×
☰ فهرست و مشخصات
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

مقدمة الناشر ص 1

الجزء الثالث‏
 [مقدمة الناشر]
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم الحمد للّه الذى وفقنا لنشر آثار اهل البيت عليهم السّلام الذين هم ادرى بما فى البيت ثم الصلاة و السلام على النبى الخاتم و الرسول المكرم محمد بن عبد اللّه و على آله الذين اصطفاهم لنفسه و ارتضاهم لخلقه.
و بعد- فلنقّدم الشكر للّه تعالى على ان وفقنا لتقديم هذا التراث العلمى نعنى الجزء الثالث من الكتاب المستطاب (روضة المتقين) بالجامعة العلمية الاسلامية و نسئل اللّه مزيد التوفيق لنشر باقى المجلدات لنا و لمؤسسة
 (بنياد فرهنگ اسلامى حاج محمد حسين كوشانپور) رحمه اللّه‏
ثم نقدم الشكر الى من ساعدنا فى نشر هذا التراث العلمى القيم باعطاء النسخ الخطية العتيقة المقروّة المصححة
و لمزيد التشكر ينبغى ان نذكر من سمح لنا ذلك.
 (فمنهم) سماحة آية اللّه العظمى السيد شهاب الدين النجفى المرعشى مد ظله العالى‏
 (و منهم) سماحة آية اللّه العظمى الحاج السيد كاظم الشريعتمدارى مد ظله العالى و قد ذكرنا مزايا نسخ الايتين فى الجزء الاول فلاحظ.
 (و منهم) سماحة آية اللّه ملا على الملقب و المعروف بالآخوند الهمدانى مد ظله حيث سمح فاجاز لنا (بعد المسافرة الى مكتبة المؤسسة ببلدة همدان المسماة (بمكتبة الغرب بهمدان) ان نستنسخ بالقوة الكهربائية المسماة (بفتوكپى)
و هذه النسخة اصح ما بايدينا من النسخ من جهات: جودة الخط، و قرائتها على نسخة المؤلف و تصحيحها غاية التصحيح الا ما زاغ عنه البصر، و كونها اقدم نسخ حيث قرئت على العلامة المحقق المجلسى الثانى قدس سرهما.
 (و منهم) السيد الجليل و العالم النبيل آية اللّه الحاج السيد على اليزدى الاصل الاصفهانى المولد النجفى التحصيل نزيل قم الملقب بالفانى مد ظله، و هى ايضا نسخة قيمة ثمينة جيدة الخط قليلة الغلط
فشكّر اللّه مساعيهم الجميلة و جعلها ذخرا لهم، ليوم لا ينفع مال و لا بنون الا من اتى اللّه بقلب سليم.
فى تاريخ اليوم التاسع من شهر جمادى الثانية سنة خمس و تسعين و ثلاث مأة بعد الالف من الهجرة النبوية على هاجرها آلاف السلام و التحية- و الحمد للّه اولا و آخرا و ظاهرا و باطنا
الحاج السيد حسين الموسوى الكرمانى الحاج الشيخ على پناه الاشتهاردى‏
المطبعة العلميّة بقم‏
 [كتاب الزكاة]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَبْوَابُ الزَّكَاةِ.
بَابُ عِلَّةِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ
1574 قَالَ [الشَّيْخُ السَّعِيدُ الْفَقِيهُ‏] أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ الْقُمِّيُّ [مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ‏] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَ أَسْكَنَهُ جَنَّتَهُ‏

__________________________________________________
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و به نستعين‏
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة على محمد و أهل بيته الطيبين الطاهرين.
أبواب الزكاة باب علة وجوب الزكاة «قال الشيخ السعيد (إلى قوله) عبد الله بن سنان» في الصحيح كما في الكافي «1» «عن‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب فرض الزكاة و ما يجب إلخ خبر 7.

1
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَرَضَ الزَّكَاةَ كَمَا فَرَضَ الصَّلَاةَ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا حَمَلَ الزَّكَاةَ فَأَعْطَاهَا عَلَانِيَةً لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ عَيْبٌ وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَرَضَ لِلْفُقَرَاءِ فِي أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ مَا يَكْتَفُونَ بِهِ وَ لَوْ عَلِمَ أَنَّ الَّذِي فَرَضَ لَهُمْ لَا يَكْفِيهِمْ لَزَادَهُمْ وَ إِنَّمَا يُؤْتَى الْفُقَرَاءُ فِيمَا أُوتُوا مِنْ مَنْعِ مَنْ مَنَعَهُمْ حُقُوقَهُمْ لَا مِنَ الْفَرِيضَةِ.

1575 وَ رَوَى مُبَارَكٌ الْعَقَرْقُوفِيُّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّمَا

__________________________________________________
أبي عبد الله عليه السلام (إلى قوله) الصلاة» قال الله تعالى أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ «1» في آيات كثيرة «فلو أن (إلى قوله) عيب» كما أنه شرع الصلاة جماعة و علانية و لا يدخل غالبا فيهما رياء بخلاف المندوبات منهما فإن الإخفاء فيهما أفضل كما سيجي‏ء، و يمكن أن يقرأ العتب بالتاء محركة من العتاب أو بكسر العين و إسكان التاء أي كثير عتاب و يرجع إلى المعنى الأول الموافق للنسخ «و ذلك» علة لعدم العيب في الإعلان «إن الله عز و جل فرض» أي قدر و أوجب «للفقراء (إلى قوله) به» فكل ما يأخذه الفقراء من الأغنياء من الزكوات الواجبة فهو حقهم الذي قرره الله تعالى لهم «و لو علم (إلى قوله) لزادهم» تعليل لتقدير الزكاة بالقدر المشروع «و إنما يؤتى الفقراء فيما أوتوا» و في الكافي بدون الواو و هو أصوب يعني أن ما ينقص من حقوق الفقراء و يدخل الظلم عليهم، فيما نقص و ظلموا: أو فيما أعطوا من الله تعالى على تقدير الواو «من منع (إلى قوله) لا من الفريضة» أي من نقصانها فإنها بقدر حاجتهم و منع الحقوق (إما) من المعطين كما هو الغالب (و إما) من الآخذين مع عدم الاستحقاق فيمكن إدخالهم في المانعين تجوزا.
 «و روى مبارك العقرقوفي» رواه الصدوق عنه في الصحيح «2» و كتابه معتمد «عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال إنما وضعت الزكاة» و قررت «قوتا
__________________________________________________
 (1) البقرة- 43- 83- 110 و النساء- 77 و الحجّ- 78 و النور- 56- و المجادلة- 13 و المزّمّل- 20.
 (2) علل الشرائع- باب علة وجوب الزكاة خبر 2.

2
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

وُضِعَتِ الزَّكَاةُ قُوتاً لِلْفُقَرَاءِ وَ تَوْفِيراً لِأَمْوَالِهِمْ.
1576 وَ رَوَى مُوسَى بْنُ بَكْرٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع قَالَ: حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ.

1577 وَ رَوَى حَرِيزٌ عَنْ زُرَارَةَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَنَّهُمَا قَالا لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَ رَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ «1»
__________________________________________________
للفقراء و توفيرا لأموالهم» أي لأموال الأغنياء و يؤيده ما في النسخ الصحيحة من الكافي (لأموالكم) «2» و لأجل ذلك سميت بالزكاة لأن الإخراج يزيد المال و ينميه (أو) لتطهير النفس من الرذائل (أو) المال من حقوق الفقراء (أو) للجميع كما هو الظاهر من الأخبار.
 «و روى محمد بن بكر» مشترك و غير مذكور في الفهرست، و في الكافي بإسناده عن موسى بن بكر عنه عليه السلام «3» و هو الصواب و كأنه من النساخ «4» «عن أبي الحسن عليه السلام (إلى قوله) بالزكاة» أي من التلف كان الزكاة حصنه و حصاره كما سيجي‏ء.
 «و روى حريز» في الصحيح و رواه الكليني رضي الله عنه في الحسن كالصحيح «5» «عن زرارة (إلى قوله) أ رأيت» أي أخبرنا «عن قول الله (إلى قوله) يعطى» الزكاة «و إن‏
__________________________________________________
 (1) التوبة- 60.
 (2) الكافي باب فرض الزكاة خبر 6.
 (3) الكافي باب النوادر آخر كتاب الزكاة خبر 5.
 (4) نقول و كأنّ النسخة التي كانت عند الشارح قده كان فيها محمّد بن بكر و إلا ففي النسخ التي عندنا من الفقيه كما في الكافي موسى بن بكر.
 (5) الكافي باب فرض الزكاة إلخ خبر 1.

3
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

أَ كُلُّ هَؤُلَاءِ يُعْطَى وَ إِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ فَقَالَ إِنَّ الْإِمَامَ يُعْطِي هَؤُلَاءِ جَمِيعاً لِأَنَّهُمْ يُقِرُّونَ لَهُ بِالطَّاعَةِ قَالَ زُرَارَةُ قُلْتُ فَإِنْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ فَقَالَ يَا زُرَارَةُ لَوْ كَانَ يُعْطِي مَنْ يَعْرِفُ دُونَ مَنْ لَا يَعْرِفُ لَمْ يُوجَدْ لَهَا مَوْضِعٌ وَ إِنَّمَا يُعْطِي مَنْ لَا يَعْرِفُ لِيَرْغَبَ فِي الدِّينِ فَيَثْبُتَ عَلَيْهِ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَا تُعْطِهَا أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ إِلَّا مَنْ يَعْرِفُ فَمَنْ وَجَدْتَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَارِفاً فَأَعْطِهِ دُونَ النَّاسِ ثُمَّ قَالَ سَهْمُ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ سَهْمُ الرِّقَابِ عَامٌّ وَ الْبَاقِي خَاصٌّ قَالَ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدُوا قَالَ لَا تَكُونُ فَرِيضَةٌ فَرَضَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا يُوجَدُ لَهَا أَهْلٌ قَالَ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ تَسَعْهُمُ الصَّدَقَاتُ قَالَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَرَضَ لِلْفُقَرَاءِ فِي مَالِ الْأَغْنِيَاءِ مَا يَسَعُهُمْ وَ لَوْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَسَعُهُمْ لَزَادَهُمْ إِنَّهُمْ لَمْ يُؤْتَوْا مِنْ قِبَلِ فَرِيضَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَكِنْ أُتُوا مِنْ مَنْعِ مَنْ مَنَعَهُمْ حَقَّهُمْ لَا مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ لَهُمْ وَ لَوْ أَنَّ النَّاسَ أَدَّوْا
__________________________________________________
كان لا يعرف» الحق و في الكافي (و إن كانوا لا يعرفون) «فقال (إلى قوله) جميعا» يعني من سهم الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ «لأنهم يقرون له بالطاعة» فيعطيهم جميعا و إن كانوا على خلاف الحق على مذاهبهم الباطلة ليألف قلوبهم لأنهم مطيعون له ظاهرا فلعلهم ينقادوا للحق باطنا كما كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يعطي الكفار و المنافقين «قال زرارة قلت» تأكيدا أو استفهاما «فإن كانوا لا يعرفون» الحق أ يعطيهم أو كيف يعطيهم و هم كفار؟ «فقال يا زرارة (إلى قوله) موضع» (إما) لأن الله تعالى فرض للمؤلفة أيضا فلو لم يعطهم لزادت و لم يوجد للزكاة التي قررت لهم مصرف (و إما) لأن أكثر الناس اليوم على خلاف الحق «و إنما (إلى قوله) في الدين» و يدخل فيه «فيثبت عليه» كما قال تعالى كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ «1» و على الأخير يكون المراد بهم المستضعفون «فأما اليوم» أي حال عدم استيلاء الحق «فلا تعطها أنت و أصحابك إلا من يعرف» لأن سهم المؤلفة ساقط عند عدم ظهور الحق «و سهم الرقاب عام» أي لا يشترط فيهم الإيمان و يكفي الإسلام «و الباقي خاص» بالمؤمنين «قال قلت‏
__________________________________________________
 (1) النساء- 94.

4
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

حُقُوقَهُمْ لَكَانُوا عَائِشِينَ بِخَيْرٍ.
فَأَمَّا الْفُقَرَاءُ فَهُمْ أَهْلُ الزَّمَانَةِ وَ الْحَاجَةِ وَ الْمَسَاكِينُ أَهْلُ الْحَاجَةِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الزَّمَانَةِ
__________________________________________________
 (إلى قوله) حقوقهم» فإن الغالب في المؤمنين أن يكون فيهم الأغنياء و الفقراء، فإذا أدى الأغنياء زكوات أموالهم إلى الفقراء لا يزيد و لا ينقص «لكانوا عائشين بخير» أما الفقراء فظاهر، و أما الأغنياء فلحصول السعادات الدنيوية و الأخروية لهم، و روى الكليني في الحسن كالصحيح. عن ابن مسكان و غير واحد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
إن الله عز و جل جعل للفقراء في أموال الأغنياء ما يكفيهم و لو لا ذلك لزادهم و إنما يؤتون من منع من منعهم «1».
 «فأما الفقراء» الظاهر أنه من كلام الصدوق كما يظهر من الكافي، و يمكن أن يكون تتمة خبر زرارة و لم يذكره الكليني «فهم أهل الزمانة» أي أهل الآفة و الابتلاء «و المساكين أهل الحاجة من غير أهل الزمانة» و يفهم منه أن الفقير أجهد من المسكين، و يؤيده قوله تعالى أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ «2» و لكن روى الكليني في الصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام أنه سأله عن الفقير و المسكين؟
فقال: الفقير. الذي لا يسأل و المسكين الذي هو أجهد منه الذي يسأل «3» و في الحسن كالصحيح، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام قول الله عز و جل إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ قال: الفقير الذي لا يسأل الناس، و المسكين أجهد منه، و البائس أجهدهم فكل ما فرض الله عز و جل عليك فإعلانه أفضل من أسراره، و كل ما كان تطوعا فإسراره أفضل من إعلانه و لو أن رجلا حمل زكاة ماله على عاتقه فقسمها علانية كان ذلك حسنا جميلا «4».
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب فرض الزكاة خبر 4- 19.
 (4) الكافي باب فرض الزكاة إلخ خبر 7 و الآية في التوبة- 60.

5
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

وَ الْعَامِلُونَ عَلَيْهَا هُمُ السُّعَاةُ
__________________________________________________
و يؤيده قوله تعالى أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ «1» و لا فائدة يعتد بها هنا لأنه لو لم نقل بالبسط فظاهر و لو قلنا به فيبسط على كلتا الطائفتين و هو أحوط و الظاهر أن تقديم الفقراء لفضلهم باعتبار عدم السؤال كما يشعر به قوله تعالى لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ (تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ) لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً «2» و ما رواه الكليني في الصحيح (على الظاهر) عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الزكاة أ يفضل بعض من يعطى ممن لا يسأل على غيره؟
قال: يفضل الذي لا يسأل على الذي يسأل «3» و غيره؟ من الأخبار، و ربما تشعر الآية و الأخبار على رجحان اعتبار العدالة، و لا ريب فيه و هو أحوط.
 «و العاملون عليها هم السعاة» أي جباة الصدقة أي الذين يجمعون الزكوات و غيرها و تقديره إلى الإمام. كما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت ما يعطى المصدق؟ قال: ما يرى الإمام و لا يقدر له شي‏ء «4» و المراد بالمصدق العامل الذي يأخذ الصدقات و يجمعها «و سهم الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ساقط بعد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» الظاهر أن مراده بالمؤلفة، الكفار الذين يستمالون إلى الجهاد بالصدقة، و سقوطه بعده صلى الله عليه و آله و سلم لظهور الإسلام بحيث لا يحتاج إلى تأليف قلوبهم بالصدقات (أو) لأن السهام للجهاد و لا جهاد حال الغيبة (أو) الحضور كالغيبة مثل أزمنة الأئمة صلوات الله عليهم (و قيل) بعدم السقوط إذا رأى الإمام تأليف الكفار أو المسلمين للحرب و غيره، بل غير الإمام أيضا حال وجوب الجهاد دفعا عن بيضة الإسلام أو الإيمان و يظهر من خبر زرارة السابق عدم السقوط و لا فائدة في تحقيق هذه المسألة غالبا لأن الإسهام وظيفة الإمام و كل ما يفعله فهو حق من الله و الظاهر سقوط سهم السعاة حال الغيبة
__________________________________________________
 (1) البلد- 16.
 (2) البقرة 273.
 (3) الكافي باب تفضيل أهل الزكاة بعضهم على بعض خبر 2.
 (4) الكافي باب من تحل له ان يأخذ الزكاة إلخ خبر 12.

6
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

وَ سَهْمُ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ سَاقِطٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ سَهْمُ الرِّقَابِ يُعَانُ بِهِ الْمُكَاتَبُونَ الَّذِينَ يَعْجِزُونَ عَنْ أَدَاءِ الْمُكَاتَبَةِ وَ الْغَارِمُونَ الْمُسْتَدِينُونَ فِي حَقٍ‏
__________________________________________________
إلا أن يقال بجواز بعث الفقيه العمال لجمع الصدقات كما ذهب إليه بعض الأصحاب.
 «و سهم الرقاب (إلى قوله) عن أداء المكاتبة» نقل الإجماع على جواز إعطائهم مع العجز و سيجي‏ء حد العجز في باب الكتابة إن شاء الله و لقوله تعالى وَ آتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ «1» و ما رواه الصدوق عن الصادق صلوات الله عليه أنه سئل عن مكاتب عجز عن مكاتبته و قد أدى بعضها؟ قال: يؤدى عنه من مال الصدقة إن الله تعالى يقول: في كتابه (وَ فِي الرِّقابِ) «2» و الحق به شراء العبيد تحت الشدة بالإجماع المنقول و يؤيده ما رواه الكليني في الصحيح، عن عمرو بن أبي نصر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الرجل يجتمع عنده الخمسمائة و الستمائة يشتري بها نسمة و يعتقها قال: إذا يظلم قوما آخرين حقوقهم ثمَّ مكث مليا، ثمَّ قال: إلا أن يكون عبدا مسلما في ضرورة فيشتريه و يعتقه «3» و يحمل عليه ما ورد من شراء مطلق العبد و إعتاقه، «4» و الحق بعضهم إعتاق العبد في الكفارات و النذور لمن لا يجد، لرواية مرسلة «5» و يمكن جعله من الغارمين.
 «و الغارمون المستدينون في حق» هذا هو المشهور بين الأصحاب، لما روي مرسلا عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال: يقضي ما عليه من سهم الغارمين إذا كان‏
__________________________________________________
 (1) النور- 33.
 (2) أورده الصدوق في باب المكاتبة من كتاب العتق كما يأتي إنشاء اللّه.
 (3- 4) الكافي باب الرجل يحج من الزكاة او يعتق خبر 2- 3 و أورد الأخير في علل الشرائع باب العلة التي من اجلها يكون ميراث المشترى من الزكاة لاهل الزكاة خبر 1.
 (5) نقلها في باب اصناف أهل الزكاة نقلا من تفسير عليّ بن إبراهيم.

7
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

وَ سَبِيلُ اللَّهِ الْجِهَادُ وَ ابْنُ السَّبِيلِ الَّذِي لَا مَأْوَى لَهُ وَ لَا مَسْكَنَ مِثْلُ الْمُسَافِرِ الضَّعِيفِ وَ مَارِّ الطَّرِيقِ‏
__________________________________________________
أنفقه في طاعة الله عز و جل، و إذا كان أنفقه في معصية الله عز و جل فلا شي‏ء له على الإمام «1» و جوز بعضهم إعطاءه من سهم الغارمين مع التوبة و لا يخلو من قوة، بل يظهر من الأخبار جوازه مطلقا كما هو ظاهر الآية، و يمكن حمل الخبر على الاستحباب، لكن الأحوط إعطاؤه من سهم الفقراء، و كذا لو لم يعلم فيما ذا صرفه فالاحتياط في إعطائه من سهم الفقراء. لما روي بسند فيه ضعف عن الرضا عليه السلام قال: قلت فهو لا يعلم فيما أنفقه في طاعة أم في معصية؟ قال: يسعى في ماله فيرده عليه و هو صاغر «2» و إن أمكن حمله على الاستحباب أيضا كالأول، و يمكن حمله أيضا على ما إذا كان الظاهر من حاله أن يكون صرفه في المعصية بأن يكون فاسقا كما يشعر به الجواب.
 «و سبيل الله الجهاد» لا ريب في أن الجهاد سبيل الله أي سبيل رضاه تعالى و ذهب بعض الأصحاب إلى دخول معونة الحاج فيه، و بعضهم إلى الأعم كما هو ظاهر اللفظ و يؤيد القولين ما روي في الصحيح عن علي بن يقطين أنه قال لأبي الحسن عليه السلام يكون عندي المال من الزكاة أ فأحجج به موالي و أقاربي؟ قال: نعم «3» و ما رواه علي بن إبراهيم في تفسيره عن العالم عليه السلام أنه قال و في سبيل الله قوم يخرجون إلى الجهاد و ليس عندهم ما يتقون به، أو قوم من المؤمنين ليس عندهم ما يحجون به و في جميع سبل الخير «4» و لما كان مرسلا، فلو اقتصر على الجهاد و معونة الحاج كان أحوط سيما مع احتياج الفقراء الموجودين.
 «و ابن السبيل (إلى قوله) و مار الطريق» يظهر من المماثلة دخول الضيف الفقير كما ذهب إليه جماعة و منشئ السفر كما قيل، و يمكن أن يكون المراد المسافر فقط بدون اعتبار العموم، و الأحوط في الضيف أن يكون مسافرا إلا أن يطعم من سهم‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الدين خبر 5 من كتاب المعيشة.
 (3) هذا الحديث أورده الصدوق في أواخر هذا الباب كما سيأتي إنشاء اللّه.
 (4) التهذيب باب اصناف أهل الزكاة قطعة من خبر 3.

8
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

وَ لِصَاحِبِ الزَّكَاةِ أَنْ يَضَعَهَا فِي صِنْفٍ دُونَ صِنْفٍ مَتَى لَمْ يَجِدِ الْأَصْنَافَ كُلَّهَا
1578 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع لِعَمَّارِ بْنِ مُوسَى السَّابَاطِيِّ يَا عَمَّارُ أَنْتَ رَبُّ مَالٍ كَثِيرٍ قَالَ نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ فَتُؤَدِّي مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكَ مِنَ الزَّكَاةِ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ‏

__________________________________________________
الفقراء و إن كان الأحوط إعطاءه ليصرف هو فيما يريد، و الاقتصار على معونة المسافر في الرجوع إلى بلده أولى كما رواه علي بن إبراهيم في التفسير عن العالم عليه السلام- قال:
و ابن السبيل أبناء الطريق الذين يكونون في الأسفار في طاعة الله تعالى فيقطع عليهم و يذهب مالهم فعلى الإمام أن يردهم إلى أوطانهم من مال الصدقات «1».
اعلم أن ظاهر الخبر الاحتياج في السفر و إن كان غنيا في البلد، كما ذكره الأصحاب. و اشترط بعضهم فيه عدم القدرة على الاستدانة و هو أحوط، و يظهر من الخبر اشتراط كون سفره طاعة كما ذكره الأصحاب و اتفقوا عليه و لا ريب في أنه أحوط، و ظاهر الأصحاب في الأربعة الأخيرة وجوب صرف الزكاة في مال الكتابة، و في أداء الدين و الغزو و غيره و في الرجوع إلى البلد كما تشعر به الآية من الإتيان بلفظ (في) فيها، فلو صرفوا في غيرها فالمشهور عدم الإجزاء.
 «و لصاحب الزكاة (إلى قوله) كلها» يظهر منه أنه يجوز للمالك أن يؤدي الزكاة إلى أربابها و لا يجب صرفها إلى الإمام أو الفقيه كما هو المشهور (و قيل) بالوجوب و الاستحباب أظهر كما يظهر من الأخبار، و يظهر أيضا لزوم البسط على الأصناف مع التمكن و لا ريب في أنه أولى و أحوط، لكن الظاهر من الأخبار الصحيحة جواز صرفها في صنف و لو إلى واحد، و نقل الإجماع عليه أيضا، و يمكن حمل كلامه على الاستحباب أيضا، و يظهر من الأخبار أن المراد باللام في الآية الاختصاص المصرفي لا الملكي كما هو الظاهر أيضا.
 «و قال الصادق عليه السلام لعمار بن موسى الساباطي» في الموثق قوله «و الديان»
__________________________________________________
 (1) تفسير عليّ بن إبراهيم في ذيل قوله تعالى إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ إلخ و نقله أيضا في التهذيب باب اصناف أهل الزكاة خبر 3.

9
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

َتُخْرِجُ الْحَقَّ الْمَعْلُومَ مِنْ مَالِكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَتَصِلُ قَرَابَتَكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَتَصِلُ إِخْوَانَكَ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ يَا عَمَّارُ إِنَّ الْمَالَ يَفْنَى وَ الْبَدَنَ يَبْلَى وَ الْعَمَلَ يَبْقَى وَ الدَّيَّانَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ يَا عَمَّارُ أَمَا إِنَّهُ مَا قَدَّمْتَ فَلَنْ يَسْبِقَكَ وَ مَا أَخَّرْتَ فَلَنْ يَلْحَقَكَ.

1579 وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْأَسَدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبَرْمَكِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُعَتِّبٍ مَوْلَى الصَّادِقِ ع قَالَ قَالَ الصَّادِقُ ع إِنَّمَا وُضِعَتِ الزَّكَاةُ اخْتِبَاراً لِلْأَغْنِيَاءِ وَ مَعُونَةً لِلْفُقَرَاءِ وَ لَوْ أَنَّ النَّاسَ أَدَّوْا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ مَا بَقِيَ مُسْلِمٌ فَقِيراً مُحْتَاجاً وَ لَاسْتَغْنَى بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ وَ إِنَّ النَّاسَ مَا افْتَقَرُوا وَ لَا احْتَاجُوا وَ لَا جَاعُوا وَ لَا عَرُوا إِلَّا بِذُنُوبِ الْأَغْنِيَاءِ وَ حَقِيقٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَمْنَعَ رَحْمَتَهُ مَنْ مَنَعَ حَقَّ اللَّهِ فِي مَالِهِ وَ أُقْسِمُ بِالَّذِي خَلَقَ الْخَلْقَ وَ بَسَطَ الرِّزْقَ أَنَّهُ مَا ضَاعَ مَالٌ فِي بَرٍّ وَ لَا بَحْرٍ إِلَّا بِتَرْكِ الزَّكَاةِ وَ مَا صِيدَ صَيْدٌ فِي بَرٍّ وَ لَا بَحْرٍ إِلَّا بِتَرْكِهِ التَّسْبِيحَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ إِنَّ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَسْخَاهُمْ كَفّاً وَ أَسْخَى النَّاسِ مَنْ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ وَ لَمْ يَبْخَلْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمْ فِي مَالِهِ.

1580 وَ كَتَبَ الرِّضَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى ع إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ فِيمَا كَتَبَ إِلَيْهِ مِنْ جَوَابِ مَسَائِلِهِ أَنَّ عِلَّةَ الزَّكَاةِ مِنْ أَجْلِ‏

__________________________________________________
أي المجازي على الأعمال (و قيل) المراد به القهار أو الحاكم أو القاضي «حي لا يموت» أي يجازيك على الخيرات كما وعدك «ما قدمت» ينبغي تعميمه ليشمل الوقف و الوصية و أمثالهما «فلن يسبقك» أي لا يفوتك و لا يتجاوز عنك بل يصل ثوابه إليك لا محالة «و ما أخرت» أي تركت بعدك «فلن يلحقك» بل يكون لوارثك فينبغي أن تسعى في أن يكون مالك لنفسك بأن تقدمه في الصالحات حيا و ميتا.
 «و في رواية أبي الحسين» في الصحيح على الظاهر، قوله (ع) «و أسخى الناس من أدى زكاة ماله» الظاهر أن الأفضلية إضافية بالنظر إلى من لم يؤد الزكاة و إن أعطى كثيرا في غيرها.
 «و كتب الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان» وثقه المفيد رحمه الله و ضعفه‏

10
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

قُوتِ الْفُقَرَاءِ وَ تَحْصِينِ أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ كَلَّفَ أَهْلَ الصِّحَّةِ الْقِيَامَ بِشَأْنِ أَهْلِ الزَّمَانَةِ وَ الْبَلْوَى كَمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ «1» فِي أَمْوَالِكُمْ إِخْرَاجُ الزَّكَاةِ وَ فِي أَنْفُسِكُمْ تَوْطِينُ الْأَنْفُسِ عَلَى الصَّبْرِ مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ أَدَاءِ شُكْرِ نِعَمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الطَّمَعِ فِي الزِّيَادَةِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ وَ الرَّأْفَةِ وَ الرَّحْمَةِ

__________________________________________________
الشيخ رحمه الله تبعا لغيره و اعتمد على أخباره جل أصحاب الحديث منهم الصدوقان «فيما كتب إليه (إلى قوله) الفقراء» لأن الحكمة اقتضت أن يكون في الناس فقراء و أغنياء، لأنه لو كان الجميع أغنياء لم يرغب أحد في الصنائع الشاقة و لتعطل أمورهم و لو كان الجميع فقراء لم تنتظم أحوالهم كما هو الظاهر فلهذا قرر الله تعالى في أموال الأغنياء قوت الفقراء «و تحصين أموال الأغنياء» لئلا تضيع كما تقدم في خبر السابق «لأن الله عز و جل» تعليل للأمرين لأن الأغنياء إذا عملوا بما أمرهم الله و اختبرهم حفظ الله تعالى أموالهم بموجب وعده «كلف (إلى قوله) أهل الزمانة» و الآفة و العاهة «و البلوى» تفسير لها أو تعميم بعد التخصيص ليشمل الفقر و الفاقة فإنهم مبتلون بهما ليصبروا عليهما و يحصل لهم الأجر و الثواب كما أن الأغنياء مبتلون بالغنى ليشكروا الله على نعمائه و منه إعطاء الحقوق المالية ليستوجبوا المزيد من الله تعالى في الآخرة و الأولى «كما قال الله تبارك و تعالى» مخاطبا للجميع «لَتُبْلَوُنَّ»
 أي نعاملكم معاملة المختبرين «فِي أَمْوالِكُمْ»
 بالنظر إلى الأغنياء بإخراج الزكاة أي مثلا أو تعم بحيث يشمل سائر الحقوق «وَ فِي أَنْفُسِكُمْ»
 بالنظر إلى الفقراء «توطين الأنفس على الصبر» على الفقر و العاهة أو الأعم منهم و من الأغنياء بأن يصبروا على مشقة بذل المال «مع ما في ذلك» أي في أداء الزكاة «من أداء شكر نعم الله عز و جل» الذي هو واجب عقلا و شرعا «و الطمع في الزيادة» التي وعدها الله عز و جل بقوله لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ «2»
__________________________________________________
 (1) آل عمران- 182.
 (2) إبراهيم- 7.

11
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

لِأَهْلِ الضَّعْفِ وَ الْعَطْفِ عَلَى أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ وَ الْحَثِّ لَهُمْ عَلَى الْمُوَاسَاةِ وَ تَقْوِيَةِ الْفُقَرَاءِ وَ الْمَعُونَةِ لَهُمْ عَلَى أَمْرِ الدِّينِ وَ هُوَ عِظَةٌ لِأَهْلِ الْغِنَى وَ عِبْرَةٌ لَهُمْ لِيَسْتَدِلُّوا عَلَى فُقَرَاءِ الْآخِرَةِ بِهِمْ وَ مَا لَهُمْ مِنَ الْحَثِ‏
__________________________________________________
 «مع ما فيه من الزيادة» لقوله صلى الله عليه و آله و سلم اليد العليا خير من اليد السفلى «1» و إن كان ينبغي للمعطي أن يعتقد زيادة الفقير لأنه سبب لزيادة أجره و مثوباته «و الرأفة و الرحمة لأهل الضعف» و هي سبب للرحمة الإلهية لقوله صلى الله عليه و آله و سلم- ارحم ترحم «و العطف على أهل المسكنة» و هو في نفسه كمال و سبب لعطوفة الله عليه في الآخرة و الأولى «و الحث» و الترغيب «لهم على المواساة» لأن المانع منها البخل، فإذا أزيل بإعطاء الزكاة رغبت النفس إلى المواساة التي هي من صفات الكاملين و يرغب في أن لا يكون له زيادة على الفقراء، بل يريد زيادتهم كما قال تعالى. (وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «2».
 «و تقوية الفقراء و المعونة لهم على أمر الدين» لأنه إذا أدى الزكاة إليهم استغنوا عن طلب الرزق بالمشقة و اشتغلوا بطاعة الله تعالى و كل ما يفعلونه فهو شريكهم في الأجر من غير أن ينقص من أجورهم شيئا كما ورد به الأخبار.
 «و هو عظة» أي فقر الفقراء موعظة «لأهل الغناء (إلى قوله) بهم» أي بفقراء الدنيا، فإنه من زرع يحصد، و من لم يزرع فهو محتاج فليتفكر في أمر الآخرة فإن الدنيا مزرعة الآخرة (و في العلل) فقر الآخرة «3» أي نزوله بهم (أو) ليستدلوا على‏
__________________________________________________
 (1) هذه الجملة من كلمات قصاره صلّى اللّه عليه و آله التي تاتى مع باقيها في أواخر الكتاب من الصدوق إنشاء اللّه.
 (2) الحشر 90.
 (3) علل الشرائع باب علة الزكاة خبر 3.

12
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

فِي ذَلِكَ عَلَى الشُّكْرِ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِمَا خَوَّلَهُمْ وَ أَعْطَاهُمْ وَ الدُّعَاءِ وَ التَّضَرُّعِ وَ الْخَوْفِ مِنْ أَنْ يَصِيرُوا مِثْلَهُمْ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ وَ الصَّدَقَاتِ وَ صِلَةِ الْأَرْحَامِ وَ اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ.
__________________________________________________
فقراء الآخرة بهم أي ينبغي لهم أن يعتبروا بأن الصالحين من أهل الآخرة صاروا في الدنيا محتاجين إليهم، فلو كان الأمر بالعكس لكان لهم من الذل و الفقر مثل مالهم مع عدم صلاحهم، فينبغي لهم حينئذ أن يشكروا الله على الغنى، و أن يدعوا الله في أن يديم هذه النعمة عليهم و لا يصيرهم محتاجين إلى أمثالهم (أو) يعتبروا بأن الأغنياء في الدار الآخرة محتاجون إلى الفقراء كما سيجي‏ء فلما تفضل الله تعالى عليهم في الدنيا بأن لم يجعلهم محتاجين فليدعوا الله تعالى أن لا يجعلهم في الآخرة من المحتاجين إلى الفقراء لئلا يلحقهم الذل و الوبال، بل يتفضل الله عليهم بالرحمة و المغفرة «في أمور كثيرة» أي هذه الحكم و الفضائل حاصلة في أمور كثيرة و يمكن أن يكون متعلقا بقوله (الشكر لله) في أداء الزكاة (أو) بمعنى إلى غير ذلك من الفوائد الكثيرة في أداء الزكاة و الصدقات «و اصطناع المعروف» يعني ليست الفوائد منحصرة فيما ذكر و لا في الزكاة فقط بل كثيرة فيها و في غيرها من أنواع الإحسان مثل اتصافه بصفة الرحمن كما قال صلى الله عليه و آله و سلم (تخلقوا بأخلاق الله) من الجود و الإطعام و الأرزاق و صيرورته ممدوح الله تعالى بالآيات، و ممدوح رسوله صلى الله عليه و آله بالأخبار و ممدوح الأئمة عليهم السلام بالأحاديث الحسان و كونه بائعا من الله كما قال تعالى:
إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى‏ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ «1» و كونه مقرضا لله كما قال تعالى مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً «2»
__________________________________________________
 (1) التوبة- 111.
 (2) الحديد 11.

13
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

1581 وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع مَنْ أَخْرَجَ زَكَاةَ مَالِهِ تَامَّةً فَوَضَعَهَا فِي مَوْضِعِهَا لَمْ يُسْأَلْ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَ مَالَهُ.

1582 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع إِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الزَّكَاةَ فِي كُلِّ أَلْفٍ خَمْسَةً وَ عِشْرِينَ‏

__________________________________________________
و صيرورته شبيها بمن وصفهم الله تعالى في قوله:
وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى‏ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً «1» إلى غير ذلك من الفضائل التي لا تحصى فإن اليسير يدل على الكثير لمن أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ.
 «و قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام» رواه الكليني في الحسن كالصحيح عنه عليه السلام «2».
 «و قال الصادق عليه السلام إلخ» رواه الكليني مسندا عنه عليه السلام «3» التعبير عنه بالألف على سبيل التمثيل و لا مدخل لخصوصه في المطلوب، لكنه لما شاع التعبير عن النسب بهذا العدد عبر عليه السلام به و يؤيده الأخبار الكثيرة مثل ما رواه الكليني في الصحيح، عن الوشاء، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قيل لأبي عبد الله عليه السلام لأي شي‏ء جعل الله الزكاة خمسة و عشرين في كل ألف و لم يجعلها ثلاثين؟ فقال إن الله عز و جل جعلها خمسة و عشرين أخرج من أموال الأغنياء بقدر ما يكتفي به الفقراء، و لو أخرج الناس زكاة أموالهم ما احتاج أحد «4» و في الصحيح، عن الأحول قال: سألني رجل من الزنادقة فقال كيف صارت الزكاة من كل ألف خمسة و عشرين درهما؟ فقلت له إنما ذلك مثل الصلاة ثلاث و ثنتان و أربع (يعني تعبد مجهول الوجه) قال: فقبل مني ثمَّ لقيت بعد ذلك أبا عبد الله عليه السلام، فسألته عن‏
__________________________________________________
 (1) الإنسان- 8.
 (2) الكافي باب منع الزكاة خبر 10.
 (3) الكافي باب العلة في وضع الزكاة على ما وضع إلخ خبر 3.
 (4) الكافي باب العلة في وضع الزكاة خبر 1.

14
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

دِرْهَماً لِأَنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ الْخَلْقَ فَعَلِمَ غَنِيَّهُمْ وَ فَقِيرَهُمْ وَ قَوِيَّهُمْ وَ ضَعِيفَهُمْ فَجَعَلَ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ خَمْسَةً وَ عِشْرِينَ مِسْكِيناً وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَزَادَهُمُ اللَّهُ لِأَنَّهُ خَالِقُهُمْ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ.
بَابُ مَا جَاءَ فِي مَانِعِ الزَّكَاةِ
1583 رَوَى حَرِيزٌ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ ذِي مَالٍ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ يَمْنَعُ زَكَاةَ مَالِهِ إِلَّا حَبَسَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَاعٍ قَرْقَرٍ وَ سَلَّطَ عَلَيْهِ شُجَاعاً أَقْرَعَ يُرِيدُهُ وَ هُوَ يَحِيدُ عَنْهُ فَإِذَا رَأَى أَنَّهُ لَا يَتَخَلَّصُ مِنْهُ أَمْكَنَهُ مِنْ يَدِهِ فَقَضِمَهَا كَمَا يُقْضَمُ الْفُجْلُ‏

__________________________________________________
ذلك؟ فقال: إن الله عز و جل حسب الأموال و المساكين فوجبه ما يكفيهم من كل ألف خمسة و عشرين و لو لم يكفيهم لزادهم قال: فرجعت إليه فأخبرته فقال: جاءت هذه المسألة على الإبل من الحجاز، ثمَّ قال: لو أني أعطيت أحدا طاعة لأعطيت صاحب هذا الكلام «1».
باب ما جاء في مانع الزكاة «روى حريز» في الصحيح، و رواه الكليني عنه في الحسن كالصحيح «2» «عن أبي عبد الله عليه السلام (إلى قوله) زكاة ماله» بأن اجتمعت فيه شرائطها و لم يؤدها «إلا (إلى قوله) قرقر» أي في أرض سهلة قد انفرجت عنها الجبال و الآكام و تكون أملس بحيث لا يستقر و لا يثبت القدم فيها «و سلط عليه شجاعا أقرع» أي حية قد تمعط «3» و ذهب شعر رأسها لكثرة سمها و طول عمرها «يريده» أي الشجاع «و هو يحيد عنه» أي يميل و يفر منه «فإذا رأى أنه لا يتخلص منه» لملاسة الأرض و قوة الحية «أمكنه من يده» أي يقدم يده ليدفعه كما هو المتعارف من تقديم اليد أو لتخيل أن عذاب اليد أسهل، فلما ألقمه يده «فقضمها كما يقضم الفجل» أي يكسرها، و القضم الأكل‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب العلة في وضع الزكاة خبر 4.
 (2) الكافي باب منع الزكاة خبر 20.
 (3) رجل امعط بين المعط و هو الذي لا شعر على جسده و قد معط الرجل معطا من باب تعب و تمعط الشعر أي تساقط من داء و نحوه (مجمع البحرين).

15
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما جاء في مانع الزكاة ص 15

ثُمَّ يَصِيرُ طَوْقاً فِي عُنُقِهِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ «1» وَ مَا مِنْ ذِي مَالٍ إِبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ يَمْنَعُ زَكَاةَ مَالِهِ إِلَّا حَبَسَهُ اللَّهُ- يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَاعٍ قَرْقَرٍ يَطَؤُهُ كُلُّ ذَاتِ ظِلْفٍ بِظِلْفِهَا وَ يَنْهَشُهُ كُلُّ ذَاتِ نَابٍ بِنَابِهَا وَ مَا مِنْ ذِي مَالٍ نَخْلٍ أَوْ كَرْمٍ أَوْ زَرْعٍ يَمْنَعُ زَكَاتَهُ إِلَّا طَوَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَيْعَةَ أَرْضِهِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

__________________________________________________
بأطراف الأسنان و لما كان الإعطاء باليد و المنع منها ابتدئت بالعذاب «ثمَّ تصير طوقا في عنقه» و تلزمه أبدا و تعذبه بالقضم و السم «و ذلك (إلى قوله) يوم القيمة» أي يصير ما بخلوا به من الزكاة طوقا في أعناقهم «يطأه كل ذات ظلف» من البقر و الغنم الذي لم يخرج زكاته أو الأعم منهما و من كل محشور كما قال تعالى وَ إِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ «2» و المروي حشرها ليأخذ الضعيف مظلمته من القوي، (أو) يخلق عوض النعم التي لم يخرج زكاتها نعما تعذبه «و ينهشه» أي يلسعه «كل ذات ناب» محشورة للعدالة أو لهم «بنابها إلا طوقه الله ربعة أرضه» و الربع بالباء الموحدة، المرتفع من الأرض، و المراد هنا أصل أرضه التي كان فيها النخل و الكرم و الزراعة الواجبة فيها الزكاة «إلى سبع أرضين» أي منتهاها أي تصير الأرض طوقا في عنقه «إلى يوم القيمة» و يكون ثقلها عليه (أو) إلى آخر اليوم بأن يحشر و في عنقه الأرض (أو) يكون عذاب البرزخ روحانيا و يكون تشبيها للمعقول بالمحسوس، و على أي حال فالعذاب واقع يقينا للأخبار المتواترة و إن كانت الكيفية غير معلومة.
روى الكليني رحمه الله تعالى في الصحيح (على الظاهر) عن يونس (لأنه مأخوذ من كتابه على الظاهر) عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله ما من ذي مال نخل أو زرع أو كرم يمنع زكاة ماله إلا قلده الله تربة أرضه يطوق به من سبع أرضين إلى يوم القيمة «3» و غيرها من الأخبار.
__________________________________________________
 (1) آل عمران- 180.
 (2) التكوير- 5.
 (3) باب منع الزكاة خبر 4.

16
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما جاء في مانع الزكاة ص 15

1584 وَ رَوَى مَعْرُوفُ بْنُ خَرَّبُوذَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَرَنَ الزَّكَاةَ بِالصَّلَاةِ فَقَالَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ «1» فَمَنْ أَقَامَ الصَّلَاةَ وَ لَمْ يُؤْتِ الزَّكَاةَ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُقِمِ الصَّلَاةَ.

1585 وَ رَوَى أَيُّوبُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَانِعُ الزَّكَاةِ يُطَوَّقُ بِحَيَّةٍ قَرْعَاءَ تَأْكُلُ مِنْ دِمَاغِهِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ.

1586 رَوَى مَسْعَدَةُ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَالٌ لَا يُزَكَّى.

1587 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ عَبْدٍ مَنَعَ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ شَيْئاً إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُعْبَاناً مِنْ نَارٍ مُطَوَّقاً فِي عُنُقِهِ يَنْهَشُ مِنْ لَحْمِهِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الْحِسَابِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَعْنِي مَا بَخِلُوا بِهِ مِنَ الزَّكَاةِ

__________________________________________________
 «و روى معروف بن خربوذ» في الصحيح «عن أبي جعفر عليه السلام إلخ» و يدل على اشتراط قبول الصلاة بإيتاء الزكاة بالاقتران بها و على أن الاقتران لفظا له مدخل في الاقتران في القبول كما ورد في الأخبار المتواترة، إن شارب الخمر كعابد وثن لاقترانهما في قول الله تعالى إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ إلخ و أمثال هذا الفهم من خصائصهم صلوات الله عليهم.
 «و روى أيوب بن راشد» رواه الكليني في الموثق كالصحيح عنه «2» و الظاهر أنه مأخوذ من الكافي بل أكثر هذه الأخبار «و روى مسعدة» و هو ابن صدقة كما صرح به في الكافي «3» «عن الصادق (إلى قوله) لا يزكي» و رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن أبي بصير عنه عليه السلام «4» أي ليس له بركة و يذهب بصاحبه إلى النار أو ملعون صاحبه تجوزا «و روى محمد بن مسلم» رواه الكليني في الصحيح «5» و في الحسن كالصحيح عنه عن أبي جعفر عليه السلام «6» و الثعبان الحية الضخمة الطويلة (أو) الذكر خاصة (أو) عام- ذكره الفيروزآبادي.
__________________________________________________
 (1) البقرة- 43.
 (2- 3- 4- 5- 6) الكافي باب منع الزكاة خبر 17- 14- 9- 11- 1.

17
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما جاء في مانع الزكاة ص 15

1588 وَ رَوَى عُبَيْدُ بْنُ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ رَجُلٍ يَمْنَعُ دِرْهَماً فِي حَقِّهِ إِلَّا أَنْفَقَ اثْنَيْنِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ وَ مَا مِنْ رَجُلٍ يَمْنَعُ حَقّاً فِي مَالِهِ إِلَّا طَوَّقَهُ اللَّهُ بِهِ حَيَّةً مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

1589 وَ رَوَى أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: دَمَانِ فِي الْإِسْلَامِ حَلَالٌ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَا يَقْضِي فِيهِمَا أَحَدٌ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَائِمَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَإِذَا بَعَثَ اللَّهُ‏

__________________________________________________
 «و روى عبيد بن زرارة» رواه الكليني في الحسن كالصحيح عنه «1» «عن أبي عبد الله عليه السلام (إلى قوله) في حقه» أي الواجبات أو الأعم «إلا أنفق اثنين في غير حقه» بأن يمنع منه اللطف و يتسلط الشيطان عليه بأن ينفقه في الباطل أو بأن يأخذه الظالم منه قهرا كما رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من منع حقا لله عز و جل أنفق في باطل مثليه «2».
 «و روى أبان بن تغلب» الثقة الجليل صاحب الأصل الذي رواه الصدوق في الصحيح. عن صفوان، عن أبي علي عنه، عن أبي عبد الله عليه السلام «أنه قال (إلى قوله) أحد» أي موافقا للحق و إلا فأبو بكر قاتل مانعي الزكاة. و منعه عمر، و لم يسمع قوله (أو) يحمل على أن أبا بكر لم يقاتلهم لترك الزكاة مطلقا فإنهم و منهم مالك بن نويرة قالوا لا نؤدي إليك، بل نؤدي إلى من خلفه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم على الناس في غدير خم فبعث خالد بن الوليد مع جماعة من الأشرار لقتالهم و قتلوا منهم جماعة كثيرة و سلبوا نساءهم و ذراريهم (أو) يكون المراد أنه عليه السلام يحكم بعلمه فيهما و لا يحتاج إلى الشهود كما في سائر قضاياه و يكون التخصيص للاهتمام، و الحاصل أن منع الزكاة ليس بكفر و إن جاز القتال به إلا أن يكون مستحلا فكفره ظاهر إلا إذا ادعى الشبهة المحتملة، و سيجي‏ء في باب الحدود حكم المحصن و إن المراد به من كان له زوج رجلا كان أو امرأة.
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب منع الزكاة خبر 8- 15.

18
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما جاء في مانع الزكاة ص 15

عَزَّ وَ جَلَّ قَائِمَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ حَكَمَ فِيهِمَا بِحُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الزَّانِي الْمُحْصَنُ يَرْجُمُهُ وَ مَانِعُ الزَّكَاةِ يَضْرِبُ عُنُقَهُ.
1590 وَ رَوَى عَنْهُ عَمْرُو بْنُ جُمَيْعٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَدَّى أَحَدٌ الزَّكَاةَ فَنَقَصَتْ مِنْ مَالِهِ وَ لَا مَنَعَهَا أَحَدٌ فَزَادَتْ فِي مَالِهِ.

1591 وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ مَنَعَ قِيرَاطاً مِنَ الزَّكَاةِ فَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ وَ لَا مُسْلِمٍ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ. لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ «1» وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى وَ لَا تُقْبَلُ لَهُ صَلَاةٌ.

__________________________________________________
 «و روى عنه عمرو بن جميع» مصغرا «أنه قال (إلى قوله) من ماله» بل يزيد أضعافا مضاعفة «و لا منعها أحد فزادت في ماله» بل تذهب بركته و ينقص بصرفه في غير مصرفه مثليه كما تقدم.
 «و في رواية أبي بصير» في الموثق كما في الكافي «2» «عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من منع قيراطا» و هو نصف عشر المثقال «من الزكاة فليس بمؤمن» حقيقة لأن الإيمان الحقيقي مقرون بالصالحات كما هو ظاهر الآيات «و لا مسلم» أي حقيقة (أو) بمعنى أنه غير منقاد لعدم انقياده لقول الله و قول رسوله و أئمته صلوات الله عليهم «و هو (إلى قوله) ارْجِعُونِ» أي إلى الدنيا «لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ» أي من المال أي أؤدي زكاته، و المؤمن و المسلم الحقيقيان لا يسألان الرجعة، بل لا يقبلان الرجوع إلى الدنيا (أو) بسبب ترك الزكاة يخرج عن الإسلام و بسبب عدم قبول الصلاة لترك الزكاة يخرج عن الإيمان كما سماها الله إيمانا في قوله تعالى:
وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ «3» أي صلاتكم (أو) يكون المراد من ذكر الآية ندامته على تركها مع قطع النظر عن التعليل «و في رواية أخرى» من كلام الكليني «و لا تقبل له صلاة» أي هذه الجملة مذكورة بعد الخبر السابق و حينئذ يؤيد المعنى الثاني (أو) كان في الرواية فليس بمؤمن و لا مسلم و لا تقبل له صلاة) و لعله أظهر-
__________________________________________________
 (1) المؤمنون- 99.
 (2) الكافي باب منع الزكاة خبر 10.
 (3) البقرة- 143.

19
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما جاء في مانع الزكاة ص 15

1592 وَ رَوَى ابْنُ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ ص فِي الْمَسْجِدِ إِذْ قَالَ قُمْ يَا فُلَانُ قُمْ يَا فُلَانُ قُمْ يَا فُلَانُ حَتَّى أَخْرَجَ خَمْسَةَ نَفَرٍ فَقَالَ اخْرُجُوا مِنْ مَسْجِدِنَا لَا تُصَلُّوا فِيهِ وَ أَنْتُمْ لَا تُزَكُّونَ.

1593 وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَنْ مَنَعَ قِيرَاطاً مِنَ الزَّكَاةِ فَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ وَ لَا مُسْلِمٍ وَ سَأَلَ الرَّجْعَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ. لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ «1».

1594 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ خَيْرٌ مِنْ عِشْرِينَ حَجَّةً وَ حَجَّةٌ خَيْرٌ مِنْ بَيْتٍ مَمْلُوءٍ ذَهَباً يُتَصَدَّقُ بِهِ فِي بِرٍّ حَتَّى يَنْفَدَ ثُمَّ قَالَ وَ لَا أَفْلَحَ مَنْ ضَيَّعَ عِشْرِينَ بَيْتاً

__________________________________________________
و روى الكليني، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من منع قيراطا من الزكاة فليمت إن شاء يهوديا أو نصرانيا «2».
 «و روى ابن مسكان» في الصحيح، لكن رواه الكليني، عن ابن مسكان يرفعه، عن رجل، عن أبي جعفر عليه السلام «3» و يؤيده عدم ملاقاته لأبي جعفر عليه السلام لكن لما كان ممن أجمعت العصابة، فكلما ينقله فهو صحيح لأنهم لا ينقلون إلا الصحيح كما تقدم و يدل على جواز هتك حرمة مانع الزكاة بأمثال هذه.
 «و روى أبو بصير» في الموثق و رواه الكليني في الموثق بطريق غير الطريق السابق «4» و لا يضر التكرار حينئذ، لكن طريق الصدوق في الفهرست إليه واحد فلا ينفع التكرار، و الظاهر أنه كان يروي هذه الأخبار من الكافي و لم يطلع على أنه تكرار سهوا، و يمكن أن يكون التكرير لاختلاف يسير في اللفظ و الأمر سهل.
 «و قال الصادق عليه السلام» مروي بطرق متعددة منها في الصحيح عن أبي بصير و في الموثق عنه، عنه عليه السلام «5» «ثمَّ قال و لا أفلح من ضيع عشرين بيتا من ذهب» التي تعطى على الصلاة لخمسة و عشرين درهما لزكاة ألف درهم فكيف بتضييعه‏
__________________________________________________
 (1) المؤمنون- 99.
 (2- 3- 4- 5) الكافي باب من منع الزكاة خبر 15- 5- 2- 12- 13.

20
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما جاء في مانع الزكاة ص 15

مِنْ ذَهَبٍ بِخَمْسَةٍ وَ عِشْرِينَ دِرْهَماً فَقِيلَ لَهُ وَ مَا مَعْنَى خَمْسَةٍ وَ عِشْرِينَ دِرْهَماً قَالَ مَنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ وُقِفَتْ صَلَاتُهُ حَتَّى يُزَكِّيَ.
1595 وَ قَالَ ع مَا ضَاعَ مَالٌ فِي بَرٍّ وَ لَا بَحْرٍ إِلَّا بِتَضْيِيعِ الزَّكَاةِ وَ لَا يُصَادُ مِنَ الطَّيْرِ إِلَّا مَا ضَيَّعَ تَسْبِيحَهُ.

__________________________________________________
لخمسة دراهم في النصاب الأول، أو الدرهم في النصاب الثاني أو لقيراط كما تقدم لأنه لا تقبل الصلاة ما لم يزك.
 «و قال عليه السلام: ما ضاع مال» أي غالبا في بر و لا بحر «إلا بتضييع الزكاة» إما بعدم أدائها (أو) بعدم رعاية شرائطها (أو) يعم الزكاة بحيث يشمل سائر الحقوق كما سيجي‏ء، فلا يرد تلف المال في بعض الأوقات مع أداء الزكاة «و لا يصاد من الطير إلا ما ضيع تسبيحه» و لو نسيانا و يظهر من هذه الأخبار و غيرها كما يظهر من الآيات الكريمات أن لكل من الطيور، بل لكل من الحيوانات، بل لكل شي‏ء تسبيحا سوى تسبيح الدلالة على وجود الواجب و علمه و قدرته، و لكن لا نفقه تسبيحهم، و ما أوتينا من العلم إلا قليلا، و روى الكليني في الصحيح، عن أبي جعفر عليه السلام قال: وجدنا في كتاب علي عليه السلام إذا منعت الزكاة منعت الأرض بركاتها «1» و بإسناده، عن رفاعة ابن موسى أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول ما فرض الله على هذه الأمة شيئا أشد عليهم من الزكاة و فيها تهلك عامتهم «2» و في الحسن كالصحيح عن الفضلاء عنهما عليهما السلام قالا فرض الله الزكاة مع الصلاة «3» و عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله تبارك و تعالى يبعث يوم القيمة ناسا من قبورهم مشدودة أيديهم إلى أعناقهم لا يستطيعون أن يتناولوا بها قيس أنملة (أي قدرها) معهم ملائكة يعيرونهم تعييرا شديدا يقولون هؤلاء الذين منعوا خيرا قليلا من خير كثير هؤلاء الذين أعطاهم الله فمنعوا حق الله في أموالهم «4».
__________________________________________________
 (1) الكافي باب منع الزكاة خبر 18.
 (2- 3) الكافي باب فرض الزكاة إلخ خبر 3- 5.
 (4) الكافي باب منع الزكاة خبر 22.

21
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما جاء في تارك الزكاة و قد وجبت له ص 22

بَابُ مَا جَاءَ فِي تَارِكِ الزَّكَاةِ وَ قَدْ وَجَبَتْ لَهُ‏
1596 وَ رَوَى مَرْوَانُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ تَارِكُ الزَّكَاةِ وَ قَدْ وَجَبَتْ لَهُ مِثْلُ مَانِعِهَا وَ قَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ.

بَابُ الرَّجُلِ يَسْتَحْيِي مِنْ أَخْذِ الزَّكَاةِ فَيُعْطَى عَلَى وَجْهٍ آخَرَ
1597 رَوَى عَاصِمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع الرَّجُلُ مِنْ أَصْحَابِنَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الزَّكَاةِ فَأُعْطِيهِ مِنَ الزَّكَاةِ وَ لَا أُسَمِّي لَهُ أَنَّهَا مِنَ الزَّكَاةِ فَقَالَ أَعْطِهِ وَ لَا تُسَمِّ لَهُ وَ لَا تُذِلَّ الْمُؤْمِنَ.

__________________________________________________
باب ما جاء في تارك الزكاة (أي تارك أخذها) و قد وجبت له «روى مروان بن مسلم» الثقة، و رواه الكليني عنه في الحسن كالصحيح «1» «عن عبد الله بن هلال (إلى قوله) الزكاة» أي كل من لا يقبل الزكاة «و قد وجبت له» أي صار مستحقا له أو صار مضطرا إلى أخذه بحيث لم يكن له وجه آخر «مثل مانعها و قد وجبت عليه» و الأول أظهر لفظا و الثاني معنى و على الأول يكون مبالغة في كراهة ترك الأخذ، و يؤيد ما رواه الكليني في الصحيح، عن الحسن بن علي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله.
باب الرجل يستحي من أخذ الزكاة إلخ «روى عاصم بن حميد» في الحسن كالصحيح و رواه الكليني أيضا عنه «2» «عن أبي بصير (إلى قوله) من الزكاة» و الظاهر أنه لعلو شأنه مثل من كان غنيا فافتقر «فأعطيه (إلى قوله) المؤمن» يدل على كراهة ذكرها إذا صار سببا لإذلاله، و يؤيده‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب من تحل له الزكاة فيمتنع من اخذها خبر 1- 3 و فيه هارون ابن مسلم بدل مروان بن مسلم.

22
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

بَابُ الْأَصْنَافِ الَّتِي تَجِبُ عَلَيْهَا الزَّكَاةُ
1598 رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أُنْزِلَتْ إِلَيْهِ آيَةُ الزَّكَاةِ خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها «1» فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَأَمَرَ

__________________________________________________
العمومات الدالة على رجحان تعظيم المؤمن و النهي عن إذلاله، و لا ينافيه ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام الرجل يكون محتاجا فيبعث إليه بالصدقة فلا يقبلها على وجه الصدقة، يأخذه من ذلك ذمام أي حياء و استحياء و انقباض أ فنعطيها إياه على غير ذلك الوجه و هي منا صدقة؟ فقال:
لا إذا كانت زكاة فله أن يقبلها. فإن لم يقبلها على وجه الزكاة فلا تعطها إياه و ما ينبغي له أن يستحيي مما فرض الله عز و جل إنما هي فريضة الله له فلا يستحيي منها «2» لأنه يمكن أن يكون لعدم الاستحقاق أو يحمل على كراهة ممانعته و إن استحب لنا عدم إذلاله.
باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة «روى الحسن بن محبوب» في الصحيح و رواه الكليني في الصحيح «3» «عن عبد الله ابن سنان (إلى قوله) صَدَقَةً» أي زكاة «تُطَهِّرُهُمْ» من الذنوب «وَ تُزَكِّيهِمْ» من البخل (أو) تطهر نفوسهم من البخل و أموالهم من حق الفقراء أو تنمي أموالهم «بِها»
 أي بالزكاة و في الكافي و أنزلت «في شهر رمضان (إلى قوله) عليكم» و في الكافي عليهم «من الذهب (إلى قوله) عما سوى ذلك» أي عن وجوبه «قال ثمَّ (إلى قوله) و عمال الطسوق» يدل على عدم الوجوب في غير التسعة، و على عدم جواز التأخير، و ظاهرا على أن الحول اثني عشر شهرا و على عدم قبول الصلاة بدون الزكاة. و الطسق الأجرة، و الظاهر أن‏
__________________________________________________
 (1) التوبة- 103.
 (2) الكافي باب من يحل له الزكاة فيمتنع من اخذها خبر 4.
 (3) الكافي باب فرض الزكاة و ما يجب في المال من الحقوق خبر 2.

23
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

رَسُولُ اللَّهِ ص مُنَادِيَهُ فَنَادَى فِي النَّاسِ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الزَّكَاةَ كَمَا فَرَضَ عَلَيْكُمُ الصَّلَاةَ فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ الْإِبِلِ وَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ‏
__________________________________________________
المراد بها الخراج المأخوذ من الأراضي المفتوحة عنوة أجرة للأرض، و على أنه على الإمام أن يأخذ الزكاة، و يفهم منه وجوب أدائها إليه مع الطلب. فإنه لا ريب فيه و مع عدم الطلب أيضا على الظاهر و إن أمكن أن يكون الطلب على الاستحباب لأنه أبصر بمواقعها (أما) الوجوب على التسعة فتدل عليه الأخبار المتواترة من طرق العامة و الخاصة بل الظاهر أنه من ضروريات الدين، (و أما) العفو عما سوى ذلك فتدل عليه الأخبار المستفيضة، و عليه أكثر الأصحاب (و قيل) بالوجوب في الحبوب فيما يكال و يوزن سوى الخضر و الفواكه لما رواه الكليني رضي الله عنه في الحسن كالصحيح، عن محمد بن مسلم قال: سألته عليه السلام عن الحبوب ما يزكى منها؟ فقال عليه السلام: البر، و الشعير، و الذرة، و الدخن، و الأرز، و السلت، و العدس. و السمسم كل هذا يزكى و أشباهه «1» و في الحسن كالصحيح، عن زرارة مثله و قال، كلما كيل بالصاع فبلغ الأوساق فعليه الزكاة، و قال: جعل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الصدقة في كل شي‏ء أنبتت الأرض إلا ما كان في الخضر و البقول و كل شي‏ء يفسد من يومه «2» و في الصحيح عن علي بن مهزيار قال قرأت في كتاب عبد الله بن محمد إلى أبي الحسن عليه السلام جعلت فداك روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال وضع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الزكاة على تسعة أشياء، الحنطة، و الشعير، و التمر، و الزبيب. و الذهب، و الغنم، و البقر، و الإبل- و عفا رسول الله صلى الله عليه و آله عما سوى ذلك، فقال له القائل عندنا شي‏ء كثير يكون بأضعاف ذلك، فقال:
و ما هو؟ فقال له: الأرز فقال له أبو عبد الله عليه السلام أقول لك: إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم وضع الزكاة على تسعة أشياء و عفا عما سوى ذلك و تقول: عندنا أرز و عندنا ذرة؟ و قد كانت الذرة على عهد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، فوقع عليه السلام كذلك هو، و الزكاة على كل ما كيل بالصاع «3» و كتب عبد الله: و روى غير هذا الرجل، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سأله، عن‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب ما يزكى من الحبوب خبر 1- 2- 3.

24
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ مِنَ الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِيرِ وَ التَّمْرِ وَ الزَّبِيبِ وَ نَادَى فِيهِمْ بِذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَ عَفَا لَهُمْ‏
__________________________________________________
الحبوب؟ فقال: و ما هي؟ قال: السمسم، و الأرز، و الدخن، و كل هذا غلة كالحنطة و الشعير، فقال أبو عبد الله عليه السلام في الحبوب كلها زكاة «1». و روي أيضا، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: كلما دخل القفيز فهو يجري مجرى الحنطة، و الشعير، و التمر، و الزبيب قال: فأخبرني جعلت فداك هل على هذا الأرز و ما أشبهه من الحبوب، الحمص، و العدس زكاة؟ فوقع عليه السلام: صدقوا- الزكاة في كل شي‏ء كيل «2» و في الصحيح، عن محمد بن إسماعيل قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام:
إن لنا رطبة و أرزا فما الذي علينا فيهما؟ فقال عليه السلام: أما الرطبة فليس عليك فيها شي‏ء و أما الأرز، فما سقت السماء، العشر و ما سقي بالدلو فنصف العشر من كل ما كلت بالصياع أو قال: و كيل بالمكيال «3» و غير ذلك من الأخبار.
و حملت على الاستحباب لما تقدم، و لما رواه الكليني (ره) في الحسن كالصحيح عن زرارة و محمد بن مسلم و أبي بصير و بريد بن معاوية العجلي و الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام قالا: فرض الله الزكاة مع الصلاة في الأموال و سنها (أي قررها) رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في تسعة أشياء، و عفا عما سواهن- في الذهب، و الفضة و الإبل، و البقر، و الغنم، و الحنطة، و الشعير. و التمر، و الزبيب- و عفا عما سوى ذلك «4» و روى الشيخ، عن زرارة «5» و أبي بصير و الحسن بن شهاب «6» و الحلبي «7»، و أبي بكر الحضرمي «8» و بكير بن أعين في الموثق مثله «9» أو ما يقرب منه.
و أما ما يدل على سقوط الزكاة عن الخضر و الفواكه و غيرهما. فما رواه الكليني في الصحيح، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل عن الخضر فيها زكاة و إن‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب ما يزكى من الحبوب خبر 4- 5- 6.
 (4) الكافي باب ما وضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و على أهل بيته الزكاة عليه خبر 1.
 (5- 6- 7- 8- 9) التهذيب باب ما يجب فيه الزكاة خبر 1 و 2- 3- 4- 6- 8 و لم نجد خبر بكير بن أعين بهذا المضمون نعم مضمون خبر ابى مريم موافق له و هو خبر 8 كما ذكرنا.

25
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

عَمَّا سِوَى ذَلِكَ قَالَ ثُمَّ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِشَيْ‏ءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ حَتَّى حَالَ عَلَيْهِمُ الْحَوْلُ مِنْ قَابِلٍ فَصَامُوا وَ أَفْطَرُوا فَأَمَرَ ع مُنَادِيَهُ فَنَادَى فِي الْمُسْلِمِينَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ زَكُّوا أَمْوَالَكُمْ تُقْبَلْ صَلَاتُكُمْ قَالَ ثُمَّ وَجَّهَ عُمَّالَ الصَّدَقَةِ وَ عُمَّالَ الطَّسُوقِ.
__________________________________________________
بيعت بالمال العظيم؟ فقال: لا حتى يحول عليها الحول «1» و في الحسن كالصحيح، عن الحلبي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما في الخضر قال: و ما هي قلت: القضب و البطيخ و مثله من الخضر قال: ليس عليه شي‏ء إلا أن يباع مثله بمال فيحول عليه الحول ففيه الصدقة، و عن الغضاة (أي الفواكه من الفرسك و أشباهه) فيه زكاة؟ قال: لا قلت:
فثمنه؟ قال: ما حال عليه الحول من ثمنه فزكه «2» و في الصحيح، عن عبد العزيز بن المهتدي قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن القطن و الزعفران عليهما زكاة: قال: لا «3» و في الحسن كالصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر أو أبي عبد الله عليهم السلام في البستان يكون فيه الثمار ما لو بيع كان بمال هل فيه الصدقة؟ قال: لا «4» و في الموثق، عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس على البقول و لا على البطيخ و أشباهه زكاة إلا ما اجتمع عندك من غلته فبقي عندك سنة «5».
و روى الشيخ في الصحيح، عن زرارة عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا:
عفا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم عن الخضر قلت و ما الخضر؟ قالا كل شي‏ء لا يكون له بقاء، البقل، و البطيخ، و الفواكه و شبه ذلك مما يكون سريع الفساد، قال زرارة قلت لأبي عبد الله عليه السلام: هل في القضب شي‏ء؟ قال: لا «6» و في الصحيح، عن علي بن جعفر أنه سأل أخاه موسى بن جعفر عليه السلام عن البستان لا تباع غلته و لو بيعت بلغت غلتها مالا هل يجب فيه صدقة؟ قال: لا إذا كانت تؤكل «7» و غيرها من الأخبار.
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4- 5) الكافي باب ما لا تجب فيه الزكاة إلخ خبر 2- 3- 5- 6- 1.
 (6) التهذيب باب حكم الخضر في الزكاة خبر 2.
 (7) التهذيب باب زكاة الحنطة و الشعير إلخ خبر 18.

26
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

فَلَيْسَ عَلَى الذَّهَبِ شَيْ‏ءٌ حَتَّى يَبْلُغَ عِشْرِينَ مِثْقَالًا فَإِذَا بَلَغَ عِشْرِينَ مِثْقَالًا فَفِيهِ نِصْفُ دِينَارٍ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ أَرْبَعَةً وَ عِشْرِينَ فَفِيهِ نِصْفُ دِينَارٍ وَ عُشْرُ دِينَارٍ ثُمَّ عَلَى هَذَا الْحِسَابِ مَتَى زَادَ عَلَى عِشْرِينَ أَرْبَعَةُ أَرْبَعَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعَةٍ عُشْرٌ إِلَى أَنْ‏
__________________________________________________
 «فليس على الذهب حتى يبلغ عشرين دينارا إلخ» يدل عليه ما رواه الكليني في الصحيح، عن الحسين بن بشار (اليسار- خ) قال سألت أبا الحسن عليه السلام في كم وضع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الزكاة؟ فقال في كل مائتي درهم خمسة دراهم، فإن نقصت فلا زكاة فيها و في الذهب ففي كل عشرين دينارا نصف دينار فإن نقص فلا زكاة فيه «1» و في الصحيح، عن الحلبي قال، سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الذهب و الفضة ما أقل ما يكون فيه الزكاة فقال: مائتا درهم و عدلها من الذهب (أي عشرين دينارا لأن الدينار كانت قيمته عشرة دراهم في ذلك الزمان كما سيجي‏ء إن شاء الله في الديات و غيرها) قال و سألته عن النيف (و هو الكسر ما بين العددين و المراد هنا ما بين النصابين الخمسة و العشرة) قال: ليس عليه شي‏ء حتى يبلغ أربعين فيعطي من كل أربعين درهما درهم «2».
و في الحسن كالصحيح، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الذهب كم فيه من الزكاة؟ فقال: إذا بلغ قيمته مائتي درهم فعليه الزكاة «3» و هو كالسابق و إن كان الأحوط اعتبار القيمة، و على قيمة الحال يكون قريبا من عشرة دنانير، و يؤيده بعض الأخبار الأخر صريحا، و في الموثق كالصحيح، عن علي بن عقبة، و عدة من أصحابنا عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام قالا: ليس فيما دون العشرين مثقالا من الذهب شي‏ء فإذا كملت عشرون (عشرين- خ ل) مثقالا ففيها نصف مثقال إلى أربعة و عشرين، فإذا كملت أربعة و عشرون (و عشرين- خ ل) ففيها ثلاثة أخماس دينار إلى ثمانية و عشرين فعلى هذا الحساب كلما زاد أربعة «4» و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا جازت الزكاة عشرين دينارا ففي كل أربعة عشر دينار «5».
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب زكاة الذهب و الفضة خبر 6- 7- 5.
 (4- 5) الكافي باب زكاة الذهب و الفضة خبر 3- 4 و التهذيب باب زكاة الذهب خبر 1- 2.

27
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

يَبْلُغَ أَرْبَعِينَ مِثْقَالًا فَإِذَا بَلَغَ أَرْبَعِينَ مِثْقَالًا فَفِيهِ مِثْقَالٌ وَ لَيْسَ عَلَى الْفِضَّةِ شَيْ‏ءٌ حَتَّى يَبْلُغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَ مَتَى زَادَ عَلَيْهَا أَرْبَعُونَ‏
__________________________________________________
و ما رواه الشيخ في الصحيح، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عما أخرج من المعدن من قليل و كثير هل فيه شي‏ء؟ قال: ليس فيه شي‏ء حتى يكون في مثله الزكاة، عشرين دينارا «1» و في الموثق كالصحيح، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: في الذهب إذا بلغ عشرين دينارا ففيه نصف دينار و ليس فيما دون العشرين شي‏ء، و في الفضة إذا بلغت مائتي درهم خمسة دراهم، و ليس فيما دون المائتين شي‏ء، فإذا زادت تسعة و ثلاثون على المائتين فليس فيها شي‏ء حتى تبلغ الأربعين و ليس في شي‏ء من الكسور شي‏ء حتى تبلغ الأربعين، و كذلك الدنانير على هذا الحساب «2» إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة.
و نقل عن علي بن بابويه أنه قال: لا زكاة في الذهب حتى يبلغ أربعين دينارا ففيه دينار، لما رواه الشيخ في الموثق كالصحيح عن الفضلاء المتقدمة، عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام قالا: في الذهب في كل أربعين مثقالا مثقال و في الورق في كل مائتين خمسة دراهم و ليس في أقل من أربعين مثقالا شي‏ء و لا في أقل من مائتي درهم شي‏ء و ليس في النيف شي‏ء حتى يتم أربعون فتكون فيه واحد «3» و حمل الشيخ الشي‏ء على المثقال و فيه بعد، و يمكن حمله على التقية لموافقته لمذاهب بعض العامة، و يمكن حمل غيره من الأخبار على الاستحباب.
و روى الكليني في القوي، عن حبيب الخثعمي قال: كتب أبو جعفر المنصور إلى محمد ابن خالد و كان عامله على المدينة أن يسأل أهل المدينة عن الخمسة في الزكاة من المائتين كيف صارت وزن سبعة و لم يكن هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و أمره أن يسأل فيمن يسأل عبد الله بن الحسن و جعفر بن محمد عليهم السلام قال: فسأل أهل المدينة فقالوا أدركنا
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب الزيادات من كتاب الخمس خبر 13.
 (2- 3) التهذيب باب زكاة الذهب خبر 3- 17.

28
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

دِرْهَماً فَفِيهَا دِرْهَمٌ وَ لَيْسَ فِي النَّيِّفِ شَيْ‏ءٌ حَتَّى يَبْلُغَ أَرْبَعِينَ وَ لَيْسَ فِي الْقُطْنِ وَ الزَّعْفَرَانِ وَ الْخُضَرِ وَ الثِّمَارِ وَ الْحُبُوبِ زَكَاةٌ حَتَّى تُبَاعَ وَ يَحُولَ عَلَى ثَمَنِهَا الْحَوْلُ فَإِذَا اجْتَمَعَتْ لِلرَّجُلِ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَأَخْرَجَ لِزَكَاتِهَا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَدَفَعَهَا إِلَى الرَّجُلِ فَرَدَّ دِرْهَماً مِنْهَا وَ ذَكَرَ أَنَّهُ شَبَهٌ أَوْ زَيْفٌ فَلْيَسْتَرْجِعْ مِنْهُ الْأَرْبَعَةَ الدَّرَاهِمَ أَيْضاً لِأَنَّ هَذِهِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهَا الزَّكَاةُ لِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ إِلَّا دِرْهَمٌ وَ لَيْسَ عَلَى مَا دُونَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ زَكَاةٌ
__________________________________________________
من كان قبلنا على هذا، فبعث إلى عبد الله بن الحسن و جعفر بن محمد عليهما السلام فسأل عبد الله فقال كما قال المستفتون من أهل المدينة، فقال: ما تقول يا با عبد الله؟ فقال إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم جعل في كل أربعين أوقية، أوقية، فإذا حسبت ذلك كان على وزن سبعة و قد كانت وزن ستة كانت الدراهم خمسة دوانيق قال حبيب فحسبناه فوجدناه كما قال فأقبل عليه عبد الله بن الحسن: فقال: من أين أخذت هذا قال قرأت في كتاب أمك فاطمة (ع) قال: ثمَّ انصرف فبعث إليه محمد بن خالد- ابعث إلى بكتاب فاطمة عليها السلام فأرسل إليه أبو عبد الله عليه السلام إني إنما أخبرتك إني قرأته و لم أخبرك أنه عندي- قال حبيب فجعل محمد بن خالد يقول لي: رأيت مثل هذا قط المراد منه (و الله تعالى يعلم) أن المنصور سأل الوجه في إخراج سبعة دراهم عوضا عن الخمس دراهم التي تجب في الزكاة في زمانه صلى الله عليه و آله و سلم، فأجاب عليه السلام بأن الدراهم غيرت، فمرة نقص سدسها و صارت خمسة منها ستة، ثمَّ غيرت و صارت الخمسة سبعة، و التي يجب أن تخرج هي التي كانت في زمان الرسول صلى الله عليه و آله و سلم فيجب أن يخرج سبعة عوضا عن الخمسة الواجبة و الدليل على ذلك قول رسول صلى الله عليه و آله و سلم (في كل أربعين أوقية، أوقية) و الأوقية أربعون درهما و لم تغير، فإذا حسبت الأوقية تكون أربعين درهما بلا كسر.
 «و ليس في القطن إلخ» قد تقدمت الأخبار في ذلك «و الحبوب» أي غير الحنطة و الشعير أو فيهما أيضا بعد إخراج الزكاة و إن بقيتا أحوالا كالتمر و الزبيب إلا إن تباع هذه الأشياء «و يحول على ثمنها» الدنانير و الدراهم «الحول» فتجب‏

29
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ لَيْسَ عَلَى السَّبَائِكِ زَكَاةٌ إِلَّا أَنْ تَفِرَّ بِهَا
__________________________________________________
في كل سنة كغير الغلات الأربع «و ذكر أنه شبه» أي نحاس أصفر «أو زيف» أي ردي‏ء من غير الجنس أو مغشوش و يكون كذلك و إن جاز الاستعارة منه بمجرد قوله، لكن إذا لم يكن كذلك وجب الدفع إليه أو إلى غيره.
 «و ليس (إلى قوله) من الزكاة» أي بعد الحول أو قبله استحبابا، لما رواه الكليني في الصحيح. عن علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن المال الذي لا يعمل به و لا يقلب؟ قال: يلزمه الزكاة في كل سنة إلا أن يسلك «1» و في الحسن كالصحيح، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له إن أخي يوسف ولى لهؤلاء أعمالا أصاب فيها أموالا كثيرة و أنه جعل تلك الأموال حليا أراد أن يفر به من الزكاة أ عليه الزكاة؟ قال: ليس على الحلي زكاة و ما أدخل على نفسه من النقصان في وضعه و منعه نفسه فضله أكثر مما يخاف من الزكاة «2» و في الحسن كالصحيح بل الصحيح و رواه الشيخ في الصحيح، عن علي بن يقطين، عن أبي إبراهيم عليه السلام قال:
قلت له إنه يجتمع عندي الشي‏ء فيبقى نحوا من سنة يزكيه قال: لا كلما لم يحل عليه عندك الحول فليس عليك فيه زكاة، و كلما لم يكن ركازا فليس عليك فيه شي‏ء، قال: قلت و ما الركاز قال: الصامت المنقوش، ثمَّ قال: إذا أردت ذلك فاسبكه فإنه ليس في سبائك الذهب و نقار الفضة شي‏ء من الزكاة «3» و في الحسن كالصحيح، عن رفاعة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام و سأله بعضهم عن الحلي فيه زكاة فقال: لا و إن بلغ مائة ألف «4» و في الصحيح (على الظاهر) عن محمد الحلبي قال: سألته عن الحلي فيه زكاة قال: لا «5» و في الصحيح عنه عليه السلام مثله «6».
و في الصحيح، عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحلي أ يزكى‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب انه ليس على الحلى و سبائك الذهب إلخ خبر 5- 7 و قوله (ع) في الرواية الأولى (و لا يقلب) أي لا يتصرف فيه للتجارة (مجمع البحرين).
 (3- 4- 5- 6) الكافي باب انه ليس على الحلى و سبائك الذهب إلخ خبر 8- 4- 1- 2.

30
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

مِنَ الزَّكَاةِ فَإِنْ فَرَرْتَ بِهَا فَعَلَيْكَ الزَّكَاةُ وَ لَيْسَ عَلَى الْحُلِيِّ زَكَاةٌ وَ إِنْ بَلَغَ مِائَةَ أَلْفٍ وَ لَكِنْ تُعِيرُهُ مُؤْمِناً إِذَا اسْتَعَارَهُ مِنْكَ فَهَذِهِ زَكَاتُهُ وَ لَيْسَ فِي النَّقِيرِ زَكَاةٌ إِنَّمَا هِيَ عَلَى الدَّنَانِيرِ وَ الدَّرَاهِمِ‏
1599 وَ رَوَى زُرَارَةُ وَ بُكَيْرٌ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: لَيْسَ فِي الْجَوْهَرِ وَ أَشْبَاهِهِ زَكَاةٌ وَ إِنْ‏

__________________________________________________
فقال: إذا لا يبقى منه شي‏ء «1» و في الصحيح، عن محمد بن أبي عمير، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: زكاة الحلي عاريته «2».
و روى الشيخ بهذا الإسناد عنه عليه السلام قال: زكاة الحلي أن يعار «3» و في الموثق كالصحيح، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحلي فيه زكاة قال: لا- إلا ما فر به من الزكاة «4» و في الموثق كالصحيح، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: الرجل يجعل لأهله الحلي من مائة دينار و المائتي دينار و أراني قد قلت: ثلاثمائة فعليه الزكاة قال: ليس فيه زكاة قال: قلت: فإنه فر به من الزكاة فقال: إن كان فر به من الزكاة فعليه الزكاة و إن كان إنما فعله ليتجمل به فليس عليه زكاة «5» و حملا على الاستحباب أو على الفرار بعد الحول، لما تقدم من الأخبار و لما سيجي‏ء.
 «و ليس في النقير إلخ» أي السبيكة، و ربما يطلق على سبيكة النقرة، و في بعض النسخ (و ليس على التبر شي‏ء) كما رواه الكليني و الشيخ، عن جميل عن بعض أصحابنا أنه قال: ليس في التبر زكاة «6» «إنما هي على الدنانير و الدراهم» و التبر فتات الذهب و الفضة قبل أن يصاغا فإذا صيغا فهما ذهب و فضة أو ما استخرج من المعدن قبل أن يصاغ‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب انه ليس على الحلى و سبائك الذهب إلخ خبر 3- 6.
 (3- 4- 5) التهذيب باب زكاة الذهب خبر 10- 12- 13.
 (6) الكافي انه ليس على الحلى و السبائك إلخ خبر 9 و التهذيب باب زكاة الذهب خبر 4.

31
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

كَثُرَ.
وَ لَيْسَ فِي نُقَرِ الْفِضَّةِ زَكَاةٌ وَ لَيْسَ عَلَى مَالِ الْيَتِيمِ زَكَاةٌ إِلَّا أَنْ يُتَّجَرَ بِهِ فَإِنِ اتُّجِرَ بِهِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ وَ الرِّبْحُ لِلْيَتِيمِ وَ عَلَى التَّاجِرِ ضَمَانُ الْمَالِ‏
__________________________________________________
و روى الشيخ في القوي، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله عليه السلام و أبي الحسن عليهما السلام أنه قال: ليس على التبر زكاة إنما هي على الدنانير و الدراهم «1» و يؤيده الأخبار المتقدمة.
 «و روى زرارة و بكير» في الصحيح و رواه الكليني في الحسن كالصحيح «2» «عن أبي جعفر عليه السلام (إلى قوله) و إن كثر» الجوهر: اللئالي الصغار أو الأعم أو كل حجر يستخرج منه شي‏ء ينتفع به، و الظاهر أن المراد به هنا الأول أو الثاني ليصح العطف عليه (بأشباهه) و إن أمكن حمله على المعنى الثالث و يكون المراد (بأشباهه) ما كان له قيمة كالثياب النفيسة، و الحاصل أنه لا زكاة في غير النقدين مع الشرائط و لا يقاس عليهما غيرهما كما فعله بعض العامة.
 «و ليس في نقر الفضة» أي سبيكتها «زكاة» و قد ذكرت الأخبار الدالة عليه.
 «و ليس على مال اليتيم زكاة» أي في النقدين بقرينة المقام و يحتمل الأعم لما رواه الكليني في الصحيح عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام في مال اليتيم عليه زكاة فقال: إذا كان موضوعا فليس عليه زكاة فإذا عملت به فأنت له ضامن و الربح لليتيم «3» و في الحسن كالصحيح، عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام هل على مال اليتيم زكاة؟ قال: لا إلا أن يتجر به أو يعمل به «4» و في الحسن كالصحيح، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ليس على مال اليتيم زكاة و إن بلغ اليتيم فليس عليه لما مضى زكاة و لا عليه فيما بقي حتى يدرك فإذا أدرك فإنما عليه زكاة
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب زكاة الذهب خبر 6.
 (2) الكافي باب انه ليس على الحلى و السبائك خبر 10.
 (3- 4) الكافي باب زكاة مال اليتيم خبر 1- 4.

32
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

.........
__________________________________________________
واحدة ثمَّ كان عليه مثل ما على غيره من الناس «1» و في الصحيح، عن صفوان بن يحيى عن يونس بن يعقوب (الموثق) قال: أرسلت إلى أبي عبد الله عليه السلام إن لي إخوة صغارا فمتى يجب على أموالهم الزكاة؟ قال: إذا وجبت عليهم الصلاة وجبت الزكاة قلت فما لم تجب عليهم الصلاة؟ قال: إذا اتجر به فزكه «2» و في الصحيح، عن محمد بن القسم بن الفضيل قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام أسأله عن الوصي يزكي زكاة الفطرة عن اليتامى إذا كان لهم؟ مال: قال، فكتب عليه السلام لا زكاة على يتيم «3».
و روى الشيخ في الصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليه السلام قال: سألته عن مال اليتيم فقال: ليس فيه زكاة «4» و في الصحيح، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ليس في مال اليتيم زكاة «5» و في الموثق، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل عن مال اليتيم فقال: لا زكاة عليه إلا أن يتجر به «6».
قوله «إلا أن يتجر به (إلى قوله) ضمان المال» كما يظهر من الخبر الأول و الوسط و الآخر «7»، لكنه مخالف للمشهور ظاهرا، فإن المشهور أنه إذا اتجر الولي أو الوصي لليتيم فالربح لليتيم و الزكاة على الولي في مال اليتيم. و إن لم يكن وليا فالضمان على التاجر و الربح لليتيم و لا زكاة فيه، أما إذا ضمن الولي المال بأن يقترضه و كان مليا فالزكاة عليه و إلا فالربح لليتيم و الضمان على التاجر و لا زكاة، و يمكن حمل الخبر الأول على ما لم يكن وليا و الثاني على الولي المتجر لليتيم و كذا الرابع و الثامن «8».
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب زكاة مال اليتيم خبر 5- 8- 9.
 (4- 5- 6) التهذيب باب زكاة أموال الاطفال و المجانين خبر 2- 3- 6.
 (7) يعني من الأول و الوسط صحيح الحلبيّ و صحيح ابى بصير و اما الأخير فان ذيله هكذا (فان اتجر به فالربح لليتيم و ان وضع فعلى الذي يتجر به).
 (8) يعني موثق يونس و الموثق الأخير.

33
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ قَدْ رُوِيَتْ رُخْصَةٌ فِي أَنْ يُجْعَلَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا
__________________________________________________
و يؤيدها ما رواه الكليني، عن سعيد السمان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
ليس في مال اليتيم زكاة إلا أن يتجر به فإن اتجر به فالربح لليتيم، و إن وضع فعلى الذي يتجر به «1» و ما رواه الشيخ في الموثق عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: الرجل يكون عنده مال اليتيم فيتجر به أ يضمنه؟ قال: نعم قلت فعليه زكاة؟ قال: لا لعمري لا أجمع عليه خصلتين: الضمان، و الزكاة «2» و روى الشيخ في الموثق، عن منصور الصيقل قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن مال اليتيم يعمل به؟ قال فقال: إذا كان عندك مال و ضمنته فلك الربح و أنت ضامن للمال، و إن كان لا مال لك و عملت به فالربح للغلام و أنت ضامن للمال «3» و حمل الجزء الأول من الخبر على ما لو كان وليا. و ظاهره العموم كما رواه الكليني في الصحيح، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق ابن عمار، عن أبي العطارد الخياط قال، قلت لأبي عبد الله عليه السلام مال اليتيم يكون عندي فأتجر به فقال: إذا حركته فعليك زكاته قال: قلت فإني أحركه ثمانية أشهر؟ و ادعه أربعة أشهر قال: عليك زكاته «4» و عن محمد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن صبية صغار لهم مال بيد أبيهم أو أخيهم هل يجب على مالهم زكاة؟ فقال: لا تجب في مالهم زكاة حتى يعمل به فإذا عمل به وجبت الزكاة فأما إذا كان موقوفا فلا زكاة عليه «5» و يحمل على ما لو كان مليا: «و قد رويت رخصة في أن يجعل الربح بينهما» روى الشيخ في الصحيح، عن الحسن بن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب زكاة مال اليتيم خبر 7.
 (2- 3- 5) التهذيب باب زكاة اموال الاطفال و المجانين خبر 10- 12- 8.
 (4) الكافي باب زكاة مال اليتيم خبر 3.

34
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

........
__________________________________________________
عن الرجل يكون في يديه مال لأخ له يتيم و هو وصيه أ يصلح له أن يعمل به؟ قال:
نعم كما يعمل بمال غيره و الربح بينهما قال: قلت، فهل عليه ضمان؟ قال: لا إذا كان ناظرا له «1» و يفهم منه عدم ضمان الولي أيضا بالطريق الأولى إذا كانت التجارة لمصلحة اليتيم، و الظاهر أن المراد بقوله عليه السلام (و الربح بينهما) جواز أخذ الجعالة للناظر لليتيم كما تدل عليه الآية و الأخبار كما سيجي‏ء فظهر من الأخبار الصحيحة أنه لا زكاة في مال اليتيم في النقدين و هو إجماعي و كذا في غيرهما لعموم الأخبار المتقدمة.
و يدل على الغلات ما رواه الشيخ في الموثق كالصحيح، عن أبي بصير؟ عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: سمعته يقول: ليس في مال اليتيم زكاة، و ليس عليه صلاة، و ليس على جميع غلاته من نخل أو زرع أو غلة زكاة، و إن بلغ فليس عليه زكاة و لا عليه لما يستقبل حتى يدرك فإذا أدرك كانت عليه زكاة واحدة و كان عليه مثل ما على غيره من الناس «2» و أما ما رواه الكليني و الشيخ في الصحيح عن زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا: مال اليتيم ليس عليه في العين و الصامت شي‏ء فأما الغلات فإن عليه الصدقة واجبة «3» فمحمولة على تأكد الاستحباب و إن كان الأحوط للولي إخراجها، و حكم المجنون حكم الطفل في عدم الوجوب لعدم التكليف إلا في مال التجارة و يستحب للولي إخراجها، لما رواه الكليني في الصحيح (على الظاهر) عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام امرأة من أهلنا مختلطة أ عليها زكاة؟ فقال‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب زكاة اموال الاطفال و المجانين خبر 11.
 (2) التهذيب باب زكاة الاطفال و المجانين خبر 14 و أورد نحوه في الكافي باب زكاة مال التيمم خبر 5.
 (3) الكافي باب زكاة مال اليتيم خبر 6 و التهذيب باب زكاة الاطفال و المجانين خبر 13- لكن في الكافي ليس في الدين و المال الصامت إلخ.

