×
☰ فهرست و مشخصات
مجمع البحرين3

الجزء الثالث

الجزء الثالث‏
كتاب الدال‏

3
مجمع البحرين3

باب ما أوله الألف ص 5

باب ما أوله الألف‏
 (أبد)
فِي حَدِيثِ الْحَجِّ: قَالَ لَهُ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ: أَ رَأَيْتَ مُتْعَتَنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ قَالَ: لَا بَلْ لِأَبَدِ الْآبِدِ.
أي هذه لآخر الدهر، و الأَبَدُ: الدهر، و الجمع آبَادٌ مثل سبب و أسباب. و الأَبَدُ: الدهر الطويل الذي ليس بمحدود. و إذا قلت" لَا أُكَلِّمُهُ أَبَداً" فَالْأَبَدُ هو من لدن تكلمت إلى آخر عمرك. و التَّأْبِيدُ: التخليد، و
مِنْهُ" اعْمَلْ لِدُنْيَاكَ كَأَنَّكَ تَعِيشُ أَبَداً".
أي مخلدا إلى آخر الدهر. و الأَبَدُ: الدوام، و منه يُجْزِي التَّحَرِّي أَبَداً: أي دائما. و أَبَدَ يَأْبِدُ بالكسر أُبُوداً: أقام به.
 (أجد)
فِي الدُّعَاءِ" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَجَدَنِي بَعْدَ ضَعْفٍ".
أي قَوَّاني بعده. و قولهم" نَاقَةٌ أُجُدٌ" أي قوية.
 (أحد)
قوله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
 [112/ 1] أي واحد، فأبدل الواو همزة و حذفت الثانية. و قيل أصل أحد وحد فأبدلت الهمزة من الواو المفتوحة كما أبدلت من المضمومة في قولهم وجوه و أجوه و من المكسورة كوشاح و إشاح، و لم يبدلوا من المفتوحة إلا في حرفين أحد و امرأة أناة من الونى و هو الفتور. و قيل أَحَد بمعنى أول كما يقال يوم الأحد.
قِيلَ سَبَبُ نُزُولِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
 هُوَ أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى الرَّسُولِ ص فَقَالُوا لَهُ: مَا نِسْبَةُ رَبِّكَ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
 إِلَى‏

5
مجمع البحرين3

أحد ص 5

آخِرِهَا.
فَأَحَدٌ في قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ بدل من الله لأن النكرة تبدل من المعرفة، كما في قوله تعالى لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ و معنى أَحَدٍ أَحَدِيُّ النَّعْتِ كما
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص" نُورٌ لَا ظَلَامَ فِيهِ وَ عِلْمٌ لَا جَهْلَ فِيهِ".
وَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
 يَعْنِي غَيْرَ مُبَعَّضٍ وَ لَا مُجَزَّإٍ وَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْعَدَدِ وَ لَا الزِّيَادَةُ وَ لَا النُّقْصَانُ.
و" الْأَحَدُ" من أسمائه تعالى، و هو الفرد الذي لم يزل وحده و لم يكن معه آخر، و هو اسم بني لنفي ما يذكر معه من العدد، تقول" مَا جَاءَنِي أَحَدٌ". و الأَحَدُ بمعنى الواحد، و هو أول العدد، تقول أَحَدٌ و اثنان و أَحَدَ عشر و إِحْدَى عشرة. قال الجوهري: و أما قولهم ما في الدار أَحَدٌ فهو اسم لمن يصلح أن يخاطب، يستوي فيه الواحد و الجمع و المؤنث، قال تعالى لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ
 و قال فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ‏
. و أَحَّدَهُ و وَحَدَّهُ كما يقال ثناه و ثلثه. و الأَحَدُ: أحد أيام الأسبوع، و جمعه الآحَادُ. و منه‏
الْحَدِيثُ" اتَّقُوا أَخْذَ الْأَحَدِ".
أي شَرُّهُ. و" أُحُدٌ" بضمتين: جبل معروف على ظهر مدينة الرسول ص، و بقربه كانت الوقعة التي قتل فيها حمزة عم النبي ص و قبره هناك.
 (أدد)
قوله تعالى: لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا
 [19/ 89] أي منكرا عظيما، من الإِدِّ و هو الشي‏ء المنكر العظيم.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص فِي الْمَنَامِ فَقُلْتُ: مَا أَصَبْتُ مِنَ الْإِدَدِ وَ الْأَوَدِ".
الإِدَدُ بكسر همزة جمع إِدَّةٍ بكسرها و تشديدها: الدواهي العظام، و الأود العوج. و" أُدٌّ" أبو قبيلة، و هو أُدُّ بن طائحة ابن إلياس بن مضر. و" أُدَدُ" أبو قبيلة من اليمن، و هو

6
مجمع البحرين3

أدد ص 6

أُدَدُ بن زيد بن كهلان بن سبإ بن حمير- قاله الجوهري.
وَ فِي حَدِيثِ الْبَاقِرِ ع" لَمْ يَزَلْ بَنُو إِسْمَاعِيلَ وُلَاةَ الْبَيْتِ يُقِيمُونَ لِلنَّاسِ حَجَّهُمْ وَ أَمْرَ دِينِهِمْ يَتَوَارَثُونَهُ كَابِراً عَنْ كَابِرٍ حَتَّى كَانَ زَمَنُ عَدْنَانَ بْنِ أُدَدَ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ أَفْسَدُوا وَ أَحْدَثُوا فِي دِينِهِمْ وَ أَخْرَجَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، فَمِنْهُمْ مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ الْمَعِيشَةِ وَ مِنْهُمْ مَنْ خَرَجَ كَرَاهِيَةَ الْقِتَالِ، وَ فِي أَيْدِيهِمْ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ مِنَ الْحَنِيفِيَّةِ- يَعْنِي سُنَّةَ إِبْرَاهِيمَ- مِنْ تَحْرِيمِ الْأُمَّهَاتِ وَ الْبَنَاتِ وَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي النِّكَاحِ، إِلَّا أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَحِلُّونَ امْرَأَةَ الْأَبِ وَ ابْنَةَ الْأُخْتِ، وَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، وَ كَانَ فِيمَا بَيْنَ إِسْمَاعِيلَ وَ عَدْنَانَ بْنِ أُدَدَ مُوسَى (ع).
 (أزد)
فِي حَدِيثِ السِّوَاكِ" لَمَّا دَخَلَ النَّاسُ فِي الدِّينِ أَفْوَاجاً أَتَتْهُمُ الْأَزْدُ أَرَقُّهَا قُلُوباً وَ أَعْذَبُهَا أَفْوَاهاً".
و الأَزْدُ هم ولد الأَزْدِ بن الغوث أبو حي من اليمن. و الأَزْدُ أزد شنوة و عمان.
 (أسد)
الأَسَدُ معروف، و سمي أَسَداً لقوته. من اسْتَأْسَدَ النبت: إذا قوي. و أَسَدٌ جد أمير المؤمنين ع لأمه فاطمة. و جمع أسد أُسُودٌ و أُسُدٌ و أُسْدٌ و آسُدٌ و آسَادٌ مثل أجبل و أجبال، و الأنثى أَسَدَةٌ. و للأسد أسماء كثيرة ذكرها في حياة الحيوان. و عن ابن خالويه للأسد خمسمائة اسم و صفة، و زاد عليه علي بن القاسم اللغوي مائة و ثلاثين اسما. قال أصحاب الكلام في طبائع الحيوان: إن الأنثى لا تضع إلا جروا واحدا تضعه لحما ليس فيه حس و لا حركة، فتحرسه كذلك ثلاثة أيام ثم يأتي بعد ذلك أبوه فينفخ فيه المرة بعد المرة حتى يتحرك و يتنفس و تنفرج أعضاؤه و تتشكل صورته، ثم تأتي أمه فترضعه و لا تفتح عيناه إلا بعد سبعة أيام، فإذا مضت عليه ستة أشهر كلف الاكتساب لنفسه بالتعليم. قالوا: و للأسد من الصبر على الجوع و قلة الحاجة إلى الماء ما ليس لغيره من السباع، و لا

7
مجمع البحرين3

أسد ص 7

يأكل من فريسة غيره، و إذا شبع من فريسة تركها و لم يعد إليها، و لا يشرب من ماء ولغ فيه كلب- كذا في حياة الحيوان.
 (أفد)
أَفِدَ كفرح: أسرع و أبطأ ضد- قاله في القاموس. و أَفِدَ أيضا: أزف و دنا كَاسْتَأْفَدَ، فهو أَفِدٌ على فَعِل. و الأَفَدُ محركة: الأجل و الأمد.
 (أكد)
التَّأْكِيُد لغة في التوكيد، و معناه التقوية، و هو عند النحاة نوعان: لفظي و هو إعادة الأول بلفظه نحو" جاء زيد زيد"، و منه قول المؤذن" الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر"، و معنوي نحو" جاء زيد نفسه" و فائدته رفع توهم المجاز لاحتمال مجي‏ء غلامه.
 (أمد)
قوله تعالى: فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ
 [57/ 16] الأَمَدُ هو نهاية البلوغ، و جمعه آمَادٌ، يقال بلغ أَمَدَهُ: أي بلغ غايته. و عن الراغب الأَمَدُ و الأبد متقاربان، لكن الأَبَد عبارة عن مدة الزمان التي ليس لها حد محدود و لا يتقيد فلا يقال أبدا كذا، و الأَمَدُ مدة مجهولة إذا أطلق و ينحصر نحو أن يقال أَمَدُ كذا، و الفرق بين الزمان و الأمد أن الأَمَدَ يقال باعتبار الغاية و الزَّمَان عام في المبدإ و الغاية، و لذلك قال بعضهم المدى و الغاية متقاربان. قوله: أَمَداً بَعِيداً
 [3/ 30] أي مسافة واسعة
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِهِ تَعَالَى" لَا أَمَدَ لِكَوْنِهِ وَ لَا غَايَةَ لِبَقَائِهِ".
قيل أي لا أَوَّل.
وَ فِي الدُّعَاءِ" جَعَلْتَ لَهُ أَمَداً مَحْدُوداً".
أي منتهى ينتهي إليه. و أَمِدَ أَمَداً من باب لعب: غضب. و آمِدُ بلد في الثغور- قاله الجوهري.
 (أود)
قوله تعالى: وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما
 [2/ 255] أي لا يثقله و يشق عليه، من قولهم آدَنِي الشي‏ء أو الحمل يَئُودُنِي أَوْدًا: أي أثقلني.

8
مجمع البحرين3

أود ص 8

و من كلامهم" و ما آدَكَ فهو لي آئِدٌ" أي ما أثقلك فهو لي مثقل. و الأَوَدُ بالفتح: القوة. و الأَوَدُ أيضا: العوج. و أَوِدَ الشي‏ء بالكسر يَأْوَدُ أَوَداً: أي اعوج. و تَأَوَّدَ: تعوج. و أقام أَوَدَهُ: أي عوجه، و منه" يقيم أَوَدَكُمْ" أي اعوجاجكم. و مثله" أقم بهم أَوَدِي" أي اعوجاجي. و المعنى أصلح بهم شأني و اكشف بهم غمي و نظائره.
 (أيد)
قوله تعالى: وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ*
 [2/ 87] أي قويناه به، و الأَيْدُ و الآدُ: القوة. قوله: ذَا الْأَيْدِ
 [38/ 17] بغير ياء فيمن قرأ بذلك، أي ذي القوة على العبادة، و قيل ذي القوة على الأعداء لأنه رمى بحجر من مقلاعه صدر رجل فأنفذه من ظهره فأصاب آخر فقتله. و مثله قوله تعالى: ذَا الْأَيْدِ
 في قراءة من قرأ بغير ياء، أي أولي القوة. و أَيَّدْتُهُ تَأْيِيداً: قويته، و الفاعل مُؤَيِّدٌ. و تَأَيَّدَ الشي‏ء: تقوى. و تقول أَيَّدْتُهُ تَأْيِيداً: قويته، و منه" أَيَّدَكَ الله تَأْيِيداً". و رجل أَيِّدٌ بالتشديد: أي قوي.
باب ما أوله الباء
 (بجد)
" ذُو الْبِجَادَيْنِ" مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ص، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ حِينَ هَاجَرَ قَطَعَتْ أُمُّهُ بِجَاداً لَهَا قِطْعَتَيْنِ فَارْتَدَى بِإِحْدَاهُمَا وَ ائْتَزَرَ بِالْأُخْرَى.
و البِجَادُ: الكساء من أكسية العرب‏

9
مجمع البحرين3

بجد ص 9

مخطط. و منه قوله:
كَبِيرُ أُنُاسٍ في بِجَادٍ مُزَمَّلٍ‏


و بَجْدَةُ الأمر: باطنه و سرُّه، يقال هُوَ عَالِمٌ بِبَجْدَةِ أَمْرِكَ و بِبُجُدَةِ أمرك بضم الباء و الجيم، أي بدخلة أمرك و باطنه. و يقال للدليل الحاذق" هُوَ ابْنُ بَجْدَتِهَا" أي عالم بالأرض كأنه نشأ بها. و أبجد إلى قرشت و كلمن رئيسهم ملوك مدين، وضعوا الكتابة العربية على عدد حروف أسمائهم، هلكوا يوم الظلة فقالت ابنة كلمن شعرا:
كلمن هَدَّم ركني             هُلْكُه وَسْط المحلة

- قاله في القاموس.
وَ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّهُ قَالَ" تَعَلَّمُوا تَفْسِيرَ أَبْجَدْ فَإِنَّ فِيهِ الْأَعَاجِيبَ كُلَّهَا، وَيْلٌ لِعَالِمٍ جَهِلَ تَفْسِيرَهُ" فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ص مَا تَفْسِيرُ أَبْجَدْ؟ فَقَالَ:" أَمَّا الْأَلِفُ فَآلَاءُ اللَّهِ، وَ أَمَّا الْبَاءُ فَبَهَاءُ اللَّهِ، وَ أَمَّا الْجِيمُ فَجَنَّةُ اللَّهِ وَ جَلَالُ اللَّهِ وَ جَمَالُ اللَّهِ، وَ أَمَّا الدَّالُ فَدِينُ اللَّهِ، وَ أَمَّا هَوَّزْ فَالْهَاءُ الْهَاوِيَةُ فَوَيْلٌ لِمَنْ هَوَى فِي النَّارِ، وَ أَمَّا الْوَاوُ فَوَيْلٌ لِأَهْلِ النَّارِ، وَ أَمَّا الزَّاءُ فَزَاوِيَةٌ فِي النَّارِ فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِمَّا فِي الزَّاوِيَةِ يَعْنِي زَوَايَا جَهَنَّمَ، وَ أَمَّا حُطِّي فَالْحَاءُ حُطُوطُ الْخَطَايَا عَنِ الْمُسْتَغْفِرِينَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ مَا نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيلُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ إِلَى مَطْلَعِ الْفَجْرِ، وَ أَمَّا الطَّاءُ فَطُوبَى بِهِمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ وَ هِيَ شَجَرَةٌ غَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَ إِنَّ أَغْصَانَهَا لَتُرَى مِنْ وَرَاءِ سُورِ الْجَنَّةِ تُنْبِتُ الْحُلِيَّ وَ الْحُلَلَ مُتَدَلِّيَةً عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، وَ أَمَّا الْيَاءُ فَيَدُ اللَّهِ فَوْقَ خَلْقِهِ، وَ أَمَّا كَلَمَنْ فَالْكَافُ كَلَامُ اللَّهِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ وَ لَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً، وَ أَمَّا اللَّامُ فَإِلْمَامُ أَهْلِ الْجَنَّةِ بَيْنَهُمْ فِي الزِّيَارَةِ وَ التَّحِيَّةَ وَ السَّلَامِ وَ تَلَاوُمُ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَ أَمَّا الْمِيمُ فَمُلْكُ اللَّهِ الَّذِي لَا يَزُولُ وَ دَوَامُ اللَّهِ الَّذِي لَا يَفْنَى، وَ أَمَّا النُّونُ فَنُون وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ وَ الْقَلَمُ قَلَمٌ مِنْ نُورٍ وَ كِتَابٌ مِنْ نُورٍ وَ لَوْحٌ مِنْ نُورِ اللَّهِ مَحْفُوظٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ وَ كَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً*" ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ إِلَى قَوْلِهِ قَرَشَتْ فَقَالَ فِيهِ" قَرَشَهُمْ فَحَشَرَهُمْ وَ نَشَرَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَقَضَى‏

10
مجمع البحرين3

بجد ص 9

بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ*".
و لعله اكتفى في تفسير باقي الحروف على ما فسر في حروف الهجاء. و الله أعلم.
 (بدد)
فِي الْحَدِيثَ" لَمْ نَجِدْ لَكَ بُدّاً مِنْ كَذَا".
أي لم نجد لك مخلصا منه بدون فعله، يقال‏لا بُدَّ لك من كذا: أي لا فراق لك منه و لا محيد عنه. و لا يعرف استعمال لها إلا مقرونا بالنفي. و بَدَدْتُ الشي‏ءَ بَدّاً- من باب قتل- فرقته، و استعمل مبالغة و تكثيرا. و بَدَّدَ الله عظامه يوم القيامة: فرقها.
وَ فِي الدُّعَاءِ عَلَى الْكَافِرِينَ وَ الْمُنَافِقِينَ" وَ اقْتُلْ أَعْدَاءَهُمْ بِدَداً".
بكسر الباء جمع بُدَّةٍ و هي الحصة و النصيب، أي اقتلهم حصصا مقسمة لكل واحد منهم حصته و نصيبه، و يروى بالفتح أي متفرقين بالقتل واحدا بعد واحد. و شَمْلٌ مُبَدَّدٌ: أي متفرق، من تَبَدَّدَ الشي‏ء: تفرق. و ما لك به بَدَدٌ و بَدَّةٌ: أي ما لك به طاقة. و اسْتَبَدَّ بالأمر: انفرد به من غير مشارك، و منه‏
يُقَالُ" مَنِ اسْتَبَدَّ بِرَأْيِهِ ضَلَّ أَوْ هَلَكَ".
 (برد)
قوله تعالى: مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ
 [24/ 43] قيل من هنا زائدة، و التقدير و تنزل من السماء من جبال فيها بَرَدٌ. و البَرَدُ: شي‏ء ينزل من السحاب يشبه الحصى، و يسمى حب الغمام و حب المزن، قيل و إنما سمي بَرَداً لأنه يبرد وجه الأرض.
قَوْلُهُ: لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَ لا شَراباً
 [78/ 24] يُرِيدُ النَّوْمَ وَ الْمَاءَ- قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ نَقْلًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏
و
قِيلَ لا يَذُوقُونَ فِي جَهَنَّمَ بَرْداً
 يَنْفَعُهُمْ مِنْ حَرِّهَا وَ لا شَراباً يَنْفَعُهُمْ مِنْ عَطَشِهَا.
و البَرْدُ: خلاف الحَرِّ. كما أن البُرُودَة

11
مجمع البحرين3

برد ص 11

خلاف الحرارة. و بَرَدَ الماء كنَصَرَ و كَرُمَ بُرُودَةً: سكنت حرارته. و عيش بَارِدٌ: أي هني‏ء.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَوْحِ جَهَنَّمَ".
قيل هو من الإِبْرَادِ الذي هو انكسار الوَهَج و الحر، أعني الدخول في البرد، و المعنى صَلُّوهَا في أول وقتها من بَرْدِ النهار أوله، و هو الأقرب لأن الصلاة مما أمر الإنسان بتعجيلها و المحافظة عليها. و مثله‏
الْحَدِيثُ" إِنَّ الْمُؤَذِّنَ يَأْتِي النَّبِيَّ ص فِي الْحَرِّ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ فَيَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص أَبْرِدْ أَبْرِدْ".
يعني عَجِّلْ عَجِّلْ. قال الصدوق (ره): و أخذ ذلك من التَّبْرِيدِ يعني الدخول في البرد، لأن من عجل بصلاته في أول وقتها فقد سلم من الوهج و الحر، قيل و هذا أولى من حمل أَبْرِدْ أبرد على التأخير لمنافاته المحافظة على الصلاة و تعجيلها أول الوقت. و
فِيهِ" أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ إِبْرَادُ كَبِدٍ حَرَّى".
أي تبريد وهجها و حرارتها. و
فِيهِ" الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ".
أي التي لا تعب فيها و لا نصب و العرب تصف سائر ما يستلذ بِالْبُرُودَةِ، و يشهد لذلك‏
قَوْلُهُ ع" مَنْ وَجَدَ بَرْدَ حُبِّنَا عَلَى قَلْبِهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ".
أراد لذاذة حبنا، و المعنى أن الصائم في الشتاء يحوز الأجر من غير أن يمسه العطش أو تصيبه لذعة الجوع. و
فِيهِ" إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ زَوْجَتَهُ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ بَرْدَ مَا فِي نَفْسِهِ".
روي بالموحدة من البرد، أي إنه يبرد له ما تحركت به نفسه من حد شهوة الجماع، أي يسكنه و يجعله باردا. و
فِيهِ" لَا تُبَرِّدْ لِلْوَارِثِ عَلَى ظَهْرِكَ".
قيل معناه لا تشقى و يسعد غيرك، يفسره‏
قَوْلُهُ ع" إِنَّمَا أَنْتَ جَامِعٌ لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ: إِمَّا رَجُلٍ عَمِلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ فَيَسْعَد

12
مجمع البحرين3

برد ص 11

بِمَا شَقِيتَ، وَ إِمَّا رَجُلٍ يَعْمَلُ فِيهِ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَشَقِيَ بِمَا جَمَعْتَ لَهُ، وَ لَيْسَ مِنْ هَذَيْنِ أَحَدٌ [بِأَهْلٍ‏] بِأَنْ تُؤْثِرَهُ عَلَى نَفْسِكَ وَ لَا تُبَرِّدْ لَهُ عَلَى ظَهْرِكَ.
وَ فِي الدُّعَاءِ" اللَّهُمَّ اجْمَعْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ مُحَمَّدٍ ص فِي بَرْدِ الْعَيْشِ".
أي في طيب العيش. و بَرَّدْتُ الشي‏ءَ تَبْرِيداً، و لا يقال أَبْرَدْتُهُ إلَّا في لغة ردية قاله الجوهري. و" البُرْدُ" بالضم فالسكون: ثوب مخطط، و قد يقال لغير المخطط أيضا، و جمعه بُرُودٌ و أَبْرَادٌ، و منه‏
الْحَدِيثُ" الْكَفَنُ يَكُونُ بُرْداً، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بُرْداً فَاجْعَلْهُ كُلَّهُ قُطْناً".
و البُرْدَةُ: كساء أسود مربع فيه صغر يكتسيه الأعراب. و" أبو بُرْدَةَ" من كنى الرجال، و منه أبو بُرْدَةَ بن قيس الأشعري أخو موسى الأشعري اسمه عامر بن قيس بن سليم. و" بُرْدَةُ" اسم أحد الأوصياء الذي انتقلت منه الوصية إلى محمد ص. و بُرَيْدٌ مصغرا: اسم رجل. و" البَرِيدُ" بالفتح على فعيل أربعة فراسخ اثنا عشر ميلا، و روي فرسخين ستة أميال، و المشهور الذي عليه العمل خلافه.
وَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ الصَّادِقِ ع" الْبَرِيدُ مَا بَيْنَ ظِلِّ عَيْرٍ إِلَى فَيْ‏ءِ وُعَيْرٍ ذَرَعَتْهُ بَنُو أُمَيَّةَ ثُمَّ جَزَّءُوهُ اثْنَىْ عَشَرَ مِيلًا فَكَانَ كُلُّ مِيلٍ أَلْفاً وَ خَمْسَمِائَةِ ذِرَاعٍ وَ هُوَ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" حَرَمُ رَسُولِ اللَّهِ ص مِنَ الْمَدِينَةِ بَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ".
و مثله‏
" الْحَرَمُ بَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ".
و حينئذ فيكون طول الحرم أربعة فراسخ و عرضه كذلك، و هو من جانب مكة الشرقي أكثر من الغربي، لأن إشراق نور الحجر كان أكثر إلى جانب المشرق. و البَرِيدُ: الرسول، و
مِنْهُ" الْحُمَّى بَرِيدُ الْمَوْتِ".
و في الفائق و غيره: البَرِيدُ في الأصل‏

13
مجمع البحرين3

برد ص 11

البغل، و هي كلمة فارسية و أصلها" بُرِيدَه‏دُمْ" أي محذوف الذنب، لأن بغال البَرِيدِ كانت محذوفة الأذناب، فأعربت الكلمة و خففت ثم سمي الرسول الذي يركبه بَرِيداً، ثم سميت المسافة به، و الجمع بُرُدٌ بضمتين.
وَ فِي الْحَدِيثِ:" آخِرُ الْعَقِيقِ بَرِيدُ أَوْطَاسٍ".
لعله اسم موضع. و" البَرْدِيُّ" بالفتح فالسكون نبات معروف في العراق، و بالضم ضرب من أجود التمر. و" البَرَّادَةُ" بالتشديد: السقاية، و سمي المُبَرِّدُ النحوي بذلك لأنه كان يدرس بها، و كنية المُبَرِّدِ أبو العباس و كان في زمن المتوكل و البَرْدَانِ: العصران، و هما الغداة و العشي، يعني طرفي النهار، و يقال ظِلَّاهما و" البَرَدَان" بالتحريك: موضع‏
وَ فِي الْخَبَرِ" الْبِطِّيخُ يَقْطَعُ الْإِبْرِدَةَ".
بكسر الهمزة: علة معروفة من غلبة البرد و الرطوبة تفتر عن الجماع- قاله في النهاية. و
فِيهِ" كَانَ يَكْتَحِلُ بِالْبَرُودِ".
و هو بالفتح: كحل فيه أشياء باردة.
 (برجد)
البُرْجُدُ: كساء غليظ- قاله الجوهري‏
وَ البَرَاجِدُ: الْحَوَائِطُ السَّبْعَةُ الَّتِي وَصَّتْ بِهَا فَاطِمَةُ ع.
 (بعد)
قوله تعالى: باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا
 [34/ 19] هو المُبَاعَدَةُ نقيض المقاربة.
رُوِيَ هُوَ أَنَّ هَؤُلَاءِ كَانَ لَهُمْ قُرًى مُتَّصِلَةٌ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَ أَنْهَارٌ جَارِيَةٌ وَ أَمْوَالٌ ظَاهِرَةٌ، فَكَفَرُوهَا وَ غَيَّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ فَفَرَّقَ قُرَاهُمْ وَ أَخْرَبَ دِيَارَهُمْ وَ أَذْهَبَ أَمْوَالَهُمْ.
قوله: بَعِدَتْ ثَمُودُ
 [11/ 95]

14
مجمع البحرين3

بعد ص 14

أي هلكت، يقال بَعِدَ بالكسر يَبْعَدُ إذا هلك، و بَعُدَ يَبْعُدُ بالضم من البعد. قوله: رَجْعٌ بَعِيدٌ
 [50/ 3] قيل هذا البعيد يعنون البعث. قوله: يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ
 [41/ 44] قيل أي بعيد من قلوبهم و بَعْد: خلاف قَبْل. قال تعالى: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ
 [30/ 4] أي قبل الفتح و بعده، و قد يكون بمعنى مع مثل قوله تعالى: عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ‏
 [68/ 13] أي مع ذلك. قوله: وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها
 أي مع ذلك، و قيل بَعْد على أصلها لما
رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ قَبْلَ السَّمَاءِ فَ قَدَّرَ فِيها أَقْواتَها وَ لَمْ يَدْحُهَا، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهَا.
قوله: لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ*
 [41/ 52] قيل أي يتباعد بعضهم في ميثاقه بعض.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَيُّ قَاضٍ قَضَى بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَخْطَأَ سَقَطَ أَبْعَدَ مِنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ".
قيل يعني سقط عن درجة أهل الثواب سقوطا أبعد مما بين السماء و الأرض، فأبعد صفة مصدر، أي سقوطا بعيد المبتدإ و المنتهى. و مثله‏
" يَهْوِي بِهِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ فَعَلَ كَذَا تَبَاعَدَتْ عَنْهُ النَّارُ مَسِيرَةَ سَنَةٍ".
قيل هو إشارة إلى يوم القيامة يوم العبور على الصراط و الورود على النار.
وَ فِي الدُّعَاءِ" بَاعِدْ بَيْنِي وَ بَيْنَ خَطَايَايَ".
أي إذا قدرت لي ذنبا و خطيئة فَبَعِّدْ بيني و بينه و اغفر لي خطاياي السالفة مني.
وَ فِي حَدِيثِ الْخَلَاءِ" إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ قَضَاءَ الْحَاجَةِ أَبْعَدَ".
يعني تباعد عن النظارة إليه. قال ابن قتيبة نقلا عنه: أَبْعَدَ يكون لازما و يكون متعديا، فاللازم أَبْعَدَ زيد عن المنزل بمعنى تباعد، و المتعدي أَبْعَدْتُهُ و الأَبْعَدُ خلاف الأَقْرَبِ، و البُعْدُ نقيض القُرْبِ. و البُعْدُ: المسافة. و التَّبَاعُدُ: نقيض التَّقَارُبِ.

15
مجمع البحرين3

بعد ص 14

و بَعَّدَهُ بالتشديد بمعنى أَبْعَدَهُ، و اسْتَبْعَدَهُ نقيض اسْتَقْرَبَهُ. و أمر بَعِيدٌ: لا يقع مثله لعظمه. و تنح غير بَعِيدٍ: أي كن قريبا. و" بَعْدُ" ظرف مبهم من ظروف الزمان لا يفهم معناه إلا بالإضافة لغيره، و هو زمان متراخ عن السابق، فإذا قرب منه قيل بُعَيْدَة بالتصغير، كما يقال قبل العصر فإذا قرب قيل قبيل العصر. و قد تكرر في كلام الفصحاء" أَمَّا بَعْدُ" و هي كلمة تسمى فصل الخطاب، يستعملها المتكلم إذا أراد الانتقال من كلام إلى آخر. قيل: أول من تكلم بها داود، و إليه الإشارة بقوله تعالى: وَ آتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ الْخِطابِ يعني أَمَّا بَعْد، و
قِيلَ أَرَادَ بِفَصْلِ الْخَطَّابِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَ الْيَمِينَ عَلَى الْمُنْكِرِ.
و قيل أول من قالها علي ع لأنها أول ما عرفت من كلامه و خطبه، و قيل قس بن ساعدة الإيادي حكيم العرب، لقوله:
لقد علم الحي اليمانون أنني             إذا قيل أما بَعْدُ أني خطيبها

أي خطيب أما بعد، و معناها مهما يكن من شي‏ء بعد كذا فكذا.
 (بغدد)
" بَغْدَادُ" اسم البلدة المشهورة، تذكر و تؤنث، و الدال الأولى مهملة و في الثانية لغات ثلاث: دال مهملة و هو الأكثر، و نون، و ذال معجمة قال في المصباح و هي إسلامية و بانيها المنصور أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي ابن عبد الله بن العباس ثاني الخلفاء العباسيين، بناها لما تولى الخلافة بعد أخيه السفاح و كانت ولاية المنصور المذكور في ذي الحجة سنة ست و ثلاثين و مائة و توفي في ذي الحجة سنة ثمان و خمسين و مائة.
 (بلد)
قوله تعالى: وَ الْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ‏
 [7/ 58] الآية.

16
مجمع البحرين3

بلد ص 16

قال المفسر: معناه و الأرض الطيب ترابه يَخْرُجُ نَباتُهُ أي زرعه خروجا حسنا ناميا زاكيا من غير كد و لا عناء بِإِذْنِ رَبِّهِ بأمر الله تعالى وَ الَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً أي الأرض السبخة التي خبث ترابها لا يخرج ريعها إلا شيئا قليلا قوله: وَ هذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ‏
 [95/ 3]
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: يَعْنِي مَكَّةَ الْبَلَدَ الْحَرَامَ يَأْمَنُ فِيهِ الْخَائِفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَ الْإِسْلَامِ، فَالْأَمِينُ يَعْنِي الْمُؤَمَّنُ يُؤْمَنُ مَنْ يَدْخُلُهُ- كَذَا رَوَاهُ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع‏
و" البَلَدُ" يذكر و يؤنث، و الجمع بُلْدَانٌ. و البَلْدَةُ: البلد، و الجمع بِلَادٌ مثل كلبة و كلاب. و يطلق البَلْدَةُ و البِلَادُ على كل موضع من الأرض عامرا كان أو خلاء، و منه قوله تعالى: إِلى‏ بَلَدٍ مَيِّتٍ‏
 [35/ 9] أي إلى أرض ليس فيها نبات و لا مرعى فيخرج ذلك بالمطر فترعاه أنعامهم، فأطلق الموت على عدم النبات و المراعي، و أطلق الحياة على وجودهما.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَعُوذُ بِكَ مِنْ سَاكِنِي الْبَلَدِ".
يريد بِالْبَلَدِ الأرض التي هي المأوى للحيوان و الجن و إن لم يكن فيها بناء، و أراد بالساكنين الجن لأنهم سكان الأرض و بَلُدَ الرَّجُلُ بالضم بَلَادَةً فهو بَلِيدٌ: إذا كان غير ذكي و لا فطن. و البَلَادَةُ: نقيض النفاذ و المضي في الأمر. و التَّبَلُّدُ: ضد التجلد. و منه‏
الْحَدِيثُ" أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ التَّجَلُّدَ قَبْلَ التَّبَلُّدِ".
و لعل معناه أن الإنسان إذا تجلد و تصبر على الأمر وصل إلى الراحة التي هي عدم التبلد. و الله أعلم. و" إبراهيم بن أبي البِلَادِ" باللام المخففة و الباء الموحدة من رواة الحديث‏

17
مجمع البحرين3

بيد ص 18

 (بيد)
قوله تعالى: تَبِيدَ
 [18/ 35] أي تهلك، يقال بَادَ الشي‏ء يَبِيدُ بَيْداً و بُيُوداً: هلك. و منه" أَبَادَهُمُ الله" أي أهلكهم. و البَيْدَاءُ: المفازة لا شي‏ء بها. و" البِيدُ" بالكسر جمع البيداء. و" البَيْدَاءُ" أرض مخصوصة بين مكة و المدينة على ميل من ذي الحليفة نحو مكة، كأنها من الإِبَادَةِ و هي الإهلاك.
وَ فِي الْحَدِيثِ" نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْبَيْدَاءِ".
و علل بأنها من الأماكن المغضوب عليها. و
فِيهِ:" إِنَّ قَوْماً يَغْزُونَ الْبَيْتَ فَإِذَا نَزَلُوا فِي الْبَيْدَاءِ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ جَبْرَئِيلَ فَيَقُولُ بَيْدَاءُ أَبِيدِيهِمْ".
أي أهلكيهم فتخسف بهم. و
فِيهِ" الْبَيْدَاءُ هِيَ ذَاتُ الْجَيْشِ".
. و
فِي آخَرَ" قُلْتُ: وَ أَيْنَ حَدُّ الْبَيْدَاءِ؟ قَالَ: كَانَ جَعْفَرٌ إِذَا بَلَغَ ذَاتَ الْجَيْشِ جَدَّ فِي السَّيْرِ ثُمَّ لَا يُصَلِّي حَتَّى يَأْتِيَ مُعَرَّسَ النَّبِيِّ ص. قُلْتُ: وَ أَيْنَ حَدُّ ذَاتِ الْجَيْشِ؟ فَقَالَ: دُونَ الْحَفِيرَةِ بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ".
. و بَيْدَ بمعنى غير- قاله الجوهري و غيره، و منه‏
قَوْلُهُ ص" أَنَا أَفْصَحُ الْعَرَبِ بَيْدَ أَنِّي مِنْ قُرَيْشٍ".
و من كلامهم" هو كثير المال بَيْدَ أَنَّهُ بخيل".
باب ما أوله التاء
 (تأد)
التُّؤَدَةُ: التأني و الرزانة ضد التسرع و
مِنْهُ" صَلِّ عَلَى تُؤَدَةٍ".
أي من غير استعجال.
 (تلد)
التَّالِدُ: المال القديم الأصلي الذي ولد عندك، و كذلك التِّلَادُ و الإِتْلَادُ،

18
مجمع البحرين3

تلد ص 18

يقال يَتْلِدُ المالُ من باب ضرب تُلُوداً قدم فهو تَالِدٌ. و منه‏
حَدِيثُ الْأَئِمَّةِ أَئِمَّةٌ مِنَ اللَّهِ يَنْمُو بِبَرَكَتِهِمُ التِّلَادُ".
و التَّلِيدَةُ: من ولدت ببلاد العجم ثم حملت صغيرة فشبت ببلاد الإسلام. و منه‏
حَدِيثُ شُرَيْحٍ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً وَ شَرَطُوا أَنَّهَا مُوَلَّدَةٌ فَوَجَدُوهَا تَلِيدَةً فَرَدَّهَا.
وَ فِي الْحَدِيثِ" عَلَيْكَ بِالتِّلَادِ وَ إِيَّاكَ وَ كُلَّ مُحْدَثٍ لَا عَهْدَ لَهُ وَ لَا أَمَانَةَ وَ لَا ذِمَّةَ وَ لَا مِيثَاقَ".
قيل يريد بِالتِّلَادِ الصاحب القديم المجرب و بالمحدث المتجدد و لم يتصف بصفات الكمال.
باب ما أوله الثاء
 (ثرد)
فِي حَدِيثِ الْأَطْعِمَةِ" مَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الثَّرِيدِ".
و
" بَارَكَ اللَّهُ لِأُمَّتِي فِي الثَّرْدِ وَ الثَّرِيدِ".
فعيل بمعنى مفعول، يقال ثَرَدْتُ الخبز ثَرْداً: أي فتته و كسرته، فهو ثَرِيدٌ، و الاسم الثُّرْدَةُ بالضم. قيل و يريد بِالثَّرْدِ هنا ما صغر و بِالثَّرِيدِ ما كبر.
 (ثمد)
قوله تعالى: وَ إِلى‏ ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً*
 [7/ 73] ثَمُودُ قبيلة من العرب الاولى، و هم قوم صالح ع، و صالح من ولد ثمود سموا باسم أبيهم الأكبر ثَمُودُ بن عاثر بن آدم بن سام ابن نوح، يصرف و لا يصرف، فمن جعله اسم حي أو واد صرفه لأنه مذكر، و من جعله اسم قبيلة أو أرض لم يصرفه.

19
مجمع البحرين3

ثمد ص 19

و" أرض ثَمُودَ" قريبة من تبوك.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ لَمْ يَأْخُذِ الْعِلْمَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص يَمُصُّونَ الثِّمَادَ وَ يَدَعُونَ النَّهَرَ الْعَظِيمَ".
الثِّمَادُ، هو الماء القليل الذي لا مادة له، و الكلام استعارة. و" الإِثْمِدُ" بكسر الهمزة و الميم: حجر يكتحل به، و يقال إنه معرب و معادنه بالمشرق. و منه‏
الْحَدِيثُ" اكْتَحِلُوا بِالْإِثْمِدِ".
و عن بعض الفقهاء الإِثْمِدُ هو الأصفهاني، و لم يتحقق.
 (ثند)
فِي وَصْفِهِ" عَارِي الثَّنْدُوَتَيْنِ".
الثَّنْدُوَتَانِ للرجل كالثديين للمرأة، فمن ضم الثاء همز و من فتح لم يهمز، أراد أنه لم يكن على ذلك الموضع منه كثير لحم.
باب ما أوله الجيم‏
 (جحد)
قوله تعالى: وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ‏
 [27/ 14] أي جحدوا بالآيات بألسنتهم و استيقنوها في قلوبهم. و الاستيقان أبلغ من الإيقان. و الجُحُودُ هو الإنكار مع العلم، يقال جَحَدَ حقه جَحْداً و جُحُوداً: أي أنكره مع علمه بثبوته. قوله: يَجْحَدُونَ*
 [6/ 33] أي ينكرون ما تستيقنه قلوبهم.
 (جدد)
قوله تعالى: جُدَدٌ بِيضٌ‏
 [35/ 27] جدد الجبال- بضم الجيم- طرائقها، واحدتها جُدَّةٌ بالضم أيضا. قوله تعالى: جَدُّ رَبِّنا
 [72/ 3] أي عظمة ربنا، من قولهم" جَدَّ الرجل في صدور الناس و في عيونهم" عظم. و عن أبي عبيدة جَدُّ رَبِّنا
 أي سلطانه يقال زال جَدُّ القوم: أي زال ملكهم.

20
مجمع البحرين3

جدد ص 20

وَ فِي الْحَدِيثِ" تَبَارَكَ اسْمُكَ وَ تَعَالَى جَدُّكَ".
أي جلالك و عظمتك، و المعنى تعاليت بجلالك و عظمتك أن توصف بما لا يليق لك. و
فِيهِ" لَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ".
أي لا ينفع ذا الغنى عندك غناه، و إنما ينفعه العمل بطاعتك، و" منك" معناه عندك، و قيل المراد بِالجَدِّ الحظ، و هو الذي يسميه العامة البخت. و
مِنْهُ" أَتْعَسَ اللَّهُ جُدُودَكُمْ".
أي أهلك حظوظكم. و
مِثْلُهُ" عَيْبُكَ مَسْتُورٌ مَا أَسْعَدَكَ جَدُّكَ".
أي بختك. و الجَدُّ: أب الأب و أب الأم و إن علا. و الجَدُّ بالسير: الإسراع فيه و الاهتمام بشأنه، يقال جَدَّ بسيره إذا اجتهد فيه. و" الجِدُّ" بالكسر هو الاجتهاد خلاف التقصير، يقال جَدَّ يَجِدُّ من بابي ضرب و قتل، و الاسم الجِدُّ بالكسر. و منه‏
الْحَدِيثُ" إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ فَجِدَّ فِي جَهَازِهِ وَ عَجِّلْ فِي تَجْهِيزِهِ وَ لَا تُقَصِّرْ وَ لَا تُؤَخِّرْهُ".
و جَدَّ في الكلام يَجِدُّ جَدّاً- من بابي ضرب و قتل-: هزل، و الاسم منه" الجِدُّ" بالكسر أيضا. و فلان محسن جِدّاً: أي نهاية و مبالغة.
وَ فِي دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ" اسْقِنَا مَطَراً جِدّاً طَبَقاً".
و فسر الجِدُّ بالمطر العام. و الجُدُّ- بالضم و التشديد-: شاطى‏ء النهر، و كذا الجُدَّةُ. قيل و به سميت الجُدَّةُ جُدَّةَ أعني المدينة التي عند مكة لأنها ساحل البحر. و منه‏
الْخَبَرُ" كَانَ يَخْتَارُ الصَّلَاةَ عَلَى الْجُدِّ إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ".
و الجُدَّةُ بالضم: الطريق، و الجمع جُدَدٌ مثل غرفة و غرف. و الجَادَّةُ: وسط الطريق و معظمه الذي يجمع الطرق، و لا بد من المرور عليه، و الجمع جَوَادٌّ مثل دابة و دواب. و طريق جَدَدٌ: أي سهل. و الجَدَدُ: الأرض الصلبة التي يسهل المشي فيها.

21
مجمع البحرين3

جدد ص 20

و الجَدَدُ بالتحريك: المستوي من الأرض. و
مِنْهُ" أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي يُمْشَى بِهِ عَلَى جَدَدِ الْأَرْضِ".
و من أمثالهم" مَنْ سَلَكَ الجَدَدَ أَمِنَ مِنَ العِثَارِ" أي المستوي منها. و الجَدَادُ- بالفتح و الكسر- صرام النخل، و هو قطع ثمرتها، يقال جَدَّ الثَّمَرَةَ يَجُدُّهَا جَدّاً من باب قتل: قطعها. و جَدَّ الشي‏ءَ: قطعه، فهو جَدِيدٌ فعيل بمعنى مفعول. و" هذا زَمَنُ الجَدَادِ" بالفتح و الكسر. و تَجَدَّدَ الضرعُ: يبس لبنه. و منه‏
الْخَبَرُ" لَا يُضَحَّى بِجَدَّاءَ".
وَ هِيَ الَّتِي لَا لَبَنَ لَهَا مِنْ كُلِّ حَلُوبَةٍ لِآفَةٍ أَيْبَسَتْ ضَرْعَهَا.
وَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع" مَنْ جَدَّدَ قَبْراً أَوْ مَثَّلَ مِثَالًا فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْإِسْلَامِ".
قال الصدوق: و اختلف مشايخنا في معناه فقال محمد بن الحسن الصفار هو جَدَّدَ بالجيم لا غير، و كان شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد يحكى عنه أنه قال: لا يجوز تجديد القبر و لا تطيين جميعه بعد مرور الأيام و بعد ما طُيِّنَ في الأول، و ذكر عن سعد بن عبد الله أنه كان يقول: إنما هو
" مَنْ حَدَّدَ قَبْراً".
بالحاء المهملة يعني به من سَنَّمَ قبرا، و ذكر عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي أنه قال: إنما هو
" مَنْ جَدَّثَ قَبْراً".
و تفسير الجدث القبر فلا ندري ما عنى به، و الذي أذهب إليه أنه جَدَّدَ بالجيم و معناه نبش قبرا لأن من نبش قبرا فقد جَدَّدَهُ و أحوج إلى تجديده، و قد جعله جدثا محضورا. ثم قال: أقول إن التَّجْدِيدَ على المعنى الذي ذهب إليه محمد بن الحسن الصفار و التحديد بالحاء غير المعجمة الذي ذهب إليه سعد بن عبد الله و الذي قاله البرقي من أنه جدث كله داخل في معنى الحديث، و أن من خالف الإمام في التجديد و التسنيم و النبش و استحل شيئا من ذلك فقد خرج من الإسلام. و الذي أقول في‏
قَوْلِهِ ع" مَنْ مَثَّلَ مِثَالًا".
يعني به من أبدع بدعة و دعا إليها أو وضع دينا فقد خرج من الإسلام- انتهى. و جَدِيدُ الأرض: وجهه، و منه قولهم‏

22
مجمع البحرين3

جدد ص 20

" جَلَاهُ عَنْ جَدِيدِ الْأَرْضِ" أي نفاه عنها. و الجَدِيدُ: نقيض البالي. و جَدَّ الشي‏ءُ يَجِدُّ بالكسر فهو جَدِيدٌ، و هو خلاف القديم. و جَدَّدَ فلان الأمر و اسْتَجَدَّهُ: إذا أحدثه، فهو جَدِيدٌ و هو خلاف القديم. و الجَدِيدَانِ: الليل و النهار. و منه قول ابن دريد:
إن الجَدِيدَيْنِ إذا ما استوليا             على جَدِيدٍ أسلماه للبلى‏

 (جرد)
قوله تعالى: يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ
 [54/ 7] الجراد بالفتح مشهور، الواحدة جَرَادَةٌ بالفتح أيضا، تقع على الذكر و الأنثى كالجماعة، سمي بذلك لأنه يجرد الأرض، أي يأكل ما عليها، يقال إنه يتولد من الحيتان كالديدان فيرميه البحر إلى الساحل، يشهد له‏
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ" الْجَرَادُ نَثْرَةُ حُوتٍ".
أي عطسته. قيل وجه التشبيه في الآية أنهم يخرجون حَيَارَى فَزِعِين لا يهتدون و لا جهة لأحد منهم يقصدونها، كالجراد لا جهة له، فيكون أبدا بعضه على بعض. قوله: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَ الْجَرادَ
 [7/ 133] فأكل عامة زروعهم و ثمارهم و أوراق الشجر حتى أكل الأبواب و سقوف البيوت و الخشب و الثياب و الأمتعة و مسامير الأبواب من الحديد حتى وقعت دورهم و ابتلوا بالجوع، فكانوا لا يشبعون و لم يصب بني إسرائيل شي‏ء من ذلك. و جَرَدْتُ الشي‏ءَ جَرْداً من باب قتل: أزلت ما عليه. و جَرَّدْتُهُ من ثيابه بالتثقيل: نزعتها عنه، و تَجَرَّدَ هو منها.
وَ فِي حَدِيثِ حَمْزَةَ عَمِّ النَّبِيِّ ص" وَ قَدْ كُفِّنَ بَعْدَ قَتْلِهِ لِأَنَّهُ جُرِّدَ مِنْ ثِيَابِهِ".
أي سُلِبَهَا. و المُجَرَّدُ: المسلوب الثياب.
وَ فِي وَصْفِهِ ع" أَنَّهُ أَجْرَدُ ذُو مَسْرُبَةٍ".
الأَجْرَدُ الذي لا شعر له على بدنه و لم يكن كذلك، و إنما أراد به أن الشعر كان في أماكن من جسده كالمسربة و الساعدين و الساقين، و الأشعر ضد

23
مجمع البحرين3

جرد ص 23

الأَجْرَدِ. و التَّجَرُّدُ: التعري، و منه" تَجَرَّدَ لإحرامه" أي تعرى عن المخيط.
وَ فِي وَصْفِهِ ع" كَانَ أَبْيَضَ الْمُتَجَرِّدِ".
معناه نَيِّرَ الجسد الذي تجرد منه الثياب.
وَ فِي حَدِيثِ أَهْلِ الْجَنَّةِ" جُرْدٌ مُرْدٌ".
أي لا شعر في أجسادهم. و الشاب الأَجْرَدُ: الذي لا شعر له. و الجَرِيدُ: هو سعف النخل بلغة أهل الحجاز، الواحدة جَرِيدَةٌ فعيلة بمعنى مفعولة، سميت بذلك لتجريد خوصها عنها. و منه‏
الْخَبَرُ" كُتِبَ الْقُرْآنُ فِي جَرَائِدَ".
و فيه ذكر" الجَارُودِيَّةِ" و هم فرقة من الشيعة ينسبون إلى الزيدية و ليسوا منهم، نسبوا إلى رئيس لهم من أهل خراسان يقال له أبو الجَارُودِ زياد بن أبي زياد. و عن بعض الأفاضل هم فرقتان: فرقة زيدية و هم شيعة، و فرقة بترية و هم لا يجعلون الإمامة لعلي بالنص بل عندهم هي شورى، و يجوزون تقديم المفضول على الفاضل فلا يدخلون في الشيعة. و" الجَارُودُ العبدي" رجل من عبد القيس و اسمه بشر بن عمرو، و لقب بذلك لأنه أصاب إبله داء فخرج بها إلى أخواله ففشا ذلك الداء في إبلهم فأهلكها، فضربت به العرب في الشؤم. و انْجَرَدَ الثوب: انسحق و لان، و منه‏
" كَانَ صَدَاقُ فَاطِمَةَ ع جَرْدَ بُرْدٍ حِبَرَةٍ وَ دِرْعَ حُطَمِيَّةٍ".
و جَرْدٌ قطيفة انجرد خملها و خلقت.
وَ فِي الْحَدِيثِ" السَّوِيقُ يَجْرُدُ الْمِرَّةَ وَ الْبَلْغَمَ مِنَ الْمَعِدَةِ جَرْداً".
أي يذهبها و لا يدع منهما شيئا. و سلامة بنت يَزْدَجِرْدَ بن شهريار بن كسرى أبرويز أم علي بن الحسين ع‏
 (جسد)
قوله تعالى: وَ أَلْقَيْنا عَلى‏ كُرْسِيِّهِ جَسَداً
 [38/ 34] الآية. اختلف في الجَسَدِ الذي ألقي على كرسيه على أقوال أجودها
أَنَّهُ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَاسْتَرْضَعَهُ الْمُزْن‏

24
مجمع البحرين3

جسد ص 24

إِشْفَاقاً عَلَيْهِ مِنْ كَيْدِ الشَّيَاطِينِ فَلَمْ يَشْعُرْ إِلَّا وَ قَدْ وُضِعَ عَلَى كُرْسِيِّهِ مَيْتاً تَنْبِيهاً عَلَى أَنَّ الْحَذَرَ لَا يَدْفَعُ الْقَدَرَ.
قوله تعالى: عِجْلًا جَسَداً*
 [7/ 148] أي ذا جَسَدٍ، أي صورة لا روح فيها إنما هو جسد فقط، أو جسدا بدنا ذا لحم و دم. قوله: وَ ما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ‏
 [21/ 8] أي و ما جعلنا الأنبياء ذي جسد غير طاعمين، و هذا رد لقولهم: ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَ يَمْشِي فِي الْأَسْواقِ. و الجَسَدُ من الإنسان: بدنه و جثته، و الجمع أَجْسَادٌ. و في كتاب الخليل لا يقال لغير الإنسان من خلق الأرض جَسَدٌ، و كل خلق لا يأكل و لا يشرب نحو الملائكة و الجن فهو جَسَدٌ. و عن صاحب البارع لا يقال الجَسَدُ إلا للحيوان العاقل و هو الإنسان و الملائكة و الجن، و لا يقال لغيره جَسَدٌ.
 (جعد)
شعر جَعْدٌ: بين الجعودة. و الجُعُودَةُ في الشعر: ضد السبوطة، يقال جَعُدَ الشعرُ- بضم العين و كسرها- جُعُودَةً: إذا كان فيه التواء و تقبض، فهو جَعْدٌ، و ذلك خلاف المسترسل. و جَعْدَةُ بنت الأشعث بن قيس الكندي هي التي سمت الحسن ع، و أخوها محمد بن الأشعث شرك في دم الحسين ع، و الأشعث أبوهما شرك في دم أمير المؤمنين ع‏
 (جلد)
قوله تعالى: وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ‏
 [41/ 22] روي أن المراد بِالْجُلُودِ الفروج، و مثله في القاموس. و الجِلْدُ- بالكسر فالإسكان- واحد الجُلُودِ من الغنم و البقر و الإنسان و نحوها.
قَوْلُهُ:" يَمْسَحُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّ جِلْدَهُ".
أي جسده. و تَجَالَدَ القومُ بالسيوف و اجْتَلَدُوا: أي ضرب بعضهم بعضا. و جَلَدْتُ الجانيَ جَلْداً- من باب ضرب- ضربته بِالْمِجْلَدِ بكسر الميم، و هو السوط.

25
مجمع البحرين3

جلد ص 25

و يَجْتَلِدُونَ على الأذان: يتضاربون عليه و يتقاتلون. و الجِلَادُ هو الضرب بالسيف و السوط و نحوه إذا ضربته، و منه‏
قَوْلُهُ" دَعَوْنِي أَنْ أَصْبِرَ لِلْجِلَادِ فَلِأُمِّهِمُ الْهَبَلُ".
و المُجَالَدَةُ: المضاربة. و الجَلْدُ: القوي الشديد و الجَلَدُ بالتحريك: الصلابة. و الجَلَدُ: الصلب من الأرض المستوي. و التَّجَلُّدُ: تكلف الجلادة، و
مِنْهُ" عَفَا عَنْكَ تَجَلُّدِي".
و الجَلِيدُ: الماء الجامد من البرد، و منه‏
الْحَدِيثُ" حُسْنُ الْخُلُقِ يَمِيثُ الْخَطِيئَةَ كَمَا تَمِيثُ الشَّمْسُ الْجَلِيدَ".
و مكان جَلِيدٌ: صلب غير رخو. و" جَلُودُ" قرية بالأندلس. و" الجَلُودِيُّ" من الرواة منسوب إليها. و في القاموس جَلُودُ كقبول قرية بالأندلس، و الجُلُودِيُّ رواية مسلم بالضم لا غير، و وهم الجوهري في قوله" و لا تقل الجُلُودِي".
 (جلمد)
الجَلْمَدُ و الجُلْمُودُ- كجعفر و عصفور- الصخر، ميمه زائدة.
 (جمد)
" الجَمْدُ" بالفتح فالسكون: ما جمد من الماء و غيره، يقال جَمَدَ الماءُ و غيره جَمْداً من باب قتل و جُمُوداً خلاف ذاب. و" الجَمَدُ" بالتحريك جمع جَامِد مثل خدم و خادم. و الجَمَادُ بالفتح: الأرض التي لم يصبها مطر. و سنة جَمَادٌ: لا مطر فيها. و" جُمَادَى" أحد فصول السنة سمي بذلك لمصادفته أيام الشتاء حين جمد الماء و كذا الثاني،

26
مجمع البحرين3

جمد ص 26

و يقال مضت جُمَادَى بما فيها، ثم قال: فإن جاء تذكير جُمَادَى في الشعر فهو ذهاب إلى معنى الشهر كما قالوا هذه ألف درهم على معنى هذه الدراهم، و عن الزجاج جُمَادَى غير مصروفة للتأنيث و العلمية، و جمع جمادى جُمَادَيَات على لفظها و الأولى و الآخرة صفة لها. و الآخرة بمعنى المتأخرة. و جَمَدَتْ عينه: قل ماؤها، كناية عن قسوة القلب. و" عين جَمُودٌ" بالفتح: لا دمع لها. و جَمَدَ كفه: كناية عن البخل.
وَ فِي الْخَبَرِ" إِذَا وَقَعَتِ الجَوَامِدُ فَلَا شُفْعَةَ".
يريدون الحدود ما بين الملكين.
 (جند)
قوله تعالى: وَ ما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ
 [74/ 31] أي خلق ربك الذي خلقهم. نقل عن الفخر الرازي في كتاب جواهر القرآن أنه قال: اعلم أن الملائكة في الكثرة أضعاف خلق الله من أصناف العالم،
فَقَدْ رُوِيَ: أَنَّ بَنِي آدَمَ عُشْرُ الْجِنِّ، وَ الْجِنَّ وَ بَنِي آدَمَ عُشْرُ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّ، وَ كُلَّهُمْ عُشْرُ مَلَائِكَةِ الْأَرْضِ الْمُوَكَّلِينَ فِيهَا، وَ كُلَّ هَؤُلَاءِ عُشْرُ مَلَائِكَةِ سَمَاءِ الدُّنْيَا، وَ كُلَّ هَؤُلَاءِ عُشْرُ مَلَائِكَةِ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، وَ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ. ثُمَّ الْكُلُّ فِي مُقَابَلَةِ مَلَائِكَةِ الْكُرْسِيِّ قَلِيلٌ، ثُمَّ كُلُّ هَؤُلَاءِ عُشْرُ مَلَائِكَةِ سُرَادِقٍ مِنْ سُرَادِقِ الْعَرْشِ الَّتِي عَدَدُهَا سِتُّمِائَةِ أَلْفِ سُرَادِقٍ وَ عَرْضُهُ وَ سَمْكُهُ إِذَا قُوبِلَ بِالسَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ وَ مَا فِيهِمَا وَ مَا بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ يَكُونُ شَيْئاً يَسِيراً وَ قَدْراً صَغِيراً، وَ مَا مَوْضِعُ قَدَمٍ إِلَّا وَ فِيهِ مَلَكٌ رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ أَوْ قَائِمٌ، لَهُمْ زَجَلٌ بِالتَّسْبِيحِ وَ التَّقْدِيسِ، ثُمَّ هَؤُلَاءِ فِي مُقَابَلَةِ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يَحُومُونَ حَوْلَ الْعَرْشِ كَالْقَطْرَةِ فِي الْبَحْرِ لَا يَعْرِفُ عَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ، ثُمَّ هَؤُلَاءِ مَعَ مَلَائِكَةِ اللَّوْحِ الَّذِينَ هُمْ أَشْيَاعُ إِسْرَافِيلَ وَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ هُمْ جُنُودُ جَبْرَئِيلَ ع قَلِيلٌ: سُبْحَانَهُ مَا أَعْظَمَ شَأْنَهُ فَ ما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ
.
ثُمَّ قَالَ الرَّازِيِّ أَيْضاً: رَأَيْتُ فِي بَعْضِ كُتُبِ التَّذْكِيرِ أَنَّهُ حِينَ عُرِجَ بِالنَّبِيِّ ص إِلَى السَّمَاءِ رَأَى الْمَلَائِكَةَ فِي مَوْضِعٍ بِمَنْزِلَةِ سُوقٍ يَمْشِي بَعْضُهُمْ تُجَاهَ بَعْضٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص:

27
مجمع البحرين3

جند ص 27

إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُونَ؟ قَالَ جَبْرَئِيلُ: لَا أَدْرِي إِلَّا أَنِّي أَرَاهُمْ مُنْذُ خُلِقْتُ وَ لَا أَرَى وَاحِداً مِنْهُمْ قَدْ رَأَيْتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِيلُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ: مُنْذُ كَمْ خُلِقْتَ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ كَوْكَباً فِي كُلِّ أَرْبَعِمِائَةِ أَلْفِ سَنَةٍ. فَخَلَقَ مِثْلَ ذَلِكَ الْكَوْكَبِ مُنْذُ خُلِقْتُ أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفِ كَوْكَبٍ، فَسُبْحَانَهُ مِنْ إِلَهٍ مَا أَعْظَمَ قُدْرَتَهُ وَ أَجَلَّ سُلْطَانَهُ.
قوله: وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها
 [9/ 26] الجُنْدُ الأنصار و الأعوان، و الجمع الجُنُودُ. قوله: وَ جُنُودُ إِبْلِيسَ‏
 [26/ 95] أي ذريته من الشياطين.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَ مَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ".
قوله" مُجَنَّدَةٌ" أي مجموعة كما يقال ألوف مؤلفة و قناطر مقنطرة، و معناه الإخبار عن مبدإ كون الأرواح و تقدمها الأجساد، أي أنها خلقت أول خلقها من ائتلاف و اختلاف كالجنود، و المجموعة إذا تقابلت و تواجهت، و معنى تقابل الأرواح ما جعلها الله عليه من السعادة و الشقاوة و الاختلاف في مبدإ الخلق، يقال إن الأجساد التي فيها الأرواح تلتقي في الدنيا فتأتلف و تختلف على حسب ما خلقت عليه، و لهذا ترى الخير يحب الأخيار و يميل إليهم و الشرير يحب الأشرار و يميل إليهم. و عن الشيخ المفيد المعنى فيه أن الأرواح التي هي البسائط تتناظر بالجنس و تتجادل بالعوارض، فما تعارف منها باتفاق الرأي و الهوى ائتلف، و ما تناكر منها بمباينة في الرأي و الهوى اختلف، و هذا موجود حسا و مشاهدة، و ليس يعني بذلك ما تعارف منها في الذر ائتلف كما يذهب إليه الحشوية، لما بيناه من أنه لا علم للإنسان بحال كان يعلمها قبل ظهوره في هذا العالم- انتهى كلامه، و فيه نظر.
 (جود)
قوله تعالى وَ اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِ‏
 [11/ 44] بتشديد الياء، و قرئ بإرسالها

28
مجمع البحرين3

جود ص 28

تخفيفا، اسم للجبل الذي وضعت عليه سفينة نوح، قيل هو بناحية الشام أو آمد، و قيل بالموصل، و قيل بالجزيرة ما بين الدجلة و الفرات.
وَ فِي الْحَدِيثِ" هُوَ فُرَاتُ الْكُوفَةِ".
و هو الأصح. قوله و: الصَّافِناتُ الْجِيادُ
 [38/ 31] كأنها جمع جَيِّد على فيعل، و هو خلاف الردي‏ء، و سيأتي معنى الصافنات.
وَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حِينَ حَفَرَ زَمْزَمَ" فَرَأَى رَجُلًا يَقُولُ احْفِرْ تَغْنَمْ وَ جِدَّ تَسْلَمْ وَ لَا تَدَّخِرْهَا لِلْمَقْسَمِ".
يعني الميراث، كان المعنى جِدَّ في حفر البئر تسلم من الآفات و لا يصيبك في حفرها ضرر. و الجَوَادُ: الجيد للعدو، يقال جَادَ الفرس جُودَةً- بالضم و الفتح- فهو جَوَادٌ، و الجمع جِيَادٌ، و سمي بذلك لأنه يجود بجريه، و الأنثى جَوَادٌ أيضا. و" الجَوَادُ" من أسمائه تعالى‏
وَ فِي الْحَدِيثِ سَأَلَ رَجُلٌ [أَبَا] الْحَسَنِ ع وَ هُوَ فِي الطَّوَافِ فَقَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنِ الْجَوَادِ؟ فَقَالَ ع: إِنَّ لِكَلَامِكَ وَجْهَيْنِ، فَإِنْ كُنْتَ تَسْأَلُ عَنِ الْمَخْلُوقِ فَإِنَّ الْجَوَادَ الَّذِي يُؤَدِّي مَا افْتُرِضَ عَلَيْهِ، وَ الْبَخِيلُ الَّذِي يَبْخَلُ بِمَا افْتُرِضَ عَلَيْهِ، وَ إِنْ كُنْتَ تَسْأَلُ عَنِ الْخَالِقِ فَهُوَ الْجَوَادُ إِنْ أَعْطَى وَ هُوَ الْجَوَادُ إِنْ مَنَعَ، لِأَنَّهُ إِنْ أَعْطَى أَعْطَى عَبْداً أَعْطَاهُ مَا لَيْسَ لَهُ، وَ إِنْ مَنَعَ مَنَعَ مَا لَيْسَ لَهُ.
و الجَوَادُ: الذي لا يبخل بعطائه، و منه‏
الدُّعَاءُ" أَنْتَ الْجَوَادُ الَّذِي لَا يَبْخَلُ".
وَ" الْجَوَادُ" مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ع أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ، وُلِدَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ وَ تِسْعِينَ وَ مِائَةٍ، وَ قُبِضَ سَنَةَ عِشْرِينَ وَ مِائَتَيْنِ وَ هُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَ عِشْرِينَ سَنَةً وَ شَهْرَيْنِ وَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً وَ دُفِنَ عِنْدَ جَدِّهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع، وَ مِنْ خَوَاصِّهِ ع أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ قَوْمٌ مِنَ الشِّيعَةِ فَسَأَلُوهُ عَنْ ثَلَاثِينَ أَلْفَ مَسْأَلَةٍ فَأَجَابَ عَنْهَا وَ هُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، عَاشَ بَعْدَ أَبِيهِ تِسْعَةَ عَشَرَ سَنَةً إِلَّا خَمْسَةً وَ عِشْرِينَ يَوْماً.
و جَادَ الرجلُ يَجُودُ جُوداً بالضم من باب قال: تَكَرَّمَ، فهو جَوَادٌ، و الجمع‏

29
مجمع البحرين3

جود ص 28

أَجْوَادٌ. و جَادَ بماله: بذله. و جَادَ بنفسه: سمح بها عند الموت، فكأنه يدفعها كما يدفع الإنسان ماله. و جَادَ و أَجَادَ: أتى بالجيد من فعل أو قول. و جَادَتِ السماء علينا: أي أمطرت. و" الجَوْدُ" بالفتح فالسكون: المطر الغزير أو ما لا مطر فوقه. و منه‏
الدُّعَاءُ" وَ أَخْلَفَتْنَا مَخَايِلُ الْجَوْدِ".
و المَخَايِلُ من أخَالَت السحابُ و أخْيَلَتْ و خَايَلَتْ: إذا كانت تُرجَّى المطر- قاله الجوهري.
 (جهد)
قوله تعالى: وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ‏
 [22/ 78] أي في عبادة الله. قيل الجِهَادُ بمعنى رتبة الإحسان. و هو أنك تعبد ربك كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، و لذلك قال حَقَّ جِهادِهِ‏
 أي جهادا حقا كما ينبغي بجذب النفس و خلوصها عن شوائب الرياء و السمعة مع الخشوع و الخضوع، و الجهاد مع النفس الأمارة و اللوامة في نصرة النفس العاقلة المطمئنة، و هو الجِهَادُ الأكبر، و لذلك‏
وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ بَعْضِ غَزَوَاتِهِ فَقَالَ:" رَجَعْنَا مِنَ الْجِهَادِ الْأَصْغَرِ إِلَى الْجِهَادِ الْأَكْبَرِ".
قوله: وَ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ‏
 [9/ 79] قرئ بفتح الجيم و ضمها: أي وسعهم و طاقتهم، و قيل المضموم الطاقة و المفتوح المشقة. قوله: جَهْدَ أَيْمانِهِمْ*
 [5/ 35] أي بالغوا في اليمين و اجتهدوا. قوله: وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا
 [29/ 69] قال الشيخ أبو علي: أي جاهدوا الكفار ابتغاء مرضاتنا و طاعة لنا و جاهدوا أنفسهم في هواها خوفا منا، و قيل معناه اجتهدوا في عبادتنا رغبة في ثوابنا و رهبة من عقابنا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا أي لَنَهْدِيَنَّهُمْ السبل الموصلة إلى ثوابنا، و قيل لنوفقنهم لازدياد الطاعات ليزداد ثوابهم، و قيل معناه و الذين جَاهَدُوا في إقامة السنة لنهدينهم سبل الجنة، و قيل‏

30
مجمع البحرين3

جهد ص 30

معناه و الذين يعلمون بما يعملون لنهدينهم إلى ما لا يعلمون قوله: وَ جاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ‏
 [5/ 35] أي في طريق دينه مع أعدائه، قيل أمر الله بالجهاد في دين الله لأنه وصلة إلى ثوابه. قوله: فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً
 [4/ 95] معناه- على ما ذكر في التفاسير- هو أن الله فضل المجاهدين على القاعدين عن الجهاد من أولي الضرر- أعني المرض و العاهة من عمى و عرج أو زمانة أو نحوها- درجة و كل فريق من المجاهدين و القاعدين وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى‏ أي المثوبة و هي الجنة، وَ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ‏
 من غير أولي الضرر أَجْراً عَظِيماً دَرَجاتٍ مِنْهُ وَ مَغْفِرَةً، فدرجة انتصب لوقوعها موقع المرة، كأنه قال فضلهم تفضيلة، نحو" ضربه سوطا" بمعنى ضربه، و انتصب أَجْراً بفعل أيضا لأنه في معنى أجرى لهم أجراً و دَرَجاتٍ و مَغْفِرَةً و رَحْمَةً بدل من أَجْراً. و" الجِهَادُ" بكسر الجيم مصدر جَاهَدَ يُجَاهِدُ جِهَاداً و مُجَاهِدَةً، و بفتح الجيم: الأرض الصلبة، و شرعا بذل المال و النفس لإعلاء كلمة الإسلام و إقامة شعائر الإيمان.
وَ فِي الدُّعَاءِ" وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ".
هو بفتح الجيم مصدر قولك" اجْهَدْ جَهْدَكَ في هذا الأمر" أي أبلغ غايتك. و" جَهْدُ البلاء" الحالة التي يختار عليها الموت، و قيل هي قلة المال و كثرة العيال.
وَ فِي الْخَبَرِ عَنْهُ ص" جَهْدُ الْبَلَاءِ هُوَ أَنْ يُقَدَّمَ الرَّجُلُ فَيُضْرَبَ عُنُقَهُ صَبْراً، وَ الْأَسِيرُ مَا دَامَ فِي وَثَاقِ الْعَدُوِّ وَ الرَّجُلُ يَجِدُ عَلَى بَطْنِ امْرَأَتِهِ رَجُلًا".
و
فِيهِ" رَبِّ لَا تُجْهِدْ بَلَائِي".
أي لا توصله إلى ذلك المقدار. و جَهَدَهُ الأمر: أي بلغ منه المشقة. و قولهم" لا أَجْهَدُكَ" أي لا أبلغك غاية، أو لا أشق عليك و لا أشدد.
قَوْلُهُ" وَ الْوَصِيَّةُ بِالرُّبُعِ جَهْدٌ".
أي غاية و نهاية.

31
مجمع البحرين3

جهد ص 30

وَ" اجْهَدْ أَنْ تَبُولَ".
أي لك الجهد في ذلك. و
قَوْلُهُ" مِنْ غَيْرِ أَنْ تُجْهِدَ نَفْسَكَ".
أي من غير مبالغة و مشقة فيما تفعل.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ جُهْدُ الْمُقِلِّ".
أي ما بلغه وسعه، و ربما عورض‏
بِقَوْلِهِ ع" خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَتْ عَنْ ظَهْرِ غِنًى".
يعني ما فضل عن العيال، و قد يقال المراد بالغنى سخاوة النفس و قوة العزيمة ثقة بالله، كما
رُوِيَ" أَنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ".
يدل على ذلك‏
قَوْلُهُ" يَأْتِي أَحَدُكُمْ بِمَا يَمْلِكُهُ وَ يُقَالُ هَذِهِ صَدَقَةٌ ثُمَّ يَقْعُدُ يَتَكَفَّفُ النَّاسَ".
أي يأخذ ببطن يده، و هو كناية عن التصدي للسؤال فكره له ذلك. و
فِيهِ" أَفْضَلُ الْجِهَادِ جِهَادُ النَّفْسِ".
و هو قهرها و بعثها على ملازمة الطاعات و مجانبة المنهيات. و مراقبتها على مرور الأوقات، و محاسبتها على ما ربحته و خسرته في دار المعاملة من السعادات، و كسر قوتها البهيمية و السبعية بالرياضات، كما قال تعالى قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها. وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها. قال بعض الأفاضل في‏
قَوْلِهِ ع" أَفْضَلُ الْجِهَادِ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْهِ".
قد يظن أن فيه دلالة على عدم تجرد النفس، و الحق أنه لا دلالة فيه على ذلك بل هو كناية عن كمال القرب، فإن تجرد النفس مما لا ينبغي أن يرتاب فيه .. إلى أن قال: و يمكن أن يراد بالنفس هنا القوى الحيوانية من الشهوة و الغضب و أمثالهما، و إطلاق النفس على هذه القوى شائع. ثم حكى كلام الغزالي تطلق النفس على الجامع للصفات المذمومة أي القوى الحيوانية المضادة للقوى العقلية و هو المفهوم عند إطلاق الصوفية و إليه الإشارة
بِقَوْلِهِ ع" أَعْدَى عَدُوِّكَ نَفْسُكَ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْكَ".
و يتم البحث في نفس إن شاء الله. و اجْتَهَدَ يمينه: أي بذل وسعه في اليمين و بالغ فيها. و الِاجْتِهَادُ: المبالغة في الجهد، و نقل في الاصطلاح إلى استفراغ الوسع فيما فيه مشقة لتحصل ظن شرعي.

32
مجمع البحرين3

جهد ص 30

و" المُجْتَهِدُ" اسم فاعل منه، و هو العالم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية بالقوة القريبة من الفعل. و مَجْهُودُ الرجل: ما بلغه وسعه، و منه‏
الدُّعَاءُ" قَدْ وَ عِزَّتِكَ بَلَغَ [بِي‏] مَجْهُودِي".
و المَجْهُودُ: الذي وقع في تعب و مشقة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْمِسْكِينُ أَجْهَدُ مِنَ الْفَقِيرِ".
أي أسوأ حالا منه.
 (جيد)
قوله تعالى: فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ
 [111/ 5] الجِيدُ بالكسر فالسكون العنق، و الجمع أَجْيَادٌ مثل حمل و أحمال. و قوله: فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ
 أي في عنقها حبل من ليف، و إنما وصفها بهذا الوصف تخسيسا لها و تحقيرا، و قيل هو حبل يكون له خشونة الليف و حرارة النار و ثقل الحديد يجعل في عنقها زيادة في عذابها.
وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي عُنُقِهَا سِلْسِلَةٌ مِنْ حَدِيدٍ طُولُهَا سَبْعُونَ ذِراعاً تَدْخُلُ مِنْ فِيهَا وَ تَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهَا وَ تُدَارُ عَلَى عُنُقِهَا فِي النَّارِ.
و" الجَيَدُ" بالتحريك: طول العنق و حسنه.
باب ما أوله الحاء
 (حتد)
حَتَدَ بالمكان يَحْتِدُ: أقام به. و المَحْتِدُ بالفتح و كسر العين: الأصل و الطبع، و منه‏
فِي وَصْفِهِ ص" فِي دَوْمَةِ الْكَرَمِ مَحْتِدُهُ".
أي أصله و طبعه و مثله" أزكاهم مَحْتِداً" أي أطهرهم أصلا و طبعا. و يقال" ما أجد منه مَحْتِداً" أي بدا
. (حدد)
قوله تعالى: يُحَادُّونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ*
 [58/ 5] أي يحاربون الله و رسوله و يعادونهما أن يتجاوزوهما، و قيل يجانبون الله و رسوله، أي يكونون في حد و الله و رسوله في حد قوله حَادَّ اللَّه‏

33
مجمع البحرين3

حدد ص 33

 [58/ 22] أي شاق الله، أي عادى الله و خالفه. و قوله: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها
 [2/ 229] حُدُودُ الله محارمه و مناهيه لأنه ممنوع منها. و مثله تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوها
 [2/ 187] قال الشيخ أبو علي في قوله تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ‏
 إشارة إلى الأحكام المذكورة في اليتامى و المواريث، و سماها حُدُوداً لأن الشرائع كالحدود المضروبة للمكلفين لا يجوز لهم أن يتجاوزوها. قوله: فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ
 [50/ 22] أي حاد، و صيغ للمبالغة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ حَدّاً وَ جَعَلَ عَلَى مَنْ تَعَدَّى الْحَدَّ حَدّاً".
أي عذابا، و ذلك كحد القاذف و الزاني، و سمي حَدّاً لمنعه من المعاودة، و أصله مصدر. و
فِيهِ" إِقَامَةُ الْحَدِّ أَنْفَعُ فِي الْأَرْضِ مِنَ الْمَطَرِ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً".
و الحُدُودُ الشرعية عبارة عن الأحكام الشرعية مثل حد الغائط كذا و حد الوضوء كذا و حد الصلاة كذا، و منه‏
قَوْلُهُ ع" لِلصَّلَاةِ أَرْبَعَةُ آلَافِ حَدٍّ".
و قد حصرها الشهيد الأول (ره) في رسالته الفرضية و النفلية بما يبلغ العدد المذكور، فمن أراد ذلك وقف عليه. و
مِنْهُ" أَقَمْتُمْ حُدُودَهُ".
أي أحكامه و شرائعه.
وَ" يَضْرِبُ الْحُدُودَ بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ".
أي يقيمها. و الحَدُّ: الذنب، و منه‏
" أَصَبْتُ حَدّاً".
أي ذنبا يوجب الحد. و يُحَدِّدُ لي حَدّاً: أي يعين لي شيئا و يبينه لي. و حَدَّ السيفَ و غيره من باب ضرب و المُحَادَّةُ المعاداة، و
مِنْهُ" إِنَّ قَوْمَنَا حَادُّونَا لِمَا صَدَّقْنَا [اللَّهَ وَ رَسُولَهُ‏]".
أي عادونا و خالفونا.
وَ" الْحَادُّ" اسْمُ مُحَمَّدٍ ص فِي تَوْرَاةِ مُوسَى ع.
لأنه يحاد من حاد دينه قريبا كان أو بعيدا
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا يَزَالُ الْإِنْسَانُ فِي حَدِّ الطَّائِفِ مَا فَعَلَ كَذَا".
يعني ثوابه ثواب الطائف فيما فعل.
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِهِ تَعَالَى" مَنْفِيٌّ عَنْه‏

34
مجمع البحرين3

حدد ص 33

الْأَقْطَارُ مُبَعَّدٌ عَنْهُ الْحُدُودُ".
أي لا يوصف بحد يتميز به عن غيره.
وَ فِي كَلَامِهِمْ ع" هُوَ الْخَالِقُ لِلْأَشْيَاءِ لَا لِحَاجَةٍ، فَإِذَا كَانَ لَا لِحَاجَةٍ اسْتَحَالَ الْحَدُّ، لِأَنَّهُ إِذَا نُسِبَ إِلَيْهِ الْحَدُّ فَقَدْ ثَبَتَ احْتِيَاجُهُ إِلَيْهِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً".
و الحَدُّ: الحاجز بين الشيئين. و منه" حَدُّ عرفات" و هو من المأزمين إلى أقصى الموقف.
وَ عَنِ الصَّادِقِ ع" حَدُّ عَرَفَةَ مِنْ بَطْنِ عُرَنَةَ وَ ثَوِيَّةَ وَ نَمِرَةَ إِلَى ذِي الْمَجَازِ وَ خَلْفَ الْجَبَلِ مَوْقِفٌ إِلَى وَرَاءِ الْجَبَلِ".
و جمع الحَدِّ حُدُودٌ. و
مِنْهُ" حُدُودُ الْإِيمَانِ وَ يَجْمَعُهَا الشَّهَادَتَانِ وَ الْإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ ص مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ صَلَاةُ الْخَمْسِ وَ الزَّكَاةُ وَ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ حِجُّ الْبَيْتِ وَ الْوَلَايَةُ".
و الحِدَادُ: ترك الزينة. و منه‏
الْحَدِيثُ" الْحِدَادُ لِلْمَرْأَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا".
و منه حَدَّتِ المرأة على زوجها تَحِدُّ حِدَاداً بالكسر، فهي حَادٌّ بغير هاء: إذا حزنت عليه و لبست ثياب الحزن و تركت الزينة، و كذا أَحَدَّتْ إِحْدَاداً فهي مُحِدٌّ و مُحِدَّةٌ، و أنكر الأصمعي الثلاثي و اقتصر على الرباعي.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُحِدَّ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إِلَّا الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا حَتَّى تَقْضِىَ عِدَّتَهَا".
و الحِدَّةُ: ما يعترى الإنسان من النزق و الغضب، يقال حَدَّ يَحِدُّ حَدّاً: إذا غضب.
وَ فِي حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ وَ قَدْ ذُكِرَ عِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَ فِيهِ حِدَّةٌ، فَقَالَ:" إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي وَقْتِ مَا ذَرَأَهُمْ أَمَرَ أَصْحَابَ الْيَمِينِ وَ ائْتَمَرَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا النَّارَ فَدَخَلُوهَا فَأَصَابَهُمْ وَهَجُهَا فَالْحِدَّةُ مِنْ ذَلِكَ الْوَهَجِ، وَ أَمَرَ أَصْحَابَ الشِّمَالِ وَ هُمْ مُخَالِفُونَا أَنْ يَدْخُلُوا النَّارَ فَلَمْ يَفْعَلُوا فَمِنْ ذَلِكَ لَهُمْ سَمْتُ وَقَارٍ".
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع وَ قَدْ سُئِل‏

35
مجمع البحرين3

حدد ص 33

مَا بَالُ الْمُؤْمِنِ أَحَدُّ شَيْ‏ءٍ؟ فَقَالَ: لِأَنَّ عِزَّ الْقُرْآنِ فِي قَلْبِهِ وَ مَحْضَ الْإِيمَانِ فِي صَدْرِهِ، وَ هُوَ عَبْدٌ مُطِيعٌ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ مُصَدِّقٌ".
- انتهى. و ربما كانت حِدَّتُهُ على ما خالف المشروع و لم يمتثل أمر الشارع لا مطلقا. و" الحَدِيدُ" معروف، و منه" خاتم حَدِيدٍ". و اسم الصناعة الحِدَادَةُ بالكسر. و" ابن أبي الحَدِيدِ" في الأصل معتزلي يستند إلى المعتزلة مدعيا أنهم يستندون إلى شيخهم أمير المؤمنين ع في العدل و التوحيد. و من كلامه في أول شرح النهج" الحمد لله الذي قدم المفضول على الأفضل لمصلحة اقتضاها التكليف". قال بعض الأفاضل: كان ذلك قبل رجوعه إلى الحق لأنا نشهد من كلامه الإقرار له ع و التبري من غيره ممن تقدم عليه، و ذلك قرينة واضحة على ما قلناه- انتهى، و هو جيد.
 (حرد)
قوله تعالى: وَ غَدَوْا عَلى‏ حَرْدٍ قادِرِينَ‏
 [68/ 25]، أي على قصد، و قيل على منع، و قيل على غضب و حقد. و حَرِدَ حَرَداً مثل غضب غضبا وزنا و معنى، و قد يسكن المصدر. و عن ابن الأعرابي السكون أكثر." حَرِدَ على قومه" أي تنحى عنهم و تحول و نزل منفردا و لم يخالطهم.
وَ مِنْ كَلَامِ الْحَقِّ فِيمَنْ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ" وَ الَّذِينَ يَغْضَبُونَ لِمَحَارِمِي إِذَا اسْتُحِلَّتْ كَالنَّمِرِ إِذَا حَرِدَتْ".
نقل أنها لا تملك نفسها عند الغضب حتى يبلغ من شدة غضبها أن تقتل نفسها.
 (حسد)
قوله تعالى: مِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ
 [113/ 5] قال الشيخ أبو علي: الحَاسِدُ الذي يتمنى زوال النعمة عن صاحبها و إن لم يردها لنفسه، فَالْحَسَدُ مذموم و الغبطة محمودة، و هي أن يريد من‏

36
مجمع البحرين3

حسد ص 36

النعمة لنفسه مثل ما لصاحبه و لم يرد زوالها عنه- انتهى و من هنا قيل الحَسَدُ على الشجاعة و نحو ذلك هو الغبطة، و فيه معنى التعجب و ليس فيه تمني زوال ذلك عن المحسود، فإن تمناه دخل في القسم الأول المحرم. قوله: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى‏ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ‏
 [4/ 54] المراد بالناس الأئمة، لما
رُوِيَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا" نَحْنُ الْمَحْسُودُونَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى‏ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ"
.
و يقال حَسَدَهُ يَحْسُدُهُ و يَحْسِدُهُ بالكسر حُسُوداً و حَسَداً بالتحريك أكثر من سكونها. و تَحَاسَدَ القوم و هم قوم حَسَدَةٌ كحامل و حملة
. (حشد)
فِي الْحَدِيثِ" فَلَمَّا حَشَدَ النَّاسُ قَامَ خَطِيباً".
أي جمع، من قولهم" حَشَدْتُ القوم" من باب قتل، و في لغة من باب ضرب: إذا جمعتهم. و منه" احْتَشَدَ القوم لفلان" إذا اجتمعوا و تأهبوا. و جاء فلان حَاشِداً: أي مستعدا متأهبا. و" رجل مَحْشُودٌ" لمن كان الناس يسرعون لخدمته لأنه مطاع‏
. (حصد)
قوله تعالى: جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ‏
 [21/ 15] قيل- و الله أعلم- إنهم حُصِدُوا بالسيف أو الموت كما يُحْصَدُ الزرع فلم يبق منهم بقية. قوله: مِنْها قائِمٌ وَ حَصِيدٌ
 [11/ 100] يعني القرى التي هلكت مِنْها قائِمٌ أي بقيت حيطانها و منها حَصِيدٌ
 أي قد انمحى أثره كالزرع القائم على ساقه. قوله: وَ حَبَّ الْحَصِيدِ
 أراد الحب الحصيد، و هما مما أضيف إلى نفسه لاختلاف اللفظين، و قيل حب الزرع الحصيد.
وَ فِي الْحَدِيثِ" وَ هَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ".
و قد مر شرحه في" كبب".

37
مجمع البحرين3

حصد ص 37

و حَصَدْتُ الزرع و غيره حَصْداً من بابي ضرب و قتل فهو مَحْصُودٌ و حَصِيدٌ، و
مِنْهُ" يَأْكُلُونَ حَصِيدَهَا".
أي محصودها. و المِحْصَدُ: المنجل. و اسْتَحْصَدَ الزرعُ: حان له أن يحصد. و حَصَدَهُمْ بالسيف: استأصلهم. و الحَصَادُ بالفتح و الكسر قطع الزرع.
وَ فِي الْخَبَرِ" نَهَى عَنْ حَصَادِ اللَّيْلِ".
و إنما نهى عنه لمكان المساكين أن يحضروه، و قيل كي لا يصيب الناس الهوام.
 (حفد)
قوله تعالى: جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَ حَفَدَةً
 [16/ 72] الحَفَدَةُ بالتحريك جمع حَافِد، مثل كافر و كفرة، قيل هم الأعوان و الخدم، و قيل أختان، و قيل أصهار، و قيل بنو المرأة من الزوج الأول و قيل ولد الولد لأنهم كالخدام في الصغر، و لعله الأصح كما يشهد له‏
قَوْلُهُ ص" تُقْتَلُ حَفَدَتِي بِأَرْضِ خُرَاسَانَ".
يعني علي بن موسى الرضا ع. و الحَفِيدُ: صاحب المال. و المَحْفُودُ: المخدوم.
وَ فِي الدُّعَاءِ" إِلَيْكَ نَسْعَى وَ نَحْفِدُ".
أي نسرع إلى الطاعة. و الحَفْدُ: السرعة. و أَحْفَدْتُهُ: حملته على الحفد و الإسراع و حَفَدَ حَفْداً من باب ضرب: أسرع.
 (حقد)
الحِقْدُ: الانطواء على العداوة و البغضاء و حَقَدَ عليه- من باب ضرب و في لغة من باب تعب-: إذا ضغن، و الجمع أَحْقَادٌ.
 (حمد)
قوله تعالى: فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏
 [40/ 65] قال الفراء نقلا عنه: هو خبر و فيه إضمار، و كأنه قال ادعوه و احمدوا على هذه النعم و قولوا الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏
- انتهى. و العبد إذا حَمِدَ الله فقد ظفر بأربعة أشياء: قضى حق الله فأدى شكر النعمة الماضية، و تقرب من استحقاق ثواب الله، و استحق المزيد من نعمائه.

38
مجمع البحرين3

حمد ص 38

و" الحَمْدُ" هو الثناء بالجميل على قصد التعظيم و التبجيل للممدوح سواء النعمة و غيرها، و الشكر فعل ينبئ عن تعظيم المنعم لكونه منعما سواء كان باللسان أو بالجنان أو بالأركان، و عليه قول القائل:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة             يدي و لساني و الضمير المحجبا

فَالْحَمْدُ أعم من جهة المتعلق و أخص من جهة المورد، و الشكر بالعكس.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْحَمْدُ رَأْسُ الشُّكْرِ".
و إنما جعله رأس الشكر لأن ذكر النعمة باللسان و الثناء على موليها أشيع لها و أدل على مكانها من الاعتقاد لخفاء عمل القلب و ما في عمل الجوارح من الاحتمال، بخلاف عمل اللسان الذي هو النطق المفصح عن كل خفي- كذا في الكشاف. و
فِيهِ" الْحَمْدُ لِلَّهِ الْوَاصِلِ الْحَمْدَ بِالنِّعَمِ وَ النِّعَمَ بِالشُّكْرِ".
قال بعض الشارحين: يعني أنه تعالى أنعم على سبيل التفضل أولا ثم أمر المكلفين أن يحمدوه على نعمه، كما هو مركوز في بداية العقول، ثم زادهم على حمدهم نعما أخرى كما قال لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ. و يمكن أن يقال إنه تعالى تفضل بالنعم أولا ثم أوصل ذلك بنعمة الحمد بأن ألهم عباده الحمد عليها ثم أوصل النعم بالشكر، حيث قال: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ‏
وَ فِي كِتَابٍ لَهُ ص" أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ إِلَيْكَ".
أي أحمد معك، فأقام إلى مقام مع، و قيل أَحْمَدُ اللَّهَ إليك نعمة الله بتحديثك إياها. و حَمَّدَهُ: بالغ في تحميده مثل فرجه. و" الْحَمِيدُ*
" من أسمائه تعالى، فعيل بمعنى مفعول، أي المحمود على كل حال.
وَ" ابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودِ".
الضمير للنبي ص، أي الذي يحمده فيه جميع الخلائق كتعجيل الحساب و الإراحة من طول الوقوف، و قيل هو الشفاعة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" حُمَادَيَاتُ النِّسَاءِ غَضُّ الْأَطْرَافِ".
أي غاياتهن و منتهى ما يحمد منهن غض الأطراف عما حرم الله تعالى.

39
مجمع البحرين3

حمد ص 38

و الحَمِيدُ من الأباريق: الكبير في الغاية. و منه‏
حَدِيثُ الْمَيِّتِ" يَبْدَأُ بِيَدَيْهِ فَيَغْسِلُهُمَا بِثَلَاثِ حُمَيْدِيَّاتٍ بِمَاءِ السِّدْرِ".
الحديث و" حُمَيْدَةُ البربر" أم موسى الكاظم ع، و تسمى المصفاة. و" أَحْمَدُ" اسم نبينا ص في الإنجيل لحسن ثناء الله عليه في الكتاب بما حمد من أفعاله، و ذكر ابن الأعرابي أن لله تعالى ألف اسم و للنبي ص ألف اسم، و من أحسنها مُحَمَّدٌ و مَحْمُودٌ و أَحْمَدُ. و المُحَمَّدُ: كثير الخصال المحمودة، قيل لم يسم به أحد قبل نبينا ص، ألهم الله أهله أن يسموه به. و" مُحَمَّدٌ" اسمه ص في القرآن سمي به لأن الله و ملائكته و جميع أنبيائه و رسله و جميع أممهم يحمدونه و يصلون عليه.
وَ مُحَمَّدٌ الْبَاقِرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَ خَمْسِينَ وَ قُبِضَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَ مِائَةٍ وَ لَهُ سَبْعٌ وَ خَمْسُونَ سَنَةً، وَ أُمُّهُ كَانَتْ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ع.
وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قُتِلَ بَعْدَ وَقْعَةِ صِفِّينَ قَتَلَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ حَشَى جُثَّتَهُ فِي جَوْفِ حِمَارٍ مَيِّتٍ وَ أَحْرَقَهُ، وَ كَانَ مُحَمَّدٌ هَذَا حَبِيباً لِعَلِيٍّ رَبَّاهْ فِي حَجْرِهِ صَغِيراً حِينَ تَزَوَّجَ أُمَّهُ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ، فَكَانَ ع يَقُولُ هُوَ ابْنِي مِنْ ظَهْرِ أَبِي بَكْرٍ، وَ كَانَ قَتْلُهُ بِمِصْرَ لَمَّا وَلَّاهُ عَلِيٌّ ع عَلَيْهَا فَمُلِكَتْ عَلَيْهِ.
وَ عَنِ ابْنِ الطَّيَّارِ قَالَ: ذَكَرْنَا مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع: رَحِمَهُ اللَّهُ وَ صَلَّى عَلَيْهِ قَالَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع يَوْماً مِنَ الْأَيَّامِ" ابْسُطْ يَدَكَ لِأُبَايِعَكَ" فَقَالَ: أَ وَ مَا فَعَلْتَ؟ قَالَ: بَلَى، فَبَسَطَ يَدَهُ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ إِمَامٌ مُفْتَرَضُ الطَّاعَةِ وَ أَنَّ أَبِي فِي النَّارِ. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع: كَانَ النَّجَابَةُ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ لَا مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ.

40
مجمع البحرين3

حمد ص 38

وَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّ مُحَمَّدَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بَايَعَ عَلِيّاً ع عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ أَبِيهِ.
و
نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْأَفَاضِلِ أَنَّهُ أَنْشَدَ أَبَاهُ عِنْدَ مَا لَحَاهُ عَنْ وَلَاءِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع هَذِهِ الْأَبْيَاتَ:
يَا أَبَانَا قَدْ وَجَدْنَا مَا صَلَحَ             خَابَ مَنْ أَنْتَ أَبُوهُ وَ افْتَضَحَ‏
إِنَّمَا أَنْقَذَنِي مِنْكَ الَّذِي             يُنْقِذُ الدُّرَّ مِنَ الْمَاءِ الْمِلْحِ‏
يَا بَنِي الزَّهْرَاءِ أَنْتُمْ عُدَّتِي             وَ بِكُمْ فِي الْحَشْرِ مِيزَانِي رَجَحَ‏
أَنَا قَدْ صَحَّ وَلَائِي فِيكُمْ             لَا أُبَالِي أَيَّ كَلْبٍ قَدْ نَبَحَ.


و مُحَمَّدُ بن عبد الله بن الحسن بن علي ع المسمى بالنفس الزكية كان يدعي الإمامة و قد تبعه كثير من الزيدية و المعتزلة على الضلالة.
وَ فِي حَدِيثِ الصَّادِقِ ع وَ قَدْ سُئِلَ أَنَّ الزَّيْدِيَّةَ وَ الْمُعْتَزِلَةَ قَدْ أَطَافُوا بِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَهَلْ لَهُ سُلْطَانٌ؟ فَقَالَ: وَ اللَّهِ إِنَّ عِنْدِي كِتَابَيْنِ فِيهَا تَسْمِيَةُ كُلِّ نَبِيٍّ وَ كُلِّ مَلِكٍ يَمْلِكُ الْأَرْضَ، لَا وَ اللَّهِ مَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
وَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ خَرَجَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَ قَالَ لَهُ: بَايِعْ تَأْمَنْ عَلَى نَفْسِكَ وَ مَالِكَ وَ وُلْدِكَ وَ لَا تَكَلَّفْ حَرْباً، فَاعْتَذَرَ عِنْدَهُ فَقَالَ: لَا وَ اللَّهِ لَا بُدَّ أَنْ تُبَايِعَ، فَأَمَرَ بِهِ إِلَى الْحَبْسِ وَ شَدَّدَ عَلَيْهِ.
و" حَمَّادٌ" بتشديد الميم ابن عيسى الجهني نسبة إلى جهينة بضم الجيم قبيلة، و هو من ثقاة رواة الحديث، لقي الصادق و الكاظم و الرضا، دعا له الكاظم ع، و لما أراد أن يحج الحجة الحادية و الخمسين غرق في الجحفة حين أراد غسل الإحرام، و كان عمره نيفا و سبعين سنة، و حديثه في الصلاة مشهور
. (حيد)
قوله تعالى: ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ
 [50/ 19] أي تنفر و تهرب، يقال حَادَ عن الشي‏ء يَحِيدُ: مال عنه و عدل.

41
مجمع البحرين3

حيد ص 41

و يَحِيدُ عنه: ينهزم عنه. و حمار حَيَدَى: أي يحيد عن ظله لنشاطه.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع فِي ذَمِّ قَوْمِهِ" فَإِذَا جَاءَ الْقِتَالُ قُلْتُمْ حِيدِي حَيَادِ".
أي إذا كان قتال تكرهون و تقولون أيها الحرب حِيدِي حَيَادِ، أي جانبي منا، من حَايَدَهُ مُحَايَدَةً جانبه. قال بعض شراح الحديث:" حِيدِي حَيَادِ" مثل فِيحِي فَيَاحِ، و حَيَاد و فَيَاح كلاهما اسم للغارة، و فِيحِي أي اتَّسِعِي، و هذا من كلام الجاهلية كانوا يتكلمون به، أي أعرضي عنَّا أيتها الحرب- انتهى.
وَ فِي حَدِيثِهِ أَيْضاً مَعَ قَوْمِهِ" فَإِذَا جَاءَ الْقِتَالُ كنتم [قُلْتُمْ‏] حِيدِي".
أي مِيلِي. و حَادَتِ الدابةُ: نفرت و تركت الجادة و الحَائِدِينَ عن دين الله: العادلين‏
. باب ما أوله الخاء
 (خدد)
قوله تعالى: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ
 [85/ 4] الأُخْدُودُ: شقق في الأرض مستطيل، جمعه أَخَادِيدُ، و أصحاب الأُخْدُودِ هو أخدود بنجران خده الملك ذو نواس الحميري و أحرق فيه نصارى نجران و كان على دين اليهود، فمن لم يرجع عن دين النصارى إلى دين اليهود أحرقه. و خَدَّ الأرض- من باب مد-: شقها و منه‏
حَدِيثُ الْمَيِّتِ" أَتَاهُ مَلَكَا الْقَبْرِ يَخُدَّانِ الْأَرْضَ بِأَقْدَامِهِمَا".
أي يشقانها شقا. و منه‏
الْخَبَرُ" أَنْهَارُ الْجَنَّةِ تَجْرِي فِي غَيْرِ أُخْدُودٍ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ- يَعْنِي إِبْلِيسَ- مُضْغَةُ لَحْمٍ إِلَّا تَخَدَّدَتْ".
أي تشققت. و يقال أيضا تَخَدَّدَ لحمه: هزل و نقص.

42
مجمع البحرين3

خدد ص 42

و الخَدَّانِ: ما جاوز مؤخر العين إلى منتهى الشدق يكتنفان الأنف عن يمين و شمال. و" المِخَدَّةُ" بالكسر: الوسادة لأنها توضع تحت الخد، و الجمع مَخَادُّ كدواب.
 (خرد)
الخَرِيدَةُ من النساء: هي الحيية، و الجمع خَرَائِدُ و خُرُدٌ و خُرَّدٌ
. (خضد)
قوله تعالى: فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ
 [56/ 28] أي لا شوك فيه كأنه خُضِدَ شوكه، أي قطع. و منه‏
الْحَدِيثُ" تَقْطَعُ بِهِ دَابِرَهُمْ وَ تَخْضِدُ بِهِ شَوْكَتَهُمْ".
 (خلد)
قوله تعالى: خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ‏
 [6/ 128] قيل الاستثناء إنما هو من يوم القيامة، لأن قوله وَ يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً* هو يوم القيامة، فقال خالِدِينَ فِيها من يوم يبعثون إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ من مقدار حشرهم من قبورهم و مقدار عذابهم في محاسبتهم، و جائز أن يكون إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ أن يعذبهم من أصناف العذاب و أن الاستثناء راجع إلى غير الكفار من عصاة المسلمين الذين هم في مشية الله إن شاء عذبهم بذنوبهم و إن شاء عفا عنهم فضلا. قوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ. خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ‏
 الآية وَ أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ [11/ 106- 108] قال الشيخ أبو علي: ما دامت سماوات الآخرة و أرضها و هي مخلوقة للأبد، و كل ما علاك و أظلك فهو سماء، و لا بد لأهل الآخرة مما يظلهم و يقلهم، و قيل إن ذلك عبارة عن التأبيد كقول العرب" ما لاح كوكب و أقام ثبير و رضوى" و غير ذلك من كلمات التأبيد إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ هو استثناء من الخلود في عذاب النار و من الخلود في نعيم الجنة، و ذلك لأن أهل النار لا يعذبون بالنار وحدها بل يعذبون بأنواع من العذاب و بما هو

43
مجمع البحرين3

خلد ص 43

أغلظ من الجميع و هو سخط الله عليهم و إهانتهم، و كذلك أهل الجنة لهم سوى الجنة مما هو أكبر منها و هو رضوان الله و إكرامه و تبجيله، فهو المراد بالاستثناء. و قيل المراد بالاستثناء من الذين شقوا و خلودهم من شاء الله أن يخرجه من النار بتوحيده و إيمانه لإيصال الثواب الذي استحقوه بطاعتهم إليهم، فيكون" ما" بمعنى من، و المراد بالاستثناء من الذين سعدوا و خلودهم في الجنة أيضا هؤلاء الذين ينقلون إلى الجنة من النار، و المعنى خالدين فيها إلا ما شاء ربك من الوقت الذي أدخلهم فيه النار قبل أن ينقلهم إلى الجنة، فما هاهنا على بابه و الاستثناء الثاني من الزمان و الأول في الأعيان انتهى و أنت خبير بأن الآيات الدالة على عقاب العصاة و خلودهم في النار المراد به المكث الطويل، و استعماله بهذا المعنى. قوله: أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ‏
 [7/ 176] أي مال و ركن إلى الدنيا و شهواتها وَ اتَّبَعَ هَواهُ في إيثار الدنيا. قوله: وَ هُمْ فِيها خالِدُونَ‏
 [2/ 25] أي باقون. قوله: وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ*
 [56/ 17] أي مبقون ولدانا لا يهرمون و لا يتغيرون قوله: يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ‏
 [104/ 3] من الخُلُودِ، و هو دوام البقاء يقال خَلَدَ الرجل يَخْلُدُ خُلُوداً، و أَخْلَدَهُ اللَّهُ و خَلَّدَهُ تَخْلِيداً. و أَخْلَدَ بالمكان: أقام به، و خَلَدَ أيضا و بابه قعد. و منه" جَنَّةُ الْخُلْدِ"
 أي دار الإقامة. و الخَلَدُ بالتحريك: البال، يقال وقع ذلك في خَلَدِي أي في روعي و قلبي. و المُخَلَّدُ إلى الشي‏ء: المستند إليه. و أَخْلَدَ إلى الدنيا: ركن إليها و لزمها. و منه‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع فِي ذَمِّ الدُّنْيَا" مَنْ دَانَ لَهَا وَ آثَرَهَا وَ أَخْلَدَ إِلَيْهَا فَكَذَا".
و" مَخْلَدٌ" وزان جعفر من أسماء

44
مجمع البحرين3

خلد ص 43

الرجال‏
. (خمد)
قوله تعالى: فَإِذا هُمْ خامِدُونَ‏
 [36/ 29] أي ميتون. و خُمُودُ الإنسان: موته. و خَمَدَتِ النارُ تَخْمُدُ خُمُوداً من باب قعد: سكن لهبها و لم يطفأ جمرها، و هَمَدَتْ: إذا طفئ جمرها. و خَمَدَ المريضُ: أغمي عليه أو مات. و خَمَدَتِ الحمى: سكنت.
باب ما أوله الدال‏
 (درد)
فِي الْحَدِيثِ" مَا زَالَ جَبْرَئِيلُ يُوصِينِي بِالسِّوَاكِ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ أَحْفَى أَوْ أَدْرَدَ".
هو من الدَّرَدِ و هو سقوط الأسنان، يقال دَرِدَ دَرَداً- من باب تعب-: سقطت أسنانه و بقيت أصولها، فهو أَدْرَدُ، و الأنثى دَرْدَاءُ مثل أحمر و حمراء. و به كني أبو الدَّرْدَاءِ و قوله" أو أدرد" التشكيك من الراوي. و
فِيهِ" رَجُلٌ اشْتَرَى زِقَّ زَيْتٍ وَ وَجَدَ فِيهِ دُرْدِيّاً".
الدُّرْدِيُّ من الزيت و غيره ما يبقى في أسفله. و" دُرَيْدٌ" تصغير أَدْرَدَ
. (دود)
قوله تعالى: وَ ظَنَّ داوُدُ
 [38/ 24] و قد تقدم ذكر الآية في" عصا" و دَاوُدُ اسم أعجمي لا يهمز، و معناه أنه داوى جرحه فَوَدَّ، و قيل داوى وُدَّهُ بالطاعة- كذا في معاني الأخبار
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِذَا ظَهَرَ أَمْرُ الْأَئِمَّةِ حَكَمُوا بِحُكْمِ دَاوُدَ".
أي لا يسألون البينة. و فيه ذكر الدِّيدَانِ، و هي جمع الدُّودِ، و الدُّودُ جمع دُودَة، و التصغير دُوَيْدٌ، و القياس‏

45
مجمع البحرين3

دود ص 45

دُوَيْدَة. و دَادَ الطعامُ و أَدَادَ و دَوَّدَ كله بمعنى: إذا وقع فيه السوس. و أنواع الدُّودِ كثير يدخل فيه الحلم و الأرضة و دود الفواكه و دود القز و دود الأخضر، و منه ما يتولد من حيوان الإنسان‏
. باب ما أوله الذال‏
 (ذود)
قوله تعالى: وَ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ‏
 [28/ 23] أي تطردان و يكفان عنهما، و أكثر ما يستعمل الذَّوْدُ في الغنم و الإبل، و ربما استعمل في غيرهما. و لا تَذُودُوهُ عَنَّا: لا تطردوه. و رجل ذَائِدٌ: أي حام لحقيقته دَفَّاع. و منه" الذَّادَةُ الحماة" و الذَّوْدُ من الإبل: ما بين الثلاث إلى العشر، و قيل ما بين الخمس إلى التسع. و
مِنْهُ" لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ".
و اللفظة مؤنثة و لا واحد لها من لفظها كالنَّعَم، و الجمع أَذْوَادٌ مثل سبب و أسباب. و" المِذْوَدُ" كمنبر: معلف الدابة. و المِذْوَدُ: اللسان‏
. باب ما أوله الراء
 (رأد)
الرَّأْدُ و الرُّؤْدُ من النساء: الشابة الحسنة
. (ربد)
فِي الْحَدِيثِ" فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ ص حَتَّى تَرَبَّدَ وَجْهُهُ".
أي تغير

46
مجمع البحرين3

ربد ص 46

من الغضب. و رَبَدَ بالمكان رُبُوداً: أقام به. و" الأَرْبَدُ" ضرب من الحيات تعض فيتربد منه الوجه‏
. (رثد)
" الرَّثَدُ" بالتحريك: متاع البيت المنضود بعضه على بعض. و" مَرْثَدُ بن أبي مَرْثَدٍ الغنوي" هو بالفتح على صيغة اسم المكان: رجل من رواة الحديث. و الغَنَوِيُّ بفتح الغين و فتح النون منسوب إلى غَنِيّ حي من غطفان‏
. (ردد)
قوله تعالى: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ‏ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ‏
 [4/ 59]
فَالرَّدُّ إِلَى اللَّهِ الرَّدُّ إِلَى مُحْكَمِ كِتَابِهِ وَ الرَّدُّ إِلَى الرَّسُولِ ص الْأَخْذُ بِسُنَّتِهِ الْجَامِعَةِ- كَذَا عَنْ عَلِيٍّ ع‏
قوله تعالى: يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ‏
 [14/ 43] أي لا يطرفون و لكن عيونهم مفتوحة ممدودة من غير تحريك الأجفان. و مثله قوله: قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ‏
 [27/ 40] و قيل قبل أن يأتيك الشي‏ء من مد بصرك. قوله: فَارْتَدَّا عَلى‏ آثارِهِما قَصَصاً
 [18/ 64] أي رجعا يقصان الأثر الذي جاء فيه. و مثله قوله: فَارْتَدَّ بَصِيراً
 [12/ 96] أي رجع بصيرا كالأول قوله: فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ‏
 [14/ 9] أي عضوا أناملهم حنقا و غيظا مما آتاهم به الرسل، كقوله تعالى وَ إِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ و قيل أوموا إلى الرسل أن اسكتوا. قوله تعالى: وَ لَوْ تَرى‏ إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ
 وَ لا نُكَذِّبُ بِآياتِ رَبِّنا وَ نَكُونُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [6/ 27] قال الشيخ أبو علي: فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ
 تم هاهنا تمنيهم ثم ابتدوا «وَ لا نُكَذِّبُ أي و نحن لا نكذب بِآياتِ رَبِّنا و نؤمن، و يجوز أن يكون معطوفا على نُرَدُّ أو حالا على معنى يا ليتنا نرد غير مكذبين و كائنين من المؤمنين، فيدخل تحت حكم التمني. و قرئ لا نُكَذِّبَ و نَكُونَ بالنصب بإضمار أن على جواز التمني، و معناه إن‏

47
مجمع البحرين3

ردد ص 47

ترددنا لم نكذب و نكن من المؤمنين. قوله: إِنَّ هذا لَشَيْ‏ءٌ يُرادُ [38/ 6] أي هذا الأمر من نوائب الدهر يراد بنا فلا مرد له، أو أن ما قصده محمد من الرئاسة و الترفع على العرب و العجم شي‏ء يريده كل أحد. قوله: فَلا مَرَدَّ لَهُ*
 [30/ 43] أي لا مصرف له، من قولهم رَدَّ الشي‏ءَ عن وجهه يَرُدُّهُ رَدّاً و مَرَدّاً: صرفه و الرِّدِّيدَى: الرد، و منه‏
الْخَبَرُ" لَا رِدِّيدَى فِي الصَّدَقَةِ".
أي لا رد فيها.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ".
أي لا يصرفه و يدفعه و يهونه إلا الدعاء. و
فِيهِ" لَا تَرُدُّوا السَّائِلَ وَ لَوْ بِظِلْفٍ".
أي لا تردوه رد حرمان بلا شي‏ء و لو أنه ظلف. و رَدَّ عليه الشي‏ءَ: إذا لم يقبله. و أمر رَدٌّ: أي مردود. و تَرُدُّ بها أُلْفَتَهُ: أي تجمع ما ألفه من الأهل و الوطن و الأليف الصاحب‏
وَ" رُدَّتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ مَرَّتَيْنِ" قِيلَ رُدَّتْ لَهُ صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ وَ فِي الْخَنْدَقِ، وَ رُدَّتْ عَلَى عَلِيٍّ مَرَّتَيْنِ أَيْضاً.
و هو مشهور متواتر. و التَّرَدُّدُ في الأمر معلوم.
وَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ" مَا تَرَدَّدْتُ فِي شَيْ‏ءٍ أَنَا فَاعِلُهُ كَتَرَدُّدِي فِي قَبْضِ رُوحِ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنِ، إِنَّنِي لَأُحِبُّ لِقَاءَهُ وَ يَكْرَهُ الْمَوْتَ فَأَصْرِفُهُ عَنْهُ".
و حيث أن التَّرَدُّدَ في الأمر من الله محال لأنه من صفات المخلوقين احتيج في الحديث إلى التأويل، و أحسن ما قيل فيه هو أن التَّرَدُّدَ و سائر صفات المخلوقين كالغضب و الحياء و المكر إذا أسندت إليه تعالى يراد منها الغايات لا المبادئ، فيكون المراد من معنى التَّرَدُّدِ في هذا الحديث إزالة كراهة الموت عنه، و هذه الحالة يتقدمها أحوال كثيرة من مرض و هرم و زمانة و فاقة و شدة بلاء تهون على العبد مفارقة الدنيا و يقطع عنها علاقته، حتى إذا أيس منها تحقق رجاؤه بما عند الله فاشتاق إلى دار الكرامة فأخذ المؤمن عما تشبث به من حب الدنيا شيئا فشيئا بالأسباب التي أشرنا إليها فضاهى‏

48
مجمع البحرين3

ردد ص 47

فعل التَّرَدُّدِ من حيث الصفة فعبر به عنه.
وَ فِي حَدِيثِ الْفِطْرَةِ" يُعْطِي بَعْضَ عِيَالِهِ ثُمَّ يُعْطِي الْآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ يُرَدِّدُونَهَا بَيْنَهُمْ".
أي يكررونها على هذه الصفة. و" يُرَدِّدُ عليه قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" أي يكررها. و لم يَرُدَّ عليه شيئا: أي لم يَرُدَّ عليه جوابا. و اسْتَرَدَّهُ الشي‏ءَ: سأله أن يرده عليه. و" المُرْتَدُّ" من ارْتَدَّ عن الإسلام إلى الكفر، و هو نوعان فطري و ملي.
وَ فِي الْحَدِيثِ" كُلُّ مُسْلِمٍ بَيْنَ مُسْلِمِينَ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ وَ جَحَدَ مُحَمَّداً ص نُبُوَّتَهُ وَ كَذَّبَهُ فَإِنَّ دَمَهُ مُبَاحٌ لِكُلِّ مَنْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَ امْرَأَتُهُ بَائِنَةٌ مِنْهُ، فَلَا تَقْرَبْهُ، وَ يُقْسَمُ مَالُهُ عَلَى وَرَثَتِهِ، وَ تَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ عِدَّةَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ إِنْ أُتِيَ بِهِ إِلَيْهِ وَ لَا يَسْتَتِيبَهُ".
و فيه‏
عَنِ الْبَاقِرِ ع" إِنَّ الْمُرْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ تُعْزَلُ عَنْهُ امْرَأَتُهُ وَ لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ وَ يُسْتَتَابُ ثَلَاثاً فَإِنْ رَجَعَ وَ إِلَّا قُتِلَ".
قال الصدوق رحمه الله: يعني ذلك المُرْتَدَّ الذي ليس بابن مسلمين.
وَ عَنِ الصَّادِقِ ع فِي الْمُرْتَدَّةِ عَنِ الْإِسْلَامِ؟ قَالَ:" لَا تُقْتَلُ وَ تُسْتَخْدَمُ خِدْمَةً شَدِيدَةً وَ تُمْنَعُ مِنَ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ إِلَّا مَا تُمْسِكُ بِهِ نَفْسَهَا وَ تُلْبَسُ أَخْشَنَ الثِّيَابِ وَ تُضْرَبُ عَلَى الصَّلَوَاتِ".
و
فِي حَدِيثٍ آخَرَ" لَمْ تُقْتَلْ وَ لَكِنْ تُحْبَسُ أَبَداً".
و" الرِّدَّةُ" بالكسر و التشديد: اسم من الِارْتِدَادِ. و أصحاب الرِّدَّةِ على ما نقل كانوا صنفين صنف ارتدوا عن الدين و كانوا طائفتين: إحداهما أصحاب مسيلمة، و الأخرى ارتدوا عن الإسلام و عادوا إلى ما كانوا عليه في الجاهلية و اتفقت الصحابة على قتالهم و سبيهم و استولد علي منهم الحنفية، و الصنف الثاني لم يرتدوا عن الإيمان و لكن أنكروا فرض الزكاة و زعموا أن خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ خطاب خاص بزمانه ص‏

49
مجمع البحرين3

رشد ص 50

 (رشد)
قوله تعالى: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ‏
 [4/ 6] الرُّشْدُ هو خلاف العمى و الضلال، و فسر بإصابة الحق.
وَ فِي حَدِيثِ الصَّادِقِ ع وَ قَدْ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ" إِينَاسُ الرُّشْدِ هُوَ حِفْظُ الْمَالِ".
و عن بعض أهل التحقيق يعلم رُشْدُ الصبي باختباره بما يلائمه من التصرفات، و يثبت بشهادة رجلين في الرجال و شهادة الرجال و النساء. قوله: لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ‏
 [2/ 186] أي لعلهم يصيبون الحق و يهتدون إليه. و الرُّشْدُ: الصلاح، و هو إصابة الحق و أمر بَيِّنٌ رُشْدُهُ: أي صوابه.
وَ" اسْتَخِيرُوا اللَّهَ يَعْزِمْ لَكُمْ عَلَى رُشْدِكُمْ".
أي على ما هو الصالح لكم. و قد رَشَدَ يَرْشُدُ- بالضم من باب قتل رُشْداً، و رَشِدَ بالكسر يَرْشَدُ بالفتح رَشَداً بالتحريك فهو رَاشِدٌ، و الاسم الرَّشَادُ. و أَرْشَدَهُ اللهُ: هداه الله. و إِرْشَادُ الضال: هدايته الطريق و تعريفه له. و الطريق الأَرْشَدُ نحو الأقصد. و أَرْشَدُهُمَا: أي أصوبهما و أقربهما إلى الحق. و الأئمة الرَّاشِدُونَ: أي الهادون إلى طريق الحق و الصواب. و" الرَّشِيدُ" من أسمائه تعالى، و هو الذي أَرْشَدَ الخلق إلى مصالحهم، أي هداهم و دلهم عليها، فعيل بمعنى مفعل. و قيل الذي تنساق تدبيراته إلى غايتها على سنن السداد من غير إشارة مشير و لا تسديد مسدد. و" الرَّشِيدُ" هارون بن محمد المهدي أحد خلفاء بني العباس، و كانت خلافته بعد خلافة أخيه موسى الهادي، و كانت مدة خلافته ثلاثا و عشرين سنة و شهرا، و قيل ثلاثة و عشرين فقط. و" رُشَيْدٌ الهَجَرِيُّ" كان يعلم علم المنايا و البلايا قال:
حَدَّثَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ‏
                       

50
مجمع البحرين3

رشد ص 50

ع فَقَالَ: يَا رُشَيْدُ كَيْفَ صَبْرُكَ إِذَا أَرْسَلَ إِلَيْكَ دَعِيُّ بَنِي أُمَيَّةَ فَقَطَعَ يَدَيْكَ وَ رِجْلَيْكَ وَ لِسَانَكَ؟ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ آخِرُ ذَلِكَ الْجَنَّةُ؟ قَالَ عَلِيٌّ ع: يَا رُشَيْدُ أَنْتَ مَعِي فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ. قَالَ: وَ اللَّهِ مَا ذَهَبَتِ الْأَيَّامُ وَ اللَّيَالِي حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيْهِ الدَّعِيُّ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ فَدَعَاهُ إِلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَبَى فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ، وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع قَدْ أَلْقَى إِلَيْهِ عِلْمَ الْبَلَايَا وَ الْمَنَايَا، فَكَانَ فِي حَيَاتِهِ إِذَا لَقِيَ الرَّجُلَ قَالَ لَهُ: يَا فُلَانُ تَمُوتُ بِمِيتَةِ كَذَا وَ كَذَا وَ تُقْتَلُ أَنْتَ يَا فُلَانُ بِقِتْلَةِ كَذَا وَ كَذَا، فَيَكُونُ كَمَا يَقُولُ رُشَيْدٌ. وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ لَهُ: أَنْتَ رُشَيْدُ الْبَلَايَا.
و هو لِرِشْدَةٍ- بكسر الراء و الفتح لغة- أي صحيح النسب، و لغير رِشْدَةٍ بخلافه، و عن الأزهري و الفتح في لِرَشْدَةٍ و لِزَنْيَةٍ أفصح من الكسر.
 (رصد)
قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ
 [89/ 14] قال الشيخ أبو علي: أي على طريق العباد، فلا يفوته شي‏ء من أعمالهم لأنه يسمع و يرى جميع أحوالهم و أفعالهم.
وَ عَنِ الصَّادِقِ ع" هِيَ قَنْطَرَةٌ عَلَى الصِّرَاطِ لَا يَجُوزُهَا عَبْدٌ بِمَظْلِمَةٍ".
ثم قال: و قيل لأعرابي أين ربك: قال: بِالْمِرْصَادِ، و ليس يريد به المكان.
وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ قَدْ سُئِلَ عَنِ الْآيَةِ قَالَ: إِنَّ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ سَبْعَ مَحَابِسَ يَسْأَلُ اللَّهُ الْعَبْدَ عَنْهَا: أَوَّلُهَا عَنْ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا جَاءَ بِهَا تَامَّةً جَازَ إِلَى الثَّانِي، فَيَسْأَلُ عَنِ الصَّلَاةِ فَإِذَا جَاءَ بِهَا تَامَّةً جَازَ إِلَى الثَّالِثِ، فَيَسْأَلُ عَنِ الزَّكَاةِ فَإِذَا جَاءَ بِهَا تَامَّةً جَازَ إِلَى الرَّابِعِ، فَيَسْأَلُ عَنِ الْصَّوْمِ فَإِذَا جَاءَ بِهِ تَامّاً جَازَ إِلَى الْخَامِسِ، فَيَسْأَلُ عَنِ الْحَجِّ فَإِنْ جَاءَ بِهِ تَامّاً جَازَ إِلَى السَّادِسِ فَيَسْأَلُ عَنِ الْعُمْرَةِ فَإِنْ جَاءَ بِهَا تَامَّةً جَازَ إِلَى السَّابِعِ، فَيَسْأَلُ عَنِ الْمَظَالِمِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا وَ إِلَّا يُقَالُ انْظُرُوا فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ أَكْمَلَ بِهِ أَعْمَالَهُ، فَإِذَا فَرَغَ انْطَلِقْ بِهِ إِلَى الْجَنَّةِ.

51
مجمع البحرين3

رصد ص 51

قوله: إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً
 [78/ 21] أي معدة لهم يَرْصُدُ بها خزنتها الكفار، و قيل مِرْصاداً
 محبسا يحبس فيه الناس، و قيل طريقا منصوبا للعاصين فهو مرورهم و منهلهم. قوله: مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً
 [72/ 27] أي حفظة من الملائكة يحفظونه من الشياطين يطردونهم و يعصمونه من وساوسهم. و" الرَّصَدُ" مثل الحرس اسم جمع لِلْمَرَاصِدِ. قال تعالى: يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً
 [72/ 9] يعني نجما أرصد به للرجم، يقال رَصَدْتُهُ رَصْداً من باب قتل: إذا قعدت له على طريقه تترقبه. و الرَّصَدُ: الطريق، و الجمع أَرْصَادٌ مثل سبب و أسباب. قوله: وَ إِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ‏
 [9/ 107] أي ترقبا، يقال أَرْصَدْتُ له الشي‏ء: إذا جعلت له عدة. و الإِرْصَادُ في الشر. و عن ابن الأعرابي رَصَدْتُ و أَرْصَدْتُ في الخير و الشر جميعا. قوله: وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ
 [9/ 5] هو كجعفر موضع الرصد و الترقب، و جمعه مَرَاصِدُ، أي كونوا لهم رَصَداً.
وَ" أَخَذَ عَلَيْنَا بِالرَّصَدِ".
أي الترقب و هو جمع رَاصِد.
وَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ" مَنْ حَارَبَ لِي وَلِيّاً فَقَدْ أَرْصَدَ لِمُحَارَبَتِي".
أي استند لمحاربتي. و
فِيهِ" يَرْصُدُ بِشَاهِدَيْ عَدْلٍ".
و فيه أيضا و قد ضربه على أذنه قال" يَتَرَصَّدُ" أي يترقب. و التَّرَصُّدُ: الترقب. و
فِيهِ:" لَا تَكُنْ ظَالِماً فَإِنَّ الظَّالِمَ رَصِيدٌ حَتَّى أُدِيلَ مِنْهُ الْمَظْلُومَ".
أي مرصود. و الرَّاصِدُ: الحافظ، و منه‏
قَوْلُهُ ع" ثَلَاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ أَرْصَدَهَا لِشِرَاءِ خَادِمٍ".
أي حفظها
. (رعد)
قوله تعالى: فِيهِ ظُلُماتٌ وَ رَعْدٌ وَ بَرْقٌ‏
 [2/ 19] الرَّعْدُ صوت الملك، و البرق سوطه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْبَرْقُ مَخَارِيقُ الْمَلَائِكَةِ مِنْ حَدِيدٍ تَضْرِبُ السَّحَابَ فَتَسُوقُهُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَدَّرَ اللَّهُ فِيهِ الْمَطَرَ".

52
مجمع البحرين3

رعد ص 52

وَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ص" إِنَّ اللَّهَ يُنْشِئُ السَّحَابَ فَيَنْطِقُ أَحْسَنَ النُّطْقِ وَ يَضْحَكُ أَحْسَنَ الضَّحِكِ، فَمَنْطِقُهُ الرَّعْدُ، وَ ضَحِكُهُ الْبَرْقُ".
وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ" الرَّعْدُ مَلَكٌ اسْمُهُ الرَّعْدُ، وَ هُوَ الَّذِي يُسْمَعُ صَوْتُهُ، وَ الْبَرْقُ سَوْطٌ مِنْ نُورٍ يُزْجَرُ بِهِ السَّحَابُ".
و في كلام أهل اللغة الرَّعْدُ: صوت السحاب، و البَرْقُ نور و ضياء يصحبان السحاب. و الرَّعْدُ العاصف: الشديد الصوت. و تَرْعَدُ فَرَائِصُهَا: أي ترجف و تضطرب من الخوف. و رَعَدَتِ السماء رعدا من باب قتل و رُعُوداً: لاح فيها الرعد. و أَرْعَدَ القومُ إِرْعَاداً و أبرقوا: أصابهم رعد و برق. و أَرْعَدَ الرَّجُلُ و أَبْرَقَ: إذا تهدد. و رَعَدَ الرجلُ رَعْداً: اضطرب. و ارْتَعَدَتْ: اضطربت. و أَرْعَدَهُ فَارْتَعَدَ، و الاسم الرِّعْدَةُ بالكسر. و" قام بين يديه فَأُرْعِدَ" بضم همزة و كسر عين: أي أخذته الرعدة
. (رغد)
قوله تعالى: رَغَداً*
 [2/ 35] أي كثيرا واسعا بلا عناء، نصب على المصدر يقال رَغُدَ العيشُ: بالضم رَغَادَةً: اتسع، فهو رَغِدٌ و رَغِيدٌ. و رَغِدَ فلان رَغَداً من باب تعب لغة، فهو رَاغِدٌ. و منه" عيش رَغِيدٌ" أي واسع طيب. و منه" عيشةٌ رَغَدٌ". و هو في رَغَدٍ من العيش: أي رزق واسع. و أَرْغَدَ القومُ: أخصبوا و صاروا في رغد من العيش‏
. (رفد)
قوله تعالى: بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ
 [11/ 99] أي بئس العطاء المعطى، و قيل بئس العون المعان. و" الرِّفْدُ" بالكسر: العطاء و العون، و بالفتح المصدر، يقال رَفَدَهُ رَفْداً من‏

53
مجمع البحرين3

رفد ص 53

باب ضرب: أعانه و أعطاه. و" الرِّفْدُ" اسم منه. و" أَرْفَدَهُ" مثله. و" رجاء رِفْدِكَ" أي رجاء عونك و عطاؤك. و" المانع رِفْدَهُ" أي عطاءه و صلته و عونه. و الإرفاد: الإعطاء و الإعانة. و الِاسْتِرْفَادُ: الاستعانة.
 (رقد)
قوله تعالى: مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا
 [36/ 52] أي من منامنا الذي كنا فيه نياما، لأن إحياءهم كالإنباه من الرقاد. و المَرْقَدُ: المضجع. و" الرُّقَادُ" بالضم: النوم، يقال رَقَدَ يَرْقُدُ رَقْداً و رُقُوداً و رُقَاداً: نام ليلا كان أو نهارا، و بعضهم يخصه بنوم الليل، و يشهد للأول قوله: وَ تَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَ هُمْ رُقُودٌ
 [18/ 18] قال المفسرون: أعينهم مفتحة و هم نيام. و أَرْقَدَهُ: أنامه و الرَّقْدَةُ: النومة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ رَقَدَ عَنْ صَلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ فَلَا رَقَدَتْ عَيْنَاهُ".
أي من نام عنها و لم يصلها فلا أنام الله عينه. و يقال" رَقَدَ عن الأمر" أي قعد و تأخر. و المُرْقِدُ: دواء يُرْقِدُ من شربه. و الرَّاقُودُ: إناء خزف مستطيل مقير
. (ركد)
قوله تعالى: رَواكِدَ عَلى‏ ظَهْرِهِ‏
 [42/ 33] أي سواكن، يقال رَكَدَ الماءُ رُكُوداً من باب قعد: سكن، و كذلك الريح و السفينة و الشمس إذا قام قائم الظهيرة، و كل ثابت في مكان فهو رَاكِدٌ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ".
أي الساكن الذي لا جريان له. و رَكَدَ القومُ: هَدَءُوا.

54
مجمع البحرين3

رمد ص 55

 (رمد)
في الحديث" رَمَاداً رِمْدِداً" داء الرَّمَادِ بالفتح معروف، و الرِّمْدُ: داء بالكسر و المد مثله، و يقال رَمَادٌ رِمْدِدٌ: أي هالك. و" الرِّمْدِدُ" بالكسر: المتناهي في الاحتراق و الرقة، كما يقال ليل أليل و يوم أيوم: إذا أرادوا المبالغة و" رَمَدَتِ الغنمُ" من باب ضرب أي هلكت من برد أو غيره. و" رَمِدَتِ العين" من باب تعب و من باب ضرب لغة، أي هاجت، فهو رَمَدٌ و أَرْمَدُ، و الأنثى رَمْدَاءُ مثل أحمر و حمراء. و" الأَرْمَدُ" الذي على لون الرماد، و هو غبرة فيها كدرة. و منه‏
حَدِيثُ الْمِعْرَاجِ" عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ رَمَدٌ".
. (رند)
" الرِّنْدُ" شجر طيب رائحته من شجر البادية، و ربما يكون العود رَنْداً- قاله الجوهري.
 (رود)
قوله تعالى: وَ راوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها
 [12/ 33] قيل هو كناية عما تريد النساء من الرجال، من قولهم و رَاوَدْتُهُ على الأمر مُرَاوَدَةً و رِوَاداً من باب قاتل: طلبت منه فعله، و كأن في المُرَاوَدَةِ معنى المخادعة لأن الطالب يتلطف في طلبه بلطف المخادع و يحرص حرصه. قوله: أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً
 [86/ 17] رُوَيْداً تصغير رود، و أصل الحرف من رَادَتِ الريح تَرُودُ رَوَدَاناً: تحركت حركة خفيفة، و المعنى لا تعجل في طلب إهلاكهم بل تصبر عليهم قليلا فإن الله يجزيهم لا محالة إما بالقتل أو الذل في الدنيا و العذاب في الآخرة. قال الشيخ أبو علي: و في الشواذ قراءة ابن عباس مَهِّلْهُمْ رُوَيْداً بغير ألف قوله: إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ‏
 [36/ 82]

55
مجمع البحرين3

رود ص 55

هو صريح في أن إِرَادَتَهُ نفس إيجاده للشي‏ء، و يشهد من الأحاديث عنهم ع ما
صَحَّ عَنْ صَفْوَانَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ: أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِرَادَةِ مِنَ اللَّهِ أَوْ مِنَ الْخَلْقِ؟ فَقَالَ: الْإِرَادَةُ مِنَ الْخَلْقِ الضَّمِيرُ وَ مَا يَبْدُو لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْفِعْلِ، وَ أَمَّا مِنَ اللَّهِ فَإِرَادَتُهُ إِحْدَاثُهُ لَا غَيْر، لِأَنَّهُ لَا يُرَوِّي وَ لَا يَهُمُّ وَ لَا يَتَفَكَّرُ، وَ هَذِهِ الصِّفَاتُ مَنْفِيَّةٌ عَنْهُ وَ هِيَ صِفَاتُ الْخَلْقِ، فَإِرَادَةُ اللَّهِ الْفِعْلُ لَا غَيْرُ ذَلِكَ، يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ بِلَا لَفْظٍ وَ لَا نُطْقٍ بِلِسَانٍ وَ لَا هِمَّةٍ وَ لَا تَفَكُّرٍ وَ لَا كَيْفَ لِذَلِكَ، كَمَا أَنَّهُ لَا كَيْفَ لَهُ.
قوله: يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ‏
 [18/ 77] أي هو مُتَهَيِ‏ءٌ للسقوط. و الإِرَادَةُ: المشيئة. قال الجوهري و أصلها الواو [لقولك راوده‏] إلا أن الواو سكنت فنقلت حركتها إلى ما قبلها فانقلبت في الماضي ألفا و في المستقبل ياء و سقطت في المصدر لمجاورتها الألف الساكنة و عوض منها الهاء في آخره- انتهى و" المُرِيدُ" من صفاته تعالى صفات الفعل لا الذات، لما
رُوِيَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع لَمْ يَزَلِ اللَّهُ مُرِيداً؟ قَالَ: إِنَّ الْمُرِيدَ لَا يَكُونُ إِلَّا لِمُرَادٍ مَعَهُ لَمْ يَزَلِ اللَّهُ عَالِماً قَادِراً ثُمَّ أَرَادَ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ أَنْ يَرْتَادَ مَوْضِعاً لِبَوْلِهِ".
أي يطلب الموضع السهل اللين، و ذلك لئلا يرجع عليه رشاش البول.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع فِي الصَّحَابَةِ" أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ رُوَّاداً وَ يَخْرُجُونَ أَدِلَّةَ".
أي يدخلون عليه طالبين للعلم و يخرجون أدلة هداة للناس. و" الرُّوَّادُ" جمع رَائِدٍ، مثل زائر و زوار، و أصل الرَّائِدِ الذي يتقدم القوم يبصر لهم الكلأ و مساقط الغيث، يقال رَادَ يَرُودُ رَوْداً و رِيَاداً. و
مِنْهُ" الْحُمَّى رَائِدُ الْمَوْتِ".

56
مجمع البحرين3

رود ص 55

لشدتها على التشبيه، أي رسوله الذي يتقدم. و" المِرْوَدُ" بالكسر: آلة معروفة يكتحل فيها، و الجمع المَرَاوِدُ و الميم زائدة. و في" رُوَيْدَكَ عَمْراً" قال الجوهري الكاف للخطاب لا موضع لها من الإعراب لأنها ليست باسم، و رُوَيْدَ غير مضاف إليها، و هو متعد إلى عمرو لأنه اسم سمي به الفعل يعمل عمل الأفعال. و تفسير رُوَيْدَ مهلا و تفسير رُوَيْدَكَ أمهل لأن الكاف إنما تدخله إذا كان بمعنى افعل دون غيره، و إنما حركت الدال لالتقاء الساكنين و نصبت نصب المصادر، و هو مصغر مأمور به، لأن تصغير الترخيم من إرواد و هو مصدر أَرْوَدَ يُرْوِدُ، و له أربعة أوجه: اسم للفعل، و صفة، و حال، و مصدر. فالاسم نحو قولك" رُوَيْدَ عمرا" أي ارْوِدْ عمرا بمعنى أمهله، و الصفة نحو قولك" ساروا سيرا رُوَيْداً"، و الحال نحو قولك" سار القوم رُوَيْداً" لما اتصل بالمعرفة صار حالا لها، و المصدر نحو قولك" رُوَيْدَ عمرٍو" كقوله عز و جل فَضَرْبَ الرِّقابِ.
باب ما أوله الزأي‏
 (زبد)
قوله تعالى: فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً
 [13/ 17] أي رفعه. و" الزَّبَدُ" بالتحريك من البحر و غيره كالرغوة. و" الزَّبْدُ" بسكون الباء: الرفد و العطاء، و
مِنْهُ" نَهَى عَنْ زَبْدِ الْمُشْرِكِينَ".
أي عن قبول ما يعطونه. و مثله‏
" إِنَّا لَا نَقْبَلُ زَبْدَ الْمُشْرِكِينَ".
و مثله‏
" أَبَى اللَّهُ لِي زَبْدَ الْمُشْرِكِينَ وَ طَعَامَهُمْ".
و يقال زَبَدَتِ الرجلُ زَبْداً من باب ضرب: أعطيته و منحته. و" الزُّبْدُ" بالضم: ما يستخرج بالمخض من اللبن. قال في المصباح و أما لبن الإبل فلا يسمى ما يستخرج منه‏

57
مجمع البحرين3

زبد ص 57

زُبْداً و" الزَّبَادَةُ" دابة كالسنور يحلب منها الطيب. و الزَّبَادُ: الطيب، و هو وسخ يجتمع تحت ذنبها على المخرج تمسك الدابة و تمنع الاضطراب و يسلت ذلك الوسخ المجتمع هناك بليطة أو بخرقة. و" زُبَيْدَةُ" امرأة الرشيد بنت جعفر بن المنصور.
 (زرد)
الِازْدِرَادُ: الابتلاع. و يَزْرَدُ ريقه- من باب تعب-: يبتلعه. و الزَّرْدُ مثل السرد، و هو تداخل حلق الدرع بعضها في بعض. و" الزَّرَادُ" هو السراد بقلب السين زايا.
 (زند)
" الزَّنْدُ" بالفتح فالسكون: موصل الذراع من الكف و هما زَنْدَانِ الكوع و الكرسوع، و الجمع زُنُودٌ مثل فلس و فلوس. و طويل الزَّنْدَيْنِ: طويل عظام الزندين. و الزَّنْدُ: العمود الذي يقدح به النار و هو الأعلى، و الزَّنْدَةُ السفلى فيها ثقب و هي الأنثى، فإن اجتمعا قيل زَنْدَانِ، و الجمع زِنَادٌ مثل سهم و سهام‏
. (زود)
قوله تعالى: تَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى‏
 [2/ 197] التَّزَوُّدُ: أخذ الزاد، أعني الطعام، يعني تَزَوَّدُوا
 و اتقوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى‏
. و" الزَّادُ" في حديث الحج الطعام يتخذ للسفر و الجمع أَزْوَادٌ، و منه" تَزَوَّدَ لسفره". و زَوَّدْتُهُ: أعطيته زادا و" المِزْوَدُ" بكسر الميم: ما يجعل فيه الزاد، و هو

58
مجمع البحرين3

زود ص 58

وعاء من أدم، و منه قولهم" كان في مِزْوَدَتِي تمر". و في‏
قَوْلِهِ ع" فَإِنَّهُ زَادُ إِخْوَانِكُمْ الْجِنِّ".
دلالة على أنهم يأكلون.
 (زهد)
فِي الْحَدِيثِ" أَفْضَلُ الزُّهْدِ إِخْفَاءُ الزُّهْدِ".
الزُّهْدُ في الشي‏ء خلاف الرغبة فيه، تقول زَهِدَ في الشي‏ء بالكسر زُهْداً و زَهَادَةً بمعنى تركه و أعرض عنه، فهو زَاهِدٌ. و زَهَدَ يَزْهَدُ- بفتحتين- لغة. و منه" الزُّهْدُ في الدنيا"، و الجمع زُهَّادٌ. و في معاني الأخبار: الزَّاهِدُ من يحب ما يحب خالقه و يبغض ما يبغضه خالقه و يتحرج من حلال الدنيا و لا يلتفت إلى حرامها.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَعْلَى دَرَجَاتِ الزُّهْدِ أَدْنَى دَرَجَاتِ الْوَرَعِ، وَ أعلا دَرَجَاتِ الْوَرَعِ أَدْنَى دَرَجَاتِ الْيَقِينِ، وَ أَعْلَى دَرَجَاتِ الْيَقِينِ أَدْنَى دَرَجَاتِ الرِّضَا، أَلَا وَ إِنَّ الزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا فِي آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَ هِيَ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ.
و عن بعض الأعلام: الزُّهْدُ يحصل بترك ثلاثة أشياء: ترك الزينة، و ترك الهوى، و ترك الدنيا. فالزأي علامة الأول، و الهاء علامة الثاني، و الدال علامة الثالث. و فلان يَتَزَهَّدُ: أي يتعبد. و الزَّهِيدُ: القليل، و منه" شي‏ء زَهِيدٌ".
 (زيد)
فِي الْخَبَرِ" مَنْ زَادَ أَوْ أَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى".
قوله زَادَ يعني أعطى الزيادة و أَزَادَ أخذها. الزِّيَادَةُ و الزِّوَادَةُ: النمو، تقول زَادَ الشي‏ءُ يَزِيدُ زِيَادَةً أي ازداد و نما. و المَزِيدُ: الزيادة، و منه قوله تعالى: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ
 [50/ 30]. و اسْتَزَادَهُ: طلب منه الزيادة و المَزَادَةُ: الراوية، سميت بذلك لأنه يزاد فيها جلد آخر من غيرها، و لهذا أنها أكبر من القربة و" زِيَادُ بن أبيه" هو زِيَادُ بن سمية المنتسب إلى أبي سفيان، و أول من دعاه‏

59
مجمع البحرين3

زيد ص 59

بابن أبيه عائشة حين سئلت لمن يدعى.
رُوِيَ أَنَّهُ تَكَلَّمَ يَوْماً بِحَضْرَةِ عُمَرَ فَأَعْجَبَ الْحَاضِرِينَ كَلَامَهُ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِلَّهِ أَبُوهُ لَوْ كَانَ قُرَشِيّاً لَسَاقَ الْعَرَبُ بِعَصَاهُ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَقُرَشِيٌّ، وَ لَوْ عَرَفْتَهُ لَعَرَفْتَ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ أَهْلِكَ. فَقَالَ: وَ مَنْ أَبُوهُ؟ فَقَالَ: أَنَا وَ اللَّهِ وَضَعْتُهُ فِي رَحِمِ أُمِّهِ. فَقَالَ: هَلَّا تَسْتَلْحِقُهُ؟ فَقَالَ: أَخَافُ هَذَا الْجَالِسَ أَنْ يَخْرِقَ عَلَيَّ إِهَابِي- يَعْنِي عُمَرَ-.
و
رُوِيَ أَنَّهُ دَعَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَ جَعَلَهُ أَخَاهُ وَ أَلْحَقَهُ بِأَبِيهِ وَ صَارَ مِنْ أَصْحَابِهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ ع.
و
مِنْ قِصَّتِهِ أَنَّ عَلِيّاً ع كَانَ وَلَّى زِيَاداً فَارِسَ، فَلَمَّا قُتِلَ عَلِيٌّ ع وَ بُويِعَ الْحَسَنُ ع بَعَثَ مُعَاوِيَةُ إِلَى زِيَادٍ يُهَدِّدُهُ، فَخَطَبَ زِيَادٌ: ابْنَ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ يُهَدِّدُنِي وَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ، فَلَمَّا بَايَعَ الْحَسَنُ مُعَاوِيَةَ أَهَمَّهُ أَمْرُ زِيَادٍ لِتَحَصُّنِهِ بِقِلَاعِ فَارِسَ، فَأَرْسَلَ الْمُغِيرَةَ إِلَيْهِ فَتَلَطَّفَ مَعَهُ حَتَّى أَقْدَمَهُ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْخِلَافَةَ ثَانِيَةً فَأَبَى فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ فَنَشَرَتْ شَعْرَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَ قَالَتْ: أَنْتَ أَخِي أَخْبَرَ بِهِ أَبِي فَعَزَمَ عَلَى قَبُولِ الدَّعْوَةِ، فَأَخْرَجَهُ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْجَامِعِ وَ أَحْضَرَ زِيَادٌ أَرْبَعَةَ شُهُودٍ بِزِنَا أَبِي سُفْيَانَ بِأُمِّهِ سُمَّيَةَ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا مُعَاوِيَةُ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، فَشَتَمَهُ مُعَاوِيَةُ وَ أَنْفَذَ الشَّهَادَةَ وَ حَكَمَ بِنَسَبِهِ وَ وَلَّاهُ الْبَصْرَةَ.
و" آل زِيَادٍ" فرقة من الخوارج الذين خرجوا على الحسين بن علي ع فقاتلوه و قتلوه. و" الزِّيْدِيَّةُ" من قال بإمامة زيد بن علي بن الحسين ع، و هؤلاء يقولون بإمامة كل فاطمي عالم صالح ذي رأي يخرج بالسيف.
وَ زَيْدُ بْنِ عَلِيٍّ هَذَا قُتِلَ وَ صُلِبَ بِالْكُنَاسَةِ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الْكُوفَةِ، وَ قَدْ نَهَاهُ الْبَاقِرُ ع عَنِ الْخُرُوجِ وَ الْجِهَادِ فَلَمْ يَنْتَهِ فَصَارَ إِلَى ذَلِكَ.
و اختلفت الروايات في أمره: فبعضها يدل على ذمه بل كفره لدعواه الإمامة بغير حق، و بعضها يدل على علو قدره و جلالة شأنه، فجمع بين الذم و المدح‏

60
مجمع البحرين3

زيد ص 59

بحمل النهي عن الخروج على التقية أو أنه ليس نهي تحريم بل شفقة و خوف عليه، و أما غيره ممن خرج بالسيف من أهل البيت كيحيى بن زيد و محمد و إبراهيم فظاهر حالهم مخالفة الأئمة، و ما صدر منهم ع من الحزن و البكاء ليس فيه دلالة على خيريتهم لاحتمال أن يكون شفقة عليهم لضلالتهم أو لهتك حرمة أهل البيت. و" زَيْدُ بن صوحان" تقدم ذكره في صوح. و" زَيْدُ بن أرقم" من الجماعة السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين ع- قاله الفضل بن شاذان- كذا في الخلاصة للعلامة. و روى زَيْدُ عن النبي ص و أمير المؤمنين و الحسن و الحسين ع- كذا ذكره الشيخ بهائي في حواشي الخلاصة.
وَ" زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ" وَ هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كَلْبٍ سُبِيَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاشْتَرَاهُ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ لِعَمَّتِهِ خَدِيجَةَ، فَلَمَّا تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ ص وَهَبَتْهُ لَهُ. وَ قِيلَ بَلِ اشْتَرَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ص بِسُوقِ عُكَاظٍ وَ أَسْلَمَ، فَقَدِمَ أَبُوهُ حَارِثَةُ مَكَّةَ وَ اسْتَشْفَعَ بِأَبِي طَالِبٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فِي أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ، فَقَالَ هُوَ حُرٌّ فَلْيَذْهَبْ زَيْدٌ حَيْثُ شَاءَ، فَأَبَى زَيْدٌ أَنْ يُفَارِقَ رَسُولَ اللَّهِ ص، فَقَالَ أَبُوهُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اشْهَدُوا أَنَّهُ لَيْسَ بِابْنِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: اشْهَدُوا أَنَّ زَيْداً ابْنِي، فَكَانَ يُدْعَى زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ، فَلَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ ص زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ وَ كَانَتْ تَحْتَ زَيْدٍ قَالَتِ الْيَهُودُ وَ الْمُنَافِقُونَ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ امْرَأَةَ ابْنِهِ وَ هُوَ يَنْهَى النَّاسَ عَنْ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ آيَةً.

61
مجمع البحرين3

باب ما أوله السين ص 62

باب ما أوله السين‏
 (سبد)
فِي حَدِيثِ الْخَوَارِجِ" التَّسْبِيدُ فِيهِمْ فَاشٍ".
و
فِيهِ" وَ عَلَامَتُهُمُ التَّسْبِيدُ".
كأنه يريد به ترك التدهن و غسل الرأس. و منه‏
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ" قَدِمَ مَكَّةَ مُسَبِّداً".
و التَّسْبِيدُ: الحلق و استيصال الشعر. و من أمثال العرب مَا لَهُ سَبَدٌ وَ لَا لَبَدٌ" أي لا قليل و لا كثير. و عن الأصمعي السَّبَدُ من الشعر، و اللَّبَدُ من الصوف.
 (سجد)
قوله تعالى: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ‏
 قيل هي المَسَاجِدُ المعروفة التي يصلى فيها فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً [82/ 18] لا تعبدوا فيها صنما، و قيل معناه الصلوات و السُّجُودُ لله، و قيل المراد بقاع الأرض‏
لِقَوْلِهِ ع" جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِداً".
و قيل هي مواضع السُّجُودِ من الإنسان الجبهة و الأنف و الركبتان و اليدان و الرجلان واحدها مَسْجِدٌ، و هذا هو المشهور و المروي عن أئمة الهدى فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً لا تشركوا مع الله سبحانه غيره. قوله: وَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ‏
 [22/ 25] قيل المَسْجِدُ الحَرَامُ هو المسجد نفسه، و قيل بل مكة كلها لقوله تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى‏ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ‏
 [17/ 1] و كان في مكة، لأنه كان في بيت خديجة، و قيل في الشعب، و قيل في بيت أم هاني. قال بعض الأفاضل: و يتفرع على هذا عدم جواز بيع بيوت مكة و جواز سكنى‏

62
مجمع البحرين3

سجد ص 62

الحاج فيها و إن لم يرض أهلها، فعلى الأول يجوز و على الثاني لا يجوز، لقوله تعالى: سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَ الْبادِ و ضعف الثاني بأنه على تقدير صحة النقل التسمية مجاز و الأصل الحقيقة.
قَوْلُهُ: لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى‏
 [9/ 108] قِيلَ هُوَ مَسْجِدُ قُبَا، وَ قِيلَ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ.
و عن الزجاج كل موضع يتعبد فيه. قوله: وَ أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ
 [7/ 29] يريد القبلة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" هَذِهِ مَسَاجِدُ مُحْدَثَةٌ فَأُمِرُوا أَنْ يُقِيمُوا وُجُوهَهُمْ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ*".
قوله: فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ*
 [15/ 29] قال بعض المفسرين: اتفق الناس كلهم على أن سُجُودَهُمْ لآدم لم يكن سجود عبادة لأنها لغير الله كفر، لكن قال بعضهم: إن آدم كان كالقبلة و السُّجُودُ لله تعالى، و تكون اللام كما في قول الشاعر في حق علي ع:
أ ليس أول من صلى لقبلتكم‏


أي إلى قبلتكم، و قيل كان السُّجُودُ تعظيما لآدم فكان ذلك سنة الأمم السالفة في تعظيم أكابرها. قوله تعالى: وَ لِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ ظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ‏
 [13/ 15] قال الشيخ أبو علي: أي ينقادون لإحداث ما أراده فيهم من أفعاله شاءوا أو أبوا، و ينقاد له ظلالهم أيضا حيث يقصرون عن مشيته في الامتداد و التقلص و الفي‏ء و الزوال. قوله: وَ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً*
 [2/ 58] أي متطأمنين مخبتين و ساجدين لله شاكرين. و قد تكرر في الحديث ذكر" السُّجُودِ"، و هو في اللغة الميل و الخضوع و التطأمن و الإذلال. و كل شي‏ء ذل فقد سَجَدَ، و منه" سَجَدَ البعير" إذا خفض رأسه عند ركوبه. و سَجَدَ الرجل: وضع جبهته على الأرض.

