×
☰ فهرست و مشخصات
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

تتمة كتاب الإيمان و الكفر ص : 1

 

الجزء العاشر

حمدا خالدا لوليّ النعم حيث أسعدني بالقيام بنشر هذا السفر القيّم في الملأ الثقافي الديني بهذه الصورة الرائعة و لروّاد الفضيلة الذين وازرونا في إنجاز هذا المشروع المقدّس شكر متواصل.

الشيخ محمد الآخوندي‏

 [تتمة كتاب الإيمان و الكفر]

بَابُ الْكَبَائِرِ

 [الحديث 1]

1 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ فِي‏قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً «1» قَالَ الْكَبَائِرُ الَّتِي أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهَا النَّارَ

______________________________

باب الكبائر الحديث الأول‏: ضعيف.

" إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ‏" قال البيضاوي: كبائر الذنوب التي نهاكم الله و رسوله عنها" نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ‏" نغفر لكم صغائركم و نمحها عنكم‏" وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً" الجنة و ما وعد من الثواب أو إدخالا مع كرامة، انتهى.

و لنحقق هنا معنى الكبائر و عددها قال الشيخ البهائي قدس سره: اختلف آراء الأكابر في تحقيق الكبائر فقال قوم: هي كل ذنب توعد الله عليه بالعقاب في الكتاب العزيز، و قال بعضهم: هي كل ذنب رتب عليه الشارع حدا أو صرح فيه بالوعيد، و قال طائفة: هي كل معصية تؤذن بقلة اكتراث فاعلها بالدين، و قال آخرون: كل ذنب علم حرمته بدليل قاطع، و قيل: كل ما توعد عليه تواعدا شديدا في الكتاب أو السنة، و عن ابن مسعود أنه قال: اقرؤوا من أول سورة النساء إلى قوله:" إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ‏" فكل ما نهى‏

______________________________

 (1) سورة النساء: 31.

 

1
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 13 ص : 28

 [الحديث 13]

13 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ صَبَّاحِ بْنِ سَيَابَةَ قَالَ‏ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدَةَ يَزْنِي الزَّانِي وَ هُوَ مُؤْمِنٌ قَالَ لَا إِذَا كَانَ عَلَى بَطْنِهَا سُلِبَ الْإِيمَانُ مِنْهُ فَإِذَا قَامَ رُدَّ عَلَيْهِ قُلْتُ فَإِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ قَالَ مَا أَكْثَرَ مَا يَهُمُّ أَنْ يَعُودَ ثُمَّ لَا يَعُودُ

 [الحديث 14]

14 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ‏ الْكَبَائِرُ سَبْعَةٌ مِنْهَا قَتْلُ النَّفْسِ مُتَعَمِّداً وَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَ قَذْفُ الْمُحْصَنَةِ وَ أَكْلُ الرِّبَا بَعْدَ الْبَيِّنَةِ وَ الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ وَ التَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ وَ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَ أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ظُلْماً قَالَ‏

______________________________

المعنى أنه كما أن قصد السرقة ليس كنفسها في المفاسد و العقوبات فكذا قصد الزنا ليس كنفسها في المفاسد، أو يقال: لما كان ذكر الزنا على سبيل المثال و الحكم شامل للسرقة و غيرها، فالغرض التنبيه بالأحكام الظاهرة على الأحكام الباطنة، فإن قيل: على الوجهين هذا قياس فقهي و هو ليس بحجة عند الإمامية؟ قلت: ليس الغرض الاستدلال بالقياس، فإنه عليه السلام لا يحتاج إلى ذلك، و قوله: في نفسه حجة لاستنباط العلة و عدم العلم بها، أما مع العلم بها فيرجع إلى القياس المنطقي، لكن يرد عليه أنه لما كان العلم بالعلة من جهة قوله عليه السلام فقوله يكفي لثبوت أصل الحكم فيرجع إلى الوجه الأول.

الحديث الثالث عشر: مجهول و قد مر مضمونه.

الحديث الرابع عشر: ضعيف على المشهور، و لا يضر عندي ضعف المعلى لأنه من مشايخ إجازة كتاب الوشاء أو أبان، و هما كانا مشهورين.

" سبعة" كان التاء بتأويل الكبيرة بالذنب إن لم يكن من تصحيف النساخ و قيل: الكبائر مبتدأ و سبعة مبتدأ ثان، و منها" صفة للسبعة، و" قتل" خبر المبتدأ الثاني، و الجملة خبر المبتدأ الأول و لا يخلو من وجه، و قوله عليه السلام: التعرب‏ و الشرك‏ واحد، اعتذار عما يتراءى من المخالفة بين الإجمال و التفصيل في العدد، فالمعنى‏

28
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 15 ص : 29

وَ التَّعَرُّبُ وَ الشِّرْكُ وَاحِدٌ

 [الحديث 15]

15 أَبَانٌ عَنْ زِيَادٍ الْكُنَاسِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ وَ الَّذِي إِذَا دَعَاهُ أَبُوهُ لَعَنَ أَبَاهُ وَ الَّذِي إِذَا أَجَابَهُ ابْنُهُ يَضْرِبُهُ‏

 [الحديث 16]

16 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الْغَنَوِيِّ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ‏ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ص‏

______________________________

أن المراد بالشرك ما يشمل التعرب أيضا، فإنه بمنزلة الشرك لا سيما على بعض التأويلات المتقدمة، فذكره بعده من قبيل ذكر الخاص بعد العام لبيان الفرد الخفي.

الحديث الخامس عشر: كالسابق و هو معلق عليه و الاختلاف في آخر السند لكن زياد مجهول، و الظاهر أن الكناسي روى الخبر السابق مع هذه الزيادة فقوله: و الذي‏، عطف على أكل مال اليتيم بتقدير مضاف، أي عمل الذي‏ إذا دعاه أبوه‏ لحاجة لعن أباه‏ أي شتمه و لم يجبه إلى ما دعاه إليه، و قيل: إذا دعاه لحاجة، كنفقة و غيرها أبعده و لم يقض حاجته، و قوله: يضربه‏ من الضرب أو الإضرار، ثم أنه يحتمل أن لا تكون في هذه الرواية ذكر العدد، و على تقديره يمكن إدخالهما في العقوق، أما الأول فظاهر و ذكره لكونه أشد العقوق أو أخفه على الاحتمالين، و أما الثاني فلأنه يصير سببا للعقوق، و قيل: فيه تنبيه على أن العقوق يكون من جانب الوالد أيضا و من جعل سبعة في الخبر السابق مبتدأ قدر هنا خبرا و قال:

تقديره و منها الذي، لئلا يكون من عطف المفرد على الجملة.

الحديث السادس عشر: مرفوع.

و رواه الصفار في البصائر عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن محمد بن داود عن ابن هارون العبدي عن محمد عن ابن نباتة مثله، و روى أيضا بإسناده عن جابر قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الروح قال: يا جابر إن الله خلق الخلق على ثلاث طبقات‏

29
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 19 ص : 43

 [الحديث 19]

19 يُونُسُ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ‏ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع الْكَبَائِرُ فِيهَا اسْتِثْنَاءُ أَنْ يَغْفِرَ لِمَنْ يَشَاءُ قَالَ نَعَمْ‏

 [الحديث 20]

20 يُونُسُ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ‏ وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ- فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً «1» قَالَ مَعْرِفَةُ الْإِمَامِ وَ

______________________________

من قال لا إله إلا الله بإخلاص فهو بري‏ء من الشرك، و من خرج من الدنيا لا يشرك بالله دخل الجنة، ثم تلا هذه الآية إلى قوله: لمن يشاء، من شيعتك و محبيك يا علي قال أمير المؤمنين عليه السلام: فقلت: يا رسول الله هذا لشيعتي؟ قال: إي و ربي أنه لشيعتك" الخبر".

" في الاستثناء" أي في التعليق بالمشية و قد شاع تسمية التعليق بمشية الله استثناء فإن قولك أفعل ذلك إن شاء الله في قوة قولك إلا أن لا يشاء الله فعلي، و هنا أيضا قوله تعالى:" وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ+" في قوة قوله: يغفر ما دون ذلك لكل أحد إلا لمن لا يشاء، أو لا يغفر ما دون ذلك إلا لمن يشاء، و بالجملة يدل الحديث على أن الله سبحانه يغفر لأصحاب الكبائر إن شاء، ردا على من زعم أن المصرين على الكبائر مخلدون في النار.

الحديث التاسع عشر: كالسابق و معلق عليه.

و قوله: استثناء، يمكن أن يقرأ منونا و غير منون.

الحديث العشرون‏: صحيح.

و قال الطبرسي (ره) في قوله تعالى:" يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ" ذكر في معنى الحكمة وجوه: قيل: إنه علم القرآن ناسخه و منسوخه و محكمه و متشابهه و مقدمه و مؤخره و حلاله و حرامه و أمثاله عن ابن عباس و ابن مسعود، و قيل: هو الإصابة في القول و الفعل، و قيل: إنه علم الدين، و قيل: هو النبوة، و قيل: هو المعرفة بالله‏

______________________________

 (1) سورة البقرة: 269.

43
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 22 ص : 45

 [الحديث 22]

22 ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَلِيِّ [بْنِ‏] الزَّيَّاتِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ‏ دَخَلَ ابْنُ قَيْسٍ الْمَاصِرِ وَ عَمْرُو بْنُ ذَرٍّ وَ أَظُنُّ مَعَهُمَا أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع فَتَكَلَّمَ ابْنُ قَيْسٍ الْمَاصِرِ فَقَالَ إِنَّا لَا نُخْرِجُ أَهْلَ دَعْوَتِنَا وَ أَهْلَ مِلَّتِنَا مِنَ الْإِيمَانِ فِي الْمَعَاصِي وَ الذُّنُوبِ قَالَ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ ع يَا ابْنَ قَيْسٍ أَمَّا رَسُولُ اللَّهِ ص فَقَدْ قَالَ لَا يَزْنِي الزَّانِي وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا يَسْرِقُ السَّارِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ حَيْثُ شِئْتَ‏

 [الحديث 23]

23 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ‏ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَرْتَكِبُ الْكَبِيرَةَ مِنَ الْكَبَائِرِ فَيَمُوتُ هَلْ يُخْرِجُهُ ذَلِكَ مِنَ الْإِسْلَامِ وَ إِنْ عُذِّبَ كَانَ عَذَابُهُ كَعَذَابِ الْمُشْرِكِينَ أَمْ لَهُ مُدَّةٌ وَ انْقِطَاعٌ فَقَالَ مَنِ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً مِنَ الْكَبَائِرِ فَزَعَمَ أَنَّهَا حَلَالٌ أَخْرَجَهُ ذَلِكَ مِنَ الْإِسْلَامِ وَ عُذِّبَ أَشَدَّ الْعَذَابِ وَ إِنْ كَانَ مُعْتَرِفاً أَنَّهُ أَذْنَبَ وَ مَاتَ عَلَيْهِ أَخْرَجَهُ مِنَ الْإِيمَانِ وَ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنَ الْإِسْلَامِ وَ كَانَ عَذَابُهُ أَهْوَنَ مِنْ عَذَابِ الْأَوَّلِ‏

 [الحديث 24]

24 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ ص قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ سَمِعْتُ أَبِي مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع يَقُولُ‏ دَخَلَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَلَمَّا

______________________________

الحديث الثاني و العشرون‏: مجهول.

" أهل دعوتنا" أي الذين يدعون إلى الدين الذي ندعو إليه، و يدل على أن الذنوب أو الكبائر يخرج من الإيمان ببعض معانيه كما مر مرارا.

الحديث الثالث و العشرون‏: صحيح.

" و كان عذابه أهون" أي كما و كيفا و قد مر شرحه في عاشر الباب.

الحديث الرابع و العشرون‏: صحيح لأن مدح عبد العظيم يربو على التوثيق بمنازل شتى.

45
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

باب استصغار الذنب ص : 68

 

بَابُ اسْتِصْغَارِ الذَّنْبِ‏

 [الحديث 1]

1 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ زَيْدٍ الشَّحَّامِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ اتَّقُوا الْمُحَقَّرَاتِ مِنَ الذُّنُوبِ فَإِنَّهَا لَا تُغْفَرُ قُلْتُ وَ مَا الْمُحَقَّرَاتُ قَالَ الرَّجُلُ يُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيَقُولُ طُوبَى لِي لَوْ لَمْ يَكُنْ لِي غَيْرُ ذَلِكَ‏

______________________________

كالكبر و الحسد و الغل للمؤمنين، و من مصالح الدين ما يتعلق بالبدن إما قاصرا كالإلحاد في الحرم، فيدخل فيه شبهه كإخافة المدينة الشريفة و الإلحاد فيها، و الكذب على النبي و الأئمة عليهم السلام، و إما متعديا و قد نص على النميمة و السحر و التولي من الزحف و نكث الصفقة لأن ضرره متعد و أما مصلحة النفس فكالقتل بغير حق و يدخل فيه جناية الطرف، و أما العقل فشرب الخمر و يدخل فيه كل مسكر، و أكل الميتة و سائر النجاسات في معناه، لاشتمال الخمر على النجاسة، و أما الأنساب فالزنا و اللواط و يدخل فيها القيادة، و من النسب عقوق الوالدين و الإضرار في الوصية.

باب استصغار الذنب‏ الحديث الأول‏: حسن كالصحيح موثق.

" اتقوا المحقرات" لأن التحقير يوجب الإصرار و ترك الندامة الموجبين للبعد عن المغفرة" غير ذلك" أي غير ذلك الذنب.

و أقول: مثل هذا الكلام يمكن أن يذكر في مقامين: أحدهما: بيان كثرة معاصيه و عظمتها، و أن له معاصي أعظم من ذلك، و ثانيهما: بيان حقارة هذا الذنب و عدم الاعتناء به، و كأنه محمول على الوجه الأخير.

 

68
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 2 ص : 69

 [الحديث 2]

2 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع يَقُولُ‏ لَا تَسْتَكْثِرُوا كَثِيرَ الْخَيْرِ وَ لَا تَسْتَقِلُّوا قَلِيلَ الذُّنُوبِ فَإِنَّ قَلِيلَ الذُّنُوبِ يَجْتَمِعُ حَتَّى يَكُونَ كَثِيراً وَ خَافُوا اللَّهَ فِي السِّرِّ حَتَّى تُعْطُوا مِنْ أَنْفُسِكُمُ النَّصَفَ‏

 [الحديث 3]

3 أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ وَ الْحَجَّالِ جَمِيعاً عَنْ ثَعْلَبَةَ عَنْ زِيَادٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص نَزَلَ بِأَرْضٍ قَرْعَاءَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ ائْتُوا بِحَطَبٍ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ بِأَرْضٍ قَرْعَاءَ مَا بِهَا مِنْ حَطَبٍ قَالَ فَلْيَأْتِ كُلُّ إِنْسَانٍ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ فَجَاءُوا بِهِ حَتَّى رَمَوْا بَيْنَ يَدَيْهِ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص هَكَذَا تَجْتَمِعُ الذُّنُوبُ ثُمَّ قَالَ إِيَّاكُمْ وَ الْمُحَقَّرَاتِ مِنَ الذُّنُوبِ فَإِنَّ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ طَالِباً أَلَا وَ إِنَّ طَالِبَهَا يَكْتُبُ‏ ما قَدَّمُوا

______________________________

الحديث الثاني‏: موثق.

" في السر" أي في الخلوة أو في القلب، و على الأول التخصيص لأن الإخلاص فيه أكثر و لاستلزامه الخوف في العلانية أيضا" حتى تعطوا" أي حتى يبلغ خوفكم درجة يصير سببا لإعطاء الإنصاف و العدل من أنفسكم للناس، و لا ترضون لهم ما لا ترضون لأنفسكم، أو حتى تعطوا الإنصاف من أنفسكم‏ أنكم تخافون الله و ليس عملكم لرئاء الناس، و كان الأول أظهر.

الحديث الثالث‏: مجهول.

" بأرض قرعاء" أي لا نبات و لا شجر فيها تشبيها بالرأس الأقرع، و في القاموس قرع كفرح ذهب شعر رأسه و هو أقرع و هي قرعاء و الجمع قرع و قرعان بضمهما، و رياض قرع بالضم بلا كلاء، و في النهاية: القرع بالتحريك هو أن يكون في الأرض ذات الكلاء موضع لا نبات فيها كالقرع في الرأس‏ حتى رموا بين يديه‏ أي كثر و ارتفع و الطالب للذنوب هو الله سبحانه و ملائكته‏" ما قَدَّمُوا" أي أسلفوا في حياتهم‏" وَ آثارَهُمْ‏" ما بقي عنهم بعد مماتهم يصل إليهم ثمرته أما حسنة كعلم علموه أو حبيس وقفوه،

69
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

باب الإصرار على الذنب ص : 70

 

وَ آثارَهُمْ وَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ‏

بَابُ الْإِصْرَارِ عَلَى الذَّنْبِ‏

 [الحديث 1]

1 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّهِيكِيِّ عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ الْقَنْدِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ لَا صَغِيرَةَ مَعَ الْإِصْرَارِ وَ لَا كَبِيرَةَ مَعَ الِاسْتِغْفَارِ

______________________________

أو سيئة كإشاعة باطل أو تأسيس ظلم أو نحو ذلك‏" و الإمام المبين" اللوح المحفوظ و قيل: القرآن، و قيل: كتاب الأعمال، و في كثير من الأخبار أنه أمير المؤمنين عليه السلام و كأنه من بطون الآية، و أما قوله:" أَحْصَيْناهُ‏" فيحتمل أن يكون في الأصل أحصاه فصحف النساخ موافقا للآية، أو هو على سبيل الحكاية، و قرأ بعض الأفاضل نكتب بالنون موافقا للآية، فيكون لفظ الآية خبرا لأن أي طالبها هذه الآية على الإسناد المجازي، و له وجه لكنه مخالف للمضبوط في النسخ، و قد مر بعض القول في الآية في العاشر من باب الذنوب.

باب الإصرار على الذنب‏ الحديث الأول‏: مجهول.

و أما أنه‏ لا كبيرة مع الاستغفار، فالمراد بالاستغفار التوبة و الندم عليها و العزم على عدم العود إليها، و مع التوبة لا يبقى أثر الكبيرة و لا يعاقب عليها، و أما أنه‏ لا صغيرة مع الإصرار فيدل على أن الإصرار على الصغيرة كبيرة كما ذكره جماعة من الأصحاب، و ربما يجعل هذا مؤيدا لما مر من أن المعاصي كلها كبيرة، بناء على أن المراد بالإصرار الإقامة على الذنب بعدم التوبة و الاستغفار كما يدل عليه الخبر الآتي، و روي من طريق العامة عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم ما أصر من استغفر، و يرد عليه أنه يجوز أن يكون المراد بالإصرار المداومة عليه و العزم على المعاودة، فإن ذلك أنسب‏

 

70
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 3 ص : 73

 

بِتَوْبَةٍ فَذَلِكَ الْإِصْرَارُ

 [الحديث 3]

3 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ لَا وَ اللَّهِ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ شَيْئاً مِنْ طَاعَتِهِ عَلَى الْإِصْرَارِ عَلَى شَيْ‏ءٍ مِنْ مَعَاصِيهِ‏

بَابٌ فِي أُصُولِ الْكُفْرِ وَ أَرْكَانِهِ‏

 [الحديث 1]

1 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ‏

______________________________

و قال في التحرير: و عن الإصرار على الصغائر أو الإكثار منها، ثم قال: و أما الصغائر فإن داوم عليها أو وقعت منه في أكثر الأحوال ردت شهادته إجماعا و على كل تقدير فالمداومة و الإكثار من الذنب و المعصية قادح في العدالة و أما العزم عليها بعد الفراغ ففي كونه قادحا تأمل إن لم يكن ذلك اتفاقيا، و في صحيحة عمر ابن يزيد أن إسماع الكلام الغليظ للأبوين لا يوجب ترك الصلاة خلفه ما لم يكن عاقا قاطعا، و هي تدل على أن مثل ذلك العزم غير قادح إذ الظاهر أن إسماع الكلام المغضب للأبوين معصية.

الحديث الثالث‏: حسن موثق.

و فيه إشعار بأن الإصرار على الصغيرة كبيرة إذ يبعد أن تكون الصغيرة المكفرة مانعة عن قبول الطاعة، و في الخبر إيماء إلى قوله تعالى:" إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ‏ «1»".

باب في أصول الكفر و أركانه‏ الحديث الأول‏: صحيح.

و كان المراد بأصول الكفر ما يصير سببا للكفر أحيانا لا دائما و للكفر

______________________________

 (1) سورة المائدة: 27.

 

73
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 4 ص : 76

 [الحديث 4]

4 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ أَنَّ رَجُلًا مِنْ خَثْعَمَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ص فَقَالَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَبْغَضُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ قَالَ ثُمَّ مَا ذَا قَالَ قَطِيعَةُ الرَّحِمِ قَالَ ثُمَّ مَا ذَا قَالَ الْأَمْرُ بِالْمُنْكَرِ وَ النَّهْيُ عَنِ الْمَعْرُوفِ‏

 [الحديث 5]

5 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ يَزِيدَ الصَّائِغِ قَالَ‏ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع رَجُلٌ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ إِنْ حَدَّثَ كَذَبَ وَ إِنْ وَعَدَ أَخْلَفَ وَ إِنِ ائْتُمِنَ خَانَ مَا مَنْزِلَتُهُ قَالَ هِيَ أَدْنَى الْمَنَازِلِ مِنَ الْكُفْرِ وَ لَيْسَ بِكَافِرٍ

______________________________

الحديث الرابع‏: كالسابق.

و خثعم‏ أبو قبيلة من معد، و قد مر معنى الشرك، و قطيعة الرحم‏ يمكن شمولها لقطع رحم آل محمد كما مر، و يمكن إدخاله كلا أو بعضا في الشرك، و المنكر ما حرمه الله أو ما علم بالشرع أو العقل قبحه و يحتمل شموله للمكروه أيضا، و قال الشهيد الثاني قدس سره: المنكر المعصية قولا أو فعلا و قال أيضا: هو الفعل القبيح الذي عرف فاعله قبحه أو دل عليه، و المعروف‏ ما عرف حسنه عقلا أو شرعا، و قال الشهيد الثاني (ره): هو الطاعة قولا أو فعلا، و قال: يمكن بتكلف دخول المندوب في المعروف.

الحديث الخامس‏: كالسابق أيضا.

و قوله: على هذا الأمر، صفة رجل، و جملة إن حدث‏، خبر" أدنى المنازل" أي أقربها من الكفر أي الذي يوجب الخلود في النار و ليس بكافر بهذا المعنى، و إن كان كافرا ببعض المعاني، و يشعر بكون خلف الوعد معصية بل كبيرة، و المشهور استحباب الوفاء به و كأنه مر القول فيه و سيأتي إن شاء الله.

76
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 6 ص : 77

 [الحديث 6]

6 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مِنْ عَلَامَاتِ الشَّقَاءِ جُمُودُ الْعَيْنِ وَ قَسْوَةُ الْقَلْبِ وَ شِدَّةُ الْحِرْصِ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا وَ الْإِصْرَارُ عَلَى الذَّنْبِ‏

 [الحديث 7]

7 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ‏ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ ص النَّاسَ فَقَالَ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِشِرَارِكُمْ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي يَمْنَعُ رِفْدَهُ وَ يَضْرِبُ عَبْدَهُ وَ يَتَزَوَّدُ وَحْدَهُ فَظَنُّوا أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ خَلْقاً هُوَ شَرٌّ مِنْ هَذَا ثُمَّ قَالَ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْ ذَلِكَ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي لَا يُرْجَى خَيْرُهُ وَ لَا يُؤْمَنُ شَرُّهُ فَظَنُّوا أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ خَلْقاً هُوَ شَرٌّ مِنْ هَذَا

______________________________

الحديث السادس‏: ضعيف على المشهور.

و الشقاء و الشقاوة و الشقوة سوء العاقبة بالعقاب في الآخرة ضد السعادة، و هي حسن العاقبة باستحقاق دخول الجنة، و جمود العين‏ كناية عن بخلها بالدموع و هو من توابع‏ قسوة القلب‏ و هي غلظته و شدته و عدم تأثره من الوعيد بالعقاب و المواعظ قال تعالى:" فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ‏ «1»" و كون تلك الأمور من علامات الشقاء ظاهر، و فيه تحريص على ترك تلك الخصال، و طلب أضدادها بكثرة ذكر الله و ذكر عقوباته على المعاصي و التفكر في فناء الدنيا و عدم بقاء لذاتها، و في عظمة الأمور الأخروية و مثوباتها و عقوباتها و أمثال ذلك.

الحديث السابع‏: حسن موثق كالصحيح.

" الذي يمنع رفده" الرفد بالكسر العطاء و الصلة و هو اسم من رفده رفدا من باب ضرب أعطاه و أعانه، و الظاهر أنه أعم من منع الحقوق الواجبة و المستحبة" و يضرب عبده" أي دائما و في أكثر الأوقات أو من غير ذنب، أو زائدا على القدر المقرر أو مطلقا، فإن العفو من أحسن الخصال‏" و يتزود وحده" أي يأكل زاده وحده من غير رفيق مع الإمكان، أو أنه لا يعطي من زاده غيره شيئا من عياله و غيرهم،

______________________________

 (1) سورة الزمر: 22.

77
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 12 ص : 85

 [الحديث 12]

12 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْكَرْخِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ ثَلَاثٌ مَلْعُونٌ مَنْ فَعَلَهُنَّ الْمُتَغَوِّطُ فِي ظِلِّ النُّزَّالِ وَ الْمَانِعُ الْمَاءَ الْمُنْتَابَ وَ السَّادُّ الطَّرِيقَ الْمَسْلُوكَ‏

 [الحديث 13]

13 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِشِرَارِ رِجَالِكُمْ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ إِنَ‏

______________________________

الحديث الثاني عشر: مجهول.

و تذكير ضمير الطريق هنا و تأنيثه فيما تقدم باعتبار أن الطريق يذكر و يؤنث.

الحديث الثالث عشر: حسن كالصحيح.

و البهات‏ مبالغة من البهتان، و هو أن يقول في الناس ما ليس فيهم، قال الجوهري: بهته بهتا أخذه بغتة، قال الله تعالى:" بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ‏ «1»" و تقول أيضا: بهته بهتا و بهتا و بهتانا فهو بهات، أي قال عليه ما لم يفعله فهو مبهوت، انتهى.

و الجري‏ بالياء المشددة و بالهمز أيضا على فعيل و هو المقدام على القبيح من غير توقف و الاسم الجرأة، و الفحاش‏ ذو الفحش و هو كلما يشتد قبحه من الأقوال و الأفعال و كثيرا ما يراد به الزنا و قد مر الكلام فيه.

" الآكل وحده" أقول: لعل النكتة في إيراد العاطف في الأخيرات و تركها في الأول الإشعار بأن البهت و الجرأة و الفحش صارت لازمة له كالذاتيات فصرن كالذات التي أجريت عليها الصفات، فناسب إيراد العاطف بين الصفات لتغايرها، و يحتمل أن تكون العلة الفصل بالمعمول أي" وحده" و" رفده" و" عبده" بين الفقرات الأخيرة و عدمها في الأول فتأمل.

______________________________

 (1) سورة الأنبياء: 40.

85
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

باب الرياء ص : 87

 

اللَّهُ وَ الْمُسْتَأْثِرُ بِالْفَيْ‏ءِ [وَ] الْمُسْتَحِلُّ لَهُ‏

بَابُ الرِّيَاءِ

 [الحديث 1]

1 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنِ ابْنِ الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ أَنَّهُ قَالَ لِعَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ الْبَصْرِيِّ فِي الْمَسْجِدِ وَيْلَكَ يَا عَبَّادُ إِيَّاكَ وَ الرِّيَاءَ فَإِنَّهُ مَنْ عَمِلَ لِغَيْرِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى مَنْ عَمِلَ لَهُ‏

______________________________

ذريته باستحلال قتلهم أو ضربهم أو شتمهم أو إهانتهم أو ترك مودتهم أو غصب حقهم أو عدم القول بإمامتهم أو ترك تعظيمهم‏" و المستأثر بالفي‏ء المستحل له" في النهاية الاستئثار الانفراد بالشي‏ء، و قال: الفي‏ء ما حصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب و لا جهاد، انتهى.

و أقول: الفي‏ء يطلق على الغنيمة و الخمس و الأنفال و كل ذلك يتعلق بالإمام كلا أو بعضا كما حقق في محله.

باب الرياء الحديث الأول‏: ضعيف.

