أَهْلِهِ وَ نَفْسِهِ وَ مَالِهِ فَقَالَ شَيْخٌ مِنَ الْقَوْمِ فَهُوَ وَ اللَّهِ مِمَّنْ شَهِدَ قَتْلَهُ وَ أَعَانَ عَلَيْهِ فَمَا أَصَابَهُ إِلَى الْآنَ أَمْرٌ يَكْرَهُهُ فَمَقَتَهُ الْقَوْمُ وَ تَغَيَّرَ السِّرَاجُ وَ كَانَ دُهْنُهُ نِفْطاً فَقَامَ إِلَيْهِ لِيُصْلِحَهُ فَأَخَذَتِ النَّارُ بِإِصْبَعِهِ فَنَفَخَهَا فَأَخَذَتْ بِلِحْيَتِهِ فَخَرَجَ يُبَادِرُ إِلَى الْمَاءِ فَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي النَّهَرِ وَ جَعَلَتِ النَّارُ تُرَفْرِفُ عَلَى رَأْسِهِ فَإِذَا أَخْرَجَهُ أَحْرَقَتْهُ حَتَّى مَاتَ لَعَنَهُ اللَّهُ.
__________________________________________________
 (1) هذا هو الصحيح، و في بعض النسخ: رجعتا، و في بعضها «جعنا».

307
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده ص 300

8- ثو، ثواب الأعمال بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْأَصْبَغِ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي دَارِمٍ مِمَّنْ شَهِدَ قَتْلَ الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ مُسْوَدَّ الْوَجْهِ وَ كَانَ رَجُلًا جَمِيلًا شَدِيدَ الْبَيَاضِ فَقُلْتُ لَهُ مَا كِدْتُ أَنْ أَعْرِفَكَ لِتَغَيُّرِ لَوْنِكَ فَقَالَ قَتَلْتُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَبْيَضَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَثَرُ السُّجُودِ وَ جِئْتُ بِرَأْسِهِ فَقَالَ الْقَاسِمُ لَقَدْ رَأَيْتُهُ عَلَى فَرَسٍ لَهُ مَرِحاً وَ قَدْ عَلَّقَ الرَّأْسَ بِلَبَانِهَا وَ هُوَ يُصِيبُ رُكْبَتَهَا قَالَ فَقُلْتُ لِأَبِي لَوْ أَنَّهُ رَفَعَ الرَّأْسَ قَلِيلًا أَ مَا تَرَى مَا تَصْنَعُ بِهِ الْفَرَسُ بِيَدَيْهَا فَقَالَ لِي يَا بُنَيَّ مَا يُصْنَعُ بِهِ أَشَدُّ لَقَدْ حَدَّثَنِي فَقَالَ مَا نِمْتُ لَيْلَةً مُنْذُ قَتَلْتُهُ إِلَّا أَتَانِي فِي مَنَامِي حَتَّى يَأْخُذَ بِتَلْبِيبِي فَيَقُودَنِي فَيَقُولُ انْطَلِقْ فَيَنْطَلِقُ بِي إِلَى جَهَنَّمَ فَيَقْذِفُ بِي فِيهَا حَتَّى أُصْبِحَ قَالَ فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ جَارِيَةٌ لَهُ فَقَالَتْ مَا يَدَعُنَا نَنَامُ شَيْئاً مِنَ اللَّيْلِ مِنْ صِيَاحِهِ قَالَ فَقُمْتُ فِي شَبَابٍ مِنَ الْحَيِّ فَأَتَيْنَا امْرَأَتَهُ فَسَأَلْنَاهَا فَقَالَتْ قَدْ أَبْدَى عَلَى نَفْسِهِ قَدْ صَدَقَكُمْ.
بيان قوله مرحا حال عن الراكب أي فرحا و في نسخة قديمة موجأ فهو صفة للمركوب أي خصي و الأصل فيه موجوء لكن قد يستعمل هكذا قال الجزري و منه‏
الحديث أنه ضحى بكبشين موجوءين.
أي خصيين و منهم من يرويه موجئين بوزن مكرمين و هو خطأ و منهم موجيين بغير همز على التخفيف و يكون من وجئه وجئا فهو موجي و قال الفيروزآبادي اللبان بالفتح الصدر أو وسطه أو ما بين الثديين أو صدر ذي الحافر و قوله أبدى أي أظهر و فيه تضمين معنى الطعن أي طاعنا على نفسه.
9- ثو، ثواب الأعمال بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ عُمَيْرٍ التَّيْمِيِّ قَالَ: لَمَّا جِي‏ءَ بِرَأْسِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ رُءُوسِ أَصْحَابِهِ عَلَيْهِمْ غَضَبُ اللَّهِ قَالَ انْتَهَيْتُ إِلَيْهِمْ وَ النَّاسُ يَقُولُونَ قَدْ جَاءَتْ حَيَّةٌ تَتَخَلَّلُ الرُّءُوسَ حَتَّى دَخَلَتْ فِي مَنْخِرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ثُمَّ خَرَجَتْ فَدَخَلَتْ فِي الْمَنْخِرِ الْآخَرِ.
10- ثو، ثواب الأعمال أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّد

308
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده ص 300

عَنْ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ آلَ أَبِي سُفْيَانَ قَتَلُوا الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَنَزَعَ اللَّهُ مُلْكَهُمْ وَ قَتَلَ هِشَامٌ زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ فَنَزَعَ اللَّهُ مُلْكَهُ وَ قَتَلَ الْوَلِيدُ يَحْيَى بْنَ زَيْدٍ فَنَزَعَ اللَّهُ مُلْكَهُ.
11- مل، كامل الزيارات أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْغَنَوِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ: وَ هَلْ بَقِيَ فِي السَّمَاوَاتِ مَلَكٌ لَمْ يَنْزِلْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ يُعَزِّيهِ فِي وَلَدِهِ الْحُسَيْنِ وَ يُخْبِرُهُ بِثَوَابِ اللَّهِ إِيَّاهُ وَ يَحْمِلُ إِلَيْهِ تُرْبَتَهُ مَصْرُوعاً عَلَيْهَا مَذْبُوحاً مَقْتُولًا طَرِيحاً مَخْذُولًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص اللَّهُمَّ اخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ وَ اقْتُلْ مَنْ قَتَلَهُ وَ اذْبَحْ مَنْ ذَبَحَهُ وَ لَا تُمَتِّعْهُ بِمَا طَلَبَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ عُوجِلَ الْمَلْعُونُ يَزِيدُ وَ لَمْ يَتَمَتَّعْ بَعْدَ قَتْلِهِ وَ لَقَدْ أُخِذَ مُغَافَصَةً بَاتَ سَكْرَانَ وَ أَصْبَحَ مَيِّتاً مُتَغَيِّراً كَأَنَّهُ مَطْلِيٌّ بِقَارٍ أُخِذَ عَلَى أَسَفٍ وَ مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِمَّنْ تَابَعَهُ عَلَى قَتْلِهِ أَوْ كَانَ فِي مُحَارَبَتِهِ إِلَّا أَصَابَهُ جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ وَ صَارَ ذَلِكَ وِرَاثَةً فِي نَسْلِهِمْ «1».
12- أَقُولُ رُوِيَ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْمَنَاقِبِ الْمُعْتَبَرَةِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الصَّيْرَفِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الصُّوفِيِّ عَنْ أَبِي غَسَّانَ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ كُرْدُوسٍ عَنْ حَاجِبِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ الْقَصْرَ خَلْفَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ فَاضْطَرَمَ فِي وَجْهِهِ نَاراً فَقَالَ هَكَذَا بِكُمِّهِ عَلَى وَجْهِهِ فَقَالَ هَلْ رَأَيْتَ قُلْتُ نَعَمْ فَأَمَرَنِي أَنْ أَكْتُمَ ذَلِكَ.
وَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْعَاصِمِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَيْهَقِيِّ عَنْ وَالِدِهِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عُمَيْرٍ يَعْنِي عَبْدَ الْمَلِكِ قَالَ: قَالَ الْحَجَّاجُ يَوْماً مَنْ كَانَ لَهُ بَلَاءٌ فَلْيَقُمْ فَلْنُعْطِهِ عَلَى بَلَائِهِ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ أَعْطِنِي عَلَى بَلَائِي قَالَ وَ مَا بَلَاؤُكَ قَالَ قَتَلْتُ الْحُسَيْنَ قَالَ وَ كَيْفَ قَتَلْتَهُ قَالَ دَسَرْتُهُ وَ اللَّهِ بِالرُّمْحِ‏
__________________________________________________
 (1) كامل الزيارات: ص 61 و 62.

309
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده ص 300

دَسْراً وَ هَبَرْتُهُ بِالسَّيْفِ هَبْراً وَ مَا أَشْرَكْتُ مَعِي فِي قَتْلِهِ أَحَداً قَالَ أَمَا إِنَّكَ وَ إِيَّاهُ لَنْ تَجْتَمِعَا فِي مَكَانٍ أَبَداً قَالَ لَهُ اخْرُجْ قَالَ وَ أَحْسَبُهُ لَمْ يُعْطِهِ شَيْئاً.
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ النَّسَوِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ مُرَّةَ قَالَ: أَصَابُوا إِبِلًا فِي عَسْكَرِ الْحُسَيْنِ ع يَوْمَ قُتِلَ فَنَحَرُوهَا وَ طَبَخُوهَا قَالَ فَصَارَتْ مِثْلَ الْعَلْقَمِ فَمَا اسْتَطَاعُوا أَنْ يَسِيغُوا مِنْهَا شَيْئاً.
بيان العلقم شجر مر و يقال للحنظل و لكل شي‏ء مر علقم.
13- ثُمَّ قَالَ وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَمِيدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي قَالَتْ لَقَدْ رَأَيْتُ الْوَرْسَ عَادَ رَمَاداً وَ لَقَدْ رَأَيْتُ اللَّحْمَ كَأَنَّ فِيهِ النَّارَ حِينَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ ع.
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: إِنْ كَانَ الْوَرْسُ مِنْ وَرْسِ الْحُسَيْنِ ع لِيُقَالَ بِهِ هَكَذَا فَيَصِيرُ رَمَاداً.
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدُّورِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: قُتِلَ الْحُسَيْنُ وَ لِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ صَارَ الْوَرْسُ رَمَاداً الَّذِي كَانَ فِي عَسْكَرِهِمْ وَ احْمَرَّتْ آفَاقُ السَّمَاءِ وَ نَحَرُوا نَاقَةً فِي عَسْكَرِهِمْ فَكَانُوا يَرَوْنَ فِي لَحْمِهَا النِّيرَانَ.
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظِ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي عَبْد اللَّهِ بْنِ وَصِيفٍ عَنِ الْمُشْطَاحِ الْوَرَّاقِ قَالَ سَمِعْتُ الْفَتْحَ بْنَ شُخْرُفٍ الْعَابِدَ يَقُولُ أَفُتُّ الْخُبْزَ لِلْعَصَافِيرِ كُلَّ يَوْمٍ فَكَانَتْ تَأْكُلُ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ فَتَتُّ لَهَا فَلَمْ تَأْكُلْ فَعَلِمْتُ أَنَّهَا امْتَنَعَتْ لِقَتْلِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع.
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ بُشْرَانَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيِّ عَنْ أَبِيه‏

310
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده ص 300

عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَبَانِ بْنِ دَارِمٍ يُقَالُ لَهُ زُرْعَةُ شَهِدَ قَتْلَ الْحُسَيْنِ ع فَرَمَى الْحُسَيْنَ بِسَهْمٍ فَأَصَابَ حَنَكَهُ فَجَعَلَ يَتَلَقَّى الدَّمَ ثُمَّ يَقُولُ هَكَذَا إِلَى السَّمَاءِ فَيَرْمِي بِهِ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْحُسَيْنَ ع دَعَا بِمَاءٍ لِيَشْرَبَ فَلَمَّا رَمَاهُ حَالَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْمَاءِ فَقَالَ اللَّهُمَّ ظَمِّئْهُ اللَّهُمَّ ظَمِّئْهُ قَالَ فَحَدَّثَنِي مَنْ شَهِدَهُ وَ هُوَ يَمُوتُ وَ هُوَ يَصِيحُ مِنَ الْحَرِّ فِي بَطْنِهِ وَ الْبَرْدِ فِي ظَهْرِهِ وَ بَيْنَ يَدَيْهِ الْمَرَاوِحُ وَ الثَّلْجُ وَ خَلْفَهُ الْكَانُونُ وَ هُوَ يَقُولُ اسْقُونِي أَهْلَكَنِي الْعَطَشُ فَيُؤْتَى بِعُسٍّ عَظِيمٍ فِيهِ السَّوِيقُ وَ الْمَاءُ وَ اللَّبَنُ لَوْ شَرِبَهُ خَمْسَةٌ لَكَفَاهُمْ قَالَ فَيَشْرَبُهُ ثُمَّ يَعُودُ فَيَقُولُ اسْقُونِي أَهْلَكَنِي الْعَطَشُ قَالَ فَانْقَدَّ بَطْنُهُ كَانْقِدَادِ الْبَعِيرِ.
وَ ذَكَرَ أَعْثَمُ الْكُوفِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ مُخْتَصَراً قَالَ: اسْمُ الرَّامِي لَعَنَهُ اللَّهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَزْدِيُّ فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ ع اللَّهُمَّ اقْتُلْهُ عَطَشاً وَ لَا تَغْفِرْ لَهُ أَبَداً قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ لَقَدْ رَأَيْتُنِي عِنْدَ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَ هُوَ يَصِيحُ وَ الْمَاءُ يُبَرَّدُ لَهُ فِيهِ السُّكَّرُ وَ الْأَعْسَاسُ فِيهَا اللَّبَنُ وَ هُوَ يَقُولُ وَيْلَكُمْ اسْقُونِي فَقَدْ قَتَلَنِيَ الْعَطَشُ فَيُعْطَى الْقُلَّةَ أَوِ الْعُسَّ فَإِذَا نَزَعَهُ مِنْ فِيهِ يَصِيحُ حَتَّى انْقَدَّ بَطْنُهُ وَ مَاتَ شَرَّ مِيتَةٍ لَعَنَهُ اللَّهُ.
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي أُمُّ أَبِي قَالَتْ أَدْرَكْتُ رَجُلَيْنِ مِمَّنْ شَهِدَ قَتْلَ الْحُسَيْنِ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَطَالَ ذَكَرُهُ حَتَّى كَانَ يَلُفُّهُ وَ أَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَسْتَقْبِلُ الرَّاوِيَةَ فَيَشْرَبُهَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى آخِرِهَا قَالَ سُفْيَانُ أَدْرَكْتُ ابْنَ أَحَدِهِمَا بِهِ خَبَلٌ أَوْ نَحْوُ هَذَا.
وَ رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا بِلَا أَيْدٍ وَ لَا أَرْجُلٍ وَ هُوَ أَعْمَى يَقُولُ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ النَّارِ فَقِيلَ لَهُ لَمْ تَبْقَ لَكَ عُقُوبَةٌ وَ مَعَ ذَلِكَ تَسْأَلُ النَّجَاةَ مِنَ النَّارِ قَالَ كُنْتُ فِيمَنْ قَتَلَ الْحُسَيْنَ ع بِكَرْبَلَاءَ فَلَمَّا قُتِلَ رَأَيْتُ عَلَيْهِ سَرَاوِيلًا وَ تِكَّةً حَسَنَةً بَعْدَ مَا سَلَبَهُ النَّاسُ فَأَرَدْتُ أَنْ أَنْزِعَ مِنْهُ التِّكَّةَ فَرَفَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى وَ وَضَعَهَا عَلَى التِّكَّةِ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَى دَفْعِهَا فَقَطَعْتُ يَمِينَهُ ثُمَّ هَمَمْتُ أَنْ آخُذَ التِّكَّةَ فَرَفَعَ شِمَالَهُ فَوَضَعَهَا عَلَى تِكَّتِهِ فَقَطَعْتُ يَسَارَهُ ثُمَّ هَمَمْتُ بِنَزْعِ التِّكَّةِ مِنَ السَّرَاوِيلِ فَسَمِعْتُ زَلْزَلَةً فَخِفْتُ وَ تَرَكْتُهُ فَأَلْقَى اللَّهُ عَلَيَّ النَّوْمَ فَنِمْتُ بَيْنَ الْقَتْلَى فَرَأَيْتُ كَأَنَّ مُحَمَّداً ص أَقْبَلَ وَ مَعَهُ عَلِي‏

311
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده ص 300

وَ فَاطِمَةُ فَأَخَذُوا رَأْسَ الْحُسَيْنِ فَقَبَّلَتْهُ فَاطِمَةُ ثُمَّ قَالَتْ يَا وَلَدِي قَتَلُوكَ قَتَلَهُمُ اللَّهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا بِكَ فَكَانَ يَقُولُ قَتَلَنِي شِمْرٌ وَ قَطَعَ يَدَايَ هَذَا النَّائِمُ وَ أَشَارَ إِلَيَّ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ لِي قَطَعَ اللَّهُ يَدَيْكَ وَ رِجْلَيْكَ وَ أَعْمَى بَصَرَكَ وَ أَدْخَلَكَ النَّارَ فَانْتَبَهْتُ وَ أَنَا لَا أُبْصِرُ شَيْئاً وَ سَقَطَتْ مِنِّي يَدَايَ وَ رِجْلَايَ وَ لَمْ يَبْقَ مِنْ دُعَائِهَا إِلَّا النَّارُ.
أَقُولُ رَوَى السَّائِلُ عَنِ السَّيِّدِ الْمُرْتَضَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ خَبَرٍ رَوَى النُّعْمَانِيُّ فِي كِتَابِ التَّسَلِّي عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا احْتُضِرَ الْكَافِرُ حَضَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ عَلِيٌّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ جَبْرَئِيلُ وَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَيَدْنُو إِلَيْهِ عَلِيٌّ ع فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا كَانَ يُبْغِضُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَأَبْغِضْهُ فَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا جَبْرَئِيلُ إِنَّ هَذَا كَانَ يُبْغِضُ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِهِ فَأَبْغِضْهُ فَيَقُولُ جَبْرَئِيلُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ إِنَّ هَذَا كَانَ يُبْغِضُ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ أَهْلَ بَيْتِهِ فَأَبْغِضْهُ وَ أَعْنِفْ بِهِ فَيَدْنُو مِنْهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَيَقُولُ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَخَذْتَ فَكَاكَ رَقَبَتِكَ أَخَذْتَ أَمَانَ بَرَاءَتِكَ تَمَسَّكْتَ بِالْعِصْمَةِ الْكُبْرَى فِي دَارِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ وَ مَا هِيَ فَيَقُولُ وَلَايَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَيَقُولُ مَا أَعْرِفُهَا وَ لَا أَعْتَقِدُ بِهَا فَيَقُولُ لَهُ جَبْرَئِيلُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ وَ مَا كُنْتَ تَعْتَقِدُ فَيَقُولُ لَهُ جَبْرَئِيلُ أَبْشِرْ يَا عَدُوَّ اللَّهِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَ عَذَابِهِ فِي النَّارِ أَمَّا مَا كُنْتَ تَرْجُو فَقَدْ فَاتَكَ وَ أَمَّا الَّذِي كُنْتَ تَخَافُ فَقَدْ نَزَلَ بِكَ ثُمَّ يَسُلُّ نَفْسَهُ سَلًّا عَنِيفاً ثُمَّ يُوَكِّلُ بِرُوحِهِ مِائَةَ شَيْطَانٍ كُلُّهُمْ يَبْصُقُ فِي وَجْهِهِ وَ يَتَأَذَّى بِرِيحِهِ فَإِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ فُتِحَ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ يَدْخُلُ إِلَيْهِ مِنْ فَوْحِ رِيحِهَا وَ لَهَبِهَا ثُمَّ إِنَّهُ يُؤْتَى بِرُوحِهِ إِلَى جِبَالِ بَرَهُوتَ ثُمَّ إِنَّهُ يَصِيرُ فِي الْمُرَكَّبَاتِ بَعْدَ أَنْ يَجْرِيَ فِي كُلِّ سِنْخٍ مَسْخُوطٍ عَلَيْهِ حَتَّى يَقُومَ قَائِمُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ فَيَضْرِبُ عُنُقَهُ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ- رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَ أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى‏ خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ «1» وَ اللَّهِ لَقَدْ أُتِيَ بِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ بَعْدَ مَا قُتِلَ وَ إِنَّهُ لَفِي صُورَةِ قِرْدٍ فِي عُنُقِهِ سِلْسِلَةٌ فَجَعَلَ يَعْرِفُ أَهْلَ الدَّارِ وَ هُمْ لَا يَعْرِفُونَهُ وَ اللَّهِ لَا يَذْهَبُ الْأَيَّامُ حَتَّى يُمْسَخَ عَدُوُّنَا مَسْخاً ظَاهِراً حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ لَيُمْسَخُ فِي حَيَاتِهِ قِرْداً أَوْ
__________________________________________________
 (1) غافر: 11.

312
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده ص 300

خِنْزِيراً وَ مِنْ وَرَائِهِمْ عَذابٌ غَلِيظٌ وَ مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ وَ ساءَتْ مَصِيراً.
بيان هذا خبر غريب و لم ينكره السيد في الجواب و أجاب بما حاصله أنا ننكر تعلق الروح بجسد آخر و لا ننكر تغير جسمه إلى صورة أخرى.
و أقول يمكن حمله على التغيير في الجسد المثالي أو أجزاء جسده الأصلي إلى الصور القبيحة و قد مر بعض القول في ذلك.
14- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع إِذْ جَاءَ شَيْخٌ قَدِ انْحَنَى مِنَ الْكِبَرِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ يَا شَيْخُ ادْنُ مِنِّي فَدَنَا مِنْهُ وَ قَبَّلَ يَدَهُ وَ بَكَى فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع وَ مَا يُبْكِيكَ يَا شَيْخُ قَالَ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَنَا مُقِيمٌ عَلَى رَجَاءٍ مِنْكُمْ مُنْذُ نَحْوٍ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ أَقُولُ هَذِهِ السَّنَةَ وَ هَذَا الشَّهْرَ وَ هَذَا الْيَوْمَ وَ لَا أَرَاهُ فِيكُمْ فَتَلُومُنِي أَنْ أَبْكِيَ قَالَ فَبَكَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع ثُمَّ قَالَ يَا شَيْخُ إِنْ أُخِّرَتْ مَنِيَّتُكَ كُنْتَ مَعَنَا وَ إِنْ عُجِّلَتْ كُنْتَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ ثَقَلِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ الشَّيْخُ مَا أُبَالِي مَا فَاتَنِي بَعْدَ هَذَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَا شَيْخُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا- كِتَابَ اللَّهِ الْمُنْزَلَ وَ عِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي تَجِي‏ءُ وَ أَنْتَ مَعَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ قَالَ يَا شَيْخُ مَا أَحْسَبُكَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَالَ لَا قَالَ فَمِنْ أَيْنَ قَالَ مِنْ سَوَادِهَا جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ أَيْنَ أَنْتَ مِنْ قَبْرِ جَدِّيَ الْمَظْلُومِ الْحُسَيْنِ قَالَ إِنِّي لَقَرِيبٌ مِنْهُ قَالَ كَيْفَ إِتْيَانُكَ لَهُ قَالَ إِنِّي لَآتِيهِ وَ أُكْثِرُ قَالَ يَا شَيْخُ ذَاكَ دَمٌ يَطْلُبُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مَا أُصِيبَ وُلْدُ فَاطِمَةَ وَ لَا يُصَابُونَ بِمِثْلِ الْحُسَيْنِ وَ لَقَدْ قُتِلَ ع فِي سَبْعَةَ عَشَرَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ نَصَحُوا لِلَّهِ وَ صَبَرُوا فِي جَنْبِ اللَّهِ فَجَزَاهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ جَزَاءِ الصَّابِرِينَ إِنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ وَ مَعَهُ الْحُسَيْنُ وَ يَدُهُ عَلَى رَأْسِهِ يَقْطُرُ دَماً فَيَقُولُ يَا رَبِّ سَلْ أُمَّتِي فِيمَ قَتَلُوا ابْنِي وَ قَالَ ع كُلُّ الْجَزَعِ وَ الْبُكَاءِ مَكْرُوهٌ سِوَى الْجَزَعِ وَ الْبُكَاءِ عَلَى الْحُسَيْنِ.

313
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده ص 300

أَقُولُ رُوِيَ فِي بَعْضِ مُؤَلَّفَاتِ أَصْحَابِنَا مُرْسَلًا عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ص يَمَصُّ لُعَابَ الْحُسَيْنِ كَمَا يَمَصُّ الرَّجُلُ السُّكَّرَةَ وَ هُوَ يَقُولُ حُسَيْنٌ مِنِّي وَ أَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْناً وَ أَبْغَضَ اللَّهُ مَنْ أَبْغَضَ حُسَيْناً- حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الْأَسْبَاطِ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ ع وَ قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ قَتَلَ بِيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا سَبْعِينَ أَلْفاً مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَ سَيَقْتُلُ بِابْنِ ابْنَتِكَ الْحُسَيْنِ سَبْعِينَ أَلْفاً وَ سَبْعِينَ أَلْفاً مِنَ الْمُعْتَدِينَ وَ إِنَّ قَاتِلَ الْحُسَيْنِ فِي تَابُوتٍ مِنْ نَارٍ وَ يَكُونُ عَلَيْهِ نِصْفُ عَذَابِ أَهْلِ الدُّنْيَا وَ قَدْ شُدَّتْ يَدَاهُ وَ رِجْلَاهُ بِسَلَاسِلَ مِنْ نَارٍ وَ هُوَ مُنَكَّسٌ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ فِي قَعْرِ جَهَنَّمَ وَ لَهُ رِيحٌ يَتَعَوَّذُ أَهْلُ النَّارِ مِنْ شِدَّةِ نَتْنِهَا وَ هُوَ فِيهَا خَالِدٌ ذَائِقُ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ- لَا يُفَتَّرُ عَنْهُ وَ يُسْقَى مِنْ حَمِيمِ جَهَنَّمَ.
وَ رُوِيَ أَيْضاً فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّ مَلَكاً مِنْ مَلَائِكَةِ الصَّفِيحِ الْأَعْلَى اشْتَاقَ لِرُؤْيَةِ النَّبِيِّ ص وَ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ بِالنُّزُولِ إِلَى الْأَرْضِ لِزِيَارَتِهِ وَ كَانَ ذَلِكَ الْمَلَكُ لَمْ يَنْزِلْ إِلَى الْأَرْضِ أَبَداً مُنْذُ خُلِقَتْ فَلَمَّا أَرَادَ النُّزُولَ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ يَقُولُ أَيُّهَا الْمَلَكُ أَخْبِرْ مُحَمَّداً أَنَّ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِهِ اسْمُهُ يَزِيدُ يَقْتُلُ فَرْخَهُ الطَّاهِرَ ابْنَ الطَّاهِرَةِ نَظِيرَةِ الْبَتُولِ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ فَقَالَ الْمَلَكُ لَقَدْ نَزَلْتُ إِلَى الْأَرْضِ وَ أَنَا مَسْرُورٌ بِرُؤْيَةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ فَكَيْفَ أُخْبِرُهُ بِهَذَا الْخَبَرِ الْفَضِيحِ وَ إِنَّنِي لَأَسْتَحْيِي مِنْهُ أَنْ أُفْجِعَهُ بِقَتْلِ وَلَدِهِ فَلَيْتَنِي لَمْ أَنْزِلْ إِلَى الْأَرْضِ قَالَ فَنُودِيَ الْمَلَكُ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهِ أَنِ افْعَلْ مَا أُمِرْتَ بِهِ فَدَخَلَ الْمَلَكُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَ نَشَرَ أَجْنِحَتَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْلَمْ أَنِّي اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي النُّزُولِ إِلَى الْأَرْضِ شَوْقاً لِرُؤْيَتِكَ وَ زِيَارَتِكَ فَلَيْتَ رَبِّي كَانَ حَطَّمَ أَجْنِحَتِي وَ لَمْ آتِكَ بِهَذَا الْخَبَرِ وَ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ إِنْفَاذِ أَمْرِ رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ اعْلَمْ يَا مُحَمَّدُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِكَ اسْمُهُ يَزِيدُ زَادَهُ اللَّهُ لَعْناً فِي الدُّنْيَا وَ عَذَاباً فِي الْآخِرَةِ يَقْتُلُ فَرْخَكَ الطَّاهِرَ ابْنَ الطَّاهِرَةِ وَ لَمْ يَتَمَتَّعْ قَاتِلَهُ فِي الدُّنْيَا مِنْ بَعْدِهِ إِلَّا قَلِيلًا وَ يَأْخُذُهُ اللَّهُ مُقَاصّاً لَهُ عَلَى سُوءِ عَمَلِهِ وَ يَكُونُ مُخَلَّداً فِي النَّارِ فَبَكَى النَّبِيُّ بُكَاءً شَدِيداً وَ قَالَ أَيُّهَا الْمَلَكُ هَلْ تُفْلِحُ أُمَّةٌ بِقَتْلِ وَلَدِي وَ فَرْخ‏

314
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده ص 300

ابْنَتِي فَقَالَ لَا يَا مُحَمَّدُ بَلْ يَرْمِيهِمُ اللَّهُ بِاخْتِلَافِ قُلُوبِهِمْ وَ أَلْسِنَتِهِمْ فِي دَارِ الدُّنْيَا وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ أَلِيمٌ.
وَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ حِينَ أَسْلَمَ فِي أَيَّامِ خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ جَعَلَ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْمَلَاحِمِ الَّتِي تَظْهَرُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ فَصَارَ كَعْبٌ يُخْبِرُهُمْ بِأَنْوَاعِ الْأَخْبَارِ وَ الْمَلَاحِمِ وَ الْفِتَنِ الَّتِي تَظْهَرُ فِي الْعَالَمِ ثُمَّ قَالَ وَ أَعْظَمُهَا فِتْنَةً وَ أَشَدُّهَا مُصِيبَةً- لَا تُنْسَى إِلَى أَبَدِ الْآبِدِينَ مُصِيبَةُ الْحُسَيْنِ ع وَ هِيَ الْفَسَادُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْمَجِيدِ حَيْثُ قَالَ ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ «1» وَ إِنَّمَا فُتِحَ الْفَسَادُ بِقَتْلِ هَابِيلَ بْنِ آدَمَ وَ خُتِمَ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ ع أَ وَ لَا تَعْلَمُونَ أَنَّهُ يُفْتَحُ يَوْمَ قَتْلِهِ أَبْوَابُ السَّمَاوَاتِ وَ يُؤْذِنُ السَّمَاءَ بِالْبُكَاءِ فَتَبْكِي دَماً فَإِذَا رَأَيْتُمُ الْحُمْرَةَ فِي السَّمَاءِ قَدِ ارْتَفَعَتْ فَاعْلَمُوا أَنَّ السَّمَاءَ تَبْكِي حُسَيْناً فَقِيلَ يَا كَعْبُ لِمَ لَا تَفْعَلُ السَّمَاءُ كَذَلِكَ وَ لَا تَبْكِي دَماً لِقَتْلِ الْأَنْبِيَاءِ مِمَّنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الْحُسَيْنِ فَقَالَ وَيْحَكُمْ إِنَّ قَتْلَ الْحُسَيْنِ أَمْرٌ عَظِيمٌ وَ إِنَّهُ ابْنُ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَ إِنَّهُ يُقْتَلُ عَلَانِيَةً مُبَارَزَةً ظُلْماً وَ عُدْوَاناً وَ لَا تُحْفَظُ فِيهِ وَصِيَّةُ جَدِّهِ رَسُولِ اللَّهِ وَ هُوَ مِزَاجُ مَائِهِ وَ بَضْعَةٌ مِنْ لَحْمِهِ يُذْبَحُ بِعَرْصَةِ كَرْبَلَاءَ فَوَ الَّذِي نَفْسُ كَعْبٍ بِيَدِهِ لَتَبْكِيَنَّهُ زُمْرَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِي السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ- لَا يَقْطَعُونَ بُكَاءَهُمْ عَلَيْهِ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ وَ إِنَّ الْبُقْعَةَ الَّتِي يُدْفَنُ فِيهَا خَيْرُ الْبِقَاعِ وَ مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَ يَأْتِي إِلَيْهَا وَ يَزُورُهَا وَ يَبْكِي عَلَى مُصَابِهِ وَ لِكَرْبَلَاءَ فِي كُلِّ يَوْمٍ زِيَارَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ فَإِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ يَنْزِلُ إِلَيْهَا تِسْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَبْكُونَ عَلَى الْحُسَيْنِ وَ يَذْكُرُونَ فَضْلَهُ وَ إِنَّهُ يُسَمَّى فِي السَّمَاءِ حُسَيْناً الْمَذْبُوحَ وَ فِي الْأَرْضِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْمَقْتُولَ وَ فِي الْبِحَارِ الْفَرْخَ الْأَزْهَرَ الْمَظْلُومَ وَ إِنَّهُ يَوْمَ قَتْلِهِ تَنْكَسِفُ الشَّمْسُ بِالنَّهَارِ وَ مِنَ اللَّيْلِ يَنْخَسِفُ الْقَمَرُ وَ تَدُومُ الظُّلْمَةُ عَلَى النَّاسِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَ تُمْطِرُ السَّمَاءُ دَماً وَ تَدَكْدَكُ الْجِبَالُ وَ تَغَطْمَطُ الْبِحَارُ وَ لَوْ لَا بَقِيَّةٌ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وَ طَائِفَةٌ مِنْ شِيعَتِهِ الَّذِينَ يَطْلُبُونَ بِدَمِهِ وَ يَأْخُذُونَ بِثَأْرِهِ لَصَبَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ نَاراً مِنَ السَّمَاءِ أَحْرَقَتِ الْأَرْضَ وَ مَنْ عَلَيْهَا
__________________________________________________
 (1) الروم: 41.

315
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده ص 300

ثُمَّ قَالَ كَعْبٌ يَا قَوْمِ كَأَنَّكُمْ تَتَعَجَّبُونَ بِمَا أُحَدِّثُكُمْ فِيهِ مِنْ أَمْرِ الْحُسَيْنِ ع وَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَتْرُكْ شَيْئاً كَانَ أَوْ يَكُونُ مِنْ أَوَّلِ الدَّهْرِ إِلَى آخِرِهِ إِلَّا وَ قَدْ فَسَّرَهُ لِمُوسَى ع وَ مَا مِنْ نَسَمَةٍ خُلِقَتْ إِلَّا وَ قَدْ رُفِعَتْ إِلَى آدَمَ فِي عَالَمِ الذَّرِّ وَ عُرِضَتْ عَلَيْهِ وَ لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْأُمَّةُ وَ نَظَرَ إِلَيْهَا وَ إِلَى اخْتِلَافِهَا وَ تَكَالُبِهَا عَلَى هَذِهِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ فَقَالَ آدَمُ يَا رَبِّ مَا لِهَذِهِ الْأُمَّةِ الزَّكِيَّةِ وَ بَلَاءِ الدُّنْيَا وَ هُمْ أَفْضَلُ الْأُمَمِ فَقَالَ لَهُ يَا آدَمُ إِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فَاخْتَلَفَتْ قُلُوبُهُمْ وَ سَيُظْهِرُونَ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ كَفَسَادِ قَابِيلَ حِينَ قَتَلَ هَابِيلَ وَ إِنَّهُمْ يَقْتُلُونَ فَرْخَ حَبِيبِي مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى ثُمَّ مُثِّلَ لِآدَمَ ع مَقْتَلُ الْحُسَيْنِ وَ مَصْرَعُهُ وَ وُثُوبُ أُمَّةِ جَدِّهِ عَلَيْهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ فَرَآهُمْ مُسْوَدَّةً وُجُوهُهُمْ فَقَالَ يَا رَبِّ ابْسُطْ عَلَيْهِمُ الِانْتِقَامَ كَمَا قَتَلُوا فَرْخَ نَبِيِّكَ الْكَرِيمِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَ السَّلَامِ.
وَ رُوِيَ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: لَمَّا اسْتُشْهِدَ سَيِّدِي وَ مَوْلَايَ الْحُسَيْنُ ع وَ حَجَّ النَّاسُ مِنْ قَابِلٍ دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَقُلْتُ لَهُ يَا مَوْلَايَ قَدْ قَرُبَ الْحَجُّ فَمَا ذَا تَأْمُرُنِي فَقَالَ امْضِ عَلَى نِيَّتِكَ وَ حُجَّ فَحَجَجْتُ فَبَيْنَمَا أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ وَ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ مَقْطُوعِ الْيَدَيْنِ وَ وَجْهُهُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ وَ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَ هُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الْحَرَامِ اغْفِرْ لِي وَ مَا أَحْسَبُكَ تَفْعَلُ وَ لَوْ تَشَفَّعَ فِيَّ سُكَّانُ سَمَاوَاتِكَ وَ أَرْضِكَ وَ جَمِيعُ مَا خَلَقْتَ لِعِظَمِ جُرْمِي قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فَشُغِلْتُ وَ شُغِلَ النَّاسُ عَنِ الطَّوَافِ حَتَّى حَفَّ بِهِ النَّاسُ وَ اجْتَمَعْنَا عَلَيْهِ فَقُلْنَا يَا وَيْلَكَ لَوْ كُنْتَ إِبْلِيسَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَيْأَسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ فَمَنْ أَنْتَ وَ مَا ذَنْبُكَ فَبَكَى وَ قَالَ يَا قَوْمِ أَنَا أَعْرَفُ بِنَفْسِي وَ ذَنْبِي وَ مَا جَنَيْتُ فَقُلْنَا لَهُ تَذْكُرُهُ لَنَا فَقَالَ أَنَا كُنْتُ جَمَّالًا لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع لَمَّا خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْعِرَاقِ وَ كُنْتُ أَرَاهُ إِذَا أَرَادَ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ يَضَعُ سَرَاوِيلَهُ عِنْدِي فَأَرَى تِكَّةً تُغْشِي الْأَبْصَارَ بِحُسْنِ إِشْرَاقِهَا وَ كُنْتُ أَتَمَنَّاهَا تَكُونُ لِي إِلَى أَنْ صِرْنَا بِكَرْبَلَاءَ وَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ وَ هِيَ مَعَهُ فَدَفَنْتُ نَفْسِي فِي مَكَانٍ مِنَ الْأَرْضِ فَلَمَّا جَنَّ اللَّيْلُ خَرَجْتُ مِنْ مَكَانِي فَرَأَيْتُ مِنْ تِلْكَ الْمَعْرَكَةِ نُوراً لَا ظُلْمَة

316
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده ص 300

وَ نَهَاراً لَا لَيْلًا وَ الْقَتْلَى مُطْرَحِينَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَذَكَرْتُ لِخُبْثِي وَ شَقَائِي التِّكَّةَ فَقُلْتُ وَ اللَّهِ لَأَطْلُبَنَّ الْحُسَيْنَ وَ أَرْجُو أَنْ تَكُونَ التِّكَّةُ فِي سَرَاوِيلِهِ فَآخُذَهَا وَ لَمْ أَزَلْ أَنْظُرُ فِي وُجُوهِ الْقَتْلَى حَتَّى أَتَيْتُ إِلَى الْحُسَيْنِ ع فَوَجَدْتُهُ مَكْبُوباً عَلَى وَجْهِهِ وَ هُوَ جُثَّةٌ بِلَا رَأْسٍ وَ نُورُهُ مُشْرِقٌ مُرَمَّلٌ بِدِمَائِهِ وَ الرِّيَاحُ سَافِيَةٌ عَلَيْهِ فَقُلْتُ هَذَا وَ اللَّهِ الْحُسَيْنُ فَنَظَرْتُ إِلَى سَرَاوِيلِهِ كَمَا كُنْتُ أَرَاهَا فَدَنَوْتُ مِنْهُ وَ ضَرَبْتُ بِيَدِي إِلَى التِّكَّةِ لِآخُذَهَا فَإِذَا هُوَ قَدْ عَقَدَهَا عُقَداً كَثِيرَةً فَلَمْ أَزَلْ أَحُلُّهَا حَتَّى حَلَلْتُ عُقْدَةً مِنْهَا فَمَدَّ يَدَهُ الْيُمْنَى وَ قَبَضَ عَلَى التِّكَّةِ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَى أَخْذِ يَدِهِ عَنْهَا وَ لَا أَصِلُ إِلَيْهَا فَدَعَتْنِي النَّفْسُ الْمَلْعُونَةُ إِلَى أَنْ أَطْلُبَ شَيْئاً أَقْطَعُ بِهِ يَدَيْهِ فَوَجَدْتُ قِطْعَةَ سَيْفٍ مَطْرُوحٍ فَأَخَذْتُهَا وَ اتَّكَيْتُ عَلَى يَدِهِ وَ لَمْ أَزَلْ أَحُزُّهَا حَتَّى فَصَلْتُهَا عَنْ زَنْدِهِ ثُمَّ نَحَّيْتُهَا عَنِ التِّكَّةِ وَ مَدَدْتُ يَدِي إِلَى التِّكَّةِ لِأَحُلَّهَا فَمَدَّ يَدَهُ الْيُسْرَى فَقَبَضَ عَلَيْهَا فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَى أَخْذِهَا فَأَخَذْتُ قِطْعَةَ السَّيْفِ فَلَمْ أَزَلْ أَحُزُّهَا حَتَّى فَصَلْتُهَا عَنِ التِّكَّةِ وَ مَدَدْتُ يَدِي إِلَى التِّكَّةِ لِآخُذَهَا فَإِذَا الْأَرْضُ تَرْجُفُ وَ السَّمَاءُ تَهْتَزُّ وَ إِذَا بِغَلَبَةٍ عَظِيمَةٍ وَ بُكَاءٍ وَ نِدَاءٍ وَ قَائِلٍ يَقُولُ وَا ابْنَاهْ وَا مَقْتُولَاهْ وَا ذَبِيحَاهْ وَا حُسَيْنَاهْ وَا غَرِيبَاهْ يَا بُنَيَّ قَتَلُوكَ وَ مَا عَرَفُوكَ وَ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ مَنَعُوكَ فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ صَعِقْتُ وَ رَمَيْتُ نَفْسِي بَيْنَ الْقَتْلَى وَ إِذَا بِثَلَاثِ نَفَرٍ وَ امْرَأَةٍ وَ حَوْلَهُمْ خَلَائِقُ وُقُوفٌ وَ قَدِ امْتَلَأَتِ الْأَرْضُ بِصُوَرِ النَّاسِ وَ أَجْنِحَةِ الْمَلَائِكَةِ وَ إِذَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ يَقُولُ يَا ابْنَاهْ يَا حُسَيْنُ فِدَاكَ جَدُّكَ وَ أَبُوكَ وَ أَخُوكَ وَ أُمُّكَ وَ إِذَا بِالْحُسَيْنِ ع قَدْ جَلَسَ وَ رَأْسُهُ عَلَى بَدَنِهِ وَ هُوَ يَقُولُ لَبَّيْكَ يَا جَدَّاهْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ يَا أَبَتَاهْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ يَا أُمَّاهْ يَا فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ وَ يَا أَخَاهْ الْمَقْتُولَ بِالسَّمِّ عَلَيْكُمْ مِنِّي السَّلَامُ ثُمَّ إِنَّهُ بَكَى وَ قَالَ يَا جَدَّاهْ قَتَلُوا وَ اللَّهِ رِجَالَنَا يَا جَدَّاهْ سَلَبُوا وَ اللَّهِ نِسَاءَنَا يَا جَدَّاهْ نَهَبُوا وَ اللَّهِ رِحَالَنَا يَا جَدَّاهْ ذَبَحُوا وَ اللَّهِ أَطْفَالَنَا يَا جَدَّاهْ يَعَزُّ وَ اللَّهِ عَلَيْكَ أَنْ تَرَى حَالَنَا وَ مَا فَعَلَ الْكُفَّارُ بِنَا وَ إِذَا هُمْ جَلَسُوا يَبْكُونَ حَوْلَهُ عَلَى مَا أَصَابَهُ وَ فَاطِمَةُ تَقُولُ يَا أَبَاهْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ مَا تَرَى مَا فَعَلَتْ أُمَّتُكَ بِوَلَدِي أَ تَأْذَنُ لِي أَنْ آخُذَ مِنْ دَمِ شَيْبِهِ وَ أُخَضِّبَ بِهِ نَاصِيَتِي-

317
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده ص 300

وَ أَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَنَا مُخْتَضِبَةٌ بِدَمِ وَلَدِيَ الْحُسَيْنِ فَقَالَ لَهَا خُذِي وَ نَأْخُذُ يَا فَاطِمَةُ فَرَأَيْتُهُمْ يَأْخُذُونَ مِنْ دَمِ شَيْبِهِ وَ تَمْسَحُ بِهِ فَاطِمَةُ نَاصِيَتَهَا وَ النَّبِيُّ وَ عَلِيٌّ وَ الْحَسَنُ ع يَمْسَحُونَ بِهِ نُحُورَهُمْ وَ صُدُورَهُمْ وَ أَيْدِيَهُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ فَدَيْتُكَ يَا حُسَيْنُ يَعَزُّ وَ اللَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَرَاكَ مَقْطُوعَ الرَّأْسِ مُرَمَّلَ الْجَبِينَيْنِ دَامِيَ النَّحْرِ مَكْبُوباً عَلَى قَفَاكَ قَدْ كَسَاكَ الذَّارِئُ مِنَ الرُّمُولِ «1» وَ أَنْتَ طَرِيحٌ مَقْتُولٌ مَقْطُوعُ الْكَفَّيْنِ يَا بُنَيَّ مَنْ قَطَعَ يَدَكَ الْيُمْنَى وَ ثَنَّى بِالْيُسْرَى- فَقَالَ يَا جَدَّاهْ كَانَ مَعِي جَمَّالٌ مِنَ الْمَدِينَةِ وَ كَانَ يَرَانِي إِذَا وَضَعْتُ سَرَاوِيلِي لِلْوُضُوءِ فَيَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ تِكَّتِي لَهُ فَمَا مَنَعَنِي أَنْ أَدْفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَّا لِعِلْمِي أَنَّهُ صَاحِبُ هَذَا الْفِعْلِ فَلَمَّا قُتِلْتُ خَرَجَ يَطْلُبُنِي بَيْنَ الْقَتْلَى فَوَجَدَنِي جُثَّةً بِلَا رَأْسٍ فَتَفَقَّدَ سَرَاوِيلِي فَرَأَى التِّكَّةَ وَ قَدْ كُنْتُ عَقَدْتُهَا عُقَداً كَثِيرَةً فَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى التِّكَّةِ فَحَلَّ عُقْدَةً مِنْهَا فَمَدَدْتُ يَدِيَ الْيُمْنَى فَقَبَضْتُ عَلَى التِّكَّةِ فَطَلَبَ فِي الْمَعْرَكَةِ فَوَجَدَ قِطْعَةَ سَيْفٍ مَكْسُورٍ فَقَطَعَ بِهِ يَمِينِي ثُمَّ حَلَّ عُقْدَةً أُخْرَى فَقَبَضْتُ عَلَى التِّكَّةِ بِيَدِيَ الْيُسْرَى كَيْ لَا يَحُلَّهَا فَتَنْكَشِفُ عَوْرَتِي فَحَزَّ يَدِيَ الْيُسْرَى فَلَمَّا أَرَادَ حَلَّ التِّكَّةِ حَسَّ بِكَ فَرَمَى نَفْسَهُ بَيْنَ الْقَتْلَى فَلَمَّا سَمِعَ النَّبِيُّ كَلَامَ الْحُسَيْنِ بَكَى بُكَاءً شَدِيداً وَ أَتَى إِلَيَّ بَيْنَ الْقَتْلَى إِلَى أَنْ وَقَفَ نَحْوِي فَقَالَ مَا لِي وَ مَا لَكَ يَا جَمَّالُ تَقْطَعُ يَدَيْنِ طَالَ مَا قَبَّلَهُمَا جَبْرَئِيلُ وَ مَلَائِكَةُ اللَّهِ أَجْمَعُونَ وَ تَبَارَكَتْ بِهَا أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ أَ مَا كَفَاكَ مَا صَنَعَ بِهِ الْمَلاعِينُ مِنَ الذُّلِّ وَ الْهَوَانِ هَتَكُوا نِسَاءَهُ مِنْ بَعْدِ الْخُدُورِ وَ انْسِدَالِ السُّتُورِ سَوَّدَ اللَّهُ وَجْهَكَ يَا جَمَّالُ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ قَطَعَ اللَّهُ يَدَيْكَ وَ رِجْلَيْكَ وَ جَعَلَكَ فِي حِزْبِ مَنْ سَفَكَ دِمَاءَنَا وَ تَجَرَّأَ عَلَى اللَّهِ فَمَا اسْتَتَمَّ دُعَاءَهُ حَتَّى شُلَّتْ يَدَايَ وَ حَسِسْتُ بِوَجْهِي كَأَنَّهُ أُلْبِسَ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً وَ بَقِيتُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ فَجِئْتُ إِلَى هَذَا الْبَيْتِ أَسْتَشْفِعُ وَ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُغْفَرُ لِي أَبَداً
__________________________________________________
 (1) جمع الرمل على الرمول على غير قياس.

