×
☰ فهرست و مشخصات
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 28 الدین الذی لا یقبل الله أعمال العباد إلا به ص 1

الجزء السادس و الستون‏
تتمة كتاب الإيمان و الكفر
أبواب الإيمان و الإسلام و التشيع و معانيها و فضلها و صفاتها
باب 28 الدين الذي لا يقبل الله أعمال العباد إلا به‏
الآيات البقرة قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ ما أُنْزِلَ إِلى‏ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطِ وَ ما أُوتِيَ مُوسى‏ وَ عِيسى‏ وَ ما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَ إِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ «1» أقول قد مر تفسيرها في الباب الأول «2».
1- ك، إكمال الدين لي، الأمالي للصدوق ابْنُ مُوسَى وَ الْوَرَّاقُ مَعاً عَنِ الصُّوفِيِّ عَنِ الرُّويَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْحَسَنِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَيِّدِي عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ ع فَلَمَّا بَصُرَ بِي قَالَ لِي مَرْحَباً بِكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ أَنْتَ وَلِيُّنَا حَقّاً قَالَ فَقُلْتُ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعْرِضَ عَلَيْكَ دِينِي فَإِنْ كَانَ مَرْضِيّاً ثَبَتُّ عَلَيْهِ حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ هَاتِ يَا أَبَا الْقَاسِمِ فَقُلْتُ إِنِّي أَقُولُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَاحِدٌ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ خَارِجٌ مِنَ الْحَدَّيْنِ حَدِّ الْإِبْطَالِ وَ حَدِّ التَّشْبِيهِ وَ إِنَّهُ لَيْسَ بِجِسْمٍ وَ لَا صُورَةٍ وَ لَا عَرَضٍ وَ لَا جَوْهَرٍ بَلْ هُوَ مُجَسِّمُ الْأَجْسَامِ وَ مُصَوِّرُ الصُّوَرِ وَ خَالِقُ الْأَعْرَاضِ وَ الْجَوَاهِرِ وَ رَبُّ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ مَالِكُهُ وَ جَاعِلُهُ وَ مُحْدِثُهُ وَ إِنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ فَلَا نَبِيَّ بَعْدَهُ إِلَى‏
__________________________________________________
 (1) البقرة: 136- 137.
 (2) راجع ج 67 ص 20- 21.

001
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 28 الدین الذی لا یقبل الله أعمال العباد إلا به ص 1

يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ إِنَّ شَرِيعَتَهُ خَاتِمَةُ الشَّرَائِعِ فَلَا شَرِيعَةَ بَعْدَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ أَقُولُ إِنَّ الْإِمَامَ وَ الْخَلِيفَةَ وَ وَلِيَّ الْأَمْرِ بَعْدَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع ثُمَّ الْحَسَنُ ثُمَّ الْحُسَيْنُ ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ثُمَّ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثُمَّ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ثُمَّ أَنْتَ يَا مَوْلَايَ فَقَالَ ع وَ مِنْ بَعْدُ الْحَسَنُ ابْنِي فَكَيْفَ لِلنَّاسِ بِالْخَلَفِ مِنْ بَعْدِهِ قَالَ فَقُلْتُ وَ كَيْفَ ذَاكَ يَا مَوْلَايَ قَالَ لِأَنَّهُ لَا يُرَى شَخْصُهُ وَ لَا يَحِلُّ ذِكْرُهُ بِاسْمِهِ حَتَّى يَخْرُجَ فَيَمْلَأَ الْأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً قَالَ فَقُلْتُ أَقْرَرْتُ وَ أَقُولُ إِنَّ وَلِيَّهُمْ وَلِيُّ اللَّهِ وَ عَدُوَّهُمْ عَدُوُّ اللَّهِ وَ طَاعَتَهُمْ طَاعَةُ اللَّهِ وَ مَعْصِيَتَهُمْ مَعْصِيَةُ اللَّهِ وَ أَقُولُ إِنَّ الْمِعْرَاجَ حَقٌّ وَ الْمُسَاءَلَةَ فِي الْقَبْرِ حَقٌّ وَ إِنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَ النَّارَ حَقٌّ وَ الصِّرَاطَ حَقٌّ وَ الْمِيزَانَ حَقٌّ وَ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ وَ أَقُولُ إِنَّ الْفَرَائِضَ الْوَاجِبَةَ بَعْدَ الْوَلَايَةِ الصَّلَاةُ وَ الزَّكَاةُ وَ الصَّوْمُ وَ الْحَجُّ وَ الْجِهَادُ وَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ع يَا أَبَا الْقَاسِمِ هَذَا وَ اللَّهِ دِينُ اللَّهِ الَّذِي ارْتَضَاهُ لِعِبَادِهِ فَاثْبُتْ عَلَيْهِ ثَبَّتَكَ اللَّهُ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ «1».
بيان: حدّ الإبطال هو أن لا تثبت له صفة و حدّ التشبيه أن تثبت له على وجه يتضمن التشبيه بالمخلوقين كما مر تحقيقه في كتاب التوحيد.
2- ما، الأمالي للشيخ الطوسي عَنِ الْمُفِيدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْجُعْفِيِّ قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ع وَ مَعَهُ صَحِيفَةُ مَسَائِلِ شِبْهِ الْخُصُومَةِ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ ع هَذِهِ صَحِيفَةُ مُخَاصِمٍ عَلَى الدِّينِ الَّذِي يَقْبَلُ اللَّهُ فِيهِ الْعَمَلَ فَقَالَ رَحِمَكَ اللَّهُ هَذَا الَّذِي أُرِيدُ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع اشْهَدْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ تُقِرُّ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ الْوَلَايَةِ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ الْبَرَاءَةِ مِنْ عَدُوِّنَا وَ التَّسْلِيمِ لَنَا وَ التَّوَاضُعِ وَ الطُّمَأْنِينَةِ وَ انْتِظَارِ أَمْرِنَا فَإِنَ‏
__________________________________________________
 (1) كمال الدين ط اسلامية ج 2 ص 51 أمالي الصدوق: 204.

002
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 28 الدین الذی لا یقبل الله أعمال العباد إلا به ص 1

لَنَا دَوْلَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ جَاءَ بِهَا «1».
كا، الكافي عن الحسين بن محمد عن المعلى عن الوشاء عن أبان مثله «2» بيان في الكافي مخاصم سائل أي مناظر مجادل و ما قيل إنه اسم بعيد اشهد بصيغة الأمر و في الكافي شهادة و تقر أي و أن تقر و على ما في الأمالي يحتمل الحالية و في الكافي و التسليم لنا و الورع و التواضع و ليس فيه و الطمأنينة و لعل المراد بها اطمئنان القلب و عدم الاضطراب عند الفتن و بالتواضع التواضع لله و لأوليائه أو الأعم و انتظار أمرنا و في الكافي قائمنا و هذا يتضمن الإقرار بوجوده و حياته و ظهوره و عدم الشك فيه و التسليم لغيبته و عدم الاعتراض فيها و الصبر على ما يلقى من الأذى فيها و التمسك بما في يده من آثارهم و الرجوع إلى رواة أخبارهم ع و في الكافي إذا شاء و هو أظهر.
3- ما، الأمالي للشيخ الطوسي عَنِ الْمُفِيدِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْ حَيْدَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْكَشِّيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ نُوحِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْمُخَارِقِيِّ قَالَ: وَصَفْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع دِينِي فَقُلْتُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً ص رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَّ عَلِيّاً إِمَامٌ عَدْلٌ بَعْدَهُ ثُمَّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ ثُمَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ثُمَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ ثُمَّ أَنْتَ فَقَالَ رَحِمَكَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ اتَّقُوا اللَّهَ اتَّقُوا اللَّهَ عَلَيْكُمْ بِالْوَرَعِ وَ صِدْقِ الْحَدِيثِ وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَ عِفَّةِ الْبَطْنِ وَ الْفَرْجِ تَكُونُوا مَعَنَا فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى «3».
4- مع، معاني الأخبار عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ حَمْزَةَ وَ مُحَمَّدٍ ابْنَيْ حُمْرَانَ قَالا اجْتَمَعْنَا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَجِلَّةِ مَوَالِيهِ وَ فِينَا حُمْرَانُ بْنُ أَعْيَنَ فَخُضْنَا فِي الْمُنَاظَرَةِ وَ حُمْرَانُ سَاكِتٌ فَقَالَ لَهُ‏
__________________________________________________
 (1) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 182.
 (2) الكافي: ج 2 ص 23، و فيه: صحيفة مخاصم يسأل عن الدين.
 (3) أمالي الطوسيّ ج 2: 226.

003
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 28 الدین الذی لا یقبل الله أعمال العباد إلا به ص 1

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَا لَكَ لَا تَتَكَلَّمُ يَا حُمْرَانُ فَقَالَ يَا سَيِّدِي آلَيْتُ عَلَى نَفْسِي «1» أَنْ لَا أَتَكَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ تَكُونُ فِيهِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع- إِنِّي قَدْ أَذِنْتُ لَكَ فِي الْكَلَامِ فَتَكَلَّمْ فَقَالَ حُمْرَانُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَ لَا وَلَداً خَارِجٌ مِنَ الْحَدَّيْنِ حَدِّ التَّعْطِيلِ وَ حَدِّ التَّشْبِيهِ وَ أَنَّ الْحَقَّ الْقَوْلُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ لَا جَبْرَ وَ لَا تَفْوِيضَ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدى‏ وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ وَ أَشْهَدُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَ أَنَّ النَّارَ حَقٌّ وَ أَنَّ الْبَعْثَ بَعْدَ الْمَوْتِ حَقٌّ وَ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ لَا يَسَعُ النَّاسَ جَهْلُهُ وَ أَنَّ حَسَناً بَعْدَهُ وَ أَنَّ الْحُسَيْنَ مِنْ بَعْدِهِ ثُمَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ثُمَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ ثُمَّ أَنْتَ يَا سَيِّدِي مِنْ بَعْدِهِمْ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع التُّرُّ تُرُّ حُمْرَانَ ثُمَّ قَالَ يَا حُمْرَانُ مُدَّ الْمِطْمَرَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الْعَالِمِ قُلْتُ يَا سَيِّدِي وَ مَا الْمِطْمَرُ فَقَالَ أَنْتُمْ تُسَمُّونَهُ خَيْطَ الْبَنَّاءِ فَمَنْ خَالَفَكَ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ فَهُوَ زِنْدِيقٌ فَقَالَ حُمْرَانُ وَ إِنْ كَانَ عَلَوِيّاً فَاطِمِيّاً فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع وَ إِنْ كَانَ مُحَمَّدِيّاً عَلَوِيّاً فَاطِمِيّاً «2».
بيان: فخضنا أي شرعنا و دخلنا و في القاموس التر بالضم الخيط يقدر به البناء و قال المطمار خيط للبناء يقدر به كالمطمر انتهى و هذا الخبر ينفي الواسطة بين الإيمان و الكفر فمن لم يكن إماميا صحيح العقيدة فهو كافر.
5- سن، المحاسن عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ سَيْفٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: أَدْخَلْتُ عُمَرَ أَخِي عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقُلْتُ لَهُ هَذَا عُمَرُ أَخِي وَ هُوَ يُرِيدُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْكَ شَيْئاً فَقَالَ لَهُ سَلْ مَا شِئْتَ فَقَالَ أَسْأَلُكَ عَنِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنَ الْعِبَادِ غَيْرَهُ وَ لَا يَعْذِرُهُمْ عَلَى جَهْلِهِ فَقَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ص وَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَ صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ حِجُّ الْبَيْتِ وَ الْإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ جُمْلَةً وَ الِايتِمَامُ بِأَئِمَّةِ الْحَقِّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ عُمَرُ سَمِّهِمْ لِي أَصْلَحَكَ اللَّهُ فَقَالَ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَ مُحَمَّدُ
__________________________________________________
 (1) أي حكمت عليها و ألزمتها.
 (2) معاني الأخبار ص 212.

004
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 28 الدین الذی لا یقبل الله أعمال العباد إلا به ص 1

بْنُ عَلِيٍّ وَ الْخَيْرُ يُعْطِيهِ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ فَقَالَ لَهُ فَأَنْتَ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ يَجْرِي لِآخِرِنَا مَا يَجْرِي لِأَوَّلِنَا وَ لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ فَضْلُهُمَا قَالَ لَهُ فَأَنْتَ قَالَ هَذَا الْأَمْرُ يَجْرِي كَمَا يَجْرِي اللَّيْلُ وَ النَّهَارُ قَالَ فَأَنْتَ قَالَ هَذَا الْأَمْرُ يَجْرِي كَمَا يَجْرِي حَدُّ الزَّانِي وَ السَّارِقِ قَالَ فَأَنْتَ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ الْقُرْآنُ نَزَلَ فِي أَقْوَامٍ وَ هِيَ تَجْرِي فِي النَّاسِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَنْتَ لَتَزِيدُنِي عَلَى أَمْرٍ «1».
6- شي، تفسير العياشي عَنْ هِشَامِ بْنِ عَجْلَانَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع- أَسْأَلُكَ عَنْ شَيْ‏ءٍ لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَداً بَعْدَكَ أَسْأَلُكَ عَنِ الْإِيمَانِ الَّذِي لَا يَسَعُ النَّاسَ جَهْلُهُ فَقَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ الْإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ إِقَامُ الصَّلَاةِ وَ إِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَ حِجُّ الْبَيْتِ وَ صَوْمُ رَمَضَانَ وَ الْوَلَايَةُ لَنَا وَ الْبَرَاءَةُ مِنْ عَدُوِّنَا وَ تَكُونُ مَعَ الصِّدِّيقِينَ «2».
بيان: و تكون مع الصديقين أي إذا فعلت جميع ذلك تكون الآخرة مع الصديقين كما قال تعالى فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ «3» أو المعنى و من الإيمان الكون معهم و متابعتهم كما قال تعالى وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ «4».
7- كش، رجال الكشي عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَ هُوَ فِي مَنْزِلِ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا حَقَّ لَكَ جعلت فداك ما حق لك إِلَى هَذَا الْمَنْزِلِ قَالَ طَلَبُ النُّزْهَةِ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَ لَا أَقُصُّ عَلَيْكَ دِينِيَ الَّذِي أَدِينُ اللَّهَ بِهِ قَالَ بَلَى يَا عَمْرُو قُلْتُ إِنِّي أَدِينُ اللَّهَ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ وَ إِقَامِ الصَّلَاةِ وَ إِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ حِجِّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ الْوَلَايَةِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ‏
__________________________________________________
 (1) المحاسن: ص 288. و فيه: هذا الامر يجرى لآخرنا كما يجرى لأولنا.
 (2) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 117.
 (3) النساء: 69.
 (4) براءة: 120.

005
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 28 الدین الذی لا یقبل الله أعمال العباد إلا به ص 1

أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ وَ الْوَلَايَةِ لِلْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَ الْوَلَايَةِ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَ الْوَلَايَةِ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنْتُمْ أَئِمَّتِي عَلَيْهِ أَحْيَا وَ عَلَيْهِ أَمُوتُ وَ أَدِينُ اللَّهَ بِهِ قَالَ يَا عَمْرُو هَذَا وَ اللَّهِ دِينِي وَ دِينُ آبَائِيَ الَّذِي نَدِينُ اللَّهَ بِهِ فِي السِّرِّ وَ الْعَلَانِيَةِ فَاتَّقِ اللَّهَ وَ كُفَّ لِسَانَكَ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ وَ لَا تَقُلْ إِنِّي هَدَيْتُ نَفْسِي بَلْ هَدَاكَ اللَّهُ فَاشْكُرْ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَ لَا تَكُنْ مِمَّنْ إِذَا أَقْبَلَ طُعِنَ فِي عَيْنَيْهِ وَ إِذَا أَدْبَرَ طُعِنَ فِي قَفَاهُ وَ لَا تَحْمِلِ النَّاسَ عَلَى كَاهِلِكَ فَإِنَّهُ يُوشِكُ إِنْ حَمَلْتَ النَّاسَ عَلَى كَاهِلِكَ أَنْ يُصَدِّعُوا شَعَبَ كَاهِلِكَ «1».
كا، الكافي عن علي عن أبيه و أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار جميعا عن صفوان مثله «2» بيان في القاموس التنزه التباعد و الاسم النزهة بالضم و مكان نزه ككتف و نزيه و أرض نزهة بكسر الزاي و نزيهة بعيدة عن الريف و غمق المياه و ذبان القرى و مد البحار و فساد الهواء نزه ككرم و ضرب نزاهة و نزاهية و الرحل تباعد عن كل مكروه فهو نزيه و استعمال التنزه في الخروج إلى البساتين و الخضر و الرياض غلط قبيح و هو بنزهة من الماء بالضم ببعد «3».
و أقول كفى باستعماله ع في هذا المعنى شاهدا على صحته و فصاحته و إن أمكن حمله على بعض المعاني التي ذكرها مع أنهم ع قد كانوا يتكلمون بعرف المخاطبين و مصطلحاتهم تقريبا إلى أفهامهم و قال في المصباح قال ابن السكيت في فصل ما تضعه العامة في غير موضعه خرجنا نتنزه إذا خرجوا إلى البساتين و إنما
__________________________________________________
 (1) رجال الكشّيّ ص 356.
 (2) الكافي: ج 2 ص 23. مع اختلاف يسير.
 (3) القاموس ج 4: 294. و الريف: أرض فيها زرع و خصب، و قيل: حيث تكون الخضر و المياه، و غمق البحار: نداه يعنى رطوبة الهواء، و ذبان جمع ذباب و هى في القرى لقذارة أرضها و هوائها أكثر منها في المدن، و مد البحار: نداها في صميم الحر تقع على الناس ليلا.

006
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 28 الدین الذی لا یقبل الله أعمال العباد إلا به ص 1

التنزه التباعد من المياه و الأرياف و قال ابن قتيبة ذهب أهل العلم في قول الناس خرجوا يتنزهون إلى البساتين أنه غلط و هو عندي ليس بغلط لأن البساتين في كل بلد إنما تكون خارج البلد فإذا أراد أحد أن يأتيها فقد أراد البعد عن المنازل و البيوت ثم كثر هذا حتى استعملت النزهة في الخضر و الجنان.
قوله أدين به في الكافي أدين الله به أي أعبد الله و أطيعه بتلك العقائد و الأعمال و في الكافي لمحمد بن علي و لك من بعده و أنكم أئمتي قوله ع في السر و العلانية أي بالقلب و اللسان و الجوارح أو في الخلوة و المجامع مع عدم التقية و كف لسانك تخصيص كف اللسان بالذكر بعد الأمر بالتقوى مطلقا لكون أكثر الشرور منه و فيه إشعار بالتقية أيضا و لا تقل إني هديت نفسي أي لا تفسد دينك بالعجب و اعلم أن الهداية من الله كما قال تعالى قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ «1» و في الكافي بل الله هداك فأد شكر ما أنعم الله عز و جل به عليك و لا تكن ممن إذا أقبل أي كن من الأخيار ليمدحك الناس في وجهك و قفاك و لا تكن من الأشرار الذين يذمهم الناس في حضورهم و غيبتهم أو أمر بالتقية من المخالفين أو بحسن المعاشرة مطلقا و لا تحمل الناس على كاهلك أي لا تسلط الناس على نفسك بترك التقية أو لا تحملهم على نفسك بكثرة المداهنة و المداراة معهم بحيث تتضرر بذلك كأن يضمن لهم أو يتحمل عنهم ما لا يطيق أو يطمعهم في أن يحكم بخلاف الحق أو يوافقهم فيما لا يحل و هذا أفيد و إن كان الأول أظهر في القاموس الكاهل كصاحب الحارك أو مقدم أعلى الظهر مما يلي العنق و هو الثلث الأعلى و فيه ست فقر أو ما بين الكتفين أو موصل العنق في الصلب و قال الصدع الشق في شي‏ء صلب و قال الشعب بالتحريك بعد ما بين المنكبين.
8- كش، رجال الكشي عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ الْجَمَّالِ قَالَ: دَخَلَ خَالِدٌ الْبَجَلِيُّ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ أَنَا عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي‏
__________________________________________________
 (1) الحجرات: 18.

007
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 28 الدین الذی لا یقبل الله أعمال العباد إلا به ص 1

أُرِيدُ أَنْ أَصِفَ لَكَ دِينِيَ الَّذِي أَدِينُ اللَّهَ بِهِ وَ قَدْ قَالَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ فَقَالَ لَهُ سَلْنِي فَوَ اللَّهِ لَا تَسْأَلُنِي عَنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا حَدَّثْتُكَ بِهِ عَلَى حِدَةٍ لَا أَكْتُمُهُ قَالَ إِنَّ أَوَّلَ مَا أُبْدِي أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَيْسَ إِلَهٌ غَيْرَهُ قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع كَذَلِكَ رَبُّنَا لَيْسَ مَعَهُ إِلَهٌ غَيْرُهُ ثُمَّ قَالَ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع كَذَلِكَ مُحَمَّدٌ عَبْدُ اللَّهِ مُقِرٌّ لَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ وَ رَسُولُهُ إِلَى خَلْقِهِ ثُمَّ قَالَ وَ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً كَانَ لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَى الْعِبَادِ مِثْلُ مَا كَانَ لِمُحَمَّدٍ ص عَلَى النَّاسِ فَقَالَ كَذَلِكَ كَانَ عَلِيٌّ ع قَالَ وَ أَشْهَدُ أَنَّهُ كَانَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ع مِنَ الطَّاعَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْخَلْقِ مِثْلُ مَا كَانَ لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ ص قَالَ فَقَالَ كَذَلِكَ كَانَ الْحَسَنُ قَالَ وَ أَشْهَدُ أَنَّهُ كَانَ لِلْحُسَيْنِ مِنَ الطَّاعَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْخَلْقِ بَعْدَ الْحَسَنِ مَا كَانَ لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ الْحَسَنِ قَالَ فَكَذَلِكَ كَانَ الْحُسَيْنُ قَالَ وَ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ كَانَ لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ كَمَا كَانَ لِلْحُسَيْنِ ع قَالَ فَكَذَلِكَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ ع كَانَ لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْخَلْقِ مِثْلُ مَا كَانَ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ فَقَالَ كَذَلِكَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ أَوْرَثَكَ اللَّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَسْبُكَ اسْكُتِ الْآنَ فَقَدْ قُلْتَ حَقّاً فَسَكَتُّ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيّاً لَهُ عَقِبٌ وَ ذُرِّيَّةٌ إِلَّا أَجْرَى لِآخِرِهِمْ مِثْلَ مَا أَجْرَى لِأَوَّلِهِمْ وَ إِنَّا نَحْنُ ذُرِّيَّةُ مُحَمَّدٍ ص- وَ قَدْ أَجْرَى لِآخِرِنَا مِثْلَ مَا أَجْرَى لِأَوَّلِنَا وَ نَحْنُ عَلَى مِنْهَاجِ نَبِيِّنَا ص- لَنَا مِثْلُ مَا لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ الْوَاجِبَةِ «1».
9- كش، رجال الكشي عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ دَاوُدَ عَنْ يُوسُفَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَصِفُ لَكَ دِينِيَ الَّذِي أَدِينُ اللَّهَ بِهِ فَإِنْ أَكُنْ عَلَى حَقٍّ فَثَبِّتْنِي وَ إِنْ أَكُنْ عَلَى غَيْرِ الْحَقِّ فَرُدَّنِي إِلَى الْحَقِّ قَالَ هَاتِ قَالَ قُلْتُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَنَّ عَلِيّاً كَانَ إِمَامِي‏
__________________________________________________
 (1) رجال الكشّيّ ص 359.

008
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 28 الدین الذی لا یقبل الله أعمال العباد إلا به ص 1

أُوَ أَنَّ الْحَسَنَ كَانَ إِمَامِي وَ أَنَّ الْحُسَيْنَ كَانَ إِمَامِي وَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ كَانَ إِمَامِي وَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ كَانَ إِمَامِي وَ أَنْتَ جُعِلْتُ فِدَاكَ عَلَى مِنْهَاجِ آبَائِكَ قَالَ فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ مِرَاراً رَحِمَكَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ هَذَا وَ اللَّهِ دِينُ اللَّهِ وَ دِينُ مَلَائِكَتِهِ وَ دِينِي وَ دِينُ آبَائِيَ الَّذِي لَا يَقْبَلُ اللَّهُ غَيْرَهُ «1».
10- كش، رجال الكشي عَنْ جَعْفَرٍ وَ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ الْعَطَّارِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعْرِضَ عَلَيْكَ دِينِي وَ إِنْ كُنْتُ فِي حَسَنَاتِي مِمَّنْ قَدْ فَرَغَ مِنْ هَذَا قَالَ فَآتِهِ قَالَ قُلْتُ إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ ص وَ أُقِرُّ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَقَالَ لِي مِثْلَ مَا قُلْتُ وَ أَنَّ عَلِيّاً إِمَامِي فَرَضَ اللَّهُ طَاعَتَهُ مَنْ عَرَفَهُ كَانَ مُؤْمِناً وَ مَنْ جَهِلَهُ كَانَ ضَالًّا وَ مَنْ رَدَّ عَلَيْهِ كَانَ كَافِراً ثُمَّ وَصَفْتُ الْأَئِمَّةَ ع حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ مَا الَّذِي تُرِيدُ أَ تُرِيدُ أَنْ أَتَوَلَّاكَ عَلَى هَذَا فَإِنِّي أَتَوَلَّاكَ عَلَى هَذَا «2».
بيان: و إن كنت في حسناتي أي بسبب أفعالي الحسنة و متابعتي إياكم فيها و اطمئناني بها محسوبا ممن فرغ من تصحيح أصول عقائده و فرغ منها و الظاهر أنه كان حسباني أي ظني.
11- كِتَابُ صِفَاتِ الشِّيعَةِ، لِلصَّدُوقِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ ع لَيْسَ مِنْ شِيعَتِنَا مَنْ أَنْكَرَ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ الْمِعْرَاجَ وَ الْمُسَاءَلَةَ فِي الْقَبْرِ وَ خَلْقَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ وَ الشَّفَاعَةَ.
وَ عَنِ ابْنِ عُبْدُوسٍ عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ عَنِ الْفَضْلِ عَنِ الرِّضَا ع قَالَ: مَنْ أَقَرَّ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ وَ نَفَى التَّشْبِيهَ عَنْهُ وَ نَزَّهَهُ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ وَ أَقَرَّ أَنَّ لَهُ الْحَوْلَ وَ الْقُوَّةَ وَ الْإِرَادَةَ وَ الْمَشِيَّةَ وَ الْخَلْقَ وَ الْأَمْرَ وَ الْقَضَاءَ وَ الْقَدَرَ وَ أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ خَلْقَ تَقْدِيرٍ لَا خَلْقَ تَكْوِينٍ وَ شَهِدَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ص وَ أَنَّ عَلِيّاً وَ الْأَئِمَّةَ بَعْدَهُ حُجَجُ اللَّهِ وَ وَالَى أَوْلِيَاءَهُمْ وَ عَادَى أَعْدَاءَهُمْ وَ اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ وَ أَقَرَّ بِالرَّجْعَةِ
__________________________________________________
 (1) رجال الكشّيّ ص 360.
 (2) رجال الكشّيّ ص 361 و فيه في حسبانى:

009
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 28 الدین الذی لا یقبل الله أعمال العباد إلا به ص 1

وَ الْمُتْعَتَيْنِ وَ آمَنَ بِالْمِعْرَاجِ وَ الْمُسَاءَلَةِ فِي الْقَبْرِ وَ الْحَوْضِ وَ الشَّفَاعَةِ وَ خَلْقِ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ وَ الصِّرَاطِ وَ الْمِيزَانِ وَ الْبَعْثِ وَ النُّشُورِ وَ الْجَزَاءِ وَ الْحِسَابِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ حَقّاً وَ هُوَ مِنْ شِيعَتِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ «1».
12- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّكُمْ لَا تَكُونُونَ صَالِحِينَ حَتَّى تَعْرِفُوا وَ لَا تَعْرِفُونَ حَتَّى تُصَدِّقُوا وَ لَا تُصَدِّقُونَ حَتَّى تُسَلِّمُوا أَبْوَاباً أَرْبَعَةً لَا يَصْلُحُ أَوَّلُهَا إِلَّا بِآخِرِهَا ضَلَّ أَصْحَابُ الثَّلَاثَةِ وَ تَاهُوا تَيْهاً بَعِيداً إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَا يَقْبَلُ إِلَّا الْعَمَلَ الصَّالِحَ وَ لَا يَتَقَبَّلُ إِلَّا بِالْوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ وَ الْعُهُودِ وَ مَنْ وَفَى لِلَّهِ بِشُرُوطِهِ وَ اسْتَكْمَلَ مَا وَصَفَ فِي عَهْدِهِ نَالَ مِمَّا عِنْدَهُ وَ اسْتَكْمَلَ وَعْدَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَخْبَرَ الْعِبَادَ بِطُرُقِ الْهُدَى وَ شَرَعَ لَهُمْ فِيهَا الْمَنَارَ وَ أَخْبَرَهُمْ كَيْفَ يَسْلُكُونَ فَقَالَ وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى‏ وَ قَالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ «2» فَمَنِ اتَّقَى عَزَّ وَ جَلَّ فِيمَا أَمَرَهُ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مُؤْمِناً بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ص هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ فَاتَ قَوْمٌ وَ مَاتُوا قَبْلَ أَنْ يَهْتَدُوا فَظَنُّوا أَنَّهُمْ آمَنُوا وَ أَشْرَكُوا مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّهُ مَنْ أَتَى الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا اهْتَدَى وَ مَنْ أَخَذَ فِي غَيْرِهَا سَلَكَ طَرِيقَ الرَّدَى وَصَلَ اللَّهُ طَاعَةَ وَلِيِّ أَمْرِهِ بِطَاعَةِ رَسُولِهِ وَ طَاعَةَ رَسُولِهِ بِطَاعَتِهِ فَمَنْ تَرَكَ طَاعَةَ وُلَاةِ الْأَمْرِ لَمْ يُطِعِ اللَّهَ وَ لَا رَسُولَهُ وَ هُوَ الْإِقْرَارُ بِمَا نَزَلَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ «3» وَ الْتَمِسُوا الْبُيُوتَ الَّتِي أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ فَإِنَّهُ قَدْ خَبَّرَكُمْ أَنَّهُمْ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ إِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ «4» إِنَّ اللَّهَ قَدِ اسْتَخْلَصَ الرُّسُلَ لِأَمْرِهِ ثُمَّ اسْتَخْلَصَهُمْ مُصَدِّقِينَ لِذَلِكَ فِي نُذُرِهِ‏
__________________________________________________
 (1) صفات الشيعة ص 189.
 (2) طه: 82، و المائدة: 37 على الترتيب.
 (3) الأعراف: 31.
 (4) النور: 36 و 37.

010
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 28 الدین الذی لا یقبل الله أعمال العباد إلا به ص 1

فَقَالَ وَ إِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ «1» تَاهَ مَنْ جَهِلَ وَ اهْتَدَى مَنْ أَبْصَرَ وَ عَقَلَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ «2» وَ كَيْفَ يَهْتَدِي مَنْ لَمْ يُبْصِرْ وَ كَيْفَ يُبْصِرُ مَنْ لَمْ يُنْذَرْ اتَّبِعُوا رَسُولَ اللَّهِ ص وَ أَقِرُّوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اتَّبِعُوا آثَارَ الْهُدَى فَإِنَّهَا عَلَامَاتُ الْأَمَانَةِ وَ التُّقَى وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ رَجُلٌ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ وَ أَقَرَّ بِمَنْ سِوَاهُ مِنَ الرُّسُلِ لَمْ يُؤْمِنْ اقْتَصُّوا الطَّرِيقَ بِالْتِمَاسِ الْمَنَارِ وَ الْتَمِسُوا مِنْ وَرَاءِ الْحُجُبِ الْآثَارَ تَسْتَكْمِلُوا أَمْرَ دِينِكُمْ وَ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ «3».
بيان: قد مضى الخبر في كتاب الإمامة «4» و شرحناه هناك و نوضح هنا بعض التوضيح حتى تعرفوا قيل أي إمام الزمان حتى تصدقوا أي الإمام و تعده صادقا فيما يقول حتى تسلموا أبوابا أربعة قد مضى الكلام في الأبواب مفصلا و قال المحدث الأسترآبادي رحمه الله إشارة إلى الإقرار بالله و الإقرار برسوله و الإقرار بما جاء به الرسول ص و الإقرار بتراجمة ما جاء به الرسول ص و التيه التحير و الذهاب عن الطريق القصد يقال تاه في الأرض إذا ذهب متحيرا كما في القاموس إن الله أخبر العباد تفصيل لما أجمل ع سابقا و بيان للأبواب و الشروط و العهود المذكورة و المنار جمع منارة على غير قياس يعني موضع النور و محله.
و قيل كنى بالمنار عن الأئمة فإنها صيغة جمع على ما صرح به ابن الأثير في نهايته و بتقوى الله فيما أمره عن الاهتداء إلى الإمام و الاقتداء به و بإتيان أبوابها عن الدخول في المعرفة من جهة الإمام ع انتهى.
و استكمل وعده أي استحق وعده كاملا كما قال تعالى أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ «5» مات قوم فيما مضى فات قوم و هو أظهر أي فاتوا عنا و لم‏
__________________________________________________
 (1) فاطر 28.
 (2) الحجّ: 46.
 (3) الكافي: ج 2 ص 47.
 (4) مضى شطر منه في ج 23 ص 96 من هذه الطبعة.
 (5) البقرة: 40.

011
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 28 الدین الذی لا یقبل الله أعمال العباد إلا به ص 1

يبايعونا أو ماتوا فالثاني تأكيد من أتى البيوت أي بيوت الإيمان و العلم و الحكمة من أبوابها و هم الأئمة إشارة إلى تأويل قوله تعالى وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها «1» وصل الله إشارة إلى قوله تعالى أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «2» و قوله أَطِيعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ «3» و قوله مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ «4» خُذُوا زِينَتَكُمْ إما بيان لما نزل أو استئناف و أول ع الزينة بمعرفة الإمام و المسجد بمطلق العبادة و البيوت ببيوت أهل العصمة سلام الله عليهم و الرجال بهم ع و المراد بعدم إلهائهم التجارة و البيع عن ذكر الله أنهم يجمعون بين ذين و ذاك لا أنهم يتركونهما رأسا كما ورد النص عليه في خبر آخر.
قوله ع ثم استخلصهم الضمير راجع إلى ولاة الأمر و ذلك إشارة إلى الأمر أي استخلص و اصطفى الأوصياء حال كونهم مصدقين لأمر الرسالة في النذر و هم الرسل فقوله في نذره متعلق بقوله مصدقين و يحتمل أن يكون في نذره أيضا حالا أي حال كونهم مندرجين في النذر و يمكن أن يكون ضمير استخلصهم راجعا إلى الرسل أي ثم بعد إرسال الرسل استخلصهم و أمرهم بأن يصدقوا أمر الخلافة في النذر بعدهم و هم الأوصياء ع و قيل ثم للتراخي في الرتبة دون الزمان يعني وقع ذلك الاستخلاص لهم حال كونهم مصدقين لذلك الاستخلاص في سائر نذره أيضا بمعنى تصديق كل منهم لذلك في الباقين و استشهد على استمرارهم في الإنذار بقوله تعالى وَ إِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ ثم بين وجوب النذير و وجوب معرفته بتوقف الاهتداء على الإبصار و توقف الإبصار على الإنذار و توقف الإنذار على وجوب النذير و معرفته و أشار بآثار الهدى إلى الأئمة ع.
و في بعض النسخ ابتغوا آثار الهدى بتقديم الموحدة على المثناة و الغين المعجمة و نبه بقوله لو أنكر رجل عيسى ع على وجوب الإيمان بهم جميعا من غير تخلف‏
__________________________________________________
 (1) البقرة: 182.
 (2) النساء: 59.
 (3) الأنفال: 20.
 (4) النساء: 80.

012
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 28 الدین الذی لا یقبل الله أعمال العباد إلا به ص 1

عن أحد منهم ثم كرر الوصية بالاقتداء بهم معللا بأنهم منار طريق الله و أمر بالتماس آثارهم إن لم يتيسر الوصول إليهم ..
13- محص، التمحيص عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ افْتَرَضْتُ عَلَى عِبَادِي عَشَرَةَ فَرَائِضَ إِذَا عَرَفُوهَا أَسْكَنْتُهُمْ مَلَكُوتِي وَ أَبَحْتُهُمْ جِنَانِي أَوَّلُهَا مَعْرِفَتِي وَ الثَّانِيَةُ مَعْرِفَةُ رَسُولِي إِلَى خَلْقِي وَ الْإِقْرَارُ بِهِ وَ التَّصْدِيقُ لَهُ وَ الثَّالِثَةُ مَعْرِفَةُ أَوْلِيَائِي وَ أَنَّهُمُ الْحُجَجُ عَلَى خَلْقِي مَنْ وَالاهُمْ فَقَدْ وَالانِي وَ مَنْ عَادَاهُمْ فَقَدْ عَادَانِي وَ هُمُ الْعَلَمُ فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَ خَلْقِي وَ مَنْ أَنْكَرَهُمْ أَصْلَيْتُهُ نَارِي وَ ضَاعَفْتُ عَلَيْهِ عَذَابِي وَ الرَّابِعَةُ مَعْرِفَةُ الْأَشْخَاصِ الَّذِينَ أُقِيمُوا مِنْ ضِيَاءِ قُدْسِي وَ هُمْ قُوَّامُ قِسْطِي وَ الْخَامِسَةُ مَعْرِفَةُ الْقُوَّامِ بِفَضْلِهِمْ وَ التَّصْدِيقُ لَهُمْ وَ السَّادِسَةُ مَعْرِفَةُ عَدُوِّي إِبْلِيسَ وَ مَا كَانَ مِنْ ذَاتِهِ وَ أَعْوَانِهِ وَ السَّابِعَةُ قَبُولُ أَمْرِي وَ التَّصْدِيقُ لِرُسُلِي وَ الثَّامِنَةُ كِتْمَانُ سِرِّي وَ سِرِّ أَوْلِيَائِي وَ التَّاسِعَةُ تَعْظِيمُ أَهْلِ صَفْوَتِي وَ الْقَبُولُ عَنْهُمْ وَ الرَّدُّ إِلَيْهِمْ فِيمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ حَتَّى يَخْرُجَ الشَّرْحُ مِنْهُمْ وَ الْعَاشِرَةُ أَنْ يَكُونَ هُوَ وَ أَخُوهُ فِي الدِّينِ وَ الدُّنْيَا شَرَعاً سَوَاءً فَإِذَا كَانُوا كَذَلِكَ أَدْخَلْتُهُمْ مَلَكُوتِي وَ آمَنْتُهُمْ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ وَ كَانُوا عِنْدِي فِي عِلِّيِّينَ.
بيان: كأن الفرق بين الثالثة و الرابعة أن الأولى في الحجج الموجودين وقت الخطاب كعلي و السبطين ع و الثانية في الأئمة بعدهم أو الأولى في سائر الأنبياء و الأوصياء و الثانية في أئمتنا ع.
14 دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيِّ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع إِنِّي امْرُؤٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ كَبِيرُ السِّنِّ وَ الشُّقَّةُ فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ بَعِيدَةٌ وَ أَنَا أُرِيدُ أَمْراً أَدِينُ اللَّهَ بِهِ وَ أَحْتَجُّ بِهِ وَ أَتَمَسَّكُ بِهِ وَ أُبَلِّغُهُ مَنْ خَلَّفْتُ قَالَ فَأَعْجَبَ بِقَوْلِي وَ اسْتَوَى جَالِساً فَقَالَ كَيْفَ قُلْتَ يَا أَبَا الْجَارُودِ رُدَّ عَلَيَّ قَالَ فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ نَعَمْ يَا أَبَا الْجَارُودِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ إِقَامُ الصَّلَاةِ وَ إِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ حِجُّ الْبَيْت‏

013
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 28 الدین الذی لا یقبل الله أعمال العباد إلا به ص 1

وَ وَلَايَةُ وَلِيِّنَا وَ عَدَاوَةُ عَدُوِّنَا وَ التَّسْلِيمُ لِأَمْرِنَا وَ انْتِظَارُ قَائِمِنَا وَ الْوَرَعُ وَ الِاجْتِهَادُ.
15- كا، الكافي بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ هَلْ تَعْرِفُ مَوَدَّتِي لَكُمْ وَ انْقِطَاعِي إِلَيْكُمْ وَ مُوَالاتِي إِيَّاكُمْ قَالَ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ فَقُلْتُ فَإِنِّي أَسْأَلُكَ مَسْأَلَةً تُجِيبُنِي فِيهَا فَإِنِّي مَكْفُوفُ الْبَصَرِ قَلِيلُ الْمَشْيِ لَا أَسْتَطِيعُ زِيَارَتَكُمْ كُلَّ حِينٍ قَالَ هَاتِ حَاجَتَكَ قُلْتُ أَخْبِرْنِي بِدِينِكَ الَّذِي تَدِينُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ أَنْتَ وَ أَهْلُ بَيْتِكَ لِأَدِينَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ قَالَ إِنْ كُنْتَ أَقْصَرْتَ الْخُطْبَةَ فَقَدْ أَعْظَمْتَ الْمَسْأَلَةَ وَ اللَّهِ لَأُعْطِيَنَّكَ دِينِي وَ دِينَ آبَائِيَ الَّذِي نَدِينُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ص وَ الْإِقْرَارَ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ الْوَلَايَةَ لِوَلِيِّنَا وَ الْبَرَاءَةَ مِنْ عَدُوِّنَا وَ التَّسْلِيمَ لِأَمْرِنَا وَ انْتِظَارَ قَائِمِنَا وَ الِاجْتِهَادَ وَ الْوَرَعَ «1».
بيان: أقصرت الخطبة الظاهر أن الخطبة بضم الخاء أي ما يتقدم من الكلام المناسب قبل إظهار المطلوب و كأنه ع عد خطبته قصيرة مع طولها إعظاما للمسألة و إيذانا بأن هذا المقصود الجليل يستدعي أطول من ذلك من الخطبة و قيل إقصاره إياها اكتفاؤه بالاستفهام من غير بيان و إعلام و منهم من قرأ الخطبة بالكسر مستعارة من خطبة النساء و هو تكلف قال في النهاية في الحديث أن أعرابيا جاءه فقال علمني عملا يدخلني الجنة فقال لئن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة أي جئت بالخطبة قصيرة و بالمسألة عريضة يعني قللت الخطبة و أعظمت المسألة.
و التسليم لأمرنا أي الرضا قلبا بما يصدر عنهم قولا و فعلا من اختيارهم المهادنة أو القتال أو الظهور أو الغيبة و سائر ما يصدر عنهم مما تعجز العقول عن إدراكه و الأفهام عن استنباط علته كما قال تعالى فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً «2»
__________________________________________________
 (1) الكافي: ج 2 ص 21.
 (2) النساء: 65.

014
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 28 الدین الذی لا یقبل الله أعمال العباد إلا به ص 1

و الاجتهاد بذل الجهد في الطاعات و الورع الاجتناب عن المعاصي بل الشبهات و المكروهات.
16- كا، الكافي عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَسْأَلُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَخْبِرْنِي عَنِ الدِّينِ الَّذِي افْتَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى الْعِبَادِ مَا لَا يَسَعُهُمْ جَهْلُهُ وَ لَا يَقْبَلُ مِنْهُمْ غَيْرَهُ مَا هُوَ فَقَالَ أَعِدْ عَلَيَّ فَأَعَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ إِقَامُ الصَّلَاةِ وَ إِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ سَكَتَ قَلِيلًا ثُمَّ قَالَ وَ الْوَلَايَةُ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ قَالَ هَذَا الَّذِي فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى الْعِبَادِ لَا يَسْأَلُ الرَّبُّ الْعِبَادَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولَ أَلَّا زِدْتَنِي عَلَى مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْكُمْ وَ لَكِنْ مَنْ زَادَ زَادَهُ اللَّهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ سَنَّ سُنَناً حَسَنَةً جَمِيلَةً يَنْبَغِي لِلنَّاسِ الْأَخْذُ بِهَا «1».
توضيح قوله ما لا يسعهم عطف بيان للدين أو مبتدأ و ما هو خبره قوله أعد علي كان الأمر بالإعادة لسماع الحاضرين و إقبالهم إليه أو لإظهار حسن الكلام و التلذذ بسماعه و كأنه يدخل في شهادة التوحيد ما يتعلق بمعرفة الله من صفات ذاته و صفات فعله و في شهادة الرسالة ما يتعلق بمعرفة الأنبياء و صفاتهم و كذا الإقرار بالمعاد داخل في الأولى أو في الثانية لإخبار النبي بذلك و إقام الصلاة حذفت التاء للاختصار و قيل المراد بإقامتها إدامتها و قيل فعلها على ما ينبغي و قيل فعلها في أفضل أوقاتها و قيل جاء على عرف القرآن في التعبير من فعل الصلاة بلفظ الإقامة دون أخواتها و ذلك لما اختصت به من كثرة ما يتوقف عليه من الشرائط و الفرائض و السنن و الفضائل و إقامتها إدامة فعلها مستوفاة جميع ذلك.
أقول و يمكن أن تكون ذكر الإقامة لتشبيه الصلاة من الإيمان بمنزلة العمود من الفسطاط كما ورد في الخبر و إنما لم يذكر الجهاد لأنه لا يجب‏
__________________________________________________
 (1) الكافي: ج 2: 22.

015
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 28 الدین الذی لا یقبل الله أعمال العباد إلا به ص 1

إلا مع الإمام فهو تابع للولاية مندرج تحتها أو لعدم تحقق شرط وجوبه في ذلك الزمان قوله مرتين أي كرر الولاية تأكيدا قوله ع هذا الذي فرض الله على العباد أي علم فرضها ضرورة من الدين فيقول ألا زدتني ألا بالتشديد حرف تحضيض و إذا دخل على الماضي يكون للتعيير و التنديم و كأن المعنى أنه لا يسأل عن شي‏ء سوى هذه من جنسها كما أنه من أتى بالصلوات الخمس لا يسأل الله عن النوافل و من أتى بالزكاة الواجبة لا يسأل عن الصدقات المستحبة و هكذا.
باب 29 أدنى ما يكون به العبد مؤمنا و أدنى ما يخرجه عنه‏
1- مع، معاني الأخبار عَنِ ابْنِ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ جَعْفَرٍ الْكُنَاسِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مَا أَدْنَى مَا يَكُونُ بِهِ الْعَبْدُ مُؤْمِناً قَالَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ يُقِرُّ بِالطَّاعَةِ وَ يَعْرِفُ إِمَامَ زَمَانِهِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ مُؤْمِنٌ «1».
2- مع، معاني الأخبار بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ قَالَ: قُلْتُ مَا أَدْنَى مَا يَخْرُجُ بِهِ الرَّجُلُ مِنَ الْإِيمَانِ قَالَ الرَّأْيُ يَرَاهُ مُخَالِفاً لِلْحَقِّ فَيُقِيمُ عَلَيْهِ «2».
بيان: الرأي يراه أي في أصول الدين أو الأعم عمدا أو الأعم مع تقصير و على كل تقدير يحمل الإيمان على معنى من المعاني المتقدمة.
3- كِتَابُ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَدْنَى مَا يَكُونُ بِهِ الرَّجُلُ مُؤْمِناً وَ أَدْنَى مَا يَكُونُ بِهِ كَافِراً وَ
__________________________________________________
 (1) معاني الأخبار: 393.
 (2) معاني الأخبار: 393.

016
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 29 أدنى ما یکون به العبد مؤمنا و أدنى ما یخرجه عنه ص 16

أَدْنَى مَا يَكُونُ بِهِ ضَالًّا قَالَ سَأَلْتَ فَاسْمَعِ الْجَوَابَ أَدْنَى مَا يَكُونُ بِهِ مُؤْمِناً أَنْ يُعَرِّفَهُ اللَّهُ نَفْسَهُ فَيُقِرَّ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَ الْوَحْدَانِيَّةِ وَ أَنْ يُعَرِّفَهُ نَبِيَّهُ فَيُقِرَّ لَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَ بِالْبَلَاغَةِ وَ أَنْ يُعَرِّفَهُ حُجَّتَهُ فِي أَرْضِهِ وَ شَاهِدَهُ عَلَى خَلْقِهِ فَيُقِرَّ لَهُ بِالطَّاعَةِ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ إِنْ جَهِلَ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ غَيْرَ مَا وَصَفْتَ قَالَ نَعَمْ إِذَا أُمِرَ أَطَاعَ وَ إِذَا نُهِيَ انْتَهَى وَ أَدْنَى مَا يَكُونُ بِهِ كَافِراً أَنْ يَتَدَيَّنَ بِشَيْ‏ءٍ فَيَزْعُمَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ بِهِ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ يَنْصِبَهُ فَيَتَبَرَّأَ وَ يَتَوَلَّى وَ يَزْعُمَ أَنَّهُ يَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي أَمَرَهُ بِهِ «1» وَ أَدْنَى مَا يَكُونُ بِهِ ضَالًّا أَنْ لَا يَعْرِفَ حُجَّةَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَ شَاهِدَهُ عَلَى خَلْقِهِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَتِهِ وَ فَرَضَ وَلَايَتَهُ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ سَمِّهِمْ لِي قَالَ الَّذِينَ قَرَنَهُمُ اللَّهُ بِنَفْسِهِ وَ نَبِيِّهِ فَقَالَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «2» قَالَ أَوْضِحْهُمْ لِي قَالَ الَّذِينَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ فِي آخِرِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا ثُمَّ قُبِضَ مِنْ يَوْمِهِ إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَ أَهْلَ بَيْتِي فَإِنَّ اللَّطِيفَ الْخَبِيرَ قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ كَهَاتَيْنِ إِصْبَعَيَّ فَتَمَسَّكُوا بِهِمَا لَا تَضِلُّوا وَ لَا تَقَدَّمُوهُمْ فَتَهْلِكُوا وَ لَا تَخَلَّفُوا عَنْهُمْ فَتَفَرَّقُوا وَ لَا تُعَلِّمُوهُمْ فَهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ «3».
كا، الكافي عن علي عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن ابن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم «4»
 مثله بأدنى تغيير ..
__________________________________________________
 (1) زاد في الكافي بعده: و انما يعبد الشيطان.
 (2) النساء: 59.
 (3) كتاب سليم: 86.
 (4) الكافي ج 2 ص 414.

017
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

باب 30 أن العمل جزء الإيمان و أن الإيمان مبثوث على الجوارح‏
الآيات البقرة وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ و قال تعالى لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ الْكِتابِ وَ النَّبِيِّينَ وَ آتَى الْمالَ عَلى‏ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى‏ إلى قوله أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ «1» آل عمران وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ «2» فاطر إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ «3» تفسير وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ أي صلاتكم كما سيأتي و استدل به على أن العمل جزء الإيمان و قال البيضاوي أي ثباتكم على الإيمان و قيل إيمانكم بالقبلة المنسوخة أو صلاتكم إليها لما روي أنه ع لما وجه إلى الكعبة قالوا كيف بمن مات يا رسول الله قبل التحويل من إخواننا فنزلت «4» وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ أي بر من آمن أو المراد بالبر البار و مقابلة الإيمان بالأعمال تدل على المغايرة و آخرها حيث قال أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا أي في دعوى الإيمان أو فيما التزموه و تمسكوا به يومئ إلى الجزئية أو الاشتراط و الآيات الدالة على الطرفين كثيرة مفرقة على الأبواب و سنتكلم عليها إن شاء الله. و قوله‏
__________________________________________________
 (1) البقرة: 143 و 176.
 (2) آل عمران: 97.
 (3) فاطر: 10.
 (4) تفسير البيضاوى ص 44.

018
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

سبحانه وَ مَنْ كَفَرَ يدل على دخول الأعمال في الإيمان حيث عد ترك الحج كفرا و إن أوله بعضهم بحمله على جحد فرض الحج أو حمل الكفر على كفران النعمة فإن ترك المأمور به كفران لنعمة الأمر.
إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ قيل المراد به العقائد الحقة و قيل كلمة التوحيد و قيل كل قول حسن و الصعود كناية عن القبول من صاحبه و الإثابة عليه وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ يحتمل وجهين أحدهما إرجاع المرفوع إلى العمل و المنصوب إلى الكلم أي العمل الصالح يوجب رفع العقائد و صحتها أو كمالها و قبولها و ثانيهما العكس أي العقائد الحقة شرائط لصحة الأعمال و على الوجه الأول يناسب الباب و قد يقال المرفوع راجع إلى الله و المنصوب إلى العمل.
1 كَنْزُ الْكَرَاجُكِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ قَالَ الْإِيمَانُ قَوْلٌ بِلَا عَمَلٍ.
2- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قِيلَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ص كَانَ مُؤْمِناً قَالَ فَأَيْنَ فَرَائِضُ اللَّهِ قَالَ وَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ كَانَ عَلِيٌّ ع يَقُولُ لَوْ كَانَ الْإِيمَانُ كَلَاماً لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ صَوْمٌ وَ لَا صَلَاةٌ وَ لَا حَلَالٌ وَ لَا حَرَامٌ قَالَ وَ قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع إِنَّ عِنْدَنَا قَوْماً يَقُولُونَ إِذَا شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ص فَهُوَ مُؤْمِنٌ قَالَ فَلِمَ يُضْرَبُونَ الْحُدُودَ وَ لِمَ يُقْطَعُ أَيْدِيهِمْ وَ مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَلْقاً أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ مُؤْمِنٍ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ خُدَّامُ الْمُؤْمِنِينَ وَ أَنَّ جِوَارَ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ أَنَّ الْجَنَّةَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ أَنَّ الْحُورَ الْعِينَ لِلْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ قَالَ فَمَا بَالُ مَنْ جَحَدَ الْفَرَائِضَ كَانَ كَافِراً «1».
بيان قوله ع فأين فرائض الله أقول حاصله أن الإيمان الذي هو سبب لرفع الدرجات و التخلص من العقوبات في الدنيا و الآخرة ليس محض العقائد
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 33.

019
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

و إلا لم يفرض الله الفرائض و لم يتوعد على المعاصي و أيضا ما ورد في الآيات و الأخبار من كرامة المؤمنين و درجاتهم و منازلهم ينافي إجراء الحدود عليهم و إذلالهم و إهانتهم فلا بد من خروجهم عن الإيمان حين استحقاقهم تلك العقوبات قوله فما بال من جحد لعل المعنى أنه لو كان الإيمان محض التكلم بالشهادتين أو الاعتقاد بهما كما تزعمون لم يكن جحد الفرائض موجبا للكفر مع أنكم توافقوننا في ذلك لورود الأخبار فيه فلم لا تقولون بعدم إيمان تاركي الفرائض و مرتكبي الكبائر أيضا مع ورود الأخبار الكثيرة فيها أيضا و قيل المراد بجحد الفرائض تركها عمدا من غير عذر فإنه يؤذن بالاستخفاف و الجحد.
قال الشهيد الثاني رفع الله درجته في بيان حقيقة الكفر عرفه جماعة بأنه عدم الإيمان عما من شأنه أن يكون مؤمنا سواء كان ذلك العدم بضد أو لا بضد فبالضد كأن يعتقد عدم الأصول التي بمعرفتها يتحقق الإيمان أو عدم شي‏ء منها و بغير الضد كالخالي من الاعتقادين أي اعتقاد ما به يتحقق الإيمان و اعتقاد عدمه و ذلك كالشاك أو الخالي بالكلية كالذي لم يقرع سمعه شي‏ء من الأمور التي يتحقق الإيمان بها و يمكن إدخال الشاك في القسم الأول إذ الضد يخطر بباله و إلا لما صار شاكا.
و اعترض عليه بأن الكفر قد يتحقق مع التصديق بالأصول المعتبرة في الإيمان كما إذا ألقى إنسان المصحف في القاذورات عامدا أو وطئه كذلك أو ترك الإقرار باللسان جحدا و حينئذ فينتقض حد الإيمان منعا و حد الكفر جمعا.
و أجيب تارة بأنا لا نسلم بقاء التصديق لفاعل ذلك و لو سلمنا يجوز أن يكون الشارع جعل وقوع شي‏ء من ذلك علامة و أمارة على تكذيب فاعل ذلك و عدم تصديقه فيحكم بكفره عند صدور ذلك منه و هذا كما جعل الإقرار باللسان علامة على الحكم بالإيمان مع أنه قد يكون كافرا في نفس الأمر و تارة بأنه يجوز أن يكون الشارع حكم بكفره ظاهرا عند صدور شي‏ء من ذلك حسما لمادة جرأة المكلفين على انتهاك حرماته و تعدي حدوده و إن كان التصديق في نفس‏

020
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

الأمر حاصلا و غاية ما يلزم من ذلك جواز الحكم بكون شخص واحد مؤمنا و كافرا و هذا لا محذور فيه لأنا نحكم بكفره ظاهرا و إمكان إيمانه باطنا فالموضوع مختلف فلم يتحقق اجتماع المتقابلين ليكون محالا و نظير ذلك ما ذكرناه من دلالة الإقرار على الإيمان فيحكم به مع جواز كونه كافرا في نفس الأمر.
و أقول أيضا إن النقض المذكور لا يرد على جامعية تعريف الكفر و ذلك لأنه قد تبين أن العدم المأخوذ فيه أعم من أن يكون بالضد أو غيره و ما ذكر من موارد النقض داخل في غير الضد كما لا يخفى و حينئذ فجامعيته سالمة لصدقه على الموارد المذكورة و الناقض و المجيب غفلا عن ذلك.
و يمكن الجواب عن مانعية تعريف الإيمان أيضا بأن نقول من عرف الإيمان بالتصديق المذكور جعل عدم الإتيان بشي‏ء من موارد النقض شرطا في اعتبار ذلك التصديق شرعا و تحقق حقيقة الإيمان و الحاصل أنا لما وجدنا الشارع حكم بإيمان المصدق و حكم بكفر من ارتكب شيئا من الأمور المذكورة مطلقا علمنا أن ذلك التصديق إنما يعتبر في نظر الشارع إذا كان مجردا عن ارتكاب شي‏ء من موارد النقض و أمثالها الموجبة للكفر فكان عدم الأمور المذكورة شرطا في حصول الإيمان و لا ريب أن المشروط عدم عند عدم شرطه و شروط المعرف التي يتوقف عليها وجود ماهيته ملحوظة في التعريف و إن لم يصرح بها فيه للعلم باعتبارها عقلا لما تقرر في بداهة العقول أنه بدون العلة لا يوجب المعلول و الشرط من أجزاء العلة كما صرحوا به في بحثها و الكل لا يوجد بدون جزئه و هذا الجواب و اللذان قبله لم نجدها لغيرنا بل هي من هبات الواهب تعالى و تقدس و لم نعدم لذلك مثلا و إن لم نكن له أهلا انتهى كلامه قدس سره.
و أقول هذه التكلفات إنما يحتاج إليها إذا جعل الإيمان نفس العقائد و لم يدخل فيها الأعمال و مع القول بدخول الأعمال لا حاجة إليها مع أن هذا التحقيق يهدم ما أسسه سابقا إذ يجري هذه الوجوه في سائر الأعمال و التروك التي نفى كونها داخلة في الإيمان و ما ذكره ع في آخر الحديث من الالتزام على‏

021
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

المخالفين يومي إلى هذا التحقيق فتأمل.
3- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ الْبَرْقِيِّ وَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ عِيسَى جَمِيعاً عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ هَارُونَ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا قَالَ يُسْأَلُ السَّمْعُ عَمَّا سَمِعَ وَ الْبَصَرُ عَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ وَ الْفُؤَادُ عَمَّا عُقِدَ عَلَيْهِ «1».
4- كا، الكافي عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ أَوْ غَيْرِهِ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْإِيمَانِ فَقَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ الْإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ مَا اسْتَقَرَّ فِي الْقُلُوبِ مِنَ التَّصْدِيقِ بِذَلِكَ قَالَ قُلْتُ الشَّهَادَةُ أَ لَيْسَتْ عَمَلًا قَالَ بَلَى قُلْتُ الْعَمَلُ مِنَ الْإِيمَانِ قَالَ نَعَمْ الْإِيمَانُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِعَمَلٍ وَ الْعَمَلُ مِنْهُ وَ لَا يَثْبُتُ الْإِيمَانُ إِلَّا بِعَمَلٍ «2».
بيان: شهادة أن لا إله إلا الله أي التكلم بكلمة التوحيد و الإقرار به ظاهرا و إنما اكتفى بها عن الإقرار بالرسالة لتلازمهما أو هو داخل في قوله و الإقرار بما جاء من عند الله و الضمير في جاء راجع إلى الموصول أي الإقرار بكل ما أرسله الله من نبي أو كتاب أو حكم ما علم تفصيلا و ما لم يعلم إجمالا و كل ذلك الإقرار الظاهري و قوله ما استقر في القلوب الإقرار القلبي بجميع ذلك و هذا أحد معاني الإيمان كما ستعرف و لا يدخل فيه أعمال الجوارح سوى الإقرار الظاهري بما صدق به قلبا.
و لما كان عند السائل أن الإيمان محض العلوم و العقائد و لا يدخل فيه الأعمال استبعد كون الشهادة التي هي من عمل الجوارح من الإيمان فأجاب ع بأن العمل جزء الإيمان و لا يثبت الإيمان أي لا يتحقق واقعا أو لا يثبت‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 37، و الآية في أسرى: 36.
 (2) الكافي ج 2 ص 38.

022
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

الإيمان عند الناس إلا بالإقرار و الشهادة التي هي عمل الجوارح أو لا يستقر الإيمان إلا بأعمال الجوارح فإن التصديق الذي لم يكن معه عمل يزول و لا يبقى.
5- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْإِيمَانِ فَقَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ قَالَ قُلْتُ أَ لَيْسَ هَذَا عَمَلٌ قَالَ بَلَى قُلْتُ فَالْعَمَلُ مِنَ الْإِيمَانِ قَالَ لَا يَثْبُتُ لَهُ الْإِيمَانُ إِلَّا بِالْعَمَلِ وَ الْعَمَلُ مِنْهُ «1».
بيان: أ ليس هذا عمل كذا في النسخ بالرفع و لعله من النساخ و يمكن أن يقدر فيه ضمير الشأن أو يكون مبنيا على لغة بني تميم حيث ذهبوا إلى أن ليس إذا انتقض نفيه يحمل على ما في الإهمال و النفي هنا منتقض بالاستفهام الإنكاري قوله ع لا يثبت له الإيمان الضمير راجع إلى المؤمن المدلول عليه بالإيمان ..
6- كا، الكافي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الزُّبَيْرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَيُّهَا الْعَالِمُ أَخْبِرْنِي أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ مَا لَا يَقْبَلُ اللَّهُ شَيْئاً إِلَّا بِهِ قُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَعْلَى الْأَعْمَالِ دَرَجَةً وَ أَشْرَفُهَا مَنْزِلَةً وَ أَسْنَاهَا حَظّاً قَالَ قُلْتُ أَ لَا تُخْبِرُنِي عَنِ الْإِيمَانِ أَ قَوْلٌ هُوَ وَ عَمَلٌ أَمْ قَوْلٌ بِلَا عَمَلٍ فَقَالَ الْإِيمَانُ عَمَلٌ كُلُّهُ وَ الْقَوْلُ بَعْضُ ذَلِكَ الْعَمَلِ بِفَرْضٍ مِنَ اللَّهِ بَيَّنَ فِي كِتَابِهِ وَاضِحٌ نُورُهُ ثَابِتَةٌ حُجَّتُهُ يَشْهَدُ لَهُ بِهِ الْكِتَابُ وَ يَدْعُوهُ إِلَيْهِ قَالَ قُلْتُ صِفْهُ لِي جُعِلْتُ فِدَاكَ حَتَّى أَفْهَمَهُ قَالَ الْإِيمَانُ حَالاتٌ وَ دَرَجَاتٌ وَ طَبَقَاتٌ وَ مَنَازِلُ فَمِنْهُ التَّامُّ الْمُنْتَهَى تَمَامُهُ وَ مِنْهُ النَّاقِصُ الْبَيِّنُ نُقْصَانُهُ وَ مِنْهُ الرَّاجِحُ الزَّائِدُ رُجْحَانُهُ قُلْتُ إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَتِمُّ وَ يَنْقُصُ وَ يَزِيدُ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ كَيْفَ ذَلِكَ قَالَ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَرَضَ الْإِيمَانَ عَلَى جَوَارِحِ ابْنِ آدَمَ وَ قَسَمَهُ عَلَيْهَا وَ فَرَّقَهُ‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 38.

023
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

فِيهَا فَلَيْسَ مِنْ جَوَارِحِهِ جَارِحَةٌ إِلَّا وَ قَدْ وُكِلَتْ مِنَ الْإِيمَانِ بِغَيْرِ مَا وُكِلَتْ بِهِ أُخْتُهَا فَمِنْهَا قَلْبُهُ الَّذِي بِهِ يَعْقِلُ وَ يَفْقَهُ وَ يَفْهَمُ وَ هُوَ أَمِيرُ بَدَنِهِ الَّذِي لَا تَرِدُ الْجَوَارِحُ وَ لَا تَصْدُرُ إِلَّا عَنْ رَأْيِهِ وَ أَمْرِهِ وَ مِنْهَا عَيْنَاهُ اللَّتَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا وَ أُذُنَاهُ اللَّتَانِ يَسْمَعُ بِهِمَا وَ يَدَاهُ اللَّتَانِ يَبْطُشُ بِهِمَا وَ رِجْلَاهُ اللَّتَانِ يَمْشِي بِهِمَا وَ فَرْجُهُ الَّذِي الْبَاهُ مِنْ قِبَلِهِ وَ لِسَانُهُ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ وَ رَأْسُهُ الَّذِي فِيهِ وَجْهُهُ فَلَيْسَ مِنْ هَذِهِ جَارِحَةٌ إِلَّا وَ قَدْ وُكِلَتْ مِنَ الْإِيمَانِ بِغَيْرِ مَا وُكِلَتْ بِهِ أُخْتُهَا بِفَرْضٍ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اسْمُهُ يَنْطِقُ بِهِ الْكِتَابُ لَهَا وَ يَشْهَدُ بِهِ عَلَيْهَا فَفَرَضَ عَلَى الْقَلْبِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى السَّمْعِ وَ فَرَضَ عَلَى السَّمْعِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الْعَيْنَيْنِ وَ فَرَضَ عَلَى الْعَيْنَيْنِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى اللِّسَانِ وَ فَرَضَ عَلَى اللِّسَانِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الْيَدَيْنِ وَ فَرَضَ عَلَى الْيَدَيْنِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الرِّجْلَيْنِ وَ فَرَضَ عَلَى الرِّجْلَيْنِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الْفَرْجِ وَ فَرَضَ عَلَى الْفَرْجِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الْوَجْهِ فَأَمَّا مَا فَرَضَ عَلَى الْقَلْبِ مِنَ الْإِيمَانِ فَالْإِقْرَارُ وَ الْمَعْرِفَةُ وَ الْعَقْدُ وَ الرِّضَا وَ التَّسْلِيمُ بِأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ إِلَهاً وَاحِداً لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَ لَا وَلَداً وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ الْإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنْ نَبِيٍّ أَوْ كِتَابٍ فَذَلِكَ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى الْقَلْبِ مِنَ الْإِقْرَارِ وَ الْمَعْرِفَةِ وَ هُوَ عَمَلُهُ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَ لكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً «1» وَ قَالَ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ «2» وَ قَالَ الَّذِينَ آمَنُوا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ «3» وَ قَالَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ «4» فَذَلِكَ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى الْقَلْبِ مِنَ الْإِقْرَارِ وَ الْمَعْرِفَةِ وَ هُوَ عَمَلُهُ وَ هُوَ رَأْسُ الْإِيمَانِ‏
__________________________________________________
 (1) النحل: 106.
 (2) الرعد: 28.
 (3) المائدة: 41، و نصه يا ايها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم و لم تؤمن قلوبهم، الآية.
 (4) البقرة: 264.

024
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

وَ فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى اللِّسَانِ الْقَوْلَ وَ التَّعْبِيرَ عَنِ الْقَلْبِ بِمَا عُقِدَ عَلَيْهِ وَ أَقَرَّ بِهِ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اسْمُهُ وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً «1» وَ قَالَ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَ إِلهُنا وَ إِلهُكُمْ واحِدٌ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ «2» فَهَذَا مَا فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى اللِّسَانِ وَ هُوَ عَمَلُهُ وَ فَرَضَ عَلَى السَّمْعِ أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنِ الِاسْتِمَاعِ إِلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَ أَنْ يُعْرِضَ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَهُ مِمَّا نَهَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهُ وَ الْإِصْغَاءِ إِلَى مَا أَسْخَطَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ فِي ذَلِكَ وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ «3» ثُمَّ اسْتَثْنَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَوْضِعَ النِّسْيَانِ فَقَالَ وَ إِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى‏ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «4» وَ قَالَ فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ «5» وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ «6» وَ قَالَ وَ إِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَ قالُوا لَنا أَعْمالُنا وَ لَكُمْ أَعْمالُكُمْ «7» وَ قَالَ وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً «8» فَهَذَا مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى السَّمْعِ مِنَ الْإِيمَانِ أَنْ لَا يُصْغِيَ إِلَى مَا لَا يَحِلُّ لَهُ وَ هُوَ عَمَلُهُ وَ هُوَ مِنَ الْإِيمَانِ وَ فَرَضَ عَلَى الْبَصَرِ أَنْ لَا يَنْظُرَ إِلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ أَنْ يُعْرِضَ عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِمَّا لَا يَحِلُّ لَهُ وَ هُوَ عَمَلُهُ وَ هُوَ مِنَ الْإِيمَانِ فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ «9» فَنَهَاهُمْ مِنْ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى‏
__________________________________________________
 (1) البقرة: 83.
 (2) صدر الآية في البقرة: 135 و ذيلها في العنكبوت: 46، فالآية مختلطة.
 (3) النساء: 140.
 (4) الأنعام: 68.
 (5) الزمر: 18.
 (6) المؤمنون: 1- 4.
 (7) القصص: 55.
 (8) الفرقان: 72.
 (9) النور: 30 و 31.

025
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

عَوْرَاتِهِمْ وَ أَنْ يَنْظُرَ الْمَرْءُ إِلَى فَرْجِ أَخِيهِ وَ يَحْفَظَ فَرْجَهُ مِنْ أَنْ يُنْظَرَ إِلَيْهِ وَ قَالَ وَ قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَ يَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ مِنْ أَنْ يَنْظُرَ إِحْدَاهُنَّ إِلَى فَرْجِ أُخْتِهَا وَ تَحْفَظَ فَرْجَهَا مِنْ أَنْ يُنْظَرَ إِلَيْهَا وَ قَالَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ فِي الْقُرْآنِ مِنْ حِفْظِ الْفَرْجِ فَهُوَ مِنَ الزِّنَا إِلَّا هَذِهِ الْآيَةَ فَإِنَّهَا مِنَ النَّظَرِ «1» ثُمَّ نَظَمَ مَا فَرَضَ عَلَى الْقَلْبِ وَ اللِّسَانِ وَ السَّمْعِ وَ الْبَصَرِ فِي آيَةٍ أُخْرَى فَقَالَ وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ «2» يَعْنِي بِالْجُلُودِ الْفُرُوجَ وَ الْأَفْخَاذَ وَ قَالَ وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا «3» فَهَذَا مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى الْعَيْنَيْنِ مِنْ غَضِّ الْبَصَرِ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ وَ هُوَ عَمَلُهُمَا وَ هُوَ مِنَ الْإِيمَانِ وَ فَرَضَ اللَّهُ عَلَى الْيَدَيْنِ أَنْ لَا يُبْطَشَ بِهِمَا إِلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَ أَنْ يُبْطَشَ بِهِمَا إِلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ فَرَضَ عَلَيْهِمَا مِنَ الصَّدَقَةِ وَ صِلَةِ الرَّحِمِ وَ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ الطَّهُورِ لِلصَّلَوَاتِ فَقَالَ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ «4» وَ قَالَ فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها «5» فَهَذَا مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى الْيَدَيْنِ‏
__________________________________________________
 (1) و ذلك لان حفظ الفرج هاهنا قد قرن بغض البصر، فصار كل واحد منهما قرينة متممة للمراد من الآخر نافية لاطلاقه، على حدّ صنعة الاحتباك كما في قوله تعالى:
اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَ النَّهارَ مُبْصِراً (غافر: 61) و مثله قوله تعالى:
 «هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَ النَّهارَ مُبْصِراً» (يونس: 67) فان تقدير الآيتين:
جعل لكم الليل مظلما لتسكنوا فيه و النهار مبصرا لتبتغوا فيه من فضله.
و هكذا هنا تقدير الآية: قل للمؤمنين يغضوا أبصارهم من فروج المؤمنين و يحفظوا فروجهم من أبصار المؤمنين.
 (2) فصّلت: 22.
 (3) أسرى: 36.
 (4) المائدة: 6.
 (5) القتال: 4.

026
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

لِأَنَّ الضَّرْبَ مِنْ عِلَاجِهِمَا وَ فَرَضَ عَلَى الرِّجْلَيْنِ أَنْ لَا يَمْشِيَ بِهِمَا إِلَى شَيْ‏ءٍ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ وَ فَرَضَ عَلَيْهِمَا الْمَشْيَ إِلَى مَا يَرْضَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا وَ قَالَ وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ «1» وَ قَالَ فِيمَا شَهِدَتِ الْأَيْدِي وَ الْأَرْجُلُ عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَ عَلَى أَرْبَابِهِمَا مِنْ تَضْيِيعِهِمَا لِمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ وَ فَرَضَهُ عَلَيْهِمَا الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى‏ أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ «2» فَهَذَا أَيْضاً مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى الْيَدَيْنِ وَ عَلَى الرِّجْلَيْنِ وَ هُوَ عَمَلُهُمَا وَ هُوَ مِنَ الْإِيمَانِ وَ فَرَضَ عَلَى الْوَجْهِ السُّجُودَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ فِي مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ فَقَالَ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ «3» فَهَذِهِ فَرِيضَةٌ جَامِعَةٌ عَلَى الْوَجْهِ وَ الْيَدَيْنِ وَ الرِّجْلَيْنِ وَ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً «4» وَ قَالَ فِيمَا فَرَضَ عَلَى الْجَوَارِحِ مِنَ الطَّهُورِ وَ الصَّلَاةِ بِهَا وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمَّا صَرَفَ نَبِيَّهُ ص إِلَى الْكَعْبَةِ عَنِ الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ «5» فَسَمَّى الصَّلَاةَ إِيمَاناً فَمَنْ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حَافِظاً لِجَوَارِحِهِ مُوفِياً كُلَّ جَارِحَةٍ مِنْ جَوَارِحِهِ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهَا لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى مُسْتَكْمِلًا لِإِيمَانِهِ وَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مَنْ خَانَ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْهَا أَوْ تَعَدَّى مَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهَا لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ نَاقِصَ الْإِيمَانِ قُلْتُ قَدْ فَهِمْتُ نُقْصَانَ الْإِيمَانِ وَ تَمَامَهُ فَمِنْ أَيْنَ جَاءَتْ زِيَادَتُهُ فَقَالَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَ هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَ أَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ‏

__________________________________________________
 (1) لقمان: 18 و 19.
 (2) يس: 65.
 (3) الحجّ: 77.
 (4) الجن: 18.
 (5) البقرة: 143.

027
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ «1» وَ قَالَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زِدْناهُمْ هُدىً «2» وَ لَوْ كَانَ كُلُّهُ وَاحِداً لَا زِيَادَةَ فِيهِ وَ لَا نُقْصَانَ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ فَضْلٌ عَلَى الْآخَرِ وَ لَاسْتَوَتِ النِّعَمُ فِيهِ وَ لَاسْتَوَى النَّاسُ وَ بَطَلَ التَّفْضِيلُ وَ لَكِنْ بِتَمَامِ الْإِيمَانِ دَخَلَ الْمُؤْمِنُونَ الْجَنَّةَ وَ بِالزِّيَادَةِ فِي الْإِيمَانِ تَفَاضَلَ الْمُؤْمِنُونَ بِالدَّرَجَاتِ عِنْدَ اللَّهِ وَ بِالنُّقْصَانِ دَخَلَ الْمُفَرِّطُونَ النَّارَ «3» قَالَ قُلْتُ لَهُ إِنَّ لِلْإِيمَانِ دَرَجَاتٍ وَ مَنَازِلَ وَ يَتَفَاضَلُ الْمُؤْمِنُونَ فِيهَا عِنْدَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ صِفْهُ لِي رَحِمَكَ اللَّهُ حَتَّى أَفْهَمَهُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ سَبَّقَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا يُسَبَّقُ بَيْنَ الْخَيْلِ يَوْمَ الرِّهَانِ ثُمَّ فَضَّلَهُمْ عَلَى دَرَجَاتِهِمْ فِي السَّبْقِ إِلَيْهِ فَجَعَلَ كُلَّ امْرِئٍ مِنْهُمْ عَلَى دَرَجَةِ سَبْقِهِ لَا يَنْقُصُهُ فِيهَا مِنْ حَقِّهِ وَ لَا يَتَقَدَّمُ مَسْبُوقٌ سَابِقاً وَ لَا مَفْضُولٌ فَاضِلًا تَفَاضَلَ بِذَلِكَ أَوَائِلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ أَوَاخِرُهَا وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلسَّابِقِ إِلَى الْإِيمَانِ فَضْلٌ عَلَى الْمَسْبُوقِ إِذَنْ لَلَحِقَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا نَعَمْ وَ لَتَقَدَّمُوهُمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِمَنْ سَبَقَ إِلَى الْإِيمَانِ الْفَضْلُ عَلَى مَنْ أَبْطَأَ عَنْهُ وَ لَكِنْ بِدَرَجَاتِ الْإِيمَانِ قَدَّمَ اللَّهُ السَّابِقِينَ وَ بِالْإِبْطَاءِ عَنِ الْإِيمَانِ أَخَّرَ اللَّهُ الْمُقَصِّرِينَ لِأَنَّا نَجِدُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْآخِرِينَ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ عَمَلًا مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ أَكْثَرُهُمْ صَلَاةً وَ صَوْماً وَ حَجّاً وَ زَكَاةً وَ جِهَاداً وَ إِنْفَاقاً وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ سَوَابِقُ يَفْضُلُ بِهَا الْمُؤْمِنُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً عِنْدَ اللَّهِ لَكَانَ الْآخِرُونَ بِكَثْرَةِ الْعَمَلِ مُقَدَّمِينَ عَلَى الْأَوَّلِينَ وَ لَكِنْ أَبَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُدْرِكَ آخِرَ دَرَجَاتِ الْإِيمَانِ أَوَّلُهَا وَ يُقَدَّمَ فِيهَا مَنْ أَخَّرَ اللَّهُ أَوْ يُؤَخَّرَ فِيهَا مَنْ قَدَّمَ اللَّهُ قُلْتُ أَخْبِرْنِي عَمَّا نَدَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْمُؤْمِنِينَ إِلَيْهِ إِلَى الِاسْتِبَاقِ فَقَالَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ سابِقُوا إِلى‏ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ «4» وَ قَالَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «5» وَ قَالَ وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ‏

__________________________________________________
 (1) براءة: 124 و 125.
 (2) الكهف: 13.
 (3) الكافي ج 2: 33- 37.
 (4) الحديد: 21.
 (5) الواقعة: 10- 11.

028
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ «1» فَبَدَأَ بِالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ عَلَى دَرَجَةِ سَبْقِهِمْ ثُمَّ ثَنَّى بِالْأَنْصَارِ ثُمَّ ثَلَّثَ بِالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ فَوَضَعَ كُلَّ قَوْمٍ عَلَى قَدْرِ دَرَجَاتِهِمْ وَ مَنَازِلِهِمْ عِنْدَهُ ثُمَّ ذَكَرَ مَا فَضَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ أَوْلِيَاءَهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ «2» إِلَى آخِرِ الْآيَةِ وَ قَالَ وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى‏ بَعْضٍ «3» وَ قَالَ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ وَ لَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَ أَكْبَرُ تَفْضِيلًا «4» وَ قَالَ هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ «5» وَ قَالَ وَ يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ «6» وَ قَالَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ «7» وَ قَالَ وَ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجاتٍ مِنْهُ وَ مَغْفِرَةً وَ رَحْمَةً «8» وَ قَالَ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قاتَلُوا «9» وَ قَالَ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ «10» وَ قَالَ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَ لا نَصَبٌ وَ لا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ لا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَ لا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ «11» وَ قَالَ وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ «12» وَ قَالَ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ «13» فَهَذَا ذِكْرُ دَرَجَاتِ الْإِيمَانِ وَ مَنَازِلِهِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ «14».
تبيين اعلم أن العياشي ذكر في التفسير أكثر أجزاء هذا الخبر متفرقا
__________________________________________________
 (1) براءة: 100.
 (2) البقرة: 253.
 (3) أسرى: 55.
 (4) أسرى: 21.
 (5) آل عمران: 163.
 (6) هود: 3.
 (7) براءة: 20.
 (8) النساء 95 و 96.
 (9) الحديد: 10.
 (10) المجادلة: 11.
 (11) براءة: 120.
 (12) البقرة: 110، المزّمّل: 20.
 (13) الزلزال: 7 و 8.
 (14) الكافي ج 2 ص 40- 42.

029
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

و لما كان ما في الكافي أجمع و أصح اكتفينا به و في الكافي أيضا كان فرقه على بابين «1» فجمعتهما لاتصالهما معنى و اتصال سندهما و رواه الشيخ الجليل جعفر بن محمد بن قولويه عن سعد بن عبد الله بإسناده عن الصادق ع عن أمير المؤمنين ص فيما ذكر من أنواع آيات القرآن بأدنى تفاوت و سيأتي مثله برواية النعماني أيضا عن أمير المؤمنين ع فهذا المضمون مستفيض مؤيد بأخبار أخر أيضا.
قوله ع الإيمان بالله هو مبتدأ و أعلى خبره و يحتمل أن يكون المراد به جميع العقائد الإيمانية اكتفى بذكر أشرفها و أعظمها للزومها لسائرها مع أن كون التوحيد أشرف لا ينافي وجوب البقية و اشتراطه بها و السنا الضوء و بالمد الرفعة و الحظ النصيب و المراد بالقول التصديق القلبي أو هو مع الإقرار اللساني بالعقائد الإيمانية و قيل هو الذي يعبر عنه بالكلام النفسي و قد يستدل بقوله عمل كله على أن التصديق المكلف به ليس محض العلم إذ هو من قبيل الانفعال بل هو فعل قلبي.
قال شارح المقاصد و المذهب أنه غير العلم و المعرفة لأن من الكفار من كان يعرف الحق و لا يصدق به عنادا و استكبارا قال الله تعالى الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ «2» و قال وَ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ «3» و قال تعالى حكاية عن موسى ع لفرعون لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ «4» فاحتيج إلى الفرق بين العلم بما جاء به النبي ص و هو معرفته و بين التصديق ليصح كون الأول حاصلا للمعاندين دون الثاني و كون الثاني إيمانا دون الأول فاقتصر بعضهم على أن ضد التصديق هو الإنكار و التكذيب و ضد المعرفة النكارة و الجهالة و إليه أشار الغزالي حيث فسر التصديق بالتسليم فإنه لا يكون مع الإنكار و الاستكبار بخلاف‏
__________________________________________________
 (1) باب أن الايمان مبثوت لجوارح البدن كلها، و باب السبق الى الايمان.
 (2) البقرة: 146.
 (3) البقرة: 144.
 (4) أسرى 102.

030
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

العلم و المعرفة.
و فصل بعضهم زيادة التفصيل و قال التصديق عبارة عن ربط القلب بما علم من إخبار المخبر و هو أمر كسبي يثبت باختيار المصدق و لهذا يؤجر و يثاب عليه بل يجعل رأس العبادات بخلاف المعرفة فإنها ربما تحصل بلا كسب كمن وقع بصره على جسم فحصل له معرفة أنه جدار أو حجر و حققه بعض المتأخرين زيادة تحقيق فقال المعتبر في الإيمان هو التصديق الاختياري و معناه نسبة التصديق إلى المتكلم اختيارا و بهذا القيد يمتاز عن التصديق المنطقي المقابل للتصور فإنه قد يخلو عن الاختيار كما إذا ادعى النبي النبوة و أظهر المعجزة فوقع في القلب صدقه ضرورة من غير أن ينسب إليه اختيارا فإنه لا يقال في اللغة إنه صدقه فلا يكون إيمانا شرعيا كيف و التصديق مأمور به فيكون فعلا اختياريا زائدا على العلم لكونه كيفية نفسانية أو انفعالا و هو حصول المعنى في القلب و الفعل القلبي ليس كذلك بل هو إيقاع النسبة اختيارا الذي هو كلام النفس و يسمى عقد القلب فالسوفسطائي عالم بوجود النهار و كذا بعض الكفار بنبوة النبي ص لكنهم ليسوا بمصدقين لأنهم لا يحكمون اختيارا بل ينكرون.
و كلام هذا القائل متردد يميل تارة إلى أن التصديق المعتبر في الإيمان نوع من التصديق المنطقي لكونه مقيدا بالاختيار و كون التصديق العلمي أعم لا فرق بينهما إلا بلزوم الاختيار و عدمه و تارة إلى أنه ليس من جنس العلم أصلا لكونه فعلا اختياريا و كون العلم كيفية أو انفعالا و على هذا الأخير أصر بعض المعتنين بتحقيق الإيمان و جزم بأن التسليم الذي فسر به الغزالي التصديق ليس من جنس العلم بل أمر وراءه معناه گردن دادن و گرويدن و حق دانستن مر آنرا كه حق دانسته باشى.
و يؤيده ما ذكره إمام الحرمين أن التصديق على التحقيق كلام النفس لكن لا يثبت كلام النفس إلا مع العلم و نحن نقول لا شك أن التصديق المعتبر في الإيمان هو ما يعبر عنه في الفارسية بگرويدن و باور كردن و راست گوى دانستن إذا

031
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

أضيف إلى الحاكم و راست دانستن و حق دانستن إذا أضيف إلى الحكم و لا يكفي مجرد العلم و المعرفة الخالي عن هذا المعنى ثم أطال الكلام في ذلك و آل تحقيقه إلى أنه ليس شي‏ء وراء العلم و المعرفة.
و قال المحقق الدواني في شرح العقائد اعلم أنه لو فسر التصديق المعتبر في الإيمان بما هو أحد قسمي العلم فلا بد من اعتبار قيد آخر ليخرج الكفر العنادي و قد عبر عنه بعض المتأخرين بالتسليم و الانقياد و جعله ركنا من الإيمان و الأقرب أن يفسر التصديق بالتسليم الباطني و الانقياد القلبي و يقرب منه ما قيل إن التصديق أن تنسب باختيارك الصدق إلى أحد و هو يحوم حول ذلك و إن لم يصب المنحر انتهى.
و أقول الحق أن إثبات معنى آخر غير العلم و المعرفة مشكل و كون بعض أفراده حاصلا بغير اختيار لا ينافي التكليف به لمن لم يحصل له ذلك و ترتب الثواب على ما حصل بغير الاختيار إما تفضل أو هو على الثبات عليه و إظهاره و العمل بمقتضاه و الكلام النفسي الذي ذكروه ليس وراء التصور و التصديق شيئا نعم المعنى الذي نفهمه هاهنا زائدا على العلم هو العزم على إظهار ما اعتقده أو على عدم إنكاره ظاهرا بغير ضرورة تدعو إليه و يمكن عده من لوازم الإيمان أو شرائطه كما يومئ إليه بعض الآيات و الأخبار و العلم لو سلم أنه من قبيل الانفعال فعده عملا على سبيل التوسع باعتبار أسبابه و مباديه.
قوله ع بفرض الباء للسببية و ضميرا نوره و حجته راجعان إلى الفرض و كذا ضميرا به و إليه راجعان إليه و ضمير له إلى العامل و قيل إلى كونه عملا و قيل إلى الله و الأول أظهر و من أرجع ضمير به إلى الفرض و ضمير له إلى كونه عملا لو عكس كان أنسب و ضمير يدعوه المستتر راجع إلى الكتاب و البارز إلى العامل و قيل الظاهر أن يشهد و يدعوه حال عن فرض و أن ضمير له و إليه راجع إلى الله و ضمير به و البارز في يدعوه للفرض و المراد بدعاء الكتاب ذلك الفرض إليه سبحانه نسبته إليه و بيانه أنه منه و يحتمل أن يكون‏

032
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

حالا عن الإيمان و أن يكون ضمير له و يدعوه راجعا إليه و ضمير به و إليه للعمل أي يشهد الكتاب للإيمان بأنه عمل و يدعو الكتاب الإيمان إلى أنه عمل انتهى و لا يخفى بعدهما و في تفسير العياشي يشهد له بها الكتاب و يدعو إليه فضمير بها راجع إلى الحجة «1» و قوله واضح و ثابتة نعتان للفرض.
للإيمان حالات كأنه إشارة إلى الحالات الثلاث الآتية أي التام و الناقص و الراجح و الدرجات مراتب الرجحان فإنها كثيرة بحسب الكمية و الكيفية و الطبقات مراتب النقصان و المنازل ما يلزم تلك الدرجات و الطبقات من القرب إليه سبحانه و البعد عنه و المثوبات و العقوبات المترتبة عليها.
و قيل إشارة إلى أن للإيمان مراتب متكثرة و هي حالات الإنسان باعتبار قيامها به و درجات باعتبار ترقيه من بعضها إلى بعض و طبقات باعتبار تفاوت مراتبها في نفسها و كون بعضها فوق بعض و منازل باعتبار أن الإنسان ينزل فيها و يأوي إليها.
فمنه التام و هو إيمان الأنبياء و الأوصياء ع لاشتماله على جميع أجزاء الإيمان من فعل الفرائض و ترك الكبائر و إن تفاوتت بانضمام سائر المكملات من المستحبات و ترك المكروهات زيادة و نقصانا أو المراد بالتام المنتهى تمامه درجة النبي ص و أوصيائه ع و منه الناقص البين نقصانه و هو أقل مراتب الإيمان الذي بعده الكفر و منه الراجح و فيه أفراد غير متناهية باعتبار التفاوت في الكمية و الكيفية.
ثم إنه يحتمل الكلام وجهين أحدهما أن يكون الإيمان المشتمل على فعل الفرائض و ترك الكبائر حاصلا في الجميع لعدم صدق الإيمان بدون ذلك و يكون الدرجات و المنازل باعتبار تلك الأعمال و نقصها و انضمام فعل سائر الواجبات و ترك سائر المحرمات و فعل المندوبات و ترك المكروهات بل المباحات و الاتصاف بالأخلاق السنية و الملكات العلية و ثانيهما أن يكون القدر المشترك حصول‏
__________________________________________________
 (1) في طبعة الكمبانيّ تقديم و تأخير بين الجملتين.

033
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

الإيمان في الجملة و الكامل ما يكون مشتملا على جميع الأجزاء و هو الإيمان حقيقة و الناقص التام ما لم يكن فيه سوى العقائد الحقة و الدرجات المتوسطة تختلف باعتبار كثرة أجزاء الإيمان و قلتها فالمؤمن حقيقة هو الفرد الأول و إطلاقه على البواقي على التوسع لانتفاء الكل بانتفاء أحد الأجزاء و لكل منهما شواهد لفظا و معنى فتأمل فلما عسر فهمه على السائل لألفته بمصطلحات المتكلمين أعاد السؤال لمزيد التوضيح.
قوله ع به يعقل و يفقه و يفهم قيل العقل العلم بالقضايا الضرورية و الفقه ترتيبها لإنتاج القضايا النظرية و الفهم العلم بالنتيجة أقول و يحتمل أن يكون العقل معرفة الأصول العقلية و الفقه العلم بالأحكام الشرعية و الفهم معرفة سائر الأمور المتعلقة بالمعاش و غيره و المراد بالقلب النفس الناطقة سميت به لتعلقها أولا بالروح الحيواني المنبعث منه أو القلب الصنوبري من حيث تعلق النفس به و قيل محل الإدراك هذا الشكل الصنوبري عملا بظواهر الآيات و الأخبار و سيأتي تحقيقه في محله إن شاء الله.
قال الراغب في المفردات قال بعض الحكماء حيث ما ذكر الله القلب فإشارة إلى العقل و العلم نحو إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى‏ لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ «1» و حيث ما ذكر الصدر فإشارة إلى ذلك و إلى سائر القوى من الشهوة و الهوى و الغضب و نحوها و قوله رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي «2» فسؤال لإصلاح قواه و كذا قوله وَ يَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ «3» إشارة إلى إشفائهم و قوله وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ «4» أي العقول التي هي مندرجة بين سائر القوى و ليست بمهتديه و الله أعلم بذلك «5» و قال قلب الإنسان قيل سمي به لكثرة تقلبه و يعبر بالقلب عن المعاني التي تختص به من الروح و العلم و الشجاعة و سائر ذلك فقوله‏
__________________________________________________
 (1) ق: 37.
 (2) طه: 25.
 (3) براءة: 14.
 (4) الحجّ: 46.
 (5) مفردات غريب القرآن ص 276.

034
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ «1» أي الأرواح إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى‏ لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أي علم و فهم و كذلك وَ جَعَلْنا عَلى‏ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ «2» و قوله وَ طُبِعَ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ «3» و قوله وَ لِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ «4» أي تثبت به شجاعتكم و يزول خوفكم و على عكسه وَ قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ «5» و قوله هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ «6» و قوله وَ قُلُوبُهُمْ شَتَّى «7» أي متفرقة و قوله وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ قيل العقل و قيل الروح فأما العقل فلا يصح عليه ذلك و مجازه مجاز قوله تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ و الأنهار لا تجري و إنما يجري الماء الذي فيه انتهى «8».
و الورود حضور الماء للشرب و الصدر و الصدور الانصراف عنه و هذا مثل في أنها لا تفعل شيئا إلا بأمره كما يقال في الفارسية لا يشرب الماء إلا بأمره و إذنه و البطش تناول الشي‏ء بصولة و قوة و الباه في بعض النسخ بدون الهمزة و في بعضها بها قال الجوهري الباه مثل الجاه لغة في الباءة و هو الجماع «9» ينطق به الجملة نعت للفرض و ضمير به في الموضعين للفرض و ضميرا لها و عليها للجارحة و اللام للانتفاع و على للإضرار و إرجاع ضمير به إلى الإيمان كما قيل يقتضي خلو الجملة عن العائد و إرجاع ضمير لها هنا إلى الجارحة يؤيد إرجاع ضمير له سابقا إلى العامل.
قوله فالإقرار أي الإقرار القلبي لأن الكلام في فعل القلب و إن احتمل أن يكون المراد الإقرار اللساني لأنه إخبار عن القلب لكن ذكره بعد ذلك في عمل اللسان ربما يأبى عن ذلك و إن احتمل توجيهه و المعطوفات عليه على‏
__________________________________________________
 (1) الأحزاب: ص 33.
 (2) الأنعام: 25.
 (3) المنافقون: 3.
 (4) الأنفال: 10.
 (5) الأحزاب: 26.
 (6) الفتح: 4.
 (7) الحشر: 14.
 (8) مفردات غريب القرآن: 411.
 (9) الصحاح: 2228.

035
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

الأول عطف تفسير له و كأنها إشارة إلى مراتب اليقين و الإيمان القلبي فإن أقل مراتبه الإذعان القلبي و لو عن تقليد أو دليل خطابي و المعرفة ما كان عن برهان قطعي و العقد هو العزم على الإقرار اللساني و ما يتبعه و يلزمه عن العمل بالأركان و الرضا هو عدم إنكار قضاء الله و أوامره و نواهيه و أن لا يثقل عليه شي‏ء من ذلك لمخالفته لهوى نفسه و التسليم هو الانقياد التام للرسول فيما يأتي به لا سيما ما ذكر في أمر أوصيائه و ما يحكم به بينهم كما قال تعالى فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً «1» فظهر أن الإقرار بالولاية أيضا داخل في ذلك بل جميع ما جاء به النبي و قوله بأن لا إله متعلق بالإقرار لأن ما ذكر بعده تفسير و مكمل له و الصاحبة الزوجة و الإقرار عطف على الإقرار و المراد الإقرار بسائر أنبياء الله و كتبه و المستتر في جاء راجع إلى الموصول و ما قيل إن قوله بأن لا إله إلا الله إلخ متعلق بالإقرار و المعرفة و العقد و قوله و الإقرار بما جاء من عند الله معطوف على أن لا إله فيكون الأولان بيانا للأخيرين و الأخير بيانا للأول فلا يخفى ما فيه من أنواع الفساد.
و قال المحدث الأسترآبادي ره المعرفة جاء في كلامهم لمعان أحدها التصور مطلقا و هو المراد من قولهم على الله التعريف و البيان أي ذكر المدعى و التنبيه عليها إذ لا يجب خلق الإذعان كما يفهم من باب الشك و غير ذلك من الأبواب و ثانيها الإذعان القلبي و هو المراد من قولهم أقروا بالشهادتين و لم يدخل معرفة أن محمدا رسول الله ص في قلوبهم و ثالثها عقد القضية الإجمالية مثل نعم و بلى و هذا العقد ليس من باب التصور و لا من باب التصديق و رابعها العلم الشامل للتصور و التصديق و هو المراد من قولهم العلم و الجهل من صنع الله في القلوب انتهى و فيه ما فيه.
__________________________________________________
 (1) النساء: 65.

036
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

و الآية الأولى من سورة النحل مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ «1» قيل بدل من الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ و ما بينهما اعتراض أو من أولئك أو من الكاذبون أو مبتدأ خبره محذوف دل عليه قوله فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ و يجوز أن ينتصب بالذم و أن تكون من شرطية محذوفة الجواب إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ على الافتراء أو كلمة الكفر استثناء متصل لأن الكفر لغة يعم القول و العقد كالإيمان كذا ذكره البيضاوي «2» و الظاهر أنه منقطع وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ لم يتغير عقيدته وَ لكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً أي اعتقده و طاب به نفسا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ و قد ورد في أخبار كثيرة من طرق الخاصة و العامة أنها نزلت في عمار بن ياسر حيث أكرهه و أبويه ياسرا و سمية كفار مكة على الارتداد فأبى أبواه فقتلوهما و هما أول قتيلين في الإسلام و أعطاهم عمار بلسانه ما أرادوا مكرها فقيل يا رسول الله إن عمارا كفر فقال كلا إن عمارا ملئ إيمانا من قرنه إلى قدمه و اختلط الإيمان بلحمه و دمه فأتى عمار رسول الله ص و هو يبكي فجعل النبي ص يمسح عينيه و قال ما لك إن عادوا لك فعد لهم بما قلت و عن الصادق ع فأنزل الله فيه إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ الآية فقال له النبي ص عندها يا عمار إن عادوا فعد فقد أنزل الله عذرك و أمرك أن تعود إن عادوا و بالجملة الآية تدل على أن بعض أجزاء الإيمان متعلق بالقلب و إن استدل القوم بها على أن الإيمان ليس إلا التصديق القلبي و الآية الثانية الَّذِينَ آمَنُوا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ «3» قيل أي أنسا به و اعتمادا عليه و رجاء منه أو بذكر رحمته بعد القلق من خشيته أو بذكر دلائله الدالة على وجوده و وحدانيته أو بكلامه يعني القرآن الذي هو أقوى المعجزات أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ أي تسكن إليه و قال في المجمع معناه الذين اعترفوا بتوحيد الله على جميع صفاته و بنبوة نبيه و قبول ما جاء به من عند الله و تسكن قلوبهم بذكر الله و تأنس إليه و الذكر حضور المعنى للنفس و قد يسمى العلم ذكرا و القول الذي فيه المعنى الحاضر للنفس أيضا
__________________________________________________
 (1) النحل: 106.
 (2) أنوار التنزيل: 233.
 (3) الرعد: 28.

037
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

يسمى ذكرا أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ إلخ هذا حث للعباد على تسكين القلب إلى ما وعد الله به من النعيم و الثواب انتهى «1» و كان استدلاله ع بالآية مبني على أن المراد بذكر الله العقائد الإيمانية و الدلائل المفضية إليها إذ بها تطمئن القلب من الشك و الاضطراب و يؤيده قوله في الآية السابقة وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ قوله الذين آمنوا بأفواههم كأنه نقل لمضمون الآية إن لم يكن من النساخ أو الرواة و في المائدة هكذا يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ و في رواية النعماني الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ «2» و هو أظهر.
قوله سبحانه إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ «3» قال الطبرسي رحمه الله أي تظهروها و تعلنوها من الطاعة و المعصية أو العقائد أَوْ تُخْفُوهُ أي تكتموه يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ أي يعلم الله ذلك فيجازيكم عليه و قيل معناه أن تظهروا الشهادة أو تكتموها و إن الله يعلم ذلك و يجازيكم به عن ابن عباس و جماعة و قيل إنها عامة في الأحكام التي تقدم ذكرها في السورة خوفهم الله تعالى من العمل بخلافها.
و قال قوم إن هذه الآية منسوخة بقوله لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها «4» و رووا في ذلك خبرا ضعيفا و هذا لا يصح لأن تكليف ما ليس في الوسع غير جائز فكيف ينسخ و إنما المراد بالآية ما يتناوله الأمر و النهي من الاعتقادات و الإرادات و غير ذلك مما هو مستور عنا و أما ما لا يدخل في التكليف من الوساوس و الهواجس مما لا يمكن التحفظ عنه من الخواطر فخارج عنه لدلالة العقل و لقوله ع يعفى لهذه الأمة عن نسيانها و ما حدثت به أنفسها و على هذا يجوز أن تكون الآية الثانية بينت الأولى و أزالت توهم من صرف ذلك إلى غير وجه المراد و ظن أن ما يخطر بالبال أو تتحدث به النفس مما لا يتعلق بالتكليف فإن الله يؤاخذ به و الأمر بخلاف ذلك فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ منهم رحمة و تفضلا وَ يُعَذِّبُ مَنْ‏
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 6 ص 291.
 (2) كما سيجي‏ء تحت الرقم 29.
 (3) البقرة: 284.
 (4) البقرة: 286.
                       

038
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

يَشاءُ منهم ممن استحق العقاب عدلا وَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ من المغفرة و العذاب عن ابن عباس.
و لفظ الآية عام في جميع الأشياء و القول فيما يخطر بالبال من المعاصي إن الله سبحانه لا يؤاخذ به و إنما يؤاخذ بما يعزم الإنسان و يعقد قلبه عليه مع إمكان التحفظ عنه فيصير من أفعال القلب فيجازيه به كما يجازيه على أفعال الجوارح و إنما يجازيه جزاء العزم لا جزاء عين تلك المعصية لأنه لم يباشرها و هذا بخلاف العزم على الطاعة فإن العازم على فعل الطاعة يجازى على عزمه ذلك جزاء تلك الطاعة كما جاء في الأخبار أن المنتظر للصلاة في الصلاة ما دام ينتظرها و هذا من لطائف نعم الله على عباده انتهى «1».
و الظاهر من الأخبار الكثيرة التي يأتي بعضها في هذا الكتاب عدم مؤاخذة هذه الأمة على الخواطر و العزم على المعاصي فيمكن تخصيص هذه الآية بالعقائد كما هو ظاهر هذه الرواية و إن أمكن أن تكون نية المعصية و العزم عليها معصية يغفرها الله للمؤمنين فالمراد بقوله لِمَنْ يَشاءُ المؤمنون و يؤيده ما ذكره المحقق الطوسي و غيره أن إرادة القبيح قبيحة فتأمل و يظهر من بعض الأخبار أن هذه الآية منسوخة و قد خففها الله عن هذه الأمة
كَمَا رَوَى الدَّيْلَمِيُّ فِي إِرْشَادِ الْقُلُوبِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ ع فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ فِي مِعْرَاجِ النَّبِيِّ ص قَالَ: ثُمَّ عُرِجَ بِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَاقِ الْعَرْشِ وَ نَاجَاهُ بِمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ قَالَ تَعَالَى لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَدْ عُرِضَتْ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى بَعْثِ مُحَمَّدٍ ص فَأَبَوْا جَمِيعاً أَنْ يَقْبَلُوهَا مِنْ ثِقَلِهَا وَ قَبِلَهَا مُحَمَّدٌ ص فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهُ وَ مِنْ أُمَّتِهِ الْقَبُولَ خَفَّفَ عَنْهُ ثِقَلَهَا فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ تَكَرَّمَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَشْفَقَ عَلَى أُمَّتِهِ مِنْ تَشْدِيدِ الْآيَةِ الَّتِي قَبِلَهَا هُوَ وَ أُمَّتُهُ فَأَجَابَ عَنْ نَفْسِهِ وَ أُمَّتِهِ‏
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 2 ص 401.

039
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

فَقَالَ وَ الْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمُ الْمَغْفِرَةُ وَ الْجَنَّةُ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ سَمِعْنا وَ أَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ يَعْنِي الْمَرْجِعَ فِي الْآخِرَةِ فَأَجَابَهُ قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِتَائِبِي أُمَّتِكَ قَدْ أَوْجَبْتُ لَهُمُ الْمَغْفِرَةَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَمَّا إِذَا قَبِلْتَهَا أَنْتَ وَ أُمَّتُكَ وَ قَدْ كَانَتْ عُرِضَتْ مِنْ قَبْلُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَ الْأُمَمِ فَلَمْ يَقْبَلُوهَا فَحَقٌّ عَلَيَّ أَنْ أَرْفَعَهَا عَنْ أُمَّتِكَ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ مِنْ خَيْرٍ وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ مِنْ شَرٍّ أَلْهَمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَبِيَّهُ أَنْ قَالَ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا فَقَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْطَيْتُكَ لِكَرَامَتِكَ إِلَى آخِرِ الْخَبَرِ «1».
و أما المخالفون فهم اختلفوا في ذلك قال الرازي في تفسير هذه الآية يروى عن ابن عباس أنه قال لما نزلت هذه الآية جاء أبو بكر و عمر و عبد الرحمن بن عوف و معاذ و ناس إلى النبي ص فقالوا يا رسول الله كلفنا من العمل ما لا نطيق إن أحدنا ليحدث نفسه بما لا يحب أن يثبت في قلبه و إنه لذنب فقال النبي ص فلعلكم تقولون كما قال بنو إسرائيل سمعنا و عصينا فقولوا سمعنا و أطعنا فقالوا سمعنا و أطعنا و اشتد ذلك عليهم فمكثوا في ذلك حولا فأنزل الله تعالى لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها فنسخت هذه الآية فقال النبي ص إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثوا به أنفسهم ما لم يعملوا أو تكلموا به.
و اعلم أن محل البحث في هذه الآية أن قوله إِنْ تُبْدُوا إلخ يتناول حديث النفس و الخواطر الفاسدة التي ترد على القلب و لا يتمكن من دفعها فالمؤاخذة بها تجري مجرى تكليف ما لا يطاق و العلماء أجابوا عنه من وجوه.
الأول أن الخواطر الحاصلة في القلب على قسمين فمنها ما يوطن الإنسان نفسه عليه و العزم على إدخاله في الوجود و منها ما لا يكون كذلك بل يكون أمورا خاطرة بالبال مع أن الإنسان يكرهها و لكنه لا يمكنه دفعها عن نفسه فالقسم الأول يكون مؤاخذا به و الثاني لا يكون مؤاخذا به أ لا ترى إلى قوله تعالى‏
__________________________________________________
 (1) إرشاد القلوب المجلد الثاني.

040
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَ لكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ «1» و قال في آخر هذه السورة لَها ما كَسَبَتْ وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ «2» و قال إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ «3» هذا و هو الجواب المعتمد.
الوجه الثاني أن كل ما كان في القلب مما لا يدخل في العمل فإنه في محل العفو و قوله وَ إِنْ تُبْدُوا إلى آخرها فالمراد منه أن يدخل ذلك العمل في الوجود إما ظاهرا أو على سبيل الخفية و أما ما يوجد في القلب من العزائم و الإرادات و لم يتصل بالعمل فكل ذلك في محل العفو و هذا الجواب ضعيف لأن أكثر المؤاخذات إنما يكون بأفعال القلوب أ لا ترى أن اعتقاد الكفر و البدع ليس إلا من أعمال القلوب و أعظم أنواع العقاب مرتب عليه أيضا و أفعال الجوارح إذا خلت من أعمال القلوب لا يترتب عليها عقاب كأفعال النائم و الساهي فثبت ضعف هذا الجواب.
و الوجه الثالث أنه تعالى يؤاخذ بها و مؤاخذتها من الغموم في الدنيا و روي في ذلك خبرا عن عائشة عن النبي ص.
الوجه الرابع أنه تعالى قال يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ و لم يقل يؤاخذكم به الله و قد ذكرنا في معنى كونه حسيبا و محاسبا وجوها منها كونه عالما بها فرجع المعنى إلى كونه تعالى عالما بالضمائر و السرائر و روي عن ابن عباس أنه تعالى إذا جمع الخلائق يخبرهم بما كان في نفوسهم فالمؤمن يخبره و يعفو عنه و أهل الذنوب يخبرهم بما أخفوا من التكذيب و الذنب.
الوجه الخامس أنه تعالى ذكر بعد هذه الآية فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ فيكون الغفران نصيبا لمن كان كارها لورود تلك الخواطر و العذاب لمن كان مصرا عليها مستحسنا لها.
الوجه السادس قال بعضهم المراد بهذه الآية كتمان الشهادة و هو ضعيف و إن كان واردا عقيبه.
__________________________________________________
 (1) البقرة: 225 و 286.
 (2) البقرة: 225 و 286.
 (3) النور: 19.      

041
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

الوجه السابع ما مر أنها منسوخة بقوله لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها و هذا أيضا ضعيف لوجوه أحدها أن هذا النسخ إنما يصح لو قلنا إنهم كانوا قبل هذا النسخ مأمورين بالاحتراز عن تلك الخواطر التي كانوا عاجزين عن دفعها و ذلك باطل لأن التكليف قط ما ورد إلا بما في القدرة و لذلك قال ص بعثت بالحنيفية السمحة السهلة و الثاني أن النسخ إنما يحتاج إليه لو دلت الآية على حصول العقاب على تلك الخواطر و قد بينا أنها لا تدل على ذلك الثالث أن نسخ الخبر لا يجوز و إنما يجوز نسخ الأوامر و النواهي و اختلفوا في أن الخبر هل ينسخ أم لا انتهى.
و قال أبو المعين النسفي قال أهل السنة و الجماعة العبد مؤاخذ بما عقد بقلبه نحو الزنا و اللواطة و غير ذلك أما إذا خطر بباله و لم يقصد فلا يؤاخذ به و قال بعضهم لا يؤاخذ في الصورتين جميعا
وَ حُجَّتُهُمْ قَوْلُهُ ص عُفِيَ عَنْ أُمَّتِي مَا خَطَرَ بِبَالِهِمْ مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا وَ يَفْعَلُوا.
و حجتنا قوله تعالى وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ الآية فثبت أنه مؤاخذ بقصده و ما ذكرتم من الحديث فمحمول على ما خطر بباله و لم يقصد أما إذا قصد فلا انتهى.
و هو رأس الإيمان كان التشبيه بالرأس باعتبار أن بانتفائه ينتفي الإيمان رأسا كما أن بانتفاء الرأس لا تبقى الحياة و يفسد جميع البدن قوله ع القول أي ما يجب التكلم به من الأقوال كإظهار الحق و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و القراءة و الأذكار في الصلاة و أمثالها فيكون قوله و التعبير تخصيصا بعد التعميم لمزيد الاهتمام.
وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً «1» قال البيضاوي أي قولا حسنا و سماه حسنا للمبالغة و قرأ حمزة و يعقوب و الكسائي حسنا بفتحتين انتهى‏
أَقُولُ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: يَعْنِي قُولُوا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ.
وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ ع‏
__________________________________________________
 (1) البقرة: 83، راجع تفسير البيضاوى: 35. ط ايران.

042
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ ثُمَّ نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ «1» الْآيَةَ.
و في بعض الروايات أنه حسن المعاشرة و القول الجميل و في بعضها أنه الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و كان التعميم أولى فيناسب التعميم في القول أولا و يؤيده ما سيأتي نقلا من تفسير النعماني.
ثم إن الآية الثانية ليست في المصاحف هكذا ففي سورة البقرة قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ ما أُنْزِلَ إِلى‏ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطِ و في سورة العنكبوت وَ قُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَ إِلهُنا وَ إِلهُكُمْ واحِدٌ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ فالظاهر أن التغيير من النساخ أو نقل الآيتين بالمعنى و في النعماني موافق للأولى و لعله كان في الخبر الآيتان فأسقطوا عجز الأولى و صدر الثانية و التنزه الاجتناب و أن يعرض عطف على أن يتنزه و الإصغاء عطف على الموصول في قوله عما لا يحل.
وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ «2» هذه الآية في سورة النساء و في تفسير علي بن إبراهيم «3» أن آيات الله هم الأئمة ع و روى العياشي «4» في تفسيرها إذا سمعت الرجل يجحد الحق و يكذب به و يقع في أهله فقم من عنده و لا تقاعده قال الراغب و الخوض الشروع في الماء و المرور فيه و يستعار في الأمور و أكثر ما ورد في القرآن ورد فيما يذم الشروع فيه و تتمة الآية إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَ الْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً و الاستثناء في سورة الأنعام حيث قال وَ إِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَ إِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ «5» الآية و يحتمل أن يكون قوله تعالى وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي‏
__________________________________________________
 (1) براءة: 290.
 (2) النساء: 136.
 (3) تفسير القمّيّ ص 469- 467.
 (4) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 281.
 (5) الأنعام: 68.

043
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

الْكِتابِ إشارة إلى ما نزل في سورة الأنعام فهذه الآية كالتفسير لتلك الآية فذكره ع آية النساء لبيان أن الخوض في الآيات المذكور في الأنعام هو الكفر و الاستهزاء بها و إلا كان المناسب ذكر الآية المتصلة بالاستثناء فتفطن و روى العياشي عن الباقر ع في هذه الآية «1» قال الكلام في الله و الجدال في القرآن و قال منه القصاص وَ إِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ أي النهي فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى‏ أي بعد أن تذكره مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أي معهم فوضع الظاهر موضعه تنبيها على أنهم ظلموا بوضع التكذيب و الاستهزاء موضع التصديق و الاستعظام و في الحديث عن النبي ص من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يجلس في مجلس يسب فيه إمام أو يغتاب فيه مسلم إن الله تعالى يقول في كتابه وَ إِذا رَأَيْتَ الآية «2».
ثم إن الخطاب في الآية إما خطاب عام أو الخطاب ظاهرا للرسول و المراد به الأمة لأن النسيان لا يجوز عليه ص لا سيما إذا كان من الشيطان فإن من جوز السهو و النسيان عليه ص كالصدوق إنما جوز الإسهاء من الله تعالى للمصلحة لا من الشيطان فبشر عبادي الإضافة للتشريف و أحسن القول ما فيه رضا الله أو أشد رضاه و ما هو أشق على النفس و هذه كلمة جامعة يندرج فيها القول في أصول الدين و فروعه و الإصلاح بين الناس و التمييز بين الحق و الباطل و إيثار الأفضل فالأفضل و في رواية هو الرجل يسمع الحديث فيحدث به كما سمع لا يزيد فيه و لا ينقص منه.
أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ لدينه وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ «3» أي العقول السليمة عن منازعة الهوى و الوهم و العادات و عبادي في النسخ بإثبات الياء موافقا لرواية أبي عمرو برواية موسى حيث قرأ في الوصل بفتح الياء و في‏
__________________________________________________
 (1) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 362.
 (2) راجع تفسير القمّيّ ص 192.
 (3) الزمر: 18.

044
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

الوقف بإسكانها و قرأ الباقون بإسقاط الياء و الاكتفاء بالكسرة.
الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ قيل أي خائفون من الله متذللون له يلزمون أبصارهم مساجدهم و في تفسير علي بن إبراهيم «1» غضك بصرك في صلاتك و إقبالك علينا و سيأتي تفسيره في كتاب الصلاة إن شاء الله وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ قيل اللغو ما لا يعنيهم من قول أو فعل و في تفسير علي بن إبراهيم يعني عن الغناء و الملاهي‏
وَ فِي إِرْشَادِ الْمُفِيدِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع كُلُّ قَوْلٍ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرٌ فَهُوَ لَغْوٌ.
وَ فِي الْمَجْمَعِ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: أَنْ يَتَقَوَّلَ الرَّجُلُ عَلَيْكَ بِالْبَاطِلِ أَوْ يَأْتِيَكَ بِمَا لَيْسَ فِيكَ فَتُعْرِضُ عَنْهُ لِلَّهِ.
قَالَ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ الْغِنَاءُ وَ الْمَلَاهِي.
وَ فِي الْإِعْتِقَادَاتِ عَنْهُ ع أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْقُصَّاصِ أَ يَحِلُّ الِاسْتِمَاعُ لَهُمْ فَقَالَ لَا.
و الحاصل أن اللغو كل ما لا خير فيه من الكلام و الأصوات و يكفي في الاستشهاد كون بعض أفراده حراما مثل الغناء و الدف و الصنج و الطنبور و الأكاذيب و غيرها و قال في سورة القصص وَ إِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ قال علي بن إبراهيم «2» اللغو الكذب و اللهو و الغناء و قال في الفرقان وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً «3» أي معرضين عنه مكرمين أنفسهم عن الوقوف عليه و الخوض فيه و في أخبار كثيرة تفسير اللغو في هذه الآية بالغناء و الملاهي قوله من الإيمان من تبعيضية و أن لا يصغي عطف بيان لهذا و قيل من الإيمان مبتدأ و أن لا يصغي خبره «4» و فيه ما فيه.
قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا «5» الخطاب للرسول ص و يغضوا مجزوم بتقدير اللام أي ليغضوا فالمقصود تبليغهم أمر ربهم أو حكاية لمضمون أمره ع أو منصوب بتقدير أن أي مرهم أن يغضوا فإن قل لهم في معنى مرهم و قيل إنه جواب الأمر أي قل لهم غضوا يغضوا و اعترض بأنه حينئذ ينبغي الفاء أي فيغضوا
__________________________________________________
 (1) تفسير القمّيّ ص 444، و هكذا ما بعده، و الآية صدر سورة المؤمنون.
 (2) تفسير القمّيّ ص 490 و الآية في القصص: 55.
 (3) الفرقان: 72.
 (4) بل بالعكس.
 (5) النور: 30.

045
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

و فيه أنه سهل ليكن محذوفا و أبعد منه ما يقال إن التقدير قل لهم غضوا فإنك إن تقل لهم يغضوا و أصل الغض النقصان و الخفض كما في قوله وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ «1» و أجاز الأخفش أن تكون من زائدة و أباه سيبويه و قال إنه للتبعيض و لعله الوجه و ليس المراد نقص المبصرات و تبعيضها و لا الأبصار بل النظر بها و هو المراد مما قيل المراد غض البصر و خفضه عما يحرم النظر إليه و الاقتصار به على ما يحل و كذا قوله وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ أي إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فلما كان المستثنى هنا كالشاذ النادر مع كونه معروفا معلوما بخلافه في غض الأبصار أطلق الحفظ هنا و قيد الغض بحرف التبعيض و في الكشاف و يجوز أن يراد مع حفظها عن الإفضاء إلى ما لا يحل حفظها عن الإبداء و هذه الرواية و غيرها تدل على أن المراد بحفظ الفرج هنا ستره عن أن ينظر إليه أحد و كذا ظاهر الرواية تخصيص غض البصر بترك النظر إلى العورة.
قوله ع ثم نظم أقول في تفسير النعماني ثم نظم تعالى ما فرض على السمع و البصر و الفرج في آية واحدة فقال وَ ما كُنْتُمْ و هو أظهر و ما هنا يحتاج إلى تكلف في إدخال اللسان و القلب فقيل المراد بالاستتار ترك ذكر الأعمال القبيحة في المجالس و أَنْ يَشْهَدَ بتقدير من أن يشهد متعلقا بالاستتار بتضمين معنى الخوف فقوله تَسْتَتِرُونَ إشارة إلى فرض القلب و اللسان معا و يحتمل أن يكون المراد بالآية الأخرى الجنس أي الآيتين و الفؤاد داخل في الآية الثانية و كذا اللسان لأن قوله لا تَقْفُ عبارة عن عدم متابعة غير المعلوم بعدم التصديق به بالقلب و عدم إظهار العلم به باللسان وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ قبل هذه الآية في حم تنزيل وَ يَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَ أَبْصارُهُمْ وَ جُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ وَ قالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ وَ هُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ «2» قال الطبرسي قدس سره أي شهد عليهم سمعهم بما قرعه من الدعاء
__________________________________________________
 (1) لقمان: 19.
 (2) فصّلت: 20.

046
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

إلى الحق فأعرضوا عنه و لم يقبلوه و أبصارهم بما رأوا من الآيات الدالة على وحدانية الله فلم يؤمنوا و سائر جلودهم بما باشروه من المعاصي و الأعمال القبيحة و قيل في شهادة الجوارح قولان أحدهما أن الله تعالى يبنيها بنية الحي «1» و يلجئها إلى الاعتراف و الشهادة بما فعله أصحابها و الآخر أن الله تعالى تفعل الشهادة فيها و إنما أضاف الشهادة إليها مجازا و قيل في ذلك أيضا وجه ثالث و هو أنه يظهر فيه أماراته الدالة على كون أصحابها مستحقين للنار فسمي ذلك شهادة مجازا كما يقال عيناك تشهدان بسهرك و قيل إن المراد بالجلود هنا الفروج على طريق الكناية عن ابن عباس و المفسرين «2» ثم قال وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ أي من أن يشهد عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ معناه و ما كنتم تستخفون أي لم يكن مهيئا لكم أن تستتروا أعمالكم عن هذه الأعضاء لأنكم كنتم بها تعملون فجعلها الله شاهدة عليكم في القيامة و قيل معناه و ما كنتم تتركون المعاصي حذرا أن تشهد عليكم جوارحكم بها لأنكم ما كنتم تظنون ذلك وَ لكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا كنتم تَعْمَلُونَ لجهلكم بالله تعالى فهان عليكم ارتكاب المعاصي لذلك و روي عن ابن مسعود أنها نزلت في ثلاثة نفر تساروا فقالوا أ ترى أن الله تعالى يسمع تسارنا و يجوز أن يكون المعنى أنكم عملتم عمل من ظن أن عمله يخفى على الله كما يقال أهلكت نفسي أي عملت عمل من أهلك النفس و قيل إن الكفار كانوا يقولون إن الله لا يعلم ما في أنفسنا لكنه يعلم ما نظر عن ابن عباس وَ ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ ذلِكُمْ مبتدأ و ظَنُّكُمُ خبره و أَرْداكُمْ خبر ثان و يجوز أن يكون ظَنُّكُمُ بدلا من ذلِكُمْ و يكون المعنى و ظنكم الذي ظننتم بربكم أنه لا يعلم كثيرا مما تعملون أهلككم إذ هون عليكم أمر المعاصي و أدى بكم إلى الكفر فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ أي فظللتم من جملة من‏
__________________________________________________
 (1) و في نسخة من المصدر: ينبهها تنبيه الحى.
 (2) مجمع البيان ج 9 ص 9.

047
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

خسرت تجارته لأنكم خسرتم الجنة و خضتم في النار انتهى «1».
فإن قيل هذه الآيات في السور المكية و كذا قوله وَ لا تَقْفُ إلخ كما يدل عليه خبر محمد بن سالم أيضا فكيف صارت أعمال الجوارح فيها أجزاء من الإيمان و كيف توعد عليها قلت لعل الوعيد فيها باعتبار كفرهم و شركهم لا أنها تدل على أنهم إنما فعلوا ذلك كفرا بالله و استهانة بأمره و ظنهم أنه سبحانه لا يعلم كثيرا مما يعملون فالوعيد على شركهم و إتيانهم بتلك الأعمال من جهة الاستخفاف و الاستحلال و قفو ما ليس لهم به علم كان في أصول الدين مع أنه قد مر أنه ليس فيها وعيد بالنار و كون جميع آيات حم مكية لم يثبت لعدم الاعتماد على قول المفسرين من العامة و يحتمل أن يكون الغرض هنا محض كون الأعمال متعلقة بالجوارح و أن لها مدخلا في الإيمان و إن كان مدخليتها في كماله و المقصود في هذا الخبر أمر آخر و كذا الكلام في قوله وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً فإنها أيضا مكية.
قوله إلى ما حرم الله مثل القتل و الضرب و النهب و السرقة و كتابة الجور و الكذب و الظلم و مس الأجانب و نحوها و فرض عليهما من الصدقة و صلة الرحم إذ إيصال الصدقة إلى الفقراء و الخير إلى الأقرباء و الضرب و البطش و القتل في الجهاد و الطهور للصلاة من فروض اليد و قيل يفهم منه وجوب استعمال اليد في غسل الوجه و هو إما لأنه الفرد الغالب أو لأنه فرد الواجب التخييري.
و أقول يمكن أن يكون غسل الوجه داخلا فيما سيأتي من قوله و قال فيما فرض الله.
فَضَرْبَ الرِّقابِ «2» ضرب الرقاب عبارة عن القتل بضرب العنق و أصله فاضربوا الرقاب ضربا حذف الفعل و أقيم المصدر مقامه و أضيف إلى المفعول و الإثخان إكثار القتل أو الجراح بحيث لا يقدر على النهوض و الوثاق بالفتح و الكسر ما يوثق به و شده كناية عن الأسر و مَنًّا و فِداءً مفعول مطلق لفعل محذوف أي فإما
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 9 ص 10 و فيه: حصلتم في النار.
 (2) القتال: 4.

048
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

تمنون منا و إما تفدون فداء و أوزار الحرب أثقالها و آلاتها كالسيف و السنان و غيرهما و هو كناية عن انقضاء أمرها و المروي و مذهب الأصحاب أن الأسير إن أخذ و الحرب قائمة تعين قتله إما بضرب عنقه أو بقطع يده و رجله من خلاف و تركه حتى ينزف و يموت و إن أخذ بعد انقضاء الحرب تخير الإمام بين المن و الفداء و الاسترقاق و لا يجوز القتل و الاسترقاق علم من السنة و العلاج المزاولة.
أن لا يمشي بصيغة المجهول و الباء في بهما للآلة و الظرف نائب الفاعل و قوله ع فقال لعله ليس لتفسير ما تقدم و الاستدلال عليه بل لبيان نوع آخر من تكليف الرجلين و هو نوع المشي و ما ذكر سابقا كان غاية المشي و سيأتي ما هو أوفق بالمراد في رواية النعماني و قال البيضاوي وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ «1» توسط فيه بين الدبيب و الإسراع و عنه ص سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ و انقص منه و أقصر إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ أوحشها لَصَوْتُ الْحَمِيرِ و الحمار مثل في الذم سيما نهاقه و لذلك يكنى عنه فيقال طويل الأذنين و في تمثيل الصوت المرتفع بصوته ثم إخراجه مخرج الاستعارة مبالغة شديدة و توحيد الصوت لأن المراد تفضيل الجنس في النكير دون الآحاد أو لأنه مصدر.
و قال في قوله سبحانه الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى‏ أَفْواهِهِمْ «2» بأن نمنعها عن كلامهم وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ إلخ بظهور آثار المعاصي عليها و دلالتها على أفعالها أو بإنطاق الله إياها و في الحديث أنهم يجحدون و يخاصمون فيختم على أفواههم و تكلمهم أيديهم و أرجلهم انتهى و قيل هذا لا ينافي ما روي أن الناس في هذا اليوم يحتجون لأنفسهم و يسعى كل منهم في فكاك رقبته كما قال سبحانه يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها «3» و الله يلقن من يشاء حجته كما في دعاء الوضوء اللهم لقني حجتي يوم ألقاك لأن الختم مخصوص بالكفار كما قاله بعض المفسرين أو أن الختم‏
__________________________________________________
 (1) لقمان: 18، راجع البيضاوى: 335.
 (2) يس: 65.
 (3) النحل: 111.

049
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

يكون بعد الاحتجاج و المجادلة كما في الرواية السابقة و بالجملة الختم يقع في مقام و المجادلة في مقام آخر قوله فهذا أيضا كأنه إشارة إلى ما تشهد به الجوارح فمن في قوله مما تبعيضية أو إلى التكليم و الشهادة فمن تعليلية و يحتمل أن يكون إشارة إلى جميع ما تقدم.
و قال البيضاوي في قوله تعالى ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا «1» أي في صلاتكم أمرهم بهما لأنهم ما كانوا يفعلونهما أول الإسلام أو صلوا و عبر عن الصلاة بهما لأنهما أعظم أركانهما أو اخضعوا لله و خروا له سجدا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ بسائر ما تعبدكم به وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ و تحروا ما هو خير و أصلح فيما تأتون و تذرون كنوافل الطاعات و صلة الأرحام و مكارم الأخلاق لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ أي افعلوا هذه كلها و أنتم راجون الفلاح غير متيقنين له واثقين على أعمالكم و أقول لعل من الله موجبة و هذه فريضة جامعة أي ما ذكر في هذه الآية من الركوع و السجود و العبادة و فعل الخير و مدخلية الأعضاء المذكورة في تلك الأعمال في الجملة ظاهرة وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ «2» ظاهره أنه ع فسر المساجد بالأعضاء السبعة التي يسجد عليها أي خلقت لأن يعبد الله بها فلا تشركوا معه غيره في سجودكم عليها و هذا التفسير هو المشهور بين المفسرين و المذكور في صحيحة حماد «3» و المروي عن أبي جعفر الثاني ع حين سأله المعتصم عنها و به قال ابن جبير و الزجاج و الفراء «4» فلا عبرة بقول من قال إن المراد بها المساجد المعروفة و لا بقول من قال هي بقاع الأرض كلها و لا بقول من قال هي المسجد الحرام و الجمع باعتبار أنه قبلة لجميع المساجد و لا بقول من قال هي السجدات جمع مسجد بالفتح مصدرا أي السجودات لله فلا تفعل لغيره‏
وَ قَالَ فِي الْفَقِيهِ «5» قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏

__________________________________________________
 (1) الحجّ: 77، راجع البيضاوى: 274.
 (2) الجن: 18.
 (3) راجع الكافي ج 3 ص 312.
 (4) راجع مجمع البيان ج 10 ص 372.
 (5) فقيه من لا يحضره الفقيه ج 2 ص 381.

050
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

فِي وَصِيَّتِهِ لِابْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ يَا بُنَيَّ لَا تَقُلْ مَا لَا تَعْلَمُ بَلْ لَا تَقُلْ كُلَّ مَا تَعْلَمُ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَدْ فَرَضَ عَلَى جَوَارِحِكَ كُلِّهَا فَرَائِضَ يَحْتَجُّ بِهَا عَلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ يَسْأَلُكَ عَنْهَا وَ سَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ اسْتَعْبَدَهَا بِطَاعَتِهِ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا إِلَى قَوْلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ فَهَذِهِ فَرِيضَةٌ جَامِعَةٌ وَاجِبَةٌ عَلَى الْجَوَارِحِ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَنَّ الْمَساجِدَ إلخ يَعْنِي بِالْمَسَاجِدِ الْوَجْهَ وَ الْيَدَيْنِ وَ الرُّكْبَتَيْنِ وَ الْإِبْهَامَيْنِ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.
قوله و قال فيما فرض على الجوارح من الطهور و الصلاة بها أي بالجوارح و كأن مفعول القول محذوف أي ما قال أو من الطهور مفعوله بزيادة من أو بتقدير شيئا أو كثيرا أو المراد قال ذلك أي آية المساجد فيما فرض الله على هذه الجوارح من الطهور و الصلاة لأن الطهور أيضا يتعلق بالمساجد و على التقادير قوله و ذلك إشارة إلى كون الآيات السابقة دليلا على كون الإيمان مبثوثا على الجوارح لأنها إنما دلت على أن الله تعالى فرض أعمالا متعلقة بتلك الجوارح و لم تدل على أنها إيمان فاستدل على ذلك بأن الله تعالى سمى الصلاة المتعلقة بجميع الجوارح إيمانا فتم به الاستدلال بالآيات المذكورة على المطلوب و الظاهر أن في العبارة سقطا أو تحريفا أو اختصارا مخلا من الرواة أو من المصنف كما يدل عليه ما سيأتي نقلا من النعماني‏
وَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ قُولَوَيْهِ وَ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَ أَنَّ الْمَساجِدَ الْآيَةَ فَرَوَى أَصْحَابُنَا فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ عَنَى عَزَّ وَ جَلَّ بِذَلِكَ هَذِهِ الْجَوَارِحَ الْخَمْسَ وَ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِيمَا فَرَضَ عَلَى هَذِهِ الْجَوَارِحِ مِنَ الطَّهُورِ وَ الصَّلَاةِ وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمَّا صَرَفَ نَبِيَّهُ ص إِلَى الْكَعْبَةِ عَنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ الْمُسْلِمُونَ لِلنَّبِيِّ ص يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ رَأَيْتَ صَلَاتَنَا الَّتِي كُنَّا نُصَلِّي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ مَا حَالُهَا وَ حَالُنَا فِيهَا وَ حَالُ مَنْ مَضَى مِنْ أَمْوَاتِنَا وَ هُمْ يُصَلُّونَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ما كانَ اللَّهُ الْآيَةَ.
و يحتمل أن يكون مفعول القول وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ أو مبهما يفسره ذلك حذف لدلالة التعليل عليه و قوله و ذلك تعليل للقول أي النزول و قوله فأنزل الله‏

051
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

ليس جواب لما لعدم جواز دخول الفاء عليه بل الجواب محذوف بتقدير أنزل وجه الحكمة في الصرف فأنزل.
قوله فمن لقي الله عند الموت أو في القيامة أو الأعم حافظا لجوارحه عن المحرمات موفيا كل جارحة التوفية إعطاء الحق وافيا تاما و يمكن أن يقرأ كل بالرفع و بالنصب مستكملا لإيمانه أي مكملا له في القاموس أكمله و استكمله و كمله أتمه و جملة «1» و من خان في شي‏ء منها أي من الجوارح بفعل المنهيات أو تعدى ما أمر الله عز و جل في الجوارح و يحتمل أن تكون الخيانة أعم من ترك المأمورات و فعل المنهيات و التعدي بإيقاع الفرائض على وجه البدعة و مخالفا لما أمر الله و أقول حكم ع في الأول بدخول الجنة أي من غير عقاب و في الثاني لم يحكم بدخول النار و لا بعدم دخول الجنة لأنه يدخل الجنة و لو بعد حين و ليس دخوله النار مجزوما به لاحتمال عفو الله تعالى و غفرانه.
قوله فمن أين جاءت زيادته يفهم منه أن السائل فهم من الزيادة كون ما يشترط في الإيمان متحققا و زائدا عليه لا أنه يكون الزائد بالنسبة إلى الناقص و إلا فلم يحتج إلى السؤال لأن كل نقص إذا سلب كان زائدا بالنسبة إليه فالأفراد ثلاثة تام الإيمان و هو الذي اعتقد العقائد الحقة كلها و عمل بالفرائض و اجتنب الكبائر و إن أتى بشي‏ء منها تاب بعده و لم يصر على الصغائر و ناقص الإيمان و هو الذي أتى مع العقائد الحقة بشي‏ء من الكبائر و لم يتب منها أو ترك شيئا من الفرائض و لم يتداركها أو أصر على الصغائر و زائد الإيمان و هو الذي زاد في العقائد على ما يجب كما و كيفا كما سيأتي و في الأعمال بإتيانه بسائر الواجبات و المستحبات و ترك الصغائر و المكروهات و كلما زادت العقائد و الأعمال كما و كيفا زاد الإيمان.
فإذا عرفت هذا فلم تحتج إلى ما تكلفه بعضهم أنه لما ذكر ع أن الإيمان مفروض على الجوارح و أنه يزيد و ينقص و علم السائل الأول صريحا من‏
__________________________________________________
 (1) القاموس ج 4 ص 46.