35
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ قَالَ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ لَا يُجْزِي فِي الزَّكَاةِ أَنْ يُعْطَى أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ دِينَارٍ
1600 وَ قَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا كَتَبَ عَلَى يَدَيْ أَحْمَدَ بْنِ‏

__________________________________________________
إن كان عمل به فعليها زكاة، و إن لم يعمل به فلا «1» و عن موسى بن بكر قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن امرأة مصابة و لها مال في يد أخيها هل عليها زكاة؟ فقال: إن كان أخوها يتجر به فعليها زكاة «2»: «قال أبي رضي الله عنه إلخ» روى الكليني في الصحيح، عن أبي ولاد الحناط قال: سمعته يقول: لا تعطى أحدا من الزكاة أقل من خمسة دراهم و هو أقل ما فرض الله عز و جل من الزكاة في أموال المسلمين فلا تعطوا أحدا من الزكاة أقل من خمسة دراهم فصاعدا يعني أعطوه خمسة دراهم فصاعدا «3» و روى الشيخ، عن معاوية بن عمار و عبد الله بن بكير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: لا يجوز أن يدفع الزكاة أقل من خمسة الدراهم فإنها أقل الزكاة «4».
 «و قد روى (إلى قوله) علي بن محمد العسكري عليه السلام» أي دفع المكتوب إلى أحمد ليوصله إلى الهادي و وصفه بالعسكري عليه السلام لكونه في العسكر أي سر من رأى التي بنيت للعسكر، و روى الشيخ في الصحيح، عن محمد بن أبي الصهبان (و هو محمد ابن عبد الجبار) قال: كتبت إلى الصادق عليهما السلام (أي الهادي عليه السلام لأن كلهم صادقون) هل يجوز يا سيدي أن أعطي الرجل من إخواني من الزكاة الدرهمين، و الثلاثة الدراهم فقد اشتبه ذلك علي؟ فكتب ذلك جائز «5» و حمل على ما لم يجب عليه غير ذلك كما كان في غير النصاب الأول أو غير الدرهم و لم يصل قيمته إلى الخمسة كالشاة و الغلاة
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب زكاة مال المملوك و المكاتب و المجنون خبر 2- 3 و التهذيب باب زكاة الاطفال و المجانين خبر 16- 17.
 (3) الكافي باب أقل ما يعطى من الزكاة او أكثر خبر 1.
 (4- 5) التهذيب ما يجب ان يخرج من الصدقة إلخ خبر 2- 3.

36
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

إِسْحَاقَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيِّ ع أُعْطِي الرَّجُلَ مِنْ إِخْوَانِي مِنَ الزَّكَاةِ الدِّرْهَمَيْنِ وَ الثَّلَاثَةَ فَكَتَبَ افْعَلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَ قَدْ رُوِيَ فِي تَقْدِيمِ الزَّكَاةِ وَ تَأْخِيرِهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ إِلَّا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا أَنْ تَدْفَعَهَا إِذَا وَجَبَتْ عَلَيْكَ وَ لَا يَجُوزُ لَكَ تَقْدِيمُهَا وَ لَا تَأْخِيرُهَا لِأَنَّهَا مَقْرُونَةٌ بِالصَّلَاةِ وَ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ قَبْلَ وَقْتِهَا وَ لَا تَأْخِيرُهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ قَضَاءً وَ كَذَلِكَ الزَّكَاةُ فَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُقَدِّمَ مِنْ زَكَاةِ مَالِكَ شَيْئاً تُفَرِّجُ بِهِ عَنْ مُؤْمِنٍ فَاجْعَلْهُ دَيْناً عَلَيْهِ.
__________________________________________________
و إن أمكن حمل الخبر الأول على النقدين بل الفضة، و يمكن الحمل على الاستحباب مع الاختيار إلا مع إرادة البسط على الأصناف فإنه مستحب أيضا سيما مع كثرة المستحقين و احتياجهم و إن كان الأحوط العمل بالأول مهما أمكن.
و أما التنافي ظاهرا بين ما رواه الصدوق و الشيخ، فيمكن دفعه بأن يكون محمد ابن عبد الجبار كتب إليه عليه السلام و رأى جواب مكاتبة غيره أيضا و إن كان بعيدا و الظاهر أنه من مساهلة بعض الرواة.
 «و قد روى في تقديم الزكاة إلخ» روى الشيخ في الصحيح، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: الرجل تحل عليه الزكاة في شهر رمضان فيؤخرها إلى المحرم؟ قال: لا بأس قال: قلت فإنه لا يحل عليه إلا في المحرم فيعجلها في شهر رمضان؟ قال: لا بأس «1» و في الصحيح عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين و تأخيرها شهرين «2» و في الصحيح، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: في الرجل يخرج زكاته فيقسم بعضها و يبقى بعض يلتمس له الموضع فيكون من أوله إلى آخره ثلاثة أشهر قال: لا بأس «3» و غير ذلك من الأخبار.
و حمل التعجيل على دفعها قرضا و التأخير على العذر و منه فقد المستحق أو الكامل منه لما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3) التهذيب باب تعجيل الزكاة و تأخيرها إلخ خبر 3- 5- 9.

37
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

فَإِذَا حَلَّتْ عَلَيْكَ فَاحْسُبْهَا لَهُ زَكَاةً لِيُحْسَبَ لَكَ مِنْ زَكَاةِ مَالِكَ وَ يُكْتَبَ لَكَ أَجْرُ الْقَرْضِ.
__________________________________________________
الرجل يكون عنده المال أ يزكيه إذا مضى نصف السنة؟ قال: لا و لكن حتى يحول عليه الحول و يحمل عليه، أنه ليس لأحد أن يصلي صلاة إلا لوقتها و كذلك الزكاة و لا يصوم أحد شهر رمضان إلا في شهره إلا قضاء «1» و في الحسن كالصحيح. عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام أ يزكى الرجل ماله إذا مضى ثلث السنة؟ قال: لا- أ يصلي الأولى قبل الزوال «2» و ما رواه الكليني و الشيخ في الصحيح، عن الأحول. عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل عجل زكاة ماله. ثمَّ أيسر المعطي قبل رأس السنة فقال: يعيد المعطي الزكاة «3» و في الصحيح، عن سعد بن سعد الأشعري، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الرجل تحل عليه الزكاة في السنة في ثلاثة أوقات أ يؤخرها حتى يدفعها في وقت واحد فقال: متى حلت أخرجها، و عن الزكاة في الحنطة، و الشعير، و التمر، و الزبيب متى تجب على صاحبها؟ قال: إذا صرم و إذا خرص «4» و في الموثق كالصحيح، عن يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام زكاتي تحل علي في شهر أ يصلح لي أن أحبس منها شيئا مخافة أن يجيبني من يسألني؟ فقال: إذا حال الحول فأخرجها من مالك و لا تخلطها بشي‏ء ثمَّ أعطها كيف شئت قال: قلت: فإن أنا كتبتها و أثبتها يستقيم لي؟ قال: نعم لا يضرك «5» و الأحوط الإخراج فورا إلا مع العذر فحينئذ الأحوط الإفراز عن المال و الإخراج عنه.
 «فإن أحببت أن تقدم من زكاة مالك إلخ» روى الكليني، عن عقبة بن خالد قال دخلت أنا. و المعلى، و عثمان بن بهرام على أبي عبد الله عليه السلام فلما رآنا قال:
مرحبا مرحبا بكم وجوه تحبنا و نحبها جعلكم الله معنا في الدنيا و الآخرة فقال له‏
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب تعجيل الزكاة و تأخيرها إلخ خبر 1- 2.
 (3) الكافي باب اوقات الزكاة خبر 10 مرسلا و التهذيب باب تعجيل الزكاة و تاخيرها خبر 7 مسندا عن الاحول كما ذكره الشارح (ره).
 (4- 5) الكافي باب اوقات الزكاة خبر 4- 3.

38
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

1601 وَ قَدْ رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: نِعْمَ الشَّيْ‏ءُ الْقَرْضُ إِنْ أَيْسَرَ قَضَاكَ وَ إِنْ أَعْسَرَ حَسَبْتَهُ مِنَ الزَّكَاةِ.

1602 وَ رُوِيَ أَنَّ الْقَرْضَ حِمًى لِلزَّكَاةِ

__________________________________________________
عثمان جعلت فداك فقال له أبو عبد الله عليه السلام نعم مه أي ما سؤالك؟ قال: إني رجل موسر فقال له: بارك الله لك في يسارك، قال: و يجي‏ء الرجل و يسألني الشي‏ء و ليس هو أيان زكاتي (أي وقتها) فقال له أبو عبد الله عليه السلام: القرض عندنا بثمانية عشر و الصدقة بعشرة و ما ذا عليك إذا كنت كما تقول موسرا أعطيته فإذا كان إبان زكاتك احتسبت بها من الزكاة يا عثمان لا ترده فإن رده عند الله عظيم، يا عثمان إنك لو علمت ما منزلة المؤمن من ربه ما توانيت (أي ما قصرت في حاجته) و من أدخل على مؤمن سرورا فقد أدخل على رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و قضاء حاجة المؤمن يدفع الجنون و الجذام و البرص «1».
 «و قد روي عن الصادق عليه السلام إلخ» روى الكليني في القوي، عن يونس بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قرض المؤمن غنيمة و تعجيل أجر (أو خير كما في الخبر الآخر) «2» إن أيسر قضاك و إن مات قبل ذلك احتسب به من الزكاة «3» «و روى إلخ» رواه الكليني مسندا عن علي عليه السلام «4» يعني أن القرض يحفظ الزكاة لأنه حين القرض في ظنه أنه يؤدى و الزكاة عسر على النفس أدائها فلما لم يمكن ارتجاع القرض يسهل على النفس احتسابه من الزكاة فكأن القرض حماها عن التضييع (أو) يوفق به لأدائها (أو) له ثواب الصدقة حتى يرتجع كما روي عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من أقرض رجلا قرضا إلى ميسرة كان ماله في زكاة، و كان هو في الصلاة مع الملائكة حتى يقضيه «5» و إن كان الأفضل احتسابه عليه إذا كان قادرا على الأداء مع بقاء الإعسار بعده- لا إذا لم يكن له شي‏ء أصلا، كما رواه الكليني في الموثق، عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون له الدين على رجل فقير يريد أن يعطيه من الزكاة فقال: إن‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب القرض خبر 4.
 (2) الكافي باب القرض انه حمى الزكاة خبر 1.
 (3) الكافي باب القرض خبر 5.
 (4- 5) الكافي باب القرض انه حمى الزكاة خبر 2- 3.

39
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ إِنْ كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ وَ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَكَ قَضَاؤُهُ فَاحْسُبْهُ مِنَ الزَّكَاةِ إِنْ شِئْتَ وَ لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ مَمْلُوكاً مُؤْمِناً مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ فَيُعْتِقَهُ فَإِنِ اسْتَفَادَ
__________________________________________________
كان الفقير عنده وفاء بما كان عليه من دين من عرض، من دار أو متاع من متاع البيت أو يعالج عملا يتقلب فيها بوجهه فهو يرجو أن يأخذ منه ماله عنده من دينه، فلا بأس أن يقاصه بما أراد أن يعطيه من الزكاة إن يحتسب بها، فإن لم يكن عند الفقير وفاء و لا يرجو أن يأخذ منه شيئا فليعطه من زكاته و لا يقاصه بشي‏ء من الزكاة «1» فتأمل في العناية من الطرفين.
 «و إن كان لك إلخ» قد تقدم، و روى الكليني في الصحيح، عن عبد الرحمن ابن الحجاج قال: سألت أبا الحسن الأول عليه السلام عن دين لي على قوم قد طال حبسه عندهم لا يقدرون على قضائه و هم مستوجبون للزكاة هل لي أن أدعه و أحتسب به عليهم من الزكاة؟ قال: نعم «2».
و يجوز قضاء دين الميت أيضا من الزكاة من سهم الغارمين كما رواه الكليني في الصحيح، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل عارف فاضل توفي و ترك عليه دينا قد ابتلي به لم يكن بمفسد و لا سرف و لا معروف بالمسألة هل يقضي عنه من الزكاة الألف و الألفان؟ قال نعم «3» و غيره من الأخبار.
 «و لا بأس أن يشتري إلخ» روى الكليني في الموثق كالصحيح، عن عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أخرج زكاة ماله ألف درهم فلم يجد موضعا يدفع ذلك إليه فنظر إلى مملوك يباع فيمن يريده فاشتراه بتلك الألف الدرهم التي أخرجها من زكاته فأعتقه هل يجوز ذلك؟ قال: نعم لا بأس بذلك- قلت فإنه لما أن أعتقه و صار حرا اتجر و احترف فأصاب ما لا ثمَّ مات و ليس له وارث فمن يرثه إذا لم يكن وارث؟ قال: يرثه الفقراء المؤمنون الذين يستحقون الزكاة لأنه اشترى‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب قصاص الزكاة بالدين خبر 2- 1.
 (3) الكافي باب انه يعطى عيال المؤمن من الزكاة إلخ خبر 2.

40
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

الْمَعْتُوقُ مَالًا وَ مَاتَ فَمَالُهُ لِأَهْلِ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ اشْتُرِيَ بِمَالِهِمْ وَ إِنِ اشْتَرَى رَجُلٌ أَبَاهُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ فَأَعْتَقَهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَ إِذَا مَاتَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ وَ أَحْبَبْتَ أَنْ تُكَفِّنَهُ مِنْ زَكَاةِ مَالِكَ فَأَعْطِهَا وَرَثَتَهُ يُكَفِّنُونَهُ بِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ فَكَفِّنْهُ وَ احْسُبْهُ مِنَ الزَّكَاةِ فَإِنْ أَعْطَى وَرَثَتَهُ قَوْمٌ آخَرُونَ ثَمَنَ كَفَنٍ فَكَفِّنْهُ أَنْتَ وَ احْسُبْهُ مِنَ الزَّكَاةِ إِنْ شِئْتَ وَ يَكُونُ مَا أَعْطَاهُمُ الْقَوْمُ لَهُمْ يُصْلِحُونَ بِهِ شُئُونَهُمْ وَ إِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَمْ يَلْزَمْ وَرَثَتَهُ قَضَاؤُهُ مِمَّا أَعْطَيْتَهُمْ وَ لَا مِمَّا أَعْطَاهُمُ الْقَوْمُ لِأَنَّهُ‏
__________________________________________________
بمالهم «1» و روى الصدوق في العلل في الصحيح، عن أيوب بن الحر قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام مملوك يعرف هذا الأمر الذي نحن عليه، أشتريه من الزكاة فأعتقه؟
قال: فقال: اشتره و أعتقه، قلت: فإن هو مات و ترك مالا؟ فقال: ميراثه لأهل الزكاة لأنه اشترى بسهمهم و في حديث آخر بمالهم «2» و حمل على عدم وجدان المستحق كما يظهر من الخبر الأول و هو أحوط، و يدل على أن ميراثه للفقراء، و قيل للإمام عليه السلام لأنه لا وارث له و يمكن تخصيص العموم بهذين الخبرين.
 «و إن اشترى رجل أباه إلخ» روى الكليني في الصحيح، عن الحسن بن محبوب، عن أبي محمد الوابشي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سأله بعض أصحابنا عن رجل اشترى أباه من الزكاة زكاة ماله قال: اشترى خير رقبة لا بأس بذلك «3» «و إذا مات رجل (إلى قوله) فكفنه» إما من سهم سبيل الله أو من سهم الفقراء لأنه من كسوة المؤمن و حرمته ميتا كحرمته و هو حي «فإن أعطى (إلى قوله) فكفنه أنت» أي يجوز لك أن تكفنه «و أحسبه (إلى قوله) شؤونهم» و أمورهم إذا لم يعطوا للكفن فيتعين الصرف فيه أورده إلى صاحبه «و إذا كان (إلى‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الرجل يحج من الزكاة او يعتق خبر 3.
 (2) علل الشرائع باب العلة التي من اجلها يكون ميراث المشترى من الزكاة خبر 1- لكن الراوي اديم بن الحر- لا أيّوب بن الحر.
 (3) الكافي باب نادر خبر 1.

41
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

لَيْسَ بِمِيرَاثٍ وَ إِنَّمَا هُوَ شَيْ‏ءٌ صَارَ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَ إِذَا كَانَ مَالُكَ فِي تِجَارَةٍ وَ طُلِبَ مِنْكَ الْمَتَاعُ بِرَأْسِ مَالِكَ وَ لَمْ تَبِعْهُ تَبْتَغِي‏
__________________________________________________
قوله) ليس بميراث» للميت حتى يقدم الدين «و إنما هو شي‏ء صار لورثته بعد موته» لو أعطوا من سهم الفقراء أو إلى الميت مشروطا بصرفه في الكفن، فلو لم يكفن رد إلى صاحبه إلا أن يكون مراد الصاحب صرفه في كفنه أو دينه، فإذا لم يكفن فيه بحصول كفن آخر صرف في الدين، و إذا لم يحصل يصرف في الكفن لأنه مقدم على الدين.
روى ذلك الشيخ في الصحيح، عن الحسن بن محبوب، عن الفضل بن يونس الكاتب (الموثق) قال: سألت أبا الحسن موسى عليه السلام فقلت له: ما ترى في رجل من أصحابنا يموت و لا يترك ما يكفن به اشترى له كفنه من الزكاة؟ فقال: أعطه عياله من الزكاة قدر ما يجهزونه فيكونون هم الذين يجهزونه، قلت: فإن لم يكن له ولد و لا أحد يقوم بأمره فأجهزه أنا من الزكاة؟ قال: إن أبي كان يقول: إن حرمة بدن المؤمن ميتا كحرمته حيا فوار بدنه و عورته و جهزه و كفنه و حنطه و احتسب بذلك من الزكاة و شيع جنازته، قلت: فإن اتجر به بعض إخوانه بكفن آخر و كان عليه دين أ يكفن بواحد و يقضي دينه بالآخر؟ قال: لا ليس هذا ميراثا تركه إنما هذا شي‏ء صار إليه بعد وفاته فليكفنوه بالذي اتجر عليه و يكون الآخر لهم يصلحون به شأنهم «1» و في الصحيح، عن زرارة، عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل مات و عليه دين و خلف قدر ثمن كفنه قال يجعل ما ترك في ثمن كفنه إلا أن يتجر عليه إنسان بكفنه و يقضي دينه مما ترك.
 «و إذا كان (إلى قوله) برأس مالك» أي اشترى برأس المال «و لم تبعه تبتغي بذلك» أي بعدم البيع «الفضل» و الزيادة عليه «فعليك زكاته» زكاة التجارة «إذا حال (إلى قوله) برأس مالك» بأن يكون قد نقص قيمته من رأس‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب تلقين المحتضرين خبر 38 من أبواب الزيادات من كتاب الطهارة.

42
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

بِذَلِكَ الْفَضْلَ فَعَلَيْكَ زَكَاتُهُ إِذَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَ إِنْ لَمْ يُطْلَبْ مِنْكَ الْمَتَاعُ بِرَأْسِ مَالِكَ- فَلَيْسَ عَلَيْكَ زَكَاتُهُ‏
__________________________________________________
المال «فليس عليك زكاته» يدل على ذلك ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل اشترى متاعا فكسد عليه و قد زكا ماله قبل أن يشتري المتاع متى يزكيه؟ فقال: إن كان أمسك متاعه يبتغي به رأس ماله فليس عليه زكاة، و إن كان حبسه بعد ما يجد رأس ماله فعليه الزكاة بعد ما أمسكه بعد رأس المال، قال: و سألته عن الرجل توضع عنده الأموال يعمل بها؟ فقال: إذا حال الحول فليزكها «1».
و في الصحيح، عن إسماعيل بن عبد الخالق قال سأله سعيد الأعرج و أنا أسمع فقال، إنا نكبس الزيت و السمن نطلب به التجارة فربما مكث عندنا السنة و السنتين هل عليه زكاة؟ قال: فقال: إن كنت تربح فيه شيئا أو تجد رأس مالك فعليك زكاته و إن كنت إنما تربص به لأنك لا تجد إلا وضيعة فليس عليك زكاة حتى يصير ذهبا أو فضة، فإذا صار ذهبا فزكه للسنة التي اتجرت فيها «2».
و في الموثق، عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس على الرقيق زكاة إلا رقيق يبتغي به التجارة فإنه من المال الذي يزكى «3» و في الصحيح، عن أبي الربيع الشامي (و كتابه معتمد الطائفة) عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل اشترى متاعا فكسد عليه متاعه و قد كان زكي ماله قبل أن يشتري به هل عليه زكاة أو حتى يبيعه؟ فقال: إن كان أمسكه التماس الفضل على رأس المال فعليه الزكاة «4» و في الصحيح، عن خالد بن الحجاج الكرخي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الزكاة فقال: ما كان من تجارة في يدك فيها فضل ليس يمنعك من بيعها إلا ليزداد فضلا عن فضلك فزكه، و ما كانت من تجارة في يدك فيها نقصان فذلك شي‏ء آخر «5» و عن يونس (و الظاهر أنه مأخوذ من كتابه) عن‏
__________________________________________________
 (1- 2- 4- 5) الكافي باب الرجل يشترى المتاع فيكسد عليه المضاربة خبر 2- 9- 1- 7.
 (3) الكافي باب ما يجب فيه الصدقة من الحيوان إلخ خبر 3.

43
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

.........
__________________________________________________
العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم أنه قال: كل مال عملت به فعليك فيه الزكاة إذا حال عليه الحول قال يونس: تفسير ذلك أنه كلما عمل للتجارة من حيوان و غيره فعليه فيه الزكاة «1». و الجميع محمولة على الاستحباب لما رواه الشيخ في الصحيح. عن سليمان بن خالد قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل كان له مال كثير فاشترى به متاعا فوضعه فقال: هذا متاع موضوع، فإذا أحببت بعته فيرجع إلى رأس مالي و أفضل منه هل عليه فيه صدقة و هو متاع؟ قال: لا حتى تبيعه قال: فهل يؤدى عنه إن باعه لما مضى إذا كان متاعا؟ قال: لا «2» و في الصحيح، عن زرارة قال: كنت قاعدا عند أبي جعفر عليه السلام و ليس عنده غير ابنه جعفر عليه السلام فقال: يا زرارة إن أبا ذر و عثمان تنازعا على عهد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فقال عثمان كل مال من ذهب أو فضة يدار به و يعمل به فيتجر به ففيه الزكاة إذا حال عليه الحول، فقال أبو ذر (أما- خ ل) ما يتجر به أو دير و عمل به فليس فيه زكاة، إنما الزكاة فيه إذا كان ركازا أو كنزا موضوعا، فإذا حال عليه الحول ففيه الزكاة فاختصما في ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال فقال: القول ما قاله أبو ذر، فقال أبو عبد الله عليه السلام لأبيه عليه السلام، ما تريد إلا أن تخرج مثل هذا فيكف (فكيف- خ ل) الناس أن يعطفوا (يعطوا- خ ل) على فقرائهم و مساكينهم؟ فقال: إليك عني لا أجد منها بدا «3».
الظاهر أن منازعتهما صلوات الله عليهما كان لإسكات العامة بأن يقولوا إن ابنه نازع معه و لم يقبل منه لأنه ما يقول إلا ما نقل، عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم عن الله عز و جل.
و في الحسن كالصحيح، عن زرارة و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الرجل يشترى المتاع فيكسد عليه إلخ خبر 5.
 (2- 3) التهذيب باب حكم امتعة التجارة في الزكاة خبر 7- 8 من كتاب الزكاة.

44
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

.........
__________________________________________________
عليهما السلام أنهما سئلا عما في الرقيق؟ فقالا: ليس في الرأس أكثر من صاع تمر إذا حال عليه الحول و ليس في ثمنه شي‏ء حتى يحول عليه الحول «1» و الحاصل أن الغرض من النفي نفي الوجوب لدلالة الأخبار المتواترة على الطلب الذي أقل مراتبه الاستحباب و لو حال عليه أحوال على النقيصة استحب زكاة سنة، لما رواه الشيخ في الموثق كالصحيح عن العلاء عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت المتاع لا أصيب به رأس المال علي فيه زكاة؟ قال: لا قلت: أمسكه سنتين ثمَّ أبيعه ما ذا علي؟ قال: سنة واحدة «2» و هو على الاستحباب، لما رواه الشيخ في الصحيح و الكليني، عن صفوان. عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي إبراهيم عليه السلام الرجل يشتري الوصيفة يثبتها عنده ليزيد و هو يريد بيعها أعلى ثمنها زكاة؟ قال: لا حتى يبيعها، قلت فإن باعها أ على ثمنها زكاة؟ قال:
لا حتى يحول عليها الحول و هو في يديه «3».
و يستحب الزكاة في مال المضاربة لأنه أيضا تجارة، و يدل عليه العمومات و صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة آنفا، و يؤيدها ما رواه الكليني في الموثق عن سماعة قال: سألته عن الرجل يكون عنده المتاع موضوعا فيمكث عنده السنة و السنتين و أكثر من ذلك قال: ليس عليه زكاة حتى يبيعه إلا أن يكون أعطي به رأس ماله فيمنعه من ذلك التماس الفضل فإذا هو فعل ذلك وجبت فيه الزكاة و إن لم يكن أعطي به رأس ماله فليس عليه زكاة حتى يبيعه، و إن حبسه ما حبسه فإذا هو باعه فإنما هو عليه زكاة سنة واحدة «4» سماعة قال و سألته عن الرجل يكون معه المال مضاربة هل عليه في ذلك المال زكاة إذا كان يتجر به؟ فقال: ينبغي له أن يقول لأصحاب المال زكوه، فإن قالوا: إنا نزكيه فليس عليه غير ذلك و إن‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب ما يجب عليه الصدقة من الحيوان إلخ خبر 3.
 (2- 3) التهذيب باب حكم امتعة التجارة في الزكاة خبر 5- 4.
 (4) الكافي باب الرجل يشترى المتاع فيكسد عليه إلخ خبر 3.

45
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ إِنْ غَابَ عَنْكَ مَالُكَ فَلَيْسَ عَلَيْكَ زَكَاتُهُ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْكَ مَالُكَ وَ يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَ هُوَ فِي يَدِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَالُكَ عَلَى رَجُلٍ مَتَى أَرَدْتَ أَخْذَهُ مِنْهُ تَهَيَّأَ لَكَ فَإِنَّ عَلَيْكَ‏
__________________________________________________
هم أمروه أن يزكيه فليفعل قلت: أ رأيت لو قالوا إنا نزكيه و الرجل يعلم أنهم لا يزكونه فقال: إذا هم أقروا بأنهم يزكونه فليس عليه غير ذلك، و إن هم قالوا: إنا لا نزكيه فلا ينبغي له أن يقبل ذلك المال و لا يعمل به حتى يزكيه و في رواية أخرى عنه إلا أن تطيب نفسك إنك تزكيه من ربحك، قال و سألته عن الرجل يربح في السنة خمسمائة درهم و ستمائة و سبعمائة و هي نفقته (أي في السفر كما سيجي‏ء) و أصل المال مضاربة؟ قال: ليس عليه في الربح زكاة «1» أي في الربح الذي يصرف أو نفي الاستحباب المؤكد.
و يؤيده خبر أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تأخذن مالا مضاربة إلا مالا تزكيه أو يزكيه صاحبه و قال: إن كان عندك متاع في البيت موضوع فأعطيت به رأس مالك فرغبت عنه فعليك زكاة «2».
اعلم أن المشهور بين الأصحاب اعتبار النصاب في زكاة التجارة و هو نصاب أحد النقدين سواء اشترى بهما أو بغيرهما و نقلوا عليه الإجماع و ذكروا أن الدين لا يمنع زكاة التجارة و لا غيرها، لعموم الأخبار، و لما رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام و ضريس، عن أبي عبد الله عليه السلام أنهما قالا أيما رجل كان له مال موضوع حتى يحول عليه الحول فإنه يزكيه و إن كان عليه من الدين مثله و أكثر منه فليزك ما في يده «3» و سيجي‏ء غيره.
 «و إن غاب عنك مالك فليس عليك زكاة» لأن التمكن من التصرف شرط في الوجوب «إلى أن يرجع (إلى قوله) على رجل» أي عند رجل بأن يكون وديعة أو مضاربة أو كان عند وكيله كما هو المشهور عند الأصحاب، و يحتمل أن يكون مراده الدين‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الرجل يشترى المتاع فيكسد عليه إلخ خبر 4- 8.
 (3) الكافي باب زكاة مال الغائب و الدين و الوديعة خبر 13.

46
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

فِيهِ الزَّكَاةَ فَإِنْ رَجَعَ إِلَيْكَ مَنْفَعَتُهُ لَزِمَتْكَ زَكَاتُهُ‏
__________________________________________________
كما ذهب إليه جماعة و هو الظاهر من العبارة «متى أردت (إلى قوله) منفعة» بأن كان مضاربة أو كان عند وكيله و يتجر به و هذه العبارة تؤيد المعنى الأول «لزمتك زكاته» وجوبا على القول بوجوب زكاة التجارة، و استحبابا على المشهور.
لما رواه الكليني رضي الله عنه في الصحيح، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن سدير الصيرفي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام ما تقول في رجل كان له مال فانطلق به فدفنه في موضع فلما حال عليه الحول ذهب ليخرجه من موضعه فاحتفر الموضع الذي ظن أن المال فيه مدفون فلم يصبه فمكث بعد ذلك ثلاث سنين، ثمَّ إنه احتفر الموضع من جوانبه كله فوقع على المال بعينه كيف يزكيه؟ قال يزكيه لسنة واحدة لأنه كان غائبا عنه و إن كان احتبسه «1» و روى الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا صدقة على الدين و لا على المال الغائب عنك حتى يقع في يديك «2» و في الموثق، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة أو عمن رواه، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: في رجل ماله عنه غائب لا يقدر على أخذه قال فلا زكاة عليه حتى يخرج، فإذا خرج زكاه لعام واحد و إن كان يدعه متعمدا و هو يقدر على أخذه فعليه الزكاة لكل ما مر به من السنين «3».
و حمل على الاستحباب أو على الوديعة و أمثالها كما تقدم، لما رواه الشيخ في الصحيح عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي إبراهيم عليه السلام: الدين عليه زكاة؟ فقال: لا حتى يقبضه قلت فإذا قبضه أ يزكيه؟ قال: لا حتى يحول عليه الحول في يده «4» و في الصحيح، عن إبراهيم بن أبي محمود قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام:
الرجل يكون له الوديعة و الدين فلا يصل إليهما ثمَّ يأخذهما متى تجب عليه الزكاة قال: إذا أخذها ثمَّ يحول عليه الحول «5»- و إن أشكل الاستدلال به من الطرفين.
و يستحب إذا وصل إليه زكاة سنة لما مر. و لما روى الكليني في الحسن كالصحيح‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب زكاة مال الغائب و الدين و الوديعة خبر 1.
 (2- 3- 4- 5) التهذيب باب زكاة مال الغائب و الدين و القرض خبر 1- 2- 11- 12.

47
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

.........
__________________________________________________
عن رفاعة بن موسى قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يغيب ماله خمس سنين ثمَّ يأتيه فلا يرد رأس المال كم يزكيه؟ قال سنة واحدة «1» و في الموثق عن سماعة قال سألته عن الرجل يكون له الدين على الناس تجب (يحتبس- خ ل) فيه الزكاة؟ قال: ليس عليه فيه زكاة حتى يقبضه فإذا قبضه فعليه الزكاة و إن هو طال حبسه على الناس حتى يمر على ذلك سنون فليس عليه زكاة حتى بخرج فإذا هو خرج زكاه لعامه ذلك و إن هو كان يأخذ منه قليلا قليلا فليزك ما خرج منه أولا فأولا فإن كان متاعه و دينه و ماله في تجارته التي يتقلب فيها يوما بيوم يأخذ و يعطي و يبيع و يشتري فهو يشبه العين في يده فعليه الزكاة و لا ينبغي له أن يغير ذلك إذا كان حال متاعه و ماله على ما وصفت لك فيؤخر الزكاة «2».
و روي أخبار دالة على الفرق بين الدين و القرض و لزوم الزكاة في الدين إذا كان التأخير من جهة صاحبه محمولة على الاستحباب، مثل ما رواه الكليني عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس في الدين زكاة إلا أن يكون صاحب الدين هو الذي يؤخره فإذا كان لا يقدر على أخذه فليس عليه زكاة حتى يقبضه «3» و في الموثق، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رجل عليه دين، و في يده مال لغيره هل عليه زكاة؟ فقال: إذا كان قرضا فحال عليه الحول فزكه «4» و في الصحيح، عن صفوان، عن عبد الحميد بن سعد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل باع بيعا إلى ثلاث سنين من رجل ملي بحقه و ماله في ثقة يزكي ذلك المال في كل سنة تمر به أو يزكيه إذا أخذه فقال لا بل يزكيه إذا أخذه قلت له لكم يزكيه؟ قال: قال: لثلاث سنين «5» و في الصحيح، عن أبي الصباح الكناني. عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل ينسئ أو يعين (أي يسلف أو ينسى) فلا يزال ماله دينا كيف يصنع‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4- 5) الكافي باب زكاة مال الغائب و الدين و الوديعة خبر 2- 4- 3- 7- 8.

48
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ إِنْ بِعْتَ شَيْئاً وَ قَبَضْتَ ثَمَنَهُ فَاشْتَرَطْتَ عَلَى الْمُشْتَرِي زَكَاةَ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ يَلْزَمُهُ مِنْ دُونِكَ وَ إِنِ اسْتَقْرَضْتَ مِنْ رَجُلٍ مَالًا وَ بَقِيَ عِنْدَكَ حَتَّى حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَإِنَّ عَلَيْكَ فِيهِ الزَّكَاةَ وَ لَا تُعْطِ زَكَاةَ مَالِكَ غَيْرَ أَهْلِ الْوَلَايَةِ
__________________________________________________
في زكاته؟ قال يزكيه و لا يزكي ما عليه من الدين إنما الزكاة على صاحب المال «1» و غير ذلك من الأخبار، فالاحتياط في الزكاة، لأنه يمكن الجمع بينها بإمكان الأخذ و عدمه، لكن الظاهر الاستحباب المؤكد لما ذكر و سيجي‏ء.
 «و إن بعت (إلى قوله) من دونك» لأن الظاهر أن العبادات المالية تقبل النيابة كالحج في بعض الوجوه، و يدل عليه ما رواه الكليني في الصحيح، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: باع أبي من هشام بن عبد الملك أرضا له بكذا أو كذا ألف دينار، و اشترط عليه زكاة ذلك المال عشر سنين و إنما فعل ذلك لأن هشاما كان هو الوالي «2» و في الحسن كالصحيح، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
باع أبي أرضا من سليمان بن عبد الملك بمال فاشترط في بيعه أن يزكي هذا المال من عنده لست سنين «3» و إن كان الظاهر في الخبرين التقية ليطمئن قلبهما باعتماده عليه السلام عليهما و إلا فظاهر أنه لا يجوز الاعتماد على الكافرين و الفاسقين و الظالمين، و روى الكليني في الصحيح (على الظاهر) عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل استقرض مالا فحال عليه الحول و هو عنده قال إن كان الذي أقرضه يؤدي زكاته فلا زكاة عليه و إن كان لا يؤدي أدى المستقرض «4» و غيره من الأخبار.
 «و إن استقرضت من رجل مالا إلخ» روى الكليني في الحسن كالصحيح عن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل دفع إلى رجل مالا قرضا على من‏
__________________________________________________
 (1- 4) الكافي باب زكاة المال الغائب و الدين و الوديعة خبر 12- 5.
 (2- 3) باب (بلا عنوان) بعد باب اوقات الزكاة خبر 2- 1.

49
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ لَا تُعْطِ مِنْ أَهْلِ الْوَلَايَةِ الْأَبَوَيْنِ وَ الْوَلَدَ وَ لَا الزَّوْجَ وَ لَا الزَّوْجَةَ وَ لَا الْمَمْلُوكَ‏
__________________________________________________
زكاته؟ على المقرض أو على المقترض؟ قال: لا- بل زكاتها إن كانت موضوعة عنده حولا على المقترض قال: قلت: فليس على المقرض زكاتها؟ قال: لا يزكى المال من وجهين في عام واحد و ليس على الدافع شي‏ء لأنه ليس في يده شي‏ء إنما المال في يد الآخذ، فمن كان المال في يده زكاه قال: قلت: أ فيزكى مال غيره من ماله فقال: إنه ماله ما دام في يده و ليس ذلك المال لأحد غيره، ثمَّ قال: يا زرارة أ رأيت وضيعة ذلك المال و ربحه لمن هو و على من؟ قلت للمقترض قال: فله الفضل و عليه النقصان و له أن ينكح و يلبس منه و يأكل منه و لا ينبغي له أن يزكيه، بل يزكيه فإنه عليه «1» و في الموثق كالصحيح، عن أبان بن عثمان عمن أخبره قال: سألت أحدهما عليهما السلام عن رجل عليه دين و في يده مال وفى بدينه و المال لغيره هل عليه زكاة؟ فقال: إذا استقرض فحال عليه الحول فزكاته عليه إذا كان فيه فضل «2» و يدل على وجوب الزكاة مع الدين، إلى غير ذلك من الأخبار.
 «و لا تعط مالك غير أهل الولاية» أي غير الاثني عشرية «و لا تعط (إلى قوله) على نفقته إلخ» لا ريب في اشتراط أن لا يكون واجب النفقة في الفقير لأنه غني بالإنفاق و هم العمودان و الزوجة و المملوك، أما الزوج فالمشهور جواز إعطائه من زكاتها إذا كان فقيرا، و يدل على ما ذكره ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح و الصدوق في الصحيح، عن زرارة و بكير و الفضيل و محمد بن مسلم و بريد العجلي، عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا: في الرجل يكون في بعض هذه الأهواء الحرورية و المرجئة و العثمانية و القدرية ثمَّ يتوب و يعرف هذا الأمر و يحسن رأيه أ بعيد كل صلاة صلاها أو صوم أو زكاة أو حج أو ليس عليه إعادة شي‏ء من ذلك؟
قال ليس عليه إعادة شي‏ء من ذلك غير الزكاة لا بد أن يؤديها لأنه وضع الزكاة في‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب زكاة مال الغائب و الدين و الوديعة خبر 6- 9.

50
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ لَا الْجَدَّ وَ لَا الْجَدَّةَ وَ كُلَّ مَنْ يُجْبَرُ الرَّجُلُ عَلَى نَفَقَتِهِ وَ لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطَى الْأَخُ وَ الْأُخْتُ وَ الْعَمُ‏
__________________________________________________
غير موضعها و إنما موضعها أهل الولاية «1» و في الصحيح، عن إسماعيل بن سعد الأشعري عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الزكاة هل توضع فيمن لا يعرف؟ قال: لا و لا زكاة الفطرة «2».
و في الحسن كالصحيح، عن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول ما من رجل يمنع درهما من حق إلا أنفق اثنين في غير حقه، و ما من رجل منع حقا في ماله إلا طوقه الله به حية من نار يوم القيمة، قال: قلت له رجل عارف أدى زكاته إلى غير أهلها زمانا هل عليه أن يؤديها ثانيا إلى أهلها إذا علمهم؟ قال: نعم قال:
قلت، فإن لم يعرف لها أهلا فلم يؤدها أو لم يعلم أنها عليه فعلم بعد ذلك قال: يؤديها إلى أهلها لما مضى قال: قلت له: فإنه لم يعلم أهلها فدفعها إلى من ليس هو لها بأهل و قد كان طلب و اجتهد ثمَّ علم بعد ذلك سوء ما صنع قال: ليس عليه أن يؤديها مرة أخرى «3» و عن زرارة مثله غير أنه قال: إن اجتهد فقد برئ فإن قصر في الاجتهاد في الطلب فلا «4» و في الحسن كالصحيح عن الوليد بن صبيح قال: قال لي شهاب بن عبد ربه اقرء أبا عبد الله عليه السلام عني السلام و أعلمه إنه يصيبني فزع في منامي قال: فقلت له إن شهابا يقرئك السلام و يقول لكن إنه يصيبني فزع في منامي قال: قل له: فليزك ماله قال فأبلغت شهابا ذلك قال لي فبلغه عني فقلت نعم قال قل له إن الصبيان فضلا عن الرجال ليعلمون أني أزكي مالي قال: فأبلغته فقال أبو عبد الله عليه السلام قل له إنك تخرجها و لا تضعها في مواضعها «5».
و في الحسن كالصحيح، عن ابن أذينة قال: كتب إلى أبو عبد الله: إن كل عمل عمله الناصب في حال ضلاله أو في حال نصبه ثمَّ من الله عليه و عرفه هذا الأمر فإنه يؤجر عليه و يكتب له إلا الزكاة فإنه يعيدها لأنه وضعها في غير موضعها و إنما موضعها
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4- 5) الكافي باب الزكاة تعطى غير أهل الولاية خبر 1- 7- 2- 3- 5.

51
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

.........
__________________________________________________
أهل الولاية و أما الصلاة و الصوم فليس عليه قضاؤهما «1».
و روى الشيخ في الموثق كالصحيح عن زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا الزكاة لأهل الولاية قد بين الله لكم موضعهما في كتابه «2» و في الصحيح عن علي بن بلال قال كتبت إليه أسأله هل يجوز أن أدفع زكاة المال و الصدقة إلى محتاج غير أصحابي فكتب عليه السلام لا تعط الصدقة و الزكاة إلا لأصحابك «3» و في القوي عن عمر بن يزيد قال سألته عن الصدقة على النصاب و على الزيدية فقال لا تصدق عليهم بشي‏ء و لا تسقهم من الماء إن استطعت و قال: الزيدية هم النصاب «4» و في الموثق عن عبد الله بن أبي يعفور قال قلت لأبي عبد الله (ع) جعلت فداك ما تقول في الزكاة لمن هي؟ قال فقال هي لأصحابك قال قلت فإن فضل عنهم فقال فأعد عليهم قال قلت فإن فضل عنهم قال: فأعد عليهم، قال: قلت: فإن فضل عنهم قال: فأعد عليهم، قلت فنعطي السؤال منها شيئا؟ قال: فقال: لا و الله إلا التراب إلا أن ترحمه، فإن رحمته فأعط كسرة، ثمَّ أومأ بيده فوضع إبهامه على أصول أصابعه «5» (أي كسرة بمقدار الأصابع الأربع) و عن إبراهيم الأوسي عن الرضا عليه السلام قال: سمعت أبي يقول: كنت عند أبي يوما فأتاه رجل فقال: إني رجل من أهل الري و لي زكاة فإلى من أدفعها؟ فقال: إلينا فقال أ ليس الصدقة محرمة عليكم؟ فقال: بلى إذا دفعتها إلى شيعتنا فقد دفعتها إلينا فقال: إني لا أعرف لها أحدا فقال: فانتظر بها سنة قال: فإن لم أصبها أحدا؟ قال انتظر بها سنتين حتى بلغ أربع سنين ثمَّ قال له: إن لم تصب لها أحدا فصرها صررا و أطرحها في البحر فإن الله عز و جل حرم أموالنا و أموال شيعتنا على عدونا «6».
و أما إنه لا يكون واجب النفقة، فيدل عليه ما رواه الكليني في الصحيح، عن عبد الرحمن بن الحجاج و الصدوق، عن عدة من أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الزكاة تعطى غير أهل الولاية خبر- 6.
 (2- 3- 4- 5- 6) التهذيب باب مستحق الزكاة خبر 6- 12- 13- 10.

52
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ الْعَمَّةُ وَ الْخَالُ وَ الْخَالَةُ مِنَ الزَّكَاةِ.
صَدَقَةُ الْأَنْعَامِ‏
1603 وَ قَالَ زُرَارَةُ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ‏

__________________________________________________
خمسة لا يعطون من الزكاة شيئا- الأب، و الأم، و الولد، و المملوك، و المرأة- و ذلك أنهم عياله لازمون «1» و المشهور أنه لا يجوز إعطاء الوالدين و إن علوا، و الأولاد و إن سفلوا، و يمكن إدخال الأجداد و الجدات في الأب و الأم و أولاد الأولاد في الولدو في الصحيح عن إسحاق بن عمار (الموثق)، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال:
قلت له لي قرابة أنفق على بعضهم و أفضل بعضهم على بعض فيأتيني إبان الزكاة أ فأعطيهم قال: مستحقون لها؟ (أي عارفون مساكين) قلت نعم قال: هم أفضل من غيرهم قال قلت: فمن ذا الذي يلزمني من ذوي قرابتي حتى لا أحسب الزكاة عليهم؟ فقال: أبوك و أمك، قلت: أبي و أمي؟ قال: الوالدان و الولد «2» و عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: في الزكاة يعطى منها الأخ و الأخت و العم و العمة و الخال و الخالة و لا يعطى الجد و لا الجدة «3» و روي «4» جواز الإعطاء إلى الولد و ولد الولد محمولة على حال الضرورة، و سيجي‏ء صحيحة الحلبي في كتاب النكاح في بيان واجب النفقة.
و روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن حريز، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له من الذي أجبر (أحتن- خ ل) عليه و تلزمني نفقته؟ قال: الوالدان و الولد و الزوجة «5» و عن محمد بن مسلم عنه عليه السلام قال: قلت له: من يلزم الرجل من قرابته ممن ينفق عليه؟ قال: الوالدان و الولد و الزوجة «6» «و قال زرارة» في الصحيح، و رواه‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب تفضيل القرابة في الزكاة إلخ 5- 1- 6.
 (4) كذا في النسخ كلها و قوله محمولة اي هي محمولة.
 (5) الكافي باب من يلزم نفقته خبر 1.
 (6) الكافي باب من يلزم نفقته خبر 3.

53
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

ع رَجُلٌ عِنْدَهُ مِائَةٌ وَ تِسْعَةٌ وَ تِسْعُونَ دِرْهَماً وَ تِسْعَةَ عَشَرَ دِينَاراً أَ يُزَكِّيهَا فَقَالَ لَا لَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فِي الدَّرَاهِمِ وَ لَا فِي الدَّنَانِيرِ حَتَّى تَتِمَّ قَالَ زُرَارَةُ وَ كَذَلِكَ هُوَ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ قَالَ وَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع رَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أَرْبَعُ أَيْنُقٍ وَ تِسْعٌ وَ
__________________________________________________
الشيخ عنه أيضا في الصحيح مثله إلا في قوله (و تسعة عشر دينارا) فإنه في رواية الشيخ (و تسعة و ثلاثون دينارا أ يزكيهما؟ فقال: لا ليس عليه شي‏ء من الزكاة في الدراهم و لا في الدنانير حتى يتم أربعون دينارا و الدراهم مائتا درهم إلخ) و الشيخ رواه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن المختار بن زياد، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله عليه السلام، عن زرارة عنه عليه السلام «1» و روي أيضا بإسناده الصحيح، عن علي بن مهزيار، عن أحمد بن محمد، عن حماد، عن حريز، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر و لابنه عليهما السلام: الرجل تكون له الغلة الكثيرة من أصناف شتى أو مال ليس فيه صنف تجب فيه الزكاة هل عليه في جميعه زكاة واحدة؟ فقالا: لا، إنما تجب عليه إذا تمَّ فكان تجب في كل صنف منه زكاة الزكاة تجب عليه في جميعه في كل صنف منه الزكاة فإن أخرجت أرضه شيئا قدر ما لا تجب فيه الصدقة أصنافا شتى لم يجب فيه زكاة واحدة، قال زرارة: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل عنده مائة درهم و تسعة و تسعون درهما و تسعة و ثلاثون دينارا أ يزكيها؟ قال: لا ليس عليه شي‏ء من الزكاة في الدراهم و لا في الدنانير حتى يتم أربعين دينارا و الدراهم مائتي درهم- قال زرارة: و كذلك هو في جميع الأشياء قال: و قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل كن عنده أربعة أينق و تسعة و ثلاثون شاة و تسعة و عشرون بقرة أ يزكيهن؟ فقال: لا يزكي شيئا منها لأنه ليس شي‏ء منهن تمَّ فليس تجب فيه الزكاة «2».
و الظاهر أنه وقع سهو من بعض الرواة و إن احتمل أن يكون زرارة سمع منه عليه السلام مرتين مرة كما هو المشهور و مرة كما سمعه الفضلاء و تقدم، فظهر أن النصاب‏
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب من الزيادات في الزكاة خبر 1- 2.

54
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

ثَلَاثُونَ شَاةً وَ تِسْعٌ وَ عِشْرُونَ بَقَرَةً أَ يُزَكِّيهِنَّ قَالَ لَا يُزَكِّي شَيْئاً مِنْهُنَّ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ مِنْهُنَّ تَامّاً فَلَيْسَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ.
1604 وَ رَوَى عُمَرُ بْنُ أُذَيْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: لَيْسَ فِيمَا دُونَ الْخَمْسِ‏

__________________________________________________
هو الأربعون، و العشرون يستحب فيها الزكاة جمعا بين الأخبار، أو يحمل الأربعون على التقية كما نقل عن طاوس و الزهري و سليمان بن حرب و إن كان أكثر الجمهور سيما الفقهاء الأربعة على الأول لأن الأربعة المتقدمة كانوا مقدما على الأخيرة فيجوز أن يكون سلطان الوقت موافقا لهم و ورد عنهم صلوات الله عليهم ما يوافقه- و بالجملة- لا شك أن العمل على المشهور أولى و أحوط.
 «و روى عمر بن أذينة» في الصحيح «عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام» و روى الكليني و الشيخ في الصحيح، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله عليه السلام «1» و الشيخ، عن زرارة، عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام ما في معناه «2» و هو المشهور بين الأصحاب و روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن زرارة و محمد بن مسلم و أبي بصير و بريد العجلي و الفضيل، عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام قالا: في صدقة الإبل في كل خمس شاة إلى أن تبلغ خمسا و عشرين، فإذا بلغت ذلك ففيها بنت مخاض ثمَّ ليس فيها شي‏ء حتى تبلغ خمسا و ثلاثين فإذا بلغت خمسا و ثلاثين ففيها بنت لبون ثمَّ ليس فيها شي‏ء حتى تبلغ خمسا و أربعين فإذا بلغت خمسا و أربعين ففيها حقة طروقة الفحل، ثمَّ ليس فيها شي‏ء حتى تبلغ ستين فإذا بلغت ستين ففيها جذعة ثمَّ ليس فيها شي‏ء حتى تبلغ خمسا و سبعين فإذا بلغت خمسا و سبعين ففيها بنتا لبون ثمَّ ليس فيها شي‏ء حتى تبلغ تسعين فإذا بلغت تسعين ففيها حقتان طروقتا الفحل، ثمَّ ليس فيها شي‏ء حتى تبلغ عشرين و مائة، فإذا بلغت عشرين و مائة ففيها حقتان طروقتا الفحل، فإذا زادت واحدة على عشرين و مائة، ففي كل خمسين حقة، و في كل أربعين ابنة لبون، ثمَّ ترجع الإبل على أسنانها
__________________________________________________
 (1) الكافي باب صدقة الإبل خبر 2 و التهذيب باب زكاة الا بل خبر 2.
 (2) التهذيب باب زكاة الا بل خبر 3.

55
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

مِنَ الْإِبِلِ شَيْ‏ءٌ فَإِذَا كَانَتْ خَمْساً فَفِيهَا شَاةٌ إِلَى عَشْرٍ فَإِذَا كَانَتْ عَشْراً فَفِيهَا شَاتَانِ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ فَفِيهَا ثَلَاثٌ مِنَ الْغَنَمِ فَإِذَا بَلَغَتْ عِشْرِينَ فَفِيهَا أَرْبَعٌ مِنَ الْغَنَمِ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْساً وَ عِشْرِينَ فَفِيهَا خَمْسٌ مِنَ الْغَنَمِ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ إِلَى خَمْسٍ وَ ثَلَاثِينَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ابْنَةُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى خَمْسٍ وَ ثَلَاثِينَ بِوَاحِدَةٍ فَفِيهَا ابْنَةُ لَبُونٍ إِلَى خَمْسٍ وَ أَرْبَعِينَ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا حِقَّةٌ وَ إِنَّمَا سُمِّيَتْ حِقَّةً لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ أَنْ يُرْكَبَ ظَهْرُهَا إِلَى سِتِّينَ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا جَذَعَةٌ إِلَى خَمْسٍ وَ سَبْعِينَ فَإِنْ‏
__________________________________________________
و ليس على النيف شي‏ء و لا على الكسور شي‏ء (أي ما بين العددين و يكون تفسيرا للنيف أي قبل النصاب أو الصغار التي لم يحل عليها الحول أو الأعم و يكون تعميما بعد التخصيص) و ليس على العوامل شي‏ء إلا ذلك على السائمة الراعية قال: قلت: ما في البخت السائمة؟ قال: مثل ما في الإبل العربية «1».
و حملها الأصحاب على التقية، لما رواه الكليني في الصحيح عن عبد الرحمن ابن الحجاج، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: في خمس قلائص شاة و ليس فيما دون الخمس شي‏ء، و في عشرة شاتان و في خمس عشرة ثلاث شياه، و في عشرين أربع شياه، و في خمس و عشرين خمس، و في ست و عشرين بنت مخاض إلى خمس و ثلاثين، و قال عبد- الرحمن: هذا فرق بيننا و بين الناس، فإذا زادت واحدة ففيها ابنة لبون إلى خمس و أربعين، فإذا زادت واحدة ففيها حقة إلى ستين، فإذا زادت واحدة ففيها جذعة إلى خمس و سبعين، فإذا زادت واحدة ففيها بنتا لبون إلى تسعين، فإذا كثرت الإبل ففي كل خمسين حقة «2» و يؤيد التقية أيضا قوله عليه السلام: (ثمَّ ترجع الإبل على أسنانها) فإنها تدل بظاهرها على أنه يستأنف النصاب كما هو مذهب بعض العامة و إن أمكن حملها على أنها لا تتعدى من الجذعة إلى فوقها، بل ترجع إلى بنت اللبون و الحقة و هو المراد واقعا لكن التقية تقتضي أن يتكلم بكلام ذو وجهين و الله يعلم.
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب صدقة الا بل خبر 1- 2.

56
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ إِلَى تِسْعِينَ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَحِقَّتَانِ إِلَى عِشْرِينَ وَ مِائَةٍ فَإِنْ زَادَتْ عَلَى الْعِشْرِينَ وَ الْمِائَةِ وَاحِدَةٌ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ.
وَ كُلُّ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ جَذَعَةٌ وَ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ وَ كَانَتْ عِنْدَهُ حِقَّةٌ دَفَعَهَا وَ دَفَعَ مَعَهَا.
__________________________________________________
و أوله بعضهم بالتخيير كمحمد بن يعقوب رضي الله عنه بناء على أصله و بعضهم على الجواز قيمة و بعضهم على تقدير فإذا زادت واحدة و حذفت اعتمادا على فهم الفضلاء تقية أو اختصارا كالشيخ و العلامة و الله تعالى يعلم، و على أي حال فالعمل على المشهور لأنه إذا قيل بالتخيير فالاحتياط العمل على المشهور.
فظهر من الأخبار أنه ليس فيما بين النصابين شي‏ء و لا فيما لم يبلغ الخمس، و أنه إذا لم يكن عنده بنت مخاض أجزأه ابن لبون ذكر، و لو لم يكونا عنده تخير في شراء أيهما شاء و إن كان الأحوط شراء بنت المخاض، و إن في النصاب الثاني عشر في كل خمسين حقة: و في كل أربعين بنت لبون مراعيا لحال الفقراء احتياطا و في صحيحة أبي بصير إلى عشرين و مائة فإذا كثرت الإبل (أي تجاوزت عنها) ففي كل خمسين حقة و لا يؤخذ هرمة و لا ذات عوار (أي عيب) إلا أن يشاء المصدق (بتشديد الدال فقط، العامل) بعد صغيرها و كبيرها «1» و مشيته مبنية على رعاية الطرفين بأن يكون الجميع هرمة أو ذات عيب فيأخذهما أو بالتفريق فبالنسبة و لا يضر عدم ذكر بنات اللبون لعدم المنافاة إلا بالمفهوم، و المنطوق مقدم و كذا في خبر عبد الرحمن لكن لم يذكر فيه النصاب الثاني عشر لأن الحكم واحد- و تظهر الفائدة في الوجوب و الضمان كما سيجي‏ء و في تتمة خبر زرارة (و في كل شي‏ء كان من هذه الأصناف من الدواجن (أي المعلوفة) و العوامل فليس فيها شي‏ء و ما كان من هذه الأصناف الثلاثة الإبل، و البقر، و الغنم فليس فيها شي‏ء حتى يحول عليه الحول من يوم ينتج «و» كل «من وجبت عليه جذعة» بالتحريك «و لم يكن (إلى قوله) درهما»
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب زكاة الا بل خبر 1.

57
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَماً وَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ حِقَّةٌ وَ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ وَ كَانَتْ عِنْدَهُ جَذَعَةٌ دَفَعَهَا وَ أَخَذَ مِنَ الْمُصَدِّقِ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَماً وَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ حِقَّةٌ وَ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ وَ كَانَتْ عِنْدَهُ ابْنَةُ لَبُونٍ دَفَعَهَا وَ دَفَعَ مَعَهَا شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَماً وَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ ابْنَةُ لَبُونٍ وَ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ وَ كَانَتْ عِنْدَهُ حِقَّةٌ دَفَعَهَا وَ أَعْطَاهُ الْمُصَدِّقُ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَماً وَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ ابْنَةُ لَبُونٍ وَ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ وَ كَانَتْ عِنْدَهُ ابْنَةُ مَخَاضٍ دَفَعَهَا وَ أَعْطَى مَعَهَا شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَماً وَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ ابْنَةُ مَخَاضٍ وَ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ وَ كَانَتْ عِنْدَهُ ابْنَةُ لَبُونٍ دَفَعَهَا وَ أَعْطَاهُ الْمُصَدِّقُ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَماً وَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ ابْنَةُ مَخَاضٍ وَ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ وَ كَانَ عِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ابْنُ لَبُونٍ وَ لَيْسَ يَدْفَعُ مَعَهُ شَيْئاً
1605 وَ رُوِيَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ أَنَّهُ قَالَ: اسْتَعْمَلَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع عَلَى‏

__________________________________________________
و بالعكس، يمكن أن يكون من تتمة خبر زرارة و الظاهر أنه من كلامه، و نقل العلامة في المنتهى أنه قول علمائنا أجمع و أكثر العامة- و رواه الكليني، عن علي بن إبراهيم (عن أبيه- خ) عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن محمد بن مقرن بن عبد الله بن زمعة بن سبيع عن أبيه، عن جده عن جد أبيه أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كتب له في كتابه الذي كتب له بخطه حين بعثه على الصدقات، من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة و ليست عنده «1» إلى آخر ما ذكره الصدوق معنى، و لما أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح، عن يونس اعتمدوا عليه مع أنه يمكن أن يكون كتاب أمير المؤمنين صلوات الله عليه عندهم متواترا فلهذا عملوا عليه و لم يتوقف أحد في العمل به.
 «و روي عن رجل من ثقيف» رواه الكليني مسندا عنه «2» «أنه قال استعملني» أي جعلني عاملا لأخذ الخراج و غيره «علي بن أبي طالب عليه السلام على بانقيا و سواد من سواد الكوفة» يمكن أن يكون بانقيا اسم بلد يكون هناك و يكون سواد معطوفا عليه و يكون‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب ادب المصدق خبر 7- 8.

58
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

بَانِقْيَا وَ سَوَادٍ مِنْ سَوَادِ الْكُوفَةِ فَقَالَ لِي وَ النَّاسُ حُضُورٌ انْظُرْ خَرَاجَكَ فَجِدَّ فِيهِ وَ لَا تَتْرُكْ مِنْهُ دِرْهَماً فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَتَوَجَّهَ إِلَى عَمَلِكَ فَمُرَّ بِي قَالَ فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ لِي إِنَّ الَّذِي سَمِعْتَهُ مِنِّي خُدْعَةٌ إِيَّاكَ أَنْ تَضْرِبَ مُسْلِماً أَوْ يَهُودِيّاً أَوْ نَصْرَانِيّاً فِي دِرْهَمِ خَرَاجٍ أَوْ تَبِيعَ دَابَّةَ عَمَلٍ فِي دِرْهَمٍ فَإِنَّا أُمِرْنَا أَنْ نَأْخُذَ مِنْهُ الْعَفْوَ.
1606 وَ قَالَ عَلِيٌّ ع لَا تُبَاعُ الصَّدَقَةُ حَتَّى تُعْقَلَ.

__________________________________________________
المراد بالسواد ناحية من نواحي الكوفة و أن يكون الواو جزء الكلمة الفارسية، و في بعض نسخ الكافي بالدال و حينئذ يمكن أن يكون بالباء الموحدة و يكون المراد معمول قباد أبي نوشيروان و هو أظهر «1» قوله «فخذ» من الأخذ بمعنى الشروع و في بعض النسخ بالجيم و الدال بمعنى المبالغة قوله «خدعة» يعني قلت هذا الكلام ليخاف المجوس و يسعوا في تحصيل الجزية و «لكن إياك أن تضرب في درهم خراج» أي كما كان يعمله العمال «أن نأخذ منه العفو» و في الكافي (منهم) أي الزائد عن مئوناتهم بما يسهل عليهم.
 «و قال علي عليه السلام» رواه الكليني في الموثق «2» أنه قال «لا تباع الصدقة حتى تعقل» أي تؤخذ منهم لأن العقال بعد الأخذ يعني لا يجوز بيعها قبل أخذها كما كان يفعله العمال، و روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن بريد بن معاوية قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: بعث أمير المؤمنين صلوات الله عليه مصدقا من الكوفة إلى باديتها، فقال له: يا عبد الله انطلق و عليك بتقوى الله وحده لا شريك له و لا تؤثرون دنياك على آخرتك، و كن حافظا لما ائتمنك عليه مراعيا لحق الله فيه حتى تأتي نادى بني‏
__________________________________________________
 (1) في المجمع- في الحديث بانقيا و هي القادسية و ما والاها من اعمالها- قال ابن إدريس في سرائره و انما سميت بالقادسية بدعوة إبراهيم الخليل (ع) لانه قال: كونى مقدسة اى مطهرة من التقديس و انما سميت بانقيا لان إبراهيم (ع) اشتراها بمائة نعجة من غنمه لان (با) مائة و (نقيا) شاة بلغة النبط (إلى أن قال) و في (ق) بانقيا قرية بالكوفة انتهى.
 (2) الكافي باب ادب المصدق خبر 3.

59
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

.........
__________________________________________________
فلان (أي محلتهم و ماءهم) فإذا قدمت فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم، ثمَّ امض إليهم بسكينة و وقار حتى تقوم بينهم فتسلم عليهم، ثمَّ قل: يا عباد الله أرسلني إليكم ولي الله لآخذ منكم حق الله في أموالكم، فهل لله في أموالكم من حق فتؤدونه إلى وليه فإن قال لك قائل: لا فلا تراجعه و إن أنعم (أي قال: نعم) لك منهم منعم فانطلق معه من غير أن تحيفه أو تعده إلا خيرا، فإذا أتيت ماله فلا تدخله إلا بإذنه فإن أكثره له فقل:
يا عبد الله أ تأذن لي في دخول مالك فإن أذن لك فلا تدخله دخول متسلط عليه فيه و لا عنف به فاصدع المال صدعين (أي قسمين) ثمَّ خيره أي الصدعين شاء فأيهما اختار فلا تعرض له ثمَّ اصدع الباقي صدعين ثمَّ خيره فأيهما اختار فلا تعرض له و لا تزال كذلك حتى يبقى ما فيه وفاء لحق الله تبارك و تعالى في ماله، فإذا بقي ذلك فاقبض حق الله منه و إن استقالك فأقله، ثمَّ اخلطهما و اصنع مثل الذي صنعت أولا حتى تأخذ حق الله في ماله. فإذا قبضته فلا توكل به إلا ناصحا شفيقا أمينا حفيظا غير معنف بشي‏ء منها ثمَّ أحدر كل ما اجتمع عندك من كل ناد إلينا نصيره حيث أمر الله عز و جل فإذا انحدر بها رسولك (أي أرسل معها) فأوغر إليه (أي تقدم) و أنصحه أن لا يحول بين ناقة و فصيلها، و لا يفرق بينهما و لا يمصرن لبنها (أي لا يحلبه تماما) فيضر ذلك بولدها و لا يجهدنها ركوبا و ليعدل بينهن في ذلك (أي بأن يتناوب في ركوبها) و ليوردهن كل ماء يمر به و لا يعدل (أي لا يميل بهن) عن بنت الأرض إلى جواد الطريق في الساعة التي فيها تريح (أي ترجع إلى الراحة (أو) إلى المراح للعلف (أو ترعى في الرواح) و تغبق (أي تشرب بالعشي) أو يغبق صاحبها (أي لا يميل بهن في مشيهن في تلك الساعة عن بنت الأرض إلى وسط الطريق أو المراد أنه لا ينزل في العشي التي هي وقت الاستراحة على الجادة. بل ينزل على أطرافها عند الكلاء حتى يسرح الإبل في المرعى و تشرب هي و صاحبها كما في النسخ المشهورة- و قال ابن إدريس هي تعنق بالعين المهملة و النون من العنق و هو السير الشديد أي لا يعدل بهن عن نبت الأرض إلى جواد الطرق في الساعات التي فيها لها راحة و لا في الساعات التي لها فيها

60
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

.........
__________________________________________________
مشقة- و أنت تعلم أنه تكلف لا حاجة إليه، نعم في التهذيب كما ذكره و لعله أصح لقوله) و ليرفق بهن جهده. حتى يأتينا بإذن الله سيجانا (أي حسنا) و في بعض النسخ سحاحا (أي) سمانا (أو) سجاحا (أي حسنا) معتدلا (أو سحاما) (أي مملوء ثديها من اللبن سمانا) غير متعبات و لا مجهدات فنقسمهن بإذن الله على كتاب الله و سنة نبيه صلى الله عليه و آله و سلم على أولياء الله فإن ذلك أعظم لأجرك و أقرب لرشدك ينظر الله إليها و إليك و إلى جهدك و نصيحتك لمن بعثك و بعثت في حاجته فإن رسول الله (ص) قال: ما ينظر الله إلى ولي له يجهد نفسه بالطاعة و النصيحة لإمامه إلا كان معنا في الرفيق الأعلى، قال ثمَّ بكى أبو عبد الله عليه السلام ثمَّ قال: يا بريد ما بقيت حرمة الله إلا انتهكت و لا عمل بكتاب الله و لا سنة نبيه في هذا العالم و لا أقيم في هذا الخلق حد منذ قبض أمير المؤمنين صلوات الله عليه و لا عمل بشي‏ء من الحق إلى يوم الناس هذا، ثمَّ قال: أما و الله لا تذهب الأيام و الليالي حتى يحيي الله الموتى و يميت الأحياء و يرد الله الحق إلى أهله و يقيم دينه الذي ارتضاه لنفسه و نبيه، فأبشروا ثمَّ أبشروا، فو الله ما الحق إلا في أيديكم «1».
قد اشتمل هذا الخبر على فوائد كثيرة فظهر لمن تدبر فيه منها الرجعة التي هي مذهب أصحابنا و يدل عليه الأخبار المتواترة و ظاهر الآية الكريمة.
يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا «2» و ليس هو يوم القيمة فإنه يبعث فيه كل أحد.
و في الحسن كالصحيح، عن محمد بن مسلم: عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب ادب المصدق خبر 1 و التهذيب باب من الزيادات في الزكاة خبر 8.
 (2) النحل- 83.

61
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَسْنَانُ الْإِبِلِ مِنْ أَوَّلِ مَا تَطْرَحُهُ أُمُّهُ إِلَى تَمَامِ السَّنَةِ حُوَارٌ فَإِذَا دَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ سُمِّيَ ابْنَ مَخَاضٍ لِأَنَّ أُمَّهُ قَدْ حَمَلَتْ فَإِذَا دَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ سُمِّيَ ابْنَ لَبُونٍ وَ ذَلِكَ أَنَّ أُمَّهُ قَدْ وَضَعَتْ وَ صَارَ لَهَا لَبَنٌ فَإِذَا دَخَلَ فِي‏
__________________________________________________
أ يجمع الناس المصدق أم يأتيهم على مناهلهم؟ قال: لا بل يأتيهم على مناهلهم فيصدقهم «1» و في الموثق عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: كان علي عليه السلام إذا بعث مصدقه قال له: إذا أتيت على رب المال فقل تصدق رحمك الله مما أعطاك الله فإن ولى عنك فلا تراجعه «2» و في الحسن كالصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن محمد بن خالد أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الصدقة فقال: إن ذلك لا يقبل منك فقال إني أحمل ذلك في مالي فقال له أبو عبد الله عليه السلام: مر مصدقك أن لا يحشر من ماء إلى ماء و لا يجمع بين المتفرق و لا يفرق بين المجتمع، و إذا دخل المال فليقسم الغنم نصفين ثمَّ يخير صاحبها أي القسمين شاء فإذا اختار فليدفعه إليه فإن تتبعت نفس صاحب الغنم من النصف الآخر منها شاة أو شاتين أو ثلاثة فليدفعها إليه ثمَّ ليأخذ منه صدقته فإذا أخرجها فليقمها فيمن يريد، فإذا قامت على ثمن فإن أرادها صاحبها فهو أحق بها و إن لم يردها فليبعها «3» و في الصحيح، عن علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عمن يلي صدقة العشر على من لا بأس به؟ فقال إن كان ثقة فمره يضعها في مواضعها و إن لم يكن ثقة فخذها منه وضعها في مواضعها «4».
 «قال مصنف هذا الكتاب (إلى قوله) حوار» بالضم و قد يكسر و هو ولد الناقة ساعة تضعه أو إلى أن يفصل عن أمه ذكره الفيروزآبادي «لأنه قد استحق أن يحمل عليه» أو استحق أن يلقح عليها الفحل، و عليه يحمل، ما ورد في الأخبار أن فيها حقة طروقة الفحل و إن كان الأحوط أن تكون حاملا كما يدل عليه ظاهر اللفظ «سمي جذعا» أي ألقت سنها «رباعيته» و هي (كثمانية) السن‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4) الكافي باب ادب المصدق خبر 2- 4- 5- 6.

62
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

الرَّابِعَةِ سُمِّيَ الذَّكَرُ حِقّاً وَ الْأُنْثَى حِقَّةً لِأَنَّهُ قَدِ اسْتَحَقَّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ فَإِذَا دَخَلَ فِي الْخَامِسَةِ سُمِّيَ جَذَعاً فَإِذَا دَخَلَ فِي السَّادِسَةِ سُمِّيَ ثَنِيّاً لِأَنَّهُ أَلْقَى ثَنِيَّتَهُ فَإِذَا دَخَلَ فِي السَّابِعَةِ أَلْقَى رَبَاعِيَتَهُ وَ سُمِّيَ رَبَاعاً فَإِذَا دَخَلَ فِي الثَّامِنَةِ أَلْقَى السِّنَّ الَّتِي بَعْدَ الرَّبَاعِيَةِ وَ سُمِّيَ سَدِيساً فَإِذَا دَخَلَ فِي التَّاسِعَةِ فَطَرَ نَابُهُ وَ سُمِّيَ بَازِلًا فَإِذَا دَخَلَ فِي الْعَاشِرَةِ فَهُوَ مُخْلِفٌ وَ لَيْسَ لَهُ بَعْدَ هَذَا اسْمٌ وَ الْأَسْنَانُ الَّتِي تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ مِنِ ابْنِ مَخَاضٍ إِلَى الْجَذَعِ وَ لَيْسَ عَلَى الْإِبِلِ الْعَوَامِلِ شَيْ‏ءٌ إِنَّمَا ذَاكَ عَلَى السَّائِمَةِ الرَّاعِيَةِ
__________________________________________________
التي بين الثنية و الناب، و الظاهر أنها تلقى إحدى الثنايا و تسمى جذعا محركة ثمَّ الأخرى و تسمى ثنيا ثمَّ الرباعية «فطرنا به» أي تنشق و تطلع الناب، و ذكر الفيروزآبادي أن ذلك في تاسع سنيه و ليس بعده سن تسمى، و ذكر ابن الأثير أنها بعد ذلك يقال: بازل عام و بازل عامين، و ذكر الفيروزآبادي أيضا أن المخلف البعير جاز البازل و هي مخلف و مخلفة، و ذكر الجوهري أن المخلف من الإبل الذي جاز البازل الذكر و الأنثى فيه سواء، يقال مخلف عام و مخلف عامين فيحتمل أن يكون الإطلاق بالنسبة إلى القبائل بأن يطلقه بعض دون بعض.
 «و ليس (إلى قوله) الراعية» لا خلاف بين الأصحاب في أن السوم شرط في الأنعام الثلاثة، و أن لا تكون عوامل، و قد ذكر ما يدل عليه في خبر زرارة و الفضلاء- و روى الشيخ في الصحيح، عن زرارة بن أعين و محمد بن مسلم و أبي بصير و بريد العجلي و الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام (و أبي عبد الله عليه السلام ظ) قالا: ليس على العوامل مسن الإبل و البقر شي‏ء إنما الصدقات على السائمة الراعية و كلما لم يحل عليه الحول عند ربه فلا شي‏ء عليه فإذا حال عليه الحول وجب عليه «1» و عن زرارة، عن أحدهما عليهما السلام قال: ليس في شي‏ء من الحيوان زكاة غير هذه الأصناف الثلاثة، الإبل، و البقر، و الغنم و كل شي‏ء من هذه الأصناف من الدواجن (أي المعلوفات و العوامل) فليس فيها شي‏ء
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب وقت الزكاة خبر 14.

63
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ فِي الْبُخْتِ السَّائِمَةِ مِثْلُ مَا فِي الْإِبِلِ الْعَرَبِيَّةِ
__________________________________________________
و ما كان من هذه الأصناف فليس فيها شي‏ء حتى يحول عليها الحول منذ يوم ينتج «1» و سيجي‏ء غيرها من الأخبار، و أما ما رواه الشيخ في الموثق، عن إسحاق بن عمار قال: سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الإبل العوامل عليها زكاة؟ فقال نعم عليها زكاة- «2» فمحمول على الاستحباب أما قدر العلف الذي يخرج به عن السوم فذهب الشيخ إلى أكثر السنة، و المشهور أنه ما يخرج به عرفا عن كونها سائمة، و العرف غير مضبوط، و الأحوط ما قاله الشيخ و روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن محمد بن مسلم و زرارة عنهما جميعا عليهما السلام قالا: وضع أمير المؤمنين صلوات الله عليه- على الخيل العتاق الراعية في كل فرس في كل عام دينارين و جعل على البراذين دينارا- «3» و في الحسن كالصحيح، عن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: هل في البغال شي‏ء؟ فقال لا، فقلت فكيف صار على الخيل و لم يصر على البغال؟ فقال لأن البغال لا تلقح و الخيل الإناث ينتجن و ليس على الخيل الذكور شي‏ء قال: فقلت الحمير فقال: ليس فيها شي‏ء- قال: قلت: هل على الفرس أو البعير يكون للرجل يركبهما شي‏ء؟ فقال: لا ليس على ما يعلف شي‏ء إنما الصدقة على السائمة المرسلة في مرجها (أي مرعاها) عامها الذي يقتنيها فيه الرجل، فأما ما سوى ذلك فليس فيه شي‏ء «4» و يظهر من الخبر أنه يشترط السوم في كل العام إلا أن يقال: الكل أيضا محمولة على العرف فلا يضر اللحظة و هو إجماعي.
 «و في البخت السائمة مثل ما في الإبل العربية» لعموم الأخبار الواردة في وجوب الزكاة في الإبل و هي شاملة لها و قد تقدم في خبر الفضلاء أيضا.
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب وقت الزكاة خبر- 15- 16.
 (3- 4) الكافي باب ما يجب عليه الصدقة من الحيوان و ما لا يجب خبر 1- 2.

64
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ لَيْسَ عَلَى الْبَقَرِ شَيْ‏ءٌ حَتَّى يَبْلُغَ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً فَإِذَا بَلَغَتْ فَفِيهَا تَبِيعٌ حَوْلِيٌّ وَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِينَ بَقَرَةً شَيْ‏ءٌ فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً فَفِيهَا مُسِنَّةٌ إِلَى سِتِّينَ فَإِذَا بَلَغَتْ سِتِّينَ فَفِيهَا تَبِيعَتَانِ إِلَى سَبْعِينَ ثُمَّ فِيهَا تَبِيعَةٌ وَ مُسِنَّةٌ إِلَى ثَمَانِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ ثَمَانِينَ فَفِيهَا مُسِنَّتَانِ إِلَى تِسْعِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ تِسْعِينَ فَفِيهَا ثَلَاثُ تَبَايِعَ فَإِذَا كَثُرَ الْبَقَرُ سَقَطَ هَذَا كُلُّهُ وَ يُخْرِجُ صَاحِبُ الْبَقَرِ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعاً وَ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً وَ لَيْسَ فِي الْبَقَرِ الْعَوَامِلِ زَكَاةٌ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ عَلَى السَّائِمَةِ الرَّاعِيَةِ وَ كُلُّ مَا لَمْ يَحُلْ عَلَيْهِ الْحَوْلُ عِنْدَ صَاحِبِهِ فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ فَإِذَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ‏
__________________________________________________
 «و ليس على البقر شي‏ء إلخ» يدل على ذلك ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن زرارة و محمد بن مسلم و أبي بصير و بريد العجلي و الفضيل، عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام قالا: في البقر في كل ثلاثين بقرة تبيع حولي و ليس في أقل من ذلك شي‏ء، و في أربعين بقرة بقرة مسنة و ليس فيما دون الثلاثين إلى الأربعين شي‏ء حتى تبلغ أربعين فإذا بلغت أربعين ففيها بقرة مسنة، و ليس فيما دون الأربعين إلى الستين شي‏ء فإذا بلغت الستين ففيها تبيعان إلى سبعين فإذا بلغت سبعين ففيها تبيع و مسنة إلى ثمانين، فإذا بلغت ثمانين ففي كل أربعين مسنة إلى تسعين فإذا بلغت تسعين ففيها ثلاث تبايع حوليات، فإذا بلغت عشرين و مائة ففي كل أربعين مسنة إلى تسعين، ثمَّ يرجع البقر على أسنانها، و ليس على النيف شي‏ء، و لا على الكسور شي‏ء و لا على العوامل شي‏ء، إنما الصدقة على السائمة الراعية و كلما لم يحل عليه الحول عند ربه فلا شي‏ء عليه حتى يحول عليه الحول فإذا حال عليه الحول وجب عليه «1» زرارة، (يعني بالإسناد السابق) عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت: له: في الجواميس شي‏ء قال: مثل ما في البقر «2»
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب صدقة البقر خبر 1- 2.

65
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

1607 وَ رَوَى حَرِيزٌ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ فِي الْجَوَامِيسِ شَيْ‏ءٌ قَالَ مِثْلُ مَا فِي الْبَقَرِ.

وَ لَيْسَ عَلَى الْغَنَمِ شَيْ‏ءٌ حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ شَاةً فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ وَ زَادَتْ وَاحِدَةٌ
__________________________________________________
 «و روى حريز» في الصحيح «عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام إلخ» و الحاصل أن في البقر نصابين، ثلاثين و أربعين دائما، و الظاهر أن التطويل للتوضيح و قوله عليه السلام (فإذا بلغت عشرين و مائة إلخ) لا يدل على عدم وجوب شي‏ء فيما بينهما، بل الظاهر أن المراد أنه كما تجب في التسعين ثلاث تبايع تجب في العشرين و مائة ثلاث مسنات، فإنه لا خلاف بين الأصحاب في أن للبقر نصابين، ثلاثين و فيها تبيع أو تبيعة، و أربعين و فيها مسنة دائما، و التبيع يطلق على ولد البقرة إذا دخل في الثانية ذكرا كان أو أنثى و يطلق على الذكر و يقال للأنثى تبيعة و يقال له التبيع لأنه يتبع أمه في الرعي أو تبع قرنه أذنه أي صارتا متساويتين كما قاله أهل اللغة، و الظاهر أن المراد بها في الرواية المعنى الأول (أو) قيل بإجزاء الأنثى بالطريق الأولى و المراد بالمسنة التي دخلت في الثالثة.
و في النهاية، (في حديث الزكاة- أمرني أن آخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعا و من كل أربعين مسنة- قال الأزهري: البقر و الشاة يقع عليها اسم المسن إذا أثنيا و يثنيان في السنة الثالثة، و ليس معنى أسنانها كبرها كالرجل المسن و لكن معناه طلوع سنها في السنة الثالثة) و الظاهر أن المراد بقوله عليه السلام (ثمَّ ترجع البقر على أسنانها) إن في كل ثلاثين تبيعا أو تبيعة و في كل أربعين مسنة بمعنى (فصاعدا) لا أن نصابها ثمانية ثمَّ ترجع إلى الأول كما هو ظاهر العبارة.
 «و ليس في الغنم (إلى قوله) واحدة» الظاهر أن هذا كلام الصدوق و ليس من خبر زرارة كما توهمه العلامة رحمه الله، و الذي ذكره الصدوق من زيادة الواحدة على الأربعين لم نطلع عليه في غير كلامه، لا في خبر و لا في قول أحد، و الظاهر أن‏

66
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

فَفِيهَا شَاةٌ إِلَى عِشْرِينَ وَ مِائَةٍ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا شَاتَانِ إِلَى مِائَتَيْنِ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ.
__________________________________________________
له خبرا أو وقع سهوا كما يظهر مما رواه الشيخ في الصحيح، عن محمد بن قيس (الثقة بقرينة رواية عاصم بن حميد عنه) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس فيما دون الأربعين من الغنم شي‏ء، فإذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين و مائة، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى المائتين فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث من الغنم إلى ثلاثمائة، فإذا كثرت الغنم ففي كل مائة شاة و لا تؤخذ هرمة، و لا ذات عوار إلا أن يشاء المصدق، و لا يفرق بين مجتمع و لا يجمع بين متفرق و يعد صغيرها و كبيرها، «1» و يمكن حمل كلام الصدوق على ما يوافق الأخبار، بأن يكون مراده من قوله (و زادت واحدة) على الأقل من الأربعين بأن يكون تفسير البلوغ الأربعين و الظاهر أن هذا مراده لظهور أن عبارته عبارة هذا الخبر كما يظهر من التتبع.
لكن بقي الإشكال فيما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن زرارة و محمد بن مسلم و أبي بصير و بريد و الفضيل، عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام في الشاة في كل أربعين شاة شاة، و ليس فيما دون الأربعين شي‏ء، ثمَّ ليس فيها شي‏ء حتى تبلغ عشرين و مائة، فإذا بلغت عشرين و مائة ففيها مثل ذلك، فإذا زادت على مائة و عشرين ففيها شاتان، و ليس فيها أكثر من شاتين حتى تبلغ مائتين، فإذا بلغت المائتين ففيها مثل ذلك، فإذا زادت على المائتين شاة واحدة ففيها ثلاث شياه، ثمَّ ليس فيها شي‏ء أكثر من ذلك حتى تبلغ ثلاثمائة فإذا بلغت ثلاثمائة ففيها مثل ذلك ثلاث شياه، فإذا زادت واحدة ففيها أربع شياه، حتى تبلغ أربعمائة: فإذا تمت أربعمائة كان على كل مائة شاة و سقط الأمر الأول، و ليس على ما دون المائة بعد ذلك شي‏ء، و ليس على النيف شي‏ء، و قالا:
كل مال لم يحل عليه الحول عند ربه فليس عليه فيه شي‏ء فإذا حال عليه الحول وجب عليه «2».
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب زكاة الغنم خبر 2.
 (2) الكافي باب صدقة الغنم خبر 1.

67
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ إِلَى ثَلَاثِمِائَةٍ فَإِذَا كَثُرَ الْغَنَمُ سَقَطَ هَذَا كُلُّهُ وَ أُخْرِجَ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ وَ يَقْصِدُ الْمُصَدِّقُ الْمَوْضِعَ الَّذِي فِيهِ الْغَنَمُ فَيُنَادِي يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ هَلْ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي أَمْوَالِكُمْ حَقٌّ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ أَمَرَ أَنْ يُخْرَجَ إِلَيْهِ الْغَنَمُ وَ يُفَرِّقُهَا فِرْقَتَيْنِ وَ يُخَيِّرُ صَاحِبَ الْغَنَمِ إِحْدَى الْفِرْقَتَيْنِ وَ يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ صَدَقَتَهَا مِنَ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنْ أَحَبَّ صَاحِبُ الْغَنَمِ أَنْ يَتْرُكَ الْمُصَدِّقُ لَهُ هَذِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَ يَأْخُذُ غَيْرَهَا فَإِنْ أَحَبَّ صَاحِبُ الْغَنَمِ أَنْ يَتْرُكَ هَذِهِ وَ يَأْخُذَ هَذِهِ أَيْضاً فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَ لَا يُفَرِّقُ الْمُصَدِّقُ بَيْنَ غَنَمٍ مُجْتَمِعٍ وَ لَا يَجْمَعُ.
__________________________________________________
و هذا هو المشهور بين الأصحاب و السندان متكافئان، بل يمكن أن يقال:
السند الأخير أوضح، لأن الظاهر أن الكليني نقله من كتاب حماد فلا يضر عدم توثيق إبراهيم بن هاشم صريحا كما ذكرناه من قبل مع قطع النظر عن رواية الفضلاء العظيم الشأن الذين ورد فيهم الأخبار الكثيرة الدالة على أنهم أركان الدين، «1» مع أنه يمكن حمل خبر محمد بن قيس عليه، بأن يقال: المراد بكثرة الغنم بلوغها إلى أربعمائة و يكون النصاب الرابع غير مذكور فيه و حينئذ لا منافاة بين الخبرين، لكن الظاهر التخيير و جواز العمل بأيهما كان و حينئذ يصير العمل بخبر الفضلاء أولى و أحوط.
 «و يقصد المصدق» أي العامل الذي يأخذ الصدقة «الموضع الذي فيه الغنم» كما ظهر من خبر بريد بن معاوية و محمد بن مسلم و محمد بن خالد في قوله عليه السلام (أن لا يحشر) أي يجمع من ماء إلى ماء بل يذهب إلى كل ماء من مياههم بانفراده «فينادي (إلى قوله) حق» كما مر في الأخبار «فإن أحب» أي ثانيا «فليس له ذلك» لئلا يلزم الإجحاف على المصدق، و فهم من خبر بريد و محمد بن خالد أيضا لأنه عليه السلام رخص للعامل مرة «و لا يفرق المصدق بين غنم مجتمع» أي في الملك، بل يجمعها في الحساب و إن كانت متفرقة بأن يكون للمالك مثلا عشرون شاة في موضع، و عشرون في آخر
__________________________________________________
 (1) راجع تنقيح المقال للمتتبع الخبير العلامة الحاجّ شيخ عبد اللّه الممقانى ره في ترجمة كل واحد من هؤلاء الفضلاء.

68
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ‏
1608 وَ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِي الْأَكِيلَةِ وَ لَا فِي الرُّبَّى الَّتِي تُرَبَّى اثْنَتَيْنِ وَ لَا شَاةِ لَبَنٍ وَ لَا فَحْلِ الْغَنَمِ صَدَقَةٌ.

1609 وَ فِي رِوَايَةِ سَمَاعَةَ قَالَ: لَا تُؤْخَذُ الْأَكُولَةُ وَ الْأَكُولَةُ الْكَبِيرَةُ مِنَ الشَّاةِ تَكُونُ فِي الْغَنَمِ وَ لَا وَالِدٌ وَ لَا الْكَبْشُ الْفَحْلُ.

__________________________________________________
فحينئذ يأخذ شاة منهما و إن كانت غير مجتمعة في المرعى و المراح «و لا يجمع بين متفرق» في الملك و إن كانت مجتمعة في المرعى و المراح، بل و إن كانت مخلوطة بالإشاعة بأن تكون لرجلين مثلا أربعون شاة فلا يجب عليهما، و قد تقدم في صحيحة محمد بن قيس و محمد بن خالد له على أن الظاهر من الأخبار أن التكليف على الملاك و لا ربط لملك أحد في غيره و هو رد على بعض العامة.
 «و روى عبد الرحمن بن الحجاج» في الحسن كالصحيح و الكليني في الصحيح «1» «عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ليس في الأكيلة» أي الشاة المعدة للأكل بقدر الاحتياج إليه «و لا في الربى و الربى التي تربى اثنين» و المشهور أنها الوالد إلى خمسة عشر يوما (و قيل) إلى خمسين (و قيل) إلى شهر، و لا مستند للمشهور إلا خبر سماعة الآتية، و يمكن حمله على هذا الخبر، أو الجمع بينهما بالعمل بهما، لكن الظاهر منه أنها لا تؤخذ، و ظاهر هذا الخبر أنها لا تعد «و لا شاة لبن» الظاهر أنها مثل الأكولة، و المراد بها الشاة المعدة للشرب من لبنها و هي لأنها تكون غالبا معلوفة أو مخرجة كالأكولة «و لا فحل الغنم» أي القدر المحتاج إليه للضراب «صدقة» أي لا تعديل تخرج من الحساب.
 «و في رواية سماعة» الموثق و رواه الكليني أيضا في الموثق، عن أبي عبد الله عليه السلام «2» «قال: لا تؤخذ الأكولة» في الصدقة «و الأكولة الكبيرة من الشاة» الظاهر أن المراد بها السمينة المعدة للأكل «تكون في الغنم و لا والد» قيل لأنها مريضة
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب صدقة الغنم خبر 2- 4.

69
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

1610 وَ سَأَلَهُ إِسْحَاقُ بْنُ عَمَّارٍ عَنِ السَّخْلِ مَتَى تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ قَالَ إِذَا أَجْذَعَ.