318
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده ص 300

فَلَمْ يَبْقَ فِي مَكَّةَ أَحَدٌ إِلَّا وَ سَمِعَ حَدِيثَهُ وَ تَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ بِلَعْنَتِهِ وَ كُلٌّ يَقُولُ حَسْبُكَ مَا جَنَيْتَ يَا لَعِينُ- وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ.
وَ قَالَ حُكِيَ عَنْ رَجُلٍ كُوفِيٍّ حَدَّادٍ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ الْعَسْكَرُ مِنَ الْكُوفَةِ لِحَرْبِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ جَمَعْتُ حَدِيداً عِنْدِي وَ أَخَذْتُ آلَتِي وَ سِرْتُ مَعَهُمْ فَلَمَّا وَصَلُوا وَ طَنَّبُوا خِيَمَهُمْ بَنَيْتُ خَيْمَةً وَ صِرْتُ أَعْمَلُ أَوْتَاداً لِلْخِيَمِ وَ سِكَكاً وَ مَرَابِطَ لِلْخَيْلِ وَ أَسِنَّةً لِلرِّمَاحِ وَ مَا اعْوَجَّ مِنْ سِنَانٍ أَوْ خَنْجَرٍ أَوْ سَيْفٍ كُنْتُ بِكُلِّ ذَلِكَ بَصِيراً فَصَارَ رِزْقِي كَثِيراً وَ شَاعَ ذِكْرِي بَيْنَهُمْ حَتَّى أَتَى الْحُسَيْنُ مَعَ عَسْكَرِهِ فَارْتَحَلْنَا إِلَى كَرْبَلَاءَ وَ خَيَّمْنَا عَلَى شَاطِئِ الْعَلْقَمِيِّ وَ قَامَ الْقِتَالُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَ حَمَوْا الْمَاءَ عَلَيْهِ وَ قَتَلُوهُ وَ أَنْصَارَهُ وَ بَنِيهِ وَ كَانَ مُدَّةُ إِقَامَتِنَا وَ ارْتِحَالِنَا تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْماً فَرَجَعْتُ غَنِيّاً إِلَى مَنْزِلِي وَ السَّبَايَا مَعَنَا فَعَرَضْتُ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ فَأَمَرَ أَنْ يَشْهَرُوهُمْ إِلَى يَزِيدَ إِلَى الشَّامِ فَلَبِثْتُ فِي مَنْزِلِي أَيَّاماً قَلَائِلَ وَ إِذَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ رَاقِدٌ عَلَى فِرَاشِي فَرَأَيْتُ طَيْفاً كَأَنَّ الْقِيَامَةَ قَامَتْ وَ النَّاسُ يَمُوجُونَ عَلَى الْأَرْضِ كَالْجَرَادِ إِذَا فَقَدَتْ دَلِيلَهَا وَ كُلُّهُمْ دَالِعٌ لِسَانَهُ عَلَى صَدْرِهِ مِنْ شِدَّةِ الظَّمَاءِ وَ أَنَا أَعْتَقِدُ بِأَنَّ مَا فِيهِمْ أَعْظَمَ مِنِّي عَطَشاً لِأَنَّهُ كَلَّ سَمْعِي وَ بَصَرِي مِنْ شِدَّتِهِ هَذَا غَيْرَ حَرَارَةِ الشَّمْسِ يَغْلِي مِنْهَا دِمَاغِي وَ الْأَرْضُ تَغْلِي كَأَنَّهَا الْقِيرُ إِذَا أُشْعِلَ تَحْتَهُ نَارٌ فَخِلْتُ أَنَّ رِجْلَيَّ قَدْ تَقَلَّعَتْ قَدَمَاهَا فَوَ اللَّهِ الْعَظِيمِ لَوْ أَنِّي خُيِّرْتُ بَيْنَ عَطَشِي وَ تَقْطِيعِ لَحْمِي حَتَّى يَسِيلَ دَمِي لِأَشْرَبَهُ لَرَأَيْتُ شُرْبَهُ خَيْراً مِنْ عَطَشِي فَبَيْنَا أَنَا فِي الْعَذَابِ الْأَلِيمِ وَ الْبَلَاءِ الْعَمِيمِ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ قَدْ عَمَّ الْمَوْقِفَ نُورُهُ وَ ابْتَهَجَ الْكَوْنُ بِسُرُورِهِ رَاكِبٌ عَلَى فَرَسٍ وَ هُوَ ذُو شَيْبَةٍ قَدْ حَفَّتْ بِهِ أُلُوفٌ مِنْ كُلِّ نَبِيٍّ وَ وَصِيٍّ وَ صِدِّيقٍ وَ شَهِيدٍ وَ صَالِحٍ فَمَرَّ كَأَنَّهُ رِيحٌ أَوْ سَيَرَانُ فَلَكٍ فَمَرَّتْ سَاعَةً وَ إِذَا أَنَا بِفَارِسٍ عَلَى جَوَادٍ أَغَرَّ لَهُ وَجْهٌ كَتَمَامِ الْقَمَرِ تَحْتَ رِكَابِهِ أُلُوفٌ إِنْ أَمَرَ ائْتَمَرُوا وَ إِنْ زَجَرَ انْزَجَرُوا فَاقْشَعَرَّتِ الْأَجْسَامُ مِنْ لَفْتَاتِهِ وَ ارْتَعَدَتِ الْفَرَائِصُ مِنْ خَطَرَاتِهِ فَتَأَسَّفْتُ عَلَى الْأَوَّلِ مَا سَأَلْتُ عَنْهُ خِيفَةً مِنْ هَذَا وَ إِذَا بِهِ قَدْ قَامَ فِي رِكَابِهِ وَ أَشَارَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَ سَمِعْتُ قَوْلَهُ خُذُوهُ وَ إِذَا بِأَحَدِهِمْ قَاهِرٌ بِعَضُدِي-

319
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده ص 300

كَلْبَةَ حَدِيدٍ خَارِجَةً مِنَ النَّارِ فَمَضَى بِي إِلَيْهِ فَخِلْتُ كَتِفِيَ الْيُمْنَى قَدِ انْقَلَعَتْ فَسَأَلْتُهُ الْخِفَّةَ فَزَادَنِي ثِقْلًا فَقُلْتُ لَهُ سَأَلْتُكَ بِمَنْ أَمَّرَكَ عَلَيَّ مَنْ تَكُونُ قَالَ مَلَكٌ مِنْ مَلَائِكَةِ الْجَبَّارِ قُلْتُ وَ مَنْ هَذَا قَالَ عَلِيٌّ الْكَرَّارُ قُلْتُ وَ الَّذِي قَبْلَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ الْمُخْتَارُ قُلْتُ وَ الَّذِي حَوْلَهُ قَالَ النَّبِيُّونَ وَ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَدَاءُ وَ الصَّالِحُونَ وَ الْمُؤْمِنُونَ قُلْتُ أَنَا مَا فَعَلْتُ حَتَّى أَمَّرَكَ عَلَيَّ قَالَ إِلَيْهِ يَرْجِعُ الْأَمْرُ وَ حَالُكَ حَالُ هَؤُلَاءِ فَحَقَّقْتُ النَّظَرَ وَ إِذَا بِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ أَمِيرِ الْعَسْكَرِ وَ قَوْمٍ لَمْ أَعْرِفْهُمْ وَ إِذَا بِعُنُقِهِ سِلْسِلَةٌ مِنْ حَدِيدٍ وَ النَّارُ خَارِجَةٌ مِنْ عَيْنَيْهِ وَ أُذُنَيْهِ فَأَيْقَنْتُ بِالْهَلَاكِ وَ بَاقِي الْقَوْمِ مِنْهُمْ مُغَلَّلٌ وَ مِنْهُمْ مُقَيَّدٌ وَ مِنْهُمْ مَقْهُورٌ بِعَضُدِهِ مِثْلِي فَبَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ وَ إِذَا بِرَسُولِ اللَّهِ ص الَّذِي وَصَفَهُ الْمَلَكُ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ عَالٍ يَزْهُو أَظُنُّهُ مِنَ اللُّؤْلُؤِ وَ رَجُلَيْنِ ذِي شَيْبَتَيْنِ بَهِيَّتَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ فَسَأَلْتُ الْمَلَكَ عَنْهُمَا فَقَالَ نُوحٌ وَ إِبْرَاهِيمُ وَ إِذَا بِرَسُولِ اللَّهِ ص يَقُولُ مَا صَنَعْتَ يَا عَلِيُّ قَالَ مَا تَرَكْتُ أَحَداً مِنْ قَاتِلِي الْحُسَيْنِ إِلَّا وَ أَتَيْتُ بِهِ فَحَمِدْتُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى أَنِّي لَمْ أَكُنْ مِنْهُمْ وَ رُدَّ إِلَيَّ عَقْلِي وَ إِذَا بِرَسُولِ اللَّهِ ص يَقُولُ قَدِّمُوهُمْ فَقَدَّمُوهُمْ إِلَيْهِ وَ جَعَلَ يَسْأَلُهُمْ وَ يَبْكِي وَ يَبْكِي كُلُّ مَنْ فِي الْمَوْقِفِ لِبُكَائِهِ لِأَنَّهُ يَقُولُ لِلرَّجُلِ مَا صَنَعْتَ بِطَفِّ كَرْبَلَاءَ بِوَلَدِيَ الْحُسَيْنِ فَيُجِيبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا حَمَيْتُ الْمَاءَ عَنْهُ وَ هَذَا يَقُولُ أَنَا قَتَلْتُهُ وَ هَذَا يَقُولُ أَنَا وَطِئْتُ صَدْرَهُ بِفَرَسِي وَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَنَا ضَرَبْتُ وَلَدَهُ الْعَلِيلَ فَصَاحَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَا وَلَدَاهْ وَا قِلَّةَ نَاصِرَاهْ وَا حُسَيْنَاهْ وَا عَلِيَّاهْ هَكَذَا جَرَى عَلَيْكُمْ بَعْدِي أَهْلَ بَيْتِي انْظُرْ يَا أَبِي آدَمُ انْظُرْ يَا أَخِي نُوحُ كَيْفَ خَلَفُونِي فِي ذُرِّيَّتِي فَبَكَوْا حَتَّى ارْتَجَّ الْمَحْشَرُ فَأَمَرَ بِهِمْ زَبَانِيَةَ جَهَنَّمَ يَجُرُّونَهُمْ أَوَّلًا فَأَوَّلًا إِلَى النَّارِ وَ إِذَا بِهِمْ قَدْ أَتَوْا بِرَجُلٍ فَسَأَلَهُ فَقَالَ مَا صَنَعْتُ شَيْئاً فَقَالَ أَ مَا كُنْتَ نَجَّاراً قَالَ صَدَقْتَ يَا سَيِّدِي لَكِنِّي مَا عَمِلْتُ شَيْئاً إِلَّا عَمُودَ الْخَيْمَةِ لِحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ لِأَنَّهُ انْكَسَرَ مِنْ رِيحٍ عَاصِفٍ فَوَصَلْتُهُ فَبَكَى وَ قَالَ كَثَّرْتَ السَّوَادَ عَلَى وَلَدِي خُذُوهُ إِلَى النَّارِ وَ صَاحُوا لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ وَصِيِّهِ-

320
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده ص 300

قَالَ الْحَدَّادُ فَأَيْقَنْتُ بِالْهَلَاكِ فَأَمَرَ بِي فَقَدَّمُونِي فَاسْتَخْبَرَنِي فَأَخْبَرْتُهُ فَأَمَرَ بِي إِلَى النَّارِ فَمَا سَحَبُونِي إِلَّا وَ انْتَبَهْتُ وَ حَكَيْتُ لِكُلِّ مَنْ لَقِيتُهُ وَ قَدْ يَبِسَ لِسَانُهُ وَ مَاتَ نِصْفُهُ وَ تَبَرَّأَ مِنْهُ كُلُّ مَنْ يُحِبُّهُ وَ مَاتَ فَقِيراً لَا رَحِمَهُ اللَّهُ- وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ.
قَالَ وَ حُكِيَ عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: أَضَافَنِي رَجُلٌ فِي لَيْلَةٍ كُنْتُ أُحِبُّ الْجَلِيسَ فَرَحَّبْتُ بِهِ وَ قَرَّبْتُهُ وَ أَكْرَمْتُهُ وَ جَلَسْنَا نَتَسَامَرُ وَ إِذَا بِهِ يَنْطَلِقُ بِالْكَلَامِ كَالسَّيْلِ إِذَا قَصَدَ الْحَضِيضَ فَطَرَقْتُ لَهُ فَانْتَهَى فِي سَمَرِهِ طَفَّ كَرْبَلَاءَ وَ كَانَ قَرِيبَ الْعَهْدِ مِنْ قَتْلِ الْحُسَيْنِ ع فَتَأَوَّهْتُ الصُّعَدَاءَ وَ تَزَفَّرْتُ كَمَلًا فَقَالَ مَا بَالُكَ قُلْتُ ذَكَرْتَ مُصَاباً يَهُونُ عِنْدَهُ كُلُّ مُصَابٍ قَالَ أَ مَا كُنْتَ حَاضِراً يَوْمَ الطَّفِّ قُلْتُ لَا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ أَرَاكَ تَحْمَدُ عَلَى أَيِّ شَيْ‏ءٍ قُلْتُ عَلَى الْخَلَاصِ مِنْ دَمِ الْحُسَيْنِ ع لِأَنَّ جَدَّهُ ص قَالَ إِنَّ مَنْ طُولِبَ بِدَمِ وَلَدِيَ الْحُسَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَخَفِيفُ الْمِيزَانِ قَالَ قَالَ هَكَذَا جَدُّهُ قُلْتُ نَعَمْ وَ قَالَ ص وَلَدِيَ الْحُسَيْنُ يُقْتَلُ ظُلْماً وَ عُدْوَاناً أَلَا وَ مَنْ قَتَلَهُ يُدْخَلُ فِي تَابُوتٍ مِنْ نَارٍ وَ يُعَذَّبُ بِعَذَابِ نِصْفِ أَهْلِ النَّارِ وَ قَدْ غُلَّتْ يَدَاهُ وَ رِجْلَاهُ وَ لَهُ رَائِحَةٌ يَتَعَوَّذُ أَهْلُ النَّارِ مِنْهَا هُوَ وَ مَنْ شَايَعَ وَ بَايَعَ أَوْ رَضِيَ بِذَلِكَ- كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بُدِّلُوا بِجُلُودٍ غَيْرِهَا- لِيَذُوقُوا الْعَذابَ لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ سَاعَةً وَ يُسْقَوْنَ مِنْ حَمِيمِ جَهَنَّمَ فَالْوَيْلُ لَهُمْ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ قَالَ لَا تُصَدِّقْ هَذَا الْكَلَامَ يَا أَخِي قُلْتُ كَيْفَ هَذَا وَ قَدْ قَالَ ص- لَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ قَالَ تُرَى قَالُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ قَاتِلُ وَلَدِيَ الْحُسَيْنِ لَا يَطُولُ عُمُرُهُ وَ هَا أَنَا وَ حَقِّكَ قَدْ تَجَاوَزْتُ التِّسْعِينَ مَعَ أَنَّكَ مَا تَعْرِفُنِي قُلْتُ لَا وَ اللَّهِ قَالَ أَنَا الْأَخْنَسُ بْنُ زَيْدٍ قُلْتُ وَ مَا صَنَعْتَ يَوْمَ الطَّفِّ قَالَ أَنَا الَّذِي أُمِّرْتُ عَلَى الْخَيْلِ الَّذِينَ أَمَرَهُمْ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ بِوَطْيِ جِسْمِ الْحُسَيْنِ بِسَنَابِكِ الْخَيْلِ وَ هَشَّمْتُ أَضْلَاعَهُ وَ جَرَرْتُ نَطْعاً مِنْ تَحْتِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ هُوَ عَلِيلٌ حَتَّى كَبَبْتُهُ عَلَى وَجْهِهِ وَ خَرَمْتُ أُذُنَيْ صَفِيَّةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ لِقُرْطَيْنِ كَانَا فِي أُذُنَيْهَا-

321
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده ص 300

قَالَ السُّدِّيُّ فَبَكَى قَلْبِي هُجُوعا وَ عَيْنَايَ دُمُوعاً وَ خَرَجْتُ أُعَالِجُ عَلَى إِهْلَاكِهِ وَ إِذَا بِالسِّرَاجِ قَدْ ضَعُفَتْ فَقُمْتُ أُزْهِرُهَا فَقَالَ اجْلِسْ وَ هُوَ يَحْكِي مُتَعَجِّباً مِنْ نَفْسِهِ وَ سَلَامَتِهِ وَ مَدَّ إِصْبَعَهُ لِيُزْهِرَهَا فَاشْتَعَلَتْ بِهِ فَفَرَكَهَا فِي التُّرَابِ فَلَمْ تَنْطَفِ فَصَاحَ بِي أَدْرِكْنِي يَا أَخِي فَكَبَبْتُ الشَّرْبَةَ عَلَيْهَا وَ أَنَا غَيْرُ مُحِبٍّ لِذَلِكَ فَلَمَّا شَمَّتِ النَّارُ رَائِحَةَ الْمَاءِ ازْدَادَتْ قُوَّةً وَ صَاحَ بِي مَا هَذِهِ النَّارُ وَ مَا يُطْفِئُهَا قُلْتُ أَلْقِ نَفْسَكَ فِي النَّهَرِ فَرَمَى بِنَفْسِهِ فَكُلَّمَا رَكَسَ جِسْمُهُ فِي الْمَاءِ اشْتَعَلَتْ فِي جَمِيعِ بَدَنِهِ* كَالْخَشَبَةِ الْبَالِيَةِ فِي الرِّيحٍ الْبَارِحِ هَذَا وَ أَنَا أَنْظُرُهُ فَوَ اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَمْ تُطْفَأْ حَتَّى صَارَ فَحْماً وَ سَارَ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ- أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ- وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ.
أَقُولُ وَ رَوَى ابْنُ شِيرَوَيْهِ فِي الْفِرْدَوْسِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ: قَالَ لِي جَبْرَئِيلُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَتَلْتُ بِدَمِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا سَبْعِينَ أَلْفاً وَ إِنِّي أَقْتُلُ بِدَمِ ابْنِكَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ سَبْعِينَ أَلْفاً وَ سَبْعِينَ أَلْفاً.
وَ عَنْ عَلِيٍّ ع عَنْهُ ص قَالَ: قَاتِلُ الْحُسَيْنِ فِي تَابُوتٍ مِنْ نَارٍ عَلَيْهِ نِصْفُ عَذَابِ أَهْلِ الدُّنْيَا.
16- ما، الأمالي للشيخ الطوسي أَحْمَدُ بْنُ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ نَاصِحٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قُرَيْبَةَ جَارِيَةٍ لَهُمْ قَالَتْ كَانَ عِنْدَنَا رَجُلٌ خَرَجَ عَلَى الْحُسَيْنِ ع ثُمَّ جَاءَ بِجَمَلٍ وَ زَعْفَرَانٍ قَالَتْ فَلَمَّا دَقُّوا الزَّعْفَرَانَ صَارَ نَاراً قَالَتْ فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تَأْخُذُ مِنْهُ الشَّيْ‏ءَ فَتَلْطَخُهُ عَلَى يَدِهَا فَيَصِيرُ مِنْهُ بَرَصٌ قَالَتْ وَ نَحَرُوا الْبَعِيرَ فَلَمَّا جَزُّوا بِالسِّكِّينِ صَارَ مَكَانُهَا نَاراً قَالَتْ فَجَعَلُوا يَسْلَخُونَهُ فَيَصِيرُ مَكَانَهُ نَاراً قَالَتْ فَقَطَّعُوهُ فَخَرَجَ مِنْهُ النَّارُ قَالَتْ فَطَبَخُوهُ فَكُلَّمَا أَوْقَدُوا النَّارَ فَارَتِ الْقِدْرُ نَاراً قَالَتْ فَجَعَلُوهُ فِي الْجَفْنَةِ فَصَارَ نَاراً قَالَتْ وَ كُنْتُ صَبِيَّةً يَوْمَئِذٍ فَأَخَذْتُ عَظْماً مِنْهُ فَطَيَّنْتُ عَلَيْهِ فَوَجَدْتُهُ بَعْدَ زَمَانٍ فَلَمَّا حَزَزْنَاهُ بِالسِّكِّينِ صَارَ مَكَانُهُ نَاراً فَعَرَفْنَا أَنَّهُ ذَلِكَ الْعَظْمُ فَدَفَنَّاهُ.
- 17- ما، الأمالي للشيخ الطوسي بِالْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ عَطِيَّةَ قَالَ سَمِعْتُ جَدِّي أَبَا أُمِّي بَزِيعاً قَالَ:

322
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 46 ما عجل الله به قتلة الحسين صلوات الله عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده ص 300

كُنَّا نَمُرُّ وَ نَحْنُ غِلْمَانٌ زَمَنَ خَالِدٍ عَلَى رَجُلٍ فِي الطَّرِيقِ جَالِسٍ أَبْيَضِ الْجَسَدِ أَسْوَدِ الْوَجْهِ وَ كَانَ النَّاسُ يَقُولُونَ خَرَجَ عَلَى الْحُسَيْنِ ع.
باب 47 أحوال عشائره و أهل زمانه صلوات الله عليه و ما جرى بينهم و بين يزيد من الاحتجاج و قد مضى أكثرها في الأبواب السابقة و سيأتي بعضها
1- رُوِيَ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْمَنَاقِبِ الْقَدِيمَةِ «1» عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْعَاصِمِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَيْهَقِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيِّ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ الضَّحَّاكِ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع أَتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَدَعَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِلَى بَيْعَتِهِ فَامْتَنَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ ظَنَّ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَلَيْهِمَا اللَّعْنَةُ أَنَّ امْتِنَاعَ ابْنِ عَبَّاسٍ تَمَسُّكاً مِنْهُ بِبَيْعَتِهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الْمُلْحِدَ ابْنَ الزُّبَيْرِ دَعَاكَ إِلَى بَيْعَتِهِ وَ الدُّخُولِ فِي طَاعَتِهِ لِتَكُونَ لَهُ عَلَى الْبَاطِلِ ظَهِيراً وَ فِي الْمَأْثَمِ شَرِيكاً وَ أَنَّكَ اعْتَصَمْتَ بِبَيْعَتِنَا وَفَاءً مِنْكَ لَنَا وَ طَاعَةً لِلَّهِ لِمَا عَرَّفَكَ مِنْ حَقِّنَا فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنْ ذِي رَحِمٍ خَيْرَ مَا يَجْزِي الْوَاصِلِينَ بِأَرْحَامِهِمْ الْمُوفِينَ بِعُهُودِهِمْ فَمَا أَنْسَى مِنَ الْأَشْيَاءِ فَلَسْتُ بِنَاسٍ بِرَّكَ وَ تَعْجِيلَ صِلَتِكَ بِالَّذِي أَنْتَ لَهُ أَهْلٌ مِنَ الْقَرَابَةِ مِنَ الرَّسُولِ فَانْظُرْ مَنْ طَلَعَ عَلَيْكَ مِنَ الْآفَاقِ مِمَّنْ سَحَرَهُمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِلِسَانِهِ وَ زُخْرُفِ قَوْلِهِ فَأَعْلِمْهُمْ بِرَأْيِكَ فَإِنَّهُمْ مِنْكَ أَسْمَعُ وَ لَكَ أَطْوَعُ لِلْمُحِلِّ لِلْحُرَمِ الْمَارِقِ-
__________________________________________________
 (1) قال سبط ابن الجوزى: فى التذكرة ص 155: ذكر الواقدى و هشام و ابن إسحاق و غيرهم قالوا لما قتل الحسين، و ذكر القصة بغير هذا اللفظ.

323
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 47 أحوال عشائره و أهل زمانه صلوات الله عليه و ما جرى بينهم و بين يزيد من الاحتجاج و قد مضى أكثرها في الأبواب السابقة و سيأتي بعضها ص 323

فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ جَاءَنِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ دُعَاءَ ابْنِ الزُّبَيْرِ إِيَّايَ إِلَى بَيْعَتِهِ وَ الدُّخُولِ فِي طَاعَتِهِ فَإِنْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَإِنِّي وَ اللَّهِ مَا أَرْجُو بِذَلِكَ بِرَّكَ وَ لَا حَمْدَكَ وَ لَكِنَّ اللَّهَ بِالَّذِي أَنْوِي بِهِ عَلِيمٌ وَ زَعَمْتَ أَنَّكَ غَيْرُ نَاسٍ بِرِّي وَ تَعْجِيلَ صِلَتِي فَاحْبِسْ أَيُّهَا الْإِنْسَانُ بِرَّكَ وَ تَعْجِيلَ صِلَتِكَ فَإِنِّي حَابِسٌ عَنْكَ وُدِّي فَلَعَمْرِي مَا تُؤْتِينَا مِمَّا لَنَا قِبَلَكَ مِنْ حَقِّنَا إِلَّا الْيَسِيرَ وَ إِنَّكَ لَتَحْبِسُ عَنَّا مِنْهُ الْعَرِيضَ الطَّوِيلَ وَ سَأَلْتَ أَنْ أَحُثَّ النَّاسَ إِلَيْكَ وَ أَنْ أُخَذِّلَهُمْ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَلَا وَلَاءً وَ لَا سُرُوراً وَ لَا حِبَاءً إِنَّكَ تَسْأَلُنِي نُصْرَتَكَ وَ تَحُثُّنِي عَلَى وُدِّكَ وَ قَدْ قَتَلْتَ حُسَيْناً وَ فِتْيَانَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَصَابِيحَ الْهُدَى وَ نُجُومَ الْأَعْلَامِ غَادَرَتْهُمْ خُيُولُكَ بِأَمْرِكَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ مُرَمَّلِينَ بِالدِّمَاءِ مَسْلُوبِينَ بِالْعَرَاءِ- لَا مُكَفَّنِينَ وَ لَا مُوَسَّدِينَ تَسْفِي عَلَيْهِمُ الرِّيَاحُ وَ تَنْتَابُهُمْ عُرْجُ الضِّبَاعِ حَتَّى أَتَاحَ اللَّهُ بِقَوْمٍ لَمْ يَشْرَكُوا فِي دِمَائِهِمْ كَفَّنُوهُمْ وَ أَجَنُّوهُمْ وَ جَلَسْتَ مَجْلِسَكَ الَّذِي جَلَسْتَ فَمَا أَنْسَى مِنَ الْأَشْيَاءِ فَلَسْتُ بِنَاسٍ إِطْرَادَكَ حُسَيْناً مِنْ حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى حَرَمِ اللَّهِ وَ تَسْيِيرَكَ إِلَيْهِ الرِّجَالَ لِتَقْتُلَهُ [فِي‏] الْحَرَمِ فَمَا زِلْتَ في بِذَلِكَ وَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَشْخَصْتَهُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْعِرَاقِ فَخَرَجَ خائِفاً يَتَرَقَّبُ* فَزَلْزَلْتَ بِهِ خَيْلَكَ عَدَاوَةً مِنْكَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً أُولَئِكَ لَا كَآبَائِكَ الْجِلَافِ الْجُفَاةِ أَكْبَادِ الْإِبِلِ وَ الْحَمِيرِ فَطَلَبَ إِلَيْكُمُ الْمُوَادَعَةَ وَ سَأَلَكُمُ الرَّجْعَةَ فَاغْتَنَمْتُمْ قِلَّةَ أَنْصَارِهِ وَ اسْتِئْصَالَ أَهْلِ بَيْتِهِ تَعَاوَنْتُمْ عَلَيْهِ كَأَنَّكُمْ قَتَلْتُمْ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ التُّرْكِ فَلَا شَيْ‏ءَ أَعْجَبَ عِنْدِي مِنْ طَلِبَتِكَ وُدِّي وَ قَدْ قَتَلْتَ وُلْدَ أَبِي وَ سَيْفُكَ يَقْطُرُ مِنْ دَمِي وَ أَنْتَ أَحَدُ ثَأْرِي فَإِنْ شَاءَ اللَّهُ- لَا يَبْطُلُ لَدَيْكَ دَمِي وَ لَا تَسْبِقْنِي بِثَأْرِي وَ إِنْ سَبَقْتَنِي فِي الدُّنْيَا فَقَبْلَ ذَلِكَ مَا قُتِلَ النَّبِيُّونَ وَ آلُ النَّبِيِّينَ فَيَطْلُبُ اللَّهُ بِدِمَائِهِمْ فَكَفَى بِاللَّهِ لِلْمَظْلُومِينَ نَاصِراً وَ مِنَ الظَّالِمِينَ مُنْتَقِماً فَلَا يُعْجِبْكَ إِنْ ظَفِرْتَ بِنَا الْيَوْمَ فَلَنَظْفَرَنَّ بِكَ يَوْماً وَ ذَكَرْتَ وَفَائِي وَ مَا عَرَّفْتَنِي مِنْ حَقِّكَ فَإِنْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَقَدْ وَ اللَّهِ بَايَعْتُكَ وَ مَنْ قَبْلَكَ وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنِّي وَ وَلَدُ أَبِي أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكَ وَ لَكِنَّكُمْ مَعْشَر

324
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 47 أحوال عشائره و أهل زمانه صلوات الله عليه و ما جرى بينهم و بين يزيد من الاحتجاج و قد مضى أكثرها في الأبواب السابقة و سيأتي بعضها ص 323

قُرَيْشٍ كَابَرْتُمُونَا حَتَّى دَفَعْتُمُونَا عَنْ حَقِّنَا وَ وَلِيتُمُ الْأَمْرَ دُونَنَا فَبُعْداً لِمَنْ تَحَرَّى ظُلْمَنَا وَ اسْتَغْوَى السُّفَهَاءَ عَلَيْنَا- كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ وَ قَوْمُ لُوطٍ وَ أَصْحَابُ مَدْيَنَ أَلَا وَ إِنَّ مِنْ أَعْجَبِ الْأَعَاجِيبِ وَ مَا عَسَى أَنْ أَعْجَبَ حَمْلُكَ بَنَاتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ أَطْفَالًا صِغَاراً مِنْ وُلْدِهِ إِلَيْكَ بِالشَّامِ كَالسَّبْيِ الْمَجْلُوبِينَ تُرِي النَّاسَ أَنَّكَ قَهَرْتَنَا وَ أَنْتَ تَمُنُّ عَلَيْنَا وَ بِنَا مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ وَ لَعَمْرُ اللَّهِ فَلَئِنْ كُنْتَ تُصْبِحُ آمِناً مِنْ جِرَاحَةِ يَدِي إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يُعَظِّمَ اللَّهُ جُرْحَكَ مِنْ لِسَانِي وَ نَقْضِي وَ إِبْرَامِي وَ اللَّهِ مَا أَنَا بِآيِسٍ مِنْ بَعْدِ قَتْلِكَ وُلْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص أَنْ يَأْخُذَكَ أَخْذاً أَلِيماً وَ يُخْرِجَكَ مِنَ الدُّنْيَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً فَعِشْ لَا أَبَا لَكَ مَا اسْتَطَعْتَ فَقَدْ وَ اللَّهِ ازْدَدْتَ عِنْدَ اللَّهِ أَضْعَافاً وَ اقْتَرَفْتَ مَأْثَماً- وَ السَّلامُ عَلى‏ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى‏.
ذِكْرُ كِتَابِ يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَ مَصِيرِهِ إِلَيْهِ وَ أَخْذِ جَائِزَتِهِ كَتَبَ يَزِيدُ لَعَنَهُ اللَّهُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ بِالْمَدِينَةِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَ لَكَ عَمَلًا صَالِحاً يَرْضَى بِهِ عَنَّا فَإِنِّي مَا أَعْرِفُ الْيَوْمَ فِي بَنِي هَاشِمٍ رَجُلًا هُوَ أَرْجَحُ مِنْكَ حِلْماً وَ عِلْماً وَ لَا أَحْضَرُ فَهْماً وَ حُكْماً وَ لَا أَبْعَدُ مِنْ كُلِّ سَفَهٍ وَ دَنَسٍ وَ طَيْشٍ وَ لَيْسَ مَنْ يَتَخَلَّقُ بِالْخَيْرِ تَخَلُّقاً وَ يَنْتَحِلُ الْفَضْلَ تَنَحُّلًا كَمَنْ جَبَلَهُ اللَّهُ عَلَى الْخَيْرِ جَبْلًا وَ قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ مِنْكَ قَدِيماً وَ حَدِيثاً شَاهِداً وَ غَائِباً غَيْرَ أَنِّي قَدْ أَحْبَبْتُ زِيَارَتَكَ وَ الْأَخْذَ بِالْحَظِّ مِنْ رُؤْيَتِكَ فَإِذَا نَظَرْتَ فِي كِتَابِي هَذَا فَأَقْبِلْ إِلَيَّ آمِناً مُطْمَئِنّاً أَرْشَدَكَ اللَّهُ أَمْرَكَ وَ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ وَ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ قَالَ فَلَمَّا وَرَدَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَ قَرَأَهُ أَقْبَلَ عَلَى ابْنَيْهِ جَعْفَرٍ وَ عَبْدِ اللَّهِ أَبِي هَاشِمٍ فَاسْتَشَارَهُمَا فِي ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ يَا أَبَهْ اتَّقِ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ وَ لَا تَصِرْ إِلَيْهِ فَإِنِّي خَائِفٌ أَنْ يُلْحِقَكَ بِأَخِيكَ الْحُسَيْنِ وَ لَا يُبَالِيَ فَقَالَ مُحَمَّدٌ يَا بُنَيَّ وَ لَكِنِّي لَا أَخَافُ ذَلِكَ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ جَعْفَرٌ يَا أَبَهْ إِنَّهُ قَدْ أَلْطَفَكَ فِي كِتَابِهِ إِلَيْكَ وَ لَا أَظُنُّهُ يَكْتُبُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ قُرَيْشٍ بِأَنْ أَرْشَدَكَ اللَّهُ أَمْرَكَ وَ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ وَ أَنَا أَرْجُو أَنْ يَكُفَّ اللَّهُ شَرَّهُ عَنْكَ قَالَ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ يَا بُنَيَّ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ الَّذِي يُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَ كَفى‏ بِاللَّهِ وَكِيلًا-

325
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 47 أحوال عشائره و أهل زمانه صلوات الله عليه و ما جرى بينهم و بين يزيد من الاحتجاج و قد مضى أكثرها في الأبواب السابقة و سيأتي بعضها ص 323

قَالَ ثُمَّ تَجَهَّزَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَ سَارَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ أَذِنَ لَهُ وَ قَرَّبَهُ وَ أَدْنَاهُ وَ أَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ فَقَالَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ آجَرَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكَ فِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ فَوَ اللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَقَصَكَ فَقَدْ نَقَصَنِي وَ لَئِنْ كَانَ أَوْجَعَكَ فَقَدْ أَوْجَعَنِي وَ لَوْ كُنْتُ أَنَا الْمُتَوَلِّيَ لِحَرْبِهِ لَمَا قَتَلْتُهُ وَ لَدَفَعْتُ عَنْهُ الْقَتْلَ وَ لَوْ بِحَزِّ أَصَابِعِي وَ ذَهَابِ بَصَرِي وَ لَفَدَيْتُهُ بِجَمِيعِ مَا مَلَكَتْ يَدِي وَ إِنْ كَانَ قَدْ ظَلَمَنِي وَ قَطَعَ رَحِمِي وَ نَازَعَنِي حَقِّي وَ لَكِنْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ لَمْ يَعْلَمْ رَأْيِي فِي ذَلِكَ فَعَجَّلَ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ فَقَتَلَهُ وَ لَمْ يَسْتَدْرِكْ مَا فَاتَ وَ بَعْدُ فَإِنَّهُ لَيْسَ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَرْضَى بِالدَّنِيَّةِ فِي حَقِّنَا وَ لَمْ يَكُنْ يَجِبُ عَلَى أَخِيكَ أَنْ يُنَازِعَنَا فِي أَمْرٍ خَصَّنَا اللَّهُ بِهِ دُونَ غَيْرِنَا وَ عَزِيزٌ عَلَيَّ مَا نَالَهُ وَ السَّلَامُ فَهَاتِ الْآنَ مَا عِنْدَكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ قَالَ فَتَكَلَّمَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ كَلَامَكَ فَوَصَلَ اللَّهُ رَحِمَكَ وَ رَحِمَ حُسَيْناً وَ بَارَكَ لَهُ فِيمَا صَارَ إِلَيْهِ مِنْ ثَوَابِ رَبِّهِ وَ الْخُلْدِ الدَّائِمِ الطَّوِيلِ فِي جِوَارِ الْمَلِكِ الْجَلِيلِ وَ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ مَا نَقَصَنَا فَقَدْ نَقَصَكَ وَ مَا عَرَاكَ فَقَدْ عَرَانَا مِنْ فَرَحٍ وَ تَرَحٍ وَ كَذَا أَظُنُّ أَنْ لَوْ شَهِدْتَ ذَلِكَ بِنَفْسِكَ- لَاخْتَرْتَ أَفْضَلَ الرَّأْيِ وَ الْعَمَلِ وَ لَجَانَبْتَ أَسْوَأَ الْفِعْلِ وَ الْخَطَلِ وَ الْآنَ فَإِنَّ حَاجَتِي إِلَيْكَ أَنْ لَا تُسْمِعَنِي فِيهِ مَا أَكْرَهُ فَإِنَّهُ أَخِي وَ شَقِيقِي وَ ابْنُ أَبِي وَ إِنْ زَعَمْتَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ ظَلَمَكَ وَ كَانَ عُدُوّاً لَكَ كَمَا تَقُولُ قَالَ فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ إِنَّكَ لَنْ تَسْمَعَ مِنِّي إِلَّا خَيْراً وَ لَكِنْ هَلُمَّ فَبَايِعْنِي وَ اذْكُرْ مَا عَلَيْكَ مِنَ الدَّيْنِ حَتَّى أَقْضِيَهُ عَنْكَ قَالَ فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمَّا الْبَيْعَةُ فَقَدْ بَايَعْتُكَ وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ الدَّيْنِ فَمَا عَلَيَّ دَيْنٌ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ إِنِّي مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِي كُلِّ نِعْمَةٍ سَابِغَةٍ لَا أَقُومُ بِشُكْرِهَا قَالَ فَالْتَفَتَ يَزِيدُ لَعَنَهُ اللَّهُ إِلَى ابْنِهِ خَالِدٍ فَقَالَ يَا بُنَيَّ إِنَّ ابْنَ عَمِّكَ هَذَا بَعِيدٌ مِنَ الْخِبِّ وَ اللُّؤْمِ وَ الدَّنَسِ وَ الْكَذِبِ وَ لَوْ كَانَ غَيْرَهَ كَبَعْضِ مَنْ عَرَفْتَ لَقَالَ عَلَيَّ مِنَ الدَّيْنِ كَذَا وَ كَذَا لِيَسْتَغْنِمَ أَخْذَ أَمْوَالِنَا قَالَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ يَزِيدُ فَقَالَ بَايَعْتَنِي يَا أَبَا الْقَاسِم‏

326
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 47 أحوال عشائره و أهل زمانه صلوات الله عليه و ما جرى بينهم و بين يزيد من الاحتجاج و قد مضى أكثرها في الأبواب السابقة و سيأتي بعضها ص 323

فَقَالَ نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ فَإِنِّي قَدْ أَمَرْتُ لَكَ بِثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَابْعَثْ مَنْ يَقْبِضُهَا فَإِذَا أَرَدْتَ الِانْصِرَافَ عَنَّا وَصَلْنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ لَا حَاجَةَ لِي فِي هَذَا الْمَالِ وَ لَا لَهُ جِئْتُ قَالَ يَزِيدُ فَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَقْبِضَهُ وَ تُفَرِّقَهُ فِيمَنْ أَحْبَبْتَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ قَالَ فَإِنِّي قَدْ قَبِلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ فَأَنْزَلَهُ فِي بَعْضِ مَنَازِلِهِ وَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ يَدْخُلُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ صَبَاحاً وَ مَسَاءً قَالَ وَ إِذَا وَفْدُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَدْ قَدِمُوا عَلَى يَزِيدَ وَ فِيهِمْ مُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَفْصِ بْنِ مُغِيرَةَ الْمَخْزُومِيُّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ الْأَنْصَارِيُّ فَأَقَامُوا عِنْدَ يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ أَيَّاماً فَأَجَازَهُمْ يَزِيدُ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِخَمْسِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَ أَجَازَ الْمُنْذِرَ بْنَ الزُّبَيْرِ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمَّا أَرَادُوا الِانْصِرَافَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَقْبَلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ حَتَّى دَخَلَ عَلَى يَزِيدَ فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الِانْصِرَافِ مَعَهُمْ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَ وَصَلَهُ بِمِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَ أَعْطَاهُ عُرُوضاً بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنِّي لَا أَعْلَمُ فِي أَهْلِ بَيْتِكِ الْيَوْمَ رَجُلًا هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ بِالْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ وَ قَدْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ لَا تُفَارِقَنِي وَ تَأْمُرَنِي بِمَا فِيهِ حَظِّي وَ رُشْدِي فَوَ اللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنْ تَنْصَرِفَ عَنِّي وَ أَنْتَ ذَامٌّ لِشَيْ‏ءٍ مِنْ أَخْلَاقِي فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمَّا مَا كَانَ مِنْكَ إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ فَذَاكَ شَيْ‏ءٌ لَا يُسْتَدْرَكُ وَ أَمَّا الْآنَ فَإِنِّي مَا رَأَيْتُ مِنْكَ مُذْ قَدِمْتُ عَلَيْكَ إِلَّا خَيْراً وَ لَوْ رَأَيْتُ مِنْكَ خَصْلَةً أَكْرَهُهَا لَمَا وَسِعَنِي السُّكُوتُ دُونَ أَنْ أَنْهَاكَ عَنْهَا وَ أُخْبِرَكَ بِمَا يَحِقُّ لِلَّهِ عَلَيْكَ مِنْهَا لِلَّذِي أَخَذَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَى الْعُلَمَاءِ فِي عِلْمِهِمْ أَنْ يُبَيِّنُوهُ لِلنَّاسِ وَ لَا يَكْتُمُوهُ وَ لَسْتُ مُؤَدِّياً عَنْكَ إِلَى مَنْ وَرَائِي مِنَ النَّاسِ إِلَّا خَيْراً غَيْرَ أَنِّي أَنْهَاكَ عَنْ شُرْبِ هَذَا الْمُسْكِرِ فَإِنَّهُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ وَ لَيْسَ مَنْ وُلِّيَ أُمُورَ الْأُمَّةِ وَ دُعِيَ لَهُ بِالْخِلَافَةِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ عَلَى الْمَنَابِرِ كَغَيْرِهِ مِنَ النَّاسِ فَاتَّقِ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ وَ تَدَارَكْ مَا سَلَفَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ السَّلَامُ قَالَ فَسُرَّ يَزِيدُ بِمَا سَمِعَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ سُرُوراً شَدِيداً ثُمَّ قَالَ فَإِنِّي قَابِلٌ مِنْكَ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ وَ أَنَا أُحِبُّ أَنْ تُكَاتِبَنِي فِي كُلِّ حَاجَةٍ تَعْرِضُ لَكَ مِنْ صِلَةٍ أَوْ تَعَاهُدٍ-

327
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 47 أحوال عشائره و أهل زمانه صلوات الله عليه و ما جرى بينهم و بين يزيد من الاحتجاج و قد مضى أكثرها في الأبواب السابقة و سيأتي بعضها ص 323

وَ لَا تُقَصِّرَنَّ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ أَفْعَلُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ لَا أَكُونُ إِلَّا عِنْدَ مَا تُحِبُّ قَالَ ثُمَّ وَدَّعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَفَرَّقَ ذَلِكَ الْمَالَ كُلَّهُ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ وَ سَائِرِ بَنِي هَاشِمٍ وَ قُرَيْشٍ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَ قُرَيْشٍ مِنَ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ وَ الذُّرِّيَّةِ وَ الْمَوَالِي إِلَّا صَارَ إِلَيْهِ شَيْ‏ءٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ ثُمَّ خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فَأَقَامَ بِهَا مُجَاوِراً لَا يَعْرِفُ شَيْئاً غَيْرَ الصَّوْمِ وَ الصَّلَاةِ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ رَضِيَ عَنْهُمْ وَ رَزَقَنَا شَفَاعَتَهُمْ بِحَوْلِهِ وَ مَنِّهِ وَ فَضْلِهِ وَ كَرَمِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
أَقُولُ قَالَ الْعَلَّامَةُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ رَوَى الْبَلاذُرِيُّ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ ع كَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ عَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ وَ جَلَّتِ الْمُصِيبَةُ وَ حَدَثَ فِي الْإِسْلَامِ حَدَثٌ عَظِيمٌ وَ لَا يَوْمَ كَيَوْمِ الْحُسَيْنِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَزِيدُ أَمَّا بَعْدُ يَا أَحْمَقُ فَإِنَّنَا جِئْنَا إِلَى بُيُوتٍ مُنَجَّدَةٍ وَ فُرُشٍ مُمَهَّدَةٍ وَ وَسَائِدَ مُنَضَّدَةٍ فَقَاتَلْنَا عَنْهَا فَإِنْ يَكُنِ الْحَقُّ لَنَا فَعَنْ حَقِّنَا قَاتَلْنَا وَ إِنْ كَانَ الْحَقُّ لِغَيْرِنَا فَأَبُوكَ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ هَذَا وَ ابْتَزَّ وَ اسْتَأْثَرَ بِالْحَقِّ عَلَى أَهْلِهِ.
أَقُولُ قَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ خَبَرٌ طَوِيلٌ أَخْرَجْنَاهُ مِنْ كِتَابِ دَلَائِلِ الْإِمَامَةِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ لَمَّا وَرَدَ نَعْيُ الْحُسَيْنِ ع الْمَدِينَةَ وَ قَتْلُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ ثَلَاثٍ وَ خَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ شِيعَتِهِ وَ قَتْلُ عَلِيٍّ ابْنِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ بِنُشَّابَةٍ وَ سَبْيُ ذَرَارِيِّهِ خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى الشَّامِ مُنْكِراً لِفِعْلِ يَزِيدَ وَ مُسْتَنْفِراً لِلنَّاسِ عَلَيْهِ حَتَّى أَتَى يَزِيدَ وَ أَغْلَظَ لَهُ الْقَوْلَ فَخَلَا بِهِ يَزِيدُ وَ أَخْرَجَ إِلَيْهِ طُومَاراً طَوِيلًا كَتَبَهُ عُمَرُ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ أَظْهَرَ فِيهِ أَنَّهُ عَلَى دِينِ آبَائِهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَ أَنَّ مُحَمَّداً كَانَ سَاحِراً غَلَبَ عَلَى النَّاسِ بِسِحْرِهِ وَ أَوْصَاهُ بِأَنْ يُكْرِمَ أَهْلَ بَيْتِهِ ظَاهِراً وَ يَسْعَى فِي أَنْ يَجْتَثَّهُمْ عَنْ جَدِيدِ الْأَرْضِ وَ لَا يَدَعَ أَحَداً مِنْهُمْ عَلَيْهَا فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ قَدْ مَرَّ ذِكْرُهَا فَلَمَّا قَرَأَهُ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ بِذَلِكِ وَ رَجَعَ وَ أَظْهَرَ لِلنَّاسِ أَنَّهُ مُحِقٌّ فِيمَا أَتَى بِهِ وَ مَعْذُورٌ فِيمَا فَعَلَهُ.
- وَ لَنِعْمَ مَا قِيلَ مَا قُتِلَ الْحُسَيْنُ إِلَّا فِي يَوْمِ السَّقِيفَةِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى مَنْ أَسَّسَ أَسَاسَ الظُّلْمِ وَ الْجَوْرِ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

328
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 48 عدد أولاده صلوات الله عليه و جمل أحوالهم و أحوال أزواجه ع ص 329

باب 48 عدد أولاده صلوات الله عليه و جمل أحوالهم و أحوال أزواجه ع‏
و قد أوردنا بعض أحوالهن في أبواب تاريخ السجاد ع.
1- شا، الإرشاد كَانَ لِلْحُسَيْنِ ع سِتَّةُ أَوْلَادٍ- عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَكْبَرُ كُنْيَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ أُمُّهُ شَهْرَبَانُ «1» بِنْتُ كِسْرَى يَزْدَجَرْدَ وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَصْغَرُ قُتِلَ مَعَ أَبِيهِ بِالطَّفِّ وَ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِيمَا سَلَفَ وَ أُمُّهُ لَيْلَى بِنْتُ أَبِي مُرَّةَ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّةُ وَ جَعْفَرُ بْنُ الْحُسَيْنِ لَا بَقِيَّةَ لَهُ وَ أُمُّهُ قُضَاعِيَّةٌ وَ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي حَيَاةِ الْحُسَيْنِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ قُتِلَ مَعَ أَبِيهِ صَغِيراً جَاءَهُ سَهْمٌ وَ هُوَ فِي حَجْرِ أَبِيهِ فَذَبَحَهُ وَ سُكَيْنَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ وَ أُمُّهَا الرَّبَابُ بِنْتُ إِمْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ كَلْبِيَّةٌ مُعَدِّيَّةٌ وَ هِيَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ ع وَ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ وَ أُمُّهَا أُمُّ إِسْحَاقَ بِنْتُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ تَيْمِيَّةٌ.
2- قب، المناقب لابن شهرآشوب ذَكَرَ صَاحِبُ كِتَابَ الْبِدَعِ وَ صَاحِبُ كِتَابِ شَرْحِ الْأَخْبَارِ أَنَّ عَقِبَ الْحُسَيْنِ مِنِ ابْنِهِ عَلِيٍّ الْأَكْبَرِ وَ أَنَّهُ هُوَ الْبَاقِي بَعْدَ أَبِيهِ وَ أَنَّ الْمَقْتُولَ هُوَ الْأَصْغَرُ مِنْهُمَا وَ عَلَيْهِ نُعَوِّلُ فَإِنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ الْبَاقِي كَانَ يَوْمَ كَرْبَلَاءَ مِنْ أَبْنَاءِ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَ إِنَّ ابْنَهُ مُحَمَّداً الْبَاقِرَ كَانَ يَوْمَئِذٍ مِنَ أَبْنَاءِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ كَانَ لِعَلِيٍّ الْأَصْغَرِ الْمَقْتُولِ نَحْوُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَ تَقُولُ الزَّيْدِيَّةُ إِنَّ الْعَقِبَ مِنَ الْأَصْغَرِ وَ إِنَّهُ كَانَ فِي يَوْمِ كَرْبَلَاءَ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَرْبَعِ سِنِينَ وَ عَلَى هَذَا النَّسَّابُونَ.
كِتَابُ النَّسَبِ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَسَنِ قَالَ يَزِيدُ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع وَا عَجَبَا لِأَبِيكَ سَمَّى عَلِيّاً وَ عَلِيّاً فَقَالَ ع إِنَّ أَبِي أَحَبَّ أَبَاهُ فَسَمَّى بِاسْمِهِ مِرَاراً «2».
__________________________________________________
 (1) في الإرشاد ص 236: شاه زنان.
 (2) المناقب ج 4 ص 174 و 173.