052
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

الآيات المذكورة و الثاني ضمنا أو التزاما منها للعلم الضروري بأن العلم يزيد و ينقص سأل عن الآيات الدالة على الثاني صريحا أو قصده من السؤال أني قد فهمت مما ذكر من نقصان الإيمان العملي و تمامه باعتبار أن العمل يزيد و ينقص فمن أين جاءت زيادة الإيمان التصديقي و أية آية تدل عليها و فيه حينئذ استخدام إذ أراد بلفظ الإيمان الإيمان العملي و بضميره الإيمان التصديقي و على التقديرين لا يرد أنه إذا علم نقصان الإيمان و تمامه فقد علم زيادته لأن في التام زيادة ليست في الناقص انتهى.
فَمِنْهُمْ «1» قال البيضاوي فمن المنافقين مَنْ يَقُولُ إنكارا و استهزاء أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ السورة إِيماناً و قرئ أيكم بالنصب على إضمار فعل يفسره زادته فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً بزيادة العلم الحاصل من تدبر السورة و انضمام الإيمان بها و بما فيها إلى إيمانهم وَ هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ بنزولها لأنها سبب لزيادة كمالهم و ارتفاع درجاتهم وَ أَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ كفر فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ كفرا بها مضموما إلى الكفر بغيرها وَ ماتُوا وَ هُمْ كافِرُونَ و استحكم ذلك فيهم حتى ماتوا عليه.
وَ زِدْناهُمْ هُدىً «2» أي هداية إلى الإيمان أو زدناهم بسبب الإيمان ثباتا و شدة يقين و صبر على المكاره في الدين كما قال وَ رَبَطْنا عَلى‏ قُلُوبِهِمْ فهذه الهداية الخاصة الربانية زيادة على الإيمان الذي كانوا به متصفين حيث قال تعالى أولا إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ و لو كان كله واحدا أي كل الإيمان واحدا لا زيادة فيه و لا نقصان لم يكن لأحد من المؤمنين فضل على الآخر لأن الفضل إنما هو بالإيمان فلا فضل مع مساواتهم فيه و لا استوت النعم أي نعم الله بالهدايات الخاصة في الإيمان و لاستوى الناس في دخول الجنة أو في الخير و الشر و بطل تفضيل بعضهم على بعض بالدرجات و الكمالات و اللوازم كلها باطلة بالكتاب و
__________________________________________________
 (1) براءة: 126، راجع البيضاوى: 181.
 (2) الكهف: 13 و ما ذكر بعدها ذيلها.

053
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

السنة و لكن بتمام الإيمان باعتبار أصل التصديق و العمل بالفرائض أو بالواجبات و ترك الكبائر أو المنهيات دخل المؤمنون المتصفون به الجنة و بالزيادة في الإيمان بضم سائر الواجبات مع المندوبات أو المندوبات و ترك الصغائر مع المكروهات أو المكروهات و تحصيل الآداب المرغوبة و الأخلاق المطلوبة تفاضل المؤمنون المتصفون بها بدرجات الجنة العالية و المنازل الرفيعة في قربه تعالى و بالنقصان في التصديق أو التقصير في الأعمال الواجبة و ارتكاب المحرمات دخل المفرطون في النار إن لم ينجو بفضله و عفوه سبحانه.
قوله درجات أي ذو درجات أو نفسه باعتبار إضافة درجات «1» و قيل الدرجات مراتب الترقيات و المنازل مراتب التنزلات و يحتمل أن يكون المقصود منهما واحدا أطلق عليهما اللفظان باعتبارين إن الله سبق على بناء التفعيل المعلوم و يسبق على بناء التفعيل المجهول أي قرر السبق و قدره بينهم في الإيمان و ندبهم إليه كما يسابق بين الخيل يوم الرهان و الخيل جماعة الأفراس لا واحد له و قيل واحده خائل لأنه يختال و جمعه أخيال و خيول و يطلق الخيل على الفرسان أيضا و المراهنة و الرهان بالكسر المسابقة على الخيل و كأنه ع شبه مدة الحياة بالمضمار و الأرواح بالفرسان و الأبدان بالخيول و العلم الذي يسبق إليه منتهى مراتب الإيمان و السبق الذي يراهن عليه الجنة فمنهم من سبق الكل و بلغ الغاية و هو رسول الله ص و منهم من تأخر عن الكل و منهم من بقي في وسط الميدان و منازلهم بحسب العقائد و الأعمال كما و كيفا لا يتناهى.
قوله ع فجعل كل امرئ منهم أي أعطاه ما يستحقه من الكرامة و الأجر و الذكر الجميل قيل في الاقتصار بنفي النقص دون الزيادة إيماء إلى جوازها من باب التفضل و إن لم يستحق و لا يتقدم أي في الفضل و الثواب مسبوق في الإيمان سابقا فيه و لا مفضول في الكمالات و الأعمال الصالحة فاضلا فيها.
تفاضل استئناف بياني بذلك أي بالسبق أوائل هذه الأمة أي من تقدم‏
__________________________________________________
 (1) لا يحتاج الى هذا التوجيه، فان لفظ الحديث هكذا: «ان للايمان درجات».

054
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

إيمانه من الصحابة أواخرها منهم أو الأعم من الصحابة و غيرهم أو الصحابة على التابعين و التابعين على غيرهم و ظاهره السبق الزماني إشعارا بأن الغاصبين للخلافة و إن فرض منهم تحقق إسلام و عمل صالح فلا يجوز تقديمهم على أمير المؤمنين ع و قد كان أولهم إيمانا و أسبقهم مع قطع النظر من سائر الكمالات و الفضائل التي استحق بها التقديم و يحتمل أن يكون المراد أعم من السبق الزماني و السبق بحسب الرتبة و كمال اليقين فالأكثرية بحسب الأعمال المذكورة بعد ذلك الأكثرية بحسب الكمية لا الكيفية فإنها تابعة للكمالات النفسانية و الحقائق الإيمانية التي هي من الأعمال القلبية لكنه بعيد عن السياق.
و قوله نعم تأكيد لقوله للحق و قوله و لتقدموهم عطف على قوله نعم أو على قوله للحق و قوله إذا لم يكن إعادة للشرط السابق تأكيدا أو المعنى أنه لو لم يكن للسبق الزماني مدخل في الفضل للزم أن يجوز لحوق المتأخرين السابقين أو تقدمهم عليهم مع عدم تحقق فضل في أصل الإيمان و شرائطه و مكملاته للسابقين على اللاحقين فاللحوق في صورة المساواة و التقدم في صورة زيادة إيمان اللاحقين على إيمان السابقين و الحال أنه ليس كذلك فإن لهم بالتقدم الزماني فضلا عليهم فالمراد بالفضل ما هو غير السبق الزماني و قوله و لكن إضراب عن قوله نعم و لتقدموهم إلخ و المراد بالدرجات ما هو باعتبار السبق الزماني من الأولين أي من بعضهم مقدمين على الأولين أي مطلقا و لكن ليس كذلك بل ربما كان بعض الأولين باعتبار السبق أفضل من كثير من الآخرين و إن كانوا أقل منهم عملا باعتبار تقدمهم و سبقهم و صعوبة الإيمان في ذلك الزمان و بسبب أن لهم مدخلا عظيما في إيمان الآخرين.
و الحاصل أن المسابقة تكون بحسب الرتبة و الزمان فمن اجتمعا فيه كأمير المؤمنين ص فهو الكامل حق الكمال و السابق على كل حال و من انتفى عنه الأمران فهو الناقص المستحق للخذلان و الوبال و أما إذا تعارض الأمران فظاهر الخبر أن السابق زمانا أفضل و أعلى درجة من الآخر.

055
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

و قال بعض المحققين الغرض من هذا الحديث أن يبين أن تفاضل درجات الإيمان بقدر السبق و المبادرة إلى إجابة الدعوة إلى الإيمان و هذا يحتمل عدة معان.
أحدها أن يكون المراد بالسبق السبق في الذر و عند الميثاق‏
كَمَا رُوِيَ أَنَّهُ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِأَيِّ شَيْ‏ءٍ سَبَقْتَ وُلْدَ آدَمَ قَالَ إِنَّنِي أَوَّلُ مَنْ أَقَرَّ بِرَبِّي إِنَّ اللَّهَ أَخَذَ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى‏ فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ أَجَابَ «1».
و على هذا يكون المراد بأوائل هذه الأمة و أواخرها أوائلها و أواخرها في الإقرار و الإجابة هناك فالفضل للمتقدم في قوله بلى و المبادر إلى ذلك ثم المتقدم و المبادر.
و المعنى الثاني أن يكون المراد بالسبق السبق في الشرف و الرتبة و العلم و الحكمة و زيادة العقل و البصيرة في الدين و وفور سهام الإيمان الآتي ذكرها «2» و لا سيما اليقين كما يستفاد من الأخبار الآتية و على هذا يكون المراد بأوائل هذه الأمة و أواخر أوائلها و أواخرها في مراتب الشرف و العقل و العلم فالفضل للأعقل و الأعلم و الأجمع للكمالات و هذا المعنى يرجع إلى المعنى الأول لتلازمهما و وحدة ما لهما و اتحاد محصلهما و الوجه في أن الفضل للسابق على هذين المعنيين ظاهر لا مرية فيه و مما يدل على إرادة هذين المعنيين اللذين مرجعهما إلى واحد قوله ع و لو لم يكن سوابق يفضل بها المؤمنون إلى قوله من قدم الله و لا سيما قوله أبى الله أن يدرك آخر درجات الإيمان أولها و من تأمل في تتمة الحديث أيضا حق التأمل يظهر له أنه المراد إن شاء الله تعالى.
و المعنى الثالث أن يكون المراد بالسبق السبق الزماني في الدنيا عند دعوة
__________________________________________________
 (1) راجع الكافي ج 2 ص 10، باب أن رسول اللّه ص أول من أجاب، و الآية في الأعراف: 171.
 (2) يعني في الكافي ج 2 ص 42 باب درجات الإيمان، و انما قال هذا- و هو صدر الدين الشيرازى- فانه من شراح الكافي.

056
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

النبي ص إياهم إلى الإيمان و على هذا يكون المراد بأوائل هذه الأمة و أواخرها أوائلها و أواخرها في الإجابة للنبي ص و قبول الإسلام و التسليم بالقلب و الانقياد للتكاليف الشرعية طوعا و يعرف الحكم في سائر الأزمنة بالمقايسة و سبب فضل السابق على هذا المعنى أن السبق في الإجابة للحق دليل على زيادة البصيرة و العقل و الشرف التي هي الفضيلة و الكمال.
و المعنى الرابع أن يراد بالسبق السبق الزماني عند بلوغ الدعوة فيعم الأزمنة المتأخرة عن زمن النبي ص و هذا المعنى يحتمل وجهين أحدهما أن يكون المراد بالأوائل و الأواخر ما ذكرناه أخيرا و كذا السبب في الفضل و الآخر أن يكون المراد بالأوائل من كان زمن النبي ص و بالأواخر من كان بعد ذلك و يكون سبب فضل الأوائل صعوبة قبول الإسلام و ترك ما نشئوا عليه في تلك الزمن و سهولته فيما بعد استقرار الأمر و ظهور الإسلام و انتشاره في البلاد مع أن الأوائل سبب لاهتداء الأواخر إذ بهم و بنصرتهم استقر ما استقر و قوي ما قوي و بان من استبان و الله المستعان انتهى.
قوله أخبرني عما ندب الله لما دل كلامه ع سابقا على أنه تعالى طلب منهم الاستباق إلى الإيمان سأله الراوي عن الآيات الدالة عليه سابِقُوا إِلى‏ مَغْفِرَةٍ كذا في سورة الحديد و في سورة آل عمران وَ سارِعُوا إِلى‏ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ «1» و كان مقتضى الجمع بين الآيتين أن المراد بالمسارعة المسابقة أي سارعوا مسابقين إلى سبب مغفرة من ربكم من الإيمان و الأعمال الصالحة وَ جَنَّةٍ أي إلى جنة عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ و في آل عمران عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ قال المحقق الأردبيلي قدس سره كنى بالعرض عن مطلق المقدار و هو متعارف و نقل على ذلك الأشعار في مجمع البيان أو أنه لما علم عرضه الذي هو أقل من الطول عرفا في غير المساوي علم أن طوله أيضا يكون أما أكثر أو مثله «2» و قال القاضي ذكر العرض للمبالغة في وصفها بالسعة على طريق التمثيل لأنه دون الطول و عن ابن عباس كسبع سماوات و سبع أرضين‏
__________________________________________________
 (1) آل عمران: 133.
 (2) زبدة البيان في أحكام القرآن: 181 ط حجر.

057
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

لو وصل بعضها ببعض «1» و ظاهر الآية وجوب المسارعة أو رجحانها إلى الطاعة الموجبة للدخول إلى الجنة و أعظمها الإيمان بالله و كتبه و رسله و اليوم الآخر و الترقي إلى مقاماتها العالية أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ ظاهر هذه الآية و غيرها من الآيات و الروايات أن الجنة مخلوقة الآن و كذا النار و قال به الأصحاب و صرح به الشيخ المفيد في بعض رسائله و قال إن الجنة مخلوقة الآن مسكونة سكنتها الملائكة و ظاهر الآية أنها في السماء و الظاهر أن المراد أنه يكون بعضها في السماء و يكون البعض الآخر فوقها أو يكون أبوابها فيها أو فوق الكل و ما ذكره الحكماء غير مسموع شرعا و هو ظاهر كما قيل إن النار تحت الأرض فتكون الآية دليلا على بطلان ما قالوه.
و قال البيضاوي فيه دلالة على أن الجنة مخلوقة و أنها خارجة عن هذا العالم «2» و ذهب جماعة من المعتزلة إلى أنهما غير مخلوقتين و أنهما تخلقان يوم القيامة و قال البيضاوي في الواقعة وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ «3» قال أي الذين سبقوا إلى الإيمان و الطاعة بعد ظهور الحق من غير تلعثم و توان أو سبقوا إلى حيازة الفضائل و الكمالات أو الأنبياء فإنهم مقدمو أهل الأديان هم الذين عرفت حالهم و عرفت مآلهم كقول أبي النجم أنا أبو النجم و شعري شعري أو الذين سبقوا إلى الجنة أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ أي الذين قربت درجاتهم في الجنة و أعليت مراتبهم.
و قال أي في التوبة وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ «4» و قد مر الكلام في ذلك مستوفى في كتاب المعاد في المجمع أي السابقون إلى الإيمان أو إلى الطاعات و إنما مدحهم بالسبق لأن السابق إلى الشي‏ء يتبعه غيره فيكون متبوعا و غيره تابع له فهو إمام فيه و داع له إلى الخير بسبقه إليه و كذلك من سبق إلى الشر يكون أسوأ حالا
__________________________________________________
 (1) أنوار التنزيل: 81.
 (2) أنوار التنزيل: 81.
 (3) الواقعة: 10 و 11، راجع البيضاوى ص 420، و التلعثم: الابطاء.
 (4) براءة: 100.

058
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

لهذه العلة مِنَ الْمُهاجِرِينَ الذين هاجروا من مكة إلى المدينة و إلى الحبشة وَ الْأَنْصارِ أي و من الأنصار الذين سبقوا نظراءهم من أهل المدينة إلى الإسلام و قرأ يعقوب و الأنصار بالرفع فلم يجعلهم من السابقين و جعل السبق للمهاجرين خاصة وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ أي بأفعال الخير و الدخول في الإسلام بعدهم و سلوك منهاجهم و يدخل في ذلك من بعدهم إلى يوم القيامة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ قال و في هذه الآية دلالة على فضل السابقين و مزيتهم على غيرهم لما لحقهم من أنواع المشقة في نصرة الدين فمنها مفارقة العشائر و الأقربين و منها مباينة المألوف من الدين و منها نصرة الإسلام مع قلة العدد و كثرة العدو و منها السبق إلى الإيمان و الدعاء إليه انتهى «1».
و قال بعضهم السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ هم الذين صلوا إلى القبلتين و شهدوا بدرا و أسلموا قبل الهجرة و من الأنصار أهل بيعة العقبة الأولى و كانوا سبعة نفر و أهل بيعة العقبة الثانية و كانوا سبعون و قال بعض المخالفين كلمة من للتبيين فيتناول المدح جميع الصحابة.
قوله ع ثم ذكر كلمة ثم للتراخي بحسب المرتبة إذ سورة البقرة نزلت قبل سورتي التوبة و الحديد فقال الله عز و جل أي في سورة البقرة تِلْكَ الرُّسُلُ قيل إشارة إلى الجماعة المذكورة قصصها في السورة أو المعلومة للرسول أو جماعة الرسل و اللام للاستغراق فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ بأن خصصناه بمنقبة ليست لغيره مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ تفصيل له و هو موسى و قيل موسى و محمد ص كلم موسى ليلة الحيرة و في الطور و محمدا ليلة المعراج حين فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى‏ و بينهما بون بعيد و في المصاحف وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ و ليس فيها فوق بعض «2» فالزيادة إما من الرواة أو النساخ و يؤيده عدمها في رواية النعماني‏
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 5 ص: 64.
 (2) راجع سورة البقرة: 253.

059
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

أو منه ع زاده للبيان و التفسير و هذه الزيادة مذكورة في سورة الزخرف حيث قال نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ «1» فيحتمل أن تكون الزيادة للإشارة إلى الآيتين.
قيل و رفع بعضهم درجات بأن فضله على غيره من وجوه متعددة و بمراتب متباعدة و هو محمد ص فإنه خص بالدعوة العامة و الحجج المتكاثرة و المعجزات المستمرة و الآيات المترتبة المتعاقبة بتعاقب الدهر و الفضائل العلمية و العملية الفائتة للحصر و الإبهام لتفخيم شأنه كأنه العلم المتعين لهذا الوصف المستغني عن التعيين و قيل إبراهيم خصصه بالخلة التي هي أعلى المراتب و قيل إدريس لقوله تعالى وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا «2» و قيل أولو العزم من الرسل و بعد ذلك وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَ لكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ و قال أي في سورة أسرى وَ لَقَدْ فَضَّلْنا إلخ «3» قال البيضاوي أي بالفضائل النفسانية و التبري عن العلائق الجسمانية لا بكثرة الأموال و الأتباع حتى داود فإن شرفه بما أوحي إليه من الكتاب لا بما أوتي من الملك و قيل هو إشارة إلى تفضيل رسول الله ص و قوله وَ آتَيْنا داوُدَ زَبُوراً تنبيه على وجه تفضيله و هو أنه خاتم الأنبياء و أمته خير الأمم المدلول عليه بما كتب في الزبور من أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ «4» و قال أي في سورة أسرى أيضا قيل هو عطف على ثم ذكر لا على قوله فقال لعدم اختصاص ما يذكر بعده بالأولياء بل هو في مطلق المؤمنين كَيْفَ فَضَّلْنا قيل أي في الرزق و في المجمع بأن جعلنا بعضهم أغنياء و بعضهم فقراء و بعضهم موالي و بعضهم عبيدا و بعضهم أصحاء و بعضهم مرضى على حسب‏
__________________________________________________
 (1) الزخرف: 32.
 (2) مريم: 57.
 (3) أسرى: 55، راجع البيضاوى: 239.
 (4) الأنبياء: 105.

060
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

ما علمناه من المصالح وَ لَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ أي درجاتها و مراتبها أعلى و أفضل فينبغي أن تكون رغبتهم فيها و سعيهم لها أكثر «1».
و قال أي في آل عمران هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ قيل شبهوا بالدرجات لما بينهم من التفاوت في الثواب و العقاب أو هم ذو درجات فقال وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ «2» و قال أي في هود وَ يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ أي في دينه فَضْلَهُ «3» أي جزاء فضله في الدنيا و الآخرة و يدل على عدم تفضيل المفضول و قال أي في التوبة وَ هاجَرُوا أي إلى الرسول ص و فارقوا الأوطان و تركوا الأقارب و الجيران و طلبوا مرضاة الرحمن وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ بصرفها وَ أَنْفُسِهِمْ ببذلها أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ أي أعلى رتبة و أكثر كرامة ممن لم يستجمع هذه الصفات أو من أهل السقاية و العمارة عندكم إذ قبلها أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ «4» و قال أي في سورة النساء و قبل الآية لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَ الْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَ كُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى‏ وَ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً «5» قال البيضاوي نصب على المصدر لأن فضل بمعنى آجر أو المفعول الثاني له لتضمنه معنى الإعطاء كأنه قال و أعطاهم زيادة على القاعدين أجرا عظيما دَرَجاتٍ مِنْهُ وَ مَغْفِرَةً وَ رَحْمَةً كل واحد منها بدل من أجرا و يجوز أن ينتصب درجات على المصدر كقولك ضربته أسواطا و أجرا على الحال عنها تقدمت عليها لأنها نكرة و مغفرة و رحمة على المصدر بإضمار
__________________________________________________
 (1) راجع مجمع البيان ج 6 ص 407، و الآية في أسرى: 21.
 (2) الآيات في آل عمران: 163، هود: 3. براءة: 19 و 20، كما مرّ سابقا.
 (3) الآيات في آل عمران: 163، هود: 3. براءة: 19 و 20، كما مرّ سابقا.
 (4) الآيات في آل عمران: 163، هود: 3. براءة: 19 و 20، كما مرّ سابقا.
 (5) النساء: 95.

061
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

فعلهما «1» و تتمة الآية وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً و قال أي في سورة الحديد لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ قال البيضاوي بيان لتفاوت المنفقين باختلاف أحوالهم من السبق و قوة اليقين و تحري الحاجات حثا على تحري الأفضل منها بعد الحث على الإنفاق و ذكر القتال للاستطراد و قسيم من أنفق محذوف لوضوحه و دلالة ما بعده عليه و الفتح فتح مكة إذ عز الإسلام به و كثر أهله و قلت الحاجة إلى المقاتلة و الإنفاق مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قاتَلُوا أي من بعد الفتح «2» و التتمة وَ كُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى‏ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ و قال أي في سورة المجادلة و الآية هكذا يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَ إِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ و التفسح التوسع وَ إِذا قِيلَ انْشُزُوا أي انهضوا للتوسعة أو لما أمرتم به كصلاة أو جهاد أو ارتفعوا في المجلس يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ بالنصر و حسن الذكر في الدنيا و إيوائهم غرف الجنان في الآخرة وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ و يرفع العلماء منهم خاصة دَرَجاتٍ بما جمعوا من العلم و العمل و قد مر تفسيرهم بالأئمة ع.
و قال أي في سورة التوبة حيث قال ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَ مَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ لا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذلِكَ قيل إشارة إلى ما دل عليه قوله ما كانَ من النهي عن التخلف أو وجوب المتابعة بِأَنَّهُمْ بسبب أنهم لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ أي شي‏ء من العطش وَ لا نَصَبٌ أي تعب وَ لا مَخْمَصَةٌ أي مجاعة فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ لا يَطَؤُنَ أي لا يدوسون مَوْطِئاً أي مكانا يَغِيظُ الْكُفَّارَ أي يغضبهم وطؤه وَ لا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا كالقتل و الأسر و النهب إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ أي إلا استوجبوا الثواب و ذلك مما يوجب المسابقة إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ «3»
__________________________________________________
 (1) تفسير البيضاوى: 204.
 (2) تفسير البيضاوى: 424، و الآية في الحديد: 10.
 (3) براءة: 120.

062
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

و قال أي في المزمل وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ يمكن أن يكون عدم ذكر تتمة الكلام للاختصار فإن التتمة هُوَ خَيْراً وَ أَعْظَمَ أَجْراً أي من الذي تؤخرونه إلى الوصية عند الموت و خيرا ثاني مفعولي تجدوه و هو تأكيد أو فصل أو هو مبني على قراءة هو خير بالرفع كما قرئ في الشواذ فالكلام إلى قوله عِنْدَ اللَّهِ تمام و قوله هو مبتدأ و خير خبره و هي جملة أخرى مؤكدة للأولى وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ الذرة هي النملة الصغيرة أو الهباء المنبث في الجو.
و بالجملة هذه الآيات كلها تدل على اختلاف مراتب المؤمنين في الثواب و الدرجات عند الله تعالى و المنازل في الجنة كما لا يخفى.
7- كا، الكافي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ ع الْكَبَائِرُ تُخْرِجُ مِنَ الْإِيمَانِ فَقَالَ نَعَمْ وَ مَا دُونَ الْكَبَائِرِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا يَزْنِي الزَّانِي وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا يَسْرِقُ السَّارِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ «1».
8- كا، الكافي بِالْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ الزَّيَّاتِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ: دَخَلَ ابْنُ قَيْسٍ الْمَاصِرُ وَ عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ وَ أَظُنُّ مَعَهُمَا أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع فَتَكَلَّمَ ابْنُ قَيْسٍ الْمَاصِرُ فَقَالَ إِنَّا لَا نُخْرِجُ أَهْلَ دَعْوَتِنَا وَ أَهْلَ مِلَّتِنَا مِنَ الْإِيمَانِ فِي الْمَعَاصِي وَ الذُّنُوبِ قَالَ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ يَا ابْنَ قَيْسٍ أَمَّا رَسُولُ اللَّهِ ص فَقَدْ قَالَ لَا يَزْنِي الزَّانِي وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا يَسْرِقُ السَّارِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ حَيْثُ شِئْتَ «2».
9- ل، الخصال ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام لي، الأمالي للصدوق عَنْ حَمْزَةَ الْعَلَوِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَزَّازِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْفَرَّاءِ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا ع عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 284.
 (2) الكافي ج 2 ص 285.

063
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْإِيمَانُ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ.
قال حمزة بن محمد و سمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم يقول سمعت أبي يقول و قد روي هذا الحديث عن أبي الصلت الهروي عبد السلام بن صالح عن علي بن موسى الرضا ع بإسناده مثله قال أبو حاتم لو قرئ هذا الإسناد على مجنون لبرأ «1» ..
10- فس، تفسير القمي إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ قَالَ كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ وَ الْإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنَ الْفَرَائِضِ وَ الْوَلَايَةُ يَرْفَعُ الْعَمَلَ الصَّالِحَ إِلَى اللَّهِ.
وَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: الْكَلِمُ الطَّيِّبُ قَوْلُ الْمُؤْمِنِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ عَلِيٌّ وَلِيُّ اللَّهِ وَ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ وَ قَالَ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ الِاعْتِقَادُ بِالْقَلْبِ إِنَّ هَذَا هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَا شَكَّ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ لِكُلِّ قَوْلٍ مِصْدَاقاً مِنْ عَمَلٍ يُصَدِّقُهُ أَوْ يُكَذِّبُهُ فَإِذَا قَالَ ابْنُ آدَمَ وَ صَدَّقَ قَوْلَهُ بِعَمَلِهِ رَفَعَ قَوْلَهُ بِعَمَلِهِ إِلَى اللَّهِ وَ إِذَا قَالَ وَ خَالَفَ عَمَلُهُ قَوْلَهُ رَدَّ قَوْلَهُ عَلَى عَمَلِهِ الْخَبِيثِ وَ هَوِيَ بِهِ إِلَى النَّارِ «2».
11- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ عَنْ أَبِي الصَّلْتِ الْهَرَوِيِّ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْإِيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ «3».
ل، الخصال ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام عن سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي عن علي بن عبد العزيز و معاذ بن المثنى عن الهروي بالإسناد مثله «4»
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 1: 84، عيون الأخبار ج 1: 227، الأمالي: 160.
 (2) تفسير القمّيّ: ... و الآية في فاطر: 10.
 (3) عيون الأخبار ج 1 ص 226.
 (4) الخصال ج 1 ص 84، عيون الأخبار ج 1 ص 227.

064
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

- نهج، نهج البلاغة عن أمير المؤمنين ع مثله «1»- ل، الخصال ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام عن ابن بندار عن محمد بن محمد بن جمهور عن محمد بن عمر بن منصور عن أحمد بن محمد بن يزيد الجمحي عن الهروي مثله «2».
12- ل، الخصال ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْقِلٍ الْقِرْمِيسِينِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ قَالَ كُنْتُ وَاقِفاً عَلَى أَبِي وَ عِنْدَهُ أَبُو الصَّلْتِ الْهَرَوِيُّ وَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ فَقَالَ أَبِي لِيُحَدِّثْنِي كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِحَدِيثٍ فَقَالَ أَبُو الصَّلْتِ الْهَرَوِيُّ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا ع وَ كَانَ وَ اللَّهِ رِضًا كَمَا سُمِّيَ عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَلِيٍّ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَ عَمَلٌ فَلَمَّا خَرَجْنَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مَا هَذَا الْإِسْنَادُ فَقَالَ لَهُ أَبِي هَذَا سَعُوطُ الْمَجَانِينِ إِذَا سُعِطَ بِهِ الْمَجْنُونُ أَفَاقَ «3».
بيان: كان و الله رضا أي مرضيا عند الله و عند الخلق سعوط المجانين أي هذا السند لاشتماله على الأسماء الشريفة المكرمة كأنه دعاء ينبغي أن يستشفى به للمجنون حتى يفيق أو كناية عن قوته و وثاقته بحيث إذا سمع مجنون يذعن بحقيته فكيف العاقل و الأول أظهر.
13- ل، الخصال ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام عَنِ ابْنِ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ الرَّازِيِّ عَنْ أَبِي الصَّلْتِ الْهَرَوِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا ع عَنِ الْإِيمَانِ فَقَالَ الْإِيمَانُ عَقْدٌ بِالْقَلْبِ وَ لَفْظٌ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ لَا يَكُونُ الْإِيمَانُ إِلَّا هَكَذَا «4».
__________________________________________________
 (1) نهج البلاغة عبده ج 2 ص 194، تحت الرقم 227 من الحكم.
 (2) الخصال ج 1 ص 84 عيون الأخبار ج 1 ص 228.
 (3) الخصال ج 1 ص 84، عيون الأخبار ج 1 ص 228.
 (4) الخصال ج 1 ص 84، عيون الأخبار ج 1 ص 227.

065
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

مع، معاني الأخبار عن أبيه عن سعد عن ابن عيسى مثله «1».
14- ب، قرب الإسناد عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْقَدَّاحِ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ص الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَ عَمَلٌ أَخَوَانِ شَرِيكَانِ «2».
مع، معاني الأخبار عن أبيه عن علي عن أبيه عن القداح مثله «3».
15- ب، قرب الإسناد عَنْ هَارُونَ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع وَ سُئِلَ مَا بَالُ الزَّانِي لَا تُسَمِّيهِ كَافِراً وَ تَارِكُ الصَّلَاةِ قَدْ تُسَمِّيهِ كَافِراً وَ مَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ قَالَ لِأَنَّ الزَّانِيَ وَ مَا أَشْبَهَهُ إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ لِمَكَانِ الشَّهْوَةِ وَ إِنَّهَا تَغْلِبُهُ وَ تَارِكُ الصَّلَاةِ لَا يَتْرُكُهَا إِلَّا اسْتِخْفَافاً بِهَا وَ ذَلِكَ أَنَّكَ لَا تَجِدُ الزَّانِيَ يَأْتِي الْمَرْأَةَ إِلَّا وَ هُوَ مُسْتَلِذٌّ لِإِتْيَانِهِ إِيَّاهَا قَاصِداً إِلَيْهَا وَ كُلُّ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ قَاصِداً إِلَيْهَا فَلَيْسَ يَكُونُ قَصْدُهُ لِتَرْكِهَا اللَّذَّةَ فَإِذَا انْتَفَتِ اللَّذَّةُ وَقَعَ الِاسْتِخْفَافُ وَ إِذَا وَقَعَ الِاسْتِخْفَافُ وَقَعَ الْكُفْرُ «4».
16- ب، قرب الإسناد عَنْ هَارُونَ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ قَالَ: وَ قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مَا فَرْقٌ بَيْنَ مَنْ نَظَرَ إِلَى امْرَأَةٍ فَزَنَى بِهَا أَوْ خمرا [خَمْرٍ] فَشَرِبَهَا وَ بَيْنَ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ حَيْثُ لَا يَكُونُ الزَّانِي وَ شَارِبُ الْخَمْرِ مُسْتَخِفّاً كَمَا اسْتَخَفَّ تَارِكُ الصَّلَاةِ وَ مَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ وَ مَا الْعِلَّةُ الَّتِي تَفْرُقُ بَيْنَهُمَا قَالَ ع الْحُجَّةُ أَنَّ كُلَّ مَا أَدْخَلْتَ نَفْسَكَ فِيهِ لَمْ يَدْعُكَ إِلَيْهِ دَاعٍ وَ لَمْ يَغْلِبْكَ عَلَيْهِ غَالِبُ شَهْوَةٍ مِثْلُ الزِّنَا وَ شُرْبِ الْخَمْرِ فَأَنْتَ دَعَوْتَ نَفْسَكَ إِلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ وَ لَيْسَ ثَمَّ شَهْوَةٌ فَهُوَ الِاسْتِخْفَافُ بِعَيْنِهِ وَ هَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا «5».
بيان قوله ع أن كل ما أدخلت كأن خبر أن محذوف أي هو
__________________________________________________
 (1) معاني الأخبار: 186.
 (2) قرب الإسناد: 13.
 (3) معاني الأخبار: 187.
 (4) قرب الإسناد: 22.
 (5) قرب الإسناد: 23.

066
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

الاستخفاف بقرينة قوله فأنت دعوت و يحتمل أن يكون الخبر لم يدعك و قيل المراد بالحجة المعيار لا الدليل و المراد بالداعي الباعث القوي و إلا فلا يكون فعل اختياري بغير داع و قوله مثل الزنا تشبيه للمنفي.
17- ب، قُرْبُ الْإِسْنَادِ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَخِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا يَزْنِي الزَّانِي وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا يَسْرِقُ السَّارِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ «1».
18- ل، الخصال عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ النَّهْدِيِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَكُونُ سَجِيَّتُهُ الْكَذِبَ وَ لَا الْبُخْلَ وَ لَا الْفُجُورَ وَ لَكِنْ رُبَّمَا أَلَمَّ بِشَيْ‏ءٍ مِنْ هَذَا لَا يَدُومُ عَلَيْهِ فَقِيلَ لَهُ أَ فَيَزْنِي قَالَ نَعَمْ هُوَ مُفَتَّنٌ تَوَّابٌ وَ لَكِنْ لَا يُولَدُ لَهُ مِنْ تِلْكَ النُّطْفَةِ «2».
بيان: ربما ألم أي نزل أو قارب في النهاية و إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله أي قاربت و قيل اللمم مقاربة المعصية من غير إيقاع فعل و قيل هو من اللمم صغار الذنوب و قال الفتنة الامتحان و الاختبار و منه الحديث المؤمن خلق مفتنا أي ممتحنا يمتحنه الله بالذنب ثم يتوب ثم يعود ثم يتوب يقال فتنته أفتنه فتنا و فتونا إذا امتحنته و يقال فيها افتتنه أيضا.
19- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام بِالْأَسَانِيدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْإِيمَانُ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ «3».
صح، صحيفة الرضا عليه السلام عن الرضا عن آبائه ع مثله «4».
20- جا، المجالس للمفيد ما، الأمالي للشيخ الطوسي عَنِ الْمُفِيدِ عَنِ الْجِعَابِيِّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَالِكِيِّ عَنْ أَبِي الصَّلْتِ الْهَرَوِيِّ عَنِ الرِّضَا عَلِيِّ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏
__________________________________________________
 (1) قرب الإسناد ط النجف ص 149 و 165.
 (2) الخصال ج 1 ص 64.
 (3) عيون الأخبار ج 1 ص 227، و تراه في ج 2: 28.
 (4) صحيفة الرضا عليه السلام: 2.

067
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

الْإِيمَانُ قَوْلٌ مَقُولٌ وَ عَمَلٌ مَعْمُولٌ وَ عِرْفَانُ الْعُقُولِ قَالَ أَبُو الصَّلْتِ فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي مَجْلِسِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَقَالَ لِي أَحْمَدُ يَا أَبَا الصَّلْتِ لَوْ قُرِئَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَلَى الْمَجَانِينِ لَأَفَاقُوا «1».
21- ما، الأمالي للشيخ الطوسي عَنِ الْفَحَّامِ عَنِ الْمَنْصُورِيِّ عَنْ عَمِّ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الثَّالِثِ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ ص عَنِ الْإِيمَانِ فَقَالَ تَصْدِيقٌ بِالْقَلْبِ وَ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ «2».
22- ما، الأمالي للشيخ الطوسي بِإِسْنَادِ أَخِي دِعْبِلٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع الْإِيمَانُ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَ عَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ «3».
23- ما، الأمالي للشيخ الطوسي عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْرَوَيْهِ وَ جَعْفَرِ بْنِ إِدْرِيسَ الْقَزْوِينِيَّيْنِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْغَازِي عَنِ الرِّضَا وَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي وَ جَدِّي أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَهْدِيِّ بْنِ صَدَقَةَ بْنِ هِشَامِ بْنِ غَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالُوا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ ص عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ ص يَقُولُ الْإِيمَانُ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ وَ لَفْظُ الْحَدِيثِ لِدَاوُدَ.
قَالَ أَبُو الْمُفَضَّلِ وَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الطَّبَرِيُّ عَنْ عَمَّارِ بْنِ رَجَاءٍ الْأَسْتَرْآبَادِيِّ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِيَّةَ الرَّازِيِّ وَ أبو [أَبِي‏] حَاتِمٍ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الْحَنْظَلِيِّ وَ غَيْرِهِمْ جَمِيعاً عَنْ أَبِي الصَّلْتِ الْهَرَوِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ الْإِيمَانُ قَوْلٌ بِاللِّسَانِ وَ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ‏
__________________________________________________
 (1) مجالس المفيد: 169، أمالي الطوسيّ ج 1 ص 35.
 (2) أمالي الطوسيّ: ج 1 ص 290.
 (3) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 379.

068
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ قَالَ أَبُو الصَّلْتِ لَوْ قُرِئَ هَذَا الْإِسْنَادُ عَلَى مَجْنُونٍ لَبَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ أَبُو الْمُفَضَّلِ وَ هَذَا حَدِيثٌ لَمْ يُحَدِّثْهُ عَنِ النَّبِيِّ ص إِلَّا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع مِنْ رِوَايَةِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ ع أَجْمَعَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَئِمَّةُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَ احْتَجُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْمُرْجِئَةِ وَ لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ فِيمَا أَعْلَمُ إِلَّا مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ- عَنْ أَبِيهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا وَ كُنْتُ لَا أَعْلَمُ أَنَّ أَحَداً رَوَاهُ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ إِلَّا ابْنَهُ الرِّضَا حَتَّى حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَعْمَرٍ الْكُوفِيُّ وَ مَا كَتَبْتُهُ إِلَّا عَنْهُ.
قال حدثنا عبد الله بن سعيد البصري العابد بسورا قال حدثنا محمد بن صدقة و محمد بن تميم قالا حدثنا موسى بن جعفر عن أبيه بإسناده مثله سواء «1».
24- ما، الأمالي للشيخ الطوسي أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ قَالُوا أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرِ بْنِ أَحْمَدَ الْمُصْعَبِيُّ قَالَ: كُنْتُ فِي مَجْلِسِ أَخِي طَاهِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ بِخُرَاسَانَ وَ فِي الْمَجْلِسِ يَوْمَئِذٍ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ الْحَنْظَلِيُّ وَ أَبُو الصَّلْتِ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ صَالِحٍ الْهَرَوِيُّ وَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فَتَذَاكَرُوا الْإِيمَانَ فَابْتَدَأَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ فَتَحَدَّثَ فِيهِ بِعِدَّةِ أَحَادِيثَ وَ خَاضَ الْفُقَهَاءُ وَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ وَ أَبُو الصَّلْتِ سَاكِتٌ فَقِيلَ لَهُ يَا بَا الصَّلْتِ أَ لَا تُحَدِّثُنَا فَقَالَ حَدَّثَنِي الرِّضَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ص وَ كَانَ وَ اللَّهِ رِضًى كَمَا وُسِمَ بِالرِّضَا قَالَ حَدَّثَنَا الْكَاظِمُ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي الْبَاقِرُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي السَّجَّادُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ- قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي الْحُسَيْنُ سِبْطُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي الْوَصِيُّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ص قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْإِيمَانُ عَقْدٌ بِالْقَلْبِ وَ نُطْقٌ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ قَالَ فَخَرِسَ أَهْلُ الْمَجْلِسِ كُلُّهُمْ وَ نَهَضَ أَبُو الصَّلْتِ فَنَهَضَ مَعَهُ إِسْحَاقَ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَ الْفُقَهَاءُ فَأَقْبَلَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ عَلَى أَبِي الصَّلْتِ فَقَالَ لَهُ وَ نَحْنُ نَسْمَعُ يَا بَا الصَّلْتِ أَيُّ إِسْنَادٍ هَذَا فَقَالَ يَا ابْنَ رَاهَوَيْهِ‏
__________________________________________________
 (1) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 63.

069
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

هَذَا سَعُوطُ الْمَجَانِينِ هَذَا عِطْرُ الرِّجَالِ ذَوِي الْأَلْبَابِ «1».
25- ما، الأمالي للشيخ الطوسي أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ قَالُوا أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَاشِدٍ الطَّاهِرِيُّ الْكَاتِبُ فِي دَارِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عِيسَى بْنِ دَاوُدَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَ بِحَضْرَتِهِ إِمْلَاءً يَوْمَ الثَّلَاثَاءِ لِتِسْعٍ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَ عِشْرِينَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ: حَمَلَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُرَاتِ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ بِرّاً وَاسِعاً إِلَى أَبِي أَحْمَدَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ فَأَوْصَلْتُهُ وَ وَجَدْتُهُ عَلَى إِضَاقَةٍ شَدِيدَةٍ فَقَبِلَهُ وَ كَتَبَ فِي الْوَقْتِ بَدِيهَةً
أَيَادِيكَ عِنْدِي مُعْظَمَاتٌ جَلَائِلُ-             طِوَالُ الْمَدَى شُكْرِي لَهُنَّ قَصِيرٌ-
فَإِنْ كُنْتَ عَنْ شُكْرِي غَنِيّاً فَإِنَّنِي-             إِلَى شُكْرِ مَا أَوْلَيْتَنِي لَفَقِيرٌ
قَالَ فَقُلْتُ أَعَزَّ اللَّهُ الْأَمِيرَ هَذَا حَسَنٌ قَالَ أَحْسَنُ مِنْهُ مَا سَرِقْتُهُ مِنْهُ فَقُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالَ حَدِيثَانِ حَدَّثَنِي بِهِمَا أَبُو الصَّلْتِ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ صَالِحٍ الْهَرَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ص أَسْرَعُ الذُّنُوبِ عُقُوبَةً كُفْرَانُ النِّعْمَةِ.
وَ حَدَّثَنِي أَبُو الصَّلْتِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يُؤْتَى بِعَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُوقَفُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَيَأْمُرُ بِهِ إِلَى النَّارِ فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ أَمَرْتَ بِي إِلَى النَّارِ وَ قَدْ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ فَيَقُولُ اللَّهُ أَيْ عَبْدِي إِنِّي أَنْعَمْتُ عَلَيْكَ وَ لَمْ تَشْكُرْ نِعْمَتِي فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ بِكَذَا فَشَكَرْتُكَ بِكَذَا وَ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ بِكَذَا فَشَكَرْتُكَ بِكَذَا فَلَا يَزَالُ يُحْصِي النِّعَمَ وَ يُعَدِّدُ الشُّكْرَ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى صَدَقْتَ عَبْدِي إِلَّا أَنَّكَ لَمْ تَشْكُرْ مَنْ أَجْرَيْتُ لَكَ نِعْمَتِي عَلَى يَدَيْهِ وَ إِنِّي قَدْ آلَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ لَا أَقْبَلَ شُكْرَ عَبْدٍ لِنِعْمَةٍ أَنْعَمْتُهَا عَلَيْهِ حَتَّى يَشْكُرَ مَنْ سَاقَهَا مِنْ خَلْقِي إِلَيْهِ قَالَ فَانْصَرَفْتُ بِالْخَبَرِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْفُرَاتِ وَ هُوَ فِي مَجْلِسِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُرَاتِ وَ ذَكَرْتُ مَا جَرَى فَاسْتَحْسَنَ الْخَبَرَ وَ انْتَسَخَهُ وَ رَدَّنِي فِي الْوَقْتِ إِلَى أَبِي أَحْمَدَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِبِرٍّ وَاسِعٍ مِنْ بِرِّ أَخِيهِ فَأَوْصَلْتُهُ إِلَيْهِ فَقَبِلَهُ وَ سُرَّ بِهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ‏
__________________________________________________
 (1) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 64.

070
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

شُكْرَاكَ مَعْقُودٌ بِإِيمَانِي-             حَكَمٌ فِي سِرِّي وَ إِعْلَانيِ-
عَقْدُ ضَمِيرٍ وَ فَمُّ نَاطِقٍ-             وَ فِعْلُ أَعْضَاءٍ وَ أَرْكَانٍ‏
 فَقُلْتُ هَذَا أَعَزَّ اللَّهُ الْأَمِيرَ أَحْسَنُ مِنَ الْأَوَّلِ فَقَالَ أَحْسَنُ مِنْهُ مَا سَرِقْتُهُ مِنْهُ قُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الصَّلْتِ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ صَالِحٍ بِنَيْسَابُورَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا ع قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي مُوسَى الْكَاظِمُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي جَعْفَرٌ الصَّادِقُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيٌّ السَّجَّادُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي الْحُسَيْنُ السِّبْطُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ص الْإِيمَانُ عَقْدٌ بِالْقَلْبِ وَ نُطْقٌ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ قَالَ فَعُدْتُ إِلَى أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ الْفُرَاتِ فَحَدَّثْتُهُ الْحَدِيثَ فَانْتَسَخَهُ قَالَ أَبُو أَحْمَدَ فَكَانَ أَبُو الصَّلْتِ فِي مَجْلِسِ أَخِي بِنَيْشَابُورَ وَ حَضَرَ مَجْلِسَهُ مُتَفَقِّهَةُ نَيْشَابُورَ وَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ مِنْهُمْ وَ فِيهِمْ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ فَأَقْبَلَ إِسْحَاقُ عَلَى أَبِي الصَّلْتِ فَقَالَ يَا أَبَا الصَّلْتِ أَيُّ إِسْنَادٍ هَذَا مَا أَغْرَبَهُ وَ أَعْجَبَهُ قَالَ هَذَا سَعُوطُ الْمَجَانِينِ الَّذِي إِذَا سُعِطَ بِهِ الْمَجْنُونُ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ أَبُو الْمُفَضَّلِ حَدَّثْتُ عَلَى أَبِي عَلِيِّ بْنِ هَمَّامٍ عَمَّا تَقَدَّمَهُ مِنْ حَدِيثِهِ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ وَ سَأَلَنِي فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي أَنْ أُمْلِيَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَجْلِ الزِّيَادَةِ فِيهِ وَ الشِّعْرِ فَأَمْلَيْتُهُ عَلَيْهِ «1».
بيان: قوله برا يمكن أن يقرأ بضم الباء و كسرها على إضافة أي ضيافة و المعنى كان عنده أضياف كثيرون «2» قوله ما سرقته منه كأن المعنى ما أخفيته منه و لم أذكره له و الآن أذكره و كأنه سماه سرقة إشارة إلى أنه لما كان قابلا لسماع هذا الحديث و لم أذكره له فكأني سرقته منه و يمكن أن‏
__________________________________________________
 (1) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 65 و 66.
 (2) في المصدر «على اضاقة» و هو المناسب لما بعده، يقال: أضاق الرجل اضاقة: ذهب ماله و افتقر.

071
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

يقرأ ما سر على بناء المفعول من السرور قنه بكسر القاف و تشديد النون أي عبده و الضمير لابن الفرات منه أي من استماعه و يمكن أن يقرأ سر على بناء الفاعل أيضا أي يسر القن المرسل إليه بسببه و الأصوب أنه من السرقة «1» و المعنى ما سرقت هذا الشعر منه لأن الشعر تضمن افتقاره إلى الشكر و الحديث دل عليه.
قوله شكراك كأن التثنية باعتبار النعمتين و إفراد الخبر باعتبار كل واحد أو الشكرى مصدر كذكرى و إن لم يرد في كتب اللغة و على الأول يحتمل أن يكون المراد مطلق التكرير كلبيك و في بعض النسخ شكريك بالياء أي شكري لك معقود بأيماني أي ألزمته على نفسي بالأيمان كقوله تعالى بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ هذا على فتح همزة الأيمان و كأن كسرها أنسب بالحديث الذي سرقه منه حكم بالتحريك أي حاكم أو محكم و يحتمل الضم و الفم هنا بالتشديد في القاموس الفم مثلثة أصله فوه و قد تشدد الميم مثلثة و قوله حدثت إلخ إشارة إلى الحديث المروي عنه قبل هذا الخبر و كأن الأظهر ما تقدمه.
26- مع، معاني الأخبار عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَيْسَ الْإِيمَانُ بِالتَّحَلِّي وَ لَا بِالتَّمَنِّي وَ لَكِنَّ الْإِيمَانَ مَا خَلَصَ فِي الْقَلْبِ وَ صَدَّقَهُ الْأَعْمَالُ «2».
بيان: بالتحلي أي بأن يتزين به ظاهرا من غير يقين بالقلب و لا بالتمني بأن يتمنى النجاة بمحض العقائد من غير عمل.
27- مع، معاني الأخبار عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنْ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ الْعَطَّارِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّهُمْ يَقُولُونَ لَنَا أَ مُؤْمِنُونَ أَنْتُمْ فَنَقُولُ نَعَمْ «3» فَيَقُولُونَ أَ لَيْسَ الْمُؤْمِنُونَ فِي الْجَنَّةِ فَنَقُولُ بَلَى فَيَقُولُونَ أَ فَأَنْتُمْ فِي الْجَنَّةِ فَإِذَا نَظَرْنَا إِلَى أَنْفُسِنَا ضَعُفْنَا وَ انْكَسَرْنَا عَنِ الْجَوَابِ قَالَ‏
__________________________________________________
 (1) و لعلها كانت في مجموعة بعثت إليه مع الرجل فسرقها من تلك المجموعة.
 (2) معاني الأخبار ص 187.
 (3) في النسخ هنا زيادة [ان شاء اللّه تعالى‏] و هو سهو ظاهر.

072
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

فَقَالَ ع إِذَا قَالُوا لَكُمْ أَ مُؤْمِنُونَ أَنْتُمْ فَقُولُوا نَعَمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ قُلْتُ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا اسْتَثْنَيْتُمْ لِأَنَّكُمْ شُكَّاكٌ قَالَ فَقُولُوا لَهُمْ وَ اللَّهِ مَا نَحْنُ بِشُكَّاكٍ وَ لَكِنِ اسْتَثْنَيْنَا كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ «1» وَ هُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَهُ أَوَّلًا وَ قَدْ سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْمُؤْمِنِينَ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ مُؤْمِنِينَ وَ لَمْ يُسَمِّ مَنْ رَكِبَ الْكَبَائِرَ وَ مَا وَعَدَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ النَّارَ فِي قُرْآنٍ وَ لَا أَثَرٍ وَ لَا نُسَمِّيهِمْ بِالْإِيمَانِ بَعْدَ ذَلِكَ الْفِعْلِ «2».
بيان: قوله بالإيمان متعلق بقوله لم يسم و لا نسميهم معا على التنازع.
28- يد، التوحيد عَنِ ابْنِ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ قَالَ: كَتَبْتُ عَلَى يَدَيْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْيَنَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَسْأَلُهُ عَنِ الْإِيمَانِ مَا هُوَ فَكَتَبَ الْإِيمَانُ هُوَ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ عَقْدٌ بِالْقَلْبِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ فَالْإِيمَانُ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ وَ قَدْ يَكُونُ الْعَبْدُ مُسْلِماً قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مُؤْمِناً وَ لَا يَكُونُ مُؤْمِناً حَتَّى يَكُونَ مُسْلِماً فَالْإِسْلَامُ قَبْلَ الْإِيمَانِ وَ هُوَ يُشَارِكُ الْإِيمَانَ فَإِذَا أَتَى الْعَبْدُ بِكَبِيرَةٍ مِنْ كَبَائِرِ الْمَعَاصِي أَوْ صَغِيرَةٍ مِنْ صَغَائِرِ الْمَعَاصِي الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهَا كَانَ خَارِجاً مِنَ الْإِيمَانِ وَ سَاقِطاً عَنْهُ اسْمُ الْإِيمَانِ وَ ثَابِتاً عَلَيْهِ اسْمُ الْإِسْلَامِ فَإِنْ تَابَ وَ اسْتَغْفَرَ عَادَ إِلَى الْإِيمَانِ وَ لَمْ يُخْرِجْهُ إِلَى الْكُفْرِ إِلَّا الْجُحُودُ وَ الِاسْتِحْلَالُ إِذَا قَالَ لِلْحَلَالِ هَذَا حَرَامٌ وَ لِلْحَرَامِ هَذَا حَلَالٌ وَ دَانَ بِذَلِكَ فَعِنْدَهَا يَكُونُ خَارِجاً مِنَ الْإِيمَانِ وَ الْإِسْلَامِ إِلَى الْكُفْرِ وَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ دَخَلَ الْحَرَمَ ثُمَّ دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَأَحْدَثَ فِي الْكَعْبَةِ حَدَثاً فَأُخْرِجَ عَنِ الْكَعْبَةِ وَ عَنِ الْحَرَمِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَ صَارَ إِلَى النَّارِ الْخَبَرَ «3».
1. 14- 29- تَفْسِيرُ النُّعْمَانِيِّ، بِالْإِسْنَادِ الْآتِي فِي كِتَابِ الْقُرْآنِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ: وَ أَمَّا الْإِيمَانُ وَ الْكُفْرُ وَ الشِّرْكُ وَ زِيَادَتُهُ وَ نُقْصَانُهُ فَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ‏
__________________________________________________
 (1) الفتح: 27.
 (2) معاني الأخبار ص 413 آخر أحاديث الكتاب.
 (3) توحيد الصدوق ص 230.

073
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

تَعَالَى هُوَ أَعْلَى الْأَعْمَالِ دَرَجَةً وَ أَشْرَفُهَا مَنْزِلَةً وَ أَسْنَاهَا حَظّاً فَقِيلَ لَهُ الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَ عَمَلٌ أَمْ قَوْلٌ بِلَا عَمَلٍ فَقَالَ الْإِيمَانُ تَصْدِيقٌ بِالْجَنَانِ وَ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ وَ هُوَ عَمَلٌ كُلُّهُ وَ مِنْهُ التَّامُّ وَ مِنْهُ الْكَامِلُ تَمَامُهُ وَ مِنْهُ النَّاقِصُ الْبَيِّنُ نُقْصَانُهُ وَ مِنْهُ الزَّائِدُ الْبَيِّنُ زِيَادَتُهُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَا فَرَضَ الْإِيمَانَ عَلَى جَارِحَةٍ مِنْ جَوَارِحِ الْإِنْسَانِ إِلَّا وَ قَدْ وُكِلَتْ بِغَيْرِ مَا وُكِلَتْ بِهِ الْأُخْرَى فَمِنْهَا قَلْبُهُ الَّذِي يَعْقِلُ بِهِ وَ يَفْقَهُ وَ يَفْهَمُ وَ يَحِلُّ وَ يَعْقِدُ وَ يُرِيدُ وَ هُوَ أَمِيرُ الْبَدَنِ وَ إِمَامُ الْجَسَدِ الَّذِي لَا تُورَدُ الْجَوَارِحُ وَ لَا تَصْدُرُ إِلَّا عَنْ رَأْيِهِ وَ أَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ وَ مِنْهَا لِسَانُهُ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ وَ مِنْهَا أُذُنَاهُ اللَّتَانِ يَسْمَعُ بِهِمَا وَ مِنْهَا عَيْنَاهُ اللَّتَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا وَ مِنْهَا يَدَاهُ اللَّتَانِ يَبْطِشُ بِهِمَا وَ مِنْهَا رِجْلَاهُ اللَّتَانِ يَسْعَى بِهِمَا وَ مِنْهَا فَرْجُهُ الَّذِي الْبَاهُ مِنْ قِبَلِهِ وَ مِنْهَا رَأْسُهُ الَّذِي فِيهِ وَجْهُهُ وَ لَيْسَ جَارِحَةٌ مِنْ جَوَارِحِهِ إِلَّا وَ هِيَ مَخْصُوصَةٌ بِفَرْضِهِ وَ فَرَضَ عَلَى الْقَلْبِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى السَّمْعِ وَ فَرَضَ عَلَى السَّمْعِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الْبَصَرِ وَ فَرَضَ عَلَى الْبَصَرِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الْيَدَيْنِ وَ فَرَضَ عَلَى الْيَدَيْنِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الرِّجْلَيْنِ وَ فَرَضَ عَلَى الرِّجْلَيْنِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الْفَرْجِ وَ فَرَضَ عَلَى الْفَرْجِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الْوَجْهِ وَ فَرَضَ عَلَى الْوَجْهِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى اللِّسَانِ فَأَمَّا مَا فَرَضَ عَلَى الْقَلْبِ مِنَ الْإِيمَانِ فَالْإِقْرَارُ وَ الْمَعْرِفَةُ وَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ وَ الرِّضَا بِمَا فَرَضَهُ عَلَيْهِ وَ التَّسْلِيمُ لِأَمْرِهِ وَ الذِّكْرُ وَ التَّفَكُّرُ وَ الِانْقِيَادُ إِلَى كُلِّ مَا جَاءَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ مَعَ حُصُولِ الْمُعْجِزِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ اعْتِقَادُهُ وَ أَنْ يُظْهِرَ مِثْلَ مَا أَبْطَنَ إِلَّا لِلضَّرُورَةِ كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ «1» وَ قَوْلِهِ تَعَالَى لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَ لكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ «2» وَ قَالَ سُبْحَانَهُ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ «3» وَ قَوْلِهِ تَعَالَى أَلا

__________________________________________________
 (1) النحل: 106.
 (2) البقرة: 225.
 (3) المائدة: 41.

074
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ «1» وَ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا «2» وَ قَوْلِهِ تَعَالَى أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى‏ قُلُوبٍ أَقْفالُها «3» وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ «4» وَ مِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَ هُوَ رَأْسُ الْإِيمَانِ وَ أَمَّا مَا فَرَضَهُ عَلَى اللِّسَانِ فِي مَعْنَى التَّعْبِيرِ لِمَا عُقِدَ بِهِ الْقَلْبُ وَ أَقَرَّ بِهِ فَقَوْلُهُ تَعَالَى قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ ما أُنْزِلَ إِلى‏ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ الْآيَةَ «5» وَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ «6» وَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَ لا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ «7» فَأَمَرَ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِ الْحَقِّ وَ نَهَى عَنْ قَوْلِ الْبَاطِلِ وَ أَمَّا مَا فَرَضَهُ عَلَى الْأُذُنَيْنِ فَالاسْتِمَاعُ لِذِكْرِ اللَّهِ وَ الْإِنْصَاتُ إِلَى مَا يُتْلَى مِنْ كِتَابِهِ وَ تَرْكُ الْإِصْغَاءِ إِلَى مَا يُسْخِطُهُ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ «8» وَ قَالَ تَعَالَى وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ «9» الْآيَةَ ثُمَّ اسْتَثْنَى بِرَحْمَتِهِ لِمَوْضِعِ النِّسْيَانِ فَقَالَ وَ إِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى‏ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «10» وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ «11» وَ قَالَ تَعَالَى وَ إِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَ قالُوا لَنا أَعْمالُنا وَ لَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ «12» وَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مَا مَعْنَاهُ‏
__________________________________________________
 (1) الرعد: 30.
 (2) آل عمران: 191.
 (3) القتال: 24.
 (4) الحجّ: 46.
 (5) البقرة: 136.
 (6) البقرة: 83.
 (7) النساء: 171.
 (8) الأعراف: 204.
 (9) النساء: 134.
 (10) الأنعام: 68.
 (11) الزمر: 18.
 (12) القصص: 55.

075
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

مَعْنَى مَا فَرَضَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى السَّمْعِ وَ هُوَ الْإِيمَانُ وَ أَمَّا مَا فَرَضَهُ عَلَى الْعَيْنَيْنِ فَمِنْهُ النَّظَرُ إِلَى آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَ غَضُّ الْبَصَرِ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَ فَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَ إِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَ إِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَ إِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ «1» وَ قَالَ تَعَالَى أَ وَ لَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْ‏ءٍ «2» وَ قَالَ سُبْحَانَهُ انْظُرُوا إِلى‏ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَ يَنْعِهِ «3» وَ قَالَ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها «4» وَ هَذِهِ الْآيَةُ جَامِعَةٌ لِأَبْصَارِ الْعُيُونِ وَ أَبْصَارِ الْقُلُوبِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ «5» وَ مِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى‏ لَهُمْ «6» مَعْنَاهُ لَا يَنْظُرُ أَحَدُكُمْ إِلَى فَرْجِ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ أَوْ يُمَكِّنُهُ مِنَ النَّظَرِ إِلَى فَرْجِهِ ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَهُ وَ قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَ يَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ أَيْ مِمَّنْ يُلْحِقُهُنَّ النَّظَرَ كَمَا جَاءَ فِي حِفْظِ الْفَرْجِ وَ النَّظَرُ سَبَبُ إِيقَاعِ الْفِعْلِ مِنَ الزِّنَا وَ غَيْرِهِ ثُمَّ نَظَمَ تَعَالَى مَا فَرَضَ عَلَى السَّمْعِ وَ الْبَصَرِ وَ الْفَرْجِ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ وَ لكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ «7» يَعْنِي بِالْجُلُودِ هُنَا الْفُرُوجَ وَ الْأَفْخَاذَ وَ قَالَ تَعَالَى وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا «8» فَهَذَا مَا فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعَيْنَيْنِ مِنْ تَأَمُّلِ الْآيَاتِ وَ الْغَضِّ عَنْ تَأَمُّلِ الْمُنْكَرَاتِ وَ هُوَ مِنَ الْإِيمَانِ وَ أَمَّا مَا فَرَضَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى الْيَدَيْنِ فَالطَّهُورُ وَ هُوَ قَوْلُهُ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا

__________________________________________________
 (1) الغاشية: 16- 19.
 (2) الأعراف: 185.
 (3) الأنعام: 99.
 (4) الأنعام: 104.
 (5) الحجّ: 46.
 (6) النور: 31 و 30.
 (7) فصّلت: 22.
 (8) أسرى: 36.

076
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ «1» وَ فَرَضَ عَلَى الْيَدَيْنِ الْإِنْفَاقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَ مِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ «2» وَ فَرَضَ تَعَالَى عَلَى الْيَدَيْنِ الْجِهَادَ لِأَنَّهُ مِنْ عَمَلِهِمَا وَ عِلَاجِهِمَا فَقَالَ فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ «3» وَ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنَ الْإِيمَانِ وَ أَمَّا مَا فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فَالسَّعْيُ بِهِمَا فِيمَا يُرْضِيهِ وَ اجْتِنَابُ السَّعْيِ فِيمَا يُسْخِطُهُ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ فَاسْعَوْا إِلى‏ ذِكْرِ اللَّهِ وَ ذَرُوا الْبَيْعَ «4» وَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً «5» وَ قَوْلُهُ وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ «6» وَ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ «7» ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ الرِّجْلَيْنِ مِنَ الْجَوَارِحِ الَّتِي تَشْهَدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ تُسْتَنْطَقُ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى‏ أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ «8» وَ هَذَا مِمَّا فَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الرِّجْلَيْنِ فِي كِتَابِهِ وَ هُوَ مِنَ الْإِيمَانِ وَ أَمَّا مَا افْتَرَضَهُ عَلَى الرَّأْسِ فَهُوَ أَنْ يُمْسَحَ مِنْ مُقَدَّمِهِ بِالْمَاءِ فِي وَقْتِ الطَّهُورِ لِلصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ «9» وَ هُوَ مِنَ الْإِيمَانِ وَ فَرَضَ عَلَى الْوَجْهِ الْغَسْلَ بِالْمَاءِ عِنْدَ الطَّهُورِ وَ قَالَ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ «10» وَ فَرَضَ عَلَيْهِ السُّجُودَ وَ عَلَى الْيَدَيْنِ وَ الرُّكْبَتَيْنِ وَ الرِّجْلَيْنِ الرُّكُوعَ وَ هُوَ مِنَ الْإِيمَانِ وَ قَالَ فِيمَا فَرَضَ عَلَى هَذِهِ الْجَوَارِحِ مِنَ الطَّهُورِ وَ الصَّلَاةِ وَ سَمَّاهُ فِي كِتَابِهِ إِيمَاناً حِينَ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَتْ صَلَاتُنَا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَ طَهُورُنَا ضَيَاعاً فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَ ما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى‏ عَقِبَيْهِ وَ إِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ‏

__________________________________________________
 (1) المائدة: 6.
 (2) البقرة: 267.
 (3) القتال: 4.
 (4) الجمعة: 9.
 (5) لقمان: 18 و 19.
 (6) لقمان: 18 و 19.
 (7) البقرة: 238.
 (8) يس: 65.
 (9) المائدة: 6.
 (10) المائدة: 6.

077
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

رَحِيمٌ «1» فَسَمَّى الصَّلَاةَ وَ الطَّهُورَ إِيمَاناً.
وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ لَقِيَ اللَّهَ كَامِلَ الْإِيمَانِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مَنْ كَانَ مُضَيِّعاً لِشَيْ‏ءٍ مِمَّا فَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْجَوَارِحِ وَ تَعَدَّى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَ ارْتَكَبَ مَا نَهَاهُ عَنْهُ لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى نَاقِصَ الْإِيمَانِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَ هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ «2» وَ قَالَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ إِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَ عَلى‏ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ «3»- وَ قَالَ سُبْحَانَهُ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زِدْناهُمْ هُدىً «4» وَ قَالَ وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَ آتاهُمْ تَقْواهُمْ «5» وَ قَالَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ الْآيَةَ «6» فَلَوْ كَانَ الْإِيمَانُ كُلُّهُ وَاحِداً لَا زِيَادَةَ فِيهِ وَ لَا نُقْصَانَ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ فَضْلٌ عَلَى أَحَدٍ وَ لَتَسَاوَى النَّاسُ فَبِتَمَامِ الْإِيمَانِ وَ كَمَالِهِ دَخَلَ الْمُؤْمِنُونَ الْجَنَّةَ وَ نَالُوا الدَّرَجَاتِ فِيهَا وَ بِذَهَابِهِ وَ نُقْصَانِهِ دَخَلَ الْآخَرُونَ النَّارَ وَ كَذَلِكَ السَّبْقُ إِلَى الْإِيمَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «7» وَ قَالَ سُبْحَانَهُ وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ «8» وَ ثُلُثٌ بِالتَّابِعِينَ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ «9» وَ قَالَ وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى‏ بَعْضٍ وَ آتَيْنا داوُدَ زَبُوراً «10» وَ قَالَ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ وَ لَلْآخِرَةُ

__________________________________________________
 (1) البقرة: 143.
 (2) براءة: 124 و 125.
 (3) الأنفال: 2.
 (4) الكهف: 13.
 (5) القتال: 17.
 (6) الفتح: 4.
 (7) الواقعة: 10 و 11.
 (8) براءة: 100.
 (9) البقرة: 253.
 (10) أسرى: 55.

078
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَ أَكْبَرُ تَفْضِيلًا «1» وَ قَالَ هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ «2» وَ قَالَ سُبْحَانَهُ وَ يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ «3» وَ قَالَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ «4» وَ قَالَ تَعَالَى لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قاتَلُوا وَ كُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى‏ «5» وَ قَالَ تَعَالَى وَ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجاتٍ مِنْهُ وَ مَغْفِرَةً وَ رَحْمَةً «6» وَ قَالَ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَ لا نَصَبٌ وَ لا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ لا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَ لا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ «7» فَهَذِهِ دَرَجَاتُ الْإِيمَانِ وَ مَنَازِلُهَا عِنْدَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ لَنْ يُؤْمِنَ بِاللَّهِ إِلَّا مَنْ آمَنَ بِرَسُولِهِ وَ حُجَجِهِ فِي أَرْضِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ «8» وَ مَا كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِيَجْعَلَ لِجَوَارِحِ الْإِنْسَانِ إِمَاماً فِي جَسَدِهِ يَنْفِي عَنْهَا الشُّكُوكَ وَ يُثْبِتُ لَهَا الْيَقِينَ وَ هُوَ الْقَلْبُ وَ يُهْمِلُ ذَلِكَ فِي الْحُجَجِ وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ «9» وَ قَالَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ «10» وَ قَالَ تَعَالَى أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَ لا نَذِيرٍ «11» وَ قَالَ سُبْحَانَهُ وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا «12» الْآيَةَ ثُمَّ فَرَضَ عَلَى الْأُمَّةِ طَاعَةَ وُلَاةِ أَمْرِهِ الْقُوَّامِ بِدِينِهِ كَمَا فَرَضَ عَلَيْهِمْ طَاعَةَ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «13»

__________________________________________________
 (1) أسرى: 21.
 (2) آل عمران: 163.
 (3) هود: 3.
 (4) براءة: 20.
 (5) الحديد: 10.
 (6) النساء: 96.
 (7) براءة: 120.
 (8) النساء: 80.
 (9) الأنعام: 149.
 (10) النساء: 165.
 (11) المائدة: 19.
 (12) السجدة: 24.
 (13) النساء: 59.

079
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

ثُمَّ بَيَّنَ مَحَلَّ وُلَاةِ أَمْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِتَأْوِيلِ كِتَابِهِ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى‏ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ «1» وَ عَجَزَ كُلُّ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ عَنْ مَعْرِفَةِ تَأْوِيلِ كِتَابِهِ غَيْرَهُمْ لِأَنَّهُمْ هُمُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ الْمَأْمُونُونَ عَلَى تَأْوِيلِ التَّنْزِيلِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ «2» إِلَى آخِرِ الْآيَةِ وَ قَالَ سُبْحَانَهُ بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ «3» وَ طَلَبُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنَ الْعِبَادَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ «4» وَ بِالْعِلْمِ اسْتَحَقُّوا عِنْدَ اللَّهِ اسْمَ الصِّدْقِ وَ سَمَّاهُمْ بِهِ صَادِقِينَ وَ فَرَضَ طَاعَتَهُمْ عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ بِقَوْلِهِ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ «5» فَجَعَلَهُمْ أَوْلِيَاءَهُ وَ جَعَلَ وَلَايَتَهُمْ وَلَايَتَهُ وَ حِزْبَهُمْ حِزْبَهُ فَقَالَ وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ «6» وَ قَالَ إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «7» وَ اعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ إِنَّمَا هَلَكَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ وَ ارْتَدَّتْ عَلَى أَعْقَابِهَا بَعْدَ نَبِيِّهَا ص بِرُكُوبِهَا طَرِيقَ مَنْ خَلَا مِنَ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَ الْقُرُونِ السَّالِفَةِ الَّذِينَ آثَرُوا عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ عَلَى طَاعَةِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ تَقْدِيمِهِمْ مَنْ يَجْهَلُ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ فَعَقَّبَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ «8» وَ قَالَ فِي الَّذِينَ اسْتَوْلَوْا عَلَى تُرَاثِ رَسُولِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ بَعْدِ وَفَاتِهِ أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ‏

__________________________________________________
 (1) النساء: 83.
 (2) آل عمران: 13.
 (3) العنكبوت: 49.
 (4) فاطر: 28.
 (5) براءة: 119.
 (6) المائدة: 56 و 55.
 (7) المائدة: 56 و 55.
 (8) الزمر: 9.

080
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

يُهْدى‏ فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ «1» فَلَوْ جَازَ لِلْأُمَّةِ الِايتِمَامُ بِمَنْ لَا يَعْلَمُ أَوْ بِمَنْ يَجْهَلُ لَمْ يَقُلْ إِبْرَاهِيمُ ع لِأَبِيهِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَ لا يُبْصِرُ وَ لا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً «2» فَالنَّاسُ أَتْبَاعُ مَنِ اتَّبَعُوهُ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَقِّ وَ أَئِمَّةِ الْبَاطِلِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَ لا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا «3» فَمَنِ ائْتَمَّ بِالصَّادِقِينَ حُشِرَ مَعَهُمْ وَ مَنِ ائْتَمَّ بِالْمُنَافِقِينَ حُشِرَ مَعَهُمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يُحْشَرُ الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ قَالَ إِبْرَاهِيمُ ع فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي «4» وَ أَصْلُ الْإِيمَانِ الْعِلْمُ وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ أَهْلًا نَدَبَ إِلَى طَاعَتِهِمْ وَ مَسْأَلَتِهِمْ فَقَالَ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ «5» وَ قَالَ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها «6» وَ الْبُيُوتُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ اللَّاتِي عَظَّمَ اللَّهُ بِنَاءَهَا بِقَوْلِهِ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ «7» ثُمَّ بَيَّنَ مَعْنَاهَا لِكَيْلَا يَظُنَّ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ أَنَّهَا بُيُوتٌ مَبْنِيَّةٌ فَقَالَ تَعَالَى رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ فَمَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ فِي هَذِهِ الْجِهَةِ أَدْرَكَهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَا مَدِينَةُ الْحِكْمَةِ وَ عَلِيٌّ بَابُهَا فَمَنْ أَرَادَ الْحِكْمَةَ فَلْيَأْتِهَا مِنْ بَابِهَا وَ كُلُّ هَذَا مَنْصُوصٌ فِي كِتَابِهِ تَعَالَى إِلَّا أَنَّ لَهُ أَهْلًا يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ فَمَنْ عَدَلَ مِنْهُمْ إِلَى الَّذِينَ يَنْتَحِلُونَ مَا لَيْسَ لَهُمْ وَ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَ هُوَ تَأْوِيلُهُ بِلَا بُرْهَانٍ وَ لَا دَلِيلٍ وَ لَا هُدًى هَلَكَ وَ أَهْلَكَ وَ خَسِرَتْ صَفْقَتُهُ وَ ضَلَّ سَعْيُهُ يَوْمَ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَ رَأَوُا الْعَذابَ وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ «8» وَ إِنَّمَا هُوَ حَقٌّ وَ بَاطِلٌ وَ إِيمَانٌ وَ كُفْرٌ وَ عِلْمٌ وَ جَهْلٌ وَ سَعَادَةٌ
__________________________________________________
 (1) يونس: 35.
 (2) مريم: 42.
 (3) أسرى: 71.
 (4) إبراهيم: 36.
 (5) النحل: 43.
 (6) البقرة: 189.
 (7) النور: 36 و 37.
 (8) البقرة: 166.

081
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

وَ شِقْوَةٌ وَ جَنَّةٌ وَ نَارٌ لَنْ يَجْتَمِعَ الْحَقُّ وَ الْبَاطِلُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ «1» وَ إِنَّمَا هَلَكَ النَّاسُ حِينَ سَاوَوْا بَيْنَ أَئِمَّةِ الْهُدَى وَ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْكُفْرِ وَ قَالُوا إِنَّ الطَّاعَةَ مَفْرُوضَةٌ لِكُلِّ مَنْ قَامَ مَقَامَ النَّبِيِّ ص بَرّاً كَانَ أَوْ فَاجِراً فَأْتُوا مِنْ قِبَلِ ذَلِكَ «2» قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَ فَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ «3» وَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى‏ وَ الْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَ النُّورُ «4» فَقَالَ فِيمَنْ سَمَّوْهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْكُفْرِ بِأَسْمَاءِ أَئِمَّةِ الْهُدَى مِمَّنْ غَصَبَ أَهْلَ الْحَقِّ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُمْ وَ فِيمَنْ أَعَانَ أَئِمَّةَ الضَّلَالِ عَلَى ظُلْمِهِمْ إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ «5» فَأَخْبَرَهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِعَظِيمِ افْتِرَائِهِمْ عَلَى جُمْلَةِ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ «6» وَ قَوْلِهِ تَعَالَى وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ «7» وَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ «8» وَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى أَ فَمَنْ كانَ عَلى‏ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ هُوَ أَعْمى‏ «9» فَبَيَّنَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بَيْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ فِي كَثِيرٍ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ وَ لَمْ يَجْعَلْ لِلْعِبَادِ عُذْراً فِي مُخَالَفَةِ أَمْرِهِ بَعْدَ الْبَيَانِ وَ الْبُرْهَانِ وَ لَمْ يَتْرُكْهُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ أَمْرِهِمْ وَ لَقَدْ رَكِبَ الْقَوْمُ الظُّلْمَ وَ الْكُفْرَ
__________________________________________________
 (1) الأحزاب: 4.
 (2) أي أتى هلاكهم من قبل ذلك، يقال: اتى- كعنى- فلان من مأمنه: أى جاءه الهلاك من جهة أمنه.
 (3) القلم: 35.
 (4) الرعد: 16.
 (5) الأعراف: 71.
 (6) النحل: 105.
 (7) القصص: 50.
 (8) السجدة: 18.
 (9) صدر الآية في سورة القتال: 14 و نصها: «أَ فَمَنْ كانَ عَلى‏ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ» و ذيله في سورة الرعد: 19 و نصها: أَ فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى‏ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ» و الظاهر أن ما بينهما سقط من النسخ.

082
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

فِي اخْتِلَافِهِمْ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ وَ تَفْرِيقِهِمُ الْأُمَّةَ وَ تَشْتِيتِ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ وَ اعْتِدَائِهِمْ عَلَى أَوْصِيَاءِ رَسُولِ اللَّهِ ص بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ لَهُمْ مِنَ الثَّوَابِ عَلَى الطَّاعَةِ وَ الْعِقَابِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ بِالْمُخَالَفَةِ فَاتَّبِعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَ تَرَكُوا مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ وَ رَسُولُهُ قَالَ تَعَالَى وَ ما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ «1» ثُمَّ أَبَانَ فَضْلَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ «2» ثُمَّ وَصَفَ مَا أَعَدَّهُ مِنْ كَرَامَتِهِ تَعَالَى لَهُمْ وَ مَا أَعَدَّهُ لِمَنْ أَشْرَكَ بِهِ وَ خَالَفَ أَمْرَهُ وَ عَصَى وَلِيَّهُ مِنَ النَّقِمَةِ وَ الْعَذَابِ فَفَرَّقَ بَيْنَ صِفَاتِ الْمُهْتَدِينَ وَ صِفَاتِ الْمُعْتَدِينَ فَجَعَلَ ذَلِكَ مَسْطُوراً فِي كَثِيرٍ مِنْ آيَاتِ كِتَابِهِ وَ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى‏ قُلُوبٍ أَقْفالُها «3» فَتَرَى مَنْ هُوَ الْإِمَامُ الَّذِي يَسْتَحِقُّ هَذِهِ الصِّفَةَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْمَفْرُوضُ عَلَى الْأُمَّةِ طَاعَتُهُ مَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ تَعَالَى طَرْفَةَ عَيْنٍ وَ لَمْ يَعْصِهِ فِي دَقِيقَةٍ وَ لَا جَلِيلَةٍ قَطُّ أَمْ مَنْ أَنْفَدَ عُمُرَهُ وَ أَكْثَرَ أَيَّامِهِ فِي عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ ثُمَّ أَظْهَرَ الْإِيمَانَ وَ أَبْطَنَ النِّفَاقَ وَ هَلْ مِنْ صِفَةِ الْحَكِيمِ أَنْ يُطَهِّرَ الْخَبِيثَ بِالْخَبِيثِ وَ يُقِيمَ الْحُدُودَ عَلَى الْأُمَّةِ مَنْ فِي جَنْبِهِ الْحُدُودُ الْكَثِيرَةُ وَ هُوَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ «4» أَ وَ لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَبِيَّهُ ص بِتَبْلِيغِ مَا عَهِدَهُ إِلَيْهِ فِي وَصِيِّهِ وَ إِظْهَارِ إِمَامَتِهِ وَ وَلَايَتِهِ بِقَوْلِهِ يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ «5» فَبَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا قَدْ سَمِعَ وَ عَلِمَ أَنَّ الشَّيَاطِينَ اجْتَمَعُوا إِلَى إِبْلِيسَ فَقَالُوا لَهُ أَ لَمْ تَكُنْ أَخْبَرْتَنَا أَنَّ مُحَمَّداً إِذَا مَضَى نَكَثَتْ أُمَّتُهُ عَهْدَهُ وَ نَقَضَتْ سُنَّتَهُ وَ أَنَّ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ يَشْهَدُ بِذَلِكَ وَ هُوَ قَوْلُهُ وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى‏ أَعْقابِكُمْ «6» فَكَيْفَ‏
__________________________________________________
 (1) البينة: 4 و 7.
 (2) البينة: 4 و 7.
 (3) القتال: 24.
 (4) البقرة: 44.
 (5) المائدة: 67.
 (6) آل عمران: 144.

083
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

يَتِمُّ هَذَا وَ قَدْ نَصَبَ لِأُمَّتِهِ عَلَماً وَ أَقَامَ لَهُمْ إِمَاماً فَقَالَ لَهُمْ إِبْلِيسُ لَا تَجْزَعُوا مِنْ هَذَا فَإِنَّ أُمَّتَهُ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُ وَ يَغْدِرُونَ بِوَصِيِّهِ مِنْ بَعْدِهِ وَ يَظْلِمُونَ أَهْلَ بَيْتِهِ وَ يُهْمِلُونَ ذَلِكَ لِغَلَبَةِ حُبِّ الدُّنْيَا عَلَى قُلُوبِهِمْ وَ تَمَكُّنِ الْحَمِيَّةِ وَ الضَّغَائِنِ فِي نُفُوسِهِمْ وَ اسْتِكْبَارِهِمْ وَ عِزِّهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ «1».
بيان بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ قال في المجمع هو ما يجري على عادة الناس من قول لا و الله و بلى و الله من غير عقد على يمين يقتطع بها مال أو يظلم بها أحد و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع و قيل هو أن يحلف و هو يرى أنه صادق ثم تبين أنه كاذب فلا إثم عليه و لا كفارة و قيل هو يمين الغضب لا يؤاخذ بالحنث فيها و قال مسروق كل يمين ليس له الوفاء بها فهي لغو و لا تجب فيها كفارة بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ أي بما عزمتم و قصدتم لأن كسب القلب العقد و النية و فيه حذف أي من أيمانكم و قيل بأن تحلفوا كاذبين أو على باطل انتهى «2».
و الاستدلال بآية التفكر لأنه من فعل القلب و كذا التدبر فإن قوله تعالى أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أي أ فلا يتصفحونه و ما فيه من المواعظ و الزواجر حتى لا يجسروا على المعاصي و ما فيه من الدلائل و البراهين على جميع أصول الدين فيرتدعوا عن الكفر بها أَمْ عَلى‏ قُلُوبٍ أَقْفالُها لا يصل إليها ذكر و لا ينكشف لها أمر و قيل أم منقطعة و معنى الهمزة فيه التقرير و تنكير القلوب لأن المراد قلوب بعض منهم أو للإشعار بأنها لإبهام أمرها في القساوة أو لفرط جهالتها و نكرها كأنها مبهمة منكورة و إضافة الأقفال إليها للدلالة على أقفال مناسبة لها مختصة بها لا تجانس الأقفال المعهودة.
وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ أي عن الاعتبار و المعنى ليس الخلل في مشاعرهم‏
__________________________________________________
 (1) سبأ: 20.
 (2) مجمع البيان ج 2 ص 323.

084
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

و إنما إيفت عقولهم «1» باتباع الهوى و الانهماك في التقليد و ذكر الصدور للتأكيد سَلامٌ عَلَيْكُمْ قيل متاركة لهم و توديع و دعاء لهم بالسلامة عما هم فيه لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ أي لا نطلب صحبتهم و لا نريدها قوله وَ يَنْعِهِ أي نضجه يقال ينع الثمر كمنع و ضرب ينعا و ينعا و ينوعا حان قطافه قوله ع قال الله تعالى فَإِنَّها لا تَعْمَى ذكر الآية هنا بعد ذكرها سابقا للاستشهاد بأن الإبصار و العمى يطلقان في أبصار الرءوس و أبصار القلوب.
قوله من تأمل الآيات أي آيات القرآن أو آياته في الآفاق و الأنفس زادَهُمْ هُدىً قيل أي زادهم الله بالتوفيق و الإلهام أو قول الرسول وَ آتاهُمْ تَقْواهُمْ أي بين لهم ما يتقون أو أعانهم على تقواهم أو أعطاهم جزاءها ..
30- كا، الكافي عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ آدَمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ أُنَاساً تَكَلَّمُوا فِي هَذَا الْقُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ «2» الْآيَةَ فَالْمَنْسُوخَاتُ مِنَ الْمُتَشَابِهَاتِ وَ الْمُحْكَمَاتُ مِنَ النَّاسِخَاتِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بَعَثَ نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ اتَّقُوهُ وَ أَطِيعُونِ «3» ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَحْدَهُ وَ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَ لَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً ثُمَّ بَعَثَ الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ عَلَى ذَلِكَ إِلَى أَنْ بَلَغُوا مُحَمَّداً ص فَدَعَاهُمْ إِلَى أَنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ وَ لَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ قَالَ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَ ما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى‏ وَ عِيسى‏ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي‏

__________________________________________________
 (1) يقال: آف القوم و أوفوا و ايفوا: دخلت عليهم آفة و هو مئوف.
 (2) آل عمران: 7.
 (3) نوح: 3.

085
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ «1» فَبَعَثَ الْأَنْبِيَاءَ إِلَى قَوْمِهِمْ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ الْإِقْرَارِ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَنْ آمَنَ مُخْلِصاً وَ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِذَلِكَ وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ يُعَذِّبُ عَبْداً حَتَّى يُغَلِّظَ عَلَيْهِ فِي الْقَتْلِ وَ الْمَعَاصِي الَّتِي أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا النَّارَ لِمَنْ عَمِلَ بِهَا فَلَمَّا اسْتَجَابَ لِكُلِّ نَبِيٍّ مَنِ اسْتَجَابَ لَهُ مِنْ قَوْمِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ جَعَلَ لِكُلِّ نَبِيٍّ مِنْهُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهَاجاً وَ الشِّرْعَةُ وَ الْمِنْهَاجُ سَبِيلٌ وَ سُنَّةٌ وَ قَالَ اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ ص إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى‏ نُوحٍ وَ النَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ «2» وَ أَمَرَ كُلَّ نَبِيٍّ بِالْأَخْذِ بِالسَّبِيلِ وَ السُّنَّةِ وَ كَانَ مِنَ السَّبِيلِ وَ السُّنَّةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهَا مُوسَى ع أَنْ جَعَلَ عَلَيْهِمُ السَّبْتَ وَ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ السَّبْتِ وَ لَمْ يَسْتَحِلَّ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَ مَنِ اسْتَخَفَّ بِحَقِّهِ وَ اسْتَحَلَّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ الَّذِي نَهَاهُ اللَّهُ عَنْهُ فِيهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ النَّارَ وَ ذَلِكَ حَيْثُ اسْتَحَلُّوا الْحِيتَانَ وَ احْتَبَسُوهَا وَ أَكَلُوهَا يَوْمَ السَّبْتِ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا أَشْرَكُوا بِالرَّحْمَنِ وَ لَا شَكُّوا فِي شَيْ‏ءٍ مِمَّا جَاءَ بِهِ مُوسَى ع قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ «3» ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ عِيسَى ع بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ الْإِقْرَارِ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ جَعَلَ لَهُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهَاجاً فَهَدَمَتِ السَّبْتَ الَّذِي أُمِرُوا بِهِ أَنْ يُعَظِّمُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَ عَامَّةَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ السَّبِيلِ وَ السُّنَّةِ الَّتِي جَاءَ بِهَا مُوسَى فَمَنْ لَمْ يَتَّبِعْ سَبِيلَ عِيسَى أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ وَ إِنْ كَانَ الَّذِي جَاءَ بِهِ النَّبِيُّونَ جَمِيعاً أَنْ لَا يُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئاً ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُحَمَّداً ص وَ هُوَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ فَلَمْ يَمُتْ بِمَكَّةَ فِي تِلْكَ الْعَشْرِ سِنِينَ أَحَدٌ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِإِقْرَارِهِ وَ هُوَ إِيمَانُ التَّصْدِيقِ وَ لَمْ يُعَذِّبِ اللَّهُ أَحَداً مِمَّنْ مَاتَ وَ هُوَ
__________________________________________________
 (1) الشورى: 13.
 (2) النساء: 163.
 (3) البقرة: 62.

086
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

مُتَّبِعٌ لِمُحَمَّدٍ ص عَلَى ذَلِكَ إِلَّا مَنْ أَشْرَكَ بِالرَّحْمَنِ وَ تَصْدِيقُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْزَلَ عَلَيْهِ فِي سُورَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَكَّةَ وَ قَضى‏ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً «1» أَدَبٌ وَ عِظَةٌ وَ تَعْلِيمٌ وَ نَهْيٌ خَفِيفٌ وَ لَمْ يَعِدْ عَلَيْهِ وَ لَمْ يَتَوَاعَدْ عَلَى اجْتِرَاحِ شَيْ‏ءٍ مِمَّا نَهَى عَنْهُ وَ أَنْزَلَ نَهْياً عَنْ أَشْيَاءَ حَذَّرَ عَلَيْهَا وَ لَمْ يُغَلِّظْ فِيهَا وَ لَمْ يَتَوَاعَدْ عَلَيْهَا وَ قَالَ وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَ إِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً وَ لا تَقْرَبُوا الزِّنى‏ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَ ساءَ سَبِيلًا وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً وَ لا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا وَ أَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَ زِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَ أَحْسَنُ تَأْوِيلًا وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً ذلِكَ مِمَّا أَوْحى‏ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَ لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى‏ فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً «2» وَ أَنْزَلَ فِي وَ اللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَ تَوَلَّى «3» فَهَذَا مُشْرِكٌ وَ أَنْزَلَ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً وَ يَصْلى‏ سَعِيراً إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ بَلى«4» فَهَذَا مُشْرِكٌ وَ أَنْزَلَ فِي تَبَارَكَ كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قالُوا بَلى‏ قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَ قُلْنا ما نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْ‏ءٍ «5» فَهَؤُلَاءِ مُشْرِكُونَ وَ أَنْزَلَ فِي الْوَاقِعَةِ وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ‏

__________________________________________________
 (1) أسرى: 23- 30.
 (2) أسرى: 31- 39.
 (3) الليل: 14- 16.
 (4) الانشقاق: 10- 14.
 (5) الملك: 8- 9.

087
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ «1» فَهَؤُلَاءِ مُشْرِكُونَ وَ أَنْزَلَ فِي الْحَاقَّةِ وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ وَ لَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ ما أَغْنى‏ عَنِّي مالِيَهْ إِلَى قَوْلِهِ إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ «2» فَهَذَا مُشْرِكٌ وَ أَنْزَلَ فِي طسم وَ بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ وَ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ وَ جُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ «3» جُنُودُ إِبْلِيسَ ذُرِّيَّتُهُ مِنَ الشَّيَاطِينِ وَ قَوْلُهُ وَ ما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ «4» يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ اقْتَدَوْا بِهِمْ هَؤُلَاءِ فَاتَّبَعُوهُمْ عَلَى شِرْكِهِمْ وَ هُمْ قَوْمُ مُحَمَّدٍ ص لَيْسَ فِيهِمْ مِنَ الْيَهُودِ وَ النَّصَارَى أَحَدٌ وَ تَصْدِيقُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ «5» كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ «6» كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ «7» لَيْسَ هُمُ الْيَهُودُ الَّذِينَ قَالُوا عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَ لَا النَّصَارَى الَّذِينَ قَالُوا الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ سَيُدْخِلُ اللَّهُ الْيَهُودَ وَ النَّصَارَى النَّارَ وَ يُدْخِلُ كُلَّ قَوْمٍ بِأَعْمَالِهِمْ وَ قَوْلُهُمْ وَ ما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ إِذْ دَعَوْنَا إِلَى سَبِيلِهِمْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِمْ حِينَ جَمَعَهُمْ إِلَى النَّارِ قالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ وَ قَوْلُهُ كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً «8» بَرِئَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَ لَعَنَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً يُرِيدُ بَعْضُهُمْ أَنْ يُحَجِّجَ بَعْضاً رَجَاءَ الْفَلْجِ فَيُفْلِتُوا مِنْ عَظِيمِ مَا نَزَلَ بِهِمْ وَ لَيْسَ بِأَوَانِ بَلْوَى وَ لَا اخْتِبَارٍ وَ لَا قَبُولِ مَعْذِرَةٍ وَ لَا حِينَ نَجَاةٍ وَ الْآيَاتُ وَ أَشْبَاهُهُنَّ مِمَّا نَزَلَ بِهِ بِمَكَّةَ وَ لَا يُدْخِلُ اللَّهُ النَّارَ إِلَّا مُشْرِكاً
__________________________________________________
 (1) الواقعة: 92- 94.
 (2) الحاقّة: 25- 33.
 (3) الشعراء: 91- 95.
 (4) الشعراء: 99.
 (5) ص: 12.
 (6) الشعراء: 176.
 (7) الشعراء: 160.
 (8) الأعراف: 38، مع تقديم و تأخير.

088
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

فَلَمَّا أَذِنَ اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ ص فِي الْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ بَنَى الْإِسْلَامَ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ إِقَامِ الصَّلَاةِ وَ إِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَ حِجِّ الْبَيْتِ وَ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ الْحُدُودَ وَ قِسْمَةَ الْفَرَائِضِ وَ أَخْبَرَهُ بِالْمَعَاصِي الَّتِي أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهَا وَ بِهَا النَّارُ لِمَنْ عَمِلَ بِهَا وَ أَنْزَلَ فِي بَيَانِ الْقَاتِلِ وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً «1» وَ لَا يَلْعَنُ اللَّهُ مُؤْمِناً قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَ أَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَ لا نَصِيراً «2» وَ كَيْفَ يَكُونُ فِي الْمَشِيَّةِ وَ قَدْ أَلْحَقَ بِهِ حِينَ جَزَاهُ جَهَنَّمَ الْغَضَبَ وَ اللَّعْنَةَ وَ قَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ مَنِ الْمَلْعُونُونَ فِي كِتَابِهِ وَ أَنْزَلَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مَنْ أَكَلَهُ ظُلْماً إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى‏ ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً «3» وَ ذَلِكَ أَنَّ آكِلَ مَالِ الْيَتِيمِ يَجِي‏ءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ النَّارُ تَلْتَهِبُ فِي بَطْنِهِ حَتَّى يَخْرُجَ لَهَبُ النَّارِ مِنْ فِيهِ يَعْرِفُ أَهْلُ الْجَمْعِ أَنَّهُ آكِلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَ أَنْزَلَ فِي الْكَيْلِ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ وَ لَمْ يَجْعَلِ الْوَيْلَ لِأَحَدٍ حَتَّى يُسَمِّيَهُ كَافِراً قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ «4» وَ أَنْزَلَ فِي الْعَهْدِ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ أَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ «5» وَ الْخَلَاقُ النَّصِيبُ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ فِي الْآخِرَةِ فَبِأَيِّ شَيْ‏ءٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَ أَنْزَلَ بِالْمَدِينَةِ الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَ الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَ حُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ «6» فَلَمْ يُسَمِّ اللَّهُ الزَّانِيَ مُؤْمِناً وَ لَا الزَّانِيَةَ مُؤْمِنَةً وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَيْسَ يَمْتَرِي فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّهُ قَالَ لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ خُلِعَ عَنْهُ الْإِيمَانُ‏
__________________________________________________
 (1) النساء: 93.
 (2) الأحزاب: 64 و 65.
 (3) النساء: 169.
 (4) مريم: 37.
 (5) آل عمران: 77.
 (6) النور: 3.

089
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 30 أن العمل جزء الإیمان و أن الإیمان مبثوث على الجوارح ص 18

كَخَلْعِ الْقَمِيصِ وَ أَنْزَلَ بِالْمَدِينَةِ وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ أَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «1» فَبَرَأَ اللَّهُ مَا كَانَ مُقِيماً عَلَى الْفِرْيَةِ مِنْ أَنْ يُسَمَّى بِالْإِيمَانِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ «2» وَ جَعَلَهُ اللَّهُ مُنَافِقاً قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ «3» وَ جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ أَوْلِيَاءِ إِبْلِيسَ قَالَ إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ «4» وَ جَعَلَهُ اللَّهُ مَلْعُوناً فَقَالَ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ «5» وَ لَيْسَتْ تَشْهَدُ الْجَوَارِحُ عَلَى مُؤْمِنٍ إِنَّمَا تَشْهَدُ عَلَى مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيُعْطَى كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَ لا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا «6» وَ سُورَةُ النُّورِ أُنْزِلَتْ بَعْدَ سُورَةِ النِّسَاءِ وَ تَصْدِيقُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْزَلَ عَلَيْهِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ وَ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا «7» وَ السَّبِيلُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ «8» سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَ فَرَضْناها وَ أَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَ لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ

__________________________________________________
 (1) النور: 4.
 (2) السجدة: 18.
 (3) براءة: 67.
 (4) الكهف: 50.
 (5) النور: 23 و 24.
 (6) أسرى: 71 و صدره: فمن أوتى كتابه إلخ.
 (7) النساء: 14.
 (8) النور: 1 و 2.

090
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

وَ لْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ «1».
تبيين و تحقيق‏
قوله و ذلك أن تعليل لتكلمهم فيه بغير علم لأنهم تكلموا في متشابهه أيضا مع أنه لا يعلم تأويله إلا الله و الراسخون في العلم و المحكم في اللغة المتقن و في العرف يطلق على ما له معنى لا يحتمل غيره و على ما اتضحت دلالته و على ما كان محفوظا من النسخ أو التخصيص أو منهما جميعا و على ما لا يحتمل من التأويل إلا وجها واحدا و المتشابه يقابله بكل من هذه المعاني و قال الراغب المحكم ما لا يعرض فيه شبهة من حيث اللفظ و لا من حيث المعنى و المتشابه من القرآن ما أشكل تفسيره لمشابهة غيره إما من حيث اللفظ أو من حيث المعنى و قال الفقهاء المتشابه ما لا ينبئ ظاهره عن مراده.
و حقيقة ذلك أن الآيات عند اعتبار بعضها ببعض ثلاثة أضرب محكم على الإطلاق و متشابه على الإطلاق و محكم من وجه متشابه من وجه فالمتشابه في الجملة ثلاثة أضرب متشابه من جهة اللفظ فقط و متشابه من جهة المعنى فقط و متشابه من جهتهما فالمتشابه من جهة اللفظ ضربان أحدهما يرجع إلى الألفاظ المفردة و ذلك إما من جهة غرابته نحو الأب و يزفون و إما من جهة مشاركة في اللفظ كاليد و العين و الثاني يرجع إلى جملة الكلام المركب و ذلك ثلاثة أضرب ضرب لاختصار الكلام نحو وَ إِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى‏ فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ «2» و ضرب لبسط الكلام نحو لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ «3» لأنه لو قيل ليس مثله شي‏ء كان أظهر للسامع و ضرب لنظم الكلام نحو أَنْزَلَ عَلى‏ عَبْدِهِ الْكِتابَ وَ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً «4» تقديره الكتاب قيما و لم يجعل له عوجا و المتشابه من جهة المعنى أوصاف الله تعالى و أوصاف القيامة فإن تلك الصفات لا تتصور لنا إذ كان لا تحصل في نفوسنا صورة ما لم نحسه أو لم يكن من جنس ما نحسه.
__________________________________________________
 (1) الكافي: ج 2 ص 28- 33.
 (2) النساء: 3.
 (3) الشورى: 11.
 (4) الكهف: 1.

091
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

و المتشابه من جهة المعنى و اللفظ جميعا خمسة أضرب الأول من جهة الكمية كالعموم و الخصوص نحو فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ «1» و الثاني من جهة الكيفية كالوجوب و الندب نحو فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ و الثالث من جهة الزمان كالناسخ و المنسوخ نحو اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ «2» و الرابع من جهة المكان و الأمور التي نزلت فيها نحو لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها «3» و قوله عز و جل إِنَّمَا النَّسِي‏ءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ «4» فإن من لا يعرف عادتهم في الجاهلية يتعذر عليه معرفة تفسير هذه الآية و الخامس من جهة الشروط التي بها يصح الفعل أو يفسد كشروط الصلاة و النكاح و هذه الجملة إذا تصورت علم أن كل ما ذكره المفسرون في تفسير المتشابه لا يخرج عن هذه التقاسيم نحو قول من قال المتشابه الم و قول قتادة المحكم الناسخ و المتشابه المنسوخ و قول الأصم المحكم ما أجمع على تأويله و المتشابه ما اختلف فيه.
ثم جميع المتشابه على ثلاثة أضرب ضرب لا سبيل للوقوف عليه كوقت الساعة و خروج دابة الأرض و كيفية الدابة و نحو ذلك و ضرب للإنسان سبيل إلى معرفته كالألفاظ الغريبة و الأحكام المغلقة و ضرب متردد بين الأمرين يجوز أن يختص بمعرفة حقيقته بعض الراسخين في العلم و يخفى على من دونهم و هو الضرب المشار إليه بقوله ص في علي ع اللهم فقهه في الدين و علمه التأويل و إذا عرفت هذه الجملة علم أن الوقوف على قوله إلا الله و وصله بقوله و الراسخون في العلم جائزان و أن لكل واحد منهما وجها حسب ما يدل عليه التفصيل المتقدم انتهى «5».
قوله تعالى مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ قيل أي أحكمت عباراتها بأن حفظت عن الإجمال هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ أي أصله يرد إليها غيرها وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ‏
__________________________________________________
 (1) براءة: 6.
 (2) آل عمران: 102.
 (3) البقرة: 189.
 (4) براءة: 38.
 (5) مفردات غريب القرآن 128 و 224

092
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

قيل أي محتملات لا يتضح مقصودها إلا بالفحص و النظر ليظهر فيها فضل العلماء الربانيين في استنباط معانيها و ردها إلى المحكمات و ليتوصلوا بها إلى معرفة الله و توحيده و أقول بل ليعلموا عدم استقلالهم في علم القرآن و احتياجهم في تفسيره إلى الإمام المنصوب من قبل الله و هم الراسخون في العلم‏
وَ رَوَى الْعَيَّاشِيُّ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمُحْكَمِ وَ الْمُتَشَابِهِ فَقَالَ الْمُحْكَمُ مَا يُعْمَلُ بِهِ وَ الْمُتَشَابِهُ مَا اشْتَبَهَ عَلَى جَاهِلِهِ.
وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى وَ الْمُتَشَابِهُ الَّذِي يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضاً.
وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فَأَمَّا الْمُحْكَمُ فَتُؤْمِنُ بِهِ وَ تَعْمَلُ بِهِ وَ تَدِينُ بِهِ وَ أَمَّا الْمُتَشَابِهُ فَتُؤْمِنُ بِهِ وَ لَا تَعْمَلُ بِهِ «1».
فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ أي ميل عن الحق كالمبتدعة فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ فيتعلقون بظاهره أو بتأويل باطل ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ أي طلب أن يفتنوا الناس عن دينهم بالتشكيك و التلبيس و مناقضة المحكم بالمتشابه‏
وَ فِي مَجْمَعِ الْبَيَانِ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّ الْفِتْنَةَ هُنَا الْكُفْرُ.
وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ أي و طلب أن يأولوه على ما يشتهونه وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ الذي يجب أن يحمل عليه إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ الذين تثبتوا و تمكثوا فيه.
و أقول قد مر الكلام منا في تأويل هذه الآية في كتاب الإمامة في باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة ع «2».
قوله ع فالمنسوخات من المتشابهات كأن هذا الكلام تمهيد لما سيأتي من اختلاف الإيمان المأمور به في مكة قبل الهجرة و في المدينة بعدها و اختلاف التكاليف فيهما كما و كيفا ردا على من استدل ببعض الآيات على أن الإيمان نفس الاعتقاد بالتوحيد و النبوة فقط بلا مدخلية للأعمال أو الولاية فيه بأن تلك الآيات أكثرها نزلت في مكة و كان الإيمان فيها نفس الاعتقاد بالشهادتين أو التكلم بهما ثم نسخ ذلك في المدينة بعد وجوب الواجبات و تحريم المحرمات‏
__________________________________________________
 (1) العيّاشيّ ج 1: 162.
 (2) راجع ج 23 ص 188- 205 من هذه الطبعة.

093
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

و نصب الوالي و الأمر بولايته و يحتمل أن لا يكون ذلك من قبيل النسخ و يكون ذكر النسخ لبيان عجزهم عن فهم معاني الآيات و خطائهم في الاستدلال بها كما أنهم لا يعرفون الناسخ من المنسوخ و يستدلون بالآيات المنسوخة على الأحكام مع عدم علمهم بنسخها و عد المنسوخات التي لا يعلم نسخها من المتشابهات فالمنسوخة أخص مطلقا من المتشابهة.
و لما كان المحكم غير المتشابه و الناسخ غير المنسوخ و نقيض الأخص أعم من نقيض الأعم غير الأسلوب في الفقرة الثانية فقال و المحكمات من الناسخات للإشارة إلى ذلك و تسمية غير المنسوخ مطلقا ناسخا إما على التوسع و إطلاق لفظ الجزء على الكل أو لكونها ناسخة للشرائع السالفة أو للإباحة الأصلية التي كانوا متمسكين بها قبلها و يمكن حمل الناسخ على معناه و حمل الكلام على القلب بأن يكون الناسخ أيضا أخص من المحكم و لا فساد فيه لعدم انحصار الآيات حينئذ في الناسخة و المنسوخة.
22 و قيل لما كان بعض المحكمات مقصور الحكم على الأزمنة السابقة منسوخا بآيات أخر و نسخها خافيا على أكثر الناس فيزعمون بقاء حكمها صارت متشابهة من هذه الجهة و لهذا قال ع فالمنسوخات من المتشابهات و في بعض النسخ من المشتبهات و إنما غير الأسلوب في أختها لأن المحكم أخص من الناسخ من وجه بخلاف المتشابه فإنه أعم من المنسوخ مطلقا انتهى و فيه أن كون المتشابه أعم من مطلق المنسوخ مطلقا لا وجه له إلا أن يخص بمنسوخ لم يعلم نسخه كما أومأنا إليه و قيل الظاهر أن الفاء للتفسير لزيادة تفظيع حالهم بأنهم يتبعون المنسوخات و المتشابهات دون المحكمات و الناسخات لأن المنسوخات من باب المتشابهات في التشابه إذ يشتبه عليهم ثباتها و بقاؤها و المحكمات من قبيل الناسخات في الثبات و البقاء فإذا اتبعوا المتشابهات اتبعوا المنسوخات لأنهما من باب واحد و إذا اتبعوا المنسوخات لم يتبعوا الناسخات و إذا لم يتبعوا الناسخات لم يتبعوا المحكمات لأنهما أيضا من باب واحد.

 

094
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

قوله ع إن الله عز و جل بعث نوحا هذا شروع في المقصود و حاصله أن الإيمان في بداية بعثة كل رسول كان مجرد التصديق بالتوحيد و الرسالة و من مات عليه حينئذ كان مؤمنا و وجبت له الجنة فلما استجابوا لهم ذلك و كثرت أتباعهم وضعوا أعمالا و شرائع و أوجبوها عليهم و أوعدوا على تركها النار فصارت تلك الأعمال أجزاء للإيمان.
فأول أولي العزم من الأنبياء كان نوحا ع فحين بعثه أمرهم أولا بالتوحيد و الإقرار بنبوته فقط و كان ذلك الإيمان حيث قال في سورة نوح إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى‏ قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ «1» أي مخلصا من غير شرك وَ اتَّقُوهُ أي اتقوا عذابه الذي قرره على الشرك وَ أَطِيعُونِ فيما آمركم به و أذعنوا لنبوتي فلم يذكر فيما أنذرهم به إلا هذين الأمرين ثم دعاهم أي ثم بعد ذلك استمر على هذه الدعوة زمانا طويلا فكانت دعوته منحصرة في التوحيد و نفي الشريك و كان قبولهم ذلك منه مستلزما للإذعان بنبوته.
ثم بعث الأنبياء أي ثم بعث سائر أولي العزم في أول بعثتهم على هذا الأمر فقط إلى أن انتهت سلسلة أولي العزم و سائر الأنبياء إلى محمد ص فكان ص في أول بعثته بمكة يدعوهم إلى التوحيد و ما يتبعه من الإقرار بالنبوة بل المعاد أيضا فإنه أيضا من الأمور التي نزلت الآيات المشتملة على التهديدات العظيمة فيها قبل الهجرة فالمراد جميع أصول الدين سوى الإمامة و ذكر التوحيد على المثال أو على أن الإقرار به مستلزم للإقرار بسائر الأصول و يؤيده قوله ع بعد ذلك الإقرار بما جاء به من عند الله.
قوله ع و قال أي في سورة الشورى و هي مكية على ما ذكره المفسرون إلا قوله وَ الَّذِينَ اسْتَجابُوا وَ الَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ إلى قوله لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ «2» عن الحسن و على قول ابن عباس و قتادة إلا أربع آيات منها نزلت‏
__________________________________________________
 (1) نوح: 1- 3.
 (2) الآيات 38- 40.

095
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

بالمدينة قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إلى قوله لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ «1» و على التقادير الآيات المذكورة «2» مكية و الاستشهاد بالآية لأن الدين المشترك بين جميع الأنبياء هي الأصول الدينية التي لا تختلف باختلاف الشرائع مع أن قوله سبحانه كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ يشعر بأن الدين في ذلك الوقت كانت التوحيد و نفي الشرك مع الإقرار بالنبوة لقوله تعالى اللَّهُ يَجْتَبِي قال الطبرسي رحمه الله شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً أي بين لكم و نهج و أوضح من الدين و التوحيد و البراءة من الشرك ما وصى به نوحا وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أي و هو الذي أوحينا إليك يا محمد وَ هو ما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى‏ وَ عِيسى‏ ثم بين ذلك بقوله أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ و إقامة الدين التمسك به و العمل بموجبه و الدوام عليه و الدعاء إليه وَ لا تَتَفَرَّقُوا أي لا تختلفوا فِيهِ و ائتلفوا فيه و اتفقوا و كونوا عباد الله إخوانا كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ من توحيد الله و الإخلاص له و رفض الأوثان و ترك دين الآباء لأنهم قالوا أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً و قيل معناه ثقل عليهم و عظم اختيارنا لك بما تدعوهم إليه و تخصيصك بالوحي و النبوة دونهم اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ أي ليس لهم الاختيار لأن الله يصطفي لرسالته من يشاء على حسب ما يعلم من قيامه بأعباء الرسالة و قيل.
معناه الله يصطفي من عباده لدينه من يشاء وَ يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ أي و يرشد إلى دينه من يقبل إلى طاعته أو يهدي إلى جنته و ثوابه من يرجع إليه بالنية و الإخلاص «3».
قوله ع فمن آمن مخلصا أي بقلبه و لسانه دون لسانه فقط و لم يخلطه بشرك و ذلك أن الله كأنه إشارة إلى إدخاله الجنة بمجرد الشهادة و الإقرار و إن لم يعمل من الطاعات شيئا و لم يترك سائر المحرمات لأنه كان‏
__________________________________________________
 (1) الآيات: 23- 26.
 (2) يعني الآيات: 13- 14.
 (3) مجمع البيان ج 9 ص 24.
                       

096
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

بذلك مؤمنا في ذلك الزمان و إدخال المؤمن النار ظلم و ذلك أن الله المشار إليه بذلك إما عدم تعذيب من ترك العمل بالنار أو أنه إن لم يدخله الجنة و أدخله النار كان ظالما.
و هذا الكلام يحتمل وجهين أحدهما أن تكون المعاصي التي نهي عنها في مكة من المكروهات و يكون النهي عنها نهي تنزيه و الطاعات التي أمر بها فيها من المستحبات فالتعليل حينئذ ظاهر لأن التعذيب على ترك المستحبات و فعل المكروهات في الآخرة ظلم و ثانيهما أن يكون النهي عن المعاصي نهي تحريم و الأمر بالطاعات أمر وجوب لكن لم يوعد على فعل المعاصي و ترك الطاعات النار و لم يغلظ فيهما و إنما أوعد النار على الشرك و الإخلال بالعقائد و إنكار النبوة و المعاد فهي كانت بمنزلة الفرائض و الكبائر و غيرها بمنزلة الصغائر و سائر الواجبات و قد أوجب الله تعالى على نفسه لسعة كرمه و رحمته أن لا يؤاخذ مجتنب الكبائر بفعل الصغائر فلو عذبهم بها كان ظلما من حيث الإخلال بما أوجب على نفسه من العفو عنهم.
أو يقال التعذيب بالنار مع ترك الإيعاد بها ظلم أو يقال التعذيب بالنار العظيم الأليم أبدا أو مدة طويلة بمحض النهي من غير تهديد و وعيد و تغليظ لا سيما ممن كملت قدرته و وسعت رحمته ظلم أو يقال اللطف على الله تعالى واجب و أعظم الألطاف التهديد و الوعيد بالنار فتركه ظلم أو يقال أطلق الظلم على خلاف الأولى مجازا و الكل مبني على أن الأعمال و التروك التي هي أجزاء الإيمان إنما هي ما يستحق بتركه الدخول في النار و في مكة سوى العقائد لم تكن كذلك و لما شرع في المدينة شرائع و جعل فيها فرائض و كبائر يستحق بترك الأولى و فعل الثانية دخول النار جعلتا من أجزاء الإيمان.
جعل لكل نبي إشارة إلى قوله تعالى في المائدة و هي مدنية لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً قال البيضاوي «1» شِرْعَةً شريعة و هي الطريقة إلى الماء
__________________________________________________
 (1) تفسير البيضاوى ص 119 و الآية في المائدة: 51.

097
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

شبه بها الدين لأنه طريق إلى ما هو سبب الحياة الأبدية و قرئ بفتح الشين وَ مِنْهاجاً و طريقا واضحا في الدين من نهج الأمر إذا وضح و استدل به على أنا غير متعبدين بالشرائع المتقدمة انتهى.
و قال الراغب الشرع نهج الطريق الواضح يقال شرعت له طريقا و الشرع مصدر ثم جعل اسما للطريق النهج فقيل له شرع و شرعة و شريعة و استعير ذلك للطريقة الإلهية من الدين قال تعالى لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً «1» فذلك إشارة إلى أمرين أحدهما ما سخر الله تعالى عليه كل إنسان من طريق يتحراه مما يعود إلى مصالح عباده و عمارة بلاده و ذلك المشار إليه بقوله وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا «2» الثاني ما قيض له من الدين و أمره به ليتحراه اختيارا مما يختلف فيه الشرائع و يعترضه النسخ و دل عليه قوله ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى‏ شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها «3» قال ابن عباس الشرعة ما ورد به القرآن و المنهاج ما ورد به السنة و قوله شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً الآية فإشارة إلى الأصول التي تتساوى فيها الملل و لا يصح عليها النسخ كمعرفة الله و نحو ذلك من نحو ما دل عليه قوله وَ مَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ «4» قال بعضهم سميت الشريعة شريعة تشبيها بشريعة الماء من حيث إن من شرع فيها على الحقيقة المصدوقة روي و تطهر قال و أعني بالري ما قال بعض الحكماء كنت أشرب فلا أروى فلما عرفت الله رويت بلا شرب و بالتطهر ما قال تعالى إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «5» انتهى.
و الشرعة و المنهاج متقاربان في المعنى كما أن اللفظين اللذين فسرهما ع بهما أيضا متقاربان فيحتمل أن يكونا تفسيرين لكل منهما أو يكون‏
__________________________________________________
 (1) المائدة: 51.
 (2) الزخرف: 32.
 (3) الجاثية: 18.
 (4) النساء: 136.
 (5) مفردات غريب القرآن ص 258.

098
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

على اللف و النشر فعلى الأول أطلق على أعمال الدين و أحكامه الشرعة لإيصالها العامل بها إلى الحياة الأبدية و التطهر من الأدناس الردية و المنهاج لأنها كالطريق الواضح الموصل إلى المقصود من الجنة الباقية و الدرجات العالية و على الثاني المراد بالأول الواجبات و بالثاني المستحبات و لذا عبر ع عن الثاني بالسنة أو بالأول العبادات و بالثاني سائر الأحكام و الوجه الأول أوفق بقوله و كان من السبيل و السنة و إن أمكن أن يكون المراد من مجموعهما و إن كان من أحدهما.
قال الطبرسي رحمه الله الشرعة و الشريعة واحدة و هي الطريقة الظاهرة و الشريعة هي الطريقة التي يوصل منه إلى الماء الذي فيه الحياة فقيل الشريعة في الدين للطريق الذي يوصل منه إلى الحياة في النعيم و هي الأمور التي يعبد الله بها من جهة السمع و الأصل فيه الظهور و المنهاج الطريق المستمر يقال طريق نهج و منهج أي بين و قال المبرد الشرعة ابتداء الطريق و المنهاج الطريق المستقيم قال و هذه الألفاظ إذا تكررت فلزيادة فائدة فيه و قد جاء أيضا لمعنى واحد كقول الشاعر أقوى و أقفر «1» و هما بمعنى انتهى «2».
قوله أن جعل عليهم السبت قال الراغب أصل السبت قطع العمل و منه سبت السير أي قطعه و سبت شعره حلقه و قيل سمي يوم السبت لأن الله تعالى ابتداء بخلق السماوات و الأرض يوم الأحد فخلقها في ستة أيام كما ذكره فقطع عمله يوم السبت فسمي بذلك و سبت فلان صار في السبت و قوله عز و جل يَوْمَ سَبْتِهِمْ قيل يوم قطعهم للعمل وَ يَوْمَ لا يَسْبِتُونَ قيل معناه لا يقطعون العمل و قيل يوم لا يكونون في السبت و كلاهما إشارة إلى حالة واحدة و قوله إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ أي ترك العمل فيه انتهى «3».
__________________________________________________
(1) نصه:
حييت من طلل تقادم عهده             أقوى و أقفر بعد أم الهيثم.

(2) راجع مجمع البيان ج 3 ص 202.
(3) مفردات غريب القرآن ص 220، و الآيات في الأعراف: 163، النحل: 124.

099
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

قوله ع و لم يستحل الظاهر أن المراد بالاستحلال هنا الجرأة على الله و انتهاك ما حرم الله فكأنه عده حلالا لقوله بعد ذلك و لا شكوا في شي‏ء مما جاء به موسى و ما قيل دل على أن مخالفة الأحكام كفر يوجب دخول النار مع الاستحلال و الظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأمة و ما ذلك إلا لأن الإقرار بها و العمل بها داخلان في الإيمان و إذا كان كذلك كان تاركها و إن لم يستحل كافرا يعذب بالنار أيضا فلا يخفى وهنه.
حيث استحلوا الحيتان أي استحلوا صيدها أو أكلها أو حبسها أيضا و قوله يوم السبت ظرف لكل من احتبسوها و أكلوها أو لاستحلوا أيضا أي استحلوا أولا حبسها يوم السبت ثم استحلوا صيدها و أكلها فيه و قيل يوم السبت ظرف لاحتبسوها لا لأكلوها أي احتبسوا يوم السبت في مضيق بسد الطريق عليها ثم اصطادوها يوم الأحد و أكلوها فعلوا ذلك حيلة و لم تنفعهم لأن احتباسها فيه هتك لحرمته فخرجوا بذلك من الإيمان إلى الكفر و لذلك غضب الله عليهم من غير أن يشركوا بالرحمن و أن يشكوا في رسالة موسى و ما جاء به و لذلك لم يصطادوا يوم السبت فعلم أن الإيمان ليس مجرد التصديق بل هو مع العمل لأن المؤمن لا يغضب و لا يدخل النار و فيه شي‏ء لأن استحلالهم الحيتان ينافي ظاهرا عدم شكهم بما جاء به موسى و يمكن دفعه بأن ما جاء به موسى تحريم الحيتان يوم السبت و هم استحلوها يوم الأحد و لحق بهم ما لحق بسبب احتباسهم يوم السبت انتهى.
و أقول قد عرفت معنى الاستحلال و هو معنى شائع في المحاورات فلا يرد ما أورده و أما الجواب الذي ذكره فهو أيضا لا يسمن و لا يغني من جوع لأن الاحتباس إذا لم يكن منهيا عنه فكيف عذبوا عليه و إن كان داخلا فيما نهوا عنه عاد الإشكال مع أن ظاهر أكثر الروايات المعتبرة أنهم بعد تلك الحيلة تعدى أكثرهم إلى الصيد و الأكل يوم السبت فاعتزلت طائفة منهم فلم يمسخوا و بقيت طائفة منهم فمسخوا أيضا لتركهم النهي عن المنكر و إن اختلف المفسرون‏

100
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

في ذلك.
قال في مجمع البيان اختلف في أنهم كيف اصطادوا فقيل إنهم ألقوا الشبكة في الماء يوم السبت حتى كان يقع فيها السمك ثم كانوا لا يخرجون الشبكة من الماء إلى يوم الأحد و هذا السبب محظور و في رواية ابن عباس اتخذوا الحياض فكانوا يسوقون الحيتان إليها و لا يمكنها الخروج منها فيأخذونها يوم الأحد و قيل إنهم اصطادوها و تناولوها باليد يوم السبت عن الحسن «1».
وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ «2» قال البيضاوي السبت مصدر سبتت اليهود إذا عظمت يوم السبت و أصله القطع أمروا أن يجردوه للعبادة فاعتدى فيه ناس منهم في زمن داود ع و اشتغلوا بالصيد و ذلك أنهم كانوا يسكنون قرية على الساحل يقال لها أيلة و إذا كان يوم السبت لم يبق حوت في البحر إلا حضر هناك و أخرج خرطومه و إذا مضى تفرقت فحفروا حياضا و شرعوا إليها الجداول و كانت الحيتان تدخلها يوم السبت فيصطادونها يوم الأحد فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ جامعين بين صورة القردة و الخسوء و هو الصغار و الطرد قال مجاهد ما مسخت صورهم و لكن قلوبهم فمثلوا بالقردة كما مثلوا بالحمار في قوله كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً «3» و قوله كُونُوا ليس بأمر إذ لا قدرة لهم عليه و إنما المراد به سرعة التكوين و أنهم صاروا كذلك كما أراد بهم انتهى.
قوله ع فهدمت أي الشرعة و المنهاج أيضا لكونه بمعنى الطريق يجوز فيه التأنيث و يمكن أن يقرأ على بناء المجهول بإضمار السنة في السبت و قوله أن يعظموه بدل اشتمال للضمير و عامة عطف على السبت سبيل عيسى أي شرائعه المختصة به قوله ع و إن كان الذي جاء به النبيون أي هدمت‏
__________________________________________________
(1) مجمع البيان ج 4 ص 491.
(2) البقرة: 62، راجع البيضاوى 32.
(3) الجمعة: 5.

101
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

شريعة عيسى عامة ما كانوا عليه و إن كان الذي جاء به النبيون من التوحيد و سائر الأصول باقيا لم يتغير أو المعنى أدخله الله النار و إن كان منه الإقرار بما جاء به النبيون و هو التوحيد و نفي الشرك و قوله أن لا يشركوا عطف بيان أو بدل للموصول و على الوجهين يحتمل كون كان تامة و ناقصة و قيل الموصول اسم كان و أن لا يشركوا خبره و له أيضا وجه و إن كان بعيدا.
قوله ع عشر سنين أقول هذا مخالف لما مر في تاريخ النبي ص و لما هو المشهور من أنه ص أقام بعد البعثة بمكة ثلاث عشرة سنة فقيل هو مبني على إسقاط الكسور بين العددين و هو بعيد في مثل هذا الكسر و الذي سنح لي أنه مبني على ما يظهر من الأخبار أنه لما نزل وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ «1» و كان أول بعثته دعا بني عبد المطلب و أظهر لهم رسالته و دعاهم إلى بيعته و الإيمان به فلم يؤمن به إلا علي ع ثم خديجة رضي الله عنها ثم جعفر رضي الله عنه و كان على ذلك ثلاث سنين حتى نزل فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ «2» فدعا الناس إلى الإسلام فلذا لم يعد ع تلك الثلاث سنين من أيام البعثة لأنها لم تكن بعثة عامة مؤكدة و قد مرت الأخبار في المجلد الثالث «3» في ذلك و يحتمل أن يكون مبنيا على إسقاط سني الهجرة إلى شعب أبي طالب أو إسقاط الثلاث سنين بعد وفاة أبي طالب رضي الله عنه لعدم تمكنه في هاتين المدتين من التبليغ كما ينبغي لكنهما بعيدان و الأظهر ما ذكرنا أولا.
قوله ع يشهد أن لا إله إلا الله الظاهر أن المراد به الشهادة القلبية بالتوحيد و الرسالة و ما يلزمهما فقط أو مع الإقرار باللسان أو عدم الإنكار الظاهري لا مجرد الإقرار باللسان بقرينة قوله و هو إيمان التصديق و قد عرفت أن الإيمان الظاهري فقط لا ينفع في الآخرة و إن احتمل التعميم و يكون قوله إلا من أشرك بالرحمن أي قلبا استثناء منه فيرجع إلى ما ذكرنا أولا و على الأول‏
__________________________________________________
 (1) الشعراء: 214.
 (2) الحجر: 94.
 (3) يعني كتاب المرآة.

102
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

يكون الاستثناء منقطعا و على التقديرين يكون المراد بقوله و هو إيمان التصديق أنه الإيمان بمعنى التصديق فقط و لا يدخل فيه الأعمال لا شرطا و لا شطرا و إن كانت سببا لكماله بخلاف الإيمان بعد الهجرة فإن الأعمال قد دخلت فيه على أحد الوجهين و ذلك لأنهم لم يكلفوا بعد إلا بالشهادتين فحسب و إنما نهوا عن أشياء نهي أدب و عظة و تخفيف ثم نسخ ذلك بالتغليظ في الكبائر و التواعد عليها و لم يكن التغليظ و التواعد يومئذ إلا في الشرك خاصة فلما جاء التغليظ و الإيعاد بالنار في الكبائر ثبت الكفر و العذاب بالمخالفة فيها.
و تصديق ذلك أي دليل ما ذكرنا من التفاوت في التكاليف و معنى الإيمان قبل الهجرة و بعدها و قال الفاضل الأسترآبادي بيان لأول الواجبات على المكلفين و أن تكاليف الله تعالى ينزل على التدريج و في كتاب الأطعمة من تهذيب الأحكام أحاديث صريحة في التدريج في التكاليف انتهى.
و لنذكر تفسير الآيات التي أسقطت اختصارا إما من الإمام ع أو من الراوي قال تعالى قبل تلك الآيات «1» لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولًا ثم قال وَ قَضى‏ رَبُّكَ قيل أي أمر أمرا مقطوعا به أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ لأن غاية التعظيم لا تحق إلا لمن له غاية العظمة و نهاية الإنعام وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً أي بأن تحسنوا أو أحسنوا بالوالدين إحسانا لأنهما السبب الظاهر للوجود و التعيش إِمَّا يَبْلُغَنَّ إما إن الشرطية زيدت عليها ما للتأكيد عِنْدَكَ الْكِبَرَ في كنف و كفالتك أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ إن أضجراك وَ لا تَنْهَرْهُما أي و لا تزجرهما إن ضرباك وَ قُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً أي حسنا جميلا وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ أي تذلل لهما و تواضع مِنَ الرَّحْمَةِ أي من فرط رحمتك عليهما وَ قُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً جزاء لرحمتهما علي و تربيتهما و إرشادهما لي في صغري.
رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً
__________________________________________________
 (1) أسرى: 22- 25.

103
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

عَنِ الصَّادِقِ ع الْأَوَّابُونَ التَّوَّابُونَ الْمُتَعَبِّدُونَ «1».
وَ آتِ ذَا الْقُرْبى‏ حَقَّهُ وَ الْمِسْكِينَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً و هو صرف المال فيما لا ينبغي و إنفاقه على وجه الإسراف إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ أي أمثالهم وَ كانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً أي مبالغا في الكفر وَ إِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى‏ عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً أي فتصير ملوما عند الله و عند الناس بالإسراف و سوء التدبير مَحْسُوراً أي نادما أو منقطعا بك لا شي‏ء عندك إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَقْدِرُ أي يوسعه و يضيقه بمشيته التابعة للحكمة إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً يعلم سرهم و علانيتهم.
قوله أدب و عظة أي كلما ذكر في تلك الآيات سوى صدر الأولى و هو قوله وَ قَضى‏ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ تأديب و موعظة و هذا مبني على أن قوله وَ بِالْوالِدَيْنِ بتقدير و أحسنوا عطفا على جملة قَضى‏ رَبُّكَ لأن فيها تأكيدا و تهديدا في الجملة و يحتمل أن يكون المراد جميعها لكن وقع التهديد على الشرك فيما مر و فيما سيأتي من الآيات كقوله لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فإن قيل قوله وَ آتِ ذَا الْقُرْبى‏ حَقَّهُ إلى قوله كَفُوراً فيه وعيد و تهديد قلنا ليس محض كونهم إخوان الشياطين تهديدا و وعيدا صريحا بالنار بل قيل قوله كانُوا يدل على أن في أواخر شرائع سائر أولي العزم كانت كذلك فلا يدل صريحا على أن في تلك الشريعة أيضا كذلك و الاجتراح الاكتساب.
وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ قيل أي مخافة الفاقة و قتلهم أولادهم وأدهم بناتهم مخافة الفقر فنهاهم عنه و ضمن لهم أرزاقهم فقال نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَ إِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً أي ذنبا كبيرا لما فيه من قطع التناسل و انقطاع النوع و الخطء الإثم يقال خطأ خطأ كأثم إثما و قرأ ابن عامر خطأ بالتحريك و هو اسم من أخطأ يضاد الثواب و قيل لغة فيه كمثل و مثل و حذر و حذر و قرأ ابن كثير
__________________________________________________
 (1) راجع تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 286، عن أبي بصير.