" وكله الله إلى من عمل له" أي في الآخرة كما سيأتي أو الأعم منها و من الدنيا و قيل: و كل ذلك العمل إلى الغير و لا يقبله أصلا، و قد روي عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم قال: إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر؟ قالوا: و ما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء يقول الله عز و جل يوم القيامة إذا جازى العباد بأعمالهم:

اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا هل تجدون عندهم ثواب أعمالكم. و قال بعض المحققين: اعلم أن الرياء مشتق من الرؤية، و السمعة مشتقة من السماع، و إنما الرياء أصله طلب المنزلة في قلوب الناس بإراءتهم خصال الخير، إلا أن الجاه و المنزلة يطلب في القلب بأعمال سوى العبادات و يطلب بالعبادات، و اسم الرياء مخصوص‏

 

87
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 3 ص : 104

 [الحديث 3]

3 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي الْمَغْرَاءِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خَلِيفَةَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ كُلُّ رِيَاءٍ شِرْكٌ إِنَّهُ مَنْ عَمِلَ لِلنَّاسِ كَانَ ثَوَابُهُ عَلَى النَّاسِ وَ مَنْ عَمِلَ لِلَّهِ كَانَ ثَوَابُهُ عَلَى اللَّهِ‏

 [الحديث 4]

4 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ جَرَّاحٍ الْمَدَائِنِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ

______________________________

الحديث الثالث‏: ضعيف.

" كل رياء شرك" هذا هو الشرك الخفي فإنه لما أشرك في قصد العبادة غيره تعالى فهو بمنزلة من أثبت معبودا غيره سبحانه كالصنم‏" كان ثوابه على الناس" أي لو كان ثوابه لازما على أحد كان لازما عليهم، فإنه تعالى قد شرط في الثواب الإخلاص، فهو لا يستحق منه تعالى شيئا أو أنه تعالى يحيله يوم القيامة على الناس.

الحديث الرابع‏: مجهول.

" فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ‏" قال الطبرسي (ره): أي فمن كان يطمع في لقاء ثواب ربه و يأمله و يقر بالبعث إليه و الوقوف بين يديه، و قيل: معناه فمن كان يخشى لقاء عقاب ربه، و قيل: إن الرجاء يشتمل على كلا المعنيين الخوف و الأمل‏" وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً" من ملك أو بشر أو حجر أو شجر، و قيل:

معناه لا يرائي عبادته أحدا عن ابن جبير، و قال مجاهد: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم فقال إني أتصدق و أصل الرحم و لا أصنع ذلك إلا لله فيذكر ذلك مني و أحمد عليه فيسرني ذلك و أعجب به؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و لم يقل شيئا فنزلت الآية، قال عطاء عن ابن عباس: إن الله تعالى قال: و لا يشرك به، لأنه أراد العمل الذي يعمل لله، و يحب أن يحمد عليه، قال: و لذلك يستحب للرجل أن يدفع صدقته إلى غيره ليقسمها كيلا يعظمه من يصل بها، و روي عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال: قال الله عز و جل: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، فمن عمل عملا أشرك فيه‏

104
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 8 ص : 110

 [الحديث 8]

8 وَ بِإِسْنَادِهِ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ لِلْمُرَائِي يَنْشَطُ إِذَا رَأَى النَّاسَ وَ يَكْسَلُ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ وَ يُحِبُّ أَنْ يُحْمَدَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ‏

 [الحديث 9]

9 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَالِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَا خَيْرُ شَرِيكٍ‏

______________________________

الأعمال التي تزعمون أنها حسنات من ديوان الفجار الذي هو في سجين كما قال الله تعالى:" إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ‏ «1»" و في القاموس: سجين كسكين موضع فيه كتاب الفجار، و واد في جهنم أعاذنا الله منها أو حجر في الأرض السابعة و قال البيضاوي" إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ" ما يكتب من أعمالهم" لَفِي سِجِّينٍ‏ كتاب جامع لإعمال الفجرة من الثقلين كما قال:" وَ ما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ، كِتابٌ مَرْقُومٌ‏" أي مسطور بين الكتابة، ثم قال: و قيل: هو اسم المكان و التقدير ما كتاب السجين أو محل كتاب مرقوم فحذف المضاف‏" اجعلوها" الخطاب إلى الملائكة الصاعدين، فالمراد بالملك أولا الجنس أو إلى ملائكة الرد و القبول، و الضمير المنصوب للحسنات‏" ليس إياي أراد" تقديم الضمير للحصر، أي لم يكن مراده أنا فقط بل أشرك معي غيري.

الحديث الثامن‏: كالسابق.

و في القاموس: نشط كسمع نشاطا بالفتح طابت نفسه للعمل و غيره، و قال: الكسل‏ محركة التثاقل عن الشي‏ء و الفتور فيه، كسل كفرح، انتهى.

و النشاط يكون قبل العمل و باعثا للشروع فيه، و يكون بعده و سببا لتطويله و تجويده‏" في جميع أموره" أي في جميع طاعاته و تركه للمنهيات أو الأعم منها و من أمور الدنيا.

الحديث التاسع‏: ضعيف على المشهور.

" أنا خير شريك" لأنه سبحانه غني لا يحتاج إلى الشركة و إنما يقبل‏

______________________________

 (1) سورة المطفّفين: 7.

110
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 10 ص : 111

مَنْ أَشْرَكَ مَعِي غَيْرِي فِي عَمَلٍ عَمِلَهُ لَمْ أَقْبَلْهُ إِلَّا مَا كَانَ لِي خَالِصاً

 [الحديث 10]

10 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ دَاوُدَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ مَنْ أَظْهَرَ لِلنَّاسِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ وَ بَارَزَ اللَّهَ بِمَا كَرِهَهُ لَقِيَ اللَّهَ وَ هُوَ مَاقِتٌ لَهُ‏

 [الحديث 11]

11 أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ فَضْلٍ أَبِي الْعَبَّاسِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ مَا يَصْنَعُ أَحَدُكُمْ أَنْ يُظْهِرَ حَسَناً وَ يُسِرَّ سَيِّئاً أَ لَيْسَ يَرْجِعُ إِلَى نَفْسِهِ فَيَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ- بَلِ الْإِنْسانُ‏

______________________________

الشركة من لم يكن غنيا بالذات، فلا يقبل العمل المخلوط لرفعته و غناه، أو المراد أني محسن إلى الشركاء أدع إليهم ما كان مشتركا بيني و بينهم و لا أقبله، و قيل:

على هذا الكلام مبني على التشبيه، و الاستثناء في قوله: إلا ما كان، منقطع.

الحديث العاشر: مختلف فيه.

" و بارز الله" كان المراد به أبرز و أظهر لله بما كرهه الله من المعاصي، فإن ما يفعله في الخلوة يراه الله و يعلمه، و المستفاد من اللغة أنه من المبارزة في الحرب فإن من يعصي الله سبحانه بمرأى منه و مسمع، فكأنه يبارزه و يقاتله، في القاموس بارز القرن مبارزة و برازا برز إليه.

الحديث الحادي عشر: صحيح بسنده الأول و الثاني ضعيف.

" و يسر سيئا" أي نية سيئة و رياء أو أعمالا قبيحة و الأول أظهر، فيعلم أن ذلك ليس كذلك أي يعلم أن عمله ليس بمقبول لسوء سريرته و عدم صحة نيته‏" إن السريرة إذا صحت" أي إن النية إذا صحت، قويت‏ الجوارح على العمل، كما ورد لا يضعف بدن عما قويت عليه النية، و روي أن في ابن آدم مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد ألا و هي القلب، لكن هذا المعنى لا يناسب هذا المقام كما لا يخفى، و يمكن أن يكون المراد بالقوة القوة المعنوية أي صحة العمل و كمالها،

111
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 12 ص : 112

عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ إِنَّ السَّرِيرَةَ إِذَا صَحَّتْ قَوِيَتِ الْعَلَانِيَةُ

الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ عَنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ مِثْلَهُ‏

 [الحديث 12]

12 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ مَا مِنْ عَبْدٍ يُسِرُّ خَيْراً إِلَّا لَمْ تَذْهَبِ الْأَيَّامُ حَتَّى يُظْهِرَ اللَّهُ لَهُ خَيْراً وَ مَا مِنْ عَبْدٍ يُسِرُّ شَرّاً إِلَّا لَمْ تَذْهَبِ الْأَيَّامُ حَتَّى يُظْهِرَ اللَّهُ لَهُ شَرّاً

 [الحديث 13]

13 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ بَشِيرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ مَنْ أَرَادَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْقَلِيلِ مِنْ عَمَلِهِ أَظْهَرَ اللَّهُ لَهُ أَكْثَرَ مِمَّا أَرَادَ وَ مَنْ أَرَادَ النَّاسَ بِالْكَثِيرِ مِنْ عَمَلِهِ فِي تَعَبٍ مِنْ بَدَنِهِ‏

______________________________

و قيل: المراد بالعلانية الرداء المذكور سابقا، أي أثر العمل.

و أقول: يحتمل أن يكون المعنى قوة العلانية على العمل دائما، لا بمحضر الناس فقط.

الحديث الثاني عشر: ضعيف على المشهور و قد مر.

الحديث الثالث عشر: كالسابق.

" أظهر الله له" في بعض النسخ أظهره الله له، فالضمير للقليل أو للعمل، و أكثر صفة للمفعول المطلق المحذوف‏" مما أراد" أي مما أراد الله به، و المراد إظهاره على الناس، و نسبة السهر إلى الليل على المجاز، و ضمير يقلله للكثير أو للعمل، و قد يقال: الضمير للموصول فالتقليل كناية عن التحقير كما روي أن رجلا من بني إسرائيل قال: لأعبدن الله عبادة أذكر بها فمكث مدة مبالغا في الطاعات و جعل لا يمر بملإ من الناس إلا قالوا متصنع مراء فأقبل على نفسه و قال: قد أتعبت نفسك‏

112
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 14 ص : 113

وَ سَهَرٍ مِنْ لَيْلِهِ أَبَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا أَنْ يُقَلِّلَهُ فِي عَيْنِ مَنْ سَمِعَهُ‏

 [الحديث 14]

14 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تَخْبُثُ فِيهِ سَرَائِرُهُمْ وَ تَحْسُنُ فِيهِ عَلَانِيَتُهُمْ طَمَعاً فِي الدُّنْيَا لَا يُرِيدُونَ بِهِ مَا عِنْدَ رَبِّهِمْ يَكُونُ دِينُهُمْ رِيَاءً لَا يُخَالِطُهُمْ خَوْفٌ يَعُمُّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ فَيَدْعُونَهُ دُعَاءَ الْغَرِيقِ فَلَا يَسْتَجِيبُ لَهُمْ‏

 [الحديث 15]

15 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ

______________________________

و ضيعت عمرك في لا شي‏ء فينبغي أن تعمل لله سبحانه، فغير نيته و أخلص عمله لله فجعل لا يمر بملإ من الناس إلا قالوا ورع تقي.

الحديث الرابع عشر: كالسابق أيضا.

" سيأتي" السين للتأكيد أو للاستقبال القريب‏" يخبث" كيحسن‏" سرائرهم" بالمعاصي أو بالنيات الخبيثة الريائية" طمعا" مفعول له ليحسن‏" لا يريدون به" الضمير لحسن العلانية أو للعمل المعلوم بقرينة المقام‏" يكون دينهم" أي عباداتهم الدينية أو أصل إظهار الدين‏" رياء" لطلب المنزلة في قلوب الناس، و الباء في‏ قوله:

" بعقاب" للتعدية" دعاء الغريق" أي كدعاء من أشرف على الغرق، فإن الإخلاص و الخضوع فيه أخلص من سائر الأدعية لانقطاع الرجاء من غيره سبحانه، و ما قيل:

من أن المعنى من غرق في ماء دموعه فلا يخفى بعده، و عدم الإجابة لعدم عملهم بشرائطها و عدم وفائهم بعهوده تعالى، كما قال تعالى:" أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ‏" و سيأتي الكلام فيه في كتاب الدعاء إنشاء الله، و لا يبعد أن يكون العقاب إشارة إلى غيبة الإمام عليه السلام.

الحديث الخامس عشر: صحيح.

و قد مر بعينه سندا و متنا و لا اختلاف إلا في قوله: أن يعتذر إلى الناس، و قوله: ألبسه الله، و كأنه أعاده لاختلاف النسخ في ذلك و هو بعيد، و لعله كان على السهو، و ما هنا كأنه أظهر في الموضعين، و الاعتذار إظهار العذر و طلب قبوله، و قيل‏

113
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

باب طلب الرئاسة ص : 118

 

بَابُ طَلَبِ الرِّئَاسَةِ

 [الحديث 1]

1 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع‏ أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا فَقَالَ إِنَّهُ يُحِبُّ الرِّئَاسَةَ فَقَالَ مَا ذِئْبَانِ ضَارِيَانِ‏

______________________________

باب طلب الرئاسة الحديث الأول‏: صحيح.

" أنه ذكر رجلا" ضمائر" أنه" و" ذكر" و" فقال" أولا راجعة إلى معمر و يحتمل رجوعها إلى الإمام عليه السلام، و الرئاسة الشرف و العلو على الناس، رأس الرجل يرأس مهموزا بفتحتين رئاسة شرف و على قدره، فهو رئيس، و الجمع رؤساء مثل شريف و شرفاء، و الضاري‏ السبع الذي اعتاد بالصيد و إهلاكه، و الرعاء بالكسر و المد جمع راع اسم فاعل، و بالضم اسم جمع صرح بالأول صاحب المصباح، و بالثاني القاضي و تفرق الرعاء لبيان شدة الضرر، فإن الراعي إذا كان حاضرا يمنع الذئب عن الضرر، و يحمى القطيع، و الظاهر أن‏ قوله: في دين المسلم‏ صلة للضرر المقدر أي ليس ضرر الذئبين في الغنم بأشد من ضرر الرئاسة في دين المسلم، ففي الكلام تقديم و تأخير، و يؤيده ما سيأتي في باب حب الدنيا مثله هكذا: بأفسد فيها من حب المال و الشرف في دين المسلم، و قيل: في دين المسلم حال عن الرئاسة قدم عليه، و لا يخفى ما فيه.

و فيه تحذير عن طلب الرئاسة، و للرئاسة أنواع شتى منها ممدوحة و منها مذمومة، فالممدوحة منها الرئاسة التي أعطاها الله تعالى خواص خلقه من الأنبياء و الأوصياء عليهم السلام، لهداية الخلق و إرشادهم، و رفع الفساد عنهم، و لما كانوا معصومين مؤيدين بالعنايات الربانية فهم مأمونون من أن يكون غرضهم من ذلك تحصيل‏

 

118
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 2 ص : 123

 [الحديث 2]

2 عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جَنَاحٍ عَنْ أَخِيهِ أَبِي عَامِرٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ مَنْ طَلَبَ الرِّئَاسَةَ هَلَكَ‏

 [الحديث 3]

3 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ إِيَّاكُمْ وَ هَؤُلَاءِ الرُّؤَسَاءَ الَّذِينَ يَتَرَأَّسُونَ فَوَ اللَّهِ مَا خَفَقَتِ النِّعَالُ خَلْفَ رَجُلٍ إِلَّا هَلَكَ وَ أَهْلَكَ‏

 [الحديث 4]

4 عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ وَ غَيْرِهِ رَفَعُوهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ مَلْعُونٌ مَنْ تَرَأَّسَ مَلْعُونٌ مَنْ هَمَّ بِهَا مَلْعُونٌ مَنْ حَدَّثَ بِهَا نَفْسَهُ‏

 [الحديث 5]

5 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي عَقِيلَةَ الصَّيْرَفِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا كَرَّامٌ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ‏

______________________________

الحديث الثاني‏: مرسل.

الحديث الثالث‏: صحيح.

و قال الجوهري: رأس‏ فلان القوم يرأس بالفتح رئاسة و هو رئيسهم، و رأسته أنا ترئيسا فترأس هو و ارتأس عليهم، و قال: خفق الأرض بنعله‏ و كل ضرب بشي‏ء عريض: خفق.

أقول: و هذا أيضا محمول على الجماعة الذين كانوا في أعصار الأئمة عليهم السلام و يدعون الرئاسة من غير استحقاق، أو تحذير عن تسويل النفس و تكبرها و استعلائها باتباع العوام و رجوعهم إليه، فيهلك بذلك و يهلكهم بإضلالهم و إفتائهم بغير علم، مع أن زلات علماء الجور مسرية إلى غيرهم، لأن كل ما يرون منهم يزعمون أنه حسن فيتبعونهم في ذلك، كما قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم: أخاف على أمتي زلة عالم.

الحديث الرابع‏: مرفوع.

" من ترأس" أي ادعى الرئاسة بغير حق، فإن التفعل غالبا يكون للتكليف.

الحديث الخامس‏: مجهول إذ في أكثر نسخ الكافي عن أبي عقيل و في بعضها عن‏ أبي عقيلة، و الظاهر أنه كان أيوب بن أبي غفيلة لأن الشيخ ذكر في الفهرست‏

123
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 7 ص : 125

مَوْقُوفٌ وَ مَسْئُولٌ لَا مَحَالَةَ فَإِنْ كُنْتَ صَادِقاً صَدَّقْنَاكَ وَ إِنْ كُنْتَ كَاذِباً كَذَّبْنَاكَ‏

 [الحديث 7]

7 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ مَيَّاحٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ مَنْ أَرَادَ الرِّئَاسَةَ هَلَكَ‏

 [الحديث 8]

8 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ أَ تَرَى لَا أَعْرِفُ خِيَارَكُمْ مِنْ شِرَارِكُمْ بَلَى وَ اللَّهِ وَ إِنَّ شِرَارَكُمْ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوطَأَ عَقِبُهُ إِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَذَّابٍ أَوْ عَاجِزِ الرَّأْيِ‏

______________________________

أي يوم القيامة و مسئول‏ عما قلت فينا لقوله تعالى:" وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ‏ «1»" و في القاموس: لا محالة منه بالفتح لا بد منه.

الحديث السابع‏: ضعيف.

الحديث الثامن‏: صحيح.

" أ ترى" على المعلوم أو المجهول استفهام إنكار" أنه لا بد" قيل: الضمير اسم إن و راجع إلى أن يوطأ، و لا بد جملة معترضة و" من كذاب" خبر إن و من للابتداء أو الضمير للشأن و من كذاب ظرف لغو متعلق بلا بد بتقدير لا بد لنا من كذاب، و قيل: أي لا بد في الأرض من كذاب يطلب الرئاسة و من عاجز الرأي يتبعه.

أقول: و يحتمل أن يكون الضمير راجعا إلى الموصول، و التقدير لا بد من أن يكون كذابا أو عاجز الرأي، لأن الناس يرجعون إليه في المسائل و الأمور المشكلة، فإن أجابهم كان كذابا غالبا و إن لم يجبهم كان ضعيف العقل عندهم أو واقعا لأنه لا يتم ما أراد بذلك.

______________________________

 (1) سورة الصافّات: 24.

125
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

باب اختتال الدنيا بالدين ص : 126

 

بَابُ اخْتِتَالِ الدُّنْيَا بِالدِّينِ‏

 [الحديث 1]

1 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَخْتِلُونَ الدُّنْيَا بِالدِّينِ وَ وَيْلٌ لِلَّذِينَ‏ يَقْتُلُونَ الَّذِينَ‏

______________________________

باب اختتال الدنيا بالدين‏ الحديث الأول‏: ضعيف على المشهور، و عندي صحيح لأن ابن سنان وثقه المفيد و ابن طاوس (ره) و ابن ظبيان روى ابن إدريس في مستطرفات السرائر نقلا من جامع البزنطي بسند صحيح عن الصادق أنه قال فيه رحمه الله: و بنى له بيتا في الجنة كان و الله مأمونا على الحديث، و هو يدل ثقته و جلالته، و المشهور أنه ضعيف.

" ويل للذين يختلون الدنيا بالدين" أي العذاب و الهلاك للذين يطلبون الدنيا بعمل الآخرة بالخديعة و المكر، قال في النهاية: الويل الحزن و الهلاك و المشقة من العذاب، و قال فيه: من أشراط الساعة أن تعطل السيوف من الجهاد، و المشقة من العذاب، و قال فيه: من أشراط الساعة أن تعطل السيوف من الجهاد، و أن تختل الدنيا بالدين، أي تطلب الدنيا بعمل الآخرة، يقال: ختله يختله إذا خدعه و راوغه و ختل الذئب الصيد إذا تخفى له، و الختل الخداع، و في القاموس: ختله يختله ختلا و ختلانا خدعه، و الذئب الصيد تخفى له، و خاتله خادعه، و تخاتلوا تخادعوا و اختتل تسمع لسر القوم، انتهى.

و بناء الافتعال المذكور في عنوان الباب لم أره بهذا المعنى في كتب اللغة، و في بعض النسخ اختيال بالياء و هو تصحيف‏" الذين يأمرون بالقسط" أي بالعدل و هم الأئمة عليهم السلام و خواص أصحابهم‏" يسير المؤمن" أن يعيش و يعمل مجازا" أبي-

 

126
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

باب من وصف عدلا و عمل بغيره ص : 127

 

يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ‏ وَ وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَسِيرُ الْمُؤْمِنُ فِيهِمْ بِالتَّقِيَّةِ أَ بِي يَغْتَرُّونَ أَمْ عَلَيَّ يَجْتَرِءُونَ فَبِي حَلَفْتُ لَأُتِيحَنَّ لَهُمْ فِتْنَةً تَتْرُكُ الْحَلِيمَ مِنْهُمْ حَيْرَانَ‏

بَابُ مَنْ وَصَفَ عَدْلًا وَ عَمِلَ بِغَيْرِهِ‏

 [الحديث 1]

1 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ يُوسُفَ الْبَزَّازِ عَنْ مُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع [أَنَّهُ‏] قَالَ‏ إِنَّ [مِنْ‏] أَشَدِّ النَّاسِ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ وَصَفَ عَدْلًا ثُمَّ عَمِلَ بِغَيْرِهِ‏

______________________________

يغترون" أي بسبب إمهالي و نعمتي يغفلون عن بطشي و عذابي، من الاغترار بمعنى الغفلة، و يحتمل أن يكون من الاغترار بمعنى الوقوع في الغرور و الهلاك، و قال تعالى:

" ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ‏ «1»" قال البيضاوي: أي شي‏ء خدعك و جرأك على عصيانه‏" يجترئون" بالهمز أو بدونه بقلب الهمزة ياء ثم إسقاط ضمها ثم حذفها لالتقاء الساكنين‏" لأتيحن" قال في النهاية فيه: فبي حلفت لأتيحنهم فتنة تدع الحليم منهم حيرانا يقال: أتاح الله لفلان كذا أي قدره له و أنزله به، و تاح له الشي‏ء، و الحليم ذو الحلم و الأناة و التثبت في الأمور أو ذو العقل، و تنوين حيرانا للتناسب و إنما خص بالذكر لأنه بكلي معنييه أبعد من الحيرة، و ذلك لأنه أصبر على الفتن و الزلازل، و الحاصل أنه لا يجد العقلاء و ذوا التثبت و التدبر في الأمور المخرج من تلك الفتنة.

باب من وصف عدلا و عمل بغيره‏ الحديث الأول‏: مختلف فيه.

______________________________

 (1) سورة الإنفطار: 6.

 

127
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 2 ص : 128

 [الحديث 2]

2 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ قُتَيْبَةَ الْأَعْشَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ‏ إِنَّ [مِنْ‏] أَشَدِّ النَّاسِ عَذَاباً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ وَصَفَ عَدْلًا وَ عَمِلَ بِغَيْرِهِ‏

 [الحديث 3]

3 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ

______________________________

الحديث الثاني‏: ضعيف.

" من وصف عدلا" أي بين للناس أمرا حقا موافقا لقانون العدل أو أمرا وسطا غير مائل إلى إفراط أو تفريط، و لم يعمل به أو وصف دينا حقا و لم يعمل بمقتضاه كما إذا ادعى القول بإمامة الأئمة عليهم السلام و لم يتابعهم قولا و فعلا، و يؤيد الأول قوله تعالى:" أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ‏ «1»" و قوله سبحانه:

" لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ‏ «2» و ما روي عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال: مررت ليلة أسري بي بقوم تقرض شفاههم بمقارض من نار، فقلت: من أنتم؟ قالوا: كنا نأمر بالخير و لا نأتيه و ننهى عن الشر و نأتيه، و مثله كثير.

الحديث الثالث‏: حسن كالصحيح.

و إنما كانت حسرته أشد لوقوعه في الهلكة مع العلم و هو أشد من الوقوع فيها بدونه، و لمشاهدته نجاة الغير بقوله و عدم نجاته به، و كان أشدية العذاب و الحسرة بالنسبة إلى من لم يعلم و لم يعمل و لم يأمر، لا بالنسبة إلى من علم و لم يفعل و لم يأمر، لأن الهداية و بيان الأحكام و تعليم الجهال و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر كلها واجبة كما أن العمل واجب، فإذا تركهما ترك واجبين، و إذا ترك أحدهما ترك واجبا واحدا، لكن الظاهر من أكثر الأخبار بل الآيات اشتراط الوعظ و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بالعمل، و يشكل التوفيق بينها و بين سائر الآيات و الأخبار الدالة على وجوب الهداية و التعليم، و النهي عن كتمان العلم، و على أي‏

______________________________

 (1) سورة البقرة: 44.

 (2) سورة الصفّ: 2.

128
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 5 ص : 130

 

 [الحديث 5]

5 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ خَيْثَمَةَ قَالَ قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ أَبْلِغْ شِيعَتَنَا أَنَّهُ لَنْ يُنَالَ مَا عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِعَمَلٍ وَ أَبْلِغْ شِيعَتَنَا أَنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ وَصَفَ عَدْلًا ثُمَّ يُخَالِفُهُ إِلَى غَيْرِهِ‏

بَابُ الْمِرَاءِ وَ الْخُصُومَةِ وَ مُعَادَاةِ الرِّجَالِ‏

 [الحديث 1]

1 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ إِيَّاكُمْ وَ الْمِرَاءَ وَ الْخُصُومَةَ فَإِنَّهُمَا يُمْرِضَانِ‏

______________________________

الأوثان أو معبودهم أيضا، لكنه بعيد عن سياق الآيات السابقة، و قال علي بن إبراهيم بعد نقل هذه الرواية مرسلا عن الصادق عليه السلام: و في خبر آخر قال: هم بنو أمية و الغاوون بنو فلان أي بنو العباس.

الحديث الخامس‏: مجهول.

و خيثمة بفتح الخاء المعجمة و سكون الياء و فتح المثلثة" ما عِنْدَ اللَّهِ‏" أي من المثوبات و الدرجات و القربات.

باب المراء و الخصومة و معاداة الرجال‏ الحديث الأول‏: ضعيف.

و المراء بالكسر مصدر باب المفاعلة و قيل: هو الجدال و الاعتراض على كلام الغير من غير غرض ديني، و في مفردات الراغب: الامتراء و المماراة المحاجة فيما فيه مرية، و هي التردد في الأمر، و في النهاية فيه: لا تماروا في القرآن فإن المراء فيه كفر، المراء الجدال و التماري و المماراة المجادلة على مذهب الشك و الريبة، و يقال للمناظرة مماراة، لأن كل واحد منهما يستخرج‏

 

130
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 4 ص : 138

 [الحديث 4]

4 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ لَا تُمَارِيَنَّ حَلِيماً وَ لَا سَفِيهاً فَإِنَّ الْحَلِيمَ يَقْلِيكَ وَ السَّفِيهَ يُؤْذِيكَ‏

 [الحديث 5]

5 عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَا كَادَ جَبْرَئِيلُ ع يَأْتِينِي‏

______________________________

جال، كالتحول من الخير إلى الشر و من حسن الأفعال إلى قبح الأعمال المقتضية لفساد النظام، و زوال الألفة و الالتئام، و قيل: المراد كثرة الحلف بالله في الدعاوي و الخصومات فإنه أوشك أن ينتقل مما حلف عليه إلى ضده، خوفا من العقاب فيفتضح بذلك و لا يخفى ما فيهما.

الحديث الرابع‏: مجهول.

و الحليم‏ يحتمل المعنيين المتقدمين أي العاقل، و المتثبت المتأني في الأمور و السفيه‏ يحتمل مقابليهما، و المعنيان متلازمان غالبا و كذا مقابلاهما، و الحاصل أن العاقل الحازم المتأني في الأمور لا يتصدى للمعارضة، و يصير ذلك سببا لأن يبطن في قلبه العداوة، و الأحمق المتهتك يعارض و يؤذي، في القاموس‏ قلاه‏ كرماه و رضيه قلى و قلاء و مقلية، أبغضه و كرهه غاية الكراهة فتركه، أو قلاه في الهجر و قليه في البغض.

الحديث الخامس‏: حسن كالصحيح.

" ما كاد" في القاموس كاد يفعل كذا: قارب و هم، و في بعض النسخ ما كان و في الأول المبالغة أكثر أي لم يقرب إتيانه إلا قال، و الشحناء بالفتح البغضاء و العداوة، و الإضافة إلى المفعول أي العداوة مع الرجال، و يحتمل الفاعل أيضا أي العداوة الشائعة بين الرجال و الأول أظهر، و عداوتهم‏ تأكيد، أو المراد بالأول فعل ما يوجب العداوة أو إظهارها قال في المصباح: الشحناء العداوة و البغضاء، و شحنت عليه شحنا من‏

138
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 6 ص : 139

إِلَّا قَالَ يَا مُحَمَّدُ اتَّقِ شَحْنَاءَ الرِّجَالِ وَ عَدَاوَتَهُمْ‏

 [الحديث 6]

6 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْكِنْدِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ قَالَ جَبْرَئِيلُ ع- لِلنَّبِيِّ ص إِيَّاكَ وَ مُلَاحَاةَ الرِّجَالِ‏

 [الحديث 7]

7 عَنْهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَيَابَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ إِيَّاكُمْ وَ الْمَشَارَةَ فَإِنَّهَا تُورِثُ الْمَعَرَّةَ وَ تُظْهِرُ الْمُعْوِرَةَ

 [الحديث 8]

8 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَنْبَسَةَ

______________________________

باب تعب حقدت و أظهرت العداوة و من باب نفع لغة.