329
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 48 عدد أولاده صلوات الله عليه و جمل أحوالهم و أحوال أزواجه ع ص 329

3- قب، المناقب لابن شهرآشوب لَمَّا وُرِدَ بَسَبْيِ الْفُرْسِ إِلَى الْمَدِينَةِ أَرَادَ عُمَرُ أَنْ يَبِيعَ النِّسَاءَ وَ أَنْ يَجْعَلَ الرِّجَالَ عَبِيدَ الْعَرَبِ وَ عَزَمَ عَلَى أَنْ يُحْمَلَ الْعَلِيلُ وَ الضَّعِيفُ وَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ فِي الطَّوَافِ وَ حَوْلَ الْبَيْتِ عَلَى ظُهُورِهِمْ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ أَكْرِمُوا كَرِيمَ قَوْمٍ وَ إِنْ خَالَفُوكُمْ وَ هَؤُلَاءِ الْفُرْسُ حُكَمَاءُ كُرَمَاءُ فَقَدْ أَلْقَوْا إِلَيْنَا السَّلَامَ وَ رَغِبُوا فِي الْإِسْلَامِ وَ قَدْ أَعْتَقْتُ مِنْهُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ حَقِّي وَ حَقَّ بَنِي هَاشِمٍ فَقَالَتِ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ قَدْ وَهَبْنَا حَقَّنَا لَكَ يَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ فَاشْهَدْ أَنَّهُمْ قَدْ وَهَبُوا وَ قَبِلْتُ وَ أَعْتَقْتُ فَقَالَ عُمَرُ سَبَقَ إِلَيْهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع وَ نَقَضَ عَزْمَتِي فِي الْأَعَاجِمِ وَ رَغِبَ جَمَاعَةٌ فِي بَنَاتِ الْمُلُوكِ أَنْ يَسْتَنْكِحُوهُنَّ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ تُخَيِّرُهُنَّ وَ لَا تُكْرِهُهُنَّ فَأَشَارَ أَكْبَرُهُمْ إِلَى تَخْيِيرِ شَهْرَبَانُوَيْهِ بِنْتِ يَزْدَجَرْدَ فَحَجَبَتْ وَ أَبَتْ فَقِيلَ لَهَا أَيَا كَرِيمَةَ قَوْمِهَا مَنْ تَخْتَارِينَ مِنْ خُطَّابِكِ وَ هَلْ أَنْتِ رَاضِيَةٌ بِالْبَعْلِ فَسَكَتَتْ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ رَضِيَتْ وَ بَقِيَ الِاخْتِيَارُ بَعْدُ سُكُوتُهَا إِقْرَارُهَا فَأَعَادُوا الْقَوْلَ فِي التَّخْيِيرِ فَقَالَتْ لَسْتُ مِمَّنْ يَعْدِلُ عَنِ النُّورِ السَّاطِعِ وَ الشِّهَابِ اللَّامِعِ الْحُسَيْنِ إِنْ كُنْتُ مُخَيَّرَةً فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لِمَنْ تَخْتَارِينَ أَنْ يَكُونَ وَلِيَّكِ فَقَالَتْ أَنْتَ فَأَمَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ أَنْ يَخْطُبَ فَخَطَبَ وَ زُوِّجَتْ مِنَ الْحُسَيْنِ.
قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ وَلَّى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ حُرَيْثَ بْنَ جَابِرٍ الْحَنَفِيَّ جَانِباً مِنَ الْمَشْرِقِ فَبَعَثَ بِنْتَ يَزْدَجَرْدَ بْنِ شَهْرِيَارَ بْنِ كِسْرَى فَأَعْطَاهَا عَلَى ابْنِهِ الْحُسَيْنِ ع فَوَلَدَتْ مِنْهُ عَلِيّاً.
وَ قَالَ غَيْرُهُ إِنَّ حُرَيْثاً بَعَثَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِبِنْتَيْ يَزْدَجَرْدَ فَأَعْطَى وَاحِدَةً لِابْنِهِ الْحُسَيْنِ فَأَوْلَدَهَا عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ وَ أَعْطَى الْأُخْرَى مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَأَوْلَدَهَا الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ فَهُمَا ابْنَا خَالَةٍ «1».
4- قب أَبْنَاؤُهُ عَلِيٌّ الْأَكْبَرُ الشَّهِيدُ أُمُّهُ بَرَّةُ بِنْتُ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ وَ عَلِيٌّ الْإِمَامُ وَ هُوَ عَلِيٌّ الْأَوْسَطُ وَ عَلِيٌّ الْأَصْغَرُ وَ هُمَا مِنْ شَهْرَبَانُوَيْهِ وَ مُحَمَّدٌ وَ عَبْدُ اللَّهِ‏
__________________________________________________
 (1) المناقب ج 4 ص 48.

330
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 48 عدد أولاده صلوات الله عليه و جمل أحوالهم و أحوال أزواجه ع ص 329

الشَّهِيدُ مِنْ أُمِّ الرَّبَابِ بِنْتِ إِمْرِئِ الْقَيْسِ وَ جَعْفَرٌ وَ أُمُّهُ قُضَاعِيَّةٌ وَ بَنَاتُهُ سُكَيْنَةُ أُمُّهَا رَبَابُ بِنْتُ إِمْرِئِ الْقَيْسِ الْكِنْدِيَّةُ وَ فَاطِمَةُ أُمُّهَا أُمُّ إِسْحَاقَ بِنْتُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَ زَيْنَبُ وَ أَعْقَبَ الْحُسَيْنُ مِنِ ابْنٍ وَاحِدٍ وَ هُوَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ ع وَ ابْنَتَيْنِ وَ بَابُهُ رُشَيْدٌ الْهَجَرِيُّ «1».
5- كشف، كشف الغمة قَالَ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ طَلْحَةَ كَانَ لَهُ مِنَ الْأَوْلَادِ ذُكُورٌ وَ إِنَاثٌ عَشَرَةٌ سِتَّةُ ذُكُورٍ وَ أَرْبَعُ إِنَاثٍ فَالذَّكَرُ عَلِيٌّ الْأَكْبَرُ وَ عَلِيٌّ الْأَوْسَطُ وَ هُوَ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ وَ عَلِيٌّ الْأَصْغَرُ وَ مُحَمَّدٌ وَ عَبْدُ اللَّهِ وَ جَعْفَرٌ فَأَمَّا عَلِيٌّ الْأَكْبَرُ فَإِنَّهُ قَاتَلَ بَيْنَ يَدَيْ أَبِيهِ حَتَّى قُتِلَ شَهِيداً وَ أَمَّا عَلِيٌّ الْأَصْغَرُ فَجَاءَهُ سَهْمٌ وَ هُوَ طِفْلٌ فَقَتَلَهُ وَ قِيلَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ قُتِلَ أَيْضاً مَعَ أَبِيهِ شَهِيداً وَ أَمَّا الْبَنَاتُ فَزَيْنَبُ وَ سُكَيْنَةُ وَ فَاطِمَةُ هَذَا قَوْلٌ مَشْهُورٌ وَ قِيلَ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ بَنِينَ وَ بِنْتَانِ وَ الْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَ كَانَ الذِّكْرُ الْمُخَلَّدُ وَ الْبِنَاءُ الْمُنَضَّدُ مَخْصُوصاً مِنْ بَيْنِ بَنِيهِ- بِعَلِيٍّ الْأَوْسَطِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ دُونَ بَقِيَّةِ الْأَوْلَادِ آخِرُ كَلَامِهِ قُلْتُ عَدَّدَ أَوْلَادَهُ ع ذَكَرَ بَعْضاً وَ تَرَكَ بَعْضاً قَالَ ابْنُ الْخَشَّابِ وُلِدَ لَهُ سِتَّةُ بَنِينَ وَ ثَلَاثُ بَنَاتٍ- عَلِيٌّ الْأَكْبَرُ الشَّهِيدُ مَعَ أَبِيهِ وَ عَلِيٌّ الْإِمَامُ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ وَ عَلِيٌّ الْأَصْغَرُ وَ مُحَمَّدٌ وَ عَبْدُ اللَّهِ الشَّهِيدُ مَعَ أَبِيهِ وَ جَعْفَرٌ وَ زَيْنَبُ وَ سُكَيْنَةُ وَ فَاطِمَةُ.
وَ قَالَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْأَخْضَرِ الْجَنَابِذِيُّ وُلْدُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا سِتَّةٌ أَرْبَعَةُ ذُكُورٍ وَ ابْنَتَانِ عَلِيٌّ الْأَكْبَرُ وَ قُتِلَ مَعَ أَبِيهِ وَ عَلِيٌّ الْأَصْغَرُ وَ جَعْفَرٌ وَ عَبْدُ اللَّهِ وَ سُكَيْنَةُ وَ فَاطِمَةُ قَالَ وَ نَسْلُ الْحُسَيْنِ ع مِنْ عَلِيٍّ الْأَصْغَرِ وَ أُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ وَ كَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ وَ قَالَ الزُّهْرِيُّ مَا رَأَيْتُ هَاشِمِيّاً أَفْضَلَ مِنْهُ.
قلت قد أخل الحافظ بذكر علي زين العابدين ع حيث قال علي الأكبر و علي الأصغر و أثبته حيث قال و نسل الحسين من علي الأصغر
__________________________________________________
 (1) المصدر ص 77.

331
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 48 عدد أولاده صلوات الله عليه و جمل أحوالهم و أحوال أزواجه ع ص 329

فسقط في هذه الرواية علي الأصغر و الصحيح أن العليين من أولاده ثلاثة كما ذكر كمال الدين و زين العابدين ع هو الأوسط و التفاوت بين ما ذكره كمال الدين و الحافظ أربعة «1».
باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه‏
1- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ عَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ عُمَرَ النَّهْدِيِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ مُنْصَرَفِي مِنْ مَكَّةَ فَقَالَ لِي يَا مِنْهَالُ مَا صَنَعَ حَرْمَلَةُ بْنُ كَاهِلٍ الْأَسَدِيُّ فَقُلْتُ تَرَكْتُهُ حَيّاً بِالْكُوفَةِ قَالَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ جَمِيعاً ثُمَّ قَالَ ع اللَّهُمَّ أَذِقْهُ حَرَّ الْحَدِيدِ اللَّهُمَّ أَذِقْهُ حَرَّ الْحَدِيدِ اللَّهُمَّ أَذِقْهُ حَرَّ النَّارِ قَالَ الْمِنْهَالُ فَقَدِمْتُ الْكُوفَةَ وَ قَدْ ظَهَرَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ الثَّقَفِيُّ وَ كَانَ لِي صَدِيقاً فَكُنْتُ فِي مَنْزِلِي أَيَّاماً حَتَّى انْقَطَعَ النَّاسُ عَنِّي وَ رَكِبْتُ إِلَيْهِ فَلَقِيتُهُ خَارِجاً مِنْ دَارِهِ فَقَالَ يَا مِنْهَالُ لَمْ تَأْتِنَا فِي وَلَايَتِنَا هَذِهِ وَ لَمْ تُهَنِّئْنَا بِهَا وَ لَمْ تُشْرِكْنَا فِيهَا فَأَعْلَمْتُهُ أَنِّي كُنْتُ بِمَكَّةَ وَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكَ الْآنَ وَ سَايَرْتُهُ وَ نَحْنُ نَتَحَدَّثُ حَتَّى أَتَى الْكِنَاسَ فَوَقَفَ وُقُوفاً كَأَنَّهُ يَنْظُرُ شَيْئاً وَ قَدْ كَانَ أُخْبِرَ بِمَكَانِ حَرْمَلَةَ بْنِ كَاهِلٍ فَوَجَّهَ فِي طَلَبِهِ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ قَوْمٌ يَرْكُضُونَ وَ قَوْمٌ يَشْتَدُّونَ حَتَّى قَالُوا أَيُّهَا الْأَمِيرُ الْبِشَارَةَ قَدْ أُخِذَ حَرْمَلَةُ بْنُ كَاهِلٍ فَمَا لَبِثْنَا أَنْ جِي‏ءَ بِهِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ الْمُخْتَارُ قَالَ لِحَرْمَلَةَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَكَّنَنِي مِنْكَ ثُمَّ قَالَ الْجَزَّارَ الْجَزَّارَ فَأُتِيَ بِجَزَّارٍ فَقَالَ لَهُ اقْطَعْ يَدَيْهِ فَقُطِعَتَا ثُمَّ قَالَ لَهُ اقْطَعْ رِجْلَيْهِ فَقُطِعَتَا ثُمَّ قَالَ النَّارَ النَّارَ فَأُتِيَ بِنَارٍ وَ قَصَبٍ فَأُلْقِيَ عَلَيْهِ فَاشْتَعَلَ فِيهِ النَّارُ فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ فَقَالَ لِي يَا
__________________________________________________
 (1) كشف الغمّة ج 2 ص 214.

332
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

مِنْهَالُ إِنَّ التَّسْبِيحَ لَحَسَنٌ فَفِيمَ سَبَّحْتَ فَقُلْتُ أَيُّهَا الْأَمِيرُ دَخَلْتُ فِي سَفْرَتِي هَذِهِ مُنْصَرَفِي مِنْ مَكَّةَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع فَقَالَ لِي يَا مِنْهَالُ مَا فَعَلَ حَرْمَلَةُ بْنُ كَاهِلٍ الْأَسَدِيُّ فَقُلْتُ تَرَكْتُهُ حَيّاً بِالْكُوفَةِ فَرَفَعَ يَدَيْهِ جَمِيعاً فَقَالَ اللَّهُمَّ أَذِقْهُ حَرَّ الْحَدِيدِ اللَّهُمَّ أَذِقْهُ حَرَّ الْحَدِيدِ اللَّهُمَّ أَذِقْهُ حَرَّ النَّارِ فَقَالَ لِيَ الْمُخْتَارُ أَ سَمِعْتَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع يَقُولُ هَذَا فَقُلْتُ [وَ] اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ هَذَا قَالَ فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ قَامَ فَرَكِبَ وَ قَدِ احْتَرَقَ حَرْمَلَةُ وَ رَكِبْتُ مَعَهُ وَ سِرْنَا فَحَاذَيْتُ دَارِي فَقُلْتُ أَيُّهَا الْأَمِيرُ إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُشَرِّفَنِي وَ تُكْرِمَنِي وَ تَنْزِلَ عِنْدِي وَ تَحَرَّمَ بِطَعَامِي فَقَالَ يَا مِنْهَالُ تُعْلِمُنِي أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ دَعَا بِأَرْبَعِ دَعَوَاتٍ فَأَجَابَهُ اللَّهُ عَلَى يَدِي ثُمَّ تَأْمُرُنِي أَنْ آكُلَ هَذَا يَوْمُ صَوْمٍ شُكْراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى مَا فَعَلْتُهُ بِتَوْفِيقِهِ وَ حَرْمَلَةُ هُوَ الَّذِي حَمَلَ رَأْسَ الْحُسَيْنِ ع.
بيان الحرمة ما لا يحل انتهاكه و منه قولهم تحرم بطعامه و ذلك لأن العرب إذا أكل رجل منهم من طعام غيره حصلت بينهما حرمة و ذمة يكون كل منهما آمنا من أذى صاحبه.
2- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الْمَرْزُبَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَدَائِنِيُّ عَنْ رِجَالِهِ أَنَّ الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيَّ ظَهَرَ بِالْكُوفَةِ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ لِأَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةَ سِتٍّ وَ سِتِّينَ فَبَايَعَهُ النَّاسُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَ الطَّلَبِ بِدَمِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع وَ دِمَاءِ أَهْلِ بَيْتِهِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَ الدَّفْعِ عَنِ الضُّعَفَاءِ فَقَالَ الشَّاعِرُ فِي ذَلِكَ وَ
          لَمَّا دَعَا الْمُخْتَارُ جِئْنَا لِنَصْرِهِ-             عَلَى الْخَيْلِ تُرْدِي مِنْ كُمَيْتٍ وَ أَشْقَرَا-
             دَعَا يَا لَثَأْرَاتِ الْحُسَيْنِ فَأَقْبَلَتْ-             تُعَادِي بِفُرْسَانِ الصَّبَاحِ لِتَثْأَرَا
 وَ نَهَضَ الْمُخْتَارُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ وَ كَانَ عَلَى الْكُوفَةِ مِنْ قِبَلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَأَخْرَجَهُ وَ أَصْحَابَهُ مِنْهَا مُنْهَزِمِينَ وَ أَقَامَ بِالْكُوفَةِ إِلَى الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَ سِتِّينَ ثُمَّ عَمَد

333
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

عَلَى إِنْفَاذِ الْجُيُوشِ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ وَ كَانَ بِأَرْضِ الْجَزِيرَةِ فَصَيَّرَ عَلَى شُرَطِهِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيَّ وَ أَبَا عُمَارَةَ كَيْسَانَ مَوْلَى عربية- [عُرَيْنَةَ] وَ أَمَرَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْأَشْتَرِ ره بِالتَّأَهُّبِ لِلْمَسِيرِ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ أَمَّرَهُ عَلَى الْأَجْنَادِ فَخَرَجَ إِبْرَاهِيمُ يَوْمَ السَّبْتِ لِسَبْعٍ خَلَوْنَ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَ سِتِّينَ فِي أَلْفَيْنِ مِنْ مَذْحِجٍ وَ أَسَدٍ وَ أَلْفَيْنِ مِنْ تَمِيمٍ وَ هَمْدَانَ وَ أَلْفٍ وَ خَمْسِمِائَةٍ مِنْ قَبَائِلِ الْمَدِينَةِ وَ أَلْفٍ وَ خَمْسِمِائَةٍ مِنْ كِنْدَةَ وَ رَبِيعَةَ وَ أَلْفَيْنِ مِنَ الْحَمْرَاءِ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ كَانَ ابْنُ الْأَشْتَرِ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ مِنَ الْقَبَائِلِ وَ ثَمَانِيَةِ آلَافٍ مِنَ الْحَمْرَاءِ «1» وَ شَيَّعَ الْمُخْتَارُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْأَشْتَرِ ره مَاشِياً فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ارْكَبْ رَحِمَكَ اللَّهُ فَقَالَ إِنِّي لَأَحْتَسِبُ الْأَجْرَ فِي خُطَايَ مَعَكَ وَ أُحِبُّ أَنْ تَغْبَرَّ قَدَمَايَ فِي نَصْرِ آلِ مُحَمَّدٍ ع ثُمَّ وَدَّعَهُ وَ انْصَرَفَ فَسَارَ ابْنُ الْأَشْتَرِ حَتَّى أَتَى الْمَدَائِنَ ثُمَّ سَارَ يُرِيدُ ابْنَ زِيَادٍ فَشَخَصَ الْمُخْتَارُ عَنِ الْكُوفَةِ لَمَّا أَتَاهُ أَنَّ ابْنَ الْأَشْتَرِ قَدِ ارْتَحَلَ مِنَ الْمَدَائِنِ وَ أَقْبَلَ حَتَّى نَزَلَ الْمَدَائِنَ فَلَمَّا نَزَلَ ابْنُ الْأَشْتَرِ نَهْرَ الْخَازِرِ بِالْمَوْصِلِ «2» أَقْبَلَ ابْنُ زِيَادٍ فِي الْجُمُوعِ فَنَزَلَ عَلَى أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ مِنْ عَسْكَرِ ابْنِ الْأَشْتَرِ ثُمَّ الْتَقَوْا فَحَضَّ ابْنُ الْأَشْتَرِ أَصْحَابَهُ وَ قَالَ يَا أَهْلَ الْحَقِّ وَ أَنْصَارَ الدِّينِ هَذَا ابْنُ زِيَادٍ قَاتِلُ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ قَدْ أَتَاكُمُ اللَّهُ بِهِ وَ بِحِزْبِهِ حِزْبِ الشَّيْطَانِ فَقَاتِلُوهُمْ بِنِيَّةٍ وَ صَبْرٍ لَعَلَّ اللَّهَ يَقْتُلُهُ بِأَيْدِيكُمْ وَ يَشْفِي صُدُورَكُمْ وَ تَزَاحَفُوا وَ نَادَى أَهْلَ الْعِرَاقِ يَا آلَ ثَأْرَاتِ الْحُسَيْنِ فَجَالَ أَصْحَابُ ابْنِ الْأَشْتَرِ جَوْلَةً فَنَادَاهُمْ يَا شُرْطَةَ اللَّهِ الصَّبْرَ الصَّبْرَ فَتَرَاجَعُوا فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَشَّارِ بْنِ أَبِي عَقِبٍ الدُّؤَلِيُّ حَدَّثَنِي خَلِيلِي: أَنَّا نَلْقَى أَهْلَ الشَّامِ عَلَى نَهَرٍ يُقَالُ لَهُ الْخَازِرُ فَيَكْشِفُونَا حَتَّى نَقُولَ هَيِّ هَيِّ «3» ثُمَّ نَكُرُّ عَلَيْهِمْ فَنَقْتُلُ أَمِيرَهُمْ فَأَبْشِرُوا وَ اصْبِرُوا
__________________________________________________
 (1) الحمراء: العجم لان الشقرة أغلب الالوان عليهم و الأحامرة قوم من العجم سكنوا بالكوفة.
 (2) نهر بين الموصل و اربل.
 (3) بالفتح و تشديد الياء مكسورة اسم فعل للامر، بمعنى أسرع فيما أنت فيه.

334
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

فَإِنَّكُمْ لَهُمْ قَاهِرُونَ- ثُمَّ حَمَلَ ابْنُ الْأَشْتَرِ ره يَمِيناً فَخَالَطَ الْقَلْبَ وَ كَسَرَهُمْ أَهْلُ الْعِرَاقِ فَرَكَبُوهُمْ يَقْتُلُونَهُمْ فَانْجَلَتِ الْغُمَّةُ وَ قَدْ قُتِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ وَ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ وَ شُرَحْبِيلُ بْنُ ذِي الْكَلَاعِ وَ ابْنُ حَوْشَبٍ وَ غَالِبٌ الْبَاهِلِيُّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَاسٍ السُّلَمِيُّ وَ أَبُو الْأَشْرَسِ الَّذِي كَانَ عَلَى خُرَاسَانَ وَ أَعْيَانُ أَصْحَابِهِ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَقَالَ ابْنُ الْأَشْتَرِ لِأَصْحَابِهِ إِنِّي رَأَيْتُ بَعْدَ مَا انْكَشَفَ النَّاسُ طَائِفَةً مِنْهُمْ قَدْ صَبَرَتْ تُقَاتِلُ فَأَقْدَمْتُ عَلَيْهِمْ وَ أَقْبَلَ رَجُلٌ آخَرُ فِي كَبْكَبَةٍ كَأَنَّهُ بَغْلٌ أَقْمَرُ يُغْرِي النَّاسَ لَا يَدْنُو مِنْهُ أَحَدٌ إِلَّا صَرَعَهُ فَدَنَا مِنِّي فَضَرَبْتُ يَدَهُ فَأَبَنْتُهَا وَ سَقَطَ عَلَى شَاطِئِ نَهَرٍ فَسُرِقَتْ يَدَاهُ وَ عَرِبَتْ رِجْلَاهُ فَقَتَلْتُهُ وَ وَجَدْتُ مِنْهُ رِيحَ الْمِسْكِ وَ أَظُنُّهُ ابْنَ زِيَادٍ فَاطْلُبُوهُ فَجَاءَ رَجُلٌ فَنَزَعَ خُفَّيْهِ وَ تَأَمَّلَهُ فَإِذَا هُوَ ابْنُ زِيَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ عَلَى وَصْفِ ابْنِ الْأَشْتَرِ فَاجْتَزَّ رَأْسَهُ وَ اسْتَوْقَدُوا عَامَّةَ اللَّيْلِ بِجَسَدِهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ مِهْرَانُ مَوْلَى زِيَادٍ وَ كَانَ يُحِبُّهُ حُبّاً شَدِيداً فَحَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ شَحْماً أَبَداً فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَحَوَوْا مَا فِي الْعَسْكَرِ وَ هَرَبَ غُلَامٌ لِعُبَيْدِ اللَّهِ إِلَى الشَّامِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ مَتَى عَهْدُكَ بِابْنِ زِيَادٍ فَقَالَ جَالَ النَّاسُ فَتَقَدَّمَ فَقَاتَلَ وَ قَالَ ايتِنِي بِجَرَّةٍ فِيهَا مَاءٌ فَأَتَيْتُهُ فَاحْتَمَلَهَا فَشَرِبَ مِنْهَا وَ صَبَّ الْمَاءَ بَيْنَ دِرْعِهِ وَ جَسَدِهِ وَ صَبَّ عَلَى نَاصِيَةِ فَرَسِهِ فَصَهَلَ ثُمَّ اقْتَحَمَهُ فَهَذَا آخِرُ عَهْدِي بِهِ قَالَ وَ بَعَثَ ابْنُ الْأَشْتَرِ بِرَأْسِ ابْنِ زِيَادٍ إِلَى الْمُخْتَارِ وَ أَعْيَانِ مَنْ كَانَ مَعَهُ فَقَدِمَ بِالرُّءُوسِ وَ الْمُخْتَارُ يَتَغَدَّى فَأُلْقِيَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وُضِعَ رَأْسُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع بَيْنَ يَدِي ابْنِ زِيَادٍ وَ هُوَ يَتَغَدَّى وَ أُتِيتُ بِرَأْسِ ابْنِ زِيَادٍ وَ أَنَا أَتَغَدَّى قَالَ وَ انْسَابَتْ حَيَّةٌ بَيْضَاءُ تَخَلَّلُ الَرُّءُوسَ حَتَّى دَخَلَتْ فِي أَنْفِ ابْنِ زِيَادٍ وَ خَرَجَتْ مِنْ أُذُنِهِ وَ دَخَلَتْ مِنْ أُذُنِهِ وَ خَرَجَتْ مِنْ أَنْفِهِ فَلَمَّا فَرَغَ الْمُخْتَارُ مِنَ الْغَدَاءِ قَامَ فَوَطِئَ وَجْهَ ابْنِ زِيَادٍ بِنَعْلِهِ ثُمَّ رَمَى بِهَا إِلَى مَوْلًى لَهُ وَ قَالَ اغْسِلْهَا فَإِنِّي وَضَعْتُهَا عَلَى وَجْهِ نَجِسٍ كَافِرٍ وَ خَرَجَ الْمُخْتَارُ إِلَى الْكُوفَةِ وَ بَعَثَ بِرَأْسِ ابْنِ زِيَادٍ وَ رَأْسِ حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْر

335
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

وَ رَأْسِ شُرَحْبِيلَ بْنِ ذِي الْكَلَاعِ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ الثَّقَفِيِّ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ الْجُشَمِيِّ وَ السَّائِبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ إِلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ بِمَكَّةَ وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ وَ كَتَبَ إِلَيْهِ مَعَهُمْ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي بَعَثْتُ أَنْصَارَكَ وَ شِيعَتَكَ إِلَى عَدُوِّكَ يَطْلُبُونَهُ بِدَمِ أَخِيكَ الْمَظْلُومِ الشَّهِيدِ فَخَرَجُوا مُحْتَسِبِينَ مُحْنِقِينَ أَسِفِينَ فَلَقُوهُمْ دُونَ نَصِيبِينَ فَقَتَلَهُمْ رَبُّ الْعِبَادِ- وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الَّذِي طَلَبَ لَكُمُ الثَّأْرَ وَ أَدْرَكَ لَكُمْ رُؤَسَاءَ أَعْدَائِكُمْ فَقَتَلَهُمْ فِي كُلِّ فَجٍّ وَ غَرَّقَهُمْ فِي كُلِّ بَحْرٍ فَشَفَى بِذَلِكَ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَ أَذْهَبَ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَ قَدِمُوا بِالْكِتَابِ وَ الرُّءُوسِ إِلَيْهِ فَبَعَثَ بِرَأْسِ ابْنِ زِيَادٍ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ وَ هُوَ يَتَغَدَّى فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع أُدْخِلْتُ عَلَى ابْنِ زِيَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ هُوَ يَتَغَدَّى وَ رَأْسُ أَبِي بَيْنَ يَدَيْهِ فَقُلْتُ اللَّهُمَّ لَا تُمِتْنِي حَتَّى تُرِيَنِي رَأْسَ ابْنِ زِيَادٍ وَ أَنَا أَتَغَدَّى فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَجَابَ دَعْوَتِي ثُمَّ أَمَرَ فَرُمِيَ بِهِ فَحُمِلَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَوَضَعَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى قَصَبَةٍ فَحَرَّكَتْهَا الرِّيحُ فَسَقَطَ فَخَرَجَتْ حَيَّةٌ مِنْ تَحْتِ السِّتَارِ فَأَخَذَتْ بِأَنْفِهِ فَأَعَادُوا الْقَصَبَةَ فَحَرَّكَتْهَا الرِّيحُ فَسَقَطَ فَخَرَجَتِ الْحَيَّةُ فَأَزَمَتْ بِأَنْفِهِ فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَأَمَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَأُلْقِيَ فِي بَعْضِ شِعَابِ مَكَّةَ قَالَ وَ كَانَ الْمُخْتَارُ ره قَدْ سُئِلَ فِي أَمَانِ عُمَرَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَآمَنَهُ عَلَى أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنَ الْكُوفَةِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا فَدَمُهُ هَدَرٌ قَالَ فَأَتَى عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ رَجُلٌ فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ الْمُخْتَارَ يَحْلِفُ لَيَقْتُلُنَّ رَجُلًا وَ اللَّهِ مَا أَحْسَبُهُ غَيْرَكَ قَالَ فَخَرَجَ عُمَرُ حَتَّى أَتَى الْحَمَّامَ «1» فَقِيلَ لَهُ أَ تَرَى هَذَا يَخْفَى عَلَى الْمُخْتَارِ فَرَجَعَ لَيْلًا فَدَخَلَ دَارَهُ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ غَدَوْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى الْمُخْتَارِ وَ جَاءَ الْهُشَيْمُ بْنُ الْأَسْوَدِ فَقَعَدَ فَجَاءَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ فَقَالَ لِلْمُخْتَارِ يَقُولُ لَكَ أَبُو حَفْصٍ أَيْنَ لَنَا بِالَّذِي كَانَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكَ قَالَ اجْلِسْ فَدَعَا الْمُخْتَارُ أَبَا عَمْرَةَ فَجَاءَ رَجُلٌ قَصِيرٌ يَتَخَشْخَشُ فِي الْحَدِيدِ فَسَارَّهُ وَ دَعَا بِرَجُلَيْنِ فَقَالَ اذْهَبَا مَعَهُ فَذَهَبَ فَوَ اللَّهِ مَا أَحْسَبُهُ بَلَغَ دَارَ
__________________________________________________
 (1) يعني حمام عمر، كما يأتي عن ابن نما في رسالة أخذ الثأر.

336
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ حَتَّى جَاءَ بِرَأْسِهِ فَقَالَ الْمُخْتَارُ لِحَفْصٍ أَ تَعْرِفُ هَذَا قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ قَالَ يَا أَبَا عَمْرَةَ أَلْحِقْهُ بِهِ فَقَتَلَهُ فَقَالَ الْمُخْتَارُ ره عُمَرُ بِالْحُسَيْنِ وَ حَفْصٌ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ لَا سَوَاءَ قَالَ وَ اشْتَدَّ أَمْرُ الْمُخْتَارِ بَعْدَ قَتْلِ ابْنِ زِيَادٍ وَ أَخَافَ الْوُجُوهَ وَ قَالَ لَا يَسُوغُ لِي طَعَامٌ وَ لَا شَرَابٌ حَتَّى أَقْتُلَ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع وَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ مَا مِنْ دِينِي أَتْرُكُ أَحَداً مِنْهُمْ حَيّاً وَ قَالَ أَعْلِمُونِي مَنْ شَرِكَ فِي دَمِ الْحُسَيْنِ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ فَلَمْ يَكُنْ يَأْتُونَهُ بِرَجُلٍ فَيَقُولُونَ إِنَّ هَذَا مِنْ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ أَوْ مِمَّنْ أَعَانَ عَلَيْهِ إِلَّا قَتَلَهُ وَ بَلَغَهُ أَنَّ شِمْرَ بْنَ ذِي الْجَوْشَنِ لَعَنَهُ اللَّهُ أَصَابَ مَعَ الْحُسَيْنِ إِبِلًا فَأَخَذَهَا فَلَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ نَحَرَهَا وَ قَسَّمَ لُحُومَهَا فَقَالَ الْمُخْتَارُ أَحْصُوا لِي كُلَّ دَارٍ دَخَلَ فِيهَا شَيْ‏ءٌ مِنْ ذَلِكَ اللَّحْمِ فَأَحْصَوْهَا فَأَرْسَلَ إِلَى مَنْ كَانَ أَخَذَ مِنْهَا شَيْئاً فَقَتَلَهُمْ وَ هَدَمَ دُوراً بِالْكُوفَةِ وَ أُتِيَ الْمُخْتَارُ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَيْدٍ الْجُهَنِيِّ وَ مَالِكِ بْنِ الْهَيْثَمِ الْبَدَّانِيِّ «1» مِنْ كِنْدَةَ وَ حَمَلِ بْنِ مَالِكٍ الْمُحَارِبِيِّ فَقَالَ يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ أَيْنَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالُوا أُكْرِهْنَا عَلَى الْخُرُوجِ إِلَيْهِ قَالَ أَ فَلَا مَنَنْتُمْ عَلَيْهِ وَ سَقَيْتُمُوهُ مِنَ الْمَاءِ وَ قَالَ لِلْبَدَّانِيِّ أَنْتَ صَاحِبُ بُرْنُسِهِ لَعَنَكَ اللَّهُ قَالَ لَا قَالَ بَلَى ثُمَّ قَالَ اقْطَعُوا يَدَيْهِ وَ رِجْلَيْهِ وَ دَعُوهُ يَضْطَرِبُ حَتَّى يَمُوتَ فَقَطَعُوهُ وَ أَمَرَ بِالْآخَرَيْنِ فَضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمَا وَ أُتِيَ بِقُرَادِ بْنِ مَالِكٍ وَ عُمَرَ بْنِ خَالِدٍ وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَجَلِيِّ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الْخَوْلَانِيِّ فَقَالَ لَهُمْ يَا قَتَلَةَ الصَّالِحِينَ أَ لَا تَرَوْنَ اللَّهَ بَرِئَ مِنْكُمْ لَقَدْ جَاءَكُمُ الْوَرْسُ بِيَوْمٍ نَحْسٍ فَأَخْرَجَهُمْ إِلَى السُّوقِ فَقَتَلَهُمْ وَ بَعَثَ الْمُخْتَارُ مُعَاذَ بْنَ هَانِئٍ الْكِنْدِيَّ وَ أَبَا عَمْرَةَ كَيْسَانَ إِلَى دَارِ خَوْلِيِّ بْنِ يَزِيدَ الْأَصْبَحِيِّ وَ هُوَ الَّذِي حَمَلَ رَأْسَ الْحُسَيْنِ ع إِلَى ابْنِ زِيَادٍ فَأَتَوْا دَارَهُ فَاسْتَخْفَى فِي الْمَخْرَجِ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَوَجَدُوهُ قَدْ رَكَّبَ عَلَى نَفْسِهِ قَوْصَرَّةً فَأَخَذُوهُ وَ خَرَجُوا يُرِيدُونَ الْمُخْتَارَ فَتَلَقَّاهُمْ فِي رَكْبٍ فَرَدُّوهُ إِلَى دَارِهِ وَ قَتَلَهُ عِنْدَهَا وَ أَحْرَقَهُ‏
__________________________________________________
 (1) نسبة الى بدا- بتشديد الدال- بطن من كندة، من القحطانية و هم بنو بدّا بن الحارث بن معاوية بن كندة كانت منازلهم بحضر موت.

337
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

وَ طَلَبَ الْمُخْتَارُ شِمْرَ بْنَ ذِي الْجَوْشَنِ فَهَرَبَ إِلَى الْبَادِيَةِ فَسَعَى بِهِ إِلَى أَبِي عَمْرَةَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَاتَلَهُمْ قِتَالًا شَدِيداً فَأَثْخَنَتْهُ الْجِرَاحَةُ فَأَخَذَهُ أَبُو عَمْرَةَ أَسِيراً وَ بَعَثَ بِهِ إِلَى الْمُخْتَارِ فَضَرَبَ «1» عُنُقَهُ وَ أَغْلَى لَهُ دُهْناً فِي قِدْرٍ فَقَذَفَهُ فِيهَا فَتَفَسَّخَ وَ وَطِئَ مَوْلًى لِآلِ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ وَجْهَهُ وَ رَأْسَهُ وَ لَمْ يَزَلِ الْمُخْتَارُ يَتَتَبَّعُ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ وَ أَهْلِهِ حَتَّى قَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقاً كَثِيراً وَ هَرَبَ الْبَاقُونَ فَهَدَمَ دُورَهُمْ وَ قَتَلَتِ الْعَبِيدُ مَوَالِيَهُمُ الَّذِينَ قَاتَلُوا الْحُسَيْنَ ع وَ أَتَوُا الْمُخْتَارَ فَأَعْتَقَهُمْ.
إيضاح ردى الفرس بالفتح يردي رديا إذا رجم الأرض رجما بين العدو و المشي الشديد قوله تعادي من العداوة أو من العدو و الأخير أظهر قوله لتثأر أي لتطلب الثأر بدم الحسين ع و قال الفيروزآبادي سرقت مفاصله كفرح ضعف و في بعض النسخ بالشين من الشرق بمعنى الشق أو من قولهم شرق الدم بجسده شرقا إذا ظهر و لم يسل و عرب كفرح ورم و تقيح و في بعض النسخ بالغين المعجمة من قولهم غرب كفرح أسود و قال الجوهري يقال أزم الرجل بصاحبه إذا لزمه عن أبي زيد و أزمه أيضا أي عضه و الحمام اسم موضع خارج الكوفة و قال الجوهري القوصرة بالتشديد هذا الذي يكنز فيه التمر من البواري.
أقول قد مضى ذم المختار في باب مصالحة الحسن ع «2».
17- 3- ير، بصائر الدرجات أَيُّوبُ بْنُ نُوحٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَ أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ دَرَّاجٍ حَدَّثَهُ أَنَّ الْمُخْتَارَ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى بَعْضِ عَمَلِهِ وَ أَنَّ الْمُخْتَارَ أَخَذَهُ فَحَبَسَهُ وَ طَلَبَ مِنْهُ مَالًا حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْماً مِنَ الْأَيَّامِ دَعَاهُ هُوَ وَ بِشْرَ بْنَ غَالِبٍ فَهَدَّدَهُمَا بِالْقَتْلِ فَقَالَ لَهُ بِشْرُ بْنُ غَالِبٍ وَ كَانَ رَجُلًا مُتَنَكِّراً وَ اللَّهِ مَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِنَا قَالَ لِمَ وَ مِمَّ ذَلِكَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ وَ أَنْتُمَا أَسِيرَانِ فِي يَدِي قَالَ لِأَنَّهُ جَاءَنَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّكَ تَقْتُلُنَا حِينَ تَظْهَرُ عَلَى دِمَشْقَ فَتَقْتُلُنَا عَلَى دَرَجِهَا قَالَ لَهُ الْمُخْتَارُ صَدَقْتَ قَدْ جَاءَ هَذَا قَالَ فَلَمَّا قُتِلَ الْمُخْتَارُ خَرَجَا مِنْ مَحْبَسِهِمَا.
__________________________________________________
 (1) الى المختار فأغلى له خ ل.
 (2) راجع ج 44 ص 28.

338
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

أقول تمامه في معجزات الباقر ع.
4- ص، قصص الأنبياء عليهم السلام بِالْإِسْنَادِ إِلَى الصَّدُوقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ عَنِ الْكُوفِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْخَيَّاطِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْتَصِرَ لِأَوْلِيَائِهِ انْتَصَرَ لَهُمْ بِشِرَارِ خَلْقِهِ وَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْتَصِرَ لِنَفْسِهِ انْتَصَرَ بِأَوْلِيَائِهِ وَ لَقَدِ انْتَصَرَ لِيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا بِبُخْتَنَصَّرَ.
5- سر، السرائر أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ زُرْعَةَ عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ بِشَفِيرِ النَّارِ وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ فَيَصِيحُ صَائِحٌ مِنَ النَّارِ يَا رَسُولَ اللَّهُ أَغِثْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَلَاثاً قَالَ فَلَا يُجِيبُهُ قَالَ فَيُنَادِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ثَلَاثاً أَغِثْنِي فَلَا يُجِيبُهُ قَالَ فَيُنَادِي يَا حُسَيْنُ يَا حُسَيْنُ يَا حُسَيْنُ أَغِثْنِي أَنَا قَاتِلُ أَعْدَائِكِ قَالَ فَيَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ قَدِ احْتَجَّ عَلَيْكَ قَالَ فَيَنْقَضُّ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ عُقَابٌ كَاسِرٌ قَالَ فَيُخْرِجُهُ مِنَ النَّارِ قَالَ فَقُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ مَنْ هَذَا جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ الْمُخْتَارُ قُلْتُ لَهُ وَ لِمَ عُذِّبَ بِالنَّارِ وَ قَدْ فَعَلَ مَا فَعَلَ قَالَ إِنَّهُ قَالَ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِنْهُمَا شَيْ‏ءٌ وَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ لَوْ أَنَّ جَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ كَانَ فِي قَلْبَيْهِمَا شَيْ‏ءٌ لَأَكَبَّهُمَا اللَّهُ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمَا.
بيان كأن هذا الخبر وجه جمع بين الأخبار المختلفة الواردة في هذا الباب بأنه و إن لم يكن كاملا في الإيمان و اليقين و لا مأذونا فيما فعله صريحا من أئمة الدين لكن لما جرى على يديه الخيرات الكثيرة و شفي بها صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ كانت عاقبة أمره آئلة إلى النجاة فدخل بذلك تحت قوله سبحانه وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ «1» و أنا في شأنه من المتوقفين و إن كان الأشهر بين أصحابنا أنه من المشكورين.
6- م، تفسير الإمام عليه السلام قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ كَمَا أَنَّ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَطَاعُوا فَأُكْرِمُوا وَ بَعْضَهُمْ عَصَوْا فَعُذِّبُوا فَكَذَلِكَ تَكُونُونَ أَنْتُمْ فَقَالُوا فَمَنِ الْعُصَاةُ
__________________________________________________
 (1) التوبة: 102.