104
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

خطاء بالمد و الكسر و هو إما لغة أو مصدر خاطأ و قرئ خطاء بالفتح و المد و خطأ بحذف الهمزة مفتوحا و مكسورا و على التقادير ليس فيه تصريح بكونه ذنبا و لا ترتب العقوبة عليه.
وَ لا تَقْرَبُوا الزِّنى‏ بالقصد و إتيان المقدمات فضلا أن تباشروه إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً فعلة ظاهرة القبح زائدته وَ ساءَ سَبِيلًا أي و بئس طريقا طريقه و هو الغصب على الأبضاع المؤدي إلى قطع الأنساب و هيج الفتن وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ قيل أي إلا بإحدى ثلاث خصال كفر بعد إيمان و زنا بعد إحصان و قتل مؤمن معصوم عمدا وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً غير مستوجب للقتل فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ للذي يلي أمره بعد وفاته و هو الوارث سُلْطاناً أي تسلطا بالمؤاخذة بمقتضى القتل فَلا يُسْرِفْ أي القاتل فِي الْقَتْلِ بأن يقتل من لا يحق قتله فإن العاقل لا يفعل ما يعود عليه بالهلاك أو الولي بالمثلة أو قتل غير القاتل إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً علة النهي على الاستئناف و الضمير إما للمقتول فإنه منصور في الدنيا بثبوت القصاص بقتله و في الآخرة بالثواب و إما لوليه فإن الله نصره حيث أوجب القصاص له و أمر الولاة بمعونته و إما للذي يقتله الولي إسرافا بإيجاب القصاص و التعزير و الوزر على المسرف.
وَ لا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ فضلا أن تتصرفوا فيه إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ أي إلا بالطريقة التي هي أحسن حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ غاية لجواز التصرف الذي يدل عليه الاستثناء وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ بما عاهدكم الله من تكاليفه أو ما عاهدتموه و غيره إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا مطلوبا يطلب من المعاهد أن لا يضيعه و يفي به أو مسئولا عنه يسأل الناكث و يعاتب عليه أو يسأل العهد لم نكثت تبكيتا للناكث كما يقال للموئودة بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ و يجوز أن يراد أن صاحب العهد كان مسئولا وَ أَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ و لا تبخسوا فيه وَ زِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ بالميزان السوي و هو رومي عرب و قرأ حمزة و الكسائي و حفص بكسر القاف «1» ذلِكَ خَيْرٌ
__________________________________________________
 (1) يعني و قرأ الباقون بضمها.

105
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

وَ أَحْسَنُ تَأْوِيلًا أي و أحسن عاقبة تفعيل من آل إذا رجع.
وَ لا تَقْفُ و لا تتبع ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ما لم يتعلق به علمك تقليدا أو رجما بالغيب قيل و احتج به من منع من اتباع الظن و جوابه أن المراد بالعلم هو الاعتقاد الراجح المستفاد من سند سواء كان قطعا أو ظنا و استعماله بهذا المعنى شائع و قيل إنه مخصوص بالعقائد و قيل بالرمي و شهادة الزور إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ أي كل هذه الأعضاء فأجراها مجرى العقلاء لما كانت مسئولة عن أحوالها شاهدة على صاحبها هذا و إن أولاء و إن غلب على العقلاء لكنه من حيث إنه اسم جمع لذا و هو يعم القبيلين جاء لغيرهم كقوله و العيش بعد أولئك الأيام «1» كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا في ثلاثتها ضمير كل أي كان كل واحد منها مسئولا عن نفسه يعني عما فعل به صاحبه و يجوز أن يكون الضمير في عَنْهُ لمصدر وَ لا تَقْفُ أو لصاحب السمع و البصر و قيل مَسْؤُلًا مسند إلى عَنْهُ كقوله غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ و المعنى يسأل صاحبه عنه و هو خطاء لأن الفاعل و ما يقوم مقامه لا يتقدم و قيل المراد بسؤال الجوارح إما سؤال نفسها أو سؤال أصحابها كما يظهر من أُولئِكَ أو جعلت بمنزلة ذوي العقول أو هم ذوو العقول مع الله تعالى.
وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً أي ذا مرح و هو الاختيال و في القاموس المرح شدة الفرح و النشاط إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ لن تجعل فيها خرقا بشدة وطأتك وَ لَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا بتطاولك و مد عنقك و هو تهكم بالمختال و تعليل للنهي بأن الاختيال حماقة مجردة لا تعود بجدوى ليس في التذلل كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ قيل يعني المنهي عنه فإن المذكور مأمورات و مناهي و قرأ الحجازيان و البصريان «2» سيئة على أنها خبر كان و الاسم ضمير كُلُّ و ذلِكَ إشارة إلى‏
__________________________________________________
 (1) عجز بيت صدره: ذم المنازل بعد منزلة اللوى، راجع الصحاح ج 6 ص 2544.
 (2) الحجازيان: عبد اللّه بن كثير المكى، و نافع بن عبد الرحمن المدنيّ، و البصريان:
أحدهما أبو عمرو بن العلاء، من السبعة، و الثاني يعقوب من غيرهم.

106
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

ما نهي عنه خاصة و على هذا قوله عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً بدل من سيئه أو صفة لها محمولة على المعنى.
ذلِكَ إشارة إلى الأحكام المتقدمة مِمَّا أَوْحى‏ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ التي هي معرفة الحق لذاته و الخير للعمل به وَ لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ كرره للتنبيه على أن التوحيد مبدأ الأمر و منتهاه و رأس الحكمة و ملاكها مَلُوماً تلوم نفسك مَدْحُوراً مطرودا مبعدا من رحمة الله.
و أقول هذا شروع في ذكر الآيات التي نزلت بمكة مشتملة على الوعيد بالنار و التهديد في الشرك و نحوه بخلاف ما ورد في غيره مما مضى فإن كونه خطأ كبيرا و فاحشة و مسئولا و مسئولا عنه و مكروها ليس في شي‏ء منها تصريح بالعذاب و النكال الأخروي و لا يحتاج إلى ما يتكلف بأن كانَ خِطْأً و كانَ فاحِشَةً و كانَ مَسْؤُلًا و كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا و كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً محمولة على أنها كانت في أواخر الأمم السابقة كذلك و ستصير في هذه الأمة أيضا بعد ذلك كذلك فإنه في غاية البعد و زيادة كان في هذه المقامات كثيرة في الذكر الحميد كقوله وَ كانَ رَبُّكَ قَدِيراً و كانَ غَفُوراً رَحِيماً بل الوجه ما ذكرنا فتفطن.
ناراً تَلَظَّى أي تتلهب لا يَصْلاها أي لا يلزمها مقاسيا شدتها إِلَّا الْأَشْقَى قيل أي إلا الكافر فإن الفاسق و إن دخلها لم يلزمها و لكن سماه أشقى و وصفه بقوله الَّذِي كَذَّبَ وَ تَوَلَّى أي كذب بالحق و أعرض عن الطاعة كذا ذكره البيضاوي «1» و قال في قوله تعالى بعد ذلك وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى أي الذي اتقى الشرك و المعاصي فإنه لا يدخلها فضلا أن يدخلها و يصلاها و مفهوم ذلك أن من اتقى الشرك دون المعصية لا يجنبها و لا يلزم ذلك صليها فلا يخالف الحصر السابق انتهى.
و قال الطبرسي رحمه الله لا يَصْلاها أي لا يدخل تلك النار و لا يلزمها إِلَّا
__________________________________________________
 (1) أنوار التنزيل ص 463، و الآية في سورة الليل: 14- 21.

107
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

الْأَشْقَى و هو الكافر بالله الَّذِي كَذَّبَ بآيات الله و رسله وَ تَوَلَّى أي أعرض عن الإيمان وَ سَيُجَنَّبُهَا أي سيجنب النار و يجعل منها على جانب الْأَتْقَى المبالغ في التقوى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ أي ينفقه في سبيل الله يَتَزَكَّى أي يكون عند الله زكيا لا يطلب بذلك رياء و لا سمعة.
قال القاضي قوله لا يَصْلاها الآية لا يدل على أنه تعالى لا يدخل النار إلا الكافر على ما تقوله الخوارج و بعض المرجئة و ذلك لأنه نكر النار المذكورة و لم يعرفها فالمراد بذلك أن نارا من جملة النيران لا يصليها إلا من هذه حاله و النيران دركات على ما بينه سبحانه في سورة النساء في شأن المنافقين «1» فمن أين عرف أن غير هذه النار لا يصليها قوم آخرون و بعد فإن الظاهر من الآية يوجب أن لا يدخل النار إلا من كذب و تولى و جمع بين الأمرين فلا بد للقوم من القول بخلافه لأنهم يوجبون النار لمن يتولى عن كثير من الواجبات و إن لم يكذب و قيل إن الأتقى و الأشقى المراد بهما التقي و الشقي «2» انتهى.
ثم اعلم أنه ع استدل بالآيات الأول على أن وعيد النار في مكة إنما كان على الكفار لأنه سبحانه حصر الصلي بالنار على الأشقى الذي كذب الرسول و تولى عن قبول قوله في التوحيد أو الأعم و من كذب الرسول و أعرض عما جاء به كافر مشرك فظهر أنه لم يكن يومئذ يستحق النار غير المشركين و الكفار من الفساق و إليه أشار ع بقوله فهذا مشرك و هذا وجه حسن و استدلال متين لكن كيف يستقيم على هذا الآيات التالية و هي قوله وَ سَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى إلخ فإنها تدل على أن غير الأتقى لا يجنب النار.
و يمكن الجواب عنه بوجوه.
الأول أن المضارع في قوله تعالى لا يَصْلاها للحال و استعمل الصلي في‏
__________________________________________________
 (1) كانه يريد قوله تعالى: «إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَ لَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً» النساء: 144.
 (2) مجمع البيان ج 10 ص 502.

108
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

سببه مجازا أي الحكم في الحال قبل الهجرة أنه لا يدخلها إلا المشرك و في قوله سَيُجَنَّبُهَا للاستقبال القريب إخبارا عن التكاليف المدنية بعد دخول الأعمال في الإيمان فلا تنافي بينهما و تكون الآيات جمع دالة على الحكمين صريحا.
الثاني أن يقال إن الآيات التالية نزلت بالمدينة كما روي في تفسير علي بن إبراهيم أنها نزلت في أبي الدحداح بالمدينة لكن ظاهر الرواية أن الآيات الأول أيضا نزلت بالمدينة الثالث أن يقال إن الآيات الأخيرة و إن كانت دالة على عدم تجنب الفساق النار لكنها دلالة ضعيفة بالمفهوم فما يدل صريحا على دخول النار إنما هو في الكفار و ما يدل على حكم الفجار فليس فيه وعيد صريح و تهديد عظيم بل يدل دلالة ضعيفة على عدم الحكم بأنهم لا يدخلونها لا سيما مع الحصر المتقدم و لعل السر في هذا الإجمال عدم اجترائهم على المعاصي.
وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ «1» أي يؤتى كتابه بشماله من وراء ظهره قيل يغل يمناه إلى عنقه و يجعل يسراه وراء ظهره فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً أي يتمنى الثبور و يقول وا ثبوراه و هو الهلاك وَ يَصْلى‏ سَعِيراً أي نارا مسعرة إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ أي في الدنيا مَسْرُوراً بطرا بالمال و الجاه فارغا عن ذكر الآخرة إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ أي لن يرجع بعد أن يموت بَلى‏ يرجع إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً أي عالما بأعماله فلا يهمله بل يرجعه و يجازيه فهذا مشرك لأنه أنكر البعث و إنكاره كفر أو كان لا ينكره حينئذ إلا المشركون.
كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ «2» أي جماعة من الكفرة سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أي خزنة جهنم أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ يخوفكم هذا العذاب و هو توبيخ و تبكيت قالُوا بَلى‏ قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا أي الرسل و أفرطنا في التكذيب حتى نفينا الإنزال رأسا و بالغنا في نسبتهم إلى الضلال حيث قالوا بعد ذلك إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ فهؤلاء مشركون لتكذيبهم بكتب الله و رسله.
__________________________________________________
 (1) الانشقاق: 10.
 (2) الملك: 8.

109
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ «1» بالبعث و الرسل و آيات الله الضَّالِّينَ عن الهدى الذاهبين عن الصواب و الحق فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ أي فنزلهم الذي أعد لهم من الطعام و الشراب من حميم جهنم وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ أي إدخال نار عظيمة فهؤلاء مشركون للتصريح بأنهم كانوا من المكذبين الضالين.
وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ «2» فَيَقُولُ لما رأى من قبح العمل و سوء العاقبة يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ وَ لَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ الهاء فيهما و فيما بعدهما للسكت تثبت في الوقف و تسقط في الوصل و قالوا استحب الوقف لثباتها في الإمام «3» و لذلك قرئ بإثباتها في الوصل يا لَيْتَها أي يا ليت الموتة التي متها كانَتِ الْقاضِيَةَ أي القاطعة لأمري فلم أبعث بعدها أو يا ليت هذه الحالة كانت الموتة التي قضيت علي أو يا ليت حياة الدنيا كانت الموتة و لم أخلق حيا ما أَغْنى‏ عَنِّي مالِيَهْ أي ما لي من المال و التبع أو ما نفي و المفعول محذوف أو استفهام إنكار مفعول لأغنى و بعد ذلك هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ أي ملكي و تسلطي على الناس أو حجتي التي كنت أحتج بها في الدنيا خُذُوهُ يقوله الله لخزنة جهنم فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ أي ثم لا تصلوه إلا الجحيم و هي النار العظمى لأنه كان يتعظم على الناس ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ أي فأدخلوه فيها بأن تلقوه على جسده إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ فدل على أن هذا الوعيد بالنار لمن لا يؤمن بالله من الكفار فهذا مشرك.
قوله في طسم أي في الشعراء وَ بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ «4» فيرونها مكشوفة و يتحسرون على أنهم المسوقون إليها وَ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أي أين آلهتكم الذين تزعمون أنهم شفعاؤكم هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ بدفع العذاب عنكم أَوْ يَنْتَصِرُونَ بدفعه عن أنفسهم لأنهم و آلهتهم يدخلون النار كما
__________________________________________________
 (1) الواقعة: 92.
 (2) الحاقّة: 25.
 (3) يعني مصحف عثمان، المسمى بامام المصاحف.
 (4) الشعراء: 91.

110
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

قال فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ أي الآلهة و عبدتهم و الكبكبة تكرير الكب لتكرير معناه كأن من ألقي في النار ينكب مرة بعد أخرى حتى يستقر في قعرها وَ جُنُودُ إِبْلِيسَ قيل متبعوه من عتاة الثقلين أو شياطينه أَجْمَعُونَ تأكيد للجنود إن جعل مبتدأ خبره ما بعده أو للضمير و ما عطف عليه و كذا الضمير المنفصل و ما يعود إليه في قوله قالُوا وَ هُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ على أن الله ينطق الأصنام فتخاصم العبدة و يؤيده الخطاب في قوله إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ أي في استحقاق العبادة و يجوز أن تكون الضمائر للعبدة كما في قالوا و الخطاب للمبالغة في التحسر و الندامة و المعنى أنهم مع تخاصمهم في مبدإ ضلالهم معترفون بانهماكهم في الضلالة متحسرون عليها كذا ذكره البيضاوي في تفسير تلك الآيات «1» فقوله ع يعني المشركين هو خبر لقوله قوله بحذف العائد أي يعني به و المعنى أن المراد بالمجرمين المشركون الذين اتبعتهم هؤلاء القائلون على شركهم و كلاهما من أمة محمد ص و تصديق ذلك أي تصديق أن المراد بهم المشركون من هذه الأمة أن الله تعالى ذكر بعد تلك الآيات أحوال المشركين و عبدة الأوثان من كل أمة و لم يدخل فيهم اليهود و النصارى فالظاهر أن يكون المراد هنا أيضا طائفة مخصوصة و ليس هم اليهود و النصارى لقوله تعالى سابقا فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ لدلالته على أن معبوديهم في النار فلم يبق إلا أن يكونوا من هذه الأمة أو يكتفى بالوجه الأول و يقال لما كان الظاهر من الآيات اللاحقة اختصاص الكلام بعبدة الأوثان فالظاهر هنا أيضا أن يكون المراد به من هو من جنسهم و لم يبق من الأمم المشهورة الذين تعرض الله لذكرهم في القرآن إلا هذه الأمة فهم المرادون به.
و قوله كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ «2» كأنه نقل بالمعنى لأن تلك الآيات‏
__________________________________________________
 (1) أنوار التنزيل ص 309.
 (2) الشعراء: 105.

111
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

في سورة الشعراء و ليس فيها قبلهم و إنما هو في ص و المؤمن «1» و يحتمل أن يكون في مصحفهم ع هكذا هذا ما خطر بالبال و قيل لعل المراد أن القائلين بهذا القول أعني قولهم وَ ما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ هم مشركو قوم نبينا ص الذين اتبعوا آباءهم المكذبين للأنبياء بدليل أن الله سبحانه ذكر عقيب ذلك في مقام التفصيل المكذبين للأنبياء طائفة بعد طائفة و ليس المراد بهم أحدا من اليهود و النصارى الذين صدقوا نبيهم و إنما أشركوا من جهة أخرى و إن كان الفريقان يدخلان النار أيضا فقوله سيدخل الله استدراك لدفع توهم عدم دخولهما النار و عدم دخول غيرهما ممن أساء العمل انتهى.
قوله ع ليس هم اليهود تأكيد لقوله ليس فيهم أو المراد بالأول أنه ليس في القائلين و المجرمين و بالثاني أنه ليس في هؤلاء المكذبين من الأمم السابقة و قيل الأول نفي للتشريك و الثاني نفي للاختصاص و الأوسط أظهر و قولهم مبتدأ إذ دعونا إلى سبيلهم ذلك من كلامه ع ذكره تفسيرا للآية و قول الله خبر للمبتدإ و يحتمل أن يكون ذلك مبتدأ ثانيا إشارة إلى قولهم و قول الله خبره و المجموع خبرا للمبتدإ الأول و حاصله أن القولين حكايتان عن قصة واحدة و قيل حين ظرف لقول الله مجازا من قبيل وضع الدال موضع المدلول.
ثم اعلم أن الآيات في سورة الأعراف هكذا حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَ شَهِدُوا عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَ لكِنْ لا تَعْلَمُونَ وَ قالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ «2» فظهر أن قوله و قالت أوليهم لأخريهم من سهو النساخ‏
__________________________________________________
 (1) ص: 12، المؤمن: 5.
 (2) الأعراف: 37- 39.

112
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

أو الرواة و أن قوله كُلَّما دَخَلَتْ مقدم على السابق في الترتيب فالواو في قوله و قوله بمعنى مع مع أنه لا يدل على الترتيب.
كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ أي في النار لَعَنَتْ أُخْتَها التي ضلت بالاقتداء بها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها أصل ادَّارَكُوا تداركوا فأدغم و معناه تلاحقوا أي لحق آخرهم أولهم في النار قالَتْ أُخْراهُمْ دخولا و منزلة و هم الأتباع لِأُولاهُمْ أي لأجل أوليهم إذا الخطاب مع الله لا معهم رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا أي سنوا لنا الضلال فاقتدينا بهم فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ أي مضاعفا لأنهم ضلوا و أضلوا قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ أما القادة فبكفرهم و تضليلهم و أما الأتباع فبكفرهم و تقليدهم وَ لكِنْ لا تَعْلَمُونَ ما لكم أو ما لكل فريق وَ قالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ عطفوا كلامهم على جواب الله لأخريهم و بنوه عليه أي فقد ثبت أن لا فضل لكم علينا و إنا و إياكم متساوون في الضلال و استحقاق العذاب فَذُوقُوا الْعَذابَ من قول القادة أو من قول الفريقين.
أن يحج بعضا بضم الحاء أي يغلبه بالحجة في القاموس الحج الغلبة بالحجة و في المصباح حاجه محاجة فحجه بحجة من باب قتل إذا غلبه في الحجة و قال فلج فلوجا من باب قعد ظفر بما طلب و فلج بحجته أثبتها و أفلج الله حجته أظهرها و قال أفلت الطائر و غيره إفلاتا تخلص و أفلته أنا إذا أطلقته و خلصته يستعمل لازما و متعديا و فلت فلتا من باب ضرب لغة و فلته يستعمل أيضا لازما و متعديا و انفلت خرج بسرعة.
و ليس بأوان بلوى و لا اختبار يعني أنهم يطمعون في غير مطمع فإن الاحتجاج و طلب الدليل إنما ينفع في دار التكليف و الاختبار لا في دار الجزاء بعد ظهور الأمر و دخول النار و لا حين نجاة أي ليس هذا الزمان حين نجاة يمكن التخلص من العذاب بالتوبة و غيرها.
و في بعض النسخ و لات حين نجاة مقتسبا من قوله تعالى وَ لاتَ حِينَ مَناصٍ «1»
__________________________________________________
 (1) ص: 3.

113
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

قال البيضاوي أي ليس الحين حين مناص و لا هي المشبهة بليس زيدت عليها تاء التأنيث للتأكيد كما زيدت على رب و ثم و خصت بلزوم الأحيان و حذف أحد المعمولين و قيل هي النافية للجنس أي و لا حين مناص لهم و قيل للفعل و النصب بإضماره أي و لا أرى حين مناص و قيل إن التاء مزيدة على حين لاتصالها به في الإمام «1» انتهى.
و الآيات أي تلك الآيات المتقدمة و لا يدخل الله الجملة حالية أي نزلت تلك الآيات في حال كان الحكم فيها أن لا يدخل الله النار إلا مشركا قوله ع فلما أذن الله قال المحدث الأسترآبادي تصريح بأن مصداق الإسلام في مكة أقل من مصداقه في المدينة انتهى و عد الشهادتين واحدة لتلازمهما و كأن الولاية أيضا داخلة فيهما كما عرفت و عدم التصريح للتقية أو أنه ع استدل بهذا الخبر المشهور بين العامة إلزاما عليهم و كأن ذكر العبادات الأربع و تخصيصها لكونها أهم الفرائض أو لأنها صرحت بها في القرآن و أكدت عليها دون غيرها أو أنه بني عليها أولا ثم زيد سائر الفرائض.
وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً «2» استدل به من قال بخلود أصحاب الكبائر في النار و أول بوجوه.
الأول أن المراد بالمتعمد من قتله لإيمانه كما ورد في أخبار كثيرة فيكون كافرا الثاني أن المراد بالخلود المكث الطويل الثالث أن المراد أن هذا جزاؤه إن جازاه لكنه سبحانه لا يجازيه كما ورد في بعض أخبارنا الرابع أن المراد بالمتعمد المستحل الخامس أنه يفعل فعلا يستحق به دخول النار و استدل ع على عدم إيمانه بأن الله لعنه و لا يلعن مؤمنا لقوله تعالى إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ و كأنه ع استدل بمفهوم الوصف فيدل على حجيته و يمكن أن يكون لخصوص سياق الآية أيضا مدخل فيه.
و كيف يكون في المشية أي كيف يكون أمر القاتل في مشية الله إن شاء
__________________________________________________
 (1) يعني مصحف عثمان.
 (2) النساء: 93.

114
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

عذبه و إن شاء غفر له و الحال أنه قد ألحق به بعد أن جزاه جهنم الغضب و اللعنة المختصين بالكفار.
أقول كونه في المشية إما مبني على ما ذكره أكثر المتكلمين من أن خلف الوعد قبيح و على الله محال و أما خلف الوعيد فهو حسن و يجوز على الله تعالى و ليس بكذب قال الطبرسي قدس سره و روى عاصم بن أبي النجود عن ابن عباس في قوله فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ قال هي جزاؤه فإن شاء عذبه و إن شاء غفر له و روي عن أبي صالح و بكر بن عبد الله و غيره أنه كما يقول الإنسان لمن يزجره عن أمر إن فعلت فجزاؤك القتل و الضرب ثم إن لم يجازه بذلك لم يكن ذلك منه كذبا انتهى «1».
أو إشارة إلى قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ «2» فيدل على أن ما دون الشرك مما يغفره الله لمن يشاء و القتل داخل في ذلك فيكون داخلا في المشية كما قال في مجمع البيان قال جماعة من التابعين الآية اللينة و هي إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ الآية نزلت بعد الشديدة و هي وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً الآية «3» و على الأول فكان جوابه مبني على أن آية القتل ليست مشتملة على الوعيد فقط بل على أنه ممن غضب الله عليه و لعنه فإذا دخل الجنة من غير توبة أو غيرها مما يكفره يكون كذبا و لم يكن مغضوبا و لا ملعونا مبعدا من رحمة الله و على الثاني مبني على وجهين الأول أن القتل المذكور داخل في الشرك و الكفر حيث لعنه الله و لا يلعن إلا الكافر و الثاني أنه لا يكون داخلا فيمن يشاء مغفرته حيث أخبر بأنه مغضوب و ملعون و هذا صريح في عدم المغفرة و الوجوه كأنها متقاربة و قد بين ذلك المشار إليه آية الأحزاب أي إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ و أنزل أي في سورة النساء أيضا من أكله بدل اشتمال لمال اليتيم‏
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 3 ص 93.
 (2) النساء: 47.
 (3) مجمع البيان ج 3 ص 93.

115
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى‏ ظُلْماً قال في المجمع أي ينتفعون بأموال اليتامى و يأخذونها ظلما بغير حق و لم يرد به قصر الحكم على الأكل و إنما خص لأنه معظم منافع المال المقصودة إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً قيل فيه وجهان أحدهما أن النار تلتهب من أفواههم و أسماعهم و آنافهم يوم القيامة ليعلم أهل الموقف أنهم آكلة أموال اليتامى عن السدي‏
وَ رُوِيَ عَنِ الْبَاقِرِ ع أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يُبْعَثُ نَاسٌ مِنْ قُبُورِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَأَجَّجُ أَفْوَاهُهُمْ نَاراً فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَؤُلَاءِ فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ.
و الآخر أنه ذكر ذلك على وجه المثل من حيث إن من فعل ذلك يصير إلى جهنم فيمتلئ بالنار أجوافهم عقابا على أكلهم مال اليتيم وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً أي يلزمون النار المسعرة للإحراق و إنما ذكر البطون تأكيدا كما يقال نظرت بعيني و قلت بلساني و أخذت بيدي و مشيت برجلي انتهى «1».
و أنزل في الكيل فإن قيل سورة المطففين من السور المكية و الغرض هنا بيان التكاليف المتجددة بالمدينة قلنا لا عبرة بما ذكره المفسرون في ذلك مع أنهم اختلفوا في هذه السورة قال في مجمع البيان مكية و قال المعدل مدنية عن الحسن و الضحاك و عكرمة قال و قال ابن عباس و قتادة إلا ثماني آيات منها و هي إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا إلى آخر السورة انتهى «2» فالخبر يؤيد قول هؤلاء الجماعة و يؤيده ما رواه في مجمع البيان في سبب نزول صدر السورة عن عكرمة عن ابن عباس أنه لما قدم رسول الله ص المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا فأنزل الله عز و جل وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ فأحسنوا الكيل بعد ذلك و روي عن السدي أنه ص قدم المدينة و بها رجل يقال له أبو جهينة و معه صاعان يكيل بأحدهما و يكتال بالآخر فنزلت الآيات «3» و يؤنسه أن الطبرسي رحمه الله ذكرها
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 3 ص 12 و 13.
 (2) المصدر ج 10 ص 450.
 (3) المصدر ج 10 ص 452.

116
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

في ترتيب نزول السور آخر السور المكية «1» فيمكن أن يكون نزولها بعد الهجرة و قبل نزول المدينة.
و في القاموس الويل حلول الشر و ويل كلمة عذاب و واد في جهنم أو بئر أو باب لها انتهى و استدل ع بأن الويل لم يطلق في القرآن إلا للكافرين كقوله فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَ وَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ «2» وَ وَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ «3» فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ «4» وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا «5» يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ «6» و في المجمع وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ هم الذين ينقصون المكيال و الميزان و يبخسون الناس حقوقهم في الكيل و الوزن قال الزجاج و إنما قيل له مطفف لأنه لا يكاد يسرق في المكيال و الميزان إلا الشي‏ء اليسير الطفيف.
و أنزل في العهد أي في سورة آل عمران و هي مدنية إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ «7» لعل المراد بالعهد هنا على ظاهر سياق الحديث ما عاهدوا الله عليه فخالفوه و باليمين الأيمان التي يحلفون بها على المستقبل ثم يخالفونها و يحتمل شموله لليمين الغموس الكاذبة و يحتمل أن يكون العهد شاملا للبيعة و ما عاهدوا رسول الله ص ثم نقضوه و قال الراغب العهد حفظ الشي‏ء و مراعاته حالا بعد حال و سمي الموثق الذي يلزم مراعاته عهدا قال عز و جل وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا «8» أي أوفوا بحفظ الأيمان و عهد فلان إلى فلان أي ألقى العهد إليه و أوصاه بحفظه قال عز و جل وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى‏ آدَمَ «9» و عهد الله تارة يكون بما ركزه في عقولنا و تارة يكون بما أمرنا به بكتابه و بسنة
__________________________________________________
 (1) المصدر ج 10 ص 405، نقلا عن الحاكم الحسكانى.
 (2) البقرة: 79.
 (3) إبراهيم: 2.
 (4) الزخرف: 65.
 (5) يس: 52.
 (6) القلم: 31.
 (7) آل عمران: 77.
 (8) أسرى: 34.
 (9) طه: 115.

117
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

رسله و تارة بما نلتزمه و ليس بلازم في أصل الشرع كالنذور و ما يجري مجراها انتهى «1».
و أما ما ذكره المفسرون في تلك الآية فقال الطبرسي قدس سره نزلت في جماعة من أحبار اليهود كتموا ما في التوراة من أمر محمد ص و كتبوا بأيديهم غيره و حلفوا أنه من عند الله لئلا تفوتهم الرئاسة و ما كان لهم على أتباعهم عن عكرمة و قيل نزلت في الأشعث بن قيس و خصم له في أرض قام ليحلف عند رسول الله ص فلما نزلت الآية نكل الأشعث و اعترف بالحق عن ابن جريح و قيل نزلت في رجل حلف يمينا فاجرة في تنفيق سلعته عن مجاهد و الشعبي ثم قال إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ أي يستبدلون بأمر الله سبحانه ما يلزمهم الوفاء به و قيل معناه أن الذين يحصلون بنكث عهد الله و نقضه وَ أَيْمانِهِمْ أي و بالأيمان الكاذبة ثَمَناً قَلِيلًا أي عوضا نزرا لأنه قليل في جنب ما يفوتهم من الثواب و يحصل لهم من العقاب و قيل العهد ما أوجبه الله تعالى على الإنسان من الطاعة و الكف عن المعصية و قيل هو ما في عقل الإنسان من الزجر عن الباطل و الانقياد للحق أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ أي لا نصيب وافر لهم فِي نعيم الْآخِرَةِ وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ أي بما يسرهم أو لا يكلمهم أصلا و تكون المحاسبة بكلام الملائكة استهانة لهم وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أي لا يعطف عليهم و لا يرحمهم كما يقول القائل للغير انظر إلي يريد ارحمني وَ لا يُزَكِّيهِمْ أي لا يطهرهم و قيل لا ينزلهم منزلة الأزكياء و قيل لا يطهرهم من دنس الذنوب و الأوزار بالمغفرة بل يعاقبهم و قيل لا يحكم بأنهم أزكياء و لا يسميهم بذلك بل يحكم بأنهم كفرة فجرة وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ مولم موجع «2» انتهى.
و قال البيضاوي أي يستبدلون بما عاهدوا عليه من الإيمان بالرسول و الوفاء بالأمانات و بأيمانهم و بما حلفوا به من قولهم و الله لنؤمنن به و لننصرنه ثَمَناً
__________________________________________________
 (1) مفردات غريب القرآن ص 350.
 (2) مجمع البيان ج 2 ص 462 و 463.

118
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

قَلِيلًا متاع الدنيا وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ الظاهر أنه كناية عن غضبه عليهم لقوله وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فإن من سخط على غيره و استهان به أعرض عنه و عن التكلم معه و الالتفات نحوه كما أن من اعتد بغيره يقاوله و يكثر النظر إليه وَ لا يُزَكِّيهِمْ و لا يثني عليهم انتهى «1» و ظاهر الخبر أن ناقض العهد و اليمين لا يدخل الجنة أصلا فيمكن حمله على الاستحلال أو على أنه لا يدخل الجنة ابتداء و حمله على المشركين و الكافرين كما هو ظاهر المفسرين ينافي سياق الحديث و يمكن حمله على أنهم لا يستحقون دخول الجنة و لا يلزم على الله ذلك لعدم الوعد إلا أن يدخلهم الجنة بفضله.
و أنزل بالمدينة أي في سورة النور و هي مدنية الزَّانِي لا يَنْكِحُ قال في مجمع البيان اختلف في تفسيره على وجوه أحدها أن يكون المراد بالنكاح العقد و نزلت الآية على سبب و هو أن رجلا من المسلمين استأذن النبي ص في أن يتزوج أم مهزول و هي امرأة كانت تسافح و لها راية على بابها تعرف بها فنزلت الآية عن ابن عباس و غيره و المراد بالآية النهي و إن كان ظاهره الخبر و ثانيها أن النكاح هاهنا الجماع و المعنى أنهما اشتركا في الزنا فهي مثله فيكون نظير قوله الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَ الْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ «2» في أنه خرج مخرج الأغلب الأعم و ثالثها أن هذا الحكم كان في كل زان و زانية ثم نسخ بقوله وَ أَنْكِحُوا الْأَيامى‏ مِنْكُمْ الآية «3» عن سعيد بن المسيب و جماعة و رابعها أن المراد به العقد و ذلك الحكم ثابت فيمن زنى بامرأة فإنه لا يجوز له أن يتزوج بها روي ذلك عن جماعة من الصحابة و إنما قرن الله سبحانه بين الزاني و المشرك تعظيما لأمر الزنا و تفخيما لشأنه و لا يجوز أن تكون هذه الآية خبرا لأنا نجد الزاني يتزوج غير زانية و لكن المراد هنا الحكم في كل زان أو النهي سواء كان المراد بالنكاح الوطء أو العقد و حقيقة النكاح في اللغة الوطء وَ حُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أي حرم‏
__________________________________________________
 (1) أنوار التنزيل: 70.
 (2) النور: 26.
 (3) النور: 32.

119
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

نكاح الزانيات أو حرم الزنا على المؤمنين فلا يتزوج بهن و لا يطؤهن إلا زان أو مشرك انتهى «1».
ثم المشهور بين الأصحاب كراهة نكاح المشهورات بالزنا و ذهب الشيخان و جماعة إلى اشتراط التوبة في الحل سواء زنى بها من أراد نكاحها أو غيره للآية المتقدمة و بعض الأخبار و أجيب عن الآية تارة بأن المراد بالنكاح الوطء و أخرى بأنها منسوخة بقوله تعالى وَ أَنْكِحُوا الْأَيامى‏ مِنْكُمْ «2» و بقوله فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ «3» أو قوله وَ أُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ «4» و في الأول أنه خلاف الظاهر فإنه إن أريد الوطء لم يظهر للكلام فائدة ظاهرة و في الثاني أنه خلاف الأصل مع أن الظاهر من طابَ حل و من وَراءَ ذلِكُمْ سائر أصناف النساء و لا ينافيه عروض الحرمة لعروض زنا و نحوه.
و الظاهر أنه ع استدل بالآية على أن الله تعالى أخرج الزناة و الزواني في هذه الآية من عداد المؤمنين حيث قابل بين المؤمنين و بينهما إذ الظاهر من سياق الآية أن المراد أنه لا يليق نكاح الزاني إلا بزانية أو مشركة و لا نكاح الزانية إلا بزان أو مشرك و أما المؤمن فإنه لا يليق به هذا الفعل و هو محرم عليه إما بمعناه أو بمعنى الكراهة الشديدة أو بمعنى المحرومية كما في قوله سبحانه وَ حَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ «5» فظهر أنه لم يسمهما بالإيمان لما عرفت من المقابلة مع أنه جمع بينهما و بين المشرك و المشركة ففيه أيضا إيماء بعدم إيمانهما.
و هذا وجه حسن خطر بالبال للآية و الخبر معا فإن حمل الآية على وجه آخر لا يستقيم ظاهرا فإنه إذا حمل النكاح على الوطء فالكلام إما في قوة النهي أو الخبر فعلى الأول المعنى النهي عن أن يطأ الزاني سوى الزانية و المشركة و جواز وطئه لهما و فيه ما لا يخفى و كذا العكس و على الثاني يكون كذبا إن أراد
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 7 ص 125.
 (2) النور: 32.
 (3) النساء: 3.
 (4) النساء: 23.
 (5) القصص: 12.

120
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

بالوطء غير الزنا أو الأعم و إن أريد به الزنا كان الكلام خاليا عن الفائدة و إذا حمل على العقد فلو كان في قوة النهي كان مفادها النهي عن أن ينكح الزاني سوى الزانية و المشركة و تجويز نكاحه إياهما و تجويز نكاح الزانية بالزاني و المشرك و لم يقل به أحد و لو كان خبرا لزم الكذب فلا بد من حمل الآية على ما ذكرنا فيتضح استدلاله ع غاية الوضوح و يظهر منه عدم تمام الاستدلال بها على تحريم نكاحهما نعم قوله سبحانه وَ حُرِّمَ ذلِكَ فيه دلالة على التحريم إن لم نحمله على معنى الحرمان و حمله على الكراهة الشديدة مع وجود المعارض غير بعيد مع أنه يحتمل أن يكون ذلِكَ إشارة إلى الزنا بكون الجملة حالية أو تعليلية.
قوله ع ليس يمتري الامتراء الشك و الجملة إلى قوله إنه قال معترضة و ضمير فيه راجع إلى الرسول و قوله إنه قال بدل اشتمال للضمير و قوله لا يزني مفعول قال أولا و الاعتراض لبيان أن الخبر معلوم متواتر بين الفريقين و كأن المراد بقوله حين يزني و حين يسرق حين يصر عليهما و لم يتب و لا فساد في مفارقة الإيمان بالمعنى الذي ذكرناه حيث اشتمل على الفرائض و ترك الكبائر عنه و بها يستحق العذاب في الجملة لا الخلود في النار و من لم يقل بذلك أوله بتأويلات بعيدة.
قال في النهاية في الحديث لا يزني الزاني و هو مؤمن قيل معناه النهي و إن كان في صورة الخبر و الأصل حذف الياء من يزني أن لا يزن المؤمن و لا يسرق و لا يشرب فإن هذه الأفعال لا يليق بالمؤمن و قيل هو وعيد يقصد به الردع كقوله لا إيمان لمن لا أمانة له و المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده و قيل معناه لا يزني و هو كامل الإيمان و قيل معناه أن الهوى يغطي الإيمان فصاحب الهوى لا يرى إلا هواه و لا ينظر إلى إيمانه الناهي له عن ارتكاب الفاحشة فكأن الإيمان في تلك الحالة قد انعدم و قال ابن عباس الإيمان نزه فإذا أذنب العبد فارقه و منه الحديث الآخر إذا زنى الرجل خرج منه الإيمان فوق رأسه كالظلة

121
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

فإذا أقلع رجع إليه الإيمان و كل هذا محمول على المجاز و نفي الكمال دون الحقيقة في رفع الإيمان و إبطاله انتهى.
و قيل إنه ليس بمؤمن إذا كان مستحلا و قيل ليس بمؤمن من العقاب و قيل المقصود نفي المدح أي لا يقال له مؤمن بل يقال زان أو سارق و قيل إنه لنفي البصيرة أي ليس هو ذا بصيرة و قال ابن عباس أي ليس ذا نور و قيل أي ليس بمستحضر الإيمان و قيل أي ليس بعاقل لأن المعصية مع استحضار العقوبة مرجوحة و الحكم بالمرجوح بخلاف العقول و قيل المقصود نفي الحياء و الحياء شعبة من الإيمان أي ليس بمستحي من الله سبحانه و لا يخفى ما في أكثر هذه الوجوه من البعد و الركاكة.
و أنزل بالمدينة أي في سورة النور أيضا وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ «1» أي يقذفون العفائف من النساء بالزنا ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ أي بأربعة عدول يشهدون أنهم رأوهن يفعلن من رموهن به من الزنا فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً خبر الذين بتأويل وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً خبر ثان و تنكير شهادة للعموم أي في أي أمر من الأمور كان أَبَداً تأكيد للعموم أي ما لم يتب وَ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ أي هم في أعلى مراتب الفسق حتى كأنه لا فاسق غيرهم فقد عبر عنهم باسم الإشارة و عرف الخبر و أتى بضمير الفصل مبالغة في ادعاء حصر الفسق فيهم و قصره عليهم قيل و يمكن أن يكون حالا أو اعتراضا يجري مجرى التعليل لعدم قبول الشهادة إِلَّا الَّذِينَ تابُوا عن القذف و ندموا و رجعوا بالتدارك مِنْ بَعْدِ ذلِكَ أي من بعد إقامة الحد و قيل من بعد الرمي وَ أَصْلَحُوا سرائرهم و أعمالهم فاستقاموا على مقتضى التوبة قالوا و منه الاستسلام للحد و الاستحلال من المقذوف و العزم على عدم العود إلى ذلك و على ترك جميع المناهي على قول و في المجمع و من شرط توبة القاذف أن يكذب نفسه فيما قاله فإن لم يفعل ذلك لم يجز قبول شهادته «2»
__________________________________________________
 (1) النور: 4.
 (2) مجمع البيان ج 7 ص 126.

122
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ علة للاستثناء.
قوله ع فبرأه الله الظاهر أنه ع استدل على عدم وصفهم بالإيمان بوصفهم بالفسق لأن في عرف القرآن الفسق لازم للكفر و لم يطلق فيه الفاسق إلا على الكافر كقوله تعالى أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً «1» فقابل بين الإيمان و الفسق فدل على أن الفاسق ليس بمؤمن و قال إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ «2» فحصر الفاسق في المنافق فجعله الله منافقا و جعله من أولياء إبليس حيث أطلق الفسق عليهما و أيضا إذا نظرت في الآيات الكريمة و سبرتها لم تر الفاسق أطلق فيها إلا على الكافر قال الراغب فسق فلان خرج من حد الشرع و ذلك من قولهم فسق الرطب إذا خرج عن قشره و هو أعم من الكفر و الفسق يقع بالقليل من الذنوب و بالكثير لكن تعورف فيما كان كثيرا و أكثر ما يقال الفاسق لمن التزم حكم الشرع و أقر به ثم أخل بجميع أحكامه أو ببعضه و إذا قيل للكافر الأصلي فاسق فلأنه أخل بحكم ما ألزمه العقل و اقتضاه الفطرة قال عز و جل فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ «3» فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ «4» وَ أَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ «5» و أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ «6» أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ و قال وَ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ «7» و قال تعالى وَ أَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ «8» وَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ «9» وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ «10» إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ «11» كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ انتهى «12».
__________________________________________________
 (1) السجدة: 18.
 (2) براءة: 67.
 (3) الكهف: 50.
 (4) أسرى: 16.
 (5) آل عمران: 110.
 (6) المائدة: 47.
 (7) النور: 55.
 (8) السجدة: 20.
 (9) الأنعام: 49.
 (10) براءة: 25.
 (11) براءة: 68.
 (12) يونس: 33 راجع المفردات ص 380.

123
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

و جعله أي الرامي الْمُحْصَناتِ أي العفائف الْغافِلاتِ مما قذفن به الْمُؤْمِناتِ بالله و رسوله و ما جاء به لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ بما طعنوا فيهن وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ لعظم ذنوبهم يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ ظرف لما في لهم من معنى الاستقرار لا للعذاب أَلْسِنَتُهُمْ وَ أَيْدِيهِمْ «1» يعترفون بها بإنطاق الله إياها بغير اختيارهم أو بظهور آثاره عليها قوله ع و ليست تشهد يدل على أن شهادة الجوارح إنما هي للكفار كما ذكره جماعة من المفسرين و ذكره الشيخ البهائي رحمه الله في الأربعين.
قوله ع فيعطى كتابه بيمينه أي فيقرؤه و من تنطق جوارحه يختم على فيه لقوله تعالى الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى‏ أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ أو لأن سياق آيات شهادة الجوارح تدل على غاية الغضب و الآيات النازلة في المؤمنين مشتملة على نهاية اللطف كقوله سبحانه يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ أي من المدعوين كِتابَهُ بِيَمِينِهِ أي كتاب عمله فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ ابتهاجا بما يرون فيه وَ لا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا «2» أي و لا ينقصون من أجورهم أدنى شي‏ء و الفتيل المفتول و سمي ما يكون في شق النواة فتيلا لكونه على هيئته و قيل هو ما تفتله بين أصابعك من خيط أو وسخ و يضرب به المثل في الشي‏ء الحقير.
ثم اعلم أن هذا المضمون وقع في مواضع من القرآن المجيد أولها في بني إسرائيل فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ إلى آخر ما في الحديث و ثانيها في الحاقة فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ «3» و ثالثها في الإنشقاق فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً «4» و ما في الحديث لا يوافق شيئا منها و إن كان بالأول أنسب فكأنه من تصحيف النساخ أو كان في قراءتهم ع هكذا أو نقل بالمعنى جمعا بين الآيات.
و سورة النور أنزلت كأن هذا جواب عن اعتراض مقدر و هو أنه لما
__________________________________________________
 (1) يس: 65.
 (2) أسرى: 71.
 (3) الحاقّة: 19.
 (4) الانشقاق: 8.

124
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تبیین و تحقیق ص 91

أنزل الله في سورة النساء مرتين إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ و هي تدل على عدم ترتب العذاب على غير الشرك فيمكن كونها ناسخة للآيات الدالة على عقوبات أصحاب الكبائر و عدم كونهم من المؤمنين.
فأجاب ع بعد التنزل عن عدم المخالفة بين هذه الآية و تلك الآيات لأن تجويز المغفرة لمن شاء الله لا ينافي استحقاقهم للعذاب و العقاب و خروجهم عن الإيمان بأحد معانيه بأن أكثر ما أوردنا من الآيات و استدللنا بها إنما هي في سورة النور و هي نزلت بعد سورة النساء فكيف تكون آية النساء ناسخة لها فلو احتاج التوفيق إلى القول بالنسخ لكان الأمر بعكس ما قلتم مع أنه لا قائل بالفصل ثم استدل ع على ذلك بأن الله تعالى قال في سورة النساء أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا و السبيل هو الذي ذكره من الحد في سورة النور و يحتمل أن يكون الغرض إفادة دليل آخر على ما سبق من نزول الأحكام مدرجا و نسخ الأشد للأضعف لكن الأول أظهر.
وَ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ «1» ذهب الأكثر إلى أن المراد بالفاحشة الزنا و قيل هي المساحقة فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ الخطاب للأئمة و الحكام بطلب أربعة رجال من المسلمين شهودا عليهن و قيل الخطاب للأزواج فَإِنْ شَهِدُوا أي الأربعة فَأَمْسِكُوهُنَّ أي فاحبسوهن فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ أي يدركهن الْمَوْتُ قيل أريد به صيانتهن عن مثل فعلهن و الأكثر على أنه على وجه الحد على الزنا.
قالوا كان في بدو الإسلام إن فجرت المرأة و قام عليها أربعة شهود حبست في البيت أبدا حتى تموت ثم نسخ ذلك بالرجم في المحصنين و الجلد في البكرين أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا أي ببيان الحكم كما مر و قيل بالتوبة أو بالنكاح المغني عن السفاح و قالوا لما نزل قوله تعالى الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي فَاجْلِدُوا
__________________________________________________
 (1) النساء: 15.

125
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل نفعه جلیل ص 126

قال النبي ص خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا «1» سُورَةٌ أي هذه سورة أو فيما أوحينا إليك سورة أَنْزَلْناها صفة وَ فَرَضْناها أي فرضنا ما فيها من الأحكام لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فتتقون الحرام الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي قيل أي فيما فرضنا أو أنزلنا حكمهما و هو الجلد و يجوز أن يرفعا بالابتداء و الخبر فَاجْلِدُوا إلى قوله رَأْفَةٌ أي رحمة فِي دِينِ اللَّهِ أي في طاعته و إقامة حده فتعطلوه أو تسامحوا فيه إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ فإن الإيمان يقتضي الجد في طاعة الله.
ثم اعلم أن عدم ذكر الولاية في هذا الخبر مع أنه الغرض الأصلي منه لنوع من التقية لأنه ع ذكره إلزاما عليهم حيث أنكروا كون الولاية جزءا من الإيمان ..
تذييل نفعه جليل‏
اعلم أن الذي ظهر لنا من مجموع الآيات المتضافرة و الأخبار المتكاثرة الواردة في الإيمان و الإسلام و حقائقهما و شرائطهما أن لكل منهما إطلاقات كثيرة في الكتاب و السنة و لكل منها فوائد و ثمرات تترتب عليه.
فالأول من معاني الإيمان مجموع العقائد الحقة و الأصول الخمسة و الثمرة المترتبة عليه في الدنيا الأمان من القتل و نهب الأموال و الإهانة إلا أن يأتي بقتل أو فاحشة يوجب القتل أو الحد أو التعزير و في الآخرة صحة أعماله و استحقاق الثواب عليها في الجملة و عدم الخلود في النار و استحقاق العفو و الشفاعة و يدخل في الكفر المقابل لهذا الإيمان من سوى الفرقة الناجية الإمامية من فرق الإسلام و غيرهم فإنهم مخلدون في النار سوى المستضعفين منهم كما سيأتي.
الثاني الاعتقادات المذكورة مع الإتيان بالفرائض التي ظهر وجوبها من‏
__________________________________________________
 (1) و بعده: البكر بالبكر جلد مائة و تغريب عام، و الثيب بالثيب جلد مائة و الرجم راجع مجمع البيان ج 3 ص 21.

126
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل نفعه جلیل ص 126

القرآن و ترك الكبائر التي أوعد الله عليها النار و على هذا المعنى أطلق الكافر على تارك الصلاة و تارك الزكاة و أشباههم و ورد لا يزني الزاني و هو مؤمن و لا يسرق السارق و هو مؤمن و ثمرة هذا الإيمان عدم استحقاق الإذلال و الإهانة و العذاب في الدنيا و الآخرة.
الثالث العقائد المذكورة مع فعل جميع الواجبات و ترك جميع المحرمات و ثمرته اللحوق بالمقربين و الحشر مع الصديقين و تضاعف المثوبات و رفع الدرجات.
الرابع ما ذكر مع ضم فعل المندوبات و ترك المكروهات بل المباحات كما ورد في أخبار صفات المؤمن و بهذا المعنى يختص بالأنبياء و الأوصياء كما ورد في الأخبار الكثيرة تفسير المؤمنين في الآيات بالأئمة الطاهرين ع و قد ورد في تفسير قوله سبحانه وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ «1» أن جميع معاصي الله بل التوسل بغيره تعالى داخلة في الشرك المذكور في هذه الآية و ثمرة هذا الإيمان أنه يؤمن على الله فيجيز أمانه و أنه لا يرد الله دعوته و سائر ما ورد في درجاتهم ع و منازلهم عند الله تعالى.
و أما الإسلام فيطلق غالبا على التكلم بالشهادتين و الإقرار الظاهري و إن لم يقترن بالإذعان القلبي و لا بالإقرار بالولاية كما عرفت سابقا و ثمرته إنما تظهر في الدنيا من حقن دمه و ماله و جواز نكاحه و استحقاقه الميراث و سائر الأحكام الظاهرة للمسلمين و ليس له في الآخرة من خلاق و قد يطلق على كل‏
__________________________________________________
 (1) يوسف: 106، و ما ورد من الحديث في ذلك، رواه القمّيّ بإسناده عن الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام و العيّاشيّ ج 2 ص 200 عن زرارة عنه عليه السلام في هذه الآية قال: شرك طاعة و ليس شرك عبادة و المعاصى التي يرتكبون فهي شرك طاعة أطاعوا فيها الشيطان فأشركوا باللّه الطاعة لغيره، و ليس باشراك عبادة أن يعبدوا غير اللّه و روى العيّاشيّ عن مالك بن عطية، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: هو الرجل يقول: لو لا فلان لهلكت و لو لا فلان لاصبت كذا و كذا، لو لا فلان لضاع عيالى، الحديث.

127
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل نفعه جلیل ص 126

من معاني الإيمان حتى المعنى الأخير فيكون بمعنى الاستسلام و الانقياد التام.
ثم إن الآيات و الأخبار الدالة على دخول الأعمال في الإيمان يحتمل وجوها الأول أن يحمل على ظواهرها و يقال إن العمل داخل في حقيقة الإيمان على بعض المعاني الثاني أن يكون الإيمان أصل العقائد لكن يكون تسميتها إيمانا مشروطة بالأعمال الثالث أن يقال بزيادة الإيمان و تفاوته شدة و ضعفا و تكون الأعمال كثرة و قلة كاشفة عن حصول كل مرتبة من تلك المراتب فإنه لا شك أن لشدة اليقين مدخلا في كثرة الأعمال الصالحة و ترك المناهي و قد بسطنا الكلام في ذلك قليلا في كتاب عين الحيوة و سيتضح لك بعض ما ذكرنا في تضاعيف الأخبار الآتية و لنذكر هنا بعض ما ذكره أصحابنا في حقيقة الإيمان و الإسلام و معانيهما و شرائطهما.
قال المحقق الطوسي قدس سره القدوسي في قواعد العقائد المسألة الخامسة فيما به يحصل استحقاق الثواب و العقاب قالوا الإسلام أعم في الحكم من الإيمان و هما في الحقيقة شي‏ء واحد أما كونه أعم فلأن من أقر بالشهادتين كان حكمه حكم المسلمين قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا «1» و أما كون الإسلام في الحقيقة هو الإيمان فلقوله تعالى إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ «2» و اختلفوا في معناه فقال بعض السلف الإيمان إقرار باللسان و تصديق بالقلب و عمل صالح بالجوارح و قالت المعتزلة أصول الإيمان خمسة التوحيد و العدل و الإقرار بالنبوة و بالوعد و الوعيد و القيام بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و قال الشيعة أصول الإيمان ثلاثة التصديق بوحدانية الله تعالى في ذاته و العدل في أفعاله و التصديق بنبوة الأنبياء و التصديق بإمامة الأئمة المعصومين و التصديق بالأحكام التي يعلم يقينا أنه ص حكم بها دون ما فيه الخلاف و الاستتار.
و الكفر يقابل الإيمان و الذنب يقابل العمل الصالح و ينقسم إلى كبائر
__________________________________________________
 (1) الحجرات: 13.
 (2) آل عمران: 19.

128
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل نفعه جلیل ص 126

و صغائر و يستحق المؤمن بالإجماع الخلود في الجنة و يستحق الكافر الخلود في العذاب و صاحب الكبيرة عند الخوارج كافر لأنهم جعلوا العمل الصالح جزءا من الإيمان و عند غيرهم خارج فاسق و المؤمن عند المعتزلة و الوعيدية لا يكون فاسقا و جعلوا الفاسق الذي لا يكون كافرا منزلة بين المنزلتين الإيمان و الكفر و هو عندهم يكون في النار خالدا و عند غيرهم المؤمن قد يكون فاسقا و قد لا يكون و تكون عاقبة الأمر على التقديرين الخلود في الجنة.
و قال ره في التجريد الإيمان التصديق بالقلب و اللسان و لا يكفي الأول لقوله تعالى وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ «1» و نحوه و لا الثاني لقوله تعالى قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا و الكفر عدم الإيمان إما مع الضد أو بدونه و الفسق الخروج عن طاعة الله تعالى مع الإيمان به و النفاق إظهار الإيمان به و إخفاء الكفر و الفاسق مؤمن لوجود حده فيه.
و قال العلامة نور الله ضريحه في الشرح اختلف الناس في الإيمان على وجوه كثيرة و ليس هنا موضع ذكرها و الذي اختاره المصنف رضوان الله أنه عبارة عن التصديق بالقلب و اللسان معا و لا يكفي أحدهما فيه أما التصديق القلبي فإنه غير كاف لقوله تعالى وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ و قوله تعالى فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ «2» فأثبت لهم المعرفة و الكفر و أما التصديق اللساني فإنه غير كاف أيضا لقوله تعالى قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا الآية و لا شك في أن أولئك الأعراب صدقوا بألسنتهم.
و قال ره الكفر في اللغة هو التغطية و في العرف الشرعي هو عدم الإيمان إما مع الضد بأن يعتقد فساد ما هو شرط في الإيمان أو بدون الضد كالشاك الخالي من الاعتقاد الصحيح و الباطل و الفسق لغة الخروج مطلقا و في الشرع عبارة عن الخروج عن طاعة الله تعالى فيما دون الكفر و النفاق في اللغة هو إظهار خلاف الباطن و في الشرع إظهار الإيمان و إبطان الكفر.
__________________________________________________
 (1) النمل: 14.
 (2) البقرة: 89.

129
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل نفعه جلیل ص 126

و اختلف الناس في الفاسق فقالت المعتزلة إن الفاسق لا مؤمن و لا كافر و أثبتوا له منزلة بين المنزلتين و قال الحسن البصري إنه منافق و قالت الزيدية إنه كافر نعمة و قالت الخوارج إنه كافر و الحق ما ذهب إليه المصنف و هو مذهب الإمامية و المرجئة و أصحاب الحديث و جماعة الأشعرية أنه مؤمن و الدليل عليه أن حد المؤمن و هو المصدق بقلبه و لسانه في جميع ما جاء به النبي ص موجود فيه فيكون مؤمنا انتهى.
و قال الشيخ المفيد قدس الله روحه في كتاب المسائل اتفقت الإمامية على أن مرتكب الكبائر من أهل المعرفة و الإقرار لا يخرج بذلك عن الإسلام و أنه مسلم و إن كان فاسقا بما معه من الكبائر و الآثام و وافقهم على هذا القول المرجئة كافة و أصحاب الحديث قاطبة و نفر من الزيدية و أجمعت المعتزلة على خلاف ذلك و زعموا أن مرتكب الكبائر ممن ذكرناه فاسق ليس بمؤمن و لا مسلم.
و قال قدس سره اتفقت الإمامية على أن الإسلام غير الإيمان و أن كل مؤمن فهو مسلم و ليس كل مسلم مؤمنا و أن الفرق بين هذين المعنيين في الدين كما كان في اللسان و وافقهم على هذا القول المرجئة و أصحاب الحديث و أجمعت المعتزلة على عدم الفرق بينهما.
و قال الشهيد الثاني قدس سره في رسالة حقائق الإيمان اعلم أن الإيمان لغة التصديق كما نص عليه أهلها و هو إفعال من الأمن بمعنى سكون النفس و اطمئنانها لعدم ما يوجب الخوف لها و حينئذ فكان حقيقة آمن به سكنت نفسه و اطمأنت بسبب قبول قوله و امتثال أمره فتكون الباء للسببية و يحتمل أن يكون بمعنى أمنه التكذيب و المخالفة كما ذكره بعضهم فتكون الباء فيه زائدة و الأول أولى كما لا يخفى و أوفق لمعنى التصديق و هو يتعدى باللام كقوله تعالى وَ ما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا «1» و فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ «2» و بالباء كقوله تعالى آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ «3»
__________________________________________________
 (1) يوسف: 17.
 (2) العنكبوت: 26.
 (3) آل عمران: 53.

130
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل نفعه جلیل ص 126

و أما التصديق فقد قيل إنه القبول و الإذعان بالقلب كما ذكره أهل الميزان و يمكن أن يقال معناه قبول الخبر أعم من أن يكون بالجنان أو باللسان و يدل عليه قوله تعالى قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا فأخبروا عن أنفسهم بالإيمان و هم من أهل اللسان مع أن الواقع منهم هو الاعتراف باللسان دون الجنان لنفيه عنهم بقوله تعالى قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا و إثبات الاعتراف بقوله تعالى وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا «1» الدال على كونه إقرارا بالشهادتين و قد سموه إيمانا بحسب عرفهم و الذي نفاه الله عنهم إنما هو الإيمان في عرف الشرع.
و أما الإيمان الشرعي فقد اختلف في بيان حقيقته العبارات بسبب اختلاف الاعتبارات و بيان ذلك أن الإيمان شرعا إما أن يكون من أفعال القلوب فقط أو من أفعال الجوارح فقط أو منهما معا.
فإن كان الأول فهو التصديق بالقلب فقط و هو مذهب الأشاعرة و جمع من متقدمي الإمامية و متأخريهم و منهم المحقق الطوسي رحمه الله في فصوله لكن اختلفوا في معنى التصديق فقال أصحابنا هو العلم و قال الأشعرية هو التصديق النفساني و عنوا به أنه عبارة عن ربط القلب على ما علم من إخبار المخبر فهو أمر كسبي يثبت باختيار المصدق و لذا يثاب عليه بخلاف العلم و المعرفة فإنها ربما تحصل بلا كسب كما في الضروريات و قد ذكر حاصل ذلك بعض المحققين فقال التصديق هو أن تنسب باختيارك الصدق إلى المخبر حتى لو وقع ذلك في القلب من غير اختيار لم يكن تصديقا و إن كان معرفة و سنبين إن شاء الله تعالى قصور ذلك.
و إن كان الثاني فإما أن يكون عبارة عن التلفظ بالشهادتين فقط و هو مذهب الكرامية أو عن جميع أفعال الجوارح من الطاعات بأسرها فرضا و نفلا و هو مذهب الخوارج و قدماء المعتزلة و العلاف و القاضي عبد الجبار أو عن جميعها من الواجبات و ترك المحظورات دون النوافل و هو مذهب أبي علي الجبائي و ابنه أبي هاشم و أكثر معتزلة البصرة.
__________________________________________________
 (1) الحجرات: 13.

131
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل نفعه جلیل ص 126

و إن كان الثالث فهو إما أن يكون عبارة عن أفعال القلوب مع جميع أفعال الجوارح من الطاعات و هو قول المحدثين و جمع من السلف كابن مجاهد و غيره فإنهم قالوا إن الإيمان تصديق بالجنان و إقرار باللسان و عمل بالأركان أو يكون عبارة عن التصديق مع كلمتي الشهادة و نسب إلى طائفة منهم أبو حنيفة أو يكون عبارة عن التصديق بالقلب مع الإقرار باللسان و هو مذهب المحقق نصير الدين الطوسي رحمه الله في تجريده فهذه سبعة مذاهب ذكرت في الشرح الجديد للتجريد و غيره.
و اعلم أن مفهوم الإيمان على المذهب الأول يكون تخصيصا للمعنى اللغوي و أما على المذاهب الباقية فهو منقول و التخصيص خير من النقل و هنا بحث و هو أن القائلين بأن الإيمان عبارة عن فعل الطاعات كقدماء المعتزلة و العلاف و الخوارج لا ريب أنهم يوجبون اعتقاد مسائل الأصول و حينئذ فما الفرق بينهم و بين القائلين بأنه عبارة عن أفعال القلوب و الجوارح و يمكن الجواب بأن اعتقاد المعارف شرط عند الأولين و شطر عند الآخرين.
ثم قال اعلم أن المحقق الطوسي رحمه الله ذكر في قواعد العقائد أن أصول الإيمان عند الشيعة ثلاثة ثم ذكر ما نقلنا عنه سابقا ثم قال ذكر في الشرح الجديد للتجريد أن الإيمان في الشرع عند الأشاعرة هو التصديق للرسول فيما علم مجيئه به ضرورة فتفصيلا فيما علم تفصيلا و إجمالا فيما علم إجمالا فهو في الشرع تصديق خاص انتهى فهؤلاء اتفقوا على أن حقيقة الإيمان هي التصديق فقط و إن اختلفوا في مقدار المصدق به و الكلام هاهنا في مقامين الأول في أن التصديق الذي هو الإيمان المراد به اليقيني الجازم الثابت كما يظهر من كلام من حكينا عنه و الثاني في أن الأعمال ليست جزءا من حقيقة الإيمان الحقيقي بل هي جزء من الإيمان الكمالي.
أما الدليل على الأول فآيات بينات منها قوله تعالى إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً «1» و الإيمان حق بالنص و الإجماع فلا يكفي في حصوله و تحققه‏
__________________________________________________
 (1) النجم: 28.

132
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل نفعه جلیل ص 126

الظن و منها إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ «1» إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ «2» إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ «3» فهذه قد اشتركت في التوبيخ على اتباع الظن و الإيمان لا يوبخ من حصل له بالإجماع فلا يكون ظنا و منها قوله تعالى إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا «4» فنفى عنهم الريب فيكون الثابت هو اليقين و في العرف يطلق عدم الريب على اليقين و من السنة المطهرة قوله ص يا مقلب القلوب و الأبصار ثبت قلبي على دينك و الثبات هو الجزم و المطابقة و فيه منع لم لا يجوز أن يكون طلبه ع لأنه الفرد الأكمل.
و من الدلائل أيضا الإجماع حيث ادعى بعضهم أنه يجب معرفة الله تعالى التي لا يتحقق الإيمان إلا بها بالدليل إجماعا من العلماء كافة و الدليل ما أفاد العلم و الظن لا يفيده و في صحة دعوى الإجماع بحث لوقوع الخلاف في جواز التقليد في المعارف الأصولية كما سنذكره إن شاء الله تعالى. و اعلم أن جميع ما ذكرنا من الأدلة لا يفيد شي‏ء منه العلم بأن الجزم و الثبات معتبر في التصديق الذي هو الإيمان إنما يفيد الظن باعتبارهما لأن الآيات قابلة للتأويل و غيرها كذلك مع كونها من الآحاد.
ثم قال رفع الله درجته اعلم أن العلماء أطبقوا على وجوب معرفة الله بالنظر و أنها لا تحصل بالتقليد إلا من شذ منهم كعبد الله بن الحسن العنبري و الحشوية و التعليمية حيث ذهبوا إلى جواز التقليد في العقائد الأصولية كوجود الصانع و ما يجب له و يمتنع و النبوة و العدل و غيرها بل ذهب بعضهم إلى وجوبه لكن اختلف القائلون بوجوب المعرفة أنه عقلي أو سمعي فالإمامية و المعتزلة على الأول و الأشعرية على الثاني و لا غرض لنا هنا ببيان ذلك بل ببيان أصل الوجوب المتفق عليه.
ثم استدل بوجوب شكر المنعم عقلا و شكره على وجه يليق بكمال ذاته‏
__________________________________________________
 (1) النجم: 28.
 (2) البقرة: 78.
 (3) الحجرات: 12.
 (4) الحجرات: 15.

133
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل نفعه جلیل ص 126

يتوقف على معرفته و هي لا تحصل بالظنيات كالتقليد و غيره لاحتمال كذب المخبر و خطإ الأمارة فلا بد من النظر المفيد للعلم ثم قال و هذا الدليل إنما يستقيم على قاعدة الحسن و القبح و الأشاعرة ينكرون ذلك لكن كما يدل على وجوب المعرفة بالدليل يدل أيضا على كون الوجوب عقليا و اعترض أيضا بأنه مبني على وجوب ما لا يتم الواجب المطلق إلا به و فيه أيضا منوع للأشاعرة.

و من ذلك أن الأمة أجمعت على وجوب المعرفة و التقليد و ما في حكمه لا يوجب العلم إن أوجبه لزم اجتماع الضدين في مثل تقليد من يعتقد حدوث العالم و يعتقد قدمه و قد اعترض على هذا بمنع الإجماع كيف و المخالف معروف بل عورض بوقوع الإجماع على خلافه و ذلك لتقرير النبي ص و أصحابه العوام على إيمانهم و هم الأكثرون في كل عصر مع عدم الاستفسار عن الدلائل الدالة على الصانع و صفاته مع أنهم كانوا لا يعلمونها و إنما كانوا مقرين باللسان و مقلدين في المعارف و لو كانت المعرفة واجبة لما جاز تقريرهم على ذلك مع الحكم بإيمانهم و أجيب عن هذا بأنهم كانوا يعلمون الأدلة إجمالا كدليل الأعرابي حيث قال البعرة تدل على البعير و أثر الأقدام على المسير أ فسماء ذات أبراج و أرض ذات فجاج لا تدلان على اللطيف الخبير فلذا أقروا و لم يسألوا عن اعتقاداتهم أو أنهم كان يقبل منهم ذلك للتمرين ثم يبين لهم ما يجب عليهم من المعارف بعد حين.

و من ذلك الإجماع على أنه لا يجوز تقليد غير المحق و إنما يعلم المحق من غيره بالنظر في أن ما يقوله حق أم لا و حينئذ فلا يجوز له التقليد إلا بعد النظر و الاستدلال و إذا صار مستدلا امتنع كونه مقلدا فامتنع التقليد في المعارف الإلهية و نقض ذلك بلزوم مثله في الشرعيات فإنه لا يجوز تقليد المفتي إلا إذا كانت فتياه عن دليل شرعي فإن اكتفى في الاطلاع على ذلك بالظن و إن كان مخطئا في نفس الأمر لحط ذلك عنه فليجز مثله في مسائل الأصول و أجيب بالفرق بأن الخطأ

134
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل نفعه جلیل ص 126

في مسائل الأصول يقتضي الكفر بخلافه في الفروع فساغ في الثانية ما لم يسغ في الأولى.
احتج من أوجب التقليد في مسائل الأصول بأن العلم بالله تعالى غير ممكن لأن المكلف به إن لم يكن عالما به تعالى استحال أن يكون عالما بأمره و حال امتناع كونه عالما بأمره يمتنع كونه مأمورا من قبله و إلا لزم تكليف ما لا يطاق و إن كان عالما به استحال أيضا أمره بالعلم به لاستحالة تحصيل الحاصل و الجواب عن ذلك على قواعد الإمامية و المعتزلة ظاهر فإن وجوب النظر و المعرفة عندهم عقلي لا سمعي نعم يلزم ذلك على قواعد الأشاعرة إذ الوجوب عندهم سمعي.
أقول و يجاب أيضا معارضة بأن هذا الدليل كما يدل على امتناع العلم بالمعارف الأصولية يدل على امتناع التقليد فيها أيضا فينسد باب المعرفة بالله تعالى فكل من يرجع إليه في التقليد لا بد و أن يكون عالما بالمسائل الأصولية ليصح تقليده ثم يجري الدليل فيه فيقال علم هذا الشخص بالله تعالى غير ممكن لأنه حين كلف به إن لم يكن عالما به تعالى استحال أن يكون عالما بأمره بالمقدمات و كل ما أجابوا به فهو جوابنا و لا مخلص لهم إلا أن يعترفوا بأن وجوب المعرفة عقلي فيبطل ما ادعوه من أن العلم بالله تعالى غير ممكن أو سمعي فكذلك.
فإن قيل ربما يحصل العلم لبعض الناس بتصفية النفس أو إلهامه إلى غير ذلك فيقلده الباقون قلنا هذا أيضا يبطل قولكم إن العلم بالله تعالى غير ممكن نعم ما ذكروه يصلح أن يكون دليلا على امتناع المعرفة بما يسمع فيكون حجة على الأشاعرة لا دليلا على وجوب التقليد.
و احتجوا أيضا بأن النهي عن النظر قد ورد في قوله تعالى ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا «1» و النظر يفتح باب الجدال فيحرم و لأنه ع رأى الصحابة يتكلمون في مسألة القدر فنهاهم عن الكلام فيها و قال إنما هلك من كان قبلكم بخوضهم في هذا و لقوله ع عليكم بدين العجائز و المراد ترك النظر فلو كان‏
__________________________________________________
 (1) غافر: 4.

135
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل نفعه جلیل ص 126

واجبا لم يكن منهيا عنه و أجيب عن الأول بأن المراد الجدال بالباطل كما في قوله تعالى وَ جادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ «1» لا الجدال بالحق لقوله تعالى وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ «2» فالأمر بذلك يدل على أن الجدال مطلقا ليس منهيا عنه و عن الثاني بأن نهيهم عن الكلام في مسألة القدر على تقدير تسليمه لا يدل على النهي عن مطلق النظر بل عنه في مسألة القدر كيف و قد ورد الإنكار على تارك النظر في قوله تعالى أَ وَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللَّهُ «3» و قد أثنى على فاعله في قوله وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ «4» على أن نهيهم عن الخوض في القدر لعله لكونه أمرا غيبيا و بحرا عميقا كما أشار إليه علي ع بقوله بحر عميق فلا تلجه بل كان مراد النبي ص التفويض في مثل ذلك إلى الله تعالى لأن ذلك ليس من الأصول التي يجب اعتقادها و البحث عنها مفصلة.
و هاهنا جواب آخر عنهما معا و هو أن النهي في الآية و الحديث مع قطع النظر عما ذكرناه إنما يدل على النهي عن الجدال الذي لا يكون إلا عن متعدد بخلاف النظر فإنه يكون من واحد فهو نصب الدليل على غير المدعى و عن الثالث بالمنع من صحة نسبته إلى النبي ص فإن بعضهم ذكر أنه من مصنوعات سفيان الثوري فإنه روي أن عمر بن عبد الله المعتزلي قال إن بين الكفر و الإيمان منزلة بين المنزلتين فقالت عجوز قال الله تعالى هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ «5» فلم يجعل من عباده إلا الكافر و المؤمن فسمع سفيان كلامها فقال عليكم بدين العجائز على أنه لو سلم فالمراد به التفويض إلى الله تعالى في قضائه و حكمه و الانقياد له في أمره و نهيه.
__________________________________________________
 (1) غافر: 5.
 (2) النحل: 125.
 (3) الروم: 8 و تمامه: ما خلق اللّه السموات و الأرض و ما بينهما الا بالحق.
 (4) آل عمران: 191.
 (5) التغابن: 2.

136
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل نفعه جلیل ص 126

و احتج من جوز التقليد بأنه لو وجب النظر في المعارف الإلهية لوجد من الصحابة إذ هم أولى به من غيرهم لكنه لم يوجد و إلا لنقل كما نقل عنهم النظر و المناظرة في المسائل الفقهية فحيث لم ينقل لم يقع فلم يجب.
و أجيب بالتزام كونهم أولى به لكنهم نظروا و إلا لزم نسبتهم إلى الجهل بمعرفة الله تعالى و كون الواحد منا أفضل منهم و هو باطل إجماعا إذا كانوا عالمين و ليس بالضرورة فهو بالنظر و الاستدلال و أما أنه لم ينقل النظر و المناظرة فلاتفاقهم على العقائد الحقة لوضوح الأمر عندهم حيث كانوا ينقلون عقائدهم عمن لا ينطق عن الهوى فلم يحتاجوا إلى كثرة البحث و النظر بخلاف الأخلاف بعدهم فإنهم لما كثرت شبه الضالين و اختلفت أنظار طالبي اليقين لتفاوت أذهانهم في إصابة الحق احتاجوا إلى النظر و المناظرة ليدفعوا بذلك شبه المضلين و يقفوا على اليقين أما مسائل الفروع لما كانت أمورا ظنية اجتهادية خفية لكثرة تعارض الأمارات فيها وقع بينهم الخلاف فيها و المناظرة و التخطئة لبعضهم من بعض فلذا نقل.
و احتجوا أيضا بأن النظر مظنة الوقوع في الشبهات و التورط في الضلالات بخلاف التقليد فإنه أبعد عن ذلك و أقرب إلى السلامة فيكون أولى و لأن الأصول أغمض أدلة من الفروغ و أخفى فإذا جاز التقليد في الأسهل جاز في الأصعب بطريق أولى و لأنهما سواء في التكليف بهما فإذا جاز في الفروغ فليجز في الأصول.
و أجيب عن الأول بأن اعتقاد المعتقد إن كان عن تقليد لزم إما التسلسل أو الانتهاء إلى من يعتقد عن نظر لانتفاء الضرورة فيلزم ما ذكرتم من المحذور مع زيادة و هي احتمال كذب المخبر بخلاف الناظر مع نفسه فإنه لا يكابر نفسه فيما أدى إليه نظره على أنه لو اتفق الانتهاء إلى من اتفق له العلم بغير النظر كتصفية الباطن كما ذهب إليه بعضهم أو بالإلهام أو بخلق العلم فيه ضرورة فهو إنما يكون لأفراد نادرة لأنه على خلاف العادة فلا يتيسر لكل أحد الوصول إليه مشافهة بل بالوسائط فيكثر احتمال الكذب بخلاف الناظر فإنه لا يكابر نفسه‏

137
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل نفعه جلیل ص 126

و لأنه أقرب إلى الوقوع على الصواب و أما الجواب عن العلاوة فلأنه لما كان الطريق إلى العمل بالفروع إنما هو النقل ساغ لنا التقليد فيها و لم يقدح احتمال كذب المخبر و إلا لانسد باب العلم و العمل بها بخلاف الاعتقاديات فإن الطريق إليها بالنظر ميسر.
ثم قال رحمه الله بعد إطالة الكلام في الجواب عن حجة الخصام و أما المقام الثاني و هو أن الأعمال ليست جزءا من الإيمان و لا نفسه فالدليل عليه من الكتاب العزيز و السنة المطهرة و الإجماع أما الكتاب فمن قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ «1» فإن العطف يقتضي المغايرة و عدم دخول المعطوف في المعطوف عليه فلو كان عمل الصالحات جزءا من الإيمان أو نفسه لزم خلو العطف عن الفائدة لكونه تكرارا و رد بأن الصالحات جمع معرف يشمل الفرض و النفل و القائل بكون الطاعات جزءا من الإيمان يريد بها فعل الواجبات و اجتناب المحرمات و حينئذ فيصح العطف لحصول المغايرة المفيدة لعموم المعطوف فلم يدخل كله في المعطوف عليه نعم يصلح دليلا على إبطال مذهب القائلين بكون المندوب داخلا في حقيقة الإيمان كالخوارج.
و منه قوله تعالى وَ مَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ «2» أي حالة إيمانه و هذا يقتضي المغايرة و منه قوله تعالى وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا «3» فإنه أثبت الإيمان لمن ارتكب بعض المعاصي فلا يكون ترك المنهيات جزءا من الإيمان و منه قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ «4» فإن أمرهم بالتقوى الذي لا تحصل إلا بفعل الطاعات و الانزجار عن المنهيات مع وصفهم بالإيمان يدل على عدم حصول التقوى لهم و إلا لكان أمرا بتحصيل‏
__________________________________________________
 (1) ترى نصه في آيات كثيرة منها: البقرة: 277.
 (2) طه: 112.
 (3) الحجرات: 9.
 (4) براءة: 119.

138
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل نفعه جلیل ص 126

الحاصل و منه الآيات الدالة على كون القلب محلا للإيمان من دون ضميمة شي‏ء آخر كقوله تعالى أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ «1» و لو كان الإقرار أو غيره من الأعمال نفس الإيمان أو جزءه لما كان القلب محل جميعه و قوله تعالى وَ لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ «2» و قوله تعالى وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ «3» و كذا آيات الطبع و الختم تشعر بأن محل الإيمان القلب كقوله تعالى أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ «4» وَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ «5» وَ خَتَمَ عَلى‏ سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَعَلَ عَلى‏ بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ «6» و أما السنة فكقوله ص يا مقلب القلوب و الأبصار ثبت قلبي على دينك و روي أن النبي ص سأل جبرئيل عن الإيمان فقال أن تؤمن بالله و رسله و اليوم الآخر.
و أما الإجماع فهو أن الأمة أجمعت على أن الإيمان شرط لسائر العبادات و الشي‏ء لا يكون شرطا لنفسه فلا يكون الإيمان هو العبادات.
و أما أهل الثاني و هم الكرامية «7» فقد استدلوا على مذهبهم بأن النبي ص و الصحابة كانوا يكتفون في الخروج عن الكفر بكلمتي الشهادتين فتكون هي الإيمان إذ لا واسطة بين الكفر و الإيمان لأن الكفر عدم الإيمان و لقوله تعالى فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ «8» و بقوله ص أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله و بقوله ص لأسامة حين قتل من تكلم بالشهادتين.
__________________________________________________
 (1) المجادلة: 22.
 (2) الحجرات: 13.
 (3) النحل: 106.
 (4) النحل: 108.
 (5) براءة: 93.
 (6) الجاثية: 23، و صححنا الآيات بعرضها على المصحف الشريف.
 (7) أتباع محمّد بن كرام- كشداد- و من اعتقاده أن معبوده مستقر على العرش و أنّه جوهر تعالى اللّه عن ذلك.
 (8) التغابن: 2.

139
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل نفعه جلیل ص 126

هلا شققت قلبه أو هل شققت قلبه على بعض النسخ يريد بذلك الإنكار عليه حيث لم يكتف بالشهادتين منه.
و الجواب عن الأول أن الخروج عن الكفر بكلمة الشهادة إن أرادوا به الخروج في نفس الأمر بحيث يصير مؤمنا عند الله سبحانه بمجرد ذلك من دون تصديق فهو ممنوع لم لا يجوز أن يكون اكتفاؤهم بذلك للترغيب في الإسلام لا للحكم بالإيمان و إن أرادوا به الخروج بحسب الظاهر فهو مسلم لكن لا ينفعهم إذ الكلام فيما يتحقق به الإيمان عند الله تعالى بحيث يصير المتصف به مؤمنا في نفس الأمر لا فيما يتحقق به الإسلام في ظاهر الشرع حيث لا يمكن الاطلاع على الباطن أ لا ترى أنهم كانوا يحكمون بكفر من ظهر منه النفاق بعد الحكم بإسلامه و لو كان مؤمنا في نفس الأمر لما جاز ذلك و أما نفي الواسطة «1» فهو مستقيم على أخذ الحكم في نفس الأمر فإن حال المكلف في نفس الأمر لا يخلو عن أحدهما و أما جعل لا إله إلا الله غاية للقتال فلا يدل على أكثر من كونه للترغيب في الإسلام أيضا بسبب حقن الدماء على أن النبي ص ربما لا يطلع على بواطن الناس فكيف يؤمر بالقتال على ما لا يطلع عليه.
و أما أهل الثالث و هم قدماء المعتزلة القائلون بأنه جميع الطاعات فرضا و نفلا فمن أمتن دلائلهم على ذلك قوله تعالى وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَ يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَ يُؤْتُوا الزَّكاةَ وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ «2» و المشار إليه بذلك هو جميع ما حصر بإلا و ما عطف عليه و الدين هو الإسلام لقوله تعالى إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ «3» و الإسلام هو الإيمان لقوله تعالى وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ «4» و لا ريب أن الإيمان مقبول من مبتغيه للنص و الإجماع فيكون إسلاما فيكون دينا فيعتبر فيه الطاعات كما دلت عليه الآيات‏
__________________________________________________
 (1) يعني في قوله تعالى: فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ.
 (2) البينة: 5.
 (3) آل عمران: 1.
 (4) آل عمران: 85.
                       

140
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل نفعه جلیل ص 126

و الجواب المنع من اتحاد الدينين في الآيتين فلا يتكرر الوسط و لو سلم اتحادهما فلا نسلم أن الإيمان هو الإسلام ليكون هو الدين فيعتبر فيه الطاعات لم لا يجوز أن يكون الإيمان شرطا للإسلام أو جزءا منه أو بالعكس و شرط الشي‏ء و جزؤه يقبل مع كونه غيره و لا يلزم من ذلك أن يكون الإيمان هو الدين بل شرطه أو جزؤه على أنا لو قطعنا النظر عن جميع ذلك فالآية الكريمة إنما تدل على أن من ابتغى و طلب غير دين الإسلام دينا له فلن يقبل منه ذلك المطلوب و لم تدل على أن من صدق بما أوجبه الشارع عليه لكنه ترك فعل بعض الطاعات غير مستحل أنه طالب لغير دين الإسلام إذ ترك الفعل يجتمع مع طلبه لعدم المنافاة بينهما فإن الشخص قد يكون طالبا للطاعة مريدا لها لكنه تركها إهمالا و تقصيرا و لا يخرج بذلك عن ابتغائهما.
و استدلوا أيضا بقوله تعالى وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ «1» أي صلاتكم إلى بيت المقدس و اعترض عليه بأنه لم لا يجوز أن يكون المراد به تصديقكم بتلك الصلاة سلمنا ذلك لكن لا دلالة لهم في الآية و ذلك لأنهم زعموا أن الإيمان جميع الطاعات و الصلاة إنما هي جزء من الطاعات و جزء الشي‏ء لا يكون ذلك الشي‏ء.
و أما أهل الرابع و هم القائلون بكونه عبارة عن جميع الواجبات و ترك المحظورات دون النوافل فقد يستدل لهم بقوله تعالى إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ «2» و التقوى لا يتحقق إلا بفعل المأمور به و ترك المنهي عنه فلا يكون التصديق مقبولا ما لم يحصل التقوى و بما روي أن الزاني لا يزني و هو مؤمن و بقوله ع لا إيمان لمن لا أمانة له و بقوله تعالى وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ «3» و قد لا يحكم بما أنزل الله أو يحكم بما لم‏
__________________________________________________
 (1) البقرة: 143.
 (2) المائدة: 27.
 (3) المائدة: 47.

141
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل نفعه جلیل ص 126

ينزل الله مصدقا فلو تحقق الإيمان بالتصديق لزم اجتماع الكفر و الإيمان في محل واحد و هو محال لتقابلهما بالعدم و الملكة.
و الجواب عن الأول أنه يجوز أن يكون المراد و الله أعلم الأعمال الندبية على أنا نقول إن ظاهر الآية الكريمة متروك فإنها تدل ظاهرا على أن من أخلص في جميع أفعاله و كان قد سبق منه معصية واحدة لم يثب عليها و يكون جميع أعمال الطاعات اللاحقة غير مقبولة و القول بذلك مع بعده عن حكمة الله تعالى من أفظع الفظائع فلا يكون مرادا بل المراد و الله أعلم أن من عمل عملا إنما يكون مقبولا إذا كان متقيا فيه بأن يكون مخلصا فيه لله تعالى و حينئذ فلا دلالة لهم في الآية الكريمة مع أنا لو تنزلنا عن ذلك و قلنا بدلالتها على عدم قبول التصديق من دون التقوى فلا يحصل بذلك مدعاهم الذي هو كون الإيمان عبارة عن جميع الواجبات إلخ و لقائل أن يقول لم لا يجوز أن يكون الإيمان عبارة عما ذكرتم مع التصديق بالمعارف الأصولية و عدم قبول الجزء إنما هو لعدم قبول الكل.
و أما الحديث الأول على تقدير تسليمه فيمكن حمله على المبالغة في الزجر أو تخصيصه بمن استحل و دليل التخصيص في أحاديث أخر أو على نفي الكمال في الإيمان و كذا الحديث الثاني و أما الاستدلال بالآية فقد تعارض بقوله تعالى وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ «1» و الفاسق مؤمن على المذهب الحق و بين المنزلتين على غيره و يمكن أن يقال الفسق لا ينافي الكفر إذ الكافر فاسق لغة و إن كان في العرف يباينه لكنه لم يتحقق كونه عرف الشارع بل المعلوم كونه لأهل الشرع و الأصول فلا تعارض حينئذ.
أقول و الحق في الجواب أن المراد و الله أعلم و من لم يحكم بما أنزل أي بما علم قطعا أن الله سبحانه أنزله فإن العدول عنه إلى غيره مستحلا أو الوقوف عنه كذلك لا ريب في كونه كفرا لأنه إنكار لما علم ثبوته ضرورة فلا يكون‏
__________________________________________________
 (1) المائدة: 48.

142
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل نفعه جلیل ص 126

التصديق حاصلا و حينئذ فلا دلالة فيها على أن من ارتكب معصية غير مستحل أو مستحلا مع كون تحريمها لم يعلم من الدين ضرورة يكون كافرا و إنما ارتكبنا هذا الإضمار في الآية لما دل عليه النص و الإجماع من أن الحاكم لو أخطأ في حكمه لم يكفر مع أنه يصدق عليه أنه لم يحكم بما أنزل الله.
و اعلم أنه قد ظهر من هذا الجواب وجه آخر للجمع بين الآيتين و رفع التعارض بين ظاهرهما بأن يراد من إحداهما ما ذكرناه في الجواب و من الأخرى و من لم يحكم غير مستحل مع علمه بالتحريم فهو فاسق و الحاصل أنه يقال لهم إن أردتم بالطاعات و التروك ما علم ثبوته من الدين ضرورة فنحن نقول بموجب ذلك لكن لا يلزم منه مدعاكم لجواز كون الحكم بكفره إما لجحده ما علم من الدين ضرورة فيكون قد أخل بما هو شرط الإيمان و هو عدم الجحد على ما قدمناه أو لكون المذكورات جزء الإيمان على ما ذهب إليه بعضهم و إن أردتم الأعم فلا دلالة لكم فيها أيضا و هو ظاهر.
و أما أهل الخامس القائلون بأنه تصديق بالجنان و إقرار باللسان و عمل بالأركان فيستدل لهم بما استدل به أهل التصديق مع ما استدل به أهل الأعمال و من أضاف الإقرار باللسان إلى الجنان و قد علمت تزييف ما سوى الأول و سيجي‏ء إن شاء الله تعالى تزييف أدلة من أضاف الإقرار فلم يبق لمذهبهم قرار.
نعم في أحاديث أهل البيت ع ما يشهد لهم و قد ذكر في الكافي و غيره منها جملة فمنها ما رواه عن عبد الرحيم القصير قال كتبت مع عبد الملك بن أعين إلى أبي عبد الله ع أسأله عن الإيمان ما هو إلى آخر الخبر «1» و منها ما رواه عن عجلان أبي صالح قال قلت لأبي عبد الله ع أوقفني على حدود الإيمان الخبر «2» و منها عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال سألته عن الإيمان الخبر «3».
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 27. و قد مر في ج 68 ص 256 تحت الرقم 15 من الباب 24.
 (2) الكافي ج 2 ص 18 و قد مر في باب دعائم الإسلام، راجع ج 68 ص 330.
 (3) راجع الرقم 4 من هذا الباب ص 22.

143
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل نفعه جلیل ص 126

ثم قال قدس سره و اعلم أن هذه الأحاديث منها ما سنده غير نقي كالأول فإن في سنده عبد الرحيم و هو مجهول مع كونه مكاتبة و أما الثاني فإن سنده و إن كان جيدا إلا أن دلالته غير صريحة فإن كون المذكورات حدود الإيمان لا يقتضي كونها نفس حقيقته إذ حد الشي‏ء نهايته و ما لا يجوز تجاوزه فإن تجاوزه خرج عنه و نحن نقول بموجب ذلك فإن من تجاوز هذه المذكورات بأن تركها جاحدا لا ريب في خروجه عن الإيمان لكن لعل ذلك لكونها شروطا للإيمان لا لكونها نفسه و أما الثالث فإن دلالته و إن كانت جيدة إلا أن في سنده إرسالا مع كون العلاء مشتركا بين المقبول و المجهول و بالجملة فهذه الرواية معارضة بما هو أمتن منها دلالة و قد تقدم ذلك فليراجع نعم لا ريب في كونها مؤيدة لما قالوه.
و أما أهل السادس القائلون بأنه التصديق مع كلمتي الشهادة ففيما مر من الأحاديث ما يصلح شاهدا لهم و كذا ما ذكره الكرامية مع ما ذكره أهل التصديق يصلح شاهدا لهم و قد عرفت ما في الأولين فلا نعيده.
و أما السابع فإنه مذهب جماعة من المتأخرين منهم المحقق الطوسي ره في تجريده فإنه اعتبر في حقيقة الإيمان مع التصديق الإقرار باللسان قال و لا يكفي الأول لقوله تعالى وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ «1» أثبت للكفار الاستيقان النفسي و هو التصديق القلبي فلو كان الإيمان هو التصديق القلبي فقط لزم اجتماع الكفر و الإيمان و هو باطل لتقابلهما تقابل العدم و الملكة و لا الثاني يعني الإقرار باللسان لقوله تعالى قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا الآية و لقوله تعالى وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ «2» فأثبت لهم تعالى في الآيتين التصديق باللسان و نفى عنهم الإيمان.
أقول الاستدلال على عدم الاكتفاء بالثاني مسلم موجه و كذا على عدم الاكتفاء بالأول أما على اعتبار الإقرار ففيه بحث فإن الدليل أخص من المدعى‏
__________________________________________________
 (1) النمل: 14.
 (2) الحجرات: 13، البقرة: 8.

144
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل نفعه جلیل ص 126

إذ المدعى أن الإيمان لا يتحقق إلا بالتصديق مع الإقرار و بدون ذلك يتحقق الكفر و الآية الكريمة إنما دلت على ثبوت الكفر لمن جحد أي أنكر الآيات مع علمه بحقيتها و بينهما واسطة فإن من حصل له التصديق اليقيني في أول الأمر و لم يكن تلفظ بكلمات الإيمان لا يقال إنه منكر و لا جاحد و حينئذ فلا يلزم اجتماع الكفر و الإيمان في مثل هذه الصورة مع أنه غير مقر و لا تارك للإقرار جحدا كما هو المفروض هذا إن قصد بالآية الدلالة على اعتبار الإقرار أيضا و إلا لكان اعتبار الإقرار دعوى مجردة و قد علمت ما عليه.
و أما دلالة الآية الكريمة على كفره في صورة جحده و استيقانه فنقول بموجبه لكن ليس لعدم إقراره فقط بل لأنه ضم إنكارا إلى استيقان و بالجملة فهو من جملة العلامات على الحكم بالكفر كما جعل الاستخفاف بالشارع أو الشرع و وطء المصحف علامة على الحكم بالكفر مع أنه قد يكون مصدقا كما سبقت الإشارة إليه نعم غاية ما يلزم أن يكون إقرار المصدق شرطا لحكمنا بإيمانه ظاهرا و أما قبل ذلك و بعد التصديق فهو مؤمن عند الله تعالى إذا لم يكن تركه للإقرار عن جحد على أنه يلزمه قدس سره أن من حصل له التصديق بالمعارف الإلهية ثم عرض له الموت فجأة قبل الإقرار يموت كافرا و يستحق العذاب الدائم مع اعتقاده وحدة الصانع و حقية ما جاء به النبي ص و لا أظن أن مثل هذا المحقق يلتزم ذلك.
و الحاصل أنه إن أراد رحمه الله أن كون الإنسان مؤمنا عند الله سبحانه كما هو ظاهر كلامه لا يتحقق إلا بمجموع الأمرين فالواسطة و الالتزام لازمان عليه و إن أراد أن كونه مؤمنا في ظاهر الشرع لا يتحقق إلا بالأمرين معا فالنزاع لفظي فإن من اكتفى فيه بالتصديق يريد به كونه مؤمنا عند الله تعالى فقط و أما عند الناس فلا بد في العلم بذلك من الإقرار و نحوه.
و اعلم أنه استدل بعضهم على هذا المذهب أيضا بأنا نعلم بالضرورة أن الإيمان في اللغة هو التصديق و الدلائل عليه كثيرة فإما أن يكون في الشرع‏

145
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل نفعه جلیل ص 126

كذلك أو يكون منقولا عن معناه في اللغة و الثاني باطل لأن أكثر الألفاظ تكرارا في القرآن و كلام الرسول ص لفظ الإيمان فلو كان منقولا عن معناه اللغوي لوجب أن يكون حاله كحال سائر العبادات الظاهرة في وجوب العلم به فلما لم يكن كذلك علمنا أنه باق على وضع اللغة.
إذا ثبت هذه فنقول ذلك التصديق إما أن يكون هو التصديق القلبي أو اللساني أو مجموعهما و الأول باطل لقوله تعالى فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ «1» فأثبت لهم المعرفة مع أنه حكم بكفرهم و لو كان مجرد المعرفة إيمانا لما صح ذلك و أيضا قوله تعالى فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَ عُلُوًّا «2» و لا يصح أن يكون جحدهم لها بقلوبهم حيث أثبت لهم الاستيقان بها فلا بد أن يكون بألسنتهم حيث لم يقروا بها و إذا كان الجحد باللسان موجبا للكفر كان الإقرار به مع التصديق القلبي موجبا للإيمان فيكون الإقرار من محققات الإيمان و أيضا قوله تعالى حكاية عن موسى على نبينا و آله و عليه السلام إذ يقول لفرعون لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ «3» فأثبت كونه عالما بأن الله تعالى هو الذي أنزل الآيات التي جاء بها موسى ع فلو كان مجرد العلم هو الإيمان لكان فرعون مؤمنا و هو باطل بنص القرآن العزيز و إجماع الأنبياء ع من لدن موسى ع إلى محمد ص و أيضا قوله تعالى فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ «4» و معنى ذلك و الله أعلم أنهم يجحدون ذلك بألسنتهم و لا يكذبونك بقلوبهم أي يعلمون نبوتك و لا يستقيم أن يكون المعنى لا يكذبونك بألسنتهم لمنافاة يجحدون‏
__________________________________________________
 (1) البقرة: 89.
 (2) النمل: 14، و في نسخة الكمبانيّ بين صدر الآية و ذيلها تقديم و تأخير، و الظاهر أن النسّاخ نقلوا السقط من الهامش الى المتن في غير موضعه.
 (3) اسرى: 102.
 (4) الأنعام: 33.

146
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل نفعه جلیل ص 126

بألسنتهم له فيلزم أن يكونوا كذبوا بألسنتهم و لم يكذبوا بها و بطلانه ظاهر فيجب تنزيه القرآن العزيز عنه.
و لك أن تقول لم لا يجوز أن يكون المعنى لا يكذبونك بألسنتهم و لكن يجحدون نبوتك بقلوبهم كما أخبر الله تعالى عن المنافقين في سورتهم حيث قالوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ «1» و كذبهم الله تعالى حيث شهد سبحانه و تعالى بكذبهم فقال وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ و المراد في شهادتهم أي فيما تضمنته من أنها عن صميم القلب و خلوص الاعتقاد كما ذكره جماعة من المفسرين حيث لم توافق عقيدتهم فقد علم من ذلك أنهم لم يكذبوه بألسنتهم بل شهدوا له بها و لكنهم جحدوا ذلك بقلوبهم حيث كذبهم الله تعالى في شهادتهم و الجواب التكذيب لهم ورد على نفس شهادتهم التي هي باللسان لا على نفس عقيدتهم و بالجملة فهذا لا يصلح نظيرا لما نحن فيه على أن معنى الجحد كما قرروه هو الإنكار باللسان مع تصديق القلب و ما ذكر من الاحتمال عكس هذا المعنى.
ثم قال و الثاني باطل أما أولا فبالاتفاق من الإمامية و أما ثانيا فلقوله تعالى قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا «2» و لا شك أنهم كانوا صدقوا بألسنتهم و حيث لم يكن كافيا نفى الله تعالى عنهم الإيمان مع تحصله و قوله تعالى وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ «3» فأثبت لهم الإقرار و التصديق باللسان و نفي إيمانهم فثبت بذلك أن الإيمان هو التصديق مع الإقرار.
ثم قال لا يقال لو كان الإقرار باللسان جزء الإيمان للزم كفر الساكت لأنا نقول لو كان الإيمان هو العلم أي التصديق لكان النائم غير مؤمن لكن لما كان النوم لا يخرجه عن كونه مؤمنا بالإجماع مع كونه أولى بأن يخرج النائم عن‏
__________________________________________________
 (1) المنافقون: 1 و هكذا ما بعده.
 (2) الحجرات: 13.
 (3) البقرة: 8.

147
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل نفعه جلیل ص 126

الإيمان لأنه لا يبقى معه معنى من الإيمان بخلاف الساكت فإنه قد بقي معه معنى منه و هو العلم لم يكن السكوت مخرجا بطريق أولى نعم لو كان الخروج عن التصديق و الإقرار أو عن أحدهما على جهة الإنكار و الجحد لخرج بذلك عن الإيمان و لذلك قلنا إن الإيمان هو التصديق بالقلب و الإقرار باللسان أو ما في حكمهما انتهى محصل ما ذكره.
أقول قوله إن النائم ينتفي عنه العلم أي التصديق غير مسلم و إنما المنفي شعوره بذلك العلم و هو غير العلم فالتصديق حينئذ باق لكونه من الكيفيات النفسية فلا يزيله النوم و حينئذ فلا يلزم من عدم الحكم بانتفاء الإيمان عن النائم عدم الحكم بانتفائه عن الساكت بطريق أولى نعم الحكم بعدم انتفائه عن الساكت على مذهب من جعل الإقرار جزءا إما للزوم الحرج العظيم بدوام الإقرار في كل وقت أو أن يكون المراد من كون الإقرار جزءا للإيمان الإقرار في الجملة أو في وقت ما مع البقاء عليه فلا ينافيه السكوت المجرد و إنما ينافيه مع الجحد لعدم بقاء الإقرار حينئذ.
و أقول الذي ذكره من الدليل على عدم النقل لا يدل وحده على كون الإقرار جزءا و هو ظاهر بل قصد به الدلالة على بطلان ما عدا مذهب أهل التصديق.
ثم استدل على بطلان مذهب التصديق بما ذكره من الآيات الدالة على اعتبار الإقرار في الإيمان فيكون الإيمان الشرعي تخصيصا للغوي كما هو عند أهل التصديق و هذا جيد لكن دلالة الآيات على اعتبار الإقرار ممنوعة و قد بينا ذلك سابقا أن تكفيرهم إنما كان لجحدهم الإقرار و هو أخص من عدم الإقرار فتكفيرهم بالجحد لا يستلزم تكفيرهم بمطلق عدم الإقرار ليكون الإقرار معتبرا نعم اللازم من الآيات اعتبار عدم الجحد مع التصديق و هو أعم من الإقرار و اعتبار الأعم لا يستلزم اعتبار الأخص و هو ظاهر.
و هذا جواب عن استدلاله بجميع الآيات و نزيد في الجواب عن الاستدلال بقوله تعالى في الحكاية عن موسى عليه و على نبينا و آله الصلاة و السلام‏

148
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل نفعه جلیل ص 126

لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ «1» الآية أنه يجوز أن يكون نسب إلى فرعون العلم على طريق الملاطفة و الملاءمة حيث كان مأمورا ع بذلك بقوله فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى«2» و هذا شائع في الاستعمال كما يقال في المحاورات كثيرا و أنت خبير بأنه كذا و كذا مع أن المخاطب بذلك قد لا يكون عارفا بذلك المعنى أصلا بل قد لا يكون هناك مخاطب أصلا كما يقع في المؤلفات كثيرا و على هذا فلا تدل الآية على ثبوت العلم لفرعون و لو سلم ثبوته كان الحكم بكفره للجحد لا لعدم الإقرار مطلقا كما سبق بيانه.
و اعلم أن المحقق الطوسي قدس سره اختار في فصوله الاكتفاء بالتصديق القلبي في تحقق الإيمان فكأنه رحمه الله لحظ ما ذكرناه و قد استدل له بعض الشارحين بقوله تعالى أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ «3» و بقوله تعالى وَ لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ «4» فيكون حقيقة فيه فلو أطلق على غيره لزم الاشتراك أو المجاز و هما خلاف الأصل و الإقرار باللسان كاشف عنه و الأعمال الصالحة ثمراته.
أقول الذي ظهر مما قررناه أن الإيمان هو التصديق بالله وحده و صفاته و عدله و حكمته و بالنبوة و بكل ما علم بالضرورة مجي‏ء النبي ص به مع الإقرار بذلك و على هذا أكثر المسلمين بل ادعى بعضهم إجماعهم على ذلك و التصديق بإمامة الأئمة الاثني عشر ع و بإمام الزمان و هذا عند الإمامية.
__________________________________________________
 (1) أسرى: 102.
 (2) طه: 44.
 (3) المجادلة: 22.
 (4) الحجرات: 13.

149
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 31 فی عدم لبس الإیمان بالظلم ص 150

باب 31 في عدم لبس الإيمان بالظلم‏
الآية الأنعام الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ «1» تفسير الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ قال الطبرسي رحمه الله معناه الذين عرفوا الله تعالى و صدقوا به و بما أوجبه عليهم و لم يخلطوا ذلك بظلم و الشرك هو الظلم عن ابن عباس و ابن المسيب و أكثر المفسرين و روي عن أبي بن كعب أنه قال أ لم تسمع قوله سبحانه إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ «2» و هو المروي عن سلمان و حذيفة
وَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ شَقَّ عَلَى النَّاسِ وَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ فَقَالَ ع إِنَّهُ لَيْسَ الَّذِي تَعْنُونَ أَ لَمْ تَسْمَعُوا إِلَى مَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ.
و قال الجبائي يدخل في الظلم كل كبيرة تحبط ثواب الطاعة قال البلخي و لو اختص الشرك على ما قالوه لوجب أن يكون مرتكب الكبيرة إذا كان مؤمنا كان آمنا و ذلك خلاف القول بالإرجاء و هذا لا يلزم لأنه قول بدليل الخطاب و مرتكب الكبيرة غير آمن و إن كان ذلك معلوما بدليل آخر أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ من الله بحصول الثواب و الأمان من العقاب وَ هُمْ مُهْتَدُونَ أي محكوم لهم بالاهتداء إلى الحق و الدين و قيل إلى الجنة ثم إنه قيل إن هذه الآية من تمام قول إبراهيم ع و روي ذلك عن علي ع و قيل إنها من الله على جهة فصل القضاء بين إبراهيم و قومه انتهى «3».
__________________________________________________
 (1) الأنعام: 82.
 (2) لقمان: 13.
 (3) مجمع البيان ج 4: 327.

150
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 31 فی عدم لبس الإیمان بالظلم ص 150

و في الكافي عن الصادق ع أن الظلم هنا الشك «1» و عنه ع قال آمنوا بما جاء به محمد ص من الولاية و لم يخلطوها بولاية فلان و فلان «2» و يمكن أن يقال الأمن المطلق و الاهتداء الكامل لمن لم يلبس إيمانه بشي‏ء من الظلم و المعاصي و الأمن من الخلود من النار و الاهتداء في الجملة لمن صحت عقائده ثم بينهما مراتب كثيرة يختلف بحسبها الأمن و الاهتداء.
1- ج، الإحتجاج بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع عَنِ النَّبِيِّ ص فِي خُطْبَةِ الْغَدِيرِ قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ عَلِيّاً ع وَ أَوْصِيَاءَهُ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَهُمُ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ «3».
2- ج، الإحتجاج عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي جَوَابِ الزِّنْدِيقِ الْمُدَّعِي لِلتَّنَاقُضِ فِي الْقُرْآنِ «4» قَالَ ع وَ أَمَّا قَوْلُهُ فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا

__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 399.
 (2) الكافي ج 1 ص 413.
 (3) الاحتجاج: ص 39، و الآية في الانعام: 82.
 (4) يعني: [حيث قال: و أجده يقول: «فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ» و يقول: «وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى‏» أعلم في الآية الأولى أن الاعمال الصالحة لا تكفر، و أعلم في الثانية أن الايمان و الاعمال الصالحات لا تنفع الا بعد الاهتداء] راجع الاحتجاج: ص 128 و الظاهر أن هذه العبارة التي جعلناه بين المعقوفتين كان في أصل المصنّف قدّس سرّه ملحقا بالمتن لكنه كان مكتوبا في الهامش، فنقلها الكتاب في غير موضعه مع اسقاط، كما ترى شطرا من هذه العبارة في نسخة الكمبانيّ بعد حديث العيّاشيّ ج 15 ص 257.
و قد مر الحديث في ج 68 ص 264 و 265، باب الفرق بين الإيمان و الإسلام تحت الرقم 23 و لفظه هكذا:
في خبر الزنديق الذي سأل أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه عما زعم من التناقض في القرآن حيث قال: أجد اللّه يقول: فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ و يقول: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ، فقال عليه السلام و أمّا قوله فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ الحديث.

151
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 31 فی عدم لبس الإیمان بالظلم ص 150

كُفْرانَ لِسَعْيِهِ «1» وَ قَوْلُهُ وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى«2» فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يُغْنِي إِلَّا مَعَ الِاهْتِدَاءِ وَ لَيْسَ كُلُّ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الْإِيمَانِ كَانَ حَقِيقاً بِالنَّجَاةِ مِمَّا هَلَكَ بِهِ الْغُوَاةُ وَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَنَجَتِ الْيَهُودُ مَعَ اعْتِرَافِهَا بِالتَّوْحِيدِ وَ إِقْرَارِهَا بِاللَّهِ وَ نَجَا سَائِرُ الْمُقِرِّينَ بِالْوَحْدَانِيَّةِ مِنْ إِبْلِيسَ فَمَنْ دُونَهُ فِي الْكُفْرِ وَ قَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ وَ بِقَوْلِهِ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ «3».
3- شي، تفسير العياشي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي‏قَوْلِ اللَّهِ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ مِنْهُ مَا أَحْدَثَ زُرَارَةُ وَ أَصْحَابُهُ «4».
بيان: منه ما أحدث أي من الظلم المذكور في الآية القول الباطل الذي أحدثه و ابتدعه زرارة و كأنه قال بمذهب باطل ثم رجع عنه.
4- شي، تفسير العياشي عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قُلْتُ لَهُ إِنَّهُ قَدْ أَلَحَّ عَلَيَّ الشَّيْطَانُ عِنْدَ كِبَرِ سِنِّي يَقْنَطُنِي قَالَ قُلْ كَذَبْتَ يَا كَافِرُ يَا مُشْرِكُ إِنِّي أُومِنُ بِرَبِّي وَ أُصَلِّي لَهُ وَ أَصُومُ وَ أُثْنِي عَلَيْهِ وَ لَا أَلْبِسُ إِيمَانِي بِظُلْمٍ «5».
5- شي، تفسير العياشي عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ص فِي مَسِيرٍ لَهُ إِذْ رَأَى سَوَاداً مِنْ بَعِيدٍ فَقَالَ هَذَا سَوَادٌ لَا عَهْدَ لَهُ بِأَنِيسٍ فَلَمَّا دَنَا سَلَّمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص أَيْنَ أَرَادَ الرَّجُلُ قَالَ أَرَادَ يَثْرِبَ قَالَ وَ مَا أَرَدْتَ بِهَا قَالَ أَرَدْتُ مُحَمَّداً قَالَ فَأَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ وَ الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا رَأَيْتُ إِنْسَاناً مُذْ سَبْعَةِ أَيَّامٍ وَ لَا
__________________________________________________
 (1) الأنبياء: 94.
 (2) طه: 82.
 (3) الاحتجاج: ص 130 و الآية الأخيرة في المائدة: 41.
 (4) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 365.
 (5) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 365، و في طبعة الكمبانيّ بعد تمام الخبر هكذا من دون فصل: [وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى‏ أعلم في الآية الأولى ...] الى آخر ما نقلناه عن الاحتجاج في الحاشية السابقة و الظاهر أنّه سهو و تخليط.

152
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 31 فی عدم لبس الإیمان بالظلم ص 150

طَعِمْتُ طَعَاماً إِلَّا مَا تَنَاوَلَ مِنْهُ دَابَّتِي قَالَ فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمَ قَالَ فَعَضَّتْهُ رَاحِلَتُهُ «1» فَمَاتَ وَ أَمَرَ بِهِ فَغُسِّلَ وَ كُفِّنَ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ عَلَيْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ قَالَ فَلَمَّا وُضِعَ فِي اللَّحَدِ قَالَ هَذَا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ «2».
6- شي، تفسير العياشي عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ الزِّنَا مِنْهُ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ أُولَئِكَ لَا وَ لَكِنَّهُ ذَنْبٌ إِذَا تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ قَالَ مُدْمِنُ الزِّنَا وَ السَّرِقَةِ وَ شَارِبُ الْخَمْرِ كَعَابِدِ الْوَثَنِ «3».
7- شي، تفسير العياشي عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ قَالَ الضَّلَالُ فَمَا فَوْقَهُ «4».
8- شي، تفسير العياشي عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْهُ ع بِظُلْمٍ قَالَ بِشَكٍّ «5».
9- شي، تفسير العياشي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ الْهَاشِمِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي‏قَوْلِهِ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ قَالَ آمَنُوا بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ص مِنَ الْوَلَايَةِ وَ لَمْ يَخْلِطُوهَا بِوَلَايَةِ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ فَهُوَ اللَّبْسُ بِظُلْمٍ وَ قَالَ أَمَّا الْإِيمَانُ فَلَيْسَ يَنْتَقِضُ كُلُّهُ وَ لَكِنْ يَنْتَقِضُ قَلِيلًا قَلِيلًا قُلْتُ بَيْنَ الضَّلَالِ وَ الْكُفْرِ مَنْزِلَةٌ قَالَ مَا أَكْثَرَ عُرَى الْإِيمَانِ «6».
بيان: أما الإيمان لعله ع ذكر أولا بعض أفراد الظلم ثم بين أن كل ظلم ينقض الإيمان و ينقصه لكن لا يذهبه بالكلية كل ظلم فإن بين الكفر و الإيمان الكامل منازل كثيرة.
10- شي، تفسير العياشي عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ‏قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ قَالَ نَعُوذُ بِاللَّهِ يَا بَا بَصِيرٍ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ لَبَسَ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ‏
__________________________________________________
 (1) العض معروف، و منه عضاض الدابّة يقال: برئت إليك من العضاض و العضيض، اذا باع دابة و برى‏ء الى مشتريها من عضها الناس.
 (2) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 366.
 (3) المصدر ج 1 ص 366.
 (4) المصدر ج 1 ص 366.
 (5) المصدر ج 1 ص 366.
 (6) المصدر ج 1 ص 366.

153
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 31 فی عدم لبس الإیمان بالظلم ص 150

ثُمَّ قَالَ أُولَئِكَ الْخَوَارِجُ وَ أَصْحَابُهُمْ «1».
11- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّضْرِ عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ‏قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ قَالَ بِشَكٍّ «2».
باب 32 درجات الإيمان و حقائقه‏
الآيات آل عمران هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ «3» الأنعام نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ و قال تعالى وَ لِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ «4» يوسف نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ «5» إسراء انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ وَ لَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَ أَكْبَرُ تَفْضِيلًا «6» الأحقاف وَ لِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَ لِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ «7» الواقعة وَ كُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ قَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ إلى قوله لِأَصْحابِ الْيَمِينِ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ «8»
__________________________________________________
 (1) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 367.
 (2) الكافي ج 2 ص 399، و قد مر الإشارة إليه.
 (3) آل عمران: 162.
 (4) الأنعام: 83 و 132.
 (5) يوسف: 76.
 (6) أسرى: 21.
 (7) الأحقاف: 19.
 (8) الواقعة: 7- 39.

154
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 32 درجات الإیمان و حقائقه ص 154

و قال تعالى فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ «1» الحديد لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ الآية «2» المجادلة يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ «3» الحشر لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ إلى قوله إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ «4» تفسير هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ شبهوا بالدرجات لما بينهم من التفاوت في الثواب و العقاب أو هم ذو درجات وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ عالم بأعمالهم و درجاتها فيجازيهم على حسبها نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ أي في العلم و العمل وَ لِكُلٍّ أي من المكلفين دَرَجاتٌ أي مراتب مما عملوا وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ فيخفى عليه عمل أو قدر ما يستحق به من ثواب أو عقاب و قرئ بالخطاب.
نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ بالعلم و الحكمة كما رفعنا درجة يوسف وَ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ أرفع درجة منه في علمه و استدل به على أنه علمه سبحانه عين ذاته كَيْفَ فَضَّلْنا أي في الدنيا وَ لَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ أي التفاوت في الآخرة أكثر و في المجمع روي أن ما بين أعلى درجات الجنة و أسفلها مثل ما بين السماء و الأرض «5»
وَ رَوَى الْعَيَّاشِيُّ عَنِ الصَّادِقِ ع لَا تَقُولُنَّ الْجَنَّةُ وَاحِدَةٌ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ وَ مِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ «6» وَ لَا تَقُولُنَّ درجة [الدَّرَجَةُ] وَاحِدَةٌ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ دَرَجَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِنَّمَا تَفَاضَلَ الْقَوْمُ بِالْأَعْمَالِ «7».
وَ عَنِ النَّبِيِّ ص إِنَّمَا يَرْتَفِعُ‏
__________________________________________________
 (1) الواقعة: 88- 94.
 (2) الحديد: 10.
 (3) المجادلة: 11.
 (4) الحشر: 8- 10.
 (5) مجمع البيان ج 6 ص 407 و الآية في أسرى: 21.
 (6) الرحمن: 63.
 (7) ترى ذيله في تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 388، و أخرجه الطبرسيّ في مجمع البيان ج 9 ص 210، مع زيادة، و قوله «درجات بعضها فوق بعض» اقتباس من القرآن و ليس بنص.

155
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 32 درجات الإیمان و حقائقه ص 154

الْعِبَادُ غَداً فِي الدَّرَجَاتِ وَ يَنَالُونَ الزُّلْفَى مِنْ رَبِّهِمْ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ.
وَ فِي الْكَافِي عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّ الثَّوَابَ عَلَى قَدْرِ الْعَقْلِ.
وَ لِكُلٍّ أي من الجن و الإنس دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا أي مراتب مما عملوا من الخير و الشر أو من أجل ما عملوا قيل و الدرجات غالبة في المثوبة و هنا جاءت على التغليب وَ لِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ أي جزاءها وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ بنقص ثواب و زيادة عقاب.
وَ كُنْتُمْ أَزْواجاً أي أصنافا فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ قيل أي اليمين و هم الذين يعطون كتبهم بأيمانهم أو يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة أو أصحاب اليمن و البركة على أنفسهم ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ أي أي شي‏ء هم على التعجيب من حالهم وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ و هم الذين يعطون كتبهم بشمالهم أو يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار أو المشائيم على أنفسهم بما عملوا من المعصية ثم عجب سبحانه من حالهم تفخيما لشأنهم في العذاب فقال ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ثم بين الصنف الثالث فقال وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أي السابقون إلى اتباع الأنبياء الذين صاروا أئمة الهدى فهم السابقون إلى جزيل الثواب عند الله أو السابقون إلى طاعة الله هم السابقون إلى رحمته أو الثاني تأكيد للأول و الخبر أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ أي السابقون إلى الطاعات يقربون إلى رحمة الله في أعلى المراتب و قيل في السابقين إنهم السابقون إلى الإيمان و قيل إلى الهجرة و قيل إلى الصلوات الخمس و قيل إلى الجهاد و قيل إلى التوبة و أعمال البر و قيل إلى كل ما دعا الله إليه و هذا أولى.
وَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: السَّابِقُونَ أَرْبَعَةٌ ابْنُ آدَمَ الْمَقْتُولُ وَ السَّابِقُ فِي أُمَّةِ مُوسَى وَ هُوَ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ وَ السَّابِقُ فِي أُمَّةِ عِيسَى وَ هُوَ حَبِيبٌ النَّجَّارُ وَ السَّابِقُ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ص وَ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع «1».
ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ أي هم ثلة أي جماعة كثيرة العدد من الأمم الماضية وَ
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 9 ص 215.

156
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 32 درجات الإیمان و حقائقه ص 154

قَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ من أمة محمد ص لأن من سبق إلى إجابة نبينا ص قليل بالإضافة إلى من سبق إلى إجابة النبيين قبله و قيل معناه جماعة من أوائل هذه الأمة و قليل من أواخرهم ممن قرب حالهم من حال أولئك و قيل على الوجه الأول لا يخالف ذلك قوله ع إن أمتي يكثرون سائر الأمم لجواز أن يكون سابقو سائر الأمم أكثر من سابقي هذه الأمة و تابعو هذه أكثر من تابعيهم و لا يرده قوله تعالى في أصحاب اليمين ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ لأن كثرة الفريقين لا ينافي أكثرية أحدهما انتهى «1».
لِأَصْحابِ الْيَمِينِ أي ما ذكر جزاء لأصحاب اليمين ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ أي جماعة من الأمم الماضية و جماعة من مؤمني هذه الأمة و قيل هنا أيضا إن الثلتين من هذه الأمة.
فَأَمَّا إِنْ كانَ أي المتوفى مِنَ الْمُقَرَّبِينَ أي السابقين فَرَوْحٌ أي فله استراحة و قيل هواء تستلذه النفس و يزيل عنها الهم وَ رَيْحانٌ قيل أي رزق طيب و قيل الريحان المشموم من ريحان الجنة يؤتى به عند الموت فيشمه و قيل الروح الرحمة و الريحان كل نباهة و شرف و قيل روح في القبر و ريحان في الجنة وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ أي ذات تنعم فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ قيل أي فترى فيهم ما تحب لهم من السلامة من المكاره و الخوف و قيل أي فسلام لك أيها الإنسان الذي هو من أصحاب اليمين من عذاب الله و سلمت عليك ملائكة الله و قيل معناه فسلام لك منهم في الجنة لأنهم يكونون معك فقوله لَكَ بمعنى عليك.
فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ أي نزلهم الذي أعد لهم من الطعام و الشراب حميم جهنم وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ أي إدخال نار عظيمة.
لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قاتَلُوا «2» بين سبحانه أن الإنفاق قبل فتح مكة إذا انضم إليه الجهاد
__________________________________________________
 (1) أنوار التنزيل: 420.
 (2) الحديد: 10.

157
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 32 درجات الإیمان و حقائقه ص 154

أكثر ثوابا عند الله من النفقة و الجهاد بعد ذلك و ذلك أن القتال قبل الفتح كان أشد و الحاجة إلى النفقة و إلى الجهاد كان أكثر و أمس و قسيم من أنفق محذوف لوضوحه و دلالة ما بعده عليه و الفتح فتح مكة إذ عز الإسلام به و كثر أهله و قلت الحاجة إلى المقاتلة و الإنفاق مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قاتَلُوا أي من بعد الفتح وَ كُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى‏ أي كلا من المنفقين وعد الله المثوبة الحسنى و هي الجنة وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ عالم بظاهره و باطنه فمجازيكم على حسبه.
يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ «1» قال ابن عباس يرفع الله الذين أوتوا العلم من المؤمنين درجات على الذين لم يؤتوا العلم درجات و قيل معناه لكي يرفع الله الذين آمنوا منكم بطاعتهم للرسول ص درجة و الذين أوتوا العلم بفضل علمهم و سابقتهم درجات في الجنة و قيل في مجلس الرسول ص.
لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أَمْوالِهِمْ «2» فإن كفار مكة أخرجوهم و أخذوا أموالهم يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً حال مقيدة لإخراجهم بما يوجب تفخيم شأنهم وَ يَنْصُرُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ بأنفسهم و أموالهم أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ الذين ظهر صدقهم في إيمانهم وَ الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَ الْإِيمانَ عطف على المهاجرين و المراد بهم الأنصار فإنهم لزموا المدينة و تمكنوا فيهما و قيل المعنى تبوؤا دار الهجرة و دار الإيمان فحذف المضاف من الثاني و المضاف إليه من الأول و عوض عنه اللام أو تبوؤا الدار و أخلصوا الإيمان مِنْ قَبْلِهِمْ أي من قبل هجرة المهاجرين و قيل تقدير الكلام و الذين تبوؤا الدار من قبلهم و الإيمان «3» يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ و لا يثقل عليهم وَ لا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ أي في أنفسهم حاجَةً أي ما يحمل عليه الحاجة كالطلب و الحزازة و الحسد و الغيظ مِمَّا أُوتُوا أي مما أعطي المهاجرون و غيرهم وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ أي‏
__________________________________________________
 (1) المجادلة: 11.
 (2) الحشر: 8.
 (3) أنوار التنزيل: 427.

158
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 32 درجات الإیمان و حقائقه ص 154

يقدمون المهاجرين على أنفسهم وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ أي حاجة وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ حتى يخالفها فيما يغلب عليها من حب المال و بغض الإنفاق فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون بالثناء العاجل و الثواب الآجل.
وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ قيل هم الذين هاجروا من بعد حين قوي الإسلام أو التابعون بإحسان و هم المؤمنون بعد الفريقين إلى يوم القيامة و لذلك قيل إن الآية قد استوعبت جميع المؤمنين يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ أي يدعون و يستغفرون لأنفسهم و لمن سبقهم بالإيمان وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا حقدا و غشا و عداوة رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ أي متعطف على العباد منعم عليهم.
و أقول إنما أوردناها لدلالتها من جهة الترتيب الذكرى على فضل المهاجرين من الصحابة على الأنصار و فضلهما على التابعين لهم بإحسان ..
1- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَضَعَ الْإِيمَانَ عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ عَلَى الْبِرِّ وَ الصِّدْقِ وَ الْيَقِينِ وَ الرِّضَا وَ الْوَفَاءِ وَ الْعِلْمِ وَ الْحِلْمِ ثُمَّ قَسَمَ ذَلِكَ بَيْنَ النَّاسِ فَمَنْ جَعَلَ فِيهِ هَذِهِ السَّبْعَةَ الْأَسْهُمِ فَهُوَ كَامِلٌ مُحْتَمِلٌ وَ قَسَمَ لِبَعْضِ النَّاسِ السَّهْمَ وَ لِبَعْضٍ السَّهْمَيْنِ وَ لِبَعْضٍ الثَّلَاثَةَ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى السَّبْعَةِ ثُمَّ قَالَ لَا تَحْمِلُوا عَلَى صَاحِبِ السَّهْمِ سَهْمَيْنِ وَ لَا عَلَى صَاحِبِ السَّهْمَيْنِ ثَلَاثَةً فَتَبْهَظُوهُمْ ثُمَّ قَالَ كَذَلِكَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى السَّبْعَةِ «1».
توضيح البر الإحسان إلى نفسه و إلى غيره و يطلق غالبا على الإحسان بالوالدين و الأقربين و الإخوان من المؤمنين كما ورد من خالص الإيمان البر بالإخوان و الصدق هو القول المطابق للواقع و يطلق أيضا على مطابقة العمل للقول و الاعتقاد و على فعل القلب و الجوارح المطابقين للقوانين الشرعية و الموازين العقلية و منه الصديق و هو من حصل له ملكة الصدق في جميع هذه الأمور و لا
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 42.

159
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 32 درجات الإیمان و حقائقه ص 154

يصدر منه خلاف المطلوب عقلا و نقلا كما صرح به المحقق الطوسي ره في أوصاف الأشراف.
و اليقين الاعتقاد الجازم المطابق للواقع و في عرف الأخبار هو مرتبة من اليقين يصير سببا لظهور آثاره على الجوارح و يطلق غالبا على ما يتعلق بأمور الآخرة و بالقضاء و القدر كما ستعرف و له مراتب أشير إليها في القرآن العزيز و هي علم اليقين و عين اليقين و حق اليقين كما قال تعالى لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ «1» و قال سبحانه وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ «2» و قالوا الأول مرتبة أرباب الاستدلال كمن لم ير النار و استدل بالدخان عليه و الثاني مرتبة أصحاب المشاهدة و العيان كمن رأى النار بعينها بعينه و الثالث مرتبة أرباب اليقين كمن كان في وسط النار و اتصف بصفاتها و إن لم يصر عينها كالحديدة المحماة في النار فإنك تظنها نارا و ليست بنار و هذا هي التي زلت فيها الأقدام و ضلت العقول و الأحلام و ليس محل تحقيقها هذا المقام.
و الرضا هو اطمئنان النفس بقضاء الله تعالى عند البلاء و الرخاء و عدم الاعتراض عليه سبحانه قولا و فعلا في شي‏ء من الأشياء و الوفاء هو العمل بعهود الله تعالى من التكاليف الشرعية و ما عاهد الله تعالى عليه و ألزم على نفسه من الطاعات و الوفاء ببيعة النبي و الأئمة صلوات الله عليهم و الوفاء بعهود الخلق ما لم تكن في معصية و العلم هو معرفة الله و رسوله و حججه و ما أمر به و نهى عنه و علم الشرائع و الأحكام و الحلال و الحرام و الأخلاق و مقدماتها و الحلم هو ملكة حاصلة للنفس مانعة لها عن المبادرة إلى الانتقام و طلب التسلط و الترفع و الغلبة.
فهو كامل أي في الإيمان محتمل لشرائطه و أركانه قابل لها كما ينبغي لا تحملوا على صاحب السهم سهمين أي لما كانت القابليات و الاستعدادات متفاوتة
__________________________________________________
 (1) التكاثر 5- 7.
 (2) الواقعة: 94.

160
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 32 درجات الإیمان و حقائقه ص 154

و لم يكلف الله كل امرئ إلا على قدر قابليته فلا تحملوا في العلوم و الأعمال و الأخلاق على كل امرئ إلا بحسب طاقته و وسعه كما مر إنما يداق الله العباد في الحساب على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا «1» نعم للأعلى أن ينقل الأدنى إلى درجته بالتعليم و التدريج و الرفق حتى يصل إلى درجته إن كان قابلا لذلك كما سيأتي إن شاء الله و على الأدنى أن يسعى و يتضرع إلى الله تعالى لأن يوفقه للصعود إلى الدرجة العليا فتبهضوهم في بعض النسخ بالضاد و في بعضها بالظاء و هما معجمتان متقاربان معنى قال في القاموس بهضني الأمر كمنع و أبهضني أي فدحني و بالظاء أكثر و قال بهضه الأمر كمنع غلبه و ثقل عليه و بلغ به مشقة و الراحلة أوقرها فأتعبها.
2- كا، الكافي عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى جَمِيعاً عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ الضَّحَّاكِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا سَرَّاجٍ وَ كَانَ خَادِماً لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فِي حَاجَةٍ وَ هُوَ بِالْحِيرَةِ أَنَا وَ جَمَاعَةٌ مِنْ مَوَالِيهِ قَالَ فَانْطَلَقْنَا فِيهَا ثُمَّ رَجَعْنَا مُغْتَمِّينَ «2» قَالَ وَ كَانَ فِرَاشِي فِي الْحَائِرِ الَّذِي كُنَّا فِيهِ نُزُولًا فَجِئْتُ وَ أَنَا بِحَالٍ فَرَمَيْتُ بِنَفْسِي فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا أَنَا بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَدْ أَقْبَلَ قَالَ فَقَالَ قَدْ أَتَيْنَاكَ أَوْ قَالَ جِئْنَاكَ فَاسْتَوَيْتُ جَالِساً وَ جَلَسَ عَلَى صَدْرِ فِرَاشِي فَسَأَلَنِي عَمَّا بَعَثَنِي لَهُ فَأَخْبَرْتُهُ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ جَرَى ذِكْرُ قَوْمٍ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّا نَبْرَأُ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ مَا نَقُولُ فَقَالَ يَتَوَلَّوْنَا وَ لَا يَقُولُونَ مَا تَقُولُونَ تَبْرَءُونَ مِنْهُمْ‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 1 ص 11، كتاب العقل و الجهل تحت الرقم 7.
 (2) معتمين خ ل، و قوله «مغتمين» اسم مفعول من باب الافعال، و أصله من الغتم و هو شدة الحرّ الذي يكاد يأخذ بالنفس، و المغتوم: الذي يجد الحرّ و هو جائع، و عبارة التاج: المغتوم الذي لفحه الحر. و هذا المعنى هو المناسب لما بعده: فجئت و أنا بحال فرميت بنفسى. و أمّا إذا رجع و هو معتم من الدخول في العتمة، فان وقت العتمة وقت البرد و هبوب الارياح فلا يناسب ما بعده.

161
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 32 درجات الإیمان و حقائقه ص 154

قَالَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَهُوَ ذَا عِنْدَنَا مَا لَيْسَ عِنْدَكُمْ فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَبْرَأَ مِنْكُمْ قَالَ قُلْتُ لَا جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ وَ هُوَ ذَا عِنْدَ اللَّهِ مَا لَيْسَ عِنْدَنَا أَ فَتَرَاهُ اطَّرَحَنَا قَالَ قُلْتُ لَا وَ اللَّهِ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا نَفْعَلُ قَالَ فَتَوَلَّوْهُمْ وَ لَا تَبْرَءُوا مِنْهُمْ إِنَّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ لَهُ سَهْمٌ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ سَهْمَانِ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ سِتَّةُ أَسْهُمٍ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ صَاحِبُ السَّهْمِ عَلَى مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ السَّهْمَيْنِ وَ لَا صَاحِبُ السَّهْمَيْنِ عَلَى مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ الثَّلَاثَةِ وَ لَا صَاحِبُ الثَّلَاثَةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ الْأَرْبَعَةِ وَ لَا صَاحِبُ الْأَرْبَعَةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ الْخَمْسَةِ وَ لَا صَاحِبُ الْخَمْسَةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ السِّتَّةِ وَ لَا صَاحِبُ السِّتَّةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ السَّبْعَةِ وَ سَأَضْرِبُ لَكَ مَثَلًا إِنَّ رَجُلًا كَانَ لَهُ جَارٌ وَ كَانَ نَصْرَانِيّاً فَدَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَ زَيَّنَهُ لَهُ فَأَجَابَهُ فَأَتَاهُ سُحَيْراً فَقَرَعَ عَلَيْهِ الْبَابَ فَقَالَ لَهُ مَنْ هَذَا قَالَ أَنَا فُلَانٌ قَالَ وَ مَا حَاجَتُكَ قَالَ تَوَضَّأْ وَ الْبَسْ ثَوْبَيْكَ وَ مُرَّ بِنَا إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ فَتَوَضَّأَ وَ لَبِسَ ثَوْبَيْهِ وَ خَرَجَ مَعَهُ قَالَ فَصَلَّيَا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ صَلَّيَا الْفَجْرَ ثُمَّ مَكَثَا حَتَّى أَصْبَحَا فَقَامَ الَّذِي كَانَ نَصْرَانِيّاً يُرِيدُ مَنْزِلَهُ قَالَ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ أَيْنَ تَذْهَبُ النَّهَارُ قَصِيرٌ وَ الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الظُّهْرِ قَلِيلٌ قَالَ فَجَلَسَ مَعَهُ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ «1» ثُمَّ قَالَ وَ مَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ قَلِيلٌ فَاحْتَبَسَهُ حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ قَالَ ثُمَّ قَامَ وَ أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ هَذَا آخِرُ النَّهَارِ وَ أَقَلُّ مِنْ أَوَّلِهِ فَاحْتَبَسَهُ حَتَّى صَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّمَا بَقِيَتْ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ فَمَكَثَ حَتَّى صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ثُمَّ تَفَرَّقَا فَلَمَّا كَانَ سحيرا [سُحَيْرٌ] غَدَا عَلَيْهِ فَضَرَبَ عَلَيْهِ الْبَابَ فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقَالَ أَنَا فُلَانٌ قَالَ وَ مَا حَاجَتُكَ قَالَ تَوَضَّأْ وَ الْبَسْ ثَوْبَيْكَ وَ اخْرُجْ بِنَا فَصَلِّ قَالَ اطْلُبْ لِهَذَا الدِّينِ مَنْ هُوَ أَفْرَغُ مِنِّي وَ أَنَا إِنْسَانٌ مِسْكِينٌ وَ عَلَيَّ عِيَالٌ فَقَالَ‏
__________________________________________________
 (1) الى أن صلى الظهر خ ل، كما في المصدر.