الحديث السادس‏: صحيح.

و قال في النهاية: فيه نهيت عن‏ ملاحاة الرجال‏ أي مقاولتهم و مخاصمتهم، يقال: لحيت الرجل ألحاه إذا لمته و عذلته، و لاحيته ملاحاة و لحاء إذا نازعته.

الحديث السابع‏: مجهول.

و في النهاية: فيه: لا تشار أخاك هو تفاعل من الشر أي لا تفعل به شرا يحوجه إلى أن يفعل بك مثله، و يروى بالتخفيف و في الصحاح المشارة المخاصمة.

" فإنها تورث المعرة" قال في القاموس: المعرة الإثم و الأذى و الغرم و الدية و الخيانة" تظهر العورة" أي العيوب المستورة، و قال الجوهري: العورة سوءة الإنسان و كل ما يستحيي منه، و في بعض النسخ المعورة اسم فاعل من أعور الشي‏ء إذا صار ذا عوار أو ذا عورة و هي العيب و القبيح و كل شي‏ء يستره الإنسان أنفه أو حياءا فهو عورة، و المراد بها هنا القبيح من الأخلاق و الأفعال، و على النسختين المراد ظهور قبائحه و عيوبه أما نفسه فإنه عند المشاجرة و الغضب لا يملكها فيبدو منه ما كان يخفيه أو من خصمه فإن الخصومة سبب لإظهار الخصم قبح خصمه لينتقص منه و يضع قدره بين الناس.

الحديث الثامن‏: صحيح.

139
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 9 ص : 140

الْعَابِدِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ إِيَّاكُمْ وَ الْخُصُومَةَ فَإِنَّهَا تَشْغَلُ الْقَلْبَ وَ تُورِثُ النِّفَاقَ وَ تَكْسِبُ الضَّغَائِنَ‏

 [الحديث 9]

9 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَا كَادَ جَبْرَئِيلُ ع يَأْتِينِي إِلَّا قَالَ يَا مُحَمَّدُ اتَّقِ شَحْنَاءَ الرِّجَالِ وَ عَدَاوَتَهُمْ‏

 [الحديث 10]

10 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَا أَتَانِي جَبْرَئِيلُ ع قَطُّ إِلَّا وَعَظَنِي فَآخِرُ قَوْلِهِ لِي إِيَّاكَ وَ مُشَارَّةَ النَّاسِ فَإِنَّهَا تَكْشِفُ الْعَوْرَةَ وَ تَذْهَبُ بِالْعِزِّ

______________________________

" فإنها تشغل القلب" عن ذكر الله و بالتفكر في الشبه و الشكوك و الحيل لدفع الخصم، و بالغم و الهم أيضا، و الضغائن‏ جمع الضغينة و هي الحقد، و تضاغنوا انطووا على الأحقاد.

الحديث التاسع‏: حسن كالصحيح و قد مر بعينه سندا و متنا و كأنه من النساخ.

الحديث العاشر: مجهول.

و روى الشيخ في مجالسه عن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إياكم و مشارة الناس فإنها تظهر العرة و تدفن الغرة، الأولى بالعين المهملة و الثانية بالمعجمة و كلاهما مضمومتان، و روت العامة أيضا من طرقهم هكذا، قال في النهاية فيه إياكم و مشارة الناس فإنها تدفن الغرة و تظهر العرة، الغرة هيهنا الحسن و العمل الصالح شبهه بغرة الفرس و كل شي‏ء ترفع قيمته فهو غرة، و العرة هي القذر و عذرة الناس فاستعير للمساوئ و المثالب.

140
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 11 ص : 141

 [الحديث 11]

11 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ صَبِيحٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَا عَهِدَ إِلَيَّ جَبْرَئِيلُ ع فِي شَيْ‏ءٍ مَا عَهِدَ إِلَيَّ فِي مُعَادَاةِ الرِّجَالِ‏

 [الحديث 12]

12 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ مَنْ زَرَعَ الْعَدَاوَةَ حَصَدَ مَا بَذَرَ

بَابُ الْغَضَبِ‏

 [الحديث 1]

1 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ الْغَضَبُ يُفْسِدُ الْإِيمَانَ كَمَا يُفْسِدُ الْخَلُّ الْعَسَلَ‏

______________________________

الحديث الحادي عشر: حسن أو موثق.

و كلمة" ما" في الأولى نافية و في الثانية مصدرية و المصدر مفعول مطلق للنوع، و المراد هنا المداراة مع المنافقين من أصحابه كما فعل صلى الله عليه و آله و سلم أو مع الكفار أيضا قبل الأمر بالجهاد، أو الغرض بيان ذلك للناس.

الحديث الثاني عشر: مرفوع.

" حصد ما بذر" في الصحاح بذرت البذر زرعته أي العداوة مع الناس كالبذر يحصد منه مثله و هو عداوة الناس له.

باب الغضب‏ الحديث الأول‏: ضعيف على المشهور.

" كما يفسد الخل العسل" أي إذا أدخل الخل العسل ذهبت حلاوته و خاصيته و صار المجموع شيئا آخر، فكذا الإيمان إذا دخله الغضب فسد و لم يبق على صرافته‏

141
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 3 ص : 148

 [الحديث 3]

3 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ الْغَضَبُ مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ

 [الحديث 4]

4 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ سَمِعْتُ أَبِي ع يَقُولُ‏ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ص رَجُلٌ بَدَوِيٌّ فَقَالَ إِنِّي أَسْكُنُ الْبَادِيَةَ فَعَلِّمْنِي جَوَامِعَ الْكَلَامِ‏

______________________________

بما علم ذلك عندك، فإن رأيت بقرابتك من رسول الله أن تأذن لي أحدثك بحديث أخبرني به أبي عن آبائه عن جدي رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال: إن الرحم إذا مست الرحم تحركت و اضطربت، فناولني يدك جعلني الله فداك‏ «1» فقال: ادن فدنوت منه فأخذ بيدي ثم جذبني إلى نفسه و عانقني طويلا ثم تركني، و قال:

اجلس يا موسى فليس عليك بأس فنظرت إليه فإذا أنه قد دمعت عيناه فرجعت إلى نفسي فقال: صدقت و صدق جدك، لقد تحرك دمي و اضطربت عروقي حتى غلبت على الرقة و فاضت عيناي، إلى آخر الخبر.

و أقول: هذا لا يعين حمل خبر المتن على دنو الغاضب فإنه يدنو كل من يريد تسكين الغضب، فإنه إذا أراد الغاضب تسكين غضبه يدنو من المغضوب و إذا أراد المغضوب تسكين غضب الغاضب يدنو منه.

الحديث الثالث‏: صحيح.

" مفتاح كل شر" إذ يتولد منه الحقد و الحسد و الشماتة و التحقير، و الأقوال الفاحشة و هتك الأستار و السخرية و الطرد و الضرب و القتل و النهب، و منع الحقوق، إلى غير ذلك مما لا يحصى.

الحديث الرابع‏: مجهول.

و قال في النهاية: فيه‏" أوتيت جوامع الكلم" يعني القرآن جمع الله بلطفه‏

______________________________

 (1) هذا اما من اضافات الراوي و اما دليل على ضعف الرواية و عدم صدوره من المعصوم عليه السلام، و الرواية مرفوعة، راجع المصدر.

148
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 6 ص : 150

 [الحديث 6]

6 عَنْهُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ مَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ‏

 [الحديث 7]

7 عَنْهُ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ حَبِيبٍ السِّجِسْتَانِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ‏ مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ فِيمَا نَاجَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ مُوسَى ع يَا مُوسَى أَمْسِكْ غَضَبَكَ عَمَّنْ مَلَّكْتُكَ عَلَيْهِ أَكُفَّ عَنْكَ غَضَبِي‏

______________________________

الحديث السادس‏: مرسل.

" ستر الله عورته" أي عيوبه و ذنوبه في الدنيا فلا يفضحه بها، أو في الآخرة فيكون كفارة عنها أو الأعم منهما، و قيل: لأنه إذا لم يغضب لا يقول فيه الناس ما يفضحه، و اختلفوا في أن من كان شديد الغضب و كف غضبه و من لا يغضب أصلا لكونه حليما بحسب الخلقة، أيهما أفضل، فقيل: الأول لأن الأجر على قدر المشقة و فيه جهاد النفس و هو أفضل من جهاد العدو، و غضب النبي صلى الله عليه و آله و سلم مشهور إلا أن غضبه لم يكن من مس الشيطان و رجزه، و إنما كان من بواعث الدين، و قيل: الثاني لأن الأخلاق الحسنة من الفضائل النفسانية و صاحب الخلق الحسن بمنزلة الصائم القائم.

الحديث السابع‏: مجهول أو حسن.

لأن الكشي روى في حبيب أنه كان شاربا ثم دخل في هذا المذهب، قال:

و كان من أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام منقطعا إليهما و كفى بهذا مدحا، و يقال: ناجيته‏ أي ساررته‏" عمن ملكتك عليه" أي من العبيد و الإماء أو الرعية أو الأعم و هو أولى، و غضب الخلق ثوران النفس و حركتها بسبب تصور المؤذي و الضار إلى الانتقام و المدافعة، و غضب الخالق عقابه التابع لعلمه بمخالفة أوامره و نواهيه و غيرهما، و فيه إشارة إلى نوع من معالجة الغضب و هو أن يذكر الإنسان عند غضبه على الغير غضبه تعالى عليه، فإن ذلك يبعثه على الرضا و العفو طلبا لرضاه سبحانه و عفوه لنفسه.

150
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 8 ص : 151

 [الحديث 8]

8 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى بَعْضِ أَنْبِيَائِهِ يَا ابْنَ آدَمَ اذْكُرْنِي فِي غَضَبِكَ أَذْكُرْكَ فِي غَضَبِي لَا أَمْحَقْكَ فِيمَنْ أَمْحَقُ- وَ ارْضَ بِي مُنْتَصِراً فَإِنَّ انْتِصَارِي لَكَ خَيْرٌ مِنِ انْتِصَارِكَ لِنَفْسِكَ‏

 [الحديث 9]

9 أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ مِثْلَهُ وَ زَادَ فِيهِ وَ إِذَا ظُلِمْتَ بِمَظْلِمَةٍ

______________________________

الحديث الثامن‏: مجهول.

و المراد بذكره له تعالى‏ ذكر قدرته سبحانه عليه و عقابه، و بذكر الله له‏ ذكر عفوه عن أخيه فيعفو عن زلاته و معاصيه جزاء بما صنع، و قوله: لا أمحقك، بالجزم بدل من أذكرك، و المحق هنا إبطال عمله و تعذيبه و محو ذكره أو إحراقه، في القاموس: محقة كمنعه أبطله و محاه كمحقه فتمحق و امتحق و أمحق كافتعل، و الله الشي‏ء ذهب ببركته، و الحر الشي‏ء: أحرقه، و في النهاية: المحق النقص و المحو و الإبطال، و الانتصار الانتقام، و لما كان الغرض من إمضاء الغضب غالبا هو الانتقام من الظالم، رغب سبحانه في تركه بأني منتقم من الظالم لك و انتقامي خير من انتقامك، و الخيرية من وجوه شتى، الأول: أن انتقامه على قدر قدرته و انتقامه سبحانه أشد و أبقى، الثاني: أن انتقامه يفوت ثوابه و انتقامه تعالى لا يفوته، الثالث: أن انتقامه يمكن أن يتعدى إلى ما لا يستحقه فيعاقب عليه، الرابع:

أن انتقامه يؤدي غالبا إلى المفاسد الكلية و الجزئية بانتهاض الخصم للمعاداة بخلاف انتقامه تعالى.

الحديث التاسع‏: موثق كالصحيح.

و في هذا الخبر وقع‏ قوله و إذا ظلمت بمظلمة فارض بانتصاري لك‏ مكان قوله في الخبر السابق و أرض بي منتصرا، و مفادهما واحد، و لما كان هذا في اللفظ أطول أطلق عليه لفظ الزيادة. و إنما ذكر ما بعدها مع كونه مشتركا بينهما للعلم بموضع الزيادة، و في المصباح الظلم اسم من ظلمه ظلما من باب ضرب،

151
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 10 ص : 152

فَارْضَ بِانْتِصَارِي لَكَ فَإِنَّ انْتِصَارِي لَكَ خَيْرٌ مِنِ انْتِصَارِكَ لِنَفْسِكَ‏

 [الحديث 10]

10 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ إِنَّ فِي التَّوْرَاةِ مَكْتُوباً يَا ابْنَ آدَمَ اذْكُرْنِي حِينَ تَغْضَبُ أَذْكُرْكَ عِنْدَ غَضَبِي فَلَا أَمْحَقْكَ فِيمَنْ أَمْحَقُ وَ إِذَا ظُلِمْتَ بِمَظْلِمَةٍ فَارْضَ بِانْتِصَارِي لَكَ فَإِنَّ انْتِصَارِي لَكَ خَيْرٌ مِنِ انْتِصَارِكَ لِنَفْسِكَ‏

 [الحديث 11]

11 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ جَمِيعاً عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ عَنْ أَبِي خَدِيجَةَ عَنْ مُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ ص يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي قَالَ اذْهَبْ وَ لَا تَغْضَبْ فَقَالَ الرَّجُلُ قَدْ اكْتَفَيْتُ بِذَاكَ فَمَضَى إِلَى أَهْلِهِ فَإِذَا بَيْنَ قَوْمِهِ حَرْبٌ قَدْ قَامُوا صُفُوفاً وَ لَبِسُوا السِّلَاحَ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ لَبِسَ سِلَاحَهُ ثُمَّ قَامَ مَعَهُمْ ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ص لَا تَغْضَبْ فَرَمَى السِّلَاحَ ثُمَّ جَاءَ يَمْشِي إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ هُمْ عَدُوُّ قَوْمِهِ فَقَالَ يَا هَؤُلَاءِ مَا كَانَتْ لَكُمْ مِنْ جِرَاحَةٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ لَيْسَ فِيهِ أَثَرٌ فَعَلَيَّ فِي مَالِي أَنَا أُوفِيكُمُوهُ فَقَالَ الْقَوْمُ فَمَا كَانَ فَهُوَ لَكُمْ نَحْنُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْكُمْ قَالَ فَاصْطَلَحَ الْقَوْمُ وَ ذَهَبَ الْغَضَبُ‏

______________________________

و مظلمة بفتح الميم و كسر اللام و يجعل المظلمة اسما لما يطلبه عند الظالم كالظلامة بالضم.

الحديث العاشر: موثق و قد مر.

الحديث الحادي عشر: ضعيف على المشهور.

" ليس فيه أثر" أي علامة جراحة لتصح مقابلته للجراحة، و الأثر بالتحريك بقية الشي‏ء و علامته، و بالضم و بضمتين أثر الجراحة يبقى بعد البرء" فعلى في مالي" أي لا أبسطه على القبيلة ليكون فيه مضايقة أو تأخير، و" أنا" إما تأكيد للضمير المجرور لأنهم جوزوا تأكيده بالمرفوع المنفصل، أو مبتدأ و خبره‏

152
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 12 ص : 153

 [الحديث 12]

12 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ‏ إِنَّ هَذَا الْغَضَبَ جَمْرَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تُوقَدُ فِي قَلْبِ ابْنِ آدَمَ وَ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا غَضِبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَ انْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ وَ دَخَلَ الشَّيْطَانُ فِيهِ فَإِذَا خَافَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ فَلْيَلْزَمِ الْأَرْضَ فَإِنَّ رِجْزَ الشَّيْطَانِ لَيَذْهَبُ عَنْهُ عِنْدَ ذَلِكَ‏

 [الحديث 13]

13 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ الْغَضَبُ مَمْحَقَةٌ لِقَلْبِ الْحَكِيمِ وَ قَالَ مَنْ لَمْ يَمْلِكْ غَضَبَهُ لَمْ يَمْلِكْ عَقْلَهُ‏

______________________________

" أوفيكموه" على بناء الأفعال أو التفعيل، و الضمير راجع إلى الموصول أي على دية ما ذكر، و الإيفاء و التوفية إعطاء الحق تاما.

الحديث الثاني عشر: حسن كالصحيح.

و الجمرة القطعة الملتهبة من النار شبه بها الغضب في الإحراق و الإهلاك، و نسبها إلى‏ الشيطان‏ لأن بنفخ نزعاته و وساوسه تحدث و تشتد و توقد في قلب ابن آدم‏ و تلتهب التهابا عظيما و يغلي بها دم القلب غليانا شديدا كغلي الحميم فيحدث منه دخان بتحليل الرطوبات و ينتشر في العروق و يرتفع إلى أعالي البدن، و الدماغ و الوجه كما يرتفع الماء و الدخان في القدر، فلذلك تحمر العين و الوجه و البشرة و تنتفخ الأوداج و العروق و حينئذ يتسلط عليه الشيطان كمال التسلط و يدخل فيه و يحمله على ما يريد، فيصدر منه أفعال شبيهة بأفعال المجانين و لزوم الأرض يشمل الجلوس و الاضطجاع و السجود كما عرفت.

الحديث الثالث عشر: مرفوع.

و المحقة مفعلة من المحق و هو النقص و المحو و الإبطال، أي مظنة له و إنما خص‏ قلب الحكيم‏ بالذكر لأن المحق الذي هو إزالة النور إنما يتعلق بقلب له نور و قلب غير الحكيم يعلم بالأولوية و إذا عرفت أن الغضب يمحق قلب الحكيم‏

153
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

باب الحسد ص : 157

 

بَابُ الْحَسَدِ

 [الحديث 1]

1 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِي بِأَيِّ بَادِرَةٍ فَيَكْفُرُ وَ إِنَّ الْحَسَدَ لَيَأْكُلُ الْإِيمَانَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ‏

______________________________

باب الحسد الحديث الأول‏: صحيح، و في القاموس: البادرة ما يبدر من حدتك في الغضب من قول أو فعل، و في النهاية: البادرة من الكلام الذي يسبق من الإنسان في الغضب و إذا عرفت هذا فهذه الفقرة تحتمل وجوها:

الأول: أن يكون المعنى أن عدم منع النفس عن البوادر و عدم إزالة مواد الغضب عن النفس و إرخاء عنان النفس فيها ينجر إلى الكفر أحيانا أو غالبا كما ترى من كثير من الناس يصدر منهم عند الغضب التلفظ بما يوجب الكفر من سب الله سبحانه، و سب الأنبياء و الأئمة عليهم السلام أو ارتكاب أعمال يوجب الارتداد، كوطي المصحف الكريم بالرجل، و رميه.

الثاني: أن يراد به الحث على ترك البوادر مطلقا، فإن كل بادرة تصير سببا لنوع من أنواع الكفر المقابل للإيمان الكامل.

الثالث: أن يقرأ فتكفر على بناء المجهول من باب التفعيل، أي البوادر عند الغضب مكفرة غالبا لعذر الإنسان فيه في الجملة، لا سيما إذا تعقبتها ندامة و قلما لم تتعقبها بخلاف الحسد، فإنها صفة راسخة في النفس تأكل الإيمان، و يمكن حملها حينئذ على ما إذا غلب عليه الغضب بحيث ارتفع عنه القصد، و يمكن أن يقرأ بالياء كما في النسخ على هذا البناء أيضا أي ينسب إلى الكفر و إن كان معذورا عند الله لرفع الاختيار فيكون ذكر البعض مفاسد البادرة، في النهاية: الحسد أن يرى الرجل‏

 

157
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 2 ص : 163

 [الحديث 2]

2 عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ وَ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ جَرَّاحٍ الْمَدَائِنِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ إِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْإِيمَانَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ‏

 [الحديث 3]

3 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ اتَّقُوا اللَّهَ وَ لَا يَحْسُدْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً إِنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَانَ مِنْ شَرَائِعِهِ السَّيْحُ فِي الْبِلَادِ فَخَرَجَ فِي بَعْضِ سَيْحِهِ وَ مَعَهُ رَجُلٌ‏

______________________________

كراهة من جهة الدين و العقل في مقابلة حب الطبع لزوال النعمة عن العدو، و تلك الكراهة تمنعه من البغي و من الإيذاء، فإن جميع ما ورد في الأخبار في ذم الحسد يدل ظاهرها على أن كل حاسد آثم، و الحسد عبارة عن صفة القلب لا عن الأفعال فكل محب لمساءة المسلمين فهو حاسد، فإذا كونه آثما بمجرد حسد القلب من غير فعل فهو في محل النظر و الإشكال.

و قد عرفت من هذا أن لك في أعدائك ثلاثة أحوال: أحدها: أن تحب مساءتهم بطبعك و تكره حبك لذلك و ميل قلبك إليه بعقلك و تمقت نفسك عليه، و تود لو كانت لك حيلة في إزالة ذلك الميل منك و هذا معفو عنه قطعا لأنه لا يدخل تحت الاختيار أكثر منه، الثانية: أن تحب ذلك و تظهر الفرح بمساءته إما بلسانك أو بجوارحك، فهذا هو الحسد المخطور قطعا، الثالثة: و هي بين الطرفين أن تحسد بالقلب من غير مقتك لنفسك على حسدك، و من غير إنكار منك على قلبك، و لكن تحفظ جوارحك عن طاعة الحسد في مقتضاها، و هذا محل الخلاف و قيل: إنه لا يخلو من إثم بقدر قوة ذلك الحب و ضعفه.

الحديث الثاني‏: مجهول.

الحديث الثالث‏: مختلف فيه و صحته أقوى.

و في القاموس: ساح‏ الماء يسيح سيحا و سيحانا جرى على وجه الأرض، و السياحة بالكسر و السيح الذهاب في الأرض للعبادة و منه المسيح، انتهى.

163
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 6 ص : 172

 [الحديث 6]

6 يُونُسُ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ ع يَا ابْنَ عِمْرَانَ لَا تَحْسُدَنَّ النَّاسَ عَلَى مَا آتَيْتُهُمْ مِنْ فَضْلِي وَ لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى ذَلِكَ وَ لَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ فَإِنَّ الْحَاسِدَ سَاخِطٌ لِنِعَمِي صَادٌّ لِقَسْمِيَ الَّذِي قَسَمْتُ بَيْنَ عِبَادِي وَ مَنْ يَكُ كَذَلِكَ فَلَسْتُ مِنْهُ وَ لَيْسَ مِنِّي‏

 [الحديث 1]

7 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغْبِطُ وَ لَا يَحْسُدُ وَ الْمُنَافِقُ يَحْسُدُ وَ لَا يَغْبِطُ

______________________________

و قال في النهاية: الفخر ادعاء العظم و الكبر و الشرف، و في المصباح فخرت به فخرا من باب نفع و افتخرت مثله و الاسم الفخار بالفتح و هو المباهاة بالمكارم و المناقب من حسب و نسب و غير ذلك إما في المتكلم أو في آبائه.

الحديث السادس‏: مختلف فيه صحيح عندي و معلق على السند السابق، و كأنه أخذه من كتاب يونس.

" لا تحسدون الناس" إشارة إلى قوله تعالى:" أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى‏ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ‏ «1»"" وَ لا تَمُدَّنَ‏" إشارة إلى قوله سبحانه:" وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى‏ ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَ رِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَ أَبْقى‏ «2»" قال البيضاوي: أي لا تمدن نظر عينيك إلى ما متعنا به استحسانا له و تمنيا أن يكون لك مثله، و قال الطبرسي رحمه الله: أي لا ترفعن عينيك من هؤلاء الكفار إلى ما متعناهم و أنعمنا عليهم به أمثالا في النعم من الأولاد و الأموال و غير ذلك، و قيل: لا تنظرن إلى ما في أيديهم من النعم، و قيل: و لا تنظرن و لا يعظمن في عينيك، و لا تمدها إلى ما متعنا به أصنافا من المشركين، نهى الله رسوله عن الرغبة في الدنيا فحظر عليه أن يمد عينيه إليهما، و كان صلى الله عليه و آله و سلم لا ينظر إلى ما يستحسن من الدنيا.

الحديث السابع‏: ضعيف.

______________________________

 (1) سورة النساء: 54.

 (2) سورة طه: 131.

172
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

باب العصبية ص : 173

 

بَابُ الْعَصَبِيَّةِ

 [الحديث 1]

1 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ مَنْ تَعَصَّبَ أَوْ تُعُصِّبَ لَهُ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِيمَانِ مِنْ عُنُقِهِ‏

______________________________

و هو بحسب الظاهر إخبار بأن الحاسد منافق كما مر، و بحسب المعنى أمر بطلب الغبطة و ترك الحسد، و قد مر معناهما، لا يقال: المغتبط يتمنى فوق مرتبته و الأفضل من نعمته، فهو ساخط بالنعمة غير راض بالقسمة كالحاسد، و إلا فما الفرق؟ لأنا نقول: الفرق أن الحاسد غير راض بالقسمة حيث تمنى أن يكون قسمته و نصيبه للغير، و نصيب الغير له، فهو راد للقسمة قطعا، و أما المغتبط فقد رضي أن يكون مثل نصيب الغير له، و رضي أيضا بنصيبه إلا أنه لما جوز أن يكون له أيضا مثل نصيب ذلك الغير، و كان ذلك ممكنا في نفسه و لم يعلم امتناعه بحسب التقدير الأزلي و لم يدل عدم حصوله على امتناعه، لجواز أن يكون حصوله مشروطا بشرط كالتمني و الدعاء و نحوهما، و هذا مثل من وجد درجة من الكمال، يسأل الله تعالى و يطلب عنه التوفيق لما وفقها.

باب العصبية الحديث الأول‏: صحيح.

و قال في النهاية فيه: العصبي من يعين قومه على الظلم، العصبي: هو الذي يغضب لعصبته و يحامي عنهم، و العصبة الأقارب من جهة الأب لأنهم يعصبونه و يعتصب بهم، أي يحيطون به و يشتد بهم، و منه الحديث: ليس منا من دعا إلى عصبية أو قاتل عصبية، و التعصب‏ المحاماة و المدافعة، و قال في قوله صلى الله عليه و آله و سلم‏

 

173
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 2 ص : 175

 [الحديث 2]

2 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ وَ دُرُسْتَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ تَعَصَّبَ أَوْ تُعُصِّبَ لَهُ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَ الْإِيمَانِ مِنْ عُنُقِهِ‏

 [الحديث 3]

3 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ حَبَّةٌ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ عَصَبِيَّةٍ بَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ أَعْرَابِ الْجَاهِلِيَّةِ

 [الحديث 4]

4 أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ خَضِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ مَنْ تَعَصَّبَ عَصَبَهُ اللَّهُ بِعِصَابَةٍ مِنْ نَارٍ

______________________________

بشريعة عظيمة من شرائعه، أو المعنى خلع ربقة من ربق الإيمان التي ألزمها الإيمان عليه من عنقه.

الحديث الثاني‏: حسن كالصحيح، و قد مضى مضمونه.

الحديث الثالث‏: ضعيف على المشهور و في النهاية: الأعراب‏ ساكنوا البادية من العرب الذين لا يقيمون في الأمصار، و لا يدخلونها إلا لحاجة، و قال: الجاهلية الحال التي كانت عليها العرب قبل الإسلام من الجهل بالله و رسوله و شرائع الدين، و المفاخرة بالأنساب و الكبر و التجبر و غير ذلك، انتهى.

و كأنه محمول على التعصب في الدين الباطل.

الحديث الرابع‏: مجهول.

و قال الجوهري: العصب‏ الطي الشديد و تقول: عصب رأسه بالعصابة تعصيبا، و العصب العمامة و كل ما يعصب به الرأس، و قال الفيروزآبادي: العصابة بالكسر ما عصب به، و العمامة، و تعصب شد العمامة و أتى بالعصبية.

175
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

باب الكبر ص : 182

 

بَابُ الْكِبْرِ

 [الحديث 1]

1 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنْ أَبَانٍ عَنْ حُكَيْمٍ قَالَ‏ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ أَدْنَى الْإِلْحَادِ فَقَالَ إِنَّ الْكِبْرَ أَدْنَاهُ‏

______________________________

باب الكبر الحديث الأول‏: مجهول.

و قال الراغب: ألحد فلان مال عن الحق و الإلحاد ضربان إلحاد إلى الشرك بالله و إلحاد إلى الشرك بالأسباب فالأول ينافي الإيمان و يبطله، و الثاني يوهن عراه و لا يبطله و من هذا النحو، قوله عز و جل:" وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ‏ «1»" و قال: الكبر الحالة التي يخصص بها الإنسان من إعجابه بنفسه و ذلك أن يرى الإنسان نفسه أكبر من غيره، و أعظم التكبر التكبر على الله بالامتناع من قبول الحق و الإذعان له بالعبادة، و الاستكبار يقال على وجهين أحدهما: أن يتحرى الإنسان و يطلب أن يصير كبيرا و ذلك متى كان على ما يجب، و في المكان الذي يجب، و في الوقت الذي يجب فمحمود، و الثاني أن يتشبع فيظهر من نفسه ما ليس له، و هذا هو المذموم و على هذا ما ورد في القرآن و هو ما قال تعالى:" أَبى‏ وَ اسْتَكْبَرَ «2»"" أَ فَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى‏ أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ‏ «3»"" وَ أَصَرُّوا وَ اسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً «4»" و قال تعالى:" فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَ ما كانُوا سابِقِينَ‏ «5»" الذين يستكبرون في الأرض" إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ اسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ «6»"" قالُوا ما أَغْنى‏ عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ‏ «7»"" فَيَقُولُ‏

______________________________

 (1) سورة الحجّ: 25.