ضَمَانُ الْمُزَكَّى وَ زَكَاةُ النَّقْدَيْنِ وَ مُسْتَحِقُّ الزَّكَاةِ.
__________________________________________________
فلو أعطاها المالك لا يأخذها المصدق و هو أحوط بخلاف الباقين «و لا الكبش الفحل» و فهم بعض الأصحاب من الخبر الأول أيضا عدم الأخذ إرفاقا بالمالك، و ظاهره عدم الحساب، و الأحوط العد و عدم الأخذ.
 «و سأله إسحاق بن عمار» في الموثق، و رواه الكليني أيضا في الموثق عنه «1» قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام «السخل (إلى قوله) عليه السلام أجذع» الظاهر أن المراد بوجوب الصدقة فيها إخراجها في الزكاة مطلقا (و قيل) في الإبل لأن الواجب في الغنم التوزيع باعتبار وجوب الزكاة في العين فإذا وجب في أربعين شاة شاة فكأنه وجب في كل شاة جزء من أربعين جزءا من تلك الشاة فيجب إخراج شاة يكون قيمتها ربع عشر المجموع و إن أمكن أن يقال بالعموم لإطلاق الأخبار لكن يلزم تقييدها بأن تكون جذعا لا أقل لأن ما قبلها لا تسمى شاة، و يؤيده هذا الخبر و الأخبار ستذكر إن شاء الله في الأضحية أن أقلها الجذع.
و نقل الأصحاب عن سويد بن غفلة قال أتانا مصدق رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و قال: نهينا أن نأخذ المراضع و أمرنا أن نأخذ الجذعة و الثنية، و الجذع ما تمَّ له ستة أشهر و دخل في السابعة (و قيل) إذا كان من شابين فإن كان من هرمين فيجذع بعد الثمانية أشهر هذا في الضأن، و أما المعز فلا تجذع إلا بعد دخوله في السنة الثانية و يسمى ثنيا (و قيل) في الثالثة كأهل اللغة، و الأحوط التوزيع كما فهم من تقسيم المال لإخراج الصدقة، و يفهم منه أيضا وجوب الزكاة في العين كما فهم من الأخبار المتقدمة في باب زكاة التجارة و غيرها.
و يدل عليه أيضا ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يكون له إبل أو بقر أو غنم أو متاع فيحول عليها الحول فيموت الإبل و البقر و الغنم و يحترق المتاع قال ليس عليه شي‏ء «2» و ما رواه‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب صدقة الغنم خبر 5.
 (2) الكافي باب ما يجب عليه الصدقة خبر 6.

70
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

.........
__________________________________________________
في الحسن كالصحيح، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل لم يزك إبله أو شاته عامين فباعها على من اشتراها أن يزكيها لما مضى؟ قال: نعم تؤخذ منه زكاتها و يتبع بها البائع أو يؤدي زكاتها البائع «1» و إن كان في الدلالة خفاء، و سيجي‏ء ما يدل عليه أيضا، و يمكن أن يكون المراد به أنه لا يجب الزكاة في الأولاد حتى يستغنوا عن الأمهات بالرعي كما ذكره الأصحاب لأنها معلوفة لأن اللبن ملك لصاحبها و قد تقدم أنه لا زكاة في المعلوفة.
و ذهب بعضهم إلى أنه إن كان اللبن عن السوم فهي في حكم السائمة و إن كان عن العلف فهي كالمعلوفة (و فيه) أن اللبن ملك لصاحبه سواء كان عن علف أو سوم، لكن ظاهر الأخبار أن الحول من حين النتاج مثل ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ليس في صغار الإبل شي‏ء حتى يحول عليه الحول من يوم ينتج «2» و في الحسن، كالصحيح، عن ابن أبي عمير قال: كان علي عليه السلام لا يأخذ من صغار الإبل شيئا حتى يحول عليها الحول و لا يأخذ من جمال العمل صدقة و كان لم يحب أن يؤخذ (يأخذ- خ) من المذكور (الذكور- خ) شي‏ء (شيئا- خ) لأنه ظهر يحمل عليها «3» و في خبري زرارة المتقدمين (فليس فيها شي‏ء يحول عليها الحول من حين ينتج) و في صحيح أبي بصير (يعد صغيرها و كبيرها) و ما رواه الشيخ، بإسناده، عن يونس بن عبد الرحمن، عن بعض أصحابه، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ليس في صغار الإبل و البقر و الغنم شي‏ء إلا ما حال عليه الحول عند الرجل و ليس في أولادها شي‏ء حتى يحول عليها الحول «4» و ما رواه عن زرارة عنه عليه السلام قال: لا يزكى من الإبل و البقر
__________________________________________________
 (1) الكافي باب ما يجب عليه الصدقة خبر 5.
 (2) الكافي باب صدقة الايل خبر 3.
 (3) الكافي باب ما يجب عليه الصدقة خبر 7.
 (4) التهذيب باب وقت الزكاة خبر 19.

71
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

1611 وَ قَالَ الرِّضَا ع إِنَّ بَنِي تَغْلِبَ أَنِفُوا مِنَ الْجِزْيَةِ وَ سَأَلُوا عُمَرَ أَنْ يُعْفِيَهُمْ فَخَشِيَ أَنْ يَلْحَقُوا بِالرُّومِ فَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ صَرَفَ ذَلِكَ عَنْ رُءُوسِهِمْ وَ ضَاعَفَ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةَ فَرَضُوا بِذَلِكَ فَعَلَيْهِمْ مَا صَالَحُوا عَلَيْهِ وَ رَضُوا بِهِ إِلَى أَنْ يَظْهَرَ الْحَقُّ.

1612 وَ سَأَلَهُ يَعْقُوبُ بْنُ شُعَيْبٍ عَنِ الْعُشُورِ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنَ الرَّجُلِ يُحْتَسَبُ بِهَا مِنْ زَكَاتِهِ‏

__________________________________________________
و الغنم شي‏ء إلا ما حال عليه الحول و ما لم يحل عليه الحول فكأنه لم يكن «1» و غير ذلك من العمومات، فالظاهر الاحتساب من حين الولادة و لا يلتفت إلى الاستنباطات مع النصوص مع أنها لا تسمى معلوفة عرفا أيضا.
 «و قال الرضا عليه السلام إن بني تغلب» من نصارى العرب «أنفوا» و استنكفوا «من» قبول «الجزية و سألوا عمران يعفيهم» عن الجزية و يعد الزكاة مضاعفا «فخشي (إلى قوله) و رضوا به» و في بعض النسخ بالعكس «2» «إلى أن يظهر الحق» الظاهر أن الغرض من ذكرهم أنهم ليسوا من أهل الذمة و قد قال الله تعالى حتى" يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ"، و فعل عمر ليس بحجة على معتقد العامة أيضا لأنه كان مجتهدا و مات قوله بموته.
 «و سأله يعقوب بن شعيب» في الحسن كالصحيح و الكليني في الصحيح قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام «عن العشور (إلى قوله) إن شاء» يمكن أن يكون المراد به ما يأخذه سلطان الحق لكنه بعيد، و ظاهره أنه يجوز احتساب ما يأخذه الظالم عنه بعنوان الزكاة أو مطلقا عنها، و حمل على أنه لا يجب زكاة ما يأخذه الظالم لأنه بمنزلة التالف إذا أخذها من العين و به يجمع بين الروايات- مثل ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح و الشيخ في الصحيح عن سليمان بن خالد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
إن أصحاب أبي أتوه فسألوه عما يأخذ السلطان فرق لهم و أنه ليعلم أن الزكاة لا تحل إلا لأهلها
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب وقت الزكاة خبر 19.
 (2) يعني في بعض النسخ فعليهم ما رضوا به و صالحوا عليه.

72
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

قَالَ نَعَمْ إِنْ شَاءَ.
__________________________________________________
فأمرهم أن يحتسبوا به فجال فكري- و في نسخة (فجاز ذا) بدله و الله لهم، فقلت يا أبت إنهم إن سمعوا إذا لم يزك أحد فقال: يا بني حق أحب الله أن يظهره «1» و في الصحيح (على الظاهر) و الشيخ في الصحيح، عن عيص بن القسم، عن أبي عبد الله عليه السلام في الزكاة فقال: ما أخذوا منكم بنو أمية فاحتسبوا به و لا تعطوهم شيئا ما استطعتم فإن المال لا يبقى على هذا أن تزكيه مرتين «2» و روى الشيخ في الصحيح و الكليني، عن رفاعة بن موسى قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل له الضيعة فيؤدي خراجها هل عليه فيها عشر؟
قال: لا «3» و روى الشيخ في الصحيح، عن عبيد الله بن علي الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صدقة المال يأخذها السلطان فقال: لا آمرك أن تعيد «4» إلى غير ذلك من الأخبار.
و قد ذكرنا الأخبار المتواترة في أن الزكاة موضعها أهل الولاية و لا يجزي عنها إن أعطاها غيرهم و لو في زمان الضلالة و أنه يجب إعادتها بعد الاستبصار- و يدل على ذلك أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح، عن أبي أسامة قال: قلت لأبي عبد الله عليهما السلام: جعلت فداك إن هؤلاء المصدقين يأتونا فيأخذون منا الصدقة فنعطيهم إياها أ تجزي عنا؟ فقال: لا إنما هؤلاء قوم غصبوكم أو قال ظلموكم أموالكم و إنما الصدقة لأهلها «5» و غير ذلك من الأخبار فيحمل الأخبار الأولة إما على أنه لا يخرج الزكاة مما أخذوه و إن وجب إخراجها عما بقي- و يدل عليه ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن حريز و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام أنهما قالا له: هذه الأرض التي نزارع أهلها ما ترى فيها؟
فقال: كل أرض دفعها إليك سلطان فما حرثته منها فعليك فيما أخرج الله منها الذي قاطعك عليه و ليس على جميع ما أخرج الله منها العشر، إنما العشر عليك فيما يحصل في يدك بعد
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب فيما يأخذ السلطان من الخراج خبر 1- 4 و أورد الثاني في التهذيب باب وقت الزكاة خبر 11.
 (3- 4- 5) التهذيب باب وقت الزكاة خبر 6- 12- 13.

73
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

1613 وَ رَوَى السَّكُونِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ: مَا أَخَذَ مِنْكَ الْعَاشِرُ فَطَرَحَهُ فِي كُوزِهِ فَهُوَ مِنْ زَكَاتِكَ وَ مَا لَمْ يَطْرَحْ فِي الْكُوزِ فَلَا تَحْسُبْهُ مِنْ زَكَاتِكَ.

1614 وَ رَوَى سَمَاعَةُ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ الرَّجُلُ يُخَلِّفُ لِأَهْلِهِ‏

__________________________________________________
مقاسمته لك «1».
و يمكن حمل الأخبار المتأخرة على التقية لئلا يشتهر عنهم عليهم السلام أنهم لا يجوزون أداء الزكاة إليهم و يأمرون شيعتهم بالإعادة مرة أخرى (أو) يكون رخصة لأولئك خاصة، و ظاهرها جواز الاحتساب و استحباب الإعادة، و الفرق بينهما ظاهر فإن ظاهر الأخبار الأولة أداء الزكاة اختيارا إلى غير المستحق بخلافه هنا فإنهم يأخذون جبرا فلا استبعاد في السقوط سيما إذا أخرج الزكاة لأن يؤدى إلى المستحق فأخذها الظالم جورا فإنه بمنزلة التلف كما سيجي‏ء.
 «و روى السكوني (إلى قوله) من زكاتك» لأنه يصل إلى الإمام البتة «و ما لم يطرح في الكوز فلا تحسبه من زكاتك» لأنك لا تعلم أنه يصل إليه عليه السلام أم لا، و يمكن أن يكون هذا الحكم مخصوصا بزمانه عليه السلام و قرره لعدم الاعتماد على المصدقين سيما جماعة كانوا منصوبين من قبل الأولين و كان لم يمكنه عليه السلام إزالتهم كما في شريح و أضرابه، و ظاهره أنه ورد للتقية على تقدير الورود، فإن الراوي هو النوفلي عن السكوني و هما ضعيفان.
 «و روى سماعة» في الموثق و الكليني عنه «2» «عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام» يدل على أن النفقة المخرجة بمنزلة التالف إذا كان غائبا لعدم التمكن من التصرف أو لوجه آخر لا نعرفه، و يؤيده ما رواه الكليني في الصحيح، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل وضع لعياله له ألف درهم‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب أقل ما يجب فيه الزكاة من الحرث خبر 4.
 (2) الكافي باب الرجل يخلف عند اهله ما يكون في مثله الزكاة خبر 3.

74
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

نَفَقَةَ ثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ نَفَقَةَ سَنَتَيْنِ عَلَيْهِ زَكَاةٌ قَالَ إِنْ كَانَ شَاهِداً فَعَلَيْهِ زَكَاةٌ وَ إِنْ كَانَ غَائِباً فَلَيْسَ فِيهَا شَيْ‏ءٌ.
1615 وَ سَأَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ الْأَحْوَلُ عَنْ رَجُلٍ عَجَّلَ زَكَاةَ مَالِهِ ثُمَّ أَيْسَرَ الْمُعْطَى قَبْلَ رَأْسِ السَّنَةِ قَالَ يُعِيدُ الْمُعْطِي الزَّكَاةَ.

__________________________________________________
نفقة فحال عليها الحول؟ قال: إن كان مقيما زكاه و إن كان غائبا لم يزك «1» و في الصحيح، عن إسحاق بن عمار (الموثق) عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: قلت له:
رجل خلف عند أهله نفقة ألفين لسنتين عليها زكاة؟ قال: إن كان شاهدا فعليه زكاة و إن كان غائبا فليس عليه زكاة «2».
 «و سأله محمد بن النعمان الأحول» لم يذكر الصدوق في الفهرست طريقه إليه، «3» و الظاهر أنه أخذه من كتابه، و رواه الكليني و الشيخ في الصحيح عنه عن أبي عبد الله عليه السلام «4» «عن رجل عجل زكاة ماله» أي قرضا «ثمَّ أيسر المعطي» أي من غير هذا المال فإنه لو كان غناه من هذا المال يجوز احتسابه عليه من غير استرداد لأنه فقير (و قيل) يأخذ منه حتى يصير فقيرا و يعطيه و لا وجه له «قبل رأس السنة» لا دخل له، لكن كان الواقع كذلك فإن أيسر رأس السنة أيضا لا يجوز الاحتساب عليه «قال: يعيد المعطي الزكاة» ينبغي أن يقرأ بالكسر فإنه يزكى مرة أخرى و يسترد منه‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الرجل يخلف عند اهله ما يكون في مثله الزكاة خبر 2- 1.
 (3) قوله رحمه اللّه: (لم يذكر الصدوق في الفهرست طريقه إليه) نقول قد ذكره فيه فقال في رقم 26 من مشيخته: و ما كان فيه، عن محمّد بن النعمان، فقد رويته، عن محمّد بن على ماجيلويه رضي اللّه عنه، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن ابى عمير و الحسن بن محبوب جميعا عن محمّد بن النعمان انتهى و هذا الطريق حسن بل صحيح على الأصحّ.
 (4) الكافي باب الرجل يعطى من زكاته من يظن انه معسر إلخ خبر 2 و التهذيب باب تعجيل الزكاة و تأخيرها إلخ خبر 7.

75
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

1616 وَ سُئِلَ ع عَنْ رَجُلٍ أَعْطَى زَكَاةَ مَالِهِ رَجُلًا وَ هُوَ يَرَى أَنَّهُ مُعْسِرٌ فَوَجَدَهُ مُوسِراً قَالَ لَا يُجْزِي عَنْهُ.

1617 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ بَعَثَ بِزَكَاةِ مَالِهِ لِتُقْسَمَ فَضَاعَتْ هَلْ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا حَتَّى تُقْسَمَ فَقَالَ إِذَا وَجَدَ لَهَا مَوْضِعاً فَلَمْ يَدْفَعْهَا فَهُوَ لَهَا ضَامِنٌ حَتَّى يَدْفَعَهَا

__________________________________________________
إن كان ذكر حين الدفع أنه قرض أو زكاة معجلة أو يكون العين باقيا و إلا فيشكل الاسترداد منه لأن المالك سلطه على إتلاف ماله مجانا.
 «و سئل عليه السلام» روى الكليني و الشيخ في الصحيح، عن ابن أبي عمير عن الحسين ابن عثمان عمن ذكره: عن أبي عبد الله عليه السلام «1» «في رجل (إلى قوله) لا يجزى عنه» و يؤيده ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الصدقة و الزكاة لا يحابي بها قريب و لا يمنعها بعيد «2» أي المدار فيها على الاستحقاق لا القرب و البعد حتى يساهل فيها- و في الموثق عن أبي المعزى، عن أبي عبد الله قال: إن الله تبارك و تعالى أشرك بين الأغنياء و الفقراء في الأموال فليس لهم أن يصرفوا إلى غير شركائهم «3» و يفهم منه أن الزكاة في العين و بمنزلة مال الفقير فإذا أعطى مالهم إلى غيرهم لم يجز عنهم- و قد تقدم في خبر زرارة (أنه إن اجتهد فقد برئ فإن قصر في الاجتهاد في الطلب فلا فيحمل الخبر على أنه قصر و يفهم منه أنه لا يعتمد على قول الفقير في دعوى فقره إلا أن يقال: إن السؤال عنه أيضا داخل في الاجتهاد و هو بعيد (أو) يقال: بجواز الدفع مع الضمان لو انكشف خلافه و الأحوط التفحص عن حال الفقير من حيث الفقر و الصلاح.
 «و روى محمد بن مسلم» في القوي و رواه الكليني في الحسن كالصحيح قال‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الرجل يعطى من زكاته من يظن انه معسر إلخ خبر 1 و التهذيب باب تعجيل الزكاة و تأخيرها إلخ خبر 4.
 (2) الكافي باب من يحل له ان يأخذ من الزكاة إلخ خبر 12.
 (3) الكافي باب الرجل يعطى من زكاته من يظن انه معسر إلخ خبر 3.

76
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهَا مَنْ يَدْفَعُهَا إِلَيْهِ فَبَعَثَ بِهَا إِلَى أَهْلِهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا لِأَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ وَ كَذَلِكَ الْوَصِيُّ الَّذِي يُوصَى إِلَيْهِ يَكُونُ ضَامِناً لِمَا دُفِعَ إِلَيْهِ إِذَا وَجَدَ رَبَّهُ الَّذِي أُمِرَ بِدَفْعِهِ إِلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ.
1618 وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِذَا أَخْرَجَ الرَّجُلُ الزَّكَاةَ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ سَمَّاهَا لِقَوْمٍ فَضَاعَتْ أَوْ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِمْ فَضَاعَتْ فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ.

1619 وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَقْسِمُ صَدَقَةَ أَهْلِ الْبَوَادِي فِي أَهْلِ الْبَوَادِي وَ صَدَقَةَ أَهْلِ‏

__________________________________________________
قلت لأبي عبد الله عليه السلام «1».
 «و روى أبو بصير» في الموثق و رواه الكليني في الحسن كالصحيح عنه عليه السلام و يحمل على عدم وجود المستحق، و يدل على جواز التأخير لانتظار جماعة مخصوصين و روى الكليني في الحسن كالصحيح عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:
إذا أخرجها من ماله فذهبت و لم يسمها لأحد فقد برئ منها و في الحسن كالصحيح عن زرارة قال، سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل بعث إليه أخ له زكاته ليقسمها فضاعت قال: ليس على الرسول و لا على المؤدي ضمان، قلت فإن لم يجد لها أهلا ففسدت و تغيرت أ يضمنها؟ قال، لا و لكن إن عرف لها أهلا فعطبت أو فسدت فهو لها ضامن حتى يخرجها و في الصحيح، عن بكير بن أعين (الممدوح بمدح أعلى من التوثيق) قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يبعث بزكاة ماله فتسرق أو تضيع قال: ليس عليه شي‏ء «و كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن أبي عبد الله عليهما السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم «2» و يدل على كراهة النقل و استحباب القسمة فيهم لأنهم‏
__________________________________________________
 (1) هذا الخبر و الأربعة التي بعده أورده في الكافي باب الزكاة تبعث من بلد الى بلد إلخ خبر 1 (الى) 5.
 (2) الكافي باب الزكاة تبعث من بلد إلخ خبر 28 و باب دخول عمرو بن عبيد المعتزلى على أبي عبد اللّه (ع) من كتاب الجهاد.

77
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

الْحَضَرِ فِي أَهْلِ الْحَضَرِ وَ لَا يَقْسِمُهَا بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ إِنَّمَا يَقْسِمُهَا عَلَى قَدْرِ مَنْ يَحْضُرُهُ مِنْهُمْ وَ مَا يَرَى لَيْسَ فِي ذَلِكَ شَيْ‏ءٌ مُوَقَّتٌ.
1620 وَ فِي رِوَايَةِ دُرُسْتَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فِي الزَّكَاةِ يَبْعَثُ بِهَا الرَّجُلُ إِلَى بَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ يَبْعَثُ بِالثُّلُثِ أَوِ الرُّبُعِ.

1621 وَ رَوَى عَنْهُ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ‏

__________________________________________________
أولى لانتظارهم و شركتهم لصاحب المال في القرية و المسكن و يدل على رجحان البسط و على جواز التفصيل بحسب المصلحة، و في الصحيح عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال، لا تحل صدقة المهاجرين للأعراب و لا صدقة الأعراب في المهاجرين «1» و يحمل على الكراهة لما تقدم في بعث العمال للنقل إلا أن يحمل أن النقل كان في الزيادة عن مئونة فقرائهم أو كان الفقراء يجيئون و يأخذون ليلاحظ عليه السلام حالهم و استحقاقهم و هو أظهر.
 «و في رواية درست بن منصور» في الموثق و رواه الكليني عنه في الموثق عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام و يؤيده تغيير أسلوب الصدوق و ظاهره الجواز مع وجود المستحق، و يمكن حمله على عدم وجود المستحق كالأخبار المتقدمة و يحمل التبعيض على جواز الانتظار حتى يوجد المستحق كما تقدم الأخبار في ذلك.
 «و روى عنه هشام بن الحكم» في الصحيح و رواه الكليني أيضا في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام و ظاهره جواز الإخراج إلى غير البلد مطلقا، و يحمل على عدم وجود المستحق أو على الجواز و لا ينافي الضمان مع وجود المستحق فيه، أو يحمل الضمان على الاستحباب كما رواه الكليني في الموثق، عن وهيب بن حفص قال:
كنا مع أبي بصير فأتاه عمرو بن إلياس فقال له يا: يا محمد إن أخي بحلب بعث إلى بمال من الزكاة أقسمه بالكوفة فقطع عليه الطريق فهل عندك فيه شي‏ء؟ فقال:
نعم سألت أبا جعفر عليه السلام عن هذه المسألة و لم أظن أحدا ليسألني عنها أبدا فقلت لأبي‏
__________________________________________________
 (1) هذا الخبر و الثلاثة التي بعده أورده في الكافي باب الزكاة تبعث من بلد الى بلد الخ خبر 10- 6- 7- 9.

78
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الرَّجُلِ يُعْطَى الزَّكَاةَ يَقْسِمُهَا أَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ الشَّيْ‏ءَ مِنْهَا مِنَ الْبَلْدَةِ الَّتِي هُوَ بِهَا إِلَى غَيْرِهَا قَالَ لَا بَأْسَ.

1622 وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع عَنِ الرَّجُلِ يُعْطِي زَكَاتَهُ عَنِ الدَّرَاهِمِ دَنَانِيرَ وَ عَنِ الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ بِالْقِيمَةِ أَ يَحِلُّ ذَلِكَ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ.

1623 وَ كَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي ع هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُخْرَجَ‏

__________________________________________________
جعفر عليه السلام جعلت فداك: الرجل يبعث بزكاته من أرض إلى أرض فقال: قد أجزأت عنه، و لو كنت أنا لأعدتها.
و مع عدم المستحق لا شك في جواز البعث إلى بلد آخر، لكن هل هو على الوجوب فيه إشكال و الاحتياط في البعث كما رواه الكليني في الصحيح، عن ضريس قال: سأل المدائني أبا جعفر عليه السلام فقال: إن لنا زكاة نخرجها من أموالنا ففي من نضعها؟ فقال:
في أهل ولايتك فقال: إني في بلاد ليس فيها أحد من أوليائك فقال: ابعث بها إلى بلدهم تدفع إليهم و لا تدفعها إلى قوم إن دعوتهم غدا إلى أمر لم يجيبوك و كان و الله الذبح (أربح خ ل) «1» أي العامة و إن أعنتهم فإذا وقع شي‏ء و حصل لهم فرصة لا يقصرون في قتلك فاسع في تحصيل رضى الله حتى ينصرك في الدنيا و الآخرة.
 «و سأل علي بن جعفر إلخ» في الصحيح و رواه الكليني و الشيخ أيضا في الصحيح «2» «و كتب محمد بن خالد البرقي» في الصحيح و رواه الكليني و الشيخ أيضا في الصحيح «3» «إلى أبي جعفر الثاني» الجواد عليه السلام «ما يسوي» أي القيمة السوقية و يدلان على جواز إخراج القيمة في الزكاة و لا ينافي استحباب العين كما هو ظاهر الأخبار، و يؤيده ما رواه الكليني، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن سعيد بن عمرو، عن أبي عبد الله‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الزكاة تبعث من بلد الى بلد إلخ خبر 11- قوله اربح يعنى ان بعثها الى بلد الأولياء اربح من اعطائها أهل البلد الذين هذا حالهم- الوافي.
 (2- 3) الكافي باب الرجل يعطى عن زكاته العوض خبر 2- 1 و التهذيب باب من الزيادات في الزكاة خبر 5- 6.

79
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

عَمَّا يَجِبُ فِي الْحَرْثِ مِنَ الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِيرِ وَ مَا يَجِبُ عَلَى الذَّهَبِ دَرَاهِمُ بِقِيمَةِ مَا يَسْوَى أَمْ لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يُخْرَجَ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ مِمَّا فِيهِ فَأَجَابَ ع أَيُّمَا تَيَسَّرَ يُخْرَجُ.
1624 وَ سَأَلَ عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلٍ فَرَّ بِمَالِهِ مِنَ الزَّكَاةِ فَاشْتَرَى بِهِ أَرْضاً أَوْ دَاراً أَ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْ‏ءٌ فَقَالَ لَا وَ لَوْ جَعَلَهُ حُلِيّاً أَوْ نُقَراً فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ وَ مَا مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ فَضْلِهِ فَهُوَ أَكْثَرُ مِمَّا مَنَعَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ.

1625 وَ رَوَى زُرَارَةُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَ لَهُ‏

__________________________________________________
عليه السلام قال: قلت يشتري الرجل من الزكاة الثياب و السويق و الدقيق و البطيخ و العنب فيقسمه؟ قال: لا يعطيهم إلا الدراهم كما أمر الله تبارك و تعالى «1» أو يقال: بجواز إخراج الدراهم عن غيرها لعموم النفع لا بالعكس، حرمة أو كراهة.
 «و سأل عمر بن يزيد» في الصحيح «أبا عبد الله عليه السلام» و رواه الكليني في الحسن كالصحيح عنه عليه السلام «2» و يدل على أن الفرار مسقط للزكاة و يحمل على ما قبل الحول، لما رواه الشيخ في الموثق كالصحيح، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحلي فيه زكاة؟ قال لا، إلا ما فر به من الزكاة «3» و في الموثق كالصحيح، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له الرجل يجعل لأهله الحلي من مائة دينار و المائتي دينار و أراني قد قلت ثلاثمائة دينار فعليه الزكاة؟ قال: ليس فيه الزكاة قال: قلت:
فإنه فر به من الزكاة فقال: إن كان فر به من الزكاة فعليه الزكاة و إن كان إنما فعله ليتجمل به فليس عليه زكاة «4» إلى غير ذلك من الأخبار المحمولة على ما بعد الحول أو الاستحباب.
 «و روى زرارة و محمد بن مسلم» في الصحيح «عن أبي عبد الله عليه السلام» يدل على‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الرجل يعطى عن زكاته العوض خبر 2- 1.
 (2) الكافي باب من فربما له من الزكاة خبر 1.
 (3- 4) التهذيب باب زكاة الذهب خبر 12- 13.

80
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

مَالٌ وَ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ قِيلَ لَهُ فَإِنْ وَهَبَهُ قَبْلَ حَوْلِهِ بِشَهْرٍ أَوْ بِيَوْمٍ قَالَ‏
__________________________________________________
المشهور من أنه لا ينفع الفرار بعد الحول و ينفع قبله «و روى زرارة» في الصحيح «عنه عليه السلام أنه قال» أي بعد ذلك القول «إنما هذا (إلى قوله) وجبت عليه» الظاهر أن التمثيل للحالتين يعني كما أن الخروج بعد الإفطار لا ينفع في سقوط الكفارة فكذلك الفرار بعد الحول لا ينفع في سقوط الواجب، و كما أن الخروج قبل الإفطار ينفع في سقوط الكفارة و إن كان السفر لأجل الإفطار كذلك ينفع الحيل قبل الحول لسقوط الزكاة.
و يؤيد ما ذكرناه رواية الكليني هذه الرواية، عن زرارة في الحسن كالصحيح قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل كان عنده مائتا درهم غير درهم أحد عشر شهرا ثمَّ أصاب درهما بعد ذلك في الشهر الثاني عشر فكملت عنده مائتا درهم أ عليه زكاتها؟ قال: لا حتى يحول عليه الحول و هي مائتا درهم فإن كانت مائة و خمسين درهما فأصاب خمسين بعد أن يمضي شهر فلا زكاة عليه حتى يحول على المائتين الحول، قلت: فإن كان عنده مائتا درهم غير درهم فمضى عليها أيام قبل أن ينقضي الشهر ثمَّ أصاب درهما فأتى على الدراهم مع الدرهم حول أ عليه زكاة؟ قال: نعم و إن لم يمض عليها جميعا الحول فلا شي‏ء عليه فيها.
قال: و قال زرارة و محمد بن مسلم قال أبو عبد الله عليه السلام: أيما رجل كان له مال و حال عليه الحول فإنه يزكيه قلت له: فإن هو وهبه قبل حله بشهر أو بيوم قال: ليس عليه شي‏ء أبدا.
قال و قال زرارة عنه عليه السلام أنه قال: إنما هذا بمنزلة رجل أفطر في شهر رمضان يوما في إقامته ثمَّ خرج في آخر النهار في سفر فأراد بسفره ذلك إبطال الكفارة التي وجبت عليه- و قال: إنه حين رأى الهلال الثاني عشر وجبت عليه الزكاة و لكنه لو كان وهبها قبل ذلك لجاز و لم يكن عليه شي‏ء بمنزلة من خرج ثمَّ أفطر، إنما لا يمنع ما حال عليه فأما ما لم يحل فله منعه و لا يحل له منع مال غيره فيما قد حل عليه.

81
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ إِذاً وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا هَذَا بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ أَفْطَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ يَوْماً فِي‏
__________________________________________________
قال زرارة و قلت له رجل كانت له مائتا درهم فوهبها لبعض إخوانه أو ولده أو أهله فرارا بها من الزكاة فعل ذلك قبل حلها بشهر، فقال: إذا دخل الشهر الثاني عشر قد حال عليها الحول و وجبت عليه فيها الزكاة، قلت له: فإن أحدث فيها قبل الحول؟
قال، جائز ذلك له، قلت، إنه فر بها من الزكاة قال: ما أدخل على نفسه أعظم مما منع من زكاتها، فقلت له إنه يقدر عليها؟ قال، فقال: و ما علمه إنه يقدر عليها و قد خرجت من ملكه؟ قلت: فإنه دفعها إليه على شرط؟ فقال: إنه إذا سماها هبة جازت الهبة و سقط الشرط و ضمن الزكاة، قلت له: و كيف يسقط الشرط و تمضى الهبة و يضمن الزكاة؟
فقال: هذا شرط فاسد و الهبة المضمونة ماضية و الزكاة له لازمة عقوبة له، ثمَّ قال، إنما ذلك له إذا اشترى بها دارا أو أرضا أو متاعا.
ثمَّ قال زرارة قلت له: إن أباك قال لي: من فر بها من الزكاة فعليه أن يؤديها قال: صدق أبي عليه أن يؤدي ما وجب عليه و ما لم يجب عليه فلا شي‏ء عليه فيه، ثمَّ قال: أ رأيت لو أن رجلا أغمي عليه يوما ثمَّ مات فذهبت صلاته أ كان عليه و قد مات أن يؤديها؟ قلت، لا، إلا أن يكون قد أفاق من يومه ثمَّ قال: لو أن رجلا مرض في شهر رمضان ثمَّ مات فيه أ كان يصام عنه؟ قلت: لا، قال فكذلك الرجل لا يؤدي عن ماله إلا ما حال عليه الحول «1».
و روى الصدوق هذه الرواية، عن زرارة و طريقه إليه صحيح مع زيادة في أولها- قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل كانت عنده دراهم أشهرا فحولها دنانير فحال عليها منذ يوم ملكها دراهم حول أ يزكيها؟ قال: لا ثمَّ قال: أ رأيت لو أن رجلا دفع إليك مائة بعير و أخذ منك مائتي بقرة فلبثت عنده أشهرا و لبثت عندك أشهرا فموتت عندك إبله و موتت عنده بقرك أ كنتما تزكيانها؟ فقلت، لا- قال كذلك الذهب و الفضة، ثمَّ قال‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب المال الذي لا يحول عليه الحول في يد صاحبه خبر 4.

82
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

إِقَامَتِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ فِي آخِرِ النَّهَارِ فِي سَفَرٍ وَ أَرَادَ بِسَفَرِهِ ذَلِكَ إِبْطَالَ الْكَفَّارَةِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ.
__________________________________________________
و إن حولت برا أو شعيرا ثمَّ قلبته ذهبا أو فضة فليس عليك فيه شي‏ء إلا أن يرجع ذلك الذهب أو تلك الفضة بعينها أو عينه فإن رجع ذلك إليك فإن عليك الزكاة لأنك قد ملكتها حولا قلت له: فإن لم يخرج ذلك الذهب من يدي يوما؟ قال: إن خلط بغيره فيها فلا بأس و لا شي‏ء فيما رجع إليك منه، ثمَّ قال إن رجع إليك بأسره بعد إياس منه فلا شي‏ء عليك فيه (إلا- خ) حولا.
قال فقال زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ليس في النيف شي‏ء حتى يبلغ ما يجب فيه واحد و لا في الصدقة و الزكاة كسور، و لا تكون شاة و نصف، و لا بعير و نصف، و لا خمسة دراهم و نصف، و لا دينار و نصف، و لكن يؤخذ الواحد و يطرح ما سوى ذلك حتى يبلغ ما يؤخذ منه واحد فيؤخذ من جميع ماله.
قال: و قال زرارة و ابن مسلم قال أبو عبد الله عليه السلام: أيما رجل كان له مال و حال عليه الحول فإنه يزكيه، قلت له: فإن وهبه قبل حوله بشهر أو بيوم؟ قال، ليس عليه شي‏ء إذا- قال و قال زرارة عنه عليه السلام إنه قال إنما هذا «1» إلى آخر ما ذكره الكليني و ذكرت الخبر بطوله لأنه كان مشتملا على فوائد كثيرة.
 (منها) بيان أن ما ذكر في حل هذا الخبر غير ما ذكرناه باطل و إن احتمله ظاهرا (و منها) اشتراط النصاب طول الحول و قد تبين ذلك من أخبار كثيرة (و منها) أن اعتبار النصاب تحقيقي لا تقريبي فيسقط الفريضة بنقصانه و لو درهما بل أقل و كذا الحول فلو نقص منها يوما و لو بالحيلة فرارا تسقط (و منها) جواز التشبيه ممن كان عالما بالواقع، و الظاهر أن التمثيلات الواردة في الروايات كانت لإسكات العامة الذين كانوا في المجلس أو كان الراوي يباحث معهم، و من هذه التشبيهات اشتبه الحال على جمع من الناقصين و توهموا جواز القياس و لم ينظروا إلى الأخبار الواردة في منعه و إن أول من قاس إبليس و لم يلاحظوا في أن المنع من القياس باعتبار خفاء العلة عندنا فمن كان العلل عنده ظاهرة
__________________________________________________
 (1) علل الشرائع باب نوادر علل الزكاة خبر 1.

83
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

.........
__________________________________________________
فإنه لا يقيس بل يعلم أحكام الله بالقواعد الكلية كما قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم علمني ألف باب يفتح من كل باب ألف باب و كانت الأحكام عندهم معلومة و إنما كانوا يشبهون بعض المسائل ببعض تفهيما للسائلين و توضيحا لهم و يفهم من التشبيه أن الكفارة للجرأة لا للإفطار في الصوم. فإن هذا اليوم في علم الله تبارك و تعالى كان من أيام السفر و يمتنع من الله تكليف صومه، نعم التكليف متعلق بالإمساك و لا يجب الكفارة بترك كل إمساك، فعلى هذا لو أفطر و حصل السفر الضروري أو حاضت المرأة يجب الكفارة للجرأة.
 (و منها) وجوب الزكاة في رأس الشهر الثاني عشر، و هو المشهور بين الأصحاب و ادعى العلامة إجماع الأصحاب عليه و مستنده ظاهرا هذا الخبر، و ظاهر الأخبار المتواترة اشتراط الحول و هو اثني عشر شهرا في غير الزكاة اتفاقا، و المشهور أن الشهر الثاني عشر من السنة الأولى، و يظهر الفائدة في جواز الإخراج في أول الشهر بعد حولان «1» الحول، و الظاهر جواز التأخير إلى آخر الشهر و المشهور اعتبار الشروط في هذا الشهر أيضا، و ظاهر الخبر أنه إذا أخرج عن ملكه في الشهر لا يسقط الزكاة.
قوله (فقلت له إنه يقدر عليها) أي يجوز له الرجوع في الهبة (فهو بمنزلة ماله قال: فقال:
و ما علمه إنه يقدر عليها و قد خرجت عن ملكه) أي كيف يعلم أنه يقدر عليها و الحال أنه يمكن أن يحصل له ما يمنع من الرجوع كالموت؟ أو كيف ينفع علمه بالقدرة على الرجوع و الحال أنه قد خرج عن ملكه بالهبة؟ فلو دخل في ملكه كان مالا آخر، و هو أظهر معنى و الأول لفظا.
 (قلت فإنه دفعها إليه على شرط، فقال: إنه إذا سماها هبة جازت الهبة و سقط الشرط و ضمن الزكاة) (أما) جواز الهبة فظاهر لأنه لا ينافيها شرط الرجوع فإن جواز الرجوع مقتضى عقد الهبة سواء ذكره أو لم يذكر، (و أما) سقوط الشرط فلأنه لغو، (و أما) ضمان الزكاة على الواهب إذا كان بعد الحول فظاهر و أما إذا كان قبل الحول كما
__________________________________________________
 (1) كحيوان و سيلان.

84
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

1626 وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع فِي التِّسْعَةِ الْأَصْنَافِ إِذَا حَوَّلْتَهَا فِي السَّنَةِ فَلَيْسَ عَلَيْكَ فِيهَا شَيْ‏ءٌ.

__________________________________________________
هو ظاهر الخبر فعلى الاستحباب كما يفهم منه أيضا، و يفهم منه أن القضاء مشروط بحصول سبب وجوب الأداء أو يكون الحكم مقصورا على المثالين، و يدل التتمة على أن تبديل أحد النقدين بالآخر يسقط الزكاة.
قوله (فمولت) «1» أي حصل منه النماء. و يمكن أن يكون تصحيف (موتت) كالقرينة أي كثر الموت فيها، و يدل على أنه إذا أخرج المال عن ملكه ثمَّ عاد ذلك المال في ملكه يجب عليه الزكاة، و يحتمل أن يكون المراد به أنه إذا أبدله بنوعه كالذهب إلى الذهب لا يسقط الزكاة لأنه يصدق عليه أنه حال الحول على الذهب مثلا، و إليه ذهب جماعة من الأصحاب لكن المشهور السقوط، و يمكن حمل الخبر على النقل الذي لا يخرج عن الملك و يؤيده قوله (بعينها أو عينه) و كذا إذا اختلط أحد المالين بالآخر لا يسقط الوجوب به، أما إذا ضاع و وجده، يزكي لسنة استحبابا، (و لا في الصدقة و الزكاة كسور) كما تقدم في النصب فإنه ليس فيها كسر عندنا، و باعتبار الخلط يحصل الكسر عند العامة أو ليس في الكسر نصاب، مثلا إذا كان الغنم، ثمانين من شخصين على الإشاعة لم يحصل لواحد منهما أربعون صحاحا فلا يجب على واحد منهما، و اختلف الأصحاب فيه و المشهور الوجوب، و لما كان نسخ العلل سقيمة فقد يحصل فيها الاشتباه.
 «و قال أبو جعفر عليه السلام (إلى قوله) شي‏ء» أي سواء حولت إلى غير جنسها أو جنسها، و يمكن أن يكون المراد به التبديل إلى غير الجنس، و يكون مضمون خبر زرارة، و التبديل فيما يشترط فيه الحول من النقدين و الأنعام مسقط للزكاة، و أما في الغلات الأربع فلا حول فيها حتى تبدل و ما ذكر في الخبر من التبديل بالبر
__________________________________________________
 (1) ظاهره ان النسخة التي كانت عند الشارح قده كانت باللام- و لكن في النسخة التي عندنا من العلل مؤتت و بالواو.

85
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

1627 وَ سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ لَهُ دَارٌ وَ خَادِمٌ وَ عَبْدٌ أَ يَقْبَلُ الزَّكَاةَ قَالا نَعَمْ إِنَّ الدَّارَ وَ الْخَادِمَ لَيْسَا بِمَالٍ.

1628 وَ قَدْ تَحِلُّ الزَّكَاةُ لِصَاحِبِ‏

__________________________________________________
و الشعير فالظاهر أنه ليس المراد منه تبديل الحنطة و الشعير بنفسهما أو بغيرهما، بل المراد تبديل الذهب و الفضة بهما كما لا يخفى، و أما ما ذكره الصدوق فيمكن أن يكون المراد به تبديلها قبل تعلق الزكاة بها بأن يبيعها أو يهبها فيتعلق الزكاة بها عند المشتري و المتهب و يكون إطلاق السنة عليها مجازا.
 «و سئل أبو جعفر و أبو عبد الله عليهما السلام» رواه الكليني في الحسن كالصحيح و الشيخ في الصحيح، عن عمر بن أذينة عن غير واحد «1» و الظاهر أنهم الفضلاء من أصحابهما عليهما السلام كما يظهر من التتبع قوله عليه السلام «إن الدار و الخادم ليسا بمال» يعني أنهما من الضروريات و لا شك في استثنائهما إذا كان بقدر الضرورة كما و كيفا، و الأحوط في الزائد إذا كان بقدر قوت السنة أن لا يأخذها، و استنبط منه استثناء الضروريات مطلقا للتعليل مثل الكتب العلمية بقدر الضرورة و أثاث البيت و غيرها.
 «و قد تحل الزكاة إلخ» رواه الكليني (و الشيخ) في الموثق، عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام «2» و ظاهره أن المدار في الغناء على قوت السنة أو التعيش فمن يحصل معاشه من خمسين درهما، بل الأقل إذا كان له حرفة، و من كان له كسب لا يحتاج إليه فهو غني، و من لا يحصل معاشه من السبعمائة درهم بأن كان عياله كثيرا و لا تكفيه مع نفعها فتحل له، و يمكن أن يكون المراد بالقسمة قسمة حاصلها، و أما
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من يحل له ان يأخذ الزكاة إلخ خبر 7 و التهذيب باب مستحق الزكاة للفقر و المسكنة إلخ خبر 4.
 (2) الكافي باب من يحل له ان يأخذ الزكاة إلخ خبر 9 و التهذيب باب اصناف الزكاة خبر 1.

86
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

السَّبْعِمِائَةٍ وَ تَحْرُمُ عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسِينَ إِذَا كَانَ صَاحِبُ السَّبْعِمِائَةٍ لَهُ عِيَالٌ كَثِيرٌ فَلَوْ قَسَمَهَا بَيْنَهُمْ لَمْ تَكْفِهِ فَلْيُعِفَّ عَنْهَا نَفْسَهُ وَ لْيَأْخُذْهَا
__________________________________________________
قوله عليه السلام (فليعف عنها نفسه) فالظاهر أنه على سبيل الاستحباب و إن كان الأحوط أخذها لعياله كما هو ظاهر الخبر، و روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: يأخذ الزكاة صاحب السبعمائة إذا لم يجد غيره، قلت: فإن صاحب السبعمائة تجب عليه الزكاة؟ قال: زكاته صدقة على عياله و لا يأخذها إلا أن يكون إذا اعتمد على السبعمائة أنفدها في أقل من سنة فهذا يأخذها و لا تحل الزكاة لمن كان محترفا و عنده ما يجب فيه الزكاة «1» و يظهر منه أن صاحب السبعمائة ليس بمحترف فإن الغالب في المحترف إمكان تحصيل القوت منها سيما مع الأصل و أن المدار على معاش السنة، و يظهر منه أن من كان عنده نصاب فهو غني كما ذهب إليه بعض الأصحاب إلا أن يحمل المنع على الاستحباب أو على المحترف الذي يمكنه تحصيل القوت منها.
و يؤيده ما رواه في الحسن كالصحيح، بل الصحيح، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: إن الصدقة لا تحل لمحترف و لا لذي مرة سوى قوي فتنزهوا عنها «2» و حمل ذو القوة السوي الأعضاء على من يمكنه تحصيل المعاش، لما رواه الكليني في الصحيح، عن معاوية بن وهب قال: قلت: لأبي عبد الله عليه السلام يروون عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أن الصدقة لا تحل لغني و لا لذي مرة سوى فقال أبو عبد الله عليه السلام: لا تصلح لغني «3» يعني أن ذا المرة إذا كان قادرا على تحصيل القوت فهو غني و إلا فلا مانع من أخذها، و في الصحيح، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون أبوه أو عمه أو أخوه يكفيه مئونته أ يأخذ من الزكاة فيتوسع به إن كانوا لا يوسعون عليه في كل ما يحتاج إليه؟ فقال؟ لا بأس «4» و الظاهر جواز أخذه مطلقا لأنه فقير و إن كان الأولى عدمه، و في الصحيح، عن معاوية بن وهب قال: سألت‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4) الكافي باب من يحل له ان يأخذ من الزكاة إلخ خبر 1- 2- 12- 5.

87
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

لِعِيَالِهِ وَ أَمَّا صَاحِبُ الْخَمْسِينَ فَإِنَّهُ تَحْرُمُ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ وَ هُوَ مُحْتَرِفٌ يَعْمَلُ بِهَا وَ هُوَ يُصِيبُ فِيهَا مَا يَكْفِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى شَارِبُ الْخَمْرِ مِنَ الزَّكَاةِ شَيْئاً
1629 وَ رَوَى سَمَاعَةُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الزَّكَاةِ هَلْ تَصْلُحُ لِصَاحِبِ الدَّارِ وَ

__________________________________________________
أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون ثلاثمائة درهم أو أربعمائة درهم و له عيال و هو يحترف فلا يصيب نفقته فيها أ يكب فيأكلها و لا يأخذ الزكاة أو يأخذ الزكاة؟ قال: لا بل ينظر إلى فضلها فيقوت بها نفسه و من وسعه ذلك من عياله و يأخذ البقية من الزكاة و يتصرف بهذه لا ينفقها «1» و هو صريح في جواز الأخذ و عدم صرف الأصل: «و لا يجوز أن يعطى شارب الخمر من الزكاة شيئا» رواه الكليني في الصحيح، عن داود الصرمي «2» و كتابه معتمد، و يؤيده أنه إعانة على الإثم و العدوان و موادة له و قد قال الله تعالى:" لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ) «3» و ركون إليه و قد قال تعالى (وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) «4» و استدل به على اشتراط العدالة في المستحق أو على اشتراط مجانبة الكبائر و لا ريب في أنهما أحوط، لكن الظاهر أنه لا يعطى شارب الخمر و ربما كان لخصوصها لأنه جماع الآثام.
 «و روى سماعة» في الموثق و كذا الكليني و الشيخ «5» «عن أبي عبد الله عليه السلام (إلى قوله) دار غلة إلخ» أي حاصل و منه المستغل و ظاهره كفاية الحاصل لا الأصل معه، و يمكن حملها على أن كون الحاصل له فقط بأن تكون وقفا عليه و الأول أظهر و يؤيده ما رواه الكليني في القوي، عن عبد العزيز قال: دخلت أنا و أبو بصير على أبي عبد الله عليه السلام فقال له أبو بصير: إن لنا صديقا و هو رجل صدوق يدين الله بما ندين به‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب من يحل له ان يأخذ من الزكاة إلخ خبر 6- 15.
 (3) المجادلة- 22.
 (4) هود- 113.
 (5) الكافي باب من يحل له ان يأخذ من الزكاة إلخ خبر 4 و التهذيب باب اصناف الزكاة ذيل خبر 1.

88
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

الْخَادِمِ فَقَالَ نَعَمْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ دَارُهُ دَارَ غَلَّةٍ فَيَدْخُلُ لَهُ مِنْ غَلَّتِهَا- مَا يَكْفِيهِ لِنَفْسِهِ وَ عِيَالِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْغَلَّةُ تَكْفِيهِ لِنَفْسِهِ وَ عِيَالِهِ فِي طَعَامِهِمْ وَ كِسْوَتِهِمْ وَ حَاجَتِهِمْ فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ فَقَدْ حَلَّتْ لَهُ الزَّكَاةُ وَ إِنْ كَانَتْ غَلَّتُهَا تَكْفِيهِمْ فَلَا.
1630 وَ سَأَلَ أَبُو بَصِيرٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَ هُوَ رَجُلٌ خَفَّافٌ وَ لَهُ عِيَالٌ‏

__________________________________________________
فقال: من هذا يا با محمد الذي تزكيه فقال العباس بن الوليد بن صبيح فقال: رحم الله الوليد ابن صبيح ماله يا با محمد؟ قال: جعلت له دار تسوى أربعة آلاف درهم و له جارية و له غلام يستقي على الجمل كل يوم ما بين الدرهمين إلى الأربعة سوى علف الجمل، و له عيال أ له أن يأخذ من الزكاة؟ قال: نعم قال و له هذه العروض؟ فقال يا با محمد أ تأمرني أن آمره ببيع داره و هي عزه و مسقط رأسه أو ببيع خادمه الذي يقيه الحر و البرد و يصون وجهه و وجه عياله أو آمره أن يبيع غلامه و جمله و هو معيشته و قوته بل يأخذ الزكاة و هي له حلال و لا يبيع داره و لا غلامه و لا جمله «1».
و يظهر من هذه الأخبار عدم المضايقة كما يظهر مما رواه الكليني في الصحيح عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن شيخا من أصحابنا يقال له عمر سأل عيسى بن أعين و هو محتاج فقال له عيسى بن أعين: أما عندي من الزكاة، و لكن لا أعطيك منها فقال له:
و لم؟ فقال: لأني رأيتك اشتريت لحما و تمرا فقال: إنما ربحت درهما فاشتريت بدانقين لحما و بدانقين تمرا ثمَّ رجعت بدانقين لحاجة قال: فوضع أبو عبد الله عليه السلام يده على جبهته ساعة، ثمَّ، رفع رأسه، ثمَّ قال إن الله تعالى نظر في أموال الأغنياء ثمَّ نظر في الفقراء فجعل في أموال الأغنياء ما يكتفون به و لو لم يكفهم لزادهم بلى فليعطه ما يأكل و يشرب و يكتسي و يتزوج و يتصدق و يحج «2».
 «و سأل أبو بصير» في الموثق «أبا عبد الله عليه السلام» قوله «مقدار نصف القوت» يمكن أن يكون نصف القوت لأجل الكسوة أو لغير القوت من الضروريات التي تكون‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من يحل له ان يأخذ من الزكاة إلخ خبر- 10.
 (2) الكافي باب الرجل إذا وصلت إليه الزكاة إلخ خبر 2.

89
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

كَثِيرٌ أَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الزَّكَاةِ فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَ يَرْبَحُ فِي دَرَاهِمِهِ مَا يَقُوتُ بِهِ عِيَالَهُ وَ يَفْضُلُ قَالَ نَعَمْ قَالَ كَمْ يَفْضُلُ قَالَ لَا أَدْرِي قَالَ إِنْ كَانَ يَفْضُلُ عَنِ الْقُوتِ مِقْدَارُ نِصْفِ الْقُوتِ فَلَا يَأْخُذِ الزَّكَاةَ وَ إِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الْقُوتِ أَخَذَ الزَّكَاةَ قَالَ قُلْتُ فَعَلَيْهِ فِي مَالِهِ زَكَاةٌ تَلْزَمُهُ قَالَ بَلَى قَالَ قُلْتُ كَيْفَ يَصْنَعُ قَالَ يُوَسِّعُ بِهَا عَلَى عِيَالِهِ فِي‏
__________________________________________________
غالبا في بلادنا ضعف القوت بل أضعافه و في بلاد العرب تكون أخف «زكاة تلزمه» أي أي للتجارة «قال: يوسع بها على عياله» و يفهم منه و من غيره من الأخبار، المساهلة في زكاة التجارة و استحباب إخراج قدر منها إلى الفقراء و لو كان درهما، مثل ما رواه- الكليني في الصحيح، عن صفوان، عن إسحاق بن عمار (المشترك بين الموثق و الثقة و كثيرا ما يحكم بصحته لصحته عن صفوان و هو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه و كذلك طريق إسحاق غالبا في الكتب الأربعة) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل له ثمان مائة درهم، و لابن له مائتا درهم، و له عشر من العيال و هو يقوتهم منها قوتا شديدا و ليست له حرفة بيده، و إنما يستبضعها (أي يبعثها بضاعة) فتغيب عنه الأشهر ثمَّ يأكل من فضلها أ ترى له إذا حضرت الزكاة أن يخرجها من ماله فيعود بها على عياله يسبغ عليهم بها النفقة إلخ قال: نعم و لكن يخرج منها الشي‏ء، الدرهم «1» و في الموثق عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون له الدراهم يعمل بها و قد وجبت عليه فيها الزكاة و يكون فضله الذي يكتسب بماله كفاف عياله لطعامهم و كسوتهم و لا يسعهم لأدمهم و إنما هو ما يقوتهم في الطعام و الكسوة قال:
فلينظر إلى زكاة ماله ذلك فليخرج منها شيئا قل أو كثر فيعطيه بعض من تحل له الزكاة و ليعد بما بقي من الزكاة على عياله و ليشتر بذلك إدامهم و ما يصلحهم من طعامهم من غير إسراف، و لا يأكل هو منه فإنه رب فقير أسرف من غني، فقلت: فكيف يكون الفقير أسرف من الغني؟ فقال الغني ينفق مما أوتي و الفقير ينفق من غير ما أوتي «2»
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من يحل له ان يأخذ من الزكاة إلخ خبر- 8.
 (2) الكافي باب من يحل له ان يأخذ من الزكاة إلخ خبر- 11.

90
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

طَعَامِهِمْ وَ كِسْوَتِهِمْ وَ يُبْقِي مِنْهَا شَيْئاً يُنَاوِلُهُ غَيْرَهُمْ وَ مَا أَخَذَ مِنَ الزَّكَاةِ فَضَّهُ عَلَى عِيَالِهِ حَتَّى يُلْحِقَهُمْ بِالنَّاسِ.
وَ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ مِنْ زَكَاتِهِ حَتَّى يُغْنِيَهُ وَ يَجُوزُ أَنْ.
__________________________________________________
و روى الشيخ في الموثق كالصحيح، عن هارون بن حمزة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام روي عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال: لا تحل الصدقة لغني و لا لذي مرة سوى فقال: لا تصلح لغني قال: فقلت له: الرجل يكون له ثلاثمائة درهم في بضاعته و له عيال فإن أقبل عليها أكله عياله و لم يكتفوا بربحها قال: فلينتظر ما يستفضل منها فيأكله هو و من يسعه ذلك و ليأخذ لمن لم يسعه من عياله «1» «و يجوز للرجل (إلى قوله)، حتى يغنيه» روى الكليني في الحسن كالصحيح و الشيخ في الصحيح، عن سعيد بن غزوان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته كم يعطى الرجل الواحد من الزكاة قال: أعطه من الزكاة حتى تغنيه «2» يحتمل أن يكون مراده عليه السلام أن حد الإعطاء إلى الغناء (أو) يستحب الإعطاء إلى الغناء الشرعي و هو قوت السنة (أو) العرفي بأن يكون زائدا عليه أضعافا مضاعفة، و في الصحيح، عن إسحاق بن عمار، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: قلت له: أعطى الرجل من الزكاة ثمانين درهما قال:
نعم و زده قلت: أعطيه مائة قال: نعم و أغنه إن قدرت أن تغنيه «3» و في الموثق، عن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل كم يعطى الرجل من الزكاة؟ قال: قال أبو جعفر عليه السلام إذا أعطيت فأغنه «4» و روى الشيخ في الصحيح، عن ابن أبي عمير عن زياد ابن مروان (الموثق) عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: أعطه ألف درهم «5» و عن‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب مستحق الزكاة للفقر و المسكنة إلخ خبر 1.
 (2- 3- 4) الكافي باب أقل ما يعطى من الزكاة و أكثر خبر 4- 2- 3 و التهذيب باب ما يجب ان يخرج من الصدقة خبر 4- 7- 8.
 (5) التهذيب باب ما يجب ان يخرج من الصدقة خبر 5.

91
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

يُعْطِيَهُ حَتَّى يَبْلُغَ مِائَةَ أَلْفٍ.
__________________________________________________
إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام أعطي الرجل من الزكاة مائة درهم؟
قال: نعم، قلت مائتين؟ قال: نعم، قلت ثلاثمائة؟ قال: نعم، قلت أربعمائة؟ قال:
نعم، قلت خمسمائة؟ قال نعم حتى تغنيه «1» هذا إذا أمكن الإغناء مع البسط و إلا فالظاهر أن البسط أفضل و أحوط، لما رواه الشيخ في الموثق كالصحيح، عن زرارة و ابن مسلم قال: زرارة: قلت لأبي عبد الله عليه السلام فإن كان بالمصر غير واحد؟ قال: فأعطهم إن قدرت جميعا، قال: ثمَّ قال: لا يحل لمن كانت عنده أربعون درهما يحول عليه الحول عنده أن يأخذها و إن أخذها أخذها حراما «2» و حمل على الاستحباب أو على الغناء بالكسب و الحرفة، و عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
لا تعط من الزكاة أحدا ممن تعول و قال: إذا كان لرجل خمسمائة درهم و كان عياله كثيرا؟ قال: ليس عليه زكاة ينفقها على عياله يزيدها في نفقتهم و كسوتهم و في طعام لم يكونوا يطعمونه، و إن لم يكن له عيال و كان وحده فليقسمها في قوم ليس بهم بأس إعفاء عن المسألة لا يسألون أحدا شيئا، و قال: لا تعطين قرابتك الزكاة كلها، و لكن أعطهم بعضا و أقسم بعضها في سائر المسلمين، و قال: الزكاة تحل لصاحب الدار و الخادم و من كان له خمسمائة درهم بعد أن يكون له عيال و يجعل زكاة الخمسمائة زيادة في نفقة عياله يوسع عليهم «3» و يؤيده الأخبار الكثيرة الواردة في أنه جعل الله للفقراء في أموال الأغنياء ما يكفيهم، و روى الكليني و الصدوق في الموثق عن أبي المعزى، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك و تعالى أشرك بين الأغنياء و الفقراء في الأموال فليس لهم أن يصرفوها
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب ما يجب ان يخرج من الصدقة خبر 6.
 (2) التهذيب باب مستحق الزكاة للفقر و المسكنة إلخ خبر 2.
 (3) التهذيب باب من تحل له من الاهل إلخ خبر 10.

92
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ يُفَضِّلُ الَّذِي لَا يَسْأَلُ عَلَى الَّذِي يَسْأَلُ‏
1631 وَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَجْلَانَ السَّكُونِيُّ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع إِنِّي رُبَّمَا قَسَمْتُ الشَّيْ‏ءَ

__________________________________________________
إلى غير شركائهم «1» و عن عنبسة بن مصعب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول:
أتي النبي صلى الله عليه و آله و سلم بشي‏ء فقسمه فلم يسع أهل الصفة جميعا فخصه أناسا منهم فخاف رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أن يكون قد دخل قلوب الآخرين شي‏ء فخرج إليهم فقال: معذرة إلى الله عز و جل و إليكم يا أهل الصفة إنا أوتينا بشي‏ء فأردنا أن نقسمه بينكم فلم يسعكم فخصصت به أناسا منكم خشينا جزعهم و هلعهم «2» بل الأحوط أن لا يزيد على الغناء و هو مئونة السنة كما فهم من الأخبار المتقدمة و يجي‏ء صريحا و الذي قاله الصدوق من مائة ألف غير مذكور في الأخبار فيمكن حمله على المبالغة، أو على أنه مذهبه كما هو ظاهر الأصحاب.
 «و يفضل الذي لا يسأل على الذي يسأل» لظاهر الآية من قوله تعالى:
يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ إلخ) «3» و الأخبار المتقدمة، و يزيده بيانا.
ما رواه الكليني في الصحيح (على الظاهر) و الشيخ في الصحيح. عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الزكاة أ يفضل بعض من يعطى ممن لا يسأل على غيره قال: نعم يفضل الذي لا يسأل على الذي يسأل «4».
 «و قال عبد الله بن عجلان السكوني لأبي جعفر عليه السلام» لم يذكر الصدوق طريقه إليه و الظاهر أنه أخذه من الكافي و رواه الشيخ عنه في الحسن كالصحيح عنه عليه السلام «5» و الظاهر أن المهاجرة في الدين عبارة عن تغربه لطلب العلوم الدينية (أو) للعبادة (أو) للمذهب و المراد
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الرجل يعطى من زكاته من يظن انه معسر إلخ خبر 3.
 (2) الكافي باب تفضيل أهل الزكاة إلخ خبر 5.
 (3) البقرة 273.
 (4- 5) الكافي باب تفضيل أهل الزكاة إلخ خبر 2- 1 و التهذيب باب من الزيادات في الزكاة خبر 18- 19.

93
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

بَيْنَ أَصْحَابِي أَصِلُهُمْ بِهِ فَكَيْفَ أُعْطِيهِمْ فَقَالَ أَعْطِهِمْ عَلَى الْهِجْرَةِ فِي الدِّينِ وَ الْفِقْهِ وَ الْعَقْلِ.
زَكَاةُ الْغَلَّاتِ.
__________________________________________________
بالفقه العلم مطلقا و المعنى المصطلح لم يكن في زمن الأئمة صلوات الله عليهم على الظاهر، فإنهم عليه السلام كانوا ينفون الاجتهاد و التقليد كما هو ظاهر للمتتبع، و المراد بالعقل آثاره من التدين بدين الحق (أو) العمل الصالح كما نقل عنهم عليهم السلام إن العقل ما عبد به الرحمن و اكتسب به الجنان «1» و كثيرا ما يطلق على المعنى الأول كما هو الظاهر للمتدبر في الأخبار.
و روى الكليني، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام إن صدقة الخف و الظلف تدفع إلى المتجملين من المسلمين، و أما صدقة الذهب و الفضة و ما كيل بالقفيز مما أخرجت الأرض فللفقراء المدقعين (أي شديدي الحاجة) قال ابن سنان:
قلت: و كيف صار هذا هكذا؟ فقال: لأن هؤلاء متجملون يستحيون من الناس فيدفع إليهم أجمل الأمرين عند الناس و كل صدقة «2» و يفضل ذوي القرابة على غيرهم إذا كانوا محتاجين عارفين لما فيه من صلة الرحم المندوب إليها في الأخبار الكثيرة و قد تقدم في صحيحة إسحاق إنهم أفضل من غيرهم.
و روى الكليني في الصحيح، عن أحمد بن حمزة قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام رجل من مواليك له قرابة كلهم يقول بك و له زكاة أ يجوز له أن يعطيهم جميع زكاته؟
قال: نعم «3» و مثله، عن علي بن مهزيار عن أبي الحسن عليه السلام «4» و لا يعطيهم لو لم يكونوا عارفين، لما رواه الكليني في الحسن، عن أبي بصير قال: سأله رجل و أنا أسمع قال:
أعطي قرابتي زكاة مالي و هم لا يعرفون؟ قال فقال: لا تعط الزكاة إلا مسلما و أعطهم من غير ذلك، ثمَّ قال أبو عبد الله عليه السلام أ ترون أن ما في المال الزكاة وحدها، ما فرض الله‏
__________________________________________________
 (1) أصول الكافي كتاب العقل و الجهل خبر 3.
 (2) الكافي باب تفضيل أهل الزكاة بعضهم على بعض خبر 3.
 (3- 4) الكافي باب تفضيل القرابة في الزكاة خبر 7- 8.

94
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ لَيْسَ عَلَى الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِيرِ شَيْ‏ءٌ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسَاقٍ وَ الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعاً وَ الصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَ الْمُدُّ وَزْنُ مِائَتَيْنِ وَ اثْنَيْنِ وَ تِسْعِينَ دِرْهَماً وَ نِصْفٍ فَإِذَا بَلَغَ.
__________________________________________________
في المال من غير الزكاة أكثر، تعطى منه القرابة و المعترض لكن ممن يسألك فتعطيه ما لم تعرفه بالنصب فإذا عرفته بالنصب فلا تعطه إلا أن تخاف لسانه فتشتري دينك و عرضك منه «1» و عن أحمد بن محمد بن أبي نصر (و كأنه في الصحيح) قال: سألت الرضا عليه السلام عن الرجل له قرابة و موالي و أتباع يحبون أمير المؤمنين عليه السلام و ليس يعرفون صاحب هذا الأمر أ يعطون من الزكاة؟ قال: لا «2» و في الموثق، عن أبي- بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يكون له الزكاة و له قرابة محتاجون غير عارفين أ يعطيهم من الزكاة؟ فقال: لا و لا كرامة لا يجعل الزكاة وقاية لما له يعطيهم من غير الزكاة إن أراد «3».
و يجوز إعطاؤها أطفال المؤمنين، و الأحوط أن يصرف في معيشتهم أو يؤدي إلى ثقة ليصرفها فيما يحتاجون إليه، لما رواه الكليني في الحسن كالصحيح: عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يموت و يترك العيال أ يعطون من الزكاة؟ قال نعم حتى ينشئوا و يبلغوا و يسألوا من أين كانوا يعيشون إذا قطع ذلك عنهم فقلت، إنهم لا يعرفون قال. يحفظ فيهم ميتهم و يحبب إليهم دين أبيهم فلا يلبثوا أن يهتموا بدين أبيهم و إذا بلغوا و عدلوا إلى غيركم فلا تعطوهم «4» و قريب منه ما رواه أبو خديجة، عن أبي عبد الله عليه السلام «5». «و ليس على الحنطة (إلى قوله) درهما و نصف» هذا التحديد هو المشهور بين الأصحاب و قد تقدم منه غيره و أولناه في الوضوء و الغسل و ذكرنا التحديدات فليرجع‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب تفضيل القرابة في الزكاة خبر 2- 3- 4.
 (4- 5) الكافي باب انه يعطى عيال المؤمن من الزكاة خبر 1- 3.

95
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

ذَلِكَ وَ حَصَلَ بَعْدَ خَرَاجِ السُّلْطَانِ وَ مَئُونَةِ الْقَرْيَةِ أُخْرِجَ مِنْهُ الْعُشْرُ إِنْ كَانَ سُقِيَ بِمَاءِ الْمَطَرِ أَوْ كَانَ سَيْحاً وَ إِنْ سُقِيَ بِالدِّلَاءِ وَ الْغَرْبِ فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ وَ فِي التَّمْرِ وَ الزَّبِيبِ مِثْلُ مَا فِي الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِيرِ.
__________________________________________________
هناك «1» «فإذا بلغ (إلى قوله) سيحا» أي الماء الجاري «و إن سقي بالدلاء و الغرب «2»» و هي الرواية و الدلو العظيمة «ففيه نصف العشر إلخ» يدل على ما ذكره ما رواه الكليني في الصحيح. عن الحلبي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام في الصدقة فيما سقت السماء و الأنهار إذا كانت سيحا أو كان بعلا (أي من العروق) العشر و ما سقت السواني (أي النواضح و الدوالي) أو سقي بالغرب فنصف العشر «3» و الدوالي جمع الدالية و هي التي تديرها البقرة و الناعورة تديرها الماء، و ربما تطلق الدالية على الأعم، و في الصحيح، عن سعد بن سعد الأشعري قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن أقل ما تجب فيه الزكاة من البر و الشعير و التمر و الزبيب؟ فقال: خمسة أو ساق بوسق النبي صلى الله عليه و آله و سلم، فقلت كم الوسق؟
قال: ستون صاعا، قلت فهل على العنب زكاة أو إنما تجب عليه إذا صيره زبيبا؟
قال: نعم إذا خرصه أخرج زكاته «4» و ما رواه الشيخ في الصحيح، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما أنبتت الأرض من الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب ما بلغ خمسة أو ساق، و الوسق ستون صاعا فذلك ثلاثمائة صاع فيه العشر، و ما كان منه يسقى بالرشاء (أي الحبل و الدوالي و النواضح) ففيه نصف العشر و ما سقت السماء و السيح أو كان بعلا ففيه العشر تاما و ليس فيما دون ثلاثمائة صاع شي‏ء و ليس فيما أنبتت الأرض شي‏ء إلا في هذه الأربعة أشياء «5» (أي واجبا) لما قد تقدم من الأخبار.
__________________________________________________
 (1) راجع ص 127 من المجلد الأول.
 (2) في المجمع- و الغرب هو كفلس الدلو العظيم الذي يتخذ من جلد ثور و الغرب كقصب، الماء السائل بين البئر و الحوض يقطر من الدلاء انتهى.
 (3- 4) الكافي باب أقل، ما يجب فيه الزكاة من الحرث خبر 3- 5.
 (5) التهذيب باب زكاة الحنطة و الشعير خبر 1.

96
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

.........
__________________________________________________
و في الصحيح، عن زرارة و بكير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: في الزكاة ما كان يعالج بالرشاء و الدوالي و النضح ففيه نصف العشر و إن كان يسقى من غير علاج أو بنهر أو عين أو بعل أو سماء ففيه العشر كاملا «1» و في الصحيح عن عبيد الله بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس فيما دون خمسة أو ساق شي‏ء و الوسق ستون صاعا «2» و في الموثق كالصحيح عن زرارة و بكير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: و أما ما أنبتت الأرض من شي‏ء من الأشياء فليس فيه زكاة إلا في أربعة أشياء، البر، و الشعير، و التمر، و الزبيب- و ليس في شي‏ء من هذه الأربعة الأشياء شي‏ء حتى تبلغ خمسة أو ساق و الوسق ستون صاعا و هو ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه و آله و سلم فإن كان من كل صنف خمسة أو ساق غير شي‏ء و إن قل فليس فيه شي‏ء و إن نقص البر و الشعير و التمر و الزبيب أو نقص من خمسة أوسق صاع أو بعض صاع فليس فيه شي‏ء، فإذا كان يعالج (أي يعمل بالتعب) بالرشاء و النضح و الدلاء ففيه نصف العشر و إن كان يسقى بغير علاج بنهر أو غيره أو سماء ففيه العشر تاما «3».
و في الصحيح، عن سليمان (و هو ابن خالد) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس في النخل صدقة حتى يبلغ خمسة أو ساق، و العنب مثل ذلك حتى يكون خمسة أو ساق زبيبا «4» إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة، و يصير مقدار النصاب على التحديد الذي ذكرناه في الكر «5» ثلاثمائة من و سبعة أمنان و ثمن من بالمن التبريزي و نصفه بالمن الشاهي لأنه منان بالتبريزي.
و روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن شريح (و كتابه معتمد الطائفة مع أنه إذا صح عن ابن أبي عمير فلا يضر جهالة ما بعده لإجماع الطائفة على العمل بما يصح عنه) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: فيما سقت السماء و الأنهار
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4) التهذيب باب زكاة الحنطة و الشعير إلخ خبر 7- 15- 17- 13.
 (5) راجع ص 38 من المجلد الأول.

97
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

.........
__________________________________________________
أو كان بعلا، العشر، و أما ما سقت السواني و الدوالي فنصف العشر فقلت له: فالأرض تكون عندنا تسقى بالدوالي ثمَّ يزيد الماء فتسقي سيحا فقال: إن ذا ليكون عندكم كذلك؟ قلت: نعم، قال: النصف و النصف، نصف بنصف العشر، و نصف بالعشر فقلت: و الأرض تسقى بالدوالي ثمَّ يزيد الماء فتسقي السقية و السقيتين سيحا قال: و في كم تسقى السقية و السقيتين سيحا؟ قلت: في ثلاثين ليلة أو أربعين ليلة و قد مضت (مكث- خ) قبل ذلك في الأرض ستة أشهر، سبعة أشهر قال: نصف العشر «1».
فظهر منه أن الاعتبار بالأغلب إما عددا أو نفعا و الأول أظهر كما لا يخفى، و مع التساوي بالعشر و نصف العشر بالمناصفة كما هو المشهور، و أما ما روي من الأخبار الدالة على أنه يزكى منه القليل و الكثير، و ما روي من تحديد النصاب بالوسقين، و ما روي من إخراج الخمس فالجميع محمولة على الاستحباب جمعا بين الأخبار و أما ما ذكره من أن الزكاة بعد خراج السلطان فقد تقدم من الأخبار ما يدل عليه، و إما مئونة القربة أو غيرها من المؤن فلم نطلع على خبر يدل عليه سوى ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن محمد بن مسلم قال، سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التمر و الزبيب ما أقل ما تجب فيه الزكاة؟ فقال: خمسة أوسق و يترك معا فأرة و أم جعرور (و هما تمران رديئان) لا يزكيان و إن كثرا، و يترك للحارس العذق و العذقان، و الحارس يكون في النخل ينظر، فيترك ذلك لعياله «2» و العذق بالفتح النخلة بحملها و بالكسر الكباسة و هي بمنزلة العنقود من العنب و لا يظهر من الخبر أن المتروك له كل ثمر النخلة أو النخلتين أو الكباسة و الكباستين، و مع هذا لا يظهر أنه أجرته أو مجانا، بل الثاني أظهر على أن الظاهر من الأخبار المتواترة أن العشر و نصف العشر يخرج من الجميع مع أن الشيخ نقل الإجماع في الخلاف على أن المؤن كلها على المالك، و الظاهر من‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب زكاة الحنطة و الشعير إلخ خبر 8.
 (2) الكافي باب أقل ما تجب فيه الزكاة إلخ خبر 7.

98
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

فَإِنْ بَقِيَ مِنَ الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِيرِ بَعْدَ ذَلِكَ مَا بَقِيَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ حَتَّى يُبَاعَ وَ يَحُولَ عَلَى ثَمَنِهِ الْحَوْلُ الْحَجُّ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ
1632 وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الصَّرُورَةِ أَ يَحُجُّ مِنَ الزَّكَاةِ قَالَ نَعَمْ‏

__________________________________________________
الخبران ترك التمرين الرديين للفقراء على سبيل الاستحباب.
و يمكن أن يكون المراد منه الوجوب أيضا، و يحتمل أيضا أن يكون المراد الترك للمالك و عدم أخذ الزكاة منه، و يؤيده على الظاهر قوله تعالى وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ «1» و إن احتمل أن يكون المراد إخراج الخبيث عن الطيب، و الأحوط أما الترك للفقراء أو إخراج الزكاة منها، و الأحوط أن يترك للحارس أيضا بعد إخراج الزكاة منه لأنه لا صراحة في الخبر أنه بعد الزكاة أو قبلها، و الظاهر أن تخفيف الزكاة فيما عمل بالرشاء و النواضح لكثرة المؤنة فيه على المالك، و لو قيل بإخراج المؤن و أن الزكاة بعد المؤنة فالمناسب أيضا التخفيف لأنه و إن أخرج المؤن فلا شك في أنه ينقص مال المالك مع قطع النظر عن تعبه، فلا يرد الإشكال المشهور، على أنه لا إشكال بعد ورود النص لو كان، و على ما ذكرناه فالإشكال منتف من رأس.
 «فإن بقي الحنطة و الشعير بعد ذلك إلخ» رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن زرارة و عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أيما رجل كان له حرث أو تمرة فصدقها (أي أخرج زكاتها) فليس عليه فيه شي‏ء و إن حال عليه الحول عنده إلا أن يحوله ما لا فإن فعل ذلك فحال عليه الحول عنده فعليه أن يزكيه و إلا فلا شي‏ء عليه و إن ثبت ذلك ألف عام إذا كان بعينه، فإنما عليه فيه صدقة العشر فإذا أداها مرة واحدة فلا شي‏ء عليه فيها حتى يحوله مالا و يحول عليه الحول و هو عنده «2» «و سأل محمد بن مسلم إلخ» روى الكليني في الصحيح، عن محمد بن مسلم قال: سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام و أنا جالس فقال: إني أعطي من الزكاة فاجمعه‏
__________________________________________________
 (1) البقرة- 267.
 (2) الكافي باب ان الصدقة في التمر مرة واحدة خبر 1.

99
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

1633 وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ يَقْطِينٍ لِأَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ ع يَكُونُ عِنْدِيَ الْمَالُ مِنَ الزَّكَاةِ فَأُحِجُّ بِهِ مَوَالِيَّ وَ أَقَارِبِي قَالَ نَعَمْ لَا بَأْسَ.

زَكَاةُ مَالِ الْمَمْلُوكِ وَ الْمُكَاتَبِ‏
1634 وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلَهُ رَجُلٌ وَ أَنَا حَاضِرٌ عَنْ مَالِ‏

__________________________________________________
حتى أحج به قال: نعم يأجر الله من يعطيك «1» و في الموثق، عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أخذ الرجل الزكاة فهي كماله يصنع بها ما يشاء- قال: و قال إن الله عز و جل فرض للفقراء في أموال الأغنياء فريضة لا يحمدون إلا بأدائها و هي الزكاة فإذا هي وصلت إلى الفقراء فهي بمنزلة ما له يصنع بها ما يشاء، فقلت يتزوج بها و يحج منها؟ قال: نعم هي ماله، فقلت: فهل يؤجر الفقير إذا حج من الزكاة كما يؤجر الغني صاحب المال؟ قال: نعم «2».
 «و قال علي بن يقطين» في الصحيح «لأبي الحسن الأول (إلى قوله) لا بأس» يمكن أن يكون الإعطاء من سهم الفقراء حتى يستطيع للحج و يحج واجبا أو مندوبا إن كان قد حج، و أن يكون من سهم سبيل الله على تقدير العموم، و الإعطاء من سهم الفقراء أحوط لما تقدم من الخلاف، و لما رواه الكليني في الصحيح عن جميل بن دراج عن إسماعيل الشعيري، عن الحكم بن عتيبة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يعطي الرجل من زكاة ماله يحج بها قال: مال الزكاة يحج به (بها- خ ل) فقلت له إنه رجل مسلم أعطى رجلا مسلما فقال إن كان محتاجا فليعطه لحاجته و فقره و لا يقول له حج بها يصنع بها بعد ما يشاء «3».
 «و روى عبد الله بن سنان» في الصحيح «عن أبي عبد الله عليه السلام» و رواه الكليني في الحسن كالصحيح عنه عليه السلام «4» و يدل على عدم وجوب الزكاة على المملوك و عدم‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الرجل إذا وصلت إليه الزكاة فهي كسبيل ما له إلخ خبر 3.
 (2) الكافي باب الرجل إذا وصلت إليه الزكاة إلخ خبر 1.
 (3) الكافي باب الرجل يحج من الزكاة إلخ خبر 1.
 (4) الكافي باب زكاة مال المملوك إلخ خبر 1.

100
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

الْمَمْلُوكِ أَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فَقَالَ لَا وَ لَوْ كَانَ لَهُ أَلْفُ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَ لَوِ احْتَاجَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الزَّكَاةِ شَيْ‏ءٌ.
1635 وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: قُلْتُ لَهُ مَمْلُوكٌ فِي يَدِهِ مَالٌ أَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ قَالَ لَا قَالَ قُلْتُ فَعَلَى سَيِّدِهِ فَقَالَ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إِلَى السَّيِّدِ وَ لَيْسَ هُوَ لِلْمَمْلُوكِ.

1636 وَ فِي رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ وَهْبٍ الْقُرَشِيِّ عَنْ الصَّادِقِ ع عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ:

__________________________________________________
استحقاقه للزكاة «و في خبر آخر» في الصحيح «عن عبد الله بن سنان» و رواه الكليني في الحسن كالصحيح عنه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام «1» و يدل على عدم الوجوب على المملوك و على عدم تملكه (و يمكن) حمله على ما لو لم يعلم به السيد كما يشعر به قوله عليه السلام إنه لم يصل إلى السيد على ما هو المتعارف من أحوال المماليك و على سقوطها عن السيد لعدم التمكن من التصرف، و يمكن حمله على أنه لا يملكه المملوك تاما و ليس للسيد أن يتصرف فيه عكس الأول و إن كان بعيدا لفظا لكنه قريب معنى لما سيجي‏ء من الأخبار الدالة على تملكه لبعض الأشياء مثل أرش الجناية و فاضل الضريبة و ما ملكه المولى، (و يمكن) حمله على غير هذه الصور مع عدم علم المولى (أو) يقال: إن قبح الأخذ من المملوك و إن كان للمولى كاف في عدم التمكن من التصرف كما يشعر به بعض الأخبار، و بالجملة فالظاهر عدم الوجوب عليهما لصحة الخبر و إن كان الأحوط إخراج المولى بإذن العبد أو بالعكس خروجا من الخلاف «و في رواية وهب بن وهب» الطريق إليه صحيح من الصدوق و الكليني «2» و كتابه معتمد و إن كان عاميا، و يدل على عدم الوجوب على المكاتب، و حمل على غير المطلق الذي تحرر منه شي‏ء، لأنه يملك من المال بمقدار الحرية فلو كان نصابا وجب الزكاة عليه، و في غير هذه الصورة و إن كان مالكا لكن ملكه ضعيف و ممنوع من التصرف في ماله في غير أداء مال الكتابة فلو أدى بإذن السيد كان أحوط لأن ملكيته‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب زكاة مال المملوك إلخ خبر 5.
 (2) الكافي باب زكاة مال المملوك و المكاتب خبر 4.

101
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

لَيْسَ فِي مَالِ الْمُكَاتَبِ زَكَاةٌ.
بَابُ مَا لِبَنِي هَاشِمٍ مِنَ الزَّكَاةِ
1637 وَ رَوَى أَبُو خَدِيجَةَ سَالِمُ بْنُ مُكْرَمٍ الْجَمَّالُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: أَعْطُوا

__________________________________________________
أقوى من القن (و قيل) بوجوب الزكاة عليه لضعف الخبر و عمومات وجوب الزكاة و يجوز أن يدفع إليه لابنه الحر، لما رواه الكليني في الصحيح (على الظاهر) عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام رجل مسلم مملوك و مولاه رجل مسلم و له مال يزكيه و للمملوك ولد حر صغير أ يجزي مولاه أن يعطي ابن عبده من الزكاة؟ فقال: لا بأس به «1».
 «و روى أبو خديجة سالم بن مكرم الجمال» رواه الكليني في الصحيح عنه (و هو مختلف فيه) عن أبي عبد الله عليه السلام و حمل على حال الاضطرار و سيذكر أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم و الأئمة صلوات الله عليهم لا يصل حالهم إلى الاضطرار بحيث يحل لهم أكل الميتة لأنهم مستجابو الدعوة متى دعوا أجاب الله تعالى دعاءهم فكيف يمكن في حقهم الاضطرار و إما غيرهم من بني هاشم فقد يمكن أن يضطروا فمن أراد الزكاة منهم و كان ثقة فلا ريب في جواز إعطائه و ظاهر الخبر أعم، و يحمل عليه لأن الصدقة الواجبة من غير بني هاشم محرمة على بني هاشم لما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن محمد بن مسلم و أبي بصير و زرارة، عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام قالا: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، إن الصدقة أوساخ أيدي الناس و إن الله قد حرم علي منها و من غيرها ما قد حرمه، و إن الصدقة لا تحل لبني عبد المطلب ثمَّ قال: أ ما و الله لو قد قمت على باب الجنة ثمَّ أخذت بحلقته لقد علمتم أني لا أوثر عليكم فارضوا لأنفسكم بما رضي الله و رسوله لكم، قالوا قد رضينا «2» و في الصحيح، عن عيص بن القسم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أناسا من بني هاشم أتوا رسول الله صلى الله عليه و آله فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي و قالوا:
يكون لنا هذا السهم الذي جعله الله عز و جل للعاملين عليها فنحن أولى به فقال،
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من يحل له ان يأخذ الزكاة خبر 14.
 (2) الكافي باب الصدقة لبنى هاشم خبر 2.

102
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما لبني هاشم من الزكاة ص 102

الزَّكَاةَ مَنْ أَرَادَهَا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَإِنَّهَا تَحِلُّ لَهُمْ وَ إِنَّمَا تَحْرُمُ عَلَى النَّبِيِّ ص وَ عَلَى الْإِمَامِ الَّذِي بَعْدَهُ وَ عَلَى الْأَئِمَّةِ ع.
1638 وَ رَوَى الْقَاسِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ صَدَقَاتِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ

__________________________________________________
رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يا بني عبد المطلب إن الصدقة لا تحل لي و لا لكم و لكني قد وعدت الشفاعة، ثمَّ قال أبو عبد الله عليه السلام: و الله لقد وعدها صلى الله عليه و آله و سلم فما ظنكم يا بني عبد المطلب إذا أخذت بحلقة باب الجنة أ تروني مؤثرا عليكم غيركم «1».
و في الصحيح، عن جعفر بن إبراهيم الهاشمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: أ تحل الصدقة لبني هاشم؟ فقال: إنما تلك الصدقة الواجبة على الناس لا تحل لنا و أما غير ذلك فليس به بأس و لو كان كذلك ما استطاعوا أن يخرجوا إلى مكة هذه المياه عامتها صدقة «2» و في الموثق، عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصدقة التي حرمت على بني هاشم ما هي؟ قال: هي الزكاة قلت فتحل صدقة بعضهم على بعض؟ قال: نعم «3» و روى الشيخ في الصحيح، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: لو حرمت علينا الصدقة (أي المندوبة) لم يحل لنا أن نخرج إلى مكة لأن كل ما بين مكة و المدينة فهو صدقة «4» (أي مياهها) و في الموثق كالصحيح، عن زرارة عنه عليه السلام قال: قلت له صدقات بني هاشم بعضهم على بعض تحل لهم و لا تحل لهم صدقات إنسان غريب «5» و روى الكليني في الصحيح، عن سعيد بن عبد الله الأعرج قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام أ تحل الصدقة لموالي بني هاشم قال: نعم «6».
 «و روى القاسم بن سليمان» الطريق إليه صحيح و كتابه معتمد «و روى‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الصدقة لبنى هاشم خبر 1- 3.
 (3) الكافي باب الصدقة لبنى هاشم إلخ خبر 5.
 (4- 5) التهذيب باب ما يحل لبنى هاشم و يحرم من الزكاة خبر 12- 11.
 (6) الكافي باب الصدقة لبنى هاشم خبر 4.

103
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما لبني هاشم من الزكاة ص 102

صَدَقَاتِ عَلِيٍّ ع تَحِلُّ لِبَنِي هَاشِمٍ‏
__________________________________________________
الحلبي» في الصحيح عنه عليه السلام «أن فاطمة عليها السلام جعلت صدقاتها» أي أوقافها و يحتمل الأعم «لبني هاشم و بني المطلب» و في بعض النسخ: بني عبد المطلب:
و الظاهر أنه إصلاح غلط، و المطلب أخو هاشم و لا خلاف في تحريم الزكاة على بني هاشم و هم بنو عبد المطلب ابن هاشم و لم يكن لهاشم ابن غيره و هم الآن أولاد أبي طالب، و اجتمع أولاد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم معه في علي صلوات الله عليه في الحسن و الحسين عليهما السلام و كان لأبي طالب علي عليه السلام، و جعفر، و عقيل، و طالب و لم يبق لطالب ولد، و أولاد العباس و الحرث و أبي لهب و لم يعرف عندنا بالنسب الصحيح أولاد الثلاثة الأخيرة و يقال إنه يوجد في بلاد العرب و كان لعلي صلوات الله عليه أولاد غير الحسن و الحسين و يعرفون بالعلوي و أولاد الحسن صلوات الله عليه بالحسني و شعبهم كثيرة و أما أولاد الحسين صلوات الله عليه فشعبهم أيضا كثيرة لكن إذا كانوا من الكاظم صلوات الله عليه يسمون بالموسوي و إذا كانوا من الرضا صلوات الله عليه و من بعده يسمون بالرضوي إلى غير ذلك من الأسماء و محلها كتب الأنساب و لو لا خوف الإطالة لذكرناها بطولها.
و المشهور أن الانتساب بالأم غير كاف و يظهر من الخبر الصحيح الذي رواه الصدوق في العيون و الخصال و الأمالي أنهم منسوبون إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و يحرم الصدقة عليهم، و يؤيده آية المباهلة و غيرها مما استشهد بها أبو الحسن الرضا عليه السلام في مجلس المأمون و العلماء و تصديقهم إياه و استشهدوا للمشهور بخبر سيجي‏ء في الخمس و يمكن حمله على التقية لموافقته لمذاهب العامة، و بقول عرب كافر مجهول الحال.
         بنونا بنو أبنائنا و بناتنا             بنوهن أبناء الرجال الأباعد
 و حملوا الآيات على التجوز مع أن المجاز في كلام العرب أكثر، و بالجملة المسألة قوية الإشكال و إن كان الظاهر التحريم، فالأحوط منعهم عن الزكاة و الخمس.

104
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما لبني هاشم من الزكاة ص 102

1639 وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْهُ ع أَنَّ فَاطِمَةَ ع جَعَلَتْ صَدَقَاتِهَا لِبَنِي هَاشِمٍ وَ بَنِي الْمُطَّلِبِ.