162
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 32 درجات الإیمان و حقائقه ص 154

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَدْخَلَهُ فِي شَيْ‏ءٍ أَخْرَجَهُ مِنْهُ أَوْ قَالَ أَدْخَلَهُ فِي مِثْلِ ذِهِ وَ أَخْرَجَهُ مِنْ مِثْلِ هَذَا «1».
بيان الحيرة بالكسر بلد كان قرب الكوفة و أنا تأكيد للضمير المنصوب في بعثني و تأكيد المنصوب و المجرور بالمرفوع جائز و جماعة عطف على الضمير أو الواو بمعنى مع معتمين الظاهر أنه بالعين المهملة على بناء الإفعال و التفعيل في القاموس العتمة محركة ثلث الليل الأول بعد غيبوبة الشفق أو وقت صلاة العشاء الآخرة و أعتم و عتم سار فيها أو أورد و أصدر فيها و ظلمة الليل و رجوع الإبل من المرعى بعد ما تمسي انتهى «2» أي رجعنا داخلين في وقت العتمة و في أكثر النسخ بالغين المعجمة من الغم «3» و كأنه تصحيف و ربما يقرأ مغتنمين من الغنيمة و هو تحريف.
و الحائر المكان المطمئن و البستان و أنا بحال أي بحال سوء من الضعف و الكلال إنهم لا يقولون ما نقول أي من مراتب فضائل الأئمة ع و كمالاتهم و مراتب معرفة الله تعالى و دقائق مسائل القضاء و القدر و أمثال ذلك مما يختلف تكاليف العباد فيها بحسب أفهامهم و استعداداتهم لا في أصل المسائل الأصولية أو المراد اختلافهم في المسائل الفروعية و الأول أظهر و أما حمله على أدعية الصلاة و غيرها من المستحبات كما قيل فهو في غاية البعد و إن كان يوافقه التمثيل المذكور في آخر الخبر.
يتولونا و لا يقولون إلى آخره استفهام على الإنكار فهو ذا عندنا أي من المعارف و العلوم و الأخلاق و الأعمال ما ليس عندكم فينبغي لنا على الاستفهام اطرحنا أي عن الإيمان و الثواب أو عن درجة الاعتبار.
قوله ما نفعل لما فهم من كلامه ع نفي التبري تردد في أنه هل‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 43 و 44.
 (2) القاموس ج 4: 147.
 (3) بل من الغتم كما عرفت.

163
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 32 درجات الإیمان و حقائقه ص 154

يلزمه التولي أو عدم ارتكاب شي‏ء من الأمرين فإن نفي أحدهما لا يستلزم ثبوت الآخر.
أن يحمل صاحب السهم على ما عليه صاحب السهمين أي يقاس حاله بحاله و يتوقع منه ما يتوقع من الثاني من الفهم و المعرفة و العمل و زينه له أي حسن الإسلام في نظره فأتاه سحيرا و هو تصغير و هو سدس آخر الليل أو ساعة آخر الليل و قيل قبيل الصبح و التصغير لبيان أنه كان قريبا من الصبح أو بعيدا منه و مر بنا أي معنا و خرج معه أي إلى المسجد ما شاء الله أي كثيرا حتى أصبحا أي دخلا في الصباح و المراد الإسفار و انتشار ضوء النهار و ظهور الحمرة في الأفق قال في المفردات الصبح و الصباح أول النهار و هو وقت ما أحمر الأفق بحاجب الشمس قوله و أقل من أوله أي مما انتظرت بعد الفجر لصلاة الظهر أدخله في شي‏ء أي من الإسلام صار سببا لخروجه من الإسلام رأسا أو المراد بالشي‏ء الكفر أي أدخله بجهله في الكفر الذي أخرجه منه أو قال أدخله في مثل هذا أي العمل الشديد و أخرجه من مثل هذا أي هذا الدين القويم ..
3- كا، الكافي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبَانٍ عَنْ شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ لَوْ عَلِمَ النَّاسُ كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى هَذَا الْخَلْقَ لَمْ يَلُمْ أَحَدٌ أَحَداً فَقُلْتُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ وَ كَيْفَ ذَلِكَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى خَلَقَ أَجْزَاءً بَلَغَ بِهَا تِسْعَةً وَ أَرْبَعِينَ جُزْءاً ثُمَّ جَعَلَ الْأَجْزَاءَ أَعْشَاراً فَجَعَلَ الْجُزْءَ عَشَرَةَ أَعْشَارٍ ثُمَّ قَسَمَهُ بَيْنَ الْخَلْقِ فَجَعَلَ فِي رَجُلٍ عُشْرَ جُزْءٍ وَ فِي آخَرَ عُشْرَيْ جُزْءٍ حَتَّى بَلَغَ بِهِ جُزْءاً تَامّاً وَ فِي آخَرَ جُزْءاً وَ عُشْرَ جُزْءٍ وَ فِي آخَرَ جُزْءاً وَ عُشْرَيْ جُزْءٍ وَ فِي آخَرَ جُزْءاً وَ ثَلَاثَةَ أَعْشَارِ جُزْءٍ حَتَّى بَلَغَ بِهِ جُزْءَيْنِ تَامَّيْنِ ثُمَّ بِحِسَابِ ذَلِكَ حَتَّى بَلَغَ بِأَرْفَعِهِمْ تِسْعَةً وَ أَرْبَعِينَ جُزْءاً فَمَنْ لَمْ يُجْعَلْ فِيهِ إِلَّا عُشْرُ جُزْءٍ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَكُونَ مِثْلَ صَاحِبِ الْعُشْرَيْنِ وَ كَذَلِكَ صَاحِبُ الْعُشْرَيْنِ لَا يَكُونُ مِثْلَ صَاحِبِ الثَّلَاثَةِ الْأَعْشَارِ وَ كَذَلِكَ مَنْ تَمَّ لَهُ جُزْءٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَكُونَ مِثْلَ صَاحِبِ الْجُزْءَيْنِ وَ لَوْ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ هَذَا الْخَلْقَ عَلَى هَذَا

164
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 32 درجات الإیمان و حقائقه ص 154

لَمْ يَلُمْ أَحَدٌ أَحَداً «1».
بيان: لم يلم أحد أحدا أي في عدم فهم الدقائق و القصور عن بعض المعارف أو في عدم اكتساب الفضائل و الأخلاق الحسنة و ترك الإتيان بالنوافل و المستحبات و إلا فكيف يستقيم عدم الملامة على ترك الفرائض و الواجبات و فعل الكبائر و المحرمات و قد مر أن الله تعالى لا يكلف الناس إلا بقدر وسعهم و ليسوا بمجبورين في فعل المعاصي و لا في ترك الواجبات لكن يمكن أن لا يكون في وسع بعضهم معرفة دقائق الأمور و غوامض الأسرار فلم يكلفوا بها و كذا عن تحصيل بعض مراتب الإخلاص و اليقين و غيرها من المكارم فليسوا بملومين بتركها فالتكاليف بالنسبة إلى العباد مختلفة بحسب اختلاف قابلياتهم و استعداداتهم و لا يستحق من لم يكن قابلا لمرتبة من المراتب المذكورة أن يلام لم لا تفهم هذا المعنى و لم لا تفعل الصلاة كما كان أمير المؤمنين ع يفعله مثلا و هكذا.
قوله ع بلغ بها كأنه جعل كل جزء من السهام السبعة المتقدمة سبعة قوله ع فجعل الجزء عشرة أعشار كأن هذا للتأكيد و التوضيح و دفع توهم أن المراد جعل كل جزء عشرا من مرتبة فوقه فيصير المجموع أربعمائة و تسعين عشرا حتى بلغ به الباء للتعدية و الضمير راجع إلى الإيمان أو إلى الرجل المطلق المفهوم من رجل لا إلى الرجل المذكور و لا إلى آخر لاختلال المعنى و هذا أظهر لقوله حتى بلغ بأرفعهم إلا عشر جزء أي من القابلية أو قابلية عشر جزء من الإيمان و هكذا في البواقي.
4- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ الْخَزَّازِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْقَرَاطِيسِيِّ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَا عَبْدَ الْعَزِيزِ إِنَّ الْإِيمَانَ عَشْرُ دَرَجَاتٍ بِمَنْزِلَةِ السُّلَّمِ يُصْعَدُ مِنْهُ مِرْقَاةً بَعْدَ مِرْقَاةٍ فَلَا يَقُولَنَّ صَاحِبُ الِاثْنَيْنِ لِصَاحِبِ الْوَاحِدِ لَسْتَ عَلَى شَيْ‏ءٍ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْعَاشِرَةِ فَلَا تُسْقِطْ مَنْ هُوَ دُونَكَ فَيُسْقِطَكَ مَنْ هُوَ فَوْقَكَ‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2: 44.

165
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 32 درجات الإیمان و حقائقه ص 154

وَ إِذَا رَأَيْتَ مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْكَ بِدَرَجَةٍ فَارْفَعْهُ إِلَيْكَ بِرِفْقٍ وَ لَا تَحْمِلَنَّ عَلَيْهِ مَا لَا يُطِيقُ فَتَكْسِرَهُ فَإِنَّ مَنْ كَسَرَ مُؤْمِناً فَعَلَيْهِ جَبْرُهُ «1».
5- ل، الخصال عَنِ ابْنِ الْوَلِيدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ «2»
 مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّ فِيهِ فَلَا يَقُولَنَّ صَاحِبُ الْوَاحِدِ لِصَاحِبِ الِاثْنَيْنِ وَ زَادَ فِي آخِرِهِ وَ كَانَ الْمِقْدَادُ فِي الثَّامِنَةِ وَ أَبُو ذَرٍّ فِي التَّاسِعَةِ وَ سَلْمَانُ فِي الْعَاشِرَةِ «3».
بيان: القراطيسي بائع القراطيس عشر درجات كأنه ع عد كل تسعة و أربعين جزءا من السابق درجة أو هذه الدرجات لبعض مراتب الإيمان لا لكلها و قيل يجوز أن يراد بالإيمان هنا التصديق أو الكامل المركب منه و من العمل يصعد على بناء المجهول و منه نائب مناب الفاعل و قيل من بمعنى في و الضمير راجع إلى السلم و المرقاة بالفتح و الكسر اسم مكان أو آلة و هي الدرجة و في المصباح المرقى و المرتقى موضع الرقي و المرقاة مثله و يجوز فيها فتح الميم على أنه موضع الارتقاء و يجوز الكسر تشبيها باسم الآلة كالمطهرة و أنكر أبو عبيد الكسر انتهى و هي منصوبة على الظرفية للمكان.
لست على شي‏ء أي من الإيمان أو الكمال و الظاهر ما في الكافي و على ما في الخصال المعنى أنه إذا سمع ممن هو فوقه في المعرفة شيئا لا يصل إليه عقله لا يقدح فيه و لا يكفره فلا تسقط أي من الإيمان أو من درجة الاعتبار من هو دونك أي أسفل منك بدرجة أو أكثر.
فارفعه إليك فإن قلت كيف يرفعه إليه مع أنه لا يطيقه كما مر في الخبر السابق قلت يمكن أن تكون الدرجات المذكورة في الخبر السابق درجات القابليات و الاستعدادات و لذا نسبها إلى أصل الخلق‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2: 44 و 45.
 (2) هو حسن بن عليّ بن أبي عثمان المعروف بسجادة غال، يروى عنه أبو عبد اللّه الرازيّ و هو الحسين بن عبيد اللّه بن سهل في حال استقامته.
 (3) الخصال ج 2: 59.

166
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 32 درجات الإیمان و حقائقه ص 154

و الدرجات المذكورة في هذا الخبر درجات الفعلية و التحقق فيمكن أن يكون رجلان في درجة واحدة من القابلية فسعى أحدهما و حصل ما كان قابلا له و الآخر لم يسع و بقي في درجة أسفل منه فلو كلفه أن يفهم دفعة ما فهمه في أزمنة متطاولة يعسر الأمر عليه بل يصير سببا لضلالته و حيرته فينبغي أن يرفق به و يكمله تدريجا حتى يبلغ إلى تلك الدرجة كما أن الكاتب الجيد الخط إذا كلف أميا لم يكتب قط أن يكتب مثله في يوم أو شهر أو سنة لكان تكليفا لما لا يطاق بل يجب أن يرقيه تدريجا حتى يصل إلى مرتبته و كذا في المراتب العقلية من لم يحصل شيئا منها لا يمكن إفهامه دفعة جميع المسائل الغامضة و لو ألقيت إليه لتحير بل لم يطق فهمها و ضل عن السبيل و المعلم الأديب الكامل يرقيه أولا من البديهيات إلى أوائل النظريات و منها إلى أوساطها و منها إلى غوامضها فلا ينكسر و لا يتحير.
و يمكن أن تحمل القدرة المذكورة في الخبر السابق على الوسع أي الإمكان بسهولة فلا ينافي المذكور في هذا الخبر و لكن الأول أظهر و ربما يجاب بأنه لما لم يكن معلوما لصاحب الدرجة العليا عدم قابلية صاحب الدرجة السفلى بل ربما يظن أنه قابل للترقي فهو مأمور بهذا رجاء لتحقق مظنونه و لا يخفى ما فيه.
فتكسره أي تكسر إيمانه و تضله لأنه يرفع يده عما هو فيه و لا يصل إلى الدرجة الأخرى فيتحير في دينه أو يكلفه من الطاعات ما لا يطيقها فيسوء ظنه بما كان يعمله فيتركهما جميعا كما مر في الباب السابق فعليه جبره أي يجب عليه جبره و ربما لا ينجبر و يلزمه إصلاح ما أفسد من إيمانه و ربما لم يصلح.
6- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ سَدِيرٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ ع إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَنَازِلَ مِنْهُمْ عَلَى وَاحِدَةٍ وَ مِنْهُمْ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَ مِنْهُمْ عَلَى ثَلَاثٍ وَ مِنْهُمْ عَلَى أَرْبَعٍ وَ مِنْهُمْ عَلَى خَمْسٍ وَ مِنْهُمْ عَلَى سِتٍّ وَ مِنْهُمْ عَلَى سَبْعٍ فَلَوْ ذَهَبْتَ تَحْمِلُ عَلَى صَاحِبِ الْوَاحِدَةِ ثِنْتَيْنِ لَمْ يَقْوَ وَ عَلَى صَاحِبِ الثِّنْتَيْنِ ثَلَاثاً لَمْ يَقْوَ وَ عَلَى صَاحِبِ الثَّلَاثِ أَرْبَعاً لَمْ يَقْو

167
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 32 درجات الإیمان و حقائقه ص 154

وَ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعِ خَمْساً لَمْ يَقْوَ وَ عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسِ سِتّاً لَمْ يَقْوَ وَ عَلَى صَاحِبِ السِّتِّ سَبْعاً لَمْ يَقْوَ وَ عَلَى هَذِهِ الدَّرَجَاتِ «1».
توضيح المراد بالمنازل الدرجات قوله ع على هذه الدرجات كأن المعنى و على هذا القياس الدرجات التي تنقسم هذه المنازل إليها فإن كلا منها ينقسم إلى سبعين درجة كما مر في الخبر الأول و قيل أي بقية الدرجات إلى العشر المذكور في الخبر الثاني أو المراد بالدرجات المنازل أي على هذا الوجه الذي ذكرنا تنقسم الدرجات فيكون تأكيدا و الأول أظهر.
7- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الصَّبَّاحِ بْنِ سَيَابَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَا أَنْتُمْ وَ الْبَرَاءَةَ يَبْرَأُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضُهُمْ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ وَ بَعْضُهُمْ أَكْثَرُ صَلَاةً مِنْ بَعْضٍ وَ بَعْضُهُمْ أَنْفَذُ بَصِيرَةً مِنْ بَعْضٍ وَ هِيَ الدَّرَجَاتُ «2».
8- لي، الأمالي للصدوق عَنِ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَضْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ أَسْبَغَ وُضُوءَهُ وَ أَحْسَنَ صَلَاتَهُ وَ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ وَ خَزَنَ لِسَانَهُ وَ كَفَّ غَضَبَهُ وَ اسْتَغْفَرَ لِذَنْبِهِ وَ أَدَّى النَّصِيحَةَ لِأَهْلِ بَيْتِ رَسُولِهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ حَقَائِقَ الْإِيمَانِ وَ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ مُفَتَّحَةٌ لَهُ «3».
9- ل، الخصال ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَذَكَرْتُ لَهُ شَيْئاً مِنْ أَمْرِ الشِّيعَةِ وَ مِنْ أَقَاوِيلِهِمْ فَقَالَ يَا عَبْدَ الْعَزِيزِ الْإِيمَانُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ بِمَنْزِلَةِ السُّلَّمِ لَهُ عَشْرُ مَرَاقِيَ وَ تَرْتَقِي مِنْهُ مِرْقَاةً بَعْدَ مِرْقَاةٍ فَلَا يَقُولَنَّ صَاحِبُ الْوَاحِدَةِ لِصَاحِبِ الثَّانِيَةِ لَسْتَ عَلَى شَيْ‏ءٍ وَ لَا يَقُولَنَّ صَاحِبُ الثَّانِيَةِ لِصَاحِبِ الثَّالِثَةِ لَسْتَ عَلَى شَيْ‏ءٍ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْعَاشِرَةِ ثُمَّ قَالَ‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2: 45.
 (2) المصدر ج 2 ص 45.
 (3) أمالي الصدوق: 200.

168
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 32 درجات الإیمان و حقائقه ص 154

وَ كَانَ سَلْمَانُ فِي الْعَاشِرَةِ وَ أَبُو ذَرٍّ فِي التَّاسِعَةِ وَ الْمِقْدَادُ فِي الثَّامِنَةِ يَا عَبْدَ الْعَزِيزِ لَا تُسْقِطْ مَنْ هُوَ دُونَكَ فَيُسْقِطَكَ مَنْ هُوَ فَوْقَكَ وَ إِذَا رَأَيْتَ الَّذِي هُوَ دُونَكَ فَقَدَرْتَ أَنْ تَرْفَعَهُ إِلَى دَرَجَتِكَ رَفْعاً رَفِيقاً فَافْعَلْ وَ لَا تَحْمِلَنَّ عَلَيْهِ مَا لَا يُطِيقُهُ فَتَكْسِرَهُ فَإِنَّهُ مَنْ كَسَرَ مُؤْمِناً فَعَلَيْهِ جَبْرُهُ لِأَنَّكَ إِذَا ذَهَبْتَ تَحْمِلُ الْفَصِيلَ حَمْلَ الْبَازِلِ فَسَخْتَهُ «1».
بيان: الفصيل ولد الناقة إذا فصل عن أمه و البازل اسم البعير إذا طلع نابه و ذلك في تاسع سنيه و الفسخ النقض.
10- ل، الخصال ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ يَرْفَعُهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْمُؤْمِنُونَ عَلَى سَبْعِ دَرَجَاتٍ صَاحِبُ دَرَجَةٍ مِنْهُمْ فِي مَزِيدٍ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ الْمَزِيدُ مِنْ دَرَجَتِهِ إِلَى دَرَجَةِ غَيْرِهِ وَ مِنْهُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَ مِنْهُمُ النُّجَبَاءُ وَ مِنْهُمُ الْمُمْتَحَنَةُ وَ مِنْهُمُ النُّجَدَاءُ وَ مِنْهُمْ أَهْلُ الصَّبْرِ وَ مِنْهُمْ أَهْلُ التَّقْوَى وَ مِنْهُمْ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ «2».
11- ل، الخصال عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي الْأَحْوَصِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ عِنْدَنَا أَقْوَاماً يَقُولُونَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ يُفَضِّلُونَهُ عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ وَ لَيْسَ يَصِفُونَ مَا نَصِفُ مِنْ فَضْلِكُمْ أَ نَتَوَلَّاهُمْ فَقَالَ لِي نَعَمْ فِي الْجُمْلَةِ أَ لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ وَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مَا لَيْسَ لَنَا وَ عِنْدَنَا مَا لَيْسَ عِنْدَكُمْ وَ عِنْدَكُمْ مَا لَيْسَ عِنْدَ غَيْرِكُمْ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَضَعَ الْإِسْلَامَ عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ عَلَى الصَّبْرِ وَ الصِّدْقِ وَ الْيَقِينِ وَ الرِّضَا وَ الْوَفَاءِ وَ الْعِلْمِ وَ الْحِلْمِ ثُمَّ قَسَمَ ذَلِكَ بَيْنَ النَّاسِ فَمَنْ جَعَلَ فِيهِ هَذِهِ السَّبْعَةَ الْأَسْهُمِ فَهُوَ كَامِلُ الْإِيمَانِ مُحْتَمِلٌ ثُمَّ قَسَمَ لِبَعْضِ النَّاسِ السَّهْمَ وَ لِبَعْضٍ السَّهْمَيْنِ وَ لِبَعْضٍ الثَّلَاثَةَ الْأَسْهُمِ وَ لِبَعْضٍ الْأَرْبَعَةَ الْأَسْهُمِ وَ لِبَعْضٍ الْخَمْسَةَ الْأَسْهُمِ وَ لِبَعْضٍ السِّتَّةَ الْأَسْهُمِ وَ لِبَعْضٍ السَّبْعَةَ الْأَسْهُمِ‏
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 2: 60.
 (2) الخصال ج 2: 7.

169
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 32 درجات الإیمان و حقائقه ص 154

فَلَا تَحْمِلُوا عَلَى صَاحِبِ السَّهْمِ سَهْمَيْنِ وَ لَا عَلَى صَاحِبِ السَّهْمَيْنِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ وَ لَا عَلَى صَاحِبِ الثَّلَاثَةِ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ وَ لَا عَلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعَةِ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ وَ لَا عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسَةِ سِتَّةَ أَسْهُمٍ وَ لَا عَلَى صَاحِبِ السِّتَّةِ سَبْعَةَ أَسْهُمٍ فَتُثَقِّلُوهُمْ وَ تُنَفِّرُوهُمْ وَ لَكِنْ تَرَفَّقُوا بِهِمْ وَ سَهِّلُوا لَهُمُ الْمَدْخَلَ وَ سَأَضْرِبُ لَكَ مَثَلًا تَعْتَبِرُ بِهِ إِنَّهُ كَانَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ وَ كَانَ لَهُ جَارٌ كَافِرٌ وَ كَانَ الْكَافِرُ يَرْفُقُ الْمُؤْمِنَ فَأَحَبَّ الْمُؤْمِنُ لِلْكَافِرِ الْإِسْلَامَ وَ لَمْ يَزَلْ يُزَيِّنُ لَهُ الْإِسْلَامَ وَ يُحَبِّبُهُ إِلَى الْكَافِرِ حَتَّى أَسْلَمَ فَغَدَا عَلَيْهِ الْمُؤْمِنُ فَاسْتَخْرَجَهُ مِنْ مَنْزِلِهِ فَذَهَبَ بِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ لِيُصَلِّيَ مَعَهُ الْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ فَلَمَّا صَلَّى قَالَ لَهُ لَوْ قَعَدْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَعَدَ مَعَهُ فَقَالَ لَوْ تَعَلَّمْتَ الْقُرْآنَ إِلَى أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ وَ صُمْتَ الْيَوْمَ كَانَ أَفْضَلَ فَقَعَدَ مَعَهُ وَ صَامَ حَتَّى صَلَّى الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ فَقَالَ لَوْ صَبَرْتَ حَتَّى تُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ وَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ كَانَ أَفْضَلَ فَقَعَدَ مَعَهُ حَتَّى صَلَّى الْمَغْرِبَ وَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ثُمَّ نَهَضَا وَ قَدْ بَلَغَ مَجْهُودَهُ وَ حَمَلَ عَلَيْهِ مَا لَا يُطِيقُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ غَدَا عَلَيْهِ وَ هُوَ يُرِيدُ بِهِ مِثْلَ مَا صَنَعَ بِالْأَمْسِ فَدَقَّ عَلَيْهِ بَابَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ اخْرُجْ حَتَّى نَذْهَبَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَأَجَابَ أَنِ انْصَرِفْ عَنِّي فَإِنَّ هَذَا دِينٌ شَدِيدٌ لَا أُطِيقُهُ فَلَا تَخْرَقُوا بِهِمْ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ إِمَارَةَ بَنِي أُمَيَّةَ كَانَتْ بِالسَّيْفِ وَ الْعَسْفِ وَ الْجَوْرِ وَ أَنَّ إِمَامَتَنَا بِالرِّفْقِ وَ التَّأَلُّفِ وَ الْوَقَارِ وَ التَّقِيَّةِ وَ حُسْنِ الْخِلْطَةِ وَ الْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ فَرَغِّبُوا النَّاسَ فِي دِينِكُمْ وَ فِيمَا أَنْتُمْ فِيهِ «1».
بيان: الخرق بالضم و بالتحريك ضد الرفق و أن لا يحسن الرجل العمل و التصرف في الأمور ذكره الفيروزآبادي.
12- ل، الخصال فِي وَصِيَّةِ النَّبِيِّ ص لِعَلِيٍّ ع يَا عَلِيُّ سَبْعَةٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ وَ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ مُفَتَّحَةٌ لَهُ مَنْ أَسْبَغَ وُضُوءَهُ وَ أَحْسَنَ صَلَاتَهُ وَ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ وَ كَفَّ غَضَبَهُ وَ سَجَنَ لِسَانَهُ وَ اسْتَغْفَرَ لِذَنْبِهِ وَ أَدَّى النَّصِيحَةَ لِأَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّهِ «2».
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 2: 8.
 (2) الخصال ج 2: 4 راجع الرقم 8 في ص 168.

170
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 32 درجات الإیمان و حقائقه ص 154

13- شي، تفسير العياشي عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ أَ فَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ «1» فَقَالَ هُمْ الْأَئِمَّةُ وَ اللَّهِ يَا عَمَّارُ دَرَجاتٌ لِلْمُؤْمِنِينَ عِنْدَ اللَّهِ وَ بِمُوَالاتِهِمْ وَ بِمَعْرِفَتِهِمْ إِيَّانَا يُضَاعِفُ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ حَسَنَاتِهِمْ وَ يَرْفَعُ لَهُمُ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَ أَمَّا قَوْلُهُ يَا عَمَّارُ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ إِلَى قَوْلِهِ الْمَصِيرُ فَهُمْ وَ اللَّهِ الَّذِينَ جَحَدُوا حَقَّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع- وَ حَقَّ الْأَئِمَّةِ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ فَبَاءُوا لِذَلِكَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع أَنَّهُ ذَكَرَ قَوْلَ اللَّهِ هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ الدَّرَجَةُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ «2».
14- شي، تفسير العياشي عَنْ أَبِي عَمْرٍو الزُّبَيْرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: بِالزِّيَادَةِ فِي الْإِيمَانِ تَفَاضَلَ الْمُؤْمِنُونَ بِالدَّرَجَاتِ عِنْدَ اللَّهِ قُلْتُ وَ إِنَّ لِلْإِيمَانِ دَرَجَاتٍ وَ مَنَازِلَ يَتَفَاضَلُ بِهَا الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ اللَّهِ فَقَالَ نَعَمْ قُلْتُ صِفْ لِي ذَلِكَ رَحِمَكَ اللَّهُ حَتَّى أَفْهَمَهُ قَالَ مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ أَوْلِيَاءَهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَقَالَ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ «3» الْآيَةَ وَ قَالَ وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى‏ بَعْضٍ «4» وَ قَالَ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ وَ لَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ «5» وَ قَالَ هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ «6» فَهَذَا ذِكْرُ دَرَجَاتِ الْإِيمَانِ وَ مَنَازِلِهِ عِنْدَ اللَّهِ «7».
__________________________________________________
 (1) آل عمران: 162 و ما بعدها ذيلها.
 (2) تفسير العيّاشيّ ج 1: 205.
 (3) البقرة: 253.
 (4) أسرى: 55.
 (5) أسرى: 21.
 (6) آل عمران: 163.
 (7) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 135، و هي قطعة من الحديث الذي مر تحت الرقم 6 من الباب 30 ص 28.

171
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 32 درجات الإیمان و حقائقه ص 154

15- شي، تفسير العياشي عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَا نَقُولُ درجة [الدَّرَجَةُ] وَاحِدَةٌ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ دَرَجَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِنَّمَا تَفَاضَلَ الْقَوْمُ بِالْأَعْمَالِ «1».
16- شي، تفسير العياشي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ شِيعَتُنَا وَ اللَّهِ لَا يُتِيحُهُمُ الذُّنُوبُ وَ الْخَطَايَا هُمْ صَفْوَةُ اللَّهِ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ لِدِينِهِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ «2».
17- شي، تفسير العياشي عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ‏قَوْلِ اللَّهِ وَ مِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللَّهِ «3» أَ يُثِيبُهُمْ عَلَيْهِ قَالَ نَعَمْ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ يُثَابُونَ عَلَيْهِ قَالَ نَعَمْ «4».
18- شي، تفسير العياشي عَنْ أَبِي عَمْرٍو الزُّبَيْرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ سَبَّقَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا سُبِّقَ بَيْنَ الْخَيْلِ يَوْمَ الرِّهَانِ قُلْتُ أَخْبِرْنِي عَمَّا نَدَبَ اللَّهُ الْمُؤْمِنَ مِنَ الِاسْتِبَاقِ إِلَى الْإِيمَانِ قَالَ قَوْلُ اللَّهِ سابِقُوا إِلى‏ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ «5» وَ قَالَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ وَ قَالَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ فَبَدَأَ بِالْمُهَاجِرِينَ عَلَى دَرَجَةِ سَبْقِهِمْ ثُمَّ ثَنَّى بِالْأَنْصَارِ ثُمَّ ثَلَّثَ بِالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ فَوَضَعَ كُلَّ قَوْمٍ عَلَى دَرَجَاتِهِمْ وَ مَنَازِلِهِمْ عِنْدَهُ «6».
19- شي، تفسير العياشي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْحَجَّاجِ الْكَرْخِيِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ رَفَعَهُ‏
__________________________________________________
 (1) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 388، و قد مر في أول الباب ص 155.
 (2) تفسير العيّاشيّ ج 2: 105، و الآية في براءة: 91.
 (3) براءة: 99.
 (4) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 105.
 (5) قد مرت الإشارة الى مواضيع الآيات، راجع ص 28 و 29 فيما سبق.
 (6) تفسير العيّاشيّ ج 2: 105.

172
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 32 درجات الإیمان و حقائقه ص 154

إِلَى خَيْثَمَةَ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ وَ عَسَى مِنَ اللَّهِ وَاجِبٌ وَ إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي شِيعَتِنَا الْمُؤْمِنِينَ «1».
20- شي، تفسير العياشي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ رَفَعَهُ إِلَى الشَّيْخِ فِي‏قَوْلِهِ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً قَالَ قَوْمٌ اجْتَرَحُوا ذُنُوباً مِثْلَ قَتْلِ حَمْزَةَ وَ جَعْفَرٍ الطَّيَّارِ ثُمَّ تَابُوا ثُمَّ قَالَ وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً لَمْ يُوَفَّقْ لِلتَّوْبَةِ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ لَا يَقْطَعُ طَمَعَ الْعِبَادِ فِيهِ وَ رَجَاءَهُمْ مِنْهُ وَ قَالَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ إِنَّ عَسَى مِنَ اللَّهِ وَاجِبٌ «2».
21- شي، تفسير العياشي عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ زُرَارَةَ وَ حُمْرَانَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا قَالَ: الْمُعْتَرِفُ بِذَنْبِهِ قَوْمٌ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً «3».
22- شي، تفسير العياشي عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ سَلْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَاعْرِضْ عَلَيْهِ كَلَامِي وَ قُلْ لَهُ إِنِّي أَتَوَلَّاكُمْ وَ أَبْرَأُ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَ أَقُولُ بِالْقَدَرِ أَ قَوْلِي فِيهِ قَوْلُكَ «4» قَالَ فَعَرَضْتُ كَلَامَهُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع- فَحَرَّكَ يَدَهُ ثُمَّ قَالَ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ قَالَ ثُمَّ قَالَ مَا أَعْرِفُهُ مِنْ مَوَالِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قُلْتُ يَزْعُمُ «5» أَنَّ سُلْطَانَ هِشَامٍ لَيْسَ مِنَ اللَّهِ فَقَالَ وَيْلَهُ مَا لَهُ وَيْلَهُ أَ مَا عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ لآِدَمَ دَوْلَةً وَ لِإِبْلِيسَ دَوْلَةً «6».
__________________________________________________
 (1) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 105 نفسه و فيه: فى شيعتنا المذنبين، و الآية في براءة: 102.
 (2) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 106.
 (3) المصدر ج 2: 106.
 (4) في نسخة الكمبانيّ و هكذا المصدر: «و قولي فيه قولك» و هو تصحيف ظاهر فانه سائل يعرض كلامه و عقيدته مستفهما عن صحته و بطلانه، لا متحكما يحكم بأن ما يقوله هو قوله عليه السلام، و قول الراوي: «فحرك يده» معناه أن: ليس هذا قولي، فكانه حرك يده يمينا و شمالا كما يحرك النافى يده منكرا.
 (5) في المصدر: يزعم ابن عمر، خ.
 (6) تفسير العيّاشيّ ج 2: 106.

173
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 32 درجات الإیمان و حقائقه ص 154

بيان: كأن ابن سعيد كان يقول بالتفويض و كان لا يقول بمدخلية هداية الله تعالى و توفيقه و خذلانه في أعمال العباد و هذا هو مراده بالقول بالقدر فلذا عده ع من الذين خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً و حرك يده مترددا في قبوله و رده و قال ما أعرفه من موالي أمير المؤمنين لهذا القول و يحتمل أن يكون من موالي أمير المؤمنين استفهاما من السائل فقال أبو بكر إنه يزعم أنه ليس لله مدخل أصلا في سلطنة هشام بن عبد الملك و كان من خلفاء بني أمية فأنكر ع هذا القول و قال إن الله جعل لإبليس دولة و لخذلانه تعالى و ترك ألطافه بالنسبة إلى العباد لعدم استحقاقهم بسوء أعمالهم مدخل في ذلك كذا خطر بالبال و الله أعلم بحقيقة المقال.
23- شي، تفسير العياشي عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي‏قَوْلِ اللَّهِ وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً قَالَ أُولَئِكَ قَوْمٌ مُذْنِبُونَ يُحْدِثُونَ فِي إِيمَانِهِمْ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي يَعِيبُهَا الْمُؤْمِنُونَ وَ يَكْرَهُهَا فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ «1».
24- شي، تفسير العياشي عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قُلْنَا لَهُ مَنْ وَافَقَنَا مِنْ عَلَوِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ تَوَلَّيْنَاهُ وَ مَنْ خَالَفَنَا بَرِئْنَا مِنْهُ مِنْ عَلَوِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ يَا زُرَارَةُ قَوْلُ اللَّهِ أَصْدَقُ مِنْ قَوْلِكَ أَيْنَ الَّذِينَ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً «2».
25- شي، تفسير العياشي عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع وَ لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَ لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ قَالَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ «3».
26- كش، رجال الكشي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى وَ حَمْدَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْقَاسِمِ الصَّيْقَلِ رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كُنَّا جُلُوساً عِنْدَهُ فَتَذَاكَرْنَا رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِنَا فَقَالَ بَعْضُنَا ذَلِكَ ضَعِيفٌ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنْ كَانَ لَا يُقْبَلُ مِمَّنْ دُونَكُمْ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَكُمْ لَمْ يُقْبَلْ مِنْكُمْ حَتَّى تَكُونُوا مِثْلَنَا «4».
__________________________________________________
 (1) تفسير العيّاشيّ ج 2: 106.
 (2) تفسير العيّاشيّ ج 2: 106.
 (3) المصدر نفسه و الآية في الحجر: 24.
 (4) رجال الكشّيّ ص، و لم تجده.

174
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

27- ما، الأمالي للشيخ الطوسي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ التَّلَّعُكْبَرِيِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ مُخَارِقٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيّاً ع وَفَدَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ ع هَلْ فِي بِلَادِكَ قَوْمٌ قَدْ شَهَرُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْخَيْرِ لَا يُعْرَفُونَ إِلَّا بِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَهَلْ فِي بِلَادِكَ قَوْمٌ قَدْ شَهَرُوا أَنْفُسَهُمْ بِالشَّرِّ لَا يُعْرَفُونَ إِلَّا بِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَهَلْ فِي بِلَادِكَ قَوْمٌ يَجْتَرِحُونَ السَّيِّئَاتِ وَ يَكْتَسِبُونَ الْحَسَنَاتِ قَالَ نَعَمْ قَالَ تِلْكَ خِيَارُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ص النُّمْرُقَةُ الْوُسْطَى يَرْجِعُ إِلَيْهِمُ الْغَالِي وَ يَنْتَهِي إِلَيْهِمُ الْمُقَصِّرُ «1».
بيان: لعل المراد بالفرقة الأولى قوم من أرباب البدع و المراءين شهروا أنفسهم بالخير فلذا فضل عليهم الفرقة الأخيرة أو المراد أن تلك أيضا من الخيار.
28 كَنْزُ الْكَرَاجُكِيِّ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْإِيمَانُ فِي عَشَرَةٍ الْمَعْرِفَةِ وَ الطَّاعَةِ وَ الْعِلْمِ وَ الْعَمَلِ وَ الْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ وَ الصَّبْرِ وَ الْيَقِينِ وَ الرِّضَا وَ التَّسْلِيمِ فَأَيَّهَا فَقَدَ صَاحِبُهُ بَطَلَ نِظَامُهُ.
باب 33 السكينة و روح الإيمان و زيادته و نقصانه‏
الآيات البقرة قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى‏ وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي «2» الأنفال وَ إِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً «3» التوبة وَ إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَ هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَ أَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ‏
__________________________________________________
 (1) أمالي الطوسيّ ج 2: 262.
 (2) البقرة: 260.
 (3) الأنفال: 2.

175
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَ ماتُوا وَ هُمْ كافِرُونَ «1» الكهف إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زِدْناهُمْ هُدىً وَ رَبَطْنا عَلى‏ قُلُوبِهِمْ «2» الأحزاب وَ لَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ ما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَ تَسْلِيماً «3» الفتح هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ «4» المجادلة لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «5» تفسير قوله تعالى قالَ بَلى‏ وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي أقول يدل على أن الإيمان و اليقين قابلان للشدة و الضعف قال الطبرسي ره أي بلى أنا مؤمن و لكن سألت ذاك لأزداد يقينا إلى يقيني و قيل لأعاين ذلك و يسكن قلبي إلى علم العيان بعد علم الاستدلال و قيل ليطمئن قلبي بأنك قد أجبت مسألتي و اتخذتني خليلا كما وعدتني «6».
و قال في قوله تعالى وَ إِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً معناه و إذا قرئ عليهم القرآن زادتهم آياته تبصرة و يقينا على يقين و قيل زادتهم تصديقا مع تصديقهم بما أنزل إليهم قبل ذلك عن ابن عباس و المعنى أنهم يصدقون بالأولى و الثانية و الثالثة و كلما يأتي من عند الله فيزداد تصديقهم «7».
و قال القاضي زادتهم إيمانا لزيادة المؤمن به أو لاطمينان النفس و رسوخ اليقين بتظاهر الأدلة أو بالعمل بموجبها و هو قول من قال الإيمان يزيد بالطاعة
__________________________________________________
 (1) براءة: 124 و 125.
 (2) الكهف: 13- 14.
 (3) الأحزاب: 22.
 (4) الفتح: 4.
 (5) المجادلة: 22.
 (6) مجمع البيان ج 2: 373.
 (7) المصدر ج 4: 519.

176
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

و ينقص بالمعصية بناء على أن العمل داخل فيه «1».
قوله تعالى فَمِنْهُمْ قال الطبرسي رحمه الله «2» أي من المنافقين مَنْ يَقُولُ على وجه الإنكار أي يقول بعضهم لبعض أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ السورة إِيماناً و قيل معناه يقول المنافقون للمؤمنين الذين في إيمانهم ضعف أيكم زادته هذه السورة إيمانا أي يقينا و بصيرة فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً قال القاضي بزيادة العلم الحاصل من تدبر السورة و انضمام الإيمان بها و بما فيها إلى إيمانهم وَ هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ بنزولها لأنه سبب لزيادة كمالهم و ارتفاع درجاتهم فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ أي كفرا بها مضموما إلى كفرهم بغيرها وَ ماتُوا وَ هُمْ كافِرُونَ أي استحكم ذلك فيهم حتى ماتوا عليه «3».
وَ زِدْناهُمْ هُدىً في المجمع أي بصيرة في الدين و رغبة في الثبات عليه بالألطاف المقوية لدواعيهم إلى الإيمان وَ رَبَطْنا عَلى‏ قُلُوبِهِمْ أي شددنا عليها بالألطاف و الخواطر المقوية للإيمان حتى وطنوا أنفسهم على إظهار الحق و الثبات على الدين و الصبر على المشاق و مفارقة الوطن «4».
وَ لَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ أي و لما عاين المصدقون بالله و رسوله الجماعة الذين تحزبت على قتال النبي ص مع كثرتهم قالُوا إلخ فيه قولان.
أحدهما أن النبي ص كان قد أخبرهم أنه يتظاهر عليهم الأحزاب و يقاتلونهم و وعدهم الظفر بهم فلما رأوهم تبين لهم مصداق قوله و كان ذلك معجزا له وَ ما زادَهُمْ مشاهدة عدوهم إِلَّا إِيماناً أي تصديقا بالله و رسوله وَ تَسْلِيماً لأمره و الآخر أن الله وعدهم بقوله أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا إلى قوله إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ما سيكون من الشدة التي تلحقهم من‏
__________________________________________________
 (1) أنوار التنزيل: 161.
 (2) مجمع البيان ج 5: 84 و الآية في براءة: 124.
 (3) أنوار التنزيل: 182.
 (4) مجمع البيان ج 6: 454 و الآية في الكهف: 13.

177
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

عدوهم فلما رأوا الأحزاب قالوا هذه المقالة «1».
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ هي أن يفعل الله بهم اللطف الذي يحصل لهم عنده من البصيرة بالحق ما تسكن إليه نفوسهم و ذلك بكثرة ما ينصب لهم من الأدلة الدالة عليه فهذه النعمة التامة للمؤمنين خاصة و أما غيرهم فتضطرب نفوسهم لأول عارض من شبهة ترد عليهم إذ لا يجدون برد اليقين و روح الطمأنينة في قلوبهم و قيل هي النصرة للمؤمنين لتسكن بذلك قلوبهم و يثبتوا في القتال و قيل هي ما أسكن قلوبهم من التعظيم لله و لرسوله لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ أي يقينا إلى يقينهم بما يرون من الفتوح و علو كلمة الإسلام على وفق ما وعدوا و قيل ليزدادوا تصديقا بشرائع الإسلام و هو أنهم كلما أمروا بشي‏ء من الشرائع صدقوا به و ذلك بالسكينة التي أنزلها الله في قلوبهم عن ابن عباس و المعنى ليزدادوا معارف على المعرفة الحاصلة عندهم «2».
أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ أي ثبته في قلوبهم بما فعل بهم من الألطاف فصار كالمكتوب و قيل كتب في قلوبهم علامة الإيمان و معنى ذلك أنها سمة لمن شاهدهم من الملائكة على أنهم مؤمنون وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ أي قواهم بنور الإيمان و قيل قواهم بنور الحجج و البرهان حتى اهتدوا للحق و عملوا به و قيل قواهم بالقرآن الذي هو حياة للقلوب من الجهل و قيل أيدهم بجبرئيل في كثير من المواطن ينصرهم و يدفع عنهم «3».
أقول سيأتي في الأخبار أن السكينة هي الإيمان و معنى روح الإيمان.
1- ب، قرب الإسناد ابْنُ سَعْدٍ عَنِ الْأَزْدِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ لِلْقَلْبِ أُذُنَيْنِ رُوحُ الْإِيمَانِ يُسَارُّهُ بِالْخَيْرِ وَ الشَّيْطَانُ يُسَارُّهُ بِالشَّرِّ فَأَيُّهُمَا ظَهَرَ عَلَى صَاحِبِهِ غَلَبَهُ قَالَ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع- إِذَا زَنَى الرَّجُلُ أَخْرَجَ اللَّهُ مِنْهُ رُوحَ الْإِيمَانِ‏
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 8: 349 و الآية في الأحزاب: 22.
 (2) مجمع البيان ج 9: 111، و الآية في الفتح: 4.
 (3) مجمع البيان ج 9: 254: و الآية في المجادلة: 22.

178
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

فَقُلْنَا الرُّوحُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ قَالَ نَعَمْ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لَا يَزْنِي الزَّانِي وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا يَسْرِقُ السَّارِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ إِنَّمَا أَعْنِي مَا دَامَ عَلَى بَطْنِهَا فَإِذَا تَوَضَّأَ وَ تَابَ كَانَ فِي حَالٍ غَيْرِ ذَلِكَ «1».
بيان: فإذا توضأ أي تطهر و اغتسل.
2- فس، تفسير القمي وَ يَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْإِيمَانَ لَا يَزِيدُ وَ لَا يَنْقُصُ «2».
3- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الْغَنَوِيِّ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ نَاساً زَعَمُوا أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَزْنِي وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا يَسْرِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا يَأْكُلُ الرِّبَا وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا يَسْفِكُ الدَّمَ الْحَرَامَ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَقَدْ ثَقُلَ عَلَيَّ هَذَا وَ حَرِجَ مِنْهُ صَدْرِي حِينَ أَزْعُمُ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ يُصَلِّي صَلَاتِي وَ يَدْعُو دُعَائِي وَ يُنَاكِحُنِي وَ أُنَاكِحُهُ وَ يُوَارِثُنِي وَ أُوَارِثُهُ وَ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ مِنْ أَجْلِ ذَنْبٍ يَسِيرٍ أَصَابَهُ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ص صَدَقْتَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ وَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ كِتَابُ اللَّهِ خَلَقَ اللَّهُ النَّاسَ عَلَى ثَلَاثِ طَبَقَاتٍ وَ أَنْزَلَهُمْ ثَلَاثَ مَنَازِلَ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الْكِتَابِ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السَّابِقُونَ «3» فَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَمْرِ السَّابِقِينَ فَإِنَّهُمْ أَنْبِيَاءُ مُرْسَلُونَ وَ غَيْرُ مُرْسَلِينَ جَعَلَ اللَّهُ فِيهِمْ خَمْسَةَ أَرْوَاحٍ رُوحَ الْقُدُسِ وَ رُوحَ الْإِيمَانِ وَ رُوحَ الْقُوَّةِ وَ رُوحَ الشَّهْوَةِ وَ رُوحَ الْبَدَنِ فَبِرُوحِ الْقُدُسِ بُعِثُوا أَنْبِيَاءَ مُرْسَلِينَ وَ غَيْرَ مُرْسَلِينَ وَ بِهَا عَلِمُوا الْأَشْيَاءَ وَ بِرُوحِ الْإِيمَانِ عَبَدُوا اللَّهَ وَ لَمْ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِرُوحِ الْقُوَّةِ جَاهَدُوا عَدُوَّهُمْ وَ عَالَجُوا مَعَاشَهُمْ وَ بِرُوحِ الشَّهْوَةِ أَصَابُوا لَذِيذَ الطَّعَامِ وَ نَكَحُوا الْحَلَالَ مِنْ شَبَابِ النِّسَاءِ وَ بِرُوحِ الْبَدَنِ دَبُّوا وَ دَرَجُوا
__________________________________________________
 (1) قرب الإسناد: 17 ط حجر، ص 25 ط النجف.
 (2) تفسير القمّيّ: 413، و الآية في مريم: 76.
 (3) راجع الواقعة: 8- 10.

179
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

فَهَؤُلَاءِ مَغْفُورٌ لَهُمْ مَصْفُوحٌ عَنْ ذُنُوبِهِمْ ثُمَّ قَالَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ «1» ثُمَّ قَالَ فِي جَمَاعَتِهِمْ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ يَقُولُ أَكْرَمَهُمْ بِهَا فَفَضَّلَهُمْ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ فَهَؤُلَاءِ مَغْفُورٌ لَهُمْ مَصْفُوحٌ عَنْ ذُنُوبِهِمْ ثُمَّ ذَكَرَ أَصْحَابَ الْمَيْمَنَةِ وَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً بِأَعْيَانِهِمْ جَعَلَ اللَّهُ فِيهِمْ أَرْبَعَةَ أَرْوَاحٍ رُوحَ الْإِيمَانِ وَ رُوحَ الْقُوَّةِ وَ رُوحَ الشَّهْوَةِ وَ رُوحَ الْبَدَنِ فَلَا يَزَالُ الْعَبْدُ يَسْتَكْمِلُ هَذِهِ الْأَرْوَاحَ الْأَرْبَعَةَ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهِ حَالاتٌ فَقَالَ الرَّجُلُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا هَذِهِ الْحَالاتُ فَقَالَ أَمَّا أَوَّلُهُنَّ فَهُوَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى‏ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً «2» فَهَذَا يَنْتَقِصُ مِنْهُ جَمِيعُ الْأَرْوَاحِ وَ لَيْسَ بِالَّذِي يَخْرُجُ مِنْ دِينِ اللَّهِ لِأَنَّ الْفَاعِلَ بِهِ رَدَّهُ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ فَهُوَ لَا يَعْرِفُ لِلصَّلَاةِ وَقْتاً وَ لَا يَسْتَطِيعُ التَّهَجُّدَ بِاللَّيْلِ وَ لَا بِالنَّهَارِ وَ لَا الْقِيَامَ فِي الصَّفِّ مَعَ النَّاسِ فَهَذَا نُقْصَانٌ مِنْ رُوحِ الْإِيمَانِ وَ لَيْسَ يَضُرُّهُ شَيْئاً وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَقِصُ مِنْهُ رُوحُ الْقُوَّةِ وَ لَا يَسْتَطِيعُ جِهَادَ عَدُوِّهِ وَ لَا يَسْتَطِيعُ طَلَبَ الْمَعِيشَةِ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَقِصُ مِنْهُ رُوحُ الشَّهْوَةِ فَلَوْ مَرَّتْ بِهِ أَصْبَحُ بَنَاتِ آدَمَ لَمْ يَحِنَّ إِلَيْهَا وَ لَمْ يَقُمْ وَ تَبْقَى رُوحُ الْبَدَنِ فِيهِ فَهُوَ يَدِبُّ وَ يَدْرُجُ حَتَّى يَأْتِيَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَهَذَا بِحَالٍ خَيْرٍ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ هُوَ الْفَاعِلُ بِهِ وَ قَدْ يَأْتِي عَلَيْهِ حَالاتٌ فِي قُوَّتِهِ وَ شَبَابِهِ فَيَهُمُّ بِالْخَطِيئَةِ فَيُشَجِّعُهُ رُوحُ الْقُوَّةِ وَ يُزَيِّنُ لَهُ رُوحُ الشَّهْوَةِ وَ تَقُودُهُ رُوحُ الْبَدَنِ حَتَّى تُوقِعَهُ فِي الْخَطِيئَةِ فَإِذَا لَامَسَهَا نَقَصَ مِنَ الْإِيمَانِ وَ تَفَصَّى مِنْهُ فَلَيْسَ يَعُودُ فِيهِ حَتَّى يَتُوبَ فَإِذَا تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ إِنْ عَادَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ نَارَ جَهَنَّمَ فَأَمَّا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ فَهُمُ الْيَهُودُ وَ النَّصَارَى يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ «3» يَعْرِفُونَ مُحَمَّداً وَ الْوَلَايَةَ فِي التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ‏
__________________________________________________
 (1) البقرة: 253.
 (2) النحل: 70.
 (3) البقرة: 146.

180
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ فِي مَنَازِلِهِمْ وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ إِنَّكَ الرَّسُولُ إِلَيْهِمْ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ «1» فَلَمَّا جَحَدُوا مَا عَرَفُوا ابْتَلَاهُمْ بِذَلِكَ فَسَلَبَهُمْ رُوحَ الْإِيمَانِ وَ أَسْكَنَ أَبْدَانَهُمْ ثَلَاثَةَ أَرْوَاحٍ رُوحَ الْقُوَّةِ وَ رُوحَ الشَّهْوَةِ وَ رُوحَ الْبَدَنِ ثُمَّ أَضَافَهُمْ إِلَى الْأَنْعَامِ فَقَالَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ «2» لِأَنَّ الدَّابَّةَ إِنَّمَا تَحْمِلُ بِرُوحِ الْقُوَّةِ وَ تَعْتَلِفُ بِرُوحِ الشَّهْوَةِ وَ تَسِيرُ بِرُوحِ الْبَدَنِ فَقَالَ السَّائِلُ أَحْيَيْتَ قَلْبِي بِإِذْنِ اللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ «3».
ف «4»، تحف العقول أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ إِنَّ أُنَاساً يَزْعُمُونَ وَ ذَكَرَ نَحْوَهُ «5».
- ير، بصائر الدرجات عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن محمد بن داود عن أبي هارون العبدي عن محمد عن ابن نباتة مثله «6».
بيان و حرج منه أي ضاق حين أزعم أي أعتقد و أدعي موافقا لدعواهم يصلي صلاتي كأن صلاتي مفعول مطلق للنوع و كذا دعائي و المراد الدعوة إلى الدين أو دعاء الرب و طلب الحاجة منه في الصلاة و غيرها و الأول أنسب و يناكحني أي يعطيني زوجة كبنته و أخته و قيل المفاعلة في تلك الأفعال بمعنى الإفعال و يوارثني كأن في الإسناد مجازا أي جعل الله له في ميراثي و لي في ميراثه نصيبا «7» و عد الذنب يسيرا بالنسبة إلى الخلل في العقائد أو اليسير في مقابل الكثير و في البصائر يصلي إلى قبلتي و يدعو دعوتي إلى قوله أخرجه من الإيمان و فيه فقال صدقك أخوك إني سمعت رسول الله ص يقول خلق الله الخلق ثم ذكر الآية بتمامها إلى قوله أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ و على ما
__________________________________________________
 (1) البقرة: 147.
 (2) الفرقان: 44.
 (3) الكافي ج 2: 281 و 282.
 (4) في نسخة الكمبانيّ برمز قرب الإسناد، و هو سهو.
 (5) تحف العقول: 185.
 (6) بصائر الدرجات: 449 و 450.
 (7) و في تحف العقول ط اسلامية: يوارينى و اواريه.

181
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

في الكافي يمكن أن يقرأ صدقت على بناء المعلوم المخاطب أي القول الذي ذكرت عنهم صدق و حق أو صدقت في أنهم لا يخرجون من الإيمان رأسا بحيث تنتفي المناكحة و الموارثة و أمثالهما أو في أنهم لا يخرجون بمحض ارتكاب الذنب بل بالإصرار عليه أو المعلوم الغائب و الضمير للناس بتأويل أو المجهول المخاطب أي صدقوك فيما أخبروك.
و الاستدلال بالكتاب إما بالآيات المذكورة أو غيرها من الآيات الدالة على حصر المؤمن في جماعة موصوفين بصفات مخصوصة و على الأول كما هو الظاهر الاستدلال بأن الظاهر من التقسيم و ما يأتي بعده أن يكون التقسيم إلى الأنبياء و الأوصياء و إلى المؤمنين و إلى الكافرين و وصف أصحاب اليمين و جزاءهم بأوصاف لا تليق إلا بمن لم يستحق عقوبة و لم يرتكب كبيرة موجبة للنار فلا بد من دخول المصرين على الكبائر في أصحاب الشمال أو بأنه تعالى ذكر في وصف أصحاب الشمال الذين يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ «1» فالإصرار على الذنب العظيم يخرج من الإيمان.
قوله ع جعل الله فيهم خمسة أرواح أقول الروح يطلق على النفس الناطقة و على الروح الحيوانية السارية في البدن و على خلق عظيم إما من جنس الملائكة أو أعظم منهم كما قال تعالى يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا «2» و الأرواح المذكورة هنا يمكن أن تكون أرواحا مختلفة متباينة بعضها في البدن و بعضها خارجة عنه أو يكون المراد بالجميع النفس الناطقة الإنسانيه باعتبار أعمالها و درجاتها و مراتبها أو أطلقت على تلك الأحوال و الدرجات كما أنه يطلق عليها النفس الأمارة و اللوامة و المطمئنة و الملهمة بحسب درجاتها و مراتبها في الطاعة و العقل الهيولائي و بالملكة و بالفعل و المستفاد بحسب مراتبها في العلم و المعرفة و يحتمل أن تكون روح القوة و الشهوة و المدرج كلها الروح الحيوانية و روح الإيمان و روح القدس النفس الناطقة
__________________________________________________
 (1) الواقعة: 46.
 (2) النبأ: 38.

182
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

بحسب كمالاتها أو تكون الأربعة سوى روح القدس مراتب النفس و روح القدس الخلق الأعظم فإن ظاهر أكثر الأخبار مباينة روح القدس للنفس.
و يحتمل أن يكون ارتباط روح القدس متفرعا على حصول تلك الحالة القدسية للنفس فتطلق روح القدس على النفس في تلك الحالة و على تلك الحالة و على الجوهر القدسي الذي يحصل له الارتباط بالنفس في تلك الحالة كما أن الحكماء يقولون إن النفس بعد تخليها عن الملكات الردية و تحليها بالصفات العلية و كشف الغواشي الهيولانية و نقض العلائق الجسمانية يحصل لها ارتباط خاص بالعقل الفعال كارتباط البدن بالروح فتطالع الأشياء فيها و تفيض المعارف منه عليها آنا فآنا و ساعة فساعة و به يؤولون علم ما يحدث بالليل و النهار و هذا و إن كان مبتنيا على أصول فاسدة لا نقول بها لكن إنما ذكرناه للتشبيه و التنظير و علم جميع ذلك عند العليم الخبير.
قوله ع خلق الله الناس على ثلاث طبقات قيل الخلق بمعنى الإيجاد أو التقدير و وجه الحصر أن الناس إما كافر أو مؤمن و المؤمن إما أن تكون له قوة قدسية مقتضية للعصمة أو لم تكن و الأول أصحاب المشأمة و الأخير أصحاب الميمنة و الثاني السابقون و ذلك قول الله إشارة إلى قوله سبحانه في سورة الواقعة وَ كُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَ قَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ إلى آخر الآيات و قد مر تفسير الآيات في باب درجات الإيمان فإنهم بكسر الهمزة و قد يقرأ بفتحها أي فلأنهم أنبياء كأنه ع غلب الأنبياء على الأوصياء لأن الأوصياء في الأمم السابقة كان أكثرهم أو كلهم أنبياء فهذا يشمل الأئمة ع.
وَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ عَنِ الصَّادِقِ ع فَالسَّابِقُونَ هُمْ رُسُلُ اللَّهِ وَ خَاصَّةُ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ «1».
و في رواية أخرى الأنبياء و الأوصياء و يمكن عطف غير مرسلين‏
__________________________________________________
 (1) راجع بصائر الدرجات: 447، و هو يشبه حديث ابن نباتة.

183
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

على الأنبياء لكنه أبعد و كأن فيه نوع تقية و في البصائر مرسلين و غير مرسلين و في القاموس عالجه علاجا و معالجة زاوله و داواه و قال الشباب الفتاء كالشبيبة و جمع شاب كالشبان و قال دب يدب دبا و دبيبا مشى على هينته و قال درج دروجا مشى و في الصحاح دب الشيخ مشى مشيا رويدا فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم و هاتان الفقرتان ليستا في البصائر في شي‏ء من الروايتين في الموضعين «1» و على ما في الكافي كأن الذنب مؤول بترك الأولى كما مر مرارا أو كنايتان عن عدم صدورها عنهم.
تلك الرسل قال البيضاوي إشارة إلى الجماعة المذكورة قصصها في السورة أو المعلومة للرسول أو جماعة الرسل و اللام للاستغراق فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ بأن خصصناه بمنقبة ليست لغيره مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ و هو موسى و قيل موسى و محمد ع كلم موسى ليلة الحيرة و في الطور و محمدا ليلة المعراج حين فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى‏ و بينهما بون بعيد وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ بأن فضله على غيره من وجوه متعددة و بمراتب متباعدة و هو محمد ص فإنه خص بالدعوة العامة و الحجج المتكاثرة و المعجزات المستمرة و الآيات المتراقية المتعاقبة بتعاقب الدهر و الفضائل العلمية و العملية الفائتة للحصر و الإبهام لتفخيم شأنه كأنه العلم المتعين لهذا الوصف المستغني عن التعيين و قيل إبراهيم خصصه بالخلة التي هي أعلى المراتب و قيل إدريس لقوله تعالى وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا و قيل أولو العزم من الرسل «2».
وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ المعجزات الواضحات كإحياء الموتى و إبراء الأكمه و الأبرص و الإخبار بالمغيبات أو الإنجيل وَ أَيَّدْناهُ و قويناه بِرُوحِ الْقُدُسِ بالروح المقدسة كقولك حاتم الجود و رجل صدق أراد به جبرئيل أو روح عيسى و وصفها به لطهارته عن مس الشيطان أو لكرامته على الله و لذلك‏
__________________________________________________
 (1) يعني رواية جابر عن الصادق عليه السلام، و رواية الأصبغ عن أمير المؤمنين عليه السلام.
 (2) أنوار التنزيل: 61.

184
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

أضافها إلى نفسه أو لأنه لم تضمها الأصلاب و الأرحام الطوامث أو الإنجيل أو اسم الله الأعظم الذي كان يحيي به الموتى و خص عيسى ع بالتعيين لإفراط اليهود و النصارى في تحقيره و تعظيمه و جعل معجزاته سبب تفضيله لأنها آيات واضحة و معجزات عظيمة لم يستجمعها غيره.
ثم قال في جماعتهم ظاهره أن المراد أنه قال ذلك في عموم الأنبياء و الرسل و هو مخالف لظاهر سياق الآيات و المشهور بين المفسرين و الآيات هكذا كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَ رُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ و قال البيضاوي أُولئِكَ أي الذين لم يوادوهم «1» و أقول يمكن توجيهه بوجوه.
الأول أن يكون أولئك إشارة إلى الرسل في قوله وَ رُسُلِي و هو و إن كان بعيدا لفظا فليس ببعيد معنى و لا ينافي ما مر في بعض الأخبار أنه الروح الذي في المؤمنين جميعا و يفارقهم في وقت المعصية لأنهم أكمل المؤمنين و فيهم هذا الروح أيضا على وجه الكمال و إن كان في سائر المؤمنين صنف منه و هذا غير روح القدس كما مر في الخمسة.
الثاني أن يكون إشارة إلى المؤمنين و ذكره ع هذه الآية لبيان أنهم أيضا مؤيدون بهذا الروح لأنهم أكمل المؤمنين كما عرفت.
الثالث أن يكون المراد بجماعتهم الجماعة المخصوصين بالرسل من خواص أممهم و أتباعهم و كونه في خواص أتباعهم يستلزم كونه فيهم أيضا و في البصائر في حديث جابر بعد قوله و روح البدن و بين ذلك في كتابه حيث قال تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا الآية و بعدها ثم قال في جميعهم وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ و هذا يأبى عن هذا الحمل بل عن الثاني أيضا إلا بتكلف.
__________________________________________________
 (1) أنوار التنزيل: 426.

185
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

و هم المؤمنون حقا أي يكون إيمانهم واقعيا و لا يكون باطنهم مخالفا لظاهرهم فيكونون منافقين على بعض الاحتمالات السابقة أو المراد بهم المؤمنون الذين لا يتركون الفرائض و لا يرتكبون الكبائر إلا اللمم فالذين يفعلون ذلك و لا يتوبون داخلون في أصحاب الشمال لكنه يأبى عنه ما سيأتي من التخصيص بأهل الكتاب و سيأتي القول فيه و قوله بأعيانهم ليس في رواية جابر و كأن المعنى بخصوصهم أو بأنفسهم من غير أن يلحق بهم أتباعهم يستكمل هذه الأرواح أي يطلب كمالها و تمامها أو يتصف بها كاملة و في البصائر بهذه الأرواح و في رواية جابر مستكملا بهذه الأرواح و هما أظهر و هما على بناء المفعول في القاموس استكمله و كمله أتمه و جمله.
إِلى‏ أَرْذَلِ الْعُمُرِ في مجمع البيان أي أدون العمر و أوضعه أي يبقيه حتى يصير إلى حال الهرم و الخرف فيظهر النقصان في جوارحه و حواسه و عقله و روي عن علي ع أن أرذل العمر خمس و سبعون سنة و روي مثل ذلك عن النبي ص و عن قتادة تسعون سنة لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً أي ليرجع إلى حال الطفولية لنسيان ما كان علمه لأجل الكبر فكأنه لا يعلم شيئا مما كان عليه و قيل ليقل علمه بخلاف ما كان عليه في حال شبابه انتهى «1» و قال البيضاوي و قيل هو خمس و تسعون سنة «2» و أقول في روضة الكافي أنه مائة سنة و قيل الكاف في قوله كما قال الله لبيان أن القريب من أرذل العمر أيضا داخل في المراد و ليس بالذي يخرج من دين الله.
قال بعض المحققين إن قيل قد ثبت أن الإنسان إنما يبعث على ما مات عليه فإذا مات الكبير على غير معرفة فكيف يبعث عارفا قلنا لما كان مانعه عن الالتفات إلى معارفه أمرا عارضا و هو اشتغاله بتدبير البدن فلما زال ذلك بالموت برزت له معارفه التي كانت كامنة في ذاته بخلاف من لم يحصل المعرفة أصلا
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 6: 372.
 (2) أنوار التنزيل: 230.

186
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

فإنه ليس في ذاته شي‏ء ليبرز له.
لأن الفاعل به رده أي إن الله الفاعل به المدبر لأمره رده أو الرب الفاعل به القوى الأربع و خالقها فيه رده أو فاعل آخر غير نفسه رده و لا تقصير له فيه و الأول أظهر و في البصائر لأن الله الفاعل ذلك به و هو أصوب و لا يستطيع التهجد بالليل و لا بالنهار كأنه استعمل التهجد هنا في مطلق العبادة أو يقدر فعل آخر كقولهم‏
          علفتها تبنا و ماء باردا

 و قيل المراد بالتهجد هنا التيقظ من نوم الغفلة و أصل التهجد مجانبة الهجود في الليل للصلاة و في القاموس الهجود النوم كالتهجد و بالفتح المصلي بالليل و الجمع بالضم و هجد و تهجد استيقظ كهجد ضد و في البصائر و لا الصيام بالنهار و هو أصوب.
و لا القيام في الصف أي لصلاة الجماعة و يحتمل الجهاد و ليس يضره شيئا لأن ترك الأفعال مع القدرة عليها يوجب نقص الإيمان لا مع العذر و لا يوجب نقص ثوابه أيضا لما ورد في الأخبار أنه يكتب له مثل ما كان يعمله في حال شبابه و قوته و صحته و فيهم أي في أصحاب الميمنة أو في أصحاب تلك الحالات من ينتقص منه روح القوة أي هي فقط أو بسبب غير الكبر في السن و منهم يحتمل الوجهين المتقدمين و ثالثا و هو إرجاع الضمير إلى الذين ينتقص منهم روح القوة و على الوجهين الآخرين كان المراد مع نقص الروح السابقة لقوله و يبقى روح البدن.
لم يحن إليها أي لا يشتاق إليها و لم يقم أي إليها لطلبها و مراودتها و قيل أي لم تقم آلته لها و لا يخفى بعده و في رواية جابر و قد يأتي على العبد تارات ينقص منه بعض هذه الأربعة و ذلك قول الله تعالى وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى‏ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً «1» فينتقص روح القوة و لا يستطيع مجاهدة العدو و لا معالجة المعيشة و ينتقص منه روح الشهوة فلو مرت به أحسن بنات‏
__________________________________________________
 (1) النحل: 70.

187
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

بني آدم لم يحن إليها و تبقى فيه روح الإيمان و روح البدن فبروح الإيمان يعبد الله و بروح البدن يدب و يدرج حتى يأتيه ملك الموت إلى آخر الخبر و كأنه أظهر.
فهذا بحال خير أي لا يضره هذا النقص في الأرواح و قيل المعنى أنه يسقط عنه بعض التكاليف الشرعية كالجماع في كل أربعة أشهر و القسمة بين النساء و لا يخفى ما فيه في قوته كلمة في للسببية أو للظرفية أي وقت قوته نقص النقص يكون لازما و متعديا و هنا يحتملهما فعلى الأول المعنى نقص بعض الإيمان فمن بمعنى البعض أو نقص شي‏ء منه فيكون فاعلا و على الثاني يكون مفعولا و تفصى منه بالفاء أي خرج من الإيمان أو خرج الإيمان منه في القاموس أفصى تخلص من خير أو شر كتفصى و في النهاية يقال تفصيت من الأمر تفصيا إذا خرجت منه و تخلصت و ربما يقرأ بالقاف أي بعد منه و هو تصحيف.
و إن عاد أي من غير توبة على وجه الإصرار و قيل هو من العادة أدخله الله نار جهنم أي يستحق ذلك و يدخله إن لم يعف عنه لكن يخرجه بعد ذلك إلا أن يصير مستحلا أو تاركا لولاية أهل البيت ع و يؤيده أن في البصائر هكذا فإذا مسها انتقص من الإيمان و نقصانه من الإيمان ليس بعائد فيه أبدا أو يتوب فإن تاب و عرف الولاية تاب الله عليه و إن عاد و هو تارك الولاية أدخله الله نار جهنم.
و أقول كأنه لم يذكر العود مع الولاية و أبهم ذلك إما لعدم اجتراء الشيعة على المعصية أو لأن الإصرار يصير سببا لترك الولاية غالبا أو أحيانا.
فهم اليهود و النصارى كأن ذكرهما على المثال و المراد جميع الكفار و المنكرين للعقائد الإيمانية الذين تمت عليهم الحجة و يؤيده ما في رواية جابر حيث قال و أما ما ذكرت من أصحاب المشأمة فمنهم أهل الكتاب الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ قال البيضاوي يعني علماءهم يَعْرِفُونَهُ الضمير لرسول الله ص‏

188
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

و إن لم يسبق ذكره لدلالة الكلام عليه و قيل للعلم أو القرآن أو التحويل يعني تحويل القبلة كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ يشهد للأول أي يعرفونه بأوصافه كمعرفتهم أبناءهم و لا يلتبسون عليهم بغيرهم وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ تخصيص لمن عاند و استثناء لمن آمن الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ كلام مستأنف و الْحَقُّ إما مبتدأ خبره مِنْ رَبِّكَ و اللام للعهد و الإشارة إلى ما عليه الرسول أو الحق الذي يكتمونه أو للجنس و المعنى أن الحق ما ثبت أنه من الله كالذي أنت عليه لا ما لم يثبت كالذي عليه أهل الكتاب و إما خبر مبتدإ محذوف أي هو الحق و مِنْ رَبِّكَ حال أو خبر بعد خبر و قرئ بالنصب على أنه بدل من الأول أو مفعول يعلمون فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ الشاكين في أنه من ربك أو في كتمانهم الحق عالمين به و ليس المراد به نهي رسول الله ص عن الشك فيه لأنه غير متوقع منه و ليس بقصد و اختيار بل إما تحقيق الأمر و أنه بحيث لا يشك فيه ناظر أو أمر الأمة باكتساب المعارف المزيحة للشك على الوجه الأبلغ «1».
قوله و الولاية أي يعرفون محمدا بالنبوة و أوصياءهم بالإمامة و الولاية و إنما اكتفى بذكر محمد ص لأن معرفته على وجه الكمال يستلزم معرفة أوصيائه أو لأنه الأصل و العمدة أنك الرسول إليهم بيان للحق و في البصائر الحق من ربك الرسول من الله إليهم بالحق و الظاهر أن قراءتهم ع كان على النصب ابتلاهم الله بذلك أي بسبب ذلك الجحود و قوله فسلبهم بيان للابتلاء.
و أقول يحتمل أن يكون الغرض من ذكر الآية بيان سلب روح الإيمان من هؤلاء بقوله تعالى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ فإن الظاهر أن هذا تعريض لهم بأنهم من الشاكين على أحد وجهين أحدهما أنه لما جحدوا ما عرفوا سلب الله منهم التوفيق و اللطف فصاروا شاكين و مع الشك لا يبقى الإيمان فسلب منهم روحه لأنه لا يكون مع عدم الإيمان أو سلب منهم أولا الروح المقوي للإيمان‏
__________________________________________________
 (1) أنوار التنزيل: 44 و الآية في البقرة: 136.

189
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

فصاروا شاكين و ثانيهما أنهم لما أنكروا ظاهرا ما عرفوا يقينا نسبهم إلى الامتراء و ألحقهم بالشاكين لأن اليقين إنما يكون إيمانا إذا لم يقارن الإنكار الظاهري فلذا سلبهم الروح الذي هو لازم الإيمان و يؤيده أن في البصائر ابتلاهم الله بذلك الذم و هذان الوجهان مما خطر بالبال في غاية المتانة.
و أسكن أبدانهم تخصيص تلك الأرواح بالأبدان لأن الروحين الآخرين ليسا مما يسكن البدن و إن كانا متعلقين به.
و اعلم أن الروح يذكر و يؤنث و إنما بسطنا الكلام في شرح هذا الخبر لأنه لم يتعرض أحد لإيضاح الدقائق المستنبطة منه.
4- ثو، ثواب الأعمال عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ صَبَّاحِ بْنِ سَيَابَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقِيلَ لَهُ تَرَى الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَ هُوَ مُؤْمِنٌ قَالَ لَا إِذَا كَانَ عَلَى بَطْنِهَا سُلِبَ الْإِيمَانُ مِنْهُ فَإِذَا قَامَ رُدَّ عَلَيْهِ قَالَ فَإِنَّهُ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ قَالَ مَا أَكْثَرَ مَنْ يَهُمُّ أَنْ يَعُودَ ثُمَّ لَا يَعُودُ «1».
5- ثو، ثواب الأعمال عَنِ ابْنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ص إِذَا زَنَى الرَّجُلُ فَارَقَهُ رُوحُ الْإِيمَانِ قَالَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ذَلِكَ الَّذِي يُفَارِقُهُ «2».
كا، الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال مثله «3» بيان حاصله أن يفارقه كمال الإيمان و نوره و ما به يترتب عليه آثاره إذ الإيمان و التصديق بدون تأثيره في فعل الطاعات و ترك المناهي كبدن بلا روح و قد عرفت أنه قد يطلق على ملك موكل بقلب المؤمن يهديه في مقابلة شيطان يغويه و على نصرة ذلك الملك و لا ريب في أن المؤمن إذا زنى فارقه روح الإيمان‏
__________________________________________________
 (1) ثواب الأعمال: 234، و سيأتي مثله عن الكافي ج 2: 281.
 (2) ثواب الأعمال: 235. و الآية في المجادلة: 22.
 (3) الكافي ج 2 ص 280.

190
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

بتلك المعاني فإذا فرغ من العمل فإن تاب يعود إليه الروح كاملا و إلا يعود إليه في الجملة و الضمير المجرور في قوله بِرُوحٍ مِنْهُ راجع إلى الله أو إلى الإيمان و الأول أظهر.
6- ير، بصائر الدرجات عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيِّ عَنْ دُرُسْتَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَنِ الرُّوحِ قَالَ يَا جَابِرُ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ عَلَى ثَلَاثِ طَبَقَاتٍ وَ أَنْزَلَهُمْ ثَلَاثَ مَنَازِلَ وَ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ «1» فَأَمَّا مَا ذَكَرَ مِنَ السَّابِقِينَ فَهُمْ أَنْبِيَاءُ مُرْسَلُونَ وَ غَيْرُ مُرْسَلِينَ جَعَلَ اللَّهُ فِيهِمْ خَمْسَةَ أَرْوَاحٍ رُوحَ الْقُدُسِ وَ رُوحَ الْإِيمَانِ وَ رُوحَ الْقُوَّةِ وَ رُوحَ الشَّهْوَةِ وَ رُوحَ الْبَدَنِ وَ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ «2» ثُمَّ قَالَ فِي جَمِيعِهِمْ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «3» فَبِرُوحِ الْقُدُسِ بُعِثُوا أَنْبِيَاءَ مُرْسَلِينَ وَ غَيْرَ مُرْسَلِينَ وَ بِرُوحِ الْقُدُسِ عَلِمُوا جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ وَ بِرُوحِ الْإِيمَانِ عَبَدُوا اللَّهَ وَ لَمْ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِرُوحِ الْقُوَّةِ جَاهَدُوا عَدُوَّهُمْ وَ عَالَجُوا مَعَايِشَهُمْ وَ بِرُوحِ الشَّهْوَةِ أَصَابُوا لَذَّةَ الطَّعَامِ وَ نَكَحُوا الْحَلَالَ مِنَ النِّسَاءِ وَ بِرُوحِ الْبَدَنِ يَدِبُّ وَ يَدْرُجُ وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَصْحَابِ الْمَيْمَنَةِ فَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً جَعَلَ فِيهِمْ أَرْبَعَةَ أَرْوَاحٍ رُوحَ الْإِيمَانِ وَ رُوحَ الْقُوَّةِ وَ رُوحَ الشَّهْوَةِ وَ رُوحَ الْبَدَنِ وَ لَا يَزَالُ الْعَبْدُ مُسْتَكْمِلًا بِهَذِهِ الْأَرْوَاحِ الْأَرْبَعَةِ حَتَّى يَهُمَّ بِالْخَطِيئَةِ فَإِذَا هَمَّ بِالْخَطِيئَةِ تَزَيَّنَ لَهُ رُوحُ الشَّهْوَةِ وَ شَجَّعَهُ رُوحُ الْقُوَّةِ وَ قَادَهُ رُوحُ الْبَدَنِ حَتَّى يُوقِعَهُ فِي‏
__________________________________________________
 (1) الواقعة: 8- 11.
 (2) البقرة: 253.
 (3) المجادلة: 22.

191
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

تِلْكَ الْخَطِيئَةِ فَإِذَا لَامَسَ الْخَطِيئَةَ انْتَقَصَ مِنَ الْإِيمَانِ وَ انْتَقَصَ الْإِيمَانُ مِنْهُ فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ قَدْ تَأْتِي عَلَى الْعَبْدِ تَارَاتٌ يَنْقُصُ مِنْهُ بَعْضُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى‏ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً «1» فَتَنْتَقِصُ رُوحُ الْقُوَّةِ وَ لَا يَسْتَطِيعُ مُجَاهَدَةَ الْعَدُوِّ وَ لَا مُعَالَجَةَ الْمَعِيشَةِ وَ تَنْتَقِصُ مِنْهُ رُوحُ الشَّهْوَةِ فَلَوْ مَرَّتْ بِهِ أَحْسَنُ بَنَاتِ آدَمَ لَمْ يَحِنَّ إِلَيْهَا وَ تَبْقَى فِيهِ رُوحُ الْإِيمَانِ وَ رُوحُ الْبَدَنِ فَبِرُوحِ الْإِيمَانِ يَعْبُدُ اللَّهَ وَ بِرُوحِ الْبَدَنِ يَدِبُّ وَ يَدْرُجُ حَتَّى يَأْتِيَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَصْحَابِ الْمَشْأَمَةِ فَمِنْهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ «2» عَرَفُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ الْوَصِيَّ مِنْ بَعْدِهِ وَ كَتَمُوا مَا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ بَغْياً وَ حَسَداً فَسَلَبَهُمْ رُوحَ الْإِيمَانِ وَ جَعَلَ لَهُمْ ثَلَاثَةَ أَرْوَاحٍ رُوحَ الْقُوَّةِ وَ رُوحَ الشَّهْوَةِ وَ رُوحَ الْبَدَنِ ثُمَّ أَضَافَهُمْ إِلَى الْأَنْعَامِ فَقَالَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا «3» لِأَنَّ الدَّابَّةَ إِنَّمَا تَحْمِلُ بِرُوحِ الْقُوَّةِ وَ تَعْتَلِفُ بِرُوحِ الشَّهْوَةِ وَ تَسِيرُ بِرُوحِ الْبَدَنِ «4».
7- سر، السرائر مِنْ كِتَابِ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَ رَأَيْتَ قَوْلَ النَّبِيِّ ص لَا يَزْنِي الزَّانِي وَ هُوَ مُؤْمِنٌ قَالَ يُنْزَعُ مِنْهُ رُوحُ الْإِيمَانِ قَالَ يُنْزَعُ مِنْهُ رُوحُ الْإِيمَانِ قَالَ قُلْتُ فَحَدِّثْنِي بِرُوحِ الْإِيمَانِ قَالَ هُوَ شَيْ‏ءٌ ثُمَّ قَالَ هَذَا أَجْدَرُ أَنْ تَفْهَمَهُ أَ مَا رَأَيْتَ الْإِنْسَانَ يَهُمُّ بِالشَّيْ‏ءِ فَيَعْرِضُ بِنَفْسِهِ الشَّيْ‏ءَ يَزْجُرُهُ عَنْ ذَلِكَ وَ يَنْهَاهُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ هُوَ ذَاكَ.
جا، المجالس للمفيد عَنِ الْجِعَابِيِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي آخَرِينَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ خَالِهِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ
__________________________________________________
 (1) النحل: 70.
 (2) البقرة: 146 و 147.
 (3) الفرقان: 44.
 (4) بصائر الدرجات: 447- 449.

192
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

الْعَطَّارِ وَ كَانَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُنْذِرِ بْنِ جَيْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بُرَيْدٍ الْبَانِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ الْمَاصِرُ وَ أَبُو حَنِيفَةَ وَ عُمَرُ بْنُ زِرٍّ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِمْ فَسَأَلُوهُ عَنِ الْإِيمَانِ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا يَزْنِي الزَّانِي وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا يَسْرِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَنْظُرُ إِلَى بَعْضٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ زِرٍّ بِمَ نُسَمِّيهِمْ فَقَالَ بِمَا سَمَّاهُمُ اللَّهُ وَ بِأَعْمَالِهِمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما «1» وَ قَالَ الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ «2» فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَنْظُرُ إِلَى بَعْضٍ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ وَ أَخْبَرَنِي بِشْرُ بْنُ عُمَرَ بْنِ زِرٍّ وَ كَانَ مَعَهُمْ قَالَ لَمَّا خَرَجْنَا قَالَ عُمَرُ بْنُ زِرٍّ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَلَّا قُلْتَ مَنْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ مَا أَقُولُ لِرَجُلٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص «3».
بيان: بم نسميهم بناء سؤاله على أنه لا واسطة بين الإيمان و الكفر فإذا لم يكونوا مؤمنين فهم كفار و بناء الجواب على الواسطة كما عرفت من عن رسول الله أي لم لم تسأله من أخبرك بهذا الحديث عن رسول الله فأجاب بأنه إذا ادعى العلم و نسب القول إليه كيف أستطيع أن أسأله من أخبرك.
9- ختص، الإختصاص عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ رُوحَ الْإِيمَانِ وَاحِدَةٌ خَرَجَتْ مِنْ عِنْدِ وَاحِدٍ وَ يَتَفَرَّقُ فِي أَبْدَانٍ شَتَّى فَعَلَيْهِ ائْتَلَفَتْ وَ بِهِ تَحَابَّتْ وَ سَيَخْرُجُ مِنْ شَتَّى وَ يَعُودُ وَاحِداً وَ يَرْجِعُ إِلَى عِنْدِ وَاحِدٍ «4».
بيان: فيه إيماء إلى أن روح الإيمان هي قوة الإيمان و الملكة الداعية إلى الخير فهي معنى واحد و حقيقة واحدة اتصفت بأفرادها النفوس و بعد ذهاب النفوس ترد إلى الله و إلى علمه فيجازيهم بحسبها و يحتمل أن تكون خلقا واحدا
__________________________________________________
 (1) المائدة: 38.
 (2) النور: 2.
 (3) مجالس المفيد: 20.
 (4) الاختصاص: 249.

193
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

تعين جميع النفوس على الطاعة بحسب إيمانهم و قابليتهم و استعدادهم كما تقول الحكماء في العقل الفعال و أومأنا إليه.
10- كا، الكافي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى جَمِيعاً عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي خَدِيجَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ ع فَقَالَ لِي إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَيَّدَ الْمُؤْمِنَ بِرُوحٍ مِنْهُ تَحْضُرُهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ يُحْسِنُ فِيهِ وَ يَتَّقِي وَ تَغِيبُ عَنْهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ يُذْنِبُ فِيهِ وَ يَعْتَدِي فَهِيَ مَعَهُ تَهْتَزُّ سُرُوراً عِنْدَ إِحْسَانِهِ وَ تَسِيخُ فِي الثَّرَى عِنْدَ إِسَاءَتِهِ فَتَعَاهَدُوا عِبَادَ اللَّهِ نِعَمَهُ بِإِصْلَاحِكُمْ أَنْفُسَكُمْ تَزْدَادُوا يَقِيناً وَ تَرْبَحُوا نَفِيساً ثَمِيناً رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً هَمَّ بِخَيْرٍ فَعَمِلَهُ أَوْ هَمَّ بِشَرٍّ فَارْتَدَعَ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ نَحْنُ نُؤَيِّدُ الرُّوحَ بِالطَّاعَةِ لِلَّهِ وَ الْعَمَلِ لَهُ «1».
بيان: قد مر تفسير الروح و الأظهر أن المراد هنا أيضا الملك و المراد بالإحسان الإتيان بالطاعات و بالاتقاء الاجتناب عن المنهيات و الاعتداء التجاوز عن حدود الشريعة أو الظلم على غيره بل على نفسه أيضا تهتز أي تتحرك سرورا و في القاموس هزه و به حركه و الحادي الإبل هزيزا نشطها بحدائه و الهزة بالكسر النشاط و الارتياح و تهزهز إليه قلبي ارتاح للسرور و اهتز عرش الرحمن لموت سعد أي ارتاح بروحه و استبشر لكرامته على ربه «2».
و قال ساخت قوائمه أي خاضت و الشي‏ء رسب و الأرض بهم انخسفت و الثرى قيل هو التراب الندي و هو الذي تحت الظاهر من وجه الأرض فإن لم يكن نديا فهو تراب و لا يقال ثرى و أقول يظهر من الأخبار أنه منتهى المخلوقات السفلية و عند ذلك ضل علم العلماء و قال الفيروزآبادي الثرى الندي و التراب الندي أو الذي إذا بل لم يصر طينا و الأرض و قال تعهده و تعاهده تفقده و أحدث العهد به و في المصباح عهدت الشي‏ء ترددت إليه و أصلحته و حقيقته‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 268.
 (2) القاموس ج 2: 196.

194
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

تجديد العهد به و تعهدته حفظته و قال ابن فارس و لا يقال تعاهدته لأن التفاعل لا يكون إلا من اثنين و قال الفارابي تعهدته أصلح من تعاهدته انتهى.
و الظاهر أن المراد هنا حفظ نعم الله و استبقاؤها و استعمال ما يوجب دوامها و بقاءها و المراد بالنعم هنا النعم الروحانية من الإيمان و اليقين و التأييد بالروح و التوفيقات الربانية و تعاهدها إنما يكون بترك الذنوب و المعاصي و الأخلاق الدنية التي توجب نقصها أو زوالها كما قال ع بإصلاحكم أنفسكم و يقينا تميز و زيادة اليقين لقوله تعالى لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ «1» و أيضا إصلاح النفس يوجب الترقي في الإيمان و اليقين و ما يوجب الفلاح في الآخرة كما قال سبحانه قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها «2» و النفيس الكريم الشريف الذي يتنافس فيه و في المصباح نفس الشي‏ء نفاسا كرم فهو نفيس و نفست به مثل ضننت لنفاسته وزنا و معنى و الثمين العظيم الثمن و المراد بهما هنا الجنة و درجاتها العالية و نعمها الباقية هم بخير أي أراده و قصده فارتدع عنه أي انزجر عنه و تركه و نحن نؤيد الروح أي نقويه و في بعض النسخ نزيد فيرجع إلى التأييد أيضا فإنه يتقوى بالطاعة كأنه يزيد.
11- كا، الكافي عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنْ دَاوُدَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ص إِذَا زَنَى الرَّجُلُ فَارَقَهُ رُوحُ الْإِيمَانِ قَالَ فَقَالَ هُوَ مِثْلُ‏قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ «3» ثُمَّ قَالَ غَيْرُ هَذَا أَبْيَنُ مِنْهُ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ هُوَ الَّذِي فَارَقَهُ «4».
__________________________________________________
 (1) إبراهيم: 7.
 (2) الشمس: 9 و 10.
 (3) البقرة: 268.
 (4) الكافي ج 2 ص 284، و الآية في المجادلة: 22.

195
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

بيان: لم يكن في بعض النسخ من قول الله إلى قول الله فهو على قياس سائر الأخبار و على تقديره فصدر الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ أي من حلاله أو من جياده وَ مِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ أي و من طيبات ما أخرجنا من الحبوب و الثمر و المعادن فحذف المضاف لتقدم ذكره وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ أي و لا تقصدوا الردي مِنْهُ أي من المال أو مما أخرجنا و تخصيصه بذلك لأن التفاوت فيه أكثر تُنْفِقُونَ حال مقدرة من فاعل تَيَمَّمُوا و يجوز أن يتعلق به مِنْهُ و يكون الضمير للخبيث و الجملة حالا منه و روي عن ابن عباس أنهم كانوا يتصدقون بحشف التمر و شراره فنهوا عنه و كان وجه التشبيه أن الأعمال الصالحة إنفاق من النفس و إذا فارقها روح الإيمان بسبب الأعمال السيئة تصير خبيثا فلا يصلح الإنفاق منها إلا بعد تطهيرها بالتوبة و الأعمال الصالحة أو يقال الإنفاق من الإيمان و الإيمان المشوب بالكبائر خبيث كالمال الردي الذي كانوا يخرجونها في الزكوات و لا يقبل الله إلا الطيب كما قال تعالى إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ و قيل وجه المماثلة أن إيمان الزاني ناقص لا أنه معدوم بكله كما أن الإنفاق من مال الخبيث ناقص لا أنه ليس بإنفاق أصلا.
12- نهج، نهج البلاغة فِي حَدِيثِهِ ع إِنَّ الْإِيمَانَ يَبْدُو لُمْظَةً فِي الْقَلْبِ كُلَّمَا ازْدَادَ الْإِيمَانُ ازْدَادَتِ اللُّمْظَةُ «1».
بيان: قال السيد ره بعد هذا الكلام اللمظة مثل النكتة أو نحوها من البياض و منه قيل فرس ألمظ إذا كان بجحفلته شي‏ء من البياض انتهى.
و قال ابن أبي الحديد قال أبو عبيد هي لمظة بضم اللام و المحدثون يقولون لمظة بالفتح و المعروف من كلام العرب الضم و قال و في الحديث حجة على من أنكر أن يكون الإيمان يزيد و ينقص و الجحفلة للبهائم بمنزلة الشفة للإنسان.
__________________________________________________
 (1) نهج البلاغة ج 2 ص 204.

196
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

13- كا، الكافي عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ نُعْمَانَ الرَّازِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ مَنْ زَنَى خَرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ وَ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ خَرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ وَ مَنْ أَفْطَرَ يَوْماً مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مُتَعَمِّداً خَرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ «1».
14- كا، الكافي بِالْإِسْنَادِ عَنْ يُونُسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَ يَزْنِي الزَّانِي وَ هُوَ مُؤْمِنٌ قَالَ لَا إِذَا كَانَ عَلَى بَطْنِهَا سُلِبَ الْإِيمَانَ فَإِذَا قَامَ رُدَّ إِلَيْهِ فَإِنْ عَادَ سُلِبَ قُلْتُ فَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَعُودَ فَقَالَ مَا أَكْثَرَ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَعُودَ فَلَا يَعُودُ إِلَيْهِ أَبَداً «2».
بيان: سلب الإيمان الإيمان إما مرفوع بنيابة الفاعل أو منصوب بكونه ثاني مفعول سلب و المفعول الأول النائب للفاعل الضمير الراجع إلى الزاني فقال ما أكثر من يريد الحاصل أنه ليس لإرادة العود حكم العود كما أن إرادة أصل المعصية ليست كنفس المعصية فإنها صغيرة مكفرة و لو لم تكن مكفرة بعد الفعل باعتبار ترك التوبة و الإصرار على الذنب فلا ريب أن أصل الفعل أشد.
15- كا، الكافي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: يُسْلَبُ مِنْهُ رُوحُ الْإِيمَانِ مَا دَامَ عَلَى بَطْنِهَا فَإِذَا نَزَلَ عَادَ الْإِيمَانُ قَالَ قُلْتُ أَ رَأَيْتَ إِنْ هَمَّ قَالَ لَا أَ رَأَيْتَ إِنْ هَمَّ أَنْ يَسْرِقَ أَ تُقْطَعُ يَدُهُ «3».
بيان: عاد الإيمان أي إليه فالمراد به الإيمان الكامل أو الإيمان الذي معه الروح فاللام للعهد و فيه إشارة إلى أن الإيمان الذي فارقه الروح ليس بإيمان كما أن الجسد الذي فارقه الروح ليس بإنسان مع أنه يحتمل أن تكون إضافة الروح إلى الإيمان بيانية و يحتمل أن يكون المراد عاد الإيمان إلى كماله أو إلى حالة التي كان عليها قبل الزنا أي كما أنه قبل الزنا كان إيمانه قابلا للشدة و الضعف‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2: 278.
 (2) الكافي ج 2: 278.
 (3) الكافي ج 2 ص 281.

197
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

فكذا بعد الزناء قابل لهما بالتوبة و عدمها فلا ينافي ما روي من عدم العود إليه إلا بعد التوبة.
و قيل لعل المراد أنه يسلب منه شعبة من شعب الإيمان و هي إيمان أيضا فإن المؤمن يعلم أن الزناء مهلك و يزهر نور هذا العلم في قلبه و يبعثه على كف الألة عن الفعل المخصوص و كل واحد منهما أعني العلم و الكف إيمان و شعبة من الإيمان أيضا فإذا غلبت الشهوة على العقل و أحاطت ظلمتها بالقلب زال عنه نور ذلك العلم و اشتغلت الآلة بذلك الفعل فانتقصت عن الإيمان شعبتان فإذا انقضت الشهوة و عاد العقل إلى ممالكه و علم وقوع الفساد فيها و شرع في إصلاحها بالندامة عن الغفلة صار ذلك الفعل كالعدم و زالت تلك الظلمة عن القلب و يعود نور ذلك العلم فيعود إيمانه و يصير كاملا بعد ما صار ناقصا انتهى.
قوله أ رأيت إن هم أي قصد الزنا هل يفارقه روح الإيمان أو إن كان بعد الزنا قاصدا للعود هل يمنع ذلك عود الإيمان قال لا و الأول أظهر أ رأيت إن هم أقول المعنى أنه كما أن قصد السرقة ليس كنفسها في المفاسد و العقوبات فكذا قصد الزنا ليس كنفسها في المفاسد أو يقال لما كان ذكر الزنا على سبيل المثال و الحكم شاملا للسرقة و غيرها فالغرض التنبيه بالأحكام الظاهرة على الأحكام الباطنة.
فإن قيل على الوجهين هذا قياس فقهي و هو ليس بحجة عند الإمامية قلت ليس الغرض الاستدلال بالقياس فإنه ع لا يحتاج إلى ذلك و قوله في نفسه حجة بل هو تنبيه بذكر نظير للتوضيح و رفع استبعاد السائل أو إلزام على المخالفين على أن القياس الفقهي إنما لا يكون حجة لاستنباط العلة و عدم العلم بها أما مع العلم بها فيرجع إلى القياس المنطقي لكن يرد عليه أنه لما كان العلم بالعلة من جهة قوله ع فقوله يكفي لثبوت أصل الحكم فيرجع إلى الوجه الأول ..
16- كا، الكافي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سَعْدَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ لِلْقَلْبِ أُذُنَيْنِ فَإِذَا هَمَّ الْعَبْدُ بِذَنْبٍ قَالَ لَهُ رُوحُ الْإِيمَان‏

198
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

لَا تَفْعَلْ وَ قَالَ لَهُ الشَّيْطَانُ افْعَلْ وَ إِذَا كَانَ عَلَى بَطْنِهَا نُزِعَ مِنْهُ رُوحُ الْإِيمَانِ «1».
بيان: على بطنها أي المرأة المزني بها كما في سائر الأخبار.
17- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ لِقَلْبِهِ أُذُنَانِ فِي جَوْفِهِ أُذُنٌ يَنْفُثُ فِيهَا الْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ وَ أُذُنٌ يَنْفُثُ فِيهَا الْمَلَكُ فَيُؤَيِّدُ اللَّهُ الْمُؤْمِنَ بِالْمَلَكِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «2».
18- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ «3» قَالَ هُوَ الْإِيمَانُ قَالَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ قَالَ هُوَ الْإِيمَانُ «4».
بيان: كأن المراد بالسكينة الثبات و طمأنينة النفس و شدة اليقين بحيث لا يتزلزل عند الفتن و عروض الشبهات بل هذا إيمان موهبي يتفرع على الأعمال الصالحة و المجاهدات الدينية سوى الإيمان الحاصل بالدليل و البرهان و لذا قال لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ و الحاصل أن تفسيره ع السكينة بالإيمان إما لكون هذا اليقين كمال الإيمان أو إيمانا موهبيا ينضم إلى الإيمان الاستدلالي و هذا مما يدل على أن اليقين يقبل الشدة و الضعف كما سيأتي تحقيقه إن شاء الله و كأن المراد بالروح أيضا الإيمان الموهبي لأنه قال ذلك بعد قوله كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ أو المراد به قوة الإيمان و كماله و يحتمل أن يكون المراد به‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2: 267.
 (2) الكافي ج 2: 267 و الآية في المجادلة: 22، و في نسخة الكمبانيّ بعد هذا الحديث حديث آخر من الكافي مر تحت الرقم 10، مع شرحها نقلا عن المرآة، و لذلك حذفناه.
 (3) الزيادة من المصدر، و الآية في سورة الفتح: 4.
 (4) الكافي ج 2: 15، و الآية الأخيرة في المجادلة: 22.

199
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 33 السکینة و روح الإیمان و زیادته و نقصانه ص 175

أنه سبب الإيمان و قوته و كماله لما مر في الأخبار.
19- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ الْبَرْقِيِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: السَّكِينَةُ هِيَ الْإِيمَانُ «1».
20- كا، الكافي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ الْبَخْتَرِيِّ وَ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ وَ غَيْرِهِمَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ هُوَ الْإِيمَانُ «2».
21- كا، الكافي عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنْ جَمِيلٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ هُوَ الْإِيمَانُ قَالَ قُلْتُ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ قَالَ هُوَ الْإِيمَانُ وَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى‏ قَالَ هُوَ الْإِيمَانُ «3».
بيان: فسر أكثر المفسرين كَلِمَةَ التَّقْوى‏ بكلمة التوحيد فإنه يتقى بها من عذاب الله و ما فسرها ع به أظهر إذ بجميع العقائد الإيمانية و اجتماعها يتقى من عذاب الله و فسرت في كثير من الأخبار بالولاية لاستلزامها لسائر العقائد و في بعضها بأمير المؤمنين و في بعضها بجميع الأئمة ع أي ولايتهم و الإقرار بإمامتهم كلمة التقوى أو أنهم يعبرون عن الله تعالى و ما يتقى به من عذابه.
22- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ صَفْوَانَ عَنْ أَبَانٍ عَنِ الْفُضَيْلِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ هَلْ لَهُمْ فِيمَا كُتِبَ فِي قُلُوبِهِمْ صُنْعٌ قَالَ لَا «4».
بيان: يدل على أن الإيمان من الله و ليس للعباد فيها صنع و عمل و اختيار و إنما كلف العباد بعدم الجحد ظاهرا أو بإخراج التعصب و الأغراض الباطلة عن النفس أو مع السعي في الجملة أيضا و يمكن تخصيصه بمعرفة الصانع تعالى‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2: 15.
 (2) الكافي ج 2: 15.
 (3) الكافي ج 2: 15.
 (4) الكافي ج 2: 15.

200
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل ص 201

كما مر «1» أو بكمال المعرفة و قد مر تمام القول فيه في كتاب العدل و في بعض النسخ صبغ بالباء الموحدة و الغين المعجمة أي هل لهذه الكتابة صبغ و لون و كأنه تصحيف.
تذييل‏
اعلم أن المتكلمين من الخاصة و العامة اختلفوا في أن الإيمان هل يقبل الزيادة و النقصان أم لا و منهم من جعل هذا الخلاف فرع الخلاف في أن الأعمال داخلة فيه أم لا قال إمامهم الرازي في المحصل الإيمان عندنا لا يزيد و لا ينقص لأنه لما كان اسما لتصديق الرسول في كل ما علم بالضرورة مجيئه به و هذا لا يقبل التفاوت فسمي الإيمان لا يقبل الزيادة و النقصان و عند المعتزلة لما كان اسما لأداء العبادات كان قابلا لهما و عند السلف لما كان اسما للإقرار و الاعتقاد و العمل فكذلك و البحث لغوي و لكل واحد من الفرق نصوص و التوفيق أن يقال الأعمال من ثمرات التصديق فما دل على أن الإيمان لا يقبل الزيادة و النقصان كان مصروفا إلى أصل الإيمان و ما دل على كونه قابلا لهما فهو مصروف إلى الإيمان الكامل انتهى.
و قال الشهيد الثاني قدس سره في رسالة العقائد حقيقة الإيمان بعد الاتصاف بها بحيث يكون المتصف بها مؤمنا عند الله تعالى هل تقبل الزيادة أم لا فقيل بالثاني لما تقدم من أنه التصديق القلبي الذي بلغ الجزم و الثبات فلا تتصور فيه الزيادة عن ذلك سواء أتى بالطاعات و ترك المعاصي أم لا و كذا لا تعرض له النقيصة و إلا لما كان ثابتا و قد فرضناه كذلك هذا خلف و أيضا حقيقة الشي‏ء لو قبلت الزيادة و النقصان لكانت حقائق متعددة و قد فرضناها واحدة و هذا خلف.
__________________________________________________
 (1) مر في شرحه للكافى راجع كتاب التوحيد باب البيان و لزوم الحجة و باب الهداية أنها من اللّه عزّ و جلّ.

201
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل ص 201

إن قلت حقيقة الإيمان من الأمور الاعتبارية للشارع و حينئذ فيجوز أن يعتبر الشارع للإيمان حقائق متعددة متفاوتة زيادة و نقصانا بحسب مراتب المكلفين في قوة الإدراك و ضعفه فإنا نقطع بتفاوت المكلفين في العلم و الإدراك قلت لو جاز ذلك و كان واقعا لوجب على الشارع بيان حقيقة إيمان كل فرقة يتفاوتون في قوة الإدراك مع أنه لم يبين و ما ورد من جهة الشارع فيما به يتحقق الإيمان من حديث جبرئيل للنبي ص و غيره من الأحاديث قد مر ذكره و ليس فيه شي‏ء يدل على تعدد الحقائق بحسب تفاوت قوى المكلفين و أما ما ورد في الكتاب العزيز و السنة المطهرة مما يشعر بقبوله الزيادة و النقصان كقوله تعالى وَ إِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً «1» و قوله تعالى لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ «2» و قوله تعالى لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَ آمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَ أَحْسَنُوا وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ «3» و كذا ما ورد من أمثال ذلك في القرآن العزيز فمحمول على زيادة الكمال و هو أمر خارج عن أصل الحقيقة الذي هو محل النزاع و الآية الثانية صريحة في ذلك فإن قوله تعالى مَعَ إِيمانِهِمْ يدل على أن أصل الإيمان ثابت أو على من كان في عصر النبي ص حيث كانوا يسمعون فرضا بعد فرض منه ع فيزداد إيمانهم به لأنهم لم يكونوا مصدقين به قبل أن يسمعوه و حاصله أن الحقيقة الشرعية للإيمان لم تكن حصلت بتمامها في ذلك الوقت فكان كلما حصل منها شي‏ء صدقوا به.
و اعترض بأن من كان بعد عصر النبي ص يمكن في حقه تجدد الاطلاع على تفاصيل الفرائض المتوقف عليها الإيمان فإنه يجب الاعتقاد إجمالا فيما علم إجمالا و تفصيلا فيما علم تفصيلا و لا ريب أن اعتقاد الأمور المتعددة تفصيلا
__________________________________________________
 (1) الأنفال: 2.
 (2) الفتح: 4.
 (3) المائدة: 93.

202
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل ص 201

أزيد و أظهر عند النفس من اعتقادها إجمالا فعلم من ذلك قبول حقيقة الإيمان الزيادة.
أقول فيه بحث فإن الجازم بحقيقة الجملة جازم بحقيقة كل جزء منها و إن لم يعلمه بعينه أ لا ترى أنا بعد علمنا بصدق النبي ص جازمون بصدق كل ما يخبر به و إن لم نعلم تفصيل ذلك جزءا جزءا حتى لو فصل ذلك علينا واحدا واحدا لما ازداد ذلك الجزم نعم الزائد في التفصيل إنما هو إدراك الصور المتعددة من حيث التعدد و التشخص و هو لا يوجب زيادة في التصديق الإجمالي الجازم فإن هذه الصور قد كانت مجزوما بها على تقدير دخولها في الهيئة الإجمالية و إنما الشاذ عن النفس إدراك خصوصياتها و هو أمر خارج عن تحقق الحقيقة المجزوم بها نعم لا ريب في حصول الأكملية به و ليس الكلام فيها.
و قد أجاب بعض المفسرين عن الآية الثالثة بأن تكرار الإيمان فيها ليس فيه دلالة على الزيادة بل إما أن يكون باعتبار الأزمنة الثلاثة أو باعتبار الأحوال الثلاث حال المؤمن مع نفسه و حاله مع الناس و حاله مع الله تعالى و لذا بدل الإيمان بالإحسان كما يرشد إليه قوله ص في تفسيره الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك أو باعتبار المراتب الثلاث المبدأ و الوسط و المنتهى أو باعتبار ما ينبغي فإنه ينبغي ترك المحرمات حذرا عن العقاب و ترك الشبهات تباعدا عن الوقوع في المحرمات و هو مرتبة الورع و ترك بعض المباحات المؤذنة بالنقص حفظا للنفس عنه الخسة و تهذيبا لها عن دنس الطبيعة أو يكون هذا التكرار كناية عن أنه ينبغي للمؤمن أن يجدد الإيمان في كل وقت بقلبه و لسانه و أعماله الصالحة و عبر به حرصا منه على بقائه و الثبات عليه عند الذهول ليصير الإيمان ملكة للنفس فلا يزلزله عروض شبهة انتهى.
قيل في بيان قبول الإيمان الزيادة إن الثبات و الدوام على الإيمان أمر زائد عليه في كل زمان و حاصل ذلك يرجع إلى أن الإيمان عرض لأنه من الكيفيات النفسانية و العرض لا يبقى زمانين بل بقاؤه إنما يكون بتجدد الأمثال.
أقول و هذا مع بنائه على ما لم يثبت حقيته بل نفيه فليس من الزيادة في شي‏ء إذ لا يقال‏

203
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل ص 201

للمماثل الحاصل بعد انعدام مثله أنه زائد و هذا ظاهر.
و قيل في توجيه قبوله الزيادة أنه بمعنى زيادة ثمرته من الطاعات و إشراق نوره و ضيائه في القلب فإنه يزيد بالطاعات و ينقص بالمعاصي.
أقول هذا التوجيه وجيه لو كان النزاع في مطلق الزيادة لكنه ليس كذلك بل النزاع إنما هو في أصل حقيقته لا في كمالها.
و استدل بعض المحققين على أن حقيقة التصديق الجازم الثابت يقبل الزيادة و النقصان بأنا نقطع أن تصديقنا ليس كتصديق النبي ص.
أقول لا ريب في أنا قاطعون بأن تصديق النبي ص أقوى من تصديقنا و أكمل لكن هذا لا يدل على اختلاف أصل حقيقة الإيمان التي قدرها الشارع باعتقاد أمور مخصوصة على وجه الجزم و الثبات فإن تلك الحقيقة إنما هي من اعتبارات الشارع و لم يعهد من الشارع اختلاف حقيقة الإيمان باختلاف المكلفين في قوة الإدراك بحيث يحكم بكفر قوى الإدراك لو كان جزمه بالمعارف الإلهية كجزم من هو أضعف إدراكا منه نعم الذي تفاوت فيه المكلفون إنما هو مراتب كماله بعد تحقق أصل حقيقته التي يخاطب بتحصيلها كل مكلف و يعتبر بها مؤمنا عند الله تعالى و يستحق الثواب الدائم و بدونها العقاب الدائم.
و أما تلك الكمالات الزائدة فإنما تكون باعتبار قرب المكلف إلى الله تعالى بسبب استشعاره لعظمة الله و كبريائه و شمول قدرته و علمه و ذلك لإشراق نفسه و اطلاعها على ما في مصنوعات الله تعالى من الإحكام و الإتقان و الحكم و المصالح فإن النفس إذا لاحظت هذه البدائع الغريبة العظيمة التي تحار في تعلقها مع علمها بأنها تشرك في الإمكان و الافتقار إلى صانع يبدعها و يبديها متوحد في ذاته بذاته انكشف عليها كبرياء ذلك الصانع و عظمته و جلاله و إحاطته بكل شي‏ء فيكثر خوفها و خشيتها و احترامها لذلك الصانع حتى كأنها لا تشاهد سواه و لا تخشى غيره فتنقطع عن غيره إليه و تسلم أزمة أمورها إليه حيث علمت أن لا رب غيره و أن المبدأ منه و المعاد إليه فلا تزال شاخصة منتظرة لأمره حتى تأتيها فتفر

204
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل ص 201

إليه من ضيق الجهالة إلى سعة معرفته «1» و رحمته و لطفه و في ذلك فليتنافس المتنافسون.
و كذا ما ورد من السنة المطهرة مما يشعر بقبوله الزيادة و النقصان يمكن حمله على ما ذكرناه كحديث الجوارح ذكره في الكافي بإسناده عن أبي عمرو الزبيري‏
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع «2» قَالَ: قُلْتُ صِفْهُ لِي يَعْنِي الْإِيمَانَ جُعِلْتُ فِدَاكَ حَتَّى أَفْهَمَهُ فَقَالَ الْإِيمَانُ حَالاتٌ وَ دَرَجَاتٌ إِلَى قَوْلِهِ وَ بِالنُّقْصَانِ دَخَلَ الْمُفَرِّطُونَ النَّارَ.
انتهى.
ثم قال رحمه الله اعلم أن سند هذا الحديث ضعيف لأن في طريقه بكر بن صالح الرازي و هو ضعيف جدا كثير التفرد بالغرائب و أبو عمرو الزبيري و هو مجهول فسقط الاستدلال به و لو سلم سنده فلا دلالة فيه على اختلاف نفس حقيقة الإيمان أ لا ترى أنه قال ع و لكن بتمام الإيمان دخل المؤمنون الجنة فأشار بذلك إلى نفس حقيقة الإيمان التي يترتب عليها النجاة و جعل الناقص عنها مما يترتب عليه دخول النار فلم يكن إيمانا و إلا لم يدخل صاحبه النار لقوله تعالى وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ «3» و جعل الزيادة في الإيمان مما يوجب التفاضل في الدرجات و لا ريب أن هذه الزيادة لو تركت و اقتصر المكلف على ما يحصل به التمام لم يعاقب على ترك هذه الزيادة و لأنه ع جعل التمام موجبا للجنة فكيف يوجب العقاب ترك الزيادة مع أن ما دونه و هو التمام يوجب الجنة و على هذا فتكون الزيادة غير مكلف بها فلم تكن داخلة في أصل حقيقة الإيمان لأنه مكلف به بالنص و الإجماع فيكون من الكمال فظهر بذلك كون هذا الحديث دليلا على عدم قبول حقيقة الإيمان للزيادة و النقصان لا دليلا على قبولهما.
__________________________________________________
 (1) مغفرته خ ل.
 (2) مر تحت الرقم 6 ص 23 فراجع.
 (3) براءة: 72.

205
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل ص 201

و هذا استخراج لم نسبق إليه و بيان لم يعثر غيرنا عليه على أن هذا الحديث لو قطعنا النظر عما ذكرناه و حملناه على ظاهره لكان معارضا بما سبق من حديث جبرئيل للنبي ص حيث سأله عن الإيمان فقال أن تؤمن بالله و رسله و اليوم الآخر أي تصدق بذلك و لو بقي من حقيقته شي‏ء سوى ما ذكره له لبينه له فدل على أن حقيقته تتم بما أجابه بالقياس إلى كل مكلف أما للنبي ص فلأنه المجاب به حين سأله و أما لغيره فللتأسي به و طريق الجمع بينهما حينئذ حمل ما في حديث الجوارح من الزيادة عن ذلك على مرتبة الكمال كما بيناه سابقا.
و هاهنا بحث و هو أن حقيقة الإيمان لما كانت من الأمور الاعتبارية للشارع كان تحديدها إنما هو بجعل الشارع و تقريره لها فلا يعلم حينئذ مقداره و حقيقته إلا منه و حيث رأينا ما وصل إلينا من خطاباته تعالى غير قاطع في الدلالة على تعيين قدر مخصوص من أنواع الاعتقاد أو الأعمال بحيث تشترك الكل في التكليف به من غير تفاوت بين قوى الإدراك و ضعيفه بل رأيناها متفاوتة في الدلالة على ذلك يعلم ذلك من تتبع آيات الكتاب العزيز و السنة المطهرة و قد سبق نبذة من ذلك و لا يجوز الاختلاف في خطاباته و لا أن يكلف عباده بأمر لا يبين لهم مراده تعالى منه لاستحالة تكليف ما لا يطاق و إخلاله باللطف و رأينا الأكثر ورودا في كتابه بذلك الأمر بالاعتقاد القلبي من غير تعيين مقدار مخصوص منه بقاطع يوقفنا على اعتباره أمكن حينئذ أن يكون مراده منه مطلق الاعتقاد العلمي سواء كان علم الطمأنينة أو علم اليقين أو حق اليقين أو عين اليقين فتكون حقيقة واحدة و هو الإذعان القلبي و الاعتقاد العلمي و التفاوت بالزيادة و النقصان إنما هو في أفراد تلك الحقيقة و من مشخصاتها فلا يكون داخلا في الحقيقة المذكورة.
و ما ورد مما ظاهره الاختلاف في الدلالة على مراد الشارع منه يمكن تنزيله على تفاوت الأفراد المذكورة كعلم الطمأنينة و علم اليقين و غيرهما فيكون كل واحد منها مرادا و كافيا في امتثال أمر الشارع و هذا هو المناسب لسهولة التكليف و اختلاف طبقات المكلفين في الإدراك كما لا يخفى.

206
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل ص 201

و بذلك يسهل الخطب في الحكم بإيمان أكثر العوام الذين لا يتيسر لأنفسهم الاتصاف بالعلم الذي لا يقبل تشكيك المشكك فإن علم الطمأنينة متيسر لكل واحد و على هذا فيكون ما تشعر النفس به من الازدياد في التصديق و الاطمئنان عند ما تشاهده من برهان أو عيان إنما هو انتقال في أفراد تلك الحقيقة و تبدل واحد بآخر و الحقيقة واحدة.
لا يقال أفراد الحقيقة الواحدة لا تنافي الاجتماع في القوة العاقلة فإن أفراد الحيوان و الإنسان يصلح اجتماعهما في القوة العاقلة و ما نحن فيه ليس كذلك إذ لا يمكن اتصاف النفس بحصول علم الطمأنينة و علم اليقين في حالة واحدة لتضادهما و لهذا يزول الأول بحصول الثاني فلا يكون ما ذكرت أفراد حقيقة واحدة بل حقائق.
قلت لا نسلم أن أفراد كل حقيقة يصح اجتماعها في الحصول عند القوة العاقلة بل قد لا يصح ذلك لما بينها من التضاد كما في البياض و السواد فإنهما فردان لحقيقة واحدة هي اللون مع عدم صحة اجتماعهما في محل واحد لا خارجا و لا ذهنا.
بقي هاهنا شي‏ء و هو أنه لا ريب في تحقق الإيمان الشرعي بالتصديق الجازم الثابت و إن أخل المتصف به ببعض الطاعات و قارف بعض المنهيات عند من يكتفي في حصول الإيمان بإذعان الجنان و إذا كان الأمر كذلك فلا معنى للنزاع عند هؤلاء في أن حقيقة الإيمان هل تقبل الزيادة و النقصان إذ لو قبلت شيئا منهما لم تكن واحدة بل متعددة لأن القابل غير المقبول و العارض غير المعروض فإن دخل الزائد في مفهوم الحقيقة بحيث صار ذاتيا لها تعددت و تبدلت و كذا الناقص إذا خرج عنها فلا تكون واحدة و قد فرضناها كذلك هذا خلف و إن لم يدخل و لم يخرج شي‏ء منهما كانت واحدة من غير نقصان و زيادة فيها بل هما راجعان إلى الكمال و عدمه و حينئذ فيبقى محل النزاع هل يقبل كمالها الزيادة

207
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل ص 201

و النقصان و أنت خبير بأن هذا مما لا يختلف في صحته اثنان.
و قد ذكر بعض العلماء أن هذا النزاع إنما يتمشى على قول من جعل الطاعات من الإيمان و أقول الذي يقتضيه النظر أنه لا يتمشى على قولهم أيضا و ذلك أن ما اعتبروه في الإيمان من الطاعات إما أن يريدوا به توقف حصول الإيمان على جميع ما اعتبروه أو عليه في الجملة و على الأول يلزم كون حقيقته واحدة فإذا ترك فرضا من تلك الطاعات يخرج من الإيمان و على الثاني يلزم كون ما يتحقق به الإيمان من تلك الطاعات داخلا في حقيقته و ما زاد عليه خارجا فتكون واحدة على التقديرين فليس الزيادة و النقصان إلا في الكمال على جميع الأقوال انتهى كلامه رفع الله مقامه.
و قال شارح المقاصد ظاهر الكتاب و السنة و هو مذهب الأشاعرة و المعتزلة و المحكي عن الشافعي و كثير من العلماء أن الإيمان يزيد و ينقص و عند أبي حنيفة و أصحابه و كثير من العلماء و هو اختيار إمام الحرمين أنه لا يزيد و لا ينقص لأنه اسم للتصديق البالغ حد الجزم و الإذعان و لا يتصور فيه الزيادة و النقصان و المصدق إذا ضم الطاعات إليه أو ارتكب المعاصي فتصديقه بحاله لم يتغير أصلا و إنما يتفاوت إذا كان اسما للطاعات المتفاوتة قلة و كثرة و لهذا قال الإمام الرازي و غيره إن هذا الخلاف فرع تفسير الإيمان فإن قلنا هو التصديق فلا تتفاوت و إن قلنا هو الأعمال فمتفاوت و قال إمام الحرمين إذا حملنا الإيمان على التصديق فلا يفضل تصديق تصديقا كما لا يفضل علم علما و من حمله على الطاعة سرا و علنا و قد مال إليه القلانسي فلا يبعد إطلاق القول بأنه يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية و نحن لا نؤثر هذا.
ثم قال و لقائل أن يقول لا نسلم أن التصديق لا يتفاوت بل يتفاوت قوة و ضعفا كما في التصديق بطلوع الشمس و التصديق بحدوث العالم لأنه إما نفس الاعتقاد القابل للتفاوت أو مبني عليه قلة و كثرة كما في التصديق الإجمالي و التفصيلي الملاحظ لبعض التفاصيل و أكثر فإن ذلك من الإيمان لكونه تصديقا

208
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل ص 201

بما جاء به النبي ص إجمالا فيما علم إجمالا و تفصيلا فيما علم تفصيلا.
لا يقال الواجب تصديق يبلغ حد اليقين و هو لا يتفاوت لأن التفاوت لا يتصور إلا باحتمال النقيض لأنا نقول اليقين من باب العلم و المعرفة و قد سبق أنه غير التصديق و لو سلم أنه التصديق و أن المراد به ما يبلغ حد الإذعان و القبول و يصدق عليه المعنى المسمى بگرويدن ليكون تصديقا قطعا فلا نسلم أنه لا يقبل التفاوت بل لليقين مراتب من أجلى البديهيات إلى أخفى النظريات و كون التفاوت راجعا إلى مجرد الجلاء و الخفاء غير مسلم بل عند الحصول و زوال التردد التفاوت بحاله و كفاك قول الخليل وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي «1»
وَ عَنْ عَلِيٍّ ع لَوْ كُشِفَ الْغِطَاءُ مَا ازْدَدْتُ يَقِيناً.
على أن القول بأن المعتبر في حق الكل هو اليقين و أن ليس للظن الغالب الذي لا يخطر معه النقيض بالبال حكم اليقين محل نظر.
احتج القائلون بالزيادة و النقصان بالعقل و النقل أما العقل فلأنه لو لم يتفاوت لكان إيمان آحاد الأمة بل المنهمك في الفسق مساويا لتصديق الأنبياء و اللازم باطل قطعا و أما النقل فلكثرة النصوص الواردة في هذا المعنى قال الله وَ إِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً «2» لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ «3» وَ يَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً «4» وَ ما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَ تَسْلِيماً «5» فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً «6» و عن ابن عمر قلنا يا رسول الله إن الإيمان يزيد و ينقص قال نعم يزيد حتى يدخل صاحبه الجنة و ينقص حتى يدخل صاحبه النار.
__________________________________________________
 (1) البقرة: 260.
 (2) الأنفال: 2.
 (3) الفتح: 4.
 (4) المدّثّر: 31.
 (5) الأحزاب: 22.
 (6) براءة: 124.

209
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل ص 201

و أجيب بوجوه الأول أن المراد الزيادة بحسب الدوام و الثبات و كثرة الأزمان و الساعات و هذا ما قال إمام الحرمين النبي ص يفضل من عداه باستمرار تصديقه و عصمة الله إياه من مخامرة الشكوك و التصديق عرض لا يبقى فيقع للنبي ص متواليا و لغيره على الفترات فثبت للنبي ص أعداد من الإيمان لا يثبت لغيره إلا بعضها فيكون إيمانه أكثر و الزيادة بهذا المعنى مما لا نزاع فيه و ما يقال من أن حصول المثل بعد انعدام الشي‏ء لا يكون زيادة مدفوع بأن المراد زيادة أعداد حصلت و عدم البقاء لا ينافي ذلك.
الثاني أن المراد الزيادة بحسب زيادة المؤمن به و الصحابة كانوا آمنوا في الجملة و كان يأتي فرض بعد فرض و كانوا يؤمنون بكل فرض خاص و حاصله أن الإيمان واجب إجمالا فيما علم إجمالا و تفصيلا فيما علم تفصيلا و الناس متفاوتون في ملاحظة التفاصيل كثرة و قلة فيتفاوت إيمانهم زيادة و نقصانا و لا يختص ذلك بعصر النبي ص على ما يتوهم.
الثالث أن المراد زيادة ثمرته و إشراق نوره في القلب فإنه يزيد بالطاعات و ينقص بالمعاصي و هذا مما لا خفاء فيه و هذه الوجوه جيدة في التأويل لو ثبت لهم أن التصديق في نفسه لا يقبل التفاوت و الكلام فيه انتهى.
و الحق أن الإيمان يقبل الزيادة و النقصان سواء كانت الأعمال أجزاءه أو شرائطه أو آثاره الدالة عليه فإن التصديق القلبي بأي معنى فسر لا ريب أنه يزيد و كلما زاد زادت آثاره على الأعضاء و الجوارح فهي كثرة و قلة تدل على مراتب الإيمان زيادة و نقصانا و كل منهما يتفرع على الآخر فإن كل مرتبة من مراتب الإيمان تصير سببا لقدر من الأعمال يناسبها فإذا أتى بها قوي الإيمان القلبي و حصلت مرتبة أعلى تقتضي عملا أكثر و هكذا.
و جملة القول في ذلك أن للإيمان و لكل من الأعمال الإيمانية أفرادا كثيرة و حقيقة و نورا و روحا كالصلاة فإن لها روحا هي الإخلاص مثلا فإذا فارقها كانت جسدا بلا روح لا يترتب عليه أثر و لا ينهى عن الفحشاء و المنكر فللإيمان‏

210
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

تذییل ص 201

أيضا مراتب يترتب على كل مرتبة منها آثار فإذا ارتكب المؤمن الكبائر نقص إيمانه و فارقه روح الإيمان و حقيقته و كيف يؤمن بالله و بالمعاد و بالجنة و النار و يرتكب ما أخبر الله بأنه موجب لدخول النار فلا يكون ذلك إلا لضعف في اليقين كما ورد في أخبار كثيرة أنهم ع سألوا عند ادعاء الإيمان أو اليقين ما حقيقة إيمانك و ما حقيقة يقينك فظهر لهما حقائق مختلفة تظهر بآثارهما.
و روح الإيمان الواردة في الأخبار يمكن حملها على ذلك فإن الإيمان إذا ضعف حتى غلب عليه الشهوات البدنية فكأنه لا روح له و لا يترتب عليه أثر بل لا بقاء له فإن غلب عليه الشهوة و عاد إلى التوبة قوي الإيمان و عاد إليه الروح و ترتب عليه الآثار و عاد إليه الملك المؤيد له و لذا أطلق الروح في بعض الأخبار على ذلك الملك أيضا و قد يعود إليه بعد انقضاء الشهوة و قوة العقل و الإيمان و تصرف العقل في ممالكه بعد ما صار مغلوبا مقهورا بالشهوات الدنية فيتذكر قبح فعله فيعود إليه الملك المؤيد أو شي‏ء من نور الإيمان و إن لم تكمل له التوبة و لم يقدر على العزم التام على تركها فيما سيأتي و لذا ورد في بعض الأخبار أنه يعود إليه روح الإيمان بدون التوبة أيضا و قد مر بعض القول في ذلك و سيأتي إن شاء الله تعالى.

211
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 34 أن الإیمان مستقر و مستودع و إمکان زوال الإیمان ص 212

باب 34 أن الإيمان مستقر و مستودع و إمكان زوال الإيمان‏
الآيات الأنعام وَ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ «1» تفسير قال الطبرسي رحمه الله وَ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ أي أبدعكم و خلقكم مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ أي من آدم ع لأن الله تعالى خلقنا جميعا منه و خلق أمنا حواء من ضلع من أضلاعه انتهى «2».
أقول و قد مر أن خلقهم من أب واحد لا يقتضي عدم مدخلية الأم و لا يكون الأم مخلوقة منه لما مر نفي ذلك في الأخبار فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ قال المفسرون فيه وجوها الأول مستقر في الرحم إلى أن يولد و مستودع في القبر إلى أن يبعث و الثاني مستقر في بطن الأمهات و مستودع في أصلاب الآباء الثالث مستقر على ظهر الأرض في الدنيا و مستودع عند الله في الآخرة الرابع مستقر في القبر و مستودع في الدنيا و قيل مستقرها أيام حياتها و مستودعها حيث يموت.
و أقول قرأ ابن كثير و أبو عمرو و يعقوب بكسر القاف و الباقون بالفتح و على ما سيأتي من التأويل في الأخبار تستقيم القراءتان فبالفتح أي فلكم استقرار في الإيمان و استيداع فيه أو فمنكم من هو محل استقرار الإيمان و منكم من هو محل استيداعه ففيه حذف و إيصال أي مستقر فيه و بالكسر أي فمنكم مستقر في الإيمان و منكم مستودع فيه أو فإيمان بعضكم مستقر و إيمان بعضكم مستودع على القراءتين.
1- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ‏
__________________________________________________
 (1) الأنعام: 98.
 (2) مجمع البيان ج 4: 339.

212
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 34 أن الإیمان مستقر و مستودع و إمکان زوال الإیمان ص 212

نُعَيْمٍ الصَّحَّافِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع لِمَ يَكُونُ الرَّجُلُ عِنْدَ اللَّهِ مُؤْمِناً قَدْ ثَبَتَ لَهُ الْإِيمَانُ عِنْدَهُ ثُمَّ يَنْقُلُهُ اللَّهُ بَعْدُ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَى الْكُفْرِ قَالَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ هُوَ الْعَدْلُ إِنَّمَا دَعَا الْعِبَادَ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ لَا إِلَى الْكُفْرِ وَ لَا يَدْعُو أَحَداً إِلَى الْكُفْرِ بِهِ فَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ ثُمَّ ثَبَتَ لَهُ الْإِيمَانُ عِنْدَ اللَّهِ لَمْ يَنْقُلْهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَى الْكُفْرِ قُلْتُ لَهُ فَيَكُونُ الرَّجُلُ كَافِراً قَدْ ثَبَتَ لَهُ الْكُفْرُ عِنْدَ اللَّهِ ثُمَّ يَنْقُلُهُ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْكُفْرِ إِلَى الْإِيمَانِ قَالَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ النَّاسَ كُلَّهُمْ عَلَى الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَهُمْ عَلَيْهَا لَا يَعْرِفُونَ إِيمَاناً بِشَرِيعَةٍ وَ لَا كُفْراً بِجُحُودٍ ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ الرُّسُلَ تَدْعُو الْعِبَادَ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَهْدِهِ اللَّهُ «1».
بيان: يمكن أن يكون بناء الجوابين على أمر واحد و هو أن هدايته تعالى و خذلانه المعبر عنه بالإضلال ليسا علتين مستقلتين للنقل من الكفر إلى الإيمان و من الإيمان إلى الكفر بل كل منهما باختيار العبد و الهدايات الخاصة لبعض لا تصيره مجبورا على الإيمان و ترك تلك الهدايات لبعض لعدم استحقاقه لها لا يصيره مجبورا على الكفر كما مر تحقيقه.
و يحتمل أن يكون بناؤها على الفرق بينهما فحاصل الجواب الأول أن المؤمن الواقعي الذي ثبت إيمانه عند الله و لم يكن منافقا و مستودعا لا يسلب الله منه توفيقه و هدايته و لا يرجع عن الإيمان أبدا و من تراه يرجع فليس بمؤمن واقعي بل هو ممن يظهر الإيمان و لم يستقر في قلبه كما اختاره بعض المتكلمين و حاصل الثاني أن الكفر لما كان أمرا عدميا و الناس في بدو الفطرة لم يتصفوا بالإيمان لكنهم على الفطرة القابلة للإيمان و للكفر بمعنى الجحود لا الكفر بمعنى عدم الإيمان فإنه متصف به قبل التصديق و الإذعان فبعث الله الرسل لإتمام الحجة عليهم ثم بعد ذلك بعضهم يستحق الهدايات و الألطاف الخاصة بحسن اختياره و عدم إبطاله الفطرة الأصلية فتشمله تلك الألطاف فيختار الإيمان‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 416.

213
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 34 أن الإیمان مستقر و مستودع و إمکان زوال الإیمان ص 212

و بعضهم لم يستحق ذلك فيخذله الله فيختار الكفر بمعنى الجحود.
و كأن هذا أظهر من الخبر لكن فيه أنه لم يظهر منه أنه هل يمكن أن ينقله الله من كفر الجحود إلى الإيمان و الظاهر أن مراد السائل كان استعلام ذلك و يمكن الجواب بوجهين الأول أن نحمل كلام السائل ثانيا على الإخبار أو التعجب لا الاستفهام و لما كان كلامه موهما لكون ذلك على الجبر أفاد ع أن هدايته سبحانه و خذلاته لا يوجبان سلب الاختيار فإنهم على الفطرة القابلة لهما و الثاني أن يقال إنه أفاد ع قاعدة كلية يظهر منه جواب ذلك و هو أنه يمكن ذلك لكن بهذا النحو المذكور لا بالجبر.
فإذا عرفت ذلك فاعلم أن المتكلمين اختلفوا في أن المؤمن بعد اتصافه بالإيمان الحقيقي في نفس الأمر هل يمكن أن يكفر أم لا و لا خلاف في أنه لا يمكن ما دام الوصف و إنما النزاع في إمكان زواله بضد أو غيره فذهب أكثرهم إلى جواز ذلك بل إلى وقوعه و ذلك لأن زوال الضد بطريان ضده أو مثله على القول بعدم اجتماع الأمثال ممكن لأنه لا يلزم من فرض وقوعه محال و ظاهر كثير من الآيات الكريمة دال عليه كقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً «1» و قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ «2» و ذهب بعضهم إلى عدم جواز زوال الإيمان الحقيقي بضد أو غيره و قال الشهيد الثاني قدس الله روحه و نسب ذلك إلى السيد المرتضى رضي الله عنه مستدلا بأن ثواب الإيمان دائم و عقاب الكفر دائم و الإحباط و الموافاة عنده باطلان أما الإحباط فلاستلزام أن يكون الجامع بين الإحسان و الإساءة بمنزلة من لم يفعلهما مع تساويهما أو بمنزلة من لم يحسن إن زادت الإساءة و بمنزلة من لم يسئ مع العكس و اللازم بقسميه باطل قطعا فالملزوم مثله و أما الموافاة فليست‏
__________________________________________________
 (1) النساء: 137 و تصحيح الآية من المصحف الشريف.
 (2) آل عمران: 100.