63
مجمع البحرين3

سجد ص 62

و منه‏
الْخَبَرُ" كَانَ كِسْرَى يَسْجُدُ لِلطَّالِعِ".
أي يتطأمن و ينحني، و الطَّالِعُ سهم يتجاوز الهدف من أعلاه، يعني كان يسلم لراميه و يستسلم له. و قال الأزهري: معناه أنه كان يخفض رأسه إذا شخص سهمه و ارتفع عن الرمية ليتقوم السهم فيصيب و في الشرع عبارة عن هيئة مخصوصة و منه سُجُودُ الصلاة، و السَّاجِدُ هو الفاعل للسجود، و قد يعبر به عن الصلاة كما
رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ص فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ. فَقَالَ لَهُ: أَعِنِّي بِكَثْرَةِ السُّجُودِ.
وَ" السَّجَّادُ" لَقَبُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع، سُمِّيَ بِهِ لِكَثْرَةِ سُجُودِهِ، لِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ كَانَ ع يُصَلِّي فِي الْيَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ أَلْفَ رَكْعَةٍ.
و" السَّجَّادَةُ" بالفتح و التشديد: الخمرة التي يسجد عليها.
وَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثٍ الشَّمْسُ" تَسْجُدُ تَحْتَ الْعَرْشِ.
يريد تشبيهها بالساجد عند الغروب و إلا فلا جهة له تسجد إليها. و
فِي حَدِيثٍ آخَرَ" فَإِذَا غَابَتِ انْتَهَتْ إِلَى حَدِّ بُطْنَانِ الْعَرْشِ فَلَمْ تَزَلْ سَاجِدَةً إِلَى الْغَدِ".
قال في النهاية: بُطْنَانُ العرش وسطه. قال بعض الأعلام: كان المراد وصولها إلى دائرة نصف النهار، فإنها حينئذ تحاذي النقطة التي هي وسط العرش، و قد استفيد من كلام الصادق ع أَنَّ السَّجْدَةَ قسمان طبيعية و إرادية، و من قبيل الأول سَجْدَةُ الشمس.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَعْنَى سُجُودِهَا مَا قَالَ سُبْحَانَهُ أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُ‏.
و يقال سَجَدَ سَجْدَةً بالفتح لأنها عدد. و" سِجْدَة طويلة" بالكسر لأنها للنوع. و" سورة السَّجْدَة" تقرأ بالفتح. و سَجْدَةُ التلاوة في القرآن في خمسة عشر موضعا في الأعراف و الرعد و النمل و بني إسرائيل و مريم و الحج في موضعين‏

64
مجمع البحرين3

سجد ص 62

و الفرقان و النحل و ص و انشقت و الم تنزيل و فصلت و النجم و اقرأ، و الأربعة الأخيرة واجبة، و هي التي يقال لها العزائم.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِي خَيْرٌ مِنْ كَذَا إِلَّا الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ خَيْرٌ مِنَ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِي".
أراد به المَسْجِدَ المخصوص به الذي به كان في زمنه ص دون ما زيد فيه بعده. و
قَوْلُهُ:" جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِداً وَ طَهُوراً".
كأنه للرد على من قبلنا لأنه إنما أبيح لهم الصلاة في مواضع مخصوصة كالبيع و الكنائس، و قيل كانوا لا يصلون إلا فيما يتيقنون طهارته من الأرض، و كذا لم يجز لهم التيمم إلا فيما يتيقنون طهارته، و نحن نصلي في جميعها إلا فيما نتيقن نجاسته. و المَسْجِدَانِ: مسجد مكة و المدينة. و" المَسْجِدُ" فتحا و كسرا: بيت الصلاة. قال الفراء: كل ما كان على فَعَلَ يَفْعُلُ مفتوح العين في الماضي مضمومها في المضارع مثل دَخَلَ يَدْخُلُ فالمفعل بالفتح اسما كان أو مصدرا، و لا يقع فيه الفرق إلا أحرفا من الأسماء ألزموها كسر العين و من ذلك المَسْجِدِ و المَطْلِعِ و المَغْرِبِ و المَشْرِقِ و المَجْزِرِ و المَسْكِنِ و المَسْقِطِ و المَفْرِقِ و المَرْفِقِ و المَنْبِتِ و المَنْسِكِ، فجعلوا الكسر علامة للاسم و ربما فتحه بعض العرب في الاسم ... إلى أن قال: و الفتح في كله جائز و إن لم نسمعه، و ما كان من باب فَعَلَ يَفْعِلُ- يعني مفتوحا في الماضي مكسورا في المضارع- مثل جَلَسَ يَجْلِسُ فالموضع بالكسر و المصدر بالفتح للفرق بينهما، تقول نزل مَنْزَلًا، تريد نزل نزولا، و هذا مَنْزِلُهُ فتكسر لأنك تعني الدار.
 (سدد)
قوله تعالى: وَ قُولُوا قَوْلًا سَدِيداً
 [33/ 70] السَّدِيدُ من القول: السليم من خلل الفساد، و أصله من سد الخلل‏

65
مجمع البحرين3

سدد ص 65

و قوله لْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً*
 أي صوابا عدلا موافقا للشرع و الحق، و قيل فليخاطبوا اليتامى بخطاب حسن و قول جميل. و" السَّدَادُ" بالفتح: الصواب من القول و الفعل. و أَسَدَّ الرجلُ: جاء بالسداد. و سَدَّ يَسُدُّ من باب ضرب يضرب سُدُوداً: أصاب في قوله و فعله، فهو سَدِيدٌ قوله: وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا
 [36/ 9] السَّدُّ بالفتح و الضم: الجبل و الردم، و منه" سَدُّ الرَّوْحَاءِ" و" سَدُّ الصَّهْبَاءِ" و هما موضعان بين مكة و المدينة، و" سَدُّ ذي القرنين" قيل أي جعلهم كالحائط بين سدين لا يبصرون ما بين أيديهم و ما خلفهم، يريد لا تأمل لهم و لا استبصار لجعلهم مغلولين مقموحين في أنهم لا يلتفتون إلى الحق و لا يعطون أعناقهم، و عن بعض العارفين كنى بِالسَّدِّ عن الغفلة من الذنوب و قلة الندم عليها و الاستغفار منها و نحوه. قوله: حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ‏
 [18/ 93] أي الجبلين اللذين سد ذو القرنين ما بينهما، قرئ بالضم و الفتح، و قيل ما كان من عمل العباد فهو مفتوح و ما كان من خلق الله فهو مضموم كالجبل لأنه فعل بمعنى مفعول.
وَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع" سَدِّدْ وَ قَارِبْ".
و معناه اقتصد في الأمور كلها، من قولهم سَدَّدَ الرجلُ: إذا لزم الطريقة المستقيمة، و قارب من المُقَارَبَة أيضا، و هي القصد في الأمر الذي لا غلو فيه و لا تقصير، و المراد طلب الإصابة فيما يتوجه إلى الله تعالى و الأخذ بما لا إفراط فيه و لا تفريط. و مثله‏
وَ قَدْ سُئِلَ عَنْ الْإِزَارِ؟ فَقَالَ:" سَدِّدْ وَ قَارِبْ".
و معناه اعمل به شيئا لا يعاب عليك فعله فلا تفرط في إرساله و لا تشمره. و مثله‏
حَدِيثُ" قَارِبُوا وَ سَدِّدُوا".
أي اطلبوا بأعمالكم الاستقامة و السداد. قال في المجمل" السَّدَادُ" بالفتح: الاستقامة، و
مِنْهُ" مَنْ يَعْصِي اللَّهَ يُخْطِئُ السَّدَادَ".
- انتهى. و قيل معناه لا تبلغوا النهاية في‏

66
مجمع البحرين3

سدد ص 65

استيعاب الأوقات كلها بل اغتنموا أوقات نشاطكم أول النهار و آخره بعض الليل، و ارحموا أنفسكم فيما بينهما كيلا ينقطع بكم" تبلغوا المنزل" أي مقصدكم. و
قَوْلُهُ:" حَتَّى يُصِيبُ سِدَاداً مِنْ عَيْشٍ".
أي ما يكفي حاجته.
وَ" سَدَّدَ فِي رِمْيَتِهِ".
أي بالغ في تصويبها و إصابتها. و
قَوْلُهُ:" لَا بَأْسَ بِذَبْحِ الْأَعْمَى إِذَا سَدَّدَ".
أي صوب في ذبحه. و سَدَدْتُ الثلمة و نحوها سَدّاً- من باب قتل-: أصلحتها و أوثقتها.
وَ فِي حَدِيثِ مَنْ تَرَكَ الْجِهَادَ رَغْبَةً عَنْهُ" ضُرِبَ عَلَى قَلْبِهِ بِالْأَسْدَادِ".
و هي جمع سَدّ، يقال ضَرَبَتْ عَلَيْهِ الأَرْضُ بِالْأَسْدَادِ: سُدَّتْ عليه الطريقُ و عَمِيَتْ عليه مذاهبُهُ. و سَدَدْتُ عليه بابَ الكلامِ: إذا منعته منه. و" السِّدَادُ" بالكسر: كلما سَدَدْتَ به خللا، و به سمي سِدَادُ الثغر و نحوه. و" السُّدَّةُ" بالضم و التشديد كالصُّفَّة أو كالسقيفه فوق باب الدار ليقيها من المطر، و قيل هي الباب نفسه، و قيل هي الساحة بين يديه. و منه" سُدَّةُ أَشْجَع" اسم موضع. و أَشْجَعُ بنُ ريث بن غطفان.
وَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِعَائِشَةَ لَمَّا أَرَادَتِ الْخُرُوجَ إِلَى الْبَصْرَةِ" إِنَّكِ سُدَّةٌ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ بَيْنَ أُمَّتِهِ فَمَتَى أُصِيبَ ذَلِكَ الْبَابُ بِشَيْ‏ءٍ فَقَدْ دُخِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فِي حَرِيمِهِ".
- الحديث.
وَ فِي الْخَبَرِ" لَا يُصَلِّي فِي سُدَّةِ الْمَسْجِدِ".
أي الظلال التي حوله. و السُّدَّةُ: داء يأخذ بالأنف يمنع تَنَسُّمَ الريح، و كذلك السُّدَادُ كعطاس. و" السُّدِّيُّ" هو نسبة لإسماعيل السُّدِّيِّ المشهور. قال الجوهري: لأنه كان يبيع المقانع و الخمر في سدة في مسجد

67
مجمع البحرين3

سدد ص 65

الكوفة، و هي ما يبقى من الطاق المسدود. و جمع السُّدَّةِ سُدَد مثل غرفة و غرف. و في ميزان الاعتدال المعتبر عندهم: إسماعيل السُّدِّيُّ شيعي صدوق لا بأس به، و كان يشتم أبا بكر و عمر و هو السُّدِّيُّ الكبير، و الصغير ابن مروان و التَّسْدِيدُ: التوفيق للسَّدَادِ، و هو الصواب من القول و العمل، و منه" اللهم سَدِّدْنَا". و رجل مُسَدِّدٌ بالكسر: إذا كان يعمل بالسداد و القصد. و المُسَدِّدُ أيضا: المقوم، و بالفتح المقوم على صيغة اسم المفعول.
 (سرد)
قوله تعالى: وَ قَدِّرْ فِي السَّرْدِ [34/ 11] السَّرْدُ: نسج حلق الدرع. و منه قيل لصانع الدرع سَرَّادٌ و زَرَّادٌ أيضا على البدلية، و معناه لا تجعل مسمار الدرع رقيقا فيغلق و لا غليظا فيفصم حلق الدرع. و السَّرْدُ أيضا: تتابع بعض حلق الدرع إلى بعض، يقال سَرَدَ فلان الصوم إذا والاه. و
مِنْهُ" إِذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى سَرْدِهِ فَرَّقَهُ".
و قيل سَرْدُ الدرع نسجها و تداخل بعضها في بعض، و يقال السَّرْدُ الثقب. و المَسْرُودَةُ: الدروع المثقوبة. و السَّرْدُ اسم جامع للدرع و سائر الحلق. و السَّرْدُ: جودة سياق الحديث، يقال سَرَدْتُ الحديث من باب قتل أتيت به على الولاء. و
مِنْهُ" فُلَانٌ يَسْرِدُ الْحَدِيثَ سَرْداً".
إذا كان جيد السياق له. و قيل لأعرابي تعرف الأشهر الحرم؟ فقال: نعم ثلاثة سَرْدٌ و واحد فرد، فَالسَّرْدُ ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم، و الفرد رجب‏

68
مجمع البحرين3

سرمد ص 69

 (سرمد)
قوله تعالى: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى‏ يَوْمِ الْقِيامَةِ
 [28/ 72] الآية. السَّرْمَدُ كفرقد الدائم المستمر الذي لا ينقطع. و ليل سَرْمَدٌ: أي طويل‏
. (سعد)
قوله تعالى: وَ أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا
 [11/ 108] الآية بالبناء للمفعول قرئ في السبعة، من سَعَدَهُ اللهُ يَسْعَدُهُ بفتحتين فهو مَسْعُودٌ، و الأكثر أن يتعدى بالهمزة فيقال أَسْعَدَهُ اللهُ. و السَّعَادَةُ: خلاف الشقاوة. و منه" سَعِدَ الرجلُ" بالكسر في دين أو دنيا خلاف شقي، فهو سَعِيدٌ، و الجمع سُعَدَاءُ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصاً".
أي بإخلاص.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَبَّيْكَ وَ سَعْدَيْكَ".
و المعنى سَاعَدْتَ طاعتك مُسَاعَدَةً بعد مُسَاعَدَةٍ و إِسْعَاداً بعد إِسْعَادٍ، و هذا مثنى و هو من المصادر المنصوبة بفعل لا يظهر في الاستعمال، قيل و لم يسمع سَعْدَيْكَ مفردا عن لبيك. و الإِسْعَادُ: الإعانة. و المُسَاعَدَةُ: المعاونة. و" السُّعْدُ" بضم السين: طيب معروف بين الناس. و منه‏
الْحَدِيثُ" اتَّخِذُوا السُّعْدَ لِأَسْنَانِكُمْ فَإِنَّهُ يُطَيِّبُ الْفَمَ".
و
فِيهِ مَنِ" اسْتَنْجَى بِالسُّعْدِ بَعْدَ الْغَائِطِ وَ غَسَلَ بِهِ فَمَهُ بَعْدَ الطَّعَامِ لَمْ تُصِبْهُ عِلَّةٌ فِي فَمِهِ وَ لَمْ يَخَفْ شَيْئاً مِنْ أَرْيَاحِ الْبَوَاسِيرِ".
و" الأَسْعَدُ" اسم مغفر كان لرسول الله ص. و السَّاعِدُ من الإنسان: ذراعه. و منه‏
حَدِيثُ الْوُضُوءِ" فَأَمَرَّ كَفَّهُ عَلَى سَاعِدِهِ".
و سَاعِدَا الرجل: ذراعاه. و سَاعِدَا الطائر: جناحاه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" بُنِيَ مَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ ص بِالسَّعِيدَةِ وَ السَّمِيطِ".
ثم فسرهما فيه. و" سَعْدٌ" اسم رجل.

69
مجمع البحرين3

سعد ص 69

و السَّعْدَانُ: نبت ذو شوك عظيم مثل الحسك من كل الجوانب، و هو من جيد مراعي الإبل تسمن عليه. و منه المثل" مَرْعًى وَ لَا كَالسَّعْدَانِ"
 (سفد)
فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ إِذَا نَزَلَ لِقَبْضِ رُوحِ الْفَاجِرِ أَنْزَلَ مَعَهُ سَفُّوداً مِنْ نَارٍ".
و السَّفُّودُ بالفتح كتنور: الحديدة التي يشوى بها اللحم، و المعروف صيخ و ميخ. و
فِيهِ" تَعَلَّمُوا مِنَ الْغُرَابِ ثَلَاثَ خِصَالٍ" وَ عَدَّ مِنْهَا اسْتِتَارَهُ بِالسِّفَادِ.
هو بالكسر: نزو الذكر على الأنثى، يقال سَفَدَ الذَّكَرُ على الأنثى كضَرَبَ و عَلِمَ سِفَاداً بالكسر: نزا. و العرب تزعم أن الغراب لا يسفد، و من أمثالهم" أَخْفَى مِنْ سِفَادِ الغُرَابِ" و يزعمون أن اللقاح من مطاعمة الذكر و الأنثى و إيصال جزء من الماء الذي في قانصته إليها، بأن يضع كل منقاره في منقار الآخر و يبزقا
. (سمد)
قوله تعالى: وَ أَنْتُمْ سامِدُونَ‏
 [53/ 61] يعني لاهون، و قيل سامِدُونَ‏
 مستكبرون و السَّامِدُ: كل رافع رأسه، يقال سَمَدَ سُمُوداً: رفع رأسه تكبرا. و جاء السَّامِدُ لمعان: اللاهي، و المغني و الهائم، و الساكت، و الحزن الخاشع. و السَّمَادُ كسلام: ما يصلح به الزرع من تراب و سرجين. و تَسْمِيدُ الأرض: هو أن يجعل فيها السماد. و تَسْمِيدُ الرأس: استيصال شعره لغة في التَّسْبِيدِ- قاله الجوهري. و السَّمَنْدُ: الفرس، فارسية- قاله في القاموس‏.

70
مجمع البحرين3

سند ص 71

(سند)

قوله تعالى: كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ
 [63/ 4] هو وصف للمنافقين، شدد للكثرة شبههم تعالى في عدم الانتفاع بحضورهم في المسجد بالخشب المسندة إلى الحائط، و قد تقدم الكلام في خشب.
وَ فِي حَدِيثِ الصَّادِقِ ع" إِذَا حَدَّثْتُمْ بِحَدِيثٍ فَأَسْنِدُوهُ إِلَى الَّذِي حَدَّثَكُمْ، فَإِنْ كَانَ حَقّاً فَلَكُمْ وَ إِنْ كَانَ كَذِباً فَعَلَيْهِ".
و الإِسْنَادُ في الحديث: رفعه إلى قائله. و سَنَدْتُ إلى الشي‏ءِ سُنُوداً من باب قعد، و اسْتَنَدْتُ بمعنى، و سَنِدْتُ من باب تعب لغة. و" السَّنَدُ" بالتحريك: ما ارتفع من الأرض، و قيل ما قابلك من الجبل و علا عن السفح و" السِّنَادُ" بالكسر: الناقة القوية. و في الحديث دَجَاجٌ سِنْدِيٌّ و نَعْلٌ سِنْدِيَّةٌ، كأنهما نسبة إلى السِّنْدِ بلاد أو السِّنْدِ نهر بالهند غير بلاد السند، أو إلى السِّنْدِيَّةِ قرية معروفة من قرى بغداد، تقول سِنْدِيٌّ للواحد و سِنْدٌ للجماعة مثل زنجي و زنج. و" السِّنْدِيُّ بْنُ شَاهِكٍ" بالشين المعجمة و الهاء بعد الألف و الكاف، اسم رجل سَجَّانٍ في زمن العباسية مات الكاظم ع في حبسه.
وَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ" عَلَيْهَا أَرْبَعَةُ أَثْوَابٍ سَنَدٍ".
قيل هو نوع من البرود اليمانية، و فيه لغتان سَنَدٌ و سِنْدٌ، و جمعه أَسْنَادٌ. و" السَّنْدَانُ" بالفتح: زبرة الحداد
. (سيد)
قوله تعالى: سَيِّداً وَ حَصُوراً
 [3/ 39] السَّيِّدُ: الرئيس الكبير في قومه المطاع في عشيرته و إن لم يكن هاشميا و لا علويا. و السَّيِّدُ: الذي يفوق في الخير. و السَّيِّدُ: المالك، و يطلق على الرب و الفاضل و الكريم و الحليم و المتحمل أذى قومه و الزوج و المقدم. قوله: وَ أَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ‏
 [12/ 25] يعني زوجها.
وَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ص" أَنَا سَيِّدُ وُلْدِ آدَمَ وَ لَا فَخْرَ".
قيل قاله‏

71
مجمع البحرين3

سيد ص 71

إخبارا عما أكرمه الله تعالى به من الفضل و السؤدد، و تحدثا بنعمة الله تعالى عنده، و إعلاما لأمته ليكون إيمانهم به على حسبه و موجبه، و لهذا أتبعه بقوله" و لا فخر" أي إن هذه الفضيلة نلتها كرامة من الله و لم أنلها من قبل نفسي و لا بلغتها بقوتي، فليس لي أن أفتخر بها.
وَ فِي حَدِيثِ الْحَسَنَيْنِ" أَنْتُمَا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ".
أي أفضل من مات شابا في سبيل الله من أصحاب الجنة، و لم يرد به سن الشباب لأنهما ع ماتا و قد كهلا، أو أنهما سَيِّدَا شباب أهل الجنة فإن أهلها كلهم شباب. و السَّوَادُ لون معروف يضاد البياض.
وَ فِي الدُّعَاءِ" اللَّهُمَّ لَا تُسَوِّدْ وَجْهِي يَوْمَ تَبْيَضُّ فِيهِ الْوُجُوهُ".
المراد بِسَوَادِ الوجه هنا الحقيقة أو الكناية عن الخجل و الكآبة و الوجل- كما قاله المفسرون في قوله تعالى يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ‏
 و سَوَادُ الكوفة: نخيلها و أشجارها، و مثله" سَوَادُ العراق" سمي بذلك لخضرة أشجاره و زرعه و حَدُّهُ طُولًا من حديثة الموصل إلى عبادان، و عرضاً من العذيب إلى حلوان، و هو الذي فتح على عهد عمر، و هو أطول من العراق بخمسة و ثلاثين فرسخا- كذا نقلا عن المغرب.
وَ فِي الْحَدِيثِ سُئِلَ عَنِ السَّوَادِ مَا مَنْزِلَتُهُ؟ فَقَالَ: هُوَ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ.
و" سَوَادُ خيبر و بياضها" أرضها و نخلها كما جاءت به الرواية عنهم ع. و السَّوَادُ المخترم في‏
قَوْلِ الْقَائِلِ:" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْنِي مِنَ السَّوَادِ الْمُخْتَرَمِ".
عند رؤية الجنازة يحتمل أن يراد به الشخص و أن يراد به عامة الناس. و المُخْتَرَم بالخاء المعجمة و الراء المهملة الهالك، و المعنى الحمد لله الذي لم يجعلني من الهالكين.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع لِأَصْحَابِهِ فِي صِفِّينَ" الْزَمُوا السَّوَادَ الْأَعْظَمَ".

72
مجمع البحرين3

سيد ص 71

أي الفرقة المحقة و العدد الكثير الذين فيهم حجة فإجماعهم حجة،
تَمَامُ الْحَدِيثِ" وَ إِيَّاكُمْ وَ الْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّاذَّ مِنَ النَّاسِ لِلشَّيْطَانِ كَمَا أَنَّ الشَّاذَّ مِنَ الْغَنَمِ لِلذِّئْبِ".
و
فِي نَقْلٍ آخَرَ" عَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ".
أي بقتالهم، يعني بجماعة أهل الشام لأنه كان حول معاوية يومئذ على ما نقل مائة ألف، كانوا تعاهدوا على أن لا ينفرجوا عنه حتى يقتلوا. و
" قَوْمٌ آمَنُوا بِسَوَادٍ عَلَى بَيَاضٍ".
يعني بما في الكتب مسطور. و سَوَادُ الإِنْسَانِ: شخصه، و منه قولهم" لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ". و سَوَادُ القلب: حبته، و كذلك سُوَيْدَاؤُهُ. و منه‏
قَوْلُهُ ع" شَرِبُوا بِالْكَأْسِ الرَّوِيَّةِ مِنْ مَحَبَّتِهِ وَ تَمَكَّنَتْ مِنْ سُوَيْدَاءِ قُلُوبِهِمْ وَشِيجَةُ خِيفَتِهِ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْعُلَمَاءُ سَادَةٌ".
يقال سَادَ يَسُودُ سِيَادَةً، و الاسم السُّؤْدَدُ، و هو المجد و الشرف فهو سَيِّدٌ و الأنثى سَيِّدَةٌ، ثم أطلق على الموالي لشرفهم و إن لم يكن في قومهم شرف، و الجمع سَادَةٌ و سَادَاتٌ.
وَ فِي الْخَبَرِ" تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا".
أي تعلموا العلم ما دمتم صغارا قبل أن تصيروا سادة منظورا إليكم فتبقون جهالا و قيل قبل أن تزوجوا فتصيروا أرباب بيوت فتشغلوا بالزواج عن العلم، من اسْتَادَ الرجلُ: تزوج في سادة.
وَ فِي حَدِيثِ شَاةِ الْهَدْيِ" يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ سَمِينَةً تَنْظُرُ فِي سَوَادٍ وَ تَمْشِي فِي سَوَادٍ وَ تَبْرُكُ فِي مِثْلِهِ".
أي أسود القوائم و المرابض و المحاجر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" اقْتُلُوا الْأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ".
يريد الحية و العقرب، و الجمع الأَسَاوِدُ.
وَ فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ وَ قَدْ بَكَى فِي مَرَضِهِ قَائِلًا" لَا أَبْكِي جَزَعاً مِنَ الْمَوْتِ أَوْ حُزْناً عَلَى الدُّنْيَا وَ لَكِنْ لِحَدِيثٍ" وَ لْيَكُنْ زَادُ أَحَدِكُمْ مِثْلَ زَادِ الرَّاكِبِ" وَ هَذِهِ الْأَسَاوِدُ حَوْلِي" يُرِيدُ شُخُوصاً مِنْ مَتَاعٍ عِنْدَهُ وَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ سِوَى مِطْهَرَةٍ وَ إِجَّانَةٍ وَ جَفْنَةٍ.

73
مجمع البحرين3

سيد ص 71

وَ فِي حَدِيثِ الْحَجَرِ" سَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ".
و فيه تخويف عظيم، لأنه إذا أثرت في الحجر فما ظنك في تأثيرها في القلوب. و يتم الكلام في" حجر".
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَرْسَلَ اللَّهُ مُحَمَّداً إِلَى الْأَبْيَضِ وَ الْأَسْوَدِ".
كأنه يريد إلى العرب و العجم. و الأَسْوَدُ: الحية العظيمة. و
مِنْهُ" الْمُحْرِمُ يَقْتُلُ الْأَسْوَدَ الْغَدِرَ".
و الأَسْوَدَانِ: التمر و الماء
وَ فِي حَدِيثِ مَلَكَيِ الْقَبْرِ" فَأَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ".
يحتمل أن يكون السَّوَادُ على الحقيقة لما في لون السواد من الهول و النكر، و يحتمل الكناية عن قبح المنظر و فضاعة الصورة. و" سُودَةُ بنت زمعة" زوجة النبي ص، و هي صاحبة الشاة التي‏
قَالَ النَّبِيُّ ص فِيهَا" مَا كَانَ عَلَى أَهْلِهَا إِذَا لَمْ يَنْتَفِعُوا بِلَحْمِهَا أَنْ يَنْتَفِعُوا بِإِهَابِهَا".
و" المُسَوِّدَةُ" بكسر الواو أي لابسي السواد، و منه‏
الْحَدِيثُ" فَدَخَلَتْ عَلَيْنَا الْمُسَوِّدَةُ".
يعني أصحاب الدعوة العباسية، لأنهم كانوا يلبسون ثيابا سودا و عيسى بن موسى أول من لبس لباس العباسيين من العلويين، استحوذ عليهم الشياطين و أغمرهم لباس الجاهلية. و من أمثال العرب" مَا كُلُّ سَوْدَاءَ تَمْرَةٌ وَ لَا بَيْضَاءُ شَحْمَةٌ" قيل أول من قال ذلك عامر بن ذهل، و له قصة مذكورة في محلها. و يقال" كَلَّمْتُ فُلَاناً فَمَا رَدَّ عَلَيَّ سَوْدَاءَ وَ لَا بَيْضَاءَ" أي كلمة قبيحة و لا حسنة.
وَ" سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ" بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ رُوَاةِ الْحَدِيثِ شَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ ع فِي صِفِّينَ وَ تَزَوَّجَ جَارِيَةً بِكْراً وَ هُوَ ابْنُ مِائَةِ سَنَةٍ وَ سِتَّةَ عَشَرَ سَنَةً وَ افْتَضَّهَا، وَ كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَيْهَا وَ قَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ سَبْعٌ وَ عِشْرُونَ وَ مِائَةُ سَنَةٍ، سَكَنَ الْكُوفَةَ وَ مَاتَ بِهَا فِي‏

74
مجمع البحرين3

سيد ص 71

زَمَنِ الْحَجَّاجِ.
 (سهد)
" السَّهَادُ" بالفتح: الأرق، يقال سَهِدَ الرجلُ بالكسر يَسْهَدُ سَهَداً. و السُّهْدُ بضم السين: لقليل النوم. و المُسَهَّدُ مثله. و
مِنْهُ" وَ أَمَّا لَيْلِي فَمُسَهَّدٌ".
يعني لا نوم فيه.
باب ما أوله الشين‏
 (شدد)
قوله تعالى: حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ*
 [17/ 34] أي قوته و منتهى شبابه، واحدها شَدٌّ مثل فلس و أفلس. و قيل حَتَّى يَبْلُغَ أُشُدَّهُ و يضم أوله أي قوته،
وَ هُوَ مَا بَيْنَ ثَمَانِيَ عَشَرَ سَنَةً إِلَى ثَلَاثِينَ، وَ هُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الصَّادِقِ ع‏
وَ فِي الْحَدِيثِ" انْقِطَاعُ يُتْمِ الْيَتِيمِ بِالاحْتِلَامِ وَ هُوَ أَشُدَّهُ".
قوله: وَ اشْدُدْ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ‏
 [10/ 88] أي امنعها من التصرف و الفهم عقوبة لهم، من الشَّدِّ، و هو عبارة عن الخذلان و الطبع. قوله: وَ شَدَدْنا مُلْكَهُ‏
 [38/ 20] أي قويناه و عقدناه عقدا لا يقدر أحد على حله، قيل و كان يحرس محرابه في كل ليلة ستة و ثلاثون ألف رجل، و قيل أربعون ألف مستلئم، و قيل ألقى الله هيبته في قلوب الناس. قوله: سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيك‏

75
مجمع البحرين3

شدد ص 75

 [28/ 35] أي سنقويك به و نؤيدك بأن نقرنه إليك في النبوة، لأن العضد قوام اليد. قوله: وَ إِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ
 [100/ 8] أي لأجل حبه المال. قوله: إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ
 [85/ 12] قال الشيخ أبو علي: يعني إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ يا محمد لَشَدِيدٌ يعني أن أخذه بالعذاب إذا أخذ الظلمة و الجبابرة أليم شديد، و إذا وصف البطش- و هو الأخذ عنفا- بالشدة فقد تضاعف مكروهه و تزايد إيلامه. و الشَّدِيدُ في‏
قَوْلِهِ ع" هَوَّنَ عَلَى نَفْسِهِ الشَّدِيدَ".
هو تسهيل شدائد الدنيا على خاطره و استحقاره في جنب ما يتصوره من الفرحة بلقاء الله و وعده و وعيده، أو تسهيله لشدائد الآخرة و تهوينه بالأعمال الصالحة. و شَدَّ الشي‏ءَ يَشُدُّهُ بالضم: أوثقه، و يَشِدُّهُ بالكسر أيضا. و شَدَّ اللَّهُ مُلْكَهُ و شَدَّدَهُ: قواه. و التَّشْدِيدُ، خلاف التخفيف. و اشْتَدَّ الشي‏ءُ: من الشدة. و اشْتَدَّ النهارُ: علا و ارتفع شمسه. و" شَدَدْتُهُ" من باب قتل: أوثقته. و منه‏
الْحَدِيثُ" رَجُلٌ رَاوِيَةٌ لِحَدِيثِكُمْ يَبُثُّ ذَلِكَ فِي النَّاسِ وَ يُشَدِّدُهُ فِي قُلُوبِ شِيعَتِكُمْ".
أي يقويه و يثبته. و في بعض النسخ بالسين المهملة و كأنه أخذا من السداد و هو الصواب، أي يصوبه في قلوبهم و شَدَّ في الحرب يَشِدُّ بالكسر: حمل على العدو. و شي‏ء شَدِيدٌ: بين الشدة.
وَ فِي الْخَبَرِ" لَا تَبِيعُوا الْحَبَّ حَتَّى يَشْتَدَّ".
أراد بالحب الحنطة و الشعير و اشْتِدَادُهُ قوته و صلابته. و
" كَانَ يُشَدِّدُ فِي الْبَوْلِ".
أي في الاحتراز عنه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا لِكَذَا".
هو كناية عن السفر، أي لا يقصد موضع بنية التقرب إلى الله إلا لكذا تعظيما لشأن المقصود، و ما سواه‏

76
مجمع البحرين3

شدد ص 75

فمتساو في الفضل. و
مِنْهُ" لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ".
و المستثنى منه خصوص المسجد فلا يمتنع لزيارة صالح حي أو ميت أو قريب أو طلب علم أو تجارة. و" شَدَّادُ بْنُ عَادٍ" ممن أمهل له في عمره، و كذا ثمود بن عمود و بلعم بن باعورا و اشتد طغيانهم في هذا الإمهال‏
. (شرد)
قوله تعالى: فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ‏
 [8/ 57] أي فرق و بدد جمعهم. و التَّشْرِيدُ: الطرد و التفريق، و يقال سمع بهم من خلفهم.
وَ مِنْ كَلَامِهِ (ص)" لَوْ لَا أَنَّ جَبْرَئِيلَ أَخْبَرَنِي عَنِ اللَّهِ أَنَّكَ سَخِيٌّ لَشَرَدْتُ بِكَ وَ جَعَلْتُكَ حَدِيثاً عَلَى خَلْفِكَ".
و التَّشْرِيدُ: الطرد. و
فِيهِ" طُرِدُوا وَ شُرِّدُوا".
و هو من تأكيد المعنى. و شَرَدَ البعير يَشْرُدُ شُرُوداً و شِرَاداً نفر، فهو شَارِدٌ و شَرُودٌ، و الجمع شَرَدٌ مثل خادم و خدم.
 (شهد)
قوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً*
 [33/ 45] أي على أمتك فيما يفعلونه مقبولا قولك عند الله لهم و عليهم كما يقبل قول الشاهد العدل. قوله شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ
 [85/ 3] قيل الشَّاهِدُ يوم الجمعة، و المَشْهُودُ يوم عرفة لأن الناس يشهدونه، أي يحضرونه و يجتمعون فيه، و قيل الشَّاهِدُ محمد لقوله تعالى: وَ جِئْنا بِكَ عَلى‏ هؤُلاءِ شَهِيداً
 [4/ 41] و المَشْهُودُ يوم القيامة لقوله تعالى: وَ ذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ
 [11/ 103]. قوله: لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ‏
 [2/ 143]
رُوِيَ أَنَّ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَجْحَدُونَ تَبْلِيغَ الْأَنْبِيَاءِ، فَيَطْلُبُ اللَّهُ الْأَنْبِيَاءَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ بَلَغُوا فَيُؤْتَى بِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ فَيَشْهَدُونَ لَهُمْ (ع) وَ هُوَ يُزَكِّيهِمْ.
وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ع أَنَّهُ قَالَ: إِيَّانَا عَنَى، فَرَسُولُ اللَّهِ ص شَاهِدٌ عَلَيْنَا وَ نَحْنُ شُهَدَاءُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَ حُجَّتُهُ فِي أَرْضِهِ.
و قيل لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ‏
 في الدنيا، أي حجة عليهم فتبينوا لهم‏

77
مجمع البحرين3

شهد ص 77

الحق و الدين و يكون الرسول مؤديا للشرع و أحكام الدين إليكم. قوله: وَ يَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ
 [3/ 140] أي يكرم أناسا منكم بالشهادة قوله: تَبْغُونَها عِوَجاً وَ أَنْتُمْ شُهَداءُ
 [3/ 99] أي تشهدون و تعلمون أن نبوة محمد ص حق قوله: وَ يَقُولُ الْأَشْهادُ
 [11/ 18] يعني من الملائكة و النبيين ع، أو جوارحهم و جمع شَاهِد. قوله: فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ*
 [3/ 53] أي مع الأنبياء الذين يشهدون لأممهم، و قيل مع أمة محمد ص لأنهم شهداء على الناس. قوله: قُلْ أَيُّ شَيْ‏ءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً
 [6/ 19] أي قل يا محمد لهؤلاء الكفار أي شي‏ء أعظم شَهَادَةً و أصدق حتى انبيائكم به على أني صادق، أو أي شي‏ء أكبر شهادة حتى يشهد لي بالبلاغ و عليكم بالتكذيب، فإن قالوا الله و إلا ف قُلْ لهم اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ‏
 يشهد لي بالرسالة و النبوة، و قيل يشهد لي بتبليغ الرسالة إليكم و بتكذيبكم إياي. قوله: أَ فَمَنْ كانَ عَلى‏ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ أي برهان من الله و بيان حجة على أن دين الإسلام حق و هو دليل العقل وَ يَتْلُوهُ أي يتبع ذلك البرهان شاهِدٌ
 [11/ 17] يشهد بصحته و هو القرآن، و قيل البينة القرآن و الشَّاهِدُ جبرئيل ع يتلو القرآن، و
قِيلَ أَ فَمَنْ كانَ عَلى‏ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ هُوَ النَّبِيُّ ص وَ الشَّاهِدُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع يَشْهَدُ لَهُ وَ هُوَ مِنْهُ، وَ هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ‏
قَوْلُهُ: وَ شَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى‏ مِثْلِهِ‏
 [46/ 10] هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏

78
مجمع البحرين3

شهد ص 77

الْمَدِينَةَ نَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ فَعَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ وَ تَأَمَّلَهُ فَتَحَقَّقَ أَنَّهُ هُوَ النَّبِيُّ الْمُنْتَظَرُ، وَ قَالَ لَهُ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ: مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَ مَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَ مَا بَالُ الْوَلَدِ يُنْزَعُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ؟ فَقَالَ ع: أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُهُمْ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ، وَ أَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ، وَ أَمَّا الْوَلَدُ فَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ نَزَعَهُ وَ إِنْ سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ نَزَعَتْهُ. فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقّاً. ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهْتٌ وَ إِنْ عَلِمُوا بِإِسْلَامِي قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ عَنِّي بَهَتُونِي عِنْدَكَ، فَجَاءَتْ الْيَهُودُ فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ ص: أَيُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللَّهِ فِيكُمْ؟ فَقَالُوا: خَيْرُنَا وَ ابْنُ خَيْرِنَا وَ سَيِّدُنَا وَ أَعْلَمُنَا وَ ابْنُ أَعْلَمِنَا. قَالَ: أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ؟ قَالُوا: أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ". فَقَالُوا: شَرُّنَا وَ ابْنُ شَرِّنَا وَ انْتَقَصُوهُ. قَالَ: هَذَا مَا كُنْتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ أَحْذَرُ.
قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ لِأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَّا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَ فِيهِ نَزَلَ وَ شَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى‏ مِثْلِهِ‏
 كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْكَشَّافِ‏
قوله: وَ شَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها
 [12/ 26] قيل كان ابن عم لها و كان جالسا مع زوجها عند الباب، و قيل كان ابن خال لها. قوله: وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ‏
 [2/ 282] قال المفسر: السين للطلب، أي اطلبوا شهيدين، و الفرق بين الشَّاهِدِ و الشَّهِيدِ أن الأول بمعنى الحدوث و الثاني بمعنى الثبوت، فإنه إذا تحمل الشهادة فهو شَاهِدٌ باعتبار حدوث تحمله، فإذا ثبت تحمله لها زمانين أو

79
مجمع البحرين3

شهد ص 77

أكثر فهو شَهِيدٌ، ثم يطلق الشَّاهِدُ عليه مجازا بعد تحمله تسمية للشي‏ء بما كان عليه، كما يطلق الشَّهِيدُ قبل تحمله لها مجازا كما في الآية، فإن الطلب إنما يكون قبل حصول المطلوب. قوله: شاهِدِينَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ
 [9/ 17] لأنهم كانوا يقولون في تلبيتهم" لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه و ما ملك". قوله: وَ ما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا
 [12/ 81] أي إلا بما عايناه من إخراج الصواع من رحله، و إنما قالوا ذلك لأنهم شهدوا عند أبيهم إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ فاتهمهم على ذلك. قوله: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ
 [3/ 18] قيل معناه بين و أعلم، كما يقال شَهِدَ فلان عند القاضي أي بين و أعلم لمن الحق و على من هو. قوله: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ‏
 [2/ 185] أي من كان حاضرا في الشهر مقيما غير مسافر فليصم ما حضر و أقام فيه، و انتصاب الشهر على الظرف. و الشَّاهِدُ: الحاضر. قوله أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ
 [50/ 37] أي استمع كتاب الله و هو شاهد القلب ليس بغافل، و سيأتي معنى وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ‏
 في أخذ. قوله: وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ‏
 [65/ 2] قيل هو أمر إرشاد لخوف تسويل النفس و انبعاث الرغبة فيها فتدعوه إلى الخيانة بعد الأمانة، و ربما يموت فيدعيها ورثته. و أَشْهَدْتُهُ و اسْتَشْهَدْتُهُ بمعنى. قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ‏
 [5/ 106] الآية، تقدم شرحه في" وصا". قوله: إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً
 [17/ 78] قيل أي يشهده المسلمون يسمعون القرآن فيكثر الثواب.
وَ عَنِ الصَّادِقِ ع" يَعْنِي صَلَاةَ الْفَجْرِ يَشْهَدُهَا مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ".
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِ عَلِيٍّ ع‏

80
مجمع البحرين3

شهد ص 77

" مَضَيْتَ لِلَّذِي كُنْتَ عَلَيْهِ شَهِيداً وَ مُسْتَشْهَداً وَ مَشْهُوداً".
و المراد من الشَّهِيدِ المعنى المعروف، و من المُسْتَشْهَدِ المطلوب منه الشهادة، كأن الله أمره بها و طلبها منه، و من المَشْهُودِ الذي يشهد قتله الخلائق و الملائكة كما في قوله تعالى: إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً.
وَ فِي حَدِيثِ ذِكْرِ الشَّهِيدِ" وَ هُوَ مَنْ مَاتَ بَيْنَ يَدَيِ نَبِيٍّ أَوْ إِمَامٍ مَعْصُومٍ أَوْ قُتِلَ فِي جِهَادٍ سَائِغٍ".
قيل سمي بذلك لأن ملائكة الرحمة تشهده، فهو شَهِيدٌ بمعنى مشهود. و قيل لأن الله و ملائكته شهود له في الجنة، و قيل لأنه ممن استشهد يوم القيامة مع النبي ص على الأمم الخالية، و قيل لأنه لم يمت كأنه شَاهِدٌ أي حاضر، أو لقيامه بشهادة الحق في الله حتى قتل، أو لأنه يشهد ما أعد الله له من الكرامة و غيره لا يشهدها إلى يوم القيامة، فهو فعيل بمعنى فاعل. و" الشَّهِيدُ" من أسمائه تعالى، و هو الذي لا يغيب عنه شي‏ء. و الشَّاهِدُ: الحاضر، و فعيل من أبنية المبالغة في فاعل، فإذا اعتبر العلم مطلقا فهو العليم، و إذا أضيف إلى الأمور الباطنة فهو الخبير، و إذا أضيف إلى الأمور الظاهرة فهو الشَّهِيدُ و قد يعتبر مع هذا أن يشهد على الخلق. و منه‏
قَوْلُهُ" وَ شَهِيدُكَ يَوْمَ الدِّينِ".
أي شاهدك على أمته يوم القيامة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا تُدْرِكُهُ الشَّوَاهِدُ".
أراد بالشواهد الحواس لكونها تشهد ما تدركه،
" وَ لَا تَحْوِيهِ الْمَشَاهِدُ".
المحاضر و المجالس.
وَ فِي الْخَبَرِ" سَيِّدُ الْأَيَّامِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَ هُوَ شَاهِدٌ".
قيل أي يشهد لمن حضر صلاته.
وَ" الصَّلَاةُ مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ".
أي يشهدها الملائكة و يكتب أجرها للمصلي. و شَهِدْتُ على الشي‏ء: اطلعت عليه و عاينته فأنا شَاهِدٌ، و الجمع أَشْهَادٌ و شُهُودٌ. و شَهِدْتُ العيدَ: أدركته، و شَاهَدْتُهُ مثل عاينته. و شَهِدْتُ المجلسَ: حضرته. و قولهم و" الشَّاهِدُ يرى ما لا يرى الغائب" أي الحاضر يعلم ما لا يعلمه الغائب.

81
مجمع البحرين3

شهد ص 77

قوله" و هو شَاهِدٌ في بلده" أي حاضر. و شَهِدَ بكذا يتعدى بالباء لأنه بمعنى أخبر. و" أَشْهَدُ أن لا إله إلا الله" يتعدى بنفسه لأنه بمعنى أعلم. و قد يستعمل" أَشْهَدُ" في القسم نحو" أَشْهَدُ بالله لقد كان كذا" أي أقسم. و الشَّهَادَةُ خبر قاطع، و المعنى واضح. و" ذو الشَّهَادَتَيْنِ" خزيمة بن ثابت حيث جعل رسول الله ص شهادته بشهادتين و سماه بذلك. و المَشْهَدُ: محضر الناس، و منه المَشْهَدَانِ. و التَشَهُّدُ معروف، و منه‏
قَوْلُهُ ع" كَانَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ".
و الشَّهْدُ: العسل في شمعها، و الجمع شِهَادٌ كسهم و سهام. و" شَهْدَانِجُ" و يقال" شَاهْ‏دَانِجُ" هو حب القنب، قيل ينفع من حمى الربع و البهق و البرص، و يقتل حب القرع أكلا و وضعا على البطن من خارج‏
. (شيد)
قوله تعالى: قَصْرٍ مَشِيدٍ
 [22/ 45] بفتح ميم و خفة ياء و سكونها هو المعمول بِالشِّيدِ بالكسر، و هو كل شي‏ء طليت به الحائط من جص أو غيره، يقال" شِدْتُ البيتَ" من باب باع: إذا بنيته بالشيد. و شَادَهُ يَشِيدُهُ شَيْداً بالفتح: جصصه. و" المُشَيَّدُ" بضم الميم و تشديد الياء و فتحها: المطول، و منه قوله تعالى: فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ
 [4/ 78] أي قصور مطولة مرتفعة مُشَيَّدَة مجصصة و قيل مزينة، و قيل المروج بالبروج قصور في السماء بأعتابها.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ الْإِمَامَةَ خَصَّ اللَّهُ بِهَا إِبْرَاهِيمَ ع وَ أَشَادَ بِهَا ذِكْرَهُ".
يعني رفع بها قدره و محله و منزلته حتى كادت لا تخفى على أحد.

82
مجمع البحرين3

باب ما أوله الصاد ص 83

باب ما أوله الصاد
 (صخد)
الصَّيْخُودُ واحد الصَّيَاخِيد، و هو الصخرة الشديدة الصلبة
. (صدد)
قوله تعالى: وَ صَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ‏
 [37/ 43] أي منعها من الإيمان عبادة الشمس، من قولهم صَدَّهُ صَدّاً و صُدُوداً من باب قتل: صرفه و منعه. قوله: إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ‏
 [43/ 57]
رُوِيَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ص جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ إِذْ قَالَ: إِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْكُمُ السَّاعَةَ شَبِيهُ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ فَخَرَجَ بَعْضُ مَنْ كَانَ جَالِساً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص لِيَكُونَ هُوَ الدَّاخِلُ، فَدَخَلَ عَلِيُّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَقَالَ الرَّجُلُ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ: مَا رَضِيَ رَسُولُ اللَّهِ أَنْ فَضَّلَ عَلَيْنَا عَلِيّاً ع حَتَّى يُشْبِهَهُ بِعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ وَ اللَّهِ لَآلِهَتِنَا الَّتِي كُنَّا نَعْبُدُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَفْضَلُ مِنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَضِجُّونَ فَحَرَّفُوهَا يَصِدُّونَ وَ قالُوا أَ آلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَ جَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ.
و قرئ" يَصِدُّونَ"
 بكسر الصاد و ضمها، فمن كسر أراد يضجون و ترتفع لهم جلبة فرحا و جذلانا و ضحكا، و من قرأ بالضم فهو من الصُّدُودِ و الإعراض عن الحق. قوله: الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ‏
 [47/ 1] نزلت في أصحاب رسول الله ص الذين ارتدوا بعده و غصبوا أهل بيته حقهم و صدوا عن أمير المؤمنين بعد وفاة

83
مجمع البحرين3

صدد ص 83

رسول الله ص أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ أي بطل ما كان منهم مع رسول الله ص من الجهاد و النصرة
وَ رُوِيَ عَنِ الْبَاقِرِ ع قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ فِي الْمَسْجِدِ وَ النَّاسُ مُجْتَمِعُونَ بِصَوْتٍ عَالٍ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ‏
 فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَا أَبَا الْحَسَنِ لِمَ قُلْتَ مَا قُلْتَ؟ قَالَ: قَرَأْتُ شَيْئاً مِنَ الْقُرْآنِ. قَالَ: قَدْ قُلْتَهُ لِأَمْرٍ. قَالَ: نَعَمْ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا فَتَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّهُ اسْتَخْلَفَ أَبَا بَكْرٍ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ أَوْصَى إِلَّا إِلَيْكَ. قَالَ: فَهَلَّا بَايَعْتَنِي؟ قَالَ: أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَكُنْتُ مِنْهُمْ. فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع: كَمَا اجْتَمَعَ أَهْلُ الْعِجْلِ عَلَى الْعِجْلِ، هَاهُنَا فُتِنْتُمْ، وَ مَثَلُكُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ. صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ.
قوله: يُسْقى‏ مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ
 [14/ 16] الصَّدِيدُ: قيح و دم، و قيل هو القيح كأنه الماء في رقته و الدم في شكله، و قيل هو ما يسيل من جلود أهل النار. قوله: فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى‏
 [80/ 6] أي تَتَصَدَّى، من قولهم تَصَدَّيْتُ للأمر: تفرغت له، و أصله تَصَدَّدْتُ فأبدل للتخفيف.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْمَصْدُودُ تَحِلُّ لَهُ النِّسَاءُ، وَ الْمَحْصُورُ لَا تَحِلُّ لَهُ النِّسَاءُ".
و المراد بِالْمَصْدُودِ من صدّه المشركون و منعوه من الحج ليس من مرض كما رواه رسول الله ص. و الصَدُّ: الهجران و الإعراض، يقال‏

84
مجمع البحرين3

صدد ص 83

صَدَدْتُ عنه أي هجرته و أعرضت عنه‏
. (صرد)
فِي الْحَدِيثِ" كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع رَجُلًا صَرِداً لَا تُدْفِئُهُ فِرَاءُ الْحِجَازِ".
الصَّرِدُ بفتح الصاد و كسر الراء المهملة: من يجد البرد سريعا. و منه" رجل مِصْرَادٌ" لمن يشتد عليه البرد و لا يطيقه، و يقال أيضا للقوي على البرد، فهو من الأضداد. و
فِيهِ" نَهَى الْمُحْرِمَ عَنْ قَتْلِ الصُّرَدِ".
و هو كرطب: طائر أبيض البطن أخضر الظهر ضخم المنقار يصطاد العصافير إذا نقر واحدا قده من ساعته و أكله، و يسمى الأخطب و الأخيل لاختلاف لونه، لا يكاد يرى إلا في سعفة أو شجرة، لا يقدر عليه أحد، شرير النفس، غذاؤه من اللحم، له صفير مختلف يصفر لكل طائر يريد صيده بلغته فيدعوه ليتقرب إليه، فإذا اجتمعوا إليه شد على بعضهم فأخذه، تتشاءم به العرب و تتطير بصوته- كذا في حياة الحيوان و غيره و
فِي الْمِصْبَاحِ قِيلَ إِنَّ الصُّرَدَ كَانَ دَلِيلَ آدَمَ مِنْ بِلَادِ سَرَنْدِيبَ إِلَى بِلَادِ جُدَّةَ مَسِيرَ شَهْرٍ.
و
عَنْ كَعْبٍ الْأَحْبَارِ الصُّرَدُ يَقُولُ" سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى مِلْ‏ءَ سَمَائِهِ وَ أَرْضِهِ".
و جمع الصُّرَدِ الصِّرْدَانُ‏
. (صعد)
قوله تعالى: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً*
 [4/ 43] أي ترابا نظيفا. و الصَّعِيدُ: التراب الخالص الذي لا يخالطه سبخ و لا رمل- نقل عن الجمهرة. و الصَّعِيدُ أيضا: وجه الأرض ترابا كان أو غيره، و هو قول الزجاج حتى قال لا أعلم اختلافا بين أهل اللغة في ذلك، فيشمل الحجر و المدر و نحوهما و الصَّعِيدُ أيضا: الطريق لا نبات فيها قال الأزهري: و مذهب أكثر العلماء

85
مجمع البحرين3

صعد ص 85

أن الصَّعِيدَ في قوله: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً*
 أنه التراب الطاهر الذي على وجه الأرض أو خرج من باطنها. قوله: صَعِيداً زَلَقاً
 [18/ 40] أي أرضا بيضاء يزلق عليها لملاستها. قوله: عَذاباً صَعَداً
 [72/ 17] أي شديدا شاقا. و الصَّعَدُ مصدر صَعَدَ، وصف به العذاب لأنه يتصعد المعذب أي يعلوه و يغلبه فلا يطيقه. قوله سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً
 [74/ 17] الصَّعُودُ بفتح الصاد: العقبة الشاقة، و قيل إنها نزلت في الوليد بن المغيرة لأنه يكلف في القيامة أن يصعد جبلا من النار من الصخرة ملساء، فإذا بلغ أعلاها لم يترك أن يتنفس و جذب إلى أسفلها ثم يكلف مثل ذلك قوله: إِذْ تُصْعِدُونَ وَ لا تَلْوُونَ‏
 [3/ 153] الإِصْعَادُ: الابتداء في السفر و الانحدار: الرجوع. و قيل الإِصْعَادُ الذهاب في الأرض و الإبعاد سواء ذلك في صعود أو حدور. قوله: كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ
 [6/ 125] شبهه مبالغة في ضيق صدره بمن يزاول ما لا يقدر عليه، فإن صُعُودَ السماء مثل فيما يبعد عن الاستطاعة و تضيق عنه المقدرة، و نبه به على أن الإيمان ممتنع منه كما يمتنع عليه الصعود إلى السماء. و قرئ" يَصَّاعَدُ" أي يتصاعد. و في تفسير الشيخ علي بن إبراهيم كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ
. قال: يكون مثل شجرة حولها أشجار كثيرة فلا تقدر أن تلقى أغصانها يمنة و يسرة، فتمر في السماء فتسمى حرجة فضرب بها مثل قوله: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ‏
 [35/ 10] أي يقبله، لأن كلما يتقبل الله من الطاعات يوصف بالرفع و الصعود، و لأن الملائكة يكتبون أعمال بني آدم و يرفعونها إلى حيث يشاء الله، لقوله تعالى: إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ‏
وَ فِي الْحَدِيثِ" يَجْمَعُ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ".
قيل هي‏

86
مجمع البحرين3

صعد ص 85

أرض واسعة مستوية. و
فِيهِ" فَتَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ".
هو بضم الصاد و فتح المهملتين و المد: نوع من التنفس يصعده المتلهف الحزين، و انتصابه كما قيل على المفعول المطلق النوعي نحو" جلست القرفصاء". و الصَّعَدُ بفتحتين الصعود ضد الهبوط. و منه‏
الْحَدِيثُ" إِيَّاكُمْ وَ الْجُلُوسَ فِي الصُّعُدَاتِ".
يعني الطرق، أخذا من الصَّعِيدِ الذي هو التراب، فإنه يجمع على" الصُّعُدِ" بضمتين، ثم" الصُّعُدَات" جمع الجمع كما تقول طريق و طرق و طرقات. و قيل المراد من الصُّعُدَاتِ فناء باب الدار و ممر الناس بين يديه.
وَ فِي وَصْفِهِ ع" كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ فِي صُعُدٍ".
أي موضعا عاليا يصعد فيه و ينحط. و المشهور" في صبب" و قد مر قال في الدر هو بضمتين جمع صَعُود و هو خلاف الهبوط، و بفتحتين خلاف الصبب. و الصَّاعِدُ: المرتفع، و منه" شَرِّي إِلَيْكَ صَاعِدٌ". و منه‏
حَدِيثُ الْأَمْوَاتِ" وَ صَاعِدْ إِلَيْكَ أَرْوَاحَهُمْ".
أي ارفعها إليك إلى الجنة. و صَعِدَ في السلم- من باب تعب- صُعُوداً و الصَّعُودُ كرسول: خلاف الهَبُوطِ و الجمع صَعَائِد و صُعُد مثل عَجُوز و عَجَائِز و عُجُز. و" اشْتَرَيْتُهُ بدرهم فَصَاعِداً" هو حال، أي فزاد الثمر صاعدا
. (صفد)
قوله تعالى: مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ*
 [14/ 49] أي القيود و الأغلال التي توثق بها الأرجل، واحدها صَفَد بالتحريك و يقال صَفَدَهُ يَصْفِدُهُ صَفْداً أي شده و أوثقه، و كذلك التَّصْفِيدُ. و الصَّفَدُ: الوثاق. و الصِّفَادُ بالكسر: ما يوثق به الأسير من قِدٍّ و قَيْدٍ و غُلٍّ. و الصَّفَدُ بالتحريك: العطاء. و منه" طِبِّي طِبٌّ لَمْ آخُذْ عَلَيْهِ صَفَداً" يعني لم آخذ عليه أجرة. و أَصْفَدْتُهُ إِصْفَاداً: أي أعطيته مالا

87
مجمع البحرين3

صفد ص 87

أو وهبته عبدا.
وَ فِي حَدِيثِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ" وَ شَهْرُ رَمَضَانَ تُصَفَّدُ فِيهِ الشَّيَاطِينُ".
أي تشد و توثق بالأغلال، هو إما حقيقة ليمتنعوا عن الإغواء و التشويش، أو مجاز عن قلة الإغواء، و المراد أن الشياطين لا يخلصون في شهر رمضان لإفساد الناس كما يخلصون في غيره من الشهور لاشتغالهم بصيام يقمع الشهوات و سائر العبادات.
 (صلد)
قوله تعالى: فَتَرَكَهُ صَلْداً
 [2/ 264] بتسكين اللام، أي صلبا أملس نقيا من التراب، يقال حجر صَلْدٌ: أي صلب أملس. و قوله: لا يَقْدِرُونَ عَلى‏ شَيْ‏ءٍ أي لا ينتفع من ينفق رئاء الناس بما فعل، أو لا يجد ثوابه.
وَ فِي حَدِيثِ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِ" أَصْلَبُ مِنَ الصَّلْدِ".
أي لا يدخل قلبه ريب و لا جزع صبور عند المصائب و الهزاهز واثق بدينه‏
. (صمد)
قوله تعالى: اللَّهُ الصَّمَدُ
 [112/ 2] قيل الصَّمَدُ
 الذي انتهى إليه السؤدد، و قيل هو الدائم الباقي، و قيل هو الذي يُصْمَدُ في الحوائج أي يقصد. قال بعض الأعلام: اختلف أقاويل أهل التفسير في بيان الصَّمَدِ، و أولى تلك بالتقديم ما وافق أصول أهل اللغة و اشتهر بين أهل اللسان أَنَّ الصَّمَدَ السيد المتفوق في السؤدد الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم و أمورهم.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الصَّمَدُ
 الْمَصْمُودُ إِلَيْهِ فِي الْقَلِيلِ وَ الْكَثِيرِ"،.
و عليه قول أبي طالب ع في بعض ما كان يمدح النبي ص:
و بالجمرة القصوى و قد صَمَدُوا لها             يؤمون قذفا رأسها بالجنادل‏

يعني قصدوا نحوها يرمونها بالجنادل يعني الحصا الصغار التي تسمى بالجمار. و قول بعض شعراء الجاهلية:

88
مجمع البحرين3

صمد ص 88

ما كنت أحسب أن بيتا             ظاهر الله في أكناف مكة يَصْمُدُ

و قول الزبرقان في مدح رهيبة اسم رجل:
و لا رهيبة إلا سيد صَمَدٌ


و مثله قول شداد بن معاوية في حذيفة بن بدر:
علوته بحسام ثم قلت له             خذها حذيف فأنت السيد

الصَّمَدُ و مثل هذا كثير، و الله هو السيد الصَّمَدُ الذي جمع الخلق من الجن و الإنس يصمدون في الحوائج و يلجئون إليه في الشدائد، و منه يرجون الرخاء و دوام النعمة و الرفع عن الشدائد. و الصَّمْدُ: القصد، يقال صَمَدَهُ يَصْمُدُهُ صَمْداً: قصده. و منه‏
الدُّعَاءُ" اللَّهُمَّ إِلَيْكَ صَمَدْتُ مِنْ بَلَدِي".
وَ فِي حَدِيثٍ" فَصَمَدَ إِلَى جَدْي".
أي قصده.
وَ مِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ ع فِي تَعْلِيمِ قَوْمِهِ الْحَرْبَ" فَصَمْداً صَمْداً حَتَّى يَتَجَلَّى لَكُمْ عَمُودُ الْحَقِّ".
أي فاقصدوا قصدا بعد قصد. و الصَّمَدُ: المكان المرتفع الغليظ. و
فِيهِ" إِذَا انْتَهَيْتَ إِلَى بِئْرِ مَيْمُونٍ أَوْ بِئْرِ عَبْدِ الصَّمَدِ فَاغْتَسِلْ".
هي بئر قريبة إلى مكة في طريقها.
 (صند)
فِي الدُّعَاءِ" نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ صَنَادِيدِ الْقَدْرِ".
أي دواهيه و نوائبه العظام. و الصَّنَادِيدُ: الدواهي. و صَنَادِيدُ قريش: أشرافهم و عظماؤهم و رؤساؤهم، جمع صِنْدِيد بكسر الصاد، و هو السيد الشجاع‏
. (صيد)
قوله تعالى: لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ‏
 [5/ 95] و قوله: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ‏
 [5/ 96] الصَّيْدُ: هو الحيوان الممتنع و لم يكن له مالك و كان حلالا أكله، فإذا اجتمعت فيه هذه الخصال فهو صَيْدٌ، و قيل سواء محللا

89
مجمع البحرين3

صيد ص 89

أو محرما إلا ما استثني. و قد تكرر الصَّيْدُ في الحديث اسما و فعلا و مصدرا، يقال صَادَ يَصِيدُ صَيْداً فهو صَائِدٌ و مَصِيدٌ.
وَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ص" ادْنُ فَاغْتَسِلْ مِنْ صَادٍ".
قيل هو ماء يسيل من ساق العرش الأيمن.
وَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ ع" أَنْتَ الذَّائِدُ عَنْ حَوْضِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَذُودُ عَنْهُ الرِّجَالَ كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الصَّادُ".
بمعنى الذي به الصَّيَدُ، و هو داء يصيب الإبل في رءوسها و لا تقدر أن تسوي أعناقها. و صَادَ الرجل الطائر: أي اصْطَادَهُ، فالطير مَصِيدٌ و الرجل صَائِدٌ و صَيَّادٌ. و المِصْيَدَةُ بكسر الميم و سكون الصاد، و المِصْيَدُ بحذف الهاء أيضا: آلة الصيد، و الجمع مَصَايِدُ بغير همز. و كلب صَيُودٌ بالفتح، و كلابٌ صُيُدٌ و صِيدٌ. و يسمى ما يصاد صَيْداً إما فعيل بمعنى مفعول، و إما تسميته بالمصدر. و" صَيْدَاءُ" بالمد اسم بلد
. باب ما أوله الضاد
 (ضدد)
قوله تعالى: وَ يَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا
 [19/ 82] الضِّدُّ واحد الأَضْدَاد و الضَّدِيدُ مثله، و قد يكون الضِّدُّ جمعا و منه الآية الشريفة. و ضَادَّهُ مُضَادَّةً: إذا باينه مخالفة، و منه‏

90
مجمع البحرين3

ضدد ص 90

" لا مُضَادَّ له في ملكه". و المُتَضَادَّانِ: اللذان لا يجتمعان كالليل و النهار. و قولهم" لا ضِدَّ له و لا ضَدِيدَ" أي لا نظير له و لا كف‏ء له‏
. (ضمد)
يقال" ضَمَّدَ فلان رأسه" بالتشديد: أي شده بِالضِّمَادِ، و هي خرقة بعصابة أو ثوب ما خلا العمامة. و ضَمَّدْتُهُ فَتَضَمَّدَ. و الضِّمَادُ: خرقة يشد بها الغصن- قاله في الدر
. (ضود)
الضَّادُ حرف مستطيل مخرجه من طرف اللسان إلى ما علا الأضراس، و مخرجه من جانب الأيسر أكثر من الأيمن، و العامة تخرجه من طرف اللسان و بين الثنايا، و هي لغة حكاها الفراء. قال: و من العرب من يبدل الضاد ظاء و منهم من يعكس، و هذا و إن نقل في اللغة و جاز استعماله في الكلام فلا يجوز العمل به في كتاب الله تعالى، لأن القراءة سنة متبعة و هو غير منقول فيها- كذا في المصباح‏
. (ضهد)
فِي الدُّعَاءِ" أَعُوذُ بك أَنْ أُضْطَهَدَ وَ الْأَمْرُ لَكَ".
أي أُقْهَرَ، يقال ضَهَدْتُهُ فهو مَضْهُودٌ و مُضْطَهَدٌ: أي مقهور. و الطاء بدل من تاء الافتعال‏
. باب ما أوله الطاء
 (طرد)
قوله تعالى: وَ لا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِ‏
 [6/ 52] الآية.
قِيلَ مَرَّ مَلَأٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ ضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ أَ رَضِيتَ بِهَؤُلَاءِ مِنْ قَوْمِكَ، أَ فَنَحْنُ نَكُونُ تَبَعاً لَهُمْ، فَلَعَلَّكَ إِنْ طَرَدْتَهُمْ اتَّبَعْنَاكَ، فَأَنْزَلَ اللَّه‏

91
مجمع البحرين3

طرد ص 91

الْآيَةَ.
و
عَنْ سَلْمَانَ وَ حُبَابٍ فِينَا نَزَلَتِ الْآيَةُ.
وَ فِي الْخَبَرِ" التَّهَجُّدُ مَطْرَدَةُ الدَّاءِ عَنِ الْجَسَدِ".
أي إنها حالة من شأنها إبعاد الداء، و هي مفعلة من الطرد، يقال طَرَدَهُ: إذا أخرجه عن بلده. و طَرَدْتُ الرجل طَرْداً: إذا أبعدته، فهو مَطْرُودٌ و طَرِيدٌ. و مُطَارَدَةُ الأقران في الحرب: حمل بعضهم على بعض. و اطَّرَدَ الخافقان و هما المشرق و المغرب، و اطِّرَادُهُمَا بقاؤهما. و الأنهار تَطَّرِدُ بالكسر و التشديد: أي تجري. و نهران يَطَّرِدَانِ: أي يجريان‏
. (طود)
قوله تعالى: فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ‏
 [26/ 63] الطَّوْدُ: الجبل العظيم. و طَوْدٌ منيف: جبل عال‏
. باب ما أوله العين‏
 (عبد)
قوله تعالى: وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً
 [18/ 110] قال الشيخ أبو علي: العِبَادَةُ هي غاية الخضوع و التذلل، و لذلك لا تحسن إلا لله تعالى الذي هو مولى أعظم النعم، فهو حقيق بغاية الشكر. قوله: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ‏
 إلى آخر السورة. قال الشيخ أبو علي: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ الألف و اللام فيها للعهد، لأنه يريد قوما معينين، لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ‏
 أي لا أعبد آلهتكم التي‏

92
مجمع البحرين3

عبد ص 92

تعبدونها اليوم و في هذه الحال وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ
 أي إلهي الذي أعبده اليوم و في هذه الحال وَ لا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ‏
 فيما بعد اليوم وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ
 بعد اليوم من الأوقات المستقبلة. قال الزجاج نفى رسول الله ص بهذه السورة عبادة آلهتهم عن نفسه في الحال و فيما يستقبل‏
وَ فِي الْحَدِيثِ سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ الْأَحْوَلُ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ وَ تَكْرَارِهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ فِي ذَلِكَ شَيْ‏ءٌ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ فَسَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: كَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا وَ تَكْرَارِهَا أَنَّ قُرَيْشاً أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ص وَ قَالُوا: تَعْبُدُ آلِهَتَنَا سَنَةً وَ نَعْبُدُ إِلَهَكَ سَنَةً وَ تَعْبُدُ آلِهَتَنَا سَنَةً وَ نَعْبُدُ إِلَهَكَ سَنَةً، فَأَجَابَهُمُ اللَّهُ بِمِثْلِ مَا قَالُوا فَقَالَ فِيمَا قَالُوا تَعْبُدُ آلِهَتَنَا سَنَةً قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ‏
 وَ فِيمَا قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ سَنَةً وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ
 وَ فِيمَا قَالُوا تَعْبُدُ آلِهَتَنَا وَ لا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ‏
 وَ فِيمَا قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ سَنَةً وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ
 فَرَجَعَ الْأَحْوَلُ إِلَى أَبِي شَاكِرٍ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ. فَقَالَ أَبُو شَاكِرٍ: هَذَا حَمَلَتْهُ الْإِبِلُ مِنَ الْحِجَازِ.
وَ فِي حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا قُلْتَ لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ‏
 فَقُلْ: لَكِنِّي أَعْبُدُ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْهَا قُلْ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ ثَلَاثاً.
قوله تعالى: بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَ‏
 [34/ 41] قال المفسرون: يريدون الشياطين حيث أطاعوهم في عبادة غير الله. قوله: وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ‏
 [51/ 56] أي ما خلقتهم إلا لأجل العبادة و لم أرد من جميعهم إلا إياها، و الغرض في خلقهم تعريضهم للثواب، و ذلك لا يحصل إلا بأداء العبادات.

93
مجمع البحرين3

عبد ص 92

قوله: إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ‏
 [43/ 81] يعني إن كنتم تزعمون للرحمن ولدا فأنا أول الجاحدين لما قلتم و الآنفين، من قولهم" عَبِدَ" إذا جحد و أنف. قوله: وَ نَحْنُ لَهُ عابِدُونَ‏
 [2/ 138] أي خاضعون أذلاء، من قولهم" طريق مُعَبَّدٌ" أي مذلل قد عثر الناس فيه. قوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ
 [1/ 5] أي نخصك بالعبادة، و هي ضرب من الشكر و غاية فيه و كيفية، و هي أقصى غاية الخضوع و التذلل. قوله: أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ‏
 [26/ 22] أي اتخذتهم عبيدا لك، قيل و محل أَنْ عَبَّدْتَ‏
 رفع بأنه عطف بيان لتلك. و نظيره وَ قَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ. الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ و المعنى تعبيدك بني إسرائيل نعمة تمنها علي، و يجوز أن يكون في محل النصب و المعنى إنما صارت نعمة علي لأنك عبدت بني إسرائيل. قوله: فَادْخُلِي فِي عِبادِي‏
 [89/ 29] أي في حربي. و" العِبَادُ" في الحديث و القرآن جمع عَبْدٍ و هو خلاف الحر، و العَبِيدُ مثله، و له جموع كثيرة و الأشهر منها أَعْبُدٌ و عَبِيدٌ و عِبَادٌ. و حكى عن الأخفش عُبُد مثل سقف و سقف. قال الجوهري: و منه قرأ بعضهم وَ" عُبُدَ الطَّاغُوتِ" و أضافه. قال الشيخ أبو علي في قوله: وَ" عَبَدَ الطَّاغُوتَ"
 قال الزجاج: هو نسق على لعنة الله، و التقدير و من لعنه الله و من عبد الطاغوت. و قال الفراء: تأويله وَ جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ من عَبَدَ الطَّاغُوتَ‏
، فعلى هذا يكون المفعول محذوفا، و ذلك لا يجوز عند البصريين، و الصحيح الأول. ثم قال: و لا تعلق في هذه الآية للمجبرة لأنه أكثر ما تضمنته الأخبار بأنه خلق من يعبد الطاغوت على قراءة حمزة و غيره، و لا شبهة في أنه تعالى خلق الكافر و أنه لا خالق للكافر سواه، غير أن ذلك لا يوجب أن يكون خلق الكفر و جعله كافرا، و ليس لهم أن يقولوا إنا نستفيد من قوله جعل منهم من عبد

94
مجمع البحرين3

عبد ص 92

الطاغوت أنه خلق ما به كان عابدا، كما نستفيد من قوله: وَ جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنازِيرَ أنه جعل ما به كانوا كذلك، و ذلك لأن الدليل قد دل على أن ما به يكون القرد قردا و الخنزير خنزيرا لا يكون إلا من فعل الله، و ليس كذلك ما يكون ما به يكون الكافر كافرا، فإنه قد دل الدليل على أنه تعالى متعال عن فعله و خلقه، فافترق الأمران.
وَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ" إِنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ لَا يُصْلِحُهُ إِلَّا الْفَقْرُ".
إلخ. قال بعض الأفاضل: الصناعة النحوية تقتضي أن يكون الموصول اسم إن و الجار و المجرور خبرا، لكن لا يخفى أنه ليس الغرض الإخبار عن الذي لا يصلحه إلا الفقر بعض العباد، إذ لا فائدة فيه بل الغرض بالعكس، فالأولى أن يجعل الظرف اسم إن و الموصول خبر. قال: و هذا و إن كان خلاف ما هو المتعارف من القوم و لكن جوز بعضهم مثله في قوله وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ. و" العِبَادَةُ" بحسب الاصطلاح هي المواظبة على فعل المأمور به، و الفاعل عَابِدٌ، و الجمع عِبَادٌ و عَبَدَةٌ مثل كافر و كفار و كفرة، ثم استعمل العَابِد فيمن اتخذ إلها غير الله، فقيل عَابِدُ الوثن و عَابِدُ الشمس. و" زَيْنُ العَابِدِينَ" هو علي بن الحسين ع. و التَّعَبُّدُ: التنسك، و
مِنْهُ" سَجَدْتُ لَكَ يَا رَبِّ تَعَبُّداً وَ رِقّاً".
و العَبْدُ المُتَعَبِّدُ: الدائم على العبادة أي الخضوع و التذلل لله. قال المحقق الطوسي في الأخلاق الناصرية: قال الحكماء عِبَادَةُ الله ثلاثة أنواع: الأول ما يجب على الأبدان كالصلاة و الصيام و السعي في المواقف الشريفة لمناجاته جل ذكره. الثاني ما يجب على النفوس كالاعتقادات الصحيحة من العلم بتوحيد الله و ما يستحقه من الثناء و التمجيد و الفكر فيما أفاضه الله سبحانه على العالم من وجوده و حكمته ثم الاتساع في هذه‏

95
مجمع البحرين3

عبد ص 92

المعارف. الثالث ما يجب عند مشاركات الناس في المدن و هي في المعاملات و المزارعات و المناكح و تأدية الأمانات و نصح البعض للبعض بضروب المعاونات و جهاد الأعداء و الذب عن الحريم و حماية الحوزة- انتهى. و حقيقة العُبُودِيَّةِ هي كما في حديث عنوان ثلاثة أشياء: أن لا يرى العبد لنفسه فيما خوله الله ملكا لأن العَبِيدَ لا يكون لهم ملك بل يرون المال مال الله يضعونه حيث أمرهم الله، و لا يدبر العَبْدُ لنفسه تدبيرا، و جملة اشتغاله فيما أمره الله تعالى و نهاه عنه، فإذا لم ير العبد فيما خوله الله ملكا هان عليه الإنفاق، و إذا فوض العبد تدبير نفسه إلى مدبرها هانت عليه مصائب الدنيا، و إذا اشتغل العبد فيما أمره الله و نهاه لا يتفرغ منهما إلى المراء أو المباهات مع الناس، فإذا كرم الله العبد بهذه الثلاث هانت عليه الدنيا و المسيس و الخلق، و لا يطلب الدنيا تفاخرا و تكاثرا، و لا يطلب عند الناس عزا و علوا، و لا يدع أيامه باطلة. فهذا أول درجة المتقين. و" العَبَادِيُّ" بفتح العين و الباء الموحدة المخففة منسوب إلى عَبَادٍ اسم قبيلة. و" العَبَادِيدُ" الفرق من الناس الذاهبون في كل وجه، و كذلك العَبَابِيدُ بالباء الموحدة. و" عَبَّادَان" على صيغة التثنية بلد على بحر فارس بقرب البصرة شرقا. و عن الصنعاني عَبَّادَان جزيرة أحاط بها شعبتا دجلة. و" قيس بن عُبَادٍ" على وزن غراب‏

96
مجمع البحرين3

عبد ص 92

من التابعين قتله الحجاج. و" أبو عُبَيْدَةَ" اسمه معمر بن المثنى البصري النحوي العلامة، كان يعرف أنواعا من العلوم، و كان مع معرفته بالشعر يكسر الشعر إذا أنشده و يلحق إذا قرأ القرآن و كان رأى رأي الخوارج، و كان لا يقبل أحد من الحكام شهادته لأنه كان يتهم بالميل إلى الغلمان. قال الأصمعي: دخلت أنا و أبو عبيدة إلى المسجد و إذا على الأسطوانة التي يجلس عليها أبو عبيدة مكتوب:
صلى الإله على لوط و شيعته             أبو عبيدة قل بالله آمينا

و عَبْدُ الله بن عمر قتله الحجاج بمكة، و له قصة مع يزيد لعنه الله تدل على سوء حاله. و عَبْدُ مناف كان له أربع بنين هاشم و المطلب و عَبْدُ شمسٍ و نوفل، فأولاد المطلب مع أولاد هاشم كشي‏ء واحد لم يفارق أحدهما الآخر في جاهلية و لا إسلام، و أولاد عبد شمس و نوفل كانوا مخالفين. و العَبْدُ القِنُّ: الذي ملك هو و أبوه‏

97
مجمع البحرين3

عبد ص 92

و عَبْدُ المَمْلَكَةِ الذي هو دون أبويه، يقال‏ عَبْدٌ قِنٌ‏ و عَبْدَانِ‏ قن و عَبِيدُ قن و قد يجمع على‏ أَقْنَانٍ‏ و أَقِنَّةٌ و" العَبْدِيُ‏" منسوب إلى‏ عَبْدِ قيس. و" العَبْدِيُ‏" أيضا منسوب إلى بطن من بني عدي بن جناب من قضاعة- قاله الجوهري.

(عتد)

قوله تعالى: رَقِيبٌ‏ عَتِيدٌ [50/ 18] العَتِيدُ الحاضر المهيأ، يقال‏ عَتُدَ الشي‏ءُ، بالضم‏ عَتَاداً بالفتح: حضر، فهو عَتَدٌ بفتحتين، و عَتِيدٌ أيضا. قوله تعالى: وَ أَعْتَدَتْ‏ لَهُنَّ مُتَّكَأً [12/ 31] أي أعدت و هيأت لهن متكأ يتكين عليه من نمارق، من قولهم‏ أَعْتَدَهُ‏ إِعْتَاداً: أي أعده ليوم. و العَتَادُ: العدة، يقال أخذ للأمر عدته و عَتَادَهُ‏ أي أهبته و آلته.

وَ فِي الْحَدِيثِ‏" أَخْرَجَ إِلَيَّ أَبِوُ الْحَسَنِ مَخْزَنَةً فِيهَا مِسْكٌ مِنْ‏ عَتِيدَةٍ".

قال في القاموس‏ العَتِيدَةُ: الحقة يكون فيها طيب الرجل و العروس. و" العَتُودُ" هو الصغير من أولاد المعز إذا قوي و رعي و أتى عليه حول، و جمعه‏ أَعْتِدَةٌ

. (عدد)

قوله تعالى: أَحْصى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ عَدَداً [72/ 28] قيل يجوز أن يكون بمعنى‏ مَعْدُوداً، فيكون حالا. قوله: عَدَدَ سِنِينَ‏ [23/ 112] أي سنين معدودة، و هو نعت للسنين، و عن الزجاج‏ العَدَدُ هنا بمعنى المصدر. قوله: جَمَعَ مالًا وَ عَدَّدَهُ‏ [104/ 2] قال الشيخ أبو علي: أحصاه و قيل‏ عَدَّدَهُ‏ للدهر فيكون من العدة، و عن الزجاج‏ أَعْدَدْتُ‏ الشي‏ءَ و عَدَدْتُهُ‏ إذا أمسكته، و قيل جمع مالا من غير حله و منعه من حقه و أعده ذخر النوائب الدهر- انتهى و هذا على معنى التشديد، و بالتخفيف‏

98
مجمع البحرين3

عدد ص 98

جمع مالا و قوما ذوي عَدَدٍ. قوله: فَسْئَلِ الْعادِّينَ‏
 [22/ 113] بتشديد الدال، أي الحساب و المراد بهم الملائكة تعد الأنفاس. و مثله قوله نَعُدُّ لَهُمْ‏
 [19/ 84] يريد به عد الأنفاس كما جاءت به الرواية عن الصادقين ع. قوله: أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ‏
 [30/ 113] يعني الجنة، أي هيئت لهم. قوله: فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ‏
 [2/ 24] قال بعض الأعلام: يجوز أن تكون جملة أعدت صلة ثانية للتي. قوله: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ‏
 [65/ 1] أي لزمان عدتهن، و المراد أن يطلقن في طهر لم يجامعوهن فيه و هو الطلاق لِلْعِدَّةِ لأنها تعتد بذلك من عدتها، و المعنى لطهرهن الذي يحصينه من عدتهن، و هو مذهب أهل البيت ع، و قال النحاة: اللام هنا بمعنى في، أي طلقوهن في عدتهن. قوله: وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ
 [2/ 185] قال بعضهم: معناه أي شهر رمضان لا ينقص أبدا، و قيل معناه و لتكملوا عدة الشهر تاما كان أو ناقصا. قوله: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً
 [9/ 36] أي من غير زيادة و لا نقصان. قوله: لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ‏
 قيل أي موقتات بعدد معلوم على قدر عِبَادَةِ العجل و هي أربعون يوما. و" الأيام المَعْدُودَات" هي أيام التشريق. قوله: أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ‏
 [2/ 184] قال بعض الأفاضل أَيَّاماً منصوب على أنه ظرف لفعل مقدر يدل عليه الصيام، أي صوموا أياما، لا أنه منصوب بالصيام كما قاله الزمخشري، لأن المصدر إعماله مع اللام ضعيف و الإضمار من محاسن الكلام. و مَعْدُوداتٍ‏
 قلائل فإن الشي‏ء إذا كان قليلا يعد و إذا كان كثيرا يهال هيلا. و اختلف فيها
فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ جَمَاعَةٍ هِيَ هَاهُنَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْر

99
مجمع البحرين3

عدد ص 98

وَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ ثُمَّ نُسِخَ بِشَهْرِ رَمَضَانَ، وَ عَنْهُ أَيْضاً أَنَّهَا شَهْرُ رَمَضَانَ.
و به قال الأكثر. قوله: دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ
 [12/ 20] أي قليلة، فإنهم كانوا يزنون ما بلغ الأوقية و يعدون ما دونها، قيل كانت عشرين درهما، و قيل اثنين و عشرين درهما.
وَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْقِيَامَةِ مَتَى تَكُونُ؟ قَالَ: إِذَا تَكَامَلَتِ الْعِدَّتَانِ.
قال القتيبي معناه قاله عدة أهل الجنة و عدة أهل النار إذا تكاملت عند الله تعالى لرجوعهم إليه، فحينئذ قامت القيامة. قال الفارسي: و يحتمل أنه أراد بِالْعِدَّتَيْنِ عدة حياة الأحياء من الحيوانات ثم مدة موتهم التي هي العدة في علم الله تعالى.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا عِبْرَةَ فِي الْعَدَدِ".
يعني في ثبوت الهلال في شهر رمضان، و معناه عَدَدُ شعبان ناقصا أبدا و شهر رمضان تاما أبدا، و قيل هو عد خمسة من هلال الماضي و جعل الخامس أو الحاضر و قيل عد شهر تاما و شهر ناقصا. و
فِيهِ" مَنْ عَدَّ غَداً مِنْ أَجَلِهِ فَقَدْ أَسَاءَ صُحْبَةَ الْمَوْتِ".
أي من جعله من عمره. و العُدَّةُ: ما أعددته لحوادث الدهر من المال و السلاح و نحو ذلك، و الجمع عُدَدٌ مثل غرفة و غرف. و أَعْدَدْتُهُ إِعْدَاداً: أي هيأته و أحضرته و اسْتَعَدَّ له: تهيأ، و منه الِاسْتِعْدَادُ. و اسْتَعِدُّوا للموت: أي أعدوا، من استفعل بمعنى أفعل، كما يقال استجاب بمعنى أجاب، و تكون للطلب أي اطلبوا العدة للموت. و في الحديث ذكر طَلَاق العِدَّةِ و هو أن يطلق ثم يراجع في العدة و يطأ ثم يطلق و هكذا، و طَلَاقُ السُّنَّة و هو أن يطلق ثم يراجع و لا يطأ. و في التهذيب ذكر تفسيرهما في أول باب أحكام الطلاق و عَدَدْتُ الشي‏ء- من باب قتل-: أحصيته، و الاسم العَدَدُ و العَدِيدُ. و العَدَدُ: هو الكمية المتألفة من الواحد فيختص بالمتعدد في ذاته. قال في المصباح: و على هذا فالواحد ليس بعدد لأنه غير متعدد. و قال النحاة الواحد من العدد

100
مجمع البحرين3

عدد ص 98

لأنه الأصل المبني منه، و يبعد أن يكون أصل الشي‏ء ليس منه.
 (تنبيه)
قال بعض الأفاضل العَدَدُ قد يجعل كناية عن القلة و الكثرة، فالأول مثل‏
" وَ نَهَى ص أَنْ تَتَكَلَّمَ الْمَرْأَةُ عِنْدَ غَيْرِ زَوْجِهَا وَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ كَلِمَاتٍ".
فإنه ربما جعل كناية عن القلة كما جعلت السبعون في قوله تعالى إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً كناية عن الكثرة و هو القسم الثاني.
و أنفدت عِدَّةَ كتبي: أي جماعة كتبي و" العِدَّةُ" مصدر عَدَدْتُ الشي‏ءَ عَدّاً و عِدَّةً و العِدَّةُ: جماعة قلت أو كثرت.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع مَعَ مَنْ أَخَّرَهُ عَنِ الْخِلَافَةِ" لَوْ كَانَ لِي عِدَّةُ أَصْحَابِ طَالُوتَ أَوْ عِدَّةُ أَهْلِ بَدْرٍ لَضَرَبْتُكُمْ بِالسَّيْفِ".
و عِدَّةُ أصحاب بدر ثلاثمائة. و عِدَّةُ المرأة بالأقراء و الأشهر.
وَ فِي حَدِيثِ الْمُسْتَرَابَةِ" تَنْتَظِرُ عِدَّةَ مَا كَانَتْ تَحِيضُ".
أي عدد أيام الحيض. و" فلان في عِدَدِ أهل الخير" بالكسر: أي معهم. و فلان يحثو المال و لا يَعُدُّهُ: أي يقسمه من غير عدد. و" مَعَدٌّ" بالفتح و التشديد أبو العرب، و هو مَعَدُّ بْنُ عدنان، و الميم من نفس الكلمة نقلا عن سيبويه. و قولهم في المثل المشهور" أن تسمع بِالْمُعَيْدِي خير من أن تراه" هو تصغير مَعَدِّيٍّ منسوب إلى مَعَدٍّ و لكن خفف- قاله الجوهري‏
. (عرد)
فِي الْحَدِيثِ" الرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ عَلَى غَيْرِ عَرْدٍ وَاحِدٍ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ".
المراد بِالْعَرْدِ المرة الواحدة من المواقعة قال في القاموس عَرَدَ جاريته: جامعها و شي‏ء عَرِدٌ أي صلب. و العَرَادُ بفتح العين نبت عربد، قولهم فلان معربد في سكره مأخوذ من العربدة، و هي حية تنفخ‏

101
مجمع البحرين3

عرد ص 101

و لا تؤذي‏
. (عسجد)
العَسْجَدُ: الذهب و الجوهر كله و الدر و الياقوت.
 (عصد)
العَصِيدَةُ: التي تُعْصَدُ بالمسواط فتمرها به فتنقلب لا يبقى في الإناء منها شي‏ء إلا انقلب، و عن ابن فارس سميت بذلك لأنها تُعْصَدُ أي تقلب و تلوى، يقال عَصَدْتُهَا عَصْداً من باب ضرب إذا لويتها، و أَعْصَدْتُهَا بالألف لغة. و قولهم" فلان لون بكل عَصِيدَةٍ" يريدون كثرة الاختلاط مع كل أحد. و قولهم" وقعوا في عَصُودٍ" أي في أمر عظيم.
 (عضد)
قوله تعالى: وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً
 [18/ 51] أي أعوانا، يقال عَضَدْتُهُ أَعْضُدُهُ: أعنته، و اعْتَضَدْتُ بفلان: استعنت به. و منه" عَضَدَهُ على أمره" أي أعانه عليه. قوله: سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ‏
 [28/ 35] قد تقدم بيانه. و العَضُدُ: الساعد، و هو من المرفق إلى الكتف مؤنث عند أهل تهامة و مذكر عند تميم، و فيه خمس لغات وزن رجل و بضمتين في لغة الحجاز و بها قرأ الحسن و مثال كبد و مثال فلس و مثال قفل، و الجمع أَعْضَادٌ كأقفال، و أَعْضُدٌ كأكلب.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَكَّةُ لَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا".
أي لا يقطع شجرها، من العَضْدِ- بإسكان الضاد- أي القطع. و مثله‏
" لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ".
يقال عَضَدْتُ الشجرةَ عَضْداً- من باب ضرب-: قطعتها. و" العَضَدُ" بالتحريك: المَعْضُودُ. و" المِعْضَدُ" بكسر الميم: الدملج. و عِضَادَتَا الباب: خشبتاه من جانبيه. و الأخبار قد يَعْضُدُهَا كذا: أي يقويها، من عَضَدْتُهُ إذا قويته.
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَنْتَ عَضُدِي".
أي أنا بك أتقوى و أنتصر. و فلان عَضُدِي: أي معتمدي على الاستعانة.

102
مجمع البحرين3

عقد ص 103

 (عقد)
قوله تعالى: وَ احْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي‏
 [20/ 27] قيل هي رثاثة كانت في لسانه، لما روي من حديث الجمرة قوله: أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ‏
 [2/ 237] قيل هو الزوج المالك لحله و عقده، و قيل هو الولي يلي أمر الصبية.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ‏
 هُوَ الْأَبُ وَ الْأَخُ أَوِ الرَّجُلُ يُوصَى إِلَيْهِ وَ الَّذِي يَجُوزُ أَمْرُهُ فِي مَالِ الْمَرْأَةِ يَبْتَاعُ لَهَا وَ يَتَّجِرُ فَإِذَا عَفَا فَقَدْ جَازَ".
و
فِي حَدِيثٍ آخَرَ" يَأْخُذُ بَعْضاً وَ يَدَعُ بَعْضاً وَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَعَهُ كُلَّهُ".
قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ
 [5/ 1] هي جمع عَقْدٍ بمعنى المعقود، و هو أوكد العهود. و الفرق بين العهد و العَقْدِ أن العَقْدَ فيه معنى الاستيثاق و الشد و لا يكون إلا من متعاقدين، و العَهْدَ قد يتفرد به الواحد، فكل عهد عَقْدٌ و لا يكون كل عَقْدٍ عهدا، و أصله عَقْدُ الشي‏ء بغيره و هو وصله به كما يعقد الحبل. قال الشيخ أبو علي: اختلف في هذه العهود على أقوال: أحدها أن المراد بها العهود التي كان أهل الجاهلية عاهد بعضهم بعضا فيها على النصرة و المؤازرة و المظاهرة على من حاول ظلمهم أو بغاهم شرا، و ذلك هو معنى الحلف. و ثانيها أراد بالعهود التي أخذ الله على عباده بالإيمان به و طاعته فيما أحل لهم أو حرم عليهم، و هو قول ابن عباس. و ثالثها أن المراد بها العقود التي يتعاقد الناس بينهم و يعقدها المرء على نفسه كعقد الأيمان و عقد البيع و عقد العهد و عقد الحلف. و رابعها أن ذلك أمر من الله تعالى بالوفاء بما أخذ به ميثاقهم من العمل بما في التوراة و الإنجيل في تصديق نبينا محمد ص و ما جاء به من عند الله. قالوا: و أقوى هذه قول‏a

103
مجمع البحرين3

عقد ص 103

ابن عباس قوله: بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ‏
 [5/ 89] أي بتعقيدكم الأيمان، و هو توثيقها بالقصد و النية، و قرئ عَقَدْتُمْ بالتخفيف و عَاقَدْتُمْ، و المعنى و لكن يؤاخذكم بنكث ما عقدتم. قوله: وَ الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ‏
 [4/ 33] أي الذين عاهدت أيديكم، نسب العهد إلى اليمين لأن الرجل كان يمسح يده معاهده عند المعاهدة، يقال نزلت تأكيدا لعقد الولاء الثابت في الجاهلية، فإنهم كانوا يتحالفون فيها فيكون للحليف السدس، ثم نسخ هذا بآية أولي الأرحام. قال الشيخ أبو علي: قرأ أهل الكوفة عَقَدَتْ‏
 بغير ألف و الباقون عَاقَدَتْ بالألف و المعنى و الذين عاقدت حلفهم أيمانكم فحذف المضاف و أقيم المضاف إليه مقامه، و من قال عَقَّدَتْ أَيْمَانُكمْ كان المعنى عقدت حلفهم أيمانكم، فحذف الحلف و أقام المضاف إليه مقامه، و الذين قالوا عَاقَدَتْ حملوا الكلام على المعنى، إذ كان لكل واحد من الفريقين يمين، و الذين قالوا عَقَدَتْ‏
 حملوا الكلام على لفظ الأيمان، لأن الفعل لم يستند إلى أصحاب الأيمان في اللفظ و إنما استند إلى الأيمان. قوله: وَ مِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ
 [113/ 4] هو بضم عين و فتح قاف جمع عُقْدَة، و هذه العُقْدَةُ حقيقة من باب عقد النفاثات السواحر بأن يأخذن خيطا فيعقدن عليه عقدة و يتكلمن عليه بالسحر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مُشْتَرِي الْعُقْدَةِ مَرْزُوقٌ وَ بَايِعُهَا مَحْرُومٌ".
العُقْدَةُ بالضم الضيعة و العقار الذي اعتقده صاحبه ملكا، و الجمع عُقَدٌ كصرد. و
مِنْهُ" كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لَا يَشْتَرِيَانِ عُقْدَةً".
أي لا يبيعانها حتى يدخلا طعام سنة.
وَ فِي الدُّعَاءِ" لَكَ مِنْ قُلُوبِنَا عَقْدُ النَّدَمِ".
يريد عقد العزم على الندامة،

104
مجمع البحرين3

عقد ص 103

و هو تحقيق التوبة.
وَ فِي حَدِيثِ الْجَارِيَةِ الْمُعْصِرِ" ثُمَّ عَقَدَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى تِسْعِينَ" ثُمَّ قَالَ:" تَسْتَدْخِلُ الْقُطْنَةَ ثُمَّ تَدَعُهَا مَلِيّاً".
التسعون هي من الأعداد، و هي بحساب اليد عبارة عن لف السبابة و وضع الإبهام بحيث لا يبقى بينهما إلا خلل يسير، و كأنه كناية عن حفظ السر حفظا محكما كإحكام القابض على تسعين، لأن ما قبله من الكلام هكذا
" ثُمَّ نَهَدَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا خَلَفُ سِرُّ اللَّهِ سِرُّ اللَّهِ لَا تُذِيعُوهُ".
و ربما كان العَقْدُ على تسعين بيانا لكيفيه إدخال القطنة، و قرينة اليسرى تدل عليه.
وَ فِي حَدِيثِ الصَّادِقِ ع:" أَسْلَمَ أَبُو طَالِبٍ بِحِسَابِ الْجَمَلِ".
ثم عقد بيده ثلاثة و ستين، يريد عنى بذلك إله أحد جواد، و تفسير ذلك على ما ذكر في معاني الأخبار أن الألف واحد و اللام ثلاثون و الهاء خمسة و الألف واحد و الحاء ثمانية و الدال أربعة و الجيم ثلاثة و الواو ستة و الألف واحد و الدال أربعة، فذلك ثلاثة و ستون و العَقْدُ من مواضعات الحساب يستعمل في الأصابع، و منه" و عَقَدَ عشرا" و سيجي‏ء في جمل مزيد كلام في هذا المقام. و" العُقْدَةُ" بالضم: ما تمسكه و توثقه و منه" عُقْدَةُ البيع" و نحوه من باب ضرب. و عَقَدْتُ اليمين و عَقَّدْتُهَا بالتشديد توكيد. و" عُقَدُ عَزِيمَاتِ اليَقِينِ" ما انعقد في النفس من العزم على يقين. و" العِقْدُ" بالكسر: القِلادة. و منه" انقطع عِقْدٌ لي" و الجمع عُقُودٌ كحمل و حمول، و يقال تَعَقَّدَ الخيط و خيوط مُعَقَّدَة للكثرة. و تَحَلَّلَ عُقَدُهُ: سكن غضبه. و ثلاث عُقَدٍ بضم عين و فتح قاف جمع‏

105
مجمع البحرين3

عقد ص 103

عُقْدَة، و هكذا" أهل العُقْدَةِ" يعني أصحاب الولايات على الأمصار. و كلام مُعَقَّدٌ: أي مغمض. و مَعْقِدُ الشي‏ء- مثل مجلس-: موضع عقده. و قولهم" هو مني مَعْقِدَ الإزار" يراد به قرب منزلة. و عَقْدُ النكاح: إحكامه و إبرامه. و عَقَدْتُ النكاحَ و البيعَ و نحوه: أحكمته و أبرمته. و المرأة إذا سبحت عَقَدَتْ على الأنامل، يعني رءوس الأصابع جمع أنملة، يعني سبحت بهن. و اعْتَقَدْتُ كذا: أي عقدت عليه قلبي و ضميري. و له عَقِيدَةٌ حسنة: أي سالمة من الشك. و أهل الحل و العَقْدِ: من يرجع الناس إلى أقوالهم و يعتقدون بهم من الأكابر و العلماء.
قَوْلُهُ:" الْخَيْلُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيهَا الْخَيْرِ".
أي ملازم لها كأنه معقود فيها. و" العُنْقُودُ" بالضم واحد عَنَاقِيد: العنب، و
فِيهِ" إِذَا صَارَ الْحِصْرِمُ عُنْقُوداً حَلَّ بَيْعُهُ".
قيل العُنْقُودُ اسم للحصرم بالنبطية، و في الخبر ما يشهد له‏
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَسْأَلُكَ بِمَعَاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ".
أي بخصال استحق بها العرش العز أو بمواضع انعقادها منه، قيل و حقيقته بعز عرشك.
 (عمد)
قوله تعالى: بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها*
 [13/ 2] أي خلقها مرفوعة بلا عمد، و فيه تنبيه على عظم قدرة الله تعالى، و قيل معناه أ لا ترون تلك العَمَدَ و هي قدرة الله تعالى، و قيل النفي فيه واقع على الموصوف و الصفة، أي لا عمد و لا رؤية كما سبق الكلام في مثله. و عن ابن عرفة العَمَدُ جمع عِمَاد، و ليس في كلام العرب فِعَال على فَعَل إلا هذا و قولهم إِهَاب و أَهَب.

106
مجمع البحرين3

عمد ص 106

قوله: أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ
 [89/ 7] أي البناء الرفيع، نقل أنهم كانوا يسلخون العمد من الجبال فيجعلون طول العمد مثل طول الجبل الذي يسلخون من أسفله إلى أعلاه، ثم ينقلون تلك العمد فينصبونها ثم يبنون القصور فوقها، فسميت ذات العماد. و قيل أهل عَمَدٍ لأنهم كانوا بدويين أهل خيام. قال الشيخ أبو علي: اختلفوا في إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ
 على أقوال:" أحدها"- أنه اسم قبيلة، قال أبو عبيدة هما عادان فالأولى هي إرم و هي التي قال الله تعالى فيهم أَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى‏. و قيل هو جد عاد، و هو عاد ابن عوص ابن إرم بن سام بن نوح [و قيل هو سام بن نوح‏] نسب عاد إليه، و قيل إرم قبيلة من قوم عاد كان فيهم الملك [و كانوا بمهرة و كان عاد أباهم‏]. و" ثانيها"- أن إرم اسم بلد، ثم قيل هو دمشق، و قيل هي مدينة الإسكندرية و
قِيلَ هِيَ مَدِينَةٌ بَنَاهَا عَادُ بْنُ شَدَّادٍ فَلَمَّا أَتَمَّهَا وَ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَهَا أَهْلَكَهُ اللَّهُ بِصَيْحَةٍ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ.
و" ثالثها"- أنه ليس بقبيلة و لا بلد بل هو لقب لعاد، و كان عاد يعرف به.
وَ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَرَأَ" بِعَادِ إِرَمٍ" عَلَى الْإِضَافَةِ، وَ قِيلَ وَ هُوَ اسْمٌ آخَرُ لِعَادٍ وَ كَانَ لَهُ اسْمَانِ.
قوله: فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ
 [104/ 9] قرئ بضمتين، و هي قراءة أهل الكوفة غير حفص، و قرأ الباقون بفتحتين، و كلاهما جمع عَمُودٍ في الكثرة، و أما جمعه في القلة فَأَعْمِدَةٌ، أي تُوصَد عليهم الأبواب و يمدد على الأبواب العَمَد استيثاقا في استيثاق، و فيه تأكيد لليأس من الخروج و إيذان بحبس الأبد، نعوذ بالله من غضبه و أليم عقابه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الصَّلَاةُ عِمَادُ دِينِكُمْ".
أي يتقوم بها دينكم. و" عِمَادُ الشَّيْ‏ءِ" بالكسر: ما يقوم به الشي‏ء و يثبت و لولاه لسقط و زال.

107
مجمع البحرين3

عمد ص 106

و منه‏
" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ السَّمَاءَ لِكُرْسِيِّهِ عِمَاداً".
و مثله‏
" مَثَلُ الصَّلَاةِ مَثَلُ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ".
العَمُودُ بالفتح عمود البيت، و الجمع في القلة على أَعْمِدَة و في الكثرة على عُمُد بضمتين. و المعنى أن الصلاة كالعمود للخيمة، فكما لا تتقوم الخيمة إلا به لا يتقوم الدين إلا بالصلاة.
قَوْلُهُ ع" صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ".
أراد بهما العَمُودَيْنِ اللذين في الكعبة شرفها الله تعالى.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" أَقِيمُوا هَذَيْنِ الْعَمُودَيْنِ، وَ أَوْقِدُوا هَذَيْنِ الْمِصْبَاحَيْنِ".
يعني الشهادتين، فاستعار لفظ العمودين و المصباحين لتوحيد الله تعالى و اتباع سنة رسوله ص لقيام الدين بهما. و العَمُودَانِ: الآباء و إن علوا أو الأولاد و إن سفلوا. و العِمَادُ: الأبنية الرفيعة. و فلان رفيع العِمَادِ: كناية عن الشرف.
وَ فِي وَصْفِهِ تَعَالَى" أَنْتَ عِمَادُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ".
أي لا يقومان و لا يتقومان إلا بك. قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا. و عَمَدْتُ إلى الشي‏ء أَعْمِدُ عَمْداً من باب ضرب: قصدته. و عَمَدْتُ إليه: قصدت إليه. و العَمْدُ: نقيض الخطإ. و قولهم" فلان فعل ذلك عَمْداً" أي قصدا، و منه" قتل العَمْدِ". و عَمِيدُ القوم و عَمُودُهُمْ: سيدهم، و منه‏
قَوْلُهُ ع" مِنْ عَمِيدِ هَذَا الْجَيْشِ".
أي كبيرهم الذي إليه المرجع. و اعْتَمَدْتُ على الشي‏ء: اتكأت عليه‏
وَ فِي حَدِيثِ الْحَائِضِ" تَعَمَّدَ بِرِجْلِهَا الْيُسْرَى عَلَى الْحَائِطِ".
أي تعتمد عليها برجلها، بمعنى ترفعها كما جاءت به الرواية.

108
مجمع البحرين3

عمرد ص 109

 (عمرد)
فِي الْحَدِيثِ" لَعَنَ اللَّهُ الْمُلُوكَ الْأَرْبَعَةَ فُلَاناً وَ فُلَاناً وَ مُسُوخاً وَ أَبْضَعَةَ وَ أُخْتَهُمُ الْعَمَرَّدَةَ".
أي الطويلة، من قولهم فرس عَمَرَّدٌ بتشديد الراء: أي طويل‏
. (عند)
قوله تعالى: وَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ
 [14/ 15] العَنِيدُ هو الجائر عن القصد الباغي الذي يرد الحق مع العلم به، يقال عَنَدَ يَعْنِدُ بالكسر عُنُوداً: أي خالف و رد الحق و هو يعرفه، فهو عَنِيدٌ و عَانِدٌ، و الجمع عُنَّدٌ مثل راكع و ركع، و جمع العَنِيدِ عُنُدٌ مثل رغيف و رغف. و العَنِيدُ و العَنُودُ و المُعَانِدُ واحد، و هو المعارض لك بالخلاف عليك. و منه‏
الْخَبَرُ" سَتَرَوْنَ مِنْ بَعْدِي مُلْكاً عَضُوضاً وَ مَلِكاً عَنُوداً".
أي عَنِيداً. و عَنَدَ عن الطريق يَعْنُدُ- بالضم-: عدل عنه. و العُنُود بالضم: الجور و الميل. و عَنَدَ العرق من باب ترك عُنُوداً: إذا سال و لم ينقطع. و منه" العِرْقُ العَانِدُ" في حديث الاستحاضة، شبهه به لكثرة ما يخرج منه على خلاف عادته فكأنه جار، و قيل العَانِدُ الذي لا يرقأ. و عانَدَهُ مُعَانَدَةً و عِنَاداً من باب قاتل: إذا ركب الخلاف و العصيان. و" عِنْد" ظرف في المكان و الزمان، تقول عند الليل و عند الحائط، إلا أنها ظرف غير متمكن، و قد أدخلوا عليه من حروف الجر مِنْ وحدها كما أدخلوها على لدن، قال الله تعالى رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا*
 و قوله مِنْ لَدُنَّا*. و في العين من عِنْد ثلاث لغات أفصحها الكسر و به تكلم الفصحاء و البلغاء، و الأصل في عِنْد استعماله فيما حضرك من أي قطر كان من أقطارك، و قد استعمل في غيره، فتقول" عِنْدِي مال" لما هو بحضرتك و لما غاب عنك، قال في المصباح: و من هنا استعمل في المعاني فيقول" عِنْدَهُ خَيْرٌ و ما عِنْدَهُ شَرٌّ" لأن المعاني ليس لها جهات. قال و منه قوله تعالى: فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ‏
 [28/ 27]

109
مجمع البحرين3

عند ص 109

أي من فضلك، و تقول" هذا عِنْدِي أفضل من هذا" أي في حكمي‏
. (عود)
قوله تعالى: وَ إِلى‏ عادٍ أَخاهُمْ هُوداً*
 [7/ 65]
قِيلَ إِنَّ عَاداً كَانَتْ بِلَادُهُمْ فِي الْبَادِيَةِ، وَ كَانَ لَهُمْ زَرْعٌ وَ نَخِيلٌ كَثِيرٌ وَ لَهُمْ أَعْمَارٌ طَوِيلَةٌ وَ أَجْسَامٌ طَوِيلَةٌ، فَعَبَدُوا الْأَصْنَامَ وَ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ هُوداً يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَ خَلْعِ الْأَنْدَادِ فَأَبَوْا.
قوله: وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ‏
 [6/ 28] هو من قولهم عَادَ إلى كذا و عَادَ له أيضا يَعُودُ عَوْدَةً و عَوْداً: صار إليه. قوله: يُبْدِئُ وَ يُعِيدُ
 [85/ 13] أي يعيد الخلق بعد الحياة إلى الممات في الدنيا و بعد الممات إلى الحياة في الآخرة قوله: رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً
 [5/ 114] أي يكون نزولها عيدا، قيل و ذلك يوم الأحد فمن ثم اتخذه النصارى عيدا، و قيل العِيدُ السرور العائد، و كذلك تقول يَوْمُ عِيدٍ. قوله: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى‏ مَعادٍ
 [28/ 85] قيل لراجع بك إلى مكة، و هي مَعَادُ الحج لأنهم يعودون إليها. و مَعَادُ الرجل: بلدته لأنه يطوف البلاد ثم يعود إليها، و قيل إلى المَعَادِ الذي هو بعث الأجسام البشرية و تعلق أنفسها بها للنفع أو الانتصاف و الجزاء. و المَعَادُ المدني: أي البدن و الروح التي هي الأصلية التي لا تقبل الزيادة و النقصان، و عند الحكماء المَعَادُ للنفس لا للبدن، و هو باطل بإجماع المسلمين.
قَوْلُهُ:" وَ إِلَيْهِ الْمَعَادُ".
أي المصير و المرجع. و" عَادٌ" اسم رجل من العرب الأولى، و به سميت القبيلة قوم هود النبي (ع). و عاداً الْأُولى‏
 [53/ 40] قوم هود، و عَادٌ الأخرى إرم، و قيل الأولى القدماء لأنهم أول الأمم هلاكا بعد قوم نوح. و قرئ" عَاداً لُّولَى" بإدغام التنوين في اللام و طرح همزة أولى و نقل ضمتها إلى لأم التعريف، و عَادٌ هو ابن‏

110
مجمع البحرين3

عود ص 110

عوص بن سام بن نوح ع. و المُعَاوَدَةُ: الرجوع إلى الأمر الأول. و عَادَ إليه عَوْداً و عَوْدَةً: رجع. و" العَادَةُ" معروفة، و الجمع عَادٌ و عَادَاتٌ. و اعْتَادَهُ و تَعَوَّدَهُ: صار عادة له. و الموضع المُعْتَاد لخروج الفضلة: هو الذي يخرج منه مرة بعد أخرى إلى أن يصير مخرجا عرفا. و اعتبر بعضهم في صيرورته مُعْتَاداً خروج الفضلة مرتين متواليتين فيثبت نقض الطهارة في الثالثة و أَعَادَ الشي‏ءَ: إذا فعله ثانيا، و منه" أَعَادَ الصلاة". و عُدْتُ المريض أَعُودُهُ عِيَادَةً: زرته و منه‏
حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ" فَإِنَّهَا امْرَأَةٌ يَكْثُرُ عُوَّادُهَا".
أي زوارها. و كل من أتاك مرة بعد أخرى فهو عَائِدٌ و إن اشتهر في عيادة المريض حتى صار كأنه مختص به.
وَ فِي الْحَدِيثِ" عُودُوا بِالْفَضْلِ عَلَى مَنْ حَرَمَكُمْ".
أي صلوهم بما زاد عليكم و لا تقطعوهم. و شي‏ء عَادِيٌّ: أي قديم كأنه منسوب إلى عَادٍ و منه شجرة عَادِيَّةٌ و بئر عَادِيَّةٌ. و القليب العَادِيَّة: التي لا يعلم من حفرها. و
فِيهِ" عَادِيُّ الْأَرْضِ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ".
و المراد القديمة التي لا يعرف لها مالك. و
فِيهِ" لَا مَالَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ".
أي أنفع منه، مثل قولهم" هذا الشي‏ء أَعْوَدُ عليك من كذا" أي أنفع منه". و العَوَائِدُ جمع عَائِدَة، و هي التعطف و الإحسان، و منه‏
الدُّعَاءُ" إِلَهِي عَوَائِدُكَ تُؤْنِسُنِي".
و
مِنْهُ" وَ عَوَائِدُ الْمَزِيدِ مُتَوَاتِرَةٌ".
و هي التي تعود مرة بعد أخرى. و عَادَ إليه بِعَائِدَةٍ: أي تكرم عليه بكرامة. و" العُودُ" بالضم: الذي يضرب به، و هو عُودُ اللهو. و العُودُ: الذي يتبخر به. و" العُودُ الهندي" قيل هو القُسط البحري. و قيل العُودُ الذي يتبخر به. و" العُودُ" من الخشب واحد العِيدَان‏

111
مجمع البحرين3

عود ص 110

و الأَعْوَاد. و" العَوْدُ" بالفتح: الجمل المسن، و هو الذي جاوز في السن البازل. و العَوْدُ: التي تعود على زوجها بعطف و منفعة و معروف- و سمعت منه عَوْداً و بدءا أي أولا و آخرا.
وَ فِي حَدِيثِ الْبَاقِرِ ع:" فَرَجَعْتُ عَوْدِي عَلَى بَدْئِي إلى منزلي".
أي أولى مثل أخرى، و محصله كما غدوت خاليا جئت خاليا. و" العِيدُ" واحد الأَعْيَاد: هو كل يوم مجمع، و قيل معناه اليوم الذي يعود فيه الفرح و السرور، و إنما جمع بالياء و أصله الواو للزومها الواحد أو للفرق بينه و بين أَعْوَاد الخشب. و عَيَّدُوا: شهدوا العيد.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّمَا جُعِلَ يَوْمُ الْفِطْرِ الْعِيدَ لِيَكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ مُجْتَمَعاً يَجْتَمِعُونَ فِيهِ فَيَحْمَدُونَ اللَّهَ عَلَى مَا مَنَّ عَلَيْهِمْ وَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنَ السَّنَةِ يَحِلُّ فِيهِ الْأَكْلُ وَ الشُّرْبُ لِأَنَّ أَوَّلَ السَّنَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ شَهْرُ رَمَضَانَ.
وَ فِي الْخَبَرِ" الْزَمُوا التَّقْوَى وَ اسْتَعِيدُوهَا".
أي اعتادوها.
 (عهد)
قوله تعالى: فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ‏
 [9/ 4] أي أمانهم. و العَهْدُ: الأمان. و العَهْدُ: الوصية و الأمر، يقال عَهِدَ إليه يَعْهَدُ من باب تعب: إذا وصاه. و منه قوله تعالى: عَهِدْنا إِلى‏ إِبْراهِيمَ‏
 [2/ 125] أي وصيناه و أمرناه. و مثله قوله تعالى: عَهِدَ إِلَيْنا
 [3/ 183] أي أمرنا في التوراة و أوصانا. و مثله قوله: وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى‏ آدَمَ‏
 [20/ 115] أي وصيناه بأن لا يقرب الشجرة، فنسي العهد و لم يتذكر الوصية.
وَ فِي الْحَدِيثِ" عَهِدْنَا إِلَيْهِ فِي مُحَمَّدٍ وَ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ بَعْدِهِ فَتَرَكَ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْمٌ إِنَّهُمْ هَكَذَا".
و عَهِدَ المَلِكُ إلى فلان بكذا: أي‏

112
مجمع البحرين3

عهد ص 112

تقدم إليه به. و منه قوله تعالى: أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ‏
 [36/ 60] أي أ لم أقدم ذلك إليكم. قوله: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ*
 [2/ 27] أي العهد المأخوذ بالعقل و الحجة القائمة على عباده و المأخوذ بالرسل على الأمم بأنهم إذا بعث إليهم رسول مصدق بالمعجزات صدقوه و اتبعوه. قوله: وَ ما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ
 [7/ 102] أي من وفاء عهد. قوله: أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً
 [2/ 80] أي خبرا و وعدا بما تزعمون. قوله: الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ‏
 [3/ 77] أي بما عاهدوا عليه من الإيمان بالرسول و الوفاء بالأمانات. قوله: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ‏
 [2/ 124] قال الزمخشري: و قرئ" الظَّالِمُونَ" أي من كان ظالما من ذريتك لا يناله استخلافي و عهدي إليه بالإمامة، و إنما ينال من كان عادلا بريئا من الظلم. و قالوا: في هذا دليل على أن الفاسق لا يصلح للإمامة، و كيف يصلح لها من لا يجوز حكمه و شهادته و لا تجب طاعته و لا يقبل خبره و لا يقدم للصلاة.
وَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يُفْتِي سِرّاً بِوُجُوبِ نُصْرَةِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَ حَمْلِ الْمَالِ إِلَيْهِ وَ الْخُرُوجِ مَعَهُ عَلَى اللِّصِّ الْمُتَغَلِّبِ الْمُتَسَمَّى بِالْإِمَامِ وَ الْخَلِيفَةِ كَالدَّوَانِيقِيِّ وَ أَشْبَاهِهِ، [وَ قَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ: أَشَرْتَ عَلَى ابْنِي بِالْخُرُوجِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَ مُحَمَّدٍ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ حَتَّى قُتِلَ. فَقَالَ: لَيْتَنِي مَكَانَ ابْنِكِ‏] وَ كَانَ يَقُولُ فِي الْمَنْصُورِ وَ أَشْيَاعِهِ لَوْ أَرَادُوا بِنَاءَ مَسْجِدٍ وَ أَرَادُونِي عَلَى عَدِّ آجُرِّهِ لَمَا فَعَلْتُ.
و
عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ لَا يَكُونُ الظَّالِمُ إِمَاماً قَطُّ.
قوله: إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً
 [19/ 87] اتخاذهم العَهْدَ: الاستظهار بالإيمان بوحدانية الله و تصديق أنبيائه و أوليائه. قوله: إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ‏
 [3/ 183] الآية. قال الشيخ أبو علي: عَهِدَ إِلَيْنا
 أي في أمرنا في التوراة و أوصانا بأن لا نؤمن لرسول‏

113
مجمع البحرين3

عهد ص 112

حتى يأتينا بهذه الآية الخاصة، و هي أن يرينا قربانا فتنزل نار من السماء فتأكله. قُلْ يا محمد قَدْ جاءَكُمْ أي جاء أسلافكم رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ بالحجج و الدلالات الكثيرة و جاءهم أيضا بهذه الآية التي اقترحتموها فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ أراد بذلك زكريا و يحيى و جميع من قتله اليهود من الأنبياء. قوله: ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ*
 [7/ 13] و هو النبوة، أي ادع متوسلا إليه بعهده- كذا في المجمع. قوله: وَ الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا
 [2/ 177] و قيل يدخل فيه النذور و كلما التزمه المكلف من الأعمال مع الله تعالى و مع غيره. قوله: وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ‏
 [2/ 40] أي أوفوا بما ضمنتم أوف بما ضمنت لكم من الجنة. و مثله: وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا
 [17/ 34]. قوله: رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ‏
 [33/ 23] أي إذا لقوا حربا مع رسول الله ص ثبتوا و قاتلوا حتى يستشهدوا.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَ لَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ".
أي و لا ذو ذمة في ذمته و لا مشرك أعطي أمانا فدخل دار الإسلام. و العَهْدُ يكون بمعنى اليمين و الأمان و الذمة و الحفاظ و رعاية الحرمة و الوصية، و لا تخرج أكثر الأحاديث عنها. و العَهْدُ كالنذر و صيغته" عَاهَدْتُ اللَّهَ أَنَّهُ مَتَى كَانَ كَذَا فَعَلَيَّ كَذَا" و تقول" عَلَيَّ عَهْدٌ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا و يمين". و" المُعَاهَدَةُ" من كان بينك و بينه عهد، و أكثر ما يطلق في الحديث على الذمي، و هو الذي أخذ العهد و الأمان. و منه‏
الْحَدِيثُ" لَمْ يَبْعَثْنِي رَبِّي بِأَنْ أَظْلِمَ مُعَاهَداً وَ لَا غَيْرَهُ".
و قد يطلق على غيره من الكفار إذا صولحوا على ترك الحرب مدة ما. و الذِّمَّةُ: اليمين.

114
مجمع البحرين3

عهد ص 112

وَ" اعْتُقِلَ لِسَانُ رَجُلٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ".
أي في مدته و زمانه. و قوله:
و ليس كَعَهْدِ الدار يا أم مالك‏


أي ليس الأمر كما عهدت.
وَ فِي الدُّعَاءِ" اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْهَدُ إِلَيْكَ فِي دَارِ الدُّنْيَا".
أي أقر و أعترف. و
فِيهِ" اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَّخِذُ عِنْدَكَ عَهْداً لَنْ تُخْلِفْهُ".
أي أمانا، و المعنى أسألك أمانا لن تجعله خلاف ما أترقبه و أرتجيه. و عَهِدْتُهُ بمكان كذا: لقيته. و عَهْدِي به قريب: أي لقائي. و تَعَهَّدْتُ الشي‏ءَ: أي ترددت إليه و أصلحته. و تَعَهَّدْتُهُ: حفظته. قال ابن فارس و لا يقال" تعاهدته" لأن التفاعل لا يكون إلا بين اثنين. و في الأمر عُهْدَةٌ: أي مرجع إلى الإصلاح. و المُعَاهَدَةُ: المعاقدة. و عَهِدْتُهُ بمال: عرفته به. و الأمر كما عَهِدْتَ: أي كما عرفت. و هو" قريب العَهْدِ بكذا" أي قريب العلم به.
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَ وَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ".
أي أنا متمسك بما عهدته إلي من الأمر و النهي، موقن بما وعدتني من الوعد و الثواب و العقاب ما استطعت، و أنا مقيم على ما عاهدتك عليه من الإيمان بك و الإقرار بوحدانيتك، و أنك منجز وعدك في المثوبة بالأجر عليه، و هو اعتراف بالعجز عن القيام بكنه ما وجب عليه و حرم‏
وَ فِي الْحَدِيثِ" حُسْنُ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ".
قيل يريد الحفاظ و رعاية الحرمة.
وَ" وِلَايَةُ الْعَهْدِ" هِيَ وِلَايَةٌ خَاصَّةٌ تَعَهَّدَ فِيهَا الرِّضَا ع لِلْمَأْمُونِ حِينَ عَرَضَ عَلَيْهِ الْوِلَايَةَ، وَ هِيَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَأْمُرَ وَ لَا يَنْهَى وَ لَا يُفْتِيَ وَ لَا يُوَلِّيَ وَ لَا يَعْزِلَ وَ نَحْوِ ذَلِكَ، لِعِلْمِهِ ع بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْوِلَايَةِ لَا يَتِمُّ.

115
مجمع البحرين3

عهد ص 112

و حكايته في صلاة العيد مشهورة
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ ص بِكَذَا".
أي أوصى إلي. و" تَمَسَّكُوا بِعَهْدِ فلان" أي بما يأمركم به و يوصيكم. و" تَعَاهَدْ جِيرَانَكَ" أي تفقدهم بزيارة و احفظ بذلك حق الجوار. و" فلان يَتَعَاهَدْنَا" أي يراعي حالنا. و التَّعَاهُدُ: بمعنى التَّعَهُّد، و هو التحفظ بالشي‏ء و تجديد العهد. و منه‏
قَوْلُهُ ص:" تَعَاهَدُوا الْقُرْآنَ".
و
قَوْلُهُ" إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَتَعَاهَدُ الصَّلَاةَ فَكَذَا".
و في الأمر عُهْدَةٌ: أي لم يحكم بعد. و في عقله عُهْدَةٌ: أي ضعف. و قولهم" لا عُهْدَةَ في العبد" أي لا رجعة، و منه‏
الْحَدِيثَ" لَيْسَ فِي الْإِبَاقِ عُهْدَةٌ".
و برئت من عُهْدَةِ هذا العبد: أي مما أدركته فيه من عيب كان معهودا عندي. و عُهْدَتُهُ على فلانٍ: أي ما أدرك من درك فإصلاحه عليه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" يَدْخُلُ فِي الْأَمَانِ ذُو عَهْدٍ وَ مُعَاهَدٌ".
يقرأ بالبناء للفاعل و المفعول، لأن الفعل من اثنين فكل واحد يفعل بصاحبه مثل ما يفعل صاحبه به، فكل في المعنى فاعل و مفعول. و" عَهْدِي إلى أكبر ولدي أن يفعل كذا" يحتمل الوصية.
وَ فِي الْحَدِيثِ" يَوْمُ الْغَدِيرِ" يُسَمَّى فِي السَّمَاءِ يَوْمَ الْعَهْدِ الْمَعْهُودِ".
أي اليوم الذي عهد و عرف. و
قَوْلُهُ" وَجَّهَنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص لِأُجَدِّدَ بِهِ عَهْداً".
أي حضورا. و تَعَهَّدْتُ فلانا و تَعَهَّدْتُ ضيعتي، و هو أفصح من تَعَاهَدْتُ، لأن التَّعَاهُدَ إنما يكون بين اثنين.
وَ فِي الدُّعَاءِ" اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِي".
أي آخر الحضور.

116
مجمع البحرين3

عهد ص 112

وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ لِكُلِّ إِمَامٍ عَهْداً وَثِيقاً فِي رِقَابِ أَوْلِيَائِهِمْ".
أي ضمانا. و من تمام العَهْدِ زيارة قبورهم. و
فِيهِ" تَعَاهَدُوا نِعَالَكُمْ عِنْدَ أَبْوَابِ مَسَاجِدِكُمْ".
وَ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ الْحَجَرِ" مِيثَاقِي تَعَاهَدْتُهُ".
أي جددت العهد به‏
. باب ما أوله الغين‏
 (غدد)
" الغُدَّةُ" بضم الغين: لحم أسود مستصحب للشحم يحدث عن داء بين الجلد و اللحم، يتحرك بالتحريك، و هي للبعير كالطاعون للإنسان، و الجمع غُدَدٌ مثل غرفة و غرف. و أَغَدَّ البعيرُ: صار ذا غدة
. (غرد)
" الغَرَدُ" بالتحريك: التطريب في الصوت و الغناء، يقال غَرِدَ الطائرُ- من باب تعب-: إذا طرد في صوته و غنائه. و التَّغْرِيدُ مثله‏
. (غرقد)
" الغَرْقَدُ" بالفتح فالسكون: شجر من شجر الغضاء. و منه" بقيع الغَرْقَد" لمقبرة بالمدينة المشرفة، و هو مشهور
. (غمد)
فِي الدُّعَاءِ" تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِغُفْرَانِهِ".
أي ستر الله ذنوبه و حفظه عن المكروه كما يحفظ السيف بالغمد. و مثله" تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ" أي جعله‏

117
مجمع البحرين3

غمد ص 117

مستورا بها. و مثله" تَغَمَّدْ زللي" أي اجعله مشمولا بالعفو و الغفران. و تَغَمَّدْتُ فلانا: أي سترت ما كان منه و غطيته. و" الغِمْدُ" بالكسر فالسكون: غلاف السيف، و جمعه أَغْمَادٌ كحمل و أحمال. و غَمَدْتُ السيفَ أَغْمِدُهُ غَمْداً من بابي ضرب و قتل: جعلته في غمده، و جعلت له غمدا، و أَغْمَدْتُهُ إِغْمَاداً لغة. و" غَامِد" قبيلة من اليمن من أزد شنوة، و حكي عن بعضهم" غَامِدَة" بالهاء، و منه‏
الْغَامِدِيَّةُ وَ هِيَ الَّتِي رَجَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ (ص) فِي حَدِّ الزِّنَا.
و" أبو غَامِدٍ" سفيان بن عوف الْغَامِدِيُّ- قاله في القاموس.
باب ما أوله الفاء
 (فأد)
قوله تعالى: إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا
 [17/ 36] الفُؤَادُ: القلب، و الجمع الأَفْئِدَةُ، و يقال الأَفْئِدَةُ توصف بالرقة و القلوب باللين، لأن الفُؤَادَ غشاء القلب إذا رق نفذ القول فيه و خلص إلى ما ورائه، و إذا غلظ تعذر وصوله إلى داخله، و إذا صادف القلب شيئا علق به إذا كان لينا. قوله: تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ
 [104/ 7] الاطلاع و البلوغ بمعنى، أي تبلغ أوساط القلوب، و لا شي‏ء في بدن الإنسان ألطف من الفؤاد و لا أشد تأذيا منه.

118
مجمع البحرين3

فأد ص 118

قوله: وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصارَهُمْ‏
 [60/ 110] فهم لا يفقهون و لا يبصرون.
 (فدد)
فِي الْحَدِيثِ" الْجَفَاءُ وَ الْقَسْوَةُ فِي الْفَدَّادِينَ".
الفَدَّادُونَ يفسر بوجهين: أحدهما أن يكون جمعا لِلْفَدَّادِ، و هو شديد الصوت من الفديد، و ذلك من دأب أصحاب الإبل، و هذا إذا رويته بتشديد الدال من فَدَّ يَفِدُّ: إذا رفع صوته. و الوجه الآخر أنه جمع الفَدَّانِ مشددا، و هي البقر التي يحرث عليها أهلها، و ذلك إذا رويته بالتخفيف. و إنما ذم ذلك و كرهه لأنه يشغل عن أمر الدين و يلهي عن أمر الآخرة و يكون معها قساوة القلب و نحوها.
 (فدفد)
" الفَدْفَدُ" المكان المرتفع، و الجمع فَدَافِدُ.
 (فرد)
قوله تعالى: وَ لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى‏
 [6/ 94] جمع فَرْد و فَرِيد، فلا يصرفونها تشبيها بثلاث و رباع، و نصب على الحال، و قيل جمع فَرْدَان كسكارى في جمع سكران، و يقال جاءوا فُرَاداً و فُرَادَى منونا و غير منون، أي واحدا واحدا. قال المفسر: أي جئتمونا وحدانا لا مال لكم و لا ولد عراة عزلا، خاطب الله به عباده إما عند الموت أو عند البعث.
وَ رُوِيَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ص حِينَ سَمِعَتْ ذَلِكَ: وَا سَوْأَتَاهْ أَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى سَوْأَةِ بَعْضٍ مِنَ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ؟ فَقَالَ (ص): لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ وَ يُشْغَلُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ.
و الفَرْدُ: الوتر، و هو الواحد، و الجمع أَفْرَاد. و فَرَدَ يَفْرُدُ من باب قتل: صار فردا، و انْفَرَدَ مثله. و أَفْرَدْتُهُ: جعلته فردا. و اسْتَفْرَدْتُهُ: انفردت به.

119
مجمع البحرين3

فرد ص 119

و أَفْرَدْتُ الحجَّ عن العمرة: فعلت كل واحد منهما على حدة. و منه" رجل مُفْرِدٌ للحج". و منه" العمرة المُفْرَدَة" و الفرق بين العمرة المُفْرَدَة و عمرة التمتع مذكور في محله و نعل فَرْدٌ: أي طاق على طاق.
 (فرند)
فِي حَدِيثِ إِحْرَامِ الْمَرْأَةِ" لَا تَلْبَسُ حُلِيّاً وَ لَا فِرِنْداً".
الفِرِنْدُ بكسر الفاء و الراء: ثوب معروف معرب- قاله في القاموس. و الفِرِنْدُ أيضا: السيف.
 (فرصد)
الفِرْصَادُ بالكسر: الأحمر من التوت، و منه قول بعضهم" كَأَنَّ أَثْوَابَهُ مُجَّتْ بِفِرْصَادٍ" أي رُمِيَتْ بفرصاد فصُبِغت به، من مَجَّ الرجلُ الشرابَ: إذا رمى به.
 (فرقد)
في الحديث ذكر الفَرْقَدَيْنِ، و هما نجمان مضيئان قريبان من القطب.
 (فرهد)
" الفُرْهُودُ" كجُمْلُود: ولد السبع، و قيل الوعل، و قيل أيضا للغلام الغليظ. و الفَرَاهِيدُ بطن من الأزد، و منهم الخليل بن أحمد العروضي.
 (فسد)
قوله تعالى: وَ قَضَيْنا إِلى‏ بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً
 [17/ 4] أي و أوحينا إلى بني إسرائيل وحيا مقضيا مقطوعا بأنهم يفسدون في الأرض لا محالة،

120
مجمع البحرين3

فسد ص 120

و المراد بالكتاب التوراة، و لَتُفْسِدُنَ‏
 جواب قسم محذوف. و قوله: مَرَّتَيْنِ أولهما قتل زكريا و حبس أرميا حين أنذرهم سخط الله تعالى، و الأخرى قتل يحيى بن زكريا و قصد قتل عيسى- كذا ذكره بعض أهل التفسير قوله: ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ
 [30/ 41] فسر الفَسَاد بالقحط و قلة الريع في الزراعات و البيوع و محق البركات من كل شي‏ء، و قيل هو قتل ابن آدم أخاه و أخذ السفينة غصبا.
وَ فِي الْحَدِيثِ" دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ دَمٌ فَاسِدٌ".
أي ساقط لا نفع فيه، بخلاف دم الحيض، يقال فَسَدَ الشي‏ءُ فُسُوداً من باب قعد فهو فَاسِدٌ، و الاسم الفَسَادُ، و هو إلى الحيوان أسرع منه إلى النبات و إلى النبات أسرع منه إلى الجماد، لأن الرطوبة في الحيوان أكثر من الرطوبة في النبات، و جمع فَاسِد فَسْدَى مثل ساقط و سقطى. و المَفْسَدَةُ: خلاف المصلحة، و الجمع مَفَاسِدُ. و شي‏ءٌ يُفْسِدُ سراويلي: أي يجعلها فاسدة.
 (فصد)
" الفَصْدُ" بالفتح فالسكون: قطع العرق، يقال فَصَدَ فَصْداً من باب ضرب، و الاسم الفِصَادُ. و" المِفْصَدُ" بكسر الميم: ما يفصد به. و" تَفَصَّدَ عرقا" بالتشديد: أي سال عرقه، تشبيها في كثرته بالفصاد.
 (فقد)
قوله تعالى: نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ‏
 [12/ 72] هو من قولهم فَقَدْتُ الشي‏ءَ فَقْداً من باب ضرب و فُقْدَاناً: عدمه، فهو مَفْقُودٌ. و مثله" افْتَقَدْتُهُ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ يَتَفَقَّدْ يَفْقِدْ".
أي من يتعرف أحوال الناس و يتعرفها فإنه لا يجد ما يرضيه، لأن الخير في الناس قليل. و تَفَقَّدْتُ الشي‏ءَ: طلبته عند غيبته. و الفَاقِدُ: المرأة التي تفقد ولدها أو زوجها.

121
مجمع البحرين3

فند ص 122

 (فند)
قوله تعالى: لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ‏
 [12/ 94] أي تجهلون، و أصل الفَنَدِ بالتحريك نقصان عقل يصدر من هرم، و مثله عجوز مُفْنِدَة، و يقال أصل الفَنَد الخرف، يقال أَفْنَدَ الرجلُ خَرِفَ و تغير عقله، ثم قيل فَنِدَ الرجلُ: إذا جهل، و أصله من ذلك.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَا يَنْتَظِرُ أَحَدُكُمْ إِلَّا هَرَماً مُفْنِداً أَوْ مَرَضاً مُفْسِداً".
يقولون للشيخ إذا هرم" قد أَفْنَدَ" لأنه تكلم بالمحرف من الكلام. و منه حديث التنوخي رسول هرقل" و كان شيخا كبيرا قد بلغ الفَنَدَ". و الفَنَدُ: الكذب أيضا، و قد أَفْنَدَ إِفْنَاداً: كذب. و التَّفْنِيدُ: اللوم و تضعيف الرأي. و أَفْنَدَهُ الكِبَرُ: أوقعه في الفند.
وَ فِي الْخَبَرِ" أَسْرَعُ النَّاسِ لُحُوقاً بِي قَوْمِي وَ يَعِيشُ النَّاسُ بَعْدَهُمْ أَفْنَاداً يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً".
أي يصيرون فرقا مختلفين. و
فِيهِ" أُرِيدُ أَنْ أُفَنِّدَ فَرَساً".
أي أرتبطه و أتخذه حصنا و ملاذا ألجأ إليه كما يلجأ إلى الفِنْدِ من الجبل. و" الفِنْدُ" بالكسر فالسكون قطعة من الجبل طولا.
 (فود)
فَوْدَا الرأسِ: جانباه، و منه قولهم" بدا الشيبُ بِفَوْدَيْهِ".
 (فهد)
" الفَهْدُ" بالفتح فالسكون واحد الفُهُود: حيوان معروف يصطاد به، و الأنثى فَهْدَة، و الجمع فُهُود كفلس و فلوس. و فَهِدَ الرجلُ: إذا أشبه الفهد في كثرة نومه.
حَكَى ابْنُ خِلِّكَانَ الْمُؤَرِّخُ أَنَّ الرَّشِيدَ الْعَبَّاسِيَّ خَرَجَ مَرَّةً إِلَى الصَّيْدِ فَانْتَهَى بِهِ الطَّرَدُ إِلَى قَبْرِ عَلِيٍّ ع الْآنَ، فَأَرْسَلَ الْفُهُودَ عَلَى صَيْدٍ فَتَبِعَتِ الصَّيْدَ إِلَى مَكَانِ قَبْرِهِ فَوَقَفَتْ وَ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى الصَّيْدِ، فَعَجِبَ الرَّشِيدُ مِنْ ذَلِكَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ دَلَلْتُكَ عَلَى قَبْرِ ابْنِ عَمِّكَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب‏

122
مجمع البحرين3

فهد ص 122

مَا لِي عِنْدَكَ؟ قَالَ: أَتَمُّ مَكْرُمَةٍ. قَالَ: هَذَا قَبْرُهُ. فَقَالَ لَهُ الرَّشِيدُ: مِنْ أَيْنَ عَلِمْتَهُ؟ قَالَ: كُنْتُ أَجِي‏ءُ مَعَ أَبِي نَزُورُهُ وَ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ كَانَ يَجِي‏ءُ مَعَ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ ع فَيَزُورُهُ، وَ إِنَّ جَعْفَراً كَانَ يَجِي‏ءُ مَعَ أَبِيهِ مُحَمَّدٍ الْبَاقِرِ ع فَيَزُورُهُ، وَ كَانَ الْحُسَيْنُ ع عَلِمَهُمْ بِمَكَانِ الْقَبْرِ، فَأَمَرَ الرَّشِيدُ أَنْ يُحَجَّرَ الْمَوْضِعُ.
فكان أول أساس فيه ثم تزايدت الأبنية فيه في أيام السامانية و بني حمدان و تفاقم في أيام الديلم أي أيام بني بويه- انتهى. و نقل أن عضد الدولة هو الذي أظهر قبر علي ع و عمَّر المشهد هناك و أوصى أن يدفن به، اسمه فناخسرو أبو شجاع ابن ركن الدولة بن الحسن ابن بويه الديلمي، و كان عظيم الدولة أعظم بني بويه مملكة.
 (فيد)
فِي الْحَدِيثِ" مَاتَتْ ابْنَةٌ لَهُ بِفَيْدٍ".
هو على وزن بيع: منزل بطريق مكة، و يقال بليدة بنجد على طريق الحاج العراقي. و في القاموس فَيْد بطريق مكة شرفها الله تعالى على طريق الشام. و الفَائِدَة: ما استفدت من علم أو مال. و ما فَادَتْ له فَائِدَةٌ: أي ما حصلت. و أَفَدْتُ المالَ: استفدته. و" أحمد الفَائِدِيُّ" رجل من رواة الحديث. و" المُفِيدُ" لقب الشيخ محمد بن محمد بن النعمان، شيخ الشيخ الطوسي. قال ابن إدريس في آخر السرائر في ترجمة المُفِيدِ: و كان من أهل عكبر في‏

123
مجمع البحرين3

فيد ص 123

موضع يعرف بسويقة، و انحدر مع أبيه إلى بغداد و بدأ يقرأ العلم على عبد الله المعروف بالجُعَل.
باب ما أوله القاف‏
 (قتد)
فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ غَيْبَةً الْمُتَمَسِّكُ فِيهَا بِدِينِهِ كَالْخَارِطِ لِلْقَتَادِ".
كسحاب شجر صلب شوكه كالإبر تضرب فيه الأمثال. و" القَتَدُ" بالتحريك: خشب الرحل، و جمعه أَقْتَادٌ و قُتُودٌ.
وَ" أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ" فَارِسُ رَسُولُ اللَّهِ ص، دَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص، شَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ ع مَشَاهِدَهُ كُلَّهَا فِي خِلَافَتِهِ، وَلَّاهُ عَلِيٌّ ع مَكَّةَ ثُمَّ عَزَلَهُ، مَاتَ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ ع بِالْكُوفَةِ وَ هُوَ ابْنُ سَبْعِينَ وَ صَلَّى عَلَيْهِ عَلِيٌّ ع سَبْعاً- كَذَا فِي الإِسْتِيعَابِ‏
. (قدد)
قوله تعالى: طَرائِقَ قِدَداً
 [72/ 11] أي فرقا مختلفة الأهواء، و واحد القِدَد قِدَّة، و أصله في الأديم، يقال لكل ما قطع قِدَّة. قوله: وَ قَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ
 [12/ 25] أي اجتذبته من ورائه فانقد قميصه. و القَدُّ: الشق طولا، و القَطُّ الشق عرضا، تقول قَدَدْتُهُ قَدّاً من باب قتل: شققته طولا، و يزاد فيه فيقال قَدَدْتُهُ بنصفين فَانْقَدَّ.

124
مجمع البحرين3

قدد ص 124

و منه‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" كَانَ إِذَا تَطَاوَلَ قَدَّ وَ إِذَا تَقَاصَرَ قَطَّ".
أي قطع طولا و قطع عرضا. و" القَدُّ" كفلس: جلد السخلة الماعزة، و الجمع أَقُدُّ و قِدَادٌ مثل أفلس و سهام. و القَدُّ: القامة، و منه‏
الْحَدِيثُ" أُتِيَ بِالْعَبَّاسِ أَسِيراً بِغَيْرِ ثَوْبٍ فَوَجَدُوا قَمِيصَ ابْنِ أُبَيٍّ يُقَدُّ عَلَيْهِ فَكَسَاهُ إِيَّاهُ".
أي كان على قده و القِدُّ كحِمْل: سير يقد من جلد غير مدبوغ، و القِدَّةُ أخص منه. و منه‏
الْخَبَرُ" مَوْضِعُ قِدِّهِ فِي الْجَنَّةِ أَوْ قَدّ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَ مَا فِيهَا".
و" القِدَّةُ" بالكسر أيضا الطريقة و الفرقة من الناس، و الجمع قِدَدٌ مثل سدرة و سدر، و بعضهم يقول الفرقة من الناس إذا كان هوى كل واحد على حدة. و منه" تَقَدَّدَ القومُ" أي تفرقوا. و القَدِيدُ: اللحم المُقَدَّدُ، أي المشرح طولا، و الثوب الخلق. و منه‏
الْحَدِيثُ" أَكْلُ الْقَدِيدِ الْغَابِّ يَهْدِمُ الْبَدَنَ".
وَ فِي الْخَبَرِ نَهَى" أَنْ يُقَدَّ السَّيْرُ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ".
أي يشق و يقطع لئلا تعقر الحديدة يده. و" قُدَيْدٌ" مصغرا: موضع بين مكة و المدينة بينها و بين ذي الحليفة مسافة بعيدة. و" المِقْدَادُ" بالكسر اسم رجل من الصحابة عظيم الشأن.

125
مجمع البحرين3

قدد ص 124

و" قَدْ" حرف لا يدخل إلا على الأفعال، و قَدْ تكون بمعنى ربما للتكثير كقوله:
قَدْ أَتْرُكُ القِرْنَ مُصَفَّراً أَنَامِلُهُ             كَأَنَّ أَثْوَابَهُ مُجَّتْ بِفِرْصَاد

قال بعض الأفاضل في تفسير قوله تعالى: قَدْ نَرى‏ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ
 إن المشهور أن قَدْ نَرى‏
 معناه ربما نرى و معناه التكثير، كما في قوله‏
" قَدْ أترك القرن"


البيت. ثم قال: و التحقيق أنه على أصل التقليل في دخوله على المضارع، و إنما قلل الرؤية لتقليل الرائي، لأن الفعل كما يقل في نفسه كذلك يقل لقلة متعلقه، و لا يلزم من قلة الفعل المتعلق قلة الفعل المطلق، لأنه لا يلزم من عدم المقيد عدم المطلق، و كذا القول في قوله تعالى قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ‏
 و كذا في البيت، فلا ينافي كثرة الترك المقصود للشاعر. و في القاموس تكون" قَدْ" اسمية و حرفية، و الاسمية اسم مرادف ليكفي نحو،" قَدْنِي درهم"، و اسم مرادف لحسب، و تستعمل مبنية غالبا نحو" قَدْ زَيْدٍ دِرْهَمٌ" بالسكون، و معربة" قَدُ زَيْدٍ" بالرفع، و الحرفية مختصة بالفعل المتصرف الخبري المثبت المجرد من جازم و ناصب، و حرف تنفيس و لها ستة معان: التوقع" قَدْ يقدم الغائب"، و تقريب الماضي من الحال" قد قام زيد"، و التحقيق قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها
، و النفي" قَدْ كنت في خير فَتَعْرِفَهُ" بنصب تعرفه، و التقليل" قَدْ يصدق الكذوب" و التكثير
" قَدْ أترك القرن مصفرا أنامله".


 (قرد)
قوله تعالى: جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنازِيرَ
 [5/ 60] هم قوم من بني إسرائيل مسخوا حيث اعتدوا في السبت. قال بعض المفسرين: يعني بِالْقِرَدَةِ أصحاب السبت، و الخنازير كفار مائدة عيسى ع.
وَ رَوَى الْغَزَّالِيُّ عَن‏

126
مجمع البحرين3

قرد ص 126

ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمُمْسَخِينَ مِنْ أَصْحَابِ السَّبْتِ إِنَّ شُبَّانَهُمْ مُسِخُوا قِرَدَةً وَ شُيُوخَهُمْ مُسِخُوا خَنَازِيرَ.
و قد تقدمت قصة أصحاب السبت في" سبت".
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْقِرَدَةُ مِنَ الْمُسُوخِ".
قال الجوهري: القِرْدُ واحد القُرُودِ و قد يجمع على قِرَدَة مثل فيل و فيلة، و الأنثى قِرْدَة، و الجمع قِرَد مثل قربة و قرب. و في المثل" إِنَّهُ لَأَزْنَى مِنْ قِرْدٍ". و" القُرَادُ" كغراب: هو ما يتعلق بالبعير و نحوه و هو كالقمل للإنسان، الواحدة قُرَادَة و الجمع قِرْدَان بالكسر كغربان. و" غزوة ذي قَرَد" بفتحتين: موضع على ليلتين من المدينة.
 (قصد)
قوله تعالى: وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ‏
 [31/ 19] بالكسر أي اعدل و لا تتبختر فيه و لا تدب دبيبا، من القَصْدِ و هو مشي الاعتدال. قوله: وَ عَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ‏
 [16/ 9] أي هداية الطريق الموصل إلى الحق واجبة عليه، كقوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى‏ وَ مِنْها جائِرٌ أي و من السبيل جائر عن القصد، فأعلم سبحانه بأن السبيل الجائر لا يضاف إليه، و لو كان الأمر على ما ظنه المجبرة لقال و عليه جائر. قوله: أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ
 [5/ 66] أي عادلة. قوله: سَفَراً قاصِداً
 [9/ 42] أي شاقا. و الجواد القَاصِد: الفرس الهينة السير لا تعب فيه و لا بطأ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" اقْتَصِدْ فِي عِبَادَتِكَ".
أي ائت منها بشي‏ء لا يلحقك منها تعب و لا مشقة شديدة تنفر الطبيعة منها، كما
رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ" يَا عَلِيُّ إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ وَ لَا تُبَغِّضْ إِلَى نَفْسِكَ عِبَادَةَ رَبِّكَ، فَاعْمَلْ عَمَلَ مَنْ يَمُوتُ هَرِماً وَ احْذَرْ حَذَرَ مَنْ يَرْجُو أَنْ يَمُوتَ غَداً".
و
فِيهِ" الْقَصْدَ الْقَصْدَ".
أي الزموا القصد و التمسوه. و تؤول على معينين: أحدهما الاستقامة، فإن القَصْدَ يستعمل فيما بين‏

127
مجمع البحرين3

قصد ص 127

الإسراف و التقتير. و
فِيهِ" الْقَصْدُ مِنَ الْكَافُورِ أَرْبَعَةُ مَثَاقِيلَ".
قيل أراد الوسط منه ذلك. و" القَصْدُ في السير" كالقَصْدِ في غيره، و هو ما بين الحالتين. و القَصْدُ في الأمور: ما بين الإفراط و التفريط. و منه‏
الدُّعَاءُ" أَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَ الْغِنَى".
و
فِي وَصْفِهِ ص" كَانَ أَبْيَضَ مُقَصَّداً".
و فسر بالذي ليس بطويل و لا قصير غير مائل إلى حد الإفراط و التفريط. و الاقْتِصَادُ في المعيشة: هو التوسط بين التبذير و التقتير. و منه‏
الْحَدِيثُ" مَا عَالَ امْرُؤٌ فِي اقْتِصَادٍ".
و هو افتعال من القصد. و مثله‏
" مَا عَالَ مُقْتَصِدٌ".
و القَصْدُ: إتيان الشي‏ء، يقال قَصَدْتُهُ و قَصَدْتُ له و قَصَدْتُ إليه كله من باب ضرب: طلبته بعينه. و قَصَدْتُ قَصْدَهُ: نحوت نحوه. و إليه قَصْدِي و مَقْصَدِي، و جمع القَصْدِ موقوف على السماع، و أما المَقْصَدُ فيجمع على مَقَاصِد. و" عليكم هديا قَاصِداً" أي طريقا مستقيما معتدلا. و" القَصِيدُ" جمع القَصِيدَة من الشعر.
 (قعد)
قوله تعالى حكاية عن إبليس لعنه الله: لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ‏
 [7/ 16] أي بسبب إغوائك لي أقسم لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ‏
، أي لأعترض لهم على طريق الإسلام كما يعترض العدو على الطريق فيقطعه على المارة، و انتصب" صِراطَكَ" على الظرف.
وَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ:" يَا زُرَارَةُ إِنَّمَا يَصْمُدُ لَكَ وَ لِأَصْحَابِكَ وَ أَمَّا الْآخَرُونَ فَقَدْ فَرَغَ مِنْهُمْ".
قوله: وَ الْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً
 [24/ 60] و الولد

128
مجمع البحرين3

قعد ص 128

و لا يطمعن في نكاح لكبر سنهن، فقد قعدن عن التزويج لعدم الرغبة فيهن، واحدتهن" قاعد" بغير هاء.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ
 مَنْ قَعَدْنَ عَنِ النِّكَاحِ".
قوله: وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ
 [2/ 127] القَوَاعِدُ جمع القَاعِدَة، و هي الأساس لما فوقه، و رفع القَوَاعِدِ البناءُ عليها لأنها إذا بني عليها ارتفعت.
وَ رُوِيَ أَنَّ الْأَرْضَ انْشَقَّتْ إِلَى مَتْنِهَا وَ قَذَفَتْ فِيهَا حِجَارَةً أَمْثَالَ الْإِبِلِ وَ بَنَى عَلَيْهَا إِبْرَاهِيمُ وَ إِسْمَاعِيلُ ع.
قوله: عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ
 [50/ 17] القَعِيدُ المقاعد كالجليس و فعيل و فعول مما يستوي فيهما الواحد و الاثنان و الجمع، و التقدير عن اليمين قعيد و عن الشمال قعيد من المُتَلَقِّيَيْنِ، أي الملكين الحافظين اللذين يأخذان ما يتلفظ به، فترك أحدهما للدلالة عليه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَ لَهُ أُذُنَانِ عَلَى إِحْدَاهُمَا مَلَكٌ مُرْشِدٌ وَ عَلَى الْأُخْرَى شَيْطَانٌ مُفْتِنٌ، هَذَا يَأْمُرُهُ وَ هَذَا يَزْجُرُهُ، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ
.
وَ فِي الْحَدِيثِ" قَعِيدُ الْقَبْرِ مُنْكَرٌ وَ نَكِيرٍ".
و سيأتي وجه تسميتهما بذلك إن شاء الله. و
فِيهِ" إِذَا وُضِعَ الْمَيِّتُ فِي الْقَبْرِ يُقْعِدَانِهِ".
الأصل فيه أن يحمل على الحقيقة، و يحتمل أن يراد فيه التنبيه لما يسأل عنه و الإيقاظ عما هو فيه بإعادة الروح إليه كالنائم الذي يوقظ، و من الجائز أن يقال" أجلسته عن نومه" أي أيقظته عن رقدته على المجاز و الاتساع، لأن الغالب من حال النائم إذا استيقظ أن يجلس، فجعل الإجلاس مكان الإيقاظ. و
فِيهِ" مَا مِنْكُمْ إِلَّا وَ كَتَبَ اللَّهُ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ وَ مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ".
قال بعض شراح الحديث: المبهم الذي ورد عليه البيان‏

129
مجمع البحرين3

قعد ص 128

من هذا الحديث عن النبي ص هو أنه بين أن القدر في حق العباد واقع على معنى تدبير الربوبية، و هذا لا يبطل تكليفهم العمل لحق العبودية، و كل من الخلق مسير لما دبر له في الغيب، فيسوقه العمل إلى ما كتب من سعادة أو شقاوة، و معنى العمل التعرض للثواب و العقاب.
وَ فِي الْخَبَرِ" نَهَى أَنْ يُقْعَدَ عَلَى الْقَبْرِ".
قيل أراد القُعُود لقضاء الحاجة من الحديث و قيل أراد للإحداد و الحزن، و هو أن يلازمه و لا يرجع عنه، و قيل أراد به احترام الميت و في القعود عليه تهاون بالميت و الموت.
وَ رُوِيَ" أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا مُتَّكِئاً عَلَى قَبْرٍ فَقَالَ: لَا تُؤْذِ صَاحِبَ الْقَبْرِ".
و القَعُودُ- بالفتح- من الإبل: ما اتخذه الراعي للركوب و حمل الزاد، و الجمع أَقْعِدَة و قِعْدَان و قَعَائِد، و قيل القَعُود القَلُوص، و قيل القَعُود البكر قبل أن يثني ثم هو جمل.
وَ فِي الْخَبَرِ" لَا يَكُونُ الرَّجُلُ مُتَّقِياً حَتَّى يَكُونَ أَذَلَّ مِنْ قَعُودٍ كُلُّ مَنْ أَتَى عَلَيْهِ أَرْغَاهُ".
أي قهره و أذله، لأن البعير إنما يرغو من ذلة و استكانة. و قَعَدَ عن الأمر: إذا لم يهتم له. و قَعَدَ به الضعفُ: أي جعله قاعدا لا يقدر على النهوض. و تستعمل قَعَدَ ناقصة بمعنى صار في قولهم" أرهف شفرته حتى قَعَدَتْ كأنها حربة" أي صارت الشفرة كأنها حربة، و لعل صار أيضا تستعمل بمعنى قَعَدَ، و يتخرج على ذلك‏
قَوْلُهُ ع فِي حَدِيثِ آدَمَ" فَغَمَزَهُ- يَعْنِي جَبْرَئِيلَ فَصَيَّرَ طُولَهُ سَبْعِينَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِهِ، وَ غَمَزَ حَوَّاءَ ع فَصَيَّرَ طُولَهَا خَمْسَةً وَ ثَلَاثِينَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِهَا".
و قَعَدَ قُعُوداً و مَقْعَداً جلس، و أَقْعَدَ غيره. و الحائض تَقْعُدُ عن الصلاة أيام أقرائها: يعني لا تصلي فيهن شيئا. و" القَعْدَة" بالفتح المرة الواحدة، و بالكسر النوع، و منه" ذو القَعْدَةِ" بالفتح شهر كانت العرب تجلس فيه عن الغزو.

130
مجمع البحرين3

قعد ص 128

و تَقَعَّدَ فلان عن الأمر: إذا لم يطلبه. و المَقَاعِدُ: موضع قعود الناس في الأسواق و غيرها، واحده مَقْعَدَة بفتح الميم.
وَ فِي الْخَبَرِ" إِنَّ الشَّيَاطِينَ تَلْعَبُ بِمَقَاعِدِ بَنِي إِسْرَائِيلَ".
أي بمواضع خلوتهم، يعني تحضر تلك الأمكنة و ترصها بالأذى و الفساد، لأنها مواضع يهجر فيها ذكر الله. و" المَقَاعِدُ" جمع مَقْعَد، و هي أسفل البدن. و" المُقْعَد" بالبناء للمفعول: هو الأعرج. و المُقْعَد أيضا: هو الزَّمِن الذي لا يستطيع الحركة للمشي، و منه" عجوز مُقْعَدَة". و منه‏
الْحَدِيثُ" يَجُوزُ الْمُقْعَدُ فِي الْعَتَاقِ".
و" القَاعِدَة" في مصطلح أهل العلم الضابطة، و هي الأمر الكلي المنطبق على جميع الجزئيات، كما يقال" كل إنسان حيوان و كل ناطق إنسان" و نحو ذلك.
 (قفد)
" القَفَد" بالفتح: صفع الرأس ببسط الكف من القفا، و منه قَفَدَنِي. قال الجوهري: و الأَقْفَدُ من الناس الذي يمشي على صدور قدميه من قبل الأصابع و لا يبلغ عقباه الأرض. و" القَفَدَان" بالتحريك خريطة العطار- نقلا عن ابن دريد.
 (قلد)
قوله تعالى: لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ*
 [36/ 63] أي مفاتيحها، واحدها مِقْلَد كمنجل و مِقْلَاد، و يقال هو جمع لا واحد له. و الإِقْلِيدُ: المفتاح لغة يمانية، و قيل معرب و أصله بالرومية إقليدس، و الجمع أَقَالِيدُ. و القَلَائِدُ: ما يقلد به الهدي من نعل أو غيره ليعلم بها أنها هدي.
وَ فِي الْحَدِيثِ" يُقَلِّدُهَا بِنَعْلٍ قَدْ صَلَّى فِيهِ".
و القِلَادَة: التي تعلق في العنق.

131
مجمع البحرين3

قلد ص 131

و قَلَّدْتُهُ قِلَادَةً: جعلتها في عنقه.
وَ فِي حَدِيثِ الْخِلَافَةِ" فَقَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ ص عَلِيّاً ع".
أي ألزمه بها، أي جعلها في رقبته و ولاه أمرها.
وَ فِي الْخَبَرِ" قَلِّدُوا الْخَيْرَ وَ لَا تُقَلِّدُوهَا الْأَوْتَارَ".
أي قلدوها طلب أعداء الدين و الدفاع عن المسلمين، أي اجعلوا ذلك لازما في أعناقها لزوم القلائد للأعناق، و لا تقلدوها أَوْتَار الجاهلية، هي جمع وِتْر بالكسر و هو طلب الدم و الثأر. و" التَّقْلِيد" في اصطلاح أهل العلم قبول قول الغير من غير دليل، سمي بذلك لأن المُقَلِّدَ يجعل ما يعتقده من قول الغير من حق و باطل قلادة في عنق من قلده. و
" السَّيْفُ مَقَالِيدُ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ".
أي يتوصل به إليهما
. (قند)
" القَنْدُ" بالفتح فالسكون: عسل قصب السكر، و منه فلان القَنْدِيُّ و" القِنْدُ" بالكسر: الجبل العظيم أو قطعة منه طولا و يفتح. و القِنْدِيدُ: نوع من الخمر، و قيل ليس بخمر و لكنه عصير مصنوع‏
. (قود)
فِي الْحَدِيثِ" لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْقَوَدِ".
القَوَدُ بالتحريك: القصاص يقال أَقَدْتُ القاتلَ بالقتل: قتلته به، و بابه قال، و
مِنْهُ" لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ".
أي لا يقام القصاص إلا به. و" القَوَّادُ" بالفتح و التشديد: هو الذي يجمع بين الذكر و الأنثى حراما. و القِيَادَةُ بالكسر: الصناعة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْمُجْتَهِدُونَ- يَعْنِي فِي الْقُرْآنِ-" قُوَّادُ أَهْلِ الْجَنَّةِ".
يعني يقودونهم‏

132
مجمع البحرين3

قود ص 132

إليها، كأن المعنى يسبقونهم و يجرونهم إليها. و" القَائِدُ" واحد القُوَّاد و القَادَة.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" قُرَيْشٌ قَادَةٌ ذَادَةٌ".
أي يقودون الجيوش، جمع قَائِد. و" اجتمع القُوَّادُ و الجند" يريد بهم الأمراء الذين يقودون الجيش، أو من يقودون الخيل للرؤساء. و الجُنْد: العسكر.
وَ فِي حَدِيثِ السَّقِيفَةِ" فَانْطَلَقَ عُمَرُ وَ أَبُو بَكْرٍ يَتَقَاوَدَانِ".
أي ذاهبان مسرعين كأن كل واحد منهما يقود الآخر بسرعته. و قَادَ الرجل الفرس- من باب قال قَوْداً و قِيَاداً بالكسر و قِيَادَةً.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" انْظُرُوا إِلَى عَرَصَاتِ مَنْ أَقَادَهُ اللَّهُ بِعِلْمِهِ".
أي جعله الله قائدا. و الذي يخطر في البال أنه تصحيف" أهاده" بالهاء بدل القاف. و الله أعلم. و القَوْدُ: أن يكون الرجل أمام الدابة آخذا بقيادها. و" القَوْدُ" بالفتح فالسكون: الخيل. و منه‏
حَدِيثُ الِاسْتِسْقَاءِ" وَ اسْتَظْمَأْنَا لِصَوَارِخِ الْقَوَدِ".
و الانْقِيَادُ للشي‏ء: الخضوع له. و فلان سلس القِيَادِ: أي سهل الانقياد من غير توقف. و القِيَادُ ككتاب: حبل تقاد به الدابة
وَ فِي الْحَدِيثِ" احْفَظْ لِسَانَكَ تَعِزَّ وَ لَا تُمَكِّنِ النَّاسَ مِنْ قِيَادِكَ فَتُذِلَّ رَقَبَتَكَ".
يريد أعز نفسك في الصمت و حفظ اللسان، و لا تمكن الناس بسبب بذله من قيادك الذي يقاد به، و هو استعارة من قبيل‏
" مَنْ سَيَّبَ عِذَارَهُ قَادَهُ إِلَى كُلِّ كَرِيهَةٍ".
و فرس أعطى قِيَادَهُ: أي أطاع و أمكن من ناصيته. و المِقْوَدُ: الحبل يشد به الزمام أو اللجام تقاد به الدابة، و الجمع مَقَاوِد
.