 (2 و 3) سورة البقرة: 33 و 87.

 (4) سورة نوح: 7.

 (5) سورة العنكبوت: 39.

 (6) سورة الأعراف: 40.

 (7) سورة الأعراف: 47.

 

182
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 5 ص : 207

عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ‏ الْكِبْرُ رِدَاءُ اللَّهِ وَ الْمُتَكَبِّرُ يُنَازِعُ اللَّهَ رِدَاءَهُ‏

 [الحديث 5]

5 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ لَيْثٍ الْمُرَادِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ الْكِبْرُ رِدَاءُ اللَّهِ فَمَنْ نَازَعَ اللَّهَ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ أَكَبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ

 [الحديث 6]

6 عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالا لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ

______________________________

الرذيلة تتولد من ادعاء آثار الربوبية، كالغضب و الحسد و الحقد و الرياء و العجب فإن الغضب من جهة الاستيلاء اللازم للربوبية، و الحسد من جهة أنه يكره أن يكون أحد أفضل منه في الدين و الدنيا، و هو أيضا من لوازمها، و الحقد يتولد من احتقان الغضب في الباطن، و الرياء من جهة أنه يريد ثناء الخلق، و العجب من جهة أنه يرى ذاته كاملة، و كل ذلك من آثار الربوبية. و قس عليه سائر الرذائل، فإنك إن فتشتها وجدتها مبنية على ادعاء الربوبية و الترفع.

الحديث الخامس‏: ضعيف.

" شيئا من ذلك" أي في شي‏ء من الكبر.

الحديث السادس‏: مجهول.

و في النهاية: الذر: النمل الأحمر الصغير واحدتها ذرة، و سئل تغلب عنها فقال: إن مائة نملة وزن حبة، و الذرة واحدة منها، و قيل: الذرة ليس لها وزن و يراد بها ما يرى في شعاع الشمس الداخل في النافذة، و قال: فيه: لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر، يعني كبر الكفر و الشرك، كقوله تعالى:

" إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ‏ «1»" أ لا ترى أنه قابله في‏

______________________________

 (1) سورة غافر: 60.

207
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 8 ص : 209

 [الحديث 8]

8 أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ الْحُرِّ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ الْكِبْرُ أَنْ تَغْمِصَ النَّاسَ وَ تَسْفَهَ الْحَقَ‏

 [الحديث 9]

9 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَعْيَنَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏

______________________________

الحديث الثامن‏: مجهول كالحسن.

" أن تغمص الناس" أي تحقرهم، و المراد إما مطلق الناس أو الحجج أو الأئمة عليهم السلام كما ورد في الأخبار أنهم الناس، كما قال تعالى:" ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ‏ «1»" في القاموس: غمصه كضرب و سمع احتقره كاغتمصه و عابه، و تهاون بحقه و النعمة لم يشكرها، و قال: سفه‏ نفسه و رأيه مثلثة حمله على السفه أو نسبه إليه أو أهلكه، و سفه كفرح و كرم علينا جهل، و سفهه تسفيها جعله سفيها كسفهه كعلمه أو نسبه إليه، و سفه صاحبه كنصر غلبه في المسافهة، و في النهاية: فيه إنما ذلك من سفه الحق و غمص الناس، أي احتقرهم و لم يرهم شيئا، تقول: منه غمص الناس يغمصهم غمصا، و قال فيه: إنما البغي من سفه الحق أي من جهله، و قيل: جهل نفسه و لم يفكر فيها، و رواه الزمخشري من سفه الحق على أنه اسم مضاف إلى الحق، و قال و فيه وجهان: أحدهما أن يكون على حذف الجار و إيصال الفعل كان الأصل سفه على الحق، و الثاني: أن يضمن معنى فعل متعد كجهل، و المعنى الاستخفاف بالحق و أن لا يراه على ما هو عليه من الرجحان و الرزانة، و قال أيضا فيه: و لكن الكبر من بطر الحق أي ذو الكبر، أو كبر من بطر كقوله تعالى:" وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى‏ «2»" و هو أن يجعل ما جعله حقا من توحيده و عبادته باطلا، و قيل: هو أن يتجبر عند الحق فلا يراه حقا، و قيل: هو أن يتكبر عن الحق فلا يقبله.

الحديث التاسع‏: كالسابق سندا و مضمونا.

______________________________

 (1) سورة البقرة: 199.

 (2) سورة البقرة: 189.

209
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 12 ص : 212

 [الحديث 12]

12 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَمِّهِ يَعْقُوبَ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ قُلْتُ لَهُ مَا الْكِبْرُ فَقَالَ أَعْظَمُ الْكِبْرِ أَنْ تَسْفَهَ الْحَقَّ وَ تَغْمِصَ النَّاسَ قُلْتُ وَ مَا سَفَهُ الْحَقِّ قَالَ يَجْهَلُ الْحَقَّ وَ يَطْعُنُ عَلَى أَهْلِهِ‏

 [الحديث 13]

13 عَنْهُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّنِي آكُلُ الطَّعَامَ الطَّيِّبَ وَ أَشَمُّ الرِّيحَ الطَّيِّبَةَ وَ أَرْكَبُ الدَّابَّةَ

______________________________

بأرجلهم بدليل أن الأجساد تعاد على ما كانت عليه من الأجزاء عن‏ «1» لا يعاد منهم ما انفصل عنهم من الغلفة و قرينة المجاز قوله: في صورة الرجال، و قال بعضهم: يعني أن صورهم صور الإنسان و جثتهم كجثة الذر في الصغر و هذا أنسب بالسياق لأنهم شبهوا بالذر، و وجه الشبه إما صغر الجثة أو الحقارة، و قوله: في صور الرجال بيان للوجه، و حديث: الأجساد تعاد على ما كانت عليه لا ينافيه، لأنه قادر على إعادة تلك الأجزاء الأصلية في مثل الذر.

الحديث الثاني عشر: مرسل كالحسن.

" فقال: ما تسفه‏ «2» الحق" أي ما معنى هذه الجملة؟ و يمكن أن يقرأ بصيغة المصدر من باب التفعل و كأنه سأل عن الجملتين معا و اكتفى بذكر إحداهما، أي إلى آخر الكلام بقرينة الجواب، أو كان غرضه السؤال عن الأولى فذكر عليه السلام الثانية أيضا لتلازمهما أو لعلمه بعدم فهم الثانية أيضا.

الحديث الثالث عشر: مجهول.

و في النهاية دابة فارهة أي نشيطة حادة قوية، انتهى.

و كان السائل إنما سأل عن هذه الأشياء لأنها سيرة المتكبرين لتفرعها على الكبر، أو كون الكبر سبب ارتكابها غالبا فأجاب عليه السلام ببيان معنى التكبر

______________________________

 (1) كذا في النسخ، و لم اقف على ما نقله في كتبهم.

 (2) كذا في النسخ و عليه الشرح الآتي و الاحتمالات المذكورة، و لكن الظاهر «سفه الحق» كما في المتن بدون هذا الاحتمالات و التكلفات.

212
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 15 ص : 215

 [الحديث 15]

15 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مَرْوَكِ بْنِ عُبَيْدٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ إِنَّ يُوسُفَ ع لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ يَعْقُوبُ ع دَخَلَهُ عِزُّ الْمُلْكِ فَلَمْ يَنْزِلْ إِلَيْهِ فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ ع فَقَالَ يَا يُوسُفُ ابْسُطْ رَاحَتَكَ فَخَرَجَ مِنْهَا نُورٌ سَاطِعٌ فَصَارَ فِي جَوِّ السَّمَاءِ فَقَالَ يُوسُفُ يَا جَبْرَئِيلُ مَا هَذَا النُّورُ الَّذِي خَرَجَ مِنْ رَاحَتِي فَقَالَ نُزِعَتِ النُّبُوَّةُ مِنْ عَقِبِكَ عُقُوبَةً لِمَا لَمْ تَنْزِلْ إِلَى الشَّيْخِ يَعْقُوبَ فَلَا يَكُونُ مِنْ عَقِبِكَ نَبِيٌ‏

 [الحديث 16]

16 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ‏

______________________________

التكبر عن تخيل فضيلة تراءت للإنسان من نفسه، و منها يتأول لفظ الخيل لما قيل أنه لا يركب أحد فرسا إلا وجد في نفسه نخوة، و في النهاية: فيه من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه، الخيلاء بالضم و الكسر الكبر و العجب، يقال: اختال فهو مختال، و فيه خيلاء و مخيلة أي كبر.

الحديث الخامس عشر: مرسل.

و الملك‏ بضم الميم و سكون اللام السلطنة، و بفتح الميم و كسر اللام السلطان، و بكسر الميم و سكون اللام ما يملك، و إضافة العز إليه لامية، و النزول‏ إما عن الدابة أو عن السرير و كلاهما مرويان، و ينبغي حمله على أن ما دخله لم يكن تكبرا و تحقيرا لوالده، لكون الأنبياء منزهين عن أمثال ذلك، بل راعى فيه المصلحة لحفظ عزته عند عامة الناس لتمكنه من سياسة الخلق و ترويج الدين، إذ كان نزول الملك عندهم لغيره موجبا لذلة، و كان رعاية الأدب للأب مع نبوته و مقاساة الشدائد لحبه أهم و أولى من رعاية تلك المصلحة، فكان هذا منه عليه السلام تركا للأولى، فلذا عوتب عليه و خرج نور النبوة من صلبه لأنهم لرفعة شأنهم و علو درجتهم يعاتبون بأدنى شي‏ء فهذا كان شبيها بالتكبر و لم يكن تكبرا" فصار في جو السماء" أي استقر هناك أو ارتفع إلى السماء.

الحديث السادس عشر: حسن كالصحيح.

215
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 18 ص : 218

 

عَبْدِ اللَّهِ ع‏ مَا مِنْ أَحَدٍ يَتِيهُ إِلَّا مِنْ ذِلَّةٍ يَجِدُهَا فِي نَفْسِه‏

 [الحديث 18]

18 وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ مَا مِنْ رَجُلٍ تَكَبَّرَ أَوْ تَجَبَّرَ إِلَّا لِذِلَّةٍ وَجَدَهَا فِي نَفْسِهِ‏

بَابُ الْعُجْبِ‏

 [الحديث 1]

1 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ مِنْ وُلْدِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَيَّارٍ يَرْفَعُهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏

______________________________

الثاني: أن يكون المعنى أن التكبر إنما يكون غالبا فيمن كان ذليلا فعز، و أما من نشأ في العزة لا يتكبر غالبا بل شأنه التواضع.

الثالث: أن التكبر إنما يكون فيمن لم يكن له كمال واقعي فيتكبر لإظهار الكمال.

الرابع: أن يكون المراد المذلة عند الله أي من كان عزيزا ذا قدر و منزلة عند الله لا يتكبر.

الخامس: ما قيل أن اللام لام العاقبة أي يصير ذليلا بسبب التكبر و هو أبعد الوجوه.

باب العجب‏ الحديث الأول‏: مرسل.

و العجب‏ استعظام العمل الصالح و استكثاره، و الابتهاج له و الإدلال به، و أن يرى نفسه خارجا عن حد التقصير، و أما السرور به مع التواضع له تعالى و الشكر له على التوفيق لذلك و طلب الاستزادة منه فهو حسن ممدوح، قال الشيخ البهائي قدس الله روحه: لا ريب أن من عمل أعمالا صالحة من صيام الأيام و قيام الليالي و أمثال ذلك يحصل لنفسه ابتهاج، فإن كان من حيث كونها عطية من الله‏

 

218
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 2 ص : 220

 [الحديث 2]

2 عَنْهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جَنَاحٍ عَنْ أَخِيهِ أَبِي عَامِرٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ مَنْ دَخَلَهُ الْعُجْبُ هَلَكَ‏

 [الحديث 3]

3 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَلَّالِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ‏ سَأَلْتُهُ عَنِ الْعُجْبِ الَّذِي يُفْسِدُ الْعَمَلَ فَقَالَ الْعُجْبُ دَرَجَاتٌ مِنْهَا أَنْ يُزَيَّنَ لِلْعَبْدِ سُوءُ عَمَلِهِ فَيَرَاهُ حَسَناً فَيُعْجِبَهُ‏

______________________________

الحديث الثاني‏: كالسابق.

و المراد بالهلاك‏ استحقاق العقاب و البعد من رحمة الله تعالى، و قيل: العجب يدخل الإنسان بالعبادة و تركه الذنوب و الصورة و النسب و الأفعال العادية مثل الإحسان إلى الغير و غيره، و هو من أعظم المهلكات و أشد الحجب بين القلب و الرب و يتضمن الشرك بالله و سلب الإحسان و الإفضال و التوفيق عنه تعالى، و ادعاء الاستقلال لنفسه و يبطل به الأعمال و الإحسان و أجرهما كما قال تعالى:" لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى‏ «1»" و ليس المن بالعطاء، و أذى الفقير بإظهار الفضل و التعيير عليه إلا من عجبه بعطيته و عماه عن منة ربه و توفيقه.

الحديث الثالث‏: حسن موثق.

و أبو الحسن‏ يحتمل الأول و الثاني عليهما السلام لرواية ابن سويد عنهما، و إن كان روايته عن الأول أكثر" العجب درجات منها أن يزين للعبد سوء عمله‏ فَرَآهُ‏ «2» حَسَناً" إشارة إلى قوله تعالى:" أَ فَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً «3»".

" فيعجبه و يحسب أنه يحسن صنعا" إشارة إلى قوله سبحانه:" قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً «4»" و أكثر الجهلة على هذه الصفة، فإنهم يفعلون أعمالا قبيحة

______________________________

 (1) سورة البقرة: 264.

 (2) كذا في النسخ و في المتن «فيراه».

 (3) سورة فاطر: 8.

 (4) سورة الكهف: 104.

220
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 6 ص : 224

 [الحديث 6]

6 عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ‏ دَخَلَ رَجُلَانِ الْمَسْجِدَ أَحَدُهُمَا عَابِدٌ وَ الْآخَرُ فَاسِقٌ فَخَرَجَا مِنَ الْمَسْجِدِ وَ الْفَاسِقُ صِدِّيقٌ وَ الْعَابِدُ فَاسِقٌ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ يَدْخُلُ الْعَابِدُ الْمَسْجِدَ مُدِلًّا بِعِبَادَتِهِ يُدِلُّ بِهَا فَتَكُونُ فِكْرَتُهُ فِي ذَلِكَ وَ تَكُونُ فِكْرَةُ الْفَاسِقِ فِي التَّنَدُّمِ عَلَى فِسْقِهِ وَ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مِمَّا صَنَعَ مِنَ الذُّنُوبِ‏

 [الحديث 7]

7 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ‏ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع الرَّجُلُ يَعْمَلُ الْعَمَلَ وَ هُوَ خَائِفٌ مُشْفِقٌ ثُمَّ يَعْمَلُ شَيْئاً مِنَ الْبِرِّ فَيَدْخُلُهُ شِبْهُ الْعُجْبِ بِهِ فَقَالَ هُوَ فِي حَالِهِ الْأُولَى وَ هُوَ خَائِفٌ أَحْسَنُ حَالًا مِنْهُ فِي حَالِ عُجْبِهِ‏

______________________________

ردها بباطنه و تعجب كان مدلا بعمله، فإنه لا يتعجب من رد دعاء الفساق و يتعجب من رد دعاء نفسه لذلك، فهذا هو العجب و الإدلال و هو من مقدمات الكبر و أسبابه.

الحديث السادس‏: مرسل.

" و الفاسق صديق" أي مؤمن صادق في إيمانه كثير الصدق و التصديق قولا و فعلا، قال الراغب: الصديق من كثر منه الصدق، و قيل: بل يقال ذلك لمن لم يكذب قط، و قيل: بل لمن لا يتأتى منه الكذب لتعوده الصدق، و قيل: بل لمن صدق بقوله و اعتقاده، و حقق صدقه بفعله.

الحديث السابع‏: كالصحيح.

" يعمل العمل" أي معصية أو مكروها أو لغوا، و حمله على الطاعة بأن يكون خوفه للتقصير في الشرائط كما قيل بعيد، لقلة فائدة الخبر حينئذ و إنما قال: شبه العجب، لبيان أنه يدخله قليل من العجب يخرج به عن الخوف السابق، فأشار عليه السلام في الجواب إلى أن هذا عجب أيضا.

224
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

باب حب الدنيا و الحرص عليها ص : 228

بَابُ حُبِّ الدُّنْيَا وَ الْحِرْصِ عَلَيْهَا

 [الحديث 1]

1 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ دُرُسْتَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ هِشَامٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ حُبُّ الدُّنْيَا

 [الحديث 2]

2 عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ مَا ذِئْبَانِ ضَارِيَانِ فِي غَنَمٍ قَدْ فَارَقَهَا رِعَاؤُهَا أَحَدُهُمَا فِي أَوَّلِهَا وَ الْآخَرُ فِي آخِرِهَا بِأَفْسَدَ فِيهَا مِنْ حُبِّ الْمَالِ وَ الشَّرَفِ فِي دِينِ الْمُسْلِمِ‏

 [الحديث 3]

3 عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ‏ مَا ذِئْبَانِ ضَارِيَانِ فِي غَنَمٍ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ هَذَا فِي أَوَّلِهَا وَ هَذَا فِي آخِرِهَا بِأَسْرَعَ فِيهَا مِنْ حُبِّ الْمَالِ وَ الشَّرَفِ فِي دِينِ الْمُؤْمِنِ‏

______________________________

باب حب الدنيا و الحرص عليها الحديث الأول‏: ضعيف.

" رأس كل خطيئة حب الدنيا" لأن خصال الشر مطوية في حب الدنيا و كل ذمائم القوة الشهوية و الغضبية مندرجة في الميل إليها، و لذا قال الله عز و جل:" مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ‏ «1»" و لا يمكن التخلص من حبها إلا بالعلم بمقابحها و منافع الآخرة و تصفية النفس و تعديل القوتين.

الحديث الثاني‏: مجهول.

و قد تقدم مثله في أول باب الرئاسة، و قد مضى القول فيه و أفسد هنا بمعنى أشد فسادا و إن كان نادرا.

الحديث الثالث‏: حسن موثق كالصحيح‏" بأسرع" أي في القتل و الإفناء.

______________________________

 (1) سورة الشورى: 20.

228
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 4 ص : 229

 [الحديث 4]

4 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْخَزَّازِ عَنْ غِيَاثِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ إِنَّ الشَّيْطَانَ يُدِيرُ ابْنَ آدَمَ فِي كُلِّ شَيْ‏ءٍ فَإِذَا أَعْيَاهُ جَثَمَ لَهُ عِنْدَ الْمَالِ فَأَخَذَ بِرَقَبَتِهِ‏

 [الحديث 5]

5 عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ لَمْ يَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللَّهِ تَقَطَّعَتْ نَفْسُهُ‏

______________________________

الحديث الرابع‏: موثق.

و في القاموس‏ جثم‏ الإنسان و الطائر و النعام و الخشف و اليربوع يجثم جثما لزم مكانه فلم يبرح، أو وقع على صدره أو تلبد بالأرض، انتهى.

و الحاصل أن الشيطان يدير ابن آدم في كل شي‏ء أي يبعثه على ارتكاب كل ضلالة و معصية أو يكون معه و يلازمه عند عروض كل شبهة أو شهوة لعله يضله أو يزله‏" فإذا أعياه" المستتر راجع إلى ابن آدم، و البارز إلى الشيطان أي لم يقبل منه و لم يطعه حتى أعياه ترصد له و اختفى عند المال، فإذا أتى المال أخذ برقبته فأوقعه فيه بالحرام أو الشبهة.

و الحاصل أن المال أعظم مصائد الشيطان إذ قال من لم يفتتن به عند تيسره له، و كأنه محمول على الغالب إذ قد يكون لا يفتتن بالمال و يفتتن بحب الجاه و بعض الشهوات الغالبة، و قيل: فإذا أعياه، أي أعجزه عن كل شهوة و لذة، و ذلك بأن يشيب كما ورد في حديث آخر: يشيب ابن آدم و يشب فيه خصلتان الحرص و طول الأمل.

الحديث الخامس‏: صحيح.

" من لم يتعز بعزاء الله" قال في النهاية: فيه: من لم يتعز بعزاء الله فليس منا، أي من لم يدع بدعوة الإسلام فيقول: يا للإسلام و يا للمسلمين و يا لله، و قيل:

أراد بالتعزي التسلي و التصبر عند المصيبة و أن يقول: إنا لله و إنا إليه راجعون، كما أمر الله تعالى، و معنى قوله: بعزاء الله أي بتعزية الله تعالى إياه، فأقام الاسم‏

229
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 6 ص : 232

 [الحديث 6]

6 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ زِيَادٍ الْقَنْدِيِّ عَنْ أَبِي وَكِيعٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ إِنَّ الدِّينَارَ وَ الدِّرْهَمَ أَهْلَكَا مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَ هُمَا مُهْلِكَاكُمْ‏

 [الحديث 7]

7 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقْبَةَ الْأَزْدِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ مَثَلُ الْحَرِيصِ عَلَى الدُّنْيَا مَثَلُ دُودَةِ

______________________________

من الدنيا إلا قليل بزعمه مع شدة طمعه في الدنيا و زينتها فقد دنا عذابه، نعوذ بالله من ذلك، و منشأ ذلك كله الجهل و ضعف الإيمان، و أيضا لما كان عمل أكثر الناس على قدر ما يرون من نعم الله عليهم عاجلا و آجلا لا جرم من لم ير من النعم عليه إلا القليل فلا يصدر عنه من العمل إلا قليل، و هذا يوجب قصور العمل و دنو العذاب.

الحديث السادس‏: مجهول.

" إن الدينار و الدرهم" أي حبهما و صرف العمر في تحصيلهما و تحصيل ما يتوقف عليهما" أهلكا من كان قبلكم" لأن حبهما يمنع من حبه تعالى، و صرف العمر فيهما يمنع من صرف العمر في طاعته تعالى، و التمكن منهما يورث التمكن من كثير من المعاصي، و يبعثان على الأخلاق الدنية و الأعمال السيئة كالظلم و الحسد و الحقد و العداوة و الفخر و الكبر و البخل و منع الحقوق، إلى غير ذلك مما لا يحصى، و مفارقتهما عند الموت تورث الحسرة و الندامة، و حبهما يمنع من حب لقاء الله تعالى، و تركهما يوجب الراحة في الدنيا و خفة الحساب في الآخرة.

الحديث السابع‏: كالسابق.

" مثل دودة القز" هذا من أحسن التمثيلات للدنيا و قد أنشد بعضهم فيه:

أ لم تر أن المرء طول حياته‏

 

 حريص على ما لا يزال يناسجه‏

كدود كدود القز ينسج دائما

 

 فيهلك غما وسط ما هو ناسجه‏

 

232
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 10 ص : 236

الصَّالِحِينَ زَهِدُوا فِي الدُّنْيَا بِقَدْرِ عِلْمِهِمْ وَ سَائِرَ الْخَلْقِ رَغِبُوا فِيهَا بِقَدْرِ جَهْلِهِمْ وَ مَا مِنْ أَحَدٍ عَظَّمَهَا فَقَرَّتْ عَيْنَاهُ فِيهَا وَ لَمْ يُحَقِّرْهَا أَحَدٌ إِلَّا انْتَفَعَ بِهَا

 [الحديث 10]

10 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ مَا ذِئْبَانِ ضَارِيَانِ فِي غَنَمٍ قَدْ فَارَقَهَا رِعَاؤُهَا وَاحِدٌ فِي أَوَّلِهَا وَ هَذَا فِي آخِرِهَا بِأَفْسَدَ فِيهَا مِنْ حُبِّ الْمَالِ وَ الشَّرَفِ فِي دِينِ الْمُسْلِمِ‏

 [الحديث 11]

11 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جَنَاحٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ عَنْ مُهَاجِرٍ الْأَسَدِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ مَرَّ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ع عَلَى قَرْيَةٍ قَدْ مَاتَ أَهْلُهَا وَ طَيْرُهَا وَ دَوَابُّهَا فَقَالَ أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَمُوتُوا إِلَّا بِسَخْطَةٍ وَ لَوْ مَاتُوا

______________________________

و باطنه لله كالطاعات و الخيرات الخالصة، الثاني: ما يكون ظاهره و باطنه للدنيا كالمعاصي و كثير من المباحات أيضا لأنها مبدء البطر و الغفلة، الثالث: ما يكون ظاهره لله و باطنه للدنيا كالأعمال الريائية، الرابع: عكس الثالث، كطلب الكفاف لحفظ بقاء البدن و القوة على العبادة و تكميل النفس بالعلم و العمل.

" بقدر علمهم" أي بعيوبها و فنائها و مضرتها" ما من أحد عظمها فقرت عينه فيها" «1» أي من عظمها و تعلق قلبه بها تصير سببا لبعده عن الله، و لا تبقى الدنيا له فيخسر الدنيا و الآخرة، و من حقرها تركها و لم يأخذ منها إلا ما يصير سببا لتحصيل الآخرة فينتفع بها في الدارين.

الحديث العاشر: كالسابق و قد مر مضمونه.

الحديث الحادي عشر: كالسابق أيضا.

" أما إنهم" قال الشيخ البهائي قدس سره: أما بالتخفيف حرف استفتاح و تنبيه يدخل على الجمل لتنبيه المخاطب و طلب إصغائه إلى ما يلقى إليه، و قد يحذف ألفها نحو أم و الله زيد قائم‏" إلا بسخطة" السخط بالتحريك و بضم أوله و سكون ثانيه‏

______________________________

 (1) و في النسخة الموجودة عندنا «عيناه» بدل «عينه».

236
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 14 ص : 243

أَنْ يُقْبَلَ عَمَلُهُ وَ يُوشِكُ أَنْ يُخْرَجُوا مِنْ ضِيقِ الدُّنْيَا إِلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ كَيْفَ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ هُوَ فِي مَسِيرِهِ إِلَى آخِرَتِهِ وَ هُوَ مُقْبِلٌ عَلَى دُنْيَاهُ وَ مَا يَضُرُّهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِمَّا يَنْفَعُهُ‏

 [الحديث 14]

14 عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو فِيمَا أَعْلَمُ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْحَذَّاءِ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ أَبْعَدُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا لَمْ يُهِمَّهُ إِلَّا بَطْنُهُ وَ فَرْجُهُ‏

 [الحديث 15]

15 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ وَ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَبْدِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ مَنْ أَصْبَحَ وَ أَمْسَى وَ الدُّنْيَا أَكْبَرُ هَمِّهِ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْفَقْرَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَ شَتَّتَ أَمْرَهُ وَ لَمْ يَنَلْ‏

______________________________

و العمل‏، للحالية أي كيف تستحقون أخذ الأجرة و الحال‏ أنكم تضيعون‏ العمل‏" أن يقبل عمله" أي يتوجه إلى أخذ عمله و هو لا يأخذ و لا يقبل إلا العمل الخالص فهو كناية عن الطلب، و يؤيده أن في مجالس الشيخ أن يطلب عمله أو هو من الإقبال على الحذف و الإيصال، أي يقبل على عمله، و قال بعض الأفاضل: أريد برب العمل العابد الذي يقلد أهل العلم في عبادته أعني يعمل بما يأخذ عنهم، و فيه توبيخ لأهل العلم الغير العامل، و قرأ بعضهم يقيل بالياء المثناة من الإقالة أي يرد عمله فإن المقيل يرد المتاع.

الحديث الرابع عشر: مجهول.

" إذا لم يهمه إلا بطنه و فرجه" أي لا يكون اهتمامه و سعيه و غمه و حزنه إلا في مشتهيات البطن و الفرج، في القاموس: الهم الحزن و ما هم به في نفسه، و همه الأمر حزنه كأهمه فاهتم، انتهى.

فالمراد الإفراط فيهما و قصر همته عليهما، و إلا فللبطن و الفرج نصيب عقلا و شرعا و هو ما يحتاج إليه لقوام البدن و اكتساب العلم و العمل و بقاء النوع.

الحديث الخامس عشر: صحيح.