__________________________________________________
و تحل الزكاة لمواليهم أي معتقيهم بالفتح، لما مر و لما رواه الكليني و الشيخ في الصحيح عن ثعلبة بن ميمون قال: كان أبو عبد الله عليه السلام يسأل شهابا من زكاته لمواليه و إنما حرمت الزكاة عليهم دون مواليهم «1» و الظاهر أنه لبيان الجواز و يؤيده أخبار كثيرة و أما الأخبار التي وردت بالمنع فمحمولة على الكراهة مثل ما رواه الشيخ في الموثق كالصحيح عن زرارة عن أبي عبد الله قال: مواليهم منهم و لا تحل الصدقة من الغريب لمواليهم و لا بأس بصدقات مواليهم عليهم ثمَّ قال إنه لو كان العدل ما احتاج هاشمي و لا مطلبي إلى صدقة إن الله جعل لهم في كتابه ما كان فيه سعتهم، ثمَّ قال: إن الرجل إذا لم يجد شيئا حلت له الميتة و الصدقة و لا تحل لأحد منهم إلا أن لا يجد شيئا و يكون ممن تحل له الميتة «2». و ظاهر هذا الخبر حرمة الصدقة على بني المطلب، و يمكن حمله على الكراهة، و يمكن أن يكون لهم سهم في الكتاب من غير الزكاة و الخمس، و لو قام العدل لأعطاهم، و يشكل الخروج عن العمل بالأخبار المتكثرة بمجرد خبر واحد غير صريح المفاد، و يؤيد الأخبار المتقدمة أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح، عن ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال: لا تحل الصدقة لولد العباس و لا لنظرائهم من بني هاشم «3» و غيرها من الأخبار.
و يحل صدقة بعضهم لبعض لما تقدم، و لما رواه الشيخ عن زيد الشحام عنه عليه السلام قال: سألته عن الصدقة التي حرمت عليهم فقال: هي الزكاة المفروضة و لم تحرم علينا صدقة بعضنا على بعض «4» و عن جميل بن دراج عنه قال: سألته هل يحل لبني هاشم الصدقة
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الصدقة لبنى هاشم خبر 10.
 (2- 3- 4) التهذيب باب ما يحل لبنى هاشم و يحرم من الزكاة خبر 5- 6- 4.

105
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما لبني هاشم من الزكاة ص 102

1640 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ قَالَ: بَعَثْتُ إِلَى الرِّضَا ع بِدَنَانِيرَ مِنْ قِبَلِ بَعْضِ أَهْلِي وَ كَتَبْتُ إِلَيْهِ أُخْبِرُهُ أَنَّ فِيهَا زَكَاةً خَمْسَةٌ وَ سَبْعُونَ وَ الْبَاقِيَ صِلَةٌ فَكَتَبَ ع بِخَطِّهِ قَبَضْتُ وَ بَعَثْتُ إِلَيْهِ بِدَنَانِيرَ لِي وَ لِغَيْرِي وَ كَتَبْتُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مِنْ فِطْرَةِ الْعِيَالِ فَكَتَبَ ع بِخَطِّهِ قَبَضْتُ.

وَ صَدَقَةُ غَيْرِ بَنِي هَاشِمٍ لَا تَحِلُّ لِبَنِي هَاشِمٍ إِلَّا فِي وَجْهَيْنِ إِذَا كَانُوا عِطَاشاً فَأَصَابُوا مَاءً فَشَرِبُوا وَ صَدَقَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ أَمَّا قَبْضُ الْإِمَامِ لِمَا قَبَضَهُ فَلَيْسَ لِنَفْسِهِ وَ إِنَّمَا قَبَضَهُ لِغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ وَ الْمَسْكَنَةِ وَ هُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِكِفَايَةِ اللَّهِ إِيَّاهُ مَتَى نَادَاهُ لَبَّاهُ وَ مَتَى سَأَلَهُ أَعْطَاهُ وَ مَتَى نَاجَاهُ أَجَابَهُ.
بَابُ نَوَادِرِ الزَّكَاةِ
1641 رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ ع رَجُلٌ مَاتَ‏

__________________________________________________
قال: لا قلت: تحل لمواليهم؟ قال تحل لمواليهم و لا تحل لهم إلا صدقات بعضهم على بعض «1» و في صحيحة الريان بن الصلت عن الرضا عليه السلام ما يدل على حرمة الصدقة عليهم من غيرهم.
 «و روى محمد بن إسماعيل بن بزيع» في الصحيح و رواه الكليني و الشيخ أيضا في الصحيح و التأويل الذي ذكره «2» هو الواقع، بل هو ظاهر لا يحتاج إليه «و صدقة غير بني هاشم إلخ» قد تقدم في الأخبار ما يدل على الجواز عند الضرورة، و يمكن أن يكون مراد الصدوق ذلك و يكون ذكرا للفرد، و أن يكون مراده هذا الفرد و هو بعيد معنى.
باب نوادر الزكاة «روى علي بن يقطين» في الصحيح و رواه الكليني في الحسن كالصحيح «3»
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب ما يحل لبنى هاشم و يحرم من الزكاة خبر 7.
 (2) أي الصدوق رحمه اللّه بقوله ره- و اما قبض الإمام عليه السلام لما قبضه إلخ.
 (3) الكافي باب قضاء الزكاة عن الميت خبر 4.

106
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب نوادر الزكاة ص 106

وَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ وَ أَوْصَى أَنْ تُقْضَى عَنْهُ الزَّكَاةُ وَ وُلْدُهُ مَحَاوِيجُ إِنْ دَفَعُوهَا أَضَرَّ بِهِمْ ذَلِكَ ضَرَراً شَدِيداً فَقَالَ يُخْرِجُونَهَا فَيَعُودُونَ بِهَا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَ يُخْرِجُونَ مِنْهَا شَيْئاً فَيُدْفَعُ إِلَى غَيْرِهِمْ‏
__________________________________________________
 «قال: قلت لأبي الحسن الأول عليه السلام» يدل على جواز إعطاء الزكاة لواجب النفقة بعد الموت لأنهم خرجوا عن الوصف و أما إعطاء قدر منه إلى الغير فعلى الاستحباب على الظاهر كما تقدم في الأخبار و إن كان الوقوف مع النص أحوط بغير نية الوجوب أو الندب بل ينوي القربة، و يدل على وجوب إخراج الواجبات المالية مع الوصية، بل يجب مطلقا لما رواه الكليني في الصحيح، عن عباد بن صهيب الموثق، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل فرط في إخراج زكاته في حياته فلما حضرته الوفاة حسب جميع ما كان فرط فيه مما لزمه من الزكاة ثمَّ أوصى به أن يخرج ذلك فيدفع إلى من يجب له قال: جائز يخرج ذلك من جميع المال، إنما هو بمنزلة دين لو كان عليه ليس للورثة شي‏ء حتى يؤدوا ما أوصى به من الزكاة «1» و في الحسن كالصحيح، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل لم يزك ماله فأخرج زكاته عند موته فأداها كان ذلك يجزي عنه؟ قال: نعم قلت: فإن أوصى بوصية من ثلثه و لم يكن زكي أ يجزي عنه من زكاته؟ قال: نعم يحسب له زكاة و لا يكون له نافلة و عليه فريضة.
و في الصحيح، عن شعيب قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن على أبي زكاة كثيرة فأقضيها أو أؤديها عنه؟ فقال لي: و كيف لك بذلك قلت احتاط قال: نعم إذا تفرج عنه و في الحسن كالصحيح، عن معاوية بن عمار قال: قلت له: رجل يموت و عليه خمسمائة درهم من الزكاة و عليه حجة الإسلام و ترك ثلاثمائة درهم و أوصى بحجة الإسلام و أن يقضي عنه دين الزكاة؟ قال: يحج عنه من أقرب ما يكون و يخرج البقية في الزكاة.
__________________________________________________
 (1) هذا الخبر و الثلاثة التي بعده أورده في الكافي باب قضاء الزكاة خبر 1 (الى) 4.

107
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب نوادر الزكاة ص 106

1642 وَ رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَابِرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْخُذَ الزَّكَاةَ وَ هُوَ لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهَا فَيَتَصَدَّقَ بِهَا قَالَ نَعَمْ وَ قَالَ فِي الْفِطْرَةِ مِثْلَ ذَلِكَ.

1643 وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مَا عَلَى الْإِمَامِ مِنَ الزَّكَاةِ فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الدُّنْيَا لِلْإِمَامِ يَضَعُهَا حَيْثُ يَشَاءُ وَ يَدْفَعُهَا إِلَى مَنْ يَشَاءُ جَائِزٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ ذَلِكَ إِنَّ الْإِمَامَ لَا يَبِيتُ لَيْلَةً أَبَداً وَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي عُنُقِهِ حَقٌّ يَسْأَلُهُ عَنْهُ‏

__________________________________________________
 «و روى إسماعيل بن جابر» في الصحيح «قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام» ظاهره أنه يجوز أن يأخذ الزكاة مع الغنى و يدفع إلى الفقراء و يحمل على الوكالة (أو) على أنه يعلم من حالهم قصدهم في أدائهم إليه الإخراج و الدفع إلى الفقير إما بأن يأخذه أو يؤدي إلى غيره (أو) على أنه يعلم من حالهم أنهم لا يؤدون إلى غيره فيأخذ حسبة و يؤدي إلى غيره كما سيجي‏ء في الحج، و يمكن حمله على ظاهره أيضا بأن لا يكون له قوت سنة فهو يخرجه لكن لا يكون له حاجة إليه في الحال فيأخذ الزكاة و يتصدق بها.
 «و روي عن أبي بصير» في الموثق، يمكن أن يكون مراده من السؤال أنه هل يجب على الإمام الزكاة (أو) كيف يؤدي و إلى من يؤدي؟ و يكون الجواب أن الإمام خليفة الله و لا يفعل شيئا إلا بإذن الله، فإن كان شي‏ء واجبا عليه فهو يخرجه (أو) إن وجبت الزكاة عليه لا يؤخرها عن وقت الوجوب (أو) توهم أن الإمام من أصناف المستحقين فكيف يمكن أن يكون شي‏ء واجبا عليه (أو) أنه هل يجمع المال حتى يجب عليه و كيف يجمع المال مع أنه أزهد الزهاد (و أجيب) بأنه ليس عليكم التفكر في أمثال هذه المسائل التي لا يحصل لكم نفع في تحقيقها، بل يجب عليكم أن تعلموا إن إمامكم معصوم و يمتنع عليه مخالفة الله تعالى، مع أن الزهد ليس ترك المال بل ترك حبه.

108
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

كتاب الخمس ص 109

 [كتاب الخمس‏]
 [فيما يجب فيه الخمس‏]
1644 سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع عَمَّا يُخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ مِنَ اللُّؤْلُؤِ وَ الْيَاقُوتِ وَ الزَّبَرْجَدِ وَ عَنْ مَعَادِنِ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ هَلْ فِيهَا زَكَاةٌ فَقَالَ إِذَا بَلَغَ قِيمَتُهُ دِينَاراً فَفِيهِ الْخُمُسُ.

1645 وَ سَأَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلَبِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْكَنْزِ كَمْ فِيهِ فَقَالَ الْخُمُسُ‏

__________________________________________________
باب الخمس «سئل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام» رواه الكليني و الشيخ في الصحيح، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن محمد بن علي «1» و هو مشترك و لكن لا يضر لصحته عن ابن أبي نصر، و هو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه و يدل على وجوب الخمس في المعادن إذا بلغ قيمتها دينارا و روى الكليني في الحسن كالصحيح عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن العنبر و غوص اللؤلؤ فقال عليه السلام عليه الخمس «2» و (أما) ما رواه الشيخ في الصحيح، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر: قال سألت أبا الحسن عليه السلام عما أخرج المعدن من قليل أو كثير هل فيه شي‏ء؟ قال: ليس فيه شي‏ء حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة يعني عشرين دينارا «3» (فحملها) الشيخ على معادن غير البحر، و يمكن حمل الخبر الأول على الاستحباب.
 «و سأل عبيد الله بن علي الحلبي» في الصحيح و رواه الكليني في الحسن كالصحيح و الشيخ في الصحيح «4» و يدل على وجوب الخمس في الكنز و المعادن جميعا، و في رواية الشيخ بزيادة قوله (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن العنبر و غوص اللؤلؤ فقال: عليه الخمس)
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر 21- 28 و التهذيب باب الخمس و الغنائم خبر 13- 3.
 (3) التهذيب باب الزيادات في الخمس خبر 13.
 (4) الكافي باب الخمس و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر 19 و التهذيب باب الخمس و الغنائم ذيل خبر 3.

109
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

وَ عَنِ الْمَعَادِنِ كَمْ فِيهَا فَقَالَ الْخُمُسُ وَ عَنِ الرَّصَاصِ وَ الصُّفْرِ وَ الْحَدِيدِ وَ مَا كَانَ مِنَ الْمَعَادِنِ كَمْ فِيهَا فَقَالَ يُؤْخَذُ مِنْهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مَعَادِنِ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ.
1646 وَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ لَيْسَ الْخُمُسُ إِلَّا فِي الْغَنَائِمِ خَاصَّةً.

1647 وَ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَمَّا يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ مِنَ الْكَنْزِ فَقَالَ مَا تَجِبُ الزَّكَاةُ

__________________________________________________
و ذكرنا عن الكليني هذه الزيادة في رواية أخرى، و روى الشيخ في الصحيح و الكليني في الحسن كالصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن معادن- الذهب و الفضة و الصفر و الحديد و الرصاص فقال: عليها الخمس جميعا «1» و في الصحيح، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن المعادن ما فيها؟ قال كلما كان ركازا (أي كنزا) ففيه الخمس، و قال: ما عالجته بمالك ففيه ما أخرج الله منه من حجارته مصفى الخمس «2» «و روى الحسن بن محبوب» في الصحيح و الشيخ أيضا في الصحيح «3» «عن عبد الله بن سنان (إلى قوله) خاص» أي هو خاص بها، و في نسخة (خاصا) و في التهذيب (خاصة) و ظاهره التقية، لكن المراد أن جميع ما فيه الخمس فهو غنيمة و نفع و داخل في قول الله تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ أو الخمس المعتد به ليس إلا في غنائم دار الحرب و الباقي قليل بالنسبة إليها، «و روى أحمد بن محمد بن أبي نصر» في الصحيح، و رواه الشيخ «4» أيضا في الصحيح و قد تقدم الجمع.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الخمس و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر 8 و التهذيب باب الخمس الغنائم خبر 2.
 (2- 3) التهذيب باب الخمس و الغنائم خبر 4- 6.
 (4) لم نجده في التهذيبين و لم ينقله في الوسائل أيضا عن الشيخ و كذا الوافي- و لعل مراده قده نقله ما هو مضمونه بسند آخر.

110
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

فِي مِثْلِهِ فَفِيهِ الْخُمُسُ.
1648 وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنِ الْمَلَّاحَةِ فَقَالَ وَ مَا الْمَلَّاحَةُ فَقُلْتُ أَرْضٌ سَبِخَةٌ مَالِحَةٌ يَجْتَمِعُ فِيهَا الْمَاءُ فَيَصِيرُ مِلْحاً فَقَالَ مِثْلُ الْمَعْدِنِ فِيهِ الْخُمُسُ قُلْتُ فَالْكِبْرِيتُ وَ النِّفْطُ يُخْرَجُ مِنَ الْأَرْضِ فَقَالَ هَذَا وَ أَشْبَاهُهُ فِيهِ الْخُمُسُ.

1649 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع إِنَّ اللَّهَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْنَا الصَّدَقَةَ أَنْزَلَ لَنَا الْخُمُسَ‏

__________________________________________________
 «و سأل محمد بن مسلم» و رواه الشيخ في الصحيح «أبا جعفر عليه السلام عن الملاحة» بفتح الميم و تشديد اللام المملحة، و يدل على وجوب الخمس في المعادن مطلقا سواء كانت مائعة أو جامدة.
 «و قال الصادق عليه السلام» كأنه جزء الخبر الذي رواه الشيخ بسند ضعيف، و رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن حماد بن عيسى (و هو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم) عن بعض أصحابنا، عن العبد الصالح عليه السلام قال: الخمس من خمسة أشياء من الغنائم، و الغوص، و من الكنوز، و من المعادن، و الملاحة يؤخذ من كل هذه الصنوف الخمس فيجعل لمن جعله الله تعالى له و يقسم الأربعة الأخماس بين من قاتل عليه و ولي ذلك، و يقسم بينهم الخمس على ستة أسهم، سهم الله، و سهم لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، و سهم لذي القربى، و سهم لليتامى، و سهم للمساكين، و سهم لأبناء السبيل فسهم الله و سهم رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم.
لأولي الأمر من بعد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم وراثة، فله ثلاثة أسهم، سهمان وراثة و سهم مقسوم له من الله، و له نصف الخمس كملا و نصف الخمس الباقي بين أهل بيته، سهم ليتاماهم، و سهم لمساكينهم: و سهم لأبناء سبيلهم يقسم بينهم على الكتاب و السنة ما يستغنون به في سنتهم، فإن فضل عنهم شي‏ء فهو للوالي و إن عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به و إنما صار عليه أن يمونهم، لأن له ما فضل عنهم و إنما جعل الله هذا الخمس لهم دون مساكين الناس و أبناء سبيلهم عوضا لهم من (عن- خ) صدقات الناس تنزيها من الله لهم لقرابتهم برسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و كرامة من الله لهم‏

111
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

فَالصَّدَقَةُ عَلَيْنَا حَرَامٌ وَ الْخُمُسُ لَنَا فَرِيضَةٌ وَ الْكَرَامَةُ لَنَا حَلَالٌ‏
__________________________________________________
عن أوساخ الناس فجعل لهم خاصة من عنده ما يغنيهم عن أن يصيرهم على (في- خ ل) موضع الذل و المسكنة، و لا بأس بصدقات بعضهم على بعض، و هؤلاء الذين جعل الله لهم الخمس هم قرابة النبي صلى الله عليه و آله و سلم الذين ذكرهم الله، فقال وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ و هم بنو عبد- المطلب أنفسهم، الذكر منهم و الأنثى ليس فيهم من أهل البيوتات قريش و لا من العرب أحد و لا فيهم و لا منهم في هذا الخمس من مواليهم و قد تحل صدقات الناس لمواليهم و هم و الناس سواء و من كانت أمه من بني هاشم و أبوه من سائر قريش فإن الصدقات تحل له و ليس له من الخمس شي‏ء لأن الله يقول ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ.
و للإمام صفو المال أن يأخذ من هذه الأموال صفوها، الجارية الفارهة و الدابة- الفارهة أو الثوب و المتاع مما يحب أو يشتهي فذاك له قبل القسمة و قبل إخراج الخمس و له أن يسد بذلك المال جميع ما ينوبه من مثل إعطاء المؤلفة قلوبهم و غير ذلك مما (من صنوف ما- خ) ينوبه فإن بقي بعد ذلك شي‏ء أخرج الخمس منه فقسمه في أهله و قسم الباقي على من ولي ذلك و إن لم يبق بعد سد النوائب شي‏ء فلا شي‏ء لهم.
و ليس لمن قاتل شي‏ء من الأرضين و لا ما غلبوا إلا ما احتوى عليه العسكر، و ليس للأعراب من القسمة شي‏ء و إن قاتلوا مع الوالي، لأن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم صالح الأعراب أن يدعهم في ديارهم و لا يهاجروا على أنه إن دهم رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من عدوه دهم أن يستنفرهم فيقاتل بهم و ليس لهم في الغنيمة نصيب و سنة جارية فيهم و في غيرهم.
و الأرضون التي أخذت عنوة (أي قهرا) بخيل و ركاب فهي موقوفة متروكة في يدي من يعمرها و يحييها و يقوم عليها على ما يصالحهم الوالي على قدر طاقتهم من الحق النصف أو الثلث أو الثلاثين، و على قدر ما يكون لهم صلاح (صالحا- صلاحا- خ) و لا يضرهم، فإذا أخرج منها ما أخرج بدأ فأخرج منه العشر من الجميع مما سقت السماء أو سقي سيحا و نصف العشر مما سقي بالدوالي و النواضح فأخذه الوالي فوجهه في الجهة التي وجهها الله تعالى على ثمانية أسهم، لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَة

112
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

.........
__________________________________________________
قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ، ثمانية أسهم يقسم بينهم في مواضعهم بقدر ما يستغنون به في سنتهم بلا ضيق و لا تقتير، فإن فضل من ذلك شي‏ء رد إلى الوالي و إن نقص من ذلك شي‏ء أو لم يكتفوا به كان على الوالي أن يمونهم من عنده بقدر سعتهم حتى يستغنوا و يؤخذ بعد ما بقي من العشر فيقسم بين الوالي و بين شركائه الذين هم عمال الأرض و أكرتها فيدفع إليهم أنصبائهم على ما صالحهم عليه و يؤخذ الباقي فيكون بعد ذلك أرزاق أعوانه على دين الله و في مصلحة ما ينوبه من تقوية الإسلام و تقوية الدين في وجوه الجهاد و غير ذلك مما فيه مصلحة العامة ليس لنفسه من ذلك قليل و لا كثير.
و له بعد الخمس الأنفال كل أرض خربة قد باد أهلها و كل أرض لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب و لكن صالحوا صلحا و أعطوا بأيديهم على غير قتال، و له رؤوس الجبال و بطون الأودية و الآجام، و كل أرض ميتة لا رب لها، و له صوافي الملوك ما كان في أيديهم من غير وجه الغصب لأن الغصب كله مردود و هو وارث من لا وارث له يعول من لا حيلة له و قال: إن الله لم يترك شيئا من صنوف الأموال إلا و قد قسمه فأعطى كل ذي حق حقه الخاصة و العامة، و الفقراء و المساكين و كل صنف من صنوف الناس فقال: لو عدل في الناس لاستغنوا، ثمَّ قال: إن العدل أحلى من العسل و لا يعدل إلا من يحسن (أي يعلم) العدل.
قال: و كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقسم صدقات البوادي في البوادي و صدقات أهل الحضر في أهل الحضر و لا يقسم بينهم بالسوية على ثمانية حتى يعطي أهل كل سهم ثمنا، و لكن يقسمها على قدر من يحضره من أصناف الثمانية على قدر ما يقيم (و في التهذيب يغني) كل صنف منهم بقدره لسنته ليس في ذلك شي‏ء موقوت (موقت- خ) و لا مسمى و لا مؤلف، إنما يضع (يصنع- خ) ذلك على قدر ما يرى و ما يحضره حتى يسد فاقة كل قوم منهم و إن فضل من ذلك فضل عرضوا المال جملة إلى غيرهم،

113
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

.........
__________________________________________________
و الأنفال إلى الوالي.
و كل أرض فتحت أيام النبي صلى الله عليه و آله و سلم إلى آخر الأبد ما كان افتتاحا بدعوة أهل الجور و أهل العدل لأن ذمة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في الأولين و الآخرين ذمة واحدة، لأن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال: المسلمون إخوة تتكافأ دماؤهم و يسعى بذمتهم أدناهم (و في بعض النسخ آخرهم) و ليس في مال الخمس زكاة لأن فقراء الناس جعل أرزاقهم في أموال الناس على ثمانية أسهم فلم يبق منهم أحد و جعل للفقراء «1» قرابة الرسول صلى الله عليه و آله و سلم نصف الخمس فأغناهم به عن صدقات الناس، و صدقات النبي صلى الله عليه و آله و سلم و ولي الأمر فلم يبق فقير من فقراء الناس و لم يبق فقير من فقراء قرابة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إلا و قد استغنى فلا فقير، و لذلك لم يكن على مال النبي صلى الله عليه و آله و الوالي زكاة لأنه لم يبق فقير محتاج، و لكن عليهم أشياء تنوبهم من وجوه و لهم من تلك الوجوه كما عليهم «2»- فتدبر فيما يستنبط من هذا الخبر المقبول عند الأصحاب المعمول عليه سوى بعض الأشياء التي ذكر و سيذكر، و يمكن أن يكون خبر الكتاب غير هذا الخبر أو يكون مضمون الأخبار مثل ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: نحن و الله الذين عنى الله بذي القربى الذين قرنهم الله بنفسه و نبيه (ص) فقال ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‏ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى‏ فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى‏ وَ الْيَتامى‏ وَ الْمَساكِينِ منا خاصة و لم يجعل لنا سهما في الصدقة أكرم الله نبيه و أكرمنا أن يطعمنا أوساخ ما في أيدي الناس «3» و غير ذلك من الأخبار و المراد بالكرامة الهدية
__________________________________________________
 (1) في التهذيب و جعل لفقراء قرابات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نصف الخمس.
 (2) الكافي باب الفي‏ء و الأنفال إلخ من كتاب الحجة خبر 4 و التهذيب باب قسمة الغنائم خبر 2.
 (3) أصول الكافي باب الفي‏ء و الأنفال خبر 1 من كتاب الحجة و الآية في سورة الحشر- 6.

114
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

1650 وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع أَصْلَحَكَ اللَّهُ مَا أَيْسَرُ مَا يَدْخُلُ بِهِ الْعَبْدُ النَّارَ قَالَ مَنْ أَكَلَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ دِرْهَماً وَ نَحْنُ الْيَتِيمُ.

1651 وَ سَأَلَ زَكَرِيَّا بْنُ مَالِكٍ الْجُعْفِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى‏ وَ الْيَتامى‏ وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ «1» قَالَ أَمَّا خُمُسُ اللَّهِ فَلِلرَّسُولِ يَضَعُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ أَمَّا خُمُسُ الرَّسُولِ ص فَلِأَقَارِبِهِ وَ خُمُسُ ذِي الْقُرْبَى فَهُمْ أَقْرِبَاؤُهُ وَ الْيَتَامَى يَتَامَى أَهْلِ بَيْتِهِ فَجَعَلَ هَذِهِ‏

__________________________________________________
 «و روى عن أبي بصير» في الموثق «قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام أصلحك الله» أي جعلك الله متمكنا في الأرض ظاهرا كما جعلك كذلك واقعا «ما أيسر ما يدخل به العبد النار» يعني أسباب دخول النار كثيرة فقرره عليه السلام عليه «فقال من أكل من مال اليتيم درهما» فهو يدخل النار لقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى‏ ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً «2» «و نحن اليتيم» يعني أكثر الناس لا يؤدون الخمس، مع أنه فيه مال أيتام السادات (أو) يكون المراد باليتيم في الآيات و الأخبار النبي و الأئمة صلى الله عليهم و قد أمروا أن يؤدوا إليهم أموالهم و حقوقهم التي من جملتها طاعتهم و الانقياد لهم و يكون هذا المعنى مرادا من بطن الآيات كما ورد في الأخبار فحينئذ يكون المراد باليتيم وحيد العصر كالدر اليتيم.
 «و سأل زكريا بن مالك الجعفي» في الحسن عنه و رواه الشيخ في الصحيح، عن عبد الله بن مسكان (و هو ممن أجمعت العصابة عنه) عن أبي عبد الله عليه السلام «3» «أبا عبد الله عليه السلام قال: أما خمس الله» (أي سهم الله تعالى) من الخمس «فللرسول» سماه لنفسه إشارة لشأن الرسول و تطييبا لقلوب أهل الخمس و إشعارا بأنه ليس مثل الزكاة فإنها من أوساخ الناس «يضعه في سبيل الله» أي الجهاد أو يصرفه في أبواب الخير تبرعا لأنه حقه صلى الله عليه و آله و سلم «و أما خمس الرسول فلا قاربه» أي بعده صلى الله عليه و آله و سلم أو في حال حياته تبرعا «و خمس‏
__________________________________________________
 (1) الأنفال 41.
 (2) النساء- 10.
 (3) التهذيب باب تميز أهل الخمس إلخ خبرا.

115
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

الْأَرْبَعَةَ الْأَسْهُمِ فِيهِمْ وَ أَمَّا الْمَسَاكِينُ وَ أَبْنَاءُ السَّبِيلِ فَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ
__________________________________________________
ذي القربى فهم أقرباؤه» من الأئمة المعصومين (ع) «و اليتامى (إلى قوله) فيهم» أي باعتقاد أهل الخلاف أيضا «و أما المساكين (إلى قوله) و أبناء السبيل» أي منا فكأنه عليه السلام اتقى منهم و لم يقل صريحا و قاله مستدلا عليه بأن الله تعالى قرر للمساكين و أبناء السبيل من غيرنا سهم الزكاة فلا بد من أن يكون هذا فينا كما هو ظاهر، و ظهر من الخبر الطويل مشروحا، و بالجملة فلا ريب في أن هذا الخبر ورد تقية على تقدير صحته و كان دأبهم صلوات الله عليهم في التقية هكذا كما نبهنا عليه مرارا.
و مثله ما رواه الكليني في الصحيح، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الرضا عليه السلام قال: سئل، عن قول الله عز و جل وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى‏ فقيل له: فما كان لله فلمن هو؟ فقال لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، و ما كان لرسول الله فهو للإمام، فقيل له: أ فرأيت إن كان صنف من الأصناف أكثر و صنف أقل، ما يصنع به؟ قال: ذاك إلى الإمام أ رأيت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم كيف يصنع؟ أ ليس إنما كان يعطي على ما يرى؟ كذلك الإمام «1» و إنما أولناه لدلالة الروايات الكثيرة على أن الخمس يقسم ستة أسهم كظاهر الآية، ثلاثة منها للإمام و هي سهم الله، و سهم رسوله، و سهم نفسه، و ثلاثة لليتامى و المساكين و أبناء السبيل من بني هاشم، و قد تقدم بعضها.
و يدل عليه أيضا ما رواه الشيخ في الموثق، عن عبد الله بن بكير، عن بعض أصحابه، عن أحدهما عليهما السلام في قول الله تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى‏ وَ الْيَتامى‏ وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ؟ قال خمس الله للإمام و خمس ذي القربى لقرابة الرسول صلى الله عليه و آله و سلم، الإمام، و اليتامى، يتامى آل الرسول، و المساكين‏
__________________________________________________
 (1) أصول الكافي باب الفي‏ء و الأنفال إلخ خبر 7 و الآية في سورة الأنفال- 41.

116
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

وَ لَا تَحِلُّ لَنَا فَهِيَ لِلْمَسَاكِينِ وَ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ‏
__________________________________________________
منهم و ابن السبيل منهم فلا يخرج منهم إلى غيرهم «1» و لم يذكر هنا سهم الرسول و الظاهر أنه للتقية كما لم يذكر فيما رواه في الصحيح، عن ربعي بن عبد الله بن الجارود، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إذا أتاه المغنم أخذ صفوه و كان ذلك له ثمَّ يقسم ما بقي خمسة أخماس و يأخذ خمسه ثمَّ يقسم أربعة أخماس بين الناس الذين قاتلوا عليه، ثمَّ قسم الخمس الذي أخذه خمسة أخماس يأخذ خمس الله عز و جل لنفسه. ثمَّ يقسم الأربعة أخماس بين ذوي القربى و اليتامى و المساكين و أبناء السبيل يعطي كل واحد منهم جميعا، و كذلك الإمام يأخذ كما يأخذ الرسول صلى الله عليه و آله و سلم «2».
و يؤيد التقية أنه صلى الله عليه و آله و سلم إذا أخذ سهم الله كيف لا يأخذ سهم نفسه أو يكون تبرعا منه صلى الله عليه و آله و سلم للأصناف الباقية، و يؤيده ما رواه في الصحيح، عن أحمد بن محمد قال: حدثنا بعض أصحابنا رفع الحديث قال: الخمس من خمسة أشياء من الكنوز و المعادن و الغوص و المغنم الذي يقاتل عليه و لم يحفظ الخامس، و ما كان من فتح لم يقاتل عليه و لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب إلا أن أصحابنا يأتونه فيعاملون عليه فكيف ما عاملتهم أو عاملهم عليه (أي من أرض الموات) النصف أو الثلث أو الربع، أو ما كان يسهم له خاصة، و ليس لأحد فيه شي‏ء إلا ما أعطاه هو منه، و بطون الأودية و رؤوس الجبال و الموات كلها هي له و هو قوله تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ أن تعطيهم منه قال قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ «3» و ليس هو يسألونك عن الأنفال و ما كان من القرى و ميراث من لا وارث له فهو له خاصة و هو قوله عز و جل ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‏ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى«4» فأما الخمس فيقسم على ستة أسهم، سهم الله و سهم للرسول صلى الله عليه و آله و سلم و سهم لذوي القربى، و سهم لليتامى، و سهم للمساكين و سهم لأبناء السبيل فالذي لله فلرسول صلى الله عليه و آله و سلم فرسول الله أحق به فهو له خاصة و الذي‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب تميز أهل الخمس إلخ خبر 2.
 (2) التهذيب باب قسمة الغنائم خبر 1.
 (3) الأنفال- 1.
 (4) الحشر 6.

117
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

1652 وَ فِي تَوْقِيعَاتِ الرِّضَا ع إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيِّ إِنَّ الْخُمُسَ بَعْدَ الْمَئُونَةِ.

__________________________________________________
للرسول هو لذي القربى و الحجة في زمانه، فالنصف له خاصة، و النصف لليتامى و المساكين و أبناء السبيل من آل محمد عليهم السلام الذي لا تحل لهم الصدقة و لا الزكاة عوضهم الله مكان ذلك بالخمس فهو يعطيهم على قدر كفايتهم فإن فضل منهم شي‏ء فهو له و إن نقص عنهم و لم يكفهم أتمه لهم من عنده كما صار له الفضل كذلك يلزمه النقصان «1».
و الأخبار المتقدمة و إن كانت أصح لكن هذه الأخبار و أمثالها أشهر، و عليه عمل الأكثر، و جمع الأخبار المتقدمة مع هذه الأخبار أسهل بحمل المتقدمة على، التقية و لو عمل بالعكس لزم طرح هذه الأخبار و الجمع أولى من الترك و الله تعالى يعلم.
و روى الكليني عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز و جل:
وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى‏ قال: هم قرابة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، و الخمس لله و للرسول و لنا «2» أي لبني هاشم حتى يشمل الأصناف كلها جمعا.
 «و في توقيعات الرضا عليه السلام» أي مكاتباته التي بمنزلة فرامين السلاطين، بل هم السلاطين و السلاطين عبيدهم «إلى إبراهيم بن محمد الهمداني» في الحسن كالصحيح «أن الخمس بعد المؤنة»، و الظاهر أنه وقع الاشتباه منه، لأن الظاهر من الكافي و التهذيب أن التوقيع كان من أبي الحسن الثالث صلوات الله عليه، و لما كان بلفظ أبي الحسن توهم أنه الرضا عليه السلام و يؤيده أن إبراهيم هذا لم يكن في زمن الرضا عليه السلام، ففي الكافي سهل، عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أقرأني علي بن مهزيار كتاب أبيك عليه السلام فيما أوجبه على صاحب الضياع نصف السدس بعد المؤنة و أنه ليس على من لم يقم ضيعته بمؤنته نصف السدس و لا غير ذلك، فاختلف من قبلنا في ذلك، فقالوا: يجب على الضياع الخمس بعد المؤنة مئونة الضيعة و خراجها لا مئونة الرجل و عياله فكتب عليه السلام: بعد مئونة عياله و بعد خراج السلطان «3»- و في‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب تميز أهل الخمس إلخ خبر 5.
 (2- 3) الكافي باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر 2- 24.

118
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

.........
__________________________________________________
التهذيب في الصحيح، عن علي بن مهزيار قال: كتب إليه إبراهيم بن محمد الهمداني أقرأني على كتاب أبيك إلى قوله فكتب عليه السلام و قرأه علي بن مهزيار، عليه الخمس بعد مئونته إلخ «1» و الظاهر أن المراد بالمؤنة مئونة السنة كما تقدم. و سيجي‏ء و روى الشيخ في الصحيح، عن علي بن مهزيار، عن محمد بن الحسن الأشعري قال: كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام أخبرني عن الخمس أ على جميع ما يستفيد الرجل من قليل و كثير من جميع الضروب و على الضياع و كيف ذلك؟ فكتب بخطه: الخمس بعد المؤنة «2» و الظاهر أن هذه الكتابة صارت سببا للاختلاف، فظهر أن المراد بأبي الحسن عليه السلام هو الثالث عليه السلام، و أما نصف السدس الذي وقع في الخبر، فيمكن أن يكون على تقدير عدم سهو الراوي لإسقاط سهم الله أو سهم الرسول صلى الله عليه و آله و سلم، تقية كما هو مذهب كثير من العامة فيصير الخمس سدسا أو أريد بالسدس الست «3»- و في الصحيح، عن علي بن مهزيار قال: قال لي أبو علي بن راشد: قلت له: أمرتني بالقيام بأمرك و أخذ حقك فأعلمت مواليك بذلك فقال لي بعضهم و أي شي‏ء حقه فلم أدر ما أجيبه فقال: يجب عليهم الخمس، فقلت ففي أي شي‏ء؟ فقال: في أمتعتهم و صنائعهم و ضياعهم قلت: فالتاجر عليه و الصانع بيده فقال: ذلك إذا أمكنهم بعد مئونتهم «4»
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب الخمس و الغنائم خبر 10.
 (2- 3) التهذيب باب الخمس و الغنائم خبر 9 و 10.
 (4) اعلم ان الظاهر من الاخبار انه لما كانت لهم (ع) الولاية العامّة كانوا يهبون الخمس لمن شاء واو كانوا يزيدون و ينقصون و لما تقدم في الخبر الطويل انه كان عليهم السلام مئونة سنة بنى هاشم و كان عليهم الاتمام مع النقص من نصيبهم و كانت لهم الزيادة من نصيب سنتهم و لما كان بنو هاشم في تلك الأزمنة قليلين و كان الزيادة لهم بعد اعطائهم نصيب سنتهم كانوا مخيرين في اخذ الزيادة من الشيعة فلذلك كانوا يهبون احيانا لجميع الخمس و احيانا بعضه فاخذهم عليهم السلام نصف السدس باعتبار هبتهم البقية فتدبر- منه ره.

119
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

.........
__________________________________________________
 (أو مئونتها) كما في بعض النسخ فظهر منها وجوب الخمس في التجارات و الصناعات و الزراعات و أنه بعد المؤنة.
و يؤيده ما رواه الكليني في الصحيح، عن ابن أبي نصر قال: كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام: الخمس أخرجه قبل المؤنة أو بعد المؤنة؟ فكتب: بعد المؤنة «1» و في الصحيح، عن أحمد بن محمد بن عيسى عن (بن- خ ل) يزيد قال: كتبت جعلت لك الفداء تعلمني ما الفائدة و ما حدها رأيك أخبرنيه- أبقاك الله إن تمن علي ببيان ذلك لكيلا أكون مقيما على حرام لا صلاة لي و لا صوم، فكتب: الفائدة مما تفيد (أي تستفيد) إليك في تجارة من ربحها و حرث بعد الغرامة أو جائزة «2».
و ما ورد مطلقا فهو محمول على المقيد، مثل ما رواه الكليني في الموثق، عن سماعة قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الخمس فقال: في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير «3» يقال: أفدت المال أي أعطيته و اكتسبته، و عن حكيم مؤذن «4» بن عيسى، قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز و جل وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى«5» فقال أبو عبد الله عليه السلام: بمرفقيه على ركبتيه (أي حال كونه متكئا عليهما) ثمَّ أشار بيده ثمَّ قال: هي و الله الإفادة يوم بيوم إلا أن أبي جعل شيعته في حل ليزكوا «6» و روى الشيخ، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: على كل امرء غنم و اكتسب الخمس مما أصاب لفاطمة عليها السلام، و لمن يلي أمرها
__________________________________________________
 (1- 2) أصول الكافي باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر 13- 2.
 (3) الكافي باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر 11.
 (4) و عن رجال الشيخ: حكيم مؤذن بنى عبس بالباء الموحدة- و في التهذيب بنى عبس بالياء المثناة و على اي حال مجهول الحال- مرآة العقول.
 (5) الأنفال- 41.
 (6) الكافي باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر 11.

120
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

1653 وَ رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: أَيُّمَا ذِمِّيٍّ اشْتَرَى مِنْ مُسْلِمٍ أَرْضاً فَعَلَيْهِ الْخُمُسُ.

1654 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ: إِنَّ أَشَدَّ مَا فِيهِ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَقُومَ صَاحِبُ الْخُمُسِ فَيَقُولَ يَا رَبِّ خُمُسِي وَ قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ لِشِيعَتِنَا لِتَطِيبَ وِلَادَتُهُمْ أَوْ لِتَزْكُوَ وِلَادَتُهُمْ‏

__________________________________________________
بعدها من ورثتها أو ذريتها الحجج على الناس فذلك لهم خاصة يضعونها حيث شاءوا و حرم عليهم الصدقة- حتى الخياط ليخيط قميصا بخمسة دوانيق فلنا منه دانق إلا من أحللناه من شيعتنا لتطيب لهم به الولادة، إنه ليس شي‏ء عند الله يوم القيمة أعظم من الزنا أنه ليقوم صاحب الخمس فيقول، يا رب سل هؤلاء بم أبيحوا أو نكحوا «1» و غير ذلك من الأخبار و سيذكر بعضها.
 «و روى أبو عبيدة الحذاء» ثقة لم يذكر الصدوق طريقه إليه، و الظاهر أنه من كتابه، لكن روى الشيخ في الصحيح، عن أبي عبيدة الحذاء قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: «2» «أيما (إلى قوله) الخمس» و الظاهر أن الاختيار إلى الإمام أو نائبه في أخذ العين أو القيمة أو خمس الحاصل كل سنة، و يحتمل أن يكون الاختيار إلى الذمي «و روى محمد بن مسلم» و رواه الكليني و الشيخ بسندهما عنه «3» «عن أحدهما عليهما السلام» و يدل على وجوب الخمس و تأكده بالنسبة إلى غير الإمامية، و تحليل المناكح لهم، و يحتمل الأعم و تحليله لآبائهم و إن لم يكونوا إماميا لتطيب ولادتهم عن الزنا أو شبهة الزنا بالنظر إلى المهر إذا لم يؤد خمسه و بالنظر إلى ما يشترونه من الإماء المسبيات، و كلها أو خمسها للإمام و مشاركيه عليه السلام، و تحليله عليه السلام بالنظر إلى حقه‏
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب الخمس و الغنائم خبر 5- 12.
 (3) الكافي باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر 20 و التهذيب باب الزيادات خبر 4.

121
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

1655 وَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَصَبْتُ مَالًا أَغْمَضْتُ فِيهِ‏

__________________________________________________
ظاهر، و بالنظر إلى حقوق الشركاء للولاية العامة التي له عليه السلام، أو لأن الأرض و ما يحصل منها لهم بحسب الواقع كما أورثهم الله تعالى كما قال تعالى:
وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ «1» و المراد بالذكر التوراة و في التوراة التي عند اليهود الآن مذكور، إن سارة لما أرادت أن تضرب هاجر فهربت منه فوصلت إلى جبرئيل فبشرها بأنه يلد منها في آخر الزمان اثني عشر عظيما يكونون وارث الأرض و قال الله تعالى:
إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ «2» و روى الكليني في الصحيح، عن أبي خالد الكابلي (الممدوح) عن أبي جعفر عليه السلام قال: وجدنا في كتاب علي عليه السلام، إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ أنا و أهل بيتي الذين أورثنا الله الأرض و نحن المتقون، و الأرض كلها لنا، فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها و ليؤد خراجها إلى الإمام من أهل بيتي و له ما أكل منها فإن تركها أو أخر بها و أخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها و أحياها فهو أحق بها من الذي تركها يؤدي خراجها إلى الإمام من أهل بيتي و له ما أكل منها حتى يظهر القائم من أهل بيتي بالسيف فيحويها و يمنعها و يخرجها منها كما حواها رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و منعها إلا ما كان في أيدي شيعتنا فإنه يقاطعهم على ما في أيديهم و يترك الأرض في أيديهم «3» و إن أمكن حمله على الأرض فقط لكن سياق الكلام يدل على ما ذكرناه و سيجي‏ء أخبار أصرح منه.
 «و جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام» رواه الكليني بإسناده، عن النوفلي،
__________________________________________________
 (1) الأنبياء- 105.
 (2) الأعراف- 128.
 (3) الكافي كتاب الحجة باب ان الأرض كلها للامام خبر 1.

122
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

أَ فَلِي تَوْبَةٌ قَالَ ائْتِنِي بِخُمُسِهِ فَأَتَاهُ بِخُمُسِهِ فَقَالَ هُوَ لَكَ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا تَابَ تَابَ مَالُهُ مَعَهُ.
1656 وَ سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَأْخُذُ مِنْهُ هَؤُلَاءِ زَكَاةَ مَالِهِ‏

__________________________________________________
عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رجلا أتى أمير المؤمنين عليه السلام «1» إلخ «أغمضت فيه» أي ما لاحظت الحرام و الحلال في تحصيله، و يؤيده ما رواه الشيخ في- القوي، عن الحسن بن زياد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رجلا أتى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين إني أصبت مالا لا أعرف حلاله من حرامه فقال له: أخرج الخمس من ذلك المال، فإن الله عز و جل قد رضي من المال بالخمس و اجتنب مما كان صاحبه يعلم (يعمل- خ ل) «2» و روى الشيخ في الحسن كالصحيح، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل من أصحابنا يكون في أوانهم (و في بعض النسخ في لقائهم) فيكون معهم فيصيب غنيمة قال: يؤدي خمسا و تطيب له «3» و فصل الأصحاب بأن المال الحرام المختلط بالحلال إذا كان قدره و صاحبه معلومين يجب دفعه إلى صاحبه، و إن كان صاحبه معلوما دون المال يجب الصلح معه في القدر المجهول دون القدر المعلوم فإنه يجب أداؤه إليه، و إذا كان القدر معلوما و صاحبه غير معلوم فقيل إنه بمنزلة اللقطة، و سيجي‏ء حكمها (و قيل) يجب التصدق به! و الأحوط التفحص عنه حتى يحصل الإياس ثمَّ التصدق، و إذا كانا مجهولين يجب الخمس. و حملوا الرواية على هذه الصورة، و اختلفوا في مصرفها (فبعضهم) قال: إن مصرفه مصرف الصدقات (و بعضهم) قال: إن مصرفه مصرف الخمس و هو أحوط. و إن كان الأول أظهر، و يسمى برد المظالم في عرفنا و ظاهر الروايات الإطلاق بل التعميم.
 «و سئل أبو الحسن عليه السلام (أبو عبد الله عليه السلام- خ ل) عن الرجل إلخ» قد مر الأخبار
__________________________________________________
 (1) الكافي باب المكاسب الحرام خبر 5 من كتاب المعيشة.
 (2) التهذيب باب الزيادات خبر- 12-
 (3) التهذيب باب الخمس و الغنائم خبر 14.

123
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

أَوْ خُمُسَ غَنِيمَتِهِ أَوْ خُمُسَ مَا يَخْرُجُ لَهُ مِنَ الْمَعَادِنِ أَ يُحْسَبُ ذَلِكَ لَهُ فِي زَكَاتِهِ وَ خُمُسِهِ فَقَالَ نَعَمْ.
 [حكم تحليل الخمس‏]
1657 وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الثَّالِثِ ع إِنَّا نُؤْتَى بِالشَّيْ‏ءِ فَيُقَالُ هَذَا كَانَ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع عِنْدَنَا فَكَيْفَ نَصْنَعُ فَقَالَ مَا كَانَ لِأَبِي ع بِسَبَبِ الْإِمَامَةِ فَهُوَ لِي وَ مَا كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَهُوَ مِيرَاثٌ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ ص.

1658 وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي لآَخُذُ مِنْ أَحَدِكُمُ الدِّرْهَمَ‏

__________________________________________________
في باب الزكاة في هذا الباب و بعضها يدل بعمومه عليه. و حمل على سقوط الزكاة و الخمس عما أخذوه فإنه بمنزلة التالف.
 «و روي، عن أبي علي بن راشد» الظاهر أنه أبو علي بن راشد الوكيل كما يظهر من هذا الخبر و غيره من الأخبار و السهو من النساخ قوله «ما كان لأبي عليه السلام بسبب الإمامة» مثل أن جمع عندك من الخمس مثلا «فهو لي» أي أقاسمه أنا على ما فرضه الله تعالى و إن كان يد الوكيل يد الموكل لأن مال الغنيمة لا يصير ملكا لأربابها ما لم يصل إليهم، و كذا حصة الإمام عليه السلام «و ما كان غير ذلك» مثل الديون التي كانت من ماله صلوات الله عليه «فهو ميراث إلخ».
 «و روى عبد الله بن بكير» في الموثق كالصحيح و رواه الكليني أيضا في الموثق كالصحيح «1» قوله «ما أريد بذلك إلا أن تطهروا» أي من الآثام التي تحصل لكم بسبب منع الخمس أو مطلقا، و روى الشيخ في الصحيح و الكليني في الحسن كالصحيح، عن ضريس الكناسي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام من أين دخل على الناس الزنا؟ قلت لا أدري جعلت فداك قال: من قبل خمسنا أهل البيت إلا شيعتنا الأطيبين، فإنه محلل لهم لميلادهم «2» و روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن إبراهيم بن هاشم قال: كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام إذ دخل عليه صالح بن محمد بن سهل و كان يتولى له الوقف بقم،
__________________________________________________
 (1) الكافي باب صلة الامام خبر 7 من كتاب الحجة.
 (2) الكافي كتاب الحجة باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر- 16-

124
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم تحليل الخمس ص 124

وَ إِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَالًا مَا أُرِيدُ بِذَلِكَ إِلَّا أَنْ تُطَهَّرُوا.
__________________________________________________
فقال: يا سيدي اجعلني من عشرة آلاف في حل فإني أنفقتها فقال له: أنت في حل، فلما خرج صالح قال أبو جعفر عليه السلام: أحدهم يثب على أموال حق آل محمد و أيتامهم و مساكينهم و فقرائهم و أبناء سبيلهم فيأخذه ثمَّ يجي‏ء فيقول: اجعلني في حل أ تراه ظن أني أقول: لا أفعل و الله ليسألنهم الله يوم القيمة عن ذلك سؤالا حثيثا «1» أي شديدا يحتمل أن يكون تحليله عليه السلام من حقه لا من حق الشركاء و قال: هذا القول ليصل إليه و يدفع إليه عليه السلام حق الفقراء (أو) مطلقا و يكون التحليل من أجل الحياء ظاهرا و قاله عليه السلام أخيرا ليصل إليه مع أنه خان في أموالهم و لا يستحق التحليل و الهبة، أو حل له تقية منه، لأن من كان خائنا لا يخاف من الله.
و روى الكليني و الشيخ، عن محمد بن زيد الطبري قال: كتب رجل من تجار فارس من بعض موالي أبي الحسن الرضا عليه السلام يسأله الإذن في الخمس فكتب إليه بسم الله الرحمن الرحيم إن الله واسع كريم ضمن على العمل الثواب، و على الضيق الهم، لا يحل مال إلا من وجه أحله الله و إن الخمس عوننا على ديننا (يمكن قراءته بالفتح و الكسر) و على عيالاتنا و على موالينا و ما نبذله و نشتري من أعراضنا ممن نخاف سطوته فلا تزووه عنا و لا تحرموا أنفسكم دعاءنا ما قدرتم عليه، فإن إخراجه مفتاح رزقكم و تمحيص ذنوبكم و ما تمهدون لأنفسكم ليوم فاقتكم و المسلم من يفي لله بما عاهد إليه و ليس المسلم من أجاب باللسان و خالف بالقلب و السلام «2» و عن محمد بن زيد الطبري قال قدم قوم من خراسان على أبي الحسن الرضا عليه السلام فسألوه أن يجعلهم في حل من الخمس، فقال: ما أمحل؟ هذا؟ تمحضونا بالمودة بألسنتكم و تزوون عنا حقا جعله الله لنا و جعلنا له و هو الخمس لا نجعل، لا نجعل، لا نجعل لأحد منكم في خل «3».
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي كتاب الحجة باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس خبر- 27- 25- و أورد الخبر الثاني الشيخ في التهذيب باب الزيادات خبر 18.
 (3) الكافي كتاب الحجة باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس خبر- 26- و التهذيب باب الزيادات خبر 19.

125
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم تحليل الخمس ص 124

.........
__________________________________________________
و روى الشيخ في الصحيح، عن علي بن مهزيار قال: كتب إليه أبو جعفر عليه السلام و قرأت أنا كتابه إليه في طريق مكة قال: الذي أوجبت في سنتي هذه، و هذه سنة عشرين و مائتين فقط لمعنى من المعاني أكره تفسير المعنى كله خوفا من الانتشار و سأفسر ذلك بعضه إن شاء الله، إن موالي (أسأل الله صلاحهم) أو بعضهم قصروا فيما يجب عليهم فعلمت ذلك فأحببت أن أطهرهم و أزكيهم بما فعلت في عامي هذا من أمر الخمس قال الله تعالى:
خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ- أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ- وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ سَتُرَدُّونَ إِلى‏ عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ «1» و لم أوجب ذلك في كل عام و لا أوجب عليهم إلا الزكاة التي فرضها الله تعالى عليهم و إنما أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب و الفضة التي قد حال عليها الحول و لم أوجب ذلك عليهم في متاع و لا آنية و لا دواب و لا خدم و لا ربح ربحه في تجارة و لا ضيعة إلا ضيعة سأفسر لك أمرها تخفيفا مني عن موالي و منا مني عليهم لما يغتال السلطان من أموالهم و لما ينوبهم في ذاتهم فأما الغنائم و الفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام، قال الله تعالى.
وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى‏ وَ الْيَتامى‏ وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى‏ عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ «2» فالغنائم و الفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء و الفائدة يفيدها
__________________________________________________
 (1) التوبة- 103- 104- 105.
 (2) الأنفال- 41.

126
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم تحليل الخمس ص 124

.........
__________________________________________________
 (أي يستفيدها) و الجائزة من الإنسان للإنسان التي لها خطر و الميراث الذي لا يحتسب من غير أب و لا ابن و مثل عدو يصطلم فيؤخذ ماله و مثل مال يؤخذ لا يعرف له صاحب و من ضرب ما صار إلى موالي من أموال الخرمية الفسقة (و هم أصحاب التناسخ و الإباحة) فقد علمت أن أموالا عظاما صارت إلى قوم من موالي فمن كان عنده شي‏ء من ذلك فليوصل إلى وكيلي، و من كان نائيا بعيد الشقة فليتعمد (أو فليعمل- خ) لإيصاله و لو بعد حين فإن نية المؤمن خير من عمله، فأما الذي أوجب من الضياع و الغلات في كل عام فهو نصف السدس ممن كان ضيعته تقوم بمؤنته و من كانت ضيعته لا تقوم بمؤنته فليس عليه نصف سدس و لا غير ذلك «1».
قوله عليه السلام (فأما الغنائم و الفوائد) أي غنائم دار الحرب و الفوائد التي سيذكرها لا أرباح التجارات فإنه وضعها عنهم (فهي الغنيمة يغنمها) من أهل الحرب أو أهل البغي و الناصب على احتمال كما رواه الشيخ في الصحيح، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خذ مال الناصب حيثما وجدته و ادفع إلينا بالخمس «2» و في الصحيح، عن أبي بكر الحضرمي (الممدوح) عن المعلى (الثقة) قال: خذ مال الناصب حيثما وجدت و ابعث إلينا الخمس «3» و (الفائدة يفيدها و الجائزة) الظاهر أن الواو سهو من القلم و هي بيان للفائدة أي العطايا الجزيلة و الميراث من غير الأب و الابن فإنه كأنه من ماله، (و مثل عدو يصطلم) فيؤخذ ماله كالغنائم، أو مال الناصب كما مر، (و مثل مال يؤخذ لا يعرف له صاحب كالكنز) (و من ضرب) أي مثل (ما صار إلى موالي) من الخوارج.
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب الزيادات خبر 20.
 (2- 3) التهذيب باب الخمس و الغنائم خبر- 7- 8-

127
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم تحليل الخمس ص 124

1659 وَ رُوِيَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْقَمَّاطِينَ فَقَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ تَقَعُ فِي أَيْدِينَا الْأَرْبَاحُ وَ الْأَمْوَالُ وَ تِجَارَاتٌ نَعْرِفُ أَنَّ حَقَّكَ فِيهَا ثَابِتٌ وَ إِنَّا عَنْ ذَلِكَ مُقَصِّرُونَ فَقَالَ ع مَا أَنْصَفْنَاكُمْ إِنْ كَلَّفْنَاكُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ.

1660 وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ أَنَّهُ قَالَ: قَرَأْتُ فِي كِتَابٍ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع إِلَى رَجُلٍ يَسْأَلُهُ‏

__________________________________________________
و إما (نصف السدس «1» فقد مر تفسيره: و يحتمل أن يكون المراد به الخراج أو يكون بكسر السين بمعنى الست كما هو أصله بمعنى حصة الإمام و يكون حصة البقية على صاحبها الإخراج إليهم أو بالعكس «2» و يكون إباحة لحصته عليه السلام لهم.
و في الحسن كالصحيح عن الريان بن الصلت قال: كتبت إلى أبي محمد عليه السلام ما الذي يجب على يا مولاي في غلة رحى في أرض قطيعة لي و في ثمن سمك، و بردي و قصب أبيعه من أجمة هذه القطيعة؟ فكتب عليه السلام يجب عليك فيه الخمس إن شاء الله «3» و روى الكليني في الموثق، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كل شي‏ء قوتل عليه على شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله، فإن لنا خمسه و لا يحل لأحد أن يشتري من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقنا «4» و روى الشيخ، عن أبي بصير: عن أبي جعفر عليه السلام قال:
سمعته يقول: من اشترى شيئا من الخمس لم يعذره الله اشترى ما لا يحل له «5».
 «و روي عن يونس بن يعقوب» الموثق «قال: (إلى قوله) من القماطين» و هم قوم يعملون بيوت القصب «فقال ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك اليوم» الذي يقع عليكم الغرامات من الظلمة فلأجل ذلك وهبنا حقنا لكم.
 «و روي» في الصحيح «عن علي بن مهزيار» و رواه الشيخ عنه في الصحيح «6»
__________________________________________________
 (1) يعني هذه الكلمة التي في صحيح عليّ بن مهزيار المتقدم فلا تغفل.
 (2) بارسال حصص المستحقين الى الامام ع و اباحة الامام حصته لهم-
 (3- 5) التهذيب باب الزيادات خبر 17.
 (4) أصول الكافي باب الفي‏ء و الأنفال إلخ خبر 14.
 (6) التهذيب باب الزيادات خبر 23.

128
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم تحليل الخمس ص 124

أَنْ يَجْعَلَهُ فِي حِلٍّ مِنْ مَأْكَلِهِ وَ مَشْرَبِهِ مِنَ الْخُمُسِ فَكَتَبَ ع بِخَطِّهِ مَنْ أَعْوَزَهُ شَيْ‏ءٌ مِنْ حَقِّي فَهُوَ فِي حِلٍّ.
__________________________________________________
 «أنه قال (إلى قوله) من الخمس» أي فيما كان فيه الخمس أو من زيادة الأرباح «فكتب عليه السلام بخطه من أعوزه شي‏ء من حقي» أي احتاج إليه «فهو في حل» يحتمل أن يكون عاما بالنسبة إلى كل إمام أو يكون خاصا بالنسبة إليه عليه السلام. و روى الكليني، عن عبد العزيز بن نافع قال: طلبنا الإذن على أبي عبد الله عليه السلام و أرسلنا إليه فأرسل إلينا ادخلوا اثنين اثنين، فدخلت أنا و رجل معي فقلت للرجل أحب أن تحل بالمسألة فقال: نعم فقال له: جعلت فداك إن أبي كان ممن سباه بنو أمية و قد علمت أن بني أمية لم يكن لهم أن يحرموا و لا يحللوا و لم يكن لهم مما في أيديهم قليل و لا كثير و إنما ذلك لكم، فإذا ذكرت ما الذي كنت فيه دخلني من ذلك ما يكاد يفسد على عقلي ما أنا فيه فقال له: أنت في حل مما كان من ذلك، و كل من كان في مثل حالك من ورائي فهو في حل من ذلك قال: فقمنا و خرجنا فسبقنا معتب إلى النفر القعود الذين ينتظرون إذن أبي عبد الله عليه السلام فقال لهم قد ظفر عبد العزيز بن نافع بشي‏ء ما ظفر بمثله أحد قط قد قيل له و ما ذاك؟ ففسره لهم فقام اثنان فدخلا على أبي عبد الله عليه السلام فقال أحدهما عليهما السلام: جعلت فداك إن أبي كان من سبايا بني أمية و قد علمت أن بني أمية لم يكن لهم من ذلك قليل و لا كثير و أنا أحب أن تجعلني من ذلك في حل فقال عليه السلام، ما ذلك إلينا ما لنا أن نحل و لا أن نحرم فخرج الرجلان و غضب أبو عبد الله عليه السلام فلم يدخل عليه أحد في تلك الليلة إلا بدأه أبو عبد الله عليه السلام فقال: أ لا تعجبون من فلان يجيئني فيستحلني مما صنعت بنو أمية كأنه يرى أن ذلك لنا و لم ينتفع أحد في تلك الليلة بقليل و لا كثير إلا الأولين فإنهما غنيا بحاجتهما «1» لا شك أنه عليه السلام اتقى (إما) من الرجلين (أو) من جاسوس كان هناك (أو) من الشهرة.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس خبر 15 من كتاب الحجة.

129
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم تحليل الخمس ص 124

.........
__________________________________________________
و روى الشيخ في الصحيح عن البزنطي: عن أبي عمارة، عن الحرث بن المغيرة النصري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: إن لنا أموالا من غلات و تجارات و نحو ذلك و قد علمت أن لك فيها حقا قال: فلم أحللنا إذا لشيعتنا إلا لتطيب ولادتهم و كل من والى آبائي فهم في حل مما في أيديهم من حقنا فليبلغ الشاهد الغائب «1» و في الصحيح، عن الفضيل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من وجد برد حبنا في كبده فليحمد الله على أول النعم قال: قلت: جعلت فداك ما أول النعم قال طيب الولادة ثمَّ قال أبو عبد الله عليه السلام قال أمير المؤمنين عليه السلام لفاطمة عليها السلام أحلي نصيبك من الفي‏ء لآباء شيعتنا ليطيبوا ثمَّ قال أبو عبد الله عليه السلام: إنا أحللنا أمهات شيعتنا لآبائهم ليطيبوا «2» و عن معاذ بن كثير بياع الأكسية عن أبي عبد الله عليه السلام قال: موسع على شيعتنا أن ينفقوا مما في أيديهم بالمعروف فإذا قام قائمنا حرم على كل ذي كنز كنز حتى يأتوه به يستعين به «3» و في الصحيح، عن عمر بن يزيد و روى الكليني أيضا في الصحيح عنه قال: رأيت أبا سيار مسمع بن عبد- الملك بالمدينة و قد كان حمل إلى أبي عبد الله عليه السلام في تلك السنة مالا فرده أبو عبد الله عليه السلام عليه فقلت له: لم رد عليك أبو عبد الله عليه السلام المال الذي حملته إليه قال: فقال: إني قلت له حين حملت إليه المال إني كنت وليت البحرين الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم و قد جئتك بخمسها ثمانين ألف درهم و كرهت أن أحبسها عنك أو أعرض لها و هي الذي جعله الله تبارك و تعالى في أموالنا فقال: أو مالنا من الأرض و ما أخرج الله منها إلا الخمس- يا با سيار أن الأرض كلها لنا فما أخرج الله منها من شي‏ء فهو لنا قال فقلت له و أنا أحمل إليك المال كله؟ فقال: يا با سيار: قد طيبناه لك و أحللناك منه فضم إليك مالك و كلما كان في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محللون فيحل لهم ذلك إلى أن يقوم قائمنا
__________________________________________________
 (1- 2- 3) التهذيب باب الزيادات خبر 28- 24- 25.

130
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم تحليل الخمس ص 124

.........
__________________________________________________
فيجبيهم طسق ما كان في أيدي سواهم «1» (و يترك الأرض في أيديهم)، «2» و أما ما كان في أيدي غيرهم فإن كسبهم من الأرض حرام عليهم حتى يقوم قائمنا فيأخذ الأرض من أيديهم و يخرجهم عنها صغرة قال عمر بن يزيد فقال لي أبو سيار ما أرى أحدا من أصحاب الضياع و لا ممن يلي الأعمال يأكل حلالا غيري إلا من طيبوا له ذلك «3» و روى الصدوق في الصحيح، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: إن أمير المؤمنين عليه السلام حللهم من الخمس يعني الشيعة ليطيب مولدهم «4» و روى الصدوق و الشيخ في الصحيح، عن أبي بصير و زرارة و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام هلك الناس في بطونهم و فروجهم لأنهم لم يؤدوا إلينا حقنا إلا و إن شيعتنا من ذلك و آبائهم في حل «5» و في الصحيح عن محمد بن أبي عمير عن الحكم بن علباء الأسدي قال: وليت البحرين فأصبت بها مالا كثيرا فأنفقت و اشتريت ضياعا كثيرة و اشتريت رقيقا و أمهات أولاد و ولد لي، ثمَّ خرجت إلى مكة فحملت عيالي و أمهات أولادي و نسائي، و حملت خمس ذلك المال فدخلت على أبي جعفر عليه السلام فقلت له: إني وليت البحرين فأصبت بها مالا كثيرا و اشتريت متاعا و اشتريت رقيقا و اشتريت أمهات أولاد و ولد لي و أنفقت و هذا خمس ذلك المال و هؤلاء أمهات أولادي و نسائي قد أتيتك به فقال: أما إنه كله لنا و قد قبلت ما جئت به و قد حللتك من أمهات أولادك و نسائك و ما أنفقت و ضمنت لك علي و على أبي الجنة «6»
__________________________________________________
 (1) في التهذيب في ايديهم.
 (2) هذه الجملة ليست في التهذيب.
 (3) الكافي- باب ان الأرض كلها للامام خبر 2 من كتاب الحجة و التهذيب باب الزيادات خبر 26.
 (4) علل الشرائع باب العلة التي من اجلها جعلت الشيعة في حل خبر 1.
 (5- 6) التهذيب باب الزيادات خبر 7- 8.

131
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم الأنفال ص 132

[حكم الأنفال‏]
1661 وَ رَوَى أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ وَ لَا وَارِثَ لَهُ وَ لَا مَوْلًى لَهُ فَقَالَ هُوَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْآيَةِ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ «1»
__________________________________________________
و عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: من أحللنا له شيئا أصابه من أعمال الظالمين فهو له حلال و ما حرمناه من ذلك فهو حرام «2» و عن أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رجل و أنا حاضر حللت أو حلل لي الفروج ففزع أبو عبد الله عليه السلام فقال له رجل: ليس يسألك أن يعترض الطريق إنما يسألك خادما يشتريها أو امرأة يتزوجها أو ميراثا يصيبه أو تجارة أو شيئا أعطيه (أو أعطاه- خ) فقال: هذا لشيعتنا حلال، الشاهد منهم و الغائب و الميت منهم و الحي و ما يولد منهم إلى يوم القيمة فهو لهم حلال، أما و الله لا يحل إلا لمن أحللنا له، و لا و الله ما أعطينا أحدا ذمة و ما عندنا لأحد عهد و لا لأحد عندنا ميثاق «3» فظهر من الأخبار الكثيرة إباحة المناكح، و يفهم من بعضها إباحة المساكن و المتاجر و في بعضها عدمها، فالاحتياط في الدين تركهما.
 «و روى أبان بن تغلب» في القوي يدل على أن ميراث من لا وارث له للإمام و سيجي‏ء إن شاء الله في الميراث، و يدل على أن الأنفال لله و الرسول و قد تقدم بعض الأخبار في ذلك.
و يدل أيضا عليه ما ذكره ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني رضي الله عنه أن الله تبارك و تعالى جعل الدنيا كلها بأسرها لخليفته حيث يقول للملائكة إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً و كانت بأسرها لآدم و صارت بعده لأبرار ولده و خلفائه فما غلب عليه أعداؤهم ثمَّ رجع إليهم بحرب أو غلبة سمي فيئا و هو الفي‏ء (يرجع) إليهم بغلبة أو حرب و كان حكمه فيه ما قال الله تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى‏ وَ الْيَتامى‏ وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ «4» فهو لله و للرسول و لقرابة الرسول فهذا هو الفي‏ء الراجع و إنما يكون الراجع ما كان في يد غيرهم فأخذ
__________________________________________________
 (1) الأنفال- 1.
 (2- 3) التهذيب باب الزيادات خبر 9- 6.
 (4) الأنفال- 41.

132
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم الأنفال ص 132

.........
__________________________________________________
منهم بالسيف و أما ما رجع إليهم من غير أن يوجف عليه و يقاتل معهم بخيل و لا ركاب فهو الأنفال هو لله و للرسول خاصة ليس لأحد فيه الشركة و إنما جعل الشركة في شي‏ء قوتل عليه فجعل لمن قاتل من الغنائم أربعة أسهم و للرسول سهم و الذي للرسول يقسمه على ستة أسهم ثلاثة له و ثلاثة لليتامى و المساكين و ابن السبيل، و أما الأنفال فليس هذه سبيلها كانت للرسول صلى الله عليه و آله و سلم خاصة و كانت فدك لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم خاصة لأنه عليه السلام فتحها و أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن معهما أحد فزال عنها اسم الفي‏ء و لزمها اسم الأنفال و كذلك الآجام و المعادن و البحار و المفاوز هي للإمام خاصة فإن عمل فيها قوم بإذن الإمام فلهم أربعة أخماس و للإمام خمس، و الذي للإمام يجري مجرى الخمس و من عمل فيها بغير إذن الإمام فالإمام يأخذه كله ليس لأحد فيه شي‏ء و كذلك من عمر شيئا أو أجرى قناة أو عمل في أرض خراب بغير إذن صاحب الأرض فليس له ذلك فإن شاء أخذها منه كلها و إن شاء تركها في يديه «1».
و ما رواه في الحسن كالصحيح، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب (أو) قوم صالحوا (أو) قوم أعطوا بأيديهم و كل أرض خربة و بطون الأودية فهو لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و للإمام من بعده يضعه حيث يشاء و في الموثق عنه، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول الأنفال هو النفل، و في سورة الأنفال جدع الأنف، و النفل الزيادة التي أعطاها الله تعالى لرسوله زائدا على ما يكون شريكا في الخمس و فيها إرغام لأنوف الجاحدين. لأن هذه الزيادة بنص القرآن للرسول و بعده لأولاده بنصوص الكتاب، و في الحسن كالصحيح، عن زرارة قال:
الإمام يجري و ينفل (أي يعطي) و يعطي ما يشاء قبل أن تقع السهام و قد قاتل رسول الله صلى الله عليه و آله بقوم و لم يجعل لهم في الفي‏ء نصيبا و إن شاء قسم ذلك بينهم و هم الأعراب كما تقدم و الظاهر
__________________________________________________
 (1) هذا الكلام من عبارة الكليني، و الاخبار الثلاثة التي بعده في الكافي باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر- 3- 6- 9.

133
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم الأنفال ص 132

.........
__________________________________________________
أن هذا الإعطاء أيضا من الزيادات التي قررها الله تعالى للرسول و الإمام صلوات الله عليهم و يمكن أن يكون ذلك ما يختص به عليه السلام من حصته عليه السلام في الخمس و الصفايا و القطائع و غير ذلك.
و في الحسن كالصحيح، عن أبي الصباح قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: نحن قوم فرض الله طاعتنا، لنا الأنفال و لنا صفو المال «1» و عن علي بن أسباط قال لما ورد أبو الحسن موسى عليه السلام على المهدي رآه يرد المظالم فقال: يا أمير المؤمنين ما بال مظلمتنا لا ترد؟ فقال له: و ما ذاك يا أبا الحسن؟ قال: إن الله تبارك و تعالى لما فتح على نبيه صلى الله عليه و آله و سلم فدك و ما والاها لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه و آله و سلم و آت ذا القربى حقه فلم يدر رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من هم؟ فراجع في ذلك جبرئيل و راجع جبرئيل عليه السلام ربه فأوحى الله إليه: أن ادفع فدك إلى فاطمة عليها السلام فدعاها رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فقال: يا فاطمة إن الله أمرني أن أدفع إليك فدك فقالت قد قبلت يا رسول الله من الله و منك فلم يزل و كلائها فيها حياة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، فلما ولي أبو بكر أخرج عنها وكلاءها فأتته فسألته أن يردها عليها فقال لها ائتيني بأسود أو أحمر يشهد لك بذلك، فجاءت بأمير المؤمنين عليه السلام و أم أيمن فشهدا لها فكتب لها بترك التعرض فخرجت و الكتاب معها، فلقيها عمر فقال: ما هذا معك يا بنت محمد صلى الله عليه و آله و سلم؟ قالت كتاب كتبه، لي ابن أبي قحافة قال، أرينيه فأبت فانتزعه من يدها و نظر فيه ثمَّ تفل فيه و محاه و خرقه فقال لهما هذا لم يوجف عليه أبوك بخيل و لا ركاب فضعي الإحبال (أو الحبال) (أي آثامه) في رقابنا فقال له- المهدي: يا أبا الحسن حدها لي فقال: حد منها جبل أحد، و حد منها عريش مصر، و حد منها سيف البحر (أي الساحل) و حد منها دومة (بالضم) الجندل (معروف) فقال له: كل‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر 17.

134
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم الأنفال ص 132

.........
__________________________________________________
هذا؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين إن هذا كله مما لم يوجف أهله على رسول الله بخيل و لا ركاب فقال: كثير، انظر فيه «1» و روى الشيخ في الموثق كالصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سمعه يقول: إن الأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة دم أو قوم صولحوا أو أعطوا بأيديهم، فما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهذا كله من الفي‏ء و الأنفال لله و للرسول، فما كان لله فهو لرسوله صلى الله عليه و آله و سلم يضعه حيث يحب «2».
و في القوي، عن الحرث بن المغيرة النصري قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام فجلست عنده، فإذا نجية قد استأذن عليه فأذن له فدخل فجثا على ركبتيه، ثمَّ قال:
جعلت فداك إني أريد أن أسألك عن مسألة و الله ما أريد بها إلا فكاك رقبتي من النار فكأنه عليه السلام رق له فاستوى جالسا فقال له: يا نجية سلني فلا تسألني اليوم عن شي‏ء إلا أخبرتك به قال:
جعلت فداك ما تقول، في فلان و فلان: قال: يا نجية إن لنا الخمس في كتاب الله، و لنا الأنفال، و لنا صفو الأموال و هما (أي أبا بكر و عمر لعنة الله عليهما) و الله أول من ظلمنا حقنا في كتاب الله و أول من حمل الناس على رقابنا، و دمائنا في أعناقهما إلى يوم القيمة بظلمنا أهل البيت و إن الناس ليتقلبون في حرام إلى يوم القيمة بظلمنا أهل البيت، فقال نجية إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ثلاث مرات هلكنا و رب الكعبة قال: فرفع فخذه عن الوسادة فاستقبل القبلة فدعا بدعاء لم أفهم منه شيئا إلا أنا سمعناه في آخر دعائه و هو يقول: اللهم إنا قد أحللنا ذلك لشيعتنا قال: ثمَّ أقبل إلينا بوجهه فقال يا نجية ما على فطرة إبراهيم عليه السلام غيرنا و غير شيعتنا «3» و في الموثق كالصحيح عن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له ما يقول الله.
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ قال الأنفال لله و الرسول‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر 5.
 (2) التهذيب باب الأنفال خبر 4.
 (3) التهذيب باب الزيادات خبر 28.

135
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم الأنفال ص 132

.........
__________________________________________________
و هي كل أرض جلا أهلها من غير أن يحمل عليها بخيل و لا رجال و لا ركاب فهي نفل لله و للرسول صلى الله عليه و آله و سلم «1» و عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله صلى الله عليه و آله و سلم في الغنيمة؟ قال: يخرج منها الخمس و يقسم ما بقي بين من قاتل عليه و ولي ذلك فأما الفي‏ء و الأنفال فهو خالص لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم «2» و عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الأنفال فقال: ما كان من الأرضين باد أهلها، و في غير ذلك، الأنفال هو لنا و قال: سورة الأنفال فيها جدع الأنف و قال:
ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‏ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ وَ لكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى‏ مَنْ يَشاءُ «3» قال: الفي‏ء ما كان من أموال لم يكن فيها هراقة دم و الأنفال مثل ذلك هو بمنزلته «4» و عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: و سئل عن الأنفال فقال كل قرية يهلك أهلها أو يجلون عنها فهي نفل لله عز و جل، نصفها يقسم بين الناس و نصفها لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، فما كان لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فهو للإمام «5» و يحمل على التبرع.
و في الموثق، عن سماعة بن مهران قال: سألته عن الأنفال، فقال كل أرض خربة أو شي‏ء يكون للملوك فهو خالص للإمام ليس للناس فيها سهم، و قال: و منها البحرين لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب.
و في الصحيح عن داود بن فرقد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام قطائع الملوك (و هي‏
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب الأنفال خبر 2- 3.
 (3) الحشر- 6.
 (4) التهذيب باب الأنفال خبر 5.
 (5) هذا الخبر و الخمسة التي بعده أورده في التهذيب باب الأنفال خبر 6- 7- 11 12- 9- 10.

136
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم الأنفال ص 132

.........
__________________________________________________
النفائس من غير المنقول) كلها للإمام ليس للناس فيها شي‏ء.
و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا غزا قوم بغير إذن الإمام فغنموا كانت الغنيمة كلها للإمام و إذا غزوا بأمر الإمام فغنموا كان للإمام الخمس.
و في القوي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن صفو المال قال: للإمام يأخذ الجارية الروقة (أي الحسنة الوجه) و المركب الفاره (أي النفيس) و السيف القاطع و الدرع قبل أن تقسم الغنيمة فهذا صفو المال.
و في الموثق كالصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: الفي‏ء و الأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة الدماء و قوم صولحوا و أعطوا بأيديهم و ما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهو كله من الفي‏ء فهذا لله و لرسوله صلى الله عليه و آله و سلم، فما كان لله فهو لرسوله يضعه حيث شاء و هو للإمام بعد الرسول صلى الله عليه و آله و سلم و قوله:
ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‏ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى‏ فهذا بمنزلة المغنم كان أبي عليه السلام يقول ذلك و ليس لنا فيه غير سهمين، سهم الرسول، و سهم ذي القربى ثمَّ نحن شركاء الناس في الباقي.
و الظاهر وروده تقية بقرينة نسبته إلى أبيه عليه السلام.
و روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن معاوية بن وهب، قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: السرية تبعثها الإمام فيصيبون غنائم كيف تقسم؟ قال، إن قاتلوا عليها مع أمير أمره الإمام عليهم أخرج منها الخمس لله و للرسول، و قسم بينهم ثلاثة أخماس و إن لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كلما غنموا للإمام و يجعله حيث أحب «1».
و في الحسن كالصحيح، عن حماد بن عيسى عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن عليه السلام قال يؤخذ الخمس من الغنائم فيجعل لمن جعله الله عز و جل و يقسم أربعة أخماس بين من‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب قسمة الغنيمة خبر 1 من كتاب الجهاد.

137
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

ما أحل للشيعة ص 138

[ما أحل للشيعة]
1662 وَ رَوَى عَنْهُ دَاوُدُ بْنُ كَثِيرٍ الرَّقِّيُّ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ يَعِيشُونَ فِي فَضْلِ مَظْلِمَتِنَا إِلَّا أَنَّا أَحْلَلْنَا شِيعَتِنَا مِنْ ذَلِكَ.

__________________________________________________
قاتل عليه و ولي ذلك قال: و للإمام صفو المال أن يأخذ الجارية الفارهة و الدابة الفارهة و الثوب أو المتاع مما يحب أو يشتهي فذلك له قبل قسمة المال و قبل إخراج الخمس قال و ليس لمن قاتل شي‏ء من الأرضين و لا ما غلبوا عليه إلا ما احتوى عليه العسكر و ليس للأعراب من الغنيمة شي‏ء و إن قاتلوا مع الإمام لأن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم صالح الأعراب أن يدعهم في ديارهم و لا يهاجروا على أنه إن دهم (أي غشي) و نزل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من عدوه دهم أن يستفزهم (أو) يستنفرهم (أي طلب خروجهم و نفورهم للقتال) فيقاتل بهم و ليس لهم في الغنيمة نصيب و سنة جارية فيهم و في غيرهم، و الأرض التي أخذت عنوة (أي قهرا) بخيل أو ركاب فهي موقوفة متروكة في أيدي من يعمرها و يحييها و يقوم عليها على ما يصالحهم الوالي على قدر طاقتهم من الحق، النصف و الثلث و الثلاثين على قدر ما يكون لهم صالحا و لا يضرهم «1» و سيجي‏ء أحكام الأرضين في التجارة.
 «روي عنه داود بن كثير الرقي أنه قال» أي أبو عبد الله عليه السلام «إن الناس كلهم يعيشون في فضل مظلمتنا» أي ظلمنا أو في الأموال التي ظلمونا به «إلا إنا أحللنا شيعتنا من ذلك» أي في الجميع من الخمس و غيره من أموالهم كما هو ظاهر بعض الأخبار المتقدمة أيضا (أو) في المناكح و المساكن و المتاجر و حقوقهم من الخمس كما هو ظاهر بعض الأخبار الأخر (أو) في المناكح و حقوقهم خاصة من الأخماس و الأرضين كما هو ظاهر بعضها (أو) المناكح فقط لأنها المتيقن و صريح بعض الأخبار و حملا للمطلق على المقيد و هو أحوط، و الاحتياط في حقهم أن يضبط إلى ظهورهم صلوات الله‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب قسمة الغنيمة خبر 3 من كتاب الجهاد.

138
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

ما أحل للشيعة ص 138

1663 وَ رَوَى حَفْصُ بْنُ الْبَخْتَرِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ جَبْرَئِيلَ ع كَرَى بِرِجْلِهِ خَمْسَةَ أَنْهَارٍ وَ لِسَانُ الْمَاءِ يَتْبَعُهُ- الْفُرَاتَ وَ دِجْلَةَ وَ نِيلَ مِصْرَ وَ مِهْرَانَ وَ نَهَرَ بَلْخٍ فَمَا سَقَتْ أَوْ سُقِيَ مِنْهَا فَلِلْإِمَامِ وَ الْبَحْرُ الْمُطِيفُ بِالدُّنْيَا.

وَ هُوَ أَفْسِيكُونُ‏
__________________________________________________
عليهم (أو) يدفع إلى فقراء الهاشميين على وجه التتمة و يصرفه الفقيه فيهم كما يتصرف في سائره بإذنهم صلوات الله عليهم كما سيجي‏ء في القضاء إن شاء الله تعالى، و لعله أولى لقوله عليه السلام (إلا إنا أحللنا شيعتنا من ذلك). «و روى حفص بن البختري» في الصحيح و رواه الكليني أيضا في الصحيح «1» «عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن جبرئيل كرى» أي حفر «برجله (إلى قوله) يتبعه» مجاز شائع «الفرات» ما يجري بقرب الحلة «و دجلة» في بغداد «و نيل مصر و مهران» نهر السند «و نهر بلخ فما سقت أو سقي منها» بالدوالي و الغرب و النواضح «فللإمام، و البحر المطيف» أي المحيط «بالدنيا» أي هو أيضا للإمام و ما يخرج منه أو ما يصعد منه أيضا من السحاب و المطر «و هو أ فسيكون» من الصدوق لعدم ذكره في الكافي، و هو اسم البحر المحيط، و المشهور أنه اسم شعبة منه إلا أن يقرأ المطيف بضم الميم و تشديد الياء اسم مفعول من باب التفعيل، قال في القاموس طيف تطييفا و طوف تطويفا أكثر الطواف لكنه بعيد.
روى الكليني، عن يونس بن ظبيان أو المعلى بن خنيس قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما لكم من هذه الأرض فتبسم ثمَّ قال: إن الله تبارك و تعالى بعث جبرئيل عليه السلام و أمره أن يخرق بإبهامه ثمانية أنهار في الأرض، منها (سيحان) و (جيحان) و هو نهر بلخ، و الظاهر أنه كانت النسخة جيحون بالواو فغلط النساخ و أما بالألف فهو بالشام (و الخشوع) و هو نهر الشاش و هو بما وراء النهر أيضا (و مهران) و هو نهر الهند و (نيل مصر) و (دجلة) و (الفرات) فما سقت أو استقت فهو لنا و ما كان لنا فهو لشيعتنا
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر 2 من كتاب الحجة.

139
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

ما أحل للشيعة ص 138

.........
__________________________________________________
و ليس لعدونا منه شي‏ء إلا ما غصب عليه و إن ولينا لفي أوسع فيما بين ذه إلى ذه يعني بين السماء و الأرض، ثمَّ تلا هذه الآية.
 (قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) المغصوبين عليها خالِصَةً لهم يَوْمَ الْقِيامَةِ بلا غصب «1» و تخصيص الخمسة في الخبر الأول بالذكر للاهتمام.
و عن محمد بن الريان قال، كتبت إلى العسكري عليه السلام جعلت فداك روي لنا أن ليس لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من الدنيا إلا الخمس، فجاء الجواب: أن الدنيا و ما عليها لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم خلق الله آدم و أقطعه الدنيا قطيعة، فما كان لآدم عليه السلام فلرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، و ما كان لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فهو للأئمة من آل محمد عليهم السلام و عن علي بن إبراهيم عن السري بن الربيع قال: لم يكن ابن أبي عمير يعدل بهشام بن الحكم شيئا و كان لا يغب إتيانه (أي لا يزوره غبا بل كان يزوره كل يوم) ثمَّ انقطع و خالفه و كان سبب ذلك أن أبا مالك الحضرمي كان أحد رجال هشام و وقع بينه و بين ابن أبي عمير ملاحاة (أي مباحثة) في شي‏ء من الإمامة- قال ابن أبي عمير الدنيا كلها للإمام على جهة الملك و أنه هو أولى بها من الذين هي في أيديهم، و قال أبو مالك ليس كذلك أملاك الناس لهم إلا ما حكم الله به للإمام من الفي‏ء و الخمس و المغنم، فذلك له و ذلك أيضا قد بين الله للإمام أن يضعه و كيف يصنع به فتراضيا بهشام بن الحكم و صارا إليه فحكم هشام لأبي مالك على ابن أبي عمير و هجر هشاما بعد ذلك.
و الظاهر أن المنازعة كانت بينهما لفظية و كان قول أبي مالك موافقا لظاهر حكم الشرع، و كان قول ابن أبي عمير موافقا للواقع، مع أن الإمام أولى بالنفس و المال من كل أحد، و الظاهر أن هجرانه له كان لأجل أن هشاما مع هذه الجلالة
__________________________________________________
 (1) هذا الخبر و الثلاثة التي بعده أورده في أصول الكافي باب ان الأرض كلها للامام عليه السلام خبر 5- 6- 7- 9 من كتاب الحجة.

140
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب حق الحصاد و الجذاذ ص 141

بَابُ حَقِّ الْحَصَادِ وَ الْجَذَاذِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَ هُوَ أَنْ تَأْخُذَ بِيَدِكَ الضِّغْثَ بَعْدَ.
__________________________________________________
إذا لم يعرف حق الإمام كما هو حقه فلا ينبغي أن ينقل عنه الحديث فتأمل في احتياطاته رضي الله تعالى عنه، و سيجي‏ء في باب البيع احتياطه في عدم أخذ دينه مع نهاية إعساره، و لهذه الأمور أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، و جعلوا مراسيله في حكم المسانيد و الأخبار في هذا الباب كثيرة اكتفينا بها. و إن طال، لبعض الأمور في أمر الخمس، و تقصير الصدوق في أمره «1».
باب حق الحصاد و الجداد «2»
 الحصاد قطع الزرع، و الجداد بالدالين المهملتين قطع ثمر النخل و الكرم- و اختلف الأصحاب في وجوب حقهما، فالأكثر على الاستحباب، و بعضهم على الوجوب و الأظهر الأول لما تقدم من الأخبار في انحصار الحق في الزكاة، و الآية الآتية ليست بصريحة في الوجوب مع الأخبار و الأولى عدم الترك.
 «قال الله (إلى قوله) حَصادِهِ» و ظاهرها أنه غير الزكاة لأن أداء الزكاة بعد التصفية في الحبوب، و يمكن أن يكون تعلق الوجوب في هذا الوقت و إن كان المشهور أنه حين بدو الصلاح من الاصفرار و الاحمرار في التمر، و انعقاد الحب في غيره.
لكن ورد الأخبار بأن المراد بهذا الحق هو الذي ذكره الصدوق، مثل ما
__________________________________________________
 (1) يعني ان الصدوق رحمه اللّه لم يؤد في ذكر اخبار الخمس حقه و لذا ذكرنا جملة من اخباره.
 (2) الجذاذ (بالمعجمتين) ضما و كسرا، و الضم افصح قطع ما يكسر، و الجذ القطع (إلى أن قال) و الجذاذ بالكسر صرم النخل لغة في جذاذ (مجمع البحرين).

141
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب حق الحصاد و الجذاذ ص 141

الضِّغْثِ فَتُعْطِيَهُ الْمِسْكِينَ ثُمَّ الْمِسْكِينَ حَتَّى تَفْرُغَ مِنْهُ وَ عِنْدَ الصِّرَامِ الْحَفْنَةَ بَعْدَ الْحَفْنَةِ حَتَّى تَفْرُغَ مِنْهُ وَ مِنَ الْجُذَاذِ الْحَفْنَةَ بَعْدَ الْحَفْنَةِ حَتَّى تَفْرُغَ مِنْهُ وَ يَتْرُكُ لِلْحَارِسِ يَكُونُ فِي الْحَائِطِ أَجْراً مَعْلُوماً وَ يَتْرُكُ مِنَ النَّخْلَةِ مِعَى فَأْرَةٍ وَ أُمَّ جُعْرُورٍ وَ يَتْرُكُ لِلْحَارِسِ الْعَذْقَ وَ الْعَذْقَيْنِ وَ الثَّلَاثَةَ لِحِفْظِهِ لَهُ وَ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى- وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ «1» فَالْإِسْرَافُ أَنْ تُعْطِيَ بِيَدَيْكَ جَمِيعاً

__________________________________________________
رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن حريز، عن زرارة و محمد بن مسلم و أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز و جل «وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ» فقالوا جميعا: قال أبو جعفر عليه السلام: هذا من الصدقة تعطى المسكين القبضة بعد القبضة و من الجداد الحفنة بعد الحفنة حتى تفرغ «و يترك للحارس» و في بعض النسخ و يعطى الحارس «أجرا معلوما» الظاهر أنه يخرج الأجر المعلوم الذي قرر للحراسة قبل إخراج الزكاة، و يحتمل أن يكون المراد به غير المقرر و يكون تبرعا «و يترك من النخلة معا فأرة، و أم جعرور» «2» و هما تمران رديئان، و قد تقدم أن الأولى تركهما للفقراء، و الأحوط منه أن يخرج زكاته و يترك لهم.
و يحتمل أن يكون المراد بالترك عدم الحساب على المالك و عدم أخذ زكاتهما يترك للحارس يكون في الحائط العذق و العذقان و الثلاثة لحفظه إياه و قد تقدم أن العذق بالفتح النخلة بحملها، و المراد هنا (إما) كل ثمرتها (أو) كباسة منها و هي بمنزلة العنقود من العنب، و الظاهر أن الجملة الأخيرة بيان للأولى، و إن احتمل أن يكون الأولى لإخراج الأجرة المسماة أو المثل و الثاني تبرعا، و على أي حال فلو كان الإخراج إلى من يستحق الزكاة فلا بأس به و إن لم يكن المعطي مستحقا فالأحوط إخراج زكاة ما يعطيه إليهم أيضا إلا أن يكتفي بالأقل و هو الكباسة، فإن الظاهر أن هذا القدر مرخص في إخراجها للأخبار الصحيحة «و أما قوله تعالى‏
__________________________________________________
 (1) الأنعام- 141.
 (2) الكافي باب حقّ الحصاد و الجداد خبر 2 من كتاب الزكاة.