339
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ الَّذِينَ أُمِرُوا بِتَعْظِيمِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ تَعْظِيمِ حُقُوقِنَا فَخَانُوا وَ خَالَفُوا ذَلِكَ وَ جَحَدُوا حُقُوقَنَا وَ اسْتَخَفُّوا بِهَا وَ قَتَلُوا أَوْلَادَنَا أَوْلَادَ رَسُولِ اللَّهِ الَّذِينَ أُمِرُوا بِإِكْرَامِهِمْ وَ مَحَبَّتِهِمْ قَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ ذَلِكَ لَكَائِنٌ قَالَ بَلَى خَبَراً حَقّاً وَ أَمْراً كَائِناً سَيَقْتُلُونَ وَلَدَيَّ هَذَيْنِ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ ثُمَّ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ سَيُصِيبُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً فِي الدُّنْيَا بِسُيُوفِ بَعْضِ مَنْ يُسَلِّطُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ لِلِانْتِقَامِ- بِما كانُوا يَفْسُقُونَ كَمَا أَصَابَ بَنِي إِسْرَائِيلَ الرِّجْزُ قِيلَ وَ مَنْ هُوَ قَالَ غُلَامٌ مِنْ ثَقِيفٍ يُقَالُ لَهُ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع فَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ قَوْلِهِ هَذَا بِزَمَانٍ وَ إِنَّ هَذَا الْخَبَرَ اتَّصَلَ بِالْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ لَعَنَهُ اللَّهُ مِنْ قَوْلِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ أَمَّا رَسُولُ اللَّهِ مَا قَالَ هَذَا وَ أَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَأَنَا أَشُكُّ هَلْ حَكَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَمَّا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فَصَبِيٌّ مَغْرُورٌ يَقُولُ الْأَبَاطِيلَ وَ يُغَرُّ بِهَا مُتَّبِعُوهُ اطْلُبُوا لِيَ الْمُخْتَارَ فَطُلِبَ فَأُخِذَ فَقَالَ قَدِّمُوهُ إِلَى النَّطْعِ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ فَأُتِيَ بِالنَّطْعِ فَبُسِطَ وَ أُبْرِكَ عَلَيْهِ الْمُخْتَارُ ثُمَّ جَعَلَ الْغِلْمَانُ يَجِيئُونَ وَ يَذْهَبُونَ لَا يَأْتُونَ بِالسَّيْفِ قَالَ الْحَجَّاجُ مَا لَكُمْ قَالُوا لَسْنَا نَجِدُ مِفْتَاحَ الْخِزَانَةِ وَ قَدْ ضَاعَ مِنَّا وَ السَّيْفُ فِي الْخِزَانَةِ فَقَالَ الْمُخْتَارُ لَنْ تَقْتُلَنِي وَ لَنْ يَكْذِبَ رَسُولُ اللَّهِ وَ لَئِنْ قَتَلْتَنِي لَيُحْيِيَنِيَ اللَّهُ حَتَّى أَقْتُلَ مِنْكُمْ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةً وَ ثَمَانِينَ أَلْفاً فَقَالَ الْحَجَّاجُ لِبَعْضِ حُجَّابِهِ أَعْطِ السَّيَّافَ سَيْفَكَ يَقْتُلُهُ فَأَخَذَ السَّيَّافُ سَيْفَهُ وَ جَاءَ لِيَقْتُلَهُ بِهِ وَ الْحَجَّاجُ يَحُثُّهُ وَ يَسْتَعْجِلُهُ فَبَيْنَا هُوَ فِي تَدْبِيرِهِ إِذْ عَثَرَ وَ السَّيْفُ بِيَدِهِ فَأَصَابَ السَّيْفُ بَطْنَهُ فَشَقَّهُ فَمَاتَ فَجَاءَ بِسَيَّافٍ آخَرَ وَ أَعْطَاهُ السَّيْفَ فَلَمَّا رَفَعَ يَدَهُ لِيَضْرِبَ عُنُقَهُ لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ فَسَقَطَ فَمَاتَ فَنَظَرُوا وَ إِذَا الْعَقْرَبُ فَقَتَلُوهُ فَقَالَ الْمُخْتَارُ يَا حَجَّاجُ إِنَّكَ لَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِي وَيْحَكَ يَا حَجَّاجُ أَ مَا تَذْكُرُ مَا قَالَ نِزَارُ بْنُ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ- لِلسَّابُورِ ذِي الْأَكْتَافِ حِينَ كَانَ يَقْتُلُ الْعَرَبَ وَ يَصْطَلِمُهُمْ فَأَمَرَ نِزَارٌ وُلْدَهُ فَوُضِعَ فِي زَبِيلٍ فِي طَرِيقِهِ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ لِمَ تَقْتُلُ هَؤُلَاءِ الْعَرَبَ وَ لَا ذُنُوبَ لَهُمْ إِلَيْكَ وَ قَدْ قَتَلْتَ الَّذِينَ كَانُوا مُذْنِبِينَ فِي عَمَلِكَ وَ الْمُفْسِدِينَ قَالَ لِأَنِّي وَجَدْتُ فِي الْكِتَاب‏

340
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُمْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ يَدَّعِي النُّبُوَّةَ فَيُزِيلُ دَوْلَةَ مُلُوكِ الْأَعَاجِمِ وَ يُفْنِيهَا فَاقْتُلْهُمْ حَتَّى لَا يَكُونَ مِنْهُمْ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَقَالَ نِزَارٌ لَئِنْ كَانَ مَا وَجَدْتَهُ فِي كُتُبِ الْكَذَّابَيْنِ فَمَا أَوْلَاكَ أَنْ تَقْتُلَ الْبُرَاءَ غَيْرَ الْمُذْنِبِينَ وَ إِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الصَّادِقِينَ فَإِنَّ اللَّهَ سَيَحْفَظُ ذَلِكَ الْأَصْلَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ هَذَا الرَّجُلُ وَ لَنْ تَقْدِرَ عَلَى إِبْطَالِهِ وَ يُجْرِي قَضَاءَهُ وَ يُنْفِذُ أَمْرَهُ وَ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ جَمِيعِ الْعَرَبِ إِلَّا وَاحِدٌ فَقَالَ سَابُورُ صَدَقْتَ هَذَا نِزَارٌ يَعْنِي بِالْفَارِسِيَّةِ الْمَهْزُولَ كُفُّوا عَنِ الْعَرَبِ فَكَفُّوا عَنْهُمْ وَ لَكِنْ يَا حَجَّاجُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ قَضَى أَنْ أَقْتُلَ مِنْكُمْ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفٍ وَ ثَلَاثَةً وَ ثَمَانِينَ أَلْفَ رَجُلٍ فَإِنْ شِئْتَ فَتَعَاطَ قَتْلِي وَ إِنْ شِئْتَ فَلَا تَتَعَاطَ فَإِنَّ اللَّهَ إِمَّا أَنْ يَمْنَعَكَ عَنِّي وَ إِمَّا أَنَّ يُحْيِيَنِي بَعْدَ قَتْلِكَ فَإِنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ حَقٌّ لَا مِرْيَةَ فِيهِ- فَقَالَ لِلسَّيَّافِ اضْرِبْ عُنُقَهُ فَقَالَ الْمُخْتَارُ إِنَّ هَذَا لَنْ يَقْدِرَ عَلَى ذَلِكَ وَ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ تَكُونَ أَنْتَ الْمُتَوَلِّيَ لِمَا تَأْمُرُهُ فَكَانَ يُسَلِّطُ عَلَيْكَ أَفْعًى كَمَا سَلَّطَ عَلَى هَذَا الْأَوَّلِ عَقْرَباً فَلَمَّا هَمَّ السَّيَّافُ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَهُ إِذَا بِرَجُلٍ مِنْ خَوَاصِّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ قَدْ دَخَلَ فَصَاحَ بِالسَّيَّافِ كُفَّ عَنْهُ وَ مَعَهُ كِتَابٌ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَمَّا بَعْدُ يَا حَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ فَإِنَّهُ قَدْ سَقَطَ إِلَيْنَا طَيْرٌ عَلَيْهِ رُقْعَةٌ أَنَّكَ أَخَذْتَ الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ تُرِيدُ قَتْلَهُ تَزْعُمُ أَنَّهُ حُكِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ فِيهِ أَنَّهُ سَيَقْتُلُ مِنْ أَنْصَارِ بَنِي أُمَيَّةَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةً وَ ثَمَانِينَ أَلْفَ رَجُلٍ فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَخَلِّ عَنْهُ وَ لَا تَعَرَّضْ لَهُ إِلَّا بِسَبِيلِ خَيْرٍ فَإِنَّهُ زَوْجُ ظِئْرِ ابْنِي الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَ قَدْ كَلَّمَنِي فِيهِ الْوَلِيدُ وَ إِنَّ الَّذِي حُكِيَ إِنْ كَانَ بَاطِلًا فَلَا مَعْنَى لِقَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِخَبَرٍ بَاطِلٍ وَ إِنْ كَانَ حَقّاً فَإِنَّكَ لَا تَقْدِرُ عَلَى تَكْذِيبِ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ فَخَلَّى عَنْهُ الْحَجَّاجُ فَجَعَلَ الْمُخْتَارُ يَقُولُ سَأَفْعَلُ كَذَا وَ أَخْرُجُ وَقْتَ كَذَا وَ أَقْتُلُ مِنَ النَّاسِ كَذَا وَ هَؤُلَاءِ صَاغِرُونَ يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ فَبَلَغَ ذَلِكَ الْحَجَّاجَ فَأَخَذَ وَ أَنْزَلَ وَ أَمَرَ بِضَرْبِ الْعُنُقِ فَقَالَ الْمُخْتَارُ إِنَّكَ لَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا تَتَعَاطَ رَدّاً عَلَى اللَّهِ وَ كَانَ فِي ذَلِكَ إِذْ سَقَطَ عَلَيْهِ طَائِرٌ آخَرُ عَلَيْهِ كِتَابٌ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يَا حَجَّاجُ لَا تَعَرَّضْ لِلْمُخْتَارِ فَإِنَّهُ زَوْجُ مُرْضِعَةِ ابْنِي الْوَلِيدِ وَ لَئِنْ كَانَ حَقّاً فَسَتُمْنَعُ مِنْ قَتْلِهِ-

341
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

كَمَا مُنِعَ دَانِيَالُ مِنْ قَتْلِ بُخْتَنَصَّرَ الَّذِي كَانَ قَضَى اللَّهُ أَنْ يَقْتُلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَتَرَكَهُ الْحَجَّاجُ وَ تَوَعَّدَهُ إِنْ عَادَ لِمِثْلِ مَقَالَتِهِ فَعَادَ لِمِثْلِ مَقَالَتِهِ وَ اتَّصَلَ بِالْحَجاج الْخَبَرُ فَطَلَبَهُ فَاخْتَفَى مُدَّةً ثُمَّ ظَفَرَ بِهِ فَلَمَّا هَمَّ بِضَرْبِ عُنُقِهِ إِذْ قَدْ وَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَاحْتَبَسَهُ الْحَجَّاجُ وَ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ كَيْفَ تَأْخُذُ إِلَيْكَ عَدُوّاً مُجَاهِراً يَزْعُمُ أَنَّهُ يَقْتُلُ مِنْ أَنْصَارِ بَنِي أُمَيَّةَ كَذَا وَ كَذَا أَلْفاً فَبَعَثَ إِلَيْهِ إِنَّكَ رَجُلٌ جَاهِلٌ لَئِنْ كَانَ الْخَبَرُ فِيهِ بَاطِلًا فَمَا أَحَقَّنَا بِرِعَايَةِ حَقِّهِ لِحَقِّ مَنْ خَدَمَنَا وَ إِنْ كَانَ الْخَبَرُ فِيهِ حَقّاً فَإِنَّهُ سَنُرَبِّيهِ لِيُسَلَّطَ عَلَيْنَا كَمَا رَبَّى فِرْعَوْنُ مُوسَى ع حَتَّى سُلِّطَ عَلَيْهِ فَبَعَثَ بِهِ الْحَجَّاجُ وَ كَانَ مِنَ الْمُخْتَارِ مَا كَانَ وَ قَتَلَ مَنْ قَتَلَ وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع لِأَصْحَابِهِ وَ قَدْ قَالُوا لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع ذَكَرَ مِنْ أَمْرِ الْمُخْتَارِ وَ لَمْ يَقُلْ مَتَى يَكُونُ قَتْلُهُ لِمَنْ يَقْتُلُ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ صَدَقَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَ وَ لَا أُخْبِرُكُمْ مَتَى يَكُونُ قَالُوا بَلَى قَالَ يَوْمَ كَذَا إِلَى ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ قَوْلِي هَذَا وَ سَيُؤْتَى بِرَأْسِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَ شِمْرِ بْنِ ذِي الْجَوْشَنِ فِي يَوْمِ كَذَا وَ كَذَا وَ سَنَأْكُلُ وَ هُمَا بَيْنَ أَيْدِينَا نَنْظُرُ إِلَيْهِمَا قَالَ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ يَكُونُ فِيهِ الْقَتْلُ مِنَ الْمُخْتَارِ لِأَصْحَابِ بَنِي أُمَيَّةَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع مَعَ أَصْحَابِهِ عَلَى مَائِدَةٍ إِذْ قَالَ لَهُمْ مَعَاشِرَ إِخْوَانِنَا طَيِّبُوا أَنْفُسَكُمْ فَإِنَّكُمْ تَأْكُلُونَ وَ ظَلَمَةُ بَنِي أُمَيَّةَ يُحْصَدُونَ قَالُوا أَيْنَ قَالَ فِي مَوْضِعِ كَذَا يَقْتُلُهُمُ الْمُخْتَارُ وَ سَيُؤْتَى بِرَأْسَيْنِ يَوْمَ كَذَا وَ كَذَا فَلَمَّا كَانَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أُتِيَ بِالرَّأْسَيْنِ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقْعُدَ لِلْأَكْلِ وَ قَدْ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ فَلَمَّا رَآهُمَا سَجَدَ وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى أَرَانِي فَجَعَلَ يَأْكُلُ وَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمَا فَلَمَّا كَانَ فِي وَقْتِ الْحَلْوَاءِ لَمْ يَأْتِ بِالْحَلْوَاءِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا قَدِ اشْتَغَلُوا عَنْ عَمَلِهِ بِخَبَرِ الرَّأْسَيْنِ فَقَالَ نُدَمَاؤُهُ وَ لَمْ يُعْمَلِ الْيَوْمَ الْحَلْوَاءُ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع- لَا نُرِيدُ حُلْواً أَحْلَى مِنْ نَظَرِنَا إِلَى هَذَيْنِ الرَّأْسَيْنِ ثُمَّ عَادَ إِلَى قَوْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ وَ مَا لِلْكَافِرِينَ وَ الْفَاسِقِينَ عِنْدَ اللَّهِ أَعْظَمُ وَ أَوْفَى.

342
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

توضيح قوله ع فكان ذلك بعد قوله هذا أي ولد المختار بعد قول أمير المؤمنين هذا بزمان.
7- كش، رجال الكشي حَمْدَوَيْهِ عَنْ يَعْقُوبَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ سَدِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: لَا تَسُبُّوا الْمُخْتَارَ فَإِنَّهُ قَدْ قَتَلَ قَتَلَتَنَا وَ طَلَبَ بِثَأْرِنَا وَ زَوَّجَ أَرَامِلَنَا وَ قَسَّمَ فِينَا الْمَالَ عَلَى الْعُسْرَةِ «1».
8- كش، رجال الكشي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَ عُثْمَانُ بْنُ حَامِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزْدَادَ الرَّازِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَخْرَفِ عَنْ حَبِيبٍ الْخَثْعَمِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ الْمُخْتَارُ يَكْذِبُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع.
9- كش، رجال الكشي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَ عُثْمَانُ بْنُ حَامِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزْدَادَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع يَوْمَ النَّحْرِ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ وَ قَالَ أَرْسِلْ إِلَى الْحَلَّاقِ فَقَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَتَنَاوَلَ يَدَهُ لِيُقَبِّلَهَا فَمَنَعَهُ ثُمَّ قَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَكَمُ بْنُ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيُّ وَ كَانَ مُتَبَاعِداً مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فَمَدَّ يَدَهُ إِلَيْهِ حَتَّى كَادَ يُقْعِدُهُ فِي حَجْرِهِ بَعْدَ مَنْعِهِ يَدَهُ ثُمَّ قَالَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَكْثَرُوا فِي أَبِي وَ قَالُوا وَ الْقَوْلُ وَ اللَّهِ قَوْلُكَ قَالَ وَ أَيَّ شَيْ‏ءٍ يَقُولُونَ قَالَ يَقُولُونَ كَذَّابٌ وَ لَا تَأْمُرُنِي بِشَيْ‏ءٍ إِلَّا قَبِلْتُهُ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ أَخْبَرَنِي أَبِي وَ اللَّهِ أَنَّ مَهْرَ أُمِّي كَانَ مِمَّا بَعَثَ بِهِ الْمُخْتَارُ أَ وَ لَمْ يَبْنِ دُورَنَا وَ قَتَلَ قَاتِلِينَا وَ طَلَبَ بِدِمَائِنَا فَرَحِمَهُ اللَّهُ وَ أَخْبَرَنِي وَ اللَّهِ أَبِي أَنَّهُ كَانَ لَيَسْمُرُ عِنْدَ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيٍّ يُمَهِّدُهَا الْفِرَاشَ وَ يُثْنِي لَهَا الْوَسَائِدَ وَ مِنْهَا أَصَابَ الْحَدِيثَ رَحِمَ اللَّهُ أَبَاكَ رَحِمَ اللَّهُ أَبَاكَ مَا تَرَكَ لَنَا حَقّاً عِنْدَ أَحَدٍ إِلَّا طَلَبَهُ قَتَلَ قَتَلَتَنَا وَ طَلَبَ بِدِمَائِنَا.
بيان ليسمر من السمر و هو الحديث بالليل و في بعض النسخ ليستمر فهو إما افتعال أيضا من السمر أو بتشديد الراء أي كان دائما عندها و في بعض النسخ‏
__________________________________________________
 (1) راجع رجال الكشّيّ ص 115 و هكذا ما بعده الى ص 117.

343
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

لييتم و في بعضها ليتم و الأول كأنه أصوب.
10- كش، رجال الكشي جَبْرَئِيلُ بْنُ أَحْمَدَ عَنِ الْعُبَيْدِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: كَتَبَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ بَعَثَ إِلَيْهِ بِهَدَايَا مِنَ الْعِرَاقِ فَلَمَّا وَقَفُوا عَلَى بَابِ عَلِيٍّ دَخَلَ الْآذِنُ يَسْتَأْذِنُ لَهُمْ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَسُولُهُ فَقَالَ أَمِيطُوا عَنْ بَابِي فَإِنِّي لَا أَقْبَلُ هَدَايَا الْكَذَّابِينَ وَ لَا أَقْرَأُ كُتُبَهُمْ فَمَحَوُا الْعِنْوَانَ وَ كَتَبُوا لِلْمَهْدِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع وَ اللَّهِ لَقَدْ كَتَبَ إِلَيْهِ بِكِتَابٍ مَا أَعْطَاهُ فِيهِ شَيْئاً إِنَّمَا كَتَبَ إِلَيْهِ يَا ابْنَ خَيْرِ مَنْ طَشَى وَ مَشَى فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ فَقُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع أَمَّا الْمَشْيُ فَأَنَا أَعْرِفُهُ فَأَيُّ شَيْ‏ءٍ الطَّشْيُ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْحَيَاةُ.
بيان لم أجد الطشي فيما عندنا من كتب اللغة.
11- كش، رجال الكشي جَبْرَئِيلُ عَنِ الْعُبَيْدِيِّ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَزَوَّرٍ عَنِ الْأَصْبَغِ قَالَ: رَأَيْتُ الْمُخْتَارَ عَلَى فَخِذِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ هُوَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ وَ يَقُولُ يَا كَيِّسُ يَا كَيِّسُ.
12- كش، رجال الكشي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ عَنِ ابْنِ عَمِيرَةَ عَنْ جَارُودِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَا امْتَشَطَتْ فِينَا هَاشِمِيَّةٌ وَ لَا اخْتَضَبَتْ حَتَّى بَعَثَ إِلَيْنَا الْمُخْتَارُ بِرُءُوسِ الَّذِينَ قَتَلُوا الْحُسَيْنَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ.
13- كش، رجال الكشي مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي عَلِيٍّ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع لَمَّا أُتِيَ بِرَأْسِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَ رَأْسِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ خَرَّ سَاجِداً وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَدْرَكَ لِي ثَأْرِي مِنْ أَعْدَائِي وَ جَزَى الْمُخْتَارَ خَيْراً.
13- كش، رجال الكشي بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ الْمُخْتَارَ أَرْسَلَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ فَقَبِلَهَا وَ بَنَى بِهَا دَارَ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ دَارَهُمُ الَّتِي هُدِمَتْ قَالَ ثُمَّ إِنَّهُ بَعَثَ إِلَيْهِ بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ بَعْدَ مَا

344
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

أَظْهَرَ الْكَلَامَ الَّذِي أَظْهَرَهُ فَرَدَّهَا وَ لَمْ يَقْبَلْهَا.
وَ الْمُخْتَارُ هُوَ الَّذِي دَعَا النَّاسَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَ سُمُّوا الْكَيْسَانِيَّةَ وَ هُمُ الْمُخْتَارِيَّةُ وَ كَانَ لَقَبُهُ كَيْسَانَ وَ لُقِّبَ بِكَيْسَانَ لِصَاحِبِ شُرَطِهِ الْمُكَنَّى أَبَا عَمْرَةَ وَ كَانَ اسْمُهُ كَيْسَانَ وَ قِيلَ إِنَّهُ سُمِّيَ كَيْسَانُ بِكَيْسَانَ مَوْلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ هُوَ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى الطَّلَبِ بِدَمِ الْحُسَيْنِ ع وَ دَلَّهُ عَلَى قَتَلَتِهِ وَ كَانَ صَاحِبَ سِرِّهِ وَ الْغَالِبَ عَلَى أَمْرِهِ وَ كَانَ لَا يَبْلُغُهُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَعْدَاءِ الْحُسَيْنِ أَنَّهُ فِي دَارٍ أَوْ فِي مَوْضِعٍ إِلَّا قَصَدَهُ وَ هَدَمَ الدَّارَ بِأَسْرِهَا وَ قَتَلَ كُلَّ مَنْ فِيهَا مِنْ ذِي رُوحٍ وَ كُلُّ دَارٍ بِالْكُوفَةِ خَرَابٌ فَهِيَ مِمَّا هَدَمَهَا وَ أَهْلُ الْكُوفَةِ يَضْرِبُونَ بِهَا الْمَثَلَ فَإِذَا افْتَقَرَ إِنْسَانٌ قَالُوا دَخَلَ أَبُو عَمْرَةَ بَيْتَهُ حَتَّى قَالَ فِيهِ الشَّاعِرُ-
          إِبْلِيسُ بِمَا فِيهِ خَيْرٌ مِنْ أَبِي عَمْرَةَ-             يُغْوِيكَ وَ يُطْغِيكَ وَ لَا يُعْطِيكَ كِسْرَةً.
14- كا، الكافي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُسْلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ لِي مَا زَالَ سِرُّنَا مَكْتُوماً حَتَّى صَارَ فِي يَدَيْ وُلْدِ كَيْسَانَ فَتَحَدَّثُوا بِهِ فِي الطَّرِيقِ وَ قُرَى السَّوَادِ «1».
بيان قال الفيروزآبادي كيسان لقب المختار بن أبي عبيد المنسوب إليه الكيسانية.
15- يب، تهذيب الأحكام مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ عَلِيٍّ الْقَيْسِيِّ عَنْ بَعْضِ مَنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ لِي يَجُوزُ النَّبِيُّ الصِّرَاطَ يَتْلُوهُ عَلِيٌّ وَ يَتْلُو عَلِيّاً الْحَسَنُ وَ يَتْلُو الْحَسَنَ الْحُسَيْنُ فَإِذَا تَوَسَّطُوهُ نَادَى الْمُخْتَارُ الْحُسَيْنَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنِّي طَلَبْتُ بِثَأْرِكَ فَيَقُولُ النَّبِيُّ لِلْحُسَيْنِ ع أَجِبْهُ فَيَنْقَضُّ الْحُسَيْنُ فِي النَّارِ كَأَنَّهُ عُقَابٌ كَاسِرٌ فَيُخْرِجُ الْمُخْتَارَ حُمَمَةً وَ لَوْ شُقَّ عَنْ قَلْبِهِ لَوُجِدَ حُبُّهُمَا فِي قَلْبِهِ.
بيان انقض الطائر هوى في طيرانه و كسر الطائر أي ضم جناحيه حين‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 223 باب الكتمان.

345
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

ينقض و الحمم بضم الحاء و فتح الميم الرماد و الفحم و كل ما احترق من النار قوله ع حبهما أي حب الشيخين الملعونين و قيل حب الحسنين صلوات الله عليهما فيكون تعليلا لإخراجه كما أنه على الأول تعليل لدخوله و احتراقه و يدفعه ما مر من خبر سماعة «1» و قيل المراد حب الرئاسة و المال و الأول هو الصواب.
16- وَ قَالَ الشَّيْخُ حَسَنُ بْنُ سُلَيْمَانَ فِي كِتَابِ الْمُحْتَضَرِ قِيلَ بَعَثَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَكَرِهَ أَنْ يَقْبَلَهَا مِنْهُ وَ خَافَ أَنْ يَرُدَّهَا فَتَرَكَهَا فِي بَيْتٍ فَلَمَّا قُتِلَ الْمُخْتَارُ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ يُخْبِرُهُ بِهَا فَكَتَبَ إِلَيْهِ خُذْهَا طَيِّبَةً هَنِيئَةً فَكَانَ عَلِيٌّ يَلْعَنُ الْمُخْتَارَ وَ يَقُولُ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَ عَلَيْنَا لِأَنَّ الْمُخْتَارَ كَانَ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ.
أقول و لنورد هنا رسالة شرح الثأر الذي ألفه الشيخ الفاضل البارع جعفر بن محمد بن نما فإنها مشتملة على جل أحوال المختار و من قتله من الأشرار على وجه الاختصار ليشفي به صدور المؤمنين الأخيار و ليظهر منها بعض أحوال المختار و هي هذه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أما بعد حمد الله الذي جعل الحمد ثمنا لثوابه و نجاة يوم الوعيد من عقابه و الصلاة على محمد الذي شرفت الأماكن بذكره و عطرت المساكن برباء نشره «2» و على آله و أصحابه الذين عظم قدرهم بقدره و تابعوه في نهيه و أمره فإني لما صنفت كتاب المقتل الذي سميته مثير الأحزان و منير سبل الأشجان و جمعت فيه من طرائف الأخبار و لطائف الآثار ما يربى على الجوهر و النضار سألني جماعة من الأصحاب أن أضيف إليه عمل الثأر و أشرح قضية المختار فتارة أقدم و أخرى أحجم و مرة أجنح جنوح الشامس و آونة
__________________________________________________
 (1) راجع ص 339 تحت الرقم 5 عن السرائر.
 (2) النشر: الريح الطيبة، و الربا: الزيادة و النماء، و بالفتح: الفضل و الطول.
و في الأصل: «بريا نشره» فتحرر.

346
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

أنفر نفور العذراء من يد اللامس و أردهم عن عمله فرقا من التعرض لذكره و إظهار مخفي سره ثم كشفت قناع المراقبة في إجابة سؤالهم و الانقياد لمرامهم و أظهرت ما كان في ضميري و جعلت نشر فضيلته أنيسي و سميري لأنه به خبت نار وجد سيد المرسلين و قرة عين زين العابدين و ما زال السلف يتباعدون عن زيارته و يتقاعدون عن إظهار فضيلته تباعد الضب عن الماء و الفراقد من الحصباء و نسبوه إلى القول بإمامة محمد بن الحنفية و رفضوا قبره و جعلوا قربهم إلى الله هجره مع قربه و إن قبته لكل من خرج من باب مسلم بن عقيل كالنجم اللامع و عدلوا من العلم إلى التقليد و نسوا ما فعل بأعداء المقتول الشهيد و أنه جاهد في الله حق الجهاد و بلغ من رضا زين العابدين غاية المراد و رفضوا منقبته التي رقت حواشيها و تفجرت ينابيع السعادة فيها.
و كان محمد بن الحنفية أكبر من زين العابدين سنا و يرى تقديمه عليه فرضا و دينا و لا يتحرك حركة إلا بما يهواه و لا ينطق إلا عن رضاه و يتأمر له تأمر الرعية للوالي و يفضله تفضيل السيد على الخادم و الموالي و تقلد محمد ره أخذ الثأر إراحة لخاطره الشريف من تحمل الأثقال و الشد و الترحال و يدل على ذلك ما رويته عن أبي بجير عالم الأهواز و كان يقول بإمامة ابن الحنفية قال حججت فلقيت إمامي و كنت يوما عنده فمر به غلام شاب فسلم عليه فقام فتلقاه و قبل ما بين عينيه و خاطبه بالسيادة و مضى الغلام و عاد محمد إلى مكانه فقلت له عند الله أحتسب عناي فقال و كيف ذاك قلت لأنا نعتقد أنك الإمام المفترض الطاعة تقوم تتلقى هذا الغلام و تقول له يا سيدي فقال نعم هو و الله إمامي فقلت و من هذا قال علي ابن أخي الحسين اعلم أني نازعته الإمامة و نازعني فقال لي أ ترضى بالحجر الأسود حكما بيني و بينك فقلت و كيف نحتكم إلى حجر جماد فقال إن إماما لا يكلمه الجماد فليس بإمام فاستحييت من ذلك فقلت بيني و بينك الحجر الأسود فقصدنا الحجر و صلى و صليت و تقدم إليه و قال أسألك بالذي أودعك مواثيق العباد لتشهد لهم بالموافاة إلا أخبرتنا من الإمام منا

347
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

فنطق و الله الحجر و قال يا محمد سلم الأمر إلى ابن أخيك فهو أحق به منك و هو إمامك و تحلحل «1» حتى ظننته يسقط فأذعنت بإمامته و دنت له بفرض طاعته.
قال أبو بجير فانصرفت من عنده و قد دنت بإمامة علي بن الحسين ع و تركت القول بالكيسانية.
وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ ع يَقُولُ كَانَ أَبُو خَالِدٍ الْكَابُلِيُّ يَخْدُمُ مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ دَهْراً وَ لَا يَشُكُّ أَنَّهُ الْإِمَامُ حَتَّى أَتَاهُ يَوْماً فَقَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ لِي حُرْمَةً وَ مَوَدَّةً فَأَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا أَخْبَرْتَنِي أَنْتَ الْإِمَامُ الَّذِي فَرَضَ اللَّهُ طَاعَتَهُ عَلَى خَلْقِهِ قَالَ يَا أَبَا خَالِدٍ لَقَدْ حَلَّفْتَنِي بِالْعَظِيمِ الْإِمَامُ عَلِيٌّ ابْنُ أَخِي عَلَيَّ وَ عَلَيْكَ وَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو خَالِدٍ قَوْلَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ جَاءَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَاسْتَأْذَنَ وَ دَخَلَ فَقَالَ لَهُ مَرْحَباً يَا كَنْكَرُ مَا كُنْتَ لَنَا بِزَائِرٍ مَا بَدَا لَكَ فِينَا فَخَرَّ أَبُو خَالِدٍ سَاجِداً شُكْراً لِمَا سَمِعَ مِنْ زَيْنِ الْعَابِدِينَ ع وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى عَرَفْتُ إِمَامِي قَالَ وَ كَيْفَ عَرَفْتَ إِمَامَكَ يَا أَبَا خَالِدٍ قَالَ لِأَنَّكَ دَعَوْتَنِي بِاسْمِيَ الَّذِي لَا يَعْرِفُهُ سِوَى أُمِّي وَ كُنْتُ فِي عَمْيَاءَ مِنْ أَمْرِي وَ لَقَدْ خَدَمْتُ مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ عُمُراً- لَا أَشُكُّ أَنَّهُ إِمَامٌ حَتَّى أَقْسَمْتُ عَلَيْهِ فَأَرْشَدَنِي إِلَيْكَ فَقَالَ هُوَ الْإِمَامُ عَلَيَّ وَ عَلَيْكَ وَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ثُمَّ انْصَرَفَ وَ قَدْ قَالَ بِإِمَامَةِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ ع «2».
وَ قَالَ قَوْمٌ مِنَ الْخَوَارِجِ لِمُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ لِمَ غَرَّرَ بِكَ فِي الْحُرُوبِ وَ لَمْ يُغَرِّرْ «3» بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ قَالَ لِأَنَّهُمَا عَيْنَاهُ وَ أَنَا يَمِينُهُ فَهُوَ يَدْفَعُ بِيَمِينِهِ عَنْ عَيْنَيْهِ.
وَ رَوَى الْعَبَّاسُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ صِفِّينَ دَعَا عَلِيٌّ ع ابْنَهُ مُحَمَّداً فَقَالَ شُدَّ
__________________________________________________
 (1) تحلحل عن مكانه: تحرك و تزحزح.
 (2) روى الحديث الكشّيّ في رجاله ص 111 فراجع.
 (3) يقال: غرر بنفسه و ماله: عرضهما للهلكة.

348
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

عَلَى الْمَيْمَنَةِ فَحَمَلَ مَعَ أَصْحَابِهِ فَكَشَفَ مَيْمَنَةَ عَسْكَرِ مُعَاوِيَةَ ثُمَّ رَجَعَ وَ قَدْ جُرِحَ فَقَالَ لَهُ الْعَطَشَ فَقَامَ إِلَيْهِ ع فَسَقَاهُ جُرْعَةً مِنْ مَاءٍ ثُمَّ صَبَّ الْمَاءَ بَيْنَ دِرْعِهِ وَ جِلْدِهِ فَرَأَيْتُ عَلَقَ الدَّمِ يَخْرُجُ مِنْ حَلَقِ الدِّرْعِ ثُمَّ أَمْهَلَهُ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ شُدَّ فِي الْمَيْسَرَةِ فَحَمَلَ مَعَ أَصْحَابِهِ عَلَى مَيْسَرَةِ مُعَاوِيَةَ فَكَشَفَهُمْ ثُمَّ رَجَعَ وَ بِهِ جِرَاحَةٌ وَ هُوَ يَقُولُ الْمَاءَ الْمَاءَ فَقَامَ إِلَيْهِ فَفَعَلَ مِثْلَ الْأَوَّلِ ثُمَّ قَالَ شُدَّ فِي الْقَلْبِ فَكَشَفَهُمْ ثُمَّ رَجَعَ وَ قَدْ أَثْقَلَتْهُ الْجِرَاحَاتُ وَ هُوَ يَبْكِي فَقَامَ إِلَيْهِ فَقَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَ قَالَ فِدَاكَ أَبُوكَ لَقَدْ سَرَرْتَنِي وَ اللَّهِ يَا بُنَيَّ فَمَا يُبْكِيكَ أَ فَرَحٌ أَمْ جَزَعٌ فَقَالَ كَيْفَ لَا أَبْكِي وَ قَدْ عَرَضْتَنِي لِلْمَوْتِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَسَلَّمَنِيَ اللَّهُ تَعَالَى وَ كُلَّمَا رَجَعْتُ إِلَيْكَ لِتُمْهِلَنِي فَمَا أَمْهَلْتَنِي وَ هَذَانِ أَخَوَايَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ مَا تَأْمُرُهُمَا بِشَيْ‏ءٍ فَقَبَّلَ ع رَأْسَهُ وَ قَالَ يَا بُنَيَّ أَنْتَ ابْنِي وَ هَذَانِ ابْنَا رَسُولِ اللَّهِ ص أَ فَلَا أَصْوَنُهُمَا قَالَ بَلَى يَا أَبَاهْ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ وَ فِدَاهُمَا.
وَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ رَأْيَهُ فَكَيْفَ يَخْرُجُ عَنْ طَاعَتِهِ وَ يَعْدِلُ عَنِ الْإِسْلَامِ بِمُخَالَفَتِهِ مَعَ عِلْمِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ زَيْنَ الْعَابِدِينَ وَلِيُّ الدَّمِ وَ صَاحِبُ الثَّأْرِ وَ الْمُطَالِبُ بِدِمَاءِ الْأَبْرَارِ فَنَهَضَ الْمُخْتَارُ نُهُوضَ الْمَلِكِ الْمُطَاعِ وَ مَدَّ إِلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ يَداً طَوِيلَةَ الْبَاعِ فَهَشَّمَ عِظَاماً تَغَذَّتْ بِالْفُجُورِ وَ قَطَعَ أَعْضَاءً نَشَأَتْ عَلَى الْخُمُورِ وَ حَازَ إِلَى فَضِيلَةٍ لَمْ يَرْقَ إِلَى شِعَافِ شَرَفِهَا عَرَبِيٌّ وَ لَا أَعْجَمِيٌّ وَ أَحْرَزَ مَنْقَبَةً لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهَا هَاشِمِيٌّ وَ كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْتَرُ مُشَارِكاً لَهُ فِي هَذِهِ الْبَلْوَى وَ مُصَدِّقاً عَلَى الدَّعْوَى وَ لَمْ يَكُ إِبْرَاهِيمُ شَاكّاً فِي دِينِهِ وَ لَا ضَالًّا فِي اعْتِقَادِهِ وَ يَقِينِهِ وَ الْحُكْمُ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَ أَنَا أَشْرَحُ بَوَارَ الْفُجَّارِ عَلَى يَدِ الْمُخْتَارِ مُعْتَمِداً قَانُونَ الِاخْتِصَارِ وَ سَمَّيْتُهُ ذَوْبَ النُّضَّارِ فِي شَرْحِ الثَّأْرِ وَ قَدْ وَضَعْتُهُ عَلَى أَرْبَعِ مَرَاتِبَ وَ اللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ الْمُكَافِي يَوْمَ الْحِسَابِ.

349
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى فِي ذِكْرِ نَسَبِهِ وَ طُرَفٍ مِنْ أَخْبَارِهِ هُوَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ عُمَيْرٍ الثَّقَفِيُّ وَ قَالَ الْمَرْزُبَانِيُّ ابْنُ عُمَيْرِ بْنِ عُقْدَةَ بْنِ عَنْزَةَ كُنْيَتُهُ أَبُو إِسْحَاقَ.
وَ كَانَ أَبُو عُبَيْدٍ وَالِدُهُ يَتَنَوَّقُ فِي طَلَبِ النِّسَاءِ فَذُكِرَ لَهُ نِسَاءُ قَوْمِهِ فَأَبَى أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْهُنَّ فَأَتَاهُ آتٍ فِي مَنَامِهِ فَقَالَ تَزَوَّجْ دُومَةَ الْحَسْنَاءَ الْحُومَةَ فَمَا تَسْمَعُ فِيهَا لِلَائِمٍ لَوْمَةً فَأَخْبَرَ أَهْلَهُ فَقَالُوا قَدْ أُمِرْتَ فَتَزَوَّجْ دُومَةَ بِنْتَ وَهْبِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مُعَتِّبٍ فَلَمَّا حَمَلَتْ بِالْمُخْتَارِ قَالَتْ رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ قَائِلًا يَقُولُ‏
          أَبْشِرِي بِالْوَلَدِ             أَشْبَهَ شَيْ‏ءٍ بِالْأَسَدِ
             إِذَا الرِّجَالُ فِي كَبَدٍ             تَقَاتَلُوا عَلَى بَلَدٍ
             كَانَ لَهُ الْحَظُّ الْأَشَّدُّ
 فَلَمَّا وَضَعَتْ أَتَاهَا ذَلِكَ الْآتِي فَقَالَ لَهَا إِنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَتَرَعْرَعَ وَ قَبْلَ أَنْ يَتَشَعْشَعَ قَلِيلُ الْهَلَعِ كَثِيرُ التَّبَعِ يُدَانُ بِمَا صَنَعَ وَ وَلَدَتْ لِأَبِي عُبَيْدٍ الْمُخْتَارَ وَ جَبْراً وَ أَبَا جَبْرٍ وَ أَبَا الْحَكَمِ وَ أَبَا أُمَيَّةَ وَ كَانَ مَوْلِدُهُ فِي عَامِ الْهِجْرَةِ وَ حَضَرَ مَعَ أَبِيهِ وَقْعَةَ قُسِّ النَّاطِفِ «1» وَ هُوَ ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ كَانَ يَتَفَلَّتُ لِلْقِتَالِ فَيَمْنَعُهُ سَعْدُ بْنُ مَسْعُودٍ عَمُّهُ فَنَشَأَ مِقْدَاماً شُجَاعاً لَا يَتَّقِي شَيْئاً وَ تَعَاطَى مَعَالِيَ الْأُمُورِ وَ كَانَ ذَا عَقْلٍ وَافِرٍ وَ جَوَابٍ حَاضِرٍ وَ خِلَالٍ مَأْثُورَةٍ وَ نَفْسٍ بِالسَّخَاءِ مَوْفُورَةٍ وَ فِطْرَةٍ تُدْرِكُ الْأَشْيَاءَ بِفَرَاسَتِهَا وَ هِمَّةٍ تَعْلُو عَلَى الْفَرَاقِدِ بِنَفَاسَتِهَا وَ حَدْسٍ مُصِيبٍ وَ كَفٍّ فِي الْحُرُوبِ مُجِيبٍ وَ مَارَسَ التَّجَارِبَ فَحَنَّكَتْهُ وَ لَابَسَ الْخُطُوبَ فَهَذَّبَتْهُ «2».
__________________________________________________
 (1) قس الناطف: موضع قرب الكوفة، و به كان وقعة لهم على الفرس راجع أيام العرب في الإسلام للميدانى بذيل مجمع الامثال ج 2 ص 445. و في النسخ: قيس الناطف و هو تصحيف.
 (2) سيأتي شرح غرائب الحديث في بيانه قدّس سرّه، و لا نذكره حذر التكرار فراجع.