243
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 16 ص : 245

الْغِنَى فِي قَلْبِهِ وَ جَمَعَ لَهُ أَمْرَهُ‏

 [الحديث 16]

16 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ قُرْطٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ مَنْ كَثُرَ اشْتِبَاكُهُ بِالدُّنْيَا كَانَ أَشَدَّ لِحَسْرَتِهِ عِنْدَ فِرَاقِهَا

 [الحديث 17]

17 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَبْدِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ مَنْ تَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِالدُّنْيَا تَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِثَلَاثِ خِصَالٍ هَمٍّ لَا يَفْنَى- وَ أَمَلٍ لَا يُدْرَكُ وَ رَجَاءٍ لَا يُنَالُ‏

______________________________

و قيل: فيه إشارة إلى أن ذا المال الكثير قد لا ينتفع به بسبب مرض أو غيره و ذا المال القليل ينتفع به أكثر منه، و لا يخفى ما فيه‏" جعل الله الغنى في قلبه" أي بالتوكل على ربه و الاعتماد عليه و إخراج الحرص و حب الدنيا من قلبه لا بكثرة المال و غيره، و لذا نسبه إلى القلب‏" و جمع له أمره" أي جعل أحواله منتظمة، و باله فارغا عن حب الدنيا و تشعب الفكر في طلبها.

الحديث السادس عشر: ضعيف على المشهور.

" من كثر اشتباكه بالدنيا" أي اشتغاله و تعلق قلبه بها يقال: اشتبكت النجوم إذا كثرت و انضمت، و كل متداخلين مشتبكان، و منه تشبيك الأصابع لدخول بعضها في بعض، و الغرض الترغيب في رفض الدنيا و ترك محبتها لئلا يشتد الحزن و الحسرة في مفارقتها.

الحديث السابع عشر: ضعيف.

" هم لا يفنى" لأنه لا يحصل له ما هو مقتضى حرصه و أمله في الدنيا و لا يمكنه الاحتراز عن آفاتها و مصائبها فهو في الدنيا دائما في الغم لما فات و الهم لما لم يحصل، و إذا مات فهو في أحزان و حسرات من مفارقتها، و لم يقدم منها شيئا ينفعه فهمه لا يفنى أبدا، و الفرق بين الأمل و الرجاء أن متعلق الأمل العمر، و البقاء في الدنيا،

245
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

باب الطمع ص : 258

بَابُ الطَّمَعِ‏

 [الحديث 1]

1 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ مَا أَقْبَحَ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ تَكُونَ لَهُ رَغْبَةٌ تُذِلُّهُ‏

 [الحديث 2]

2 عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ‏ بَلَغَ بِهِ أَبَا جَعْفَرٍ ع قَالَ بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ لَهُ طَمَعٌ يَقُودُهُ وَ بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ لَهُ رَغْبَةٌ تُذِلُّهُ‏

 [الحديث 3]

3 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع‏ رَأَيْتُ الْخَيْرَ كُلَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ فِي قَطْعِ الطَّمَعِ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ‏

______________________________

و الوسط بين الطرفين و هو أحب الأمور إلى الله تعالى و الله المستعان.

باب الطمع‏ الحديث الأول‏: ضعيف.

و" ما أقبح" صيغة تعجب‏" و أن تكون" مفعوله، و المراد الرغبة إلى الناس بالسؤال عنهم، و هي التي تصير سببا للمذلة، و أما الرغبة إلى الله فهي عين العزة و الصفة تحتمل الكاشفة و الموضحة.

الحديث الثاني‏: مرسل.

و لعل المراد بالطمع‏ ما في القلب من حب ما في أيدي الناس و أمله، و بالرغبة إظهار ذلك، و السؤال و الطلب من المخلوق يناسب الأول، كما أن الذلة تناسب الثاني.

الحديث الثالث‏: ضعيف.

" رأيت الخير كله" أي الرفاهية و خير الدنيا و سعادة الآخرة، لأن الطمع يورث الذل و الحقارة و الحسد و الحقد و العداوة و الغيبة و الوقيعة و ظهور الفضائح و الظلم و المداهنة و النفاق و الرياء و الصبر على باطل الخلق و الإعانة عليه و عدم التوكل‏

258
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 4 ص : 259

 

 [الحديث 4]

4 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ رُشَيْدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَّامٍ عَنْ سَعْدَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ قُلْتُ لَهُ [مَا] الَّذِي يُثْبِتُ الْإِيمَانَ فِي الْعَبْدِ قَالَ الْوَرَعُ وَ الَّذِي يُخْرِجُهُ مِنْهُ قَالَ الطَّمَعُ‏

بَابُ الْخُرْقِ‏

 [الحديث 1]

1 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ‏ مَنْ قُسِمَ لَهُ الْخُرْقُ حُجِبَ عَنْهُ الْإِيمَانُ‏

______________________________

على الله و التضرع إليه و الرضا بقسمته و التسليم لأمره، إلى غير ذلك من المفاسد التي لا تحصى، و قطع الطمع يورث أضداد هذه الأمور التي كلها خيرات.

الحديث الرابع‏: مرسل.

و الورع‏ اجتناب المحرمات و الشبهات و في المقابلة إشعار بأن الطمع يستلزم ارتكابهما.

باب الخرق‏ الحديث الأول‏: مرسل.

و الظاهر أن‏ الخرق‏ عدم الرفق في القول و الفعل، في القاموس: الخرق بالضم و التحريك ضد الرفق، و أن لا يحسن الرجل العمل و التصرف في الأمور، و الحمق و في النهاية: فيه الرفق يمن و الخرق شؤم، الخرق بالضم: الجهل و الحمق، انتهى.

و إنما كان الخرق مجانبا للإيمان لأنه يؤذي المؤمنين، و المؤمن من أمن المسلمون من يده و لسانه، و لأنه لا يتهيأ له طلب العلم الذي به كمال الإيمان، و هو مجانب لكثير من صفات المؤمنين كما مر، ثم أنه إنما يكون مذموما إذا أمكن الرفق و لم ينته إلى حد المداهنة في الدين، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام‏

 

259
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 2 ص : 260

 [الحديث 2]

2 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لَوْ كَانَ الْخُرْقُ خَلْقاً يُرَى مَا كَانَ شَيْ‏ءٌ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ أَقْبَحَ مِنْهُ‏

بَابُ سُوءِ الْخُلُقِ‏

 [الحديث 1]

1 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ إِنَّ سُوءَ الْخُلُقِ لَيُفْسِدُ الْعَمَلَ كَمَا يُفْسِدُ الْخَلُّ الْعَسَلَ‏

 [الحديث 2]

2 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ص‏ أَبَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِصَاحِبِ الْخُلُقِ السَّيِّئِ بِالتَّوْبَةِ

______________________________

و أرفق ما كان الرفق أرفق، و اعتزم بالشدة حين لا يغني عنك، أي الرفق أو إلا الشدة.

الحديث الثاني‏: ضعيف.

باب سوء الخلق‏ الحديث الأول‏: حسن كالصحيح.

و سوء الخلق‏ وصف للنفس يوجب فسادها و انقباضها و تغيرها على أهل الخلطة و المعاشرة، و إيذائهم بسبب ضعيف أو بلا سبب، و رفض حقوق المعاشرة و عدم احتمال ما لا يوافق طبعه منهم، و قيل: هو كما يكون مع الخلق يكون مع الخالق أيضا، بعدم تحمل ما لا يوافق طبعه من النوائب، و الاعتراض عليه، و مفاسده و آفاته في الدنيا و الدين كثيرة، منها: أنه‏ يفسد العمل‏ بحيث لا يترتب عليه ثمرته المطلوبة منه‏" كما يفسد الخل العسل" و هو تشبيه المعقول بالمحسوس، و إذا أفسد العمل أفسد الإيمان كما سيأتي.

الحديث الثاني‏: ضعيف على المشهور.

و الآباء بالتوبة يحتمل الإباء بوقوعها و الإباء بقبولها، و السائل سأل عن حاله‏

260
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 3 ص : 261

قِيلَ وَ كَيْفَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِأَنَّهُ إِذَا تَابَ مِنْ ذَنْبٍ وَقَعَ فِي ذَنْبٍ أَعْظَمَ مِنْهُ‏

 [الحديث 3]

3 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ إِنَّ سُوءَ الْخُلُقِ لَيُفْسِدُ الْإِيمَانَ كَمَا يُفْسِدُ الْخَلُّ الْعَسَلَ‏

 [الحديث 4]

4 عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ غَالِبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ مَنْ سَاءَ خُلُقُهُ عَذَّبَ نَفْسَهُ‏

______________________________

و سببه، مع أن باب التوبة مفتوح للمذنبين، و الله عز و جل‏ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ+ و الجواب أن الخلق السي‏ء يمنع صاحبه من التوبة، و من البقاء عليها لو تاب، حتى إذا تاب من ذنب وقع عقبه في ذنب أعظم منه، لأن ذلك الخلق إذا لم يعالج يعظم و يشتد يوما فيوما، فالذنب الآخر أعظم من الأول، و إنما يتحقق تخلصه بمعالجة هذه الرذيلة بمعالجات علمية و عملية، كما هو المعروف في معالجة سائر الصفات الذميمة، و قيل: كونه أعظم لأن نقض التوبة ذنب مقرون بذنب آخر، و هما أعظم من الأول و له وجه، و لكن الأول أظهر.

الحديث الثالث‏: مرسل و قد مر.

الحديث الرابع‏: ضعيف.

" عذب نفسه" لأن نفسه منه في تعب، إذ هيجان الغضب و الحركات الروحانية و الجسمانية مما يضر ببدنه و روحه، و يندم عما فعل بعد سكون الغضب و يلوم نفسه و أيضا لا يتحمل الناس منه ذلك غالبا و يؤذونه و يهجرون عنه، و لا يعينونه في شي‏ء، و لما كان هو الباعث لذلك كأنه عذب نفسه.

ثم اعلم أنه يمكن أن يكون المراد بهذا الخبر و أشباهه مطلق الأخلاق السيئة كالكبر و الحسد و الحقد و أشباهها، فإنها كلها مما يوقع الإنسان في المفاسد العظيمة الدنيوية أيضا، و يورث ضعف الإيمان و نقص الأعمال، و قد أول بعض‏

261
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 5 ص : 262

 

 [الحديث 5]

5 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى بَعْضِ أَنْبِيَائِهِ الْخُلُقُ السَّيِّئُ يُفْسِدُ الْعَمَلَ كَمَا يُفْسِدُ الْخَلُّ الْعَسَلَ‏

بَابُ السَّفَهِ‏

 [الحديث 1]

1 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ شَرِيفِ بْنِ سَابِقٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ أَبِي غُرَّةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ إِنَّ السَّفَهَ خُلُقُ لَئِيمٍ يَسْتَطِيلُ عَلَى‏

______________________________

المحققين قوله تعالى:" وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ‏ «1»+" بذلك.

الحديث الخامس‏: ضعيف على المشهور.

باب السفه‏ الحديث الأول‏: ضعيف.

و السفه‏ خفة العقل، و المبادرة إلى سوء القول و الفعل بلا روية، و في النهاية السفه في الأصل الخفة و الطيش، و سفه فلان رأيه إذا كان مضطربا لا استقامة له، و السفيه الجاهل، و في القاموس: السفه محركة خفة الحلم أو نقيضه، أو الجهل و سفه- كفرح و كرم- علينا جهل كتسافه، فهو سفيه، و الجمع سفهاء و سافهه شاتمه و سفه صاحبه كنصر غلبه في المسافهة، انتهى.

و قوله: خلق لئيم‏ بضم الخاء و جر لئيم بالإضافة فالوصفان بعده للئيم، و يمكن أن يقرأ لئيم بالرفع على التوصيف فيمكن أن يقرأ بكسر الفاء و فتحها و ضم الخاء و فتحها، فالإسناد على أكثر التقادير في الأوصاف على التوسع و المجاز، أو يقدر مضاف في السفه على بعض التقادير، أو فاعل‏ لقوله: يستطيل‏ أي صاحبه فتفطن.

و قيل: السفه قد يقابل الحكمة الحاصلة بالاعتدال في القوة العقلية، و هو

______________________________

 (1) سورة التوبة: 49.

 

262
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 4 ص : 269

 

 [الحديث 4]

4 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عِيصِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ إِنَّ أَبْغَضَ خَلْقِ اللَّهِ عَبْدٌ اتَّقَى النَّاسُ لِسَانَهُ‏

بَابُ الْبَذَاءِ

 [الحديث 1]

1 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِي الْمَغْرَاءِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ إِنَّ مِنْ عَلَامَاتِ شِرْكِ الشَّيْطَانِ الَّذِي لَا يُشَكُّ فِيهِ أَنْ يَكُونَ فَحَّاشاً لَا يُبَالِي مَا قَالَ وَ لَا مَا قِيلَ فِيهِ‏

______________________________

و لا يخفى عليك ضعفه بعد ما ذكرنا، و أما رواية أبي مخلد السراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قضى أمير المؤمنين في رجل دعا آخر ابن المجنون فقال له الآخر:

أنت ابن المجنون، فأمر الأول أن يجلد صاحبه عشرين جلدة، و قال له: اعلم أنك ستعقب مثلها عشرين، فلما جلده أعطى المجلود الشوط فجلده عشرين نكالا ينكل بهما، فيمكن أن يكون لذكر الأب، و شتمه لا المواجه، فتأمل.

الحديث الرابع‏: ضعيف على المشهور، و كأنه بالبابين الآتيين لا سيما الثاني أنسب و إنما ذكره هنا لأن مبدء ذلك السفه.

باب البذاء الحديث الأول‏: موثق كالصحيح.

و الشرك‏ بالكسر مصدر شركته في الأمر من باب علم إذا صرت له شريكا فيه، و الظاهر أنه إضافة إلى الفاعل، و قال الشيخ في الأربعين: هو بمعنى اسم المفعول أو اسم الفاعل أي مشاركا فيه مع الشيطان، أو مشاركا فيه الشيطان و سيأتي معناه" الذي لا شك فيه" و في بعض النسخ‏" لا يشك فيه" على بناء المجهول و كان المعنى أن أقل ما يكون فيه من رداءة الطينة أن يكون شرك الشيطان فيه عند جماع والده إذ قد يضم إلى ذلك أن يكون ولد زناء كما سيأتي، أو يكون المراد تأكيد كون‏

 

269
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 2 ص : 270

 [الحديث 2]

2 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ لَا يُبَالِي مَا قَالَ وَ لَا مَا قِيلَ لَهُ فَإِنَّهُ لِغَيَّةٍ أَوْ شِرْكِ شَيْطَانٍ‏

 [الحديث 3]

3 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْجَنَّةَ عَلَى كُلِّ فَحَّاشٍ بَذِي‏ءٍ قَلِيلِ الْحَيَاءِ-

______________________________

ذلك من علامات شرك الشيطان، و الفحاش‏ من يبالغ في الفحش و يعتاد به، و هو القول السي‏ء.

الحديث الثاني‏: حسن كالصحيح.

" لغية" اللام للملكية المجازية، و هي بالفتح الزنا، قال الجوهري: يقال فلان لغية و هو نقيض قولك لرشدة، و قال الفيروزآبادي: ولد غية و يكسر زنية، و من الغرائب أن الشيخ البهائي قدس سره قال في الأربعين: يحتمل أن يكون بضم اللام و إسكان الغين المعجمة و فتح الياء المثناة من تحت، أي ملغى، و الظاهر أن المراد به المخلوق من الزنا، و يحتمل أن يكون بالعين المهملة المفتوحة أو الساكنة و النون أي من دأبه أن يلعن الناس أو يلعنوه.

قال في كتاب أدب الكاتب: فعلة بضم الفاء و إسكان العين من صفات المفعول، و بفتح العين من صفات الفاعل يقال: رجل همزة للذي يهزأ به، و همزة لمن يهزأ بالناس، و كذلك لعنة و لعنة، انتهى كلامه.

لكنه قدس سره تفطن لذلك بعد انتشار النسخ و كتب ما ذكرنا في الحاشية على سبيل الاحتمال.

الحديث الثالث‏: مختلف فيه و معتبر عندي.

" إن الله حرم الجنة" قال الشيخ البهائي روح الله روحه: لعله صلى الله عليه و آله و سلم أراد أنها محرمة عليهم زمانا طويلا، لا محرمة تحريما مؤبدا، أو المراد جنة خاصة

270
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 8 ص : 276

 [الحديث 8]

8 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ إِنَّ مِنْ شَرِّ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ تُكْرَهُ مُجَالَسَتُهُ لِفُحْشِهِ‏

 [الحديث 9]

9 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ الْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ وَ الْجَفَاءُ فِي النَّارِ

______________________________

إلى الثاني، و قد يكون البطؤ نظرا إلى الثاني لا لكراهة الاستماع، بل لغرض آخر نحو زجره عن القبائح كما في هذا الرجل.

الحديث الثامن‏: موثق.

" من تكره" هو الذي عرف بالفحش من القول و اشتهر به لما يجري على لسانه من أنواع البذاء، و يمكن أن يقرأ تكره على بناء الخطاب و بناء الغيبة على المجهول.

الحديث التاسع‏: ضعيف على المشهور صحيح عندي.

و في الصحاح‏ الجفاء ممدود خلاف البر، و في القاموس رجل جافي الخلقة كز غليظ، انتهى.

و الحاصل أن البذي و الفحش في القول من الجفاء، أي خلاف الآداب أو خلاف البر و الصلة و" من" إما للتبعيض أو الابتداء، أي ناش من الجفاء و غلظة الطبع و الإعراض عن الحق.

" و الجفاء في النار" أي يوجب استحقاق النار، و روي في الشهاب عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم البذاء من الجفاء، و قال الراوندي (ره) في الضوء: البذاء الفحش و خبث اللسان، و قد بذؤ الرجل يبذؤ بذوا، و أصله بذاوة فحذفت الهاء كما قالوا جمل جمالا، و فلان بذي اللسان، و امرأة بذية، و الجفاء ضد البر و أصله من البعد، يقول صلى الله عليه و آله و سلم: إن الإفحاش و إسماع المكروه و الإجراء إلى أعراض الناس بقبيح المقال من الجفاء المولم، و ما كل جفاء بضم الجيوب و إيلام الجنوب، فربما كان جفاء

276
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 10 ص : 277

 [الحديث 10]

10 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنِ الْحَسَنِ الصَّيْقَلِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ إِنَّ الْفُحْشَ وَ الْبَذَاءَ وَ السَّلَاطَةَ مِنَ النِّفَاقِ‏

 [الحديث 11]

11 عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِي‏ءَ وَ السَّائِلَ الْمُلْحِفَ‏

______________________________

اللسان أوجع و مضضه أفجع، و قد قيل:

جراحات السيوف لها التيام‏

 

 و لا يلتئم ما جرح اللسان‏

 

 و قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم: الحياء من الإيمان و الإيمان في الجنة، و البذاء من الجفاء و الجفاء في النار، و فائدة الحديث الأمر بحفظ اللسان و النهي عن التسرع إلى أعراض الناس، و بيان أن الكلام في ذلك نظير الكلام، و يوشك أن يثبت اسمه في ديوان الجفاة.

الحديث العاشر: ضعيف على المشهور.

و قال الجوهري: السلاطة القهر، و قد سلطه الله فتسلط عليهم، و امرأة سليطة أي صخابة، و رجل سليط أي فصيح حديد اللسان بين السلاطة و السلوطة، انتهى.

و المراد بالنفاق‏ إما مع الخلق لأنه يظهر ودهم و بأدنى سبب يتغير عليهم و يؤذيهم بلسانه و بغيره، أو مع الله لأن إيذاء المؤمنين ينافي كمال الإيمان كما مر.

الحديث الحادي عشر: كالسابق.

و في النهاية فيه: من سأل و له أربعون درهما فقد سأل الناس إلحافا، أي بالغ فيها يقال: ألحف في المسألة يلحف إلحافا إذا ألح فيها و لزمها، انتهى.

و هو موجب لبغض الرب حيث أعرض عن الغني الكريم و سأل الفقير اللئيم، و أنشد بعضهم‏

277
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 12 ص : 278

 [الحديث 12]

12 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِعَائِشَةَ يَا عَائِشَةُ إِنَّ الْفُحْشَ لَوْ كَانَ مُمَثَّلًا لَكَانَ مِثَالَ سَوْءٍ

 [الحديث 13]

13 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ قَالَ‏

______________________________

 

الله يغضب إن تركت سؤاله‏

 

 و بنو آدم حين يسأل يغضب‏

 

 و ترى في عرف الناس أن عبد الإنسان إذا سأل غير مولاه فهو عار عليه و شكاية منه حقيقة، و لذا ورد في ذم المسألة ما ورد.

الحديث الثاني عشر: حسن كالصحيح.

و قد مر بعينه سندا و متنا إلا أنه ليس فيه أن الخطاب لعائشة، و كان علي بن إبراهيم رواه على الوجهين.

ثم الظاهر أن هذا مختصر عما سيأتي في باب التسليم على أهل الملل حيث رواه بهذا الإسناد أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: دخل يهودي على رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و عائشة عنده، فقال: السام عليكم، فقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: عليكم، ثم دخل آخر فقال مثل ذلك فرد عليه كما رد على صاحبه، ثم دخل آخر فقال مثل ذلك فرد رسول الله كما رد على صاحبيه، فغضبت عائشة فقالت: عليكم السام و الغضب و اللعنة يا معشر اليهود، يا إخوة القردة و الخنازير، فقال لها رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: يا عائشة إن الفحش لو كان ممثلا لكان مثال سوء، إن الرفق لم يوضع على شي‏ء قط إلا زانه، و لم يرفع عنه قط إلا شانه، قالت: يا رسول الله أ ما سمعت إلى قولهم: السام عليكم؟

فقال: بلى أ ما سمعت ما رددت عليهم، قلت: عليكم؟ فإذا سلم عليكم مسلم فقولوا:

السلام عليكم، و إذا سلم عليكم كافر فقولوا: عليكم.

الحديث الثالث عشر: ضعيف على المشهور.

و المعصوم المروي عنه غير معلوم، فإن كان الصادق عليه السلام فالإرسال بأزيد من واحد، و أحمد كأنه البزنطي، و ما زعم أنه ابن عيسى بعيد كما لا يخفى على المتدرب،

278
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

باب من يتقى شره ص : 280

 

بَابُ مَنْ يُتَّقَى شَرُّهُ‏

 [الحديث 1]

1 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ إِنَّ النَّبِيَّ ص بَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَ عَائِشَةَ إِذَا اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ- فَقَامَتْ عَائِشَةُ فَدَخَلَتِ الْبَيْتَ وَ أَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِلرَّجُلِ فَلَمَّا دَخَلَ أَقْبَلَ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ وَ بِشْرُهُ إِلَيْهِ يُحَدِّثُهُ حَتَّى إِذَا فَرَغَ وَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَتْ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَيْنَا أَنْتَ تَذْكُرُ هَذَا الرَّجُلَ بِمَا ذَكَرْتَهُ بِهِ إِذْ أَقْبَلْتَ عَلَيْهِ بِوَجْهِكَ وَ بِشْرِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص عِنْدَ ذَلِكَ إِنَّ مِنْ شَرِّ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ تُكْرَهُ مُجَالَسَتُهُ لِفُحْشِهِ‏

______________________________

باب من يتقى شره‏ الحديث الأول‏: موثق.

و في القاموس: عشيرة الرجل بنو أبيه الأدنون أو قبيلته و في المصباح تقول هو أخو تميم أي واحد منهم، انتهى.

و قرأ بعض الأفاضل العشيرة بضم العين و فتح الشين تصغير العشرة بالكسر، أي المعاشرة، و لا يخفى ما فيه و" بشره" بالرفع و" إليه" خبره، و الجملة حالية كيحدثه، و ليس في بعض النسخ" عليه" أو لا فبشره مجرور عطفا على وجهه، و هو أظهر، و يحتمل زيادة إليه آخرا كما يومئ إليه قولها إذ أقبلت عليه بوجهك و بشرك.

و قوله صلى الله عليه و آله و سلم: إن من شر عباد الله‏، إما عذر لما قاله أولا أو لما فعله آخرا، أولهما معا فتأمل جدا.

و نظير هذا الحديث رواه مخالفونا عن عروة بن الزبير قال: حدثتني عائشة إن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه و آله و سلم فقال: ائذنوا له فلبئس ابن العشيرة، فلما دخل‏

 

280
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 3 ص : 282

ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ شَرُّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُكْرَمُونَ اتِّقَاءَ شَرِّهِمْ‏

 [الحديث 3]

3 عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ مَنْ خَافَ النَّاسُ لِسَانَهُ فَهُوَ فِي النَّارِ

 [الحديث 4]

4 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ شَرُّ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُكْرَمُونَ اتِّقَاءَ شَرِّهِمْ‏

بَابُ الْبَغْيِ‏

 [الحديث 1]

1 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنِ ابْنِ قَدَّاحٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ إِنَّ أَعْجَلَ الشَّرِّ عُقُوبَةً الْبَغْيُ‏

______________________________

" يكرمون" على بناء المجهول.

الحديث الثالث‏: صحيح.

الحديث الرابع‏: ضعيف على المشهور.

باب البغي‏ الحديث الأول‏: ضعيف.

و البغي‏ مجاوزة الحد و طلب الرفعة و الاستطالة على الغير، في القاموس: بغى عليه يبغي بغيا علا و ظلم و عدل عن الحق و استطال و كذب، و في مشيته: اختال، و البغي الكثير من البطر، و فئة باغية خارجة عن طاعة الإمام العادل، و قال الراغب:

البغي طلب تجاوز الاقتصاد فيما يتحرى تجاوزه أو لم يتجاوزه، فتارة يعتبر في الكمية و تارة في الكيفية، يقال: بغيت الشي‏ء إذا طلبت أكثر مما يجب، و ابتغيت كذلك،

282
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 3 ص : 284

ع قَالَ‏ يَقُولُ إِبْلِيسُ لِجُنُودِهِ أَلْقُوا بَيْنَهُمُ الْحَسَدَ وَ الْبَغْيَ فَإِنَّهُمَا يَعْدِلَانِ عِنْدَ اللَّهِ الشِّرْكَ‏

 [الحديث 3]

3 عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ مِسْمَعٍ أَبِي سَيَّارٍ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع كَتَبَ إِلَيْهِ فِي كِتَابٍ انْظُرْ أَنْ لَا تُكَلِّمَنَّ بِكَلِمَةِ بَغْيٍ أَبَداً وَ إِنْ أَعْجَبَتْكَ نَفْسَكَ وَ عَشِيرَتَكَ‏

 [الحديث 4]

4 عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ وَ يَعْقُوبَ السَّرَّاجِ جَمِيعاً عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْبَغْيَ يَقُودُ أَصْحَابَهُ إِلَى النَّارِ وَ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ بَغَى عَلَى اللَّهِ عَنَاقُ بِنْتُ آدَمَ فَأَوَّلُ قَتِيلٍ قَتَلَهُ اللَّهُ عَنَاقُ وَ كَانَ مَجْلِسُهَا جَرِيباً فِي جَرِيبٍ وَ كَانَ لَهَا عِشْرُونَ إِصْبَعاً فِي كُلِّ إِصْبَعٍ‏

______________________________

نظام العالم إذ أكثر المفاسد التي نشأت في العالم من مخالفة الأنبياء و الأوصياء عليهم السلام و ترك طاعتهم، و شيوع المعاصي إنما نشأت من هاتين الخصلتين كما حسد إبليس على آدم عليه السلام و بغى عليه، و حسد الطغاة من كل أمة على حجج الله فيها، فطغوا و بغوا فجعلوا حجج الله مغلوبين و سرى الكفر و المعاصي في الخلق.

الحديث الثالث‏: حسن كالصحيح.

" أن لا تكلم" و في بعض النسخ أن لا تكلمن و هما إما على بناء التفعيل، أي أحدا فإنه متعد أو على بناء التفعل بحذف إحدى التائين‏" بكلمة بغي" أي بكلام مشتمل على بغي، أي جور أو تطاول‏" و إن أعجبتك نفسك و عشيرتك" الظاهر أن فاعل أعجبتك الضمير الراجع إلى الكلمة، و نفسك بالنصب تأكيد للضمير و عشيرتك عطف عليه، و قيل: نفسك فاعل أعجبت و الأول أظهر.

الحديث الرابع‏: حسن كالصحيح.

و هذا جزء من خطبة طويلة أثبتها في أوائل الروضة، و ذكر أنه خطب بها بعد مقتل عثمان و بيعة الناس له‏" و كان مجلسها جريبا" قال في المصباح: الجريب الوادي ثم أستعير للقطعة المميزة من الأرض فقيل فيها جريب، و يختلف مقداره‏

284
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

باب الفخر و الكبر ص : 286

بَابُ الْفَخْرِ وَ الْكِبْرِ

 [الحديث 1]

1 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع‏ عَجَباً لِلْمُتَكَبِّرِ الْفَخُورِ الَّذِي كَانَ بِالْأَمْسِ نُطْفَةً ثُمَّ هُوَ غَداً جِيفَةٌ

 [الحديث 2]

2 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ آفَةُ الْحَسَبِ الِافْتِخَارُ وَ الْعُجْبُ‏

______________________________

باب الفخر و الكبر الحديث الأول‏: صحيح.

و قد مر بعض القول في ذم الكبر و الفخر و دوائهما، و التفكر في أمثال تلك الأخبار، و زجر النفس على خلاف هاتين الرذيلتين مما ينفع في التخلص منهما كما مرت الإشارة إليه.

الحديث الثاني‏: ضعيف على المشهور.