133
مجمع البحرين3

قهد ص 134

(قهد)

" قيس بن قَهْدٍ" بالفتح فالسكون و الدال المهملة رجل من رواة الحديث. و" القِهَادُ" بالكسر اسم موضع. و القَهْدُ: هو الأبيض الأكدر- قاله الجوهري.
 (قيد)
فِي الْحَدِيثِ" مَنْ فَارَقَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ".
القِيدُ بالكسر و القِيسُ القدر، و معناه قدر شبر، يريد المبالغة في عدم المفارقة. و منه يقال" بيني و بينه قِيدُ رمحٍ و قَادُ رمح" أي قدره. و" القَيْدُ" بالفتح فالسكون واحد القُيُودِ، و منه" قَيَّدْتُ الدابة" إذا شكلتها.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَنْتَ رَجُلٌ قَدْ قَيَّدَتْكَ ذُنُوبُكَ".
أي منعتك من فعل الخير. قال بعض شراح الحديث: هذا يدل على أن ملابسة الذنوب توجب الخذلان المستلزم لمنع الألطاف الإلهية و فيضها على العبد المستلزم لجذبه إلى الحق و المداومة على خدمته، و ذلك لأن الذنوب نجاسات معنوية توجب تلويث العبد و ظلمة نفسه، فيبعد بسبب ذلك عن قبول النور و فيض الخيرات بسبب الكثافة التي هي ضد اللطافة المناسبة للنورية و المجردات، لأن الطاعة معدة لها، و كلما قوي الاستعداد كان المكلف أقبل للفيض، لأن الفيض مشروط بالاستعداد. و" المُقَيَّدُ" بالضم و التشديد: موضع القيد من رجل الفرس و الخلخال من المرأة

134
مجمع البحرين3

باب ما أوله الكاف ص 135

باب ما أوله الكاف‏
 (كأد)
فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ" إِنَّ بَيْنَ أَيْدِينَا عَقَبَةً كَئُوداً".
أي شاقة المصعد، و قد تقدم معنى العقبة.
وَ فِي وَصْفِهِ تَعَالَى" لَا يَتَكَأَّدُهُ صُنْعُ شَيْ‏ءٍ كَانَ".
أي لا يشق عليه، يقال تَكَأَّدَنِي و تَكَاءَدَنِي على تفعل و تفاعل: شق علي. و مثله‏
فِي الدُّعَاءِ" لَا يَتَكَاءَدُكَ عَفْوٌ عَنْ مُذْنِبٍ".
أي لا يصعب عليك و يشق.
 (كبد)
قوله تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ
 [90/ 4] أي في نصب و شدة
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَ الْحَسَنِ قَالَ: يُكَابِدُ مَصَائِبَ الدُّنْيَا وَ شَدَائِدَ الْآخِرَةِ.
وَ قَالَ:" ابْنُ آدَمَ لَا يَزَالُ يُكَابِدُ مُرّاً حَتَّى يُفَارِقَ الدُّنْيَا".
و قيل في شدة خلق من حمله و ولادته و رضاعه و فطامه و معاشه و حياته و موته- كذا ذكره الشيخ أبو علي و" الكَبَدُ" بالتحريك: الشدة و المشقة، من المُكَابَدَة للشي‏ء، و هي تحمل المشاق في شي‏ء.
وَ فِي حَدِيثِ بِلَالٍ" أَذَّنْتُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: مَا لَهُمْ؟ فَقُلْتُ: كَبَدَهُمُ الْبَرْدُ".
أي شق عليهم و ضيق، أو أصاب أكبادهم، و ذلك أشد ما يكون من البرد لأن الكَبِدَ مورد الحرارة و الدم لا يخلص إليها إلا أشد البرد- قاله في النهاية.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ الشَّيْطَانَ يُقَارِنُ الشَّمْسَ إِذَا ذَرَّتْ وَ إِذَا كَبَّدَتْ وَ إِذَا غَرَبَتْ".
قوله" و إذا كَبَّدَتْ" يعني توسطت في السماء وقت زوالها، يدل عليه‏
قَوْلُهُ ع‏

135
مجمع البحرين3

كبد ص 135

" عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ عِنْدَ كَبِدِ السَّمَاءِ".
و منه" كَبَّدَ النجمُ السماءَ" بالتشديد أي توسطها. و كَبِدُ كل شي‏ء: وسطه. و الكَبِدُ بكسر الباء واحد الأَكْبَاد و الكُبُود من الأمعاء معروف، و هي أنثى و عن الفراء يذكر و يؤنث، و يجوز إسكان الباء كما قالوا في فخد. و
فِي الْخَبَرِ" فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى كَبِدِي".
أي ظهر جنبي مما يلي الكبد. و
فِيهِ" لِكُلِّ كَبِدٍ حَرَّى أَجْرُ".
و
فِيهِ" اللَّهُ يُحِبُّ إِبْرَادَ الْكَبِدِ الْحَرَّى".
يعني بالماء، لأن الكَبِدَ معدن الحرارة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ وَجَدَ بَرْدَ حُبِّنَا عَلَى كَبِدِهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ".
أي لذاذة حبنا. و غلظت كَبِدُهُ: قسا قلبه.
وَ فِي حَدِيثِهِمْ ع" كَبِّدُوا عَدُوَّنَا بِالْوَرَعِ يَنْعَشْكُمُ اللَّهُ".
أي أدخلوا الشدة في أكبادهم بورعكم، من قولهم" كَبَّدَهُمُ البردُ" إذا أصاب أكبادهم. و كَبِدُ القوس: مقبضها. و كَبِدُ الأرض: باطنها. و وجده على كَبِدِ البحر: أي على أوسط موضع من شاطئه.
وَ فِي خَبَرِ الْخَنْدَقِ" فَعَرَضَتْ كَبْدَةٌ شَدِيدَةٌ".
و هي القطعة الصلبة من الأرض. و فلان تضرب إليه أَكْبَادُ الإبل: أي ترحل إليه في طلب العلم و غيره.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا تَعُبُّوا الْمَاءَ فَإِنَّهُ يُورِثُ الْكُبَادَ".
هو بالضم وجع الكبد
. (كدد)
الكد: الشدة في العمل و الإلحاح في الطلب و طلب الكسب، و منه‏
الْحَدِيثُ" الْكَادُّ عَلَى عِيَالِهِ فَلَهُ كَذَا".
أي المكتسب لهم القائم عليهم.
 (كرد)
" الكُرْدُ" بالضم فالسكون: جيل معروف من الناس. و كَرَدَ القومَ: أي صرفهم و ردهم.

136
مجمع البحرين3

كرد ص 136

و يَكْرُدُ بعضهم بعضا: أي يصرف بعضهم بعضا و يردهم. و" كُرْدَوَيْهِ" لقب مسمع بن مالك، و كذا كِرْدِينٌ- نقلا عن الشيخ يحيى بن سعيد
. (كركد)
الكَرْكَدَّن و يسمى الحمار الهندي و هو عدو الفيل، و هو دون الجاموس، و يقال إنه متولد بين الفرس و الفيل، و له قرن واحد عظيم في رأسه فلا يستطيع لثقله أن يرفع رأسه و هذا القرن مصمت قوي الأصل حاد الرأس يقاتل به الفيل‏
. (كسد)
فِي الْحَدِيثِ" اشْتَرَى مَتَاعاً فَكَسَدَ".
أي لم ينفق لقلة الرغبة فيه، يقال كَسَدَ الشي‏ءُ يَكْسُدُ من باب قتل كَسَاداً فهو كَاسِدٌ، و منه كَسَدَتِ السوقُ فهي كَاسِدٌ بغير هاء- قاله الجوهري. و قال غيره بالهاء.
 (كمد)
فِي الْحَدِيثِ" كَمَدٌ مُقِيمٌ".
الكَمَدُ بالتحريك: الحزن المكتوم، يقال كَمِدَ الشي‏ءُ يَكْمَدُ من باب تعب فهو كَمِدٌ و كَمِيدٌ، و معناه حزن دائم غير مفارق. و" الكُمْدَةُ" بالضم تغير اللون و ذهاب صفائه و الحزن الشديد و مرض القلب.
وَ فِي الْخَبَرِ" فَكَمَّدَهُ بِخِرْقَةٍ".
التَّكْمِيدُ و هو أن تسخن خرقة و توضع على الوجع و يتابع مرة بعد مرة ليسكن‏

137
مجمع البحرين3

كند ص 138

 (كند)
قوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ
 [100/ 6] أي كَفَّارٌ للنعم جَحَّادٌ. و الكَنُودُ: الكفور، يقال كَنَدَ النعمةَ إذا كفرها فهو كَنُودٌ، و منه امرأة كَنُودٌ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَصْبَحْنَا فِي زَمَنٍ كَنُودٍ".
أي لا خير فيه. و" كِنْدَةُ" بكسر الكاف أبو حي من اليمن و هو كِنْدَةُ بن ثور- قاله الجوهري. و" باب كِنْدَة" هي أحد أبواب مسجد الكوفة عن يمين القبلة لمن دخل المسجد مستقبلا، و لعل طوائف من كندة سكنوا هناك فنسبت إليهم. و الكَنْدُ: القطع‏
. (كنعد)
" الكَنْعَدُ" بالدال المهملة: ضرب من سمك البحر، و فتح النون و سكون العين لغة- نقلا عن المغرب.
 (كود)
قوله تعالى: كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ‏
 [9/ 117] أي قارب و هَمَّ و لم يفعل. و في الصحاح كَادَ وضعت لمقاربة الشي‏ء فعل أو لم يفعل. و في المصباح قال اللغويون كِدْتُ أفعل و معناه فعلت بعد إبطاء. قال الأزهري و هو كذلك، و شاهده قوله تعالى: فَذَبَحُوها وَ ما كادُوا يَفْعَلُونَ‏
 [2/ 71] و معناه ذبحوها بعد إبطاء لتعذر وجدان البقر عليهم. قوله: أَكادُ أُخْفِيها
 [20/ 15] معناه أريد أن أخفيها، فكما جاز أن يوضع يريد موضع يَكَادُ في قوله تعالى جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فكذلك أَكَادُ. و قال الجوهري الهمزة في أُخْفِيها للإزالة نحو" شكا زيد فأشكيته" أي أزلت شكايته، و المعنى أَكَادُ أزيل خفاءها أي أقارب إظهارها، و ذلك أنه أخبر

138
مجمع البحرين3

كود ص 138

بإتيانها جملة، فالمقاربة من حيث إظهارها إجمالا و عدم وقوع المستفاد من أكاد من حيث التفصيل. قوله: لَمْ يَكَدْ يَراها
 [24/ 40] أي لا رؤية ثمة و لا مقاربة لها.
 (كيد)
قوله تعالى: إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ*
 [68/ 45] الكَيْدُ السعي في فساد الحال على وجه الاحتيال، تقول كَادَهُ يَكِيدُهُ كَيْداً من باب باع: خدعه و مكر به، فهو كَائِدٌ إذا عمل في إيقاع الضرر به على وجه الختل، و هو من المخلوقين احتيال و من الله مشية بالذي يقع به الكيد. و" المَكِيدَة" اسم من الكيد. قوله: فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً
 [12/ 5] أي يحتالوا لك احتيالا، و لهذا سميت الحرب كَيْداً لاحتيال الناس فيه. و مثله قوله تعالى: يَكِيدُونَ‏
 [77/ 39] أي احتالوا في أمري. قوله: كِدْنا لِيُوسُفَ‏
 [12/ 76] أي كدنا له إخوته حتى ضممنا أخاه إليه، أو علمناه الكيد على إخوته.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَعُوذُ بِكَ مِنْ كَيْدِ الشَّيْطَانِ".
أي احتياله و خدعه و مكره.
وَ فِي الْخَبَرِ" يَكِيدُ بِنَفْسِهِ".
أي يجود بها، يريد النزع من الكيد و هو السوق. و كَادَتِ المرأةُ تَكِيدُ كَيْداً: حاضت و
مِنْهُ" نَظَرَ إِلَى جَوَارٍ وَ قَدْ كِدْنَ فِي الطَّرِيقِ".
أي حضن‏
. باب ما أوله اللام‏
 (لبد)
قوله تعالى: كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً
 [72/ 19] أي جماعات بعضهم على بعض. واحدها لِبْدَةٌ، أي كادوا يركبون على النبي رغبة في القراءة و شهوة لاستماعه. قال في غريبين الهروي: من قرأ لُبَدًا فهو جمع لَابِد مثل راكع و ركع.

139
مجمع البحرين3

لبد ص 139

قوله: أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً
 [6/ 9] أي كثيرا جما، من التلبيد كأنه من كثرته بعضه على بعض. و منه اشتقاق اللُّبُود التي تفرش. و" اللِّبْدُ" كحمل: ما يتلبد من شعر أو صوف، و اللِّبْدَةُ أخص منه. و" لَبِدَ الشي‏ءُ" من باب تعب: لصق، و كل شي‏ء ألصقته بشي‏ء إلصاقا نعما فقد لَبَّدْتَهُ. و" اللُّبَّادَةُ" وزان تفاحة: ما يلبس للمطر. و اللَّبَدُ بالتحريك: الصوف. و تَلْبِيدُ الشعر: أن يجعل فيه شي‏ء من صمغ أو خطمي و غيره عند الإحرام لئلا يشعث و يقمل اتقاء على الشعر. قال في النهاية: و إنما يُلَبِّدُ من يطول مكثه في الإحرام. و" لَبِيدُ بن عامر" الشاعر الصحابي و هو المقول فيه أصدق كلمة قالها لَبِيدٌ:
ألا كل شي‏ء ما خلا الله باطل             و كل نعيم لا محالة زائل‏

نقل الشيخ البهائي من حواشي السيوطي على البيضاوي أن لَبِيداً قد عاش مائة و خمسة و أربعين سنة، و هو القائل:
و لقد سئمت من الحياة و طولها             و سؤال هذا الناس كيف لَبِيد

 (لحد)
قوله تعالى: يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ‏
 [7/ 180] أي يميلون في صفاته إلى غير ما وصف به نفسه، فيدعون له الشريك و الصاحبة و الولد، يقال أَلْحَدَ و لَحَدَ: إذا حاد عن الطريق. قوله: لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌ‏
 [16/ 113] أي يميلون إليه، و يشيرون إليه و قرئ يَلْحَدُونَ إِلَيْه‏

140
مجمع البحرين3

لحد ص 140

بفتح الياء كأنه من لَحَدَ إذا حاد عنه و عدل. قوله: مُلْتَحَداً*
 [18/ 27] المُلْتَحَدُ: الحرز الذي يميل إليه اللاجئ. قوله: وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ‏
 [22/ 25] أي إلحادا بظلم و الباء زائدة، قيل الإِلْحَادُ الميل عن قانون الأدب كالبزاق و عمل الصنائع و غيرها، و الظُّلْم ما يتجاوز فيه قواعد الشرع، و قيل غير ذلك، و مفعول يُرِدْ محذوف و بِإِلْحادٍ
 و بِظُلْمٍ صفتان له، أي و من يرد أمرا بإلحاد و بظلم‏
وَ فِي الْحَدِيثِ" كُلُّ ظُلْمٍ إِلْحَادٌ وَ ضَرْبُ الْخَادِمِ مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ مِنْ ذَلِكَ الْإِلْحَادِ".
و أَلْحَدَ في دين الله: حاد عنه و عدل. و" أَلْحَدَ في الحرم": استحل حرمته و انتهكها. و منه‏
قَوْلُهُ ع" هُوَ مُلْحِدٌ فِي الْحَرَمِ".
قال بعض الشارحين: الإِلْحَادُ ضربان: الشرك بالله، و الشرك بالأسباب. فالأول ينافي الإيمان و يبطله و الثاني يوهن عراه و يعطله. و قوله مُلْحِدٌ في الحرم من هذا القبيل- انتهى. و قولهم المَلْحَدَة و الهند، يريدون بِالمَلْحَدَةِ الإسماعيلية الذين لا يعملون بالشرع مع غيبة الإمام، و بالهند هم أهل الهند كالبراهمة الذين لا يعملون بالشرع و لا يحسنون بعثة الأنبياء، و هذان الفريقان يحكمان بالحسن و القبح العقليين. و في الحديث ذكر اللَّحْد بالفتح و السكون كفلس و الضم لغة، و هو الشق في جانب القبر، و الجمع لُحُود كفلوس، و جمع المضموم أَلْحَاد كقفل و أقفال. و لَحَدْتُ اللَّحْدَ لَحْداً من باب نفع و أَلْحَدْتُهُ إِلْحَاداً: حفرته. و لَحَدْتُ الميت و أَلْحَدْتُهُ: جعلته في اللحد. و اللَّاحِدُ: الذي يعمل اللحد
. (لدد)
قوله تعالى: وَ هُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ‏
 [2/ 204] أي شديدة العداوة و الجدال للمسلمين، من قولهم" رجل أَلَدُّ بين اللدد" يعني شديد الخصومة لغيره، يقال لَدَّهُ يَلَدُّهُ لَدّاً من باب تعب: اشتدت خصومة، و هو أَلَدُّ، و المرأة لَدَّاءُ، و الجمع لُدٌّ من باب أحمر. و لَدَّ الرجل خصمه لَدّاً من باب قتل:

141
مجمع البحرين3

لدد ص 141

شدد خصومته و اللَّدُود بالفتح: هو ما يصب من الأدوية في أحد شقي الفم. و منه" فأمر فَلُدَّ بالصبر". و لَدِيدَا الفم: جانباه. و اللَّدِيدَان: جانبا الوادي‏
. (لغد)
" اللُّغْدُودُ" واحد اللَّغَادِيد، و هي اللحمات بين الحنك و صفحة العنق، و اللُّغْدُ بإسكان الغين مثله، و الجمع أَلْغَادٌ- قاله الجوهري.
 (لكد)
فِي الْحَدِيثِ" يُجْنِبُ الرَّجُلُ [فَيُصِيبُ‏] رَأْسَهُ الشَّيْ‏ءُ اللَّكِدُ".
الذي يلزم الشي‏ء و يلصق به، صفة مشبهة من لَكِدَ كفرح، يقال لَكِدَ عليه الوسخ أي لزمه، و تَلَكَّدَ الشي‏ءُ لزم بعضه بعضا
. (لهد)
يقال لَهَدَهُ الحِمْلُ: إذا أثقله. و لَهَدَهُ لَهْداً: أي دفعه لذُلِّه، فهو مَلْهُودٌ.
باب ما أوله الميم‏
 (مأد)
يقال امتأد فلان خيرا: أي كسبه، و يقال للغصن إذا كان ناعما يهتز هو يَمْأَدُ مَأْداً حسنا.
 (مجد)
قوله تعالى: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ
 [85/ 26] المَجْدُ: الشرف الواسع في كلام العرب، و المَجِيدُ فعيل منه للمبالغة قوله: ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ
 [85/ 15] قال الشيخ أبو علي: أكثر القراء في الْمَجِيدُ
 بالرفع، لأن الله سبحانه هو الموصوف بالمجد، و لأن المَجِيد لم يسمع في غير صفة الله تعالى و إن سمع المَاجِد، و من كسر الْمَجِيدِ جعله من صفة الْعَرْشِ، و يؤيده أن العرش وصف بالكرم في قوله: رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيم‏

142
مجمع البحرين3

مجد ص 142

فجاز أيضا أن يوصف بالمَجِيد، لأن معناه العلو و الكمال و الرفعة، و العرش أكمل شي‏ء و أعلاه و أجمعه لصفات الحسن. و المَجْدُ: الكرم و العز.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْمَجْدُ حَمْلُ الْمَغَارِمِ وَ إِيتَاءُ الْمَكَارِمِ".
و رجل مَاجِدٌ: كريم شريف، و يقال مفضال كثير الخير شريف. و التَّمْجِيدُ في الإنسان: أن ينسب الرجل إلى المَجْدِ، و هو الشرف في الآباء و رجل شريف مَاجِدٌ: له آباء متقدمون في الشرف. و المَجْدُ و التَّمْجِيدُ: التشريف. و تعظيم و تَمْجِيدُ الله كأن يقول العبد
" يَا مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيَّ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ يَا فَعَّالًا لِما يُرِيدُ* يَا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ يَا مَنْ هُوَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلَى يَا مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ".
و نحو ذلك. قيل و المُمَجِّدُ في عرف الشرع مخصوص بالقائل" لا حول و لا قوة إلا بالله" و مَجَّدْتُهُ: إذا مدحته مدحا جيدا. و مَجَّدَنِي عبدي: أي شرفني و عظمني. و جمع المَجِيد أَمْجَاد، و منه‏
قَوْلُهُمْ ع" أَمَّا نَحْنُ بَنُو هَاشِمٍ فَأَمْجَادٌ".
أي أشراف كرام و كذا أَمْجَاد جمع مَاجِد، كأشهاد في شهيد أو شاهد.
 (مدد)
قوله تعالى: وَ إِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ‏
 [84/ 3] أي بسطت بأن تزال جبالها و كل أكمة فيها حتى تمتد و تنبسط، كقوله: قاعاً صَفْصَفاً و قيل إنها تمتد و يزاد في سعتها. قوله: مَدَّ الْأَرْضَ‏
 [13/ 3] أي بسطها طولا و عرضا لتثبت عليها الأقدام. قوله: مَدَّ الظِّلَ‏
 [25/ 45] أي من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس وَ لَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً أي دائما لا يتغير، أي لا شمس معه، و قيل مَدَّ الظِّلَ‏
 جعله منبسطا لينتفع به الناس وَ لَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً أي لاصقا بأصل كل ذي ظل من بناء أو شجر فلم ينتفع به أحد، و معنى جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا أي الناس يستدلون بالشمس‏

143
مجمع البحرين3

مدد ص 143

و أحوالها في مسيرها على أحوال الظل من كونه ثابتا في مكان و زائلا و منبسطا و متسعا و متقلصا، و لو لا الشمس ما عرف الظل، و لو لا النور لما عرفت الظلمة. قوله تعالى: وَ جَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً
 [74/ 12] أي مبسوطا كثيرا، قيل كان له مائة ألف دينار و عشرة بنين شُهُوداً أي حضورا معه بمكة لا يغيبون عنه لغناهم عن ركوب السفر للتجارة، أسلم منهم ثلاثة نفر خالد بن الوليد و هشام و عمارة. قوله: قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ
 [18/ 109] الآية، أي مِدَاداً يكتب به كلمات علمه و حكمته عز شأنه لَنَفِدَ الْبَحْرُ و انتهى وَ لَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً
 أي زيادة و معونة له. قوله: يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ‏
 [2/ 15] أي يزيدهم طغيانا، من مَدَّ الجيشَ إذا زاده و قواه. قوله: يَمُدُّونَهُمْ‏
 [7/ 202] أي يزينون لهم. قوله: لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ*
 [10/ 88] هو من مد النظر تطويله، و أن لا يكاد يرده استحسانا للمنظور إليه و إعجابا به و تمنيا أن يكون ذلك له، و عن بعض أهل المعرفة يجب غض البصر عن أبنية الظلمة و ملابسهم المحرمة لأنهم اتخذوا ذلك لعيون النظارة، فالناظر إليها محصل لغرضهم، و كأنهم يحملونهم على اتخاذها. و مَدَّ الله في عمره: زاد فيه. و مَدَّهُ في غَيِّه: أي أمهله و طول له. و" المُدُّ" بضم الميم و التشديد مقدر بأن يمد يديه فيملأ كفيه طعاما. و قد تكرر ذكره في الحديث، و هو ربع الصاع و يجي‏ء تحقيقه في محله. و" المِدَّة" بالكسر و تشديد المهملة: ما يجتمع في الجرح من القيح الغليظ منه، و أما الرقيق فهو الصديد. و أَمَدَّ الجرحُ: صار فيه مِدَّة. و المُدَّةُ من الزمان بالضم: برهة منه، يقع على القليل و الكثير، و الجمع مُدَدٌ مثل غرفة و غرف.
وَ" سُبْحَانَ اللَّهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ".
بكسر الميم أي مثل عددها، و قيل ما يوازنها

144
مجمع البحرين3

مدد ص 143

في الكثرة عيار كيل أو وزن، و هذا تمثيل يراد به التقريب لأن الكلام لا يدخل في الكيل و الوزن بل في العدد، و كلمات الله يقال إنها علمه، و المِدَادُ كالمَدِّ، تقول مَدَدْتُ الشي‏ءَ أَمُدُّهُ مِدَاداً أو مَدّاً نصب على المصدر. و المِدَادُ: ما يكتب به. و مَدَدْتُ الدواةَ مَدّاً من باب قتل: إذا جعلت فيها المداد. و" المَدَّةُ" بالفتح غمس القلم في الدواة مرة للكتابة. و منه‏
الْحَدِيثُ عَنْ أَهْلِ الْخِلَافِ" مَا أُحِبُّ أَنِّي عَقَدْتُ لَهُمْ عُقْدَةً أَوْ وَكَيْتُ لَهُمْ وِكَاءً وَ إِنَّ لِي مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا لَا وَ لَا مَدَّةً بِقَلَمٍ".
و مَدَّ البحرُ مَدّاً: زاد، و الجمع مُدُودٌ مثل فلس و فلوس. و امْتَدَّ الشي‏ءُ: انبسط. و المَدَدُ بفتحتين: الجيش. و أَمْدَدْتُ الجيشَ: أعنته و قرنته به. و المَادَّةُ: هي الزيادة المتصلة، و منه مَادَّةُ الحمام المتصلة به. و كل ما أعنت به قوما في حرب أو غيره فهو مَادَّةٌ لهم. و تَمَدَّدَ الرجل: تمطى. و حروف المَدِّ هي حروف العلة، و في مصطلح القراء إن كان بعدها همزة تمد بقدر ألفين إلى خمس ألفات، و إن كان بعدها تشديد تمد بقدر أربع ألفات اتفاقا منهم مثل دابة، و إن كان ما بعدها ساكن تمد بقدر ألفين اتفاقا كصاد، و إن كان بعدها غير هذه الحروف لم تمد إلا بقدر خروجها من الفم، فمد بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* لم يكن إلا بقدر خروج الحرف من الفم إلا الرَّحِيمِ* عند الوقف فيمد بقدر ألفين.
 (مرد)
قوله تعالى: مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ‏
 [9/ 101] أي عتوا و استمروا عليه، من قولهم مَرَدَ يَمْرُدُ من باب قتل و سرق و كرم: إذا عتا، فهو مَارِدٌ. قوله: مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ
 [27/ 44] أي مملس، و منه الأَمْرَدُ للشاب الذي لا شعر له على وجهه. قوله: مَرِيداً
 [4/ 117] أي مَارِداً عاتيا، و معناه أنه قد عري عن الخير و ظهر شره، من قولهم شجرة

145
مجمع البحرين3

مرد ص 145

مَرْدَاء: إذا سقط ورقها و ظهرت عيدانها. قوله: شَيْطانٍ مارِدٍ
 [37/ 17] أي خارج عن الطاعة متمكن من ذلك. و المَارِدُ: العاتد الشديد. و سلطان المَرَدَةِ: كبيرهم.
وَ فِي الْحَدِيثِ" شَهْرُ رَمَضَانَ تُصَفَّدُ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ".
هي جمع مَارِد. و المَرِيدُ بالفتح: التمر ينقع في اللبن حتى يلين. و منه مَرَدَ الخبزَ يَمْرُدُهُ مَرْداً من باب قتل: أي ماثه حتى يلين. و" مُرَادُ" وزان غراب قبيلة سمي باسم أبيهم مُرَاد بن مالك، قيل اسمه جابر فتمرد على الناس- أي عتا عليهم- فسمي بذلك.
 (معد)
" المَعِدَةُ" وزان كلمة و بكسر الميم و سكون العين أيضا، و هي من الإنسان مقر الطعام و الشراب، قيل انحداره إلى الأمعاء، و جمعت على مِعَد مثل سدرة و سدر. و في الصحاح المَعِدَةُ للإنسان بمنزلة الكرش لكل مجتر. و عن بعض العارفين المَعِدَة حوض البدن، شبهت به و شبه البدن بالشجر و العروق الواردة إليها بعروق الشجر الضاربة إلى الحوض الجاذبة ماءه إلى الأغصان و الأوراق، ثم إنه جعل الحرارة الغريزية في البدن مسلطة عليه تحلل الرطوبات تسليط السراج على السليط، و جعل قوة سارية في عروق واردة منه إلى الكبد طالبة منه ما صفا من الأخلاط التي حصلت بسبب عروق واردة منه إلى المعدة جاذبة منها ما انهضم من المشروب و المطعوم لينطبخ في الكبد مرة أخرى، و هذا معنى الصدور بعد الورود، فإذا كان في المعدة غذاء صالح يحصل للأعضاء غذاء محمود، و إذا كان فاسدا لكثرة أكل أو شرب أو إدخال طعام على طعام و نحوه كان سببا لقوة الأخلاط الردية الموجبة للأمراض، ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. و عن الغزالي أنه قال: المَعِدَة ينبوع الشهوات إذ منها يتشعب شهوة الفرج، ثم من غلبته المأكول و المنكوح يتشعب شهوة المال، إذ لا يتوصل إلى قضاء

146
مجمع البحرين3

معد ص 146

الشهوتين إلا به، و يتشعب من شهوة المال شهوة الجاه، إذ يعسر المال دونه، ثم عند حصول الجاه و المال تزدحم الآفات كلها كالكبر و الرياء و الحسد و العداوة و الحقد و غيرها، و منبع جميع ذلك البطن. و مَعَدَ في الأرض: ذهب. و مَعَدْتُ الشي‏ءَ و امْتَعَدْتُهُ: اجتذبته بسرعة. قال الجوهري: و المَعْدُ الغض من البقل. و" مَعَدُّ بنُ عدنان" أبو العرب خاف أن يندرس الحرم فوضع أنصابه و كان أول من وضعها، ثم غلبت جُرْهُم بمكة على ولاية البيت، ثم غلبت عليه خزاعة حتى جاء قصي بن كلاب فغلب عليهم و ولي البيت.
 (مهد)
قوله تعالى: فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ‏
 [30/ 44] أي يوطئون لأنفسهم منازلهم كما يوطئ من مهد فراشه و سواه لئلا يصيبه ما ينغص عليه مرقده و مثله قوله: فَنِعْمَ الْماهِدُونَ‏
 [51/ 48] أي نحن. قوله: أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً
 [78/ 6] بكسر الميم أي فراشا، و المِهَادُ الفراش، يقال مَهَدْتُ الفراشَ مَهْداً: إذا بسطته و وطأته، و جمعه أَمْهِدَة و مُهُد بضمتين. قوله: و أرض ذات مِهَاد من ذلك. و مَهَّدْتُ الأمرَ تَمْهِيداً: وطأته و سهلته. و المَهْدُ: الموضع يهيأ للصبي و يوطأ و جمعه مِهَادٌ مثل سهم و سهام، و يجمع على مُهُد ككتاب و كتب و على مُهُود كفلس و فلوس. و المَهْدِيُّ ع مر في" هدي".
 (ميد)
قوله تعالى: وَ أَلْقى‏ فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ*
 [16/ 15] يعني لئلا أن تميد بكم، أي تتحرك و تميل بكم، يقال مَادَ الشي‏ءُ يَمِيدُ مَيْداً من باب باع و مَيَدَاناً بفتح الياء: إذا تحرك. و" المَيْدَانُ" من ذلك لتحرك جوانبه عند السباق مثل شيطان، و الجمع مَيَادِين كشياطين. و مَادَتِ الأغصانُ: تمايلت.

147
مجمع البحرين3

ميد ص 147

و مَادَ الرجلُ: تبختر. قوله: إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ
 [5/ 112] الآية. المَائِدَةُ هي الخوان يكون عليها الطعام، فإن لم يكن عليه طعام فهو خِوَان. قيل هي من مَادَهُ مَيْداً: أي أعطاه، و هي فاعلة بمعنى مفعولة مثل عِيشَةٍ راضِيَةٍ* لأن المالك مادها للناس، أي أعطاهم إياها، و قيل هي من مَادَ يَمِيدُ: إذا تحرك.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْأَسْوَاقُ مَيْدَانُ إِبْلِيسَ يَغْدُو بِرَايَتِهِ وَ يَضَعُ كُرْسِيَّهُ وَ يَبُثُّ ذُرِّيَّتَهُ فَبَيْنَ مُطَفِّفٍ فِي قَفِيزٍ أَوْ طَائِشٍ فِي مِيزَانٍ أَوْ سَارِقٍ فِي ذَرْعٍ أَوْ كَاذِبٍ فِي سِلْعَةٍ".
الحديث. و مَيْدَ لغة في بيد بمعنى غير.
باب ما أوله النون‏
 (نجد)
" النَّجْدُ" ما ارتفع من الأرض و الجمع نِجَادٌ و نُجُودٌ و أَنْجُدٌ، و منه‏
حَدِيثُ الْمَوَاقِيتِ" الْعَقِيقُ لِأَهْلِ نَجْدٍ".
و هو وقت لما أنجدت الأرض و أنت مُتْهِمٌ.
قَوْلُهُ:" لِمَا أَنْجَدَتِ الْأَرْضُ".
أي لما ارتفع منها"، قيل و همزة باب الإفعال هنا للدخول يقال" أَنْجَدَ الرجلُ" أي دخل في أرض نجد، أو للصيرورة أي صارت ذا نجد و ارتفاع، و قوله" و أنت مُتْهِمٌ" بكسر الهاء على صيغة اسم الفاعل: أي داخل في تهامة. و في بعض نسخ الحديث" و أنت فيها" أي في تلك الأرض المرتفعة، و في بعضها" و أنت منهم" أي من أهل نجد. و نَجْدٌ خاص لما دون الحجاز مما يلي العراق. و نَجْدٌ ما بين العذيب إلى ذات عرق‏

148
مجمع البحرين3

نجد ص 148

إلى اليمامة إلى جبلي طي و إلى وَجْرَةٍ و إلى اليمن ذات عرق أول تهامة إلى البحر و جدة، و قيل تِهَامَةُ ما بين ذات عرق إلى مرحلتين من وراء مكة و ما وراء ذلك من المغرب فهو غَوْرٌ و المدينة شرفها الله تعالى لا تهامية و لا نجدية فإنها فوق الغور و دون نجد. قال الجوهري: نَجْدٌ من بلاد العرب و هو خلاف الغور، و الغور تهامة و كل ما ارتفع من تهامة إلى أرض العراق فهو نَجْدٌ، و هو مذكر، و" أَنْجَدْنَا" أخذنا في بلاد نجد. و" النَّجَدُ" بالتحريك: متاع البيت من فرش و نمارق و ستور، و الجمع أَنْجَادٌ و نُجُودٌ. و التَّنْجِيدُ: التزيين، يقال بيت مُنَجَّدٌ أي مزين.
وَ فِي الْحَدِيثِ" نَجَّدَ فَزَخْرَفَ".
قيل إما من النَّجْدِ و هو ما ارتفع من الأرض، أو مما يُنَجَّدُ به البيت أي تزين من بسط و فرش و وسائد، و الزُّخْرُفُ بالضم الذهب و زَخْرَفَهُ زينه. و" النَّجَّادُ" بالتشديد: الذي يعالج الفرش و الوسائد و يخيطها. و" النِّجَادُ" بكسر النون مخففة: حمائل السيف يكنى به عن طول القامة، فيقال هو طويل النِّجَاد أي القامة. و" النَّجْدَةُ" بفتح النون فالسكون: الشجاعة، يقال نَجُدَ الرجلُ بالضم فهو نَجِدٌ و نَجِيدٌ و الجمع أَنْجَادٌ مثل أيقاظ، و جمع نَجِيد نَجْدَاء.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" أَمَّا بَنُو هَاشِمٍ فَأَنْجَادٌ".
أي أشداء شجعان.
 (ندد)
قوله تعالى: وَ تَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً
 [41/ 9] أي أمثالا و نظراء واحدهم نِدٌّ، و هو المثل و النظير، و منه‏
الدُّعَاءُ" وَ كَفَرْتُ بِكُلِّ نِدٍّ يُدْعَى مِنْ دُونِ اللَّهِ".
قال الهمداني في كتاب الألفاظ: الأَنْدَادُ و الأَضْدَاد و الأَكْفَاء و النُّظَرَاء و الأَشْبَاه و الأَقْرَان و الأَمْثَال و الأَشْكَال نظائر، و عن الراغب النِّدُّ يقال فيما يشارك في الجوهرية فقط، و الشَّكْلُ يقال فيما يشارك في القدر و المساحة، و الشِّبْه‏

149
مجمع البحرين3

ندد ص 149

يقال فيما يشارك في الكيفية فقط، و المساوي فيهما يشارك في الكمية فقط، و المِثْلُ عام في الألفاظ كلها. و" نَدَّ البعيرُ" من باب ضرب نَدّاً و نِدَاداً بالكسر و نَدِيداً: نفر و ذهب على وجهه شاردا، و الجمع نَوَادُّ و منه قراءة بعضهم يَوْمَ التَّنادِّ بتشديد الدال، أي الفرار. و منه‏
حَدِيثُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ" فَهُمْ بَيْنَ شَرِيدٍ نَادٍّ".
أي مطرود ذاهب لوجهه، إما لإنكاره المنكر أو لقلة صبره على مشاهدته.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنْ أَفْلَتَكَ شَيْ‏ءٌ مِنَ الصَّيْدِ أَوْ نَدَّ فَارْمِهِ بِسَهْمِكَ".
و
مِنْهُ" ذَهَبَتِ الشَّاةُ مُتَحَيِّرَةٌ نَادَّةٌ".
أي نافرة شاردة على وجهها. و نَدَّ القوم من باب قتل: اجتمعوا، و منه النَّادِي، و هو مجلس القوم و متحدثهم. و النَّادُّ و النَّادِي: الداهية. و منه‏
الْحَدِيثُ" الْإِمَامُ مَفْزَعُ الْعِبَادِ فِي الدَّاهِيَةِ النَّادِّ".
و نَدِيَ الشي‏ءُ: إذا ابتل فهو نَدٍ، مثل تعب. و أرض نَدِيَّة: فيها نداوة و رطوبة.
وَ فِي حَدِيثِ جَرِيدَتَيِ الْمَيِّتِ" يُخَفَّفُ بِهِمَا عَنْهُ مَا كَانَ فِيهِمَا نَدَاوَةٌ".
أي بلة و رطوبة.
 (نرد)
فِي الْحَدِيثِ" لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ صَاحِبِ النَّرْدِ".
النَّرْدُ هو النردشير الذي هو من موضوعات سابور بن أردشير بن بابك أردشير أول ملوك الساسانيه، شبه رقعته بوجه الأرض و التقسيم الرباعي بالكعاب الأربعة، و الرقوم المجعولة ثلاثين بثلاثين يوما، و السواد و البياض بالليل و النهار، و البيوت الاثني عشرية بالشهور، و الكعاب بالأقضية السماوية للعب بها و الكسب. و" نَرْدَشِيرُ" معرب و شِير معناه حلو. و منه‏
الْحَدِيثُ" مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرَ فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَ دَمِهِ".
أراد تصوير قبحه تنفرا عنه كتشبيه وجه المجدور بسلحة جامدة نقرتها الديكة و
فِيهِ" النَّرْدُ أَشَدُّ مِنَ الشِّطْرَنْجِ" وَ" اللَّاعِبُ بِالنَّرْدِ".

150
مجمع البحرين3

نشد ص 151

 (نشد)
فِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ" أَنْشُدُكَ دَمَ الْمَظْلُومِ".
هو بفتح همزة و ضم شين متعديا إلى مفعولين أو مضمنا، أي أطلب منك و أسألك بحقك أن تأخذ بدم المظلوم يعني الحسين بن علي ع و تنتقم من قاتله و من الذين أسسوا أساس الجور و الظلم عليه و على أهل البيت ع.
وَ فِي الْخَبَرِ" نَشَدْتُكَ اللَّهَ وَ الرَّحِمَ".
أي سألتك بالله و بالرحم. و نَشَدْتُكَ بالله إلا فعلت: معناه ما أطلب منك إلا فعلك، و يقال نَشَدْتُكَ اللهَ و بالله و نَاشَدْتُكَ أي سألتك و أقسمت عليك و أَنْشَدَ الشعرَ إِنْشَاداً، و هو النَّشِيدُ فعيل بمعنى مفعول. و نَشِيدُ الشعر: قراءته.
وَ فِي الْخَبَرِ" نَهَى عَنْ تَنَاشُدِ الْأَشْعَارِ".
و هو أن ينشد كل واحد صاحبه نشيدا لنفسه أو لغيره افتخارا أو مباهاة أو على وجه التفكه بما يستطاب منه، و أما ما كان في مدح حق فهو خارج عن الذم بل هو مستحب كما صرحت به الأخبار.
 (نضد)
قوله تعالى: لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ
 [50/ 10] يعني نضد بعضه على بعض يقال نَضَدْتُهُ نَضْداً من باب ضرب: جعلت بعضه على بعض، و إنما يقال نَضِيد ما دام في كفراه فإذا انفتح فليس بنضيد. و مثله قوله تعالى: وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ
 [56/ 29] أي نضد بالحمل من أسفله إلى أعلاه، فليست له ساق بارزة- قاله الشيخ أبو علي. و النَّضَدُ بالتحريك: متاع البيت المنضود بعضه فوق بعض، و الجمع أَنْضَادٌ.
 (نفد)
قوله تعالى: لَنَفِدَ الْبَحْرُ
 [18/ 109] أي فني و لم يبق منه شي‏ء، من قولهم: نَفِدَ الشي‏ءُ يَنْفَدُ من باب تعب: فني و انقطع.
 (نقد)
فِي الْحَدِيثِ" مَنْ أَرَادَ أَنْ تُطْوَى لَهُ الْأَرْضُ فَلْيَتَّخِذِ النُّقُدَ مِنَ الْعَصَا".
النُّقُد

151
مجمع البحرين3

نقد ص 151

عصا لوز مُرٍّ- قاله الصدوق. و النَّقْدُ: نقد الدراهم، يقال و نَقَدْتُ له الدراهمَ: أعطيته، فَانْتَقَدَهَا أي قبضها و نَقَدْتُ الدراهمَ و انْتَقَدْتُهَا: إذا خرجت منها الزيف. و بيع النَّقْدِ: هو بيع الحال بالحال. و" النَّقَدُ" بالتحريك: جنس من الغنم قصار الأرجل قباح الوجوه تكون بالبحرين- قاله الجوهري.
 (نكد)
" عيش نَكِدٌ" أي قليل عسر، يقال نَكِدَ عيشهم بالكسر- من باب تعب يَنْكَدُ نَكَداً: اشتد. و نَكِدَتِ الركية: قل ماؤها. و رجل نَكِدٌ: أي عسر. و قوم أَنْكَادٌ: إذا تعاسروا. و عطاء نَكِدٌ: أي قليل نزر.
 (نمرد)
" نُمْرُود" بالضم من الجبابرة معروف.
 (نهد)
فِي الْحَدِيثِ" فَنَهَدَ إِلَيَّ".
أي نهض و تقدم. و منه نَهَدْتُ إلى العدو نَهْداً- من بابي قتل و نفع-: أي نهضت و برزت، و الفاعل نَاهِدٌ، و الجمع نُهَّادٌ مثل كافر و كفار. و نَهَدَ الثديُ نُهُوداً من باب قعد و نفع لغة: كعب و أشرف، و سمي الثدي" نَهْداً" لارتفاعه. و" نَهْدٌ" بالفتح فالسكون: قبيلة من اليمن. و" نَهَاوَنْدُ" مثلثة النون: بلد من بلاد الجبل قرب همدان.

152
مجمع البحرين3

نهد ص 152

و الهيثم بن أبي مسروق النَّهْدِيُّ من رواة الحديث.
باب ما أوله الواو
 (وأد)
قوله تعالى: وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ‏
 [81/ 8] المَوْؤُدَة بنت تدفن حية، و كانت كندة تدفن البنات.
وَ عَنِ الصَّادِقِ ع وَ إِذَا الْمَوَدَّةِ سُئِلْتَ بِفَتْحِ الْمِيمُ وَ الْوَاوُ.
قيل و المراد بِالْمَوْؤُدَة الرحم و القرابة و إنه تسأل قاطعها سبب قطعها
وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّهُ قَالَ: هُوَ مَنْ قُتِلَ فِي مَوَدَّتِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ.
وَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: يَعْنِي قَرَابَةَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ مَنْ قُتِلَ فِي جِهَادٍ.
وَ فِي الْخَبَرِ" أَنَّهُ نَهَى عَنْ وَأْدِ الْبَنَاتِ".
أي قتلهن، لأنهم كانوا في الجاهلية يدفنونهن و هن حيات في التراب. و" التُّؤَدَة" بضم التاء كهُمَزَة من الوَئِيد، و هي السكون و الرزانة و التأني و المشي بثقل، و يقال التُّؤَدَةُ محمودة في غير أمر الآخرة، أما فيه فلا، يشهد له قوله فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ* و سارِعُوا إِلى‏ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ. و يقال" ايتَأَدَ في مشيته" أي اقتصد. و ايتَئِدْ في أمرك: أي تثبت، و أصل الياء واو.
 (وتد)
قوله تعالى: وَ فِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ
 [38/ 12] جمع وَتِد بالكسر و هو أفصح من الفتح، قيل كان إذا عذب رجلا بسطه على الأرض أو على خشب و وَتَّدَ يديه و رجليه‏

153
مجمع البحرين3

وتد ص 153

بأربعة أوتاد ثم تركه على حاله. و" الوَتِدَانِ" في الأذنين اللذان في باطنهما كأنه وتد- قاله الجوهري.
 (وجد)
قوله تعالى: لا تَجِدُ قَوْماً
 [58/ 22] الآية. قال الشيخ أبو علي: هو من التخييل، أي من الممتنع المحال أن تجد قوما يوالون من خالف الله و رسوله، و الغرض أنه لا ينبغي أن يكون ذلك، و حقه أن يمتنع و لا يوجد بحال مبالغة في النهي عنه. قوله: أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى‏
 [93/ 6] قال المفسر: هو من الوجود الذي بمعنى العلم، و المنصوب مفعول وجد، و المعنى أ لم تكن يتيما و ذلك‏
أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَ هُوَ جَنِينٌ أَوْ بَعْدَ مُدَّةِ قَلِيلَةٍ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ فِيهِ، وَ مَاتَتْ أُمُّهُ وَ هُوَ ابْنُ سَنَتَيْنِ، فَآوَاهُ اللَّهُ بِجَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ بِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ بَعْدَ وَفَاةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَ حَبَّبَهُ إِلَيْهِ حَتَّى كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ جَمِيعِ أَوْلَادِهِ وَ كَفَلَهُ وَ رَبَّاهُ، وَ لَمَّا مَاتَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ كَانَ ابْنَ ثَمَانِ سِنِينَ.
قوله: فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا*
 [4/ 43] الآية. قال بعض المفسرين: يمكن أن يراد بعدم وجدان الماء عدم التمكن من استعماله و إن كان موجودا، فيسري الحكم إلى كل من لا يتمكن من استعماله كفاقد الثمن أو الآلة أو الخائف من لص أو سبع و نحوهم. قال: و هذا التفسير و إن كان فيه تجوز إلا أنه هو المستفاد من كلام محققي المفسرين من الخاصة و العامة- انتهى، و هو جيد. قوله: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً
 [5/ 82] الآية قال المفسر: اللام في لَتَجِدَنَ‏
 لام القسم و النون دخلت لتفصل بين الحال و الاستقبال. قال: و هذا مذهب الخليل و سيبويه. و عَداوَةً منصوب على التمييز. قوله: وَ لْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً
 [24/ 33] قيل أي أسبابه، و المراد بالنكاح ما ينكح به، و المراد بِالوِجْدَانِ التمكن منه، فعلى الأول نكاحا منصوب على المفعولية، و على الثاني بنزع الخافض،

154
مجمع البحرين3

وجد ص 154

أي من نكاح. قوله: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ‏
 [65/ 6] بالضم أي من سعتكم و مقدرتكم.
وَ فِي الْحَدِيثِ" فَرَضَ الْحَجَّ عَلَى أَهْلِ الْجِدَةِ".
بتخفيف الدال و هو الغنى و كثرة المال و الاستطاعة، يقال وَجَدَ يَجِدُ جِدَةً استغنى. و المَوْجِدَةُ: ما يجده الإنسان. و" الوَاجِدُ" من أسمائه تعالى، و هو إما من الجِدَةِ و هو الغنى، فيكون معناه الغنى الذي لا يفتقر إلى شي‏ء، و إما من الوُجُودِ، و هو الذي لا يحول بينه و بين ما يريد حائل. و الواجد: الغني القادر على الشي‏ء. و وَجَدَ مطلوبَه يَجِدُهُ وُجُوداً و يَجُدُهُ بالضم لغة: ظفر به. و وَجَدَ عليه في الغضب مَوْجِدَةً و وَجْداً
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَسْأَلُكَ فَلَا تَجِدْ عَلِيِّ".
أي لا تغضب علي من سؤالي. و وَجَدَ في الحزن وَجْداً بالفتح. و تَوَجَّدْتُ لفلان: حزنت له. و وَجَدَ ضالتَه وِجْدَاناً: إذا رآها و لقيها. و وَجَدَ بفلانة وَجْداً: أحبها حبا شديدا. و افتقر بعد وَجْدٍ: أي سعة. و وَجَدَ بعد فقر: استغنى. و أَوْجَدَهُ: أغناه. و منه‏
الدُّعَاءُ" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَوْجَدَنِي بَعْدَ ضَعْفٍ".
أي قواني.
وَ فِي الْحَدِيثِ" قِيلَ لِعَلِيٍّ ع كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: كَيْفَ يَكُونُ حَالُ مَنْ يَفْنَى بِبَقَائِهِ وَ يَسْقَمُ بِصِحَّتِهِ وَ يُؤْتَى مِنْ مَأْمَنِهِ".
قال الفاضل المتبحر ميثم: سببية البقاء للفناء و الصحة للسقم تقريبهما إليهما و كونهما غايتين لهما و ألما من الدنيا، و إنما يؤتى المرء و يدخل عليه ما يكره منها.
وَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ" لَوْ لَا أَنْ يَجِدَ الْمُؤْمِنُ فِي قَلْبِهِ لَعَصَّبْتُ الْكَافِرَ بِعِصَابَةٍ مِنْ حَدِيدٍ لَا يُصَدَّعُ رَأْسُهُ أَبَداً".
قوله:

155
مجمع البحرين3

وجد ص 154

" يَجِدُ" أي يخطر بباله شي‏ء. و الوِجَادَةُ بالكسر بيت الضبع، و منه‏
الْحَدِيثُ" انْجَحَرَ عَنِّي انْجِحَارَ الضَّبُعِ فِي وِجَارِهَا".
و الوُجُودُ: خلاف العدم. و اختلف في أنه عين الماهيات أم لا: فجمهور المتكلمين على أن الوُجُودَ زائد على الماهيات في الواجب و الممكن و الحكماء في الواجب عينه و في الممكن زائد عليه، و لعل هذا أقرب. و تحقيق البحث في محله. و" الوِجْدَانُ" من القوى الباطنة، و كل ما يدرك بالقوة الباطنة يسمى الوِجْدَانِيَّاتِ.
 (وحد)
قوله تعالى: ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً
 [84/ 11] أي لم يشركني في خلقه، أو وَحِيداً لا مال له و لا بنين و
فِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: الوَحِيدُ وَلَدُ الزِّنَا، وَ هُوَ زُفَرُ.
و عن الشيخ أبو علي يعني الوليد بن المغيرة. قال: يريد و دعني و إياه و خل بيني و بينه فإني أجزيك في الانتقام منه عن كل منتقم. قوله: قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ
 الآية قال المفسر: أي بخصلة واحدة، و فسرها بقوله أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى‏ [34/ 46] على أنه عطف بيان لها، و أراد بقيامهم إما القيام عن مجلس رسول الله ص و تفرقهم عنه، و إما الانتصاب في الأمر و النهوض فيه بالهمة، و المعنى إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ
 إن فعلتموها أصبتم الحق، هي أن تقوموا لوجه الله خالصا اثنين اثنين و واحدا و واحدا ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا في أمر محمد و ما جاء به بعدل و إنصاف من غير عناد و مكابرة، إن هذا الأمر العظيم الذي تحته ملك الدنيا و الآخرة لا يتصدى لادعاء مثله إلا أحد رجلين: إما مجنون لا يبالي باقتضاء حد إذا طولب بالبرهان عجز، و إما عاقل كامل مرشح للنبوة و مؤيد من عند الله بالآيات و الحجج، و قد علمتم أن محمدا ما به من جنون بل علمتموه أرجح الناس عقلا و أصدقهم قولا و أجمعهم للمحامد. قال: و ما للنفي و يكون استئناف كلام‏

156
مجمع البحرين3

وحد ص 156

تنبيها من الله تعالى على طريق النظر في أمر رسول الله ص.
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِهِ تَعَالَى:" وَاحِدِيُّ الذَّاتِ وَاحِدِيُّ الْمَعْنَى".
بمعنى أنه لا ينقسم في وجود و لا عقل و لا وهم، و قيل وَاحِدِيُّ المعنى أي الصفات، فَرِضَاهُ ثوابه و سخطه عقابه من غير شي‏ء يتداخله فيهيجه من حال إلى حال. و
فِيهِ" الْوَاحِدُ بِلَا تَأْوِيلٍ".
يعني من جميع الجهات واحد، بخلاف سائر الأشياء فإن وحدتها باعتبار العدد. و مثله" كل مسمى بِالْوَحْدَةِ غيره قليل" يريد أنه لا يوصف بالقلة و إن كان واحدا، و ذلك أن الوَاحِدَ يقال لِمَعَان و المشهور منها هو كون الشي‏ء مبدأ للكثرة يكون عَادّاً و مكيالا، و هو الذي يلحقه القلة و الكثرة الإضافيان، فإن كل واحد بهذا المعنى هو قليل بالنسبة إلى الكثرة التي تصلح أن يكون مبدأ لها، و المتصور لأكثر الناس كونه واحدا بهذا المعنى فلذلك نزهه ع عنه بذكر لازمه و هو القليل لظهور بطلان هذا اللازم في حقه تعالى و استلزام بطلانه بطلان الملزوم المذكور- كذا قرره بعض شراح الحديث. و" الوَاحِدُ تعالى" الفرد الذي لم يزل وحده و لم يكن معه آخر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" سُئِلَ الْجَوَادُ ع مَا مَعْنَى الْوَاحِدِ؟ فَقَالَ: إِجْمَاعُ الْأَلْسُنِ عَلَيْهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ*.
و الوَاحِدُ الأَحَد: اسمان دالان على معنى الوحدانية. و الوَاحِدُ الحقيقي: ما يكون منزه الذات عن التركيب الخارجي و الذهني. و الفرق بين الوَاحِدِ و الأَحَدِ على ما ذكره بعض الأعلام من وجوه:" الأول"- أن الوَاحِدَ هو المتفرد بالذات، و الأَحَدُ هو المتفرد بالمعنى." الثاني"- أن الوَاحِدَ أعم موردا لكونه يطلق على من يعقل و غيره، و لا يطلق الأَحَدُ إلا على من يعقل." الثالث" أن الوَاحِدَ يدخل الضرب و العدد، و يمتنع دخول الأَحَدِ في ذلك.
                       

157
مجمع البحرين3

وحد ص 156

و" الوَاحِدُ" هو أول الأعداد، و يجمع على أُحْدَان و وُحْدَان بضم الهمزة و الواو. و فلان لا وَاحِدَ له: أي لا نظير له. و فلان أَوْحَدُ أهل زمانه: إذا لم يكن له فيهم مثل. و جاءوا وُحْدَاناً: أي متفردين جمع وَاحِد كراكب و ركبان. و من كلامهم" إن كنت لا بد فاعلا لها فَوَاحِدَةٌ" أي لا تفعل و إن فعلت فافعل واحدة. و" الوَاحِدَةُ" بفتح الواو الانفراد، و يقال رأيته وَحْدَهُ- قاله الجوهري، و هو منصوب عند أهل الكوفة على الظرف و عند أهل البصرة على المصدر، كأنك تقول أَوْحَدْتُهُ برؤيتي إيحادا لم أر غيره ثم وضعت وحده هذا الموضع.
وَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ" فَجَعَلْتُهُ فِي قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ".
أي منفردا وحده، و أصلها الواو فحذف من أولها و عوض عنها بالهاء في الآخر كعدة و زنة من الوعد و الوزن. و أهلٌ بِالتَّوْحِيدِ: أي بنفي الشريك. و كلمة" التَّوْحِيدِ" تسمى كلمة الإخلاص. و قيل إنما سميت بذلك لأن من تمسك بما فيها اعتقادا و إقرارا كان مخلصا، و قيل من قرأها على سبيل التعظيم.
وَ فِي الْحَدِيثِ" سُئِلَ الرِّضَا ع عَنِ التَّوْحِيدِ؟ فَقَالَ: كُلُّ مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ آمَنَ بِهَا فَقَدْ عَرَفَ التَّوْحِيدَ. قَالَ السَّائِلُ: قُلْتُ كَيْفَ يَقْرَأُهَا؟ قَالَ: كَمَا يَقْرَأُهَا النَّاسُ وَ زَادَ فِيهِ كَذَلِكَ اللَّهُ رَبِّي كَذَلِكَ اللَّهُ رَبِّي".
و الاتِّحَادُ: صيرورة الشيئين الموجودين شيئا واحدا، و هو حقيقي و مجازي، فالحقيقي منه ما كان بلا زيادة و لا نقصان و هو ممتنع في نفسه، و المجازي صيرورتهما شيئا آخر بكون و فساد و هو من عوارض الأجسام.
 (وخد)
الوخد: ضرب من سير الإبل سريع- قاله الجوهري و غيره. و" وَخْدَة" بفتح الواو و سكون الخاء:

158
مجمع البحرين3

وخد ص 158

قرية من قرى خيبر.
 (ودد)
قوله تعالى: وَ هُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ
 [85/ 14] الوَدُودُ من أسمائه تعالى، و هو فعول بمعنى مفعول من الوُدِّ المحبة، فالله تعالى مَوْدُودٌ أي محبوب في قلوب أوليائه، أو هو فعول بمعنى فاعل، أي الله يحب عباده الصالحين، بمعنى يرضى عنهم. قوله: سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا
 [19/ 96] أي محبة في قلوب الصالحين. قوله: أَ يَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَ أَعْنابٍ‏
 [2/ 266] الآية. قال المفسر: هذا مثل لمن يعمل الأعمال الحسنة التي لا يبتغي بها وجه الله فإذا كان يوم القيامة وجدها محبطة لا ثواب عليها، فيتحسر عند ذلك حسرة من كانت له جنة هذه صفتها و له أولاد صغار و الجنة معاشهم فهلكت بالصاعقة قوله: وَ لا تَذَرُنَّ وَدًّا وَ لا سُواعاً وَ لا يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَ نَسْراً
 [71/ 23] هي أصنام للعرب من أعظم أصنامهم، فوَدّ لكلب و سواع لهمدان و يغوث لمذحج و يعوق لمراد و نسر لحمير، و لذلك سموا بعبد وَدٍّ و عبد يغوث. قوله: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏
 [42/ 23] أي لا أسألكم عليه إلا أن تودوا قرابتي و تصلوا أرحامهم.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْمَوَدَّةُ قَرَابَةٌ مُسْتَفَادَةٌ".
و الوِدُّ و الوُدُّ كسرا و ضما المودة. و الوَدُّ بالفتح مثله. و الوَدُّ أيضا الوتد في لغة أهل نجد- قاله الجوهري. و وَدِدْتُ الرجل- من باب تعب أَوَدُّ: إذا أحببته، و الاسم المَوَدَّةُ. و تَوَدَّدَ إليه: تحبب إليه، و هو وَدُودٌ أي محب يستوي فيه الذكر و الأنثى. و وَدِدْتُ لو أنك تفعل كذا: أي تمنيت.
 (ورد)
قوله تعالى: وَ نَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى‏ جَهَنَّمَ وِرْداً
 [19/ 86] قيل الوِرْدُ مصدر وَرَدَ يَرِدُ وِرْداً و وُرُوداً. و الوِرْدُ بالكسر: الماء الذي يورد

159
مجمع البحرين3

ورد ص 159

و الذي يرد عليه. و في التفسير وِرْداً
 أي عطاشا. و قوله: بِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ
 [11/ 98] أي بئس الورد الذي يردونه النار، لأن الوارد إنما يقصد لتسكين العطش و تبريد الأكباد و النار ضده. قوله: وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها
 [19/ 71]
سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ:" أَ مَا تَسْمَعُ الرَّجُلَ يَقُولُ وَرَدْنَا مَاءَ بَنِي فُلَانٍ فَهُوَ الْوُرُودُ وَ لَمْ يَدْخُلْهُ".
قوله: فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ‏
 [12/ 19] أي الذي يتقدمهم إلى الماء و يسقى لهم. قوله: فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ‏
 [55/ 37] أي حمراء، يعني تتقلب حمراء بعد أن كانت صفراء أو صارت كلون الورد تتلون كالدهان المختلفة جمع دهن.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ مَنْ شَرِبَ مُسْكِراً لَا وَ اللَّهِ".
أي لا يشرف علي. و" الوِرْدُ" كقِرْد: هو الجزء من قرأت وِرْدِي و الجمع أَوْرَادٌ. و الوِرْدُ أيضا: موافاة المكان و الإشراف قبل دخوله، يقال وَرَدْنَ الماء أي أشرفن عليه و ربما يكون الوُرُودُ دخولا، و منه‏
الْحَدِيثُ" الْحِيَاضُ تَرِدُهَا السِّبَاعُ".
أراد تدخلها و تشرب منها مع احتمال إرادة الإشراف عليها. قال بعض شراح الحديث: و الأول أصح. و" الوَرْدُ" بفتح فسكون: الذي يشم، الواحدة وَرْدَة، و الجمع وُرُود. و منه" قميص مُوَرَّدٌ و ملحفة مُوَرَّدَةٌ" للذي صبغ على لون الورد، و هو دون المضرج. و" بنات وَرْدَان" بفتح الواو دويبة تتولد في الأماكن الندية، و أكثر ما تكون في الحمامات و السقايات، و منها الأسود و الأبيض و الأحمر و الأصفر- قاله في حياة الحيوان. و في غيره" بنات وَرْدَان" دود العذرة و وَرَدَ فلانٌ وُرُوداً: حضر.
 (وسد)
الوِسَادُ: المتكأ و المخدة كَالْوِسَادَةِ.

160
مجمع البحرين3

وسد ص 160

و تثلث. و" إنَّ وِسَادَكَ لعريض" كناية عن كثرة النوم، لأن من عرض وساده طاب نومه، أو كناية عن عرض قفاه و عظم رأسه و ذلك دليل الغباوة. و قولهم" رجل لا يَتَوَسَّدُ القرآنَ" يحتمل كونه مدحا أي لا يمتهنه و لا يطرحه بل يجله و يعظمه، و ذما أي لا يكب على تلاوته إكباب النائم على وساده. و من الأول‏
قَوْلُهُ" لَا تَوَسَّدُوا الْقُرْآنَ".
و من الثاني‏
أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ: إِنِّي أُرِيدُ طَلَبَ الْعِلْمِ فَأَخْشَى أَنْ أُضَيِّعَهُ؟ فَقَالَ: لَأَنْ تَتَوَسَّدَ الْعِلْمَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتَوَسَّدَ الْجَهْلَ.
- كذا في القاموس. و جمع الوِسَادَةِ وَسَائِد. و قد وَسَّدْتُهُ الشي‏ءَ فَتَوَسَّدَ: إذا جعلته تحت رأسه.
 (وصد)
قوله تعالى: وَ كَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ
 [18/ 18] اختلف المفسرون في الوَصِيدِ، فقيل فناء الكهف، و قيل التراب، و قيل الباب، و قيل عتبة الباب، و قيل البناء الذي من فوق و من تحت. قوله: عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ
 [90/ 20] أي مطبقة عليهم و لا يفتح لهم باب و لا يخرج منها غم و لا يدخل فيها روح، من قولهم أَوْصَدْتُ البابَ و أصدته: إذا أطبقته.
 (وطد)
المُوَطَّدُ: المجعول ثابتا. و تَوَطَّدَ: ثبت.
 (وعد)
قوله تعالى: وَ واعَدْنا مُوسى‏ ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ
 [7/ 142]
فِي التَّفْسِيرِ كَانَ مُوسَى ع وَعَدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمِصْرَ إِنْ أَهْلَكَ اللَّهُ عَدُوَّهُمْ أَتَاهُمْ بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فِيهِ بَيَانُ مَا يَأْتُونَ وَ مَا يَذَرُونَ، فَلَمَّا هَلَكَ فِرْعَوْنُ سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ الْكِتَابَ فَأَمَرَ بِصَوْمِ ثَلَاثِينَ يَوْماً وَ هُوَ شَهْرُ ذِي الْقَعْدَةِ، ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْهِ التَّوْرَاةَ فِي الْعَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَ كَلَّمَهُ فِيهَا.
قيل كان الموعد أربعين ليلة فأجمل في سورة البقرة و فصل هاهنا. قوله: وَ إِذْ واعَدْنا مُوسى‏ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً
 [2/ 51] أي واعدنا موسى بأن‏

161
مجمع البحرين3

وعد ص 161

ننزل عليه التوراة و ضربنا له ميقاتا ذا القعدة و عشر ذي الحجة، و قيل ليلة لأن الشهور تعد بالليالي. قال الشيخ أبو علي: و من قرأ وَاعَدَنَا مُوسَى فلأن الله تعالى وعده الوحي و وعد هو المجي‏ء للميقات إلى الطور. و المِيعَادُ: المُوَاعَدَة و الوقت و الموضع و منه قوله تعالى: وَ لَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ
 [8/ 42]. قوله وَ الْيَوْمِ الْمَوْعُودِ
 [85/ 2] يعني يوم القيامة في قول جميع المفسرين، و هو اليوم الذي يجازى فيه الخلائق و يفصل فيه القضاء. وَ لَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ‏
 [3/ 152] أي وعد إظهار الدين و كون العاقبة للمتقين.
وَ فِي الدُّعَاءِ" يَا مَنْ إِذَا وَعَدَ وَفَى وَ إِذَا تَوَعَّدَ عَفَا".
الوَعِيدُ في الاشتقاق اللغوي كَالْوَعْدِ إلا أنهم خصوا الوَعْدَ بالخير و الوَعِيدَ بالشر للفرق بين المعنيين، و ربما استعمل الوَعْدُ فيهما للازدواج و الاتباع. قال الجوهري: الوَعْدُ يستعمل في الخير و الشر، فإن أسقطوا الخير و الشر قالوا في الخير الوَعْد و العِدَة و في الشر الإِيعَاد و الوَعِيد. و العِدَة بالكسر: الوَعْد، و الهاء عوض عن الواو التي هي فاء الفعل، و الجمع عِدَات بالكسر و لا جمع للوعد.
 (وغد)
في الحديث ذكر الوَغْد، و هو أحد القداح العشرة من التي لا أنصباء لها. و الوَغْدُ: الذي يخدم غيره بطعام بطنه. و في القاموس هو الأحمق الضعيف الدني‏ء أو الضعيف جسما.
 (وفد)
قوله تعالى: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً
 [19/ 85] أي ركبانا على الإبل.
وَ فِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: يَا عَلِيُّ الْوَفْدُ لَا يَكُونُ إِلَّا رُكْبَاناً أُولَئِكَ رِجَالٌ اتَّقَوُا اللَّهَ فَأَحَبُّهُمْ وَ اخْتَصَّهُمْ وَ رَضِيَ أَعْمَالَهُمْ فَسَمَّاهُمُ الْمُتَّقِينَ". ثُمَّ قَالَ:" يَا عَلِيُّ أَمَا وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأ

162
مجمع البحرين3

وفد ص 162

النَّسَمَةَ إِنَّهُمْ لَيَخْرُجُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ وَ بَيَاضُ وُجُوهِهِمْ كَبَيَاضِ الثَّلْجِ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ بَيَاضُهَا كَبَيَاضِ اللَّبَنِ، عَلَيْهِمْ نِعَالُ الذَّهَبِ شِرَاكُهَا مِنْ لُؤْلُؤٍ يَتَلَأْلَأُ".
وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ" قَالَ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَسْتَقْبِلُهُمْ بِنُوقٍ مِنْ نُوقِ الْجَنَّةِ عَلَى رَحَائِلِ الذَّهَبِ مُكَلَّلَةً بِالدُّرِّ وَ الْيَاقُوتِ وَ جِلَالُهَا الْإِسْتَبْرَقُ وَ السُّنْدُسُ وَ خِطَامُهَا جُدُلُ الْأُرْجُوَانِ وَ أَزِمَّتُهَا مِنْ زَبَرْجَدٍ، فَتَطِيرُ بِهِمْ إِلَى الْمَحْشَرِ، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَلْفُ مَلَكٍ مِنْ قُدَّامِهِ وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ شِمَالِهِ يَزُفُّونَهُمْ حَتَّى يَنْتَهُوا بِهِمْ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ الْأَعْظَمِ".
- الحديث و الوَفْدُ: هم القوم يجتمعون و يَرِدُون البلاد، واحدهم وَافِدٌ. و الوَافِدُ: السابق من الإبل، و
مِنْهُ" إِمَامُ الْقَوْمِ وَافِدُهُمْ" أَيْ سابقهم إِلَى اللَّهِ" فَقَدِّمُوا أَفْضَلَكُمْ".
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَنَا عَبْدُكَ الْوَافِدُ عَلَيْكَ".
أي الوارد القادم إليك، يقال وَفَدَ فلانٌ على الأمير أي ورد رسولا، فهو وَافِدٌ، و الجمع وَفْدٌ مثل صاحب و صحب، و جمع الوَفْد أَوْفَاد و وُفُود، و الاسم الوِفَاد و الأَوْفَاد. و الوَفَادَة أيضا: القدوم للاسترفاد، و لفظه يستعار للحج لأنه قدوم إلى بيت الله طلبا لفضله و ثوابه و للصلاة، و منه‏
الْحَدِيثُ" كَتَبَ عَلَيْكُمْ وِفَادَتَهُ".
أي حجه. و
فِيهِ" حَقُّ الصَّلَاةِ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهَا وِفَادَةٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى".
و الإِيفَادُ على الشي‏ء: الإشراف عليه. و" الأَوْفَاد" بفتح الهمزة: قوم من العرب.
 (وقد)
قوله تعالى: وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ*
 [2/ 24] الوَقُودُ بالفتح الحطب، و بالضم مصدر، و يقال أَوْقَدْتُ النارَ إِيقَاداً، و منه على الاستعارة كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ‏
 [5/ 64] أي كلما دبروا مكيدة أبطلها الله.

163
مجمع البحرين3

وقد ص 163

قوله: فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ‏
 [38/ 38] أي فأَجِّجِ النار على الطين و اتخذ الآجُرَّ. قوله: اسْتَوْقَدَ ناراً
 [2/ 17] أي أَوْقَدَ نارا. و وَقَدْتُ النار تَقِدُ من باب وعد وُقُوداً بالضم، و وَقْداً و قِدَةً و وَقَداً% بالتحريك و وَقَدَاناً أي تَوَقَّدْتُ. و" الوَقَدُ" بفتحتين: النار نفسها- قاله الجوهري و غيره. و المَوْقِدُ: موضع الوُقُود كالمجلس موضع الجلوس.
 (وكد)
فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يَفِرُهُ الْمَنْعُ وَ لَا يَكِدُهُ الْعَطَاءُ".
أي لا يزيده المنع و لا ينقصه الإعطاء. و قد وَكَدَهُ يَكِدُهُ، و وَكَّدْتُ الشي‏ءَ بالتشديد و أَكَّدْتُهُ إِيكَاداً و تَوْكِيداً: شددته. و تَوَكَّدَ الأمرُ و تَأَكَّدَ بمعنى.
 (ولد)
قوله تعالى: يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ*
 [56/ 17] أي صبيان، واحدهم وَلِيدٌ، و قوله مُخَلَّدُونَ* أي باقون ولدانا لا يهرمون. قال المفسر اختلف في هذه الوِلْدَان:
فَقِيلَ إِنَّهُمْ أَوْلَادُ أَهْلِ الدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَسَنَاتٌ فَيُثَابُونَ عَلَيْهَا وَ لَا سَيِّئَاتٌ فَيُعَاقَبُونَ عَلَيْهَا فَأُنْزِلُوا هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ.
وَ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ" هُمْ خَدَمَةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ".
و
قِيلَ هُمْ مِنْ خَدَمِ الْجَنَّةِ عَلَى صُورَةِ الْوِلْدَانِ خُلِقُوا لِخِدْمَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ.
قوله: أَ لَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً
 [26/ 18] أي طفلا. و الوَلِيدُ: الصبي لقرب عهده بالولادة، و الوَلِيدَةُ الصبية و الأمة، و الجمع الوَلَائِد. و
مِنْهُ" قَضَى فِي وَلِيدَةٍ بَاعَهَا سَيِّدُهَا". وَ مِثْلُهُ" وَلِيدَةٍ جَامَعَهَا رَبُّهَا".
قوله: لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما
 [46/ 17] الآية. قال المفسر: المراد

164
مجمع البحرين3

ولد ص 164

بالذي قال الجنس القائل لذلك القول، و لذلك جاء الخبر بلفظ الجمع. قوله: وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ
 [90/ 3] يعني آدم و ذريته،
وَ قِيلَ آدَمُ وَ مَا وَلَدَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْأَوْصِيَاءِ وَ أَتْبَاعِهِمْ، وَ هُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏
و" الوَلَدُ" بفتح اللام و الواو و بضمهما و سكون اللام: يطلق على الواحد و الجمع، و قد يكون الثاني جمع وَلَد كأسد و أسد و منه وُلْدُ إسماعيل، و هم العرب من آل قحطان و آل معد. و" الوِلْدُ" بالكسر لغة في الوُلْدِ بالضم- قاله الجوهري. و [الوَلَدُ] كُلُّ مَا وَلَدَهُ شي‏ءٌ، يطلق على الذكر و الأنثى و المثنى و المجموع، فعل بمعنى مفعول، و جمعه أَوْلَاد، و منه‏
الْحَدِيثُ" إِنَّ لِي وُلْداً رِجَالًا وَ نِسَاءً".
و
مِنْهُ" الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ".
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ وَالِدٍ وَ مَا وَلَدَ".
يعني من شر إبليس و شياطينه. و وَلَدَتِ المرأةُ تَلِدُ وِلَاداً و وِلَادَةً. و الوَالِدَاتُ: الأمهات، و الوَالِدَةُ: الأم و هما وَالِدَانِ. و تَوَلَّدَ الشي‏ءُ من الشي‏ء: نشأ منه. و مِيلَادُ الرجل: الوقت الذي ولد فيه. و" المَوْلِدُ" بكسر اللام الموضع الذي ولد فيه. و" رجل مُوَلَّدٌ" بالتشديد: إذا كان عربيا غير محض- قاله الجوهري و غيره.
وَ فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ ع" إِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ فَالْوَلَدُ يُشْبِهُ أَبَاهُ وَ عُمُومَتَهُ، وَ إِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ عَلَى مَاءِ الرَّجُلِ فَهُوَ يُشْبِهُ أُمَّهُ وَ أَخَوَاتِهِ وَ خُئُولَتَهُ".
وَ فِي الْخَبَرِ وَ قَدْ سُئِلَ عَنِ الْوَلَدِ؟ فَقَالَ:" مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ وَ مَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ، فَإِذَا اجْتَمَعَا فَعَلَا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ وَلَدَتْ ذَكَراً بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَ إِذَا عَلَا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ وَلَدَتْ أُنْثَى بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى".
وَ فِي النَّهْجِ" لَمْ يَلِدْ
 فَيَكُونَ مَوْلُوداً".
قال ابن أبي الحديد: لقائل أن يقول: كيف يلزم من فرض وقوع أحدهما وقوع الآخر كيف و آدم وَالِدٌ و ليس‏

165
مجمع البحرين3

ولد ص 164

بِمَوْلُودٍ، و إنما المراد أنه يلزم من فرض صحة كونه والدا صحة كونه مولودا، لأنه لو صح أن يكون والدا على التفسير المفهوم من الوالدية، و هو أن يتصور من بعض أجزائه حي آخر من نوعه على سبيل الاستحالة لذلك الجزء، كما نقله في النطفة المنفصلة من الإنسان المستحيلة إلى صورة الأخرى حتى يكون منها بشر آخر من نوع الأول ليصح عليه أن يكون هو مولودا من والد آخر قبله، و ذلك لأن الأجسام متماثلة في الجسمية، و قد ثبت ذلك بدليل عقلي واضح في مواضعه التي هي الملك به، و كل مثلين فإن أحدهما يصح على الآخر، فلو صح كونه والدا لصح كونه مولودا.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ".
ضبط بضم تحتية و كسر لام بإبدال الواو ياء، و
رُوِيَ" يُولَدُ".
وَ قَدْ تَكَرَّرَ فِيهِ" مَنْ فَعَلَ كَذَا كَانَ لَهُ مِثْلُ مَنْ أَعْتَقَ كَذَا مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِيلَ".
و معناه أن الله فضلهم على ولد إسحاق، و ذلك أن النبي ص و الأئمة و بني هاشم من ولد إسماعيل و اليهود من ولد إسحاق، و قد مر في رقب معنى عتقهم.
وَ فِي حَدِيثِ الْغَنِيمَةِ" لَمْ أَجِدْ لِوُلْدِ إِسْمَاعِيلَ عَلَى وُلْدِ إِسْحَاقَ فَضْلًا فِي كِتَابِ اللَّهِ".
معناه أن ولد إسحاق من اليهود إذا كانوا مسلمين سواء في الغنائم و شبهها بمقتضى كلام الله، فثبتت المساواة بين غيرهما من باب الأولوية.
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِهِ تَعَالَى" لَمْ يَلِدْ
 فَيَكُونَ فِي الْعِزِّ مُشَارَكاً وَ لَمْ يُولَدْ
 فَيَكُونَ مَوْرُوثاً هَالِكاً".
كذا في القاموس.
وَ فِي النَّهْجِ" لَمْ يُولَدْ
 فَيَكُونَ فِي الْعِزِّ مُشَارَكاً وَ لَمْ يَلِدْ
 فَيَكُونَ مَوْرُوثاً هَالِكاً".
قال بعض الأفاضل: و هو أنسب من حيث المعنى.
 (وهد)
فِي الْحَدِيثِ" فَإِنِ اغْتَسَلَ الرَّجُلُ فِي وَهْدَةٍ وَ خَشِيَ أَنْ يَرْجِعَ مَا يَنْصَبُّ عَنْهُ إِلَى الْمَاءِ أَخَذَ كَفّاً وَ صَبَّهُ أَمَامَهُ وَ كَفّاً عَن‏

166
مجمع البحرين3

وهد ص 166

يَمِينِهِ وَ كَفّاً عَنْ يَسَارِهِ وَ كَفّاً مِنْ خَلْفِهِ وَ اغْتَسَلَ مِنْهُ".
و الوَهْدَةُ بالفتح فالسكون: المنخفض من الأرض. و قد مر في نضح الوجه في صب الأكف الأربع في الجهات الأربع. و جمع الوَهْدَة وَهْدٌ و وِهَادٌ، قيل: و وِهْدَان. و وَهْدَةُ اللبة: هي نقرة النحر بين الترقوتين.
باب ما أوله الهاء
 (هجد)
قوله تعالى: وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ‏
 [17/ 79] قيل معناه أي تيقظ بالقرآن. و لما كان الذي يريد التعبد لربه في جوف الليل يتيقظ ليصلي عبر عن صلاة الليل بالتهجد. و عن المبرد أنه قال: التَّهَجُّدُ عند أهل اللغة السهر، و يقال التَّهَجُّدُ تكلف السهر للعبادات. و قال الجوهري هَجَدَ و تَهَجَّدَ: نام ليلا، و هَجَدَ و تَهَجَّدَ: سهر، و هو من الأضداد، و منه قيل لصلاة الليل" التَّهَجُّدُ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" النَّائِمُ فِي مَكَّةَ كَالْمُتَهَجِّدِ فِي الْبُلْدَانِ".
أي كالمتعبد فيها.
 (هدد)
قوله تعالى: وَ تَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ
 [27/ 20] الهُدْهُدُ بضم الهاءين و إسكان الدال المهملة بينهما: طائر معروف ذو خطوط، و ألوان كثيرة، و الجمع الهَدَاهِدُ بالفتح. نقل أنه يرى الماء من باطن الأرض كما يراه الإنسان في باطن الزجاجة، و زعموا أنه كان دليل سليمان على الماء و بهذا السبب تفقده لما فقده، و له معه قصة مشهورة.
وَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ: الْهُدْهُدُ يَقُولُ" مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ".
و الهَدَّةُ: صوت وَقْعِ الحائط و نحوه.

167
مجمع البحرين3

هدد ص 167

وَ فِي الْخَبَرِ" أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَدِّ وَ الهَدَّةِ".
و فسر الهَدُّ بالهدم، و الهَدَّةُ بالخسف.
وَ فِي خَبَرِ الِاسْتِسْقَاءِ" ثُمَّ هَدَّتْ وَ دَرَّتْ".
الهَدُّ صوت ما يقع من السماء. و هَدَّ البناءَ يَهُدُّهُ: كسره و ضعضعه و هَدَّتْهُ المصيبةُ: أي أوهت ركنه. و هَدْهَدَةُ الحمامِ دَوِيُّ هَدِيرِهِ. و التَّهْدِيدُ: التخويف و كذا التَّهَدُّدُ.
 (همد)
قوله تعالى: وَ تَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً
 [22/ 5] أي يابسة ميتة. قال بعض الأفاضل و كثيرا ما يطلق على العلم اسم الماء و على النفس اسم الأرض، و عليه بعض المفسرين حمل هذه الآية وَ تَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ‏
. و هَمَدَ الشجرُ: إذا بلي، و كذلك الثوب. و هَمِدَتِ النارُ بالكسر: أي طفئت. و أرض هَامِدَة: لا نبات فيها. و نبات هَامِد: أي يابس. و الهُمُود: الموت. و الهَامِد: البالي المسود المتغير و منه في وصف الدنيا" و حطامها الهَامِد" أي الهالك. و" هَمَدَان" بفتح الهاء و الميم: بلد من عراق العجم، قيل سمي باسم بانيه هَمَدَان بن العلوج بن السام. و" هَمْدَان" بسكون الميم قبيلة من اليمن، منها الحارث الهَمْدَانِي المخاطب بالأبيات المشهورة التي أولها:
يا حار هَمْدَان من يمت يرني             من مؤمن أو منافق قبلا

وَ مِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ ع لَهُ:" خَادِعْ نَفْسِكَ".
أي اجذبها إلى العبادة بالخديعة دون المقاهرة.
 (هند)
هِنْد اسم امرأة، و اسم أم معاوية، و اسم بلاد معروفة، و النسبة إليها هِنْدِيٌّ و هُنُود مثل زنجي و زنوج. و المُهَنَّد: السيف المطبوع من حديد الهند.
 (هود)
قوله تعالى: كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى‏
 [2/ 135] أي يَهُوداً، فحذفت‏

168
مجمع البحرين3

هود ص 168

الياء الزائدة، يقال كانت اليَهُودُ تنسب إلى يَهُودَا بن يعقوب فسميت يَهُوداً. و أعربت بالدال هودا.
وَ هُودُ النَّبِيُّ ع قِيلَ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحِ بْنِ خلُودِ بْنِ عَوْصِ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، قِيلَ عَاشَ ثَمَانَمِائَةٍ وَ سَبْعاً. وَ فِي مَجْمَعِ الْبَيَانِ هُودُ بْنُ شَالِخِ بْنِ أَرْفَخْشَدَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ- انْتَهَى.
قيل و معنى هُود أنه هدي إلى ما ضل عنه قومه و بعث ليهديهم من ضلالتهم،
قِيلَ وَ هود [نُوحٌ‏] بَشَّرَ بِنُبُوَّةِ نوح [هُودٍ] ع وَ هُوَ بَشَّرَ بِنُبُوَّةِ إِبْرَاهِيمَ، فَلَمَّا انْتَهَتِ النُّبُوَّةُ إِلَى يُوسُفَ ع جُعِلَتْ فِي أَسْبَاطِ إِخْوَتِهِ حَتَّى انْتَهَتِ النُّبُوَّةُ إِلَى مُوسَى ع، فَلَمَّا نَزَلَتِ التَّوْرَاةُ عَلَى مُوسَى بَشَّرَ بِمُحَمَّدٍ ص، وَ كَذَا عِيسَى ع بَشَّرَ بِمُحَمَّدٍ ص.
قوله: أَخاهُمْ هُوداً*
 [7/ 65] أي في النسب لا في الدين، و إنما قال أَخاهُمْ* لأنه أبلغ في الحجة عليهم. قوله: وَ قالَتِ الْيَهُودُ*
 [2/ 113] الآية اليَهُودُ قوم موسى، و هو اسم لا ينصرف للعلمية و التأنيث، لأنه يجري في كلامهم مجرى القبيلة. قال الزمخشري: و الأصل في يَهُود و مجوس أن يستعملا بغير لام التعريف، لأنهما علمان خاصان لقومين كقبيلتين، و إنما جوزوا تعريفهما باللام لأنه أجري يَهُودِيّ و يَهُود مجرى شعيرة و شعير. قوله: إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ‏
 [7/ 156] أي تبنا. و" الهَوْدُ" في العرف التوبة، يقال هَادَ يَهُودُ هَوْداً: إذا تاب و رجع إلى الحق. و منه قول بعضهم" يا صاحب الذنب هُدْ هُدْ و اسجُدْ كأنك هُدْهُد". و قيل" هُدْنا إِلَيْكَ"
 أي سكنا إلى أمرك.
وَ عَنِ الصَّادِقِ ع سُمِّيَ قَوْمُ مُوسَى الْيَهُودَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ‏
.
و تَهَوَّدَ الرجلُ: صار يهوديا".
وَ فِي الْحَدِيثِ" فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَ يُنَصِّرَانِهِ".

169
مجمع البحرين3

هود ص 168

أي يعلمانه دين اليهود و النصارى. و يتم البحث في فطر إن شاء الله تعالى. و التَّهْوِيدُ: المشي الرويد مثل الدبيب، و أصله من الهَوَادَةِ بفتح الهاء، و هي السكون و المحاباة و الصلح و الميل و اللين. و منه ما ذكر
فِي وَصْفِ عَلِيٍّ ع" وَ لَا لِأَحَدٍ عِنْدَكَ هَوَادَةٌ".
أي لا تسكن عند وجوب حد الله و لا تحابي فيه أحدا. و التَّهْوِيدُ أيضا: النوم.
 (هيد)
فِي الْحَدِيثِ" يَا نَارُ هِيدِيهِ وَ لَا تُؤْذِيهِ".
أي حركيه من غير أن تؤذيه، من قولهم هِدْتُ الشي‏ءَ أَهِيدُهُ هَيْداً: حركته.

170
مجمع البحرين3

كتاب الذال ص 171

كتاب الذال‏

171
مجمع البحرين3

باب ما أوله الألف ص 173

باب ما أوله الألف‏
 (أخذ)
قوله تعالى: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى‏ شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ‏
 [7/ 172] قال بعض المفسرين: مِنْ ظُهُورِهِمْ بدل مِنْ بَنِي آدَمَ، و هو بدل البعض من الكل، و تقديره: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ‏
 ذريتهم أي أخرج من أصلابهم نسلهم على ما يتوالدون قرنا بعد قرن وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ أي نصب لهم دلائل الربوبية و ركب في عقولهم ما يدعوهم إلى الإقرار عليها حتى صاروا بمنزلة من قبل لهم أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى‏ كراهة أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ- انتهى. و قال الشيخ الجليل المفيد و قد سئل عن معنى الأخبار المروية في أن الله أخرج الذرية من ظهر آدم على صور الذر؟ أما الحديث في إخراج الذر من ظهر آدم على صور الذر فقد جاء الحديث بذلك على اختلاف ألفاظه و معانيه، و الصحيح‏
أَنَّهُ أَخْرَجَ الذُّرِّيَّةَ مِنْ ظَهْرِهِ كَالذَّرِّ لِيُعَرِّفَهُ قُدْرَتَهُ وَ يُبَشِّرَهُ بِإِفْضَالِ نَسْلِهِ وَ كَثْرَتِهِمْ وَ مَا عَلَيْهِمْ مِنَ النُّورِ وَ الظُّلْمَةِ، فَمَلَأَ بِهِمُ الْأُفُقَ وَ جَعَلَ عَلَى بَعْضِهِمْ نُوراً لَا يَشُوبُهُ ظُلْمَةٌ وَ عَلَى بَعْضِهِمْ ظُلْمَةٌ لَا يَشُوبُهُ نُورٌ وَ عَلَى بَعْضِهِمْ نُوراً وَ ظُلْمَةً، فَلَمَّا رَآهُمْ عَجِبَ مِنْ كَثْرَتِهِمْ وَ مَا عَلَيْهِمْ مِنَ النُّورِ وَ الظُّلْمَةِ، فَقَالَ ع: مَا لِي أَرَى عَلَى بَعْضِهِمْ نُوراً لَا ظُلْمَةَ فِيهِ وَ عَلَى بَعْضِهِمْ ظُلْمَةٌ لَا يَشُوبُهَا نُورٌ وَ عَلَى بَعْضِهِمْ نُوراً وَ ظُلْمَةً؟ فَقَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: وَ أَمَّا الَّذِينَ عَلَيْهِمُ النُّورُ بِلَا ظُلْمَةٍ فَهُمْ أَصْفِيَائِي مِنْ وُلْدِكَ الَّذِينَ يُطِيعُونِّي وَ لَا يَعْصُونِّي، وَ أَمَّا الَّذِينَ عَلَيْهِمُ الظُّلْمَةُ بِلَا نُورٍ فَهُمْ أَعْدَائِيَ الَّذِينَ يَعْصُونِّي وَ لَا يُطِيعُونِّي، وَ أَمَّا الَّذِينَ عَلَيْهِمْ نُورٌ وَ ظُلْمَةٌ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ يُطِيعُونِّي‏

173
مجمع البحرين3

أخذ ص 173

وَ يَعْصُونِّي فَيَخْلِطُونَ أَعْمَالَهُمُ السَّيِّئَةَ بِأَعْمَالٍ حَسَنَةٍ، فَهَؤُلَاءِ أَمْرُهُمْ إِلَيَّ إِنْ شِئْتُ عَذَّبْتُهُمْ فَبِعَدْلِي وَ إِنْ شِئْتُ عَفَوْتُ عَنْهُمْ فَبِفَضْلِي.
فأعلمه تعالى بالكائن قبل أن يكونوا ليزداد آدم يقينا بربه و يدعوه ذلك إلى توقيره و طاعته و التمسك بأوامره و اجتناب زواجره. ثم قال: و الأخبار التي جاءت بأن ذرية آدم استنطقوا فنطقوا فأخذ عليهم العهد فأقروا فهي أخبار ناسخة، و قد خلطوا فيها و مزجوا الحق بالباطل، و المعتمد ما ذكرناه، فإن تعلق متعلق بقوله تعالى: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى‏ شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ‏
 فظاهر هذا القول يحقق ما رواه أهل التناسخ و الحشوية و العامة في إنطاق الذرية و خطابهم و أنهم كانوا أحياء ناطقين، فالجواب عنه أن لهذه الآية من المجاز في اللغة كتطايرها مما هو مجاز و استعارة، و المعنى فيها أن الله أخذ من كل مكلف يخرج من ظهر آدم و ظهور ذرياته العهد عليهم بربوبيته من حيث أكمل عقله و دله بآثار الصنعة على حدوثه، و أن له محدثا أحدثه لا يشبهه يستحق العبادة منه بنعمته عليه، فذاك هو أَخْذُ العهد منهم و آثار الصنعة فيهم، و الإشهاد لهم على أنفسهم بأن الله ربهم، و قوله تعالى: قالُوا بَلى‏ يريد به أنهم لم يمتنعوا من لزوم آثار الصنعة فيهم و دلائل حدثهم اللازمة لهم و حجة العقل عليهم في إثبات صانعهم، و كأنه سبحانه لما ألزمهم الحجة بعقولهم على حدوثهم و وجود محدثهم قال: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ فلما لم يقدروا على الامتناع من لزوم دلائل الحدث لهم كأنهم قائلين بَلى‏ شَهِدْنا. و قوله: أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ و تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَ كُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَ فَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ أ لا ترى أنه احتج عليهم بما لا يقدرون يوم القيامة أن يتأولوا في إنكارهم و لا يستطيعون- انتهى كلامه.

174
مجمع البحرين3

أخذ ص 173

و أقول: أنت خبير بأن حديث أَخْذِ الميثاق على العباد في عالم الذر و استنطاقهم فيه مشهور بين الفريقين منقول بطرق عديدة فلا مجال لإنكاره، إلا أن بعض علماء القوم جد في الهرب عن ظاهره لما يرد عليه من الآية الشريفة، و ذلك لأن قوله تعالى: أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ إن كان هذا الإقرار عن ضرورة فلهم أن يقولوا يوم القيامة شهدنا يومئذ، فلما زال عنا علم الضرورة و وكلنا إلى آرائنا فمنا من أصاب و منا من أخطأ، و إن كان عن استدلال مؤيد بعصمة عن الخطإ فلهم أن يقولوا يوم القيامة شهادتنا يومئذ كانت مؤيدة بالعصمة، فلما زالت منا فمنا من أصاب و منا من أخطأ، فيبطل الاحتجاج عليهم. و يمكن الجواب عن ذلك: أما على اعتقاد أن التكليف بالإقرار مطلوب من العباد في كل من العالمين فهو أن نقول: إنا نختار أن الإقرار كان عن ضرورة لبعد احتمال غيره. قولكم لهم: أن يقولوا يوم القيامة شهدنا يومئذ، فلما زال عنا علم الضرورة و وكلنا إلى آرائنا فمنا من أصاب و منا من أخطأ. قلنا: غير مسلم أن العباد وكلوا إلى آرائهم في التكليف، و إنما هو عن علم ضروري أيضا لكنه مشروط بمقدمات نظرية مقدورة مأمور بها، فمن ساعده جده و توفيقه وصل إلى ذلك العلم الضروري و ارتفع الاحتجاج عليهم، و من قصر عن تحصيل تلك المقدمات حرم علم الضرورة و قامت الحجة عليهم يوم القيامة. و أما على اعتقاد أن التكليف بالإقرار إنما هو في العالم الأول و به تقوم الحجة على العباد دون الثاني و إنما وقع التكليف الثاني مؤكدا و كاشفا عنه، كما يشهد له بعض الأخبار فالحجة على العباد قائمة بلا تكلف. و بذلك يندفع المحظور الموجب لصرف كل من الآية و الحديث عن الظاهر منهما. و الله أعلم. قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَ النَّصارى‏ أَوْلِياءَ
 [5/ 51] قال المفسر: الاتِّخَاذُ الاعتماد على الشي‏ء

175
مجمع البحرين3

أخذ ص 173

في إعداده لأمر، و هو افتعال من الأخذ و الأصل" ايتخاذ" فغير، أي لا تعتمدوا على الاستنصار بهم متوددين إليهم. قوله: إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ‏
 [2/ 54] هو افتعال من الأخذ إلا أنه أدغم و أبدل، ثم توهموا أن التاء أصلية فبنوا منه فعل يفعل و قالوا تَخِذَ يَتْخَذُ من باب تعب تَخَذاً بفتح الخاء و سكونها. و قرئ لَتَخِذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً حكاه الجوهري. قوله: وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى‏
 [2/ 125] قرأ نافع و ابن عامر وَ اتَّخَذُوا على صيغة الماضي عطفا على جَعَلْنَا، و باقي القراء على صيغة الأمر. قوله: أَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ‏
 [7/ 150] أي أخذ رأس أخيه. قوله: خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ*
 [2/ 63] أي تناولوا، من قولهم أَخَذْتُ الشي‏ءَ أَخْذاً: أي تناولته. و مثله فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ
 [2/ 55] أي تناولتكم، و هي موت أو عذاب مهلك. و أَخَذَهُ اللهُ: أهلكه. و أَخَذَهُ اللهُ بذنبه: عاقبه عليه. و العامة تقول" وَاخَذَهُ"، و منه قوله: ثُمَّ أَخَذْتُها
 [22/ 48]. قوله: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ*
 [2/ 225] قال في المصباح و قرأ بعض السبعة يُوَاخِذُكُم بالواو. قوله: وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ‏
 [9/ 104] أي يقبلها إذا صدرت عن خلوص النية قوله: وَ أْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها
 [7/ 145] يعني ما فيها حسن و ما هو أحسن كالاقتصاص و العفو و الانتصار و الصبر، فمرهم أن يأخذوا بما هو أدخل في الحسن و أكثر للثواب، كقوله وَ اتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ و قيل يأخذوا بما هو واجب أو ندب لأنه أحسن من المباح.
وَ فِي الْحَدِيثِ" خُذُوا عَلَى يَدِ الظَّالِمِ السَّفِيهِ".
أي امنعوه عما يريد فعله و أمسكوا يده. و مثله" أَخَذْتُ على يده"، و قيل اتقوا أَخْذَ الآخِذِ يعني ابتداء الأمور فيه. و أَخَذَهُ بيده أَخْذاً: تناوله.

176
مجمع البحرين3

أخذ ص 173

و أَخَذَ من الشعر: قص. و الأَخْذُ من الشارب: قصه و قطع شي‏ء من شعره. و أَخَتَّ كذا يبدلون الذال تاء فيدغمونها في التاء، و بعضهم- و هو القليل- يظهر الذال. و اتَّخَذْتُ صديقا: جعلته. و اتَّخَذْتُ مالا: كسبته. و آخَذَهُ بالمد مُؤَاخَذَةً، و منه قرئ آية لَا يُوَاخِذُكُم بالواو كما سبق. و من أمثال العرب" أَخَذَتْهُ الأَخْذَةُ" قال الفراء نقلا عنه: الأَخْذَةُ السحر، و منه قولهم" في يده أَخْذَةٌ" أي حيلة يسحر بها. و الأَخِيذُ: الأسير فعيل بمعنى مفعول، و المرأة أَخِيذَهٌ.
وَ فِي الْخَبَرِ" وَ أَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ".
روى اسم فاعل بكسر خاء و تنوين ذال و فعل مضارع بضم خاء بلا تنوين‏
. (أوذ)
الأَوَاذِيُّ جمع آذِيّ، و هو ما عظم من موج البحر. و منه‏
الْحَدِيثُ" تلتطم أَوَاذِيُّ أَمْوَاجِهَا".
باب ما أوله ألباء
 (بذذ)
فِي الْحَدِيثِ" إِذَا قَالَ بَذَّ الْقَائِلِينَ".
أي سبقهم و غلبهم، من قولهم بَذَّهُ يَبُذُّهُ بَذّاً: أي غلبه و فاقه. و مثله‏
فِي وَصْفِ الْمُؤْمِنِ" إِذَا قَالَ بَذَّ".
أي غلب.
وَ فِي الْخَبَرِ" البَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ".
هي رثاثة الهيئة. و بَاذُّ الهيئة: هو رث اللبسة، من قولهم بَذِذْتُ كعلمت: إذا ساءت حالك، و المراد هنا التواضع في اللباس.

177
مجمع البحرين3

برذ ص 178

(برذ)

" البِرْذَوْنُ" بكسر الباء الموحدة و بالذال المعجمة هو من الخيل الذي أبواه أعجميان، و الأنثى بِرْذَوْنَةٌ، و الجمع بَرَاذِين.
 (بهقذ)
" البَهْقِيَاذَات" بالباء الموحدة ثم الهاء ثم القاف ثم الألف بعد ياء مثناة تحتانية ثم ذال معجمة ثم ألف ثم تاء في الآخر: رستاق من رساتيق المدائن مملكة كسرى، دفن فيها سلمان الفارسي.
باب ما أوله الجيم‏
 (جبذ)
يقال جَبَذْتُ الشي‏ءَ مثل جذبته مقلوب منه. و" الجُنْبُذَةُ" بالضم: ما ارتفع منه و استدار كالقبة، و العامة تقول" جَنْبَذ" بفتح الباء حكاه الجوهري و سيأتي الكلام في جنبذ.
 (جذذ)
قوله تعالى: فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً
 [21/ 58] بضم الجيم أي فتاتا، أي مستأصلين مهلكين، و هو جمع لا واحد له مثل الحصاد، يقال جَذَّ اللهُ دابرَهم أي استأصلهم. قوله: عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ
 [11/ 108] أي غير مقطوع، من قولهم جَذَذْتُ الشي‏ءَ جَذّاً من باب قتل: كسرته و قطعته، فهو مَجْذُوذٌ. و" الجُذَاذُ" ضما و كسرا و الضم أفصح: قطع ما يكسر. و الجَذُّ: القطع.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" فَطَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أُصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ".
أي جعلت أفكر في أمري هل أصول عليهم بيد جَذَّاءَ بالذال‏

178
مجمع البحرين3

جذذ ص 178

و الدال قال في النهاية، و الجيم أشبه، أي مقطوع، و هي كناية عن عدم الناصر له، أو أن أصبر على طخية عمياء أي ظلمة لا يهتدى فيها للحق، و كنى بها عن التباس الأمور في أمر الخلافة- كذا ذكره الفاضل المتبحر ميثم رحمة الله.
وَ فِي حَدِيثِ الْأُضْحِيَّةِ" نَهَى عَنِ الْجَذَّاءِ".
و هي المقطوعة الأذن كما وردت به الرواية. و الجِذَاذُ بالكسر: صرام النخل لغة في الجُذَاذِ. و الجَذِيذَةُ: شربة من سويق، سميت بذلك لأنها تجذ أي تدق و تطحن. و منه‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" كَانَ يَشْرَبُ جَذِيذاً حِينَ يُفْطِرُ".
 (جرذ)
جُرَذ كعمر هو الذكر من الفئران، و يكون في الفلوات، و هو أعظم من اليربوع أكدر في ذنبه سواد. و عن الجاحظ الفرق بين الجُرَذِ و الفأر كالفرق ما بين الجواميس و البقر و البخاتي و العراب، و الجمع جِرْذَان بالكسر كغلمان.
 (جنبذ)
فِي الْحَدِيثِ" الْجَنَّةُ فِيهَا جَنَابِذُ مِنْ لُؤْلُؤٍ".
الجَنَابِذُ بالفتح جمع جُنْبُذَة و هي القبة، أي قبب من لؤلؤ لا كقباب الدنيا من طين و خزف.
باب ما أوله الحاء
 (حذذ)
فِي الْخَبَرِ" إِنَّ الدُّنْيَا آذَنَتْ بِصَرْمٍ وَ وَلَّتْ حَذَّاءَ".
أي خفيفة سريعة. و منهم من يروي" جَذَّاءَ" بالجيم،

179
مجمع البحرين3

حذذ ص 179

أي قد انقطع درها و خيرها.
 (حوذ)
قوله تعالى: اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ‏
 [58/ 19] أي غلب عليهم، من قولهم اسْتَحْوَذَ على الشي‏ء غلب عليه و استولى. و مثله قوله: أَ لَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ‏
 [4/ 141] قالوا للكفار أَ لَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ‏
 أي أ لم نغلبكم و نتمكن من قتلكم فأبقينا عليكم و نمنعكم من المؤمنين بأن ثبطناهم عنكم و خيلنا لهم ما ضعفت به قلوبهم- كذا ذكره الشيخ أبو علي. و لفظ اسْتَحْوَذَ و نَسْتَحْوِذُ مما جاء على الأصل كما جاء استروح و استصوب من غير إعلال خارجة عن أخواتها، أعني استقال و استقام و أشباههما.
 (حنذ)
قوله تعالى: بِعِجْلٍ حَنِيذٍ
 [11/ 69] قيل أي مشوي، من حَنَذْتُ الشاةَ أَحْنِذُهَا: شويتها و جعلت فوقها حجارة محماة تنضجها. و قيل" حَنِيذ" أي الذي يقطر ودكه، من حَنَذْتُ الفرسَ: إذا عرقته بالجلال و المعنى سمين‏
باب ما أوله الراء
 (ربذ)
" الرَّبَذَةُ" بالتحريك قرية معروفة قرب المدينة نحوا من ثلاثة أميال، كانت عامرة في صدر الإسلام فيها قبر أبي ذر الغفاري و جماعة من الصحابة، و هي في هذا الوقت دارسة لا يعرف لها أثر و لا رسم.

180
مجمع البحرين3

ربذ ص 180

 (رذذ)
الرَّذَاذُ: المطر الضعيف- قاله الجوهري و هو فوق القطقط. و في الدر الرَّذَاذُ أقل ما يكون من المطر، و قيل هو كالغبار.
 (ريذ)
" الحسن بن محمد بن رِيذَوَيْهِ" بالياء المثناة التحتانية بعد الراء المهملة و الواو المفتوحة بعد الذال المعجمة بعدها ياء و هاء اسم رجل من رواة الحديث.
باب ما أوله الزأي‏
 (زمرذ)
" الزُّمُرُّذُ" بالضمات و تشديد الراء: الزبرجد، و هو معرب.
 (زوذ)
" سهل بن زَاذَوَيْهِ" بالزاي و الذال المعجمتين رجل ثقة من رواة الحديث.
باب ما أوله السين‏
 (سبذ)
فِي الْحَدِيثِ" سَأَلْتُهُ بِأَيِّ أَرْضٍ؟ فَقَالَ: بِسُبْذَانِ الْهِنْدِ".
بسين مهملة بَعْدَهَا بَاء موحدة بَعْدَهَا ذال مُعْجَمَة وَ نُون فِي الْآخِرِ بَعْدَ أَلِفٍ كَمَا جَاءَتْ بِهِ النُّسَخُ: اسْمُ مَوْضِعٍ هُنَاكَ.

181
مجمع البحرين3

سمذ ص 182

 (سمذ)
فِي حَدِيثِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى" وَ يَخْرُجُ مِنْ بَعْضِهَا شِبْهُ دَقِيقِ السَّمِيذ".
بسين مهملة و ذال معجمة بعد ياء منقطة نقطتين تحتانيتين. قال صاحب الكنز: إنه نان سفيد بمعنى الطحين الأبيض البدلية شبه، ثم قال كذا وجدناه في شرح النصاب و شرح المقامات- انتهى. و يؤيده ما في بعض النسخ" أو الخبز الأبيض دقيق السمراء" و السَّمْرَاء الحنطة و الله أعلم.
 (سنبذ)
" سَنَابَاذ" هي بالسين المهملة ثم نون بعدها ألف ثم باء موحدة و ذال معجمة في الآخر بينهما ألف: اسم بلدة بخراسان و هي الموضع الذي دفن فيه الرضا ع، و هي من مُوقان على دَعْوَةٍ أي قدر سماع صوت الشخص.
باب ما أوله الشين‏
 (شحذ)
فِي الدُّعَاءِ" أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَدُوٍّ شَحَذَ لِي ظُبَةَ مُدْيَتِهِ".
أي حد لي، من قولهم شَحَذْتُ السكينَ أَشْحَذُهُ شَحْذاً من باب منع: أي حددته.
 (شذذ)
فِي الْحَدِيثِ" الشَّاذُّ عَنْكَ يَا عَلِيُّ فِي النَّارِ".
أي المنفرد المعتزل عنك و لم يتبع أمرك و حكمك في النار، يقال شَذَّ عنه يَشُذُّ شُذُوذاً: انفرد عنه، فهو شَاذٌّ. و قيل الشَّاذُّ هو الذي يكون مع الجماعة ثم يفارقهم، و الفَاذُّ هو الذي لم يكن قد اختلط معهم. و الشَّاذُّ في كلام العرب ثلاثة أقسام: ما شذ في القياس دون الاستعمال فهذا قوي في نفسه يصح الاستدلال به، الثاني ما شذ في الاستعمال دون القياس فهذا لا يحتج به في تمهيد الأصول لأنه كالمرفوض، و الثالث ما شذ فيهما فهذا لا يعول عليه- كذا ذكره في المصباح.

182
مجمع البحرين3

شذذ ص 182

وَ فِي الْحَدِيثِ" أَمَرَنِي أَنْ أَضَعَ كُلَّ شَاذٍّ عَنِ الطَّرِيقِ".
أي منفرد واضع، أي أترك صدقته.
وَ فِي حَدِيثِ التَّعَارُضِ" وَ اتْرُكِ الشَّاذَّ الَّذِي لَيْسَ بِمَشْهُورٍ".
يعني الحديث الذي لا شهرة فيه بين الأصحاب. و" الشَّاذَرْوَان" بفتح الذال من جدار البيت الحرام، و هو الذي ترك من عرض الأساس خارجا، و يسمى تَأْزِيراً لأنه كالإزار للبيت.
 (شعبذ)
الشَّعْبَذَةُ هي الحركة الخفيفة.
باب ما أوله الطاء
 (طبرذ)
الطَّبَرْزَذُ: السكر، معرب.
باب ما أوله العين‏
 (عوذ)
قوله تعالى: أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ‏
 قيل هو من عُذْتُ به عَوْذاً و عِيَاذاً و مَعَاذاً: لجأت إليه ملجأ. قوله: مَعاذَ اللَّهِ*
 أي أستجير بالله و عِيَاذَ اللهِ مثله. و في الصحاح مَعَاذَ الله أي أعوذ بالله معاذا تجعله بدلا من اللفظ بالفعل لأنه مصدر، و المَعَاذُ مصدر زمان و مكان قوله: وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً
 [72/ 6] قال المفسر: كان إذا سافر الرجل و خاف الجن في سلوك الطريق قال" أَعُوذُ بسعيد هذا الوادي" ثم يسلك فلا يخاف، و كانوا يرون ذلك استجارة بالجن و أن الجن يجيرونهم. قال تعالى: فَزادُوهُمْ رَهَقاً أي خسرانا

183
مجمع البحرين3

عوذ ص 183

و يتم الكلام في عشر إنشاء الله تعالى. و عُذْتُ بفلان و اسْتَعَذْتُ به: أي لجأت إليه و اعتصمت به. و هو عِيَاذِي: أي ملجئي. و عَوَّذْتُ الصغير بالله: أي عصمته به. و أَعَذْتُ غيري و عَوَّذْتُهُ به بمعنى. و العُوذَةُ و التَّعْوِيذُ بمعنى. و منه‏
الْحَدِيثُ" سَأَلْتُهُ عَنِ التَّعْوِيذِ يُعَلَّقُ عَلَى الْحَائِضِ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" اقْرَأِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ".
هما بضم ميم و كسر واو دون ضمها يعني سورة الفلق و سورة الناس،
سُمِّيَتَا بِذَلِكَ لِأَنَّ جَبْرَئِيلَ ع كَانَ عَوَّذَ بِهِمَا رَسُولَ اللَّهِ ص حِينَ وُعِكَ.
وَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ" ثُمَّ اقْرَأِ الْمُعَوِّذَاتِ الثَّلَاثَ".
كأنه أراد بها المعوذتين و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ لأنها يعوذ بها أيضا. و قولهم" أنا عَائِذٌ" و" مُتَعَوِّذٌ بالله من النار" مثل مستجير بالله.
وَ فِي الْخَبَرِ مَنِ" اسْتَعَاذَكُمْ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ".
أي من استعاذ بكم و طلب منكم رفع شركم أو شر غيركم عنه قائلا" بالله عليك أن تدفع عني شرك أو شر غيرك" فأجيبوه. و قوله:" عَائِذاً بالله من النار" يجوز فيه وجهان: الرفع و التقدير أنا عائذ و متعوذ كما يقال مستجير بالله، و النصب على المصدر أي أعوذ بك عياذا، أقام اسم الفاعل مقام المصدر كقولهم" قائما".
وَ فِي الدُّعَاءِ" هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ".
أي المُسْتَعِيذ المستعصم بك الملتجئ إليك المستجير بك. و
فِيهِ" نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ".
أي إلى الناس، و من الكسل لعدم انبعاث النفس للخير، و من العجز لأنه عدم القدرة، و من الهرم لأنه أرذل العمر و فيه ما فيه من اختلال العقل و الحواس و تشويه بعض المنظر و العجز عن كثير من الطاعات، و من الجبن لأنه يمنع من الإغلاظ على العصاة، و من الكبر بسكون الباء يعني التعظيم على الغير و بفتحها بمعنى الهرم. و العُوذُ جمع عَائِذ بالذال المعجمة، و هي كل أنثى قريبة العهد بالولادة، و هي سبعة أيام إلى عشرة أيام و خمسة عشر

184
مجمع البحرين3

عوذ ص 183

و هي مطفل.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع فِي قَوْمِهِ النَّاكِثِينَ" فَأَقْبَلْتُمْ إِلَيَّ إِقْبَالَ الْعُوذِ المَطَافِيلِ عَلَى أَوْلَادِهَا".
و المُطْفِلُ: ذات طفل و الجمع مَطَافِيلُ. و" عَائِذٌ الأحمسي" اسم رجل من رواة الحديث. و" عَائِذَةُ" أبو حي من ضبة، و النسبة إليه عَائِذِيٌّ. و" مُعَاذُ بن جبل" على صيغة اسم المفعول صحابي.
باب ما أوله الفاء
 (فخذ)
فِي الْحَدِيثِ" جَاءَ فِخْذٌ مِنَ الْأَنْصَارِ".
الفِخْذُ بالكسر فالسكون للتخفيف: دون القبيلة و فوق البطن، و الجمع أَفْخَاذٌ. و منه أَفْخَاذُ قريش و أَفْخَاذُ العرب. و" الفَخِذُ" ككتف: ما بين الساق و الورك، مؤنث و الجمع أَفْخَاذ أيضا. و منه‏
الْحَدِيثُ" صَحِيفَةٌ مِثْلُ فَخِذِ الْبَعِيرِ".
وَ فِي حَدِيثِ الْجَارِيَةِ" فَفَخَّذْتُ لَهَا".
أي أصبت منها ما بين فخذيها
. (فذذ)
في الحديث ذكر الفَذِّ، و هو أول القداح العشرة التي هي سهام الميسر. و الفَذُّ: الفرد أيضا، يقال ذهبا فَذَّيْنِ أي منفردين متفرقين.

185
مجمع البحرين3

فذذ ص 185

و الآية الفَاذَّةُ- بتشديد الذال-، المنفردة في معناها ليس مثلها آية أخرى في قلة ألفاظ و كثرة معان.
وَ فِي الْحَدِيثِ" فَضْلُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ".
أي الواحد" بسبع و عشرين درجة" و روي" بخمس و عشرين" و لعل اختلاف الرواية بسبب فوات خشوع و كمال ثم لا يقنع بدرجة عن الدرجات إلا أحد رجلين أما غير مصدق لتلك النعمة العظمية أو سفيه لا يهتدي لتلك التجارة الرابحة
. (فلذ)
الفِلْذَة كسدرة: القطعة من الكبد و اللحم و المال، و الجمع أَفَالِيذُ و فِلَذٌ كسِدَر يقال فَلَذْتُ له من شي‏ء فَلْذاً من باب ضرب: قطعت له منه‏
. باب ما أوله القاف‏
 (قذذ)
فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ ص" يَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ كُلُّ مَا كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ".
القُذَّةُ بالضم و التشديد: ريش السهم، و الجمع قُذَذٌ. و" حَذْوَ القُذَّةِ بِالْقُذَّةِ" أي كما يقدر كل واحدة منها على قدر صاحبتها و تقطع، ضرب مثلا للشيئين يستويان و لا يتفاوتان.
وَ فِي الْحَدِيثِ" وَ تَرْكَبُونَ قُذَّتَهُمْ".
أي طريقتهم. و القُذَّةُ: الطريقة
. (قنفذ)
فِي الْحَدِيثِ" الْقُنْفُذُ مِنَ الْمُسُوخِ".
هو بضم القاف و فتحها، واحد القَنَافِذُ" و الأنثى قُنْفُذَة، و هو حيوان معروف مولع بأكل الأفاعي و لا يتألم منها

186
مجمع البحرين3

باب ما أوله اللام ص 187

 باب ما أوله اللام‏
 (لذذ)
قوله تعالى: لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ*
 [37/ 46] أي لذيذة. و عن ابن الأعرابي اللَّذَّةُ الأكل و الشرب بنعمة و كفاية، و اللذة واحدة اللَّذَّات. و قد لَذِذْتُ الشي‏ءَ بالكسر لَذَاذاً و لَذَاذَةً: وجدته لذيذا. و لَذَّ الشي‏ءُ يَلَذُّ من باب تعب: صار شهيا. و الْتَذَذْتُ و تَلَذَّذْتُ به بمعنى. و شراب لَذِيذٌ: يلتذ به. و اسْتَلَذَّهُ: عده لذيذا. و مُسْتَلَذٌّ: لَذِيذٌ. قال بعض العارفين: اللَّذَّةُ و الألم تابعان للمزاج و المزاج عرض، فهي عند بعض المتكلمين الحالة الحاصلة عند تغيير المزاج إلى الاعتدال، و الألم هي الحالة الحاصلة عند تغير المزاج إلى الفساد. و عند الحكماء اللَّذَّةُ هي إدراك الملائم من حيث هو ملائم، و الألم إدراك المنافي من حيث هو مناف. و عند بعض المعتزلة هي إدراك متعلق الشهوة، و الألم إدراك متعلق النفرة. و اللَّذَّةُ تنقسم إلى حسية و هي ما أدرك بإحدى الحواس العشرة، و عقلية و هي ما تدرك بالعقل- انتهى. و" اللَّذِ" بكسر الذال و تسكينها لغة في الذي- قاله الجوهري و غيره‏
. (لوذ)
قوله تعالى: يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً
 [24/ 63] لِوَاذاً مصدر قولهم لَاوَذَ القومُ مُلَاوَذَةً و لِوَاذاً: أي لاذ بعضهم ببعض و استتر به، و لو كان من لَاذَ لقال لِيَاذاً. و لَاذَ به لَوْذاً و لِيَاذاً: أي لجأ إليه و عاذ به. و جاء في المصباح لَاذَ الرجلُ بالجبل يَلُوذُ لِوَاذاً بكسر اللام و حكى التثليت و هو الالتجاء.
وَ فِي الدُّعَاءِ" اللَّهُمَّ بِكَ أَلُوذُ".
أي ألتجئ‏

187
مجمع البحرين3

لوذ ص 187

و أنضم و أستغيث. و مثله‏
" بِكَ أَعُوذُ وَ بِكَ أَلُوذُ".
و قوله" و تَلُوذُ بسبابتك" أي تتضرع بسباتك بتحريكها. و" لَوْذَانُ" بالفتح اسم رجل. و لَاوِذُ بن سام بن نوح عليه السلام‏
. باب ما أوله الميم‏
 (منذ)
قال في القاموس" مُنْذُ" بسيط مبني على الضم، و" مُذْ" محذوف منه مبني على السكون و تكسر ميمهما و يليهما اسم مجرور، و حينئذ فهما حرفا جر بمعنى من في الماضي و في في الحاضر، و من و إلى جميعا في المعدود ك" ما رأيته مُذْ يوم الخميس" و اسم مرفوع ك" مُذْ يومان" و حينئذ مبتدءان ما بعدهما خبر و معناها بين و بين ك" لقيته مُنْذُ يومان" أي بيني و بين لقائه يومان، و تليهما الجملة الفعلية نحو" ما زال مُذْ عقدت يداه إزاره" و الاسمية:
و ما زلت أبغي المال مُذْ أنا يافع‏


و حينئذ فهما ظرفان مضافان إلى الجملة أو إلى زمان مضاف إليها، و قيل مبتدءان‏
. (موذ)
المَاذِيُّ: العسل الأبيض- قاله الجوهري‏
. باب ما أوله النون‏
 (نبذ)
قوله تعالى: نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ‏
 [2/ 100] أي نقضه، و أصل النَّبْذِ الطرح. قوله: فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ‏

 [3/ 187] مَثَلٌ في ترك اعتدادهم به كما يقال في ضده" جَعَلَهُ نُصْبَ عَيْنَيْهِ"

188
مجمع البحرين3

نبذ ص 188

قال الشيخ أبو علي: و فيه دلالة على أنه واجب على العلماء أن يبينوا الحق للناس و لا يكتمون شيئا منه لغرض فاسد من جر منفعة أو لبخل في العلم أو تطيب نفس ظالم أو غير ذلك.
وَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ عَلِيٍّ ع" مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الْجُهَّالِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا حَتَّى أَخَذَ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُعَلِّمُوا".
قوله: فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى‏ سَواءٍ
 [8/ 58] معناه إذا هادنت قوما فعلمت منهم النقض للعهد فكذا. و في التفسير: اطرح العهد عليهم على سواء. قوله: إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها
 [19/ 16] أي اعتزلهم بمعزل بعيد عن القوم. و المُنَابَذَةُ: المكاشفة. و منه" نَابِذَهٌ في الحرب" أي كاشفه. و نَابَذْتُهُمُ الحربَ: كاشفتهم إياها و جاهرتهم بها. و منه‏
الْخَبَرُ" فَإِنْ أَبَيْتُمْ نَابَذْنَاكُمْ عَلَى سَوَاءٍ".
أي كاشفناكم و قابلناكم على سواء أي على طريق مستقيم في العلم بالمنابذة منا و منكم. و منه‏
الْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ" نَابَذَنِي مَنْ أَذَلَّ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنَ".
و النَّبِيذُ: ما يعمل من الأشربة من التمر و الزبيب و العسل و الحنطة و الشعير و غير ذلك، يقال نَبَذْتُ التمرَ و العنبَ: إذا تركت عليه الماء ليصير نبيذا، فصرف من مفعول إلى فعيل.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَصْلُ النَّبِيذِ حَلَالٌ وَ أَصْلُ الْخَمْرِ حَرَامٌ".
كأنه أراد بالأصل الأول العنب و هو حلال و بالأصل الثاني النَّبِيذُ و هو حرام. و انْتَبَذْتُهُ: اتخذته نبيذا سواء كان مسكرا أو غير مسكر، و يقال للخمر المعتصر من العنب نَبِيذٌ كما يقال لِلنَّبِيذِ خمر- كذا ذكره بعض شراح الحديث. و
فِيهِ" أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَوَضَّأَ بِالنَّبِيذِ".
و ليس هو مسكر كما توهمه ظاهر العبارة و إنما هو ماء مالح قد نُبِذَ به‏

189
مجمع البحرين3

نبذ ص 188

تمرات ليطيب طعمه و قد كان ماء صافيا فوقها كما جاءت الرواية بتفسيره. و قيل إذا أصابك خمر أو نَبِيذٌ فاغسله يعني نبيذا مسكرا. و النَّبْذُ: الشي‏ء اليسير، يقال ذهب ماله و بقي نَبْذٌ منه. و المَنْبُوذُ: ولد الزنا و الصبي تلقيه أمه في الطريق، يقال نَبَذْتُهُ نَبْذاً من باب ضرب: ألقته فهو مَنْبُوذٌ.
وَ فِي الْخَبَرِ" نَهَى عَنِ الْمُنَابَذَةِ فِي الْبَيْعِ".
و فسرت بأن تقول إذا نَبَذْتَ متاعَك أو نَبَذْتُ متاعي فقد وجب البيع، أو يقول انْبِذْ إليَّ الثوبَ أو أَنْبِذُهُ إليك ليجب البيع، و إذا انْتَبَذْتُ إليك الحصاة فقد وجب البيع.
وَ فِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ" وَ نَهَى عَنِ الْمُنَابَذَةِ وَ الْمُلَامَسَةِ وَ بَيْعِ الْحَصَى".
ثم قال: و هذه بيوع كان أهل الجاهلية يتبايعون بها. و" جلس نُبْذَةً" بضم النون و فتحها: أي ناحية
. (نجذ)
فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ص" فَضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ".
النَّوَاجِذُ من الأسنان بالذال المعجمة الضواحك و هي التي تبدو عند الضحك و الأكثر أنها أقصى الأسنان. قيل و المراد الأول لأنه صلى الله عليه و آله ما كان يبلغ به الضحك حتى تبدو آخر أسنانه و إنما كان ضحكه التبسم، و إن أريد بها الأواخر فالوجه المبالغة في الضحك من غير أن يريد ظهور نواجذه في الضحك، و هو أقيس القولين لاشتهار النَّوَاجِذ بآخر الأسنان- كذا قرره بعض شارحي الحديث. و في الصحاح للإنسان أربعة نَوَاجِذ في أقصى الأسنان بعد الأرحاء. و في غيره الأسنان كلها نَوَاجِذ. و عن صاحب البارع و تكون النَّوَاجِذُ للإنسان و للحافر و هي في ذوات الخف الأنياب.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع لِقَوْمِهِ فِي الْحَرْبِ" وَ عَضُّوا عَلَى النَّوَاجِذِ فَإِنَّه‏

190
مجمع البحرين3

نجذ ص 190

أَنْبَى لِلسُّيُوفِ عَنِ الْهَامِ".
يحتمل أن يريد بها النَّوَاجِذ المشهورة، أو التي تلي الأنياب و هي الأضراس كلها جمع في نَاجِذ، و معنى الكلام المبالغة في التمسك في هذه الوصية بجميع ما يمكن من الأسباب المعينة عليه كالذي يتمسك بالشي‏ء و يستعين عليه بأسنانه استظهارا للمحافظة و يحتمل أي تمسكوا بها كما يتمسك العاض بجميع أضراسه. و" الأَنْجُذَان" بضم الجيم: نبات يقاوم السموم جيد لوجع المفاصل جاذب مدر محدث للطمث- قاله في القاموس‏
. (نفذ)
قوله تعالى: يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ‏
 [55/ 33] المعنى أيها الثقلان إن استطعتم أن تهربوا من قضائي و تخرجوا من أرضي و سمائي فافعلوا، ثم قال لا تقدرون على النفوذ من نواحيها إلا بسلطان أي بقهر و قوة و غلبة و أنى لكم ذلك.
وَ فِي الْخَبَرِ" إِنْ نَافَذْتَهُمْ نَافَذُوكَ".
هو من نَافَذَهُ: حاكمه، أي إن قلت لهم قالوا لك.
وَ فِي خَبَرِ الْوَالِدَيْنِ" وَ إِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا".
أي إمضاء وصيتهما و ما عهدا به قبل موتهما. و نَفَذَ السهمُ نُفُوذاً من باب قعد و نَفَاذاً: خرق الرمية و خرج منها، و أَنْفَذْتُهُ بالألف. و نَفَذَ في الأمر و القول نُفُوذاً و نَفَاذاً: مضى. و أمره نَافِذٌ: أي مطاع. و نَفَذَ العتقُ: مضى. قال في المصباح كأنه مستعار من نُفُوذِ السهم. و طريق نَافِذٌ: أي سالك. و المَنْفِذُ: موضع نفوذ الشي‏ء. و النَّافِذَةُ في الشجاج: التي نفذت من رمح أو خنجر

191
مجمع البحرين3

نقذ ص 192

(نقذ)

النَّقْذُ و الاسْتِنْقَاذُ و التَّنْقِيذُ: التخليص. و منه" حقا عَلَيَّ أن أَسْتَنْقِذَهُ من النار". و منه" يا مُنْقِذَ الغرقى" و أمثالها. و الاسْتِنْقَاذُ في تعريف بعض الفقهاء عبارة عن رفع يد عادية بعوض. و" النَّقَذُ" بالتحريك: ما أنقذته، و هو فعل بمعنى مفعول. و" مُنْقِذٌ" اسم رجل‏
. باب ما أوله الواو
 (وقذ)
قوله تعالى: وَ الْمَوْقُوذَةُ
 [5/ 3] هي المضروبة حتى تشرف على الموت ثم تترك حتى تموت و تؤكل بغير ذكاة، من وَقَذَهُ يَقِذُهُ وَقْذاً: ضربه حتى استرخى و أشرف على الموت. و منه" شاة مَوْقُوذَةٌ" للتي وقذت بالخشب.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْمَوْقُوذَةُ الَّتِي مَرِضَتْ وَ وَقَذَهَا الْمَرَضُ حَتَّى لَمْ يَكُنْ لَهَا حَرَكَةٌ".
و وَقَذَهُ النعاس: إذا غلبه.
باب ما أوله الهاء
 (هذذ)
فِي الْحَدِيثِ" لَا تَهُذُّوا الْقُرْآنَ هَذَّ الشِّعْرِ وَ لَا تَنْثُرُوهُ نَثْرَ الرَّمْلِ".
الهَذُّ بالذال المعجمة المشددة: سرعة القطع، ثم أستعير لسرعة القراءة، يقال هو يَهُذُّ القرآنَ من باب قتل: أي يسرده‏

192
مجمع البحرين3

هذذ ص 192

و يسرع به، و المعنى لا تسرعوا بقراءة القرآن كما تسرعون في قراءة الشعر، و لا تفرقوا بعضه عن بعض و تنثروه كنثر الرمل، و لكن بينوه و رتلوه ترتيلا كما أمر به في قوله تعالى وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا.
 (هوذ)
هَوْذَةُ: اسم رجل لعنه النبي ص.

193
مجمع البحرين3

كتاب الراء ص 195

كتاب الراء

195
مجمع البحرين3

باب ما أوله الألف ص 197

باب ما أوله الألف‏
 (أبر)
فِي الْحَدِيثِ" مَنِ ابْتَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ يُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ".
التَّأْبِيرُ: تلقيح النخل و إصلاحه، على ما هو معروف بين غراس النخيل، يقال أَبَرْتُ النخلةَ أَبْراً من بابي ضرب و قتل: لقحته، و الاسم منه الإِبَارُ بالكسر. و أَبَّرْتُهُ تَأْبِيراً، مبالغة و تكثير، و منه‏
" خَيْرُ الْمَالِ مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ وَ سِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ".
أي ملقحة. و منه‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع فِي الْخَوَارِجِ" لَا بَقِيَ مِنْكُمْ آبِرٌ".
أي رجل يقوم بتأبير النخل و إصلاحه، فهو اسم فاعل. و يروى" آثر" بالثاء المثلثة أي مخبر. و" الإِبْرَةُ" بالكسر معروفة. و إِبْرَةُ العقرب: شوكتها.
وَ فِي الْخَبَرِ" الْمُؤْمِنُ كَالشَّاةِ المَأْبُورَةِ".
أي التي أَكَلَتِ الإبرةَ في علفها فنشبت في جوفها، فهي لا تأكل و إن أكلت شيئا لم يتمحد به.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" لَسْتُ بِمَأْبُورٍ فِي دِينِي".
أي لست بمتهم في ديني.
 (أثر)
قوله تعالى: فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ‏
 [20/ 96] المعنى من أثر فرس الرسول،
رُوِيَ أَنَّ مُوسَى ع لَمَّا حَلَّ مِيعَادُهُ وَ ذَهَابُهُ إِلَى الطُّورِ أَرْسَلَ اللَّهُ جَبْرَئِيلَ رَاكِبَ حَيْزُوم فَرَسِ الْحَيَاةِ لِيَذْهَبَ بِهِ، فَأَبْصَرَهُ السَّامِرِيُّ فَقَالَ: إِنَّ لِهَذَا شَأْناً، فَقَبَضَ قَبْضَةً مِنْ مَوْطِئِهِ، فَلَمَّا سَأَلَهُ مُوسَى عَنْ ذَلِكَ قَالَ ذَلِكَ.
و توضيح القصة في محالها. قوله:" آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا"
 أي فضلك الله علينا، من قولهم" له عليه إِثْرَةٌ" أي فضل‏

197
مجمع البحرين3

أثر ص 197

قوله:" أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ"
 أي بقية من علم تؤثر عن الأولين أي تسند إليهم أو علم مَأْثُور. قوله: وَ نَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَ آثارَهُمْ‏
 [36/ 12] السين فيها و في نظائرها للتأكيد، وَ آثارَهُمْ‏
 أي ما قدموا من الأعمال و ما سنوه بعدهم حسنة كانت أو قبيحة، و مثله عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَ أَخَّرَتْ و قيل آثارَهُمْ‏
 أي أقدامهم في الأرض، أراد مشيهم إلى العبادة. و آثَارُ الأعمال: ما بقي منها. و منه قوله تعالى: فَانْظُرْ إِلى‏ آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ‏
 [30/ 50] أي ما بقي منها. قوله: وَ إِنَّا عَلى‏ آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ‏
 [43/ 23] أي على سنتهم في الدين. قوله: هُمْ أُولاءِ عَلى‏ أَثَرِي‏
 [20/ 84] هو من قولهم" خرجت في أَثَرِهِ" بفتحتين، و في إِثْرِهِ بكسر الهمزة فالسكون أي تبعته عن قريب. قوله: إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ
 [74/ 24] أي ما تقوله سحر يؤثر و ينقل عن أهل بابل. قوله: وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ‏
 [59/ 9] أي يقدمون على أنفسهم، من قولهم" آثره على نفسه" قدمه و فضله. قوله: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا
 [87/ 16] أي تقدمونها و تفضلونها على الآخرة. قال الشيخ أبو علي قرأ أبو عمر و غيره بالياء التحتانية و الباقون بالتاء على الخطاب. و قال في قوله: فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً
 [100/ 4] بتشديد الثاء و هو من التأثير فالهمزة فاء الفعل، فَأَثَرْنَ بالتخفيف من الإثارة. و النَّقْعُ: الغبار.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فَهُوَ الْمَأْثُورُ".
أي المقدم المفضل على غيره من الشهور. و الأُثْرُ بالضم: أثر الجراح يبقى بعد البرء. و سنن النبي ص آثَارُهُ. و أَثَرْتُ الحديثَ أَثْراً من باب قتل: نقلته. و" الأَثَرُ" بفتحتين الاسم منه.

198
مجمع البحرين3

أثر ص 197

و حديث مَأْثُور: ينقله خلفا عن سلف. و أَثَرُ الدار: بقيتها، و الجمع آثَار مثل سبب و أسباب.
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِهِمْ ع" آثَارُكُمْ فِي الْآثَارِ وَ قُبُورُكُمْ فِي الْقُبُورِ".
و نحو ذلك، و لعل المراد بذلك شدة الامتزاج بهم و الاختلاط معهم.
وَ فِي الْخَبَرِ" فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ".
أي فبعث الطالب وراءهم. و
فِيهِ" مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَبْسُطَ اللَّهُ فِي رِزْقِهِ وَ يَنْسَأَ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ".
الأَثَرُ: الأجل، سمي به لأنه يتبع العمر. و منه قولهم" قُطِعَ أَثَرُهُ" أي أجله، لأن من مات لم يبق له أثر. و اسْتَأْثَرَ فلان بالشي‏ء: استبد به، و الاسم الأَثَرَةُ بالتحريك.
وَ فِي الْخَبَرِ" أَنَّهُ قَالَ ص لِلْأَنْصَارِ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا".
الأَثَرَةُ بفتح الهمزة و الثاء الاسم من آثَرَ يُؤْثِرُ إِيثَاراً: إذا أعطى، أراد أنه يستأثر عليكم فيفضل غيركم في نصيبه من الفي‏ء. و الاسْتِيثَارُ: الانفراد.
وَ فِي خَبَرِ مَنْ مَرَّ عَلَيْهِ وَ هُوَ يُصَلِّي" قَطَعَ اللَّهُ أَثَرَهُ".
دعاء عليه بالزمانة ليقطع مشيته. و التَّأْثِيرُ: إبقاء الأثر في الشي‏ء. و اسْتَأْثَرَ اللهُ بفلان: إذا مات و رجا له الغفران- قاله الجوهري. و المَأْثُرَةُ بالضم: المكرمة لأنها تؤثر و يتحدث بها.
 (أجر)
قوله تعالى: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ‏
 [4/ 24] جمع أَجْر، و هو جزاء العمل، يعني صداقهن، فأوجب إيفاء الأجر بنفس العقد في نكاح المتعة خاصة. قوله: عَلى‏ أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ‏
 [28/ 27] هو من قولهم آجَرَ فلان فلانا إذا أخدمه بِأُجْرَةٍ، أي تكون أجيرا لي.
وَ فِي الْحَدِيثِ فِي غَسَلَاتِ الْوُضُوءِ" وَ مَنْ زَادَ عَلَى اثْنَيْنِ لَمْ يُؤْجَرْ".
أي لم يعط الأجر و الثواب، يقال أَجَرَهُ اللهُ من‏

199
مجمع البحرين3

أجر ص 199

بابي ضرب و قتل، و آجَرَهُ اللهُ بالمد لغة ثالثة: أثابه.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع فِي عِلَّةٍ اعْتَلَّهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ" جَعَلَ اللَّهُ [مَا كَانَ مِنْ‏] شَكْوَاكَ حَطّاً لِسَيِّئَاتِكَ، فَإِنَّ الْمَرَضَ لَا أَجْرَ فِيهِ وَ لَكِنْ يَحُطُّ السَّيِّئَاتِ وَ يَحُتُّهَا حَتَّ الْأَوْرَاقِ، وَ إِنَّمَا الْأَجْرُ فِي الْقَوْلِ بِاللِّسَانِ وَ الْعَمَلِ بِالْأَيْدِي وَ الْأَقْدَامِ، وَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُدْخِلُ بِصِدْقِ النِّيَّةِ وَ السَّرِيرَةِ الصَّالِحَةِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ الْجَنَّةَ".
قال السيد رضي:
قَوْلُهُ" إِنَّ الْمَرَضَ لَا أَجْرَ فِيهِ".
ليس ذلك على إطلاقه، و ذلك لأن المريض إذا احتمل المشقة التي حملها الله عليه احتسابا كان له أَجْرُ الثواب على ذلك و العوض على المرض، فعلى فعل العبد إذا كان مشروعا الثواب و على فعل الله إذا كان ألما على سبيل الاختبار العوض، و هو كلام حسن. و آجَرْتُهُ على فعله: إذا جعلت له أجرا. و الأُجْرَةُ: الكراء، و الجمع أُجَر مثل غرفة و غرف. قال في المصباح: و ربما جمعت على أُجُرَات بضم الجيم و فتحها و آجَرْتُهُ الدارَ: أكريتها. و الإِجَارَة: هي العقد على تملك منفعة بعوض معلوم.
وَ فِي خَبَرِ الْأَضَاحِيِّ" كُلُوا وَ ادَّخِرُوا وَ ائْتَجِرُوا".
أي تصدقوا طالبين الأجر بذلك، و لا يجوز فيه اتجروا بالإدغام لأن الهمزة لا تدغم في التاء، و إنما هو من الأجر لا من التجارة. و" ائْتَجَرَ عليه بعضُ إخوانه بكفن" أي تصدق.

200
مجمع البحرين3

أجر ص 199

وَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ" آجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَ أَخْلِفْ لِي خَيْراً مِنْهَا".
هو من قولهم آجَرَهُ يُؤْجِرُهُ: إذا أصابه و أعطاه الأجر و الجزاء. و كذلك آجَرَهُ بِأُجْرَةٍ، و الأمر منهما آجِرْنِي. و المَأْجُورُ: المثاب. و منه‏
" كَانَ مَأْجُوراً كُلَّمَا نَظَرَ إِلَيْهِ".
أي مثابا. و اسْتَأْجَرْتُ العبدَ: إذا اتخذته أجيرا. و الأَجِيرُ: المُسْتَأْجَرُ بفتح الجيم. و" الآجُرُّ" بالمد و التشديد أشهر من التخفيف: اللبن إذا طبخ، و الواحدة آجُرَّةٌ، و هو معرب- قاله الجوهري و غيره و آجَرُ بالمد: أُمُّ إسماعيل.
 (أخر)
قوله تعالى: وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً
 [9/ 102] الآية.
قِيلَ: نَزَلَتْ فِي أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَمَّا حَاصَرَ بَنِي قُرَيْضَةَ قَالُوا لَهُ: ابْعَثْ إِلَيْنَا أَبَا لُبَابَةَ نَسْتَشِيرُهُ فِي أَمْرِنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: يَا أَبَا لُبَابَةَ ائْتِهِمْ، فَأَتَاهُمْ، فَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا لُبَابَةَ مَا تَرَى أَ نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ مُحَمَّدٍ؟ فَقَالَ: انْزِلُوا وَ اعْلَمُوا أَنَّ حُكْمَهُ هُوَ الذَّبْحُ- وَ أَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ- ثُمَّ نَدِمَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: خُنْتُ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ نَزَلَ مِنْ حِصْنِهِمْ وَ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَ مَرَّ إِلَى الْمَسْجِدِ وَ شَدَّ فِي عُنُقِهِ حَبْلًا وَ شَدَّهُ إِلَى الْأُسْطُوَانَةِ الَّتِي تُسَمَّى أُسْطُوَانَةَ التَّوْبَةِ وَ قَالَ: لَا أَحُلُّهُ حَتَّى أَمُوتَ أَوْ يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيَّ، فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ ذَلِكَ فَقَالَ: أَمَا لَوْ أَتَانَا لَاسْتَغْفَرْنَا لَهُ اللَّهَ تَعَالَى فَأَمَّا إِذَا قَصَدَ إِلَى رَبِّهِ فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِ، وَ كَانَ أَبُو لُبَابَةَ يَصُومُ النَّهَارَ وَ يَأْكُلُ بِاللَّيْلِ مِمَّا يُمْسِكُ بِهِ رَمَقَهُ، وَ كَانَتْ تَأْتِيهِ ابْنَتُهُ بِعَشَائِهِ وَ تَحُلُّهُ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ وَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ نَزَلَتْ تَوْبَتُهُ، فَقَالَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ قَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى أَبِي لُبَابَةَ.
قوله: وَ الرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ‏
 [3/ 153] أي في خلفكم‏

201
مجمع البحرين3

أخر ص 201

فلم يلتفت منكم أحد، و أُخْراكُمْ ليس بتأنيث آخِر بكسر الخاء و إنما هو تأنيث آخَر بفتح الخاء كفضلى و أفضل. قوله: فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ*
 [7/ 34] هو من التَّأْخِيرِ نقيض التقديم. قوله: فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ*
 [17/ 7] أي قيام الساعة، و الآخِرَةُ خلاف الدنيا. قوله: ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ
 [38/ 7] هي ملة عيسى ع لأنها آخر الملل. قوله: وَ لَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ*
 [6/ 32] أي و لدار الساعة الآخرة، لأن الشي‏ء لا يضاف إلى نفسه. قوله: وَ آخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ‏
 [38/ 58] هو بفتح الخاء غير الأول، يعني الحميم و الغساق. و الآخر أزواج. و الآخِر بكسر الخاء خلاف الأول، و منه قوله تعالى: هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ
.
وَ سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ
 فَقَالَ: لَيْسَ شَيْ‏ءٌ إِلَّا يَبِيدُ وَ يَتَغَيَّرُ أَوْ يَدْخُلُهُ التَّغْيِيرُ وَ الزَّوَالُ إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَزَلْ وَ لَا يَزَالُ بِحَالَةٍ وَاحِدَةٍ، هُوَ الْأَوَّلُ قَبْلَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ هُوَ الْآخِرُ عَلَى مَا لَمْ يَزَلْ، لَا يَخْتَلِفُ عَلَيْهِ الصِّفَاتُ وَ الْأَسْمَاءُ كَمَا تَخْتَلِفُ عَلَى غَيْرِهِ مِثْلِ الْإِنْسَانِ يَكُونُ تُرَاباً مَرَّةً وَ مَرَّةً لَحْماً وَ مَرَّةً دَماً وَ مَرَّةً رَمِيماً، وَ كَالْبُسْرِ الَّذِي يَكُونُ مَرَّةً بَلَحاً وَ مَرَّةً بُسْراً وَ مَرَّةً رُطَباً وَ مَرَّةً تَمْراً، فَتَتَبَدَّلُ عَلَيْهِ الْأَسْمَاءُ وَ الصِّفَاتُ وَ اللَّهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ.
و
فِي حَدِيثٍ آخَرَ" الْأَوَّلُ لَا عَنْ أَوَّلٍ قَبْلَهُ وَ لَا عَنْ بَدْءٍ سَبَقَهُ وَ الْآخِرُ لَا عَنْ نِهَايَةٍ كَمَا يُعْقَلُ مِنْ صِفَةِ الْمَخْلُوقِينَ وَ لَكِنْ قَدِيمٌ أَوَّلٌ آخِرٌ لَمْ يَزَلْ".
و الْآخِرُ
 في أسمائه تعالى و هو الباقي بعد فناء خلقه، و المُؤَخِّرُ أيضا و هو الذي يؤخر الأشياء فيضعها مواضعها.

202
مجمع البحرين3

أخر ص 201

و يوم النفر الآخِر: اليوم الثالث من أيام التشريق، و النفر الأول اليوم الثاني منها. و آخِرُ ليلة من الشهر: يحتمل التسع و السلخ. و التَّأْخِيرُ: نقيض التقديم. و جاء أَخِيراً: أي آخرا. و جاء آخِراً مثل أخير.
وَ فِي الْخَبَرِ" مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَكَذَا".
آخِر يقرأ بالرفع و النصب، قيل و لا يشترط التلفظ عند الموت، إذ حكم الإيمان بالاستصحاب و الآخِر يجمع على الأَوَاخِر و الأُخْرَى على الأُخْرَيَات و أُخَر مثل كبرى و كبريات و كبر. و منه قولهم:" جاءوا في أُخْرَيَات الناس" أي في أواخرهم. و أُخَر جمع أُخْرَى، و أُخْرَى تأنيث آخَر، و هو غير منصرف. قال تعالى: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ*
.
وَ قَوْلُهُ:" آخِرَ مَا كلَّمهم".
نصب على الظرف، أي في آخر ما كلمهم. و أَخَّرْتُهُ فَتَأَخَّرَ، و اسْتَأْخَرَ مثل تَأَخَّرَ
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ".
الجمع لملاحظة الجنس أو لإبانة الظاهر. و قوله:" يغفر ما بينه و بين الجمعة الأُخْرَى" أي ما بين يوم الجمعة هذا و بين الجمعة الأخرى أي الماضية و المستقبلة. و" شق ثوبه أُخُراً و من أُخُرٍ" بضمتين فيهما أي من مؤخره. و مُؤْخِرُ العين كمؤمن: الذي يلي الصدغ، و مقدمها الذي يلي الأنف- قاله الجوهري و غيره.
 (أدر)
في الحديث ذكر الأُدْرَة، وزان غرفة و هي انتفاخ الخصية، يقال أَدِرَ يَأْدَرُ من باب تعب فهو آدِرٌ بهمزة ممدودة. و منه‏
الْحَدِيثُ" فَإِنْ أَدِرَتْ خُصْيَتَاهُ فَكَذَا".
و الآدَرُ: من يصيبه فتق في إحدى خصييه، و الجمع أُدْرٌ كحمر.

203
مجمع البحرين3

أرر ص 204

 (أرر)
فِي خُطْبَةِ عَلِيٍّ ع" يُفْضِي كَإِفْضَاءِ الدِّيَكَةِ وَ يَؤُرُّ بِمَلَاقِحِهِ، الْأَرُّ".
بتشديد الراء: الجماع، يقال أَرَّ يَؤُرُّ أَرّاً و هو مِئَرٌّ بكسر الميم أي كثير الجماع. و أَرَّ الفحلُ: نكح.
 (أزر)
قوله تعالى: فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ
 [48/ 29] أي أعانه. قوله: اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي‏
 [20/ 31] أي قو به ظهري. قوله: وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ
 [6/ 74] و قرئ آزَرُ على النداء، و اختلف فيه فذهب بعض أنه كان جد إبراهيم لأمه، و قيل بل هو اسم أبي إبراهيم ع استدلالا بقوله تعالى قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ
 و بما
رُوِيَ" أَنَّ آزَرَ أَبَا إِبْرَاهِيمَ كَانَ مُنَجِّماً لِنُمْرُودَ".
و هو صريح في أن آزَرَ أبو إبراهيم ع، و ليس بشي‏ء لانعقاد الإجماع من الفرقة المحقة على أن أجداد نبينا ص كانوا مسلمين موحدين إلى آدم ع، و
قَدْ تَوَاتَرَ عَنْهُمْ" نَحْنُ مِنْ أَصْلَابِ الْمُطَهَّرِينَ وَ أَرْحَامِ الْمُطَهَّرَاتِ لَمْ تُدَنِّسُهُمُ الْجَاهِلِيَّةُ بِأَدْنَاسِهَا".
و قد نقل بعض الأفاضل عن بعض كتب الشافعية كالقاموس و شرح الهمزية لابن حجر المكي بأن آزَرَ كان عم إبراهيم ع و كان أبوه تارخ، و مثله نقل بعض الأفاضل أنه لا خلاف بين النسابين أن اسم أبي إبراهيم تارخ، و هذا غير مستبعد لاشتهار تسمية العم بالأب في الزمن السابق. و قد تكرر في الحديث ذكر الإِزَار بالكسر و هو معروف يذكر و يؤنث، و مقعد الإِزَار من الحقوين، و الجمع في القلة و الكثرة على آزِرَة و أُزُر مثل حمار و أحمرة و حمر، و في كلام البعض من أهل اللغة الإِزَارُ بالكسر: ثوب شامل لجميع البدن.
وَ فِي حَدِيثِ الْكَفَنِ قُلْتُ: فَالْإِزَارُ؟ قَالَ: إِنَّهَا لَا تُعَدُّ شَيْئاً. إِنَّمَا تُصْنَعُ لِيُضَم‏

204
مجمع البحرين3

أزر ص 204

مَا هُنَاكَ لِئَلَّا يَخْرُجَ مِنْهُ شَيْ‏ءٌ".
قال بعض الشارحين: أراد بقوله:" فَالْإِزَارُ" الاستفسار من الإمام ع أنه هل يستغنى عنه بهذه الخرقة أم لا؟ و يمكن أن يكون مراده أن الإِزَارَ هو الثالث من الأثواب، و به يتم الكفن المفروض، فما هذه الرابعة؟ فأجاب عنها بأنها غير معدودة من الكفن فلا يستغنى بها عن شي‏ء من أثوابه و لا يزيدها قطع الكفن عن الثلاثة. و في الصحاح و غيره المِئْزَرُ: الإِزَار يلتحف به. و في كتب الفقه و يذكرون المِئْزَرَ مقابلا لِلْإِزَارِ و يريدون به غيره، و حينئذ لا بعد في الاشتراك و يعرف المراد بالقرينة
وَ فِي الْخَبَرِ" إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ وَ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْكَعْبَيْنِ".
الإِزْرَةُ بالكسر: الحالة و هيئة الائتزار كالركبة و الجلسة.
وَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ" الْعَظَمَةُ إِزَارِي وَ الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي".
و قد مر البحث في ردي. و في حديث العشر الأواخر من شهر رمضان" و شَدَّ المِئْزَرَ" أي الإِزَار كنى به عن اعتزال النساء، و قيل أراد التشهير للعبادة، يقال شددت لهذا الأمر مِئْزَرِي: أي تشمرت له، قيل و يحتمل الحقيقة فلا يستبعد أن يكون قد شد مئزره ظاهرا و تفرغ للعبادة زائدا على المعتاد.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" كَانَ النِّسَاءُ يُصَلِّينَ مَعَ النَّبِيِّ ص فَكُنَّ يُؤْمَرْنَ أَنْ لَا يَرْفَعْنَ رُءُوسَهُنَّ قَبْلَ الرِّجَالِ لِضِيقِ الْأُزُرِ".
بتقديم الزأي المعجمة على الراء المهملة، جمع إِزَار و هو ما يؤتزر به و يشد في الوسط، و قد اضطربت النسخ هنا: ففي بعضها ما ذكرناه، و في بعضها" لضيق الأزز" بزايين معجمتين، و في بعضها" لضيق الأرز" براء مهملة ثم زأي معجمة، و في بعضها غير ذلك. و الأظهر الأول،

205
مجمع البحرين3

أزر ص 204

و ذلك أن الرجال كانوا يستعملون الأزر في غالب أوقاتهم، و إذا كانوا قدام النساء فربما يبدو حجم عوراتهم عند سجودهم لضيق أزرهم، فلو رفعن النساء رءوسهن قبل الرجال لرأين ما رأين و إذا تأخرن عن ذلك لم يرين شيئا من ذلك، فلذلك نهين عن ذلك. و لقد عرضت هذا التوجيه على بعض مشايخ العصر فاستحسنه، ثم ظفرت بعد ذلك بحديث في مكارم الأخلاق يشهد له، هو ما
رَوَاهُ زُرَارَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قِصَّةِ السِّتْرَ الَّذِي قَطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص لِأَهْلِ الصُّفَّةِ ... إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ أَهْلَ الصُّفَّةِ قَوْماً مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَنَازِلُ وَ لَا أَمْوَالٌ فَقَسَّمَهُ بَيْنَهُمْ قِطَعاً وَ كَانَ طَوِيلًا لَا عَرْضَ لَهُ، ثُمَّ جَعَلَ يَدْعُو الرَّجُلَ مِنْهُمُ الْعَارِيَ الَّذِي لَا يَسْتَتِرُ بِشَيْ‏ءٍ فَجَعَلَ يُؤَزِّرُ الرَّجُلَ، فَإِذَا الْتَقَى عَلَيْهِ قَطَعَهُ حَتَّى قَسَّمَهُ بَيْنَهُمْ أُزُراً، ثُمَّ أَمَرَ النِّسَاءَ لَا يَرْفَعْنَ رُءُوسَهُنَّ مِنَ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ حَتَّى تَرْفَعَ الرِّجَالُ رُءُوسَهُمْ، وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا مِنْ صِغَرِ أُزُرِهِمْ إِذَا رَكَعُوا وَ سَجَدُوا بَدَتْ عَوْرَاتُهُمْ مِنْ خَلْفِهِمْ، فَجَرَتْ بِذَلِكَ السُّنَّةُ أَنْ لَا يَرْفَعْنَ النِّسَاءُ رُءُوسَهُنَّ مِنَ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ حَتَّى يَرْفَعَ الرِّجَالُ.
- إلى آخر الحديث. و هو نص في المطلوب. و اتَّزَرْتُ: لبست الإزار، و أصله بهمزتين الأولى همزة وصل و الثانية فاء افتعلت، و في المجمع و غيره" هِيَ مُؤْتَزِرَةٌ في حال الحيض" أي مشدودة الإزار و لا يقال متزرة لأن الهمزة لا تدغم في التاء. و أَزَّرْتُ الحائط بالتشديد تَأْزِيراً: جعلت له من أسفله كالإزار.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِذَا كَانَ الْغُلَامُ شَدِيدَ الْأِزْرَةِ كَبِيرَ الذَّكَرِ حَادَّ النَّظَرِ فَهُوَ مِمَّنْ لَا يُرْجَى خَيْرُهُ".
قيل كَأَنَّ المراد بِالْأِزْرَةِ القوة و بحِدَّة النظر كثرة النظر إلى المحارم، و ليس بمستبعد.
 (أسر)
قوله تعالى: وَ شَدَدْنا أَسْرَهُمْ‏
 [76/ 28] أي قوينا خلقهم، فبعض الخلق مشدود إلى بعض لئلا يسترخيان. قوله: مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيرا

206
مجمع البحرين3

أسر ص 206

 [76/ 8] الأَسِيرُ الأخيذ، أخذا من الإِسَار بالكسر و هو القِدُّ، كانوا يشدون الأسير بالقد فسمي كل أخيذ أَسِيراً و إن لم يؤسر به، يقال أَسَرْتُ الرجلَ أَسْراً و إِسَاراً من باب ضرب فهو أَسِيرٌ و مَأْسُورٌ و امرأة أَسِيرٌ أيضا و الجمع أَسْرَى و أُسَارَى كسكرى و سكارى‏
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْأَسِيرُ عِيَالُ الرَّجُلِ يَنْبَغِي إِذَا زِيدَ فِي النِّعْمَةِ يَزِيدُ أُسَرَاءَهُ فِي النِّعْمَةِ عَلَيْهِمْ".
وَ فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ ع" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يُؤْتَى بِالْأَسِيرِ فَيَدْفَعُهُ إِلَى بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ فَيَقُولُ أَحْسِنْ إِلَيْهِ، فَيَكُونُ عِنْدَهُ الْيَوْمَيْنِ وَ الثَّلَاثَةَ، وَ كَانَ أَسِيرُهُمْ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ.
و" الإِسَارُ" بالكسر مصدر أَسَرْتُهُ أَسْراً و إِسَاراً، و منه‏
الدُّعَاءُ" فَأَصْبَحَ طَلِيقَ عَفْوِكَ مِنْ إِسَارِ غَضَبِكَ".
و الإِسَارُ أيضا: الحبل. و أُسْرَةُ الرجل وزان غرفة: رهطه و عشيرته و أهل بيته لأنه يتقوى بهم. و الأَسْرُ: الجميع، و منه أخذه بِأَسْرِهِ أي جميعه و القبيلة بأسرها.
 (أشر)
قوله تعالى: سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ
 [54/ 26] الأَشِرُ بكسر الشين الفرح البطر، كأنه يريد كفران النعمة و عدم شكرها. و المِئْشَارُ بالهمزة و" المِنْشَار" بالنون، و هو ما يشق به الخشب. يقال نَشَرْتُ الخشبة و أَشَرْتُهَا و وَشَرْتُهَا وَشْراً من باب قتل: شققتها بالمنشار. و الخشبة مَأْشُورَة، و الجمع مَآشِير و مَوَاشِير. و تَأْشِيرُ الأسنان: تحديد أطرافها. و منه" لُعِنَتِ الآشِرَةُ و المَأْشُورَةُ".
 (أصر)
قوله تعالى: وَ أَخَذْتُمْ عَلى‏ ذلِكُمْ إِصْرِي‏
 [3/ 81] الإِصْرُ بالكسر: العهد، و سمي العهد إِصْراً لأنه مما يُوصَرُ أي يشد و يعقد. و الإِصْرُ: الذنب أيضا. و حمل عليه قوله تعالى وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً
 [2/ 286] أي ذنبا يشق علينا، و قيل عهدا نعجز عن القيام به،

207
مجمع البحرين3

أصر ص 207

قيل و أصل الإِصْرِ الضيق و الحبس، يقال أَصَرَهُ يَأْصِرُهُ: إذا ضيق عليه و حبسه، و يقال للثقل إِصْراً لأنه يأصر صاحبه من الحركة لثقله. قوله تعالى: وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ‏
 [7/ 157] هو مثل لثقل تكليفهم، نحو قتل الأنفس في التوبة، و كذلك الأغلال‏
وَ فِي الْخَبَرِ" مَنْ كَسَبَ مَالًا مِنْ حَرَامٍ فَأَعْتَقَ مِنْهُ كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ إِصْراً".
أي عقوبة. و مثله‏
" إِذَا أَسَاءَ السُّلْطَانُ فَعَلَيْهِ الْإِصْرُ وَ عَلَيْكُمُ الصَّبْرُ".
 (أطر)
فِي الْحَدِيثِ" مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تَأْخُذَ الشَّارِبَ حَتَّى تَبْلُغَ الْإِطَارَ".
هو ككتاب: حرف الشفة الأعلى الذي يحول بين منابت الشعر و الشفة، و كل شي‏ء أحاط بشي‏ء فهو إِطَارٌ له، و منه" إِطَارُ الحافر"
 (أكر)
في الحديث ذكر الأَكَّار بالفتح و التشديد و هو الزراع. و" الأُكْرَةُ" بالضم: الحفرة، و بها سمي الأَكَّار. و أَكَرْتُ النهر من باب ضرب: شققته.
 (أمر)
قوله تعالى: وَ أْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ‏
 [65/ 6] أي ليأمر بعضكم بعضا بالمعروف. قوله: إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ‏
 [28/ 20] أي يتشاورون في قتلك، و قيل يهمون فيه. قوله: وَ أَوْحى‏ فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها
 [41/ 12] أي ما يصلحها، و قيل ملائكتها. قوله: يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ‏
 [13/ 11] أي يحفظونه من المضار بأمر الله، و قيل غير ذلك. قوله: وَ ما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ
 [16/ 77] قيل معناه أن إقامة الساعة و إحياء جميع الأموات يكون في أقرب وقت و أسرعه، و هو مبالغة

208
مجمع البحرين3

أمر ص 208

في القرب كقوله تعالى وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ. قوله تعالى: وَ ما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ
 [54/ 5] أي و ما أَمْرُنَا إلا كلمة واحدة سريعة التكوين كلمح البصر و المراد كُنْ*. قوله: هَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً
 [18/ 10] أي من أمرنا نحن فيه رشدا حتى نكون بسببه راشدين. قوله: قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى‏ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً
 [18/ 21] أي غَلَبُوا عَلى‏ أَمْرِهِمْ من المسلمين لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً أي على باب الكهف يصلي فيه المسلمون و يتبركون بمكانهم. قوله: أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها
 [17/ 16] أي أمرناهم بالطاعة فعصوا ففسقوا فيها. قوله: يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَ‏
 [65/ 12] أي يجري أمر الله و حكمه بينهن و يدبر تدبيرا فيهن.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" إِنَّ الْأَمْرَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ كَقَطْرِ الْمَطَرِ".
أي مبثوث في جميع أقطار الأرض إلى كل نفس بما قدر الله لها من زيادة و نقصان في العمر و المال و الجاه و الولد و غير ذلك. قوله: لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ
 [7/ 54] قال بعض الأفاضل: اشتهر تفسير الأول بخلق الممكنات، و الثاني بعلم الشرائع. قوله تعالى: لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً
 [18/ 17] أي عجيبا. و الإِمْرُ بالكسر: العجيب.
قَوْلُهُ: وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ
 [20/ 132] أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَخُصُّ أَهْلَهُ دُونَ النَّاسِ لِأَنَّ لِأَهْلِهِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً لَيْسَتْ لِلنَّاسِ، فَأَمَرَهُمْ مَعَ النَّاسِ عَامَّةً ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِهَا خَاصَّةً- كَذَا رُوِيَ عَنِ الْبَاقِرِ ع‏
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَمْرُنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لَا يَحْتَمِلُهُ إِلَّا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ، وَ لَا يَعِي حَدِيثَنَا إِلَّا صُدُورٌ أَمِينَةٌ وَ أَحْلَامٌ رَزِينَةٌ".