350
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

وَ رُوِيَ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ الْمُخْتَارَ عَلَى فَخِذِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ هُوَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ وَ يَقُولُ يَا كَيِّسُ يَا كَيِّسُ فَسُمِّيَ كَيْسَانَ.
وَ إِلَيْهِ عُزِيَ الْكَيْسَانِيَّةُ كَمَا عُزِيَ الْوَاقِفَةُ إِلَى مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع وَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةُ إِلَى أَخِيهِ إِسْمَاعِيلَ وَ غَيْرُهُمْ مِنَ الْفِرَقِ.
وَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ ع أَنَّهُ قَالَ: لَا تَسُبُّوا الْمُخْتَارَ فَإِنَّهُ قَتَلَ قَتَلَتَنَا وَ طَلَبَ ثَأْرَنَا وَ زَوَّجَ أَرَامِلَنَا وَ قَسَّمَ فِينَا الْمَالَ عَلَى الْعُسْرَةِ.
وَ رُوِيَ أَنَّهُ دَخَلَ جَمَاعَةٌ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ ع وَ فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَرِيكٍ قَالَ فَقَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَتَنَاوَلَ يَدَهُ لِيُقَبِّلَهَا فَمَنَعَهُ ثُمَّ قَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا أَبُو الْحَكَمِ بْنُ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيُّ وَ كَانَ مُتَبَاعِداً مِنْهُ ع فَمَدَّ يَدَهُ فَأَدْنَاهُ حَتَّى كَادَ يُقْعِدُهُ فِي حَجْرِهِ بَعْدَ مَنْعِهِ يَدَهُ فَقَالَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَكْثَرُوا فِي أَبِي وَ الْقَوْلُ وَ اللَّهِ قَوْلُكَ قَالَ وَ أَيَّ شَيْ‏ءٍ يَقُولُونَ قَالَ يَقُولُونَ كَذَّابٌ وَ لَا تَأْمُرُنِي بِشَيْ‏ءٍ إِلَّا قَبِلْتُهُ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّ مَهْرَ أُمِّي مِمَّا بَعَثَ بِهِ الْمُخْتَارُ إِلَيْهِ أَ وَ لَمْ يَبْنِ دُورَنَا وَ قَتَلَ قَاتِلَنَا وَ طَلَبَ بِثَأْرِنَا فَرَحِمَ اللَّهُ أَبَاكَ وَ كَرَّرَهَا ثَلَاثاً مَا تَرَكَ لَنَا حَقّاً عِنْدَ أَحَدٍ إِلَّا طَلَبَهُ.
وَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ: كُنْتُ أَزُورُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً فِي وَقْتِ الْحَجِّ فَأَتَيْتُهُ سَنَةً وَ إِذَا عَلَى فَخِذِهِ صَبِيٌّ فَقَامَ الصَّبِيُّ فَوَقَعَ عَلَى عَتَبَةِ الْبَابِ فَانْشَجَّ فَوَثَبَ إِلَيْهِ مُهَرْوِلًا فَجَعَلَ يُنَشِّفُ دَمَهُ وَ يَقُولُ إِنِّي أُعِيذُكَ أَنْ تَكُونَ الْمَصْلُوبَ فِي الْكُنَاسَةِ قُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي وَ أَيُّ كُنَاسَةٍ قَالَ كُنَاسَةُ الْكُوفَةِ قُلْتُ وَ يَكُونُ ذَلِكَ قَالَ إِي وَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ لَئِنْ عِشْتَ بَعْدِي لَتَرَيَنَّ هَذَا الْغُلَامَ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ نَوَاحِي الْكُوفَةِ وَ هُوَ مَقْتُولٌ مَدْفُونٌ مَنْبُوشٌ مَسْحُوبٌ مَصْلُوبٌ فِي الْكُنَاسَةِ ثُمَّ يُنْزَلُ فَيُحْرَقُ وَ يُذْرَى فِي الْبَرِّ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ مَا اسْمُ هَذَا الْغُلَامِ فَقَالَ ابْنِي زَيْدٌ ثٌمَّ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ وَ قَالَ لَأُحَدِّثَنَّكَ بِحَدِيثِ ابْنِي هَذَا بَيْنَا أَنَا لَيْلَةً سَاجِدٌ وَ رَاكِعٌ ذَهَبَ بِيَ النَّوْمُ فَرَأَيْتُ كَأَنِّي فِي الْجَنَّةِ وَ كَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ وَ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ قَدْ زَوَّجُونِي حَوْرَاءَ مِنْ حُورِ الْعِينِ فَوَاقَعْتُهَا وَ اغْتَسَلْتُ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَ وَلَّيْتُ هَتَف‏

351
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

بِي هَاتِفٌ لِيَهْنِئْكَ زَيْدٌ فَاسْتَيْقَظْتُ وَ تَطَهَّرْتُ وَ صَلَّيْتُ صَلَاةَ الْفَجْرِ فَدَقَّ الْبَابَ رَجُلٌ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا مَعَهُ جَارِيَةٌ مَلْفُوفٌ كُمُّهَا عَلَى يَدِهِ مُخَمَّرَةٌ بِخِمَارٍ قُلْتُ حَاجَتُكَ قَالَ أُرِيدُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ قُلْتُ أَنَا هُوَ قَالَ أَنَا رَسُولُ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيِّ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ وَقَعَتْ هَذِهِ الْجَارِيَةُ فِي نَاحِيَتِنَا فَاشْتَرَيْتُهَا بِسِتِّمِائَةِ دِينَارٍ وَ هَذِهِ سِتُّمِائَةِ دِينَارٍ فَاسْتَعِنْ بِهَا عَلَى دَهْرِكَ وَ دَفَعَ إِلَيَّ كِتَاباً كَتَبْتُ جَوَابَهُ وَ قُلْتُ مَا اسْمُكِ قَالَتْ حَوْرَاءُ فَهَيَّئُوهَا لِي وَ بِتُّ بِهَا عَرُوساً فَعَلِقَتْ بِهَذَا الْغُلَامِ فَأَسْمَيْتُهُ زَيْداً وَ سَتَرَى مَا قُلْتُ لَكَ قَالَ أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ كُلَّ مَا ذَكَرَهُ ع فِي زَيْدٍ.
و روي عن عمر بن علي ع أن المختار أرسل إلى علي بن الحسين عشرين ألف دينار فقبلها و بنى منها دار عقيل بن أبي طالب و دارهم التي هدمت.
و كان المختار ذا مقول مشحوذ الغرار مأمون العثار إن نثر سجع و إن نطق برع ثابت الجنان مقدم الشجعان ما حدس إلا أصاب و لا تفرس قط خاب و لو لم يكن كذلك لما قام بأدوات المفاخر و رأس على الأمراء و العساكر و ولى علي ع عمه على المدائن عاملا و المختار معه فلما ولي المغيرة بن شعبة الكوفة من قبل معاوية رحل المختار إلى المدينة و كان يجالس محمد بن الحنفية و يأخذ عنه الأحاديث فلما عاد إلى الكوفة ركب مع المغيرة يوما فمر بالسوق فقال المغيرة يا لها غارة و يا له جمعا إني لأعلم كلمة لو نعق لها ناعق و لا ناعق لها لاتبعوه و لا سيما الأعاجم الذين إذا ألقي إليهم الشي‏ء قبلوه فقال له المختار و ما هي يا عم قال يستأدون بآل محمد فأغضى عليها المختار و لم يزل ذلك في نفسه ثم جعل يتكلم بفضل آل محمد و ينشر مناقب علي و الحسن و الحسين ع و يسير ذلك و يقول إنهم أحق بالأمر من كل أحد بعد رسول الله و يتوجع لهم مما نزل بهم ففي بعض الأيام لقيه معبد بن خالد الجدلي جديلة قيس فقال له يا معبد إن أهل الكتب ذكروا أنهم يجدون رجلا من ثقيف يقتل الجبارين و ينصر

352
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

المظلومين و يأخذ بثأر المستضعفين و وصفوا صفته فلم يذكروا صفة في الرجل إلا و هي فيّ غير خصلتين أنه شابّ و قد جاوزت الستين و أنه رديّ البصر و أنا أبصر من عقاب فقال معبد أما السنّ فإن ابن ستين و سبعين عند أهل ذلك الزمان شاب و أما بصرك فما تدري ما يحدث الله فيه لعله يكلّ قال عسى فلم يزل على ذلك حتى مات معاوية و ولي يزيد و وجه الحسين ع مسلم بن عقيل إلى الكوفة فأسكنه المختار داره و بايعه فلما قتل مسلم رحمه الله سعي بالمختار إلى عبيد الله بن زياد فأحضره و قال له يا ابن عبيد أنت المبايع لأعدائنا فشهد له عمرو بن حريث أنه لم يفعل فقال عبيد الله لو لا شهادة عمرو لقتلتك و شتمه و ضربه بقضيب في يده فشتر عينه و حبسه و حبس أيضا عبد الله بن الحارث بن عبد المطلب و كان في الحبس ميثم التمار رحمه الله فطلب عبد الله حديدة يزيل بها شعر بدنه و قال لا آمن ابن زياد يقتلني فأكون قد ألقيت ما علي من الشعر فقال المختار و الله لا يقتلك و لا يقتلني و لا يأتي عليك إلا قليل حتى تلي البصرة فقال ميثم للمختار و أنت تخرج ثائرا بدم الحسين فتقتل هذا الذي يريد قتلنا و تطأ بقدميك على وجنتيه و لم يزل ذلك يتردد في صدره حتى قتل الحسين ع كتب المختار إلى أخته صفية بنت أبي عبيد و كانت زوجة عبد الله بن عمر تسأله مكاتبة يزيد بن معاوية فكتب إليه فقال يزيد نشفع أبا عبد الرحمن و كلمته هند بنت أبي سفيان في عبد الله بن الحارث و هي خالته فكتب إلى عبيد الله فأطلقهما بعد أن أجل المختار ثلاثة أيام ليخرج من الكوفة و إن تأخر عنها ضرب عنقه فخرج هاربا نحو الحجاز حتى إذا صار بواقصة لقي الصقعب بن زهير الأزدي فقال يا أبا إسحاق ما لي أرى عينك على هذه الحال قال فعل بي ذلك عبيد الله بن زياد قتلني الله إن لم أقتله و أقطع أعضاءه و لأقتلن بالحسين عدد الذين قتلوا بيحيى بن زكريا و هم سبعون ألفا ثم قال و الذي أنزل القرآن و بين الفرقان و شرع الأديان و كره العصيان لأقتلن العصاة من أزد عمان و مذحج و همدان و نهد و خولان‏

353
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

و بكر و هزان و ثعل و نبهان و عبس و ذبيان و قبائل قيس عيلان غضبا لابن بنت نبي الرحمن نعم يا صقعب و حق السميع العليم العلي العظيم العدل الكريم العزيز الحكيم الرحمن الرحيم لأعركن عرك الأديم بني كندة و سليم و الأشراف من تميم ثم سار إلى مكة.
قال ابن العرق رأيت المختار اشتر العين فسألته فقال شترها ابن زياد يا ابن العرق إن الفتنة أرعدت و أبرقت و كان قد أينعت و ألقت خطامها و خبطت و شمست و هي رافعة ذيلها و قائلة ويلها بدجلة و حولها.
فلم يزل على ذلك حتى مات يزيد يوم الخميس لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة ثلاث و ستين و قيل سنة أربع و عمره على الخلاف فيه ثمان و ثلاثون سنة و كان مدة خلافته سنتين و ثمانية أشهر و خلف أحد عشر ولدا منهم أبو ليلى معاوية و بويع له بالشام و خلع نفسه و قد ذكرت حديثه في المقتل و أخوه خالد أمه بنت هاشم بن عتبة بن عبد الشمس تزوجها مروان بن الحكم بعد يزيد و فيها قال الشاعر.
         أسلمي أم خالد             رب ساع لقاعد
 و في تلك السنة بويع لعبد الله بن الزبير بالحجاز و لمروان بن الحكم بالشام و لعبيد الله بن زياد بالبصرة.
و أما أهل العراق فإنهم وقعوا في الحيرة و الأسف و الندم على تركهم نصرة الحسين ع و كان عبيد الله بن الحر بن المجمع بن حريم الجعفي من أشراف أهل الكوفة و كان قد مشى إلى الحسين و ندبه إلى الخروج معه فلم يفعل ثم تداخله الندم حتى كادت نفسه تفيض فقال.
         فيا لك حسرة ما دمت حيا             تردد بين حلقي و التراقي‏
             حسين حين يطلب بذل نصري             على أهل الضلالة و النفاق‏
             غداة يقول لي بالقصر قولا             أ تتركنا و تزمع بالفراق‏
             و لو إني أواسيه بنفسي             لنلت كرامة يوم التلاق‏

354
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

         مع ابن المصطفى نفسي فداه             تولى ثم ودع بانطلاق‏
             فلو فلق التلهف قلب حي             لهم اليوم قلبي بانقلاق‏
             فقد فاز الأولى نصروا حسينا             و خاب الآخرون أولو النفاق «1»
 و لم يكن في العراق من يصلح للقتال و النجدة و البأس إلا قبائل العرب بالكوفة فأول من نهض سليمان بن صرد الخزاعي و كانت له صحبة مع النبي ص و مع علي ع و المسيب بن نجبة الفزاري و هو من كبار الشيعة و له صحبة مع علي ع و عبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي و رفاعة بن شداد البجلي و عبد الله بن وأل التيمي من بني تيم اللات بن ثعلبة و اجتمعوا في دار سليمان و معهم أناس من الشيعة فبدأ سليمان بالكلام فحمد الله و أثنى عليه و قال أما بعد فقد ابتلينا بطول العمر و التعرض للفتن و نرغب إلى ربنا أن لا يجعلنا ممن يقول له أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَ جاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ وَ قَالَ عَلِيٌّ ع الْعُمُرُ الَّذِي أَعْذَرَ اللَّهُ فِيهِ ابْنَ آدَمَ سِتُّونَ سَنَةً و ليس فينا إلا من قد بلغها و كنا مغرمين بتزكية أنفسنا و مدح شيعتنا حتى بلى الله خيارنا فوجدنا كذابين في نصر ابن بنت رسول الله ص و لا عذر دون أن تقتلوا قاتليه فعسى ربنا أن يعفو عنا.
قال رفاعة بن شداد قد هداك الله لأصوب القول و دعوت إلى أرشد الأمور جهاد الفاسقين و إلى التوبة من الذنب فمسموع منك مستجاب لك مقبول قولك فإن رأيتم ولينا هذا الأمر شيخ الشيعة صاحب رسول الله سليمان بن صرد.
فقال المسيب بن نجبة أصبتم و وفقتم و أنا أرى الذي رأيتم فاستعدوا للحرب.
و كتب سليمان كتابا إلى من كان بالمدائن من الشيعة من أهل الكوفة و حمله مع عبد الله بن مالك الطائي إلى سعد بن حذيفة بن اليمان يدعوهم إلى أخذ الثأر فلما وقفوا على الكتاب قالوا رأينا مثل رأيهم و كتب سعد بن حذيفة الجواب بذلك.
__________________________________________________
 (1) في الأصل: الى النفاق، و هو تصحيف، و في مقتل الخوارزمي ج 1 ص 228:
ذوو النفاق.

355
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

و كتب سليمان إلى المثنى بن مخرمة العبدي كتابا و بعثه مع ظبيان بن عمارة التميمي من بني سعد فكتب المثنى الجواب أما بعد فقد قرأت كتابك و أقرأته إخوانك فحمدوا رأيك و استجابوا لك فنحن موافوك إن شاء الله للأجل الذي ضربت و السلام عليك و كتب في أسفل كتابه.
         تبصر كأني قد أتيتك معلما             على أبلغ الهادي أجش هزيم‏
             طويل القرا نهد أشق مقلص             ملح على قارئ اللجام رءوم‏
             بكل فتى لا يملأ الدرع نحره             محش لنار الحرب غير سؤم‏
             أخي ثقة يبغي الإله بسعيه             ضروب بنصل السيف غير أثيم.
و ذكر محمد بن جرير الطبري في تاريخه أن أول ما ابتدأ به الشيعة من أمرهم سنة إحدى و ستين و هي السنة التي قتل فيها الحسين فما زالوا في جمع آلة الحرب و الاستعداد للقتال و دعاء الشيعة بعضهم لبعض في السر للطلب بدم الحسين ع حتى مات يزيد بن معاوية و كان بين مقتل الحسين ع و هلاك يزيد ثلاث سنين و شهران و أربعة أيام و كان أمير العراق عبيد الله و خليفته بالكوفة عمرو بن حريث المخزومي و كان عبد الله بن الزبير قبل موت يزيد يدعو الناس إلى طلب ثأر الحسين و أصحابه و يغريهم بيزيد و يوثبهم عليه فلما مات يزيد أعرض عن ذلك القول و بان أنه يطلب الملك لنفسه لا للثأر.
و ذكر المدائني عن رجاله أن المختار لما قدم على عبد الله بن الزبير لم ير عنده ما يريد فقال.
         ذو مخاريق و ذو مندوحة             و ركابي حيث وجهت ذلل‏
             لا تبيتن منزلا تكرهه             و إذا زلت بك النعل فزل‏
 فخرج المختار من مكة متوجها إلى الكوفة فلقيه هانئ بن أبي حية الوداعي فسأله عن أهلها فقال لو كان لهم رجل يجمعهم على شي‏ء واحد لأكل الأرض بهم فقال المختار أنا و الله أجمعهم على الحق و ألقي بهم ركبان الباطل و أقتل بهم كل جبار عنيد إن شاء الله و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ثم سأله المختار عن سليمان‏

356
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

بن صرد هل توجه لقتال المحلين قال لا و لكنهم عازمون على ذلك ثم سار المختار حتى انتهى إلى نهر الحيرة و هو يوم الجمعة فنزل و اغتسل و لبس ثيابه و تقلد سيفه و ركب فرسه و دخل الكوفة نهارا لا يمر على مسجد القبائل و مجالس القوم و مجتمع المحال إلا وقف و سلم و قال أبشروا بالفرج فقد جئتكم بما تحبون و أنا المسلط على الفاسقين و الطالب بدم أهل بيت نبي رب العالمين.
ثم دخل الجامع و صلى فيه فرأى الناس ينظرون إليه و يقول بعضهم لبعض هذا المختار ما قدم إلا لأمر و نرجو به الفرج و خرج من الجامع و نزل داره و يعرف قديما بسالم بن المسيب ثم بعث إلى وجوه الشيعة و عرفهم أنه جاء من محمد بن الحنفية للطلب بدماء أهل البيت و هذا أمر لكم فيه الشفاء و قتل الأعداء فقالوا أنت موضع ذلك و أهله غير أن الناس قد بايعوا سليمان بن صرد الخزاعي فهو شيخ الشيعة اليوم فلا تعجل في أمرك فسكت المختار و أقام ينتظر ما يكون من أمر سليمان و الشيعة حينئذ يريدون أمرهم سرا خوفا من عبد الملك بن مروان و من عبد الله بن الزبير و كان خوف الشيعة من أهل الكوفة أكثر لأن أكثرهم قتلة الحسين ع و صار المختار يفخذ الناس عن سليمان بن صرد و يدعوهم إلى نفسه فأول من بايعه و ضرب على يده عبيد بن عمر و إسماعيل بن كثير فقال عمر بن سعد و شبث بن ربعي لأهل الكوفة إن المختار أشد عليكم لأن سليمان إنما خرج يقاتل عدوكم و المختار إنما يريد أن يثب عليكم فسيروا إليه و أوثقوه بالحديد و خلدوه السجن فما شعر حتى أحاطوا بداره و استخرجوه فقال إبراهيم بن محمد بن طلحة لعبد الله بن يزيد أوثقه كتافا و مشه حافيا فقال له لم أفعل هذا برجل لم يظهر لنا عداوة و لا حربا إنما أخذناه على الظن فأتي ببغلة له دهماء فركبها و أدخلوه السجن قال يحيى بن أبي عيسى دخلت مع حميد بن مسلم الأزدي إلى المختار فسمعته يقول أما و رب البحار و النخل و الأشجار و المهامة القفار و الملائكة الأبرار و المصطفين الأخيار لأقتلن كل جبار بكل لدن خطار و مهند بتار في‏

357
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

جموع من الأنصار ليسوا بميل و لا أغمار و لا بعزل أشرار حتى إذا أقمت عمود الدين و رأيت صدع المسلمين و أدركت ثأر النبيين لم يكبر على زوال الدنيا و لم أحفل بالموت إذ أتى.
المرتبة الثانية في ذكر رجال سليمان بن صرد و خروجه و مقتله.
لما أراد النهوض بعسكره من النخيلة و هي العباسية مستهل شهر ربيع الآخر سنة خمس و ستين و هي السنة التي أمر مروان بن الحكم أهل الشام بالبيعة من بعده لابنيه عبد الملك و عبد العزيز و جعلهما وليي عهده و فيها مات مروان بدمشق مستهل شهر رمضان و كان عمره إحدى و ثمانين سنة و كانت خلافته تسعة أشهر و كان عبيد الله بالعراق فسار حتى نزل الجزيرة فأتاه الخبر بموت مروان و خرج سليمان بن صرد ليرحل فرأى عسكره فاستقله فبعث حكيم بن منقذ الكندي و الوليد بن حصين الكناني في جماعة و أمرهما بالنداء في الكوفة يا آل ثأرات الحسين ع.
فسمع النداء رجل من كثير من الأزد و هو عبد الله بن حازم و عنده ابنته و امرأته سهلة بن سبرة و كانت من أجمل النساء و أحبهم إليه و لم يكن دخل في القوم فوثب إلى ثيابه فلبسها و إلى سلاحه و فرسه قالت له زوجته ويحك أ جننت قال لا و لكني سمعت داعي الله عز و جل فأنا مجيبة و طالب بدم هذا الرجل حتى أموت فقالت إلى من تودع بيتك هذا قال إلى الله اللهم إني أستودعك ولدي و أهلي اللهم احفظني فيهم و تب علي مما فرطت في نصرة ابن بنت نبيك.
ثم نادوا يا آل ثأرات الحسين في الجامع و الناس يصلون العشاء الآخرة فخرج جمع كثير إلى سليمان و كان معه ستة عشر ألفا مثبتة في ديوانه فلم يصف منهم سوى أربعة آلاف و عزم على المسير إلى الشام لمحاربة عبيد الله بن زياد فقال‏

358
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

له عبد الله بن سعد إن قتلة الحسين كلهم بالكوفة منهم عمر بن سعد و رءوس الأرباع و أشراف القبائل و ليس بالشام سوى عبيد الله بن زياد فلم يوافق إلا على المسير.
فخرج عشية الجمعة لخمس مضين من شهر ربيع الآخر كما ذكرنا فباتوا بدير الأعور ثم سار فنزل على أقساس بني مالك على شاطئ الفرات ثم أصبحوا عند قبر الحسين ع فأقاموا يوما و ليلة يصلون و يستغفرون ثم ضجوا ضجة واحدة بالبكاء و العويل فلم ير يوم أكثر بكاء فيه و ازدحموا عند الوداع على قبره كالزحام على الحجر الأسود و قام في تلك الحال وهب بن زمعة الجعفي باكيا على القبر و أنشد أبيات عبيد الله بن الحر الجعفي.
         تبيت النشاوى من أمية نوما             و بالطف قتلى ما ينام حميمها
             و ما ضيع الإسلام إلا قبيلة             تأمر نوكاها و دام نعيمها
             و أضحت قناة الدين في كف ظالم             إذا اعوج منها جانب لا يقيمها
             فأقسمت لا تنفك نفسي حزينة             و عيني تبكي لا يجف سجومها
             حياتي أو تلقى أمية خزيه             يذل لها حتى الممات قرومها.
و كان مع الناس عبد الله بن عوف الأحمر على فرس كميت يتأكل تأكلا «1» و هو يقول‏
          خرجن يلمعن بنا أرسالا             عوابسا قد تحمل الأبطالا
             نريد أن نلقى بها الأقيالا             الفاسقين الغدر الضلالا
             و قد رفضنا الأهل و الأموالا             و الخفرات البيض و الحجالا «2»
             نرجو به التحفة و النوالا             لنرضي المهيمن المفضالا
 فساروا حتى أتوا هيت ثم خرجوا حتى انتهوا إلى قرقيسا و بلغهم أن‏
__________________________________________________
 (1) أي يأكل نفسه من الغضب و الحرقة و التوهج و القياس أن يقال يأتكل كما قال الاعشى:
         أبلغ يزيد بنى شيبان مألكة             أبا ثبيت أ ما تنفك تأتكل
 (2) جمع حجلة بيت العروس يزين بالثياب و الاسرة و الستور.

359
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

أهل الشام في عدد كثير فساروا سيرا مغذا حتى وردوا عين الوردة عن يوم و ليلة ثم قام سليمان بن صرد فوعظهم و ذكرهم الدار الآخرة و قال إن قتلت فأميركم المسيب بن نجبة فإن أصيب المسيب فالأمير عبد الله بن سعيد بن نفيل فإن أصيب فأخوه خالد بن سعد فإن قتل خالد فالأمير عبد الله بن وأل فإن قتل ابن وأل فأميركم رفاعة بن شداد.
ثم بعث سليمان المسيب بن نجبة في أربعة آلاف فارس رائدا و أن يشن عليهم الغارة قال حميد بن مسلم كنت معهم فسرنا يومنا كله و ليلتنا حتى إذا كان السحر نزلنا و هومنا «1» ثم ركبنا و قد صلينا الصبح ففرق العسكر و بقي معه مائة فارس فلقي أعرابيا فقال كم بيننا و بين أدنى القوم فقال ميل أقول و الميل أربعة آلاف ذراع و كل ثلاثة أميال فرسخ و هذا عسكر شراحيل بن ذي الكلاع «2» من قبل عبيد الله معه أربعة آلاف و من ورائهم الحصين بن نمير السكوني في أربعة آلاف و من ورائهم الصلت بن ناجية الغلابي في أربعة آلاف و جمهور العسكر مع عبيد الله بن زياد بالرقة.
فساروا حتى أشرفوا على عسكر الشام فقال المسيب لأصحابه كروا عليهم فحمل عسكر العراق فانهزموا فقتل منهم خلق كثير و غنموا منهم غنيمة عظيمة و أمرهم المسيب بالعود فرجعوا إلى سليمان بن صرد و وصل الخبر إلى عبيد الله فسرح إليهم الحصين بن نمير و أتبعه بالعساكر حتى نزل في عشرين ألفا و عسكر العراق يومئذ ثلاثة آلاف و مائة لا غير.
ثم تهيأ العساكر للحرب فكان على ميمنة أهل الشام عبد الله بن الضحاك بن قيس الفهري و على ميسرتهم مخارق بن ربيعة الغنوي و على الجناح شراحيل بن ذي الكلاع الحميري و في القلب الحصين بن نمير السكوني ثم جعل أهل العراق على ميمنتهم المسيب بن نجبة الفزاري و على ميسرتهم عبد الله بن سعد بن‏
__________________________________________________
 (1) التهويم: النوم القليل شبه النعاس.
 (2) و يقال: شرحبيل أيضا راجع الاستيعاب و الإصابة ترجمة ذى الكلاع.

360
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

نفيل الأزدي و على الجناح رفاعة بن شداد البجلي و على القلب الأمير سليمان بن صرد الخزاعي و وقف العسكر فنادى أهل الشام ادخلوا في طاعة عبد الملك بن مروان و نادى أهل العراق سلموا إلينا عبيد الله بن زياد و أن يخرج الناس من طاعة عبد الملك و آل الزبير و يسلم الأمر إلى أهل بيت نبينا فأبى الفريقان و حمل بعضهم على بعض و جعل سليمان بن صرد يحرضهم على القتال و يبشرهم بكرامة الله ثم كسر جفن سيفه و تقدم نحو أهل الشام و هو يقول‏
          إليك ربي تبت من ذنوبي             و قد علاني في الورى مشيبي‏
             فارحم عبيدا عرما تكذيب             و اغفر ذنوبي سيدي و حوبي‏
 قال حميد بن مسلم حملت ميمنتنا على ميسرتهم و حملت ميسرتنا على ميمنتهم و حمل سليمان في القلب فهزمناهم و ظفرنا بهم و حجز الليل بيننا و بينهم ثم قاتلناهم في الغد و بعده حتى مضت ثلاثة أيام ثم أمرهم الحصين بن نمير لأهل الشام برمي النبل فأتت السهام كالشرار المتطائر فقتل سليمان بن صرد ره فلقد بذل في أهل الثأر مهجته و أخلص لله توبته و قد قلت هذين البيتين حيث مات مبرأ من العتب و الشين.
         قضى سليمان نحبه فغدا             إلى جنان و رحمة البارئ‏
             مضى حميدا في بذل مهجته             و أخذه للحسين بالثأر
 ثم أخذ الراية المسيب بن نجبة فقاتل قتالا خرت له الأذقان و أثر في ذلك الجيش الجم الطعان ثلاث مرات و كان من أعظم الشجعان قتالا و أكرهم على الأعداء نكالا و هو يقول‏
          قد علمت ميالة الذوائب             واضحة الخدين و الترائب‏
             إني غداة الروع و التغالب             أشجع من ذي لبدة مواثب‏
             قصاع أقران مخوف الجانب.
فلم يزل يكر عليهم فيفرون بين يديه حتى تكاثروا فقتلوه.
ثم أخذ الراية عبد الله بن سعد بن نفيل ثم حمل على القوم و طعن و هو يقول‏

361
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

         ارحم إلهي عبدك التوابا             و لا تؤاخذه فقد أنابا
             و فارق الأهلين و الأحبابا             يرجو بذاك الفوز و الثوابا
 فلم يزل يقاتل حتى قتل.
ثم تقدم أخوه خالد بن سعد بالراية و حرضهم على القتال و رغبهم في حميد المآل فقاتل أشد قتال و نكل بهم أي نكال حتى قتل.
و تقدم عبد الله بن وأل فأخذ الراية و قاتل حتى قطعت يده اليسرى ثم استند إلى أصحابه و يده تشخب دما ثم كر عليهم و هو يقول‏
          نفسي فداكم اذكروا الميثاقا             و صابروهم و احذروا النفاقا
             لا كوفة نبغي و لا عراقا             لا بل نريد الموت و العتاقا
 و قاتل حتى قتل فبينما هم كذلك إذ جاءتهم النجدة مع المثنى بن مخرمة العبدي من البصرة و من المدائن مع كثير بن عمرو الحنفي فاشتدت قلوب أهل العراق بهم و اجتمعوا و كبروا و اشتد القتال فتقدم رفاعة بن شداد نحو صفوف الشام و هو يرتجز و يقول‏
          يا رب إني تائب إليكا             قد اتكلت سيدي عليكا
             قدما أرجي الخير من يديكا             فاجعل ثوابي أملي إليكا.
قال عبد الله بن عوف الأزدي و اشتد القتال حتى بان في أهل العراق الضعف و القلة و تحدثوا في ترك القتال فبعضهم يوافق و بعضهم يقول إن ولينا ركبنا السيف فلا نمشي فرسخا حتى لا يبقى منا واحد و إنما نقاتل حتى يأتي الليل و نمضي ثم تقدم عبد الله بن عوف إلى الراية فرفعها و اقتتلوا أشد قتال فقتل جماعة من أهل العراق و انفلت الجموع و افترق الناس و عاد العسكر حتى وصلوا قرقيسا من جانب البر و جاء سعد بن حذيفة إلى هيت فلقيه الأعراب فأخبروه بما لقي الناس ثم عاد أهل المدائن و أهل البصرة و أهل الكوفة إلى بلادهم و المختار محبوس و كان يقول لأصحابه عدوا لغارتكم هذا أكثر من عشر و دون الشهر ثم يجيئكم نبأ هتر من طعن بتر و ضرب هبر و قتل جم و أمر هم‏

362
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

فمن لها أنا لها لا تكذبن أنا لها و كان المختار يأخذ أفعاله بالرجز و الفراسة و الخدع و حسن السياسة.
قال المرزباني في كتاب الشعراء كان له غلام اسمه جبرئيل و كان يقول قال لي جبرئيل و قلت لجبرئيل فيتوهم الأعراب و أهل البوادي أنه جبرئيل ع فاستحوذ عليهم بذلك حتى انتظمت له الأمور و قام بإعزاز الدين و نصره و كسر الباطل و قصره.
و لما قدم أصحاب سليمان بن صرد من الشام كتب إليهم المختار من الحبس أما بعد فإن الله أعظم لكم الأجر و حط عنكم الوزر بمفارقة القاسطين و جهاد المحلين إنكم لن تنفقوا نفقة و لم تقطعوا عقبة و لم تخطوا خطوة إلا رفع الله لكم بها درجة و كتب لكم حسنة فأبشروا فإني لو خرجت إليكم جردت فيما بين المشرق و المغرب من عدوكم بالسيف بإذن الله فجعلتهم ركاما و قتلتهم فذا و توأما فرحب الله لمن قارب و اهتدى و لا يبعد الله إلا من عصى و أبى و السلام يا أهل الهدى.
فلما جاء كتابه وقف عليه جماعة من رؤساء القبائل و أعادوا الجواب قرأنا كتابك و نحن حيث يسرك فإن شئت أن نأتيك حتى نخرجك من الحبس فعلنا فأخبره الرسول فسر باجتماع الشيعة له و قال لا تفعلوا هذا فإني أخرج في أيامي هذه و كان المختار قد بعث إلى عبد الله بن عمر بن الخطاب أما بعد فإني حبست مظلوما و ظن بي الولاة ظنونا كاذبة فاكتب في رحمك الله إلى هذين الظالمين و هما عبد الله بن يزيد و إبراهيم بن محمد كتابا عسى الله أن يخلصني من أيديهما بلطفك و منك و السلام عليك.
فكتب إليهما ابن عمر أما بعد فقد علمتما الذي بيني و بين المختار من الصهر و الذي بيني و بينكما من الود فأقسمت عليكما لما خليتما سبيله حين تنظران في كتابي هذا و السلام عليكما و رحمة الله و بركاته فلما قرأ الكتاب طلبا من المختار كفلاء فأتاه جماعة من أشراف الكوفة فاختارا منهم عشرة ضمنوه و حلفاه أن‏

363
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

لا يخرج عليهما فإن هو خرج فعليه ألف بدنة ينحرها لدى رتاج الكعبة و مماليكه كلهم أحرار فخرج و جاء داره.
قال حميد بن مسلم سمعت المختار يقول قاتلهم الله ما أجهلهم و أحمقهم حيث يرون أني أفي لهم بأيمانهم هذه أما حلفي بالله فإنه ينبغي إذا حلفت يمينا و رأيت ما هو أولى منها أن أتركها و أعمل الأولى و أكفر عن يميني و خروجي خير من كفي عنهم و أما هدي ألف بدنة فهو أهون علي من بصقة و ما يهولني ثمن ألف بدنة و أما عتق مماليكي فو الله لوددت أنه استتب لي أمري من أخذ الثأر ثم لم أملك مملوكا أبدا.
و لما استقر في داره اختلفت الشيعة إليه و اجتمعت عليه و اتفقوا على الرضا به و كان قد بويع له و هو في السجن و لم يزل يكثرون و أمرهم يقوى و يشتد حتى عزل عبد الله بن الزبير الواليين من قبله و هما عبد الله بن زيد و إبراهيم بن محمد بن طلحة المذكورين و بعث عبد الله بن مطيع واليا على الكوفة و الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة على البصرة فدخل ابن مطيع إليها و بعث المختار إلى أصحابه فجمعهم في الدور حوله و أراد أن يثب على أهل الكوفة.
فجاء رجل من أصحابه من شبام عظيم الشرف و هو عبد الرحمن بن شريح فلقي جماعة منهم سعد بن منقذ و سعر بن أبي سعر الحنفي و الأسود الكندي و قدامة بن مالك الجشمي و قد اجتمعوا فقالوا له إن المختار يريد الخروج بنا للأخذ بالثأر و قد بايعناه و لا نعلم أرسله إلينا محمد بن الحنفية أم لا فانهضوا بنا إليه نخبره بما قدم به علينا فإن رخص لنا ابتعناه و إن نهانا تركناه فخرجوا و جاءوا إلى ابن الحنفية فسألهم عن الناس فخبروه و قالوا لنا إليك حاجة قال سر أم علانية قلنا بل سر قال رويدا إذن ثم مكث قليلا و تنحى و دعانا فبدأ عبد الرحمن بن شريح بحمد الله و الثناء و قال أما بعد فإنكم أهل بيت خصكم الله بالفضيلة و شرفكم بالنبوة و عظم حقكم على هذه الأمة و قد أصبتم بحسين مصيبة عمت المسلمين و قد قدم المختار يزعم أنه جاء من قبلكم و قد دعانا

364
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

إلى كتاب الله و سنة نبيه و الطلب بدماء أهل البيت فبايعناه على ذلك فإن أمرتنا باتباعه اتبعناه و إن نهيتنا اجتنبناه.
فلما سمع كلامه و كلام غيره حمد الله و أثنى عليه و صلى على النبي و قال أما ما ذكرتم مما خصنا الله فإن الفضل لله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ و أما مصيبتنا بالحسين فذلك في الذكر الحكيم و أما الطلب بدمائنا.
قال جعفر بن نما مصنف هذا الكتاب فقد رويت عن والدي رحمة الله عليه أنه قال لهم قوموا بنا إلى إمامي و إمامكم علي بن الحسين فلما دخل و دخلوا عليه أخبر خبرهم الذي جاءوا لأجله قال يا عم لو أن عبدا زنجيا تعصب لنا أهل البيت لوجب على الناس موازرته و قد وليتك هذا الأمر فاصنع ما شئت فخرجوا و قد سمعوا كلامه و هم يقولون أذن لنا زين العابدين ع و محمد بن الحنفية.
و كان المختار علم بخروجهم إلى محمد بن الحنفية و كان يريد النهوض بجماعة الشيعة قبل قدومهم فلما تهيأ ذلك له و كان يقول إن نفيرا منكم تحيروا و ارتابوا فإن هم أصابوا أقبلوا و أنابوا و إن هم كبوا و هابوا و اعترضوا و انجابوا فقد خسروا و خابوا فدخل القادمون من عند محمد بن الحنفية فقال ما وراءكم فقد فتنتم و ارتبتم فقالوا قد أمرنا بنصرتك فقال أنا أبو إسحاق اجمعوا إلي الشيعة فجمع من كان قريبا فقال يا معشر الشيعة إن نفرا أحبوا أن يعلموا مصداق ما جئت به فخرجوا إلى إمام الهدى و النجيب المرتضى و ابن المصطفى المجتبى يعني زين العابدين ع فعرفهم أني ظهيره و رسوله و أمركم باتباعي و طاعتي و قال كلاما يرغبهم إلى الطاعة و الاستنفار معه و أن يعلم الحاضر الغائب.
و عرفه قوم أن جماعة من أشراف الكوفة مجتمعون على قتالك مع ابن مطيع و متى جاء معنا إبراهيم بن الأشتر رجونا بإذن الله تعالى القوة على عدونا فله عشيرة فقال القوه و عرفوا الإذن لنا في الطلب بدم الحسين و أهل بيته فعرفوه فقال قد أجبتكم على أن تولوني الأمر فقالوا له أنت أهل و لكن ليس‏

365
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

إليه سبيل هذا المختار قد جاءنا من قبل إمام الهدى و من نائبه محمد بن الحنفية و هو المأذون له في القتال فلم يجب فانصرفوا و عرفوه المختار.
فبقي ثلاثا ثم إنه دعا جماعة من وجوه أصحابه قال عامر الشعبي و أنا و أبي فيهم فسار المختار و هو أمامنا يقد بنا بيوت الكوفة لا يدري أين يريد حتى وقف على باب إبراهيم فأذن له و ألقيت الوسائد فجلسنا عليها و جلس المختار معه على فراشه و قال هذا كتاب محمد بن أمير المؤمنين ع يأمرك أن تنصرنا فإن فعلت اغتبطت و إن امتنعت فهذا الكتاب حجة عليك و سيغني الله محمدا و أهل بيته عنك و كان المختار قد سلم الكتاب إلى الشعبي فلما تم كلامه قال ارفع الكتاب إليه ففض ختمه و هو كتاب طويل فيه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ من محمد المهدي إلى إبراهيم بن الأشتر سلام عليك قد بعثت إليك المختار و من ارتضيته لنفسي و قد أمرته بقتال عدوي و الطلب بدماء أهل بيتي فامض معه بنفسك و عشيرتك و تمام الكتاب بما يرغب إبراهيم في ذلك.
فلما قرأ الكتاب قال ما زال يكتب إلي اسمه و اسم أبيه فما باله و يقول في هذا الكتاب المهدي قال المختار ذاك زمان قال إبراهيم من يعلم أن هذا كتاب ابن الحنفية إلي قال يزيد بن أنس و أحمر بن سقيط و عبد الله بن كامل و غيرهم نحن نعلم و نشهد أنه كتاب محمد إليك قال الشعبي إلا أنا و أبي لا نعلم فعند ذلك تأخر إبراهيم عن صدر الفراش و أجلس المختار عليه و قال ابسط يدك فبسط يده فبايعه و دعا بفاكهة و شراب من عسل فأصبنا منه فأخرجنا معنا إبراهيم إلى أن دخل المختار داره.
فلما رجع أخذ بيدي و قال يا شعبي علمت أنك لا تشهد و لا أبوك أ فترى هؤلاء شهدوا على حق قلت شهدوا على ما رأيت و فيهم سادة القراء و مشيخة المصر و فرسان العرب و ما يقول مثل هؤلاء إلا حقا.
و كان إبراهيم رحمه الله ظاهر الشجاعة واري زناد الشهامة نافذ حد الصرامة

366
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

مشمرا في محبة أهل البيت عن ساقيه متلقيا راية النصح لهم بكلتا يديه فجمع عشيرته و إخوانه و أهل مودته و أعوانه و كان يتردد بهم إلى المختار عامة الليل و معه حميد بن مسلم الأزدي حتى تصوب النجوم و تنقض الرجوم و أجمع رأيهم أن يخرجوا يوم الخميس لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر سنة ست و ستين و كان إياس بن مضارب صاحب شرطة عبد الله بن مطيع أمير الكوفة فقال له إن المختار خارج عليك لا محالة فخذ حذرك ثم خرج إياس مع الحرس و بعث ولده راشدا إلى الكناسة و جاء هو إلى السوق و أنفذ ابن مطيع إلى الجبانات من شحنها بالرجال يحرسها من أهل الريبة و خرج إبراهيم بعد المغرب إلى المختار و معه جماعة عليهم الدروع و فوقها الأقبية و قد أحاط الشرط بالسوق و القصر لقي إياس بن مضارب أصحاب إبراهيم و هم متسلحون فقال ما هذا الجمع إن أمرك لمريب و لا أتركك حتى آتي بك إلى الأمير فامتنع إبراهيم و وقع التشاجر بينهم و مع إياس رجل من همدان اسمه أبا قطن قال له إبراهيم ادن مني لأنه صديقه فظن أنه يريد أن يجعله شفيعه في تخلية القوم و بيد أبي قطن رمح طويل فأخذه إبراهيم منه و طعن إياس بن مضارب في نحره فصرعه و أمرهم فاجتزوا رأسه و انهزم أصحابه و أقبل إبراهيم إلى المختار و عرفه ذلك فاستبشر و تفاءل بالنصر و الظفر ثم أمر بإشعال النار في هرادي القصب و بالنداء يا آل ثأرات الحسين و لبس درعه و سلاحه و هو يقول‏
          قد علمت بيضاء حسناء الطلل.             واضحة الخدين عجزاء الكفل‏
             إني غداة الروع مقدام بطل             لا عاجز فيها و لا وغد فشل‏
 فأقبل الناس من كل ناحية و جاء عبيد الله بن الحر الجعفي في قومه و تقاتلوا قتالا عظيما و شرد الناس و من كان في الطرق و الجبانات من أصحاب السلاح و استشعروا الحذر و تفرقوا في الأزقة خوفا من إبراهيم و أشار شبث بن ربعي على الأمير ابن مطيع بالقتال فعلم المختار فخرج في أصحابه حتى نزل دير هند مما يلي بستان زائدة في السبخة ثم جاء أبو عثمان النهدي في جماعة أصحابه إلى‏

367
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

الكوفة و نادوا يا آل ثأرات الحسين يا منصور أمت و هذه علامة بينهم يا أيها الحي المهتدون ألا إن أمين آل محمد قد خرج فنزل دير هند و بعثني إليكم داعيا و مبشرا فأخرجوا إليه رحمكم الله فخرجوا من الدور يتداعون و في هذا المعنى قلت هذه الأبيات متأسفا على ما فات كيف لم أكن من أصحاب الحسين ع في نصرته و لا من أصحاب المختار و جماعته.
         و لما دعا المختار للثأر أقبلت             كتائب من أشياع آل محمد
             و قد لبسوا فوق الدروع قلوبهم             و خاضوا بحار الموت في كل مشهد
             هم نصروا سبط النبي و رهطه             و دانوا بأخذ الثأر من كل ملحد
             ففازوا بجنات النعيم و طيبها             و ذلك خير من لجين و عسجد
             و لو أنني يوم الهياج لدى الوغى             لأعملت حد المشرفي المهند
             فوا أسفا إذ لم أكن من حماته             فأقتل فيهم كل باغ و معتد.
المرتبة الثالثة في وصف الوقعة مع ابن مطيع.
قال الوالبي و حميد بن مسلم و النعمان بن أبي الجعد خرجنا مع المختار فو الله ما انفجر الفجر حتى فرغ من تعبئة عسكره فلما أصبح تقدم و صلى بنا الغداة فقرأ و النازعات و عبس فو الله ما سمعنا إماما أفصح لهجة منه و نادى ابن مطيع في أصحابه فلما جاءوا بعث شبث بن ربعي في ثلاثة آلاف و راشد بن إياس في أربعة آلاف و حجار بن أبجر العجلي في ثلاثة آلاف و عكرمة بن ربعي و شداد بن أبجر و عبد الرحمن بن سويد في ثلاثة آلاف و تتابعت العساكر نحوا من عشرين ألفا فسمع المختار أصواتا مرتفعة و ضجة ما بين بني سليم و سكة البريد فأمر باستعلام ذلك فإذا هو شبث بن ربعي و معه خيل عظيمة و أتاه في الحال سعر بن أبي سعر الحنفي و ممن بايع المختار يركض من قبل مراد فلقي راشد بن إياس فأخبر المختار فأرسل إبراهيم بن الأشتر في تسعمائة فارس و ستمائة راجل‏

368
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

و نعيم بن هبيرة في ثلاثمائة فارس و ستمائة راجل و قدم المختار يزيد بن أنس في موضع مسجد شبث في تسعمائة فقاتلوهم حتى أدخلوهم البيوت و قتل من الفريقين جمع و قتل نعيم بن هبيرة و جاء إبراهيم فلقي راشد بن إياس و معه أربعة آلاف فارس فقال إبراهيم لأصحابه لا يهولنكم كثرتهم فلرب فئة قليلة غلبت فئة كثيرة وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ* فاشتد قتالهم و بصر خزيمة بن نصر العبسي براشد و حمل عليه فطعنه فقتله ثم نادى خزيمة قتلت راشدا و رب الكعبة فانهزم القوم و انكسروا و أجفلوا إجفال النعام و أطلوا عليهم كقطع الغمام و استبشر أصحاب المختار و حملوا على خيل الكوفة فجعلوا صفو حياتهم كدرا و ساقوهم حتى أوصلوهم إلى الموت زمرا حتى أوصلوهم السكك و أدخلوهم الجامع و حصروا الأمير ابن مطيع ثلاثا في القصر و نزل المختار بعد هذه الوقعة جانب السوق و ولى حصار القصر إبراهيم بن الأشتر.
فلما ضاق عليه و على أصحابه الحصار و علموا أنه لا تعويل لهم على مكر و لا سبيل إلى مفر أشاروا عليه أن يخرج ليلا في زي امرأة و يستتر في بعض دور الكوفة ففعل و خرج حتى صار إلى دار أبي موسى الأشعري فآووه و أما هم فإنهم طلبوا الأمان فآمنهم و خرجوا و بايعوه و صار يمنيهم و يستجر مودتهم و يحسن السيرة فيهم.
و لما خرج أصحاب ابن مطيع من القصر سكنه المختار ثم خرج إلى الجامع و أمر بالنداء الصلاة جامعة فاجتمع الناس و رقي المنبر ثم قال الحمد لله الذي وعد وليه النصر و عدوه الخسر وعدا مأتيا و أمرا مفعولا وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَرى‏ أيها الناس مدت لنا غاية و رفعت لنا راية فقيل في الراية ارفعوها و لا تضيعوها و في الغاية خذوها و لا تدعوها فسمعنا دعوة الداعي و قبلنا قول الراعي فكم من باغ و باغية و قتلى في الراعية ألا فبعدا لمن طغى و بغى و جحد و لغى و كذب و تولى ألا فهلموا عباد الله إلى بيعة الهدى و مجاهدة الأعداء و الذب عن الضعفاء من آل محمد المصطفى و أنا المسلط على المحلين المطالب بدم ابن نبي رب العالمين أما

369
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

و منشئ السحاب الشديد العقاب لأنبشن قبر ابن شهاب المفتري الكذاب المجرم المرتاب و لأنفين الأحزاب إلى بلاد الأعراب ثم و رب العالمين لأقتلن أعوان الظالمين و بقايا القاسطين.
ثم قعد على المنبر و وثب قائما و قال أما و الذي جعلني بصيرا و نور قلبي تنويرا لأحرقن بالمصر دورا و لأنبشن بها قبورا و لأشفين بها صدورا و لأقتلن بها جبارا كفورا ملعونا غدورا و عن قليل و رب الحرم و البيت المحرم و حق النون و القلم ليرفعن لي علم من الكوفة إلى إضم إلى أكناف ذي سلم من العرب و العجم ثم لأتخذن من بني تميم أكثر الخدم.
ثم نزل و دخل قصر الإمارة و انعكف عليه الناس للبيعة فلم يزل باسطا يده حتى بايعه خلق من العرب و السادات و الموالي و وجد في بيت المال بالكوفة تسعة آلاف ألف فأعطى كل واحد من أصحابه الذين قاتل بهم في حصر ابن مطيع و هم ثلاث آلاف و ثمانمائة رجل كل واحد منهم خمسمائة درهم و ستة آلاف رجل من الذين أتوه من بعد حصار القصر مائتين مائتين.
و لما علم أن ابن مطيع في دار أبي موسى الأشعري دعا عبد الله بن كامل الشاكري و دفع إليه عشرة آلاف درهم و أمره بحملها إليه و أن يقول له استعن بها على سفرك فإني أعلم أنه ما منعك إلا ضيق يدك.
فأخذها و مضى إلى البصرة و لم يمش إلى عبد الله بن الزبير حياء مما جرى عليه من المختار و استعمل على شرطته عبد الله بن كامل و على حرسه كيسان أبا عمر مولى عرينة «1» و عقد لعبد الله بن الحارث أخي الأشتر لأمه على إرمينية و لمحمد بن عطارد على آذربيجان و لعبد الرحمن بن سعد بن قيس على الموصل و لسعد بن حذيفة بن اليمان على حلوان و لعمر بن السائب على الري و همدان و فرق العمال بالجبال و البلاد و كان يحكم بين الخصوم حتى إذا شغلته أموره فولى شريحا قاضيا فلما سمع المختار أن عليا ع عزله أراد عزله فتمارض هو فعزله و ولاه عبد الله بن عتبة بن مسعود فمرض فجعل مكانه عبد الله بن مالك‏
__________________________________________________
 (1) عريبة خ

370
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

الطائي قاضيا. و كان مروان بن الحكم لما استقامت له الشام بالطاعة بعث جيشين أحدهما إلى الحجاز «1» و الآخر إلى العراق مع عبيد الله بن زياد لينهب الكوفة إذا ظفر بها ثلاثة أيام فاجتاز بالجزيرة عرض له أمر منعه من السير و عاملها من قبل ابن الزبير قيس عيلان فلم يزل عبيد الله مشغولا بذلك عن العراق ثم قدم الموصل و عامل المختار عليها عبد الرحمن بن سعيد بن قيس فوجه عبيد الله إليه خيله و رجله فانحاز عبد الرحمن إلى تكريت و كتب إلى المختار يعرفه ذلك فكتب الجواب يصوب رأيه و يحمد مشورته و أن لا يفارق مكانه حتى يأتيه أمره إن شاء الله.
ثم دعا المختار يزيد بن أنس و عرفه جلية الحال و رغبه في النهوض بالخيل و الرجال و حكمه في تخيير من شاء من الأبطال فتخير ثلاثة آلاف فارس ثم خرج من الكوفة و شيعه المختار إلى دير أبي موسى و أوصاه بشي‏ء من أدوات الحرب و إن احتاج إلى مدد عرفه فقال أريد لا تمدني إلا بدعائك كفى به مددا ثم كتب المختار إلى عبد الرحمن بن سعيد بن قيس أما بعد فخل بين يزيد و بين البلاد إن شاء الله و السلام عليك.
فسار حتى بلغ أرض الموصل فنزل بموضع يقال له بافكى «2» و بلغ خبره إلى عبيد الله بن زياد و عرف عدتهم فقال أرسل إلى كل ألف ألفين و بعث ستة آلاف فارس فجاءوا و يزيد بن أنس مريض مدنف فأركبوه حمارا مصريا و الرجالة يمسكونه يمينا و شمالا فيقف على الأرباع و يحثهم على القتال و يرغبهم في حميد المال و قال إن هلكت فأميركم ورقاء بن عازب الأسدي فإن هلك فأميركم عبد الله بن ضمرة العذري فإن هلك فأميركم سعر بن أبي سعر الحنفي و وقع القتال بينهم في ذي الحجة يوم عرفة سنة ست و ستين قبل شروق الشمس فلا يرتفع‏
__________________________________________________
 (1) و كان أمير الجيش حبشى بن دلجة القينى. فى النسخ «الى المختار» و هو تصحيف.
 (2) ناحية بالموصل قرب الخازر تشتمل على قرى يجمعها هذا الاسم، و في النسخ «ياتلى».