و الحسب‏: الشرف و المجد الحاصل من جهة الآباء و قد يطلق على الشرافة الحاصلة من الأفعال الحسنة و الأخلاق الكريمة، و إن لم تكن من جهة الآباء، في القاموس: الحسب ما تعده من مفاخر آبائك أو المال أو الدين أو الكرم أو الشرف في الفعل أو الفعال الصالح، أو الشرف الثابت في الآباء أو البال، أو الحسب و الكرم قد يكونان لمن لا آباء له شرفاء، و الشرف و المجد لا يكونان إلا بهم.

و أقول: الخبر يحتمل وجوها" الأول" أن لكل شي‏ء آفة تضيعه، و آفة الشرافة من جهة الآباء الافتخار و العجب الحاصلان منها، فإنه يبطل بهما هذا الشرف الحاصل له بتوسط الغير عند الله و عند الناس.

الثاني: أن المراد بالحسب الأخلاق الحسنة و الأفعال الصالحة و يضيعهما

286
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

باب القسوة ص : 293

بَابُ الْقَسْوَةِ

 [الحديث 1]

1 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى رَفَعَهُ قَالَ‏ فِيمَا نَاجَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ مُوسَى ع يَا مُوسَى لَا تُطَوِّلْ فِي الدُّنْيَا أَمَلَكَ فَيَقْسُوَ قَلْبُكَ وَ الْقَاسِي الْقَلْبِ مِنِّي بَعِيدٌ

 [الحديث 2]

2 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ دُبَيْسٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ إِذَا خَلَقَ اللَّهُ الْعَبْدَ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ كَافِراً لَمْ يَمُتْ حَتَّى يُحَبِّبَ اللَّهُ إِلَيْهِ الشَّرَّ فَيَقْرُبَ مِنْهُ فَابْتَلَاهُ بِالْكِبْرِ وَ الْجَبَرِيَّةِ فَقَسَا قَلْبُهُ وَ سَاءَ

______________________________

باب القسوة الحديث الأول‏: مجهول مرفوع.

" لا تطول في الدنيا أملك" تطويل الأمل هو أن ينسى الموت و يجعله بعيدا، و يظن طول عمرة أو يأمل آمالا كثيرة لا تحصل إلا في عمر طويل، و ذلك يوجب قساوة القلب و صلابته و شدته، أي عدم خشوعه و تأثره عن المخاوف و عدم قبوله للمواعظ، كما أن تذكر الموت يوجب رقة القلب و وجله عند ذكر الله و الموت و الآخرة، قال الجوهري: قسا قلبه قسوة و قساوة و قساء و هو غلظ القلب و شدته، و أقساه الذنب، و يقال: الذنب مقساة للقلب.

الحديث الثاني‏: مرسل.

قيل: قوله كافرا، حال عن العبد، فلا يلزم أن يكون كفره مخلوقا لله تعالى.

أقول: كأنه على المجاز، فإنه تعالى لما خلقه عالما بأنه سيكفر فكأنه خلقه كافرا، أو الخلق بمعنى التقدير، و المعاصي يتعلق بها التقدير ببعض المعاني كما مر تحقيقه، و كذا تحبيب الشر إليه مجاز فإنه لما سلب عنه التوفيق لسوء أعماله و خلي بينه و بين نفسه و بين الشيطان فأحب الشر فكأن الله حببه إليه،

293
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

باب الظلم ص : 295

 

الْمَلَكِ الرِّقَّةُ وَ الْفَهْمُ وَ لَمَّةُ الشَّيْطَانِ السَّهْوُ وَ الْقَسْوَةُ

بَابُ الظُّلْمِ‏

 [الحديث 1]

1 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ هَارُونَ بْنِ الْجَهْمِ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ‏ الظُّلْمُ ثَلَاثَةٌ ظُلْمٌ يَغْفِرُهُ اللَّهُ وَ ظُلْمٌ لَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ وَ ظُلْمٌ لَا يَدَعُهُ اللَّهُ فَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي لَا يَغْفِرُهُ‏

______________________________

القرب منه، فما كان من خطرات القلب فهو من الملك، و ما كان من خطرات الشر فهو من الشيطان، انتهى.

" فلمة الملك الرقة و الفهم" أي هما ثمرتها أو علامتها، و الحمل على المجاز لأن لمة الملك إلقاء الخير و التصديق بالحق في القلب، و ثمرتها رقة القلب و صفاؤه و ميلة إلى الخير، و كذا لمة الشيطان‏ إلقاء الوساوس و الشكوك و الميل إلى الشهوات في القلب، و ثمرتها السهو عن الحق و الغفلة عن ذكر الله و قساوة القلب. «1» باب الظلم‏ الحديث الأول‏: ضعيف.

و الظلم‏ وضع الشي‏ء غير موضعه، فالمشرك ظالم لأنه جعل غير الله تعالى شريكا له، و وضع العبادة في غير محلها، و العاصي ظالم لأنه وضع المعصية موضع الطاعة، فالشرك‏ كأنه يشمل كل إخلال بالعقائد الإيمانية، و المراد المغفرة بدون التوبة

______________________________

 (1) و قال سيدنا الأستاذ الطباطبائى دام ظله- على ما حكى عنه- قوله عليه السلام:

الرقة و الفهم- و قوله- السهو و الغفلة، من قبيل بيان المصداق، و الأصل في ذلك قوله تعالى: «الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَ يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ، وَ اللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَ فَضْلًا وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ، يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً» و المقابلة بين الوعدين يدلّ على أن أحدهما من الملك و الاخر من الشيطان.

 

295
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 3 ص : 297

 [الحديث 3]

3 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ وَ عُبَيْدِ اللَّهِ الطَّوِيلِ عَنْ شَيْخٍ مِنَ النَّخَعِ قَالَ‏ قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع إِنِّي لَمْ أَزَلْ وَالِياً مُنْذُ زَمَنِ الْحَجَّاجِ إِلَى يَوْمِي هَذَا فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ فَسَكَتَ ثُمَّ أَعَدْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَا حَتَّى تُؤَدِّيَ إِلَى كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ‏

 [الحديث 4]

4 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ‏

______________________________

و عن الصادق عليه السلام أنه قال: المرصاد قنطرة على الصراط لا يجوزها عبد بمظلمة عبد، و قال عطاء: يعني يجازى كل أحد و ينتصف من الظالم للمظلوم، و روي عن ابن عباس في هذه الآية قال: إن على جسر جهنم سبع مجالس يسأل العبد عند أولها عن شهادة أن لا إله إلا الله، فإن جاء بها تامة جاز إلى الثاني فيسأل عن الصلاة، فإن جاء بها تامة جاز إلى الثالث، فيسأل عن الزكاة فإن جاء بها تامة جاز إلى الرابع، فيسأل عن الصوم فإن جاء بها تامة جاز إلى الخامس، فيسأل عن الحج فإن جاء به تاما جاز إلى السادس، فيسأل عن العمرة، فإن جاء بها تامة جاز إلى السابع فيسأل عن المظالم، فإن خرج منها و إلا يقال انظروا فإن كان له تطوع أكمل به أعماله، فإذا فرغ انطلق به إلى الجنة، و في القاموس: المرصاد الطريق و المكان يرصد فيه العدو و قال: القنطرة الجسر و ما ارتفع من البنيان، و المظلمة بكسر اللام ما تطلبه عند الظالم و هو اسم ما أخذ منك، ذكره الجوهري.

الحديث الثالث‏: مجهول.

و النخع‏ بالتحريك قبيلة باليمن منهم مالك الأشتر" حتى تؤدي" أي مع معرفتهم و إمكان الإيصال إليهم، و إلا فالتصدق أيضا لعله قائم مقام الإيصال كما هو المشهور، إلا أن يقال أرباب الصدقة أيضا ذوو الحقوق في تلك الصورة، و لعله عليه السلام لما علم أنه لا يعمل بقوله لم يبين له المخرج من ذلك، و الله يعلم.

الحديث الرابع‏: موثق.

297
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 5 ص : 298

إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ صَبِيحٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ مَا مِنْ مَظْلِمَةٍ أَشَدَّ مِنْ مَظْلِمَةٍ لَا يَجِدُ صَاحِبُهَا عَلَيْهَا عَوْناً إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَ‏

 [الحديث 5]

5 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ دُرُسْتَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ عَنْ عِيسَى بْنِ بَشِيرٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ‏ لَمَّا حَضَرَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع الْوَفَاةُ ضَمَّنِي إِلَى صَدْرِهِ ثُمَّ قَالَ يَا بُنَيَّ أُوصِيكَ بِمَا أَوْصَانِي بِهِ أَبِي ع حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ وَ بِمَا ذَكَرَ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَاهُ بِهِ قَالَ يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ وَ ظُلْمَ مَنْ لَا يَجِدُ عَلَيْكَ نَاصِراً إِلَّا اللَّهَ‏

 [الحديث 6]

6 عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ هَارُونَ بْنِ الْجَهْمِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ص‏ مَنْ خَافَ الْقِصَاصَ كَفَّ عَنْ ظُلْمِ النَّاسِ‏

______________________________

" لا يجد صاحبها عونا" أي لا يمكنه الانتصار في الدنيا لا بنفسه و لا بغيره، و ظلم الضعيف العاجز أفحش، و قيل: المعنى أنه لا يتوسل في ذلك إلى أحد، و لا يستعين بحاكم، بل يتوكل على الله و يؤخر انتقامه إلى يوم الجزاء، و الأول أظهر، و روي عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال: قال الله عز و جل: اشتد غضبي على من ظلم أحدا لا يجد ناصرا غيري، و روي أيضا عنه صلى الله عليه و آله و سلم: إن العبد إذا ظلم فلم ينتصر و لم يكن من ينصره و رفع طرفه إلى السماء فدعا الله تعالى، قال جل جلاله:

لبيك عبدي أنصرك عاجلا و آجلا، اشتد غضبي على من ظلم أحدا لا يجد ناصرا غيري.

الحديث الخامس‏: ضعيف.

الحديث السادس‏: مجهول.

و ضمير عنه‏ راجع إلى أحمد، فينسحب عليه العدة.

و قيل: المراد بالقصاص‏ قصاص الدنيا و لا يخفى قلة فائدة الحديث حينئذ، بل المعنى أن من خاف قصاص الآخرة و مجازاة أعمال العباد كف نفسه عن ظلم‏

298
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 8 ص : 300

ذَلِكَ الْيَوْمَ مَا لَمْ يَسْفِكْ دَماً أَوْ يَأْكُلْ مَالَ يَتِيمٍ حَرَاماً

 [الحديث 8]

8 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ أَصْبَحَ لَا يَهُمُّ بِظُلْمِ أَحَدٍ غَفَرَ اللَّهُ مَا اجْتَرَمَ‏

 [الحديث 9]

9 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ مَنْ ظَلَمَ مَظْلِمَةً أُخِذَ بِهَا فِي نَفْسِهِ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي وُلْدِهِ‏

 [الحديث 10]

10 ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ‏

______________________________

سفك الدم للجراحات أيضا و لا استبعاد كثيرا في كون هذا العزم في أول اليوم مع ترك كبائر حقوق الناس مكفرا لحقوق الله و سائر حقوق الناس بأن يرضى الله الخصوم.

الثالث: أن يكون المعنى من أصبح و لم يهم بظلم أحد و لم يأت به في أثناء اليوم أيضا غفر الله له ما أذنب من حقوقه تعالى ما لم يسفك دما قبل ذلك اليوم و لم يأكل مال يتيم قبل ذلك اليوم، و لم يتب منهما، فإن من كانت ذمته مشغولة بمثل هذين الحقين لا يستحق لغفران الذنوب، و على هذا يحتمل أن يكون" ذلك اليوم" ظرفا للغفران لا للذنب، فيكون الغفران شاملا لما مضى أيضا كما هو ظاهر الخبر الآتي و قد يأول الغفران بأن الله يوفقه لئلا يصر على كبيرة، و لا يخفى بعده.

ثم اعلم أن‏ قوله: حراما يحتمل أن يكون حالا عن كل من السفك و الأكل فالأول للاحتراز عن القصاص و قتل الكفار و المحاربين، و الثاني للاحتراز عن الأكل بالمعروف و أن يكون حالا عن الأخير لظهور الأول.

الحديث الثامن‏: ضعيف على المشهور.

و في القاموس: جرم‏ فلان أذنب، كأجرم و اجترم فهو مجرم، و" ما" يحتمل المصدرية و الموصولة.

الحديث التاسع‏: حسن كالصحيح و سيأتي الكلام في مؤاخذة الولد.

الحديث العاشر: كالسابق و معلق عليه.

300
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 11 ص : 301

رَسُولُ اللَّهِ ص‏ اتَّقُوا الظُّلْمَ فَإِنَّهُ ظُلُمَاتُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ

 [الحديث 11]

11 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ اتَّقُوا الظُّلْمَ فَإِنَّهُ ظُلُمَاتُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ

 [الحديث 12]

12 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ‏ مَا مِنْ أَحَدٍ يَظْلِمُ بِمَظْلِمَةٍ إِلَّا أَخَذَهُ اللَّهُ بِهَا فِي نَفْسِهِ وَ مَالِهِ وَ أَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اللَّهِ فَإِذَا تَابَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ‏

 [الحديث 13]

13 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى مَوْلَى آلِ سَامٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ مُبْتَدِئاً

______________________________

و الظلمات‏ جمع ظلمة و هي خلاف النور، و حملها على الظلم باعتبار تكثره معنى أو للمبالغة، و المراد بالظلمة إما الحقيقة لما قيل: من أن الهيئات النفسانية التي هي ثمرات الأعمال الموجبة للسعادة أو الشقاوة أنوار و ظلمات مصاحبة للنفس و هي تنكشف لها في القيامة التي هي محل بروز الأسرار و ظهور الخفيات فتحيط بالظالم على قدر مراتب ظلمه ظلمات متراكمة حين يكون المؤمنون في نور يسعى نورهم بين أيديهم و بأيمانهم، أو المراد بها الشدائد و الأهوال كما قيل في قوله تعالى:" قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ «1»".

الحديث الحادي عشر: صحيح.

الحديث الثاني عشر: حسن كالصحيح.

و ذكر النفس و المال‏ على المثال لما مر و سيأتي من إضافة الولد و فيه إشعار بأن رد المظالم ليس جزءا من التوبة بل من شرائط صحته.

الحديث الثالث عشر: مجهول.

و لما كان استبعاد السائل عن إمكان وقوع مثل هذا لا عن أنه ينافي العدل‏

______________________________

 (1) سورة الأنعام: 63.

301
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 16 ص : 305

 [الحديث 16]

16 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ الْعَامِلُ بِالظُّلْمِ وَ الْمُعِينُ لَهُ وَ الرَّاضِي بِهِ شُرَكَاءُ ثَلَاثَتُهُمْ‏

 [الحديث 17]

17 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ إِنَّ الْعَبْدَ لَيَكُونُ مَظْلُوماً فَمَا يَزَالُ يَدْعُو-

______________________________

الحديث السادس عشر: ضعيف كالموثق.

" العامل بالظلم" الظاهر الظلم على الغير، و ربما يعم بما يشمل الظلم على النفس‏" و المعين له" أي في الظلم، و قد يعم‏" و الراضي به" أي غير المظلوم، و قيل:

يشمله، و يؤيده قوله تعالى:" وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ «1»" قال في الكشاف: النهي متناول للانحطاط في هواهم، و الانقطاع إليهم، و مصاحبتهم و مجالستهم، و زيارتهم و مداهنتهم، و الرضا بأعمالهم و التشبه بهم، و التزيي بزيهم، و مد العين إلى زهرتهم، و ذكرهم بما فيه تعظيم لهم، و في خبر مناهي النبي صلى الله عليه و آله و سلم في الفقيه و غيره أنه صلى الله عليه و آله و سلم قال: من مدح سلطانا جائرا أو تخفف و تضعضع طمعا فيه كان قرينه في النار، و قال صلى الله عليه و آله و سلم: من دل جائرا على جور كان قرين هامان في جهنم.

الحديث السابع عشر: صحيح.

" فما يزال يدعو" أقول: يحتمل وجوها، الأول: أنه يفرط في الدعاء على الظالم، حتى يصير ظالما بسبب هذا الدعاء كان ظلمه بظلم يسير كشتم أو أخذ دراهم يسيرة، فيدعو عليه بالموت و القتل و الفناء، أو العمى أو الزمن و أمثال ذلك، أو يتجاوز في الدعاء إلى من لم يظلمه كانقطاع نسله أو موت أولاده و أحبائه أو استئصال عشيرته و أمثال ذلك، فيصير في هذا الدعاء ظالما.

الثاني: أن يكون المعنى أنه يدعو كثيرا على العدو المؤمن و لا يكتفي بالدعاء لدفع ضرره بل يدعو بابتلائه، و هذا مما لا يرضى الله به فيكون في ذلك ظالما على نفسه بل على أخيه أيضا إذ مقتضى الأخوة الإيمانية أن يدعو له بصلاحه، و كف ضرره‏

______________________________

 (1) سورة هود: 113.

305
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 20 ص : 308

 [الحديث 20]

20 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ ظَلَمَ أَحَداً فَفَاتَهُ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ لَهُ فَإِنَّهُ كَفَّارَةٌ لَهُ‏

 [الحديث 21]

21 أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ عَنْ‏

______________________________

للأتباع قولوا للمتبوعين حتى يخلصوكم من العذاب عن الجبائي، و قال غيره: لما حكى الله سبحانه ما يجري بين الجن و الإنس من الخصام و الجدال في الآخرة قال" وَ كَذلِكَ‏" أي و كما فعلنا بهؤلاء من الجمع بينهم في النار و تولية بعضهم بعضا نفعل مثله بالظالمين جزاء على أعمالهم، و قال ابن عباس: إذا رضي الله عن قوم ولي أمرهم خيارهم و إذا سخط على قوم ولي أمرهم شرارهم.

" بِما كانُوا يَكْسِبُونَ‏" من المعاصي أي جزاء على أعمالهم القبيحة، و ذلك معنى قوله:" إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ‏ «1»" و مثله ما رواه الكلبي عن مالك بن دينار قال: قرأت في بعض كتب الحكمة أن الله تعالى يقول: إني أنا الله مالك الملوك، قلوب الملوك بيدي فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة، و من عصاني جعلتهم عليه نقمة، فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك، و لكن توبوا إلى أعطفهم عليكم، و قيل معنى: نولي بعضهم بعضا، نخلي بينهم و بين ما يختارونه من غير نصرة لهم، و قيل:

معناه نتابع بعضهم بعضا في النار، انتهى.

و أقول: ما ذكره عليه السلام أوفق بكلام ابن عباس و الكلبي، و مطابق لظاهر الآية.

الحديث العشرون‏: ضعيف على المشهور" ففاته" أي لم يدركه ليطلب البراءة و يرضيه، و لعله محمول على ما إذا لم يكن حقا ماليا كالغيبة و أمثالها، و إلا فيجب أن يتصدق عنه إلا أن يقال: التصدق عنه أيضا طلب مغفرة له.

الحديث الحادي و العشرون‏: مجهول.

______________________________

 (1) سورة الرعد: 11.

308
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 23 ص : 310

 

ثُمَّ قَالَ مَنْ يَفْعَلِ الشَّرَّ بِالنَّاسِ فَلَا يُنْكِرِ الشَّرَّ إِذَا فُعِلَ بِهِ أَمَا إِنَّهُ إِنَّمَا يَحْصُدُ ابْنُ آدَمَ مَا يَزْرَعُ وَ لَيْسَ يَحْصُدُ أَحَدٌ مِنَ الْمُرِّ حُلْواً وَ لَا مِنَ الْحُلْوِ مُرّاً فَاصْطَلَحَ الرَّجُلَانِ قَبْلَ أَنْ يَقُومَا

 [الحديث 23]

23 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ مَنْ خَافَ الْقِصَاصَ كَفَّ عَنْ ظُلْمِ النَّاسِ‏

بَابُ اتِّبَاعِ الْهَوَى‏

 [الحديث 1]

1 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْوَابِشِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ احْذَرُوا أَهْوَاءَكُمْ كَمَا تَحْذَرُونَ أَعْدَاءَكُمْ‏

______________________________

" و ليس يحصد أحد من المر حلوا" هذا تمثيل لبيان أن جزاء الشر لا يكون نفعا و خيرا، و جزاء الخير و ثمرته لا يكون شرا و وبالا في الدارين.

الحديث الثالث و العشرون‏: ضعيف على المشهور.

باب اتباع الهوى‏ الحديث الأول‏: مجهول.

" احذروا أهواءكم" الأهواء جمع الهوى و هو مصدر هويه كرضيه إذا أحبه و اشتهاه، ثم سمي به المهوي المشتهى، محمودا كان أو مذموما ثم غلب على المذموم.

قال الجوهري: كل حال هواء، و قوله تعالى:" وَ أَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ" يقال: إنه لا عقول فيها، و الهوى مقصورا هوى النفس، و الجمع الأهواء، و هوى بالكسر يهوي هوى أي أحب، الأصمعي: هوى بالفتح يهوي هويا أي سقط إلى أسفل.

و قال الراغب: الهوى ميل النفس إلى الشهوة، و يقال ذلك للنفس المائلة إلى الشهوة، و قيل: سمي بذلك لأنه يهوي بصاحبه في الدنيا إلى كل داهية و في الآخرة

 

310
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 3 ص : 316

 [الحديث 3]

3 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ إِنَّمَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ اثْنَتَيْنِ- اتِّبَاعَ الْهَوَى وَ طُولَ الْأَمَلِ أَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَإِنَّهُ يَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ وَ أَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَيُنْسِي الْآخِرَةَ

 [الحديث 4]

4 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ ع‏ اتَّقِ الْمُرْتَقَى السَّهْلَ إِذَا كَانَ مُنْحَدَرُهُ وَعْراً

______________________________

الحديث الثالث‏: ضعيف على المشهور.

" أما اتباع الهوى فإنه يصد عن الحق" لأن حب الدنيا و شهواتها يعمى القلب عن رؤية الحق و تمنع النفس عن متابعته، فإن الحق و الباطل متقابلان و الآخرة و الدنيا ضرتان متنافرتان. و الدنيا مع أهل الباطل فاتباع الهوى إما يصير سببا لاشتباه الحق بالباطل في نظره، أو يصير باعثا على إنكار الحق مع العلم به، و الأول كعوام أهل الباطل و الثاني كعلمائهم‏" و طول الأمل" أي ظن البقاء في الدنيا و توقع حصول المشتهيات فيها بالأماني الكاذبة الشيطانية ينسى‏ الموت و الآخرة و أهوالها فلا يتوجه إلى تحصيل الآخرة و ما ينفعه فيها، و يخلصه من شدائدها و إنما ينسب الخوف منهما إلى نفسه القدسية لأنه هو مولى المؤمنين و المتولي لإصلاحهم و الراعي لهم في معاشهم، و الداعي لهم إلى صلاح معادهم.

الحديث الرابع‏: ضعيف.

" اتق المرتقى السهل" إلخ، المرقى و المرتقى و المرقاة موضع الرقي و الصعود من رقيت السلم و السطح و الجبل علوته، و المنحدر الموضع الذي ينحدر منه أي ينزل، من الانحدار و هو النزول، و الوعر ضد السهل، قال الجوهري: جبل وعر بالتسكين و مطلب وعر، قال الأصمعي: و لا تقل وعر.

أقول: و لعل المراد به النهي عن طلب الجاه و الرئاسة و سائر شهوات الدنيا

316
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

باب المكر و الغدر و الخديعة ص : 318

 

بَابُ الْمَكْرِ وَ الْغَدْرِ وَ الْخَدِيعَةِ

 [الحديث 1]

1 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ لَوْ لَا أَنَّ الْمَكْرَ وَ الْخَدِيعَةَ فِي النَّارِ لَكُنْتُ أَمْكَرَ النَّاسِ‏

______________________________

باب المكر و الغدر و الخديعة الحديث الأول‏: مرفوع كالحسن.

و في القاموس: المكر الخديعة، و قال: خدعه كمنعه خدعا و يكسر ختله، و أراد به المكروه من حيث لا يعلم كاختدعه فانخدع، و الاسم الخديعة، و قال الراغب:

المكر صرف الغير عما يقصده بحيلة، و ذلك ضربان مكر محمود و هو أن يتحرى بذلك فعل جميل، و على ذلك قال الله عز و جل:" وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ‏ «1»+" و مذموم و هو أن يتحرى به فعل قبيح، قال تعالى:" وَ لا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ‏ «2»" و قال في الأمرين:" وَ مَكَرُوا مَكْراً وَ مَكَرْنا مَكْراً وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ‏ «3»" و قال بعضهم من مكر الله تعالى إمهال العبد و تمكينه من أعراض الدنيا، و لذلك قال أمير المؤمنين عليه السلام: من وسع عليه دنياه و لم يعلم أنه مكر به فهو مخدوع عن غفلة، و قال: الخداع إنزال الغير عما هو بصدده بأمر يبديه على خلاف ما يخفيه، انتهى.

و في المصباح: خدعته‏ خدعا فانخدع، و الخدع بالكسر اسم منه، و الخديعة مثله، و الفاعل خدوع مثل رسول و خداع أيضا و خادع، و الخدعة بالضم ما يخدع به الإنسان مثل اللعبة لما يلعب به، انتهى.

______________________________

 (1) سورة آل عمران: 54.

 (2) سورة فاطر: 43.

 (3) سورة النمل: 50.

 

318
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 3 ص : 322

 [الحديث 3]

3 عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاكَرَ مُسْلِماً

 [الحديث 4]

4 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ سَأَلْتُهُ عَنْ قَرْيَتَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَلِكٌ عَلَى حِدَةٍ اقْتَتَلُوا ثُمَّ اصْطَلَحُوا ثُمَّ إِنَّ أَحَدَ الْمَلِكَيْنِ غَدَرَ بِصَاحِبِهِ فَجَاءَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ فَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَغْزُوَ مَعَهُمْ تِلْكَ الْمَدِينَةَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَغْدِرُوا وَ لَا يَأْمُرُوا بِالْغَدْرِ وَ لَا يُقَاتِلُوا مَعَ الَّذِينَ غَدَرُوا وَ لَكِنَّهُمْ‏

______________________________

بما يدل عليه من مبايعة ولي الأمر و متابعته، فيرجع معناه إلى الخبر الآخر.

الحديث الثالث‏: كالسابق.

" ليس منا" أي من أهل الإسلام مبالغة، أو من خواص أتباعنا و شيعتنا، و كان المراد بالمماكرة المبالغة في المكر فإن ما يكون بين الطرفين يكون أشد أو فيه إشعار بأن المكر قبيح و إن كان في مقابلة المكر.

الحديث الرابع‏: ضعيف كالموثق.

و في المصباح وحد يحد حدة من باب وعد انفرد بنفسه، و كل شي‏ء على حدة أي متميز عن غيره، و في الصحاح أعط كل واحد منهم على حدة أي على حياله، و الهاء عوض عن الواو، و في القاموس: يقال جلس وحده و على وحده و على وحدهما و وحديهما و وحدهم، و هذا على حدته و على وحده أي توحده.

" على أن يغزوا" بصيغة الجمع أي المسلمون‏ معهم، أي مع الملك الغادر و أصحابه‏ تلك المدينة أي أهل تلك المدينة المغدور بها و في بعض النسخ ملك المدينة أي الملك المغدور به أو على أن يغزو بصيغة المفرد أي الملك الغادر" معهم" أي مع المسلمين و الباقي كما مر" و لا يأمروا بالغدر" عطف على يغدروا و لا لتأكيد النفي، أي لا ينبغي للمسلمين أن يأمروا بالغدر، لأن الغدر عدوان و ظلم و الأمر بهما غير جائز و إن كان المغدور به كافرا" و لا يقاتلوا مع الذين غدروا" أي لا ينبغي لهم أن يقاتلوا

322
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 5 ص : 323

يُقَاتِلُونَ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدُوهُمْ وَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ مَا عَاهَدَ عَلَيْهِ الْكُفَّارُ

 [الحديث 5]

5 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ يَجِي‏ءُ كُلُّ غَادِرٍ بِإِمَامٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَائِلًا شِدْقُهُ حَتَّى يَدْخُلَ النَّارَ

 [الحديث 6]

6 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَمِّهِ يَعْقُوبَ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْعَبْدِيِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ ذَاتَ يَوْمٍ وَ هُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ بِالْكُوفَةِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَوْ لَا كَرَاهِيَةُ

______________________________

مع الغادرين المغدورين‏ و لكنهم يقاتلون المشركين حيث وجدوهم‏، سواء كانوا من أهل هاتين القريتين أو غيرهم، و فيه دلالة على جواز قتالهم في حال الغيبة، و لا يجوز عليهم ما عاهد عليه الكفار، و معنى لا يجوز لا ينفذ و لا يصح، تقول: جاز العقد و غيره إذا نفذ، و مضى على الصحة، يعني عهد المشركين و صلحهم معهم على غزو فريقهم غير نافذ و لا صحيح، فلهم أن يقاتلوهم حيث وجدوهم، أو المعنى أن الصلح الذي جرى بين الفريقين لا يكون مانعا لقتال المسلمين، الفرقة التي لم يصالحوا مع المسلمين، فإن الصلح مع أحد المتصالحين لا يستلزم الصلح مع الآخر، أو المعنى أن ما صالحوا عليه الكفار من إعانتهم لا يلزمهم العمل به، فيكون تأكيدا لما مر، و الأول أظهر.