142
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب حق الحصاد و الجذاذ ص 141

1664 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع لَا تَحْصُدْ بِاللَّيْلِ وَ لَا تَصْرِمْ بِاللَّيْلِ وَ لَا تَجُذَّ بِاللَّيْلِ وَ لَا تُضَحِّ بِاللَّيْلِ وَ لَا تَبْذُرْ بِاللَّيْلِ لِأَنَّكَ تُعْطِي فِي الْبَذْرِ كَمَا تُعْطِي فِي الْحَصَادِ وَ مَتَى فَعَلْتَ ذَلِكَ بِاللَّيْلِ لَمْ يَحْضُرْكَ الْمَسَاكِينُ وَ السُّؤَّالُ وَ لَا الْقَانِعُ وَ لَا الْمُعْتَرُّ

__________________________________________________
وَ لا تُسْرِفُوا» رواه الكليني في الصحيح، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن قول الله عز و جل:
وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَ لا تُسْرِفُوا قال كان أبي عليه السلام يقول: من الإسراف في الحصاد و الجداد أن يصدق الرجل (بتشديد الصاد و الدال) بكفيه جميعا و كان أبي إذا حضر شي‏ء من هذا فرأى أحدا من غلمانه يتصدق بكفيه صاح به: أعط بيد واحدة القبضة بعد القبضة و الضغث بعد الضغث من السنبل «1» و الضغث بالكسر القطعة من الحشيش مختلطة الرطب باليابس، و المراد به هنا ما يأخذ اليد منه.
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح، عن ابن مسكان، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تصرم بالليل و لا تحصد بالليل و لا تضح (من الأضحية) بالليل و لا تبذر (أي عند الزرع) بالليل فإنك إن فعلت لم يأتك القانع و المعتر، فقلت: و ما القانع و المعتر؟ قال: القانع الذي يقنع بما أعطيته، و المعتر الذي يمر بك فيسألك، و إن حصدت بالليل لم يأتك السؤال و هو قول الله تعالى. وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ عند الحصاد يعني القبضة بعد القبضة إذا حصدته، و إذا صفي فالحفنة بعد الحفنة (يعني يعطي حفنة إلى مسكين بعد أن أعطى حفنة إلى مسكين آخر) و كذلك عند الصرام (أي للتمر و العنب) و كذلك عند البذر و لا تبذر بالليل لأنك تعطي (أي يستحب لك أن تعطي) من البذر كما تعطي من الحصاد «2».
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب حقّ الحصاد و الجداد خبر 6- 3 من كتاب الزكاة.

143
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب حق الحصاد و الجذاذ ص 141

1665 وَ رُوِيَ عَنْ مُصَادِفٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي أَرْضٍ لَهُ وَ هُمْ يَصْرِمُونَ فَجَاءَ سَائِلٌ يَسْأَلُ فَقُلْتُ اللَّهُ يَرْزُقُكَ فَقَالَ مَهْ لَيْسَ ذَاكَ لَكُمْ حَتَّى تُعْطُوا ثَلَاثَةً فَإِنْ أَعْطَيْتُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَكُمْ وَ إِنْ أَمْسَكْتُمْ فَلَكُمْ.

بَابُ الْحَقِّ الْمَعْلُومِ وَ الْمَاعُونِ‏
1666 رَوَى سَمَاعَةُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْحَقُّ الْمَعْلُومُ لَيْسَ مِنَ الزَّكَاةِ هُوَ الشَّيْ‏ءُ تُخْرِجُهُ مِنْ مَالِكَ إِنْ شِئْتَ كُلَّ جُمْعَةٍ وَ إِنْ شِئْتَ كُلَّ شَهْرٍ وَ لِكُلِّ ذِي فَضْلٍ فَضْلُهُ وَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ إِنْ تُخْفُوها وَ تُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ «1» فَلَيْسَ مِنَ الزَّكَاةِ وَ الْمَاعُونُ لَيْسَ مِنَ الزَّكَاةِ هُوَ الْمَعْرُوفُ تَصْنَعُهُ وَ الْقَرْضُ تُقْرِضُهُ وَ مَتَاعُ الْبَيْتِ تُعِيرُهُ وَ صِلَةُ قَرَابَتِكَ لَيْسَ مِنَ الزَّكَاةِ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ «2» فَالْحَقُّ الْمَعْلُومُ‏

__________________________________________________
 «و روي عن مصادف» طريق الصدوق إليه صحيح و هو لا يخلو عن ضعف، و رواه الكليني أيضا عنه، «3» لكن يجي‏ء أخبار أخر من هذا الباب، و روي في الحسن كالصحيح، عن معاوية بن شريح قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: في الزرع حقان، حق تؤخذ به، و حق تعطيه قلت: و ما الذي أوخذ به؟ و ما الذي أعطيه؟ قال: أما الذي تؤخذ به فالعشر و نصف العشر، و أما الذي تعطيه فقول الله عز و جل وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ يعني من حصدك الشي‏ء بعد الشي‏ء و لا أعلمه إلا قال: (أي أظن أنه قال بعده) الضغث ثمَّ الضغث حتى يفرغ «4» و ظاهره الاستحباب، و عن أبي مريم، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز و جل وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ قال: تعطي المسكين يوم حصادك الضغث ثمَّ إذا وقع في البيدر، ثمَّ إذا وقع في الصاع، العشر و نصف العشر «5» باب الحق المعلوم و الماعون و الأصل فيهما قول الله تبارك و تعالى: «وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ» أي مقدر
__________________________________________________
 (1) البقرة- 271.
 (2) المعارج- 24.
 (3- 4- 5) الكافي باب الحصار و الجداد خبر 1- 4- 5 من كتاب الزكاة.

144
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الحق المعلوم و الماعون ص 144

غَيْرُ الزَّكَاةِ وَ هُوَ شَيْ‏ءٌ يَفْرِضُهُ الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ فِي مَالِهِ وَ نَفْسِهِ وَ يَجِبُ لَهُ أَنْ يَفْرِضَهُ‏
__________________________________________________
و مقرر (لِلسَّائِلِ) من يسأل و لا يبالي منه (وَ الْمَحْرُومِ) من لا يسأل و يصير محروما غالبا و قوله تعالى فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ أي تاركون عمدا أو الأعم لعدم المبالات أو الأعم من تركه و من ترك أفعاله سهوا مبالغة الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ في العبادات أو في الصلاة وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ «1» أي ما يحصل به المعونة للجار أو الأعم «روى سماعة» في الموثق، «عن أبي عبد الله عليه السلام» الظاهر أن الصدوق نقل أكثر هذه الأخبار بالمعنى اختصارا كما ظهر لك سابقا و سيظهر لاحقا، و روى الكليني عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز و جل فرض للفقراء في أموال الأغنياء فريضة لا يحمدون إلا بأدائها و هي الزكاة، بها حقنوا دماءهم و بها سموا مسلمين، و لكن الله عز و جل فرض في أموال الأغنياء حقوقا غير الزكاة، قال عز و جل:
" فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ" فالحق المعلوم غير الزكاة و هو شي‏ء يفرضه الرجل على نفسه في ماله يجب عليه أن يفرضه على قدر طاقته و سعة ماله فيؤدي الذي فرض على نفسه إن شاء في كل يوم، و إن شاء في كل جمعة، و إن شاء في كل شهر و قد قال الله عز و جل أيضا" أَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً*" فهذا غير الزكاة و قد قال الله عز و جل أيضا" يُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَ عَلانِيَةً" و الماعون أيضا و هو القرض يقرضه و المتاع يعيره، و المعروف يصنعه، و مما فرض الله عز و جل أيضا في المال من غير الزكاة قوله عز و جل:" الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ، و من أدى ما فرض الله عليه فقد قضى ما عليه و أدى شكر ما أنعم الله عليه في ماله إذا هو حمده على ما أنعم الله عليه فيه مما فضله به من السعة على غيره و لما وفقه لأداء ما فرض الله عز و جل عليه و أعانه عليه «2»
__________________________________________________
 (1) الماعون 5.
 (2) الكافي باب فرض الزكاة و ما يجب في المال من الحقوق خبر 8 و الآيات الثلاثة في هذا الخبر في المعارج 24- الحديد- 18- البقرة 27.

145
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الحق المعلوم و الماعون ص 144

عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ وَ سَعَتِهِ‏
__________________________________________________
و في الحسن كالصحيح: عن أبي بصير قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام و معنا بعض أصحاب الأموال فذكروا الزكاة فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن الزكاة ليس يحمد بها صاحبها، و إنما هي شي‏ء ظاهر إنما حقن بها دمه و سمي بها مسلما و لو لم يؤدها لم يقبل له صلاة و إن عليكم في أموالكم غير الزكاة، فقلت أصلحك الله و ما علينا في أموالنا غير الزكاة؟ فقال: سبحان الله، أ ما تسمع الله عز و جل يقول في كتابه، وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ؟ قال: قلت فما ذا الحق المعلوم الذي علينا؟ قال: هو و الله الشي‏ء يعلمه (يعينه- خ) الرجل في ماله يعطيه في اليوم أو في الجمعة أو في الشهر قل أو كثر غير أنه يدوم عليه، و قوله عز و جل وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ قال هو القرض يقرضه و المعروف يصطنعه و متاع البيت يعيره و منه الزكاة، فقلت له: إن لنا جيرانا إذا أعرناهم متاعا كسروه و أفسدوه فعلينا جناح أن نمنعهم؟ فقال: لا ليس عليك جناح أن تمنعهم إذا كانوا كذلك، قال: قلت له: وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى‏ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً قال ليس من الزكاة قلت قوله: عز و جل الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً قال:
ليس من الزكاة قلت فقوله عز و جل إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَ إِنْ تُخْفُوها وَ تُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ قال: ليس من الزكاة و صلتك قرابتك ليس من الزكاة «1» و في القوي كالصحيح، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز و جل وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ أ هو سوى الزكاة؟ فقال: هو الرجل يؤتيه الله الثروة من المال فيخرج منه الألف و الألفين و الثلاثة آلاف و الأقل و الأكثر فيصل به رحمه و يحمل به الكل. عن قومه أي يحمل ثقل قومه كالديات و المصائب التي يعجزون عن أدائها.
و في القوي كالصحيح، عن القسم بن عبد الرحمن الأنصاري قال: سمعت أبا جعفر
__________________________________________________
 (1) هذا الخبر و الستة التي بعده أورده في الكافي باب فرض الزكاة و ما يجب في المال من الحقوق خبر 9- 10- 11- 12- 13- 14- 20.

146
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الحق المعلوم و الماعون ص 144

.........
__________________________________________________
عليه السلام يقول: (إن رجلا جاء إلى أبي علي بن الحسين عليهما السلام فقال له: أخبرني عن قول الله عز و جل وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ ما هذا الحق المعلوم؟ فقال له علي بن الحسين عليه السلام: الحق المعلوم الشي‏ء يخرجه من ماله ليس من الزكاة و لا من الصدقة المفروضتين قال فإذا لم يكن من الزكاة و لا من الصدقة فما هذا؟ فقال هو الشي‏ء يخرجه من ماله إن شاء أكثر و إن شاء أقل على قدر ما يملك فقال له الرجل فما يصنع به فقال: يصل به رحما و يقوي به ضعيفا و يحمل به كلا و يصل به أخا له في الله أو لنائبة تنوبه فقال الرحل اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ (أو رسالاته).
و في القوي كالصحيح عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز و جل لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ* قال: المحروم، المحارف الذي قد حرم كد يده في الشراء و البيع و عن- المفضل قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسأله رجل في كم تجب الزكاة من المال؟
فقال له: الزكاة الظاهرة أم الباطنة تريد؟ قال: أريدهما جميعا فقال: أما الظاهرة ففي كل ألف، خمسة و عشرون، و أما الباطنة فلا تستأثر على أخيك بما هو أحوج إليه منك و في الصحيح عن عامر بن جذاعة (الممدوح) قال: جاء رجل إلى أبي عبد الله عليه السلام فقال له يا با عبد الله عليه السلام قرض إلى ميسرة (أي مطلوبي) فقال له أبو عبد الله عليه السلام: إلى غلة تدرك؟ فقال الرجل: لا و الله قال: فإلى تجارة ثوب؟ (و في نسخة) تؤب (أي ترجع) قال: لا و الله قال، فإلى عقدة تباع فقال لا و الله، فقال أبو عبد الله عليه السلام فأنت ممن جعل- الله له في أموالنا حقا، ثمَّ دعا بكيس فيه دراهم فأدخل يده فيه فناوله منه قبضة ثمَّ قال له:
اتق الله و لا تسرف و لا تقتر، و لكن بين ذلك قواما أن التبذير من الإسراف قال الله عز و جل وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً.
و في الصحيح، عن البزنطي قال: ذكرت للرضا عليه السلام شيئا فقال: اصبر فإني أرجو أن يصنع الله بك إن شاء الله، ثمَّ قال: فو الله ما ادخر الله عن المؤمن من هذا الدنيا خير له مما عجل له فيها، ثمَّ صغر الدنيا، و قال: أي شي‏ء هي ثمَّ قال: إن صاحب النعمة على خطر

147
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

بَابُ الْخَرَاجِ وَ الْجِزْيَةِ
1667 رُوِيَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: اسْتَعْمَلَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ الْمَدَائِنِ الْبِهْقُبَاذَاتِ وَ بَهُرَسِيرَ وَ نَهَرِ جَوْبَرَ وَ نَهَرِ الْمَلِكِ وَ أَمَرَنِي أَنْ أَضَعَ عَلَى كُلِّ جَرِيبِ زَرْعٍ غَلِيظٍ دِرْهَماً وَ نِصْفاً وَ عَلَى كُلِ‏

__________________________________________________
إنه يجب عليه حقوق الله فيها و الله إنه ليكون على النعم من الله عز و جل فما أزال منها على و جل و حرك يده حتى أخرج من الحقوق التي تجب لله علي فيها، قلت: جعلت فداك أنت في قدرك تخاف هذا؟ قال، نعم فأحمد ربي على ما من به على.
باب الخراج و الجزية الخراج هو أجرة الأرض يأخذها الإمام من الأرض التي فتحت بالسيف قهرا كمكة على المشهور و الجزية ما يؤخذ من أهل الكتاب اليهود و النصارى و المجوس كما قال الله تبارك و تعالى:
قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ «1» «روي عن مصعب بن يزيد الأنصاري» في القوي و رواه الشيخ أيضا عنه في القوي «2» «قال استعملني (إلى قوله) المدائن» و الظاهر أنها كانت أربعة نواحي كل واحدة منها تسقى من نهر كما هو المتعارف هنا الآن أيضا «البهقياذات و نهر سير» بالنون و السين المهملة و قرى بالباء و بالنون و الشين المعجمة بإضافة با كما في التهذيب المنقول من خط الشيخ، نهر شيربا «و نهر جوير» قرى بالنون و الباء، و بفتح الجيم و كسر الواو مع الياء المثناة بعدها، و بالجيم مع الباء الموحدة بعد الواو «و نهر الملك (إلى‏
__________________________________________________
 (1) التوبة- 29.
 (2) التهذيب باب الخراج و عمارة الأرضين خبر 3.

148
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

جَرِيبٍ وَسَطٍ دِرْهَماً وَ عَلَى كُلِّ جَرِيبِ زَرْعٍ رَقِيقٍ ثُلُثَيْ دِرْهَمٍ وَ عَلَى كُلِّ جَرِيبِ كَرْمٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَ عَلَى كُلِّ جَرِيبِ نَخْلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَ عَلَى كُلِّ جَرِيبِ الْبَسَاتِينِ الَّتِي تَجْمَعُ النَّخْلَ وَ الشَّجَرَةَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَ أَمَرَنِي أَنْ أُلْقِيَ كُلَّ نَخْلٍ شَاذٍّ عَنِ الْقُرَى لِمَارَّةِ الطَّرِيقِ وَ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ وَ لَا آخُذَ مِنْهُ شَيْئاً وَ أَمَرَنِي أَنْ أَضَعَ عَلَى الدَّهَاقِينِ- الَّذِينَ يَرْكَبُونَ الْبَرَاذِينَ وَ يَتَخَتَّمُونَ بِالذَّهَبِ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ ثَمَانِيَةً وَ أَرْبَعِينَ دِرْهَماً وَ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ وَ التُّجَّارِ مِنْهُمْ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ أَرْبَعَةً وَ عِشْرِينَ دِرْهَماً وَ عَلَى سَفِلَتِهِمْ وَ فُقَرَائِهِمْ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَماً قَالَ فَجَبَيْتُهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي سَنَةٍ.
1668 وَ رَوَى فُضَيْلُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَعْوَرُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ اللَّذَانِ يُهَوِّدَانِهِ وَ يُنَصِّرَانِهِ وَ يُمَجِّسَانِهِ وَ إِنَّمَا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ ص الذِّمَّةَ وَ قَبِلَ الْجِزْيَةَ عَنْ رُءُوسِ أُولَئِكَ بِأَعْيَانِهِمْ عَلَى أَنْ لَا يُهَوِّدُوا أَوْلَادَهُمْ وَ لَا يُنَصِّرُوا وَ أَمَّا أَوْلَادُ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْيَوْمَ فَلَا ذِمَّةَ لَهُمْ.

1669 وَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص‏

__________________________________________________
قوله) غليظ» حاصله «و أمرني أن أضع على الدهاقين» أي كبراء الفلاحين من المجوس «و روى فضيل بن عثمان الأعور» في الصحيح «عن أبي عبد الله عليه السلام (إلى قوله) الفطرة» أي خلقة الإسلام كما قال الله تعالى فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها «1» أي يلقى الإسلام و المعرفة عليه لو كان مخلى و نفسه (بالطبع- خ) (أو) يكون حكمه حكم الإسلام ما دام أبواه أو أحدهما على الإسلام أو خلق لأن يكون مسلما أو أعطي العقل و أرسل الكتاب و النبي إليه فلو لم يكن له عائق عن الإسلام لكان مسلما «عن رؤوس أولئك» أي الطائفة التي كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم على الشرط المذكور (أو) عن رؤوس اليهود و النصارى و المجوس مطلقا بالشرط «فلا ذمة لهم» لأن هؤلاء غير أولئك أو لأنهم لا يعملون بشرائط الذمة، و هو أظهر معنى و الأول لفظا «و في رواية علي بن رئاب» في الصحيح «عن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام»
__________________________________________________
 (1) الروم- 30.

149
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

قَبِلَ الْجِزْيَةَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى أَنْ لَا يَأْكُلُوا الرِّبَا وَ لَا يَأْكُلُوا لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَ لَا يَنْكِحُوا الْأَخَوَاتِ وَ لَا بَنَاتِ الْأَخِ وَ لَا بَنَاتِ الْأُخْتِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَ ذِمَّةُ رَسُولِهِ ص وَ قَالَ لَيْسَتْ لَهُمُ الْيَوْمَ ذِمَّةٌ.
1670 وَ رَوَى حَرِيزٌ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مَا حَدُّ الْجِزْيَةِ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ وَ هَلْ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ شَيْ‏ءٌ مُوَظَّفٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ إِلَى غَيْرِهِ فَقَالَ ذَلِكَ إِلَى الْإِمَامِ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ مَا شَاءَ عَلَى قَدْرِ مَالِهِ وَ مَا يُطِيقُ إِنَّمَا هُمْ قَوْمٌ فَدَوْا أَنْفُسَهُمْ أَنْ لَا يُسْتَعْبَدُوا أَوْ يُقْتَلُوا فَالْجِزْيَةُ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ عَلَى قَدْرِ مَا يُطِيقُونَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُمْ بِهِ حَتَّى يُسْلِمُوا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ «1» وَ هُوَ لَا يَكْتَرِثُ بِمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ‏

__________________________________________________
هذا يؤيد المعنى الثاني «و في رواية حريز» في الصحيح و رواه الكليني في الحسن كالصحيح «2» «عن زرارة (إلى قوله) أن يجوز» أي يتجاوز إلى غيره «فقال (إلى قوله) و ما يطيق» أي لو لم يقتض المصلحة خلافه كما في خبر مصعب و غيره (أو) يكون عدم التقدير على الاستحباب في زيادة صغارهم و ذلهم أو يقال إن المضر التقدير الذي علمه أهل الذمة لا العامل «إنما هم (إلى قوله) أَنْ يُقَتَّلُوا» لكفرهم «فالجزية تؤخذ منهم على قدر ما يطيقون» أي بدون التعسير عليهم مع تضيق لأن الغني يقدر على أن يؤدي كل ماله أو نصفه أو ثلثه و إنما يؤخذ منه شي‏ء قليل له «أن يأخذهم (إلى قوله) لا يكترث» أي لا يبالي «لما يؤخذ منه حتى يجد» أي ما لم يجد ذلا «لما أخذ (إلى قوله) فيسلم» و إذا كانت الجزية مقررة عليهم فلا يبالون أن يجمعوها و يحصلوها في عرض السنة و أما إذا لم تكن مقررة عليهم و لم يعلموا أن المأخوذ كم مقداره؟ فيكونون في كل السنة في الألم فيسلمون حتى لا يألموا، و ظاهر الآية وجوب أدائها بيده لا البعث بيد و كيله، بل يؤدي بيده إلى أن يقول المصدق (بس) و قيل يؤخذ، بلحيته و يلطم و من كان خلفه يضرب يده على عنقه، ليحصل له الصغار.
__________________________________________________
 (1) التوبة 29.
 (2) الكافي باب صدقة أهل الجزية خبر 1 من كتاب الزكاة.

150
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

حَتَّى يَجِدَ ذُلًّا لِمَا أُخِذَ مِنْهُ فَيَأْلَمَ لِذَلِكَ فَيُسْلِمَ.
1671 وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَ رَأَيْتَ مَا يَأْخُذُ هَؤُلَاءِ مِنْ هَذَا الْخُمُسِ مِنْ أَرْضِ الْجِزْيَةِ وَ يَأْخُذُونَ مِنَ الدَّهَاقِينِ جِزْيَةَ رُءُوسِهِمْ أَ مَا عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ شَيْ‏ءٌ مُوَظَّفٌ فَقَالَ كَانَ عَلَيْهِمْ مَا أَجَازُوا عَلَى نُفُوسِهِمْ وَ لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَكْثَرُ مِنَ الْجِزْيَةِ إِنْ شَاءَ الْإِمَامُ وَضَعَ ذَلِكَ عَلَى رُءُوسِهِمْ وَ لَيْسَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ شَيْ‏ءٌ وَ إِنْ شَاءَ فَعَلَى أَمْوَالِهِمْ وَ لَيْسَ عَلَى رُءُوسِهِمْ شَيْ‏ءٌ فَقُلْتُ فَهَذَا الْخُمُسُ فَقَالَ إِنَّمَا هَذَا شَيْ‏ءٌ كَانَ صَالَحَهُمْ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ص‏

__________________________________________________
 «و قال محمد بن مسلم» في القوي و رواه الكليني في الحسن كالصحيح عنه «1» «قلت لأبي عبد الله عليه السلام أ رأيت ما يأخذ هؤلاء» العامة «من هذا الخمس (إلى قوله) من الدهاقين» من المجوس «جزية رؤوسهم إما عليهم في ذلك» أي أصل الجزية أو الزيادة عليها كالخمس الذي يأخذونه منهم أ هو شي‏ء قرره رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أو يظلمونهم بأخذه «فقال (إلى قوله) أنفسهم» يعني هذا الخمس الذي يأخذه العامة منهم شي‏ء قرروهم على نفوسهم في زمان عمر لئلا يلحقوا بالروم فعليهم أن يؤدوها «و ليس للإمام» يعني ابتداء «أكثر من الجزية» و الظاهر أنه عليه السلام بين أن هذا الخمس من فعل عمر- و ليس للإمام أن يقرره عليهم و لم يفهم السائل، و لما أعاد السؤال اضطر في أن يتقي «فقال (إلى قوله) رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» و إن كانت تقية، لكن مراده عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم صالحهم على أن يؤدوا الجزية إلا أن يزيدوهم على أنفسهم فلما زادهم على أنفسهم فعليهم أن يؤدوها (أو) يكون هذا إشارة إلى أصل الجزية يعني أن ما قلت لك إنه ليس عليهم شي‏ء سوى الجزية شي‏ء صالحهم عليه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أن لا يكون عليهم غيرها لكن أهل الظلم تعدوا عن قول رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، و ظاهره عدم جواز الجمع بأن يقرر على نفوسهم و أموالهم.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب صدقة أهل الجزية خبر 2- 3- و ذيل خبر 1.

151
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

1672 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي أَهْلِ الْجِزْيَةِ يُؤْخَذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَ مَوَاشِيهِمْ شَيْ‏ءٌ سِوَى الْجِزْيَةِ قَالَ لَا.

1673 قَالَ وَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ صَدَقَاتِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ جِزْيَتِهِمْ مِنْ ثَمَنِ خُمُورِهِمْ وَ لَحْمِ خَنَازِيرِهِمْ وَ مَيْتَتِهِمْ فَقَالَ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةُ فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ مِنْ ثَمَنِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ أَوْ خَمْرٍ وَ كُلُّ مَا أَخَذُوا مِنْ ذَلِكَ فَوِزْرُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَ ثَمَنُهُ لِلْمُسْلِمِينَ حَلَالٌ يَأْخُذُونَهُ فِي جِزْيَتِهِمْ.

1674 وَ رَوَى طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: جَرَتِ السُّنَّةُ أَنْ لَا تُؤْخَذَ الْجِزْيَةُ مِنَ الْمَعْتُوهِ وَ لَا مِنَ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ.

1675 وَ رَوَى حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ النِّسَاءِ كَيْفَ سَقَطَتِ‏

__________________________________________________
 «و روى محمد بن مسلم» في القوي. و رواه الكليني في الصحيح عنه عليه السلام «1» و هو مؤكد لما قبله و يمكن أن يكون السؤال في وقت آخر كما يظهر من الكافي قال محمد بن مسلم «و سألت أبا عبد الله عليه السلام» رواه في الكافي في الحسن كالصحيح «2» و يدل على جواز أخذ ثمنها و إن كان البيع حراما و لا يملكون الثمن، لكن لما كان العهد معهم على التقرير على مذهبهم الباطل لأن يكون إسلامهم باختيارهم و يرتفع الشبهة إن كانت عنهم جاز أخذ ثمنها عنهم (أو) لأن مالهم في‏ء للمسلمين فلو كان المال الذي وقع ثمن الخمر مالا للمشتري أيضا جاز هنا أخذه منهم لرضاهم و كان الوزر في البقاء على مذهبهم الباطل و بيعهما و أخذ ثمنهما عليهم، و ليس على المسلمين شي‏ء. «و روى طلحة بن زيد» طريق الصدوق إليه صحيح و كتابه معتمد و رواه الكليني في الصحيح، عن عبد الله بن المغيرة عنه «3» «عن أبي عبد الله عليه السلام» يدل على سقوط الجزية عن المعتوه و هو المجنون، (و المغلوب على عقله) تفسيره.
 «و روى حفص بن غياث» طريق الصدوق إليه صحيح و هو موثق و حديثه‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب صدقة أهل الجزية خبر 2- 3- و ذيل خبر 1.
 (3) الكافي باب صدقة أهل الجزية خبر 3 من كتاب الزكاة.

152
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

الْجِزْيَةُ وَ رُفِعَتْ عَنْهُنَّ فَقَالَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَ الْوِلْدَانِ فِي دَارِ الْحَرْبِ إِلَّا أَنْ يُقَاتِلْنَ وَ إِنْ قَاتَلَتْ أَيْضاً فَأَمْسِكْ عَنْهَا مَا أَمْكَنَكَ وَ لَمْ تَخَفْ خَلَلًا فَلَمَّا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ص عَنْ قَتْلِهِنَّ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَانَ ذَلِكَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْلَى وَ لَوِ امْتَنَعَتْ أَنْ تُؤَدِّيَ الْجِزْيَةَ لَمْ يُمْكِنْ قَتْلُهَا فَلَمَّا لَمْ يُمْكِنْ قَتْلُهَا رُفِعَتِ الْجِزْيَةُ عَنْهَا وَ لَوْ مَنَعَ الرِّجَالُ فَأَبَوْا أَنْ يُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ كَانُوا نَاقِضِينَ لِلْعَهْدِ وَ حَلَّتْ دِمَاؤُهُمْ وَ قَتْلُهُمْ لِأَنَّ قَتْلَ الرِّجَالِ مُبَاحٌ فِي دَارِ الشِّرْكِ وَ الذِّمَّةِ وَ كَذَلِكَ الْمُقْعَدُ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ وَ الذِّمَّةِ وَ الْأَعْمَى وَ الشَّيْخُ الْفَانِي وَ الْمَرْأَةُ وَ الْوِلْدَانُ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ رُفِعَتْ عَنْهُمُ الْجِزْيَةُ.
1676 وَ رَوَى ابْنُ مُسْكَانَ عَنِ الْحَلَبِيِّ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْأَعْرَابِ أَ عَلَيْهِمْ جِهَادٌ فَقَالَ لَيْسَ عَلَيْهِمْ جِهَادٌ إِلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَيُسْتَعَانَ بِهِمْ فَقَالَ فَلَهُمْ مِنَ الْجِزْيَةِ شَيْ‏ءٌ قَالَ لَا.

1677 وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنْ سِيرَةِ الْإِمَامِ فِي الْأَرْضِ الَّتِي فُتِحَتْ بَعْدَ

__________________________________________________
معلل و عمل الأصحاب عليه في سقوط الجزية عن النساء و غير البالغ و المقعد و الأعمى و الشيخ الهرم.
 «و روى ابن مسكان» في الصحيح «عن الحلبي» و يدل ظاهرا على سقوط الجهاد عن سكان البادية و قد تقدم، و على أنهم لا يستحقون الجزية لأنها للمجاهدين (أو) للمهاجرين و ليسوا منهما، و روى الكليني في الصحيح، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الأعراب عليهم جهاد؟ قال:
لا إلا أن يخاف على الإسلام فيستعان بهم، قلت: فلهم من الجزية شي‏ء قال: لا «2» «و سأل محمد بن مسلم» في القوي و رواه الشيخ في الصحيح عنه «3» «عن أبي جعفر عليه السلام عن سير الإمام» بالمصدر أو الجمع، و في التهذيب (سيره) بالهاء و هو أصوب‏
__________________________________________________
 (2) الكافي باب قسمة الغنيمة خبر 5.
 (3) التهذيب باب مستحق عطاء الجزية خبر 1 من كتاب الزكاة.

153
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع قَدْ سَارَ فِي أَهْلِ الْعِرَاقِ بِسِيرَةٍ فَهِيَ إِمَامٌ لِسَائِرِ الْأَرَضِينَ وَ قَالَ إِنَّ أَرْضَ الْجِزْيَةِ لَا تُرْفَعُ عَنْهَا الْجِزْيَةُ وَ إِنَّمَا الْجِزْيَةُ عَطَاءُ الْمُجَاهِدِينَ وَ الصَّدَقَاتُ لِأَهْلِهَا الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ لَيْسَ لَهُمْ مِنَ الْجِزْيَةِ شَيْ‏ءٌ ثُمَّ قَالَ ع مَا أَوْسَعَ الْعَدْلَ إِنَّ النَّاسَ يَسْتَغْنُونَ إِذَا عُدِلَ فِيهِمْ وَ تُنْزِلُ السَّمَاءُ رِزْقَهَا وَ تُخْرِجُ الْأَرْضُ بَرَكَتَهَا بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏
__________________________________________________
و كأنه من النساخ «في الأرض التي فتحت بعد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» مع أنها فتحت على غير الإمام و قد تقدم أنها للإمام إذا لم يكن بإذنه عليه السلام «فقال (إلى قوله) هي» أي السيرة «إمام لسائر الأرضين» أي لسيرة سائرها أو الأرض باعتبار السيرة «و قال: إن أرض الجزية» التي لأهل الكتاب «لا ترفع عنها الجزية» أي سواء كان فاتحها الإمام الحق أو مقررها و يمكن شموله لما قرر عليهم ذو الشوكة من المسلمين: و الظاهر أنه رد على عمر حيث رفع الجزية عن جماعة ممن قرر عليهم رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الجزية و ضاعف عليهم للصدقة «و إنما الجزية عطاء المجاهدين» و في نسخ التهذيب (المهاجرين) و على هذه النسخة أيضا الظاهر أن المراد بها أنها كانت للمهاجرين في زمان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لأجل الجهاد فلما انقطعت الهجرة بعد الفتح كانت للمجاهدين، و يحتمل أن تكون في زمان الغيبة لأهل الهجرة في تحصيل العلوم الدينية و للمجاهدين بالجهاد الأكبر «و الصدقات (إلى قوله) العدل» للتعجب «إن الناس يستغنون إذا عدل فيهم» لأن الله تعالى قرر لكل صنف ما لا «و تنزل السماء رزقها» لأن الجور سبب لعدم نزول المطر كما ورد في الأخبار و تقدم بعضها.
و روى الكليني (في الصحيح و إن كان في الطريق سهل بن زياد، لأن الظاهر أنه أخذ، من كتاب البزنطي) عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله عليه السلام قال، إن أرض الجزية لا يرفع عنهم الجزية و إنما الجزية عطاء المهاجرين و الصدقة لأهلها الذي سمى الله في كتابه و ليس لهم من الجزية شي‏ء، ثمَّ قال: ما أوسع العدل؟ ثمَّ قال: إن الناس يستغنون إذا عدل فيهم و تنزل السماء رزقها و تخرج الأرض بركتها بإذن الله.

154
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
و روى الكليني في الصحيح عن صفوان بن يحيى و البزنطي قالا: ذكرنا له الكوفة و ما وضع عليها من الخراج و ما سار فيها أهل بيته يعني أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال: من أسلم طوعا تركت أرضه في يده و أخذ منه العشر مما سقت السماء و الأنهار و نصف العشر مما كان بالرشاء فيما عمروه منها، و ما لم يعمروه منها أخذه الإمام فقبله من يعمره و كان للمسلمين و على المتقبلين في حصصهم، العشر و نصف العشر، و ليس في أقل من خمسة أو ساق شي‏ء من الزكاة، و ما أخذ بالسيف فذلك إلى الإمام يقبله بالذي يرى كما صنع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بخيبر قبل سوادها و بياضها يعني أرضها و نخلها، و الناس يقولون لا يصلح قبالة الأرض و النخل و قد قبل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم خيبر و على المتقبلين سوى قبالة الأرض، العشر و نصف العشر في حصصهم، و قال: إن أهل الطائف أسلموا و جعل عليهم العشر و نصف العشر و إن مكة دخلها صلى الله عليه و آله و سلم عنوة و كانوا أسراء في يده فأعتقهم و قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء «1» و قريب منه ما رواه الشيخ في الصحيح عن البزنطي عن الرضا عليه السلام و سيجي‏ء الأخبار الصحيحة في كتاب البيع في هذا المعنى.
و ظاهرها أن أمير المؤمنين و الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجروا في الأراضي المفتوحة في زمن أهل الجور أحكام الأرض المفتوحة عنوة (إما) لأنه صلوات الله عليه لما تمكن فيها فكأنه فتحها و صار حكمها حكمها (و إما) لتنفيذ أحكامها عليها و إن فتحت جورا بمنزلة البيع الفضولي (و إما) لرضاه لأنه ترتب على الفتوح إسلام أهل الأرض و صاروا بالآخرة مؤمنين كما كان يجري على أهل النفاق أحكام أهل الإسلام و إن كانوا كفرة (و إما) لاتقائهم عليهم السلام منهم و كان لا يمكنهم رفع بدعهم (و إما) لأن الأرض كان منهم و تفضلوا على المسلمين بإبقائها على هذه الأحكام إلى أن يظهر الحق، و هو أظهر من الأخبار.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب صدقة أهل الجزية خبر 6 من كتاب الزكاة و التهذيب باب من الزيادات خبر 2 من كتاب الزكاة.

155
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

1678 وَ الْمَجُوسُ تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ لِأَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَ كَانَ لَهُمْ نَبِيٌّ اسْمُهُ دَامَسْبُ فَقَتَلُوهُ وَ كِتَابٌ يُقَالُ لَهُ جَامَاسْبُ كَانَ يَقَعُ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ جِلْدِ ثَوْرٍ فَحَرَّقُوهُ‏

__________________________________________________
فعلى هذا يكون تصرفات الإمامية فيها أسهل من غيرهم لما مر من الأخبار و سمعنا من بعض المشايخ مذاكرة: إن عمر التمس من أمير المؤمنين صلوات الله عليه أن يبعث عليه السلام أبا محمد الحسن بن علي عليهما السلام مع العسكر و كان عليه السلام مع العسكر، و كلما وقع فتح كان بإذنه و مشورته صلوات الله عليه «1» حتى أنه عليه السلام دخل أصفهان و اغتسل في حمام كان بقرب المسجد الجامع العتيق و صلى في مسجد لبنان، و ذكر أنه سمعه من شيخ المحققين عبد العالي، و هو سمعه من أبيه سند المحققين و المدققين علي بن عبد العالي و الله تعالى يعلم.
 «و المجوس تؤخذ منهم الجزية إلخ» روى الكليني، عن أبي يحيى الواسطي عن بعض أصحابنا قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام، عن المجوس أ كان لهم نبي؟ فقال: نعم أ ما بلغك كتاب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إلى أهل مكة أن أسلموا و إلا نابذتكم بحرب فكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أن خذ منا الجزية و دعنا على عبادة الأوثان فكتب إليهم النبي عليه السلام إني لست آخذ الجزية إلا من أهل الكتاب فكتبوا إليه يريدون بذلك تكذيبه زعمت أنك لا تأخذ الجزية إلا من أهل الكتاب، ثمَّ أخذت الجزية من مجوس‏
__________________________________________________
 (1) و يؤيد ما ذكره الشارح ره ما رواه الصدوق ره في أبواب السبعة من كتاب الخصال في باب ان اللّه تعالى يمتحن اوصياء الأنبياء في حيوة الأنبياء في سبعة مواطن و بعد وفاتهم في سبعة مواطن مسندا عن جابر الجعفى عن ابى جعفر (ع) انه اتى يهودى أمير المؤمنين (ع) في متصرفه عن وقعة نهروان فيسأله عن تلك المواطن (إلى أن قال) و اما الرابعة فان القائم بعد صاحبه (يعنى عمر بعد أبى بكر) كان يشاورنى في موارد الأمور فيصدرها عن امرى في غوامضها فيمضيها عن رايى فما علمه أحد و لا يعلمه اصحابى و لا يناظرنى غيره إلخ.

156
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
هجروهم أهل الأحساء و القطيف و البحرين فكتب إليهم النبي صلى الله عليه و آله أن المجوس كان لهم نبي فقتلوه و كتاب أحرقوه أتاه نبيهم بكتابهم في اثني عشر ألف جلد ثور «1» و الظاهر أن القرطاس لم يكن يومئذ، و كانوا يكتبون على الجلود و الألواح و كذلك كان في ابتداء الإسلام، و المشهور أن القرطاس حصل من تعليم أمير المؤمنين صلوات الله عليه و أمره عجيب لمن شاهد عمله، و الأخبار في أمر المجوس كثيرة لا تخلو من ضعف، لكن عمل الأصحاب عليها.
و اعلم أن الجهاد في سبيل الله من أعلى فرائض الله و أعظم شعائر الإسلام. لكن لما كان له شروط (منها) إذن الإمام عليه السلام أو من نصبه و كان الأئمة صلوات الله عليهم يعلمون أن القتال مع الطواغي و الظلمة الذين كانوا في عهدهم عبث لم يجاهدوا و لما كان حكم الجهاد في زمان الغيبة عبثا غالبا و في زمان الحضور كلما يأمره المعصوم فالحكم حكمه و هو حكم الله، لم يذكر الصدوق أحكام الجهاد و لا بأس بأن نذكر بعض الأخبار الواردة في ذلك الباب.
فمن ذلك ما روى الكليني في الصحيح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: الخير كله في السيف و تحت ظل السيف و لا يقيم الناس إلا السيف «2» و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: للجنة باب يقال له: باب المجاهدين يمضون إليه فإذا هو مفتوح و هم متقلدون بسيوفهم و الجمع في الموقف و الملائكة تترحب بهم (أي يقولون لهم مرحبا) ثمَّ قال: فمن ترك الجهاد ألبسه الله عز و جل ذلا و فقرا في معيشته و محقا في دينه، إن الله عز و جل أغنى أمتي بسنابك خيلها و مراكز رماحها «3».
__________________________________________________
 (1) الكافي باب صدقة أهل الجزية خبر 4 و التهذيب باب الجزية خبر 1.
 (2- 3) الكافي باب فضل الجهاد خبر 1- 2 من كتاب الجهاد.

157
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم خيول الغزاة في الدنيا خيولهم في الجنة. و إن أردية الغزاة لسيوفهم و قال صلى الله عليه و آله و سلم أخبرني جبرئيل بأمر قرت به عيني و فرح به قلبي قال: يا محمد من غزا من أمتك في سبيل الله فأصابه قطرة من السماء أو صداع كتب الله عز و جل له شهادة «1» و كفى بالآيات الواردة «2» في هذا الباب شرفا و فضلا، و بالأخبار الكثيرة، عن أمير المؤمنين و الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم طولا و نبلا.
و عن فضيل بن عياض قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الجهاد سنة أم فريضة؟
فقال: الجهاد على أربعة أوجه، فجهادان فرض، و جهاد سنة لا يقام إلا مع الفرض و جهاد سنة، فأما أحد الفرضين فمجاهدة الرجل نفسه عن معاصي الله عز و جل و هو من أعظم الجهاد. و مجاهدة الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ فرض، و أما الجهاد الذي هو سنة لا يقام إلا مع فرض، فإن مجاهدة العدو فرض على جميع الأمة، و لو تركوا الجهاد لأتاهم العذاب و هذا هو من عذاب الأمة و هو سنة على الإمام، و حده أن يأتي العدو مع الأمة فيجاهدوهم، و أما الجهاد الذي هو سنة فكل سنة أقامها الرجل و جاهد في إقامتها و بلوغها و إحيائها فالعمل و السعي فيها من أفضل الأعمال لأنها إحياء سنة و قد قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: من سن سنة حسنة فله أجرها و أجر من عمل بها إلى يوم القيمة من غير أن ينقص من أجورهم شي‏ء «3».
و عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام قال سأل رجل أبي صلوات الله عليه عن حروب أمير المؤمنين (ع) و كان السائل من محبينا فقال له أبو جعفر (ع) بعث الله محمدا (ص) بخمسة أسياف، ثلاثة منها شاهرة، فلا تغمد حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها و لن تضع الْحَرْبُ أَوْزارَها حتى‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب فضل الجهاد خبر 3.
 (2) و الأولى التعبير بالآيات النازلة كما لا يخفى وجهه و اما الاخبار فراجع كتاب الجهاد من الكافي و التهذيب.
 (3) الكافي باب وجوه الجهاد خبر 2.

158
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت الشمس من مغربها أمن الناس كلهم في ذلك فيومئذ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً «1» و سيف منها مكفوف، و سيف منها مغمود سله إلى غيرنا و حكمه إلينا.
و أما السيوف الثلاثة الشاهرة فسيف على مشركي العرب- قال الله عز و جل:
فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا (يعني آمنوا (وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ «2» فهؤلاء لا يقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الإسلام و أموالهم و ذراريهم سبي على ما سن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فإنه سبي و عفا و قبل الفداء.
 (و السيف الثاني) على أهل الذمة قال الله تعالى وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً «3» نزلت هذه الآية في أهل الذمة، ثمَّ نسخها قوله تعالى (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ «4».
فمن كان منهم في دار الإسلام فلن يقبل منهم إلا الجزية أو القتل، و ما لهم في‏ء و ذراريهم سبي، و إذا قبلوا الجزية على أنفسهم حرم علينا سبيهم و حرمت أموالهم و حلت لنا مناكحتهم، و من كان منهم في دار الحرب حل لنا سبيهم و أموالهم و لم تحل لنا مناكحتهم و لم يقبل منهم إلا الدخول في الإسلام أو الجزية أو القتل.
 (و السيف الثالث) سيف على مشركي العجم يعني الترك و الديلم و الخزر قال الله عز و جل في أول السورة التي يذكر فيها الَّذِينَ كَفَرُوا فقص قصتهم، ثمَّ قال فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ‏
__________________________________________________
 (1) المائدة 158.
 (2) التوبة 5.
 (3) البقرة 83.
 (4) التوبة 29.

159
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
أَوْزارَها «1» و أما قوله (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ) يعني بعد السبي منهم (وَ إِمَّا فِداءً) يعني المفاداة بينهم و بين أهل الإسلام فهؤلاء لن يقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الإسلام و لا تحل لنا مناكحتهم ما داموا في دار الحرب.
 (و أما السيف المكفوف) فسيف على أهل البغي و التأويل- قال الله عز و جل وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى‏ فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِي‏ءَ إِلى‏ أَمْرِ اللَّهِ «2» فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: إن منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل فسئل النبي صلى الله عليه و آله و سلم من هو؟ فقال: خاصف النعل، يعني أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فقال عمار بن ياسر قاتلت بهذه الراية مع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ثلاثا و هذه الرابعة و الله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا السعفات «3» من هجر «4» لعلمنا إنا على الحق و أنهم على الباطل، و كان السيرة فيهم من أمير المؤمنين عليه السلام ما كان من رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في أهل مكة يوم فتح مكة فإنه لم يسب لهم ذرية، و قالوا: من أغلق بابه فهو آمن، و من ألقى سلاحه فهو آمن و كذلك قال: أمير المؤمنين عليه السلام يوم البصرة نادى فيهم لا تسبوا لهم ذرية، و لا تجهزوا على جريح، و لا تتبعوا مدبرا، و من أغلق بابه و ألقى سلاحه فهو آمن.
__________________________________________________
 (1) محمّد 4.
 (2) الحجرات 49.
 (3) السعفات جمع سعفة بالتحريك، جريدة النخل ما دامت في الخوص، فان زال عنها قيل جريدة، و قيل إذا يبست سميت سعفة و الرطبة، شطبة- قال بعض الشارحين و خص هجر لبعد المسافة و لكثرة النخيل بها- مجمع البحرين.
 (4) هجر محركة بلدة باليمن و اسم لجميع ارض البحرين، و قرية كانت قرب المدنية تنسب إليها القلال (مجمع البحرين).

160
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
 (و أما السيف المغمود) فهو السيف الذي يقوم به القصاص فهو السيف الذي قال الله عز و جل النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَ الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ «1» فسله إلى أولياء المقتول و حكمه إلينا- فهذه السيوف التي بعث الله بها محمدا صلى الله عليه و آله و سلم: فمن جحدها أو جحدوا حدا أو شيئا من سيرها و أحكامها فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه و آله و سلم «2» و عن أبي عبد الله عليه السلام، أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم بعث بسرية فلما رجعوا قال: مرحبا بقوم قضوا الجهاد الأصغر و بقي عليهم الجهاد الأكبر قيل: يا رسول الله و ما الجهاد الأكبر؟ قال:
جهاد النفس «3» و عن أبي عمر و الزبيري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: أخبرني عن الدعاء إلى الله و الجهاد في سبيله هو لقوم لا يحل إلا لهم و لا يقوم به إلا من كان منهم أم هو مباح لكل من وحد الله عز و جل و آمن برسوله صلى الله عليه و آله و سلم و من كان كذا فله أن يدعو إلى الله عز و جل و إلى طاعته و أن يجاهد في سبيله فقال: ذلك لقوم لا يحل إلا لهم و لا يقوم بذلك إلا من كان منهم، قلت: من أولئك؟ قال: من قام بشرائط الله عز و جل في القتال، و الجهاد على المجاهدين فهو المأذون له في الدعاء إلى الله عز و جل، و من لم يكن قائما بشرائط الله عز و جل في الجهاد على المجاهدين فليس بمأذون له في الجهاد و لا الدعاء إلى الله تعالى حتى يحكم في نفسه ما أخذ الله عليه من شرائط الجهاد.
قلت فبين لي يرحمك الله قال: إن الله تبارك و تعالى أخبر في كتابه الدعاء إليه و وصف الدعاة إليه فجعل ذلك لهم درجات يعرف بعضها بعضا و يستدل ببعضها على بعض، فأخبر أنه تبارك و تعالى: أول من دعا إلى نفسه و دعا إلى طاعته و اتباع أمره فبدأ نفسه.
فقال وَ اللَّهُ يَدْعُوا إِلى‏ دارِ السَّلامِ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، «4» ثمَّ ثنى برسوله‏
__________________________________________________
 (1) المائدة 45.
 (2) إلى هنا آخر خبر حفص بن غياث أورده في الكافي باب وجوه الجهاد خبر 2.
 (3) الكافي باب وجوه الجهاد خبر 3.
 (4) يونس 25.

161
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
فقال ادْعُ إِلى‏ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ «1» يعني بالقرآن و لم يكن داعيا إلى الله عز و جل، من خالف أمر الله و يدعو إليه بغير ما أمر في كتابه، و الذي أمر أن لا يدعى إلا به و قال في نبيه صلى الله عليه و آله و سلم وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «2» يقول: تدعو، ثمَّ ثلث بالدعاء إليه بكتابه أيضا فقال تبارك و تعالى إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ «3» أي يدعو و يبشر المؤمنين، ثمَّ ذكر من أذن له في الدعاء إليه بعده و بعد رسوله في كتابه فقال، (وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «4» ثمَّ أخبر عن هذه الأمة و ممن هي و أنها من ذرية إبراهيم و من ذرية إسماعيل من سكان الحرم ممن لم يعبدوا غير الله قط الذين وجبت لهم الدعوة دعوة إبراهيم و إسماعيل من أهل المسجد الذين أخبر عنهم في كتابه أنه أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا الذين وصفناهم قبل هذا في صفة «5» أمة إبراهيم الذين عناهم الله تبارك و تعالى في قوله أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى‏ بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي «6» يعني أول من اتبعه على الإيمان به و التصديق له و بما جاء به من عند الله عز و جل من الأمة التي نعت فيها و منها و إليها قبل الخلق ممن لم يشرك بالله قط و لم يلبس إيمانه بظلم و هو الشرك.
ثمَّ ذكر اتباع نبيه و اتباع هذه الأمة التي وصفها في كتابه بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و جعلها داعية إليه و أذن له في الدعاء إليه فقال يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ «7» ثمَّ وصف أتباع نبيه صلى الله عليه و آله و سلم من المؤمنين.
فقال عز و جل مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ
__________________________________________________
 (1) النحل 125.
 (2) الشورى 52.
 (3) الإسراء 9.
 (4) آل عمران 104.
 (5) في التهذيب من صفة امة محمد (ص).
 (6) يوسف 108.
 (7) الأنفال 64.

162
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ «1» (و قال يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى‏ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ «2» يعني أولئك المؤمنين، و قال قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ثمَّ حلاهم و وصفهم كيلا يطمع في اللحاق بهم إلا من كان منهم فقال فيما حلاهم به و وصفهم الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ إلى قوله أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ- الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ «3» و قال في صفتهم و حليتهم أيضا الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً «4» ثمَّ أخبر أنه اشترى من هؤلاء المؤمنين و من كان على مثل صفتهم أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الْقُرْآنِ ثمَّ ذكر وفاهم له بعهده و مبايعته (متابعته- خ ل) فقال وَ مَنْ أَوْفى‏ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ «5» فلما نزلت هذه الآية إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى‏ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ قام رجل إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم فقال يا نبي الله أ رأيتك، الرجل يأخذ سيفه فيقاتل حتى يقتل إلا أنه يقترف من هذه المحارم أ شهيد هو؟ فأنزل الله عز و جل على رسوله، التَّائِبُونَ، الْعابِدُونَ، الْحامِدُونَ، السَّائِحُونَ، الرَّاكِعُونَ، السَّاجِدُونَ، الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ، وَ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ «6»
__________________________________________________
 (1) الفتح 29.
 (2) التحريم 8.
 (3) المؤمنون 1 (الى) 8.
 (4) الفرقان 28- 29.
 (5) التوبة 111.
 (6) التوبة 112.

163
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
ففسر النبي صلى الله عليه و آله و سلم المجاهدين من المؤمنين الذين هذه صفتهم و حليتهم بالشهادة و الجنة و قال (التَّائِبُونَ) من الذنوب (الْعابِدُونَ) الذين لا يعبدون إلا الله و لا يشركون به شيئا، (الْحامِدُونَ) الذين يحمدون الله على كل حال في الشدة و الرخاء (السَّائِحُونَ) و هم الصائمون، (الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ) الذين يواظبون على الصلوات الخمس (الْحافِظُونَ) لها و المحافظون عليها بركوعها و سجودها و في الخشوع فيها و في أوقاتها (الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) بعد ذلك و العاملون به (وَ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ) و المنتهون عنه قال: فبشر من قتل و هو قائم بهذه الشروط بالشهادة و الجنة.
ثمَّ أخبر تبارك و تعالى أنه لم يأمره بالقتال إلا أصحاب هذه الشروط فقال عز و جل أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى‏ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ «1» و ذلك أن جميع ما بين السماء و الأرض لله عز و جل و لرسوله و لأتباعهما من المؤمنين من أهل هذه الصفة، فما كان من الدنيا في أيدي المشركين و الكفار و الظلمة و الفجار من أهل الخلاف لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و المولى عن طاعتهما مما كان في أيديهم ظلموا فيه المؤمنين من أهل هذه الصفات و غلبوهم عليه مما (بما- خ يب) أفاء الله على رسوله فهو حقهم، أفاء الله عليهم و رده إليهم، و إنما معنى الفي‏ء كلما صار إلى المشركين ثمَّ رجع مما كان غلب عليه أو فيه، فما رجع إلى مكانه من قول أو فعل فقد فاء مثل قول الله عز و جل:
لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أي رجعوا ثمَّ قال وَ إِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «2» و قال وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى‏ فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِي‏ءَ إِلى‏ أَمْرِ اللَّهِ أي ترجع فَإِنْ فاءَتْ أي رجعت فَأَصْلِحُوا
__________________________________________________
 (1) الحجّ 39- 40.
 (2) البقرة 226- 227.

164
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ «1» يعني بقوله: تفي‏ء (ترجع) فذلك الدليل على أن الفي‏ء كله راجع إلى مكان قد كان عليه أو فيه، و يقال للشمس إذا زالت (قد فائت الشمس) حين يفي‏ء عند رجوع الشمس إلى زوالها.
و كذلك ما أفاء الله على المؤمنين من الكفار فإنما هي حقوق المؤمنين رجعت إليهم بعد ظلم الكفار إياهم فذلك قوله أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا «2» ما كان المؤمنون أحق به منهم، و إنما أذن للمؤمنين الذين قاموا بشرائط الإيمان التي وصفناها و ذلك أنه لا يكون مأذونا له في القتال حتى يكون مظلوما و لا يكون مظلوما حتى يكون مؤمنا، و لا يكون مؤمنا حتى يكون قائما بشرائط الإيمان التي اشترط الله عز و جل على المؤمنين و المجاهدين.
فإذا تكاملت فيه شرائط الله عز و جل كان مؤمنا و إذا كان مؤمنا كان مظلوما و إذا كان مظلوما كان مأذونا له في الجهاد لقوله عز و جل أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى‏ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ «3» و إن لم يكن مستكملا لشرائط الإيمان فهو ظالم ممن يبغي (سعى- خ ل) و يجب جهاده حتى يتوب، و ليس مثله مأذونا له في الجهاد و الدعاء إلى الله عز و جل لأنه ليس من المؤمنين المظلومين الذين أذن لهم في القرآن في القتال، فلما نزلت هذه الآية (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) في المهاجرين الذين أخرجهم أهل مكة من ديارهم و أموالهم أحل لهم جهادهم بظلمهم إياهم و أذن لهم في القتال.
__________________________________________________
 (1) الحجرات 49.
 (2) الحجّ 31.
 (3) الحجّ 39.

165
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
فقلت: فهذه نزلت في المهاجرين بظلم مشركي أهل مكة لهم فما بالهم في قتالهم كسرى، و قيصر، و من دونهم من مشركي قبائل العرب؟ فقال لو كان إنما أذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكة فقط لم يكن لهم إلى قتال جموع كسرى و قيصر و من دونهم من مشركي قبائل العرب سبيل لأن الذين ظلموهم غيرهم، و إنما أذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكة لإخراجهم إياهم من ديارهم و أموالهم بغير حق و لو كانت الآية إنما عنت المهاجرين الذين ظلمهم أهل مكة كانت الآية مرتفعة الفرض عمن بعدهم إذا لم يبق من الظالمين و المظلومين أحد و كان فرضها مرفوعا عن الناس بعدهم إذ لم يبق من الظالمين و المظلومين أحد و ليس كما ظننت و لا كما ذكرت، و لكن المهاجرين ظلموا من جهتين، ظلمهم أهل مكة بإخراجهم من ديارهم و أموالهم فقاتلوهم بإذن الله عز و جل لهم في ذلك، (و ظلمهم «1» كسرى و قيصر و من كان دونهم من قبائل العرب و العجم بما كان في أيديهم مما كان المؤمنون أحق به منهم فقد قاتلوهم بإذن الله عز و جل لهم في ذلك) و بحجة هذه الآية يقاتل مؤمنو كل زمان.
و إنما أذن الله عز و جل للمؤمنين الذين قاموا بما وصف الله عز و جل من الشرائط- التي شرطها الله على المؤمنين في الإيمان و الجهاد و من كان قائما بتلك الشرائط فهو مؤمن و هو مظلوم و مأذون له في الجهاد بذلك المعنى، و من كان على خلاف ذلك فهو ظالم. و ليس من المظلومين، و ليس بمأذون له في القتال، و لا بالنهي عن المنكر و الأمر بالمعروف لأنه ليس من أهل ذلك و لا مأذون له في الدعاء إلى الله عز و جل لأنه ليس يجاهد مثله، و أمر بدعائه إلى الله و لا يكون مجاهدا من قد أمر «2» المؤمنون بجهاده و حضر
__________________________________________________
 (1) من قوله: و ظلمهم كسرى الى قوله في ذلك ليس في التهذيب و الظاهر ان ما في نسخة الكافي اصح كما لا يخفى.
 (2) في التهذيب من قد امر المؤمنين بجهاده و حظر الجهاد عليه قيل و هذا هو الأصحّ بقرينة قوله و منعه منه فتامل.

166
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
الجهاد عليه، و منعه منه و لا يكون داعيا إلى الله عز و جل من أمر بدعاء مثله إلى التوبة و الحق، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و لا يأمر بالمعروف من قد أمر أن يؤمر به و لا ينهى عن المنكر من قد أمر أن ينهى عنه.
فمن كان قد تمت فيه شرائط الله عز و جل التي وصف بها أهلها من أصحاب النبي صلى الله عليه و آله و سلم و هو مظلوم فهو مأذون له في الجهاد كما أذن لهم، لأن حكم الله عز و جل في- الأولين و الآخرين و فرائضه عليهم سواء إلا من علة أو حارث يكون، و الأولون و الآخرون أيضا في منع الحوادث شركاء، و الفرائض عليهم واحدة يسأل الآخرون عن أداء الفرائض عما يسأل عنه الأولون، و يحاسبون عما به يحاسبون، و من لم يكن على صفة من أذن الله له في الجهاد من المؤمنين فليس من أهل الجهاد و ليس بمأذون له فيه حتى يفي بما شرط الله عز و جل عليه.
فإذا تكاملت فيه شرائط الله عز و جل على المؤمنين و المجاهدين فهو من المأذونين لهم في الجهاد فليتق الله عز و جل عبد (عبده- خ ل) و لا يغتر بالأماني التي نهى الله عز و جل عنها من هذه الأحاديث «1» الكاذبة على الله التي يكذبها القرآن و يتبرأ منها و من- حملتها و رواتها و لا يقدم على الله عز و جل بشبهة لا يعذر بها فإنه ليس وراء المتعرض- (المعترض- خ) للقتال في سبيل الله منزلة يؤتى الله من قبلها و هي غاية الأعمال في عظم قدرها، فليحكم امرء، نفسه و ليرها كتاب الله عز و جل و يعرضها عليه فإنه لا أحد أعرف بالمرء من نفسه، فإن وجدها قائمة بما شرط الله عليه في الجهاد فليقدم على الجهاد، و إن علم تقصيرا فليصلحها و ليقمها على ما فرض الله عليها من الجهاد، ثمَّ ليقدم بها و هي طاهرة مطهرة من كل دنس يحول بينها و بين جهادها.
و لسنا نقول لمن أراد الجهاد و هو على خلاف ما وصفناه من شرائط الله عز و جل على‏
__________________________________________________
 (1) مثل قولهم لا يجتمع امتى على الخطاء- و قولهم- صلوا خلف كل بر و فاجر- و قولهم بانه يجب اطاعة من انعقدت له البيعة- من حاشية التهذيب.

167
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
المؤمنين و المجاهدين، لا تجاهدوا، و لكن نقول: قد علمناكم ما شرط الله عز و جل على أهل الجهاد الذين بايعهم و اشترى منهم أنفسهم و أموالهم بالجنان، فليصلح امرء، ما علم من نفسه من تقصير عن ذلك و ليعرضها على شرائط الله، فإن رأى أنه قد وفى بها و تكاملت فيه فإنه ممن أذن الله عز و جل له في الجهاد، و إن أبى أن لا يكون مجاهدا على ما فيه من الإصرار على المعاصي و المحارم، و الإقدام على الجهاد بالتحبيط و العمى و القدوم على الله عز و جل بالجهل و الروايات الكاذبة فلقد لعمري جاء الأثر فيمن فعل هذا الفعل إن الله عز و جل ينصر هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم، فليتق الله عز و جل امرء، و ليحذر أن يكون منهم، فقد بين لكم و لا عذر لكم بعد البيان في الجهل، و لا قوة إلا بالله و حسبنا الله عليه توكلنا و إليه المصير «1».
و حاصل الخبر أن المأذون له في الجهاد ليس إلا المعصوم الحافظ لكتاب الله- العالم العامل بسنة رسول الله، و هذه الإطالة لسوء فهم المخاطب و التقية من حكام الجور حتى يفهم لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ.
و عن عبد الملك بن عمرو قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام يا عبد الملك ما لي لا أراك تخرج إلى هذه المواضع التي يخرج إليها أهل بلادك؟ قال: قلت: و أين؟ فقال: جدة، و عبادان، و المصيصة، و قزوين، فقلت انتظارا لأمركم و الاقتداء بكم فقال: أي و الله لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ، قال: قلت له: فإن الزيدية يقولون ليس بيننا و بين جعفر خلاف إلا أنه لا يرى الجهاد فقال: أنا لا أراه بلى و الله إني لا أراه و لكن أكره أن أدع علمي‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من يجب عليه الجهاد و من لا يجب خبر 1 و التهذيب باب من يجب عليه الجهاد خبر 3 و لعمرنا ان هذا الخبر الشريف قد اتم الحجة على الطائفة الزيدية و امثالهم ممن يتوهم وجوب القيام و الجهاد بمجرد وجود من يدعى الإسلام فقط من دون ملاحظة احكامه و من غير إخلاص لهم نعم لو كانوا كأصحاب مولانا سيد الشهداء (ع) حيث انهم رضوان اللّه عليهم كانوا مستقيمين في امر دينهم و متصلبين في حفظ امامهم فدعوى وجوب القيام في محلها.

168
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

1679 وَ سَأَلَ أَبُو الْوَرْدِ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنْ مَمْلُوكٍ نَصْرَانِيٍّ لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ عَلَيْهِ جِزْيَةٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَيُؤَدِّي عَنْهُ مَوْلَاهُ الْمُسْلِمُ الْجِزْيَةَ قَالَ نَعَمْ إِنَّمَا هُوَ مَالُهُ يَفْتَدِيهِ إِذَا أُخِذَ يُؤَدِّي عَنْهُ.

وَ قَدْ أَخْرَجْتُ مَا رَوَيْتُ مِنَ الْأَخْبَارِ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ.
بَابُ فَضْلِ الْمَعْرُوفِ‏
1680 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ الْمَعْرُوفُ وَ أَهْلُهُ وَ أَوَّلُ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ.

__________________________________________________
إلى جهلهم «1».
و الأخبار في ذلك كثيرة فمن أرادها فليرجع إلى الكافي و التهذيب و غيرهما من كتب الأصحاب.
 «و سأل أبو الورد» في الحسن، و في بعض النسخ (أبو الدرداء)، و الظاهر أنه من اشتباه النساخ، يدل على جواز أخذ الجزية من المسلم لأجل مملوكه الذمي و هو مشكل بناء على عدم تملك العبد و من إذلال المسلم بأخذ الجزية عنه و الله تعالى يعلم.
باب فضل المعروف و هو اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله و التقرب إليه و الإحسان و كلما ندب إليه الشرع، و قد يخص بما يتعدى إلى الغير و هو المراد هنا على الظاهر.
 «قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني في الصحيح، عن صفوان عن عبد الله بن الوليد، عن أبي جعفر عنه صلى الله عليه و آله و سلم «2» «أول من يدخل الجنة المعروف و أهله» إما على تجسم الأعمال (و إما) لأنه سبب لدخول الجنة فكأنه يدخل الجنة و كذا قوله صلى الله عليه و آله و سلم «و أول من يرد علي» بتشديد الياء أو بتخفيفها «الحوض» المعروف بالكوثر لكثرة
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من يجب عليه الجهاد إلخ خبر 2.
 (2) الكافي باب فضل المعروف خبر 12.

169
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل المعروف ص 169

1681 وَ قَالَ ع أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الْآخِرَةِ.

وَ تَفْسِيرُهُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قِيلَ لَهُمْ هَبُوا حَسَنَاتِكُمْ لِمَنْ شِئْتُمْ وَ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ.
__________________________________________________
انتفاع الخلائق به في ذلك اليوم.
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني بإسناده السابق، عن أبي جعفر عليه السلام قال، قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم «1» «أهل (إلى قوله) في الآخرة» و أهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة «و تفسير إلخ» روى الكليني عن أبي عبد الله عليه السلام «2» قال. أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة يقال لهم: إن ذنوبكم قد غفرت لكم فهبوا حسناتكم لمن شئتم «3» يمكن أن يكون المراد به أن من يحسن إلى الناس في الدنيا هم أهل إحسان الله تعالى إليهم بمغفرة ذنوبهم و يحصل منهم إحسان آخر بموهبة الحسنات حتى يحصل لهم ثواب دخول الجنة أيضا و هي أيضا ثمرة الإحسان و أن يكون المراد به أنهم أهل الإحسان في الآخرة بموهبة الحسنات.
كما روي عن ابن عباس في معناه قاله يأتي أصحاب المعروف في الدنيا يوم القيمة فيغفر لهم بمعروفهم و يبقى حسناتهم جامة فيعطونها لمن زادت سيئاته على حسناته فيغفر له و يدخل الجنة فيجمع لهم الإحسان إلى الناس في الدنيا و الآخرة، و أن يكون المراد أن من يحسن إلى الناس في الدنيا بالمال و الجاه و الدعاء يعطيه الله تبارك و تعالى الشفاعة فيهم و في غيرهم في الآخرة بعد المغفرة و حينئذ يكون المراد بموهبة الحسنات الشفاعة لهم تجوزا (أو) يكون المراد أهل المعروف معروفون بالخير في الدنيا فكذلك في- الآخرة معروفون يعرفهم الناس بالخير.
كما روى الكليني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: يا
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب ان أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة خبر 2- 4- 3.

170
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل المعروف ص 169

1682 وَ قَالَ ع كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ وَ الدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ وَ اللَّهُ يُحِبُّ إِغَاثَةَ اللَّهْفَانِ.

1683 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع اصْنَعِ الْمَعْرُوفَ إِلَى كُلِّ أَحَدٍ فَإِنْ كَانَ أَهْلَهُ وَ إِلَّا فَأَنْتَ أَهْلُهُ‏

__________________________________________________
رسول الله فداك آباؤنا و أمهاتنا، إن أصحاب المعروف في الدنيا عرفوا بمعروفهم فبم يعرفون في الآخرة فقال: إن الله تبارك و تعالى إذا أدخل أهل الجنة أمر ريحا عبقة طيبة فلزقت (و في نسخة فلصقت) بأهل المعروف فلا يمر أحد منهم بملإ من أهل الجنة إلا وجدوا ريحه: فقال: هذا من أهل المعروف «1» و في الموثق، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن للجنة بابا يقال له المعروف لا يدخله إلا أهل المعروف، و أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة «2» أي أهل ذلك الباب على الظاهر و لا منافاة بين المجموع فإنهم أهل لكل ذلك.
 «و قال عليه السلام إلخ» رواه الكليني، عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم كل معروف صدقة «3» و إن لم يفعل لوجه الله تفضلا إذ ليس الصدقة بإعطاء المال فقط «و الدال على الخير كفاعله» أي الدلالة على المعروف أو الصدقة أو الأعم كفاعله «و الله يحب إغاثة اللهفان» أي المضطر أو المظلوم أو العطشان أو الأعم أي الإغاثة أفضل أنواع المعروف (أو) يكون كل كلام منها مستقلا و لكل منها شواهد من الأخبار كثيرة.
 «و قال الصادق عليه السلام إلخ» رواه الكليني في الحسن كالصحيح عنه عليه السلام «4» و يؤيده، ما رواه في الحسن كالصحيح، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله عليه السلام قال اصنع المعروف إلى من هو أهله و إلى من ليس من أهله فإن لم يكن هو من أهله فكن أنت من أهله «5» و يحمل على من لا يحسن إليه، بل من يؤذيه مثلا و إن كان مستحقا
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب ان أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة خبر 1- 4 من كتاب الزكاة.
 (3) الكافي باب فضل المعروف خبر 4 من كتاب الزكاة.
 (4- 5) الكافي باب فضل المعروف خبر 10- 7 من كتاب الزكاة.

171
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل المعروف ص 169

1684 وَ قَالَ ع أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَوْصَلَ إِلَى أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ مَعْرُوفاً فَقَدْ أَوْصَلَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص.

1685 وَ قَالَ ع الْمَعْرُوفُ شَيْ‏ءٌ سِوَى الزَّكَاةِ فَتَقَرَّبُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْبِرِّ وَ صِلَةِ الرَّحِمِ.

1686 وَ قَالَ ع رَأَيْتُ الْمَعْرُوفَ كَاسْمِهِ وَ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَفْضَلَ مِنَ الْمَعْرُوفِ إِلَّا ثَوَابُهُ وَ ذَلِكَ يُرَادُ مِنْهُ وَ لَيْسَ كُلُّ مَنْ يُحِبُّ أَنْ يَصْنَعَ الْمَعْرُوفَ إِلَى النَّاسِ يَصْنَعُهُ- وَ لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَرْغَبُ فِيهِ يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَ لَا كُلُّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ يُؤْذَنُ لَهُ فِيهِ فَإِذَا اجْتَمَعَتِ الرَّغْبَةُ

__________________________________________________
في نفسه لئلا ينافي الأخبار الآتية كما في الأخبار الكثيرة الصحيحة أنه قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ألا أخبركم بخير خلائق الدنيا و الآخرة، العفو عمن ظلمك، و وصل من قطعك و الإحسان إلى من أساء إليك و إعطاء من حرمك «1».
 «و قال عليه السلام إلخ» رواه في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام «2» «و قال عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح، عن عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام «3» «المعروف» أي المندوب إليه في الأخبار «شي‏ء سوى الزكاة» فإنها لازمة لا يجوز تركها و بها يصير مسلما كما مر في الأخبار «فتقربوا إلى الله عز و جل بالبر» أي بر الوالدين أو الأعم «و صلة الرحم» و تخصيصها بالذكر للاهتمام أو المثال «و قال عليه السلام إلخ» رواه الكليني بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام «4» قال «رأيت» متكلما أو مخاطبا خبرا أو استفهاما و يؤيده ما في بعض النسخ أ رأيت «المعروف كاسمه» أي كما أن اسمه حسن فهو حسن لأنه بمعنى الإحسان أو ما يؤول إليه «و ذلك يراد منه» يعني أن ثوابه و إن كان أحسن منه فهو تابعه أيضا «يؤذن له فيه» أي يوفق بتسهيل الله تعالى عليه و بإراءته وجوها حسنة «تمت السعادة للطالب» أي طالب السعادة أو المعروف «و المطلوب إليه» أحدهما.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب العفو خبر 1 من كتاب الإيمان و الكفر.
 (2- 3) الكافي باب فضل المعروف خبر 9- 4 من كتاب الزكاة.
 (4) الكافي باب تمام المعروف خبر 1.

172
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل المعروف ص 169

وَ الْقُدْرَةُ وَ الْإِذْنُ فَهُنَالِكَ تَمَّتِ السَّعَادَةُ لِلطَّالِبِ وَ الْمَطْلُوبِ إِلَيْهِ.
1687 وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السَّوْءِ.

1688 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ صَدَقَةٌ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَ ابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ‏

__________________________________________________
 «و قال أبو جعفر عليه السلام» روي بطرق متعددة «1» «صنائع المعروف» أي أي اصطناعاته أو عطاياه «تقي» أي تحفظ عن «مصارع السوء» أي مساقطه في الدنيا و الآخرة.
 «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني في الصحيح: عن صفوان بن يحيى عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم كل معروف صدقة «2» و كأنه سقط منه سهوا و «أفضل الصدقة صدقة عن ظهر غنى» أو (على ظهر) كما في كثير من النسخ أي ما كان عفوا قد فضل عن غنى (و قيل) أراد ما فضل عن العيال و الظهر قد يزاد في مثل هذا إشباعا للكلام و تمكينا كان صدقته مستندة إلى ظهر قوي من المال أو الثقة بالله القوي و يكون مختلفا بحسب الأشخاص لئلا ينافي ما ورد من فضل الإيثار في الآيات و الأخبار «و ابدأ بمن تعول» أي في الإنفاق أو في الصدقة و يكون إشارة إلى أن الإنفاق على العيال أيضا صدقة إذا أريد به وجه الله، و يؤيده الأخبار الكثيرة «و اليد العليا» أي المعطية (و قيل) المتعففة «خير من اليد السفلى» أي السائلة و الآخذة (و قيل) المانعة (و قيل) العليا يد الفقير باعتبار الثواب «و لا يلوم الله عز و جل على الكفاف» أي إذا كان المال بقدر ما يكفي العيال لا يلام على عدم الإعطاء (و قيل) إذا لم يكن عنده كفاف لا يلام على المنع، و هذا أيضا بالنسبة إلى الأكثر، و أكثر هذه الكلمات من جوامع الكلم التي أعطيت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و مشتملة على المعاني الكثيرة التي لا تخفى على المتدبر.
__________________________________________________
 (1) راجع الكافي باب ان صنايع المعروف تدفع مصارع السوء من كتاب الزكاة.
 (2) الكافي باب فخل المعروف خبر 3.

173
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل المعروف ص 169

وَ الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى وَ لَا يَلُومُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى الْكَفَافِ.
1689 وَ قَالَ ص إِنَّ الْبَرَكَةَ أَسْرَعُ إِلَى الْبَيْتِ الَّذِي يُمْتَارُ مِنْهُ الْمَعْرُوفُ مِنَ الشَّفْرَةِ فِي سَنَامِ الْبَعِيرِ أَوِ السَّيْلِ إِلَى مُنْتَهَاهُ.

1690 وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ ثَمَرَةٌ وَ ثَمَرَةُ الْمَعْرُوفِ تَعْجِيلُهُ.

1691 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع رَأَيْتُ الْمَعْرُوفَ لَا يَصْلُحُ إِلَّا بِثَلَاثِ خِصَالٍ تَصْغِيرِهِ وَ سَتْرِهِ وَ تَعْجِيلِهِ فَإِنَّكَ إِذَا صَغَّرْتَهُ عَظَّمْتَهُ عِنْدَ مَنْ تَصْنَعُهُ إِلَيْهِ وَ إِذَا سَتَرْتَهُ تَمَّمْتَهُ وَ إِذَا عَجَّلْتَهُ هَنَّأْتَهُ وَ إِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ مَحَقْتَهُ وَ نَكَّدْتَهُ.

__________________________________________________
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني مسندا عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم «1» «أن البركة» أي زيادة المال و العمر و التوفيق و غيرها «أسرع إلى البيت الذي يمتار» أي يجلب «منه المعروف من الشفرة» بالفتح السكين العظيم «في سنام البعير» بسرعة قبول القطع «أو السيل إلى منتهاه» فيه دلالة على أن اصطناع المعروف سبب للزيادة في الدنيا و الآخرة و هو مجرب.
 «و قال أبو جعفر عليه السلام» رواه الكليني، عن حمران، عن أبي جعفر عليه السلام قال سمعته يقول «لكل شي‏ء ثمرة و ثمرة المعروف» تعجيل السراج «2» و في الفقيه «تعجيله» و كأنه سقط من النساخ، و المراد به أن الثمرة مطلوبة من كل شي‏ء و المطلوب الأهم من المعروف تعجيله «3» (أو) تعجيل السراج إذا كان بالليل، أو ثمرة المعروف تعجيل الجزاء في الدنيا مع جزاء الآخرة، و على نسخة الكافي يكون السراج كناية عن تنور البيت من بركات الله و هو مجاز شائع.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب ان صنايع المعروف تدفع مصارع السوء خبر 2 من كتاب الزكاة.
 (2) الكافي باب تمام المعروف خبر 2 من كتاب الزكاة- و عن القاموس السرج الإرسال و الاسم سراج كسحاب انتهى.
 (3) الأول على نسخة الفقيه و الثاني على نسخة الكافي.

174
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل المعروف ص 169

1692 وَ قَالَ ع لِلْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ يَا مُفَضَّلُ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ أَ شَقِيٌّ الرَّجُلُ أَمْ سَعِيدٌ فَانْظُرْ إِلَى مَعْرُوفِهِ إِلَى مَنْ يَصْنَعُهُ فَإِنْ كَانَ يَصْنَعُهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَهْلُهُ فَاعْلَمْ أَنَّهُ إِلَى خَيْرٍ وَ إِنْ‏

__________________________________________________
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني بإسناده عن حاتم عنه عليه السلام «1» «رأيت المعروف» أي علمته «لا يصلح» و لا يتم إلخ «محقته» أي أبطلت ثوابه و في الكافي سخفته أي ضيعته «و نكدته» أي قللته أو ضيعته.
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن سيف بن عميرة قال قال أبو عبد الله عليه السلام «2» «للمفضل بن عمر: يا مفضل إذا أردت أن تعلم إلخ» روي بإسناد آخر عن مفضل ما يقرب منه «3» و عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه ما يؤيده، و يدل على رعاية أهل المعروف و استحقاقهم له في جميع أنواعه، و على مرجوحية بل حرمة تضييع المال سيما إذا كان إعانة على الإثم و العدوان.
كما رواه، عن أبي مخنف الأزدي قال: أتى أمير المؤمنين عليه السلام رهط من الشيعة فقالوا: يا أمير المؤمنين لو أخرجت هذه الأموال ففرقتها في هؤلاء الرؤساء و الأشراف و فضلتهم علينا حتى إذا استوثقت الأمور عدت إلى أفضل ما عودك الله من القسم بالسوية و العدل في الرعية، فقال أمير المؤمنين عليه السلام ويحكم أ تأمروني أن أطلب النصر بالظلم و الجور فيمن وليت عليه من أهل الإسلام لا و الله لا يكون ذلك ما سمر السمير (أي ما اختلف الليل و النهار) و ما رأيت في السماء نجما و الله لو كانت أموالهم لي لساويت بينهم فكيف و إنما هي أموالهم، قال ثمَّ أزم (بالزاي و تخفيف الميم أي أمسك عن الكلام و قرى بخفة الراء و تشديد الميم أي أمس بعض الأسنان على بعض ساكتا طويلا ثمَّ رفع رأسه فقال: من كان فيكم (منكم- خ ل) له مال فإياه و الفساد فإن إعطاءه في غير حقه (وجهه- خ ل) تبذير و إسراف و هو يرفع ذكر صاحبه في الناس و يضعه عند الله و لم يضع امرء ماله في غير حقه و عند غير أهله إلا حرمه الله شكرهم، و كان لغيره ودهم‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب نمام المعروف خبر 1 من كتاب الزكاة.
 (2- 3) الكافي باب وضع المعروف خبر 1- 2.

175
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل المعروف ص 169

كَانَ يَصْنَعُهُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى خَيْرٌ.
1693 وَ قَالَ ع إِنَّمَا أَعْطَاكُمُ اللَّهُ هَذِهِ الْفُضُولَ مِنَ الْأَمْوَالِ لِتُوَجِّهُوهَا حَيْثُ وَجَّهَهَا اللَّهُ‏

__________________________________________________
فإن بقي معهم منهم بقية ممن يظهر الشكر له و يريه النصح فإنما ذلك ملق منه و كذب، فإن زالت بصاحبهم البغل (أو النعل) ثمَّ احتاج إلى معونتهم (معاونتهم- خ ل) و مكافاتهم فألأم خليل و شر خدين «1» و لم يضع امرء ماله في غير حقه و عند غير أهله إلا لم يكن له من الحظ فيما أتى إلا محمدة اللئام و ثناء الأشرار ما دام عليه منعما مفضلا و مقالة الجاهل ما أجوده؟ و هو عند الله بخيل فأي حظ أبور، و أخس من هذا الحظ، و أي فائدة معروف أقل من هذا المعروف، فمن كان منكم له مال فليصل به القرابة ليحسن منه الضيافة و ليفك به العاني و الأسير (تفسير للعاني) و ابن السبيل فإن الفوز بهذه الخصال مكارم الدنيا و شرف الآخرة «2».
و روى الكليني في القوي، عن جهم بن حميد الرواسي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام إذا رأيت الرجل يخرج ماله في طاعة الله عز و جل فاعلم أنه أصابه من حلال و إذا أخرجه في معصية الله جل و عز فاعلم أنه أصابه من حرام «3».
و في القوي عنه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يخرج ثمَّ يقدم علينا، و قد أفاد المال الكثير فلا ندري اكتسبه من حلال أو من حرام؟ فقال: إذا كان ذلك فانظر في أي وجه يخرج نفقاته فإن كان ينفق فيما لا ينبغي مما يأثم عليه فهو حرام «4».
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني بإسناده إلى ضريس، عن أبي عبد الله عليه السلام «5»
__________________________________________________
 (1) الخدين الصديق- ص.
 (2) الكافي باب وضع المعروف موضعه خبر 3 من كتاب الزكاة.
 (3- 4) الكافي باب النوادر (آخر كتاب المعيشة) خبر 33- 34- و قد أورد خبرين بهذا المضمون في باب وضع المعروف موضعة خبر 1- 3 من كتاب الزكاة.
 (5) الكافي باب وضع المعروف موضعه خبر 5 من كتاب الزكاة.

176
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل المعروف ص 169

عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَمْ يُعْطِكُمُوهَا لِتَكْنِزُوهَا.
1694 وَ قَالَ ع لَوْ أَنَّ النَّاسَ أَخَذُوا مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ فَأَنْفَقُوهُ فِيمَا نَهَاهُمْ عَنْهُ مَا قَبِلَهُ مِنْهُمْ وَ لَوْ أَخَذُوا مَا نَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْهُ فَأَنْفَقُوهُ فِيمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ مَا قَبِلَهُ مِنْهُمْ حَتَّى يَأْخُذُوهُ مِنْ حَقٍّ وَ يُنْفِقُوهُ فِي حَقٍّ.

1695 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ أُتِيَ إِلَيْهِ الْمَعْرُوفُ فَلْيُكَافِئْ بِهِ وَ إِنْ عَجَزَ فَلْيُثْنِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ كَفَرَ النِّعْمَةَ.

1696 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع لَعَنَ اللَّهُ قَاطِعِي سَبِيلِ الْمَعْرُوفِ قِيلَ وَ مَا قَاطِعِي سَبِيلِ الْمَعْرُوفِ قَالَ الرَّجُلُ يُصْنَعُ إِلَيْهِ الْمَعْرُوفُ فَيَكْفُرُهُ فَيَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنْ أَنْ يَصْنَعَ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ‏

__________________________________________________
 «و لم يعطكموها لتكنزوها» مقابل الأصل الإعطاء و ترك الثانية و هي إعطاؤها في مصارفها الواجبة و المندوبة للظهور أو يكون صرفها في غير مصارفها سيما في مراد النفس بمنزلة عدم الصرف بل بمنزلة الكنز.
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني مسندا عن إسماعيل بن جابر «1» و يمكن أن يكون من كتابه فيكون صحيحا «لو أن الناس أخذوا ما أمرهم الله به» أي جمعوا و حصلوه من الحلال و أبوابه «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني مسندا عنه صلى الله عليه و آله و سلم «2»، يدل على رجحان شكر النعمة و لو بالثناء على المنعم، و لا ينافي لزوم رؤية النعمة من المنعم الحقيقي فإن إنعام المنعم المجازي أيضا من الله و من توفيقه و تسهيله، و لا أن هذا أيضا شكر الله لو كان لأمره تعالى.
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني أيضا عنه عليه السلام «3» و يدل على حرمة كفر النعمة بإنكارها و مقابلتها بالإضرار أو بعدم الشكر أيضا، و روي عن سيف بن عميرة قال قال أبو عبد الله عليه السلام ما أقل من شكر المعروف «4».
__________________________________________________
 (1) الكافي باب وضع المعروف موضعه خبر 4 من كتاب الزكاة.
 (2- 3- 4) الكافي باب من كفر المعروف خبر 3- 1- 2 من كتاب الزكاة.

177
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب القرض ص 178

بَابُ ثَوَابِ الْقَرْضِ‏
1697 قَالَ الصَّادِقُ ع مَكْتُوبٌ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ الصَّدَقَةُ بِعَشَرَةٍ وَ الْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ.

1698 وَ قَالَ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ قَالَ الْمَعْرُوفُ الْقَرْضُ.

1699 وَ قَالَ ع مَا مِنْ مُؤْمِنٍ.

__________________________________________________
باب ثواب القرض «قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني في الموثق، عن إسحاق بن عمار عنه عليه السلام «1» يدل على أفضلية القرض من الصدقة و كأنها لعدم المنة غالبا في القرض، و يمكن أن يكون الغرض بيان مضاعفة ثواب القرض على الصدقة، إذ في الصدقة واحد بإزاء الأصل و تسعة باعتبار المضاعفة، و لما أخذ هنا الأصل لم يكن بإزائه ثواب فبقي تسعة، فإذا ضوعفت صارت ثمانية عشر.
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني في الموثق كالصحيح عنه عليه السلام «2» «في قول الله عز و جل لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ» أي كلامهم سرا أو الأعم «قال: المعروف القرض» أي في هذه الآية أو يكون المراد به أنه الإحسان مثل القرض و الأول أظهر من الخبر «و قال عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح، عن فضيل بن يسار «3» «وجه الله» أي رضاه «بحساب الصدقة» أي كأنه تصدق بمثله كل يوم أو في أصل الثواب لئلا ينافي ما مر أنه بثمانية عشر «و قال عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح مسندا عنه عليه السلام «4» «غنيمة» أي فائدة عظيمة «و تعجيل خير» تفسيرها أو غيرها و يكون المراد به أنه قضاء حاجة للمؤمن و له ثواب القرض «إن‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب القرض خبر 1- 3 من كتاب الزكاة.
 (3- 4) الكافي باب القرض خبر 2- 5 من كتاب الزكاة.

178
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب القرض ص 178

أَقْرَضَ مُؤْمِناً يَلْتَمِسُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا حُسِبَ لَهُ أَجْرُهَا بِحِسَابِ الصَّدَقَةِ حَتَّى يَرْجِعَ مَالُهُ إِلَيْهِ.
1700 وَ قَالَ ع قَرْضُ الْمُؤْمِنِ غَنِيمَةٌ وَ تَعْجِيلُ خَيْرٍ إِنْ أَيْسَرَ أَدَّاهُ وَ إِنْ مَاتَ احْتُسِبَ مِنْ زَكَاتِهِ.

بَابُ ثَوَابِ إِنْظَارِ الْمُعْسِرِ
1701 صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْمِنْبَرَ ذَاتَ يَوْمٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ صَلَّى عَلَى أَنْبِيَائِهِ ع ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَوَابُ صَدَقَةٍ بِمِثْلِ مَالِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ اللَّهُ‏

__________________________________________________
أيسر أداه و إن مات» أو أعسر يجوز احتسابه عن الزكاة، و يسهل على المكلف الاحتساب بخلاف الأداء حينئذ فإنه مشكل على النفس، و قد تقدم الأخبار في هذا الباب.
باب ثواب إنظار المعسر «صعد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم المنبر» رواه الكليني مسندا عن أبي عبد الله عنه صلى الله عليه و آله و سلم «1» «ذات يوم» أي في يوم من الأيام «و قال أبو عبد الله عليه السلام» تتمة الحديث السابق و استشهد عليه السلام على قوله صلى الله عليه و آله و سلم بقول الله تعالى «وَ إِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ»
 أي فالحكم أو الأمر أو الواجب عليكم إمهاله «إِلى‏ مَيْسَرَةٍ وَ أَنْ تَصَدَّقُوا»
 أي تصدقكم و إبراءكم ذمته «خَيْرٌ لَكُمْ»
 من النظرة «إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أنه معسر» و هذا من الأمور المستحبة التي تفضل على الواجب كالسلام فإنه مستحب، و رده واجب، و جاء في الأخبار الصحيحة، عن أبي عبد الله عليه السلام أن البادي بالسلام أولى بالله و رسوله و إن الله يحب إفشاء السلام «2» و روي أن بينهما مائة رحمة، تسعة و تسعون للبادي و واحدة للراد.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب انظار المعسر خبر 4 من كتاب الزكاة.
 (2) أصول الكافي باب التسليم خبر 1- 2 من كتاب العشرة.

179
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب إنظار المعسر ص 179

عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى‏ مَيْسَرَةٍ وَ أَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُعْسِرٌ فَتَصَدَّقُوا عَلَيْهِ بِمَالِكُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ.

1702 وَ قَالَ ع خَلُّوا سَبِيلَ الْمُعْسِرِ كَمَا خَلَّاهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى.