209
مجمع البحرين3

أمر ص 208

قيل المراد بِأَمْرِهِمْ شأنهم و ما لهم من الكمال الخارج عن كمال غيرهم، كالقدرة على ما يخرج عن وسع غيرهم و الحديث عن الأمور الغائبة كالوقائع المستقبلة لزمانهم التي وقعت وفق إخبارهم، فإن هذا الشأن صعب في نفسه لا يقدر عليه إلا الأنبياء و الأوصياء، و مستصعب الفهم على الخلق معجوز عن حمل ما يلقى منه من الإشارات. و لا يحتمله إلا نفس عبد امتحن الله قلبه للإيمان، فعرف كمالهم و كيفية صدور هذه الغرائب عنهم و لم يستنكر ذلك و يتعجب منه و يتلقاه بالتكذيب كما فعل ذلك جماعة من جهال الصحابة، بل يتلقى ما يصدر عنهم بالإيمان به أولئك أصحاب الصدور الأمينة و الأحلام الرزينة. هذا و قد تقدم في" صعب" بحث في هذا غير ما هنا. و
فِيهِ" إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ لَيَحْضُرُ الْمَوْسِمَ كُلَّ سَنَةٍ".
يعني به القائم بأمر الله تعالى.
وَ فِي الدُّعَاءِ" لَيْسَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ إِلَّا مَا قَضَيْتَ".
المراد بِالْأَمْرِ النفع. و مثله" فَوَّضْتُ أَمْرِي إلى الله" و" ذَكَرْتُ الَّذِي مِنْ أَمْرِنَا" أي حالنا و ما جرى علينا.
وَ فِي الْحَدِيثِ" رَجُلٌ عَرَفَ هَذَا الْأَمْرَ".
يعني أنكم أوصياء رسول الله حقا أو وجوب التعلم أو التفقه أو علم أصول الدين و اكتفى به من غير زائد فأجيب لا يسعه ذلك كيف يتفقه هذا في الدين و هو يحتاج إلى السعي. و الأَمْرُ واحد الأُمُورِ، و منه أُمُورُ فلان مستقيمة. و أَمَرَهُ أَمْراً: نقيض نهاه. و أَمْرُ الله: القيامة، لقوله تعالى: أَتى‏ أَمْرُ اللَّهِ‏
. و اسْتَأْمَرَهُ: طلب منه الأمر. و آمَرْتُهُ بالمد: كثرته، و منه‏
الْخَبَرُ" خَيْرُ الْمَالِ مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ".
أي كثيرة النسل و النتاج، و إنما قال مَأْمُورَة للازدواج و الأصل مؤمرة على مفعلة كما يقال للنساء
" ارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غَيْرَ مَأْجُورَاتٍ".
و إنما هي موزورات. و الأَمِيرُ: المنصوب للأمر.

210
مجمع البحرين3

أمر ص 208

و الإِمْرَةُ بالكسر: الولاية.
وَ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ص" سَلِّمُوا عَلَى عَلِيٍّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ".
وَ مِنْهُ سُمِّيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ فِي الْحَدِيثِ" هُوَ اسْمٌ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ لَمْ يُسَمَّ بِهِ أَحَدٌ قَبْلَهُ وَ لَمْ يُسَمَّ بَعْدَهُ حَتَّى قَائِمُ أَهْلِ الْبَيْتِ ع لَمْ يُسَلَّمْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَلْ يُقَالُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللَّهِ".
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع وَ قَدْ سُئِلَ لِمَا سُمِّيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع؟ قَالَ: اللَّهُ سَمَّاهُ وَ هَكَذَا أَنْزَلَ إِلَيْنَا.
وَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ وَ قَدْ سُئِلَ لِمَ سُمِّيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ يَمِيرُهُمُ الْعِلْمَ.
قال بعض الأفاضل: من المعلوم أن أمير مهموز الفاء و أن يمير أجوف فلا تناسب في الاشتقاق، ثم قال: و لك أن تقول قصده ع أن تسميته بأمير المؤمنين ليس لأجل أنه مطاعهم بحسب العلم، أي الأحكام الإلهية، فعبر عن هذا المعنى بلفظ مناسب للفظ الأمير- انتهى. و مولد أَمِير المؤمنين بعد عام الفيل بثلاثين سنة، و كان قتله في شهر رمضان لتسع بقين منه في سنة أربعين من الهجرة و هو ابن ثلاث و ستين سنة، بقي بعد قبض النبي ص ثلاثين سنة، و هو أول هاشمي ولده هاشم مرتين، لأن أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف. و التَّأْمِيرُ: تولية الإمارة. و تَأَمَّرَ بالتشديد: تَسَلَّطَ. و أْتَمَرَ الأمرَ: امتثله.
وَ فِي حَدِيثِ الْمُتْعَةِ" فَآمَرَتْ نَفْسَهَا".
أي شاورتها و استأمرتها. و
مِنْهُ" الْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ وَ الْأَيِّمُ تُسْتَأْمَرُ".
أي تستشار. و الأَمَارَةُ: الوقت و العلامة.
 (أور)
فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" طَاعَةِ اللَّهِ حِرْزٌ مِنْ أُوَارِ نِيرَانٍ مُوقَدَةٍ".
الأُوَارُ بالضم: حرارة النار و الشمس و العطش.
 (أير)
في الحديث ذكر أَيَّار هو بفتح الهمزة

211
مجمع البحرين3

أير ص 211

و التشديد: شهر بعد حزيران، و هو أحد فصول السنة بعد نيسان.
باب ما أوله الباء
 (بأر)
قوله تعالى: وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ
 [22/ 45] الآية البِئْر بكسر الباء معروفة، و هي التي يستقى منها الماء بالدلو و الرشاء، و معنى البِئْر المعطلة- على ما قيل- هي الرس، و كانت لأمة من بقايا ثمود. و القصر المشيد قصر شداد بن عاد، و قيل البِئْر المعطلة الإمام الصامت و القصر المشيد الإمام الناطق و جمع البِئْر في القلة أَبْؤُر و أَبْآر بهمزة بعد الباء، و من العرب من يقلب الهمزة فيقول آبَار، فإذا كثر فهي البِئَار- قاله الجوهري.
 (ببر)
" البَبْر" ببائين موحدتين الأولى مفتوحة و الثانية ساكنة: حيوان يعادي الأسد من العدو لا من العدوان، و يقال له البَرِيد قال صاحب حياة الحيوان و هو عندي شبيه ابن آوى، و يقال إنه متولد من الزبرقان و اللبوة، و الجمع بُبُور مثل فلس و فلوس، و من طبعه على ما قيل إن الأنثى منه تلقح من الريح، و لهذا كان عدوه كالريح لا يقدر أحد على صيده، و إنما تسرق أجراؤه فتجعل في مثل القوارير من زجاج و يركض بها على الخيول السابقة، فإذا أدركهم أبوها ألقوا إليه قارورة منها فيشتغل بالنظر إليها و الحيلة في إخراج ولده منها فتفوته بقيتها، فتربى حينئذ و تألف الصبيان و تأنس بالأنس، و هو يألف شجر الكافور كثيرا.
 (بتر)
قوله تعالى: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ
 [108/ 3] و معناه إن مبغضك هو المنقطع عن الخير. و قيل الأَبْتَر الذي لا عقب له، و هو جواب لقول قريش‏

212
مجمع البحرين3

بتر ص 212

إن محمدا لا عقب له يموت فنستريح منه و يندرس دينه. إذ لا يقوم مقامه من يدعو إليه فيقطع أمره.
وَ فِي حَدِيثِ الضَّحَايَا" نَهَى عَنِ المَبْتُورَة".
أي مقطوعة الذنب، و الأَبْتَر: المقطوع الذنب، يقال بَتَرَ الشي‏ءَ بَتْراً من باب قتل: قطعه قبل الإتمام، و يقال في لازمه بَتِرَ بَتَراً من باب تعب فهو أَبْتَر، و الأنثى بَتْرَاء، و الجمع بُتْر مثل أحمر و حمراء و حمر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ سَدَّ طَرِيقاً بَتَرَ اللَّهُ عُمُرَهُ".
أي قصر عليه أجله و قطعه و البَاتِر: السيف القاطع. و" البُتْرِيَّة" بضم الموحدة فالسكون: فرق من الزيدية. و قيل نسبوا إلى المغيرة بن سعد و لقبه الأَبْتَر. و قيل البُتْرِيَّة هم أصحاب كثير النواء الحسن بن أبي صالح و سالم بن أبي حفصة و الحكم بن عيينة و سلمة بن كهيل و أبو المقدام ثابت الحداد، و هم الذين دعوا إلى ولاية علي ع فخلطوها بولاية أبي بكر و عمر، و يثبتون لهم الإمامة و يبغضون عثمان و طلحة و الزبير و عائشة، و يرون الخروج مع ولد علي ع.
 (بثر)
فِي الْحَدِيثِ" الْمُحْرِمُ يَكُونُ بِهِ الْبَثْرَةُ وَ الدَّمَامِيلُ".
البَثْرَةُ بالفتح و سكون المثلثة و قد تفتح، واحدة البَثْر كتمرة و تمر، يقال بَثَرَ الجلدُ بَثْراً من باب قتل: خرج به خراج صغير، و جمع البَثْرَة بُثُور كتمور. و" بَثْرِيَاءُ" بالباء الموحدة و الثاء المثلثة ثم الراء المهملة ثم الياء المثناة التحتانية و مد في آخره- على ما يظهر من النسخ- و هو وصي يوسف النبي.
 (بجر)
فِي الْحَدِيثِ" وَ دِيَةُ الْبُجْرَةِ إِذَا كَانَتْ فَوْقَ الْعَانَةِ عُشْرُ دِيَةِ النَّفْسِ مِائَةُ دِينَارٍ".
البَجَرُ بالتحريك: نفخ في السرة و ارتفاع و غلظ في أصلها، و الرجل أَبْجَر و المرأة بَجْرَاء، و الجمع بُجْر و البُجْرَةُ بالضم: الوجه و العنق. و منه" خَضَعَتْ لَهُ بُجْرَةُ المُتَكَبِّر".

213
مجمع البحرين3

بجر ص 213

و" ابن بُجْرَةَ" اسم خمار كان بالطائف.
وَ" شَبِيبُ بْنُ بَجَرَةَ" شَارَكَ ابْنَ مُلْجَمٍ فِي قَتْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ‏
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع لِقَوْمِهِ" لَمْ آتِ بُجْراً".
أي شرا و أمرا عظيما. و قولهم" أَفْضَيْتُ إِلَيْكَ بِعُجَرِي و بُجَرِي" أي بعيوبي، يعني بأمري كله.
 (بحتر)
البُحْتُرُ بالضم: القصير المجتمع الخلق، و كذلك الحَبْتَر بالفتح- قاله الجوهري، و هو مقلوب منه.
 (بحر)
قوله تعالى: ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ
 [5/ 103] الآية. البَحِيرَة فيما بينهم: الناقة إذا نتجت خمس أبطن، فإن كان الخامس ذكرا بَحَرُوهُ أي شقوا أذنه فأكله الرجال و النساء، و إن كان الخامس أنثى بَحَرُوا أذنها و كانت حراما على النساء، فإذا ماتت حلت للنساء، فأنكر الله عليهم ذلك. قوله: ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ
 [30/ 49] البَحْرُ: الماء الكثير أو الملح فقط، و الجمع أَبْحُر و بُحُور و بِحَار. و الفساد قيل هو قتل ابن آدم أخاه و أخذ السفينة غصبا. قوله تعالى: حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ‏
 يريد به- على ما قيل بَحْر الروم و فارس‏
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِذَا رَأَيْتِ الدَّمَ الْبَحْرَانِيَّ فَدَعِي الصَّلَاةَ".
البَحْرَانِيُّ قيل هو نسبة إلى البَحْرِ الذي هو قعر الرحم، زادوا في النسبة ألفا و نونا للمبالغة، يريد الدم الخالص الغليظ الواسع، و قيل هو نسبة إلى البَحْرِ لكثرته و اتساعه، و عن القتيبي هو دم الحيض و الاستحاضة. و رجل بَحْرَانِيٌّ: منسوب إلى البَحْرَيْنِ بلاد معروفة.

214
مجمع البحرين3

بحر ص 214

و" فلان بَحْرٌ في العلم" أي واسع فيه كالبحر. و تَبَحَّرَ في العلم: توسع. و" البَحْرُ الأخضر" هو البَحْرُ المحيط.
وَ فِي الْخَبَرِ" لَا تَرْكَبِ الْبَحْرَ إِلَّا حَاجّاً أَوْ مُعْتَمِراً، فَإِنَّ تَحْتَ الْبَحْرِ نَاراً".
يريد أنه لا ينبغي للعاقل أن يلقي نفسه إلى المهالك إلا لأمر ديني يحسن بذل النفس فيه. و
قَوْلُهُ:" فَإِنَّ تَحْتَ الْبَحْرِ نَاراً".
هو تهويل شأن البحر لآفات متراكمة إن أخطأته مرة جذبته أخرى.
وَ فِي حَدِيثِ مَازِنٍ" وَ كَانَ لَهُمْ صَنَمٌ يُقَالُ لَهُ بَاحَر".
بفتح الحاء، و يروى بالجيم.
وَ فِي حَدِيثِ زَمْزَمَ" ثُمَّ بَحَرَهَا".
أي شَقَّها و وَسَّعَها لئلا تنزف.
 (بختر)
التَّبَخْتُرُ في المشي: هو مشية المتكبر المعجب بنفسه.
 (بخر)
البَخُورُ كرسول: ما يتبخر به، كالفطور و السحور. و عرف بأنه دخان الطيب المحترق. و بَخَرَتِ القِدْرُ بَخْراً من باب قتل: ارتفع بخارها. و بَخِرَ الفمُ بَخَراً من باب تعب: أنتنت رائحته، و منه رجل أَبْخَرُ و امرأة بَخْرَاءُ، و الجمع بُخْرٌ مثل أحمر و حمراء و حمر. و" أحمد بن محمد بن علي البُخَارِيُّ" منسوب إلى بُخَارِ العود لأنه كان يتبخر به في الخانات، محدث من علماء العامة. و البئر المَبْخَرَة: التي يشم منها الرائحة الكريهة كالجيفة و نحوها.
 (بدر)
قوله تعالى: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ
 [3/ 123] بَدْرٌ اسم موضع‏

215
مجمع البحرين3

بدر ص 215

بين مكة و المدينة، و هو إليها أقرب، يذكر و يؤنث، و فيها كانت وقعة النبي مع المشركين. و
عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ بَدْراً اسْمُ بِئْرٍ هُنَاكَ قَالَ: وَ سُمِّيَتْ بَدْراً لِأَنَّ الْمَاءَ كَانَ لِرَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ اسْمُهُ بَدْرٌ.
قوله تعالى: وَ لا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَ بِداراً
 [4/ 6] أي مبادرة و مسابقة، يقال بَدَرَ إلى الشي‏ء بُدُوراً و بَادَرَ إليه مُبَادَرَةً و بِدَاراً من بابي قعد و قاتل: أسرع. قيل و منه سُمِّيَ البَدْرَ أعني القمر، لأنه، يَبْدُرُ الشمسَ أي يسبقها بطلوعه. و قيل سمي بَدْراً لتمامه و امتلائه، و كل شي‏ء تم فهو بَدْرٌ. و ليلة البَدْرِ: ليلة أربعة عشر.
وَ فِي حَدِيثِ الْجَمَاعَةِ" وَ لَا يَبْدُرُ لَهُمْ إِمَامٌ".
أي لا يظهر لهم إمام متميز عنهم. و البَادِرَةُ: حدة الغضب، و
مِنْهُ" الرَّجُلُ لَيَأْتِي بِالبَادِرَةِ فَيَكْفُرُ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْبَادِرَةُ الْيَمِينُ عِنْدَ الْغَضَبِ".
و" أخشى عليك بَادِرَتَهُ" أي غضبه و بَدَرَتْ منه بَوَادِرُ غضب: أي خطأ و سقطات عند ما احتد. و أهل البَادِرَةِ: من يخشى بوادره من الظلمة. و البَادِرَةُ: لحم بين المنكب و العنق. و منه قوله" تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ" و هي جمع بَادِرَة. و" تَبْتَدِرُهُ خزنة الجنة" أي يسرعون إليه. و البَدْرَةُ من المال هي بالفتح فالسكون: عشرة آلاف درهم، سميت بَدْرَة لتمامها. و المُبَادَرَةُ في الرماية: هي أن يشترط الاستحقاق لمن بدر إلى إصابة خمسة من عشرين مثلا. و المُحَاطَّةُ في الرماية:

216
مجمع البحرين3

بدر ص 215

هي أن يشترط الاستحقاق لمن خلص له من الإصابة عدد معلوم بعد مقابلة إصابات الأخر بإصابات مثلها- كذا قررهما بعض الأعلام. و البَيْدَرُ: مجمع الطعام حيث يداس.
وَ فِي الْحَدِيثِ" قَالَ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ إِلَى كَمْ تَدُوسُونَ هَذَا الْبَيْدَرَ؟".
يعني بذلك الكعبة المشرفة و الطائفين بها استهزاء و إنكارا، فشبههم بالحيوانات التي لا تعقل تدور بيدر الطعام.
 (بذر)
قوله تعالى: إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ‏
 [17/ 27] هو من التَّبْذِير في النفقة و الإسراف فيها و تفريقها في غير ما أحل الله تعالى، و قد فرق بين التَّبْذِير و الإسراف في أن التَّبْذِيرَ الإنفاق فيما لا ينبغي، و الإسراف الصرف زيادة على ما ينبغي، و الأخوة هنا للمشاكلة.
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِ الْأَوْلِيَاءِ" لَيْسُوا بِالْمَذَايِيعِ الْبُذُرِ".
جمع بَذُور. و يقال بَذَرْتُ الكلام بين الناس كما تُبْذَرُ الحبوب: أي أفشيته و فرقته. و البَذِرُ بكسر الذال: الذي يفشي السر و يظهر ما سمعه. و منه" رجل بَذُورٌ" للذي يذيع الأسرار. و قوم بُذُرٌ مثله. و من كلام الفقهاء" الثفل في البَذْرِ عيب" هو بفتح الباء و كسرها مفسر بدهن الكتان، و أصله محذوف المضاف، أي دهن البذر. و البَذْرُ بالفتح فالسكون: ما يبذر و يزرع من الحبوب كلها. و بَذَرْتُ البَذْرَ من باب قتل: إذا نثرت الحب في الأرض للزراعة. و قال بعضهم: البَذْرُ في الحبوب كالحنطة و البَزْرُ بالزاي المعجمة للرياحين و البقول قال في المصباح: و هذا هو المشهور في الاستعمال. و عن الخليل كل حبة بَذْرٌ. و البَذْرُ: النسل و الولد. و" البَاذَرُوجُ" بجيم في آخره نوع من الرياحين الجبلية. و
مِنْهُ" كَانَ يُعْجِبُ رَسُولَ اللَّهِ ص مِنَ الْبُقُولِ الْبَاذَرُوجُ".

217
مجمع البحرين3

برر ص 218

 (برر)
قوله تعالى: أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ‏
 [2/ 44]
قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: نَزَلَتْ فِي الْقَصَّاصِ وَ الْخَطَّابِ وَ هُوَ قَوْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ عَلَى كُلِّ مِنْبَرٍ مِنْهُمْ خَطِيبٌ مِصْقَعٌ يَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ وَ عَلَى رَسُولِهِ وَ عَلَى كِتَابِهِ- انْتَهَى.
و قد نظم بعض الشعراء في هذا المعنى:
و غير تقي يأمر الناس بالتقى             طبيب يداوي الناس و هو عليل‏

قوله تعالى: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا
 [3/ 92] الآية. البِرُّ- على ما قيل-: اسم جامع للخير كله، و المراد به هنا الجنة. و البِرُّ: الصلة، و منه" بَرَرْتُ والدي" أي أحسنت الطاعة إليه و رفقت به و تَحَرَّيْتُ مَحَابَّهُ و تَوَقَّيْتُ مَكَارِهَهُ. قوله: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ‏
 [2/ 177] الآية. قال المفسر: قرأ حمزة و حفص عن عاصم لَيْسَ الْبِرَّ
 بالنصب على أنه خبر ليس مقدم على اسمها، و هو ضعيف بجعل الاسم جملة، و الباقون بالرفع على الأصل، و قرأ نافع وَ لكِنِ الْبِرُّ بالتخفيف و الرفع فجعلها عاطفة، و الباقون بالتشديد و النصب بجعلها من أخوات إن، و رفع الْمُوفُونَ عطف على مَنْ آمَنَ، و نصب الصَّابِرِينَ على المدح، و الخطاب لأهل الكتاب لأنهم أكثروا الخوض في أمر القبلة حين حولت و ادعى كل فريق أن البِرَّ التوجه إلى قبلته، فرد عليهم بأنه ليس البِرَّ التوجه إلى المشرق قبلة النصارى و المغرب قبلة اليهود، و لكن البِرَّ بِرُّ من آمن بالله، فحذف المضاف و أقيم المضاف إليه مقامه، مثل" وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ". قوله: إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ‏
 [52/ 28] أي الصادق، و قيل الذي من عادته الإحسان، و منه بَرَّ فلان بيمينه إذا صدق. و منه قوله تعالى وَ لا تَجْعَلُوا اللَّه‏

218
مجمع البحرين3

برر ص 218

عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا
 [2/ 224] و البَرُّ بالفتح: البَارُّ، و منه قوله تعالى: وَ بَرًّا بِوالِدَيْهِ‏
 [19/ 14]. قوله: إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ*
 [82/ 13] الأَبْرَارُ: أولياء الله المطيعون في الدنيا لَفِي نَعِيمٍ* و هو الجنة. و منه قوله تعالى: وَ تَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ
 [3/ 193]. قوله: كِرامٍ بَرَرَةٍ
 [80/ 16] البَرَرَةُ جمع بَارٍّ، و هو فاعل البِرِّ، أي الخير، و جمع البَرِّ أَبْرَاراً، و كثيرا ما يخص الأولياء و الزهاد و العباد. و الكرام البَرَرَة: هم الملائكة المطيعون المطهرون من الذنوب و المآثم. و" البِرُّ" بالكسر: الاتساع في الإحسان و الزيادة، و منه سميت" البَرِّيَّة" بالفتح و التشديد لاتساعها، و الجمع البَرَارِيُّ. و منه‏
الْحَدِيثُ" فَوْقَ كُلِّ بِرٍّ بِرٌّ حَتَّى يُقْتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ".
و منه‏
حَدِيثُ الْمُصَلِّي" يَتَنَاثَرُ عَلَيْهِ الْبِرُّ مِنْ مَفْرِقِ رَأْسِهِ إِلَى أَعْنَانِ السَّمَاءِ".
و" البُرُّ" بالضم: القمح، و منه‏
حَدِيثُ الْفِطْرَةِ" فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ الْفِطْرَةَ صَاعاً مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعاً مِنْ قَمْحٍ".
و هو نوع من البر. و أَبَرَّ اللهُ حجك لغة في بَرَّ اللهُ حجك أي قبله. و الحج المَبْرُور: الذي لا يخالطه شي‏ء من المآثم، و قيل المقبول المقابل بِالبِرِّ و هو الثواب. و منه‏
الدُّعَاءُ" اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجّاً مَبْرُوراً".
و
مِنْهُ" بُرَّ حَجُّكَ يَا آدَمَ".
على البناء للمجهول، أي كان حجك مقبولا أو خالصا نقيا مما يشوبه من الشوائب و المآثم. و فلان يَبَرُّ خالقه: أي يطيعه. و تَبَارُّوا: تفاعلوا من البر. و البَرُّ بالفتح: خلاف البحر. و البَرُّ من أسمائه تعالى، و هو العطوف على عباده الذي عم بره جميع خلقه، يحسن إلى المحسن بتضعيف الثواب و إلى المسي‏ء بالصفح و العفو و قبول التوبة. و بَرَّ اللهُ قسمه و أَبَرَّهُ: أي صدقه.

219
مجمع البحرين3

برر ص 218

و
مِنْهُ" لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّ قَسَمَهُ".
أي لو حلف على وقوع شي‏ء لَأَبَرَّهُ أي صدقه و صدق يمينه، و معناه أنه لو حلف يمينا على أنه يفعل الشي‏ء أو لا يفعله جاء الأمر فيه على ما يوافق يمينه لعظم منزلته و إن أحقر عند الناس، و قيل لو دعاه لأجابه.
وَ فِي حَدِيثِ زَمْزَمَ" احْفِرْ بَرَّةً".
بفتح الموحدة و تشديد المهملة، سماها بذلك لكثرة منافعها و سعة مائها. و" بَرَّةُ" بالباء الموحدة التحتانية و الراء المهملة المشددة على ما صح من النسخ أحد أوصياء الأنبياء المتأخرين عن نوح ع.
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَ لَا فَاجِرٌ".
قرئت بالوجهين الفتح و الكسر. و فيه‏
" اجْعَلْ قَلْبِي بَارّاً".
أي مطيعا محسنا، و اجعله خالصا في البِرِّ لا يخالطه إثم. و" البَرَّانِيَّةُ" الظاهر، و" الجَوَّانِيَّةُ" الباطن. و
مِنْهُ" خَالِطُوهُمْ- يَعْنِي أَعْدَاءَ الدِّينِ بِالْبَرَّانِيَّةِ وَ لَا تُخَالِطُوهُمْ بِالْجَوَّانِيَّةِ".
و البَرْبَرُ: جيل من الناس، يقال أول من سماهم بهذا الاسم أفريقيس الملك لما ملك بلادهم.
وَ قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ" الْبَاهُ فِي أَهْلِ بَرْبَر".
و نقل أن في الجزائر كثير منهم. و البَرِيرُ: ثمر الأراك. و
مِنْهُ" مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا البَرِيرُ".
و
" البُرَيْرَةُ" بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتٍ الْمُتَوَسِّطَةِ بَيْنَ الرَّائَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَ فِي الْآخِرِ هَاءٌ: مَمْلُوكَةٌ كَانَتْ عِنْدَ زَوْجٍ لَهَا يُسَمَّى مُغِيثاً بِضَمِّ الْمِيمِ وَ الغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَ بَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ ثُمَّ ثَاءٌ مُثَلَّثَةٌ فَاشْتَرَتْهَا عَائِشَةُ وَ أَعْتَقَتْهَا، فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ ص إِنْ شَاءَتْ بَقِيَتْ عِنْدَهُ وَ إِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْهُ.
 (بسر)
قوله تعالى: ثُمَّ عَبَسَ وَ بَسَرَ
 [74/ 22] أي كلح في وجهه و كره، يقال بَسَرَ الرجلُ بُسُوراً: كلح قوله: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَة

220
مجمع البحرين3

بسر ص 220

 [75/ 24] أي متكرهة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الِاسْتِنْجَاءُ مَطْهَرَةٌ لِلْحَوَاشِي وَ مَذْهَبَةٌ لِلْبَوَاسِيرِ".
البَاسُورُ بالباء الموحدة و السين أو الصاد المهملتين واحد البَوَاسِير، و هي كالدماميل في المقعدة. و في المصباح: قيل هو ورم تدفعه الطبيعة إلى كل موضع في البدن يقبل الرطوبة من المقعدة و الأنثيين و الأشفار و غير ذلك. و في الحديث ذكر البُسْرِ بالضم فالسكون و هو ثمر النخل قبل أن يرطب. و أَبْسَرَ النخلُ: صار ما عليه بسرا. و" روضات بَاسِرَاتٌ" أي لينات طريات.
 (بشر)
قوله تعالى: ما هذا إِلَّا بَشَرٌ*
 [23/ 24] الآية. البَشَرُ: الإنسان، و الواحد و الجمع و المذكر و المؤنث في ذلك سواء، و قد يثنى و به جاء التنزيل لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا
 و الجمع البَشَرُ، و هم الخلق، و سمي البَشَرُ بشرا لظهورهم. قال تعالى: لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ
 [74/ 29] أخذا من البَشَرَةِ التي هي ظاهر الجلد. قوله: يا بُشْرى‏ هذا غُلامٌ‏
 [12/ 19] البُشْرَى و البِشَارَةُ إخبار بما يسر، و إنما سميت بِشَارَة لأنها تتبين في بَشَرَةِ مَنْ بُشِّرَ بها. و قد تستعمل البِشَارَةُ في الشر كقوله تعالى: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ*
 [13/ 21] و قيل بُشْرَى في قوله تعالى: يا بُشْرى‏ هذا غُلامٌ‏
 [12/ 19] اسم صاحب له ناداه، و يقال يَا بُشْرَايَ هَذَا غُلَامٌ مثل عصاي. قوله: لَهُمُ الْبُشْرى‏ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ
 [10/ 64] فسرت البُشْرَى في الحياة الدنيا بالرؤيا الصالحة في الدنيا يراها الرجل الصالح فيستبشر بها، أو يرى ما بشر الله به المتقين في غير موضع من كتابه و في الآخرة الجنة. أو بِشَارَة يبشر عند الموت. قوله: بَاشِرُوهُنَ‏
 [2/ 187] أي جامعوهن. و المُبَاشَرَةُ: الجماع، سمي بذلك لمس البشرة- أعني ظاهر الجلد-، قوله: يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّه‏

221
مجمع البحرين3

بشر ص 221

وَ فَضْلٍ [3/ 171] أي يفرحون. قوله: مُبَشِّراً بِرَسُولٍ‏
 [61/ 6] يعني عيسى ع يبشر برسول الله.
وَ رُوِيَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّ الْحَوَارِيِّينَ قَالُوا لِعِيسَى: يَا رُوحَ اللَّهِ هَلْ بَعْدَنَا مِنْ أُمَّةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ ص عُلَمَاءُ أَتْقِيَاءُ كَأَنَّهُمْ فِي الْفِقْهِ أَنْبِيَاءُ يَرْضَوْنَ مِنَ الدُّنْيَا بِالْيَسِيرِ وَ يَرْضَى اللَّهُ مِنْهُمْ بِالْيَسِيرِ مِنَ الْعَمَلِ.
قوله: يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ
 [16/ 13]
قَالُوا: يُعَلِّمُهُ غُلَامٌ رُومِيٌّ اسْمُهُ غَامِسُ أَسْلَمَ وَ حَسُنَ إِسْلَامُهُ. وَ كَانَ صَاحِبَ كِتَابٍ، وَ قِيلَ هُوَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ. قَالُوا: إِنَّهُ يَتَعَلَّمُ الْقِصَصَ مِنْهُ.
و" البُشَارَةُ" بالضم: ما يعطى البشير كالعمالة للعامل. و البِشْرُ بالكسر: طلاقة الوجه و بشاشته، و منه‏
الْحَدِيثُ" الْقَوُا النَّاسَ بِطَلَاقَةِ الْوَجْهِ وَ حُسْنِ الْبِشْرِ".
و
مِنْهُ" حُسْنُ الْبِشْرِ يَذْهَبُ بِالسَّخِيمَةِ".
و منه‏
فِي حَدِيثِ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِ" بِشْرُهُ فِي وَجْهِهِ وَ حُزْنُهُ فِي قَلْبِهِ".
أي بشره في وجهه تحببا إلى الناس، و حزنه في قلبه اصطبارا على مكاره الدنيا و شدائدها. و" البِشَارَةُ" هي بكسر الباء و حكى ضمها.
وَ فِي الْخَبَرِ" أُمِرْنَا أَنْ نَبْشُرَ الشَّوَارِبَ بَشْراً".
أي نحفيها حتى تبين بشرتها. و بَاشَرَ الرجلُ الأمرَ: إذا خالطه و لامسه، و منه‏
" فَلْيُبَاشِرْ بِكَفَّيْهِ الْأَرْضَ".
و
" أَتَانِي أَمْرٌ بُشِّرْتُ بِهِ".
بالكسر: أي سررت به. و التَّبَاشِيرُ: البُشْرَى و تَبَاشِيرُ الصبح: أوائله، و كذا أوائل كل شي‏ء، و لا يكون منه فعل- قاله الجوهري.
 (بصر)
قوله تعالى: قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ‏
 [6/ 104] أي بينات و دلائل من ربكم تبصرون بها الهدى من الضلالة و تميزون بها بين الحق و الباطل. قوله: وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
 [17/ 1] أي العالم، و هما من صفات الأزل، و البَصِيرُ في أسمائه تعالى هو الذي يشاهد الأشياء كلها ظاهرها و خافيها

222
مجمع البحرين3

بصر ص 222

من غير جارحة، فالبَصَرُ في حقه تعالى عبارة عن الصفة التي ينكشف بها كمال نعوت المبصرات.
وَ فِي الْحَدِيثِ" سَمَّيْنَاهُ بَصِيراً لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَا يُدْرَكُ بِالْأَبْصَارِ مِنْ لَوْنٍ أَوْ شَخْصٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَ لَمْ نَصِفْهُ بِبَصَرِ لَحْظَةِ الْعَيْنِ.
قوله: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ
 [6/ 13] أي لا تراه العيون لأن الإدراك متى قرن بالبصر لم يفهم منه إلا الرؤية، كما أنه إذا قرن بآلة السمع فقيل" أدركته بأذني" لم يفهم منه إلا السماع، و كذا إذا أضيف إلى كل واحد من الحواس أفاد ما بتلك الحاسة آلته، مثل" أدركته بفمي" أي وجدت طعمه، و" أدركته بأنفي" أي وجدت رائحته، و المعنى لا تدركه ذو الأبصار وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ
 أي المبصرين. و يقال لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ
 أي الأوهام.
وَ فِي حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ فِي إِثْبَاتِ الصَّانِعِ" الْأَشْيَاءُ لَا تُدْرَكُ إِلَّا بِأَمْرَيْنِ: الْحَوَاسِّ وَ الْقَلْبِ، وَ الْحَوَاسُّ إِدْرَاكُهَا عَلَى ثَلَاثَةِ مَعَانٍ: إِدْرَاكٌ بِالْمُدَاخَلَةِ، وَ إِدْرَاكٌ بِالْمُمَاسَّةِ، وَ إِدْرَاكٌ بِلَا مُدَاخَلَةٍ وَ لَا مُمَاسَّةٍ. فَأَمَّا الْإِدْرَاكُ الَّذِي بِالْمُدَاخَلَةِ فَالْأَصْوَاتُ وَ الْمَشَامُّ وَ الطُّعُومُ، وَ أَمَّا الْإِدْرَاكُ بِالْمُمَاسَّةِ فَمَعْرِفَةُ الْأَشْكَالِ مِنَ التَّرْبِيعِ وَ التَّثْلِيثِ وَ مَعْرِفَةُ اللَّيِّنِ وَ الْخَشِنِ وَ الْحَرِّ وَ الْبَرْدِ، وَ أَمَّا الْإِدْرَاكُ بِلَا مُمَاسَّةٍ وَ لَا مُدَاخَلَةٍ فَالْبَصَرُ، فَإِنَّهُ يُدْرِكُ الْأَشْيَاءَ بِلَا مُمَاسَّةٍ وَ لَا مُدَاخَلَةٍ فِي حَيِّزِ غَيْرِهِ وَ لَا فِي حَيِّزِهِ، وَ إِدْرَاكُ الْبَصَرِ لَهُ سَبِيلٌ وَ سَبَبٌ فَسَبِيلُهُ الْهَوَاءُ وَ سَبَبُهُ الضِّيَاءُ، فَإِذَا كَانَ السَّبِيلُ مُتَّصِلًا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْمَرْئِيِّ وَ السَّبَبُ قَائِماً أَدْرَكَ مَا يُلَاقِي مِنَ الْأَلْوَانِ وَ الْأَشْخَاصِ، فَإِذَا حُمِلَ الْبَصَرُ عَلَى مَا لَا سَبِيلَ لَهُ فِيهِ رَدَّ رَاجِعاً فَحَكَى مَا وَرَاءَهُ كَالنَّاظِرِ فِي الْمِرْآةِ لَا يَنْفُذُ بَصَرُهُ فِي الْمِرْآةِ وَ كَذَلِكَ النَّاظِرُ فِي الْمَاءِ الصَّافِي يَرُدُّ رَاجِعاً فَيَحْكِي مَا وَرَاءَهُ إِذْ لَا سَبِيلَ لَهُ فِي إِنْفَاذِ بَصَرِهِ. وَ أَمَّا الْقَلْبُ فَإِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الْهَوَاءِ، فَهُوَ يُدْرِكُ جَمِيعَ مَا فِي الْهَوَاءِ، فَلَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَحْمِلَ قَلْبَهُ عَلَى مَا لَيْسَ مَوْجُوداً فِي الْهَوَاءِ مِنْ أَمْرِ التَّوْحِيدِ فَإِنَّهُ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَتَوَهَّمْ إِلَّا فِي الْهَوَاء

223
مجمع البحرين3

بصر ص 222

مَوْجُودٌ كَمَا قُلْنَاهُ فِي أَمْرِ الْبَصَرِ، تَعَالَى اللَّهُ أَنْ يُشْبِهَهُ شَيْ‏ءٌ مِنْ خَلْقِهِ".
قوله تعالى: أُولِي الْأَيْدِي وَ الْأَبْصارِ
 [38/ 45] أي أيد من الإحسان و بصائر في الدين، أ لا ترى إلى قوله تعالى قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ‏
 [6/ 104] ليس بمعنى بصر العيون فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ‏
 يعني ليس من البصر بعينيه، وَ مَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها ليس يعني عمى العيون إنما عنى إحاطة الوهم، كما يقال" فلان بَصِيرٌ بالشعر" و" فلان بَصِيرٌ بالفقه" و" فلان بَصِيرٌ بالثياب" إنما أوهام القلوب أكبر من أبصار العيون. و البَصِيرُ: خلاف الأعمى، و منه قوله تعالى: وَ ما يَسْتَوِي الْأَعْمى‏ وَ الْبَصِيرُ*
 [35/ 19]. قوله: وَ أَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ‏
 [37/ 179] أي أبصرهم ما يقضى عليهم من القتل و الأسر عاجلا و العذاب الأليم آجلا، فسوف يبصرونك و ما يقضى لك من النصرة و التأييد اليوم و الثواب و النعيم غدا. و البَصَرُ: العين و حاسة الرؤية. و منه قوله تعالى: يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَ هُوَ حَسِيرٌ
 [67/ 4]. قوله: فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ
 [50/ 22] أي علمك بما آتيت به نافذ. قوله: بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ*
 [6/ 104] أي حجج بينة، واحدها بَصِيرَة و هي الدلالة التي يستبصر بها الشي‏ء على ما هو به، و هو نور القلب كما أن البَصَرَ نور العيون سميت بها الدلالة لأنها تجلي الحق و يبصر فيها. قوله: بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ‏
 [20/ 96] أي رأيت ما لم يروه، أو علمت ما لم يعلموه، من البصيرة. و يقال بَصُرْتُ: علمت، و أَبْصَرْتُ: نظرت. قوله: عَلى‏ بَصِيرَةٍ
 [12/ 108] أي على يقين. قوله: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ
 [75/ 14] أي الإنسان بَصِيرٌ على نفسه، و الهاء دخلت للمبالغة كما في علامة و نسابة، و يقال جوارحه تشهد عليه بعلمه.

224
مجمع البحرين3

بصر ص 222

قوله: يُبَصَّرُونَهُمْ‏
 [70/ 11] بالتشديد، أي يبصرون الأحماء و الأقرباء فلا يخفون عليهم، فلا يمنعهم من المسألة أن بعضهم لا يبصر بعضا و لكنهم لم يتمكنوا من تسائلهم لتشاغلهم. و المُبْصِرَةُ: المضيئة، و منه قوله تعالى: فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً
 [27/ 13] أي واضحة مضيئة. و مثله وَ آتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً
 [17/ 59] أي بينة واضحة. و مثله وَ جَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً
 [17/ 12]. قوله: وَ النَّهارَ مُبْصِراً*
 [10/ 67] أي يبصر فيه، كما يقال ليل ينام أي ينام فيه.
وَ فِي حَدِيثِ الدُّنْيَا" مَنْ أَبْصَرَ بِهَا بَصَّرَتْهُ وَ مَنْ أَبْصَرَ إِلَيْهَا أَعْمَتْهُ".
قَوْلُهُ: مَنْ أَبْصَرَ بِهَا بَصَّرَتْهُ".
أي من جعلها سبب هدايته و محل إبصاره بعين عقله استفاد منها البصر، و
" مَنْ أَبْصَرَ إِلَيْهَا أَعْمَتْهُ".
أي من مد إليها بصر بصيرته محبة لها أعمته عن إدراك أنوار الله تعالى.
وَ فِي حَدِيثِ مَدْحِ الْإِسْلَامِ" وَ جَعَلَهُ تَبْصِرَةً لِمَنْ عَزَمَ".
أي من عزم على أمر كان في الإسلام تبصرة و هداية إلى كيفية فعله. و أَبْصَرْتُهُ برؤية العين إِبْصَاراً، و بَصُرْتُ بالشي‏ء بالضم و الكسر لغة بَصَراً بفتحتين: علمت فأنا بَصِيرٌ يتعدى بالباء و بنفسه، و هو ذو بَصِيرَةٍ: أي علم و خبرة، و يتعدى بالتضعيف إلى ثان. و الاسْتِبْصَارُ من البَصِيرَةِ، و المُسْتَبْصِرُ: المستبين للشي‏ء. و" يُبْصِرُهُمُ الناظر" أي يحيط بهم نظرة لا يخفى عليه منهم شي‏ء.
وَ فِي الْخَبَرِ" بَصَرُ كُلِّ سَمَاءٍ مَسِيرَةُ كَذَا".
أي سمكها. و" البَصْرَةُ" وزان تمرة بلدة إسلامية بنيت في خلافة الثاني في ثمان عشر من الهجرة، سميت بذلك لأن البَصْرَةَ الحجارة

225
مجمع البحرين3

بصر ص 222

الرخوة و هي كذلك فسميت بها.
وَ فِي كَلَامِ عَلِيٍّ ع" الْبَصْرَةُ مَهْبِطُ إِبْلِيسَ وَ مَغْرِسُ الْفِتَنِ".
و البَصْرَتَانِ: البصرة و الكوفة. و" الحسن البَصْرِيُّ" كان في زمن الصادق ع، و كان يقول تارة بالجبر و تارة بالقدر، و ابن أبي العوجاء من تلامذته فانحرف عنه. و" أبو بَصِيرٍ" من رواة الحديث مشترك بين الثقة و الضعيف. و" بِنْصِر" بكسر الباء و الصاد: الإصبع التي بين الوسطى و الخنصر، و الجمع بَنَاصِرُ.
 (بطر)
قوله تعالى: بَطِرَتْ مَعِيشَتَها
 [28/ 58] بكسر الطاء، أي في معيشتها. و قد تكرر في الحديث ذكر البَطَرِ، و هو- كما قيل- سوء احتمال الغنى و الطغيان عند النعمة، و يقال هو التجبر و شدة النشاط، و قد بَطِرَ بالكسر يَبْطَرُ بالفتح و أَبْطَرَهُ المالُ. و ذهب دَمُهُ بَطِراً بالكسر: أي هدرا.
وَ فِي الْخَبَرِ" الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ".
قيل هو أن يجعل ما جعله الله من توحيده و عبادته باطلا، و قيل هو أن يتجبر عند الحق فلا يراه حقا، و قيل هو أن يتكبر

226
مجمع البحرين3

بطر ص 226

من الحق و لا يقبله. و في الحديث ذكر البَطِيرَةِ، و هي معالجة الدواب. و البَيْطَارُ بفتح الباء: هو الذي يعالج الدواب، و منه‏
حَدِيثُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَرْثِ الْقَزْوِينِيِّ" وَ كَانَ أَبِي يَتَعَاطَى الْبَيْطَرَةَ".
و البَطْرُ: الشق، و منه سمي البَيْطَار. و غَيْثٌ صَوْتُهُ مُسْتَبْطِرٌ: أي ممتد. و مثله سحاب مُسْتَبْطِرٌ.
 (بظر)
البُظَارَةُ بالضم: هنة نابتة في الشفة العليا و منه‏
قَوْلُ عَلِيٍّ ع لِشُرَيْحٍ" فَمَا تَقُولُ أَنْتَ أَيُّهَا الْأَبْظَرُ".
و البَظْرُ: قلفة بين شفري المرأة لم تقطع في الختان، و الجمع أَبْظُر و بُظُور مثل أفلس و فلوس.
 (بعر)
" البَعِيرُ" بفتح الأول و كسر الثاني و سكون الثالث قال الجوهري: هو من الإبل بمنزلة الإنسان من الناس، يقال هو للجمل و الناقة. و منه قول بعض العرب" صرعتني بَعِيرِي" أي ناقتي، و الجمع أَبْعِرَة و أَبَاعِرُ و بُعْرَان. و ليلة البَعِير: ليلة اشترى ص من جابر جمله في السفر. قيل سمي البَعِيرُ بعيرا لأنه يَبْعَرُ، يقال بَعَرَ البعيرُ يَبْعَرُ بفتح العين فيهما بَعْراً بإسكان العين. و" البَعْرَةُ" بالفتح فالسكون واحدة البَعْر كذلك و الأَبْعَار، و هي من البعير و الغنم بمنزلة العذرة من الإنسان.
 (بعثر)
قوله تعالى: أَ فَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ
 [100/ 9] أي أثير و أخرج. قوله: وَ إِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ‏
 [82/ 4] أي بحثرت و أثيرت، يقال بَعْثَرْتُ الشي‏ءَ و بَحْثَرْتُهُ: إذا استخرجته و كشفته، و يقال بُعْثِرَتْ: أي قلبت فأخرج ما فيها، من قولهم" تَبَعْثَرَتْ نفسي" أي جاشت و انقلبت، يريد عند البعث.
 (بقر)
قوله تعالى: سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ*
 [12/ 43] البَقَرَاتُ بالتحريك جمع البَقَر

227
مجمع البحرين3

بقر ص 227

كذلك اسم جنس يقع على الذكر و الأنثى و إنما دخلته الهاء للوحدة. قيل و اشتق هذا الاسم من بَقَرَ: إذا شق لأنها تشق الأرض بالحراثة. و البَقَرُ أجناس: فمنها الجواميس و هي أكثرها ألبانا و أعظمها أجساما، و منها نوع آخر يقال له دَرْبَن بدال مهملة ثم راء ثم باء موحدة ثم نون و هي التي ينقل عليها الأحمال و ربما كانت لها أسنمة. قال في حياة الحيوان: و الوحشي من البَقَرِ أربعة أصناف الأُيَّل و المَهَا و اليَحْمُور و الثَّيْتَل، و كلها تشرب الماء في الصيف إذا وجدته و إذا عدمته صبرت عنه و اقتنعت باستنشاق الريح، و في هذا الوصف يشاركها الذئب و الثعلب. و أهل اليمن يسمون البَقَرَةَ بَاقُورَة و منه ما
كَتَبَ لَهُمُ النَّبِيُّ ص" فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ بَاقُورٍ بَقَرَةً".
وَ فِي الْحَدِيثِ نَهَى عَنِ التَّبَقُّرِ فِي الْأَهْلِ وَ الْمَالِ.
قال الأصمعي: التَّبَقُّرُ التوسع، و يقال بَقَرْتُ الشي‏ءَ بَقْراً من باب قتل: شققته و فتحته. و تَبَقَّرَ في العلم: توسع، و منه‏
سُمِّيَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ ع لِأَنَّهُ بَقَرَ الْعِلْمِ بَقْراً وَ شَقَّهُ وَ فَتَحَهُ.
و البَيْقَرَةُ: إسراع يطأطئ الرجل فيه رأسه.
 (بقطر)
" البُقْطَرِيَّةُ" بالضم: الثياب البيض الواسعة.
 (بكر)
قوله تعالى: لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَ عَشِيًّا
 [19/ 62] أي مقدارهما أو دائما، و قد تقدم في عشا غير ذلك و البُكْرَةُ بالضم: الغداة، و الجمع بُكَر مثل غرفة و غرف، و جمع الجمع أَبْكَار مثل رطب و أرطاب. قوله: بُكْرَةً وَ أَصِيلًا*
 [25/ 5] أي غداء و مساء. قوله بِالْعَشِيِّ وَ الْإِبْكارِ*
 [3/ 41] هو اسم لِلْبُكْرَةِ. قال الجوهري: جعل الإِبْكَار، و هو فعل‏

228
مجمع البحرين3

بكر ص 228

يدل على الوقت، و هو البكرة كما قال تعالى: بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ* جعل الغدو و هو مصدر يدل على الغداة. قوله: فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً
 [56/ 36] هي بفتح الهمزة جمع بِكْر، و هي العذراء من النساء التي لم تمس، مثل حمل و أحمال، و سميت البِكْرُ بِكْراً اعتبارا بالثيب لتقدمها عليها فيما يزاوله النساء. و البَكَارَة أيضا: عذرة المرأة. و ضربةٌ بِكْرٌ: أي قاطعة لا تثنى و منه‏
الْخَبَرُ" كَانَتْ ضَرَبَاتُ عَلِيٍّ أَبْكَاراً إِذَا اعْتَلَى قَدَّ وَ إِذَا اعْتَرَضَ قَطَّ".
و البَكْرُ بالفتح: الفتى من الإبل، و الأنثى بَكْرَةٌ، و الجمع بِكَارٌ مثل فرخ و فراخ، و قد يجمع في القلة على أَبْكُر.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع فِي أَصْحَابِهِ" كَمْ أُدَارِيكُمْ كَمَا تُدَارَى البِكَارُ الْعَمِدَةُ وَ الثِّيَابُ الْمُتَدَاعِيَةُ".
قال الفاضل ميثم و البِكَارُ العَمِدَةُ: التي انشدخ باطن أسنمتها لثقل الحمل، و تسمى العمدة لذلك، و وجه شبه مداراتهم بمداراتها قوة المداراة و كثرتها، و خص البِكَار جمع بَكْرَة لأنها أشد تضجرا بالحمل عند ذلك الداء، و أشار إلى وجه شبهها بمداراة الثياب المتتابعة في التمزق بقوله" كلما حيصت من جانب تهتكت من آخر". و حِيصَتْ: خِيطَتْ و جمعت، أي كلما أصلح حال بعضهم و جمعهم للحرب فسد بعض آخر عليه و تفرق عنه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" عَلَيْهِ بَكَارَةٌ".
بالفتح و هي الناقة إذا ولدت. و بَكْرَةُ البئر: الخشبة التي يستقى عليها. قال الأصمعي: إن كانت البَكْرَةُ على ركية مَتُوحٍ فهي بَكْرَةٌ، و إن كانت على ركية جرور فهي مَحَالَةٌ. و بَكَّرَ بالصلاة: صلاها لأول وقتها. و
مِنْهُ" لَا تَزَالُ أُمَّتِي عَلَى سُنَّتِي مَا بَكَّرُوا بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ".
و بَكَرَ إلى الشي‏ء بُكُوراً من باب قعد: أسرع أي وقت كان. و بَكَّرَ بالتشديد مثله‏

229
مجمع البحرين3

بكر ص 228

و منه‏
حَدِيثُ الْجُمُعَةِ" مَنْ بَكَّرَ وَ ابْتَكَرَ".
قالوا بَكَّرَ: أسرع، و ابْتَكَرَ: أدرك الخطبة. و بَكَّرَ بالصدقة: تصدق قبل خروجه، و
مِنْهُ" بَاكِرُوا بِالصَّدَقَةِ فَإِنَّ الْبَلَاءَ لَا يَتَخَطَّاهَا".
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع فِي وَصْفِ الْمُفْتِي" بَكَرَ فَاسْتَكْثَرَ".
أي ذهب بكرة، يعني أخذ في طلب العلم أول شي‏ء فاستكثر منه. و من بادر إلى الشي‏ء فقد أَبْكَرَ إليه: أي أسرع. و أتيته بُكْرَةً: أي بَاكِراً. قال الجوهري فإن أردت به بكرة يوم بعينه قلت" أَتَيْتُهُ بُكْرَةَ" غير منصرف كأنه للتأنيث و العلمية، و هي من الظروف التي لا تتمكن و ابْتَكَرَ الشي‏ءَ: إذا أخذ بَاكُورَتَهُ و هو أوله.
وَ" أَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ" وُلِدَ قَبْلَ عَامِ الْفِيلِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ الْعُزَّى وَ كُنْيَتُهُ أَبَا فَصِيلٍ، فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ ص عَبْدَ اللَّهِ وَ كَنَّاهُ بِأَبِي بَكْرٍ.
 (بلر)
في الحديث ذكر البِلَّوْر و هو بكسر الباء مع فتح اللام كسنور و بفتح الباء مع ضم اللام كتنور: حجر من المعادن واحدته بِلَّوْرَة. و منه‏
الْحَدِيثُ" نِعْمَ الْفَصُّ الْبِلَّوْرُ".
قيل و أحسنه ما يجلب من جزائر الزنج.
 (بندر)
" بُنْدَار" بضم الباء و إسكان النون:

230
مجمع البحرين3

بندر ص 230

إمامي من رواة الحديث.
 (بور)
قوله تعالى: كُنْتُمْ قَوْماً بُوراً
 [25/ 18] أي هلكى. من البَوَارِ بفتح الباء أي الهلاك. و منه بَارَ فلان: هلك. و أَبَارَهُ اللهُ: أهلكه. قوله: تِجارَةً لَنْ تَبُورَ
 [35/ 29] أي لن تكسد. قوله: وَ مَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ
 [35/ 10] أي يبطل، من بَارَ عملُه بَطَلَ.
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَعُوذُ بِكَ مِنْ بَوَارِ الْأَيِّمِ".
أي من كسادها و عدم الرغبة فيها، من قولهم بَارَتِ السوقُ: كسدت. و يتم الكلام في" أيم" و البَوْرُ بالفتح: الأرض التي لم تزرع.
وَ فِي الْحَدِيثِ" سَأَلْتُهُ عَنِ السُّجُودِ عَلَى الْبُورِيَاءِ؟".
هي بالمد التي تُسَفُّ من القصب. و عن الأصمعي البُورِيَاءُ بالفارسية و بالعربية بَارِيّ و بُورِيّ و البَارِيَّة.
 (بهر)
فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" عَرَضَ لِي بُهْرٌ حَالَ بَيْنِي وَ بَيْنَ الْكَلَامِ".
البُهْرُ بالضم: تتابع النفس يعتري الإنسان عند السعي الشديد و العدو و المرض الشديد و" البَهْرُ" بالفتح فالسكون: العجب يقال بَهْراً لفلان أي عجبا له. و منه‏
حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْعَاصِ" فَأَتَى شَجَرَةً فَاسْتَظَلَّ بِهَا لَوْ أَتَاهَا أَحَدُكُمْ مَا أَبْهَرَهُ ذَلِكَ".
أراد ما أعجبه الجلوس تحت ظلها لكثرة شوكها و عدم تمكن المستظل من فيئها. و البَهْرُ: الغلبة، يقال بَهَرَ القمرُ الكواكب كمنع: إذا أضاء و غلب ضوؤه ضوأها. و منه" قمر بَاهِرٌ" أي مضي‏ء. و" الأَبْهَرُ" وزان أحمر: عرق في الظهر، و هما أَبْهَرَان، و قيل أَكْحَلَان في الذراعين، و قيل في القلب إذا انقطع‏

231
مجمع البحرين3

بهر ص 231

مات، و يقال هو عرق منشؤه من الرأس يمتد إلى القدم، و له شرايين تمتد بأكثر الأطراف و البدن، فالذي في الرأس منه يسمى النَّأْمَة و يمتد إلى الحلق فيسمى فيه الوَرِيد، و يمتد إلى الصدر فيسمى الأَبْهَر و يمتد إلى الظهر فيسمى الوَتِين و الفؤاد معلق به، و يمتد إلى الفخذ فيسمى النَّسَا و يمتد إلى الساق فيسمى الصَّافِن- كذا ذكر في النهاية. و" بَهُرَسِير" بالباء الموحدة و السين غير المعجمة المدائن- قاله في السرائر و" بَهْرَاء" قبيلة من قضاعة، و النسبة إليهم بَهْرَانِيٌّ مثل بحرائي على غير القياس. و البَهَار بالفتح: العرار الذي يقال له عين البقر، و هو بهار البر، و هو نبت جعد له فقاحة صفراء ينبت أيام الربيع- قاله الجوهري. و البَهَارُ شي‏ء يوزن به، و هو ثلاثمائة رطل أو ستمائة ألف، و متاع البحر و العدل فيه أربعمائة رطل- قاله في القاموس.
باب ما أوله التاء
 (تبر)
قوله تعالى: تَبَّرْنا
 [25/ 39] أي هلكناهم، و يقال تَبَّرَهُ تَتْبِيراً أي كسره و أهلكه. قوله: وَ لا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً
 [17/ 28] أي لا هلاكا. قوله: هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ‏
 [7/ 139] أي مهلك.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَيْسَ فِي التِّبْرِ زَكَاةٌ".
التِّبْرُ بكسر التاء فالسكون هو ما كان‏

232
مجمع البحرين3

تبر ص 232

من الذهب غير مضروب فإذا ضرب دنانير، فهو عين و لا يقال تِبْرٌ إلا للذهب و بعضهم يقول للفضة أيضا. و عن الزجاج كل جوهر قبل أن يستعمل كالنحاس و الصفر و غيرهما فهو تِبْرٌ
 (تجر)
قوله تعالى: لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ
 [24/ 37] الآية. التِّجَارَة بالكسر هي انتقال شي‏ء مملوك من شخص إلى آخر بعوض مقدر على جهة التراضي، أخذا من تَجَرَ يَتْجُرُ تَجْراً من باب قتل فهو تَاجِرٌ، و الجمع تَجْرٌ كصاحب و صحب و تُجَّارٌ بالضم و التشديد و بكسرها مع التخفيف. و المَتَاجِرُ جمع مَتْجَر من التجارة. و منه قول الفقهاء" كتاب المَتَاجِر" قيل هو إما مصدر ميمي بمعنى التجارة كالمقتل بمعنى القتل، أو اسم موضع، و هي الأعيان يكتسب بها، قال بعض الأفاضل: و الأول أليق بالمقصود. و في كلام الفقهاء أيضا في بحث الشراء" و لا بأس بِالْمَتَاجِر" و فسر بجواز شراء ما فيه الخمس ممن لا يخمس و لا يجب إخراج خمسه، و كذا من يشتري من الغنائم حال الغيبة و إن كان كله أو بعضه للإمام ع‏
. (ترر)
فِي الْحَدِيثِ" التُّرُّ تُرُّ حُمْرَانَ مُدَّ المِطْمَرَ".
التُرُّ بالضم و التثقيل: خيط البَنَّاء، و المِطْمَرُ مثله. و استعاره ع للتمييز بين الحق و الباطل.
وَ لِذَا قَالَ ع" لِحُمْرَانَ مُدَّ المِطْمَرَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الْعَالِمِ".
وَ قَالَ لِابْنِ سِنَانٍ" لَيْسَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ مَنْ خَالَفَكُمْ إِلَّا المِطْمَرُ، فَمَنْ خَالَفَكُمْ وَ جَازَهُ فَابْرَءُوا مِنْهُ".
و منه‏
حَدِيثُ زُرَارَةَ" إِنَّمَا نَمُدُّ الْمِطْمَارَ قَالَ: وَ مَا الْمِطْمَارُ؟ قُلْتُ: التُّرُّ فَمَنْ وَافَقَنَا مِنْ عَلَوِيٍّ وَ غَيْرِهِ تَوَلَّيْنَاهُ وَ مَنْ خَالَفَنَا مِنْ عَلَوِيٍّ وَ غَيْرِهِ بَرِئْنَا مِنْهُ".
و من كلامهم" و لم أَتَتَرْتَرْ" أي لم أتزلزل.
 (تمر)
قد تكرر في الحديث ذكر التَّمْر و هو بالفتح فالسكون: اليابس من ثمر النخل كالزبيب و العنب، الواحدة تَمْرَة و الجمع‏

233
مجمع البحرين3

تمر ص 233

تَمَرَات بالتحريك، و جمع التَّمْر تُمُور و تُمْرَان بالضم، و يراد به الأنواع لأن اسم الجنس الذي هو التمر لا يجمع في الحقيقة. و التَّامِرُ: الذي عنده التمر، يقال" رجل تَامِرٌ" أي ذو تمر. و التَّمَّارُ بالتثقيل: الذي يبيع التمر. و منه" ميثم التَّمَّار" صاحب علي ع.
 (تنر)
قوله تعالى: حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَ فارَ التَّنُّورُ
 [11/ 40] و هو الذي يخبز به حتى يقال إنه بكل لسان كذلك و المراد به هنا وجه الأرض عن على، و قيل ما زاد على وجه الأرض و أشرف منها، و هو مروي أيضا.
 (تور)
فِي حَدِيثِ الْوُضُوءِ" أُتِيَ بِطَسْتٍ أَوْ بِتَوْرٍ فِيهِ مَاءٌ".
التشكيك من الراوي، و التَّوْرُ بالفتح فالسكون: إناء صغير من صفر أو خزف يشرب منه و يتوضأ فيه و يتوكل.
 (تير)
التيراني [التِّيزَانِيُ‏] رجل من أهل اللغة له كتاب خلق الإنسان، قال في القاموس اسمه محمد بن عبد الله لغوي مشهور. و التَّارَة: المرة، يقال فعل ذلك تَارَةً بعد تَارَةٍ أي مرة بعد مرة و الجمع تَارَاتٌ. و تَيِّر و التَّيَّار بالتشديد: موج البحر و منه" بحر تَيَّار".
باب ما أوله الثاء
 (ثأر)
فِي الْحَدِيثِ" إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ ع يَطْلُبُ بِدَمِ الْحُسَيْنِ ع وَ هُوَ يَقُولُ: نَحْنُ أَهْلُ الدَّمِ طُلَّابُ الثرة [التِّرَةِ]".
أي الثَّار. و مثله‏
حَدِيثُ وَصْفِ الْأَئِمَّةِ" بِكُمْ يُدْرِكُ اللَّهُ ثرة [تِرَةَ] كُلِّ مُؤْمِنٍ".
و الثَّأْرُ و الثُّؤْرَة: الذحل، يقال ثَأَرْت

234
مجمع البحرين3

ثأر ص 234

القتيل ثَأْراً و ثُؤْرَةً أي قتلت قاتله. و قولهم" يا ثَارَاتِ فلان" أي قتلة فلان. و الثَّائِرُ: الذي لا يبقى على شي‏ء حتى يدرك ثاره.
وَ فِي مُخَاطَبَةِ الْإِمَامِ حِينَ الزِّيَارَةِ" أَشْهَدُ أَنَّكَ ثَارُ اللَّهِ وَ ابْنُ ثَارِهِ".
و لعله مصحف من يا ثار الله و ابن ثائره، و الله أعلم.
 (ثبر)
قوله تعالى: دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً
 [25/ 13] أي صاحوا وا هلاكاه، و الثُّبُورُ الهلاك و الخسران. قوله: مَثْبُوراً
 [17/ 102] أي مهلكا، و قيل ملعونا مطرودا".
وَ فِي حَدِيثِ الْمَوْقِفِ" ثُمَّ اقْضِ حِينَ يُشْرِقُ لَكَ ثَبِيرٌ".
ثَبِيرٌ كأمير جبل بمكة كأنه من الثَّبْرَة و هي الأرض السهلة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" كَبْشُ إِسْمَاعِيلَ تَنَاوَلَهُ يَعْنِي جَبْرَئِيلَ- مِنْ قُلَّةِ ثَبِيرٍ".
و من شعر امرى‏ء القيس:
كأن ثَبِيراً في عرانين وبله             كبير أناس في بجاد مزمل‏

قيل في معناه ثَبِير على فعيل اسم هذا الجبل بعينه. و العِرْنِينُ: الأنف، و قال الجمهور معظم الأنف، و الجمع عَرَانِين ثم استعمل العرانين لأوائل المطر لأن الأنف مقدم الوجه. و البِجَادُ: الكساء المخطط الجمع بُجُد و التَّزْمِيل: التلفيف بالثياب، و قد زَمَّلْتُهُ بالثياب فَتَزَمَّلَ بها: أي لففته فتلفف بها. و قد استشهد فيه على جواز الجر للمجاورة لأنه جر مزمل لمجاورته بجاد و إلا فالقياس الرفع لأنه وصف لكبير أناس. و مثله في جر المجاورة قولهم" جحر ضب خرب" لمجاورة ضب مع أنه خبر المبتدإ.
 (ثرثر)
فِي خَبَرِ النَّبِيِّ ص" إِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ الثَّرْثَارُونَ".
الثَّرْثَارُون جمع الثَّرْثَار. و هو كثير الكلام، و منه رجل ثَرْثَارٌ، و المراد كثرة الكلام تكلفا و خروجا عن الحق من غير حاجة إليه بل لنيل‏

 

235
مجمع البحرين3

ثرثر ص 235

الحظوظ الدنيوية. و الثَّرْثَار: النهر، و منه‏
حَدِيثُ أَهْلِ الثَّرْثَارِ" يُخَوِّفُنَا بِالْجُوعِ مَا دَامَ ثَرْثَارُنَا يَجْرِي".
أي نهر. و" أهل الثَّرْثَار" قوم كانوا يأخذون مخ الحنطة و يجعلونه خبزا يستنجون به. و الثَّرَّةُ من العيون: الغزيرة الماء و سحاب ثَرٌّ: أي كثير الماء.
 (ثغر)
في الحديث ذكر الثَّغْر بالفتح فالسكون: موضع المخافة الذي يخاف منه هجوم العدو، و منه استحباب المرابطة لحفظ الثَّغْرِ، و الجمع ثُغُور كفلس و فلوس و الثَّغْرُ أيضا ما تقدم من الأسنان. و في المصباح الثَّغْرُ: المَبْسِم ثم أطلق على الثنايا. و إذا كُسِرَ ثغر الصبي قيل ثُغِرَ ثُغُوراً بالبناء للمجهول و ثَغَرْتُهُ أَثْغَرُهُ [من باب نفع: كسرته، و إذا نبتت‏بعد السقوط قيل: أَثْغَرَ] إِثْغَاراً مثل أكرم إكراما، و إذا ألقى أسنانه قيل اتَّغَرَ على افتعل قاله ابن فارس- انتهى. و أصل اتَّغَرَ اثتغر قلبت الثاء تاء ثم أدغمت، و إن شئت قلت اثَّغَرَ بجعل الحرف الأصلي هو الظاهر. و المُثَّغِر: من سقطت أسنانه الرواضع التي من شأنها السقوط و نبت مكانها
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا شَيْ‏ءَ فِي سِنِّ صَغِيرٍ لَمْ يَثَّغِرْ".
أي لم يسقط سنه بعد. و في القاموس أَثْغَرَ الغلامُ: ألقى ثغره ضد، و على هذا يحمل‏
قَوْلُهُ ع" يُحْرَمُ بِالصَّبِيِّ إِذَا أَثْغَرَ".
و الثُّغْرَةُ بالضم: نقرة النحر التي بين الترقوتين، و الجمع ثُغَر مثل غرفة و غرف.
 (ثفر)
فِي حَدِيثِ الْحَائِضِ" فَإِنْ رَأَتْ دَماً ثَبِيباً اغْتَسَلَتْ وَ احْتَشَتْ وَ اسْتَثْفَرَتْ فِي كُلِّ وَقْتِ صَلَاةٍ".
الاسْتِثْفَار بالسين المهملة ثم التاء المثناة ثم الثاء المثلثة و في الآخر راء مهملة، مصدر قولك اسْتَثْفَرَ الرجل بثوبه. إذا رد طرفيه بين رجليه إلى حجزته بضم‏

236
مجمع البحرين3

ثفر ص 236

الحاء و الجيم، أو من اسْتَثْفَرَ الكلبُ بذنبه: جعله بين فخذيه، أو مأخوذ من ثَفْرِ الدابة بالثاء المثلثة الذي يجعل تحت ذنبها. و منه‏
الْحَدِيثُ" الِاسْتِثْفَارُ أَنْ تَجْعَلَ مِثْلَ ثَفْرِ الدَّابَّةِ".
و المراد تأخذ خرقة طويلة عريضة تشد أحد طرفيها من قدام و تخرجها من بين فخذيها و تشد طرفها الآخر من وراء بعد أن تحتشي بشي‏ء من القطن ليمتنع به من سيلان الدم.
وَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْحَدِيثِ" تَسْتَدْخِلُ قُطْنَةً وَ تَسْتَثْفِرُ وَ تَسْتَذْفِرُ".
و كأنها نسخة جمع لا بدل، يشهد لها ما قاله في القاموس الاستذفار هو أن تتطيب و تستجمر بالدخنة و غير ذلك، و الاسْتِثْفَارُ أن تجعل مثل ثفر الدابة، و الثَّفْرُ للدابة معروف و الجمع أَثْفَارٌ مثل سبب و أسباب‏
 (ثمر)
قوله تعالى: لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ‏
 [36/ 35] الآية. الثَّمَرُ بالتحريك: الرطب ما دام في رأس النخل، فإذا قطع فهو الرطب، و يقع على كل الثِّمَار أكلت أو لم تؤكل كثمر الأراك و العوسج، واحدة ثَمَرَة، و يغلب على ثَمَرِ النخل.
وَ قَوْلُهُ ع" أُمُّكَ أَعْطَتْكَ مِنْ ثَمَرَةِ قَلْبِهَا".
هو على الاستعارة، و جمع الثَّمَرِ ثِمَار مثل جبل و جبال، و جمع الثَّمَرَة ثَمَرَات مثل قصبة و قصبات، و جمع الثِّمَار ثُمُر مثل كتاب و كتب، و جمع الثَّمَر أَثْمَار مثل عنق و أعناق. قوله: وَ ارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ‏
 [2/ 126]
عَنِ الصَّادِقِ ع هِيَ ثَمَرَاتُ الْقُلُوبِ.
و
عَنِ الْبَاقِرِ ع أَنَّ الثَّمَرَاتِ تُحْمَلُ إِلَيْهِمْ مِنَ الْأَقْطَارِ، وَ قَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ حَتَّى لَا يُوجَدُ فِي بِلَادِ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ ثَمَرَةُ لَا تُوجَدُ فِيهَا، حَتَّى إِنَّهُ يُوجَدُ فِيهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَوَاكِهُ رَبِيعِيَّةٌ وَ صَيْفِيَّةٌ وَ خَرِيفِيَّةٌ وَ شِتَائِيَّةٌ.
و" الثُّمُرُ" بضم الثاء: المال. و أَثْمَرَ المالُ: صار فيه الثمر. و أَثْمَرَ الرجلُ: كثر ماله. و ثَمَّرَ اللهُ مالَه: كثره. و اسْتِثْمَارُ المال: استنماؤه. و منه‏
الْحَدِيثُ" اسْتِثْمَارُ الْمَالِ تَمَامُ الْمُرُوَّةِ".
و لعله‏

237
مجمع البحرين3

ثمر ص 237

يريد الصدقة منه، فإن المال ينمو بسببها، أو استنماؤه بإنفاقه بالمعروف.
 (ثور)
قوله تعالى: وَ أَثارُوا الْأَرْضَ‏
 [30/ 9] أي قلبوها للزراعة و عمروها بالفلاحة.
وَ فِي الْخَبَرِ" ثَارَتْ قُرَيْشٌ بِالنَّبِيِّ ص فَخَرَجَ هَارِباً".
أي هيجوه من مكانه، من قولهم ثَارَ الغبارُ يَثُورُ ثَوَرَاناً: هاج. و منه ثَارَتِ الفتنةُ: أي هاجت، و مثله ثَارَتْ به مرة. و الثَّوَرَانُ: الهيجان. و" ثَوْرٌ" بالفتح فالسكون: جبل بمكة و فيه الغار الذي بات فيه النبي ص لما هاجر. و" ثَوْرٌ" أبو قبيلة من مضر، و هو ثَوْرُ بن عبد منات. و الثَّوْرُ الذكر من البقر، و كنيته أبو عجل، و الأنثى ثَوْرَة، و الجمع ثِيرَان و أَثْيَار و ثِيَرَة كعنبة. قال المبرد نقلا عنه: و إنما سمي الثَّوْرُ ثورا لأنه يثير الأرض، كما سميت البَقَرَة بقرة لأنها تبقرها. و الثَّوْرُ: برج في السماء. و" سفيان الثَّوْرِيُّ" كان في شرطة هشام بن عبد الملك، و هو ممن شهد قتل زيد بن علي بن الحسين ع، فإما أن يكون ممن قتله أو أعان عليه أو خذله.
وَ فِي الْخَبَرِ" مَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَلْيُثَوِّرَ الْقُرْآنَ".
أي لينقر عنه و يفكر في معانيه و تفسيره و قراءته.

238
مجمع البحرين3

باب ما أوله الجيم ص 239

باب ما أوله الجيم‏
 (جأر)
قوله تعالى: فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ‏
 [16/ 53] أي ترفعون أصواتكم إليه بالدعاء، يقال جَأَرَ القومُ إلى الله جُؤَاراً: إذا دعوا إليه و عجوا إليه برفع أصواتهم. و منه‏
الْحَدِيثُ" كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى لَهُ جُؤَارٌ إِلَى رَبِّهِ بِالتَّلْبِيَةِ".
يريد الاستعانة و رفع الصوت.
 (جبر)
قوله تعالى: إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ‏
 [5/ 22] أي أقواما عظاما. الجَبَّار: المسلط، و منه قوله تعالى وَ ما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ
 [50/ 45] و الجَبَّار: المتكبر، و منه جَبَّاراً شَقِيًّا
 [19/ 32]. و الجَبَّار: الذي يقتل على الغضب، و منه قوله تعالى وَ إِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ‏
 [26/ 130]. و الْجَبَّارُ
: من أسمائه تعالى، و هو الذي يجبر الخلق و يقهرهم على بعض الأمور التي ليس لهم فيها اختيار و لا على تغييرها قدرة، و الذي يجبر حالهم و يصلحه. و فعال من أبنية المبالغة. و قيل الْجَبَّارُ
 العظيم الشأن في الملك و السلطان، و لا يطلق هذا الوصف على غيره تعالى إلا على وجه الذم.
وَ فِي حَدِيثِ الْكُوفَةِ" مَا أَرَادَ بِكِ جَبَّارٌ سُوءاً إِلَّا ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِشَاغِلٍ أَوْ رَمَاهُ بِقَاتِلٍ".
قِيلَ وَ مِنَ الْجَبَابِرَةِ الَّذِينَ أَرَادُوا بِهَا السُّوءَ زِيَادُ بْنُ أَبِيهِ، رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ جَمَعَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ بِسَبِّ عَلِيٍّ ع وَ الْبَرَاءَةِ مِنْهُ وَ يَقْتُلُ مَنْ يَعْصِيهِ فِي ذَلِكَ، فَبَيْنَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ إِذْ خَرَجَ حَاجِبُهُ فَأَمَرَهُمْ بِالانْصِرَافِ وَ قَالَ: إِنَّ الْأَمِيرَ مَشْغُولٌ عَنْكُمْ، وَ كَانَ قَدْ رُمِيَ فِي تِلْكَ الْحَالِ بِالْفَالِجِ وَ مِنْهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ وَ أَصَابَهُ الْجُذَامُ.

239
مجمع البحرين3

جبر ص 239

وَ مِنْهُمُ الْحَجَّاجُ تَوَلَّدَتْ فِي بَطْنِهِ الْحَيَّاتُ وَ احْتَرَقَ دُبُرُهُ حَتَّى هَلَكَ. وَ مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ وَ ابْنُهُ يُوسُفُ وَ رُمِيَا بِالْبَرَصِ. وَ مِنْهُمْ خَالِدٌ الْقَسْرِيُّ ضُرِبَ وَ حُبِسَ حَتَّى مَاتَ جُوعاً.
و ممن رمي بقاتل: عبيد الله بن زياد لعنه الله و مصعب بن الزبير و يزيد بن المهلب و أحوالهم مشهورة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا تَكُونُوا عُلَمَاءَ جَبَّارِينَ".
أي متكبرين. و المُتَجَبِّرُ: المُتَكَبِّرُ، و لا فرق بينهما لغة. و قيل المُتَكَبِّرُ المتعظم بما ليس فيه، و المُتَجَبِّرُ الذي لا يكترث لأمر.
وَ فِي حَدِيثِ الشِّيعَةِ" إِيَّاكُمْ وَ التَّجَبُّرَ عَلَى اللَّهِ".
كأنه أراد بِالتَّجَبُّرِ على الله التكبر على الناس متكلا معتمدا على قربه عند الله.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَنَّ عَبْداً لَمْ يَتَجَبَّرْ عَلَى اللَّهِ إِلَّا تَجَبَّرَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص".
و" الجَبَرُوت" فهو فعلوت من الجبر و القهر. و" جَبْرَئِيلُ" هو اسم ملك من ملائكة الله، يقال هو جَبْرٌ أضيف إلى إيل اسم من أسماء الله تعالى بغير العربية، و فيه لغات جَبْرَئِيل يهمز و لا يهمز و جِبْرِيل بالكسر و جَبْرَئِل مقصور و جَبْرِين.
نُقِلَ أَنَّهُ ع نَزَلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ع خَمْسِينَ مَرَّةً وَ عَلَى مُوسَى أَرْبَعَمِائَةِ مَرَّةٍ وَ عَلَى عِيسَى عَشْرَ مَرَّاتٍ وَ عَلَى مُحَمَّدٍ ص أَرْبَعَةً وَ عِشْرِينَ أَلْفَ مَرَّةٍ.
وَ مِنْ كَلَامِهِ ع فِي وَصْفِ وَالِي الْأُمَّةِ" هُوَ الَّذِي لَمْ يُغْلِقْ بَابَهُ دُونَهُمْ فَيَأْكُلَ قَوِيُّهُمْ ضَعِيفَهُمْ وَ لَمْ يُجْبِرْهُمْ فِي بُعُوثِهِمْ فَيَقْطَعَ نَسْلَ أُمَّتِي".
قيل هو من الجَبْرِ على الشي‏ء: القهر و الغلبة عليه، و قد اضطربت النسخ في ذلك و الأصح ما ذكرناه، و المعنى حينئذ لم يقهر كل جماعة من المسلمين على الجهاد فينجر إلى قطع النسل. و" الجَبْرُ" وزان فلس: خلاف القدر و هو القول بأن الله يجبر عباده على فعل المعاصي‏

240
مجمع البحرين3

جبر ص 239

و منه‏
الْحَدِيثُ" لَا جَبْرَ وَ لَا تَفْوِيضَ وَ لَكِنْ أَمْرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ" سُئِلَ مَا الْأَمْرُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ؟ قَالَ: مَثَلُ ذَلِكَ رَجُلٌ رَأَيْتَهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ فَنَهَيْتَهُ فَلَمْ يَنْتَهِ فَتَرَكْتَهُ فَفَعَلَ تِلْكَ الْمَعْصِيَةَ فَلَيْسَ حَيْثُ لَمْ يَقْبَلْ مِنْكَ فَتَرَكْتَهُ كُنْتَ أَنْتَ الَّذِي أَمَرْتَهُ بِالْمَعْصِيَةِ.
و" الجَبْرِيَّةُ" بإسكان الباء خلاف القدرية، و في عرف أهل الكلام يسمون المُجْبِرَة و المُرْجِئَة لأنهم يؤخرون أمر الله و يرتكبون الكبائر. و المفهوم من كلام الأئمة ع أن المراد من الجَبْرِيَّة الأشاعرة و من القَدَرِيَّة المعتزلة، لأنهم شهروا أنفسهم بإنكار ركن عظيم من الدين و هو كون الحوادث بقدرة الله تعالى و قضائه، و زعموا أن العبد قبل أن يقع منه الفعل مستطيع تام، يعني لا يتوقف فعله على تجدد فعل من أفعاله تعالى، و هذا معنى التَّفْوِيض، يعني أن الله تعالى فوض إليهم أفعالهم و قال علي بن إبراهيم: المُجْبِرَة الذين قالوا ليس لنا صنع و نحن مجبرون يحدث الله لنا الفعل عند الفعل، و إنما الأفعال منسوبة إلى الناس على المجاز لا على الحقيقة، و تأولوا في ذلك بآيات من كتاب الله لم يعرفوا معناها، مثل قوله وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ* و قوله: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً. و غير ذلك من الآيات التي تأولوها على خلاف معانيها، و فيما قالوه إبطال الثواب و العقاب، و إذا قالوا ذلك ثم أقروا بالثواب و العقاب نسبوا إلى الله الجور و أنه يعذب على غير اكتساب و فعل تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا أن يعاقب أحدا على غير فعل و بغير حجة واضحة عليه، و القرآن كله رد عليهم، قال الله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ فقوله لَها و عَلَيْها هو الحقيقة لفعلها، و قوله: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ و قوله: كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ و قوله: ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ* و قوله: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا

241
مجمع البحرين3

جبر ص 239

الْعَمى‏ عَلَى الْهُدى‏ و قوله: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً و قوله وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ قَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَ كانُوا مُسْتَبْصِرِينَ و قوله: وَ قارُونَ وَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ لَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى‏ بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَ ما كانُوا سابِقِينَ فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ و لم يقل بفعلنا فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَ مِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَ مِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَ مِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَ ما كانَ اللَّهُ. لِيَظْلِمَهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ و مثل ذلك كثير- انتهى. و الجَبْرُ: إصلاح العظم من الكسر، يقال جَبَرْتُ العظمَ و الكسرَ جَبْراً. و جَبَرَ العظمُ و الكسرُ جُبُوراً: أي انجبر يتعدى و لا يتعدى، و منه" جَبَرَ اللهُ وَهْنَكُمْ". و قولهم جَبَرْتُ اليتيمَ: إذا أعطيته. و المُجَبِّرُ: الذي يجبر العظام المكسورة و منه" الجَبِيرَة" على فعيلة واحدة الجَبَائِر، و هي عيدان يجبر بها العظام.
وَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ص" الْبِئْرُ جُبَارٌ وَ جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ وَ الْمَعْدِنُ جُبَارٌ".
أراد بِالْجُبَارِ بالضم و التخفيف الهَدَر، يعني لا غرم فيه، و العَجْمَاء البهيمة سميت بذلك لأنها لا تتكلم، و المعنى أن البهيمة العجماء تنفلت فتتلف شيئا فذلك الشي‏ء هدر، و كذلك المعدن إذا انهار على أحد فهو هدر. و جَابِرُ بن عبد الله صحابي شهد بدرا و جَابِرٌ الجعفي من علماء الشيعة،
رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: عِنْدِي سَبْعُونَ أَلْفَ حَدِيثٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع وَ عَن‏

242
مجمع البحرين3

جبر ص 239

النَّبِيِّ ص.
و
عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِراً يَقُولُ: عِنْدِي خَمْسُونَ أَلْفَ حَدِيثٍ مَا حَدَّثْتُ مِنْهَا بِحَدِيثٍ، ثُمَّ حَدَّثَ يَوْماً مِنْهَا بِحَدِيثٍ فَقَالَ: هَذَا مِنَ الْخَمْسِينَ أَلْفاً.
وَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّكَ حَمَلْتَنِي وِقْراً عَظِيماً بِمَا حَدَّثْتَنِي مِنْ سِرِّكُمُ الَّذِي لَا أُحَدِّثَ بِهِ أَحَداً، وَ رُبَّمَا جَاشَ فِي صَدْرِي حَتَّى أَخَذَنِي مِنْهُ شِبْهُ الْجُنُونِ؟ قَالَ: يَا جَابِرُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاخْرُجْ إِلَى الْجَبَّانَةِ فَاحْفِرْ حَفِيرَةً وَ دَلِّ رَأْسَكَ فِيهَا ثُمَّ قُلْ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ بِكَذَا وَ كَذَا.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا الْمَجْبُورُ" قُلْتُ: وَ مَا الْمَجْبُورُ؟ قَالَ:" أُمٌّ تُرَبِّي أَوْ ظِئْرٌ تُسْتَأْجَرُ أَوْ أَمَةٌ تُشْتَرَى".
قال في شرح الشرائع: المَجْبُور وجدتها مضبوطة بخط الصدوق بالجيم و الباء في كتابه المقنع فإنه عندي بخطه- انتهى. و يتم الكلام في جبر إن شاء الله تعالى.
 (جحر)
فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ وَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ أَيْضاً" لَا يُلْسَعُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ".
الجُحْرُ بالضم فالسكون: ثقب الحية و نحوها من الحشار، و هو هنا استعارة. قال الخطاب: و الحديث يروى على وجهين أحدهما على الخبر و الآخر على النهي، و معنى الأول أن المؤمن الممدوح هو المتيقظ الحازم الذي لا يؤتى من ناحية الغفلة فيخدم مرة بعد أخرى و لا يفطن هو به، و يقال إنه الخداع في أمر الآخرة دون الدنيا، و الثاني لا يخدعن المؤمن و لا يؤتين من ناحية الغفلة فيقع في مكروه مرتين، و يقال هذا يصلح أن يكون في أمر الدنيا و الآخرة، و الأصل في هذا الحديث- على ما حكي- هو
أَنَّ النَّبِيَّ ص مَنَّ عَلَى بَعْضِ أَهْلِ مَكَّةَ وَ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَجْلِبَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا بَلَغَ مَأْمَنَهُ عَادَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فَأُسِرَ تَارَةً أُخْرَى فَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ، فَكَلَّمَه‏

243
مجمع البحرين3

جحر ص 243

بَعْضُ النَّاسِ فِي الْمَنِّ فَقَالَ" لَا يُلْسَعُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ".
 (جدر)
قوله تعالى: جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ‏
 [18/ 17]. الجِدَار بالكسر الحائط، و الجَدْر بالفتح فالسكون مثله، و جمع الجِدَار جُدُر و جمع الجدر جُدْرَان كبطن و بطنان. و" الجُدَرِيُّ" بضم الجيم و فتح الدال و الجَدَريُّ بفتحهما لغتان: قروح تنفط عن الجلد ممتلئة ماء ثم تنفتح، و صاحبها جَدِيرٌ مُجَدَّر، و يقال أول من عذب به قوم فرعون ثم بقي بعدهم.
وَ قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ" وَ فُلَانٌ جَدِيرٌ بِكَذَا".
أي خليق به و حقيق.
 (جرر)
في الحديث ذكر الجِرِّيِّ بالجيم و الراء المشددة المكسورتين و الياء المشددة أخيرا ضرب من السمك عديم الفلس، و يقال له الجريث بالثاء المثلثة. و
فِيهِ" كُلُّ شَيْ‏ءٍ يَجْتَرُّ فَسُؤْرُهُ حَلَالٌ وَ لُعَابُهُ حَلَالٌ".
قوله يَجْتَرُّ هو من الاجْتِرَاء و هو أن يجر البعير من الكرش ما أكل إلى الفم فيمضغه مرة ثانية، و المراد بالحلال الطاهر في الظاهر. و
فِيهِ" لَا صَدَقَةَ فِي الْإِبِلِ الْجَارَّةِ".
أي التي تجر بأزمتها، فاعلة بمعنى مفعولة ك عِيشَةٍ راضِيَةٍ*. و الجَرِيرَة: هي الجناية و الذنب، سميت بذلك لأنها تجر العقوبة إلى الجاني. و منه‏
الدُّعَاءُ" يَا مَنْ لَمْ يُؤَاخِذْ بِالْجَرِيرَةِ وَ لَمْ يَهْتِكِ السِّتْرَ".
و منه" ضمان الجَرِيرَة" و هو أن يضمن سائبة كالمعتق في الواجب أو حر الأصل بحيث لا يعلم له قريب، و عقده كأن يقول المضمون" عاقدتك على أن تنصرني و تدفع عني و تعقل عني و أعقل عنك" فيقول" قبلت" و لتحقيق المسألة بتمامها محل آخر. و المَجَرَّةُ: هي البياض المعترض في السماء و السواد من جانبيها. قال الجوهري: سميت بذلك لأنه كأثر المجر. و" الجَرُّ" بالفتح و التشديد: الجذب، و منه" يَجُرُّ الأَبُ الوِلَاءَ إِذَا أُعْتِقَ".

244
مجمع البحرين3

جرر ص 244

و جَرَرْتُ الحبلَ جَرّاً: سحبته. و هلم جَرّاً: معناها استدامة الأمر و انسحابه، يقال كان ذلك عام كذا و هلم جَرّاً إلى اليوم، و أصله من الجَرِّ السَّحْب، و انتصب جرا على المصدر أو الحال. قال في النهاية و الجَرَّةُ بالفتح و التشديد إناء معروف من خزف، و الجمع جِرَار مثل كلبة و كلاب و جَرَّات و جَرّ مثل تمرة و تمرات و تمر. و" جَرِيرٌ" شاعر مشهور معروف. و" مسجد جَرِير" أحد المساجد الملعونة في الكوفة. و الجَرْجَرَةُ: صوت يردده البعير في حنجرته. و قوله‏
فِي الْخَبَرِ" يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارُ جَهَنَّمَ".
أي يلقي في بطنه، يقال جَرْجَرَ فلان من الماء في حلقه: إذا تجرعه جرعا متتابعا له صوت. و الجَرِيرَة: حكاية ذلك الصوت. و هذا مثل قوله تعالى: إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً فنارا منصوبة على المفعولية بقوله يجرجر فاعله الشارب. و قال بعضهم يُجَرْجِرُ فعل لازم و نار رفع على الفاعلية. و عن الزمخشري يروى برفع النار و الأكثر النصب، و هذا الكلام على المجاز لأن نار جهنم على الحقيقة لا تجرجر في جوفه. و الجِرْجِرُ و الجِرْجِيرُ بقلة معروفة، و منه‏
حَدِيثُ أَهْلِ الْبَيْتِ" الْهِنْدَبَاءُ لَنَا وَ الْجِرْجِيرُ لِبَنِي أُمَيَّةَ".
 (جزر)
في الحديث ذكر الجَزُور بالفتح، و هي من الإبل خاصة ما كمل خمس سنين و دخل في السادسة، يقع على الذكر و الأنثى و الجمع جُزُر كرسول و رسل، يقال جَزَرْتُ الجزورَ من باب قتل أي‏

245
مجمع البحرين3

جزر ص 245

نحرتها، و الفاعل جَزَّارٌ بالتشديد، و الحرفة الجِزَارَة بالكسر. و المَجْزَر كجعفر: موضع الجزر، و ربما دخلته الهاء فيقال مَجْزَرَة. و الجُزَارُ بضم الجيم: ما يُعْطَى الجَزَّار من الجزور. و جَزَرْتُ الناقةَ: نحرتها و جلدتها. و لحم مَجْزُور: قد أخذ منه الجلد الذي كان عليه. و جَزَرَ الماءُ جَزْراً من باب ضرب و قتل: انحسر، و هو رجوعه إلى خلف، و منه الجَزِيرَة سميت بذلك لانقطاعها عن معظم الأرض. و الجَزِيرَة: موضع بعينه، و هو ما بين دجلة و الفرات. و" جَزِيرَةُ العرب" اختلف في تحديدها: فعن الخليل بن أحمد أنه قال و لعلها سميت جزيرة لانقطاعها عن معظم البر و قد اكتنفتها البحار و الأنهار من أكثر الجهات، كبحر البصرة و عمان إلى بركة بني إسرائيل حيث أهلك الله عدوه فرعون و بحر الشام و النيل و دجلة و الفرات و القدر الذي يتصل بالبر فقد انقطع بالقفار و الرمال عن العمرانات، و عن أبي عبيدة هي ما بين حفر أبي موسى الأشعري إلى أقصى اليمن في الطول و العرض ما بين رمل بئرين إلى منقطع السماوة اسم بادية في طرف الشام، و عن الأصمعي هي ما بين عدن إلى أطراف الشام طولا و أما العرض فمن جدة و ما والاها من شاطى‏ء البحر إلى ريف العراق، و عن البكري جَزِيرَة العرب مكة و المدينة و اليمن و اليمامة، و عن بعضهم جَزِيرَة العرب خمسة أقسام تهامة و نجد و حجاز و عروض و يمن: فأما تِهَامَة فهي الناحية الجنوبي من الحجاز، و أما نَجْد فهي الناحية التي بين الحجاز

246
مجمع البحرين3

جزر ص 245

و العراق، و أما الحِجَازُ فهو جبل يقبل من اليمن حتى يتصل بالشام و فيه المدينة و عمان، و سمي حِجَازاً لأنه حجز بين نجد و تهامة، و أما العَرُوض فهو اليمامة إلى البحرين، و أما اليَمَن فهو أعلى من تهامة. و هذا قريب من قول الأصمعي. و في المجمع جَزِيرَة العرب اسم صقع من الأرض و هو ما بين حفر أبي موسى إلى أقصى اليمن في الطول و ما بين رمل بئرين إلى منقطع السماوة في العرض، لأن بحر فارس و بحر السودان أحاط بجانبيها و أحاط بالشمال دجلة و الفرات. جَزَرْتُ النخلَ أَجْزِرُهُ بالكسر جَزْراً: صرمته. و" الجَزَر المأكول" بفتح الجيم و كسرها لغة الواحدة [بالهاء و الجمع‏] بحذف الهاء- قاله في المصباح.
 (جسر)
فِي الْحَدِيثِ" فَوَقَفَ عَلَى جِسْرِ الْكُوفَةِ".
الجَسْرُ بفتح الجيم و كسرها ما يعبر عليه كالقنطرة، و الجمع جُسُور. و رجل جَسْرٌ: يعني جَسُور. و الجَسُورُ: المقدام. و جَسَرَ على عدوه جُسُوراً من باب قعد و جَسَارَة أيضا، فهو جَسُورٌ.
 (جعر)
فِي حَدِيثِ زَكَاةِ النَّخْلِ" وَ تُتْرَكُ أُمُّ جُعْرُورٍ".
جُعْرُور: ضرب من الدقل يحمل رطبا صغارا لا خير فيه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَنَّهُ نَزَلَ الْجِعْرَانَةِ".
هي بتسكين العين و التخفيف و قد تكسر و تشدد الراء: موضع بين مكة و الطائف على سبعة أميال من مكة، و هي إحدى حدود الحرم و ميقات للإحرام، سميت باسم ريطة بنت سعد و كانت تلقب بِالْجِعْرَانَة و هي التي أشار إليها قوله تعالى كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها. و عن ابن المدائني العراقيون يثقلون الجِعْرَانَة و الحديبية، و الحجازيون يخففونهما.
 (جعفر)
جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ ع أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَ ثَمَانِينَ وَ مَضَى‏

247
مجمع البحرين3

جعفر ص 247

فِي شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ وَ أَرْبَعِينَ وَ مِائَةٍ وَ لَهُ خَمْسٌ وَ سِتُّونَ سَنَةً.
و الجَعْفَرُ: النهر الصغير، و أبو قبيلة
وَ جَعْفَرٌ الطَّيَّارُ هُوَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع أَسَنُّ مِنْ عَلِيٍّ ع بِعَشْرِ سِنِينَ وَ كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الطَّيَّارُ ذُو الْجَنَاحَيْنِ وَ ذُو الْهِجْرَتَيْنِ الشُّجَاعُ الْجَوَادُ، كَانَ مُتَقَدِّمَ الْإِسْلَامِ هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ وَ كَانَ هُوَ سَبَبَ إِسْلَامِ النَّجَاشِيِّ ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ.
و قد تكرر ذكر أبي جَعْفَرٍ ع و يراد به عند الإطلاق محمد بن علي الباقر ع و إذا قيد بالثاني فالجواد ع.
 (جفر)
فِي الْحَدِيثِ" أَمْلَى رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْجَفْرَ وَ الْجَامِعَةَ" وَ فُسِّرَا فِي الْحَدِيثِ بِإِهَابِ مَاعِزٍ وَ إِهَابِ كَبْشٍ فِيهِمَا جَمِيعُ الْعُلُومِ حَتَّى أَرْشُ الْخَدْشِ وَ الْجَلْدَةُ وَ نِصْفُ الْجَلْدَةِ.
و نقل عن المحقق الشريف في شرح المواقف أن الجَفْرَ و الجامعة كتابان لعلي ع قد ذكر فيهما على طريقة علم الحروف الحوادث إلى انقراض العالم، و كان الأئمة المعروفون من أولاده يعرفونها و يحكمون بها- انتهى. و يشهد له‏
حَدِيثُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: عِنْدِي الْجَفْرُ الْأَبْيَضُ. فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ أَبِي الْعَلَاءِ: وَ أَيُّ شَيْ‏ءٍ فِيهِ؟ قَالَ: فَقَالَ لِي زَبُورُ دَاوُدَ وَ تَوْرَاةُ مُوسَى وَ إِنْجِيلُ عِيسَى وَ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ وَ الْحَلَالُ وَ الْحَرَامُ وَ مُصْحَفُ فَاطِمَةَ ع، وَ فِيهِ مَا يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْنَا وَ لَا نَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ. قَالَ ع: وَ عِنْدِي الْجَفْرُ الْأَحْمَرُ وَ مَا يُدْرِيهِمْ مَا الْجَفْرُ فِيهِ السِّلَاحُ وَ ذَلِكَ أَنَّهَا تُفْتَحُ لِلدَّمِ يَفْتَحُهَا صَاحِبُ السَّيْفِ لِلْقَتْلِ. قِيلَ لَهُ: فَيَعْرِفُ بَنُو الْحَسَنِ هَذَا؟ فَقَالَ: إِي وَ اللَّهِ كَمَا يُعْرَفُ اللَّيْلُ أَنَّهُ لَيْلٌ وَ النَّهَارُ أَنَّهُ نَهَارٌ وَ لَكِنْ يَحْمِلُهُمُ الْحَسَدُ وَ طَلَبُ الدُّنْيَا، وَ لَوْ طَلَبُوا الْحَقَّ بِالْحَقِّ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ. وَ قَالَ أَيْضاً: لَقَدْ كُنَّا وَ عَدُوُّنَا كَثِيرٌ وَ قَدْ أَمْسَيْنَا وَ مَا أَعْدَى لَنَا مِنْ ذَوِي قَرَابَتِنَا.
وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ قِيلَ لَهُ: وَ مَا الْجَفْرُ؟ فَقَالَ: هُوَ مَسْكُ مَاعِزٍ وَ مَسْكُ ضَأْن‏

248
مجمع البحرين3

جفر ص 248

مُطْبَقٌ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ فِيهِ سِلَاحُ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ الْكُتُبُ وَ مُصْحَفُ فَاطِمَةَ ع.
و الجَفْرُ: البئر التي لم تُطْوَ، و هو مذكر و الجمع جِفَار كسهم و سهام. و الجُفْرَة: سعة في الأرض مستديرة، و الجمع جِفَار بالكسر مثل برمة و برام و الجَفِيرُ: الكنانة أوسع منها. و منه‏
قَوْلُهُ ع" أَتَقَلْقَلُ تَقَلْقُلَ الْقِدْحِ فِي الْجَفِيرِ الْفَارِغِ".
و الجَفِيرُ: الأسد الشديد. و جَفِيرٌ العبدي ثقة من رواة الحديث.
 (جلنر)
" الجُلَّنَارُ" بضم الجيم و فتح اللام المشددة: زهرة الرمان معرب- قاله في القاموس.
 (جمر)
فِي حَدِيثِ التَّكْفِينِ" لَا يُجَمَّرُ الْكَفَنُ".
أي لا يدخن بالمجمرة. و المِجْمَرَة: ما يدخن بها الثياب، يقال جَمَّرَ ثوبَهُ تَجْمِيراً: أي بخره. و
مِنْهُ" نَهَى أَنْ تُتْبَعَ الْجِنَازَةُ بِمِجْمَرَةٍ".
هي بكسر الأول المبخرة و المدخنة، و عن بعضهم المِجْمَر بحذف الهاء ما يتبخر به من عود و غيره و هي لغة. و جَمْرَةُ النَّارِ: القطعة الملتهبة، و الجمع جَمْر مثل تمرة و تمر، و جمع الجَمْرَة جَمَرَات و جِمَار بكسر الجيم و التخفيف. و الجِمَار أيضا جمع جَمْرَة من الحصا و منه" جِمَارُ المناسك للحج". و" الجَمَرَات" مجتمع الحصى بمنى، فكل كومة من الحصى جَمْرَةٌ، و الجمع جَمَرَات. و جَمَرَاتُ منى ثلاث بين كل جمرتين غلوة سهم: منها جَمْرَةُ العَقَبَة و هي تلي مكة و لا ترمى يوم النحر إلا هي، و منها جَمْرَة

249
مجمع البحرين3

جمر ص 249

الدنيا و وصفها لكونها أقرب منازل النازلين عند مسجد الخيف و هناك كان مناخ النبي ص و لأنها أقرب من الحل من غيرها، قيل و إضافتها إلى الدنيا كإضافة المسجد الجامع.
وَ مِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ ع مَعَ مَنْ أَخَّرَهُ عَنِ الْخِلَافَةِ" أَمَا وَ الْبَيْتِ الْمُفْضِي إِلَى الْبَيْتِ وَ الْمُزْدَلِفَةِ وَ الْخِفَافِ إِلَى التَّجْمِيرِ لَوْ لَا عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيَّ النَّبِيُّ ص لَأَوْرَدْتُ الْمُخَالِفِينَ خَلِيجَ الْمَنِيَّةِ".
قيل فيه الواو للقسم، و المضاف محذوف أي أما و رب البيت المفضي إلى البيت المعمور لتحاذيهما. و الخفاف بالخاء المعجمة و الفائين في كثير من النسخ، و عن بعض الأفاضل لم أقف لها على معنى مناسب، و هو كما ترى لا مكان أن يراد بالخفاف الإبل الخفاف الماشية إلى التجمير، و يتم المعنى و الله أعلم. و" الجُمَّار" بالضم و التشديد: شحم النخل الذي في جوفه. و جَمَّرْتُ النخلةَ: قطعت جمارها. و في الحديث ذكر الاسْتِجْمَار، و المراد به الاستنجاء، و معناه التمسح بالجمار و هي الأحجار الصغار، يقال اسْتَجْمَرَ الإنسانُ في الاستنجاء: قلع النجاسة بالجمرات و الجمار. و منه‏
الْخَبَرُ" إِذَا اسْتَجْمَرْتَ فَأَوْتِرْ".
أي قف على الفرد.
 (جمهر)
الجُمْهُور من الناس كعصفور: جلهم و أكثرهم. و جَمَاهِير قريش: جماعاتها، جمع جُمْهُور. و جَمْهَرْتُ الشي‏ء: جمعته.
 (جور)
قوله تعالى: وَ إِنِّي جارٌ لَكُمْ‏
 أي مجيركم من كنانة و ناصركم فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى‏ عَقِبَيْهِ [8/ 48] قوله: وَ مِنْها جائِرٌ
 [16/ 9] أي من السبيل ما هو مائل عن الحق. قوله تعالى: وَ الْجارِ ذِي الْقُرْبى‏ وَ الْجارِ الْجُنُبِ‏
 [4/ 36] الجَارُ: هو الذي يجاورك في المسكن و يميل ظل بيته إلى بيتك، من الجَوْرِ: الميل، تقول‏

250
مجمع البحرين3

جور ص 250

جَاوَرْتُهُ مُجَاوَرَةً من باب قاتل و جِوَاراً و الكسر أفصح من الضم: إذا لاصقته في المسكن. و الجَارُ ذي القربى: أي ذي القرابة و الجَارُ الجُنُب: الغريب، و جمع الجَار الجِيرَان بكسر الجيم كقاع و قيعان.
وَ فِي الْخَبَرِ" كُلُّ أَرْبَعِينَ دَاراً جِيرَانٌ مِنْ بَيْنِ الْيَدَيْنِ وَ الْخَلْفِ وَ الْيَمِينِ وَ الشِّمَالِ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" عَلَيْكُمْ بِحُسْنِ الْجِوَارِ وَ حُسْنُ الْجِوَارِ يَعْمُرُ الدِّيَارَ".
و قيل ليس حُسْنُ الجِوَارِ كف الأذى فقط بل تحمل الأذى منه أيضا. و من جملة حسن الجِوَارِ ابتداؤه بالسلام و عيادته في المرض، و تعزيته في المصيبة و تهنئته في الفرح، و الصفح عن زلاته، و عدم التطلع على عوراته، و ترك مضايقته فيما يحتاج إليه من وضع جذوعه على جدارك و تسلط ميزابه إلى دارك و ما أشبه ذلك. و
فِيهِ" أَحْسِنُوا جِوَارَ النِّعَمِ".
و تفسيره- كما جاءت به الرواية- الشكر لمن أنعم بها عليك و أداء حقوقها. و الجَارُ الذي يجير غيره: أي يؤمنه مما يخاف.
وَ فِي الْخَبَرِ" وَ يُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَدْنَاهُمْ".
أي إذا جار واحد من المسلمين حرا أو عبدا أو امرأة جماعة أو واحد من الكفار و أمنهم جاز ذلك على جميع المسلمين و لا ينقض عليهم جواره. و منه‏
قَوْلُهُ ع" لَا تُجَارُ حُرْمَةٌ إِلَّا بِإِذْنِ أَهْلِهَا".
و الحُرْمَة المرأة.
وَ فِي الدُّعَاءِ" عَزَّ جَارُكَ".
أي المُسْتَجِيرُ بك. و" يَسْتَجِيرُوا بك" أي يطلبون الإجارة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَيُّمَا رَجُلٍ نَظَرَ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَهُوَ جَارٌ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ".
أي في أمن لا يظلم و لا يؤذى. و جَارَ في حكمه يَجُورُ جَوْراً: ظلم. و الجَوْرُ: هو الميل عن القصد. و منه" جَارَ عن الطريق" أي مال عنه. و منه" الحاكم الجَائِرُ" أي المائل‏

251
مجمع البحرين3

جور ص 250

عن طريق الهدى.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا أَعْلَمُ أَنَّ فِي هَذَا الزَّمَانِ جِهَاداً إِلَّا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ وَ الْجِوَارَ".
و فسرت بالاعتكاف كما صرح به ابن الأثير في النهاية. و منه" فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِي" أي اعتكافي. و الجِوَارُ بالكسر: أن تعطي الرجل ذمة فيكون بها جارك. و الجَارَةُ: الضرة، قيل لها جارة استكراها للفظ الضرة. و من أمثال العرب" إِيَّاكِ أَعْنِي وَ اسْمَعِي يَا جَارَة" قيل أول من قال ذلك سهل بن مالك الفزاري، و ذلك أنه خرج فمر ببعض أحياء طي فسأل عن سيد الحي فقيل هو حارثة بن لام الطائي، فأم رحله فلم يصبه شاهدا، فقالت له أخته: انزل في الرحب و السعة، فنزل فأكرمته و ألطفته، ثم خرجت من خباء فرآها أجمل أهل زمانها فوقع في نفسه منها شي‏ء فجعل لا يدري كيف يرسل إليها و لا ما يوافقها من ذلك، فجلس بفناء الخباء و هي تسمع كلامه فجعل ينشد:
يا أخت خير البدو و الحضاره             كيف ترين في فتى فزاره‏

أصبح يهوى حُرة معطاره             (إياك أعني و اسمعي يا جاره)

فلما سمعت قوله علمت أنه إياها يعني، فضرب مثلا. و منه‏
قَوْلُهُ ع" نَزَلَ الْقُرْآنُ بِإِيَّاكِ أَعْنِي! وَ اسْمَعِي يَا جَارَةُ".
و قد تقدم الكلام فيه في عني.
وَ فِي الدُّعَاءِ" يَا مَنْ يُجِيرُ وَ لا يُجارُ عَلَيْهِ‏
".
أي ينقذ من هرب إليه و لا ينقذ أحد ممن هرب منه، و كلاهما من الإجارة و ليس الثاني من الجوار. و" أَجَارَهُ الله من العذاب" أنقذه. و اسْتَجَارَهُ: طلب منه أن يحفظه فأجاره. و" المُسْتَجَارُ" من البيت الحرام هو الحائط المقابل للباب دون الركن اليماني،

252
مجمع البحرين3

جور ص 250

لأنه كان قبل تجديد البيت هو الباب، سمي بذلك لأنه يستجار عنده بالله من النار. و" نهر جُوَيْر" أحد رساتيق المدائن. و جُوَيْرِيَة من الرجال مصغر جَارِيَة بالجيم. و منه‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ" أَ شَكَكْتَ يَا جُوَيْرِيَةُ".
و جُوَيْرِيَة كانت امرأة جميلة.
قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَتْ جُوَيْرِيَةَ عَلَيْهَا حَلَاوَةٌ وَ مَلَاحَةٌ لَا يَكَادُ يَرَاهَا أَحَدٌ إِلَّا وَقَعَتْ بِنَفْسِهِ قَالَتْ: وَ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ ص تَسْتَعِينُهُ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُهَا عَلَى بَابِ الْحُجْرَةِ وَ عَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَرَى مِنْهَا مَا رَأَيْتُ، فَقَالَتْ لَهُ: جِئْتُكَ أَسْتَعِينُكَ. فَقَالَ لَهَا: هَلْ لَكِ فِي خَيْرٍ مِنْ ذَلِكِ؟ قَالَتْ: وَ مَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: أَتَزَوَّجُكِ. قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ ص قَدْ فَعَلْتُ، فَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ.
 (جهر)
قوله تعالى: وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها
 [17/ 110] أي لا تَجْهَرْ بقراءة صلاتك أي لا ترفع بها صوتك، أخذا من قولهم جَهَرَ بالقول: إذا رفع به صوته، فهو جَهِيرٌ. وَ لا تُخافِتْ بِها وَ ابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ بين الجهر و المخافة سَبِيلًا وسطا. و قيل لا تَجْهَرْ بصلاة النهار و لا تخافت بصلاة الليل، و قيل معناه و لا تَجْهَرْ بكل صلاتك و لا تخافت بكلها بل اجْهَرْ بصلاة الليل و الفجر و خافت بالظهرين. و فسر الجَهْرُ بسماع الصحيح القريب إذا استمع و الإخفات بسماع النفس. قيل: و يحتمل أنها منسوخة بقوله ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْيَةً بناء على أن المراد بالصلاة هنا الدعاء. قوله: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ‏
 [4/ 148] أي إلَّا جَهْرَ من ظلم، فاستثنى من الجهر الذي لا يحب الله تعالى جَهْرَ المظلوم،

253
مجمع البحرين3

جهر ص 253

و هو أن يدعو على الظالم و يذكر ما فيه من السوء، و قيل هو أن يبدأ بالشتيمة فرد على الشاتم لينتصر منه. و قال الشيخ أبو علي: و في معناه أقوال، و ذكر منها لا يحب الله الشتم في الانتصار إلا من ظلم فلا بأس له بأن ينتصر ممن ظلمه بما يجوز له الانتصار به في الدين، و منها لا يحب الله الجَهْرَ بالدعاء على أحد إلا أن يظلم إنسان فيدعو على من ظلمه قوله: حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً
 [2/ 55] أي عيانا، و هي مصدر من قولك جَهَرَ بالقراءة كأن الذي يُرى بالعين جَاهِرٌ بالرؤية، و انتصابها على المفعول المطلق أو الحال من فاعل نرى أو مفعول له.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَيْسَ فِي الْجَوْهَرِ زَكَاةٌ".
الجَوْهَرُ واحد جَوَاهِر الأرض. قال في القاموس: و هو كل حجر يستخرج منه شي‏ء ينتفع به- انتهى. و وزنه فوعل، و الواحدة جَوْهَرَة. و جَوْهَرُ كل شي‏ء: جبلته المخلوق عليها، يقال جَوْهَرُ الثوب جيد و ردي‏ء و نحو ذلك، و من ذلك سمى بعض المتكلمين الجزء الذي لا يتجزأ جَوْهَراً، و حده عندهم ما تحيز و صح أن تحله الأعراض عند الوجود، فَالْجَوْهَرُ عندهم إما جوهر فرد أو خط أو سطح أو جسم و كل واحد مفتقر إلى حيز، و عند الحكماء تنحصر الجَوَاهِرُ في خمسة في الهيولى و الصورة و الجسم و النفس و العقل، و إن كان الجوهر محلا لجوهر آخر فهو الهَيُولَى، أو حالا في جوهر آخر فهو الصُّورَة، أو مركبا من الحال و المحل و هو الجِسْمُ، أو لا يكون حالا و لا محلا و لا مركبا منهما و هو المفارق، فإن تعلق بالجسم تعلق تدبير فهو النَّفْسُ، و إن لم يتعلق تعلق التدبير فهو العَقْلُ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" فِي تَقَلُّبِ الْأَحْوَالِ تُعْرَفُ جَوَاهِرُ الرِّجَالِ".
أي حقائقها التي جبلت عليها. و مثله‏
" لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ جَوْهَرٌ".
أي حقيقة.

254
مجمع البحرين3

جهر ص 253

و
فِيهِ" لَوْ قَاسَ- يَعْنِي إِبْلِيسَ الْجَوْهَرَ الَّذِي خَلَقَ اللَّهُ مِنْهُ آدَمَ بِالنَّارِ كَانَ ذَلِكَ أَكْثَرَ نُوراً".
يريد بالجَوْهَر هنا النور كما يفسره‏
الْحَدِيثُ الْآخَرُ" لَوْ قَاسَ نُورِيَّةَ آدَمَ بِنُورِيَّةِ النَّارِ عَرَفَ فَضْلَ مَا بَيْنَ النُّورَيْنِ وَ صَفَاءَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ".
و جَهَرَ الشي‏ءُ يَجْهَرُ بفتحتين كمنع: ظهر. و أَجْهَرْتُهُ بالألف: أظهرته، و يعدى بنفسه و بالباء فيقال جَهَرْتُهُ و جَهَرْتُ به. و جَاهَرَ فلان بالعداوة مُجَاهَرَةً و جِهَاراً، و جَهُرَ الصوتُ بالضم جَهَارَةً فهو جَهِيرٌ. و الحروف المَجْهُورَة عند النحويين تسعة عشر، يجمعها قولك" ظِلُّ قَوٍّ رَبَضٌ إِذْ غَزَا جُنْدٌ مُطِيعٌ" قال الجوهري: و إنما سمي الحرف مَجْهُوراً لأنه أشبع الاعتماد في موضعه، و منع النفس أن يجري معه حتى ينقضي الاعتماد بجري الصوت. و" الجَوْهَرِيُّ" هو صاحب الصحاح المشهور في اللغة. قال ابن بري بعد كلام يصف فيه الجَوْهَرِيَّ: و صحاحه هذا فيه تصحيف في عدة مواضع تتبعها عليه المحققون. قيل إن سببه أنه لما صنفه سمع عليه إلى باب الضاد المعجمة و عرض له وسوسة فألقى نفسه من سطح فمات، فبقي سائر الكتاب مسودة غير منقح و لا مبيض، فبيضه تلميذه إبراهيم بن صالح الوراق فغلط فيه في مواضع، و كانت وفاة الجَوْهَرِيِّ في حدود أربعمائة.
 (جير)
" جَيْرِ" بكسر الراء و تُنَوَّنُ: يمين للعرب و بمعنى نعم أو أجل‏

255
مجمع البحرين3

باب ما أوله الحاء ص 256

باب ما أوله الحاء
 (حبر)
قوله تعالى: فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ‏
 [30/ 15] أي ينعمون و يكرمون و يسرون، من الحُبُور و هو السرور، يقال حَبَرَهُ يَحْبُرُهُ حَبْراً من باب قتل. و في الحديث تكرر ذكر الأَحْبَار جمع حَبْر بالفتح فالسكون و بكسر الحاء أيضا و هو أفصح، واحد أَحْبَار اليهود و هو القائم الذي صناعته تحبير المعاني، و جمع المكسور أَحْبَار بالفتح كحمل و أحمال و جمع المفتوح حُبُور كفلس و فلوس. و الحِبْر بالكسر الذي يكتب به و موضعه المِحْبَرَة بالكسر. قال في المصباح و فيه لغات أجودها فتح الميم و الباء، الثانية بضم الباء مثل مأدبة، و الثالثة كسر الميم لأنها آلة. و" الحِبْرُ" بالكسر و قد يفتح: الجمال و الهيئة الحسنة. و تَحْبِيرُ الخط و الشعر و غيرهما: تحسينه. و منه‏
حَدِيثُ وَصْفِهِ تَعَالَى" كَلَّ دُونَ وَصْفِهِ تَحْبِيرُ اللُّغَاتِ".
أي تحسينها و تزيينها. و فيه نفي لأقاويل المشبهة حيث شبهوه بالسبيكة و البلورة و غير ذلك. و حَبَرْتُهُ من باب قتل: زينته. و في الحديث ذكر الحِبَرَة هي كعنبة ثوب يصنع باليمن قطن أو كتان مخطط، يقال بُرْدٌ حِبَرٌ على الوصف و بُرْدُ حِبَرَةٍ على الإضافة، و الجمع حِبَرٌ و حِبَرَاتٌ كعنب و عنبات. و عن الأزهري ليس حِبَرَة موضعا أو شيئا معلوما، إنما هو وشي معلوم أضيف الثوب إليه، كما قيل ثوب قرمز بالإضافة، و القرمز صبغة فأضيف الثوب إلى الوشي و الصبغ. و الحَبْرَة بالفتح فالسكون: النعمة و سعة العيش و كذلك الحُبُور.

256
مجمع البحرين3

حبر ص 256

وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ عَزَّى حَزِيناً كُسِيَ فِي الْمَوْقِفِ حُلَّةً يُحْبَرُ بِهَا".
على البناء للمجهول إما بتخفيف الموحدة المفتوحة من الحَبْرِ بالفتح بمعنى السرور أي يسر بها، أو بالتشديد من التَّحْبِيرِ بمعنى التزيين أي جعل الحلة زينة له فيكون مزينا بها- كذا قرره بعض شارحي الحديث. و في بعض النسخ" يُحْبَى بها" من الحَبَاء و الحَبْوَة بمعنى العطاء و العطية. و
فِيهِ" لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْحُبَارَى".
بضم الحاء و فتح الراء: اسم طائر معروف على شكل الإوزة برأسه و بطنه غبرة، و لون بطنه و جناحه كلون السمانى غالبا، يقع على الذكر و الأنثى و الواحد و الجمع سواء، يقال إنها إذا تبعها الصقر سلحت في وجهه فشغلته.
وَ فِي الْخَبَرِ" أَنَّ أَكْلَهُ جَيِّدٌ لِلْبَوَاسِيرِ وَ وَجَعِ الظَّهْرِ وَ هُوَ مِمَّا يُعِينُ عَلَى كَثْرَةِ الْجِمَاعِ".
و الحُبُّورُ كعصفور فرخ الحبارى. و في حياة الحيوان الحُبَارَى طائر معروف، و هو من أشد الطير طيرانا و أبعدها شوطا، كبير العنق رمادي اللون، و أكثر الطير حيلة في تحصيل الرزق و مع ذلك يموت جوعا
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا مَا كَانَ مَحْبُوراً. قُلْتُ: وَ مَا المَحْبُورُ؟ قَالَ: أُمٌّ تُرَبِّي أَوْ ظِئْرٌ تُسْتَأْجَرُ أَوْ أَمَةٌ تُشْتَرَى".
و قد اضطربت النسخ في ذلك: ففي بعضها بالحاء المهملة كما ذكرنا، و في بعضها بالجيم كما تقدم، و في بعضها بالخاء المعجمة و لعله الصواب، و يكون المَحْبُورُ بمعنى المعلوم.
 (حبتر)
الحَبْتَرُ: القصير مثل البَحْتَر، و به يسمى الرجل حَبْتَر، و في التصغير حُبَيْتِر.
 (حبكر)
الحَبَوْكَرُ: الداهية. و أم حَبَوْكَر: أي عظيم الدواهي- قاله الجوهري‏
 (حجر)
قوله تعالى: كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ [15/ 80]

257
مجمع البحرين3

حجر ص 257

الحِجْرُ بالكسر ديار ثمود و منازلهم بين الحجاز و الشام عند وادي القرى. قوله: وَ يَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً
 [25/ 22] أي حراما محرما عليكم و الحِجْرُ الحرام يكسر و يضم و يفتح قال الجوهري و الكسر أفصح، قرئ بهن في قوله تعالى وَ حَرْثٌ حِجْرٌ
 [6/ 138]. قوله: هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ
 [89/ 5] أي عقل. و الحِجْرُ: العقل. و الحُجُور: البيوت، و منه قوله: وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ‏
 [4/ 33] و لذا قال العلماء: لا يجوز نكاح الرجل لربيبته إذا دخل بأمها، سواء كانت مرباة في حجره أو في حجر غيره. قوله: فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ
 [2/ 60] هو بالتحريك: الحَجَرُ الذي كان مع موسى يستسقي به لقومه.
رُوِيَ أَنَّهُ حَجَرٌ حَمَلَهُ مَعَهُ مِنَ الطُّورِ وَ كَانَ مُرَبَّعاً، وَ كَانَ يَنْبُعُ مِنْ كُلِّ وَجْهِهِ ثَلَاثَةُ أَعْيُنٍ لِكُلِّ سِبْطٍ عَيْنٌ تَسِيلُ فِي جَدْوَلٍ إِلَى سِبْطٍ، وَ كَانَ عَدَدُ قَوْمِهِ سِتَّمِائَةِ أَلْفٍ وَ سَعَةُ الْعَسْكَرِ اثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا.
و الحَجَرُ أيضا واحد الأَحْجَار في القلة، و في الكثرة حجار. قوله: مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ‏
 [49/ 4] هي جمع حُجْرَة كغرفة الدار و قرئ بفتح الجيم أيضا، و يجمع على حُجَر أيضا كغرفة و غرف. قوله: بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ
 [33/ 10] هي جمع حَنْجَرَة فنعلة، و هي مجرى النفس، و يقال منتهى الحلقوم‏

258
مجمع البحرين3

حجر ص 257

و هي الغلصمة حيث نراه ناتئا من خارج الحلق. و الحنجور فنعول بضم الفاء: الحلق، و المعنى شخصت من الفزع و صعدت عن مواضعها من الخوف إليها. و مثله إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ
 [40/ 18]
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَ لِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ".
أي الخيبة و الحرمان، أو هو كناية عن الرجم.
وَ فِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ" يَتْبَعُهُ أَهْلُ الْحَجَرِ وَ الْمَدَرِ".
يريد أهل البوادي الذين يسكنون مواضع الأحجار و الجبال و أهل المدر الذين يسكنون البلاد.
وَ فِي الْحَدِيثِ" نَزَلَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ مِنَ الْجَنَّةِ وَ هُوَ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ فَسَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ".
و هو تمثيل مبالغة في تعظيم شأنه و تفظيع أمر الخطايا، يعني أنه لشرفه يشارك جواهر الجنة فكأنه نزل منها، و أن خطاياكم تكاد تؤثر في الجمادات فكيف بقلوبكم، أو من حيث إنه مكفر للخطايا كأنه من الجنة و من كثرة تحمل أوزارهم كأنه كان ذا بياض فسودته- هكذا قيل، و الأظهر إبقاء الحديث على ظاهره كما يشهد له بعض الأخبار، إذ لا مانع من ذلك سمعا و لا عقلا بالنظر إلى القدرة الإلهية.
وَ فِي الْخَبَرِ" أَنَّهُ ع شَدَّ حَجَرَ الْمَجَاعَةِ عَلَى بَطْنِهِ".
قيل فائدة ذلك المساعدة على الاعتدال و الانتصاب على القيام، أو المنع من كثرة الخلل من الغذاء الذي في البطن، أو ربما يشد طرف الأمعاء فيكون الضعف قليلا، أو لتقليل حرارة الجوع ببرودة الحجر، أو الإشارة إلى كسر النفس و إلهامها الحجر و لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب. و حَجَرَ عليه حَجْراً من باب قتل: منعه التصرف، و بعضهم قصر المَحْجُور على الممنوع من التصرف في ماله فهو مَحْجُور عليه، و الفقهاء يحذفون الصلة تخفيفا لكثرة الاستعمال و يقولون مَحْجُور و هو شائع، و منه" الحَجْر" بالفتح و هو مصدر حَجَرَ القاضي عليه حَجْراً.
وَ فِي الْحَدِيثِ" خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ*

259
مجمع البحرين3

حجر ص 257

وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ* فَحَجَرَهَا مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ وَ سِتِّينَ".
أي اقتطعها من هذا العدد. و حِجْرُ الثوب بالكسر: طرفه المقدم، و هو في حِجْرِهِ أي في كنفه و حمايته، و الجمع حُجُور. و الحِجْرُ أيضا: الحائط المستدير إلى جانب الكعبة الغربي، و حكي فتح الحاء و كله من البيت أو ستة أذرع منه أو سبعة أقوال.
نُقِلَ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ النَّبِيَّ ع دَفَنَ أُمَّهُ فِي الْحِجْرِ فَحَجَرَ عَلَيْهَا لِئَلَّا تُوطَأَ.
وَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ الصَّادِقِ ع" دُفِنَ فِي الْحِجْرِ مِمَّا يَلِي الرُّكْنَ الثَّالِثَ عَذَارَى بَنَاتِ إِسْمَاعِيلَ ع".
و
فِيهِ" الْحِجْرُ بَيْتُ إِسْمَاعِيلَ وَ فِيهِ قَبْرُ هَاجَرَ وَ قَبْرُ إِسْمَاعِيلَ ع".
و حَجْرُ الإنسان بالفتح و قد يكسر: حضنه، و هو ما دون إبطه إلى الكشح. و منه‏
الْحَدِيثُ" بَيْنَا الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ ع فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ ص".
أي في حضنه. و مِحْجَر العين بالكسر: ما ظهر من النقاب من الرجل و المرأة من الجفن الأسفل، و قد يكون من الأعلى، و عن بعض العرب هو ما دار بالعين من جميع الجوانب و بدا من البرقع، و الجمع المَحَاجِرُ.
 (حدر)
فِي الْحَدِيثِ" إِذَا أَقَمْتَ فَاحْدُرْ إِقَامَتَكَ حَدْراً".
بضم الدال: أي أسرع بها من غير تأن و ترتيل، يقال حَدَرَ الأذانَ و الإقامةَ و القراءةَ حَدْراً من باب قتل أسرع بها، يشهد له‏
قَوْلُهُ ع" الْأَذَانُ تَرْتِيلٌ وَ الْإِقَامَةُ حَدْرٌ".
و روي فاحذر بحاء مهملة و ذال معجمة و هو بمعناه، و عن الزمخشري بخاء معجمة. و حَدَرْتُ الشي‏ءَ من باب قعد: أنزلته. و الحَدُور وزان رسول: الهبوط، و هو المكان ينحدر منه. و الحُدُور بالضم: فعلك، و منه أرض مُنْحَدِرَة.

260
مجمع البحرين3

حدر ص 260

و انْحَدَرَ الماءُ من السحاب و الدمع من العين و تَحَدَّرَ: نزل. و منه‏
الْحَدِيثُ" كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَبِي وَ الْمَاءُ يَنْحَدِرُ عَلَى عَاتِقِهِ".
أي ينزل عليه.
وَ قَوْلُهُ ع" احْدُرْ ذَلِكَ إِلَيْنَا".
أي أرسله إلينا مع رسلك. و" مَحَادِرُ شعر الذقن" بالدال المهملة أول انحدار الشعر عن الذقن، و هو طرفه‏
وَ" حَيْدَرَةُ" اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَسَدِ سُمِّيَ بِهِ عَلِيٌّ ع.
و منه‏
كَلَامُهُ ع حِينَ بَرَزَ إِلَى مَرْحَب فَضَرَبَهُ فَفَلَقَ رَأْسَهُ فَقَتَلَهُ:
أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَه             كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَه‏
أَكِيلُكُمْ بِالسَّيْفِ كَيْلَ السَّنْدَرَه.

قَالَ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ: وَ اخْتُلِفَ فِي وَجْهِ تَسْمِيَتِهِ بِحَيْدَرَةَ عَلَى أَقْوَالٍ: قِيلَ إِنَّهُ اسْمُهُ فِي الْكُتُبِ الْقَدِيمَةِ، وَ قِيلَ إِنَّ أُمَّهُ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَسَدٍ سَمَّتْهُ بِهَذَا الِاسْمِ حِينَ وَلَدَتْهُ وَ كَانَ أَبُوهُ غَائِباً فَسَمِّتْهُ بِاسْمِ أَبِيهَا أَسَدٍ فَقَدِمَ أَبُوهُ فَسَمَّاهُ عَلِيّاً، وَ قِيلَ إِنَّهُ كَانَ يُلَقَّبُ بِهِ فِي صِغَرِهِ لِأَنَّ حَيْدَرَةَ هُوَ الْمُمْتَلِئُ لَحْماً الْعَظِيمُ الْبَطْنِ وَ عَلِيٌّ ع كَانَ كَذَلِكَ.
 (حدبر)
وَ فِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ" اللَّهُمَّ خَرَجْنَا إِلَيْكَ حِينَ اعْتَكَرَتْ عَلَيْنَا حَدَابِيرُ السِّنِينَ".
اعتكرت: أي اختلطت. و الحَدَابِيرُ جمع حِدْبَار بالكسر: و هي الناقة الضامرة التي بدا عظم ظهرها من الهزال، فشبه السنين التي فيها الجدب و القحط بها. قال ذو الرمة:
حَدَابِيرُ ما تنفك إلا مناخة             على الخسف أو نرمي بها بلدا قفرا

و الخَسْفُ: الذل. و البلد القَفْر: المفازة الخالية. و اعترض على قوله‏
" ... إلا مناخة"


فقيل إلا لا يجوز إقحامها هنا كما لا

261
مجمع البحرين3

حدبر ص 261

يجوز" ما زال زيد إلا قائما"، و اعتذر له بأن تنفك هذه ليست ناقصة بل هي بمعنى تنفصل، أي لا تفارق أوطانها إلا مناخة على الخسف و الذل.
 (حذر)
قوله تعالى: خُذُوا حِذْرَكُمْ*
 [4/ 71] أي خذوا طريق الاحتياط و اسلكوه و اجعلوا الحذر ملكة في دفع ضرر الأعداء عنكم. و الحَذَرُ و الحِذْرُ بمعنى واحد كالأثر و الإثر.
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع" الْحِذْرُ السِّلَاحَ".
قال الطبرسي: و هو أصح لأنه أوفق بقياس كلام العرب، و يكون من باب حذف المضاف، أي آلات حذركم و أورد عليه أنه في غير هذه الآية عطف السلاح على الحذر، و هو يقتضي المغايرة. قوله: وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ احْذَرُوا
 [5/ 92] قال المفسر: هذا أمر منه تعالى بالحذر عن المحارم و المناهي و عن بعض المفسرين فاحذروا سخطي، و الحَذَرُ هو امتناع القادر من الشي‏ء لما فيه من الضرر. قوله: وَ إِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ‏
 [26/ 56] و قرئ حَذِرُونَ بالقصر و كسر الذال و ضمها أيضا، و معنى حاذِرُونَ‏
 متأهبون، و معنى حَذِرُونَ خائفون. و رجل حَاذِرٌ و حَذِرٌ: أي محترز متيقظ و قد حَذَرْتُ الشي‏ءَ أَحْذَرُهُ حَذَراً. و الحِذَار بالكسر: المُحَاذَرَة. و حَذَارِ حَذَارِ بمعنى احذر احذر. و" أَعُوذُ بِكَ مِمَّا أَخَافُ وَ أَحْذَرُ" هو تعوذ من وجع و مكروه هو فيه و مما يتوقع حصوله في المستقبل من الحزن و الخوف، فإن الحَذَرَ هو الاحتراز عن مخوف. و المَحْذُورَة: هي الفزع بعينه- قاله الجوهري.
 (حذفر)
الحَذَافِيرُ: الجوانب و النواحي. و أعطاه الدنيا بِحَذَافِيرِهَا: أي بأسرها الواحد حِذْفَار و قيل حُذْفُور.

262
مجمع البحرين3

حذفر ص 262

و منه‏
الْخَبَرُ" الْخَيْرُ بِحَذَافِيرِهِ مِنَ الْجَنَّةِ".
أي بأسره و أجمعه.
 (حرر)
قوله تعالى: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ*
 [4/ 92] أي عتق رقبة، يقال حَرَرْتُ المملوكَ فَحَرَّ: أعتقته فعتق. و الرَّقَبَة: ترجمة عن الإنسان. قوله: نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً
 [3/ 35] أي مخلصا لك مفردا لعبادتك. و منه تَحْرِيرُ الولد و هو أن تفرده لطاعة الله و خدمة المسجد
رُوِيَ أَنَّهَا كَانَتْ عَاقِراً عَجُوزاً، فَبَيْنَمَا هِيَ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ إِذْ رَأَتْ طَائِراً يُطْعِمُ فَرْخَهُ، فَحَنَّتْ إِلَى الْوَلَدِ وَ تَمَنَّتْهُ فَنَذَرَتْ، وَ كَانَ ذَلِكَ النَّذْرُ مَشْرُوعاً عِنْدَهُمْ فِي الْغِلْمَانِ.
و قد مر في" أنث" قصتها حين وضعت مريم. قوله: وَ لَا الظِّلُّ وَ لَا الْحَرُورُ
 [35/ 21] و هو بالفتح كرسول: ريح حارة تهب بالليل. و" الحَرَّةُ" بالفتح و التشديد: أرض ذات أحجار سود. و منه حَرَّةُ المدينة و الجمع حِرَار مثل كلبة و كلاب. و" يوم الحَرَّةِ" معروف، و هو يوم قاتل عسكر يزيد بن معاوية أهل المدينة

263
مجمع البحرين3

حرر ص 263

و نهبهم، و كان المتأمر عليهم مسلم بن عقبة و عقيبها هلك يزيد، قتل فيه خلق كثير من المهاجرين و الأنصار، و كان ذلك في ذي الحجة من سنة ثلاث و ستين من الهجرة. و" حَرَّةُ واقم" بقرب المدينة. و" الحَرَّتَانِ" حَرَّةُ واقم و حَرَّةُ ليلى و منه‏
الْحَدِيثُ" حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ مِنَ الْمَدِينَةِ مِنَ الصَّيْدِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا. قُلْتُ: وَ مَا لَابَتَاهَا؟ قَالَ: مَا أَحَاطَتْ بِهِ الْحِرَارُ".
و الحَرُّ بالفتح و التشديد: ضد البرد، و الحَرَارَة ضد البرودة. و الحِرَّةُ بالكسر و التشديد: العطش. و الحَرَّانُ: العطشان و الأنثى حَرَّى مثل عطشان و عطشى. و منه‏
الْحَدِيثُ" أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ إِبْرَادُ كَبِدٍ حَرَّى" وَ" لِكُلِّ كَبِدٍ حَرَّى أَجْرُ".
و المعنى أن في سقي كل كبد حرى أجر، و قيل أراد بالكبد الحَرَّى حياة صاحبها لأنه إنما يكون كبد حرى إذا كان فيه حياة، و المعنى أن في سقي كل ذي روح من الحيوان أجر. و الحَرُّ: التعب و الشدة. و منه‏
حَدِيثُ فَاطِمَةَ ع" لَوْ أَتَيْتِ النَّبِيَّ ص فَسَأَلْتِ خَادِماً يَقِيكِ حَرَّ مَا أَنْتِ فِيهِ مِنَ التَّعَبِ وَ الْمَشَقَّةِ مِنْ خِدْمَةِ الْبَيْتِ".
لأن الحرارة مقرونة بهما كما أن البرودة مقرونة بالراحة و السكون. و الحُرُّ بالضم: من الطين و الرمل ما خلص من الاختلاط بغيره. و منه‏
الْحَدِيثُ" الطِّينُ الْحُرُّ يُجْعَلُ عَلَى دَمِ الْمَيِّتِ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ".
و الحُرُّ: خلاف العبد، سمي بذلك لخلاصه من الرقية. و الحُرَّة: خلاف الأمة، و الجمع الحَرَائِرُ على غير القياس، لأن قياس فعلة أن يجمع على فعل كغرفة و غرف، و إنما جمعت حُرَّة على حَرَائِر لأنها بمعنى كريمة. و
مِنْهُ" فَلْيَتَزَوَّجِ الْحَرَائِرَ".
قيل لأن الأمة مبتذلة غير مؤدبة فلم تحسن تأديب أولادها بخلاف الحرة.

264
مجمع البحرين3

حرر ص 263

و حَرَّ يَحَرُّ من باب تعب: إذا صار حرا. و سَاقُ حُرٍّ: ذَكَرُ القَمَارِي. و حُرُّ الوجه: ما بدا من الوجنة. و منه" لطمه على حُرِّ وجهه". و قوله:" يستحلون الحِرَ و الخمر" الحِرُ بكسر حاء و خفة راء مهملتين الفرج، و أصله الحرح و الجمع أحراح. و الحَرِيرَة: واحدة الحَرِير من الثياب الإبريسم. و الحَرِيرَة: دقيق يطبخ بلبن، و قيل أن ينصب القدر و يقطع فيها اللحم قطعا صغارا و يصب عليه ماء كثير فإذا نضج ذر عليه الدقيق و عصده، فإن لم يكن فيها اللحم فهي عصيدة.
وَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رُوَيْسٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع يَوْمَ نَحْرٍ فَقَرَّبَ إِلَيْنَا حَرِيرَةً، فَقُلْنَا لَهُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ لِمَ قَرَّبْتَ إِلَيْنَا مِنْ هَذَا الْبَطِّ- يَعْنِي الْإِوَزَّ- فَإِنَّهُ قَدْ كَثُرَ الْخَيْرُ؟ فَقَالَ: يَا ابْنَ رُوَيْسٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ: لَا يَحِلُّ لِخَلِيفَةٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ اللَّهِ إِلَّا قَصْعَتَيْنِ قَصْعَةً يَأْكُلُهَا وَ قَصْعَةً يَضَعُهَا بَيْنَ يَدَيِ النَّاسِ".
و حَرُورَى يقصر و يمد اسم قرية بقرب الكوفة نسب إليها الحَرُورِيَّة بفتح الحاء و ضمها و هم الخوارج، كان أول مجتمعهم فيها تعمقوا في الدين حتى مرقوا منه فهم المارقون. و منه‏
الْخَبَرُ" أَ حَرُورِيَّةٌ أَنْتَ".
بفتح حاء و ضم راء أولى أي خارجية توجبون قضاء صلاة الحيض و تَحْرِيرُ الكتاب و غيره تقويمه.
 (حزر)
في الحديث ذكر الحَزْوَرَة وزان قسورة موضع كان به سوق مكة بين الصفا و المروة قريب من موضع النخاسين معروف، يؤيده‏
قَوْلُ الصَّادِقِ ع" الْمَنْحَرُ مَا بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ وَ هِيَ الْحَزْوَرَةُ".
قيل و إنما سمي حَزْوَرَة لمكان تل هناك صغير.
قَالَ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ مِنْ شُرَّاحِ الْحَدِيثِ: وَجَدْتُ فِي مَجْمَعِ الْأَمْثَالِ أَنَّ وَكِيعَ بْنَ سَلَمَةَ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ إِيَادٍ. كَانَ وَلِيَ أَمْر

265
مجمع البحرين3

حزر ص 265

الْبَيْتِ بَعْدَ جُرْهُمَ فَبَنَى صَرْحاً بِأَسْفَلِ مَكَّةَ وَ جَعَلَ فِيهِ سُلَّماً يَرْقَى فِيهِ وَ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُنَاجِي اللَّهَ فَوْقَ الصَّرْحِ، وَ كَانَ عُلَمَاءُ الْعَرَبِ يَرَوْنَ أَنَّهُ صِدِّيقٌ مِنَ الصِّدِّيقِينَ، وَ كَانَ قَدْ جَعَلَ فِي صَرْحِهِ ذَلِكَ أَمَةً يُقَالُ لَهَا حَزْوَرَة وَ بِهَا سُمِّيَتْ حَزْوَرَةُ مَكَّةَ.
و نقل عن الشافعي أن الناس يشددون الحزورة و الحديبية و هما مخففان. و الحَزْرُ: التقدير و الخرص، و الحَازِرُ الخارص، يقال حَزَرْتُ الشي‏ءَ من بابي ضرب و قتل قَدَّرْته. و منه" حَزَرْتُ النخلَ" إذا خرصته. و" حَزِيرَان" بالرومية اسم شهر قبل تموز.
 (حسر)
قوله تعالى: يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ
 [36/ 30] الآية. قيل هي حسرتهم على أنفسهم في الآخرة و استهزاؤهم بالرسل في الدنيا، و نوديت الحَسْرَة تنبيها للمخاطب على معنى يا حسرة هذا أو أنك التي حقك أن تحضري فيه، أو المعنى أنهم أحقاء أن يتحسر عليهم المتحسرون، و يجوز أن يكون الحَسْرَة من الله على سبيل الاستعارة في تعظيم ما جنوه على أنفسهم و فرط إنكاره. قال الشيخ أبو علي:
وَ رُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع يَا حَسْرَةَ الْعِبَادِ عَلَى الْإِضَافَةِ إِلَيْهِمْ لِاخْتِصَاصِهَا بِهِمْ مِنْ حَيْثُ أَنَّهَا مُوَجَّهَةٌ إِلَيْهِمْ.
قوله: يا حَسْرَتَنا عَلى‏ ما فَرَّطْنا فِيها [6/ 31] قال الشيخ أبو علي: قيل عليه ما معنى دعاء الحَسْرَة، و هي مما لا يعقل؟ أجيب بأن العرب إذا اجتهدت في المبالغة في الإخبار عن أمر عظيم جعلته نداء، مثل يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ
 و يا حَسْرَتَنا
 و يا وَيْلَنا*، قال و هذا أبلغ من أنا أحسر على التفريط. و حكي عن سيبويه أنك إذا قلت يا عجبا فكأنك قلت احضر يا عجب فإنه من أزمانك و الضمير في فيها قيل هو راجع إلى الدنيا، أي على ما تركنا و ضيعنا في الدنيا من تقديم أعمال الآخرة، و قيل إن الهاء تعود إلى الساعة أي على ما فرطنا في العمل للساعة و التقدم لها، و قيل تعود إلى الجنة أي في‏

266
مجمع البحرين3

حسر ص 266

طلبها و العمل لها.
وَ الْمَرْوِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ ص فِي هَذِهِ الْآيَةِ يَرَى أَهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ فَيَقُولُونَ يا حَسْرَتَنا
.
قوله: يَسْتَحْسِرُونَ‏
 [21/ 19] أي لا يتعبون و لا يفترون و لا يجعل لهم إعياء، من قولهم حَسَرَ كضرب يَحْسِرُ حُسُوراً: إذا أعيا و كل و انقطع. قوله: فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً
 [17/ 29] أي تلام على إتلاف مالك و محسورا منقطعا عن النفقة، بمنزلة الجمل الحَسِيرِ الذي حَسَرَهُ السفر أي ذهب بلحمه و قوته فلا انبعاث به‏
وَ فِي الْحَدِيثِ" الإِحْسَارُ الْفَاقَةُ".
و قيل المَحْسُورُ ذو الحسرة على ذهاب ماله. قوله: كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ‏
 [2/ 167]
قِيلَ هُوَ الرَّجُلُ يَدَعُ مَالَهُ لَا يُنْفِقُهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ بُخْلًا ثُمَّ يَمُوتُ فَيَدَعُهُ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مَعْصِيَتِهِ، فَإِنْ عَمِلَ فِيهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ رَآهُ فِي مِيزَانِ غَيْرِهِ فَرَآهُ حَسْرَةً وَ قَدْ كَانَ الْمَالُ لَهُ، وَ إِنْ عَمِلَ بِهِ فِي مَعْصِيَتِهِ فَقَدْ قَوَّاهُ بِذَلِكَ الْمَالِ حَتَّى عَمِلَ فِيهِ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ.
و الحَسْرَةُ: هي أشد الندامة و الاغتمام على ما فات، و لا يمكن ارتجاعه. و منه قوله تعالى: يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ‏
 [6/ 31]. قوله: وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ [19/ 39] الآية.
قَالَ: يُنَادِي مُنَادٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا صَارَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ وَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ وَ يَا أَهْلَ النَّارِ هَلْ تَعْرِفُونَ الْمَوْتَ فِي صُورَةٍ مِنَ الصُّوَرِ؟ فَيَقُولُونَ: لَا. فَيُؤْتَى بِالْمَوْتِ فِي صُورَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ فَيُوقَفُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ ثُمَّ يُنَادُونَ جَمِيعاً: أَشْرِفُوا وَ انْظُرُوا إِلَى الْمَوْتِ، فَيُشْرِفُونَ وَ يَنْظُرُونَ ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ بِهِ فَيُذْبَحُ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ أَبَداً وَ يَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ أَبَداً.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" يَا لَهَا

267
مجمع البحرين3

حسر ص 266

حَسْرَةً عَلَى ذِي غَفْلَةٍ".
قال بعض الشارحين: حَسْرَةً نصب على التمييز للمتعجب منه المدعو و اللام في لها للاستغاثة، كأنه قال يا للحسرة على الغافلين ما أكثرك. و قيل لام الجر فتحت لدخولها على الضمير، فالمنادى محذوف أي يا قوم أدعوكم لها حسرة.
وَ فِي حَدِيثِ الْوُضُوءِ" فَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ".
أي كشف عنهما. و الانْحِسَارُ: الانكشاف، و منه حَسَرَتِ المرأةُ عن ذراعها من باب ضرب كشفته. و منه حَسَرْتُ العمامة عن رأسي و الثوب عن بدني و الإزار عن فخذي.
وَ فِي الْحَدِيثِ" ادْعُوا اللَّهَ وَ لَا تَسْتَحْسِرُوا".
أي لا تملوا، و هو استفعال من حَسَرَ إذا أعيا و تعب. و
مِنْهُ" غَيْر مُسْتَكْبِرٍ وَ لَا مُسْتَحْسِرٍ".
في حديث الركوع، أي لا أجد في الركوع تعبا و لا كللا و لا مشقة بل أجد راحة و لذاذة. و التَّحَسُّرُ: التلهف.
وَ فِي الْحَدِيثِ" ذَكَرَ وَادِي مُحَسِّرٍ".
بكسر السين و تشديدها، و هو واد معترض الطريق بين جمع و منى، و هو إلى منى أقرب، و هو حد من حدودها سمي بذلك لما
قِيلَ إِنَّ فِيهِ أَبْرَهَةَ أَعْيَى وَ كَلَّ فِيهِ فَحَسَّرَ أَصْحَابَهُ بِفِعْلِهِ وَ أوقعهم فِي الْحَسَرَاتِ.
 (حشر)
قوله تعالى: وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً
 [18/ 47] أي جمعناهم، و الحَشْرُ الجمع بكثرة مع سوق. و منه قوله تعالى: يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ‏
 [25/ 18]. قوله لِأَوَّلِ الْحَشْرِ
 [59/ 2] أي أول من حُشِرَ و أخرج من داره و هو الجلاء، و عن الأزهري هو أول من حشر إلى الشام يحشر إليها يوم القيامة.
نُقِل‏

268
مجمع البحرين3

حشر ص 268

أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي إِجْلَاءِ بَنِي النَّضِيرِ مِنَ الْيَهُودِ، وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ أُخْرِجَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، فَجَلَوْا إِلَى الشَّامِ إِلَى أَرِيحَا وَ أَذْرِعَاتٍ، وَ هَذَا أَوَّلُ حَشْرِهِمْ وَ آخِرُ حَشْرِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لِأَنَّ الْمَحْشَرَ يَكُونُ بِالشَّامِ.
قوله: وَ حُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الطَّيْرِ
 [27/ 17] الآية. أي جمع له ذلك، فكان إذا خرج إلى مجلسه عكف عليه الطير و قام الجن و الإنس حتى يجلس على السرير، و كان لا يسمع بملك في ناحية الأرض إلا أذله و أدخله في دين الإسلام.
وَ كَانَ عَسْكَرُ سُلَيْمَانَ فِيمَا نُقِلَ مِائَةَ فَرْسَخٍ خَمْسَةٌ وَ عِشْرُونَ مِنَ الْإِنْسِ وَ خَمْسَةٌ وَ عِشْرُونَ مِنَ الْجِنِّ وَ خَمْسَةٌ وَ عِشْرُونَ مِنَ الطَّيْرِ وَ خَمْسَةٌ وَ عِشْرُونَ مِنَ الْوَحْشِ.
وَ يُرْوَى أَنَّهُ أُخْرِجَ مَعَ سُلَيْمَانَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ كُرْسِيٍّ عَنْ يَمِينِهِ وَ شِمَالِهِ وَ أَمَرَ الطَّيْرَ أَظَلَّتْهُمْ وَ أَمَرَ الرِّيحَ فَحَمَلَتْهُمْ حَتَّى وَرَدَتْ بِهِمْ مَدَائِنَ كِسْرَى، ثُمَّ رَجَعَ فَبَاتَ فِي فَارِسَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: هَلْ رَأَيْتُمْ مُلْكاً أَعْظَمَ مِنْ هَذَا أَوْ سَمِعْتُمْ. قَالُوا: لَا، فَنَادَى مَلَكٌ فِي السَّمَاءِ تَسْبِيحَةٌ فِي اللَّهِ أَعْظَمُ مِمَّا رَأَيْتُمْ.
قوله: وَ إِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ‏
 [81/ 5] أي جمعت. قوله: وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ إلى قوله ثُمَّ إِلى‏ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ‏
 [6/ 38] اختلف أهل العلم في حَشْرِ البهائم و الوحش و الطير، فقيل حَشْرُ كل شي‏ء الموت غير الجن و الإنس فإنهما يوافيان القيامة، و إليه ذهب أبو الحسن الأشعري لأنها غير مكلفة، و ما ورد من الأخبار فعلى سبيل المثل و الإخبار على شدة التفصي في الحساب، و أنه لا بد أن يقتص للمظلوم من الظالم قال و الجمهور منهم الجميع يحشرون و يبعثون حتى الذباب و يقتص بعضها من بعض، فيقتص للجماء من القرناء مع احتمال أنها تعقل هذا القدر في دار الدنيا، و هذا جار على مقتضى العقل و النقل لأن‏

269
مجمع البحرين3

حشر ص 268

البهيمة تعرف النفع و الضر و تنفر من العصا و تقبل إلى العلف و ينزجر الكلب إذا انزجر و إذا اشتلى لبى و الطير و الوحش تنفر من الجوارح استدفاعا لشرها. و القرآن الكريم يدل على الإعادة، و كذا كثير من الأخبار من الفريقين، و يشهد لذلك أن كل واحد من الحيوانات يعرف أربعة أشياء: يعرف من خلقه، و يعرف ما يضره و ينفعه، و يعرف الذكر الأنثى و الأنثى الذكر، و يعرف الموت.
وَ قَوْلُهُ ع" لَوْ تَعْلَمُ الشَّاةُ مَا تَعْلَمُونَهُ مِنَ الْمَوْتِ مَا أَكَلْتُمْ مِنْهَا سَمِيناً".
يريد المعرفة التامة لا مطلق المعرفة. و" المَحْشِرُ" بفتح الميم و كسر الشين موضع الحشر، و هو المَحْشَرُ بالفتح، يقال حَشَرَهُمْ حَشْراً من باب قتل جمعهم، و من باب ضرب لغة. و حَشْرُ الأجساد: هو عبارة عن جمع أجزاء بدن الميت و تأليفها مثل ما كانت و إعادة روحه المدبرة إليه كما كان، و لا شك في إمكانه و الله تعالى قادر على كل ممكن عالم بالجزئيات، فيعيد الجزء المعين للشخص المعين، و لما كان حَشْرُ الأجساد حقا وجب أن لا تعدم أجزاء المكلفين و أرواحهم بل يتبدل التأليف و المزاج، لما تقرر فيما بينهم أن إعادة المعدوم محال و إلا لزم تخلل العدم في وجود واحد، فيكون الواحد اثنين. و" الحَاشِرُ" من أسماء النبي ص، و هو الذي يحشر الناس خلفه ممن هو على دينه و ملته. و في الحديث ذكر حَشَرَاتِ الأرض و هي صغار دواب الأرض كاليرابيع و القنافذ و نحوها. و قيل هي هوام الأرض مما لا اسم له، واحدها حَشَرَة بالتحريك. و في حياة الحيوان الحَشَرَات صغار دواب الأرض و صغار هوامها، فمنها الحيات و الجرذان و اليربوع و الضب و القنفذ و العقرب و الخنفساء و النمل و الحلم و نحو ذلك مما لا يحتاج إلى الماء و لا يشم النسيم.
 (حصر)
قوله تعالى: سَيِّداً وَ حَصُورا

270
مجمع البحرين3

حصر ص 270

 [3/ 39] الحَصُورُ قيل هو الذي لا يأتي النساء أي لا يشتهين، و منه‏
حَدِيثُ الْقِبْطِيِّ الَّذِي أَمَرَ النَّبِيُّ ص عَلِيّاً بِقَتْلِهِ فَإِذَا هُوَ حَصُورٌ.
و قيل هو المبالغ في حصر النفس عن الشهوات و الملاهي. و الحَصْرُ: الضيق و الانقباض، قال الله تعالى: أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ‏
 [4/ 90] أي ضاقت و انقبضت. قال الجوهري الكوفيون و الأخفش أجازوا في الفعل الماضي أن يكون حالا و لم يجوزه سيبويه إلا مع قد، و جعل حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ‏
 على جهة الدعاء عليهم. قوله: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ‏
 [2/ 196] أي إن منعتم من السير، من أَحْصَرَهُ المرض: منعه من السفر أو من حاجة يريدها. و
مِنْهُ" رَجُلٌ أُحْصِرَ مِنَ الْحَجِّ".
أي منع بمرض و نحوه. و الإِحْصَارُ عند الإمامية: يختص بالمرض و الصَّدُّ بالعدو و ما ماثله، و إن اشترك الجميع بالمنع من بلوغ المراد. قوله: احْصُرُوهُمْ‏
 [9/ 5] أي امنعوهم من التصرف و احبسوهم، من الحَصْرِ: الحبس و المنع. و الحَصِيرُ: السجن و المحبس، قال تعالى: وَ جَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً
 [17/ 8].
وَ فِي الْحَدِيثِ" هَلَكَ المحاصير [الْمَحَاضِيرُ] وَ نَجَا الْمُقَرَّبُونَ. قُلْتُ: وَ مَا المحاصير [المَحَاضِيرُ]؟ قَالَ: الْمُسْتَعْجِلُونَ".
و الحَصِيرُ: ما اتخذ من سعف النخل قدر طول الرجل و أكثر منه، و الجمع حُصُر و تضم الصاد و تسكن تخفيفا. و الحَصْرُ: العي، يقال حَصِرَ الرجل يَحْصَرُ حَصْراً من باب تعب: عيي. و الحَصْرُ: العَدُّ و الحفظ، يقال حَصَرْتُ كلامك أي حفظته. و منه قوله" إن كان الوقت مَحْصُوراً فكذا" أي محفوظا من زيادة و نقصان. و الإحصار [الإِحْضَارُ]: العدو و منه حصر [حَضْرُ] الجواد.