الحديث الخامس‏: ضعيف، و قد مر مضمونه و شرحه.

الحديث السادس‏: مجهول.

و في القاموس‏ الدهى‏ و الدهاء النكر و جودة الرأي و الإرب، و رجل داه و ده و داهية و الجمع دهاة و دهاه دهيا، و دهاه نسبه إلى الدهاء، أو عابه و تنقصه.

أو أصابه بداهية، و هي الأمر العظيم، و الدهى كغني العاقل، انتهى.

323
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

باب الكذب ص : 325

 

بَابُ الْكَذِبِ‏

 [الحديث 1]

1 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع‏ يَا أَبَا النُّعْمَانِ لَا تَكْذِبْ عَلَيْنَا كَذِبَةً فَتُسْلَبَ الْحَنِيفِيَّةَ وَ لَا تَطْلُبَنَّ أَنْ تَكُونَ رَأْساً فَتَكُونَ ذَنَباً وَ لَا تَسْتَأْكِلِ‏

______________________________

هنا أن الغادر على وجه استباحة ذلك و استحلاله كما هو المشهور من حال عمرو ابن العاص و معاوية في استباحة ما علم تحريمه بالضرورة من دين محمد صلى الله عليه و آله و سلم و جحده هو الكفر، و يحتمل أن يريد كفر نعم الله و سترها بإظهار معصيته كما هو المفهوم منه لغة، و إنما وحد الكفرة لتعدد الكفر بسبب تعدد الغدر.

باب الكذب‏ الحديث الأول‏: مجهول و قد مر قريب منه في باب طلب الرئاسة.

" كذبة" أي كذبة واحدة فكيف الأكثر، و الكذب الإخبار عن الشي‏ء بخلاف ما هو عليه سواء طابق الاعتقاد أم لا على المشهور، و قيل: الصدق مطابقة الاعتقاد و الكذب خلافه، و قيل: الصدق مطابقة الواقع و الاعتقاد معا و الكلام فيه يطول و لا ريب في أن الكذب من أعظم المعاصي و أعظم أفراده و أشنعها الكذب على الله و على رسوله و على الأئمة عليهم السلام.

" فتسلب الحنيفية" الحنيفية مفعول ثان لتسلب أي الملة المحمدية المائلة عن الضلالة إلى الاستقامة، أو من الشدة إلى السهولة، أي خرج عن كمال الملة و الدين و لم يعمل بشرائطها إلا أنه خرج من الملة حقيقة و قد مر نظائره أو هو محمول على ما إذا تعمد ذلك لإحداث بدعة في الدين أو للطعن على الأئمة الهادين، و في النهاية: الحنيف المائل إلى الإسلام الثابت عليه، و الحنيفية عند العرب من كان على دين إبراهيم و أصل الحنيف الميل، و منه الحديث بعثت بالحنيفية السمحة السهلة، انتهى.

 

325
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 3 ص : 329

 [الحديث 3]

3 عَنْهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ‏ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ لِلشَّرِّ أَقْفَالًا وَ جَعَلَ مَفَاتِيحَ تِلْكَ الْأَقْفَالِ الشَّرَابَ وَ الْكَذِبُ شَرٌّ مِنَ الشَّرَابِ‏

 [الحديث 4]

4 عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ‏ إِنَّ الْكَذِبَ هُوَ خَرَابُ الْإِيمَانِ‏

______________________________

الوصفين، أو معناه يحكم لهما بذلك أو يوجب لهما استحقاق الوصف بصفة الصديقين و ثوابهم، و صفة الكذابين و عقابهم، أو معناه أنه يلقى ذلك في قلوب المخلوقين و يشهره بين المقربين.

الحديث الثالث‏: موثق.

و الشر في الأول صفة مشبهة و في الثاني أفعل التفضيل، و المراد بالشراب‏ جميع الأشربة المسكرة، و كان المراد بالأقفال‏ الأمور المانعة من ارتكاب الشرور من العقل و ما يتبعه و يستلزمه من الحياء من الله و من الخلق، و التفكر في قبحها و عقوباتها و مفاسدها الدنيوية و الأخروية، و الشراب يزيل العقل، و بزوالها ترتفع جميع تلك الموانع، فتفتح جميع الأقفال.

و كان المراد بالكذب‏ الذي هو شر من الشراب الكذب على الله و على حججه عليهم السلام، فإنه تألى الكفر و تحليل الأشربة المحرمة ثمرة من ثمرات هذا الكذب، فإن المخالفين بمثل ذلك حللوها، و قيل: الوجه فيه أن الشرور التابعة للشراب تصدر بلا شعور بخلاف الشرور التابعة للكذب، و قد يقال: الشر في الثاني أيضا صفة مشبهة و من تعليلية و المعنى أن الكذب أيضا شر ينشأ من الشراب لئلا ينافي ما سيأتي في كتاب الأشربة أن شرب الخمر أكبر الكبائر.

الحديث الرابع‏: ضعيف.

و الحمل على المبالغة، أي هو سبب‏ خراب الإيمان‏ و قد يقرأ بتشديد الراء بصيغة المبالغة.

329
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 5 ص : 330

 [الحديث 5]

5 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ جَمِيعاً عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ عَنْ أَبِي خَدِيجَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ الْكَذِبُ عَلَى اللَّهِ وَ عَلَى رَسُولِهِ ص مِنَ الْكَبَائِرِ

 [الحديث 6]

6 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبَانٍ الْأَحْمَرِ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ‏ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُكَذِّبُ الْكَذَّابَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ الْمَلَكَانِ اللَّذَانِ مَعَهُ ثُمَّ هُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ‏

 [الحديث 7]

7 عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ إِنَّ الْكَذَّابَ يَهْلِكُ بِالْبَيِّنَاتِ وَ يَهْلِكُ أَتْبَاعُهُ بِالشُّبُهَاتِ‏

______________________________

الحديث الخامس‏: ضعيف.

الحديث السادس‏: موثق.

و لفظة" ثم" إما للترتيب الرتبي و يحتمل الزماني أيضا إذ علم الله مقدم على إرادته أيضا، ثم بإلهام الله تعالى يعلم الملكان أو عند الإرادة تظهر منه رائحة خبيثة يعلم الملكان قبحه و كذبه كما يظهر من بعض الأخبار، و يمكن أن يكون علم الملكين لمصاحبتهما له و علمهما بأحواله بناء على عدم تبدلهما في كل يوم كما هو ظاهر أكثر الأخبار، و أما تأخر علمه فلأنه ما لم يتم الكلام لا يعلم يقينا صدور الكذب منه.

الحديث السابع‏: صحيح.

و أريد بالكذاب‏ في هذا الحديث إما مدعي الرئاسة بغير حق و سبب‏ إهلاكه بالبينات‏ إفتاؤه بغير علم مع علمه بجهله، و سبب هلاك‏ أتباعه بالشبهات‏ تجويز كونه عالما و عدم قطعهم بجهله، فهم في شبهة من أمره أو من يضع الحديث و يبتدع في الدين فهو يهلك نفسه بأمر يعلم كذبه و أتباعه يهلكون بالشبهة و الجهالة لحسن ظنهم به و احتمالهم صدقه، و الوجهان متقاربان.

330
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 8 ص : 331

 [الحديث 8]

8 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ إِنَّ آيَةَ الْكَذَّابِ بِأَنْ يُخْبِرَكَ خَبَرَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ فَإِذَا سَأَلْتَهُ عَنْ حَرَامِ اللَّهِ وَ حَلَالِهِ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَيْ‏ءٌ

 [الحديث 9]

9 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ إِنَّ الْكَذِبَةَ لَتُفَطِّرُ الصَّائِمَ قُلْتُ وَ أَيُّنَا لَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ قَالَ لَيْسَ حَيْثُ ذَهَبْتَ إِنَّمَا ذَلِكَ الْكَذِبُ عَلَى اللَّهِ وَ عَلَى‏

______________________________

الحديث الثامن‏: صحيح.

" بأن يخبرك" كان الباء زائدة أو التقدير تعلم بأن يخبرك و إنما كان هذا آية الكذاب لأنه لو كان علمه بالوحي و الإلهام لكان أحرى بأن يعلم الحلال و الحرام، لأن الحكيم العلام من يفيض على الأنام ما هم أحوج إليه من الحقائق و الأحكام، و كذا لو كان بالوراثة عن الأنبياء و الأوصياء عليهم السلام، و لو كان بالكشف فعلى تقدير إمكان حصوله لغير الحجج عليهم السلام فالعلم بحقائق الأشياء على ما هي عليه لا يحصل لأحد إلا بالتقوى و تهذيب السر عن رذائل الأخلاق، قال الله تعالى:" وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ يُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ‏ «1»" و لا يحصل التقوى إلا بالاقتصار على الحلال و الاجتناب عن الحرام، و لا يتيسر ذلك إلا بالعلم بالحلال و الحرام، فمن أخبر عن شي‏ء من حقائق الأشياء و لم يكن عنده معرفة بالحلال و الحرام فهو لا محالة كذاب يدعي ما ليس له.

الحديث التاسع‏: حسن موثق.

و يدل على أن الكذب على الله و على رسوله و على الأئمة عليهم السلام يفسد الصوم كما ذهب إليه جماعة من الأصحاب، و هم اختلفوا فقيل: يجب به القضاء و الكفارة، و قيل: القضاء خاصة، و المشهور أنه لا يفسد و إن نقص به ثوابه و فضله، و تضاعف‏

______________________________

 (1) سورة البقرة: 282.

331
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 10 ص : 332

رَسُولِهِ وَ عَلَى الْأَئِمَّةِ ص‏

 [الحديث 10]

10 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ رَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ ذُكِرَ الْحَائِكُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ مَلْعُونٌ فَقَالَ إِنَّمَا ذَاكَ الَّذِي يَحُوكُ الْكَذِبَ عَلَى اللَّهِ وَ عَلَى رَسُولِهِ ص‏

 [الحديث 11]

11 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ الطَّائِيِّ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ لَا يَجِدُ عَبْدٌ طَعْمَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَتْرُكَ الْكَذِبَ هَزْلَهُ وَ جِدَّهُ‏

 [الحديث 12]

12 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ‏ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع الْكَذَّابُ هُوَ الَّذِي يَكْذِبُ فِي الشَّيْ‏ءِ قَالَ لَا مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ وَ لَكِنَّ الْمَطْبُوعَ عَلَى الْكَذِبِ‏

______________________________

به العذاب و العقاب.

الحديث العاشر: مرسل.

و قوله: أنه ملعون‏، بفتح الهمزة بدل اشتمال للحائك، و يحتمل أن يكون الحديث عنده عليه السلام موضوعا و لم يمكنه إظهار ذلك تقية فذكر له تأويلا يوافق الحق، و مثل ذلك في الأخبار كثير يعرف ذلك من اطلع على أسرار أخبارهم عليهم السلام و استعارة الحياكة لوضع الحديث شايعة بين العرب و العجم.

الحديث الحادي عشر: مجهول.

و وجدان طعم الإيمان‏ كناية عن كماله و ترتب الثمرات العظيمة عليه، و لا يكون ذلك إلا بوصوله درجة اليقين و صاحب اليقين المشاهد لمثوبات الآخرة و عقوباتها دائما لا يجترئ على شي‏ء من المعاصي لا سيما الكذب الذي هو من كبائرها.

الحديث الثاني عشر: حسن كالصحيح.

و المطبوع على الكذب‏ المجبول عليه بحيث صار عادة له و لا يتحرز عنه و

332
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 13 ص : 333

 [الحديث 13]

13 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِيفٍ عَنْ أَبِيهِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ع مَنْ كَثُرَ كَذِبُهُ ذَهَبَ بَهَاؤُهُ‏

 [الحديث 14]

14 عَنْهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَجْتَنِبَ مُوَاخَاةَ الْكَذَّابِ فَإِنَّهُ يَكْذِبُ حَتَّى يَجِي‏ءَ بِالصِّدْقِ فَلَا يُصَدَّقُ‏

______________________________

لا يبالي به و لا يندم عليه، و من لا يكون كذلك لا يصدق عليه الكذاب مطلقا فإنه صيغة مبالغة، أو المراد الكذاب الذي يكتبه الله كذابا كما مر، أو الكذاب الذي ينبغي أن يجتنب مؤاخاته كما سيأتي، و فيه إيماء إلى أن الكذب مطلقا ليس من الكبائر، و في القاموس طبع على الشي‏ء بالضم: جبل.

الحديث الثالث عشر: مرسل.

" ذهب بهاؤه" أي حسنه و جماله و وقره عند الله سبحانه و عند الخلق، فإن الخلق و إن لم يكونوا من أهل الملة يكرهون الكذب و يقبحونه و يتنفرون من أهله.

الحديث الرابع عشر: مرفوع.

و سيأتي مثله في باب مجالسة أهل المعاصي في كتاب العشرة في باب من تكره مجالسته و مصادقته‏" حتى يجي‏ء بالصدق فلا يصدق" الظاهر أنه على بناء المفعول من التفعيل أي لكثرة ما ظهر لك من كذبه لا يمكنك تصديقه فيما يأتي به من الصدق أيضا فلا تنتفع بمصاحبته و مؤاخاته، مع أنه جذاب لطبع الجليس إلى طبعه، و يخطر بالبال أنه يحتمل أن يكون المراد به أن هذا الرجل المؤاخي يكذب نقلا عن الأخ الكذاب لاعتماده عليه ثم يظهر كذب ما أخبر به حتى لا يعتمد الناس على صدقه أيضا كما ورد في الخبر: كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما يسمع، و ما سيأتي في البابين يؤيد المعنى الأول، و ربما يقرأ يصدق على بناء المجرد أي إذا

333
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 15 ص : 334

 [الحديث 15]

15 عَنْهُ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ إِنَّ مِمَّا أَعَانَ اللَّهُ [بِهِ‏] عَلَى الْكَذَّابِينَ النِّسْيَانَ‏

 [الحديث 16]

16 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي يَحْيَى الْوَاسِطِيِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ الْكَلَامُ ثَلَاثَةٌ صِدْقٌ وَ كَذِبٌ وَ إِصْلَاحٌ بَيْنَ النَّاسِ قَالَ قِيلَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا الْإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ قَالَ تَسْمَعُ مِنَ الرَّجُلِ كَلَاماً

______________________________

أخبر بصدق يغيره و يدخل فيه شيئا يصير كذبا.

الحديث الخامس عشر: موثق كالصحيح.

" إن مما أعان الله على الكذابين" أي أضرهم به و فضحهم فإنهم كثيرا ما يكذبون في خبر ثم ينسون و يخبرون بما ينافيه و يكذبه، فيفتضحون بذلك عند الخاصة و العامة، قال الجوهري: في الدعاء رب أعني و لا تعن على.

الحديث السادس عشر: مرسل.

" تسمع من الرجل كلاما" كان من بمعنى في كما في قوله تعالى:" إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ «1»" أي فيه، و كذا قالوا في قوله سبحانه:" أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ‏ «2»+" أي في الأرض، و يحتمل أن يكون تقدير الكلام تسمع من رجل كلاما في حق رجل آخر يذمه به فيبلغ الرجل الثاني ذلك الكلام فتخبث نفسه عن الأول أي يتغير عليه و يبغضه فتلقى الرجل الثاني فتقول: سمعت من الرجل الأول فيك كذا و كذا من مدحه خلاف ما سمعت منه من ذمه، و التكلف فيه من جهة إرجاع ضمير يبلغه إلى الرجل الثاني، و هو غير مذكور في الكلام لكنه معلوم بقرينة المقام.

و هذا القول و إن كان كذبا لغة و عرفا جائز لقصد الإصلاح بين الناس‏

______________________________

 (1) سورة الجمعة: 9.

 (2) سورة فاطر: 40.

334
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 19 ص : 342

 [الحديث 19]

19 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ الْمُصْلِحُ لَيْسَ بِكَذَّابٍ‏

 [الحديث 20]

20 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى الْكَاهِلِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى مَوْلَى آلِ سَامٍ قَالَ‏ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع بِحَدِيثٍ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَ لَيْسَ زَعَمْتَ لِيَ السَّاعَةَ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ لَا فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَيَّ فَقُلْتُ بَلَى وَ اللَّهِ زَعَمْتَ‏

______________________________

مثل أن يقول لعدوه: انحل حزام سرجك و يريد فيما مضى، و يقول لجيش عدوه مات أميركم ليذعر قلوبهم، و يعني النوم أو يقول لهم: غدا يأتينا مدد و قد أعد قوما من عسكره ليأتوا في صورة المدد أو يعني بالمدد الطعام، فهذا نوع من الخدع الجائزة و المعاريض المباحة.

و قال القرطبي: لعل ما استند في منعه التصريح بقاعدة حرمة الكذب و تأويله الأحاديث بحملها على المعاريض ما يعضده دليل، و أما الكذب ليمنع مظلوما من الظلم عليه فلم يختلف فيه أحد من الأمم لا عرب و لا عجم، و من الكذب الذي يجوز بين الزوجين الإخبار بالمحبة و الاغتباط و إن كان كذبا لما فيه من الإصلاح و دوام الألفة.

الحديث التاسع عشر: صحيح و كان فيه إشعارا بتجويز التكرار و المبالغة في الكذب للإصلاح.

الحديث العشرون‏: مجهول.

و في القاموس: الزعم‏ مثلثة القول الحق و الباطل و الكذب ضد، و أكثر ما يقال فيما يشك فيه، و الزعمي الكذاب و الصادق، و زعمتني كذا ظننتني و التزعم التكذب و أمر مزعم كمقعد لا يوثق به، و في النهاية فيه أنه ذكر أيوب عليه السلام فقال: إذا كان مر برجلين يتزاعمان، و قال الزمخشري: معناه أنهما يتحادثان بالزعمات و هي ما لا يوثق به من الأحاديث، و منه الحديث بئس مطية الرجل، زعموا معناه أن الرجل إذا أراد المسير إلى بلد و الظعن في حاجة ركب مطية حتى يقضي إربه فشبه ما

342
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

باب ذي اللسانين ص : 353

 

بَابُ ذِي اللِّسَانَيْنِ‏

 [الحديث 1]

1 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَوْنٍ الْقَلَانِسِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ مَنْ لَقِيَ الْمُسْلِمِينَ بِوَجْهَيْنِ‏

______________________________

كذب في حلمه كلف يوم القيامة أن يعقد بين شعيرين‏ «1».

باب ذي اللسانين‏ الحديث الأول‏: ضعيف على المشهور، و قال بعض المحققين: ذو اللسانين هو الذي يأتي هؤلاء بوجه و هؤلاء بوجه، و يتردد بين المتعاديين و يكلم كل واحد بكلام يوافقه و قلما يخلو عنه من يشاهد متعاديين، و ذلك عين النفاق.

و قال بعضهم: اتفقوا على أن ملاقاة الاثنين بوجهين نفاق، و للنفاق علامات كثيرة و هذه من جملتها، فإن قلت: فبما ذا يصير الرجل ذا اللسانين و ما حد ذلك؟

______________________________

 (1) هذا آخر ما نقله عن بعض المحققين في هذه التكملة، و المراد من هذا البعض أبو حامد الغزالى، و يظهر من كلامه في اول التكملة أنّه لا يرى للكذب حرمة ذاتية و ان حرمته تابعة لما يترتب عليه من الضرر و المنفعة، و لا يخفى انه مخالف لما يستفاد ظاهرا من الآيات و الروايات، قال بعض الأفاضل في تعليقته على هذا الكلام: فيه نظر لان الكذب اظهار ما هو خلاف الواقع عمدا سواء كان يضر أو ينفع، و هذا خروج عن الحق و ميل عن الصراط السوى الى الباطل الذي يشمئز عنه الفطرة السليمة و العقل، و هذا حرام في الشرع و قبيح عند العقل الا أن يقال بعدم وجود الحسن و القبح العقليين، و هو خلاف ما عليه أصحابنا، ثمّ قال:

و تجويز الشرع الكذب في بعض الموارد لاختيار أقل المحذورين لمصلحة لا ينافى حرمته لنفسه، و يؤيد ذلك ظاهر الروايات.

أقول: و للبحث مجال آخر، و كان على الشارح (ره) التنبه و التحقيق في هذا الكلام اللّهمّ الا أن يقال: إنّه كان موافقا لما ذكره الغزالى في هذا المقام، و لكنه غير معلوم، و اللّه العالم.

 

353
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

باب الهجرة ص : 359

 

بَابُ الْهِجْرَةِ

 [الحديث 1]

1 الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الرَّبِيعِ وَ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ رَفَعَهُ قَالَ فِي وَصِيَّةِ الْمُفَضَّلِ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ لَا يَفْتَرِقُ رَجُلَانِ عَلَى الْهِجْرَانِ إِلَّا اسْتَوْجَبَ أَحَدُهُمَا الْبَرَاءَةَ وَ اللَّعْنَةَ وَ رُبَّمَا اسْتَحَقَّ ذَلِكَ كِلَاهُمَا فَقَالَ لَهُ مُعَتِّبٌ جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ هَذَا الظَّالِمُ فَمَا بَالُ الْمَظْلُومِ قَالَ لِأَنَّهُ لَا يَدْعُو أَخَاهُ إِلَى صِلَتِهِ وَ لَا يَتَغَامَسُ لَهُ عَنْ كَلَامِهِ سَمِعْتُ أَبِي‏

______________________________

باب الهجرة الحديث الأول‏: مرفوع.

و الهجر و الهجران‏ خلاف الوصل، قال في المصباح: هجرته هجرا من باب قتل تركته و رفضته فهو مهجور، و هجرت الإنسان قطعته و الاسم الهجران، و في التنزيل:" وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ‏ «1»"" البراءة" أي براءة الله و رسوله منه، و معتب‏ بضم الميم و فتح العين و تشديد التاء المكسورة، و كان من خيار موالي الصادق عليه السلام بل خيرهم كما روي فيه‏" هذا الظالم" أي أحدهما ظالم، و الظالم خبر أو التقدير هذا الظالم استوجب ذلك فما حال المظلوم؟ و لم استوجبه؟" إلى صلته" أي إلى صلة نفسه، و يحتمل رجوع الضمير إلى الأخ.

" و لا يتغامس" في أكثر النسخ بالغين المعجمة، و الظاهر أنه بالمهملة كما في بعضها قال في القاموس: تعامس تغافل، و علي تعامي علي، و يمكن التكلف في المهملة بما يرجع إلى ذلك من قولهم غمسه في الماء أي رمسه، و الغميس الليل المظلم و الظلمة و الشي‏ء الذي لم يظهر للناس و لم يعرف بعد، و كل ملتف يغتمس فيه أو يستخفي، قال في النهاية: في حديث علي عليه السلام: ألا و إن معاوية قاد لمة من الغواة و عمس عليهم الخبر، العمس أن ترى أنك لا تعرف الأمر و أنت به عارف، و يروى بالغين‏

______________________________

 (1) سورة النساء: 34.

 

359
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 2 ص : 360

يَقُولُ إِذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ فَعَازَّ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَلْيَرْجِعِ الْمَظْلُومُ إِلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يَقُولَ لِصَاحِبِهِ أَيْ أَخِي أَنَا الظَّالِمُ حَتَّى يَقْطَعَ الْهِجْرَانَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ صَاحِبِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى حَكَمٌ عَدْلٌ يَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ‏

 [الحديث 2]

2 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لَا هِجْرَةَ فَوْقَ ثَلَاثٍ‏

 [الحديث 3]

3 حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ عَنْ وُهَيْبِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ‏ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَصْرِمُ ذَوِي قَرَابَتِهِ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ‏

______________________________

المعجمة.

" فعاز" بالزاي المشددة، و في بعض النسخ: فعال باللام المخففة، في القاموس:

عزه كمدة غلبه في المعازة، و في الخطاب غالبة كعازه، و قال: عال جار و مال عن الحق، و الشي‏ء فلانا غلبه و ثقل عليه و أهمه‏" أنا الظالم" كأنه من المعاريض للمصلحة.

الحديث الثاني‏: حسن كالصحيح.

و ظاهره أنه لو وقع بين أخوين من أهل الإيمان موجده أو تقصير في حقوق العشرة و الصحبة و أفضى ذلك إلى الهجرة فالواجب عليهم أن لا يبقوا عليها فوق ثلاث ليال، و أما الهجر في الثالث فظاهره أنه معفو عنه و سببه أن البشر لا يخلو عن غضب و سوء خلق فسومح في تلك المدة، مع أن دلالته بحسب المفهوم و هي ضعيفة، و هذه الأخبار مختصة بغير أهل البدع و المصرين على المعاصي، لأن هجرهم مطلوب و هو من أقسام النهي عن المنكر.

الحديث الثالث‏: موثق.

و الصرم‏ القطع أي يهجره رأسا، و يدل على أن الأمر بصلة الرحم يشمل‏

360
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 5 ص : 362

 [الحديث 5]

5 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْقَمَّاطِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ قَالَ أَبِي ع قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ أَيُّمَا مُسْلِمَيْنِ تَهَاجَرَا فَمَكَثَا ثَلَاثاً لَا يَصْطَلِحَانِ إِلَّا كَانَا خَارِجَيْنِ مِنَ الْإِسْلَامِ وَ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا وَلَايَةٌ فَأَيُّهُمَا سَبَقَ إِلَى كَلَامِ أَخِيهِ كَانَ السَّابِقَ إِلَى الْجَنَّةِ- يَوْمَ الْحِسَابِ‏

 [الحديث 6]

6 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ

______________________________

الحديث الخامس‏: ضعيف على المشهور.

" إلا كانا" كان الاستثناء من مقدر أي لم يفعلا ذلك إلا كانا خارجين، و هذا النوع من الاستثناء شائع في الأخبار، و يحتمل أن يكون إلا هنا زائدة كما قال الشاعر:

أرى الدهر إلا مجنونا بأهله‏

 

 

 

 و قيل: التقدير لا يصطلحان على حال إلا و قد كانا خارجين، و قيل‏" أيما" مبتدأ و" لا يصطلحان" حال عن فاعل مكثا و إلا مركب من إن الشرطية و لا النافية نحو" إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ‏ «1»"" و لم يكن" بتشديد النون مضارع مجهول من باب الأفعال، و تكرار للنفي في إن لا كانا، مأخوذ من الكنة بالضم و هي جناح يخرج من حائط أو سقيفة فوق باب الدار، و قوله: فأيهما، جزاء الشرط، و الجملة الشرطية خبر المبتدأ أي أيما مسلمين تهاجرا ثلاثة أيام إن لم يخرجا من الإسلام و لم يضعا الولاية و المحبة على طاق النسيان فأيهما سبق، إلخ.

و إنما ذكرنا ذلك للاستغراب، مع أن أمثال ذلك دأبه رحمه الله في أكثر الأبواب، و ليس ذلك منه بغريب، و المراد بالولاية المحبة التي تكون بين المؤمنين.

الحديث السادس‏: حسن كالصحيح.

______________________________

 (1) سورة التوبة: 40.

362
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

باب قطيعة الرحم ص : 364

بَابُ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ‏

 [الحديث 1]

1 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ مِسْمَعِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ فِي حَدِيثٍ أَلَا إِنَّ فِي التَّبَاغُضِ الْحَالِقَةَ لَا أَعْنِي حَالِقَةَ الشَّعْرِ وَ لَكِنْ حَالِقَةَ الدِّينِ‏

 [الحديث 2]

2 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‏ اتَّقُوا الْحَالِقَةَ فَإِنَّهَا تُمِيتُ الرِّجَالَ قُلْتُ وَ مَا الْحَالِقَةُ قَالَ قَطِيعَةُ الرَّحِمِ‏

______________________________

باب قطيعة الرحم‏ الحديث الأول‏: حسن كالصحيح.

و في النهاية فيه: دب إليكم داء الأمم البغضاء و هي الحالقة، الحالقة الخصلة التي من شأنها أن يحلق أي تهلك و تستأصل الدين كما يستأصل الموسى الشعر، و قيل:

قطيعة الرحم و التظالم، انتهى.

و كان المصنف رحمه الله أورده في هذا الباب لأن التباغض يشمل ذوي الأرحام أيضا، أو لأن الحالقة فسرت في سائر الأخبار بالقطيعة، بل في هذا الخبر أيضا يحتمل أن يكون المراد ذلك، بأن يكون المراد أن التباغض بين الناس من جملة مفاسده قطع الأرحام و هو حالقة الدين.

الحديث الثاني‏: ضعيف.

" تميت الرجال" أي تورث موتهم و انقراضهم كما سيأتي، و حمله على موت القلوب كما قيل بعيد، و يمكن أن يكون هذا أحد وجوه التسمية بالحالقة، و الرحم‏ في الأصل منبت الولد و وعاؤه في البطن، ثم سميت القرابة من جهة الولادة رحما و منها ذو الرحم خلاف الأجنبي.