214
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 34 أن الإیمان مستقر و مستودع و إمکان زوال الإیمان ص 212

عندنا شرطا في استحقاق الثواب بالإيمان لأن وجوه الأفعال و شروطها التي يستحق بها ما يستحق لا يجوز أن تكون منفصلة عنها و لا متأخرة عن وقت حدوثها و الموافاة منفصلة عن وقت حدوث الإيمان فلا يكون وجها و لا شرطا في استحقاق الثواب.
لا يقال الثواب إنما يستحقه العبد على الفعل كما هو مذهب العدلية و الإيمان ليس فعلا للعبد و إلا لما صح الشكر عليه لكن التالي باطل إذ الأمة مجتمعة على وجوب شكر الله تعالى على نعمة الإيمان فيكون الإيمان من فعل الله تعالى إذ لا يشكر على فعل غيره و إذا لم يكن من فعل العبد فلا يستحق عليه ثوابا فلا يتم دليله على أنه لا يتعقبه كفر لأن مبناه على استحقاق الثواب على الإيمان.
لأنا نقول بل هو من فعل العبد و نلتزم عدم صحة الشكر عليه و نمنع بطلانه قولك في إثباته الأمة مجتمعة إلخ قلنا الشكر إنما هو على مقدمات الإيمان و هي تمكين العبد من فعله و إقداره عليه و توفيقه على تحصيل أسبابه و توفيق ذلك له لا على نفس الإيمان الذي هو فعل العبد فإن ادعى الإجماع على ذلك سلمناه و لا يضرنا و إن ادعى الإجماع على غيره منعناه فلا ينفعهم.
و الاعتراض عليه رحمه الله من وجوه أحدها توجه المنع إلى المقدمة القابلة بأن الموافاة ليست شرطا في استحقاق الثواب و ما ذكره في إثباتها من أن وجوه الأفعال و شروطها التي يستحق بها ما يستحق لا يجوز أن تكون منفصلة عنها و الموافاة منفصلة عن وقت الحدوث فلا يكون وجها لا دلالة له على ذلك بل إن دل فإنما يدل على أن الموافاة ليست من وجوه الأفعال لكن لا يلزم من ذلك أن لا يكون شرطا لاستحقاق الثواب فلم لا يجوز أن يكون استحقاق الثواب مشروطا بوجوه الأفعال مع الموافاة أيضا لا بد لنفي ذلك من دليل.
ثانيها الآيات الكريمة التي مر بعضها فإنها تدل على إمكان عروض الكفر بعد الإيمان بل بعضها على وقوعه و أجاب السيد عن ذلك بأن المراد و الله أعلم من وصفهم بالإيمان الإيمان اللساني دون القلبي و قد وقع مثله كثيرا في القرآن‏

215
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 34 أن الإیمان مستقر و مستودع و إمکان زوال الإیمان ص 212

العزيز كقوله تعالى آمنوا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ «1» و حيث أمكن صحة هذا الإطلاق و لو مجازا سقط الاستدلال بها.
ثالثها أن الشارع جعل للمرتد أحكاما خاصة به لا يشاركه فيها الكافر الأصلي كما هو مذكور في كتب الفروع و هذا أمر لا يمكن دفعه و لا مدخل للطعن فيه فإن الكتاب العزيز و السنة المطهرة ناطقان بذلك و الإجماع واقع عليه كذلك و لا ريب أن الارتداد هو الكفر المتعقب للإيمان كما دل عليه قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ «2» وَ مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَ هُوَ كافِرٌ «3» الآية فقد دل على ما ذكرناه على أن المؤمن يمكن أن يكفر أقول و للسيد رحمه الله أن يجيب عن ذلك بأن ما ذكر إنما يدل على أن من اتصف في ظاهر الشرع بالارتداد فحكمه كذا و كذا و لا يدل على أنه صار مرتدا بذلك في نفس الأمر فلعله كان كافرا في الأصل و حكمنا بإيمانه ظاهرا للإقرار بما يوجب الإيمان مع بقائه على كفره عند الله تعالى و بفعله ما يوجب الارتداد ظاهرا حكمنا بارتداده أو كان مؤمنا في الأصل و هو باق على إيمانه عند الله تعالى لكن لاقتحامه حرمات الشارع و تعديه هذه الحدود العظيمة جعل الشارع الحكم بالارتداد عليه عقوبة له لتنحسم بذلك مادة الاقتحام و التعدي من المكلفين فيتم نظام النواميس الإلهية.
و أقول الحق أن المعلومات التي يتحقق الإيمان بالعلم بها أمور متحققة ثابتة لا تقبل التغير و التبدل إذ لا يخفى أن وحدة الصانع تعالى و وجوده و أزليته و أبديته و علمه و قدرته و حياته إلى غير ذلك من الصفات أمور تستحيل تغيرها و كذا كونه تعالى عدلا لا يفعل قبيحا و لا يخل بواجب و كذا النبوة و المعاد فإذا علمها الشخص على وجه اليقين و الثبات صار علمه بها كعلمه بوجود نفسه غير
__________________________________________________
 (1) المائدة: 41.
 (2) المائدة: 54.
 (3) البقرة: 217، و قد اختلطت الآيتان عليه.

216
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 34 أن الإیمان مستقر و مستودع و إمکان زوال الإیمان ص 212

أن الأول نظري و الثاني بديهي لكن لما كان النظري إنما يصير يقينيا بانتهائه إلى البديهي و لم يبق فرق بين العلمين امتنع تغير ذلك العلم و تبدله كما يمتنع تغير علمه بوجود نفسه.
و الحاصل أن العلم إذا انطبق على المعلوم الحقيقي الذي لا يتغير أصلا فمحال تغيره و إلا لما كان منطبقا فعلم أن ما يحصل لبعض الناس من تغيير عقيدة الإيمان لم يكن بعد اتصاف أنفسهم بما ذكرناه من العلم بل كان الحاصل لهم ظنا غالبا بتلك المعلومات لا العلم بها و الظن يمكن تبدله و تغيره و إن كان المظنون لا يمكن تبدله لأن الانطباق غير حاصل و إلا لصار علما.
إن قلت يتصور زوال الإيمان بصدور بعض الأفعال الموجبة للكفر كما تقدم و إن بقي التصديق اليقيني بالمعارف المذكورة فقد صح أن المؤمن قد يكفر بعد اتصافه بالإيمان.
قلت لا نسلم إمكان صدور فعل يوجب الكفر ممن اتصف بالعلم المذكور بل صار ذلك الفعل ممتنعا بالغير الذي هو العلم اليقيني و إن أمكن بالذات و حينئذ فصدور بعض الأفعال المذكورة إنما كان لعدم حصول العلم المذكور و بالجملة فكلام علم الهدى و مذهبه هنا رضي الله عنه في غاية القوة و المتانة بعد تدقيق النظر و قد ظهر مما حررناه أن القائلين بإمكان زوال الإيمان بعروض الكفر إن أرادوا به إمكان زوال العلم بالأمور المذكورة فظاهر أنه ممتنع بالذات كانقلاب الحقائق و إن أرادوا به إمكان انتفاء الإيمان بعروض شي‏ء من الأفعال و إن بقي العلم فقد بينا أنه ممتنع بالغير فإن أرادوا بالإمكان على هذا التقدير الإمكان الذاتي فلا نزاع لأحد فيه و إن أرادوا به عدم الامتناع و لو بالغير فقد بينا منعه و امتناعه.
و بالجملة فظواهر كثير من الآيات الكريمة و السنة المطهرة تدل على إمكان طروء الكفر على الإيمان و على هذا بناء أحكام المرتدين و هو مذهب أكثر المسلمين نعم في الاعتبار ما يدل على عدم جواز طروئه عليه كما أشرنا إليه إن جعلنا الإيمان عبارة عن التصديق مع الإقرار أو حكمه لكن الأول هو الأرجح‏

217
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 34 أن الإیمان مستقر و مستودع و إمکان زوال الإیمان ص 212

في النفس انتهى.
و أقول إذا اكتفي في الإيمان بالظن الحاصل من التقليد أو غيره فلا ريب في أنه يجوز تبدل الإيمان بالكفر و إن اشترط فيه العلم القطعي ففي جواز زواله إشكال و لما لم يقم دليل تام على عدم الجواز مع أن ظواهر الآيات و الأخبار تدل على الجواز فالجواز أقوى مع أن كثيرا ما يعرض للإنسان أنه يقطع بأمر بحيث لا يحتمل عنده خلاف ثم يتزلزل لشبهة قوية تعرض له و القول بأنه ظن قوي يتوهم قطعا بعيد نعم إن اعتبر في الإيمان اليقين و فسر بأنه اعتقاد جازم ثابت مطابق للواقع يمتنع زواله فبعد زواله انكشف أنه لم يكن مؤمنا لكن اعتبار ذلك أول الكلام و قد شرحنا الخبر في مرآة العقول و حققنا ذلك بوجه آخر فإن أردت الاطلاع عليه فارجع إليه.
2- سن، المحاسن عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ الْحَسْرَةَ وَ النَّدَامَةَ وَ الْوَيْلَ كُلَّهُ لِمَنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا أَبْصَرَ وَ مَنْ لَمْ يَدْرِ الْأَمْرَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ مُقِيمٌ أَ نَفْعٌ هُوَ لَهُ أَمْ ضَرَرٌ قَالَ قُلْتُ فَبِمَا يُعْرَفُ النَّاجِي قَالَ مَنْ كَانَ فِعْلُهُ لِقَوْلِهِ مُوَافِقاً فَأُثْبِتَ لَهُ الشَّهَادَةُ بِالنَّجَاةِ وَ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ لِقَوْلِهِ مُوَافِقاً فَإِنَّمَا ذَلِكَ مُسْتَوْدَعٌ «1».
كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ مِثْلَهُ إِلَى قَوْلِهِ فَبِمَا يُعْرَفُ النَّاجِي مِنْ هَؤُلَاءِ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِلَى قَوْلِهِ فَأُثْبِتَتْ لَهُ الشَّهَادَةُ «2».
بيان إن الحسرة و الندامة و الويل الحسرة اسم من حسرت على الشي‏ء حسرا من باب تعب و هي التلهف و التأسف على فوات أمر مرغوب و الندامة الحزن على فعل شي‏ء مكروه و الويل العذاب و واد في جهنم يعني هذا كله لمن لم ينتفع بما أبصره و علمه من العقائد و الأحكام و الأعمال و الأخلاق و الآداب و عدم الانتفاع بها بأن لا يعمل بمقتضى علمه بها و لم يدر ما الأمر الذي هو عليه مقيم من العقائد
__________________________________________________
 (1) المحاسن: ص 252.
 (2) الكافي ج 2: 419.

218
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 34 أن الإیمان مستقر و مستودع و إمکان زوال الإیمان ص 212

و الأعمال و الأخلاق أ نفع بصيغة المصدر أي نافع و يحتمل الماضي و كذا أو ضر يحتملهما و الأول أظهر فيهما و فيه حث على مراقبة النفس في جميع الحالات و محاسبتها في جميع الحركات و السكنات ليعلم ما ينفعها فيجلبها و يزيد منها و ما يضرها فيجتنبها.
فبما يعرف الناجي من هؤلاء أي من يكون أمره آئلا إلى النجاة من المهالك و عقوبات الآخرة فقال من كان فعله لقوله موافقا أي لقوله الحق و هو ما يأمر الناس به من الخيرات و الطاعات و ترك المنكرات أو لما يدعيه من الإيمان بالله و اليوم الآخر و الأنبياء و الأوصياء ع فإن مقتضى ذلك العمل بما يأمره الله تعالى و يوجب الوصول إلى مثوباته و النجاة من عقوباته و متابعة أئمة الدين في أقوالهم و أفعالهم أو لما يدعي لنفسه من الكمالات و ما نصب نفسه له من الحالات و الدرجات أو الجميع.
فأثبتت له الشهادة على صيغة المجهول أي يشهد الله تعالى و ملائكته و حججه ع و كمل المؤمنين بأنه من الناجين لاتصافه بكمال الحكمة النظرية لقوله الحق و كمال الحكمة العملية لعمله بأقواله الحقة و في بعض النسخ فأتت و من لم يكن فعله لقوله موافقا أي بأن يكون قوله حقا و فعله باطلا كما هو شأن أكثر الخلق فإنما ذلك مستودع إيمانه غير ثابت فيه فيحتمل أن يبقى على الحق و يثبت له الإيمان و تحصل له النجاة و أن يزول عن الحق و يعود إلى الشقاوة و يستحق الويل و الحسرة و الندامة.
3- كا، الكافي عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ وَ غَيْرِهِ عَنْ عِيسَى شَلَقَانَ قَالَ: كُنْتُ قَاعِداً فَمَرَّ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى ع وَ مَعَهُ بَهْمَةٌ قَالَ فَقُلْتُ يَا غُلَامُ مَا تَرَى مَا يَصْنَعُ أَبُوكَ يَأْمُرُنَا بِالشَّيْ‏ءِ ثُمَّ يَنْهَانَا عَنْهُ أَمَرَنَا أَنْ نَتَوَلَّى أَبَا الْخَطَّابِ ثُمَّ أَمَرَنَا أَنْ نَلْعَنَهُ وَ نَتَبَرَّأَ مِنْهُ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ ع وَ هُوَ غُلَامٌ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقاً لِلْإِيمَانِ لَا زَوَالَ لَهُ وَ خَلَقَ خَلْقاً لِلْكُفْرِ لَا زَوَالَ لَهُ وَ خَلَقَ خَلْقاً بَيْنَ ذَلِكَ أَعَارَهُمُ الْإِيمَانَ يُسَمَّوْنَ الْمُعَارِينَ إِذَا

219
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 34 أن الإیمان مستقر و مستودع و إمکان زوال الإیمان ص 212

شَاءَ سَلَبَهُمْ وَ كَانَ أَبُو الْخَطَّابِ مِمَّنْ أُعِيرَ الْإِيمَانَ قَالَ فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ ع وَ مَا قَالَ لِي فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّهُ نَبْعَةُ نُبُوَّةٍ «1».
بيان: في المصباح البهمة ولد الضأن يطلق على الذكر و الأنثى و الجمع بهم مثل تمرة و تمر و جمع البهم بهام مثل سهم و سهام و تطلق البهام على أولاد الضأن و المعز إذا اجتمعت تغليبا فإذا انفردت قيل لأولاد الضأن بهام و لأولاد المعز سخال و قال ابن فارس البهم صغار الغنم و قال أبو زيد يقال لأولاد الغنم ساعة تضعها الضأن و المعز ذكرا كان الولد أو أنثى سخلة ثم هي بهمة و الجمع بهم و قال الغلام الابن الصغير و أبو الخطاب هو محمد بن مقلاص الأسدي الكوفي و كان في أول الحال ظاهرا من أجلاء أصحاب الصادق ع ثم ارتد و ابتدع مذاهب باطلة و لعنه الصادق ع و تبرأ منه و روى الكشي روايات كثيرة تدل على كفره و لعنه «2» و اختلف الأصحاب فيما رواه في حال استقامته و الأكثر على جواز العمل بها و كأنه متفرع على المسألة السابقة فمن ادعى جواز تحقق الإيمان و زواله يجوز العمل بروايته لأنه حينئذ كان مؤمنا و من زعم أنه كاشف من عدم كونه مؤمنا لا يجوز العمل بها.
إنه نبعة نبوة أي علمه من ينبوع النبوة أو هو غصن من شجرة النبوة و الرسالة في القاموس نبع الماء ينبع مثلثة نبعا و نبوعا خرج من العين و النبع شجر للقسي و للسهام ينبت في قلة الجبل «3» ..
4- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَبَلَ النَّبِيِّينَ عَلَى نُبُوَّتِهِمْ فَلَا يَرْتَدُّونَ أَبَداً وَ جَبَلَ الْأَوْصِيَاءَ عَلَى وَصَايَاهُمْ فَلَا يَرْتَدُّونَ أَبَداً وَ
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2: 418.
 (2) راجع رجال الكشّيّ ص 246- 260 تحت الرقم 135.
 (3) القاموس ج 3 87.

220
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 34 أن الإیمان مستقر و مستودع و إمکان زوال الإیمان ص 212

جَبَلَ بَعْضَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْإِيمَانِ فَلَا يَرْتَدُّونَ أَبَداً وَ مِنْهُمْ مَنْ يُعِيرُ الْإِيمَانَ عَارِيَّةً فَإِذَا هُوَ دَعَا وَ أَلَحَّ فِي الدُّعَاءِ مَاتَ عَلَى الْإِيمَانِ «1».
بيان: في القاموس جبلهم الله يجبل و يجبل خلقهم و على الشي‏ء طبعه و جبره كأجبله «2» فإذا هو دعا فيه حث على الدعاء لحسن العاقبة و عدم الزيغ كما كان دأب الصالحين قبلنا و فيه دلالة أيضا على أن الإتمام و السلب مسببان عن فعل الإنسان لأنه يصير بذلك مستحقا للتوفيق و الخذلان.
و جملة القول في ذلك أن كل واحد من الإيمان و الكفر قد يكون ثابتا و قد يكون متزلزلا يزول بحدوث ضده لأن القلب إذا اشتد ضياؤه و كمل صفاؤه استقر الإيمان و كل ما هو حق فيه و إذا اشتدت ظلمته و كملت كدورته استقر الكفر و كل ما هو باطل فيه و إذا كان بين ذلك باختلاط الضياء و الظلمة فيه كان مترددا بين الإقبال و الإدبار و مذبذبا بين الإيمان و الكفر فإن غلب الأول دخل الإيمان فيه من غير استقرار و إن غلب الثاني دخل الكفر فيه كذلك و ربما يصير الغالب مغلوبا فيعود من الإيمان إلى الكفر و من الكفر إلى الإيمان فلا بد للعبد من مراعاة قلبه فإن رآه مقبلا إلى الله عز و جل شكره و بذل جهده و طلب منه الزيادة لئلا يستدبر و ينقلب و يزيغ عن الحق كما ذكر سبحانه عن قوم صالحين رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ «3» و إن رآه مدبرا زائغا عن الحق تاب و استدرك ما فرط فيه و توكل على الله و توسل إليه بالدعاء و التضرع لتدركه العناية الربانية فتخرجه من الظلمات إلى النور و إن لم يفعل ربما سلط عليه عدوه الشيطان و استحق من ربه الخذلان فيموت مسلوب الإيمان كما قال سبحانه فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ «4» أعاذنا الله من ذلك و سائر أهل الإيمان.
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 419.
 (2) القاموس ج 3 ص 345.
 (3) آل عمران: 8.
 (4) الصف: 5.

221
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 34 أن الإیمان مستقر و مستودع و إمکان زوال الإیمان ص 212

7. 6- 5- كش، رجال الكشي عَنْ حَمْدَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ عِيسَى شَلَقَانَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ ع وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ قَبْلَ أَوَانِ بُلُوغِهِ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا هَذَا الَّذِي يَسْمَعُ مِنْ أَبِيكَ إِنَّهُ أَمَرَنَا بِوَلَايَةِ أَبِي الْخَطَّابِ ثُمَّ أَمَرَنَا بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ قَالَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ ع مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْأَنْبِيَاءَ عَلَى النُّبُوَّةِ فَلَا يَكُونُونَ إِلَّا أَنْبِيَاءَ وَ خَلَقَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْإِيمَانِ فَلَا يَكُونُونَ إِلَّا مُؤْمِنِينَ وَ اسْتَوْدَعَ قَوْماً إِيمَاناً فَإِنْ شَاءَ أَتَمَّهُ وَ إِنْ شَاءَ سَلَبَهُمْ إِيَّاهُ وَ إِنَّ أَبَا الْخَطَّابِ كَانَ مِمَّنْ أَعَارَهُ اللَّهُ الْإِيمَانَ فَلَمَّا كَذَبَ عَلَى أَبِي سَلَبَهُ اللَّهُ الْإِيمَانَ قَالَ فَعَرَضْتُ هَذَا الْكَلَامَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ فَقَالَ لَوْ سَأَلْتَنَا عَنْ ذَلِكَ مَا كَانَ لِيَكُونَ عِنْدَنَا غَيْرُ مَا قَالَ «1».
6- ب، قرب الإسناد عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُكَيْمٍ عَنِ الْبَزَنْطِيِّ عَنِ الرِّضَا ع قَالَ: إِنَّ جَعْفَراً ع كَانَ يَقُولُ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ فَالْمُسْتَقَرُّ مَا ثَبَتَ مِنَ الْإِيمَانِ وَ الْمُسْتَوْدَعُ الْمُعَارُ وَ قَدْ هَدَاكُمُ اللَّهُ لِأَمْرٍ جَهِلَهُ النَّاسُ فَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى مَا مَنَّ عَلَيْكُمْ بِهِ «2».
7- ب، قرب الإسناد عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنِ الْبَزَنْطِيِّ عَنِ الرِّضَا ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ هَدَاكُمْ وَ نَوَّرَ لَكُمْ وَ قَدْ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّمَا هُوَ مُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ فَالْمُسْتَقَرُّ الْإِيمَانُ الثَّابِتُ وَ الْمُسْتَوْدَعُ الْمُعَارُ أَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَهْدِيَ مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ «3».
8- شي، تفسير العياشي عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قُلْتُ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ قَالَ مَا يَقُولُ أَهْلُ بَلَدِكَ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ قَالَ قُلْتُ يَقُولُونَ مُسْتَقَرٌّ فِي الرَّحِمِ وَ مُسْتَوْدَعٌ فِي الصُّلْبِ فَقَالَ كَذَبُوا الْمُسْتَقَرُّ مَا اسْتَقَرَّ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ فَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ أَبَداً وَ الْمُسْتَوْدَعُ الَّذِي يُسْتَوْدَعُ الْإِيمَانَ زَمَاناً
__________________________________________________
 (1) رجال الكشّيّ: 251.
 (2) قرب الإسناد ط النجف ص 203، و الآية في الانعام: 98.
 (3) المصدر: 225.

222
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 34 أن الإیمان مستقر و مستودع و إمکان زوال الإیمان ص 212

ثُمَّ يُسْلَبُهُ وَ قَدْ كَانَ الزُّبَيْرُ مِنْهُمْ «1».
9- شي، تفسير العياشي عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ: إِنَّ الزُّبَيْرَ اخْتَرَطَ سَيْفَهُ يَوْمَ قُبِضَ النَّبِيُّ ص وَ قَالَ لَا أَغْمِدُهُ حَتَّى أُبَايِعَ لِعَلِيٍّ ثُمَّ اخْتَرَطَ سَيْفَهُ فَضَارَبَ عَلِيّاً فَكَانَ مِمَّنْ أُعِيرَ الْإِيمَانَ فَمَشَى فِي ضَوْءِ نُورِهِ ثُمَّ سَلَبَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ «2».
10- شي، تفسير العياشي عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْأَصْبَغِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع وَ هُوَ يَسْأَلُ عَنْ مُسْتَقَرٍّ وَ مُسْتَوْدَعٍ قَالَ مُسْتَقَرٌّ فِي الرَّحِمِ وَ مُسْتَوْدَعٌ فِي الصُّلْبِ وَ قَدْ يَكُونُ مُسْتَوْدَعَ الْإِيمَانِ ثُمَّ يُنْزَعُ مِنْهُ وَ لَقَدْ مَشَى الزُّبَيْرُ فِي ضَوْءِ الْإِيمَانِ وَ نُورِهِ حِينَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى مَشَى بِالسَّيْفِ وَ هُوَ يَقُولُ لَا نُبَايِعُ إِلَّا عَلِيّاً «3».
11- شي، تفسير العياشي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ قَالَ مَا كَانَ مِنَ الْإِيمَانِ الْمُسْتَقَرِّ فَمُسْتَقَرٌّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ أَبَداً «4» وَ مَا كَانَ مُسْتَوْدَعاً سَلَبَهُ اللَّهُ قَبْلَ الْمَمَاتِ «5».
12- شي، تفسير العياشي عَنْ صَفْوَانَ قَالَ: سَأَلَنِي أَبُو الْحَسَنِ ع وَ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ جَالِسٌ فَقَالَ لِي مَاتَ يَحْيَى بْنُ الْقَاسِمِ الْحَذَّاءُ فَقُلْتُ لَهُ نَعَمْ وَ مَاتَ زُرْعَةُ فَقَالَ كَانَ جَعْفَرٌ ع يَقُولُ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ فَمُسْتَقَرٌّ قَوْمٌ يُعْطَوْنَ الْإِيمَانَ وَ يُسْتَقَرُّ فِي قُلُوبِهِمْ وَ الْمُسْتَوْدَعُ قَوْمٌ يُعْطَوْنَ الْإِيمَانَ ثُمَّ يُسْلَبُونَهُ «6».
13- شي، تفسير العياشي عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ قَالَ الْمُسْتَقَرُّ الْإِيمَانُ الثَّابِتُ وَ الْمُسْتَوْدَعُ الْمُعَارُ «7».
14- شي، تفسير العياشي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: وَقَفَ عَلِيٌّ أَبُو الْحَسَنِ الثَّانِي ع فِي بَنِي زُرَيْقٍ فَقَالَ لِي وَ هُوَ رَافِعٌ صَوْتَهُ يَا أَحْمَدُ قُلْتُ لَبَّيْكَ قَالَ إِنَّهُ لَمَّا قُبِضَ‏
__________________________________________________
 (1) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 371.
 (2) المصدر ج 1 ص 371.
 (3) المصدر ج 1 ص 371.
 (4) الترديد من الراوي.
 (5) العيّاشيّ ج 1 ص 371.
 (6) العيّاشيّ ج 1 ص 371.
 (7) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 372.

223
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 34 أن الإیمان مستقر و مستودع و إمکان زوال الإیمان ص 212

رَسُولُ اللَّهِ ص جَهَدَ النَّاسُ عَلَى إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو الْحَسَنِ ع جَهَدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَ أَصْحَابُهُ عَلَى إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَ إِنَّ أَهْلَ الْحَقِّ إِذَا دَخَلَ فِيهِمْ دَاخِلٌ سُرُّوا بِهِ وَ إِذَا خَرَجَ مِنْهُمْ خَارِجٌ لَمْ يَجْزَعُوا عَلَيْهِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَمْرِهِمْ وَ إِنَّ أَهْلَ الْبَاطِلِ إِذَا دَخَلَ فِيهِمْ دَاخِلٌ سُرُّوا بِهِ وَ إِذَا خَرَجَ عَنْهُمْ خَارِجٌ جَزِعُوا عَلَيْهِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ عَلَى شَكٍّ مِنْ أَمْرِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ قَالَ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع الْمُسْتَقَرُّ الثَّابِتُ وَ الْمُسْتَوْدَعُ الْمُعَارُ «1».
كش، رجال الكشي عن حمدويه عن الحسن بن موسى عن داود بن محمد عن أحمد مثله «2».
15- شي، تفسير العياشي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقاً لِلْإِيمَانِ لَا زَوَالَ لَهُ وَ خَلَقَ خَلْقاً لِلْكُفْرِ لَا زَوَالَ لَهُ وَ خَلَقَ خَلْقاً بَيْنَ ذَلِكَ فَاسْتَوْدَعَ بَعْضَهُمُ الْإِيمَانَ فَإِنْ شَاءَ أَنْ يُتِمَّهُ لَهُمْ أَتَمَّهُ وَ إِنْ شَاءَ أَنْ يَسْلُبَهُمْ إِيَّاهُ سَلَبَهُمْ «3».
16- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع مِثْلَهُ وَ زَادَ فِي آخِرِهِ وَ كَانَ فُلَانٌ مِنْهُمْ مُعَاراً «4».
بيان: خلق خلقا للإيمان قيل اللام لام العاقبة أي خلق خلقا عاقبتهم الإيمان في العلم الأزلي لا زوال لإيمانهم و هم الأنبياء و الأوصياء و التابعون لهم من المؤمنين الثابتين على الإيمان و خلق خلقا عاقبتهم الكفر في علمه عز و جل و خلق خلقا مترددين بين الإيمان و الكفر مستضعفين في علمه فمن آمن منهم كان إيمانه مستودعا فإن يشأ الله أن يتمه لهم لحسن استعدادهم و إقبالهم إلى الله عز و جل أتمه‏
__________________________________________________
 (1) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 372.
 (2) رجال الكشّيّ ص 377.
 (3) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 372.
 (4) الكافي ج 2 ص 417.

224
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 34 أن الإیمان مستقر و مستودع و إمکان زوال الإیمان ص 212

بفضله و توفيقه و جعله ثابتا مستقرا فيهم و إن يشأ أن يسلبهم إياه لزوال استعدادهم الفطري و فساد استعدادهم الكسبي سلبهم و رفع عنهم توفيقهم و يفهم بالمقايسة حال من كفر منهم.
و أقول من علم أنهم يموتون على الإيمان كان ينبغي أن يدخلهم في القسم الأول على هذا الوجه و من علم أنهم يموتون على الكفر في القسم الثاني بل الأحسن أن يقال لما علم الله سبحانه استعداداتهم و قابلياتهم و ما يئول إليه أمرهم و مراتب إيمانهم و كفرهم فمن علم أنهم يكونون راسخين في الإيمان كاملين فيه و خلقهم فكأنه خلقهم للإيمان الكامل الراسخ و كذا الكفر و من علم أنهم يكونون متزلزلين مترددين بين الإيمان و الكفر فكأنه خلقهم كذلك فهم مستعدون لإيمان ضعيف فمنهم من يختم له بالإيمان و منهم من يختم له بالكفر فهم المعارون.
و الظاهر أن المراد بفلان أبو الخطاب و كنى عنه بفلان لمصلحة فإن أصحابه كانوا جماعة كثيرة كان يحتمل ترتب مفسدة على التصريح باسمه و يحتمل أن يكون كناية عن ابن عباس فإنه قد انحرف عن أمير المؤمنين ع و ذهب بأموال البصرة إلى الحجاز و وقع بينه ع و بينه مكاتبات تدل على شقاوته و ارتداده كما مر و التقية فيه أظهر لكن سيأتي التصريح بأبي الخطاب في خبر شلقان «1» و على التقديرين منهم خبر كان و ضمير الجمع للخلق بين ذلك و معارا خبر بعد خبر و قيل فلان كناية عن عثمان و الضمير للخلفاء الثلاثة و الظرف حال عن فلان و معارا خبر كان و لا يخفى بعده لفظا و معنى فإن الثلاثة كانوا كفرة لم يؤمنوا قط.
17- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ وَ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيِّ عَنْ كُلَيْبِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْأَسَدِيِّ عَنْ‏
__________________________________________________
 (1) يعني ما مر تحت الرقم 3 مع شرحه فان خبر عيسى شلقان في الكافي باب علامة المعار تحت الرقم 3، و هذا الخبر تحت الرقم 1، و أمّا التصريح باسم أبى الخطاب فقد عرفت أنه في غير واحد من الأحاديث كما مرّ عن الكشّيّ تحت الرقم 5.

225
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 34 أن الإیمان مستقر و مستودع و إمکان زوال الإیمان ص 212

أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ يُصْبِحُ مُؤْمِناً وَ يُمْسِي كَافِراً وَ يُصْبِحُ كَافِراً وَ يُمْسِي مُؤْمِناً وَ قَوْمٌ يُعَارُونَ الْإِيمَانَ ثُمَّ يُسْلَبُونَهُ وَ يُسَمَّوْنَ الْمُعَارِينَ ثُمَّ قَالَ فُلَانٌ مِنْهُمْ «1».
بيان: ثم يسلبونه يدل على أن السلب متعد إلى مفعولين «2» بخلاف ما يظهر من كتب اللغة و يومئ إليه أيضا تمثيلهم لبدل الاشتمال بقولهم سلب زيد ثوبه إذ لو كان متعديا إلى مفعولين لما احتاج إلى البدلية لكن لا عبرة بقولهم بعد وروده في كلام أفصح الفصحاء.
18- كا، الكافي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَرَّارٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ النَّبِيِّينَ عَلَى النُّبُوَّةِ فَلَا يَكُونُونَ إِلَّا أَنْبِيَاءَ وَ خَلَقَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْإِيمَانِ فَلَا يَكُونُونَ إِلَّا مُؤْمِنِينَ وَ أَعَارَ قَوْماً إِيمَاناً فَإِنْ شَاءَ تَمَّمَهُ لَهُمْ وَ إِنْ شَاءَ سَلَبَهُمْ إِيَّاهُ وَ قَالَ وَ فِيهِمْ جَرَتْ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ وَ قَالَ لِي إِنَّ فُلَاناً كَانَ مُسْتَوْدَعاً إِيمَانَهُ فَلَمَّا كَذَبَ عَلَيْنَا سُلِبَ‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 417.
 (2) بل الظاهر من مفهومه و هو الانتزاع و الاختلاس قهرا احتياجه الى مفعول واحد و هو المسلوب لكنه لما كان المسلوب ممّا يتعلق بالغير، بحيث لو لم يكن عنده و في يده لم يتحقّق مفهوم السلب و هو الاخذ و الانتزاع قهرا بعد المدافعة لزم في الكلام ذكر المسلوب عنه بصورة المفعول ثمّ ذكر المسلوب عنه بعنوان البدل، كما يقال: سلب فلانا ثوبه إذا أخذه قهرا و سلبا، و منه قولهم: سلبه فؤاده و عقله، و قوله تعالى: «وَ إِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ» فلو قيل: سلب ثوب فلان و نحوه انتفى معنى القهر من السالب و المدافعة من المسلوب عنه و صار مرادفا لقولهم أخذ أو سرق.
و أمّا قوله عليه السلام «يسلبونه» فضمير الجمع هو المفعول و هو المبدل منه رفع بنيابة الفاعل، و الضمير المفرد الراجع الى الايمان ليس الا بدل الاشتمال من المفعول سد مسده، يتراءى في الظاهر أنّه المفعول الثاني و لو صح الاستناد في ذلك الى قوله عليه السلام «يسلبونه» لكان الأولى الاستناد الى قوله تعالى «وَ إِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً».

226
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 34 أن الإیمان مستقر و مستودع و إمکان زوال الإیمان ص 212

إِيمَانَهُ ذَلِكَ «1».
بيان: قال تعالى وَ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ قال البيضاوي أي فلكم استقرار في الأصلاب أو فوق الأرض و استيداع في الأرحام أو تحت الأرض أو موضع الاستقرار و الاستيداع و قرأ ابن كثير و البصريان «2» بكسر القاف على أنه اسم فاعل و المستودع اسم مفعول أي و منكم قار و منكم مستودع لأن الاستقرار منا دون الاستيداع انتهى «3».
و لعل تأويله ع أنسب بالقراءة الأخيرة أي فمنكم إيمانه مستقر أي ثابت و بعضكم إيمانه مستودع أو بعضكم مستقر في الإيمان و بعضكم غير مستقر و مُسْتَوْدَعٌ اسم مفعول أو اسم مكان و على القراءة الأولى اسم مكان أي بعضكم محل استقرار الإيمان و المستودع يحتمل الوجهين قوله سلب إيمانه يحتمل بناء المفعول و الفاعل و على الثاني ذلك إشارة إلى الكذب ..
19- نهج، نهج البلاغة مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ ع فَمِنَ الْإِيمَانِ مَا يَكُونُ ثَابِتاً مُسْتَقِرّاً فِي الْقُلُوبِ وَ مِنْهُ مَا يَكُونُ عَوَارِيَّ بَيْنَ الْقُلُوبِ وَ الصُّدُورِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَإِذَا كَانَتْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ مِنْ أَحَدٍ فَقِفُوهُ حَتَّى يَحْضُرَهُ الْمَوْتُ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقَعُ حَدُّ الْبَرَاءَةِ وَ الْهِجْرَةُ قَائِمَةٌ عَلَى حَدِّهَا الْأَوَّلِ مَا كَانَ لِلَّهِ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ حَاجَةٌ مِنْ مُسْتَسِرِّ الْأُمَّةِ وَ مُعْلِنِهَا لَا يَقَعُ اسْمُ الْهِجْرَةِ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا بِمَعْرِفَةِ الْحُجَّةِ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ عَرَفَهَا وَ أَقَرَّ بِهَا فَهُوَ مُهَاجِرٌ وَ لَا يَقَعُ اسْمُ الِاسْتِضْعَافِ عَلَى مَنْ بَلَغَتْهُ الْحُجَّةُ فَسَمِعَتْهَا أُذُنُهُ وَ وَعَاهَا قَلْبُهُ إِنَّ أَمْرَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لَا يَحْتَمِلُهُ إِلَّا عَبْدٌ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ وَ لَا تَعِي حَدِيثَنَا إِلَّا صُدُورٌ أَمِينَةٌ وَ أَحْلَامٌ رَزِينَةٌ أَيُّهَا النَّاسُ سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي فَلَأَنَا بِطُرُقِ السَّمَاءِ أَعْلَمُ مِنِّي بِطُرُقِ الْأَرْضِ قَبْلَ أَنْ تَشْغَرَ فِتْنَةٌ تَطَأُ فِي خِطَامِهَا وَ تَذْهَبُ بِأَحْلَامِ قَوْمِهَا «4».
بيان: العواري جمع العارية بالتشديد فيهما كأنها منسوبة إلى العار فإن‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 418.
 (2) هما أبو عمرو بن العلاء، و يعقوب كما مرّ ص 106.
 (3) أنوار التنزيل ص 137.
 (4) نهج البلاغة ج 1 ص 386 تحت الرقم 187.

227
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 34 أن الإیمان مستقر و مستودع و إمکان زوال الإیمان ص 212

طلبها عار و عيب قال ابن ميثم رحمه الله قوله ع فمن الإيمان إلى آخره قسمة للإيمان إلى قسمين أحدهما الثابت المستقر في القلوب الذي صار ملكة و ثانيهما ما كان في معرض الغير و الانتقال و استعار ع لفظ العواري لكونه في معرض الاسترجاع و الرد و كنى ع بكونه بين القلوب و الصدور عن كونه غير مستقر في القلوب و لا متمكن من جواهر النفوس «1».
و قال ابن أبي الحديد أراد ع من الإيمان ما يكون على سبيل الإخلاص و منه ما يكون على سبيل النفاق «2» و قوله ع إلى أجل معلوم ترشيح لاستعارة العواري و هذه القسمة إلى القسمين هي الموجودة في نسخة الرضي رضي الله عنه بخطه و في نسخ كثير من الشارحين و نسخ كثيرة معتبرة ثلاثة أقسام هكذا فمن الإيمان ما يكون ثابتا مستقرا في القلوب و منه ما يكون عواري في القلوب و منه ما يكون عواري «3» بين القلوب و الصدور إلى أجل معلوم.
و قال ابن أبي الحديد في بيانها إن الإيمان إما أن يكون ثابتا مستقرا بالبرهان و هو الإيمان الحقيقي أو ليس بثابت بالبرهان بل بالدليل الجدلي ككثير ممن لم يحقق العلوم العقلية و هو الذي عبر ع عنه بقوله عواري في القلوب فهو و إن كان في القلب الذي هو محل الإيمان الحقيقي إلا أن حكمه حكم العارية في البيت و إما أن يستند إلى تقليد و حسن ظن بالأسلاف و قد جعله ع عواري بين القلوب و الصدور لأنه دون الثاني فلم يجعله حالا في القلب و رد قوله ع إلى أجل معلوم إلى القسمين الأخيرين لأن من لم يبلغ درجة البرهان ربما ينحط إلى درجة المقلد فيكون إيمان كل منهما إلى أجل معلوم لكونه في معرض الزوال.
فإذا كانت لكم براءة إلخ قيل أي إذا أردتم التبري من أحد فاجعلوه موقوفا إلى حال الموت و لا تسارعوا إلى البراءة منه قبل الموت لأنه يجوز أن يتوب و يرجع فإذا مات و لم يتب جازت البراءة منه لأنه ليس له بعد الموت حالة
__________________________________________________
 (1) شرح النهج لابن ميثم: 441.
 (2) شرح النهج لابن أبي الحديد ج 3 ص 215.
 (3) ساقط من نسخة الكمبانيّ.

228
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 34 أن الإیمان مستقر و مستودع و إمکان زوال الإیمان ص 212

تنتظر و ينبغي أن تحمل هذه البراءة على البراءة المطلقة لجواز التبري من الفاسق و هو حي و من الكافر و هو حي لكن بشرط الاتصاف بأحد الوصفين بخلاف ما بعد الموت.
و قيل المعنى انتظروا حتى يأتيه الموت فإنه ربما يكون معتقدا للحق و يكتم إيمانه لغرض دنيوي و قيل هذا إشارة إلى ما كان يفعله رسول الله ص في الصلاة على المنافقين فإذا كبر أربعا كانوا يعلمون أنه منافق و إذا كبر خمسا كانوا يعلمون أنه مؤمن فأشار ع إلى أنه عند الموت تقع البراءة و تصح بعلامة تكبيراته الأربع و كلا الوجهين كما ترى.
و الظاهر أن المراد بالبراءة قطع العلائق الإيمانية التي يجوز معها الاستغفار كما يومئ إليه قوله سبحانه ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَ لَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى‏ إلى قوله تعالى فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ «1» و الهجرة قائمة إلخ و أصل الهجرة المأمور بها الخروج من دار الحرب إلى دار الإسلام و قال في النهاية فيه لا هجرة بعد الفتح و لكن جهاد و نية و في حديث آخر لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة الهجرة في الأصل اسم من الهجر ضد الوصل و قد هجره هجرا و هجرانا ثم غلب على الخروج من أرض إلى أرض و ترك الأولى للثانية يقال منه هاجر مهاجرة.
و الهجرة هجرتان إحداهما التي وعد الله عليها الجنة في قوله إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى‏ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ «2» فكان الرجل يأتي النبي ص و يدع أهله و ماله لا يرجع في شي‏ء منه و ينقطع بنفسه إلى مهاجره و كان النبي ص يكره أن يموت الرجل بالأرض التي هاجر منها فمن ثم قال لكن البائس سعد بن خولة يرثي له أن مات بمكة «3» و قال حين قدم مكة اللهم لا
__________________________________________________
 (1) براءة: 114.
 (2) براءة: 111.
 (3) أي يترقق و يشفق عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن مات سعد بن خولة بمكّة.

229
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 34 أن الإیمان مستقر و مستودع و إمکان زوال الإیمان ص 212

تجعل منايانا بها فلما فتحت مكة صارت دار إسلام كالمدينة و انقطعت الهجرة.
و الهجرة الثانية من هاجر من الأعراب و غزا مع المسلمين و لم يفعل كما فعل أصحاب الهجرة الأولى فهو مهاجر و ليس بداخل في فضل من هاجر تلك الهجرة و هو المراد بقوله لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة فهذا وجه الجمع بين الحديثين و إذا أطلق في الحديث ذكر الهجرتين فإنما يراد بهما هجرة الحبشة و هجرة المدينة انتهى.
و قال ابن أبي الحديد هذا كلام من أسرار الوصية يختص به علي ع لأن الناس يروون أن النبي ص قال لا هجرة بعد الفتح فشفع عمه العباس في نعيم بن مسعود الأشجعي أن يستثنيه فاستثناه و هذه الهجرة التي أشار إليها أمير المؤمنين ع ليست تلك بل هي الهجرة إلى الإمام و قال بعض الأصحاب تجب المهاجرة عن بلد الشرك على من يضعف عن إظهار شعائر الإسلام مع المكنة و يستحب للقادر على إظهارها تحرزا عن تكثير سواد المشركين و المراد بها الأمور التي تختص بالإسلام كالأذان و الإقامة و صوم شهر رمضان و غير ذلك و ألحق بعضهم ببلاد الشرك بلاد الخلاف التي لا يتمكن فيها المؤمن من إقامة شعائر الإيمان مع الإمكان و لو تعذرت الهجرة لمرض أو عدم نفقة أو غير ذلك فلا حرج لقوله تعالى إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَ كانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً «1» و الظاهر أن قوله ع ما كان لله في أهل الأرض حاجة كناية عن بقاء التكليف كما يدل عليه قول النبي ص لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة و للتجوز مجال واسع و في الصحيفة السجادية و لا ترسلني من يدك إرسال من لا خير فيه و لا حاجة بك إليك و قيل كلمة ما هاهنا نافية و وجهوه بتوجيهات‏
__________________________________________________
فى حجة الوداع حين قال: لكن البائس سعد بن خولة قد مات في الأرض التي هاجر منها راجع ترجمته في الاستيعاب بذيل الإصابة ج 2 ص 41.
 (1) النساء: 97.

230
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 34 أن الإیمان مستقر و مستودع و إمکان زوال الإیمان ص 212

ركيكة و السر ما يكتم و استسر أي استتر و اختفى فالمختفي حينئذ كمن لا يختفي بل يعلن نفسه لأنه لا يخاف و لا يتقي لدينه أو غيره و قيل أي ممن أسر دينه أو أظهره و أعلنه و من لبيان الجنس و قيل زائدة و لو حذفت لجر المستسر بدلا من أهل الأرض.
لا تقع اسم الهجرة إلخ أي يشترط في صدق الهجرة معرفة الإمام و الإقرار به و المراد بقوله فمن عرفها إلخ أنه مهاجر بشرط الخروج إلى الإمام و السفر إليه أو المراد بالمعرفة المعرفة المستندة إلى المشاهدة و العيان و يحتمل أن يكون المراد أن مجرد معرفة الإمام و الإقرار بوجوب اتباعه كاف في إطلاق اسم الهجرة كما هو ظاهر الجزء الأخير من الكلام و يدل عليه بعض أخبارنا فمعرفة الإمام و الإقرار به في زمانه قائم مقام الهجرة المطلوبة في زمان الرسول ص.
و قال بعض الأصحاب الهجرة في زمان الغيبة سكنى الأمصار لأنها تقابل البادية مسكن الأعراب و الأمصار أقرب إلى تحصيل الكمالات من القرى و البوادي فإن الغالب على أهلها الجفاء و الغلظة و البعد عن العلوم و الكمالات كما روي عن النبي ص أن الجفاء و القسوة في الفدادين «1» و قيل هي الخروج إلى طلب العلوم فيعم الخروج عن القرى و البوادي و الخروج عن بلد لا يمكن فيه طلب العلم.
و لا يقع اسم الاستضعاف إلخ الاستضعاف عد الشي‏ء ضعيفا أو وجدانه ضعيفا و استضعفه أي طلب ضعفه و الحجة الدليل و البرهان و يعبر به عن الإمام لأنه دليل الحق و المراد به هنا إما دليل الحق من أصول الدين أو الأعم أو الإمام بتقدير مضاف أي حجة الحجة.
قال القطب الراوندي رحمه الله يمكن أن يشير بهذا الكلام إلى إحدى آيتين إحداهما إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا
__________________________________________________
 (1) الفدادون: الجمالون، و الرعيان، و البقارون، و الحمارون، و الفلاحون و أصحاب الوبر، و الذين تعلو اصواتهم في حروثهم و مواشيهم، و المكثرون من الإبل.

231
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 34 أن الإیمان مستقر و مستودع و إمکان زوال الإیمان ص 212

كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ ساءَتْ مَصِيراً «1» فيكون مراده ع على هذا أنه لا يصدق اسم الاستضعاف على من عرف الإمام و بلغته أحكامه و وعاها قلبه و إن بقي في ولده و أهله لم يتجشم السفر إلى الإمام كما صدق على هؤلاء المذكورين في الآية و الثانية قوله تعالى بعد ذلك إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ الآية فيكون مراده على هذا أن من عرف الإمام و سمع مقالته و وعاها قلبه لا يصدق عليه اسم الاستضعاف كما صدق على هؤلاء إذ كان المفروض على الموجودين في عصر الرسول المهاجرة بالأبدان دون من بعدهم بل يقنع منهم بمعرفته و العمل بقوله بدون المهاجرة إليه بالبدن.
و قال ابن ميثم رحمه الله بعد حكاية كلامه و أقول يحتمل أن يريد بقوله ذلك أنه لا عذر لمن بلغته دعوة الحجة فسمعتها أذنه في تأخيره عن النهوض و المهاجرة إليه مع قدرته على ذلك و لا يصدق عليه اسم الاستضعاف كما يصدق على المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان حتى يكون ذلك عذرا له بل يكون في تأخره ملوما مستحقا للعقاب كالذين قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ و يكون مخصوصا بالقادرين على النهوض دون العاجزين فإن اسم الاستضعاف صادق عليهم انتهى «2».
و أقول سيأتي شرح هذا الكلام في أخبار كثيرة و أن المراد به أن المستضعف المعذور في معرفة الإمام في زمان الهدنة في الجملة إنما هو إذا لم تبلغه الحجة و اختلاف الناس فيه أو بلغه و لم يكن له عقل يتميز به بين الحق و الباطل كما سنذكر تفصيله إن شاء الله تعالى.
إن أمرنا صعب مستصعب الصعب العسر و الأبي الذي لا ينقاد بسهولة ضد الذلول و استصعب الأمر أي صار صعبا و استصعبت الأمر أي وجدته صعبا
__________________________________________________
 (1) النساء: 97 و ما بعدها ذيلها: 98.
 (2) شرح النهج لابن ميثم: 441.

232
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 34 أن الإیمان مستقر و مستودع و إمکان زوال الإیمان ص 212

و حملته و احتملته بمعنى و حملته بالتشديد فاحتمله و الامتحان الاختبار و امتحن الله قلبه أي شرحه و وسعه.
قال ابن أبي الحديد قال الله تعالى أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى«1» يقال امتحن فلان لأمر كذا أي جرب للنهوض به فهو قوي على احتمال مشاقه و يجوز أن يكون بمعنى المعرفة لأن تحقيقك الشي‏ء إنما يكون باختباره فوضع موضعها فيتعلق اللام بمحذوف أي كائنة له و هي اللام التي في قولك أنت لهذا الأمر أي مختص به و يكون مع معمولها منصوبة على الحال و يجوز أن يكون المعنى ضرب الله قلوبهم بأنواع المحن لأجل التقوى أي ليثبت و يظهر تقواها و يعلم أنهم متقون لأن التقوى لا يعلم إلا عند الصبر على المحن و الشدائد أو أخلص قلوبهم للتقوى أي أذابه و صفاه و وعيت الحديث أي حفظته و فهمته و الغرض حفظ الحديث عن الإذاعة و ضبط الأسرار عن إفضائها إلى غير أهلها أو الإذعان الكامل به و عدم التزلزل عند العجز عن المعرفة التفصيلية به فيكون كالتفسير لما قبله و الحلم بالكسر الأناة و العقل و الرزانة الوقار.
و حاصل الكلام أن شأنهم و ما هم عليه من الكمال و القدرة على خوارق العادات صعب لا يحصل لغيرهم مستصعب الفهم على الخلق أو فهم علومهم و إدراك أسرارهم مشكل يستصعبه أكثر الخلق فلا يقبله حق القبول بحيث لا يخرج إلى طرف الإفراط بالغلو أو التفريط بعدم التصديق أو القول بعدم الحق لسوء الفهم إلا قلب عبد شرحه الله و صفاه للإيمان فيحمل كلما يأتون به على وجهه إذا وجد له محملا و يصدق إجمالا بكل ما عجز عن معرفته تفصيلا و يرد علمه إليهم ع.
و المراد بطرق السماء الطرق التي يصعد منها الملائكة و يرفع فيها أعمال العباد أو منازل سكان السماوات و مراتبهم أو الأمور المستقبلة و ما خفي على الناس مما لا يعلم إلا بتعليم رباني فإن مجاري نزولها في السماء أو أحكام الدين و قواعد الشريعة
__________________________________________________
 (1) الحجرات: 3.

233
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 34 أن الإیمان مستقر و مستودع و إمکان زوال الإیمان ص 212

و على ما يقابل كل واحد منها يحمل طرق الأرض.
و شغر البلد كمنع إذا خلا من حافظ يمنعه و بلدة شاغرة برجلها لم تمنع عن غارة أحد و شغرت المرأة رفعت رجلها للنكاح و شغرتها فعلت بها ذلك يتعدى و لا يتعدى و شغر الكلب إذا رفع أحد رجليه ليبول و قيل الشغر البعد و الاتساع و قيل كنى بشغر رجلها عن خلو تلك الفتنة عن مدبر يردها و يحفظ الأمور و ينظم الدين و يحتمل أن يكون كناية عن شمولها للبلاد و العباد من الشغر بمعنى الاتساع أو من شغر الكلب أو من شغرة المرأة كناية عن تكشفها و عدم مبالاتها بظهور عيوبها و إبداء سوأتها و الوطء الدوس بالرجل و الخطم بالفتح من الدابة مقدم أنفها و ككتاب ما يوضع في أنف البعير ليقتاد به و الوطء في الخطام كناية عن فقد القائد و إذا خلت الناقة من القائد تعثر و تخبط و تفسد ما تمر عليه بقوائمها.
و تذهب بأحلام قومها أي تفسد عقول أهلها فكانت أفعالهم على خلاف ما يقتضيه العقل فالمراد بأهلها المفسدون أو يتحير أهل زمانها فلا يهتدون إلى طريق التخلص عنها فأهلها من أصابته البلية أو يأتي أهل ذلك الزمان إليها رغبة و رهبة و لا يتفحصون عن كونها فتنة لغفلتهم عن وجه الحق فيها ..

234
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 35 العلة التی من أجلها لا یکف الله المؤمنین عن الذنب ص 235

باب 35 العلة التي من أجلها لا يكف الله المؤمنين عن الذنب‏
1- جا، المجالس للمفيد عَنِ ابْنِ قُولَوَيْهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ سَعْدٍ عَنِ الْأَهْوَازِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ بَهْرَامَ عَنْ عَمْرِو بْنِ جُمَيْعٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَنْ جَاءَنَا يَلْتَمِسُ الْفِقْهَ وَ الْقُرْآنَ وَ التَّفْسِيرَ فَدَعُوهُ وَ مَنْ جَاءَنَا يُبْدِي عَوْرَةً قَدْ سَتَرَهَا اللَّهُ فَنَحُّوهُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَذْكُرُ حَالِي لَكَ قَالَ إِنْ شِئْتَ قَالَ وَ اللَّهِ إِنِّي لَمُقِيمٌ عَلَى ذَنْبٍ مُنْذُ دَهْرٍ أُرِيدُ أَنْ أَتَحَوَّلَ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ فَمَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ إِنْ تَكُنْ صَادِقاً فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّكَ وَ مَا يَمْنَعُكَ مِنَ الِانْتِقَالِ عَنْهُ إِلَّا أَنْ تَخَافَهُ «1».
2- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ مِنْ وُلْدِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَسَارٍ رَفَعَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّ الذَّنْبَ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْعُجْبِ «2» وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا ابْتُلِيَ مُؤْمِنٌ بِذَنْبٍ أَبَداً «3».
أقول: سيأتي شرحه و مثله في باب العجب إن شاء الله.
__________________________________________________
 (1) أمالي المفيد ص 14.
 (2) العجب أن يستعظم الرجل نفسه بما يكون منه من الخيرات و العبادات، فيعد نفسه صالحة مطيعة حقّ الإطاعة فيبتهج بأعماله و يدلّ بها كانه يمن على اللّه باطاعته. و هذا مفسد للعمل.
 (3) الكافي ج 2: 133.

235
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 36 الحب فی الله و البغض فی الله ص 236

باب 36 الحب في الله و البغض في الله‏
1- م، تفسير الإمام عليه السلام ع، علل الشرائع ن «1»، عيون أخبار الرضا عليه السلام لي، الأمالي للصدوق الْمُفَسِّرُ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيِّ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ ذَاتَ يَوْمٍ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَحْبِبْ فِي اللَّهِ وَ أَبْغِضْ فِي اللَّهِ وَ وَالِ فِي اللَّهِ وَ عَادِ فِي اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا تَنَالُ وَلَايَةَ اللَّهِ إِلَّا بِذَلِكَ وَ لَا يَجِدُ رَجُلٌ طَعْمَ الْإِيمَانِ وَ إِنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ وَ صِيَامُهُ حَتَّى يَكُونَ كَذَلِكَ وَ قَدْ صَارَتْ مُوَاخَاةُ النَّاسِ يَوْمَكُمْ هَذَا أَكْثَرَهَا فِي الدُّنْيَا عَلَيْهَا يَتَوَادُّونَ وَ عَلَيْهَا يَتَبَاغَضُونَ وَ ذَلِكَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً فَقَالَ لَهُ وَ كَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ أَنِّي قَدْ وَالَيْتُ وَ عَادَيْتُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ وَلِيُّ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّى أُوَالِيَهُ وَ مَنْ عَدُوُّهُ حَتَّى أُعَادِيَهُ فَأَشَارَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى عَلِيٍّ ع فَقَالَ أَ تَرَى هَذَا فَقَالَ بَلَى قَالَ وَلِيُّ هَذَا وَلِيُّ اللَّهِ فَوَالِهِ وَ عَدُوُّ هَذَا عَدُوُّ اللَّهِ فَعَادِهِ وَالِ وَلِيَّ هَذَا وَ لَوْ أَنَّهُ قَاتِلُ أَبِيكَ وَ وَلَدِكَ وَ عَادِ عَدُوَّ هَذَا وَ لَوْ أَنَّهُ أَبُوكَ وَ وَلَدُكَ «2».
أقول: قد مر كثير من أخبار الباب في باب صفات المؤمن و باب صفات خيار العباد و باب جوامع المكارم و في أبواب كتاب الحجة.
2- ثو «3»، ثواب الأعمال لي، الأمالي للصدوق عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ سَعِيدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ مِنْ أَوْثَقِ عُرَى الْإِيمَانِ أَنْ تُحِبَّ فِي اللَّهِ وَ تُبْغِضَ فِي اللَّهِ وَ تُعْطِيَ فِي اللَّهِ وَ تَمْنَعَ فِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ «4».
__________________________________________________
 (1) علل الشرائع ج 1 ص 134، عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1 ص 291.
 (2) أمالي الصدوق: ص 8.
 (3) ثواب الأعمال ص 152 و الافعال بصيغة الغائب.
 (4) أمالي الصدوق: ص 345، و اللفظ له.

236
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 36 الحب فی الله و البغض فی الله ص 236

سن، المحاسن عن ابن محبوب مثله «1»- جا، المجالس للمفيد عن أحمد بن الوليد عن أبيه عن الصفار عن ابن عيسى مثله «2».
3- لي، الأمالي للصدوق عَنِ ابْنِ الْوَلِيدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ عَنْ جَعْفَرٍ الْفَزَارِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ أَحَبَّ كَافِراً فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ وَ مَنْ أَبْغَضَ كَافِراً فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ ع صَدِيقُ عَدُوِّ اللَّهِ عَدُوُّ اللَّهِ «3».
4- فس، تفسير القمي الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ «4» يَعْنِي الْأَصْدِقَاءَ يُعَادِي بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ قَالَ الصَّادِقُ ع أَلَا كُلُّ خُلَّةٍ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا فِي غَيْرِ اللَّهِ فَإِنَّهَا تَصِيرُ عَدَاوَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ص وَ لِلظَّالِمِ غَداً بِكَفِّهِ عَضَّةٌ وَ الرَّحِيلُ وَشِيكٌ وَ لِلْأَخِلَّاءِ نَدَامَةٌ إِلَّا الْمُتَّقِينَ «5».
5- ل، الخصال عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: هَلِ الدِّينُ إِلَّا الْحُبُّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ «6».
6- ل، الخصال عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الصَّلْتِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ رِبْعِيٍّ عَنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مِنْ حُبِّ الرَّجُلِ دِينَهُ حُبُّهُ إِخْوَانَهُ «7».
__________________________________________________
 (1) المحاسن: ص 263.
 (2) مجالس المفيد: 97.
 (3) أمالي الصدوق: ص 360 أواخر المجلس 88.
 (4) الزخرف: 67.
 (5) تفسير القمّيّ.
 (6) الخصال ص 5، الرقم 69 و الآية في آل عمران: 31.
 (7) الخصال ص 13 تحت الرقم 4.

237
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 36 الحب فی الله و البغض فی الله ص 236

7- ف، تحف العقول عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي قَالَ: أَوْحَى اللَّهُ إِلَى بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ أَمَّا زُهْدُكَ فِي الدُّنْيَا فَتَعَجُّلُكَ الرَّاحَةَ وَ أَمَّا انْقِطَاعُكَ إِلَيَّ فَتَعَزُّزُكَ بِي وَ لَكِنْ هَلْ عَادَيْتَ لِي عَدُوّاً أَوْ وَالَيْتَ لِي وَلِيّاً «1».
8- ف، تحف العقول عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيِّ قَالَ: حُبُّ الْأَبْرَارِ لِلْأَبْرَارِ ثَوَابٌ لِلْأَبْرَارِ وَ حُبُّ الْفُجَّارِ لِلْأَبْرَارِ فَضِيلَةٌ لِلْأَبْرَارِ وَ بُغْضُ الْفُجَّارِ لِلْأَبْرَارِ زَيْنٌ لِلْأَبْرَارِ وَ بُغْضُ الْأَبْرَارِ لِلْفُجَّارِ خِزْيٌ عَلَى الْفُجَّارِ «2».
سن، المحاسن عن علي بن محمد القاساني عمن ذكره عن عبد الله بن القاسم الجعفري عن أبي عبد الله ع مثله «3» مع تحريف و سقط.
9- سن، المحاسن عَنِ الْبَزَنْطِيِّ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي حَدِيثٍ لَهُ قَالَ: يَا زِيَادُ وَيْحَكَ وَ هَلِ الدِّينُ إِلَّا الْحُبُّ أَ لَا تَرَى إِلَى قَوْلِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ «4» أَ وَ لَا تَرَى قَوْلَ اللَّهِ لِمُحَمَّدٍ ص حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَ قَالَ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ الدِّينُ هُوَ الْحُبُّ وَ الْحُبُّ هُوَ الدِّينُ «5».
10- سن، المحاسن عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ وَ أَبْغَضَ لِلَّهِ وَ أَعْطَى لِلَّهِ وَ مَنَعَ لِلَّهِ فَهُوَ مِمَّنْ كَمَلَ إِيمَانُهُ «6».
11- سن، المحاسن عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ مُصْعَبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ مَنْ أَحَبَّ اللَّهَ وَ أَبْغَضَ عَدُوَّهُ لَمْ يُبْغِضْهُ‏
__________________________________________________
 (1) تحف العقول ص 479.
 (2) تحف العقول ص 517.
 (3) المحاسن: ص 266.
 (4) آل عمران: 31، و ما بعدها في الحجرات 7، الحشر: 9، على الترتيب.
 (5) و المحاسن: 263.
 (6) و المحاسن: 263.

238
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 36 الحب فی الله و البغض فی الله ص 236

لِوِتْرٍ وَتَرَهُ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمِثْلِ زَبَدِ الْبَحْرِ ذُنُوباً كَفَّرَهَا اللَّهُ لَهُ «1».
بيان: يقال وترته نقصته و الوتر بالكسر الجناية التي يجنيها الرجل على غيره من قتل أو نهب أو سبي.
12- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ ابْنِ عِيسَى وَ الْبَرْقِيِّ وَ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ سَهْلٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ أَحَبَّ فِي اللَّهِ وَ أَبْغَضَ فِي اللَّهِ وَ أَعْطَى فِي اللَّهِ فَهُوَ مِمَّنْ كَمَلَ إِيمَانُهُ «2».
بيان: من أحب لله أي أحب من أحب لأن الله يحبه و أمر بحبه من الأنبياء و الأوصياء ع و الصلحاء من المؤمنين لا للأغراض الدنيوية و الأطماع الدنية و أبغض لله أي أبغض من أبغض لأن الله يبغضه و أمر ببغضه من أئمة الضلالة و الكفار و المشركين و المخالفين و الظلمة و الفجار لمخالفتهم لله تعالى و أعطى لله أي أعطى من أمر الله بإعطائه من أئمة الدين و فقراء المؤمنين و صلحائهم خالصا لله من غير رئاء و لا سمعة و في بعض النسخ في الله في المواضع فهو أيضا بمعنى لله و في لتعليل أو المعنى الحب في سبيل طاعته فيرجع إليه أيضا فهو ممن كمل إيمانه لأن ولاية أولياء الله و معاداة أعدائه و إخلاص العمل له عمدة الإيمان و أعظم أركانه.
13- كا، الكافي بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ سَعِيدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مِنْ أَوْثَقِ عُرَى الْإِيمَانِ أَنْ تُحِبَّ فِي اللَّهِ وَ تُبْغِضَ فِي اللَّهِ وَ تُعْطِيَ فِي اللَّهِ وَ تَمْنَعَ فِي اللَّهِ «3».
إيضاح العروة ما يكون في الحبل يتمسك به من أراد الصعود و عروة الكوز و نحوه و الأول هنا أنسب كأنه ع شبه الإيمان بحبل يرتقى به إلى الجنة
__________________________________________________
 (1) المحاسن: 265.
 (2) الكافي ج 2 ص 124.
 (3) الكافي ج 2 ص 125.

239
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 36 الحب فی الله و البغض فی الله ص 236

و الدرجات العالية و الأعمال الإيمانية و أخلاقها بالعرى التي تكون فيه يتمسك بها من أراد الصعود عليه و فيه إشارة إلى قوله تعالى فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى‏ لَا انْفِصامَ لَها «1» و المنع في الله أن يكون عدم بذله و إعطائه لكونه سبحانه منع منه كالحد المنتهي إلى التبذير أو إعطاء الكفار لغير مصلحة و الفجار لإعانتهم على الفجور و أمثال ذلك.
14- كا، الكافي بِالْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ عَنْ سَلَّامِ بْنِ الْمُسْتَنِيرِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص وُدُّ الْمُؤْمِنِ لِلْمُؤْمِنِ فِي اللَّهِ مِنْ أَعْظَمِ شُعَبِ الْإِيمَانِ أَلَا وَ مَنْ أَحَبَّ فِي اللَّهِ وَ أَبْغَضَ فِي اللَّهِ وَ أَعْطَى فِي اللَّهِ وَ مَنَعَ فِي اللَّهِ فَهُوَ مِنْ أَصْفِيَاءِ اللَّهِ «2».
سن، المحاسن عن ابن محبوب مثله «3» توضيح في القاموس الود و الوداد الحب و يثلثان كالودادة و المودة «4» و في المصباح الشعبة من الشجرة الغصن المتفرع منها و الجمع شعب مثل غرفة و غرف و الشعبة من الشي‏ء الطائفة منه و انشعبت أغصان الشجرة تفرعت عن أصلها و تفرقت و يقال هذه المسألة كثيرة الشعب انتهى و شعب الإيمان الأعمال و الأخلاق التي يقتضي الإيمان الإتيان بها و الصفي الحبيب المصافي و خالص كل شي‏ء.
15- كا، الكافي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّى عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ قَدْ أَضَاءَ نُورُ وُجُوهِهِمْ وَ نُورُ أَجْسَادِهِمْ وَ نُورُ مَنَابِرِهِمْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ
__________________________________________________
 (1) البقرة: 256.
 (2) الكافي: ج 2 125.
 (3) المحاسن: 263.
 (4) القاموس ج 1 ص 344.

240
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 36 الحب فی الله و البغض فی الله ص 236

حَتَّى يُعْرَفُوا بِهِ فَيُقَالُ هَؤُلَاءِ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ «1».
بيان: المتحابين في الله أي الذين يحب كل منهم الآخرين لمحض رضا الله و كونهم من أحباء الله لا للأغراض الفانية و الأغراض الباطلة و يكون أضاء لازما و متعديا يقال أضاء الشي‏ء و أضاءه غيره ذكره في المصباح.
16- كا، الكافي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْحُبِّ وَ الْبُغْضِ أَ مِنَ الْإِيمَانِ هُوَ فَقَالَ وَ هَلِ الْإِيمَانُ إِلَّا الْحُبُّ وَ الْبُغْضُ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ «2».
سن، المحاسن عن أبيه عن حماد مثله «3» تبيان عن الحب و البغض أي حب الأئمة ع و بغض أعدائهم أو الأعم منهما و من حب المؤمنين و الطاعة و بغض المخالفين و المعصية و الغرض من السؤال إما استعلام أن الاعتقاد بإمامة الأئمة ع و محبتهم و التبري عن أعدائهم هل هما من أجزاء الإيمان و أصول الدين كما هو مذهب الإمامية أو من فروع الدين و الواجبات الخارجة عن حقيقة الإيمان كما ذهب إليه المخالفون أو استبانة أن حب أولياء الله و بغض أعدائه هل هما من الأمور الاختيارية التي يقع التكليف بها أو هما من فعل الله تعالى و ليس للعبد فيه اختيار فلا يكونان مما كلف الله به و الأول أظهر.
فأجاب ع على الاستفهام الإنكاري بأن مدار الإيمان على الحب و البغض لأن الاعتقاد بالشي‏ء لا ينفك عن حبه و إنكاره عن بغضه أو عمدة الإيمان ولاية الأئمة ع و البراءة من أعدائهم إذ بهما يتم الإيمان و بدونهما لا ينفع شي‏ء من العقائد و الأعمال كما مر مفصلا فكأن الإيمان منحصر فيهما أو لما كانا
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 125.
 (2) الحجرات: 7، راجع الكافي ج 2 ص 125.
 (3) المحاسن: ص 262.

241
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 36 الحب فی الله و البغض فی الله ص 236

أصل الإيمان و عمدته كيف لم يكونا مكلفا به و كيف لم تكن مباديهما بالاختيار.
و الاستشهاد بالآية على الأول ظاهر و على الثاني فلأنه لما حصر الله تعالى الرشد و الصلاح فيهما فلو لم يكونا اختياريين لزم الجبر و التكليف بما لا يطاق و هما منفيان بالدلائل العقلية و النقلة.
و أما الآية فقال الطبرسي رحمه الله وَ لكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ أي جعله أحب الأديان إليكم بأن أقام الأدلة على صحته و بما وعد من الثواب عليه وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ بالألطاف الداعية إليه وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ بما وصف من العقاب عليه و بوجوه الألطاف الصارفة عنه وَ الْفُسُوقَ أي الخروج عن الطاعة إلى المعاصي وَ الْعِصْيانَ أي جميع المعاصي و قيل الفسوق الكذب و هو المروي عن أبي جعفر ع أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ يعني الذين وصفهم بالإيمان و زينه في قلوبهم هم المهتدون إلى معالي الأمور و قيل هم الذين أصابوا الرشد و اهتدوا إلى الجنة انتهى «1».
و يحتمل أن يكون المراد بالكفر الإخلال بالعقائد الإيمانية و بالفسوق الكبائر و بالعصيان الصغائر أو الأعم أو بالكفر ترك الإيمان ظاهرا و باطنا و بالفسوق النفاق و بالعصيان جميع المعاصي.
و قد ورد في أخبار كثيرة قد مر بعضها أن الإيمان أمير المؤمنين و ولايته و الكفر و الفسوق و العصيان الأول و الثاني و الثالث «2» فيؤيد المعنى الأول الذي ذكرنا في صدر الكلام ..
17- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى فِيمَا أَعْلَمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُدْرِكٍ الطَّائِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِأَصْحَابِهِ أَيُّ عُرَى الْإِيمَانِ أَوْثَقُ فَقَالُوا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ وَ قَالَ بَعْضُهُمُ الصَّلَاةُ وَ قَالَ بَعْضُهُمُ الزَّكَاةُ وَ قَالَ بَعْضُهُمُ الصِّيَامُ وَ قَالَ بَعْضُهُمُ الْحَجُ‏
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 9 ص 133.
 (2) راجع ج 23 ص 380 من هذه الطبعة الحديثة.

242
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 36 الحب فی الله و البغض فی الله ص 236

وَ الْعُمْرَةُ وَ قَالَ بَعْضُهُمُ الْجِهَادُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِكُلِّ مَا قُلْتُمْ فَضْلٌ وَ لَيْسَ بِهِ وَ لَكِنْ أَوْثَقُ عُرَى الْإِيمَانِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَ الْبُغْضُ فِي اللَّهِ وَ تَوَالِي أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَ التَّبَرِّي مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ «1».
سن، المحاسن عن اليقطيني عن أبي الحسن علي بن يحيى فيما أعلم مثله «2»- مع، معاني الأخبار عن ابن الوليد عن الصفار عن اليقطيني عن علي بن يحيى عن علي بن مروك الطائي عن أبي عبد الله عن آبائه ع قال قال رسول الله ص و ذكر مثله «3» بيان الغرض من السؤال امتحان فهم القوم و شدة اهتمامهم باستعلام ما هو الحق في ذلك و العمل به و كان اختيار كل منهم فعلا و ذكره على سبيل الاحتمال أو الاستفهام و لم يكن حكما منهم بأنه كذلك فإنه حينئذ يكون قولا بغير علم و فتوى بالباطل فهذا حرام فكيف يقررهم ص به و يحثهم عليه و ليس به ضمير ليس للفضل المذكور و ضمير به للأوثق أو ضمير ليس لكل من المذكورات و ضمير به للذي أراد ص و توالي أولياء الله الاعتقاد بإمامة الذين جعلهم الله أولى بالمؤمنين من أنفسهم و أعداء الله أضدادهم و غاصبوا خلافتهم أو الأعم منهم و من سائر المخالفين و الكفار.
18- سن، المحاسن عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَبَلَةَ الْأَحْمَسِيِّ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَرْضِ زَبَرْجَدَةٍ خَضْرَاءَ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ عَنْ يَمِينِهِ وَ كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ وُجُوهُهُمْ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ الثَّلْجِ وَ أَضْوَأُ مِنَ الشَّمْسِ الطَّالِعَةِ يَغْبِطُهُمْ بِمَنْزِلَتِهِمْ كُلُّ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 125.
 (2) المحاسن: ص 264.
 (3) معاني الأخبار ص 398 و لعلّ ما في سند الحديث «على بن مروك الطائى» تصحيف «عمرو بن مدرك الطائى».

243
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 36 الحب فی الله و البغض فی الله ص 236

وَ كُلُّ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ يَقُولُ النَّاسُ مَنْ هَؤُلَاءِ فَيُقَالُ هَؤُلَاءِ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ «1».
كا، الكافي عن العدة عن البرقي عن محمد بن علي عن عمر بن جبلة مثله «2» بيان على أرض زبرجدة الإضافة كخاتم حديد في ظل عرشه قال في النهاية أي في ظل رحمته و قال النووي «3» قيل الظل عبارة عن الراحة و النعيم نحو هو في عيش ظليل و المراد ظل الكرامة لا ظل الشمس لأنها و سائر العالم تحت العرش و قال الآبي «4» و من جواب شيخنا أنه يحتمل جعل جزء من العرش حائلا تحت فلك الشمس و قال عياض «5» ظاهره أنه سبحانه يظلهم حقيقة من حر الشمس و وهج الموقف و أنفاس الخلائق و هو تأويل أكثرهم و قال بعضهم هو كناية عن كنهم و جعلهم في كنفه و ستره و منه قولهم السلطان ظل الله و قولهم فلان في ظل فلان أي في كنفه و عزه انتهى.
و ظاهر الأخبار و الآيات أن العرش يوضع يوم القيامة في الموقف و أن له‏
__________________________________________________
 (1) المحاسن: ص 264.
 (2) الكافي ج 2 ص 126.
 (3) هو أبو زكريا محيى الدين يحيى بن شرف الدمشقى الشافعى، و النووى منسوب الى نوى بليدة قرب دمشق، قيل و هي منزل أيوب عليه السلام كان محققا مدققا حافظا للحديث عارفا بأنواعه له كتاب المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج.
 (4) هو عزّ الدين الحسن بن أبي طالب اليوسفى المعروف بالفاضل الآبي قال في الكنى و الألقاب: عالم فاضل محقق فقيه قوى الفقاهة شارح نافع و تلميذ المحقق، شهرته دون فضله، و علمه أكثر من ذكره و نقله، و كتابه كشف الرموز كتاب حسن مشتمل على فوائد كثيرة و تنبيهات جيدة و له مع شيخه مباحثات و مخالفات في كثير من المواضع، فرغ من تأليف كتابه سنة 672.
 (5) هو أبو الفضل بن موسى بن عياض المالكى الاندلسى الأصل، كان امام وقته في الحديث و علومه، و صنف التصانيف منها مشارق الأنوار في تفسير غريب الحديث المختص بالصحاح الثلاثة: الموطأ، صحيح البخاريّ و صحيح مسلم. توفى بمراكش 544.

244
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 36 الحب فی الله و البغض فی الله ص 236

يمينا و شمالا فيمكن أن يكون المقربون في يمينه و من دونهم في شماله و كلاهما يمين مبارك يأمن من استقر فيهما و قيل يحتمل أن يراد به الرحمة و لها أفراد متفاوتة فأقواهما يمين و أدونهما يسار و كلاهما مبارك ينجي من أهوال القيامة.
و قال في النهاية فيه و كلتا يديه يمين أي إن يديه تبارك و تعالى بصفة الكمال لا نقص في واحدة منهما لأن الشمال ينقص عن اليمين و كل ما جاء في القرآن و الحديث من إضافة اليد و الأيدي و اليمين و غير ذلك من أسماء الجوارح إلى الله تعالى فإنما هو على سبيل المجاز و الاستعارة و الله تعالى منزه عن التشبيه و التجسيم انتهى.
و في الكافي أشد بياضا و أضوأ و كأنه سقط قوله من الثلج من النساخ يغبطهم تقول غبطهم كضرب غبطا إذا تمنى مثل ما ناله من غير أن يريد زواله لما أعجبه من حسنه و كأن المعنى أن الملك و النبي مع جلالة قدرهما و عظم نعمتهما يعجبهما هذه المنزلة و يعدانها عظيمة فلا يستلزم كون منزلته دون منزلتهما و ربما يقرأ يغبطهم على بناء التفعيل أي يعدانهم ذوي غبطة و حسن حال أو مغبوطين للناس.
19- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ: إِذَا جَمَعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ قَامَ مُنَادٍ فَنَادَى يُسْمِعُ النَّاسَ فَيَقُولُ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ قَالَ فَيَقُومُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ فَيُقَالُ لَهُمُ اذْهَبُوا إِلَى الْجَنَّةِ بِغَيْرِ حِسَابٍ قَالَ فَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ فَيَقُولُونَ إِلَى أَيْنَ فَيَقُولُونَ إِلَى الْجَنَّةِ بِغَيْرِ حِسَابٍ قَالَ فَيَقُولُونَ فَأَيُّ ضَرْبٍ «1» أَنْتُمْ مِنَ النَّاسِ فَيَقُولُونَ نَحْنُ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ قَالَ فَيَقُولُونَ وَ أَيَّ شَيْ‏ءٍ كَانَتْ أَعْمَالُكُمْ قَالُوا كُنَّا نُحِبُّ فِي اللَّهِ وَ نُبْغِضُ فِي اللَّهِ قَالَ فَيَقُولُونَ نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ «2».
__________________________________________________
 (1) فأى حزب خ ل.
 (2) الكافي ج 2 ص 126.

245
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 36 الحب فی الله و البغض فی الله ص 236

سن، المحاسن عن أبيه عن النضر مثله «1» بيان يسمع الناس على بناء الإفعال حال عن فاعل فنادى و في المحاسن ينادي بصوت يسمع فتلقاهم على بناء المجرد أو على بناء التفعل بحذف إحدى التاءين أي تستقبلهم و أي شي‏ء كانت أعمالكم أي منصوب بخبرية كانت أي أية مرتبة بلغ تحابكم و أي شي‏ء فعلتم حتى سميتم بهذا الاسم و قيل هو استبعاد لكون محض التحاب سبب هذه المنزلة و في المحاسن قالوا و أي شي‏ء قوله نعم أجر العاملين المخصوص بالمدح محذوف أي أجركم و ما أعطاكم ربكم.
20- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: ثَلَاثٌ مِنْ عَلَامَاتِ الْمُؤْمِنِ عِلْمُهُ بِاللَّهِ وَ مَنْ يُحِبُّ وَ مَنْ يُبْغِضُ «2».
بيان: علمه بالله أي بذاته و صفاته بقدر وسعه و طاقته و من يحب و من يبغض أي من يحبه الله من الأنبياء و الأوصياء ع و أتباعهم و من يبغضه الله من الكفار و أهل الضلال أو الضمير في الفعلين راجع إلى المؤمن أي علمه بمن يجب أن يحبه و يجب أن يبغضه و كأنه أظهر.
21- كا، الكافي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ وَ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحِبُّكُمْ وَ مَا يَعْرِفُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ فَيُدْخِلُهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِحُبِّكُمْ وَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيُبْغِضُكُمْ وَ مَا يَعْرِفُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ فَيُدْخِلُهُ اللَّهُ بِبُغْضِكُمُ النَّارَ «3».
بيان قوله ع إن الرجل ليحبكم أقول يحتمل وجوها الأول أن يكون المراد بهم المستضعفين من المخالفين فإنهم يحبون الشيعة و لا يعرفون مذهبهم و يحتمل دخولهم الجنة بذلك الثاني أن يكون المراد بهم المستضعفين‏
__________________________________________________
 (1) المحاسن: ص 264.
 (2) الكافي ج 2 ص 126.
 (3) الكافي ج 2 ص 126.

246
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 36 الحب فی الله و البغض فی الله ص 236

من الشيعة فإنهم يحبون علماء الشيعة و صلحاءهم و لكن لم يصلوا إلى ما هم عليه من العقائد الحقة و الأعمال الصالحة فيدخلون بذلك الجنة و منهم من يبغض العلماء و الصلحاء فيدخلون بذلك النار فإن كان بغضهم للعلم و الصلاح فهم كفرة و إلا فهم فسقة كما ورد كن عالما أو متعلما أو محبا للعلماء و لا تكن رابعا فتهلك الثالث أن يكون المراد بما أنتم عليه الصلاح و الورع دون التشيع كما ذكره بعض المحققين الرابع أن يكون المراد بما أنتم عليه المعصية كما روي أن حفصا كان يلعب بالشطرنج «1».
فالمراد أن من أحبكم لظاهر إيمانكم و تشيعكم مع عدم علمه بالمعاصي التي أنتم عليه فبذلك يدخل الجنة و من أبغضكم لكونكم مؤمنين و لم يعلم فسقكم ليبغضكم لذلك فهو من أهل النار لأن بغض المؤمن لإيمانه كفر.
22- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ ابْنِ الْعَرْزَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ فِيكَ خَيْراً فَانْظُرْ إِلَى قَلْبِكَ فَإِنْ كَانَ يُحِبُّ أَهْلَ طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ يُبْغِضُ أَهْلَ مَعْصِيَتِهِ فَفِيكَ خَيْرٌ وَ اللَّهُ يُحِبُّكَ وَ إِذَا كَانَ «2» يُبْغِضُ أَهْلَ طَاعَةِ اللَّهِ وَ يُحِبُّ أَهْلَ مَعْصِيَتِهِ فَلَيْسَ فِيكَ خَيْرٌ وَ اللَّهُ يُبْغِضُكَ وَ الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ «3».
سن، المحاسن عن العرزمي عن أبيه عن جابر مثله «4»- ع، علل الشرائع عن ابن الوليد عن الصفار عن أحمد بن محمد عن أبيه عن ابن العرزمي‏
__________________________________________________
 (1) قال النجاشيّ في رجاله ص 103: حفص بن البخترى- ضبطه ابن داود بفتح الباء و سكون الخاء المعجمة- مولى بغداديّ أصله كوفيّ ثقة، روى عن أبي عبد اللّه و أبى الحسن عليهما السلام ذكره أبو العباس، و انما كان بينه و بين آل أعين نبوة فغمزوا عليه بلعب الشطرنج.
 (2) في المصدر المطبوع و هكذا في نسخة المحاسن و العلل: و ان كان.
 (3) الكافي ج 2 ص 126.
 (4) المحاسن: ص 263.

247
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 36 الحب فی الله و البغض فی الله ص 236

مثله «1» بيان يحب أهل طاعة الله أي سواء وصل منهم ضرر إلى دنياه أو لم يصل و يبغض أهل معصيته سواء وصل منهم إليه نفع أو لم يصل و إذا كان يبغض أهل طاعة الله لضرر دنيوي و يحب أهل معصيته لنفع دنيوي و قيل أصل المحبة الميل و هو على الله سبحانه محال فمحبة الله للعبد رحمته و هدايته إلى بساط قربه و رضاه عنه و إرادته إيصال الخير إليه و فعله له فعل المحب و بغضه سلب رحمته عنه و طرده عن مقام قربه و وكوله إلى نفسه و كون المرء مع من أحب لا يستلزم أن يكون مثله في الدرجات أو في الدركات فإن دخوله مع محبوبه في الجنة أو في النار يكفي لصدق ذلك ..
23- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْوَاسِطِيِّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبَانٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَحَبَّ رَجُلًا لِلَّهِ لَأَثَابَهُ اللَّهُ عَلَى حُبِّهِ إِيَّاهُ وَ إِنْ كَانَ الْمَحْبُوبُ فِي عِلْمِ اللَّهِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَبْغَضَ رَجُلًا لِلَّهِ لَأَثَابَهُ اللَّهُ عَلَى بُغْضِهِ إِيَّاهُ وَ إِنْ كَانَ الْمُبْغَضُ فِي عِلْمِ اللَّهِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ «2».
سن، المحاسن عن أبي علي الواسطي مثله «3»
ما، الأمالي للشيخ الطوسي عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحِ بْنِ فَيْضِ بْنِ فَيَّاضٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْهُ ع مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَ إِنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ بِدُونِ ذِكْرِ الْمَحْبُوبِ وَ الْمُبْغِضِ «4».
بيان قوله ع لأثابه الله أقول هذا إذا لم يكن مقصرا في ذلك و لم يكن مستندا إلى ضلالته و جهالته كالذين يحبون أئمة الضلالة و يزعمون أن‏
__________________________________________________
 (1) علل الشرائع ج 1 ص 112.
 (2) الكافي ج 2 ص 127.
 (3) المحاسن: ص 265.
 (4) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 234، و في هذه النسخة من المصدر المطبوع سقط.

248
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 36 الحب فی الله و البغض فی الله ص 236

ذلك لله فإن ذلك لمحض تقصيرهم عن تتبع الدلائل و اتكالهم على متابعة الآباء و تقليد الكبراء و استحسان الأهواء بل هو كمن أحب منافقا يظهر الإيمان و الأعمال الصالحة و في باطنه منافق فاسق فهو يحبه لإيمانه و صلاحه لله و هو مثاب بذلك و كذا الثاني فإن أكثر المخالفين يبغضون الشيعة و يزعمون أنه لله و هم مقصرون في ذلك كما عرفت.
و أما من رأى شيعة يتقي من المخالفين و يظهر عقائدهم و أعمالهم و لم ير و لا سمع منه ما يدل على تشيعه فإن أبغضه و لعنه فهو في ذلك مثاب مأجور و إن كان من أبغضه من أهل الجنة و مثابا عند الله بتقيته أو كأحد من علماء الشيعة زعم عقيدة من العقائد كفرا أو عملا من الأعمال فسقا و أبغض المتصف بأحدهما لله و لم يكن أحدهما مقصرا في بذل الجهد في تحقيق تلك المسألة فهما مثابان و هما من أهل الجنة إن لم يكن أحدهما ضروريا للدين.
14- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ عَنْ بَشِيرٍ الْكُنَاسِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَدْ يَكُونُ حُبٌّ فِي اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ حُبٌّ فِي الدُّنْيَا فَمَا كَانَ فِي اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَثَوَابُهُ عَلَى اللَّهِ وَ مَا كَانَ فِي الدُّنْيَا فَلَيْسَ بِشَيْ‏ءٍ «1».
سن، المحاسن عن أبيه عن النضر مثله «2» بيان قد يكون حب في الله و رسوله أي لهما كحب الأنبياء و الأئمة ص و حب العلماء و السادات و الصلحاء و الإخوان من المؤمنين لعلمهم و سيادتهم و صلاحهم و إيمانهم و لأمره تعالى و رسوله بحبهم و حب في الدنيا كحب الناس لبذل مال و تحصيله أو لنيل جاه و غرض من الأغراض الدنيوية فليس بشي‏ء أي فأقل مراتبه أنه لا ينفع في الآخرة بل ربما أضر إذا كان لتحصيل الأموال المحرمة و المناصب الباطلة أو لفسقهم أو للعشق الباطل‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 127.
 (2) المحاسن: ص 265.

249
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 36 الحب فی الله و البغض فی الله ص 236

و أمثال ذلك.
25- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ الْمُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَأَفْضَلُهُمَا أَشَدُّهُمَا حُبّاً لِصَاحِبِهِ «1».
بيان: فأفضلهما أي عند الله و أكثرهما ثوابا أشدهما حبا لصاحبه في الله كما مر.
26- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْبَزَنْطِيِّ وَ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَا الْتَقَى مُؤْمِنَانِ قَطُّ إِلَّا كَانَ أَفْضَلُهُمَا أَشَدَّهُمَا حُبّاً لِأَخِيهِ «2».
27- كا، الكافي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كُلُّ مَنْ لَمْ يُحِبَّ عَلَى الدِّينِ وَ لَمْ يُبْغِضْ عَلَى الدِّينِ فَلَا دِينَ لَهُ «3».
بيان: كل من لم يحب على الدين إن كان المراد أنه لم يكن شي‏ء من حبه و بغضه في الدين فقوله فلا دين له على الحقيقة لأنه لم يحب النبي ص و الأئمة ع أيضا لله و لا أبغض أعداءهم لله و إن كان المراد غالب حبه و بغضه أو حب أهل زمانه أو لم يكن جميع حبه و بغضه للدين فالمعنى لا دين له كاملا.
28- سن، المحاسن عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ صَالِحِ بْنِ بَشِيرٍ الدَّهَّانِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحِبُّ وَلِيَّ اللَّهِ وَ مَا يَعْلَمُ مَا يَقُولُ فَيُدْخِلُهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيُبْغِضُ وَلِيَّ اللَّهِ وَ مَا يَعْلَمُ مَا يَقُولُ فَيَمُوتُ وَ يَدْخُلُ النَّارَ «4».
29- كِتَابُ الْغَايَاتِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص ذَاتَ يَوْمٍ لِأَصْحَابِهِ أَخْبِرُونِي بِأَوْثَقِ عُرَى الْإِسْلَامِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ الصَّلَاةُ قَالَ إِنَّ الصَّلَاةَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ الزَّكَاةُ قَالَ إِنَّ الزَّكَاةَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْجِهَادُ
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 127.
 (2) الكافي ج 2 ص 127.
 (3) الكافي ج 2 ص 127.
 (4) المحاسن: ص 265.

250
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 36 الحب فی الله و البغض فی الله ص 236

قَالَ إِنَّ الْجِهَادَ قَالَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَخْبِرْنَا قَالَ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَ الْبُغْضُ فِي اللَّهِ «1».
بيان قوله ص إن الصلاة أي ليس الصلاة كذلك أو لها فضل لكن ليست كذلك و يحتمل كون إن نافية لكنه بعيد.
30- مص، مصباح الشريعة قَالَ الصَّادِقُ ع الْمُحِبُّ فِي اللَّهِ مُحِبُّ اللَّهِ وَ الْمَحْبُوبُ فِي اللَّهِ حَبِيبُ اللَّهِ لِأَنَّهُمَا لَا يَتَحَابَّانِ إِلَّا فِي اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ فَمَنْ أَحَبَّ عَبْداً فِي اللَّهِ فَإِنَّمَا أَحَبَّ اللَّهَ وَ لَا يُحِبُّ اللَّهَ تَعَالَى إِلَّا مَنْ أَحَبَّهُ اللَّهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَفْضَلُ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِيِّينَ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ الْمُحِبُّونَ لِلَّهِ الْمُتَحَابُّونَ فِيهِ وَ كُلُّ حُبٍّ مَعْلُولٌ يُورِثُ بُعْداً فِيهِ عَدَاوَةٌ إِلَّا هَذَيْنِ وَ هُمَا مِنْ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ يَزِيدَانِ أَبَداً وَ لَا يَنْقُصَانِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ «2» لِأَنَّ أَصْلَ الْحُبِّ التَّبَرِّي عَنْ سِوَى الْمَحْبُوبِ وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِنَّ أَطْيَبَ شَيْ‏ءٍ فِي الْجَنَّةِ وَ أَلَذَّهُ حُبُّ اللَّهِ وَ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ إِذَا عَايَنُوا مَا فِي الْجَنَّةِ مِنَ النَّعِيمِ هَاجَتِ الْمَحَبَّةُ فِي قُلُوبِهِمْ فَيُنَادُونَ عِنْدَ ذَلِكَ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «3».
31- م، تفسير الإمام عليه السلام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَعَاشِرَ النَّاسِ أَحِبُّوا مَوَالِيَنَا مَعَ حُبِّكُمْ لِآلِنَا هَذَا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَ ابْنُهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ مِنْ خَوَاصِّ مَوَالِينَا فَأَحِبُّوهُمَا فَوَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ نَبِيّاً لَيَنْفَعُكُمْ حُبُّهُمَا قَالُوا وَ كَيْفَ يَنْفَعُنَا حُبُّهُمَا قَالَ إِنَّهُمَا يَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلِيّاً ع بِخَلْقٍ عَظِيمٍ أَكْثَرَ مِنْ رَبِيعَةَ وَ مُضَرَ بِعَدَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيَقُولَانِ يَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ هَؤُلَاءِ أَحَبُّونَا بِحُبِّ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ بِحُبِّكَ فَيَكْتُبُ لَهُمْ عَلِيٌّ ع جَوَازاً عَلَى الصِّرَاطِ فَيَعْبُرُونَ عَلَيْهِ وَ يَرِدُونَ الْجَنَّةَ سَالِمِينَ وَ ذَلِكَ أَنَّ أَحَداً لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ سَائِرِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ص إِلَّا بِجَوَازٍ مِنْ عَلِيٍّ ع‏
__________________________________________________
 (1) مخطوط.
 (2) الزخرف: 67.
 (3) مصباح الشريعة: 65، و الآية في يونس: 10.

251
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 36 الحب فی الله و البغض فی الله ص 236

فَإِنْ أَرَدْتُمُ الْجَوَازَ عَلَى الصِّرَاطِ سَالِمِينَ وَ دُخُولَ الْجِنَانِ غَانِمِينَ فَأَحِبُّوا بَعْدَ حُبِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ ع مَوَالِيَهُ ثُمَّ إِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ يُعَظِّمَ مُحَمَّدٌ ص عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مَنَازِلَكُمْ فَأَحِبُّوا شِيعَةَ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ جِدُّوا فِي قَضَاءِ حَوَائِجِ إِخْوَانِكُمُ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَدْخَلَكُمُ مَعَاشِرَ شِيعَتِنَا وَ مُحِبِّينَا الْجِنَانَ نَادَى مُنَادِيهِ فِي تِلْكَ الْجِنَانَ قَدْ دَخَلْتُمْ عِبَادِيَ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي فَتَقَاسَمُوهَا عَلَى قَدْرِ حُبِّكُمْ لِشِيعَةِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ قضائكم لِحُقُوقِ إِخْوَانِكُمُ الْمُؤْمِنِينَ فَأَيُّهُمْ كَانَ أَشَدَّ لِلشِّيعَةِ حُبّاً وَ لِحُقُوقِ إِخْوَانِهِمُ الْمُؤْمِنِينَ أَشَدَّ قَضَاءً كَانَتْ دَرَجَاتُهُ فِي الْجِنَانِ أَعْلَى حَتَّى إِنَّ فِيهِمْ مَنْ يَكُونُ أَرْفَعَ مِنَ الْآخَرِ بِمَسِيرِ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ تَرَابِيعِ قُصُورٍ وَ جِنَانٍ.
بيان: كأن المراد بالترابيع المربعات فإنها أحسن الأشكال.
32- جع، جامع الأخبار عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ: إِنَّ حَوْلَ الْعَرْشِ مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَلَيْهَا قَوْمٌ لِبَاسُهُمْ وَ وُجُوهُهُمْ نُورٌ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ يَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَ الشُّهَدَاءُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ حُلَّ لَنَا قَالَ هُمُ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ وَ الْمُتَجَالِسُونَ فِي اللَّهِ وَ الْمُتَزَاوِرُونَ فِي اللَّهِ وَ قَالَ النَّبِيُّ ص لَوْ أَنَّ عَبْدَيْنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ أَحَدُهُمَا بِالْمَشْرِقِ وَ الْآخَرُ بِالْمَغْرِبِ لَجَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ قَالَ النَّبِيُّ ص أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَ الْبُغْضُ فِي اللَّهِ وَ قَالَ ع عَلَامَةُ حُبِّ اللَّهِ حُبُّ ذِكْرِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْحُبُّ فِي اللَّهِ فَرِيضَةٌ وَ الْبُغْضُ فِي اللَّهِ فَرِيضَةٌ «1».
بيان: حل لنا أي بين من حل العقدة استعير لحل الإشكال قال في الأساس من المجاز فلان حلال للعقد كاف للمهمات.
33 دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيِّ، رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِمُوسَى ع هَلْ عَمِلْتَ لِي عَمَلًا قَالَ صَلَّيْتُ لَكَ وَ صُمْتُ وَ تَصَدَّقْتُ وَ ذَكَرْتُ لَكَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ أَمَّا الصَّلَاةُ فَلَكَ بُرْهَانٌ «2» وَ الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَ الصَّدَقَةُ ظِلٌّ وَ الذِّكْرُ
__________________________________________________
 (1) جامع الأخبار ص 149.
 (2) «لك برهان: أى دليل على اسلامك» هذه العبارة في نسخة الكمبانيّ ص 284 قبل سطرين، ذيل البيان السابق و هو سهو.

252
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 36 الحب فی الله و البغض فی الله ص 236

نُورٌ فَأَيَّ عَمَلٍ عَمِلْتَ لِي قَالَ مُوسَى ع دُلَّنِي عَلَى الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ لَكَ قَالَ يَا مُوسَى هَلْ وَالَيْتَ لِي وَلِيّاً وَ هَلْ عَادَيْتَ لِي عَدُوّاً قَطُّ فَعَلِمَ مُوسَى أَنَّ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَ الْبُغْضُ فِي اللَّهِ وَ إِلَيْهِ أَشَارَ الرِّضَا ع بِمَكْتُوبِهِ كُنْ مُحِبّاً لآِلِ مُحَمَّدٍ وَ إِنْ كُنْتَ فَاسِقاً وَ مُحِبّاً لِمُحِبِّيهِمْ وَ إِنْ كَانُوا فَاسِقِينَ وَ مِنْ شُجُونِ الْحَدِيثِ أَنَّ هَذَا الْمَكْتُوبَ هُوَ الْآنَ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ كرمند قَرْيَةٌ مِنْ نَوَاحِينَا إِلَى أَصْفَهَانَ مَا هِيَ وَ رفعته «1» [وَقْعَتُهُ‏] أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِهَا كَانَ جَمَّالًا لِمَوْلَانَا أَبِي الْحَسَنِ ع عِنْدَ تَوَجُّهِهِ إِلَى خُرَاسَانَ فَلَمَّا أَرَادَ الِانْصِرَافَ قَالَ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ شَرِّفْنِي بِشَيْ‏ءٍ مِنْ خَطِّكَ أَتَبَرَّكْ بِهِ وَ كَانَ الرَّجُلُ مِنَ الْعَامَّةِ فَأَعْطَاهُ ذَلِكَ الْمَكْتُوبَ وَ قَالَ النَّبِيُّ ص أَوْثَقُ عُرَى الْإِيمَانِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَ الْبُغْضُ فِي اللَّهِ «2».
34- جع، جامع الأخبار أَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى ع هَلْ عَمِلْتَ لِي عَمَلًا إِلَى قَوْلِهِ وَ الْبُغْضُ فِي اللَّهِ «3».
بيان: في القاموس الشجن الغصن المشتبك و الحديث ذو شجون فنون و أغراض قوله ما هي أي ما هي من أصفهان لكنها في تلك الناحية و في القاموس راوند موضع بنواحي أصفهان.
و أقول قد مر كثير من أخبار الباب في باب صفات المؤمن و صفات الشيعة و كتب الإمامة و سيأتي في سائر الأبواب ..
__________________________________________________
 (1) ورايته خ ل.
 (2) دعوات الراونديّ مخطوط.
 (3) جامع الأخبار ص 149.

253
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

باب 37 صفات خيار العباد و أولياء الله و فيه ذكر بعض الكرامات التي رويت عن الصالحين‏
الآيات يونس أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ «1» الحج الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ «2» المؤمنون إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى‏ رَبِّهِمْ راجِعُونَ أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَ هُمْ لَها سابِقُونَ «3» النور فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ إِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَ يَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَ اللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ «4» الفرقان وَ عِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً وَ الَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِياماً وَ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَ مُقاماً وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ
__________________________________________________
 (1) يونس: 68.
 (2) الحجّ: 41.
 (3) المؤمنون: 57- 61.
 (4) النور: 36 و 38.

254
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً وَ مَنْ تابَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً وَ الَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً وَ الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَ عُمْياناً وَ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَ يُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَ سَلاماً خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَ مُقاماً «1» السجدة إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ وَ لَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَ لَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ قالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ «2» الأحقاف إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ عَلى‏ والِدَيَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَ إِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَ نَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ «3» الذاريات إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ‏
__________________________________________________
 (1) الفرقان: 63- 76.
 (2) فصّلت: 29- 33.
 (3) الأحقاف: 12- 16.

255
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

يَسْتَغْفِرُونَ وَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ «1» المجادلة لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَ يُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «2» الحاقة فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ قُطُوفُها دانِيَةٌ كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ «3» المعارج إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلى‏ صَلاتِهِمْ دائِمُونَ وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ وَ الَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ وَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى‏ أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغى‏ وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ راعُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ عَلى‏ صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ «4» الدهر إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى‏ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَ لَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَ سُرُوراً وَ جَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَ حَرِيراً إلى‏
__________________________________________________
 (1) الذاريات: 15- 19.
 (2) المجادلة: 22.
 (3) الحاقّة: 19- 24.
 (4) المعارج: 23- 35.

256
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

قوله تعالى إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً «1» العصر وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ تفسير أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ «2» قال المفسرون أي في القيامة من العقاب وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ أي لا يخافون و أقول يمكن أن يكون المراد أعم من الدنيا و الآخرة فإنهم لرضاهم بقضاء الله و عدم تعلقهم بالدنيا و ما فيها لا خوف عليهم للحوق مكروه و لا هم يحزنون لفوات مأمول.
و قال الطبرسي رحمه الله اختلف في أولياء الله فقيل هم قوم ذكرهم الله بما هم عليه من سيماء الخير و الإخبات عن ابن عباس و قيل هم المتحابون في الله ذكر ذلك في خبر مرفوع و قيل هم الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ قد بينهم في الآية التي بعدها و قيل إنهم الذين أدوا فرائض الله و أخذوا بسنن رسول الله ص و تورعوا عن محارم الله و زهدوا في عاجل هذه الدنيا و رغبوا فيما عند الله و اكتسبوا الطيب من رزق الله لمعايشهم لا يريدون به التفاخر و التكاثر ثم أنفقوه فيما يلزمهم من حقوق واجبة فأولئك الذين يبارك الله لهم فيما اكتسبوا و يثابون على ما قدموا منه لآخرتهم و هو المروي عن علي بن الحسين ع و قيل هم الذين توالت أفعالهم على موافقة الحق «3».
و قال رحمه الله في قوله تعالى الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أي أعطيناهم ما به يصح الفعل منهم و سلطناهم في الأرض أدوا الصلاة بحقوقها و أعطوا ما افترض الله عليهم من الزكاة وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ و هو الحق لأنه تعرف صحته وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ و هو الباطل لأنه لا يمكن معرفة صحته و يدل على وجوبهما و
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع نَحْنُ هُمْ وَ اللَّهِ.
وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ أي يبطل كل ملك سوى‏
__________________________________________________
 (1) الدهر: 5- 22.
 (2) يونس: 68.
 (3) مجمع البيان ج 5 ص 120.

257
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

ملكه فتصير الأمور إليه بلا مانع و لا منازع «1».
و قال في قوله إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ «2» أي من عذاب ربهم خائفون فيفعلون ما أمرهم به و ينتهون عما نهاهم عنه وَ الَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ أي بآيات الله و حججه من القرآن و غيره يصدقون.
أقول و في الأخبار أن الآيات هم الأئمة ع «3».
وَ الَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ من الشرك الجلي و الخفي وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا أي يعطون ما أعطوا من الزكاة و الصدقة أو أعمال البر كلها كما قال علي بن إبراهيم رحمه الله من العبادة و الطاعة و يؤيده قراءة يأتون ما أتوا في الشواذ «4» وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أي خائفة قال الحسن المؤمن جمع إحسانا و شفقة و المنافق جمع إساءة و امتنانا و قال أبو عبد الله ع خائفة أن لا تقبل منهم و في رواية أخرى يؤتي ما آتى و هو خائف راج و قيل إن في الكلام حذفا و إضمارا و تأويله قلوبهم وجلة أن لا يقبل منهم لعلمهم أَنَّهُمْ إِلى‏ رَبِّهِمْ راجِعُونَ أي لأنهم يوقنون بأنهم يرجعون إلى الله تعالى يخافون أن لا يقبل منهم و إنما يخافون ذلك لأنهم لا يأمنون التفريط أو يخافون من أن مرجعهم إليه و هو يعلم ما يخفى عليهم.
وَ قَالَ الصَّادِقُ ع مَا الَّذِي أَتَوْا أَتَوْا وَ اللَّهِ الطَّاعَةَ مَعَ الْمَحَبَّةِ وَ الْوَلَايَةِ وَ هُمْ فِي ذَلِكَ خَائِفُونَ لَيْسَ خَوْفُهُمْ خَوْفَ شَكٍّ وَ لَكِنَّهُمْ خَافُوا أَنْ يَكُونُوا مُقَصِّرِينَ فِي‏
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 7 ص 88، سورة الحجّ الآية: 41.
 (2) المؤمنون: 57 و ما نقله فيما يلي مأخوذ من تفسير مجمع البيان ج 7 ص 110.
تفسير البيضاوى ص 288، و غير ذلك.
 (3) راجع ج 23 ص 206- 211، من هذه الطبعة الحديثة باب أنهم عليهم السلام آيات اللّه و بيناته و كتابه.
 (4) في الشواذ قراءة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عائشة و ابن عبّاس و قتادة و الأعمش «يأتون ما أتوا» مقصورا، كذا في المجمع.

258
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

مَحَبَّتِنَا وَ طَاعَتِنَا «1».
أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ معناه الذين جمعوا هذه الصفات هم الذين يبادرون إلى الطاعات و يسابقون إليها رغبة منهم فيها و علما منهم بما ينالون بها من حسن الجزاء وَ هُمْ لَها سابِقُونَ أي و هم لأجل تلك الخيرات سابقون إلى الجنة أو هم إليها سابقون قال ابن عباس يسابقون فيها أمثالهم من أهل البر و التقوى و روى علي بن إبراهيم عن الباقر ع قال هو علي بن أبي طالب ع لم يسبقه أحد «2».
فِي بُيُوتٍ «3» أي كمشكاة في بعض بيوت أو توقد في بيوت أَذِنَ اللَّهُ أي أمر أو قدر أَنْ تُرْفَعَ بالتعظيم وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ بالتلاوة و الذكر و الدعاء و نزول الوحي و بيان الأحكام‏
عَنِ الصَّادِقِ ع هِيَ بُيُوتُ النَّبِيِّ ص «4».
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع هِيَ بُيُوتُ الْأَنْبِيَاءِ وَ الرُّسُلِ وَ الْحُكَمَاءِ وَ أَئِمَّةِ الْهُدَى.
وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْهُ ع هِيَ بُيُوتُ الْأَنْبِيَاءِ وَ بَيْتُ عَلِيٍّ ع مِنْهَا.
يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ في الفقيه «5»
عَنِ الصَّادِقِ ع فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ كَانُوا أَصْحَابَ تِجَارَةٍ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ تَرَكُوا التِّجَارَةَ وَ انْطَلَقُوا إِلَى الصَّلَاةِ وَ هُمْ أَعْظَمُ أَجْراً مِمَّنْ لَا يَتَّجِرُ.
- و في المجمع عنهما ع مثله «6» يَخافُونَ يَوْماً مع ما هم عليه من الذكر و الطاعة تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ تضطرب و تتغير من الهول لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَ يَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ أشياء لم يعدهم على أعمالهم و لا تخطر ببالهم‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 8 ص 229.
 (2) تفسير القمّيّ ص 447.
 (3) النور: 36.
 (4) الكافي ج 8 ص 331.
 (5) فقيه من لا يحضره الفقيه ج 3 ص 119 ط دار الكتب بالنجف.
 (6) مجمع البيان ج 7 ص 144.

259
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

وَ اللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ تقرير للزيادة و تنبيه على كمال القدرة و نفاذ المشية و سعة الإحسان.
وَ عِبادُ الرَّحْمنِ «1» أي عبيده الخلص الذين عملوا بلوازم العبودية الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً أي بسكينة و تواضع و في المجمع عن الصادق ع هو الرجل يمشي بسجيته التي جبل عليها لا يتكلف و لا يتبختر «2».
وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْبَاقِرِ ع أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْأَئِمَّةُ ع يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً خَوْفاً مِنْ عَدُوِّهِمْ «3».
وَ عَنِ الْكَاظِمِ ع أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ هُمُ الْأَئِمَّةُ يَتَّقُونَ فِي مَشْيِهِمْ «4».
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع قَالَ: هُمُ الْأَوْصِيَاءُ مَخَافَةً مِنْ عَدُوِّهِمْ «5».
وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً قيل أي تسلما منكم و متاركة لكم لا خير بيننا و لا شر أو سدادا من القول يسلمون فيه من الإيذاء و الإثم وَ الَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِياماً أي في الصلاة و تخصيص البيتوتة لأن العبادة بالليل أحمز و أبعد من الرئاء.
وَ الَّذِينَ يَقُولُونَ إلى قوله غَراماً أي لازما و منه الغريم لملازمته و هو إيذان بأنهم مع حسن مخالفتهم مع الخلق و اجتهادهم في عبادة الحق وجلون من العذاب مبتهلون إلى الله في صرفه عنهم لعدم اعتدادهم بأعمالهم و لا وثوقهم على استمرار أحوالهم إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَ مُقاماً الجملتان تحتملان الحكاية و الابتداء من الله وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا إلخ قال علي بن إبراهيم الإسراف الإنفاق في المعصية في غير حق وَ لَمْ يَقْتُرُوا لم يبخلوا عن حق الله جل و عز و القوام العدل و الإنفاق فيما أمر الله به.
__________________________________________________
 (1) الفرقان: 63.
 (2) مجمع البيان ج 7 ص 179.
 (3) تفسير القمّيّ ص 467.
 (4) تفسير القمّيّ ص 467.
 (5) الكافي ج 1 ص 427.

260
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

وَ فِي الْمَجْمَعِ عَنِ النَّبِيِّ ص مَنْ أَعْطَى فِي غَيْرِ حَقٍّ فَقَدْ أَسْرَفَ وَ مَنْ مَنَعَ مِنْ حَقٍّ فَقَدْ قَتَّرَ.
وَ عَنْ عَلِيٍّ ع لَيْسَ فِي الْمَأْكُولِ وَ الْمَشْرُوبِ سَرَفٌ وَ إِنْ كَثُرَ «1».
وَ عَنِ الصَّادِقِ ع إِنَّمَا الْإِسْرَافُ فِيمَا أَفْسَدَ الْمَالَ وَ أَضَرَّ بِالْبَدَنِ قِيلَ فَمَا الْإِقْتَارُ قَالَ أَكْلُ الْخُبْزِ وَ الْمِلْحِ وَ أَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى غَيْرِهِ قِيلَ فَمَا الْقَصْدُ قَالَ الْخُبْزُ وَ اللَّحْمُ وَ اللَّبَنُ وَ الْخَلُّ وَ السَّمْنُ مَرَّةً هَذَا وَ مَرَّةً هَذَا.
وَ عَنْهُ ع أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنْ حَصًى وَ قَبَضَهَا بِيَدِهِ قَالَ هَذَا الْإِقْتَارُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً أُخْرَى فَأَرْخَى كَفَّهُ كُلَّهَا ثُمَّ قَالَ هَذَا الْإِسْرَافُ ثُمَّ أَخَذَ قَبْضَةً أُخْرَى فَأَرْخَى بَعْضَهَا وَ أَمْسَكَ بَعْضَهَا وَ قَالَ هَذَا الْقَوَامُ.
حَرَّمَ اللَّهُ أي حرمها بمعنى حرم قتلها إِلَّا بِالْحَقِّ متعلق بالقتل المحذوف أو ب لا يَقْتُلُونَ يَلْقَ أَثاماً أي جزاء ثم يُضاعَفْ بدل من يلق و قال علي بن إبراهيم أثام واد من أودية جهنم من صفر مذاب قدامها حرة في جهنم يكون فيه من عبد غير الله و من قتل النفس التي حرم الله و تكون فيه الزناة و يضاعف لهم فيه العذاب فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ‏
فِي الْعُيُونِ عَنِ الرِّضَا ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ تَجَلَّى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِعَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ فَيَقِفُهُ عَلَى ذُنُوبِهِ ذَنْباً ذَنْباً ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ لَهُ لَا يُطْلِعُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ مَلَكاً مُقَرَّباً وَ لَا نَبِيّاً مُرْسَلًا وَ يَسْتُرُ عَلَيْهِ مَا يَكْرَهُ أَنْ يَقِفَ عَلَيْهِ أَحَدٌ ثُمَّ يَقُولُ لِسَيِّئَاتِهِ كُونُوا حَسَنَاتٍ.
و أقول الأخبار في ذلك كثيرة أوردتها في الأبواب السابقة لا سيما في باب الصفح عن الشيعة «2».
وَ مَنْ تابَ بترك المعاصي و الندم عليها وَ عَمِلَ صالِحاً بتلافي ما فرط أو خرج عن المعاصي و دخل في الطاعة فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ أي يرجع إليه بذلك مَتاباً مرضيا عند الله ماحيا للعقاب محصلا للثواب و قال علي بن إبراهيم لا يعود إلى شي‏ء من ذلك بإخلاص و نية صادقة وَ الَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ قال لا
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 7 ص 179.
 (2) راجع ج 68 ص 98- 149 من هذه الطبعة.

261
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

يقيمون الشهادة الباطلة و عن الصادق ع هو الغناء «1» و قال علي بن إبراهيم الغناء و مجالس اللهو وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً معرضين عنه مكرمين أنفسهم عن الوقوف عليه و الخوض فيه و من ذلك الإغضاء عن الفحشاء و الصفح عن الذنوب و الكناية عما يستهجن التصريح به و في المجمع عن الباقر ع الذين إذا أرادوا ذكر الفرج كنوا عنه «2» و في الكافي عن الصادق ع أنه قال لبعض أصحابه أين نزلتم قالوا على فلان صاحب القيان فقال كونوا كراما ثم قال أ ما سمعتم قول الله عز و جل في كتابه وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً «3»
وَ فِي الْعُيُونِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَبَّادٍ كَانَ مُشْتَهَراً بِالسَّمَاعِ وَ بِشُرْبِ النَّبِيذِ قَالَ سَأَلْتُ الرِّضَا ع عَنِ السَّمَاعِ فَقَالَ لِأَهْلِ الْحِجَازِ رَأْيٌ فِيهِ وَ هُوَ فِي حَيِّزِ الْبَاطِلِ وَ اللَّهْوِ أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً.
وَ الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَ عُمْياناً أي لم يقيموا عليها غير واعين لها و لا متبصرين بما فيها كمن لا يسمع و لا يبصر بل أكبوا عليها سامعين بآذان واعية مبصرين بعيون راعية و في الكافي عن الصادق ع قال مستبصرين ليسوا بشكاك «4» وَ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ بتوفيقهم للطاعة و حيازة الفضائل فإن المؤمن إذا شاركه أهله في طاعة الله سر به قلبه و قر بهم عينه لما يرى من مساعدتهم له في الدين و توقع لحوقهم به في الجنة.
وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً في الجوامع عن الصادق ع إيانا عنى و في رواية هي فينا
وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: نَحْنُ أَهْلَ الْبَيْتِ.
قَالَ وَ رُوِيَ‏
__________________________________________________
 (1) راجع الكافي ج 6 ص 431، باب الغناء ذيل كتاب الاشربة، و قد مر أن الزور لغة يطلق على مجلس الغناء.
 (2) مجمع البيان ج 7 ص 181.
 (3) الكافي ج 6 ص 432، و القيان. جمع القينة: الجارية المغنية.
 (4) الكافي ج 8 ص 178.

262
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

أَنَّ أَزْواجِنا خَدِيجَةُ وَ ذُرِّيَّاتِنا فَاطِمَةُ وَ قُرَّةَ أَعْيُنٍ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ الْأَئِمَّةُ ع- قَالَ وَ قُرِئَ عِنْدَهُ ع هَذِهِ الْآيَةُ فَقَالَ قَدْ سَأَلُوا عَظِيماً أَنْ يَجْعَلَهُمْ لِلْمُتَّقِينَ أَئِمَّةً فَقِيلَ لَهُ كَيْفَ هَذَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ إِنَّمَا أُنْزِلَ وَ اجْعَلْ لَنَا مِنَ الْمُتَّقِينَ «1».
أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ أي أعلى مواضع الجنة و هي اسم جنس أريد به الجمع بِما صَبَرُوا أي بصبرهم على المشاق من مضض الطاعات و رفض الشهوات و تحمل المجاهدات وَ يُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَ سَلاماً أي دعاء بالتعمير و بالسلامة أي يحييهم الملائكة و يسلمون عليهم أو يحيي بعضهم بعضها و يسلم عليه أو تبقيه دائمة و سلامة من كل آفة خالِدِينَ فِيها لا يموتون و لا يخرجون.
إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ «2» اعترافا بربوبيته و إقرارا بوحدانيته ثُمَّ اسْتَقامُوا على مقتضاه و في أخبار كثيرة أن المراد به الاستقامة على الولاية و في نهج البلاغة و إني متكلم بعدة الله و حجته قال الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا الآية و قد قلتم ربنا الله فاستقيموا على كتابه و على منهاج أمره و على الطريقة الصالحة من عبادته ثم لا تمرقوا منها و لا تبتدعوا فيها و لا تخالفوا عنها فإن أهل المروق منقطع بهم عند الله يوم القيامة «3» و قد ورد في الأخبار الكثيرة أن المراد بالاستقامة الاستقامة على ولاية الأئمة ع واحدا بعد واحد «4».
تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ قال الطبرسي رحمه الله يعني عند الموت و روي ذلك عن أبي عبد الله ع و قيل تستقبلهم الملائكة إذا خرجوا من قبورهم في الموقف بالبشارة من الله تعالى و قيل إن البشرى تكون في ثلاثة مواطن عند الموت و في القبر و عند البعث أَلَّا تَخافُوا عقاب الله وَ لا تَحْزَنُوا فوت الثواب أو
__________________________________________________
 (1) تفسير القمّيّ ص 468 و 469.
 (2) فصّلت: 29.
 (3) نهج البلاغة تحت الرقم 174 من الخطب.
 (4) راجع ج 24 ص 25- 30 من هذه الطبعة الحديثة.

263
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

لا تخافوا مما أمامكم و لا تحزنوا على ما وراءكم و ما خلفكم من أهل و ولد و قيل لا تخافوا و لا تحزنوا على ذنوبكم فإني أغفرها لكم نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ أي أنصاركم و أحباؤكم فِي الْحَياةِ الدُّنْيا نتولى إيصال الخيرات إليكم من قبل الله تعالى وَ فِي الْآخِرَةِ نتولاكم بأنواع الإكرام و المثوبة و قيل نحرسكم في الدنيا و عند الموت و في الآخرة عن أبي جعفر ع‏
وَ قَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَ غَيْرُهُ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: مَا يَمُوتُ مُوَالٍ لَنَا وَ مُبْغِضٌ لِأَعْدَائِنَا إِلَّا وَ يَحْضُرُهُ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ ع فَيَرَاهُمْ وَ يُبَشِّرُونَهُ وَ إِنْ كَانَ غَيْرَ مُوَالٍ يَرَاهُمْ بِحَيْثُ يَسُوؤُهُمْ.
و قد مضت الأخبار الكثيرة في ذلك وَ لَكُمْ فِيها أي في الآخرة ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ من الملاذ و تتمنونه من المنافع وَ لَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ أنه لكم فإن الله سبحانه يحكم لكم بذلك و قيل ما تشتهي أنفسكم من اللذائذ وَ لَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ ما تتمنون من الدعاء بمعنى الطلب و هو أعم من الأول نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ حال من تَدَّعُونَ للإشعار بأن ما يتمنون بالنسبة إلى ما يعطون مما لا يخطر ببالهم كالنزل للضيف «1».
و أقول قد مضت الأخبار الكثيرة في أن هذه الآيات في شأن الأئمة ع و أن الملائكة يخاطبونهم في الدنيا بحيث يسمعون «2» و في البصائر عن الباقر ع أنه قيل له يبلغنا أن الملائكة تتنزل عليكم قال إي و الله لتنزل علينا و تطأ فرشنا أ ما تقرأ كتاب الله إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ الآية «3».
وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ أي إلى معرفته و عبادته و دينه الذي ارتضاه لعباده وَ عَمِلَ صالِحاً فيما بينه و بين ربه وَ قالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ قيل تفاخرا به و اتخاذا للإسلام دينا و مذهبا.
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 9 ص 12 و 13.
 (2) مضى في المجلد السابع كتاب الإمامة من البحار و لم يطبع موضع النصّ منه في هذه الطبعة، و لك أن تراجع في ذلك كتاب الكافي ج 1 ص 393.
 (3) بصائر الدرجات ص 90.

264
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

أقول و يمكن أن يكون المراد به من المنقادين لأئمة الدين.
إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا «1» قيل أي جمعوا بين التوحيد الذي هو خلاصة العلم و الاستقامة في الأمور التي هي منتهى العمل و ثم للدلالة على تأخير رتبة العمل و توقف اعتباره على التوحيد و قال علي بن إبراهيم ثم استقاموا على ولاية أمير المؤمنين «2» فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ من لحوق مكروه وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ على فوات محبوب و هذه مرتبة الولاية.
بوالديه حسنا و قرئ إِحْساناً «3» و في المجمع عن علي ع حسنا بفتحتين «4» وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ أي مدتهما ثَلاثُونَ شَهْراً ذلك كله لما تكابده الأم في تربية الولد مبالغة في التوصية بها حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ أي استحكم قوته و عقله وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أي ألهمني و أصله أولعني من أوزعته بكذا نِعْمَتَكَ يعني نعمة الدين أو ما يعمها و غيرها وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي أي اجعل لي الصلاح ساريا في ذريتي راسخا فيهم إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ عما لا ترضاه أو يشغل عنك وَ إِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ المخلصين لك.
أَحْسَنَ ما عَمِلُوا قيل يعني طاعاتهم فإن المباح حسن و لا يثاب عليه فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ قيل كائنين في عدادهم أو مثابين أو معدودين فيهم وَعْدَ الصِّدْقِ‏
__________________________________________________
 (1) الأحقاف: 12.
 (2) تفسير القمّيّ: 592.
 (3) حق العبارة هكذا: «بِوالِدَيْهِ إِحْساناً» و قرئ «حسنا» أي بالضم، فان «إِحْساناً» قراءة الكوفيين و منهم عاصم بن أبي النجود الذي دار على قراءته كتابة المصحف الشريف، و القراءة الثانية لسائر القراء المكى و هو عبد اللّه بن كثير، و المدنيّ و هو نافع بن عبد الرحمن، و البصرى و هو أبو عمرو بن العلاء، و الشاميّ و هو عبد اللّه بن عامر اليحصبى.
 (4) مجمع البيان ج 9 ص 84، و فيه روى عن عليّ عليه السلام و أبي عبد الرحمن السلمى.

265
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

مصدر مؤكد لنفسه فإن نتقبل و نتجاوز وعد الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ أي في الدنيا.
و قد مرت أخبار كثيرة في أن الآيات نزلت في الحسين صلوات الله عليه‏
وَ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: لَمَّا حَمَلَتْ فَاطِمَةُ بِالْحُسَيْنِ ع جَاءَ جَبْرَئِيلُ ع إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ إِنَّ فَاطِمَةَ سَتَلِدُ غُلَاماً تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ فَلَمَّا حَمَلَتْ فَاطِمَةُ بِالْحُسَيْنِ كَرِهَتْ حَمْلَهُ وَ حِينَ وَضَعَتْهُ كَرِهَتْ وَضْعَهُ ثُمَّ قَالَ ع لَمْ تُرَ فِي الدُّنْيَا أُمٌّ تَلِدُ غُلَاماً تَكْرَهُهُ وَ لَكِنَّهَا كَرِهَتْهُ لِمَا عَلِمَتْ أَنَّهُ سَيُقْتَلُ قَالَ وَ فِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى ثُمَّ هَبَطَ جَبْرَئِيلُ ع فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبَّكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ يُبَشِّرُكَ بِأَنَّهُ جَاعِلٌ فِي ذُرِّيَّتِهِ الْإِمَامَةَ وَ الْوَلَايَةَ وَ الْوَصِيَّةَ فَقَالَ إِنِّي رَضِيتُ ثُمَّ بَشَّرَ فَاطِمَةَ ع بِذَلِكَ فَرَضِيَتْ قَالَ فَلَوْ لَا أَنَّهُ قَالَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي لَكَانَتْ ذُرِّيَّتُهُ كُلُّهُمْ أَئِمَّةً قَالَ وَ لَمْ يُولَدْ وَلَدٌ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إِلَّا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَ الْحُسَيْنُ ع «1».
آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ «2» قيل أي قابلين لما أعطاهم راضين به و معناه أن كل ما آتاهم حسن مرضي متلقى بالقبول إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ قد أحسنوا أعمالهم و هو تعليل لاستحقاقهم ذلك كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ تفسير لإحسانهم و عن الصادق ع كانوا أقل الليالي يفوتهم لا يقومون فيها «3» و عن الباقر ع كان القوم ينامون و لكن كلما انقلب أحدهم قال الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ عن الصادق ع كانوا يستغفرون في الوتر في آخر الليل سبعين مرة وَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ أي نصيب يستوجبونه على أنفسهم تقربا إلى الله و إشفاقا على الناس لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ‏
عَنِ الصَّادِقِ ع الْمَحْرُومُ الْمُحَارَفُ الَّذِي قَدْ حُرِمَ كَدَّ يَدِهِ فِي الشِّرَاءِ وَ الْبَيْعِ.
وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَيْسَ بِعَقْلِهِ بَأْسٌ وَ لَا يُبْسَطُ لَهُ فِي الرِّزْقِ وَ هُوَ مُحَارَفٌ.
و قيل المحروم المتعفف الذي‏
__________________________________________________
 (1) راجع ج 43 ص 260- 237 من هذه الطبعة: باب ولادة الامامين الهمامين الحسن و الحسين عليهما السلام.
 (2) الذاريات: 15.
 (3) الكافي ج 3 ص 446.

266
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

يظن غنيا فيحرم الصدقة «1».
يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ «2» في المجمع أي يوالون من خالف الله و رسوله و المعنى لا تجتمع موالاة الكفار مع الإيمان و المراد به الموالاة في الدين وَ لَوْ كانُوا آباءَهُمْ أي و إن قربت قرابتهم منهم فإنهم لا يوالونهم إذا خالفوهم في الدين أُولئِكَ أي الذين لم يوادوهم كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ أي ثبت في قلوبهم الإيمان بما فعل بهم من الألطاف فصار كالمكتوب و قيل كتب في قلوبهم علامة الإيمان و معنى ذلك أنها سمة لمن شاهدهم من الملائكة على أنهم مؤمنون وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ أي قواهم بنور الإيمان «3» و في الكافي عنهما ع هو الإيمان‏
وَ عَنِ الصَّادِقِ ع مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ لِقَلْبِهِ أُذُنَانِ فِي جَوْفِهِ أُذُنٌ يَنْفُثُ فِيهَا الْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ وَ أُذُنٌ يَنْفُثُ فِيهَا الْمَلَكُ فَيُؤَيِّدُ اللَّهُ الْمُؤْمِنَ بِالْمَلَكِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ «4».
و قد مضت الأخبار في ذلك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بإخلاص الطاعة و العبادة منهم وَ رَضُوا عَنْهُ بثواب الجنة و قيل بقضاء الله عليهم في الدنيا فلم يكرهوه أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أي جند الله و أنصار دينه و رعاة خلقه أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ أي إن جنود الله و أولياءه هم المنجحون الناجون الظافرون بالبغية فيقول تبجحا و إظهارا للفرح و السرور.
هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ «5» هاؤُمُ اسم لخذوا و الهاء في كِتابِيَهْ و نظائره الآتية للسكت تثبت في الوقف و تسقط في الوصل إِنِّي ظَنَنْتُ أي تيقنت كذا في التوحيد
وَ الْإِحْتِجَاجُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ: وَ الظَّنُّ ظَنَّانِ ظَنُّ شَكٍّ وَ ظَنُّ يَقِينٍ فَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْمَعَادِ مِنَ الظَّنِّ فَهُوَ ظَنُّ يَقِينٍ وَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 3 ص 500.
 (2) المجادلة: 22.
 (3) مجمع البيان ج 10 ص 255.
 (4) الكافي ج 2 ص 267.
 (5) الحاقّة: 20.

267
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

فَهُوَ ظَنُّ شَكٍّ.
أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ قال أني أبعث و أحاسب‏
وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الصَّادِقِ ع كُلُّ أُمَّةٍ يُحَاسِبُهَا إِمَامُ زَمَانِهَا وَ يَعْرِفُ الْأَئِمَّةُ أَوْلِيَاءَهُمْ وَ أَعْدَاءَهُمْ بِسِيمَاهُمْ.
و هو قوله وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ و هم الأئمة يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ فيعطوا أولياءهم كتبهم بأيمانهم فيمروا إلى الجنة بغير حساب و يعطوا أعداءهم كتبهم بشمالهم فيمروا إلى النار بلا حساب فإذا نظر أولياؤهم في كتبهم يقولون لإخوانهم هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ قال علي بن إبراهيم أي مرضية فوضع الفاعل مكان المفعول و قيل أي ذات رضى أو جعل الفعل لها مجازا فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ قيل أي مرتفعة المكان لأنها في السماء أو الدرجات أو الأبنية و الأشجار قُطُوفُها جمع قطف و هو ما يجتنى بسرعة و القطف بالفتح المصدر دانِيَةٌ يتناولها القائم و القاعد كُلُوا وَ اشْرَبُوا بإضمار القول و جمع الضمير للمعنى هَنِيئاً أي أكلا و شربا هنيئا أو هنئتم هنيئا بِما أَسْلَفْتُمْ أي بما قدمتم من الأعمال الصالحة فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ أي الماضية من أيام الدنيا.
إِلَّا الْمُصَلِّينَ «1» روى علي بن إبراهيم عن الباقر ع قال ثم استثنى فوصفهم بأحسن أعمالهم و هو قضاء ما فاتهم من الليل بالنهار و ما فاتهم من النهار بالليل وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ‏
فِي الْكَافِي عَنِ السَّجَّادِ ع الْحَقُّ الْمَعْلُومُ الشَّيْ‏ءُ يُخْرِجُهُ مِنْ مَالِهِ لَيْسَ مِنَ الزَّكَاةِ وَ لَا مِنَ الصَّدَقَةِ الْمَفْرُوضَتَيْنِ هُوَ الشَّيْ‏ءُ يُخْرِجُهُ مِنْ مَالِهِ إِنْ شَاءَ أَكْثَرَ وَ إِنْ شَاءَ أَقَلَّ عَلَى قَدْرِ مَا يَمْلِكُ يَصِلُ بِهِ رَحِماً وَ يُقَوِّي بِهِ ضَعِيفاً وَ يَحْمِلُ بِهِ كَلًّا وَ يَصِلُ بِهِ أَخاً لَهُ فِي اللَّهِ أَوْ لِنَائِبَةٍ تَنُوبُهُ «2».
و في معناه أخبار أخر
وَ عَنِ الصَّادِقِ ع الْمَحْرُومُ الْمُحَارَفُ الَّذِي قَدْ حُرِمَ كَدَّ يَدِهِ.
كما مر وَ الَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ في الكافي عن الباقر ع قال بخروج القائم ع «3» قوله مُشْفِقُونَ أي خائفون على أنفسهم.
__________________________________________________
 (1) المعارج: 23.
 (2) راجع الكافي باب فرض الزكاة الحديث 11.
 (3) الكافي ج 8 ص 287.

268
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ اعتراض يدل على أنه لا ينبغي لأحد أن يأمن من عذاب الله و إن بالغ في طاعته إِلَّا عَلى‏ أَزْواجِهِمْ شاملة للمتعة أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ التحليل داخل في أحدهما على القولين فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ الكاملون للعدوان راعُونَ أي حافظون قائِمُونَ لا يكتمون و لا ينكرون يُحافِظُونَ أي يراعون شرائطها و آدابها و أوقاتها و في الكافي و المجمع عن الباقر ع قال هي الفريضة و الَّذِينَ هُمْ عَلى‏ صَلاتِهِمْ دائِمُونَ النافلة و عن الكاظم ع أولئك أصحاب الخمسين صلاة من شيعتنا «1» أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ أي معظمون مبجلون بما يفعل بهم من الثواب.
مِنْ كَأْسٍ «2» قيل من خمر و هي في الأصل لقدح تكون فيه كانَ مِزاجُها أي ما يمزج بها كافُوراً لبرده و عذوبته و طيب عرفه عَيْناً يَشْرَبُ بِها أي منها يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً أي يجرونها حيث شاءوا إجراء سهلا و في المجالس عن الباقر ع هي عين في دار النبي ص يفجر إلى دور الأنبياء و المؤمنين يُوفُونَ بِالنَّذْرِ أي النذر الذي نذره أهل البيت ع لشفاء الحسنين ع وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً أي شدائده فاشية منتشرة غاية الانتشار و عن الباقر ع كلوحا عابسا عَلى‏ حُبِّهِ أي حب الله أو حب الطعام و عن الباقر ع عن شهوتهم للطعام و إيثارهم له مِسْكِيناً قال من مساكين المسلمين وَ يَتِيماً من يتامى المسلمين وَ أَسِيراً من أسارى المشركين إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ قال ع يقولون إذا أطعموهم ذلك قال و الله ما قالوا هذا لهم و لكنهم أضمروه في أنفسهم فأخبر الله بإضمارهم يقولون لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً تكافئوننا به وَ لا شُكُوراً تثنون علينا به و لكنا إنما أطعمناكم لوجه الله و طلب ثوابه يَوْماً عَبُوساً تعبس فيه الوجوه قَمْطَرِيراً شديد العبوس نَضْرَةً وَ سُرُوراً قال الباقر ع نضرة في الوجوه و سرورا في القلوب جَنَّةً وَ حَرِيراً قال ع جنة يسكنونها
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 10 ص 357، الكافي ج 3 ص 270.
 (2) الدهر: 5.