271
مجمع البحرين3

حضجر ص 272

 (حضجر)
الحَضَاجِرُ اسم للذكر و الأنثى من الضباع، سميت بذلك لسعة بطنها.
 (حضر)
قوله تعالى: وَ أُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَ‏
 [4/ 128] و معنى إِحْضَارِهَا إياه كونها مطبوعة عليه، فلا تكاد تسمح المرأة بالإعراض عنها و التقصير في حقها و لا الرجل بالإمساك لها و الإنفاق عليها مع كراهيته لها، و تمام البحث يطلب مما تقدم في شحح. قوله: كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ
 [54/ 28] أي محضور يحضره أهله لا يحضر الآخر معه، و قيل يَحْضُرُونَ الماءَ في نوبتهم و اللَّبَنَ في نوبتها. قوله: فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ*
 [37/ 158] أي إنهم في ذلك الذي نسبوه إلى الله تعالى كاذبون محضرون النار معذبون بما يقولون. قوله: وَ أَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ‏
 [23/ 98] أي تصيبني الشياطين بسوء. و في الحديث ذكر الاحْتِضَار و هو السوق، سمي به قيل لحضور الموت و الملائكة الموكلين به و إخوانه و أهله عنده. و فلان مُحْتَضَرٌ: أي قريب من الموت. و
مِنْهُ" إِذَا احْتُضِرَ الْإِنْسَانُ وُجِّهَ".
يعني جهة القبلة. و الاحْتِضَارُ: الموت، يقال احْتُضِرَ القومُ بالحاء غير المعجمة: إذا ماتوا، أما بالمعجمة فهو للشبان خاصة، يقال اخْتَضَرَ فلانٌ: إذا مات شابا. و الحَضَرُ بفتحتين: خلاف البدو، و الحَاضِرُ خلاف البادي. و منه‏
الْحَدِيثُ" لَا يَبِيعَنَّ حَاضِرٌ لِبَادٍ".
أي المقيم في المدن و القرى للمقيم في البادية. قيل و المنهي عنه أن يأتي بالبدوي و عنده القوت يبتغي التسارع إلى بيعه رخيصا فيقول له الحضري اتركه عندي لأغالي في بيعه، فهذا الصنع محرم لما فيه من الإضرار بالغير و البيع إذا كانت السلعة مما تعم الحاجة إليها كالأقوات، و إن كانت لا تعم و استغنى عنه ففي التحريم توقف.

272
مجمع البحرين3

حضر ص 272

و المَحْضَرُ: المشهد، يقال كان ذلك بِمَحْضَرِ فلان و بِمَحْضَرِ القاضي أي بمشهده. و فلان حَسَنُ المَحْضَرِ: إذا كان يذكر الغائب بذكر جميل. و فلان حَاضِرٌ بموضع كذا: أي مقيم به. و قوم حُضُورٌ: أي حاضرون و حَضَرْتُ مجلسَ القاضي من باب قعد: شهدته.
وَ فِي حَدِيثِ الْوَسِيلَةِ" مَا بَيْنَ الْمِرْقَاةِ حُضْرُ الْفَرَسِ".
أي عدوها. و الحُضْرُ بالضم: العدو، من قولهم أَحْضَرَ الفرسُ إذا عدا.
وَ فِي الْخَبَرِ" كُفِّنَ النَّبِيُّ ص بِثَوْبَيْنِ حَضُورِيَّيْنِ".
هما نسبة إلى حَضُور قرية باليمن. و" حَضْرَمَوْتُ" واد دون اليمن أرسل الله فيه سيلا على أناس من أهل الفيل أفلتوا من طير أبابيل فهلكوا فسمي حضرموت حين ماتوا فيه، و في هذا الوادي بئر يقال لها" بئر برهوت" تردها هام الكفار. قال الجوهري في حَضْرَمَوْت: هما اسمان جعلا واحدا، إن شئت بنيت الاسم الأول على الفتح و أعربت الثاني بإعراب ما لا ينصرف و قلت هذا حضرموتُ، و إن شئت أضفت الأول إلى الثاني فقلت هذا حضرموتٍ أعربت حضرا و خفضت موتا، و كذا القول في سام أبرص.
 (حظر)
قوله تعالى: وَ ما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً
 [17/ 20] أي ممنوعا، من الحَظْرِ: المنع. قوله: كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ
 [54/ 13] المُحْتَظَرُ هو الذي يعمل الحَظِيرَة، و هي التي تعمل للإبل من شجر تقيها البرد و الحر، و الجمع حِظَار مثل كريمة و كرام. قال الجوهري: فمن كسر جعله الفاعل و من فتح جعله المفعول، و منه‏
حَدِيثُ الْمَوْلَى إِذَا امْتَنَعَ مِنَ الطَّلَاقِ" كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَجْعَلُهُ فِي حَظِيرَةٍ مِنْ قَصَبٍ يَحْبِسُهُ فِيهَا".
وَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ص‏

273
مجمع البحرين3

حظر ص 273

" الثَّابِتُ عَلَى سُنَّتِي مَعِي فِي حَظِيرَةِ الْقُدْسِ".
أي في الجنة. و مثله‏
" لَا يَلِجُ حَظِيرَةَ الْقُدْسِ مُدْمِنُ الْخَمْرِ".
و حَظِيرَةُ المحاريب: بيت المقدس في القديم. و المَحْظُورُ: المحرم. و الحَظْرُ: الحجر، و هو خلاف الإباحة.
وَ فِي حَدِيثِ الْمَعِيشَةِ" مَنْ آجَرَ نَفْسَهُ فَقَدْ حَظَرَ عَلَى نَفْسِهِ الرِّزْقَ".
أي منع، من قوله حَظَرْتُهُ حَظْراً من باب قتل: منعته.
وَ فِي الْحَدِيثِ" وَصَّى بِنَاقَتِهِ أَنْ يُحْظَرَ لَهَا حِظَاراً".
الحِظَار بالكسر مثل الحظيرة تعمل للإبل كما تقدم.
 (حفر)
قوله تعالى: إِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ
 [79/ 10] أي إلى أمرنا الأول و هو الحياة، يقال رجع على حَافِرَتِهِ: أي على الطريق الذي جاء منه، و قيل الحَافِرَة يعني الأرض المَحْفُورَة كعيشة راضية، أي نرد أحياء ثم نموت ثم نقبر في الأرض. و" الحُفْرَةُ" بالضم فالسكون واحدة الحُفَر كغرفة و غرف، و منه قولهم" مَنْ حَفَرَ حُفْرَةً وقع فيها".
وَ فِي حَدِيثِ الْمَيِّتِ" نُؤَدِّيكَ إِلَى حُفْرَتِكَ".
يعني إلى قبرك. و حَفَرْتُ الأرض من باب ضرب، و الحَافِرُ واحد حَوَافِر الدابة و حَافِر الفرس و الحمار، مشتق من حفر الأرض‏
وَ فِي الْحَدِيثِ" الرِّهَانُ فِي الْحَافِرِ".
و الحَفَرُ بالتحريك: التراب يستخرج من الحفرة. و الحَفْرُ: صفرة تعلو الأسنان، و منه قولهم" في أسنانه حَفْرٌ" أي صفرة و بنو أسد نقلا عنهم يقولون في" أسنانه حَفَرٌ" بالتحريك. و حَفَرَتْ أسنانُه حَفْراً من باب ضرب و في لغة حَفَراً بالتحريك من باب تعب: إذا فسدت أصولها. و" الحَفِرُ" بفتح الحاء و كسر الفاء:

274
مجمع البحرين3

حفر ص 274

نهر بالأردن، أما بضم حاء و فتح فاء منزل يقرب من ذي الحليفة. و" حَفَرُ أبي موسى" بفتح الحاء و الفاء ركايا يعني آبار احتفرها على جادة البصرة إلى مكة.
 (حقر)
فِي الْحَدِيثِ" اتَّقُوا الْمُحَقَّرَاتِ مِنَ الذُّنُوبِ".
و هي أن يذنب الرجل بذنب فيقول طوبى لي لو لم يكن لي غير ذلك و ذلك بأن من استصغر ذنبه استحوذ عليه الشيطان، و أراد بِالْمُحَقَّرَاتِ الصغائر من الذنوب. و الحَقِيُر: الصغير الذليل، يقال حَقَرَ الشي‏ءُ كضرب و كرم: هان قدره و لا يعبأ به. و الحقَارَةُ مثلثة و الحُقْرَةُ مثل الغرفة. و احْتَقَرَهُ و اسْتَحْقَرَهُ: أذله. و التَّحْقِيرُ: التصغير.
 (حكر)
فِي الْحَدِيثِ" لَأَنْ يَلْقَى اللَّهَ الْعَبْدُ سَارِقاً أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ وَ قَدِ احْتَكَرَ الطَّعَامَ".
و هو أن يشتريه و يحبسه إرادة الغلاء. و
فِيهِ" الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ وَ الْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ".
و قد اختلف الفقهاء في معنى الاحْتِكَار، و فسر في الحديث حبسه في الخصب أربعين يوما و في الشدة و البلاء ثلاثة أيام. و" الحُكْرَة" بالضم الاسم من الاحتكار، و
مِنْهُ" نَهَى عَنِ الْحُكْرَةِ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَنَّهُ ع مَرَّ بِالْمُحْتَكِرِينَ فَأَمَرَ بِحُكْرَتِهِمْ أَنْ تُخْرَجَ إِلَى بَطْنِ الْأَسْوَاقِ حَيْثُ تَنْظُرُ الْأَبْصَارُ إِلَيْهَا".
و
فِيهِ" لَيْسَ الْحُكْرَةُ إِلَّا فِي الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِيرِ وَ التَّمْرِ وَ الزَّبِيبِ وَ السَّمْنِ وَ الزَّيْتِ".

275
مجمع البحرين3

حمر ص 276

 (حمر)
قوله تعالى: حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ
 [74/ 50] الحُمُر بضمتين جمع حِمَار، يقال للوحشي و غيره، و يجمع أيضا على حمير. قال تعالى: وَ الْخَيْلَ وَ الْبِغالَ وَ الْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها
 [16/ 8] و يجمع على أَحْمِرَة، و ربما قالوا للأتان حِمَارَة، و تصغير الحِمَار حُمَيِّر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَا أُحِبُّ بِذُلِّ نَفْسِي حُمْرَ النَّعَمِ".
هي بضم حاء و سكون ميم الإبل الحمر، و هي أنفس أموال النعم و أقواها و أجلدها، فجعلت كناية عن خير الدنيا كله. و
فِيهِ" بُعِثْتُ إِلَى الْأَحْمَرِ وَ الْأَسْوَدِ".
يريد إلى العرب و العجم، لأن الغالب على العجم الحمرة و البياض و على العرب السمرة و الأدمة، و قيل أراد الجن و الإنس، و قيل أراد بِالْأَحْمَرِ الأبيض مطلقا. و
فِيهِ" الْفَقْرُ هُوَ الْمَوْتُ الْأَحْمَرُ".
يعني القتل لما فيه من حمرة الدم، أو لشدته يقال موتٌ أَحْمَرُ أي شديد. و
مِنْهُ" سَتَلْقَى أُمَّتِي مَوْتاً أَحْمَرَ".
أي شديدا، و كثيرا ما يطلقون الشدة على الحُمْرَةِ، و منه" سَنَةٌ حَمْرَاءُ" أي شديدة. و" أَهْلَكَ الرِّجَالَ الْأَحْمَرَانِ" يريد اللحم و الخمر، كما يقال الأَصْفَرَان للذهب و الزعفران، و الأَبْيَضَان للماء و اللبن، و الأَسْوَدَان للتمر و الماء. و الحَمَرُ بالتحريك: داء يعتري الدابة من أكل الشعير. و الحُمَّرُ بالضم و التشديد: ضرب من الطير كالعصفور، الواحدة حُمَّرَة. و حَمَارَّةُ القيظ بتشديد الراء لا غير: شدة حره، و ربما خففت لضرورة الشعر.
وَ قَوْلُهُ ع لِرَجُلٍ" اسْكُتْ يَا ابْنَ حَمْرَاءِ الْعِجَانِ".
يريد يا ابن الأمة و العِجَانُ ما بين القبل و الدبر، و هي كلمة تقال عند السب. و الأَحْمَرُ: لون معروف. و" أَحْمَرُ ثمود" لقب قدار بن سالف عاقر ناقة صالح.
وَ فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ ع لِلْحُسَيْنِ ع" وَ اعْلَمْ أَنَّهُ سَيُصِيبُنِي مِنَ الْحُمَيْرَاءِ مَا يَعْلَمُ النَّاسُ مِنْ صَنِيعِهَا

276
مجمع البحرين3

حمر ص 276

وَ عَدَاوَتِهَا لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ".
أراد بِالْحُمَيْرَاءِ عائشة بنت أبي بكر زوجة رسول الله ص سميت بذلك لبياضها و صنيعها ركوبها على بغلة و نهيهم عن دفن الحسن ع كما صنعت في يوم الجمل، و قد نبه على ذلك قول من قال:
تجملت تبغلت             و لو شئت تفيلت‏
لك التسع من الثمن             و بالكل تحيزت‏

وَ فِي حَدِيثِ يَعْقُوبَ السَّرَّاجِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ هُوَ وَاقِفٌ عَلَى رَأْسِ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى وَ هُوَ فِي الْمَهْدِ، فَجَعَلَ يُسَارُّهُ- يَعْنِي يُنَاجِيهِ يُقَالُ سَارَّهُ فِي أُذُنِهِ وَ تَسَارُّوا تَنَاجَوْا- فَجَلَسْتُ حَتَّى فَرَغَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ لِي: ادْنُ مِنْ مَوْلَاكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ بِلِسَانٍ فَصِيحٍ ثُمَّ قَالَ لِي: اذْهَبْ فَغَيِّرِ اسْمَ ابْنَتِكَ الَّتِي سَمَّيْتَهَا أَمْسِ فَإِنَّهُ اسْمٌ يُبْغِضُهُ اللَّهُ، وَ كَانَ وُلِدَ لِي ابْنَةٌ سَمَّيْتُهَا بِالْحُمَيْرَاءِ. فَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع: انْتَهِ إِلَى أَمْرِهِ تَرْشُدْ، فَغَيَّرْتُ اسْمَهَا.
و" حِمْيَر" بكسر الحاء و سكون الميم و فتح الياء المثناة أبو قبيلة من اليمن، كان منهم الملوك في الزمن القديم. و السيد إسماعيل بن محمد الحِمْيَرِيُّ بالمهملة المكسورة و الميم الساكنة و الياء المنقطة تحتها نقطتين بعدها راء مهملة ثقة جليل القدر عظيم المنزلة و الشأن من شعراء أهل البيت، و قد أطنب ابن شهر آشوب في ذكره، و هو القائل:
لأم عمرو باللوى مربع‏


وَ فِي حَدِيثِ فُضَيْلٍ الرَّسَّانِ وَ قَدْ أَنْشَدَ قَصِيدَةً لِأُمِّ عَمْرٍو بِحَضْرَةِ الصَّادِقِ ع، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْإِنْشَادِ قَالَ لَهُ ع: مَنْ قَالَ هَذَا الشِّعْرَ؟ قُلْتُ: السَّيِّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحِمْيَرِيُّ. فَقَالَ: رَحِمَهُ اللَّهُ فَقُلْتُ: إِنِّي رَأَيْتُهُ يَشْرَبُ النَّبِيذَ. فَقَالَ: رَحِمَهُ اللَّهُ. فَقُلْتُ: إِنِّي رَأَيْتُهُ يَشْرَبُ نَبِيذَ الرُّسْتَاقِ. قَالَ: تَعْنِي الْخَمْرَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: رَحِمَهُ اللَّهُ وَ مَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ أَنْ يَغْفِرَ لِمُحِبِّ عَلِيٍّ-.
انتهى و مما ذكرناه يعلم ضعف ما جاء فيه‏

277
مجمع البحرين3

حمر ص 276

من القدح مع إمكان تأويله.
وَ عَنِ الشَّيْخِ الْمُفِيدِ قَالَ: كَانَ الِانْحِرَافُ شَائِعاً فِي حِمْيَرَ- يَعْنِي قَبِيلَةَ السَّيِّدِ الْحِمْيَرِيِّ- عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَاشِياً، فَقَدْ رُوِيَ فِي الْأَخْبَارِ أَنَّ دَاخِلًا دَخَلَ عَلَى السَّيِّدِ فِي غُرْفَةٍ لَهُ فَقَالَ السَّيِّدُ: لَقَدْ لُعِنَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي هَذِهِ الْغُرْفَةِ كَذَا وَ كَذَا سَنَةً، وَ كَانَ وَالِدَايَ يَلْعَنَانِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ كَذَا وَ كَذَا مَرَّةً ... إِلَى أَنْ قَالَ: لَكِنَّ الرَّحْمَةَ غَاصَتْ عَلَيَّ غَوْصاً فَاسْتَنْقَذَتْنِي.
و اليَحْمُورُ بالفتح: حمار الوحش، و ربما قيل له الفَرَا و العَيْرُ أيضا، و هو شديد الغيرة على ما نقل فلذلك يحمي عانته الدهر كله. و من عجيب أمره على ما حكي أن الأنثى إذا ولدت ذكرا كدم الفحل خصييه، فلذلك الأنثى تعمل الحيلة في الهرب منه حتى تسلم.
 (حور)
قوله تعالى: حُورٌ عِينٌ*
 [56/ 22] الحُورُ جمع حَوْرَاء- بالفتح و المد- و هي الشديدة بياض العين في شدة سوادها، سميت بذلك لأن الطرف- أي العين- يحار بها. و عن ابن أبي عمرو و الحَوَرُ أن تسود العين كلها مثل أعين الظباء و البقر. قال: و ليس في بني آدم حَوَرٌ، و إنما قيل للنساء حُورُ العيون لأنهن شبهن بالظباء و البقر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْحُورُ الْعِينُ خُلِقْنَ مِنْ تُرْبَةِ الْجَنَّةِ النُّورَانِيَّةِ وَ يُرَى مُخُّ سَاقَيْهَا مِنْ وَرَاءِ سَبْعِينَ حُلَّةً".
قوله: قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ*
 [3/ 52] الحَوَارِيُّون: هم صفوة الأنبياء الذين خلصوا و أخلصوا في التصديق بهم و نصرتهم، و قيل سموا حَوَارِيِّينَ لأنهم كانوا قَصَّارين يُحَوِّرُونَ الثياب أي يقصرونها و ينقونها من الأوساخ و يبيضونها، من الحَوَرِ و هو البياض الخالص. و عن بعض الأعلام أنهم لم يكونوا قصارين على الحقيقة، و إنما أطلق الاسم عليهم رمزا إلى أنهم كانوا ينقون نفوس الخلائق من الأوساخ الذميمة و الكدورات و يرقونها إلى عالم النور من عالم الظلمات.
وَ عَنِ الرِّضَا ع وَ قَدْ سُئِلَ لِمَ سُمِّيَ الْحَوَارِيُّونَ الْحَوَارِيِّينَ؟ قَالَ:" أَمَّا

278
مجمع البحرين3

حور ص 278

عِنْدَ النَّاسِ فَإِنَّهُمْ سُمُّوا الْحَوَارِيِّينَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُقَصِّرُونَ الثِّيَابَ مِنَ الْوَسَخِ بِالْغَسْلِ، وَ أَمَّا عِنْدَنَا فَإِنَّهُمْ كَانُوا مُخْلِصِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ وَ مُخَلِّصِينَ لِغَيْرِهِمْ مِنْ أَوْسَاخِ الذُّنُوبِ".
قال بعض الأفاضل: أصل هذا الاسم لأصحاب عيسى ع المختصين به، و كانوا اثني عشر منهم ألوقا و مرقالونين و يوحنا و منا و منهم رسل عيسى ع إلى أهل الطائف، و قوله: إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ قيل هما شمعون و يحيى، و شمعون هو رأس الحَوَارِيِّينَ، و الثالث قيل قولس و قيل و يونس و قيل الرسولان صادق و صدوق ثم صار هذا الاسم مستعملا فيما أشبههم من المصدقين. قوله: إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ
 [84/ 14] أي ظن لن يرجع و لن يبعث. و يَحُورُ: يرجع، من حَارَ يَحُورُ: إذا رجع. قال الشيخ أبو علي: إن من عصى و سر بمعصيته فقد ظن أنه لا يرجع إلى البعث فارتكب المآثم و انتهك المحارم، بل ليحورن و ليبعثن و ليس الأمر على ما ظنه إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً. قوله: وَ اللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما
 [58/ 1] أي مراجعتكما القول. قوله: وَ هُوَ يُحاوِرُهُ*
 [18/ 34] أي يخاطبه. و التَّحَاوُرُ: التجاوب. و المُحَاوَرَةُ: المجاوبة، يقال تَحَاوَرَ الرجلان إذا رد كل منهما على صاحبه. و منه ناظرته و حاورته.
وَ فِي الْحَدِيثِ" دَعْ مُحَاوَرَاتِ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ".
أي دع الخوض معه في الكلام.
وَ فِي حَدِيثِ تَكْبِيرَاتِ الِافْتِتَاحِ" فَلَمْ يُحِرِ الْحُسَيْنُ ع".
بالحاء و الراء المهملتين أي لم يرد جوابا، يقال كلمته فما أَحَارَ جوابا.
وَ فِي الدُّعَاءِ" نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ".
أي من الرجوع إلى النقصان بعد الزيادة و التمام، و قيل من فساد أمورنا بعد صلاحها كانتقاض العمامة بعد

279
مجمع البحرين3

حور ص 278

استقامتها على الرأس، من قولهم حَارَ عمامته: نقضها. و الحُورُ: الهلاك جمع حَائِر، و منه قول العجاج:
في بئر لا حُورٍ سَرَى و ما شَعَر             بإفكه حتى رأى الصبحَ جَشَر

أي في بئر هلاك سرى، و لا زائدة يصف فاسقا أو كافرا. و في الحديث ذكر الحُوَارِ بالضم و هو ولد الناقة و لا يزال حُوَاراً حتى ينفصل، فإذا فصل عن أمه فهو فَصِيل أي مفصول. و عن سعد بن عبد الله ابن أبي خلف الثقة الجليل في أسنان الإبل: أول ما تطرحه أمه إلى تمام السنة حُوَارٌ، فإذا دخل في الثانية سمي ابن مخاض لأن أمه قد حملت عليه، فإذا دخل في الثالثة سمي ابن لبون، و ذلك لأن أمه قد وضعت فصار لها لبن، فإذا دخل في الرابعة سمي حِقّاً و الأنثى حِقَّة لأنه استحق أن يحمل عليه، فإذا دخل في الخامسة سمي جَذَعاً، و إذا دخل في السادسة سمي ثَنِيّاً لأنه قد ألقى ثنيته، فإذا دخل في السابعة فقد ألقى رباعيته و سمي رَبَاعِيّاً، فإذا دخل في الثامنة ألقى السن التي بعد الرباعية و سمي سَدِيساً، و إذا دخل في التاسعة فطر نابه و سمي بَازِلًا، فإذا دخل في العاشرة فهو مُخْلِفٌ و ليس بعد هذا اسم. و المِحْوَر بكسر الميم: العود الذي تدور عليه البكرة.
 (حير)
قوله تعالى: حَيْرانَ‏
 [6/ 71] أي حائر، من حَارَ يَحَارُ حَيْرَةً و حَيْراً من باب تعب: أي تحير في أمره و لم يكن له مخرج فمضى و عاد إلى حاله، فهو حَيْرَان و قوم حَيَارَى، و حَيَّرْتُهُ فَتَحَيَّرَ. و في الحديث ذكر الحَائِرِ و هو في الأصل مجمع الماء، و يراد به حَائِرُ الحسين ع، و هو ما حواه سور المشهد الحسيني على مشرفه السلام.

280
مجمع البحرين3

حير ص 280

و
مِنْهُ" وَ قِفْ عِنْدَ بَابِ الْحَيْرِ فَقُلْ".
و الحَيْرُ بالفتح مخفف حَائِر، و هو الحظيرة و الموضع الذي يتحير فيه الماء. و
مِنْهُ" عَمِلَ لِإِبْرَاهِيمَ ع حَيْراً وَ جَمَعَ فِيهِ الْحَطَبَ".
و في الحديث ذكر الحِيرَة بكسر الحاء، و هي البلد القديم بظهر الكوفة يسكنه النعمان بن المنذر و النسبة إليها حَارِيٌّ. و
فِيهِ أَيْضاً" حَدَّثَنِي قَبْلَ الْحَيْرَةِ بِعَشْرِ سِنِينَ".
أي قبل الغيبة يعني غيبة الإمام ع أو موت العسكري ع.
وَ فِي الْخَبَرِ" فَيُجْعَلُ فِي مَحَارَةٍ أَوْ سُكُرُّجَةٍ".
المَحَارَة هي موضع يجتمع فيه الماء و أصله الصدقة و ميمه زائدة.
باب ما أوله الخاء
 (خبر)
قوله تعالى: وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ*
 [67/ 14] الْخَبِيرُ:*
 العالم بما كان و ما يكون لا يعزب عنه شي‏ء و لا يفوته، فهو لم يزل خَبِيراً بما يخلق عالما بكنه الأشياء مطلع على حقائقها. و
مِنْهُ" بَطَنَ فَخَبَرَ".
و قد مر في شهد مزيد بحث فيه. و الخَبِيرُ من الناس: هو المُسْتَخْبِرُ عن جهل. قوله: وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ‏
 [47/ 31] أي نختبرها، و اخْتِبَارُ الله العباد امتحانهم و هو عالم بأحوالهم، فلا يحتاج أن يختبرهم ليعرفهم، و تحقيق هذا المجاز أن الله‏

281
مجمع البحرين3

خبر ص 281

يكلف العباد ليثيب المحسن و يجازي المسي‏ء قوله: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها
 [99/ 4] أي تخبر الأرض بما عمل على ظهرها، و هو مجاز، و قيل ينطقها الله و لا بعد فيه. و" الخُبْرُ" بضم الخاء فالسكون: العلم، و منه قوله تعالى: وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى‏ ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً
 [18/ 68] أي علما، يقال خَبَرْتُ الشي‏ءَ أَخْبُرُهُ من باب قتل خُبْراً: علمته. و
مِنْهُ الْحَدِيثُ" أَعْمَى اللَّهُ عَلَى هَذَا خُبْرَهُ".
و
فِيهِ" أَنَّهُ بَعَثَ عَيْناً مِنْ خُزَاعَةَ يَتَخَبَّرُ لَهُ خَبَرَ قُرَيْشٍ".
أي يتعرف له ذلك، من خَبَرْتُهُ عرفته. و الخَبَرُ: واحد الأَخْبَار، و أَخْبَرْتُهُ بكذا و خَبَّرْتُهُ بكذا بمعنى. و الاسْتِخْبَارُ: السؤال عن الخبر. و منه" اسْتَخْبَرَ إذا سأل عن الأخبار ليعرفها".
وَ فِي الْحَدِيثِ وَ قَدْ سُئِلَ ع عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ:" عَلَى الْخَبِيرِ بِهَا سَقَطْتَ".
أي على العارف و العالم بها وقعت. و
فِيهِ" مُحَمَّدٌ ص ارْتَضَاهُ اللَّهُ بِخُبْرَتِهِ".
الخُبْرُ و الخُبْرَة بالخاء المعجمة المضمومة و الباء الموحدة الساكنة يرادف العلم. و
فِيهِ" لَا بَأْسَ بِالْمُخَابَرَةِ بِالثُّلُثِ وَ الرُّبُعِ وَ الْخُمُسِ".
و هي المزارعة على نصيب معين كما ذكر. و الخُبْرَةُ: النصيب، و مثله قال في معاني الأخبار، و قيل هي من الخَبَارِ: الأرض اللينة، و قيل أصل المُخَابَرَةِ من خَيْبَر
لِأَنَّ النَّبِيَّ ص أَقَرَّهَا فِي أَيْدِي أَهْلِهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ محصولها فَقِيلَ خَابَرَهُمْ أَيْ عَامَلَهُمْ فِي خَيْبَرَ.
و ما
رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْمُخَابَرَةِ.
كان ذلك حين تنازعوا فنهاهم عنها و في الحديث" ذكر خَيْبَر" و هي بلدة معروفة نحو من أربع مراحل عن المدينة المشرفة.

282
مجمع البحرين3

ختر ص 283

 (ختر)
قوله تعالى: خَتَّارٍ كَفُورٍ
 [31/ 32] الخَتَّارُ: الغدار، و الخَتْرُ أقبح، يقال خَتَرَهُ فهو خَتَّارٌ و خَتُورٌ و الفعل كضرب و نصر. و منه‏
الْحَدِيثُ" الْعَاقِلُ غَفُورٌ وَ الْجَاهِلُ خَتُورٌ".
 (خثر)
يقال خَثَرَ اللبنُ خُثُورَةً من باب قتل بمعنى ثخن و اشتد. و خَثِرَ أيضا من باب تعب و قرب لغتان. و رجل خَاثِرُ النفس و مُتَخَثِّرٌ: أي ثقيل كسلان.
 (خدر)
الخِدْرُ بالكسر: ستر أعد للجارية البكر في ناحية البيت، و الجمع خُدُور. و جارية مُخَدَّرَة: إذا لَازَمَتِ الخِدْرَ. و خُدْرَة بالضم: حي من الأنصار منهم أبو سعيد الخُدْرِيُّ بضم معجمة الصحابي.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع" إِنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ كَانَ مُسْتَقِيماً".
وَ فِي حَدِيثِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع" إِنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَدْ رَزَقَهُ اللَّهُ هَذَا الرَّأْيَ".
 (خرر)
قوله تعالى: وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً
 [12/ 100] أي سقطوا له على وجوههم، من قولهم خَرَّ الشي‏ءُ من باب ضرب: سقط من علو، و كان ذلك تحيتهم في ذلك الوقت، و إنما سجدوا هؤلاء لله عز و جل.

283
مجمع البحرين3

خرر ص 283

و منه قوله تعالى: وَ خَرَّ مُوسى‏ صَعِقاً
 [7/ 143] أي سقط على وجهه مغشيا عليه. و قوله: فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا
 [34/ 14] الآية يريد بذلك سليمان بن داود، و كان عمره إذ ذاك على ما نقل ثلاثا و خمسين سنة، و ملك و هو ابن ثلاث عشرة سنة و ملكه أربعون سنة.
وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ أَمَرَ الْجِنَّ فَبَنَوْا لَهُ بَيْتاً مِنْ قَوَارِيرَ. قَالَ: فَبَيْنَا هُوَ مُتَّكٍ عَلَى عَصَاهُ يَنْظُرُ إِلَى الشَّيَاطِينِ كَيْفَ يَعْمَلُونَ وَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ إِذْ حَانَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مَعَهُ فِي الْقُبَّةِ، فَفَزِعَ مِنْهُ وَ قَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا الَّذِي لَا أَقْبَلَ الرِّشَا وَ لَا أَهَابُ الْمُلُوكَ، أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ، فَقَبَضَهُ وَ هُوَ مُتَّكٍ عَلَى عَصَاهُ، فَمَكَثُوا سَنَةً يَبْنُونَ وَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَ يَدْأَبُونَ وَ يَعْمَلُونَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ الْأَرَضَةَ فَأَكَلَتْ مِنْسَأَتَهُ- وَ هِيَ الْعَصَا- فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ.
قِيلَ لَمَّا هَلَكَ سُلَيْمَانُ وَضَعَ إِبْلِيسُ السِّحْرَ وَ كَتَبَهُ فِي كِتَابٍ ثُمَّ طَوَاهُ وَ كَتَبَ عَلَى ظَهْرِهِ هَذَا مَا وَضَعَهُ آصَفُ بْنُ بَرْخِيَا لِلْمَلِكِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ مِنْ ذَخَائِرِ كُنُوزِ الْمُلْكِ وَ الْعِلْمِ، مَنْ أَرَادَ كَذَا وَ كَذَا فَلْيَعْمَلْ كَذَا وَ كَذَا، ثُمَّ دَفَنَهُ تَحْتَ السَّرِيرِ ثُمَّ اسْتَشَارَهُ لَهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ: مَا كَانَ يَغْلِبُنَا سُلَيْمَانُ إِلَّا بِهَذَا.
قوله: لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَ عُمْياناً
 [25/ 73] أي كانوا مستبصرين ليسوا بشكاك.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْتَزِعُ الْآيَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَخِرُّ فِيهَا أَبْعَدَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ".
يريد بتأويلها بالرأي و نحوه، يَخِرُّ أي يسقط عن درجة الاعتبار و الثواب هذا المقدار. و الخَرِيرُ: صوت الماء و الريح. و منه‏
الدُّعَاءُ" سَجَدَ لَكَ خَرِيرُ الْمَاءِ".
و مثله" خَرِيرُ الريح". و العين الخَرَّارَة: كثيرة الخرور

284
مجمع البحرين3

خرر ص 283

و السيلان. و الخَرْخَرَةُ: صوت النائم و المختنق.
 (خزر)
قوله تعالى: أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ
 [6/ 145] هو واحد الخَنَازِير: حيوان معروف. و في الحديث" أنه ممسوخ". و الخَنَازِيرُ: علة معروفة، و هو قروح تحدث في الرقبة، و منه‏
الْحَدِيثُ" خَرَجَتْ بِجَارِيَةٍ لَنَا خَنَازِيرُ فِي عُنُقِهَا".
و
فِيهِ" لَا تُنَاكِحُوا الزِّنْجَ وَ الْخَزَرَ".
الخَزرُ بضم معجمة و سكون زاي و فتحها و في الآخر راء مهملة: جنس من الأمم خُزْرُ العيون من ولد يافث بن نوح ع، من خَزِرَتِ العينُ من باب تعب: إذا صغرت و ضاقت. و منه رجل أَخْزَر: بين الخزر. و منه‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع لِأَصْحَابِهِ فِي صِفِّينَ" وَ الْحَظُوا الْخَزْرَ وَ اطْعُنُوا الشَّزْرَ".
و ذلك لأن لحظ الخَزْرِ من أمارات الغضب و الحمية. و الشَّزْرُ بسكون الزاي: الطعن على غير استقامة بل يمينا و شمالا، و فائدته توسعة المجال للطاعن. و الخَيْزُرَان، كل غصن لين متثن، و منه قول الفرزدق في علي بن الحسين ع:
فِي كَفِّهِ خَيْزُرَانٌ رِيحُهُ عَبِقٌ             مِنْ كَفِّ أَرْوَعَ فِي عِرْنِينِهِ شَمَمٌ‏

و" الخَيْزُرَانُ" جارية الخليفة أم المهدي بالله العباسي، و هي التي أخرجت البيت الذي ولد فيه النبي ص فصيرته مسجدا في أيام حجها. و" الخَيْزُرَان" أم محمد بن علي الجواد أم ولد من أهل بيت مارية القبطية، و يقال لها سبيكة النوبية. و خَيْزُرَان السفينة: إسكافها. و منه‏
الْخَبَرُ" إِنَّ الشَّيْطَانَ لَمَّا دَخَلَ سَفِينَةَ نُوحٍ ع قَالَ: اخْرُجْ يَا عَدُوَّ اللَّهِ مِنْ جَوْفِهَا، فَصَعِدَ عَلَى خَيْزُرَانِ السَّفِينَةِ".

285
مجمع البحرين3

خسر ص 286

 (خسر)
قوله تعالى: هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا
 [18/ 103]
رُوِيَ عَنِ الْكَاظِمِ ع أَنَّهَا فِي الَّذِينَ يَتَمَادَوْنَ بِحَجِّ الْإِسْلَامِ يُسَوِّفُونَهُ".
و معنى الأَخْسَرِينَ أعمالا: الناقصين الأعمال، من أَخْسَرْتُهُ: نقصته. يقال خَسَرْتُ الشي‏ءَ بالفتح و أَخْسَرْتُهُ: نقصته. و مثله قوله إِلَّا خَساراً*
 [17/ 82] و قوله يُخْسِرُونَ‏
 [83/ 3] و قوله لا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ‏
 [55/ 9] و قرئ لَا تَخْسُرُوا بفتح التاء أي و لا تخسروا الثواب الموزون يوم القيامة. قوله: خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ*
 [6/ 20] أي عيبوها. قوله: ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ*
 [22/ 11] أي النقصان المبين. قوله: خَسِرَ الدُّنْيا وَ الْآخِرَةَ
 [22/ 11] و قرئ في الشذوذ بخفض الآخِرَةِ، و وجهها ابن هشام في شذور الذهب أن خَسِرَ ليس فعلا مبنيا على الفتح بل هو وصف معرب بمنزلة فهم و فطن، و هو منصوب على الحال قال: و نظيره قراءة الأعرج خَاسِرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ إلا أن هذا اسم فاعل لا يلتبس بالفعل و ذاك صفة مشبهة على وزن الفعل فيلتبس به. و التَّخْسِيرُ: الإهلاك، يقال خَسِرَ الرجلُ في تجارته خَسَارَةً بالفتح و خُسْرَاناً: هلك. قوله: فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ
 [11/ 63] أي كلما دعوتكم إلى الهدى ازددتم تكذيبا فزادت خسارتكم.
 (خصر)
فِي الْحَدِيثِ" تُوضَعُ الْجَرِيدَةُ لِلْمَيِّتِ دُونَ الْخَاصِرَةِ".
الخَاصِرَة بكسر الصاد: ما بين رأس الورك و أسفل الأضلاع. و" الخَصْرُ" بفتح الخاء من الإنسان: وسطه، و هو المستدق فوق الوركين، و الجمع خُصُور كفلس و فلوس. و خَصْرُ القدم: أخمصها. و كَشْحٌ مُخَصَّرٌ: أي دقيق، و منه‏

286
مجمع البحرين3

خصر ص 286

" نَعْلٌ مُخَصَّرَةٌ" التي قطع خصراها حتى صارا مستدقين. و رجل مُخَصَّرُ القدمين: إذا كان قدمه يمس الأرض من مقدمها و عقبها و يخوي أخمصها مع رقة فيه. و" المِخْصَرَةُ" بكسر الميم و سكون المعجمة كالسوط، أو كل ما أمسكه الإنسان بيده من عصا و نحوها. و منه" ينكت بِمِخْصَرَتِهِ". و اخْتَصَرَ الطريقَ: سلك أقربه، و منه" اخْتَصَرَ شوطا من الطواف". و الاخْتِصَارُ في الكلام: قصد المعاني و إيجاز القول. و الاخْتِصَارُ في الصلاة: وضع اليد على الخاصرة، و هو من فعل اليهود. و" الخِنْصَرُ" بالكسر و تفتح الصاد: الإصبع الصغرى من الأصابع، و الجمع الخَنَاصِرُ.
 (خضر)
قوله تعالى: فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً
 [6/ 99] يريد الأَخْضَر- قاله الأخفش نقلا عنه. و الخَضِرُ بكسر ضاد: نوع من البقول ليس من جيدها بل من بقول ترعى بعد تهيج البقول و يبسها حيث لا تجد سواها
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِيَّاكُمْ وَ خَضْرَاءَ الدِّمَنِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا خَضْرَاءُ الدِّمَنِ؟ قَالَ: الْمَرْأَةُ الْحَسْنَاءُ فِي مَنْبِتِ السَّوْءِ".
قال الصدوق: و إنما جعلها خَضْرَاء الدمن تشبيها بالشجرة الناضرة في دمنة البقرة، و أصل الدمن ما تدمنه الإبل و الغنم من أبعارها و أبوالها فربما ينبت فيها النبات الحسن و
فِيهِ" لَيْسَ فِي الخَضْرَاوَاتِ صَدَقَةٌ".
يعني الفاكهة و البقول كالكراث و الكرفس و السداب و نحوها. و
فِيهِ" لَيْسَ فِي الْخَضِرِ زَكَاةٌ".
يريد البقل و الخيار و المباطخ و كل شي‏ء لا أصل له. و قياس ما كان على هذا الوزن من الصفات أن لا يجمع على فعلاوات و إنما يجمع به إذا كان اسما لا صفة نحو صحراء، و إنما جمعه هذا الجمع لأنه‏

287
مجمع البحرين3

خضر ص 287

صار اسما لهذه البقول.
وَ فِي حَدِيثِ الْمَيِّتِ" خَضِّرُوا صَاحِبَكُمْ فَمَا أَقَلَّ الْمُخَضَّرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
أراد بِالتَّخْضِيرِ جريدة خضراء توضع للميت من أصل اليدين إلى أصل الترقوة و
فِيهِ" فَإِنَّهَا تُخَفِّفُ عَنْهُ عَذَابَ الْقَبْرِ مَا دَامَتَا خَضْرَاوَيْنِ".
و
فِيهِ" الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ".
بفتح المعجمة الأولى و كسر الثانية البقلة الخضراء أو ضرب من الكلاء، و المعنى أنها غضة ناعمة نضرة.
وَ فِي حَدِيثِ وَفَاةِ فَاطِمَةَ ع" فَمَا أَقْبَحَ الْخَضْرَاءَ وَ الْغَبْرَاءَ يَا رَسُولَ اللَّهِ".
و مثله‏
" مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَ لَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ عَلَى ذِي لَهْجَةٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ".
و المراد بِالْخَضْرَاءِ السماء لأنها تعطي الخضرة، و بِالْغَبْرَاءِ الأرض لأنها تعطي الغبرة في لونها. و في الحديث ذكر الخضرِ ع صاحب موسى ع هو بفتح الخاء و كسرها و سكون الضاد و بفتحها و كسر الضاد، نقل أنه ابن ماعيد بن عيص بن إسحاق، و في بعض الشروح أن اسمه إلياس بن ملكان بن أرفخشد بن سام بن نوح ع، و قيل اسمه إيليا بن عاميل بن شمالخين بن أريا بن علقما بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم ع، و قيل اسمه أرميا بن حلشا من سبط هارون، قيل و الأصح ما نقله أهل السير و
ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ ص مِنْ أَنَّ اسْمَهُ يَلْيَا.
بياء مفتوحة و لام ساكنة و ياء مثناة من تحت و في الآخر ألف ابن مَلْكَان بفتح الميم و إسكان اللام و بالنون بعد الألف.
وَ مِنْ قِصَّتِهِ- عَلَى مَا نَقَلَهُ السُّهَيْلِيُّ- كَانَ أَبُوهُ مِلْكَانَ وَ أُمُّهُ اسْمُهَا ألهَا وَ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ فِي مَغَارَةٍ، وَ أَنَّهُ وُجِدَ هُنَاكَ وَ شَاةٌ تُرْضِعُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ غَنَمِ رَجُلٍ مِن‏

288
مجمع البحرين3

خضر ص 287

الْقَرْيَةِ، فَلَمَّا وَجَدَهُ الرَّجُلُ أَخَذَهُ وَ رَبَّاهُ، فَلَمَّا شَبَّ طَلَبَ أَبُوهُ كَاتِباً وَ جَمَعَ أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ وَ النَّبَالَةِ لِيَكْتُبَ الصُّحُفَ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ع وَ شِيثٍ ع، وَ كَانَ فِيمَنْ أَقْدَمَ عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ ابْنُهُ وَ هُوَ لَا يَعْرِفُهُ، فَلَمَّا اسْتَحْسَنَ خَطَّهُ وَ مَعْرِفَتَهُ بَحَثَ عَنْ جَلِيَّةِ أَمْرِهِ فَعَرَفَ أَنَّهُ ابْنُهُ فَضَمَّهُ لِنَفْسِهِ وَ وَلَّاهُ أَمْرَ النَّاسِ. ثُمَّ إِنَّ الْخَضِرَ فَرَّ مِنَ الْمُلْكِ لِأَسْبَابٍ يَطُولُ ذِكْرُهَا، وَ لَمْ يَزَلْ سَائِحاً إِلَى أَنْ وَجَدَ عَيْنَ الْحَيَاةِ فَشَرِبَ مِنْهَا، فَهُوَ حَيٌّ إِلَى أَنْ يَخْرُجَ الدَّجَّالُ، وَ إِنَّهُ الرَّجُلُ الَّذِي يَقْتُلُهُ الدَّجَّالُ وَ يُقَطِّعُهُ فَيُحْيِيهِ اللَّهُ تَعَالَى.
و
فِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: نُقِلَ أَنَّ الْخَضِرَ كَانَ مِنْ أَفْضَلِ أَصْحَابِ ذِي الْقَرْنَيْنِ، وَ كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ فَآمَنَ بِاللَّهِ وَ تَخَلَّى فِي بَيْتٍ فِي دَارِ أَبِيهِ يَعْبُدُ اللَّهَ وَ لَمْ يَكُنْ لِأَبِيهِ وَلَدٌ غَيْرُهُ فَأَشَارُوا عَلَى أَبِيهِ أَنْ يُزَوِّجَهُ فَزَوَّجَهُ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى النِّسَاءِ فَغَضِبَ عَلَيْهِ أَبُوهُ وَ أَمَرَ بِرَدْمِ الْبَابِ عَلَيْهِ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ حَرَّكَتْهُ رِقَّةُ الْآبَاءِ فَأَمَرَ بِفَتْحِ الْبَابِ فَفُتِحَ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَأَعْطَاهُ اللَّهُ مِنَ الْقُوَّةِ أَنْ يَتَصَوَّرَ كَيْفَ شَاءَ وَ كَانَ عَلَى مُقَدِّمَةِ جَيْشِ ذِي الْقَرْنَيْنِ وَ شَرِبَ مِنْ عَيْنِ الْحَيَاةِ- انْتَهَى.
و
اخْتَلَفَ فِي وَجْهِ تَسْمِيَتِهِ بِالْخَضِرِ: فَقِيلَ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى اخْضَرَّ مَا حَوْلَهُ، وَ قِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ فِي أَرْضٍ بَيْضَاءَ فَإِذَا هِيَ تَهْتَزُّ خَضْرَاءَ مِنْ خَلْفِهِ، وَ قِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
و
فِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ لِلصَّدُوقِ (ره): وَ مَعْنَى الْخَضِرِ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَجْلِسُ عَلَى خَشَبَةٍ يَابِسَةٍ إِلَّا اخْضَرَّتْ.
و قد اختلف العلماء فيه فقال الأكثرون هو نبي محتجين بقوله تعالى وَ ما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي و بأنه أعلم من موسى ع،
وَ مِمَّا نُقِلَ مِنْ وَصَايَاهُ لِمُوسَى ع عِنْدَ الِافْتِرَاقِ يَا مُوسَى اجْعَلْ هَمَّكَ فِي مَعَادِكَ، وَ لَا تَخُضْ فِيمَا لَا يَعْنِيكَ، وَ لَا تَتْرُكِ الْخَوْفَ فِي أَمْنِكَ، وَ لَا تَيْأَسْ مِنَ الْأَمْنِ فِي خَوْفِكَ. فَقَالَ لَهُ مُوسَى: زِدْنِي. فَقَالَ الْخَضِرُ: لَا تَضْحَكْ مِنْ غَيْرِ عَجَبٍ، وَ لَا تُعَيِّرْ أَحَدَ الْخَاطِئِينَ بَعْدَ النَّدَمِ، وَ ابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ يَا بْنَ عِمْرَانَ، يَا مُوسَى‏

289
مجمع البحرين3

خضر ص 287

لَا تَطْلُبِ الْعِلْمَ لِتُحَدِّثَ بِهِ وَ اطْلُبِ الْعِلْمَ لِتَعْمَلَ بِهِ، وَ إِيَّاكَ وَ الْغَضَبَ إِلَّا فِي اللَّهِ، وَ لَا تَرْضَ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا فِي اللَّهِ، وَ لَا تُحِبَّ لِلدُّنْيَا وَ لَا تُبْغِضْ لِلدُّنْيَا فَإِنَّ ذَلِكَ يُخْرِجُ مِنَ الْإِيمَانِ وَ يُدْخِلُ فِي الْكُفْرِ.
وَ فِي الْخَبَرِ" نَهَى عَنِ الْمُخَاضَرَةِ".
و هي أن يباع الثمار قبل أن يبدو صلاحها و هي خضر بعد، و يدخل في المُخَاضَرَةِ بيع الأرطاب و البقول و أشباههما- قاله في معاني الأخبار. و الأُخَيْضِرُ: ذباب أخضر على قدر الذباب السود.
 (خطر)
فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ قَدْراً الَّذِي لَا يَرَى الدُّنْيَا لِنَفْسِهِ خَطَراً".
هو بالتحريك القدر و المنزلة. و
مِنْهُ فِي وَصْفِ الْأَئِمَّةِ ع" مَا أَجَلَّ خَطَرَكُمْ".
أي ما أعظم قدركم و منزلتكم عند الله.
وَ مِنْهُ الدُّعَاءُ" مَا أَنَا وَ مَا خَطَرِي".
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ خَطَرٌ".
أي شرف‏
" لَا لِصَالِحَتِهِنَّ" أَمَّا لِصَالِحَتِهِنَّ فَلَيْسَ خَطَرُهَا الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ.
و خَطَرَانُ الرجل: اهتزازه في المشي و تبختره. و يَخْطِرُ في مشيته: أي يتمايل و يمشي مشية المتعجب بنفسه و منه‏
الْحَدِيثُ" أَحَبُّ الْخَطَرِ فِيمَا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ وَ أَبْغَضُ الْخَطَرِ فِي الطُّرُقَاتِ".
و
مِنْهُ" مَنْ زَارَ أَخَاهُ فِي اللَّهِ وَ لِلَّهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَخْطِرُ بَيْنَ قَبَاطِيَّ مِنْ نُورٍ".
أي يهتز بين ثياب بيض رقيقة من نور لا يمر بشي‏ء إلا أضاء له. و الخَطَرُ بالتحريك: السبق الذي يتراهن عليه. و الخَطَرُ: المقلاع الذي يرمى به. و
مِنْهُ" مَرَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى صَبِيَّانٍ يَلْعَبُونَ بِأَخْطَارٍ لَهُمْ فَرَمَى أَحَدُهُمْ بِخَطَرٍ فَرَمَى رَبَاعِيَةَ صَاحِبِهِ".
و
فِي وَصْفِهِ تَعَالَى" الْخَطَرَاتُ لَا تَحُدُّهُ".
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَوْ خَطَرَ بِهَا مِنِّي خَطَرَاتٌ".
يريد بها ما يقع في الخاطر.

290
مجمع البحرين3

خطر ص 290

و الخَاطِرُ: الهاجس، و الجمع خَوَاطِرُ. و خَطَرَ بباله خُطُوراً من بابي ضرب و قعد: ذكره بعد نسيان. و أَخْطَرَهُ اللهُ بباله أوقعه الله في خاطري. و الخَطَرُ بالتحريك: الإشراف على الهلاك و
قَوْلُهُ" خَاطَرَ بِنَفْسِهِ مَنِ اسْتَغْنَى بِرَأْيِهِ".
و
" بِئْسَ الْخَطَرُ لِمَنْ خَاطَرَ اللَّهَ بِتَرْكِ طَاعَتِهِ".
كلاهما من المُخَاطَرَةِ، و هي ارتكاب ما فيه خطر و هلاك.
 (خفر)
فِي الْحَدِيثِ" إِذَا خُفِرَتِ الذِّمَّةُ نُصِرَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ".
أي إذا نقض العهد بين المشركين و المسلمين أديل لأهل الشرك من أهل الإيمان، يقال خَفَرْتُ الرجلَ أَخْفِرُهُ بالكسر من باب ضرب خَفَراً بالتحريك: إذا آجرته و كنت له حاميا و كفيلا و أَخْفَرْتُ الرجلَ و خَفَرْتُ الرجلَ: إذا نقضت عهده و غدرت به، فالهمزة للسلب و الإزالة: أي أزلت خفارته. و" الخفَارَةُ" بالكسر و الضم: الذمام و العهد، و منه‏
الْخَبَرُ" مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فَإِنَّهُ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَلَا يُخْفِرَنَّ اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ".
أي فلا يَنْقُضُنَّ في عهده و ذمامه. و
مِنْهُ" مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي خُفْرَةِ اللَّهِ".
أي في ذمامه. و الخَفِيرُ: المجير، و
مِنْهُ" الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْداً يَكُونُ خَفِيراً لِي مِنْ نِقْمَتِهِ".
أي حافظا و مجيرا لي من انتقامه و عذابه.
وَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ" غَضُّ الْأَطْرَافِ وَ خَفَرُ الْإِعْرَاضِ".
أي الحياءُ من كل ما يكره. و الخَفَرُ بالفتح: الحياء. قال في المجمع و يروى الأعراض بالفتح جمع عرض، أي إنهن يعني النساء يستحين و يستترن لأجل أعراضهن و صونهن.
 (خمر)
قوله تعالى: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ
 [5/ 90] الآية. الخَمْرُ معروف. و عن ابن الأعرابي إنما سمي الخَمْرُ خمرا لأنها تركت فاختمرت، و اخْتِمَارُهَا

291
مجمع البحرين3

خمر ص 291

تغير ريحها، و يقال سميت بذلك لمُخَامَرَتِهَا العقلَ. و التَّخْمِيرُ: التغطية. و منه" مَرْكُوٌّ مُخَمَّرٌ" أي مغطى. و الخَمْرُ فيما اشتهر بينهم: كل شراب مسكر، و لا يختص بعصير العنب. قال في القاموس: و العموم أصح لأنها حرمت و ما في المدينة خمر و ما كان شرابهم إلا التمر و البسر- انتهى كلامه. و يشهد له ما
رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص:" الْخَمْرُ مِنْ خَمْسَةٍ: الْعَصِيرُ مِنَ الْكَرْمِ، وَ النَّقِيعُ مِنَ الزَّبِيبِ، وَ الْبِتْعُ مِنَ الْعَسَلِ، وَ الْمِزْرُ مِنَ الشَّعِيرِ، وَ النَّبِيذُ مِنَ التَّمْرِ".
وَ رُوِيَ فِي الْكَافِي بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، وَ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَيْضاً إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الْمَاضِي ع قَالَ:" إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُحَرِّمِ الْخَمْرَ لِاسْمِهَا وَ لَكِنْ حَرَّمَهَا لِعَاقِبَتِهَا، فَمَا كَانَ عَاقِبَتُهُ عَاقِبَةَ الْخَمْرِ فَهُوَ خَمْرٌ".
قوله: وَ لْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَ‏
 [24/ 31] أي مقانعهن، جمع خِمَار و هي المقنعة، سميت بذلك لأن الرأس يخمر بها أي يغطى، و كل شي‏ء غطيته فقد خَمَّرْتَهُ، و جمع الخِمَارِ خُمُر ككتاب و كتب و اخْتَمَرَتِ المرأةُ: أي لبست خمارها و غطت رأسها.
وَ فِي الْخَبَرِ" لَا تَجِدُ الْمُؤْمِنَ إِلَّا فِي مَسْجِدِ يَعْمُرُهُ أَوْ بَيْتٍ يُخَمِّرُهُ أَوْ مَعِيشَةٍ يُدَبِّرُهَا".
قوله" يُخَمِّرُهُ" أي يستره و يصلح أمر شأنه. و قد تكرر في الحديث ذكر الخُمْرَةِ و السجود عليها، و هي بالضم سجادة صغيرة تعمل من سعف النخل و تزمل بالخيوط. و في النهاية هي مقدار ما يضع الرجل عليه وجهه في سجوده، و لا يكون خُمْرَةً إلا في هذا المقدار. و منه‏
" كَانَ أَبِي يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ يَضَعُهَا عَلَى الطِّنْفِسَةِ".
و
مِنْهُ" السُّجُودُ عَلَى الْأَرْضِ فَرِيضَة

292
مجمع البحرين3

خمر ص 291

وَ عَلَى الْخُمْرَةِ سُنَّةٌ".
و خُمْرَةُ العجين: ما يجعل فيه من الخمرة. و الخَمِيرُ: العجين. و" الخَمَرُ" بالتحريك: ما واراك من خزف أو جبل أو شجر. و منه‏
قَوْلُهُ ع" لَا تُمْسِكْ بِخَمَرِكَ وَ أَنْتَ تُصَلِّي".
أي لا يستند إليه في صلاتك. و
" دَخَلَ فِي خِمَارِ النَّاسِ".
أي فيما يواريه و يستره منهم. و خَمَّرَ وجهه- بالتثقيل-: أي غطاه و ستره. و الخَمْرَةُ: الخمر، و منه‏
حَدِيثُ ابْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ لِأَصْحَابِهِ: سَأَلْتُكُمْ تَلْتَمِسُوا لِي خَمْرَةً فَأَلْقَيْتُمُونِي عَلَى جَمْرَةٍ.
و" بَاخَمْرَا" موضع بالبادية بها قبر إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ع.
 (خنجر)
" الخَنْجَرُ" بالفتح فالسكون: سكين كبير شهير المعرفة.
 (خور)
قوله تعالى: فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ
 [20/ 88] هو بالضم: صوت شديد كصوت البقر،
يُقَالُ كَانَتِ الرِّيحُ تَدْخُلُ بِهِ فَيُسْمَعُ لَهُ صَوْتٌ كَصَوْتِ الْبَقَرِ.
من قولهم خَارَ الثورُ يَخُورُ خُوَاراً صاح. و الخَوْرَانُ: مجرى الروث. و خَارَ الرجلُ يَخُورُ: ضعف. و منه‏
قَوْلُ عَلِيٍّ ع فِي ذَمِّ أَصْحَابِهِ" وَ إِنْ حُورِبْتُمْ خُرْتُمْ".
أي ضعفتم و انكسرتم. و الأرض الخَوَّارَةُ: السهلة اللينة.

293
مجمع البحرين3

خير ص 294

(خير)

قوله تعالى: وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‏
 [22/ 77]
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِعْلُ الْخَيْرِ إِشَارَةٌ إِلَى صِلَةِ الرَّحِمِ وَ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، فَيَكُونُ حَثّاً عَلَى سَائِرِ الْمَنْدُوبَاتِ وَ الْقُرُبَاتِ.
قوله: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ*
 [2/ 148] أي الأعمال الصالحة، و هي جمع خَيْر على معنى ذوات الخير. و الخَيْرُ: المال أيضا، قال تعالى: وَ إِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ
 [100/ 8] و قوله: إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ
 [11/ 84] قوله: فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً
 [24/ 33] قال: إن علمتم لهم مالا. و
قَالَ:" الْخَيْرُ أَنْ يَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ يَكُونَ بِيَدِهِ مَا يَكْتَسِبُ بِهِ".
و قد تقدم البحث في ذلك في" كتب" أيضا. قوله: فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ‏
 [55/ 70] قيل: أي خَيِّرَات بالتشديد فخفف. قوله: وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ
 [28/ 68] لا يخفى ما فيها من الرد على من يثبت الإمامة بالاختيار، و مثلها قوله: وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ‏
 [33/ 36]. قوله: وَ اخْتارَ مُوسى‏ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا
 [7/ 155] قال المفسر: الاخْتِيَارُ إرادة ما هو خير، يقال خُيِّرَ بين أمرين فَاخْتَارَ أحدهما، و قد مر في" رأى" تمام الكلام في الآية.
وَ فِي الْحَدِيثِ" خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ".
إشارة إلى صلة الرحم و الحث عليها. و الخَيْرُ: خلاف الشر، و جمعه خُيُور و خِيَار مثل فلوس و سهام، و منه" جَزَاهُ اللَّهُ خَيْراً". و الخَيْرُ على ما في معاني الأخبار نهر في الجنة مخرجه من الكوثر و الكوثر مخرجه عن ساق العرش، عليه منازل‏

294
مجمع البحرين3

خير ص 294

الأوصياء و شيعتهم، على حواشي ذلك النهر جواري نابتات كلما قلعت واحدة نبتت أخرى باسم ذلك النهر، و ذلك قوله تعالى: فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ‏
 فإذا قال الرجل لصاحبه: جزاك الله خَيْراً فإنما يعني تلك المنازل التي أعدها الله تعالى.
وَ كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع: يَا سَيِّدِي أَخْبِرْنِي بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*. أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ مَنْ طَلَبَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ أُمُورَ النَّاسِ، وَ مَنْ طَلَبَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ".
وَ فِي الْحَدِيثِ سُئِلَ عَنِ الْخَيْرِ مَا هُوَ؟ فَقَالَ:" لَيْسَ الْخَيْرَ أَنْ يَكْثُرَ مَالُكَ وَ وَلَدُكَ وَ لَكِنَّ الْخَيْرَ أَنْ يَكْثُرَ عِلْمُكَ، وَ أَنْ يَعْظُمَ حِلْمُكَ، وَ أَنْ تُبَاهِيَ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ فَإِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ اللَّهَ وَ إِنْ أَسَأْتَ اسْتَغْفَرْتَ اللَّهَ".
و الأَخْيَارُ: خلاف الأشرار. و الخِيَارُ: القثاء. قال الجوهري: و ليس بعربي. و خِيَارُ المال: كرائمه. و امرأة خَيِّرَةٌ بالتشديد و التخفيف: أي فاضلة في الجمال و الخلق. و رجل خَيِّرٌ بالتشديد أي ذو خير. و" الخَيِّرَانِ" بالتشديد: الفاعلان للخير.
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَنْتَ خَالِقُ الْخَيْرِ وَ الشَّرِّ".
قيل هو خلق تقدير لا خلق تكوين، و يتم الكلام فيه في خلق إن شاء الله تعالى.
وَ فِي الْخَبَرِ" تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ".
أي اطلبوا ما هو خير المناكح، أي أزكاها و أبعدها من الخبث و الفجور. و" الخِيرَة" بالكسر فالسكون من الاختيار. و" الخِيَرَة" بفتح الياء بمعنى الخيار. و الخِيَارُ: هو الاختيار، و يقال هو اسم من تَخَيَّرْتُ الشي‏ء مثل الطِّيَرَة اسم‏
                       

295
مجمع البحرين3

خير ص 294

من تطير، و قيل هما لغتان بمعنى واحد- قاله في المصباح. و الاخْتِيَارُ: الاصطفاء. و" مُحَمَّدٌ ص خِيَرَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ" بكسر الخاء و بالياء و الراء المفتوحتين أي المُخْتَار المنتخب، و جاء بتسكين الياء.
وَ قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع" فَأَنَا الْخِيَرَةُ ابْنُ الْخِيَرَتَيْنِ".
يريد خيرة الله من العرب هاشم و من العجم فارس.
وَ فِي الْخَبَرِ" أَنَا بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ".
تثنية خيرة كعنبة، أي أنا مخير بين الاستغفار و تركه في قوله تعالى اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ. و منه" خَيَّرْتُهُ بين الشيئين" أي فوضت إليه الخيار.
وَ فِي حَدِيثِ الِادِّهَانِ" إِنَّ الْخِيرِيَّ لَطِيفٌ" وَ" رَأَيْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع يَدَّهِنُ بِالْخِيرِيِّ".
قال الجوهري الخِيرِيُّ معرب. قيل هو الخطمي.
وَ فِي الْحَدِيثِ" صَبِيَّانِ قَالا لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ: خَايِرْ بَيْنَنَا".
يعني أينا خير و أحسن. و خَارَ الله لك: أي أعطاك الله ما هو خير لك. و" الخِيرَةُ" بسكون الياء اسم منه، و الاسْتِخَارَةُ طلب الخيرة كعنبة. و أَسْتَخِيرُكَ بعلمك" أي أطلب منك الخيرة متلبسا بعلمك بخيري و شري، قيل الباء للاستعانة أو للقسم الاستعطافي.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنِ اسْتَخَارَ اللَّهَ رَاضِياً بِمَا صَنَعَ اللَّهُ خَارَ اللَّهُ لَهُ حَتْماً".
أي طلب منه الخيرة في الأمر. و فيه" اسْتَخِرْ ثم اسْتَشِرْ" و معناه‏

296
مجمع البحرين3

خير ص 294

أنك تستخير الله أولا بأن تقول" اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ خِيرَةً في عافية" و تكرر ذلك مرارا ثم تشاور بعد ذلك فيه، فإنك إذا بدأت بالله أجرى الله لك الخيرة على لسان من شاء من خلقه. و خِرْ لِي و اخْتَرْ لي: أي اجعل من أمري خيرا و ألهمني فعله و اختر لي الأصلح و هذه خِيرَتِي بالسكون، و هو ما يختار. و خَيْر يأتي للتفضيل، فيقال هذا خَيْرٌ من هذا أي يفضله، و يكون اسم فاعل لا يراد به التفضيل نحو" الصلاة خَيْرٌ من النوم" أي ذات خير و فضل، أي جامعة لذلك. و هذا أَخْيَرُ من هذا: لغة بني عامر، و كذلك أشر منه، و سائر العرب تسقط الألف منهما- قاله في المصباح. و فلان ذو خَيْرٍ: أي ذو كرم.
باب ما أوله الدال‏
 (دبر)
قوله تعالى: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ‏
 [32/ 5] قال الشيخ أبو علي: أي يدبر الأمور كلها و يقدرها على حسب إرادته فيما بين السماء و الأرض و ينزله مع الملك إلى الأرض ثم يعرج إليه الملك، أي يصعد إلى المكان الذي أمره الله أن يصعد إليه فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ، أي يوم يكون مقداره لو سار غير الملك ألف سنة مما يعده البشر خمسمائة عام نزول و خمسمائة عام صعود. قوله: فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏
 [6/ 45] أي أهلك آخر من بقي منهم. قال المفسر هو إيذان بوجوب الحمد لله عند هلاك الظلمة، لأنه من أجل النعم و أجزل القسم قوله: وَ يَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ‏
 [8/ 7] باستيصالهم و قتلهم و أسرهم. و الدَّابِرُ: الآخر، من دَبَرَ إذا أَدْبَرَ. و مثله قوله: أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوع‏

297
مجمع البحرين3

دبر ص 297

مُصْبِحِينَ [15/ 66] يعني آخرهم، أي يستأصلون عن آخرهم. قوله [قرئ‏]: إِذَا دَبَرَ دَبَرَ و أَدْبَرَ بمعنى واحد، و منه قولهم" ساروا كأمس الدَّابِرِ"، و قيل هو من دَبَرَ الليلُ النهارَ: إذا خلفه. و قرئ [قوله‏] وَ اللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ
 [74/ 33] بإسكان الدال و أَدْبَرَ بزيادة الهمزة على وزن أفعل. قوله: وَ أَدْبارَ السُّجُودِ
 [50/ 40] هو بالفتح جمع الدُّبُر وَ إِدْبارَ النُّجُومِ‏
 [52/ 49] بالكسر مصدر.
وَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ عَلِيٍّ ع أَدْبَارُ السُّجُودِ: الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَ إِدْبَارُ النُّجُومِ الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ.
و القراء السبعة متفقون على كسر الهمزة التي في سورة الطور و فتحها شاذ. قوله: وَ اتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ‏
 [15/ 65] أي اقتف آثارهم و كن وراءهم عينا عليهم، فلا يتخلف أحد منهم. قوله: أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ*
 [4/ 82] من التَّدَبُّر، و هو النظر في أدبار الأمور و تأملها.
قَوْلُهُ: فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً
 [79/ 5] قِيلَ هِيَ الْمَلَائِكَةُ تُدَبِّرُ أَمْرَ الْعِبَادِ مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ عَنْ عَلِيٍّ ع‏
و
قِيلَ إِنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ جَبْرَئِيلُ وَ مِيكَائِيلُ وَ إِسْرَافِيلُ وَ مَلَكُ الْمَوْتِ يُدَبِّرُونَ أَمْرَ الدُّنْيَا.
و
قِيلَ إِنَّ الْأَفْلَاكَ يَقَعُ فِيهَا أَمْرُ اللَّهِ فَيَجْرِي بِهِ الْقَضَاءُ فِي الدُّنْيَا.
وَ فِي الدُّعَاءِ" وَ لَا مَقْطُوعاً دَابِرِي".
الدَّابِرُ. بقية الرجل من ولده و نسله.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْمُؤَازَرَةُ عَلَى الْعَمَلِ تَقْطَعُ دَابِرَ الشَّيْطَانِ".
أي آخره. و
فِيهِ" إِيَّاكُمْ وَ التَّدَابُرَ".
و هو التقاطع و المصارمة و الهجران، مأخوذ من أن يولي الرجل صاحبه دبره بعداوته و يعرض عنه بوجهه. و" الدُّبْر" بسكون الموحدة و بالضمتين خلاف القبل من كل شي‏ء، و منه يقال لآخر الأمر دُبْر. و منه" فليقل دُبْرَ المكتوبة كذا" بضم دال أشهر من فتحه، أي آخر

298
مجمع البحرين3

دبر ص 297

أوقات الصلاة. و منه" دَبَّرَ الرجلُ العبدَ تَدْبِيراً" إذا أعتقه بعد موته. و" أعتق عبده عن‏ دُبُرٍ" أي بعد دبر. و التَّدْبِيرُ تفعيل منه، فإن الحياة دبر الوفاة. و التَّدْبِيرُ في الأمر: أن تنظر إلى ما يئول إليه عاقبته. و تَدَبُّرُ الأمر: التفكر فيه. و الدُّبُر: المخرج دون الأليين. و الفرق بين‏ التَّدَبُّر و التفكر- على ما قيل- هو أن‏ التَّدَبُّرَ تصرف القلب بالنظر في العواقب و التَّفَكُّر تصرف القلب في النظر بالدلائل. و الريح‏ الدَّبُور: الريح التي تقابل الصبا تهب من ناحية المغرب، قيل سميت بذلك لأنها تأتي من دبر الكعبة، قال في النهاية و ليس بشي‏ء. و" الدَّبَرُ" بالتحريك كالجراحة تحدث من الرجل و نحوه. و منه" دَبِرَ ظهر الدابة" بالكسر. و دَبِرَ البعير دَبْراً بالإسكان و دَبَراً بالتحريك من باب فرح. و الدَّبَرَان‏ خمسة كواكب في الثور، يقال إنه سنامه و هو من منازل القمر.

(دثر)

قوله تعالى: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ [74/ 1] أي‏ المُتَدَثِّر بثيابه، و هو اللابس‏ الدِّثَار الذي هو فوق الشعار، و الشِّعَار الثوب الذي يلي الجسد. و منه‏ تَدَثَّرَ: أي لبس الدثار و تلفف به. و منه‏

حَدِيثُ الْأَنْصَارِ" أَنْتُمُ الشِّعَارُ وَ النَّاسُ‏ الدِّثَارُ".

و المعنى أنتم الخاصة و الناس العامة. و

فِيهِ‏" أَنَّ الْقَلْبَ‏ يَدْثُرُ كَمَا يَدْثُرُ السَّيْفُ فَجَلَاؤُهُ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى".

أي يصدأ أي كما يصدأ السيف، و أصل‏ الدُّثُور الدروس، و هو أن تهب الرياح على المنزل فيفشي رسومه الرمل و يغطيه. و منه‏ دَثَرَ الرسمُ‏ دُثُوراً من باب قعد. و مثله‏

" حَادِثُوا هَذِهِ الْقُلُوبَ بِذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّهَا سَرِيعَةُ الدُّثُورِ".

يعني دروس ذكره و إمحاءه منها، يقول اجلوها و اغسلوا الرين و الطبع الذي علاها بذكر الله تعالى. و دُثُورُ النفس: سرعة نسيانها.

299
مجمع البحرين3

دثر ص 299

و الدَّثُورُ كرسول الرجل الخامل النئوم‏
 (دجر)
الدَّيْجُورُ: الظلام. و ليلة دَيْجُورٌ: أي مظلمة.
 (دحر)
قوله: اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً
 [8/ 17] أي مطرودا مبعدا، من الدُّحُور و هو الطرد و الإبعاد. و مثله قوله: دُحُوراً
 [37/ 9] أي إبعادا. و قد دَحَرَهُ: أي أبعده. و
مِنْهُ" ادْحَرْ عَنِّي الشَّيْطَانَ".
أي أبعده عني. و الدُّحُورُ: الدفع بعنف على الإهانة. و
مِنْهُ" الشَّهَادَةُ مَدْحَرَةٌ لِلشَّيْطَانِ".
أي محل لدحره، و هو طرده و إبعاده، و ذلك لأن غاية الشيطان من الإنسان الشرك بالله و الكلمة بإخلاص تنفيه و تبعده عن مراده‏
 (دخر)
قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ‏
 [40/ 60] أي صاغرين ذليلين. الدَّاخِرُ: الصاغر الذليل، يقال دَخَرَ الرجلُ كمنع و فرح أي ذل و صغر، فهو دَاخِرٌ و هو المفسر في هذه الآية دلالة على عظم قدر الدعاء عند الله و على فضل الانقطاع إليه.
وَ قَدْ رَوَى مُعَاذُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ مَا تَقُولُ فِي رَجُلَيْنِ دَخَلَا الْمَسْجِدَ جَمِيعاً كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ صَلَاةٍ وَ الْآخَرُ أَكْثَرَ دُعَاءٍ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ قَالَ: كُلٌّ حَسَنٌ. قُلْتُ: قَدْ عَلِمْتُ ذَلِكَ وَ لَكِنْ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ قَالَ: أَكْثَرُهُمَا دُعَاءً، أَمَا تَسْمَعُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ الْآيَةَ. وَ قَالَ هِيَ الْعِبَادَةُ.
وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ. قَالَ: هُوَ الدُّعَاءُ.
وَ رَوَى حَنَانُ بْنُ سَدِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع أَيُّ الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ وَ يُطْلَبَ مَا عِنْدَهُ، وَ مَا أَحَدٌ أَبْغَضَ إِلَى اللَّهِ مِمَّنْ يَسْتَكْبِرُ عَنْ عِبَادَتِهِ.

300
مجمع البحرين3

درر ص 301

 (درر)
قوله تعالى: كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ‏
 [24/ 35] هو بضم الدال الثاقب المضي‏ء الشديد الإنارة، نسب إلى الدر لبياضه و إن كان أكثر ضوءا منه، و قد تكسر الدال فيقال دِرِّيٌّ مثل سخري. قال الفراء نقلا عنه: الكوكب الدُّرِّيُّ عند العرب هو العظيم المقدار، و قيل هو أحد الكواكب الخمسة السيارة و جمع الدُّرِّة دُرَر كغرفة و غرف. قوله: يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً*
 [71/ 11] أي دارَّة عند الحاجة لأن المطر يدر ليلا و نهارا. و المِدْرَارُ: الكثير الدرور، مفعال يستوي فيه المذكر و المؤنث.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْوَدْيُ يَخْرُجُ مِنْ دَرِيرَةِ الْبَوْلِ".
هي بالمهملات الثلاثة كشعيرة أي سيلانه و مثله‏
" إِذَا انْقَطَعَتْ دِرَّةُ الْبَوْلِ" بِالْكَسْرِ" فَصُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ فِي جِرْيَانِهِ".
و الدِّرَّةُ بالكسر: التي يضرب بها، و الجمع دِرَر مثل سدرة و سدر. و منه‏
الْحَدِيثُ" كَانَ مَعَ عَلِيٍّ ع دِرَّةٌ لَهَا سَبَّابَتَانِ".
أي طرفان. و مثله‏
" كَانَ عَلِيٌّ ع كُلَّ بُكْرَةٍ يَطُوفُ فِي أَسْوَاقِ الْكُوفَةِ سُوقاً سُوقاً وَ مَعَهُ الدِّرَّةُ عَلَى عَاتِقِهِ".
وَ فِي دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ" دِيَماً دِرَراً".
جمع دِرَّة. يقال للسحاب دِرَّةٌ أي صب و اندفاق، و قيل الدِّرَر الدَّارَّة مثل دِيناً قِيَماً أي قائما. و الدَّرُّ بالفتح: كثرة اللبن و سيلانه، و منه" سقيا دائما غزرها واسعا دَرُّهَا" أي سيلانها و صبها و اندفاقها.
وَ فِي الدُّعَاءِ" اجْعَلْ رِزْقِي دَارّاً".
أي يتجدد شيئا فشيئا، من قولهم" دَرَّ اللبنُ" إذا زاد و كثر جريانه في الضرع. و قوله:" لله دَرُّهُمْ" دعاء لهم بالخير و لكن لله أبوهم فيه تهزؤ، و قيل تعجب منهم و ليس بدعاء.
وَ فِي الْخَبَرِ" نَهَى عَنْ ذَبْحِ ذَوَاتِ الدَّرِّ".
أي اللبن.

301
مجمع البحرين3

درر ص 301

و يقال في الذم" لا دَرَّ دَرُّهُ" أي لا كثر خيره، و في المدح" لله دَرُّهُ" أي عمله. و
فِي وَصْفِهِ ص" بَيْنَ حَاجِبَيْهِ عِرْقٌ يُدِرُّهُ الْغَضَبُ".
أي يمتلئ دما كما يمتلئ الضرع لبنا إذا در. و مثله‏
" أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ بِرَجُلٍ قَدْ سَقَا بَطْنُهُ وَ دَرَّتْ عُرُوقُ بَطْنِهِ".
أي امتلأت عروق بطنه كما يمتلئ الضرع من اللبن‏
 (دستر)
الدُّسْتُورُ بالضم: النسخة المعمولة للجماعات التي منها تحريرها، و الجمع دَسَاتِير- قاله في القاموس.
 (دسر)
قوله تعالى: ذاتِ أَلْواحٍ وَ دُسُرٍ
 [54/ 13] بضمتين أي مسامير، واحدها دِسَار، و يقال هي الشرط تشد بها السفينة.
وَ مِنْهُ حَدِيثُ السَّمَاءِ" رَفَعَهَا بِغَيْرِ عَمَدٍ يَدْعَمُهَا وَ لَا دِسَارٍ يَنْظِمُهَا".
و الدَّسْرُ الدفع، و منه‏
الْخَبَرُ" أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ يُؤْخَذَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ الْبَرِي‏ءُ عِنْدَ اللَّهِ فَيُدْسَرَ كَمَا تُدْسَرُ الْجَزُورُ".
أي يدفع و يكب للقتل كما يفعل بالجزور عند النحر. و مثله‏
فِي حَدِيثِ الْعَنْبَرِ" وَ إِنَّمَا هُوَ شَيْ‏ءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ".
أي دفعه و ألقاه إلى الشط.
 (دسكر)
وَ فِي حَدِيثِ هِرَقْلٍ" أَذِنَ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ".
الدَّسْكَرَةُ بناء على هيئة القصر فيه منازل و بيوت الخدم و الحشم، و ليست بقرية محصنة، و ليست بعربية، و الجمع دَسَاكِر. و
مِنْهُ" سَأَلْتُهُ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الدَّجَاجِ مِنَ الدَّسَاكِرِ".
الحديث.
 (دعر)
الدَّعَرُ بالتحريك: الفساد و الشر. و مثله الدَّعَارَة. و رجل دَاعِرٌ: أي خبيث مفسد.
وَ مِنْهُ الدُّعَاءُ" اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي الْغِلْظَةَ وَ الشِّدَّةَ عَلَى أَعْدَائِكَ وَ أَهْلِ الدَّعَارَةِ".
و سيأتي معنى الزعارة بالزاي المعجمة،

302
مجمع البحرين3

دعر ص 302

و في الوجهين قرئ" وَ مَا بِالنَّاسِ مِنْ دَعَارَةٍ فَمِنْ كَذَا". و في خلقه دَعَارَّةٌ مشددة الراء: سوء- قاله في القاموس‏
 (دغر)
الدَّغْرُ: الدفع، و الفعل كمنع.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا قَطْعَ فِي الدَّغَارَةِ الْمُعْلَنَةِ".
أي في الاختلاس الظاهر. و مثله‏
" لَا قَطْعَ فِي الدَّغْرَةِ".
أي الخلسة الظاهرة. و الدَّغْرَةُ: أخذ الشي‏ء اختلاسا، و الخَلْسُ: الدفع، لأن المختلس يدفع نفسه على الشي‏ء الذي يختلسه.
 (دفر)
الدَّفْرُ: الدفع في الصدر. و دَفِرَ الشي‏ءُ من باب تعب: أنتنت ريحه.
 (دفتر)
الدَّفْتَرُ واحد الدَّفَاتِر: التي يكتب بها.
 (دمر)
قوله تعالى: دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ‏
 [47/ 10] أي أهلكهم. و مثله قوله أَنَّا دَمَّرْناهُمْ‏
 [27/ 51] في قوله فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ‏
 فهو استيناف، و من قرأ بالفتح رفعه بدلا من العاقبة أو على خبر مبتدإ محذوف و هي تدميرهم، أو نصبه خبر كان، أي كان عاقبة مكرهم الدمار- كذا ذكره الشيخ أبو علي. و الدَّمَارُ: الهلاك،
وَ مِنْهُ الدُّعَاءُ عَلَى الْأَعْدَاءِ" اللَّهُمَّ عَجِّلْ بَوَارَهُمْ وَ دَمَارَهُمْ".
و دَمَرَ يَدْمُرُ دُمُوراً من باب قتل: دخل بغير إذن. و منه‏
الْحَدِيثُ" مَنْ دَمَرَ عَلَى مُؤْمِنٍ فِي مَنْزِلِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَدَمُهُ مُبَاحٌ لِلْمُؤْمِنِ".
و تَدْمُر بفتح التاء: من بلاد الشام.
 (دنر)
تكرر في الحديث ذكر الدِّينَار

303
مجمع البحرين3

دنر ص 303

بالكسر و هو واحد الدَّنَانِير الذي هو مثقال من الذهب. و عن ابن الأثير أن المثقال في العرف يطلق على الدِّينَار خاصة و أصله دنار بالتشديد فأبدل. و" الدِّينَوَرُ" قرية ما بين همذان و بغداد، و هي إلى همذان أقرب.
 (دور)
قوله تعالى: أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ
 [5/ 52] أي من دَوَائِرِ الزمان، أعني صروفه التي تدور و تحيط بالإنسان مرة بخير و مرة بشر و تكون الدولة للكفار. قوله: عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ*
 [9/ 98] أي عليهم يدور من الدهر ما يسوؤهم. قوله: تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ‏
 [11/ 65] أي استمتعوا بالعيش في دَارِكُمْ، أي في بلدكم، و تسمى البلد الدَّار لأنه يدار فيه بالتصرف، يقال دِيَارُ بِكْرٍ لبلادهم- كذا في تفسير الطبرسي قوله: يَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ
 [9/ 98] أي الموت أو القتل. قوله: لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً
 [71/ 26] أي أحدا، يقال ما في الدار أحد و لا دَيَّارٌ. و الدَّارُ: المنزل مؤنثة. و قوله: وَ لَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ‏
 [16/ 30] ذكر على معنى الموضع و المثوى كما قال تعالى نِعْمَ الثَّوابُ وَ حَسُنَتْ مُرْتَفَقاً فأنث على المعنى و أدنى العدد في الدار أَدْؤُر، و الهمزة فيه مبدلة من واو مضمومة، و لك أن لا تهمز، و الكثير دِيَار كخيار و دُور مثل أسد. و الدَّارَةُ: التي تحيط حول القمر. و دَارَ الشي‏ءُ يَدُورُ دَوْراً و دَوَرَاناً: إذا طاف حول الشي‏ء. و اسْتَدَارَ يَسْتَدِيرُ مثله. و المُسْتَدِيرُ حول الشي‏ء: الطائف به. و دَوَرَانُ الرحى معروف.
وَ فِي حَدِيثِ أُولِي الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ" وَ عَلَيْهِمْ دَارَتِ الرَّحَى".
قد تقدم ذكره.

304
مجمع البحرين3

دور ص 304

و الأربعاء التي لا تدور هي آخر الشهر و تَدْوِيرُ الشي‏ء: جعله مُدَوَّراً. و الدَّارِيُّ: العطار المنسوب إلى دَارِين موضع بالبحرين فيها سوق كان يحمل إليها المسك من ناحية الهند- قاله الجوهري.
وَ فِي الْخَبَرِ" مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ مَثَلُ الدَّارِيِّ إِنْ لَمْ يُحْذِكَ مِنْ عِطْرِهِ عَلِقَكَ مِنْ رِيحِهِ".
أي إن لم يحذك، من أَحْذَيْتُهُ إِحْذَاءً و الحَذِيَّة العطية. و الدَّيْرُ: خان النصارى أصله الواو و جمعه أَدْيَار. و" الدَّيْرَانِيُّ" صاحب الدير.
وَ فِي الْخَبَرِ" أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَبَرِ دُورِ الْأَنْصَارِ".
هي جمع دَار، و هي المنازل المسكونة و المحال، و أراد بها القبائل، و كل قبيلة اجتمعت في محله سميت المحلة دَاراً و سمي ساكنوها بها مجازا.
وَ فِي حَدِيثِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ" سَلَامٌ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ".
بالنصب على الاختصاص أو النداء، و بالجر بدلا من ضمير عليكم سمي موضع القبور دَاراً تشبيها بدار الأحياء لاجتماع الموتى فيها.
وَ دَارُ الْقَضَاءِ هِيَ دَارٌ وَصَّى عُمَرُ أَنْ يُقْضَى دَيْنُهُ بِهَا وَ كَانَ ثَمَانِيَةً وَ عِشْرِينَ أَلْفاً فَبَاعَهُ ابْنُهُ وَ قَضَى دَيْنَهُ.
و قيل هي دار الإمارة.
 (دهر)
قوله تعالى: وَ ما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ
 [45/ 24] الدَّهْرُ عبارة عن الزمان و مرور السنين و الأيام، و الجمع دُهُور. و قولهم" أصبحنا في دَهْرٍ عنود أهله" من عَنَدَ يَعْنُدُ بالضم عُنُوداً. و العَنُود: الذي يعدل عن طريق الحق.
وَ فِي الْخَبَرِ" لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ لِأَنَّ الدَّهْرَ هُوَ اللَّهُ".
لأنهم كانوا يضيفون النوازل إليه فقيل لهم لا تسبوا فاعل ذلك فإنه هو الله. و قولهم:" لَا آتِيكَ دَهْرَ الدَّاهِرِينَ" أي أبدا. و" الدَّهْرِيُّ" بالفتح: الملحد. و الدَّهْرِيَّة قوم يقولون لا رب و لا جنة و لا نار، و يقولون ما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ
، و هو دين وضعوه لأنفسهم بالاستحسان منهم على غير تثبت.

305
مجمع البحرين3

باب ما أوله الذال ص 306

باب ما أوله الذال‏
 (ذخر)
قوله تعالى: تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ‏
 [3/ 49] هو تفتعلون من الذخر، يقال ذَخَرْتُ الشي‏ءَ أَذْخُرُهُ ذَخْراً، و كذلك ادَّخَرْتُهُ و هو افتعلت. و" الذَّخِيرَة" واحدة الذَّخَائِر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مِنَ الْأَمْرِ الْمَذْخُورِ الْإِتْمَامُ فِي الْحَرَمَيْنِ".
أي المختار المدخر، من قولهم ذَخَرَهُ كمنعه ذُخْراً بالضم: اختاره و ادخره.
وَ فِي الْخَبَرِ" كُلُوا وَ ادَّخِرُوا".
أصله اذتخروا قلبت التاء دالا مهملة و أدغمت و قد يعكس فتصير ذالا معجمة و هو الأقل. و أصل الادِّخَار اذتخار، و هو افتعال من الذخر. و في الحديث ذكر الإِذْخِر بكسر الهمزة و الخاء: نبات معروف عريض الأوراق طيب الرائحة يسقف به البيوت يحرقه الحداد بدل الحطب و الفحم، الواحدة إِذْخِرَة و الهمزة زائدة.
 (ذرر)
قوله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ‏
 [99/ 7] أي ير ثوابه و جزاءه. و الذَّرَّةُ بتشديد الراء النملة الصغيرة التي لا تكاد ترى، و يقال إن المائة منها زنة حبة شعير، و قيل هي جزء من أجزاء الهباء الذي يظهر في الكوة من أثر الشمس. و مثله قوله: وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ‏
 [99/ 8] أي يره في كتابه فيسوؤه. نقل أن الآية مخصوصة بغير خلاف، فإن التائب معفو عنه بالإجماع، و آيات العفو دالة على جواز العفو عما دون الشرك، فجاز أن يشترط في المعصية التي يؤاخذ بها أن لا تكون مما قد عفي عنه. قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَ إِنْ تَكُ حَسَنَةً
 [4/ 40] أنث مثقال ذرة بكونه مضافا إلى مؤنث، و قرئ حَسَنَةٌ بالرفع على أن كان تامة،

306
مجمع البحرين3

ذرر ص 306

و في الآية دلالة على أنه لو نقص من الأجر أدنى شي‏ء أو زيد على المستحق من العقاب كان ظلما. قوله: فَما آمَنَ لِمُوسى‏ إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ‏
 [10/ 83] قال المفسر: إلا ذرية من ذراري بني إسرائيل، كأنه قال الأولاد من أولاد قومه، و ذلك أنه دعا الآباء فلم يجيبوه خوفا من فرعون و
قِيلَ هُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَ كَانُوا سِتَّمِائَةِ أَلْفٍ وَ كَانَ يَعْقُوبُ دَخَلَ مِصْرَ مِنْهُمْ بِاثْنَيْنِ وَ سَبْعِينَ.
و إنما سماهم ذُرِّيَّة على وجه التصغير لقلتهم بالإضافة إلى قوم فرعون، و قيل الضمير في قَوْمِهِ لفرعون و الذُّرِّيَّة مؤمن آل فرعون و آسية امرأته و حارثة و امرأة حارثة و امرأة أخرى. قوله: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ
 [6/ 84] الآية الضمير لنوح ع أو لإبراهيم ع. قوله: وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي‏
 [46/ 15] أي اجعل ذريتي صالحين، و قيل إن الدعاء بإصلاحهم لطاعة الله و عبادته. قال المفسر: و هو الأشبه لأن طاعتهم لله تعالى من بره، لأن اسم الذُّرِّيَّة يقع على من يكون بعده.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الذَّرَّةُ تَخْرُجُ مِنْ جُحْرِهَا تَطْلُبُ رِزْقَهَا".
يريد النملة الصغيرة. و الذَّرُورُ كرسول: ما يذر في العين من الدواء اليابس، يقال ذَرَرْتُ عينَه: إذا داويته بها. و ذَرَرْتُ الملحَ على الحب من باب قتل: إذا فرقته عليه. و" الذَّرِيرَةُ" بفتح معجمة فتاة قصب الطيب، و هو قصب يجاء به من الهند- كذا في مجمع البحار و غيره. و عن بعض الفضلاء: أن قصب الذَّرِيرَة يؤتى به من ناحية نهاوند، و أصلها قصب نابت في أجمة في بعض الرساتيق محيط بها حيات، و الطريق إليها على عدة عقبات، فإذا طال ذلك القصب ترك حتى يجف ثم يقطع عقدا و كعابا ثم يعبى في جواليق، فإذا أخذ على عقبة من تلك العقبات المعروفة صار ذَرِيرَة و إن سلك به على غير تلك العقبات بقي قصبا لا يصلح إلا للوقود.

307
مجمع البحرين3

ذرر ص 306

وَ فِي حَدِيثِ التَّكْفِينِ" فَذَرَّ ع عَلَى كُلِّ ثَوْبٍ شَيْئاً مِنْ ذَرِيرَةٍ وَ كَافُورٍ".
و لعل المراد مطلق الطيب المسحوق كما ذكره بعض الفضلاء. و ذَرُّ ابن أبي ذَرٍّ الغفاري الصحابي،
وَ أَبُو ذَرٍّ اسْمُهُ جُنْدَبُ بْنُ السَّكَنِ تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَ ثَلَاثِينَ وَ صَلَّى عَلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ وَ قَدِمَ ابْنُ مَسْعُودٍ الْمَدِينَةَ فَأَقَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَمَاتَ عَاشِرَهُ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الشَّيْطَانُ يُقَارِنُ الشَّمْسَ إِذَا ذَرَّتْ وَ كَبَّدَتْ وَ إِذَا غَرَبَتْ".
قَوْلُهُ إِذَا ذَرَّتْ.
أي طلعت، يقال ذَرَّتِ الشمسُ تَذُرُّ ذُرُوراً: أي طلعت. و منه" ذَرَّ البقلُ" إذا طلع. و محصل الحديث كراهة الصلاة في هذه الأوقات. و" الذُّرِّيَّةُ" اسم يجمع نسل الإنسان من ذكر و أنثى، و أصله الهمز فخفف، و يجمع على ذُرِّيَّات و ذَرَارِيِّ مشددة. و قيل أصلها من الذَّرِّ بمعنى التفرق لأن الله ذَرَّهُمْ في الأرض أي فرقهم. و ذَرَارِيُّ المشركين: أولادهم الذين لم يبلغوا الحلم.
 (ذعر)
فِي الْحَدِيثِ" لَا يَزَالُ الشَّيْطَانُ ذَاعِراً مِنَ الْمُؤْمِنِ".
أي ذا ذُعْرٍ منه و خوف، أو هو بمعنى مفعول أي مَذْعُوراً، يقال ذَعَرْتُهُ ذَعْراً من باب نفع: أفزعته، و الاسم الذُّعْرُ بالضم، و قد ذُعِرَ فهو مَذْعُورٌ. و" ذو الأَذْعَار" ملك من ملوك اليمن لأنهم زعموا أنه حمل النسناس إلى بلاد اليمن فذعر الناس منه.
 (ذفر)
فِي حَدِيثِ الْمُسْتَحَاضَةِ" وَ تَحْتَشِي وَ تَسْتَذْفِرُ".
بالذال المعجمة من الاسْتِذْفَار بإبدالها من الثاء المثلثة كما هو المشهور من النسخ، و قد مر الكلام فيه.
وَ فِي حَدِيثِ الْمَيِّتِ" ثُمَّ أَذْفِرْهُ بِالْخِرْقَةِ وَ يَكُونُ تَحْتَهَا الْقُطْنُ تُذْفِرُ بِهِ إِذْفَاراً".

308
مجمع البحرين3

ذفر ص 308

كأنه أراد تربطه ربطا. و الذَّفَرُ بالتحريك: شدة ذكاء الريح. و منه" مسك أَذْفَرُ" أي جيد بين الذفر.
وَ قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ" وَ ذَفِرَ الشَّيْ‏ءُ".
من باب تعب. و امرأة ذَفِرَةٌ: ظهرت ريحها و اشتدت طيبة كانت كالمسك أو كريهة كالصنان.
 (ذكر)
قوله تعالى: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ*
 [16/ 43]
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: نَحْنُ وَ اللَّهِ أَهْلُ الذِّكْرِ. فَقُلْتُ: أَنْتُمُ الْمَسْئُولُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَ عَلَيْكُمْ أَنْ تُجِيبُونَا؟ قَالَ: ذَاكَ إِلَيْنَا إِنْ شِئْنَا فَعَلْنَا وَ إِنْ شِئْنَا تَرَكْنَا.
قوله: لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ‏
 [43/ 44] أي شرف. و مثله قوله: وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ
 [38/ 1] قيل لما فيه من قصص الأولين و الآخرين. قوله: ذِكْرى‏ لِأُولِي الْأَلْبابِ*
 [40/ 54] أي عبرة لهم. قوله: أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً
 [20/ 113] أي تذكرا. قوله: وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ‏
 [94/ 4] قال: تذكر إذا ذكرت، و هو قول الناس‏
" أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ".
قوله: كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ
 [21/ 105] قال المفسر الكتب كلها ذِكْرٌ. قوله: وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ‏
 [2/ 114] قال المفسر: أن يذكر مفعول ثان لمنع، مثل قوله وَ ما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ و ما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا* كل ذلك منصوب بنزع الخافض، أي من أن نذكر و من أن نرسل، و شرط النصب بنزع الخافض أن يكون الفعل متعديا إلى مفعول آخر. ثم قال: و قال الزمخشري إنه مفعول له أي كراهة أن يذكر. و فيه نظر لأن‏

309
مجمع البحرين3

ذكر ص 309

منع تعقله يتوقف على متعلقين و لا يمكن أن يقدر غير الذكر فيها لأنه هو الممنوع منه- انتهى. قوله: هذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ‏
 [21/ 36] أي يعيبها، و مثله فَتًى يَذْكُرُهُمْ‏
 [21/ 60] أي يعيبهم. قوله وَ اذْكُرُوا ما فِيهِ*
 [2/ 63] أي ادرسوا. قوله: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً وَ دُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ‏
 [7/ 205] الآية. قال الشيخ أبو علي: و هو عام في الأذكار و قراءة القرآن و الدعاء و التسبيح و التهليل. و تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً أي متضرعا و خائفا. وَ دُونَ الْجَهْرِ أي و متكلما كلاما دون الجهر لأن الإخفاء أدخل في الإخلاص و أبعد من الرياء و أقرب إلى القبول. قوله: يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ*
 [89/ 23] أي يتوب و أنى له التوبة. قوله: وَ ادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ
 [12/ 45] أي ذكر بعد نسيان، و أصله اذتكر فأدغم. قوله: وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ*
 [54/ 17] و الأصل مذتكر فأدغم. قوله: إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ
 [38/ 46] أي بخصلة خالصة و هي ذِكْرَى الدار أي ذكراهم الآخرة دائما و نسيانهم ذكر الدنيا، أو تذكيرهم الآخرة و ترغيبهم فيها و تزهيدهم في الدنيا كما هو شأن الأنبياء. و قيل ذِكْرَى الدَّارِ
 الثناء الجميل في الدنيا و لسان الصدق الذي ليس لغيرهم، و يتم الكلام في خلص إن شاء الله. قوله: فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ‏
 [47/ 18] أي فكيف لهم إذا جاءتهم الساعة بذكراهم. قوله: ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا
 [19/ 2] أي ذكر ربك برحمته عبده. قوله: فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً
 [77/ 5] مر ذكره في لقي، و معنى عُذْراً أَوْ نُذْراً إعذارا من الله أو إنذارا. قوله: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ
 يعني القرآن لَمَّا جاءَهُمْ وَ إِنَّهُ لَكِتاب‏

310
مجمع البحرين3

ذكر ص 309

عَزِيزٌ [41/ 41] أي منيع محمي بحماية الله. قوله: أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً
 [20/ 113] أي تذكيرا. قوله: وَ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ‏
 [3/ 103] أي احفظوها و لا تضيعوا شكرها. قال الشيخ أبو علي: الذِّكْرُ هو حضور المعنى في النفس، و قد يستعمل الذِّكْر بمعنى القول لأن من شأنه أن يذكر به المعنى، و التَّذَكُّرُ هو طلب القول. قوله: أَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا
 [38/ 8] الذِّكْرُ من أسماء القرآن، سمي به لأنه لا يذكر و يذكر به المنزل عليه و المؤمن به و العامل و التالي فيفيده. و الذِّكْرِ الْحَكِيمِ‏
 [3/ 58] أي المحكم الذي أُحْكِمَتْ آياتُهُ أو المتضمن للحكمة. قوله: نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً
 [56/ 73] أي من شاء أن يتذكر بنار جهنم فليتعظ. قوله: لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً
 [69/ 2] عبرة و موعظة. قوله: اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً
 [33/ 41] الذِّكْرُ يشمل الصلاة و قراءة القرآن و الحديث و تدريس الصلاة و مناظرة العلماء. قوله: فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ‏
 [2/ 200] قال الزمخشري: أي أكثروا ذكر الله و بالغوا فيه كما تفعلون في ذكر آبائكم و مفاخرهم و أيامهم، و كانوا إذا قضوا مناسكهم وقفوا بين المسجد بمنى و بين الجبل فيعدون فضائل آبائهم و يذكرون محاسن أيامهم قيل إنما جعل ذكر الآباء مشبها به و الغالب في التشبيه أن المشبه به أقوى في الشبه مع أن ذكره تعالى ينبغي أن يكون أقوى جريا على الواقع فإن أكثر الناس لا يذكرون الله إلا أحيانا يسيرة و لا يغفلون عن ذكر الآباء، فكان ذكر الآباء أكثر وجودا فحسن جعله مشبها به.

311
مجمع البحرين3

ذكر ص 309

قوله: أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي‏
 [20/ 14] يحتمل وجوها و الأحسن منها ما وافق الحديث، و المعنى أقم الصلاة لذكرها لأنه إذا ذكرها فقد ذكر الله تعالى. و سيأتي في فكر كلام لطيف يناسب المقام، و يمكن أن يقدر مضاف هنا أي لذكر صلاتي، أو يكون قد وقع ضمير الله موقع ضمير الصلاة لشرفها، و قرئ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِلذِّكْرَى فتكون اللام الأولى بدل الإضافة، أي أقم الصلاة وقت ذكرها. قوله: أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى‏
 [80/ 4] قال الشيخ أبو علي قرأ عاصم فَتَنْفَعَهُ بالنصب و الباقون بالرفع، فمن قرأ بالرفع عطفه على ما تقدم من الرفع و من قرأ بالنصب فعلى أنه جواب بالفاء. قوله: هَلْ أَتى‏ عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً
 [76/ 1]
قَالَ الصَّادِقُ ع: كَانَ مُقَدَّراً غَيْرَ مَذْكُورٍ.
و المعنى قد مضى على الإنسان وقت لم يكن موجودا في الأرض مَذْكُوراً بين أهل الأرض، و لم يكن تقديره أيضا- أي نقشه- موجودا في اللوح المحفوظ، فعلم تجدد إرادته تعالى و تجدد تقديره، و هذا هو معنى البَدَاءِ في حقه تعالى. و مثله قوله: أَ وَ لا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً
 فقال: لا مقدرا و لا مكونا، أي مقدرا في اللوح المحفوظ و لا موجودا في الأرض. قوله: فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها
 [79/ 43] قال الشيخ أبو علي: أي في أي شي‏ء أنت من أن تذكر وقتها لهم، و المراد ما أنت من ذكراها لهم و تبين وقتها في شي‏ء إِلى‏ رَبِّكَ مُنْتَهاها أي منتهى علمها لم يأت علمها أحدا من خلقه فيم إنكار لسؤالهم أي فيم هذا السؤال، و قيل أنت من ذِكْرَاهَا أي إرسالك و أنت خاتم الأنبياء المبعوث إلى قيام الساعة ذكر من ذكراها و علامة من علاماتها، و كفاهم بذلك دليلا على إقرابها و وجوب الاستعداد لها.

312
مجمع البحرين3

ذكر ص 309

وَ فِي الْحَدِيثِ" أَوْلِيَاءُ اللَّهِ تَكَلَّمُوا فَكَانَ كَلَامُهُمْ ذِكْراً".
أراد الذكر الكلامي و قد اختاروا له كلمة التوحيد. و" الذِّكْرُ" بالكسر: نقيض النسيان و الذِّكْرَى مثله. و الذَّكَرُ بالتحريك: خلاف الأنثى، و الجمع ذُكُور و ذُكْرَان. و منه‏
فِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ" ابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ".
قيل ذكر الذكر للتأكيد، و قيل إن الابن يطلق في بعض الحيوانات على الذكر و الأنثى كابن آوى و ابن عرس فيرتفع الإشكال. و الذَّكَرُ: العضو المعروف، و يعبر عنه بالقضيب، و جمعه ذِكَرَة كعنبة و مَذَاكِير على غير القياس. و منه‏
الْحَدِيثُ" وَ قَطَعَ مَذَاكِيرَهُ".
أي استأصل ذكره، و إنما جمع على ما حوله كقولهم" شابت مفارق رأسه". و مثله" غسل مَذَاكِيره".
وَ فِي الْحَدِيثِ" كُنْتُ ذَكُوراً فَصِرْتُ نَسِيّاً".
أراد المبالغة في الذكر و النسيان و
فِيهِ" أَنَّ عَلِيّاً ع يَذْكُرُ فَاطِمَةَ".
أي يخطبها و يتعرض لخطبتها.
 (ذمر)
فِي الْحَدِيثِ" أَلَا إِنَّ الشَّيْطَانَ ذَمَّرَ حِزْبَهُ وَ اسْتَجْلَبَ جَلَبَهُ".
ذَمَرَ بالتخفيف و التشديد حث. و الجَلَبُ: الجماعة من الناس تجلب و تؤلف.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" أَلَا إِنَّ عُثْمَانَ فَضَحَ الذِّمَارَ".
و الذِّمَارُ: ما لزمك حفظه مما وراءك و يتعلق بك. و ذِمَارُ: الرجل مما وراءه و يحق عليه أن يحميه.
باب ما أوله الزاي‏
 (زأر)
الزَّئِيرُ: صوت الأسد في صدره، يقال زَأَرَ يَزْأَرُ زَأْراً و زَئِيراً: إذا صاح و غضب فهو زَائِرٌ.

313
مجمع البحرين3

زبر ص 314

(زبر)

قوله تعالى: وَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ
 [54/ 52] في دواوين الحفظة و الزُّبُر الصحف جمع زَبُور كرسول. و مثله قوله تعالى: جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَ الزُّبُرِ
 [3/ 184] قوله: زُبَرَ الْحَدِيدِ
 [18/ 96] بفتح الباء و ضمها، أي قطع الحديد، واحدتها زُبْرَة كغرفة و غرف. و مثله قوله تعالى: فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً
 [23/ 53] أي قطعا. و الزِّبْرُ بالكسر: الكتاب، و الجمع زُبُور كقدر و قدور. و منه قرأ بعضهم: وَ آتَيْنا داوُدَ زُبُوراً [17/ 55] بضم الزاي. و الزَّبُورُ بالفتح: كتاب داود ع، فعول بمعنى مفعول، من زَبَرْتُ الكتابَ كتبته أي من زَبَرْتُهُ أحكمته،
قِيلَ وَ كَانَ مِنَ الزَّبُورِ مِائَةٌ وَ خَمْسُونَ سُورَةً لَيْسَ فِيهَا حُكْمٌ مِنَ الْأَحْكَامِ وَ إِنَّمَا هِيَ حِكَمٌ وَ مَوَاعِظُ وَ تَحْمِيدٌ وَ تَمْجِيدٌ وَ ثَنَاءٌ.
قوله: وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ
 [21/ 105] الآية. الزَّبُورُ بفتح الزاي اسم لجنس ما أنزل على الأنبياء من الكتب، و الذِّكْرُ أم الكتاب يعني اللوح المحفوظ، و قيل زَبُور داود ع و الذكر التوراة و القرآن. و المَزْبُورُ: المكتوب. و منه‏
حَدِيثُ أَهْلِ الْبَيْتِ ع" عِلْمُنَا عَلَى ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ مَاضٍ وَ غَابِرٍ وَ حَادِثٍ، أَمَّا الْمَاضِي فَمَضَى وَ أَمَّا الْغَابِرُ فَمَزْبُورٌ".
أي مكتوب في الجفر و غيره‏
" وَ أَمَّا الْحَادِثُ فَقَذْفٌ فِي الْقُلُوبِ".
و الزَّبْرُ: الزجر و النهر، يقال زَبَرَهُ زَبْراً من باب قتله: زجره و نهره. و منه‏
الْحَدِيثُ" إِذَا رَدَدْتَ عَلَى السَّائِلِ ثَلَاثاً فَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَزْبُرَهُ".
يعني تنهره و تغلظ له في القول. و" الزُّبَيْرُ" في التصغير ابن العوام، و الزُّبَيْرِيُّ نسبة إليه، والدته صفية بنت عبد المطلب. و [الزُّبَيْرُ أيضا] أخو عبد الله أبي النبي ص و أخو أبي طالب أبي علي ع لأبيهما و أمهما.

314
مجمع البحرين3

زبر ص 314

وَ قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ صَفِيَّةَ أَعْتَقَتْ غُلَاماً تَطَوُّلًا وَ مَاتَتْ صَفِيَّةُ وَ مَاتَ مُعْتَقُهَا وَ لَمْ يُخَلِّفْ نَسَباً وَ تَرَكَ مَالًا، فَقَالَ عَلِيٌّ ع: مِيرَاثُهُ لِي وَ لِأَخِي، وَ قَالَ الزُّبَيْرُ بَلْ إِرْثُهُ لِي وَ كَانَ فِي عَهْدِ عُمَرَ فَحَكَمَ لِلزُّبَيْرِ بِذَلِكَ، فَقَالَ عَلِيٌّ ع هَذَا خِلَافٌ لِمَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ فَإِنَّ وَلَاءَ مُعْتَقِ الْمَرْأَةِ يَكُونُ لِعَصَبَتِهَا وَ هُمْ عَاقِلَتُهَا وَ لَيْسَ لِأَوْلَادِهَا.
و" الزَّبِيرُ" ككريم: اسم الجبل الذي كلم عليه موسى ربه. و" الزُّنْبُور" بضم الزاي: حيوان لساع، و الجمع الزَّنَابِيرُ.
وَ فِي حَدِيثِ الْمُسُوخِ" كَانَ لَحَّاماً يَسْرِقُ فِي الْمِيزَانِ".
و الزُّنْبُور أيضا: نوع من المرض.
 (زبعر)
" الزِّبَعْرَى" بكسر الزاي و فتح الباء و الراء: السي‏ء الخلق، و الذي كثر شعر وجهه و حاجبيه. و عن الفارابي الزِّبَعْرَى: نبت له رائحة فائحة، و سمي الرجل من ذلك.
 (زجر)
قوله تعالى: فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ*
 [37/ 19] يعني نفخة الصور و الزَّجْرَة: الصيحة بشدة و انتهار. قوله: فَالزَّاجِراتِ زَجْراً
 [37/ 2] يعني الملائكة تزجر السحاب و تنهره. قوله: وَ لَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ أي القرآن المودع من أنباء الآخرة و القرون الماضية ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ
 [54/ 4] أي ازدجار أو موضع ازدجار عن الكفر و تكذيب الرسل، من زَجَرْتُهُ زَجْراً من باب قتل: منعته.

315
مجمع البحرين3

زحر ص 316

و ازْدَجَرَ: افتعل، من الزَّجْر و هو الانتهار. و تَزَاجَرُوا عن المنكر زجر بعضهم بعضا. و الزَّاجِرُ عن الخنا و الفحش: المانع له. و ازْجُرِ الشيطانَ عنك: امنعه من التسلط عليك كما تزجر الكلب حين يطلبك لتمنعه عنك. و" يَزْدَجِرْدُ" أحد ملوك الفرس. و منه سلامة بنت يَزْدَجِرْد أم زين العابدين و اسمها شاه‏زنان.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي رَبِيعِ الْأَبْرَارِ: يَزْدَجِرْدُ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ سُبِينَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَحَصَلَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَأَوْلَدَهَا سَالِماً، وَ الْأُخْرَى لِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَأَوْلَدَهَا قَاسِماً، وَ الْأُخْرَى لِلْحُسَيْنِ ع فَأَوْلَدَهَا عَلِيّاً زَيْنَ الْعَابِدِينَ ع، فَكُلُّهُمْ بَنُو خَالَةٍ.
 (زحر)
فِي الْحَدِيثِ" إِذَا تَزَحَّرَ قَالَ كَذَا".
الزَّحِيرُ: استطلاق البطن و التنفس بشدة، و كذلك الزُّحَار بالضم، و منه زَحَرَتِ المرأةُ عند الولادة تَزْحَرُ.
 (زخر)
فِي الْحَدِيثِ" فَزَخَرَ الْبَحْرُ".
كمنع زَخْراً و زُخُوراً: مد و كثر ماؤه و ارتفعت أمواجه. و زَخَرَ النباتُ: طال. و عِرْقُ فلان زَاخِرٌ: لمن كان كريما. و الزَّاخِرُ: الشرف العالي.
 (زرر)
الزِّرُّ بالكسر و شدة الراء واحد أَزْرَار القميص، يقال زَرَّ الرجلُ القميص زَرّاً من باب قتل: أدخل الأزرار في العرى، و زَرَّرَ بالتضعيف مبالغة. و أَزَرَّهُ بالألف: جعل له أزرارا. و الزُّرْزُورُ بالضم: نوع من العصافير سمي بذلك لِزَرْزَرَتِهِ أي لتصويته، من قولهم زَرْزَرَ: إذا صوت.
وَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ" الزُّرْزُورُ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ رِزْقَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ يَا رَزَّاقُ".

316
مجمع البحرين3

زرر ص 316

و" زُرَارَةُ" أحد رواة الحديث.
وَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ الصَّادِقِ ع" رَحِمَ اللَّهُ زُرَارَةَ بْنَ أَعْيَنَ لَوْ لَا زُرَارَةُ لَانْدَرَسَتْ أَحَادِيثُ أَبِي".
 (زعر)
قد جاء في الحديث ذكر الزُّعْرُور بالضم و هو تمر من تمر البادية شبه النبق في خلقه و طعمه حموضة. و الزُّعْرُورُ: السي‏ء الخلق. و منه‏
الْحَدِيثُ" أُخَالِطُ الرَّجُلَ وَ أَرَى مِنْهُ زَعَارَّةً".
هي بالزاي المعجمة و تشديد الراء المهملة، أي شراسة خلق و شكاسة، و قرئ دَعَارَة بالدال المهملة أي فسق و فساد كما سبق التنبيه عليه في محله. و الزَّعَرُ بالتحريك: قلة الشعر، و منه رجل أَزْعَر.
 (زعفر)
" الزَّعْفُرَانُ" بفتح الزاي و ضم الفاء: نبت معروف يجمع على زَعَافِر مثل ترجمان و تراجم. و منه زَعْفَرْتُ الثوب: إذا صبغته به، و ثوب مُزَعْفَرٌ.
 (زفر)
قوله تعالى: لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ‏
 [11/ 106] الزَّفِيرُ صوت الحمار، و الشَّهِيق آخر صوته، لأن الزَّفِيرَ إدخال النفس و الشَّهِيق إخراجه، و الزَّفِير من الصدر و الشَّهِيق من الحلق. و زَفَرَ زَفِيراً: أخرج نفسه بعد مدة أيام، و الاسم الزَّفْرَة، و الجمع زَفَرَات بالتحريك لأنه اسم لا نعت. و يتم الكلام في شهق. و زَافِرَة الرجل: أنصاره و عشيرته.

317
مجمع البحرين3

زكر ص 318

(زكر)

تكرر في الكتاب الكريم و غيره ذكر زَكَرِيَّا ع، قيل هو من نسل يعقوب بن إسحاق، و قيل هو أخو يعقوب بن ثامان، و فيه لغات المد و القصر و حذف الألف، فإن مددت أو قصرت لم تصرف، و إن حذفت الألف صرفت- قاله الجوهري ثم ذكر تفصيل تثنيته و جمعه. و نقل في السير أنه عاش تسعة و تسعين سنة. و في حديث الوليمة ذكر الزكَار، و فسر بالرجل يقدم من مكة.
 (زمر)
قوله تعالى: وَ سِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى‏ جَهَنَّمَ زُمَراً
 [39/ 71] أي جماعات في تفرقة، واحد منها زُمْرَة و هي الجماعة من الناس، و منه زُمْرَةُ المتقين.
وَ فِي الْخَبَرِ" نَهَى عَنْ كَسْبِ الزَّمَّارَة".
و فسر فيه بالزانية. و عن الأزهري أنه قال: يحتمل أن يكون نهى عن كسب المرأة المغنية. و زَمَرَ الرجلُ يَزْمِرُ من باب ضرب زَمْراً: إذا ضرب المِزْمَار، و هو بالكسر قصبة يزمر بها و تسمى الشبابة، و الجمع مَزَامِير. و منه‏
الْحَدِيثُ" إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي لِأَمْحَقَ الْمَعَازِفَ وَ الْمَزَامِيرَ".
و
فِي آخَرَ" أُمِرْتُ بِمَحْقِ الْمَزَامِيرِ".
و المَزْمُور بفتح الميم و ضمها و المِزْمَار سواء
وَ فِي خَبَرِ أَبِي مُوسَى حِينَ سَمِعَهُ النَّبِيُّ يَقْرَأُ" لَقَدْ أُعْطِيتَ مِزْمَاراً مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ ع".
أراد بآل داود نفسه، و المعنى أوتيت لحنا طيبا من ألحان داود ع لأنه كان حسن الصوت‏

318
مجمع البحرين3

زمر ص 318

في القراءة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا تَأْكُلِ الزِّمِّيرَ".
و
فِي آخَرَ" أَنْهَاكُمْ عَنْ أَكْلِ الزِّمِّيرَ".
الزِّمِّير كسكيت نوع من السمك.
وَ فِي بَعْضِ مَا رُوِيَ" الزِّمَّارُ مِنَ الْمُسُوخِ".
 (زمهر)
قوله تعالى: لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَ لا زَمْهَرِيراً
 [76/ 13] فسر الزَّمْهَرِير بشدة البرد، يعني أن هواها معتدل لا حر شمس يحمي و لا زمهرير يؤذي. و المُزْمَهِرُّ كمكفهر: الشديد الغضب.
 (زنر)
في الحديث ذكر الزُّنَّار كتفاح: شي‏ء يكون على وسط النصارى و اليهود، و الجمع زَنَانِير. و منه" فَقَطَعَ زُنَّارَهُ".
 (زور)
قوله تعالى: وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ
 [22/ 30] الزُّور: الكذب و الباطل و التهمة. و روي أنه يدخل في الزُّور الغناء و سائر الأقوال الملهية لأن صدق القول من أعظم الحرمات. قوله: وَ الَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ
 [25/ 72] قيل يعني الشرك، و قيل أعياد اليهود و النصارى. قوله: تَزاوَرُ!! عَنْ كَهْفِهِمْ‏
 [18/ 17] أي تمايل عنه، و لذا قيل للكذب زُور لأنه يميل عن الحق، و يقال تَزَاوَرَ عنه تَزَاوُراً: عدل عنه و انحرف، و قرئ تَزَّاوَرُ و هو مدغم تَتَزَاوَرُ. قوله: حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ
 [102/ 2] يعني أدرككم الموت.
وَ فِي الْحَدِيثِ" تَزَاوَرُوا تَلَاقَوْا وَ تَذَاكَرُوا أَمْرَنَا وَ أَحْيُوهُ".
أي زوروا إخوانكم و يزورونكم و لاقوا إخوانكم و يلاقونكم و تذاكروا فيما بينكم أمرنا و ما نحن عليه و أحيوه و لا تميتوه، يعني تدرسونه. و زَارَهُ يَزُورُهُ زيارة: قصده، فهو زَائِرٌ و زَوْرٌ و زُوَّارٌ مثل سافر و سفر و سفار، يقال نسوة زَوْرٌ أيضا و زَائِرَات. و
فِيهِ" مَنْ زَارَ أَخَاهُ فِي جَانِبِ الْمِصْرِ" أَيْ قَصَدَهُ" ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ فَهُوَ زَوْرُه‏

319
مجمع البحرين3

زور ص 319

وَ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكْرِمَ زَوْرَهُ".
أي قاصديه. و
فِيهِ" مَنْ فَعَلَ كَذَا فَقَدْ زَارَ اللَّهَ فِي عَرْشِهِ".
قال الصدوق: زِيَارَةُ الله تعالى زِيَارَةُ أنبيائه و حججه ص من زَارَهُمْ فقد زَارَ الله عز و جل، كما أن من أطاعهم فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ و من عصاهم فقد عصى الله و من تابعهم فقد تابع الله، و ليس ذلك على ما تتأوله المشبهة تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
وَ فِي الدُّعَاءِ" اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ زُوَّارِكَ".
بالواو المشددة، أي من القاصدين لك الملتجئين إليك. و" المَزَارُ" بالفتح يكون مصدر أو موضع الزيارة. و الزِّيَارَةُ في العرف: قصد المزور إكراما له و تعظيما له و استيناسا به. و الزَّوْرُ: وسط الصدر أو ما ارتفع إلى الكتفين أو ملتقى عظام الصدر حيث اجتمعت- قاله في القاموس. و" الزَّوْرَاءُ" بالفتح و المد: بغداد و موضع بالمدينة يقف المؤذنون على سطحه للنداء الثالث قبل خروج الإمام ليسعوا إلى ذكر الله و لا تفوتهم الخطبة و النداء الأول بعده عند صعوده للخطبة و النداء الأول بعده عند صعوده للخطبة و الثاني الإقامة بعد نزوله من المنبر- قاله في المجمع. قال: و هذا الأذان أمر به عثمان بن عفان. و" الزَّوْرَاءُ" في شعر ابن أبي عقبة:
و ينحر بِالزَّوْرَاء منهم لدى ضحى             ثمانون ألفا مثل ما تنحر البدن‏

هُوَ جَبَلٌ بِالرَّيِّ يُقْتَلُ فِيهِ ثَمَانُونَ أَلْفاً مِنْ وُلْدِ فُلَانٍ كُلُّهُمْ يَصْلُحُ لِلْخِلَافَةِ يَقْتُلُهُمْ أَوْلَادُ الْعَجَمِ- كَذَا مَرْوِيٌّ عَنِ الصَّادِقِ ع‏
و ربما كان ذلك في دولة القائم. و ازْوَرَّ عنه ازْوِيرَاراً: عدل عنه‏

320
مجمع البحرين3

زور ص 319

و انحرف. و التَّزْوِيرُ: تزيين الكذب. و زَوَّرْتُ الشي‏ءَ: حسنته و قومته.
 (زهر)
قوله تعالى: وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى‏ ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا
 [20/ 131] بفتح الزاي و سكون الهاء أي زينتها و بهجتها، و في انتصاب زَهْرَة وجوه: منها على الذم و الاختصاص و تضمين متعنا و أعطينا و خولنا، و كونه مفعولا ثانيا له، و على إبداله من محل الجار و المجرور، و على إبداله من أزواج على تقدير ذوي زَهْرَةٍ.
وَ" الزَّهْرَاءُ" فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ ص، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا إِذَا قَامَتْ فِي مِحْرَابِهَا زَهَرَ نُورُهَا إِلَى السَّمَاءِ كَمَا يَزْهَرُ نُورُ الْكَوَاكِبِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ.
وَ رُوِيَ أَنَّهَا سُمِّيَتِ الزَّهْرَاءَ لِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَهَا مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ.
و من صفاته" أَزْهَرُ اللون" أي نير اللون، من الزُّهْرَةِ و هي البياض النير و هو أحسن الألوان. و منه رجل أَزْهَرُ: أي أبيض مشرق الوجه، و المرأة زَهْرَاء. و زَهَرَ الشي‏ءُ يَزْهَرُ- بفتحتين-: صفا لونه و أضاء. قال في المصباح: و قد يستعمل في اللون الأبيض خاصة. و زَهِرَ الرجلُ- من باب تعب-: ابيض وجهه. و زَهْرُ النبات نوره، الواحدة زَهْرَة مثل تمر و تمرة، و قد تفتح الهاء. و زَهَرَ السراج و القمر و الوجه كمنع زُهُوراً: تلألأ. و اليوم الأَزْهَر: يوم الجمعة.
وَ فِي الْخَبَرِ" سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَ آلِ عِمْرَانَ الزَّهْرَاوَان".
أي المنيران، واحدتها زَهْرَاء. و" زُهْرَة" حي من قريش، و هي اسم امرأة كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، و منه" الزُّهْرِيُّ" المشهور.

321
مجمع البحرين3

زهر ص 321

و المِزْهَر بكسر الميم من آلات الملاهي و هي عود الغناء، و المَزَاهِر جمعه.
باب ما أوله السين‏
 (سأر)
في الحديث تكرر ذكر الأَسْآر جمع سُؤْر بالضم فالسكون، و هو بقية الماء التي يبقيها الشارب في الإناء أو في الحوض ثم أستعير لبقية الطعام- قاله في المغرب و غيره. و عن الأزهري اتفق أهل اللغة أن سَائِرَ الشي‏ء باقيه قليلا كان أو كثيرا. و في النهاية سَائِر مهموز و معناه الباقي لأنه اسم فاعل من السُّؤْر، و هو ما يبقى بعد الشراب، و هذا مما يغلط فيه الناس فيضعونه موضع الجميع، و قد يقال في تعريفه السُّؤْرُ ما باشره جسم حيوان و بمعناه رواية و لعله اصطلاح، و عليه حملت الأَسْآر كسُؤْرِ اليهودي و النصراني و غيرهما و السُّؤْرَةُ بالهمز: قطعة من القرآن، على حدة من قولهم" سُؤْرَةٌ من كذا" أي أبقيت و أفضلت منه فضلة، و يتم الكلام في سور إن شاء الله تعالى.
 (سبر)
فِي الْحَدِيثِ" إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي السَّبَرَاتِ".
جمع سَبْرَة بسكون الباء و هي شدة البرد. و" السَّابِرِيُّ" تكرر ذكره في الحديث و هو ضرب من الثياب الرقاق تعمل بِسَابُور موضع بفارس. و" سَابُور" ملك معرب شاپور. و" سَبَرْتُ القومَ" من باب قتل و في لغة من باب ضرب: تأملتهم واحدا بعد واحد. و السَّبْرُ: امتحان غور الجرح و غيره.
 (سبطر)
قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ" صَوْبُهُ مُسْتَبْطِرٌ".
أي ممتد.
وَ فِي خَبَرِ شُرَيْحٍ" إِنِ اسْبَطَرَّتْ فَهُوَ لَهَا".
أي امتدت للإرضاع و مالت إليه. و
مِنْهُ" سُئِلَ عَمَّنْ أَخَذَ مِنَ الذَّبِيحَةِ شَيْئاً قَبْلَ أَنْ يَسْبَطِرَّ؟ فَقَالَ: مَا أَخَذَ مِنْهَا مَيْتَةٌ".
أي قبل أن تمتد بعد الذبح. و اسْبَطَرَّ الرجل: اضطجع و امتد.

322
مجمع البحرين3

ستر ص 323

 (ستر)
قوله تعالى: حِجاباً مَسْتُوراً
 [17/ 45] أي حجابا على حجاب، و الأول مستور بالثاني، يريد بذلك كثافة الحجاب لأنه جعل على قلوبهم أكنة. قوله: وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ‏
 [41/ 22] أي ما كنتم تسترون عن الناس عند كسب الفواحش مخافة الفضاحة و ما ظننتم أعضاؤكم تشهد عليكم فما استترتم عنها. و سَتَرْتُ الشي‏ءَ من باب قتل: حجبته عمن ينظر إليه. و" السِّتْرُ" بالكسر واحد السُّتُور و الأَسْتَار و الخوف و الحياء و العمل- قاله في القاموس. و السُّتْرَة بالضم: ما يستتر به كائنا ما كان، و كذلك السِّتَارَة بالكسر، و الجمع السَّتَائِرُ، و يقال لما ينصبه المصلي قدامه وقت صلاته من عصا و كومة تراب و غيره" سُتْرَةٌ" لأنه يستر المار من المرور أي يحجبه. و" تُسْتَرُ" بتائين مثناتين الأول مضمومة و الثانية مفتوحة بينهما سين مهملة ساكنة مدينة مشهورة بخوزستان- كذا عن بعض العارفين، و لعلها شستر و الله أعلم. و" الإِسْتَار" في العدد بكسر الهمزة: وزن أربعة مثاقيل و نصف، و الجمع أَسَاتِير.
 (سجر)
قوله تعالى: وَ إِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ‏
 [81/ 6] أي ملئت و نفذ بعضها إلى‏

323
مجمع البحرين3

سجر ص 323

بعض فصار بحرا واحدا، كقوله تعالى: وَ إِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ و يقال معنى سُجِّرَتْ‏
 أي يقذف بالكواكب فيها ثم تضرم فتصير نارا لتعذيب الفجار. قال الشيخ أبو علي: قرأ ابن كثير و أهل البصرة سُجِرَتْ بالتخفيف و الباقون بالتشديد. قوله: ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ‏
 [40/ 72] أي يقذفون فيها و يوقد عليهم. قوله: وَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ
 [52/ 6] أي المملوء.
وَ فِي وَصْفِهِ ص" كَانَ أَسْجَرَ الْأَعْيُنِ".
السُّجْرَة أن يخالط بياضها حمرة تستره، و قيل أن يخالط الحمرة الزرقة، و أصل السُّجْرَة الكدرة. و سَجَرْتُ النهرَ: إذا ملأته. و سَجَرْتُ التنورَ سَجْراً: إذا حميته. و اللؤلؤ المَسْجُور: أي المنظوم المسترسل.
 (سحر)
قوله تعالى: فَأَنَّى تُسْحَرُونَ‏
 [23/ 89] أي فكيف تخدعون عن توحيده و يموه لكم. قوله: إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ*
 [26/ 125] قيل أي من المخلوقين، و قيل من الذين سحروا مرة بعد أخرى، و قيل من المخدعين، و قيل غير ذلك. قوله: إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً*
 [17/ 47] أي مصروفا عن الحق. و سمي السِّحْرُ سحرا لأنه صرف عن جهته، و قيل من السِّحْرِ أي سُحِرَتْ فخولط عقلك، و قد مر في" نفث" إبطال تأثير السحر فيه ص. قوله: تُسْحَرُونَ‏
 [23/ 89] أي تخدعون. قوله: سَاحِرانِ تَظاهَرا [28/ 48] أي تعاونا، و قرئ سِحْرانِ‏
 أي ذوا سحر، و جعلوهما سِحْرَيْنِ مبالغة في وصفهما بالسحر، أو أرادوا نوعين من السحر. قوله: يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ‏
 [43/ 49] أرادوا يا أيها العالم الفاضل، لأنهم يخاطبون بالذم في حال‏

324
مجمع البحرين3

سحر ص 324

حاجتهم و دعائه لهم و استنقاذه إياهم من العقاب و الهلكة، و من هنا قال ابن الأنباري السَّاحِرُ يقال للمذموم و الممدوح، فهو من الأضداد. و السَّحَرَةُ في قوله تعالى: لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ
 [26/ 40] جمع سَاحِر، قيل كان عددهم اثني عشر ألفا كلهم أقربهم بالحق عند آية موسى ع. قوله: إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ
 [54/ 34] السَّحَرُ بالتحريك قبيل الصبح و بضمتين لغة، و إذا أردت به سَحَرَ ليلتك لم تصرفه لأنه معدول عن الألف و اللام و هو معرفة، و إن أردت به سَحَرَ بكرة صرفت كما في الآية الشريفة- كذا نقلا عن الجوهري و الجمع أَسْحَار، و منه قوله تعالى: وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ
 [3/ 17] و قد تكرر في الحديث ذكر السَّحُور هو كرسول ما يتسحر به من الطعام و الشراب في ذلك الوقت، و بالضم المصدر و الفعل نفسه. و" السِّحْرُ" بالكسر فالسكون كلام أو رقية أو عمل يؤثر في بدن الإنسان أو قلبه أو عقله، و قيل لا حقيقة له و لكنه تخيل. و قد اختلف العلماء في القدر الذي يقع به السحر، فقال بعضهم لا يزيد تأثيره على قدر التفرق بين المرء و زوجه لأن الله تعالى ذكر ذلك تعظيما لما يكون عنده و تهويلا له في حقنا، فلو وقع به منه أعظم لذكره لأن المثل لا يضرب عند المبالغة إلا بأعلى الأحوال، و الأشعرية- على ما نقل عنهم- أجازوا ذلك.
وَ فِي الْحَدِيثِ" حُلَّ وَ لَا تَعْقِدْ".
و فيه دلالة على أن له حقيقة، و لعله أصح.
وَ فِي الْخَبَرِ" إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْراً".
قيل معناه لما كان في البيان من إبداع التركيب و غرابة التأليف ما يجذب السامع و يخرجه إلى حد يكاد يشغله عن غيره شبه بالسحر الحقيقي، و قيل هو السِّحْرُ الحلال. و عن الإمام فخر الدين في تفسيره ما هذا لفظه: و لفظ السِّحْر في عرف‏

325
مجمع البحرين3

سحر ص 324

الشرع مختص بكل أمر مخفي سببه و يتخيل على غير حقيقة و يجري مجرى التمويه و الخداع، قال الله تعالى: يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى‏
 و إذا أطلق ذم فاعله. و قد يستعمل مقيدا فيما يمدح فاعله و يحمد
كَقَوْلِهِ ع" إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْراً".
أي بعض البيان سحر لأن صاحبه يوضح الشي‏ء المشكل بحسن بيانه فيستميل القلوب كما تستمال بالسحر. و في المصباح اختلف في‏
قَوْلِهِ" إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْراً وَ مِنَ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً".
في أنه مدح أو ذم، فمعناه على الذم أنه يصرف ببيانه قلوب السامعين إلى قبول قوله و لو باطلا و يتكلف بزيادة ما لا يعني و يخلط بالتلبيس و يذهب بغير الحق، و على المدح أنه يختار الألفاظ و يحسن الكلام، و يمكن أن يكون ردا على من زعم أن الشعر كله مذموم و البيان كله حسن، فقيل إن بعض البيان كالسحر في البطلان و بعض الشعر كالحكمة في الحقيقة، قيل و الحق أن الكلام ذو وجهين يختلف بحسب المقاصد.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع مَعَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرِ" وَ مَلَأَ سُحْرَاكُمَا".
بالضم أي أجوافكما. و السَّحْرُ كفلس و برد الرئة و الجمع سُحُور و أَسْحَار. و قد يقال سَحَرَ كنهر لمكان حرف الحلق، و لعل منه‏
حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَعَ يَزِيدَ فِي تَعْنِيفِهِ عَلَى قَتْلِ الْحُسَيْنِ ع" يَا عَدُوَّ اللَّهِ قَدْ قَتَلْتَ رَجُلًا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُقَبِّلُ بَيْنَ سَحْرِهِ وَ نَحْرِهِ وَ يَقُولُ: إِنِّي لَأَشَمُّ رَائِحَةَ جَنَّةِ عَدْنٍ".
و انتفخ سَحْرُهُ و مَسَاحِرُهُ: عدا طوره و جاوز قدره. و انقطع منه سَحْرِي: يئست منه.
 (سخر)
قوله تعالى: سَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ‏
 [14/ 32] أي ذلل لكم السفن. و التَّسْخِيرُ: التذليل، و منه" سَخَّرَ اللَّهُ الإِبِلَ" أي ذللها و سهلها. و منه سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا
 [43/ 13].

326
مجمع البحرين3

سخر ص 326

قوله: يَسْتَسْخِرُونَ‏
 [37/ 14] أي يهزءون، يقال سَخِرْتُ منه و به سَخَراً من باب تعب و بالضم لغة، و بهما قرئ قوله تعالى: لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا
 [42/ 33] أي يستخدم بعضهم بعضا. قال في المجمع: قد تكرر ذكر السُّخْرِيَة و التَّسْخِير بمعنى التكليف و الحمل على الفعل من غير أجرة، تقول من الأول سَخِرْتُ منه و به سَخَراً بفتحهما و ضمهما و الاسم السُّخْرِيُّ بالضم و الكسر و السُّخْرِيَة و من الثاني سَخَّرَهُ تَسْخِيراً و الاسم السُّخْرَى بالضم. و السُّخْرَة وزان غرفة، و آية السُّخْرَة إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ* الآية.
 (سدر)
قوله تعالى: فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ
 [56/ 28] السِّدْرُ شجر النبق، واحده سِدْرَة، و الجمع سِدْرَات بالسكون حملا على لفظ الواحد، و سِدِرَات و سِدَر كقيمة و قيم. قوله: إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى‏
 [53/ 16] قيل يغشاها الملائكة أمثال الغربان حتى يقفن على الشجرة.
وَ عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ:" رَأَيْتُ عَلَى كُلِّ وَرَقَةٍ مِنْ وَرَقِهَا مَلَكاً قَائِماً يُسَبِّحُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ".
و قيل يغشاها من النور و البهاء و الحسن و الصفاء الذي يروق الأبصار و ما ليس لوصفه منتهى و السَّادِرُ: المتحير. و السَّادِر: الذي لا يهتم و لا يبالي ما صنع. و السَّدَرُ: تحير البصر، يقال سَدِرَ البعير بالكسر: تحير من شدة الحر، فهو سَدِرٌ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" فَسَدِرَ الرَّجُلُ فَمَالَتْ مِسْحَاتُهُ فِي يَدِهِ فَأَصَابَتْ بَطْنَ الْمَيِّتِ فَشَقَّهُ".
من هذا الباب. و السَّنْدَرِيُّ: ضرب من السهام منسوب إلى السَّنْدَرَة، و هي شجرة. و السَّنْدَرَة: مكيال ضخم واسع، و منه‏
قَوْلُ عَلِيٍّ ع"
أَكِيلُكُم‏

327
مجمع البحرين3

سدر ص 327

بِالسَّيْفِ كَيْلَ السَّنْدَرَةِ".

و قيل السَّنْدَرَة اسم رجل و امرأة كان يكيل كيلا وافيا. و السُّدَّرُ كقُبَّر: لعبة للصبيان، و منه‏
الْحَدِيثُ" سَأَلْتُهُ عَنْ أَشْيَاءَ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى السُّدَّرِ".
 (سرر)
قوله تعالى: فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ
 [88/ 13]
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَلْوَاحُهَا مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلَةً بِالزَّبَرْجَدِ وَ الدُّرِّ وَ الْيَاقُوتِ مُرْتَفِعَةً مَا لَمْ يَجِئْ أَهْلُهَا، فَإِذَا أَرَادَ صَاحِبُهَا الْجُلُوسَ عَلَيْهَا تَوَاضَعَتْ لَهُ حَتَّى يَجْلِسَ عَلَيْهَا ثُمَّ تَرْفَعُ إِلَى مَوْضِعِهَا.
و" السُّرُرُ" جمع سَرِير، و هو مجلس السرور، و قيل إنما رفعت ليرى المؤمنون بجلوسهم عليها جميع ما حولهم من الملك- انتهى. و كل صفة جمع موصوف لا يعقل صح جمعه و إفراده، كقوله تعالى: سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ وَ أَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ وَ نَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَ زَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ
. و من ذلك‏
فِي الدُّعَاءِ" أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي".
و لو لا ذلك لوجب أن يقول اللاتي. قوله: يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ
 [86/ 9] أي تختبر، و السَّرَائِر: ما أسر في القلوب و العقائد و النيات و غيرها و ما خفي من الأعمال. قال الشيخ أبو علي: السَّرَائِر أعمال بني آدم و الفرائض التي أوجبت عليه، و هي سرائر في العبد تختبر تلك السرائر يوم القيامة حتى يظهر خيرها و شرها.
وَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ ص مَا هَذِهِ السَّرَائِرُ الَّتِي تُبْلَى بِهَا الْعِبَادُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: سَرَائِرُكُمْ هِيَ أَعْمَالُكُمْ مِنَ الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ الصِّيَامِ وَ الْوُضُوءِ وَ الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ كُلِّ مَفْرُوضٍ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ كُلَّهَا سَرَائِرُ خَفِيَّةٌ، فَإِنْ شَاءَ قَالَ صَلَّيْتُ وَ لَمْ يُصَلِّ وَ إِنْ شَاءَ قَالَ تَوَضَّأْتُ وَ لَمْ يَتَوَضَّأْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ
.
قوله: يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفى‏
 [20/ 7] السِّرُّ ما أكمنته في نفسك، و

328
مجمع البحرين3

سرر ص 328

أخفى ما خطر ببالك ثم نسيته. قوله: فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ‏
 [12/ 77] أي سرقتهم. و أَسَرَّ إليه حديثا: أي أفضى. و منه قوله: وَ إِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى‏ بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً
 [66/ 3]. قوله: بَعْضِ أَزْواجِهِ يريد حفصة حدثها كلاما و أمرها بإخفائه فلم تكتمه. قوله: لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا
 [2/ 235] أي نكاحا أو جماعا، عبر بِالسِّرِّ عنهما لأن مثلهما يسر. قوله: وَ أَسَرُّوا النَّدامَةَ*
 [10/ 54] أي أظهروها، و يقال كتموها، فهي من الأضداد. قوله: تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ
 [60/ 1] قيل المفعول محذوف و التقدير تسرون إليهم أخبار النبي ص بسبب المودة بينكم و بينهم، و يجوز أن يكون بالمودة مفعوله و الباء زائدة للتأكيد. و
فِي حَدِيثِ شُرَيْحٍ" لَا تُسَارَّ أَحَداً فِي مَجْلِسِكَ فَتُتَّهَمَ".
و السِّرُّ: الذي يكتم. و
مِنْهُ" هَذَا مِنْ سِرِّ آلِ مُحَمَّدٍ ص".
أي مكتوم آل محمد ص الذي لا يظهر لكل أحد. قال بعض شراح الحديث: اعلم أن سِرَّ آل محمد ص صعب مستصعب. فمنه ما يعلمه الملائكة و النبيون و هو ما وصل إليهم بالوحي، و منه ما يعلمه هم و لم يجر على لسان مخلوق غيرهم و هو ما وصل إليهم بغير واسطة، و هو السِّرُّ الذي ظهرت به آثار الربوبية عنهم فارتاب لذلك المبطلون و فاز العارفون فكفر به فيهم من أنكر و فرط و من غلا فيهم و أفرط و فاز من أبصر و تبع النمط الأوسط. و جمع السِّرِّ أَسْرَار، و مثله السَّرِيرَة و الجمع السَّرَائِر. و منه" تَبَطُّنُكَ سَرَائِرُنَا". و في الحديث ذكر" السُّرِّيَّة" هي بضم السين الأمة منسوبة إلى السِّرِّ و هو الجماع و الإخفاء، لأن الإنسان كثيرا ما يسرها و يسترها عن الحرة، و إنما ضمت سينه لأن الأبنية تغير في النسب، و الجمع السَّرَارِي.

329
مجمع البحرين3

سرر ص 328

و السَّارِيَةُ: الأسطوانة، و الجمع سَوَارٍ كجارية و جوار. و منه‏
حَدِيثُ الصَّادِقِ ع فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ" وَ لَوْ كَانَ خَلْفَ سَارِيَةٍ".
و منه‏
" أُقِيمَتْ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ص سَوَارِيَ مِنْ جُذُوعِ النَّخْلِ".
وَ فِي الْخَبَرِ" نَهَى أَنْ يُصَلَّى بَيْنَ السَّوَارِي".
يريد إذا كان في صلاة الجماعة لانقطاع الصف.
وَ فِي وَصْفِهِ ع" تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ".
هي خطوط تجتمع في الجبهة و تتكسر، واحدها سِرٌّ، و جمعها أَسْرَار و أَسِرَّة، و جمع الجمع أَسَارِير. و المُسْتَسِرُّ بالشي‏ء: المستخفي به. و
مِنْهُ الْمُسْتَسِرُّونَ بِدِينِكَ".
أي المستخفون به. و تَسَارَّ القومُ: أي تناجوا. و اسْتَسَرَّ الشي‏ءُ: استتر و خفي.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع مَعَ قَوْمِهِ" هَيْهَاتَ أَنْ أَطْلَعَ بِكُمْ سَرَارَ الْعَدْلِ أَوْ أُقِيمَ اعْوِجَاجَ الْحَقِّ".
قال بعض شراح الحديث: التقدير في سرار فحذف حرف الجر و وصل الفعل، و قيل في معنى كلامه هيهات و بعد أن أنور بسببكم سرار العدل و أطلعكم مضيين ليستنير بكم العدل و السُّرُورُ بالضم: خلاف الحزن، و هو الفرح. و سَرَّهُ: فرحه. و المَسَرَّةُ: و هو ما يسر به الإنسان‏
فِي حَدِيثِ مَاءِ الْوُضُوءِ" مَا يَسُرُّنِي بِذَلِكَ مَالٌ كَثِيرٌ".
و قد سبق معناه في شرى. و السُّرُّ بالضم: ما تقطعه القابلة من سرة الصبي، و الجمع [أَسِرَّة و جمع السُّرَّة] سُرَر و سُرَّات.
وَ فِي الْحَدِيثِ" وَ يَقَعُ الْإِمَامُ مَسْرُوراً".
يعني يقع من بطن أمه مقطوع السُّرَّةِ.
 (سطر)
قوله تعالى: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ
 [88/ 22] أي بمسلط. و المُسَيْطِر و المُصَيْطِر: المسلط على الشي‏ء ليشرف عليه و يتعهد أحواله و يكتب علمه، و أصله من السطر لأن الكتاب مُسَطَّر و الذي يفعله مُسَطِّر و مُسَيْطِر، قيل نزلت الآية قبل أن يؤمر بالقتال ثم نسخها

330
مجمع البحرين3

سطر ص 330

الأمر بالقتال. قوله: فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً*
 [17/ 58] أي مكتوبا. قوله: مُسْتَطَرٌ
 [54/ 53] أي مكتوب، أي كلما هو كائن من الآجال و الأرزاق و غيرها مكتوب في لوح المحفوظ. قوله: أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ*
 [6/ 25] أي أباطيلهم و ما سطروه من الكتب، الواحد أُسْطُورَة بالضم و إِسْطَارَة بالكسر. و السَّطْرُ: الخط و الكتابة، و جمع السَّطْر أَسْطُر و سُطُور مثل أفلس و فلوس و سَطَرْتُ الكتاب سَطْراً- من باب قتل- كتبته. و سَطَرَ يَسْطُرُ سَطْراً: كتب، و اسْتَطَرَ مثله. و السَّطْرُ: الصف من الشي‏ء. و فلان سَطَّرَ على فلان: إذا زخرف له الأقاويل و نمقها.
 (سعر)
قوله تعالى: وَ إِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ‏
 [81/ 12] بالتشديد، و هي قراءة ابن عامر و أهل المدينة و عاصم عن حماد و يحيى، و الباقون بالتخفيف أي أوقدت إيقادا شديدا، قيل سَعَّرَهَا غضب الله تعالى و خطايا بني آدم. قوله: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ
 [54/ 47] قيل أي مجنون، من قولهم" ناقة مَسْعُورَة" للتي فيها جنون، و قيل سُعُر جمع سَعِير و سَعِير اسم من أسماء جهنم، و يقال السُّعُر بالضم الحر، و السَّعِيرُ النار و لهبها. قوله: وَ كَفى‏ بِجَهَنَّمَ سَعِيراً
 [4/ 55] هو من قولهم" سَعَرْتُ النارَ سَعْراً" من باب نفع و أَسْعَرْتُهَا: أوقدتها.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَوْ سَعَّرْتَ لَنَا سِعْراً".
أي فرضت و قدرت لنا قدرا. و السِّعْرُ بالكسر: الذي يقوم عليه الثمن، الجمع أَسْعَار، و سمي السِّعْرُ سعرا تشبيها بإسعار النار، لأن سعر السوق يوصف بالارتفاع و في الدعاء
" جَبَلِ سَاعِيرَ" وَ هُوَ الْجَبَلُ الَّذِي أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ وَ هُوَ عَلَيْهِ- كَذَا عَنِ الرِّضَا ع‏

331
مجمع البحرين3

سعتر ص 332

 (سعتر)
في الحديث ذكر" السَّعْتَر" و هو نبت معروف بالعراق، و بعضهم يقول صَعْتَر بالصاد، و بعضهم زَعْتَر بالزاي و هو الأشهر.
 (سفر)
قوله تعالى: بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ
 [8/ 15] السَّفَرَةُ بالتحريك: الملائكة الذين يسفرون بين الله و أنبيائه، واحدهم سَافِر مثل كاتب و كتبة، يقال سَفَرْتُ بين القوم: إذا مشيت بينهم بالصلح، فجعلت الملائكة إذا نزلت بوحي الله و تأديبه كَالسَّفِيرِ الذي يصلح بين القوم، و قيل الأصل في ذلك السَّفَرُ، و هو كشف الغطاء لأن السَّفَرَة يؤدون الكتاب إلى الأنبياء و المرسلين و يكشفون به الغطاء عما التبس عليهم من الأمور المكنونة حقائقها. و البَرَرَة: المطهرون من الذنوب. قوله: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ
 [80/ 38] أي مضيئة، يقال أَسْفَرَ وجهه إذا أضاء، و أَسْفَرَ الصبح: إذا انكشف و أضاء. قوله: كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً
 [62/ 5] أي كتبا كبارا من كتب العلم، فهو يمشي بها و لا يدري بما فيها، و كذا كل من علم علما و لم يعمل بموجبه. و" السِّفْرُ" بكسر السين: الكتاب الذي يسفر عن الحقائق. و السَّفِيرُ: الرسول بين القوم يزيل ما بينهم من الوحشة، فعيل بمعنى فاعل و السِّفَارَة بالكسر: الرسالة، فالرسول الملائكة و الكتب مشتركة في كونها سافرة عن القوم بما اشتبه عليهم.
وَ فِي الْحَدِيثِ" حَقُّ إِمَامِكَ عَلَيْكَ فِي صَلَاتِكَ بِأَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ تَقَلَّدَ السِّفَارَةَ".
أي الرسالة بينك و بين ربك.
وَ فِي حَدِيثِ الدُّنْيَا" إِنَّمَا أَنْتُمْ فِيهَا سَفْرٌ حُلُولٌ".
هو من سَفَرَ الرجلُ سَفَراً من باب طلب: خرج للارتحال، فهو سَافِرٌ، و الجمع سَفْرٌ كراكب و ركب و صاحب و صحب، و السَّفْرُ و المُسَافِرُونَ بمعنى.

332
مجمع البحرين3

سفر ص 332

و منه‏
" سَأَلْتُهُ عَنِ الصِّيَامِ بِمَكَّةَ وَ نَحْنُ سَفْرٌ".
أي مسافرون.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَ مَثَلُهَا- يَعْنِي الدُّنْيَا كَسَفْرٍ سَلَكُوا سَبِيلًا فَكَأَنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوهُ، وَ أَمُّوا عَلَماً فَكَأَنَّهُمْ قَدْ بَلَغُوهُ، وَ كَمْ عَسَى الْمُجْري إِلَى الْغَايَةِ أَنْ يَجْرِيَ إِلَيْهَا حَتَّى يَبْلُغَهَا، وَ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَقَاءُ مَنْ لَهُ يَوْمٌ لَا يَعْدُوهُ، وَ طَالِبُ حَثِيثٌ فِي الدُّنْيَا يَحْدُوهُ".
قال الشارح المحقق ميثم: السَّفْرُ المسافرون، و فائدة كان في الموضعين تقريب الأحوال المستقبلة من الأحوال الواقعة، و كم عسى و ما عسى استفهام تحقير لما يرجى من البقاء في الدنيا، و كنى بالطالب الحثيث عن الموت، و استعار وصف الحدو لما يتوهم من سوق أسباب الموت إليه. و سَفَرْتُ الشي‏ءَ سَفْراً من باب ضرب: كشفته، و منه" أَسْفَرَتِ المرأةُ عن وجهها" فهي سَافِرٌ بغير هاء. و منه‏
حَدِيثُ الْمَرْأَةِ" وَ إِذَا كَشَفَتْ عَنْ مَوْضِعِ السُّجُودِ فَلَا بَأْسَ وَ إِنْ أَسْفَرَتْ فَهُوَ أَفْضَلُ".
و السُّفْرَة بالضم: طعام يصنع للمسافر و الجمع سُفَر كغرفة و غرف، و سمي الجلدة التي يوضع فيها الطعام سُفْرَة مجازا. و السَّفَرُ بالتحريك: قطع المسافة، و الجمع الأَسْفَار. و السِّفْرُ: الكتاب، و جمعه أَسْفَار. و
مِنْهُ" قَرَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ ص سِفْراً سِفْراً".
كأنه قال: قرأت عليه كتابا كتابا، أي سورة سورة لأن كل سورة ككتاب أو قطعة قطعة. و أَسْفَارُ التوراة جاءت في الحديث كأنها بمنزلة أجزاء القرآن، و هي- على ما قيل- خمسة أَسْفَار: السِّفْرُ الأول يذكر فيه بدء الخلق و التأريخ من آدم ع إلى يوسف، السِّفْرُ الثاني استخدام المصريين لبني إسرائيل و ظهور موسى ع و هلاك فرعون و إمامة هارون ع و نزول الكلمات العشر، السِّفْرُ الثالث يذكر فيه تعليمه القوانين بالإجمال السِّفْرُ الرابع يذكر فيه عدد القوم و تقسيم الأرض عليهم و أحوال الرسل التي بعثها

333
مجمع البحرين3

سفر ص 332

موسى ع إلى الشام و أخبار المن و السلوى و الغمام، السِّفْرُ الخامس يذكر فيه بعض الأحكام و وفاة هارون و خلافة يوشع ع.
 (سقر)
قوله تعالى: ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ
 [74/ 32] سَقَرُ، بالتحريك:
وَادٍ فِي جَهَنَّمَ شَدِيدُ الْحَرِّ، سَأَلَ اللَّهَ أَنْ يَتَنَفَّسَ فَتَنَفَّسَ فَأَحْرَقَ جَهَنَّمَ.
فهو من أسماء النار.
 (سنقر)
" السَّقَنْقُورُ" نوعان هندي و مصري و منه ما يتولد في بحر القلزم و هو البحر الذي غرق فيه فرعون. و يتولد أيضا ببلاد الحبشة، و هو يغتذي بالسمك في الماء و في البر بالقطا يسترطه كالحيات، أنثاه تبيض عشرين بيضة تدفنها بالرمل، فيكون ذلك حضانها، و للأنثى فرجان و للذكر ذكران- كذا في حياة الحيوان.
 (سكر)
قوله تعالى: وَ جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِ‏
 [50/ 19] أي شدته التي تغلبه و تغير فهمه و عقله كالسكر من الشراب. قوله: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى‏
 [4/ 43] اختلف المفسرون في معنى السُّكْر في الآية، فقال بعض المراد سُكْرُ النعاس فإن الناعس لا يعلم ما يقول، و قيل سمع من العرب سُكْر السِّنَةِ أيضا. قال بعض المفسرين: و الظاهر أنه مجاز علاقته التشبيه، و قال الأكثرون إنه سُكْر الخمر، و في بعض ما قرئ وَ أَنْتُمْ سَكْرَى جمعا كهلكى، و قيل النهي متوجه إلى الثمل الذي لم يزل عقله، و قيل معناه لا تقربوا مواضع الصلاة و هي المساجد، و يؤيده الحديث المروي عن الصادق ع، و قوله وَ لا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ إذ العبور حقيقة في الجواز المكاني و من هنا قال أهل البديع: إن الله سبحانه استخدم في هذه الآية لفظ الصلاة في معناها الحقيقي و في موضع الصلاة لأن قرينة حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ دلت على الصلاة، و قرينة إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ دلت على المسجد، كقول البحتري:

334
مجمع البحرين3

سكر ص 334

فسقى الغضا و الساكنيه و إن هم             شبوه بين جوانحي و ضلوعي‏

فإن قرينة و الساكنيه دلت على الوادي الذي هو موضع الغضا، و قرينة شبوه دلت على النبت لأجل شب جمره. قوله: وَ تَرَى النَّاسَ سُكارى‏ وَ ما هُمْ بِسُكارى‏
 [22/ 2] السَّكْرَانُ: خلاف الصاحي، و الجمع سَكْرَى و سُكَارَى بضم السين و فتحها لغة. و قد سَكَرَ يَسْكُرُ سَكَراً بالتحريك مثل بطر يبطر بطرا بالتحريك أيضا. قوله: تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَ رِزْقاً حَسَناً
 [16/ 67] السَّكَر بالتحريك نبيذ التمر، و قيل إن الآية نزلت قبل تحريم الخمر، فإن تم فلا إشكال. و قيل السَّكَرُ الخل و الرزق الحسن الدبس و التمر و الزبيب. قوله: سُكِّرَتْ أَبْصارُنا
 [15/ 15] أي سدت و حبست عن النظر، من قولك" سَكَرْتُ النهر" من باب قتل: إذا سددته. و منه السِّكْرُ بالكسر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ".
هو بضم الميم و كسر الكاف: ما أَسْكَرَ و أزال العقل. و" السُّكَّرُ" بضم السين و تشديد الكاف معروف، و قد جاء في الحديث، قيل و أول ما عرف بطبرزد و لهذا يقال سُكَّرٌ طبرزدي.
 (سلر)
سَلَّارُ بن عبد العزيز الديلمي أبو يعلى شيخنا المقدم في الفقه و الأدب و غيرهما ثقة وجه، له المقنع في المذهب و التقريب في أصول الفقه و المراسم في الفقه و الرد على أبي الحسن البصري في نقض الشافي و التذكرة في حقيقة الجوهر، قرأ على المفيد و السيد المرتضى- كذا ذكره العلامة (ره) في الخلاصة. و كان من طبرستان، و كان ربما يدرس نيابة عن السيد، و حكى أبو الفتح بن جني قال: أدركته و قرأت عليه، و كان من ضعفه لا يقدر على الإكثار من الكلام فكان يكتب الشرح في اللوح فيقرؤه،

335
مجمع البحرين3

سلر ص 335

و أبو الصلاح الحلبي قرأ عليه، و كان إذا استفتى من حلب يقول عندكم التقى، و أبو فتح الكراجكي قرأ عليه و هو من ديار مصر.
 (سمر)
قوله تعالى: فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُ‏
 [20/ 95] السَّامِرِيُّ صاحب العجل، و قصته مع موسى ع مشهورة.
وَ فِي حَدِيثِ مُوسَى ع" لَا تَقْتُلِ السَّامِرِيَّ فَإِنَّهُ سَخِيٌّ".
قوله: سامِراً تَهْجُرُونَ‏
 [23/ 67] يعني سُمَّاراً، أي متحدثين ليلا، من المُسَامَرَةُ و هي التحادث ليلا. و منه‏
حَدِيثُ الْحَارِثِ الْهَمْدَانِيِّ:" سَامَرْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع".
و" الأَسَامِرَة" و هم الذين يتحدثون بالليل. و سَمَرَ فلانٌ: إذا تحدث ليلا. و في الحديث ذكر" السَّمُّور" بالفتح كتنور: دابة معروفة يتخذ من جلدها فراء مثمنة تكون ببلاد الترك تشبه النمر و منه أسود لامع و أشقر، حكى البعض أن أهل تلك الناحية يصيدون الصغار فيخصون الذكر و يتركونه يرعى، فإذا كان أيام الثلج خرجوا للصيد فمن كان مخصيا استلقى على قفاه فأدركوه و قد سمن و حسن شعره- قاله في المصباح. و جمع السَّمُّور سمامير كتنور و تنانير. و" السَّمُرَة" بضم الميم: شجر الطلح. و منه‏
الْحَدِيثُ" فَأَتَى سَمُرَةً فَاسْتَظَلَّ بِهَا".
و الجمع سَمُرٌ و سَمُرَات، و
مِنْهُ" فَأَمَرَ بِسَمُرَاتٍ فَقُمَّ شَوْكُهُنَّ".
و السُّمْرَة بالضم فالسكون: لون الأسمر، يقال سَمُرَ فهو أَسْمَرُ. و
فِي وَصْفِهِ ص" كَانَ أَسْمَرَ اللَّوْنِ".
وَ رُوِيَ" أَبْيَض مُشْرَباً حُمْرَةً".
قال البعض: و الجمع أنه ما يبرز إلى الشمس كان أَسْمَر و ما توارته الثياب كان أَبْيَض. و الأَسْمَرَان: الماء و التمر.