364
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 6 ص : 369

 [الحديث 6]

6 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لَا تَقْطَعْ رَحِمَكَ وَ إِنْ قَطَعَتْكَ‏

 [الحديث 7]

7 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي خُطْبَتِهِ‏ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي تُعَجِّلُ الْفَنَاءَ فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْكَوَّاءِ الْيَشْكُرِيُّ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَ وَ تَكُونُ ذُنُوبٌ تُعَجِّلُ الْفَنَاءَ فَقَالَ نَعَمْ وَيْلَكَ قَطِيعَةُ الرَّحِمِ إِنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ لَيَجْتَمِعُونَ وَ يَتَوَاسَوْنَ‏

______________________________

من البر فيكون حذف المفعول للتعميم‏" إنهم يفعلون" أي الإضرار و أنواع الإساءة و لا يرجعون عنها" أ تريد أن تكون مثلهم" في القطع و ارتكاب القبيح و ترك الإحسان‏ فلا ينظر الله إليكم‏ أي يقطع عنكم جميعا رحمته في الدنيا و الآخرة، و إذا وصلت فإما أن يرجعوا فيشملكم الرحمة و كنت أولى بها و أكثر حظا منها، و إما أن لا يرجعوا فيخصك الرحمة و لا انتقام أحسن من ذلك.

الحديث السادس‏: ضعيف على المشهور.

و ظاهره تحريم القطع و إن قطعوا و ينافيه ظاهرا قوله تعالى:" فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى‏ عَلَيْكُمْ‏ «1»" و يمكن تخصيص الآية بتلك الأخبار و لم يتعرض أصحابنا رضي الله عنهم لتحقيق تلك المسائل مع كثرة الحاجة إليها، و الخوض فيها يحتاج إلى بسط و تفصيل لا يناسبان هذه التعليقة، و قد مر بعض القول فيها في باب صلة الرحم، و سلوك سبيل الاحتياط في جميع ذلك أقرب إلى النجاة.

الحديث السابع‏: مرفوع.

و ابن الكواء كان من رؤساء الخوارج لعنهم الله و يشكر اسم أبي قبيلتين كان هذا الملعون من إحداهما فيحرمهم الله من سعة الأرزاق و طول الأعمار و إن كانوا متقين فيما سوى ذلك، و لا ينافيه قوله تعالى:" وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً

______________________________

 (1) سورة البقرة: 194.

369
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 8 ص : 370

 

وَ هُمْ فَجَرَةٌ فَيَرْزُقُهُمُ اللَّهُ وَ إِنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ لَيَتَفَرَّقُونَ وَ يَقْطَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَيَحْرِمُهُمُ اللَّهُ وَ هُمْ أَتْقِيَاءُ

 [الحديث 8]

8 عَنْهُ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‏ إِذَا قَطَّعُوا الْأَرْحَامَ جُعِلَتِ الْأَمْوَالُ فِي أَيْدِي الْأَشْرَارِ

بَابُ الْعُقُوقِ‏

 [الحديث 1]

1 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ حَدِيدِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ أَدْنَى الْعُقُوقِ أُفٍّ وَ لَوْ عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ شَيْئاً أَهْوَنَ مِنْهُ لَنَهَى عَنْهُ‏

______________________________

وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ‏ «1»" فإنه غير متق لقطع الرحم، و مفهومها غير مقصود، فإن كثيرا من الكفار و الفساق مرزوقون، و لو كان مقصودا فيمكن أن يكون باعتبار التقييد بقوله من حيث لا يحتسب.

الحديث الثامن‏: صحيح.

" جعلت الأموال في أيدي الأشرار" هذا مجرب و أحد أسبابه أنهم يتخاصمون و يتنازعون و يترافعون إلى الظلمة و حكام الجور، فتصير أموالهم بالرشوة في أيديهم و أيضا إذا تخاصموا و لم يتعاونوا يتسلط عليهم الأشرار و يأخذونها منهم.

باب العقوق‏ الحديث الأول‏: ضعيف على المشهور.

" لنهى عنه" إذ معلوم أن الغرض النهي عن جميع الأفراد فاكتفى بالأدنى ليعلم منه الأعلى بالأولوية كما هو الشائع في مثل هذه العبارة، و الأف‏ كلمة تضجر

______________________________

 (1) سورة الطلاق: 2.

 

370
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 2 ص : 371

 [الحديث 2]

2 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ كُنْ بَارّاً وَ اقْتَصِرْ عَلَى الْجَنَّةِ وَ إِنْ كُنْتَ عَاقّاً [فَظّاً] فَاقْتَصِرْ عَلَى النَّارِ

 [الحديث 3]

3 أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ عَنْ عُبَيْسِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ صَالِحٍ الْحَذَّاءِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ كُشِفَ غِطَاءٌ مِنْ أَغْطِيَةِ الْجَنَّةِ فَوَجَدَ رِيحَهَا مَنْ كَانَتْ لَهُ رُوحٌ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ إِلَّا صِنْفٌ وَاحِدٌ قُلْتُ مَنْ هُمْ قَالَ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ‏

 [الحديث 4]

4 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‏

______________________________

و قد أفف تأفيفا إذا قال ذلك، و المراد بعقوق الوالدين‏ ترك الأدب لهما و الإتيان بما يؤذيهما قولا و فعلا، و مخالفتهما في أغراضهما الجائزة عقلا و نقلا و قد عد من الكبائر، و دل على حرمته الكتاب و السنة و أجمع عليها الخاصة و العامة و قد مر القول في ذلك في باب برهما.

الحديث الثاني‏: حسن كالصحيح.

" فاقتصر على الجنة" أي اكتف بها، و فيه تعظيم أجر البر حتى أنه يوجب دخول الجنة، و يفهم منه أنه يكفر كثيرا من السيئات و يرجح عليها ميزان الحساب.

الحديث الثالث‏: مجهول.

" العاق لوالديه" أي لهما أو لكل منهما، و يدل ظاهرا على عدم دخول العاق الجنة، و يمكن حمله على المستحل أو على أنه لا يجد ريحها ابتداء و إن دخلها أخيرا، أو المراد بالوالدين هنا النبي و الإمام كما ورد في الأخبار، أو يحمل على جنة مخصوصة.

الحديث الرابع‏: ضعيف على المشهور.

371
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 8 ص : 375

وَ مِنَ الْعُقُوقِ أَنْ يَنْظُرَ الرَّجُلُ إِلَى وَالِدَيْهِ فَيُحِدَّ النَّظَرَ إِلَيْهِمَا

 [الحديث 8]

8 عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ هَارُونَ بْنِ الْجَهْمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ‏ إِنَّ أَبِي نَظَرَ إِلَى رَجُلٍ وَ مَعَهُ ابْنُهُ يَمْشِي وَ الِابْنُ مُتَّكِئٌ عَلَى ذِرَاعِ الْأَبِ قَالَ فَمَا كَلَّمَهُ أَبِي ع مَقْتاً لَهُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا

 [الحديث 9]

9 أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَسِّنِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ حَدِيدِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ أَدْنَى الْعُقُوقِ أُفٍّ وَ لَوْ عَلِمَ اللَّهُ أَيْسَرَ مِنْهُ لَنَهَى عَنْهُ‏

______________________________

" فيحد النظر" على بناء المجرد بضم الحاء أو على بناء الأفعال من تحديد السكين أو السيف مجازا، و يحتمل أن يكون هذا من الأدنى و يساوي الأف في المرتبة، أو يكون الأف أدنى بحسب القول و هذا بحسب الفعل، و الغرض أنه يجب أن ينظر إليهما على سبيل الخشوع و الأدب، و لا يملأ عينيه منهما و لا ينظر إليهما على وجه الغضب.

الحديث الثامن‏: مجهول.

و الظاهر أن ضمير" كلمه" راجع إلى الابن و رجوعه إلى الأب من حيث مكنه من ذلك بعيد، و قد يحمل على عدم رضا الأب أو أنه فعله تكبرا و اختيالا، و من هذه الأخبار يفهم أن أمر بر الوالدين دقيق و أن العقوق يحصل بأدنى شي‏ء.

الحديث التاسع‏: كالسابق.

و قد مر مثله عن حديد و الاختلاف في سائر السند.

375
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

باب الانتفاء ص : 376

بَابُ الِانْتِفَاءِ

 [الحديث 1]

1 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ كَفَرَ بِاللَّهِ مَنْ تَبَرَّأَ مِنْ نَسَبٍ وَ إِنْ دَقَ‏

 [الحديث 2]

2 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِي الْمَغْرَاءِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ كَفَرَ بِاللَّهِ مَنْ تَبَرَّأَ مِنْ نَسَبٍ وَ إِنْ دَقَ‏

 [الحديث 3]

3 عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ رِجَالٍ شَتَّى عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُمَا قَالا كُفْرٌ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ الِانْتِفَاءُ مِنْ حَسَبٍ وَ إِنْ دَقَ‏

______________________________

باب الانتفاء أي التبري عن نسب باعتبار دناءته عرفا الحديث الأول‏: حسن كالصحيح.

" و إن دق" أي بعد، أو و إن كان خسيسا دنيا و قيل: يحتمل أن يكون ضمير دق راجعا إلى التبري بأن لا يكون صريحا بل بالإيماء و هو بعيد، و قيل: يعني و إن دق ثبوته و هو أبعد، و الكفر هنا ما يطلق على أصحاب الكبائر كما مر و سيأتي، و ربما يحمل على ما إذا كان مستحلا لأن مستحل قطع الرحم كافر، أو المراد به كفر النعمة لأن قطع النسب كفر لنعمة المواصلة، أو يراد به أنه شبيه بالكفر لأن هذا الفعل يشبه فعل أهل الكفر، لأنهم كانوا يفعلونه في الجاهلية، و لا فرق في ذلك بين الولد و الوالد و غيرهما من الأرحام.

الحديث الثاني‏: موثق كالصحيح.

الحديث الثالث‏: ضعيف.

و المراد بالحسب‏ أيضا النسب الدني‏ء فإن الأحساب غالبا يكون بالأنساب،

376
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

باب من آذى المسلمين و احتقرهم ص : 377

 

بَابُ مَنْ آذَى الْمُسْلِمِينَ وَ احْتَقَرَهُمْ‏

 [الحديث 1]

1 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِيَأْذَنْ بِحَرْبٍ مِنِّي مَنْ آذَى عَبْدِيَ‏

______________________________

و يحتمل على بعد أن لا تكون" من" صلة للانتفاء بل يكون للتعليل، أي بسبب حسب حصل له أو لآبائه القريبة، و حينئذ في‏ قوله: و إن دق‏ تكلف إلا على بعض الوجوه البعيدة السابقة، و ربما يقرأ على هذا الوجه الانتقاء بالقاف أي دعوى النقاوة و الامتياز و الفخر بسبب حسب و هو تصحيف.

باب من أذى المسلمين و احتقرهم‏ الحديث الأول‏: صحيح.

" ليأذن" أي ليعلم كما قال تعالى في ترك ما بقي من الربا:" فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ‏ «1»" قال البيضاوي: أي فأعلموا بها من أذن بالشي‏ء إذا علم به، و تنكير حرب للتعظيم، و ذلك يقتضي أن يقاتل المربي بعد الاستتابة حتى يفي‏ء إلى أمر الله كالباغي و لا يقتضي كفره.

و في المجمع: أي فأيقنوا و اعلموا بقتال من الله و رسوله، و معنى الحرب عداوة الله و رسوله و هذا إخبار بعظم المعصية، و قال ابن عباس و غيره: إن من عامل بالربا استتابه فإن تاب و إلا قتله، انتهى.

و أقول: في الخبر يحتمل أن يكون كناية عن شدة الغضب بقرينة المقابلة، أو المعنى أن الله يحاربه أي ينتقم منه في الدنيا و الآخرة أو من فعل ذلك فليعلم أنه محارب لله كما سيأتي: فقد بارزني بالمحاربة، و قيل: الأمر بالعلم ليس على‏

______________________________

 (1) سورة البقرة: 279.

 

377
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 4 ص : 380

اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيّاً فَقَدْ أَرْصَدَ لِمُحَارَبَتِي‏

 [الحديث 4]

4 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ مَنْ حَقَّرَ مُؤْمِناً مِسْكِيناً أَوْ غَيْرَ مِسْكِينٍ لَمْ يَزَلِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حَاقِراً لَهُ مَاقِتاً حَتَّى يَرْجِعَ عَنْ مَحْقَرَتِهِ إِيَّاهُ‏

 [الحديث 5]

5 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ مُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ‏ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ‏

______________________________

و المراد بالولي‏ المحب البالغ بجهده في عبادة مولاه المعرض عما سواه‏" فقد أرصد" أي هيأ نفسه أو أدوات الحرب، و يمكن أن يقرأ على بناء المفعول قال في النهاية: يقال رصدته إذا قعدت له على طريقه تترقبه، و أرصدت له العقوبة إذا أعددتها، و حقيقته جعلتها على طريقه كالمترقبة له، و الإضافة في‏ قوله" لمحاربتي" إلى المفعول، و من فوائد هذا الخبر التحذير التام لأذى كل من المؤمنين [خشية] لاحتمال‏ «1» أن يكون من أوليائه تعالى، كما روى الصدوق بإسناده عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن الله أخفى وليه في عباده فلا تستصغروا شيئا من عباده فربما كان وليه و أنت لا تعلم.

الحديث الرابع‏: مرسل.

و في القاموس: الحقر الذلة كالحقرية بالضم، و الحقارة مثلثة و المحقرة، و الفعل كضرب و كرم، و الإذلال كالتحقير و الاحتقار و الاستحقار، و الفعل كضرب و قال: مقته‏ مقتا و مقاتة أبغضه كمقته و التحقير يكون بالقلب فقط، و إظهاره أشد و هو إما بقول كرهه أو بالاستهزاء به أو بشتمه أو بضربة أو بفعل يستلزم إهانته أو بترك قول أو فعل يستلزمها و أمثال ذلك.

الحديث الخامس‏: مختلف فيه معتبر عندي.

و يدل على أن عقوبة إذلال المؤمن تصل إلى المذل في الدنيا أيضا بل بعد

______________________________

 (1) كذا في نسخة الأصل و الظاهر «خشية احتمال» بدون اللام.

380
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 6 ص : 381

مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيّاً فَقَدْ أَرْصَدَ لِمُحَارَبَتِي وَ أَنَا أَسْرَعُ شَيْ‏ءٍ إِلَى نُصْرَةِ أَوْلِيَائِي‏

 [الحديث 6]

6 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ نَابَذَنِي مَنْ أَذَلَّ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنَ‏

 [الحديث 7]

7 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيّاً فَقَدْ أَرْصَدَ لِمُحَارَبَتِي وَ مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدٌ بِشَيْ‏ءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ‏

______________________________

الإذلال بلا مهلة و لو بمنع اللطف و الخذلان.

الحديث السادس‏: ضعيف على المشهور.

و في المصباح: نابذتهم‏ خالفتهم و نابذتهم الحرب كاشفتهم إياها و جاهرتهم بها.

الحديث السابع‏: مجهول.

" و ما تقرب" لما قدم سبحانه ذكر اختصاص الأولياء لديه أشار إجمالا إلى طريق الوصول إلى درجة الولاية من بداية السلوك إلى النهاية أي ما تحبب و لا طلب القرب لدي بمثل أداء ما افترضت عليه، أي أصالة أو أعم منه و مما أوجبه على نفسه بنذر و شبهه، لعموم الموصول.

و يدل على أن الفرائض أفضل من المندوبات مطلقا، و هذا ظاهر بحسب الاعتبار أيضا فإنه سبحانه أعلم بالأسباب التي توجب القرب إلى محبته و كرامته فلما أكد في الفرائض و أوعد على تركها علمنا أنها أفضل مما خيرنا في فعله و تركه، و وعد على فعله و لم يتوعد على تركه.

381
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 9 ص : 397

..........

______________________________

من أن المؤمن الخاص يكره الموت و يرغب في الحياة، و بين ما ورد عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه و من كره لقاء الله كره الله لقاءه، فإنه يدل بظاهره على أن المؤمن الحقيقي لا يكره الموت بل يرغب فيه كما نقل عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يقول: أن ابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه، و أنه قال حين ضربه ابن ملجم عليه اللعنة: فزت و رب الكعبة.

و قد أجاب عنه شيخنا الشهيد في الذكرى فقال: إن حب لقاء الله غير مقيد بوقت فيحمل على حال الاحتضار و معاينة ما يحب كما روينا عن الصادق عليه السلام و رووه في الصحاح عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، و من كره لقاء الله كره الله لقاءه، قيل: يا رسول الله إنا لنكره الموت؟ فقال: ليس ذلك و لكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله و كرامته، فليس شي‏ء أحب إليه مما أمامه، فأحب لقاء الله و أحب الله لقاءه، و أن الكافر إذا احتضره يبشر بعذاب الله فليس شي‏ء أكره إليه مما أمامه، كره لقاء الله فكره الله لقاءه، انتهى.

و قد يقال: إن الموت ليس نفس لقاء الله فكراهته من حيث الألم الحاصل منه لا يستلزم كراهة لقاء الله، و هذا ظاهر، و أيضا حب لقاء الله يوجب حب كثرة العمل الصالح النافع وقت لقائه، و هو يستلزم كراهة الموت القاطع لها، انتهى.

و أقول: أوردت وجوها أخرى في الكتاب الكبير، و عسى أن يأتي بعضها في كتاب الجنائز إن شاء الله.

و قال رحمه الله في قوله سبحانه: و إن من عبادي من لا يصلحه إلا الغني، الصناعة النحوية تقتضي أن يكون الموصول اسم إن، و الجار و المجرور خبرها، لكن لا يخفى أنه ليس الغرض الأخبار عن أن الذي لا يصلحه إلا الفقر بعض العباد إن لا فائدة فيه، بل الغرض العكس، فالأولى أن يجعل الظرف اسم إن و الموصول خبرها و هذا و إن كان خلاف ما هو المتعارف بين القوم لكن جوز بعضهم مثله في قوله تعالى‏

387
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

باب من طلب عثرات المؤمنين و عوراتهم ص : 399

 

فَأَسْتَجِيبُ لَهُ بِمَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ‏

بَابُ مَنْ طَلَبَ عَثَرَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَ عَوْرَاتِهِمْ‏

 [الحديث 1]

1 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَ الْفَضْلِ ابْنَيْ يَزِيدَ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالا أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى الْكُفْرِ أَنْ يُوَاخِيَ الرَّجُلَ عَلَى‏

______________________________

والده و يعطيه دنانير فإذا كبر و عقل علم أن ما أعطاه خير مما منعه، فكأنه استجاب له على أحسن الوجوه.

و يحتمل أن يكون المعنى: استجيب له بما أعلم أنه خير له، إما بإعطاء المسؤول أو بدله في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما.

باب من طلب عثرات المؤمنين و عوراتهم‏ الحديث الأول‏: ضعيف على المشهور.

" و أقرب" مبتدأ" و ما" مصدرية و يكون من الأفعال التامة و إلى متعلق بأقرب، و أن في‏ قوله: أن يؤاخي‏ مصدرية، و هو في موضع ظرف الزمان مثل رأيته مجي‏ء الحاج، و هو خبر المبتدأ، و العثرة الكبوة في المشي أستعير للذنب مطلقا أو الخطإ منه، و قريب منه‏ الزلة، و يمكن تخصيص إحداهما بالذنوب و الأخرى بمخالفة العادات و الآداب، و التعنيف‏ التعيير و اللوم، و هذا من أعظم الخيانة في الصداقة و الأخوة.

و لذا قال بعض العارفين: لا بد من أن تأخذ صديقا معتمدا موافقا مأمونا شره و لا يحصل ذلك إلا بعد اعتبارك إياه قبل الصداقة آونة من الزمان في جميع أقواله و أفعاله مع بني نوعه، و مع ذلك لا بد بعد الصداقة من أن تخفى كثيرا من أحوالك و أسرارك منه، فإنه ليس بمعصوم فلعل بعد المفارقة منك لأمر قليل يوجب زوال‏

 

399
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 3 ص : 401

تَتَبَّعَ عَوْرَاتِهِمْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَ مَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ تَعَالَى عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَ لَوْ فِي بَيْتِهِ‏

عَنْهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع‏ مِثْلَهُ‏

 [الحديث 3]

3 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ‏ إِنَّ أَقْرَبَ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى الْكُفْرِ أَنْ يُوَاخِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَلَى الدِّينِ فَيُحْصِيَ عَلَيْهِ عَثَرَاتِهِ وَ زَلَّاتِهِ لِيُعَنِّفَهُ بِهَا يَوْماً مَا

 [الحديث 4]

4 عَنْهُ عَنِ الْحَجَّالِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع‏

______________________________

بين المسلمين و كانوا يؤذونهم و يتتبعون عثراتهم، و قوله: و لا تتبعوا من باب التفعل بحذف إحدى التائين، في المصباح تتبعت أحواله و المراد بتتبع الله سبحانه عورته منع لطفه و كشف ستره، و منع الملائكة عن ستر ذنوبه و عيوبه فهو يفتضح في السماء و الأرض، و لو أخفاها و فعلها في جوف بيته و اهتم بإخفائها، أو المعنى و لو كانت فضيحته عند أهل بيته و الأول أظهر.

و روى الشيخ المفيد (ره) في الاختصاص بإسناده عن الصادق عليه السلام أن لله تبارك و تعالى على عبده أربعين جنة فمن أذنب ذنبا كبيرا رفع عنه جنة فإذا عاب أخاه المؤمن بشي‏ء يعلمه منه انكشفت تلك الجنن عنه، و يبقى مهتوك الستر فيفتضح في السماء على ألسنة الملائكة، و في الأرض على ألسنة الناس، و لا يرتكب ذنبا إلا ذكروه، و تقول الملائكة الموكلون به: يا ربنا بقي عبدك مهتوك الستر و قد أمرتنا بحفظه؟ فيقول عز و جل: ملائكتي لو أردت بهذا العبد خيرا ما فضحته فارفعوا أجنحتكم عنه، فو عزتي لا يألو بعدها إلى خيرا أبدا.

الحديث الثالث‏: موثق كالصحيح لإجماع العصابة على ابن بكير، و ذكر الرجل أولا من قبيل وضع الظاهر موضع المضمر.

الحديث الرابع‏: صحيح.

401
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 5 ص : 402

قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَ لَمْ يُسْلِمْ بِقَلْبِهِ لَا تَتَبَّعُوا عَثَرَاتِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَثَرَاتِ الْمُسْلِمِينَ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ وَ مَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَفْضَحْهُ‏

 [الحديث 5]

5 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَوِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ لَا تَطْلُبُوا عَثَرَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّ مَنْ تَتَبَّعَ عَثَرَاتِ أَخِيهِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَثَرَاتِهِ وَ مَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَثَرَاتِهِ يَفْضَحْهُ وَ لَوْ فِي جَوْفِ بَيْتِهِ‏

 [الحديث 6]

6 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ‏ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى الْكُفْرِ أَنْ‏

______________________________

و قد مر مثله، و في أكثر النسخ فيه و فيما مر و سيأتي يتبع فهو كيعلم أو على بناء الافتعال استعمل في التتبع مجازا أو على التفعيل و كأنه من النساخ و في أكثر نسخ الحديث على التفعل، في القاموس‏ تبعه‏ كفرح مشى خلفه و مر به فمضى معه، و أتبعتهم تبعتهم، و ذلك إذا كانوا سبقوك فلحقتهم، و التتبيع التتبع و الاتباع كالتبع و التباع بالكسر الولاء، و تتبعه تطلبه، و في الصحاح: تبعت القوم تبعا و تباعة بالفتح إذا مشيت خلفهم أو مروا بك فمضيت معهم، و كذلك اتبعتهم و هو افتعلت و أتبعت القوم على أفعلت إذا كانوا قد سبقوك فلحقتهم، و أتبعت أيضا غيري يقال: أتبعته الشي‏ء فتبعه.

قال الأخفش: تبعته و أتبعته أيضا بمعنى مثل ردفته و أردفته، و منه قوله تعالى" فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ‏ «1»" و تابعته على كذا متابعة و التباع الولاء و تتبعت الشي‏ء تتبعا أي تطلبته متبعا له و كذلك تبعته تتبيعا.

الحديث الخامس‏: حسن كالصحيح.

الحديث السادس‏: موثق كالصحيح، و قد مر سندا و متنا بأدنى تغيير في المتن‏

______________________________

 (1) سورة الصافّات: 10.

402
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 7 ص : 403

 

يُوَاخِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَلَى الدِّينِ فَيُحْصِيَ عَلَيْهِ زَلَّاتِهِ لِيُعَيِّرَهُ بِهَا يَوْماً مَا

 [الحديث 7]

7 عَنْهُ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ أَبْعَدُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ يُوَاخِيَ الرَّجُلَ وَ هُوَ يَحْفَظُ [عَلَيْهِ‏] زَلَّاتِهِ لِيُعَيِّرَهُ بِهَا يَوْماً مَا

بَابُ التَّعْيِيرِ

 [الحديث 1]

1 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ مَنْ أَنَّبَ مُؤْمِناً أَنَّبَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ

______________________________

و مثله من المصنف غريب.

الحديث السابع‏: كالسابق.

و يقال‏ عيرته‏ كذا و بكذا إذا قبحته عليه و نسبته إليه يتعدى بنفسه و بالباء و كان المراد الأبعدية بالنسبة إلى ما لا يؤدى إلى الكفر، فلا ينافي قوله عليه السلام أقرب ما يكون العبد إلى الكفر.

باب التعيير الحديث الأول‏: مرسل كالحسن.

و قال الجوهري: أنبه‏ تأنيبا عنفه و لامه، و تأنيبه عز و جل إما على الحقيقة ففي الآخرة ظاهر و في الدنيا و إن لم يسمع لكن يفتضح عند الملإ الأعلى، و يعلمه بأخبار المخبر الصادق و أمثال ذلك من نداء الله تعالى مع عدم سماعه كثيرة، و الكل محمول على ذلك، و إما المراد به إفشاء عيوبه و ابتلاؤه بمثله في الدنيا و عقابه على التأنيب في الآخرة على المشاكلة أو تسمية المسبب باسم السبب.

 

403
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

الحديث 3 ص : 405

 [الحديث 3]

3 مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ مَنْ عَيَّرَ مُؤْمِناً بِذَنْبٍ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَرْكَبَهُ‏

 [الحديث 4]

4 عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ مَنْ لَقِيَ أَخَاهُ بِمَا يُؤَنِّبُهُ أَنَّبَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ

______________________________

الحديث الثالث‏: صحيح.

و في القاموس: ركب‏ الذنب اقترفه كارتكبه، و يدل على أنه لا ينبغي تعيير مؤمن بشي‏ء و إن كان معصية سيما على رؤوس الخلائق، و لا ينافي وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، لأن المطلوب منهما النصح لا التأنيب إلا إذا علم أنه لا تنفعه فيلزم التشدد عليه على الترتيب الذي سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى.

الحديث الرابع‏: مجهول‏ بحسين بن عمرو و في أكثر نسخ الرجال ابن سلمان و في بعضها ابن سليمان.

" بما يؤنبه" كان كلمة" ما" مصدرية فالمستتر في يؤنبه راجع إلى" من" و يحتمل أن تكون موصولة فيحتمل إرجاع المستتر إلى" من" أيضا بتقدير العائد أي بما يؤنبه به، أو إلى" ما" ففي الإسناد تجوز.

405
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول10

باب الغيبة و البهت ص : 406

 

بَابُ الْغِيبَةِ وَ الْبَهْتِ‏

 [الحديث 1]

1 عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‏ الْغِيبَةُ أَسْرَعُ فِي دِينِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ مِنَ الْأَكِلَةِ فِي جَوْفِهِ قَالَ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ انْتِظَارَ الصَّلَاةِ عِبَادَةٌ مَا لَمْ يُحْدِثْ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا يُحْدِثُ قَالَ الِاغْتِيَابَ‏

______________________________

باب الغيبة و البهت‏ الحديث الأول‏: ضعيف على المشهور.

و الأكلة كفرحة داء في العضو يأتكل منه كما في القاموس و غيره، و قد يقرأ بمد الهمزة على وزن فاعلة أي العلة التي تأكل اللحم و الأول أوفق باللغة، و قوله أسرع في دين الرجل، أي في ضرره و إفنائه.

و قيل: الأكلة بالضم اللقمة و كفرحة داء في العضو يأتكل منه، و كلاهما محتملان إلا أن ذكر الجوف يؤيد الأول و إرادة الإفناء و الإذهاب يؤيد الثاني، و الأول أقرب و أصوب و لتشبيه الغيبة بأكل اللقمة أنسب لأن الله سبحانه شبهها بأكل اللحم، انتهى.

و كان الثاني أظهر و التخصيص بالجوف لأنه أضر و أسرع في قتله، و في التأييد الذي ذكره نظر و المستتر في‏ قوله: ما لم يحدث‏، راجع إلى الجالس المفهوم من الجلوس، و هو على بناء الأفعال و الاغتياب منصوب، و قال الجوهري: اغتابه‏ اغتيابا إذا وقع فيه، و الاسم الغيبة، و هو أن يتكلم خلف إنسان مستور بما يغمه لو سمعه، فإن كان صدقا سمي غيبة، و إن كان كذبا سمي بهتانا.

أقول: هذا بحسب اللغة و أما بحسب عرف الشرع فهو ذكر الإنسان المعين‏

 

406