371
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

الضحى حتى هزمهم عسكر العراق و أزالهم عن مآزق الحرب زوال السراب و قشعوهم انقشاع الضباب و أتوا يزيد بثلاثمائة أسير و قد أشفى على الموت فأشار بيده أن اضربوا رقابهم فقتلوا جميعا ثم مات يزيد بن أنس فصلى عليه ورقاء بن عازب الأسدي و دفنه و اغتم عسكر العراق لموته فعزاهم ورقاء فيه و عرفهم أن عبيد الله بن زياد في جمع كثير و لا طاقة لكم به فقالوا الرأي أن ننصرف في جوف الليل.
قال محمد بن جرير الطبري في تاريخه كان مع عبيد الله ثمانون ألفا من أهل الشام ثم اتصل بالمختار و أهل الكوفة إرجاف الناس بيزيد بن أنس فظنوا أنه قتل و لم يعلموا كيف هلك و استطلع المختار ذلك من عامله على المدائن فأخبره بموته و أن العسكر انصرف من غير هزيمة و لا كسرة فطاب قلب المختار ثم ندب الناس.
قال المرزباني و أمر إبراهيم بن الأشتر بالمسير إلى عبيد الله فخرج في ألفين من مذحج و أسد و ألفين من تميم و همدان و ألف و خمسمائة من قبائل المدينة و ألف و أربعمائة من الكندة و ربيعة و ألفين من الحمراء و قيل خرج في اثني عشر ألفا أربعة آلاف من القبائل و ثمانية آلاف من الحمراء و شيع إبراهيم ماشيا فقال اركب رحمك الله فقال المختار إني لأحتسب الأجر في خطاي معك و أحب أن تتغبر قدماي في نصر آل محمد و الطلب بدم الحسين ع ثم ودعه و انصرف و بات إبراهيم بموضع يقال له حمام أعين ثم رحل حتى وافى ساباط المدائن فحينئذ توسم أهل الكوفة في المختار القلة و الضعف فخرج أهل الكوفة عليه و جاهروه بالعداوة و لم يبق أحد ممن شرك في قتل الحسين و كان مختفيا إلا و ظهر و نقضوا بيعته و سلوا عليه سيفا واحدا و اجتمعت القبائل عليه من بجيلة و الأزد و كندة و شمر بن ذي الجوشن فبعث المختار من ساعته رسولا إلى إبراهيم و هو بساباط لا تضع كتابي حتى تعود بجميع من معك إلي فلما جاءهم كتابه نادى بالرجوع فوصلوا السير بالسرى و أرخوا الأعنة و جذبوا البري‏ء و المختار

372
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

يشغل أهل الكوفة بالتسويف و الملاطفة حتى يرجع إبراهيم بعسكره فيكف عاديتهم و يقمع شرتهم و يحصد شوكتهم و كان مع المختار أربعة آلاف فبغى عليه أهل الكوفة و بدءوه بالحرب فحاربه يومهم أجمع و باتوا على ذلك فوافاهم إبراهيم في اليوم الثاني بخيله و رجله و معه أهل النجدة و القوة فلما علموا قدومه افترقوا فرقتين ربيعة و مضر علا حدة و اليمن علا حدة فخير المختار إبراهيم إلى أي الفرقتين تسير فقال إلى أيهما أحببت و كان المختار ذا عقل وافر و رأي حاضر فأمره بالسير إلى مضر بالكناسة و سار هو إلى اليمن إلى الجبانة السبيع فبدأ بالقتال رفاعة بن شداد فقاتل قتال الشديد البأس القوي المراس حتى قتل. و قاتل حميد بن مسلم و هو يقول‏
          لأضربن عن أبي حكيم             مفارق الأعبد و الحميم.
ثم انكسروا كسرة هائلة و جاء البشير إلى المختار أنهم ولوا مدبرين فمنهم من اختفى في بيته و منهم من لحق بمصعب بن الزبير و منهم من خرج إلى البادية ثم وضعت الحرب أوزارها و حلت أزرارها و محص القتل شرارها فأحصوا القتلى منهم فكانوا ستمائة و أربعين رجلا ثم استخرج من دور الوادعيين خمسمائة أسير كما ذكر الطبري و غيره فجاءوا بهم إلى المختار فعرضوهم عليه فقال كل من حضر منهم قتل الحسين فأعلموني به فلا يؤتى بمن حضر قتله إلا قيل هذا فيضرب عنقه حتى قتل منهم مائتين و ثمانية و أربعين رجلا و قتل أصحاب المختار جمعا كثيرا بغير علمه و أطلق الباقين ثم علم المختار أن شمر بن ذي الجوشن خرج هاربا و معه نفر ممن شرك في قتل الحسين ع فأمر عبدا له أسود يقال له رزين و قيل زربي و معه عشرة و كان شجاعا يتبعه فيأتيه برأسه قال مسلم بن عبد الله الضبابي كنت مع شمر حين هزمنا المختار فدنا منا العبد قال شمر اركضوا و تباعدوا لعل العبد يطمع في فأمعنا في التباعد عنه حتى لحقه العبد فحمل عليه فقتله و مشى فنزل في جانب قرية اسمها الكلتانية على شاطئ نهر إلى جانب تل ثم أخذ من القرية علجا فضربه و دفع إليه كتابا و قال عجل به إلى مصعب بن‏

373
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

الزبير و كان عنوانه للأمير المصعب بن الزبير من شمر بن ذي الجوشن فمشى العلج حتى دخل قرية فيها أبو عمرة بعثه المختار إليها في أمر و معه خمسمائة فارس قرأ الكتاب رجل من أصحابه و قرأ عنوانه فسأل عن شمر و أين هو فأخبره أن بينهم و بينه ثلاثة فراسخ.
قال مسلم بن عبد الله قلت لشمر لو ارتحلت من هذا المكان فإنا نتخوف عليك فقال ويلكم أ كل هذا الجزع من الكذاب و الله لا برحت فيه ثلاثة أيام فبينما نحن في أول النوم أشرفت علينا الخيل من التل و أحاطوا بنا و هو عريان مؤتزرا بمنديل فانهزمنا و تركناه فأخذ سيفه و دنا منهم و هو يقول‏
          نبهتموا ليثا هزبرا باسلا             جهما محياه يدق الكاهلا
             لم يك يوما من عدو ناكلا             إلا كذا مقاتلا أو قاتلا
 فلم يك بأسرع أن سمعنا قتل الخبيث قتله أبو عمرة و قتل أصحابه ثم جي‏ء بالرءوس إلى المختار خر ساجدا و نصبت الرءوس في رحبة الحذاءين حذاء الجامع.
و أنا الآن أذكر من قتله المختار من قتلة الحسين ع.
ذكر الطبري في تاريخه أن المختار تجرد لقتلة الحسين و أهل بيته و قال اطلبوهم فإنه لا يسوغ لي الطعام و الشراب حتى أطهر الأرض منهم قال موسى بن عامر فأول من بدأ به الذين وطئوا الحسين بخيلهم و أنامهم على ظهورهم و ضرب سكك الحديد في أيديهم و أرجلهم و أجرى الخيل عليهم حتى قطعتهم و حرقهم بالنار ثم أخذ رجلين اشتركا في دم عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب و في سلبه كانا في الجبانة فضرب أعناقهما ثم أحرقهما بالنار ثم أحضر مالك بن بشير فقتله في السوق و بعث أبا عمرة فأحاط بدار خولي بن يزيد الأصبحي و هو حامل رأس الحسين ع إلى عبيد الله فخرجت امرأته إليهم و هي النوار ابنة مالك كما ذكر الطبري في تاريخه و قيل اسمها العيوف و كانت محبة لأهل البيت قالت‏

374
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

لا أدري أين هو و أشارت بيدها إلى بيت الخلاء فوجدوه و على رأسه قوصرة فأخذوه و قتلوه ثم أمر بحرقه.
و بعث عبد الله بن كامل إلى حكيم بن الطفيل السنبسي و كان قد أخذ سلب العباس و رماه بسهم «1» فأخذوه قبل وصوله إلى المختار و نصبوه هدفا و رموه بالسهام و بعث إلى قاتل علي بن الحسين و هو مرة بن منقذ العبدي و كان شيخا فأحاطوا بداره فخرج و بيده الرمح و هو على فرس جواد فطعن عبيد الله بن ناجية الشبامي فصرعه و لم تضره الطعنة و ضربه ابن كامل بالسيف فاتقاها بيده اليسرى فأشرع فيها السيف و تمطرت به الفرس فأفلت و لحق بمصعب و شلت يده بعد ذلك و أحضر زيد بن رقاد فرماه بالنبل و الحجارة و أحرقه و هرب سنان بن أنس إلى البصرة فهدم داره ثم خرج من البصرة نحو القادسية و كان عليه عيون فأخبروا المختار فأخذه بين العذيب و القادسية فقطع أنامله ثم يديه و رجليه و أغلى زيتا في قدر و رماه فيها.
و هرب عبد الله بن عقبة الغنوي إلى الجزيرة فهدم داره و فيه و في حرملة بن الكاهل قتل واحدا من أصحاب الحسين ع قال الشاعر
          و عند غني قطرة من دمائنا             و في أسد أخرى تعد و تذكر
 حدث المنهال بن عمر و قال دخلت على زين العابدين ع أودعه و أنا أريد الانصراف من مكة فقال يا منهال ما فعل حرملة بن كاهل و كان معي بشر بن غالب الأسدي فقال ذلك من بني الحريش أحد بني موقد النار و هو حي بالكوفة فرفع يديه و قال اللهم أذقه حر النار اللهم أذقه حر الحديد قال المنهال و قدمت الكوفة و المختار بها فركبت إليه فلقيته خارجا من داره فقال يا منهال لم تشركنا في ولايتنا هذه فعرفته أني كنت بمكة فمشى حتى أتى الكناس و وقف كأنه ينتظر شيئا فلم يلبث أن جاء قوم قالوا أبشر أيها الأمير
__________________________________________________
 (1) سقط هناك نحو سطر هكذا: فالتجأ نسوته بعدى بن حاتم الطائى ليشفع عند المختار فأخذوه قبل وصوله- اى قبل وصول عدى- الى المختار- الخ.

375
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

فقد أخذ حرملة فجي‏ء به فقال لعنك الله الحمد لله الذي أمكنني منك الجزار الجزار فأتي بجزار فأمره بقطع يديه و رجليه ثم قال النار النار فأتي بنار و قصب فأحرق.
فقلت سبحان الله سبحان الله فقال إن التسبيح لحسن لم سبحت فأخبرته دعاء زين العابدين ع فنزل عن دابته و صلى ركعتين و أطال السجود و ركب و سار فحاذى داري فعزمت عليه بالنزول و التحرم بطعامي فقال إن علي بن الحسين دعا بدعوات فأجابها الله على يدي ثم تدعوني إلى الطعام هذا يوم صوم شكرا لله تعالى فقلت أحسن الله توفيقك.
و انهزم عبد الله بن عروة الخثعمي إلى مصعب فهدم داره و طلب عمرو بن صبيح الصيداوي فأتوه و هو على سطحه بعد ما هدأت العيون و سيفه تحت رأسه فأخذوه و سيفه فقال قبحك الله من سيف ما أبعدك على قربك فجي‏ء به إلى المختار فلما كان من الغداة طعنوه بالرماح حتى مات و أنفذ إلى محمد بن الأشعث بن قيس و قد انهزم إلى قصر له في قرية إلى جنب القادسية فقال انطلق فإنك تجده لاهيا متصديا أو قائما متبلدا أو خائفا متلددا أو كامنا متعمدا فأتني برأسه فأحاطوا بالقصر و له بابان فخرج و مشى إلى مصعب فهدم القصر و داره و أخذ ما كان فيها قال المرزباني و أتوه بعبد الله بن أسيد الجهني و مالك بن الهشيم البدائي و حمل بن مالك المحاربي من القادسية فقال يا أعداء الله أين الحسين بن علي قالوا أكرهنا على الخروج قال فألا مننتم عليه و سقيتموه من الماء و قال للبدائي أنت آخذ برنسه قال لا قال بلى و أمر بقطع يديه و رجليه و الآخران ضرب أعناقهما. و أتوه ببجدل بن سليم الكلبي و عرفوا أنه أخذ خاتمه و قطع إصبعه فأمر بقطع يديه و رجليه فلم يزل ينزف حتى مات و أتوه برقاد بن مالك و عمر بن خالد و عبد الرحمن البجلي و عبد الله بن قيس الخولاني فقال يا قتلة الحسين لقد أخذتم الورس في يوم نحس و كان في رحل الحسين ورس فاقتسموه وقت نهب رحله‏

376
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

فأخرجهم إلى السوق.
و كان أسماء بن خارجة الفزاري ممن سعى في قتل مسلم بن عقيل رحمه الله فقال المختار أما و رب السماء و رب الضياء و الظلماء لتنزلن نار من السماء دهماء حمراء سحماء تحرق دار أسماء فبلغ كلامه إليه فقال سجع أبو إسحاق و ليس هاهنا مقام بعد هذا و خرج من داره هاربا إلى البادية فهدم داره و دور بني عمه.
و كان الشمر بن ذي الجوشن قد أخذ من الإبل التي كانت تحت رحل الحسين ع فنحرها و قسم لحمها على قوم من أهل الكوفة فأمر المختار فأحصوا كل دار دخلها ذلك اللحم فقتل أهلها و هدمها و لم يزل المختار يتبع قتلة الحسين ع حتى قتل خلقا كثيرا و هزم الباقين فهدم دورهم و أنزلهم من المعاقل و الحصون إلى المفاوز و الصحون قال و قتلت العبيد مواليها و جاءوا إلى المختار فعتقهم و كان العبد يسعى بمولاه فيقتله المختار حتى أن العبد يقول لسيده احملني على عنقك فيحمله و يدلي رجليه على صدره إهانة له و لخوفه من سعايته به إلى المختار.
فيا لها منقبة حازها و مثوبة أحرزها فقد سر النبي بفعله و إدخاله الفرح على عترته و أهله و قد قلت هذه الأبيات مع كلال الخاطر و قذى الناظر
          سر النبي بأخذ الثأر من عصب             باءوا بقتل الحسين الطاهر الشيم‏
             قوم غذوا بلبان البغض ويحهم             للمرتضى و بنيه سادة الأمم‏
             حاز الفخار الفتى المختار إذ قعدت             عن نصره سائر الأعراب و العجم‏
             جادته من رحمة الجبار سارية             تهمي على قبره منهلة الديم.
المرتبة الرابعة في ذكر مقتل عمر بن سعد و عبيد الله بن زياد و من تابعه و كيفية قتالهم و النصر عليهم.
فلما خلا خاطره و انجلى ناظره اهتم بعمر بن سعد و ابنه حفص حدث عمر بن الهيثم قال كنت جالسا عن يمين المختار و الهيثم بن الأسود «1» عن يساره فقال و الله لأقتلن رجلا عظيم القدمين غائر العينين مشرف الحاجبين يهمر
__________________________________________________
 (1) الهشيم بن الأسود، خ.

377
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

برجله الأرض يرضي قتله أهل السماء و الأرض فسمع الهيثم قوله و وقع في نفسه أنه أراد عمر بن سعد فبعث ولده العريان فعرفه قول المختار و كان عبد الله بن جعدة بن هبيرة أعز الناس على المختار قد أخذ لعمر أمانا حيث اختفى فيه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ هذا أمان المختار بن أبي عبيد الثقفي لعمر بن سعد بن أبي وقاص إنك آمن بأمان الله على نفسك و أهلك و مالك و ولدك لا تؤاخذ بحدث كان منك قديما ما سمعت و أطعت و لزمت منزلك إلا أن تحدث حدثا فمن لقي عمر بن سعد من شرطة الله و شيعة آل محمد ع فلا يعرض له إلا بسبيل خير و السلام ثم شهد فيه جماعة. قَالَ الْبَاقِرُ ع إِنَّمَا قَصْدَ الْمُخْتَارُ أَنْ يُحْدِثَ حَدَثاً هُوَ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ الْخَلَاءِ وَ يُحْدِثَ فَظَهَرَ عُمَرُ إِلَى الْمُخْتَارِ فَكَانَ يُدْنِيهِ وَ يُكْرِمُهُ وَ يُجْلِسُهُ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ.
و علم أن قول المختار عنه فعزم على الخروج من الكوفة فأحضر رجلا من بني تيم اللات اسمه مالك و كان شجاعا و أعطاه أربعمائة دينار و قال هذه معك لحوائجنا و خرجا فلما كان عند حمام عمر أو نهر عبد الرحمن وقف و قال أ تدري لم خرجت قال لا قال خفت المختار فقال ابن دومة يعني المختار أضيق استا من أن يقتلك و إن هربت هدم دارك و انتهب عيالك و مالك و خرب ضياعك و أنت أعز العرب فاغتر بكلامه فرجعا على الروحاء فدخلا الكوفة مع الغداة.
هذا قول المرزباني و قال غيره إن المختار علم خروجه من الكوفة فقال وفينا له و غدر و في عنقه سلسلة لو جهد أن ينطلق ما استطاع فنام عمر على الناقة فرجعت و هو لا يدري حتى ردته إلى الكوفة فأرسل عمر ابنه إلى المختار قال له أين أبوك قال في المنزل و لم يكونا يجتمعان عند المختار و إذا حضر أحدهما غاب الآخر خوفا أن يجتمعا فيقتلهما فقال حفص أبي يقول أ تفي لنا بالأمان قال اجلس و طلب المختار أبا عمرة و هو كيسان التمار فأسر إليه أن اقتل عمر بن سعد و إذا دخلت و رأيته يقول يا غلام علي بطيلساني فإنه يريد السيف فبادره‏

378
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

و اقتله فلم يلبث أن جاء و معه رأسه فقال حفص إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ فقال له أ تعرف هذا الرأس قال نعم و لا خير في العيش بعده فقال إنك لا تعيش بعده فقال و أمر بقتله و قال المختار عمر بالحسين و حفص بعلي بن الحسين و لا سواء و الله لأقتلن سبعين ألفا كما قتل بيحيى بن زكريا ع و قيل إنه قال لو قتلت ثلاثة أرباع قريش لما وفوا بأنملة من أنامل الحسين ع.
و كان محمد بن الحنفية يعتب على المختار لمجالسة عمر بن سعد و تأخير قتله فحمل الرأسين إلى مكة مع مسافر بن سعد الهمداني و ظبيان بن عمارة التميمي فبينا محمد بن الحنفية جالسا في نفر من الشيعة و هو يعتب على المختار فما تم كلامه إلا و الرأسان عنده فخر ساجدا و بسط كفيه و قال اللهم لا تنس هذا اليوم للمختار و أجزه عن أهل بيت نبيك محمد خير الجزاء فو الله ما على المختار بعد هذا من عتب.
فلما قضى المختار من أعداء الله وطره و حاجته و بلغ فيهم أمنيته قال لم يبق علي أعظم من عبيد الله بن زياد فأحضر إبراهيم بن الأشتر و أمره بالمسير إلى عبيد الله فقال إني خارج و لكني أكره خروج عبيد الله بن الحر معي و أخاف أن يغدر بي وقت الحاجة فقال له أحسن إليه و املأ عينه بالمال و أخاف إن أمرته بالقعود عنك فلا يطيب له فخرج إبراهيم من الكوفة و معه عشرة آلاف فارس و خرج المختار في تشييعه و قال اللهم انصر من صبر و اخذل من كفر و من عصى و فجر و بايع و غدر و علا و تجبر فصار إلى سقر لا تُبْقِي وَ لا تَذَرُ ليذوق العذاب الأكبر ثم رجع و مضى إبراهيم و هو يرتجز و يقول‏
          أنا و حق المرسلات عرفا             حقا و حق العاصفات عصفا
             لنعسفن من بغانا عسفا             حتى يسوم القوم منا خسفا
             زحفا إليهم لا نمل الرجفا             حتى نلاقي بعد صف صفا
             و بعد ألف قاسطين ألفا             نكشفهم لدى الهياج كشفا
 فسار إلى المدائن فأقام بها ثلاثا و سار إلى تكريت فنزلها و أمر بجباية

379
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

خراجها ففرقه و بعث إلى عبيد الله بن الحر بخمسة آلاف درهم فغضب فقال أنت أخذت لنفسك عشرة آلاف درهم و ما كان الحر دون مالك فحلف إبراهيم إني ما أخذت زيادة عليك ثم حمل إليه ما أخذه لنفسه فلم يرض و خرج على المختار و نقض عهده و أغار على سواد الكوفة فنهب القرى و قتل العمال و أخذ الأموال و مضى إلى البصرة إلى مصعب بن الزبير.
فلما علم المختار أرسل عبد الله بن كامل إلى داره فهدمها و إلى زوجته سلمى بنت خالد الجعفية حبسها ثم ورد كتاب المختار إلى إبراهيم يحثه على تعجيل القتال فطوى المراحل حتى نزل على نهر الخازر على أربعة فراسخ من الموصل و عبيد الله بن زياد بها قال عبد الله بن أبي عقب الديلمي حدثني خليلي أنا نلقى أهل الشام على نهر يقال له الخازر فيكشفونا حتى نقول هيّ هيّ ثم نكر عليهم فنقتل أميرهم فأبشروا و اصبروا فإنكم لهم قاهرون فعلم عبيد الله بقدوم إبراهيم فرحل في ثلاثة و ثمانين ألفا حتى نزل قريبا من عسكر العراق و طلبهم أشد طلب و جاءهم في جحفل لجب و كان مع ابن الأشتر أقل من عشرين ألفا و كان في عسكر الشام من أشراف بني سليم عمير بن الحباب فراسله إبراهيم و وعده بالحباء و الإكرام فجاء و معه ألف فارس من بني عمه و أقاربه فصار مع عسكر العراق فأشار عليهم بتعجيل القتال و ترك المطاولة فلما كان في السحر صلوا بغلس و عبأ إبراهيم أصحابه فجعل على ميمنته سفيان بن يزيد الأزدي و على ميسرته علي بن مالك الجشمي و على الخيل الطفيل بن لقيط النخعي و على الرجالة مزاحم بن مالك السكوني ثم زحفوا حتى أشرفوا على أهل الشام و لم يظنوا أنهم يقدمون عليهم لكثرتهم فبادروا إلى تعبئة عسكرهم فجعل عبيد الله على ميمنته شراحيل بن ذي الكلاع و على ميسرته ربيعة بن مخارق الغنوي و على جناح ميسرته جميل بن عبد الله بن الغنمي و في القلب الحصين بن نمير و وقف العسكران و التقى الجمعان فخرج ابن ضبعان الكلبي و نادى يا شيعة المختار الكذاب يا شيعة ابن الأشتر المرتاب‏

380
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

         أنا ابن ضبعان الكريم المفضل             من عصبة يبرون من دين علي‏
             كذاك كانوا في الزمان الأول.
فخرج إليه الأحوص بن شداد الهمداني و هو يقول‏
          أنا ابن شداد على دين علي             لست لعثمان بن أروى بولي‏
             لأصلين القوم فيمن يصطلي             بحر نار الحرب حتى تنجلي‏
 فقال للشامي ما اسمك قال منازل الأبطال قال له الأحوص و أنا مقرب الآجال ثم حمل عليه و ضربه فسقط قتيلا ثم نادى هل من مبارز فخرج إليه داود الدمشقي و هو يقول‏
          أنا ابن من قاتل في صفينا             قتال قرن لم يكن غبينا
             بل كان فيها بطلا جرونا             مجربا لدى الوغى كمينا
 فأجابه الأحوص يقول‏
          يا ابن الذي قاتل في صفينا             و لم يكن في دينه غبينا
             كذبت قد كان بها مغبونا             مذبذبا في أمره مفتونا
             لا يعرف الحق و لا اليقينا             بؤسا له لقد مضى ملعونا.
ثم التقيا فضربه الأحوص فقتله ثم عاد إلى صفه و خرج الحصين بن نمير السكوني و هو يقول‏
          يا قادة الكوفة أهل المنكر             و شيعة المختار و ابن الأشتر
             هل فيكم قوم كريم العنصر             مهذب في قومه بمفخر
             يبرز نحوي قاصدا لا يمتري‏
 فخرج إليه شريك بن خزيم «1» التغلبي و هو يقول‏
          يا قاتل الشيخ الكريم الأزهر             بكربلاء يوم التقاء العسكر
             أعني حسينا ذا الثنا و المخفر «2»             و ابن النبي الطاهر المطهر
__________________________________________________
 (1) و قيل: شريك بن حدير، و قيل حذيم.
 (2) و في رواية: اعنى حسينا ذا السنا و المفخر.

381
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

         و ابن علي البطل المظفر             هذا فخذها من هزبر قسور
             ضربة قوم ربعي مضري.
فالتقيا بضربتين فجدله التغلبي صريعا فدخل على أهل الشام من أهل العراق مدخل عظيم.
ثم تقدم إبراهيم و نادى ألا يا شرط الله ألا يا شيعة الحق ألا يا أنصار الدين قاتلوا المحلين و أولاد القاسطين لا تطلبوا أثرا بعد عين هذا عبيد الله بن زياد قاتل الحسين ثم حمل على أهل الشام و ضرب فيهم بسيفه و هو يقول‏
          قد علمت مذحج علما لا خطل             أني إذا القرن لقيني لا وكل‏
             و لا جزوع عندها و لا نكل             أروع مقداما إذا النكس فشل‏
             أضرب في القوم إذا جاء الأجل             و اعتلى رأس الطرماح البطل‏
             بالذكر البتار حتى ينجدل.
و حمل أهل العراق معه و اختلطوا و تقدمت رايتهم و شبت فيهم نار الحرب و دهمهم العسكر بجناحيه و القلب إلى أن صلوا بالإيماء و التكبير صلاة الظهر و اشتغلوا بالقتال إلى أن تحلى صدر الدجى بالأنجم الأزهر و زحف عليهم عسكر العراق فرحا بالمصاع و حرصا على القراع و وثوقا بما وعدهم الله به من النصر و حسن الدفاع و انقضوا عليهم انقضاض العقبان على الرخم و جالوا فيهم جولان السرحان على الغنم و عركوهم عرك الأديم و دحوا بهم إلى عذاب الجحيم و أذاقوهم أسنة الرماح النازعة للمهج و الأرواح فلم تزل الحرب قائمة و السيوف لأجسادهم منتهبة فولى عسكر الشام مكسورا عليه ذلة الخائب الخجل و ارتياع الخائف الوجل و عسكر العراق منصورا و على وجههم مسحة المسرور الثمل و تبعوهم إلى متون النجاد و بطون الوهاد و النبل ينزل عليهم كصيب العهاد. ثم انجلت الحرب و قد قتل أعيان أهل الشام مثل الحصين بن نمير و شراحبيل بن ذي الكلاع و ابن حوشب و غالب الباهلي و أبي أشرس بن عبد الله الذي كان على خراسان و حاز إبراهيم ره فضيلة هذا الفتح و عاقبة هذا المنح الذي انتشر في الأقطار و دام دوام الأعصار و لقد أحسن عبد الله بن الزبير

382
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

الأسدي يمدح إبراهيم الأشتر فقال‏
          الله أعطاك المهابة و التقى             و أحل بيتك في العديد الأكثر
             و أقر عينك يوم وقعة خازر             و الخيل تعثر في القنا المتكسر
             من ظالمين كفتهم أيامهم             تركوا لحاجلة و طير أعثر
             ما كان أجرأهم جزاهم ربهم             يوم الحساب على ارتكاب المنكر
 قال الرواة رأينا إبراهيم بعد ما انكسر العسكر و انكسف العثير قوما منهم ثبتوا و صبروا و قاتلوا فلقطهم من صهوات الخيل و قذفهم في لهوات الليل حتى صبغت الأرض من دمائهم ثيابا حمرا و ملأ الفجاج ببأسه ذعرا و تساقطت النسور على النسور و أهوت العقبان على أجسادهم و هي كالعقيق المنثور و اصطلح على أكل لحمهم الذئب و السبع و السيد و الضبع.
قال إبراهيم و أقبل رجل أحمر في كبكبة يغري الناس كأنه بغل أقمر لا يدنو منه فارس إلا صرعه و لا كمي إلا قطعه فدنا مني فضربت يده فأبنتها و سقط على شاطئ الخازر فشرقت يداه و غربت رجلاه فقتلته و وجدت رائحة المسك تفوح منه و جاء رجل نزع خفيه و ظنوا أنه ابن زياد من غير تحقيق فطلبوه فإذا هو على ما وصف إبراهيم فاجتزوا رأسه و احتفظوا طول الليل بجسده فلما أصبحوا عرفه مهران مولى زياد فلما رآه إبراهيم قال الحمد لله الذي أجرى قتله على يدي و قتل في صفر و قال قوم من أصحاب الحديث يوم عاشوراء و عمره دون الأربعين و قيل تسع و ثلاثون سنة و أصبح الناس فحووا ما كان و غنموا غنيمة عظيمة و لقد أجاد أبو السفاح الزبيدي بمدحته إبراهيم و هجائه ابن زياد فقال‏
          أتاكم غلام من عرانين مذحج             جري‏ء على الأعداء غير نكول‏
             أتاه عبيد الله في شر عصبة             من الشام لما أرضيوا بقليل‏
             فلما التقى الجمعان في حومة الوغى             و للموت فيهم ثم جر ذيول‏
             فأصبحت قد ودعت هندا و أصبحت             مولهة ما وجدها بقليل‏
             و أخلق بهند أن تساق سبية             لها من أبي إسحاق سر حليل‏

383
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

         تولى عبيد الله خوفا من الردى             و خشية ماضي الشفرتين صقيل‏
             جزى الله خيرا شرطة الله إنهم             شفوا بعبيد الله كل غليل‏
 يعني بقوله هند بنت أسماء بن خارجة زوجة عبيد الله لما قتل حملها عتبة أخوها إلى الكوفة و بقوله أبي إسحاق هو المختار.
و هرب غلام لعبيد الله إلى الشام فسأله عبد الملك بن مروان عنه قال لما جال الناس تقدم فقاتل ثم قال ايتني بجرة فيها ماء فأتيته فشرب و صب الماء بين درعه و جسده و صب على ناصية فرسه ثم حمل فهذا آخر عهدي به.
قال يزيد بن مفرغ «1» يهجو ابن زياد
          إن المنايا إذا حاولن طاغية             هتكن عنه ستورا بعد أبواب‏
             إن الذي عاش غدارا بذمته             و مات هزلا قتيل الله بالراب «2»
             ما شق جيب و لا ناحتك ناحية             و لا بكتك جياد عند أسلاب‏
             هلا جموع نزار إذ لقيتهم             كنت امرأ من نزار غير مرتاب‏
             أو حمير كنت قيلا من ذوي يمن             أن المقاويل في ملك و أحباب‏
 و كان المختار قد سار من الكوفة يتطلع أحوال إبراهيم و استخلف في الكوفة السائب بن مالك فنزل ساباط ثم دخل المدائن و رقي المنبر فحمد الله و أثنى عليه و أمر الناس بالجد في النهوض إلى إبراهيم قال الشعبي كنت معه فأتته البشرى بقتل عبيد الله و أصحابه فكاد يطير فرحا و رجع إلى الكوفة في الحال مسرورا بالظفر.
- و ذكر أبو السائب عن أحمد بن بشير عن مجالد عن عامر أنه قال الشيعة يتهموني ببغض علي ع و لقد رأيت في النوم بعد مقتل الحسين ع كأن‏
__________________________________________________
 (1) قال الفيروزآبادي: و يزيد بن ربيعة بن مفرغ كمحدث شاعر، جده راهن على أن يشرب عسا من لبن ففرغه شرابا.
 (2) الزاب: نهر بالموصل، و نهر باربل، و نهر بين سوراء و واسط.

384
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

رجالا نزلوا من السماء عليهم ثياب خضر معهم حراب يتبعون قتلة الحسين ع فلما لبثت أن خرج المختار فقتلهم.
- و ذكر عمر بن شبة قال حدثني أبو أحمد الزبيري عن عمه قال قال أبو عمر البزاز كنت مع إبراهيم بن الأشتر لما لقي عبيد الله بن زياد بالخازر فعددنا القتلى بالقصب لكثرتهم قيل كانوا سبعين ألفا قال و صلبه «1» إبراهيم منكسا فكأني أنظر إلى خصييه كأنهما جعلان و عن الشعبي أنه لم يقتل قط من أهل الشام بعد صفين مثل هذه الوقعة بالخازر و قال الشعبي كانت يوم عاشوراء سنة سبع و ستين و بعث إبراهيم برأس عبيد الله بن زياد و رءوس الرؤساء من أهل الشام و في آذانهم رقاع أسمائهم فقدموا عليه و هو يتغدى فحمد الله تعالى على الظفر فلما فرغ من الغداء قام فوطئ وجه ابن زياد بنعله ثم رمي بها إلى غلامه و قال اغسلها فإني وضعتها على وجه نجس كافر.
و عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني قال وضعت الرءوس عند السدة بالكوفة عليها ثوب أبيض فكشفنا عنها الثوب و حية تتغلغل في رأس عبيد الله و نصبت الرءوس في الرحبة قال عامر و رأيت الحية تدخل في منافذ رأسه و هو مصلوب مرارا.
ثم حمل المختار رأسه و رءوس القواد إلى مكة مع عبد الرحمن بن أبي عمير الثقفي و عبد الرحمن بن شداد الجشمي و أنس بن مالك الأشعري و قيل السائب بن مالك و معها ثلاثون ألف دينار إلى محمد بن الحنفية و كتب معهم أني بعثت أنصاركم و شيعتكم إلى عدوكم فخرجوا محتسبين أسفين فقتلوهم فالحمد لله الذي أدرك لكم الثأر و أهلكهم في كل فج عميق و غرقهم في كل بحر و شفى الله صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ فقدموا بالكتاب و الرءوس عليه فلما رآها خر ساجدا و دعا للمختار و قال جزاه الله خير الجزاء فقد أدرك لنا ثأرنا و وجب حقه على‏
__________________________________________________
 (1) يعني عبيد اللّه بن زياد.

385
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

كل من ولده عبد المطلب بن هاشم اللهم و احفظ لإبراهيم الأشتر و انصره على الأعداء و وفقه لما تحب و ترضى و اغفر له في الآخرة و الأولى.
فبعث رأس عبيد الله إلى علي بن الحسين ع فأدخل عليه و هو يتغدى فسجد شكرا لله تعالى و قال الحمد لله الذي أدرك لي ثأري من عدوي و جزى الله المختار خيرا أدخلت على عبيد الله بن زياد و هو يتغدى و رأس أبي بين يديه فقلت اللهم لا تمتني حتى تريني رأس ابن زياد و قسم محمد المال في أهله و شيعته بمكة و مدينة على أولاد المهاجرين و الأنصار.
وَ رَوَى الْمَرْزُبَانِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَا اكْتَحَلَتْ هَاشِمِيَّةٌ وَ لَا اخْتَضَبَتْ وَ لَا رُئِيَ فِي دَارِ هَاشِمِيٍّ دُخَانٌ خَمْسَ حِجَجٍ حَتَّى قُتِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ.
و عن عبد الله بن محمد بن أبي سعيد عن أبي العيناء عن يحيى بن راشد قال قالت فاطمة بنت علي ما تحنأت «1» امرأة منا و لا أجالت في عينها مرودا و لا امتشطت حتى بعث المختار رأس عبيد الله بن زياد.
و روي أنه قتل ثمانية عشر ألفا ممن شرك في قتل الحسين ع أيام ولايته و كانت ثمانية عشر شهرا أولها أربع عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة ست و ستين و آخرها النصف من شهر رمضان من سنة سبع و ستين و عمره سبع و ستون سنة.
قال جعفر بن نما مصنف هذا الثأر اعلم أن كثيرا من العلماء لا يحصل لهم التوفيق بفطنة توقفهم على معاني الألفاظ و لا روية تنقلهم من رقدة الغفلة إلى الاستيقاظ و لو تدبروا أقوال الأئمة في مدح المختار لعلموا أنه من السابقين المجاهدين الذين مدحهم الله تعالى جل جلاله في كتابه المبين و دعاء زين العابدين ع للمختار دليل واضح و برهان لائح على أنه عنده من المصطفين الأخيار و لو كان على غير الطريقة المشكورة و يعلم أنه مخالف له في اعتقاده لما كان يدعو له دعاء لا يستجاب و يقول فيه قولا لا يستطاب و كان دعاؤه ع له عبثا و الإمام‏
__________________________________________________
 (1) يقال: تحنأ: تخضب بالحناء.

386
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

منزه عن ذلك و قد أسلفنا من أقوال الأئمة في مطاوي الكتاب تكرار مدحهم له و نهيهم عن ذمه ما فيه غنية لذوي الأبصار و بغية لذوي الاعتبار و إنما أعداؤه عملوا له مثالب ليباعدوه من قلوب الشيعة كما عمل أعداء أمير المؤمنين ع له مساوي و هلك بها كثير ممن حاد عن محبته و حال عن طاعته فالولي له ع لم تغيره الأوهام و لا باحته تلك الأحلام بل كشفت له عن فضله المكنون و علمه المصون فعمل في قضية المختار ما عمل مع أبي الأئمة الأطهار و قد وفيت بما وعدت من الاختصار و أتيت بالمعاني التي تضمنت حديث الثأر من غير حشو و لا إطالة و لا سأم و لا ملالة و أقسمت على قارئيه و مستمعيه و على كل ناظر فيه أن لا يخليني من إهداء الدعوات إلي و الإكثار من الترحم علي و أسأل الله أن يجعلني و إياهم ممن خلصت سريرته من وساوس الأوهام و صفت طويته من كدر الآثام و أن يباعدنا من الحسد المحبط للأعمال المؤدي إلى أقبح المآل و أن يحسن لي الخلافة على الأهل و الآل و يذهب الغل من القلوب و يوفق لمراضي علام الغيوب فإنه أسمع سميع و أكرم مجيب وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و صلاته على سيد المرسلين محمد و آله الطاهرين.
بيان الشعاف رءوس الجبال و تنوق في الأمر بالغ و تجود قوله قبل أن يتزعزع كذا فيما عندنا من الكتاب بالزاءين المعجمتين يقال تزعزع أي تحرك و الزعازع الشدائد من الدهر و لعل الأظهر أنه بالمهملتين من قولهم ترعرع الصبي إذا تحرك و نشأ و يقال تشعشع الشهر إذا بقي منه قليل و هو أيضا يحتمل أن يكون بالمهملتين يقال تسعسع الشهر أي ذهب أكثره و تسعسع حاله انحطت و تقول حنكت الفرس إذا جعلت في فيه الرسن و حنكت الصبي و حنكته إذا مضغت تمرا أو غيره ثم دلكته بحنكه و يقال حنكته السن و أحنكته إذا أحكمته التجارب و الأمور ذكره الجوهري و قال رجل مقول أي لسن كثير القول و المقول اللسان انتهى.
و الغرار بالكسر حد السيف و غيره و تقول استأديت الأمير على فلان‏

387
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

فأداني عليه بمعنى استعديته فأعداني عليه و آديته أعنته و يقال عركه أي دلكه و حكه حتى عفاه و أرعد تهدد و توعد كأبرق و شمس الفرس منع ظهره و المغرم بضم الميم و فتح الراء المولع بالشي‏ء و الهوادي أول رعيل من الخيل و يقال جششت الشي‏ء أي دققته و كسرته و فرس أجش الصوت غليظه و الهزيم بمعنى الهازم و هزيم الرعد صوته و القرا الظهر و فرس نهد أي جسيم مشرف و فرس أشق طويل و فرس مقلص بكسر اللام أي مشرف مشمر طويل القوائم و قوله قارئ اللجام لعل معناه جاذبه و مانعه عن الجري إلى العدو و الرؤم المحب و المعنى محب الحرب الحريص عليه قوله بكل فتى أي أتيتك مع كل فتى و قوله لا يملأ الدرع نحره لعله كناية عن عدم احتياجه إلى لبس الدرع لشجاعته و يقال حششت النار أي أوقدتها و المحش بكسر الميم ما تحرك به النار من حديد و منه قيل للرجل الشجاع نعم محش الكتيبة و المخراق الرجل الحسن الجسم و المتصرف في الأمور و المنديل يلف ليضرب به و هو مخراق حرب أي صاحب حروب. قوله يفخذ الناس أي يدعوهم إلى نفسه فخذا فخذا و قبيلة قبيلة مخذلا عن سليمان و اللدن اللين من كل شي‏ء و خطر الرجل بسيفه و رمحه رفعه مرة و وضعه أخرى و الرمح اهتز فهو خطار و هند السيف شحذه و البتر القطع و الميل جمع أميل و هو الكسل الذي لا يحسن الركوب و الفروسية و الأغمار جمع غمر بالضم و هو الجاهل الغر الذي لم يجرب الأمور و العزل بالضم جمع الأعزل و هو الذي لا سلاح معه و يقال رأب الصدع إذا شعبه و رأب الشي‏ء إذا جمعه و شده برفق و سجم الدمع سجوما سال و عين سجوم و القرم السيد و لمع بالشي‏ء ذهب و الرسل محركة القطيع من كل شي‏ء و الجمع أرسال و الأقيال جمع قيل و هو أحد ملوك حمير دون الملك الأعظم و الخفرة بكسر الفاء الكثيرة الحياء و أغذ في السير أسرع و التهويم و التهوم هز الرأس من النعاس و قصعت الرجل قصعا صغرته و حقرته و قصعت هامته إذا ضربتها ببسط كفك و الهتر

388
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

بالكسر العجب و الداهية و ضرب هبر أي قاطع و يقال حيا الله طللك أي شخصك و الوغد الدني الذي يخدم بطعام بطنه.
و قال الجزري فيه كان شعارنا يا منصور أمت أمر بالموت و المراد به التفاؤل بالنصر بعد الأمر بالإماتة مع حصول الغرض للشعار فإنهم جعلوا هذه الكلمة علامة بينهم يتعارفون بها لأجل ظلمة الليل انتهى و اللجين مصغرا الفضة و العسجد الذهب و أجفل القوم هربوا مسرعين و أطل عليه أشرف و إضم كعنب جبل و الوادي الذي فيه مدينة الرسول ص عند المدينة يسمى القناة و من أعلى منها عند السد الشظاة ثم ما كان أسفل من ذلك يسمى إضما و المأزق المضيق و منه سمي موضع الحرب مأزقا و البري بالضم جمع برة و هي حلقة من صفر تجعل في لحم أنف البعير و المراس بالكسر الشدة و الممارسة و المعالجة و القوصرة بالتشديد و قد يخفف وعاء للتمر و تمطرت الطير أسرعت في هويها و الخيل جاءت يسبق بعضها بعضا.
و الجحفل الجيش و يقال جيش لجب أي ذو جلبة و كثرة و المطاولة المماطلة و الغبين الضعيف الرأي و جرن جرونا تعود الأمر و مرن و الكمين كأمير القوم يكمنونه في الحرب و الهزبر الأسد و كذا القسور و الخطل الفاسد المضطرب و الوكل بالتحريك العاجز و النكل الجبان و الأروع من الرجال الذي يعجبك حسنه و النكس بالكسر الرجل الضعيف و الطرماح كسنمار العالي النسب المشهور و الذكر أيبس الحديد و أجوده و المصاع المجالدة و المضاربة و الثمل السكران و الصيب السحاب و الانصباب و العهاد بالكسر جمع العهد و هو المطر بعد المطر و الخازر نهر بين الموصل و إربل و الحاجلة الإبل التي ضربت سوقها فمشت على بعض قوائمها و حجل الطائر إذا نزا في مشيته كذلك و الأعثر الأغبر و طائر طويل العنق و العثير بكسر العين و سكون الثاء الغبار و الصهوة موضع اللبد من ظهر الفرس.
قوله على النسور أي الذين كانوا في الحرب كالنسور و يحتمل أن يكون بالثاء المثلثة من النثر بمعنى التفرق و السيد بالكسر الأسد و الذئب و يقال‏

389
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 49 أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه ص 332

قرى البعير العلف في شدقه أي جمعه و قرى البلاد تتبعها يخرج من أرض إلى أرض و القمرة لون إلى الخضرة و الكمي كغني الشجاع أو لابس السلاح و يقال باحته الود أي خالصه.
باب 50 جور الخلفاء على قبره الشريف و ما ظهر من المعجزات عند ضريحه و من تربته و زيارته صلوات الله عليه‏
1- ما، الأمالي للشيخ الطوسي ابْنُ حَشِيشٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مِيثَمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيِّ أَمْلَى عَلَيَّ فِي مَنْزِلِهِ قَالَ: خَرَجْتُ أَيَّامَ وِلَايَةِ مُوسَى بْنِ عِيسَى الْهَاشِمِيِّ الْكُوفَةَ مِنْ مَنْزِلِي فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ فَقَالَ لِي امْضِ بِنَا يَا يَحْيَى إِلَى هَذَا فَلَمْ أَدْرِ مَنْ يَعْنِي وَ كُنْتُ أُجِلُّ أَبَا بَكْرٍ عَنْ مُرَاجَعَتِهِ وَ كَانَ رَاكِباً حِمَاراً لَهُ فَجَعَلَ يَسِيرُ عَلَيْهِ وَ أَنَا أَمْشِي مَعَ رِكَابِهِ فَلَمَّا صِرْنَا عِنْدَ الدَّارِ الْمَعْرُوفَةِ بِدَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَازِمٍ الْتَفَتَ إِلَيَّ وَ قَالَ يَا ابْنَ الْحِمَّانِيِّ إِنَّمَا جَرَرْتُكَ مَعِي وَ جَشَّمْتُكَ «1» أَنْ تَمْشِيَ خَلْفِي لِأُسْمِعَكَ مَا أَقُولُ لِهَذِهِ الطَّاغِيَةِ قَالَ فَقُلْتُ مَنْ هُوَ يَا أَبَا بَكْرٍ قَالَ هَذَا الْفَاجِرُ الْكَافِرُ مُوسَى بْنُ عِيسَى فَسَكَتُّ عَنْهُ وَ مَضَى وَ أَنَا أَتْبَعُهُ حَتَّى إِذَا صِرْنَا إِلَى بَابِ مُوسَى بْنِ عِيسَى وَ بَصُرَ بِهِ الْحَاجِبُ وَ تَبَيَّنَهُ وَ كَانَ النَّاسُ يَنْزِلُونَ عِنْدَ الرَّحْبَةِ فَلَمْ يَنْزِلْ أَبُو بَكْرٍ هُنَاكَ وَ كَانَ عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ قَمِيصٌ وَ إِزَارٌ وَ هُوَ مَحْلُولُ الْأَزْرَارِ قَالَ فَدَخَلَ عَلَى حِمَارِهِ وَ نَادَانِي تَعَالَ يَا ابْنَ الْحِمَّانِيِّ فَمَنَعَنِي الْحَاجِبُ فَزَجَرَهُ أَبُو بَكْرٍ وَ قَالَ لَهُ أَ تَمْنَعُهُ يَا فَاعِلُ وَ هُوَ مَعِي فَتَرَكَنِي فَمَا زَالَ يَسِيرُ عَلَى حِمَارِهِ حَتَّى دَخَلَ الْإِيْوَانَ فَبَصُرَ بِنَا مُوسَى وَ هُوَ
__________________________________________________
 (1) يقال: جشمته الامر و أجشمته اياه: كلفته إيّاه قال: «مهما تجشمنى فانى جاشم».