1703 وَ قَالَ ع مَنْ أَرَادَ أَنْ يُظِلَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ فَلْيُنْظِرْ مُعْسِراً أَوْ لِيَدَعْ لَهُ مِنْ حَقِّهِ.

__________________________________________________
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني، عن يعقوب بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام «1» قال: «خلوا (إلى قوله) و تعالى» أي بقوله (فَنَظِرَةٌ إِلى‏ مَيْسَرَةٍ) أو من المال أو من الحقوق الواجبة في المال «و قال عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام «2» قال: «من أراد أن يظله الله» (أي في ظل عرشه أو في كنف رحمته) يوم لا ظل إلا ظله قالها ثلاثا فهابه الناس أن يسألوه (إما) لتعظيمه (أو) خوفا من أن يكون شاقا عليهم «فقال (إلى قوله) من حقه» أي بعضه، و يمكن أن تكون (من) بيانية، و الظاهر أنه نقله بالمعنى و أسقط بعضه.
و في القوي، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال في يوم حار و حنا كفه (أي عطفه و أمال كأنه يريد طالبا لقوله): من أحب أن يستظل من فور جهنم (أي إلى كنف رحمته تعالى) قالها ثلاث مرات (استفهاما) فقال الناس في كل مرة: نحن يا رسول الله؟ فقال: من انظر غريما أو ترك المعسر «3» (أو المعسر) (أي حقه) ثمَّ قال لي أبو عبد الله عليه السلام قال لي عبد الله بن كعب بن مالك إن أبي أخبرني أنه لزم غريما له في المسجد فأقبل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فدخل بيته و نحن جالسان ثمَّ خرج في الهاجرة (أي نصف النهار عند اشتداد الحر) فكشف رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ستره فقال: يا كعب ما زلتما جالسين؟ قال نعم بأبي و أمي قال: فأشار رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بكفه خذ النصف قال: فقلت بأبي و أمي ثمَّ قال: اتبعه ببقية حقك (أي إلى يساره) قال: فأخذت‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب انظار المعسر خبر 3- 1 من كتاب الزكاة.
 (3) يعني مبنيا للفاعل او المفعول.

180
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب تحليل الميت ص 181

بَابُ ثَوَابِ تَحْلِيلِ الْمَيِّتِ‏
1704 قِيلَ لِلصَّادِقِ ع إِنَّ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَيَابَةَ دَيْناً عَلَى رَجُلٍ قَدْ مَاتَ وَ كَلَّمْنَاهُ‏

__________________________________________________
النصف و وضعت له النصف «1».
باب ثواب تحليل الميت «قيل للصادق عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد (الموثق) عن الحسن بن خنيس (الممدوح) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام إلخ «2» و يظهر منه أن المال يصل إلى الميت و له المطالبة في القيمة و إن وصل إلى الوارث لأنه ضيع حقه، و يمكن أن يكون مخصوصا بما لا يعلم الوارث و لا يوصل إليه أو يقال:
لكل من الميت و الوارث و وارث الوارث و هلم جرا استحقاق المطالبة في القيمة لأنه ضيع حقوقهم جميعا.
و روي، عن معتب (الثقة) قال دخل محمد بن بشر الوشاء على أبي عبد الله عليه السلام فسأله (يسأله- خ) أن يكلم شهابا أن يخفف عنه حتى ينقضي الموسم و كان له عليه ألف دينار فأرسل إليه فأتاه، فقال له. قد عرفت حال محمد و انقطاعه إلينا و قد ذكر أن لك عليه ألف دينار لم يذهب في بطن و لا فرج، و إنما ذهبت دينا على الرجال و وضائع وضعها (أي لم يصرفها في مأكله و منكحه بل باع الأمتعة نسيئة و اشترى أمتعة و نزل قيمتها كما هو المتعارف في كثير من الأوقات) و أنا أحب أن تجعله في حل فقال عليه السلام لعلك ممن تزعم أنه يقبض من حسناته فيعطاها؟ فقال كذلك في أيدينا فقال أبو عبد الله عليه السلام: الله أكرم و أعدل من أن يتقرب إليه عبد فيقوم في الليلة القرة (بالفتح أي الباردة) أو يصوم في اليوم الحار و يطوف بهذا البيت، ثمَّ يسلبه ذلك فيعطاه و لكن لله فضل كثير يكافئ‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب انظار المعسر خبر 2 من كتاب الزكاة.
 (2) الكافي باب تحليل الميت خبر 1 من كتاب الزكاة.

181
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب تحليل الميت ص 181

أَنْ يُحَلِّلَهُ فَأَبَى فَقَالَ وَيْحَهُ أَ مَا يَعْلَمُ أَنَّ لَهُ بِكُلِّ دِرْهَمٍ عَشَرَةً إِذَا حَلَّلَهُ- وَ إِذَا لَمْ يُحَلِّلْهُ فَإِنَّمَا لَهُ دِرْهَمٌ بَدَلَ دِرْهَمٍ.
بَابُ اسْتِدَامَةِ النِّعْمَةِ بِاحْتِمَالِ الْمَئُونَةِ
1705 قَالَ الصَّادِقُ ع مَنْ عَظُمَتْ نِعْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ اشْتَدَّتْ مَئُونَةُ النَّاسِ عَلَيْهِ فَاسْتَدِيمُوا النِّعْمَةَ بِاحْتِمَالِ الْمَئُونَةِ وَ لَا تَعْرِضُوهَا لِلزَّوَالِ فَقَلَّ مَنْ زَالَتْ عَنْهُ النِّعْمَةُ فَكَادَتْ تَعُودُ إِلَيْهِ.

1706 وَ قَالَ ع أَحْسِنُوا جِوَارَ نِعَمِ اللَّهِ وَ احْذَرُوا أَنْ تَنْتَقِلَ عَنْكُمْ إِلَى غَيْرِكُمْ أَمَا

__________________________________________________
المؤمن فقال: فهو في حل «1» و غير ذلك من الأخبار: باب استدامة النعمة باحتمال المؤنة أي من كان يريد أن يدوم نعم الله تعالى عليه فليتحمل مئونة الخلائق في ماله حتى تدوم.
 «قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح عنه عليه السلام «2» «قال (إلى قوله) عليه» (إما) بتكليفه تعالى في الزكاة و الخمس و سائر ما تقدم (و إما) من توقعهم و سؤالهم و طلبهم «فاستديموا (إلى قوله) للزوال» بعدم الاحتمال «فقل (إلى قوله) إليه» يعني أنه إذا زالت النعمة بسبب عدم تحمل مئونات الناس فنادر أن تعود إليه بعده النعمة، و الحاصل أن التحمل قيد النعمة فقيدوها حتى لا تزول.
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح، عن زيد الشحام قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول «أحسنوا جوار نعم الله» أي مجاورتها بأداء حقوق الخالق و الخلائق و ذلك‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب تحليل الميت خبر 2 من كتاب الزكاة.
 (2) الكافي باب مئونة النعم خبر 1 من كتاب الزكاة.

182
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب استدامة النعمة باحتمال المئونة ص 182

إِنَّهَا لَنْ تَنْتَقِلَ عَنْ أَحَدٍ قَطُّ فَكَادَتْ تَرْجِعُ إِلَيْهِ وَ كَانَ عَلِيٌّ ع يَقُولُ قَلَّ مَا أَدْبَرَ شَيْ‏ءٌ فَأَقْبَلَ‏
__________________________________________________
شكرها و هو سبب المزيد كما قال تعالى لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ «و احذروا أن ينتقل عنكم إلى غيركم» «1» لأنكم بمنزلة الوكلاء الخائنين حينئذ كما ورد أنه تعالى قال: المال مالي، و الفقراء عيالي، و الأغنياء وكلائى فمن بخل بمالي على عيالي أدخلته ناري و لا أبالي «2» قال «و كان علي عليه السلام إلخ» جزء الخبر مقول قول الصادق عليه السلام استشهادا.
و يؤيده ما رواه في القوي، عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لحسين الصحاف يا حسين ما ظاهر الله على عبد النعم حتى ظاهر عليه مئونة الناس، فمن صبر لهم و قام بشأنهم زاد الله في نعمه عليه عندهم، و من لم يصبر لهم و لم يقم بشأنهم أزال الله عز و جل عنه تلك النعمة «3» و عنه عليه السلام قال: من عظمت عليه النعمة اشتدت مئونة الناس عليه فإن هو قام بمؤنتهم اجتلب زيادة النعم عليه من الله و إن لم يفعل فقد عرض النعمة لزوالها «4» و في الصحيح، عن محمد بن عرفة قال: قال أبو الحسن الرضا عليه السلام: يا بن عرفة إن النعم كالإبل المعتقلة في عطنها على القوم ما أحسنوا جوارها (أي ما داموا) فإذا أساءوا معاملتها و إيالتها (أي سياستها) نفرت عنهم «5» و عن محمد بن عجلان في القوي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أحسنوا جوار-
__________________________________________________
 (1) الكافي باب حسن جواز النعم خبر 3 من كتاب الزكاة و الآية في سورة إبراهيم- 7.
 (2) الحديث القدسي- السورة الخامسة و الثلاثون ص 59 المطبعة الإسلامية.
 (3- 4) الكافي باب مئونة النعم خبر 3- 4 من كتاب الزكاة.
 (5) الكافي باب حسن جواز النعم خبر 1 من كتاب الزكاة.

183
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل السخاء و الجود ص 184

بَابُ فَضْلِ السَّخَاءِ وَ الْجُودِ
1707 قَالَ الصَّادِقُ ع خِيَارُكُمْ سُمَحَاؤُكُمْ وَ شِرَارُكُمْ بُخَلَاؤُكُمْ وَ مِنْ خَالِصِ الْإِيمَانِ الْبِرُّ بِالْإِخْوَانِ وَ السَّعْيُ فِي حَوَائِجِهِمْ وَ إِنَّ الْبَارَّ بِالْإِخْوَانِ لَيُحِبُّهُ الرَّحْمَنُ وَ فِي ذَلِكَ مَرْغَمَةُ الشَّيْطَانِ وَ تَزَحْزُحٌ عَنِ النِّيرَانِ وَ دُخُولُ الْجِنَانِ ثُمَّ قَالَ لِجَمِيلٍ يَا جَمِيلُ أَخْبِرْ بِهَذَا غُرَرَ أَصْحَابِكَ- قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَنْ غُرَرُ أَصْحَابِي قَالَ هُمُ الْبَارُّونَ بِالْإِخْوَانِ فِي الْعُسْرِ وَ الْيُسْرِ ثُمَّ قَالَ يَا جَمِيلُ أَمَا إِنَّ صَاحِبَ الْكَثِيرِ يَهُونُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَ قَدْ مَدَحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي ذَلِكَ صَاحِبَ الْقَلِيلِ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ وَ يُؤْثِرُونَ‏


__________________________________________________
النعم قلت: و ما حسن جوار النعم قال: الشكر لمن أنعم بها و أداء حقوقها «1» أعم من الله و من الخلق باب فضل السخاء (ممدودا و مقصورا) و الجود «قال الصادق عليه السلام» في الصحيح، عن جميل بن دراج عنه عليه السلام و رواه الكليني عنه أيضا «2» أنه قال «خياركم سمحاؤكم» أي أسخياؤكم «و شراركم بخلائكم» الخيار جمع خير، و خير بالتشديد و التخفيف بمعنى ذي الخير أو الأخير، و كذا الشرار جمع الشر و الشرير مخففا و مشددا، و حذفت الهمزة تخفيفا «و من خالص الإيمان» أي من علاماته و آثاره أو من أصله بناء على دخول الأعمال في حقيقة الإيمان كما ذهبت إليه جماعة و هو ظاهر الآيات و الروايات «و في ذلك مرغمة» أي إرغام لأنف الشيطان أو محل لإرغامه و التاء للمبالغة «و تزحزح» أي تباعد «أخبر بهذا غرر أصحابك» و الغرر جمع الغرة، الكريم الأفعال المعروف بها و أصله الأبيض من كل شي‏ء، و يظهر منه و من أمثاله من الأخبار حجية خبر الواحد، و تخصيصه بالفقيه أو المندوبات أو لأجل حصول التواتر خلاف الظاهر و إن احتملها لكن الاحتمال لا ينافي الظهور مع ورود الخبر المشهور عنه صلى الله عليه و آله و سلم نحن نحكم بالظاهر قوله «يهون» أي يسهل عليه «وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ»
 أي يختارون و يقدمون غيرهم على أنفسهم «وَ لَوْ كانَ بِهِمْ‏

__________________________________________________
 (1) الكافي باب حسن جوار النعم خبر 2 من كتاب الزكاة.
 (2) الكافي باب معرفة الجود و السخاء خبر 14 من كتاب الزكاة.

184
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل السخاء و الجود ص 184

عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.

1708 وَ قَالَ ع شَابٌّ سَخِيٌّ مُرَهَّقٌ فِي الذُّنُوبِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ شَيْخٍ عَابِدٍ بَخِيلٍ.

1709 وَ رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَى إِلَى مُوسَى أَنْ لَا تَقْتُلِ السَّامِرِيَّ فَإِنَّهُ سَخِيٌّ.

1710 وَ قَالَ النَّبِيُّ ص مَنْ أَدَّى مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَهُوَ أَسْخَى النَّاسِ.

__________________________________________________
خَصاصَةٌ»
 أي احتياج و فقر عظيم «وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ»
 بوقاية الله تعالى أو بتوفيقه تعالى بأن يحفظ نفسه عن البخل «فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»
 «1» أي الفائزون بالمطلوب و التأكيدات الظاهرة للمتدبر.
و المشهور أن الآية في شأن الأنصار و إيثارهم المهاجرين على أنفسهم في الأموال، و روي من طرق العامة أنها نزلت في أمير المؤمنين صلوات الله عليه و أنه عليه السلام مع بقية أهل البيت لم يطعموا شيئا منذ ثلاثة أيام فاقترض عليه السلام دينارا، ثمَّ رأى المقداد و تفرس في وجهه أنه جائع فأعطاه الدينار ثمَّ نزلت الآية مع المائدة من السماء و الحكاية طويلة، و لا منافاة بينهما بأن يكون الآية نزلت أولا في شأنهم صلوات الله عليهم ثمَّ أجريت في غيرهم ممن يفعل مثل فعلهم أو ما يقرب منه.
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني مسندا، عن أبي عبد الله عليه السلام «2» «شاب سخي مرهق» كمعظم، المرتكب للمحرمات «من شيخ عابد بخيل» بما افترض الله تعالى عليه أو الأعم كما هو الظاهر.
 «و روي» رفعه علي بن إبراهيم في كتابه «3» فتدبر في بركة السخاء و فضلها حيث نهى الله تعالى موسى عليه السلام عن قتله مع تلك الأفعال الشنيعة و الآثار القبيحة لسخائه «و قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم (إلى قوله) الناس» أي بالنسبة إلى من لم يؤده و إن أعطى المال كثيرا في غير موقعه لما مر و سيجي‏ء.
__________________________________________________
 (1) الحشر- 9.
 (2- 3) الكافي باب معرفة الجود و السخاء خبر 13- 12 من كتاب الزكاة.

185
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل السخاء و الجود ص 184

1711 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع مَنْ يَضْمَنُ لِي أَرْبَعَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْيَاتٍ فِي الْجَنَّةِ أَنْفِقْ وَ لَا تَخَفْ فَقْراً وَ أَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ أَفْشِ السَّلَامَ فِي الْعَالَمِ وَ اتْرُكِ الْمِرَاءَ وَ إِنْ كُنْتَ مُحِقّاً.

__________________________________________________
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني، عن معاوية بن وهب عنه عليه السلام «1» «من» استفهام «يضمن لي أربعة» من الأعمال حتى أضمن له «بأربعة أبيات في الجنة» ثمَّ التفت فقال «أنفق و لا تخف فقرا» فإن الإنفاق موجب الغنى و سيجي‏ء أيضا زائدا على ما تقدم «و أنصف الناس من نفسك» أي كن حكما على نفسك فيما كان بينك و بين الناس و أرض لهم ما ترضى لنفسك و أكره لهم ما تكره لنفسك و هو من أعظم الخصال و أحبها إلى الله تعالى كما وردت به الأخبار المتواترة عن أهل البيت سلام الله عليهم «2» «و أفش السلام في العالم» أي سلم جهرا على من لقيت كما كان دأب نبينا صلى الله عليه و آله و سلم و سيجي‏ء «و اترك المراء» أي الجدل «و إن كنت محقا» كما ورد به الأخبار الكثيرة، عن سيد المرسلين و الأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين و إن كان في المسائل العلمية، بل هي أحق بعدم المجادلة إلا بالتي هي أحسن كما قال تعالى:
وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ «3» و للنفس مكائد عظيمة، فالأولى تركها بالكلية إلا لمن شرفه الله تعالى بالنفس القدسية و الكمالات العلمية و العملية، فيمكن له التخلص من الأخلاق الرذيلة الحاصلة من المجادلة من التكبر، و الرياء، و الغضب، و الحسد و البغض، و العجب، و غيرها مما لا يخفى على المزاول لها، و لهذا ورد الأخبار بالنهي عنها مطلقا رعاية للأكثر.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الانفاق خبر 10 من كتاب الزكاة و باب الإنصاف و العدل خبر 2 من كتاب الإيمان و الكفر.
 (2) دعوى مثل هذا المتتبع الخبير تغنى عن تعيين مواضع الأحاديث و مع ذلك فراجع باب الإنصاف و العدل و باب حقّ المؤمن على اخيه إلخ و غيرهما من كتاب الإيمان و الكفر من اصول الكافي.
 (3) النحل- 125.

186
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل السخاء و الجود ص 184

1712 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ سَخَتْ نَفْسُهُ بِالنَّفَقَةِ.

وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَ هُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ‏

1713 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ قَالَ هُوَ الرَّجُلُ يَدَعُ مَالَهُ لَا يُنْفِقُهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بُخْلًا ثُمَّ يَمُوتُ فَيَدَعُهُ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَإِنْ عَمِلَ فِيهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ رَآهُ فِي مِيزَانِ غَيْرِهِ فَرَآهُ حَسْرَةً وَ قَدْ كَانَ الْمَالُ لَهُ وَ إِنْ كَانَ عَمِلَ فِيهِ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَوَّاهُ بِذَلِكَ الْمَالِ حَتَّى عَمِلَ بِهِ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏

__________________________________________________
 «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من أيقن بالخلف» أي العوض الذي وعده الله تعالى على الإنفاق «سخت نفسه» أي جادت «بالنفقة» في سبيله تعالى رواه الكليني بإسناده عن سماعة إلى هنا «1» و لم يذكر الآية، و ذكرها الصدوق لبيان المراد من قوله صلى الله عليه و آله و سلم (من أيقن بالخلف) أي بقوله تعالى أو بغيرها من الآيات، و الروايات من هذا الباب و لا خلف لوعده تعالى، «و قال الله عز و جل، وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ» أي في سبيل الله تعالى أو الأعم «فَهُوَ يُخْلِفُهُ» أي يعوضه في الدنيا و الآخرة «وَ هُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ» فإنه تعالى لا يلاحظ الاستحقاق و يرزق من يشاء بغير حساب بخلاف غيره تعالى من الذين يجري على أيديهم الرزق، و ينسب إليهم تجوزا.
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني في الموثق، عن عثمان بن عيسى عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه السلام «2» و في معناه أخبار أخر.
و يؤيده ما رواه الكليني في الصحيح، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: دخل عليه مولى له فقال له هل أنفقت اليوم شيئا؟ فقال: لا و الله فقال أبو الحسن عليه السلام فمن أين يخلف الله علينا أنفق و لو درهما واحدا «3» و عن حسين بن أبتر (أيمن- خ) عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: يا حسين أنفق و أيقن بالخلف من الله فإنه لم يبخل عبد و لا أمة بنفقة فيما يرضى الله عز و جل إلا أنفق أضعافها فيما يسخط الله «4» و في الحسن كالصحيح، عن عمر بن أذينة رفعه إلى أبي عبد الله أو أبي جعفر عليهما السلام قال: تنزل المعونة
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4) الكافي باب الانفاق خبر 3- 2- 9- 7 من كتاب الزكاة.

187
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل السخاء و الجود ص 184

1714 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَيْسَ الْبَخِيلُ مَنْ أَدَّى الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ مِنْ مَالِهِ وَ أَعْطَى الْبَائِنَةَ فِي قَوْمِهِ إِنَّمَا الْبَخِيلُ حَقَّ الْبَخِيلِ مَنْ لَمْ يُؤَدِّ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ مِنْ مَالِهِ وَ لَمْ يُعْطِ الْبَائِنَةَ فِي قَوْمِهِ وَ هُوَ يُبَذِّرُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ.

1715 وَ رُوِيَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ أَبِي قُرَّةَ السَّمَنْدِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَ تَدْرِي مَنِ الشَّحِيحُ قُلْتُ هُوَ الْبَخِيلُ فَقَالَ الشُّحُّ أَشَدُّ مِنَ الْبُخْلِ إِنَّ الْبَخِيلَ يَبْخَلُ بِمَا فِي يَدِهِ وَ الشَّحِيحَ يَشُحُّ بِمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ وَ عَلَى مَا فِي يَدِهِ حَتَّى لَا يَرَى فِي أَيْدِي النَّاسِ شَيْئاً إِلَّا تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ لَهُ بِالْحِلِّ وَ الْحَرَامِ وَ لَا يَقْنَعُ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ.

1716 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا مَحَقَ الْإِسْلَامَ مَحْقَ الشُّحِّ شَيْ‏ءٌ ثُمَّ قَالَ إِنَّ لِهَذَا

__________________________________________________
من السماء إلى العبد بقدر المؤنة و من أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة «1» و غيرها من الأخبار الكثيرة.
 «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام عنه صلى الله عليه و آله و سلم «2» «و أعطي النائبة في قومه» أي ما ينزل بهم من المهمات و الديات و إقراء- الأضياف و غيرها، و يؤيده أخبار أخر تدل على أن الكريم و السخي و الجواد و السمح في الشرع من يصرف أمواله في المصارف التي قررها الشارع لا من يبذر و يصرف كما هو المشهور بين الجهلة، بل ما اشتهر من جود حاتم و غيره من البرامكة خذلهم الله ليس بجود بل لو أنفقوا في مصارفه رياء و سمعة إلا لوجه الله تعالى، فهو إسراف و تضييع للمال الذي جعله الله عليه قيما كالوكيل الذي يصرف مال موكله في مصلحة نفسه.
 «و روي عن الفضل بن أبي قرة السمندي إلخ» يدل على أن البخل أعم من الشح و قد يطلق الشح على المعنى الأعم أيضا كما سيجي‏ء.
 «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني مسندا عنه صلى الله عليه و آله و سلم «3» «ما محق‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الانفاق خبر 8 من كتاب الزكاة.
 (2- 3) الكافي باب البخل و الشح خبر 6- 5 من كتاب الزكاة.

188
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل السخاء و الجود ص 184

الشُّحِّ دَبِيباً كَدَبِيبِ النَّمْلِ وَ شُعَباً كَشُعَبِ الشَّرَكِ.
1717 وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الْعَبْدِ حَاجَةٌ ابْتَلَاهُ بِالْبُخْلِ.

1718 وَ سَمِعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع رَجُلًا يَقُولُ الشَّحِيحُ أَعْذَرُ مِنَ الظَّالِمِ فَقَالَ لَهُ كَذَبْتَ إِنَّ الظَّالِمَ قَدْ يَتُوبُ وَ يَسْتَغْفِرُ وَ يَرُدُّ الظُّلَامَةَ عَلَى أَهْلِهَا وَ الشَّحِيحُ إِذَا شَحَّ مَنَعَ‏

__________________________________________________
الإسلام محق الشح شي‏ء» أي ما يبطل و يذهب الإسلام شي‏ء مثل إبطال البخيل «ثمَّ قال إن لهذا الشح دبيبا» أي حركة خفية لا تحس يعني أن البخيل حركاته خفية حتى ينجر إلى ترك أكثر ما فرض الله تعالى من الزكاة و الخمس و الحج و الجهاد و غيرها و إن كان في الابتداء يتعلل بعدم الوجوب في كثير من الإنفاقات «كشعب الشرك» فإنها أكثر من أن تحصى، و لا يخفى على من له دراية بمكائد النفس في أنواع الرياء حتى لو كان غرضه القرب أو كمال النفس فهو شرك إذا لم يكونا لله.
 «و قال أمير المؤمنين عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام «1» قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه «إذا لم يكن لله عز و جل في العبد حاجة» أي لم يكن قابلا للهدايات و التوفيقات بأعماله- القبيحة «ابتلاه بالبخل» أي منع عنه اللطف فاستولى عليه الشيطان و زين له البخل.
 «و سمع أمير المؤمنين عليه السلام رجلا» رواه الكليني مسندا عنه صلوات الله عليه «2» «يقول الشحيح أعذر» أي عذره أشد و أكثر «من الظالم» باعتبار أن البخيل لا يعطي إلى الغير، و الظالم يأخذ منه فعذرة أظهر.
 «فقال له (إلى قوله) الظلامة» ما به ظلم المظلوم «على أهلها» و كل هذه سهل «و الشحيح إذا شح» و عمل بمقتضى بخلة «منع الزكاة و الصدقة» الواجبة مثل الخمس أو الأعم فهو في الحقيقة ظالم لحق جميع الفقراء «و» كذا «صلة الرحم و إقراء الضيف» أي ضيافته و الإحسان إليه و خدمته «و النفقة في سبيل الله» أي الجهاد أو الأعم «و أبواب البر» فهو في الحقيقة آخذ لحقوق الله و الرسول و الأئمة و الصلحاء و الفقراء و-
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب البخل و الشح خبر 2- 1 من كتاب الزكاة.

189
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل السخاء و الجود ص 184

الزَّكَاةَ وَ الصَّدَقَةَ وَ صِلَةَ الرَّحِمِ وَ إِقْرَاءَ الضَّيْفِ وَ النَّفَقَةَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَبْوَابَ الْبِرِّ وَ حَرَامٌ عَلَى الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَهَا شَحِيحٌ.
1719 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع الْمُنْجِيَاتُ إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَ إِفْشَاءُ السَّلَامِ وَ الصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ وَ النَّاسُ نِيَامٌ‏

__________________________________________________
الأقرباء، و ظالم لهذه الجماعة مع أن البخل داء نفساني ملكة للنفس و قلما يزول و يعسر التوبة عنه، بل لا يتوب غالبا بخلاف الظلم «و حرام على الجنة أن يدخلها شحيح» مانع لحقوقه الواجبة عليه بالاستحقاق، نعم يمكن التفضل و الشفاعة.
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني، بإسناده، عن فيض بن المختار عنه (ع) «1» و في معناه الأخبار المتواترة عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم و الأئمة صلوات الله عليهم «2» و عنه صلوات الله عليه قال: أتى رسول الله بأسارى فقدم برجل منهم ليضرب عنقه فقال له جبرئيل عليه السلام أخر هذا اليوم يا محمد، فرده و أخرج غيره حتى كان هو آخرهم فدعا به ليضرب عنقه فقال له جبرئيل: يا محمد ربك يقرئك السلام و يقول لك أن أسيرك هذا يطعم الطعام، و يقري الضيف، و يصبر على النائبة، و يحمل الحمالات كالديات، فقال له النبي صلى الله عليه و آله و سلم، إن جبرئيل أخبرني فيك عن الله عز و جل كذا و كذا، و قد أعتقتك، فقال له: إن ربك ليحب هذا؟ فقال: نعم فقال: أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله، و الذي بعثك بالحق نبيا لا رددت عن مالي أبدا «3» يحتمل الأخبار و الإنشاء.
و في الصحيح، عن معمر بن خلاد قال: كان أبو الحسن الرضا عليه السلام إذا أكل أتي بصحفة فتوضع بقرب مائدته فيعمد إلى أطيب الطعام مما يؤتى به فيأخذ من كل شي‏ء شيئا فيوضع في تلك الصحفة ثمَّ يأمر بها للمساكين، ثمَّ يتلو هذه الآية فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ.
ثمَّ قال: علم الله عز و جل أنه ليس كل إنسان يقدر على عتق رقبة فجعل لهم السبيل إلى-
__________________________________________________
 (1) الكافي باب فضل إطعام الطعام خبر 5 من كتاب الزكاة.
 (2) و عوى مثل هذا المتتبع الخبير التواتر تغنى عن تعيين محالها.
 (3) الكافي باب فضل إطعام الطعام خبر 9 من كتاب الزكاة.

190
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فضل القصد ص 191

فَضْلُ الْقَصْدِ
1720 وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع مَا عَالَ امْرُؤٌ فِي اقْتِصَادٍ.

1721 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع ضَمِنْتُ لِمَنِ اقْتَصَدَ أَنْ لَا يَفْتَقِرَ.

وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ-
__________________________________________________
الجنة «1» يعني ساوى بين العتق و الإطعام في النجاة من النار بقوله تعالى فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ «2» و التخصيص للاهتمام فضل القصد «و قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام» رواه الكليني مسندا عنه عليه السلام «3» «ما عال» أي افتقر «امرء في اقتصاد» و القصد الوسط بين الإفراط و التفريط أو ضد الإفراط.
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح، عن الحسن بن محبوب عن عمر بن أبان (الثقة) عن مدرك بن الهزهاز (الهرمان- خ) في القوي عنه عليه السلام «4» «و قال الله عز و جل» روى الكليني في الحسن كالصحيح عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز و جل «يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ»
 أي أنفقوا العفو أو ينفقون العفو خبرا بمعنى الأمر قال «و العفو الوسط» فتدبر في التغييرات المخلة «5».
 «و قال عز و جل» روى الكليني، عن عبد الملك بن عمر الأحول (الثقة) قال‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب فضل إطعام الطعام خبر 12 من كتاب الزكاة.
 (2) البلد- 14.
 (3- 4) الكافي باب فضل القصد خبر 9- 6 من كتاب الزكاة.
 (5) الظاهر ان المراد ان الصدوق ره نقل الحديث بما هو مغير مخل، فان تفسير الآية انما هو من الامام (ع) و لا يفهم ذلك من عبارة الصدوق كما لا يخفى- و اللّه العالم.

191
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فضل القصد ص 191

يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ وَ الْعَفْوُ الْوَسَطُ وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً وَ الْقَوَامُ الْوَسَطُ.
__________________________________________________
تلا أبو عبد الله عليه السلام هذه الآية «وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا»
 أي لم يضيقوا «وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً»
 قال: فأخذ قبضة من حصى و قبضها بيده فقال:
هذا الإقتار الذي ذكره الله في كتابه، ثمَّ أخذ قبضة أخرى و أرخى كفه كلها ثمَّ قال:
هذا الإسراف، ثمَّ أخذ قبضة أخرى فأرخى بعضها و أمسك بعضها و قال: هذا القوام «1» و ظاهره أعم من الإنفاق في الصدقات و على العيال و غيرهما كظاهر الآية، و في الصحيح عن عبد الله بن سنان عنه عليه السلام ما يقرب منه «2».
و عن أبي الحسن عليه السلام في قول الله عز و جل؟ (وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) قال القوام هو المعروف، على الموسع قدره، و على المقتر قدره على قدر عياله و مئونته أو مئونتهم التي هي صلاح له و لهم لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها «3».
و في الصحيح عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال علي بن- الحسين صلوات الله عليهما لينفق الرجل بالقصد و بلغة الكفاف و يقدم منه الفضل لآخرته، فإن ذلك أبقى للنعمة و أقرب إلى المزيد من الله جل و عز و أنفع في العافية «4»:
و في القوي عن داود الرقي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن القصد أمر يحبه الله عز و جل و إن السرف أمر يبغضه الله حتى طرحك النواة فإنها تصلح للشي‏ء و حتى صبك فضل شرابك «5» و الظاهر أن أمثال هذه الإسرافات من الإسراف المكروه و يحتمل الحرمة لظاهره.
و عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: القصد مثراة (أي سبب لكثرة المال) و السرف‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب كراهية السرف و التقتير خبر 1- 9- 8 من كتاب الزكاة.
 (4- 5) الكافي باب فضل القصد خبر 1- 2) من كتاب الزكاة.

192
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فضل القصد ص 191

.........
__________________________________________________
متواة «1» (أي سبب لهلاك المال. و في الموثق كالصحيح، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: ثلاث مفجيات، فذكر الثالثة القصد في الغنى و الفقر «2».
و في الموثق كالصحيح، عن حماد اللحام (و هو مجهول، و يمكن جعله من الصحاح لصحته عن الحسن بن محبوب و هو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، و الظاهر أنه من كتابه أيضا) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لو أن رجلا أنفق ما في يده في سبيل من سبل الله ما كان أحسن و لا وفق، أ ليس يقول الله عز و جل (وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَ أَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) يعني المقتصدين «3».
و في الصحيح عن عبيد (القوي) قال قال أبو عبد الله عليه السلام يا عبيد إن السرف يورث الفقر و إن القصد يورث الغنى «4». و في الموثق كالصحيح، عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن عبد العزيز أنه قال له، إنا نكون في طريق مكة فنريد الإحرام فنطلي و لا يكون معنا نخالة نتدلك بها من النورة فنتدلك بالدقيق و قد دخلني من ذلك ما، الله أعلم به؟ فقال: أ مخافة الإسراف؟
قلت نعم، فقال ليس فيما أصلح البدن إسراف إني ربما أمرت بالنقي (أي من الحنطة و هو دقيقها) فيلت بالزيت فأتدلك به، إنما الإسراف فيما أفسد المال و أضر بالبدن، قلت و ما الإقتار؟ قال: أكل الخبز و الملح و أنت تقدر على غيره، قلت فما القصد قال الخبز و اللحم و اللبن و الخل و السمن مرة هذا و مرة هذا «5».
و في الصحيح، عن رفاعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا جاد الله تبارك و تعالى عليكم فجودوا و إذا أمسك عنكم فأمسكوا و لا تجاودوا الله فهو الأجود «6»
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4- 5- 6) الكافي باب فضل القصد خبر 4- 5- 7- 8- 10- 11 من كتاب الزكاة.

193
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فضل القصد ص 191

.........
__________________________________________________
 (أو فهو الأحق).
و في القوي عن ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال: رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:
من اقتصد في معيشته رزقه الله و من بذر حرمه الله «1» و عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: الرفق نصف العيش و ما عال امرء في اقتصاد «2».
و في القوي، عن عبد الله بن أبان قال: سألت أبا الحسن الأول عليه السلام عن النفقة على العيال؟ فقال: ما بين المكروهين، الإسراف و الإقتار «3».
و في الصحيح عن ابن أبي يعفور و يوسف بن عمارة قالا قال أبو عبد الله عليه السلام إن مع الإسراف قلة البركة.
و في الموثق (أو الصحيح) عنه عليه السلام قال: رب فقير هو أسرف من الغني إن الغني ينفق مما أوتي و الفقير ينفق من غير ما أوتي.
و في الحسن كالصحيح، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن المثنى قال: سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز و جل وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ فقال كان فلان بن فلان الأنصاري، سماه و كان له حرث و كان إذا أجذ يتصدق به:
و يبقى هو و عياله بغير شي‏ء فجعل الله عز و جل ذلك سرفا.
و في الحسن كالصحيح، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله في قول الله عز و جل:
وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى‏ عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً قال: الإحسار الفاقة.
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب فضل القصد خبر 12- 13 من كتاب الزكاة.
 (3) اورد هذا الخبر و الأربعة التي بعده في الكافي باب كراهية السرف و التقتير خبر 2 (الى) 7.

194
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فضل القصد ص 191

.........
__________________________________________________
و في القوي عن عجلان قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فجاء سائل فقام إلى مكتل (و هو شبه الزنبيل يسع خمسة عشر صاعا) فيه تمر فملأ يده فناوله، ثمَّ جاء آخر فسأله فقام فأخذ بيده فناوله ثمَّ جاء آخر فسأله فقام فأخذ بيده فناوله ثمَّ جاء آخر فسأله فقام فأخذ بيده فناوله ثمَّ جاء آخر فقال: الله رازقنا، و إياك، ثمَّ قال: إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم كان لا يسأله أحد من الدنيا شيئا إلا أعطاه فأرسلت إليه امرأة ابنا لها فقالت انطلق إليه فاسأله فإن قال لك ليس عندنا شي‏ء فقال أعطني قميصك، قال: فأخذ قميصه فرمى به إليه (و في نسخة «1» أخرى فأعطاه) فأدبه الله تبارك و تعالى على القصد فقال (وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى‏ عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) «2».
و في القوي، عن سليمان بن صالح (الثقة على الظاهر) قال، قلت لأبي عبد الله عليه السلام أدنى ما يجي‏ء من حد الإسراف؟ فقال، أ بذلك ثوب صونك (أي لبسك في البيت و نحوه ثوبا تلبسه للزينة) و إهراقك فضل إنائك و أكلك التمر و رميك النوى، هاهنا و هاهنا «3».
و في القوي، عن عمار بن أبي عاصم (عمار أبي عاصم- خ) قال قال أبو عبد الله عليه السلام أربعة لا يستجاب لهم، أحدهم كان له مال فأفسده فيقول يا رب ارزقني فيقول الله عز و جل: أ لم آمرك بالاقتصاد «4».
اعلم أن الآيات و الأخبار المتواترة دالة على مذمة الإسراف. و هو ينقسم (إلى تضييع المال) و لا يختلف بالنسبة إلى الأشخاص، لكن الظاهر أن تضييع ما يسمى مالا عرفا حرام و ما لا يسمى مثل طرح النوى مكروه (و إلى غيره) مثل أكل الأطعمة النفيسة، و الملابس الفاخرة، و الدور الفارهة، و المراكب الجيدة، يختلف باختلاف‏
__________________________________________________
 (1) قوله ره و في نسخة اخرى من كلام الكليني ره و هذا و امثاله ممّا يوجد في الكافي ممّا يؤيد ما افاده الشارح رحمه اللّه كرارا من ان مؤلّفى الكتب الأربعة كانوا يأخذون الحديث من أصل الكتاب و يذكرون السند للتيمن كما حققه في شرح خطبة الفقيه من الجزء الأول- و الآية في الاسراء- 29.
 (2- 3- 4) الكافي باب كراهية السفر و التقتير خبر 7- 10- 11 من كتاب الزكاة.

195
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل سقي الماء ص 196

بَابُ فَضْلِ سَقْيِ الْمَاءِ
1722 قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع أَوَّلُ مَا يُبْدَأُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ صَدَقَةُ الْمَاءِ يَعْنِي فِي الْأَجْرِ.

1723 وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يُحِبُّ إِبْرَادَ الْكَبِدِ الْحَرَّى وَ مَنْ سَقَى كَبِداً حَرَّى مِنْ بَهِيمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ‏

__________________________________________________
الأشخاص (فمنها) ما هو معلوم الحرمة (و منها) ما هو معلوم الإباحة أو الكراهة (و منها) شبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات أحرز دينه و نجا من المحرمات، و من ارتكب الشبهات يمكن هلاكه من حيث لا يعلم و لا نجاة إلا بالاحتياط التام في الجميع.
باب فضل سقي الماء «قال أمير المؤمنين عليه السلام» رواه الكليني في الموثق، عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام أول ما يبدأ به في الآخرة صدقة الماء يعني في الأجر «1» الظاهر أن (يعني) من كلام الصادق عليه السلام و يحتمل الراوي، بل هو الأظهر.
 «و قال أبو جعفر عليه السلام» رواه الكليني في الموثق كالصحيح، عن ضريس بن عبد الملك (الثقة) عنه «2» «قال إن الله تبارك و تعالى يحب إبراد الكبد الحرى» أي العطشى يمكن أن يكون المراد الظاهر أو الأعم منه، و من تنفيس كرب المؤمن أو الأعم و يكون التتمة مبينا له «أظله الله» أي أسكنه الله في ظل عرشه كما يفهم عن صريح أخبار أخر أو أدخله في كنف رحمته، و يمكن أن يكون ظل العرش أيضا كناية عنه.
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب سقى الماء خبر 1- 6 من كتاب الزكاة.

196
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل سقي الماء ص 196

1724 وَ رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ سَقَى الْمَاءَ فِي مَوْضِعٍ يُوجَدُ فِيهِ الْمَاءُ كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً وَ مَنْ سَقَى الْمَاءَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُوجَدُ فِيهِ الْمَاءُ كَانَ كَمَنْ أَحْيَا نَفْساً وَ مَنْ أَحْيَا نَفْساً فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً.

بَابُ ثَوَابِ اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ إِلَى الْعَلَوِيَّةِ
1726 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ صَنَعَ إِلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَداً كَافَيْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

1726 وَ قَالَ ع إِنِّي شَافِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِأَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ وَ لَوْ جَاءُوا بِذُنُوبِ أَهْلِ الدُّنْيَا

__________________________________________________
 «و روى معاوية بن عمار» في الصحيح و رواه الكليني عنه في الحسن كالصحيح «عن أبي عبد الله عليه السلام» «1» و الأخبار في سقي الماء و إطعام المؤمن و إكرامه و إعظامه أكثر من أن تحصى.
باب ثواب اصطناع المعروف إلى العلوية «قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني مسندا عنه صلى الله عليه و آله و سلم «2» «من صنع إلى أحد من أهل بيتي يدا» أي نعمة و إحسانا «كافيته يوم القيمة» يمكن أن يكون المراد بأهل البيت هنا ذرية رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من الحسن و الحسين و أولادهما عليه السلام (أو) الأعم من أولاد فاطمة صلوات الله عليها (أو) الأعم من أولاد علي صلوات الله عليه كما فهمه الصدوق «3» ظاهرا و إن أمكن أن يكون مراده أحد الأولين (أو) الأعم من بني هاشم ممن انتسب إليه بالأب أو الأعم من الأم و يحتمل الأخص من الجميع بأن يكون المراد به الأربعة المعصومين أو جميع المعصومين «كافيته» و في الكافي (به) يوم القيمة «4».
 «و قال عليه السلام» رواه في الصحيح، عن البرقي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب سقى الماء خبر 3 من كتاب الزكاة.
 (2) الكافي باب الصدقة لبنى هاشم و مواليهم وصلتهم خبر 8.
 (3) قوله ره كما فهمه الصدوق ظاهرا- يعنى انه عنون الباب بما ظاهره العموم.
 (4) فيما عندنا من الكافي ليس فيه لفظة «به» كما في الفقيه.

197
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب اصطناع المعروف إلى العلوية ص 197

رَجُلٌ نَصَرَ ذُرِّيَّتِي وَ رَجُلٌ بَذَلَ مَالَهُ لِذُرِّيَّتِي عِنْدَ الضِّيقِ وَ رَجُلٌ أَحَبَّ ذُرِّيَّتِي بِاللِّسَانِ وَ الْقَلْبِ وَ رَجُلٌ سَعَى فِي حَوَائِجِ ذُرِّيَّتِي إِذَا طُرِدُوا أَوْ شُرِّدُوا.
1727 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ أَيُّهَا الْخَلَائِقُ أَنْصِتُوا فَإِنَّ مُحَمَّداً يُكَلِّمُكُمْ فَتُنْصِتُ الْخَلَائِقُ فَيَقُومُ النَّبِيُّ ص فَيَقُولُ يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ مَنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدِي يَدٌ أَوْ مِنَّةٌ أَوْ مَعْرُوفٌ فَلْيَقُمْ حَتَّى أُكَافِيَهُ فَيَقُولُونَ بِآبَائِنَا وَ أُمَّهَاتِنَا وَ أَيُّ يَدٍ وَ أَيُّ مِنَّةٍ وَ أَيُّ مَعْرُوفٍ لَنَا بَلِ الْيَدُ وَ الْمِنَّةُ وَ الْمَعْرُوفُ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ عَلَى جَمِيعِ الْخَلَائِقِ فَيَقُولُ لَهُمْ بَلَى مَنْ آوَى أَحَداً مِنْ أَهْلِ بَيْتِي أَوْ بَرَّهُمْ أَوْ كَسَاهُمْ مِنْ عُرْيٍ أَوْ أَشْبَعَ جَائِعَهُمْ فَلْيَقُمْ حَتَّى أُكَافِيَهُ فَيَقُومُ أُنَاسٌ قَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَيَأْتِي النِّدَاءُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَا مُحَمَّدُ يَا حَبِيبِي قَدْ جَعَلْتُ مُكَافَأَتَهُمْ إِلَيْكَ فَأَسْكِنْهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْتَ قَالَ فَيُسْكِنُهُمْ فِي الْوَسِيلَةِ حَيْثُ لَا يُحْجَبُونَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ‏

__________________________________________________
عنه صلى الله عليه و آله و سلم و رواه الصدوق في كتبه بأسانيد عديدة أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، إني شافع يوم القيمة لأربعة أصناف «1» قوله «إذا طردوا أو شردوا» أي فرقوا من أوطانهم أو من الأبواب بالمنع من حقوقهم، و ظاهر الذرية المعنيان الأولان في الخبر المتقدم.
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الصدوق في كتبه مسندا عنه عليه السلام قوله «من آوى أحدا» أي أسكنه منزلا أو أدخله في كنفه من ظلم الظالمين، تجوزا «في الوسيلة» و هي أرفع مراتب الجنة.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب فضل الصدقة خبر 6 من كتاب الزكاة و عيون أخبار الرضا (ع) باب ما جاء عن الرضا (ع) من الاخبار النادرة خبر 17 و الخصال باب قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أربعة انا الشفيع لهم إلخ خبر 1.

198
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

بَابُ فَضْلِ الصَّدَقَةِ
1728 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَرْضُ الْقِيَامَةِ نَارٌ مَا خَلَا ظِلَّ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّ صَدَقَتَهُ تُظِلُّهُ.

1729 وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع الْبِرُّ وَ الصَّدَقَةُ يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَ يَزِيدَانِ فِي الْعُمُرِ وَ يَدْفَعَانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا سَبْعِينَ مِيتَةَ سَوْءٍ.

__________________________________________________
باب فضل الصدقة «قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني في القوي عنه صلى الله عليه و آله و سلم «1» قال «أرض القيامة نار» أي كالنار في الحرارة لقرب الشمس منهم مقدار ميل كما روي «ما خلا ظل المؤمن» أي مكانه الذي وقع عليه ظل الصدقة.
 «و قال أبو جعفر عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن غالب (الثقة) عمن حدثه عنه عليه السلام «2» قال «البر» أي بر الوالدين أو الأعم «و الصدقة (إلى قوله) في العمر» و إن (كان مقدار العمر- خ) مقدرا في لوح المحو و الإثبات مشروطا بعدم ما يكون سببا للزيادة أو النقصان و إن كان في علم الله معينا بأنه يتصدق و يزيد أو يقطع الرحم و ينقص أو لا يفعلهما فلا يزيد و لا ينقص و هذه الكتابة لطف للمكلفين في ازدياد الأعمال الموجبة للزيادة و ترك الأعمال الموجبة للنقصان «و يدفعان عن صاحبهما سبعين ميتة» بالكسر و الفتح «سوء» بالضم و الفتح، و في الكافي (و يدفعان عن سبعين) و في بعض النسخ (تسعين ميتة السوء) و ذكر في خبر آخر (يدفعان عن شيعتي ميتة السوء) و يمكن أن يكون إحداهما تصحيفا، و ميتة السوء، الموت بالحرق، و الغرق، و الهدم، و أكل السبع و أمثالها.
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب فضل الصدقة خبر 2- 7 من كتاب الزكاة.

199
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

1730 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَ ادْفَعُوا الْبَلَاءَ بِالدُّعَاءِ وَ اسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ فَإِنَّهَا تَفُكُّ مِنْ بَيْنِ لَحْيَيْ سَبْعِمِائَةِ شَيْطَانٍ وَ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَثْقَلَ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنَ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمُؤْمِنِ وَ هِيَ تَقَعُ فِي يَدِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي يَدِ الْعَبْدِ.

__________________________________________________
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني، عن عبد الله بن سنان عنه عليه السلام «1» و الظاهر أن الصدوق أخذه من كتابه فيكون صحيحا قوله: «فإنها تفك» أي تخلص «من بين لحى سبعمائة شيطان» كان الصدقة دخلت في أفواههم باعتبار منعهم عنها بالوجوه الباطلة، فبعضهم يقول: لا تتصدق فإنك أحوج منه (أو) انظر العاقبة (أو) السائل ليس بمستحق (أو) تصدق في وقت آخر، و على آخر أحوج منه (أو) لئلا تدخل في- الرياء (أو) في السر- لعله يعوقه عنها، فإذا تصدق مع هذه الوساوس و أمثالها، فكأنه أخرجها من أفواههم سيما إذا كانت الصدقة على المؤمن لكثرة ثوابه، و كلما كان- الثواب أكثر كان منع الشياطين أكثر.
و هذه الوساوس إحدى دلائل وجودهم كما هو المجرب «و هي (إلى قوله) في يد العبد» السائل كما قال تعالى هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ «2» و كناية عن أن الصدقة ما تكون لوجه الله تعالى فكأنه أخذها الله تعالى و أعطى المتصدق الثواب، ثمَّ الله تعالى أعطاها السائل لئلا يمن أحد على الفقراء بما يعطيهم، بل ينبغي أن يشكر الله تعالى على أن وفقه له و أعطاه الثواب الأبدي مع أن المال ماله تعالى.
__________________________________________________
 (1) قوله (ره) رواه الكليني عن عبد اللّه بن سنان عنه نقول بل رواه عن عليّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن عبد اللّه بن القاسم،- و الحاصل ان لعبد اللّه بن سنان في هذا الباب ثلث روايات إحداها من قوله (ع) داووا مرضاكم الى قوله في يد العبد (ثانيها) من قوله (ع) الصدقة باليد الى قوله ان لا يفعل (ثالثها) من قوله يستحب الى قوله له و سند الأخيرين واحد دون الأول فاختلط على الشارح قده فلاحظ الكافي.
 (2) الشورى- 25.

200
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

1731 وَ قَالَ ع الصَّدَقَةُ بِالْيَدِ تَقِي مِيتَةَ السَّوْءِ وَ تَدْفَعُ سَبْعِينَ نَوْعاً مِنْ أَنْوَاعِ الْبَلَاءِ وَ تَفُكُّ عَنْ لَحْيَيْ سَبْعِينَ شَيْطَاناً كُلُّهُمْ يَأْمُرُهُ أَنْ لَا يَفْعَلَ.

1732 وَ قَالَ ع يُسْتَحَبُّ لِلْمَرِيضِ أَنْ يُعْطِيَ السَّائِلَ بِيَدِهِ وَ يَأْمُرَ السَّائِلَ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ‏

__________________________________________________
فانظر إلى عناية الله تعالى بك في جميع الأمور (فمرة) يقول (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) «1» استقرضكم و له خزائن السماوات و الأرض، (و مرة) يقول إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى‏ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) «2» (و مرة) يقول إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ «3» استنصركم و لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ* (و مرة) يقول (وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ) فلا تغفل عن أمثال هذه الإشارات.
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن عبد الله بن سنان قال، سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول «4»- و الظاهر أنه أخذه من كتابه فيكون صحيحا «5»، و كذا الصدوق «الصدقة باليد» أي بيد نفسه لا وكيله و غيرها و يكون أحسن من الأعم و لا يحتاج أن يخص العمومات بأمثال هذه المخصصات في النوافل، بل في الفرائض أيضا، و كذا الإطلاقات و التقييدات، إذ لا منافاة بينهما إلا من حيث المفهوم، و المنطوق أولى من المفهوم و أقدم، و كذا لا منافاة بين السبعين و السبعمائة إلا من حيث المفهوم.
 «و قال عليه السلام» الظاهر أنه من تتمة رواية عبد الله بن سنان لرواية الكليني بالإسناد الأول عنه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول، يستحب للمريض أن يعطي-
__________________________________________________
 (1- 2) البقرة 245- 111.
 (3) محمّد- 7.
 (4) الكافي باب فضل الصدقة خبر 5 لكن في الكافي عن عبد اللّه بن سنان قال قال أبو عبد اللّه (ع) الخ.
 (5) يعني و ان كان في سند الرواية من لم يثبت وثاقته لكن لما اخذه الكليني من كتاب ابن سنان فلا يقدح في ذلك.

201
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

1733 وَ قَالَ ع بَاكِرُوا بِالصَّدَقَةِ فَإِنَّ الْبَلَايَا لَا تَتَخَطَّاهَا وَ مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ أَوَّلَ النَّهَارِ دَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ شَرَّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَإِنْ تَصَدَّقَ أَوَّلَ اللَّيْلِ دَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ‏

__________________________________________________
السائل بيده و يأمر السائل (أي يلتمس منه) أن يدعو له «1» «و قال عليه السلام» رواه الكليني، عن سليمان بن عمر و النخعي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم «2» «باكروا بالصدقة» أي تصدقوا في أول النهار «فإن البلايا لا تتخطاها» أي لا تتجاوز عن الصدقة و هي حائل بينه و بين البلاء، و روى- الكليني بإسناده، عن الحسن بن محبوب (و الظاهر أنه أخذه من كتابه فيكون صحيحا) عن أبي ولاد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول بكروا بالصدقة، (و في الفقيه (باكروا و المعنى واحد) و ارغبوا فيها فما من مؤمن يتصدق بصدقة يريد بها ما عند الله ليدفع الله بها عنه شر ما ينزل من السماء إلى الأرض في ذلك اليوم إلا وقاه الله شر ما ينزل من السماء إلى الأرض في ذلك اليوم «3» و في الحسن كالصحيح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من تصدق بصدقة حين يصبح أذهب الله عنه نحس ذلك اليوم «4» ..
و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان بيني و بين رجل قسمة أرض و كان الرجل صاحب نجوم و كان يتوخى ساعة السعود فيخرج فيها و أخرج أنا في ساعة النحوس، فاقتسمنا فخرج لي خير القسمين، فضرب الرجل بيده اليمنى على اليسرى، ثمَّ قال: ما رأيت كاليوم قط قلت: ويك، أ لا أخبرك ذاك؟ قال: إني صاحب نجوم أخرجتك في ساعة النحوس و خرجت أنا في ساعة السعود، ثمَّ قسمنا فخرج لك خير القسمين فقلت‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب فضل الصدقة خبر 9 و قوله (ره) الرواية الكليني عنه بالاسناد الأول- نقول ليس كذلك بل السند في الكافي هكذا- على بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (ع) قال سمعته يقول إلخ.
 (2- 3) الكافي باب ان الصدقة تدفع البلاء خبر 5- 1 من كتاب الزكاة.
 (4) الكافي باب ان الصدقة تدفع البلاء خبر 7.

202
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

شَرَّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ.
1734 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ اللَّهَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَدْفَعُ بِالصَّدَقَةِ الدَّاءَ وَ الدُّبَيْلَةَ وَ الْحَرَقَ وَ الْغَرَقَ وَ الْهَدْمَ وَ الْجُنُونَ وَ عَدَّ ع سَبْعِينَ بَاباً مِنَ الشَّرِّ.

__________________________________________________
أ لا أحدثك بحديث حدثني به أبي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: من سره أن يدفع الله عنه نحس يومه فليفتتح يومه بصدقة يذهب الله بها عنه نحس يومه، و من أحب أن يذهب الله عنه نحس ليلته فليفتتح ليلته بصدقة يدفع نحس ليلته فقلت: إني افتتحت خروجي بصدقة، فهذا خير لك من علم النجوم «1» «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني مسندا عنه عليه السلام «2» و الدبيلة تصغير دبلة و هي خراج «3» و دمل كثير يظهر في الجوف فيقتل غالبا «من الشر» و في الكافي (من السوء).
و روى الكليني في القوي، عن سالم بن مكرم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: مر يهودي بالنبي صلى الله عليه و آله و سلم، فقال السام عليك فقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: عليك، فقال أصحابه إنما سلم عليك بالموت قال الموت عليك، قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم و كذلك رددت ثمَّ قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم: إن هذا اليهودي يعضه أسود في قفاه فيقتله، قال: فذهب اليهودي فاحتطب حطبا كثيرا فاحتمله ثمَّ لم يلبث أن انصرف فقال له رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ضعه فوضع الحطب فإذا أسود في جوف الحطب عاض على عود فقال لليهودي أي شي‏ء عملت اليوم فقال: ما عملت عملا إلا حطبي هذا حملته فجئت به و كان معي كعكتان (و الكعك معرب (كاك) و هو الخبز اليابس أو الأعم) فأكلت واحدة و تصدقت بواحدة على مسكين فقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب ان الصدقة تدفع البلاء خبر 9- 2 من كتاب الزكاة.
 (3) و الخراج بضم معجمة و كسرها و خفة راء، ما يخرج في البدن من القروح و الورم الواحد الخراجة (مجمع البحرين).

203
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

.........
__________________________________________________
بها دفع الله عنه، و قال: إن الصدقة تدفع ميتة السوء عن الإنسان «1»- و روى العامة أيضا قريبا منه.
و أول أخباره صلى الله عليه و آله و سلم بأنه يعضه أسود، أي يريد أن يعضه كما في رؤيا إبراهيم عليه و على نبينا السلام" إِنِّي أَرى‏ فِي الْمَنامِ: أَنِّي أَذْبَحُكَ" أي أريد ذبحك (أو) يعضه أسود لو لا- الصدقة و نحوها، و في هذا الخبر لطف و إعجاز في رغبة المكلفين إلى الصدقة مع رؤيتهم أسباب القتل.
و مثله ما رواه في القوي، عن الحسن بن الجهم قال: قال أبو الحسن عليه السلام لإسماعيل بن محمد و ذكر له أن ابنه تصدق عنه قال: إنه رجل، قال: فمره أن يتصدق و لو بالكسرة من الخبز ثمَّ قال: قال أبو جعفر عليه السلام إن رجلا من بني إسرائيل كان له ابن و كان له محبا فأتي في منامه فقيل له إن ابنك ليلة يدخل بأهله يموت، قال: فلما كان تلك الليلة و تبني عليه أبوه (أي زفه العروس) توقع أبوه ذلك فأصبح ابنه سليما فأتاه أبوه، فقال يا بني: هل عملت البارحة شيئا من الخير؟ قال: لا إلا أن سائلا أتى الباب و قد كانوا ادخروا لي طعاما فأعطيته السائل، فقال: بهذا دفع (الله- خ) عنك «2».
و قريب منه ما رواه، عن الحسن بن علي الوشاء عن أبي الحسن الرضا عليه السلام «3» و في القوي، عن سدير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الصدقة لتدفع سبعين بلية من بلايا الدنيا مع ميتة السوء، إن صاحبها لا يموت بميتة السوء أبدا مع ما يدخر لصاحبها في الآخرة «4».
و عن محمد بن مسلم قال: كنت مع أبي جعفر عليه السلام في مسجد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فسقط شرف (شرفة- خ) من شرف المسجد فوقعت على رجل فلم يضره و أصابت رجله فقال أبو جعفر عليه السلام: سلوه أي شي‏ء عمل اليوم فسألوه فقال: خرجت و في كمي تمر
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4) الكافي باب ان الصدقة تدفع البلاء خبر 3- 8- 10- 6.

204
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

1735 وَ قَالَ ص صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ.

1736 وَ رَوَى عَمَّارٌ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ قَالَ لِي يَا عَمَّارُ الصَّدَقَةُ وَ اللَّهِ فِي السِّرِّ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ فِي الْعَلَانِيَةِ وَ كَذَلِكَ وَ اللَّهِ الْعِبَادَةُ فِي السِّرِّ أَفْضَلُ مِنَ الْعِبَادَةِ فِي الْعَلَانِيَةِ.

1737 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا طَرَقَكُمْ سَائِلٌ ذَكَرٌ بِلَيْلٍ فَلَا تَرُدُّوهُ.

__________________________________________________
فمررت بسائل فتصدقت عليه بتمرة، فقال أبو جعفر عليه السلام بها دفع الله عنه «1».
 «و قال صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني مسندا عنه صلى الله عليه و آله و سلم «2» و رواه أيضا في الصحيح عن صفوان، عن الوصافي، عن أبي جعفر عليه السلام عنه صلى الله عليه و آله و سلم «3» و المراد بالغضب العذاب الشديد كما ورد في الأخبار و تأيدت بالبراهين أنه تعالى ليس محلا للحوادث من الرضا و الغضب و أمثالهما.
 «و روى عمار» في الموثق و رواه الكليني عنه عن أبي عبد الله عليه السلام «4» و حمل على الصدقات و العبادات المستحبة إلا أن يتهم بتركهما أو يقصد اقتداء غيره به فيهما، و أما الواجبتان فإظهارهما أفضل إلا مع ظن الوقوع في الرياء.
 «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عنه صلى الله عليه و آله و سلم «5» أنه قال: «إذا طرقكم» أي نزل عليكم «سائل ذكر بليل فلا تردوه» لأنه يمكن أن يكون من الملائكة بخلاف الأنثى فإنهم لا يتمثلون بصورتها، و روي في الصحيح، عن هشام بن سالم قال: كان أبو عبد الله عليه السلام إذا اعتم (أي دخل في العتمة بمعنى العشاء) و ذهب من الليل شطره (أي بعضه) أخذ جرابا فيه خبز و لحم و الدراهم فحمله على عنقه ثمَّ ذهب به إلى أهل الحاجة من أهل المدينة فيقسمه فيهم و لا يعرفونه فلما مضى أبو عبد الله عليه السلام فقدوا ذلك فعلموا أنه كان أبا عبد الله عليه السلام «6».
و روي مثله، عن علي بن الحسين زين العابدين، و محمد بن علي باقر علم النبيين صلوات الله عليهما.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب ان الصدقة تدفع البلاء خبر 11 من كتاب الزكاة.
 (2- 3- 4) الكافي باب فضل صدقة السر خبر 1- 3- 2.
 (5- 6) الكافي باب صدقة الليل خبر 2- 1 من كتاب الزكاة.

205
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

.........
__________________________________________________
و في القوي، عن معلى بن خنيس قال: خرج أبو عبد الله عليه السلام في ليلة قد رشت (أي جاءت) بالمطر و هو يريد ظلة بني ساعدة (و الظلة بالضم كهيئة الصفة) فاتبعته فإذا هو قد سقط منه شي‏ء. فقال: بسم الله اللهم رد علينا قال: فأتيته فسلمت عليه فقال معلى؟ قلت: نعم جعلت فداك فقال لي التمس بيدك فما وجدت من شي‏ء فادفعه إلى فإذا أنا بخبز منتشر كثير فجعلت أدفع إليه ما وجدته، فإذا أنا بجراب أعجز عن حمله من خبز فقلت: جعلت فداك أحمله على رأسي؟ فقال: لا أنا أولى به منك و لكن امض معي قال فأتينا ظلة بني ساعدة فإذا نحن بقوم نيام فجعل عليه السلام يدس (أي يخفى) تحت رؤوسهم أو ثيابهم الرغيف و الرغيفين حتى أتى على آخرهم، ثمَّ انصرفنا فقلت جعلت فداك، يعرف هؤلاء الحق؟ فقال: لو عرفوه لواسيناهم بالدقة.
و الدقة هي الملح.
 (و الظاهر أن التفسير من الراوي، و في القاموس الدقة بالكسر هيئة الدق و الخساسة، و ضد العظم، و بالضم التراب اللين كسحته الريح، و التوابل من الأبزار و الملح مع ما خلط به من أبزاره، أو الملح المدقوق و حلي لأهل مكة انتهى فعلى ما فسره الراوي يكون المراد لساويناهم حتى بالملح و يحتمل أن يكون المراد، الملح مع الأخلاط أو الحلي).
إن الله «1» تبارك و تعالى لم يخلق شيئا إلا و له خازن يخزنه (أي من الملائكة) إلا الصدقة فإن الرب يليها بنفسه و كان أبي عليه السلام إذا تصدق بشي‏ء وضعه في يد السائل ثمَّ ارتده منه فقبله و شمه ثمَّ رده في يد السائل، إن صدقة الليل يطفئ غضب الرب و يمحو الذنب العظيم و يهون الحساب، و صدقة النهار تثمر المال و تزيد في العمر، إن عيسى بن مريم عليه السلام لما أن مر على شاطئ البحر رمى بقرص من قوته في الماء فقال له بعض الحواريين يا روح الله و كلمته لم فعلت هذا و إنما هو من قوتك؟ قال‏
__________________________________________________
 (1) من تتمة خبر معلى بن خنيس فلا تغفل.

206
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

1738 وَ قَالَ ص الصَّدَقَةُ بِعَشَرَةٍ وَ الْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَ صِلَةُ الْإِخْوَانِ بِعِشْرِينَ وَ صِلَةُ الرَّحِمِ بِأَرْبَعَةٍ وَ عِشْرِينَ.

1739 وَ سُئِلَ ع أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ.

1740 وَ قَالَ ع لَا صَدَقَةَ وَ ذُو رَحِمٍ مُحْتَاجٌ.

1741 قَالَ ع مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ أَلْقَى كَلَّهُ عَلَى النَّاسِ مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ يَعُولُ.

1742 وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا ع يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى عِيَالِهِ لِئَلَّا يَتَمَنَّوْا مَوْتَهُ.

__________________________________________________
فقال، فعلت هذا لدابة تأكله من دواب الماء و ثوابه عند الله عظيم «1» فتدبر في هذا الخبر فإنه مشتمل على فوائد كثيرة.
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني، عن السكوني- عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم «2».
 «و سئل عليه السلام» رواه بهذا الإسناد عنه عليه السلام «3» و الكاشح الذي يضمر لك العداوة، و ثوابه أفضل لأن الإخلاص فيه أتم بخلاف المحب فإنه غالبا يصله للمحبة البشرية لا لله «و قال عليه السلام لا صدقة» أي كاملة «و ذو رحم» أي منك «محتاج» روى الكليني، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من وصل قريبا بحجة أو عمرة كتب الله له حجتين، و عمرتين، و كذلك من حمل عن حميم يضاعف الله له الأجر ضعفين «4» و الأخبار في صلة الرحم أكثر من أن تحصى «و قال عليه السلام» رواه في القوي، عن علي بن غراب، عن أبي عبد الله عليه السلام عنه «5» عليه السلام- و الكل الثقل.
 «و قال أبو الحسن الرضا عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح، عن معمر بن خلاد، عن‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب صدقة الليل خبر 3 من كتاب الزكاة.
 (2- 3- 4) الكافي باب الصدقة على القرابة خبر 3- 2- 1.
 (5) الكافي باب كفاية العيال و التوسع عليهم خبر 9.

207
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

.........
__________________________________________________
أبي الحسن عليه السلام «قال ينبغي (إلى قوله) موته» و تلا هذه الآية (وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى‏ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً) قال: الأسير عيال الرجل فينبغي للرجل إذا زيد في النعمة أن يزيد أسراءه في السعة عليهم ثمَّ قال: إن فلانا أنعم الله عليه بنعمة فمنعها أسراءه و جعلها عند فلان فذهب الله بها، قال معمر: و كان فلان حاضرا «1».
و في الصحيح، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: أرضاكم عند الله أسبغكم على عياله «2» و في الصحيح، عن محمد بن مسلم قال: قال رجل لأبي جعفر عليه السلام: إن لي ضيعة بالجبل أستغلها كل سنة ثلاث آلاف درهم فأنفق على عيالي منها ألفي درهم و أتصدق منها بألف درهم في كل سنة فقال أبو جعفر عليه السلام إن كانت الألفان يكفيهم في جميع ما يحتاجون إليه فقد نظرت لنفسك و وفقت لرشدك و أجريت نفسك في حياتك بمنزلة ما يوصي به الحي عند موته «3».
و عن ابن أبي نصر، عن الرضا عليه السلام قال قال: عليه السلام: صاحب النعمة يجب عليه التوسعة على عياله- و عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال: المؤمن يأكل بشهوة أهله و المنافق يأكل أهله بشهوته- و عن أسباط بن سالم (قال): إن أبا عبد الله عليه السلام سئل أ كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقوت عياله قوتا معروفا؟ قال: نعم إن النفس إذا عرفت قوتها قنعت به و نبت عليه اللحم.
و في الحسن كالصحيح، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعوله. و في الحسن كالصحيح، عن أبي حمزة قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام: لأن أدخل‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب كفاية العيال و التوسع عليهم خبر 3- 1.
 (3) أورده في الكافي و السبعة التي بعده في باب كفاية العيال و التوسع عليهم خبر 2- 5 (الى) 14 من كتاب الزكاة.

208
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

1743 وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع عَنِ السَّائِلِ يَسْأَلُ وَ لَا يُدْرَى مَا هُوَ فَقَالَ أَعْطِ مَنْ وَقَعَتْ فِي قَلْبِكَ الرَّحْمَةُ لَهُ وَ قَالَ أَعْطِهِ دُونَ الدِّرْهَمِ قُلْتُ أَكْثَرُ مَا يُعْطَى قَالَ أَرْبَعَةُ دَوَانِيقَ.

1744 وَ رَوَى الْوَصَّافِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: كَانَ فِيمَا نَاجَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ مُوسَى ع أَنْ قَالَ يَا مُوسَى أَكْرِمِ السَّائِلَ بِبَذْلٍ يَسِيرٍ أَوْ بِرَدٍّ جَمِيلٍ إِنَّهُ يَأْتِيكَ مَنْ لَيْسَ بِإِنْسٍ وَ لَا جَانٍّ مَلَائِكَةٌ مِنْ مَلَائِكَةِ الرَّحْمَنِ يَبْلُونَكَ فِيمَا خَوَّلْتُكَ وَ يَسْأَلُونَكَ مِمَّا نَوَّلْتُكَ‏

__________________________________________________
السوق و معي درهم أبتاع به لعيالي لحما فقد قرموا (أي اشتهوا) أحب إلى من أعتق نسمة- و في الحسن كالصحيح، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا أصبح خرج غاديا في طلب الرزق فقيل له: يا بن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أين تذهب؟ فقال: أتصدق لعيالي قيل له: أ تتصدق؟ قال، من طلب الحلال فهو من الله عز و جل صدقة عليه.
و في الحسن كالصحيح، عن معاذ بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من سعادة الرجل أن يكون القيم على عياله.
و في الحسن، عن ياسر الخادم قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: ينبغي للمؤمن أن ينقص من قوت عياله في الشتاء و يزيد في وقودهم.
 «و سئل الصادق عليه السلام» رواه الكليني في القوي عنه عليه السلام «1» و في الحسن كالصحيح. عن سدير الصيرفي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أطعم سائلا لا أعرفه مسلما فقال: نعم أعط من لا تعرفه بولاية و لا عداوة للحق إن الله عز و جل يقول وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً و لا تطعم لمن نصب لشي‏ء من الحق أو دعي إلى شي‏ء من الباطل «2».
 «و روى الوصافي» في القوي و رواه الكليني عنه، عن أبي جعفر عليه السلام «3»- خوله و نوله، أعطاه «و قال عليه السلام» رواه الكليني و الشيخ في الصحيح، عن أبي جعفر عليه السلام «4» و ذكر بعض الأصحاب تبعا للعامة أن هذا الخبر من الأخبار الموضوعة و غفل عن‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الصدقة على من لا تعرفه- خبر 2- 1 من كتاب الزكاة.
 (3- 4) الكافي باب كراهية ردّ المسألة خبر 3- 2 و أورد الثاني في التهذيب باب الزيادات في الزكاة خبر 53.

209
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

فَانْظُرْ كَيْفَ أَنْتَ صَانِعٌ يَا ابْنَ عِمْرَانَ.
1745 وَ قَالَ ع أَعْطِ السَّائِلَ وَ لَوْ عَلَى ظَهْرِ فَرَسٍ.

1746 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا تَقْطَعُوا عَلَى السَّائِلِ مَسْأَلَتَهُ فَلَوْ لَا أَنَّ الْمَسَاكِينَ يَكْذِبُونَ مَا أَفْلَحَ مَنْ يَرُدُّهُمْ.

1747 وَ رُوِيَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ صَبِيحٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَجَاءَهُ سَائِلٌ فَأَعْطَاهُ ثُمَّ جَاءَهُ آخَرُ فَأَعْطَاهُ ثُمَّ جَاءَهُ آخَرُ فَأَعْطَاهُ ثُمَّ جَاءَهُ آخَرُ فَقَالَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْكَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَجُلًا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ شَاءَ أَنْ لَا يُبْقِيَ مِنْهَا شَيْئاً إِلَّا وَضَعَهُ فِي حَقٍّ لَفَعَلَ فَيَبْقَى لَا مَالَ لَهُ فَيَكُونُ مِنَ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ يُرَدُّ دُعَاؤُهُمْ قَالَ قُلْتُ مَنْ هُمْ قَالَ أَحَدُهُمْ رَجُلٌ كَانَ لَهُ مَالٌ فَأَنْفَقَهُ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ يَا رَبِّ ارْزُقْنِي فَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَ جَلَّ أَ لَمْ‏

__________________________________________________
صحته عن الأئمة صلوات الله عليهم، و استدل به على جواز إعطاء الزكاة لصاحب الفرس، و يشكل بأن ظاهره في كراهة رد السائل كما فهمه المحدثون رضي الله عنهم. و إن أمكن أن يقال إنه بعمومه يدل على ذلك أيضا، و حمل على ما إذا احتاج إليه للضعف عن المشي أو إذا كان من عادته عرفا و من أمثاله استثني كلما يحتاج إليه عرفا و لا بأس به كما يظهر من بعض الأخبار، و سيجي‏ء أيضا مع نفي الحرج و العسر و سماحة الشريعة و إن كان الأحوط عدم أخذه إذا لم يكن محتاجا إليها.
 «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني بإسناده، عن السكوني، «1» و القطع على السائل رده، و عنه صلى الله عليه و آله و سلم: لا تردوا السائل و لو بظلف محترق «2» و في القوي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما منع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم سائلا قط إن كان عنده أعطى، و إلا قال:
يأتي الله به «3» و عن علي بن الحسين عليهما السلام أنه قال: أعطوا السائل و لا تردوا سائلا «4».
 «و روي» في الموثق «عن الوليد بن صبيح» و رواه الكليني عنه في الصحيح‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4) الكافي باب كراهية ردّ السائل خبر 1- 6- 5- 4.

210
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

أَرْزُقْكَ وَ رَجُلٌ جَلَسَ فِي بَيْتِهِ وَ لَا يَسْعَى فِي طَلَبِ الرِّزْقِ وَ يَقُولُ يَا رَبِّ ارْزُقْنِي فَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَ جَلَّ أَ لَمْ أَجْعَلْ لَكَ سَبِيلًا إِلَى طَلَبِ الرِّزْقِ وَ رَجُلٌ لَهُ امْرَأَةٌ تُؤْذِيهِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ خَلِّصْنِي مِنْهَا فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَ لَمْ أَجْعَلْ أَمْرَهَا بِيَدِكَ.
1748 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع فِي السُّؤَّالِ «1» أَطْعِمُوا ثَلَاثَةً وَ إِنْ شِئْتُمْ أَنْ تَزْدَادُوا

__________________________________________________
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني عنه عليه السلام في الموثق «2» و قد تقدم مثله «و قال عليه السلام» رواه الكليني مرسلا «3» و روي في الصحيح. عن الحسن بن الجهم، عن أبي الحسن قال: لا تحقروا دعوة أحد فإنه يستجاب لليهودي و النصراني فيكم و لا يستجاب لهم في أنفسهم «4».
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح (على الظاهر) عن جميل بن دراج «5» و الظاهر أن الصدوق أيضا أخذه من كتابه فيكون صحيحا «و لو أن المعروف» رواه الكليني مرسلا عنه عليه السلام قال: لو جرى المعروف على ثمانين كفالا و جروا كلهم من غير أن ينقص صاحبه من أجره شيئا «6».
و روى الكليني بإسناد فيه سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب (و الظاهر أنه أخذه من كتابه فيكون صحيحا) عن صالح بن رزين (و هو من أصحاب الأصول) قال:
دفع إلى شهاب بن عبد ربه دراهم من الزكاة أقسمها فأتيته يوما فسألني هل قسمتها؟
فقلت: لا فأسمعني كلاما فيه بعض الغلظة فطرحت ما كان بقي معي من الدراهم و قمت مغضبا فقال لي ارجع حتى أحدثك بشي‏ء سمعته من جعفر بن محمد عليهما السلام فرجعت فقال: قلت‏
__________________________________________________
 (1) السؤال- كتجار: جمع سائل و هو الفقير.
 (2) الكافي باب قدر ما يعطى السائل خبر 1 (لكن الى قوله (ع) سبيلا الى طلب الرزق و ذكر:
تمام الثلاثة في باب من لا تستجاب دعوته خبر 3 من كتاب الدعاء.
 (3- 4) الكافي باب دعاء السائل خبر 1- 2.
 (5) الكافي باب دعاء السائل خبر 1.
 (6) الكافي باب ان الذي يقسم الصدقة شريك صاحبها في الاجر خبر 2.

211
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

فَازْدَادُوا وَ إِلَّا فَقَدْ أَدَّيْتُمْ حَقَّ يَوْمِكُمْ.
1749 وَ قَالَ ع إِذَا أَعْطَيْتُمُوهُمْ فَلَقِّنُوهُمُ الدُّعَاءَ فَإِنَّهُ يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيكُمْ وَ لَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ.

1750 قَالَ الصَّادِقُ ع فِي الرَّجُلِ يُعْطِي غَيْرَهُ الدَّرَاهِمَ يَقْسِمُهَا قَالَ يَجْرِي لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ مَا يَجْرِي لِلْمُعْطِي وَ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ شَيْ‏ءٌ وَ لَوْ أَنَّ الْمَعْرُوفَ جَرَى عَلَى سَبْعِينَ يَداً لَأُوجِرُوا كُلُّهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِ صَاحِبِهِ شَيْ‏ءٌ.

1751 وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ جُهْدُ الْمُقِلِّ أَ مَا سَمِعْتَ‏

__________________________________________________
لأبي عبد الله عليه السلام إني إذا وجبت زكاتي أخرجتها فأدفع بها أو منها إلى من أثق به يقسمها قال، نعم لا بأس بذلك. أما إنه أحد المعطين (أو المعطيين) قال صالح: فأخذت الدراهم حيث سمعت الحديث فقسمتها «1».
و الظاهر أنه يجوز أخذه لنفسه إذا كان مستحقا إذا لم يعلم إرادة غيره، و قيل مقدار ما يعطي غيره لا أزيد لما رواه الكليني في الموثق كالصحيح عن سعيد بن يسار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يعطى الزكاة يقسمها في أصحابه أ يأخذ منها شيئا قال نعم «2» و في الحسن كالصحيح، عن الحسين بن عثمان، عن أبي إبراهيم عليه السلام في رجل أعطى مالا يفرقه فيمن يحل له أ له أن يأخذ منه شيئا لنفسه و إن لم يسم له؟ قال: يأخذ منه لنفسه مثل ما يعطي غيره «3» و في الصحيح، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يعطي الرجل الدرهم يقسمها و يضعها في مواضعها و هو ممن يحل له الصدقة قال: لا بأس أن يأخذ لنفسه كما يعطي غيره قال و لا يجوز له أن يأخذ إذا أمره أن يضعها في مواضع مسماة إلا بإذنه «4».
 «و سئل الصادق عليه السلام» رواه الكليني عن أبي بصير عنه عليه السلام «5» «أي الصدقة أفضل؟ قال: جهد المقل» و الجهد بالضم، الوسع و الطاقة. و بالفتح المشقة (و قيل) المبالغة و الغاية، و قيل هما لغتان في الوسع و الطاقة، فأما في المشقة و الغاية فالفتح‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب ان الذي يقسم الصدقة شريك صاحبها في الاجر خبر 1.
 (2- 3- 4) الكافي باب الرجل يدفع إليه مال يفرقه و هو محتاج إليه إلخ خبر 1- 2- 3.
 (5) الكافي باب الايثار من كتاب الزكاة خبر 3.

212
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ هَلْ تَرَى هَاهُنَا فَضْلًا.

1752 وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع ضَمِنْتُ عَلَى رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ لَا يَسْأَلَ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَّا اضْطَرَّتْهُ الْمَسْأَلَةُ يَوْماً إِلَى أَنْ يَسْأَلَ مِنْ حَاجَةٍ

__________________________________________________
لا غير، و من المضموم حديث الصدقة أي الصدقة أفضل؟ قال جهد المقل (أي قدر ما يحتمله حال قليل المال قاله في النهاية) و قد تقدم أن أفضل الصدقة صدقة عن ظهر غنى فيحمل جهد المقل و الإيثار على من يحتمل الصبر مثل شأن أهل البيت سلام الله عليهم، و الثاني على من لا يحتمله كشأن الأكثر (و قيل) الإيثار على النفس مستحب دونه على العيال أو على الفضيلة و الأفضلية.
كما رواه الكليني في الموثق عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام:
عن الرجل ليس عنده إلا قوت يومه أ يعطف من عنده قوت يومه على من ليس عنده شي‏ء، و يعطف من عنده قوت شهر على من دونه، و السنة على نحو ذلك؟ أم ذلك كله الكفاف الذي لا يلام عليه؟ فقال: هو أمران، أفضلكم فيه أحرصكم على الرغبة و الأثرة على نفسه، فإن الله عز و جل يقول وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ، و الأمر الآخر لا يلام على الكفاف، و اليد العليا خير من اليد السفلى، و ابدأ بمن تعول «1» و يفهم من هذا الخبر أن اليد العليا عبارة عن الغنى و السفلى عن الفقير، و يمكن أن يكون استطرادا و الآيات و الأخبار في الإيثار أكثر من أن تحصى.
 «هل ترى هاهنا فضلا» يعني هل ترى في الآية احتمال أن يكون المراد الفضل و الزائد من المال مع التصريح بالخصاصة، و دلالة الإيثار أو المراد أنه لا فضل أعظم من مدح الله تبارك و تعالى.
 «و قال علي بن الحسين عليهما السلام» رواه الكليني، عن الحسن بن محبوب،
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الايثار خبر 1 و الآية في سورة الحشر- 9.

213
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

1753 وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع اتَّبِعُوا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ص إِنَّهُ قَالَ مَنْ فَتَحَ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ.

1754 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْأَلُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فَيَمُوتُ حَتَّى يُحْوِجَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهَا وَ يَكْتُبَ لَهُ بِهَا النَّارَ.

1755 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَحَبَّ شَيْئاً لِنَفْسِهِ وَ أَبْغَضَهُ لِخَلْقِهِ أَبْغَضَ عَزَّ وَ جَلَّ لِخَلْقِهِ الْمَسْأَلَةَ وَ أَحَبَّ لِنَفْسِهِ أَنْ يُسْأَلَ وَ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ فَلَا يَسْتَحْيِي أَحَدُكُمْ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ فَضْلِهِ وَ لَوْ شِسْعَ نَعْلٍ.

1756 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع إِيَّاكُمْ وَ سُؤَالَ النَّاسِ فَإِنَّهُ ذُلُّ الدُّنْيَا وَ فَقْرٌ تَتَعَجَّلُونَهُ وَ حِسَابٌ‏

__________________________________________________
عن مالك بن عطية، عن أبي عبد الله عليه السلام عنه عليه السلام «1» (ضمنت على سبيل التهكم).
 «و قال أمير المؤمنين عليه السلام اتبعوا قول رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام عنه عليه السلام قال: اتبعوا قول رسول الله «2» صلى الله عليه و آله و سلم (أي في ترك السؤال) أو انظروا إلى ما قاله صلى الله عليه و آله و سلم «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني مسندا عنه «3» عليه السلام (فيموت) عطف على (يسأل) أي لا يموت- و في الكافي (فلا يموت) لكن نسخة الفقيه أحسن.
 «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني في الحسن كالصحيح «4» و الشسع قبال النعل ككتاب زمام بين الإصبع الوسطى و التي يليها، و الظاهر أن المراد هنا مطلق سير النعل كناية عن القلة، و يؤيده ما رواه الكليني في الصحيح، عن سيف التمار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: عليكم بالدعاء فإنكم لا تقربون بمثله و لا تتركوا صغيرة لصغرها أن تدعوا بها، إن صاحب الصغار هو صاحب الكبار «5» و غير ذلك من الأخبار.
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن ابن أبي عمير
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب من سئل من غير حاجة- 1- 2- 3.
 (4) الكافي باب كراهية المسألة خبر 4 من كتاب الزكاة.
 (5) أصول الكافي باب فضل الدعاء و الحث عليه خبر 6 من كتاب الدعاء.

214
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

طَوِيلٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
1757 وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع لَوْ يَعْلَمُ السَّائِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ مَا سَأَلَ أَحَدٌ أَحَداً وَ لَوْ يَعْلَمُ الْمُعْطِي مَا فِي الْعَطِيَّةِ مَا رَدَّ أَحَدٌ أَحَداً.

1758 وَ جَاءَتْ فَخِذٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِمُ السَّلَامَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَنَا إِلَيْكَ حَاجَةٌ قَالَ هَاتُوا حَاجَتَكُمْ قَالُوا إِنَّهَا حَاجَةٌ عَظِيمَةٌ قَالَ هَاتُوا مَا هِيَ قَالُوا تَضْمَنُ لَنَا عَلَى رَبِّكَ الْجَنَّةَ فَنَكَسَ ص رَأْسَهُ وَ نَكَتَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ أَفْعَلُ ذَلِكَ بِكُمْ عَلَى أَنْ لَا تَسْأَلُوا أَحَداً شَيْئاً قَالَ فَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَكُونُ فِي السَّفَرِ فَيَسْقُطُ سَوْطُهُ فَيَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ لِإِنْسَانٍ نَاوِلْنِيهِ فِرَاراً مِنَ الْمَسْأَلَةِ فَيَنْزِلُ فَيَأْخُذُهُ وَ يَكُونُ عَلَى الْمَائِدَةِ وَ يَكُونُ بَعْضُ الْجُلَسَاءِ أَقْرَبَ مِنْهُ إِلَى الْمَاءِ فَلَا يَقُولُ نَاوِلْنِي حَتَّى يَقُومَ فَيَشْرَبَ.

1759 وَ قَالَ ع اسْتَغْنُوا عَنِ النَّاسِ وَ لَوْ بِشَوْصِ السِّوَاكِ.

__________________________________________________
عمن سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: إياكم و سؤال الناس فإنه ذل الدنيا و فقر تعجلونه (أي لأنفسكم) و حساب طويل يوم القيمة «1» (أي لأجله) و نقلنا الخبر للتغييرات و كأنه من النساخ.
 «و قال أبو جعفر عليه السلام» رواه في الصحيح، عن محمد بن مسلم قال قال أبو جعفر عليه السلام يا محمد لو يعلم السائل إلخ «2».
 «و جاءت فخذ» ككتف أي قبيلة «من الأنصار» رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال جاءت فخذ من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم «3» و إطراقه صلى الله عليه و آله و سلم برأسه و نكته و ضربه في الأرض بالقضيب الذي يفعله المتفكرون، كان لنزول الوحي «و قال عليه السلام استغنوا عن الناس و لو بشوص السواك» و في النهاية- فيه أنه كان يشوص فاه بالسواك أي يدلك أسنانه و ينقيها و قد قيل: هو أن يستاك من سفل إلى علو، و أصل الشوص الغسل، و منه الحديث‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب كراهية المسألة خبر 1- 2- 5.

215
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

.........
__________________________________________________
استغنوا عن الناس و لو بشوص السواك أي بغسالته (و قيل) بما يتفتت منه عند التسوك.
و عن الحسين بن أبي العلاء قال قال أبو عبد الله عليه السلام: رحم الله عبدا عف و تعفف و كف عن المسألة فإنه ليتعجل الدنية في الدنيا و لا يغني الناس عنه شيئا قال: ثمَّ قال، تمثل أبو عبد الله عليه السلام ببيت حاتم.
         إذا ما عرفت اليأس ألفيته الغنى «1»             إذا عرفته النفس، و الطمع الفقر
 و في الصحيح عن أحمد بن النضر رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الأيدي ثلاثة يد الله العليا، و يد المعطي التي تليها، و يد المعطي أسفل الأيدي، فاستعفوا عن السؤال ما استطعتم، إن الأرزاق دونها حجب فمن شاء قنى خياره و أخذ رزقه و من شاء هتك الحجاب و أخذ رزقه، و الذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبلا ثمَّ يدخل عرض هذا الوادي فيحتطب حتى لا يلتقي طرفاه ثمَّ يدخل به السوق فيبيعه بمد من تمر و يأخذ ثلثه، و في نسخة (ثلثيه) و يتصدق بثلثيه، و في نسخة (بثلثه) خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو حرموه «2».
و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اشتدت حال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و آله و سلم فقالت له امرأته: لو أتيت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فسألته، فجاء إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم فلما رآه النبي صلى الله عليه و آله و سلم قال: من سألنا أعطيناه و من استغنى أغناه الله فقال الرجل ما يعني غيري فرجع إلى امرأته فأعلمها فقالت إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بشر فأعلمه، فأتاه فلما رآه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال: من سألنا أعطيناه، و من استغنى أغناه الله حتى فعل الرجل ذلك ثلاثا، ثمَّ ذهب الرجل فاستعار معولا ثمَّ أتى الجبل فصعده فقطع حطبا ثمَّ جاء به فباعه بنصف مد من دقيق فرجع به فأكله، ثمَّ ذهب من الغد فجاء بأكثر من ذلك فباعه فلم يزل يعمل و يجمع‏
__________________________________________________
 (1) أي وجدته الغنى- منه رحمه اللّه.
 (2) الكافي باب كراهية المسألة خبر 6 من كتاب الزكاة.

216
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

.........
__________________________________________________
حتى اشترى معولا، ثمَّ جمع حتى اشترى بكرين (أي جملين)، و غلاما، ثمَّ أثرى حتى أيسر فجاء إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم فأعلمه كيف جاء يسأله، و كيف سمع النبي صلى الله عليه و آله و سلم فقال النبي صلى الله عليه و آله و سلم قلت لك، من سألنا أعطيناه و من استغنى أغناه الله «1».
و روي عن لقمان أنه قال لابنه يا بني ذقت الصبر و أكلت لحاء الشجر (أي قشره) فلم أجد شيئا هو أمر من الفقر، فإن بليت به يوما فلا تظهر الناس عليه فيستهينونك و لا ينفعونك بشي‏ء، ارجع إلى الذي ابتلاك به و هو أقدر على فرجك و سله من ذا الذي سأله فلم يعطه أو وثق به فلم ينجه «2».
و عن الحسين بن علوان قال: كنا في مجلس نطلب فيه العلم و قد نفدت نفقتي في بعض الأسفار فقال لي بعض أصحابنا من تأمل لما نزل بك؟ فقلت فلانا فقال، إذا و الله لا تسعف حاجتك و لا يبلغك أملك و لا ينج طلبتك قلت: و ما علمك رحمك الله؟ قال:
إن أبا عبد الله عليه السلام حدثني أنه قرأ في بعض الكتب أن الله تبارك و تعالى يقول: و عزتي و جلالي و مجدي و ارتفاعي على عرشي لأقطعن أمل كل مؤمل من الناس أمل غيري باليأس و لأكسونه ثوب المذلة عند الناس و لأنحينه من قربى و لأبعدنه من وصلي، أ يؤمل غيري في الشدائد و الشدائد بيدي و يرجو غيري و يقرع بالفكر باب غيري و بيدي مفاتيح الأبواب و هي مغلقة و بابي مفتوح لمن دعاني.
فمن ذا الذي أملني لنوائبه فقطعته دونها؟ و من ذا الذي رجاني لعظيمة فقطعت رجاؤه مني؟ جعلت آمال عبادي عندي محفوظة فلم يرضوا بحفظي و ملأت سماواتي ممن لا يمل من تسبيحي و أمرتهم أن لا يغلقوا الأبواب بيني و بين عبادي فلم يتقوا بقولي أ لم يعلم من طرقته نائبة من نوائبي أنه لا يملك كشفها أحد غيري إلا من بعد إذني أ فما لي أراه لاهيا عني أعطيته بجودي ما لم يسألني ثمَّ انتزعته عنه فلم يسألني رده و سأل غيري أ فيراني أبدأ بالعطايا قبل المسألة ثمَّ أسأل فلا أجيب سائلي؟ أ بخيل أنا فيبخلني‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب كراهية المسألة خبر 3- و ذيل خبر 7 من كتاب الزكاة.