336
مجمع البحرين3

سمر ص 336

وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" لَا يَكُونُ ذَلِكَ مَا سَمَرَ السَّمِيرُ".
أي ما اختلف الليل و النهار، و المعنى لا يكون ذلك أبدا، و هو من كلام العرب، يقال: ما أفعله ما سَمَرَ السَّمِير. قال الجوهري و ابنا سَمِير: الليل و النهار يسمر فيهما، تقول لا أفعله ما سَمَرَ ابنا سَمِير أي أبدا، و لا أفعله السَّمَرَ و القمر أي ما دام الناس يسمرون و ليلة القمر. و المِسْمَار واحد مَسَامِير الحديد، و منه سَمَرْتُ الباب سَمْراً من باب قتل و سَمَّرْتُ الشي‏ءَ تَسْمِيراً. و السِّمْسَارُ بالكسر: المتوسط بين البائع و المشتري و الجمع سَمَاسِرَة. و منه‏
" لَا بَأْسَ بِأَجْرِ السِّمْسَارِ".
و"
يَا مَعْشَرَ السَّمَاسِرَةَ.
افعلوا كذا". و السِّمْسَارُ أيضا: القائم بالأمر الحافظ له.
 (سنر)
فِي الْحَدِيثِ" لَا بَأْسَ بِفَضْلِ السِّنَّوْرِ إِنَّمَا هِيَ مِنَ السِّبَاعِ".
السِّنَّوْرُ بكسر السين و فتح النون المشددة واحد السَّنَانِير معروف، و يعبر عنه بالهر، و الأنثى سِنَّوْرَة. قيل إن أهل سفينة نوح ع تأذوا من الفأر فمسح نوح ع على جبهة الأسد فعطس فرمى بِالسِّنَّوْر، فلذلك هو أشبه بالأسد. قال في حياة الحيوان: و أما سِنَّوْر الزباد فهو كالسنور الأهلي إلا أنه أطول منه ذنبا و أكبر منه جثة و وبره إلى السواد أميل، يجلب من بلاد الهند و السند، و الزباد فيه يشبه الوسخ الأسود اللزج و هو زفر الرائحة يخالطه طيب كطيب المسك يوجد في إبطيه و في باطن أفخاذه و باطن ذنبه و حوالي دبره، و قد مر في زبد كيفية أخذه.
 (سنمر)
السِّنِمَّارُ بكسر السين اسم رجل رومي بنى الخورنق الذي بظهر الكوفة

337
مجمع البحرين3

سنمر ص 337

للنعمان بن امرئ القيس، فلما فرغ منه ألقاه من أعلاه فخر ميتا كي لا يبني لغيره مثله فضرب به العرب المثل فقالوا" جَزَاءُ سِنِمَّار" كذا ذكره الجوهري.
 (سور)
قوله تعالى: يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ*
 [18/ 31] الأَسَاوِر جمع أَسْوِرَة بواو مكسورة جمع سِوَار كسلاح و أسلحة، و سُوَار بالضم لغة، و هو الذي يلبس في الذراع من ذهب، فإن كان من فضة فهو قُلْبٌ و جمعه قِلَبَة و إن كان من قرون أو عاج فهو مَسَكَة و جمعه مَسَك، و جمع الجمع أَسَاوِرَة بالهاء. قوله: فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ‏
 [43/ 53] أي إن كان صادقا في نبوته، و كانوا إذا سودوا رجلا سوروه بسوار من ذهب و طوقوه بطوق من ذهب، و قرئ فَلَوْ لَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسَاوِرَةُ. قوله: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ‏
 [57/ 13] أي بين المؤمنين و المنافقين بسور حائل بين الجنة و النار، و يقال هو الذي يسمى بِالْأَعْرَافِ. قال المفسر و الباء زائدة لأن المعنى جعل بينهم و بينهم سور، و لذلك السور باب باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَ ظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ أي من قبل ذلك الظاهر الْعَذابُ و هو النار. و السُّورُ: الحائط. و تَسَوَّرَ الحائط: أي صعد من أعلاه و تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ‏
 [38/ 21] نزلوا من ارتفاع، و لا يكون التَّسَوُّرُ إلا من فوق. قوله: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ‏
 [2/ 23] السُّورَةُ: طائفة من القرآن المترجمة التي أقلها ثلاث آيات، و هي إما من سور المدينة لأنها طائفة من القرآن محدودة، و إما من السورة التي هي الرتبة لأن السُّوَرَ بمنزلة المنازل و المراتب، و إما من السُّؤْرِ الذي هو البقية من الشي‏ء فقلبت همزتها واوا لأنها قطعة من القرآن كما مر، و السُّورَة تجمع على سُوَر كغرفة و غرف، و السُّور للمدينة يجمع على أَسْوَار كنور على أنوار. و كل مرتفع سُورٌ، و منه‏
الْخَبَرُ" لا

338
مجمع البحرين3

سور ص 338

يَضُرُّ الْمَرْأَةَ أَنْ لَا تَنْقُضَ شَعْرَهَا إِذَا أَصَابَ الْمَاءُ سُورَ رَأْسِهَا".
أي أعلاه. و السُّورُ: بلدة، و منها الحسن ابن أحمد السُّورِيُّ. و سُورَى كطوبى و قد تُمَدُّ بلدة بالعراق من أرض بابل من بلاد السريانيين و موضع من أعمال بغداد.
وَ فِي الْحَدِيثِ وَ قَدْ سُئِلَ عَنِ الْفَجْرِ؟ قَالَ:" إِذَا رَأَيْتَهُ مُعْتَرِضاً كَأَنَّهُ بَيَاضُ نَهَرِ سُورَى".
يريد الفرات. و المِسْوَرُ كمنبر: متكأ من أدم كَالْمِسْوَرَة، و
مِنْهُ" فَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى مَسَاوِرَ فِي الْبَيْتِ".
و سَوْرَةُ الخمر و غيرها: شدتها، و من السلطان سطوته و اعتداؤه.
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُسَاوَرَةِ الْأَقْرَانِ".
أي من سطوتهم و اعتدائهم.
 (سهر)
قوله: فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ
 [79/ 14] قيل السَّاهِرَة وجه الأرض، سميت سَاهِرَة لأن فيها سهرهم و نومهم، و أصلها مَسْهُورَة و مَسْهُور فيها، فصرف عن مفعوله إلى فاعله ك عِيشَةٍ راضِيَةٍ*، أي مرضية، و يقال السَّاهِرَة أرض القيامة. و عن الأزهري السَّاهِرَة هي المكان المستوي. و السَّهَرُ بالتحريك: عدم النوم في الليل كله أو بعضه، و قد سَهِرَ بالكسر يَسْهَرُ فهو سَاهِرٌ. و سَهْرَان: إذا لم ينم الليل كله أو بعضه.
 (سير)
قوله تعالى: وَ جاءَتْ سَيَّارَةٌ
 [12/ 19] الآية، أي قافلة و رفقة يسيرون من مدين إلى مصر. قوله: سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى‏

339
مجمع البحرين3

سير ص 339

 [20/ 21] أي سنردها عصا كما كانت أولا، من السِّيرَةِ بالكسر و هي الطريقة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" سَيْرُ الْمَنَازِلِ يُنْفِدُ الزَّادَ وَ يُسِي‏ءُ الْأَخْلَاقَ وَ يُخْلِقُ الثِّيَابَ".
و" المَسِيرُ ثمانية عشر" أي ثمانية عشر منزلا أو يوما. قال بعض شراح الحديث: الواو إما للحال فيكون المعنى أن السَّيْرَ المنفد للزاد و المسي‏ء للأخلاق و المخلق للثياب إنما يكون كذلك إذا كان ثمانية عشر فما زاد فابتداؤه ثمانية عشر، و إما للاستيناف أو العطف فيكون المراد أن السَّيْرَ المحمود الذي ليس فيه إنفاد الزاد و إساءة الأخلاق و إخلاق الثياب هو السير ثمانية عشر، فما نقص فمنتهاه ثمانية عشر، فثمانية عشر على الأول مبتدأ السير المذموم و على الثاني منتهى السير المحمود.
وَ فِي الْحَدِيثِ" نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ".
أي المسافة التي يسار فيها من الأرض، أو هو مصدر السير كالمعيشة بمعنى العيش. و السِّيرَة: الطريقة، و منه سَارَ بهم سِيرَةً حسنة أو قبيحة، و الجمع سِيَرٌ مثل سدرة و سدر. و السِّيرَةُ أيضا: الهيئة و الحالة. و كتاب السِّيَر جمع سِيرَة بمعنى الطريقة، لأن الأحكام المذكورة فيها متلقاة من سير رسول الله ص في غزواته. و سَيَّرَهُ من بلده: أخرجه و أجلاه. و السَّيْرُ: الذي يقد من الجلد، و الجمع سُيُور كفلس و فلوس. و منه‏
الْحَدِيثُ" كَانُوا يَتَهَادَوْنَ السُّيُورَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ".
و" نهر السِّير" بالسين و الراء المهملتين بينهما ياء مثناة من تحت: رستاق من رساتيق مدائن كسرى في أطراف بغداد.

340
مجمع البحرين3

باب ما أوله الشين ص 341

باب ما أوله الشين‏
 (شبر)
في الحديث ذكر الشبر و الأشبار، الشِّبْرُ بالكسر واحد الأَشْبَار كحمل و أحمال، و هو مساحة ما بين طرفي الخنصر و الإبهام بالتفريج المعتاد. و" الشَّبْرُ" بالفتح مصدر شَبَرْتُ الثوبَ. و فيه أيضا شَبَّرَ و شَبِير و هما ابنا هارون ع، سمي بهما الحسن و الحسين ابنا علي ع للمناسبة. و الشَّبُّورُ كتنور: البوق معرب- قاله الجوهري. و دعاء السمات المشهور يسمى دعاء الشَّبُّور و هو عبراني و فيه مناسبة للقرون المثقوبة، لما
رُوِيَ أَنَّ يُوشَعَ لَمَّا حَارَبَ الْعَمَالِقَةَ أَمَرَ أَنْ يَأْخُذَ الْخَوَاصُّ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ جِرَاراً فُرَّغاً عَلَى أَكْتَافِهِمْ بِعَدَدِ أَسْمَاءِ الْعَمَالِقَةِ، وَ أَنْ يَأْخُذَ كُلٌّ مِنْهُمْ قَرْناً مَثْقُوباً مِنْ قَرْنِ الضَّأْنِ وَ يَدْعُونَ بِهَذَا الدُّعَاءِ سِرّاً لِئَلَّا يَسْتَرِقَهُ بَعْضُ شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ فَيُعَمِّلُونَهُ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ لَيْلَتَهُمْ، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ اللَّيْلِ كَسَرُوا الْجِرَارَ فِي مُعَسْكَرِ الْعَمَالِقَةِ فَأَصْبَحُوا مَوْتَى مُنْتَفِخِي الْأَجْوَافِ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ.
قَالَ الصَّادِقُ ع:" فَاتَّخِذُوهُ عَلَى عَدُوِّكُمْ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ، وَ هُوَ مِنْ عَمِيقِ مَكْنُونِ الْعِلْمِ وَ مَخْزُونِهِ، فَادْعُوا بِهِ لِلْحَاجَةِ عِنْدَ اللَّهِ، وَ لَا تُبْدُوهُ لِلسُّفَهَاءِ وَ النِّسَاءِ وَ الصِّبْيَانِ وَ الظَّالِمِينَ وَ الْمُنَافِقِينَ".
و
فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنِ الصَّادِقِ ع" لَوْ حَلَفْتُ أَنَّ فِي هَذَا الدُّعَاءِ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ لَبَرَرْتُ".
 (شتر)
في الحديث ذكر شَتَر الشفة كذا، الشَّتَرُ: القطع، و فعله كضرب. و الشَّتَرُ: انقلاب في جفن العين الأسفل و هو مصدر من باب تعب، و منه" الأَشْتَرُ"

341
مجمع البحرين3

شتر ص 341

اسم رجل. و الأَشْتَرَانِ مالك و ابنه،
رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ هَلَاكُ مَالِكٍ الْأَشْتَرِ إِلَى عَلِيٍّ ع صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَ النَّاسَ ثُمَّ قَالَ" أَلَا إِنَّ مَالِكَ بْنَ الْحَرْثِ قَدْ قَضى‏ نَحْبَهُ وَ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَ لَقِيَ رَبَّهُ، فَرَحِمَ اللَّهُ مَالِكاً لَوْ كَانَ جَبَلًا لَكَانَ فِنْداً وَ لَوْ كَانَ حَجَراً لَكَانَ صَلْداً، لِلَّهِ مَالِكٌ وَ مَا مَالِكٌ وَ هَلْ قَامَتِ النِّسَاءُ عَنْ مِثْلِ مَالِكٍ وَ هَلْ مَوْجُودٌ كَمَالِكٍ". قَالَ: فَلَمَّا نَزَلَ وَ دَخَلَ الْقَصْرَ أَقْبَلَ عَلَيْهِ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ قَالُوا: لَشَدَّ مَا جَزِعْتَ عَلَيْهِ وَ قَدْ هَلَكَ. قَالَ: أَمَا وَ اللَّهِ هَلَاكُهُ قَدْ أَعَزَّ أَهْلَ الْمَغْرِبِ وَ أَذَلَّ أَهْلَ الْمَشْرِقِ. قَالَ: وَ بَكَى عَلَيْهِ أَيَّاماً وَ حَزِنَ عَلَيْهِ حُزْناً شَدِيداً وَ قَالَ: لَا أَرَى مِثْلَهُ بَعْدَهُ أَبَداً. وَ كَانَ سَبَبَ هَلَاكِهِ أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ إِلَى عَلِيٍّ ع مُصَابُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَ قَدْ قَتَلَهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ خَدِيجٍ السَّكُونِيُّ بِمِصْرَ جَزِعَ عَلَيْهِ جَزَعاً شَدِيداً، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى الْأَشْتَرِ وَ وَجَّهَهُ إِلَى مِصْرَ فَصَحِبَهُ نَافِعٌ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فِي الطَّرِيقِ فَدَسَّ لَهُ السَّمَّ بِعَسَلٍ وَ قَتَلَهُ، وَ حِينَ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ خَبَرُهُ قَامَ خَطِيباً فِي النَّاسِ فَقَالَ: إِنَّ عَلِيّاً كَانَتْ لَهُ يَمِينَانِ قُطِعَتْ إِحْدَاهُمَا بِصِفِّينَ- يَعْنِي عَمَّاراً- وَ الْأُخْرَى الْيَوْمَ، ثُمَّ حَكَى لَهُمْ قِصَّةَ قَتْلِهِ.
و شَنْتَرَ ثوبَه: مَزَّقَه.
 (شجر)
قوله تعالى وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ‏
 [17/ 60] هم بنو أمية وَ نُخَوِّفُهُمْ بمخاوف الدنيا و الآخرة فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً.
وَ قَالَ عَلِيٌّ ع لِعُمَرَ: أَلَا أُخْبِرُكَ يَا أَبَا حَفْصٍ مَا نَزَلَ فِي بَنِي أُمَيَّةَ قَوْلُهُ: وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ‏
 فَقَالَ عُمَرُ: كَذَبْتَ يَا عَلِيُّ بَنُو أُمَيَّةَ خَيْرٌ مِنْكَ وَ أَوْصَلُ لِلرَّحِمِ.
قوله تعالى: وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ*

قِيلَ: هِيَ الْحِنْطَةُ. وَ قِيلَ الْكَافُورُ، وَ قِيلَ التِّينُ وَ الْعِنَبُ.

342
مجمع البحرين3

شجر ص 342

قوله تعالى: شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ
 [24/ 35]
قِيلَ هِيَ النَّبِيُّ ص.
قوله: شَجَرَةِ الْخُلْدِ
 [20/ 20]
قِيلَ هِيَ شَجَرَةٌ مَنْ أَكَلَ مِنْهَا لَا يَمُوتُ.
قوله: كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ
 [14/ 24]
قِيلَ النَّخْلَةُ وَ التِّينُ وَ الرُّمَّانُ وَ كُلُّ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ طَيِّبَةٍ.
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع" الشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ فَرْعُهَا عَلِيٌّ ع وَ عُنْصُرُ الشَّجَرَةِ فَاطِمَةُ ع وَ ثَمَرَتُهَا أَوْلَادُهَا وَ أَغْصَانُهَا وَ أَوْرَاقُهَا شِيعَتُهَا".
قوله: كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ
 [26/ 14]
قِيلَ هِيَ كُلُّ شَجَرَةٍ لَا يَطِيبُ ثَمَرُهَا كَشَجَرَةِ الْحَنْظَلِ وَ الْكَشُوثِ.
و
عَنِ الْبَاقِرِ ع" هُمْ بَنُو أُمَيَّةَ".
قوله: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً

قِيلَ هِيَ كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ، وَ قِيلَ كُلُّ كَلِمَةٍ حَسَنَةٍ كَالتَّسْبِيحَةِ وَ التَّحْمِيدَةِ وَ الِاسْتِغْفَارِ.
كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ
. قوله: وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ
 كلمة الشرك أو كل كلمة قبيحة كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ
. قوله: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ
 [48/ 18]
قِيلَ هِيَ السُّمْرَةُ يَعْنِي شَجَرَةَ الطَّلْحِ.
و سميت البيعة بَيْعَة الرضوان بهذه الآية حيث بايعوا النبي ص بالحديبية و كان عددهم ألفا و خمسمائة أو ثلاثمائة. قوله: إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ‏
 [37/ 64] أي تنبت في قعر جهنم قال المفسر: و لا بعد أن يخلق الله تعالى لكمال قدرته شجرة في النار من جنس النار أو من جوهر لا تأكله النار و لا تحرقه، كما أنه لا تحرق عقاربها و حياتها. قوله: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ‏
 [4/ 65] يقال شَجَرَ الأمرُ شَجَراً و شُجُوراً: اختلط. و شَاجَرَهُ: نازعه و تَشَاجَرَ القومُ: تنازعوا و اختلفوا و المُشَاجَرَةُ: المنازعة. و شَجَرَ بَيْنَهُمْ‏
: إذا وقع خلاف بينهم،

343
مجمع البحرين3

شجر ص 342

كل ذلك لتداخل كلام بعضهم في بعض كتداخل الشجر بعضه في بعض، و معنى فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ‏

فِيمَا تَعَاقَدَ عَلَيْهِ الْخَمْسَةُ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ، وَ هُمُ الْأَوَّلُ وَ الثَّانِي وَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَ سَالِمٌ مَوْلَى حُذَيْفَةَ حَيْثُ قَالُوا" إِنْ أَمَاتَ اللَّهُ مُحَمَّداً لَا نَرُدُّ هَذَا الْأَمْرَ فِي بَنِي هَاشِمٍ".
و الشَّجَرَةُ: ما كانت على ساق من نبات الأرض، و الشَّجَرُ جمع الشَّجَرَة و قيل هو اسم مفرد يراد به الجمع، و جمع الشَّجَر أَشْجَار.
 (شخر)
الشَّخِيرُ: رفع الصوت بالنحر، يقال شَخَرَ الحمارُ يَشْخِرُ بالكسر شَخِيراً: إذا رفع صوته كذلك.
 (شذر)
الشَّذْرُ من الذهب ما يلقط من المعدن من غير إذابة الحجارة، و القطعة منه شَذْرَة. و" الشَّاذَرْوَان" بفتح الذال مر ذكره في شذذ.
 (شرر)
قوله تعالى: تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ
 [77/ 32] الشَّرَارَة واحدة الشَّرَار، و هو ما يتطاير من النار، و كذلك الشَّرَر، و الواحدة شَرَرة. قوله: أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً
 [12/ 77] أي أَشَرُّ مكانا، يقال فلان شَرُّ الناس و لا يقال أَشَرُّ الناس إلا في لغة ردية- قاله الجوهري. قوله: وَ يَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ
 [17/ 11] أي يدعو على نفسه و ماله و ولده عند الضجر عجلة منه و لا يعجل الله به.
وَ فِي الْحَدِيثِ" وَلَدُ الزِّنَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ".
قيل هو عام في كل من ولد من الزنا شر من والديه أصلا و نسبا و ولادة، و لأنه خلق من ماء الزاني و الزانية، فهو ماء خبيث. و قيل لأن الحد يقام عليهما فيكون تمحيصا لهما، و هذا يدرى ما يفعل به. و الشَّرُّ: نقيض الخير. و الشَّرُّ: السوء و الفساد و الظلم و الجمع شُرُور. و شَرِرْتَ يا رجل من باب تعب و في لغة من باب قرب.

344
مجمع البحرين3

شرر ص 344

وَ فِي الدُّعَاءِ" وَ الشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ".
أي لا ينسب إليك لأنك منزه عنه، و مر في إلى وجه آخر.
وَ فِي الْخَبَرِ" لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلَّا وَ الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ".
سُئِلَ الْحَسَنُ مَا بَالُ زَمَانِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعْدَ زَمَانِ الْحَجَّاجِ؟ فَقَالَ: لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ تَنَفُّسٍ وَقْتاً مَا وَ أَنْ يُكْشَفَ الْبَلَاءُ عَنْهُمْ حِيناً.
و" شِرَّةُ الشبابِ" هي بكسر شين و تشديد راء: الحرص على الشي‏ء و النشاط له و الرغبة فيه. و منه‏
الْخَبَرُ" لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ شِرَّةُ وَ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ فَتْرَةٌ".
و أَشْرَرْتُ الشي‏ءَ: أظهرته، و
مِنْهُ" مَا قِيلَ فِي يَوْمِ صِفِّينَ حَتَّى أُشِرَّتْ بِالْأَكُفِّ الْمَصَاحِفُ".
و المُشَارَّةُ بتشديد الراء المخاصمة، و
مِنْهُ" إِيَّاكَ وَ الْمُشَارَّةَ فَإِنَّهَا تُورِثُ الْمَعَرَّةَ".
و المَعَرَّةُ: الأمر القبيح المكروه. و شَرْشَرَةُ الشي‏ء: تشقيقه و تقطيعه من شَرْشَرَ بَوْلُهُ يُشَرْشِرُ. و" الشُّرْشُورُ" كعصفور طائر مثل العصفور أغبر اللون.
 (شزر)
" الشَّزْرُ" بالفتح فالسكون: نظر الغضبان بمؤخر العين، يقال نظر إليه شَزْراً: أي نظر غضب، و في لحظه شَزَرٌ بالتحريك.
 (شصر)
الشَّصَرُ: طائر أصغر من العصفور- قاله في القاموس.
 (شطر)
قوله تعالى: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ*
 [2/ 144] أي جهته و نحوه، يقال قصدت شَطْرَهُ أي نحوه. قال هذيل:
أقول لأم ذنباع أقيمي             صدور العيس شَطْرَ بني تميم‏

أي نحوهم.

345
مجمع البحرين3

شطر ص 345

و قد يجي‏ء الشَّطْرُ بمعنى النصف و الجزء و هو كثير، و منه‏
الحَدِيثُ" السِّوَاكُ شَطْرُ الْوُضُوءِ".
و كأنه يريد المبالغة في استعماله. و منه‏
قَوْلُهُ" اجْعَلْ شَطْرَ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ".
أي جزءا منه و يحتمله النصف.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ أَعَانَ عَلَى مُؤْمِنٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ فَعَلَيْهِ كَذَا".
و شَطْرُ الكلمة بعضها كالقاف من اقتل، بأن تقول اق و نحو ذلك. و شَطَرَ بَصَرُهُ شُطُوراً: و هو الذي ينظر إليك و إلى آخر. و الشَّاطِرُ: الذي أعيى أهله خبثا. و الشَّطَارَةُ اسم منه. و منه‏
الْحَدِيثُ" وَ أَمَّا تِلْكَ فَشَطَارَةٌ".
أي خبث، و الفعل منه" شَطَرَ" بالفتح و بالضم شَطَارَةً فيهما. و الشِّطْرَنْجُ: لعبة معروفة أخذا من الشَّطَارَة أو التَّشَطُّر، و قد مر ذكره.
 (شعر)
قوله تعالى: وَ الْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ‏
 [22/ 36] أي جعلناها لكم و جعلناها من شَعَائِرِ الله لكم فيها خير أي مال من ظهرها و بطنها، و إنما قدر ذلك لأنه في المعنى تعليل لكون نحرها من شعائر الله، بمعنى أن نحرها مع كونها كثير النفع و الخير و شدة محبة الإنسان من مال من أدل الدلائل على قوة الدين و شدة تعظيم أمر الله. قوله: إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ‏
 [2/ 158] أي هما من أعلام مناسكه و متعبداته. قوله: لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ‏
 [5/ 2] قال الشيخ أبو علي: اختلف في معنى شَعائِرَ اللَّهِ‏
 على أقوال: منها لا تحلوا حرمات الله و لا تتعدوا حدوده، و حملوا الشَّعَائِرَ على المعالم، أي معالم حدود الله و أمره و نهيه و فرائضه، و منها أن شَعَائِرَ الله مناسك الحج، أي لا تحلوا مناسك الحج فتضيعوها، و منها أن شَعَائِرَ الله هي الصفا و المروة و الهدي من البدن و غيرها، ثم حكى قول الفراء:
كَانَتْ عَامَّةُ الْعَرَب‏

346
مجمع البحرين3

شعر ص 346

لَا تَرَى الصَّفَا وَ الْمَرْوَةَ مِنَ الشَّعَائِرِ وَ لَا يَطُوفُونَ بَيْنَهُمَا فَنَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ وَ هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع‏
و منها لا تحلوا ما حرم الله عليكم في إحرامكم و منها أن الشَّعَائِرَ هي العلامات المنصوبة للفرق بين الحل و الحرام نهاهم الله تعالى أن يتجاوزوها إلى مكة بغير إحرام إلى غير ذلك. ثم قال بعد استيفاء الأقوال و أقواها الأول قوله: يُشْعِرُكُمْ‏
 [6/ 109] أي يدريكم. قوله: لا يَشْعُرُونَ*
 [2/ 12] أي لا يفطنون و يعلمون. قوله: أَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى‏
 [53/ 49] الشِّعْرَى كوكب معروف يطلع في آخر الليل بعد الجوزاء، أي هو رب ما تعبدونه فكيف تعبدونه، و أول من عبد الشِّعْرَى أبو كبشة أحد أجداد النبي ص من قبل أمهاته و كان المشركون يسمونه ص ابن أبي كبشة لمخالفته إياهم في الدين كما خالف أبو كبشة و غيره في عبادة الشعرى. قوله: وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ‏
 [26/ 224] أي لا يتبعهم على كذبهم و باطلهم و فضول قولهم و ما هم عليه من الهجاء و تمزيق الأعراض و مدح من لا يستحق المدح إلا الغاوون من السفهاء، و قيل شُعَرَاءُ المشركين عبد الله بن الزبعري و أبو سفيان و أبو غرة و نحوهم حيث قالوا نقول مثل ما قال محمد ص، و كانوا يهجونه و يجتمع عليهم الأعراب من قومهم يسمعون أشعارهم و أهاجيهم.
وَ فِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي الَّذِينَ غَيَّرُوا دِينَ اللَّهِ وَ خَالَفُوا أَمْرَ اللَّهِ، هَلْ رَأَيْتُمْ شَاعِراً قَطُّ تَبِعَهُ أَحَدٌ، إِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ الَّذِينَ وَصَفُوا دِيناً بِآرَائِهِمْ فَتَبِعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ النَّاسُ، وَ يُؤَكِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: أَ لَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ يَعْنِي يُنَاظِرُونَ بِالْأَبَاطِيلِ وَ يُجَادِلُونَ بِالْحُجَجِ وَ فِي كُل‏

347
مجمع البحرين3

شعر ص 346

مَذْهَبٍ يَذْهَبُونَ.
قوله: وَ ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَ ما يَنْبَغِي لَهُ‏
 [36/ 69] قال المفسر: يعني قول الشِّعْر، أي ما أعطيناه العلم بالشعر و ما ينبغي له أن يقول الشعر من عنده حتى إذا تمثل ببيت شعري جرى على لسانه مكسرا كما
رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ يَتَمَثَّلُ بِهَذَا الْبَيْتِ:
كَفَى الْإِسْلَامُ وَ الشَّيْبُ لِلْمَرْءِ نَاهِياً

فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ص إِنَّمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
كَفَى الشَّيْبُ وَ الْإِسْلَامُ لِلْمَرْءِ نَاهِياً.

وَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَتَمَثَّلُ بِبَيْتِ أَخِي بَنِي قَيْسٍ:
سَتُبْدِي لَكَ الْأَيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِلًا             وَ يَأْتِيكَ بِالْأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ


فَيَقُولُ‏
" وَ يَأْتِيكَ مَنْ لَمْ تُزَوِّدْ بِالْأَخْبَارِ"

فَيُقَالُ لَهُ لَيْسَ هَكَذَا، فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ بِشَاعِرٍ.
قال المفسر: و قيل إن معنى الآية وَ ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ
 بتعليم القرآن و ما ينبغي للقرآن أن يكون شعرا، فإن نظمه ليس بنظم الشعر،
وَ قَدْ صَحَّ عَنْهُ ع أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ الشِّعْرَ وَ يَبْحَثُ عَنْهُ وَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ" إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً".
و حكايته مع حسان بن ثابت مشهورة.
وَ فِي الْحَدِيثِ وَ قَدْ سُئِلَ ع مِنْ أَشْعَرِ الشُّعَرَاءِ؟ فَقَالَ ع" إِنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَجْرُوا فِي حَلْبَةٍ تُعْرَفُ الْغَايَةُ عِنْدَ قَصَبَتِهَا، فَإِنْ كَانَ وَ لَا بُدَّ فَالْمَلِكُ الضِّلِّيلُ".
يعني امرء القيس سماه ضليلا لأنه ضل عن طريق الهداية، و في القاموس هو" سليمان بن حجر" كما سيجي‏ء. قوله: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ‏
 [2/ 198] و هو جبل بآخر مزدلفة

348
مجمع البحرين3

شعر ص 346

و اسمه قُزَح، و يسمى جُمَعاً و المُزْدَلِفَة و المَشْعَر الحرام، لأنه معلم العبادة و وصف بالحرام لحرمته، أو لأنه من الحرم و ميمه مفتوحة على المشهور و بعضهم يكسرها على التشبيه باسم الآلة. و حد المَشْعَر الحرام ما بين المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسر. و يسمى كل موضع للمنسك مَشْعَراً لأنه موضع لعبادته تعالى. و منه‏
الْحَدِيثُ" بِتَشْعِيرِهِ الْمَشَاعِرَ عُرِفَ أَنَّهُ لَا مَشْعَرَ لَهُ".
و
مِثْلُهُ" لَا تَشْمُلُهُ الْمَشَاعِرُ".
و شَوَاعِرُ الإنسان و مَشَاعِرُهُ: حواسه و منه‏
قَوْلُهُ" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ لِي شَوَاعِرَ أُدْرِكُ مَا ابْتَغَيْتُ بِهَا".
و
فِي الْحَدِيثِ إِشْعَارُ الْبُدْنِ وَ إِشْعَارُ الْهَدْيِ.
و هو أن يقلد بنعل و غير ذلك و يجلل و يطعن في شق سنامه الأيمن بحديدة حتى يدميه ليعرف بذلك أنه هدي، و الإِشْعَارُ و التقليد بمنزلة التلبية للمحرم، و مَنْ أَشْعَرَ بَدَنَةً فَقَدْ أَحْرَمَ و إن لم يتكلم بقليل و لا كثير.
وَ فِي الدُّعَاءِ" وَ اجْعَلِ الْعَافِيَةَ شِعَارِي".
أي مخالطة لجميع أعضائي غير مفارقة لها من قولهم جعل الشي‏ء شِعَارَهُ و دِثَارَهُ إذا خالطه و مارسه و زاوله كثيرا، و المراد المداومة عليه ظاهرا و باطنا. و منه‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع لِأَهْلِ الْكُوفَةِ" أَنْتُمُ الشِّعَارُ دُونَ الدِّثَارِ".
و الشِّعَارُ بالكسر ما تحت الدِّثَار من اللباس، و هو ما يلي شعر الجسد، و قد يفتح و المعنى أنتم الخاصة دون العامة. و منه‏
حَدِيثُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ" اتَّخَذُوا الْقُرْآنَ شِعَاراً".
أي اتخذوه لكثرة ملازمته بالقراءة بمنزلة الشعار
" وَ اتَّخَذُوا الدُّعَاءَ دِثَاراً".
أي سلاحا يقي البدن كالدثار.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْفَقْرُ شِعَارُ الصَّالِحِينَ".
أي علامتهم.

349
مجمع البحرين3

شعر ص 346

وَ التَّلْبِيَةُ شِعَارُ المُحْرِمِ: أي علامته. و شِعَارُ القوم في الحرب: علامتهم ليعرف بعضهم بعضا في ظلمة الليل.
وَ فِي حَدِيثِ الصَّحَابَةِ" شِعَارُنَا يَوْمَ بَدْرٍ يَا نَصْرَ اللَّهِ اقْتَرِبْ، وَ شِعَارُنَا يَوْمَ بَنِي قَيْنُقَاعَ يَا رَبَّنَا لَا يَغْلِبُنَّكَ، وَ شِعَارُنَا يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ يَا سَلَامُ سَلِّمْ، وَ يَوْمَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ أَلَا إِلَى اللَّهِ الْأَمْرُ، وَ يَوْمَ خَيْبَرَ يَا عَلِيُّ ائْتِهِمْ مِنْ عَلُ، وَ يَوْمَ بَنِي الْمُلَوَّحِ أَمِتْ أَمِتْ".
و هو أمر بالموت و المراد به التفأل بالنصر.
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِهِ" يُنَادِي بِالصَّلَاةِ كَنِدَاءِ الْجَيْشِ بِالشِّعَارِ".
و" أَشْعِرُوا قُلُوبَكُمْ ذِكْرَ اللَّهِ" أي أضمروا فيها خوف الله. و اسْتَشْعَرَ فلانٌ خوفا: أي أضمره. و أَشْعَرْتُهُ فَشَعَرَ: أي أدريته فدرى. و شَعَرَ به كنصر و كرم: علم به و فطن و عقل.
وَ فِي الْحَدِيثِ:" لَيْتَ شِعْرِي مَا فَعَلَ فُلَانٌ".
أي ليت علمي حاضر أو محيط بما صنع، فحذف الخبر و هو كثير. و سمي الشَّاعِرُ شاعرا لفطنته. و" الشَّعْرُ" بسكون العين يجمع على شُعُور كفلس و فلوس، و بفتحها يجمع على أَشْعَار كسبب و أسباب، و هو من الإنسان و غيره، و هو مذكر الواحدة شَعْرَة. و منه‏
الْحَدِيثُ" هُوَ مُعَلَّقٌ بِشَعْرَةٍ عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ".
كناية عن أنه مشرف على الوقوع فيها، أو أنه كذلك حقيقة. و الشَّفِير: حافة الشي‏ء و جانبه.
وَ فِي حَدِيثِ الْغَيْبَةِ" لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ فِتْنَةٌ يَسْقُطُ فِيهَا مَنْ يَشُقُّ الشَّعْرَةَ بِشَعِيرَتَيْنِ أَوْ شَعْرَتَيْنِ".
على اختلاف النسخ يريد الحاذق الذي يشق الشعر شعرتين بحذاقته. و الشِّعْرُ العربي بالكسر فالسكون: هو النظم الموزون، و حده أن يركب تركيبا متعاضدا و كان مقفى موزونا مقصدا به ذلك قال في المصباح: فما خلا من هذه القيود أو بعضها لا يسمى شِعْراً و لا صاحبه شَاعِراً، و لهذا ما ورد في الكتاب موزونا فليس بشعر لعدم القصد و التقفية، و لا كذلك ما يجري على بعض‏

350
مجمع البحرين3

شعر ص 346

ألسنة الناس من غير قصد، لأنه مأخوذ من شَعَرْتُ إذا فطنت و علمت، فإذا لم يقصده فكأنه لم يشعر به، و هو مصدر في الأصل، يقال شَعَرْتُ أَشْعُرُ من باب قتل إذا قلته. و جمع الشَّاعِرِ شُعَرَاء كصالح و صلحاء. و الشِّعْرَةُ بالكسر كسدرة: شعر الركب للنساء خاصة نقلا عن العباب. و عن الأزهري الشِّعْرَة: الشعر النابت على عانة الرجل و ركب المرأة على ما وراهما. و" الشَّعِيرُ" من الحبوب معروف الواحدة شَعِيرَة، و عن الزجاج أهل نجد يؤنثه و غيرهم يذكره فيقال هي الشَّعِير و هو الشَّعِير.
وَ فِي الْخَبَرِ" مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَ قَدْ دَعَا لِأَكْلِ خُبْزِ الشَّعِيرِ وَ بَارَكَ عَلَيْهِ، وَ مَا دَخَلَ جَوْفاً إِلَّا أَخْرَجَ كُلَّ دَاءٍ فِيهِ، وَ هُوَ قُوتُ الْأَنْبِيَاءِ وَ طَعَامُ الْأَبْرَارِ".
و
فِيهِ" ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ إِذَا أَشْعَرَ".
أي نبت شعره. و" الأَشْعَرُ" أبو قبيلة من اليمن. و الشُّوَيْعِرُ لقب محمد بن حمران الجعفي لقبه به امرؤ القيس- قاله الجوهري. و" الأَشَاعِرَة" فرقة معروفة مرجعهم في العلم- على ما نقل- إلى أبي الحسن الأَشْعَرِيِّ، و هو تلميذ أبي علي الجبائي، و هو يرجع في العلم إلى أبي هاشم بن محمد بن الحنفية، و هو يرجع إلى أبيه علي ع.
 (شغر)
فِي الْحَدِيثِ" لَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ".
هو بكسر الشين نكاح كان في الجاهلية، و هو أن يقول الرجل لآخر" زوجني ابنتك أو أختك على أن أزوجك ابنتي أو أختي على أن صداق كل منهما بضع الأخرى" كأنهما رفعا المهر و أخليا البضع منه. قيل و الأصل فيه إما من شِغَار الكلب يقال شَغَرَ الكلبُ من باب نفع رفع إحدى رجليه ليبول لرفع الصداق، أو من شَغَرَ البلدُ شُغُوراً من باب قعد إذا خلا من الناس لخلوه من الصداق.

351
مجمع البحرين3

شغر ص 351

و منه‏
الْحَدِيثُ" ضَرَبَهُ حَتَّى شَغَرَ بِبَوْلِهِ".
أي رفع به. و شَغَرَتِ المرأةُ: رفعت رجلها للنكاح. و أَشْغَرَتِ الحربُ: اتسعت و عظمت و أَشْغَرَتِ الناقةُ: اتسعت في السير و أسرعت. و الشَّغْرُ: البعد و الاتساع.
 (شفر)
فِي الْحَدِيثِ" دَمُ الْعُذْرَةِ لَا يَجُوزُ الشُّفْرَيْنِ".
الشُّفْرَانِ بالضم فالسكون: اللحم المحيط بالفرج إحاطة الشفتين بالفم و الشُّفْرُ بالضم أيضا: واحد أَشْفَار العين، و هي حروف الأجفان التي ينبت عليه الشعر و هو الهدب، و عن ابن قتيبة العامة تجعل أشفار العين الشعر و هو غلط، و جمع الشُّفْر أَشْفَار كقفل و أقفال. و حرف كل شي‏ء شُفْرُهُ و شَفِيرُهُ. و" الشَّفْرَةُ" بالفتح فالسكون: السكين العريض و ما عرض من الحديد و حدد، و الجمع شِفَار ككلبة و كلاب، و شَفَرَات كسجدة و سجدات. و منه" فحمل عليه بِالشَّفْرَةِ" يريد السيف. و منه" أسرع من الشَّفْرَة في السنام". و" المَشْفَرُ" من البعير بفتح الميم و كسرها و الفاء مفتوحة فيهما كالجحفلة من الفرس و غيره من ذي الحافر و الشفة من الإنسان، فالمِشْفَر من ذي الخف و الجَحْفَلَة من ذي الحافر و الشَّفَة من الإنسان. و" الشَّنْفَرَى" على فنعلى اسم شاعر من الأزد مشهور.
 (شقر)
فِي الْحَدِيثِ" نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِي وَادِي شُقْرَة".
هو بضم الشين و سكون القاف و قيل بفتح الشين و سكون القاف موضع‏

352
مجمع البحرين3

شقر ص 352

معروف في طريق مكة، قيل إنه و البيداء و ضجنان و ذات الصلاصل مواضع خسف و أنها من المواضع المغضوب عليها. و الشُّقْرَةُ: لون الأشقر، و هي في الإنسان حمرة تعلو بياضا، و في الخيل حمرة صافية يحمر معها العرف و الذنب، و فرس أَشْقَر: الذي فيه شقرة، و الفرق بينه و بين الكميت قد تقدم. و شَقِرَ شَقَراً من باب تعب فهو أَشْقَرُ. و" شُقْرَانُ" كعثمان مولى رسول الله ص، و اسمه صالح و شهد بدرا و هو مملوك ثم أعتق، و في الظن أنه مات في خلافة عثمان. و" شَقِرَةُ" قبيلة من بني ضبة، و النسبة إليهم شَقَرِيٌّ بفتح القاف. و" الأَشَاقِر" حي من اليمن- قاله الجوهري.
 (شكر)
قوله تعالى: إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً
 [17/ 3] الشَّكُورُ بفتح الشين: المتوفر على أداء الشكر الباذل وسعه فيه قد شغل فيه قلبه و لسانه و جوارحه اعتقادا و اعترافا و كدحا.
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع وَ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَصْبَحَ وَ أَمْسَى يَقُولُ" اللَّهُمَّ مَا أَصْبَحَ وَ أَمْسَى بِي مِنْ نِعْمَةٍ مِنْ دِينٍ أَوْ دُنْيَا فَمِنْكَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَكَ الْحَمْدُ وَ لَكَ الشُّكْرُ بِهَا عَلَيَّ حَتَّى تَرْضَى وَ بَعْدَ الرِّضَا" كَانَ يَقُولُهَا إِذَا أَصْبَحَ ثَلَاثاً وَ إِذَا أَمْسَى ثَلَاثاً، فَهَذَا شُكْرُهُ.
قوله: ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَ آمَنْتُمْ‏
 [4/ 147] قال المفسر: فإن قلت لما تقدم الشُّكْر على الإيمان؟ قلت: لأن العاقل ينظر إلى ما عليه من النعمة العظيمة في خلقه و تعريضه للمنافع فيشكر شكرا مبهما، فإذا انتهى بالنظر إلى معرفة المنعم آمن به ثم شكر شكرا مفصلا. فكان الشكر متقدما على الإيمان و كأنه أصل التكليف و مداره. قوله: لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً
 [76/ 9] هو بالضم يحتمل أن يكون مصدرا مثل قعد قعودا، و يحتمل‏

353
مجمع البحرين3

شكر ص 353

أن يكون جمعا كبرد و برود. و" الشَّكُورُ" بالفتح من أسمائه تعالى، و هو الذي يزكو عنده القليل من أعمال العباد فيضاعف لهم الجزاء، فَشُكْرُهُ لعباده مغفرته لهم. و" الشَّكُورُ" من أبنية المبالغة. قوله: وَ كانَ اللَّهُ شاكِراً عَلِيماً
 [4/ 147] يعني لم يزل الله مجازيا لكم على الشكر، فسمي الجزاء باسم المجزي عليه، فَالشُّكْرُ من الله لعباده المجازاة و الثناء الجميل. و شَكَرْتُ اللَّهَ: اعترفت بنعمته و فعلت ما يجب من فعل الطاعة و ترك المعصية، و يتعدى في الأكثر باللام فيقال شَكَرْتُ لَهُ شُكْراً، و ربما تعدى بنفسه فيقال شَكَرْتُهُ، و أنكره الأصمعي في السعة.
وَ فِي الْخَبَرِ" لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ".
يعني لا يقبل الله شكر العبد على إحسانه إذا كان لا يشكر إحسان الناس و يكفر معروفهم، لاتصال أحد الأمرين بالآخر.
 (شمر)
فِي الْحَدِيثِ" يَا عِيسَى شَمِّرْ فَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ".
أي جد و اجتهد فيما كلفت به، يقال رجل شِمِّير بالكسر و التشديد للمبالغ في الأمر و هو الجد فيه و الاجتهاد، و يقال شَمَّرَ في أمره أي خف و أسرع من التَّشْمِير في الأمر و هو السرعة فيه و الخفة. و" شَمَّرَ عن إزاره" بالتشديد أي رفعه، و شَمَّرَ ثوبه مثله. و شَمَّرَ إلى ذي المجاز: قَصَدَهُ.
 (شنر)
الشَّنَارُ: العيب و العار- قاله الجوهري.
 (شور)
قوله تعالى: وَ أَمْرُهُمْ شُورى‏ بَيْنَهُمْ‏
 [42/ 38] يقال صار هذا الشي‏ء شُورَى بين القوم: إذا تشاوروا فيه، و هو فعلى من المُشَاوَرَة و هو المفاوضة و في الكلام ليظهر الحق، أي لا ينفردون بأمر حتى يشاوروا غيرهم فيه. قوله: وَ شاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ
.

354
مجمع البحرين3

شور ص 354

 [3/ 159] أي في أمر الحرب تطييبا لقلوبهم، أي استخرج آراءهم و استعلم ما عندهم. قوله: فَأَشارَتْ إِلَيْهِ‏
 [19/ 29] الإِشَارَةُ الإيماء باليد أو الرأس، أي أومأت إليه، و هي ترادف النطق في فهم المعنى كما لو استأذنه في شي‏ء فأشار بيده أو رأسه أن يفعل أو لا يفعل.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" فَيَا لَلَّهِ وَ لِلشُّورَى مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الْأَوَّلِ مِنْهُمْ حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هَذِهِ النَّظَائِرِ".
قَوْلُهُ" فَيَا لَلَّهِ وَ لِلشُّورَى".
استغاثة و استفهام على سبيل التعجب. و القصة في ذلك‏
أَنَّهُ لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ دَخَلَ عَلَيْهِ وُجُوهُ الصَّحَابَةِ وَ سَأَلُوهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ رَجُلًا يَرْضَاهُ، فَقَالَ: لَا أُحِبُّ أَنْ أَتَحَمَّلَهَا حَيّاً وَ مَيِّتاً، فَقَالُوا: أَ لَا تُشِيرُ عَلَيْنَا. فَقَالَ: إِنْ أَحْبَبْتُمْ فَنَعَمْ. فَقَالُوا: نَعَمْ. فَقَالَ: الصَّالِحُونَ لِهَذَا الْأَمْرِ سَبْعٌ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ وَ أَنَا مُخْرِجُهُ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، وَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَيْرُ وَ عُثْمَانُ وَ عَلِيٌّ، فَأَمَّا سَعْدٌ فَيَمْنَعُنِي مِنْهُ عُنْفُهُ، وَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَإِنَّهُ قَارُونُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَ مِنْ طَلْحَةَ فَتَكَبُّرُهُ، وَ مِنَ الزُّبَيْرِ فَشُحُّهُ، وَ مِنْ عُثْمَانَ حُبُّهُ لِقَوْمِهِ، وَ مِنْ عَلِيٍّ حِرْصُهُ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ وَ أَمَرَ صُهَيْباً أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَ يَخْلُوَ سِتَّةُ نَفَرٍ فِي بَيْتٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ اتَّفَقَتْ خَمْسَةٌ عَلَى رَجُلٍ وَ أَبَى وَاحِدٌ قُتِلَ وَ إِنِ اتَّفَقَتْ ثَلَاثَةٌ فَلْيَكُنِ النَّاسُ مَعَ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ فِيهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَ يُرْوَى فَاقْتُلُوا الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ لَيْسَ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَلَمَّا خَرَجُوا وَ اجْتَمَعُوا لِلْأَمْرِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: إِنَّ لِي وَ لِسَعْدٍ فِي هَذَا الْأَمْرِ الثُّلُثَ فَنَحْنُ نُخْرِجُ أَنْفُسَنَا مِنْهُ عَلَى أَنْ نَخْتَارَ خَيْرَكُمْ لِلْأُمَّةِ: فَرَضِيَ الْقَوْمُ غَيْرَ عَلِيٍّ فَإِنَّهُ قَالَ أَرَى وَ أَنْظُرُ، فَلَمَّا أَيِسَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ عَلِيٍّ رَجَعَ إِلَى سَعْدٍ وَ قَالَ لَهُ: هَلُمَّ نُعَيِّنُ رَجُلًا فَنُبَايِعَهُ وَ النَّاسُ يُبَايِعُونَ مَنْ نُبَايِعُهُ فَقَالَ سَعْدٌ: إِنْ بَايَعَكَ عُثْمَانُ فَأَنَا لَكُمْ ثَالِثٌ وَ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تُوَلِّيَ عُثْمَانَ فَعَلِيٌّ أَحَبُّ إِلَيَّ، فَلَمَّا أَيِسَ مِنْ رِضَا سَعْد

355
مجمع البحرين3

شور ص 354

رَجَعَ فَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ ع فَقَالَ: أَنَا أُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ تَعْمَلَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ وَ سِيرَةِ الشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ. فَقَالَ: تُبَايِعُنِي عَلَى أَنْ أَعْمَلَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ وَ أَجْتَهِدَ رَأْيِي، فَتَرَكَ يَدَهُ وَ أَخَذَ بِيَدِ عُثْمَانَ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَقَالَتِهِ لِعَلِيٍّ فَقَالَ نَعَمْ، فَكَرَّرَ الْقَوْلَ فَأَجَابَ بِمَا أَجَابَ بِهِ أَوَّلًا. وَ بَعْدَهَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: هِيَ لَكَ يَا عُثْمَانُ وَ بَايَعَهُ ثُمَّ بَايَعَهُ النَّاسُ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا مُظَاهَرَةَ أَوْثَقُ مِنْ مُشَاوَرَةِ".
المُشَاوَرَة مشتقة من شُرْتُ العسل أي استخرجته من موضعه. و أَشَارَ عليه بكذا: أمره. و اسْتَشَارَهُ: طلب منه المشورة. و" المَشْوَرَةُ" بالفتح فالسكون: الاسم من شاورته و كذلك المَشُورَة بالضم و شَاوَرْتُهُ في الأمر و اسْتَشَرْتُهُ بمعنى راجعته لأرى رأيه فيه. و أَشَارَ عَلَيَّ بكذا: أي أراني ما عنده فيه من المصلحة.
 (شهبر)
فِي الْخَبَرِ" لَا تَتَزَوَّجْ شَهْبَرَةً وَ لَا لَهْبَرَةً وَ لَا نَهْبَرَةً وَ لَا هَيْدَرَةً وَ لَا لَفُوتاً" ثُمَّ قَالَ ع" أَمَّا الشَّهْبَرَةُ فَالزَّرْقَاءُ الْبَذِيَّةُ، وَ أَمَّا اللَّهْبَرَةُ فَالطَّوِيلَةُ الْمَهْزُولَةُ، وَ أَمَّا النَّهْبَرَةُ فَالْقَصِيرَةُ الدَّمِيمَةُ، وَ أَمَّا الْهَيْدَرَةُ فَالْعَجُوزُ الْمُدْبِرَةُ، وَ أَمَّا اللَّفُوتُ فَذَاتُ الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِكَ".
 (شهر)
قوله تعالى: الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ‏
 [2/ 194] أي هذا الشهر بهذا الشهر و هتكه بهتكه يعني تهتكون حرمته عليهم كما هتكوا حرمته عليكم وَ الْحُرُماتُ قِصاصٌ أي كل حرمة يجري فيها القصاص، فمن هتك حرمة اقتص منه بأن يهتك به حرمة، فحين هتكوا حرمة شهركم فافعلوا بهم مثل ذلك و لا تبالوا. قوله: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ‏
 [9/ 5] الأَشْهُرُ الحرم أربعة، و لكن‏

356
مجمع البحرين3

شهر ص 356

اختلف في كيفية عددها، فقيل هي العشر من ذي الحجة إلى عشر من ربيع الآخر لأن البراءة وقعت في يوم عرفة، و الذي عليه الجمهور و جاءت الأخبار أنها ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم و رجب ثلاثة سرد و واحد فرد، و ذهب الكوفيون- على ما نقل عنهم- إلى الابتداء بالمحرم، و تظهر فائدة الخلاف بالنذر. و الشَّهْرُ في الشرع عبارة عما بين هلالين قال الشيخ أبو علي: و إنما سمي شَهْراً لاشتهاره بالهلال. و قد يكون الشَّهْرُ ثلاثين و قد يكون تسعة و عشرين إذا كان هلاليا، فإذا لم يكن هلاليا فهو ثلاثون. و الشُّهْرَةُ: ظهور الشي‏ء في شنعة حتى يشهره الناس. و منه‏
الْحَدِيثُ" مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ".
أي يشمله بالذل كما يشمل الثوب البدن. أي يصغره في العيون و يحقره في القلوب. و الشَّهِيرُ و المَشْهُورُ: المعروف. و شَهَرَ سيفَه: أي سله و الشَّهْرِيُّ السمند اسم فرس. و" الشَّهْرِيرُ" بالرائين المهملتين مع الإعجام في الثانية: ضرب من التمر. و" شَهْرِيَارُ" ملك من ملوك الفرس و هو ابن شيرويه، و شيرويه ابن كسرى، و كسرى ابن أبرويز. و" نهرشير" مر ذكره في شير.
باب ما أوله الصاد
 (صبر)
قوله تعالى: وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ‏
 [18/ 28] الآية. أي احبس نفسك معهم و لا ترغب عنهم إلى غيرهم.
قِيلَ نَزَلَتْ فِي سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ كَانَ عَلَيْهِ كِسَاءٌ فِيهِ يَكُونُ طَعَامُهُ وَ هُوَ دِثَارِهِ وَ رِدَاؤُهُ، وَ كَانَ كِسَاءً مِنْ صُوفٍ فَدَخَلَ عُيَيْنَةُ بْنُ حُصَيْنٍ الْفَزَارِيُّ عَلَى النَّبِيِّ ص وَ سَلْمَانُ عِنْدَهُ، فَتَأَذَّى عُيَيْنَةُ بِرِيحِ كِسَاءِ سَلْمَانَ وَ قَدْ كَانَ عَرِق‏

357
مجمع البحرين3

صبر ص 357

وَ كَانَ يَوْمٌ شَدِيدُ الْحَرِّ فَعَرِقَ فِي الْكِسَاءِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا نَحْنُ دَخَلْنَا عَلَيْكَ فَأَخْرِجْ هَذَا وَ اصْرِفْهُ مِنْ عِنْدِكَ، فَإِذَا نَحْنُ خَرَجْنَا فَأَدْخِلْ مَنْ شِئْتَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْآيَةَ وَ قَالَ فِيهَا وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَ هُوَ عُيَيْنَةُ الْمَذْكُورُ.
قوله: وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ‏
 [2/ 155] الصَّابِرُون جمع صَابِر من الصَّبْرِ و هو حبس النفس عن إظهار الجزع. و عن بعض الأعلام: الصَّبْرُ حبس النفس على المكروه امتثالا لأمر الله تعالى، و هو من أفضل الأعمال حتى‏
قَالَ النَّبِيُّ ص:" الْإِيمَانُ شَطْرَانِ شَطْرٌ صَبْرٌ وَ شَطْرٌ شُكْرٌ".
و مثله قوله: وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ
 [2/ 177] أي في الشدة، و نصب على المدح، و لم يعطف لفضل الصبر على سائر الأعمال. قوله: أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا
 [28/ 54]
عَنِ الصَّادِقِ ع" نَحْنُ صُبَّرٌ وَ شِيعَتُنَا أَصْبَرُ مِنَّا، وَ ذَلِكَ أَنَّا صَبَرْنَا عَلَى مَا نَعْلَمُ وَ صَبَرُوا عَلَى مَا لَا يَعْلَمُونَ".
قوله: وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ
 [103/ 3] قال الشيخ أبو علي هو إشارة إلى الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الدعاء إلى التوحيد و العدل و أداء الواجبات و الاجتناب عن المقبحات. قوله: اصْبِرُوا وَ صابِرُوا
 [3/ 200] أي اصبروا أنفسكم مع الله بنفي الجزع و غالبوا عدوكم بالصبر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" اصْبِرُوا
 عَلَى الْفَرَائِضِ وَ صابِرُوا
 عَلَى الْمَصَائِبِ وَ رابِطُوا عَلَى الْأَئِمَّةِ ع".
قوله: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ
 [2/ 170] يريد التعجب، و المعنى فما أصبرهم على فعل ما يعلمون أنه يصيرهم إلى النار.

358
مجمع البحرين3

صبر ص 357

قوله: وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ
 [2/ 45] قيل يراد به الصوم، و سمي الصوم صَبْراً لما فيه من حبس النفس عن الطعام و الشراب و النكاح. قوله: وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها
 [20/ 132] أي احمل نفسك على الصلاة و مشاقها و إن نازعتك الطبيعة التي تركها طلبا للراحة فاقهرها، و اقصد الصلاة مبالغا في الصبر ليصير ذلك ملكة لك، و لذلك عدل عن الصبر إلى الاصْطِبَار لأن الافتعال فيه زيادة معنى ليس في الثلاثي و هو القصد و التصرف، و كذلك قال لَها ما كَسَبَتْ بأي نوع كان وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ بالقصد و التصرف. قيل و إذا وجب عليه الاصْطِبَار وجب علينا للتأسي. قال بعض الأفاضل: و القائم بذلك تحصل أعلا المراتب إذا لم يكن متحرجا منها و مستعظما لها، كما قال تعالى: وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الصَّبْرُ صَبْرَانِ صَبْرٌ عَلَى مَا تَكْرَهُ وَ صَبْرٌ عَمَّا تُحِبُّ".
فَالصَّبْرُ الأول مقاومة النفس للمكاره الواردة عليها و ثباتها و عدم انفعالها، و قد يسمى سعة الصدر، و هو داخل تحت الشجاعة و الصَّبْرُ الثاني مقاومة النفس لقوتها الشهوية و هو فضيلة داخلة تحت العفة. و صَبَرْتُ صَبْراً من باب ضرب. و صَبَّرْتُهُ بالتثقيل: حملته على الصبر بوعد الأجر و قلت له اصبر. و الصَّبْرُ تارة يستعمل بمِنْ كما في المعاصي و تارة بعَلَى كما في الطاعات، يقال صَبَرَ على الصلاة، و الصَّبْرُ الذي يصبر في الضراء كما يصبر في السراء، و في الفاقة كما يصبر في الغناء، و في البلاء كما يصبر في العافية، و لا يشكو خالقه عند المخلوق بما يصيبه من البلاء.
وَ فِي الْخَبَرِ" يَأْتِي زَمَانٌ الصَّابِرُ عَلَى دِينِهِ كَالصَّابِرِ عَلَى الْجَمْرِ".
الجملة صفة زمان، أي كما لا يقدر القادر على الجمر أن يصبر عليه لإحراق يده، كذا المتدين يومئذ لا يقدر على ثباته على دينه لغلبة

359
مجمع البحرين3

صبر ص 357

العصاة و انتشار الفتن و ضعف الإيمان.
وَ فِي حَدِيثِ الدُّنْيَا" حُلْوُهَا صَبِرٌ".
الصَّبِرُ بكسر الباء في المشهور: الدواء المر و سكون الباء للتخفيف لغة نادرة، و لعل منه‏
الْحَدِيثُ" يَكْتَحِلُ الْمُحْرِمُ إِنْ شَاءَ بِصَبِرٍ".
و الكأس المُصَبَّرَة: التي يجعل فيها الصبر، و قولهم" نسقيه كأسا مُصَبَّرَة" على الاستعارة. و
فِيهِ" أَنَّ رَجُلًا اسْتَحْلَفَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بِيَمِينِ صَبْرٍ".
يمين الصَّبْرِ هي التي يمسك الحكم عليها حتى يحلف، و لو حلف بغير إحلاف لم يكن صَبْراً، و إن شئت قلت يمين الصَّبْرِ التي يصبر فيها أي يحبس فيصير ملزوما باليمين، و لا يوجد ذلك إلا بعد التداعي. و الأصل في الصَّبْرِ الحبس، و منه‏
الْخَبَرُ" لَمْ يَقْتُلِ الرَّسُولُ ص رَجُلًا صَبْراً قَطُّ".
و
مِنْهُ أَيْضاً فِي رَجُلٍ أَمْسَكَ رَجُلًا فَقَتَلَهُ آخَرُ قَالَ" اقْتُلُوا الْقَاتِلَ وَ اصْبِرُوا الصَّابِرَ".
أي احبسوا الذي حبسه للموت حتى يموت. و
فِيهِ أَنَّهُ نَهَى عَنْ قَتْلِ شَيْ‏ءٍ مِنَ الدَّوَابِّ صَبْراً.
و هو أن يمسك شي‏ء من ذوات الأرواح حيا ثم يرمى بشي‏ء حتى يموت.
وَ فِي الْحَدِيثِ، لَا تُقِيمُوا الشَّهَادَةَ عَلَى الْأَخِ فِي الدَّيْنِ الصبر [الضَّيْرَ]. قُلْتُ: وَ مَا الصبر [الضَّيْرُ]؟ قَالَ: إِذَا تَعَدَّى فِيهِ صَاحِبُ الْحَقِّ الَّذِي يَدَّعِيهِ قِبَلَهُ خِلَافَ مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى كَأَنْ يَكُونَ مُعْسِراً وَ لَمْ يُنَاظِرْهُ".
وَ فِي الْخَبَرِ" مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ مَصْبُورَةٍ كَاذِباً فَكَذَا".
و اليمين المَصْبُورَةُ هي يمين الصبر، قيل لها مصبورة و إن كان صاحبها في الحقيقة هو المصبور لأنه إنما صبر من أجلها، أي حبس فوصفت بالصبر و أضيفت إليه مجازا. و
فِيهِ" يَحْرُمُ مِنَ الذَّبِيحَةِ الْمَصْبُورَةُ".
و هي المجروحة تحبس حتى تموت. و" صَبَارَّةُ القر" هي بتشديد الراء: شدة البرد. و" الصَّبُورُ" بالفتح من أسمائه تعالى،

360
مجمع البحرين3

صبر ص 357

و معناه الذي لا يعاجل بعقوبة العصاة لاستغنائه عن التسرع، و إنما يعجل من يخاف الفوت، و هو قريب من معنى الحَلِيم إلا أن الحَلِيم مشعر بسلامة المذنب عن العقوبة و لا كذلك الصَّبُور. و الصُّبْرَةُ من الطعام: المجتمع كالكومة. و الجمع صُبَر كغرفة و غرف، و منه قولهم" اشتريت الشي‏ء صُبْرَة" أي بلا وزن و لا كيل. و الكأس المُصَبَّرَة: أي المملوءة. و وادي صَبْرَة اسم موضع، و منه" جن وادي صَبْرَة". و" صَبِير" كثوير من أعظم جبال اليمن. و منه‏
الْخَبَرُ" مَنْ فَعَلَ كَذَا وَ كَذَا كَانَ لَهُ خَيْرٌ مِنْ صَبِيرٍ ذَهَباً".
و يروى صِير بإسقاط الباء الموحدة، و هو جبل بطي. و الصَّبِيرُ: السحاب الأبيض لا يكاد يمطر. و الصَّنَوْبَر وزان سفرجل معروف يتخذ منه الزفت- قاله في المصباح.
 (صحر)
فِي الْحَدِيثِ" كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي ثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ صُحَارِيَّيْنِ".
صُحَار بالمهملات مع التحريك قرية باليمين ينسب إليها الثياب، و قيل هما من الصُّحْرَةِ و هي جمرة خفيفة كالغبرة. و الصَّحْرَاءُ بالمد: البرية، و هي غير مصروفة و إن لم تكن صفة، و إنما لم تصرف للتأنيث و لزوم حرف التأنيث، و الجمع الصَّحَارَى بفتح الراء على الأصح كعذراء و عذارى، و ربما كسرت في لغة قليلة، و تجمع على صَحْرَاوَات أيضا، و كذلك جمع كل فعلاء إذا لم يكن مؤنث أفعل.

361
مجمع البحرين3

صحر ص 361

و أَصْحَرَ الرجلُ: أي خرج إلى الصحراء.
وَ فِي الدُّعَاءِ" فَأَصْحَرَنِي لِغَضَبِكَ فَرِيداً".
الضمير للشيطان، و المعنى جعلني تائها في بيداء الضلال متصديا لحلول غضبك بي. و" الصُّحْرُ" جمع أَصْحَر، و هو الذي يضرب إلى الحمرة، و بهذا اللون يكون الحمار الوحشي- قاله الصدوق رحمه الله في قول ذي الرمة
صُحْرٌ سماحيج في أحشائها قبب.


و" صُحَار" بالضم قصبة عمان مما يلي الجبل، و" تُؤَام" قصبتها مما يلي الساحل- قاله الجوهري.
 (صخر)
الصَّخْرُ: الحجارة العظام، و هي الصُّخُور و الصَّخَرَات، يقال صَخَرٌ بالتحريك نقلا عن يعقوب، الواحدة صَخْرَة. و صَخْرُ بْنُ عَمْرٍو أخو الخنساء المقول فيه:
و إن صَخْراً لتأتم الهداة به             كأنه علم في رأسه نار.

 (صدر)
قوله: وَ هُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ
 [57/ 6] الصُّدُورُ جمع صَدْر، و المراد وساوسها. و نحوها مما يقع فيها قوله: حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ
 [28/ 23] أي يُصْدِرُوا مواشيهم من ورودهم، و الرِّعَاءُ بالكسر جمع الرَّاعِي كالصيام و القيام. قوله: يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً
 [99/ 6] أي يصدر الناس من مخارجهم من القبور إلى موقف العرض و الحساب أشتاتا بيض الوجوه آمنين و سود الوجوه خائفين، و قد مر ما يقرب منه في شتت.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ كَانَ مُتَمَتِّعاً فَلَمْ يَجِدْ هَدْياً فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، فَإِذَا فَاتَهُ ذَلِكَ وَ كَانَ لَهُ مُقَامٌ بَعْدَ الصَّدَرِ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِمَكَّةَ.
الصَّدَرُ بالتحريك اليوم الرابع من أيام النحر. و الصَّدَرُ: رجوع المسافر من مقصده و طواف الصَّدَرِ: طواف الرجوع من منى.

362
مجمع البحرين3

صدر ص 362

وَ فِي الْخَبَرِ" يَصْدُرُ النَّاسُ عَنْ رَأْيِهِ".
ينصرفون عما يراه و يستصوبونه و يعملون به، شبه المنصرفين عنه ص بعد توجههم إليه لسؤال معادهم و معاشهم بواردة صَدَرُوا عن المنهل بعد الرأي. و صَدْرُ كل شي‏ء: أوله و مقدمه، و هو مذكر، و منه صَدْرُ النهار. و أما قول الأعشى:
كما شرقت صَدْرُ القناة من الدم‏


فأنثه على المعنى، لأن صَدْرَ القناة من القناة، و هذا كقولهم" ذهبت بعض أصابعه". و صَدْرُ المجلس: مرتفعة. و منه" صَدْرُ السفينة". و صَدْرُ الطريق: متسعه. و الصَّدْرُ: طائفة من الشي‏ء،
وَ مِنْهُ حَدِيثُ الْمُكَاتَبِ" يُعْتَقُ مِنْهُ مَا أَدَّى صَدْراً فَإِذَا أَدَّى صَدْراً فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوهُ فِي الرِّقِّ".
و صَدَرَ القومُ صُدُوراً من باب قعد انصرفوا. و أَصْدَرْتُهُمْ: إذا صرفتهم. و الإِصْدَار: الإجماع. و صَدَرْتُ عن الموضع صَدْراً من باب قتل: رجعت. و الصَّدَرُ بالتحريك اسم من قولك" صَدَرْتُ عن الماء و عن البلاد". و صَدَرَ الناسُ عن حجهم: أي رجعوا و مثله صَدَرَ الناسُ من الموقف. و منه‏
حَدِيثُ الْحَاجِّ" النَّاسُ يَصْدُرُونَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ وَ لَا تَصْدُرُ الْحَوَائِجُ إِلَّا مِنْهُ".
أي لا تقضى من غيره. و يَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شتى: أي متفرقة على قدر أعمالهم، ف فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ.
وَ فِي الْخَبَرِ" كَانَ لَهُ رَكْوَةٌ تُسَمَّى الصَّادِرَ".
لأنه يصدر عنها بالري. و رجل مَصْدُورٌ: للذي يشتكي صدره.
 (صرر)
قوله تعالى: رِيحٍ فِيها صِرٌّ
 [3/ 117] و قوله: فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ
 [69/ 6] أي الريح الباردة نحو الصرصر- قاله في الكشاف.

363
مجمع البحرين3

صرر ص 363

قال في الآية الأولى: شبه ما كان ينفقونه من أموالهم في المكارم و المفاخر و كسب الثناء و حسن الذكر بين الناس لا يبتغون به وجه الله بالزرع الذي جسه البرد فذهب حطاما. قوله تعالى: أَصَرُّوا وَ اسْتَكْبَرُوا
 [71/ 7] أي أقاموا على المعصية، و منه يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ‏
 [56/ 46] أي يقيمون على الإثم. قوله: فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ [2/ 260] أي اضممهن إليك لتتأملهن و تعرف شأنهن لئلا تلتبس عليك بعد الإحياء و ذكر صاحب الكشاف أنه قرأ ابن عباس" فَصُرَّهُنَّ" بضم الصاد و كسرها و تشديد الراء المفتوحة، أمر من صَرَّهُ يَصِرُّهُ: إذا جمعه،
وَ الْأَرْبَعَةُ مِنَ الطَّيْرِ قِيلَ هِيَ طَاوُوسٌ وَ غُرَابٌ وَ دِيكٌ وَ حَمَامَةٌ.
قوله: فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها
 [51/ 29] أي في ضجة و صيحة فلطمت وجهها أي جبهتها فعل المتعجب، و قيل في جماعة لم تتفرق من صَرَرْتُ جمعت، كما يقال للأسير مَصْرُور لأنه مجموع اليدين. و أَصَرَّ على الشي‏ء: لزمه و داومه، و أكثر ما يستعمل في الشر و الذنوب. و
مِنْهُ" مَا أَصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ".
أي من أتبع ذنبه بالاستغفار فليس بمصر و إن تكرر منه. و
مِنْهُ" لَا كَبِيرَةَ مَعَ الِاسْتِغْفَارِ وَ لَا صَغِيرَةَ مَعَ الْإِصْرَارِ".
قيل المراد بِالْإِصْرَارِ على الصغيرة العزم على فعلها بعد الفراغ منها سواء كان المعزوم عليه من جنس المفعول أم لا. هذا هو الإِصْرَارُ الحكمي و أما المداومة على واحدة من الصغائر بلا توان و الإكثار منها فيعرف بِالْإِصْرِارِ الفعلي. و صَرَّ يَصِرُّ صَرِيراً: صوت و صاح شديدا. و منه‏
الْحَدِيثُ" سَمِعَ نُوحٌ ع صَرِيرَ السَّفِينَةِ عَلَى الْجُودِيِّ".
و الصُّرَّةُ بالضم و التشديد للدراهم، و جمعها صُرَر مثل غرفة و غرف. و" الكوفة صُرَّةُ بابل" أي وسطها و" الصَّرَّةُ" بالفتح مصدر صَرَرْتُهُ من باب قتل: إذا شددته.

364
مجمع البحرين3

صرر ص 363

و المُصَرَّاةُ: الناقة و البقرة و الشاة قد صُرِّيَ اللبن في ضرعها، يعني حقن فيه و جمع و لم يحلب أياما. و أصل التَّصْرِيَة حبس الماء و جمعه- قاله في معاني الأخبار. و الصِّرُّ عصفور أو طائر في قده أصفر اللون، سمي به لصوته من صَرَّ: إذا صاح. و منه‏
الْحَدِيثُ" اطَّلَعَ عَلَيَّ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع وَ أَنَا أَنْتِفُ صِرّاً".
و الصَّرُورَة يقال للذي لم يحج بعد، و مثله امرأة صَرُورَة للتي لم تحج بعد، و قد تكرر في الحديث.
 (صعر)
قوله تعالى: وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ‏
 [31/ 18] أي لا تعرض بوجهك عنهم، من الصَّعْرِ و هو الميل في الخد خاصة. و صَاعَرَهُ: أي أماله. و الصَّعَّارُ: المتكبر لأنه يميل خده و يعرض عن الناس بوجهه. و أصل الصَّعْر: داء يأخذ البعير في رأسه في جانب، فشبه الرجل الذي يتكبر على الناس به.
وَ فِي الْحَدِيثِ" فِي الصَّعَرِ الدِّيَةُ".
و هو أن يثنى عنقه فيصير في ناحية.
 (صغر)
قوله تعالى: ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها
 [18/ 49] و اختلف في معنى الصَّغِيرَة و الكبيرة، فقيل كلما نهى الله عنه فهو كَبِيرَة لأن المعاصي كلها كبائر من حيث أنها قبائح كلها و بعضها أكبر من بعض، و ليس في الذنوب صَغِيرٌ و إنما يكون صَغِيراً بالإضافة إلى ما هو أكبر منه و يستحق العقاب عليه أكثر، قيل و إلى هذا ذهب فقهاء الإمامية، و ذهبت المعتزلة- على ما نقل عنهم- إلى أن الصَّغِيرَ ة ما نقص عقابه عن ثواب صاحبه، أي ذنب نقص عقابه عن ثواب صاحبه أي صاحب ذلك الذنب لو تركه و كذا بالنسبة إلى الكبيرة. و يتم البحث عن الكبائر في كبر إن شاء الله تعالى. و الصَّاغِرُ: الراضي بالذل، يقال صَغُرَ           

365
مجمع البحرين3

صغر ص 365

الشي‏ءُ بالضم و صَغِرَ صَغَراً من باب تعب: ذل و هان، فهو صَاغِرٌ. و" الصَّغَارُ" بالفتح" الذل و الضيم. و منه‏
الدُّعَاءُ" أَعُوذُ بِكَ مِنَ الصَّغَارِ وَ الذُّلِّ".
و يكون عطف تفسير، أو أشد الذل. و الصِّغَر كعنب و الصَّغَارَة بالفتح: خلاف العظم أو الأولى في الجرم و الثانية في القدر. و صَغُرَ ككرم و فرح صِغَراً كعنب و صُغْرَاناً بالضم- قاله في القاموس. و اسْتَصْغَرَهُ: عده صغيرا. و الصُّغْرَى تأنيث الأَصْغَر، و يجمع على الصُّغْرِ و الصُّغْرَيَات مثل الكبرى و الكبر و الكبريات. و تَصَاغَرَ: تحاقر. و أَصْغَرَا الإنسانِ: قلبه و لسانه إن قاتل قاتل بجنان و إن تكلم تكلم بلسان، و منه قولهم" إِنَّمَا المَرْءُ مَرْءٌ بِأَصْغَرَيْهِ". و أَكْبَرَاهُ عقله و همته و أما هَيْئَتَاهُ فماله و جماله- كذا في معاني الأخبار. و الصَّغِيرَةُ من الإثم جمعها صَغِيرَات و صَغَائِر لأنها مثل خطيئة و خطيئات و خطايا. و صَغُرَ الرجلُ في عيون الناس: إذا ذهبت مهابته، فهو صَغِيرٌ. و منه يقال" جَاءَ النَّاسُ صَغِيرُهُمْ وَ كَبِيرُهُمْ" أي من لا قدر له و من له قدر و جلالة. و تَصْغِيرُ الشي‏ء يأتي لمعان: منها التحقير و التقليل كدريهم، و منها تقريب ما يتوهم أنه بعيد نحو قبيل المصر، و منها تعظيم ما يتوهم أنه صغير نحو:
دويهية تصفر منها الأنامل‏


و منها التحبب و الاستعطاف نحو" هذا بنيك" و قد يأتي لغير ذلك. و فائدة التَّصْغِير الإيجاز لأنه يستغنى به عن وصف الاسم فتقول" دريهم" و معناه درهم حقير و نحو ذلك.
 (صفر)
قوله تعالى: صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها
 [2/ 69] أي سوداء ناصع لونها. و مثله جِمالَتٌ صُفْرٌ
 [77/ 33] أي سود، و يجوز أن يكون من الصُّفْرَةِ التي هي لون الأَصْفَر.

366
مجمع البحرين3

صفر ص 366

قوله: وَ لَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا
 [30/ 51] أي أثره مصفرا أو الزرع أو السحاب، فإنه إذا كان مصفرا لم يمطر. و" الصِّفْرُ" بالكسر فالسكون: الخالي و منه" بيت صِفْرٌ" أي خال من المتاع، و لا يدخلون فيه تاء التأنيث بل يستعملونه على صيغته هذه في المذكر و المؤنث و التثنية و الجمع، قال الشاعر:
الدار صِفْرٌ ليس فيها صَافِر


و رجل صِفْرُ اليدين: أي ليس فيهما شي‏ء. و" الصُّفْرُ" بالضم و كسر الصاد لغة النحاس، و منه‏
الْحَدِيثُ" لَا يُسْجَدُ عَلَى صُفْرٍ وَ لَا شَبَهٍ".
وَ فِي الْخَبَرِ" لَا عَدْوَى وَ لَا هَامَةَ وَ لَا صَفَرَ".
بالتحريك، قيل كانت العرب تزعم أن في البطن حية يقال له الصَّفَر تصيب الإنسان إذا جاع و تؤذيه و أنها تعدي، فأبطل الإسلام ذلك، و قيل المراد بقوله" و لا صَفَرَ" الشهر المعروف، و زعموا أنه تكثر فيه الدواهي و الفتن فنفاه الشارع، و
قِيلَ أَرَادَ بِهِ النَّسِي‏ءَ الَّذِي كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَ هُوَ تَأْخِيرُ الْمُحَرَّمِ إِلَى صَفَرَ وَ يَجْعَلُونَ صَفَرَ هُوَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ، فَأَبْطَلَهُ ع.
و الصَّفَرُ أيضا: دود يقع في الكبد و شراسيف الأضلاع فيصفر الإنسان جدا، و ربما قتله.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَنَّهُ ع صَالَحَ أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى الصَّفْرَاءِ وَ الْبَيْضَاءِ وَ الْحَلْقَةِ".
يعني الذهب و الفضة و الدرع. و
مِنْهُ" لَمْ أَتْرُكَ صَفْرَاءُ وَ لَا بَيْضَاءَ".
أي ذهبا و لا فضة. و صَفْرَاءُ: اسم بلدة بين مكة و المدينة، كأنها من الصُّفْرَةِ و هي السواد. و الصَّفِيرُ للدابة: هو الصوت بالفم و الشفتين.

367
مجمع البحرين3

صفر ص 366

و الأَصْفَرَانِ: الذهب و الفضة. و بنو الأَصْفَر: الروم، كان أباهم الأول أصفر اللون، و هو روم بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم ع تزوج بنت ملك الحبشة فجاء ولده بين البياض و السواد، و قيل إن جيشا غلب على بلادهم في وقت فوطئ نساءهم فولدن كذلك.
 (صقر)
الصَّقْرُ: كل شي‏ء يصطاد به من البزاة و الشواهين- قاله ابن سيدة، و الجمع أَصْقُر و صُقُور و صُقُورَة. و عن سيبويه إنما جاءوا بالهاء في مثل هذا الجمع توكيدا و يقال للأنثى صَقْرَة، و حكي عن ابن أبي زيد الأنصاري أنه يقال لِلصَّقْرِ صَقْرٌ و زَقْرٌ و سَقْرٌ، و عن ابن الصيد كل كلمة فيها صاد و قاف فيها اللغات الثلاث كبصاق و بزاق و بساق.
 (صور)
قوله تعالى: يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ*
 [6/ 73] قال أهل اللغة: الصُّورُ جمع الصُّورَة ينفخ فيها روحها فتحيى، و قد مر في نفخ كلام الإمام ع في معنى الصُّور هنا و من النافخ فيه و كيفية النفخ، و الصِّوَرُ بكسر الصاد لغة. و الصُّورَةُ: عامة في كل ما يصور مشبها بخلق الله تعالى من ذوات الروح و غيرها- قاله في المغرب، و الجمع صُوَر مثل غرفة و غرف، و قيل في معنى‏
" لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتاً فِيهِ صُورَةٌ".
إن السبب في ذلك كونها معصية فاحشة فيها مضاهاة لخلق الله و بعضها في صورة ما يعبد من دون الله.
وَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ الْبَاقِرِ ع وَ قَدْ سُئِلَ عَمَّا يَرْوِي النَّاسُ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ يَعْنِي صُورَةَ اللَّهِ تَعَالَى؟ فَقَالَ ع" صُوَرٌ مُحْدَثَةٌ اصْطَفَاهَا اللَّهُ وَ اخْتَارَهَا عَلَى سَائِرِ الصُّوَرِ الْمُخْتَلِفَةِ، فَأَضَافَهَا إِلَى نَفْسِهِ كَمَا أَضَافَ الْكَعْبَةَ إِلَى نَفْسِهِ فَقَالَ: بَيْتِيَ* وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي*.
و قال المفسرون من العامة لهذا الحديث: ذهب أهل العلم إلى أن الضمير في الصُّورَةِ راجع إلى آدم ع،

368
مجمع البحرين3

صور ص 368

بمعنى خص به، و ذلك أن الناس خلقوا على أطوار سبعة نطفة ثم علقة إلى تمام ما فصل في الكتاب، ثم إنهم كانوا يتدرجون من صغر إلى كبر سوى آدم فإنه خلق أولا على ما كان عليه آخرا، قالوا و هذا هو الصحيح.
وَ فِي عُيُونِ أَخْبَارِ الرِّضَا ع وَ قَدْ سُئِلَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ص إِنَّ النَّاسَ يَرْوُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ:" إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ؟ فَقَالَ: وَ اللَّهِ لَقَدْ حَذَفُوا أَوَّلَ الْحَدِيثِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص مَرَّ بِرَجُلَيْنِ يَتَسَابَّانِ فَسَمِعَ أَحَدَهُمَا يَقُولُ لِصَاحِبِهِ قَبَّحَ اللَّهُ وَجْهَكَ وَ وَجْهَ مَنْ يُشْبِهُكَ، فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَقُلْ هَذَا لِأَخِيكَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ قَوْماً مِنَ الْعِرَاقِ يَصِفُونَ اللَّهَ بِالصُّورَةِ وَ التَّخْطِيطِ- يَعْنِي الْجِسْمَ- وَ هَؤُلَاءِ الْمُجَسِّمَةُ عَلَيْهِمُ اللَّعْنَةُ".
و صَوَّرَهُ اللهُ صُورَةً حَسَنَةً فَتَصَوَّرَ، و تَصَوَّرْتُ الشي‏ءَ توهمت صورته فَتَصَوَّرَ لي. و التَّصَاوِيرُ: التماثيل. و من أسمائه تعالى" الْمُصَوِّرُ
" و هو الذي صَوَّرَ جميع الموجودات و رتبها فأعطى كل شي‏ء منها صورة خاصة و هيئة مفردة يتميز بها على اختلافها و كثرتها.
وَ فِي حَدِيثِ الْمَدِينَةِ" مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا مَا بَيْنَ الصَّوْرَيْنِ إِلَى الثَّنِيَّةِ".
يريد جبلي المدينة أعني عائرا و وعيرا. و الصَّوْرُ: الجماعة من النخل، و لا واحد له من لفظه، و يجمع على صِيرَان، و منه‏
" خَرَجَ إِلَى صَوْرٍ بِالْمَدِينَةِ".
وَ حَدِيثُ بَدْرٍ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بَعَثَ إِلَى رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَحْرَقَا صَوْراً مِنْ صِيرَانِ الْعُرَيْضِ.
 (صهر)
قوله تعالى: يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ‏
 [22/ 20] أي يذاب و ينضج بالحميم حتى يذيب أمعاءهم كما يذيب جلودهم و يخرج من أدبارهم، من قولهم" صَهَرْتُ الشي‏ءَ فَانْصَهَرَ" أي أذبته فذاب.

369
مجمع البحرين3

صهر ص 369

و منه" تَصْهَرُهُ الشمسُ" أي تذيبه. قوله: فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً
 [25/ 54] الصِّهْرُ: قرابة النكاح، قسم سبحانه البشر قسمين: ذوي نسب ذكورا ينسب إليهم، و صِهْراً إناثا يصاهر بهن. و جمع الصِّهْرِ أَصْهَار، و عن الخليل الأَصْهَارُ أهل بيت المرأة. و عن الأزهري الصِّهْرُ يشمل قرابات النساء و ذوي المحارم كالأبوين و الإخوة و أولادهم و الأعمام و الأخوال و الخالات، فهؤلاء أَصْهَارُ زوج المرأة، و من كان من قبل الزوج من أب أو أخت أو عمة فهم أَصْهَارُ المرأة. و عن ابن السكيت كل من كان من قبل الزوج من أب أو أخت أو عمة فهؤلاء أَحْمَاء، و من كان من قبل المرأة فهم الأَخْتَان، و يجمع الصنفين الأَصْهَار. و عن الخليل و من العرب من يجعل الصِّهْرَ من الأحماء و الأختان.
 (صير)
قوله تعالى: وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ*
 [5/ 18] أي المرجع و المآل، من قولهم صَارَ الأمر إلى كذا: أي رجع إليه. و إليه مَصِيرُهُ أي مرجعه و مآله، و هو شاذ و القياس مصار مثل معاش. قال الجوهري المصدر من فعل يفعل مفعل بفتح العين و قد شذّ حروف فجاءت على مفعل، و عدّ منها المَصِير.
وَ فِي الْخَبَرِ" مَنْ نَظَرَ مِنْ صِيرِ بَابٍ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَفُقِئَتْ عَيْنُهُ فَهِيَ هَدَرٌ".
أي من شق باب، من الصِّيرِ بالكسر و هو الشق. و الصِّيرَةُ: حظيرة تتخذ من الحجارة للدواب و تتخذ من أغصان الشجر، و جمعها صِيَر مثل سدرة و سدر و سيرة و سير، و منه‏
الْحَدِيثُ" مَرَّ بِصِيرَةٍ فِيهَا نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثِينَ شَاةً".
و صِيرٌ اسم جبل، و منه‏
قَالَ (ص) لِعَلِيٍّ ع" أَ لَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَات‏

370
مجمع البحرين3

صير ص 370

لَوْ قُلْتَهُنَّ لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ صِيرٍ غُفِرَ لَكَ" وَ يُرْوَى صَبِيرٍ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ.
و قد تقدم. و صَارَ الرجلُ غنيا: أي انتقل إلى حالة الغنى بعد أن لم يكن عليها، و مثله صَارَ العصير خمرا، و صَارَ الأمر إلى كذا.
باب ما أوله الضاد
 (ضجر)
يقال ضَجِرَ من الشي‏ء ضَجَراً من باب تعب فهو ضَجِرٌ: أي اغتم و قلق منه، و تَضَجَّرَ منه كذلك، و هو ضَجُورٌ للمبالغة و أَضْجَرَنِي فلانٌ فهو مُضْجِرٌ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِيَّاكَ وَ الْكَسَلَ وَ الضَّجَرَ إِنَّهُ مَنْ كَسِلَ لَمْ يُؤَدِّ حَقّاً وَ مَنْ ضَجِرَ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى حَقٍّ".
 (ضرر)
قوله تعالى: لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَ لا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ‏
 [2/ 233] أي لا تُضَارَّ بنزع الرجل الولدَ عنها و لا تُضَارَّ الأمُّ الأبَ فلا ترضعه.
وَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع" لَا تُضَارَّ بِالصَّبِيِّ وَ لَا يُضَارَّ بِأُمِّهِ فِي رَضَاعِهِ، وَ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ فِي رَضَاعِهِ فَوْقَ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ".
قوله: وَ لا يُضَارَّ كاتِبٌ وَ لا شَهِيدٌ
 [2/ 282] فيه قراءتان: إحداهما لا يُضَارِرْ بالإظهار و الكسر و البناء للفاعل على قراءة أبي عمرو، فعلى هذا يكون المعنى لا يجوز وقوع المُضَارَّةِ من الكاتب بأن يمتنع من الإجابة أو يحرف بالزيادة و النقصان و كذا الشهيد، و ثانيهما قراءة الباقين وَ لا يُضَارَّ
 بالإدغام و الفتح و البناء للمفعول، فعلى هذا يكون المعنى لا يفعل بالكاتب و الشهيد بأن يكلفا قطع مسافة بمشقة من غير تكلف بمؤنتهما أو غير ذلك. قوله: وَ لا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً
 [2/ 231] أي مُضَارَّةً، كان يطلق الرجل‏

371
مجمع البحرين3

ضرر ص 371

حتى إذا كاد أن يحل أجلها راجعها ثم يفعل ذلك ثلاث مرات. قوله: وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً
 [9/ 107] أي مضارة للمؤمنين من أصحاب مسجد قبا وَ تَفْرِيقاً لأنهم كانوا يصلون مجتمعين في مسجد قبا، و سبب نزول الآية- على ما
رُوِيَ- أَنَّ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لَمَّا بَنَوْا مَسْجِدَ قُبَا بَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص أَنْ يَأْتِيَهُمْ فَأَتَاهُمْ وَ صَلَّى فِيهِمْ، فَحَسَدَهُمْ إِخْوَتُهُمْ بَنُو غَنْمِ بْنِ عَوْفٍ وَ قَالُوا نَبْنِي مَسْجِداً وَ نُرْسِلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص يُصَلِّي فِيهِ وَ يُصَلِّي فِيهِ أَبُو عَامِرٍ الرَّاهِبُ أَيْضاً، فَبَنَوْا مَسْجِداً بِجَنْبِ مَسْجِدِ قُبَا وَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ ص وَ هُوَ يَتَجَهَّزُ إِلَى تَبُوكَ إِنَّا قَدْ بَنَيْنَا مَسْجِداً لِذِي الْعِلَّةِ وَ الْحَاجَةِ وَ اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ وَ اللَّيْلَةِ الشَّاتِيَةِ وَ إِنَّا نُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَنَا فَتُصَلِّيَ لَنَا فِيهِ وَ تَدْعُوَ لَنَا بِالْبَرَكَةِ فَقَالَ ص: إِنِّي عَلَى جَنَاحِ السَّفَرِ وَ لَوْ قَدِمْنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَتَيْنَاكُمْ وَ صَلَّيْنَا لَكُمْ فِيهِ، فَلَمَّا قَدِمَ مِنْ تَبُوكَ أَنْفَذَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى هَذَا الْمَسْجِدِ فَأَهْدَمَهُ وَ حَرَّقَهُ. وَ رُوِيَ أَنَّهُ بَعَثَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَ وَحْشِيّاً فَحَرَّقَاهُ، وَ أَمَرَ ص أَنْ يُتَّخَذَ مَكَانَهُ كُنَاسَةٌ تُلْقَى فِيهَا الْجِيَفُ، قِيلَ كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَ قِيلَ خَمْسَةَ عَشَرَ.
قوله: غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ
 [4/ 95] أي من به علة تمنعه من الجهاد كالرماثة و المرض، فإنهم يساوون المجاهدين. قوله: لا ضَيْرَ [26/ 50] أي لا ضَرَرَ. قوله: وَ أَيُّوبَ إِذْ نادى‏ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ‏
 [21/ 83] قال الشيخ أبو علي: الضُرُّ بالضم الضرر في النفس من مرض و هزال و بالفتح الضرر من كل شي‏ء ألطف في السؤال حيث ذكر عن نفسه ما يوجب الرحمة و ذكر ربه بغاية الرحمة، و كنى عن المطلوب فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ
 أي من الأمراض و الأوجاع،
وَ كَانَ أَيُّوبُ كَثِيرَ الْأَوْلَادِ وَ الْأَمْوَالِ، فَابْتَلَاه‏

372
مجمع البحرين3

ضرر ص 371

اللَّهُ بِذَهَابِ أَمْوَالِهِ وَ أَوْلَادِهِ وَ الْمَرَضِ فِي بَدَنِهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَنَةً أَوْ سَبْعَ سِنِينَ وَ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْهُ أَحْيَا وُلْدَهُ وَ رَزَقَهُ مِثْلَهُمْ نَوَافِلَ مِنْهُمْ.
و الضُّرُّ بالضم: سوء الحال، و بالفتح ضد النفع. و قد ضَرَّهُ و ضَارَّهُ بمعنى أَضَرَّ به. و ضَارَهُ ضَيْراً من باب باع، و الضَّرُورَة بالفتح الحاجة. و منه" رجل ذو ضَرُورَةٍ" أي ذو حاجة. و قد اضْطُرَّ إلى الشي‏ء: أي لجأ إليه. قوله: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ‏
 [27/ 62] المُضْطَرُّ الذي أحوجه مرض أو فقر أو نازلة من نوازل الأيام إلى التضرع إلى الله تعالى.
وَ فِي الْخَبَرِ" نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمُضْطَرِّ".
و مثله‏
" لَا تَبْتَعْ مِنْ مُضْطَرٍّ".
قيل هذا يكون من وجهين: أحدهما أن يُضْطَرَّ إلى العقد من طريق الإكراه عليه، و هذا بيع فاسد لا ينعقد. و الثاني أن يُضْطَرَّ إلى البيع لدين ركبه أو مئونة ترهقه فيبيع ما في يده بالوكس للضرورة، و هذا سبيله في حق الدين و المروءة أن لا يباع في هذا الوجه و لكن يعان و يقرض إلى ميسرة أو تشترى سلعة بقيمتها، و معنى البيع هنا المبايعة أو قبول البيع و الشرى. و" المُضْطَرُّ" مفتعل من الضر، و أصله مضترر، فأدغمت و قلبت التاء طاء لأجل الضاد.
وَ فِي حَدِيثِ الشُّفْعَةِ" قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ص بِالشُّفْعَةِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فِي الْأَرَضِينَ وَ الْمَسَاكِنِ وَ قَالَ: لَا ضَرَرَ وَ لَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ".
يقال ضَرَّهُ ضِرَاراً و أَضَرَّ به إِضْرَاراً الثلاثي متعد و الرباعي متعد بالباء، أي لا يضر الرجل أخاه فينقصه شيئا من حقه، و الضِّرَارُ فعال من الضر أي لا يجازيه على إضراره بإدخال الضرر عليه. و الضَّرَرُ فعل الواحد، و الضِّرَارُ فعل الإثنين و الضَّرَرُ: ابتداء الفعل. و الضِّرَارُ الجزاء عليه. و قيل الضَّرَرُ ما تضر به صاحبك و تنتفع أنت به، و الضِّرَارُ أن تضره من غير أن تنتفع أنت به. و قيل هما بمعنى و التكرار للتأكيد. و في بعض النسخ" وَ لَا إِضْرَارَ"

373
مجمع البحرين3

ضرر ص 371

و لعله غلط و المُضَارَّةُ في الوصية: أن لا تمضى أو ينقص بعضها أو تمضى لغير أهلها و نحوها مما يخالف السنة. و من أسمائه تعالى" الضَّارُّ" و هو الذي يضر من يشاء من خلقه حيث هو خالق الأشياء كلها خيرها و شرها و نفعها و ضرها و الضَّرَائِرُ جمع ضَرَّةٍ هن زوجات الرجل لأن كل واحدة تضر بالأخرى بالغيرة و القسم‏
وَ فِي حَدِيثِ الرَّسُولِ ص مَعَ خَدِيجَةَ" فَإِذَا قَدِمْتِ عَلَى ضَرَائِرِكِ فَأَقْرِئِيهِنَّ عَنَّا السَّلَامَ".
و فيه إشعار بأنهن أزواج النبي ص في الآخرة، و سماهن ضَرَائِرَ باعتبار المال كما قال: أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً و الله أعلم و
فِيهِ" لَا يَضُرُّهُ أَنْ يَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إِنْ كَانَ لَهُ".
قيل هذه كلمة تستعملها العرب ظاهرها الإباحة و معناها الحث و الترغيب. و
فِيهِ" فَجَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ يَشْكُو ضَرَارَتَهُ".
الضَّرَارَةُ هنا هي العمى، و كان الرجل ضَرِيراً، و هي من الضُّرِّ الذي هو سوء الحال. و الضَّرُورِيُّ يطلق على ما يرادف البديهي و القطعي و اليقيني.
 (ضفر)
فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" أَنَّ طَلْحَةَ نَازَعَهُ فِي ضَفِيرَةٍ ضَفَرَهَا".
الضَّفِيرَةُ مثل المسناة المستطيلة المعمولة بالخشب و الحجارة كالحائط في وجه الماء، و ضَفَرَهَا عملها من الضَّفْرِ النسج. و الضَّفِيرَةُ و الضَّفْرُ: نسج الشعر و غيره عريضا. و الضَّفِيرَةُ أيضا: العقيصة. و الضَّفِيرَةُ: الذؤابة، و الجمع ضَفَائِر. و تَضَافَرُوا على الشي‏ء: تعاونوا عليه.
 (ضمر)
قوله تعالى: وَ عَلى‏ كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ‏
 [22/ 27] الضَّامِرُ: المهضم البطن المهزول الجسم،

374
مجمع البحرين3

ضمر ص 374

يقال ناقة ضَامِرٌ و ضَامِرَات، و المعنى ركبانا على كل بعير ضامر مهزول لبعد السفر. و منه‏
حَدِيثُ السَّاجِدِ" يَتَخَوَّى كَمَا يَتَخَوَّى الْبَعِيرُ الضَّامِرُ".
يقال ضَمَرَ البعير ضُمُوراً من باب قعد دق و قل لحمه. و المِضْمَارُ بالكسر: الموضع الذي تضمر فيه الخيل و يكون وقتا للأيام التي تضمر فيها. و تَضْمِيرُ الخيل: أن يظاهر عليها بالعلف حتى تسمن ثم لا تعلف إلا قوتا لتخف، و ذلك في مدة أربعين يوما، و هذه المدة تسمى المِضْمَار، و الموضع الذي تضمر فيه الخيل أيضا يسمى" مِضْمَاراً" و قيل هي أن تشد عليها سرجها و تجلل بالأجلة حتى تعرق تحتها فيذهب هزالها و يشد لحمها.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" أَلَا وَ إِنَّ الْمِضْمَارَ الْيَوْمَ وَ السِّبَاقَ غَداً".
أي العمل اليوم يعني في الدنيا للاستباق غدا يعني في الآخرة، و هو على سبيل الاستعارة في الكلام، فيجوز أن يجعل اليوم ظرفا فيكون خبرا لأن و" المضمار" منصوب على أنه اسم إن و يجوز أن يجعل اليوم اسما صريحا و يرفع المضمار على أنه خبر. و مثله‏
" جَعَلَ اللَّهُ شَهْرَ رَمَضَانَ مِضْمَاراً لِخَلْقِهِ يَسْتَبِقُونَ فِيهِ إِلَى طَاعَتِهِ فَسَبَقَ فِيهِ قَوْمٌ فَفَازُوا وَ تَخَلَّفَ آخَرُونَ فَخَابُوا".
و أَضْمَرْتُ في نفسي شيئا: أي نويت و هو ما يضمره الإنسان في نفسه من دون التكلم و الاسم الضَّمِير و الجمع الضَّمَائِر. و منه‏
الْحَدِيثُ" لَوْ أَنَّكَ تَوَضَّأْتَ فَجَعَلْتَ مَسْحَ الرِّجْلِ غَسْلًا ثُمَّ أَضْمَرْتَ ذَلِكَ مِنَ الْمَفْرُوضِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِوُضُوءٍ".
 (ضور)
فِي الْخَبَرِ" دَخَلَ عَلَى امْرَأَةٍ وَ هِيَ تَتَضَوَّرُ مِنْ شِدَّةِ الْحُمَّى".
أي تتلوى و تصيح و تتقلب ظهر البطن، من التَّضَوُّر و هو الصياح و التلوي عند الضرر أو الجوع، و قيل تظهر الضَّوْرُ أي الضر. و ضَارَهُ يَضُورُهُ و يَضِيرُهُ ضَيْراً أو ضَوْراً: أي ضره.

375
مجمع البحرين3

باب ما أوله الطاء ص 376

باب ما أوله الطاء
 (طبر)
فِي الْحَدِيثِ" مَرَّ أَبُو الْحَسَنِ ع وَ أَنَا أُصَلِّي عَلَى الطَّبَرِيِّ".
لعله كتان منسوب إلى طبرستان. و" طَبَرِيَّة" محركة قرية بواسط و قصبة بالأردن، و الدراهم الطَّبَرِيَّة منسوبة إليها، و قد يقال في النسبة إليها الطَّبَرَانِيُّ على غير قياس. و في القاموس: الطَّبَرِيُّ ثلث الدرهم و الطَّبَرَانِيُّ من السمك الشانق. و طَبَرْزَد وزان سفرجل معرب، و منه‏
حَدِيثُ" السُّكَّرِ الطَّبَرْزَدِ يَأْكُلُ الدَّاءَ أَكْلًا".
و قيل الطَّبَرْزَد هو السكر الأبلوج، و به سمي نوع من التمر لحلاوته. و عن أبي حاتم الطَّبَرْزَذَة بسرتها صفراء مستديرة. و" طَبَرِسْتَان" بفتح الباء و سكون السين: اسم بلدة من بلاد العجم، و كسر الراء لالتقاء الساكنين، و هي مركبة من كلمتين، و ينسب إلى الأول فيقال طَبَرِيُّ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" فَخَرَجَ عَلَيْهِ الْقَائِمُ ع وَ بِيَدِهِ طَبَرْزِينٌ".
أي طبر السرج لأن زين بالفارسية اسم للسرج. و" الطُّنْبُور" فنعول بضم الفاء من آلات الملاهي فارسي معرب.
 (طرر)
فِي الْحَدِيثِ" لَيْسَ عَلَى الطَّرَّارِ قَطْعٌ إِذَا طَرَّ مِنَ الْقَمِيصِ".
الطَّرَّارُ هو الذي يقطع النفقات و يأخذها على غفلة من أهلها من الطَّرِّ بالفتح و التشديد القطع، يقال طَرَرْتُهُ طَرّاً من باب قتل شققته. و طَرَّ شاربَه: قصه، و منه" كان يَطُرُّ شاربَه". و" الطَّرَارُ" بالطاء و الرائين المهملتين بينهما ألف الطين، يقال طَرَّ الرجلُ حوضَه إذا طينه. و منه‏
الْحَدِيثُ" [الرَّجُلُ‏] يُجْنِبُ [فَيُصِيبُ‏] رَأْسَهُ وَ جَسَدَه‏

376
مجمع البحرين3

طرر ص 376

الشَّيْ‏ءُ اللَّكِدُ مِثْلُ عِلْكِ الرُّومِ وَ الطَّرَارِ".
و" هو خير الخلق طُرّاً" أي جميعا، و هو منصوب على المصدر و الحال و الطُّرَّةُ: كفة الثوب من جانبه الذي لا هدب له. و طُرَّةُ النهر و الوادي: شفيره. و طُرَّةُ كل شي‏ء: حرفه، و الجمع طُرَر كغرفة و غرف.
 (طفر)
يقال طَفَرَ طَفْراً من باب ضرب، قال في المصباح و الطَّفْرَةُ أخص منه، و هو الوثوب في ارتفاع.
 (طمر)
فِي الْحَدِيثِ" رُبَّ ذِي طِمْرَيْنِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّ قَسَمَهُ".
الطِّمْرُ بالكسر هو الثوب الخلق العتيق و الكساء البالي من غير الصوف، و الجمع أَطْمَار كحمل و أحمال. و منه‏
حَدِيثُ الْمَيِّتِ" وَ أَوْصَى أَنْ يَحُلَّ أَطْمَارَهُ وَ لَا يُؤْبَهُ لَهُ".
أي لا يبالي به لحقارته قيل و إنما عدي بعلى لأنه ضمن معنى التحكم. و طَمَرْتُ الشي‏ءَ: سترته، و منه" المَطْمُورَة" و هي حفرة يطم فيها الطعام. و" طَمَرْتُ المَيِّتَ" من باب قتل: دفنته في الأرض. و" طَمَار" بالفتح كقطام: المكان المرتفع، قال الشاعر:
فإن كنت لا تدرين بالموت فانظرى             إلى هانئ بالسوق و ابن عقيل‏
إلى بطل قد عقر السيف وجهه             و آخر يهوي من طَمَار قتيل‏

و عن الكسائي من طَمَارَ بفتح الراء و كسرها، و كان ابن زياد لعنه الله أمر برمي مسلم بن عقيل من مرتفع. و" المِطْمَرُ" بكسر ميم أولى و فتح الثانية: خيط يقوم عليه البناء، و يسمى التُّرَّ أيضا. و منه‏
حَدِيثُ ابْنِ سِنَانٍ" لَيْسَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ مَنْ خَالَفَكُمْ إِلَّا الْمِطْمَرُ".
- الحديث و قد تقدم في ترر.
 (طور)
قوله تعالى: ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً وَ قَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً
 [71/ 14]

377
مجمع البحرين3

طور ص 377

أي ضروبا و أحوالا نطفا ثم علقا ثم مضغا ثم عظاما، و يقال أَطْواراً
 أي أصنافا في ألوانكم و لغاتكم. قوله: وَ رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ*
 [2/ 63] و هو جبل كلم الله عليه موسى في الأرض المقدسة. و قوله: طُورِ سَيْناءَ
 [23/ 20] بالمد و القصر. و طُورِ سِينِينَ‏
 [95/ 2] لا يخلو إما أن يكون مضافا إلى بقعة اسمها سيناء أو سينون، و إما أن يكون اسما للجبل. مركبا من مضاف و مضاف إليه كامرئ القيس. و في معاني الأخبار: معنى طور سيناء أنه كان عليه شجرة الزيتون، و كل جبل لا يكون عليه شجرة الزيتون أو ما ينتفع به الناس من النبات أو الأشجار من الجبال فإنه يسمى جبلا و طورا و لا يقال طور سيناء و لا طور سينين- انتهى. و" الطَّوْرُ" بالفتح: التارة. و فعلت ذلك طَوْراً بعد طَوْرٍ: أي مرة بعد مرة. و تعدى طَوْرَهُ: تجاوز حده و حاله التي تليق به. و الطُّورِيُّ: الوحشي من الطير و الناس و منه الحمام الطُّورِيُّ و الطُّورَانِيُّ. و عن الجاحظ الطُّورَانِيُّ نوع من أنواع الحمام.
 (طهر)
قوله تعالى: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ
 [74/ 4] أي عملك فأصلح أو قصر أو لا تلبسها على فخر و كبر، و قيل معناه اغسل ثيابك بالماء، و قيل كنى بالثياب عن القلب، و قيل معناه لا تكن غادرا فإن الغادر دنس الثياب. قوله: فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ‏
 [9/ 108] قيل المراد الطَّهَارَة من الذنوب، و الأكثر أنها الطَّهَارَة من النجاسات.
قِيلَ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ قُبَا، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْبَاقِرِ وَ الصَّادِقِ ع‏
، وَ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ لَهُمْ: مَا تَفْعَلُونَ فِي طُهْرِكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحْسَنَ عَلَيْكُمُ الثَّنَاءَ؟ فَقَالُوا:

378
مجمع البحرين3

طهر ص 378

نَغْسِلُ أَثَرَ الْغَائِطِ بِالْمَاءِ.
قال بعض الأعلام: يمكن أن يستدل بهذه الآية على استحباب الكون على الطَّهَارَةِ، لأن الطَّهَارَةَ شرعا حقيقة في رافع الحدث، و الثناء و المحبة و تأكيد الإرادة و الإتيان بلفظ المبالغة مشعر بالتكرر و دوام حصول المعنى، و كل ذلك دليل على ما قلناه. و الله أعلم. قوله: إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ*
 [7/ 82] يعني عن أدبار النساء و الرجال قالوا تهكما. قوله: حَتَّى يَطْهُرْنَ‏
 [2/ 222] أي ينقطع الدم عنهن و يَطَّهَّرْنَ يغتسلن بالماء، و أصله" يتطهرن" فأدغمت التاء بالطاء. قوله: وَ لكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ‏
 [5/ 6] قيل أي من الذنوب، فإن العبادات مثل الوضوء كفارات للذنوب، أو لينظفكم عن الأحداث و يزيل المنع عن الدخول فيما شرط فيه الطهارة عليكم فيطهركم بالماء عند وجوده و عند الإعذار بالتراب، و اللام للعلة، و مفعول يريد محذوف، و قيل زائدة و لِيَجْعَلَ و لِيُطَهِّرَكُمْ مفعول، و التقدير لأن يجعل عليكم و لأن يطهركم، و ربما ضعف هذا نظرا إلى أن لا تقدر بعد اللام المزيدة، و رد بأن المحقق الرضى صرح بذلك و قال و كذلك اللام زائدة في" لا أبا لك" عند سيبويه، و كذا اللام المقدر بعدها أي بعد فعل الأمر و الإرادة كقوله: وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ. قوله: رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً
 [98/ 2] قال الشيخ أبو علي: يعني مُطَهَّرَة في السماء لا يمسها إلا الملائكة المطهرون من الأنجاس فِيها أي في تلك الصحف كُتُبٌ قَيِّمَةٌ
 أي مستقيمة عادلة غير ذات عوج تبين الحق عن الباطل، و قيل مُطَهَّرَة عن الباطل و الكذب و الزور يريد القرآن، و يعني بالصحف ما تضمنته الصحف من المكتوب فيها. قوله: وَ أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ
 [3/ 15]

379
مجمع البحرين3

طهر ص 378

أي نساء مُطَهَّرَةٌ من الحيض و الحدث و دنس الطبع و سوء الخلق، و قرئ مُطَهَّرَاتٌ قيل هما لغتان فصيحتان، يقال النساء فعلت و فعلن، و الجمع على اللفظ و الإفراد. قوله: وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً
 [76/ 21] أي برجس كخمر الدنيا و يطهركم من كل شي‏ء سوى الله. قوله: وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً
 [25/ 48] أي طاهرا نظيفا يطهر من توضأ منه و اغتسل من جنابة، و قيل هو مبالغة و إنه بمعنى طَاهِر، و الأكثر أنه لوصف زائد. فعن تغلب الطَّهُورُ هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره، و عن الأزهري الطَّهُورُ في اللغة هو الطاهر المطهر و فعول في كلام العرب لِمَعَان: منها فعول لما يفعل به مثل الطَّهُور لما يتطهر به و الوَضُوء لما يتوضأ به و الفَطُور لما يفطر عليه و الغَسُول لما يغسل به. قال الزمخشري: الطَّهُورُ هو البليغ في الطهارة. قال بعض العلماء: و يفهم من قوله تعالى: وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً
 أنه طاهر في نفسه مطهر لغيره، لأن قوله ماءً يفهم منه أنه طاهر لأنه ذكره في معرض الامتنان على العباد و لا يكون ذلك إلا فيما ينتفع به فيكون طاهرا في نفسه، و قوله طَهُوراً
 يفهم منه صفة زائدة على الطَّهَارَةِ و هي الطَّهُورِيَّةُ، و إنكار أبي حنيفة استعمال الطَّهُور بمعنى الطاهر المطهر غيره و أنه لمعنى الطاهر فقط و أن المبالغة في فعول إنما هي زيادة المعنى المصدري كالأَكُول لكثير الأكل لا يلتفت إليه بعد مجي‏ء النص من أكثر أهل اللغة، و الاحتجاج بقوله" ريقهن طَهُور" مردود بعدم اطراده و أنه في البيت للمبالغة في الوصف أو واقع موقع طاهر لإقامة الوزن، لأن كل طَهُور طاهر و لا عكس، و لو كان طَهُور بمعنى طَاهِر مطلقا لقيل ثوب طهور و خشب طهور و نحو ذلك و هو ممتنع- انتهى كلامه. و هو في غاية الجودة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" التَّيَمُّمُ أَحَدُ الطَّهُورَيْنِ".
بفتح المهملة أي المطهرين من الماء و التراب.

380
مجمع البحرين3

طهر ص 378

و
فِيهِ" الطَّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ".
أي جزء من أجزائه لا يتم إلا به. قال سيبويه حكاية عنه: الطَّهُورُ قد يكون مصدرا من قولهم" تَطَهَّرَ طَهُوراً" فهو مصدر على فعول و يكون اسما غير مصدر كالفطور في كونه اسما لما يفطر به و يكون صفة كالرسول و نحو ذلك من الصفات، و على هذا قوله: سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً

وَ فِي الْخَبَرِ فِي مَاءِ الْبَحْرِ" هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ".
أي هو الطاهر المُطَهِّر قال ابن الأثير و ما لم يكن طَاهِراً فليس بِطَهُور. و في الحديث ذكر الطَّهَارَة، و هي مصدر قولك طَهُرَ الشي‏ءُ فتحا و ضما بمعنى النزاهة. و منه" ثياب طَاهِرَة" و أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ*
 [7/ 82] أي يتنزهون. و منه امرأة طَاهِرَة من النجاسة و من العيب و من الحيض، و يقال ماء طَاهِر خلاف نجس و طَاهِرٌ صالح للتطهير به. و" الطُّهْرُ" بالضم نقيض الحيض. و الأَطْهَارُ: أيام طهر المرأة. و الطُّهْرُ: الاسم من الطهارة. و طَهَّرَهُ بالماء: إذا غسله. و الماء الطَّاهِرُ: الذي لا قذر فيه و القذر النجاسة- قاله في القاموس و الصحاح.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْمَاءُ يُطَهِّرُ وَ لَا يُطَهَّرُ".
و فيه إشكال، و لعل المراد أنه يطهر غيره و لا يطهر غيره. و طَهَرَتِ المرأةُ من الحيض من باب قتل و في لغة من باب قرب: أي نقيت. و التَّطَهُّرُ: التنزه و الكف عن الإثم. و
فِيهِ" وَلَدُ الزِّنَا لَا يَطْهُرُ إِلَى سَبْعَةِ آبَاءٍ".
و لعل المراد في عدم الطهارة المبالغة و ذلك لما نقل أن العرب تستعمل التسبيع موضع التضعيف و الزيادة كما سيأتي تحقيقه في محله إن شاء الله، و مما يؤيد ما قلناه‏
قَوْلُهُ ع" الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ بِمِعَاءٍ وَاحِدٍ وَ الْمُنَافِقُ يَأْكُلُ بِسَبْعَةِ أَمْعَاءٍ".
و من المعلوم أن المؤمن و غيره ليس لهما إلا معاء واحد و إنما أراد المبالغة لا غير، و ما ذكر في توجيه الحديث من أنه إذا كان الأب السابع ولد زنية و الستة أولاد رشدة في الأخير أيضا ليس بطاهر، فلا وجه له مع ما فيه من التكلف.

381
مجمع البحرين3

طهر ص 378

وَ فِي حَدِيثِ الْحَمَّامِ" طَابَ مَا طَهُرَ مِنْكَ وَ طَهُرَ مَا طَابَ مِنْكَ".
قيل فيه يعني طاب عن العلل و العاهات ما طهر منك بالاغتسال و هو جسدك الهيولي، و طهر عن أقذار المعاصي و عن أدناس الغواشي الهيولانية ما طاب منك في جوهر ذاته القدسية بحسب الفطرة الأولى و هو قلبك الملكوتي، أي نفسك الناطقة المجردة و" طِهْرَانُ" قرية بأصفهان و قرية بالري. و" المِطْهَرَةُ" بكسر الميم و فتحها و هو الأفصح، واحدة المَطَاهِر و هي إناء يتطهر به و يزال به الأقذار.
وَ فِي حَدِيثِ الِاسْتِنْجَاءِ" مُرِي نِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ يَسْتَنْجِينَ بِالْمَاءِ وَ يُبَالِغْنَ فَإِنَّهُ مَطْهَرَةٌ لِلْحَوَاشِي".
أي مزيل للنجاسة، كما في‏
قَوْلِهِ" السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ وَ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ".
أي مزيل لدنس الفم و قذره، و الحواشي جانب الفرج،
فَقَوْلُهُ ص" مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ".
مصدر ميمي، و مثله‏
" مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ".
أي مُطَهِّرٌ و محصل رضاه أو مرضاته، أي مظنة لرضاه و سبب له، و الأولى علة للثانية أو هما مستقلان.
 (طير)
قوله تعالى: كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ‏
 [17/ 13] قيل طَائِرَهُ ما عمل من خير أو شر، فهو لازم عنقه يقال لكل ما لزم الإنسان قد لزم عنقه و هذا لك في عنقي حتى أخرج لك منه. و إنما قيل للحظ من الخير و الشر طَائِرٌ لقول العرب جرى لفلان الطَّائِرُ بكذا من الخير و الشر على طريقة التفاؤل و الطِّيَرَة، فخاطبهم الله تعالى بما يستعملونه و أعلمهم أن ذلك الأمر الذي يجعلونه بالطائر يلزم أعناقهم.
وَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص عَنْ أَوَّلِ مَلَكٍ يَدْخُلُ فِي الْقَبْرِ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ مُنْكَرٍ وَ نَكِيرٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: مَلَكٌ يَتَلَأْلَأُ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ اسْمُهُ رُومَانُ يَدْخُلُ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: اكْتُبْ مَا عَمِلْتَ مِنْ حَسَنَةٍ وَ سَيِّئَةٍ. فَيَقُولُ: بِأَيِّ شَيْ‏ءٍ أَكْتُبُ أَيْنَ قَلَمِي وَ دَوَاتِي‏

382
مجمع البحرين3

طير ص 382

وَ مِدَادِي؟ فَيَقُولُ: رِيقُكَ مِدَادُكَ وَ قَلَمُكَ إِصْبَعُكَ. فَيَقُولُ: عَلَى أَيِّ شَيْ‏ءٍ أَكْتُبُ وَ لَيْسَ مَعِي صَحِيفَةٌ؟ قَالَ: صَحِيفَتُكَ كَفَنُكَ، فَيَكْتُبُ مَا عَمِلَهُ مِنَ الدُّنْيَا خَيْراً، فَإِذَا بَلَغَ سَيِّئَاتِهِ يَسْتَحْيِي مِنْهُ فَيَقُولُ لَهُ الْمَلَكُ: يَا خَاطِئُ أَ مَا تَسْتَحْيِي مِنْ خَالِقِكَ حِينَ عَمِلْتَهُ فِي الدُّنْيَا وَ تَسْتَحْيِي الْآنَ، فَيَرْفَعُ الْمَلَكُ الْعَمُودَ لِيَضْرِبَهُ، فَيَقُولُ الْعَبْدُ: ارْفَعْ عَنِّي حَتَّى أَكْتُبَهَا، فَيَكْتُبُ فِيهَا جَمِيعَ حَسَنَاتِهِ وَ سَيِّئَاتِهِ ثُمَّ يَأْمُرُهُ أَنْ تُطْوَى وَ تُخْتَمَ فَيَقُولُ: بِأَيِّ شَيْ‏ءٍ أَخْتِمُهُ وَ لَيْسَ مَعِي خَاتَمٌ؟ فَيَقُولُ: اخْتِمْهُ بِظُفْرِكَ وَ عَلِّقْهُ فِي عُنُقِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَ نُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً
.
قوله: اطَّيَّرْنا بِكَ‏
 [27/ 47] أي تَطَيَّرْنَا، أي تشاءمنا. و مثله قوله: يَطَّيَّرُوا بِمُوسى‏ وَ مَنْ مَعَهُ‏
 [7/ 131] أي تشاءموا بهم و يقولون لو لا مكانهم لما أصابتنا سيئة أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ‏
 أي ألا إنما الشؤم الذي يلحقهم هو الذي وعدوا به من العقاب عند الله بفعله بهم في الآخرة لا ما ينالهم في الدنيا. قوله: كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً
 [76/ 7] أي منتشرا فاشيا، من قولهم اسْتَطَارَ الفجرُ و غيره أي انتشر. قوله: وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ‏
 [6/ 38] قال الشيخ أبو علي: جمع بين هذين اللفظين جميع الحيوانات، ثم قال: و مما يسأل عنه لم قال يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ‏
 و قد علم أن الطائر لا يطير إلا بجناحيه؟ فالجواب إنما جاء للتوكيد و رفع اللبس، لأن القائل قد يقول طِرْ في حاجتي أي أسرع بها، و قيل إنما قال بِجَناحَيْهِ لأن السمك يطير في الماء و لا أجنحة لها، و إنما خرج السمك عن الطائر لأنه من دواب البحر، و قوله إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ يريد أشباهكم في إبداع الله إياها و خلقه لها و دلالتها على أن لها صانعا، و قيل إنما مثلت الأمر من غير الناس بالناس في الحاجة إلى مدبر يدبرهم في أغذيتهم‏

383
مجمع البحرين3

طير ص 382

و أكلهم و لباسهم و نومهم و يقظتهم و هدايتهم إلى مراشدهم إلى ما لا يحصى.
وَ فِي الْحَدِيثِ" ثَلَاثٌ لَا يَسْلَمُ مِنْهَا أَحَدٌ الطِّيَرَةُ وَ الْحَسَدُ وَ الظَّنُّ. قِيلَ: فَمَا نَصْنَعُ؟ قَالَ: إِذَا تَطَيَّرْتَ فَامْضِ، وَ إِذَا حَسَدْتَ فَلَا تَبْغِ، وَ إِذَا ظَنَنْتَ فَلَا تُحَقِّقْ".
و
فِيهِ" لَا عَدْوَى وَ لَا طِيَرَةَ".
هي بكسر الطاء و فتح الياء و قد تسكن، مصدر تطير، يقال تَطَيَّرَ طِيَرَةً و تحير حيرة، و لم يجى‏ء من المصادر كذا غيرهما، و أصله فيما يقال التَّطَيُّرُ بالسوانح و البوارح من الطير و الظباء و غير ذلك، و كان ذلك يصدهم عن مقاصدهم فنفاه الشرع. و قد مر في عدا تمام البحث في الحديث. و
فِيهِ" رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي تِسْعَةُ أَشْيَاءَ" وَ عَدَّ مِنْهَا الطِّيَرَةَ.
و لعل المراد رفع المؤاخذة فيها. و
فِيهِ" ثَلَاثَةٌ لَمْ يَنْجُ مِنْهَا نَبِيٌّ فَمَا دُونَهُ: التَّفَكُّرُ فِي الْوَسْوَسَةِ فِي الْخَلْقِ وَ الطِّيَرَةُ وَ الْحَسَدُ، إِلَّا أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَسْتَعْمِلُ حَسَدَهُ".
قال الصدوق رحمه الله في الخصال معنى الطِّيَرَة في هذا الموضع أن يتطير منهم و لا يتطيرون، و ذلك كما حكى الله تعالى عن قوم صالح قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَ بِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ‏
 و كما قال آخرون لأنبيائهم إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ‏
 و أما الحَسَدُ فإنه في هذا الموضع أن يُحْسَدُوا لا أنهم يَحْسُدُون ع، و ذلك كما حكى الله تعالى أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى‏ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ و أما التَّفَكُّرُ في الوسوسة في الخلق فهو بلواهم بأهل الوسوسة لا غير ذلك، كما حكى الله تعالى عن الوليد بن المغيرة إِنَّهُ فَكَّرَ وَ قَدَّرَ يعني أنه قال للقرآن إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ- انتهى.
وَ فِي الْخَبَرِ" الطِّيَرَةُ شِرْكٌ وَ لَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ".
قيل إنما جعلت الطِّيَرَةُ من الشرك لأنهم كانوا يعتقدون أن التَّطَيُّر

384
مجمع البحرين3

طير ص 382

يجلب لهم نفعا و يدفع عنهم ضررا إذا عملوا بموجبه، فكأنهم أشركوه مع الله، و لكن الله يذهبه بالتوكل و ليست الكفر بالله، و لو كانت كفرا لما ذهبت بالتوكل و معناه كما قيل إنه إذا خطر له عارض الطِّيَرَة فتوكل على الله و سلم أمره إليه لم يعمل به ذلك الخاطر. و
فِيهِ" الطِّيَرَةُ عَلَى مَا تَجْعَلُهَا إِنْ هَوَّنْتَهَا تَهَوَّنَتْ وَ إِنْ شَدَّدْتَهَا تَشَدَّدَتْ وَ إِنْ لَمْ تَجْعَلْهَا شَيْئاً لَمْ تَكُنْ شَيْئاً".
و أصل الطِّيَرَة التشاؤم بالطير، ثم اتسع فيها فوضعت موضع الشؤم، فيكون الشؤم بمعنى الكراهة شرعا أو طبعا كعدم القرار على الفرس و ضيق الدار. و منه‏
قَوْلُهُ ع" لَا طِيَرَةَ فَإِنْ تَكُ فِي شَيْ‏ءٍ فَفِي الدَّارِ وَ الْفَرَسِ وَ الْمَرْأَةِ".
و الطَّيْرُ جمع طَائِر مثل صاحب و صحب، و جمع الطَّيْر طُيُور و أَطْيَار مثل فرخ و أفراخ. و في المصباح قال أبو عبيدة و قطرب: و يقع الطَّيْرُ على الواحد و الجمع و قال ابن الأنباري الطَّيْرُ جماعة و تأنيثها أكثر من التذكير، و لا يقال للواحد طير بل طَائِر، و قد يقال للأنثى طَائِرَة. و" الطَّيَرَانُ" محركة: حركة ذي الجناح في الهواء بجناحيه كالطير.
وَ فِي وَصْفِهِ ص" إِذَا تَكَلَّمَ أَطْرَقَ جُلَسَاؤُهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ".
معناه أنهم كانوا لإجلالهم نبيهم ع لا يتحركون فكانت صفتهم صفة من على رأسه طائر يريد أن يصيده و هو يخاف أن تحرك طار و ذهب. و قال الجوهري: أصله أن الغراب يقع على رأس البعير فيلقط الحلمة و الحمنانة فلا يحرك البعير رأسه لئلا ينفر عنه الغراب.
وَ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ص" رَأَيْتُ جَعْفَراً يَطِيرُ فِي الْجَنَّةِ مَعَ الْمَلَائِكَةِ".
يريد به جعفر بن أبي طالب أخا علي ع، و كان جعفر قد أصيب بمؤتة من أرض الشام و هو أمير بيده راية الإسلام بعد زيد بن حارثة، فقاتل في الله حتى قطعت يداه أو رجلاه،

385
مجمع البحرين3

طير ص 382

فأري نبي الله فيما كوشف له أن له جناحين مضرجين بالدم يطير بهما في الجنة مع الملائكة. و تَطَايَرَ الشي‏ءُ: تفرق. و تَطَايَرَ: طال، و منه‏
الْخَبَرُ" خُذْ مَا تَطَايَرَ مِنْ شَعْرِكَ".
باب ما أوله الظاء
 (ظأر)
فِي حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ النَّبِيِّ ص" إِنَّ لَهُ ظِئْراً فِي الْجَنَّةِ".
وَ فِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ" تُعْطَى الْجِيرَانَ وَ الظُّئُورَةَ".
الظُّئُورَة جمع ظِئْر بهمزة ساكنة و يجوز تخفيفها يقال للذكر و الأنثى، و الأصل في الظِّئْرِ العطف، و منه" ناقة مَظْئُورَة" إذا عطفت على غير ولدها، فسميت المرضعة ظِئْراً لأنها تعطف على الرضيع، و جمع الظِّئْر أَظْآر كحمل و أحمال. و قال الجوهري الظِّئْرُ مهموز و الجمع ظُؤَار على فعال بالضم و ظُئُور و أَظْآر و ظُئُورَة.
 (ظفر)
قوله تعالى: وَ عَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ
 [6/ 146] بضم الظاء و الفاء، و هي أفصح اللغتين و بها قرأ السبعة، و الثانية الإسكان للتخفيف و بها قرأ الحسن البصري، و الثالثة بكسر الظاء وزان حمل، و الرابعة بكسرتين للإتباع و قرئ بهما في الشواذ، و الخامسة أُظْفُور و الجمع أَظَافِير كأسبوع و أسابيع، و المراد كل ما له إصبع كالسباع و الطيور، و قيل كل ذي مخلب و حافر، و سمي الحافر ظُفُراً مجازا، أخبر سبحانه أنه حرم عليهم كل ذي ظُفُرٍ بجميع أجزائه، و أما البقر و الغنم فحرم منهما الشحوم و استثنى من الشحوم ثلاثة أنواع: الأول ما على الظهر الثاني ما على الحوايا و هي الأمعاء، الثالث مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ و هو شحم الجنب و الألية لأنها مركبة على العصعص، و قيل أَوِ الْحَوايا أنها عطفت على الشحوم، و أو بمعنى الواو فتكون محرمة.

386
مجمع البحرين3

ظفر ص 386

و الظُّفُرُ للإنسان مذكر، و يجمع على أَظْفَار، و ربما جمع على أَظْفُر مثل ركن و أركن.
وَ فِي الْحَدِيثِ" اطْلُبْ لِنَفْسِكَ أَمَاناً قَبْلَ أَنْ تَأْخُذَكَ الْأَظْفَارُ وَ يَلْزَمَكَ الْخِنَاقُ".
كنى بذلك عن الموت. و
فِيهِ" كَانَ ثَوْبَا رَسُولِ اللَّهِ ص اللَّذَانِ أَحْرَمَ فِيهِمَا يَمَانِيَّيْنِ عِبْرِيٌّ وَ أَظْفَارٌ".
قال الشيخ و الصحيح ظَفَارِ بالفتح مبني على الكسر كقطام بلد باليمن لحمير قرب صنعاء، إليه ينسب الجزع الظَّفَارِيُّ. و في القاموس الظَّفِرُ بكسر الفاء حصن باليمن،
وَ مِنْهُ أَيْضاً كُفِّنَ النَّبِيُّ ص فِي بُرْدَتَيْنِ ظَفِرِيَّتَيْنِ مِنْ ثِيَابِ الْيَمَنِ وَ ثَوْبِ كُرْسُفٍ.
أي قطن. و ظَفِرَ بالشي‏ء ظَفَراً من باب تعب: وجده. و ظَفِرْتُ بالضالة: وجدتها، و الفاعل ظَافِر. و ظَفِرَ بعدوه و أَظْفَرَهُ الله بعدوه و ظَفَّرَهُ به تَظْفِيراً. و منه‏
الدُّعَاءُ" وَ تُظْفِرُنَا بِهِ بِكُلِّ خَيْرٍ".
و أصل الظَّفَرِ الفوز و الصلاح. و" مسجد بني ظَفَر" و هو مسجد السهلة قريب من كوفان. و الظَّفَرَةُ بالتحريك: جليدة تغشى العين نابتة من الجانب الذي يلي الأنف على بياض العين إلى سوادها.
 (ظهر)
قوله تعالى: وَ ذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَ باطِنَهُ‏
 [6/ 120] أي ما أعلنتم به و ما أسررتم، و قيل ما عملتم بجوارحكم و ما نويتم منه بقلوبكم، و قيل الظَّاهِرُ الزنا و الباطن اتخاذ الأخدان. قوله: تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ‏
 [2/ 85] أي تعاونون عليهم. و لَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ‏
 [9/ 4] يعينوا عليكم. قوله: وَ إِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ‏
 [66/ 4] أي تعاونا عليه، أي على النبي ص بالإيذاء و بالسوء.
رُوِيَ أَنَّ المُتَظَاهِرَيْنِ عَائِشَةُ وَ سَوْدَةُ، وَ رُوِيَ عَائِشَةُ وَ حَفْصَةُ.
و سِحْرانِ تَظاهَرا
 [28/ 48] أي تعاونا. و الظَّهِيرُ: العون، و منه قوله وَ كان‏

387
مجمع البحرين3

ظهر ص 387

الْكافِرُ عَلى‏ رَبِّهِ ظَهِيراً
 [25/ 55] أي عونا على ربه يظاهر الشيطان على ربه بعبادة الأوثان. و مثله قوله وَ الْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ
 [66/ 4] أي مظاهرين له كأنهم يد واحدة على من يعاديه و يخالفه و إنما لم يجمعه لأن فعيلا و فعولا قد يستوي فيهما المذكر و المؤنث و الجمع كما قال تعالى إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ. قوله: يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ‏
 [58/ 3] يحرمونهن تحريم ظهر الأمهات. روي أن هذه الآية نزلت في رجل ظَاهَرَ امرأته فذكر الله قصته، ثم تبع هذا كل ما كان محرما على الابن أن يراه كالبطن و الفخذين و أشباه ذلك قوله: ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ‏
 [40/ 29] أي عالين في أرض مصر على بني إسرائيل. قوله: لَمْ يَظْهَرُوا عَلى‏ عَوْراتِ النِّساءِ
 [24/ 31] أي لم يبلغوا أن يطيقوا إتيانهن. قوله: إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ*
 [18/ 20] أي يطلعوا و يعثروا. قوله: وَ اتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا
 [11/ 92] أي جعلتموه ورائكم كالمنسي المنبوذ وراء الظهر. و منه‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع:" اتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا
 حَتَّى شُنَّتْ عَلَيْكُمُ الْغَارَاتُ".
أي جعلتموه وراء ظهوركم و هو منسوب إلى الظَّهْرِ، و كسر الظاء من تغييرات النسب. و قوله: وَ لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها
 [2/ 189]
قِيلَ كَانُوا إِذَا أَحْرَمُوا لَمْ يَدْخُلُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَ ثَقَبُوا فِي ظَهْرِ بُيُوتِهِمْ ثَقْباً مِنْهُ يَدْخُلُونَ وَ يَخْرُجُونَ يَعُدُّونَ ذَلِكَ مِنَ الْبِرِّ، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ.
قوله: لِتَسْتَوُوا عَلى‏ ظُهُورِهِ‏
 [43/ 13] أي ظهور ما تركبونه. و" الظَّاهِرُ"
 من أسمائه تعالى، و هو الظَّاهِرُ بآياته الباهرة الدالة على وحدانيته و ربوبيته، و يحتمل من الظُّهُورِ الذي هو

388
مجمع البحرين3

ظهر ص 387

بمعنى العلو، يدل عليه‏
قَوْلُهُ ص" أَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْ‏ءٌ".
و يحتمل أن يكون معنى الظُّهُورِ و البطون تجليه لبصائر المتفكرين و احتجابه عن أبصار الناظرين، و قيل هو العالم بما ظهر من الأمور و المطلع على ما بطن من الغيوب. و ظاهر القول في الآية الشريفة قد يطلق- على ما قيل- على أربعة أشياء: على الصريح و هو ما وضع في اللغة لما أريد به صريحا من العموم و الخصوص و الأمر و النهي و نحو ذلك، و الفحوى فيدخل فيه دلالة الاقتضاء كآية التأفيف المقتضية لمنع الإيذاء، و الدليل و منه تعليق الحكم بصفة مشعرة بالعلية بحيث ينتفي الحكم بانتفائها.
وَ فِي حَدِيثِ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى" فَأَظْهَرَ مِنْهَا ثَلَاثَةً".
كان المراد بالثلاثة الله الرحمن الرحيم. قال" فَالظَّاهِرُ هو الله" أي فالظاهر مما ظهر من الثلاثة الله لكونه علما للذات المقدسة المستجمعة لجميع صفات الكمال، و ما عداه منها اسم لمفهوم كلي منحصر فيه تعالى، و بينهما من التفاوت. و الظُّهُورُ: ما لا يخفى.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لِكُلِّ آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ ظَهْرٌ وَ بَطْنٌ".
و
فِي آخَرَ" مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ آيَةٌ إِلَّا وَ لَهَا ظَهْرٌ وَ بَطْنٌ".
فَالظَّهْرُ ما ظهر تأويله و عرف معناه، و البَطْنُ ما بطن تفسيره و أشكل فحواه. و قيل قصصه في الظَّاهِرِ إخبار و في الباطن اعتبار و تنبيه و تحذير، و يحتمل أن يراد من الظَّهْرِ التلاوة و من البطن الفهم و الرواية، و قيل ظَهْرُهُ ما استوى المكلفون فيه من الإيمان به و العمل بمقتضاه و بَطْنُهُ ما وقع التفاوت في فهمه بين العباد. و" الظَّهْرُ" بالفتح فالسكون خلاف البطن، و الجمع أَظْهُر و ظُهُور مثل أفلس و فلوس، و جاءت" ظُهْرَان" بالضم و يستعار للدابة و الراحلة و
مِنْهُ" لَا ظَهْراً أَبْقَى وَ لَا أَرْضاً قَطَعَ".
و
منه" الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ.
" يريد الإبل القوي، فَالظَّهْرُ يطلق على الواحد

389
مجمع البحرين3

ظهر ص 387

و الجمع. و منه" أَ تَأْذَنُ لَنَا فِي نَحْرِ ظَهْرِنَا" يريد إبلنا. و ظَهْرُ الكَفِّ: خلاف بطنها. و منه السُّنَّة في الدعاء لدفع البلاء و القحط جعل ظهر الكف إلى السماء حين ترفع و في الدعاء لطلب شي‏ء" جعل بطن الكف إليها". و ظَهْرُ الكوفة ما وراء النهر إلى النجف. و منه‏
الْحَدِيثُ" خَرَجَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الظَّهْرِ فَوَقَفَ بِوَادِي السَّلَامِ. قِيلَ: وَ أَيْنَ وَادِي السَّلَامِ؟ قَالَ: ظَهْرُ الْكُوفَةِ".
وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّهُ قَالَ:" إِذَا أَنَا مِتُّ فَادْفِنُونِي فِي قَبْرِ أَخَوَيَّ هُودٍ وَ صَالِحٍ".
و
فِي آخَرَ" أَنَّهَا لَبُقْعَةٌ مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ صَدَقَةٌ عَنْ ظَهْرِ غِنًى".
لا بُعْدَ أن يراد بالغِنَى ما هو الأعم من غنى النفس و المال، فإن الشخص إذا رغب في ثواب الآخرة أغنى نفسه عن أغراض الدنيا و زهد فيما يعطيه و ساوى من كان غنيا بماله، فيقال إنه تصدق عن ظهر غنى، فلا منافاة بينه و بين‏
قَوْلِهِ ع" أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ جُهْدُ الْمُقِلِّ".
و قد مر في غني فائدة إقحام الظَّهْرِ هنا، و يقال ما كان عن ظهر غنى المراد نفس الغنى و لكنه أضيف للإيضاح و البيان كما قيل ظَهْرُ الغيب و المراد نفس الغيب و منه نفس القلب و نسيم الصبا و هي نفس الصبا. و عن الأخفش و الفراء أن العرب تضيف الشي‏ء إلى نفسه لاختلاف اللفظين طلبا للتأكيد، و من هذا الباب حَقُّ الْيَقِينِ و الدَّارُ الْآخِرَةُ*. و قريش الظَّوَاهِرِ: هم الذين نزلوا بظهر جبال مكة، و قريش البِطَاح الذين نزلوا بطاح مكة. و ظَهَرَ الشي‏ءُ ظُهُوراً: برز بعد الخفاء و منه" ظَهَرَ لي رَأْيٌ إذا علمت ما لم تكن تعلمه". و ظَهَرْتُ عليه: اطلعت عليه. و ظَهَرْتُ على الحائط: علوته. و منه قيل ظَهَرَ على عدوه: إذا غلبه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" وَ قَدْ ظَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى خَيْبَرَ فَخَارَجَهُمْ".
و ظَهَرَ الحَمْلُ: تبين وجوده. و قرأته عن ظَهْرِ قلبي: أي من‏

390
مجمع البحرين3

ظهر ص 387

حفظي لا من النظر. و الظَّوَاهِرُ: أشراف الأرض، و منه‏
الْحَدِيثُ" لَا بَأْسَ فِي الصَّلَاةِ فِي الظَّوَاهِرِ الَّتِي بَيْنَ الْجَوَادِّ".
وَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى وَ قَدْ سُئِلَ عَنِ الظُّهُورِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى؟ قَالَ:" اغْسِلْهَا".
كأنه يريد بِالظُّهُورِ الأوراق المنسية التي تجعل خلف الظهر و فيها اسم الله تعالى.
وَ فِي الدُّعَاءِ" يَا مَنْ أَظْهَرَ الْجَمِيلَ وَ سَتَرَ الْقَبِيحَ".
و تفسيره فيما
رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ:" مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ لَهُ مِثَالٌ فِي الْعَرْشِ، فَإِذَا اشْتَغَلَ بِالرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ وَ نَحْوِهِمَا فَعَلَ مِثَالُهُ مِثْلَ فِعْلِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَرَاهُ الْمَلَائِكَةُ فَيُصَلُّونَ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ، وَ إِذَا اشْتَغَلَ الْعَبْدُ بِمَعْصِيَةٍ أَرْخَى اللَّهُ عَلَى مِثَالِهِ وَ سَتَرَ لِئَلَّا تَطَّلِعَ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" وَ أَظْهَرَ بِزَّةَ النَّصْرَانِيَّةِ وَ حِلْيَتَهَا".
أي أبرزهما و بَيَّنَهُمَا، فإن الوالي يتشدد على النصارى. و البِزَّةُ بالكسر الهيئة. و قد تكرر ذكر الظِّهَار كتابا و سنة و هو في اللغة الركوب على الظهر، و في الشرع تشبيه الزوج المكلف منكوحته و لو مطلقة رجعية و هي في العدة بظهر محرمة أبدية بنسب أو رضاع أو مصاهرة، كأن يقول لها" أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أِمِّي". قيل و إنما خص الظَّهْر لأن الظهر من الدابة موضع الركوب و المرأة مركوبة وقت الغشيان، فركوب الأم مستعار من ركوب الدابة ثم شبه ركوب الزوجة بركوب الأم الذي هو ممتنع، فكأنه قال ركوبك للنكاح حرام علي. و ظَاهَرَ من امرأته ظِهَاراً مثل قاتل قتالا. و كان الظِّهَارُ طلاقا في الجاهلية فنهوا عن الطلاق بلفظ الجاهلية و أوجب عليهم الكفارة تغليظا في النهي. و الظَّهِيُر: العَوْنُ، و منه‏
فِي وَصْفِهِ تَعَالَى" وَ لَا ظَهِيرٌ يُعَاضِدُهُ".
و
مِنْهُ" لَا مُظَاهَرَةَ أَوْثَقُ مِنَ الْمُشَاوَرَةِ".
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِ الْقُرْآنِ" ظَاهِرُهُ أَنِيقٌ".
أي حسن معجب بأنواع البيان‏
" وَ بَاطِنُهُ عَمِيقٌ".
لا ينتهي إلى جواهر

391
مجمع البحرين3

ظهر ص 387

أسراره إلا أولو الألباب. و أَظْهُرُ الناس: أوساطهم، و منه‏
حَدِيثُ الْأَئِمَّةِ" نَتَقَلَّبُ فِي الْأَرْضِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ".
أي في أوساطكم، و مثله" أقاموا بين ظَهْرَانَيْهِمْ" و" بين أَظْهُرِهِمْ". أي بينهم على سبيل الاستظهار و الاستناد إليهم، و زيدت فيه ألف و نون مفتوحة تأكيدا، و معناه ظهرا منهم قدامهم و ظهرا وراءهم، فهم مكتوفون من جوانبهم أذى ثم كثر حتى استعمل في الإقامة بين القوم مطلقا. و يقال" هو نازل بين ظَهْرَيْهِمْ و ظَهْرَانَيْهِمْ" بفتح النون، و لا تقل بين ظهرانيهم بكسر النون- قاله الجوهري. و الظُّهْرُ: بعد الزوال، و منه" صلاة الظُّهْر" قيل سمي به من ظَهِيرَةِ الشمس و هو شدة حرها، و قيل أضيف إليه لأنه أظهر أوقات الصلاة للإبصار، و قيل أظهرها حرا، و قيل لأنها أول صلاة أظهرت و صليت. و" مَا صَلَّى الظُّهْرَ" على حذف مضاف. و الظَّهِيرَةُ: الهاجرة و شدة الحر نصف النهار، و لا يقال في الشتاء ظَهِيرَةٌ. و" ظَهْرَان" بفتح المعجمة فالسكون و بالراء و النون بقعة بين مكة و المدينة. و" تلك شَكَاة ظَاهِرٌ عنك عَارُهَا" أي مرتفع عنك لا ينالك منه شي‏ء. و ظَاهَرَ بين درعين جمع و ليس إحداهما فوق الأخرى.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَا ظَاهَرَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً حَتَّى ظَاهَرَ عَلَيْهِ مَئُونَةَ النَّاسِ".
و" الظَّاهِرِيُّ" نسبة لإبراهيم بن محمد. و الاسْتِظْهَارُ: طلب الاحتياط بالشي‏ء و
مِنْهُ" تَسْتَظْهِرُ الْحَائِضُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ".
و منه" أَمَرَ خُرَّاصَ النَّخْلِ أَنْ يَسْتَظْهِرُوا" أي يحتاطوا لأربابها و يدعوا لهم قدر ما ينوبهم و ينزل بهم من الأضياف‏

392
مجمع البحرين3

ظهر ص 387

و أبناء السبيل. و اسْتَظْهَرَ: إذا احتاط في الأمر و بالغ في حفظه و إصلاحه. و اسْتَظْهَرْتُ في طلب الشي‏ء: تحريت. و يَسْتَظْهِرُ بحجج الله على خلقه: أي يطلب الغلبة عليهم بما عرفه الله من الحجج.
باب ما أوله العين‏
 (عبر)
قوله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ‏
 [12/ 43] أي تفسرون الرؤيا، يقال عَبَرْتُ الرؤيا عَبْراً و عُبُوراً: إذا فسرت، و عَبَّرْتُ الرؤيا تَعْبِيراً مثله، و بعضهم أنكر عَبَّرْتُ بالتشديد و أثبت التخفيف، و يقال أصل الفعل باللام كما يقال" إن كنت للمال جامعا". و عَبَّرْتُ عن فلان: إذا تكلمت عنه. و اللسان يُعَبِّرُ عما في الضمير. قوله: عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ‏
 [12/ 111] أي اعتبارا و موعظة لذوي العقول. و" العِبْرَةُ" بالكسر الاسم من الاعتبار و هو الاتعاظ، و هو ما يفيده الفكر إلى ما هو الحق من وجوب ترك الدنيا و العمل للآخرة، و اشتقاقها من العبور لأن الإنسان ينتقل فيها من أمر إلى أمر، و هي كما ورد فيه من قصص الأولين و المصائب النازلة بهم التي تنتقل ذهن الإنسان باعتبارها إلى تقديرها في نفسه و حاله فيحصل له بذلك انزجار و رجوع إلى الله تعالى، كقوله: فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَ الْأُولى‏ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى‏
 [79/ 26] و جمع العِبْرَة عِبَر مثل سدرة و سدر. و المُعْتَبَر: المستدل بالشي‏ء على الشي‏ء. قوله: إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ‏
 [4/ 43] قيل معناه إلا مسافرين، من قولهم" رجل عَابِرُ سبيل" أي مار الطريق، و قيل إلا مارين في المسجد غير مريدي الصلاة.

393
مجمع البحرين3

عبر ص 393

وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ أَطْفَأَ نُورَ عِبْرَتِهِ بِشَهَوَاتِ نَفْسِهِ فَكَأَنَّمَا أَعَانَ هَوَاهُ عَلَى هَدْمِ عَقْلِهِ".
العِبْرَةُ بالكسر اسم من الاعتبار، أعني الاتعاظ. و
مِنْهُ" الِاعْتِبَارُ يُفِيدُكَ الرَّشَادَ".
و
مِنْهُ" صُحُفُ مُوسَى ع كَانَتْ عِبَراً".
وَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ وَ قَدْ قِيلَ لَهُ: فَمَا كَانَ فِي صُحُفِ مُوسَى؟ قَالَ: كَانَتْ عِبَراً كُلُّهَا.
وَ فِيهِ" ثُمَّ اسْتَعْبَرَ فَبَكَى".
هو من العَبْرَةِ بالفتح فالسكون، و هي تَحَلُّبُ الدمع أو تردد البكاء في الصدر. و منه‏
الدُّعَاءُ" اللَّهُمَّ ارْحَمْ عَبْرَتِي وَ آمِنْ رَوْعَتِي".
و الجمع عَبَرَات، و منه‏
حَدِيثُ الْحُسَيْنِ ع" أَنَا قَتِيلُ الْعَبْرَةِ".
و معناه ما ذكرت عند أحد إلا استعبر و بكى. و العَبْرَان: الباكي. و العين العَبْرَى: الباكية. و عَبِرَ الرجل بالكسر فهو عَابِرٌ. و
مِنْ كَلَامِهِمْ فِي الِاعْتِبَارِ" سَلِ الْأَرْضَ مَنْ شَقَّ أَنْهَارَكَ وَ أَخْرَجَ ثِمَارَكَ، فَإِنْ لَمْ تُجِبْكَ جِهَاراً أَجَابَتْكَ اعْتِبَاراً".
و لا اعْتِبَارَ بهذا: لا اعتداد به.
وَ فِي الْحَدِيثِ" وَ هَذَا لَا يُنَاسِبُ الِاعْتِبَارَ".
كأن المراد به دليل العقل. و العَبِيرُ: نوع من الطيب ذو لون يجمع من أخلاط. و عن أبي عبيدة العَبِيرُ عند العرب الزعفران وحده. و العِبْرِيُّ بكسر العين و العِبْرَانِيُّ و العِبْرَانِيَّةُ لغة اليهود. و ثوب عِبْرِيٌّ: منسوب إلى عِبْر بلد أو جانب واد. و" المِعْبَرُ" بكسر الميم ما يعبر عليه من سفينة أو قنطرة، و منه‏
الْحَدِيثُ" فَمَرَّ بِمِعْبَرٍ".
 (عبقر)
قوله تعالى: وَ عَبْقَرِيٍّ حِسانٍ‏
 [55/ 76] العَبْقَرِيُّ: طنافس ثخان.

394
مجمع البحرين3

عبقر ص 394

و عَبْقَر وزان جعفر: أرض بالبادية يعمل فيها الوشي ينسب إليها كل شي‏ء جيد دقيق الصنعة.
 (عتر)
فِي حَدِيثِ الصَّادِقِ ع مَعَ آبَائِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ع قَالَ:" سُئِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع عَنْ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ص" إِنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتِي" مَنِ الْعِتْرَةُ؟ فَقَالَ ع: أَنَا وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ ع وَ الْأَئِمَّةُ التِّسْعَةُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ ع تَاسِعُهُمْ مَهْدِيُّهُمْ وَ قَائِمُهُمْ، لَا يُفَارِقُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَ لَا يُفَارِقُهُمْ حَتَّى يَرِدُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص حَوْضَهُ".
وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ وَ قَدْ سُئِلَ: وَ مَنْ عِتْرَةُ النَّبِيِّ؟ فَقَالَ: أَصْحَابُ الْعَبَاءِ.
و عن ابن الأعرابي حكاه عنه ثعلب العِتْرَةُ: وُلْدُ الرجل و ذريته من صلبه، و لذلك سميت ذرية محمد من علي و فاطمة عترة محمد. قال ثعلب: فقلت لابن الأعرابي فما معنى‏
قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ فِي السَّقِيفَةِ" نَحْنُ عِتْرَةُ رَسُولِ اللَّهِ ص".
قال: أراد بذلك بلدته و بيضته و عِتْرَةُ محمد لا محالة ولد فاطمة- كذا في معاني الأخبار. و عن بعض الأعلام: و ذكر محمد بن بحر الشيباني في كتابه عن ثعلب عن ابن الأعرابي أنه قال: العِتْرَةُ البلدة و البيضة، و هم ع بلدة الإسلام و بيضته و أصوله. و العِتْرَةُ: صخرة عظيمة يتخذ الضب عندها جحره يهتدي بها لئلا يضل عنها، و هم الهداة للخلق. و العِتْرَةُ: أصل الشجرة المقطوعة، و هم أصل الشجرة المقطوعة لأنهم وُتِرُوا و قُطِعُوا و ظُلِمُوا و العِتْرَةُ: قطع المسك الكبار في النافجة، و هم ع من بين بني هاشم و بني أبي طالب كقطع المسك الكبار في النافجة. و العِتْرَةُ: العين الرائقة العذبة، و علومهم لا شي‏ء أعذب منها عند أهل الحكمة. و العِتْرَةُ: الذكور من الأولاد، و هم‏

395
مجمع البحرين3

عتر ص 395

ع ذكور غير إناث. و العِتْرَةُ: الريح، و هم جند الله و حزبه كما أن الريح جند الله. و العِتْرَةُ: نبت متفرق مثل المرزنجوش و هم ع أهل المشاهد المتفرقة و بركاتهم منبثة في المشرق و المغرب. و العِتْرَةُ: قلادة تعجن بالمسك، و هم ع قلائد العلم و الحكمة. و عِتْرَةُ الرجل: أولياؤه، و هم ع أولياء الله المتقون و عباده المخلصون. و العِتْرَةُ: الرهط، و هم رهط رسول الله ص، و رهط الرجل قومه و قبيلته.
وَ فِي حَدِيثِ الْمُنَافِقِينَ مِنْ كُفَّارِ الْعَرَبِ" لَمْ يَزَالُوا عُبَّادَ أَصْنَامٍ يَنْصِبُونَ لَهَا الْعَتَائِرَ وَ يَنْحَرُونَ لَهَا الْقُرْبَانَ".
العَتَائِرُ جمع عَتِيرَة ككريمة و كرائم، و هي التي كانت تعترها الجاهلية، و هي الذبيحة التي كانت تذبح للأصنام فيصب دمها على رأسها، كان الرجل إذا نذر النذر و بلغ شاؤه كذا فعليه أن يذبح من كل عشرة منها في رجب كذا و يسمونها العَتَائِر، يقال عَتَرَ الرجلُ يَعْتِرُ عَتْراً بالفتح: إذا ذبح العَتِيرَةَ
 (عثر)
قوله: وَ كَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ‏
 [18/ 21] أي اطلعنا عليهم، يقال عَثَرْتُ على الشي‏ء: أي اطلعت عليه، و أَعْثَرْتُ غيري: أي أطلعته عليه. و مثله قوله: فَإِنْ عُثِرَ عَلى‏ أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً
 [5/ 107] أي اطلع، من العُثُور و هو الاطلاع.
وَ فِي حَدِيثِ الدَّوَابِّ" اضْرِبُوهَا عَلَى الْعِثَارِ وَ لَا تَضْرِبُوهَا عَلَى النِّفَارِ".
و روي عكسه، و لعل الأول أصح، يقال عَثَرَ الرجلُ في ثوبه و الدابة أيضا من باب ضرب و نصر و علم و كرم عَثْراً و عِثَاراً بالكسر: إذا كبا. و العَثْرَةُ المرة من العِثَار في المشي. و العَثْرَةُ أيضا: الزلة و الخطيئة، و
مِنْهُ" يَا مُقِيلَ الْعَثَرَاتِ".
و يقال للرجل إذا تورط: قد وقع‏

396
مجمع البحرين3

عثر ص 396

في عَاثُورِ شر أي شدة. و العِثْيَرُ بكسر العين: الغبار.
 (عثمر)
" عَثَامِرُ" بالعين المهملة و الثاء المثلثة و الراء المهملة أخيرا بعد الميم- على ما صح في النسخ- وصي سام الذي هو وصي نوح ع.
 (عجر)
فِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ" فَدَخَلَ مَكَّةَ مُعْتَجِراً".
الاعْتِجَارُ لف العمامة على الرأس و يرد طرفها على وجهه و لا يجعل شيئا تحت ذقنه. و" المِعْجَرُ" وزان مقود: ثوب أصغر من الرداء تلبسه المرأة على رأسها، يقال اعْتَجَرَتِ المرأةُ إذا لبست المعجر. و عن المطرزي المِعْجَرُ ثوب كالمصابة تلفه المرأة على استدارة رأسها. و كعب بن عُجْرَةَ صحابي.
 (عذر)
قوله تعالى: عُذْراً أَوْ نُذْراً
 [77/ 6] أي حجة و تخويفا أو إِعْذَاراً و إنذارا أي تخويفا و وعيدا. قوله: قالُوا مَعْذِرَةً
 [7/ 164] أي اعتذرنا معذرة، و الاعْتِذَارُ إظهار ما يقتضي العذر. قوله: وَ جاءَ الْمُعَذِّرُونَ‏
 [9/ 90] أي المقصرون، أي الذين يزعمون أن لهم عذرا و لا عذر لهم. قال الجوهري: الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ‏
 يقرأ بالتخفيف و التشديد، أما المُعَذِّرُ بالتشديد فقد يكون محقا و قد يكون غير محق، و أما المحق فهو في المعنى المُعْتَذِر لأن له عذرا، و لكن التاء قلبت ذالا و أدغمت فيها و جعلت حركتها على العين، و أما المُعَذِّرُ على جهة المفعل لأنه الممرض و المقصر يعتذر بغير عذر.
وَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ وَ جَاءَ المُعْذِرُونَ مُخَفَّفَةً مِنْ أَعْذَرَ، وَ يَقُولُ: وَ اللَّهِ لَهَكَذَا أُنْزِلَتْ، وَ كَانَ يَقُولُ:" لَعَنَ اللَّهُ الْمُعَذِّرِينَ".
كأن الأمر عنده أن المُعَذِّر

397
مجمع البحرين3

عذر ص 397

بالتشديد هو المُظْهِرُ للعذر اعتلالا من غير حقيقة له في العذر، و هذا لا عذر له و المُعْذِرُ الذي له عذر، و قد بينا الوجه الثاني في المشدد.
وَ فِي الْحَدِيثِ" تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ فِي الْعُذْرَةِ".
عُذْرَةُ الجارية بكارتها، و الجمع عُذَر كغرفة و غرف. و امرأة عَذْرَاءُ مثل حمراء: البكر، لأن عذُرْتَهَا- و هي جلدة البكارة- باقية. و دم العُذْرَةِ: دم البكارة، و جمعها عَذَارَى بفتح الراء و كسرها و العَذْرَاوَات كما في الصحارى. و منه‏
الْحَدِيثُ" دُفِنَ فِي الْحِجْرِ مِمَّا يَلِي الرُّكْنَ الثَّالِثَ عَذَارَى بَنَاتِ إِسْمَاعِيلَ ع".
و منه‏
حَدِيثُ بِنْتِ يَزْدَجِرْدَ حِينَ دَخَلَتِ الْمَدِينَةَ" فَأَشْرَفَ لَهَا عَذَارَى الْمَدِينَةِ وَ أَشْرَقَ الْمَسْجِدُ بِضَوْئِهَا".
و" العَذِرَةُ" وزان كلمة الخرء و لم يسمع التخفيف، و قد تكرر ذكرها في الحديث. و سمي فناء الدار" عَذِرَة" لمكان إلقاء العذرة هناك.
وَ فِي حَدِيثِ تَكْفِينِ الْمَيِّتِ" تُشَدُّ الْخِرْقَةُ عَلَى الْقَمِيصِ بِحِيَالِ الْعَذِرَةِ وَ الْفَرْجِ حَتَّى لَا يَظْهَرَ مِنْهُ شَيْ‏ءٌ".
و عِذَارَا اللِّحْيَةِ: جانباها يتصل أعلاها بالصدغ و أسفلها بالعارض، أستعير من عِذَارِ الدابة، و هو ما على خديه من اللجام و الجمع عُذُر ككتاب و كتب. و
مِنْهُ" الْفَقْرُ لِلْمُؤْمِنِ أَزْيَنُ مِنْ عِذَارَيِ الْفَرَسِ".
أي يمسكه عن الفساد كما يمسك اللجام الفرس عن العثار. و
مِنْهُ" مَنْ سَيَّبَ عِذَارَهُ قَادَهُ إِلَى كُلِّ كَرِيهَةٍ".
و يقال للرجل إذا عظم على الأمر" هو شديد العِذَارِ" كما يقال للمنهمك في الغي" هو خَلِيعُ العِذَارِ" كالفرس الذي لا لجام عليها.
وَ فِي وَصْفِ الشَّيْطَانِ" قَبَّحَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَتَلَ عَنِّي عِذَارَ عُذْرِهِ".
و الكلام استعارة، و المراد أن الشيطان بعد حصول مراده من إلقائه لي في المعصية بالحيلة و الغدر صرف عني عنان عذره حيث حصل مراده‏

398
مجمع البحرين3

عذر ص 397

و تلقاني بكلمة كفره. و العِذَارُ بالكسر: الختان، و منه‏
الْخَبَرُ" لَا وَلِيمَةَ إِلَّا فِي عِذَارٍ".
و جاء في" إِعْذَارٍ" و الإِعْذَارُ: الختان، يقال عَذَرْتُهُ و أَعْذَرْتُهُ فهو مَعْذُورٌ و مُعْذَرٌ، ثم قيل للطعام الذي يطعم في الختان إِعْذَاراً، يقال أَعْذَرَ إِعْذَاراً: إذا صنع ذلك الطعام و عَذَّرَ في الأمر تَعْذِيراً: إذا قصر و لم يجتهد.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْعُمُرُ الَّذِي أَعْذَرَ اللَّهُ فِيهِ إِلَى ابْنِ آدَمَ سِتُّونَ سَنَةً".
قيل همزته للسلب، أي أزال عذره، فإذا لم يتب في هذا العمر لم يكن له عذر، فإن الشباب يقول أتوب إذا شخت و الشيخ ما ذا يقول. و مثله‏
الْخَبَرُ" أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَى مَنْ بَلَغَ مِنَ الْعُمُرِ سِتِّينَ سَنَةً".
قال في النهاية: أي لم يبق فيه موضعا للاعتذار حيث أمهله طول هذه المدة و لم يعتذر.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" اخْشَ اللَّهَ خَشْيَةً لَيْسَتْ بِتَعْذِيرٍ".
قيل في معناه: إذا فعل أحد فعلا من باب الخوف فخشيته خشية تعذير و خشية كراهة، فإن رضى فخشيته خشية رضى و خشية محبة. و عَذَرْتُهُ: رفعت عنه اللوم، و الاسم العُذْر، و تضم الذال للإتباع و تسكن في الجمع. و الاعْتِذَارُ من الذنب، و تَعَذَّرَ بمعنى اعْتَذَرَ. و عَذَرْتُكَ غير مُعْتَذِرٍ: أي من غير أن تعتذر، لأن المُعْتَذِرَ يكون محقا و غير محق. و أَعْذَرَ في الأمر: أي بالغ. و أَعْذَرَ الرجلُ: صار ذا عذر. و في المثل" أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ" يقال ذلك لمن يحذر أمرا يخاف. و اعْتَذَرَ بمعنى أَعْذَرَ أي صار ذا عذر و أَعْذَرْتُهُ فيما صنع و الاسم المَعْذِرَةُ و العُذْرَى. و تَعَذَّرَ عليه الأمر: تعسر.
وَ فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ" مَنْ يَعْذِرُنِي‏

399
مجمع البحرين3

عذر ص 397

مِنْ مُعَاوِيَةَ أَنَا أُخْبِرُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ هُوَ يُخْبِرُ عَنْ رَأْيِهِ".
أي من يقوم بعذري أو من ينصرني.
وَ فِي الْخَبَرِ" إِذَا وُضِعَتِ الْمَائِدَةُ فَلْيَأْكُلِ الرَّجُلُ مِمَّا عِنْدَهُ وَ لَا يَرْفَعُ يَدَهُ وَ إِنْ شَبِعَ وَ لْيُعْذِرْ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُخْجِلُ جَلِيسَهُ".
الإِعْذَارُ: المبالغة في الأمر، أي ليبالغ في الأكل‏
كَحَدِيثِ" كَانَ ع إِذَا أَكَلَ مَعَ قَوْمٍ كَانَ أَكْثَرُهُمْ أَكْلًا".
و قيل وَ" لْيُعَذِّرْ" مِنَ التَّعْذِيرِ: التقصير، أي ليقصر في الأكل ليتوفر على الباقين و لير أنه يبالغ، و قيل فليذكر عذره إذا رفع يده قبل المائدة دفعا لخجالة الجليس.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَكَلْنَا مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَجَعَلْنَا نُعَذِّرُ".
و
فِي آخَرَ" فَجَعَلُوا يُعَذِّرُونَ".
و المعنى ما تقدم.
وَ فِي حَدِيثِ بَنِي إِسْرَائِيلَ" كَانُوا إِذَا عَمِلَ قَوْمٌ بِالْمَعَاصِي نَهُوهُمْ تَعْذِيراً".
أي نهيا قصروا فيه و لم يبالغوا.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع وَ هُوَ يَنْظُرُ إِلَى ابْنِ مُلْجَمٍ‏
" عَذِيرَكَ مِنْ خَلِيلِكَ مِنْ مُرَادِي‏

". هو بالنصب، أي هات من يعذرك فيه.
وَ فِي الْخَبَرِ" وُلِدَ ص مَعْذُوراً".
أي مختونا مقطوع السرة.
 (عرر)
قوله تعالى: فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ
 [48/ 25] هي بفتح ميم مهملة و أخرى مشددة: الأمر القبيح المكروه و الأذى، مفعلة من عَرَّهُ يَعُرُّهُ: إذا دهاه بما يكرهه و يشق عليه بغير علم. و المَعَرَّةُ: الإثم أيضا، و يقال فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ
 تلزمكم الديات. قوله: أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ
 [22/ 36] قيل الْمُعْتَرَّ
 هو الذي يعتريك أي يلم بك و لا يسأل. و عِرَارٌ: اسم رجل. و عَرَارٌ نبت طيب الرائحة. قال الشاعر
تمتع من شميم عَرَارِ نجد             فما بعد العشية من عَرَار.