269
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

و حريرا يفترشونه و يلبسونه.
و قد روى الخاص و العام أن الآيات في هذه السورة و هي قوله إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ إلى قوله وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً نزلت في علي و فاطمة و الحسن و الحسين ع و جارية لهم تسمى فضة و القصة طويلة مرت بأسانيد جمة مع تفسير سائر الآيات في أبواب فضائلهم ع «1».
وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ قيل أقسم بصلاة العصر أو بعصر النبوة إن الإنسان لفي خسر في مساعيهم و صرف أعمارهم في مطالبهم إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فإنهم اشتروا الآخرة بالدنيا ففازوا بالحياة الأبدية و السعادة السرمدية وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ أي بالثابت الذي لا يصح إنكاره من اعتقاد أو عمل وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ عن المعاصي و الطاعات و على المصائب و هذا من عطف الخاص على العام و عن الصادق ع أن العصر عصر خروج القائم ع إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ يعني أعداءنا إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا يعني بآياتنا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ يعني بمواساة الإخوان وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ يعني الإمامة وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ يعني بالفترة «2» و قد سبقت الأخبار في تأويلها بالولاية و قراءة أهل البيت ع فيها «3».
1- كش، رجال الكشي عَنْ نَصْرِ بْنِ صَبَّاحٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ فُضَيْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ قَالَ: جَاءَ قَوْمٌ إِلَى جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ فَسَأَلُوهُ أَنْ يُعِينَهُمْ فِي بِنَاءِ مَسْجِدِهِمْ قَالَ مَا كُنْتُ بِالَّذِي أُعِينُ فِي بِنَاءِ شَيْ‏ءٍ وَ يَقَعُ مِنْهُ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ فَيَمُوتُ فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ وَ هُمْ يُبَخِّلُونَهُ وَ يُكَذِّبُونَهُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَمُّوا الدَّرَاهِمَ وَ وَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ فِي الْبِنَاءِ فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الْعَصْرِ نزلت [زَلَّتْ‏] قَدَمُ الْبَنَّاءِ
__________________________________________________
 (1) راجع ج 35 ص 237- 257 باب نزول هل أتى.
 (2) راجع اكمال الدين و اتمام النعمة باب نوادر الكتاب تحت الرقم 1، (ص 370 ج 2 ط المكتبة الإسلامية).
 (3) راجع ج 36 ص 183 من هذه الطبعة الحديثة، تفسير القمّيّ 738.

270
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

فَوَقَعَ فَمَاتَ «1».
2- كش، رجال الكشي عَنْ نَصْرٍ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْكُوفِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ صَدَقَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ قَالَ: جَاءَ العَلَاءُ بْنُ شَرِيكٍ بِرَجُلٍ مِنْ جُعْفِيٍّ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ جَابِرٍ لَمَّا طَلَبَهُ هِشَامٌ حَتَّى انْتَهَى إِلَى السَّوَادِ قَالَ فَبَيْنَا نَحْنُ قُعُودٌ وَ رَاعِي قَرِيبٌ مِنَّا إِذْ ثَغَتْ نَعْجَةٌ مِنْ شَائِهِ «2» إِلَى حَمَلٍ فَضَحِكَ جَابِرٌ فَقُلْتُ لَهُ مَا يُضْحِكُكَ يَا بَا مُحَمَّدٍ قَالَ إِنَّ هَذِهِ النَّعْجَةَ دَعَتْ حَمَلَهَا فَلَمْ يَجِئْ فَقَالَتْ لَهُ تَنَحَّ عَنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَإِنَّ الذِّئْبَ عَامَ أَوَّلَ أَخَذَ أَخَاكَ مِنْهُ فَقُلْتُ لِأَعْلَمَنَّ حَقِّيَّةَ هَذَا أَوْ كَذِبَهُ فَجِئْتُ إِلَى الرَّاعِي فَقُلْتُ يَا رَاعِي تَبِيعُنِي هَذَا الْحَمَلَ قَالَ فَقَالَ لَا فَقُلْتُ وَ لِمَ قَالَ لِأَنَّ أُمَّهُ أَفْرَهُ شَاةٍ فِي الْغَنَمِ وَ أَغْزَرُهَا دِرَّةً وَ كَانَ الذِّئْبُ أَخَذَ حَمَلًا لَهَا مُنْذُ عَامِ الْأَوَّلِ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَمَا رَجَعَ لَبَنُهَا حَتَّى وَضَعَتْ هَذَا فَدَرَّتْ فَقُلْتُ صَدَقَ ثُمَّ أَقْبَلْتُ فَلَمَّا صِرْتُ عَلَى جِسْرِ الْكُوفَةِ نَظَرَ إِلَى رَجُلٍ مَعَهُ خَاتَمُ يَاقُوتٍ فَقَالَ لَهُ يَا فُلَانُ خَاتَمُكَ هَذَا الْبَرَّاقُ أَرِنِيهِ قَالَ فَخَلَعَهُ فَأَعْطَاهُ فَلَمَّا صَارَ فِي يَدِهِ رَمَى بِهِ فِي الْفُرَاتِ قَالَ الْآخَرُ مَا صَنَعْتَ قَالَ تُحِبُّ أَنْ تَأْخُذَهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَقَالَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَاءِ فَأَقْبَلَ الْمَاءُ يَعْلُو بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى إِذَا قَرُبَ تَنَاوَلَهُ وَ أَخَذَهُ «3».
بيان: إذ ثغت بالثاء المثلثة و الغين المعجمة أي صوتت و الثغاء بالضم صوت الشاة و هذا أصح النسخ و في بعضها إذ لعبت و في بعضها إذ نقت بالنون و القاف المشددة أي صاحت لكن يطلق غالبا على صياح الضفدع و الدجاجة و الهر و في بعضها لفت باللام و الفاء المشددة و الكل تصحيف إلا الأول و النعجة الأنثى من الضأن و الشاة الواحدة من الغنم للذكر و الأنثى و الجمع شاء و في بعض النسخ من شائه بالهمز و الحمل بالتحريك الصغير من أولاد الضأن و الفراهة
__________________________________________________
 (1) رجال الكشّيّ ص 171.
 (2) الشاء جمع شاة، و في النسخ «من شاته» و هو تصحيف.
 (3) رجال الكشّيّ ص 172.

271
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

الحذق و أفرهت الناقة إذا كانت تنتج الفره «1» أغزرها درة أي أكثرها لبنا.
3- كش، رجال الكشي عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي غَاسِلُ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: إِنِّي لَأُغَسِّلُ الْفُضَيْلَ بْنَ يَسَارٍ وَ إِنَّ يَدَهُ لَتَسْبِقُنِي إِلَى عَوْرَتِهِ فَخَبَّرْتُ بِذَلِكَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ لِي رَحِمَ اللَّهُ الْفُضَيْلَ بْنَ يَسَارٍ وَ هُوَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ «2».
4- مع، معاني الأخبار «3» لي، الأمالي للصدوق عَنِ الطَّالَقَانِيِّ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُعَلَّى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْرٍ الْمُرَادِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ص لِلشَّيْخِ الَّذِي أَتَاهُ مِنَ الشَّامِ يَا شَيْخُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ خَلْقاً ضَيَّقَ الدُّنْيَا عَلَيْهِمْ نَظَراً لَهُمْ فَزَهَّدَهُمْ فِيهَا وَ فِي حُطَامِهَا فَرَغِبُوا فِي دَارِ السَّلَامِ الَّذِي دَعَاهُمْ إِلَيْهِ وَ صَبَرُوا عَلَى ضِيقِ الْمَعِيشَةِ وَ صَبَرُوا عَلَى الْمَكْرُوهِ وَ اشْتَاقُوا إِلَى مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْكَرَامَةِ وَ بَذَلُوا أَنْفُسَهُمُ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ وَ كَانَتْ خَاتِمَةُ أَعْمَالِهِمُ الشَّهَادَةَ فَلَقُوا اللَّهَ وَ هُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ وَ عَلِمُوا أَنَّ الْمَوْتَ سَبِيلُ مَنْ مَضَى وَ مَنْ بَقِيَ فَتَزَوَّدُوا لآِخِرَتِهِمْ غَيْرَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ لَبِسُوا الْخَشِنَ وَ صَبَرُوا عَلَى الْقُوتِ وَ قَدَّمُوا الْفَضْلَ وَ أَحَبُّوا فِي اللَّهِ وَ أَبْغَضُوا فِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أُولَئِكَ الْمَصَابِيحُ وَ أَهْلُ النَّعِيمِ فِي الْآخِرَةِ وَ السَّلَامُ الْخَبَرَ «4».
كتاب الغايات، مرسلا مثله ..
5- مع، معاني الأخبار عَنِ ابْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع طُوبَى لِعَبْدٍ نُوَمَةٍ عَرَفَ النَّاسَ فَصَاحَبَهُمْ بِبَدَنِهِ وَ لَمْ يُصَاحِبْهُمْ فِي أَعْمَالِهِمْ بِقَلْبِهِ فَعَرَفُوهُ فِي الظَّاهِرِ وَ عَرَفَهُمْ‏
__________________________________________________
 (1) جمع الفاره بصيغة اسم الفاعل.
 (2) رجال الكشّيّ ص 186.
 (3) معاني الأخبار ص 197 باب معنى الغايات تحت الرقم 4.
 (4) أمالي الصدوق: ص 236: المجلس الثاني و الستون تحت الرقم 4.

272
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

فِي الْبَاطِنِ «1».
بيان: قال في النهاية في حديث علي ع أنه ذكر آخر الزمان و الفتن ثم قال خير أهل ذلك الزمان كل مؤمن نومة النومة بوزن الهمزة الخامل الذكر الذي لا يؤبه له و قيل الغامض في الناس الذي لا يعرف الشر و أهله و قيل النومة بالتحريك الكثير النوم و أما الخامل الذي لا يؤبه له فهو بالتسكين و من الأول حديث ابن عباس أنه قال لعلي ما النومة قال الذي يسكت في الفتنة فلا يبدو منه شي‏ء انتهى.
وَ فِي نَهْجِ الْبَلَاغَةِ وَ ذَلِكَ زَمَانٌ لَا يَنْجُو فِيهِ إِلَّا كُلُّ مُؤْمِنٍ نُوَمَةٍ إِنْ شَهِدَ لَمْ يُعْرَفْ وَ إِنْ غَابَ لَمْ يُفْتَقَدْ أُولَئِكَ مَصَابِيحُ الْهُدَى وَ أَعْلَامُ السُّرَى لَيْسُوا بِالْمَسَايِيحِ وَ لَا الْمَذَايِيعِ الْبُذُرِ أُولَئِكَ يَفْتَحُ اللَّهُ لَهُمْ أَبْوَابَ رَحْمَتِهِ وَ يَكْشِفُ عَنْهُمْ ضَرَّاءَ نَقِمَتِهِ.
و قال السيد رضي الله عنه قوله ع كل مؤمن نومة فإنما أراد به الخامل الذكر القليل الشر و المساييح جمع مسياح و هو الذي يسيح بين الناس بالفساد و النمائم و المذاييع جمع مذياع و هو الذي إذا سمع لغيره بفاحشة أذاعها و نوه بها و البذر جمع بذور و هو الذي يكثر سفهه و يلغو منطقه انتهى «2».
و لم يذكر الجوهري النومة بالهمزة و قال رجل نومة بالضم ساكنة الواو أي لا يؤبه له و رجل نومة بفتح الواو أي نئوم و هو الكثير النوم و في القاموس و هو نائم و نئوم و نومة كهمزة و صرد ثم قال و نومة كهمزة و أمير مغفل أو خامل و الأول بالهمزة و الباقي بالواو.
و افتقده أي طلبه عند غيبته و الجملتان كالتفسير للنومة على الظاهر فالمراد
__________________________________________________
 (1) معاني الأخبار ص 380 و 381.
 (2) نهج البلاغة ج 1 ص 213، تحت الرقم 101 من الخطب.

273
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

به الخامل «1» و السرى كالهدى السير عامة الليل و أعلام السرى كلما يهتدى به في ذلك السير و في النهاية ليسوا بالمساييح البذر أي الذين يسعون بالشر و النميمة و قيل هو من التسييح في الثوب و هو أن يكون فيه خطوط مختلفة و قال المذاييع جمع مذياع من أذاع الشي‏ء إذا أفشاه و قيل أراد الذين يذيعون الفواحش و هو بناء مبالغة و قال البذر جمع بذور يقال بذرت الكلام بين الناس كما تبذر الحبوب أي أفشيته و فرقته انتهى.
يفتح الله لهم أي ببركاتهم تنزل الخيرات و تندفع الشرور و الآفات و الضراء الحالة التي تضر نقيض السراء.
6- ب، قرب الإسناد عَنِ ابْنِ سَعْدٍ عَنِ الْأَزْدِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ مِنْ أَغْبَطِ أَوْلِيَائِي عِنْدِي عَبْدٌ مُؤْمِنٌ ذُو حَظٍّ مِنْ صَلَاحٍ وَ أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَ عَبَدَ اللَّهَ فِي السَّرِيرَةِ وَ كَانَ غَامِضاً فِي النَّاسِ فَلَمْ يُشَرْ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ وَ كَانَ رِزْقُهُ كَفَافاً فَصَبَرَ عَلَيْهِ تَعَجَّلَتْ بِهِ الْمَنِيَّةُ فَقَلَّ تُرَاثُهُ وَ قَلَّتْ بَوَاكِيهِ ثَلَاثاً «2».
بيان: ثلاثا أي قال قوله فقل إلى آخر الخبر ثلاثا و يحتمل الجميع لكنه بعيد.
7- ل، الخصال عَنْ مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَخْفَى أَرْبَعَةً فِي أَرْبَعَةٍ أَخْفَى رِضَاهُ فِي طَاعَتِهِ فَلَا تَسْتَصْغِرَنَّ شَيْئاً مِنْ طَاعَتِهِ فَرُبَّمَا وَافَقَ رِضَاهُ وَ أَنْتَ لَا تَعْلَمُ وَ أَخْفَى سَخَطَهُ فِي مَعْصِيَتِهِ فَلَا تَسْتَصْغِرَنَّ شَيْئاً مِنْ مَعْصِيَتِهِ فَرُبَّمَا وَافَقَ سَخَطَهُ وَ أَنْتَ لَا تَعْلَمُ وَ أَخْفَى إِجَابَتَهُ فِي دَعْوَتِهِ فَلَا تَسْتَصْغِرَنَّ شَيْئاً مِنْ دُعَائِهِ فَرُبَّمَا وَافَقَ إِجَابَتَهُ وَ أَنْتَ لَا تَعْلَمُ وَ أَخْفَى‏
__________________________________________________
 (1) و روى الصدوق في معاني الأخبار ص 166 باب معنى النومة عن أبي الطفيل أنه سمع أمير المؤمنين عليه السلام يقول: ان بعدى فتنا مظلمة عمياء مشككة لا يبقى فيها الا النومة، قيل: و ما النومة يا أمير المؤمنين؟ قال: الذي لا يدرى الناس ما في نفسه.
 (2) قرب الإسناد ص 28، ط النجف.

274
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

وَلِيَّهُ فِي عِبَادِهِ فَلَا تَسْتَصْغِرَنَّ عَبْداً مِنْ عَبِيدِ اللَّهِ فَرُبَّمَا يَكُونُ وَلِيَّهُ وَ أَنْتَ لَا تَعْلَمُ «1».
8- ل، الخصال عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ رَبِيعِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُسْلِيِّ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ نَوْفٍ قَالَ: بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَكَانَ يُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ وَ يَخْرُجُ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ فَيَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ وَ يَتْلُو الْقُرْآنَ قَالَ فَمَرَّ بِي بَعْدَ هُدُوءٍ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ يَا نَوْفُ أَ رَاقِدٌ أَنْتَ أَمْ رَامِقٌ قُلْتُ بَلْ رَامِقٌ أَرْمُقُكَ بِبَصَرِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ يَا نَوْفُ طُوبَى لِلزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا الرَّاغِبِينَ فِي الْآخِرَةِ أُولَئِكَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْأَرْضَ بِسَاطاً وَ تُرَابَهَا فِرَاشاً وَ مَاءَهَا طِيباً وَ الْقُرْآنَ دِثَاراً وَ الدُّعَاءَ شِعَاراً وَ قُرِّضُوا مِنَ الدُّنْيَا تَقْرِيضاً عَلَى مِنْهَاجِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ع إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَى إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ع قُلْ لِلْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا يَدْخُلُونَ بَيْتاً مِنْ بُيُوتِي إِلَّا بِقُلُوبٍ طَاهِرَةٍ وَ أَبْصَارٍ خَاشِعَةٍ وَ أَكُفٍّ نَقِيَّةٍ وَ قُلْ لَهُمْ اعْلَمُوا أَنِّي غَيْرُ مُسْتَجِيبٍ لِأَحَدٍ مِنْكُمْ دَعْوَةً وَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِي قِبَلَهُ مَظْلِمَةٌ يَا نَوْفُ إِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ عَشَّاراً أَوْ شَاعِراً أَوْ شُرْطِيّاً أَوْ عَرِيفاً أَوْ صَاحِبَ عَرْطَبَةٍ وَ هِيَ الطُّنْبُورُ أَوْ صَاحِبَ كُوبَةٍ وَ هُوَ الطَّبْلُ فَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ع خَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ إِنَّهَا السَّاعَةُ الَّتِي لَا يُرَدُّ فِيهَا دَعْوَةٌ إِلَّا دَعْوَةُ عَرِيفٍ أَوْ دَعْوَةُ شَاعِرٍ أَوْ دَعْوَةُ عَاشِرٍ أَوْ شُرْطِيٍّ أَوْ صَاحِبِ عَرْطَبَةٍ أَوْ صَاحِبِ كُوبَةٍ «2».
بيان: في القاموس هدأ كمنع هدءا و هدوءا سكن و أتانا بعد هدء من الليل و هدء و هدأة و هدي‏ء و مهدإ و هدوء أي حين هدأ الليل و الرجل و في النهاية فيه إياكم و السمر بعد هدأة الرجل الهدأة و الهدء السكون عن الحركات أي بعد ما يسكن الناس عن المشي و الاختلاف في الطرق اتخذوا الأرض بساطا أي يجلسون على الأرض من غير بساط و ترابها فراشا أي ينامون على التراب من غير فراش و ماءها طيبا أي يتطيبون بالماء من غير استعمال طيب لعدم‏
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 1 ص 98.
 (2) الخصال ج 1 ص 164.

275
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

قدرتهم عليه و القرآن دثارا أي يلازمون القرآن و الدعاء كلزوم الدثار و الشعار للإنسان فيدل على أن الدعاء أفضل لأن الشعار أهم و أخص و ألصق أو يبتدءون بالتلاوة قبل النوم بلا دثار كما يبتدئ غيرهم بتحصيل الدثار و لبسه و في النهج و القرآن شعارا و الدعاء دثارا فالأمر بالعكس في الإشعار بالفضل و أكف نقية أي عن التلوث بالحرام و الشبهة أو شاعرا أي بالباطل و في المصباح الشرطة وزان غرفة و فتح الراء وزان رطبة لغة قليلة و هي الجند و صاحب الشرطة الحاكم و الجمع شرط مثل رطب و هم أعوان السلطان و إذا نسب إلى هذا قيل شرطي بالسكون و العريف القيم بأمور القبيلة و في النهاية العرطبة العود و قيل الطنبور و قال الكوبة النرد و قيل الطبل و قيل البربط.
9- أَقُولُ قَدْ رُوِيَ هَذَا الْخَبَرُ فِي النَّهْجِ هَكَذَا وَ عَنْ نَوْفٍ الْبِكَالِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع ذَاتَ لَيْلَةٍ وَ قَدْ خَرَجَ مِنْ فِرَاشِهِ فَنَظَرَ إِلَى النُّجُومِ فَقَالَ يَا نَوْفُ أَ رَاقِدٌ أَنْتَ أَمْ رَامِقٌ فَقُلْتُ بَلْ رَامِقٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ يَا نَوْفُ طُوبَى لِلزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا الرَّاغِبِينَ فِي الْآخِرَةِ أُولَئِكَ قَوْمٌ اتَّخَذُوا الْأَرْضَ بِسَاطاً وَ تُرَابَهَا فِرَاشاً وَ مَاءَهَا طِيباً وَ الْقُرْآنَ شِعَاراً وَ الدُّعَاءَ دِثَاراً ثُمَّ قَرَضُوا الدُّنْيَا قَرْضاً عَلَى مِنْهَاجِ الْمَسِيحِ ع يَا نَوْفُ إِنَّ دَاوُدَ ع- قَامَ فِي مِثْلِ هَذِهِ السَّاعَةِ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ إِنَّهَا سَاعَةٌ لَا يَدْعُو فِيهَا عَبْدٌ رَبَّهُ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَشَّاراً أَوْ عَرِيفاً أَوْ شُرْطِيّاً أَوْ صَاحِبَ عَرْطَبَةٍ وَ هِيَ الطُّنْبُورُ أَوْ صَاحِبَ كُوبَةٍ وَ هِيَ الطَّبْلُ وَ قَدْ قِيلَ أَيْضاً إِنَّ الْعَرْطَبَةَ الطَّبْلُ وَ الْكُوبَةَ الطُّنْبُورُ.
انْتَهَى «1» وَ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ نَوْفٌ الْبِكَالِيُّ كَانَ حَاجِبَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ قَالَ ابْنُ مِيثَمٍ الْبِكَالِيُّ بِكِسْرِ الْبَاءِ مَنْسُوبٌ إِلَى بِكَالَةَ قَرْيَةٌ مِنَ الْيَمَنِ وَ أَقُولُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْبَكَالِيِّ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَ الرَّقَدُ بِالْفَتْحِ وَ الرُّقَادُ وَ الرُّقُودُ بِضَمِّهِمَا النَّوْمُ وَ الرُّقَادُ خَاصٌ‏
__________________________________________________
 (1) نهج البلاغة تحت الرقم 104 من الحكم، ط عبده ج 2 ص 165.

276
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

بِاللَّيْلِ وَ رَمَقَهُ كَنَصَرَهُ أَيْ لَحَظَهُ لَحْظاً خَفِيفاً وَ أَقُولُ سَيَأْتِي مَزِيدُ شَرْحِ الْخَبَرِ فِي أَبْوَابِ الْمَنَاهِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
10- شي، تفسير العياشي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَالِمٍ الْأَشَلِّ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ «1» ثُمَّ قَالَ تَدْرُونَ مَنْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ قَالُوا مَنْ هُمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ هُمْ نَحْنُ وَ أَتْبَاعُنَا فَمَنْ تَبِعَنَا مِنْ بَعْدِنَا طُوبَى لَنَا وَ طُوبَى لَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ طُوبَى لَنَا قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا شَأْنُ طُوبَى لَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ طُوبَى لَنَا أَ لَسْنَا نَحْنُ وَ هُمْ عَلَى أَمْرٍ قَالَ لَا لِأَنَّهُمْ حُمِّلُوا مَا لَمْ تُحَمَّلُوا عَلَيْهِ وَ أَطَاقُوا مَا لَمْ تُطِيقُوا «2».
11- شي، تفسير العياشي عَنْ بُرَيْدٍ الْعِجْلِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: وَجَدْنَا فِي كِتَابِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ إِذَا أَدَّوْا فَرَائِضَ اللَّهِ وَ أَخَذُوا سُنَنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ تَوَرَّعُوا عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَ زَهِدُوا فِي عَاجِلِ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَ رَغِبُوا فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ وَ اكْتَسَبُوا الطَّيِّبَ مِنْ رِزْقِ اللَّهِ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا يُرِيدُونَ بِهِ التَّفَاخُرَ وَ التَّكَاثُرَ ثُمَّ أَنْفَقُوا فِيمَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ حُقُوقٍ وَاجِبَةٍ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ بَارَكَ اللَّهُ لَهُمْ فِيمَا اكْتَسَبُوا وَ يُثَابُونَ عَلَى مَا قَدَّمُوا لآِخِرَتِهِمْ «3».
12- جا، المجالس للمفيد عَنِ الْجِعَابِيِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ خَاقَانَ عَنْ سُلَيْمٍ الْخَادِمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرِ بْنِ قِرْوَاشٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ صَاحِبَ الدِّينِ فَكَّرَ فَعَلَتْهُ السَّكِينَةُ وَ اسْتَكَانَ فَتَوَاضَعَ وَ قَنِعَ فَاسْتَغْنَى وَ رَضِيَ بِمَا أُعْطِيَ وَ انْفَرَدَ فَكُفِيَ الْأَحْزَانَ وَ رَفَضَ الشَّهَوَاتِ فَصَارَ حُرّاً وَ خَلَعَ الدُّنْيَا فَتَحَامَى الشُّرُورَ وَ طَرَحَ الْحَسَدَ فَظَهَرَتِ الْمَحَبَّةُ وَ لَمْ يُخِفِ النَّاسَ فَلَمْ يَخَفْهُمْ وَ لَمْ يُذْنِبْ إِلَيْهِمْ فَسَلِمَ مِنْهُمْ وَ سَخِطَ نَفْسَهُ عَنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ فَفَازَ وَ اسْتَكْمَلَ الْفَضْلَ وَ أَبْصَرَ الْعَافِيَةَ فَأَمِنَ النَّدَامَةَ «4».
__________________________________________________
 (1) يونس: 68.
 (2) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 124.
 (3) المصدر ج 2 ص 124.
 (4) أمالي المفيد ص 40.

277
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

بيان: و انفرد أي عن الناس و اعتزل عنهم فصار حرا أي من رق الشهوات و في القاموس الحر بالضم خيار كل شي‏ء فتحامى الشرور أي احترز عن الشرور و منع نفسه عنها فإن الشرور كلها تابعة لحب الدنيا و في بعض النسخ بالسين المهملة أي السرور بلذات الدنيا و الأول أظهر و في القاموس حمى المريض ما يضره منعه إياه فاحتمى و تحمى امتنع و تحاماه الناس توقوه و اجتنبوه و لم يخف الناس على بناء الإفعال فلم يخفهم على بناء المجرد عن كل شي‏ء أي بعوض كل شي‏ء و أبصر العافية أي عرف أن العافية في أي شي‏ء و اختارها فلم يندم على شي‏ء.
13- جا، المجالس للمفيد عَنِ ابْنِ قُولَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى وَ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ مَعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنِ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ عَلَى نَبِيِّنَا وَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَهِي مَنْ أَصْفِيَاؤُكَ مِنْ خَلْقِكَ قَالَ النَّدِيُّ الْكَفَّيْنِ الْبَرِيُّ الْقَدَمَيْنِ يَقُولُ صَادِقاً وَ يَمْشِي هَوْناً فَأُولَئِكَ يَزُولُ الْجِبَالُ وَ لَا يَزُولُونَ قَالَ إِلَهِي فَمَنْ يَنْزِلُ دَارَ الْقُدْسِ عِنْدَكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَنْظُرُ أَعْيُنُهُمْ إِلَى الدُّنْيَا وَ لَا يُذِيعُونَ أَسْرَارَهُمْ فِي الدِّينِ وَ لَا يَأْخُذُونَ عَلَى الْحُكُومَةِ الرِّشَا الْحَقُّ فِي قُلُوبِهِمْ وَ الصِّدْقُ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ فَأُولَئِكَ فِي سِتْرِي فِي الدُّنْيَا وَ فِي دَارِ القبس [الْقُدْسِ‏] عِنْدِي فِي الْآخِرَةِ «1».
بيان: الندي الكفين أي كثير السخاء قال الجوهري يقال فلان ندي الكف إذا كان سخيا و قال الفيروزآبادي تندى تسخى و أفضل كأندى فهو ندي الكف و أندى كثر عطاياه انتهى و في بعض النسخ الندي القدمين كناية عن بركتهما و سعيهما في نفع الناس و في بعضها البري القدمين أي أنهما بريئان من الخطاء و يحتمل الرسي أي الثابت القدمين في الخير في القاموس رسا رسوا و رسوا ثبت و كغني العمود الثابت وسط الخباء و الراسخ في الخير و الشر ..
14- جا، المجالس للمفيد أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ‏
__________________________________________________
 (1) أمالي المفيد ص 59.

278
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

ابْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي مُعَاذٍ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي أَرَاكَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ خَلَفَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ الْفَجْرَ فِي مَسْجِدِكُمْ فَانْفَتَلَ عَلَى يَمِينِهِ وَ كَانَ عَلَيْهِ كَآبَةٌ وَ مَكَثَ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ عَلَى حَائِطِ مَسْجِدِكُمْ هَذَا قَيْدَ رُمْحٍ وَ لَيْسَ هُوَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ وَ هُمْ يُكَابِدُونَ هَذَا اللَّيْلَ يُرَاوِحُونَ بَيْنَ جِبَاهِهِمْ وَ رُكَبِهِمْ كَأَنَّ زَفِيرَ النَّارِ فِي آذَانِهِمْ فَإِذَا أَصْبَحُوا أَصْبَحُوا غُبْراً صُفْراً بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ شِبْهُ رُكَبِ الْمِعْزَى فَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ تَعَالَى مَادُوا كَمَا يَمِيدُ الشَّجَرُ فِي يَوْمِ الرِّيحِ وَ انْهَمَلَتْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى تَبْتَلَّ ثِيَابُهُمْ قَالَ ثُمَّ نَهَضَ وَ هُوَ يَقُولُ وَ اللَّهِ لَكَأَنَّمَا بَاتَ الْقَوْمُ غَافِلِينَ ثُمَّ لَمْ يُرَ مُفْتَرّاً حَتَّى كَانَ مِنْ أَمْرِ ابْنِ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ مَا كَانَ «1».
ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر عن محمد بن سنان مثله بيان قيد رمح بالكسر و قاده قدره و ليس هو أي لم يكن ارتفاع الحائط في هذا الزمان بهذا المقدار و مكابدة الشي‏ء تحمل المشاق في فعله و افتر ضحك ضحكا حسنا و في ين حتى كان من الرجل الفاسق ما كان.
15- كش، رجال الكشي عَنْ نَصْرِ بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ قَالَ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ جَابِرَ بْنَ يَزِيدَ فَقَالَ لَهُ جَابِرٌ تُرِيدُ أَنْ تَرَى أَبَا جَعْفَرٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَسَحَ عَلَى عَيْنَيَّ فَمَرَرْتُ وَ أَنَا أَسْبَقُ الرِّيحَ حَتَّى صِرْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ فَبَقِيتُ أَنَا لِذَلِكَ مُتَعَجِّباً إِذْ فَكَّرْتُ فَقُلْتُ مَا أَحْوَجَنِي إِلَى وَتِدٍ أُوتِدُهُ فَإِذَا حَجَجْتُ عَاماً قَابِلًا نَظَرْتُ هَاهُنَا هُوَ أَمْ لَا فَلَمْ أَعْلَمْ إِلَّا وَ جَابِرٌ بَيْنَ يَدَيَّ يُعْطِينِي وَتِداً قَالَ فَفَزِعْتُ قَالَ فَقَالَ هَذَا عَمَلُ الْعَبْدِ بِإِذْنِ اللَّهِ فَكَيْفَ لَوْ رَأَيْتَ السَّيِّدَ الْأَكْبَرَ قَالَ ثُمَّ لَمْ أَرَهُ قَالَ فَمَضَيْتُ حَتَّى صِرْتُ إِلَى بَابِ أَبِي جَعْفَرٍ ع فَإِذَا هُوَ يَصِيحُ بِي ادْخُلْ لَا بَأْسَ عَلَيْكَ فَدَخَلْتُ فَإِذَا
__________________________________________________
 (1) أمالي المفيد ص 123.

279
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

جَابِرٌ عِنْدَهُ قَالَ فَقَالَ لِجَابِرٍ يَا نُوحُ غَرَّقْتَهُمْ أَوَّلًا بِالْمَاءِ وَ غَرَّقْتَهُمْ آخِراً بِالْعِلْمِ «1» فَإِذَا كَسَرْتَ فَاجْبُرْهُ قَالَ ثُمَّ قَالَ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ أُطِيعَ أَيُّ الْبِلَادِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ قُلْتُ الْكُوفَةُ قَالَ بِالْكُوفَةِ فَكُنْ قَالَ فَسَمِعْتُ أَخَا النُّونِ بِالْكُوفَةِ «2» قَالَ فَبَقِيتُ مُتَعَجِّباً مِنْ قَوْلِ جَابِرٍ فَجِئْتُ فَإِذَا بِهِ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ قَاعِداً قَالَ فَسَأَلْتُ الْقَوْمَ هَلْ قَامَ أَوْ تَنَحَّى قَالَ فَقَالُوا لَا وَ كَانَ سَبَبُ تَوْحِيدِي أَنْ سَمِعْتُ قَوْلَهُ بِالْإِلَهِيَّةِ فِي الْأَئِمَّةِ.
هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ لَا شَكَّ فِي كَذِبِهِ وَ رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ مُتَّهَمُونَ بِالْغُلُوِّ وَ التَّفْوِيضِ «3» بيان قوله هذا حديث موضوع كلام الكشي أو الشيخ لأنه موجود في اختياره و لا ريب في كونه موضوعا و هو مشتمل على القول بالتناسخ و التشويش في ألفاظه و معانيه «4» فلهذا لم نتعرض لشرحه.
16- كش، رجال الكشي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ حَمْدَوَيْهِ بْنِ نُصَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُوسَى قَالَ: كُنْتُ جَالِساً مَعَ أَبِي مَرْيَمَ الْحَنَّاطِ وَ جَابِرٌ عِنْدَهُ جَالِسٌ فَقَامَ أَبُو مَرْيَمَ فَجَاءَ بِدَوْرَقٍ «5»

__________________________________________________
 (1) ظاهر النسخة يتبنى على القول بالتناسخ و أن جابرا كان في العهد الأول هو نوح النبيّ صلوات اللّه عليه و على نبيّنا و آله، و لذلك قيل: ان في العبارة تصحيفا و الصواب «يا جابر! ان نوحا غرقهم أولا بالماء و غرقتهم آخرا بالعلم» و ليس بشي‏ء.
 (2) فيه تصحيف، و الظاهر أنّه يقول: فلما قال: «بالكوفة فكن». صرت بالكوفة أسمع أصوات الناس أو النوق أو النوف- و هو صوت الضبع- بها.
 (3) رجال الكشّيّ ص 173.
 (4) قد عرفت افادة الحديث للتناسخ، و هكذا تشويش ألفاظه في قوله «سمعت أخا النون بالكوفة» و أمّا التشويش في معانيه ففى قوله «و كان سبب توحيدى أن سمعت قوله بالالهية في الأئمّة».
 (5) قال في قاموس الرجال: و قوله «فجاء بدورق» محرف «فجاء بدردق» ففى.

280
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

مِنْ مَاءِ بِئْرِ مُبَارَكِ بْنِ عِكْرِمَةَ فَقَالَ لَهُ جَابِرٌ وَيْحَكَ يَا بَا مَرْيَمَ كَأَنِّي بِكَ قَدِ اسْتَغْنَيْتَ عَنْ هَذِهِ الْبِئْرِ وَ اغْتَرَفْتَ مِنْ هَاهُنَا مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ فَقَالَ لَهُ أَبُو مَرْيَمَ مَا أَلُومُ النَّاسَ أَنْ يُسَمُّونَا كَذَّابِينَ وَ كَانَ مَوْلًى لِجَعْفَرٍ كَيْفَ يَجِي‏ءُ مَاءُ الْفُرَاتِ إِلَى هَاهُنَا قَالَ وَيْحَكَ إِنَّهُ يُحْفَرُ هَاهُنَا نَهَرٌ أَوَّلُهُ عَذَابٌ عَلَى النَّاسِ وَ آخِرُهُ رَحْمَةٌ يَجْرِي فِيهِ مَاءُ الْفُرَاتِ فَتَخْرُجُ الْمَرْأَةُ الضَّعِيفَةُ وَ الصَّبِيُّ فَيَغْتَرِفُ مِنْهُ وَ يُجْعَلُ لَهُ أَبْوَابٌ فِي بَنِي رُوَاسٍ وَ فِي بَنِي مَوْهِبَةَ وَ عِنْدَ بِئْرِ بَنِي كِنْدَةَ وَ فِي بَنِي فَزَارَةَ «1» حَتَّى تَتَغَامَسَ فِيهِ الصِّبْيَانُ قَالَ عَلِيٌّ إِنَّهُ قَدْ كَانَ ذَلِكَ وَ إِنَّ الَّذِي حَدَّثَ عَلَى عَهْدِهِ «2» وَ لَعَلَّ أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ «3».
__________________________________________________
الصحاح: الدردق مكيال للشراب و أراه فارسيا معربا. أقول: نسخ الصحاح في ضبط هذه الكلمة مختلفة، ففي بعض النسخ- و منه ما راجعه مؤلف قاموس الرجال- «و الدردق مكيال» و يوافقه عبارة القاموس: «و الدردق الاطفال، و صغار الإبل و غيرها، و مكيال للشراب و الدورق الجرة ذات العروة» و لكن في غالب النسخ كما في المطبوعة الأخيرة ص 1474 «و الدورق: مكيال للشراب و اراه فارسيا معربا».
و قال شارح القاموس: مقتضى سياق كلام القاموس «و مكيال للشراب» انه دردق، و هو غلط و الصواب أنّه الدورق كجوهر كما في العباب، و في الاساس: جاءوا بدورق من شراب أو دبس، و هو مكيال فارسى معرب.
أقول: و لذلك قال في أقرب الموارد: الدورق مكيال للشراب- و الجرة ذات العروة، معرب دوره بالفارسية و الجمع دوارق.
 (1) في نسخة الكمبانيّ بنى زرارة، و ما في الصلب مطابق للمصدر و محكيه في قاموس الرجال ج 2 ص 329.
 (2) في بعض النسخ كما في متن الكمبانيّ «و ان الذي حدث على و عمره» [عهده خ ل‏] و قيل: الصواب «ان الذي حدث على عروة» كما في المصدر: «قال على: انه قد كان ذاك و ان الذي حدث على عروة بعلانية أنّه قد سمع بهذا الحديث قبل أن يكون» و الصحيح ما في الصلب.
 (3) رجال الكشّيّ: 173 و 174.

281
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

بيان: في القاموس الدورق الجرة ذات العروة و كان جملة معترضة و كيف تتمة كلام أبي مريم قال علي يعني ابن الحكم و القول لابن عيسى قوله قد كان ذلك أي قد كان زمان لم يكن النهر جاريا في هذا الموضع ثم أجروا النهر فيه و قوله و إن الذي كلام ابن عيسى و معناه أنه يظهر من كلام علي أنه سمع هذا الحديث و عهد الموضع قبل إجراء النهر و في بعض النسخ مكان و عهده و عمر و هو تصحيف.
17- كش، رجال الكشي عَنْ حَمْدَوَيْهِ بْنِ نُصَيْرٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: كَانَتْ بُنَيَّةٌ لِي سَقَطَتْ فَانْكَسَرَتْ يَدُهَا فَأَتَيْتُ بِهَا التَّيْمِيَّ فَأَخَذَهَا فَنَظَرَ إِلَى يَدِهَا فَقَالَ مُنْكَسِرَةٌ فَدَخَلَ يُخْرِجُ الْجَبَائِرَ وَ أَنَا عَلَى الْبَابِ فَدَخَلَتْنِي رِقَّةٌ عَلَى الصَّبِيَّةِ فَبَكَيْتُ وَ دَعَوْتُ فَخَرَجَ بِالْجَبَائِرِ فَتَنَاوَلَ بِيَدِ الصَّبِيَّةِ فَلَمْ يَرَ بِهَا شَيْئاً ثُمَّ نَظَرَ إِلَى الْأُخْرَى فَقَالَ مَا بِهَا شَيْ‏ءٌ قَالَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ يَا بَا حَمْزَةَ وَافَقَ الدُّعَاءُ الرِّضَا فَاسْتُجِيبَ لَكَ فِي أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ عَيْنٍ «1».
18- كش، رجال الكشي قَالَ أَبُو النَّضْرِ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحَسَنِ يَقُولُ مَاتَ يُونُسُ بْنُ يَعْقُوبَ بِالْمَدِينَةِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا ع بِحَنُوطِهِ وَ كَفَنِهِ وَ جَمِيعِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَ أَمَرَ مَوَالِيَهُ وَ مَوَالِيَ أَبِيهِ وَ جَدِّهِ أَنْ يَحْضُرُوا جِنَازَتَهُ وَ قَالَ لَهُمْ هَذَا مَوْلًى لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع كَانَ يَسْكُنُ الْعِرَاقَ وَ قَالَ لَهُمُ احْفِرُوا لَهُ فِي الْبَقِيعِ فَإِنْ قَالَ لَكُمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ إِنَّهُ عِرَاقِيٌّ لَا نَدْفِنُهُ فِي الْبَقِيعِ فَقُولُوا لَهُمْ هَذَا مَوْلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ كَانَ يَسْكُنُ الْعِرَاقَ فَإِنْ مَنَعْتُمُونَا أَنْ نَدْفِنَهُ فِي الْبَقِيعِ مَنَعْنَاكُمْ أَنْ تَدْفِنُوا مَوَالِيَكُمْ فِي الْبَقِيعِ فَدُفِنَ فِي الْبَقِيعِ وَ وَجَّهَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى ع- إِلَى زَمِيلِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُبَابِ وَ كَانَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ صَلِّ عَلَيْهِ أَنْتَ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ رَآنِي صَاحِبُ الْمَقْبَرَةِ وَ أَنَا عِنْدَ الْقَبْرِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ لِي مَنْ هَذَا الرَّجُلُ صَاحِبُ هَذَا الْقَبْرِ فَإِنَّ أَبَا
__________________________________________________
 (1) رجال الكشّيّ ص 177.

282
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى ع أَوْصَانِي بِهِ وَ أَمَرَنِي أَنْ أَرُشَّ قَبْرَهُ أَرْبَعِينَ شَهْراً أَوْ أَرْبَعِينَ يَوْماً فِي كُلِّ يَوْمٍ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الشَّكُّ مِنِّي قَالَ وَ قَالَ لِي صَاحِبُ الْمَقْبَرَةِ إِنَّ السَّرِيرَ عِنْدِي يَعْنِي سَرِيرَ النَّبِيِّ ص فَإِذَا مَاتَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ صَرَّ السَّرِيرُ فَأَقُولُ أَيُّهُمْ مَاتَ حَتَّى أَعْلَمَ بِالْغَدَاةِ فَصَرَّ السَّرِيرُ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا هَذَا الرَّجُلُ فَقُلْتُ لَا أَعْرِفُ أَحَداً مِنْهُمْ مَرِيضاً فَمَنْ ذَا الَّذِي مَاتَ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جَاءُوا فأخذا [فَأَخَذُوا] مِنِّي السَّرِيرَ وَ قَالُوا مَوْلًى لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ كَانَ يَسْكُنُ الْعِرَاقَ «1».
توضيح صاحب المقبرة المتولي لأمرها و القائم بأمر الموتى المدفونين فيها و أبو الحسن كنية علي بن الحسن و في القاموس صر يصر صرا و صريرا صوت و صاح شديدا.
19- كش، رجال الكشي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ قَالَ: بَيْنَا أَنَا بِالْقَرْعَاءِ «2» فِي سَنَةِ سِتٍّ وَ عِشْرِينَ وَ مِائَتَيْنِ مُنْصَرَفِي عَنِ الْكُوفَةِ وَ قَدْ خَرَجْتُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ أَتَوَضَّأُ وَ أَنَا أَسْتَاكُ وَ قَدِ انْفَرَدْتُ عَنْ رَحْلِي وَ مِنَ النَّاسِ فَإِذَا أَنَا بِنَارٍ فِي أَسْفَلِ مِسْوَاكِي تَلْتَهِبُ لَهَا شُعَاعٌ مِثْلُ شُعَاعِ الشَّمْسِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَمْ أَفْزَعْ مِنْهَا وَ بَقِيتُ أَتَعَجَّبُ وَ مَسِسْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ لَهَا حَرَارَةً فَقُلْتُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ «3» فَبَقِيتُ أَتَفَكَّرُ فِي مِثْلِ هَذَا وَ أَطَالَتِ النَّارُ الْمَكْثَ طَوِيلًا حَتَّى رَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي وَ قَدْ كَانَتِ السَّمَاءُ رَشَّتْ وَ كَانَ غِلْمَانِي يَطْلُبُونَ نَاراً وَ مَعِي رَجُلٌ بَصْرِيٌّ فِي الرَّحْلِ فَلَمَّا أَقْبَلْتُ قَالَ الْغِلْمَانُ قَدْ جَاءَ أَبُو الْحَسَنِ وَ مَعَهُ نَارٌ وَ قَالَ الْبَصْرِيُّ مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى دَنَوْتُ فَلَمَسَ الْبَصْرِيُّ النَّارَ فَلَمْ يَجِدْ لَهَا حَرَارَةً وَ لَا غِلْمَانِي ثُمَّ طَفِئَتْ بَعْدَ
__________________________________________________
 (1) رجال الكشّيّ ص 330.
 (2) القرعاء: منزل في طريق مكّة من الكوفة بعد المغيثة و قبل واقصة، بينها و بين واقصة ثمانية فراسخ.
 (3) يس: 80.

283
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

طُولٍ ثُمَّ الْتَهَبَتْ فَلَبِثَتْ قَلِيلًا ثُمَّ طَفِئَتْ قَلِيلًا ثُمَّ الْتَهَبَتْ ثُمَّ طَفِئَتِ الثَّالِثَةَ فَلَمْ تَعُدْ فَنَظَرْنَا إِلَى السِّوَاكِ فَإِذَا لَيْسَ فِيهِ أَثَرُ نَارٍ وَ لَا حَرٌّ وَ لَا شَعْثٌ وَ لَا سَوَادٌ وَ لَا شَيْ‏ءٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حُرِقَ فَأَخَذْتُ السِّوَاكَ فَخَبَأْتُهُ وَ عُدْتُ بِهِ إِلَى الْهَادِي ع- وَ ذَلِكَ سَنَةَ سِتٍّ وَ عِشْرِينَ وَ مِائَتَيْنِ بَعْدَ مَوْتِ الْجَوَادِ ع فَتَحَتَّمَ الْغَلَطُ فِي التَّنَازُعِ «1» قَابِلًا وَ كَشَفْتُ لَهُ أَسْفَلَهُ وَ بَاقِيهِ مُغَطًّى وَ حَدَّثْتُهُ بِالْحَدِيثِ فَأَخَذَ السِّوَاكَ مِنْ يَدِي وَ كَشَفَهُ كُلَّهُ وَ تَأَمَّلَهُ وَ نَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ هَذَا نُورٌ فَقُلْتُ لَهُ نُورٌ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَقَالَ بِمَيْلِكَ إِلَى أَهْلِ الْبَيْتِ وَ بِطَاعَتِكَ لِي وَ لِآبَائِي وَ لِأَبِي وَ بِطَاعَتِكَ لِي وَ لآِبَائِي أَرَاكَهُ اللَّهُ «2».
كش، رجال الكشي عن علي عن محمد بن أحمد عن محمد بن عيسى عن علي بن مهزيار مثله «3»
__________________________________________________
 (1) الظاهر أن ما جعلناه بين المعقوفتين ليس من كلام الكشّيّ و روايته، بل كان من كلام بعض المحشين مرتبطا معلقا بهذه الجملة، فاشتبه على النسّاخ و نقلوه الى المتن، و ذلك لان ابن مهزيار قال في أول الحديث: انه في سنة ست و عشرين و مائتين كان بالقرعاء منصرفه من الكوفة فاتقد مسواكه نورا، ثمّ قال في آخره «فخبأته و عدت به الى الهادى عليه السلام و ذلك سنة ست و عشرين و مائتين بعد موت الجواد عليه السلام قابلا» يعنى في العام القابل فكيف يكون السنة القابلة أيضا سنة ست و عشرين و مائتين فتحتم الغلط في التاريخ، فصحف لفظ التاريخ بالتنازع، و هو غير عزيز في نسخة الكشّيّ.
و أمّا اعتراض ذاك المحشى فهو وارد، فان قول ابن مهزيار «قابلا» يعنى في العام القابل، و ان احتمل أن يكون سافر في تلك السنة مرتين، الا ان قوله «بعد موت الجواد عليه السلام» و قد توفى عليه السلام سنة عشرين و مائتين، يظهر منه أن سفره هذا كان قبل فوته عليه السلام، و لعلّ الصحيح في صدر الحديث: سنة عشرين و مائتين، بدون لفظ الست.
 (2) رجال الكشّيّ ص 459.
 (3) المصدر ص 460.

284
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

بيان في القاموس القرعاء منهل بطريق مكة بين القادسية و العقبة و قال الرش المطر القليل و أرشت السماء كرشت قوله و عدت به أقول في النسخ هنا اختلاف كثير ففيما عندنا من نسخة اختيار الكشي و عدت به إلى الرضا ع قابلا فكشفت له «1» و ليست فيه الزيادة و في بعض كتب الرجال و عدت به إلى الهادي ع و ذلك سنة ست و عشرين و مائتين بعد موت الجواد ع فتخم الغلظ في التنازع قابلا و كشفت و في بعضها سنة ست و عشرين بعد موت الجواد ع فتحتم الغلظ في التنازع و في بعضها فتجشم و في بعضها في سنة عشرين و هي سنة وفاة الجواد ع و الحاصل أنه قرب التنازع أو تحتم و التنازع إما في حقيقة نور السواك أو في شي‏ء آخر من الإمامة و غيرها و النسخة الأولى أظهر.
20- طا، الأمان إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ لِلَّهِ مُخْلِصاً أَخَافَ اللَّهُ مِنْهُ كُلَّ شَيْ‏ءٍ رَوَيْنَا ذَلِكَ بِإِسْنَادِنَا إِلَى الْبَرْقِيِّ مِنْ كِتَابِهِ كِتَابِ الْمَحَاسِنِ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَخْشَعُ لَهُ كُلُّ شَيْ‏ءٍ وَ يَهَابُهُ كُلُّ شَيْ‏ءٍ ثُمَّ قَالَ إِذَا كَانَ مُخْلِصاً لِلَّهِ أَخَافَ اللَّهُ مِنْهُ كُلَّ شَيْ‏ءٍ حَتَّى هَوَامَّ الْأَرْضِ وَ سِبَاعَهَا وَ طَيْرَ السَّمَاءِ وَ حِيتَانَ الْبَحْرِ فَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَيْنَاهُ مِنْ كِتَابِ الرِّجَالِ لِلْكَشِّيِّ وَ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الْكَرَامَاتِ وَ لَمْ يَحْضُرْنَا لَفْظُهُ فَنَذْكُرُ الْآنَ مَعْنَاهُ أَنَّ بَعْضَ خَوَاصِّ مَوْلَانَا عَلِيٍّ ع مِنْ شِيعَتِهِ كَانَ قَدْ سَجَدَ فَتَطَوَّقَ أَفْعًى عَلَى حَلْقِهِ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْ حَالِ سُجُودِهِ وَ مُرَاقَبَةِ مَعْبُودِهِ حَتَّى انْفَصَلَ الْأَفْعَى عَنْ رَقَبَتِهِ بِغَيْرِ حِيلَةٍ مِنْهُ بَلْ بِفَضْلِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ وَ رَحْمَتِهِ وَ مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَيْنَاهُ مَرْوِيّاً عَنْ عَلِيٍّ الزَّاهِدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ السِّبْطِ ع أَنَّهُ كَانَ قَائِماً فِي الصَّلَاةِ فَانْحَدَرَ أَفْعَى مِنْ رَأْسِ جَبَلٍ فَصَعِدَ عَلَى ثِيَابِهِ وَ دَخَلَ مِنْ زِيقِهِ وَ خَرَجَ مِنْ تَحْتِ ثِيَابِهِ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ حَالِ صَلَاتِهِ وَ مُرَاقَبَتِهِ لِمَالِكِ حَيَاتِهِ وَ مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَيْنَاهُ فِي كِتَابِ السَّفَرِ وَ قَدْ نَقَلْنَاهُ بِلَفْظِهِ فِي كِتَابِ الْكَرَامَاتِ‏
__________________________________________________
 (1) و هو يؤيد ما ذكرناه.

285
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

وَ نَذْكُرُ هَاهُنَا بَعْضَ مَعْنَاهُ أَنَّ عليا [عَلِيَ‏] بْنَ عَاصِمٍ الزَّاهِدَ كَانَ يَزُورُ الْحُسَيْنَ ع بِكَرْبَلَاءَ قَبْلَ عِمَارَةِ مَشْهَدِهِ بِالنَّاسِ فَدَخَلَ سَبُعٌ إِلَيْهِ فَلَمْ يَهْرُبْ مِنْهُ وَ رَأَى كَفَّ السَّبُعِ مُنْتَفِخَةً بِقَصَبَةٍ قَدْ دَخَلَتْ فِيهَا فَأَخْرَجَ الْقَصَبَةَ مِنْهُ وَ عَصَرَ كَفَّ السَّبُعِ وَ شَدَّهُ بِبَعْضِ عِمَامَتِهِ وَ لَمْ يَقِفْ مِنَ الزُّوَّارِ لِذَلِكَ بِسُوءٍ وَ مِنْ ذَلِكَ مَا عَرَفْنَاهُ نَحْنُ وَ هُوَ أَنَّ بَعْضَ الْجِوَارِ وَ الْعِيَالِ جَاءُونِي لَيْلَةً وَ هُمْ مُنْزَعِجُونَ وَ كُنْتُ إِذْ ذَاكَ مُجَاوِراً بِعِيَالِي لِمَوْلَانَا عَلِيٍّ ع فَقَالُوا قَدْ رَأَيْنَا مَسْلَخَ الْحَمَّامِ تُطْوَى الْحُصُرُ الَّذِي فِيهِ وَ تُنْشَرُ وَ مَا نَنْظُرُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَحَضَرْتُ عِنْدَ بَابِ الْمَسْلَخِ وَ قُلْتُ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ قَدْ بَلَغَنِي عَنْكُمْ مَا قَدْ فَعَلْتُمْ وَ نَحْنُ جِيرَانُ مَوْلَانَا عَلِيٍّ ع وَ أَوْلَادِهِ وَ ضِيفَانُهُ وَ مَا أَسَأْنَا مُجَاوَرَتَكُمْ فَلَا تُكَدِّرُوا عَلَيْنَا مُجَاوَرَتَهُ وَ مَتَى فَعَلْتُمْ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ شَكَوْنَاكُمْ إِلَيْهِ فَلَمْ نَعْرِفْ مِنْهُمْ تَعَرُّضاً لِمَسْلَخِ الْحَمَّامِ بَعْدَ ذَلِكَ أَبَداً وَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ ابْنَتِي الْحَافِظَةَ الْكَاتِبَةَ شَرَفَ الْأَشْرَافِ كَمَّلَ اللَّهُ لَهَا تُحَفَ الْأَلْطَافِ عَرَّفَتْنِي أَنَّهَا تَسْمَعُ سَلَاماً عَلَيْهَا مِمَّنْ لَا تَرَاهُ فَوَقَفْتُ فِي الْمَوْقِفِ فَقُلْتُ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الرُّوحَانِيُّونَ فَقَدْ عَرَّفَتْنِي ابْنَتِي أَشْرَفُ الْأَشْرَافِ بِالتَّعَرُّضِ لَهَا بِالسَّلَامِ وَ هَذَا الْإِنْعَامُ مُكَدِّرٌ عَلَيْنَا نَحْنُ نَخَافُ مِنْهُ أَنْ يَنْفِرَ بَعْضَ الْعِيَالِ مِنْهُ وَ نَسْأَلُ أَنْ لَا تَتَعَرَّضُوا لَنَا بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الْمُكَدِّرَاتِ وَ تَكُونُوا مَعَنَا عَلَى جَمِيلِ الْعَادَاتِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا أَحَدٌ بَعْدَ ذَلِكَ بِكَلَامٍ وَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّنِي كُنْتُ أُصَلِّي الْمَغْرِبَ بِدَارِي بِالْحُلَّةِ فَجَاءَتْ حَيَّةٌ فَدَخَلَتْ تَحْتَ خِرْقَةٍ كَانَتْ مَوْضِعَ سُجُودِي فَتَمَّمْتُ الصَّلَاةَ وَ لَمْ تَتَعَرَّضْ لِي بِسُوءٍ وَ قَتَلْتُهَا بَعْدَ فَرَاغِي مِنَ الصَّلَاةِ وَ هَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ يَعْرِفُهُ مَنْ رَآهُ أَوْ رَوَاهُ.
توضيح زيق القميص بالكسر ما أحاط بالعنق منه ..
21- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَمَّارٍ صَاحِبِ الْأَكْسِيَةِ عَنِ الْبُرَيْدِيِّ عَنْ أَبِي أَرَاكَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيّاً ع يَقُولُ إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً كَسَرَتْ قُلُوبَهُمْ خَشْيَةُ اللَّهِ فَاسْتُكْفُوا عَنِ الْمَنْطِقِ وَ إِنَّهُمْ لَفُصَحَاءُ عُقَلَاءُ أَلِبَّاءُ نُبَلَاءُ يَسْبِقُونَ إِلَيْهِ بِالْأَعْمَال‏

286
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

الزَّاكِيَةِ لَا يَسْتَكْثِرُونَ لَهُ الْكَثِيرَ وَ لَا يَرْضَوْنَ لَهُ الْقَلِيلَ يَرَوْنَ أَنْفُسَهُمْ أَنَّهُمْ شِرَارٌ وَ أَنَّهُمُ الْأَكْيَاسُ الْأَبْرَارُ.
22 دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيِّ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ إِبْرَاهِيمَ خَرَجَ مُرْتَاداً لِغَنَمِهِ وَ بَقَرِهِ مَكَاناً لِلشِّتَاءِ فَسَمِعَ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَتَبِعَ الصَّوْتَ حَتَّى أَتَاهُ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ مَنْ أَنْتَ أَنَا فِي هَذِهِ الْبِلَادِ مُذْ مَا شَاءَ اللَّهُ مَا رَأَيْتُ أَحَداً يُوَحِّدُ اللَّهَ غَيْرَكَ قَالَ أَنَا رَجُلٌ كُنْتُ فِي سَفِينَةٍ غَرِقَتْ فَنَجَوْتُ عَلَى لَوْحٍ فَأَنَا هَاهُنَا فِي جَزِيرَةٍ قَالَ فَمِنْ أَيِّ شَيْ‏ءٍ مَعَاشُكَ قَالَ أَجْمَعُ هَذِهِ الثِّمَارَ فِي الصَّيْفِ لِلشِّتَاءِ قَالَ انْطَلِقْ حَتَّى تُرِيَنِي مَكَانَكَ قَالَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ لِأَنَّ بَيْنِي وَ بَيْنَهَا مَاءُ بَحْرٍ قَالَ فَكَيْفَ تَصْنَعُ أَنْتَ قَالَ أَمْشِي عَلَيْهِ حَتَّى أَبْلُغَ قَالَ أَرْجُو الَّذِي أَعَانَكَ أَنْ يُعِينَنِي قَالَ فَانْطَلِقْ فَأَخَذَ الرَّجُلُ يَمْشِي وَ إِبْرَاهِيمُ يَتْبَعُهُ فَلَمَّا بَلَغَا الْمَاءَ أَخَذَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ ع- سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ يَتَعَجَّبُ مِنْهُ حَتَّى عَبَرَا فَأَتَى بِهَا كَهْفاً قَالَ هَاهُنَا مَكَانِي قَالَ فَلَوْ دَعَوْتَ اللَّهَ وَ أَمَّنْتُ أَنَا قَالَ أَمَا إِنِّي أَسْتَحْيِي مِنْ رَبِّي وَ لَكِنِ ادْعُ أَنْتَ وَ أُؤَمِّنُ أَنَا قَالَ وَ مَا حَيَاؤُكَ قَالَ أَتَيْتُ الْمَوْضِعَ الَّذِي رَأَيْتَنِي فِيهِ فَرَأَيْتُ غُلَاماً أَجْمَلَ النَّاسِ كَأَنَّ خَدَّيْهِ صَفْحَتَا ذَهَبٍ ذَوَّابَةٍ مَعَ غَنَمٍ وَ بَقَرٍ كَأَنَّ عَلَيْهَا الدُّهْنَ فَقُلْتُ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ فَسَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يُرِيَنِي إِبْرَاهِيمَ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَ قَدْ أَبْطَأَ ذَلِكَ عَلَيَّ قَالَ فَقَالَ ع فَأَنَا إِبْرَاهِيمُ فَاعْتَنَقَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع هُمَا أَوَّلُ اثْنَيْنِ اعْتَنَقَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ خَرَجَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يَرْتَادُّونَ لِأَهْلِهِمْ فَأَصَابَتْهُمُ السَّمَاءُ فَلَجَئُوا إِلَى جَبَلٍ فَوَقَعَتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَفَا الْأَثَرُ وَ وَقَعَ الْحَجَرُ وَ لَا يَعْلَمُ مَكَانَكُمْ إِلَّا اللَّهُ ادْعُوا اللَّهَ بِأَوْثَقِ أَعْمَالِكُمْ فَقَالَ أَحَدُهُمْ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَتِ امْرَأَةٌ تُعْجِبُنِي فَطَلَبْتُهَا فَأَبَتْ عَلَيَّ فَجَعَلْتُ لَهَا جُعْلا

287
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

فَطَابَتْ نَفْسُهَا فَلَمَّا جَلَسْتُ مِنْهَا اشْتَدَّ ارْتِعَادُهَا مِنْ خَشْيَتِكَ فَتَرَكْتُهَا «1» فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ رَجَاءَ رَحْمَتِكَ وَ خَشْيَةَ عَذَابِكَ فَافْرِجْ عَنَّا قَالَ فَزَالَ ثُلُثُ الْجَبَلِ وَ قَالَ الْآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي وَالِدَانِ وَ كُنْتُ أَحْلُبُ لَهُمَا فَأَتَيْتُهُمَا لَيْلَةً وَ هُمَا نَائِمَانِ «2» فَقُمْتُ قَائِماً حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَا شَرِبَا فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ رَجَاءَ ثَوَابِكَ وَ خَشْيَةَ عَذَابِكَ فَافْرِجْ عَنَّا فَزَالَ ثُلُثُ الْحَجَرِ فَقَالَ الثَّالِثُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي اسْتَأْجَرْتُ يَوْماً أَجِيراً فَعَمِلَ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ فَأُعْطِيهِ أُجْرَتَهُ فَسَخِطَ وَ لَمْ يَأْخُذْهُ فَصَرَفْتُ ذَلِكَ إِلَى التِّجَارَةِ وَ الْمَوَاشِي وَ غَيْرِهَا فَلَمَّا جَاءَ يَطْلُبُ أَجْرَهُ قُلْتُ خُذْ هَذَا كُلَّهُ لَكَ «3» وَ لَوْ شِئْتُ لَمْ أَعْطِهِ إِلَّا أَجْرَهُ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ رَجَاءَ رَحْمَتِكَ وَ خَشْيَةَ عَذَابِكَ فَافْرِجْ عَنَّا فَزَالَ ثُلُثُ الْحَجَرِ وَ خَرَجُوا يَتَمَاشَوْنَ.
23- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عِيسَى النَّهْرِيرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ عَرَفَ اللَّهَ‏
__________________________________________________
 (1) روى البرقي في المحاسن ص 253 كتاب مصابيح الظلم مثل هذا الحديث مسندا الى جابر الجعفى رفعه، و فيه: «فلما جلست منها مجلس الرجل من المرأة ذكرت النار فقمت عنها فرقا منك» الخ.
 (2) في المحاسن: فأتيتهما بقعب من لبن فخفت- ان أضعه- أن يمج فيه هامة، و كرهت أن اوقظهما من نومهما فيشق ذلك عليهما، فلم أزل كذلك حتّى استيقظا و شربا» الخ.
 (3) في المحاسن: انى استأجرت قوما يحرثون كل رجل منهم بنصف درهم فلما فرغوا أعطيتهم اجورهم فقال أحدهم: قد عملت عمل اثنين، و اللّه لا آخذ الا درهما واحدا: و ترك ماله عندي، فبذرت بذلك النصف الدرهم في الأرض فأخرج اللّه من ذلك رزقا، و جاء صاحب النصف الدرهم فأراده فدفعت إليه ثمان عشرة ألف» الخ. و سيجي‏ء نصه في ج 70 الباب 17 باب الإخلاص و معنى قربه تعالى.

288
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

وَ عَظَّمَهُ مَنَعَ فَاهُ مِنَ الْكَلَامِ وَ بَطْنَهُ مِنَ الطَّعَامِ وَ عَفَى نَفْسَهُ بِالصِّيَامِ وَ الْقِيَامِ قَالُوا بِآبَائِنَا وَ أُمَّهَاتِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَؤُلَاءِ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ قَالَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ سَكَتُوا فَكَانَ سُكُوتُهُمْ ذِكْراً وَ نَظَرُوا فَكَانَ نَظَرُهُمْ عِبْرَةً وَ نَطَقُوا فَكَانَ نُطْقُهُمْ حِكْمَةً وَ مَشَوْا فَكَانَ مَشْيُهُمْ بَيْنَ النَّاسِ بَرَكَةً لَوْ لَا الْآجَالُ الَّتِي قَدْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ لَمْ تَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ خَوْفاً مِنَ الْعَذَابِ وَ شَوْقاً إِلَى الثَّوَابِ «1».
لي، الأمالي للصدوق عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ الْبَرْقِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عِيسَى النَّهْرَتِيرِيِّ عَنْهُ ع مِثْلَهُ «2» إِلَّا أَنَّهُ فِيهِ هَكَذَا فَكَانَ سُكُوتُهُمْ فِكْراً وَ تَكَلَّمُوا فَكَانَ كَلَامُهُمْ ذِكْراً.
- لي، الأمالي للصدوق عن ماجيلويه عن عمه عن الكوفي عن محمد بن سنان مثله «3» بيان قال النجاشي عيسى بن أعين الجريري الأسدي مولى كوفي ثقة و عده من أصحاب الصادق ع «4» فما في المجالس أظهر سندا و متنا لكن في أكثر نسخ المجالس النهرتيري «5» بالتاء كما في بعض نسخ الكافي و في بعضها النهربيري بالباء الموحدة و في بعضها النهري و الأخير كأنه نسبة إلى النهروان «6» و لم أجد الأولين في اللغة «7» و قال الشيخ البهائي قدس سره في حاشية الأربعين‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2: 237.
 (2) أمالي الصدوق: 182، و فيه «و عنى نفسه بالصيام».
 (3) أمالي الصدوق: 330.
 (4) رجال النجاشيّ ص 227، و هكذا عنونه ابن داود في القسم الأوّل تحت الرقم 1144 و قال: عيسى بن أعين الجريرى بضم الجيم و فتح الراءين المهملتين، منسوب الى جرير بن عباد بالضم و التخفيف ابن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة الأسدى.
 (5) و في بعضها «النهزيزى» كما في المطبوعة.
 (6) النسبة الى النهروان «النهروانى» لا غيره.
 (7) بل قال الفيروزآبادي: و نهر تيرى كضيزى بالاهواز، فيكون النسبة إليه «نهر تيرى» ظاهرا.

289
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

الجريري بضم الجيم و الراءين المهملتين منسوب إلى جرير بن عباد بضم العين و تخفيف الباء.
من عرف الله قال الشيخ المتقدم رحمه الله قال بعض الأعلام أكثر ما تطلق المعرفة على الأخير من الإدراكين للشي‏ء الواحد إذا تخلل بينهما عدم بأن أدركه أولا ثم ذهل عنه ثم أدركه ثانيا فظهر له أنه هو الذي كان قد أدركه أولا و من هاهنا سمي أهل الحقيقة بأصحاب العرفان لأن خلق الأرواح قبل الأبدان كما ورد في الحديث و هي كانت مطلعة على بعض الإشراقات الشهودية مقرة لمبدعها بالربوبية كما قال سبحانه أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى‏ «1» لكنها لإلفها بالأبدان الظلمانية و انغمارها في الغواشي الهيولانية ذهلت عن مولاها و مبدعها فإذا تخلصت بالرياضة من أسر دار الغرور و ترقت بالمجاهدة عن الالتفات إلى عالم الزور تجدد عهدها القديم الذي كاد أن يندرس بتمادي الأعصار و الدهور و حصل لها الإدراك مرة ثانية و هي المعرفة التي هي نور على نور.
من الكلام أي من فضوله و كذا الطعام فإن الإكثار منه يورث الثقل عن العبادة و يحتمل أن يكون كناية عن الصوم و عفى كذا في بعض النسخ بالفاء أي جعلها صافية خالصة أو جعلها مندرسة ذليلة خاضعة أو وفر كمالاتها قال في النهاية أصل العفو المحو و الطمس و عفت الريح الأثر محته و طمسته و منه حديث أم سلمة لا تعف سبيلا كان رسول الله ص لحبها «2» أي لا تطمسها و عفا الشي‏ء كثر و زاد يقال أعفيته و عفيته و عفا الشي‏ء درس و لم يبق له أثر و عفا الشي‏ء صفا و خلص انتهى و أقول يمكن أن يحملها بعضهم على الفناء في الله باصطلاحهم و الأظهر ما في المجالس و غيره و أكثر نسخ الكتاب عنا بالعين المهملة و النون المشددة أي أتعب و العناء بالفتح و المد النصب.
بآبائنا و أمهاتنا قال الشيخ البهائي رحمه الله هذه الباء يسميها بعض النحاة باء التفدية و فعلها محذوف غالبا و التقدير نفديك بآبائنا و أمهاتنا و هي‏
__________________________________________________
 (1) الأعراف: 171.
 (2) يقال: لحب الطريق: سلكه و أوضحه.

290
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

في الحقيقة باء العوض نحو خذ هذا بهذا و عد منه قوله تعالى ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ «1» هؤلاء أولياء الله فهو استفهام محذوف الأداة و يمكن أن يكون خبرا قصد به لازم الحكم و التأكيد في قوله إن أولياء الله إلخ لكون الخبر ملقى إلى السائل المتردد على الأول و لكون المخاطب حاكما بخلافه على الثاني أن جعل قوله ص إن أولياء الله ردا لقولهم هؤلاء أولياء الله أي أولياء الله أناس أخر صفاتهم فوق هذه الصفات و إن جعل تصديقا لقولهم و وصفا للأولياء بصفات أخرى زيادة على صفاتهم الثلاث السابقة فالتأكيد لكون الخبر ملقى إلى الخلص الراسخين في الإيمان فهو رائج عندهم متقبل لديهم صادر عنه ص عن كمال الرغبة و وفور النشاط لأنه في وصف أولياء الله بأعظم الصفات فكأنه مظنة التأكيد كما ذكره صاحب الكشاف عند قوله تعالى وَ إِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا «2» فكان سكوتهم ذكرا أي عند سكوتهم قلوبهم مشغولة بذكر الله و تذكر صفاته الكمالية و آلائه و نعمائه و غرائب صنعه و حكمته و في رواية المجالس كما أشرنا إليه فكان سكوتهم فكرا.
و قال الشيخ البهائي رحمه الله أطلق على سكوتهم الفكر لكونه لازما له غير منفك عنه و كذا إطلاق العبرة على نظرهم و الحكمة على نطقهم و البركة على مشيهم و جعل ص كلامهم ذكرا ثم جعله حكمة إشعارا بأنه لا يخرج عن هذين فالأول في الخلوة و الثاني بين الناس و لك إبقاء النطق على معناه المصدري أي إن بما نطقوا به مبني على حكمة و مصلحة.
فكان مشيهم بين الناس بركة لأن قصدهم قضاء حوائج الناس و هدايتهم و طلب المنافع لهم و دفع المضار عنهم مع أن وجودهم سبب لنزول الرحمة
__________________________________________________
 (1) النحل: 32.
 (2) البقرة: 14.

291
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

عليهم و دفع البلايا عنهم لم تقر أرواحهم في المجالس لم تستقر.
خوفا من العذاب و شوقا إلى الثواب فيه إشارة إلى تساوي الخوف و الرجاء فيهم و كونهما معا في الغاية القصوى و الدرجة العليا كما مضت الأخبار فيه.
ثم اعلم أن كون الشوق إلى الثواب سببا لمفارقة أرواحهم أوكار أبدانهم و طيرانها إلى عالم القدس و محل الإنس و درجات الجنان و نعيمها ظاهر و أما الخوف من العقاب إما لشدة الدهشة و استيلاء الخوف عليهم كما فعل بهمام لعدهم أنفسهم من المقصرين أو يريدون اللحوق بمنازلهم العالية حذرا من أن تتبدل أحوالهم و تستولي الشهوات عليهم فيستحقوا بذلك العذاب فلذا يستعجلون في الذهاب إلى الآخرة.
ثم قال الشيخ المتقدم رفع الله درجته المراد بمعرفة الله تعالى الاطلاع على نعوته و صفاته الجلالية و الجمالية بقدر الطاقة البشرية و أما الاطلاع على حقيقة الذات المقدسة فمما لا مطمع فيه للملائكة المقربين و الأنبياء المرسلين فضلا عن غيرهم و كفى في ذلك قول سيد البشر ما عرفناك حق معرفتك و في الحديث أن الله احتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار و إن الملأ الأعلى يطلبونه كما تطلبونه أنتم فلا تلتفت إلى من يزعم أنه قد وصل إلى كنه الحقيقة المقدسة بل أحث التراب في فيه فقد ضل و غوى و كذب و افترى فإن الأمر أرفع و أظهر من أن يتلوث بخواطر البشر و كلما تصوره العالم الراسخ فهو عن حرم الكبرياء بفراسخ و أقصى ما وصل إليه الفكر العميق فهو غاية مبلغه من التدقيق و ما أحسن ما قال.
آنچه پيش تو غير از او ره نيست             غايت فهم تو است الله نيست‏
 بل الصفات التي نثبتها له سبحانه إنما هي على حسب أوهامنا و قدر أفهامنا فإنا نعتقد اتصافه بأشرف طرفي النقيض بالنظر إلى عقولنا القاصرة و هو تعالى أرفع و أجل من جميع ما نصفه به.
و في كلام الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر ع إشارة إلى هذا المعنى‏

292
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

حيث قال كلما ميزتموه بأوهامكم في أدق معانيه مخلوق مصنوع مثلكم مردود إليكم و لعل النمل الصغار تتوهم أن لله تعالى زبانيتين فإن ذلك كمالها و يتوهم أن عدمها نقصان لمن لا يتصف بهما و هذا حال العقلاء فيما يصفون الله تعالى به انتهى كلامه صلوات الله عليه و سلامه.
قال بعض المحققين هذا كلام دقيق رشيق أنيق صدر من مصدر التحقيق و مورد التدقيق و السر في ذلك أن التكليف إنما يتوقف على معرفة الله تعالى بحسب الوسع و الطاقة و إنما كلفوا أن يعرفوه بالصفات التي ألفوها و شاهدوها فيهم مع سلب النقائص الناشية عن انتسابها إليهم و لما كان الإنسان واجبا بغيره عالما قادرا مريدا حيا متكلما سميعا بصيرا كلف بأن يعتقد تلك الصفات في حقه تعالى مع سلب النقائص الناشية عن انتسابها إلى الإنسان بأن يعتقد أنه تعالى واجب لذاته لا بغيره عالم بجميع المعلومات قادر على جميع الممكنات و هكذا في سائر الصفات و لم يكلف باعتقاد صفة له تعالى لا يوجد فيه مثالها و مناسبها بوجه و لو كلف به لما أمكنه تعقله بالحقيقة و هذا أحد معاني قوله ع من عرف نفسه فقد عرف ربه انتهى كلامه.
ثم قال قدس سره قد اشتمل هذا الحديث على المهم من سمات العارفين و صفات الأولياء الكاملين فأولها الصمت و حفظ اللسان الذي هو باب النجاة و ثانيها الجوع و هو مفتاح الخيرات و ثالثها إتعاب النفس في العبادة بصيام النهار و قيام الليل و هذه الصفة ربما توهم بعض الناس استغناء العارف عنها و عدم حاجته إليها بعد الوصول و هو وهم باطل إذ لو استغنى عنها أحد لاستغنى عنها سيد المرسلين و أشرف الواصلين و قد كان ع يقوم في الصلاة إلى أن ورمت قدماه و كان أمير المؤمنين علي ع الذي إليه ينتهي سلسلة أهل العرفان يصلي كل ليلة ألف ركعة و هكذا شأن جميع الأولياء و العارفين كما هو في التواريخ مسطور و على الألسنة مشهور.
و رابعها الفكر و في الحديث تفكر ساعة خير من عبادة ستين سنة قال بعض‏

293
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

الأكابر إنما كان الفكر أفضل لأنه عمل القلب و هو أفضل من الجوارح فعمله أشرف من عملها أ لا ترى إلى قوله تعالى أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي «1» فجعل الصلاة وسيلة إلى ذكر القلب و المقصود أشرف من الوسيلة.
و خامسها الذكر و المراد به الذكر اللساني و قد اختاروا له كلمة التوحيد لاختصاصها بمزايا ليس هذا محل ذكرها.
و سادسها نظر الاعتبار كما قال سبحانه فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ «2» و سابعها النطق بالحكمة و المراد بها ما تضمن صلاح النشأتين أو صلاح النشأة الأخرى من العلوم و المعارف أما ما تضمن صلاح الحال في الدنيا فقط فليس من الحكمة في شي‏ء.
و ثامنها وصول بركتهم إلى الناس و تاسعها و عاشرها الخوف و الرجاء و هذه الصفات العشر إذا اعتبرتها وجدتها أمهات صفات السائرين إلى الله تعالى يسر الله لنا الاتصاف بها بمنه و كرمه.
24- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ رَفَعَهُ قَالَ: خَطَبَ النَّاسَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ع فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ أَخٍ لِي كَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ فِي عَيْنِي وَ كَانَ رَأْسُ مَا عَظُمَ بِهِ فِي عَيْنِي صِغَرَ الدُّنْيَا فِي عَيْنِهِ كَانَ خَارِجاً مِنْ سُلْطَانِ بَطْنِهِ فَلَا يَشْتَهِي مَا لَا يَجِدُ وَ لَا يُكْثِرُ إِذَا وَجَدَ كَانَ خَارِجاً مِنْ سُلْطَانِ فَرْجِهِ فَلَا يَسْتَخِفُّ لَهُ عَقْلَهُ وَ لَا رَأْيَهُ كَانَ خَارِجاً مِنْ سُلْطَانِ الْجَهَالَةِ فَلَا يَمُدُّ يَدَهُ إِلَّا عَلَى ثِقَةٍ لِمَنْفَعَةٍ كَانَ لَا يَتَشَهَّى وَ لَا يَتَسَخَّطُ وَ لَا يَتَبَرَّمُ كَانَ أَكْثَرَ دَهْرِهِ صَمَّاتاً فَإِذَا قَالَ بَذَّ الْقَائِلِينَ كَانَ لَا يَدْخُلُ فِي مِرَاءٍ وَ لَا يُشَارِكُ فِي دَعْوَى وَ لَا يُدْلِي بِحُجَّةٍ حَتَّى يَرَى قَاضِياً وَ كَانَ لَا يَغْفُلُ عَنْ إِخْوَانِهِ وَ لَا يَخُصُّ نَفْسَهُ بِشَيْ‏ءٍ دُونَهُمْ كَانَ ضَعِيفاً مُسْتَضْعَفاً فَإِذَا جَاءَ الْجِدُّ كَانَ لَيْثاً عَادِياً
__________________________________________________
 (1) طه: 14.
 (2) الحشر: 2.

294
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

كَانَ لَا يَلُومُ أَحَداً فِيمَا يَقَعُ الْعُذْرُ فِي مِثْلِهِ حَتَّى يَرَى اعْتِذَاراً كَانَ يَفْعَلُ مَا يَقُولُ وَ يَفْعَلُ مَا لَا يَقُولُ كَانَ إِذَا ابْتَزَّهُ أَمْرَانِ لَا يَدْرِي أَيُّهُمَا أَفْضَلُ نَظَرَ إِلَى أَقْرَبِهِمَا إِلَى الْهَوَى فَخَالَفَهُ وَ كَانَ لَا يَشْكُو وَجَعاً إِلَّا عِنْدَ مَنْ يَرْجُو عِنْدَهُ الْبُرْءَ وَ لَا يَسْتَشِيرُ إِلَّا مَنْ يَرْجُو عِنْدَهُ النَّصِيحَةَ كَانَ لَا يَتَبَرَّمُ وَ لَا يَتَسَخَّطُ وَ لَا يَتَشَكَّى وَ لَا يَتَشَهَّى وَ لَا يَنْتَقِمُ وَ لَا يَغْفُلُ عَنِ الْعَدُوِّ فَعَلَيْكُمْ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَخْلَاقِ الْكَرِيمَةِ إِنْ أَطَقْتُمُوهَا فَإِنْ لَمْ تُطِيقُوهَا كُلَّهَا فَأَخْذُ الْقَلِيلِ خَيْرٌ مِنْ تَرْكِ الْكَثِيرِ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ «1».
نهج، نهج البلاغة قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع كَانَ لِي فِيمَا مَضَى أَخٌ فِي اللَّهِ وَ كَانَ يُعْظِمُهُ فِي عَيْنِي صِغَرُ الدُّنْيَا فِي عَيْنِهِ وَ كَانَ خَارِجاً مِنْ سُلْطَانِ بَطْنِهِ إِلَى قَوْلِهِ مِنْ تَرْكِ الْكَثِيرِ «2».
تبيين قال ابن أبي الحديد قد اختلف الناس في المعني بهذا الكلام و من هذا الأخ المشار إليه فقال قوم هو رسول الله ص و استبعده قوم لقوله ع و كان ضعيفا مستضعفا فإنه لا يقال في صفاته ص مثل هذه الكلمة و إن أمكن تأويلها على لين كلامه و سجاحة أخلاقه إلا أنها غير لائقة به ع و قال قوم هو أبو ذر الغفاري و استبعده قوم لقوله ع فإن جاء الجد فهو ليث غاد و صل واد فإن أبا ذر لم يكن من المعروفين بالشجاعة و البسالة و قال قوم هو مقداد بن عمرو المعروف بمقداد بن الأسود و كان من شيعة علي ع و كان شجاعا مجاهدا حسن الطريقة و قد روي في فضله حديث صحيح مرفوع و قال قوم إنه ليس بإشارة إلى أخ معين و لكنه كلام خارج مخرج المثل كقولهم فقلت لصاحبي و يا صاحبي و هذا عندي أقوى الوجوه انتهى «3».
و لا يبعد أن يقال إن قوله ع فإن جاء الجد فهو ليث غاد إلى آخره لا يقتضي الشجاعة و البسالة في الحرب بل المراد الوصف بالتصلب في ذات الله و
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 237.
 (2) نهج البلاغة ج 2 ص 214.
 (3) شرح النهج لابن أبي الحديد ج 4 ص 378.

295
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

ترك المداهنة في أمر الدين و إظهار الحق بل في العدول عن لفظ الحرب إلى الجد بعد الوصف بالضعف إشعار بذلك و قد كان أبو ذر معروفا بذلك و إفصاحه عن فضائح بني أمية في أيام عثمان و تصلبه في إظهار الحق أشهر من أن يحتاج إلى البيان.
و قال الشارح ابن ميثم ذكر هذا الفصل ابن المقفع في أدبه و نسبه إلى الحسن بن علي ع و المشار إليه قيل هو أبو ذر الغفاري و قيل هو عثمان بن مظعون انتهى «1».
و أقول لا يبعد أن يكون المراد به أباه ع عبر هكذا لمصلحة.
و كان رأس ما عظم به في عيني أي و كان أقوى و أعظم الصفات التي صارت أسبابا لعظمته في عيني فإن الرأس أشرف ما في البدن و في القاموس الرأس أعلى كل شي‏ء و الصغر وزان عنب و قفل خلاف الكبر و بمعنى الذل و الهوان و هو خبر كان و فاعل عظم ضمير الأخ و ضمير به عائد إلى الموصول و الباء للسببية.
كان خارجا من سلطان بطنه أي سلطنته كناية عن شدة الرغبة في المأكول و المشروب كما و كيفا ثم ذكر ع لذلك علامتين حيث قال فلا يشتهي ما لا يجد و في النهج فلا يتشهى و يقال تشهى فلان إذا اقترح شهوة بعد شهوة و هو أنسب و لا يكثر في الأكل إذا وجد و الإكثار من الشي‏ء الإتيان بالكثير منه و المراد به إما الاقتصار على ما دون الشبع أو ترك الإفراط في الأكل أو ترك الإسراف في تجويد المأكول و المشروب.
كان خارجا من سلطان فرجه أي لم يكن لشهوة فرجه عليه سلطنة بأن توقعه في المحرمات أو الشبهات و المكروهات فذكر لذلك أيضا علامتين فقال فلا يستخف له عقله و لا رأيه في القاموس استخفه ضد استثقله و فلانا عن رأيه حمله‏
__________________________________________________
 (1) شرح النهج لابن ميثم ص 616.

296
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

على الجهل و الخفة و أزاله عما كان عليه من الصواب «1» و قال الراغب فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ «2» أي حملهم على أن يخفوا معه أو وجدهم خفافا في أبدانهم و عزائمهم قيل معناه وجدهم طائشين و قوله عز و جل وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ «3» أي لا يزعجنك و يزيلنك عن اعتقادك بما يوقعون من الشبه «4» و قال البيضاوي في قوله سبحانه فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فطلب منهم الخفة في مطاوعته أو فاستخف أحلامهم و قال في قوله تعالى وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ و لا يحملنك على الخفة و القلق الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ بتكذيبهم و إيذائهم.
و أقول هذه الفقرة تحتمل وجوها الأول أن يكون المستتر في فلا يستخف راجعا إلى الفرج و الضمير في له راجعا إلى الأخ و يكون عقله و رأيه منصوبين أي كان لا تجعل شهوة الفرج عقله و رأيه خفيفين مطيعين لها الثاني أن يكون الضمير في يستخف راجعا إلى الأخ و في له إلى الفرج أي لا يجعل عقله و رأيه أو لا يجدهما خفيفين سريعين في قضاء حوائج الفرج الثالث أن يقرأ يستخف على بناء المجهول و عقله و رأيه مرفوعين و ضمير له إما راجع إلى الأخ أو إلى الفرج و ما قيل أن يستخف على بناء المعلوم و عقله و رأيه مرفوعان و ضمير له للأخ فلا يساعده ما مر من معاني الاستخفاف.
كان خارجا من سلطان الجهالة بفتح الجيم و هي خلاف العلم و العقل فلا يمد يده أي إلى أخذ شي‏ء كناية عن ارتكاب الأمور إلا على ثقة و اعتماد بأنه ينفعه نفعا عظيما في الآخرة أو في الدنيا أيضا إذا لم يضر بالآخرة كان لا يتشهى أي لا يكثر شهوة الأشياء كما مر و لا يتسخط أي لا يسخط كثيرا لفقد المشتهيات أو لا يغضب لإيذاء الخلق له أو لقلة عطائهم في القاموس السخط بالضم و كعنق‏
__________________________________________________
 (1) القاموس ج 3 ص 136.
 (2) الزخرف: 54.
 (3) الروم: 60.
 (4) مفردات غريب القرآن: 152.

297
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

و جبل ضد الرضا و قد سخط كفرح و تسخط و أسخطه أغضبه و تسخطه تكرهه و عطاءه استقله و لم يقع منه موقعا «1» و لا يتبرم أي لا يمل و لا يسأم من حوائج الخلق و كثرة سؤالهم و سوء معاشرتهم في القاموس البرم السأمة و الضجر و أبرمه فبرم كفرح و تبرم أمله فمل.
كان أكثر دهره أي عمره و أكثر منصوب على الظرفية صماتا بفتح الصاد و تشديد الميم و قرئ بضم الصاد و تخفيف الميم مصدرا فالحمل على المبالغة و في النهج صامتا فإن قال بذ القائلين و نقع غليل السائلين قال في النهاية في الحديث بذ القائلين أي سبقهم و غلبهم يبذهم بذا انتهى و نقع الماء العطش أي سكنه و الغليل حرارة العطش و يمكن أن يكون البذ بالفصاحة و النقع بالعلم و الجواب الشافي.
كان لا يدخل في مراء أي مجادلة في العلوم للغلبة و إظهار الكمال قال في المصباح ماريته أماريه مماراة و مراء جادلته و يقال ماريته أيضا إذا طعنت في قوله تزييفا للقول و تصغيرا للقائل و لا يكون المراء إلا اعتراضا و لا يشارك في دعوى أي في دعوى غيره لإعانته أو وكالة عنه.
و لا يدلي بحجة حتى يرى قاضيا في المصباح أدلى بحجته أثبتها فوصل بها و في القاموس أدلى بحجته أحضرها و إليه بماله دفعه و منه وَ تُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ «2» أقول و في النهج حتى يأتي قاضيا و هذه الفقرة أيضا يحتمل وجوها الأول ما ذكره بعض شراح النهج أي لا يدلي بحجته حتى يجد قاضيا و هو من فضيلة العدل في وضع الأشياء مواضعها انتهى.
و أقول المعنى أنه ليس من عادته إذا ظلمه أحد أن يبث الشكوى عند الناس كما هو دأب أكثر الخلق بل يصبر إلى أن يجد حاكما يحكم بينه و بين‏
__________________________________________________
 (1) القاموس ج 2 ص 361.
 (2) البقرة: 188.

298
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

خصمه و ذلك في الحقيقة يئول إلى الكف عن فضول الكلام و التكلم في غير موقعه.
الثاني أن يكون المراد أنه يصبر على الظلم و يؤخر المطالبة إلى يوم القيامة فالمراد بالقاضي الحاكم المطلق و هو الله سبحانه أو لا ينازع الأعداء إلا عند زوال التقية فالمراد بالقاضي الإمام الحق النافذ الحكم.
الثالث أن يكون المراد نفي إتيانه القاضي لكفه عن المنازعة و الدعوى و صبره على الظلم أي لا ينشئ دعوى و لا يأتي بحجة حتى يحتاج إلى إتيان القاضي.
الرابع ما ذكره بعض الأفاضل حيث قرأ يري على بناء الإفعال و فسر القاضي بالبرهان القاطع الفاصل بين الحق و الباطل أي كان لا يتعرض للدعوى إلا أن يظهر حجة قاطعة و لعله أخذه من قول الفيروزآبادي القضاء الحتم و البيان و سم قاض قاتل و لا يخفى بعده مع عدم موافقته لما في النهج.
و كان لا يغفل عن إخوانه أي كان يتفقد أحوالهم في جميع الأحوال كتفقد الأهل و العيال و لا يخص نفسه بشي‏ء من الخيرات دونهم بل كان يجعلهم شركاء لنفسه فيما خوله الله و يحب لهم ما يحب لنفسه و يكره لهم ما يكره لنفسه.
كان ضعيفا أي فقيرا منظورا إليه بعين الذلة و الفقر كما قيل أو ضعيفا في القوة البدنية خلقة و لكثرة الصيام و القيام مستضعفا أي في أعين الناس للفقر و الضعف و قلة الأعوان يقال استضعفه أي عده ضعيفا و قال بعض شراح النهج استضعفه أي عده ضعيفا و وجده ضعيفا و ذلك لتواضعه و إن كان قويا.
و إذا جاء الجد كان ليثا غاديا في أكثر النسخ بالعين المهملة و في بعضها بالمعجمة و في النهاية فيه ما ذئبان عاديان العادي الظالم و قد عدا يعدو عليه عدوانا و أصله من تجاوز الحد في الشي‏ء و السبع العادي أي الظالم الذي يفترس الناس انتهى و الجد بالكسر ضد الهزل و الاجتهاد في الأمر و المراد به هنا المحاربة و المجاهدة و في النهج فإن جاء الجد فهو ليث عاد و صل واد و في أكثر نسخه غاد بالمعجمة من غدا عليه أي تكبر و قال بعض شارحيه الوصف‏

299
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

بالغادي لأنه إذا غدا كان جائعا فصولته أشد و المناسب حينئذ أن يكون ليث منونا و في النسخ ليث غاد بالإضافة فكأنه من إضافة الموصوف إلى الصفة و في بعض نسخه بالمهملة كما مر و في بعضها غاب بالباء الموحدة بعد العين المهملة و هو الأجمة و يسكنها الأسد و المناسب حينئذ الإضافة و قال الجوهري الصل بالكسر الحية التي لا تنفع منها الرقية يقال إنها لصل صفا إذا كانت منكرة مثل الأفعى و يقال للرجل إذا كان داهيا منكرا إنه لصل أصلال أي حية من الحيات و أصله في الحيات شبه الرجل بها انتهى «1» و ذكر الوادي لأن الأودية لانخفاضها تشتد فيها الحرارة فيشتد السم في حيتها.
كان لا يلوم أحدا فيما يقع العذر في مثله حتى يرى اعتذارا فيما يقع العذر أي فيما يمكن أن يكون له فيه عذر و كلمة المثل إشعار بعدم العلم بكون فاعله معذورا إذ من الجائز أن يكون الفاعل غير معذور فيجب التوقف حتى يسمع الاعتذار و يظهر الحق فإن لم يكن عذره مقبولا لامه و يحتمل أن يكون حتى للتعليل أي كان لا يلومه بل يتفحص العذر حتى يجد له عذرا و لو على سبيل الاحتمال و في النهج و كان لا يلوم أحدا على ما يجد العذر في مثله حتى يسمع اعتذاره و في بعض النسخ على ما لا يجد بزيادة حرف النفي فالمعنى لا يلوم على أمر لا يجد فيه عذرا بمجرد عدم الوجدان إذ يحتمل أن يكون له عذر لا يخطر بباله.
و كان يفعل ما يقول و يفعل ما لا يقول أي يفعل ما يأمر غيره به من الطاعات إشارة إلى قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ «2» و قد قيل إن المعنى لم لا تفعلون ما تقولون فإنه إذا قال و لم يفعل فعدم الفعل قبيح لا القول و يفعل من الخيرات و الطاعات ما لا يقوله لمصلحة تقية أو عدم انتهاز فرصة أو عدم وجدان قابل كما قال تعالى فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى‏ «3»
__________________________________________________
 (1) الصحاح ص 1745.
 (2) الصف: 2.
 (3) الأعلى: 9.

300
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

كذا فهمه الأكثر و يخطر بالبال أن المعنى أنه يحسن إلى غيره سواء وعده الإحسان أو لم يعده كما فسرت الآية المتقدمة في كثير من الأخبار بخلف الوعد و في النهج و كان يقول ما يفعل و لا يقول ما لا يفعل و في بعض نسخه في الأول و كان يفعل ما يقول.
كان إذ ابتزه أمران كذا في أكثر النسخ بالباء الموحدة و الزاي على بناء الافتعال أي استلبه و غلبه و أخذه قهرا كناية عن شدة ميله إليهما و حصول الدواعي في كل منهما في القاموس البز الغلبة و أخذ الشي‏ء بجفاء و قهر كالابتزاز و بزبز الشي‏ء سلبه كابتزه و لا يبعد أن يكون في الأصل انبراه بالنون و الباء الموحدة على الحذف و الإيصال أي اعترض له و في النهج و كان إذا بدهه أمران نظر أيهما أقرب إلى الهوى فخالفه يقال بدهه أمر كمنعه أي بغتة و فاجأه.
و هذا الكلام يحتمل معنيين الأول أن يكون المعنى إذا عرضت له طاعتان كان يختار أشقهما على نفسه لكونها أكثر ثوابا كالوضوء بالماء البارد و الحار في الشتاء كما ورد ذلك في فضائل أمير المؤمنين ع و الثاني أن يكون معيارا لحسن الأشياء و قبحها كما إذا ورد عليه فعل لا يدري فعله أفضل أو تركه فينظر إلى نفسه و كلما تهواه يخالفها كما ورد لا تترك النفس و هواها فإن رداها في هواها و هذا هو الغالب لكن جعلها قاعدة كلية كما تقوله المتصوفة مشكل لما نقل عن بعضهم أنه مر بعذرة فعرضها على نفسه فأبت فأكلها و الظاهر أن أكلها كان عين هواها لتعده الرعاع «1» من الناس شيخا كاملا و لكل عذرة آكلا.
إلا عند من يرجو عنده البرء أي ربه تعالى فإنه الشافي حقيقة أو المراد به الطبيب الحاذق الذي يرجو بمعالجته البرء فإنه حينئذ ليس بشكاية بل هو طلب لعلاجه فالاستثناء منقطع و في النهج و كان لا يشكو وجعا إلا عند برئه‏
__________________________________________________
 (1) الرعاع بالفتح: سقاط الناس و سفلتهم و غوغاؤهم، الواحد رعاعة، و قيل:
لا واحد له من لفظه.

301
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

أي يحكيه بعد البرء للشكر و التحدث بنعمة الله فالاستثناء منقطع أو أطلقت الشكاية عليها على المشاكلة و قيل أي كان يكتم مرضه عن إخوانه لئلا يتجشموا زيارته.
و لا يستشير في المصباح شاورته في كذا و استشرته راجعته لأرى رأيه فيه فأشار علي بكذا أراني ما عنده فيه من المصلحة فكانت إشارته حسنة و الاسم المشورة و فيه لغتان سكون الشين و فتح الواو و الثانية ضم الشين و سكون الواو وزان معونة و يقال هي من شار الدابة إذا عرضه في المشوار و يقال من أشرت العسل شبه حسن النصيحة بشري العسل إلا من يرجو عنده النصيحة أي خلوص الرأي و عدم الغش و كمال الفهم.
كان لا يتبرم كأن إعادة تلك الخصال مع ذكرها سابقا للتأكيد و شدة الاهتمام بترك تلك الخصال أو المراد بها في الأول تشهي الدنيا و التسخط من فقدها و التبرم بمصائب الدنيا و الشكاية عن الوجع و المراد هنا التبرم من كثرة سؤال الناس و سوء أخلاقهم و التسخط بما يصل إليه منهم و تشهي ملاذ الدنيا و التشكي عن أحوال الدهر أو عن الإخوان و الشكاية و التشكي و الاشتكاء بمعنى و يمكن الفرق بأمور أخر يظهر بالتأمل فيما ذكرنا.
و لا ينتقم أي من العدو حتى ينتقم الله له كما مر و لا يغفل عن العدو أي الأعداء الظاهرة و الباطنة كالشيطان و النفس و الهوى.
فعليكم بمثل هذه الأخلاق في النهج فعليكم بهذه الخلائق فالزموها و تنافسوا فيها فإن لم تستطيعوها فاعلموا أن أخذ القليل خير من ترك الكثير.
أقول لما كان الغرض من ذكر صفات الأخ أن يقتدي السامعون به في الفضائل المذكورة أمرهم ع بلزومها و التنافس فيها أو في بعضها إن لم يمكن الكل.
قوله ع من ترك الكثير أي الكل.
و أقول في رواية النهج ترك بعض تلك الخصال و فيها زيادة أيضا و هي قوله و كان إن غلب على الكلام لم يغلب على السكوت و كان على ما يسمع أحرص منه‏

302
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

على أن يتكلم و المراد بالفقرة الأولى أنه إن غلبه أحد بالجدال و الخروج عن الحق عدل إلى السكوت و ترك المراء فكان هو الغالب حقيقة لعدم خروجه عن الحق أو المراد أن سكوته كان أكثر من غيره فالكلام أعم مما هو في معرض الجدال و أما الثانية فالحرص على الاستماع لاحتمال الانتفاع و قيل صيغة التفضيل هنا مثلها في قوله تعالى أَ ذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ «1».
25- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: صَلَّى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع بِالنَّاسِ الصُّبْحَ بِالْعِرَاقِ فَلَمَّا انْصَرَفَ وَعَظَهُمْ فَبَكَى وَ أَبْكَاهُمْ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ عَهِدْتُ أَقْوَاماً عَلَى عَهْدِ خَلِيلِي رَسُولِ اللَّهِ ص وَ إِنَّهُمْ لَيُصْبِحُونَ وَ يُمْسُونَ شُعْثاً غُبْراً خُمُصاً بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ كَرُكَبِ الْمِعْزَى يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِيَاماً يُرَاوِحُونَ بَيْنَ أَقْدَامِهِمْ وَ جِبَاهِهِمْ يُنَاجُونَ رَبَّهُمْ وَ يَسْأَلُونَهُ فَكَاكَ رِقَابِهِمْ مِنَ النَّارِ وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ عَلَى هَذَا وَ هُمْ خَائِفُونَ مُشْفِقُونَ «2».
ما، الأمالي للشيخ الطوسي عن المفيد عن ابن قولويه عن أبيه عن سعد عن ابن عيسى عن ابن محبوب مثله «3» توضيح العراق هنا الكوفة و العراقان الكوفة و البصرة لقد عهدت أي لقيت أو هو في ذكري و في بالي و في المصباح عهدته بمكان كذا لقيته و عهدي به قريب أي لقائي و عهدت الشي‏ء ترددت إليه و أصلحته و حقيقته تجديد العهد به و في القاموس العهد الالتقاء و المعرفة منه عهدي به بموضع كذا و الشعث بالضم جمع الأشعث كالغبر بالضم جمع الأغبر و الشعث تفرق الشعر و عدم إصلاحه و مشطه و تنظيفه و الأغبر المتلطخ بالغبار قال في المصباح شعث الشعر شعثا فهو شعث من باب تعب تغير و تلبد لقلة تعهده بالدهن و رجل أشعث و امرأة شعثاء و الشعث‏
__________________________________________________
 (1) الفرقان: 15.
 (2) الكافي ج 2 ص 236.
 (3) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 100.

303
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

أيضا الوسخ و رجل شعث وسخ الجسد و شعث الرأس أيضا و هو أشعث أغبر من غير استحداد «1» و لا تنظف و الشعث أيضا التفرق و تلبد الشعر انتهى.
فإن قيل التمشط و التدهن و التنظف كلها مستحبة مطلوبة للشارع فكيف مدحهم ع بتركها قلنا يحتمل أن تكون تلك الأحوال لفقرهم و عدم قدرتهم على إزالتها فالمدح على صبرهم على الفقر أو المعنى أنهم لا يهتمون بإزالتها زائدا على المستحب أو يقال إذا كان تركها لشدة الاهتمام بالعبادة و غلبة خوف الآخرة يكون ممدوحا.
خمصا جمع الأخمص و قيل الخميص أي بطونهم خالية إما للصوم أو للفقر أو لا يشبعون لئلا يكسلوا في العبادة و قد مر كركب المعزى أي من أثر السجود لكثرته و طوله و في القاموس الركبة بالضم ما بين أسافل أطراف الفخذ و أعالي الساق أو موضع الوظيف و الذراع أو مرفق الذراع من كل شي‏ء و الجمع ركب كصرد و قال المعز بالفتح و بالتحريك و المعزى و يمد خلاف الضأن من الغنم و الماعز واحد المعز للذكر و الأنثى و في المصباح المعز اسم جنس لا واحد من لفظه و هي ذوات الشعر من الغنم الواحدة شاة و المعزى ألفها للإلحاق لا للتأنيث و لهذا تنون في النكرة و الذكر ماعز و الأنثى ماعزة انتهى.
يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ تضمين لقوله تعالى في الفرقان وَ الَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِياماً «2» قال البيضاوي و تأخير القيام للروي و هو جمع قائم أو مصدر أجري مجراه انتهى «3» و قيل في تقديم الأقدام على الجباه مع التأخير في الآية إشارة إلى أن تقديم السجود فيها لزيادة القرب فيه و لرعاية موافقة الفواصل و في النهاية فيه أنه كان يراوح بين قدميه من طول القيام أي يعتمد على إحداهما مرة و على الأخرى مرة ليوصل الراحة إلى كل منهما و منه حديث ابن مسعود
__________________________________________________
 (1) الاستحداد: الحلق بالحديد.
 (2) الفرقان: 64.
 (3) أنوار التنزيل ص 305.

304
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

أنه أبصر رجلا صافا قدميه فقال لو راوح كان أفضل و منه حديث بكر بن عبد الله كان ثابت يراوح ما بين جبهته و قدميه أي قائما و ساجدا يعني في الصلاة.
و أقول ظاهر أكثر أصحابنا استحباب أن يكون اعتماده على قدميه مساويا و أما هذه الأخبار مع صحتها يمكن أن تكون مخصوصة بالنوافل أو بحالي المشقة و التعب و المناجاة المسارة و هم خائفون من رد أعمالهم للإخلال ببعض شرائطها مشفقون من عذاب الله و الحاصل أنهم مع هذا الجد و المبالغة في العمل كانوا يعدون أنفسهم مقصرين و لم يكونوا بأعمالهم معجبين.
26- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو النَّخَعِيِّ قَالَ وَ حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ سَيْفٍ عَنْ أَخِيهِ عَلِيٍّ عَنْ سُلَيْمَانَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ ص عَنْ خِيَارِ الْعِبَادِ فَقَالَ الَّذِينَ إِذَا أَحْسَنُوا اسْتَبْشَرُوا وَ إِذَا أَسَاءُوا اسْتَغْفَرُوا وَ إِذَا أُعْطُوا شَكَرُوا وَ إِذَا ابْتُلُوا صَبَرُوا وَ إِذَا أَغْضَبُوا غَفَرُوا «1».
ل، الخصال لي، الأمالي للصدوق عَنِ ابْنِ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ ابْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَمِيرَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَ غَيْرِهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ ذَكَرَ نَحْوَهُ «2».
بيان الإحسان فعل الحسنة و يحتمل الإحسان إلى الغير و كذا الإساءة يحتملهما و الاستبشار الفرح و السرور.
27- كا، الكافي بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ص إِنَّ خِيَارَكُمْ أُولُو النُّهَى قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَنْ أُولُو النُّهَى قَالَ هُمْ أُولُو الْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ وَ الْأَحْلَامِ الرَّزِينَةِ وَصَلَةُ الْأَرْحَامِ وَ الْبَرَرَةُ بِالْأُمَّهَاتِ وَ الْآبَاءِ وَ المتعاهدين [الْمُتَعَاهِدُونَ‏] لِلْفُقَرَاءِ وَ الْجِيرَانِ وَ الْيَتَامَى وَ يُطْعِمُونَ الطَّعَامَ وَ يُفْشُونَ السَّلَامَ‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 240.
 (2) الخصال ج 1 ص 153، أمالي الصدوق: ص 8.

305
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

فِي الْعَالَمِ وَ يُصَلُّونَ وَ النَّاسُ نِيَامٌ غَافِلُونَ «1».
بيان: أولو النهى في القاموس النهية بالضم العقل كالنهى و هو يكون جمع نهية أيضا و قال الراغب النهية العقل الناهي عن القبائح جمعها نهى قال عز و جل إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى‏ انتهى «2» و الأحلام جمع حلم بالكسر بمعنى العقل أو الأناة و عدم التسرع إلى الانتقام و هو هنا أظهر و في القاموس الرزين الثقيل و ترزن في الشي‏ء توقر و صلة الأرحام عطف على الأحلام و يمكن أن يكون الواو جزء الكلمة و الصاد مفتوحة جمع واصل و المتعاهدين في أكثر النسخ بالنصب فيكون نصبا على المدح كما قالوا في قوله تعالى في سورة النساء وَ الْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَ الْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ «3» و يمكن على الاحتمال الثاني في وصلة الأرحام نصب الوصلة على المدح.
و الناس نيام غافلون نيام جمع نائم و غافلون خبر بعد خبر أي بعضهم نيام و بعضهم غافلون أو صفة كاشفة أي المراد بالنيام الغافلون كما
وَرَدَ النَّاسُ نِيَامٌ فَإِذَا مَاتُوا انْتَبَهُوا.
28- كا، الكافي عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ص أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِأَشْبَهِكُمْ بِي قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَحْسَنُكُمْ خُلُقاً وَ أَلْيَنُكُمْ كَنَفاً وَ أَبَرُّكُمْ بِقَرَابَتِهِ وَ أَشَدُّكُمْ حُبّاً لِإِخْوَانِهِ فِي دِينِهِ وَ أَصْبَرُكُمْ عَلَى الْحَقِّ وَ أَكْظَمُكُمْ لِلْغَيْظِ وَ أَحْسَنُكُمْ عَفْواً وَ أَشَدُّكُمْ مِنْ نَفْسِهِ إِنْصَافاً فِي الرِّضَا وَ الْغَضَبِ «4».
بيان: و ألينكم كنفا أي لا يتأذى من مجاورتهم و مجالستهم و من ناحيتهم أحد في القاموس أنت في كنف الله محركة في حرزه و ستره و هو الجانب و الظل‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 240.
 (2) مفردات غريب القرآن ص 507، و الآية في طه: 128 و 45.
 (3) النساء: 162.
 (4) الكافي ج 2 ص 240.

306
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

و الناحية و من الطائر جناحه و في النهاية فيه أ لا أخبركم بأحبكم إلي و أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا هذا مثل و حقيقته من التوطئة و هي التمهيد و التذلل و فراش وطي‏ء لا يؤذي جنب النائم و الأكناف الجوانب أراد الذين جوانبهم وطيئة يتمكن فيها من يصاحبهم و لا يتأذى انتهى.
و أقول في بالي أن في بعض الأخبار أكتافا بالتاء أي أنهم لشدة تذللهم كأنه يركب الناس أكتافهم و لا يتأذون بذلك لإخوانه في دينه أي تكون إخوته بسبب الدين لا بسبب النسب على الحق أي على المشقة و الأذية اللتين تلحقانه بسبب اختيار الحق أو قول الحق في الرضا أي عن أحد و الغضب أي في الغضب له ..
29- نهج، نهج البلاغة قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي بَعْضِ خُطَبِهِ لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ ص فَمَا أَرَى أَحَداً يُشْبِهُهُمْ لَقَدْ كَانُوا يُصْبِحُونَ شُعْثاً غُبْراً قَدْ بَاتُوا سُجَّداً وَ قِيَاماً يُرَاوِحُونَ بَيْنَ جِبَاهِهِمْ وَ خُدُودِهِمْ وَ يَقِفُونَ عَلَى مِثْلِ الْجَمْرِ مِنْ ذِكْرِ مَعَادِهِمْ كَانَ بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ رُكَبَ الْمِعْزَى مِنْ طُولِ سُجُودِهِمْ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ هَمَلَتْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى تَبُلَّ جُيُوبَهُمْ وَ مَادُوا كَمَا يَمِيدُ الشَّجَرُ يَوْمَ الرِّيحِ الْعَاصِفِ خَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ وَ رَجَاءً لِلثَّوَابِ «1».
بيان: شعثا غبرا إما لفقرهم فالمدح للصبر على الفقر أو لتركهم زينة الدنيا و لذاتها على ما ذكره الأكثر فينبغي التقييد بعدم القدرة أو التخصيص ببعض الأفراد أو لتقشف العبادة و قيام الليل و صوم النهار و هجر الملاذ فالغبرة كناية عن صفرة اللون و السجد جمع ساجد كالقيام جمع قائم أو القيام مصدر أجري مجراه و التخصيص بالليل لكون العبادة فيه أحمز و أبعد عن الرئاء و المراوحة بين الجبهة و الخد وضع كل على الأرض حتى يستريح الآخر أو كأنه يستريح و ليس الغرض الاستراحة و ذلك في سجدة الشكر و إن كان وضع الجبهة شاملا لسجود الصلاة و الجمر بالفتح جمع جمرة و هي النار المتقدة و وقوفهم‏
__________________________________________________
 (1) نهج البلاغة ج 1 ص 204 تحت الرقم 95.

307
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

على مثل الجمر قلقهم و اضطرابهم من خوف المعاد و عذاب النار و المراد ببين أعينهم جباههم مجازا أو الموضع حقيقة للإرغام في السجود و الأول أظهر و هملت كضربت و نصرت أي سالت و فاضت و جيب القميص و نحوه بالفتح طوقه و مادوا تحركوا و اضطربوا و الريح العاصف و العاصفة الشديدة و خوفا مفعول له لقوله ع مادوا فقط فسيلان العين للحب و الشوق أو للفعلين جميعا أو للجميع على بعد و يدل على أن الخوف من العقاب و الرجاء للثواب لا ينافيان الإخلاص.
30- نهج، نهج البلاغة قَالَ ع فِي بَعْضِ خُطَبِهِ أَيْنَ الْقَوْمُ الَّذِينَ دُعُوا إِلَى الْإِسْلَامِ فَقَبِلُوهُ وَ قَرَءُوا الْقُرْآنَ فَأَحْكَمُوهُ وَ هِيجُوا إِلَى الْجِهَادِ فَوَلِهُوا وَلَهَ اللِّقَاحِ إِلَى أَوْلَادِهَا وَ سَلَبُوا السُّيُوفَ أَغْمَادَهَا وَ أَخَذُوا بِأَطْرَافِ الْأَرْضِ زَحْفاً زَحْفاً وَ صَفّاً صَفّاً بَعْضٌ هَلَكَ وَ بَعْضٌ نَجَا لَا يُبَشَّرُونَ بِالْأَحْيَاءِ وَ لَا يُعَزَّوْنَ عَنِ الْمَوْتَى «1» مُرْهُ الْعُيُونِ مِنَ الْبُكَاءِ خُمْصُ الْبُطُونِ مِنَ الصِّيَامِ ذُبُلُ الشِّفَاهِ مِنَ الدُّعَاءِ صُفْرُ الْأَلْوَانِ مِنَ السَّهَرِ عَلَى وُجُوهِهِمْ غَبَرَةُ الْخَاشِعِينَ أُولَئِكَ إِخْوَانِي الذَّاهِبُونَ فَحَقَّ لَنَا أَنْ نَظْمَأَ إِلَيْهِمْ وَ نَعَضَّ الْأَيْدِي عَلَى فِرَاقِهِمْ «2».
بيان: كأن المراد بأحكام القرآن حفظ الألفاظ عن التحريف و التدبر في معناه و العمل بمقتضاه و أهاجه أثاره و المراد به تحريصهم و ترغيبهم إليه و الوله بالتحريك ذهاب العقل و التحير من شدة الوجد من حزن أو فرح و قيل هو شدة الحب يقال وله كفرح و كوعد على قلة و الوله إلى الشي‏ء الاشتياق إليه و اللقاح ككتاب الإبل أو الناقة ذات اللبن و اللقوح واحدتها و الحاصل أنهم اشتاقوا إلى الحرب بعد الترغيب اشتياق اللقاح إلى أولادها و في بعض النسخ فولهوا اللقاح أولادها قيل أي جعلوا اللقاح والهة إلى أولادها بركوبهم إياها عند خروجهم إلى الجهاد و قوله ع أولادها نصب بإسقاط الجار إذ الفعل أعني وله غير
__________________________________________________
 (1) عن الفضلى خ ل.
 (2) نهج البلاغة ج 1 ص 251 تحت الرقم 119.

308
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

متعد إلى مفعولين بنفسه و الغمد بالكسر جفن السيف.
و أخذوا بأطراف الأرض أي أخذوا الأرض بأطرافها كما قيل أو أخذوا على الناس بأطراف الأرض أي حصروهم يقال لمن استولى على غيره و ضيق عليه قد أخذ عليه بأطراف الأرض قال الفرزدق أخذنا بأطراف السماء عليكم لنا قمراها و النجوم الطوالع.
و قيل المعنى أخذوا أطراف الأرض من قبيل أخذت بالخطام و يحتمل أن يكون المراد شرعوا في الجهاد في أطراف الأرض و المواطن البعيدة و الزحف الجيش يزحفون إلى العدو أي يمشون و مصدر يقال زحف إليه كمنع زحفا إذا مشى نحوه و الصف واحد الصفوف و يمكن مصدرا و زحفا زحفا أي زحفا بعد زحف متفرقين في الأطراف و كذلك صفا صفا و النصب على الحالية نحو جاءوني رجلا رجلا و قيل زحفا منصوب على المصدر المحذوف الفعل أي يزحفون زحفا و الثانية تأكيد للأولى و كذلك قوله صفا صفا.
و قوله ع بعض هلك و بعض نجا إشارة إلى قوله تعالى فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى‏ نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا «1» و العزاء الصبر أو حسن الصبر و عزيته تعزية أي قلت له أحسن الله عزاك أي رزقك الصبر الحسن و هو اسم من ذلك نحو سلم سلاما قال ابن ميثم رحمه الله «2» المعنى أنهم لما قطعوا العلائق الدنيوية إذا ولد لأحدهم مولود لم يبشر به و إذا مات منهم أحد لم يعزوا عنه و كانت نسخته موافقة لما نقلنا و في بعض النسخ لا يعزون عن القتلى موافقا لما في نسخة ابن أبي الحديد قال أي لشدة ولههم إلى الجهاد لا يفرحون ببقاء حيهم حتى يبشروا به و لا يحزنون لقتل قتيلهم حتى يعزوا به «3».
مرة العيون يقال مرهت عينه كفرح أي فسدت لترك الكحل و المراد
__________________________________________________
 (1) الأحزاب: 23.
 (2) شرح النهج لابن ميثم ص 284.
 (3) شرح النهج لابن أبي الحديد ج 2 ص 260.

309
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

هنا مطلق الفساد و خمص البطن مثلثة الميم أي خلا و خمص الرجل خمصا كقرب أي جاع و ذبل الشي‏ء ذبولا كقعد ذهبت نداوته و قل ماؤه و السهر بالتحريك عدم النوم في الليل كله أو بعضه و الغبرة بالتحريك الغبار و الكدورة فحق لنا أن نفعل على صيغة المجهول كما في أكثر النسخ و حققت أن تفعل كذا كعلمت و هو حقيق به أي خليق جدير و في بعض النسخ على صيغة المعلوم و ظمئ كفرح ظمأ بالتحريك أي عطش و قيل الظمأ أشد العطش و ظمئ إليه أي اشتاق و عضضت عليه و عضضته كسمع و في لغة كمنع أي مسكته بأسناني.
31- نهج، نهج البلاغة قَالَ ع رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ حُكْماً فَوَعَى وَ دُعِيَ إِلَى رَشَادٍ فَدَنَا وَ أَخَذَ بِحُجْزَةِ هَادٍ فَنَجَا رَاقَبَ رَبَّهُ وَ خَافَ ذَنْبَهُ قَدَّمَ خَالِصاً وَ عَمِلَ صَالِحاً اكْتَسَبَ مَذْخُوراً وَ اجْتَنَبَ مَحْذُوراً رَمَى غَرَضاً وَ أَحْرَزَ عِوَضاً كَابَرَ هَوَاهُ وَ كَذَّبَ مُنَاهُ جَعَلَ الصَّبْرَ مَطِيَّةَ نَجَاتِهِ وَ التَّقْوَى عُدَّةَ وَفَاتِهِ رَكِبَ الطَّرِيقَةَ الْغَرَّاءَ وَ لَزِمَ الْمَحَجَّةَ الْبَيْضَاءَ اغْتَنَمَ الْمَهَلَ وَ بَادَرَ الْأَجَلَ وَ تَزَوَّدَ مِنَ الْعَمَلِ «1».
توضيح سمع حكما بالضم أي حكمة و علما نافعا فوعى أي حفظ علما و عملا و الرشاد الصلاح و هو خلاف الغي و الضلال و هو إصابة الصواب و رشد كتعب و قتل و الاسم الرشاد كذا في المصباح فدنا أي من الداعي أو الحق و الحجزة بالضم موضع شد الإزار ثم قيل للإزار حجزة للمجاورة و الأخذ بالحجزة مستعار للاعتصام و الالتجاء و التمسك بأحد فنجا أي خلص من الضلالة و عواقبها و المراقبة الترصد و المحافظة و مراقبة الرب الترصد لأمره و العمل به و الإقبال بالقلب إليه.
قدم خالصا أي عملا خالصا لله لم يشبه رئاء و لا سمعة و تقديمه فعله قبل أن يخرج الأمر من يده و بعثه إلى دار الجزاء قبل الوصول إليه و الاكتساب الكسب و المذخور الشي‏ء النفيس المعد لوقت الحاجة إليه و هو الأعمال‏
__________________________________________________
 (1) نهج البلاغة ج 1 ص 136 تحت الرقم 74 من الخطب.

310
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

الصالحة و المحذور ما يحترز منه من سيئات الأعمال و الأخلاق و الغرض الهدف و المراد رميه إصابة الحق كمن رمى الغرض في المراماة ففاز بالسبق و هو المراد بإحراز العوض أي الفوز بالثواب و قيل المراد به أن يقصد بفعله غرضا صحيحا.
32- نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ ع وَ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ عَدَلَ وَ حَكَمٌ فَصَلَ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ سَيِّدُ عِبَادِهِ كُلَّمَا نَسَخَ اللَّهُ الْخَلْقَ فِرْقَتَيْنِ جَعَلَهُ فِي خَيْرِهِمَا لَمْ يُسْهِمْ فِيهِ عَاهِرٌ وَ لَا ضَرَبَ فِيهِ فَاجِرٌ أَلَا وَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ لِلْخَيْرِ أَهْلًا وَ لِلْحَقِّ دَعَائِمَ وَ لِلطَّاعَةِ عِصَماً وَ إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ كُلِّ طَاعَةٍ عَوْناً مِنَ اللَّهِ يَقُولُ عَلَى الْأَلْسِنَةِ وَ يُثَبِّتُ الْأَفْئِدَةَ فِيهِ كِفَاءٌ لِمُكْتَفٍ وَ شِفَاءٌ لِمُشْتَفٍ وَ اعْلَمُوا أَنَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُسْتَحْفَظِينَ «1» عِلْمَهُ يَصُونُونَ مَصُونَهُ وَ يُفَجِّرُونَ عُيُونَهُ يَتَوَاصَلُونَ بِالْوَلَايَةِ وَ يَتَلَاقَوْنَ بِالْمَحَبَّةِ وَ يَتَسَاقَوْنَ بِكَأْسٍ رَوِيَّةٍ وَ يَصْدُرُونَ بِرِيَّةٍ لَا تَشُوبُهُمُ الرِّيبَةُ وَ لَا تُسْرِعُ فِيهِمُ الْغِيبَةُ عَلَى ذَلِكَ عَقَدَ خَلْقَهُمْ وَ أَخْلَاقَهُمْ فَعَلَيْهِ يَتَحَابُّونَ وَ بِهِ يَتَوَاصَلُونَ فَكَانُوا كَتَفَاضُلِ الْبَذْرِ يُنْتَقَى فَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَ يُلْقَى قَدْ مَيَّزَهُ التَّخْلِيصُ وَ هَذَّبَهُ التَّمْحِيصُ فَلْيَقْبَلِ امْرُؤٌ كَرَامَةً بِقَبُولِهَا وَ لْيَحْذَرْ قَارِعَةً قَبْلَ حُلُولِهَا وَ لْيَنْظُرِ امْرُؤٌ فِي قَصِيرِ أَيَّامِهِ وَ قَلِيلِ مُقَامِهِ فِي مَنْزِلٍ حَتَّى يَسْتَبْدِلَ مَنْزِلًا فَلْيَصْنَعْ لِمُتَحَوَّلِهِ وَ مَعَارِفِ مُنْتَقَلِهِ فَطُوبَى لِذِي قَلْبٍ سَلِيمٍ أَطَاعَ مَنْ يَهْدِيهِ وَ تَجَنَّبَ مَنْ يُرْدِيهِ وَ أَصَابَ سَبِيلَ السَّلَامَةِ بِبَصَرِ مَنْ بَصَّرَهُ وَ طَاعَةِ هَادٍ أَمَرَهُ وَ بَادَرَ الْهُدَى قَبْلَ أَنْ تُغْلَقَ أَبْوَابُهُ وَ تُقْطَعَ أَسْبَابُهُ وَ اسْتَفْتَحَ التَّوْبَةَ وَ أَمَاطَ الْحَوْبَةَ فَقَدْ أُقِيمَ عَلَى الطَّرِيقِ وَ هُدِيَ نَهْجَ السَّبِيلِ «2».
بيان: الظاهر أن الضمير في أنه راجع إلى الله و قيل راجع إلى القضاء و القدر المذكور في صدر الخطبة و الحكم بالتحريك منفذ الحكم و الفصل القطع و القضاء بين الحق و الباطل و النسخ الإزالة و التغيير و الإبطال و قال‏
__________________________________________________
 (1) المستحفظون خ ل.
 (2) نهج البلاغة ج 1 ص 456. تحت الرقم 212 من الخطب.

311
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

ابن أبي الحديد يعني كلما قسم الله الأب الواحد إلى ابنين أعد خيرهما و أفضلهما لولادة محمد ص و سمي ذلك نسخا لأن البطن الأول تزول و يخلفه البطن الثاني «1».
لم يسهم فيه عاهر السهم النصيب و الحظ و في النهاية و أصله واحد السهام التي يضرب بها في الميسر و هي القداح ثم سمي به ما يفوز به الفاتح سهمه ثم كثر حتى سمي كل نصيب سهما انتهى و السهمة بالضم القرابة و المساهمة المقارعة و أسهم بينهم أي أقرع و كانوا يعملون بالقرعة إذا تنازعوا في ولد و الكلمة في بعض النسخ على صيغة المجرد كيمنع و في بعضها على بناء الإفعال و العاهر الزاني قيل أي لم يضرب فيه العاهر بسهم و لم يكن للفجور في أصله شركة.
و قال ابن أبي الحديد «2» في الكلام رمز إلى جماعة من الصحابة في أنسابهم طعن ثم حكى عن الجاحظ أنه قال قام عمر على المنبر فقال إياكم و ذكر العيوب و الطعن في الأصول ثم قال و روى المدائني هذا الخبر في كتاب أمهات الخلفاء و قال إنه روي عند جعفر بن محمد ع بالمدينة فقال لا تلمه يا ابن أخي إنه أشفق أن يحدج بقصة نفيل بن عبد العزى و صهاك أمة الزبير بن عبد المطلب ثم قال رحم الله عمر إنه لم يعد السنة و تلا إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا الآية «3».
أقول قد أوردنا هذه القصة في نسب عمر و الدعامة بالكسر عماد البيت الذي يقوم عليه و العصم كعنب جمع عصمة و هي المنع و الحفظ و كفاء أصله كفاية و الإتيان بالهمزة للازدواج كما قالوا الغدايا و العشايا كما قال ص مأزورات غير مأجورات و الأصل الواو و قال ابن أبي الحديد أهل الخير هم المتقون و دعائم الحق الأدلة الموصلة إليه المثبتة له في القلوب و عصم الطاعة هي الإدمان‏
__________________________________________________
 (1) شرح النهج الحديدى ج 3 ص 22.
 (2) شرح النهج الحديدى ج 3 ص 23.
 (3) النور: 19.

312
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

على فعلها و التمرن عليها لأن المرون على الفعل يكسب الفاعل ملكة تقتضي سهولة عليه و العون هاهنا هو اللطف المقرب من الطاعة المبعد من القبيح و لما كان العون من الله سبحانه مستهلا للقول أطلق عليه من باب التوسع أنه يقول على الألسنة و لما كان الله تعالى هو الذي يثبت كما قال يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ «1» نسب التثبيت إلى اللطف لأنه من فعل الله.
و قال ابن ميثم «2» قوله ع ألا و إن الله ترغيب للسامعين أن يكونوا من أهل الخير و دعائم الحق و عصم الطاعة و كأنه عنى بالعون القرآن قال تعالى لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ «3» و فيه كفاء أي في ذلك العون كفاية لطالبي الاكتفاء أي من الكمالات النفسانية و شفاء لمن طلب الشفاء من أمراض الرذائل الموبقة و يمكن أن يكون المراد بأهل الخير الأتقياء و بدعائم الحق النبي و الأئمة ع و بعصم الطاعة العبادات التي توجب التوفيق من الله سبحانه و ترك المعاصي الموجبة لسلبه أو الملائكة العاصمة للعباد عن اتباع الشياطين و بالعون الملائكة المرغبة في طاعة الله كما ورد في الأخبار.
و المستحفظين في أكثر النسخ بالنصب على صيغة اسم المفعول و هو أظهر يقال استحفظته إياه أي سألته أن يحفظه و في بعض النسخ على صيغة اسم الفاعل أي الطالبين للحفظ و في بعض النسخ بالرفع حملا على المحل و كونه خبرا بعيد و المراد بهم الأئمة ع كما ورد في الأدعية و الأخبار و قال الشراح المراد بهم العارفون أو الصالحون.
يصونون مصونه أي يكتمون ما ينبغي أن يكتم من أسرار علمه من غير أهله و يفجرون عيونه أي يفيضون ما ينبغي إفاضته على عامة الناس أو كل علم‏
__________________________________________________
 (1) إبراهيم: 27.
 (2) شرح النهج لابن ميثم البحرانيّ ص 397.
 (3) الفرقان: 32.

313
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

على من هو قابل له أو يتقون في مقام التقية و يظهرون الحق عند عدمها و الولاية في النسخ بالكسر قال سيبويه الولاية بالفتح المصدر و بالكسر الاسم و قال ابن أبي الحديد الولاية بفتح الواو المحبة و النصرة أي يتواصلون و هم أولياء و مثله و يتلاقون بالمحبة كما تقول خرجت بسلاحي أي و أنا متسلح أو يكون المعنى يتواصلون بالقلوب لا بالأجسام كما تقول أنا أراك بقلبي و أزورك بخاطري و أواصلك بضميري انتهى.
و أقول يحتمل أن يكون المراد ولاية أهل البيت ع أي بسببها أو متصفين بها أو مظهرين لها و ماء روي كغني أي كثير مرو و روي من الماء كرضي ريا بالفتح و الكسر أي تنعم و الاسم الري بالكسر و الرية في بعض النسخ بالفتح و في بعضها بالكسر و لعل المراد التساقي من المعارف و العلوم و الريبة بالكسر التهمة و الشك اسم من الريب بالفتح أي لا تخالطهم شك في المعارف و العقائد أو تهمة في حب أحدهم للآخر و عدم إسراع الغيبة فيهم لعدم استحقاقهم للغيبة في أقوالهم و أعمالهم و اتقائهم مواضع التهم أو المعنى لا يغتابون الناس و لا يتبعون عيوبهم.
و الخلق يكون بمعنى التقدير و الإبداع و بمعنى الطبيعة كالخليقة و الأخلاق جمع خلق بالضم و بضمتين و هو السجية و الطبع و المروة و الدين و يحتمل أن يكون المراد بالخلق ما هو بمنزلة الأصل و المشخص للذات و بالأخلاق الفروع و الشعب و الضمير في عليه راجع إلى ما أشير إليه بذلك أو إلى العقد.
فكانوا كتفاضل البذر أي كان التفاضل بينهم و بين الناس كالتفاضل بين ما ينتقى من البذر أي يختار و بين ما يلقى فالمعنى كالتفاضل بين الجيد و الردي و يحتمل أن يكون المراد أنه كان التفاضل بينهم كالتفاضل بين أفراد المختار من البذر فكما أنه لا تفاضل يعتد به فيما بينها كذلك فيما بينهم.
و خلص الشي‏ء كنصر أي صار خالصا و خلصه أي جعله كذلك و خلصه أيضا

314
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

نجاه و المراد بالتخليص الانتقاء المذكور أي ميزه ذلك عن غيره أو المعنى ميزه الله تخليصا إياه عن شرور النفس و الشيطان عن غيره و في بعض النسخ التلخيص بتقديم اللام و هو التبيين و التلخيص و التهذيب التنقية و الإصلاح و التمحيص الابتلاء و الاختبار.
و الكرامة الاسم من التكريم و الإكرام و المراد بها هنا نصحه سبحانه و وعظه و تذكيره أو ما وعده الله على تقدير حسن العمل من المثوبة و الزلفى و قبول الكرامة على الثاني بالعمل الصالح الموجب للفوز بها و على الأول العمل بمقتضاه و بقبولها القبول الحسن اللائق بها و قرعه كمنعه أي أتاه فجأة و قرع الباب دقه و قال الأكثر القارعة الموت و يحتمل القيامة لأنها من أسمائها سميت بها لأنها تقرع القلوب بالفزع و أعدها الله للعذاب أو الداهية التي يستحقها العاصي يقال أصابه الله بقارعة أي بداهية تهلكه و حلولها نزولها و استبدلت الشي‏ء بالشي‏ء أي اتخذت الأول بدلا من الثاني و المراد بالنظر التدبر و التفكر و الظرف في قوله في منزل متعلق بالمقام و حتى لانتهاء غاية المقام أي الثبات أو الإقامة أي ليعتبر الإنسان بهذه المدة القصيرة و إقامته القليلة في الدنيا المنتهية إلى الاستبدال بها و اتخاذ غيرها.
و قيل يحتمل أن تكون كلمة في لإفادة الظرفية الزمانية و يكون قوله في منزل متعلقا بالنظر و مدخول حتى علة غائية للنظر أي لينظر بنظر الاعتبار و ليتأمل مدة حياته في الدنيا في شأن ذلك المنزل الفاني حتى تتخذ بدله منزلا لائقا للنزول فالاستبدال حينئذ اتخاذ البدل المستحق لذلك أو توطين النفس على الارتحال و رفض المنزل الفاني.
فليصنع أي فليعمل و المتحول بالفتح مكان التحول و كذلك المنتقل و معارف المنتقل قيل هي المواضع التي يعرف الانتقال إليها و قال ابن أبي الحديد معارف الدار ما يعرفه المتوسم بها واحدها معرف مثل معاهد الدار و معالمها و منه معارف المرأة أي ما يظهر منها كالوجه و اليدين و قيل يحتمل‏

315
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

أن يكون المراد بمعارف المنتقل ما عرف من أحواله و الأمور السانحة فيه فيمكن أن يكون المتحول و المنتقل مصدرين.
من يهديه يعني نفسه و الأئمة من ولده ع من يرديه أي يهلكه بإلقائه في مهاوي الجهل و الضلالة و البصر يطلق على الحاسة و يراد به العلم مجازا و قد يطلق على العلم يقال بصرت بالشي‏ء أي علمته و يحتمل أن تكون الإضافة لأدنى ملابسة أي بالبصر الحاصل للمطيع بتبصير الهادي إياه و السبب في الأصل الحبل و إغلاق الأبواب بالموت و جوز بعضهم أن يكون الأبواب و الأسباب عبارة عن نفسه و الأئمة من ذريته ع فإنهم أبواب الفوز و الفلاح و الأسباب الممدودة من السماء إلى الأرض بهم يصل العبد إلى الله سبحانه و الغلق و القطع كناية عن عدمهم أو غيبتهم ع.
و استفتح التوبة أي طلب فتحها كأنها باب مغلق يطلب فتحها للدخول فيها و يمكن أن يكون من الاستفتاح بمعنى الاستنصار أي طلب أن تنصره التوبة و مطت كبعت و أمطت أي تنحيت و كذلك مطت غيري و أمطته أي نحيته و قال الأصمعي مطت أنا و أمطت غيري «1» و الحوبة بالفتح الإثم فقد أقيم على الطريق أي بهداية الله سبحانه و النهج بالفتح الطريق الواضح.
33 مِشْكَاةُ الْأَنْوَارِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ مِنْ أَغْبَطِ أَوْلِيَائِي عِنْدِي رَجُلًا خَفِيفَ الْحَالِ ذَا خَطَرٍ أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ فِي الْغَيْبِ وَ كَانَ غَامِضاً فِي النَّاسِ جُعِلَ رِزْقُهُ كَفَافاً فَصَبَرَ عَلَيْهِ مَاتَ فَقَلَّ تُرَاثُهُ وَ قَلَّ بَوَاكِيهِ «2».
34- نهج، نهج البلاغة مِنْ كَلَامٍ لَهُ ع قَدْ أَحْيَا عَقْلَهُ وَ أَمَاتَ نَفْسَهُ حَتَّى دَقَّ جَلِيلُهُ وَ لَطُفَ غَلِيظُهُ وَ بَرَقَ لَهُ لَامِعٌ كَثِيرُ الْبَرْقِ فَأَبَانَ لَهُ الطَّرِيقَ وَ سَلَكَ بِهِ السَّبِيلَ وَ تَدَافَعَتْهُ الْأَبْوَابُ إِلَى بَابِ السَّلَامَةِ وَ دَارِ الْإِقَامَةِ وَ ثَبَتَتْ رِجْلَاهُ بِطُمَأْنِينَةِ
__________________________________________________
 (1) راجع الصحاح ج 3 ص 1162.
 (2) مشكاة الأنوار ص 22.