217
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

1760 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع الْمَنُّ يَهْدِمُ الصَّنِيعَةَ.

1761 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كَرِهَ لِي سِتَّ خِصَالٍ وَ كَرِهْتُهُنَّ لِلْأَوْصِيَاءِ مِنْ وُلْدِي وَ أَتْبَاعِهِمْ مِنْ بَعْدِي الْعَبَثَ فِي الصَّلَاةِ وَ الرَّفَثَ فِي الصَّوْمِ وَ الْمَنَّ بَعْدَ الصَّدَقَةِ وَ إِتْيَانَ الْمَسَاجِدِ جُنُباً وَ التَّطَلُّعَ فِي الدُّورِ وَ الضَّحِكَ بَيْنَ الْقُبُورِ.

1762 وَ رُوِيَ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنِ الصَّادِقِ ع عَنْ آبَائِهِ ع أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع بَعَثَ إِلَى رَجُلٍ بِخَمْسَةِ أَوْسَاقٍ مِنْ تَمْرِ الْبُغَيْبِغَةِ وَ كَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ يَرْجُو نَوَافِلَهُ وَ يَرْضَى نَائِلَهُ وَ رِفْدَهُ وَ كَانَ لَا يَسْأَلُ عَلِيّاً ع وَ لَا غَيْرَهُ شَيْئاً فَقَالَ رَجُلٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ اللَّهِ مَا سَأَلَكَ فُلَانٌ شَيْئاً وَ لَقَدْ كَانَ يُجْزِيهِ مِنَ الْخَمْسَةِ الْأَوْسَاقِ وَسْقٌ وَاحِدٌ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لَا كَثَّرَ اللَّهُ فِي الْمُؤْمِنِينَ ضَرْبَكَ أُعْطِي أَنَا وَ تَبْخَلُ أَنْتَ بِهِ إِذَا أَنَا لَمْ أُعْطِ الَّذِي يَرْجُونِي إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَسْأَلَتِي ثُمَّ أَعْطَيْتُهُ بَعْدَ الْمَسْأَلَةِ فَلَمْ‏

__________________________________________________
عبدي؟ أو ليس الجود و الكرم لي؟ أو ليس العفو و الرحمة بيدي؟ أو ليس أنا محل الآمال فمن يقطعها دوني؟ أ فلا يخشى المؤملون أن يؤملوا غيري، فلو أن أهل سماواتي و أهل أرضي أملوني جميعا ثمَّ أعطيت كل واحد منهم مثل ما أمل الجميع ما انتقص من ملكي مثل عضو ذرة، و كيف ينقص ملك أنا قيمه؟ فيا بؤسا للقانطين من رحمتي و يا بؤسا لمن عصاني و لم يراقبني «1» و الأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى.
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني عنه عليه السلام مرفوعا- «2» «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني في الموثق، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم «3» و قد تقدم- و قد قال الله تبارك و تعالى:" لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى‏ كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ، «4» و ذلك أظهر من أن يذكر في الأخبار «و روي عن مسعدة بن صدقة» طريق الصدوق و الكليني إليه «5» صحيح و كتابه‏
__________________________________________________
 (1) عدّة الداعي- الباب الثالث في الداعي عند قوله (نصيحة) ص 198 المطبوع بالتبريز مع اختلاف في الفاظه صدرا و الراوي- محمّد بن عجلان- لا حسين بن علوان.
 (2- 3) الكافي باب المن خبر 2- 1 من كتاب الزكاة.
 (4) البقرة 264.
 (5) الكافي باب من أعطى بعد المسألة خبر 1 من كتاب الزكاة.

218
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

أُعْطِهِ إِلَّا ثَمَنَ مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَ ذَلِكَ لِأَنِّي عَرَّضْتُهُ لِأَنْ يَبْذُلَ لِي وَجْهَهُ الَّذِي يُعَفِّرُهُ فِي التُّرَابِ لِرَبِّي وَ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَ تَعَبُّدِهِ لَهُ وَ طَلَبِ حَوَائِجِهِ إِلَيْهِ فَمَنْ فَعَلَ هَذَا بِأَخِيهِ‏
__________________________________________________
معتمد، و البغيبغة ضيعة بالمدينة أو عين غزيرة كثيرة النخل لآل رسول الله عليهما السلام في- القاموس، و النوافل العطايا، و النائل العطاء، و كذا الرقد و الضرب المثل «فلم يصدق الله» أي لم يقل صدقا، و الحطام ما يكسر من اليبس كناية عن الأموال الفانية الزائلة.
و عن أبي عبد الله عليهم السلام قال المعروف ابتداء، فأما من أعطيته بعد مسألته فإنما كافيته بما بذل لك من وجهه يبيت ليلته أرقا (أي سهرا) متململا (أي مضطربا) متمثلا بين الرجاء و اليأس لا يدري أين يتوجه لحاجته ثمَّ يعزم بالقصد لها فيأتيك و قلبه يرجف (أي يضطرب) و فرائصه ترعد (و الفريصة اللحمة بين الجنب و الكتف التي لا تزال تضطرب من الدابة، جمعها فرائص) قد ترى دمه في وجهه لا يدري أ يرجع بكأبة أم بفرح «1» و عن اليسع بن حمزة قال: كنت في مجلس أبي الحسن الرضا عليه السلام أحدثه و قد اجتمع إليه خلق كثير يسألونه عن الحلال و الحرام، إذ دخل عليه رجل طوال آدم (أي أسمر مائل إلى السواد) فقال: السلام عليك يا بن رسول الله، رجل من محبيك و محبي آبائك و أجدادك عليهم السلام، مصدري من الحج (أي رجوعي عن الحج) و قد افتقدت نفقتي و ما معي ما أبلغ مرحلة، فإن رأيت أن تنهضني إلى بلدي و لله علي نعمة فإذا بلغت بلدي تصدقت بالذي توليني عنك، فلست موضع صدقة؟ فقال له: اجلس رحمك الله و أقبل على الناس يحدثهم حتى تفرقوا و بقي هو و سليمان الجعفري و خيثمة و أنا فقال: أ تأذنون لي في الدخول؟ فقال له سليمان: قدم الله أمرك فقام فدخل الحجرة و بقي ساعة ثمَّ خرج و رد الباب و أخرج يده من أعلى الباب و قال أين الخراساني؟ فقال: ها أنا ذا فقال: خذ هذه- المائتي دينار و استعن بها على مئونتك و نفقتك و تبرك بها و لا تصدق بها عني، و اخرج فلا أراك و لا تراني، ثمَّ خرج فقال له سليمان: جعلت فداك لقد أجزلت و رحمت فلما ذا سترت وجهك عنه؟ فقال: مخافة أن أرى ذل السؤال في وجهه لقضائي حاجته، أ ما سمعت‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من أعطى بعد المسلة خبر 2 من كتاب الزكاة.

219
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

الْمُسْلِمِ وَ قَدْ عَرَفَ أَنَّهُ مَوْضِعٌ لِصِلَتِهِ وَ مَعْرُوفِهِ فَلَمْ يَصْدُقِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِي دُعَائِهِ لَهُ حَيْثُ يَتَمَنَّى لَهُ الْجَنَّةَ بِلِسَانِهِ وَ يَبْخَلُ عَلَيْهِ بِالْحُطَامِ مِنْ مَالِهِ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ- اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ فَإِذَا دَعَا لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ فَقَدْ طَلَبَ لَهُ الْجَنَّةَ فَمَا أَنْصَفَ مَنْ فَعَلَ هَذَا بِالْقَوْلِ وَ لَمْ يُحَقِّقْهُ بِالْفِعْلِ‏
__________________________________________________
حديث رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: المستتر بالحسنة تعدل سبعين حجة و المذيع بالسيئة مخذول و المستتر بها مغفور له؟ أ ما سمعت قول الأول.
         متى آته يوما لا طلب حاجة             رجعت إلى أهلي و وجهي بمائه «1»
 و عن الحرث (الحارث) الهمداني قال سامرت (أي حدثت بالليل) أمير المؤمنين عليه السلام فقلت: يا أمير المؤمنين عرضت لي حاجة قال: فرأيتني لها أهلا قلت نعم يا أمير المؤمنين قال: جزاك الله عني خيرا، ثمَّ قام إلى السراج فأغشاها و جلس ثمَّ قال: إنما أغشيت السراج لئلا أرى ذل حاجتك في وجهك فتكلم فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول الحوائج أمانة من الله في صدور العباد، فمن كتمها كتبت له عبادة، و من أفشاها كان حقا على من سمعها أن يعينه «2» و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: ما توسل إلى أحد بوسيلة و لا تذرع بذريعة أقرب له إلى ما يريده مني، من رجل سلف إليه مني يد أتبعتها أختها و أحسنت ربها، فإني رأيت صنع الأواخر يقطع لسان شكر الأوائل و لا سخت نفسي برد بكر الحوائج و قد قال الشاعر.
         إذا ما ابتليت ببذل وجهك سائلا             فابذله للمتكرم المفضال‏
         أن الجواد إذا حباك بموعد             أعطاكه سلسا
«3» بغير مطال «4»
        و إذا السؤال مع النوال وزنته             رجح السؤال و خف كل نوال «5»

__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب من أعطى بعد المسألة خبر 3- 4 من كتاب الزكاة.
 (3) أي منقادا منه رحمه اللّه.
 (4) أي تأخير منه رحمه اللّه.
 (5) الكافي باب من أعطى بعد المسألة خبر 5 من كتاب الزكاة.

220
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب صلة الإمام ع ص 221

بَابُ ثَوَابِ صِلَةِ الْإِمَامِ ع‏
1763 سُئِلَ الصَّادِقُ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً قَالَ نَزَلَتْ فِي صِلَةِ الْإِمَامِ ع.

1764 وَ قَالَ ع دِرْهَمٌ يُوصَلُ بِهِ الْإِمَامُ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ‏

__________________________________________________
باب ثواب صلة الإمام (ع) «سئل الصادق عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح، عن إسحاق بن عمار (الموثق) عن أبي إبراهيم عليهم السلام قال سألته «عن قول الله عز و جل مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً»
 فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ
«1» «قال نزلت في صلة الإمام» لأن طاعتهم طاعة الله فصلتهم قرض الله.
و في القوي، عن الخيبري و يونس بن ظبيان قالا: سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول ما من شي‏ء أحب إلى الله من إخراج الدراهم إلى الإمام و إن الله ليجعل له الدرهم في الجنة مثل جبل أحد، ثمَّ قال: إن الله يقول في كتابه مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً قال: هو و الله في صلة الإمام خاصة «2» و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من زعم أن الإمام يحتاج إلى ما في أيدي الناس فهو كافر، إنما الناس يحتاجون أن يقبل منهم الإمام قال الله عز و جل خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها «3» و عن معاذ بياع الأكسية قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
إن الله لم يسأل ما في أيديهم (و في نسخة أياديهم) قرضا من حاجة به إلى ذلك و ما كان لله من حق فإنما هو لوليه «4» و عن مياح قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا مياح، درهم يوصل به الإمام أعظم وزنا، من أحد «5» و في الصحيح، عن يونس، عن بعض رجاله، عن أبي-
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4- 5) أصول الكافي باب صلة الامام خبر 4- 2- 1- 3- 5 من كتاب الحجة.

221
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب صلة الإمام ع ص 221

أَلْفِ دِرْهَمٍ يُنْفَقُ فِي غَيْرِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.
1765 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى صِلَتِنَا فَلْيَصِلْ صَالِحِي شِيعَتِنَا يُكْتَبْ لَهُ ثَوَابُ صِلَتِنَا وَ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى زِيَارَتِنَا فَلْيَزُرْ صَالِحِي مَوَالِينَا يُكْتَبْ لَهُ ثَوَابُ زِيَارَتِنَا.

كِتَابُ الصَّوْمِ‏
بَابُ عِلَّةِ فَرْضِ الصِّيَامِ‏
1766 سَأَلَ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ عِلَّةِ الصِّيَامِ فَقَالَ إِنَّمَا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ‏

__________________________________________________
عبد الله عليه السلام قال درهم يوصل به الإمام أفضل من ألفي ألف درهم فيما سواه من وجوه البر «1» و غير ذلك من الأخبار.
 «و قال الصادق عليه السلام عليه السلام» رواه الشيخ في القوي، عن علي بن عثمان الرازي قال:
سمعت أبا الحسن عليه السلام إلخ «2» كتاب الصوم باب علة فرض الصيام «سأل هشام بن الحكم» في الصحيح «أبا عبد الله عليه السلام (إلى قوله) و الفقير» حالة الصوم «و كتب أبو الحسن عليه السلام (إلى قوله) الصوم» أو الصيام «لعرفان مس- الجوع» و مشقته «و العطش ليكون» بسببهما «ذليلا مستكينا» متضرعا إلى الله تعالى‏
__________________________________________________
 (1) أصول الكافي باب صلة الامام خبر 6 من كتاب الحجة.
 (2) التهذيب باب من الزيادات في الزكاة خبر 56، لكن السند هكذا محمّد بن يعقوب عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن بعض أصحابنا، عن محمّد بن عبد اللّه، عن محمّد بن يزيد عن ابى الحسن الأول عليه السلام قال من لم يستطع إلخ.

222
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة فرض الصيام ص 222

الصِّيَامَ لِيَسْتَوِيَ بِهِ الْغَنِيُّ وَ الْفَقِيرُ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْغَنِيَّ لَمْ يَكُنْ لِيَجِدَ مَسَّ الْجُوعِ فَيَرْحَمَ الْفَقِيرَ لِأَنَّ الْغَنِيَّ كُلَّمَا أَرَادَ شَيْئاً قَدَرَ عَلَيْهِ فَأَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ خَلْقِهِ وَ أَنْ يُذِيقَ الْغَنِيَّ مَسَّ الْجُوعِ وَ الْأَلَمِ لِيَرِقَّ عَلَى الضَّعِيفِ فَيَرْحَمَ الْجَائِعَ.
1767 وَ كَتَبَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا ع إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ فِيمَا كَتَبَ مِنْ جَوَابِ مَسَائِلِهِ عِلَّةُ الصَّوْمِ لِعِرْفَانِ مَسِّ الْجُوعِ وَ الْعَطَشِ لِيَكُونَ ذَلِيلًا مُسْتَكِيناً مَأْجُوراً مُحْتَسِباً صَابِراً وَ يَكُونَ ذَلِكَ دَلِيلًا لَهُ عَلَى شَدَائِدِ الْآخِرَةِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الِانْكِسَارِ لَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ وَاعِظاً لَهُ فِي الْعَاجِلِ دَلِيلًا عَلَى الْآجِلِ لِيَعْلَمَ شِدَّةَ مَبْلَغِ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْفَقْرِ وَ الْمَسْكَنَةِ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ

__________________________________________________
و الجميع ظاهر مجرب «مأجورا» مستحقا للثواب الذي يقتضيه الجود الإلهي «محتسبا» يحصل له به القرب «صابرا» و يحصل له الصبر و فضيلته و كماله «و يكون (إلى قوله) الآخرة» من الجوع و العطش و غيرهما يوم القيمة «مع ما فيه من الانكسار له عن الشهوات» فإن أكثرها بسبب الأكل و الشرب «واعظا له في العاجل» ليرحم الضعفاء و الجائعين «دليلا على الآجل» بأنه إذا أشكل عليه الجوع و العطش و الألم في ساعات عديدة فكيف يكون حاله في الآخرة فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ «ليعلم» علة لهما على سبيل اللف و النشر قوله «فيمن» أي ينعم قوله «لأي شي‏ء فرض الله عز و جل» الظاهر أنه سأله صلى الله عليه و آله و سلم عن علة أصل الصوم و علة الثلاثين، مع أنه كان في الأمم السابقة أكثر فأجابه صلى الله عليه و آله و سلم بأن علة أصله ترك أولى وقع من آدم عليه السلام، و لما بقي في بطنه ثلاثون يوما كان أصل الصوم ثلاثين، و كذلك كان على ذريته في زمانه عليه السلام أو الأعم و كانت الزيادة (إما) من قبلهم (أو) بسبب خطيئاتهم ففرض الله تعالى على أمتي أصله لا الزيادة فاستشهد بقوله تعالى «كُتِبَ»
 أي فرض «عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ»
 و فرض «عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ»
 باعتبار الأصل و المقدار «لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ»
 و هو شهر رمضان، و يكون التقوى من مفطرات الصوم (أو) الأعم منها و من جميع المناهي كما سيجي‏ء (أو) ليحصل لكم فضيلة التقوى في أيام الحياة أو بقية السنة فإنه إذا حصل له ملكة التقوى في الشهر يسهل عليه التقوى بقية السنة أو بقية العمر، و تصديق‏

223
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة فرض الصيام ص 222

1768 وَ كَتَبَ حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ ع لِمَ فَرَضَ اللَّهُ الصَّوْمَ فَوَرَدَ فِي الْجَوَابِ لِيَجِدَ الْغَنِيُّ مَسَّ الْجُوعِ فَيَمُنَّ عَلَى الْفَقِيرِ.

1769 وَ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَسَأَلَهُ أَعْلَمُهُمْ عَنْ مَسَائِلَ فَكَانَ فِيمَا سَأَلَهُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ لِأَيِّ شَيْ‏ءٍ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الصَّوْمَ عَلَى أُمَّتِكَ بِالنَّهَارِ ثَلَاثِينَ يَوْماً وَ فَرَضَ اللَّهُ عَلَى الْأُمَمِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ ص إِنَّ آدَمَ ع لَمَّا أَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ بَقِيَ فِي بَطْنِهِ ثَلَاثِينَ يَوْماً فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ ثَلَاثِينَ يَوْماً الْجُوعَ وَ الْعَطَشَ وَ الَّذِي يَأْكُلُونَهُ بِاللَّيْلِ تَفَضُّلٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِمْ وَ كَذَلِكَ كَانَ عَلَى آدَمَ ع فَفَرَضَ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَى أُمَّتِي ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ- كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ «1» قَالَ الْيَهُودِيُّ صَدَقْتَ يَا مُحَمَّدُ فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَامَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ ص مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَصُومُ شَهْرَ رَمَضَانَ احْتِسَاباً إِلَّا أَوْجَبَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَهُ سَبْعَ خِصَالٍ أَوَّلُهَا يَذُوبُ الْحَرَامُ فِي جَسَدِهِ وَ الثَّانِيَةُ يَقْرُبُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الثَّالِثَةُ يَكُونُ قَدْ كَفَّرَ خَطِيئَةَ آدَمَ أَبِيهِ ع وَ الرَّابِعَةُ يُهَوِّنُ اللَّهُ عَلَيْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَ الْخَامِسَةُ أَمَانٌ مِنَ الْجُوعِ وَ الْعَطَشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ السَّادِسَةُ يُعْطِيهِ اللَّهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ وَ السَّابِعَةُ يُطْعِمُهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ طَيِّبَاتِ الْجَنَّةِ قَالَ صَدَقْتَ يَا مُحَمَّدُ.

بَابُ فَضْلِ الصِّيَامِ‏
__________________________________________________
اليهودي كان باعتبار علمه بأنه هكذا كان في الأصل و الزيادة عليها (إما) منهم أو بهم، و كذا تصديق الثاني.
باب فضل الصيام أعم من الواجب و المندوب، و من صوم شهر رمضان و غيره، كما يظهر من الأخبار.
__________________________________________________
 (1) البقرة- 180.

224
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصيام ص 224

1870 قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسَةِ أَشْيَاءَ عَلَى الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ الْحَجِّ وَ الصَّوْمِ وَ الْوَلَايَةِ.

1871 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الصَّوْمُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ.

1772 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الصَّائِمُ فِي عِبَادَةٍ وَ إِنْ كَانَ نَائِماً عَلَى فِرَاشِهِ مَا لَمْ يَغْتَبْ مُسْلِماً.

1773 وَ قَالَ ص قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الصَّوْمُ لِي وَ أَنَا أَجْزِي بِهِ‏

__________________________________________________
 «قال أبو جعفر عليه السلام» رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن زرارة عنه عليه السلام «1» و روي أيضا بطرق متكثرة كاد أن تكون متواترة، و تخصيص الخمسة للاهتمام و تأخير الولاية التي هي من أصول الدين للتقية، و لبيان اشتراط الأربعة بها كما ورد في الأخبار المتواترة «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الصوم» أي مطلقه أعم من الواجب و المندوب «جنة» و مانع «من النار».
 «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني في القوي «2» و يدل على جواز النوم في الصوم، بل على كونه عبادة، و على أن الصائم في عبادة من أول اليوم إلى آخره ما لم يغتب مسلما فإن الغيبة تبطل فضله أو كونه عبادة كل النهار. و الظاهر اختصاص البطلان بها و يحتمل كونها فردا كما سيجي‏ء، و يكون تخصيصها بالذكر للاهتمام بها نفيا.
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني في الحسن كالصحيح. عن ابن أبي عمير، عن سلمة صاحب السابري، عن أبي الصباح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك و تعالى يقول الصوم لي و أنا أجزي عليه «3» و رواه الشيخ في القوي، عن الفضيل بن يسار (العظيم الشأن) عن أبي جعفر عليه السلام قال قال: رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: قال الله عز و جل الصوم لي و أنا أجزي به «4».
__________________________________________________
 (1) الكافي باب ما جاء في فضل الصوم و الصائم خبر 1 من كتاب الصيام.
 (2- 3) الكافي باب ما جاء في فضل الصوم و الصائم خبر 9- 6 من كتاب الصيام.
 (4) التهذيب باب فرض الصيام خبر 3 من كتاب الصيام.

225
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصيام ص 224

وَ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ حِينَ يُفْطِرُ وَ حِينَ يَلْقَى رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ عِنْدَ اللَّهِ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ.
__________________________________________________
أضاف تعالى الصوم إليه و إن كان جميع القربات له (إما) باعتبار الخلوص غالبا فإنه يمكن أن يخبر بأنه صائم و لا يكون صائما، فإذا صام فلا يكون إلا لله، و تقييده بالغالب باعتبار أنه يمكن في غيره أيضا أن لا يفعله مع الشروط مثل الطهارة و النية و غيرهما (و إما) باعتبار أنه تشبه به تعالى من كونه يطعم و لا يطعم (أو) باعتبار أنه يحصل منه المعرفة و المحبة و الإخلاص و التنزه عن القبائح و إرادتها (أو) لأنه لم يعبد غير الله تعالى بالصوم كما أنه عبد بالسجود و القربان و الصدقة و غيرها (أو) للتشريف كما قال (وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي)*- و بَيْتِيَ*- و ناقَةُ اللَّهِ* (أو) باعتبار المجموع.
و أما قوله: (و أنا أجزي به) بالمعلوم كما هو المشهور لبيان كثرة الجزاء لأنه تعالى إذا أخبر بأنه يتولى بنفسه جزاءه فبالحري أن يكون جزاؤه لا يتناهى و تقديم الضمير للتخصيص كما هو الظاهر أي أجازيه به و لا أكله إلى ملائكتي كما ورد في الصدقة أيضا، و قد تقدم، و قرئ بالمجهول يعني أنا جزاؤه أي محبتي و معرفتي و قربي (أو) التخلق بأخلاقي و صفاتي (أو) الصوم جزاء نعمائي.
 «و للصائم فرحتان» رواه الكليني بالإسناد السابق عن أبي الصباح «1» و الظاهر أنه من كتابه فيكون صحيحا مع قطع النظر عن صحته عن ابن أبي عمير «2» فرحة «حين يفطر» فإنه حين الإفطار يعرف قدر نعمة الطعام و الشراب و لذتهما «و» فرحة «حين يلقى ربه عز و جل» بالموت أو ملاقاة الثواب أو حين يحصل له المعرفة التامة في الدنيا و الآخرة «و الذي نفس محمد بيده» أي حياته و مماته، و وجوده و عدمه و سائر لوازم الوجود بقدرته و قبضه و بسطة تعالى شأنه «لخلوف فم الصائم» أي رائحته و في بعض النسخ بالقاف و هو طيب معروف أطلق عليه تشرفا،
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب ما جاء في فضل الصوم خبر 15- 2.

226
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصيام ص 224

1774 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِأَصْحَابِهِ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِشَيْ‏ءٍ إِنْ أَنْتُمْ فَعَلْتُمُوهُ تَبَاعَدَ الشَّيْطَانُ عَنْكُمْ كَمَا تَبَاعَدَ الْمَشْرِقُ مِنَ الْمَغْرِبِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الصَّوْمُ يُسَوِّدُ وَجْهَهُ وَ الصَّدَقَةُ تَكْسِرُ ظَهْرَهُ وَ الْحُبُّ فِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْمُؤَازَرَةُ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ يَقْطَعُ دَابِرَهُ وَ الِاسْتِغْفَارُ يَقْطَعُ وَتِينَهُ وَ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ زَكَاةٌ وَ زَكَاةُ الْأَبْدَانِ الصِّيَامُ.

1775 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع لِعَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَ لَا أُخْبِرُكَ بِأَصْلِ الْإِسْلَامِ وَ

__________________________________________________
و يمكن أن يكون من النساخ «عند الله أطيب من ريح المسك» عندنا فإن الله تبارك و تعالى يحب عبادة الخلق و إخلاصهم و يثيب و يأجر عليهما و هو منزه عن لوازم الجسمانيات، و الظاهر أن الجميع خبر واحد و مضمونه وارد في أخبار كثيرة كما تقدم بعضها و سيذكر.
 «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام أن النبي صلى الله عليه و آله قال «لأصحابه (إلى قوله) عنكم» أو منكم- حقيقة أو مجازا لعدم تسلطه عليكم «يسود وجهه» حقيقة من الغضب أو مجازا للخيبة و الحرمان، و كذا الباقي «و الحب في الله» أي حب الله (أو) حب الأعمال الصالحة لله (أو) حب المؤمنين له تعالى «و الموازرة على العمل الصالح» أي معاونة المؤمنين عليه (أو) تحمل ثقل الأعمال الصالحة لله «تقطع دابره» أي أصله و أساس استيلائه «و الاستغفار يقطع وتينه» و هو عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه أي كأنه يقتله «و لكل شي‏ء زكاة» أي تطهير أو نمو و بركة «و زكاة الأبدان الصيام» فإنه يطهرها من الآثام و ينميها بالعبادات و الطاعات أو بالصحة و العافية أو الأعم.
 «و قال الصادق عليه السلام» في القوي «لعلي بن عبد العزيز» و رواه الكليني في الموثق كالصحيح عنه، و كتابه معتمد قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام «1» «أصله‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب ما جاء في فضل الصوم و الصائم خبر 3.

227
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصيام ص 224

فَرْعِهِ وَ ذِرْوَتِهِ وَ سَنَامِهِ قَالَ بَلَى قَالَ أَصْلُهُ الصَّلَاةُ وَ فَرْعُهُ الزَّكَاةُ وَ ذِرْوَتُهُ وَ سَنَامُهُ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَ لَا أُخْبِرُكَ بِأَبْوَابِ الْخَيْرِ الصَّوْمُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ.
1776 وَ قَالَ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ قَالَ يَعْنِي بِالصَّبْرِ الصَّوْمَ.

1777 وَ قَالَ ع إِذَا نَزَلَتْ بِالرَّجُلِ النَّازِلَةُ أَوِ الشِّدَّةُ فَلْيَصُمْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ- وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ.

1778 وَ قَالَ النَّبِيُّ ص إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَكَّلَ مَلَائِكَةً بِالدُّعَاءِ لِلصَّائِمِينَ وَ قَالَ أَخْبَرَنِي جَبْرَئِيلُ ع عَنْ رَبِّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّهُ قَالَ مَا أَمَرْتُ مَلَائِكَتِي بِالدُّعَاءِ لِأَحَدٍ

__________________________________________________
الصلاة» كان من لم يصل ليس بمسلم «و فرعه الزكاة» لأن كل شجر لم يكن له فرع فكأنه ليس بشجر «و ذروته» بالضم و الكسر أعلاه «و» كذا «سنامه» تجوزا «الجهاد في سبيل الله» فإنه به يحصل إعلاء الإسلام و رفعته «أ لا أخبرك (إلى قوله) جنة» أي منها الصوم أو هو أبواب الخير كما سبق.
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن ابن أبي عمير، عن سليمان عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام «في قول الله عز و جل وَ اسْتَعِينُوا» أي على الشدائد «بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ» يقول «وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ» و في الكافي بالصبر يعني الصيام «1» و هو أصوب «2» و التكرار على الحالين للتأكيد أو يكونان خبرين أو يكون في وقتين «و قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني في القوي «3» و قال أي دعاء الملائكة له مستجاب البتة.
__________________________________________________
 (1- 3) الكافي باب ما جاء في فضل الصوم و الصائم خبر 7- 11.
 (2) يعني ان ما في الكافي من عدم ذكر الصلاة في الجملة الثانية اصوب ممّا هنا من تكرارها.

228
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصيام ص 224

مِنْ خَلْقِي إِلَّا اسْتَجَبْتُ لَهُمْ فِيهِ.
1779 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع أَوْحَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِلَى مُوسَى ع مَا يَمْنَعُكَ مِنْ مُنَاجَاتِي فَقَالَ يَا رَبِّ أُجِلُّكَ عَنِ الْمُنَاجَاةِ لِخُلُوفِ فَمِ الصَّائِمِ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ يَا مُوسَى لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدِي مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ.

1780 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ إِفْطَارِهِ وَ فَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

1781 وَ قَالَ ع مَنْ صَامَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْماً فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَأَصَابَهُ ظَمَأٌ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ أَلْفَ مَلَكٍ يَمْسَحُونَ وَجْهَهُ وَ يُبَشِّرُونَهُ حَتَّى إِذَا أَفْطَرَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَا أَطْيَبَ رِيحَكَ وَ رَوْحَكَ يَا مَلَائِكَتِي اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُ.

1782 وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَوَّلُ ع قِيلُوا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُطْعِمُ الصَّائِمَ وَ يَسْقِيهِ فِي مَنَامِهِ‏

__________________________________________________
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام «1» «أجلك عن المناجاة لخلوف فم الصائم» أي فمي لأني صائم، يمكن أن يكون قول موسى عليه السلام باعتبار المقايسة في قوله تعالى (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) بأن يلزمه رعاية ما يرعى مع المخلوق فأجيب بأني لا أكره ريحك أو يكون المراد تنفر الملائكة كما مر في السواك عند صلاة الليل بأنهم يتأذون من الرائحة الكريهة فأجيب بأنهم لا يتأذون منها و جعلها الله تعالى طيبة عندهم.
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني بالإسناد المتقدم عند ذكر معنى هذا الخبر «2» «و قال عليه السلام» رواه الكليني، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله عليه السلام «3» «و روحك» أي نسيم ريحك و أنفاسك للصوم (أو) بالعبادات الواقعة فيه «و قال أبو الحسن عليه السلام» رواه الكليني عنه عليه السلام مسندا «4» «قيلوا» القائلة نصف النهار و قال أي نام فيه «يطعم الصائم» أي يصيره شبعان.
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4) الكافي باب فضل الصوم و الصائم خبر 13- 15- 8 و 17- 14.

229
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصيام ص 224

1783 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع نَوْمُ الصَّائِمِ عِبَادَةٌ وَ صَمْتُهُ تَسْبِيحٌ وَ عَمَلُهُ مُتَقَبَّلٌ وَ دُعَاؤُهُ مُسْتَجَابٌ.

بَابُ وُجُوهِ الصَّوْمِ‏
1784 رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع يَوْماً يَا زُهْرِيُّ مِنْ أَيْنَ‏

__________________________________________________
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الصدوق مسندا عنه «1» و روى الكليني عنه عليه السلام مسندا قال: «نوم الصائم عبادة» و نفسه تسبيح و في الصحيح، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن إسماعيل بن بشار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام قال أبي عليه السلام: إن الرجل ليصوم يوما تطوعا يريد ما عند الله عز و جل فيدخله الله به الجنة «2» و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من كتم صومه قال الله عز و جل لملائكته: عبدي استجار من عذابي فأجيروه و وكل الله عز و جل ملائكته بالدعاء للصائمين و لم يأمرهم بالدعاء لأحد إلا استجاب لهم فيه «3» و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا رأى الصائم قوما يأكلون أو رجلا يأكل سبحت له كل شعرة منه في جسمه «4» و روى الصدوق في الصحيح، عن عبد الله بن سنان، عن الصادق عليه السلام قال: خلوف فم الصائم أفضل عند الله من رائحة المسك «5».
باب وجوه الصوم «روي عن الزهري» من علماء العامة و فقهائهم و كان له انقطاع إلى علي بن‏
__________________________________________________
 (1) ثواب الأعمال باب ثواب الصائم خبر 2 و الكافي باب ما جاء في فضل الصوم و الصائم خبر 12.
 (2) الكافي باب ما جاء في فضل الصوم و الصائم خبر 5 و فيه معاوية بن عثمان عن إسماعيل بن يسار.
 (3- 4) الكافي باب فضل الصوم و الصائم خبر 10 و 16.
 (5) ثواب الأعمال باب ثواب الصائم خبر 4.

230
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب وجوه الصوم ص 230

جِئْتَ فَقُلْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ قَالَ فَفِيمَ كُنْتُمْ قُلْتُ تَذَاكَرْنَا أَمْرَ الصَّوْمِ فَأَجْمَعَ رَأْيِي وَ رَأْيُ أَصْحَابِي عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الصَّوْمِ شَيْ‏ءٌ وَاجِبٌ إِلَّا صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ يَا زُهْرِيُّ لَيْسَ كَمَا قُلْتُمْ الصَّوْمُ عَلَى أَرْبَعِينَ وَجْهاً فَعَشَرَةُ أَوْجُهٍ مِنْهَا وَاجِبَةٌ كَوُجُوبِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ عَشَرَةُ أَوْجُهٍ مِنْهَا صِيَامُهُنَّ حَرَامٌ وَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَجْهاً مِنْهَا صَاحِبُهَا فِيهَا بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ صَامَ وَ إِنْ شَاءَ أَفْطَرَ وَ صَوْمُ الْإِذْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ وَ صَوْمُ التَّأْدِيبِ وَ صَوْمُ الْإِبَاحَةِ وَ صَوْمُ السَّفَرِ وَ الْمَرَضِ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَسِّرْهُنَّ لِي قَالَ أَمَّا الْوَاجِبُ فَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لِمَنْ أَفْطَرَ يَوْماً مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ عَمْداً مُتَعَمِّداً وَ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ‏
__________________________________________________
الحسين صلوات الله عليهما و يروي عنه كثيرا، و رواه الكليني بإسناده عنه «1» و قدم الصدوق هذا الخبر لأنه بمنزلة فهرست أنواع الصوم و يذكر أحكامها مفصلا بعده في باب الصيام و غيره «ففيم» بحذف الألف الاستفهامية «فاجتمع رأيي» أي اجتهادي «و رأي أصحابي (إلى قوله) شهر رمضان» يفهم منه كمال جهلهم فإنهم مع هذا التتبع لأحكام الله كيف اجترءوا بأن يكونوا متبوعين و يتبعهم الضالون مع وجود الشمس المنير و لم يكن إلا للدنيا الدنية و الاعتبارات الفانية الزائلة عند أئمة الجور و أتباعهم الفسقة الظلمة الجهلة نعوذ بالله من أمثال هذه الجرأة التي ليست إلا من إغواء الشياطين و حزبهم الظالمين «و أربعة عشر وجها صاحبها فيها بالخيار» أي هو مندوب إليه تجوزا.
 «و صوم الإذن» أي الصوم الذي لا يصح إلا بإذن شخص آخر «و صوم التأديب» شامل للتمرين و الإمساك مستحبا تشبها بالصائمين «و صوم الإباحة» صوم لو وقع فيه مفسد لا يفسد تجوزا «عمدا متعمدا» أي عالما بأن يكون الجاهل معذورا أو يكون تأكيدا و لفظ المتعمد غير مذكور في الكافي و الوجوب هنا تخييري على‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب وجوه الصوم خبر 1.

231
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب وجوه الصوم ص 230

وَ الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا «1» وَ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فِي قَتْلِ الْخَطَإِ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْعِتْقَ وَاجِبٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى‏ أَهْلِهِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ «2» وَ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَاجِبٌ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْإِطْعَامَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ «3» فَكُلُّ ذَلِكَ مُتَتَابِعٌ وَ لَيْسَ بِمُتَفَرِّقٍ وَ صِيَامُ أَذَى حَلْقِ الرَّأْسِ وَاجِبٌ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ


__________________________________________________
الأشهر (و قيل) بعد العجز عن العتق «و صيام (إلى قوله) الإطعام» أي لمن لم يجده مع أختيه من العتق و الكسوة و ترك للظهور «كل ذلك متتابع» و يحصل التتابع في الشهرين بإيقاع شهر و جزء من الآخر أو التتابع واجب و ليس بشرط، إنما الشرط القدر المعتبر فيكون المعنى الأخير كافيا في حصوله كما سيجي‏ء «و صيام أذى حلق الرأس» أي صيام يكون للأذى بترك حلق الرأس مع الحلق و في بعض نسخ الكافي الصحيحة (إذا) الشرطية مع قوله (في الإحرام) بعد الرأس و هو أظهر «و صوم دم المتعة» أي الهدي الواجب في حج التمتع بعد العجز عنه و تفسير الآيات مذكور في الأخبار في أبوابها.
__________________________________________________
 (1) المجادلة- 3- 4.
 (2) النساء- 92.
 (3) المائدة 89.

232
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب وجوه الصوم ص 230

أَوْ نُسُكٍ «1» فَصَاحِبُهَا فِيهَا بِالْخِيَارِ فَإِنْ صَامَ صَامَ ثَلَاثاً وَ صَوْمُ دَمِ الْمُتْعَةِ وَاجِبٌ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ «2» وَ صَوْمُ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَاجِبٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً «3» ثُمَّ قَالَ أَ وَ تَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً يَا زُهْرِيُّ قَالَ قُلْتُ لَا أَدْرِي قَالَ يُقَوَّمُ الصَّيْدُ قِيمَةً ثُمَّ تُفَضُّ تِلْكَ الْقِيمَةُ عَلَى الْبُرِّ ثُمَّ يُكَالُ ذَلِكَ الْبُرُّ أَصْوَاعاً فَيَصُومُ لِكُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْماً وَ صَوْمُ النَّذْرِ وَاجِبٌ وَ صَوْمُ الِاعْتِكَافِ وَاجِبٌ وَ أَمَّا الصَّوْمُ الْحَرَامُ فَصَوْمُ يَوْمِ الْفِطْرِ وَ يَوْمِ الْأَضْحَى وَ ثَلَاثَةِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ أُمِرْنَا بِهِ وَ نُهِينَا عَنْهُ أُمِرْنَا أَنْ نَصُومَهُ مَعَ شَعْبَانَ وَ نُهِينَا عَنْهُ أَنْ‏

__________________________________________________
 «و صوم النذر واجب» الظاهر أن المراد به الأعم منه و من العهد و اليمين و سيجي‏ء إطلاقه في الأخبار عليهما و لو تجوزا «و صوم الاعتكاف واجب» المراد به (إما) الوجوب الشرطي بمعنى عدم تحقق الاعتكاف بدون الصوم و لا يجب أن يكون الصوم للاعتكاف فلو كان عليه قضاء رمضان و صامه في اعتكافه صح (أو) المراد وجوب اليوم الثالث و السادس و التاسع و هكذا كل ثالث بعد اعتكاف يومين.
 «و ثلاثة أيام التشريق (إلى قوله) مع شعبان» أي بنيته «و نهينا عنه أن ينفرد
__________________________________________________
 (1) البقرة- 196.
 (2) البقرة- 196.
 (3) المائدة- 95.

233
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب وجوه الصوم ص 230

يَنْفَرِدَ الرَّجُلُ بِصِيَامِهِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ النَّاسُ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَامَ مِنْ شَعْبَانَ شَيْئاً كَيْفَ يَصْنَعُ قَالَ يَنْوِي لَيْلَةَ الشَّكِّ أَنَّهُ صَائِمٌ مِنْ شَعْبَانَ فَإِنْ كَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ أَجْزَأَ عَنْهُ وَ إِنْ كَانَ مِنْ شَعْبَانَ لَمْ يَضُرَّهُ فَقُلْتُ لَهُ وَ كَيْفَ يُجْزِي صَوْمُ تَطَوُّعٍ عَنْ صَوْمِ فَرِيضَةٍ فَقَالَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا صَامَ يَوْماً مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ تَطَوُّعاً وَ هُوَ لَا يَدْرِي وَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَجْزَأَ عَنْهُ لِأَنَّ الْفَرْضَ إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى الْيَوْمِ بِعَيْنِهِ وَ صَوْمُ الْوِصَالِ حَرَامٌ وَ صَوْمُ الصَّمْتِ حَرَامٌ وَ صَوْمُ نَذْرِ الْمَعْصِيَةِ حَرَامٌ وَ صَوْمُ الدَّهْرِ حَرَامٌ-
__________________________________________________
الرجل بصيامه» بنية أنه من رمضان «في اليوم الذي يشك فيه الناس» و لم يتحقق كونه من رمضان، و يحتمل العبارة معنى آخر لفهم العامة تقية لتصريح تتمة هذا الخبر و غيره من الأخبار بخلافه «فقلت (إلى قوله) فريضة» و الجواب أن الفرض على اليوم بعينه سواء نواه بقصد الواجب أو المندوب أو لم يقصدهما كما أنه لو صام يوما من شهر رمضان ندبا لا جزء عنه إذا كان جاهلا و لو كان نية التعيين شرطا مطلقا لما أجزأ عنه أو لأن الفرض على اليوم بعينه و نية التعيين واجب مع العلم و أما مع الجهل فلا ريب أنه لو غفل عن نية التعيين في يوم بعينه و نواه ندبا أجزأ عن رمضان فكذا يوم الشك لأنه لا يعلم أنه من رمضان فإذا نواه من شعبان و انكشف أنه كان من رمضان أجزأه عنه و المعتمد قوله عليه السلام، لا استدلاله، و هذه الاستدلالات كانت لإسكات العامة.
 «و صوم الوصال حرام» بأن يصوم يومين لا يفطر بينهما أو يجعل عشاءه سحوره مع النية أو بدونها كما سيجي‏ء «و صوم الصمت حرام» و هو صوم كان في بني إسرائيل و كان صومهم الصمت عن كل شي‏ء، أما إذا صام و صمت عما لا يعني فإنه كمال و غير صوم الصمت «و صوم نذر المعصية حرام» و هو أن يصوم بنذره على ترك الطاعة أو فعل المعصية شكرا و على عكسهما زجرا «و صوم الدهر حرام» إما باشتماله على العيدين‏

234
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب وجوه الصوم ص 230

وَ أَمَّا الصَّوْمُ الَّذِي يَكُونُ صَاحِبُهُ فِيهِ بِالْخِيَارِ فَصَوْمُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ الْخَمِيسِ وَ الْإِثْنَيْنِ وَ صَوْمُ الْبِيضِ وَ صَوْمُ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كُلُّ ذَلِكَ صَاحِبُهُ فِيهِ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ صَامَ إِنْ شَاءَ أَفْطَرَ وَ أَمَّا صَوْمُ الْإِذْنِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَصُومُ تَطَوُّعاً إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا وَ الْعَبْدُ لَا يَصُومُ تَطَوُّعاً إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَ الضَّيْفُ لَا يَصُومُ تَطَوُّعاً إِلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ نَزَلَ عَلَى قَوْمٍ فَلَا يَصُومَنَّ تَطَوُّعاً إِلَّا بِإِذْنِهِمْ وَ أَمَّا صَوْمُ التَّأْدِيبِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ الصَّبِيُّ إِذَا رَاهَقَ بِالصَّوْمِ‏
__________________________________________________
و غيرهما (و إما) بقصد كونه سنة مؤكدة فإنه كذب حرام و افتراء على الله تعالى و على رسوله، و أما لو صامه على أنه تطوع و جنة من النار فلا بأس به.
 «بالخيار» أي يجوز له الإفطار بعد الشروع فيه أو لا يجب صومه «و الاثنين» الظاهر أنه وقع تقية و سيجي‏ء الأخبار في ذمه و أنه يوم تبركت به بنو أمية لعنهم الله بقتلهم الحسين صلوات الله عليه فيه «و صوم البيض» و هو اليوم الثالث عشر، و الرابع عشر، و الخامس عشر- لبياض الليالي فيها مع الأيام أو لبياض جسد آدم عليه السلام لصيامها و الأشهر في الأخبار استحباب يوم الأربعاء بين الخميسين و سيذكر «و» كذا «صوم ستة أيام من شوال بعد شهر رمضان» و استحباب صيامها مشهور بين العامة، و روي من طرقهم أن من صامها بعد شهر رمضان فكأنما صام الدهر لقوله تعالى مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها «1» و لو صامها بعد يومين أو ثلاثة بعد العيد فهو أفضل لما سيجي‏ء.
 «يؤمر الصبي إذا راهق» أي قرب البلوغ و المراد به هنا بعد السبع إلى البلوغ،
__________________________________________________
 (1) سنن ابى داود ج 2 باب في صوم ستة أيّام من شوال خبر 1، و الآية في الانعام- 160.

235
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب وجوه الصوم ص 230

تَأْدِيباً وَ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَ كَذَلِكَ مَنْ أَفْطَرَ لِعِلَّةٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ ثُمَّ قَوِيَ بَعْدَ ذَلِكَ أُمِرَ بِالْإِمْسَاكِ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ تَأْدِيباً وَ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَ كَذَلِكَ الْمُسَافِرُ إِذَا أَكَلَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ ثُمَّ قَدِمَ أَهْلَهُ أُمِرَ بِالْإِمْسَاكِ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ تَأْدِيباً وَ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَ أَمَّا صَوْمُ الْإِبَاحَةِ فَمَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِياً أَوْ تَقَيَّأَ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ فَقَدْ أَبَاحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ لَهُ وَ أَجْزَأَ عَنْهُ صَوْمُهُ وَ أَمَّا صَوْمُ السَّفَرِ وَ الْمَرَضِ فَإِنَّ الْعَامَّةَ اخْتَلَفَتْ فِيهِ فَقَالَ قَوْمٌ يَصُومُ وَ قَالَ قَوْمٌ لَا يَصُومُ وَ قَالَ قَوْمٌ إِنْ شَاءَ صَامَ وَ إِنْ شَاءَ أَفْطَرَ فَأَمَّا نَحْنُ فَنَقُولُ يُفْطِرُ فِي الْحَالَتَيْنِ جَمِيعاً فَإِنْ صَامَ فِي السَّفَرِ أَوْ فِي حَالِ الْمَرَضِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ- فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى‏ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ.

بَابُ صَوْمِ السُّنَّةِ
1785 رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ سَمِعْت‏

__________________________________________________
لما سيذكر من الأخبار و ذكر بعضها، قوله «فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ*» أي فعليه أو فيجب عليه عدة بعدده من أيام أخر، و عدم كونهما مكلفين يكفي في كونهما تشريعا بدعة حراما فكيف بالنهي عنه في الأخبار الكثيرة من طرقنا و طرقهم و قد تقدم بعضها.
باب صوم السنة الذي يظهر من الأخبار هو الفرق بين السنة و التطوع كما يظهر منها الفرق بين الفرض و الواجب، فما كان الاهتمام بشأنه أكثر من الواجبات يسمى فرضا و من المندوبات سنة، و ما لم يكن فيه ذلك الاهتمام يسمى واجبا، و ربما يطلق على السنن الوكيدة أيضا كما تقدم و سيجي‏ء.
 «روى الحسن بن محبوب» في الصحيح «عن جميل بن صالح» الثقة «عن‏

236
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم السنة ص 236

أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَصُومُ حَتَّى يُقَالَ لَا يُفْطِرُ وَ يُفْطِرُ حَتَّى يُقَالَ لَا يَصُومُ ثُمَّ صَامَ يَوْماً وَ أَفْطَرَ يَوْماً ثُمَّ صَامَ الْإِثْنَيْنِ وَ الْخَمِيسَ ثُمَّ آلَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الشَّهْرِ- الْخَمِيسِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ وَ أَرْبِعَاءَ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ وَ خَمِيسٍ فِي آخِرِ الشَّهْرِ وَ كَانَ ص يَقُولُ ذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ وَ قَدْ كَانَ أَبِي ع يَقُولُ مَا مِنْ أَحَدٍ أَبْغَضَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَفْعَلُ كَذَا وَ كَذَا فَيَقُولُ لَا يُعَذِّبُنِي اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى أَنْ أَجْتَهِدَ فِي الصَّلَاةِ وَ الصَّوْمِ كَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص تَرَكَ شَيْئاً مِنَ الْفَضْلِ عَجْزاً عَنْهُ.

1786 وَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: صَامَ رَسُولُ اللَّهِ ص حَتَّى‏

__________________________________________________
محمد بن مروان» المشترك بين الثقة و غيره، و لكن لا يضر لصحته، عن ابن محبوب، و الظاهر أن الكليني أيضا رواه، عن كتاب الحسن بن محبوب، عن جميل عن محمد بن مروان «1» «قال (إلى قوله) يصوم» أي في مدة طويلة «حتى يقال لا يفطر» بعد ذلك و بالعكس «ثمَّ صام يوما و أفطر يوما» على نحو صيام داود عليه السلام «ثمَّ صام الاثنين و الخميس» لم يذكر في غير هذا الخبر، و على تقدير صحته محمول على التقية «ثمَّ آل» أي رجع من ذلك إلى صيام ثلاثة أيام في الشهر «الخميس في أول الشهر» و هو أول خميس منه «و أربعاء» بفتح الهمزة و كسر الباء في وسط الشهر، فالمراد الأربعاء الأول كما سيجي‏ء «و خميس في آخر الشهر» و هو الخميس الآخر و قد يطلق على الخميس الأول من العشر الأخر «و كان صلى الله عليه و آله و سلم (إلى قوله) الدهر» إذا صامه في كل شهر لقوله تعالى مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها: «و قد كان أبي عليه السلام يقول» الظاهر أن مراده عليه السلام الزيادة في السنة و جعلها سنة لا الزيادة تطوعا، فإن الصوم جنة من النار كما سيذكر في ضمن الأخبار و تقدم بعضها «و في رواية حماد بن عثمان» الصحيحة و رواها الكليني أيضا عنه، عن أبي عبد الله عليه السلام «2» «يوما و يوما» أي يوما لا، كما ذكرها في هذه الرواية في غير
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب صوم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خبر 3- 1.

237
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم السنة ص 236

قِيلَ مَا يُفْطِرُ ثُمَّ أَفْطَرَ حَتَّى قِيلَ مَا يَصُومُ ثُمَّ صَامَ صَوْمَ دَاوُدَ ع يَوْماً وَ يَوْماً ثُمَّ قُبِضَ ع عَلَى صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الشَّهْرِ وَ قَالَ يَعْدِلْنَ صَوْمَ الدَّهْرِ وَ يَذْهَبْنَ بِوَحَرِ الصَّدْرِ وَ قَالَ حَمَّادٌ الْوَحَرُ الْوَسْوَسَةُ فَقَالَ حَمَّادٌ فَقُلْتُ وَ أَيُّ الْأَيَّامِ هِيَ قَالَ أَوَّلُ خَمِيسٍ فِي الشَّهْرِ وَ أَوَّلُ أَرْبِعَاءَ بَعْدَ الْعَشْرِ مِنْهُ وَ آخِرُ خَمِيسٍ فِيهِ فَقُلْتُ وَ كَيْفَ صَارَتْ هَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي تُصَامُ فَقَالَ لِأَنَّ مَنْ قَبْلَنَا مِنَ الْأُمَمِ كَانُوا إِذَا نَزَلَ عَلَى أَحَدِهِمُ الْعَذَابُ نَزَلَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ ص هَذِهِ الْأَيَّامَ لِأَنَّهَا الْأَيَّامُ الْمَخُوفَةُ.
1787 وَ رَوَى الْفُضَيْلُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا صَامَ أَحَدُكُمُ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ مِنَ الشَّهْرِ فَلَا يُجَادِلَنَّ أَحَداً وَ لَا يَجْهَلْ وَ لَا يُسْرِعْ إِلَى الْحَلْفِ وَ الْأَيْمَانِ بِاللَّهِ فَإِنْ جَهِلَ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَلْيَحْتَمِلْ.

1788 وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ حَبِيبٍ الْخَثْعَمِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَخْبِرْنِي عَنِ التَّطَوُّعِ وَ عَنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ إِذَا أَجْنَبْتُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ فَأَعْلَمُ أَنِّي قَدْ أَجْنَبْتُ‏

__________________________________________________
الكتاب و رواه الكليني، و كأنه سقط (لا) من النساخ.
 «و روى الفضيل بن يسار» في القوي كالصحيح، و رواه الشيخ عنه في الصحيح و الكليني أيضا في الصحيح «1» «عن أبي عبد الله عليه السلام» و يدل على استحباب رعاية هذه الأيام كالواجب في عدم المجادلة و السفاهة و الحلف بالله كاذبا أو الأعم كما ورد لا تحلفوا بالله صادقين و لا كاذبين «2» و في تحمل سفاهة السفهاء.
 «و روى عبد الله بن المغيرة» في الصحيح «عن حبيب الخثعمي» الثقة «قال:
قلت (إلى قوله) الأيام إلخ» يدل على عدم اشتراط إدراك الصبح طاهرا في النافلة (و ربما يقال به مطلقا- خ) و ربما يخص بالنوم كما سيجي‏ء، كما يدل عليه أيضا ما رواه الكليني في‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب سنن الصيام خبر 5 و الكافي باب آداب الصائم خبر 3.
 (2) الكافي باب كراهية اليمين خبر 3 من كتاب الايمان.

238
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم السنة ص 236

فَأَنَامُ مُتَعَمِّداً حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ أَصُومُ أَوْ لَا أَصُومُ قَالَ صُمْ.
1789 وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع صِيَامُ شَهْرِ الصَّبْرِ وَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يَذْهَبْنَ بِبَلَابِلِ الصَّدْرِ وَ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ صِيَامُ الدَّهْرِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ- مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها
__________________________________________________
الموثق كالصحيح عن ابن بكير، و الشيخ أيضا عنه- قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يجنب ثمَّ ينام حتى يصبح أ يصوم ذلك اليوم تطوعا؟ قال: أ ليس هو بالخيار ما بينه و بين نصف النهار، و قال: و سألته عن الرجل يحتلم بالنهار في شهر رمضان يتم يومه كما هو؟
قال: لا بأس «1».
و عمومات الأخبار الكثيرة مثل ما رواه الشيخ في الصحيح، عن أبي جعفر عليه السلام قال قال علي عليه السلام إذا لم يفرض الرجل على نفسه صياما ثمَّ ذكر الصيام قبل أن يطعم طعاما أو يشرب شرابا و لم يفطر فهو بالخيار إن شاء صام و إن شاء أفطر «2» و في الصحيح، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أصبح و هو يريد الصيام ثمَّ بدا له أن يفطر فله أن يفطر ما بينه و بين نصف النهار ثمَّ يقضي ذلك اليوم فإن بدا له أن يصوم بعد ما ارتفع النهار فليصم فإنه يحسب له من الساعة التي نوى فيها «3» و غيرها من الأخبار الكثيرة التي سيجي‏ء في بابه إن شاء الله تعالى.
 «و قال أمير المؤمنين عليه السلام» روى الكليني في الحسن كالصحيح عن الحلبي «4» (و الظاهر أن الصدوق أخذه من كتابه فيكون صحيحا لصحة طريقه إلى كتابه أيضا و إن كان الظاهر من التتبع أن الكليني رحمه الله أيضا أخذه من كتابه لأن طريقه إليه في أكثر أخبار الحلبي واحد فلا تغفل عن أمثال هذه القرائن، و كثرتها تفيد القطع كما حصل لي) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سأله عن الصوم في الحضر، فقال ثلاثة أيام في كل‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب فيمن اجنب بالليل في شهر رمضان إلخ خبر 13 و التهذيب باب الزيادات خبر 54 الى قوله و بين نصف النهار.
 (2- 3) التهذيب باب نية الصوم خبر 8- 7.
 (4) الكافي باب فضل صوم شعبان إلخ خبر 6.

239
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم السنة ص 236

1790 وَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص سُئِلَ عَنْ صَوْمِ خَمِيسَيْنِ بَيْنَهُمَا أَرْبِعَاءُ فَقَالَ أَمَّا الْخَمِيسُ فَيَوْمٌ تُعْرَضُ فِيهِ الْأَعْمَالُ وَ أَمَّا الْأَرْبِعَاءُ فَيَوْمٌ خُلِقَتْ فِيهِ النَّارُ وَ أَمَّا الصَّوْمُ فَجُنَّةٌ.

1791 وَ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّمَا يُصَامُ فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ تُعَذَّبْ أُمَّةٌ فِيمَا مَضَى إِلَّا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَسَطَ الشَّهْرِ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَامَ ذَلِكَ الْيَوْمُ.

1792 وَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِذَا كَانَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ خَمِيسَانِ فَصُمْ أَوَّلَهُمَا فَإِنَّهُ أَفْضَلُ وَ إِذَا كَانَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ خَمِيسَانِ فَصُمْ آخِرَهُمَا فَإِنَّهُ أَفْضَلُ.

1793 وَ سَأَلَ عِيصُ بْنُ الْقَاسِمِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَمَّنْ لَمْ يَصُمِ الثَّلَاثَةَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَ هُوَ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ الصِّيَامُ هَلْ فِيهِ فِدَاءٌ فَقَالَ مُدٌّ مِنْ طَعَامٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ‏

__________________________________________________
شهر الخميس من جمعة، و الأربعاء من جمعة، و الخميس من جمعة أخرى، و قال «قال أمير المؤمنين عليه السلام صيام شهر الصبر» أي شهر رمضان «و ثلاثة (إلى قوله)- الصدر إلخ» أي همومه و أحزانه و وساوسه «و في رواية عبد الله بن سنان» الصحيحة و رواه الكليني أيضا عنه في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام «1» و في الكافي (و أما الصوم فجنة من النار).
 «و في رواية إسحاق بن عمار» الموثقة كالصحيحة (كالكليني «2» «عن أبي عبد الله عليه السلام» و يدل على أن صوم الأربعاء وسط الشهر مندوب إليه و إن لم يصم الخميسين «و في رواية عبد الله بن سنان» الصحيحة تدل ظاهرا على استحباب الخميس الثاني من العشر الأول، و الأول من العشر الثالث و إن كان العكس أفضل كما هو المنقول في الأخبار الكثيرة و سيجي‏ء أفضلية الخميس الأول من العشر الثالث أيضا خوفا من عدم اللحوق، و الكل حسن، و يحمل الأفضلية بالاعتبارين.
 «و سأل عيص بن القاسم» في الصحيح و رواه الكليني أيضا في الصحيح، «3» و يدل على استحباب الفداء بدلا من صومها و هذا أيضا من خصائصها.
__________________________________________________
 (1 و 2) الكافي باب فضل صوم شعبان إلخ خبر 11- 12.
 (3) الكافي باب كفّارة الصوم و فديته خبر 4.

240
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم السنة ص 236

1794 وَ رَوَى ابْنُ مُسْكَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنِّي قَدِ اشْتَدَّ عَلَيَّ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ فَمَا يُجْزِي عَنِّي أَنْ أَتَصَدَّقَ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ فَقَالَ صَدَقَةُ دِرْهَمٍ أَفْضَلُ مِنْ صِيَامِ يَوْمٍ.

1795 وَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ أَوْ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الشَّهْرِ أُؤَخِّرُهُ فِي الصَّيْفِ إِلَى الشِّتَاءِ فَإِنِّي أَجِدُهُ أَهْوَنَ عَلَيَّ فَقَالَ نَعَمْ فَاحْفَظْهَا

__________________________________________________
 «و روى ابن مسكان» بضم الميم، في الصحيح «عن إبراهيم بن المثنى» و هو مجهول الحال و لا يضر بصحته لأن الطريق إلى عبد الله بن مسكان صحيح و هو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه و هو كالسابق في الدلالة على استحباب الفداء، لكن فيه التصدق بالدرهم كما ورد بهما أخبار أخر.
مثل ما رواه الكليني في الصحيح، عن صفوان بن يحيى، عن يزيد بن خليفة قال:
شكوت إلى أبي عبد الله عليه السلام، فقلت: إني أصدع إذا صمت هذه الثلاثة الأيام و يشق علي قال: فاصنع كما أصنع فإني إذا سافرت تصدقت عن كل يوم بمد من قوت أهلي الذي- أقوتهم به «1».
و في الحسن بن عقبة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك إني قد كبرت و ضعفت عن الصيام فكيف أصنع بهذه الثلاثة الأيام في كل شهر فقال: يا عقبة تصدق بدرهم عن كل يوم- قال: قلت: درهم واحد؟ قال: لعلها كثرت عندك و أنت تستقل الدرهم؟
قال: قلت: إن نعم الله عز و جل علي لسابغة فقال: يا عقبة: لإطعام مسلم خير من صيام شهر «2».
و يمكن الجمع بما إذا كان قيمة المد درهما و الأولى رعاية الفقراء فيهما، فإذا كان الدرهم أكثر تصدق به كما إذا كان قيمة المد أكثر تصدق بالمد.
 «و روى الحسن بن محبوب» في الصحيح «عن الحسن بن أبي حمزة» و-
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب كفّارة الصيام و فديته خبر 6- 7.

241
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم السنة ص 236

1796 وَ رَوَى ابْنُ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع بِمَ جَرَتِ السُّنَّةُ مِنَ الصَّوْمِ‏

__________________________________________________
الظاهر الحسين بن أبي حمزة الثقة كما في الكافي «1» و الرجال، «2» و في الكافي بزيادة (عن أبي حمزة) و هو أظهر، و يدل على جواز تأخيرها مع المشقة إلى الشتاء، و هو أيضا من خصائصها، و الظاهر أنه في الشتاء يصومها أداء و قضاء عن الصيف و يكون له ثوابهما و إن احتمل أن يكون له مع الأداء ثواب القضاء تبرعا و إن كان الأولى عدم- التداخل.
و روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن راشد قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام أو لأبي الحسن عليه السلام: الرجل يتعمد الشهر في الأيام القصار يصومه لسنة (لسنته- خ) قال: لا بأس «3» الظاهر أنه يصومه لعشرة أشهر و إن احتمل حمله على السابق- و في الموثق، عن عمار بن موسى، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن- الرجل يكون عليه من الثلاثة الأيام الشهر هل يصلح له أن يؤخرها أو يصومها في آخر الشهر؟ قال: لا بأس- قلت يصومها متوالية أو يفرق بينها؟ قال: ما أحب، إن شاء متوالية و إن شاء فرق بينهما «4».
 «و روى ابن بكير» في الموثق كالصحيح «عن زرارة» كالكليني «5».
__________________________________________________
 (1) الكافي باب تأخير صيام الثلاثة الأيّام من الشهر الى الشتاء خبر 2.
 (2) في النسخ التي عندنا من الفقيه، الحسن بن أبي حمزة و لكن ذكر في تنقيح المقال ما هذا لفظه (و عن بعض نسخ الفقيه، الحسين بن أبي حمزة، و الظاهر أنّه الصحيح (إلى أن قال) و يؤيده انه ليس للحسن بن أبي حمزة ذكر في كتب الرجال و انما الموجود فيها الحسين كما يأتي إنشاء اللّه، و الحسين أيضا لم يرو عن ابى جعفر عليه السلام الا بتوسط ابيه ابى حمزة فالظاهر سقوط ابى حمزة من قلم الفقيه او قلم الناسخ انتهى و رواه الشيخ ايضا نقلا من الكافي عن الحسين بن أبي حمزة عن ابى حمزة مع جعله (الحسن) أيضا بدلا عن الحسين.
 (3- 4) الكافي باب تأخير صيام الثلاثة الأيّام من الشهر الى الشتاء خبر 1- 3.
 (5) الكافي باب فضل صوم شعبان إلخ خبر 9.

242
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم السنة ص 236

فَقَالَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ- الْخَمِيسِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَّلِ وَ الْأَرْبِعَاءِ فِي الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ وَ الْخَمِيسِ فِي الْعَشْرِ الْآخِرِ قَالَ قُلْتُ هَذَا جَمِيعُ مَا جَرَتْ بِهِ السُّنَّةُ فِي الصَّوْمِ فَقَالَ نَعَمْ.
1797 وَ رَوَى دَاوُدُ الرَّقِّيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَإِفْطَارُكَ فِي مَنْزِلِ أَخِيكَ أَفْضَلُ مِنْ صِيَامِكَ سَبْعِينَ ضِعْفاً أَوْ تِسْعِينَ ضِعْفاً.

1798 وَ رَوَى جَمِيلُ بْنُ دَرَّاجٍ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: مَنْ دَخَلَ عَلَى أَخِيهِ وَ هُوَ صَائِمٌ فَأَفْطَرَ عِنْدَهُ وَ لَمْ يُعْلِمْهُ بِصَوْمِهِ فَيَمُنَّ عَلَيْهِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ صَوْمَ سَنَةٍ

__________________________________________________
و روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن حريز قال: قيل لأبي عبد الله عليه السلام ما جاء في الصوم يوم الأربعاء؟ فقال قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن الله عز و جل خلق النار يوم- الأربعاء فأوجب صومه ليتعوذ بالله (به- خ) من النار «1» و حمل على تأكد السنة كما في نظائره.
 «و روى داود الرقي عن أبي عبد الله عليه السلام» و الترديد من الراوي «2».
 «و روى جميل» في الصحيح و رواه الكليني أيضا، عن جميل، عن أبي عبد الله عليه السلام «3» و يجمع بينهما بالإعلام و عدمه لما في الإعلام من الاشتمال على المنة، لما رواه الكليني أيضا في القوي، عن صالح بن عقبة قال: دخلت على جميل بن دراج و بين يديه خوان عليه غسانية (أي مائدة جيدة كثيرة) يأكل منها فقال: ادن فكل فقلت: إني صائم فتركني حتى إذا أكلها فلم يبق منها إلا اليسير عزم علي ألا أفطرت؟
فقلت له أ لا كان هذا قبل الساعة؟ فقال: أردت بذلك أدبك، ثمَّ قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أيما رجل مؤمن دخل على أخيه و هو صائم فسأله الأكل فلم يخبره بصيامه ليمن عليه بإفطاره كتب الله جل ثناؤه له بذلك اليوم صيام سنة.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب فضل صوم شعبان إلخ خبر 10.
 (2) قوله قده: و الترديد من الراوي يعنى الترديد الواقع في هذه الرواية من قوله: سبعين ضعفا او سبعين ضعفا من الراوي.
 (3) اورد هذا الخبر و الأربعة التي بعده في الكافي باب فضل افطار الرجل عند اخيه إذا سأله خبر 3- 4- 5- 1- 2.

243
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم السنة ص 236

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا فِي السُّنَّةِ وَ التَّطَوُّعِ جَمِيعاً وَ قَالَ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ إِذَا أَرَدْتَ سَفَراً وَ أَرَدْتَ أَنْ تُقَدِّمَ مِنْ صَوْمِ‏
__________________________________________________
و روي عن عبد الله بن جندب «1» (الثقة) قال. قلت لأبي الحسن الماضي عليه السلام أدخل على القوم و هم يأكلون و قد صليت العصر و أنا صائم فيقولون: أفطر؟ فقال، أفطر فإنه أفضل.
و عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إفطارك لأخيك المؤمن أفضل من صيامك تطوعا، و عن نجم بن حطيم، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
من نوى الصوم ثمَّ دخل على أخيه فسأله أن يفطر عنده فليفطر و ليدخل عليه السرور فإنه يحتسب له بذلك اليوم عشرة أيام و هو قول الله عز و جل: (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها).
 «قال مصنف هذا الكتاب هذا في السنة و التطوع جميعا» و إن وقع في بعض الأخبار بلفظ التطوع، لعموم أخبار أخر و إن كان الظاهر من التطوع في ذلك الخبر غير الواجب ليشملهما و ذكر الصدوق هذا الحكم في باب صوم السنة ليدفع احتمال اختصاصه بالتطوع أيضا.
 «و قال أبي رضي الله عنه إلخ» مراده جواز تقديم الثلاثة الأيام للشهر الذي يسافر بناء على كراهة الصوم في السفر، و كأنه أخذه من خبر، و هذا الحكم أيضا من خصائصه، و يمكن أن يكون أخذه من العمومات، فإن الظاهر من الأخبار الكثيرة استحباب صيام ثلاثة أيام في كل شهر، و في كثير منها صيام كل يوم في عشر، و في أكثرها أربعاء بين الخميسين، و في بعضها خميس بين الأربعائين، و في بعضها الجمع.
__________________________________________________
 (1) في الكافي (على بن حديد) بدل (عبد اللّه بن جندب) و لا يبعد صحة ما هنا لان على بن حديد يروى عن عبد اللّه بن جندب و هو عن الكاظم (ع) نعم عن النجاشيّ ان على بن حديد روى عن الكاظم (ع) أيضا و ذكر ان له كتابا.

244
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم السنة ص 236

السُّنَّةِ شَيْئاً فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِلشَّهْرِ الَّذِي تُرِيدُ الْخُرُوجَ فِيهِ‏
__________________________________________________
و ها أنا أذكر في هذا الباب أخبارا أخر تدل على ذلك زائدا على ما ذكر سابقا (منها) ما تقدم في خبر الفضيل بن يسار أنه سن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ثلاثة أيام في كل شهر و أمثاله، و روى الكليني، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصيام في الشهر كيف هو؟ فقال ثلاثة في الشهر في كل عشر يوم، إن الله عز و جل يقول (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) ثلاثة أيام في الشهر صوم الدهر «1».
و روى الشيخ، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام، عن صوم السنة فقال:
ثلاثة أيام من كل شهر، الخميس، و الأربعاء، و الخميس، تذهب ببلابل القلب و وحر الصدر، الخميس و الأربعاء، و الخميس- و إن شاء الاثنين و الأربعاء و الخميس و إن صام في كل عشرة أيام يوما فإن ذلك ثلاثون حسنة و إن أحب أن يزيد على ذلك فليزد «2».
و في الموثق عن أبي بصير قال سألته عن صوم ثلاثة أيام في الشهر فقال: في كل عشرة أيام يوم، خميس، و أربعا، و خميس، و الشهر الذي يليه، أربعاء و خميس و أربعاء «3» و في القوي، عن إبراهيم بن إسماعيل بن داود قال سألت الرضا عليه السلام عن الصيام؟ فقال ثلاثة أيام في الشهر، الأربعاء، و الخميس، و الجمعة- فقلت: إن أصحابنا يصومون أربعاء بين خميسين؟ فقال: لا بأس بذلك، و لا بأس بخميس بين أربعائين «4».
و يمكن حمل بعض هذه الأخبار على الأخبار الأولة و بعضها على التقية، و لا شك في أن الأربعاء بين الخميسين أفضل، لما ذكر، و لما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أول ما بعث كان يصوم حتى يقال: ما يفطر، و يفطر حتى يقال: ما يصوم، ثمَّ ترك ذلك‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب فضل صوم شعبان إلخ خبر 7.
 (2- 3- 4) التهذيب باب الصيام ثلاثة أيّام في كل شهر إلخ خبر 3- 5- 6.

245
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم السنة ص 236

1799 وَ رُوِيَ أَنَّهُ سُئِلَ الْعَالِمُ ع عَنْ خَمِيسَيْنِ يَتَّفِقَانِ فِي آخِرِ الْعَشْرِ فَقَالَ صُمِ الْأَوَّلَ فَلَعَلَّكَ لَا تَلْحَقُ الثَّانِيَ‏

__________________________________________________
و صام يوما و أفطر يوما و هو صوم داود عليه السلام، ثمَّ ترك ذلك و صام الثلاثة الأيام الغر (أي البيض) ثمَّ ترك ذلك و فرقها في كل عشرة، يوما خميسين بينهما أربعاء فقبض عليه و آله السلام و هو يعمل ذلك «1».
و في الموثق كالصحيح عن عنبسة العابد قال قبض النبي صلى الله عليه و آله و سلم على صوم شعبان و رمضان و ثلاثة أيام في كل شهر، أول خميس، و أوسط أربعاء، و آخر خميس و كان أبو جعفر و أبو عبد الله عليهما السلام يصومان ذلك «2».
و ذكر ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله صوم شعبان مع صوم الثلاثة في فصل صوم السنة للأخبار الكثيرة الدالة على أنه سن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في الصلاة من النافلة مثلي الفريضة، و كذا من الصوم و هو صوم شعبان و ثلاثة أيام من كل شهر، و ذكر الصدوق لثواب صوم شعبان فصلا آخر لكثرة أخباره و لكل منهما وجه حسن.
 «و روي أنه سئل العالم عليه السلام» قد تقدم خلافه، و وجه الجمع، و يمكن أن يكون المراد جمعهما كما يشعر «3» به الخبر أيضا.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب صوم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خبر 2.
 (2) الكافي باب صوم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خبر 8.
 (3) قوله قده كما يشعر به الخبر، نقول فان قوله (ع) (لعلك لا تلحق الثاني) مشعر بانه ان لحقه يصومه ثانيا فتدبر.

246
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم التطوع و ثوابه من الأيام المتفرقة ص 247

بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَ ثَوَابِهِ مِنَ الْأَيَّامِ الْمُتَفَرِّقَةِ
1800 سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَ زُرَارَةُ بْنُ أَعْيَنَ أَبَا جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ ع عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ

__________________________________________________
باب صوم التطوع و ثوابه من الأيام المتفرقة «سأل محمد بن مسلم و زرارة بن أعين» في الصحيح «أبا جعفر الباقر عليه السلام عن صوم يوم عاشوراء» عاشر المحرم و ربما تطلق على التاسع منه أيضا «فقال كان صومه» أي وجوبه أو استحبابه «قبل (إلى قوله) ترك» و نسخ، و يؤيده ما رواه الكليني في القوي، عن نجية بن الحرث العطار قال، سألت أبا جعفر عليه السلام عن صوم يوم عاشوراء فقال: صوم متروك بنزول شهر رمضان و المتروك بدعة قال نجية فسألت أبا عبد الله عليه السلام من بعد أبيه عليه السلام عن ذلك فأجابني بمثل جواب أبيه ثمَّ قال: أما إنه صوم يوم ما نزل به كتاب و لا جرت به سنة إلا سنة آل زياد بقتل الحسين بن علي صلى الله عليهما «1».
و في القوي، عن جعفر بن عيسى قال: سألت الرضا عليه السلام، عن صوم عاشوراء و ما يقول الناس فيه؟ فقال عن صوم ابن مرجانة تسألني؟ ذلك يوم صامه الأدعياء من آل زياد لقتل الحسين عليه السلام، و هو يوم يتشأم به آل محمد و يتشأم به أهل الإسلام و اليوم الذي يتشأم به أهل الإسلام لا يصام و لا يتبرك به و يوم الاثنين يوم نحس قبض الله عز و جل فيه نبيه صلى الله عليه و آله و سلم و ما أصيب آل محمد إلا في يوم الاثنين فتشاءمنا به و تبرك به عدونا، و يوم عاشوراء قتل الحسين عليه السلام و تبرك به ابن مرجانة و تشأم به آل محمد صلى الله عليه و آله و سلم فمن صامهما أو تبرك بهما لقي الله تبارك و تعالى ممسوخ القلب و كان حشره مع الذين سنوا صومهما و التبرك بهما «2».
و في الحسن كالصحيح، عن محمد بن أبي عمير، عن زيد النرسي قال: سمعت‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب صوم عرفة و عاشوراء خبر 4- 5.

247
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم التطوع و ثوابه من الأيام المتفرقة ص 247

فَقَالَ كَانَ صَوْمُهُ قَبْلَ شَهْرِ رَمَضَانَ فَلَمَّا نَزَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ تُرِكَ.
__________________________________________________
عبيد بن زرارة يسأل أبا عبد الله عليه السلام عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: من صامه كان حظه من صيام ذلك اليوم حظ ابن مرجانة و آل زياد قال: قلت: و ما حظهم من صيام ذلك اليوم؟ قال النار أعاذنا الله من النار و من عمل يقرب إلى النار «1».
و عن عبد الملك قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صوم تاسوعاء و عاشوراء من شهر المحرم؟ فقال: تاسوعاء يوم حوصر فيه الحسين صلوات الله عليه و أصحابه رضي الله عنهم بكربلاء و اجتمع عليه خيل أهل الشام و أناخوا عليه (أي أبركوا جمالهم على قتاله حوله) و فرح ابن مرجانة، و عمر بن سعد بتوافر الخيل و كثرتها و استضعفوا فيه الحسين عليه السلام و أصحابه كرم الله وجوههم و أيقنوا أن لا يأتي للحسين عليه السلام ناصر و لا يمده أهل العراق بأبي (أي أفديك بأبي) أيها المستضعف الغريب، ثمَّ قال و أما يوم عاشوراء فيوم أصيب به الحسين صلوات الله عليه صريعا بين أصحابه، و أصحابه صرعى حوله (عراة- خ) أ فصوم يكون في ذلك اليوم؟ كلا و رب البيت الحرام ما هو يوم صوم، و ما هو إلا يوم حزن و مصيبة دخلت على أهل السماء و أهل الأرض و جميع المؤمنين، و يوم فرح و سرور لابن مرجانة و آل زياد و أهل الشام غضب الله عليهم و على ذرياتهم، و ذلك يوم بكت جميع بقاع الأرض خلا بقعة الشام، فمن صامه أو تبرك به حشره الله مع آل زياد ممسوخ القلب مسخوطا عليه، و من ادخر إلى منزله ذخيرة أعقبه الله تعالى نفاقا في قلبه إلى يوم يلقاه و انتزع البركة عنه، و عن أهل بيته، و ولده، و شاركه الشيطان في جميع ذلك «2».
 (و أما) ما رواه الشيخ، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام قال: صوموا العاشوراء، التاسع و العاشر فإنه يكفر ذنوب سنة «3» و غيره من الأخبار (فمحمولة) على التقية أو على الصوم حزنا أو الإمساك من غير نية الصوم إلى العصر كما
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب صوم عرفة و عاشوراء خبر 6- 7.
 (3) التهذيب باب وجوه الصوم خبر 11 و لاحظ خبر 12- 13- 14 منه ايضا.

248
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم التطوع و ثوابه من الأيام المتفرقة ص 247

 1801 وَ قَالَ عَلِيٌّ ع قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ صَامَ يَوْماً تَطَوُّعاً أَدْخَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْجَنَّةَ.

1802 وَ رَوَى جَابِرٌ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: مَنْ خُتِمَ لَهُ بِصِيَامِ يَوْمٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ.

1803 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ صَامَ يَوْماً فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَ يَعْدِلُ سَنَةً يَصُومُهَا

__________________________________________________
سيجي‏ء في الزيارات إن شاء الله تعالى.
 «و قال علي عليه السلام» رواه الصدوق، بإسناده، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليه السلام «1» قوله عليه السلام «من ختم له بصيام يوم» بأن يموت في يوم صومه أو في ليلته الآتية أو مرض و مات في مرضه على احتمال قريب «دخل الجنة».
 «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الصدوق، عن أبي هريرة «2» و كأنه كان له طريق آخر و إلا فلا حاجة له إلى نقل مثل هذا الخبر عن مثل هذا الكذاب «3» «من صام يوما
__________________________________________________
 (1) ثواب الأعمال باب ثواب من صام يوما تطوعا خبر 1.
 (2) ثواب الأعمال باب من صام يوما في سبيل اللّه خبر 1.
 (3) في الكنى ج 1 ص 172 ما هذه عبارته- و ذكر ابن أبي الحديد في الجزء الرابع من شرحه على النهج عن شيخه ابى جعفر الاسكافى: ان معاوية وضع قوما من الصحابة و قوما من التابعين على رواية أخبار قبيحة في عليّ عليه السلام تقتضى الطعن فيه و البراءة منه و جعل لهم على ذلك جعلا يرغب في مثله فاختلفوا ما أرضاه، منهم، ابو هريرة، و عمرو بن العاص، و المغيرة بن شعبة (إلى أن قال) و قال قال أبو جعفر (الاسكافى): و أبو هريرة مدخول عند شيوخنا غير مرضى الرواية إلخ ثمّ قال (فى الكنى) اقول كان أبو هريرة يلعب بالشطرنج، قال الدميرى: و المروى عن ابى هريرة من اللعب به مشهور في كتب الفقه ثمّ قال بعد اسطر: و كانت عائشة تتهم ابا هريرة بوضع الحديث و ترد ما رواه، و من أراد الاطلاع على ذلك فعليه بكتاب عين الإصابة فيما استدركته على الصحابة انتهى نقل شطر ممّا في الكنى فقول الشارح قده (مثل هذا الكذاب) ليس لاجل التعصب المذهبى حاشاه، ثمّ حاشاه، بل لشهادة الموافق و المخالف بكونه كذابا لكن من الاعاجيب ان العامّة العمياء يتمسكون في اصولهم و فروعهم باحاديث مثل هذا الكذاب الوضاع.

249
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم التطوع و ثوابه من الأيام المتفرقة ص 247

1804 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع مَنْ تَطَيَّبَ بِطِيبٍ أَوَّلَ النَّهَارِ وَ هُوَ صَائِمٌ لَمْ يَفْقِدْ عَقْلَهُ.

1805 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا مِنْ صَائِمٍ يَحْضُرُ قَوْماً يَطْعَمُونَ إِلَّا سَبَّحَتْ لَهُ أَعْضَاؤُهُ وَ كَانَتْ صَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِ وَ كَانَتْ صَلَاتُهُمُ اسْتِغْفَاراً.

1806 وَ رُوِيَ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع قَالَ: مَنْ صَامَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ صَوْمَ ثَمَانِينَ شَهْراً فَإِنْ صَامَ التِّسْعَ كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ صَوْمَ الدَّهْرِ.

1807 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع صَوْمُ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ كَفَّارَةُ سَنَةٍ وَ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ.

1808 وَ رُوِيَ أَنَّ فِي‏

__________________________________________________
في سبيل الله» الظاهر أن مراده الصوم في السفر مثل الجهاد أو الحج و سيجي‏ء مرجوحيته، و على تقدير صحته يكون المراد به لله تعالى، و الله تعالى يعلم.
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الصدوق في الموثق عنه عليه السلام «1» «من تطيب بطيب» مثل ماء الورد لما سيذكر «أول النهار و هو صائم لم يفقد عقله» أي يحفظ عقله بفضل الله بأن لا يصير مجنونا أبدا أو في آخر النهار أي لا يصير عقله مختلا بسبب يبوسة الدماغ اللازمة للصوم «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام عنه صلى الله عليه و آله و سلم «2» «ما من صائم يحضر قوما يطعمون» و لا يمكنه الإفطار (إما) لكونه واجبا معينا أو قضاء رمضان بعد الزوال (أو) الأعم منها من غير المعين و قبل الزوال في القضاء على احتمال هو أحوط و إلا فالإفطار أفضل كما مر «إلا سبحت له أعضاؤه» بالتسبيح الذي لا نفهمه.
 «و روي عن موسى بن جعفر عليهما السلام» رواه مسندا في القوي عنه عليه السلام «3» «و قال الصادق عليه السلام» رواه في القوي عن محمد بن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام «4».
__________________________________________________
 (1) ثواب الأعمال باب من تطيب بطيب إلخ خبر 1.
 (2) ثواب الأعمال باب ثواب الصائم يحضر قوما يأكلون خبر 1.
 (3- 4) ثواب الأعمال باب ثواب صيام عشر ذى الحجة خبر 2- 3.

250
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم التطوع و ثوابه من الأيام المتفرقة ص 247

أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وُلِدَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ ع فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ كَانَ كَفَّارَةَ سِتِّينَ سَنَةً وَ فِي تِسْعٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ أُنْزِلَتْ تَوْبَةُ دَاوُدَ ع فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ كَانَ كَفَّارَةَ تِسْعِينَ سَنَةً.
1809 وَ رُوِيَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ قَالَ إِنْ شِئْتَ صُمْتَ وَ إِنْ شِئْتَ لَمْ تَصُمْ وَ ذَكَرَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ ع‏

__________________________________________________
و روي أن شابا كان صاحب سماع و كان إذا أهل هلال ذي الحجة أصبح صائما فارتفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فأرسل إليه فدعاه فقال ما يحملك على صيام هذه الأيام؟ قال: بأبي أنت و أمي يا رسول الله أيام المشاعر و أيام الحج عسى الله أن يشركني في دعائهم قال: فإن لك بكل يوم تصومه عدل عتق مائة رقبة، و مائة بدنة: و مائة فرس يحمل عليها في سبيل الله، فإذا كان يوم التروية فلك عدل ألف رقبة، و ألف بدنة، و ألف فرس تحمل عليها في سبيل الله، فإذا كان يوم عرفة فلك عدل ألفي رقبة و ألفي بدنة و ألفي فرس يحمل عليها في سبيل الله، و كفارة ستين سنة سنة قبلها سنة بعدها «1».
 «و» روي «في تسع من ذي الحجة» أي في اليوم التاسع بقرينة، (فمن صام ذلك اليوم) «و روي عن يعقوب بن شعيب» في الحسن كالصحيح «قال إن شئت صمت و إن شئت لم تصم» يدل على عدم تأكده، و حمل على من يضعفه عن الدعاء و لئلا يتوهم أنه واجب أو سنة وكيدة و إن كان الفضل في صومه، لما رواه الشيخ في الصحيح، عن سليمان الجعفري قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: كان أبي عليه السلام يصوم عرفة في اليوم الحار في الموقف و يأمر بظل مرتفع يضرب له فيغتسل مما يبلغ منه الحر «2» و في الموثق‏
__________________________________________________
 (1) ثواب الأعمال باب ثواب صيام عشر ذى الحجة خبر 1 و قوله (ع) و كفّارة ستين الخ هكذا في نسخ روضة المتقين كلها و لكن في ثواب الأعمال هكذا- و كفّارة ستين سنة قبلها و ستين سنة بعدها.
 (2) التهذيب باب وجوه الصوم خبر 7.

251
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم التطوع و ثوابه من الأيام المتفرقة ص 247

فَوَجَدَ أَحَدَهُمَا صَائِماً وَ الْآخَرَ مُفْطِراً فَسَأَلَهُمَا فَقَالا إِنْ صُمْتَ فَحَسَنٌ وَ إِنْ لَمْ تَصُمْ فَجَائِزٌ.
1810 وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى عَلِيٍّ ع وَحْدَهُ وَ أَوْصَى عَلِيٌّ ع إِلَى الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ع جَمِيعاً وَ كَانَ الْحَسَنُ ع إِمَامَهُ فَدَخَلَ رَجُلٌ يَوْمَ عَرَفَةَ عَلَى الْحَسَنِ ع وَ هُوَ يَتَغَدَّى وَ الْحُسَيْنُ ع صَائِمٌ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ مَا قُبِضَ الْحَسَنُ ع فَدَخَلَ عَلَى الْحُسَيْنِ ع يَوْمَ عَرَفَةَ وَ هُوَ يَتَغَدَّى وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع صَائِمٌ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ إِنِّي دَخَلْتُ عَلَى الْحَسَنِ ع وَ هُوَ يَتَغَدَّى وَ أَنْتَ صَائِمٌ ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْكَ وَ أَنْتَ مُفْطِرٌ فَقَالَ إِنَّ الْحَسَنَ ع كَانَ إِمَاماً فَأَفْطَرَ لِئَلَّا يُتَّخَذَ صَوْمُهُ سُنَّةً وَ لِيَتَأَسَّى بِهِ النَّاسُ فَلَمَّا أَنْ قُبِضَ كُنْتُ أَنَا الْإِمَامَ فَأَرَدْتُ أَنْ لَا يُتَّخَذَ صَوْمِي سُنَّةً فَيَتَأَسَّى النَّاسُ بِي.

1811 وَ رَوَى حَنَانُ بْنُ سَدِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ يَعْدِلُ صَوْمَ سَنَةٍ قَالَ كَانَ أَبِي ع لَا يَصُومُهُ قُلْتُ وَ لِمَ جُعِلْتُ‏

__________________________________________________
كالصحيح، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي الحسن عليه السلام قال: صوم يوم عرفة يعدل السنة، و قال: لم يصمه الحسن عليه السلام و صامه الحسين عليه السلام «1».
 «و روى عبد الله بن المغيرة» في الصحيح «عن سالم» المشترك و لا يضر لصحته عن عبد الله «عن أبي عبد الله عليه السلام».
 «و أوصى (إلى قوله) جميعا» أي حين فوته عليه السلام، لكن بأن يكون الإمام الحسن عليه السلام، ثمَّ الحسين عليه السلام قوله «فأفطر لئلا يتخذ صومه سنة» أي واجبة أو وكيدة أو مطلقا كما.
 «روى حنان بن سدير» في الموثق، «عن أبيه» و رواه الشيخ أيضا في الموثق عن سدير، عن أبي جعفر عليه السلام «2» و يدل على استحبابه إذا لم يضعفه عن الدعاء مع تحقق‏
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب وجوه الصوم خبر 6- 9.