 (عزر)
قوله تعالى حكاية عن طائفة من اليهود عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ‏
 [2/ 30] المراد به‏

400
مجمع البحرين3

عزر ص 400

عُزَيْرُ بن شرحيا نبي من أنبياء الله، و نسبته إلى الله- على ما قيل- لأنه أقام التوراة بعد أن أحرقت. و عُزَيْر اسم أعجمي و من نَوَّنَهُ جعله عربيا، و في الصحاح عُزَيْرٌ اسم ينصرف لخفته و إن كان أعجميا مثل نوح و لوط لأنه تصغير عزر، يؤيده قراءة السبعة بالصرف. قوله: وَ تُعَزِّرُوهُ‏
 [48/ 9] أي تعظموه، و في غير هذا الموضع تمنعوه من عَزَرْتُهُ: مَنَعْتُهُ، وَ تُعَزِّرُوهُ‏
 تنصروه مرة بعد أخرى. و في بعض التفاسير تنصروه بالسيف. و التَّعْزِيرُ: ضرب دون الحد، و هو أشد الضرب.
وَ فِي الْحَدِيثِ" وَ رُبَّ مَعْزُورٍ فِي النَّاسِ مَصْنُوعٌ لَهُ".
قال بعض شارحي الحديث المَعْزُورُ بالعين المهملة و الزاء: الممنوع من الرزق، و مصنوع له أي صنع له الجنة و الرضوان، أو قد حصل له رزقه بلا تعب و إن منعه الناس من رزقه.
 (عسر)
قوله تعالى: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً
 [94/ 5- 6] العُسْرُ: ضد اليسر.
رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ خَرَجَ النَّبِيُّ ص وَ هُوَ يَضْحَكُ وَ يَقُولُ" لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ".
قال الفراء: و ذلك أن العرب إذا ذكرت نكرة ثم أعادتها نكرة مثلها صارتا اثنتين، كقولك إذا كسبت درهما فأنفق درهما، فالثاني غير الأول، و إذا أعدتها معرفة فهي هي تقول كسبت درهما فأنفقت الدرهم فالثاني عين الأول. و نحو هذا ما قاله الزجاج إنه ذكر العسر مع الألف و اللام ثم ثنى ذكره فصار المعنى أن مع العُسْرِ يسرين- انتهى. و لبعضهم في هذا المعنى:
فلا تيأس إذا أَعْسَرْتَ يوما             فقد أيسرت في دهر طويل‏
و لا تظنن بربك ظن سوء             فإن الله أولى بالجميل‏
و إن العُسْرَ يتبعه يسار             و قول الله أصدق كل قيل‏

قوله: فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ
 [9/ 117] أي في وقتها، إشارة إلى‏

401
مجمع البحرين3

عسر ص 401

غزوة تبوك،
قِيلَ فِيهَا كَانَ يُعَقِّبُ الْعَشَرَةُ بَعِيراً وَاحِداً وَ كَانَ زَادُهُمْ الشَّعِيرَ الْمُسَوَّسَ وَ التَّمْرَ الْمُدَوَّدَ، وَ بَلَغَتِ الشِّدَّةُ بِهِمْ إِلَى أَنِ اقْتَسَمَ التَّمْرَةَ اثْنَانِ، وَ رُبَّمَا مَصَّهَا الْجَمَاعَةُ لِيَشْرَبُوا عَلَيْهَا الْمَاءَ. وَ إِنَّمَا ضُرِبَ الْمَثَلُ بِجَيْشِ الْعُسْرَةِ لِأَنَّ النَّبِيَّ ص لَمْ يَغْزُ قَبْلَهُ فِي عَدَدٍ مِثْلَهُ، لِأَنَّ أَصْحَابَهُ يَوْمَ بَدْرٍ كَانُوا ثَلَاثَمِائَةٍ وَ بِضْعَةَ عَشَرَ، وَ يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعَمِائَةٍ، وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ أَلْفاً وَ خَمْسَمِائَةٍ، وَ يَوْمَ الْفَتْحِ عَشَرَةَ آلَافٍ، وَ يَوْمَ خَيْبَرَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً، وَ يَوْمَ تَبُوكَ ثَلَاثِينَ أَلْفاً، وَ هِيَ آخِرُ غَزَوَاتِهِ. وَ قِيلَ سُمِّيَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ لِأَنَّ النَّاسَ عَسُرَ عَلَيْهِمُ الْخُرُوجَ فِي حَرَارَةِ الْقَيْضِ وَ إِبَّانِ إِينَاعِ الثَّمَرَةِ.
قوله: وَ أَمَّا مَنْ بَخِلَ وَ اسْتَغْنى‏ وَ كَذَّبَ بِالْحُسْنى‏ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى‏ [92/ 8- 10] أي بخل بما آتاه الله و استغنى، وَ كَذَّبَ بِالْحُسْنى‏ بأن الله يعطي بالواحد عشرا إلى مائة ألف فما زاد
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى‏
 وَ مَعْنَاهُ لَا يُرِيدُ شَيْئاً مِنَ الشَّرِّ إِلَّا يُسِّرَ لَهُ- كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع. قَالَ الرَّاوِي ثُمَّ قَالَ وَ ما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ.
قوله: يَوْمٌ عَسِيرٌ
 [74/ 9] أي شديد، من قولهم عَسُرَ الأمرُ عُسْراً من باب قرب قربا و عَسَارَةً بالفتح فهو عَسِيرٌ أي صعب شديد. و عَسِرَ الأمرُ عُسْراً من باب تعب و تَعَسَّرَ و اسْتَعْسَرَ كذلك. و عَسَرْتُ الغريمَ أَعْسُرُهُ من باب قتل و في لغة من باب ضرب: طلبت منه الدين، و أَعْسَرْتُهُ بالألف كذلك. و عَسَرَتِ المرأةُ: إذا عَسَرَ ولادها. و أَعْسَرَ الرجلُ: أضاق. و المُعَاسَرَةُ: ضد المياسرة. و التَّعَاسُرُ: ضد التياسر. و المَعْسُورُ: ضد الميسور، و هما مصدران، و عند سيبويه صفتان و لا يجي‏ء المصدر عنده على وزان مفعول و يتأول‏

402
مجمع البحرين3

عسر ص 401

قولهم" دعه إلى ميسوره و إلى مَعْسُورِهِ" و يقول كأنك قلت دعه إلى أمر يوسر فيه و إلى أمر يعسر فيه.
 (عسكر)
فِي الْحَدِيثِ" أَ لَيْسَ تَشْهَدُ بَغْدَادَ وَ عَسَاكِرَهُمْ".
العَسَاكِرُ جمع عَسْكَر كجعفر الجيوش، و المعنى أ ليس تشهد جيوشهم و جنودهم. و" العَسْكَرُ" قرية علي الهادي و الحسن العسكري و مولد المهدي ع، و سمي الإمامان العَسْكَرِيَّيْنِ لذلك. و" صاحب العَسْكَرِ" علي الهادي ع، و له قصة مع المتوكل منها يعلم وجه تسميته بذلك ذكرناها في المراثي. و" المُعَسْكَرُ" بفتح الميم [الكاف‏] موضع العسكر.
 (عشر)
قوله تعالى: وَ عاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ‏
 [4/ 19] أي صاحبوهن. قوله: وَ لَبِئْسَ الْعَشِيرُ
 [22/ 13] أي بئس الصاحب. كقوله فَبِئْسَ الْقَرِينُ. قوله: وَ إِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ‏
 [81/ 4] أراد بالعِشَار بكسر المهملة الحوامل من الإبل، واحدتها عُشَرَاء بالضم و فتح الشين و المد، و هي التي أتى عليها في الحمل عشرة أشهر و لا يزال ذلك اسمها حتى تضع، ثم اتسع فيه فقيل لكل حامل، و عُطِّلَتْ: تركت مسيبة مهملة لاشتغال أهلها بنفوسهم، و سيأتي أن ذلك و أشباهه كناية عن الشدائد. قوله: وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ‏
 [26/ 214] أمر بإنذار الأقرب فالأقرب و فسرت عَشِيرَة الرجل بالرجال الذين هم من قبيلته ممن يطلق عليهم في العرف أنهم عَشِيرَة. و في القاموس عَشِيرَةُ الرجل بنو أبيه الأدنون، و الجمع عَشَائِر. قوله: وَ لَيالٍ عَشْرٍ
 [89/ 2] هي عشر الأضحى أو العشر الأواخر من شهر رمضان. قوله: يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً
 [20/ 103] أي عشر ليالي. قوله: يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم‏

403
مجمع البحرين3

عشر ص 403

مِنَ الْإِنْسِ [6/ 128] أي‏
يَا جَمَاعَةَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِمَّنْ أضللتموه مِنَ الْإِنْسِ، أَيْ مِنْ إِغْوَاءِ الْإِنْسِ وَ إِضْلَالِهِمْ نَقْلًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏
وَ قالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ أي متبعوهم من الإنس رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ أي انتفع بعضنا ببعض. قال المفسر: فاستمتاع الجن بالإنس أن اتخذهم الإنس رؤساء و قادة فاتبعوا أهواءهم، و استمتاع الإنس بالجن هو أن الرجل كان إذا سافر و خاف الجن في سلوك الطريق قال:" أعوذ بسعيد هذا الوادي" ثم يسلك فلا يخاف، و كانوا يرون ذلك استجارة بالجن و أن الجن يجيرونهم، كما قال تعالى: وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ مَاطَلَ عَلَى ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَ هُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ حَقِّهِ فَعَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ خَطِيئَةُ عَشَّارٍ".
بالعين المهملة المفتوحة و الشين المشددة، مأخوذ من التَّعْشِير، و هو أخذ العشر من أموال الناس بأمر الظالم، يقال عَشَرْتُ القومَ عُشْراً بالضم: أخذت منهم عشر أموالهم، و منه العَاشِر.
وَ فِي الْخَبَرِ" فِيمَا سَقَتِ الْأَنْهَارُ الْعُشُورَ".
بضم عين جمع عشر و قيل بفتحها، و الصواب الأول. و العُشْرُ: الجزء من أجزاء العشرة، و الجمع أَعْشَار مثل قفل و أقفال، و هو العَشِيرُ أيضا و المِعْشَار. قال في المصباح و لا يقال مفعال في شي‏ء من الكسور إلا في مرباع و مِعْشَار، جمع العَشِير أَعْشِرَاء مثل نصيب و أنصباء، و قيل المِعْشَار عشر العشير، و العَشِير عشر العشر و العَشِيرَة: القبيلة و لا واحد لها من لفظها، و الجمع عَشِيرَات و عَشَائِر. و العَشِيرُ: الزوج. و العَشِيرُ: المرأة أيضا لأنه يعاشر الزوجة و تعاشره. و العَشِيرُ: المعاشر و الخليط. و المَعَاشِرُ: جماعات الناس، و الواحد مَعْشَر كمقعد.
وَ قَوْلُهُ ع" إِنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ".
وَ قَوْلُهُ ص" يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ".
و
" يَا مَعْشَرَ الصِّبْيَانِ".
من هذا الباب. و نصب مَعَاشِر على الاختصاص، و عن ثعلب الرهط و المَعْشَر

404
مجمع البحرين3

عشر ص 403

و العَشِير و القوم و النفر معناهم الجمع و لا واحد لهم من لفظهم، و هو للرجال دون النساء. و العَشَرَةُ: عدد المذكر، يقال عشرة رجال و عشرة أيام. و العَشْرُ بغير هاء: عدد للمؤنث، يقال عشر نسوة و عشر ليال. و في الكتاب الكريم وَ لَيالٍ عَشْرٍ
 [89/ 2] قال في المصباح و العامة تذكر العَشْر على أنه جمع الأيام فتقول: العَشْرُ الأُوَل و العَشْرُ الأُخَر و هو خطأ، فإنه تغيير المسموع فلا يخالف ما ضبطه الأئمة الثقات و نطق به الكتاب العزيز و السنة الصحيحة. و العَشَرَةُ المبشرة عندهم: تيمان و عدويان و زهريان و هاشمي و أسدي و أموي و فهري، و جمعت في هذا البيت:
زبير و طلح و ابن عوف و عامر             و سعدان و الصهران و الختنان‏

و الشهر ثلاث عَشَرَات، و فالعَشْرُ الأُوَل جمع أُولَى، و العَشْرُ الوسط جمع وُسْطَى، و العَشْرُ الأُخَر جمع أُخْرَى. قال في المصباح: و هذا في غير التأريخ، و أما في التأريخ فقد قال العرب سرنا عَشْراً و المراد عشر ليال بأيامها فغلبوا المؤنث هنا على المذكر. و منه قوله تعالى: يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً
 [2/ 234] قال: و يقال أحد عَشَرَ و ثلاثة عَشَرَ بفتح العين و سكونها لغة. قال و العِشْرُون اسم موضوع لعدد معين، و يستعمل في المذكر و المؤنث بلفظ واحد، و يعرب بالواو و الياء، و يجوز إضافتها فتسقط النون تشبيها بنون الجمع، و أحال بعضهم إضافة العدد إلى غير التمييز- انتهى. و العِشْرَة بالكسر فالسكون اسم من المُعَاشَرَة و التَّعَاشُر، و هي المخالطة، و منه كتاب العِشْرَة. و يوم عَاشُورَاء بالمد و القصر و هو عاشر المحرم، و هو اسم إسلامي، و جاء عَشُورَاء بالمد مع حذف الألف التي بعد العين.
وَ فِي حَدِيثِ مُنَاجَاةِ مُوسَى ع وَ قَدْ قَالَ يَا رَبِّ لِمَ فَضَّلْتَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ص عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ؟ فَقَالَ اللَّه‏

405
مجمع البحرين3

عشر ص 403

تَعَالَى: فَضَّلْتُهُمْ لِعَشْرِ خِصَالٍ. قَالَ مُوسَى: وَ مَا تِلْكَ الْخِصَالُ الَّتِي يَعْمَلُونَهَا حَتَّى آمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَعْمَلُونَهَا؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: الصَّلَاةُ وَ الزَّكَاةُ وَ الصَّوْمُ وَ الْحَجُّ وَ الْجِهَادُ وَ الْجُمُعَةُ وَ الْجَمَاعَةُ وَ الْقُرْآنُ وَ الْعِلْمُ وَ الْعَاشُورَاءُ قَالَ مُوسَى: يَا رَبِّ وَ مَا الْعَاشُورَاءُ؟ قَالَ: الْبُكَاءُ وَ التَّبَاكِي عَلَى سِبْطِ مُحَمَّدٍ ص وَ الْمَرْثِيَةُ وَ الْعَزَاءُ عَلَى مُصِيبَةِ وُلْدِ الْمُصْطَفَى، يَا مُوسَى مَا مِنْ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِي فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ بَكَى أَوْ تَبَاكَى وَ تَعَزَّى عَلَى وُلْدِ الْمُصْطَفَى إِلَّا وَ كَانَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ثَابِتاً فِيهَا، وَ مَا مِنْ عَبْدٍ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ فِي مَحَبَّةِ ابْنِ بِنْتِ نَبِيِّهِ طَعَاماً وَ غَيْرِ ذَلِكَ دِرْهَماً أَوْ دِينَاراً إِلَّا وَ بَارَكْتُ لَهُ فِي دَارِ الدُّنْيَا الدِّرْهَمَ بِسَبْعِينَ وَ كَانَ مُعَافاً فِي الْجَنَّةِ وَ غَفَرْتُ لَهُ ذُنُوبَهُ، وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي مَا مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ سَالَ دَمْعُ عَيْنَيْهِ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَ غَيْرِهِ قَطْرَةً وَاحِدَةً إِلَّا وَ كَتَبْتُ لَهُ أَجْرَ مِائَةِ شَهِيدٍ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ".
و مثله‏
" لَا يَجُوزُ اللَّعِبُ بِالْأَرْبَعَةَ عَشَرَ".
لعل المراد بالأربعة عَشَرَ الصفان من النقر يوضع فيها شي‏ء يلعب فيه في كل صف سبع نقر محفورة، فتلك أَرْبَعَة عَشَرَ. و الله أعلم.
 (عصر)
قوله تعالى: إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ‏
 [2/ 266] قيل هو ريح عاصف ترفع ترابا إلى السماء كأنه عمود من نار تسميه العرب بالزوبعة. قوله: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً
 [12/ 36] أي أعصر عنبا أستخرج منه الخمر، لأن العنب إذا عصر فإنما يستخرج به الخمر، و يقال الخمر العنب بعينه، حكى الأصمعي عن معمر بن سليمان قال: لقيت أعرابيا و معه عنب فقلت: ما معك؟ فقال: خمر. قوله: وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً
 [78/ 14] أي السحائب التي حان لها أن تمطر.
وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ هِيَ الرِّيَاحُ.
فيكون من بمعنى الباء، أي أنزلنا بالمعصرات. قوله: وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ
 [103/ 1] قال الشيخ أبو علي:

406
مجمع البحرين3

عصر ص 406

أصل العَصْرِ عصر الثوب و نحوه و هو فتله لإخراج مائه، و منه عَصْرُ الدهر فإنه الوقت الذي يمكن فيه فتل الأمور كما يفتل الثوب و العَصْرُ: العشي. و العَصْرَان: الغداة و العشي. و العَصْرَان: الليل و النهار و أراد بالإنسان الجمع دون المفرد بدلالة الاستثناء، أقسم الله تعالى بالدهر لأن فيه عبرة لأولي الأبصار من جهة مرور الليل و النهار على تقدير الأدوار، و قيل هو وقت العشي، و قيل أقسم بصلاة العَصْرِ و هي الصلاة الوسطى، و قيل هو الليل و النهار، و يقال لهما العَصْرَان، و إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ أي لفي نقصان لأنه ينقص عمره كل يوم و هو رأس ماله، فإذا ذهب رأس ماله و لم يكتسب به الطاعة يكون على نقصان طول دهره و خسران، إذ لا خسران أعظم من استحقاق العقاب الدائم، و قيل لَفِي خُسْرٍ
 أي لفي هلكة عن الأخفش قوله: فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَ فِيهِ يَعْصِرُونَ‏
 [12/ 49] قيل يعصرون العنب و الزيتون، و قيل يحلبون الضروع.
وَ فِي الْحَدِيثِ" حَافِظْ عَلَى الْعَصْرَيْنِ".
يريد صلاة الفجر و صلاة العصر، سماهما العَصْرَيْنِ لأنهما يقعان في طرفي العصرين و هما الليل و النهار. قيل و الأشبه أنه من باب التغليب. و العَصْرُ: الدهر، و فيه لغتان أخريان عُصْر و عُصُر مثل عُسْر و عُسُر، و جمع العَصْر عُصُور. و العَصِيرُ من العنب، يقال عَصَرْتُ العنبَ عَصْراً من باب ضرب: استخرجت ماءه، و اسم الماء العَصِير فعيل بمعنى مفعول و هو قبل غليانه طاهر حلال و بعد غليانه و اشتداده، و فسر بصيرورة أعلاه أسفله نجس حرام، نقل عليه الإجماع من الإمامية، أما بعد غليانه و قبل اشتداده فحرام أيضا، و أما النجاسة فمختلف فيها. و العُصَارَة بالضم: ما سال عن العصير و ما بقي من الثفل أيضا بعد العصر. و عُصَارَةُ أهل النار: ما يسيل عنهم من الدم و القيح.

407
مجمع البحرين3

عصر ص 406

و" المِعْصَرُ" بكسر الميم: ما يعصر فيه العنب. و الجارية المُعْصِر زنة مكرم التي أول ما أدركت و حاضت أو أشرفت على الحيض و لم تحض، يقال قد أَعْصَرَتْ كأنها دخلت عصر شبابها أو بلغته. و منه‏
الْحَدِيثُ" أَنَّ رَجُلًا مِنْ مَوَالِيكَ تَزَوَّجَ جَارِيَةً مُعْصِراً".
الحديث. و العُنْصُرُ: الأصل و النسب، و الجمع العَنَاصِر، و وزنه فنعل بضم الفاء و العين و قد تفتح للتخفيف. و منه‏
حَدِيثُ وَصْفِ الْأَئِمَّةِ" أَنْتُمْ عَنَاصِرُ الْأَبْرَارِ".
و
مِنْهُ" لَا يُخَالِطُهُ- يَعْنِي النَّبِيَّ ص- فِي عُنْصُرِهِ سِفَاحٌ".
يعني زنا.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ خَشُنَ عُنْصُرُهُ غَلُظَ كَبِدُهُ".
 (عصفر)
" العُصْفُرُ" بضم العين، نبت معروف يصبغ به، و قد عَصْفَرْتُ الثوبَ فَتَعَصْفَرَ فهو مُعَصْفَرٌ. و منه" الثياب المُعَصْفَرَات". و العُصْفُور بالضم طائر دون الحمامة أكل أو لم يؤكل، و الأنثى عُصْفُورَة، و الجمع العَصَافِير.
 (عطر)
فِي الْحَدِيثِ" التَّعَطُّرُ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ".
أي التطيب بالطيب من سننهم. و العِطْرُ: الطيب، يقال عَطِرَتِ المرأةُ بالكسر تَعْطَرُ عَطَراً فهي عَطِرَةٌ و مُتَعَطِّرَةٌ أي متطيبة.
 (عفر)
قوله تعالى: عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِ‏
 [27/ 39] العِفْرِيتُ: الناقد القوي من خبث و دهاء. و العَفَرُ: وجه الأرض. و عَفَرْتُ الإناءَ في التراب: أي مرغته و دلكته بالعفر، و عَفَّرْتُهُ بالتشديد مبالغة. و التَّعْفِيرُ: دلك الإناء بالتراب قبل الغسل بالماء. و التَّعْفِيرُ: أن يمسح المصلي جبينه حال السجود على العَفَرِ و هو التراب. و عَفَّرَهُ يُعَفِّرُهُ تَعْفِيراً: أي مرغه.
وَ" عُفَيْرٌ" اسْمُ حِمَارٍ كَانَ لِرَسُولِ اللَّه‏

408
مجمع البحرين3

عفر ص 408

ص مُصَغَّراً تَصْغِيرَ تَرْخِيمٍ لِأَعْفَرَ مِنَ الْعُفْرَةِ وَ هِيَ الْغُبْرَةُ وَ لَوْنُ التُّرَابِ كَمَا قَالُوا فِي تَصْغِيرِ أَسْوَدَ سُوَيْدٌ، وَ تَصْغِيرِ غَيْرِ الْمُرَخَّمِ أُعَيْفِرٌ كَأُسَيْوِدٍ، تُوُفِّيَ فِي سَاعَةٍ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَطَعَ خِطَامَهُ ثُمَّ مَرَّ يَرْكُضُ حَتَّى أَتَى بِئْرَ حَطْمَةَ بِقُبَا فَرَمَى بِنَفْسِهِ فِيهَا فَكَانَتْ قَبْرَهُ.
وَ رُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّ ذَلِكَ الْحِمَارَ كَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ ص فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي إِنَّ أَبِي حَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ مَعَ نُوحٍ فِي السَّفِينَةِ فَقَامَ إِلَيْهِ نُوحٌ فَمَسَحَ عَلَى كَفَلِهِ ثُمَّ قَالَ: يَخْرُجُ مِنْ صُلْبِ هَذَا الْحِمَارِ حِمَارٌ يَرْكَبُهُ سَيِّدُ النَّبِيِّينَ وَ خَاتَمُهُمْ.
و في المغرب اليَعْفُورُ تيس الظباء أو لولد البقر الوحشية، و به لقب حمار النبي ص، و اليَعَافِيرُ تيوس الظباء.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَا يَقُولُ صَاحِبُ الْبُرْدِ المَعَافِرِيِّ".
يعني أمير المؤمنين. المَعَافِرِيُّ برد باليمن منسوب إلى مَعَافِر قبيلة باليمن، و الميم زائدة. و الأَعْفَرُ: الرمل الأحمر. و كثيب أَعْفَر: ذو لونين الحمرة و البياض. و الأَعْفَرُ: الأبيض و ليس بالشديد البياض. و شاة عَفْرَاءُ: يعلو بياضها حمرة.
وَ فِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ" تُتْرَكُ مِعَافَأْرَةٍ وَ أُمُّ جُعْرُورٍ لِلْمَارِّينَ أَوْ لِلْحَارِسِ وَ الطُّيُورِ".
مِعَافَأْرَةٍ و أم جعرور ضربان رديان من التمر.
 (عقر)
قوله تعالى: وَ امْرَأَتِي عاقِرٌ
 [3/ 40] أي لم تحبل و لم تلد، من قولهم عَقَرَتِ المرأةُ عَقْراً من باب ضرب، و في لغة من باب تعب و قرب: انقطع حملها، فهي عَاقِرٌ. و منه" رجل عَاقِرٌ" لم يولد له، و الجمع عُقَّرٌ مثل راكع و ركع. نقل أهل التأريخ أنه كانت امرأة

409
مجمع البحرين3

عقر ص 409

زكريا أخت مريم بنت عمران بن ماتان و يعقوب بن ماتان و بنو ماتان إذ ذاك رؤساء بني إسرائيل و بنو ملوكهم، و هم من ولد سليمان بن داود ع. و في الحديث ذكر" العُقْر" بالضم و هو دية فرج المرأة إذا غصبت على نفسها. ثم كثر ذلك حتى استعمل في المهر، و
مِنْهُ" لَيْسَ عَلَى زَانٍ عُقْرٌ".
أي مهر. و العُقْرُ: ما تعطاه المرأة على وطي الشبهة. و عُقْرُ الدار: أصلها، و تضم العين و تفتح في الحجاز، و عن ابن فارس العُقْرُ أصل كل شي‏ء.
وَ فِي الْخَبَرِ" مَا غُزِيَ قَوْمٌ فِي عُقْرِ دِيَارِهِمْ إِلَّا ذَلُّوا".
و في الحديث ذكر العَقَار كسلام، و هو كل ملك ثابت له أصل كالدار و الأرض و النخل و الضياع، و منه قولهم" ما له دار و لا عَقَارٌ"، و جمع العَقَار عَقَارَات.
وَ فِي حَدِيثِ الصَّادِقِ ع فِي الْهَدِيَّةِ" الْهَدِيَّةُ عَاقِرٌ عَيْناً".
كذا في كثير من النسخ و لم نعثر لأحد التعرض بما يوضحه. قال بعض المعاصرين الظاهر أن الصواب أنه عَاقِرٌ من العَقْرِ و هو الجرح بمعنى أنها تعقر العين و تعميها أن تبصر شيئا، و هو كناية عن التغافل عما لا ينبغي التغافل عنه- انتهى.
وَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْحَدِيثِ" غَافِرٌ عَيْباً".
بالغين المعجمة بدل العين و الفاء بدل القاف و الباء الموحدة بدل النون، من الغفر و هو الستر، و معناه أن الهدية تستر عيب المهدي عند المهدى إليه، و لعله الصواب. و" العُقَارُ" بالضم من أسماء الخمر لأنها تعقل العقل. و الكلب العَقُور، و كل سبع يعقر كالأسد و الفهر و النمر و الذئب، و منه الكلب العَقُور، و الجمع عُقُر كرسول و رسل. و عَقَرَهُ: أي جرحه، فهو عَقِيرٌ. و في الدعاء على الإنسان" عَقْراً وَ حَلْقاً" أي عقر الله جسده و أصابه بوجع في حلقه.
                       

410
مجمع البحرين3

عقر ص 409

و عَقَرْتُ البعيرَ بالسيف فَانْعَقَرَ: إذا ضربت به قوائمه. و" العَنْقُرُ" بفتح القاف و ضمها: أصل القصب، و أول ما ينبت منه، و هو غصن.
 (عكر)
فِي الْحَدِيثِ" إِنَّا نَطْرَحُ فِيهِ الْعَكَرَ".
هو بفتحتين دردي الزيت و دردي النبيذ و نحوه مما خثر و رسب، يقال عَكِرَ الشي‏ءُ عَكْراً من باب تعب إذا لم يرسب خاثره. و عَكَّرْتُهُ تَعْكِيراً: جعلت فيه العَكَرَ و
مِنْهُ" النَّبِيذُ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الْعَكَرُ فَيَغْلِي حَتَّى يُسْكِرَ حَرَامٌ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" رَجُلٌ فَجَرَ بِامْرَأَةٍ عَكَرَ عَلَيْهَا".
أي غلبها على نفسها. و اعْتَكَرَ الظلامُ: اختلط و تكاثر.
وَ فِي دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ" وَ اعْتَكَرَتْ عَلَيْنَا حَدَابِيرُ السِّنِينَ".
أي تكثرت و قام بعضها على بعض. و عَكَرْتُ عليه: حملت عليه.
 (عمر)
قوله تعالى: أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ‏
 [35/ 37]
قِيلَ إِنَّهُ سِتُّونَ سَنَةً، وَ قِيلَ أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَ قِيلَ ثَمَانِيَ عَشَرَ سَنَةً.
و هو مما احتج الله به عليكم قوله: أَرْذَلِ الْعُمُرِ*
 [16/ 70] قيل هو الهرم و زمان الخرافة و انتكاس الأحوال، و العمر الذي لا يعيش الإنسان إليه عادة في زماننا هذا قال الشهيد الثاني مائة و عشرون سنة فيحكم بتوريث الغائب غيبة منقطعة هذه المدة. ثم قال: و لا يبعد الآن الاكتفاء بالمائة لندور التعمير إليها في هذه البلاد. قوله: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ‏
 [15/ 72] أي و حياتك يا محمد و مدة بقائك. و العَمْرُ بفتح العين و ضمها: البقاء، و لا يستعمل في القسم إلا بالفتح. قال بعض المحققين: قول الشخص" لَعَمْرِي" مبتدأ محذوف الخبر وجوبا، و التقدير قسمي أو يميني، و هو دائر بين فصحاء العرب، قال تعالى لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ‏
 لا يقال: إن الحلف بغير الله تعالى منهي عنه. لأنا

411
مجمع البحرين3

عمر ص 411

نقول: ليس المراد به القسم الحقيقي بجعل غيره تعالى مثله في التعظيم، بل المراد صورته لتزويج المقصود أو الكلام على حذف مضاف أي فبواهب عمري و عمرك، و هو اسم لمدة الحياة. قوله تعالى: وَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ
 [52/ 4]
قِيلَ هُوَ فِي السَّمَاءِ حِيَالَ الْكَعْبَةِ ضَجَّ مِنَ الْغَرَقِ فَرَفَعَهُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ بَقِيَ أُسُّهُ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ ثُمَّ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ.
و المَعْمُورُ: المأهول، و عمرانه كثرة غاشيه من الملائكة.
وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ وَضَعَهُ اللَّهُ لِأَهْلِ السَّمَاءِ تَوْبَةً، وَ ذَلِكَ حِينَ رَدُّوا عَلَى اللَّهِ بِقَوْلِهِمْ أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ.
الآية، لما
رُوِيَ أَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا ذَلِكَ بَاعَدَهُمُ اللَّهُ مِنَ الْعَرْشِ مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، فَلَاذُوا بِالْعَرْشِ وَ أَشَارُوا بِالْأَصَابِعِ، فَنَظَرَ الرَّبُّ إِلَيْهِمْ فَنَزَلَتِ الرَّحْمَةُ فَوَضَعَ لَهُمُ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ فَقَالَ: طُوفُوا بِهِ وَ دَعُوا الْعَرْشَ فَإِنَّهُ لِي رِضًى فَطَافُوا بِهِ، وَ هُوَ الْبَيْتُ الَّذِي يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ أَبَداً، فَوَضَعَ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ تَوْبَةً لِأَهْلِ السَّمَاءِ وَ وَضَعَ الْكَعْبَةَ تَوْبَةً لِأَهْلِ الْأَرْضِ.
قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى‏ آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ‏
 [3/ 33] قال الشيخ أبو علي: آل عِمْرَان موسى و هارون فهما ابنا عِمْرَان بن يصهر و عيسى بن مريم بنت عِمْرَان بن ماتان، و بين العِمْرَانَيْنِ ألف و ثمانمائة سنة قوله: وَ اسْتَعْمَرَكُمْ فِيها
 [11/ 61] أي جعلكم عُمَّارَهَا، أي سكانها، و قيل جعلها لكم مدة عمركم و فوض إليكم عمارتها. قوله: وَ مَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَ فَلا يَعْقِلُونَ‏
 [36/ 68] قيل هو رد على الزنادقة الذين يبطلون التوحيد و يقولون إن الرجل إذا نكح المرأة و صارت النطفة في رحمها تلقت الأشكال من الغذاء و دار عليه الفلك و مر عليه الليل و النهار، فيتولد الإنسان بالطبائع من‏

412
مجمع البحرين3

عمر ص 411

الغذاء و مرور الليل و النهار، فنقض الله عليهم قولهم في حرف واحد فقال وَ مَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَ فَلا يَعْقِلُونَ‏
 قال: لو كان هذا كما تقولون لكان ينبغي أن يزيد الإنسان أبدا ما دامت الأشكال قائمة و الليل و النهار قائمين و الفلك يدور، فكيف صار يرجع إلى نقصان كلما ازداد في الكبر إلى حد الطفولية و نقصان السمع و البصر و القوة و العلم و المنطق حتى ينقص و ينتكس حينئذ الخلق، و لكن ذلك من تقدير العزيز العليم. قوله: إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ
 [9/ 18] الآية. فسرت العِمَارَة بمعنيين: الأول رمها و كنسها و الإسراج فيها و فرشها. الثاني شغلها بالعبادة و تنحية أعمال الدنيا و اللهو و اللغط و عمل الصنائع و إكثار زيارتها قال وَ نَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَ آثارَهُمْ قيل هو السعي إلى المساجد،
وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى" إِنَّ بُيُوتِي فِي الْأَرْضِ الْمَسَاجِدُ وَ إِنَّ زُوَّارِي فِيهَا عُمَّارُهَا، فَطُوبَى لِعَبْدٍ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ زَارَنِي فِي بَيْتِي، فَحَقٌّ عَلَى الْمَزُورِ أَنْ يُكْرِمَ زَائِرَهُ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" نَهَى عَنْ قَتْلِ عَوَامِرِ الْبُيُوتِ".
العَوَامِرُ الحيات التي تكون في البيوت، واحدها عَامِر و عَامِرَة، و قيل سميت بذلك لطول أعمارها. و اعْتَمَرَ الرجلُ: زار البيت. و المُعْتَمِرُ: الزائر، و من هنا سميت العُمْرَةُ عمرة لأنها زيارة البيت. يقال اعْتَمَرَ فهو مُعْتَمِرٌ أي زار و قصد، و في الشرع زيارة البيت الحرام بشروط مخصوصة مذكورة في محلها، و جمع العُمْرَة عُمَرٌ و عُمُرَاتٌ مثل غرف و غرفات. و أَعْمَرْتُهُ الدارَ: جعلت له سكناها عمره، و منه العُمْرَى و هي من أَعْمَرْتُهُ الشي‏ءَ أي جعلته له مدة عمره أو مدة عمري، فإذا مات من علقت عليه المدة رجع ذلك الشي‏ء إلى المالك أو الوارث، و قد مر حكم الرقبى في بابه. و" عَمِرَ الرجلُ" بالكسر من باب تعب يَعْمَرُ عَمَراً و عَمْراً على غير قياس: أي عاش زمانا طويلا.

413
مجمع البحرين3

عمر ص 411

و عن بعض الأعلام أربعة من الأنبياء مُعَمَّرُون و هم في قيد الحياة الخضر و إلياس في الأرض و عيسى و إدريس في السماء. و" عَمْرٌو" بفتح العين و الواو اسم رجل، و إنما كتب بالواو للفرق بينه و بين عُمَر بضم العين، و تسقط الواو في النصب لأن الألف تخلفها. و عَمْرُو بن عبد الله السبيعي،
رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُؤَدِّبُ أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ وَ اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّبِيعِيُّ صَلَّى أَرْبَعِينَ سَنَةً صَلَاةَ الْغَدَاةِ بِوُضُوءِ الْعَتَمَةِ، وَ كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ أَعْبَدُ مِنْهُ وَ لَا أَوْثَقُ فِي الْحَدِيثِ عِنْدَ الْخَاصِّ وَ الْعَامِّ، وَ كَانَ مِنْ ثِقَاتِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع، وَ وُلِدَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ لَهُ تِسْعُونَ سَنَةً، وَ هُوَ مِنْ هَمْدَانَ.
و عُمَرُ بن عبد العزيز مذكور في الحديث.
رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطَاءٍ التَّمِيمِيُّ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع فِي الْمَسْجِدِ فَمَرَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَيْهِ شِرَاكَانِ مِنْ فِضَّةٍ وَ كَانَ مِنْ أَمْجَنِ النَّاسِ- يَعْنِي أَصْلَبَهُمْ وَ أَغْلَظَهُمْ- وَ هُوَ شَابٌّ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَطَاءٍ أَ تَرَى هَذَا الْمُتْرَفَ إِنَّهُ لَنْ يَمُوتَ حَتَّى يَلِيَ النَّاسَ. قُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ هَذَا الْفَاسِقُ. قَالَ: نَعَمْ فَلَا يَلْبَثُ فِيهِمْ إِلَّا يَسِيراً حَتَّى يَمُوتَ، فَإِذَا مَاتَ لَعَنَهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُ أَهْلُ الْأَرْضِ.
وَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ بِالتَّثْقِيلِ اسْمُ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، نُقِلَ أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ يَوْمَ صِفِّينَ احْتَمَلَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى خَيْمَتِهِ وَ جَعَلَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَ يَقُولُ:
وَ مَا ظَبْيَةٌ تَسْبِي الظِّبَاءَ بِطَرْفِهَا             إِذَا انْبَعَثَتْ خِلْنَا بِأَجْفَانِهَا سِحْراً
بِأَحْسَنَ مِمَّنْ خَضَّبَ السَّيْفُ وَجْهَهُ             دَماً فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى قَضَى صَبْراً.


و عُمَارَةُ بالضم اسم رجل.

414
مجمع البحرين3

عمر ص 411

وَ أَبُو عَامِرٍ الرَّاهِبُ أَبُو حَنْظَلَةَ غَسِيلِ الْمَلَائِكَةِ، وَ مِنْ قِصَّتِهِ أَنَّهُ تَرَهَّبَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَ لَبِسَ الْمُسُوحَ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ ص إِلَى الْمَدِينَةِ حَسَدَهُ وَ حَزَّبَ عَلَيْهِ الْأَحْزَابَ ثُمَّ هَرَبَ بَعْدَ فَتَحِ مَكَّةَ إِلَى الطَّائِفِ، فَلَمَّا أَسْلَمَ أَهْلُ الطَّائِفِ هَرَبَ إِلَى الشَّامِ وَ لَحِقَ بِالرُّومِ وَ تَنَصَّرَ، فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ ص بِالْفَاسِقِ، ثُمَّ أَنْفَذَ إِلَى الْمُنَافِقِينَ أَنِ اسْتَعِدُّوا وَ ابْنُوا مَسْجِداً فَإِنِّي أَذْهَبُ إِلَى قَيْصَرَ وَ آتِي مِنْ عِنْدِهِ بِجُنُودٍ وَ أُخْرِجُ مُحَمَّداً مِنَ الْمَدِينَةِ، فَكَانَ أُولَئِكَ الْمُنَافِقُونَ يَتَوَقَّعُونَ قُدُومَهُ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ مُلْكَ الرُّومِ بِأَرْضٍ يُقَالُ لَهَا قِنَّسْرِينُ. وَ أَمَّا ابْنُهُ حَنْظَلَةُ فَكَانَ مِنْ خَوَاصِّ النَّبِيِّ ص، قُتِلَ مَعَهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَ كَانَ جُنُباً فَغَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ فَسُمِّيَ بِذَلِكَ.
و أَبُو عَمْرٍو العَمْرِيُّ بالفتح ثقة جليل مكنى بأبي عمرو السمان من أصحاب الجواد ع، و كان من وكلاء العسكري، و هو الراوي دعاء السمات المشهور.
وَ ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ مِنْ رُوَاةِ الْحَدِيثِ نُقِلَ أَنَّ الرَّشِيدَ ضَرَبَهُ نَحْواً مِنْ مِائَتَيْ خَشَبَةٍ عَلَى التَّشَيُّعِ، وَ أَغْرَمَهُ مِائَةَ أَلْفٍ وَ وَاحِداً وَ عِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
و العِمَارَةُ بالكسر: نقيض الخراب. و عَمَرْتُ الخرابَ أَعْمُرُهُ عِمَارَةً فهو عَامِرٌ أي مَعْمُور، مثل دافِقٍ أي مدفوق. و العُمْرَانُ بالضم: اسم للبنيان.
 (عنبر)
في الحديث ذكر العَنْبَر، و هو ضرب من الطيب معروف. و في حياة الحيوان العَنْبَرُ سمكة بحرية يتخذ من جلدها التراس، و العَنْبَر المشموم، قيل إنه يخرج من قعر البحر يأكله بعض دوابه لدسومته فيقذفه رجيعا فيطفوا على‏

415
مجمع البحرين3

عنبر ص 415

الماء فتلقيه الريح إلى الساحل. قال: و هو يقوي القلب نافع من الفالج و اللقوة و البلغم الغليظ.
 (عور)
قوله تعالى: ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ‏
 [24/ 58] أي ثلاث أوقات لكم من أوقات العَوْرَة، قرئ ثَلَاثَ عَوْرَاتٍ بالنصب على البدل و بالرفع على معنى هذه ثلاث عَوْرَاتٍ مخصوصة بالاستيذان، و يسمى كل وقت من هذه الأوقات عَوْرَة لأن الناس يختل تحفظهم و تسترهم فيها، من قولهم" أَعْوَرَ الفارسُ" إذا بدا فيه موضع خلل للطعن و الضرب، و قرأ بعضهم ثَلاثُ عَوَراتٍ بالتحريك.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ فَكَذَا".
أي من تجسس ما ستره الله من الأفعال و الأقوال على أخيه فكذا. و العَوْرَةُ: القبل و الدبر، سميت السوأة عَوْرَة لقبح النظر إليها، و كل شي‏ء ستره الإنسان أنفة أو حياء فهو عَوْرَةٌ، و الجمع عَوْرَات بالسكون للتخفيف، و القياس الفتح لأنها اسم و هي لغة هذيل. و العَوْرَةُ: النساء. و منه‏
الْحَدِيثُ" الْمَرْأَةُ عِيٌّ وَ عَوْرَةٌ".
جعلها نفسها عورة لأنها إذا ظهرت يستحيا منها كما يستحيا من العورة إذا ظهرت. و
فِيهِ" اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَتِي وَ آمِنْ رَوْعَتِي".
أراد بِالْعَوْرَةِ كل ما يستحيا منه و يسوء صاحبه أن يرى ذلك منه. و الرَّوْعَةُ هي القرعة. و
فِيهِ" عَوْرَةُ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ حَرَامٌ".
وَ مَعْنَاهُ- عَلَى مَا ذَكَرَهُ الصَّادِقُ ع- أَنْ يَزِلَّ زَلَّةً أَوْ يَتَكَلَّمَ بِشَيْ‏ءٍ يُعَابُ عَلَيْهِ فَيَحْفَظُهُ لِيُعَيِّرَهُ بِهِ يَوْماً.
وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ هِيَ إِذَاعَةُ سِرِّهِ.
و طريق مُعْوِرَة: أي ذات عورة يخاف منها الضلال و الانقطاع. و عَوِرَتِ العينُ عَوَراً من باب تعب: نقصت أو غارت، فالرجل أَعْوَر، و الأنثى عَوْرَاء، و إنما صحت الواو فيها لصحتها في أصله، و هي اعْوَرَّتْ بسكون ما قبلها،

416
مجمع البحرين3

عور ص 416

ثم حذفت الزوائد الألف و التشديد فبقي عَوِرَ. و العَوْرَاءُ: الكلمة القبيحة، و هي السقطة. و اعْتَوَرُوهُ: تداولوه، و منه العَارِيَّةُ بالتشديد و قد يخفف في الشعر، و الأصل فعلية بفتح العين. قال الأزهري: نسبتها إلى العَارَة، و هي اسم من الإِعَارَة، يقال أَعَرْتُهُ الشي‏ءَ إِعَارَةً و عَارَةً مثل أطعته إطاعة و طاعة و أجبته إجابة. قال الليث: سميت عَارِيَّة لأنها عار على صاحبها، و مثله قاله الجوهري. و قال بعضهم: مأخوذة من عَارَ الفرسُ إذا ذهب من صاحبه لخروجها من يد صاحبها. قال في المصباح: و هو غلط لأن العارية من الواو و العار و عار الفرس من الياء. ثم قال: و الصحيح ما ذكره الأزهري. و منه‏
الْحَدِيثُ" إِنَّ اللَّهَ أَعَارَ أَعْدَاءَهُ أَخْلَاقاً مِنْ أَخْلَاقِ الْأَوْلِيَاءِ لِيَعِيشَ أَوْلِيَاؤُهُ مَعَ أَعْدَائِهِ فِي دَوْلَتِهِمْ".
و
مِنْهُ الدُّعَاءُ" اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِنَ الْمُعَارِينَ".
و هم الذين أعارهم الله الإيمان إذا شاء سلبه منهم.
وَ كَانَ أَبُو الْخَطَّابِ- أَعْنِي أَبَا زَيْنَبَ- مِمَّنْ أُعِيرَ الْإِيمَانَ عَلَى مَا وَرَدَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ
و اسْتَعَرْتُ منه الشي‏ءَ فَأَعَارَنِيهِ. و العَوَارُ بالفتح: العيب. و منه‏
الْحَدِيثُ" لَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَ لَا ذَاتُ عَوَارٍ".
و العُوَّارُ بالضم و التشديد: القذى في العين.
 (عهر)
فِي الْحَدِيثِ" الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَ لِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ".
العَاهِر الفاجر الزاني، من العَهْرِ بالسكون و التحريك أيضا: الزنا و الفجور، و يقال عَهِرَ عَهْراً من باب تعب فجر فهو عَاهِرٌ، و عَهَرَ عُهُوراً من باب قعد. و
قَوْلُهُ:" الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَ لِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ".
أي إنما يثبت الولد لصاحب‏

417
مجمع البحرين3

عهر ص 417

الفراش و هو الزوج، و لِلْعَاهِرِ الخيبة و لا يثبت له نسب، و هو كما يقال له التراب أي الخيبة، لأن بعض العرب كان يثبت النسب بالزنا فأبطله الشرع.
 (عير)
قوله تعالى: وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَ الْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها
 [12/ 82] الْعِيرُ بالكسر القافلة، و هو في الأصل الإبل التي عليها الأحمال لأنها تَعِيرُ أي تتردد، فقيل لأصحابها كقولهم" يا خيل الله اركبي" و الجمع عِيرَات، و قيل قافلة الحمير ثم كثر حتى قيل لكل قافلة عِيرٌ. و منه‏
الْحَدِيثُ" إِنَّهُمْ كَانُوا يَرْصُدُونَ عِيرَات قُرَيْشٍ".
و
فِيهِ" مَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ الشَّاةِ العَائِرَةِ بَيْنَ الغَنَمَيْنِ.
العَائِرَةُ أكثر ما تستعمل في الناقة، و هي التي تخرج من الإبل إلى إبل أخرى ليضربها الفحل، و الجمل عَائِرٌ يترك الشول إلى أخرى ثم يتسع في المواشي، شبه تردده بين الطائفتين من المؤمنين و المشركين تبعا لهواه و ميلا إلى ما يتبعه من شهواته بتردد الشاة العائرة المترددة بين الثلتين فلا تستقر على حال، و بذلك وصفهم الله تعالى بقوله: مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى‏ هؤُلاءِ وَ لا إِلى‏ هؤُلاءِ. و عَائِرٌ و وُعَيْرٌ جبلان بالمدينة، و قد ذرعت بنو أمية ما بينهما ثم جزوه على اثني عشر ميلا: فكان كل ميل ألفا و خمسمائة ذراع، و هو أربعة فراسخ، و تصديق ذلك ما وردت به الرواية
" الْبَرِيدُ مَا بَيْنَ ظِلِّ عَيْرٍ إِلَى فَيْ‏ءِ وُعَيْرٍ".
و ذكر الفي‏ء لوقوعه في الجانب الشرقي كما أن ظل عَيْر واقع في الجانب الغربي من المدينة. و العَيْرُ: الحمار الوحشي و الأهلي، و الأنثى عَيْرَة، و الجمع أَعْيَار مثل ثوب و أثواب. و منه‏
حَدِيثُ الْمَسْحِ" لَأَنْ أَمْسَحَ عَلَى ظَهْرِ عَيْرٍ فِي الْفَلَاةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمْسَحَ عَلَى خُفِّي".
و عَيَّرْتُ الدنانير تَعْيِيراً: امتحنتها لمعرفة أوزانها. و منه‏
الْحَدِيثُ" فَرَضَ اللَّهُ الْمَكَايِيلَ وَ الْمَوَازِينَ تَعْيِيراً لِلْبَخْسَةِ".
أي امتحانا لها. و عَيَّرْتُهُ به: قبحته عليه و نسبته إليه.

418
مجمع البحرين3

باب ما أوله الغين ص 419

باب ما أوله الغين‏
 (غبر)
قوله تعالى: إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ*
 [26/ 171] أي في الباقين قد غَبَرَتْ، أي بقيت في العذاب و لم تسر مع قوم لوط ع. و الغَابِرُ: الباقي، يقال غَبَرَ غُبُوراً من باب قعد بقي، و قد يستعمل فيما مضى فيكون من الأضداد. و منه‏
حَدِيثُ الْمَيِّتِ" وَ اخْلُفْ عَلَى أَهْلِهِ فِي الْغَابِرِينَ".
أي في الباقين. و
فِي نُسْخَةٍ" اللَّهُمَّ اخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ".
ففي الغَابِرِينَ بدل من عقبه أي أولاده، و قيل حال منه، أي أوقع الخلافة في عقبه كائنين في جملة الباقين من الناس. و منه‏
حَدِيثُ الْهَدْيِ" نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص ثَلَاثاً وَ سِتِّينَ وَ نَحَرَ عَلِيٌّ ع مَا غَبَرَ".
أي ما بقي من البدن. و
مِنْهُ" أَنَّهُ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الغَوَابِرَ".
أي البواقي، جمع غَابِر يعني الأواخر. قوله: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ
 [80/ 40] الغَبَرَةُ بالتحريك الغُبَار بضم الغين و هو العجاج، و الغُبْرَة بالضم فالسكون لون الأَغْبَر الشبيه بالغبار. و المُغْبَرُّ: شي‏ء فيه غبار.
وَ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ ع:" كَسَحَتِ الْبَيْتَ حَتَّى اغْبَرَّتْ ثِيَابُهَا".
أي صار فيها غبار. و أَغْبَرَتِ السماءُ: إذا جدَّ وقعها. و الغَبْرَاءُ بالمد: الأرض.
وَ فِي الْخَبَرِ" إِيَّاكُمْ وَ الْغُبَيْرَاءَ فَإِنَّهَا خَمْرُ الْعَالَمِ".
و مثله‏
فِي خَبَرِ مُعَاذٍ" انْهَهُمْ عَنْ غُبَيْرَاءِ السُّكُرْكَة".
الغُبَيْرَاءُ نوع من الشراب يتخذه الحبش من الذرة يسكر، و إنما أضيف إلى السكر لئلا يذهب الوهم إلى غُبَيْرَاء التمر- قاله في المغرب.

419
مجمع البحرين3

غبر ص 419

و الغُبَيْرَاء: تمرة تشبه العناب. و في الدروس الغُبَيْرَاء تدبغ المعدة.
 (غدر)
قوله تعالى: وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً
 [18/ 47] أي لم نبق منهم أحدا، و منه سمي الغَدِير لأنه ماء تُغَادِرُهُ السيول أي تخلعه، فعيل بمعنى مفاعل، من غَادَرَهُ أو فعيل بمعنى فاعل لأنه يَغْدِرُ بأهله أي ينقطع عند شدة الحاجة إليه. و منه‏
الدُّعَاءُ" اللَّهُمَّ مِنْ نِعَمِكَ وَ هِيَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ تُغَادِرَ".
أي تنقطع. و" غَدِيرُ خم" موضع بالجحفة شديد الوباء.
قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: لَمْ يُولَدْ بِغَدِيرِ خُمٍّ أَحَدٌ فَعَاشَ إِلَى أَنْ يَحْتَلِمَ إِلَّا أَنْ يَنْجُوَ عنْهَا.
و يوم الغَدِير هو يوم الثامن عشر من ذي الحجة، و هو اليوم الذي نصب به رسول الله ص عليا ع خليفة بحضرة الجمع الكثير من الناس حيث‏
قَالَ:" مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ".
. قال الغزالي- و هو من أكابر علماء القوم في كتابه المسمى بسر العالمين- ما هذا لفظه:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِعَلِيٍّ يَوْمَ الْغَدِيرِ" مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ" فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: بَخْ بَخْ يَا أَبَا الْحَسَنِ لَقَدْ أَصْبَحْتَ مَوْلَايَ وَ مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ.
ثم قال: و هذا رضى و تسليم و ولاية و تحكيم، ثم بعد ذلك غلب الهوى و حب الرئاسة و عقود البنود و خفقان الرايات و ازدحام الخيول و فتح الأمصار و الأمر و النهي فحملتهم على الخلاف فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَ اشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ ... إلى أن قال:
ثُمَّ إِنْ أَبَا بَكْرٍ قَالَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ ص: أَقِيُلونِي فَلَسْتُ بِخَيْرِكُم‏

420
مجمع البحرين3

غدر ص 420

وَ عَلِيٌّ فِيكُمْ.
أ فقال ذلك هزءا أو جدا أو امتحانا، فإن كان هزءا فالخلفاء لا يليق بهم الهزل. ثم قال: و العجب من منازعة معاوية بن أبي سفيان عليا في الخلافة أين و من أين، أ ليس رسول الله ص قطع طمع من طمع فيها
بِقَوْلِهِ" إِذَا وَلِيَ الْخَلِيفَتَانِ فَاقْتُلُوا الْأَخِيرَ مِنْهُمَا".
و العجب من حق واحد كيف ينقسم بين اثنين، و الخلافة ليست بجسم و لا عرض فتتجزأ- انتهى كلامه و فيه دلالة على انحرافه عما كان عليه. و الله أعلم و سوف يظهر الأمر يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ. و الغَدْرُ: ترك الوفاء و نقض العهد، و قد غَدَرْتُهُ فهو غَادِرٌ و بابه ضرب. و الغَدِيرَةُ: الذؤابة بالضم، أعني الضفيرة، واحدة الغَدَائِر أعني الذوائب. و" غُنْدَر" اسم رجل.
 (غرر)
قوله تعالى: ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ‏
 [82/ 6] أي أي شي‏ء غرك بخالقك و خدعك و سول لك الباطل حتى عصيته و خالفته. قال الشيخ أبو علي: و اختلف في معنى الكَرِيم، فقيل هو المنعم الذي كل أفعاله إحسان و إنعام لا يجر به نفعا و لا يدفع به ضرا، و قيل هو الذي يعطي ما عليه و ما ليس عليه و لا يطلب ما له، و قيل هو الذي يقبل اليسير و يعطي الكثير و من كرمه سبحانه أنه لم يرض بالعفو عن السيئات حتى يبدلها بالحسنات ... إلى أن قال: و إنما قال الكريم دون سائر أسمائه و صفاته لأنه كان لقنه الإجابة حتى يقول غرني كرم الكريم. قوله: وَ لا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ*
 [31/ 33] الغَرُورُ بالفتح الشيطان، و كل من غَرَّ فهو غَرُورٌ، و سمي الشيطان غَرُوراً لأنه يحمل الإنسان على محابه و وراء ذلك ما يسوؤه. قال ابن السكيت و الغَرُورُ أيضا ما رأيت له ظاهرا تحبه و فيه باطن مكروه و مجهول.

421
مجمع البحرين3

غرر ص 421

و الغُرُورُ بضم المعجمة: الباطل، مصدر غُرِرْتُ و ما اغْتُرَّ به من متاع الدنيا. قوله: وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ*
 [3/ 185] أي الخداع الذي لا حقيقة له، و هو المتاع الردي‏ء الذي يدلس به على طالبه حتى يشتريه ثم يتبين له رداءته، و الشيطان هو المدلس.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ".
أي ليس بذي مكر، فهو ينخدع لانقياده و لينه و هو ضد الخب، و في النهاية إن المؤمن المحمود من طبعه الغرارة و قلة الفطنة للشر و ترك البحث عنه، و ليس ذلك منه جهلا و لكنه كرم و حسن خلق.
وَ فِي دُعَاءِ شَهْرِ رَمَضَانَ" اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنِّي فِيهِ الْغِرَّةَ".
بإعجام الغين المكسورة و فتح الراء المشددة يعني الاغترار بنعمة الله و الأمن من مكر الله. و الغِرَّةُ بالكسر: الغفلة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا يَكُونُ السَّفَهُ وَ الْغِرَّةُ فِي قَلْبِ الْعَالِمِ".
و الغُرَّةُ بالضم: عبد أو أمة، و منه‏
" قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ص فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ".
قال أبو سعيد الضرير: الغُرَّةُ عند العرب أنفس كل شي‏ء يملك. و قال الفقهاء: الغُرَّةُ من العبد الذي ثمنه عشر الدية. و الغُرَّةُ في الجبهة: بياض فوق الدرهم و منه فرس أَغَرُّ و مهرة غَرَّاء مثل أحمر و حمراء. و رجل أَغَرُّ: صبيح. و رجل أَغَرُّ: شريف. و" ليلة الجمعة ليلة غَرَّاء": أي شريفة فاضلة على سائر الليالي، و" يومها يوم أزهر" لظهور فضله على سائر الأيام، من قولهم أَزْهَرَ النبتُ: ظهرت زهرته. و غُرَرُ الأصحاب: إخوان الثقة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَخْبِرْ بِهَذَا غُرَرَ أَصْحَابِكَ" ثُمَّ قَالَ" وَ هُمُ الْبَارُّونَ فِي الْإِخْوَانِ فِي الْعُسْرِ وَ الْيُسْرِ".
و الأَغَرُّ: الأبيض من كل شي‏ء و الكريم الأفعال، و الجمع غُرَر كصرد. و غَرَّهُ غَرّاً و غُرُوراً و غِرَّةً بالكسر فهو مَغْرُورٌ: خدعه و أطمعه بالباطل،

422
مجمع البحرين3

غرر ص 421

فَاغْتَرَّ هو. و الغَرْغَرَةُ: تردد الروح في الحلق. و منه‏
الْحَدِيثُ" إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ".
أي ما لم تبلغ روحه حلقومه، فيكون بمنزلة الشي‏ء الذي يتغرغر به المريض، و أصل الغَرْغَرَة هو أن يجعل المشروب في الفم ليردده إلى أصل الحلق لا يبلع، يكون ذلك عند أول ما يأخذ في سياق الموت.
وَ فِي الْخَبَرِ" نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ".
و فسر بما يكون له ظاهر يغر المشتري و باطن مجهول مثل بيع السمك بالماء و الطير في الهواء. و الغِرَارُ: النقصان، و
مِنْهُ" لَا غِرَارَ فِي صَلَاةٍ وَ لَا تَسْلِيمٍ".
أي لا نقصان أما في الصلاة ففي ترك إتمام ركوعها و سجودها و أما في التسليم فأن يقول الرجل السلام عليك أو يرد فيقول و عليك و لا يقول و عليكم السلام- كذا فسر في معاني الأخبار. و الغِرَارُ: النوم القليل. و منه‏
الْحَدِيثُ" وَ أَذْهَبَ التَّهَجُّدُ غِرَارَ نَوْمِهِ".
و إضافة النوم نحو كرى النوم. و التَّغْرِيرُ: حمل النفس على الغرر، و هو أن يعرض الرجل نفسه للمهلكة. و منه‏
الْحَدِيثُ" لَا يُغَرَّرُ الرَّجُلُ بِنَفْسِهِ وَ لَا بِدِينِهِ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" الدُّنْيَا قَدْ زُيِّنَتْ بِغُرُورِهَا وَ غَرَّتْ بِزِينَتِهَا".
المراد بِغُرُورِهَا الأول منسياتها و ملاذها مجازا إطلاقا لاسم السبب على المسبب. و غُرَّتْ: استغفلت. و غَرَّتْهُ الدنيا غُرُوراً من باب قعد: خدعته بزينتها، فهي غَرُورٌ مثل رسول اسم فاعل مبالغة. و غَرَّ الشخص يَغِرُّ من باب ضرب غَرَارَةً بالفتح فهو غَارٌّ. و رجل غِرٌّ بالكسر و غَرِيرٌ أي غير مجرب. و الغَارُّ: الغافل. و غُرَّةُ الشهر: أوله إلى انقضاء ثلاثة أيام بخلاف المفتتح فإنه إلى انقضاء اليوم الأول. و اختلفوا في الهلال فقيل إنه كالغُرَّة فلا يطلق إلا على الثلاثة الأوائل، و أما

423
مجمع البحرين3

غرر ص 421

بعد ذلك فيسمى قمرا، و منهم من خصه بأول يوم. قال العلامة: و هذا هو الصحيح. و غَرَّ الطائر فرخه: إذا زقه.
وَ فِي الْخَبَرِ" كَانَ ص يَغُرُّ عَلِيّاً بِالْعِلْمِ".
أي يلقمه إياه و يزقه به كما يزق الطائر فرخه. و مثله‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" مَنْ يُطِعِ اللَّهَ يَغُرُّهُ كَمَا يَغُرُّ الْغُرَابُ فَرْخَهُ".
وَ فِي وَصْفِ عَلِيٍّ ع" قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ".
جمع أَغَرَّ من الغُرَّة و هي بياض في الوجه، يريد بياض وجوههم بنور الوضوء. و الأيام الغُرُّ البيض الليالي بالقمر الثالث عشر و تالياه.
وَ فِي الْخَبَرِ" وَ يَلُوحُ فِي غُرَّةِ الْإِيمَانِ لُمْعَةٌ".
أي يظهر في الإيمان زيادة ضياء. و يعبر بالغُرَّةِ عن الشي‏ء و الإضافة كذات زيد. و" الكوفة الغَرَّاء" أي البيضاء، وصفت بذلك لشرفها. و أبو الأَغَرِّ النَّخَّاس من رواة الحديث. و كتاب غُرَر الحكم و دُرَر الكلم جمع عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد الآمدي التميمي من كلام أمير المؤمنين ع.
 (غزر)
فِي الْحَدِيثِ" الْإِمَامُ كَالْعَيْنِ الْغَزِيرَةِ".
يقال غَزُرَ الماءُ بالضم غَزَاراً و غَزَارَةً كثر فهو غَزِيرٌ أي كثير، و المراد شدة النفع و عمومه.
 (غضر)
الغَضَارَةُ: طيب العيش. و" إنهم لفي غَضَارَةٍ من العيش" أي في خصب و خير. و الغَضَارُ بالفتح و الغَضَارَةُ: الطين الحر اللازب. و الغَضْرَاءُ: طينة خضراء علكة. و" غَاضِرَة" قبيلة من بني أسد، و حي من صعصعة، و بطن من ثقيف- قاله الجوهري. و الحسين بن عبيد الله الغَضَائِرِيُّ شيخ الطائفة كثير السماع عارف بالرجال له تصانيف كثيرة، سمع الشيخ الطوسي منه‏

424
مجمع البحرين3

غضر ص 424

و أجاز له جميع رواياته. قال الذهبي من المخالفين في كتاب ميزان الاعتدال: الحسين بن عبيد الله الغَضَائِرِيُّ شيخ الرافضة.
 (غضنفر)
الغَضَنْفَرُ: الأسد. و رجل غَضَنْفَرٌ: غليظ الجثة- قاله الجوهري.
 (غفر)
قوله تعالى: غُفْرانَكَ رَبَّنا
 [2/ 285] أي مغفرتك يا ربنا. قوله: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ لِأَخِي‏
 [8/ 151] يعني موسى ع. قال المفسر: هذا على وجه الانقطاع إلى الله سبحانه و التقرب إليه لا أنه كان يقع منه أو من أخيه قبيح كبيرا أو صغيرا يحتاج أن يستغفر منه، فإن الدليل قد دل على أن الأنبياء لا يجوز أن يقع منهم شي‏ء من القبيح. قوله: اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَ‏
 [14/ 41] قال الشيخ أبو علي: استدل أصحابنا بهذا على أن أبوي إبراهيم ع لم يكونوا كافرين، لأنه إنما سأل المغفرة لهم يوم القيامة، فلو كانا كافرين لما سأل ذلك لأنه قال فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ فصح أن أباه الذي كان كافرا إنما هو جده لأمه أو عمه على الخلاف فيه.
وَ قرئ لِوُلْدِي وَ هُمَا إِسْمَاعِيلُ وَ إِسْحَاقُ، وَ هِيَ قِرَاءَةُ أَهْلِ الْبَيْتِ ع.
قوله تعالى: إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ
 [2/ 284] قرأ فَيَغْفِرُ
 بالرفع عاصم و ابن عامر و بالجزم باقي السبعة، و نقل عن ابن عباس أنه قرأ بالنصب. قال ابن مالك في منظومته:
و الفعل من بعد الجزا إن يقترن             بالفا أو الواو بتثليث قمن‏

قوله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ‏
 [45/ 14]

425
مجمع البحرين3

غفر ص 425

قال الشيخ أبو علي: أي قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا اغفروا يَغْفِرُوا
، فحذف المفعول له لدلالة جوابه عليه لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ أي لا يتوقعون وقائع الله بأعدائه، و هو من قولهم" أيام العرب" لوقائعهم، و قيل لا يأملون الأوقات التي وقتها الله لثواب المؤمنين و وعدهم الفوز. و قوله قَوْماً و المراد به الذين آمنوا للثناء عليهم. قوله: لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ أي يكسبونه من الثواب العظيم باحتمال المكاره و كظم الغيظ- كذا في جامع الجوامع.
وَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ:" قُلْ لِلَّذِينَ مَنَنَّا عَلَيْهِمْ بِمَعْرِفَتِنَا أَنْ يُعَرِّفُوا الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ، فَإِذَا عَرَّفُوهُمْ فَقَدْ غَفَرُوا لَهُمْ".
قوله: وَ ما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ‏
 [9/ 114] الآية. الموعدة قوله: لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ‏
 قوله: وَ اسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ‏
 [12/ 29] أي سليه المغفرة. قوله: وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ
 [3/ 17]
قِيلَ هُوَ صَلَاةُ اللَّيْلِ، وَ قِيلَ الِاسْتِغْفَارُ آخِرَ الْوَتْرِ.
و خص الاسْتِغْفَارَ بالسحر الذي هو آخر الليل لأن العبادة فيه أشق و النفس أصفى لعدم اشتغالها بتدبير المأكول و لخلو المعدة عنه، فتوجه النفس بكليتها إلى حضرة الحق تعالى. قوله: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ‏
 [9/ 80] قال المفسر في معناه لن يغفر الله لهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم، و السبعون جار في كلامهم مجرى التمثيل للتكثير.
وَ فِي الْخَبَرِ" كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ قَالَ: غُفْرَانَكَ".
الغُفْرَان مصدر منصوب بفعل مضمر، أي أطلبه، و في تخصيصه بذلك هو أنه توبة من تقصيره في شكر نعم الإطعام و هضمه و تسهيل مخرجه، فلجأ إلى الاستغفار من التقصير.
وَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ص" وَ أَنَا أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ سَبْعِينَ اسْتِغْفَارَةً".
قاله‏

426
مجمع البحرين3

غفر ص 425

ص و هو معصوم، قيل لأنه عبادة أو لتعليم الأمة أو من ترك الأولى أو من تواضع أو عن سهو قبل النبوة أو عن اشتغاله بالنظر في مصالح الأمة و محاربة الأعداء، فإن مثله شاغل عن عظيم مقامه أو عن أحوال ما مضى بالنسبة إلى ما ترقى إليه، فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين. هذا و لا تكن غافلا عما مر في ذنب.
وَ فِي حَدِيثِ الْعَالِمِ" يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ".
قيل يحتمل أن يكون اسْتِغْفَار هذه الأصناف بعضه على الحقيقة و بعضه على المجاز، و هو أن يكتب الله له بعدد كل حيوان من الأنواع المذكورة كالحيتان و غيرها مغفرة و وجه الحكمة أن صلاح العالم بالعلم، و ما من شي‏ء من الأوصاف المذكورة إلا و له مصلحة معقودة بالعلم. و من أسمائه تعالى" الغَفُورُ الشَّكُورُ" و بناء هاتين للمبالغة، و هو الذي تكثر مغفرته و يشكر اليسير من الطاعة. و من أسمائه أيضا" الغَفَّارُ" و معناه الساتر لذنوب عباده و عيوبهم، المتجاوز عن خطاياهم و ذنوبهم. و أصل الغُفْرَان التغطية، يقال غَفَرَ اللهُ له ذنبه من باب ضرب غُفْرَاناً: ستر عليه ذنبه و غطاه و صفح عنه، و المَغْفِرَةُ اسم منه. و اغْتَفَرَ ذنبَه مثل و غَفَرَ ذنبَه فهو غَفُورٌ و الجمع غُفُرٌ. و قولهم" جاءوا جَمَّاءَ غَفِيراً" قال الجوهري و الجماء الغَفِير أي جاءوا بجماعتهم الشريف و الوضيع و لم يتخلف منهم أحد و كانت فيهم كثرة. قال: و الجماء الغَفِير اسم و ليس بفعل إلا أنه ينصب كما تنصب المصادر التي هي في معناه، كقولك جاءوني جميعا و قاطبة و كافة، و أدخلوا فيه الألف و اللام كما أدخلوهما في قولهم" أوردها العراك" أي أوردها عراكا. و الغَفِيرَةُ: الزيادة في الرزق أو العمر أو الولد أو غير ذلك. و منه‏
حَدِيثُ عَلِيٍّ ع" فَإِنْ أَصَابَ أَحَدَكُمْ غَفِيرَةٌ فِي رِزْقٍ أَوْ عُمُرٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ لَهُ فِتْنَةً وَ يُفْضِي بِهِ إِلَى الْحَسَدِ".
و" بنو غِفَار" ككتاب من كنانة رهط أبي ذر الغِفَارِيِّ.

427
مجمع البحرين3

غفر ص 425

و المِغْفَر بالكسر: هو زرد ينسج من الدرع على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة.
 (غمر)
قوله تعالى: فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا
 [23/ 63] أي في منهمك من الباطل، و قيل في غطاء و غفلة، و الجمع غَمَرَات مثل سجدة و سجدات. و الغَمْرَةُ: الشدة، و الجمع غُمَر مثل نوبة و نوب. قوله: فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ‏
 [23/ 54] أي في حيرتهم و جهلهم.
وَ فِي الدُّعَاءِ" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مِنْ خَشْيَتِهِ تَمُوجُ الْبِحَارُ وَ مَنْ يَسْبَحُ فِي غَمَرَاتِهَا".
قيل عليه غَمَرَاتُ الموت شدائده. و الغَمْرُ: الماء الكثير، و لا مناسبة لحمله على المعنى الأول، و المناسبة حمله على المعنى الثاني لكنه لم يجمع على غَمَرَات فربما وقع تصحيف فيه.
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِ الْأَئِمَّةِ" بِكُمْ فَرَّجَ اللَّهُ عَنَّا غَمَرَاتِ الْكُرُوبِ".
أي شدائده. و غَمَرَهُ البحرُ غَمْراً من باب قتل: إذا علاه و غطاه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" فَقَذَفَهُمْ فِي غَمَرَاتِ جَهَنَّمَ".
أي المواضع التي يكثر فيها النار. و دخلت في غُمَارِ الناس- بضم غين و فتحها-: أي في زحمتهم. قال بعضهم: و قولهم: دخل في غَمَارِ الناس هذا مما يغلطون فيه، و العرب تقول دخل في خُمَار الناس أي فيما يواريه و يستره منهم حتى لا يتبين. و الغَامِر: الخراب من الأرض، و قيل ما لم يزرع و هو يحتمل الزراعة، قيل له غَامِر لأن الماء يغمره فهو فاعل بمعنى مفعول، و ما لم يبتله الماء فهو قفر.
وَ فِي الْخَبَرِ" مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كَمَثَلِ نَهْرٍ غَمْرٍ".
بالفتح فالسكون: أي يغمر من يدخله و يغطيه، أراد ذا الماء الكثير. و الغَمَرُ بالتحريك: الدسم و الزهومة من اللحم كالوضر من السمن، و منه‏
الْحَدِيثُ" لَا يَبِيتَنَّ أَحَدُكُمْ وَ يَدُهُ غَمِرَةٌ".
و
مِنْهُ" غَسْلُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الطَّعَامِ وَ بَعْدَهُ زِيَادَةٌ فِي الْعُمُرِ وَ إِمَاطَةٌ لِلْغَمَرِ".
فِي الْخَبَرِ" لَا تَجْعَلُونِي كَغُمَر

428
مجمع البحرين3

غمر ص 428

الرَّاكِبِ".
يعني في الصلاة علي، هو بضم معجمة و فتح ميم: إناء صغير، أراد أن الراكب يحمل رحله و زاده و يترك قعبه إلى آخر رحاله ثم يعلقه على رحله، فليس عندهم بمهم، فنهاهم أن يجعلوا الصلاة عليه كالغُمَرِ الذي لا يقدم في المهام و يجعل تبعا، و قد ورد كقدح الراكب، و قد مر في قدح. و" غَمْرَة" بفتح غين و سكون ميم: بئر بمكة قديمة.
 (غور)
قوله تعالى: إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً
 [67/ 30] أي غَائِراً، وصف بالمصدر كدرهم ضرب و ماء سكب، يقال غَارَ الماءُ غَوْراً: ذهب في الأرض، فهو غَائِرٌ. قوله: إِذْ هُما فِي الْغارِ
 [9/ 40] الغَارُ: نقب في الجبل شبه المغارة، فإذا اتسع قيل كهف، و الجمع غِيرَان مثل نار و نيران. و الغَارُ الذي أوى إليه النبي ص في جبل ثور، و هو مطل على مكة. قوله: مَغاراتٍ‏
 [9/ 57] المَغَارَات و المُغَارَات ما يَغُورُونَ فيه، أي يغيبون فيه، واحدها مَغَارَة و مُغَارَة، و هو الموضع الذي يَغُورُ فيه الإنسان، أي يغيب و يستتر. قوله: فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً
 [100/ 3] هو من الغَارَة لأنهم كانوا يغيرون عند الصبح، من الغَارَة و هي الخيل المغيرة، و منه قولهم" أَشْرِقْ ثَبِيرُ حَتَّى نُغِيرَ" أي تذهب سريعا. و قيل نُغِيرُ على لحوم الأضاحي من الإِغَارَةِ النهب، و قيل ندخل في الغَوْرِ أي المنخفض في الأرض.
وَ فِي الْحَدِيثِ" بِالْعَقْلِ يُسْتَخْرَجُ غَوْرُ الْحِكْمَةِ وَ بِالْحِكْمَةِ يُسْتَخْرَجُ غَوْرُ الْعَقْلِ".
و معناه- على ما قيل- بآلة العقل يمكن الوصول إلى كنه الحكمة و بظهور الحكمة من العاقل يظهر ما كان مخزونا في عقله.

429
مجمع البحرين3

غور ص 429

و غَارَ الرجلُ غَوْراً أتى الغَوْرَ و هو المنخفض من الأرض. و" الغَوْرُ" يطلق على تهامة و ما يلي اليمن. و قال الأصمعي- نقلا عنه- ما بين ذات عرق إلى البحر غَوْرُ تهامة، فَتِهَامَة أولها ذات عرق من قبل نجد إلى مرحلتين من وراء مكة، و ما وراء ذلك فهو الغَوْرُ. و غُور بالضم: بلاد معروفة بطرف خراسان من جهة المشرق. و غَارَتِ العين من باب قعد: انخسفت. و غَارَتِ النجوم: أي تسفلت و أخذت بالهبوط و الانخفاض بعد ما كانت آخذة بالعلو و الارتفاع، و اللام للعهد، و يجوز أن يكون بمعنى غابت. و أَغَارَتِ الفرسُ إِغَارَةً: إذا أسرعت في العدو و الاسم الغَارَة. و شنوا الإِغَارَة: أي فرقوا الخيل. و" مُغِيرَة" بضم الميم و قد تكسر اسم رجل.
وَ الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ: أَهْدَرَ النَّبِيُّ ص دَمَهُ وَ لَعَنَ مَنْ يُؤْوِيهِ وَ يُطْعِمُهُ وَ يَسْقِيهِ وَ مَنْ يُجَهِّزُهُ وَ يُعْطِيهِ سِقَاءً وَ وِعَاءً وَ رِشَاءً وَ حِذَاءً، فَفَعَلَ عُثْمَانُ جَمِيعَ ذَلِكَ آوَاهُ وَ أَطْعَمَهُ وَ حَمَلَهُ وَ جَهَّزَهُ وَ فَعَلَ جَمِيعَ مَا لَعَنَ بِهِ النَّبِيُّ ص ثُمَّ أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ ص عَلِيّاً فَقَتَلَهُ لَا رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ كَانَ وَالِياً فِي عَهْدِ عُمَرَ وَ كَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَ يُصَلِّي فِي النَّاسِ جَمَاعَةً وَ كَانَ يَزِيدُ فِي الرَّكَعَاتِ.
وَ الْمُغِيرِيَّةُ صِنْفٌ مِنَ السَّبَائِيَّةِ، نُسِبُوا إِلَى مُغِيرَةَ بْنِ سَعِيدٍ مَوْلَى بَجِيلَةَ، خَرَجَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ وَ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ يَكْذِبُ عَلَيْنَا وَ كَانَ يَدْعُو إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن‏

430
مجمع البحرين3

غور ص 429

الْحَسَنِ.
وَ فِي حَدِيثِ الصَّادِقِ ع فَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُغِيرِيَّةِ عَنْ شَيْ‏ءٍ مِنَ السُّنَنِ.
 (غير)
قوله تعالى: فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ‏
 [4/ 119] قال المفسر:، تَغْيِيرُهُمْ خلق الله فق‏ء عين الحامي و إعفاؤه عن الركوب و قيل الخصاء، و هو في قول عامة العلماء مباح في البهائم و أما في بني آدم فمحظور قوله: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ‏
 [13/ 11] قال بعض الأعلام: يكتب في اللوح أشياء مشروطة و أشياء مطلقة، فما كان على الإطلاق فهو حتم لا يغير و لا يبدل، و ما كان مشروطا نحو أن يكون مثبتا في اللوح أن فلانا إن وصل رحمه مثلا يعيش ثلاثين سنة و إن قطع رحمه فثلاث سنين، و إنما يكون ذلك بحسب حصول الشرط و قد قال تعالى: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ. قوله: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏
 [1/ 6] الآية. قال المفسر: هو بدل من الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ هم الذين سلموا من غضب الله و الضلال، أو صفة على معنى أنهم جمعوا بين النعمة المطلقة و هي نعمة الإيمان و بين السلامة من الغضب و الضلال. قال: فإن قلت كيف صح أن يقع غَيْر صفة للمعرفة و هو لا يتعرف؟. أجيب: بأن التعريف فيه كالتعريف الذي في قوله‏
" و لقد أمر على اللئيم يسبني"


و لأن الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ غير المنعم عليهم، فليس في غَيْر إذن الإبهام الذي يأبى أن يتعرف. قوله: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ*
 [2/ 173] أي فمن اضطر جائعا لا باغيا و لا عاديا، فيكون غَيْر هنا بمعنى لا منصوبة على الحال. و كذا قوله: غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ‏
 و كذلك قوله: غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ‏
. قوله: لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ
 [4/ 95]

431
مجمع البحرين3

غير ص 431

الآية. قرئ غَيْرُ
 بالحركات الثلاث: أما الرفع فصفة الْقاعِدُونَ أو بدل، و أما النصب فعلى الاستثناء، و قال الزجاج حال من الْقاعِدُونَ أي لا يستوي القاعدون حال خلوهم عن الضرر، و أما الجر فصفة للمؤمنين أو بدل منه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الشُّكْرُ أَمَانٌ مِنَ الْغِيَرِ".
و مثله‏
" مَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ يَلْقَ الْغِيَرَ".
أي تغير الحال و انتقالها عن الصلاح إلى الفساد. و الغِيرَةُ بالكسر: نفرة طبيعة تكون عن بخل مشاركة الغير في أمر محبوب له و الغِيرَةُ: الدية، و جمعها غِيَر ككسرة و كسر، و جمع الغِيَر أَغْيَار كضلع و أضلاع. و غَيَّرَهُ: إذا أعطاه الدية، و أصلها المُغَايَرَة أعني المبادلة لأنها بدل من القتل و التَّغَيُّرُ: التبدل و الانتقال، يقال غَيَّرْتُ الشي‏ءَ فَتَغَيَّرَ. و غَيَّرَهُ: جعله غير ما كان أول. و غَارَ الزوجُ على امرأته و المرأة على زوجها تَغَارُ من باب تعب غَيْراً و غَيْرَةً بالفتح، و نسوةٌ غُيُرٌ و امرأة غَيْرَى و نسوة غَيَارَى بالفتح، و جمع غَيُور غُيُر كرسول و رسل، و جمع غَيْرَان غَيَارَى و غُيَارَى بالفتح و الضم.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِذَا لَمْ يَغِرِ الرَّجُلُ فَهُوَ مَنْكُوسُ الْقَلْبِ".
و تَغَايَرَتِ الأشياءُ: اختلفت. و" غَيْرُ" كلمة يوصف بها و يستثنى، فيكون وصفا للنكرة نحو" جَاءَنِي رَجُلٌ غَيْرُكَ" و أداة استثناء فتعرب على حسب العوامل، فتقول" مَا قَامَ غَيْرُ زَيْدٍ" و" مَا رَأَيْتُ غَيْرَ زَيْدٍ" قالوا و حكم غَيْر إذا أوقعتها موقع إلا أن تعربها بالإعراب الذي يجب للاسم الواقع بعد إلا، تقول" أتاني القوم غَيْرَ زيد" بالنصب على الاستثناء، و" ما جاءني القوم غَيْرُ زيد" بالرفع و النصب كما تقول" ما جاءني القوم إلا زيد و إلا زيدا" بالرفع على البدل و النصب على الاستثناء، و حاصله ما ذكره الحاجبي حيث قال: و إعراب غَيْر كإعراب المستثنى بإلا على التفصيل،

432
مجمع البحرين3

غير ص 431

و عن بعضهم غَيْر اسم مبهم و إنما أعرب للزومه الإضافة، و قولهم" خذ هذا لا غَيْرُ" و هو في الأصل مضاف و الأصل لا غيره، لكن لما قطع عن الإضافة بني على الضم مثل قبل و بعد. و تكون غَيْر بمعنى سوى نحو هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ‏
 و تكون بمعنى إلا كقوله تعالى: غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ‏
. و قولهم" لا إله غَيْرُ الله" مرفوع لأنه خبر لا، و يجوز نصبه على لا إله إلا هو.
باب ما أوله الفاء
 (فأر)
تكرر في الحديث ذكر الفَأْر، و هو جمع فَأْرَة كتمر و تمرة يهمز و لا يهمز، يقع على الذكر و الأنثى.
وَ فِيهِ" الْفَأْرَةُ مِنَ الْمُسُوخِ".
و فَأْرَةُ البيت هي الفويسقة التي أمر النبي ص بقتلها في الحل و الحرم، و أصل الفسق الخروج عن الطاعة و الاستقامة، و به سمي العاصي فاسقا، و سميت الفأرة فويسقة لخبثها، و قيل لخروجها عن الحرمة في الحل و الحرم أي لا حرمة لها بحال. و قيل سميت بذلك لأنها عمدت إلى حبال سفينة نوح فقطعتها. و الفَأْرُ نوعان جِرْذَان و فِئْرَان، و كلاهما له حاسة السمع و البصر، و ليس في الحيوانات أفسد من الفَأْرِ و لا أعظم أذى منه، لأنه لا يأتي على شي‏ء إلا أهلكه و أتلفه. و
فِيهِ" لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِي فَأْرَةِ الْمِسْكِ".
فَأْرَةُ المسك أي نافجته.
 (فتر)
قوله تعالى: عَلى‏ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ‏
 [5/ 19] أي على سكون و انقطاع من الرسل، لأن النبي ص بعث بعد انقطاع الرسل، لأن الرسل كانت إلى وقت رفع عيسى ع متواترة. و فَتْرَة ما بين عيسى و محمد ص- على ما نقل- ستمائة

433
مجمع البحرين3

فتر ص 433

سنة قوله: لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ‏
 كأنه أراد لا يسكن و لا ينقطع عنهم العذاب وَ هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ [83/ 75]. و الفَتْرَةُ: فعلة من فتر عن عمله يَفْتُرُ فُتُوراً: إذا سكن فيه. و الفَتْرَةُ: انقطاع ما بين النبيين عند جميع المفسرين. و فَتَرَ الماءُ: إذا انقطع عما كان عليه من البرد إلى السخونة. و امرأة فَاتِرُ الطرف: أي منقطعة عن حد النظر. و الفَتْرَةُ: الانكسار و الضعف، و منه" فَتَرَ الحر" إذا انكسر و ضعف.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لِكُلِّ شَيْ‏ءٌ شِرَّةُ وَ فَتْرَةٌ فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّةٍ فَقَدِ اهْتَدَى".
و الفِتْرُ: ما بين السبابة و الإبهام إذا فتحتهما بالتفريج المعتاد.
وَ فِي الْخَبَرِ" نَهَى عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَ مُفَتِّرٍ".
و هو الذي إذا شرب أحمى الجسد و صار فيه فُتُورٌ، و هو ضعف و انكسار، و من هنا قال بعض الأفاضل لا يبعد أن يستدل به على تحريم البنج و نحوه مما يفتر و لا يزيل العقل‏
. (فجر)
قوله تعالى: وَ الْفَجْرِ وَ لَيالٍ عَشْرٍ [89/ 1] قال الشيخ أبو علي: الْفَجْرُ شق عمود الصبح، فَجَرَهُ الله لعباده فَجْراً: إذ أظهره في أفق المشرق منتشرا يؤذن بإدبار الليل المظلم و إقبال النهار المضي‏ء، و هما فَجْرَان أحدهما المستطيل و هو الذي يصعد طولا كذنب السرحان و لا حكم له في الشرع، و الآخر هو المستطير المنتشر في أفق السماء، و هو الذي يحرم عنده الأكل و الشرب لمن أراد الصوم في رمضان، و هو ابتداء اليوم- انتهى. و جواب القسم محذوف تقديره لتعذبن، يدل عليه قوله أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعاد

434
مجمع البحرين3

فجر ص 434

إلى قوله سَوْطَ عَذابٍ. قوله: يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً
 [76/ 6] أي يحبرونها حيث شاءوا في منازلهم تفجيرا سهلا لا يمتنع عليهم. قوله: وَ إِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ‏
 [82/ 3] أي بعضها إلى بعض، أو الملح في العذب. قوله: لِيَفْجُرَ أَمامَهُ‏
 [75/ 5] أي ليدوم على فجوره فيما يأتي من الزمان، و يقول: سوف أتوب و سوف أعمل صالحا. و قيل يتمنى الخطيئة و يقول سوف أتوب. و قوله: وَ لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً
 [71/ 27] أي مائلا عن الحق، يقال فَجَرَ العبدُ فُجُوراً من باب قعد: زنى. و فَجَرَ الحالفُ فُجُوراً كذب و مال عن الصدق. و منه‏
الدُّعَاءُ" لَا تَجْعَلْ لِفَاجِرٍ عَلَيَّ يَداً وَ لَا مِنَّةً".
قوله: فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً
 [2/ 60] أي انشقت، و به سمي الفَجْرُ لانشقاق الظلمة عن الضياء، و أصله المفارقة. و منه" تَفْجِير الأنهار" و هو مفارقة أحد الجانبين الآخر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِذَا خَاصَمَ فَجَرَ".
لَعَلَّهُ يحمل الفجور هنا على البذاء و الفحش في القول و البهت عند الخصومة، و
قِيلَ:" لَا تَحْمِلُوا الْفُرُوجَ عَلَى السُّرُوجِ فَتُهَيِّجُوهُنَّ لِلْفُجُورِ".
يريد بذلك النساء. و
فِيهِ" التَّاجِرُ فَاجِرٌ مَا لَمْ يَتَفَقَّهْ".
و ذلك أن التاجر قلما يسلم فيما هو بصدده من الكذب و الحلف، فيقول اشتريته بكذا و لا أبيعه بأقل من كذا و أعطيت به كذا فيحلف، و ربما يحلف على الأمر غير محتاط فيه و يبالغ في البيع و الشراء بالرفع و الحط حتى يفضي به إلى الكذب. و الفَاجِرُ: هو المنبعث بالمعاصي و المحارم.
 (فخر)
قوله تعالى: مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ
 [55/ 14] الفَخَّارُ بالفتح و التشديد: طين قد فَخَرَتْهُ النارُ، فإذا افْتَخَرَ فهو خزف و صلصال. قوله: لَفَرِحٌ فَخُورٌ
 [11/ 10]

435
مجمع البحرين3

فخر ص 435

أي بطر بالنعم مغتر بها فَخُور بها على الناس مشغول عن الشكر و القيام بحقها.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَا لِابْنِ آدَمَ وَ الْفَخْرَ".
قرئ بوجهين بفتح الراء فيكون الواو بمعنى مع و بالكسر فتكون عاطفة، يقال فَخَرْتُ به فَخْراً من باب نفع و افْتَخَرْتُ مثله، و الاسم الفَخَارُ بالفتح، و هو المباهاة بالمكارم و المناقب من حسب و نسب و غير ذلك. و فَاخَرَنِي مُفَاخَرَةً فَفَخَرْتُهُ: أي غلبته. و تَفَاخَرَ القومُ فيما بينهم: إذا افتخر كل منهم بمفاخره. و شي‏ء فَاخِر: أي جيد. و الفَخَّارَة كجبانة: الجرة، و الجمع الفَخَّار. و منه‏
الْحَدِيثُ" خُذْ مِنَ الْمَيْتَةِ الْوَبَرَ وَ اجْعَلْهُ فِي فَخَّارَةٍ".
و كأن ذلك لإزالة ما فيه من دم الميتة.
 (فرر)
قوله تعالى: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ‏
 [80/ 34] الآية. أي يهرب من أقرب الخلق إليه لاشتغاله بما هو مدفوع إليه، أو للحذر من مطالبتهم بالتبعات، يقول الأخ: لم تؤاخني، و الأبوان قصرت في برنا، و الصاحبة أطعمتني الحرام و فعلت و ضيعت، و البنون لم ترشدنا و لم تعلمنا. و فَرَّ من عدوه يَفِرُّ من باب ضرب: هرب منه. و فَرَّ من الزكاة: هرب منها. قوله: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ‏
 [51/ 50] أي من معصية الله إلى طاعته. و فِرُّوا إلى الله: أي من ذنوبكم و لوذوا بالله، أي اهربوا إلى رحمة الله من عقاب الله.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَيْ حُجُّوا إِلَى اللَّهِ".
قال بعض المحققين: الفِرَارُ إلى الله الإقبال عليه و توجيه السير إليه، و هو على مراتب: أولها الفِرَار من بعض آثاره إلى البعض، كالفرار من أثر غضبه إلى أثر رحمته. الثانية أن يَفِرَّ العبد عن مشاهدة الأفعال و يترقى درجات القرب و المعرفة إلى مصادر الأفعال، و هي الصفات‏

436
مجمع البحرين3

فرر ص 436

فيفر من بعضها إلى بعض، كما يستعاذ من سخط الله بعفوه و العفو و السخط صفتان. الثالثة أن يترقى عن مقام الصفات إلى ملاحظة الذات فَيَفِرَّ منها إليها،
وَ قَدْ جَمَعَ الرَّسُولُ ص هَذِهِ الْمَرَاتِبَ حِينَ أُمِرَ بِالْقُرْبِ فِي قَوْلِهِ: وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ فَقَالَ فِي سُجُودِهِ" أَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عِقَابِكَ".
و العفو كما يكون صفة للعافي كذلك يكون الأثر الحاصل عن صفة العفو، ثم قرب و غني عن مشاهدة الأفعال و ترقى إلى مصادرها و هي الصفات‏
قَالَ:" وَ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ".
و هما صفتان، ثم لما ترقى عن مشاهدة الصفات و اقترب إلى ملاحظة الذات‏
قَالَ:" وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْكَ".
و هذا فِرَارٌ منه إليه و هو مقام الوصول إلى ساحل العزة. ثم للسباحة في لجة الوصول درجات أخر لا تتناهى، و لذلك لما ازداد قربا
قَالَ:" لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ".
و
فِي قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ" أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ".
كمال للإخلاص و تجريد له. قوله:" أَيْنَ الْمَفَرُّ"
 أي الفرار. و الفَرُّ و الفِرَارُ بالكسر: الروغان و الهرب، يقال فَرَّ يَفِرُّ فهو فَرُورٌ و فَرُورَةٌ و فُرَرَة كهمزة و فَرَّار. و فَرٌّ كصحب و الفِرَار من الزحف، و هو الفِرَارُ من معركة النبي ص أو أحد خلفائه. و" الزَّحْفُ" بالزاي و الحاء المهملة الساكنة: العسكر. و فَرْفَرْتُ الشي‏ءَ: حركته. و الفَرْفَرَةُ: الخفة و الطيش.
 (فزر)
الفِزْرُ بالكسر: القطيع من الغنم. و الفِزْرُ أيضا أبو قبيلة من تميم، و هو سعد بن زيد بن مناة بن تميم، قال الجوهري: و إنما سمي بذلك لأنه وافى الموسم بمعزى فأنهبها هناك. و" فَزَارَةُ" أبو حي من غطفان، و هو فَزَارَةُ بن ذبيان.
 (فسر)
قوله تعالى: وَ أَحْسَنَ تَفْسِيراً
 [25/ 33] التَّفْسِيرُ في اللغة كشف معنى اللفظ و إظهاره، مأخوذ من الفَسْرِ، و هو مقلوب السفر، يقال أَسْفَرَتِ المرأةُ عن‏

437
مجمع البحرين3

فسر ص 437

وجهها: إذا كشفته. و أَسْفَرَ الصبحُ: إذا ظهر. و في الاصطلاح علم يبحث فيه عن كلام الله تعالى المنزل للإعجاز من حيث الدلالة على مراده تعالى، فقوله المنزل للإعجاز لإخراج البحث عن الحديث القدسي، فإنه ليس كذلك. و الفرق بين التفسير و التأويل هو أن التَّفْسِيرَ كشف المراد عن اللفظ المشكل، و التأويل رد أحد المحتملات إلى ما يطابق الظاهر. و الفَسْرُ: البيان، يقال فَسَرْتُ الشي‏ءَ- من باب ضرب- بنيته و أوضحته، و التشديد مبالغة. و اسْتَفْسَرَتُهُ كذا: سألته أن يفسره لي‏
 (فطر)
قوله تعالى: فاطِرِ السَّماواتِ*
 [6/ 14] أي خالقها و مبتدعها و مخترعها، من فَطَرَهُ يَفْطُرُهُ بالضم فَطْراً: أي خلقه.
وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كُنْتُ لَا أَدْرِي مَا فاطِرُ السَّماواتِ‏
 حَتَّى أَتَانِي أَعْرَابِيَّانِ يَخْتَصِمَانِ فِي بِئْرٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا فَطَرْتُهَا أَيْ ابْتَدَأْتُ حَفْرَهَا.
قوله: السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ‏
 [73/ 18] أي مثقلة بيوم القيامة أثقالا يؤدي إلى انفطارها. و انْفَطَرَتِ السماءُ: انشقت. و الفُطُورُ: الصدوع و الشقوق. و يَتَفَطَّرْنَ*
 [19/ 90] يتشققن قوله: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها
 [6/ 14] يقال فَطَرَ اللهُ الخلق من باب قتل، أي خلقهم، و الاسم الفِطْرَةُ بالسكر.
وَ فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ" كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ حَتَّى يَكُونَ أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَ يُنَصِّرَانِهِ وَ يُمَجِّسَانِهِ".
و الفِطْرَةُ بالكسر: الخلقة، و هي من الفَطْرِ كالخلقة من الخلق في أنها للحالة ثم إنها جعلت للخلقة القابلة لدين الحق على الخصوص، و المعنى كل مولود يولد على معرفة الله تعالى و الإقرار به فلا تجد أحدا إلا و هو يقر بأن له صانعا و إن سماه بغير اسمه أو عبد معه غيره، فلو ترك عليها لاستمر على لزومها و إنما يعدل عنها لآفة

438
مجمع البحرين3

فطر ص 438

من التضليل كالتهويد و التنصر و التمجيس. و
قَوْلُهُ" حَتَّى يُهَوِّدَانِهِ".
أي ينقلانه إلى دينهم. و قال بعض المتبحرين: و يشكل هذا التفسير إن حمل اللفظ على حقيقته فقط، لأنه يلزم منه أن لا يتوارث المشركون مع أولادهم الصغار قبل أن يهودوهم و ينصروهم و يمجسوهم، و اللازم باطل بل الوجه حمله على الحقيقة و المجاز معا، أما حمله على المجاز فعلى ما قبل البلوغ، و ذلك أن إقامة الأبوين على دينهما سبب جعل الولد تابعا لهما، فلما كانت الإقامة سببا جعل تهويدا و تنصرا و تمجيسا مجازا، ثم أسند إلى الأبوين توبيخا لهما و تقبيحا عليهما، فكأنه قال: و إنما أبواه بإقامتهما على الشرك يجعلانه مشركا كأنفسهم، و يفهم من هذا أنه لو أقام أحدهما على الشرك و أسلم الآخر لا يكون مشركا بل مسلما. و أما حمله على الحقيقة فعلى ما بعد البلوغ لوجود الكفر من الأولاد.
وَ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ لِلشَّيْخِ الصَّدُوقِ مُحَمَّدِ بْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ وَ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَ عَنِ الْحَنِيفِيَّةِ؟ فَقَالَ: هِيَ الْفِطْرَةُ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ قَالَ: فَطَرَهُمُ اللَّهُ عَلَى الْمَعْرِفَةِ.
قَالَ زُرَارَةُ: وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ الْآيَةَ. قَالَ: أَخْرَجَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ ذُرِّيَّتَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَخَرَجُوا كَالذَّرِّ فَعَرَّفَهُمْ وَ أَرَاهُمْ صُنْعَهُ، وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمْ يَعْرِفْ أَحَدٌ رَبَّهُ. وَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص" كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ" يَعْنِي عَلَى الْمَعْرِفَةِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَالِقُهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ*.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ النَّاس‏

439
مجمع البحرين3

فطر ص 438

كُلَّهُمْ عَلَى الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَهُمْ عَلَيْهَا لَا يَعْرِفُونَ إِيمَاناً بِشَرِيعَةٍ وَ لَا كُفْراً بِجُحُودٍ، ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ الرُّسُلَ تَدْعُو الْعِبَادَ إِلَى الْإِيمَانِ".
و
فِيهِ" أَفْضَلُ مَا يَتَوَسَّلُ بِهِ الْمُتَوَسِّلُونَ كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ فَإِنَّهَا الْفِطْرَةُ، وَ إِقَامُ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا الْمِلَّةُ".
قيل أشار بالأولى إلى الإقرار بلا إله إلا الله فإنها كانت يوم الميثاق، و بالثانية إلى أنها كانت في دين الأنبياء السابقين ع و مللهم. و
فِي الْخَبَرِ" عَشَرَةٌ مِنَ الْفِطْرَةِ".
و فسر كثير من العلماء الفِطْرَةُ هنا بالسنة، أي عشرة أشياء من سنن الأنبياء التي أمرنا بالاقتداء بهم فيها، فكأنها أمر جبلي فطروا عليه، و المعنى أنها من سنة إبراهيم ع. و لو فسرت الفِطْرَةُ هنا بالدين لكان أوجه لأنها مفسرة في كتاب الله كذلك، قال الله تعالى: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها
 أو يكون المراد بِالْفِطْرَةِ ما كان إبراهيم ع يتدين به على ما فطر الله عليه، و يكون معنى الحديث عشرة من توابع الدين و لواحقه و المعدودات من جملته.
وَ رَوَى ابْنُ بَابَوَيْهِ فِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ أَنَّهُ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّائِمِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْتَجِمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ؟ قَالَ: نَعَمْ مَا لَمْ يَخْشَ ضَعْفاً عَلَى نَفْسِهِ. قُلْتُ: فَهَلْ تَنْقُضُ الْحِجَامَةُ صَوْمَهُ؟ قَالَ: لَا. قُلْتُ: فَمَا مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ ص حِينَ رَأَى مَنْ يَحْتَجِمُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ" أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَ الْمَحْجُومُ"؟ فَقَالَ: إِنَّمَا أَفْطَرَا لِأَنَّهُمَا تَسَابَّا وَ كَذَبَا فِي سَبِّهِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص لَا لِلْحِجَامَةِ.
ثم قال ابن بابويه: و للحديث معنى آخر، و هو أنه من احتجم فقد عرض نفسه للاحتياج إلى الإفطار لضعف لا يؤمن أن يعرض له فيحوجه إلى ذلك. ثم قال: سمعت بعض المشايخ بنيسابور يذكر في معنى‏
قَوْلِ الصَّادِقِ ع" أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَ الْمَحْجُومُ".
أي دخلا بذلك في فطرتي و سنتي، لأن الحجامة مما أمر به ع فاستعمله- انتهى.

440
مجمع البحرين3

فطر ص 438

و هذا أقرب المعاني إلى حقيقة اللفظ
وَ فِي حَدِيثِ أَهْلِ الْبَيْتِ ع" نَحْنُ نَجُزُّ الشَّوَارِبَ وَ نُعْفِي اللِّحَى وَ هِيَ الْفِطْرَةُ".
أي الدين و السنة. و مثله‏
" قَصُّ الْأَظْفَارِ مِنَ الْفِطْرَةِ".
و مثله‏
" إِنَّ اللَّهَ أَعْطَى مُحَمَّداً ص الْفِطْرَةَ الْحَنِيفِيَّةَ السَّهْلَةَ لَا رَهْبَانِيَّةً وَ لَا سِيَاحَةً".
و في الحديث تكرر الذكر في زكاة الفِطْرَة، و الفِطْرَةُ تطلق على الخلقة و على الإسلام، و المراد منها على الأول زكاة الأبدان و على الثاني زكاة الدين. و قولهم" تَجِبُ الفِطْرَة" على حذف مضاف، و الأصل تجب زكاة الفطرة، فحذف المضاف و أقيم المضاف إليه مقامه و استغني به في الاستعمال لظهور المراد. و تَفَطَّرَتْ قدماه: أي تشققت. و انْفَطَرَتْ بمعنى تَفَطَّرَتْ.
 (فغر)
فِي الْحَدِيثِ" إِنِّي لَأُبْغِضُ الرَّجُلَ فَاغِراً فَاهُ إِلَى رَبِّهِ يَقُولُ: يَا رَبِّ ارْزُقْنِي".
الحديث. أي فاتحا فاه، من قولهم فَغَرَ فاه كمنع و نصر: فتحه. و الفَغْرُ: الفتح، و منه‏
حَدِيثُ مُوسَى ع" فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ عَظِيمَةٌ فَاغِرَةٌ فَاهاً".
 (فقر)
قوله تعالى: تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ
 [75/ 25] الفَاقِرَةُ: هي الداهية يقال فَقَرَتْهُ الفَاقِرَةُ، أي كسرت فقار ظهره. قوله: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ‏
 [9/ 60] الآية. الفُقَرَاءُ جمع فَقِير، و الفَقِيرُ عند العرب المحتاج، قال الله تعالى أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ‏
 و المساكين من جهة الذلة، فإن كان من جهة الفقر فهو فَقِيرٌ مسكين و حلت له الصدقة، و إن كانت لغير الفقر فلا تحل له، و سائغ في اللغة ضرب فلان المسكين و هو من أهل الثروة و اليسار. و عن ابن السكيت الفَقِير الذي له بلغة من العيش، و المِسْكِينُ الذي لا شي‏ء له. و قال الأصمعي أحسن حالا من الفقير، و قال يونس بالعكس من ذلك. قال‏

441
مجمع البحرين3

فغر ص 441

قلت لأعرابي: أ فَقِيرٌ أنت؟ قال: لا و الله بل مسكين. و قال ابن الأعرابي: الفَقِيرُ الذي لا شي‏ء له و المِسْكِين مثله. و قال بعض المحققين: الفَقِيرُ و المِسْكِين متحدان في الاشتراك بوصف عدمي هو عدم وفاء الكسب و المال بمئونته و مئونة العيال، إنما الخلاف في أن أيهما أسوأ حالا. فقال الفراء و تغلب و ابن السكيت هو المسكين، و به قال أبو حنيفة، و وافقهم من علماء الشيعة الإمامية ابن الجنيد و سلار و الشيخ الطوسي في النهاية لقوله تعالى: أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ
 و هو المطروح على التراب لشدة الاحتياج، و لأن الشاعر قد أثبت للفَقِير مالا في قوله:
أنا الفَقِير الذي كانت حلوبته             وفق العيال فلم يترك له سبد

و قال الأصمعي: الفَقِيرُ أسوأ حالا، و به قال الشافعي و وافقه من الإمامية المحقق ابن إدريس الحلي و الشيخ أبو جعفر الطوسي في المبسوط و الخلاف، لأن الله بدأ به في آية الزكاة، و هو يدل على الاهتمام بشأنه في الحاجة و استعاذة النبي ص من الفَقْرِ مع‏
قَوْلِهِ" اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِيناً وَ أَمِتْنِي مِسْكِيناً وَ احْشُرْنِي مَعَ الْمَسَاكِينِ".
لأن الفَقِيرَ مأخوذ من كسر الفقار من شدة الحاجة و إثبات الشاعر المال للفقير لا يوجب كونه أحسن حالا من المسكين، فقد أثبت تعالى للمسكين مالا في آية السفينة. ثم قال: و الحق أن المِسْكِين أسوأ حالا من الفَقِير، لا لما ذكر بل لما
رُوِيَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ‏
 قَالَ:" الْفَقِيرُ الَّذِي لَا يَسْأَلُ النَّاسَ، وَ الْمِسْكِينُ أَجْهَدُ مِنْهُ، وَ الْبَائِسُ أَجْهَدُهُمْ".
- انتهى. و هو جيد. و الفُقَرَاءُ في حديث الزكاة فسرهم العالم ع بالذين لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً.
وَ فِي بَعْضِ أَحَادِيثِ الْبَابِ" الْفُقَرَاء

442
مجمع البحرين3

فغر ص 441

هُمْ أَهْلُ الزَّمَانَةِ وَ الْحَاجَةِ، وَ الْمَسَاكِينُ أَهْلُ الْحَاجَةِ مِنْ غَيْرِ زَمَانَةٍ".
وَ فِي الدُّعَاءِ" نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ وَ الْقِلَّةِ".
قيل الفَقْرُ المستعاذ منه إنما هو فَقْرُ النفس الذي يفضي بصاحبه إلى كفران نعم الله و نسيان ذكره و يدعوه إلى سد الخلة بما يتدنس به عرضه و يثلم به دينه، و القلة تحمل على قلة الصبر أو قلة العدد.
وَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ ص تَعَوَّذَ مِنَ الْفَقْرِ.
و
أَنَّهُ قَالَ:" الْفَقْرُ فَخْرِي".
و به افتخر على سائر الأنبياء. و قد جمع بين القولين بأن الفَقْرَ الذي تعوذ منه الفقر إلى الناس و الذي دون الكفاف، و الذي افتخر به ص هو الفَقْرُ إلى الله تعالى. و إنما كان هذا فخرا له على سائر الأنبياء مع مشاركتهم له فيه لأن توحيده و اتصاله بالحضرة الإلهية و انقطاعه إليه كان في الدرجة التي لم يكن لأحد مثلها في العلو، ففقره إليه كان أتم و أكمل من فقر سائر الأنبياء. و فَقَارَة الظهر بالفتح: الخرز الذي يضم النخاع الذي يسمى خرز الظهر، و الجمع فَقَار بحذف الهاء مثله سحابة و سحاب. و الفِقْرَةُ لغة في الفَقَارَة، و جمعها فِقَر و فِقْرَات كسدرة و سدر و سدرات. و منه قيل لآخر بيت من القصيدة و الخطبة" فِقْرَة" تشبيها بِفِقْرَة الظهر.
وَ" ذُو الْفَقَارِ" بِفَتْحِ الْفَاءِ وَ كَسْرِهَا عِنْدَ الْعَامَّةِ: اسْمُ سَيْفٍ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص وَ نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيلُ ع مِنَ السَّمَاءِ، وَ كَانَتْ حَلْقَتُهُ فِضَّةً- كَذَا فِي حَدِيثِ الرِّضَا ع. قَالَ" وَ هُوَ عِنْدِي".
قيل سمي بذلك لأنه كانت فيه حفر صغار حسان و حزوز مطمئنة. و المُفَقَّر من السيوف: ما فيه حزوز مطمئنة، و
قِيلَ كَانَ هَذَا السَّيْفُ لِمُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ السَّهْمِيِّ كَانَ مَعَ ابْنِهِ الْعَاصِ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَتَلَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ جَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلِيّاً ع بَعْدَ ذَلِكَ فَقَاتَلَ بِهِ دُونَهُ يَوْم‏

443
مجمع البحرين3

فغر ص 441

أُحُدٍ.
وَ قِيلَ كَانَ مِنْ حَدِيدَةٍ وُجِدَتْ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فِي زَمَنِ جُرْهُمَ أَوْ غَيْرِهِمْ.
وَ رُوِيَ أَنَّ بِلْقِيسَ أَهْدَتْ لِسُلَيْمَانَ سِتَّةَ أَسْيَافٍ وَ كَانَ ذُو الْفَقَارِ مِنْهَا.
وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ: إِنَّ جَبْرَئِيلَ أَتَى النَّبِيَّ ص وَ قَالَ لَهُ: إِنَّ صَنَماً فِي الْيَمَنِ مغفر من [مُقْعَدٌ فِي‏] حَدِيدٍ ابْعَثْ إِلَيْهِ فَادْفَعْهُ وَ خُذِ الْحَدِيدَ. قَالَ: فَدَعَانِي فَبَعَثَنِي إِلَيْهِ، فَدَفَعْتُ الصَّنَمَ وَ أَخَذْتُ الْحَدِيدَ فَجِئْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص، فَاسْتَضْرَبَ مِنْهُ سَيْفَيْنِ فَسَمَّى أَحَدَهُمَا ذَا الْفَقَارِ وَ الْآخَرَ مِخْذَماً، فَتَقَلَّدَ رَسُولُ اللَّهِ ص ذَا الْفَقَارِ وَ أَعْطَانِي مِخْذَماً ثُمَّ أَعْطَانِي بَعْدُ ذَا الْفَقَارِ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مِنَ الْقَوَاصِمِ الْفَوَاقِرِ الَّتِي تَقْصِمُ الظَّهْرَ جَارُ السَّوْءِ".
الفَوَاقِرُ: الدواهي، واحدتها فَاقِرَة كأنها تحطم فقار الظهر كما يقال قاصمة الظهر.
 (فكر)
فِي الْحَدِيثِ" تَفَكُّرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سِتِّينَ سَنَةً".
قال فخر الدين الرازي نقلا عنه في توجيه ذلك: هو أن الفِكْرَ يوصلك إلى الله و العبادة توصلك إلى ثواب الله، و الذي يوصلك إلى الله خير مما يوصلك إلى غير الله، أو أن الفِكْرَ عمل القلب و الطاعة عمل الجوارح فالقلب أشرف من الجوارح، يؤكد ذلك قوله تعالى أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي جعلت الصلاة وسيلة إلى ذكر القلب، و المقصود أن العلم أشرف من غيره- انتهى. و التَّفَكُّر: التأمل، و الفِكْرُ بالكسر اسم منه، و هو لمعنيين: أحدهما القوة المودعة في مقدمة الدماغ. و ثانيهما أثرها أعني ترتب أمور في الذهن يتوصل بها إلى مطلوب يكون علما أو ظنا. و أَفْكَرَ و تَفَكَّرَ و فَكَرَ بمعنى، يقال فَكَرْتُ في الأمر- من باب ضرب- و تَفَكَّرْتُ فيه، و أَفْكَرْتُ بالألف.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ تَفَكَّرَ فِي ذَاتِ اللَّهِ تَزَنْدَقَ".
أي من تأمل في معرفة الذات تزندق، لأنه طلب ما لم يطلبه و لم يصل إليه نبي و لا وصي و لا ولي، و من هنا قال ابن أبي الحديد:

444
مجمع البحرين3

فكر ص 444

فيك يا أعجوبة الكون غدا الفِكْرُ كليلا             أنت حيرت ذوي اللب و بلبلت العقولا
كلما أقدم فِكْرِي فيك شبرا فر ميلا             ناكصا يخبط في عمياء لا يهدى السبيلا

و قولهم ليس في هذا الأمر فِكْرٌ: أي ليس لي فيه حاجة. قال الجوهري و الفتح أصح من الكسر. و الفِكْرَة: الاسم من الافْتِكَار مثل العبرة من الاعتبار، و الجمع فِكَر كسدرة و سدر.
 (فور)
قوله تعالى: مِنْ فَوْرِهِمْ هذا
 [3/ 125] أي من غضبهم الذي غضبوه ببدر، و أصل الفَوْر الغليان و الاضطراب، يقال فَارَتِ القدرُ فَوْراً و فَوَرَاناً: إذا غلت، أستعير للسرعة. قوله: وَ فارَ التَّنُّورُ*
 [11/ 40] أي نبع، يقال فَارَ الماء يَفُورُ فَوْراً: نبع و جرى.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْحُمَّى مِنْ فَوْرِ جَهَنَّمَ".
أي من غليانها. و فَارَ العرقُ فَوْراً: هاج. و رجعت إليه من فَوْرِي: أي من قبل أن أسكن. و قولهم" الشفعة على الفَوْرِ" أي على الوقت الحاضر الذي لا تأخير فيه، ثم استعمل في الحالة التي لا بطء فيها
. (فهر)
فِي الْحَدِيثِ" كَأَنَّهُمْ يَهُودُ خَرَجُوا مِنْ فُهْرِهِمْ".
فُهْرُ اليهود بالضم بيعهم و مدارسهم، و في الصحاح و أصلها بهر و هي عبرانية فعربت، و في النهاية هي كلمة نبطية أو عبرانية أعربت. و الفِهْرُ: الحجر مل‏ء الكف، و قيل الحجر مطلقا. و" فِهْر" بالكسر أبو قبيلة، و هو فِهْرُ بن مالك بن النضر بن كنانة.
وَ فِي الْخَبَرِ" نَهَى عَنِ الفَهْرِ وَ الفَهَرِ".
مثل نهر و نهر و هو أن يجامع الرجل امرأة ثم يتحول عنها قبل الفراغ إلى أخرى فينزل.

445
مجمع البحرين3

باب ما أوله القاف ص 446

باب ما أوله القاف‏
 (قبر)
قوله تعالى: ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ‏
 [80/ 21] أي جعله ذا قبر يوارى فيه و سائر الحيوانات تلقى على وجه الأرض، فالقَبْرُ مما أكرم به الله بني آدم، و جمعه قُبُور و مَقْبَرَة مثلثة الباء، يقال أَقْبَرْتُ الميتَ: أمرت أن يدفن أو جعلت له قبرا، و قَبَرْتُ الميت من بابي قتل و ضرب دفنته. و منه‏
الْحَدِيثُ" نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ".
هي موضع دفن الموتى. قيل و إنما نهى عنها لاختلاط ترابها بصديد الموتى و نجاستهم. و طين القَبْر إذا أطلق يراد به طين قَبْرِ الحسين ع. و
فِي قَوْلِهِ: خَلُوقُ الْقَبْرِ يَكُونُ فِي ثَوْبِ الْإِحْرَامِ؟ فَقَالَ:" لَا بَأْسَ".
يريد به قَبْر النبي ص. قال بعض الأفاضل: خلوق القِبْر بكسر القاف و إسكان الباء الموحدة و هو المتخذ من قِبْرِ العود، أي يكون في الخلط الغالب على سائر أخلاطه قِبْر العود. قال: و بعض لم يفرق ذلك فتح القاف و أراد به قَبْرَ النبي ص و هو توهم. و قَبْرُ النبي بالمدينة. و قَبْرُ حمزة بن عبد المطلب عند جبل أحد في المدينة أيضا. و مَقَابِرُ قريش في بغداد معهم الكاظم و الجواد ع. و في الحديث ذكر العصفور و القُبَّرَة، بضم القاف و تشديد الباء مفتوحة من غير نون و النون لغة، واحدة القُبَّر هو ضرب من العصافير معروف، و يقال القُنْبَرَاءُ بالنون مع المد.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْقُبَّرَةُ كَثِيرَةُ التَّسْبِيحِ لِلَّهِ، وَ تَسْبِيحُهَا لِلَّهِ: لَعَنَ اللَّهُ مُبْغِضِي آلِ مُحَمَّدٍ ص".

446
مجمع البحرين3

قبر ص 446

و في حياة الحيوان عن كعب الأحبار مثله. و القَنْبَرِيُّ رجل من ولد قَنْبَر الكبير.
 (قتر)
قوله تعالى: تَرْهَقُها قَتَرَةٌ
 [80/ 41] القَتَرَةُ بالتحريك الغبار. و في الغريب تَرْهَقُها قَتَرَةٌ
 يعلوها سواد كالدخان. قوله: وَ عَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ‏
 [2/ 236] المُقْتِرُ: الفقير المقل.
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَنْفِقْ وَ لَا تَخَفْ إِقْتَاراً".
الإِقْتَارُ: القلة و التضييق على الإنسان في الرزق، يقال أَقْتَرَ اللهُ رزقَه: أي ضيقه و قلله. و قَتَرَ عليه قَتْراً و قُتُوراً- من بابي ضرب و قعد-: ضيق عليه في النفقة، و
مِنْهُ" قَتَرَ عَلَى عِيَالِهِ".
إذا ضيق عليهم. و أَقْتَرَ إِقْتَاراً و قَتَّرَ تَقْتِيراً مثله. و القُتَارُ بالضم: الدخان من المطبوخ و قيل ريح اللحم المشوي المحترق، أو العظم، أو غير ذلك. يقال قَتَرَ اللحمُ من بابي قتل و ضرب: ارتفع قُتَارُهُ.
وَ فِي الْخَبَرِ" نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ قِتْرَةَ وَ مَا وَلَدَ".
هو بكسر القاف و سكون التاء: اسم إبليس لعنه الله. و القَتِيرُ: الشيب.
 (قدر)
قوله تعالى: يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَقْدِرُ*
 [13/ 26] أي يقتر، يقال قُدِرَ على الإنسان رزقُه قَدْراً مثل قتر و ضيق رزقه عليه. قوله: عَلى‏ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ
 [54/ 12] أي على حال قدرها الله كيف يشاء، و قيل على حال جاءت مُقَدَّرَة مستوية، و هو أن قَدْرَ ما أنزل من السماء كَقَدْرِ ما أخرج من الأرض سواء بسواء. قوله: فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ‏
 [21/ 87] أي لن نضيق عليه رزقه، و المراد أنا نرزقه من غير تضييق سواء كان مقيما بين أقوامه و مهاجرا عنهم و القَدْرُ: الضيق. قوله: أَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ‏
 [89/ 16]

447
مجمع البحرين3

قدر ص 447

قال الشيخ أبو علي: قرأ أبو جعفر و ابن عامر فَقَدَّرَ بالتشديد، و المعنى قسم الله سبحانه أحوال البشر فقال: فَأَمَّا الإنسان إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ أي اختبره و امتحنه بالنعمة و أكرمه بالمال و نعمه بما وسع عليه من أنواع الإفضال فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ أي فيفرح بذلك و يقول ربي أعطاني و هذا لكرامتي عنده و منزلتي لديه، يحسب أنه كريم عند الله حيث وسع عليه الدنيا وَ أَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ بالفقر و الفاقة فَقَدَرَ عَلَيْهِ‏
 أي ضيق و قتر عليه رزقه و جعله على قدر البلغة فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ فيظن أن ذلك هوان من الله و يقول ربي أذلني بالفقر، قال تعالى كَلَّا أي ليس الأمر كما ظن، فإني لا أغني المرء لكرامته و لا أفقره لمهانته عندي، و لكن أوسع على من أشاء و أضيق على من أشاء بحسب ما توجبه الحكمة و يقتضيه الصلاح ابتلاء بالشكر، و إنما الإكرام على الحقيقة يكون بالطاعة و الإهانة تكون بالمعصية. ثم بين سبحانه ما يستحق به الهوان بقوله بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ إلى آخر الآيات. قوله: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
 [97/ 1] قال الشيخ أبو علي: الهاء كناية عن القرآن و إن لم يجر له ذكر لأنه لا يشتبه الحال فيه.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ جُمْلَةً وَاحِدَةً فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ، ثُمَّ كَانَ يُنَزِّلُهُ جَبْرَئِيلُ نُجُوماً، وَ كَانَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى الْآخِرِ ثَلَاثٌ وَ عِشْرُونَ سَنَةً.
و اختلف العلماء في معنى هذا الاسم و حده، فقيل سميت ليلة القَدْر لأنها الليلة التي يحكم الله فيها و يقضي بما يكون في السنة بأجمعها من كل أمر، و هي الليلة المباركة في قوله إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ لأن الله تعالى ينزل فيها الخير و البركة و المغفرة.
وَ فِي الْخَبَرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: يَقْضِي الْقَضَايَا فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ ثُمَّ يُسَلِّمُهَا إِلَى أَرْبَابِهَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
 أَيْ لَيْلَةِ الشَّرَفِ وَ الْخَطَرِ وَ عِظَمِ الشَّأْنِ، مِنْ قَوْلِهِمْ رَجُلٌ لَهُ قَدْرٌ عِنْدَ النَّاسِ: أَيْ مَنْزِلَةٌ وَ شَرَفٌ، وَ مِنْهُ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ*
 أَيْ مَا عَظَّمُوه‏

448
مجمع البحرين3

قدر ص 447

حَقَّ عَظَمَتِهِ.
و
قِيلَ لِأَنَّ لِلطَّاعَاتِ فِيهَا قَدْراً عَظِيماً وَ ثَوَاباً جَزِيلًا.
و
قِيلَ سُمِّيَتْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لِأَنَّهُ أُنْزِلَ فِيهَا كِتَابٌ ذُو قَدْرٍ إِلَى رَسُولٍ ذِي قَدْرٍ لِأَجْلِ أُمَّةٍ ذَاتَ قَدْرٍ عَلَى يَدَيْ مَلَكٍ ذِي قَدْرٍ.
و
قِيلَ لِأَنَّ اللَّهَ قَدَّرَ فِيهَا إِنْزَالَ الْقُرْآنِ.
و
قِيلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَضِيقُ فِيهَا بِالْمَلَائِكَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ‏
 وَ هُوَ مَنْقُولٌ عَنِ الْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ
ثم قال: و اختلفوا في تحقيق استمرارها و عدمه، فذهب قوم إلى أنها إنما كانت على عهد رسول الله ثم رفعت، و قال آخرون لم ترفع بل هي إلى يوم القيامة ... إلى أن قال: و جمهور العلماء في أنها في شهر رمضان في كل سنة- انتهى. و هذا هو الحق يعلم ذلك من مذهب أهل البيت ع بالضرورة، و لا خلاف بين أصحابنا في انحصارها في ليلة تسعة عشر منه، و إحدى و عشرين، و ثلاث و عشرين إلّا من الشيخ (قدّس سرّه) فإنّه نقل الإجماع عنه في (التبيان) على أنّها في فرادى العشرالأواخر منه. تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ على إمام الزمان فيعرضون عليه كلّ ما قدّر في تلك‏السنة، و يسلّمون عليه و على أوليائه حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ و الأخبار مستفيضة بذلك. بقي هنا إشكال، هو أنّه ربّما تختلف باختلاف‏الأهلّة المختلفة باختلاف الأقاليم فلا تعرف، و أجيب عنه بأجوبة، منها: أن يكون المدار على بلد الإمام في نزول الملائكة و الرّوح، و يكون للآخرين ثواب عبادة ليلة القدر إذا عبدوا اللّيلة الأخرى. و منها: أن يكون الإمام في كلّ ليلة في إقليم، و تنزّل الملائكة في الليلتين معا. الثالث: أن يكون الإمام في بلدة، لكن تنزّل عليه الملائكة في كلّ ليلة بأحوال أصحاب البلد التي تلك الليلة ليلة قدرهم.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
 سُورَةُ النَّبِيِّ ص وَ أَهْلِ بَيْتِهِ.
و الوجه في ذلك أنهم هم المخصوصون بتنزل الملائكة عليهم في ليلة القَدْرِ دون غيرهم، فنسبت السورة إليهم لذلك. و
فِيهِ" هَلَكَ امْرُؤٌ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَهُ".
و ذلك لأن من لم يعرف قدره في مظنة أن يتجاوزه. و
فِيهِ" الْعَالِمُ مَنْ عَرَفَ قَدْرَهُ وَ كَفَى بِالْمَرْءِ جَهْلًا أَنْ لَا يَعْرِفَ قَدْرَهُ".
حصر العالم فيمن عرف قدره لأن ذلك يستلزم معرفته لنفسه فلا يتجاوز حده، و في ذلك تمام العلم، و يلزمه من ذلك أن من لا يعرف قدره لا يكون عالما لأن سلب اللازم يستلزم سلب الملزوم، فيكون إذا جاهلا. و قَدَرْتُ على الشي‏ء- من باب ضرب-: قويت عليه و تمكنت منه. و الاسم القُدْرَةُ، و الفاعل قَدِيرٌ و قَادِرٌ و الشي‏ء مَقْدُورٌ عليه‏
وَ فِي حَدِيثِ الصَّادِقِ ع مَعَ عَبْدِ اللَّهِ الدَّيَصَانِيِّ وَ قَدْ سَأَلَهُ: اللَّهُ قَادِر

449
مجمع البحرين3

قدر ص 447

أَنْ يُدْخِلَ الدُّنْيَا كُلَّهَا فِي الْبَيْضَةِ لَا تَصْغَرُ الدُّنْيَا وَ لَا تَكْبُرُ الْبَيْضَةُ.
؟ فأجابه بما حاصله عدم امتناع ذلك، و كأنه جواب إقناعي يقنع به السائل و يرتضيه و يكتفي به، إذ ما ذكره من الأمور المحالية الممتنعة في ذاتها الممتنعة الوجود في الخارج. و التحقيق ما أجاب به علي ع حين سئل بذلك، و هو
أَنَّ اللَّهَ لَا يُوصَفُ بِعَجْزٍ وَ الَّذِي سَأَلْتَنِي عَنْهُ لَا يَكُونُ، وَ مَنْ أَقْدَرُ مِمَّنْ يُلَطِّفُ الْأَرْضَ وَ يُعَظِّمُ الْبَيْضَةَ.
و" الْقادِرُ"
 من أسمائه تعالى، و هو و إن ظهر معناه لكن يحتمل أن يكون بمعنى المُقَدِّر، قال الله تعالى فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ‏
. و من أسمائه" المُقْتَدِرُ" و هو مفتعل من القُدْرَة، و الاقْتِدَار أبلغ و أعم، و القَادِرُ و المُقْتَدِر إذا وصف الله بهما فالمراد نفي العجز عنه فيما يشاء و يريد، و محال أن يوصف بِالْقُدْرَةِ المطلقة غير الله تعالى و إن أطلق عليه لفظا. و القَدَرُ: عبارة عما قضاه الله و حكم به من الأمور، و هو مصدر قَدَرَ يَقْدِرُ قَدَراً و قد تسكن داله، و منه" لَيْلَةِ الْقَدْرِ"
 و هي ليلة تقدر فيها الأرزاق و تقضى، فالقَدَرُ بالفتح فالسكون ما يقدره الله من القضاء، و بالفتح ما صدر مقدورا عن فعل القادر.
وَ فِي الفَقِيهِ لِلصَّدُوقِ" لَمَّا سَاقَنِي الْقَضَاءُ إِلَى بِلَادِ الْغُرْبَةِ وَ حَصَّلَنِي الْقَدَرُ مِنْهَا".
إلى آخر عبارته. ربما اعترض على هذا بأن ظاهرها يعطي الجبر في الأفعال و هو بعيد من مثله. و يمكن الجواب بأن أفعال العباد لما كانت منهم على وفق القضاء الثابت في الأزل و القَدَر الكائن فيما لا يزال كانا كأنهما هما المؤثران في ذلك الفعل، فأسنده إليهما على طريق المجاز لا الحقيقة، أو يقال ليس المراد بهما القضاء و القَدَر اللازمين بل المراد بهما الحكم و الأمر من الله تعالى كما في قوله وَ قَضىرَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ على ما بينه علي ع في مسألة من سأله عن مسيرهم‏

450
مجمع البحرين3

قدر ص 447

إلى الشام و قد تقدم ذلك في قضاء، أو يقال سبق علم الله في حدوث الكائنات أوجب صدورها من العباد و إلا لانقلب العلم جهلا و ذلك لا ينافي القُدْرَةِ الاختيارية للعبد من حيث الإمكان الذاتي، لإمكان اجتماع الإمكان و الوجوب باعتبارين.
وَ فِي الْخَبَرِ" كُلُّ شَيْ‏ءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزُ وَ الْكَسَلُ.
وَ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ص" إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدَّرَ التَّقَادِيرَ وَ دَبَّرَ التَّدَابِيرَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ بِأَلْفَيْ عَامٍ".
و في الحديث ذكر القَدَرِيَّةِ، و هم المنسوبون إلى القَدَرِ و يزعمون أن كل عبد خالق فعله، و لا يرون المعاصي و الكفر بتقدير الله و مشيته، فنسبوا إلى القَدَرِ لأنه بدعتهم و ضلالتهم. و في شرح المواقف قيل القَدَرِيَّةُ هم المعتزلة لإسناد أفعالهم إلى قدرتهم.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَدَرِيٌّ".
و هو الذي يقول لا يكون ما شاء الله و يكون ما شاء إبليس. و التَّقْدِير: هو تقدير الشي‏ء من طوله و عرضه كما جاءت به الرواية.
وَ فِي الْحَدِيثِ" التَّقْدِيرُ وَاقِعٌ عَلَى الْقَضَاءِ بِالْإِمْضَاءِ".
أي واقع على القضاء المتلبس بالإمضاء، فعلى هنا- على ما قيل- نهجية ليست للاستعلاء، و في كلامه إشارة إلى شيئين: الأول أن التَّقْدِيرَ مشتمل على كل التفاصيل الموجودة في الخارج، و الثاني أنه واسطة بين القضاء و الإمضاء. و معنى القضاء هو النقش الحتمي.
وَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ: وَ سُئِلَ عَنِ الْقَدَرِ؟ فَقَالَ" طَرِيقٌ مُظْلِمٌ فَلَا تَسْلُكُوهُ وَ بَحْرٌ عَمِيقٌ فَلَا تَلِجُوهُ وَ سِرُّ اللَّهِ فَلَا تَتَكَلَّفُوهُ".
قال بعض الشارحين: معنى القَدَرِ هنا ما لا نهاية له من معلومات الله فإنه لا طريق لنا و لا إلى مقدوراته، و قيل القَدَرُ هنا ما يكون مكتوبا في اللوح المحفوظ و ما دللنا على تفصيله و ليس لنا أن نتكلفه، و يقال اللوح المحفوظ القَدَر و الكتاب القَدَر كأن كل شي‏ء قدر الله كتبته.

451
مجمع البحرين3

قدر ص 447

وَ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ الْقَدَرِ؟ فَقَالَ: هُوَ تَقْدِيرُ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ثُمَّ قَضَاهَا وَ فَصَلِّهَا.
وَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ:" النَّاسُ فِي الْقَدَرِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَنَازِلَ: مَنْ جَعَلَ لِلْعِبَادِ فِي الْأَمْرِ مَشِيَّةً فِيهِ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ، وَ مَنْ أَضَافَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى شَيْئاً هُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهُ فَقَدِ افْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ كَذِباً*، وَ رَجُلٌ قَالَ إِنْ رُحِمْتَ فَبِفَضْلِ اللَّهِ عَلَيْكَ وَ إِنْ عُذِّبْتَ فَبِعَدْلِ اللَّهِ فَذَاكَ الَّذِي سَلِمَ لَهُ دِينُهُ وَ دُنْيَاهُ".
و في الحديث الحث على تَقْدِيرِ المعيشة و هو التعديل بين الإفراط و التفريط، و هو من علامات المؤمن. و يقال مَا لَهُ عِنْدِي قَدْرٌ وَ لَا قَدَرٌ: أي ما له عندي حرمة و وقار. و إذا وافق الشي‏ء الشي‏ء قيل على قَدَر بالفتح لا غير. و القَدَرُ: ما يقدره الله من القضاء، و قد سبق في قضى ما يعين على معرفة القَدَر.
وَ فِي الدُّعَاءِ" فَاقْدِرْهُ لِي وَ يَسِّرْهُ".
أي اقض لي به و هيئه. و يقال" ما لي عليه مَقْدَرَةٌ" أي قدرة. و رجل ذو قُدْرَةٍ و مَقْدُرَةٍ- بضم الدال و فتحها- أي يسار.
وَ فِي الْحَدِيثِ" قَدْرُ الرَّجُلِ عَلَى قَدْرِ هِمَّتِهِ".
قَدْرُهُ منزلته في اعتبار الناس من تعظيم و احتقار، و هو من لوازم علو همته أو دناءتها، فعلو همته أن لا يقتصر على بلوغ أمر من الأمور التي يراد بها شرفا و فضيلة حتى يسمو إلى ما وراءها مما هو أعظم، و يلزم من ذلك تنبيله و تعظيمه، و صغرها أن يقتصر على محقرات الأمور، و بحسب ذلك يكون قَدْرُهُ. و الإنسان قَادِرٌ مختار: أي إن شاء فعل و إن شاء لم يفعل. و الذي يظهر من كثير من الأحاديث أن العبد ليس قَادِراً تاما على طرفي فعله كما هو مذهب المعتزلة، و إنما قُدْرَتُهُ التامة على الطرف الذي وقع منه فقط، و أما على الطرف الآخر فَقُدْرَتُهُ ناقصة. و السبب في ذلك مع تساوي نسبة الأقدار

452
مجمع البحرين3

قدر ص 447

و التمكين منه تعالى إلى طرفي الفعل أمر يرجع إلى نفس العبد، و هو إرادة أحد الطرفين دون الآخر لا من الله فيلزم الجبر كما هو مذهب الأشاعرة، فالقُدْرَةُ التامة للعبد على ما زعمه المعتزلة باطل، و القول بعدم القُدْرَةِ على شي‏ء من الطرفين كما زعمه الأشعرية أظهر بطلانا، و الحق ما بينهما و هو القُدْرَةُ التامة فيما يقع من العبد فعله و الناقصة فيما لم يقع، و كذا القول في الاستطاعة التامة و الناقصة على ما سيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى، يؤيده‏
قَوْلُهُ ع" بَيْنَ الْجَبْرِ وَ الْقَدَرِ مَنْزِلَةٌ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ".
و المراد من القَدَرِ هنا قَدَرُ العباد، حيث زعمت المعتزلة أن العباد ما شاءوا صنعوا. و القِدْرُ بالكسر: آنية يطبخ بها، و الجمع قُدُور كحمل و حمول، و هي مؤنثة، و تصغيرها قُدَيْر على غير القياس.
 (قذر)
فِي الْحَدِيثِ" الْمَاءُ طَاهِرٌ إِلَّا مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ قَذَرٌ".
القَذَرُ مصدر قَذِرَ الشي‏ءُ فهو قَذِرٌ من باب تعب إذا لم يكن نظيفا. و قَذِرْتُهُ من باب تعب أيضا: كرهته. و عن الأزهري القَذَرُ الخارج من بدن الإنسان، يعني الغائط. و القَذَرُ: النجاسة، و بكسر المعجم المتنجس، و منه شي‏ء قَذِرٌ: بين النجاسة. و منه‏
قَوْلُ الصَّادِقِ ع" كُلُّ مَاءٍ طَاهِرٌ إِلَّا مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ قَذِرٌ".
و اختلف في المراد من العلم، فعند أبي الصلاح هو الظن المطلق و إن لم يستند إلى سبب شرعي و عند غيره هو القطع لا غير فلا عبرة بالظن مطلقا، و هو مذهب ابن البراج، و عند آخرين هو ما يعم القطع و الظن الخاص أعني ما أسند إلى سبب شرعي كشهادة العدلين، و هو قريب.
وَ فِي الْحَدِيثِ" بِئْسَ الْعَبْدُ الْقَاذُورَةُ، وَ إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْعَبْدَ الْقَاذُورَةَ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي لَا يُبَالِي بِمَا قَالَ وَ مَا صَنَعَ".
و القَاذُورَةُ: الشي‏ء الخلق، و كان المراد به هنا الوسخ الذي لم يتنزه عن الأقذار. و قد يطلق القَاذُورَة على الفاحشة،

453
مجمع البحرين3

قذر ص 453

و لعل منه‏
قَوْلَهُ ص" اجْتَنِبُوا هَذِهِ الْقَاذُورَةَ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا".
أعني الزنا و نحوه. و
قَوْلَهُ" مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئاً فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ".
يريد بذلك ما فيه حد كالزنا و شرب الخمر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَقْذِرَهَا".
بكسر الذال، أي يكرهها و تنفر طبيعته منها. و رجل مَقْذَرٌ: نجسه الناس. و" قَاذِر" اسم ابن إسماعيل بن إبراهيم ع، و يقال له قَيْذَر و قَيْذَار.
 (قرر)
قوله تعالى: الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ‏
 [25/ 74] يعني هب لنا من جهتهم ما تقر به أعيننا من صلاح و علم، و نكر القُرَّة بتنكير المضاف إليه، فكأنه قال: هب لنا فيهم سرورا و فرحا- كذا ذكره الشيخ أبو علي. و مثله قوله: قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَ لَكَ‏
 [28/ 9] أي فرح و سرور لي و لك. قوله: رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ
 [23/ 50] مر تفسيره في ربا. قوله: فِي قَرارٍ مَكِينٍ*
 [23/ 13] قال: في الأنثيين ثم في الرحم. قوله: يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَ مُسْتَوْدَعَها
 [11/ 6] أي مأواها على وجه الأرض و مدفنها، أو موضع قرارها و مسكنها و مستودعها حيث كانت مودعة فيه قبل الاستقرار من أصلاب الآباء و أرحام الأمهات. قوله: أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَ أَحْسَنُ مَقِيلًا
 [25/ 24] قيل المراد بِالمُسْتَقَرِّ المكان الذي يستقر فيه، و المقيل مكان الاستراحة، مأخوذ من مكان القيلولة. و يحتمل أن يراد بأحدهما الزمان، أي مكانهم و زمانهم أطيب ما يتخيل من الأمكنة و الأزمان، و يحتمل المصدرية منهما أو في أحدهما. قوله: فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ‏
 [6/ 98] قيل مُسْتَقَرٌّ في الرحم إلى أن يولد، و مستودع في القبر إلى أن يبعث. و قيل مُسْتَقَرٌّ في بطون الأمهات و مستودع في أصلاب‏

454
مجمع البحرين3

قرر ص 454

الآباء، و قيل مُسْتَقَرٌّ على ظهر الأرض في الدنيا و مستودع عند الله في الآخرة، و قيل غير ذلك. قوله: وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ*
 [2/ 36] أي موضع قرار. قوله: وَ الشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها
 [36/ 38] أي لحد لها موقت بقدر تنتهي إليه من فلكها آخر السنة، شبه بمستقر المسافر إذا قطع مسيره، أو لمنتهى لها من المشارق و المغارب حتى تبلغ أقصاها، فذلك مستقرها لأنها لا تعدوه، أو لحد لها من مسيرها كل يوم في مرائي عيوننا و هو المغرب. قوله: لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ
 [6/ 67] أي منتهى في الدنيا أو في الآخرة. قوله: قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ
 [76/ 16] هي جمع قِارُورَة: الزجاج. قال الشيخ أبو علي: قرئ قَوَارِيرَ قَوَارِيرَ غير منونين و بالتنوين في الأولى منهما، و هذا التنوين من حرف الإطلاق، لأنه كالفاصلة من الشعر، و في الثاني لاتباعه الأول، و معنى قوله قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ
 أنها مخلوقة من فضة قد جمعت بين بياض الفضة و حسنتها و بين صفاء القوارير و شفيفها، و معنى كانت أنها تكون قوارير بتكوين الله إياها و تفخيم لتلك الخلقة العجيبة الجامعة بين صفتي الجوهرين المتباينين. قوله: وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ‏
 [33/ 33] إن قرئ بفتح القاف أراد اقْرَرْنَ، حذفت الراء الأولى تخفيفا و حول فتحها إلى القاف فسقطت ألف الوصل، و إن قرئ وَ قِرْنَ بكسر القاف فهي من وَقَرَ الرجلُ يَقِرُ إذا ثبت، أي اثبتن في بيوتكن.
وَ فِي حَدِيثِ الْمَيِّتِ" نَمْ قَرِيرَ الْعَيْنِ".
قُرَّةُ العين: برودتها و انقطاع بكائها و رؤيتها ما كانت مشتاقة إليه. و القُرُّ بالضم: ضد الحر، و العرب تزعم أن دمع الباكي من شدة السرور باردة، و دمع الباكي من الحزن حارة، فَقُرَّةُ العين كناية عن الفرح و السرور و الظفر بالمطلوب يقال قَرَّتْ عينُه تَقِرُّ بالكسر و الفتح قَرَّةً بالفتح و الضم. و مثله‏
فِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ" أَقَرَّ اللَّه‏

455
مجمع البحرين3

قرر ص 454

عَيْنَكَ".
أي برد الله دمعتك، و قيل معنى أَقَرَّ اللهُ عينَك أنامها، من قَرَّ إذا سكن، و قيل معنى أَقَرَّ اللهُ عينَك بلغك أمنيتك حتى ترضى نفسك و تسكن عينك، و حاصل الكل الدعاء له بما يسره و لا يسوؤه.
وَ فِي حَدِيثِ مَنْ بِهِ قُرُوحٌ" أَقِرُّوهُ حَتَّى تَبْرَأَ".
أي أخروه عن إقامة الحد عليه حتى تبرأ. و أَقَرَّ الرجلُ بالشي‏ء: أي اعترف به و تَقْرِيرُهُ بالشي‏ء: حمله على الإقرار به و أَقْرَرْتُ العاملَ على عمله: أي تركته قَارّاً.
وَ فِي حَدِيثِ بَرِيرَةَ" إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَقَرَّ".
يعني عند زوجها بفتح القاف أي تمكث، و يجوز الكسر تقول قَرِرْتُ بالمكان بالكسر أَقَرُّ بالفتح و قَرَرْتُ أَقِرُّ بالعكس.
وَ فِي الدُّعَاءِ" وَ اجْعَلْ عَيْشِي قَارّاً".
و فسر بثلاث تفسيرات: أحدها أن المراد بالعيش القَارِّ أن يكون مستقرا دائما غير منقطع. الثاني أن يكون واصلا إلى حال قَرَارِي في بلدي، فلا أحتاج في تحصيله إلى السفر و الانتقال من بلد إلى بلد. الثالث المراد بالعيش القَارِّ العيش في السرور و الابتهاج، أي قَارّاً لعيني مأخوذ من قرة العين. و
فِيهِ" وَ اجْعَلْ لِي عِنْدَ قَبْرِ رَسُولِكَ مُسْتَقَرّاً وَ قَرَاراً".
المُسْتَقَرُّ على صيغة المفعول: المكان و المنزل، و القَرَارُ: المكث فيه. و نقل عن الشهيد أن المُسْتَقَرَّ في الدنيا كما قال تعالى وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتاعٌ إِلى‏ حِينٍ*
 و قَرَارٌ في الآخرة كما قال تعالى إِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ
. و أورد عليه أنه لا يلائم‏
قَوْلَهُ" عِنْدَ قَبْرِ رَسُولِكَ".
و أجيب بأن المراد بالآخره ليس ما بعد يوم القيامة بل ما قبله، يعني أيام الموت، و المراد أن يكون مسكنه في الحياة و مدفنه بعد الممات في المدينة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْقُرَّ".
أي البرد. و يوم قَرٌّ و ليلة قَرَّةٌ: أي باردة. و القِرَّةُ بالكسر: البرد أيضا.

456
مجمع البحرين3

قرر ص 454

و يوم القَرِّ بالفتح: اليوم الذي بعد يوم النحر، لأن الناس يقرون في منازلهم و قَرَّ الحديثَ في أذنه يَقِرُّهُ: كأنه صبه فيها. و أَقَرَّ الشي‏ءُ: أي سكن و انقاد و اسْتَقَرَّ الشي‏ءُ فسكن و قر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" قِرِّي كَعْبَةُ".
أي اسكني و اثبتى على حالك. و الحياة المُسْتَقِرَّةُ في الصيد: هي الثابتة فيه، و فسرت بما يمكن أن يعيش و لو نصف يوم. و قَرْقَرَ بطنُه: أي صوت، و الجمع قَرَاقِر. و منه‏
الْحَدِيثُ" تَعْتَرِينِي قَرَاقِرُ فِي بَطْنِي".
و القَرْقَرَةُ: الهرير. و القَرْقَرُ: القاع الأملس، و منه‏
حَدِيثٍ مَانِعُ الزَّكَاةِ" حَبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَاعٍ قَرْقَرٍ".
و يروى بقاع قَفْر، و يروى بقاع قَرْق، و هو مثل القَرْقَر في المعنى- قاله في معاني الأخبار.
 (قسر)
قوله تعالى: فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ
 [74/ 51] أي هربت من أسد. و القَسْوَرَة: الأسد و قَسَرَهُ على الأمر قَسْراً من باب ضرب: أكرهه عليه و قهره. و أَقْسَرَهُ و اقْتَسَرَهُ مثله. و منه‏
" أَخَذْتُ شَيْئاً قَسْراً".
أي قهرا و إكراها. و" قَسْر" بطن من بجيلة، و هم رهط خالد بن عبد الله القَسْرِيِّ- قاله الجوهري. و الاقْتِسَارُ: الذي لا اختيار فيه، و
مِنْهُ" مَرْبُوبُونَ اقْتِسَاراً".
أي رباهم الله من عند كونهم أجنة إلى كبرهم من غير اختيار منهم.