316
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

بَدَنِهِ فِي قَرَارِ الْأَمْنِ وَ الرَّاحَةِ بِمَا اسْتَعْمَلَ قَلْبَهُ وَ أَرْضَى رَبَّهُ «1».
بيان: إحياء العقل بتحصيل المعارف الربانية و تسليطه على الشيطان و النفس الأمارة و إماتة النفس بجعلها مقهورة للعقل بحيث لا يكون لها تصرف إلا بحكمه فكانت في حكم الميت في ارتفاع الشهوات النفسانية كما قيل موتوا قبل أن تموتوا و دق الشي‏ء صار دقيقا و هو ضد الغليظ و الجليل العظيم و لطف ككرم لطفا و لطافة بالفتح أي صغر و دق و كأن المراد بالجليل البدن و دقته بكثرة الصيام و القيام و الصبر على المشاق الواردة في الشريعة المقدسة و بالغليظ النفس الأمارة و القوى الشهوانية و يحتمل العكس و التأكيد أيضا.
و برق كنصر أي لمع أو جاء ببرق و برق النجم أي طلع و اللامع هداية الله بالأنوار الإلهية و النفحات القدسية و الألطاف الغيبية و كشف الأستار عن أسرار الكتاب و السنة.
و تدافع الأبواب يحتمل وجوها.
الأول أنه لم يزل ينتقل من منزله من منازل قربه سبحانه إلى ما هو فوقه حتى ينتهي إلى مقام إذا دخله كان مستيقنا للسلامة و هي درجة اليقين و منزلة أولياء الله المتقين الذين فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ الثاني أنه إذا أدركته التوفيقات الربانية شرع في طلب الحق و تردد في المذاهب فكلما تفكر في مذهب من المذاهب الباطلة دفعته العناية الإلهية عن الدخول فيه فإذا أصاب الحق قر فيه و سكن و اطمأن‏
كَمَا رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع إِنَّ الْقَلْبَ لَيَتَجَلْجَلُ «2» فِي الْجَوْفِ يَطْلُبُ الْحَقَّ فَإِذَا أَصَابَهُ اطْمَأَنَّ وَ قَرَّ ثُمَّ تَلَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع هَذِهِ الْآيَةَ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ «3».
وَ عَنْهُ‏
__________________________________________________
 (1) نهج البلاغة ج 1 ص 465 تحت الرقم 218 من الخطب.
 (2) التجلجل: التحرك مع الصوت.
 (3) الأنعام: 125، و الحديث في الكافي ج 2 ص 421.

317
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ مُبْهَمَةً عَلَى الْإِيمَانِ فَإِذَا أَرَادَ اسْتِنَارَةَ مَا فِيهَا نَضَحَهَا بِالْحِكْمَةِ وَ زَرَعَهَا بِالْعِلْمِ وَ زَارِعُهَا وَ الْقَيِّمُ عَلَيْهَا رَبُّ الْعَالَمِينَ «1».
وَ عَنْهُ ع قَالَ: إِنَّ الْقَلْبَ لَيُرَجِّجُ فِيمَا بَيْنَ الصَّدْرِ وَ الْحَنْجَرَةِ حَتَّى يُعْقَدَ عَلَى الْإِيمَانِ فَإِذَا عُقِدَ عَلَى الْإِيمَانِ قَرَّ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ وَ مَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ «2».
قال يسكن و سيأتي أمثالها إن شاء الله في باب القلب.
الثالث أن تكون الأبواب عبارة عن أسباب القرب من الطاعات و ترك اللذات فإن كلا منها باب من أبواب الجنة فينتقل منها حتى ينتهي إلى باب الجنة التي هي قرار الأمن و الراحة.
الرابع أن تكون الأبواب عبارة عن اللذات و المطالب النفسانية التي يريد الإنسان أن يدخلها بمقتضى طبعه فتمنعه العناية الإلهية و العقل السليم عن دخولها حتى ينتهي إلى باب السلامة و هو باب جنة الخلد في الآخرة أو الطاعات و العقائد الحقة التي توجب دخولها في الدنيا.
الخامس أن يكون المراد بالأبواب طرائق أرباب البدع و أبواب علماء السوء فيمنعه التوفيق الرباني عن اعتقاد ضلالاتهم و الدخول في جهالاتهم حتى يرد باب السلامة و هو اتباع أئمة الحق ص فإنهم أبواب الله إما بالوصول إلى خدمتهم أو إلى السالكين مسلكهم و الحافظين لآثارهم و رواة أخبارهم فتثبت رجلاه على الدين و الصراط المستقيم و لا يفتتن بشبه الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ و هو قريب من بعض ما مر و هذا أظهر الوجوه.
و ثبات الرجلين ضد الزلق أو عبارة عن السكون و الطمأنينة بضم الطاء المهملة و فتح الميم و سكون الهمزة السكون يقال اطمأن اطمئنانا و طمأنينة قال الشيخ الرضي رضي الله عنه مصادر ما زيد فيه من الرباعي نحو تدحرج و احرنجام و اقشعرار و أما اقشعر قشعريرة و اطمأن طمأنينة فهما اسمان واقعان مقام‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 421، و الآية في التغابن: 11، و الاستشهاد بالآية انما هو على قراءة «يهدأ» بالهمز، أو بغير همز بالقلب و الحذف.
 (2) الكافي ج 2 ص 421، و الآية في التغابن: 11، و الاستشهاد بالآية انما هو على قراءة «يهدأ» بالهمز، أو بغير همز بالقلب و الحذف.

318
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

المصدر كما في أنبت نباتا و أعطى عطاء و القرار بالفتح ما قر فيه الشي‏ء أي سكن و يكون مصدرا و قرار الأمن و الراحة الجنة أو ما يوجبهما كما عرفت ..
35- جا، المجالس للمفيد عَنِ الْمَرْزُبَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْكَاتِبِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ دَاهِرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبَايَةَ الْأَسَدِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: قَالَ سُئِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ «1» فَقِيلَ لَهُ مَنْ هَؤُلَاءِ الْأَوْلِيَاءُ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع هُمْ قَوْمٌ أَخْلَصُوا لِلَّهِ تَعَالَى فِي عِبَادَتِهِ وَ نَظَرُوا إِلَى بَاطِنِ الدُّنْيَا حِينَ نَظَرَ النَّاسُ إِلَى ظَاهِرِهَا فَعَرَفُوا آجِلَهَا حِينَ غُرَّ النَّاسُ سِوَاهُمْ بِعَاجِلِهَا فَتَرَكُوا مِنْهَا مَا عَلِمُوا أَنَّهُ سَيَتْرُكُهُمْ وَ أَمَاتُوا مِنْهَا مَا عَلِمُوا أَنَّهُ سَيُمِيتُهُمْ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا الْمُعَلِّلُ نَفْسَهُ بِالدُّنْيَا الرَّاكِضُ عَلَى حَبَائِلِهَا الْمُجْتَهِدُ فِي عِمَارَةِ مَا سَيُخْرَبُ مِنْهَا أَ لَمْ تَرَ إِلَى مَصَارِعِ آبَائِكَ فِي الْبِلَى وَ مَضَاجِعِ أَبْنَائِكَ تَحْتَ الْجَنَادِلِ وَ الثَّرَى كَمْ مَرَّضْتَ بِيَدَيْكَ وَ عَلَّلْتَ بِكَفَّيْكَ تَسْتَوْصِفُ لَهُمُ الْأَطِبَّاءَ وَ تَسْتَعْتِبُ لَهُمُ الْأَحِبَّاءَ فَلَمْ يُغْنِ عَنْهُمْ غِنَاؤُكَ وَ لَا يَنْجَعُ فِيهِمْ دَوَاؤُكَ «2».
36- نهج، نهج البلاغة قَالَ ع إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ هُمُ الَّذِينَ نَظَرُوا إِلَى بَاطِنِ الدُّنْيَا إِذَا نَظَرَ النَّاسُ إِلَى ظَاهِرِهَا وَ اشْتَغَلُوا بِآجِلِهَا إِذَا اشْتَغَلَ النَّاسُ بِعَاجِلِهَا فَأَمَاتُوا مِنْهَا مَا خَشُوا أَنْ يُمِيتَهُمْ وَ تَرَكُوا مِنْهَا مَا عَلِمُوا أَنَّهُ سَيَتْرُكُهُمْ وَ رَأَوُا اسْتِكْثَارَ غَيْرِهِمْ مِنْهَا اسْتِقْلَالًا وَ دَرَكَهُمْ لَهَا فَوْتاً أَعْدَاءُ مَا سَالَمَ النَّاسُ وَ سَلْمُ مَا عَادَى النَّاسُ بِهِمْ عُلِمَ الْكِتَابُ وَ بِهِ عَلِمُوا وَ بِهِمْ قَامَ الْكِتَابُ وَ بِهِ قَامُوا لَا يَرَوْنَ مَرْجُوّاً فَوْقَ مَا يَرْجُونَ وَ لَا مَخُوفاً فَوْقَ مَا يَخَافُونَ «3».
تبيان مع أن الظاهر اتحاد الروايتين بينهما اختلاف كثير و بعض فقرات الرواية الأولى مذكورة في خطبة أخرى سنشير إليها و قد مر معنى‏
__________________________________________________
 (1) يونس: 62.
 (2) مجالس المفيد: ص 60.
 (3) نهج البلاغة ج 2 ص 246 تحت الرقم 432 من الحكم.

319
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

الإخلاص و باطن الدنيا ما خفي عن أعين الناس من مضارها و وخامة عاقبتها للراغبين إليها فالمراد بالنظر إليه التفكر فيه و عدم الغفلة عنه أو ما لا يلتفت الناس إليه من تحصيل المعارف و القربات فيها فالمراد بالنظر إليه الرغبة و طموح البصر إليه و إنما سماه باطنا لغفلة أكثر الناس عنه و لكونه سر الدنيا و حقيقتها و غايتها التي خلقت لأجلها و المراد بظاهرها شهواتها التي تغر أكثر الناس عن التوجه إلى باطنها و المراد بأجل الدنيا ما يأتي من نعيم الآخرة بعدها أضيف إليها لنوع من الملابسة أو المراد بأجلها ما يظهر ثمرتها في الآجل من المعارف و الطاعات و أطلق الآجل عليه مجازا.
و ما علموا أنه سيتركهم الأموال و الأولاد و ملاذ الدنيا و الإماتة الإهلاك المعنوي بحرمان الثواب و حلول العقاب عند الإياب و ما يميتهم اتباع الشهوات النفسانية و الاتصاف بالصفات الذميمة الدنية و في الرواية الثانية نسبة الخشية إلى الإماتة و العلم بالترك لأن الترك معلوم لا بد منه بخلاف الإماتة إذ يمكن أن تدركهم رحمة من الله تلحقهم بالسعداء أو للمبالغة في اجتناب المنهيات من الأخلاق و الأعمال بأنهم يتركون ما خشوا أن يميتهم فكيف إذا علموا و الاستكثار عد الشي‏ء كثيرا أو جمع الكثير من الشي‏ء و يقابله الاستقلال بالمعنيين و الدرك محركة اللحاق و الوصول إلى الشي‏ء يقال أدركته إدراكا و دركا و الضمير في دركهم يرجع إلى غيرهم و يحتمل الرجوع إليهم أيضا.
و السلم بالفتح و الكسر الصلح يذكر و يؤنث و في نسخ النهج بالكسر و سالمه أي صالحه و ما سالم الناس ما مالوا إليه من متاع الدنيا و زينتها و ملاذها و ما عادى الناس ما رفضوه من العلوم و العبادات و الرغبة في الآخرة و ثوابها و بهم علم الكتاب لأنه لولاهم لما علم تفسير الآيات و تأويل المتشابهات و هذه من أوصاف أئمتنا المقدسين صلوات الله عليهم أجمعين و يحتمل أن تشمل الحفظة لأخبارهم المقتبسين من أنوارهم و به علموا لدلالة آيات الكتاب على فضلهم و شرف منزلتهم كآيات المودة و التطهير و الولاية و غيرها و لو

320
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

عمم الكلام حتى يدخل فيه العلماء الربانيون فالمراد به أنه علم فضلهم بالآيات الدالة على فضل العلماء كقوله تعالى إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ «1» و قوله عز و جل هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ «2» و قوله سبحانه وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً «3» إلى غير ذلك من الآيات و قيل به علموا لاشتهارهم به عند الناس و بهم قام الكتاب أي بهم صارت أحكامه قائمة في الخلق معمولا بها و به قاموا أي ارتفعت منزلتهم و فازوا بالزلفى بالعمل بما فيه أو ببركته انتظم الأمر في معاشهم و قال بعض الشارحين أي قاموا بأوامره و نواهيه فلا يكون الباء مثلها في بهم قام الكتاب و قال بعضهم بهم قام الكتاب لأنهم قرروا البراهين على صدقه و صحته و به قاموا أي باتباع أوامر الكتاب لأنه لو لا تأدبهم بآداب القرآن و امتثالهم أوامره لما أغنى عنهم علمهم شيئا.
و دون ما يخافون أي غير ما يخافون من عذاب الآخرة و البعد من رحمة الله و في بعض النسخ فوق ما يخافون.
قوله ع أيها المعلل نفسه أقول بعض هذه الفقرات مذكورة في كلام له ع ذكره حين سمع رجلا يذم الدنيا كما سيأتي و قال الجوهري علله بالشي‏ء أي لهاه به كما يعلل الصبي بشي‏ء من الطعام يتجزأ به عن اللبن يقال فلان يعلل نفسه بتعلة و تعلل به أي تلهى به و تجزأ و قال الركض تحريك الرجل و ركضت الفرس برجلي إذا استحثثته ليعدو ثم كثر حتى قيل ركض الفرس إذا عدا و الحبائل جمع الحبالة و هي التي يصاد بها أي تركض لأخذ ما وقع في الحبائل التي نصبتها في الدنيا كناية عن شدة الحرص في تحصيل متمنياتها أو المعنى نصب لك الشيطان مصايد فيها ليصطادك بها و أنت تركض إليها حتى‏
__________________________________________________
 (1) فاطر: 28.
 (2) الزمر: 9.
 (3) البقرة: 269.

321
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

تقع فيها جهلا و غرورا.
المجتهد في عمارة ما سيخرب منها أي تسعى بغاية جهدك في عمارة ما تعلم أنه آئل إلى الخراب و لا تنتفع به ثم بين ع ما يمكن أن يستدل به على خرابها و عدم بقائها بقوله أ لم تر إلى مصارع آبائك يقال صرع فلان من دابته على صيغة المجهول أي سقط و صرعه أي طرحه على الأرض و الموضع مصرع و الثرى بالفتح الندى أو التراب الندي و في المصباح بلي الثوب يبلى من باب تعب بلى بالكسر و القصر و بلاء بالفتح و المد خلق فهو بال و بلي الميت أفنته الأرض و قوله في البلى كأنه حال عن آبائك و في النهج متى استهوتك أم متى غرتك أ بمصارع آبائك من البلى أم بمضاجع أمهاتك تحت الثرى «1».
و الجنادل جمع جندل كجعفر و هي الحجارة و قال الجوهري مرضته تمريضا إذا قمت عليه في مرضه «2» و العلة المرض و علله أي قام عليه في علته يطلب دواءه و صحته و يتكفل بأموره و قال الجوهري استوصفت الطبيب لدائي إذا سألته أن يصف لك ما تتعالج به «3» انتهى و الاستعتاب الاسترضاء كناية عن طلب الدعاء أو رضاهم إذا كانت لهم موجدة و في بعض النسخ تستغيث و هو أظهر و في القاموس أغنى عنه غناء فلان و مغناه ناب عنه و أجزأ مجزأه «4» و قال الراغب أغنى عنه كذا إذا اكتفاه قال تعالى ما أَغْنى‏ عَنْهُ مالُهُ وَ ما كَسَبَ ما أَغْنى‏ عَنِّي مالِيَهْ و قال لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ ما أَغْنى‏ عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ و قال لا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ «5» و في القاموس نجع الطعام كمنع نجوعا هنأ
__________________________________________________
 (1) راجع نهج البلاغة ج 2 ص 173، تحت الرقم 131 من الحكم.
 (2) الصحاح ص 1106.
 (3) المصدر: 1439.
 (4) القاموس ج 4 ص 371.
 (5) مفردات غريب القرآن ص 366، و الآيات في المسد: 2، الحاقة: 28، آل عمران: 10 و 116، الشعراء: 207، المرسلات: 31، على الترتيب.

322
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

آكله و العلف في الدابة و الوعظ و الخطاب فيه دخل فأثر كأنجع و نجع «1».
37- نهج، نهج البلاغة طُوبَى لِمَنْ ذَلَّ فِي نَفْسِهِ وَ طَابَ كَسْبُهُ وَ صَلَحَتْ سَرِيرَتُهُ وَ حَسُنَتْ خَلِيقَتُهُ وَ أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ وَ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ لِسَانِهِ وَ عَزَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ وَ وَسِعَتْهُ السُّنَّةُ وَ لَمْ يُنْسَبْ إِلَى بِدْعَةٍ «2» قَالَ السَّيِّدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَنْسُبُ هَذَا الْكَلَامَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص.
بيان: الذلة في النفس التواضع ضد الإعجاب و الترفع و طيب الكسب أن لا يكون مكسبه من الطرق المحرمة و المكروهة و مواضع الشبهة و صلحت كمنعت أو كحسنت باختلاف النسخ و سريرة الرجل و سره باطنه و صلاحها ترك النفاق و إضمار الشر و الخلو عن الحسد و غيره و الخليقة الطبيعة و إنفاق الفضل من المال أن لا يمسك لنفسه إلا الكفاف و إمساك الفضل من الكلام الاقتصار على ما يعنيه و عزله كنصره أي نحاه و أبعده و وسعته السنة أي لم تتضيق عليه حتى يخرج إلى البدعة و طلبها و ذلك الخروج إما في الاعتقاد لعدم الرضا بالسنة و هو مضاد للإيمان كما قال سبحانه فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ «3» الآية و إما في العمل لميل النفس الأمارة إلى الباطل و اتباع الشهوات و هو معصية منافية لكمال الإيمان.
38 عُدَّةُ الدَّاعِي، رَوَى شُعَيْبٌ الْأَنْصَارِيُّ وَ هَارُونُ بْنُ خَارِجَةَ قَالا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ مُوسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ انْطَلَقَ يَنْظُرُ فِي أَعْمَالِ الْعِبَادِ فَأَتَى رَجُلًا مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ فَلَمَّا أَمْسَى حَرَّكَ الرَّجُلُ شَجَرَةً إِلَى جَنْبِهِ فَإِذَا فِيهَا رُمَّانَتَانِ قَالَ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ مَنْ أَنْتَ إِنَّكَ عَبْدٌ صَالِحٌ أَنَا هَاهُنَا مُنْذُ مَا شَاءَ اللَّهُ مَا أَجِدُ فِي هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا رُمَّانَةً وَاحِدَةً وَ لَوْ لَا أَنَّكَ عَبْدٌ صَالِحٌ مَا وَجَدْتُ رُمَّانَتَيْنِ قَالَ ع‏
__________________________________________________
 (1) القاموس ج 3 ص 87.
 (2) نهج البلاغة ج 2 ص 170 تحت الرقم 123 من الحكم.
 (3) النساء: 65.

323
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

أَنَا رَجُلٌ أَسْكُنُ أَرْضَ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ قَالَ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ تَعْلَمُ أَحَداً أَعْبَدَ مِنْكَ قَالَ نَعَمْ فُلَانٌ الْفُلَانِيُّ قَالَ فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ أَعْبَدُ مِنْهُ كَثِيراً فَلَمَّا أَمْسَى أُوتِيَ بِرَغِيفَيْنِ وَ مَاءٍ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ مَنْ أَنْتَ إِنَّكَ عَبْدٌ صَالِحٌ أَنَا هَاهُنَا مُنْذُ مَا شَاءَ اللَّهُ وَ مَا أُوتِيَ إِلَّا بِرَغِيفٍ وَاحِدٍ وَ لَوْ لَا أَنَّكَ عَبْدٌ صَالِحٌ مَا أُوتِيتُ بِرَغِيفَيْنِ فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا رَجُلٌ أَسْكُنُ أَرْضَ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ ثُمَّ قَالَ مُوسَى هَلْ تَعْلَمُ أَحَداً أَعْبَدَ مِنْكَ قَالَ نَعَمْ فُلَانٌ الْحَدَّادُ «1» فِي مَدِينَةِ كَذَا وَ كَذَا قَالَ فَأَتَاهُ فَنَظَرَ إِلَى رَجُلٍ لَيْسَ بِصَاحِبِ عِبَادَةٍ بَلْ إِنَّمَا هُوَ ذَاكِرٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَ إِذَا دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ قَامَ فَصَلَّى فَلَمَّا أَمْسَى نَظَرَ إِلَى غَلَّتِهِ فَوَجَدَهَا قَدْ أُضْعِفَتْ قَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ مَنْ أَنْتَ إِنَّكَ عَبْدٌ صَالِحٌ أَنَا هَاهُنَا مُنْذُ مَا شَاءَ اللَّهُ غَلَّتِي قَرِيبٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّيْلَةَ قَدْ أُضْعِفَتْ فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا رَجُلٌ أَسْكُنُ أَرْضَ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ قَالَ فَأَخَذَ ثُلُثَ غَلَّتِهِ فَتَصَدَّقَ بِهَا وَ ثُلُثاً أَعْطَى مَوْلًى لَهُ وَ ثُلُثاً اشْتَرَى بِهِ طَعَاماً فَأَكَلَ هُوَ وَ مُوسَى قَالَ فَتَبَسَّمَ مُوسَى ع فَقَالَ مِنْ أَيِّ شَيْ‏ءٍ تَبَسَّمْتَ قَالَ دَلَّنِي نَبِيُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى فُلَانٍ فَوَجَدْتُهُ مِنْ أَعْبَدِ الْخَلْقِ فَدَلَّنِي عَلَى فُلَانٍ فَوَجَدْتُهُ أَعْبَدَ مِنْهُ فَدَلَّنِي فُلَانٌ عَلَيْكَ وَ زَعَمَ أَنَّكَ أَعْبَدُ مِنْهُ وَ لَسْتُ أَرَاكَ شِبْهَ الْقَوْمِ قَالَ أَنَا رَجُلٌ مَمْلُوكٌ أَ لَيْسَ تَرَانِي ذَاكِراً لِلَّهِ أَ وَ لَيْسَ تَرَانِي أُصَلِّي الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا وَ إِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى الصَّلَاةِ أَضْرَرْتُ بِغَلَّةِ مَوْلَايَ وَ أَضْرَرْتُ بِعَمَلِ النَّاسِ أَ تُرِيدُ أَنْ تَأْتِيَ بِلَادَكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَرَّتْ بِهِ سَحَابَةٌ فَقَالَ الْحَدَّادُ يَا سَحَابَةُ تَعَالَيْ قَالَ فَجَاءَتْ قَالَ أَيْنَ تُرِيدِينَ قَالَتْ أُرِيدُ أَرْضَ كَذَا وَ كَذَا قَالَ انْصَرِفِي ثُمَّ مَرَّتْ بِهِ أُخْرَى فَقَالَ يَا سَحَابَةُ تَعَالَيْ فَجَاءَتْهُ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدِينَ قَالَتْ أُرِيدُ أَرْضَ كَذَا وَ كَذَا قَالَ انْصَرِفِي ثُمَّ مَرَّتْ بِهِ أُخْرَى فَقَالَ يَا سَحَابَةُ تَعَالَيْ فَجَاءَتْهُ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدِينَ قَالَتْ أُرِيدُ أَرْضَ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ قَالَ فَقَالَ احْمِلِي هَذَا حَمْلَ رَفِيقٍ وَ ضَعِيهِ فِي‏
__________________________________________________
 (1) الظاهر لما يأتي من قوله «أضررت بغلة مولاى» أن يكون فدانا، و هو الدهقان.

324
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

أَرْضِ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ وَضْعاً رَفِيقاً قَالَ فَلَمَّا بَلَغَ مُوسَى بِلَادَهُ قَالَ يَا رَبِّ بِمَا بَلَغْتَ هَذَا مَا أَرَى قَالَ إِنَّ عَبْدِي هَذَا يَصْبِرُ عَلَى بَلَائِي وَ يَرْضَى بِقَضَائِي وَ يَشْكُرُ نَعْمَائِي.
39- نهج، نهج البلاغة مِنْ كَلَامٍ لَهُ ع عِنْدَ تِلَاوَتِهِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ «1» قَالَ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ الذِّكْرَ جِلاءً لِلْقُلُوبِ تَسْمَعُ بِهِ بَعْدَ الْوَقْرَةِ وَ تُبْصِرُ بِهِ بَعْدَ الْعَشْوَةِ وَ تَنْقَادُ بِهِ بَعْدَ الْمُعَانَدَةِ وَ مَا بَرِحَ لِلَّهِ عَزَّتْ آلَاؤُهُ فِي الْبُرْهَةِ بَعْدَ الْبُرْهَةِ وَ فِي أَزْمَانِ الْفَتَرَاتِ عِبَادٌ نَاجَاهُمْ فِي فِكْرِهِمْ وَ كَلَّمَهُمْ فِي ذَاتِ عُقُولِهِمْ فَاسْتَصْبَحُوا بِنُورِ يَقَظَةٍ فِي الْأَسْمَاعِ وَ الْأَبْصَارِ وَ الْأَفْئِدَةِ يُذَكِّرُونَ بِأَيَّامِ اللَّهِ وَ يُخَوِّفُونَ مَقَامَهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَدِلَّةِ فِي الْفَلَوَاتِ مَنْ أَخَذَ الْقَصْدَ حَمِدُوا إِلَيْهِ طَرِيقَهُ وَ بَشَّرُوهُ بِالنَّجَاةِ وَ مَنْ أَخَذَ يَمِيناً وَ شِمَالًا ذَمُّوا إِلَيْهِ الطَّرِيقَ وَ حَذَّرُوهُ مِنَ الْهَلَكَةِ وَ كَانُوا كَذَلِكَ مَصَابِيحَ تِلْكَ الظُّلُمَاتِ وَ أَدِلَّةَ تِلْكَ الشُّبُهَاتِ وَ إِنَّ لِلذِّكْرِ لَأَهْلًا أَخَذُوهُ مِنَ الدُّنْيَا بَدَلًا فَلَمْ تَشْغَلْهُمْ تِجَارَةٌ وَ لَا بَيْعٌ عَنْهُ يَقْطَعُونَ بِهِ أَيَّامَ الْحَيَاةِ وَ يَهْتِفُونَ بِالزَّوَاجِرِ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فِي أَسْمَاعِ الْغَافِلِينَ وَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ وَ يَأْتَمِرُونَ بِهِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يَتَنَاهَوْنَ عَنْهُ فَكَأَنَّمَا قَطَعُوا الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَةِ وَ هُمْ فِيهَا فَشَاهَدُوا مَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَكَأَنَّمَا اطَّلَعُوا غُيُوبَ أَهْلِ الْبَرْزَخِ فِي طُولِ الْإِقَامَةِ فِيهِ وَ حَقَّقَتِ الْقِيَامَةُ عَلَيْهِمْ عِدَاتِهَا فَكَشَفُوا غِطَاءَ ذَلِكَ لِأَهْلِ الدُّنْيَا حَتَّى كَأَنَّهُمْ يَرَوْنَ مَا لَا يَرَى النَّاسُ وَ يَسْمَعُونَ مَا لَا يَسْمَعُونَ فَلَوْ مَثَّلْتَهُمْ لِعَقْلِكَ فِي مَقَاوِمِهِمُ الْمَحْمُودَةِ وَ مَجَالِسِهِمُ الْمَشْهُودَةِ وَ قَدْ نَشَرُوا دَوَاوِينَ أَعْمَالِهِمْ وَ فَرَغُوا لِمُحَاسَبَةِ أَنْفُسِهِمْ عَلَى كُلِّ صَغِيرَةٍ وَ كَبِيرَةٍ أُمِرُوا بِهَا فَقَصَّرُوا عَنْهَا وَ نُهُوا عَنْهَا فَفَرَّطُوا فِيهَا وَ حَمَّلُوا ثِقَلَ أَوْزَارِهِمْ ظُهُورَهُمْ فَضَعُفُوا عَنِ الِاسْتِقْلَالِ بِهَا فَنَشَجُوا نَشِيجاً وَ تَجَاوَبُوا نَحِيباً يَعِجُّونَ إِلَى رَبِّهِمْ مِنْ مَقَامِ نَدَمٍ وَ اعْتِرَافٍ لَرَأَيْتَ أَعْلَامَ هُدًى وَ مَصَابِيحَ دُجًى قَدْ حَفَّتْ بِهِمُ الْمَلَائِكَةُ
__________________________________________________
 (1) النور: 37.

325
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

وَ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَ فُتِحَتْ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ أُعِدَّتْ لَهُمْ مَقَاعِدُ الْكَرَامَاتِ فِي مَقَامٍ اطَّلَعَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِيهِ فَرَضِيَ سَعْيَهُمْ وَ حَمِدَ مَقَامَهُمْ يَتَنَسَّمُونَ بِدُعَائِهِ رَوْحَ التَّجَاوُزِ رَهَائِنُ فَاقَةٍ إِلَى فَضْلِهِ وَ أُسَارَى ذِلَّةٍ لِعَظَمَتِهِ جَرَحَ طُولُ الْأَسَى قُلُوبَهُمْ وَ طُولُ الْبُكَاءِ عُيُونَهُمْ لِكُلِّ بَابِ رَغْبَةٍ إِلَى اللَّهِ مِنْهُمْ يَدٌ قَارِعَةٌ بِهَا يَسْأَلُونَ مَنْ لَا تَضِيقُ لَدَيْهِ الْمَنَادِحُ وَ لَا يَخِيبُ عَلَيْهِ الرَّاغِبُونَ فَحَاسِبْ نَفْسَكَ لِنَفْسِكَ فَإِنَّ غَيْرَهَا مِنَ الْأَنْفُسِ لَهَا حَسِيبٌ غَيْرُكَ «1».
تبيين اللهو اللعب و ألهاني الشي‏ء أي شغلني و الذكر يطلق على اللساني و القلبي و لعل الظاهر من الكلمات الآتية أن المراد به ما يعم ذكره باللسان بالإنذار عن عقابه سبحانه و البشارة بثوابه و الأمر بطاعته و النهي عن معصيته و بالقلب بمحاسبة النفس في طاعته و معصيته و الإقدام على طاعته بذكر رحمته و الانتهاء عن معصيته بذكر غضبه و الاعتراف بالذنب و الندم على المخالفة فإن الجميع مما ينبعث عن ذكره سبحانه بالقلب بالعظمة و الجلال و المهابة و الإنعام و الإكرام.
و جلا فلان السيف و المرآة جلوا بالفتح و جلاء ككساء أي صقلهما و الوقر الثقل في الأذن و ذهاب السمع كله و العشوة المرة من العشا بالفتح و القصر أي سوء البصر بالليل و النهار أو العمى و قيل أن لا يبصر بالليل و يبصر بالنهار و برح فلان مكانه كفرح أي زال عنه و ما برح أي دائما و عزت آلاؤه أي عظمت و كرمت نعمه و عطاياه و البرهة بالضم كما في النسخ و بالفتح أيضا المدة أو الزمان الطويل و الفترة بالفتح ما بين كل نبيين من الزمان و قيل انقطاع الوحي و المناجاة المخاطبة سرا في الفكر أي الإلهام و كلمهم في ذات عقولهم أي في الباطن خفيا كما قيل في قوله تعالى وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ «2» أي بنفس الصدور أي ببواطنها و خفياتها و المصباح السراج و استصبح أي استسرج و نور
__________________________________________________
 (1) نهج البلاغة ج 1 ص 473 تحت الرقم 220 من الخطب.
 (2) آل عمران: 154.

326
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

اليقظة في الأسماع الاستماع للحكم و المواعظ و كل كلام نافع في الدين و الدنيا و العبرة بسماع أحوال الماضين و ترك الإصغاء إلى الملاهي و كل كلام باطل و في الأبصار النظر بعين العبرة و الاستدلال بآثار الصنع على العلم و القدرة لا بعين الالتذاذ و الميل إلى المحرمات و الرغبة في زهرات الدنيا و في الأفئدة التفكر في آيات القدرة و كلام الله عز و جل و أحكامه و الحكم و المسائل الدينية و التفكر فيما نزل بالماضين و عاقبة المحسنين و المسيئين و ترك الاشتغال بالأفكار الباطلة و ما يلهي عن ذكر الله عز و جل.
يذكرون بأيام الله إشارة إلى قوله تعالى وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ «1» و قيل معناه وقائع الله في الأمم الخالية و إهلاك من هلك منهم و أيام العرب حروبها و قيل أي بنعمه و آلائه و روي عن الصادق ع أنه يريد بأيام الله سننه و أفعاله في عباده من إنعام و انتقام و هو القول الجامع و مقام الله كناية عن عظمته و جلالته المستلزمة للهيبة و الخوف و قيل في قوله تعالى وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ «2» أي مقامه بين يدي ربه للحساب.
و الفلاة المفازة لا ماء فيها أو الصحراء الواسعة و القصد الرشد و استقامة الطريق و ضد الإفراط و التفريط و حمدوا إليه أي منهيا أو متوجها و نحو ذلك كقولهم في أوائل الكتب أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو و كذلك ذموا إليه و الهلكة بالتحريك و الهلكاء الهلاك و هلكة هلكاء توكيد.
و التجارة ككتابة الاسم من قولك تجر فلان كنصر و اتجر أي باع و اشترى و قيل التجارة المعاملة الرابحة و ذكر البيع بعد التجارة مبالغة بالتعميم بعد التخصيص إن أريد به مطلق المعاوضة أو بأفراد ما هو أعم من قسمي التجارة فإن الربح يتوقع بالشرى و يتحقق بالبيع و هذا بناء على أن يكون كل من الأمرين قسما منها لا جزءا و قيل المراد بالتجارة الشرى فإنه أصلها و مبدؤها.
__________________________________________________
 (1) إبراهيم: 5.
 (2) الرحمن: 46.

327
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

و هتفت الحمامة كضربت أي صاتت و هتف به هتافا بالضم أي صاح به و دعاه و هتف به هاتف أي سمع صوته و لم ير شخصه و في بعض النسخ يهتفون بدون حرف العطف و القسط بالكسر العدل يقال قسط كضرب و نصر و أقسط و يقال قسط قسطا كضرب ضربا أي جار و عدل عن الحق فهو من الأضداد و تناهى عن الأمر و انتهى عنه أي امتنع.
قوله ع إلى الآخرة أي منتهين أو واصلين إليها و في بعض النسخ و كأنما بالواو في الموضعين و غيوب أهل البرزخ ما غاب عن الناس من أحوالهم و الوعد يستعمل في الخير و الشر يقال وعدته خيرا و وعدته شرا فإذا أسقطوا الخير و الشر قالوا في الخير الوعد و في الشر الإيعاد و كشف الغطاء عن العدات بيانها لهم على أوضح وجه و المقاوم جمع مقام و شهده كسمعه أي حضره و الديوان بالكسر و قد يفتح مجتمع الصحف و الكتاب يكتب فيه أهل الجيش و أهل العطية و قيل جريدة الحساب و يطلق على موضع الحساب و هو معرب.
و فرغوا لمحاسبة أنفسهم أي فرغوا عن سائر الأشغال و تركوها لمحاسبة أنفسهم و حملوا ثقل أوزارهم ظهورهم أي تدبروا في ثقل الآثام و المعاصي و طاقة حملهم فأذعنوا بأن ثقلها يزيد عن قوتهم و لا يطيقون حملها و عذابها و الاستقلال بالشي‏ء الاستبداد و الانفراد به و استقل القوم أي مضوا و ارتحلوا و استقله أي حمله و رفعه.
و نشج الباكي كضرب نشيجا أي غص بالبكاء في حلقه من غير انتحاب و تجاوبوا أي جاوب بعضهم بعضا و النحيب أشد البكاء و الظاهر من التجاوب أن نشر الدواوين و محاسبتهم أنفسهم في مجمعهم و محضرهم كما هو الظاهر من لفظ المشهودة في أول الكلام لا أن يحاسب كل واحد نفسه علا حدة و يحتمل التجوز في لفظ التجاوب و عج كضر كما في النسخ و كعض «1» عجا و عجيجا أي صاح و رفع صوته لرأيت الجملة جزاء للشرط السابق و الدجى جمع دجية بالضم‏
__________________________________________________
 (1) يعني من بابى ضرب و علم.

328
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

أي الظلمة.
و حفت بهم أي أحاطت و طافت حولهم و السكينة الطمأنينة و المهابة و الوقار و لعل المراد به اليقين الذي تسكن به نفوسهم و تطمئن قلوبهم فلا يتزلزل لشبهة أو لما أصابها من فتنة كما قال عز و جل وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى‏ حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَ إِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى‏ وَجْهِهِ «1» و أبواب السماء الأبواب التي تنزل منها الرحمة أو تصعد الأعمال الصالحة و أعده إعدادا هيأه و أحضره و النسم محركة نفس الريح إذا كان ضعيفا كالنسيم و تنسم أي تنفس و تنسم النسيم أي تشممه و الروح بالفتح الراحة و الرحمة و نسيم الريح و المعنى يدعون و يتوقعون بدعائه تجاوزه عن ذنوبهم و الرهينة و المرتهنة الرهن و الأسى الحزن و أبواب الرغبة كلما يتقرب به إلى الله و اليد القارعة تطرق هذه الأبواب بالتقرب بها إلى الله تعالى و الندح بالفتح و الضم الأرض الواسعة و المنادح المفاوز و عليه متعلق بيخيب على تضمين معنى القدوم و الوفود و نحو ذلك و الحسيب المحاسب و المراد إما أسرع الحاسبين أو كل أحد من المكلفين فإنه مكلف بأن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب في موقف الحساب.
40- نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ دُعَاءٍ لَهُ ع اللَّهُمَّ إِنَّكَ آنَسُ الْآنَسِينَ بِأَوْلِيَائِكَ وَ أَحْضَرُهُمْ بِالْكِفَايَةِ لِلْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْكَ تُشَاهِدُهُمْ فِي سَرَائِرِهِمْ وَ تَطَّلِعُ عَلَيْهِمْ فِي ضَمَائِرِهِمْ وَ تَعْلَمُ مَبْلَغَ بَصَائِرِهِمْ فَأَسْرَارُهُمْ لَكَ مَكْشُوفَةٌ وَ قُلُوبُهُمْ إِلَيْكَ مَلْهُوفَةٌ إِنْ أَوْحَشَتْهُمُ الْغُرْبَةُ آنَسَهُمْ ذِكْرُكَ وَ إِنْ صُبَّتْ عَلَيْهِمُ الْمَصَائِبُ لَجَئُوا إِلَى الِاسْتِجَارَةِ بِكَ عِلْماً بِأَنَّ أَزِمَّةَ الْأُمُورِ بِيَدِكَ وَ مَصَادِرَهَا عَنْ قَضَائِكَ اللَّهُمَّ إِنْ فَهِهْتُ عَنْ مَسْأَلَتِي أَوْ عَمِهْتُ عَنْ طَلِبَتِي فَدُلَّنِي عَلَى مَصَالِحِي وَ خُذْ بِقَلْبِي إِلَى مَرَاشِدِي فَلَيْسَ ذَلِكَ بِنُكْرٍ مِنْ هِدَايَاتِكَ وَ لَا بِبِدْعٍ مِنْ كِفَايَاتِكَ اللَّهُمَّ احْمِلْنِي عَلَى عَفْوِكَ وَ لَا تَحْمِلْنِي‏
__________________________________________________
 (1) الحجّ: 11.

329
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 37 صفات خیار العباد و أولیاء الله و فیه ذکر بعض الکرامات التی رویت عن الصالحین ص 254

عَلَى عَدْلِكَ «1».
بيان: إنما أوردت هذا الدعاء لأنه من مناجاة أولياء الله و مشتمل على كثير من صفاتهم المختصة بهم رزقنا الله الوصول إلى درجتهم قوله ع بأوليائك في بعض النسخ لأوليائك و قال بعضهم الباء أنسب أي أنت أكثرهم أنسا بأوليائك و عطفا و تحننا عليهم و أحضرهم بالكفاية الحضور ضد الغيبة و الحضر بالضم و الإحضار ارتفاع الفرس في عدوه قيل أي أبلغهم إحضارا لكفاية المتوكلين و أقومهم بذلك و قيل أي أسرعهم إحضارا لما استعد منهم من الكمال و الأظهر أن المعنى أشدهم و أكثرهم حضورا عند الكفاية فإنه لا يغيب عن كفايتهم و لا يعزب عن علمه شي‏ء و قيل الكفاية بيان للحضور.
و الكافي من يقوم بالأمر و يحصل به الاستغناء عن الغير و توكل على الله أي اعتمد عليه و وثق به و البصيرة المعرفة و عقيدة القلب و الفطنة و قيل البصائر العزائم و الملهوف المكروب و المظلوم المستغيث أي قلوبهم مستغيثة راغبة عند الكرب و الحاجة إليك و المستجير الذي يطلب الأمان أو الحفظ و فهه كفرح أي عيي و عمه كفرح أيضا أي تردد في الضلال أو تحير في منازعة أو طريق أو لم يعرف الحجة و المراشد مقاصد الطريق أي ما فيه الاستقامة و الفوز بالمقصد و خذ بقلبي إلى مراشدي أي جره إليها و النكر العجيب و البدع بالكسر الأمر المبتدع أي لم يعهد مثله و احملني على عفوك أي عاملني يوم الجزاء بعفوك ..
__________________________________________________
 (1) نهج البلاغة ج 1 ص 484 تحت الرقم 225 من الخطب.

330
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

الجزء الثانی من کتاب الإیمان و الکفر ص 331

الجزء الثاني من كتاب الإيمان و الكفر

331
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

باب 38 جوامع المكارم و آفاتها و ما يوجب الفلاح و الهدى‏
الآيات البقرة الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ وَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُولئِكَ عَلى‏ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «1» و قال تعالى يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَ إِيَّايَ فَارْهَبُونِ وَ آمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَ لا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَ لا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا وَ إِيَّايَ فَاتَّقُونِ وَ لا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَ تَكْتُمُوا الْحَقَّ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ
__________________________________________________
 (1) البقرة: 1- 5.

332
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

وَ ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ أَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ «1» و قال سبحانه وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَ ذِي الْقُرْبى‏ وَ الْيَتامى‏ وَ الْمَساكِينِ وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَ أَنْتُمْ مُعْرِضُونَ «2» و قال سبحانه لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ ... وَ آتَى الْمالَ عَلى‏ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى‏ وَ الْيَتامى‏ وَ الْمَساكِينَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ وَ السَّائِلِينَ وَ فِي الرِّقابِ وَ أَقامَ الصَّلاةَ وَ آتَى الزَّكاةَ وَ الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ «3» و قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ «4» و قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ «5» آل عمران الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَ قِنا عَذابَ النَّارِ الصَّابِرِينَ وَ الصَّادِقِينَ وَ الْقانِتِينَ وَ الْمُنْفِقِينَ وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ «6» و قال تعالى مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَ هُمْ‏
__________________________________________________
 (1) البقرة: 40- 45.
 (2) البقرة: 83.
 (3) البقرة: 177.
 (4) البقرة: 218.
 (5) البقرة: 277.
 (6) آل عمران: 16- 17.

333
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَ أُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ وَ ما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ «1» و قال تعالى وَ سارِعُوا إِلى‏ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ الْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَ الْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَ مَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى‏ ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ «2» و قال إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى‏ جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَ كَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَ تَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ رَبَّنا وَ آتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى‏ رُسُلِكَ وَ لا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى‏ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أُوذُوا فِي سَبِيلِي وَ قاتَلُوا وَ قُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ لَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ «3» النساء إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً «4»
__________________________________________________
 (1) آل عمران: 113- 115.
 (2) آل عمران: 133- 136.
 (3) آل عمران: 190- 195.
 (4) النساء: 149.

334
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

و قال تعالى لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَ الْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَ الْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَ الْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ الْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً «1» المائدة وَ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ مِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَ أَطَعْنا وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ إلى قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ وَ لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَ قالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَ آتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَ آمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَ عَزَّرْتُمُوهُمْ وَ أَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ لَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ «2» و قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ لا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ «3» و قال تعالى لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَ آمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَ أَحْسَنُوا وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ «4» الأعراف قالَ مُوسى‏ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَ اصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ «5»
__________________________________________________
 (1) النساء: 162.
 (2) المائدة: 7- 12.
 (3) المائدة: 54 و 55.
 (4) المائدة: 93.
 (5) الأعراف: 128.

335
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

و قال وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ الَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ إلى قوله سبحانه وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى‏ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ «1» و قال وَ الدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ وَ الَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ «2» الأنفال فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «3» التوبة إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ أَقامَ الصَّلاةَ وَ آتَى الزَّكاةَ وَ لَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسى‏ أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ إلى قوله تعالى الَّذِينَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَ رِضْوانٍ وَ جَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ «4» و قال تعالى التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ «5» هود إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ كَبِيرٌ «6» و قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ أَخْبَتُوا إِلى‏ رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى‏ وَ الْأَصَمِ‏
__________________________________________________
 (1) الأعراف: 156- 159.
 (2) الأعراف: 169.
 (3) الأنفال: 1.
 (4) براءة: 18- 22.
 (5) براءة: 112.
 (6) هود: 11.

336
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

وَ الْبَصِيرِ وَ السَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا أَ فَلا تَذَكَّرُونَ «1» الرعد الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ لا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ وَ الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ وَ الَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ أَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَ عَلانِيَةً وَ يَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَ الْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ «2» و قال تعالى وَ يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى‏ لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ «3» النحل إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَ لَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَ هَداهُ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «4» مريم إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ لا يُظْلَمُونَ شَيْئاً «5» طه وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى‏ «6» الأنبياء وَ كُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِيتاءَ الزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ «7»
__________________________________________________
 (1) هود: 23 و 24.
 (2) الرعد: 18- 22.
 (3) الرعد: 27- 29.
 (4) النحل: 121 و 122.
 (5) مريم: 60.
 (6) طه: 82.
 (7) الأنبياء: 72 و 73.

337
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

و قال تعالى إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَ يَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً وَ كانُوا لَنا خاشِعِينَ «1» الحج وَ بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ الصَّابِرِينَ عَلى‏ ما أَصابَهُمْ وَ الْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ «2» و قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَ فِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَ تَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ اعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى‏ وَ نِعْمَ النَّصِيرُ «3» النور وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَخْشَ اللَّهَ وَ يَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ «4» الفرقان إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً وَ مَنْ تابَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً «5» الشعراء إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ ذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَ انْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا «6» النمل هُدىً وَ بُشْرى‏ لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ «7»
__________________________________________________
 (1) الأنبياء: 90.
 (2) الحجّ: 34 و 35.
 (3) الحجّ: 77 و 78.
 (4) النور: 52.
 (5) الفرقان: 71 و 72.
 (6) الشعراء: 227.
 (7) النمل: 2.

338
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

و قال تعالى إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها وَ لَهُ كُلُّ شَيْ‏ءٍ وَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَ أَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ «1» العنكبوت وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ الَّذِينَ صَبَرُوا وَ عَلى‏ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ «2» لقمان هُدىً وَ رَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُولئِكَ عَلى‏ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «3» و قال يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ اصْبِرْ عَلى‏ ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ «4» و قال تعالى وَ مَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى‏ وَ إِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ «5» الأحزاب إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَ الْمُسْلِماتِ وَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ وَ الْقانِتِينَ وَ الْقانِتاتِ وَ الصَّادِقِينَ وَ الصَّادِقاتِ وَ الصَّابِرِينَ وَ الصَّابِراتِ وَ الْخاشِعِينَ وَ الْخاشِعاتِ وَ الْمُتَصَدِّقِينَ وَ الْمُتَصَدِّقاتِ وَ الصَّائِمِينَ وَ الصَّائِماتِ وَ الْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَ الْحافِظاتِ وَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَ الذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً «6» فاطر إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ أَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ‏
__________________________________________________
 (1) النمل: 91.
 (2) العنكبوت: 58- 59.
 (3) لقمان: 3- 5.
 (4) لقمان: 17- 19.
 (5) لقمان: 22.
 (6) الأحزاب: 35.

339
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

سِرًّا وَ عَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَ يَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ «1» الزمر قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ «2» ق وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَ جاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ «3» البلد فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَ تَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ «4» تفسير هُدىً لِلْمُتَّقِينَ قد مر تفسير الآيات في الباب الأول من كتاب الإيمان و الكفر هذا «5».
يا بَنِي إِسْرائِيلَ «6» أي ولد يعقوب اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ في تفسير الإمام ع أن بعثت محمدا و أقررته في مدينتكم و لم أجشمكم الحط و الترحال إليه و أوضحت علاماته و دلائل صدقه كيلا يشتبه عليكم حاله وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي الذي أخذه على أسلافكم أنبياؤهم و أمروهم أن يؤدوه إلى أخلافهم ليؤمنن بمحمد العربي الهاشمي المبان بالآيات و المؤيد بالمعجزات الذي من آياته علي بن أبي طالب شقيقه و رفيقه عقله من عقله و علمه من علمه و حلمه من‏
__________________________________________________
 (1) فاطر: 29 و 30.
 (2) الزمر: 10.
 (3) ق: 31- 33.
 (4) البلد: 11- 20.
 (5) راجع ج 67 ص 17.
 (6) البقرة: 40.

340
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

حلمه مؤيد دينه بسيفه أُوفِ بِعَهْدِكُمْ الذي أوجبت به لكم نعيم الأبد في دار الكرامة وَ إِيَّايَ فَارْهَبُونِ في مخالفة محمد فإني القادر على صرف بلاء من يعاديكم على موافقتي و هم يقدرون على صرف انتقامي عنكم إذا آثرتم مخالفتي.
و روى العياشي عن الصادق ع أنه سئل عن هذه الآية فقال أوفوا بولاية علي فرضا من الله أوف لكم بالجنة «1».
أقول و الآية عامة في كل عهد على كل أحد و قال علي بن إبراهيم قال رجل للصادق ع يقول الله ادعوني أستجب لكم و إنا ندعو فلا يستجاب لنا فقال إنكم لا تفون لله بعهده فإنه تعالى يقول أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ و الله لو وفيتم لله سبحانه لوفى لكم.
وَ آمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ على محمد من ذكر نبوته و إمامة أخيه و عترته مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ فإن مثل هذا الذكر في كتابكم وَ لا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ قيل تعريض بأن الواجب أن تكونوا أول من آمن به لأنهم كانوا أهل النظر في معجزاته و العلم بشأنه و المستفتحين به و المبشرين بزمانه.
و في تفسير الإمام ع هؤلاء يهود المدينة جحدوا نبوة محمد و خانوه و قالوا نحن نعلم أن محمدا نبي و أن عليا وصيه و لكن لست أنت ذلك و لا هذا و لكن يأتيان بعد وقتنا هذا بخمسمائة سنة وَ لا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا في المجمع عن الباقر ع في هذه الآية أن حيي بن أخطب و كعب بن الأشرف و آخرين من اليهود كانت لهم مأكلة على اليهود في كل سنة فكرهوا بطلانها بأمر النبي ص فحرفوا لذلك آيات من التوراة فيها صفته و ذكره فذلك الثمن الذي أريد به في الآية «2» وَ إِيَّايَ فَاتَّقُونِ في كتمان أمر محمد و أمر وصيه وَ لا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ لا تخلطوه به بأن تقروا به من وجه و تجحدوه من وجه وَ تَكْتُمُوا الْحَقَّ من نبوة هذا و إمامة هذا وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أنكم تكتمونه تكابرون‏
__________________________________________________
 (1) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 42.
 (2) مجمع البيان ج 1 ص 95.

341
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

علومكم و عقولكم وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ المكتوبة التي جاء بها محمد ص و أقيموا أيضا الصلاة على محمد و آله الطاهرين.
وَ آتُوا الزَّكاةَ من أموالكم إذا وجبت و من أبدانكم إذا لزمت و من معونتكم إذا التمست و في الأخبار الكثيرة أنها شاملة للفطرة بل نزلت فيها لأنها لما نزلت لم يكن للناس أموال و إنما كانت الفطرة وَ ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ أي تواضعوا مع المتواضعين لعظمة الله في الانقياد لأولياء الله و قيل أي في جماعتهم للصلاة و قيل هذا فرد من أفراد ذاك أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ أي بالصدقات و أداء الأمانات وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ تتركونها وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أي التوراة الآمرة لكم بالخيرات الناهية عن المنكرات أَ فَلا تَعْقِلُونَ ما عليكم من العقاب في ذلك.
وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ قال الإمام أي عن الحرام على تأدية الأمانات و عن الرئاسات الباطلة على الاعتراف بالحق و استحقاق الغفران و الرضوان و نعيم الجنان و قيل و عن سائر المعاصي و على أصناف الطاعات و أنواع المصيبات على قرب الوصول إلى الجنان و في كثير من الأخبار أن الصبر الصيام وَ الصَّلاةِ قال الإمام ع الصلوات الخمس و الصلاة على النبي و آله الطاهرين و ظاهرها يشمل كل صلاة فريضة و نافلة «1»
وَ فِي الْمَجْمَعِ وَ الْعَيَّاشِيُّ عَنِ الصَّادِقِ ع مَا يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ غَمٌّ مِنْ غُمُومِ الدُّنْيَا أَنْ يَتَوَضَّأَ ثُمَّ يَدْخُلَ مَسْجِدَهُ فَيَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ فَيَدْعُوَ اللَّهَ فِيهَا أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ «2».
وَ إِنَّها قال علي بن إبراهيم يعني الصلاة و قيل الاستعانة بهما و قال الإمام ع إن هذه الفعلة من الصلوات الخمس و الصلاة على محمد و آله مع الانقياد لأوامرهم و الإيمان بسرهم و علانيتهم و ترك معارضتهم بلم و كيف لَكَبِيرَةٌ عظيمة و قيل ثقيلة شاقة كقوله عز و جل كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ قال الإمام أي الخائفين عقاب الله في مخالفته‏
__________________________________________________
 (1) تفسير الإمام ص 91.
 (2) مجمع البيان ج 1 ص 100، تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 43.

342
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

في أعظم فرائضه الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ في التوحيد و الإحتجاج و العياشي عن أمير المؤمنين ع يوقنون أنهم يبعثون و الظن منهم يقين و قال ع اللقاء البعث و الظن هاهنا اليقين «1» و في تفسير الإمام ع يقدرون و يتوقعون أنهم يلقون ربهم اللقاء الذي هو أعظم كرامته لعباده وَ أَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ إلى كرامته و نعيم جناته قال و إنما قال يظنون لأنهم لا يدرون بما ذا يختم لهم لأن العاقبة مستورة عنهم لا يعلمون ذلك يقينا لأنهم لا يأمنون أي يغيروا أو يبدلوا
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ خَائِفاً مِنْ سُوءِ الْعَاقِبَةِ وَ لَا يَتَيَقَّنُ الْوُصُولَ إِلَى رِضْوَانِ اللَّهِ حَتَّى يَكُونَ وَقْتُ نَزْعِ رُوحِهِ وَ ظُهُورِ مَلَكِ الْمَوْتِ لَهُ.
وَ إِذْ أَخَذْنا «2» قال الإمام أي و اذكروا إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ عهدهم المؤكد عليهم لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ لا تشبهوه بخلقه و لا تجوروه في حكمه و لا تعملوا ما يراد به وجهه تريدون به وجه غيره‏
قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ شَغَلَتْهُ عِبَادَةُ اللَّهِ عَنْ مَسْأَلَتِهِ أَعْطَاهُ أَفْضَلَ مَا يُعْطِي السَّائِلِينَ.
وَ قَالَ الصَّادِقُ ع مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ أَجَلَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي قَلْبِهِ مَعَ اللَّهِ غَيْرُهُ.
وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً و إن تحسنوا بهما إحسانا مكافاة عن إنعامهما عليهم و إحسانهما إليهم و احتمال المكروه الغليظ فيهم لترفيههم و
قَالَ الْإِمَامُ ع قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَفْضَلُ وَالِدَيْكُمْ وَ أَحَقُّهُمَا بِشُكْرِكُمْ مُحَمَّدٌ وَ عَلِيٌّ.
وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ أَنَا وَ عَلِيٌّ أَبَوَا هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ لَحَقُّنَا عَلَيْهِمْ أَعْظَمُ مِنْ حَقِّ أَبَوَيْ وِلَادَتِهِمْ فَإِنَّا نُنْقِذُهُمْ إِنْ أَطَاعُونَا مِنَ النَّارِ إِلَى دَارِ الْقَرَارِ وَ نُلْحِقُهُمْ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ بِخِيَارِ الْأَحْرَارِ.
أقول و هذا أحد وجوه كون المؤمنين إخوة.
وَ ذِي الْقُرْبى‏ أي و أن تحسنوا بقراباتهما لكرامتهما و قال أيضا هم‏
__________________________________________________
 (1) الاحتجاج: ص 128 و 132،- تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 44.
 (2) البقرة: 83.

343
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

قراباتك من أبيك و أمك قيل لك اعرف حقهم كما أخذ العهد به على بني إسرائيل و أخذ عليكم معاشر أمة محمد معرفة حق قرابات محمد الذين هم الأئمة بعده و من يليهم بعد من خيار أهل دينهم‏
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ رَعَى حَقَّ قَرَابَاتِ أَبَوَيْهِ أُعْطِيَ فِي الْجَنَّةِ أَلْفَ أَلْفِ دَرَجَةٍ.
ثم فسر الدرجات ثم قال و من رعى حق قربى محمد و علي أوتي من فضائل الدرجات و زيادة المثوبات على قدر زيادة فضل محمد و علي على أبوي نسبه.
وَ الْيَتامى‏ الذين فقدوا آباءهم الكافين لهم أمورهم السائقين إليهم قوتهم و غذائهم المصلحين لهم معاشهم قال ع و أشد من يتم هذا اليتيم يتيم عن إمامه لا يقدر على الوصول إليه و لا يدري كيف حكمه فيما يبتلي به من شرائع دينه ألا فمن كان من شيعتنا عالما بعلومنا و هذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره ألا فمن هداه و أرشده و علمه شريعتنا كان معنا في الرفيق الأعلى حدثني بذلك أبي عن آبائه عن رسول الله ص.
وَ الْمَساكِينِ قال الإمام ع هو من سكن الضر و الفقر حركته قال ألا فمن واساهم بحواشي ماله وسع الله عليه جنانه و أناله غفرانه و رضوانه ثم قال ع إن من محبي محمد مساكين مواساتهم أفضل من مواساة مساكين الفقر و هم الذين سكنت جوارحهم و ضعفت قواهم عن مقابلة أعداء الله الذين يعيرونهم بدينهم و يسفهون أحلامهم ألا فمن قواهم بفقهه و علمه حتى أزال مسكنتهم ثم سلطهم على الأعداء الظاهرين من النواصب و على الأعداء الباطنين إبليس و مردته حتى يهزموهم عن دين الله و يذودوهم عن أولياء آل رسول الله حول الله تلك المسكنة إلى شياطينهم و أعجزهم عن إضلالهم قضى الله بذلك قضاء حقا على لسان رسول الله.
وَ قُولُوا لِلنَّاسِ الذين لا مئونة لهم عليكم حُسْناً عاملوهم بخلق جميل أقول و سيأتي الكلام في تفسيرها إن شاء الله وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ قال الإمام ع بإتمام ركوعها و سجودها و حفظ مواقيتها و أداء حقوقها التي إذا لم تؤد لم‏

344
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

يتقبلها رب الخلائق أ تدرون ما تلك الحقوق هو اتباعها بالصلاة على محمد و علي و آلهما منطويا على الاعتقاد بأنهم أفضل خيرة الله و القوام بحقوق الله و النصار لدين الله قال ع وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ على محمد و آله عند أحوال غضبكم و رضاكم و شدتكم و رخائكم و همومكم المعلقة بقلوبكم وَ آتُوا الزَّكاةَ من المال و الجاه و قوة البدن ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ أيها اليهود عن الوفاء بالعهد الذي أداه إليكم أسلافكم إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَ أَنْتُمْ مُعْرِضُونَ عن ذلك العهد تاركين له غافلين عنه.
لَيْسَ الْبِرَّ «1» قال الإمام ع يعني يا محمد قل ليس البر أي الطاعة التي تنالون بها الجنان و تستحقون بها الغفران و الرضوان أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ بصلاتكم قِبَلَ الْمَشْرِقِ يا أيها النصارى وَ قبل الْمَغْرِبِ يا أيها اليهود و أنتم لأمر الله مخالفون و على ولي الله مغتاظون وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ قيل يعني البر الذي ينبغي أن يهتم به بر من آمن بالله إلى قوله وَ آتَى الْمالَ عَلى‏ حُبِّهِ أي أعطى في الله تعالى المستحقين من المؤمنين على حبه للمال و شدة حاجته إليه يأمل الحياة و يخشى الفقر لأنه صحيح شحيح ذَوِي الْقُرْبى‏ أعطى قرابة النبي ص الفقراء هدية و برا لا صدقة لأن الله أجلهم عن الصدقة و أعطى قرابة نفسه صدقة و برا وَ الْيَتامى‏ من بني هاشم الفقراء برا لا صدقة و يتامى غيرهم صدقة و صلة وَ الْمَساكِينَ مساكين الناس وَ ابْنَ السَّبِيلِ المجتاز المنقطع به لا نفقة معه وَ السَّائِلِينَ الذين يتكففون وَ فِي الرِّقابِ و في تخليصها يعني المكاتبين يعينهم ليؤدوا حقوقهم فيعتقوا وَ أَقامَ الصَّلاةَ بحدودها وَ آتَى الزَّكاةَ الواجبة عليه لإخوانه المؤمنين وَ الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا قيل عطف على من آمن يشمل عهد الله و الناس وَ الصَّابِرِينَ نصبه على المدح لفضل الصبر على سائر الأعمال فِي الْبَأْساءِ يعني في محاربة الأعداء و لا عدو يحاربه أعدى من إبليس و مردته يهتف به و يدفعه و إياهم بالصلاة على محمد و آله الطيبين وَ الضَّرَّاءِ
__________________________________________________
 (1) البقرة: 177.

345
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

الفقر و الشدة وَ حِينَ الْبَأْسِ عند شدة القتال يذكر الله و يصلي على رسول الله و على علي ولي الله يوالي بقلبه و لسانه أولياء الله و يعادي كذلك أعداءه أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا في إيمانهم و صدقوا أقاويلهم بأفاعيلهم وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ لما أمروا باتقائه.
قيل الآية كما ترى جامعة للكلمات الإنسانية بأسرها دالة عليها صريحا أو ضمنا فإنها بكثرتها و تشعبها منحصرة في ثلاثة أشياء صحته الاعتقاد و حسن المعاشرة و تهذيب النفس و قد أشير إلى الأول بقوله مَنْ آمَنَ إلى وَ النَّبِيِّينَ و إلى الثاني بقوله وَ آتَى الْمالَ إلى وَ فِي الرِّقابِ و إلى الثالث بقوله وَ أَقامَ الصَّلاةَ إلى آخرها و لذلك وصف المستجمع لها بالصدق نظرا إلى إيمانه و اعتقاده و بالتقوى اعتبارا بمعاشرته للخلق و معاملته مع الحق و إليه أشار النبي ص بقوله من عمل بهذه الآية فقد استكمل الإيمان.
و أقول ما لم ننسب إلى تفسير مخصوص و لم نصدر بقيل فهو من تفسير الإمام ع.
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هاجَرُوا «1» قيل نزلت في قصة ابن جحش و أصحابه و قتلهم ابن الحضرمي في رجب حين ظن قوم أنهم إن سلموا من الإثم فليس لهم أجر.
وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ «2» قيل عطفهما على ما يعمهما لا نافتهما على سائر الأعمال الصالحة وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ من آت وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ على فائت.
الَّذِينَ يَقُولُونَ إلى قوله بِالْأَسْحارِ «3» قيل حصر لمقامات السالك على أحسن ترتيب فإن معاملته مع الله إما توسل و إما طلب و التوسل إما بالنفس و هو منعها عن الرذائل و حبسها على الفضائل و الصبر يشملهما و إما بالبدن و هو إما قولي‏
__________________________________________________
 (1) البقرة: 218.
 (2) البقرة: 277.
 (3) آل عمران: 16 و 17.

346
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

و هو الصدق و إما فعلي و هو القنوت الذي هو ملازمة الطاعة و أما بالمال و هو الإنفاق في سبيل الخير و أما الطلب فالاستغفار لأن المغفرة أعظم المطالب بل الجامع لها و توسيط الواو بينها للدلالة على استقلال كل واحدة و كمالهم فيها أو لتغاير الموصوفين بها و تخصيص الأسحار لأن الدعاء فيها أقرب إلى الإجابة لأن العبادة حينئذ أشق و النفس أصفى و الروع أجمع سيما للمتهجدين قيل إنهم كانوا يصلون إلى السحر ثم يستغفرون و يدعون و في المجمع عن الصادق ع هم المصلون وقت السحر و قال من استغفر سبعين مرة في وقت السحر فهو من أهل هذه الآية «1» و ستأتي الأخبار في ذلك في محله إن شاء الله.
أُمَّةٌ قائِمَةٌ «2» أي على الحق و هم الذين أسلموا منهم يَتْلُونَ إلخ أي يتلونها في تهجدهم يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وصفهم بصفات ليست في اليهود فإنهم منحرفون عن الحق غير متعبدين بالليل مشركون بالله ملحدون في صفاته واصفون اليوم الآخر بخلاف صفته مداهنون في الاحتساب متباطئون عن الخيرات فَلَنْ يُكْفَرُوهُ أي فلن يضيع و لا ينقص ثوابه و لا ينافي ذلك ما سيأتي في الخبر أن المؤمن مكفر فإن المراد به أنه لا يشكره الناس وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ قيل بشارة لهم و إشعار بأن التقوى مبدأ الخير و حسن العمل.
وَ سارِعُوا «3» أي بادروا إِلى‏ مَغْفِرَةٍ أي إلى أسباب المغفرة و في المجمع عن أمير المؤمنين ع إلى أداء الفرائض وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ عن الصادق ع إذا وضعوهما كذا و بسط يديه إحداهما مع الأخرى أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ في الخصال عن أمير المؤمنين ع فإنكم لن تنالوها إلا بالتقوى الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ أي في حالتي الرخاء و الشدة يعني ينفقون في أحوالهم كلها ما تيسر لهم من قليل أو كثير وَ الْكاظِمِينَ الْغَيْظَ الممسكين عليه الكافين عن إمضائه‏
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 2 ص 419.
 (2) آل عمران: 113- 115.
 (3) آل عمران: 133- 136.

347
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

مع القدرة وَ الْعافِينَ عَنِ النَّاسِ التاركين عقوبة من استحق مؤاخذته وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ قيل يحتمل الجنس و يدخل تحته هؤلاء و العهد فتكون الإشارة إليهم في المجمع روي أن جارية لعلي بن الحسين ع جعلت تسكب عليه الماء ليتهيأ للصلاة فسقط الإبريق من يدها فشجه فرفع رأسه إليها فقالت له الجارية إن الله يقول وَ الْكاظِمِينَ الْغَيْظَ فقال لها كظمت غيظي قالت وَ الْعافِينَ عَنِ النَّاسِ قال عفى الله عنك قالت وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ قال اذهبي فأنت حرة لوجه الله «1».
وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أي سيئة بالغة في القبح كالزنا أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ قيل بأن أذنبوا أي ذنب كان و قيل الفاحشة الكبيرة و ظلم النفس الصغيرة و قيل الفاحشة ما يتعدى و ظلم النفس ما ليس كذلك و قيل أَوْ ظَلَمُوا أي أذنبوا ذنبا أعظم من الزنا فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ بالندم و التوبة وَ مَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ استفهام بمعنى النفي معترض بين المعطوفين و المراد به وصفه تعالى بسعة الرحمة و عموم المغفرة و الحث على الاستغفار و الوعد بقبول التوبة وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى‏ ما فَعَلُوا أي و لم يقيموا على ذنوبهم غير مستغفرين و سيأتي معنى الإصرار في بابه إن شاء الله وَ هُمْ يَعْلَمُونَ أي و لم يصروا على قبيح فعلهم عالمين به وَ نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ أي المغفرة و الجنات و في المجالس عن الصادق ع قال لما نزلت هذه الآية صعد إبليس جبلا فصرخ بأعلا صوته بعفاريته فاجتمعوا إليه فقالوا يا سيدنا لما دعوتنا قال نزلت هذه الآية فمن لها فقام عفريت من الشياطين فقال أنا لها بكذا و كذا قال لست لها فقام آخر فقال مثل ذلك فقال لست لها فقال الوسواس الخناس أنا لها قال بما ذا قال أعدهم و أمنيهم حتى يواقعوا الخطيئة فإذا واقعوا الخطيئة أنسيتهم الاستغفار فقال أنت لها فوكله بها إلى يوم القيامة «2» و سيأتي قصة بهلول النباش في ذلك عند ذكر قصص الخائفين «3» لَآياتٍ لِأُولِي‏
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 2 ص 505.
 (2) أمالي الصدوق: ص 278.
 (3) أمالي الصدوق: ص 27- 29.

348
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

الْأَلْبابِ «1» أي لدلائل واضحة على التوحيد و كمال علمه سبحانه و حكمته و نفاذ قدرته و مشيته لذوي العقول الخالصة عن شوائب الحس و الوهم الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ في جميع الأحوال و على جميع الهيئات‏
وَ عَنِ الصَّادِقِ ع عَنِ النَّبِيِّ ص مَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ اللَّهِ أَحَبَّهُ اللَّهُ «2».
وَ عَنِ الْبَاقِرِ ع قِياماً الصَّحِيحُ يُصَلِّي قَائِماً وَ قُعُوداً الْمَرِيضُ يُصَلِّي جَالِساً و عَلى‏ جُنُوبِهِمْ «3» الَّذِي يَكُونُ أَضْعَفَ مِنَ الْمَرِيضِ الَّذِي يُصَلِّي جَالِساً.
وَ عَنْهُ ع لَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَ فِي ذِكْرِ اللَّهِ قَائِماً أَوْ جَالِساً أَوْ مُضْطَجِعاً إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى‏ جُنُوبِهِمْ.
وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ و يعتبرون بهما و ستأتي الأخبار في فضل التفكر رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا الخلق باطِلًا عبثا ضائعا من غير حكمة يعني يقولون ذلك سُبْحانَكَ تنزيها لك من العبث و خلق الباطل و هو اعتراض فَقِنا عَذابَ النَّارِ للإخلال بالنظر فيه و القيام بما يقتضيه وَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ وضع المظهر موضع المضمر للدلالة على أن ظلمهم صار سببا لإدخالهم النار و انقطاع النصرة عنهم في الخلاص و روى العياشي عن الباقر ع ما لهم من أئمة يسمونهم بأسمائهم «4» رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً هو الرسول ص و قيل القرآن فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا قيل أي كبائرنا فإنها ذات تبعات و أذناب وَ كَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا فإنها مستقبحة و لكنها مكفرة عن مجتنب الكبائر وَ تَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ مخصوصين بصحبتهم معدودين في زمرتهم عَلى‏ رُسُلِكَ أي على ألسنتهم و إنما سألوا ما وعدوا مع أنه لا يخلف الله وعده تعبدا و استكانة و مخافة أن يكونوا مقصرين في الأمثال وَ لا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ بأن تعصمنا عما يقتضي الخزي إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ بإثابة المؤمن و إجابة الداعي و تكرير ربنا للمبالغة
__________________________________________________
 (1) آل عمران: 190- 195.
 (2) الكافي ج 2 ص 500.
 (3) تفسير العيّاشيّ ج 1 ص 211.
 (4) المصدر نفسه ج 1 ص 211.

349
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

في الابتهال و الدلالة على استقلال المطالب و علو شأنها و في المجمع عن النبي ص لما نزلت هذه الآية قال ويل لمن لاكها بين فكيه و لم يتأمل ما فيها «1».
فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ إلى طلبتهم أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ إلى قوله بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ لأن الذكر من الأنثى و الأنثى من الذكر أو لأنهما من أصل واحد أو لفرط الاتصال و الاتحاد و لاتفاقهم في الدين و الطاعة و هو اعتراض فَالَّذِينَ هاجَرُوا الأوطان و العشائر في الدين وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أُوذُوا فِي سَبِيلِي بسبب إيمانهم بالله و من أجله وَ قاتَلُوا الكفار وَ قُتِلُوا في الجهاد.
في مجالس الصدوق أن أمير المؤمنين ع لما هاجر من مكة إلى المدينة ليلحق بالنبي و قد قارع الفرسان من قريش و معه فاطمة بنت أسد و فاطمة بنت رسول الله ص و فاطمة بنت الزبير فسار ظاهرا قاهرا حتى نزل ضجنان فلزم بها يوما و ليلة و لحق به نفر من ضعفاء المؤمنين و فيهم أم أيمن مولاة رسول الله ص و كان يصلي ليلته تلك هو و الفواطم و يذكرون الله قياما و قعودا و على جنوبهم فلن يزالوا كذلك حتى طلع الفجر فصلى ع بهم صلاة الفجر ثم سار لوجهه فجعل و هن يصنعون ذلك منزلا بعد منزل يعبدون الله و يرغبون إليه كذلك حتى قدم المدينة و قد نزل الوحي بما كان من شأنهم قبل قدومهم الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ الآيات قوله مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى‏ الذكر علي و الأنثى الفواطم بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ يعني علي من فاطمة أو قال الفواطم و هن من علي «2».
و أقول ظاهر الآية يشمل كل من اتصف بهذه الصفات.
إِنْ تُبْدُوا خَيْراً «3» أي تظهروه أَوْ تَعْفُوا عن سوء مع قدرتكم على‏
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 2 ص 554.
 (2) أمالي الصدوق: ص 00.
 (3) النساء: 149.

350
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

الانتقام و هو المقصود ذكره و ما قبله تمهيد له و لذا رتب عليه قوله فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً لم يزل يكثر العفو عن العصاة مع كمال قدرته على الانتقام.
لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ «1» قالوا أي من اليهود كعبد الله بن سلام و أصحابه وَ الْمُؤْمِنُونَ أي منهم أو من المهاجرين و الأنصار يُؤْمِنُونَ خبر المبتدإ وَ الْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ قيل نصب على المدح أو عطف على بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ و المراد بهم الأنبياء و قرئ بالرفع عطفا على الراسخون أو الضمير في يُؤْمِنُونَ أو على أنه مبتدأ و الخبر أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً لجمعهم بين الإيمان الصحيح و العمل الصالح.
وَ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ «2» بالإسلام ليذكركم المنعم و يرغبكم في شكره وَ مِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ قيل يعني عند إسلامكم بأن تطيعوا الله فيما يفرضه عليكم سركم أو ساءكم‏
وَ فِي الْمَجْمَعِ عَنِ الْبَاقِرِ ع أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمِيثَاقِ مَا بَيَّنَ لَهُمْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ تَحْرِيمِ الْمُحَرَّمَاتِ وَ كَيْفِيَّةِ الطَّهَارَةِ وَ فَرْضِ الْوَلَايَةِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ «3».
أقول و هذا داخل في ذاك إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَ أَطَعْنا قال علي بن إبراهيم لما أخذ رسول الله ص الميثاق عليهم بالولاية قالوا سمعنا و أطعنا ثم نقضوا ميثاقه وَ اتَّقُوا اللَّهَ في إنساء نعمته و نقض ميثاقه إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ بخفياتها فضلا عن جليات أعمالكم قَوَّامِينَ أي بالحق لِلَّهِ خالصا له شُهَداءَ بِالْقِسْطِ أي العدل وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ أي و لا يحملنكم شَنَآنُ قَوْمٍ أي شدة عداوتهم و بغضهم عَلى‏ أَلَّا تَعْدِلُوا فتعتدوا عليهم بارتكاب ما لا يحل كمثلة و قذف و قتل نساء و صبية و نقض عهد تشفيا مما في قلوبكم اعْدِلُوا في أوليائكم و أعدائكم إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ فمجازيكم.
أَنْ يَبْسُطُوا أي يبطشوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ بالقتل و الإهلاك فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ‏
__________________________________________________
 (1) النساء: 162.
 (2) المائدة: 7- 12.
 (3) مجمع البيان ج 3 ص 168.

351
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

عَنْكُمْ منعها أن تمد إليكم و رد مضرتها عنكم قال علي بن إبراهيم يعني أهل مكة من قبل فتحها فكف أيديهم بالصلح يوم الحديبية وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ فإنه الكافي لإيصال الخير و دفع الشر اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً كفيلا أمينا شاهدا من كل سبط ينقب عن أحوال قومه و يفتش عنها و يعرف مناقبهم إِنِّي مَعَكُمْ بالنصرة وَ آمَنْتُمْ بِرُسُلِي أي صدقتموهم وَ عَزَّرْتُمُوهُمْ أي نصرتموهم و قويتموهم وَ أَقْرَضْتُمُ اللَّهَ بالإنفاق في سبيله لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ لأغطينها.
مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ «1» جوابه محذوف يعني فلن يضر دين الله شيئا فإن الله لا يخلي دينه من أنصار يحمونه و قال علي بن إبراهيم هو مخاطبة لأصحاب رسول الله ص الذين غصبوا آل محمد حقهم و ارتدوا عن دين الله يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ يحبهم الله و يحبون الله أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ رحماء عليهم من الذل بالكسر الذي هو اللين لا من الذل بالضم الذي هو الهوان أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ غلاظ شداد عليهم من عزه إذا غلبه يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بالقتال لإعلاء كلمة الله و إعزاز دينه وَ لا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ فيما يأتون من الجهاد و الطاعة في المجمع عن الباقر و الصادق ع هم أمير المؤمنين ع و أصحابه حين قاتل من قاتله من الناكثين و القاسطين و المارقين «2» ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ أي محبتهم لله سبحانه و لين جانبهم للمؤمنين و شدتهم على الكافرين تفضل من الله و توفيق و لطف منه و منة من جهته يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ يعطيه من يعلم أنه محل له وَ اللَّهُ واسِعٌ جواد لا يخاف نفاد ما عنده عَلِيمٌ بموضع جوده و عطائه و لا ريب في نزول آية إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ في أمير المؤمنين ع و قد مرت الأخبار في ذلك في المجلد التاسع «3».
فِيما طَعِمُوا «4» أي من المستلذات أكلا كان أو شربا فإن الطعم يعمهما
__________________________________________________
 (1) المائدة: 54 و 55.
 (2) مجمع البيان ج 3 ص 208.
 (3) راجع ج 35 ص 183- 206 من هذه الطبعة الحديثة.
 (4) المائدة: 93.

352
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

و في المجمع في تفسير أهل البيت ع فيما طعموا من الحلال إِذا مَا اتَّقَوْا إلى الْمُحْسِنِينَ قال علي بن إبراهيم لما نزل تحريم الخمر و الميسر و التشديد في أمرهما قال الناس من المهاجرين و الأنصار يا رسول الله قتل أصحابنا و هم يشربون الخمر و قد سماه الله رجسا و جعلها من عمل الشيطان و قد قلت ما قلت أ فيضر أصحابنا ذلك شيئا بعد ما ماتوا فأنزل الله هذه الآية فهذا لمن مات أو قتل قبل تحريم الخمر و الجناح هو الإثم و هو على من شربها بعد التحريم و قيل فِيما طَعِمُوا أي مما لم يحرم عليهم إِذا مَا اتَّقَوْا أي المحرم وَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أي ثبتوا على الإيمان و الأعمال الصالحة ثُمَّ اتَّقَوْا أي ما حرم عليهم بعد كالخمر وَ آمَنُوا بتحريمه ثُمَّ اتَّقَوْا أي استمروا و ثبتوا على اتقاء المعاصي وَ أَحْسَنُوا أي و تحروا الأعمال الجميلة فاشتغلوا بها.
قيل لما كان لكل من الإيمان و التقوى درجات و منازل كما ورد عنهم ع لم يبعد أن يكون تكريرهما في الآية إشارة إلى تلك الدرجات و المنازل فإن أوائل درجات الإيمان تصديقات مشوبة بالشبه و الشكوك على اختلاف مراتبها و يمكن معها الشرك كما قال سبحانه وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ «1» و يعبر عنها بالإسلام كما قال الله عز و جل قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ «2» و التقوى المتقدمة عليها هي تقوى العام و أواسطها تصديقات لا يشوبها شك و لا شبهة كما قال الله عز و جل الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا «3» و أكثر إطلاق الإيمان عليها خاصة كما قال إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ إِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَ عَلى‏ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ «4» و التقوى المتقدمة عليها هي تقوى‏
__________________________________________________
 (1) يوسف: 106.
 (2) الحجرات: 13.
 (3) الحجرات: 19.
 (4) الأنفال: 2.

353
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

الخاص و أواخرها تصديقات كذلك مع شهود و عيان و محبة كاملة لله عز و جل كما قال يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ «1» و يعبر عنها تارة بالإحسان كما ورد في الحديث النبوي ص الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه و أخرى بالإيقان كما قال وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ «2» و التقوى المتقدمة عليها هي تقوى خاص الخاص و إنما قدمت التقوى على الإيمان لأن الإيمان إنما يتحصل و يتقوى بالتقوى لأنها كلما ازدادت ازداد الإيمان بحسب ازديادها و هذا لا ينافي تقدم أصل الإيمان على التقوى بل ازديادها بحسب ازدياده أيضا لأن الدرجة المتقدمة لكل منها غير الدرجة المتأخرة و مثل ذلك مثل من يمشي بسراج في ظلمة فكلما أضاء له من الطريق قطعة مشى فيها فيصير ذلك المشي سببا لإضاءة قطعة أخرى منه و هكذا.
وَ اصْبِرُوا «3» أي على أذية فرعون و تهديده إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ الآية وعد لهم منه بالنصرة و تذكير لما كان وعدهم من إهلاك القبط و توريثهم ديارهم و في الأخبار أن الآية في الأئمة ع يورثهم الله الأرض في زمن القائم ع و هم المتقون و العاقبة لهم «4» و تدل الآية على فضل الاستعانة بالله و الصبر و التقوى وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ قيل أي في الدنيا المؤمن و الكافر بل المكلف و غيره أو في الدنيا و الآخرة إلا أن قوما لم يدخلوها لضلالهم.
فَسَأَكْتُبُها «5» فسأثبتها و أوجبها في الآخرة لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ الشرك و المعاصي وَ الَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ فلا يكفرون بشي‏ء منها يَهْدُونَ بِالْحَقِّ أي بكلمة الحق وَ بِهِ أي و بالحق يَعْدِلُونَ بينهم في الحكم.
خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ «6» محارم الله مما يأخذ هؤلاء أَ فَلا يَعْقلُونَ‏
__________________________________________________
 (1) المائدة: 54.
 (2) البقرة: 4.
 (3) الأعراف: 128.
 (4) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 25.
 (5) الأعراف: 156.
 (6) الأعراف: 169.

354
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

فيعلمون ذلك وَ الَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ إلى قوله أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ إما عطف على الذين يتقون و ما بينهما اعتراض و إما استئناف و وضع الظاهر موضع المضمر لأنه في معناه و للتنبيه على أن الإصلاح مانع من الإضاعة و عن الباقر ع نزلت في آل محمد و أشياعهم «1».
فَاتَّقُوا اللَّهَ «2» قيل أي في الاختلاف و المشاجرة وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ أي الحال التي بينكم بالمواساة و المساعدة فيما رزقكم الله و تسليم أمره إلى الله و الرسول وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فيه إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فإن الإيمان يقتضي ذلك.
إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ «3» قيل أي إنما يستقيم عمارتها لهؤلاء الجامعين للكمالات العلمية و العملية وَ لَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ يعني في أبواب الدين بأن لا يختار على رضا الله رضا غيره فَعَسى‏ ذكره بصيغة التوقع قطعا لأطماع المشركين في الاهتداء و الانتفاع بأعمالهم أَعْظَمُ دَرَجَةً أي ممن لم يستجمع هذه الصفات وَ أُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ المختصون بالفوز و نيل الحسنى عند الله مُقِيمٌ أي دائم.
التَّائِبُونَ «4» رفع على المدح و في قراءة أهل البيت التائبين إلى قوله و الحافظين و في الكافي عن الصادق ع لما نزلت هذه الآية إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى‏ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قام رجل إلى النبي ص فقال يا نبي الله أ رأيتك الرجل يأخذ سيفه فيقاتل حتى يقتل إلا أنه يقترف من هذه المحارم أ شهيد هو فأنزل الله على رسوله التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الآية فبشر النبي ص المجاهدين من المؤمنين الذين هذه صفتهم و حليتهم بالشهادة و الجنة و قال التَّائِبُونَ من الذنوب الْعابِدُونَ الذين لا يعبدون إلا الله و لا يشركون به شيئا الْحامِدُونَ الذين‏
__________________________________________________
 (1) تفسير القمّيّ ص 229.
 (2) الأنفال: 1.
 (3) براءة: 18- 22.
 (4) براءة: 112.

355
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

يحمدون الله على كل حال في الشدة و الرخاء السَّائِحُونَ الصائمون الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الذين يواظبون على الصلوات الخمس الحافظون لها و المحافظون عليها بركوعها و سجودها و الخشوع فيها و في أوقاتها الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ بعد ذلك و العاملون به وَ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ و المنتهون عنه قال فبشر من قتل و هو قائم بهذه الشروط بالشهادة و الجنة الخبر «1».
و أقول إنما فسر السياحة بالصيام لقول النبي ص سياحة أمتي الصيام شبه بها لأنه يعوق عن الشهوات أو لأنه رياضة نفسانية يتوصل بها إلى الاطلاع على خفايا الملك و الملكوت و قيل السائحون للجهاد أو لطلب العلم و قيل في قوله وَ النَّاهُونَ العاطف فيه للدلالة على أنه بما عطف عليه في حكم خصلة واحدة كأنه قال الجامعون بين الوصفين و في قوله وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ أي فيما بينه و عينه من الحقائق و الشرائع للتنبيه على أن ما قبله مفصل الفضائل و هذا مجملها و قيل إنه للإيذان بأن التعداد قد تم بالسابع من حيث إن السبعة هو العدد التام و الثامن ابتداء تعداد آخر معطوف عليه و لذلك سمي واو الثمانية.
وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ قيل يعني به هؤلاء الموصوفين بتلك الفضائل و وضع المؤمنين موضع ضميرهم للتنبيه على أن إيمانهم دعاهم إلى ذلك و أن المؤمن الكامل من كان كذلك و حذف المبشر به للتعظيم كأنه قيل و بشرهم بما يجل عن إحاطة الأفهام و تعبير الكلام.
إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا «2» أي في الشدة على الضراء إيمانا بالله و استسلاما لقضائه وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ في الرخاء شكرا لآلائه سابقها و لاحقها وَ أَخْبَتُوا إِلى‏ رَبِّهِمْ «3» أي اطمأنوا إليه و خشعوا له مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ أي الكافر و المؤمن‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 5 ص 15.
 (2) هود: 11.
 (3) هود: 23- 24.

356
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

كَالْأَعْمى‏ وَ الْأَصَمِّ وَ الْبَصِيرِ وَ السَّمِيعِ قيل يجوز أن يراد به تشبيه الكافر بالأعمى لتعاميه عن آيات الله و بالأصم لتعاميه عن استماع كلام الله و تأبيه عن تدبر معانيه و شبه المؤمن بالسميع و البصير لأن الأمر بالضد فيكون كل منهما مشبها باثنين باعتبار وصفين أو تشبيه الكافر بالجامع بين العمى و الصمم و المؤمن بالجامع بين ضديهما و العاطف لعطف الصفة على الصفة مَثَلًا أي تمثيلا أو صفة أو حالا أَ فَلا تَذَكَّرُونَ بضرب الأمثال و التفكر فيها.
بِعَهْدِ اللَّهِ «1» أي بما عقدوه على أنفسهم لله وَ لا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ ما وثقوه من المواثيق بينهم و بين الله و بين العباد و عن الكاظم ع أنه ميثاق الولاية في الذر ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ من الرحم و لا سيما رحم آل محمد كما في الأخبار وَ يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ خصوصا فيحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا و
عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ الِاسْتِقْصَاءُ و الْمُدَاقَّةُ وَ قَالَ ع الِاسْتِقْصَاءُ أَنْ تُحْسَبَ عَلَيْهِمُ السَّيِّئَاتُ وَ لَهُمُ الْحَسَنَاتُ «2».
وَ الَّذِينَ صَبَرُوا على القيام بأوامر الله و مشاق التكاليف و عن المصائب في النفوس و الأموال و عن معاصي الله ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ أي طلبا لرضاه وَ يَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أي يدفعونها بها فيجازون الإساءة بالإحسان و يتبعون الحسنة السيئة فتمحوها
وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِعَلِيٍّ يَا عَلِيُّ مَا مِنْ دَارٍ فِيهَا فَرْحَةٌ إِلَّا تَبِعَهَا مَرْحَةٌ وَ مَا مِنْ هَمٍّ إِلَّا وَ لَهُ فَرَجٌ إِلَّا هَمُّ أَهْلِ النَّارِ إِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فَاتَّبِعْهَا بِحَسَنَةٍ تَمْحُهَا سَرِيعاً وَ عَلَيْكَ بِصَنَائِعِ الْخَيْرِ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ مَصَارِعَ السَّوْءِ «3».
أقول الخطاب إليه ع لتعليم غيره عُقْبَى الدَّارِ أي عاقبة الدنيا و ما ينبغي أن يكون مال أهلها و هي الجنة و العدن الإقامة أي جنات يقيمون فيها وَ مَنْ صَلَحَ أي يلحق بهم من صلح منهم و من لم يبلغ مبلغ فضلهم تبعا لهم و تعظيما لشأنهم و ليكونوا مسرورين بهم آنسين‏
__________________________________________________
 (1) الرعد: 18- 22.
 (2) تفسير القمّيّ ص 340.
 (3) تفسير القمّيّ: 341.

357
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

بصحبتهم مِنْ كُلِّ بابٍ من أبواب غرفهم و قصورهم بِما صَبَرْتُمْ أي هذا بسبب صبركم و قال علي بن إبراهيم نزلت في الأئمة ع و شيعتهم الذين صبروا «1».
مَنْ أَنابَ «2» أي أقبل إلى الحق و رجع عن الفساد وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أي تسكن أنسا به و اعتمادا عليه و رجاء منه و روى العياشي عن الصادق ع بمحمد تطمئن و هو ذكر الله و حجابه «3» و قال علي بن إبراهيم الَّذِينَ آمَنُوا الشيعة و ذكر الله أمير المؤمنين ع و الأئمة ع و قيل طوبى كبشرى و زلفى مصدر من الطيب و في الأخبار أنه اسم شجرة في الجنة كما مر و سيأتي «4» و المآب المرجع قانِتاً «5» عن الباقر ع القانت المطيع و الحنيف المسلم شاكِراً لِأَنْعُمِهِ أي لأنعم الله معترفا بها روي أنه كان لا يتغدى إلا مع ضيفه وَ لا يُظْلَمُونَ شَيْئاً «6» أي و لا ينقصون شيئا من جزاء أعمالهم و يجوز أن ينتصب شيئا على المصدر لِمَنْ تابَ «7» أي من الشرك وَ آمَنَ بما يجب الإيمان به ثُمَّ اهْتَدى‏ إلى ولاية أهل البيت ع كما ورد في الأخبار الكثيرة.
وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً «8» يقتدى بهم يَهْدُونَ الناس إلى الحق بِأَمْرِنا وَ إِقامَ الصَّلاةِ من عطف الخاص على العام وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ موحدين مخلصين في العبادة و لذا قدم الصلة إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ «9» أي يبادرون إلى أبواب الخير وَ يَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً قال علي بن إبراهيم راغبين راهبين و قيل‏
__________________________________________________
 (1) تفسير القمّيّ ص 341.
 (2) الرعد: 27- 29.
 (3) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 221.
 (4) تفسير القمّيّ ص 342.
 (5) النحل: 120.
 (6) مريم: 60.
 (7) طه: 82.
 (8) الأنبياء: 73.
 (9) الأنبياء: 90.

358
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

لعل المراد الرغبة في الطاعة لا في الثواب و الرهبة من المعصية لا من العقاب لارتفاع مقام الأنبياء عن ذلك و قد يقال إن أولياء الله قد يعملون بعض الأعمال للجنة و صرف النار لأن حبيبهم يحب ذلك أو يقال إن جنة الأولياء لقاء الله و قربه و نارهم فراقه و بعده‏
وَ فِي الْكَافِي عَنِ الصَّادِقِ ع الرَّغْبَةُ أَنْ تَسْتَقْبِلَ بِبَطْنِ كَفَّيْكَ إِلَى السَّمَاءِ وَ الرَّهْبَةُ أَنْ تَجْعَلَ ظَهْرَ كَفَّيْكَ إِلَى السَّمَاءِ «1».
وَ كانُوا لَنا خاشِعِينَ أي مخبتين أو دائمين الوجل.
وَ بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ «2» قال علي بن إبراهيم أي العابدين وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ هيبة منه لإشراق أشعة جلاله عليها عَلى‏ ما أَصابَهُمْ من المصائب وَ الْمُقِيمِي الصَّلاةِ في أوقاتها يُنْفِقُونَ في وجوه الخير وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ «3» بسائر ما تعبدكم به وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ أي و تحروا ما هو خير و أصلح فيما تأتون و تذرون كنوافل الطاعات و صلة الأرحام و مكارم الأخلاق وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ الأعداء الظاهرة و الباطنة هُوَ اجْتَباكُمْ أي اختاركم لدينه و لنصرته و عن الباقر ع إيانا عنى و نحن المجتبون «4» مِنْ قَبْلُ أي في الكتب التي مضت وَ فِي هذا أي القرآن وَ اعْتَصِمُوا بِاللَّهِ أي وثقوا به في مجامع أموركم هُوَ مَوْلاكُمْ أي ناصركم و متولي أموركم فَنِعْمَ الْمَوْلى‏ وَ نِعْمَ النَّصِيرُ هو إذ لا مثل له في الولاية و النصرة بل لا مولى و لا نصير سواه في الحقيقة.
وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ «5» فيما يأمرانه أو في الفرائض و السنن وَ يَخْشَ اللَّهَ فيما صدر عنه من الذنوب وَ يَتَّقْهِ فيما بقي من عمره و قرأ حفص بسكون القاف فشبه تقه بكتف فخفف فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ بالنعيم المقيم فَأُوْلئِكَ‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 479.
 (2) الحجّ: 34 و 35.
 (3) الحجّ: 77.
 (4) الكافي ج 1 ص 191.
 (5) النور: 52.

359
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ «1» قد ورد في أخبار كثيرة مضى بعضها و سيأتي بعضها أن تبديل السيئات حسنات في ديوان أعمالهم يوم القيامة و قال الباقر ع هي في المذنبين من شيعتنا خاصة فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ أي يرجع إلى الله وَ انْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا «2» قيل هي استثناء للشعراء المؤمنين الصالحين الذين يكثرون ذكر الله و يكون أكثر أشعارهم في التوحيد و الثناء على الله تعالى و الحث على طاعته و لو قالوا هجوا أرادوا به الانتصار ممن هجاهم من الكفار و مكافاة هجاة المسلمين كحسان و أضرابه و سيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
هذِهِ الْبَلْدَةِ «3» قال علي بن إبراهيم يعني مكة شرفها الله وَ لَهُ كُلُّ شَيْ‏ءٍ أي خلقا و ملكا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أي المنقادين وَ أَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ قيل أي و أن أواظب على تلاوته لتنكشف لي حقائقه في تلاوته شيئا فشيئا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ «4» أي لننزلنهم الَّذِينَ صَبَرُوا على المحن و المشاق و لا يتوكلون إلا على الله الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ «5» بيان لإحسانهم أو تخصيص لهذه الثلاثة من شعبه لفضل اعتداد بها وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ لاستجماعهم العقيدة الحقة و العمل الصالح أَقِمِ الصَّلاةَ «6» تكميلا لنفسك وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ تكميلا لغيرك وَ اصْبِرْ عَلى‏ ما أَصابَكَ من الشدائد و في المجمع عن علي ع من المشقة و الأذى في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر «7» إِنَّ ذلِكَ إشارة إلى الصبر أو إلى كل ما أمره مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ أي مما عزمه الله من الأمور أي قطعه قطع إيجاب و إلزام و منه الحديث أن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يحب أن يؤخذ بعزائمه وَ لا تُصَعِّرْ
__________________________________________________
 (1) الفرقان: 70 و 71.
 (2) الشعراء: 227.
 (3) النمل: 91.
 (4) العنكبوت: 58.
 (5) لقمان: 4 و 5.
 (6) لقمان: 17- 19.
 (7) مجمع البيان ج 8 ص 319.

360
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

خَدَّكَ لِلنَّاسِ أي لا تمله عنهم و لا تولهم صفحة خدك كما يفعله المتكبرون و قال علي بن إبراهيم أي لا تذل للناس طمعا فيما عندهم وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً أي فرحا مصدر وقع موقع الحال أو تمرح مرحا أو لأجل المرح و هو البطر و روى علي بن إبراهيم عن الباقر ع يقول بالعظمة إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ قال الطبرسي أي كل متكبر فخور على الناس و أقول يطلق الاختيال غالبا على التكبر في المشي‏
وَ رُوِيَ فِي الْفَقِيهِ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَخْتَالَ الرَّجُلُ فِي مِشْيَتِهِ وَ قَالَ مَنْ لَبِسَ ثَوْباً فَاخْتَالَ فِيهِ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ وَ كَانَ قَرِينَ قَارُونَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنِ اخْتَالَ فَخُسِفَ بِهِ وَ بِدَارِهِ الْأَرْضَ وَ مَنِ اخْتَالَ فَقَدْ نَازَعَ اللَّهَ فِي جَبَرُوتِهِ «1».
وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ أي توسط فيه بين الدبيب و الإسراع و قال علي بن إبراهيم أي لا تعجل وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ أي اقصر منه و قال علي بن إبراهيم أي لا ترفعه إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ أي أوحشها و في الكافي عن الصادق ع أنه سئل عنه فقال العطسة القبيحة «2» و في المجمع عنه ع قال هي العطسة المرتفعة القبيحة و الرجل يرفع صوته بالحديث رفعا قبيحا إلا أن يكون داعيا أو يقرأ القرآن «3».
وَ مَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ «4» بأن فوض أمره إليه و أقبل بشراشره عليه وَ هُوَ مُحْسِنٌ في عمله فَقَدِ اسْتَمْسَكَ أي تعلق بأوثق ما يتعلق به و قال علي بن إبراهيم بالولاية وَ إِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ إذ الكل صائر إليه.
إِنَّ الْمُسْلِمِينَ «5» أي الداخلين في السلم المنقادين لحكم الله وَ الْمُؤْمِنِينَ أي المصدقين بما يجب أن يصدق به وَ الْقانِتِينَ أي المداومين على الطاعة وَ الصَّادِقِينَ في القول و العمل وَ الصَّابِرِينَ على الطاعات و المعاصي و البلايا
__________________________________________________
 (1) الفقيه ج 4 ص 7.
 (2) الكافي ج 2 ص 656.
 (3) مجمع البيان ج 8 ص 320.
 (4) لقمان: 22.
 (5) الأحزاب: 35.

361
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

وَ الْخاشِعِينَ أي المتواضعين لله بقلوبهم و جوارحهم وَ الْمُتَصَدِّقِينَ من أموالهم ابتغاء مرضاة الله وَ الصَّائِمِينَ لله بنية صادقة وَ الْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ عن الحرام وَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً بقلوبهم و ألسنتهم مَغْفِرَةً لذنوبهم وَ أَجْراً عَظِيماً على طاعتهم.
إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ «1» قيل أي يداومون قراءته أو متابعة ما فيه حتى صارت سمة لهم و عنوانا سِرًّا وَ عَلانِيَةً كيف اتفق من غير قصد إليهما و قيل السر في المسنونة و العلانية في المفروضة يَرْجُونَ تِجارَةً تحصيل ثواب بالطاعة و هو خبر إن لَنْ تَبُورَ لن تكسد و لن تهلك بالخسران صفة للتجارة لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ علة لمدلوله أو لمدلول ما عد من امتثالهم أو عاقبة ليرجون وَ يَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ على ما يقابل أعمالهم إِنَّهُ غَفُورٌ لفرطاتهم شَكُورٌ لطاعاتهم أي مجازيهم عليها و هو علة للتوفية و الزيادة أو خبر إن و يَرْجُونَ حال من واو وَ أَنْفَقُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ «2» أي بلزوم طاعته لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ الظرف إما متعلق بأحسنوا أو بحسنة و على الأول تشمل الحسنة حسنة الدارين و على الثاني لا ينافي نيل حسنة الآخرة أيضا و الحسنة في الدنيا كالصحة و العافية
وَ فِي مَجَالِسِ الصَّدُوقِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَعْمَلُ لِثَلَاثٍ مِنَ الثَّوَابِ إِمَّا لِخَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يُثِيبُهُ بِعَمَلِهِ فِي دُنْيَاهُ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ثُمَّ قَالَ فَمَنْ أَعْطَاهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يُحَاسِبْهُمْ فِي الْآخِرَةِ.
وَ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ فمن تعسر عليه التوفر على الإحسان في وطنه فليهاجر إلى حيث يتمكن منه إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ على مشاق الطاعة من احتمال البلاء و مهاجرة الأوطان لها أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ‏
وَ فِي الْكَافِي عَنِ الصَّادِقِ ع إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَقُومُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ فَيَأْتُونَ بَابَ الْجَنَّةِ فَيَضْرِبُونَهُ فَيُقَالُ لَهُمْ مَنْ أَنْتُمْ فَيَقُولُونَ نَحْنُ أَهْلُ الصَّبْرِ فَيُقَالُ لَهُمْ عَلَى مَا صَبَرْتُمْ فَيَقُولُونَ كُنَّا نَصْبِرُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَ نَصْبِرُ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ فَيَقُولُ اللَّهُ‏
__________________________________________________
 (1) فاطر: 29- 30.
 (2) الزمر: 10.

362
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

عَزَّ وَ جَلَّ صَدَقُوا أَدْخِلُوهُمُ الْجَنَّةَ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ «1».
وَ أُزْلِفَتِ «2» أي قربت غَيْرَ بَعِيدٍ أي مكانا غير بعيد و قال علي بن إبراهيم أُزْلِفَتِ أي زينت غَيْرَ بَعِيدٍ قال بسرعة هذا ما تُوعَدُونَ على إضمار القول لِكُلِّ أَوَّابٍ أي رجاع إلى الله بدل من المتقين بإعادة الجار حَفِيظٍ حافظ لحدوده مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَ جاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ قيل بدل بعد بدل أو بدل من موصوف أواب أو مبتدأ خبره ادْخُلُوها على تأويل يقال لهم ادْخُلُوها فإن من بمعنى الجمع و بِالْغَيْبِ حال من الفاعل أو المفعول أو صفة لمصدر أي خشية متلبسة بالغيب حيث خشي عقابه و هو غائب أو العقاب بعد غيب أو هو غائب عن الأعين لا يراه أحد و تخصيص الرحمن به للإشعار بأنهم رجوا رحمته و خافوا عذابه أو بأنهم يخشون مع علمهم بسعة رحمته و وصف القلب بالإنابة إذ الاعتبار برجوعه إلى الله فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ أي فلم يشكر تلك الأيادي باقتحام العقبة و هو الدخول في أمر شديد قيل العقبة الطريق في الجبل استعارها لما فسرها به من الفك و الإطعام ذِي مَسْغَبَةٍ أي مجاعة ذا مَقْرَبَةٍ أي قرابة ذا مَتْرَبَةٍ أي ذا فقر و قال علي بن إبراهيم لا يقيه من التراب شي‏ء
وَ فِي الْكَافِي عَنِ الرِّضَا ع كَانَ إِذَا أَكَلَ أُتِيَ بِصَحْفَةٍ فَتُوضَعُ قُرْبَ مَائِدَتِهِ فَيَعْمِدُ إِلَى أَطْيَبِ الطَّعَامِ مِمَّا يُؤْتَى بِهِ فَيَأْخُذُ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ شَيْئاً فَيَضَعُ فِي تِلْكَ الصَّحْفَةِ ثُمَّ يَأْمُرُ بِهَا لِلْمَسَاكِينِ ثُمَّ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ فَلَا اقْتَحَمَ «3» ثُمَّ يَقُولُ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ إِنْسَانٍ يَقْدِرُ عَلَى عِتْقِ رَقَبَةٍ فَجَعَلَ لَهُمُ السَّبِيلَ إِلَى الْجَنَّةِ «4».
و ستأتي الأخبار في ذلك‏
وَ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: مَنْ أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِوَلَايَتِنَا فَقَدْ جَازَ
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 75.
 (2) ق: 31- 33.
 (3) البلد: 11- 20.
 (4) الكافي ج 4 ص 52.

363
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

الْعَقَبَةَ وَ نَحْنُ تِلْكَ الْعَقَبَةُ الَّتِي مَنِ اقْتَحَمَهَا نَجَا ثُمَّ قَالَ النَّاسُ كُلُّهُمْ عَبِيدُ النَّارِ غَيْرَكَ وَ أَصْحَابِكَ فَإِنَّ اللَّهَ فَكَّ رِقَابَكُمْ مِنَ النَّارِ بِوَلَايَتِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ قَالَ ع بِنَا تُفَكُّ الرِّقَابُ وَ بِمَعْرِفَتِنَا وَ نَحْنُ الْمُطْعِمُونَ فِي يَوْمِ الْجُوعِ وَ هُوَ الْمَسْغَبَةُ «1».
وَ تَواصَوْا أي أوصى بعضهم بعضا بِالصَّبْرِ على طاعة الله بِالْمَرْحَمَةِ أي بالرحمة على عباده أو بموجبات رحمة الله أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ أي اليمين أو اليمن وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا قيل أي بما نصبناه دليلا على الحق من كتاب و حجة أو بالقرآن هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ أي الشمال أو الشؤم عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ أي مطبقة من أوصدت الباب إذا أطبقته و أغلقته و قال علي بن إبراهيم أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ أصحاب أمير المؤمنين ع وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا قال الذين خالفوا أمير المؤمنين ع هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ قال المشأمة أعداء آل محمد ع نارٌ مُؤْصَدَةٌ قال أي مطبقة «2».
1- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ ع إِنَّ لِأَهْلِ الدِّينِ عَلَامَاتٍ يُعْرَفُونَ بِهَا صِدْقَ الْحَدِيثِ وَ أَدَاءَ الْأَمَانَةِ وَ وَفَاءً بِالْعَهْدِ وَ صِلَةَ الْأَرْحَامِ وَ رَحْمَةَ الضُّعَفَاءِ وَ قِلَّةَ الْمُرَاقَبَةِ لِلنِّسَاءِ أَوْ قَالَ قِلَّةَ الْمُؤَاتَاةِ لِلنِّسَاءِ وَ بَذْلَ الْمَعْرُوفِ وَ حُسْنَ الْخُلُقِ وَ سَعَةَ الْخُلُقِ وَ اتِّبَاعَ الْعِلْمِ وَ مَا يُقَرِّبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ زُلْفَى طُوبى‏ لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ وَ طُوبَى شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ أَصْلُهَا فِي دَارِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ ص وَ لَيْسَ مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ فِي دَارِهِ غُصْنٌ مِنْهَا لَا يَخْطُرُ عَلَى قَلْبِهِ شَهْوَةُ شَيْ‏ءٍ إِلَّا أَتَاهُ بِهِ ذَلِكَ وَ لَوْ أَنَّ رَاكِباً مُجِدّاً سَارَ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ مَا خَرَجَ مِنْهُ وَ لَوْ طَارَ مِنْ أَسْفَلِهَا غُرَابٌ مَا بَلَغَ أَعْلَاهَا حَتَّى يَسْقُطَ هَرِماً أَلَا فَفِي هَذَا فَارْغَبُوا إِنَّ الْمُؤْمِنَ مِنْ نَفْسِهِ فِي شُغُلٍ وَ النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ إِذَا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ افْتَرَشَ وَجْهَهُ وَ سَجَدَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِمَكَارِمِ بَدَنِهِ يُنَاجِي الَّذِي‏
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 1 ص 430.
 (2) تفسير القمّيّ ص 726.

364
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

خَلَقَهُ فِي فَكَاكِ رَقَبَتِهِ أَلَا فَهَكَذَا كُونُوا «1».
بيان: أن لأهل الدين أي الذين اختاروا دين الإيمان و عملوا بشرائطه و لوازمه و قلة المراقبة للنساء أي الميل إليهن و الاعتماد عليهن أو الاهتمام بشأنهن و الخوف من مخالفتهن و قيل النظر إليهن و إلى أدبارهن و هو بعيد أو قال أي الصادق ع و الترديد من أبي بصير و المؤاتاة الموافقة و المطاوعة و في المصباح رقبته أرقبه من باب قتل حفظته فأنا رقيب و رقبته و ترقبته و ارتقبته انتظرته فأنا رقيب أيضا و راقبت الله خفت عذابه و قال آتيته على الأمر بمعنى وافقته و في لغة لأهل اليمن تبدل الهمزة واوا فيقال واتيته على الأمر مواتاة و هي المشهور على ألسنة الناس و في النهاية في الحديث خير النساء المؤاتية لزوجها المواتاة حسن المطاوعة و الموافقة و أصله الهمز فخفف و كثر حتى صار يقال بالواو الخالصة و ليس بالوجه.
و بذل المعروف أي الخير و هو الإحسان بالفضل من المال إلى الغير و الظاهر أن المراد هنا المال و إن كان المعروف بحسب اللغة أعم و حسن الخلق و سعة الخلق الظاهر أن الخلق بالضم في الموضعين و المراد أن حسن خلقه عام وسع كل أحد في جميع الأحوال فإن بعض الناس مع حسن الخلق قد يقع منهم الطيش العظيم كما يقال نعوذ بالله من غضب الحليم و ربما يقرأ الأول بالفتح فإن الظاهر عنوان الباطن لكن هذا ليس كليا فإن حسن الخلق قد يوجد في غير أهل الدين كما قال عز و جل في وصف المنافقين وَ إِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ «2» و قيل المراد حسن الأعضاء الظاهرة بالأعمال الفاضلة فإنه من علامات أهل الدين و اتباع العلم أي العمل به و قيل أي عدم اتباع الظن.
و ما يقربهم إلى الله زلفى أي قربة مفعول مطلق من غير لفظ الفعل قال الجوهري الزلفة و الزلفى القربة و المنزلة و منه قوله تعالى وَ ما أَمْوالُكُمْ وَ لا
__________________________________________________
 (1) الكافي ج 2 ص 239.
 (2) المنافقون: 4.

365
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى‏ «1» و هي اسم المصدر كأنه قال بالتي تقربكم عندنا ازدلافا.
طوبى لهم و حسن مآب إشارة إلى قوله سبحانه الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى‏ لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ «2» و قال البيضاوي طوبى فعلى من الطيب قلبت ياؤه واوا لضمة ما قبلها و يجوز فيه الرفع و النصب و لذلك قرئ و حسن مآب بالنصب أي حسن مرجع و هو الجنة «3» و قال في النهاية طوبى اسم الجنة و قيل هي شجرة فيها و أصلها فعلى من الطيب فلما ضمت الطاء انقلبت الياء واوا و قد تكررت في الحديث و فيه طوبى للشام لأن الملائكة باسطة أجنحتها عليها المراد بها هاهنا فعلى من الطيب لا الجنة و لا الشجرة.
و قال الراغب في الآية قيل هو اسم شجرة في الجنة و قيل بل إشارة إلى كل مستطاب في الجنة من بقاء بلا فناء و عز بلا ذل و غنى بلا فقر و طوبى شجرة هذا من كلام الصادق ع أو من كلام أمير المؤمنين ع و ليس من مؤمن كأنه مثال شجرة ولاية أمير المؤمنين تشعبت في صدور المؤمنين إلا أتاه به ذلك أي يتدلى و يقربه منه ليأخذه و قيل أي ينبت منه مجدا أي مسرعا صاحب جد و اهتمام في ظلها أي ما يحاذي أغصانها فإنه لا ظل في الجنة.
قال في النهاية و قد يكنى بالظل عن الكنف و الناحية و منه الحديث أن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام أي في ذراها و ناحيتها انتهى و قد روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري عن النبي ص قال إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام لا يقطعها و في أخرى يسير الراكب في ظلها مائة سنة قال عياض ظلها كنفها و هو ما تستره أغصانها و قد يكون ظلها نعيمها و راحتها من قولهم عيش ظليل و احتيج إلى تأويل الظل بما ذكر هربا عن الظل في العرف لأنه ما يقي حر الشمس و لا شمس‏
__________________________________________________
 (1) سبأ: 37.
 (2) الرعد: 29.
 (3) أنوار التنزيل ص 213.

366
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

في الجنة و لا برد و إنما نور يتلألأ انتهى.
و قال المازري المضمر بفتح الضاد و شد الميم و رواه بعضهم بكسر الميم الثانية صفة للراكب المضمر فرسه.
حتى يسقط هرما إنما خص الغراب بالذكر لأنه أطول الطيور عمرا ففي هذا فارغبوا الفاء الثانية تأكيد للفاء الأولى من نفسه في شغل من بكسر الميم و قد يقرأ بالفتح اسم موصول أي مشغول بإصلاح نفسه لا يلتفت إلى عيوب غيره و لا إلى التعرض لضررهم و لذا الناس منه في راحة إذا جن عليه الليل في مجمع البيان فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ أي أظلم و ستر بظلامه كل ضياء و قال جن عليه الليل و جنه الليل و أجنه الليل إذا أظل حتى يستره بظلمته انتهى «1».
و المكارم جمع مكرمة أي أعضاؤه الكريمة الشريفة كالوجه و الجبهة و الخدين و اليدين و الركبتين و الإبهامين في فكاك في للتعليل.
2- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ الْهَيْثَمِ النَّهْدِيِّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ الْحَلَبِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَيُّ الْخِصَالِ بِالْمَرْءِ أَجْمَلُ فَقَالَ وَقَارٌ بِلَا مَهَابَةٍ وَ سَمَاحٌ بِلَا طَلَبِ مُكَافَاةٍ وَ تَشَاغُلٌ بِغَيْرِ مَتَاعِ الدُّنْيَا «2».
بيان: وقار بلا مهابة الوقار الرزانة و المهابة أن يخاف الناس من سطوته و ظلمه و قيل أي من غير تكبر و في القاموس الهيبة المخافة و التقية كالمهابة و قال سمح ككرم سماحا و سماحة و سماحا ككتاب جاد بلا طلب مكافاة من عوض أو ثناء و شكر و أصله مهموز و قد يقلب ألفا بغير متاع الدنيا من ذكر الله و ما يقرب العبد إليه تعالى.
3 الشِّهَابُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْعِلْمُ خَلِيلُ الْمُؤْمِنِ وَ الْحِلْمُ وَزِيرُهُ وَ الْعَقْلُ دَلِيلُهُ وَ الْعَمَلُ قَائِدُهُ وَ الرِّفْقُ وَالِدُهُ وَ الْبِرُّ أَخُوهُ وَ الصَّبْرُ
__________________________________________________
 (1) مجمع البيان ج 4 ص 323.
 (2) الكافي ج 2 ص 240.

367
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

أَمِيرُ جُنُودِهِ «1».
4- لي، الأمالي للصدوق أَبِي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنِ الصَّادِقِ ع عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص اعْمَلْ بِفَرَائِضِ اللَّهِ تَكُنْ أَتْقَى النَّاسِ وَ ارْضَ بِقِسْمِ اللَّهِ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ وَ كُفَّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ تَكُنْ أَوْرَعَ النَّاسِ وَ أَحْسِنْ مُجَاوَرَةَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُؤْمِناً وَ أَحْسِنْ مُصَاحَبَةَ مَنْ صَاحَبَكَ تَكُنْ مُسْلِماً «2».
جا، المجالس للمفيد ما، الأمالي للشيخ الطوسي المفيد عن المظفر بن محمد البلخي عن محمد بن همام عن حميد بن زياد عن إبراهيم بن عبيد بن حنان عن الربيع بن سلمان عن السكوني مثله «3».
5- مع، معاني الأخبار ل، الخصال لي، الأمالي للصدوق الْعَطَّارُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى خَصَّ رَسُولَ اللَّهِ ص بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فَامْتَحِنُوا أَنْفُسَكُمْ فَإِنْ كَانَتْ فِيكُمْ فَاحْمَدُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ارْغَبُوا إِلَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ مِنْهَا فَذَكَرَهَا عَشَرَةً الْيَقِينَ وَ الْقَنَاعَةَ وَ الصَّبْرَ وَ الشُّكْرَ وَ الْحِلْمَ وَ حُسْنَ الْخُلُقِ وَ السَّخَاءَ وَ الْغَيْرَةَ وَ الشَّجَاعَةَ وَ الْمُرُوءَةَ «4».
6- مع، معاني الأخبار لي، الأمالي للصدوق أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع فَقَالَ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فَقَالَ الْعَفْوُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ وَ صِلَةُ مَنْ قَطَعَكَ وَ إِعْطَاءُ مَنْ حَرَمَكَ وَ قَوْلُ الْحَقِّ وَ لَوْ عَلَى نَفْسِكَ «5».
__________________________________________________
 (1) في النسخة التي بخط يد المؤلّف قدّس سرّه زيادة بعد ذلك و هى:
 [الضوء: العلم ادراك الشي‏ء بحقيقته، و هو على ضربين: أحدهما ادراك الذات و الثاني الحكم على الذات بوجود شي‏ء له أو نفى شي‏ء عنه، و الأول يتعدى الى مفعول واحد كقوله تعالى «اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ...] ثم بعده بياض أربع صفحات.
 (2) أمالي الصدوق: ص 121.
 (3) مجالس المفيد: ص 215، أمالي الطوسيّ ج 1 ص 120.
 (4) معاني الأخبار ص 191، الخصال ج 2 ص 51، أمالي الصدوق: ص 133.
 (5) معاني الأخبار ص 191، أمالي الصدوق: ص 165.

368
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

7- لي، الأمالي للصدوق ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ النَّهْدِيِّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَلَبِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ ع أَيُّ الْخِصَالِ بِالْمَرْءِ أَجْمَلُ قَالَ وَقَارٌ بِلَا مَهَابَةٍ وَ سَمَاحٌ بِلَا طَلَبِ مُكَافَاةٍ وَ تَشَاغُلٌ بِغَيْرِ مَتَاعِ الدُّنْيَا «1».
ل، الخصال العطار عن سعد عن النهدي مثله «2»- محص، التمحيص عن الحلبي عن أبي عبد الله ع مثله- ضا، فقه الرضا عليه السلام أروي عن العالم ع و ذكر مثله.
8- لي، الأمالي للصدوق ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ مَرَّارٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: خَمْسٌ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كَثِيرُ مُسْتَمْتَعٍ قِيلَ وَ مَا هُنَّ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ الدِّينُ وَ الْعَقْلُ وَ الْحَيَاءُ وَ حُسْنُ الْخُلُقِ وَ حُسْنُ الْأَدَبِ وَ خَمْسٌ مَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ فِيهِ لَمْ يَتَهَنَّ بِالْعَيْشِ الصِّحَّةُ وَ الْأَمْنُ وَ الْغِنَى وَ الْقَنَاعَةُ وَ الْأَنِيسُ الْمُوَافِقُ «3».
9- مع، معاني الأخبار لي، الأمالي للصدوق الْعَطَّارُ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفاً يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا وَ بَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا يَسْكُنُهَا مِنْ أُمَّتِي مَنْ أَطَابَ الْكَلَامَ وَ أَطْعَمَ الطَّعَامَ وَ أَفْشَى السَّلَامَ وَ صَلَّى بِاللَّيْلِ وَ النَّاسُ نِيَامٌ فَقَالَ عَلِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَنْ يُطِيقُ هَذَا مِنْ أُمَّتِكَ فَقَالَ يَا عَلِيُّ أَ وَ مَا تَدْرِي مَا إِطَابَةُ الْكَلَامِ مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ وَ أَمْسَى سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَ إِطْعَامُ الطَّعَامِ نَفَقَةُ الرَّجُلِ عَلَى عِيَالِهِ وَ أَمَّا الصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ وَ النَّاسُ نِيَامٌ فَمَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ وَ صَلَاةَ الْغَدَاةِ فِي الْمَسْجِدِ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا أَحْيَا اللَّيْلَ كُلَّهُ‏
__________________________________________________
 (1) أمالي الصدوق: ص 174.
 (2) الخصال ج 1 ص 46.
 (3) أمالي الصدوق: ص 175 و قوله لم يتهن أصله لم يتهنأ.

369
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

وَ إِفْشَاءُ السَّلَامِ أَنْ لَا يَبْخَلَ بِالسَّلَامِ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ «1».
10- لي، الأمالي للصدوق أَبِي عَنِ السَّعْدَآبَادِيِّ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: ثَلَاثَةٌ هُمْ أَقْرَبُ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الْحِسَابِ رَجُلٌ لَمْ يَدْعُهُ قُدْرَتُهُ فِي حَالِ غَضَبِهِ إِلَى أَنْ يَحِيفَ عَلَى مَنْ تَحْتَ يَدَيْهِ وَ رَجُلٌ مَشَى بَيْنَ اثْنَيْنِ فَلَمْ يَمِلْ مَعَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَعِيرَةٍ وَ رَجُلٌ قَالَ الْحَقَّ فِيمَا عَلَيْهِ وَ لَهُ «2».
11- لي، الأمالي للصدوق مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: عَلَيْكُمْ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُحِبُّهَا وَ إِيَّاكُمْ وَ مَذَامَّ الْأَفْعَالِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُبْغِضُهَا وَ عَلَيْكُمْ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ فَإِنَّ دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ عَلَى عَدَدِ آيَاتِ الْقُرْآنِ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُقَالُ لِقَارِئِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَ ارْقَ فَكُلَّمَا قَرَأَ آيَةً رَقِيَ دَرَجَةً وَ عَلَيْكُمْ بِحُسْنِ الْخُلُقِ فَإِنَّهُ يَبْلُغُ بِصَاحِبِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ وَ عَلَيْكُمْ بِحُسْنِ الْجِوَارِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَ بِذَلِكَ وَ عَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ فَإِنَّهَا مَطْهَرَةٌ وَ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَ عَلَيْكُمْ بِفَرَائِضِ اللَّهِ فَأَدُّوهَا وَ عَلَيْكُمْ بِمَحَارِمِ اللَّهِ فَاجْتَنِبُوهَا «3».
12- لي، الأمالي للصدوق الْعَطَّارُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ الْبَطَائِنِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُدْخِلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي رَحْمَتِهِ وَ يُسْكِنَهُ جَنَّتَهُ فَلْيُحْسِنْ خُلُقَهُ وَ لْيُعْطِ النَّصَفَةَ مِنْ نَفْسِهِ وَ لْيَرْحَمِ الْيَتِيمَ وَ لْيُعِنِ الضَّعِيفَ وَ لْيَتَوَاضَعْ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُ «4».
ما، الأمالي للشيخ الطوسي الغضائري عن الصدوق مثله «5».
13- ل، الخصال أَبِي عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَرَّارٍ عَنْ يُونُسَ رَفَعَهُ إِلَى‏
__________________________________________________
 (1) معاني الأخبار ص 250، أمالي الصدوق ص 198.
 (2) أمالي الصدوق: ص 215.
 (3) أمالي الصدوق: ص 216.
 (4) المصدر ص 234.
 (5) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 46.

370
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ فِيمَا أَوْصَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلِيّاً ع‏
يَا عَلِيُّ أَنْهَاكَ عَنْ ثَلَاثِ خِصَالٍ عِظَامٍ الْحَسَدِ وَ الْحِرْصِ وَ الْكَذِبِ‏
يَا عَلِيُّ سَيِّدُ الْأَعْمَالِ ثَلَاثُ خِصَالٍ إِنْصَافُكَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ مُوَاسَاةُ الْأَخِ فِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ذِكْرُكَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَى كُلِّ حَالٍ‏
يَا عَلِيُّ ثَلَاثٌ فَرَحَاتٌ لِلْمُؤْمِنِ فِي الدُّنْيَا لُقِيُّ الْإِخْوَانِ وَ الْإِفْطَارُ مِنَ الصِّيَامِ وَ التَّهَجُّدُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ‏
يَا عَلِيُّ ثَلَاثَةٌ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ لَمْ يَقُمْ لَهُ عَمَلٌ وَرَعٌ يَحْجُزُهُ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ خُلُقٌ يُدَارِي بِهِ النَّاسَ وَ حِلْمٌ يَرُدُّ بِهِ جَهْلَ الْجَاهِلِ يَا عَلِيُّ ثَلَاثٌ مِنْ حَقَائِقِ الْإِيمَانِ الْإِنْفَاقُ مِنَ الْإِقْتَارِ وَ إِنْصَافُ النَّاسِ مِنْ نَفْسِكَ وَ بَذْلُ الْعِلْمِ لِلْمُتَعَلِّمِ يَا عَلِيُّ ثَلَاثُ خِصَالٍ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ تُعْطِي مَنْ حَرَمَكَ وَ تَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ وَ تَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ «1».
14- ل، الخصال الْعَطَّارُ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يُونُسَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ فِي نُورِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ مَنْ كَانَتْ عِصْمَةُ أَمْرِهِ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَ خَيْراً قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَ خَطِيئَةً قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ «2».
سن، المحاسن أبي عن يونس عن عمرو بن جميع مثله «3»- ثو، ثواب الأعمال أبي عن علي بن موسى عن أحمد بن محمد عن بكر بن صالح عن الحسن بن علي عن عبد الله بن علي عن علي بن علي اللهبي عن الصادق‏
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 1 ص 62.
 (2) الخصال ج 1 ص 105.
 (3) المحاسن: ص 8.

371
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

عن آبائه عن النبي صلوات الله عليهم مثله «1».
15- ل، الخصال ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَمْ يُقْسَمْ بَيْنَ الْعِبَادِ أَقَلُّ مِنْ خَمْسٍ الْيَقِينِ وَ الْقُنُوعِ وَ الصَّبْرِ وَ الشُّكْرِ وَ الَّذِي يَكْمُلُ لَهُ بِهِ هَذَا كُلُّهُ الْعَقْلُ «2».
16- لي، الأمالي للصدوق ل، الخصال الطَّالَقَانِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ بُهْلُولٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص تَقَبَّلُوا إِلَيَّ بِسِتِّ خِصَالٍ أَتَقَبَّلْ لَكُمْ بِالْجَنَّةِ إِذَا حَدَّثْتُمْ فَلَا تَكْذِبُوا وَ إِذَا وَعَدْتُمْ فَلَا تُخْلِفُوا وَ إِذَا ائْتُمِنْتُمْ فَلَا تَخُونُوا وَ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَ احْفَظُوا فُرُوجَكُمْ وَ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَلْسِنَتَكُمْ «3».
17- ل، الخصال أَبِي عَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْمَكَارِمُ عَشْرٌ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ فِيكَ فَلْتَكُنْ فَإِنَّهَا تَكُونُ فِي الرَّجُلِ وَ لَا تَكُونُ فِي وَلَدِهِ وَ تَكُونُ فِي وَلَدِهِ وَ لَا تَكُونُ فِي أَبِيهِ وَ تَكُونُ فِي الْعَبْدِ وَ لَا تَكُونُ فِي الْحُرِّ قِيلَ وَ مَا هُنَّ يَا [ابْنَ‏] رَسُولِ اللَّهِ قَالَ صِدْقُ الْبَأْسِ وَ صِدْقُ اللِّسَانِ وَ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَ صِلَةُ الرَّحِمِ وَ إِقْرَاءُ الضَّيْفِ وَ إِطْعَامُ السَّائِلِ وَ الْمُكَافَاةُ عَلَى الصَّنَائِعِ وَ التَّذَمُّمُ لِلْجَارِ وَ التَّذَمُّمُ لِلصَّاحِبِ وَ رَأْسُهُنَّ الْحَيَاءُ «4».
جا، المجالس للمفيد ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَيْهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ النَّهْدِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِسْحَاقَ مِثْلَهُ «5».
18- مع، معاني الأخبار أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّضْرِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ جَرَّاحٍ الْمَدَائِنِيِّ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَ لَا أُحَدِّثُكَ بِمَكَارِمِ‏
__________________________________________________
 (1) ثواب الأعمال ص 151.
 (2) الخصال ج 1 ص 137.
 (3) أمالي الصدوق: ص 55، الخصال ج 1 ص 156.
 (4) الخصال ج 2 ص 91.
 (5) أمالي المفيد ص 140، أمالي الطوسيّ ج 1 ص 9.