390
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 50 جور الخلفاء على قبره الشريف و ما ظهر من المعجزات عند ضريحه و من تربته و زيارته صلوات الله عليه ص 390

قَاعِدٌ فِي صَدْرِ الْإِيْوَانِ عَلَى سَرِيرِهِ وَ بِجَنْبَتَيِ السَّرِيرِ رِجَالٌ مُتَسَلِّحُونَ وَ كَذَلِكَ كَانُوا يَصْنَعُونَ فَلَمَّا أَنْ رَآهُ مُوسَى رَحَّبَ بِهِ وَ قَرَّبَهُ وَ أَقْعَدَهُ عَلَى سَرِيرِهِ وَ مُنِعْتُ أَنَا حِينَ وَصَلْتُ إِلَى الْإِيْوَانِ أَنْ أَتَجَاوَزَهُ فَلَمَّا اسْتَقَرَّ أَبُو بَكْرٍ عَلَى السَّرِيرِ الْتَفَتَ فَرَآنِي حَيْثُ أَنَا وَاقِفٌ فَنَادَانِي فَقَالَ وَيْحَكَ فَصِرْتُ إِلَيْهِ وَ نَعْلِي فِي رِجْلِي وَ عَلَيَّ قَمِيصٌ وَ إِزَارٌ فَأَجْلَسَنِي بَيْنَ يَدَيْهِ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ مُوسَى فَقَالَ هَذَا رَجُلٌ تَكَلَّمْنَا فِيهِ قَالَ لَا وَ لَكِنِّي جِئْتُ بِهِ شَاهِداً عَلَيْكَ قَالَ فِيمَا ذَا قَالَ إِنِّي رَأَيْتُكَ وَ مَا صَنَعْتَ بِهَذَا الْقَبْرِ قَالَ أَيُّ قَبْرٍ قَالَ قَبْرُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ- ص وَ كَانَ مُوسَى قَدْ وَجَّهَ إِلَيْهِ مَنْ كَرَبَهُ وَ كَرَبَ جَمِيعَ أَرْضِ الْحَائِرِ وَ حَرَثَهَا وَ زَرَعَ الزَّرْعَ فِيهَا فَانْتَفَخَ مُوسَى حَتَّى كَادَ أَنْ يَنْقَدَّ ثُمَّ قَالَ وَ مَا أَنْتَ وَ ذَا قَالَ اسْمَعْ حَتَّى أُخْبِرَكَ اعْلَمْ أَنِّي رَأَيْتُ فِي مَنَامِي كَأَنِّي خَرَجْتُ إِلَى قَوْمِي بَنِي غَاضِرَةَ فَلَمَّا صِرْتُ بِقَنْطَرَةِ الْكُوفَةِ اعْتَرَضَنِي خَنَازِيرُ عَشَرَةٌ تُرِيدُنِي فَأَغَاثَنِيَ اللَّهُ بِرَجُلٍ كُنْتُ أَعْرِفُهُ مِنْ بَنِي أَسَدٍ فَدَفَعَهَا عَنِّي فَمَضَيْتُ لِوَجْهِي فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى شَاهِي ضَلَلْتُ الطَّرِيقَ فَرَأَيْتُ هُنَاكَ عَجُوزاً فَقَالَتْ لِي أَيْنَ تُرِيدُ أَيُّهَا الشَّيْخُ قُلْتُ أُرِيدُ الْغَاضِرِيَّةَ قَالَتْ لِي تَنْظُرُ هَذَا الْوَادِيَ فَإِنَّكَ إِذَا أَتَيْتَ إِلَى آخِرِهِ اتَّضَحَ لَكَ الطَّرِيقُ فَمَضَيْتُ وَ فَعَلْتُ ذَلِكَ فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى نَيْنَوَى إِذَا أَنَا بِشَيْخٍ كَبِيرٍ جَالِسٍ هُنَاكَ فَقُلْتُ مِنْ أَيْنَ أَنْتَ أَيُّهَا الشَّيْخُ فَقَالَ لِي أَنَا مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ فَقُلْتُ كَمْ تَعُدُّ مِنَ السِّنِينَ فَقَالَ مَا أَحْفَظُ مَا مَرَّ مِنْ سِنِّي وَ عُمُرِي وَ لَكِنْ أَبْعَدُ ذُكْرِي أَنِّي رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ع وَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِهِ وَ مَنْ تَبِعَهُ يُمْنَعُونَ الْمَاءَ الَّذِي تَرَاهُ وَ لَا تُمْنَعُ الْكِلَابُ وَ لَا الْوُحُوشُ شُرْبَهُ فَاسْتَفْظَعْتُ ذَلِكَ وَ قُلْتُ لَهُ وَيْحَكَ أَنْتَ رَأَيْتَ هَذَا قَالَ إِي وَ الَّذِي سَمَكَ السَّمَاءَ لَقَدْ رَأَيْتُ هَذَا أَيُّهَا الشَّيْخُ وَ عَايَنْتُهُ وَ إِنَّكَ وَ أَصْحَابَكَ الَّذِينَ تُعِينُونَ عَلَى مَا قَدْ رَأَيْنَا مِمَّا أَقْرَحَ عُيُونَ الْمُسْلِمِينَ إِنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا مُسْلِمٌ فَقُلْتُ وَيْحَكَ وَ مَا هُوَ قَالَ-

391
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 50 جور الخلفاء على قبره الشريف و ما ظهر من المعجزات عند ضريحه و من تربته و زيارته صلوات الله عليه ص 390

حَيْثُ لَمْ تُنْكِرُوا مَا أَجْرَى سُلْطَانُكُمْ إِلَيْهِ قُلْتُ وَ مَا جَرَى قَالَ أَ يُكْرَبُ قَبْرُ ابْنِ النَّبِيِّ وَ يُحْرَثُ أَرْضُهُ قُلْتُ وَ أَيْنَ الْقَبْرُ قَالَ هَا هُوَ ذَا أَنْتَ وَاقِفٌ فِي أَرْضِهِ فَأَمَّا الْقَبْرُ فَقَدْ عَمِيَ عَنْ أَنْ يُعْرَفَ مَوْضِعُهُ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَ مَا كُنْتُ رَأَيْتُ الْقَبْرَ ذَلِكَ الْوَقْتَ قَطُّ وَ لَا أَتَيْتُهُ فِي طُولِ عُمُرِي فَقُلْتُ مَنْ لِي بِمَعْرِفَتِهِ فَمَضَى مَعِيَ الشَّيْخُ حَتَّى وَقَفَ بِي عَلَى حَيْرٍ «1» لَهُ بَابٌ وَ آذِنٌ وَ إِذَا جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ عَلَى الْبَابِ فَقُلْتُ لِلْآذِنِ أُرِيدُ الدُّخُولَ عَلَى ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ لَا تَقْدِرُ عَلَى الْوُصُولِ فِي هَذَا الْوَقْتِ قُلْتُ وَ لِمَ قَالَ هَذَا وَقْتُ زِيَارَةِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ وَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ وَ مَعَهُمَا جَبْرَئِيلُ وَ مِيكَائِيلُ فِي رَعِيلٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ كَثِيرٍ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ فَانْتَبَهْتُ وَ قَدْ دَخَلَنِي رَوْعٌ شَدِيدٌ وَ حُزْنٌ وَ كَآبَةٌ وَ مَضَتْ بِيَ الْأَيَّامُ حَتَّى كِدْتُ أَنْ أَنْسَى الْمَنَامَ ثُمَّ اضْطُرِرْتُ إِلَى الْخُرُوجِ إِلَى بَنِي غَاضِرَةَ لِدَيْنٍ كَانَ لِي عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَخَرَجْتُ وَ أَنَا لَا أَذْكُرُ الْحَدِيثَ حَتَّى صِرْتُ بِقَنْطَرَةِ الْكُوفَةِ لَقِيَنِي عَشَرَةٌ مِنَ اللُّصُوصِ فَحِينَ رَأَيْتُهُمْ ذَكَرْتُ الْحَدِيثَ وَ رَعَبْتُ مِنْ خَشْيَتِي لَهُمْ فَقَالُوا لِي أَلْقِ مَا مَعَكَ وَ انْجُ بِنَفْسِكَ وَ كَانَتْ مَعِي نُفَيْقَةٌ فَقُلْتُ وَيْحَكُمْ- أَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَ إِنَّمَا خَرَجْتُ فِي طَلَبِ دَيْنٍ لِي وَ اللَّهِ وَ اللَّهِ لَا تَقْطَعُونِي عَنْ طَلَبِ دَيْنِي وَ تَصَرُّفَاتِي فِي نَفَقَتِي فَإِنِّي شَدِيدُ الْإِضَافَةِ فَنَادَى رَجُلٌ مِنْهُمْ مَوْلَايَ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ لَا يُعَرَّضُ لَهُ ثُمَّ قَالَ لِبَعْضِ فِتْيَانِهِمْ كُنْ مَعَهُ حَتَّى تَصِيرَ بِهِ إِلَى الطَّرِيقِ الْأَيْمَنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَجَعَلْتُ أَتَذَكَّرُ مَا رَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ وَ أَتَعَجَّبُ مِنْ تَأْوِيلِ الْخَنَازِيرِ حَتَّى صِرْتُ إِلَى نَيْنَوَى فَرَأَيْتُ وَ اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الشَّيْخَ الَّذِي كُنْتُ رَأَيْتُهُ فِي مَنَامِي بِصُورَتِهِ وَ هَيْئَتِهِ رَأَيْتُهُ فِي الْيَقَظَةِ كَمَا رَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ سَوَاءً فَحِينَ رَأَيْتُهُ ذَكَرْتُ الْأَمْرَ وَ الرُّؤْيَا فَقُلْتُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مَا كَانَ هَذَا إِلَّا وَحْياً ثُمَّ سَأَلْتُهُ كَمَسْأَلَتِي إِيَّاهُ فِي الْمَنَامِ فَأَجَابَنِي بِمَا كَانَ أَجَابَنِي ثُمَّ قَالَ لِي امْضِ بِنَا فَمَضَيْتُ‏
__________________________________________________
 (1) الحبر: البستان، و المراد الحائر الحسيني عليه السلام.

392
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 50 جور الخلفاء على قبره الشريف و ما ظهر من المعجزات عند ضريحه و من تربته و زيارته صلوات الله عليه ص 390

فَوَقَفْتُ مَعَهُ عَلَى الْمَوْضِعِ وَ هُوَ مَكْرُوبٌ فَلَمْ يَفُتْنِي شَيْ‏ءٌ مِنْ مَنَامِي إِلَّا الْآذِنُ وَ الْحَيْرُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ حَيْراً وَ لَمْ أَرَ آذِناً فَاتَّقِ اللَّهَ أَيُّهَا الرَّجُلُ فَإِنِّي قَدْ آلَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ لَا أَدَعَ إِذَاعَةَ هَذَا الْحَدِيثِ وَ لَا زِيَارَةَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَ قَصْدَهُ وَ إِعْظَامَهُ فَإِنَّ مَوْضِعاً يَؤُمُّهُ إِبْرَاهِيمُ وَ مُحَمَّدٌ وَ جَبْرَئِيلُ وَ مِيكَائِيلُ لَحَقِيقٌ بِأَنْ يُرْغَبَ فِي إِتْيَانِهِ وَ زِيَارَتِهِ فَإِنَّ أَبَا حُصَيْنٍ حَدَّثَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَإِيَّايَ رَأَى فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَشَبَّهُ بِي فَقَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّمَا أَمْسَكْتُ عَنْ إِجَابَةِ كَلَامِكَ لِأَسْتَوْفِيَ هَذِهِ الْحُمْقَةَ الَّتِي ظَهَرَتْ مِنْكَ وَ تَاللَّهِ إِنْ بَلَغَنِي بَعْدَ هَذَا الْوَقْتِ أَنَّكَ تُحَدِّثُ بِهَذَا لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ وَ عُنُقَ هَذَا الَّذِي جِئْتَ بِهِ شَاهِداً عَلَيَّ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ إِذاً يَمْنَعُنِي اللَّهُ وَ إِيَّاهُ مِنْكَ فَإِنِّي إِنَّمَا أَرَدْتُ اللَّهَ بِمَا كَلَّمْتُكَ بِهِ فَقَالَ لَهُ أَ تُرَاجِعُنِي يَا مَاصُّ وَ شَتَمَهُ فَقَالَ لَهُ اسْكُتْ أَخْزَاكَ اللَّهُ وَ قَطَعَ لِسَانَكَ فَأُزْعِلَ مُوسَى عَلَى سَرِيرِهِ ثُمَّ قَالَ خُذُوهُ فَأَخَذُوا الشَّيْخَ عَنِ السَّرِيرِ وَ أُخِذْتُ أَنَا فَوَ اللَّهِ لَقَدْ مَرَّ بِنَا مِنَ السَّحْبِ وَ الْجَرِّ وَ الضَّرْبِ مَا ظَنَنْتُ أَنَّنَا لَا نُكْثِرُ الْأَحْيَاءَ أَبَداً وَ كَانَ أَشَدَّ مَا مَرَّ بِي مِنْ ذَلِكَ أَنَّ رَأْسِي كَانَ يُجَرُّ عَلَى الصَّخْرِ وَ كَانَ بَعْضُ مَوَالِيهِ يَأْتِينِي فَيَنْتِفُ لِحْيَتِي وَ مُوسَى يَقُولُ اقْتُلُوهُمَا ابْنَيْ كَذَا وَ كَذَا بِالزَّانِي لَا يُكَنِّي وَ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ لَهُ أَمْسِكْ قَطَعَ اللَّهُ لِسَانَكَ وَ انْتَقَمَ مِنْكَ اللَّهُمَّ إِيَّاكَ أَرَدْنَا وَ لِوُلْدِ نَبِيِّكَ غَضِبْنَا وَ عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا فَصَيَّرَ بِنَا جَمِيعاً إِلَى الْحَبْسِ فَمَا لَبِثْنَا فِي الْحَبْسِ إِلَّا قَلِيلًا فَالْتَفَتَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ وَ رَأَى ثِيَابِي قَدْ خُرِّقَتْ وَ سَالَتْ دِمَائِي فَقَالَ يَا حِمَّانِيُّ قَدْ قَضَيْنَا لِلَّهِ حَقّاً وَ اكْتَسَبْنَا فِي يَوْمِنَا هَذَا أَجْراً وَ لَنْ يَضِيعَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ وَ لَا عِنْدَ رَسُولِهِ فَمَا لَبِثْنَا إِلَّا قَدْرَ غَدَائِهِ وَ نَوْمِهِ حَتَّى جَاءَنَا رَسُولُهُ فَأَخْرَجَنَا إِلَيْهِ وَ طَلَبَ حِمَارَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يُوجَدْ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ وَ إِذَا هُوَ فِي سِرْدَابٍ لَهُ يَشْبَهُ الدُّورَ سَعَةً وَ كِبَراً فَتَعِبْنَا فِي الْمَشْيِ إِلَيْهِ تَعَباً شَدِيداً وَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا تَعِبَ فِي مَشْيِهِ جَلَسَ يَسِيراً ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا فِيكَ فَلَا تَنْسَهُ فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَى مُوسَى وَ إِذَا هُوَ عَلَى سَرِيرٍ لَهُ فَحِينَ بَصُرَ بِنَا قَالَ لَا حَيَّا اللَّهُ وَ لَا قَرَّبَ مِنْ جَاهِل‏

393
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 50 جور الخلفاء على قبره الشريف و ما ظهر من المعجزات عند ضريحه و من تربته و زيارته صلوات الله عليه ص 390

أَحْمَقَ مُتَعَرِّضٍ لِمَا يَكْرَهُ وَيْلَكَ يَا دَعِيُّ مَا دُخُولُكَ فِيمَا بَيْنَنَا مَعْشَرَ بَنِي هَاشِمٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ قَدْ سَمِعْتُ كَلَامَكَ وَ اللَّهُ حَسِيبُكَ فَقَالَ لَهُ اخْرُجْ قَبَّحَكَ اللَّهُ وَ اللَّهِ إِنْ بَلَغَنِي أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ شَاعَ أَوْ ذُكِرَ عَنْكَ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ وَ قَالَ يَا كَلْبُ وَ شَتَمَنِي وَ قَالَ إِيَّاكَ ثُمَّ إِيَّاكَ أَنْ تُظْهِرَ هَذَا فَإِنَّهُ إِنَّمَا خُيِّلَ لِهَذَا الشَّيْخِ الْأَحْمَقِ شَيْطَانٌ يَلْعَبُ بِهِ فِي مَنَامِهِ اخْرُجَا عَلَيْكُمَا لَعْنَةُ اللَّهِ وَ غَضَبُهُ فَخَرَجْنَا وَ قَدْ أَيِسْنَا مِنَ الْحَيَاةِ فَلَمَّا وَصَلْنَا إِلَى مَنْزِلِ الشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ وَ هُوَ يَمْشِي وَ قَدْ ذَهَبَ حِمَارُهُ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ مَنْزِلَهُ الْتَفَتَ إِلَيَّ وَ قَالَ احْفَظْ هَذَا الْحَدِيثَ وَ أَثْبِتْهُ عِنْدَكَ وَ لَا تُحَدِّثَنَّ هَؤُلَاءِ الرُّعَاعَ وَ لَكِنْ حَدِّثْ بِهِ أَهْلَ الْعُقُولِ وَ الدِّينِ.
بيان تقول كربت الأرض أي قلبتها للحرث و الرعيل القطعة من الخيل و الإضافة الضيافة و قال الجوهري قولهم يا مصان و للأنثى يا مصانة شتم أي يا ماص فرج أمه و يقال أيضا رجل مصان إذا كان يرضع الغنم من لؤمه و زاعله أزعجه قوله إننا لا نكثر الأحياء أبدا هو كناية عن الموت أي لا نكون بينهم حتى يكثر عددهم بنا قوله بالزاني لا يكني أي كان يقول في الشتم ألفاظا صريحة في الزنا و لا يكتفي بالكناية.
2- ما، الأمالي للشيخ الطوسي ابْنُ حَشِيشٍ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الدِّيزَجِ قَالَ: بَعَثَنِي الْمُتَوَكِّلُ إِلَى كَرْبَلَاءَ لِتَغْيِيرِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ع وَ كَتَبَ مَعِي إِلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ الْقَاضِي أُعْلِمُكَ أَنِّي قَدْ بَعَثْتُ إِبْرَاهِيمَ الدِّيزَجَ إِلَى كَرْبَلَاءَ لِيَنْبُشَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ فَإِذَا قَرَأْتَ كِتَابِي فَقِفْ عَلَى الْأَمْرِ حَتَّى تَعْرِفَ فَعَلَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ الدِّيزَجُ فَعَرَّفَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ مَا كَتَبَ بِهِ إِلَيْهِ فَفَعَلْتُ مَا أَمَرَنِي بِهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ لِي مَا صَنَعْتَ فَقُلْتُ قَدْ فَعَلْتُ مَا أَمَرْتَ بِهِ فَلَمْ أَرَ شَيْئاً وَ لَمْ أَجِدْ شَيْئاً فَقَالَ لِي أَ فَلَا عَمَّقْتَهُ قُلْتُ قَدْ فَعَلْتُ فَمَا رَأَيْتُ فَكَتَبَ إِلَى السُّلْطَانِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ الدِّيزَجَ قَدْ نَبَشَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئاً وَ أَمَرْتُه‏

394
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 50 جور الخلفاء على قبره الشريف و ما ظهر من المعجزات عند ضريحه و من تربته و زيارته صلوات الله عليه ص 390

فَمَخَرَهُ بِالْمَاءِ وَ كَرَبَهُ بِالْبَقَرِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْعَمَّارِيُّ فَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ الدِّيزَجُ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ صُورَةِ الْأَمْرِ فَقَالَ لِي أَتَيْتُ فِي خَاصَّةِ غِلْمَانِي فَقَطْ وَ إِنِّي نَبَشْتُ فَوَجَدْتُ بَارِيَةً جَدِيدَةً وَ عَلَيْهَا بَدَنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَ وَجَدْتُ مِنْهُ رَائِحَةَ الْمِسْكِ فَتَرَكْتُ الْبَارِيَةَ عَلَى حَالِهَا وَ بَدَنَ الْحُسَيْنِ عَلَى الْبَارِيَةِ وَ أَمَرْتُ بِطَرْحِ التُّرَابِ عَلَيْهِ وَ أَطْلَقْتُ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَ أَمَرْتُ بِالْبَقَرِ لِتَمْخَرَهُ وَ تَحْرُثَهُ فَلَمْ تَطَأْهُ الْبَقَرُ وَ كَانَتْ إِذَا جَاءَتْ إِلَى الْمَوْضِعِ رَجَعَتْ عَنْهُ فَحَلَفْتُ لِغِلْمَانِي بِاللَّهِ وَ بِالْأَيْمَانِ الْمُغَلَّظَةِ لَئِنْ ذَكَرَ أَحَدٌ هَذَا لَأَقْتُلَنَّهُ.
بيان يقال مخرت الأرض أي أرسلت فيه الماء و السفينة إذا جرت تشق الماء مع صوت.
3- ما، الأمالي للشيخ الطوسي عَنْهُ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي السَّلَاسِلِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَاقَطَانِيِّ قَالَ: ضَمَّنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَاقَانَ إِلَى هَارُونَ الْمُعَرِّيِّ وَ كَانَ قَائِداً مِنْ قُوَّادِ السُّلْطَانِ أَكْتُبُ لَهُ وَ كَانَ بَدَنُهُ كُلُّهُ أَبْيَضَ شَدِيدَ الْبَيَاضِ حَتَّى يَدَيْهِ وَ رِجْلَيْهِ كَانَا كَذَلِكَ وَ كَانَ وَجْهُهُ أَسْوَدَ شَدِيدَ السَّوَادِ كَأَنَّهُ الْقِيرُ وَ كَانَ يَتَفَقَّأُ مَعَ ذَلِكَ مِدَّةً مُنْتِنَةً قَالَ فَلَمَّا أَنِسَ بِي سَأَلْتُهُ عَنْ سَوَادِ وَجْهِهِ فَأَبَى أَنْ يُخْبِرَنِي ثُمَّ إِنَّهُ مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَعَدْتُ فَسَأَلْتُهُ فَرَأَيْتُهُ كَأَنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يُكْتَمَ عَلَيْهِ فَضَمِنْتُ لَهُ الْكِتْمَانَ فَحَدَّثَنِي قَالَ وَجَّهَنِي الْمُتَوَكِّلُ أَنَا وَ الدِّيزَجَ لِنَبْشِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ وَ إِجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَيْهِ فَلَمَّا عَزَمْتُ عَلَى الْخُرُوجِ وَ الْمَسِيرِ إِلَى النَّاحِيَةِ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص فِي الْمَنَامِ فَقَالَ لَا تَخْرُجْ مَعَ الدِّيزَجِ وَ لَا تَفْعَلْ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ فِي قَبْرِ الْحُسَيْنِ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا جَاءُوا يَسْتَحِثُّونِي فِي الْمَسِيرِ فَسِرْتُ مَعَهُمْ حَتَّى وَفَيْنَا كَرْبَلَاءَ وَ فَعَلْنَا مَا أَمَرَنَا بِهِ الْمُتَوَكِّلُ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ أَ لَمْ آمُرْكَ أَنْ لَا تَخْرُجَ مَعَهُمْ وَ لَا تَفْعَلَ فِعْلَهُمْ فَلَمْ تَقَبَلْ حَتَّى فَعَلْتَ مَا فَعَلُوا ثُمَّ لَطَمَنِي وَ تَفَلَ فِي وَجْهِي فَصَارَ وَجْهِي مُسْوَدّاً كَمَا تَرَى وَ جِسْمِي عَلَى حَالَتِهِ الْأُولَى.
بيان تفقأ الدمل و القرح تشقق.
4- ما، الأمالي للشيخ الطوسي عَنْهُ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَحْمَدَ أَبِي الْقَاسِمِ الْفَقِيهِ عَنِ الْفَضْل‏

395
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 50 جور الخلفاء على قبره الشريف و ما ظهر من المعجزات عند ضريحه و من تربته و زيارته صلوات الله عليه ص 390

بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَمِيدِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ الدِّيزَجِ وَ كُنْتُ جَارَهُ أَعُودُهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَوَجَدْتُهُ بِحَالٍ سَوْءٍ وَ إِذَا هُوَ كَالْمَدْهُوشِ وَ عِنْدَهُ الطَّبِيبُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَالِهِ وَ كَانَتْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ خِلْطَةٌ وَ أُنْسٌ تُوجِبُ الثِّقَةَ بِي وَ الِانْبِسَاطَ إِلَيَّ فَكَاتَمَنِي حَالَهُ وَ أَشَارَ إِلَى الطَّبِيبِ فَشَعَرَ الطَّبِيبُ بِإِشَارَتِهِ وَ لَمْ يَعْرِفْ مِنْ حَالِهِ مَا يَصِفُ لَهُ مِنَ الدَّوَاءِ مَا يَسْتَعْمِلُهُ فَقَامَ فَخَرَجَ وَ خَلَا الْمَوْضِعُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَالِهِ فَقَالَ أُخْبِرُكَ وَ اللَّهِ وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِنَّ الْمُتَوَكِّلَ أَمَرَنِي بِالْخُرُوجِ إِلَى نَيْنَوَى إِلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ ع فَأَمَرَنَا أَنْ نَكْرُبَهُ وَ نَطْمِسَ أَثَرَ الْقَبْرِ فَوَافَيْتُ النَّاحِيَةَ مَسَاءً وَ مَعَنَا الْفَعَلَةُ وَ الدركاريون «1» [الرُّوزْكَارِيُّونَ‏] مَعَهُمُ الْمَسَاحِي وَ الْمِرْوَدُ فَتَقَدَّمْتُ إِلَى غِلْمَانِي وَ أَصْحَابِي أَنْ يَأْخُذُوا الْفَعَلَةَ بِخَرَابِ الْقَبْرِ وَ حَرْثِ أَرْضِهِ فَطَرَحْتُ نَفْسِي لِمَا نَالَنِي مِنْ تَعَبِ السَّفَرِ وَ نِمْتُ فَذَهَبَ بِيَ النَّوْمُ فَإِذَا ضَوْضَاءٌ شَدِيدٌ وَ أَصْوَاتٌ عَالِيَةٌ وَ جَعَلَ الْغِلْمَانُ يُنَبِّهُونِي فَقُمْتُ وَ أَنَا ذَعِرٌ فَقُلْتُ لِلْغِلْمَانِ مَا شَأْنُكُمْ قَالُوا أَعْجَبُ شَأْنٍ قُلْتُ وَ مَا ذَاكَ قَالُوا إِنَّ بِمَوْضِعِ الْقَبْرِ قَوْماً قَدْ حَالُوا بَيْنَنَا وَ بَيْنَ الْقَبْرِ وَ هُمْ يَرْمُونَنَا مَعَ ذَلِكَ بِالنُّشَّابِ فَقُمْتُ مَعَهُمْ لِأَتَبَيَّنَ الْأَمْرَ فَوَجَدْتُهُ كَمَا وَصَفُوا وَ كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ مِنْ لَيَالِي الْبِيضِ فَقُلْتُ ارْمُوهُمْ فَرَمَوْا فَعَادَتْ سِهَامُنَا إِلَيْنَا فَمَا سَقَطَ سَهْمٌ مِنَّا إِلَّا فِي صَاحِبِهِ الَّذِي رَمَى بِهِ فَقَتَلَهُ فَاسْتَوْحَشْتُ لِذَلِكَ وَ جَزِعْتُ وَ أَخَذَتْنِي الْحُمَّى وَ الْقُشَعْرِيرَةُ وَ رَحَلْتُ عَنِ الْقَبْرِ لِوَقْتِي وَ وَطَّنْتُ نَفْسِي عَلَى أَنْ يَقْتُلَنِيَ الْمُتَوَكِّلُ لِمَا لَمْ أَبْلُغْ فِي الْقَبْرِ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ إِلَيَّ بِهِ قَالَ أَبُو بَرْزَةَ فَقُلْتُ لَهُ قَدْ كُفِيتَ مَا تَحْذَرُ مِنَ الْمُتَوَكِّلِ قَدْ قُتِلَ بَارِحَةَ الْأُولَى وَ أَعَانَ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ الْمُنْتَصِرُ فَقَالَ لِي قَدْ سَمِعْتُ بِذَلِكَ وَ قَدْ نَالَنِي فِي جِسْمِي مَا لَا أَرْجُو مَعَهُ الْبَقَاءَ قَالَ أَبُو بَرْزَةَ كَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ فَمَا أَمْسَى الدِّيزَجُ حَتَّى مَاتَ.
قَالَ ابْنُ حَشِيشٍ قَالَ أَبُو الْمُفَضَّلِ إِنَّ الْمُنْتَصِرَ سَمِعَ أَبَاهُ يَشْتِمُ فَاطِمَةَ فَسَأَلَ‏
__________________________________________________
 (1) الروزكاريون خ ل. و المساحى: جمع مسحاة و المرود- هنا: محور البكرة من الحديد و هي خشبة مستديرة في وسطها محز يستقى عليها.

396
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 50 جور الخلفاء على قبره الشريف و ما ظهر من المعجزات عند ضريحه و من تربته و زيارته صلوات الله عليه ص 390

رَجُلًا مِنَ النَّاسِ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ إِلَّا أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ أَبَاهُ لَمْ يَطُلْ لَهُ عُمُرٌ قَالَ مَا أُبَالِي إِذَا أَطَعْتُ اللَّهَ بِقَتْلِهِ أَنْ لَا يَطُولَ لِي عُمُرٌ فَقَتَلَهُ وَ عَاشَ بَعْدَهُ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ.
5- ما، الأمالي للشيخ الطوسي عَنْهُ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ هَارُونَ الْخَدِيجِيِّ الْكَبِيرِ مِنْ شَاطِئِ النِّيلِ قَالَ حَدَّثَنِي جَدِّي الْقَاسِمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَعْمَرٍ الْأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ وَ كَانَ لَهُ عِلْمٌ بِالسِّيرَةِ وَ أَيَّامِ النَّاسِ قَالَ: بَلَغَ الْمُتَوَكِّلَ جَعْفَرَ بْنَ الْمُعْتَصِمِ أَنَّ أَهْلَ السَّوَادِ يَجْتَمِعُونَ بِأَرْضِ نَيْنَوَى لِزِيَارَةِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ع فَيَصِيرُ إِلَى قَبْرِهِ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ فَأَنْفَذَ قَائِداً مِنْ قُوَّادِهِ وَ ضَمَّ إِلَيْهِ كَنَفاً مِنَ الْجُنْدِ كَثِيراً لِيَشْعَثَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ ع وَ يَمْنَعَ النَّاسَ مِنْ زِيَارَتِهِ وَ الِاجْتِمَاعِ إِلَى قَبْرِهِ فَخَرَجَ الْقَائِدُ إِلَى الطَّفِّ وَ عَمِلَ بِمَا أُمِرَ وَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَ ثَلَاثِينَ وَ مِائَتَيْنِ فَثَارَ أَهْلُ السَّوَادِ بِهِ وَ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَ قَالُوا لَوْ قُتِلْنَا عَنْ آخِرِنَا لَمَا أَمْسَكَ مَنْ بَقِيَ مِنَّا عَنْ زِيَارَتِهِ وَ رَأَوْا مِنَ الدَّلَائِلِ مَا حَمَلَهُمْ عَلَى مَا صَنَعُوا فَكَتَبَ بِالْأَمْرِ إِلَى الْحَضْرَةِ فَوَرَدَ كِتَابُ الْمُتَوَكِّلِ إِلَى الْقَائِدِ بِالْكَفِّ عَنْهُمْ وَ الْمَسِيرِ إِلَى الْكُوفَةِ مُظْهِراً أَنَّ مَسِيرَهُ إِلَيْهَا فِي مَصَالِحِ أَهْلِهَا وَ الِانْكِفَاءِ إِلَى الْمِصْرِ فَمَضَى الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى كَانَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَ أَرْبَعِينَ فَبَلَغَ الْمُتَوَكِّلَ أَيْضاً مَصِيرُ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ وَ الْكُوفَةِ إِلَى كَرْبَلَاءَ لِزِيَارَةِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ع وَ أَنَّهُ قَدْ كَثُرَ جَمْعُهُمْ لِذَلِكَ وَ صَارَ لَهُمْ سُوقٌ كَبِيرٌ فَأَنْفَذَ قَائِداً فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنَ الْجُنْدِ وَ أَمَرَ مُنَادِياً يُنَادِي بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِمَّنْ زَارَ قَبْرَهُ وَ نَبَشَ الْقَبْرَ وَ حَرَثَ أَرْضَهُ وَ انْقَطَعَ النَّاسُ عَنِ الزِّيَارَةِ وَ عَمِلَ عَلَى تَتَبُّعِ آلِ أَبِي طَالِبٍ وَ الشِّيعَةِ فَقُتِلَ وَ لَمْ يَتِمَّ لَهُ مَا قَدَّرَهُ.
بيان قوله كنفا من الجند أي جانبا كناية عن الجماعة منهم و في بعض النسخ بالثاء و هو بالفتح الجماعة قوله ليشعب أي يشق و ينش و في بعض النسخ المصححة ليشعث من قبره يقال شعث منه تشعيثا نضح عنه و ذب و دفع و انكفأ رجع.
6- ما، الأمالي للشيخ الطوسي عَنْهُ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ غَالِبٍ الْأَزْدِي‏

397
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 50 جور الخلفاء على قبره الشريف و ما ظهر من المعجزات عند ضريحه و من تربته و زيارته صلوات الله عليه ص 390

قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَابِيَةَ الطُّورِيُّ قَالَ: حَجَجْتُ سَنَةَ سَبْعٍ وَ أَرْبَعِينَ وَ مِائَتَيْنِ فَلَمَّا صَدَرْتُ مِنَ الْحَجِّ صِرْتُ إِلَى الْعِرَاقِ فَزُرْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع عَلَى حَالِ خِيفَةٍ مِنَ السُّلْطَانِ وَ زُرْتُهُ ثُمَّ تَوَجَّهْتُ إِلَى زِيَارَةِ الْحُسَيْنِ ع فَإِذَا هُوَ قَدْ حُرِثَ أَرْضُهُ وَ مُخِرَ فِيهَا الْمَاءُ وَ أُرْسِلَتِ الثِّيرَانُ الْعَوَامِلُ فِي الْأَرْضِ فَبِعَيْنِي وَ بَصَرِي كُنْتُ رَأَيْتُ الثِّيرَانَ تُسَاقُ فِي الْأَرْضِ فَتَنْسَاقُ لَهُمْ حَتَّى إِذَا حَازَتْ مَكَانَ الْقَبْرِ حَادَتْ عَنْهُ يَمِيناً وَ شِمَالًا فَتُضْرَبُ بِالْعَصَا الضَّرْبَ الشَّدِيدَ فَلَا يَنْفَعُ ذَلِكَ فِيهَا وَ لَا تَطَأُ الْقَبْرَ بِوَجْهٍ وَ لَا سَبَبٍ فَمَا أَمْكَنَتْنِي الزِّيَارَةُ فَتَوَجَّهْتُ إِلَى بَغْدَادَ وَ أَنَا أَقُولُ-
          تَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ أُمَيَّةُ قَدْ أَتَتْ-             قَتْلَ ابْنِ بِنْتِ نَبِيِّهَا مَظْلُوماً
             فَلَقَدْ أَتَاهُ بَنُو أَبِيهِ بِمِثْلِهَا-             هَذَا لَعَمْرُكَ قَبْرُهُ مَهْدُوماً
             أَسِفُوا عَلَى أَنْ لَا يَكُونُوا شَايَعُوا-             فِي قَتْلِهِ فَتَتَبَّعُوهُ رَمِيماً
 فَلَمَّا قَدِمْتُ بَغْدَادَ سَمِعْتُ الْهَائِعَةَ فَقُلْتُ مَا الْخَبَرُ قَالُوا سَقَطَ الطَّائِرُ بِقَتْلِ جَعْفَرٍ الْمُتَوَكِّلِ فَعَجِبْتُ لِذَلِكَ وَ قُلْتُ إِلَهِي لَيْلَةٌ بِلَيْلَةٍ.
بيان قال الفيروزآبادي الهيعة و الهائعة الصوت تفزع منه و تخافه من عدو.
7- ما، الأمالي للشيخ الطوسي عَنْهُ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ هَاشِمٍ الْأُبُلِّيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ النُّعْمَانِ الْجُوزْجَانِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُغِيرَةِ الرَّازِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَسَأَلَهُ جَرِيرٌ عَنْ خَبَرِ النَّاسِ فَقَالَ تَرَكْتُ الرَّشِيدَ وَ قَدْ كَرَبَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ ع وَ أَمَرَ أَنْ تُقْطَعَ السِّدْرَةُ الَّتِي فِيهِ فَقُطِعَتْ قَالَ فَرَفَعَ جَرِيرٌ يَدَيْهِ وَ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ جَاءَنَا فِيهِ حَدِيثٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّهُ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ قَاطِعَ السِّدْرَةِ ثَلَاثاً فَلَمْ نَقِفْ عَلَى مَعْنَاهُ حَتَّى الْآنَ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِقَطْعِهِ تَغْيِيرُ مَصْرَعِ الْحُسَيْنِ ع حَتَّى لَا يَقِفَ النَّاسُ عَلَى قَبْرِهِ.
8- ما، الأمالي للشيخ الطوسي عَنْهُ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ فَرَجٍ الرحجي [الرُّخَّجِيِ‏] قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَمِّهِ عُمَرَ بْنِ فَرَجٍ قَالَ: أَنْفَذَنِيَ الْمُتَوَكِّلُ فِي تَخْرِيبِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ع فَصِرْتُ إِلَى النَّاحِيَةِ فَأَمَرْتُ بِالْبَقَرِ فَمُرَّ بِهَا عَلَى الْقُبُورِ كُلِّهَا-

398
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 50 جور الخلفاء على قبره الشريف و ما ظهر من المعجزات عند ضريحه و من تربته و زيارته صلوات الله عليه ص 390

فَلَمَّا بَلَغَتْ قَبْرَ الْحُسَيْنِ ع لَمْ تَمُرَّ عَلَيْهِ قَالَ عَمِّي عُمَرُ بْنُ فَرَجٍ فَأَخَذْتُ الْعَصَا بِيَدِي فَمَا زِلْتُ أَضْرِبُهَا حَتَّى تَكَسَّرَتِ الْعَصَا فِي يَدِي فَوَ اللَّهِ مَا جَازَتْ عَلَى قَبْرِهِ وَ لَا تَخَطَّتْهُ قَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ كَانَ عَمِّي عُمَرُ بْنُ فَرَجٍ كَثِيرَ الِانْحِرَافِ عَنْ آلِ مُحَمَّدٍ ص فَأَنَا أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ مِنْهُ وَ كَانَ جَدِّي أَخُوهُ مُحَمَّدُ بْنُ فَرَجٍ شَدِيدَ الْمَوَدَّةِ لَهُمْ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ رَضِيَ عَنْهُ فَأَنَا أَتَوَلَّاهُ لِذَلِكَ وَ أَفْرَحُ بِوِلَادَتِهِ.
9- ما، الأمالي للشيخ الطوسي عَنْهُ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَابُوسِيِّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: صَلَّيْتُ فِي جَامِعِ الْمَدِينَةِ وَ إِلَى جَانِبِي رَجُلَانِ عَلَى أَحَدِهِمَا ثِيَابُ السَّفَرِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ يَا فُلَانُ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ طِينَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ع شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ بِي وَجَعُ الْجَوْفِ فَتَعَالَجْتُ بِكُلِّ دَوَاءٍ فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ عَافِيَةً وَ خِفْتُ عَلَى نَفْسِي وَ أَيِسْتُ مِنْهَا وَ كَانَتْ عِنْدَنَا امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ فَدَخَلَتْ عَلَيَّ وَ أَنَا فِي أَشَدِّ مَا بِي مِنَ الْعِلَّةِ فَقَالَتْ لِي يَا سَالِمُ مَا أَرَى عِلَّتَكَ إِلَّا كُلَّ يَوْمٍ زَائِدَةً فَقُلْتُ لَهَا نَعَمْ فَقَالَتْ فَهَلْ لَكَ أَنْ أُعَالِجَكَ فَتَبْرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقُلْتُ لَهَا مَا أَنَا إِلَى شَيْ‏ءٍ أَحْوَجَ مِنِّي إِلَى هَذَا فَسَقَتْنِي مَاءً فِي قَدَحٍ فَسَكَنَتْ عَنِّي الْعِلَّةُ وَ بَرَأَتْ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِي عِلَّةٌ قَطُّ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَشْهُرٍ دَخَلْتُ عَلَى الْعَجُوزِ فَقُلْتُ لَهَا بِاللَّهِ عَلَيْكِ يَا سَلَمَةُ وَ كَانَ اسْمُهَا سَلَمَةَ بِمَا ذَا دَاوَيْتِنِي فَقَالَتْ بِوَاحِدَةٍ مِمَّا فِي هَذِهِ السُّبْحَةِ مِنْ سُبْحَةٍ كَانَتْ فِي يَدِهَا فَقُلْتُ وَ مَا هَذِهِ السُّبْحَةُ فَقَالَتْ إِنَّهَا مِنْ طِينِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ع فَقُلْتُ لَهَا يَا رَافِضِيَّةُ دَاوَيْتِنِي بِطِينِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ فَخَرَجَتْ مِنْ عِنْدِي مُغْضَبَةً وَ رَجَعَتْ وَ اللَّهِ عِلَّتِي كَأَشَدِّ مَا كَانَتْ وَ أَنَا أُقَاسِي مِنْهَا الْجَهْدَ وَ الْبَلَاءَ وَ قَدْ وَ اللَّهِ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي ثُمَّ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَقَامَا يُصَلِّيَانِ وَ غَابَا عَنِّي.
10- ما، الأمالي للشيخ الطوسي عَنْهُ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي طَاهِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الشَّرِيعِيِّ عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: لَقِيَنِي يُوحَنَّا بْنُ سَرَاقِيُونَ النَّصْرَانِيُّ الْمُتَطَبِّبُ فِي شَارِعِ أَبِي أَحْمَدَ فَاسْتَوْقَفَنِي وَ قَالَ لِي بِحَقِّ نَبِيِّكَ وَ دِينِكَ-

399
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 50 جور الخلفاء على قبره الشريف و ما ظهر من المعجزات عند ضريحه و من تربته و زيارته صلوات الله عليه ص 390

مَنْ هَذَا الَّذِي يَزُورُ قَبْرَهُ قَوْمٌ مِنْكُمْ بِنَاحِيَةِ قَصْرِ ابْنِ هُبَيْرَةَ مَنْ هُوَ مِنْ أَصْحَابِ نَبِيِّكُمْ قُلْتُ لَيْسَ هُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ هُوَ ابْنُ بِنْتِهِ فَمَا دَعَاكَ إِلَى الْمَسْأَلَةِ لِي عَنْهُ فَقَالَ لَهُ عِنْدِي حَدِيثٌ طَرِيفٌ فَقُلْتُ حَدِّثْنِي بِهِ فَقَالَ وَجَّهَ إِلَيَّ سَابُورُ الْكَبِيرُ الْخَادِمُ الرَّشِيدِيُّ فِي اللَّيْلِ فَصِرْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ تَعَالَ مَعِي فَمَضَى وَ أَنَا مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى مُوسَى بْنِ عِيسَى الْهَاشِمِيِّ فَوَجَدْنَاهُ زَائِلَ الْعَقْلِ مُتَّكِئاً عَلَى وِسَادَةٍ وَ إِذَا بَيْنَ يَدَيْهِ طَسْتٌ فِيهَا حَشْوُ جَوْفِهِ وَ كَانَ الرَّشِيدُ اسْتَحْضَرَهُ مِنَ الْكُوفَةِ فَأَقْبَلَ سَابُورُ عَلَى خَادِمٍ كَانَ مِنْ خَاصَّةِ مُوسَى فَقَالَ لَهُ وَيْحَكَ مَا خَبَرُهُ فَقَالَ لَهُ أُخْبِرُكَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ سَاعَتِهِ جَالِساً وَ حَوْلَهُ نُدَمَاؤُهُ وَ هُوَ مِنْ أَصَحِّ النَّاسِ جِسْماً وَ أَطْيَبِهِمْ نَفْساً إِذْ جَرَى ذِكْرُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع قَالَ يُوحَنَّا هَذَا الَّذِي سَأَلْتُكَ عَنْهُ فَقَالَ مُوسَى إِنَّ الرَّافِضَةَ لَيَغْلُونَ فِيهِ حَتَّى إِنَّهُمْ فِيمَا عَرَفْتُ يَجْعَلُونَ تُرْبَتَهُ دَوَاءً يَتَدَاوَوْنَ بِهِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ كَانَ حَاضِراً قَدْ كَانَتْ بِي عِلَّةٌ غَلِيلَةٌ فَتَعَالَجْتُ لَهَا بِكُلِّ عِلَاجٍ فَمَا نَفَعَنِي حَتَّى وَصَفَ لِي كَاتِبِي أَنْ خُذْ مِنْ هَذِهِ التُّرْبَةِ فَأَخَذْتُهَا فَنَفَعَنِيَ اللَّهُ بِهَا وَ زَالَ عَنِّي مَا كُنْتُ أَجِدُهُ قَالَ فَبَقِيَ عِنْدَكَ مِنْهَا شَيْ‏ءٌ قَالَ نَعَمْ فَوَجَّهَ فَجَاءَهُ مِنْهَا بِقِطْعَةٍ فَنَاوَلَهَا مُوسَى بْنَ عِيسَى فَأَخَذَهَا مُوسَى فَاسْتَدْخَلَهَا دُبُرَهُ اسْتِهْزَاءً بِمَنْ تَدَاوَى بِهَا وَ احْتِقَاراً وَ تَصْغِيراً لِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي هِيَ تُرْبَتُهُ يَعْنِي الْحُسَيْنَ ع فَمَا هُوَ إِلَّا أَنِ اسْتَدْخَلَهَا دُبُرَهُ حَتَّى صَاحَ النَّارَ النَّارَ الطَّسْتَ الطَّسْتَ فَجِئْنَاهُ بِالطَّسْتِ فَأَخْرَجَ فِيهَا مَا تَرَى فَانْصَرَفَ النُّدَمَاءُ وَ صَارَ الْمَجْلِسُ مَأْتَماً فَأَقْبَلَ عَلَى سَابُورَ فَقَالَ انْظُرْ هَلْ لَكَ فِيهِ حِيلَةٌ فَدَعَوْتُ بِشَمْعَةٍ فَنَظَرْتُ فَإِذَا كَبِدُهُ وَ طِحَالُهُ وَ رِيَتُهُ وَ فُؤَادُهُ خَرَجَ مِنْهُ فِي الطَّسْتِ فَنَظَرْتُ إِلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ فَقُلْتُ مَا لِأَحَدٍ فِي هَذَا صُنْعٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِعِيسَى الَّذِي كَانَ يُحْيِي الْمَوْتَى فَقَالَ لِي سَابُورُ صَدَقْتَ وَ لَكِنْ كُنْ هَاهُنَا فِي الدَّارِ إِلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ مَا يَكُونُ مِنْ أَمْرِهِ فَبِتُّ عِنْدَهُمْ وَ هُوَ بِتِلْكَ الْحَالِ مَا رَفَعَ رَأْسَهُ فَمَاتَ فِي وَقْتِ السَّحَرِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى قَالَ لِي مُوسَى بْنُ سَرِيعٍ كَانَ يُوحَنَّا يَزُورُ قَبْرَ الْحُسَيْن‏

400
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 50 جور الخلفاء على قبره الشريف و ما ظهر من المعجزات عند ضريحه و من تربته و زيارته صلوات الله عليه ص 390

وَ هُوَ عَلَى دِينِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ هَذَا وَ حَسُنَ إِسْلَامُهُ.
11- قب، المناقب لابن شهرآشوب أَخَذَ الْمُسْتَرْشِدُ مِنْ مَالِ الْحَائِرِ وَ كَرْبَلَاءَ وَ قَالَ إِنَّ الْقَبْرَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الْخِزَانَةِ أُنْفِقُ عَلَى الْعَسْكَرِ فَلَمَّا خَرَجَ قُتِلَ هُوَ وَ ابْنُهُ الرَّاشِدُ.
كِتَابَيْ ابْنِ بَطَّةَ وَ النَّطَنْزِيِّ رَوَى أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: أَحْدَثَ رَجُلٌ عَلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ ع فَأَصَابَهُ وَ أَهْلَ بَيْتِهِ جُنُونٌ وَ جُذَامٌ وَ بَرَصٌ وَ هُمْ يَتَوَارَثُونَ الْجُذَامَ إِلَى السَّاعَةِ.
وَ رَوَى جَمَاعَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ أَنَّهُ لَمَّا أَمَرَ الْمُتَوَكِّلُ بِحَرْثِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ع وَ أَنْ يُجْرَى الْمَاءُ عَلَيْهِ مِنَ الْعَلْقَمِيِّ أَتَى زَيْدٌ الْمَجْنُونُ وَ بُهْلُولٌ الْمَجْنُونُ إِلَى كَرْبَلَاءَ فَنَظَرَا إِلَى الْقَبْرِ وَ إِذَا هُوَ مُعَلَّقٌ بِالْقُدْرَةِ فِي الْهَوَاءِ فَقَالَ زَيْدٌ يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ- وَ يَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْحَرَّاثَ حَرَثَ سَبْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً وَ الْقَبْرُ يَرْجِعُ إِلَى حَالِهِ فَلَمَّا نَظَرَ الْحَرَّاثُ إِلَى ذَلِكَ آمَنَ بِاللَّهِ وَ حَلَّ الْبَقَرَ فَأُخْبِرَ الْمُتَوَكِّلَ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ «1».
12- أَقُولُ وَجَدْتُ فِي بَعْضِ مُؤَلَّفَاتِ أَصْحَابِنَا قَالَ رُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ نَازِلًا بِالْكُوفَةِ وَ كَانَ لِي جَارٌ وَ كُنْتُ آتِي إِلَيْهِ وَ أَجْلِسُ عِنْدَهُ فَأَتَيْتُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ يَا هَذَا مَا تَقُولُ فِي زِيَارَةِ الْحُسَيْنِ ع فَقَالَ لِي هِيَ بِدْعَةٌ وَ كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَ كُلُّ ذِي ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ قَالَ سُلَيْمَانُ فَقُمْتُ مِنْ عِنْدِهِ وَ أَنَا مُمْتَلِئٌ عَلَيْهِ غَيْظاً فَقُلْتُ فِي نَفْسِي إِذَا كَانَ وَقْتُ السَّحَرِ آتِيهِ وَ أُحَدِّثُهُ شَيْئاً مِنْ فَضَائِلِ الْحُسَيْنِ ع فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الْعِنَادِ قَتَلْتُهُ قَالَ سُلَيْمَانُ فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ السَّحَرِ أَتَيْتُهُ وَ قَرَعْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ وَ دَعَوْتُهُ بِاسْمِهِ فَإِذَا بِزَوْجَتِهِ تَقُولُ لِي إِنَّهُ قَصَدَ إِلَى زِيَارَةِ الْحُسَيْنِ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ قَالَ سُلَيْمَانُ فَسِرْتُ فِي أَثَرِهِ إِلَى زِيَارَةِ الْحُسَيْنِ ع فَلَمَّا دَخَلْتُ إِلَى الْقَبْرِ فَإِذَا أَنَا بِالشَّيْخِ سَاجِدٌ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ يَدْعُو وَ يَبْكِي فِي سُجُودِهِ وَ يَسْأَلُهُ التَّوْبَةَ وَ الْمَغْفِرَةَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ بَعْدَ زَمَانٍ طَوِيلٍ فَرَآنِي قَرِيباً مِنْهُ فَقُلْتُ لَهُ يَا شَيْخُ بِالْأَمْسِ‏
__________________________________________________
 (1) مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 64.