457
مجمع البحرين3

قسر ص 457

و" قِنَّسْرُون" بلد بالشام، بكسر القاف و النون مشددة و تفتح، و النسبة إليه قِنَّسْرِيٌّ.
 (قشر)
القَاشِرَه: أول الشجاج لأنها تقشر الجلد. و القِشْر بالكسر كالجلد من الإنسان، و الجمع قُشُور كحمل و حمول. و قَشَرْتُ العودَ- من بابي ضرب و قتل-: نزعت عنه قشره، و يقال قَشَّرْتُهُ تَقْشِيراً. و" قُشَيْرٌ" أبو قبيلة، و هو ابن كعب ابن ربيعة.
 (قشعر)
قوله تعالى: تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ
 [39/ 23] أي تنقبض منه، يقال اقْشَعَرَّ جلد فلان اقْشِعْرَاراً فهو مُقْشَعِرٌّ: إذا أَخَذَتْهُ قَشْعَرِيرَةٌ، و الجمع القَشَاعِر، فتحذف الميم لزيادتها.
 (قشمر)
" قِشْمِير" بالشين المعجمة بعد القاف في نسخ متعددة مدينة من مدائن الهند.
 (قصر)
قوله تعالى: فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ‏
 [55/ 56] هي جمع قَاصِرَة، و هي التي لا تمد نظرها إلى غير زوجها، أي قصرن أبصارهن على أزواجهن و لم يطمحن النظر إلى غيرهم. قوله: حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ‏
 [55/ 72] أي مخدرات قصرن في خدورهن في الخيام، أي الحجال.
وَ فِي الْخَبَرِ" الْخَيْمَةُ دُرَّةٌ وَاحِدَةٌ طُولُهَا

458
مجمع البحرين3

قصر ص 458

فِي السَّمَاءِ سِتُّونَ مِيلًا، فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ لِلْمُؤْمِنِ لَا يَرَاهُ الْآخَرُونَ".
قوله: تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ
 [77/ 32] هو واحد القصور، و من قرأ كَالْقَصَرِ بالتحريك أراد أعناق النخل. قوله: وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ
 [22/ 45] نقل أنه قَصْرٌ بناه شداد بن عاد بن إرم لم يبن في الأرض مثله فيما ذكر، و حاله كحال هذه البئر في أنه خرب بعد العمران و أقفر، فلا يستطيع أحد الإيصال إليه لما يسمع منه من كلام الجن و الأصوات المنكرة بعد النعيم و العيش الرغيد، فذكر الله في هذه الآية موعظة و تحذيرا لمن اتعظ، و حذر سبحانه عما يقول الظالمون علوا كبيرا. قوله: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ
 [4/ 101] هو من قَصَرْتُ الصلاة قَصْراً- من باب قتل-: نقصت، و هي اللغة العالية التي جاء بها الكتاب العزيز، و أما قَصِرَ الشي‏ءُ قِصَراً وزان عنب فهو خلاف طال فهو قَصِيرٌ، و يتعدى بالتضعيف فيقال قَصَّرْتُهُ، و عليه قوله تعالى: مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَ مُقَصِّرِينَ‏
 [48/ 27].
وَ فِي الْحَدِيثِ" هَذِهِ الْمَقَاصِيرُ إِنَّمَا أَحْدَثَهَا الْجَبَّارُونَ وَ لَيْسَ لِمَنْ صَلَّى خَلْفَهَا مُقْتَدِياً بِالصَّلَاةِ فِيهَا صَلَاةٌ".
المَقْصُورَة: الدار الواسعة و المحصنة، أو هي أصغر من الدار كالقُصَارَة بالضم، فلا يدخلها إلا صاحبها و الجمع مَقَاصِير. و لعل بطلان صلاة من خلفها لعدم مشاهدة الإمام. و قَصْرُ الظلام: اختلاطه. و قَصْرُ النجوم: اشتباكها، و منه‏
الْحَدِيثُ" كَانَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ عِنْدَ قَصْرِ النُّجُومِ".
و في الكافي و التهذيب معنى قَصْرِ النجوم بيانها. و قَصَرْتُ الشي‏ءَ أَقْصُرُهُ قَصْراً: حبسته و منه" مَقْصُورَةُ الجامع". و قَصَرْتُ الشي‏ءَ على كذا: إذا لم أتجاوز به إلى غيره. و قَصَرْتُ عن الشي‏ء قُصُوراً- من‏

459
مجمع البحرين3

قصر ص 458

باب قعد-: عجزت عنه. و القَصِيرُ: خلاف الطويل، و الجمع قِصَار. و قَصْرُ الأمل- على ما فسر في الحديث- هو أنك‏
إِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِالْمَسَاءِ وَ إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِالصَّبَاحِ، وَ خُذْ مِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ وَ مِنْ صِحَّتِكَ لِسَقَمِكَ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا اسْمُكَ غَداً.
و قولهم" قُصَارَاكَ أن تفعل كذا" بالضم و الفتح، أي غايتك و آخر أمرك و ما اقتصرت عليه. و التَّقْصِيرُ في الأمل: التواني فيه. و الاقْتِصَار على الشي‏ء: الاكتفاء به.
وَ فِي الْخَبَرِ الْمَشْهُورِ" أَ قُصِرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ".
يروى ببناء مجهول و معلوم، و هو فتح قاف و ضم صاد بمعنى نقص، و قد مر البحث عن الخبر في يدي. و قَصَرْتُ الثوبَ قَصْراً: بيضته. و القِصَارَةُ بالكسر: الصناعة، و الفاعل قَصَّار. و قَصْرُ المَلِكِ: معروف، و الجمع قُصُور مثل فلس و فلوس. و" قَيْصَرُ" كبيدر لقب هرقل ملك الروم، و به يلقب كل من ملك الروم، و كذا يلقب كل من ملك فارس بِكِسْرَى و كل من ملك الحبشة بِالنَّجَاشِيِّ. و" القَوْصَرَّةُ" بتشديد الراء و قد يخفف: ما يكنز فيه التمر.
 (قطر)
قوله تعالى: سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ‏
 [44/ 50] هو بفتح القاف و كسر الطاء: الذي يطلى به الإبل التي فيها الجرب، يتخذ من حمل شجر العرعر فيطبخ بها ثم يهنأ به، و سكون الطاء و فتح القاف و كسرها لغة، و قد أوعد الله المشركين أن يعذبهم به لمعان أربعة: للذعه و حرقته، و اشتعال النار فيه، و إسراعها في المطلي به، و سواد لونه بحيث تشمئز عنه النفوس من نتن رائحته، فتطلى به جلودهم حتى يعود

460
مجمع البحرين3

قطر ص 460

طلاؤه لهم كالسرابيل، لأنهم كانوا يستكبرون عن عبادته فألبسهم بذلك الخزي و الهوان. و قرئ مِنْ قِطْرٍ آنٍ أي نحاس قد انتهى حره، و يقال الحديد المذاب. قوله: وَ أَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ
 [34/ 12] بالكسر فالسكون، أي أذبنا له معدن النحاس و أظهرناه له ينبع كما ينبع الماء من العين، فلذلك سمي عين القِطْرِ تسمية بما آل إليه. قوله: وَ الْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ
 [3/ 14] جمع قِنْطَار بالكسر قيل في تفسيره هو ألف و مائتا أوقية، و قيل مائة و عشرون رطلا، و قيل هو مل‏ء مسك الثور ذهبا، و قيل ليس له وزن عند العرب. و عن تغلب المعمول عليه عند العرب الأكثر أنه أربعة آلاف دينار، فإذا قالوا قَنَاطِير مُقَنْطَرَة فهي اثنا عشر ألف دينار، و قيل ثمانون ألفا. و المُقَنْطَرَة: المكملة كما تقول بدرة مبدرة و ألف مؤلف، أي تام. و عن الفراء المُقَنْطَرَة المضعفة ككون القَنَاطِير ثلاثة و المُقَنْطَرَة تسعة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْقِنْطَارُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ مِثْقَالٍ مِنَ الذَّهَبِ، وَ الْمِثْقَالُ أَرْبَعَةٌ وَ عِشْرُونَ قِيرَاطاً أَصْغَرُهَا مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ وَ أَكْبَرُهَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ".
و في معاني الأخبار فسر القِنْطَار من الحسنات بألف و مائتي أوقية، و الأوقية أعظم من جبل أحد.
وَ فِي الْحَدِيثِ" يُجْزِي عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ أَنْ تَقُومَ تَحْتَ الْقَطْرِ".
أي المطر، الواحد قَطْرَة مثل تمر و تمرة. و قد قَطَرَ الماءُ- من باب قتل يَقْطُرُ قَطْراً أو قَطَرَاناً بالتحريك، و قَطَرَ في الأرض قُطُوراً: ذهب. و القُطْرُ بالضم: الناحية و الجانب، و الجمع أَقْطَار.

461
مجمع البحرين3

قطر ص 460

و منه‏
حَدِيثُ وَصْفِهِ تَعَالَى" مَنْفِيٌّ عَنْهُ الْأَقْطَارُ".
يعني الحدود و الجوانب. و القِطَارُ بالكسر: قِطَارُ الإبل، و هو عدد على نسق واحد، يقال جاءت الإبل قِطَاراً بالكسر أي مَقْطُورَة، و الجمع قُطُرٌ مثل كتاب و كتب.
وَ فِي الْحَدِيثِ" نَهَى أَنْ يُتَخَطَّى الْقِطَارُ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ قِطَارٍ إِلَّا وَ مَا بَيْنَ الْبَعِيرِ إِلَى الْبَعِيرِ شَيْطَانٌ".
و
فِيهِ" أَنَّهُ ع كَانَ مُتَوَشِّحاً بِثَوْبٍ قِطْرِيٍّ".
و هو ضرب من البرد و فيه حمرة و لها أعلام فيه بعض الخشونة، و قيل هي حلل جياد تحمل من البحرين، و قيل قرية يقال لها قَطَر تنسب إليها الثياب القِطْرِيَّة فكسروا القاف للنسبة. و القَنْطَرَة: ما يبنى على الماء للعبور عليه، و الجسر أعم لأنه يكون بناء و غير بناء.
 (قطمر)
قوله تعالى: ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ
 [35/ 13] قيل هي الجلدة الرقيقة على ظهر النواة، و يقال هي النكتة البيضاء في باطن ظهر النواة تنبت منها النخلة.
 (قمطر)
قوله تعالى: يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً
 [76/ 10] أي شديدا، و يقال القَمْطَرِيرُ و العصيب أشد ما يكون من الأيام و أطول في البلاء. و اقْمَطَرَّ يومُنا: اشتد. و القِمَطْرُ على فعلل: ما يصان فيه من الكتب.
 (قعر)
قوله: كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ
 [54/ 20] أي أصول نخل منقطع، يقال قَعَرْتُ الشجرَ قَعْراً: قلعتها من أصلها فَانْقَعَرَتْ، يعني أنهم كانوا يتساقطون على الأرض أمواتا، و هم جثث طوال عظام كأنهم أصول نخل مُنْقَعِرٍ عن أماكنه و مغارسه. و قَعْرُ البئر و غيرها: عمقها. و قَعْرُ الشي‏ء: نهاية أسفله، و الجمع قُعُور كفلس و فلوس. و جلس في قَعْرِ بيته: كناية عن‏

462
مجمع البحرين3

قمر ص 463

مثل روم و رومي، و يقال هو الحمام الأزرق و يقال للأنثى قُمْرِيَّة، و للذكر ساق حمر و الجمع قَمَارِيُّ بفتح القاف. نقل أنه إذا مات ذكور القَمَارِيِّ لم تتزوج إناثها بعدها و تنوح بعدها إلى أن تموت.
 (قور)
فِي الْحَدِيثِ" الْعَيْشُ فِي ثَلَاثَةٍ: دَارٍ قَوْرَاءَ، وَ جَارِيَةٍ حَسْنَاءَ، وَ فَرَسٍ قَبَّاءَ".
و الدار القَوْرَاء: هي الواسعة، نص على ذلك الجوهري. و فيه" يوم ذي قَارٍ" و هو يوم مشهور و هو أول يوم انتصرت به العرب من العجم و كان أبرويز قد أغزاهم جيشا، و كان الظفر لبني شيبان. و" ذو قَارٍ" موضع قريب البصرة، خطب به علي ع.
وَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع بِذِي قَارٍ وَ هُوَ يَخْصِفُ نَعْلًا، فَقَالَ لِي: مَا قِيمَةُ هَذَا النَّعْلِ؟ فَقُلْتُ لَهُ: لَا قِيمَةَ لَهَا. قَالَ: وَ اللَّهِ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ إِمْرَتِكُمْ إِلَّا أَنْ أُقِيمَ حَقّاً أَوْ أَدْفَعَ بَاطِلًا.
و" القَارَةُ" قبيلة يوصفون بالرمي سموا قَارَةً لاجتماعهم و التفافهم- قاله الجوهري. و قَوَّرْتُ الشي‏ءَ تَقْوِيراً: قطعت من وسطه خرقا مستديرا. و قُوَارَةُ: القميص بالضم و التخفيف و كذلك كل ما يقور.
 (قهر)
قوله تعالى: وَ هُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ*
 [6/ 18] الْقاهِرُ*
: الغالب جميع الخلائق. و الْقاهِرُ*
: شديد القهر و الغلبة يقال قَهَرَهُ يَقْهَرُهُ قَهْراً غلبه فهو قَاهِرٌ، و قَهَّارٌ مبالغة. و قوله فَوْقَ عِبادِهِ* تصوير للقهر و العلو بالغلبة و القدرة كقوله تعالى إِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ‏
 [7/ 127] يريد أنهم تحت تسخيره و تذليله.
وَ فِي الدُّعَاءِ" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَلَا فَقَهَرَ".
أي ارتفع فقهر عباده بالغلبة و القدرة، فهم تحت قدرته.
وَ فِي حَدِيثِ بَنِي أُمَيَّةَ" يُضِلُّونَ النَّاسَ عَنِ الصِّرَاطِ الْقَهْقَرَى".
هو بفتح القافين و إسكان الهاء: المشي إلى خلف من غير

463
مجمع البحرين3

قعر ص 462

الملازمة.
 (قفر)
فِي الْحَدِيثِ" لَا يُسْجَدُ عَلَى الْقُفْرِ".
كأنه ردي القير المستعمل مرارا، و في عبارة بعض الأفاضل القُفْرُ شي‏ء يشبه الزفت و رائحته كرائحة القير. و القَفْرُ من الأرض: المفازة التي لا ماء فيها و لا نبات، و الجمع قِفَار. و دار قَفْرٌ و قِفَارٌ: أي خالية من أهلها. و أَقْفَرَتِ الدارُ: خلت. و القَفَارُ بالفتح: الخبز بلا أدم، يقال أَكَلَ خبزه قَفَاراً. و أَقْفَرَ فلانٌ: إذا لم يبق عنده أدم.
وَ فِي الْخَبَرِ" مَا أَقْفَرَ بَيْتٌ فِيهِ الْخَلُّ".
أي ما خلا من الإدام.
 (قفندر)
فِي الْحَدِيثِ" إِذَا لَمْ يَغَرِ الرَّجُلُ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ طَائِراً يُسَمَّى الْقَفَنْدَرُ".
- الحديث في بعض نسخ الحديث القَفَنْدَرُ اسم شيطان، و في الصحاح القَفَنْدَرُ القبيح المنظر.
 (قمر)
قوله تعالى وَ الْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ
 [36/ 39] الآية. قال الجوهري: القَمَرُ بعد ثلاث ليال إلى آخر الشهر، سمي قَمَراً لبياضه، و الأَقْمَر الأبيض، و ليلة قَمْرَاء أي مضيئة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" كَانَتْ قُرَيْشٌ تُقَامِرُ الرَّجُلَ بِأَهْلِهِ وَ مَالِهِ".
القِمَارُ بالكسر المُقَامَرَة. و تَقَامَرُوا: لعبوا بالقمار، و اللعب بالآلات المعدة له على اختلاف أنواعها نحو الشطرنج و النرد و غير ذلك، و أصل القِمَار الرهن على اللعب بالشي‏ء من هذه الأشياء، و ربما أطلق على اللعب بالخاتم و الجوز. و عود قَمَارِيٌّ: منسوب إلى موضع ببلاد الهند. و في الحديث ذكر القُمْرِيِّ بالضم، و هو طائر مشهور حسن الصوت أصغر من الحمام منسوب إلى طَيْرٍ قُمْرٍ، و قُمْر إما جمع أَقْمَر مثل أحمر و حمر و إما جمع قُمْرِي‏

464
مجمع البحرين3

قهر ص 464

التفات بالوجه، أي يرجعون الناس إلى خلف بسبب إضلالهم.
 (قير)
فِي الْحَدِيثِ" لَا يُسْجَدُ عَلَى الْقِيرِ".
و
فِي آخَرَ" لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْقَارِ وَ الْقِيرِ".
القِيرُ بالكسر هو القَارُ الذي تطلى به السفن، و فيما صح‏
مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ الْقِيرَ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ.
باب ما أوله الكاف‏
 (كبر)
قوله تعالى: تَوَلَّى كِبْرَهُ‏
 [24/ 11] بالكسر أي إثمه، و قرئ في الشواذ كُبْرَهُ بضم الكاف أي معظمه. قوله: وَ تَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ‏
 [10/ 78] أي الملك، و سمي الملك كِبْرِيَاءَ لأنه أكبر ما يطلب من أمر الدنيا. قوله: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما
 [17/ 23] الْكِبَرُ بكسر الكاف و فتح الموحدة: كبر السن. قوله: يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ‏
 [17/ 51] أي يعظم. قوله: كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ‏
 [40/ 56] أي تكبر. قوله: أَكابِرَ
 [6/ 123] يعني عظماء. قوله: أَكْبَرْنَهُ‏
 [12/ 31] أي استعظمنه، من التَّكْبِيرِ و هو التعظيم.
وَ رُوِيَ حِضْنَ لَمَّا رَأَيْنَهُ كُلُّهُنَّ.
من الإِكْبَارِ و هو الحيض، و منه" أَكْبَرَتِ المرأةُ" أي حاضت. قال في الكشاف: و حقيقته دخلت في الكبر لأنها بالحيض تخرج من حد الصغر إلى حد الكبر. قوله: وَ مَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً
 [71/ 22] الكُبَّارُ بالتشديد أكبر من الكِبَار بالتخفيف، و هو أكبر من الكَبِير و اسْتَكْبَرَ الرجلُ: رفع نفسه فوق مقدارها. و الاسْتِكْبَارُ: طلب الترفع و ترك‏

465
مجمع البحرين3

كبر ص 465

الإذعان للحق، و منه قوله اسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً
 [71/ 7]. قوله: فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى‏
 [79/ 20] يعني العصا، و قيل اليد البيضاء، فكذب أنها من عند الله و عصى نبي الله. قوله: وَ يَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى‏
 [87/ 12] التي هي أكبر النيران، و هي نار جهنم، و النار الصغرى نار الدنيا. قوله: إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ‏
 [2/ 45] الضمير للصلاة لَكَبِيرَةٌ
 أي شاقة ثقيلة إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ لأنهم هم الذين يتوقعون ما ادخر الله للصابرين على مشاقها فتهون عليهم. قوله: فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ‏
 [31/ 63]
قَالَ الصَّادِقُ ع" وَ اللَّهِ مَا فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ وَ مَا كَذَبَ إِبْرَاهِيمُ. فَقِيلَ: كَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: إِنَّمَا قَالَ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا إِنْ نَطَقُوا وَ إِنْ لَمْ يَنْطِقُوا فَلَمْ يَفْعَلْ كَبِيرُهُمْ هَذَا شَيْئاً".
قوله: إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ
 [74/ 35] جمع الكُبْرَى تأنيث الأَكْبَر أي لإحدى الدواهي الكبرى، بمعنى أنها الواحدة في العظم من بينهن لا نظير لهن.
قَوْلُهُ: لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى‏ ما هَداكُمْ*
 [2/ 185] فَسَّرَهُ الصَّادِقُ ع بِالتَّكْبِيرِ بَعْدَ خَمْسَةِ صَلَاةِ أَوَّلُهَا صَلَاةُ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ يَقُولُ" اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ لِلَّهِ الْحَمْدُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا رَزَقَنَا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ".
قوله: يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ
 [9/ 3] قد مر في وجه تسميته بذلك في حج. قوله: كَبُرَتْ كَلِمَةً
 [18/ 5] في مقالتهم اتخذ الله ولدا. قوله: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ‏
 [4/ 31] الآية. اختلف العلماء في معنى الكَبَائِر، فقيل هي كل ذنب توعد الله عليه بالعقاب في الكتاب العزيز، و قيل هي كل ذنب رتب الشارع عليه حدا أو

466
مجمع البحرين3

كبر ص 465

صرح فيه بالوعيد، و قيل هي كل معصية تؤذن بتهاون فاعلها بالدين، و قيل كل ذنب علم حرمته بدليل قاطع، و قيل كلما عليه توعد شديد في الكتاب و السنة، و عن ابن مسعود قال اقرءوا من أول سورة النساء إلى قوله: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ‏
 فكل ما نهي عنه في هذه السورة إلى هذه الآية فهو كَبِيرَةٌ، و قال جماعة الذنوب كلها كَبَائِر لاشتراكها في مخالفة الأمر و النهي، لكن قد يطلق الصغير و الكَبِير على الذنب بالإضافة إلى ما فوقه و ما تحته، فالقبلة صغيرة بالنسبة إلى الزنا و كبيرة بالنسبة إلى النظر بشهوة. قال الشيخ أبو علي بعد نقله لهذه الأقوال: و إلى هذا ذهب أصحابنا، فإنهم قالوا المعاصي كلها كَبَائِر لكن بعضها أكبر من بعض، و ليس في الذنوب صغيرة، و إنما تكون صغيرة بالإضافة إلى ما هو أكبر و يستحق العقاب عليه أكثر- انتهى. و أنت خبير أنه لا دليل تطمئن به النفس على شي‏ء من هذه الأقوال، و لعل في إخفائها مصلحة لا تهتدي العقول إليها.
وَ قَدْ نُقِلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حِينَ سُئِلَ عَنِ الْكَبَائِرِ أَ هِيَ سَبْعٌ؟ فَقَالَ: هِيَ إِلَى السَّبْعِمِائَةِ أَقْرَبُ مِنْهَا إِلَى السَّبْعَةِ.
وَ عَنْهُ ص" الْكَبَائِرُ أَحَدَ عَشَرَ، أَرْبَعٌ فِي الرَّأْسِ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَ قَذْفُ الْمُحْصَنَةِ، وَ الْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ، وَ شَهَادَةُ الزُّورِ. وَ ثَلَاثَةٌ فِي الْبَطْنِ: أَكْلُ مَالِ الرِّبَا، وَ شُرْبُ الْخَمْرِ، وَ أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ. وَ وَاحِدَةٌ فِي الرِّجْلِ وَ هِيَ الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ، وَ وَاحِدَةٌ فِي الْفَرْجِ وَ هِيَ الزِّنَا، وَ وَاحِدَةٌ فِي الْيَدَيْنِ وَ هِيَ قَتْلُ النَّفْسِ، وَ وَاحِدَةٌ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ الْعُقُوقُ لِلْوَالِدَيْنِ".
وَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ:" مَنِ اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ كَفَّرَ اللَّهُ عَنْهُ ذُنُوبَهُ.
و ذلك قوله تعالى إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً

وَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ" الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي‏

467
مجمع البحرين3

كبر ص 465

وَ الْعَظَمَةُ إِزَارِي".
و قد مر معناه. و من أسمائه تعالى" الْمُتَكَبِّرُ"
 قيل هو ذو الكبرياء، و الكِبْرِيَاءُ الملك. و" الله أَكْبَرُ" قيل معناه الكبير، فوضع أفعل موضع فعيل. و قال النحويون" الله أَكْبَرُ من كل شي‏ء" فحذف من لوضوح معناه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَعْنَاهُ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يُوصَفَ".
و" الله أَكْبَرُ كَبِيراً" قيل نصب كبيرا على القطع من اسم الله تعالى، و هو معرفة و كبيرا نكرة خرجت من معرفة، و قيل نصب بإضمار فعل كأنه أراد كبر كبيرا. و" الله أَكْبَرُ" كلمة يقولها المتعجب عند إلزام الخصم- قاله في المجمع. و كُبْرُ الشي‏ءِ بضم الكاف و كسرها: معظمه. و كَبُرَ الشي‏ءُ من باب قرب عظم فهو كَبِيرٌ، و في القاموس كَبُرَ ككرم كِبَراً كعنب و كُبْراً بالضم و كَبَارَةً بالفتح: نقيض صغر، فهو كَبِيرٌ و كُبَّارٌ كرمان، و يخفف. و كَبِرَ الصبيُّ و غيرُهُ يَكْبَرُ- من باب تعب كِبَراً كعنب.
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَعُوذُ بِكَ مِنْ سُوءِ الْكِبَرِ".
بكسر الكاف و فتح الموحدة أراد به ما يورثه كبر السن من ذهاب العقل و التخليط في الرأي و غير ذلك مما يسوء به الحال. و رواه بعضهم بتسكين الباء، قيل و هو غير صحيح. و
فِيهِ" لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنَ الْكِبْرِ".
هو بسكون الباء: الجحود و الشرك كما جاءت به الرواية. و" الكِبْرُ" من الأخلاق المذمومة في الإنسان، و علاجه بما يعرف به الإنسان نفسه من أن أوله نطفة مذرة و آخره جيفة قذرة و هو فيما بين ذلك يحمل عذرة، و أن آخره الموت، و أنه يعرض للحساب و العقاب، فإن كان من أهل النار فالخنزير خير منه، فمن أين‏

468
مجمع البحرين3

كبر ص 465

يليق به الكِبْر، و هو عبد مملوك لا يَقْدِرُ عَلى‏ شَيْ‏ءٍ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَمْ يَزَلْ بَنُو إِسْمَاعِيلَ وُلَاةَ الْبَيْتِ يُقِيمُونَ لِلنَّاسِ حَجَّتَهُمْ وَ أَمْرَ دِينِهِمْ يَتَوَارَثُونَهُ كَابِراً عَنْ كَابِرٍ حَتَّى كَانَ زَمَانُ عَدْنَانَ".
و مثله‏
فِي حَدِيثِ الْأَقْرَعِ وَ الْأَبْرَصِ" وَرِثْتُهُ كَابِراً عَنْ كَابِرٍ".
أي عن آبائي كبيرا عن كبير في العز و الشرف. و" الجَمْرَةُ الكُبْرَى" هي جمرة العقبة آخر الجمرات الثلاث بالنسبة إلى المتوجه من منى إلى مكة. و الكَبَرُ بفتحتين: الطبل له وجه واحد و جمعه كِبَار مثل جبل و جبال فارسي معرب قال في المصباح: و قد يجمع على أَكْبَار مثل سبب و أسباب، و لهذا قال الفقهاء لا يجوز أن يمد التَّكْبِير في التحريم لئلا يخرج عن موضع تكبير إلى لفظ الإكبار التي هي جمع كبر الطبل. و" الكِبْرِيتُ" معروف، و الأحمر منه عزيز الوجود، و منه‏
الْحَدِيثُ" الْمُؤْمِنُ أَعَزُّ مِنَ الْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ".
و هو مثل قولهم" أعز من بيض الأنوق".
 (كثر)
قوله تعالى: وَ اذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ‏
 [7/ 86] أي كثر عددكم.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَقْلًا عَنْهُ: وَ ذَلِكَ أَنَّ مَدْيَنَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ تَزَوَّجَ بِنْتَ لُوطٍ، فَوَلَدَتْ حَتَّى كَثُرَ أَوْلَادُهَا.
قوله: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ
 [108/ 1] اختلف الناس في معنى الكَوْثَر
فَقِيلَ هُوَ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ وَ أَشَدُّ اسْتِقَامَةً مِنَ الْقِدْحِ، حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ وَ الْيَاقُوتِ، تَرِدُهُ طُيُورٌ خُضْرٌ لَهَا أَعْنَاقٌ كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ.
و قيل كثرة النسل و الذرية و قد ظهر ذلك في نسله من ولد فاطمة ع، إذ لا ينحصر عددهم و يتصل بحمد الله إلى آخر الدهر مددهم. و قيل هو حوض النبي ص يكثر الناس عليه يوم القيامة.
وَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع" أَنَّهُ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ أَعْطَاهُ اللَّهُ نَبِيَّهُ عِوَضاً عَنِ ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ".

469
مجمع البحرين3

كثر ص 469

قوله: أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ
 [102/ 1] يعني المفاخرة بكثرة المال و العدد و الولد.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَ لَا كَثَرٍ".
الكَثَرُ بفتحتين و بسكون الثاء لغة جمار النخل، و يقال طلعها. و الكُثْرُ بالضم فالسكون و الكَثِيرُ واحد، و يتعدى بالتضعيف و الهمزة فيقال كَثَّرْتُهُ و أَكْثَرْتُهُ، قال تعالى: قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا
. و الكَثِيرُ: ضد القليل، و كَثِيراً ما نصب على الظرف لأنه من صفة الأحيان، و ما لتأكيد معنى الكثرة، و العامل ما يليه على ما ذكره صاحب الكشاف في قوله تعالى: قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ*. و الكَثْرَةُ: نقيض القلة. و اسْتَكْثَرْتُ من الشي‏ء: أَكْثَرْتُ فعلَه. و اسْتَكْثَرْتُهُ: عددته كثيرا. و قد كَثُرَ الشي‏ءُ بالضم يَكْثُرُ كَثْرَةً بفتح الكاف و كسرها قليل.
وَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ" فِيمَا يَقَعُ فِي الْبِئْرِ فَيَمُوتُ فَأَكْثَرُهُ الْإِنْسَانُ يُنْزَحُ مِنْهَا سَبْعُونَ دَلْواً وَ أَقَلُّهُ الْعُصْفُورُ يُنْزَحُ مِنْهَا دَلْوٌ وَاحِدَةً، وَ مَا سِوَى ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ".
قال المحقق في المعتبر: أورد الشيخ في التهذيب هذه الرواية بالثاء المنقطة ثلاثا و في مقابلته و أقله، و أوردها أبو جعفر بن بابويه في كتابه بالباء المنقطة من تحتها بواحدة و قال في مقابلته و أصغره- انتهى. و كل منهما محتمل و قال بعض شراح الحديث: فمن اعترض بأن ثور أكبر من الآدمي ففيه نوع من الثورية و معنى الحديث أن الإنسان نصابه العددي في النزح أكثر من النصاب العددي في سائر الحيوانات، فإن النزح العددي لغير الإنسان من الحيوانات دونه، و نزح الكر أو جميع الماء للحمار أو البعير ليس عدديا. و" كُثَيِّرٌ" بضم الكاف و فتح الثاء المثلثة و كسر المشددة و الراء اسم شاعر كان شيعيا. و" عَزَّةُ" بفتح العين المهملة و الزاي المعجمة المشددة محبوبته‏

470
مجمع البحرين3

كثر ص 469

قاله في القاموس.
وَ فِي حَدِيثِ الصَّادِقِ ع فِي حُجْرِ بْنِ زَائِدَةَ وَ عَامِرِ بْنِ جُذَاعَةَ" وَ اللَّهِ لَكُثَيِّرُ عَزَّةَ أَصْدَقُ فِي مَوَدَّتِهِ مِنْهُمَا حَيْثُ يَقُولُ:
أَلَا زَعَمَتْ بِالْغَيْبِ أَلَّا أُحِبَّهَا             إِذَا أَنَا لَمْ يُكْرَمْ عَلَيَّ كَرِيمُهَا.


و الكَوْثَرُ من الرجال: السيد الكثير الخير.
 (كدر)
قوله تعالى: وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ‏
 [81/ 2] أي انتشرت و أنصبت. و الكَدَرُ بالتحريك: خلاف الصحو. و قد كَدِرَ الماء مثلثة الدال كَدَارَةً و كُدُورَةً، فهو كَدِرٌ نقيض صفا. و كَدِرَ عيشُ فلان و تَكَدَّرَتْ معيشته. و الأَكْدَرُ: الذي في لونه كُدْرَةٌ. و" الكُنْدُرُ" بضم الكاف و إسكان النون هو اللبان الذي يمضغ كالعلك، و هو نافع لقطع البلغم جدا- قاله في القاموس.
 (كرر)
قوله تعالى: ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ‏
 [17/ 6] أي جعلنا لكم الظفر و الغلبة عليهم، و منه يقال كَرَّ في الحرب إذا رجع إليها.
وَ فِي الْحَدِيثِ" خُرُوجُ الْحُسَيْنِ ع فِي سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَيْهِمُ الْبَيْضُ الْمُذَهَّبَةُ لِكُلِّ بَيْضَةٍ وَجْهَانِ يُؤَدُّونَ إِلَى النَّاسِ أَنَّ هَذَا الْحُسَيْنَ قَدْ خَرَجَ حَتَّى لَا يَشُكَّ الْمُؤْمِنُونَ فِيهِ وَ أَنَّهُ لَيْسَ بِدَجَّالٍ وَ لَا شَيْطَانٍ وَ الْحُجَّةُ الْقَائِمُ ع بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَإِذَا اسْتَقَرَّتِ الْمَعْرِفَةُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ الْحُسَيْنُ ع جَاءَ الْحُجَّةَ ع الْمَوْتُ، فَيَكُونُ هُوَ الَّذِي يُغَسِّلُهُ وَ يُكَفِّنُهُ وَ يُحَنِّطُهُ وَ يَلْحَدُهُ فِي حُفْرَتِهِ، وَ لَا يَلِي الْوَصِيَّ إِلَّا الْوَصِيُّ".
و الكَرَّةُ: الرجعة، و هي المرة و الجمع‏

471
مجمع البحرين3

كرر ص 471

كَرَّاتٌ مثل مرة و مرات.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" إِنِّي لَصَاحِبُ الْكَرَّاتِ وَ دَوْلَةِ الدُّوَلِ".
فالمعنى إما الافتخار في الشجاعة و الرجوع إلى قتل الأعداء مرة بعد مرة أو إشارة إلى الرجعة زمان خروج صاحب الأمر ع، و يناسبه قوله" و دولة الدول" أي و أنا صاحب الدولة. و الكَرَّةُ بعد الفرة: هي الإقدام بعد الفرار. و الكُرُّ بالضم أحد أَكْرَار الطعام، و هو ستون قفيزا، و القَفِيزُ ثمانية مكاكيك و المَكُّوكُ صاع و نصف، فانتهى ضبطه إلى اثني عشر وسقا، و الوَسْقُ ستون صاعا. و في الشرع عبارة عن ألف و مائتي رطل بالعراقي، و اختلفت الرواية في تقديره بالمساحة ففي بعضها ما صح‏
عَنِ الصَّادِقِ ع" ثَلَاثَةُ أَشْبَارٍ فِي ثَلَاثَةِ أَشْبَارٍ".
و
فِي بَعْضِهَا فِيمَا صَحَّ عَنْهُ ع" ذِرَاعَانِ عُمْقُهُ فِي ذِرَاعٍ وَ شِبْرٍ سَعَتُهُ".
و
فِي بَعْضِهَا عَنْهُ ع" إِذَا كَانَ الْمَاءُ ثَلَاثَةَ أَشْبَارٍ وَ نِصْفٍ فِي مِثْلِهِ ثَلَاثَةِ أَشْبَارٍ وَ نِصْفٍ فِي عُمْقِهِ مِنَ الْأَرْضِ فَذَلِكَ الْكُرُّ مِنَ الْمَاءِ".
و قد عمل بهذه جمهور متأخري الأصحاب، و عمل القميون بالأولى. و أورد على روايتهم خلوها عن البعد الثالث، و أجيب بأن سوق الكلام دال على المراد و هو في المحاورات كثير، قال الشاعر:
كانت حنيفة أثلاثا فثالثهم             من العبيد و ثلاث من مواليها

وَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ:" أُحِبُّ مِنْ دُنْيَاكُمْ ثَلَاثاً الطِّيبَ وَ النِّسَاءَ".
و لم يدخل القسم الثالث الذي هو الصلاة في هذا الباب مع كونه مرادا و أورد على رواية الجمهور أنها خالية عن مقدار العمق، و وجهها بعض الأفاضل بإمكان إعادة الضمير في قوله ع" في مثله" إلى ما دل عليه قوله" ثلاثة أشبار و نصفا" أي في مثل ذلك المقدر، و كذا الضمير في قوله ع" في‏

472
مجمع البحرين3

كرر ص 471

عمقه" أي في عمق ذلك المقدر. و الكَرْكَرَةُ في الضحك مثل القرقرة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَا يَمْنَعُكَ مِنْ هَذَا الْكَرْكُورِ".
يعني المثلثة.
 (كزبرة)
فِي الْحَدِيثِ" وَ امْنَعِ الْعَرُوسَ فِي أَيَّامِهَا مِنَ الْكُزْبُرَةِ وَ التُّفَّاحِ الْحَامِضِ، فَإِنَّ الْكُزْبُرَةَ تُثِيرُ الْحَيْضَ فِي بَطْنِهَا وَ التُّفَّاحَ الْحَامِضَ يَقْطَعُ حَيْضَهَا".
الكُزْبُرَةُ هي بضم الباء و قد تفتح: نبات معروف. قال الجوهري. و أظنه معربا.
 (كسر)
فِي حَدِيثِ الْمُخْتَارِ" فَيَنْقَضُّ عَلَيْهِ الْحُسَيْنُ ع كَأَنَّهُ عُقَابٌ كَاسِرٌ".
الْكَاسِرُ: العقاب يكسر جناحين يريد الوقوع، يقال كَسَرَ الطائر يَكْسِرُ كَسْراً و كُسُوراً إذا ضم جناحيه حين ينقض. و كسرت الشي‏ء فانكسر و تكسر، و كسرته شدد للكثرة. و الْكِسْرَةُ بالكسر: القطعة من الشي‏ء المكسور، و الجمع كِسَرٌ كقطعة و قطع، و منه‏
الْحَدِيثُ" مَعَهُ كِسْرَةٌ قَدْ غَمَسَهَا فِي اللَّبَنِ".
و شاة كَسِيرٌ بغير هاء: إذا كسرت إحدى قوائمها. و كسيرة بالهاء أيضا مثل النطيحة.
وَ فِي الْخَبَرِ" شَاةٌ فِي كَسْرِ خَيْمَةٍ".
أي في جانبها، و لكل بيت كسران عن يمين و شمال. و" كَسْرَى" ملك من ملوك الفرس بفتح الكاف و كسرها و هو معرب خسرو و النسبة إليه كَسْرَوِيٌّ و إن شئت كَسْرِيٌّ. و منه" جبة كسروانية". و من ملوك الفرس كَسْرَى و شيرويه و يزدجرد، و هم آخر ملوك الفرس.
نُقِلَ أَنَّ شِيرَوَيْهِ قَتَلَ أَبَاهُ كَسْرَى أَبَرْوِيزَ بَعْدَ مُلْكِهِ ثَمَانِيَةً وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَ أَشْهُرٍ، فَقَامَ شِيرَوَيْهِ مَقَامَهُ وَ جَلَسَ مَكَانَهُ وَ أَحْسَنَ سِيرَتَهُ، وَ أَطْلَقَ أَهْلَ السُّجُونِ وَ زَوَّجَ أَكْثَرَ نِسَاءِ أَبِيهِ، وَ وَضَعَ عَنِ النَّاسِ رُبُعَ الْخَرَاجِ، وَ اسْتَوْزَرَ بَرْمَكَ بْنَ فَيْرُوزٍ جَدَّ الْبَرَامِكَةِ، وَ قَتَلَ إِخْوَتَهُ وَ كَانُوا سَبْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ مُلْكِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ.

473
مجمع البحرين3

كسر ص 473

و جمع كسرى أَكَاسِرَةٌ على غير قياس لأن قياسه كسرون بفتح الراء مثل عيسون و موسون بفتح السين. و كَسَرْتُ الرجل عن مراده: صرفته عنه. و كَسَرْتُ القوم: هزمتهم. و الْكَسْرُ: نقيض الصحة. و الْكَسْرُ في الحساب: غير تام كالنصف و الثلث و الربع و نحو ذلك، و الجمع كُسُورٌ كفلس و فلوس. و منه‏
الْحَدِيثُ" لَيْسَ فِي الْكُسُورِ شَيْ‏ءٌ".
يعني زكاة و كَسْرُ الشهوة: تمويتها.
 (كشر)
فِي الْحَدِيثِ" فَاطِمَةُ ع لَمْ تُرَ كَاشِرَةً وَ لَا ضَاحِكَةً".
الْكَاشِرُ: المتبسم من غير صوت، و إن كان معه صوت فهو ضحك.
وَ مِنْهُ" إِخْوَانُ الْمُكَاشَرَةِ".
من كَاشَرَهُ: إذا تبسم في وجهه و انبسط معه.
 (كفر)
قوله تعالى: وَ لا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ‏
 [2/ 41] أي أول من كفر به و جحد، و جمع الكافر كُفَّارٌ و كَفَرَةٌ و كَافِرُونَ و الأنثى كَافِرَةٌ و كَافِرَاتٌ و كَوَافِرُ. قال تعالى: وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ
 [90/ 10]. و قد كَفَرَ بالله: جحد، فَالْكَافِرُ الجاحد للخالق. و الْكَفُورُ: الجحود يجحد الخالق مع هذه الأدلة الواضحة. و منه قوله: إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ‏
 [28/ 48] أي جاحدون. فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُوراً
 [17/ 99] أي جحودا، و الكفور جمع الكفر كبرد و برود عن الأخفش. قوله: فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ
 [6/ 89] الآية. قال المفسر: فَإِنْ يَكْفُرْ بِها
 أي بالكتاب و الحكمة و النبوة هؤُلاءِ يعني الكفار فَقَدْ وَكَّلْنا بِها أي بمراعاة النبوة هؤُلاءِ يعني الأنبياء الذين جرى ذكرهم. قوله: أَ كُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ‏
 [54/ 43] قيل المراد بأولئكم الكفار المعددون من قوم نوح ع و هود

474
مجمع البحرين3

كفر ص 474

و صالح و لوط و آل فرعون، و المعنى أن هؤلاء أهل مكة مثل أولئك بل هم أشر منهم.
وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ‏
 [64/ 2] قَالَ: عَرَفَ اللَّهُ إِيمَانَهُمْ بِوَلَايَتِنَا وَ كُفْرَهُمْ بِهَا يَوْمَ أَخَذَ الْمِيثَاقَ عَلَيْهِمْ فِي صُلْبِ آدَمَ وَ هُمْ ذَرٌّ.
قوله: جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ
 [54/ 14] أي فعلنا ذلك جزاء لمن كان كفر و هو نوح ع، جعله مكفورا لأن الرسول نعمة من الله و رحمة، فكان نوح ع نعمة مَكْفُورَةً. قوله: كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ‏
 [57/ 20] الْكُفَّارَ الزراع. و إنما قيل للزارع كَافِرٌ لأنه إذا ألقى البذر كَفَرَهُ أي غطاه. و الْكَفْرُ بالفتح: التغطية. و قد كَفَرْتُ الشي‏ء أَكْفِرُهُ بالكسر كَفْراً: سترته. قوله: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ‏
 [2/ 6]
قَالَ الشَّيْخُ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: هَؤُلَاءِ كَفَرُوا وَ جَحَدُوا بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَ أَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَ جَحَدُوا بِعِلْمٍ فَهُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ‏
 فَهَؤُلَاءِ كَفَرُوا وَ جَحَدُوا بِعِلْمٍ- انْتَهَى.
وَ فِي حَدِيثِ الصَّادِقِ ع" الْكُفْرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: كُفْرُ الْجُحُودِ وَ هُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: جُحُودٌ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَ أَنْ لَا جَنَّةَ وَ لَا نَارَ كَمَا قَالَ صِنْفٌ مِنَ الزَّنَادِقَةِ وَ الدَّهْرِيَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ وَ ما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ، وَ الْوَجْهُ الْآخَرُ مِنَ الْجُحُودِ هُوَ أَنْ يَجْحَدَ الْجَاحِدُ وَ هُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ حَقٌّ وَ اسْتَقَرَّ عِنْدَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ. وَ الثَّالِثُ كُفْرُ النِّعْمَةِ قَالَ تَعَالَى: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ
. الرَّابِعُ تَرْكُ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَ فَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ.

475
مجمع البحرين3

كفر ص 474

الْخَامِسُ كُفْرُ الْبَرَاءَةِ وَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ لِقَوْمِهِ كَفَرْنا بِكُمْ‏.
قوله: كانَ مِزاجُها كافُوراً
 [76/ 5] أي ماؤها كافور، و هو اسم عين في الجنة ماؤها في بياض الكافور و رائحته و برده. قوله: قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ‏
 [80/ 17] أي عذب و لعن الإنسان ما أَكْفَرَهُ ما أشد كفره و أبين ضلاله، و هذا تعجب منه، كأنه قال تعجبوا منه و من كفره مع كثرة الشواهد على التوحيد و الإيمان. و قيل إن ما للاستفهام، أي أي شي‏ء أكفره و أوجب كفره، فكأنه قال ليس هاهنا شي‏ء يوجب الكفر و يدعو إليه، فما الذي دعاه إليه مع كثرة النعم عليه. و الْمُكَفَّرُ: مجحود النعمة مع إحسانه. و منه‏
الْحَدِيثُ" الْمُؤْمِنُ مُكَفَّرٌ".
و التَّكْفِيرُ: أن يخضع الإنسان لغيره، و منه‏
حَدِيثُ النَّصْرَانِيِّ لِأَبِي الْحَسَنِ ع حَيْثُ قَالَ: إِنْ أَذِنْتَ لِي كَفَّرْتُ لَكَ.
و كَفَّرَ الله عنه الذنوب: محاه، و منه" الْكَفَّارَةُ" و هي فعالة من الكفر، و هي التغطية لأنها تُكَفِّرُ الذنب عن الإنسان، أي تمحوه و تستره و تغطيه. و
فِيهِ" الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا".
قيل إن المكفر هي الثانية لا الأولى، لأن التَّكْفِيرَ قبل وقوع الذنب لا معنى له، و يشكل كونها كفارة مع أن اجتناب الكبائر كاف، و يمكن الجواب بأن تَكْفِيرَ العمرة خاص و تَكْفِيرَ الاجتناب عام. و
فِيهِ" كَفَّارَةُ الْغِيبَةِ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُ".
و قيل إن بلغته فالطريق أن تستحل منه، فإن تعذر لموته أو لبعده فالاستغفار، و هل يشترط بيان ما اغتابه به؟ وجهان. و
فِيهِ" تَارِكُ الصَّلَاةِ كَافِرٌ".
و ذلك لأنه مستخف بالشرع و مكذب له و من كان كذلك فهو كافر. و قد بين الصادق ع الفرق بين تارك الصلاة و فاعل الزنا بعد تسميته كافرا بحصول الاستخفاف عند ترك الصلاة دون الزنى.

476
مجمع البحرين3

كفر ص 474

وَ فِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ" وَ لَا تُكَفِّرْ إِنَّمَا يَصْنَعُ ذَلِكَ الْمَجُوسُ".
التَّكْفِيرُ في الصلاة هو الانحناء الكثير حالة القيام قبل الركوع. قال في النهاية: و التَّكْفِيرُ أيضا وضع إحدى اليدين على الأخرى.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَا مِنْ يَوْمٍ إِلَّا وَ كُلُّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْجَسَدِ يُكَفِّرُ لِلِّسَانِ".
أي يذل و يخضع له، يقول: نشدتك الله أن أعذب فيك. و التَّكْفِيرُ: أن يخضع الإنسان لغيره كما يكفر العلج للدهاقين، يضع يده على صدره و يتطأمن. و
فِيهِ" الْكُفْرُ أَقْدَمُ مِنَ الشِّرْكِ".
و هو واضح. و
فِيهِ" لَا تَمَسُّوا مَوْتَاكُمْ بِالطِّيبِ إِلَّا بِالْكَافُورِ".
هو نوع من الطيب معروف يغسل به الميت و يحنط به.
 (كمر)
فِي الْحَدِيثِ" لَا بَأْسَ فِي الصَّلَاةِ بِمَا لَا تَتِمُّ فِيهِ وَ إِنْ كَانَ فِيهِ نَجَاسَةٌ مِثْلُ التِّكَّةِ وَ الْكَمَرَةِ".
و هي الحفاظ. و مثله‏
قَوْلُهُ ع" كُلَّمَا كَانَ عَلَى الْإِنْسَانِ أَوْ مَعَهُ مِمَّا يَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ".
و عد الْكَمَرَةَ و النعل. و في بعض كلام اللغويين: الْكَمَرَةُ كيس يأخذها صاحب السلس. و الْكَمَرَةُ بالتحريك: حشفة الذكر و ربما أطلقت على جملة الذكر مجازا، و الجمع كَمَرٌ كقصبة و قصب.
 (كمثر)
فيه الْكُمَّثْرَى، و هي من الفواكه، الواحدة كُمَّثْرَاةٌ.
 (كور)
قوله تعالى: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ‏
 [81/ 1] أي ذهب ضوؤها و نورها، و يقال كُوِّرَتْ كما تكور العمامة، أي تلف ضوؤها فيذهب انتشاره. قوله: يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَ يُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ‏
 [39/ 5] هو من التكوير و اللف و اللي، أي يدخل هذا على هذا و هذا على هذا، و يقال زيادته في هذا من ذلك و بالعكس.

477
مجمع البحرين3

كور ص 477

و الْكَوْرُ: دور العمامة، و كل دور كَوْرٌ. و كَارَ العمامة من باب قال: إذا أدارها على رأسه. و الْكُورُ بالضم: كور الحداد المبني من الطين. و الْكُورُ أيضا: رحل الناقة بأداته و هو كالسرج للفرس. و الْكُورَةُ: المدينة و الناحية، و الجمع كور مثل غرفة و غرف، و قد جاءت في الحديث. و الْكَارَةُ من الثياب: ما يجمع و يشد و يحمل على الظهر، و الجمع كارات. و طعنه فَكَوَّرَهُ: أي ألقاه مجتمعا.
 (كهر)
في قراءة فأما اليتيم فلا تَكْهَرْ [93/ 9] أي لا تقهر، و عن الكسائي كَهَرَهُ و قهره بمعنى.
 (كنهر)
الْكَنَهْوَرُ: العظيم من السحاب، و منه‏
قَوْلُهُ ع" وَ لَمْ يَنَمْ وَمِيضُهُ- أَيْ ضِيَاؤُهُ- فِي كَنَهْوَرِ رَبَابِهِ".
 (كير)
فِي حَدِيثِ الْحَجِّ وَ الْعُمْرَةِ" يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ".
الْكِيرُ: كير الحداد، و هو زق أو جلد غليظ ذو حافات ينفخ فيه، و أما المبني من الطين فكور لا كير، و جمع الكير كيرة كعنبة و أكيار و كيرات. قال بعض الشارحين: يروى مضمومة الخاء ساكنة الباء، و على الأول يعني ما تبرزه النار من الجواهر المعدنية التي تصلح للطبع فيخلصها على تميزه عنها من ذلك، و على الثانية يعني به الشي‏ء الخبيث، و المعتد به هو الأول لأنه أكثر و أشبه بالصواب، لمناسبة الكير و لمصادفته المعنى المراد فيه.

478
مجمع البحرين3

باب ما أوله الميم ص 479

باب ما أوله الميم‏
 (مأر)
الْمَئْرَةُ بالهمز: الذحل و العداوة، و جمعها مِئَرٌ- قاله الجوهري.
 (مجر)
فِي الْحَدِيثِ" نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَجْرِ".
بالميم المفتوحة و الجيم الساكنة و الراء، و هو أن يباع البعير أو غيره بما في بطن الناقة.
 (مخر)
قوله تعالى: وَ تَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ‏
 [16/ 14] مَواخِرَ على فواعل يعني جواري تشق الماء شقا، من مَخَرَتِ السفينة تَمْخُرُ مَخْراً و مُخُوراً: إذا خربت فشقت الماء بصدرها مع صوت.
وَ فِي الْخَبَرِ" إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ الْبَوْلَ فَلْيَتَمَخَّرِ الرِّيحَ".
أي يجعل ظهره إليها، كأنه إذا ولاها شقها بظهره.
 (مدر)
فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع لِشُرَيْحٍ الْقَاضِي" انْظُرْ إِلَى مَنْ يَدْفَعُ حُقُوقَ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ الْمَدَرِ وَ الْيَسَارِ، وَ خُذْ لِلنَّاسِ بِحُقُوقِهِمْ مِنْهُمْ".
المدر جمع مَدَرَةٍ كقصب و قصبة، و هو التراب الملبد. و عن الأزهري الْمَدَرُ قطع الطين. قال في المصباح و بعضهم يقول الطين العلك الذي لا يخالطه رمل. و العرب تسمى القرية مَدَرَةً لأن بنيانها غالبا بالمدر. و منه" فلان سيد مَدَرَتِهِ" أي قريته. و في النهاية مَدَرَةُ الرجل بلدته. و في بعض نسخ الحديث" من أهل المذرة" بالهاء و الذال المعجمة، و عليها من القاموس المذرة النورة. و مَدَرْتُ الحوض: أصلحته بالمدر، و المداري جمع الْمَدَرِيِّ بالدال المهملة، و هو كالميل يتخذ من قرن أو فضة تخلل به المرأة شعرها.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الِاسْتِنْجَاءُ تَمَسُّحٌ مِنَ الْغَائِطِ بِالْمَدَرِ".
يعني الطين اليابس.

479
مجمع البحرين3

مذر ص 480

 (مذر)
فِي الْحَدِيثِ" الْإِنْسَانُ أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ مَذِرَةٌ وَ آخِرُهُ جِيفَةٌ قَذِرَةٌ، وَ هُوَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ يَحْمِلُ عَذَرَةً".
قوله" مَذِرَةٌ" أي خبيثة، من التَّمَذُّرِ و هو خبث النفس. و منه" رأيت مذرة". فَمَذِرَتْ لذلك: أي خبث.
 (مرر)
قوله تعالى: ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى‏
 [53/ 6] أي قوة في عقله و رأيه و متانة في دينه و صحة في جسمه. قوله: فَمَرَّتْ بِهِ‏
 [7/ 189] أي اسْتَمَرَّتْ به قعدت و قامت. قوله: سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ
 [54/ 2] أي قوي شديد، و قيل مستحكم، من قولهم حبل مُمَرٌّ أي محكم الفتل، و قيل دائم مطرد. قوله: فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ
 [54/ 19] أي دائم الشر، و قيل قوي في نحوسته، و قيل مُسْتَمِرٌّ مر، و قيل إنه يوم الأربعاء لا تدور في الشهر. قوله: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى‏ قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى‏ عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها
 [2/ 256]
قِيلَ الْمَارُّ عُزَيْزٌ، وَ قِيلَ إِرْمِيَا أَرَادَ أَنْ يُعَايِنَ إِحْيَاءَ الْمَوْتَى لِيَزْدَادَ بَصِيرَةً حِينَ خَرَجَ عَلَى حِمَارِهِ وَ مَعَهُ تِينٌ تَزَوُّدَهُ وَ شَيْ‏ءٌ مِنْ عَصِيرٍ فَنَظَرَ إِلَى سِبَاعِ الْبَرِّ وَ سِبَاعِ الْبَحْرِ وَ سِبَاعِ الْجَوِّ تَأْكُلُ الْجِيَفَ، فَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها وَ قَدْ أَكَلَتْهُمُ السِّبَاعُ، فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مَكَانَهُ، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ الْآيَةَ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَرَارَةُ الدُّنْيَا حَلَاوَةُ الْآخِرَةِ، وَ حَلَاوَةُ الدُّنْيَا مَرَارَةُ الْآخِرَةِ".
قال بعض الشارحين: استعار لفظ الْمَرَارَةِ لمشقة الأعمال الصالحة في الدنيا و لما تستعقبه اللذة الدنيوية من الألم و العذاب في الآخرة. و لفظ الحلاوة لما يستعقبه الأعمال الصالحة من لذة السعادة في الآخرة، و لما في اتباع الدنيا من اللذة و هو ظاهر. و
فِيهِ" لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَ لَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ".
مِرَّةٌ بالكسر: القوة و الشدة،

480
مجمع البحرين3

مرر ص 480

و سوي: صحيح الأعضاء مستوفى الخلقة، و في الاستقامة مصون عن الاعوجاج. و في بعض النسخ و لم يقل لذي مرة سوي و كأنه إنكار. و الْمُرَّةُ: خلط من أخلاط البدن غير الدم، و الجمع مرار بالكسر. و
فِيهِ" الْخَلُّ يَكْسِرُ الْمُرَّةَ".
و
فِيهِ" لَمْ يُبْعَثْ نَبِيّاً قَطُّ إِلَّا صَاحِبُ مُرَّةٍ سَوْدَاءَ صَافِيَةٍ".
و الْمَرَارَةُ بفتح الميم: ضد الحلاوة. و الْمَرَارَةُ: التي تجمع المرة الصفراء معلقة مع الكبد كالكيس فيها ماء أخضر، و هي لكل حيوان إلا البعير، فإنه لا مرارة له، و الجمع مرار، و شي‏ء مر، و الجمع أمرار بالألف، و هذا أمر من كذا. و أَمَرَّ الشي‏ء: صار مرا، و كذلك مَرَّ الشي‏ء يَمَرُّ بالفتح مَرَارَةً فهو مُرٌّ. و المرة بالفتح واحدة المر و المرار، و
مِنْهُ الْحَدِيثُ" فَرَضَ اللَّهُ الْوُضُوءَ مَرَّةً مَرَّةً".
بالنصب يعني غسل الأعضاء مرة للوجه و مرة لليدين، و هو مفعول مطلقا، أي مرة مرة من التوضي أو غسل الأعضاء غسلة واحدة على الظرفية، أي متوضئا في زمان واحد، أو حال ساد مسد الخبر، أي يفعل مرة، و روي بالرفع على الخبرية و فعلت ذلك غير مَرَّةٍ: أي أكثر من مرة. و مَرَّ عليه يَمُرُّ مَرّاً: أي اجتاز. و مَرَّ يَمُرُّ مَرّاً و مُرُوراً: ذهب، و اسْتَمَرَّ مثله و الْمَمَرُّ: موضع المرور. و الْمُرَّانُ: شجر الرماح. و مَرٌّ- وزان فلس- موضع بقرب مكة من جهة الشام نحو مرحلة، و هو منصرف لأنه اسم واد، و يقال له بطن مَرٍّ و مَرُّ الظهران.
وَ فِي الْحَدِيثِ" كَانَ أَبُو ذَرٍّ فِي بَطْنِ مَرٍّ يَرْعَى غَنَماً".
و
فِيهِ" لَا لَيْسَ لِأَهْلِ مَرٍّ مُتْعَةٌ".
و الْمَرْمَرُ كجعفر نوع من الرخام إلا أنه أصلب و أشد صفاء.

481
مجمع البحرين3

مزر ص 482

(مزر)

فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ نَفَراً مِنَ الْيَمَنِ سَأَلُوهُ فَقَالَ: إِنَّ بِهَا مَاءً يُقَالُ لَهُ الْمِزْرُ. فَقَالَ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ".
الْمِزْرُ بالكسر و الزاي المعجمة ثم الراء المهملة: نبيذ يتخذ من الذرة و قيل من الشعير أو الحنطة.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَ ذَكَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: فَسَّرَ الْأَنْبِذَةَ فَقَالَ: الْبِتْعُ نَبِيذُ الْعَسَلِ، وَ الْجَعَّةُ نَبِيذُ الشَّعِيرِ، وَ الْمِزْرُ مِنَ الذُّرَةِ، وَ السَّكْرُ مِنَ التَّمْرِ، وَ الْخَمْرُ مِنَ الْعِنَبِ، وَ أَمَّا السُّكُرْكَةُ- بِتَسْكِينِ الرَّاءِ- فَخَمْرُ الْحَبَشِ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْمِمْزَارُ لَا يَطِيبُ إِلَى سَبْعَةِ آبَاءٍ. فَقِيلَ لَهُ: وَ أَيُّ شَيْ‏ءٍ الْمِمْزَارُ؟ فَقَالَ: الرَّجُلُ يَكْسِبُ مَالًا مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ فَيَتَزَوَّجُ بِهِ أَوْ يَتَسَرَّى بِهِ فَيُولَدُ لَهُ، فَذَلِكَ الْوَلَدُ هُوَ الْمِمْزَارُ".
 (مصر)
فِي الْحَدِيثِ" أَخْرَجَ عِظَامَ يُوسُفَ مِنْ مِصْرَ".
هي المدينة المعروفة تذكر و تؤنث، سميت بذلك لتمصرها أو لأنه بناها الْمِصْرُ بن نوح. و الْمِصْرُ أيضا: واحد الْأَمْصَارِ. و هو البلد العظيم. و الْمِصْرَانُ: الكوفة و البصرة. و مَصَرَ الرجل الشاة و تَمَصَّرَهَا و امْتَصَرَهَا: إذا حلبها بأطراف الأصابع الثلاث أو الإبهام أو السبابة فقط.
وَ فِي الْخَبَرِ" لَا يَمْصُرَ لَبَنَهَا فَيَضُرَّ وَلَدَهَا".
يريد لا يكثر من أخذ لبنها. و الْمَصِيرُ كرغيف: المعاء، و الجمع مُصْرَانٌ كرغفان.
 (مضر)
فِي الْحَدِيثِ" مِثْلُ رَبِيعَةَ وَ مُضَرَ".
بضم الميم و فتح المعجمة قبيلة منسوبة إلى مُضَرَ بن نزار بن معد بن عدنان، و يقال له مُضَرُ الحمراء و لأخيه ربيعة الفرس، لأنهما لما اقتسما الميراث أعطي مضر الذهب و هي تؤنث و أعطي ربيعة الخيل. و الْمَضِيرَةُ: طبيخ يتخذ من اللبن الْمَاضِرِ أي الحامض.
وَ فِي الْحَدِيثِ" اطْبُخِ اللَّحْمَ بِاللَّبَنِ فَإِنَّهُمَا يَشُدَّانِ الْجِسْمَ. قَالَ: قُلْتُ هِيَ الْمَضِيرَةُ؟ قَالَ: لَا وَ لَكِنِ اللَّحْمُ بِاللَّبَنِ".

482
مجمع البحرين3

مضر ص 482

و منه يتبين أن الْمَضِيرَةَ هو الطبيخ باللبن الحامض لا غير. و منه‏
الْحَدِيثُ" جَاءَنَا بِمَضِيرَةٍ وَ بِطَعَامٍ بَعْدَهَا".
 (مطر)
قوله تعالى: وَ أَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً
 [15/ 74] يقال لكل شي‏ء من العذاب أُمْطِرَتْ، و للرحمة مَطَرَتْ. و المطر واحد الأمطار، يقال مطرت السماء تمطر مطرا من باب طلب، و أمطرها الله و قد مُطِرْنَا.
وَ كَانَ عَلِيٌّ ع يَقُولُ فِي الْمَطَرِ" إِنَّ تَحْتَ الْعَرْشِ بَحْراً فِيهِ مَاءٌ يُنْبِتُ أَرْزَاقَ الْحَيَوَانَاتِ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُنْبِتَ مَا يَشَاءُ لَهُمْ رَحْمَةً مِنْهُ لَهُمْ أَوْحَى اللَّهُ فَمَطَرَ مَا شَاءَ مِنْ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ حَتَّى يَصِيرَ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُلْقِيَهُ إِلَى السَّحَابِ، وَ السَّحَابُ بِمَنْزِلَةِ الْغِرْبَالِ، ثُمَّ يُوحِي إِلَى الرِّيحِ أَنِ اطْحَنِيهِ وَ أَذِيبِيهِ ذَوَبَانَ الْمَاءِ ثُمَّ انْطَلِقِي إِلَى مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا، وَ مَا مِنْ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ إِلَّا وَ مَعَهَا مَلَكٌ حَتَّى يَضَعَهَا مَوْضِعَهَا، وَ لَنْ يَنْزِلَ مِنَ السَّمَاءِ قَطْرَةٌ إِلَّا بِعَدَدٍ مَعْدُودٍ وَ وَزْنٍ مَعْلُومٍ".
و الليلة الْمَطِيرَةُ: كثيرة المطر، و منه استحباب تأخير المغرب و تعجيل العشاء في الليلة المطيرة. و الْمِمْطَرُ كمنبر: ما يلبس في المطر يتوقى به، و منه‏
الْحَدِيثُ" فَدَعَا بِمِمْطَرٍ أَحَدُ وَجْهَيْهِ أَسْوَدُ وَ الْآخَرُ أَبْيَضُ فَلَبِسَهُ".
و الْمَمْطُورَةُ: الكلاب المبتلة بالمطر.
وَ فِي الْحَدِيثِ" قَدْ عَرَفْتُ هَؤُلَاءِ الْمَمْطُورَةَ فَأَقْنُتُ عَلَيْهِمْ فِي صَلَاتِي؟ قَالَ: نَعَمْ".
يريد بِالْمَمْطُورَةِ الواقفية.
وَ فِي حَدِيثِ الرِّضَا ع وَ قَدْ سُئِلَ عَنِ الْوَاقِفِيَّةِ؟ قَالَ: يَعِيشُونَ حَيَارَى وَ يَمُوتُونَ زَنَادِقَةً.
. و مَطْرَانُ: رجل نصراني من علماء النصارى، و منه‏
الْحَدِيثُ" مَطْرَانَ عُلْيَاءَ الْغُوطَةِ غُوطَةِ دِمَشْقَ أَرْشِدْنِي إِلَيْكَ".
 (معر)
الْمَعَرُ: سقوط الشعر، و قد معر الرجل بالكسر فهو مِعَرٌ. و الْأَمْعَرُ: قليل الشعر.
 (مغر)
فِي الْخَبَرِ" أَنَّ أَعْرَابِيّاً قَدِمَ عَلَيْهِ وَ هُو

483
مجمع البحرين3

مغر ص 483

مَعَ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَيُّكُمْ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَقَالُوا: هُوَ الْأَمْغَرُ الْمُرْتَفِقُ".
أي هو الأحمر المتكي على مرفقه. قال الليث: الْأَمْغَرُ الذي في وجهه حمرة مع بياض صاف، و قيل أراد بِالْأَمْغَرِ الأبيض لأنهم يسمون الأبيض أحمر، و الْأَمْغَرُ الأحمر الشعر و الجلد على لون المغرة، و الْمَغْرَةُ الطين الأحمر الذي يصبغ به، و قد يحرك. و منه" ثوبان ممغران".
 (مكر)
قوله تعالى: وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللَّهُ‏
 [3/ 54] الْمَكْرُ من الخلق خب و خداع و من الله مجازاة، و يجوز أن يكون استدراجه العبد من حيث لا يعلم. قوله: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ
 [34/ 33] أي مكرهم في الليل و النهار. قوله: إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا
 [10/ 21] أي يحتالون لما رأوا الآيات فيقولون سِحْرٌ* و أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ*. قوله: قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً
 [10/ 21] أي أقدر على مكركم و عقوبتكم قوله: أَ فَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ‏
 [7/ 99] أي عذاب الله. قوله: وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا
 [8/ 30] يريد الخدع و الحيلة. قوله: فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَ‏
 [12/ 31] أي باغتيابهن، و إنما سمي مكرا لأنهن أخفينه كما يخفى الماكر مكره. و الْمَكُر الخديعة، يقال مَكَرَ يَمْكُرُ مَكْراً من باب قتل: خدع، فهو مَاكِرٌ.
وَ فِي الدُّعَاءِ" اللَّهُمَّ امْكُرْ لِي وَ لَا تَمْكُرْ بِي".
أراد بِمَكْرِ الله إيقاع بلائه بأعدائه دون أوليائه. و
فِيهِ" أَعُوذُ بِكَ مِنْ مَكْرِ الشَّيْطَانِ".
أي وسوسته و نفسه و نفخه و تثبيطه و حبائله و خيله و رجله و جميع مكائده.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنْ كَانَ الْعَرْضُ عَلَى اللَّهِ حَقّاً فَالْمَكْرُ لِمَا ذَا".
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ" جَانِبُهُ الْأَيْسَرُ مَكْرٌ".
قيل كانت السوق جانبه الأيسر، و فيها يقع المكر و الخداع.

484
مجمع البحرين3

مور ص 485

 (مور)
قوله تعالى: يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً
 [52/ 9] و تدور بما فيها و تموج موجا، و الْمَوْرُ الموج، و يقال تَمُورُ أي تكفأ، أي تذهب و تجي‏ء كما تمور النخلة العبدانية. و مَارَ الشي‏ء من باب قال: أي تحرك بسرعة. قوله تعالى: فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ
 [54/ 36] أي فشككوا في الإنذار.
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع فِي وَصْفِهِ تَعَالَى" كَبَسَ الْأَرْضَ عَلَى مَوْرِ أَمْوَاجٍ مُسْتَفْحِلَةٍ".
الْمَوْرُ المتحرك، و استعار لفظ الاستفحال للموج ملاحظة للشبه بالفحل عند صياله.
وَ فِي حَدِيثِهِ ع فِي الْجِهَادِ" الْتَوُوا عَلَى أَطْرَافِ الرِّمَاحِ فَإِنَّهُ أَمْوَرُ لِلْأَسِنَّةِ".
و الْمَارَمَاهِي هو بفتح الراء معرب، و أصله حية السمك، و في بعض النسخ المارماهي.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْمَارَمَاهِي وَ الْجِرِّيُّ وَ الزِّمَّارُ مُسُوخٌ مِنْ طَائِفَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ".
وَ مِنْ دُعَاءِ نُوحٍ ع فِي السَّفِينَةِ" يَا مَارِي أَتْقِنْ".
كما صح في النسخ، و معناه بالسريانية يا رب أصلح. و قطاة مَارِيَّةٌ- بتشديد الياء- أي ملساء.
 (مهر)
فِي الْخَبَرِ" نَهَى عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ".
أي أجرة الفاجرة. و الْمَهْرُ بفتح الميم: صداق المرأة، و الجمع مُهُورٌ مثل فحل و فحول. و مَهْرُ السّنّة هو ما أصدقه النبي ص لأزواجه، و هو خمسمائة درهم قيمتها خمسون دينارا، يقال مَهَرْتُ المرأة مهرا- من باب نفع و نصر:- أعطيتها المهر. و أَمْهَرْتُهَا بالألف: زوجتها من رجل على مهر. و بنت مَهِيرَةٍ على فعيلة بمعنى مفعولة بنت حرة تنكح بمهر و إن كانت متعة

485
مجمع البحرين3

مهر ص 485

على الأقوى، بخلاف الأمة فإنها قد توطأ بالملك.
وَ فِي الْحَدِيثِ" كَانَ لِدَاوُدَ ع ثَلَاثُمِائَةِ بِنْتِ مَهِيرَةٍ وَ سَبْعُمِائَةِ سُرِّيَّةٍ".
و الْمُهْرُ بالضم: ولد الفرس، و الجمع أمهار و مهار و مهارة، و الأنثى مهرة و الجمع مهر، مثل غرفة و غرف و غرفات و مهرات أيضا. و الْمَهَارَةُ: الحذق في الشي‏ء. و الْمَاهِرُ: الحاذق بكل شي‏ء، يقال مهر في العلم و غيره و تمهر بفتحتين فهو مَاهِرٌ أي عالم حاذق، و منه" الماهر بالقراءة". و الْمِهْرَجَانُ: عيد الفرس كلمتان مركبتان من مهر وزان حمل و جان و معناه محبة الروح، و سيأتي تحقيقه في نذر إن شاء الله تعالى. و" مِهْرَانُ" نهر الهند، و هو أحد الأنهار الثمانية التي خرقها جبرئيل بإبهامه.
 (مير)
قوله تعالى: وَ نَمِيرُ أَهْلَنا
 [12/ 65] يقال فلان يَمِيرُ أهله: إذا حمل إليهم أقواتهم من غير بلدهم، من الْمِيرَةِ بالكسر فالسكون طعام يَمْتَارُهُ الإنسان أي يجلبه من بلد إلى بلد. و مَارَهُمْ ميرا من باب باع: أتاهم بالميرة. و الْمِيتَارُ: جالب الميرة. و البيت يُمْتَارُ منه المعروف: أي يؤخذ منه. و منه‏
الْحَدِيثُ" إِنَّ الْبَرَكَةَ أَسْرَعُ إِلَى الْبَيْتِ الَّذِي يُمْتَارُ مِنْهُ الْمَعْرُوفُ مِنَ الشَّفْرَةِ فِي سَنَامِ الْبَعِيرِ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" سُمِّيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّهُ يَمِيرُهُمُ الْعِلْمَ".
و الْمَائِرُ: المتحرك.

486
مجمع البحرين3

باب ما أوله النون ص 487

باب ما أوله النون‏
 (نبر)
نَبَرْتُ الشي‏ء أَنْبِرُهُ نبرا: رفعته، و منه سمي الْمِنْبَرُ لارتفاعه.
وَ فِي الْخَبَرِ" مِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي".
الأكثر على أن منبره بعينه يكون هناك، و قيل ملازمة منبره للأعمال الصالحة تورد صاحبها الحوض. و النِّبْرُ بالكسر: دويبة تشبه بالقراد إذا دبت على البعير يورم مدبها. و الْأَنْبَارُ: بلدة على الفرات من الجانب الشرقي و هيت من الجانب الغربي الأنبار.
 (نتر)
فِي الْحَدِيثِ" فَلْيَنْتُرْ ذَكَرَهُ ثَلَاثَ نَتْرَاتٍ بَعْدَ الْبَوْلِ".
النَّتْرُ: جذب الشي‏ء بجفوة، و منه نَتْرُ الذكر في الاستبراء. و اسْتَنْتَرَ من بوله: اجتذبه و استخرج بقيته من الذكر.
 (نثر)
فِي حَدِيثِ الْكَفَنِ" وَ نَثَرَ عَلَيْهِ الذَّرِيرَةَ".
أي يفرقها، يقال نَثَرْتُ الشي‏ء نَثْراً من بابي قتل و ضرب: رميت به متفرقا. و النَّثْرَةُ للدواب شبه العطسة، و منه‏
الْحَدِيثُ" الْجَرَادِ هُوَ نَثْرَةٌ مِنْ حُوتِ الْبَحْرِ".
أي عطسته و" النِّثَارُ" بالكسر و الضم لغة اسم لفعل ما ينثر كالنثر، و يكون بمعنى الْمَنْثُورِ كالكتاب بمعنى المكتوب، و قيل النِّثَارُ ما يتناثر من الشي‏ء كالساقط اسم ما يسقط و بالضم اسم للفعل كالنثر، و درa

487
مجمع البحرين3

نثر ص 487

منثر شدد للمبالغة. و الِانْتِثَارُ و الِاسْتِنْثَارُ بمعنى، و هو نثر ما في الأنف بالنفس، و هو أبلغ من الاستنشاق لأنه إنما يكون بعده.
 (نجر)
نَجَرَ الخشبة ينجرها نجرا من باب قتل نحتها، و الصانع نَجَّارٌ، و النجارة مثل الصناعة. و نَجْرَانُ: بلدة من بلاد همدان من اليمن، سميت باسم بانيها نَجْرَانُ بن زيدان. و في النهاية نَجْرَانُ موضع معروف بين الحجاز و الشام و اليمن.
وَ فِي الْحَدِيثِ" شَرُّ النَّصَارَى نَصَارَى نَجْرَانَ".
 (نحر)
قوله تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ
 [108/ 2] قال الشيخ أبو علي: أمره تعالى بالشكر على هذه النعم العظيمة، بأن قال فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ
 أي فصل صلاة العيد و انحر هديك و أضحيتك.
وَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ" كَانَ النَّبِيُّ ص يَنْحَرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَأُمِرَ أَنْ يُصَلِّيَ ثُمَّ يَنْحَرَ".
و قيل معناه صل لربك الصلاة المكتوبة و استقبل القبلة بنحرك.
وَ رُوِيَ عَنْ الْعِتْرَةِ الطَّاهِرَةِ أَنَّ مَعْنَاهُ ارْفَعْ يَدَيْكَ إِلَى النَّحْرِ فِي الصَّلَاةِ.
وَ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ
 هُوَ رَفْعُ يَدَيْكَ حِذَاءَ وَجْهِكَ. وَ رُوِيَ عَنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ مِثْلَهُ‏
وَ عَنْ جَمِيلٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ
؟ فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا- يَعْنِي اسْتَقْبَلَ بِيَدَيْهِ خُدُودَ وَجْهِهِ الْقِبْلَةَ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ.
وَ رُوِيَ عَنْ أَصْبَغَ بْنِ نُبَاتَةَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ قَالَ النَّبِيُّ ص لِجَبْرَئِيلَ: مَا هَذِهِ النَّحْرَةُ الَّتِي أَمَرَنِي رَبِّي؟ قَالَ: لَيْسَتْ بِنَحْرَةٍ وَ لَكِنَّهُ يَأْمُرُكَ إِذَا تَحَرَّمْتَ لِلصَّلَاةِ أَنْ تَرْفَعَ يَدَيْكَ إِذَا كَبَّرْتَ وَ إِذَا رَكَعْتَ وَ إِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِن‏

488
مجمع البحرين3

نحر ص 488

الرُّكُوعِ وَ إِذَا سَجَدْتَ، فَإِنَّهُ صَلَاتُنَا وَ صَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ فِي السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ، فَإِنَّ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ زِينَةً وَ زِينَةُ الصَّلَاةِ رَفْعُ الْأَيْدِي عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ.
وَ عَنِ النَّبِيِّ ص: رَفْعُ الْأَيْدِي فِي الصَّلَاةِ مِنَ الِاسْتِكَانَةِ. قُلْتُ: وَ مَا الِاسْتِكَانَةُ؟ قَالَ: أَ لَا تَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَ ما يَتَضَرَّعُونَ.
وَ فِي الدُّعَاءِ عَلَى الْأَعْدَاءِ" اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ".
يقال جعلت فلانا في نَحْرِ العدو أي قبالته و حذاه، و تخصيص النَّحْرِ بالذكر لأن العدو يستقبل بنحره عند المناهضة للقتال، و المعنى أسألك أن لا تتولانا في الجهة التي يريدون أن يأتونا منها و نتوقى بك عن ما يواجهوننا به، فأنت الذي تدفع في صدورهم و تكفينا أمرهم و تحول بيننا و بينهم. و" النُّحُورُ" بضم النون جمع نَحْرٍ، و هو موضع القلادة من الصدر، و هو المنحر مثل فلس و فلوس، و نحرت البهيمة من باب نفع. و الْمَنْحَرُ: الموضع الذي ينحر فيه الهدي و غيره.
وَ فِي الْخَبَرِ" أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ ص فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ".
و هو حين تبلغ الشمس منتهاها من الارتفاع، كأنها وصلت إلى النَّحْرِ و هو أعلا الصدر. و يوم النَّحْرِ: هو يوم العاشر من ذي الحجة. و منازل بني فلان تَتَنَاحَرُ: أي تتقابل. و النِّحْرِيرُ: الحاذق الماهر العاقل المجرب المتقن الفطن البصير بكل شي‏ء، لأنه ينحر العلم نحرا- كذا في القاموس.
 (نخر)
قوله تعالى: أَ إِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً
 [79/ 11] أي فارغة يسمع منها حس عند هبوب الريح، يقال نَخِرَ العظم نَخَراً من باب تعب: بلي و تفتت، فهو نَخِرٌ و نَاخِرٌ. قال الشيخ أبو علي: قرأ أهل الكوفة- و يعني أكثرهم-" عظاما نَاخِرَةً" بالألف. ثم قال: نَاخِرَةٌ و نَخِرَةٌ لغتان.

489
مجمع البحرين3

نخر ص 489

قال: و قال الفراء النَّخِرَةُ البالية، و النَّاخِرَةُ المجوفة. و قال الزجاج: نَاخِرَةُ أكثر و أجود لأجل مراعاة أواخر الآي مثل الخاسرة و الحافرة. و الْمَنْخِرُ كمجلس و كسر الميم للإتباع كمنبر لغة. و الْمَنْخِرَانِ: ثقبا الأنف،
وَ فِي حَدِيثِ الْعَابِدِ" فَنَخِرَ إِبْلِيسُ نَخْرَةً وَاحِدَةً فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جُنُودُهُ".
من النَّخِيرِ و هو صوت الأنف، يقال نَخَرَ يَنْخُرُ من باب قتل: إذا مد النفس في الخياشيم، و الجمع مَنَاخِرُ. و" نَاخُورَا" بالنون و الخاء المعجمة و الراء المهملة على ما صح في النسخ وصي النبي إدريس، و هو الذي دفع الوصية إلى نوح ع.
 (ندر)
نَدَرَ الشي‏ء نُدُوراً- من باب قعد-: سقط و شذ، و منه النَّادِرُ. و في القاموس نَوَادِرُ الكلام: ما شذ و خرج من الجمهور. و النَّادِرُ من الحديث في الاصطلاح: ما ليس له أخ أو يكون لكنه قليل جدا و يسلم من المعارض و لا كلام في صحته، بخلاف الشاذ فإنه غير صحيح أو له معارض و كتاب نَوَادِرُ الحكمة تأليف الشيخ الجليل محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري القمي يشتمل على كتب عديدة. و عن ابن شهرآشوب أن كتاب نَوَادِرِ الحكمة اثنان و عشرون كتابا. و النُّدْرَةُ: القلة، و منه" لقيته في النُّدْرَةِ" أي فيما بين الأيام. و نَدَرَ الكلام نَدَارَةً: فصح و جاد.
 (نذر)
قوله تعالى: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها
 [79/ 45] قال الشيخ أبو علي: قرأ أبو جعفر و العباس عن أبي عمرو إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ بالتنوين، و الباقون بغير تنوين، يعني إنما أنت مخوف من يخاف مقامها، أي إنما ينفع إِنْذَارُكَ من يخافها، و أما من لا يخشى فكأنك لم تُنْذِرْهُمْ. قوله: وَ جاءَكُمُ النَّذِيرُ [35/ 37]

490
مجمع البحرين3

نذر ص 490

النَّذِيرُ فعيل بمعنى الْمُنْذِرِ، أي المخوف، و يقال جاءَكُمُ النَّذِيرُ
 يعني الشيب، قيل و ليس بشي‏ء لأن الحجة تلحق كل بالغ و إن لم يشب. و الْإِنْذَارُ الإبلاغ و لا يكون إلا في التخويف، قال تعالى: وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ
 [40/ 18] أي خوفهم عذابه، و الفاعل مُنْذِرٌ و نَذِيرٌ، و الجمع نُذُرٌ بضمتين، قال تعالى: فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ*
 [4/ 16] أي كيف رأيتم انتقامي منهم و إِنْذَارِي إياهم مرة بعد أخرى، فَالنُّذُرُ جمع نَذِيرٍ و هو الْإِنْذَارُ، و المصدر يجمع لاختلاف أجناسه. و قوله: هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى‏
 [53/ 57] يعني محمدا ص. قوله: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ
 [13/ 7]
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: أَنَا الْمُنْذِرُ وَ عَلِيٌّ الْهَادِي، أَمَا وَ اللَّهِ مَا ذَهَبَتْ- يَعْنِي الْهِدَايَةَ- مِنَّا وَ مَا زَالَتْ فِينَا إِلَى السَّاعَةِ.
قوله: أَ أَنْذَرْتَهُمْ*
 [2/ 6] أي أعلمتهم بما تحذرهم منه، و لا يكون المعلم مُنْذِراً حتى يحذر بإعلامه، فكل مُنْذِرٍ معلم و لا عكس، يقال أَنْذَرَهُ بالأمر أعلمه و حذره و خوفه في إبلاغه، و الاسم النُّذْرَى بالضم.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ".
قال بعض الأعلام: هو شامل لما إذا كان نَذْراً مطلقا نحو لله علي أن أتزوج مثلا، و معلقا نحو إن شفي مريضي فلله علي أن أصوم العيد. قال: و ذهب المرتضى إلى بطلان النَّذْرِ المطلق طاعة كان أو معصية، و ادعى عليه الإجماع، و قال: إن العرب لا تعرف من النَّذْرِ إلا ما كان معلقا كما قاله تغلب و الكتاب و السنة وردا بلسانهم و النقل على خلاف الأصل. قال: و قد خالفه أكثر علمائنا و حكموا بانعقاد النذر المطلق كالمعلق. ثم نقل ما تمسكوا به على ذلك و رده ثم قال: و بالجملة فلا دلالة على ما ينافي مذهب السيد بوجه. إذا تقرر هذا فَالنَّذْرُ لغة الوعد و شرعا التزام‏

491
مجمع البحرين3

نذر ص 490

المكلف بفعل أو ترك متقربا، كأن يقول إن عافاني الله فلله علي صدقة أو صوم مما يعد طاعة، و الماضي منه مفتوح العين و يجوز في مضارعه الكسر و الضم.
وَ الْمُنْذِرُ بْنُ أَبِي الْجَارُودِ الْعَبْدِيُّ كَانَ عَامِلَ عَلِيٍّ ع عَلَى بَعْضِ النَّوَاحِي فَخَانَهُ. وَ مِنْ كَلَامِهِ ع لَهُ" إِنَّ صَلَاحَ أَبِيكَ غَرَّنِي مِنْكَ وَ ظَنَنْتُ أَنَّكَ تَتْبَعُ هَدْيَهُ وَ تَسْلُكُ سَبِيلَهُ".
و مُنْذِرٌ وصي يحيى بن زكريا.
 (نزر)
النَّزْرُ: القليل، يقال نَزُرَ الشي‏ء بالضم يَنْزُرُ نَزَارَةً و نُزُوراً: قل. و نَزِيرٌ: قليل. و عطاء مَنْزُورٌ: قليل. و نَزَارٌ ككتاب أبو قبيلة، و هو نَزَارُ بن معد بن عدنان.
 (نسر)
قوله تعالى: وَ لا يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَ نَسْراً
 [71/ 23] هو بفتح النون: اسم صنم يعبد كان لذي كلاع بأرض حمير، و كان يغوث لمذحج و يعوق لهمدان من أصنام قوم نوح. و في الحديث ذكر النَّاسُورَ بالسين و الصاد جميعا، و هي علة تحدث حوالي المقعدة، و علة في اللثة أيضا قل ما تندمل- قاله الجوهري، و هو معرب. و في القاموس النَّاسُورُ: العرق العسير الذي لا ينقطع في المآقي، و علة حوالي المقعدة، و علة في اللثة. و النَّسْرُ بفتح النون معروف، و جمع القلة أَنْسُرٌ و الكثير نُسُورٌ مثل فَلْسٍ و فُلُوسٍ و أَفْلُسٍ، و يقال النَّسْرُ لا مخلب له و إنما له ظفر كظفر الدجاجة و الغراب و الرخمة، و يقال سمي نَسْراً لأنه يَنْسُرُ الشي‏ء و يبتلعه.
وَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ النَّسْرُ يَقُولُ:" يَا بْنَ آدَمَ عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّ آخِرَهُ الْمَوْتُ".
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع فِي ذَمِّ أَصْحَابِهِ" كُلَّمَا ظَلَّ عَلَيْكُمْ مَنْسِرٌ مِنْ مَنَاسِرِ أَهْلِ الشَّامِ أَغْلَقَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بَابَهُ".
الْمَنْسِرُ بفتح الميم و كسر السين و بالعكس: القطعة من الجيش من المائة

492
مجمع البحرين3

نسر ص 492

المائتين.
 (نشر)
قوله تعالى: وَ إِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ‏
 [81/ 10] المراد صحف الأعمال، فإن صحيفة الإنسان تطوى عند موته ثم تُنْشَرُ إذا حوسب. قال الشيخ أبو علي: قرأ أهل المدينة و ابن عامر و عاصم و يعقوب و سهل نُشِرَتْ بالتخفيف و الباقون بالتشديد. قوله: صُحُفاً مُنَشَّرَةً
 [74/ 52] شدد للكثرة. قوله: ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ‏
 [80/ 22] أي أحياه. و الْإِنْشَارُ: الإحياء بعد الموت كَالنُّشُورِ، و مَنْشَرَيْنِ مَحْيَيَيْنِ. قوله: وَ انْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها [2/ 299] قرئ في السبعة بالراء المهملة و الزاي المعجمة. قوله: وَ جَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً
 [25/ 47] أي ينشر فيه الناس في أمورهم. قوله: فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ‏
 [62/ 10] تفرقوا فيها، من قولهم" انْتَشَرَ القوم" أي تفرقوا. قوله: النَّاشِراتِ نَشْراً
 [77/ 3] قيل هي نَشْرُ الرياح التي تأتي بالمطر، من قولهم" نَشَرَتِ الريحُ" أي جرت، و
قِيلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْشُرُ أَجْنِحَتَهَا فِي الْجَوِّ عِنْدَ انْحِطَاطِهَا بِالْوَحْيِ.
وَ فِي الْحَدِيثِ" غَسْلُ الرَّأْسِ بِالْخِطْمِيِّ نُشْرَةٌ".
بضم النون فالسكون أي رقية و حرز. و النُّشْرَةُ: عوذة يعالج بها المجنون و المريض، سميت نُشْرَةً لأنه يُنْشَرُ بها عنه ما خامره من الداء الذي يكشف و يزال و منه‏
" النُّورَةُ نُشْرَةٌ وَ طَهُورٌ لِلْبَدَنِ".
وَ فِي الْحَدِيثِ" مِنْ عَلَامَاتِ الْمَيِّتِ نَشْرُ مَنْخِرَيْهِ".
أي ارتفاعهما و انتفاخهما من الِانْتِشَارِ و هو انتفاخ في عصب الدابة يكون من التعب. و نَشَرَ المتاع و غيره يَنْشُرُهُ نَشْراً: بسطه، و منه" ريح نَشُورٌ" و" رياح نُشُرٌ" و نُشِرَ الميتُ يُنْشَرُ نُشُوراً- من باب قعد-: أي عاش بعد الموت.

493
مجمع البحرين3

نشر ص 493

وَ فِي الدُّعَاءِ" أَسْأَلُكَ بِالْقُدْرَةِ الَّتِي بِهَا تَنْشُرُ مَيْتَ الْعِبَادِ".
أي تحيي و نَشَرَهُمُ اللَّهُ يتعدى و لا يتعدى و يتعدى بالهمزة. و نَشَرْتُ الخشبةَ: قطعتها بِالْمِنْشَارِ، و هو بالكسر اسم آلة النَّشْرِ. و النُّشَارَةُ بالضم: ما سقط منه. و نَشَرْتُ الخبر أَنْشُرُهُ و أَنْشِرُهُ ضما و كسرا: أذعته. و انْتَشَرَ الخبر: ذاع.
 (نصر)
قوله تعالى: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ‏
 [110/ 1] أي إذا جاءك يا محمد نَصْرُ اللَّهِ‏
 على من عاداك و هم قريش، وَ الْفَتْحُ يعني فتح مكة، و هذه بشارة من الله تعالى لنبيه ص بالنصر و الفتح قبل وقوع الأمر، و مفعول جاءَ محذوف و كذا الجواب، و التقدير إذا جاءك نصر الله حضر أجلك،
وَ الْآيَةُ نَزَلَتْ- عَلَى مَا قِيلَ- فِي مِنًى فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص" نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي".
و قيل جوابه فَسَبِّحْ. قوله: مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ‏
 [22/ 15] و يعينه في الدنيا و الآخرة و يغيظه أن لا يظفر بمطلوبه فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ أي فليستفرغ وسعه في إزالة ما يغيظه، بأن يمد حبلا إلى سماء بيته فيختنق، فلينظر إن فعل ذلك هل يذهب عدم نصر الله الذي يغيظه. و سمي الاختناق قطعا لأن المختنق يقطع نفسه بحبس مجاريه، و سمي الفعل كيدا لأنه وضعه موضع الكيد حيث لا يقدر على غيره. و في تفسير علي بن إبراهيم: الظن في كتاب الله على وجهين: ظن علم، و ظن شك. و هذا ظن شك، أي من شك أن الله لن يثيبه في الدنيا و في الآخرة فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ أي يجعل بينه و بين الله دليلا، و الدليل على أن السبب هو الدليل قول الله في سورة الكهف وَ آتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ سَبَباً. فَأَتْبَعَ سَبَباً أي‏

494
مجمع البحرين3

نصر ص 494

دليلا، ثُمَّ لْيَقْطَعْ أي يميز، و الدليل على أن القطع هو التميز قوله تعالى: وَ قَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً أي ميزناهم، فقوله ثُمَّ لْيَقْطَعْ أي يميز فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ أي حيلته، و الدليل على أن الكيد هو الحيلة قوله كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ أي احتلنا له حتى حبس أخاه، و قوله يحكي قول فرعون فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ أي حيلتكم. قوله: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا
 [40/ 51] أي لغلب رسلنا، و النَّصْرُ الإعانة، يقال نَصَرَهُ على عدوه: أي أعانه، و الفاعل نَاصِرٌ و نَصِيرٌ. و الِانْتِصَارُ: الانتقام، يقال انْتَصَرَ منه أي انتقم. قوله: فَلا تَنْتَصِرانِ‏
 [55/ 35] أي لا تمتنعان من ذلك. قوله: فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ‏
 [11/ 63] أي من يمنعني منه. قوله: وَ قالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى‏ عَلى‏ شَيْ‏ءٍ
 [2/ 113] النَّصارى‏ جمع نَصْرَانٍ يقال رجل نَصْرَانٌ و امرأة نَصْرَانَةٌ لم تحنف و الياء في نَصْرَانِيٍّ مثلها لغة كالتي في أحمري. و النَّصَارَى هم قوم عيسى، قيل نسبوا إلى قرية بالشام تسمى نَصُورِيَّةً، و يقال تسمى نَاصِرَةً، يؤيده‏
حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا ع" سَمَّوْا النَّصَارَى نَصَارَى لِأَنَّهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ بِلَادِ الشَّامِ نَزَلَتْهَا مَرْيَمُ ع بَعْدَ رُجُوعِهَا مِنْ مِصْرَ".
و قيل لأنهم نَصَرُوا المسيح.
وَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ:" سُمِّيَ النَّصَارَى نَصَارَى لِقَوْلِ عِيسَى ع مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ"*
.
و رجل نَصْرَانِيٌّ بفتح النون و امرأة نَصْرَانِيَّةٌ و النَّصْرَانِيُّ يطلق على كل من تعبد بهذا الدين. و في الحديث ذكر الْأَنْصَارُ، و هم الذين آوَوْا رسول الله ص و نَصَرُوهُ. و
فِيهِ" شِعَارُنَا يَوْمَ الْأَحْزَابِ حم ... [حم‏] لا يُنْصَرُونَ‏
".
قيل معناه اللهم لا يُنْصَرُون‏

495
مجمع البحرين3

نصر ص 494

و يريد به الخبر لا الدعاء، لأنه لو كان دعاء لقال لِيُنْصَرُوا مجزوما، فكأنه قال و الله لا يُنْصَرُونَ. و قيل إن السور التي أولها حم* سور لها شأن، فنبه أن ذكرها لشرف منزلتها مما يستظهر به على استنزال النصر من الله تعالى. قوله" وَ هُمْ لا يُنْصَرُونَ"
 كلام مستأنف، كأنه قال قولوا حم قيل ما ذا يكون لو قلناها فقال لا يُنْصَرُونَ.
وَ فِي الْخَبَرِ" نُصِرْتُ بِالصَّبَا" وَ ذَلِكَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ حِينَ حَاصَرُوا الْمَدِينَةَ فَأُرْسِلَتْ رِيحُ الصَّبَا بَارِدَةً فِي لَيْلَةٍ شَاتِيَةٍ، فَسَفَّتِ التُّرَابَ فِي وُجُوهِهِمْ وَ أَطْفَأَتْ نِيرَانَهُمْ وَ قَلَعَتْ خِبَاءَهُمْ فَانْهَزَمُوا مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ وَ لَا إِهْلَاكِ أَحَدٍ مِنْهُمْ لِحِكْمَةٍ.
و أبو جعفر الْمَنْصُورُ من الخلفاء كان في زمن الصادق ع. و خَواجَا نَصِير اسمه محمد بن محمد بن الحسن الطوسي رحمه الله.
 (نضر)
قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ
 [75/ 23] أي مشرقة من بريق النعيم. قوله: لَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَ سُرُوراً
 [76/ 11] النَّضْرَةُ في الوجه و السرور في القلب. قوله: تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ‏
 [83/ 24].
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ ع وَ يَعْقُوبُ تُعْرَفُ بِضَمِّ التَّاءِ وَ فَتْحِ الرَّاءِ وَ نَضْرَةُ بِالرَّفْعِ، وَ الْبَاقُونَ تَعْرِفُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَ كَسْرِ الرَّاءِ وَ نَضْرَةَ بِالنَّصْبِ.
و المعنى إذا رأيتهم عرفت أنهم من أهل النعمة مما ترى في وجوههم من النور و الحسن و البياض و البهجة.
قَالَ عطا: وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَادَ فِي جَمَالِهِمْ وَ أَلْوَانِهِمْ مَا لَا يَصِفُهُ وَاصِفٌ.

496
مجمع البحرين3

نطر ص 497

و النَّضْرَةُ: الحسن و الرونق و قد نَضَرَ وجهه من باب قتل: أي حسن. و نَضَّرَ الله وجهه: يتعدى و لا يتعدى و يقال نَضَّرَ الله وجهه بالتشديد، و أَنْضَرَ الله وجهه بمعناه.
وَ فِي الْخَبَرِ" نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَ بَلَّغَهَا مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ، وَ رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ".
أي حسنه بالسرور و البهجة لما رزق بعلمه و معرفته من القدر و المنزلة بين الناس و نعمة في الأخرى حتى يرى عليه رونق الرخاء و رفيف النعمة.
وَ بَنُو النَّضِيرِ كَأَمِيرٍ حَيٌّ مِنْ يَهُودِ الْمَدِينَةِ مِنْ يَهُودِ خَيْبَرَ مِنْ وُلْدِ هَارُونَ أَخِي مُوسَى ع، صَالَحُوا رَسُولَ اللَّهِ ص بَعْدَ قُدُومِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ أَنْ يَكُونُوا لَهُ لَا عَلَيْهِ، فَلَمَّا وَقَعَتْ وَقْعَةُ أُحُدٍ طَارَتْ فِي رُءُوسِهِمْ نَفْرَةُ الْخِلَافِ وَ مَنَّاهُمُ الْمُنَافِقُونَ نَكَثُوا الْعَهْدَ، وَ سَارَ زَعِيمُهُمْ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ وَ رِجَالٌ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ فَخَانُوا رَسُولَ اللَّهِ ص.
و" النَّضْرُ" أبو قريش، و هو النَّضْرُ بن كنانة بن خزيمة بن إلياس بن مضر- قاله الجوهري.
 (نطر)
النَّاطِرُ و النَّاطُورُ: حافظ الكرم و النخل، أعجمي- قاله في القاموس.
 (نظر)
قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ
 [75/ 24] الأولى بالضاد و الثانية بالظاء المشالة، و المعنى وجوه يومئذ حسنة مشرقة تنظر إلى رحمة ربها لا غير ذلك، و يحتمل أن يكون إلى اسماً لواحد الآلاء و هي النعمة لا حرف جر، فكأنه قال ناظرة نعمة ربها. قوله: وَ ما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ‏
 [15/ 8] أي مؤخرين، و المعنى لا نمهلهم ساعة من النظرة بكسر الظاء للتاخير، يقال أَنْظَرْتُهُ أي أخرته، و اسْتَنْظَرْتُهُ أي استمهلته. قوله: وَ لا تُنْظِرُونِ‏
 [10/ 17] أي لا تمهلون.

497
مجمع البحرين3

نظر ص 497

قوله: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ‏
 [2/ 210] الآية، أي و ما يَنْظُرُ هؤلاء إلا هذا. قوله: أَنْظِرْنِي إِلى‏ يَوْمِ يُبْعَثُونَ*
 [7/ 14] أي أمهلني و أخرني في الأجل إلى يوم يبعثون. قوله: فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ*
 [7/ 71] أي فَانْتَظِرُوا*
 عذاب الله فإنه نازل بكم إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ*
 لنزوله بكم.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَوْ عَطَّلَ النَّاسُ الْبَيْتَ سَنَةً لَمْ يُنَاظَرُوا".
أي لم يؤخر عنهم العذاب. و مثله‏
" إِنْ تَرَكْتُمْ بَيْتَ رَبِّكُمْ لَمْ تُنَاظَرُوا".
و النَّظَرُ: الِانْتِظَارُ. و النَّظَرُ إلى الشي‏ء: مشاهدته. و النَّظَرُ: تأمل الشي‏ء بالعين. و النَّظَرُ: الفكر يطلب به علم أو ظن، فهو تأمل معقول لكسب مجهول. و داري تَنْظُرُ إلى دار فلان: أي تقابلها. و النَّظِرَةُ: عين الجن. و النَّظِرَةُ: التأخير، و منه" رجل يشتري المتاع بِنَظِرَةٍ" أي بتأخير. و منه" إِنْظَارُ المعسر" أي تأخيره و إمهاله. و النَّاظِرُ في المقلة: السواد الأصغر الذي فيه إنسان العين، و يقال للعين النَّاظِرَةٍ و الْمَنْظَرَةُ المَرْقَبَةُ.
وَ فِي الدُّعَاءِ" يَا مَنْ هُوَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلَى".
أي في المرقب الأعلى يَرْقُبُ عباده، و الجمع نُظَرَاءُ.
فِي الْحَدِيثِ" اصْحَبْ نُظَرَاءَكَ".
يعني في السفر. و نَاظِرْهُ مُنَاظَرَةً: جادله.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَ أَمْوَالِكُمْ وَ لَكِنْ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَ أَعْمَالِكُمْ".
و معنى النَّظَرِ هاهنا الاختبار و الرحمة، و لما كان ميل الناس إلى الصور المعجبة و الأموال الفائقه و الله متقدس عن شبه المخلوقين كان نَظَرُهُ إلى ما هو السر و اللب، و هو القلب و العمل.

498
مجمع البحرين3

نظر ص 497

و النَّظَرُ يقع على الأجسام و المعاني، فما كان بالأبصار فهو للأجسام، و ما كان بالبصائر فهو للمعاني.
 (نعر)
النُّعَرَةُ كهمزة: ذباب ضخم أزرق العين أخضر له إبرة في طرف ذنبه يلصع بها ذوات الحوافر خاصة. و نَعَرَتِ الدابة من باب قتل: صوتت و الاسم النَّعَارُ بالضم. و النَّاعُورُ واحد النَّوَاعِيرِ التي يستقى بها يديرها الماء، سميت بذلك لِنَعِيرِهَا و هو صوتها، ثم استعيرت للنخوة و الأنفة و الكبر، و منه‏
حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ" إِذَا رَأَيْتَ نَعْرَةَ النَّاسِ وَ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغَيِّرَهَا فَدَعْهَا حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ يُغَيِّرُهَا".
يريد كبرهم و جهلهم.
 (نغر)
نَغِرَ الرجل بالكسر: اغتاظ. و في القاموس نَغِرَ عليه كفرح و منع: علا جوفه و غضب، فهو نَغِيرٌ. و النُّغَرَةُ كهمزة واحدة النُّغَرِ كرطب، قيل هو فرخ العصفور و قيل ضرب من العصافير حمر المناقير، و قيل أهل المدينة تسمي البلبل النَّغِرَةَ، و جاء تصغيره في كلامهم.
 (نفر)
قوله تعالى: أَكْثَرَ نَفِيراً
 [17/ 6] أي أكثر عددا، و هو جمع نَفَرٍ. و النَّفِيرُ: من يَنْفُرُ مع الرجل من قومه. قوله: حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ
 [74/ 5] أي نَافُورَةٌ. و مُسْتَنْفِرَةٌ- بفتح الفاء- أي مذعورة. قوله: فَانْفِرُوا ثُباتٍ‏
 [4/ 71] النَّفَرُ: الخروج إلى الغزو، و أصله الفزع، يقال نَفَرَ يَنْفُرُ نُفُوراً فزع، و نَفِرَ إليه فزع من أمر إليه، و النَّفَرُ جماعة تَنْفُرُ إلى مثلها، و الثبات جماعات في تفرقة واحدها ثبه، و الْإِنْفَارُ عن الشي‏ء و الِاسْتِنْفَارُ كله بمعنى. قوله: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ
 [9/ 122] الآية.
وَ رَوَى يَعْقُوبُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع: إِذَا حَدَثَ بِالْإِمَامِ حَدَثٌ كَيْفَ يَصْنَعُ النَّاسُ؟

499
مجمع البحرين3

نفر ص 499

قَالَ: أَيْنَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ‏
 قَالَ: هُمْ فِي عُذْرٍ مَا دَامُوا فِي الطَّلَبِ، وَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَنْتَظِرُونَهُمْ فِي عُذْرٍ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ أَصْحَابُهُمْ".
و في الحديث تكرر ذكر النَّفَرِ بالتحريك، و هم عدة رجال قيل من ثلاثة إلى عشرة، و قيل إلى سبعة، و لا يقال نَفَرَ فيما زاد على العشرة. و النَّفِيرُ مثله.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِذَا سَافَرَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ فَهُوَ غَاوٍ وَ الِاثْنَانِ غَاوِيَانِ وَ الثَّلَاثَةُ نَفَرٌ".
أي جماعة، و روي سفر أي ركب. و نَفَرَ القوم نَفَراً تفرقوا الحاج من منى دفعوا للحج. و نَفَرْتُ إلى مكة: دفعت نفسي إليها. و نَفَرُوا إلى الشي‏ء: أسرعوا إليه. و ليلة النَّفْرِ يوم النَّفْرِ: لليوم الذي يَنْفُرُ الناس من منى، فَالنَّفْرُ الأول من منى هو اليوم الثاني من أيام العشر، و النَّفْرُ الثاني هو اليوم الثالث منها، و يقال أيضا يَوْمُ النَّفَرِ بالتحريك و يوم النُّفُورِ و يَوْمُ النَّفِيرِ. و الْمُنَافَرَةُ: المحاكمة في الحسب، يقال نَافَرَهُ فَنَفَرَهُ يَنْفُرُهُ بالضم لا غير، أي غلبه.
وَ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ع" فَنَفَرَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ بِانْتِهَارٍ".
أي قضى عليه الحكم بالغلبة، يقال نَفَرَ عليه يَنْفُرُ: أي قضى عليه الحكم بالغلبة. و نَفَرَتِ الدابة تَنْفُرُ نُفُوراً و نِفَاراً: جزعت و تباعدت، و الاسم النِّفَارُ بالكسر
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا تَضْرِبْهَا عَلَى النِّفَارِ فَإِنَّهَا تَرَى مَا لَا تَرَوْنَ".
و النَّيْلُوفَرُ و يقال اللِيْنُوفَرُ ضرب للرياحين ينبت في المياه الراكدة، قيل هو نافع لأوجاع كثيرة.
 (نقر)
قوله تعالى: فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ
 [74/ 8] أي نفخ في الصور، و النَّاقُورُ الصور.

500
مجمع البحرين3

نقر ص 500

و فيه ذكر النَّقِيرِ و هي النُّقْرَةُ التي في ظهر النواة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" نَهَى عَنْ نَقْرَةِ الْغُرَابِ".
يريد تخفيف السجود و أنه لا يمكث فيه إلا قدر وضع الغراب مِنْقَارَهُ فيما يريد أكله. و نَقَرَ الطائر الحبة نَقْراً من باب قتل: التقطها. و الْمِنْقَارُ بالكسر كالفم للإنسان، و الجمع الْمَنَاقِيرُ. و النُّقْرَةُ بالضم: حفرة صغيرة في الأرض‏
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْحِجَامَةُ فِي النُّقْرَةِ تُورِثُ النِّسْيَانَ".
يريد نُقْرَةَ الرأس التي تقرب من أصل الرقبة. و النُّقْرَةُ: القطعة المذابة من الذهب و الفضة يعني السبيكة.
وَ فِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ" لَيْسَ فِي النَّقْرِ زَكَاةٌ".
يريد به ما ليس بمضروب من الذهب و الفضة. و النَّقْرُ: صوت يسمع من قرع الإبهام على الوسطى. و التَّنْقِيرُ عن الأمر: البحث عنه. و الْمِنْقَرُ بكسر الميم المعول.
 (نكر)
قوله تعالى: ما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ
 [42/ 47] أي إِنْكَارٍ لذنوبكم. قوله: نَكِّرُوا لَها عَرْشَها
 [27/ 41] أي غيروه عن شكله. قال المفسر أراد بذلك اعتبار عقلها نَنْظُرْ أَ تَهْتَدِي لمعرفته، أو للجواب على الصواب إذا سئلت عنه، أو للدين و الإيمان بنبوة سليمان إذا رأت تلك المعجزة أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ. قوله: نَكِرَهُمْ‏
 [11/ 17] أي أَنْكَرَهُمْ، و اسْتَنْكَرَهُمْ مثله. قوله: لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً
 [18/ 74] أي مُنْكَراً. و مثله قوله: يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى‏ شَيْ‏ءٍ نُكُرٍ
 [65/ 8] أي مُنْكَرٌ فضيع تُنْكِرُهُ النفوس، و هو هول يوم القيامة. و الْمُنْكَرُ: الشي‏ء القبيح، أعني الحرام قال تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى‏ عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ [29/ 45]. قوله: إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِير

501
مجمع البحرين3

نكر ص 501

[31/ 19] أي أقبح الأصوات. قوله: وَ تَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ
 [29/ 29] و هو الحذف بالحصا فأيهم أصابه ينكحونه، و الصفق و ضرب المعازف و القمار و السباب و الفحش في المزاح. و الْمُنْكَرُ في الحديث ضد المعروف. و كلما قبحه الشارع و حرمه فهو مُنْكَرٌ، يقال أَنْكَرَ الشي‏ء يُنْكِرُهُ فهو مُنْكِرٌ و اسْتَنْكَرَهُ فهو مُسْتَنْكِرٌ. و المعروف الذي يذكر في مقابله الحسن المشتمل على رجحان، فيختص بالواجب و المندوب، و يخرج المباح و المكروه و إن كانا داخلين في الحسن. و النَّكِيرُ: الْإِنْكَارُ. و الْإِنْكَارُ: الجحود. و مُنْكَرٌ و نَكِيرٌ أسماء الملكين المشهورين و قد أَنْكَرَ بعض أهل الإسلام تسميتهما بذلك، و قالوا الْمُنْكَرُ هو ما يصدر من الكافر و من المتلجلج عند سؤالهما، و النَّكِيرُ ما يصدر عنهما من التقريع له، فليس للمؤمن مُنْكَرٌ و نَكِيرٌ عند هؤلاء و الأحاديث الصحيحة المتظافرة صريحة في خلافهم، و ربما كانت التسمية لأدنى ملابسة، و ذلك لصدور النَّكِيرِ و الْمُنْكَرِ منهما على غير المؤمن عند المسألة. و أَنْكَرْتُهُ إِنْكَاراً: خلاف عرفته، و نَكَّرْتُهُ كذلك. و أَنْكَرْتُ عليه فعله: إذا عبته عليه و نهيته. و أَنْكَرْتُهُ حقه: جحدته. و النَّكَرَةُ بالتحريك: الاسم من الْإِنْكَارِ كالنفقة من الإنفاق. و منه‏
الْحَدِيثُ" أَوْحَى اللَّهُ إِلَى دَاوُدَ ع أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ ذَنْبَكَ وَ جَعَلْتُ عَارَ ذَنْبِكَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ" فَقَالَ: كَيْفَ يَا رَبِّ وَ أَنْتَ لَا تَظْلِمُ؟ قَالَ" إِنَّهُمْ تُعَالِجُوكَ بِالنَّكَرَةِ".
و النَّكْرَاءُ: الْمُنْكَرُ، و منه‏
حَدِيثُ الْإِمَامِ ع مَعَ مُعَاوِيَةَ" تِلْكَ النَّكْرَاءُ تِلْكَ الشَّيْطَنَةُ وَ هِيَ شَبِيهَةٌ بِالْعَقْلِ".
و النَّكِرَةُ: ضد المعرفة. و التَّنَاكُرُ: التجاهل. و ما أَنْكَرَهُ: ما أدهاه، من النُّكْرِ بالضم و هو الدهاء، و يقال للرجل إذا

502
مجمع البحرين3

نكر ص 501

كان فطنا" ما أشد نُكْرَهُ" بالضم و الفتح و الْمُنَاكَرَةُ: المحاربة لأن كل واحد من المتحاربين يُنَاكِرُ الآخر، أي يداهيه و يخادعه.
 (نمر)
" نَمِرَةً" بفتح النون و كسر الميم و فتح الراء: هي الجبل الذي عليه أنصاب الحرم عن يمينك إذا خرجت المأزمين تريد الموقف، و هي أحد حدود عرفة دون عرفة.
وَ فِي الْحَدِيثِ" نَمِرَةُ بَطْنُ عُرَنَةَ بِحِيَالِ الْأَرَاكِ".
و النَّمِرَةُ كساء مخطط تلبسه الأعراب. و" النَّمِرَةُ" بفتح النون و كسر الميم و يجوز مع فتح النون و كسرها: ضرب من السباع فيه شبه من الأسد إلا أنه أصغر منه، و هو منقط الجلد نقطا سوداء و بيضاء و هو أخبث من الأسد لا يملك نفسه عند الغضب، حتى يبلغ من شدة غضبه أن يقتل نفسه، و الجمع أَنْمَارٌ و أَنْمُرٌ و نُمُورٌ، و الأنثى نَمِرَةٌ. و" نَمِرٌ" أبو قبيلة، و هو نَمِرُ بن قاسط، و النسبة إليه نَمَرِيٌ بفتح الميم استيحاشا لتوالي الكسرات- قاله الجوهري. و" نَمِيرٌ" أبو قبيلة من قيس. و النعم النَّمِرُ: التي فيها سواد و بياض جمع أَنْمُرٌ. و النَّمِرَةُ بالضم: النكتة من أي لون كان. و حمامة مُنَمِّرَةٌ فيها نقط سود و بيض. و" أَنْمَارٌ" أبو بطن من العرب، و النسبة إليه أَنْمَارِيٌّ. و غزوة أَنْمَارٌ كانت بعد غزوة بني النضير، و لم يكن فيها قتال و نقل عن المطرزي أن غزوة أَنْمَارٌ هي غزوة ذات الرقاع.
 (نور)
قوله تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏
 [24/ 35] أي مدبر أمرهما بحكمة بالغة، أو مُنَوِّرُهُمَا يعني كل شي‏ء استضاء بهما.
وَ عَنْهُ ع" مَعْنَاهُ هَادٍ لِأَهْل‏

503
مجمع البحرين3

نور ص 503

السَّمَاءِ وَ هَادٍ لِأَهْلِ الْأَرْضِ".
و النُّورُ: كيفية ظاهرة بنفسها مظهرة لغيرها، و الضياء أقوى منه و أتم، و لذلك أضيف للشمس، و قد يفرق بينهما بأن الضياء ضوء ذاتي و النُّورُ ضوء عارضي. قوله تعالى: وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ
 [24/ 40] قال المفسر: أي من لم يجعل الله له نُوراً بتوفيقه و لطفه فهو في ظلمة الباطل لا نُورَ له.
قَوْلُهُ: وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ‏
 [58/ 28] يَعْنِي إِمَاماً تَأْتَمُّونَ بِهِ- عَنِ الْبَاقِرِ ع‏
وَ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا
 [64/ 8] قَالَ: النُّورُ وَ اللَّهِ الْأَئِمَّةُ، وَ هُمُ الَّذِينَ يُنَوِّرُونَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ يَحْجُبُ اللَّهُ نُورَهُمْ عَمَّنْ يَشَاءُ فَتُظْلَمُ قُلُوبُهُمْ.
قوله: مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ
 [24/ 35] الآية. ذهب أكثر المفسرين إلى أنه نبينا محمد ص، فكأنه قال مثل محمد ص و هو المشكاة، و المصباح قلبه، و الزجاجة صدره شبهه بالكوكب الدري ثم رجع إلى قلبه المشبه بالمصباح، فقال يُوقَدُ هذا المصباح مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ يعني إبراهيم ع، لأن أكثر الأنبياء من صلبه أو شجرة الوحي لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ، أي لا نصرانية و لا يهودية لأن النصارى يصلون إلى المشرق و اليهود إلى المغرب، يكاد أعلام النبوة تشهد له قبل أن يدعو إليها.
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع قَوْلُهُ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ هُوَ نُورُ الْعِلْمِ فِي صَدْرِ النَّبِيِّ ص، وَ الزَّجَاجَةُ صَدْرُ عَلِيٍّ ع عَلَّمَهُ النَّبِيُّ ص فَصَارَ صَدْرُهُ كَزُجَاجَةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِي‏ءُ، وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ يَكَادُ الْعِلْمُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ص يَتَكَلَّمُ الْعِلْمَ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَ، نُورٌ عَلى‏ نُورٍ
 أَيْ إِمَامٌ مُؤَيَّدٌ بِالْعِلْمِ وَ الْحِكْمَةِ فِي أَثَرِ إِمَامٍ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ص، وَ ذَلِكَ مِن‏

504
مجمع البحرين3

نور ص 503

لَدُنْ آدَمَ إِلَى وَقْتِ قِيَامِ السَّاعَةِ هُمْ خُلَفَاءُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، لَا تَخْلُو الْأَرْضُ فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ.
وَ فِي الدُّعَاءِ" أَنْتَ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏
".
أي مُنَوِّرُهُمَا، أي كل شي‏ء اسْتَنَارَ منهما و استضاء فبقدرتك و بجودك و أضاف النُّورَ إلى السماوات و الأرض للدلالة على سعة إشراقه و فشو إضاءته، و عليه فسر اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏
 و النُّورُ: الضياء، و هو خلاف الظلمة و سمي النبي ص نُوراً للدلالات الواضحة التي لاحت منه للبصائر، و سمي القرآن نُوراً للمعاني التي تخرج الناس من ظلمات الكفر، و يمكن أن يقال سمى نفسه تعالى نُوراً لما اختص به من إشراق الجلال و سبحات العظم التي تضمحل الْأَنْوَارُ دونها، و على هذا لا حاجة إلى التأويل، و جمع النُّورِ أَنْوَارٌ. و التَّنْوِيرُ: الْإِنَارَةُ. و" أحيها إلى النُّورِ" أي إلى الصباح. و التَّنْوِيرُ: الإسفار. و تَنْوِيرُ الشجرة: إزهارها. و نَوَّرَتِ الشجرة و أَنَارَتْ: أي أخرجت نَوْرَهَا. و نَوَّرَتِ المصباح تَنْوِيراً: أزهرته. و نَوَّرْتُ بصلاة الفجر: صليتها في النُّورِ. و النَّارُ مؤنثة بدليل نُوَيْرَةٍ، و الجمع نِيرَانٌ. و منه‏
حَدِيثُ الصَّلَاةِ" قُومُوا إِلَى نِيرَانِكُمُ الَّتِي أَوْقَدْتُمُوهَا عَلَى ظُهُورِكُمْ فَأَطْفِئُوهَا بِالصَّلَاةِ".
المراد بِالنِّيرَانِ على قول أهل النظر هي الأعمال القبيحة التي هي سبب لحصول العقاب بِالنَّارِ، فأطلق اسم النَّارِ عليها مجازا من باب تسمية السبب باسم المسبب، و إطفاؤها عبارة عن تكفيرها بالطاعة. و أما على قول أهل الباطن فَالنِّيرَانُ هي حقيقتها من حيث إن العمل الحاصل بصورته الظاهرة صورته الحقيقية المعنوية نارا أو جنة، لا أنهما لا يدركان إلا بعد المفارقة. و مثله قوله: إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً
 [4/ 10].

505
مجمع البحرين3

نور ص 503

و في الحديث كما قيل دلالة على أن الأعمال الصالحة مكفرة للأعمال السيئة، و هو موافق لمذهب المعتزلة القائلين بالإحباط و التكفير، و أما على مذهب أهل الموافاة فيشترط التكفير بها، و جاز توقفه على شرط فتسمية الإطفاء إطفاء باعتبار ما يئول إليه عند حصول شرطه، تسمية للعلة عند صلاحيتها للتأثير لانضمام ما يكون متمما لها. و النَّائِرَةُ: العداوة، و منه" بينهم نَائِرَةٌ" أي شحناء و عداوة. و منه‏
الْحَدِيثُ" أَطْفِئُوا نَائِرَةَ الضَّغَائِنِ بِاللَّحْمِ وَ الثَّرِيدِ".
و إطفاء النَّائِرَةِ: عبارة عن تسكين الفتنة، و هي فاعلة من النَّارِ. و في الحديث تكرر ذكر النُّورَةِ بضم النون، و هي حجر الكلس، ثم غلبت على اختلاط يضاف إلى الكلس من زرنيخ و غيره تستعمل لإزالة الشعر.
وَ قَوْلُهُ ع" أَعْطَاكَ مِنْ جِرَابِ النُّورَةِ لَا مِنَ الْعَيْنِ الصَّافِيَةِ".
على الاستعارة، و الأصل فيه أنه سأل سائل محتاج من حاكم قسي القلب شيئا فعلق على رأسه جراب نُورَةٍ عند فمه و أنفه كلما تنفس دخل في أنفه منها شي‏ء، فصار مثلا يضرب لكل مكروه غير مرضي. و تَنَوَّرَ الرجل: تطلى بِالنُّورَةِ. و الْمَنَارُ بفتح الميم: علم الطريق. و الْمَنَارُ: الموضع المرتفع الذي يوقد في أعلاه النَّارُ.
وَ فِي حَدِيثِ وَصْفِ الْأَئِمَّةِ" جَعَلْتَهُمْ أَعْلَاماً لِعِبَادِكَ وَ مَنَاراً فِي بِلَادِكَ".
أي هُدَاةً يَهْتَدَى بهم. و مثله‏
فِي وَصْفِ إِمَامٍ" يُرْفَعُ لَهُ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ مَنَارٌ يَنْظُرُ مِنْهُ إِلَى أَعْمَالِ الْعِبَادِ".
وَ فِي حَدِيثِ يُونُسَ ع قَدْ كَثُرَ ذِكْرُ الْعَمُودِ فَقَالَ لِي: يَا يُونُسُ مَا تَرَاهُ أَ تَرَاهُ عَمُوداً مِنْ حَدِيدٍ؟ قُلْتُ: لَا أَدْرِي. قَالَ: لَكِنَّهُ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِكُلِّ بَلْدَةٍ يَرْفَعُ اللَّهُ بِهِ أَعْمَالَ تِلْكَ الْبَلْدَةِ.
" و ذو الْمَنَارِ" ملك من ملوك اليمن، و اسمه أبرهة بن الحرث الرائش، و إنما قيل له ذو الْمَنَارُ لأنه أول من ضرب الْمَنَار

506
مجمع البحرين3

نور ص 503

على طريقه في مغازيه ليهتدي بها إذا رجع و الْمَنَارَةُ: التي يؤذن عليها.
 (نهر)
قوله تعالى: أَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ
 [93/ 15] أي لا تزجره و لا تزبره، من قولهم نَهَرَهُ و انْتَهَرَهُ أي زبره و زجره و
قِيلَ هُوَ طَالِبُ الْعِلْمِ إِذَا جَاءَكَ فَلَا تَنْهَرْهُ.
و النَّهَرُ واحد الْأَنْهَارِ، قال تعالى: فِي جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ
 [54/ 54] أي أَنْهَارٍ و قد يعبر بالواحد عن الجمع كما في قوله: وَ يُوَلُّونَ الدُّبُرَ و يجمع أيضا على نُهُرٍ بضمتين و أَنْهُرٌ. و النَّهَارُ: اسم لضوء واسع ممتد من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، و هو مرادف اليوم. و ربما توسعت العرب فأطلقت النَّهَارَ من وقت الإسفار إلى الغروب، و هو في عرف الناس من طلوع الشمس إلى غروبها" و نَهْرَوَانُ" بفتح النون و الراء: بلد معروف عن بغداد أربعة فراسخ.
 (نير)
" نِيرُ الْفَدَّانِ" الخشبة المعترضة في عنق الثورين، و الجمع النَّيرَانُ، و قد يستعار للإذلال، و منه‏
قَوْلُهُ ع" يَا مَنْ وَضَعَتْ لَهُ الْمُلُوكُ نِيرَ الْمَذَلَّةِ عَلَى أَعْنَاقِهَا".
باب ما أوله الواو
 (وبر)
فِي الْحَدِيثِ" الْوَبَرُ مِنَ الْمُسُوخِ".
الْوَبْرَةُ بالتسكين دويبة أصغر من السنور طحلاء اللون لا ذنب لها، و لكن مثل إليه الخروف، ترجن في البيوت، و جمعها وَبْرٌ و وِبَار كسهم و سهام، و قيل هي من جنس بنات عرس و الْوَبَرُ بالتحريك: وَبَرُ البعير و نحوه كالأرانب و الثعالب و نحوها، و هو بمنزلة الصوف للغنم. و أَوْبَرَ البعير إذا كثر وَبَرُهُ، و الجمع أَوْبَارٌ كسبب و أسباب. و بنات الْأَوْبَرِ: كَمْأَة صغار على لون التراب.
 (وتر)
قوله تعالى: وَ الشَّفْعِ وَ الْوَتْر

507
مجمع البحرين3

وتر ص 507

 [89/ 3] قيل الشَّفْعِ يومُ الأضحى وَ الْوَتْرِ
 يومُ عَرَفَةَ، و قيل الْوَتْرُ
 الله وَ الشَّفْعِ الخلقُ خُلِقُوا أَزْوَاجاً، و قيل الْوَتْرِ
 آدمُ شُفِعُ بِزَوْجَتِهِ حَوَّاءَ، و قيل الشَّفْعِ وَ الْوَتْرِ
 الصلاة منها شفع و منها وتر. قال الشيخ أبو علي قرأ أهل الكوفة غير عاصم بكسر الواو، و الباقون بالفتح. قوله: تَتْرا
 [23/ 44] و هي فعلى و فعلى من الْمُوَاتَرَةِ، و هي المتابعة، قيل و لا تكون الْمُوَاتَرَةُ بين الأشياء إلا إذا وقعت بينها فترة و إلا فهي مداركة و مواصلة، و أصل تَتْرَى وَتْرَى فأبدلت الواو كما أبدلت في تراث، و فيها لغتان بتنوين و غير تنوين، فمن لم يصرفها جعل ألفها للتأنيث، و من صرفها جعلها ملحقة بفعلل و نونها. قوله: وَ لَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ‏
 [47/ 35] أي لن ينقصكم من ثوابكم، من وَتَرَهُ حقه أي نقصه من باب وعد.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الِاكْتِحَالُ وَتْراً".
أي ثلاثا أو خمسا أو سبعا، و ليكن أربعا في اليمنى و ثلاثا في اليسرى عند النوم. و
فِيهِ" إِذَا اسْتَنْجَى أَحَدُكُمْ فَلْيُوتِرْ".
أي يجعل مسحه وترا. و الْوِتْرُ بالكسر: الفرد، و بالفتح الذحل أعني الثار. قال الجوهري: و هذه لغة أهل العالية، فأما لغة أهل الحجاز فبالضم منهم، و أما تميم فبالكسر فيهما.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَبِيتَنَّ إِلَّا بِوَتْرٍ".
يريد الركعتين من جلوس بعد العشاء الآخرة، لأنهما يعدان بركعة و هي وَتْرٌ، فإن حدث بالمصلي حدث قبل إدراك آخر الليل و قد صلاهما يكون قد بات على وَتْرٍ، و إن أدرك آخر الليل صلى الْوَتْرِ بعد صلاة الليل. و الْوَتْرُ في الأخبار اسم للثلاث موصولة كانت أو مفصولة دون الواحد.
وَ فِي الْخَبَرِ" مَنْ جَلَسَ مَجْلِساً لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ فِيهِ كَانَ عَلَيْهِ تِرَةً".
أي نقص و لائمة. و التِّرَةُ: النقص، و قيل التبعة، و الهاء فيه عوض عن الواو كعدة، و يجوز رفعها و نصبها على اسم كان و خبرها. و منه‏
الْحَدِيثُ" مَنِ اضْطَجَعَ مَضْجَعَهُ وَ لَمَّا يَذْكُر

508
مجمع البحرين3

وتر ص 507

اللَّهَ تَعَالَى كَانَ عَلَيْهِ تِرَةً".
و
فِيهِ" إِنَّ اللَّهَ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ".
قيل‏
قَوْلُهُ" اللَّهُ وَتْرٌ".
لأنه البائن من خلقه الموصوف بالوحدانية من كل وجه و لا نظير له في ذاته و لا سمي له في صفاته و لا شريك له في ملكه، فتعالى الله الملك الحق. و
قَوْلُهُ" يُحِبُّ الْوَتْرَ".
أي يرضى به عن العبد. و" الْوَتَرُ" بالتحريك واحد أَوْتَارِ القوس مثل سبب و أسباب، و أَوْتَارٌ جمع وِتْرٍ بالكسر و هي الجناية. و منه" طلبوا الْأَوْتَارَ".
وَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" وَ أَدْرَكْتَ أَوْتَارَ مَا طَلَبُوا".
و الْوَتِيرَةُ: طلب الثار، و ما زال على وَتِيرَةٍ واحدة أي طريقة واحدة مطردة يدوم عليها. و الْمَوْتُورُ: الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه، و منه‏
الْحَدِيثُ" أَنَا الْمَوْتُورُ".
أي صاحب الْوَتْرُ الطالب بالثار". و يقال وَتَرَهُ يَتِرُهُ وَتْراً و تِرَةً، و منه‏
حَدِيثُ الْأَئِمَّةِ ع" بِكُمْ يُدْرِكُ اللَّهُ تِرَةَ كُلِّ مُؤْمِنٍ يُطْلَبُ بِهَا".
وَ فِي الْحَدِيثِ" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص وَتَرَ الْأَقْرَبِينَ وَ الْأَبْعَدِينَ فِي اللَّهِ".
أي قطعهم و أبعدهم عنه في الله. و الْمَوْتُورُ: الذي لا أهل له و لا مال في الجنة.
 (وثر)
فِيهِ" أَنَّهُ نَهَى عَنْ مِيثَرَةِ الْأُرْجُوَانِ".
الْمِيثَرَةُ بالكسر غير مهموزة شي‏ء يحشى بقطن أو صوف و يجعله الراكب تحته، و أصله الواو و الميم زائدة، و الجمع مَيَاثِرُ و مَوَاثِرُ. و الأرجوان صبغ أحمر، و لعل النهي عنها لما فيها من الرعونة- أعني الحمق. و عن أبي عبيدة" و أما الْمَيَاثِرُ الحمراء التي جاء فيها النهي فإنها كانت من مراكب العجم من ديباج أو حرير" و إطلاق اللفظ يأباه.
 (وجر)
الْوَجُورُ: دواء يُوجَرُ في وسط الفم.
وَ قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ" وَجُورُ الصَّبِيِّ اللَّبَنُ بِمَنْزِلَةِ الرَّضَاعِ".
و ربما كان من‏

509
مجمع البحرين3

وجر ص 509

باب القلب أي وَجُورُ اللبن في فم الصبي. و وِجَارُ الضَّبُع: جحرها الذي تأوي إليه، و أَوْجَرَهُ السباع جمع وِجَارٍ. و" وَجْرَةُ" بين مكة و البصرة، و هي أربعون ميلا ليس فيها منزل، فهو مرب للوحش- قاله الأصمعي نقلا عنه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِذَا وَاجَرَ نَفْسَهُ عَلَى شَيْ‏ءٍ مَعْرُوفٍ أَخَذَ حَقَّهُ".
يقال وَاجَرْتُهُ مُوَاجَرَةً مثل عاملته معاملة و عاقدته معاقدة.
 (وحر)
فِي الْحَدِيثَ" صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الشَّهْرِ تَعْدِلُ صَوْمَ الدَّهْرِ وَ تَذْهَبُ بِوَحَرِ الصَّدْرِ".
الْوَحَرُ: الوسوسة، و قيل وَحَرُ الصدر بالتحريك غشه و قيل الحقد و الغيظ، و قيل العداوة، و قيل أشد الغضب. و قد وَحَرَ صدرُهُ عَلَيَّ: أي وغر. و في صدره عليَّ وَحَرٌ بالتسكين مثل وغر، و هو اسم و المصدر بالتحريك.
 (وذر)
قوله تعالى: فَذَرْنِي وَ مَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ‏
 [68/ 44] يعني دعني و إياه، أي كِلْهُ إليَّ فإني سأكفيكه فلا تشغل قلبك بشأنه. و ذَرْهُ: أي دعه. و هو يَذُرُهُ: أي يدعه و أصله الواو. و الْوَذَرُ جمع وَذَرَةٍ، و هي القطعة من اللحم مثل تمر و تمرة.
 (وزر)
قوله تعالى: وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى‏*
 [6/ 164] أي و لا تحمل حاملة حمل أخرى و ثقلها، أي لا تؤخذ بذنب أخرى. قوله: حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها
 [47/ 4] أي حتى يضع أهل الحرب السلاح، أي حتى لا يبقى إلا مسلم أو مسالم، و أصل الْوِزْرِ ما حمله الإنسان، فسمي السلاح وِزْراً لأنه يحمل. و الْأَوْزَارُ: الأثقال. قوله: حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ‏
 [20/ 87] أي أثقالا من حليهم قوله: وَزِيراً مِنْ أَهْلِي [20/ 29] وَزِيرُ الملك الذي يحمل ثقله و يعينه برأيه. قوله: كَلَّا لا وَزَرَ
 [75/ 11]

510
مجمع البحرين3

وزر ص 510

بالتحريك، أي لا ملجأ. و الْوِزْرُ بالكسر فالسكون: الحمل و الثقل، و كثيرا ما يطلق في الحديث على الذنب و الإثم، و الجمع أَوْزَارٌ. و منه‏
الْحَدِيثُ" لَكَ الْمَهْنَأُ وَ عَلَيْهِ الْوِزْرُ".
أي الإثم عليه. و الْمُوَازَرَةُ على العمل: المعاونة عليه، يقال وَازَرْتُهُ مُوَازَرَةً أي أعنته و قويته، و منه سمي الْوَزِيرُ وَزِيراً.
وَ فِي الْحَدِيثِ" ارْجِعْنَ مَأْجُورَاتٍ غَيْرَ مَأْزُورَاتٍ".
أي غير آثمات، و قياسه مَوْزُورَاتٍ و إنما قال مَأْزُورَاتٍ للازدواج.
 (وشر)
وَشَرَتِ المرأة أنيابها وَشْراً من باب وعد: إذا حددتها و رققتها فهي وَاشِرَةٌ. و اسْتَوْشَرَتْ: سألت أن يفعل بها ذلك.
 (وصر)
الْوِصْرُ لغة في الإصر، و هو العهد كما قالوا إرث و ورث.
 (وضر)
الْوَضَرُ بالتحريك: الدرن و الدسم يقال وَضَرْتُ القصعة: أي دسمت. و الْوَضَرُ: ما يشمه الإنسان من ريح يجده من طعام فاسد. و وَضَرَ وَضَراً فهو وَضِرٌ مثل وسخ وسخا وزنا و معنى.
 (وطر)
قوله تعالى: فَلَمَّا قَضى‏ زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها
 [33/ 37] أي أربا و حاجة، و الْوَطَرُ الحاجة، و لا يبنى منه فعل، و الجمع أَوْطَارٌ.
 (وعر)
فِي الْحَدِيثِ" عَائِرٍ وَ وُعَيْرٍ".
عَائِرٌ و وُعَيْرٌ بضم الواو و فتح العين: جبلان بالمدينة، الأول من جانب مسجد الشجرة، و الثاني جبل أحد. و يقال وَعَرَ وُعَيْرٌ و جبل وَعْرٌ بالتسكين و مطلب وَعْرٌ، قال الأصمعي و لا تقل وَعِر بكسر العين، و قد وَعُرَ الشي‏ء بالضم وُعُورَةً، و ذلك تَوَعَّرَ: أي صار وَعْراً لا سهلا.
وَ فِي حَدِيثِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى" وَ اسْتَلَانُوا

511
مجمع البحرين3

وعر ص 511

مَا اسْتَوْعَرَهُ الْمُتْرَفُونَ".
هو من الْوَعْرِ من الأرض ضد السهل، و المترف المتنعم من الترف بالضم و هي النعمة، أي استسهل ما استصعبه المتنعمون من رفض الشهوات البدنية و قطع التعلقات الدنيوية و ملازمة الصمت و السهر و الجوع و المراقبة و الاحتراز من صرف ساعة من العمر فيما لا يوجب زيادة القرب منه تعالى شأنه.
 (وغر)
" الْوَغْرَةُ" بالفتح فالسكون: شدة وَقْد الحر، و منه وَغَرَتِ الهاجرة كوعد. و الْوَغَرُ محركة: الحقد و الضغن و العداوة و التوقد من الغيظ، و قد وَغَرَ صدرُ الرَّجل وَغَراً بالتحريك.
 (وفر)
قوله تعالى: فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً
 [17/ 63] أي مُوَفَّراً كاملا. و الْمَوْفُورُ: الكامل التام‏
وَ فِي الدُّعَاءِ" اجْعَلْنِي مِنْ أَوْفَرِ عِبَادِكَ نَصِيباً عِنْدَكَ".
أي من أكثرهم. و الْوَفْرُ: المال الكثير. و وَفُرَ ككرم و وعد، و الْوَفْرَةُ الشعرة إلى شحم الأذن ثم الجمة ثم اللمة و هي التي أَلَمَّتْ بالمنكبين. و منه‏
الْحَدِيثُ" كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ ص وَفْرَةً لَمْ يَبْلُغِ الْفَرْقَ".
 (وقر)
قوله تعالى: فَالْحامِلاتِ وِقْراً
 [51/ 2] هي السحاب تحمل الماء. قوله: ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً
 [71/ 13] أي ما لكم لا تخافون لله عظمة، من وَقُرَ بالضم عظم. قوله: فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ
 [41/ 44] هو بالفتح: الثقل في الأذن أو ذهاب السمع كله. و قد وَقَرَتْ أذنه كوعد و وجل: أي ثقل سمعها أو صمت، و قياس مصدره التحريك إلا أنه جاء بالتسكين.
وَ فِي الْحَدِيثِ" الْإِيمَانُ مَا وَقَرَ فِي الْقُلُوبِ".
أي ثبت، يقال وَقَرَ في صدره: أي سكن فيه و ثبت. و الْوَقَارُ كسحاب: الحلم و الرزانة

512
مجمع البحرين3

وقر ص 512

و السكينة و السكون، و هو مصدر وَقُرَ بالضم. و التَّوْقِيرُ: التعظيم و الترزين. و
فِيهِ" السَّكِينَةُ وَ الْوَقَارُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ".
أراد بالسكينة السكون و بِالْوَقَارِ التواضع‏
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ وَقَّرَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى هَدْمِ الْإِسْلَامِ".
أي عظمه. و التَّوْقِيرُ: التعظيم، و
مِنْهُ" وَقِّرُوا كِبَارَكُمْ".
أي عظموهم و ارفعوا شأنهم و منزلتهم، و المراد بالكبار ما يشمل السن و الشأن كالمعلمين. و مُوَقَّرٌ كمعظَّم: المجرب العاقل. و الْوِقْرُ بالكسر: الحمل، يقال جاء يحمل وِقْرَهُ، و أكثر ما يستعمل الْوِقْرُ في حمل البغل و الحمار و الوسق في حمل البعير- قاله الجوهري.
وَ فِي الْحَدِيثِ" اشْتَرَيْتُ أَرْضاً إِلَى جَنْبِ ضَيْعَتِي، فَلَمَّا وَقَرْتُ الْمَالَ" أَيْ حَمَلْتُهُ" إِلَى مَنِ اشْتَرَيْتُهَا مِنْهُ خُبِّرْتُ أَنَّ الْأَرْضَ وَقْفٌ".
و في بعض النسخ" وفيت" و في بعضها" وزنت".
 (وكر)
فِي الْحَدِيثِ" نَهَى عَنْ طُرُوقِ الطَّيْرِ فِي وَكْرِهَا".
وَكْرُ الطير: عُشُّهُ الذي يأوي إليه، و الجمع وُكُورٌ و أَوْكَارٌ. و
فِيهِ" لَا وَلِيمَةَ إِلَّا فِي وِكَارٍ".
الْوِكَارُ: شراء الدار. قال الصدوق رحمه الله: سمعت بعض أهل اللغة يقول في معنى الْوِكَارِ: يقال الطعام الذي يدعى إليه الناس عند بناء الدار أو شرائها الْوَكِيرَةُ، و الْوِكَارُ منه، و الطعام الذي يتخذ للقدوم من السفر يقال له النقيعة و يقال له الْوِكَارُ أيضا، و الرِّكَازُ الغنيمة. و التَّوْكِيرُ: اتخاذ الْوَكِيرَةِ، و الْوَكِيرُ و الْوَكِيرَةُ: طعام يعمل لفراغ البنيان.

513
مجمع البحرين3

باب ما أوله الهاء ص 514

باب ما أوله الهاء
 (هبر)
" قصر هُبَيْرَةَ" هو من الكوفة كما جاءت به الرواية. و الْهَبْرَةُ بالفتح فالسكون: القطعة من اللحم لا عظم فيها.
 (هتر)
الْهَتْرُ: مزق العرض. و أَهْتَرَ الرجل فهو مُهْتِرٌ أي صار خَرِفا من الكبر، و فلان مُسْتَهْتِرٌ بالشراب أي مولع به لا يبالي.
وَ فِي الدُّعَاءِ" الْمُسْتَهْتِرُونَ بِذِكْرِ اللَّهِ".
أي المولعون به.
 (هجر)
قوله تعالى: وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا
 [73/ 10] الْهُجْرُ الجميل: أن يخالفهم بقلبه و هواه و يؤالفهم في الظاهر بلسانه و دعوته إلى الحق بالمداراة و ترك المكافاة. قوله تعالى: سامِراً تَهْجُرُونَ‏
 [23/ 67] هو من الْهُجْرِ، و هو الهذيان و تَهْجُرُونَ من الْهُجْرِ أيضا، و هو الإفحاش في المنطق. قوله تعالى: إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً
 [25/ 30] أي متروكا لا يسمع، و يقال مَهْجُوراً
 جعلوه بمنزلة الْهُجْرِ أي الهذيان، و يقال مَهْجُوراً
 أي قالوا فيه غير الحق، أ لم تر إلى المريض إذا هُجِرَ قال غير الحق قوله تعالى: وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَ اضْرِبُوهُنَ‏
 [4/ 34]
فَالْهُجْرُ هُوَ أَنْ يُحَوِّلَ إِلَيْهَا ظَهْرَهُ وَ الضَّرْبُ بِالسَّوْطِ وَ غَيْرِهِ ضَرْباً رَقِيقاً- كَذَا مَرْوِيٌّ عَنِ الصَّادِقِ ع‏
قوله تعالى: وَ الَّذِينَ هاجَرُوا*
 [2/ 281] أي تركوا بلادهم، و منه" الْمُهَاجِرُونَ" لأنهم هَاجَرُوا بلادهم و تركوها و صاروا إلى رسول الله ص، و كل من هَجَرَ بلده لغرض‏

514
مجمع البحرين3

هجر ص 514

ديني من طلب علم أو حج أو فرار إلى بلد يزداد فيه طاعة أو زهدا في الدنيا فهي هِجْرَةٌ إلى الله و رسوله. قوله تعالى: إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى‏ رَبِّي‏
 [29/ 26] أي من كوثى، و هو من سواد الكوفة إلى حوران من أرض الشام ثم منها إلى فلسطين، و كان معه في هِجْرَتِهِ لوط و امرأته سارة. قوله تعالى: يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ‏
 [59/ 9] أي من غير بلدهم. قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ‏
 إلى قوله وَ إِنْ فاتَكُمْ شَيْ‏ءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا [60/ 10] قوله تعالى فَامْتَحِنُوهُنَّ أي فاختبروهن بالحلف و النظر في الأمارات ليغلب على ظنكم صدق إيمانهن،
وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَقُولُ لِلْمُمْتَحَنَةِ تَاللَّهِ مَا خَرَجْتِ مِنْ بُغْضِ زَوْجٍ، وَ بِاللَّهِ مَا خَرَجَتِ رَغْبَةً عَنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ، وَ بِاللَّهِ مَا خَرَجْتِ الْتِمَاسَ دَيْنٍ، وَ بِاللَّهِ مَا خَرَجْتِ إِلَّا حُبّاً لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ.
فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ أراد الظن المتاخم للعلم لا العلم حقيقة فإنه غير ممكن، و عبر عن الظن بالعلم إيذانا بأنه كهو في وجوب العمل فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَ لا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ قوله تعالى وَ آتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا أي أعطوا أزواجهن ما أنفقوا، أي ما دفعوا إليهن من المهر، يعني إذا قدمت مسلمة و لها زوج فجاء في طلبها فمعناه وجب على الإمام أو نائبه أن يدفع إليه ما سلمه إليها من بيت المال، لأنه من المصالح من مهر خاصة دون ما أنفقه عليها من مآكل و غيره، و لو كان المهر محرما كخمر أو خنزير أو لم يكن دفع إليها شيئا لم تدفع إليه و لا قيمة المحرم. و هذا كله في زمن الهدنة أما لو قدمت لا مع الهدنة فلا يدفع إليه شي‏ء لأنه حربي يقهر على ماله وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ أي مهورهن، لأن المهر أجر البضع. قوله تعالى وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ العصم ما يعتصم به من عقد و سبب، أي‏

515
مجمع البحرين3

هجر ص 514

لا يكن بينكم و بين الكافرات عصمة سواء كن حربيات أو ذميات وَ سْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ من مهور أزواجكم اللاحقات بالكفار وَ لْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا من مهور نسائكم الْمُهَاجِرَاتِ ذلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ الآية. قوله تعالى: وَ إِنْ فاتَكُمْ شَيْ‏ءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ قال المفسر: لما أمر بأداء المهر إلى الزوج الكافر فقبل ذلك المسلمون و أمر الكفار بأداء مهر اللاحقة بهم مريدة فلم يقبلوا نزلت هذه الآية، و المعنى فإن سبقكم و انفلت منكم شي‏ء، أي أحد من أزواجكم إلى الكفار و قيل معناه فغزوتم فأصبتم من الكفار عقبى، و هي الغنيمة فأعطوا الزوج الذي فاتته امرأته إلى الكفار من رأس الغنيمة ما أنفقه من مهرها و قيل غير ذلك. و قرئ فَأَعْقَبْتُمْ و عَقَّبْتُمْ بتشديد القاف و عَقَبْتُمْ بتخفيفها و فتحها و كسرها، و معنى الجميع واحد.
وَ فِي الْخَبَرِ" لَوْ تعلمون [يَعْلَمُ النَّاسُ‏] مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ".
هو بمعنى التبكير إلى الصلاة، و هو المضي إليها في أوائل أوقاتها و ليس من الْمُهَاجَرَةِ. و
فِيهِ" تَصَدَّقَ عَلَى مَنْ هَاجَرَ إِلَى الرَّسُولِ".
و الْمُهَاجِرُ: من هَاجَرَ ما حرم الله عليه. و الْمُهَاجِرُ: من ترك الباطل إلى الحق.
وَ فِي الْحَدِيثِ" مَنْ دَخَلَ إِلَى الْإِسْلَامِ طَوْعاً فَهُوَ مُهَاجِرٌ".
و الْهَاجِرَةُ: نصف النهار عند اشتداد الحر أو من عند الزوال إلى العصر، لأن الناس يسكنون في بيوتهم، كأنهم قد تَهَاجَرُوا من شدة الحر، و الجمع هَوَاجِرُ، و منه‏
الدُّعَاءُ" أَ تُرَاكَ مُعَذِّبِي وَ قَدْ أَظْمَأْتُ لَكَ هَوَاجِرِي".
أي في هَوَاجِرِي.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ مَلَكاً مُوَكَّلًا بِالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ لَيْسَ لَهُ هِجِّيرٌ إِلَّا التَّأْمِينُ عَلَى دُعَائِكُمْ. قُلْتُ: مَا الْهِجِّيرُ؟ فَقَالَ: كَلَامُ الْعَرَبِ".
أي ليس له عمل، و في النهاية أي دأب و عادة، و في الصحاح الْهِجِّيرُ مثال فسيق أي دأب و عادة.
وَ فِي الْخَبَرِ" إِذَا طُفْتُمْ بِالْبَيْتِ فَلَا تَلْغُوا وَ لَا تَهْجُرُوا".
أي لا تفحشوا و تخلطوا في‏

516
مجمع البحرين3

هجر ص 514

كلامكم، من قولهم هَجَرَ يَهْجُرُ هَجْراً: إذا هذي و خلط في كلامه.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا يَنْبَغِي لِلنَّائِحَةِ أَنْ تَقُولَ هُجْراً".
أي فحشا و لغوا. و
فِي حَدِيثِ خَدِيجَةَ وَ هَجَرَتْهُ هَجْراً.
بالفتح و هِجْراً بالكسر من باب قتل: تركته و رفضته.
وَ فِي الْحَدِيثِ" لَا هِجْرَةَ فَوْقَ ثَلَاثٍ".
الْهَجْرُ ضد الوصل، يعني فيما يكون بين المسلمين من عتب و موجدة أو تقصير تقع في حقوق العشرة و الصحبة دون ما كان في جانب الدين، فإن هِجْرَةَ الأهواء و البدع دائمة على ممر الأوقات ما لم تظهر التوبة" و هَجَرُ" محركة بلدة باليمن و اسم لجميع أرض البحرين، و قرية كانت قرب المدينة تنسب إليها القلال.
وَ فِي الْحَدِيثِ" عَجِبْتُ لِتَاجِرِ هَجَرَ وَ رَاكِبِ الْبَحْرِ".
و إنما خصها بالذكر لكثرة وباها، و إن تاجرها و راكب البحر سواء في الخطر. و ليست بِالْهَجَرِ المنسوب إليها" القِلَالُ الْهَجَرِيَّةُ" التي هي قرب المدينة.
وَ فِي حَدِيثٍ" لَوْ ضَرَبُونَا حَتَّى يَبْلُغُوا بِنَا السَّعَفَاتِ مِنْ هَجَرَ لَعَلِمْنَا أَنَّنَا عَلَى الْحَقِّ".
و يجي‏ء تفسيره في سعف إنشاء الله تعالى و قولهم" كمبضع التمر إلى هَجَرَ" نقل أن أهل اللغة يروونه منونا، و النسبة إليه هَاجَرِيٌّ على غير قياس، و أكثر الرواة يروونه غير منصرف. قال بعض الأعلام: و ليس بصحيح. و هَاجَرَ النبي ص من مكة إلى المدينة و مكث عشر سنين. و" هَاجَرَ" على فاعَل بفتح العين. و" هَاجَرُ" بفتحتين أُمُّ إسماعيل بن إبراهيم ع و كانَتْ أَمَةً، و سارة أُمَّ إسحاق و كانت حُرَّةً.
 (هدر)
فِي الْخَبَرِ" لَا تَتَزَوَّجُنَ هَيْدَرَةً".
أي عجوزا أدبرت شهوتها و حرارتها، و قيل هو بالذال المعجمة من الهذر و هو الكلام الكثير و الياء زائدة. و الْهَدَرُ: ما يبطل من دم و غيره. و
مِنْهُ" ذَهَبَ دَمُهُ هَدَراً".
أي باطلا ليس فيه قود و لا عقل.

517
مجمع البحرين3

هدر ص 517

و هَدَرَ الدم من بابي ضرب و قتل: بطل. و هَدَرَ الحمارُ هَدِيراً: صوت، و منه" هَدِيرُ الحمام" و هو تواتر صوته. و هَدَرَ البعير هَدِيراً: أي ردد صوته في حنجرته.
 (هذر)
هَذَرَ في منطقه هَذْراً من بابي ضرب و قتل: خلط و تكلم بما لا ينبغي له، و الْهَذَرُ بفتحتين اسم منه، و هو الهذيان. و أَهْذَرَ في كلامه: أكثر.
 (هرر)
فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ع" إِنَّ الْهِرَّ سَبُعٌ فَلَا بَأْسَ بِسُؤْرِهِ".
الْهِرُّ بالكسر و التشديد السنور، و الجمع هِرَرَةٌ وزان قِرْدٍ و قِرَدَةٍ، و عن ابن الأنباري الْهِرُّ يقع على الذكر و الأنثى و قد يدخلون الهاء في المؤنث. و" أبو هُرَيْرَة" صحابي، و من قصته‏
أَنَّهُ قَالَ:" حَمَلْتُ هِرَّةً يَوْماً فِي كُمِّي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟ قُلْتُ: هِرَّةٌ. فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ".
فغلبت عليه كنيته، و اسمه عبد الله. و الْهِرَّةُ أنثى الهر، و الجمع هِرَرٌ مثل قربة و قرب. و هَرِيرُ الكلب: صوته دون نباحه من قلة صبره على البرد. و" ليلة الْهَرِيرِ" هي وقعة كانت بين علي ع و معاوية بظهر الكوفة.
 (هزر)
فِي الْحَدِيثِ" أَنَّهُ قَضَى فِي سَيْلِ وَادِي مَهْزُورٍ أَنْ يُحْبَسَ حَتَّى بَلَغَ الْمَاءُ الْكَعْبَيْنِ".
مَهْزُورٌ بتقديم الزاي المعجمة على الراء المهملة: وادي بني قريضة بالحجاز، فأما بتقديم الراء المهملة على الزاي المعجمة فموضع سوق بالمدينة تصدق به رسول الله ص على المساكين. و قال ابن بابويه: سمعت من أثق به من أهل المدينة أنه وادي مَهْزُورٍ و مسموعي من شيخنا محمد بن الحسن رضي الله عنه أنه قال: وادي مَهْرُوزٍ بتقديم الراء غير المعجمة، و ذكر أنها كلمة فارسية و هو من هَرَزَ الماء، و الماء الْهَرْزُ بالفارسية

518
مجمع البحرين3

هزر ص 518

الزائدة على المقدار الذي يحتاج إليه. و في المختلف: المشهور أن الزاي أولا و الراء ثانيا. و" إبراهيم بن مَهْزِيَارَ" من رواة الحديث.
 (هزبر)
" الْهِزَبْرُ" بكسر الهاء و فتح الزاي و إسكان الباء الموحدة و الراء المهملة في الآخر: الأسد، و قيل إنه حيوان على شكل السنور الوحشي في قده إلا أن لونه يخالف لونه، و هو من ذوات الأنياب يوجد في بلاد الحبشة كثيرا.
 (همر)
قوله تعالى بِماءٍ مُنْهَمِرٍ
 [54/ 11] أي كثير سريع الانصباب، و منه هَمَرَ الرجل: إذا أكثر الكلام و أسرع و الدمع يَهْمِرُ هَمْراً- من باب رمى-: إذا سال، و انْهَمَرَ الماء إذا سال أيضا.
 (هور)
قوله تعالى: عَلى‏ شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ‏
 [9/ 109] هو من هَارَ الجرف من باب قال: انصدع و جُرُفٍ. هَارٍ مقلوب من هَايِرٍ: أي منهدم، و مثله شاك السلاح و شائك. و انْهَارَ الجرف: انهدم.
وَ فِي الْحَدِيثِ" إِنَّ النَّازِلَ بِهَذَا الْمَنْزِلِ نَازِلٌ بِشَفَا جُرُفٍ هَارٍ، يَنْقُلُ الرَّدِي‏ءَ عَلَى ظَهْرِهِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ".
قال بعض الشارحين: يريد الباني أموره على جهالة في معرض أن لا يتم عمله لكونه على غير أصل، و الردي‏ء الهلاك. و التَّهَوُّرُ: الوقوع في الشي‏ء بقلة مبالاة.
 (هير)
في الحديث ذكر الْهَيْرُونَ، و هو ضرب من التمر.

519
مجمع البحرين3

باب ما أوله الياء ص 520

باب ما أوله الياء
 (يسر)
قوله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [1/ 185] فَالْيُسْرُ الإفطار في السفر، و العسر الصوم فيه. قوله تعالى: يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ*
 [54/ 17] أي سهلناه للتلاوة، و لو لا ذلك ما أطلق العباد أن يلفظوا به و لا أن يسمعوه. قوله تعالى: ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ‏
 [80/ 20] أي يَسَّرَ إخراجه من الرحم. قوله تعالى فَأَمَّا مَنْ أَعْطى‏ وَ اتَّقى‏ وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى‏ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى‏
 [92/ 5- 7]
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى‏ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ وَ اتَّقى‏ وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنى‏ أَيْ بِأَنَّ اللَّهَ يُعْطِي بِالْوَاحِدِ عَشْراً إِلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ فَمَا زَادَ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى‏
 قَالَ: لَا يُرِيدُ شَيْئاً مِنَ الْخَيْرِ إِلَّا يَسَّرَهُ اللَّهُ لَهُ.
و يقال الْيُسْرَى من الْيُسْرِ و هو سهولة عمل الخير، و المعنى نوفقه للشريعة الْيُسْرَى، و هي الحنيفية. قوله تعالى: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ
 [5/ 90] الآية. الْمَيْسِرُ: القمار، و قيل كل شي‏ء يكون منه قمار فهو الْمَيْسِرُ حتى لعب الصبيان بالجوز الذي يتقامرون به لأنه يجزأ أجزاء، فكأنه موضع التجزئة و كل شي‏ء جزيته فقد يَسَرْتَهُ، و يقال سمي مَيْسِراً لِتَيَسُّرِ أخذ مال الغير فيه من غير تعب و مشقة.
وَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع" لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ‏
 قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ص مَا الْمَيْسِرُ؟ قَالَ: كُلُّ مَا تُقُومِرَ بِهِ حَتَّى الْكِعَابُ وَ الْجَوْزُ. قَالَ: فَمَا الْأَنْصَابُ؟ قَالَ: كُلُّ مَا ذَبَحُوهُ لِآلِهَتِهِمْ. قَالَ: فَمَا الْأَزْلَامُ؟

520
مجمع البحرين3

يسر ص 520

قَالَ: قِدَاحُهُمُ الَّتِي يَسْتَقْسِمُونَ بِهَا".
. قوله تعالى: فَنَظِرَةٌ إِلى‏ مَيْسَرَةٍ
 [2/ 280] أي إلى سعة. و الْمَيْسَرَةُ السعة، و قرأ بعضهم فَنَظِرَةُ مَيْسَرَةٍ بالإضافة، و منه الأخفش لأنه ليس في الكلام مفعل بغير هاء، و أما مَكرم و معون فهما جمع مكرمة و معونة. قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً
 [84/ 8] أي و من أعطي كتابه الذي فيه تثبت أعماله من طاعة أو معصية بيده اليمنى فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً، يريد أنه لا يناقش في الحساب و يواقف على ما عمل من الحسنات و ما له عليها من الثواب و ما حط من الأوزار أما بالتوبة أو بالعفو.
وَ فِي الْحَدِيثِ" ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ حَاسَبَهُ اللَّهُ حِساباً يَسِيراً
 وَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ. قَالُوا: وَ مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: تُعْطِي مَنْ حَرَمَكَ، وَ تَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ، وَ تَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ".
وَ فِي الْخَبَرِ" إِنَّ هَذَا الدِّينَ يَسِيرٌ".
أي سهل قليل التشديد. و
فِيهِ" كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ".
أي مهيأ، أي إن الله قدر لكل أحد سعادته أو شقاوته، فسهل على السعيد أعمال السعداء و هيأه لذلك، و مثله في الشقي.
وَ فِي الدُّعَاءِ" اللَّهُمَّ تَفَضَّلْ عَلَيَّ بِالْمُيَاسَرَةِ إِذَا حَاسَبْتَنِي".
الْمُيَاسَرَةُ مفاعلة من الْيُسْرِ و المراد المسامحة في الحساب. و تَيَسَّرَ لفلان الخروج و اسْتَيْسَرَ له بمعنى، أي تهيأ. و الْمَيْسُورُ: ضد المعسور، و منه‏
" لَا يَسْقُطُ الْمَيْسُورُ بِالْمَعْسُورِ".
قال سيبويه: هما صفتان، إذ لا يجي‏ء المصدر على مفعول، و قولهم" دعه إلى مَيْسُورِهِ و مَعْسُورُهُ" مُؤَوَّلٌ. و الْأَيْسَرُ: نقيض الأيمن. و الْمَيْسَرَةُ: خلاف الميمنة. و الْيَسَارُ بالفتح: خلاف اليمين، و لا تقل يِسَاراً بالكسر. و في القاموس الْيَسَارُ و يكسر: خلاف اليمين.

521
مجمع البحرين3

يسر ص 520

و الْيَسَارُ: الغنى. و الْيَسِيرُ: القليل. و" الإسلام يَسِيرُ المضمار" أي قليل الوقت لأن الدنيا مضماره و هي قليلة. و شي‏ء يَسِيرٌ: أي هين، و منه‏
الْحَدِيثُ" إِنَّ الْكِيسَ لِذِي الْحَقِّ يَسِيرٌ".
أي هين لين. و
فِيهِ" قِلَّةُ الْعِيَالِ أَحَدُ الْيَسَارَيْنِ".
و هو ظاهر.

522