372
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

الْأَخْلَاقِ الصَّفْحُ عَنِ النَّاسِ وَ مُوَاسَاةُ الرَّجُلِ أَخَاهُ فِي مَالِهِ وَ ذِكْرُ اللَّهِ كَثِيراً «1».
19- مع، معاني الأخبار أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ ص قَالَ: جَاءَ جَبْرَئِيلُ إِلَى النَّبِيِّ ص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ بِهَدِيَّةٍ لَمْ يُعْطِهَا أَحَداً قَبْلَكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ قُلْتُ وَ مَا هِيَ قَالَ الصَّبْرُ وَ أَحْسَنُ مِنْهُ قُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالَ الرِّضَا وَ أَحْسَنُ مِنْهُ قُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالَ الزُّهْدُ وَ أَحْسَنُ مِنْهُ قُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالَ الْإِخْلَاصُ وَ أَحْسَنُ مِنْهُ قُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالَ الْيَقِينُ وَ أَحْسَنُ مِنْهُ قُلْتُ وَ مَا هُوَ يَا جَبْرَئِيلُ قَالَ إِنَّ مَدْرَجَةَ ذَلِكَ التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقُلْتُ وَ مَا التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ الْعِلْمُ بِأَنَّ الْمَخْلُوقَ لَا يَضُرُّ وَ لَا يَنْفَعُ وَ لَا يُعْطِي وَ لَا يَمْنَعُ وَ اسْتِعْمَالُ الْيَأْسِ مِنَ الْخَلْقِ فَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ كَذَلِكَ لَمْ يَعْمَلْ لِأَحَدٍ سِوَى اللَّهِ وَ لَمْ يَرْجُ وَ لَمْ يَخَفْ سِوَى اللَّهِ وَ لَمْ يَطْمَعْ فِي أَحَدٍ سِوَى اللَّهِ فَهَذَا هُوَ التَّوَكُّلُ قَالَ قُلْتُ يَا جَبْرَئِيلُ فَمَا تَفْسِيرُ الصَّبْرِ قَالَ يَصْبِرُ فِي الضَّرَّاءِ كَمَا يَصْبِرُ فِي السَّرَّاءِ وَ فِي الْفَاقَةِ كَمَا يَصْبِرُ فِي الْغِنَاءِ وَ فِي الْبَلَاءِ كَمَا يَصْبِرُ فِي الْعَافِيَةِ فَلَا يَشْكُو حَالَهُ «2» عِنْدَ الْمَخْلُوقِ بِمَا يُصِيبُهُ مِنَ الْبَلَاءِ قُلْتُ فَمَا تَفْسِيرُ الْقَنَاعَةِ قَالَ يَقْنَعُ بِمَا يُصِيبُ مِنَ الدُّنْيَا يَقْنَعُ بِالْقَلِيلِ وَ يَشْكُرُ الْيَسِيرَ قُلْتُ فَمَا تَفْسِيرُ الرِّضَا قَالَ الرَّاضِي لَا يَسْخَطُ عَلَى سَيِّدِهِ أَصَابَ مِنَ الدُّنْيَا أَمْ لَمْ يُصِبْ وَ لَا يَرْضَى لِنَفْسِهِ بِالْيَسِيرِ مِنَ الْعَمَلِ قُلْتُ يَا جَبْرَئِيلُ فَمَا تَفْسِيرُ الزُّهْدِ قَالَ الزَّاهِدُ يُحِبُّ مَنْ يُحِبُّ خَالِقُهُ وَ يُبْغِضُ مَنْ يُبْغِضُ خَالِقُهُ وَ يَتَحَرَّجُ مِنْ حَلَالِ الدُّنْيَا وَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَى حَرَامِهَا فَإِنَّ حَلَالَهَا حِسَابٌ وَ حَرَامَهَا عِقَابٌ وَ يَرْحَمُ جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ كَمَا يَرْحَمُ نَفْسَهُ‏
__________________________________________________
 (1) معاني الأخبار ص 191.
 (2) خالقه خ ل.

373
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

وَ يَتَحَرَّجُ مِنَ الْكَلَامِ كَمَا يَتَحَرَّجُ مِنَ الْمَيْتَةِ الَّتِي قَدِ اشْتَدَّ نَتْنُهَا وَ يَتَحَرَّجُ عَنْ حُطَامِ الدُّنْيَا وَ زِينَتِهَا كَمَا يَتَجَنَّبُ النَّارَ أَنْ يَغْشَاهَا وَ أَنْ يُقَصِّرَ أَمَلَهُ وَ كَانَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَجَلُهُ قُلْتُ يَا جَبْرَئِيلُ فَمَا تَفْسِيرُ الْإِخْلَاصِ قَالَ الْمُخْلِصُ الَّذِي لَا يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئاً حَتَّى يَجِدَ وَ إِذَا وَجَدَ رَضِيَ وَ إِذَا بَقِيَ عِنْدَهُ شَيْ‏ءٌ أَعْطَاهُ فِي اللَّهِ فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَسْأَلِ الْمَخْلُوقَ فَقَدْ أَقَرَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْعُبُودِيَّةِ وَ إِذَا وَجَدَ فَرَضِيَ فَهُوَ عَنِ اللَّهِ رَاضٍ وَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَنْهُ رَاضٍ وَ إِذَا أَعْطَى لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَهُوَ عَلَى حَدِّ الثِّقَةِ بِرَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْتُ فَمَا تَفْسِيرُ الْيَقِينِ قَالَ الْمُؤْمِنُ يَعْمَلُ لِلَّهِ كَأَنَّهُ يَرَاهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَرَى اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ يَرَاهُ وَ أَنْ يَعْلَمَ يَقِيناً أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ وَ مَا فَاتَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ وَ هَذَا كُلُّهُ أَغْصَانُ التَّوَكُّلِ وَ مَدْرَجَةُ الزُّهْدِ «1».
20- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ الْمَرَاغِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي حَيَّةَ أَبِي الْحُبَابِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص سِتٌّ مَنْ عَمِلَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ جَادَلَتْ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ يَقُولُ أَيْ رَبِّ قَدْ كَانَ يَعْمَلُ بِي فِي الدُّنْيَا الصَّلَاةُ وَ الزَّكَاةُ وَ الْحَجُّ وَ الصِّيَامُ وَ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَ صِلَةُ الرَّحِمِ «2».
جا، المجالس للمفيد الْمَرَاغِيُّ مِثْلَهُ «3».
21- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْ حَيْدَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْكَشِّيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ نُوحِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْمُخَارِقِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ اتَّقُوا اللَّهَ اتَّقُوا اللَّهَ عَلَيْكُمْ بِالْوَرَعِ وَ صِدْقِ الْحَدِيثِ وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَ عِفَّةِ الْبَطْنِ وَ الْفَرْجِ تَكُونُوا
__________________________________________________
 (1) معاني الأخبار ص 460- 261.
 (2) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 9.
 (3) مجالس المفيد ص 141.

374
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

مَعَنَا فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى «1».
22- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَقْرَبُكُمْ غَداً مِنِّي فِي الْمَوْقِفِ أَصْدَقُكُمْ لِلْحَدِيثِ وَ أداء الأمانة [آدَاكُمْ لِلْأَمَانَةِ] وَ أَوْفَاكُمْ بِالْعَهْدِ وَ أَحْسَنُكُمْ خُلُقاً وَ أَقْرَبُكُمْ مِنَ النَّاسِ «2».
جا، المجالس للمفيد المراغي عن الحسن بن علي الكوفي عن جعفر بن محمد بن مروان عن أبيه عن محمد بن إسماعيل الهاشمي عن عبد المؤمن عن الباقر ع عن جابر بن عبد الله عن النبي ص مثله.
23- ما، الأمالي للشيخ الطوسي بِالْإِسْنَادِ إِلَى أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لِدَاوُدَ بْنِ سِرْحَانَ يَا دَاوُدُ إِنَّ خِصَالَ الْمَكَارِمِ بَعْضُهَا مُقَيَّدٌ بِبَعْضٍ يَقْسِمُهَا اللَّهُ حَيْثُ شَاءَ يَكُونُ فِي الرَّجُلِ وَ لَا يَكُونُ فِي ابْنِهِ وَ يَكُونُ فِي الْعَبْدِ وَ لَا يَكُونُ فِي سَيِّدِهِ صِدْقُ الْحَدِيثِ وَ صِدْقُ الْبَأْسِ وَ إِعْطَاءُ السَّائِلِ وَ الْمُكَافَاةُ بِالصَّنَائِعِ وَ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَ صِلَةُ الرَّحِمِ وَ التَّوَدُّدُ إِلَى الْجَارِ وَ الصَّاحِبِ وَ قِرَى الضَّيْفِ وَ رَأْسُهُنَّ الْحَيَاءُ «3».
24- ما، الأمالي للشيخ الطوسي جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَيْكُمْ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بَعَثَنِي بِهَا وَ إِنَّ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ أَنْ يَعْفُوَ الرَّجُلُ عَمَّنْ ظَلَمَهُ وَ يُعْطِيَ مَنْ حَرَمَهُ وَ يَصِلَ مَنْ قَطَعَهُ وَ أَنْ يَعُودَ مَنْ لَا يَعُودُهُ «4».
25- ب، قرب الإسناد أَبُو الْبَخْتَرِيِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ ع أَنَّ عَلِيّاً ع قَالَ‏
__________________________________________________
 (1) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 226.
 (2) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 233.
 (3) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 308.
 (4) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 92.

375
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

لِرَجُلٍ وَ هُوَ يُوصِيهِ خُذْ مِنِّي خَمْساً لَا يَرْجُوَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا رَبَّهُ وَ لَا يَخَافَنَّ إِلَّا ذَنْبَهُ وَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَتَعَلَّمَ مَا لَا يَعْلَمُ وَ لَا يَسْتَحْيِي إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ لَا أَعْلَمُ وَ اعْلَمُوا أَنَّ الصَّبْرَ مِنَ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ «1».
26- ل، الخصال ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْقَاسَانِيِّ عَنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ نَجِيحٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ ع أُوتِينَا مَا أُوتِيَ النَّاسُ وَ مَا لَمْ يُؤْتَوْا وَ عُلِّمْنَا مَا عُلِّمَ النَّاسُ وَ مَا لَمْ يُعَلَّمُوا فَلَمْ نَجِدْ شَيْئاً أَفْضَلَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ فِي الْمَغِيبِ وَ الْمَشْهَدِ وَ الْقَصْدِ فِي الْغِنَى وَ الْفَقْرِ وَ كَلِمَةِ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَ الْغَضَبِ وَ التَّضَرُّعِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ «2».
ضه، روضة الواعظين كتاب الغايات، عن أبي جعفر ع و ذكرا مثله.
27- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام بِالْأَسَانِيدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ عَلِيٌّ ع خَمْسَةٌ لَوْ رَحَلْتُمْ فِيهِنَّ لَمْ تَقْدِرُوا عَلَى مِثْلِهِنَّ لَا يَخَافُ عَبْدٌ إِلَّا ذَنْبَهُ وَ لَا يَرْجُو إِلَّا رَبَّهُ وَ لَا يَسْتَحْيِي الْجَاهِلُ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ أَنْ يَتَعَلَّمَ وَ لَا يَسْتَحْيِي أَحَدُكُمْ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ لَا أَعْلَمُ وَ الصَّبْرُ مِنَ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ وَ لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا صَبْرَ لَهُ «3».
ل، الخصال أحمد بن إبراهيم عن زيد بن محمد البغدادي عن عبد الله بن أحمد عن أبيه عن الرضا عن آبائه ع عن علي ع مثله «4».
28- ل، الخصال الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّكُونِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيِّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ السَّرِيِّ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ ع خُذُوا عَنِّي كَلِمَاتٍ لَوْ رَكِبْتُمُ الْمَطَايَا فَأَنْضَيْتُمُوهَا «5» لَمْ تُصِيبُوا مِثْلَهُنَّ أَلَا
__________________________________________________
 (1) قرب الإسناد ص 95.
 (2) الخصال ج 1 ص 114.
 (3) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 44، و فيه: لو رحلتم فيهن المطايا.
 (4) الخصال ج 1 ص 152.
 (5) يقال: أنضى بعيره إنضاء: إذا هزله بكثرة السير.

376
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

لَا يَرْجُوَنَّ أَحَدٌ إِلَّا رَبَّهُ وَ لَا يَخَافَنَّ إِلَّا ذَنْبَهُ وَ لَا يَسْتَحْيِي إِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنْ يَتَعَلَّمَ وَ لَا يَسْتَحْيِي إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ اللَّهُ أَعْلَمُ وَ اعْلَمُوا أَنَّ الصَّبْرَ مِنَ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ وَ لَا خَيْرَ فِي جَسَدٍ لَا رَأْسَ لَهُ «1».
29- ل، الخصال الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ مَنِيعٍ عَنْ مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي ظِلِّهِ «2» يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ إِمَامٌ عَادِلٌ وَ شَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَجُلٌ قَلْبُهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسْجِدِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ وَ رَجُلَانِ كَانَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَاجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ وَ تَفَرَّقَا وَ رَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ وَ رَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ حَسَبٍ وَ جَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَ رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا يَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا يَتَصَدَّقُ بِيَمِينِهِ «3».
30- ل، الخصال الْمُظَفَّرُ الْعَلَوِيُّ عَنِ ابْنِ الْعَيَّاشِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِشْكِيبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنِ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ رَفَعَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص سَبْعَةٌ فِي ظِلِّ عَرْشِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ إِمَامٌ عَادِلٌ وَ شَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِيَمِينِهِ فَأَخْفَاهُ عَنْ شِمَالِهِ وَ رَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَ رَجُلٌ لَقِيَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ فَقَالَ إِنِّي لَأُحِبُّكَ فِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَجُلٌ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَ فِي نِيَّتِهِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ وَ رَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتَ جَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ «4».
31- سن، المحاسن أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ عَنِ الثُّمَالِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع‏
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 1 ص 152.
 (2) ظل عرشه خ ل.
 (3) الخصال ج 2 ص 2.
 (4) الخصال ج 2 ص 2.

377
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

يَقُولُ مَا مِنْ خُطْوَةٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ خُطْوَتَيْنِ خُطْوَةٍ يَسُدُّ بِهَا الْمُؤْمِنُ صَفّاً فِي اللَّهِ وَ خُطْوَةٍ إِلَى ذِي رَحِمٍ قَاطِعٍ وَ مَا مِنْ جُرْعَةٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ جُرْعَتَيْنِ جُرْعَةِ غَيْظٍ رَدَّهَا مُؤْمِنٌ بِحِلْمٍ وَ جُرْعَةِ مُصِيبَةٍ رَدَّهَا مُؤْمِنٌ بِصَبْرٍ وَ مَا مِنْ قَطْرَةٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ قَطْرَتَيْنِ قَطْرَةِ دَمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ قَطْرَةِ دَمْعَةٍ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ لَا يُرِيدُ بِهَا عَبْدٌ إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ «1».
كتاب الغايات، عن أبي حمزة الثمالي و ذكر مثله- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر فضالة عن الحسين بن عثمان عن رجل عن الثمالي عن أبي جعفر ع مثله.
32- ل، الخصال الْفَامِيُّ عَنِ ابْنِ بُطَّةَ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى رَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: قَالَ إِبْلِيسُ خَمْسَةٌ لَيْسَ لِي فِيهِنَّ حِيلَةٌ وَ سَائِرُ النَّاسِ فِي قَبْضَتِي مَنِ اعْتَصَمَ بِاللَّهِ عَنْ نِيَّةٍ صَادِقَةٍ وَ اتَّكَلَ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ وَ مَنْ كَثُرَ تَسْبِيحُهُ فِي لَيْلِهِ وَ نَهَارِهِ وَ مَنْ رَضِيَ لِأَخِيهِ الْمُؤْمِنِ مَا يَرْضَاهُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ لَمْ يَجْزَعْ عَلَى الْمُصِيبَةِ حَتَّى تُصِيبَهُ وَ مَنْ رَضِيَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ وَ لَمْ يَهْتَمَّ لِرِزْقِهِ «2».
33- ل، الخصال أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبَانٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ الصَّبْرَ وَ الْبِرَّ وَ الْحِلْمَ وَ حُسْنَ الْخُلُقِ مِنْ أَخْلَاقِ الْأَنْبِيَاءِ «3».
34- ل، الخصال ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي وَلَّادٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ يَقُولُ إِنَّ الْمَعْرِفَةَ بِكَمَالِ دِينِ الْمُسْلِمِ تَرْكُهُ الْكَلَامَ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ وَ قِلَّةُ الْمِرَاءِ وَ حِلْمُهُ وَ صَبْرُهُ وَ حُسْنُ‏
__________________________________________________
 (1) المحاسن: ص 292.
 (2) الخصال ج 1 ص 137 و فيه «حين تصيبه».
 (3) الخصال ج 1 ص 121.

378
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

خُلُقِهِ «1».
35- ل، الخصال أَبِي عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ وَ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ مَعاً عَنْ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ طَرِيفٍ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَقُولُ الصِّدْقُ أَمَانَةٌ وَ الْكَذِبُ خِيَانَةٌ وَ الْأَدَبُ رِئَاسَةٌ وَ الْحَزْمُ كِيَاسَةٌ وَ السَّرَفُ مَثْوَاةٌ وَ الْقَصْدُ مَثْرَاةٌ وَ الْحِرْصُ مَفْقَرَةٌ وَ الدَّنَاءَةُ مَحْقَرَةٌ وَ السَّخَاءُ قُرْبَةٌ وَ اللَّوْمُ غُرْبَةٌ وَ الدِّقَّةُ اسْتِكَانَةٌ وَ الْعَجْزُ مَهَانَةٌ وَ الْهَوَى مَيْلٌ وَ الْوَفَاءُ كَيْلٌ وَ الْعُجْبُ هَلَاكٌ وَ الصَّبْرُ مِلَاكٌ «2».
36- ل، الخصال مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيِّ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: ثَلَاثٌ مِنْ أَشَدِّ مَا عَمِلَ الْعِبَادُ إِنْصَافُ الْمَرْءِ مِنْ نَفْسِهِ وَ مُوَاسَاةُ الْمَرْءِ أَخَاهُ وَ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَ هُوَ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَ الْمَعْصِيَةِ يَهُمُّ بِهَا فَيَحُولُ ذِكْرُ اللَّهِ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ «3».
37- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْقَمَّاطِ عَنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ لَا يَكْمُلُ إِيمَانُ الْعَبْدِ حَتَّى يَكُونَ فِيهِ أَرْبَعُ خِصَالٍ يُحْسِنُ خُلُقَهُ وَ يَسْتَخِفُّ نَفْسَهُ وَ يُمْسِكُ الْفَضْلَ مِنْ قَوْلِهِ وَ يُخْرِجُ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ «4».
أقول: قد مضى بعض أخبار الباب في باب صفات المؤمن «5»
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 1 ص 139.
 (2) الخصال ج 2 ص 94.
 (3) الخصال ج 1 ص 65، و الآية في الأعراف 201.
 (4) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 125.
 (5) راجع ج 67 ص 261- 384.

379
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

- سن، المحاسن أبي عن أبي سعيد القماط مثله «1».
38- جا، المجالس للمفيد ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنِ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَمَلَ إِسْلَامُهُ وَ أُعِينَ عَلَى إِيمَانِهِ وَ مُحِّصَتْ ذُنُوبُهُ وَ لَقِيَ رَبَّهُ وَ هُوَ عَنْهُ رَاضٍ وَ لَوْ كَانَ فِيمَا بَيْنَ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمَيْهِ ذُنُوبٌ حَطَّهَا اللَّهُ عَنْهُ وَ هِيَ الْوَفَاءُ بِمَا يَجْعَلُ لِلَّهِ عَلَى نَفْسِهِ وَ صِدْقُ اللِّسَانِ مَعَ النَّاسِ وَ الْحَيَاءُ مِمَّا يَقْبُحُ عِنْدَ اللَّهِ وَ عِنْدَ النَّاسِ وَ حُسْنُ الْخُلُقِ مَعَ الْأَهْلِ وَ النَّاسِ وَ أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَسْكَنَهُ اللَّهُ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ فِي غُرَفٍ فَوْقَ غُرَفٍ فِي مَحَلِّ الشَّرَفِ كُلِّ الشَّرَفِ مَنْ آوَى الْيَتِيمَ وَ نَظَرَ لَهُ فَكَانَ لَهُ أَباً وَ مَنْ رَحِمَ الضَّعِيفَ وَ أَعَانَهُ وَ كَفَاهُ وَ مَنْ أَنْفَقَ عَلَى وَالِدَيْهِ وَ رَفَقَ بِهِمَا وَ بَرَّهُمَا وَ لَمْ يَحْزُنْهُمَا وَ مَنْ لَمْ يَخْرِقْ بِمَمْلُوكِهِ وَ أَعَانَهُ عَلَى مَا يُكَلِّفُهُ وَ لَمْ يَسْتَسْعِهِ فِيمَا لَمْ يُطِقْ «2».
جا، المجالس للمفيد أحمد مثله «3».
39- لي، الأمالي للصدوق ابْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِأَصْحَابِهِ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِشَيْ‏ءٍ إِنْ أَنْتُمْ فَعَلْتُمُوهُ تَبَاعَدَ الشَّيْطَانُ عَنْكُمْ كَمَا تَبَاعَدَ الْمَشْرِقُ مِنَ الْمَغْرِبِ قَالُوا بَلَى قَالَ الصَّوْمُ يُسَوِّدُ وَجْهَهُ وَ الصَّدَقَةُ تَكْسِرُ ظَهْرَهُ وَ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَ الْمُوَازَرَةُ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ يَقْطَعَانِ دَابِرَهُ وَ الِاسْتِغْفَارُ يَقْطَعُ وَتِينَهُ وَ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ زَكَاةٌ وَ زَكَاةُ الْأَبْدَانِ الصِّيَامُ «4».
40- فس، تفسير القمي قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيُّهَا النَّاسُ طُوبَى لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ وَ تَوَاضَعَ مِنْ غَيْرِ مَنْقَصَةٍ وَ جَالَسَ أَهْلَ التَّفَقُّهِ وَ الرَّحْمَةِ وَ جَالَسَ أَهْلَ الذِّكْرِ وَ الْمَسْكَنَةِ وَ أَنْفَقَ مَالًا جَمَعَهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ أَيُّهَا النَّاسُ طُوبَى لِمَنْ‏
__________________________________________________
 (1) المحاسن: ص 8.
 (2) أمالي المفيد ص 107، أمالي الطوسيّ ج 1 ص 192.
 (3) مجالس المفيد ص 184.
 (4) أمالي الصدوق: ص 37.

380
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

ذَلَّ فِي نَفْسِهِ وَ طَابَ كَسْبُهُ وَ صَلَحَتْ سَرِيرَتُهُ وَ حَسُنَتْ خَلِيقَتُهُ وَ أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ وَ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ كَلَامِهِ وَ عَدَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ وَ سَعَتْهُ السُّنَّةُ وَ لَمْ يَتَعَدَّ إِلَى الْبِدْعَةِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ طُوبَى لِمَنْ لَزِمَ بَيْتَهُ وَ أَكَلَ كِسْرَتَهُ وَ بَكَى عَلَى خَطِيئَتِهِ وَ كَانَ مِنْ نَفْسِهِ فِي تَعَبٍ وَ النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ.
41- لي، الأمالي للصدوق مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ أَقْرَبَكُمْ مِنِّي غَداً وَ أَوْجَبَكُمْ عَلَيَّ شَفَاعَةً أَصْدَقُكُمْ لِسَاناً وَ آدَاكُمْ لِلْأَمَانَةِ وَ أَحْسَنُكُمْ خُلُقاً وَ أَقْرَبُكُمْ مِنَ النَّاسِ «1».
42- ل، الخصال أَبِي عَنِ السَّعْدَآبَادِيِّ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنِ الْجَارُودِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: أَشَدُّ الْأَعْمَالِ ثَلَاثَةٌ إِنْصَافُ النَّاسِ مِنْ نَفْسِكَ حَتَّى لَا تَرْضَى لَهُمْ مِنْهَا بِشَيْ‏ءٍ إِلَّا رَضِيتَ لَهُمْ مِنْهَا بِمِثْلِهِ وَ مُوَاسَاتُكَ الْأَخَ فِي الْمَالِ وَ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَ لَيْسَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَطْ وَ لَكِنْ إِذَا وَرَدَ عَلَيْكَ شَيْ‏ءٌ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ أَخَذْتَ بِهِ وَ إِذَا وَرَدَ عَلَيْكَ شَيْ‏ءٌ نَهَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهُ تَرَكْتَهُ «2».
ما، الأمالي للشيخ الطوسي الحسين بن إبراهيم عن محمد بن وهبان عن محمد بن أحمد بن زكريا عن الحسن بن فضال مثله «3»- جا، المجالس للمفيد أحمد بن الوليد عن أبيه عن الصفار عن ابن معروف عن علي بن مهزيار عن علي بن عقبة مثله «4» ..
__________________________________________________
 (1) أمالي الصدوق: 304.
 (2) الخصال ج 1 ص 65.
 (3) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 293.
 (4) مجالس المفيد 121.

381
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

43- ل، الخصال أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّضْرِ عَنْ دُرُسْتَ عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع ثَلَاثٌ لَا يُطِيقُهُنَّ النَّاسُ الصَّفْحُ عَنِ النَّاسِ وَ مُوَاسَاةُ الْأَخِ أَخَاهُ فِي مَالِهِ وَ ذِكْرُ اللَّهِ كَثِيراً «1».
ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر النضر مثله.
44- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْحَلَّالِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ زُفَرَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَشْرَسَ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ أَيُّوبَ السِّجِسْتَانِيِّ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ أَسَرَّ مَا يَرْضَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَظْهَرَ اللَّهُ لَهُ مَا يَسُرُّهُ وَ مَنْ أَسَرَّ مَا يُسْخِطُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَظْهَرَ اللَّهُ مَا يُخْزِيهِ وَ مَنْ كَسَبَ مَالًا مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ أَفْقَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ اللَّهُ وَ مَنْ سَعَى فِي رِضْوَانِ اللَّهِ أَرْضَاهُ اللَّهُ وَ مَنْ أَذَلَّ مُؤْمِناً أَذَلَّهُ اللَّهُ وَ مَنْ عَادَ مَرِيضاً فَإِنَّهُ يَخُوضُ فِي الرَّحْمَةِ وَ أَوْمَأَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى حَقْوَيْهِ فَإِذَا جَلَسَ عِنْدَ الْمَرِيضِ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ وَ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ يَطْلُبُ عِلْماً شَيَّعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَ مَنْ كَظَمَ غَيْظاً مَلَأَ اللَّهُ جَوْفَهُ إِيمَاناً وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ مُحَرَّمٍ أَبْدَلَهُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَةً تَسُرُّهُ وَ مَنْ عَفَا عَنْ مَظْلِمَةٍ أَبْدَلَهُ اللَّهُ بِهَا عِزّاً فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ مَنْ بَنَى مَسْجِداً وَ لَوْ مَفْحَصَ قَطَاةٍ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَ مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً فَهِيَ فَدَاهُ مِنَ النَّارِ كُلُّ عُضْوٍ مِنْهَا فِدَاءُ عُضْوٍ مِنْهُ وَ مَنْ أَعْطَى دِرْهَماً فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ سَبْعَمِائَةِ حَسَنَةٍ وَ مَنْ أَمَاطَ عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ مَا يُؤْذِيهِمْ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَجْرَ قِرَاءَةِ أَرْبَعِ مِائَةِ آيَةٍ كُلُّ حَرْفٍ مِنْهَا بِعَشْرِ حَسَنَاتٍ وَ مَنْ لَقِيَ عَشَرَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عِتْقَ رَقَبَةٍ وَ مَنْ أَطْعَمَ مُؤْمِناً لُقْمَةً أَطْعَمَهُ اللَّهُ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ وَ مَنْ سَقَاهُ شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ سَقَاهُ اللَّهُ مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ وَ مَنْ كَسَاهُ ثَوْباً كَسَاهُ اللَّهُ مِنَ الْإِسْتَبْرَقِ وَ الْحَرِيرِ وَ صَلَّى عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ مَا بَقِيَ فِي ذَلِكَ الثَّوْبِ سِلْكٌ «2».
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 1 ص 66.
 (2) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 185.

382
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

45- لي، الأمالي للصدوق جَعْفَرُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ ص بِأُسَارَى فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ خَلَا رَجُلٍ مِنْ بَيْنِهِمْ فَقَالَ الرَّجُلُ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا مُحَمَّدُ كَيْفَ أَطْلَقْتَ عَنِّي مِنْ بَيْنِهِمْ فَقَالَ أَخْبَرَنِي جَبْرَئِيلُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ فِيكَ خَمْسَ خِصَالٍ يُحِبُّهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولُهُ الْغَيْرَةَ الشَّدِيدَةَ عَلَى حَرَمِكَ وَ السَّخَاءَ وَ حُسْنَ الْخُلُقِ وَ صِدْقَ اللِّسَانِ وَ الشَّجَاعَةَ فَلَمَّا سَمِعَهَا الرَّجُلُ أَسْلَمَ وَ حَسُنَ إِسْلَامُهُ وَ قَاتَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص قِتَالًا شَدِيداً حَتَّى اسْتُشْهِدَ «1».
ل، الخصال أبي عن سعد عن البرقي مثله «2»- ص، قصص الأنبياء عليهم السلام الصدوق عن أبيه عن سعد عن البرقي مثله.
46- لي، الأمالي للصدوق عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنِ الْأَسَدِيِّ عَنْ سَهْلٍ عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْحَسَنِيِّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الثَّالِثِ ع قَالَ: لَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ ع قَالَ مُوسَى إِلَهِي مَا جَزَاءُ مَنْ شَهِدَ أَنِّي رَسُولُكَ وَ نَبِيُّكَ وَ أَنَّكَ كَلَّمْتَنِي قَالَ يَا مُوسَى تَأْتِيهِ مَلَائِكَتِي فَتُبَشِّرُهُ بِجَنَّتِي قَالَ مُوسَى إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ قَامَ بَيْنَ يَدَيْكَ يُصَلِّي قَالَ يَا مُوسَى أُبَاهِي بِهِ مَلَائِكَتِي رَاكِعاً وَ سَاجِداً وَ قَائِماً وَ قَاعِداً وَ مَنْ بَاهَيْتُ بِهِ مَلَائِكَتِي لَمْ أُعَذِّبْهُ قَالَ مُوسَى إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ أَطْعَمَ مِسْكِيناً ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ قَالَ يَا مُوسَى آمُرُ مُنَادِياً يُنَادِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ مِنْ عُتَقَاءِ اللَّهِ مِنَ النَّارِ قَالَ مُوسَى إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ وَصَلَ رَحِمَهُ قَالَ يَا مُوسَى أَنْسِئُ لَهُ أَجَلَهُ وَ أُهَوِّنُ عَلَيْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَ يُنَادِيهِ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ هَلُمَّ إِلَيْنَا فَادْخُلْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِهَا شِئْتَ قَالَ مُوسَى إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ ذَكَرَكَ بِلِسَانِهِ وَ قَلْبِهِ قَالَ يَا مُوسَى أُظِلُّهُ‏
__________________________________________________
 (1) أمالي الصدوق: 163.
 (2) الخصال ج 1 ص 135.

383
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِظِلِّ عَرْشِي وَ أَجْعَلُهُ فِي كَنَفِي قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ تَلَا حِكْمَتَكَ سِرّاً وَ جَهْراً قَالَ يَا مُوسَى يَمُرُّ عَلَى الصِّرَاطِ كَالْبَرْقِ قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَبَرَ عَلَى أَذَى النَّاسِ وَ شَتْمِهِمْ فِيكَ قَالَ أُعِينُهُ عَلَى أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ مِنْ خَشْيَتِكَ قَالَ يَا مُوسَى أَقِي وَجْهَهُ مِنْ حَرِّ النَّارِ وَ أُومِنُهُ يَوْمَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ تَرَكَ الْخِيَانَةَ حَيَاءً مِنْكَ قَالَ يَا مُوسَى لَهُ الْأَمَانُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ أَحَبَّ أَهْلَ طَاعَتِكَ قَالَ يَا مُوسَى أُحَرِّمُهُ عَلَى نَارِي قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً قَالَ لَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لَا أُقِيلُ عَثْرَتَهُ قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ دَعَا نَفْساً كَافِرَةً إِلَى الْإِسْلَامِ قَالَ يَا مُوسَى آذَنُ لَهُ فِي الشَّفَاعَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِمَنْ يُرِيدُ قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَلَّى الصَّلَوَاتِ لِوَقْتِهَا قَالَ أُعْطِيهِ سُؤْلَهُ وَ أُبِيحُهُ جَنَّتِي قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ أَتَمَّ الْوُضُوءَ مِنْ خَشْيَتِكَ قَالَ أَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لَهُ نُورٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ يَتَلَأْلَأُ قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ لَكَ مُحْتَسِباً قَالَ يَا مُوسَى أُقِيمُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَقَاماً لَا يَخَافُ فِيهِ قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ يُرِيدُ بِهِ النَّاسَ قَالَ يَا مُوسَى ثَوَابُهُ كَثَوَابِ مَنْ لَمْ يَصُمْهُ «1».
46- لي، الأمالي للصدوق ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ آدَمَ عَنِ‏
__________________________________________________
 (1) أمالي الصدوق: ص 125.

384
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْخَزَّازِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ أَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رَجُلٌ صَدُوقٌ فِي حَدِيثِهِ مُحَافِظٌ عَلَى صَلَوَاتِهِ وَ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَعَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ ثُمَّ قَالَ ع مَنِ اؤْتُمِنَ عَلَى أَمَانَةٍ فَأَدَّاهَا فَقَدْ حَلَّ أَلْفَ عُقْدَةٍ مِنْ عُنُقِهِ مِنْ عُقَدِ النَّارِ فَبَادِرُوا بِأَدَاءِ الْأَمَانَةِ فَإِنَّ مَنِ اؤْتُمِنَ عَلَى أَمَانَةٍ وَكَّلَ بِهِ إِبْلِيسُ مِائَةَ شَيْطَانٍ مِنْ مَرَدَةِ أَعْوَانِهِ لِيُضِلُّوهُ وَ يُوَسْوِسُوا إِلَيْهِ حَتَّى يُهْلِكُوهُ إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ «1».
47- ل، الخصال أَبِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الرَّازِيِّ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ صَدَقَ لِسَانُهُ زَكَا عَمَلُهُ وَ مَنْ حَسُنَتْ نِيَّتُهُ زَادَ اللَّهُ فِي رِزْقِهِ وَ مَنْ حَسُنَ بِرُّهُ بِأَهْلِهِ زَادَ اللَّهُ فِي عُمُرِهِ «2».
48- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَيْهِ عَنِ الْكُلَيْنِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ الصَّيْقَلِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مِثْلَهُ وَ فِيهِ بِأَهْلِ بَيْتِهِ «3».
48- ل، الخصال ابْنُ مَسْرُورٍ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ عَنْ عَمِّهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنِ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَمَلَ إِسْلَامُهُ وَ مُحِّصَتْ ذُنُوبُهُ وَ لَقِيَ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ عَنْهُ رَاضٍ مَنْ وَفَى لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِمَا يَجْعَلُ عَلَى نَفْسِهِ لِلنَّاسِ وَ صَدَقَ لِسَانُهُ مَعَ النَّاسِ وَ اسْتَحْيَا مِنْ كُلِّ قَبِيحٍ عِنْدَ اللَّهِ وَ عِنْدَ النَّاسِ وَ حَسُنَ خُلُقُهُ مَعَ أَهْلِهِ «4».
سن، المحاسن أبي عن ابن محبوب مثله «5»
__________________________________________________
 (1) أمالي الصدوق: 177.
 (2) الخصال ج 1 ص 44.
 (3) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 250.
 (4) الخصال ج 1 ص 106.
 (5) المحاسن: 8.

385
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

- ما، الأمالي للشيخ الطوسي المفيد عن أحمد بن الوليد عن أبيه عن الصفار عن ابن عيسى عن محمد بن عبد الجبار عن ابن محبوب مثله «1».
49- ل، الخصال سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ اللَّخْمِيُّ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ خواجة [خَرَاجَةَ] عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَبْسِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ: ثَلَاثٌ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ فَلَيْسَ مِنِّي وَ لَا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا هُنَّ قَالَ حِلْمٌ يَرُدُّ بِهِ جَهْلَ الْجَاهِلِ وَ حُسْنُ خُلُقٍ يَعِيشُ بِهِ فِي النَّاسِ وَ وَرَعٌ يَحْجُزُهُ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ «2».
50- ل، الخصال أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ نَشَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ فِي رَحْمَتِهِ حُسْنُ خُلُقٍ يَعِيشُ بِهِ فِي النَّاسِ وَ رِفْقٌ بِالْمَكْرُوبِ وَ شَفَقَةٌ عَلَى الْوَالِدَيْنِ وَ إِحْسَانٌ إِلَى الْمَمْلُوكِ «3».
51- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْبَطَائِنِيِّ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: أَفْضَلُ مَا تَوَسَّلَ بِهِ الْمُتَوَسِّلُونَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ فَإِنَّهَا الْفِطْرَةُ وَ إِقَامَةُ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا الْمِلَّةُ وَ إِيتَاءُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ وَ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ جُنَّةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَ حِجُّ الْبَيْتِ فَإِنَّهُ مِيقَاتٌ لِلدِّينِ وَ مَدْحَضَةٌ لِلذَّنْبِ وَ صِلَةُ الرَّحِمِ فَإِنَّهُ مَثْرَاةٌ لِلْمَالِ مَنْسَاةٌ لِلْأَجَلِ وَ الصَّدَقَةُ فِي السِّرِّ فَإِنَّهَا تُذْهِبُ الْخَطِيئَةَ وَ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَ صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ مِيتَةَ السَّوْءِ وَ تَقِي مَصَارِعَ الْهَوَانِ أَلَا فَاصْدُقُوا فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ مَنْ صَدَقَ وَ جَانِبُوا الْكَذِبَ فَإِنَ‏
__________________________________________________
 (1) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 71.
 (2) الخصال ج 1 ص 71.
 (3) الخصال ج 1 ص 107.

386
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

الْكَذِبَ مُجَانِبُ الْإِيمَانِ أَلَا وَ إِنَّ الصَّادِقَ عَلَى شَفَا مَنْجَاةٍ وَ كَرَامَةٍ أَلَا وَ إِنَّ الْكَاذِبَ عَلَى شَفَا مَخْزَاةٍ وَ هَلَكَةٍ أَلَا وَ قُولُوا خَيْراً تُعْرَفُوا بِهِ وَ اعْمَلُوا بِهِ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ وَ أَدُّوا الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكُمْ وَ صِلُوا مَنْ قَطَعَكُمْ وَ عُودُوا بِالْفَضْلِ عَلَيْهِمْ «1».
ع، علل الشرائع أبي عن سعد عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه علي عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر رفعه إلى علي بن أبي طالب ع مثله- سن، المحاسن أبي عن حماد عن إبراهيم بن عمر مثله «2» و سيأتي في أبواب المواعظ.
52- ل، الخصال أَبِي عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيِّ عَنْ سِجَادَةَ عَنْ دُرُسْتَ عَنْ أَبِي خَالِدٍ السِّجِسْتَانِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: خَمْسُ خِصَالٍ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهَا فَلَيْسَ فِيهِ كَثِيرُ مُسْتَمْتَعٍ أَوَّلُهَا الْوَفَاءُ وَ الثَّانِيَةُ التَّدْبِيرُ وَ الثَّالِثَةُ الْحَيَاءُ وَ الرَّابِعَةُ حُسْنُ الْخُلُقِ وَ الْخَامِسَةُ وَ هِيَ تَجْمَعُ هَذِهِ الْخِصَالَ الْحُرِّيَّةُ «3».
53- ل، الخصال أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ يَزِيدَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ قُتَيْبَةَ الْبَصْرِيِّ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْعَجَمِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: خَمْسٌ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كَثِيرُ مُسْتَمْتَعٍ الدِّينُ وَ الْعَقْلُ وَ الْأَدَبُ وَ الْحُرِّيَّةُ وَ حُسْنُ الْخُلُقِ «4».
54- ل، الخصال فِي خَبَرِ الْأَعْمَشِ قَالَ الصَّادِقُ ع بَعْدَ ذِكْرِ الْأَئِمَّةِ ع وَ دِينُهُمُ الْوَرَعُ وَ الْعِفَّةُ وَ الصِّدْقُ وَ الصَّلَاحُ وَ الِاجْتِهَادُ وَ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ إِلَى الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ وَ طُولُ السُّجُودِ وَ قِيَامُ اللَّيْلِ وَ اجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ وَ انْتِظَارُ الْفَرَجِ بِالصَّبْرِ وَ حُسْنُ الصُّحْبَةِ وَ حُسْنُ الْجِوَارِ «5».
__________________________________________________
 (1) أمالي الطوسيّ ج 1 ص 220.
 (2) المحاسن: ص 289.
 (3) الخصال ج 1 ص 137.
 (4) الخصال ج 1 ص 143.
 (5) الخصال ج 2 ص 79.

387
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

55- ل، الخصال أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ زَوَّجَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ كَيْفَ شَاءَ كَظْمُ الْغَيْظِ وَ الصَّبْرُ عَلَى السُّيُوفِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَجُلٌ أَشْرَفَ عَلَى مَالٍ حَرَامٍ فَتَرَكَهُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ «1».
56- ل، الخصال عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ: أَوْصَانِي رَسُولُ اللَّهِ ص بِسَبْعٍ أَوْصَانِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي وَ لَا أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِي وَ أَوْصَانِي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ وَ الدُّنُوِّ مِنْهُمْ وَ أَوْصَانِي أَنْ أَقُولَ الْحَقَّ وَ إِنْ كَانَ مُرّاً وَ أَوْصَانِي أَنْ أَصِلَ رَحِمِي وَ إِنْ أَدْبَرَتْ وَ أَوْصَانِي أَنْ لَا أَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَ أَوْصَانِي أَنْ أَسْتَكْثِرَ مِنْ قَوْلِ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ فَإِنَّهَا مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ «2».
أقول: سيأتي بأسانيده في أبواب المواعظ.
57- ل، الخصال ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ الْقَدَّاحِ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ: قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ع طُوبَى لِمَنْ كَانَ صَمْتُهُ فِكْراً وَ نَظَرُهُ عَبَراً وَ وَسِعَهُ بَيْتُهُ وَ بَكَى عَلَى خَطِيئَتِهِ وَ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ يَدِهِ وَ لِسَانِهِ «3».
58- ما، الأمالي للشيخ الطوسي جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مَرْوَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَالِمٍ الْفَرَّاءِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ ع عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ فِيهَا قَصْراً مِنْ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ يُرَى بَاطِنُهُ مِنْ ظَاهِرِهِ لِضِيَائِهِ وَ نُورِهِ وَ فِيهِ قُبَّتَانِ مِنْ دُرٍّ وَ زَبَرْجَدٍ فَقُلْتُ يَا جَبْرَئِيلُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ قَالَ‏
__________________________________________________
 (1) الخصال ج 1 ص 43.
 (2) الخصال ج 2 ص 3.
 (3) الخصال ج 1 ص 142.

388
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

هُوَ لِمَنْ أَطَابَ الْكَلَامَ وَ أَدَامَ الصِّيَامَ وَ أَطْعَمَ الطَّعَامَ وَ تَهَجَّدَ بِاللَّيْلِ وَ النَّاسُ نِيَامٌ قَالَ عَلِيٌّ ع فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ فِي أُمَّتِكَ مَنْ يُطِيقُ هَذَا فَقَالَ أَ تَدْرِي مَا إِطَابَةُ الْكَلَامِ فَقُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ [قَالَ مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ أَ تَدْرِي مَا إِدَامَةُ الصِّيَامِ قُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ‏] قَالَ مَنْ صَامَ شَهْرَ الصَّبْرِ شَهْرَ رَمَضَانَ وَ لَمْ يُفْطِرْ مِنْهُ يَوْماً أَ تَدْرِي مَا إِطْعَامُ الطَّعَامِ قُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ مَنْ طَلَبَ لِعِيَالِهِ مَا يَكُفُّ بِهِ وُجُوهَهُمْ عَنِ النَّاسِ أَ تَدْرِي مَا التَّهَجُّدُ بِاللَّيْلِ وَ النَّاسُ نِيَامٌ قُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ مَنْ لَمْ يَنَمْ حَتَّى يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ وَ النَّاسُ مِنَ الْيَهُودِ وَ النَّصَارَى وَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ نِيَامٌ بَيْنَهُمَا «1».
59- ل، الخصال أَبِي عَنْ سَعْدٍ وَ الْحِمْيَرِيِّ جَمِيعاً عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص آفَةُ الْحَدِيثِ الْكَذِبُ وَ آفَةُ الْعِلْمِ النِّسْيَانُ وَ آفَةُ الْحِلْمِ السَّفَهُ وَ آفَةُ الْعِبَادَةِ الْفَتْرَةُ وَ آفَةُ الظَّرْفِ الصَّلَفُ «2» وَ آفَةُ الشَّجَاعَةِ الْبَغْيُ وَ آفَةُ السَّخَاءِ الْمَنُّ وَ آفَةُ الْجَمَالِ الْخُيَلَاءُ وَ آفَةُ الْحَسَبِ الْفَخْرُ «3».
60- سن، المحاسن أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ خَضِرٍ عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ أَوْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ كَانَ فِي ظِلِّ عَرْشِ اللَّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ رَجُلٌ أَعْطَى النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ مَا هُوَ سَائِلُهُمْ لَهَا وَ رَجُلٌ لَمْ يُقَدِّمْ رِجْلًا حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ لِلَّهِ رِضًا أَوْ يَحْبِسَ وَ رَجُلٌ لَمْ يَعِبْ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ بِعَيْبٍ حَتَّى يَنْفِيَ ذَلِكَ الْعَيْبَ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَفِي عَنْهُ عَيْبٌ إِلَّا بَدَا لَهُ عَيْبٌ وَ كَفَى بِالْمَرْءِ شُغُلًا بِنَفْسِهِ عَنِ النَّاسِ «4».
__________________________________________________
 (1) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 73.
 (2) الظرف الكياسة، و قيل: حسن الوجه و الهيئة، و قيل: البراعة و ذكاء القلب، و لا يوصف به الا الفتيان الازوال و الفتيات الزولات، لا الشيوخ و لا السادة، و من كان بهذه الصفة عجب في نفسه و تبختر و جاوز حده فصار مكروها عند الناس.
 (3) الخصال ج 2 ص 43.
 (4) المحاسن: 5.

389
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

61- سن، المحاسن أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ يَضْمَنْ لِي أَرْبَعَةً أَضْمَنْ لَهُ بِأَرْبَعَةِ أَبْيَاتٍ فِي الْجَنَّةِ أَنْفِقْ وَ لَا تَخَفْ فَقْراً وَ أَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ أَفْشِ السَّلَامَ فِي الْعَالَمِ وَ اتْرُكِ الْمِرَاءَ وَ إِنْ كُنْتَ مُحِقّاً «1».
62- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر ابْنُ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ يَضْمَنُ لِي أَرْبَعاً بِأَرْبَعَةِ أَبْيَاتٍ الْخَبَرَ.
63- سن، المحاسن أَبِي عَنِ ابْنِ يَزِيدَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُتَيْبَةَ الْبَصْرِيِّ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: خَمْسٌ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ لَمْ يَتَهَنَّأْ بِالعَيْشِ الصِّحَّةُ وَ الْأَمْنُ وَ الْغَنَاءُ وَ الْقَنَاعَةُ وَ الْأَنِيسُ الْمُوَافِقُ «2».
64- سن، المحاسن أَبِي عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لِأَصْحَابِهِ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِخَمْسٍ لَوْ رَكِبْتُمْ فِيهِنَّ الْمَطِيَّ حَتَّى تُنْضُوهَا لَمْ تَأْتُوا بِمِثْلِهِنَّ لَا يَخْشَى أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَ عَمَلَهُ وَ لَا يَرْجُو إِلَّا رَبَّهُ وَ لَا يَسْتَحْيِي الْعَالِمُ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ لَا عِلْمَ لِي وَ لَا يَسْتَحْيِي الْجَاهِلُ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنْ يَتَعَلَّمَ وَ الصَّبْرُ فِي الْأُمُورِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ فَإِذَا فَارَقَ الرَّأْسُ الْجَسَدَ فَسَدَ الْجَسَدُ فَإِذَا فَارَقَ الصَّبْرُ الْأُمُورَ فَسَدَتِ الْأُمُورُ «3».
65- سن، المحاسن أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَسَدِيِّ عَنْ حُرَيْبٍ الْغَزَّالِ عَنْ صَدَقَةَ الْقَتَّابِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ ع بِمِنًى وَ قَدْ مَاتَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ يَا بَا سَعِيدٍ قُمْ إِلَى جَنَازَتِهِ فَلَمَّا دَخَلْنَا الْمَقَابِرَ قَالَ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِخَمْسِ خِصَالٍ هُنَّ مِنَ الْبِرِّ وَ الْبِرُّ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى قَالَ إِخْفَاءُ الْمُصِيبَةِ وَ كِتْمَانُهَا وَ الصَّدَقَةُ تُعْطِيهَا بِيَمِينِكَ لَا تَعْلَمُ بِهَا شِمَالُكَ وَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ فَإِنَّ بِرَّهُمَا لِلَّهِ رِضًى وَ الْإِكْثَارُ مِنْ قَوْلِ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ فَإِنَّهُ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ وَ الْحُبُّ لِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ‏
__________________________________________________
 (1) المحاسن: 8.
 (2) المحاسن: 9.
 (3) المحاسن: 9.

390
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَجْمَعِينَ «1».
66- سن، المحاسن أَبِي عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِنَّمَا أَقْبَلُ الصَّلَاةَ لِمَنْ تَوَاضَعَ لِعَظَمَتِي وَ يَكُفُّ نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ مِنْ أَجْلِي وَ يَقْطَعُ نَهَارَهُ بِذِكْرِي وَ لَا يَتَعَاظَمُ عَلَى خَلْقِي وَ يُطْعِمُ الْجَائِعَ وَ يَكْسُو الْعَارِيَ وَ يَرْحَمُ الْمُصَابَ وَ يُؤْوِي الْغَرِيبَ فَذَلِكَ يُشْرِقُ نُورُهُ مِثْلَ الشَّمْسِ أَجْعَلُ فِي الظُّلُمَاتِ نُوراً وَ فِي الْجَهَالَةِ عِلْماً أَكْلَؤُهُ بِعِزَّتِي وَ أَسْتَحْفِظُهُ بِمَلَائِكَتِي يَدْعُونِي فَأُلَبِّيهِ وَ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيهِ فَمَثَلُ ذَلِكَ عِنْدِي كَمَثَلِ جَنَّاتِ الْفِرْدَوْسِ لَا يَيْبَسُ ثِمَارُهَا وَ لَا تَتَغَيَّرُ عَنْ حَالِهَا «2».
67- سن، المحاسن بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ قَالَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ ع يَا رَبِّ مَنْ أَهْلُكَ الَّذِينَ تُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّ عَرْشِكَ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّكَ قَالَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ الطَّاهِرَةُ قُلُوبُهُمْ وَ التَّرِبَةُ أَيْدِيهِمْ «3» الَّذِينَ يَذْكُرُونَ جَلَالِي إِذَا ذَكَرُوا رَبَّهُمُ الَّذِينَ يَكْتَفُونَ بِطَاعَتِي كَمَا يَكْتَفِي الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ بِاللَّبَنِ الَّذِينَ يَأْوُونَ إِلَى مَسَاجِدِي كَمَا تَأْوِي النُّسُورُ إِلَى أَوْكَارِهَا وَ الَّذِينَ يَغْضَبُونَ لِمَحَارِمِي إِذَا اسْتُحِلَّتْ مِثْلَ النَّمِرِ إِذَا حَرِدَ «4».
68- سن، المحاسن أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ رَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أُوصِيكَ يَا عَلِيُّ فِي نَفْسِكَ بِخِصَالٍ فَاحْفَظْهَا اللَّهُمَّ أَعِنْهُ الْأُولَى الصِّدْقُ فَلَا تَخْرُجْ مِنْ فِيكَ كَذِبٌ أَبَداً وَ الثَّانِيَةُ الْوَرَعُ فَلَا تَجْتَرِئْ عَلَى خِيَانَةٍ أَبَداً
__________________________________________________
 (1) المحاسن: 9.
 (2) المحاسن: 16 و 294.
 (3) التربة ايديهم: كناية عن الفقر، قال الجوهريّ: ترب الشي‏ء بالكسر- أصابه لتراب، و منه ترب الرجل: إذا افتقر كانه لصق بالتراب، يقال: تربت يداك و هو على الدعاء أي لا أصبت خيرا، و قال: الحرد: الغضب، تقول منه حرد- بالكسر- فهو حارد و حردان و منه قيل: أسد حارد، منه رحمه اللّه.
 (4) المحاسن: 16 و 293.

391
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

وَ الثَّالِثَةُ الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ كَأَنَّكَ تَرَاهُ وَ الرَّابِعَةُ الْبُكَاءُ لِلَّهِ يُبْنَى لَكَ بِكُلِّ دَمْعَةٍ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ وَ الْخَامِسَةُ بَذْلُكَ مَالَكَ وَ دَمَكَ دُونَ دِينِكَ وَ السَّادِسَةُ الْأَخْذُ بِسُنَّتِي فِي صَلَاتِي وَ صَوْمِي وَ صَدَقَتِي فَأَمَّا الصَّلَاةُ فِي اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ وَ أَمَّا الصِّيَامُ فَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي الشَّهْرِ الْخَمِيسُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ وَ الْأَرْبِعَاءُ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ وَ الْخَمِيسُ فِي آخِرِ الشَّهْرِ وَ الصَّدَقَةُ بِجُهْدِكَ حَتَّى تَقُولَ أَسْرَفْتُ وَ لَا تُسْرِفْ وَ عَلَيْكَ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ يُكَرِّرُهَا أَرْبَعاً وَ عَلَيْكَ بِصَلَاةِ الزَّوَالِ وَ عَلَيْكَ بِرَفْعِ يَدَيْكَ إِلَى رَبِّكَ وَ كَثْرَةِ تَقَلُّبِهَا وَ عَلَيْكَ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَ عَلَيْكَ بِالسِّوَاكِ لِكُلِّ وُضُوءٍ وَ عَلَيْكَ بِمَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ فَارْتَكِبْهَا وَ عَلَيْكَ بِمَسَاوِي الْأَخْلَاقِ فَاجْتَنِبْهَا فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَلَا تَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَكَ «1».
69- سن، المحاسن الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ سَابِقٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُعَذِّبَ أَهْلَ الْأَرْضِ بِعَذَابٍ قَالَ لَوْ لَا الَّذِينَ يَتَحَابُّونَ فِي جَلَالِي وَ يَعْمُرُونَ مَسَاجِدِي وَ يَسْتَغْفِرُونَ بِالْأَسْحَارِ لَأَنْزَلْتُ عَذَابِي «2».
70- سن، المحاسن أَبِي عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ: أَ لَا أُخْبِرُكَ بِالْإِسْلَامِ وَ فَرْعِهِ وَ ذِرْوَتِهِ وَ سَنَامِهِ قَالَ قُلْتُ بَلَى جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ أَمَّا أَصْلُهُ فَالصَّلَاةُ وَ فَرْعُهُ فَالزَّكَاةُ وَ ذِرْوَتُهُ وَ سَنَامُهُ الْجِهَادُ قَالَ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ بِأَبْوَابِ الْخَيْرِ قُلْتُ نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَ الصَّدَقَةُ تَذْهَبُ بِالْخَطِيئَةِ وَ قِيَامُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ يَذْكُرُ اللَّهَ ثُمَّ قَرَأَ تَتَجافى‏ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ «3».
71- سن، المحاسن الْوَشَّاءُ عَنْ مُثَنًّى عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا وَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَ الْجِهَادُ
__________________________________________________
 (1) المحاسن: 17.
 (2) المحاسن: 53.
 (3) المحاسن: 289، و الآية في السجدة: 16.

392
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

فِي سَبِيلِ اللَّهِ «1».
72- سن، المحاسن أَبِي عَنِ النَّضْرِ عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ عَنْ مُفَرِّقٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ أَفْضَلَ الْعِبَادَةِ عِفَّةُ بَطْنٍ وَ فَرْجٍ وَ مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ وَ إِنَّ أَسْرَعَ الشَّرِّ عُقُوبَةً الْبَغْيُ وَ إِنَّ أَسْرَعَ الْخَيْرِ ثَوَاباً الْبِرُّ وَ كَفَى بِالْمَرْءِ عَيْباً أَنْ يُبْصِرَ مِنَ النَّاسِ مَا يَعْمَى عَنْهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ يَنْهَى النَّاسَ عَمَّا لَا يَسْتَطِيعُ التَّحَوُّلَ عَنْهُ وَ أَنْ يُؤْذِيَ جَلِيسَهُ فِي مَا لَا يَعْنِيهِ «2».
ختص، الإختصاص عن الثمالي عن الباقر و السجاد ع مثله «3».
73- سن، المحاسن أَبِي عَنْ صَفْوَانَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ مَا ضَاعَ مَالٌ فِي بَرٍّ وَ لَا بَحْرٍ إِلَّا بِتَضْيِيعِ الزَّكَاةِ فَحَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ وَ دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَ ادْفَعُوا نَوَائِبَ الْبَلَايَا بِالاسْتِغْفَارِ الصَّاعِقَةُ لَا تُصِيبُ ذَاكِراً وَ لَيْسَ يُصَادُ مِنَ الطَّيْرِ إِلَّا مَا ضَيَّعَ تَسْبِيحَهُ «4».
74- سن، المحاسن عُثْمَانُ بْنُ عِيسَى عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ ص بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَفْشُوا السَّلَامَ وَ صِلُوا الْأَرْحَامَ وَ تَهَجَّدُوا وَ النَّاسُ نِيَامٌ وَ أَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَ أَطِيبُوا الْكَلَامَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ «5».
75- صح، صحيفة الرضا عليه السلام عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ عِنْدَ اللَّهِ إِيمَانٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَ غَزْوٌ لَا غُلُولَ فِيهِ وَ حَجٌّ مَبْرُورٌ وَ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ شَهِيدٌ وَ عَبْدٌ مَمْلُوكٌ أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَ نَصَحَ لِسَيِّدِهِ وَ رَجُلٌ عَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِبَادَةٍ وَ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ أَمِيرٌ مُتَسَلِّطٌ لَمْ يَعْدِلْ وَ ذُو
__________________________________________________
 (1) المحاسن: 292.
 (2) المحاسن: 292.
 (3) الاختصاص 228.
 (4) المحاسن: 294.
 (5) المحاسن: 387.

393
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

ثَرْوَةٍ مِنَ الْمَالِ لَمْ يُعْطِ الْمَالَ حَقَّهُ وَ فَقِيرٌ فَخُورٌ «1».
جا، المجالس للمفيد عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَهْرَوَيْهِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ ع إِلَى قَوْلِهِ ذُو عِبَادَةٍ «2».
76- صح، صحيفة الرضا عليه السلام عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا تَحَابُّوا وَ أَدَّوُا الْأَمَانَةَ وَ اجْتَنَبُوا الْحَرَامَ وَ قَرَوُا الضَّيْفَ وَ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَ آتَوُا الزَّكَاةَ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ ابْتُلُوا بِالْقَحْطِ وَ السِّنِينَ «3».
77- ضا، فقه الرضا عليه السلام وَ نَرْوِي عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ: بُعِثْتُ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ.
أَرْوِي عَنِ الْعَالِمِ ع أَنَّ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ خَصَّ رُسُلَهُ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فَامْتَحِنُوا أَنْفُسَكُمْ فَإِنْ كَانَتْ فِيكُمْ فَاحْمَدُوا اللَّهَ وَ إِلَّا فَاسْأَلُوهُ وَ ارْغَبُوا إِلَيْهِ فِيهَا فَقَالَ وَ ذَكَرَهَا عَشَرَةً الْيَقِينَ وَ الْقَنَاعَةَ وَ الْبَصِيرَةَ وَ الشُّكْرَ وَ الْحِلْمَ وَ حُسْنَ الْخُلُقِ وَ السَّخَاءَ وَ الْغَيْرَةَ وَ الشَّجَاعَةَ وَ الْمُرُوءَةَ وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ زَادَ فِيهَا الْحَيَاءَ وَ الصِّدْقَ وَ أَدَاءَ الْأَمَانَةِ.
وَ أَرْوِي عَنِ الْعَالِمِ ع قَالَ مَا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ أَجَلُّ وَ لَا أَعَزُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ التَّسْلِيمُ وَ الْبِرُّ وَ الْيَقِينُ.
وَ أَرْوِي عَنِ الْعَالِمِ ع أَنَّهُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَلَا أَوْحَى إِلَى آدَمَ ع- أَنْ أَجْمَعُ الْكَلَامَ كُلَّهُ فِي أَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ يَا رَبِّ بَيِّنْهُنَّ لِي فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ وَاحِدَةٌ لِي وَ أُخْرَى لَكَ وَ أُخْرَى بَيْنِي وَ بَيْنَكَ وَ أُخْرَى بَيْنَكَ وَ بَيْنَ النَّاسِ فَالَّتِي لِي تُؤْمِنُ بِي وَ لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئاً وَ الَّتِي لَكَ فَأُجَازِيكَ عَنْهَا أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَى الْمُجَازَاةِ وَ الَّتِي بَيْنَكَ وَ بَيْنِي فَعَلَيْكَ الدُّعَاءُ وَ عَلَيَّ الْإِجَابَةُ وَ الَّتِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَ النَّاسِ فَإِنْ تَرْضَى لَهُمْ مَا تَرْضَى لِنَفْسِكَ وَ تَكْرَهُ لَهُمْ مَا تَكْرَهُهُ لِنَفْسِكَ.
__________________________________________________
 (1) صحيفة الرضا عليه السلام ص 3.
 (2) مجالس المفيد: 67.
 (3) صحيفة الرضا عليه السلام ص 4.

394
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

وَ أَرْوِي أَنَّهُ سُئِلَ الْعَالِمُ ع عَنْ خِيَارِ الْعِبَادِ فَقَالَ الَّذِينَ إِذَا أَحْسَنُوا اسْتَبْشَرُوا وَ إِذَا أَسَاءُوا اسْتَغْفَرُوا وَ إِذَا أُعْطُوا شَكَرُوا وَ إِذَا ابْتُلُوا صَبَرُوا وَ إِذَا غَضِبُوا عَفَوْا.
78- ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْهَيْثَمِ الْخَفَّافِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا عُبِدَ اللَّهُ بِمِثْلِ الْعَقْلِ وَ مَا تَمَّ عَقْلُ امْرِئٍ حَتَّى يَكُونَ فِيهِ عَشْرُ خِصَالٍ الْخَيْرُ مِنْهُ مَأْمُولٌ وَ الشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونٌ يَسْتَقِلُّ كَثِيرَ الْخَيْرِ مِنْ عِنْدِهِ وَ يَسْتَكْثِرُ قَلِيلَ الْخَيْرِ مِنْ غَيْرِهِ وَ لَا يَتَبَرَّمُ بِطِلَابِ الْحَوَائِجِ وَ لَا يَسْأَمُ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ طُولَ عُمُرِهِ الْفَقْرُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْغِنَى وَ الذُّلُّ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعِزِّ نَصِيبُهُ مِنَ الدُّنْيَا الْقُوتُ وَ الْعَاشِرَةُ وَ مَا الْعَاشِرَةُ لَا يَرَى أَحَداً إِلَّا قَالَ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي وَ أَتْقَى إِنَّمَا النَّاسُ رَجُلَانِ فَرَجُلٌ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَ أَتْقَى وَ آخَرُ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ وَ أَدْنَى فَإِذَا رَأَى مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَ أَتْقَى تَوَاضَعَ لَهُ لِيَلْحَقَ بِهِ وَ إِذَا الْتَقَى الَّذِي هُوَ شَرٌّ مِنْهُ وَ أَدْنَى قَالَ عَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرُ هَذَا بَاطِناً وَ شَرُّهُ ظَاهِراً وَ عَسَى أَنْ يُخْتَمَ لَهُ بِخَيْرٍ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ عَلَا مَجْدُهُ وَ سَادَ أَهْلَ زَمَانِهِ «1».
79- سر، السرائر ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي خَلَفٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ع قَالَ لِبَعْضِ وُلْدِهِ يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ أَنْ يَرَاكَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَعْصِيَةٍ نَهَاكَ عَنْهَا وَ إِيَّاكَ أَنْ يَفْقِدَكَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ طَاعَةِ أَمْرِكَ بِهَا وَ عَلَيْكَ بِالْجِدِّ وَ لَا تُخْرِجَنَّ نَفْسَكَ عَنِ التَّقْصِيرِ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَ طَاعَتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُعْبَدُ حَقَّ عِبَادَتِهِ وَ إِيَّاكَ وَ الْمِزَاحَ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ بِنُورِ إِيمَانِكَ وَ يَسْتَخِفُّ مُرُوَّتَكَ وَ إِيَّاكَ وَ الضَّجَرَ وَ الْكَسَلَ فَإِنَّهُمَا يَمْنَعَانِكَ حَظَّ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ.
80- شي، تفسير العياشي عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: يَا بَا مُحَمَّدٍ عَلَيْكُمْ بِالْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَ صِدْقِ الْحَدِيثِ وَ حُسْنِ الصِّحَابَةِ لِمَنْ صَحِبَكُمْ وَ طُولِ‏
__________________________________________________
 (1) علل الشرائع ج 1 ص 110.

395
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

السُّجُودِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَنِ الْأَوَّابِينَ قَالَ أَبُو بَصِيرٍ الْأَوَّابُونَ التَّوَّابُونَ «1».
81- جا، المجالس للمفيد أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبَانٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ بَدْرٍ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا أَنَسُ أَكْثِرْ مِنَ الطَّهُورِ يَزِيدُ اللَّهُ فِي عُمُرِكَ وَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ عَلَى طَهَارَةٍ فَافْعَلْ فَإِنَّكَ تَكُونُ إِذَا مِتَّ عَلَى طَهَارَةٍ شَهِيداً وَ صَلِّ صَلَاةَ الزَّوَالِ فَإِنَّهَا صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ وَ أَكْثِرْ مِنَ التَّطَوُّعِ تُحِبَّكَ الْحَفَظَةُ وَ سَلِّمْ عَلَى مَنْ لَقِيتَ يَزِيدُ اللَّهُ فِي حَسَنَاتِكَ وَ سَلِّمْ فِي بَيْتِكَ يَزِيدُ اللَّهُ فِي بَرَكَتِكَ وَ وَقِّرْ كَبِيرَ الْمُسْلِمِينَ وَ ارْحَمْ صَغِيرَهُمْ أَجِي‏ءُ أَنَا وَ أَنْتَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَاتَيْنِ وَ جَمَعَ بَيْنَ الْوُسْطَى وَ الْمُسَبِّحَةِ «2».
82- جا، المجالس للمفيد الْجِعَابِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدٍ الْعِجْلِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَتَبَهُ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْ كَانَ عِصْمَتُهُ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنِّي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ مَنْ إِذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِنِعْمَةٍ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَ ذَنْباً قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَ مَنْ إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ «3».
83- جا، المجالس للمفيد الصَّدُوقُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْيَقْطِينِيِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ لَا تَسْتَكْثِرُوا كَثِيرَ الْخَيْرِ وَ لَا تَسْتَقِلُّوا قَلِيلَ الذُّنُوبِ فَإِنَّ قَلِيلَ الذُّنُوبِ تَجْتَمِعُ حَتَّى تَكُونَ كَثِيراً وَ خَافُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِي السِّرِّ حَتَّى تُعْطُوا مِنْ أَنْفُسِكُمُ النَّصَفَ وَ سَارِعُوا إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَ اصْدُقُوا الْحَدِيثَ وَ أَدُّوا الْأَمَانَةَ فَإِنَّمَا ذَلِكَ لَكُمْ وَ لَا تَدْخُلُوا فِيمَا لَا يَحِلُّ فَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَيْكُمْ «4».
__________________________________________________
 (1) تفسير العيّاشيّ ج 2 ص 286.
 (2) مجالس المفيد ص 46.
 (3) المصدر: 54.
 (4) المصدر: 102.

396
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر عثمان بن عيسى مثله.
84- جا، المجالس للمفيد أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَهْزِيَارَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ النَّضْرِ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي خُطْبَةٍ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ خَلَائِقِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ الْعَفْوِ عَمَّنْ ظَلَمَكَ وَ أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ وَ الْإِحْسَانِ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ وَ إِعْطَاءِ مَنْ حَرَمَكَ وَ فِي التَّبَاغُضِ الْحَالِقَةِ لَا أَعْنِي حَالِقَةَ الشَّعْرِ وَ لَكِنْ حَالِقَةَ الدِّينِ «1».
ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر ابن أبي عمير مثله.
85- جا، المجالس للمفيد بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ عَجْلَانَ أَبِي صَالِحٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ أَسْهِمْهُمْ فِي مَالِكَ وَ ارْضَ لَهُمْ بِمَا تَرْضَى لِنَفْسِكَ وَ اذْكُرِ اللَّهَ كَثِيراً وَ إِيَّاكَ وَ الْكَسَلَ وَ الضَّجَرَ فَإِنَّ أَبِي بِذَلِكَ كَانَ يُوصِينِي وَ بِذَلِكَ كَانَ يُوصِيهِ أَبُوهُ وَ كَذَلِكَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ إِنَّكَ إِذَا كَسِلْتَ لَمْ تُؤَدِّ إِلَى اللَّهِ حَقَّهُ وَ إِنْ ضَجِرْتَ لَمْ تُؤَدِّ إِلَى أَحَدٍ حَقّاً وَ عَلَيْكَ بِالصِّدْقِ وَ الْوَرَعِ وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَ إِذَا وَعَدْتَ فَلَا تُخْلِفْ «2».
86- جا، المجالس للمفيد بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَنَّهُ قَالَ: لَنُحِبُّ مِنْ شِيعَتِنَا مَنْ كَانَ عَاقِلًا فَهِماً فَقِيهاً حَلِيماً مُدَارِياً صَبُوراً صَدُوقاً وَفِيّاً ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى خَصَّ الْأَنْبِيَاءَ ع بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فَمَنْ كَانَتْ فِيهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ وَ مَنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ فَلْيَتَضَرَّعْ إِلَى اللَّهِ وَ لْيَسْأَلْهُ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ مَا هِيَ قَالَ الْوَرَعُ وَ الْقُنُوعُ وَ الصَّبْرُ وَ الشُّكْرُ وَ الْحِلْمُ وَ الْحَيَاءُ وَ السَّخَاءُ وَ الشَّجَاعَةُ وَ الْغَيْرَةُ وَ الْبِرُّ وَ صِدْقُ الْحَدِيثِ وَ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ «3».
محص، التمحيص عن بكير مثله.
__________________________________________________
 (1) مجالس المفيد ص 115.
 (2) مجالس المفيد ص 116.
 (3) المصدر نفسه ص 121.

397
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

87- جا، المجالس للمفيد بِالْإِسْنَادِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي كَهْمَسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَوْصِنِي قَالَ أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ الْوَرَعِ وَ الِاجْتِهَادِ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ اجْتِهَادٌ بِلَا وَرَعٍ وَ انْظُرْ إِلَى مَا هُوَ دُونَكَ وَ لَا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ فَوْقَكَ فَلَكَثِيرٌ مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِرَسُولِهِ ص فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ «1» وَ قَالَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى‏ ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا «2» وَ إِنْ نَازَعَتْكَ نَفْسُكَ إِلَى شَيْ‏ءٍ مِنْ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ قُوتُهُ الشَّعِيرَ وَ حَلْوَاؤُهُ التَّمْرَ إِذَا وَجَدَهُ وَ وَقُودُهُ السَّعَفَ وَ إِذَا أُصِبْتَ بِمُصِيبَةٍ فَاذْكُرْ مُصَابَكَ بِرَسُولِ اللَّهِ ص فَإِنَّ النَّاسَ لَنْ يُصَابُوا بِمِثْلِهِ أَبَداً «3».
88- جا، المجالس للمفيد بِالْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ مَهْزِيَارَ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ إِسْحَاقَ الْخُرَاسَانِيُّ صَاحِبٌ كَانَ لَنَا قَالَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع يَقُولُ لَا تَرْتَابُوا فَتَشُكُّوا فَتَكْفُرُوا وَ لَا تُرَخِّصُوا لِأَنْفُسِكُمْ فَتَذْهَبُوا وَ لَا تُدَاهِنُوا فِي الْحَقِّ فَتَخْسَرُوا إِنَّ الْحَزْمَ أَنْ تَتَفَقَّهُوا وَ مِنَ الْفِقْهِ أَنْ لَا تَغْتَرُّوا وَ إِنَّ أَنْصَحَكُمْ لِنَفْسِهِ أَطْوَعُكُمْ لِرَبِّهِ وَ إِنَّ أَغَشَّكُمْ أَعْصَاكُمْ لِرَبِّهِ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ يَأْمَنْ وَ يَرْشُدْ وَ مَنْ يَعْصِهِ يَخِبْ وَ يَنْدَمْ وَ اسْأَلُوا اللَّهَ الْيَقِينَ وَ ارْغَبُوا إِلَيْهِ فِي الْعَاقِبَةِ وَ خَيْرُ مَا دَارَ فِي الْقَلْبِ الْيَقِينُ أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَ الْكَذِبَ فَإِنَّ كُلَّ رَاجٍ طَالِبٌ وَ كُلَّ خَائِفٍ هَارِبٌ «4».
89- جا، المجالس للمفيد الْحَسَنُ بْنُ حَمْزَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَدِّهِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ: أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِأَشَدِّ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَى خَلْقِهِ إِنْصَافُ النَّاسِ مِنْ نفسهم [أَنْفُسِهِمْ‏] وَ مُوَاسَاةُ الْإِخْوَانِ فِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنْ عُرِضَتْ لَهُ طَاعَةٌ لِلَّهِ عَمِلَ بِهَا وَ إِنْ عُرِضَتْ لَهُ مَعْصِيَةٌ تَرَكَهَا «5».
__________________________________________________
 (1) براءة: 55.
 (2) طه: 131.
 (3) مجالس المفيد ص 122.
 (4) مجالس المفيد ص 128.
 (5) المصدر نفسه ص 195.

398
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

90- ضه، روضة الواعظين قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَوْصَانِي خَلِيلِي رَسُولُ اللَّهِ ص بِسَبْعِ خِصَالٍ لَا أَدَعُهُنَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَوْصَانِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي وَ لَا أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِي وَ أَنْ أُحِبَّ الْفُقَرَاءَ وَ الدُّنُوَّ مِنْهُمْ وَ أَنْ أَقُولَ الْحَقَّ وَ إِنْ كَانَ مُرّاً وَ أَنْ أَصِلَ إِلَى رَحِمِي وَ إِنْ كَانَتْ مُدْبِرَةً وَ أَنْ لَا أَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئاً وَ أَوْصَانِي أَنْ أَقُولَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ.
91- جع، جامع الأخبار قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع طَلَبْتُ الْقَدْرَ وَ الْمَنْزِلَةَ فَمَا وَجَدْتُ إِلَّا بِالْعِلْمِ تَعَلَّمُوا يَعْظُمْ قَدْرُكُمْ فِي الدَّارَيْنِ وَ طَلَبْتُ الْكَرَامَةَ فَمَا وَجَدْتُ إِلَّا بِالتَّقْوَى اتَّقُوا لِتَكْرُمُوا وَ طَلَبْتُ الْغِنَى فَمَا وَجَدْتُ إِلَّا بِالْقَنَاعَةِ عَلَيْكُمْ بِالْقَنَاعَةِ تَسْتَغْنُوا وَ طَلَبْتُ الرَّاحَةَ فَمَا وَجَدْتُ إِلَّا بِتَرْكِ مُخَالَطَةِ النَّاسِ لِقِوَامِ عَيْشِ الدُّنْيَا اتْرُكُوا الدُّنْيَا وَ مُخَالَطَةَ النَّاسِ تَسْتَرِيحُوا فِي الدَّارَيْنِ وَ تَأْمَنُوا مِنَ الْعَذَابِ وَ طَلَبْتُ السَّلَامَةَ فَمَا وَجَدْتُ إِلَّا بِطَاعَةِ اللَّهِ أَطِيعُوا اللَّهَ تَسْلَمُوا وَ طَلَبْتُ الْخُضُوعَ فَمَا وَجَدْتُ إِلَّا بِقَبُولِ الْحَقِّ اقْبَلُوا الْحَقَّ فَإِنَّ قَبُولَ الْحَقِّ يُبْعِدُ مِنَ الْكِبْرِ وَ طَلَبْتُ الْعَيْشَ فَمَا وَجَدْتُ إِلَّا بِتَرْكِ الْهَوَى فَاتْرُكُوا الْهَوَى لِيَطِيبَ عَيْشُكُمْ وَ طَلَبْتُ الْمَدْحَ فَمَا وَجَدْتُ إِلَّا بِالسَّخَاوَةِ كُونُوا الْأَسْخِيَاءَ تُمْدَحُوا وَ طَلَبْتُ نَعِيمَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ فَمَا وَجَدْتُ إِلَّا بِهَذِهِ الْخِصَالِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا «1».
92- بشا، بشارة المصطفى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الرَّازِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِي عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ هَارُونَ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَبْدِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ صَفْوَانَ قَالَ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ع مَنِ اعْتَصَمَ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ هُدِيَ وَ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ كُفِيَ وَ مَنْ قَنِعَ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أُغْنِيَ وَ مَنِ اتَّقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ نَجَا فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ بِمَا اسْتَطَعْتُمْ وَ أَطِيعُوا وَ سَلِّمُوا الْأَمْرَ لِأَهْلِهِ تُفْلِحُوا وَ اصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ الْآيَةَ لا

__________________________________________________
 (1) جامع الأخبار 144.

399
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ «1».
93- ختص، الإختصاص عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ لِحُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ يَا حُمْرَانُ انْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَكَ فِي الْمَقْدُرَةِ وَ لَا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكَ فِي الْمَقْدُرَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَقْنَعُ لَكَ بِمَا قُسِمَ لَكَ وَ أَحْرَى أَنْ تَسْتَوْجِبَ الزِّيَادَةَ مِنْ رَبِّكَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اعْلَمْ أَنَّ الْعَمَلَ الدَّائِمَ الْقَلِيلَ عَلَى الْيَقِينِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ عَلَى غَيْرِ يَقِينٍ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا وَرَعَ أَنْفَعُ مِنْ تَجَنُّبِ مَحَارِمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْكَفِّ عَنْ أَذَى الْمُؤْمِنِينَ وَ اغْتِيَابِهِمْ وَ لَا عَيْشَ أَهْنَأُ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ وَ لَا مَالَ أَنْفَعُ مِنَ الْقُنُوعِ بِالْيَسِيرِ الْمُجْزِي وَ لَا جَهْلَ أَضَرُّ مِنَ الْعُجْبِ «2».
94- ختص، الإختصاص كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا خَطَبَ قَالَ فِي آخِرِ خُطْبَتِهِ طُوبَى لِمَنْ طَابَ خُلُقُهُ وَ طَهُرَتْ سَجِيَّتُهُ وَ صَلُحَتْ سَرِيرَتُهُ وَ حَسُنَتْ عَلَانِيَتُهُ وَ أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ وَ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ كَلَامِهِ وَ أَنْصَفَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ «3».
95 كِتَابُ الْإِمَامَةِ وَ التَّبْصِرَةِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَلَوِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّ فِيهِ وَ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ قَوْلِهِ وَ مِنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ طُوبَى لِمَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَ حَسُنَ عَمَلُهُ فَحَسُنَ مُنْقَلَبُهُ إِذْ رَضِيَ عَنْهُ رَبُّهُ وَ وَيْلٌ لِمَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَ سَاءَ عَمَلُهُ وَ سَاءَ مُنْقَلَبُهُ إِذْ سَخِطَ عَلَيْهِ رَبُّهُ.
96- ختص، الإختصاص عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ ع عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص مَنْ أَسْبَغَ وُضُوءَهُ وَ أَحْسَنَ صَلَاتَهُ وَ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ‏
__________________________________________________
 (1) بشارة المصطفى ص 116، و الآية في الحشر 19 و 20.
 (2) الاختصاص 227.
 (3) الاختصاص 228.

400
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

وَ كَفَّ غَضَبَهُ وَ سَجَنَ لِسَانَهُ وَ اسْتَغْفَرَ لِذَنْبِهِ وَ أَدَّى النَّصِيحَةَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ حَقَائِقَ الْإِيمَانِ وَ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ مُفَتَّحَةٌ لَهُ «1».
مِشْكَاةُ الْأَنْوَارِ، نَقْلًا عَنِ الْمَحَاسِنِ مِثْلَهُ «2».
98- ختص، الإختصاص قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لَا خَيْرَ فِي الْقَوْلِ إِلَّا مَعَ الْعَمَلِ وَ لَا فِي الْمَنْظَرِ إِلَّا مَعَ الْمَخْبَرِ وَ لَا فِي الْمَالِ إِلَّا مَعَ الْجُودِ وَ لَا فِي الصِّدْقِ إِلَّا مَعَ الْوَفَاءِ وَ لَا فِي الْفِقْهِ إِلَّا مَعَ الْوَرَعِ وَ لَا فِي الصَّدَقَةِ إِلَّا مَعَ النِّيَّةِ وَ لَا فِي الْحَيَاةِ إِلَّا مَعَ الصِّحَّةِ وَ لَا فِي الْوَطَنِ إِلَّا مَعَ الْأَمْنِ وَ الْمَسَرَّةِ «3».
99 كِتَابُ صِفَاتِ الشِّيعَةِ، لِلصَّدُوقِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ رَفَعَهُ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ صِفْ لِي شِيعَتَكَ قَالَ شِيعَتُنَا مَنْ لَا يَعْدُو صَوْتُهُ سَمْعَهُ وَ لَا شَحْنَاؤُهُ بَدَنَهُ وَ لَا يَطْرَحُ كَلَّهُ عَلَى غَيْرِهِ وَ لَا يَسْأَلُ غَيْرَ إِخْوَانِهِ وَ لَوْ مَاتَ جُوعاً شِيعَتُنَا مَنْ لَا يَهِرُّ هَرِيرَ الْكَلْبِ وَ لَا يَطْمَعُ طَمَعَ الْغُرَابِ شِيعَتُنَا الْخَفِيَّةُ عَيْشُهُمْ الْمُنْتَقِلَةُ دِيَارُهُمْ شِيعَتُنَا الَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ وَ يَتَوَاسَوْنَ وَ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا يَجْزَعُونَ وَ فِي قُبُورِهِمْ يَتَزَاوَرُونَ قَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأَيْنَ أَطْلُبُ هَؤُلَاءِ قَالَ فِي أَطْرَافِ الْأَرْضِ وَ بَيْنَ الْأَسْوَاقِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ «4».
100- ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر فَضَالَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لَا يَغُرَّنَّكَ النَّاسُ مِنْ نَفْسِكَ فَإِنَّ الْأَجْرَ يَصِلُ إِلَيْكَ دُونَهُمْ وَ لَا تَقْطَعْ عَنْكَ النَّهَارَ بِكَذَا وَ كَذَا فَإِنَّ مَعَكَ مَنْ يَحْفَظُ عَلَيْكَ وَ لَا تَسْتَقِلَّ قَلِيلَ الْخَيْرِ فَإِنَّكَ تَرَاهُ غَداً بِحَيْثُ يَسُرُّكَ وَ لَا تَسْتَقِلَّ قَلِيلَ الشَّرِّ فَإِنَّكَ تَرَاهُ غَداً بِحَيْثُ يَسُوؤُكَ وَ أَحْسِنْ فَإِنِّي لَمْ أَرَ شَيْئاً أَشَدَّ طَلَباً وَ لَا أَسْرَعَ دَرَكاً مِنْ حَسَنَةٍ مُحْدَثَةٍ لِذَنْبٍ قَدِيمٍ إِنَّ اللَّهَ‏
__________________________________________________
 (1) الاختصاص: 233.
 (2) مشكاة الأنوار: 39.
 (3) الاختصاص: 243 و 244.
 (4) صفات الشيعة 169، و الآية في المائدة 54.

401
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى‏ لِلذَّاكِرِينَ «1».
ختص، الإختصاص عنه ع مرسلا مثله «2».
101 ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنِ الثُّمَالِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع يَقُولُ مَنْ عَمِلَ بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ وَ مَنِ اجْتَنَبَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ وَ مَنْ قَنِعَ بِمَا أَقْسَمَ اللَّهُ لَهُ فَهُوَ مِنْ أَغْنَى النَّاسِ.
102 ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر عَلِيُّ بْنُ النُّعْمَانِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِي شَيْبَةَ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَحَدِهِمَا ع أَنَّهُ قَالَ: وَيْلٌ لِمَنْ لَا يَدِينُ اللَّهَ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ قَالَ وَ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَلَنْ يَلِجَ مَلَكُوتَ السَّمَاءِ حَتَّى يُتِمَّ قَوْلَهُ بِعَمَلٍ صَالِحٍ وَ لَا دِينَ لِمَنْ دَانَ اللَّهَ بِغَيْرِ إِمَامٍ عَادِلٍ وَ لَا دِينَ لِمَنْ دَانَ اللَّهَ بِطَاعَةِ ظَالِمٍ قَالَ وَ كُلُّ قَوْمٍ أَلْهَاهُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زَارُوا الْمَقَابِرَ قَالَ وَ مَنْ أَحْسَنَ وَ لَمْ يُسِئْ خَيْرٌ مِمَّنْ أَحْسَنَ وَ أَسَاءَ وَ مَنْ أَحْسَنَ وَ أَسَاءَ خَيْرٌ مِمَّنْ أَسَاءَ وَ لَمْ يُحْسِنْ وَ قَالَ وَ الْوُقُوفُ عِنْدَ الشُّبْهَةِ خَيْرٌ مِنَ الِاقْتِحَامِ فِي الْهَلَكَةِ.
103 ين، كتاب حسين بن سعيد و النوادر النَّضْرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَمَلَ إِسْلَامُهُ وَ لَوْ كَانَ مَا بَيْنَ قَرْنِهِ وَ قَدَمِهِ خَطَايَا لَمْ يَنْتَقِصْهُ ذَلِكَ الصِّدْقُ وَ الْحَيَاءُ وَ حُسْنُ الْخُلُقِ وَ الشُّكْرُ.
104 محص، التمحيص عَنْ مِهْزَمٍ الْأَسَدِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ شِيعَتَنَا مَنْ لَا يَعْدُو صَوْتُهُ سَمْعَهُ وَ لَا شَحْمَةُ أُذُنِهِ وَ لَا يَمْتَدِحُ بِنَا مُعْلِناً وَ لَا يُوَاصِلُ لَنَا مُبْغِضاً وَ لَا يُخَاصِمُ لَنَا وَلِيّاً وَ لَا يُجَالِسُ لَنَا عَائِباً قَالَ قُلْتُ فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِهَؤُلَاءِ الْمُتَشَيِّعَةِ قَالَ فِيهِمُ التَّمْحِيصُ وَ فِيهِمُ التَّمْيِيزُ وَ فِيهِمُ التَّبْدِيلُ تَأْتِي عَلَيْهِمْ سِنُونَ تُفْنِيهِمْ وَ طَاعُونٌ يَقْتُلُهُمْ وَ اخْتِلَافٌ يُبَدِّدُهُمْ شِيعَتُنَا مَنْ لَا يَهِرُّ هَرِيرَ الْكَلْبِ وَ لَا يَطْمَعُ طَمَعَ الْغُرَابِ وَ لَا يَسْأَلُ وَ إِنْ مَاتَ جُوعاً قُلْتُ فَأَيْنَ أَطْلُبُ هَؤُلَاءِ قَالَ اطْلُبْهُمْ فِي أَطْرَافِ الْأَرْضِ أُولَئِكَ الْخَفِيضُ عَيْشُهُمْ الْمُنْتَقِلَةُ دِيَارُهُمْ الَّذِينَ إِذَا شَهِدُوا لَمْ يُعْرَفُوا وَ إِذَا غَابُوا لَمْ‏
__________________________________________________
 (1) هود: 114، و المصدر مخطوط.
 (2) الاختصاص ص 231.

402
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

يُفْتَقَدُوا وَ إِنْ مَرِضُوا لَمْ يُعَاوَدُوا وَ إِنْ خَطَبُوا لَمْ يُزَوَّجُوا وَ إِنْ رَأَوْا مُنْكَراً يُنْكِرُوا وَ إِنْ يُخَاطِبْهُمُ الْجَاهِلُ سَلَّمُوا وَ إِنْ لَجَأَ إِلَيْهِمْ ذُو حَاجَةٍ مِنْهُمْ رَحِمُوا وَ عِنْدَ الْمَوْتِ هُمْ لَا يَحْزَنُونَ وَ فِي الْقُبُورِ يَتَزَاوَرُونَ لَمْ تَخْتَلِفْ قُلُوبُهُمْ وَ إِنْ رَأَيْتَهُمُ اخْتُلِفَ بِهِمُ الْبُلْدَانُ «1».
105 نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِيِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص سِرْ سَنَتَيْنِ بَرَّ وَالِدَيْكَ سِرْ سَنَةً صِلْ رَحِمَكَ سِرْ مِيلًا عُدْ مَرِيضاً سِرْ مِيلَيْنِ شَيِّعْ جَنَازَةً سِرْ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ أَغِثْ مَلْهُوفاً وَ عَلَيْكَ بِالاسْتِغْفَارِ فَإِنَّهُ الْمَنْجَاةُ «2».
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص السَّابِقُونَ إِلَى ظِلِّ الْعَرْشِ طُوبَى لَهُمْ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَنْ هُمْ فَقَالَ الَّذِينَ يَقْبَلُونَ الْحَقَّ إِذَا سَمِعُوهُ وَ يَبْذُلُونَهُ إِذَا سَأَلُوهُ وَ يَحْكُمُونَ لِلنَّاسِ كَحُكْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ هُمُ السَّابِقُونَ إِلَى ظِلِّ الْعَرْشِ «3».
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أُعْطِينَا أَهْلَ الْبَيْتِ سَبْعاً لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ كَانَ قَبْلَنَا وَ لَا يُعْطَاهُنَّ أَحَدٌ بَعْدَنَا الصَّبَاحَةَ وَ الْفَصَاحَةَ وَ السَّمَاحَةَ وَ الشَّجَاعَةَ وَ الْعِلْمَ وَ الْعَمَلَ وَ الْمَحَبَّةَ فِي النِّسَاءِ «4».
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص مَا الَّذِي يُبَاعِدُ الشَّيْطَانَ مِنَّا قَالَ الصَّوْمُ لِلَّهِ يُسَوِّدُ وَجْهَهُ وَ الصَّدَقَةُ تَكْسِرُ ظَهْرَهُ وَ الْحُبُّ فِي اللَّهِ تَعَالَى وَ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ يَقْطَعُ دَابِرَهُ وَ الِاسْتِغْفَارُ يَقْطَعُ وَتِينَهُ «5».
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أُوصِي أُمَّتِي بِخَمْسٍ بِالسَّمْعِ وَ الطَّاعَةِ
__________________________________________________
 (1) قد مر هذا الحديث باسانيد مختلفة في باب صفات الشيعة ج 68 منها في ص 180 عن الكافي و عليه شرح مستوفى. فراجع.
 (2) نوادر الراونديّ ص 5.
 (3) المصدر ص 15.
 (4) المصدر ص 15.
 (5) المصدر ص 19.

403
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

وَ الْهِجْرَةِ وَ الْجِهَادِ وَ الْجَمَاعَةِ وَ مَنْ دَعَا بِدُعَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ فَلَهُ جَثْوَةٌ مِنْ جُثَى جَهَنَّمَ «1».
106 ما، الأمالي للشيخ الطوسي جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْعَلَوِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ الْعَلَوِيِّ عَنْ عَمِّهِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهَا الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ أُعْطِيَ أَرْبَعَ خِصَالٍ فِي الدُّنْيَا فَقَدْ أُعْطِيَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ فَازَ بِحَظِّهِ مِنْهُمَا وَرَعٌ يَعْصِمُهُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَ حُسْنُ خُلُقٍ يَعِيشُ بِهِ فِي النَّاسِ وَ حِلْمٌ يَدْفَعُ بِهِ جَهْلَ الْجَاهِلِ وَ زَوْجَةٌ صَالِحَةٌ تُعِينُهُ عَلَى أَمْرِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ «2».
107 ما، الأمالي للشيخ الطوسي جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَسَنِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص سَيِّدُ الْأَعْمَالِ ثَلَاثَةٌ إِنْصَافُ النَّاسِ مِنْ نَفْسِكَ وَ مُوَاسَاةُ الْأَخِ فِي اللَّهِ وَ ذِكْرُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ «3».
108 ما، الأمالي للشيخ الطوسي جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ زَكَرِيَّا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ الْعَلَوِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا حَسَبَ إِلَّا بِالتَّوَاضُعِ وَ لَا كَرَمَ إِلَّا بِالتَّقْوَى وَ لَا عَمَلَ إِلَّا بِالنِّيَّةِ قَالَ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص حَسَبُ الْمَرْءِ مَالُهُ وَ مُرُوَّتُهُ عَقْلُهُ وَ حِلْمُهُ شَرَفُهُ وَ كَرَمُهُ تَقْوَاهُ «4».
109 ما، الأمالي للشيخ الطوسي جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ إِسْحَاقَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ ع يَقُولُ أَحْسَنُ مِنَ الصِّدْقِ قَائِلُهُ وَ خَيْرٌ مِنَ الْخَيْرِ فَاعِلُهُ‏
__________________________________________________
 (1) نوادر الراونديّ ص 21 و الجثوة: الكومة.
 (2) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 189.
 (3) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 190.
 (4) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 203.

404
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ- عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيٍّ ع قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ ص يَقُولُ بُعِثْتُ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَ مَحَاسِنِهَا وَ سَمِعْتُهُ ص يَقُولُ اسْتِتْمَامُ الْمَعْرُوفِ أَفْضَلُ مِنِ ابْتِدَائِهِ «1».
110 ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْحُسَيْنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْغَضَائِرِيُّ عَنِ التَّلَّعُكْبَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَدَقَةَ عَنِ الْكَاظِمِ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا تَحَابُّوا وَ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَ آتَوُا الزَّكَاةَ وَ قَرَوُا الضَّيْفَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا ابْتُلُوا بِالسِّنِينَ وَ الْجَدْبِ «2».
111 ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الزَّعْفَرَانِيِّ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ لِي أَ لَا أُخْبِرُكَ بِأَشَدِّ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى خَلْقِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ إِنَّ مِنْ أَشَدِّ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى خَلْقِهِ إِنْصَافَكَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ مُوَاسَاتَكَ أَخَاكَ الْمُسْلِمَ فِي مَالِكَ وَ ذِكْرَ اللَّهِ كَثِيراً أَمَا إِنِّي لَا أَعْنِي سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ إِنْ كَانَ مِنْهُ لَكِنْ ذِكْرَ اللَّهِ عِنْدَ مَا أَحَلَّ وَ مَا حَرَّمَ فَإِنْ كَانَ طَاعَةً عَمِلَ بِهَا وَ إِنْ كَانَ مَعْصِيَةً تَرَكَهَا «3».
112 ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْحُسَيْنُ عَنِ ابْنِ وَهْبَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَبَشِيٍّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي غُنْدَرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَمَالُ الْمُؤْمِنِ فِي ثَلَاثِ خِصَالٍ تَفَقُّهٍ فِي دِينِهِ وَ الصَّبْرِ عَلَى النَّائِبَةِ وَ التَّقْدِيرِ فِي الْمَعِيشَةِ «4».
113 ما، الأمالي للشيخ الطوسي بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي وَهْبَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ زَكَرِيَّا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي كَهْمَسٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏
__________________________________________________
 (1) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 209.
 (2) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 260.
 (3) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 278.
 (4) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 279.

405
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَيُّ الْأَعْمَالِ هُوَ أَفْضَلُ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ قَالَ مَا مِنْ شَيْ‏ءٍ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ يَعْدِلُ هَذِهِ الصَّلَاةَ وَ لَا بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ وَ الصَّلَاةِ شَيْ‏ءٌ تَعْدِلُ الزَّكَاةَ وَ لَا بَعْدَ ذَلِكَ شَيْ‏ءٌ يَعْدِلُ الصَّوْمَ وَ لَا بَعْدَ ذَلِكَ شَيْ‏ءٌ يَعْدِلُ الْحَجَّ وَ فَاتِحَةُ ذَلِكَ كُلِّهِ مَعْرِفَتُنَا وَ خَاتِمَتُهُ مَعْرِفَتُنَا وَ لَا شَيْ‏ءَ بَعْدَ ذَلِكَ كَبِرِّ الْإِخْوَانِ وَ الْمُوَاسَاةِ بِبَذْلِ الدِّينَارِ وَ الدِّرْهَمِ فَإِنَّهُمَا حَجَرَانِ مَمْسُوخَانِ بِهِمَا امْتَحَنَ اللَّهُ خَلْقَهُ بَعْدَ الَّذِي عَدَّدْتُ لَكَ وَ مَا رَأَيْتُ شَيْئاً أَسْرَعَ غِنًى وَ لَا أَنْفَى لِلْفَقْرِ مِنْ إِدْمَانِ حَجِّ هَذَا الْبَيْتِ وَ صَلَاةٌ فَرِيضَةٌ تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ أَلْفَ حَجَّةٍ وَ أَلْفَ عُمْرَةٍ مَبْرُورَاتٍ مُتَقَبَّلَاتٍ وَ الْحَجَّةُ عِنْدَهُ خَيْرٌ مِنْ بَيْتٍ مَمْلُوٍّ ذَهَباً لَا بَلْ خَيْرٌ مِنْ مِلْ‏ءِ الدُّنْيَا ذَهَباً وَ فِضَّةً يُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ بَشِيراً وَ نَذِيراً لَقَضَاءُ حَاجَةِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَ تَنْفِيسُ كُرْبَتِهِ أَفْضَلُ مِنْ حَجَّةٍ وَ طَوَافٍ وَ حَجَّةٍ وَ طَوَافٍ حَتَّى عَقَدَ عَشَرَةً ثُمَّ خَلَا يَدَهُ وَ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ لَا تَمَلُّوا مِنَ الْخَيْرِ وَ لَا تَكْسَلُوا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولَهُ ص غَنِيَّانِ عَنْكُمْ وَ عَنْ أَعْمَالِكُمْ وَ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنَّمَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِلُطْفِهِ سَبَباً يُدْخِلُكُمْ بِهِ الْجَنَّةَ «1».
و رواه عن جماعة عن أبي المفضل عن حميد عن القاسم بن إسماعيل عن زريق عنه ع مثله.
114 ما، الأمالي للشيخ الطوسي بِإِسْنَادِهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ سَيْفٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْ ذُلِّ الْمَعَاصِي إِلَى عِزِّ التَّقْوَى أَغْنَاهُ اللَّهُ بِلَا مَالٍ وَ أَعَزَّهُ بِلَا عَشِيرَةٍ وَ آنَسَهُ بِلَا بَشَرٍ وَ مَنْ خَافَ اللَّهَ أَخَافَ اللَّهُ مِنْهُ كُلَّ شَيْ‏ءٍ وَ مَنْ لَمْ يَخَفِ اللَّهَ أَخَافَهُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ مَنْ رَضِيَ بِالْيَسِيرِ مِنَ الْمَعَاشِ رَضِيَ اللَّهُ مِنْهُ بِالْيَسِيرِ مِنَ الْعَمَلِ وَ مَنْ لَمْ يَسْتَحْيِ مِنْ طَلَبِ الْحَلَالِ خَفَّتْ مَئُونَتُهُ وَ نَعَّمَ أَهْلَهُ وَ مَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا أَثْبَتَ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فِي قَلْبِهِ وَ أَطْلَقَ بِهَا لِسَانَهُ وَ بَصَّرَهُ عُيُوبَ الدُّنْيَا دَاءَهَا وَ دَوَاءَهَا وَ أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنَ الدُّنْيَا سَالِماً إِلَى دَارِ السَّلَامِ «2».
__________________________________________________
 (1) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 305.
 (2) أمالي الطوسيّ ج 2 ص 332.

406
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

115 الدُّرَّةُ الْبَاهِرَةُ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيُّ ع إِنَّ لِلسَّخَاءِ مِقْدَاراً فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ فَهُوَ سَرَفٌ وَ لِلْحَزْمِ مِقْدَاراً فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ فَهُوَ جُبْنٌ وَ لِلِاقْتِصَادِ مِقْدَاراً فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ فَهُوَ بُخْلٌ وَ لِلشَّجَاعَةِ مِقْدَاراً فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ فَهُوَ تَهَوُّرٌ وَ قَالَ ع كَفَاكَ أَدَباً تَجَنُّبُكَ مَا تَكْرَهُ مِنْ غَيْرِكَ وَ قَالَ ع مَنْ كَانَ الْوَرَعُ سَجِيَّتَهُ وَ الْإِفْضَالُ حِلْيَتَهُ انْتَصَرَ مِنْ أَعْدَائِهِ بِحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَ تَحَصَّنَ بِالذِّكْرِ الْجَمِيلِ مِنْ وُصُولِ نَقْصٍ إِلَيْهِ.
116 وَ نُقِلَ مِنْ خَطِّ الشَّهِيدِ ره بِإِسْنَادِ الْمُعَافَا إِلَى نَصْرِ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع أَنَا وَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةً أَوْ سَبْعِينَ سَنَةً فَقُلْتُ لَهُ إِنِّي أُرِيدُ الْبَيْتَ الْحَرَامَ فَعَلِّمْنِي شَيْئاً أَدْعُو بِهِ قَالَ إِذَا بَلَغْتَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ فَضَعْ يَدَكَ عَلَى حَائِطِ الْبَيْتِ ثُمَّ قُلْ يَا سَابِقَ الْفَوْتِ وَ يَا سَامِعَ الصَّوْتِ وَ يَا كَاسِيَ الْعِظَامِ كَمَا بَعْدَ الْمَوْتِ ثُمَّ ادْعُ بَعْدَهُ بِمَا شِئْتَ فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ شَيْئاً لَمْ أَفْهَمْهُ فَقَالَ يَا سُفْيَانُ أَوْ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِذَا جَاءَكَ مَا تُحِبُّ فَأَكْثِرْ مِنَ الْحَمْدِ لِلَّهِ وَ إِذَا جَاءَكَ مَا تَكْرَهُ فَأَكْثِرْ مِنْ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ إِذَا اسْتَبْطَأْتَ الرِّزْقَ فَأَكْثِرْ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ قَالَ الْمُعَافَا حُكِيَ لِي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الطَّبَرِيِّ أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ هَذَا الدُّعَاءُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع فَاسْتَدْعَا مِحْبَرَةً وَ صَحِيفَةً فَكَتَبَهُ وَ كَانَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَاعَةٍ فَقِيلَ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ فَقَالَ يَنْبَغِي الْإِنْسَانُ أَنْ لَا يَدَعَ اقْتِبَاسَ الْعِلْمِ حَتَّى يَمُوتَ.
117 دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ لِي ذَاتَ يَوْمٍ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا رَبِيعَةُ خَدَمْتَنِي سَبْعَ سِنِينَ أَ فَلَا تَسْأَلُنِي حَاجَةً فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْهِلْنِي حَتَّى أُفَكِّرَ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ وَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ قَالَ لِي يَا رَبِيعَةُ هَاتِ حَاجَتَكَ فَقُلْتُ تَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُدْخِلَنِي مَعَكَ الْجَنَّةَ فَقَالَ لِي مَنْ عَلَّمَكَ هَذَا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَّمَنِي أَحَدٌ لَكِنِّي فَكَّرْتُ فِي نَفْسِي وَ قُلْتُ إِنْ سَأَلْتُهُ مَالًا كَانَ إِلَى نَفَادٍ وَ إِنْ سَأَلْتُهُ عُمُراً طَوِيلًا وَ أَوْلَاداً كَانَ عَاقِبَتُهُمْ الْمَوْتَ قَالَ رَبِيعَةُ فَنَكَسَ ص رَأْسَهُ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ أَفْعَلُ ذَلِكَ فَأَعِنِّي بِكَثْرَةِ السُّجُود

407
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

قَالَ رَبِيعَةُ وَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَ أَعُوذُ بِهِ مِنَ النَّارِ إِلَّا قَالَتِ النَّارُ يَا رَبِّ أَعِذْهُ مِنِّي وَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ مَنْ أُعطِيَ لَهُ خَمْساً لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِ عَمَلِ الْآخِرَةِ زَوْجَةٌ صَالِحَةٌ تُعِينُهُ عَلَى أَمْرِ دُنْيَاهُ وَ آخِرَتِهِ وَ بَنُونَ أَبْرَارٌ وَ مَعِيشَةٌ فِي بَلَدِهِ وَ حُسْنُ خُلُقٍ يُدَارِي بِهِ النَّاسَ وَ حُبُّ أَهْلِ بَيْتِي قَالَ وَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ عَلَيْكَ بِالْيَأْسِ مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ فَإِنَّهُ الْغِنَى الْحَاضِرُ وَ إِيَّاكَ وَ الطَّمَعَ فِي النَّاسِ فَإِنَّهُ فَقْرٌ حَاضِرٌ وَ إِذَا صَلَّيْتَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ وَ إِيَّاكَ وَ مَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ وَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ سَتَكُونُ بَعْدِي فِتْنَةٌ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَالْتَزِمُوا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع الْخَبَرَ بِتَمَامِهِ وَ قَالَ الصَّادِقُ ع مَنْ صَدَقَ لِسَانُهُ زَكَا عَمَلُهُ وَ مَنْ حَسُنَتْ نِيَّتُهُ زِيدَ فِي عُمُرِهِ وَ مَنْ حَسُنَ بِرُّهُ أَهْلَ بَيْتِهِ زِيدَ فِي رِزْقِهِ.
118 كَنْزُ الْكَرَاجُكِيِّ، جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ الْإِمَامِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: تَكَلَّمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع بِأَرْبَعٍ وَ عِشْرِينَ كَلِمَةً قِيمَةُ كُلِّ كَلِمَةٍ مِنْهَا وَزْنُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ حُكْماً فَوَعَى وَ دُعِيَ إِلَى رَشَادٍ فَدَنَا وَ أَخَذَ بِحُجْزَةِ هَادٍ فَنَجَا رَاقَبَ رَبَّهُ وَ خَافَ ذَنْبَهُ قَدَّمَ خَالِصاً وَ عَمِلَ صَالِحاً اكْتَسَبَ مَذْخُوراً وَ اجْتَنَبَ مَحْذُوراً رَمَى غَرَضاً وَ أَخَذَ عِوَضاً كَابَرَ هَوَاهُ وَ كَذَّبَ مُنَاهُ حَذَّرَ أَمَلًا وَ رَتَّبَ عَمَلًا جَعَلَ الصَّبْرَ رَغْبَةَ حَيَاتِهِ وَ التُّقَى عُدَّةَ وَفَاتِهِ يُظْهِرُ دُونَ مَا يَكْتُمُ وَ يَكْتَفِي بِأَقَلَّ مِمَّا يَعْلَمُ لَزِمَ الطَّرِيقَةَ الْغَرَّاءَ وَ الْمَحَجَّةَ الْبَيْضَاءَ اغْتَنَمَ الْمَهَلَ وَ بَادَرَ الْأَجَلَ وَ تَزَوَّدَ مِنَ الْعَمَلِ.
119 مِشْكَاةُ الْأَنْوَارِ، نَقْلًا مِنَ الْمَحَاسِنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَمْ يَنْزِلْ مِنَ السَّمَاءِ شَيْ‏ءٌ أَقَلُّ وَ لَا أَعَزُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ التَّسْلِيمِ وَ الْبِرِّ وَ الْيَقِينِ «1».
120 نهج، نهج البلاغة قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع كُنْ فِي الْفِتْنَةِ كَابْنِ اللَّبُونِ لَا ظَهْرٌ فَيُرْكَبَ وَ لَا ضَرْعٌ فَيُحْلَبَ‏
__________________________________________________
 (1) مشكاة الأنوار ص 27.

408
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

وَ قَالَ ع الصَّبْرُ شَجَاعَةٌ وَ الزُّهْدُ ثَرْوَةٌ وَ الْوَرَعُ جُنَّةٌ وَ نِعْمَ الْقَرِينُ الرِّضَا وَ الْعِلْمُ وِرَاثَةٌ كَرِيمَةٌ وَ الْآدَابُ حُلَلٌ مُجَدَّدَةٌ وَ الْفِكْرُ مِرْآةٌ صَافِيَةٌ وَ صَدْرُ الْعَاقِلِ صُنْدُوقُ سِرِّهِ وَ الْبَشَاشَةُ حِبَالَةُ الْمَوَدَّةِ وَ الِاحْتِمَالُ قَبْرُ الْعُيُوبِ وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى وَ الْمُسَالَمَةُ خَبْ‏ءُ الْعُيُوبِ وَ الصَّدَقَةُ دَوَاءٌ مُنْجِحٌ وَ أَعْمَالُ الْعِبَادِ فِي عَاجِلِهِمْ نُصْبُ أَعْيُنِهِمْ فِي آجِلِهِمْ «1».
121 نهج، نهج البلاغة سُئِلَ ع عَنِ الْخَيْرِ مَا هُوَ فَقَالَ لَيْسَ الْخَيْرَ أَنْ يَكْثُرَ مَالُكَ وَ وَلَدُكَ وَ لَكِنَّ الْخَيْرَ أَنْ يَكْثُرَ عِلْمُكَ وَ عَمَلُكَ وَ أَنْ يَعْظُمَ حِلْمُكَ وَ أَنْ تُبَاهِيَ النَّاسَ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ فَإِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ اللَّهَ وَ إِنْ أَسَأْتَ اسْتَغْفَرْتَ اللَّهَ وَ لَا خَيْرَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا لِرَجُلَيْنِ رَجُلٍ أَذْنَبَ ذَنْباً فَهُوَ يَتَدَارَكُهَا بِالتَّوْبَةِ وَ رَجُلٍ يُسَارِعُ فِي الْخَيْرَاتِ وَ لَا يَقِلُّ عَمَلٌ مَعَ التَّقْوَى وَ كَيْفَ يَقِلُّ مَا يُتَقَبَّلُ «2».
122 وَ قَالَ ع لَا مَالَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ وَ لَا وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ وَ لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ وَ لَا كَرَمَ كَالتَّقْوَى وَ لَا قَرِينَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ وَ لَا مِيرَاثَ كَالْأَدَبِ وَ لَا قَائِدَ كَالتَّوْفِيقِ وَ لَا تِجَارَةَ كَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَ لَا رِبْحَ كَالثَّوَابِ وَ لَا وَرَعَ كَالْوُقُوفِ عِنْدَ الشُّبْهَةِ وَ لَا زُهْدَ كَالزُّهْدِ فِي الْحَرَامِ وَ لَا عِلْمَ كَالتَّفَكُّرِ وَ لَا عِبَادَةَ كَأَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَ لَا إِيمَانَ كَالْحَيَاءِ وَ الصَّبْرِ وَ لَا حَسَبَ كَالتَّوَاضُعِ وَ لَا شَرَفَ كَالْعِلْمِ وَ لَا مُظَاهَرَةَ أَوْثَقُ مِنَ الْمُشَاوَرَةِ «3».
123 نهج، نهج البلاغة قَالَ ع طُوبَى لِمَنْ ذَلَّ فِي نَفْسِهِ وَ طَابَ كَسْبُهُ وَ صَلَحَتْ سَرِيرَتُهُ وَ حَسُنَتْ خَلِيقَتُهُ وَ أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ وَ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ لِسَانِهِ وَ عَزَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ وَ وَسِعَتْهُ السُّنَّةُ وَ لَمْ يُنْتَسَبْ إِلَى الْبِدْعَةِ «4».
124 نهج، نهج البلاغة قَالَ ع مَنْ أُعْطِيَ أَرْبَعاً لَمْ يُحْرَمْ أَرْبَعاً مَنْ أُعْطِيَ الدُّعَاءَ
__________________________________________________
 (1) نهج البلاغة تحت الرقم 1- 6 من الحكم.
 (2) نهج البلاغة تحت الرقم 94 من الحكم.
 (3) المصدر الرقم 113 من الحكم.
 (4) المصدر تحت الرقم 123 من الحكم و في الأصل: و لم يعدها الى بدعة خ ل.

409
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

لَمْ يُحْرَمِ الْإِجَابَةَ وَ مَنْ أُعْطِيَ التَّوْبَةَ لَمْ يُحْرَمِ الْقَبُولَ وَ مَنْ أُعْطِيَ الِاسْتِغْفَارَ لَمْ يُحْرَمِ الْمَغْفِرَةَ وَ مَنْ أُعْطِيَ الشُّكْرَ لَمْ يُحْرَمِ الزِّيَادَةَ وَ تَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الدُّعَاءِ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ «1» وَ قَالَ فِي الِاسْتِغْفَارِ وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً «2» وَ قَالَ فِي الشُّكْرِ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ «3» وَ قَالَ فِي التَّوْبَةِ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً «4».
125 وَ قَالَ ع الْجُودُ حَارِسُ الْأَعْرَاضِ وَ الْحِلْمُ فِدَامُ السَّفِيهِ «5» وَ الْعَفْوُ زَكَاةُ الظَّفَرِ وَ السُّلُوُّ عِوَضُكَ مِمَّنْ قدر- [غَدَرَ] وَ الِاسْتِشَارَةُ عَيْنُ الْهِدَايَةِ وَ قَدْ خَاطَرَ مَنِ اسْتَغْنَى بِرَأْيِهِ وَ الصَّبْرُ يُنَاضِلُ الْحَدَثَانَ وَ الْجَزَعُ مِنْ أَعْوَانِ الزَّمَانِ وَ أَشْرَفُ الْغِنَى تَرْكُ الْمُنَى وَ كَمْ عن [مِنْ‏] عَقْلٍ أَسِيرٍ تَحْتَ هَوًى أَمِيرٍ وَ مِنَ التَّوْفِيقِ حِفْظُ التَّجْرِبَةِ وَ الْمَوَدَّةُ قَرَابَةٌ مُسْتَفَادَةٌ وَ لَا تَأْمَنَنَّ مَلُولًا «6».
126 وَ قَالَ ع بِكَثْرَةِ الصَّمْتِ تَكُونُ الْهَيْبَةُ وَ بِالنَّصَفَةِ يَكْثُرُ الْوَاصِلُونَ وَ بِالْإِفْضَالِ تَعْظُمُ الْأَقْدَارُ وَ بِالتَّوَاضُعِ تَتِمُّ النِّعْمَةُ وَ بِاحْتِمَالِ الْمُؤَنِ يَجِبُ السُّؤْدُدُ وَ بِالسِّيرَةِ الْعَادِلَةِ يُقْهَرُ الْمُنَاوِي وَ بِالْحِلْمِ عَنِ السَّفِيهِ يُكْثِرُ الْأَنْصَارُ عَلَيْهِ «7».
127 وَ قَالَ ع الْمُؤْمِنُ بِشْرُهُ فِي وَجْهِهِ وَ حُزْنُهُ فِي قَلْبِهِ أَوْسَعُ شَيْ‏ءٍ صَدْراً وَ أَذَلُّ شَيْ‏ءٍ نَفْساً يَكْرَهُ الرِّفْعَةَ وَ يَشْنَأُ السُّمْعَةَ طَوِيلٌ غَمُّهُ بَعِيدٌ هَمُّهُ كَثِيرٌ
__________________________________________________
 (1) غافر: 60.
 (2) النساء: 110.
 (3) إبراهيم: 7.
 (4) النساء: 16، و الكلام في المصدر تحت الرقم 135 من الحكم.
 (5) الفدام: المصفاة تجعل على فم الابريق ليصفى به ما فيه و السلو: الذهول و التناسى.
 (6) المصدر تحت الرقم 211 من الحكم.
 (7) المصدر تحت الرقم 224 من الحكم.

410
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

صَمْتُهُ مَشْغُولٌ وَقْتُهُ شَكُورٌ صَبُورٌ مَغْمُورٌ بِفِكْرَتِهِ ضَنِينٌ بِخَلَّتِهِ سَهْلُ الْخَلِيقَةِ لَيِّنُ الْعَرِيكَةِ نَفْسُهُ أَصْلَبُ مِنَ الصَّلْدِ وَ هُوَ أَذَلُّ مِنَ الْعَبْدِ «1».
128 وَ قَالَ ع لَا شَرَفَ أَعْلَى مِنَ الْإِسْلَامِ وَ لَا عِزَّ أَعَزُّ مِنَ التَّقْوَى وَ لَا مَعْقِلَ أَحْسَنُ مِنَ الْوَرَعِ وَ لَا شَفِيعَ أَنْجَحُ مِنَ التَّوْبَةِ وَ لَا كَنْزَ أَغْنَى مِنَ الْقَنَاعَةِ وَ لَا مَالَ أَذْهَبُ لِلْفَاقَةِ مِنَ الرِّضَا بِالْقُوتِ وَ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى بُلْغَةِ الْكَفَافِ فَقَدِ انْتَظَمَ الرَّاحَةَ وَ تَبَوَّأَ خَفْضَ الدَّعَةِ وَ الرَّغْبَةُ مِفْتَاحُ النَّصَبِ وَ مَطِيَّةُ التَّعَبِ وَ الْحِرْصُ وَ الْكِبْرُ وَ الْحَسَدُ دَوَاعٍ إِلَى التَّقَحُّمِ فِي الذُّنُوبِ وَ الشَّرُّ جَامِعٌ لِمَسَاوِي الْعُيُوبِ «2».
129 وَ قَالَ ع إِذَا كَانَ فِي الرَّجُلِ خَلَّةٌ رَائِعَةٌ فَانْتَظِرْ أَخَوَاتِهَا «3».
130 فِي الْقَاصِعَةِ «4»، فَتَعَصَّبُوا لِخِلَالِ الْحَمْدِ مِنَ الْحِفْظِ لِلْجِوَارِ وَ الْوَفَاءِ بِالذِّمَامِ وَ الطَّاعَةِ لِلْبِرِّ وَ الْمَعْصِيَةِ لِلْكِبْرِ وَ الْأَخْذِ بِالْفَضْلِ وَ الْكَفِّ عَنِ الْبَغْيِ وَ الْإِعْظَامِ لِلْقَتْلِ وَ الْإِنْصَافِ لِلْخَلْقِ وَ الْكَظْمِ لِلْغَيْظِ وَ اجْتِنَابِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَ احْذَرُوا مَا نَزَلَ بِالْأُمَمِ قَبْلَكُمْ مِنَ الْمَثُلَاتِ بِسُوءِ الْأَفْعَالِ وَ ذَمِيمِ الْأَعْمَالِ فَتَذَكَّرُوا فِي الْخَيْرِ وَ الشَّرِّ أَحْوَالَهُمْ وَ احْذَرُوا أَنْ تَكُونُوا أَمْثَالَهُمْ فَإِذَا تَفَكَّرْتُمْ فِي تَفَاوُتِ حَالَيْهِمْ فَالْزَمُوا كُلَّ أَمْرٍ لَزِمَتِ الْعِزَّةُ بِهِ شَأْنَهُمْ وَ زَاحَتِ الْأَعْدَاءُ لَهُ عَنْهُمْ وَ مُدَّتِ الْعَافِيَةُ عَلَيْهِمْ وَ انْقَادَتِ النِّعْمَةُ لَهُ مَعَهُمْ وَ وَصَلَتِ الْكَرَامَةُ عَلَيْهِ حَبْلَهُمْ مِنَ الِاجْتِنَابِ لِلْفُرْقَةِ وَ اللُّزُومِ لِلْأُلْفَةِ وَ التَّحَاضِّ عَلَيْهَا وَ التَّوَاصِي بِهَا وَ اجْتَنِبُوا كُلَّ أَمْرٍ كَسَرَ فِقْرَتَهُمْ وَ أَوْهَنَ مُنَّتَهُمْ مِنْ تَضَاغُنِ الْقُلُوبِ وَ تَشَاحُنِ الصُّدُورِ وَ تَدَابُرِ النُّفُوسِ وَ تَخَاذُلِ الْأَيْدِي إِلَى آخِرِ مَا مَرَّ فِي الْمُجَلَّدِ الْخَامِسِ.
131 كِتَابُ فَضَائِلِ الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْقُرَشِيِّ عَنْ‏
__________________________________________________
 (1) نهج البلاغة تحت الرقم 333 من الحكم.
 (2) المصدر تحت الرقم 371 من الحكم.
 (3) المصدر تحت الرقم 445 من الحكم.
 (4) الخطبة القاصعة تحت الرقم 190.

411
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ ع قَالَ: لَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ ع قَالَ مُوسَى إِلَهِي مَا جَزَاءُ مَنْ شَهِدَ أَنِّي رَسُولُكَ وَ نَبِيُّكَ وَ أَنَّكَ كَلَّمْتَنِي قَالَ يَا مُوسَى تَأْتِيهِ مَلَائِكَتِي فَتُبَشِّرُهُ بِجَنَّتِي قَالَ مُوسَى إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ قَامَ بَيْنَ يَدَيْكَ فَصَلَّى فَقَالَ يَا مُوسَى أُبَاهِي بِهِ مَلَائِكَتِي رَاكِعاً وَ سَاجِداً وَ قَائِماً وَ قَاعِداً وَ مَنْ بَاهَيْتُ بِهِ مَلَائِكَتِي لَا أُعَذِّبُهُ قَالَ مُوسَى إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ أَطْعَمَ مِسْكِيناً ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ قَالَ يَا مُوسَى آمُرُ مُنَادِياً يُنَادِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ مِنْ عُتَقَاءِ اللَّهِ مِنَ النَّارِ قَالَ مُوسَى إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ وَصَلَ رَحِمَهُ قَالَ يَا مُوسَى أَنْسِئُ فِي عُمُرِهِ وَ أُهَوِّنُ عَلَيْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَ يُنَادِيهِ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ هَلُمَّ إِلَيْنَا فَادْخُلْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِهَا شِئْتَ قَالَ مُوسَى إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ كَفَّ أَذَاهُ عَنِ النَّاسِ وَ بَذَلَ مَعْرُوفَهُ قَالَ يَا مُوسَى يُنَاجِيهِ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا سَبِيلَ لِي إِلَيْكَ قَالَ مُوسَى إِلَهِي مَا جَزَاءُ مَنْ ذَكَرَكَ بِلِسَانِهِ وَ قَلْبِهِ قَالَ يَا مُوسَى أُظِلُّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِظِلِّ عَرْشِي وَ أَجْعَلُهُ فِي كَنَفِي قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ تَلَا حِكْمَتَكَ سِرّاً وَ جَهْراً قَالَ يَا مُوسَى يَمُرُّ عَلَى الصِّرَاطِ كَالْبَرْقِ قَالَ مُوسَى فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَبَرَ عَلَى أَذَى النَّاسِ وَ شَتْمِهِمْ قَالَ أُعِينُهُ عَلَى أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ مِنْ خَشْيَتِكَ قَالَ يَا مُوسَى آمَنُ وَجْهَهُ مِنْ حَرِّ النَّارِ وَ أُومِنُهُ يَوْمَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَبَرَ عِنْدَ مُصِيبَتِهِ وَ أَنْفَذَ أَمْرَكَ قَالَ يَا مُوسَى لَهُ بِكُلِّ نَفَسٍ يَتَنَفَّسُهُ دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَ الدَّرَجَةُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَ مَا فِيهَا

412
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَبَرَ عَلَى فَرَائِضِكَ قَالَ يَا مُوسَى لَهُ بِكُلِّ فَرِيضَةٍ يُؤَدِّيهَا دَرَجَةٌ مِنْ دَرَجَاتِ الْعُلَى قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ مَشَى فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ إِلَى طَاعَتِكَ قَالَ أُوجِبُ لَهُ النُّورَ الدَّائِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ يُكْتَبُ لَهُ مِنَ الْحَسَنَاتِ بِعَدَدِ كُلِّ شَيْ‏ءٍ مَرَّ عَلَيْهِ سَوَادُ اللَّيْلِ وَ ضَوْءُ الْقَمَرِ وَ نُورُ الْكَوَاكِبِ قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ لَمْ يَكُفَّ عَنْ مَعَاصِيكَ قَالَ يَا مُوسَى أُعْطِيهِ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ زَنَى فَرْجَهُ قَالَ يُدَخَّنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِدُخَانٍ أَنْتَنَ مِنْ رِيحِ الْجِيَفِ وَ يُرْفَعُ فَوْقَ النَّاسِ قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ أَحَبَّ أَهْلَ طَاعَتِكَ لِحُبِّكَ قَالَ يَا مُوسَى أُحَرِّمُهُ عَلَى نَارِي قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ لَمْ يَصِرْ لِسَانُهُ عَنْ ذِكْرِكَ وَ التَّضَرُّعِ وَ الِاسْتِكَانَةِ لَكَ فِي الدُّنْيَا قَالَ يَا مُوسَى أُعِينُهُ عَلَى شَدَائِدِ الْآخِرَةِ قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً قَالَ لَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لَا أُقِيلُهُ عَثْرَتَهُ قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ دَعَا نَفْساً كَافِرَةً إِلَى الْإِسْلَامِ قَالَ يَا مُوسَى آذَنُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الشَّفَاعَةِ لِمَنْ يُرِيدُ قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ دَعَا نَفْساً مُسْلِمَةً إِلَى طَاعَتِكَ وَ نَهَاهَا عَنْ مَعْصِيَتِكَ قَالَ يَا مُوسَى أَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي زُمْرَةِ الْمُتَّقِينَ قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَلَّى الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا لَمْ يَشْغَلْهُ عَنْ وَقْتِهَا دُنْيَا قَالَ يَا مُوسَى أُعْطِيهِ سُؤْلَهُ وَ أُبِيحُهُ جَنَّتِي قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ كَفَلَ الْيَتِيمَ قَالَ أُظِلُّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّ عَرْشِي‏

413
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

باب 38 جوامع المکارم و آفاتها و ما یوجب الفلاح و الهدى ص 332

قَالَ فَمَا جَزَاءُ مَنْ أَتَمَّ الْوُضُوءَ مِنْ خَشْيَتِكَ قَالَ يَا مُوسَى أَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُ نُورٌ يَتَلَأْلَأُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ يُرِيدُ بِهِ النَّاسَ قَالَ يَا مُوسَى ثَوَابُهُ كَثَوَابِ مَنْ لَمْ يَصُمْهُ قَالَ إِلَهِي فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَامَ فِي بَيَاضِ النَّهَارِ يَلْتَمِسُ بِذَلِكَ رِضَاكَ قَالَ يَا مُوسَى لَهُ جَنَّتِي وَ لَهُ الْأَمَانُ مِنْ كُلِّ خَوْفٍ وَ الْعِتْقُ مِنَ النَّارِ «1».
132 كِتَابُ الْإِمَامَةِ وَ التَّبْصِرَةِ، لِعَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الرِّفْقُ كَرَمٌ وَ الْحِلْمُ زَيْنٌ وَ الصَّبْرُ خَيْرُ مَرْكَبٍ.
__________________________________________________
 (1) قد مر الحديث مختصرا تحت الرقم 46 من الأمالي.

414
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

کلمة المحقق ص 415

كلمة المحقّق‏
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم‏
الحمد للّه و الصلاة و السلام على رسول اللّه محمّد و آله أمناء اللّه.
و بعد: فمن سعادتي الخالدة و الشكر لواهبها و منعمها أن وفّقني اللّه العزيز لخدمة الدين القويم و الخوض في تراثه الذهبيّ القيّم تحقيقاً لآثار الوحي و الرسالة و تصحيحها و تبريزها بصورة تناسب أدنى شأنها.
و في مقدّمتها هذا الموسوعة الكبرى بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار الباحث عن المعارف الإسلاميّة الدائرة بين المسلمين فللّه المنّ و الشكر على توفيقه لذلك.
و هذا الجزء الذي نقدّمها إلى القرّاء الكرام هو الجزء الثالث من المجلّد الخامس عشر و قد اعتمدنا في تصحيح الأحاديث و تحقيقها على النسخة المصحّحة المشهورة بكمبانيّ بعد تخريجها من المصادر و تعيين موضع النصّ منها إلّا في المصادر المخطوطة أمّا من الباب 38 (أعني الجزء الثاني من المجلّد الخامس عشر) فقد قابلناها على نسخة الأصل أيضاً و النسخة لخزانة كتب الحبر الفاضل حجّة الإسلام الحاجّ الشيخ حسن المصطفويّ دام إفضاله و سيأتي مزيد توضيح مع صورة فتوغرافيّة منها في صدر الجزء التالي (الجزء 70) من هذه الطبعة النفيسة الرائقة إنشاء اللّه تعالى.
نرجو من اللّه العزيز أن يوفّقنا لإتمام ذلك و يعيننا في إخراج سائر أجزائه متواليا متواتراً و أن يعصمنا عن الزلل و الخطاء إنّه وليّ العصمة و التوفيق.
جمادي الثانية 1386 محمد الباقر البهبودى‏

415
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

کلمة المصحح ص 416

 [كلمة المصحّح‏]
بسمه تعالى‏
إلى هنا انتهى الجزء الثالث من المجلّد الخامس عشر و هو الجزء السادس و الستّون حسب تجزئتنا يحتوي على أحد عشر باباً
و لقد بذلنا الجهد في تصحيحه و مقابلته فخرج بعون اللّه و مشيّته نقيّا من الأغلاط إلّا نزراً زهيداً زاغ عنه البصر و حسر عنه النظر و باللّه العصمة و الاعتصام.
السيّد إبراهيم الميانجي محمّد الباقر البهبودي‏

416
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

فهرس ما فی هذا الجزء من الأبواب ص 417

فهرس ما في هذا الجزء من الأبواب‏
عناوين الأبواب/ رقم الصفحة
28- باب الدين الذي لا يقبل اللّه أعمال العباد إلّا به 16- 1
29- باب أدنى ما يكون به العبد مؤمنا و أدنى ما يخرجه من الإيمان 17- 16
30- باب أنّ العمل جزء الإيمان و أنّ الإيمان مبثوث على الجوارح 149- 18
31- باب في عدم لبس الإيمان بالظلم 154- 150
32- باب درجات الإيمان و حقائقه 175- 154
33- باب السكينة و روح الإيمان و زيادته و نقصانه 211- 175
34- باب أنّ الإيمان مستقرّ و مستودع و إمكان زوال الإيمان 234- 212
35- باب العلّة التي من أجلها لا يكفّ اللّه المؤمنين عن الذنب 235
36- باب الحبّ في اللّه و البغض في اللّه 253- 236
37- باب صفات خيار العباد و أولياء اللّه و فيه ذكر بعض الكرامات التي رويت عن الصالحين 330- 254
أبواب مكارم الأخلاق‏
38- باب جوامع المكارم و آفاتها و ما يوجب الفلاح و الهدى 414- 332

417
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار66 (ط - بيروت)

رموز الکتاب ص 419

 (رموز الكتاب)
ب: لقرب الإسناد.
بشا: لبشارة المصطفى.
تم: لفلاح السائل.
ثو: لثواب الأعمال.
ج: للإحتجاج.
جا: لمجالس المفيد.
جش: لفهرست النجاشيّ.
جع: لجامع الأخبار.
جم: لجمال الأسبوع.
جُنة: للجُنة.
حة: لفرحة الغريّ.
ختص: لكتاب الإختصاص.
خص: لمنتخب البصائر.
د: للعَدَد.
سر: للسرائر.
سن: للمحاسن.
شا: للإرشاد.
شف: لكشف اليقين.
شي: لتفسير العياشيّ‏
ص: لقصص الأنبياء.
صا: للإستبصار.
صبا: لمصباح الزائر.
صح: لصحيفة الرضا (ع).
ضا: لفقه الرضا (ع).
ضوء: لضوء الشهاب.
ضه: لروضة الواعظين.
ط: للصراط المستقيم.
طا: لأمان الأخطار.
طب: لطبّ الأئمة.
ع: لعلل الشرائع.
عا: لدعائم الإسلام.
عد: للعقائد.
عدة: للعُدة.
عم: لإعلام الورى.
عين: للعيون و المحاسن.
غر: للغرر و الدرر.
غط: لغيبة الشيخ.
غو: لغوالي اللئالي.
ف: لتحف العقول.
فتح: لفتح الأبواب.
فر: لتفسير فرات بن إبراهيم.
فس: لتفسير عليّ بن إبراهيم.
فض: لكتاب الروضة.
ق: للكتاب العتيق الغرويّ‏
قب: لمناقب ابن شهر آشوب.
قبس: لقبس المصباح.
قضا: لقضاء الحقوق.
قل: لإقبال الأعمال.
قية: للدُروع.
ك: لإكمال الدين.
كا: للكافي.
كش: لرجال الكشيّ.
كشف: لكشف الغمّة.
كف: لمصباح الكفعميّ.
كنز: لكنز جامع الفوائد و تأويل الآيات الظاهرة معا.
ل: للخصال.
لد: للبلد الأمين.
لى: لأمالي الصدوق.
م: لتفسير الإمام العسكريّ (ع).
ما: لأمالي الطوسيّ.
محص: للتمحيص.
مد: للعُمدة.
مص: لمصباح الشريعة.
مصبا: للمصباحين.
مع: لمعاني الأخبار.
مكا: لمكارم الأخلاق.
مل: لكامل الزيارة.
منها: للمنهاج.
مهج: لمهج الدعوات.
ن: لعيون أخبار الرضا (ع).
نبه: لتنبيه الخاطر.
نجم: لكتاب النجوم.
نص: للكفاية.
نهج: لنهج البلاغة.
نى: لغيبة النعمانيّ.
هد: للهداية.
يب: للتهذيب.
يج: للخرائج.
يد: للتوحيد.
ير: لبصائر الدرجات.
يف: للطرائف.
يل: للفضائل.
ين: لكتابي الحسين بن سعيد او لكتابه و النوادر.
يه: لمن لا يحضره الفقيه.

419