401
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 50 جور الخلفاء على قبره الشريف و ما ظهر من المعجزات عند ضريحه و من تربته و زيارته صلوات الله عليه ص 390

كُنْتَ تَقُولُ زِيَارَةُ الْحُسَيْنِ ع بِدْعَةٌ وَ كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَ كُلُّ ذِي ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ وَ الْيَوْمَ أَتَيْتَ تَزُورُهُ فَقَالَ يَا سُلَيْمَانُ لَا تَلُمْنِي فَإِنِّي مَا كُنْتُ أُثْبِتُ لِأَهْلِ الْبَيْتِ إِمَامَةً حَتَّى كَانَتْ لَيْلَتِي تِلْكَ فَرَأَيْتُ رُؤْيَا هَالَتْنِي وَ رَوَّعَتْنِي فَقُلْتُ لَهُ مَا رَأَيْتَ أَيُّهَا الشَّيْخُ قَالَ رَأَيْتُ رَجُلًا جَلِيلَ الْقَدْرِ لَا بِالطَّوِيلِ الشَّاهِقِ وَ لَا بِالْقَصِيرِ اللَّاصِقِ لَا أَقْدِرُ أَصِفُهُ مِنْ عِظَمِ جَلَالِهِ وَ جَمَالِهِ وَ بَهَائِهِ وَ كَمَالِهِ وَ هُوَ مَعَ أَقْوَامٍ يَحُفُّونَ بِهِ حَفِيفاً وَ يَزُفُّونَهُ زَفِيفاً وَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَارِسٌ وَ عَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ وَ لِلتَّاجِ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ وَ فِي كُلِّ رُكْنٍ جَوْهَرَةٌ تُضِي‏ءُ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَقُلْتُ لِبَعْضِ خُدَّامِهِ مَنْ هَذَا فَقَالَ هَذَا مُحَمَّدٌ الْمُصْطَفَى قُلْتُ وَ مَنْ هَذَا الْآخَرُ فَقَالَ عَلِيٌّ الْمُرْتَضَى وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ ثُمَّ مَدَدْتُ نَظَرِي فَإِذَا أَنَا بِنَاقَةٍ مِنْ نُورٍ وَ عَلَيْهَا هَوْدَجٌ مِنْ نُورٍ وَ فِيهِ امْرَأَتَانِ وَ النَّاقَةُ تَطِيرُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ فَقُلْتُ لِمَنْ هَذِهِ النَّاقَةُ فَقَالَ- لِخَدِيجَةَ الْكُبْرَى وَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ ع فَقُلْتُ وَ مَنْ هَذَا الْغُلَامُ فَقَالَ هَذَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَقُلْتُ وَ إِلَى أَيْنَ يُرِيدُونَ بِأَجْمَعِهِمْ فَقَالُوا لِزِيَارَةِ الْمَقْتُولِ ظُلْماً شَهِيدِ كَرْبَلَاءَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى ثُمَّ إِنِّي قَصَدْتُ نَحْوَ الْهَوْدَجِ الَّذِي فِيهِ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ وَ إِذَا أَنَا بِرِقَاعٍ مَكْتُوبَةٍ تَتَسَاقَطُ مِنَ السَّمَاءِ فَسَأَلْتُ مَا هَذِهِ الرِّقَاعُ فَقَالَ هَذِهِ رِقَاعٌ فِيهَا أَمَانٌ مِنَ النَّارِ لِزُوَّارِ الْحُسَيْنِ ع فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ فَطَلَبْتُ مِنْهُ رُقْعَةً فَقَالَ لِي إِنَّكَ تَقُولُ زِيَارَتُهُ بِدْعَةٌ فَإِنَّكَ لَا تَنَالُهَا حَتَّى تَزُورَ الْحُسَيْنَ ع وَ تَعْتَقِدَ فَضْلَهُ وَ شَرَفَهُ فَانْتَبَهْتُ مِنْ نَوْمِي فَزِعاً مَرْعُوباً وَ قَصَدْتُ مِنْ وَقْتِي وَ سَاعَتِي إِلَى زِيَارَةِ سَيِّدِيَ الْحُسَيْنِ ع وَ أَنَا تَائِبٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَوَ اللَّهِ يَا سُلَيْمَانُ- لَا أُفَارِقُ قَبْرَ الْحُسَيْنِ حَتَّى يُفَارِقَ رُوحِي جَسَدِي.
قَالَ وَ رَوَى الثِّقَاتُ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْكُوفِيِّ عَنْ دِعْبِلِ بْنِ عَلِيٍّ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: لَمَّا انْصَرَفْتُ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع بِقَصِيدَتِي التَّائِيَّةِ نَزَلْتُ بِالرَّيِّ وَ إِنِّي فِي لَيْلَةٍ مِنَ اللَّيَالِي وَ أَنَا أَصُوغُ قَصِيدَةً وَ قَدْ ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ شَطْرُهُ فَإِذَا طَارِقٌ يَطْرُقُ الْبَابَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ أَخٌ لَكَ فَبَدَرْتُ إِلَى الْبَابِ فَفَتَحْتُهُ فَدَخَلَ شَخْصٌ اقْشَعَرَّ مِنْهُ بَدَنِي وَ ذَهَلَتْ مِنْهُ نَفْسِي فَجَلَسَ نَاحِيَةً وَ قَالَ لِي لَا تَرُعْ أَنَا أَخُوكَ مِنَ الْجِنِّ وُلِدْت‏

402
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 50 جور الخلفاء على قبره الشريف و ما ظهر من المعجزات عند ضريحه و من تربته و زيارته صلوات الله عليه ص 390

فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي وُلِدْتَ فِيهَا وَ نَشَأْتُ مَعَكَ وَ إِنِّي جِئْتُ أُحَدِّثُكَ بِمَا يَسُرُّكَ وَ يُقَوِّي نَفْسَكَ وَ بَصِيرَتَكَ قَالَ فَرَجَعَتْ نَفْسِي وَ سَكَنَ قَلْبِي فَقَالَ يَا دِعْبِلُ إِنِّي كُنْتُ مِنْ أَشَدِّ خَلْقِ اللَّهِ بُغْضاً وَ عَدَاوَةً لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَخَرَجْتُ فِي نَفَرٍ مِنَ الْجِنِّ الْمَرَدَةِ الْعُتَاةِ فَمَرَرْنَا بِنَفَرٍ يُرِيدُونَ زِيَارَةَ الْحُسَيْنِ ع قَدْ جَنَّهُمُ اللَّيْلُ فَهَمَمْنَا بِهِمْ وَ إِذَا مَلَائِكَةٌ تَزْجُرُنَا مِنَ السَّمَاءِ وَ مَلَائِكَةٌ فِي الْأَرْضِ تَزْجُرُ عَنْهُمْ هَوَامَّهَا فَكَأَنِّي كُنْتُ نَائِماً فَانْتَبَهْتُ أَوْ غَافِلًا فَتَيَقَّظْتُ وَ عَلِمْتُ أَنَّ ذَلِكَ لِعِنَايَةٍ بِهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِمَكَانِ مَنْ قَصَدُوا لَهُ وَ تَشَرَّفُوا بِزِيَارَتِهِ فَأَحْدَثْتُ تَوْبَةً وَ جَدَّدْتُ نِيَّةً وَ زُرْتُ مَعَ الْقَوْمِ وَ وَقَفْتُ بِوُقُوفِهِمْ وَ دَعَوْتُ بِدُعَائِهِمْ وَ حَجَجْتُ بِحَجِّهِمْ تِلْكَ السَّنَةَ وَ زُرْتُ قَبْرَ النَّبِيِّ ص وَ مَرَرْتُ بِرَجُلٍ حَوْلَهُ جَمَاعَةٌ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالُوا هَذَا ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ الصَّادِقُ ع قَالَ فَدَنَوْتُ مِنْهُ وَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ لِي مَرْحَباً بِكَ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ أَ تَذْكُرُ لَيْلَتَكَ بِبَطْنِ كَرْبَلَاءَ وَ مَا رَأَيْتَ مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَوْلِيَائِنَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ قَبِلَ تَوْبَتَكَ وَ غَفَرَ خَطِيئَتَكَ فَقُلْتُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيَّ بِكُمْ وَ نَوَّرَ قَلْبِي بِنُورِ هِدَايَتِكُمْ وَ جَعَلَنِي مِنَ الْمُعْتَصِمِينَ بِحَبْلِ وَلَايَتِكُمْ فَحَدِّثْنِي يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ بِحَدِيثٍ أَنْصَرِفْ بِهِ إِلَى أَهْلِي وَ قَوْمِي فَقَالَ نَعَمْ حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ص يَا عَلِيُّ- الْجَنَّةُ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ حَتَّى أَدْخُلَهَا أَنَا وَ عَلَى الْأَوْصِيَاءِ حَتَّى تَدْخُلَهَا أَنْتَ وَ عَلَى الْأُمَمِ حَتَّى تَدْخُلَهَا أُمَّتِي وَ عَلَى أُمَّتِي حَتَّى يُقِرُّوا بِوَلَايَتِكَ وَ يَدِينُوا بِإِمَامَتِكَ يَا عَلِيُّ وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ- لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدٌ إِلَّا مَنْ أَخَذَ مِنْكَ بِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ ثُمَّ قَالَ خُذْهَا يَا دِعْبِلُ فَلَنْ تَسْمَعَ بِمِثْلِهَا مِنْ مِثْلِي أَبَداً ثُمَّ ابْتَلَعَتْهُ الْأَرْضُ فَلَمْ أَرَهُ.
قَالَ وَ رُوِيَ أَنَّ الْمُتَوَكِّلَ مِنْ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ كَانَ كَثِيرَ الْعَدَاوَةِ شَدِيدَ الْبُغْضِ لِأَهْلِ بَيْتِ الرَّسُولِ وَ هُوَ الَّذِي أَمَرَ الْحَارِثِينَ بِحَرْثِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ع وَ أَنْ يُخْرِبُوا بُنْيَانَهُ وَ يُحْفُوا آثَارَهُ وَ أَنْ يُجْرُوا عَلَيْهِ الْمَاءَ مِنَ النَّهَرِ الْعَلْقَمِيِّ بِحَيْثُ لَا تَبْقَى لَهُ أَثَرٌ وَ لَا أَحَدٌ يَقِفُ لَهُ عَلَى خَبَرٍ وَ تَوَعَّدَ النَّاسَ بِالْقَتْلِ لِمَنْ زَارَ قَبْرَهُ وَ جَعَلَ رَصَداً مِن‏

403
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 50 جور الخلفاء على قبره الشريف و ما ظهر من المعجزات عند ضريحه و من تربته و زيارته صلوات الله عليه ص 390

أَجْنَادِهِ وَ أَوْصَاهُمْ كُلُّ مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يُرِيدُ زِيَارَةَ الْحُسَيْنِ ع فَاقْتُلُوهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ إِطْفَاءَ نُورِ اللَّهِ وَ إِخْفَاءَ آثَارِ ذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ فَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ يُقَالُ لَهُ زَيْدٌ الْمَجْنُونُ وَ لَكِنَّهُ ذُو عَقْلٍ سَدِيدٍ وَ رَأْيٍ رَشِيدٍ وَ إِنَّمَا لُقِّبَ بِالْمَجْنُونِ لِأَنَّهُ أَفْحَمَ كُلَّ لَبِيبٍ وَ قَطَعَ حُجَّةَ كُلِّ أَدِيبٍ وَ كَانَ لَا يَعْيَ مِنَ الْجَوَابِ وَ لَا يَمَلُّ مِنَ الْخِطَابِ فَسَمِعَ بِخَرَابِ بُنْيَانِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ع وَ حَرْثِ مَكَانِهِ فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَ اشْتَدَّ حُزْنُهُ وَ تَجَدَّدَ مُصَابُهُ بِسَيِّدِهِ الْحُسَيْنِ ع وَ كَانَ مَسْكَنُهُ يَوْمَئِذٍ بِمِصْرَ فَلَمَّا غَلَبَ عَلَيْهِ الْوَجْدُ وَ الْغَرَامُ لِحَرْثِ قَبْرِ الْإِمَامِ ع خَرَجَ مِنْ مِصْرَ مَاشِياً هَائِماً عَلَى وَجْهِهِ شَاكِياً وَجْدَهُ إِلَى رَبِّهِ وَ بَقِيَ حَزِيناً كَئِيباً حَتَّى بَلَغَ الْكُوفَةَ وَ كَانَ الْبُهْلُولُ يَوْمَئِذٍ بِالْكُوفَةِ فَلَقِيَهُ زَيْدٌ الْمَجْنُونُ وَ سَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ فَقَالَ لَهُ الْبُهْلُولُ مِنْ أَيْنَ لَكَ مَعْرِفَتِي فَلَمْ تَرَنِي قَطُّ فَقَالَ زَيْدٌ يَا هَذَا اعْلَمْ أَنَّ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ مَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَ مَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ فَقَالَ لَهُ الْبُهْلُولُ يَا زَيْدُ مَا الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ بِلَادِكَ بِغَيْرِ دَابَّةٍ وَ لَا مَرْكُوبٍ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا خَرَجْتُ إِلَّا مِنْ شِدَّةِ وَجْدِي وَ حُزْنِي وَ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ هَذَا اللَّعِينَ أَمَرَ بِحَرْثِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ع وَ خَرَابِ بُنْيَانِهِ وَ قَتْلِ زُوَّارِهِ فَهَذَا الَّذِي أَخْرَجَنِي مِنْ مَوْطِنِي وَ نقص [نَغَّصَ‏] عَيْشِي وَ أَجْرَى دُمُوعِي وَ أَقَلَّ هُجُوعِي فَقَالَ الْبُهْلُولُ وَ أَنَا وَ اللَّهِ كَذَلِكَ فَقَالَ لَهُ قُمْ بِنَا نَمْضِي إِلَى كَرْبَلَاءَ لِنُشَاهِدَ قُبُورَ أَوْلَادِ عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى قَالَ فَأَخَذَ كُلٌّ بِيَدِ صَاحِبِهِ حَتَّى وَصَلَا إِلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ ع وَ إِذَا هُوَ عَلَى حَالِهِ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَ قَدْ هَدَمُوا بُنْيَانَهُ وَ كُلَّمَا أَجْرَوْا عَلَيْهِ الْمَاءَ غَارَ وَ حَارَ وَ اسْتَدَارَ بِقُدْرَةِ الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ وَ لَمْ يَصِلْ قَطْرَةٌ وَاحِدَةٌ إِلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ ع وَ كَانَ الْقَبْرُ الشَّرِيفُ إِذَا جَاءَهُ الْمَاءُ يَرْتَفِعُ أَرْضُهُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى فَتَعَجَّبَ زَيْدٌ الْمَجْنُونُ مِمَّا شَاهَدَهُ وَ قَالَ انْظُرْ يَا بُهْلُولُ يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ- وَ يَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ ....
وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ قَالَ وَ لَمْ يَزَلِ الْمُتَوَكِّلُ يَأْمُرُ بِحَرْثِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ع مُدَّةَ عِشْرِينَ سَنَةً-

404
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 50 جور الخلفاء على قبره الشريف و ما ظهر من المعجزات عند ضريحه و من تربته و زيارته صلوات الله عليه ص 390

وَ الْقَبْرُ عَلَى حَالِهِ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَ لَا يَعْلُوهُ قَطْرَةٌ مِنَ الْمَاءِ فَلَمَّا نَظَرَ الْحَارِثُ إِلَى ذَلِكَ قَالَ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَ بِمُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ وَ اللَّهِ لَأَهْرُبَنَّ عَلَى وَجْهِي وَ أَهِيمُ فِي الْبَرَارِي وَ لَا أَحْرُثُ قَبْرَ الْحُسَيْنِ ابْنِ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ وَ إِنَّ لِي مُدَّةَ عِشْرِينَ سَنَةً أَنْظُرُ آيَاتِ اللَّهِ وَ أُشَاهِدُ بَرَاهِينَ آلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ وَ لَا أَتَّعِظُ وَ لَا أَعْتَبِرُ ثُمَّ إِنَّهُ حَلَّ النِّيرَانَ وَ طَرَحَ الْفَدَّانَ «1» وَ أَقْبَلَ يَمْشِي نَحْوَ زَيْدٍ الْمَجْنُونِ وَ قَالَ لَهُ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ يَا شَيْخُ قَالَ مِنْ مِصْرَ فَقَالَ لَهُ وَ لِأَيِّ شَيْ‏ءٍ جِئْتَ إِلَى هُنَا وَ إِنَّهُ لَأَخْشَى عَلَيْكَ مِنَ الْقَتْلِ فَبَكَى زَيْدٌ وَ قَالَ وَ اللَّهِ قَدْ بَلَغَنِي حَرْثُ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ع فَأَحْزَنَنِي ذَلِكَ وَ هَيَّجَ حُزْنِي وَ وَجْدِي فَانْكَبَّ الْحَارِثُ عَلَى أَقْدَامِ زَيْدٍ يُقَبِّلُهُمَا وَ هُوَ يَقُولُ فِدَاكَ أَبِي وَ أُمِّي فَوَ اللَّهِ يَا شَيْخُ مِنْ حِينِ مَا أَقْبَلْتَ إِلَيَّ أَقْبَلَتْ إِلَيَّ الرَّحْمَةُ وَ اسْتَنَارَ قَلْبِي بِنُورِ اللَّهِ وَ إِنِّي آمَنْتُ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ إِنَّ لِي مُدَّةَ عِشْرِينَ سَنَةً وَ أَنَا أَحْرُثُ هَذِهِ الْأَرْضَ وَ كُلَّمَا أَجْرَيْتُ الْمَاءَ إِلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ ع غَارَ وَ حَارَ وَ اسْتَدَارَ وَ لَمْ يَصِلْ إِلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ مِنْهُ قَطْرَةٌ وَ كَأَنِّي كُنْتُ فِي سُكْرٍ وَ أَفَقْتُ الْآنَ بِبَرَكَةِ قُدُومِكَ إِلَيَّ فَبَكَى زَيْدٌ وَ تَمَثَّلَ بِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ-
          تَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ أُمَيَّةُ قَدْ أَتَتْ-             قَتْلَ ابْنِ بِنْتِ نَبِيِّهَا مَظْلُوماً
             فَلَقَدْ أَتَاهُ بَنُو أَبِيهِ بِمِثْلِهِ-             هَذَا لَعَمْرُكَ قَبْرُهُ مَهْدُوماً
             أَسِفُوا عَلَى أَنْ لَا يَكُونُوا شَارَكُوا-             فِي قَتْلِهِ فَتَتَبَّعُوهُ رَمِيماً
 فَبَكَى الْحَارِثُ وَ قَالَ يَا زَيْدُ قَدْ أَيْقَظْتَنِي مِنْ رَقْدَتِي وَ أَرْشَدْتَنِي مِنْ غَفْلَتِي وَ هَا أَنَا الْآنَ مَاضٍ إِلَى الْمُتَوَكِّلِ بِسُرَّمَنْ‏رَأَى أُعَرِّفُهُ بِصُورَةِ الْحَالِ إِنْ شَاءَ أَنْ يَقْتُلَنِي وَ إِنْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَنِي فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ وَ أَنَا أَيْضاً أَسِيرُ مَعَكَ إِلَيْهِ وَ أُسَاعِدُكَ عَلَى ذَلِكَ قَالَ فَلَمَّا دَخَلَ الْحَارِثُ إِلَى الْمُتَوَكِّلِ وَ خَبَّرَهُ بِمَا شَاهَدَ مِنْ بُرْهَانِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ع اسْتَشَاطَ غَيْظاً وَ ازْدَادَ بُغْضاً لِأَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَارِثِ وَ أَمَرَ
__________________________________________________
 (1) أراد بالفدان: آلة الثورين للحرث لقوله «طرح» و النيران يحتمل كونه تصحيف «الثيران» لقوله «حل» و سيأتي في البيان

405
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 50 جور الخلفاء على قبره الشريف و ما ظهر من المعجزات عند ضريحه و من تربته و زيارته صلوات الله عليه ص 390

أَنْ يُشَدَّ فِي رِجْلِهِ حَبْلٌ وَ يُسْحَبَ عَلَى وَجْهِهِ فِي الْأَسْوَاقِ ثُمَّ يُصْلَبَ فِي مُجْتَمَعِ النَّاسِ لِيَكُونَ عِبْرَةً لِمَنِ اعْتَبَرَ وَ لَا يَبْقَى أَحَدٌ يَذْكُرُ أَهْلَ الْبَيْتِ بِخَيْرٍ أَبَداً وَ أَمَّا زَيْدٌ الْمَجْنُونُ فَإِنَّهُ ازْدَادَ حُزْنُهُ وَ اشْتَدَّ عَزَاؤُهُ وَ طَالَ بُكَاؤُهُ وَ صَبَرَ حَتَّى أَنْزَلُوهُ مِنَ الصَّلْبِ وَ أَلْقَوْهُ عَلَى مَزْبَلَةٍ هُنَاكَ فَجَاءَ إِلَيْهِ زَيْدٌ فَاحْتَمَلَهُ إِلَى الدِّجْلَةِ وَ غَسَّلَهُ وَ كَفَّنَهُ وَ صَلَّى عَلَيْهِ وَ دَفَنَهُ وَ بَقِيَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا يُفَارِقُ قَبْرَهُ وَ هُوَ يَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ عِنْدَهُ فَبَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ جَالِسٌ إِذْ سَمِعَ صُرَاخاً عَالِياً وَ نَوْحاً شَجِيّاً وَ بُكَاءً عَظِيماً وَ نِسَاءً بِكَثْرَةٍ مُنَشَّرَاتِ الشُّعُورِ مُشَقَّقَاتِ الْجُيُوبِ مُسْوَدَّاتِ الْوُجُوهِ وَ رِجَالًا بِكَثْرَةٍ يَنْدِبُونَ بِالْوَيْلِ وَ الثُّبُورِ وَ النَّاسُ كَافَّةً فِي اضْطِرَابٍ شَدِيدٍ وَ إِذَا بِجَنَازَةٍ مَحْمُولَةٍ عَلَى أَعْنَاقِ الرِّجَالِ وَ قَدْ نُشِرَتْ لَهَا الْأَعْلَامُ وَ الرَّايَاتُ وَ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهَا أَفْوَاجاً قَدِ انْسَدَّتِ الطُّرُقُ مِنَ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ قَالَ زَيْدٌ فَظَنَنْتُ أَنَّ الْمُتَوَكِّلَ قَدْ مَاتَ فَتَقَدَّمْتُ إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ وَ قُلْتُ لَهُ مَنْ يَكُونُ هَذَا الْمَيِّتُ فَقَالَ هَذِهِ جَنَازَةُ جَارِيَةِ الْمُتَوَكِّلِ وَ هِيَ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ حَبَشِيَّةٌ وَ كَانَ اسْمُهَا رَيْحَانَةَ وَ كَانَ يُحِبُّهَا حُبّاً شَدِيداً ثُمَّ إِنَّهُمْ عَمِلُوا لَهَا شَأْناً عَظِيماً وَ دَفَنُوهَا فِي قَبْرٍ جَدِيدٍ وَ فَرَشُوا فِيهِ الْوَرْدَ وَ الرَّيَاحِينَ وَ الْمِسْكَ وَ الْعَنْبَرَ وَ بَنَوْا عَلَيْهَا قُبَّةً عَالِيَةً فَلَمَّا نَظَرَ زَيْدٌ إِلَى ذَلِكَ ازْدَادَتْ أَشْجَانُهُ وَ تَصَاعَدَتْ نِيرَانُهُ وَ جَعَلَ يَلْطِمُ وَجْهَهُ وَ يُمَزِّقُ أَطْمَارَهُ وَ يُحْثِي التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ وَ هُوَ يَقُولُ وَا وَيْلَاهْ وَا أَسَفَاهْ عَلَيْكَ يَا حُسَيْنُ أَ تُقْتَلُ بِالطَّفِّ غَرِيباً وَحِيداً ظَمْآنَ شَهِيداً وَ تُسْبَى نِسَاؤُكَ وَ بَنَاتُكَ وَ عِيَالُكَ وَ تُذْبَحُ أَطْفَالُكَ وَ لَمْ يَبْكِ عَلَيْكَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَ تُدْفَنُ بِغَيْرِ غُسْلٍ وَ لَا كَفَنٍ وَ يُحْرَثُ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْرُكَ لِيُطْفِئُوا نُورَكَ وَ أَنْتَ ابْنُ عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى وَ ابْنُ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ وَ يَكُونُ هَذَا الشَّأْنُ الْعَظِيمُ لِمَوْتِ جَارِيَةٍ سَوْدَاءَ وَ لَمْ يَكُنِ الْحُزْنُ وَ الْبُكَاءُ لِابْنِ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى قَالَ وَ لَمْ يَزَلْ يَبْكِي وَ يَنُوحُ حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ وَ النَّاسُ كَافَّةً يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ رَقَّ لَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ جَنَى عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاقَ مِنْ غَشْوَتِهِ أَنْشَدَ يَقُولُ-
          أَ يُحْرَثُ بِالطَّفِّ قَبْرُ الْحُسَيْنِ-             وَ يَعْمُرُ قَبْرُ بَنِي الزَّانِيَة

406
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 50 جور الخلفاء على قبره الشريف و ما ظهر من المعجزات عند ضريحه و من تربته و زيارته صلوات الله عليه ص 390

         لَعَلَّ الزَّمَانَ بِهِمْ قَدْ يَعُودُ-             وَ يَأْتِي بِدَوْلَتِهِمْ ثَانِيَةً
             أَلَا لَعَنَ اللَّهُ أَهْلَ الْفَسَادِ-             وَ مَنْ يَأْمَنُ الدَّنِيَّةَ الْفَانِيَةَ-
 قَالَ إِنَّ زَيْداً كَتَبَ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ فِي وَرَقَةٍ وَ سَلَّمَهَا لِبَعْضِ حُجَّابِ الْمُتَوَكِّلِ قَالَ فَلَمَّا قَرَأَهَا اشْتَدَّ غَيْظُهُ وَ أَمَرَ بِإِحْضَارِهِ فَأُحْضِرَ وَ جَرَى بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُ مِنَ الْوَعْظِ وَ التَّوْبِيخِ مَا أَغَاظَهُ حَتَّى أَمَرَ بِقَتْلِهِ فَلَمَّا مَثُلَ بَيْنَ يَدَيْهِ سَأَلَهُ عَنْ أَبِي تُرَابٍ مَنْ هُوَ اسْتِحْقَاراً لَهُ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنَّكَ عَارِفٌ بِهِ وَ بِفَضْلِهِ وَ شَرَفِهِ وَ حَسَبِهِ وَ نَسَبِهِ فَوَ اللَّهِ مَا يَجْحَدُ فَضْلَهُ إِلَّا كُلُّ كَافِرٍ مُرْتَابٍ وَ لَا يُبْغِضُهُ إِلَّا كُلُّ مُنَافِقٍ كَذَّابٍ وَ شَرَعَ يُعَدِّدُ فَضْلَهُ وَ مَنَاقِبَهُ حَتَّى ذَكَرَ مِنْهَا مَا أَغَاظَ الْمُتَوَكِّلَ فَأَمَرَ بِحَبْسِهِ فَحُبِسَ فَلَمَّا أُسْدِلَ الظَّلَامُ وَ هَجَعَ جَاءَ إِلَى الْمُتَوَكِّلِ هَاتِفٌ وَ رَفَسَهُ بِرِجْلِهِ وَ قَالَ لَهُ قُمْ وَ أَخْرِجْ زَيْداً مِنْ حَبْسِهِ وَ إِلَّا أَهْلَكَكَ اللَّهُ عَاجِلًا فَقَامَ هُوَ بِنَفْسِهِ وَ أَخْرَجَ زَيْداً مِنْ حَبْسِهِ وَ خَلَعَ عَلَيْهِ خِلْعَةً سَنِيَّةً وَ قَالَ لَهُ اطْلُبْ مَا تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ عِمَارَةَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ع وَ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ أَحَدٌ لِزُوَّارِهِ فَأَمَرَ لَهُ بِذَلِكَ فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ فَرِحاً مَسْرُوراً وَ جَعَلَ يَدُورُ فِي الْبُلْدَانِ وَ هُوَ يَقُولُ مَنْ أَرَادَ زِيَارَةَ الْحُسَيْنِ ع فَلَهُ الْأَمَانُ طُولَ الْأَزْمَانِ.
بيان نير الفدان بالكسر الخشبة المعترضة في عنق الثورين و الجمع النيران و الأنيار و الفدان بالتشديد البقرة التي تحرث و الإسدال إرخاء الستر و إرساله و فيه استعارة و الرفس الضرب بالرجل.
13- مل، كامل الزيارات أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ قُتَيْبَةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنِّي كُنْتُ بِالْحَيْرِ «1» لَيْلَةَ عَرَفَةَ وَ كُنْتُ أُصَلِّي وَ ثَمَّ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِينَ أَلْفاً مِنَ النَّاسِ جَمِيلَةٍ وُجُوهُهُمْ طَيِّبَةٍ أَرْوَاحُهُمْ وَ أَقْبَلُوا يُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ أَجْمَعَ فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ سَجَدْتُ ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي فَلَمْ أَرَ مِنْهُمْ أَحَداً فَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّهُ مَرَّ بِالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع خَمْسُونَ أَلْفَ مَلَكٍ وَ هُوَ يُقْتَلُ فَعَرَجُوا إِلَى السَّمَاءِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِمْ مَرَرْتُمْ بِابْنِ حَبِيبِي وَ هُوَ يُقْتَلُ فَلَمْ‏
__________________________________________________
 (1) يعني الحائر الحسيني عليه السلام.

407
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 50 جور الخلفاء على قبره الشريف و ما ظهر من المعجزات عند ضريحه و من تربته و زيارته صلوات الله عليه ص 390

تَنْصُرُوهُ فَاهْبِطُوا إِلَى الْأَرْضِ فَاسْكُنُوا عِنْدَ قَبْرِهِ شُعْثاً غُبْراً إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ «1».
14- مل، كامل الزيارات الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْحُسَيْنِ ابْنِ بِنْتِ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ فِي آخِرِ زَمَانِ بَنِي مَرْوَانَ إِلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع مُسْتَخْفِياً مِنْ أَهْلِ الشَّامِ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى كَرْبَلَاءَ فَاخْتَفَيْتُ فِي نَاحِيَةِ الْقَرْيَةِ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ نِصْفُهُ أَقْبَلْتُ نَحْوَ الْقَبْرِ فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ أَقْبَلَ نَحْوِي رَجُلٌ فَقَالَ لِي انْصَرِفْ مَأْجُوراً فَإِنَّكَ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ فَرَجَعْتُ فَزِعاً حَتَّى إِذَا كَادَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ أَقْبَلْتُ نَحْوَهُ حَتَّى إِذَا دَنَوْتُ مِنْهُ خَرَجَ إِلَيَّ الرَّجُلُ فَقَالَ لِي يَا هَذَا إِنَّكَ لَنْ تَصِلَ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ عَافَاكَ اللَّهُ وَ لِمَ لَا أَصِلُ إِلَيْهِ وَ قَدْ أَقْبَلْتُ مِنَ الْكُوفَةِ أُرِيدُ زِيَارَتَهُ فَلَا تَحُلْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ عَافَاكَ اللَّهُ وَ أَنَا أَخَافُ أَنْ أُصْبِحَ فَيَقْتُلُونِّي أَهْلُ الشَّامِ إِنْ أَدْرَكُونِي هَاهُنَا قَالَ فَقَالَ لِيَ اصْبِرْ قَلِيلًا فَإِنَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ ع سَأَلَ اللَّهَ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ فَأَذِنَ لَهُ فَهَبَطَ مِنَ السَّمَاءِ فِي سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ فَهُمْ بِحَضْرَتِهِ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ يَنْتَظِرُونَ طُلُوعَ الْفَجْرِ ثُمَّ يَرْجِعُونَ «2» إِلَى السَّمَاءِ قَالَ فَقُلْتُ فَمَنْ أَنْتَ عَافَاكَ اللَّهُ قَالَ أَنَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ أُمِرُوا بِحَرَسِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ع وَ الِاسْتِغْفَارِ لِزُوَّارِهِ فَانْصَرَفْتُ وَ قَدْ كَادَ يَطِيرُ عَقْلِي لِمَا سَمِعْتُ مِنْهُ قَالَ فَأَقْبَلْتُ حَتَّى إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ أَقْبَلْتُ نَحْوَهُ فَلَمْ يَحُلْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ أَحَدٌ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَ دَعَوْتُ اللَّهَ عَلَى قَتَلَتِهِ وَ صَلَّيْتُ الصُّبْحَ وَ أَقْبَلْتُ مُسْرِعاً مَخَافَةَ أَهْلِ الشَّامِ.
15- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيِّ، حَدَّثَنِي الشَّيْخُ أَبُو جَعْفَرٍ النَّيْشَابُورِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجْتُ ذَاتَ سَنَةٍ إِلَى زِيَارَةِ الْحُسَيْنِ ع فِي جَمَاعَةٍ فَلَمَّا كُنَّا عَلَى فَرْسَخَيْنِ مِنَ الْمَشْهَدِ أَوْ أَكْثَرَ أَصَابَ رَجُلًا مِنَ الْجَمَاعَةِ الْفَالِجُ وَ صَارَ كَأَنَّهُ قِطْعَةُ لَحْمٍ قَالَ وَ جَعَلَ‏
__________________________________________________
 (1) كامل الزيارات ص 115.
 (2) في المصدر: يعرجون. راجع ص 112.

408
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

باب 50 جور الخلفاء على قبره الشريف و ما ظهر من المعجزات عند ضريحه و من تربته و زيارته صلوات الله عليه ص 390

يُنَاشِدُنَا بِاللَّهِ أَنْ لَا نُخَلِّيَهُ وَ أَنْ نَحْمِلَهُ إِلَى الْمَشْهَدِ فَقَامَ عَلَيْهِ مَنْ يُرَاعِيهِ وَ يُحَافِظُهُ عَلَى الْبَهِيمَةِ فَلَمَّا دَخَلْنَا الْحَضْرَةَ وَضَعْنَاهُ عَلَى ثَوْبٍ وَ أَخَذَ رَجُلَانِ مِنَّا طَرَفَيِ الثَّوْبِ وَ رَفَعْنَاهُ عَلَى الْقَبْرِ وَ كَانَ يَدْعُو وَ يَتَضَرَّعُ وَ يَبْكِي وَ يَبْتَهِلُ وَ يُقْسِمُ عَلَى اللَّهِ بِحَقِّ الْحُسَيْنِ أَنْ يَهَبَ لَهُ الْعَافِيَةَ قَالَ فَلَمَّا وُضِعَ الثَّوْبُ عَلَى الْأَرْضِ جَلَسَ الرَّجُلُ وَ مَشَى وَ كَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ.
لقد تمّ هذا المجلّد بفضل اللّه و عونه في شهر ربيع الأوّل من شهور سنة تسع و سبعين بعد الألف من الهجرة و الحمد للّه أوّلًا و آخراً و صلّى اللّه على محمّد و أهل بيته الطاهرين المقدّسين.

409
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

كلمة المصحح ص 410

كلمة المصحّح‏
بسم اللّه الرحمن الرحيم‏
الحمد للّه. و الصلاة و السلام على رسول اللّه و على آله الأطيبين أمناء اللّه.
و بعد: فهذا هو الجزء الثالث من المجلّد العاشر من كتاب بحار الأنوار حسب تجزئة المصنّف رضوان اللّه عليه و الجزء الخامس و الأربعون حسب تجزئتنا وفّقنا اللّه العزيز لإتمامه بفضله و منّه.
نسخة الأصل:
و منن اللّه علينا أن أظفرنا بنسخة المؤلّف قدسّ سرّه بخطّ يده و هى مضبوطة في خزانة مكتبة المسجد الأعظم لا زالت دائرة بقم لمؤسّسه و بانيه فقيه الأمّة و فقيد أسرتها آية اللّه المرحوم الحاجّ آقا حسين الطباطبائيّ البروجرديّ رضوان اللّه عليه فقابلنا طبعتنا هذه على تلك النسخة و راجعنا المصادر و النسخ المطبوعة الأخر التي أوعزنا إليها في الذيل فجاء بحمد اللّه أحسن النسخ طباعة و أتقنا و أصحّها تحقيقا
و لا يسعنا دون أن نشكر فضيلة نجله الزاكي و خلفه الصدق حجة الإسلام و المسلمين الحاجّ السيّد محمّد حسن الطباطبائي دام إفضاله حيث تفضّل علينا بهذه النسخة الكريمة حتّى قابلناها مع نسختنا من البدو إلى الختم فله الشكر الجزيل و الثناء الحسن جزاء اللّه عن الإسلام و المسلمين خير الجزاء.
محمد باقر البهبودي‏
ربيع الأوّل 1385

410
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

فهرس ما في هذا الجزء من الأبواب ص 411

فهرس ما في هذا الجزء من الأبواب‏
الموضوع/ الصفحه‏
37- سائر ما جرى عليه بعد بيعة الناس ليزيد بن معاوية إلى شهادته صلوات اللّه عليه 100- 1
38- باب شهادة ولدي مسلم الصغيرين رضي اللّه عنهما 107- 100
39- باب الوقائع المتأخّرة عن قتله صلوات اللّه عليه إلى رجوع أهل البيت عليهم السلام إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات اللّه عليه في تلك الأحوال 200- 107
40- باب ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء و الأرض عليه صّلى الّله عليه و انكساف الشمس و القمر و غيرها 219- 201
41- باب ضجيج الملائكة إلى اللّه تعالى في أمره و أنّ اللّه بعثهم لنصره و بكائهم و بكاء الأنبياء و فاطمة عليهم السلام صلوات اللّه عليه 229- 220
42- باب رؤية أمّ سلمة و غيرها رسول اللّه صّلى الّله عليه و آله في المنام و إخباره بشهادة الكرام 232- 230
43- باب نوح الجنّ عليه صلوات اللّه عليه 241- 233
44- باب ما قيل من المراثي فيه صلوات اللّه عليه 294- 242
45- باب العلّة التي من أجلها أخّر اللّه العذاب عن قتلته صلوات اللّه عليه و العلّة التي من أجلها يقتل أولاد قتلته عليه السلام و أنّ اللّه ينتقم له في زمن القائم عليه السلام 299- 295

411
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

فهرس ما في هذا الجزء من الأبواب ص 411

46- باب ما عجّل اللّه به قتلة الحسين صلوات اللّه عليه من العذاب في الدنيا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه في ذلك عند الحرب و بعده 323- 300
47- باب أحوال عشائره و أهل زمانه صلوات اللّه عليه و ما جرى بينهم و بين يزيد من الاحتجاج 328- 323
48- باب عدد أولاده صلوات اللّه عليه و جمل أحوالهم و أحوال أزواجه عليه السلام 332- 329
49- باب أحوال المختار بن أبي عبيد الثقفي و ما جرى على يديه و أيدي أوليائه 390- 332
50- باب جور الخلفاء على قبره الشريف و ما ظهر من المعجزات عند ضريحه و من تربته و زيارته صلوات اللّه عليه 409- 390

412
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار45 (ط - بيروت)

رموز الكتاب ص 413

(رموز الكتاب)
ب: لقرب الإسناد.
بشا: لبشارة المصطفى.
تم: لفلاح السائل.
ثو: لثواب الأعمال.
ج: للإحتجاج.
جا: لمجالس المفيد.
جش: لفهرست النجاشيّ.
جع: لجامع الأخبار.
جم: لجمال الأسبوع.
جُنة: للجُنة.
حة: لفرحة الغريّ.
ختص: لكتاب الإختصاص.
خص: لمنتخب البصائر.
د: للعَدَد.
سر: للسرائر.
سن: للمحاسن.
شا: للإرشاد.
شف: لكشف اليقين.
شي: لتفسير العياشيّ‏
ص: لقصص الأنبياء.
صا: للإستبصار.
صبا: لمصباح الزائر.
صح: لصحيفة الرضا (ع).
ضا: لفقه الرضا (ع).
ضوء: لضوء الشهاب.
ضه: لروضة الواعظين.
ط: للصراط المستقيم.
طا: لأمان الأخطار.
طب: لطبّ الأئمة.
ع: لعلل الشرائع.
عا: لدعائم الإسلام.
عد: للعقائد.
عدة: للعُدة.
عم: لإعلام الورى.
عين: للعيون و المحاسن.
غر: للغرر و الدرر.
غط: لغيبة الشيخ.
غو: لغوالي اللئالي.
ف: لتحف العقول.
فتح: لفتح الأبواب.
فر: لتفسير فرات بن إبراهيم.
فس: لتفسير عليّ بن إبراهيم.
فض: لكتاب الروضة.
ق: للكتاب العتيق الغرويّ‏
قب: لمناقب ابن شهر آشوب.
قبس: لقبس المصباح.
قضا: لقضاء الحقوق.
قل: لإقبال الأعمال.
قية: للدُروع.
ك: لإكمال الدين.
كا: للكافي.
كش: لرجال الكشيّ.
كشف: لكشف الغمّة.
كف: لمصباح الكفعميّ.
كنز: لكنز جامع الفوائد و تأويل الآيات الظاهرة معا.
ل: للخصال.
لد: للبلد الأمين.
لى: لأمالي الصدوق.
م: لتفسير الإمام العسكريّ (ع).
ما: لأمالي الطوسيّ.
محص: للتمحيص.
مد: للعُمدة.
مص: لمصباح الشريعة.
مصبا: للمصباحين.
مع: لمعاني الأخبار.
مكا: لمكارم الأخلاق.
مل: لكامل الزيارة.
منها: للمنهاج.
مهج: لمهج الدعوات.
ن: لعيون أخبار الرضا (ع).
نبه: لتنبيه الخاطر.
نجم: لكتاب النجوم.
نص: للكفاية.
نهج: لنهج البلاغة.
نى: لغيبة النعمانيّ.
هد: للهداية.
يب: للتهذيب.
يج: للخرائج.
يد: للتوحيد.
ير: لبصائر الدرجات.
يف: للطرائف.
يل: للفضائل.
ين: لكتابي الحسين بن سعيد او لكتابه و النوادر.
يه: لمن لا يحضره الفقيه.

413