252
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم التطوع و ثوابه من الأيام المتفرقة ص 247

فِدَاكَ قَالَ يَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمُ دُعَاءٍ وَ مَسْأَلَةٍ فَأَتَخَوَّفُ أَنْ يُضْعِفَنِي عَنِ الدُّعَاءِ وَ أَكْرَهُ أَنْ أَصُومَهُ وَ أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ يَوْمُ عَرَفَةَ- يَوْمَ الْأَضْحَى وَ لَيْسَ بِيَوْمِ صَوْمٍ.
قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَحِمَهُ اللَّهُ إِنَّ الْعَامَّةَ غَيْرُ مُوَفَّقِينَ لِفِطْرٍ وَ لَا أَضْحًى وَ إِنَّمَا كَرِهَ ع صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ كَانَ يَكُونُ يَوْمَ الْعِيدِ فِي أَكْثَرِ السِّنِينَ وَ تَصْدِيقُ.
__________________________________________________
الهلال، كما روى الشيخ في الموثق كالصحيح، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن صوم يوم عرفة قال: من قوي عليه فحسن إن لم يمنعك من الدعاء فإنه يوم دعاء و مسألة فصمه، و إن خشيت إن تضعف عن ذلك فلا تصمه «1».
و أما ما رواه الكليني في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه سئل عن صوم يوم عرفة؟ فقال: ما أصومه اليوم و هو يوم دعاء و مسألة «2» فظاهره للضعف.
و في الموثق كالصحيح، عن محمد بن قيس (مسلم- خ ل) قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لم يصم يوم عرفة منذ نزل صيام شهر رمضان «3».
و في القوي عن زرارة عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام قالا: لا تصومن يوم عاشوراء و لا يوم عرفة بمكة و لا المدينة و لا في وطنك و لا في مصر من الأمصار.
فمحمولان على عدم الوجوب أو التأكد أو مع الضعف عن الدعاء أو مع عدم تحقق الهلال.
 «قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله» غرضه ذكر سبب اشتباه ذينك الهلالين غالبا و إن سببه ذلك الفعل القبيح الذي صدر عنهم، و لهذا يكون الاشتباه غالبا عندهم، فما لم يكن مشتبها يكون لصوم عرفة الثواب المتقدم، و إذا كان مشتبها لم يكن له ثواب،
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب وجوه الصوم خبر 10.
 (2) الكافي باب صوم عرفة و عاشوراء خبر 1 لكن فيه بدل (ما اصومه إلخ) (انا اصومه) و عليه فلا معارضة و لا حاجة الى التوجيه المذكور.
 (3) الكافي باب صوم عرفة و عاشوراء خبر 2- و الراوي محمّد بن مسلم- و التهذيب باب وجوه الصوم خبر 8 و الراوي محمّد بن قيس.

253
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم التطوع و ثوابه من الأيام المتفرقة ص 247

ذَلِكَ‏
1812 مَا قَالَهُ الصَّادِقُ ع لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَلَكاً فَنَادَى أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ الظَّالِمَةُ الْقَاتِلَةُ عِتْرَةَ نَبِيِّهَا لَا وَفَّقَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى لِصَوْمٍ وَ لَا فِطْرٍ.

1813 وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ لَا وَفَّقَكُمُ اللَّهُ لِفِطْرٍ وَ لَا أَضْحًى.

وَ مَنْ صَامَ يَوْمَ عَرَفَةَ فَلَهُ مِنَ الثَّوَابِ مَا ذَكَرْنَاهُ‏
1814 وَ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي وَ أَنَا غُلَامٌ فَتَعَشَّيْنَا عِنْدَ

__________________________________________________
و الرواية المذكورة رواه مسندا، عن محمد بن إسماعيل الرازي (الثقة) عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: قلت: جعلت فداك ما تقول في العامة فإنه قد روي أنهم لا يوفقون لصوم فقال لي: أما إنهم أجيب دعوة الملك فيهم قال: إن الناس لما قتلوا الحسين بن علي صلوات الله عليهما أمر الله عز و جل ملكا ينادي: أيتها الأمة الظالمة القاتلة عترة نبيها لا وفقكم الله لصوم و لا فطر «1» «و» ذكر «في حديث آخر لفطر و لا أضحى» و عن رزين قال، قال أبو عبد الله: لما ضرب الحسين بن علي صلوات الله عليهما بالسيف فسقط ثمَّ ابتدر ليقطع رأسه، نادى مناد من بطنان العرش: أيتها الأمة المتحيرة الضالة بعد نبيها: لا وفقكم الله لأضحى و لا فطر قال، ثمَّ قال أبو عبد الله عليه السلام فلا جرم و الله ما وفقوا و لا يوفقون حتى يثور ثائر الحسين صلوات الله عليهما «2» (يعني طالب دمه و هو القائم أو نفسه صلى الله عليه مع القائم و باقي الأئمة عليهم السلام و كثير من خلص الشيعة يحييهم الله تعالى و يطلبون دمه من قتلتهم و الراضين بفعالهم بعد ما يحييهم الله تعالى أيضا كما قال تعالى وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا «3» و ليس ذلك يوم القيمة لأن فيه يبعث الكل لا الفوج.
 «و روي عن الحسن بن علي الوشاء» في الصحيح «ولد فيها إبراهيم عليه السلام» و قد تقدم أن مولده عليه السلام كان أول ذي الحجة و الظاهر صحة أحد الخبرين، و يمكن أن يكون أحدهما للتقية وقع بناء على معتقدهم أو كان باعتبار النسي‏ء الذي قرره العرب‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب النوادر (قبل باب الفطرة) خبر 1- 3 من كتاب الصوم.
 (3) النمل- 83.

254
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم التطوع و ثوابه من الأيام المتفرقة ص 247

الرِّضَا ع- لَيْلَةَ خَمْسَةٍ وَ عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ فَقَالَ لَهُ لَيْلَةُ خَمْسَةٍ وَ عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وُلِدَ فِيهَا إِبْرَاهِيمُ ع وَ وُلِدَ فِيهَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ع وَ فِيهَا دُحِيَتِ الْأَرْضُ مِنْ تَحْتِ الْكَعْبَةِ فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ كَانَ كَمَنْ صَامَ سِتِّينَ شَهْراً
__________________________________________________
و ذكره الله تعالى (إِنَّمَا النَّسِي‏ءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ) و هو تأخير أيام الحج إلى الشتاء وقع في- الخامس و العشرين من ذي العقدة في آخر الدور، لكنه بعيد لورودهما عن المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين (أو) يكون قرار النطفة في أول ذي الحجة و الولادة في- الخامس و العشرين بناء على أن أكثر الحمل سنة كما روي في الصحيح و سنذكر إن شاء الله تعالى في محله و طرح الخبر الأول بالضعف أسهل «و فيها دحيت الأرض» أي بسطت و صارت واسعة و ظاهر القرآن أن خلق الأرض كان قبل خلق السماء و دحو الأرض كان بعده و قبل دحوها كان الأيام تقديريا معلوما عند الله تعالى (أو) باعتبار غيبوبة الشمس في الماء و كان خلقه قبل خلق السماء و التسع هنا كما تقدم آنفا.
و روى الكليني مسندا عن محمد بن عبد الله الصيقل قال: خرج علينا أبو الحسن الرضا عليه السلام في يوم خمسة و عشرين من ذي القعدة فقال: صوموا فإني أصبحت صائما قلنا: جعلنا فداك أي يوم هو؟ فقال يوم نشرت فيه الرحمة و دحيت فيه الأرض و نصبت فيه الكعبة و هبط فيه آدم صلوات الله عليه «1» و عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن الأول صلوات الله عليه قال: بعث الله عز و جل محمدا صلى الله عليه و آله و سلم رحمة للعالمين في سبع و عشرين من رجب، فمن صام ذلك اليوم كتب الله له صيام ستين شهرا، و في خمس و عشرين من ذي القعدة وضع البيت و هو أول رحمة وضعت على وجه الأرض فجعله الله عز و جل مثابة للناس و أمنا فمن صام ذلك اليوم كتب الله له صيام ستين شهرا، و في أول يوم من- ذي الحجة ولد إبراهيم خليل الرحمن، فمن صام ذلك اليوم كتب الله له صيام ستين شهرا «2».
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب صيام الترغيب خبر 4- 2 و التهذيب باب صوم الأربعة الأيّام في السنة خبر 2- 1.

255
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم التطوع و ثوابه من الأيام المتفرقة ص 247

1815 وَ رُوِيَ أَنَّ فِي تِسْعٍ وَ عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْكَعْبَةَ وَ هِيَ أَوَّلُ رَحْمَةٍ نَزَلَتْ فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ كَانَ كَفَّارَةَ سَبْعِينَ سَنَةً.

1816 وَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ- لِلْمُسْلِمِينَ عِيدٌ غَيْرُ الْعِيدَيْنِ قَالَ نَعَمْ يَا حَسَنُ وَ أَعْظَمُهُمَا وَ أَشْرَفُهُمَا قَالَ قُلْتُ لَهُ فَأَيُّ يَوْمٍ هُوَ قَالَ هُوَ يَوْمٌ نُصِبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع عَلَماً لِلنَّاسِ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ أَيُّ يَوْمٍ هُوَ قَالَ إِنَّ الْأَيَّامَ تَدُورُ وَ هُوَ يَوْمُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ مَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَصْنَعَ فِيهِ قَالَ تَصُومُهُ يَا حَسَنُ وَ تُكْثِرُ فِيهِ الصَّلَاةَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ ع وَ تَبَرَّأُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِمَّنْ ظَلَمَهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ ع كَانَتْ تَأْمُرُ الْأَوْصِيَاءَ بِالْيَوْمِ الَّذِي كَانَ يُقَامُ فِيهِ الْوَصِيُّ أَنْ يُتَّخَذَ عِيداً قَالَ قُلْتُ مَا لِمَنْ صَامَهُ مِنَّا قَالَ‏

__________________________________________________
 «و روي أن في تسع إلخ» الظاهر أن تبديل خمس بتسع وقع من النساخ لأن المصنف يروي هذا الخبر بعينه في باب ابتداء الكعبة بتغيير ما عن موسى بن جعفر عليهما السلام و على تقديره فالجمع كما تقدم، و يمكن الجمع هنا أيضا بأن يكون الإنزال في سنة و الوضع في أخرى.
 «و روى الحسن بن راشد (إلى قوله) هو» أي كان يوم الجمعة أو يوم الخميس مثلا «قال إن الأيام تدور» يعني: الاعتبار باليوم الذي وقع في الشهر، لا بالأسبوع.
و روى الشيخ، عن إسحاق بن عبد الله العلوي العريضي قال وجد في صدري، ما الأيام التي تصام فقصدت مولانا أبا الحسن علي بن محمد عليهما السلام و هو بصريا (موضع) و لم أبد (أي لم أظهر) ذلك لأحد من خلق الله فدخلت عليه فلما بصرني قال صلوات الله عليه: يا إسحاق جئت تسألني عن الأيام التي تصام فيهن و هي الأربعة، أولهن يوم السابع و العشرين من رجب يوم بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه و آله و سلم إلى خلقه رحمة للعالمين، و يوم مولده صلى الله عليه و آله و سلم و هو السابع عشر من شهر ربيع الأول، و يوم الخامس و العشرين من ذي القعدة فيه دحيت الكعبة، و يوم الغدير فيه أقام رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أخاه عليا صلوات الله‏

256
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم التطوع و ثوابه من الأيام المتفرقة ص 247

صِيَامُ سِتِّينَ شَهْراً وَ لَا تَدَعْ صِيَامَ يَوْمِ سَبْعَةٍ وَ عِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ فَإِنَّهُ هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي أُنْزِلَتْ فِيهِ النُّبُوَّةُ عَلَى مُحَمَّدٍ ص وَ ثَوَابُهُ مِثْلُ سِتِّينَ شَهْراً لَكُمْ.
1817 وَ رَوَى الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: صَوْمُ يَوْمِ غَدِيرِ خُمٍّ كَفَّارَةُ سِتِّينَ سَنَةً.

وَ أَمَّا خَبَرُ صَلَاةِ يَوْمِ غَدِيرِ خُمٍّ وَ الثَّوَابُ الْمَذْكُورُ فِيهِ لِمَنْ صَامَهُ فَإِنَّ شَيْخَنَا مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ لَا يُصَحِّحُهُ وَ يَقُولُ إِنَّهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى.
__________________________________________________
عليه علما للناس و إماما من بعده، قلت: صدقت جعلت فداك لذلك قصدت أشهد أنك حجة الله على خلقه «1».
 «و أما خبر صلاة يوم غدير خم» رواه الشيخ عن الحسين بن الحسن الحسني (الفاضل) قال: حدثنا محمد بن موسى الهمداني (فهو و إن ضعفه ابن الوليد بالغلو لكنه له كتاب في الرد على الغلاة) قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي (الثقة) قال، حدثنا علي بن الحسين العبيدي قال: سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام: يقول صيام غدير خم يعدل صيام عمر الدنيا لو عاش إنسان ثمَّ صام ما عمرت الدنيا لكان له ثواب ذلك، و صيامه يعدل عند الله عز و جل في كل عام مائة حجة و مائة عمرة مبرورات متقبلات و هو عيد الله- الأكبر و ما بعث الله عز و جل نبيا إلا و تعيد في هذا اليوم و عرف حرمته و اسمه في السماء يوم العهد المعهود، و في الأرض يوم الميثاق المأخوذ و الجمع المشهود، و من صلى فيه ركعتين يغتسل عند زوال الشمس من قبل أن تزول مقدار نصف ساعة يسأل الله عز و جل، يقرأ في كل ركعة سورة الحمد مرة و عشر مرات قال هو الله أحد، و عشر مرات آية- الكرسي، و عشر مرات إنا أنزلناه- عدلت عند الله عز و جل مائة ألف حجة و مائة ألف عمرة و ما سأل الله عز و جل حاجة من حوائج الدنيا و حوائج الآخرة إلا قضيت كائنة (كائنا- خ) ما كانت الحاجة و إن فاتتك الركعتان و الدعاء قضيتها بعد ذلك، و من فطر فيه مؤمنا كان كمن أطعم فئاما و فئاما و فئاما، فلم يزل يعد إلى أن عقد بيده عشرا.
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب صوم الأربعة الأيّام في السنة خبر 4.

257
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم التطوع و ثوابه من الأيام المتفرقة ص 247

الْهَمْدَانِيِّ وَ كَانَ كَذَّاباً غَيْرَ ثِقَةٍ وَ كُلُّ مَا لَمْ يُصَحِّحْهُ ذَلِكَ الشَّيْخُ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ- وَ لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ مِنَ الْأَخْبَارِ فَهُوَ عِنْدَنَا مَتْرُوكٌ غَيْرُ صَحِيحٍ‏
1818 وَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ دَعَا زَكَرِيَّا ع رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَمَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ كَمَا اسْتَجَابَ لِزَكَرِيَّا ع.

1819 وَ سَأَلَ أَبُو بَصِيرٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الصَّائِمِ‏

__________________________________________________
ثمَّ قال: و تدري كم الفئام؟ قلت: لا قال: مائة ألف، كل فئام كان له ثواب من أطعم بعددها من النبيين و الصديقين و الشهداء في حرم الله عز و جل و سقاهم فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، و الدرهم فيه بألف ألف درهم قال: لعلك ترى أن الله عز و جل خلق يوما أعظم حرمة منه لا و الله- لا و الله- لا و الله، ثمَّ قال: و ليكن من قولكم إذا التقيتم أن تقولوا:
 (الحمد لله الذي أكرمنا بهذا اليوم و جعلنا من الموفين بعهده إلينا و ميثاقه الذي واثقنا به من ولاية ولاة أمره و القوام بقسطه و لم يجعلنا من الجاحدين و المكذبين بيوم الدين) ثمَّ قال: و ليكن من دعائك في دبر هاتين الركعتين أن تقول، ربنا و ذكر الدعاء بطوله قال: ثمَّ تسأل بعد هذا حاجتك للآخرة و الدنيا (للدنيا و الآخرة- خ) فإنها و الله مقضية في هذا اليوم إن شاء الله تعالى «1».
و على تقدير ضعفه أيضا لا بأس بالعمل به لكونه من المندوبات، و الأمر فيها سهل، للخبر الصحيح المتقدم و غيره من الأخبار، على أنه ورد في الخطبة المروية، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام و غيرها ما يؤيده في فضل الصوم أنه كصيام عمر الدنيا.
 «و في أول يوم من المحرم» رواه الشيخ و ابن طاوس رحمهما الله تعالى أيضا «و سأل أبو بصير» في الموثق، و رواه الكليني و الشيخ أيضا في الموثق «2» «أبا عبد الله عليه السلام» يدل على كراهة الإفطار بعد العصر، و على جواز النية في النافلة بعد العصر أيضا، و يؤيده ما تقدم من الأخبار الصحيحة، و ما رواه الشيخ في الصحيح، عن هشام بن سالم، عن‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب صلاة الغدير خبر 1 من كتاب الصلاة.
 (2) الكافي باب الرجل يريد الصيام فيفطر إلخ خبر 2 و التهذيب باب نية الصيام خبر 3.

258
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم التطوع و ثوابه من الأيام المتفرقة ص 247

الْمُتَطَوِّعِ تَعْرِضُ لَهُ الْحَاجَةُ قَالَ هُوَ بِالْخِيَارِ مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْعَصْرِ وَ إِنْ مَكَثَ حَتَّى الْعَصْرِ ثُمَّ بَدَأَ لَهُ أَنْ يَصُومَ وَ لَمْ يَكُنْ نَوَى ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَصُومَ ذَلِكَ الْيَوْمَ إِنْ شَاءَ.
بَابُ ثَوَابِ صَوْمِ رَجَبٍ‏
1820 رَوَى أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ كَثِيرٍ النَّوَّاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ نُوحاً ع‏

__________________________________________________
أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: الرجل يصبح و لا ينوي الصوم، فإذا تعالى النهار حدث له رأي في الصوم؟ فقال: إن هو نوى الصوم قبل أن تزول الشمس حسب له يومه و إن نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوى «1».
و في الصحيح، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يدخل على أهله فيقول: عندكم شي‏ء؟ و إلا صمت فإن كان عندهم شي‏ء أتوه به و إلا صام «2».
و روى الكليني و الشيخ، عن سماعة: عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: الصائم بالخيار إلى زوال الشمس قال: إن ذلك في الفريضة و أما النافلة فله أن يفطر متى شاء «3» و يدل هذه الأخبار و أمثالها على اعتبار النية في الصوم فلا تغفل.
باب ثواب صوم رجب «روى أبان بن عثمان» في الموثق كالصحيح و رواه الشيخ عنه كذلك «4» «عن‏
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب نية الصيام خبر 10- 13.
 (3) الكافي باب الرجل يريد الصيام فيفطر إلخ خبر 3 و التهذيب باب نية الصيام خبر 10.
 (4) التهذيب باب صيام رجب و الأيّام منه خبر 1 و فيه كثير بياع النوى قال سمعت أبا جعفر عليه السلام إلخ و له صدر طويل (إلى أن قال) و ان نوحا لما ركب إلخ و ذكر كما في الفقيه نعم رواه الصدوق في ثواب الأعمال باب ثواب صوم رجب كما هنا.

259
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب صوم رجب ص 259

رَكِبَ السَّفِينَةَ- أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ فَأَمَرَ ع مَنْ مَعَهُ أَنْ يَصُومُوا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَ قَالَ مَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ تَبَاعَدَتْ عَنْهُ النَّارُ مَسِيرَةَ سَنَةٍ وَ مَنْ صَامَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ أُغْلِقَتْ عَنْهُ أَبْوَابُ النِّيرَانِ السَّبْعَةُ وَ مَنْ صَامَ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجِنَانِ الثَّمَانِيَةُ وَ مَنْ صَامَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً أُعْطِيَ مَسْأَلَتَهُ وَ مَنْ زَادَهُ زَادَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ.
1821 وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع رَجَبٌ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ وَ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ فَمَنْ صَامَ يَوْماً مِنْ رَجَبٍ سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ النَّهَرِ.

1822 وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع رَجَبٌ شَهْرٌ عَظِيمٌ يُضَاعِفُ اللَّهُ فِيهِ الْحَسَنَاتِ‏

__________________________________________________
كثير النواء (إلى قوله) النيران السبعة» و ذكر بعض المحققين أنه كما أن للنار سبعة أبواب ظاهرا كذلك لها في الإنسان سبعة أبواب، و هي السمع، و البصر، و اللسان، و البطن، و الفرج، و اليد، و الرجل- فإنها إذ استعملت في مخالفة الله تعالى كانت سببا لدخولها، فإذا صام المؤمن سبعة أيام من رجب نزع الله تعالى عنها الميل إلى الشهوات الجسمانية التي هي أسباب دخول النار فكأنه أغلق عنه أبواب النار، و من صام ثمانية أيام فتحت له أبواب الجنان الثمانية ليدخل من أي باب شاء، و هي تلك السبعة مع باب القلب و يوفقه الله تعالى بأن يستعملها فيما يوجب رضاه، و سيذكر إن شاء الله تعالى في أبواب الحقوق.
 «و قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام» رواه الصدوق مسندا عنه عليه السلام «1» «رجب نهر» أي اسم نهر «في الجنة».
 «و قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام» رواه مسندا عنه عليه السلام «2» «و قد أخرجت» أي ذكرت «ما رويته» بالمجهول أي رواه لي المشايخ «في كتاب فضائل رجب» منها الخبر الطويل الذي رواه مسندا، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم في الأمالي و ثواب الأعمال «3» و لم أذكره لطوله و شهرته، و لم يذكر الكليني ره في‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3) ثواب الأعمال باب ثواب صوم رجب خبر 2- 3- 4 و أورد خبر ابى سعيد الخدريّ في الأمالي في المجلس الثمانين خبر 1.

260
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب صوم رجب ص 259

وَ يَمْحُو فِيهِ السَّيِّئَاتِ مَنْ صَامَ يَوْماً مِنْ رَجَبٍ تَبَاعَدَتْ عَنْهُ النَّارُ مَسِيرَةَ سَنَةٍ وَ مَنْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ.
وَ قَدْ أَخْرَجْتُ مَا رَوَيْتُهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِ فَضَائِلِ رَجَبٍ‏
بَابُ ثَوَابِ صَوْمِ شَعْبَانَ‏
1823 رَوَى أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: مَنْ صَامَ شَعْبَانَ كَانَ لَهُ طَهُوراً مِنْ كُلِّ زَلَّةٍ وَ وَصْمَةٍ وَ بَادِرَةٍ وَ قَالَ أَبُو حَمْزَةَ فَقُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع مَا الْوَصْمَةُ قَالَ الْيَمِينُ فِي الْمَعْصِيَةِ وَ النَّذْرُ وَ لَا نَذْرَ فِي الْمَعْصِيَةِ قُلْتُ فَمَا الْبَادِرَةُ قَالَ الْيَمِينُ عِنْدَ الْغَضَبِ وَ التَّوْبَةُ مِنْهَا النَّدَمُ عَلَيْهَا

__________________________________________________
فضائل شهر رجب، و كأنه لعدم صحة طرقه عنده أو للاختصار.
باب ثواب صوم شعبان «روى أبو حمزة الثمالي» في القوي كالصحيح «عن أبي جعفر عليه السلام قال: من صام شعبان كان» الصوم «له طهورا» أو مطهرا «من كل زلة» أي معصية كناية «و وصمة (إلى قوله) و لا نذر» و في الكافي (و النذر) كما في بعض النسخ، و في التهذيب و ثواب الأعمال كالأصل «1» و الوصمة في اللغة الصدع و العيب و العار، و اليمين في المعصية اليمين بالطلاق و العتق و أمثالهما و جعل متعلق اليمين أو شرطها معصية، و كذا النذر، و على الأصل معناه و الحال أنه لا نذر أي شرعا أو منعقدا «في المعصية (إلى قوله) عند الغضب» مع بقاء القصد على المعصية أو الأعم و يكون مكروها و يكون التوبة باعتبار إحداث الأسباب مع أنها تشتمل على المكروه أيضا.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب فضل صوم شعبان إلخ خبر 8- و التهذيب باب صيام شعبان خبر 4 و ثواب الأعمال باب ثواب صوم شعبان خبر 1.

261
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب صوم شعبان ص 261

1824 وَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَرْحُومٍ الْأَزْدِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ مَنْ صَامَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ الْبَتَّةَ وَ مَنْ صَامَ يَوْمَيْنِ نَظَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ فِي دَارِ الدُّنْيَا وَ دَاوَمَ نَظَرَهُ إِلَيْهِ فِي الْجَنَّةِ- وَ مَنْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ زَارَهُ اللَّهُ فِي عَرْشِهِ مِنْ جَنَّتِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ.

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَحِمَهُ اللَّهُ- زِيَارَةُ اللَّهِ زِيَارَةُ أَنْبِيَائِهِ وَ حُجَجِهِ ص مَنْ زَارَهُمْ فَقَدْ زَارَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ كَمَا أَنَّ مَنْ أَطَاعَهُمْ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَ مَنْ عَصَاهُمْ فَقَدْ.
__________________________________________________
 «و روى الحسن بن محبوب» في الصحيح «عن عبد الله بن مرحوم (إلى قوله) نظر الله إليه» أي وفقه لما يحبه و يرضاه و أعطاه من الدنيا ما لا يكون سببا لشقاه «في كل يوم و ليلة» من أيام صومه أو الأعم «و دام نظره إليه في الجنة» بإفاضة الخيرات و المواهب السنية و رفعه إلى الدرجات العالية «زار الله في عرشه من جنته» و في ثواب الأعمال «1» (في جنته).
 «قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه» روى عبد السلام بن صالح الهروي الثقة الصحيح الحديث (و الظاهر أنه لاختلاطه بالعامة نسب إليهم و إلا فالذي يظهر من أخباره و نقل معجزات الرضا عليه السلام و اختصاصه به صلوات الله عليه أنه برئ من هذه النسبة) قال:
قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: يا بن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث: إن المؤمنين يزورون ربهم من منازلهم في الجنة؟ فقال عليه السلام: يا أبا الصلت إن الله تبارك و تعالى فضل نبيه محمدا صلى الله عليه و آله و سلم على جميع خلقه من النبيين و الملائكة، و جعل طاعته، طاعته و مبايعته مبايعته، و زيارته في الدنيا و الآخرة زيارته فقال عز و جل مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ «2» و قال إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ «3».
__________________________________________________
 (1) ثواب الأعمال باب ثواب صوم شعبان خبر 4.
 (2) النساء- 80.
 (3) الفتح- 10.

262
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب صوم شعبان ص 261

عَصَى اللَّهَ وَ مَنْ تَابَعَهُمْ فَقَدْ تَابَعَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى مَا يَتَأَوَّلُهُ الْمُشَبِّهَةُ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً.
__________________________________________________
و قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم، من زارني في حياتي أو بعد موتي فقد زار الله تعالى و درجة النبي صلى الله عليه و آله و سلم أرفع الدرجات، فمن زاره إلى درجته في الجنة فقد زار الله تبارك و تعالى.
قال: فقلت له: يا بن رسول الله ما معنى الخبر الذي رووه: إن ثواب لا إله إلا الله النظر إلى وجه الله؟ فقال عليه السلام، يا أبا الصلت من وصف الله تعالى بوجه كالوجوه فقد كفر، و لكن وجه الله أنبياؤه و رسله و حججه صلوات الله عليهم، و هم الذين بهم يتوجه إلى الله عز و جل و إلى دينه و معرفته، و قال الله عز و جل كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ «1» فالنظر إلى أنبياء الله و رسله و حججه (ع) في درجاتهم ثواب عظيم للمؤمنين يوم القيمة، و قد قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم: من أبغض أهل بيتي و عترتي لم يرني و لم أره يوم القيمة- و قال عليه السلام إن فيكم من لا يراني بعد أن يفارقني يا أبا الصلت إن الله تبارك و تعالى لا يوصف بمكان و لا يدرك بالأبصار و الأوهام.
قال: فقلت: يا بن رسول الله فأخبرني عن الجنة و النار أ هما اليوم مخلوقتان؟
فقال: نعم و إن رسول الله صلى الله قد دخل الجنة و رأى النار لما عرج به إلى السماء قال: فقلت له: إن قوما يقولون إنهما اليوم مقدرتان غير مخلوقتين؟ فقال عليه السلام ما أولئك منا، و لا نحن منهم، من أنكر خلق الجنة و النار فقد كذب النبي صلى الله عليه و آله و كذبنا، و ليس من ولايتنا على شي‏ء و يخلد في نار جهنم.
قال الله عز و جل: هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون يطوفون بينها و بين حميم آن «2» و قال النبي صلى الله عليه و آله لما عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل فأدخلني الجنة فناولني من رطبها فأكلت فتحول ذلك نطفة في صلبي فلما هبطت‏
__________________________________________________
 (1) القصص- 88.
 (2) الرحمن- 42- 43.

263
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب صوم شعبان ص 261

1825 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع صَوْمُ شَهْرِ شَعْبَانَ وَ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةٌ وَ اللَّهِ مِنَ اللَّهِ.

1826 وَ رَوَى عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَصُومُ شَعْبَانَ وَ شَهْرَ رَمَضَانَ يَصِلُهُمَا وَ يَنْهَى النَّاسَ أَنْ يَصِلُوهُمَا وَ كَانَ يَقُولُ هُمَا شَهْرُ اللَّهِ وَ هُمَا

__________________________________________________
إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة عليها السلام، ففاطمة حوراء إنسية فكلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة عليها السلام.
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الصدوق بسندين قويين، «1» و المراد أنه إذا صام شعبان تاما مع شهر رمضان فهما كالتوبة الناشئة من الله في غفران الذنوب كما قال الله تعالى في كفارة قتل الخطإ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ «2» و أكده عليه السلام باليمين.
 «و روى عمرو بن خالد، عن أبي جعفر عليه السلام» و رواه الكليني و الصدوق في الموثق أيضا «3»، قوله «4» (على الإنكار) و يحتمل أن يكون على الإخبار و يكون (الناس) مرفوعا فاعل (ينهى) ذما للناهين (أو) يكون المراد بالناس بعضهم (أو) أحيانا (أو) تقية أو يكون المراد أنه (ص) يصل لياليها أحيانا و ينهى الناس عن الوصال.
كما رواه الكليني و الشيخ، عن محمد بن سليمان، عن أبيه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما تقول في الرجل يصوم شعبان و شهر رمضان؟ قال: هما الشهران اللذان قال الله تبارك و تعالى (شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ) قلت فلا يفصل بينهما؟
قال: إذا أفطر من الليل فهو فصل و إنما قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لا وصال في صيام يعني‏
__________________________________________________
 (1) عيون أخبار الرضا (ع) باب ما جاء عن الرضا عليّ بن موسى عليهما السلام من الاخبار في التوحيد خبر 3.
 (2) النساء- 92.
 (3) الكافي باب فضل صوم شعبان إلخ خبر 4 و ثواب الأعمال باب ثواب صوم شعبان خبر 8.
 (4) يعني قول الصدوق في المتن (هو على الإنكار و الحكاية لا على الاخبار) يحتمل أن يكون على الاخبار إلخ.

264
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب صوم شعبان ص 261

كَفَّارَةٌ لِمَا قَبْلَهُمَا وَ مَا بَعْدَهُمَا مِنَ الذُّنُوبِ.
قَوْلُهُ ع وَ يَنْهَى النَّاسَ أَنْ يَصِلُوهُمَا هُوَ عَلَى الْإِنْكَارِ وَ الْحِكَايَةِ لَا عَلَى الْأَخْبَارِ وَ كَأَنَّهُ يَقُولُ كَانَ يَصِلُهُمَا وَ يَنْهَى النَّاسَ أَنْ يَصِلُوهُمَا فَمَنْ شَاءَ وَصَلَ وَ مَنْ شَاءَ فَصَلَ وَ تَصْدِيقُ ذَلِكَ‏
1827 مَا رَوَاهُ زُرْعَةُ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ أَبِي ع يَفْصِلُ مَا بَيْنَ شَعْبَانَ وَ شَهْرِ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ وَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع يَصِلُ مَا بَيْنَهُمَا وَ يَقُولُ صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةٌ مِنَ اللَّهِ.

وَ قَدْ صَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ وَصَلَهُ بِشَهْرِ.
__________________________________________________
لا يصوم الرجل يومين متواليين من غير إفطار و قد يستحب للعبد أن لا يدع السحور «1» «و تصديق ذلك ما رواه زرعة» في الموثق كالكليني «2» «عن المفضل بن عمر» و في بعض النسخ الصحيحة من الكافي (و عن المفضل بن عمر) فيكون حسنا أيضا لكن المذكور في الكافي حكاية فعل علي بن الحسين عليهما السلام و في ثواب الأعمال كالأصل «3».
و روى الكليني و الصدوق في الصحيح، عن ابن أبي عمير، عن سلمة صاحب السابري، عن أبي الصباح الكناني قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: صوم شعبان و شهر رمضان مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ و الله «4» و في الحسن عن المفضل بن عمر قال:
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول صوم شعبان و شهر رمضان مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ «5» و روى الصدوق ردا على العامة من طرقهم، عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم لم يكن يصوم من السنة شهرا تاما إلا شعبان يصل به رمضان «6» و عن أنس قال: سئل‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب فضل صوم شعبان إلخ خبر 5 و التهذيب باب صيام شعبان خبر 3.
 (2) الكافي باب فضل صوم شعبان إلخ خبر 3.
 (3- 4- 5) الكافي باب فضل صوم شعبان إلخ خبر 3- 1- 2 و ثواب الأعمال باب ثواب صوم شعبان خبر 7- 6- 3.
 (6) ثواب الأعمال باب ثواب صوم شعبان خبر 15.

265
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب صوم شعبان ص 261

رَمَضَانَ وَ صَامَهُ وَ فَصَلَ بَيْنَهُمَا وَ لَمْ يَصُمْهُ كُلَّهُ فِي جَمِيعِ سِنِيهِ إِلَّا أَنَّ أَكْثَرَ صِيَامِهِ كَانَ فِيهِ‏
1828 وَ كُنَّ نِسَاءُ النَّبِيِّ ص إِذَا كَانَ عَلَيْهِنَّ صِيَامٌ أَخَّرْنَ ذَلِكَ إِلَى شَعْبَانَ كَرَاهِيَةَ أَنْ‏

__________________________________________________
رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أي الصوم (الصيام- خ) أفضل؟ قال: شعبان تعظيما لرمضان «1» و عن أسامة بن زيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يصوم الأيام حتى يقال:
لا يفطر و يفطر حتى يقال: لا يصوم- قلت رأيته يصوم من شهر ما لا يصوم من شهر من الشهور؟ قال: نعم- قلت أي الشهر؟ قال: شعبان و قال هو شهر يغفل الناس عنه بين رجب و رمضان و هو شهر يرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي و أنا صائم «2».
و عن زيد بن أسلم قال: سئل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم عن صوم رجب فقال: أين أنتم عن شعبان «3» و روي عن ابن عباس الحديث الطويل المشهور المشتمل على تعداد الأيام إلى الثلاثين يوما «4» «و كن نساء النبي صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني في الحسن كالصحيح و الصدوق و الشيخ في الصحيح، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كن «5» و في يب أن نساء النبي صلى الله عليه و آله و سلم «إذا كان عليهن (إلى قوله) شهري» و رووا في الصحيح عن الحلبي قال، سألت أبا عبد الله عليه السلام هل صام أحد من آبائك شعبان قط؟ قال خير آبائي رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم «6» و في الصحيح و الموثق عنه عليه السلام مثله «7».
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4) ثواب الأعمال باب ثواب صوم شعبان خبر 14 و 13 و 12 و 16 لكن روى الخبر الطويل عن ابن عامر لا (ابن عبّاس) نعم نقله في الأمالي في المجلس السابع خبر 1 و الظاهر كون نسخة ثواب الأعمال غلطا.
 (5) الكافي باب صوم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خبر 4 و ثواب الأعمال باب ثواب صوم شعبان خبر 9 و التهذيب باب صوم شعبان خبر 8.
 (6- 7) التهذيب باب صوم شعبان خبر 7- 5 و ثواب الأعمال باب ثواب صوم شعبان خبر 11.

266
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب صوم شعبان ص 261

يَمْنَعْنَ رَسُولَ اللَّهِ ص حَاجَتَهُ وَ إِذَا كَانَ شَعْبَانُ صُمْنَ وَ صَامَ مَعَهُنَّ وَ كَانَ ع يَقُولُ شَعْبَانُ شَهْرِي.
1829 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع مَنْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ شَعْبَانَ وَ وَصَلَهَا بِشَهْرِ رَمَضَانَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ صَوْمَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ.

1830 وَ رَوَى حَرِيزٌ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع مَا تَقُولُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ قَالَ يَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهَا مِنْ خَلْقِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعْرِ مِعْزَى كَلْبٍ وَ يُنْزِلُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَلَائِكَتَهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَ إِلَى الْأَرْضِ بِمَكَّةَ.

وَ قَدْ أَخْرَجْتُ مَا رُوِّيتُهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِ فَضَائِلِ شَعْبَانَ.
__________________________________________________
 «و قال الصادق عليه السلام» روى الصدوق في القوي عن العباس بن هلال قال: سمعت أبا الحسن موسى الرضا عليه السلام يقول: من صام من شعبان يوما واحدا ابتغاء ثواب الله دخل الجنة، و من استغفر الله في كل يوم من شعبان سبعين مرة حشر يوم القيمة في زمرة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و وجبت له من الله الكرامة، و من تصدق في شعبان بصدقة و لو بشق تمرة حرم الله جسده على النار، و من صام ثلاثة أيام من شعبان و وصلها بصيام رمضان كتب الله عز و جل له صوم شهرين متتابعين «1».
 «و روى حريز» في الصحيح «عن زرارة (إلى قوله) معزى كلب» (و المعزي) هو المعز (و كلب) قبيلة عظيمة من قضاعة كان لهم معز كثير.
__________________________________________________
 (1) عيون أخبار الرضا عليه السلام باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار النادرة في فنون شتّى خبر 6.

267
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل شهر رمضان و ثواب صيامه ص 268

بَابُ فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ ثَوَابِ صِيَامِهِ‏
1831 رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الْوَرْدِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ ص النَّاسَ فِي آخِرِ جُمُعَةٍ مِنْ شَعْبَانَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ وَ هُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ فَرَضَ اللَّهُ صِيَامَهُ وَ جَعَلَ قِيَامَ لَيْلَةٍ فِيهِ كَمَنْ تَطَوَّعَ بِصَلَاةٍ سَبْعِينَ لَيْلَةً فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الشُّهُورِ وَ جَعَلَ لِمَنْ تَطَوَّعَ فِيهِ بِخَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ وَ الْبِرِّ كَأَجْرِ مَنْ أَدَّى فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ أَدَّى فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ كَانَ كَمَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الشُّهُورِ وَ هُوَ شَهْرُ الصَّبْرِ وَ إِنَّ الصَّبْرَ ثَوَابُهُ الْجَنَّةُ.

__________________________________________________
باب فضل شهر رمضان و ثواب صيامه «روى الحسن بن محبوب عن أبي أيوب» في الصحيح «عن أبي الورد» الممدوح «عن أبي جعفر عليه السلام» و كذا الكليني «1» «قال خطب (إلى قوله) قد أظلكم» أي أقبل عليكم و دنا منكم كأنه ألقى عليكم ظلة «و جعل قيام ليلة فيه» و في بعض النسخ كالكافي و ثواب الأعمال بتطوع صلاة «كمن تطوع بصلاة سبعين ليلة» أي جعل الله قيام ليلة تامة منه بالصلوات المستحبة كقيام سبعين ليلة في غيره (أو) جعل القيام في كل ليلة منه بصلاة ركعتين كمن قام في سبعين ليلة بصلاة ركعتين «و جعل لمن تطوع فيه بخصلة» أي بفضيلة من فضائل الخيرات و المبرات أيما كان «و هو شهر الصبر» لأنه يصبر على ترك المألوفات و المنهيات أو الصوم و تسميته بالصبر لما ذكر (أو) شهر ينبغي أن يصبر عن غير ما يوجب رضاه.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب فضل شهر رمضان خبر 4 و ثواب الأعمال باب ثواب فضل شهر رمضان خبر 5 و الأمالي المجلس الحادي عشر خبر 1 و التهذيب باب فضل شهر رمضان إلخ خبر 1 من كتاب الصلاة.

268
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل شهر رمضان و ثواب صيامه ص 268

وَ هُوَ شَهْرُ الْمُوَاسَاةِ وَ هُوَ شَهْرٌ يَزِيدُ اللَّهُ فِيهِ رِزْقَ الْمُؤْمِنِ وَ مَنْ فَطَّرَ فِيهِ مُؤْمِناً صَائِماً كَانَ لَهُ بِذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَ مَغْفِرَةٌ لِذُنُوبِهِ فِيمَا مَضَى فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ كُلُّنَا نَقْدِرُ عَلَى أَنْ نُفَطِّرَ صَائِماً فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كَرِيمٌ يُعْطِي هَذَا الثَّوَابَ مِنْكُمْ لِمَنْ لَمْ يَقْدِرْ إِلَّا عَلَى مَذْقَةٍ مِنْ لَبَنٍ يُفَطِّرُ بِهَا صَائِماً أَوْ شَرْبَةٍ مِنْ مَاءِ عَذْبٍ أَوْ تُمَيْرَاتٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَ مَنْ خَفَّفَ فِيهِ عَنْ مَمْلُوكِهِ خَفَّفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ حِسَابَهُ وَ هُوَ شَهْرٌ أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ وَ وَسَطُهُ مَغْفِرَةٌ وَ آخِرُهُ إِجَابَةٌ وَ الْعِتْقُ مِنَ النَّارِ وَ لَا غِنَى بِكُمْ فِيهِ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ خَصْلَتَيْنِ تُرْضُونَ اللَّهَ بِهِمَا وَ خَصْلَتَيْنِ لَا غِنَى بِكُمْ عَنْهُمَا فَأَمَّا اللَّتَانِ تُرْضُونَ اللَّهَ بِهِمَا فَشَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَ أَمَّا اللَّتَانِ لَا غِنَى بِكُمْ عَنْهُمَا فَتَسْأَلُونَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِ حَوَائِجَكُمْ وَ الْجَنَّةَ وَ تَسْأَلُونَ اللَّهَ فِيهِ الْعَافِيَةَ وَ تَتَعَوَّذُونَ بِهِ مِنَ النَّارِ.
1832 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَمَّا حَضَرَ شَهْرُ رَمَضَانَ وَ ذَلِكَ فِي ثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ شَعْبَانَ لِبِلَالٍ نَادِ فِي النَّاسِ فَجَمَعَ النَّاسَ ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذَا

__________________________________________________
 «و هو شهر المواساة» أي ينبغي فيه إعانة الفقراء و المساكين أو جعل نفسه مساويا لهم بالإيثار، و في النهاية، المواساة، المشاركة و المساهمة في المعاش و الرزق «و هو شهر يزيد الله فيه رزق المؤمن» على سائر الشهور أو بسبب الصوم عن المقدر لو لا الصوم مثلا، و المذقة الشربة من اللبن المخلوط بالماء أو الأعم، و العذب غير المالح «أوله» أي عشر أوله أو يوم أوله «رحمة» أي يوجب الرحمة أو ينزل الرحمة فيه من الله تعالى «ترضون الله بهما» نسب الشهادتين إلى نفسه لشرفهما و إلا فظاهر أن نفع الجميع عائد إلى العبد و هو غني عن الانتفاع و منزه عن الرضا و السخط و سائر الحوادث و المغيرات تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
 «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني بإسناده عن أبي جعفر عنه صلى الله عليه و آله و سلم «1»
__________________________________________________
 (1) الكافي باب فضل شهر رمضان خبر 5.

269
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل شهر رمضان و ثواب صيامه ص 268

الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ وَ هُوَ سَيِّدُ الشُّهُورِ فِيهِ لَيْلَةٌ هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ النَّارِ وَ تُفَتَّحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجِنَانِ فَمَنْ أَدْرَكَهُ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ وَ مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ وَ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ.

1833 وَ رَوَى جَابِرٌ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا نَظَرَ إِلَى هِلَالِ شَهْرِ رَمَضَانَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ بِوَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ وَ الْإِيمَانِ وَ السَّلَامَةِ وَ الْإِسْلَامِ وَ الْعَافِيَةِ الْمُجَلِّلَةِ وَ الرِّزْقِ الْوَاسِعِ وَ دَفْعِ الْأَسْقَامِ وَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَ الْعَوْنِ عَلَى الصَّلَاةِ وَ الصِّيَامِ اللَّهُمَّ سَلِّمْنَا لِشَهْرِ رَمَضَانَ وَ سَلِّمْهُ لَنَا وَ تَسَلَّمْهُ مِنَّا حَتَّى يَنْقَضِيَ شَهْرُ رَمَضَانَ وَ قَدْ غَفَرْتَ لَنَا ثُمَّ يُقْبِلُ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّاسِ فَيَقُولُ يَا مَعْشَرَ النَّاسِ إِذَا طَلَعَ هِلَالُ شَهْرِ رَمَضَانَ غُلَّتْ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ وَ فُتِحَتْ أَبْوَابُ‏

__________________________________________________
قوله صلى الله عليه و آله و سلم «فلم يغفر له» أي لم يفعل فيه ما يوجب المغفرة من الصالحات «فأبعده الله» دعائية أو خبرية «و من أدرك والديه أو أحدهما» حيا و لم يفعل من برهما و الإحسان إليهما ما يوجب المغفرة في هذا الشهر أو الأعم، و كذا الصلاة و يشعر بوجوبها عند ذكره صلى الله عليه و آله و سلم كما يدل عليه أخبار كثيرة بهذا المعنى.
 «و روى جابر (إلى قوله) رمضان» و الهلال بكسر الهاء غرة القمر أو لليلتين أو إلى ثلاث أو إلى سبع، ثمَّ هو قمر «استقبل القبلة ثمَّ قال» مشيرا إليه أو الأعم «اللهم أهله» أي اجعله طالعا «علينا» مقرونا «بالأمن» من الآفات الدنيوية و الأخروية «و الإيمان» أي زيادته بالصالحات «و السلامة» من البليات «و الإسلام» أي الانقياد لأوامرك و ترك نواهيك «و العافية المجللة» بالكسر أو الفتح أي الشاملة لجميع الأعضاء من الأسقام أو الأعم من مكروهات الدارين «اللهم سلمنا لشهر رمضان» بأن تكون صحيحا حتى نصومه و نعبدك فيه «و سلمه لنا» من الاشتباه في الصوم و الفطر «و تسلمه منا» أي أقبله «غلت مردة الشياطين» المارد، المتكبر عن الإطاعة و المتجاوز عن حده، و الإضافة بيانية (أو) بمعنى (من) و الغل (إما) حقيقة (و إما) كناية من منعهم من التسلط على المؤمنين و المخالفات‏

270
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل شهر رمضان و ثواب صيامه ص 268

السَّمَاءِ وَ أَبْوَابُ الْجِنَانِ وَ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ وَ غُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَ اسْتُجِيبَ الدُّعَاءُ وَ كَانَ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءُ يُعْتِقُهُمْ مِنَ النَّارِ وَ يُنَادِي مُنَادٍ كُلَّ لَيْلَةٍ هَلْ‏
__________________________________________________
الحاصلة في شهر رمضان (إما) من غير المردة منهم (و إما) من النفس الأمارة بالسوء (و إما) لأجل الصوم و انكسار القوي الشهوانية فيه و قوة القوي العاقلة به و قدرتها على ترك المخالفات كما روي عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع، و روي عنه صلى الله عليه و آله و سلم أن وجاء أمتي الصوم.
و روى الكليني في القوي، عن عبد الله بن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: يا معشر الشباب عليكم بالباه (أي الجماع) فإن لم تستطيعوه فعليكم بالصيام فإنه وجاء «1».
و روى الشيخ بإسناده، عن عثمان بن مظعون قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يا رسول الله أردت أن أسألك عن أشياء فقال: ما هي يا عثمان؟ قال: قلت: إني أردت أن أترهب قال: لا تفعل يا عثمان فإن ترهب أمتي القعود في المساجد و انتظار الصلاة بعد الصلاة قال: فإني أردت يا رسول الله أن أختصي قال: لا تفعل يا عثمان فإن اختصاء أمتي الصيام الخبر «2».
 «و فتحت أبواب السماء» بالرحمة و التوفيق «و أبواب الجنان» بتوفيق الخيرات و المبرات «و أبواب الرحمة» بالعبادات و الطاعات «و غلقت أبواب النار» بترك المخالفات و المنهيات «عند كل فطر» أي وقت الإفطار (أو) في يوم العيد و الأول أظهر «عتقاء» كثيرة، ففي رواية، ستمائة، و في رواية أنها تضاعف بعدد الليالي «يعتقهم من النار» بمغفرة ذنوبهم جميعا «و ينادي مناد كل ليلة» من أول الليل إلى آخرها و كذلك ليلة الجمعة بخلاف سائر الليالي، فإنه ينادي في الثلاث الأخير، و يدل على استحباب الدعاء فيها كما يظهر من قوله تعالى في أثناء
__________________________________________________
 (1) الكافي باب النوادر من كتاب الصوم خبر 2.
 (2) التهذيب باب ثواب الصيام خبر 5.

271
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل شهر رمضان و ثواب صيامه ص 268

مِنْ تَائِبٍ هَلْ مِنْ سَائِلٍ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ- اللَّهُمَّ أَعْطِ كُلَّ مُنْفِقٍ خَلَفاً وَ أَعْطِ كُلَّ مُمْسِكٍ تَلَفاً- حَتَّى إِذَا طَلَعَ هِلَالُ شَوَّالٍ نُودِيَ الْمُؤْمِنُونَ أَنِ اغْدُوا إِلَى جَوَائِزِكُمْ فَهُوَ يَوْمُ الْجَائِزَةِ ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع أَمَا وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا هِيَ بِجَائِزَةِ الدَّنَانِيرِ وَ الدَّرَاهِمِ.
1834 وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّ النَّبِيَّ ص لَمَّا انْصَرَفَ مِنْ عَرَفَاتٍ وَ سَارَ إِلَى مِنًى دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَقَامَ خَطِيباً فَقَالَ بَعْدَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكُمْ سَأَلْتُمُونِي عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ لَمْ أَطْوِهَا عَنْكُمْ لِأَنِّي لَمْ أَكُنْ بِهَا عَالِماً اعْلَمُوا أَيُّهَا النَّاسُ أَنَّهُ مَنْ وَرَدَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانَ وَ هُوَ صَحِيحٌ سَوِيٌّ فَصَامَ نَهَارَهُ‏

__________________________________________________
أحكام الصيام.
" وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" «1».
 «اللهم أعط كل منفق خلفا» أي عوضا عظيما في الدنيا و الآخرة «و أعط» ذكر الإعطاء هنا إما للمشاكلة أو للتهكم «كل ممسك تلفا» من المال و النفس «أن اغدوا إلى جوائزكم» أي تعالوا غدوة إلى أخذ جوائزكم «ما هي بجائزة الدنانير و الدراهم» بل جوائز المغفرة و الثواب الأبدي و ما يوجبهما من التوفيقات زائدا على قضاء حوائجهم الدنيوية.
 «و روى زرارة» في الصحيح «عن أبي جعفر عليه السلام» قوله «لم أطوها» أي لم أكفها عنكم «لأني لم أكن بها عالما» بل لمصالح لا يعلمها إلا الله تعالى أو من علمه الله و أخفى بها كالاسم الأعظم و أوليائه تعالى و ساعة الاستجابة و ما يوجب رضاه في جملة الطاعات و ما يوجب سخطه في جملة المنهيات، و يمكن أن يكون المعنى إني لم أبخل عليكم في كتمانها و لكن وجه الكتمان إني لم أكن بها عالما و الأول أظهر لفظا و معنى كما ورد في الأخبار أنه تنزل الملائكة و الروح فيها على النبي و الأئمة صلوات الله عليهم «2» «اعلموا (إلى قوله) سوى» الأعضاء ليس‏
__________________________________________________
 (1) البقرة- 186.
 (2) راجع أصول الكافي باب في شأن انا أنزلناه إلخ من كتاب الحجة.

272
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل شهر رمضان و ثواب صيامه ص 268

وَ قَامَ وِرْداً مِنْ لَيْلِهِ وَ وَاظَبَ عَلَى صَلَاتِهِ- وَ هَجَرَ إِلَى جُمُعَتِهِ وَ غَدَا إِلَى عِيدِهِ فَقَدْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَ فَازَ بِجَائِزَةِ الرَّبِّ عَزَّ وَ جَلَّ.
1835 وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فَازُوا وَ اللَّهِ بِجَوَائِزَ لَيْسَتْ كَجَوَائِزِ الْعِبَادِ.

1836 وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع لِجَابِرٍ يَا جَابِرُ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانَ فَصَامَ نَهَارَهُ وَ قَامَ وِرْداً مِنْ لَيْلِهِ وَ حَفِظَ فَرْجَهُ وَ لِسَانَهُ وَ غَضَّ بَصَرَهُ وَ كَفَّ أَذَاهُ خَرَجَ مِنَ الذُّنُوبِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ قَالَ جَابِرٌ قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا أَحْسَنَ هَذَا مِنْ حَدِيثٍ قَالَ مَا أَشَدَّ هَذَا مِنْ شَرْطٍ

__________________________________________________
بمريض يضره الصوم «فصام نهاره و قام وردا» أي جزءا «من ليله» بالعبادات أقلها صلاة الليل و أكثرها ألف ركعة كما سيجي‏ء «و واظب على صلاته» الخمس بأدائها في أوقاتها بشرائطها (أو) مع نوافلها المرتبة (أو) صلاة نافلة رمضان بقرينة الإضافة (أو) الجميع «و هجر إلى جمعته» أي ذهب إليها أول وقتها أو في شدة الحر «و غدا إلى عيده» أي صلاته «فقد أدرك ليلة القدر» في ضمن جميع الليالي أو أعطاه الله ثواب إحيائها «و فاز بجائزة الرب عز و جل» في صلاة العيد أو الأعم و يظهر منه أنها مخفية في الجميع و يؤيده عبارة بعض الدعوات كما سيجي‏ء بعضها «و قال أبو عبد الله عليه السلام» من كلام زرارة كما يظهر من ثواب الأعمال «1» ففيه (قال: فقال أبو عبد الله عليه السلام).
 «و قال أبو جعفر عليه السلام لجابر» و هو جابر بن يزيد الجعفي، و روى الكليني بإسناده، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لجابر بن عبد الله يا جابر هذا شهر رمضان من صام نهاره و قام وردا من ليله و عف بطنه و فرجه و كف لسانه خرج من ذنوبه كخروجه من الشهر، فقال جابر: يا رسول الله ما أحسن هذا الحديث فقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يا جابر ما أشد هذه الشروط «2».
__________________________________________________
 (1) ثواب الأعمال باب ثواب فضل شهر رمضان إلخ خبر 2.
 (2) الكافي باب آداب الصائم خبر 1.

273
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل شهر رمضان و ثواب صيامه ص 268

1837 وَ قَالَ عَلِيٌّ ع لَمَّا حَضَرَ شَهْرُ رَمَضَانَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ كَفَاكُمُ اللَّهُ عَدُوَّكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ قَالَ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ وَ وَعَدَكُمُ الْإِجَابَةَ أَلَا وَ قَدْ وَكَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِكُلِّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ سَبْعِينَ مِنْ مَلَائِكَتِهِ فَلَيْسَ بِمَحْلُولٍ حَتَّى يَنْقَضِيَ شَهْرُكُمْ هَذَا أَلَا وَ أَبْوَابُ السَّمَاءِ مُفَتَّحَةٌ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ أَلَا وَ الدُّعَاءُ فِيهِ مَقْبُولٌ.

1838 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِي كُلِ‏

__________________________________________________
و لا منافاة بينهما فإنه عليه السلام تأسى بجده في هذا القول، بل قوله قول رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و إن كان الظاهر أن الترك من النساخ بقرينة متابعة الكليني رحمهما الله تعالى كالشيخ (ره).
 «و قال علي عليه السلام» رواه الصدوق في الموثق عنه «1» «كفاكم الله عدوكم من الجن و الإنس» أي بسبب شهر رمضان أو بصيامه كما قال تعالى (وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ) و هو الصوم كما هو المروي أو بالدعاء فيه «و قال ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ» فأمركم بالدعاء «و وعدكم الإجابة» فادعوا الله لدفع شر أعاديكم الظاهرة و الباطنة حتى يدفع عنكم و يمكن أن يكون الجملة دعائية «إلا (إلى قوله) سبعة» و في بعض النسخ سبعين، و في ثواب الأعمال كالأصل: و هذه الجملة علاوة لكفاية الأعداء، و يمكن أن تكون الآية لدفع أعادي الإنس و كفاية الجن بفضل الله و ببركة الشهر أو صيامه أو مع لوازمه من العبادات و ترك المنهيات و المكروهات «فليس» الشيطان «بمحلول» من أيدي الملائكة أو من أغلالهم.
 «و روى محمد بن مروان» رواه في الصحيح و الكليني في الحسن كالصحيح عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح (الثقة من أصحاب الأصول) عنه «2» «عن أبي عبد الله عليه السلام إلخ».
__________________________________________________
 (1) ثواب الأعمال باب ثواب فضل شهر رمضان إلخ خبر 5.
 (2) الكافي باب فضل شهر رمضان خبر 7 و ثواب الأعمال باب ثواب فضل شهر رمضان خبر 6.

274
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل شهر رمضان و ثواب صيامه ص 268

لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ عُتَقَاءَ وَ طُلَقَاءَ مِنَ النَّارِ إِلَّا مَنْ أَفْطَرَ عَلَى مُسْكِرٍ فَإِذَا كَانَ آخِرُ لَيْلَةٍ مِنْهُ أَعْتَقَ فِيهَا مِثْلَ مَا أَعْتَقَ فِي جَمِيعِهِ.
1839 وَ فِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ إِلَّا مَنْ أَفْطَرَ عَلَى مُسْكِرٍ أَوْ مُشَاحِنٌ أَوْ صَاحِبُ شَاهَيْنِ وَ هُوَ الشِّطْرَنْجُ.

1840 وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ أَطْلَقَ كُلَّ أَسِيرٍ وَ أَعْطَى كُلَّ سَائِلٍ.

1841 وَ رَوَى هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ إِلَى قَابِلٍ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَرَفَةَ.

__________________________________________________
 «و في رواية عمر بن يزيد» و في بعض النسخ عمر بن حريز و الظاهر أنه من النساخ لأنه في ثواب الأعمال عن عمر بن يزيد في الصحيح «1» «عن أبي عبد الله عليه السلام» قال إن الله تبارك و تعالى في كل ليلة من شهر رمضان عتقاء من النار «إلا من أفطر على مسكر أو مشاجر» أي منازعا مع المؤمنين ظلما، و في بعض النسخ (مشاحن) أي معاد مع المؤمنين (و قيل) المراد به صاحب البدعة و في طريق العامة أو مشاحنا و هو أظهر و كأنه من النساخ أو يؤول (يعتق) بمعنى لا يعذب مثلا «أو صاحب شاهين» و هو الشطرنج و شاه بمعنى الملك و للشطرنج شاهان و سيذكر إن شاء الله تعالى في باب القمار.
 «و كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم (إلى قوله) كل أسير» من أهل الحرب تعظيما لرمضان و رجاء لإسلامهم «و أعطى كل سائل» فيكره رد السائل فيه و إن كان زائدا على الثلاثة و لو لم يكن مستحقا تعظيما له.
 «و روى هشام بن الحكم» في الصحيح كالكليني «2» «عن أبي عبد الله عليه السلام (إلى قوله) عرفة» في عرفات أو بالدعاء و العبادة.
__________________________________________________
 (1) و في النسخة التي عندنا من ثواب الأعمال و عمرو بن يزيد بالواو أورده في باب ثواب فضل شهر رمضان خبر 10.
 (2) الكافي باب فضل شهر رمضان خبر 3.

275
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل شهر رمضان و ثواب صيامه ص 268

1842 وَ كَانَ الصَّادِقُ ع يُوصِي وُلْدَهُ وَ يَقُولُ إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فَأَجْهِدُوا أَنْفُسَكُمْ فَإِنَّ فِيهِ تُقَسَّمُ الْأَرْزَاقُ وَ تُكْتَبُ الْآجَالُ وَ فِيهِ يُكْتَبُ وَفْدُ اللَّهِ الَّذِينَ يَفِدُونَ إِلَيْهِ وَ فِيهِ لَيْلَةٌ الْعَمَلُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ.

1843 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ «1» فَغُرَّةُ الشُّهُورِ شَهْرُ اللَّهِ وَ هُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ وَ قَلْبُ شَهْرِ رَمَضَانَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَ نَزَلَ الْقُرْآنُ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَاسْتَقْبِلِ الشَّهْرَ بِالْقُرْآنِ.

__________________________________________________
 «و كان الصادق عليه السلام» رواه الكليني في الموثق كالصحيح عنه عليه السلام «2» «فأجهدوا أنفسكم» في العبادات و الدعوات «فإن فيه» أي في ليلة القدر منه «تقسم الأرزاق» لعل الله يزيدها لكم «و تكتب الآجال» لعله يمد في أعماركم «و فيه يكتب وفد الله» أي النازلين بفناء بيته الحرام لعله يوفقكم للحج و العمرة في تلك السنة أو بعدها في البلاد البعيدة التي لا يمكن الوصول إليه بعد الدعاء أو يكتبكم من الحجاج بنياتكم الحسنة تفضلا منه تعالى.
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن عبد الله بن المغيرة، عن عمرو الشامي عنه عليه السلام «3» «فغرة الشهور» أي أولها كما ورد في الأخبار الكثيرة أن أول السنة شهر رمضان (أو) سيدها و أفضلها (أو) أولها و أفضلها «و قلب شهر رمضان» أي أفضله أو روحه «ليلة القدر و نزل القرآن» أي من اللوح تماما إلى البيت المعمور «في أول ليلة من شهر رمضان» ثمَّ نزل في ليلة القدر إلى السماء الدنيا، ثمَّ نزل بالتدريج إلى رسول الله صلى الله عليه و آله في عشرين سنة أو ثلاث و عشرين سنة جمعا بين الأخبار «و استقبل الشهر بالقرآن» يعني جاء القرآن في أوله قبل‏
__________________________________________________
 (1) سورة التوبة الآية 36.
 (2- 3) الكافي باب فضل شهر رمضان خبر 2- 1.

276
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل شهر رمضان و ثواب صيامه ص 268

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَكَامَلَ نُزُولُ الْقُرْآنِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ
1844 وَ رَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيُّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ النَّخَعِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ لَمْ يَفْرِضِ اللَّهُ صِيَامَهُ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْأُمَمِ قَبْلَنَا فَقُلْتُ لَهُ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ «1» قَالَ إِنَّمَا فَرَضَ اللَّهُ صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ دُونَ الْأُمَمِ فَفَضَّلَ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ وَ جَعَلَ صِيَامَهُ فَرْضاً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ عَلَى أُمَّتِهِ.

وَ قَدْ أَخْرَجْتُ هَذِهِ الْأَخْبَارَ الَّتِي رُوِّيتُهَا فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِ فَضَائِلِ شَهْرِ رَمَضَانَ.
__________________________________________________
أن يجي‏ء، فالمناسب أن لا يترك القرآن فيه كما سيجي‏ء أن ربيع القرآن شهر رمضان. و في الكافي و التهذيب و بعض النسخ، بالفاء فعلى هذا قراءته بلفظ الأمر أولى بأن يبتدئ بقراءة القرآن في الليلة الأولى «و روى سليمان بن داود المنقري» و يؤيده أخبار أخر.
 «و قد أخرجت هذه الأخبار إلخ» روى الصدوق في كتبه خبرا طويلا مشتملا على فضيلة كل يوم يوم لم نذكره لشهرته «2».
و روي أيضا في الموثق كالصحيح- عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه قال: إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم خطبنا ذات يوم، فقال: أيها الناس إنه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة و الرحمة و المغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور و أيامه أفضل الأيام و لياليه أفضل الليالي و ساعاته أفضل الساعات، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله و جعلتم فيه من أهل كرامة الله، أنفاسكم فيه تسبيح، و نومكم فيه عبادة، و عملكم فيه مقبول، و دعاؤكم فيه مستجاب، فاسألوا الله ربكم بنيات صادقة و قلوب طاهرة أن يوفقكم لصيامه‏
__________________________________________________
 (1) سورة البقرة الآية 183.
 (2) ثواب الأعمال باب فضل شهر رمضان خبر 12 و الأمالي- المجلس الثاني عشر خبر 2.

277
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل شهر رمضان و ثواب صيامه ص 268

.........
__________________________________________________
و تلاوة كتاب الله فإن الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم.
و اذكروا بجوعكم و عطشكم فيه جوع يوم القيمة و عطشه و تصدقوا على فقرائكم و مساكينكم، و وقروا كباركم، و ارحموا صغاركم، و صلوا أرحامكم، و احفظوا ألسنتكم و غضوا عما لا يحل النظر إليه أبصاركم و عما لا يحل الاستماع إليه أسماعكم و تحننوا على أيتام الناس يتحنن على أيتامكم، و توبوا إلى الله من ذنوبكم، و ارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات صلواتكم فإنها أفضل الساعات ينظر الله فيها بالرحمة إلى عباده، يجيبهم إذا ناجوه و يلبيهم إذا نادوه و يستجيب لهم إذا دعوه.
أيها الناس أن أنفسكم مرهونة بأعمالكم ففكوها باستغفاركم، و ظهوركم ثقيلة من أوزاركم فخففوا عنها بطول سجودكم، و اعلموا أن الله تعالى ذكره أقسم بعزته أن لا يعذب المصلين و الساجدين و أن لا يروعهم بالنار يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ أيها الناس من فطر منكم صائما مؤمنا في هذا الشهر كان بذلك له عند الله عتق رقبة و مغفرة لما مضى من ذنوبه، قيل يا رسول الله و ليس كلنا يقدر على ذلك فقال صلى الله عليه و آله و سلم اتقوا النار و لو بشق تمرة، اتقوا النار و لو بشربة من ماء.
أيها الناس من حسن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جوازا على الصراط يوم تزل فيه الأقدام، و من خفف في هذا الشهر عما ملكت يمينه خفف الله عليه حسابه، و من كف فيه شره كف الله عنه غضبه يوم يلقاه: و من أكرم فيه يتيما أكرمه الله يوم يلقاه، و من وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه، و من قطع فيه رحمه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه، و من تطوع فيه بصلاة كتب الله له براءة من النار، و من أدى فيه فرضا كان له ثواب من أدى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور، و من أكثر فيه من الصلاة على ثقل الله ميزانه يوم يخف الموازين، و من تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور.
أيها الناس أن أبواب الجنان في هذا الشهر مفتحة فاسألوا ربكم أن لا يغلقها

278
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل شهر رمضان و ثواب صيامه ص 268

.........
__________________________________________________
عليكم، و أبواب النيران مغلقة فاسألوا ربكم أن لا يفتحها عليكم، و الشياطين مغلولة فاسألوا ربكم أن لا يسلطها عليكم.
قال أمير المؤمنين عليه السلام فقمت فقلت: يا رسول الله ما أفضل الأعمال في هذا الشهر فقال: يا أبا الحسن أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عز و جل ثمَّ بكى، فقلت: يا رسول الله ما يبكيك؟ فقال يا علي: أبكي لما يستحل منك في هذا الشهر؟ و قد انبعث أشقى الأولين و الآخرين شقيق عاقر ناقة ثمود فضربك ضربة على قرنك فخضب منها لحيتك، قال أمير المؤمنين عليه السلام: فقلت، يا رسول الله: و ذلك في سلامة من ديني؟ فقال صلى الله عليه و آله و سلم: في سلامة من دينك.
ثمَّ قال: يا علي من قتلك فقد قتلني و من أبغضك فقد أبغضني، و من سبك فقد سبني لأنك مني كنفسي، روحك من روحي و طينتك من طينتي، إن الله تبارك و تعالى خلقني و إياك، و اصطفاني و إياك، و اختارني للنبوة و اختارك للإمامة، فمن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوتي.
يا علي أنت وصيي و أبو ولدي و زوج ابنتي و خليفتي على أمتي في حياتي و بعد موتي، أمرك أمري، و نهيك نهيي، أقسم بالذي بعثني بالنبوة و جعلني خير البرية أنك لحجة الله على خلقه و أمينه على سره و خليفته على عباده «1» و الأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى.
__________________________________________________
 (1) عيون أخبار الرضا عليه السلام باب فيما جاء عن الرضا عليّ بن موسى عليها السلام خبر 53- ص 295 ج 1.

279
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب القول عند رؤية هلال شهر رمضان ص 280

بَابُ الْقَوْلِ عِنْدَ رُؤْيَةِ هِلَالِ شَهْرِ رَمَضَانَ‏
1845 قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِذَا رَأَيْتَ الْهِلَالَ فَلَا تَبْرَحْ وَ قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذَا الشَّهْرِ وَ فَتْحَهُ وَ نُورَهُ وَ نَصْرَهُ وَ بَرَكَتَهُ وَ طَهُورَهُ وَ رِزْقَهُ وَ أَسْأَلُكَ خَيْرَ مَا فِيهِ وَ خَيْرَ مَا بَعْدَهُ وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِيهِ وَ شَرِّ مَا بَعْدَهُ اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ وَ الْإِيمَانِ وَ السَّلَامَةِ وَ الْإِسْلَامِ وَ الْبَرَكَةِ وَ التَّقْوَى وَ التَّوْفِيقِ لِمَا تُحِبُّ وَ تَرْضَى.

1846 وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا أَهَلَّ هِلَالَ شَهْرِ رَمَضَانَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ وَ الْإِيمَانِ وَ السَّلَامَةِ وَ الْإِسْلَامِ وَ الْعَافِيَةِ الْمُجَلِّلَةِ وَ الرِّزْقِ الْوَاسِعِ وَ دَفْعِ الْأَسْقَامِ اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا صِيَامَهُ وَ قِيَامَهُ وَ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ فِيهِ وَ سَلِّمْهُ لَنَا وَ تَسَلَّمْهُ مِنَّا وَ سَلِّمْنَا فِيهِ‏

__________________________________________________
باب القول عند رؤية هلال شهر رمضان «قال أمير المؤمنين عليه السلام» و رواه الكليني أيضا عنه عليه السلام «1» لا ريب في رجحان الاستهلال لهلال شهر رمضان و شوال (و قيل) بوجوبهما و لا ريب في أنه أحوط و يستحب الدعاء بعد رؤيته (و قيل) بالوجوب للتأسي و للأمر به في بعض الأخبار و هما أعم من الوجوب «إذا رأيت الهلال فلا تبرح به» و ليس في الكافي و يب لفظة (به) و هو أولى أي لا تزل من ذلك المكان حتى تدعو بهذا الدعاء.
 «و كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني، بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إلخ «2».
__________________________________________________
 (1) الكافي باب ما يقال في مستقبل شهر رمضان خبر 9 و التهذيب باب الدعاء عند طلوع الهلال خبر 3.
 (2) الكافي باب ما يقال في مستقبل شهر رمضان خبر 1.

280
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب القول عند رؤية هلال شهر رمضان ص 280

وَ قَالَ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ إِذَا رَأَيْتَ هِلَالَ شَهْرِ رَمَضَانَ فَلَا تُشِرْ إِلَيْهِ وَ لَكِنِ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَ ارْفَعْ يَدَيْكَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ خَاطِبِ الْهِلَالَ تَقُولُ رَبِّي وَ رَبُّكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ- اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ وَ الْإِيمَانِ وَ السَّلَامَةِ وَ الْإِسْلَامِ- وَ الْمُسَارَعَةِ إِلَى مَا تُحِبُّ وَ تَرْضَى اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَهْرِنَا هَذَا وَ ارْزُقْنَا عَوْنَهُ وَ خَيْرَهُ وَ اصْرِفْ عَنَّا ضَرَّهُ وَ شَرَّهُ وَ بَلَاءَهُ وَ فِتْنَتَهُ‏
1847 وَ كَانَ مِنْ قَوْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَيُّهَا الْخَلْقُ الْمُطِيعُ‏

__________________________________________________
 «و قال أبي رضي الله عنه» يدل على كراهة الإشارة إلى الهلال حال الدعاء، و على استحباب استقبال القبلة كما يدل عليه أخبار كثيرة و استحباب رفع اليدين كما مر، و مخاطبة الهلال (إما) باعتبار أن له شعورا كما في سائر الجمادات كما قال الله تعالى:
 (وَ إِنْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) «1».
و (إما) من باب مخاطبة الناس سيما العرب التلال و الجبال و البقاع و الأشجار لأغراض لطيفة (إما) سرورا (و إما) تحسرا (و إما) تهكما إلى غير ذلك و هنا من باب الآية و العلامة كأنه يخاطب الله تعالى حين مخاطبته.
 «و كان من قول أمير المؤمنين عليه السلام عند رؤية الهلال» و قريب منه ما في الصحيفة الكاملة «2» «أيها الخلق المطيع لله» شعورا أو كالانقياد «الدائب» أي مع الجد و التعب «المتردد» المتحرك «في فلك التدبير» أي في السماء الدنيا معها الذي دبرها الله تعالى لمنافع الخلائق (أو) في فلك يكون تدبير أمورهم فيه (أو) تكون الإضافة بيانية تجوزا و يكون المراد أن القمر أيضا من جملة آلات التدبيرات التي قدرها الله تعالى في العالم و كانت الكل بمنزلة فلك في الاستقامة و كذا
__________________________________________________
 (1) الإسراء- 44.
 (2) الصحيفة الكاملة السجّادية (دعاء 43) و كان من دعائه عليه السلام إذا نظر الى الهلال إلخ.

281
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب القول عند رؤية هلال شهر رمضان ص 280

 الدَّائِبُ السَّرِيعُ الْمُتَرَدِّدُ فِي فَلَكِ التَّدْبِيرِ الْمُتَصَرِّفُ فِي مَنَازِلِ التَّقْدِيرِ آمَنْتُ بِمَنْ نَوَّرَ بِكَ الظُّلَمَ وَ أَضَاءَ بِكَ الْبُهَمَ وَ جَعَلَكَ آيَةً مِنْ آيَاتِ سُلْطَانِهِ وَ امْتَهَنَكَ بِالزِّيَادَةِ وَ النُّقْصَانِ وَ الطُّلُوعِ وَ الْأُفُولِ وَ الْإِنَارَةِ وَ الْكُسُوفِ فِي كُلِّ ذَلِكَ أَنْتَ لَهُ مُطِيعٌ وَ إِلَى إِرَادَتِهِ سَرِيعٌ سُبْحَانَهُ مَا أَحْسَنَ مَا دَبَّرَ وَ أَتْقَنَ مَا صَنَعَ فِي مُلْكِهِ وَ جَعَلَكَ اللَّهُ هِلَالَ شَهْرٍ حَادِثٍ لِأَمْرٍ حَادِثٍ جَعَلَكَ اللَّهُ هِلَالَ أَمْنٍ وَ إِيمَانٍ وَ سَلَامَةٍ وَ إِسْلَامٍ هِلَالَ أَمَنَةٍ مِنَ الْعَاهَاتِ وَ سَلَامَةٍ مِنَ السَّيِّئَاتِ- اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا أَهْدَى مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ وَ أَزْكَى مَنْ نَظَرَ إِلَيْهِ‏
__________________________________________________
قوله عليه السلام «المتصرف في منازل التقدير» (أو) يكون المراد بها المنازل المعروفة له و هي ثمانية و عشرون التي قدرها الله لنزوله فيها كل يوم في منزل أو ما يقرب منه باعتبار انقسام الفلك التاسع أو الثامن أو الجميع إليها «و امتحنك» بالتغييرات للخلق ليستدلوا بها على عدم اختيارك و الصواب (بالهاء) كما في الصحيفة «1» أي جعلك خادما لخدمة الله أو للعباد «لأمر حادث» من الصوم و الإفطار، و الحج و سائر المنافع الدينية و الدنيوية من العاهات و البلايا و الأمراض.
و أكمل «2» الأدعية في الصحيفة الكاملة، و الجمع بين الدعوات أكمل.
و روى الكليني في القوي، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إذا أهل هلال شهر رمضان قال: اللهم أدخله علينا بالسلامة و الإسلام و اليقين و الإيمان و البر و التوفيق لما تحب و ترضى «3».
و في القوي عن عمرو بن شمر قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول، كان أمير- المؤمنين عليه السلام إذا أهل هلال شهر رمضان أقبل إلى القبلة، ثمَّ قال (اللهم أهله علينا بالأمن‏
__________________________________________________
 (1) في بعض النسخ التي عندنا من الفقيه (و امتهنك) بالهاء ايضا.
 (2) فان الدعاء المذكور فيها و ان كان مشتركا في عدة جملاته الا انه اكمل و اطول فراجع.
 (3) أورده و الذي بعده في باب ما يقال في مستقبل شهر رمضان خبر 4- 5.

282
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب القول عند رؤية هلال شهر رمضان ص 280

وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَ آلِهِ اللَّهُمَّ افْعَلْ بِي كَذَا وَ كَذَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
بَابُ مَا يُقَالُ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ‏
1848 رُوِيَ عَنِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع قَالَ: ادْعُ بِهَذَا الدُّعَاءِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مُسْتَقْبِلَ دُخُولِ السَّنَةِ وَ ذَكَرَ أَنَّ مَنْ دَعَا بِهِ مُحْتَسِباً مُخْلِصاً لَمْ تُصِبْهُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فِتْنَةٌ

__________________________________________________
و الإيمان و السلامة و الإسلام و العافية المجللة- اللهم ارزقنا صيامه و قيامه و تلاوة القرآن فيه- اللهم سلمه لنا و تسلمه منا و سلمنا فيه)- إلى غير ذلك من الأخبار.
باب ما يقال في أول يوم من شهر رمضان «روي عن العبد الصالح موسى بن جعفر عليهما السلام» رواه الكليني في الحسن كالصحيح عنه عليه السلام «1» «قال ادع (إلى قوله) مستقبل دخول السنة» حال من الضمير في (ادع) و ظاهره قراءته في أول ليلة منه، و يحتمل الأعم منه و من أول يوم منه كما فهمه بعض المحدثين و يحتمل الأعم منهما و من باقي الشهر بأن تكون لفظة (مستقبل) صفة لشهر رمضان، و يؤيده قوله (في شهر رمضان) و يحتمل استحبابه في كل ليلة و كل يوم «و ذكر أن من دعا به محتسبا» أي خالصا مخلصا «لم تصبه في تلك السنة فتنة إلخ» أي في دينه من الاعتقادات و ترك الواجبات و فعل المنهيات، و لا آفة في دنياه و بدنه بأن يكون لفا و نشرا أو الكل في الكل «و وقاه الله شر ما يأتي به» الله «في تلك السنة» و في في و يب بدون (في) «2» و هو أصوب لانتساب الشر إلى السنة لا إلى‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب ما يقال في مستقبل شهر رمضان خبر 3 و التهذيب باب دعاء اول يوم من شهر رمضان خبر 1 من كتاب الصلاة.
 (2) و لكن في النسخة التي عندنا من الكافي وجود لفظة (فى) نعم ليست في التهذيب كما ذكره الشارح قده.

283
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما يقال في أول يوم من شهر رمضان ص 283

وَ لَا آفَةٌ فِي دِينِهِ وَ دُنْيَاهُ وَ بَدَنِهِ وَ وَقَاهُ اللَّهُ شَرَّ مَا يَأْتِي بِهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَانَ لَهُ كُلُّ شَيْ‏ءٍ وَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ وَ بِعِزَّتِكَ الَّتِي قَهَرْتَ بِهَا كُلَّ شَيْ‏ءٍ وَ بِعَظَمَتِكَ الَّتِي تَوَاضَعَ لَهَا كُلُّ شَيْ‏ءٍ وَ بِقُوَّتِكَ الَّتِي خَضَعَ لَهَا كُلُّ شَيْ‏ءٍ وَ بِجَبَرُوتِكَ الَّتِي غَلَبَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ وَ بِعِلْمِكَ الَّذِي أَحاطَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ يَا نُورُ يَا قُدُّوسُ يَا أَوَّلُ قَبْلَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ يَا بَاقِي بَعْدَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ يَا اللَّهُ يَا رَحْمَانُ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ

__________________________________________________
الله تعالى و إن كان المراد في انتساب الشر إليه الضرر و هو خير أيضا.
 «اللهم (إلى قوله) دان» أي ذل و خضع و أطاع «له كل شي‏ء» و هو الاسم الأعظم المخصوص به تعالى (أو) الأعم منه و مما أعطى الأنبياء و الأوصياء، بل الأولياء أيضا (و يحتمل) أن يكون المراد بالاسم صفة القدرة (و العزة) المنعة و العظمة و القوة و الجبروت و العزة لله تعالى يرجع إلى القدرة، لكن لكل منهما اعتبار به يغاير الآخر لا يمكن الجزم به، و يمكن أن يكون المراد بالعزة، القدرة التي تتعلق بالعذاب و القهر أو العظمة الذاتية التي قهرت كل شي‏ء عن أن يصل إليها و بالعظمة الصفاتية التي لا تصل العقول إلى كنهها و بالوصول إلى وجه منها تواضع لها كل شي‏ء و بالقوة الأفعالية التي خضع لها كل شي‏ء بالانقياد لها وجودا و عدما و بالجبروت، القدرة و الملكوت و الكبرياء التي غلبت كل شي‏ء بالإيجاد و الإعدام، أو بالوجوب و الإمكان.
 «يا نور» «1» أي منور عالم الإمكان- بالإيجاد، و الضلالة- بالهداية، و الظلمة- بالإضاءة «يا قدوس» أي المقدس و المنزه عن النقص في ذاته و صفاته و أفعاله (أو) المنزه عن إدراك العقول و الأوهام و الأفهام «يا أول قبل كل شي‏ء» أي كان موجودا قبل أن يكون شي‏ء ثمَّ أوجد الأشياء «و يا باقي بعد» فناء «كل شي‏ء»
__________________________________________________
 (1) الظاهر أنّه سقط من قلمه الشريف توضيح قوله عليه السلام (و بعلمك الذي احاط بكل شي‏ء) و اللّه العالم.

284
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما يقال في أول يوم من شهر رمضان ص 283

وَ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُغَيِّرُ النِّعَمَ وَ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُنْزِلُ النِّقَمَ وَ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَقْطَعُ الرَّجَاءَ وَ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُدِيلُ الْأَعْدَاءَ وَ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَرُدُّ الدُّعَاءَ وَ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُنْزِلُ الْبَلَاءَ وَ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّذِي تَحْبِسُ غَيْثَ السَّمَاءِ وَ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَهْتِكُ الْعِصَمَ‏
__________________________________________________
 «الذنوب التي تغير النعم» يمكن أن يكون الأوصاف توضيحية، فإن جميع الذنوب مشتركة فيها، و أن تكون احترازية.
و يؤيده ما رواه الكليني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الذنوب التي تغير النعم البغي (و هو الظلم و الفساد) و الذنوب التي تورث الندم، القتل، و التي تنزل النقم، الظلم، و التي تهتك الستور، شرب الخمر، و التي تحبس الرزق الزنا، و التي تعجل الفناء، قطيعة الرحم، و التي ترد الدعاء و تظلم الهواء عقوق الوالدين «1» و الظاهر أن المراد بها البغي مثلا و أمثاله و مقدماته ليصح الحمل و كذا البواقي.
و تغيير النعم إزالتها كما قال الله تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ «2» و النقمة بالكسر و بالفتح، و كفرحة، المكافاة بالعقوبة، جمعه نقم، و كعنب و كلمات، (و التي تقطع الرجاء) أي يحصل بسببه اليأس من روح الله.
و لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ «3» أو محل لأن يقطع الرجاء من عفو الله لكبرها و إن لم يحصل القطع منه، (و الأدالة)، الغلبة (و التي تحبس غيث السماء الجور في الحكم كما مر في الزلزلة «4».
__________________________________________________
 (1) أصول الكافي باب في تفسير الذنوب من كتاب الإيمان و الكفر خبر 1.
 (2) الرعد- 11.
 (3) يوسف- 87.
 (4) اورد الخبر الدال عليه في أصول الكافي باب في تفسير الذنوب خبر 3 من كتاب الإيمان و الكفر.

285
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما يقال في أول يوم من شهر رمضان ص 283

وَ أَلْبِسْنِي دِرْعَكَ الْحَصِينَةَ الَّتِي لَا تُرَامُ وَ عَافِنِي مِنْ شَرِّ مَا أُحَاذِرُ بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ فِي مُسْتَقْبِلِ سَنَتِي هَذِهِ اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ رَبَّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَ مَا فِيهِنَّ وَ مَا بَيْنَهُنَّ وَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وَ رَبَّ السَّبْعِ الْمَثَانِي وَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَ رَبَّ إِسْرَافِيلَ وَ مِيكَائِيلَ وَ جَبْرَئِيلَ وَ رَبَّ مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ أَسْأَلُكَ بِكَ وَ بِمَا تَسَمَّيْتَ بِهِ يَا عَظِيمُ أَنْتَ الَّذِي تَمُنُّ بِالْعَظِيمِ وَ تَدْفَعُ كُلَّ مَحْذُورٍ وَ تُعْطِي كُلَّ جَزِيلٍ وَ تُضَاعِفُ مِنَ الْحَسَنَاتِ الْكَثِيرِ بِالْقَلِيلِ وَ تَفْعَلُ مَا تَشَاءُ يَا قَدِيرُ يَا اللَّهُ يَا رَحْمَانُ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَلْبِسْنِي فِي مُسْتَقْبِلِ سَنَتِي هَذِهِ سِتْرَكَ وَ أَضِئْ وَجْهِي بِنُورِكَ وَ أَحْيِنِي بِمَحَبَّتِكَ وَ بَلِّغْ بِي رِضْوَانَكَ وَ شَرِيفَ كَرَائِمِكَ وَ جَسِيمَ عَطَائِكَ مِنْ خَيْرِ مَا عِنْدَكَ وَ مِنْ خَيْرِ مَا أَنْتَ مُعْطِيهِ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ وَ أَلْبِسْنِي مَعَ ذَلِكَ عَافِيَتَكَ يَا مَوْضِعَ كُلِّ شَكْوَى وَ شَاهِدَ كُلِّ نَجْوَى وَ عَالِمَ كُلِّ خَفِيَّةٍ وَ يَا دَافِعَ مَا تَشَاءُ مِنْ بَلِيَّةٍ يَا كَرِيمَ الْعَفْوِ يَا حَسَنَ التَّجَاوُزِ تَوَفَّنِي عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَ فِطْرَتِهِ وَ عَلَى دِينِ مُحَمَّدٍ وَ سُنَّتِهِ وَ عَلَى خَيْرِ الْوَفَاةِ فَتَوَفَّنِي مُوَالِياً لِأَوْلِيَائِكَ مُعَادِياً لِأَعْدَائِكَ‏
__________________________________________________
و المراد بهتك العصمة (إما) أن يكون رفع حفظ الله و عصمته عن الذنوب بالتخلية بينه و بين الشيطان المغوي و النفس الأمارة (و إما) برفع ستره الذي ستره به عن الملائكة و الثقلين، أو عن الناس كما روي في الأخبار الكثيرة أن الله تعالى يستر عبده بستره حتى إذا تمادى في المعاصي يقول الله تعالى ارفعوا الستر عنه فيفضحه و لو في جوف بيته و يلعنه ملائكة السماء و الأرض.
 «و ألبسني درعك الحصينة التي لا ترام» أي لا يقصد لابسها بالضرر من الأعادي الظاهرة و الباطنة و هي عصمته تعالى «و بما تسميت به» و في بعض النسخ و الكافي (سميت) بالمجهول، و في بعض النسخ (سميت به نفسك) أي بأسمائك «تمن بالعظيم» أي تنعم بالنعم العظيمة «و تضاعف (إلى قوله بالقليل» أي تضاعف أضعافا كثيرة بسبب القليل من الأعمال، و في الكافي (بالقليل و الكثير) و في يب (و بالكثير) «و أحبني»

286
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما يقال في أول يوم من شهر رمضان ص 283

اللَّهُمَّ وَ جَنِّبْنِي فِي هَذِهِ السَّنَةِ كُلَّ عَمَلٍ أَوْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ يُبَاعِدُنِي مِنْكَ وَ اجْلِبْنِي إِلَى كُلِّ عَمَلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ يُقَرِّبُنِي مِنْكَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَ امْنَعْنِي مِنْ كُلِّ عَمَلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ يَكُونُ مِنِّي أَخَافُ سُوءَ عَاقِبَتِهِ وَ مَقْتَكَ إِيَّايَ عَلَيْهِ حَذَراً أَنْ تَصْرِفَ وَجْهَكَ الْكَرِيمَ عَنِّي وَ أَسْتَوْجِبَ بِهِ نَقْصاً مِنْ حَظٍّ لِي عِنْدَكَ يَا رَءُوفُ يَا رَحِيمُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي فِي مُسْتَقْبِلِ سَنَتِي هَذِهِ فِي حِفْظِكَ وَ جِوَارِكَ وَ كَنَفِكَ وَ جَلِّلْنِي سِتْرَ عَافِيَتِكَ وَ هَبْ لِي كَرَامَتَكَ عَزَّ جَارُكَ وَ جَلَّ ثَنَاؤُكَ وَ لَا إِلَهَ غَيْرُكَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي تَابِعاً لِصَالِحِي مَنْ مَضَى مِنْ أَوْلِيَائِكَ وَ أَلْحِقْنِي بِهِمْ وَ اجْعَلْنِي مُسْلِماً لِمَنْ قَالَ بِالصِّدْقِ عَلَيْكَ مِنْهُمْ وَ أَعُوذُ بِكَ يَا إِلَهِي أَنْ تُحِيطَ بِي خَطِيئَتِي وَ ظُلْمِي وَ إِسْرَافِي عَلَى نَفْسِي وَ اتِّبَاعِي لِهَوَايَ وَ اشْتِغَالِي بِشَهَوَاتِي فَيَحُولَ ذَلِكَ بَيْنِي وَ بَيْنَ رَحْمَتِكَ وَ رِضْوَانِكَ فَأَكُونَ مَنْسِيّاً عِنْدَكَ مُتَعَرِّضاً لِسَخَطِكَ وَ نَقِمَتِكَ اللَّهُمَّ وَفِّقْنِي لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّي وَ قَرِّبْنِي إِلَيْكَ زُلْفَى اللَّهُمَّ كَمَا كَفَيْتَ نَبِيَّكَ مُحَمَّداً صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ هَوْلَ عَدُوِّهِ وَ فَرَّجْتَ هَمَّهُ وَ كَشَفْتَ كَرْبَهُ وَ صَدَقْتَهُ وَعْدَكَ وَ أَنْجَزْتَ لَهُ عَهْدَكَ اللَّهُمَّ فَبِذَلِكَ فَاكْفِنِي هَوْلَ هَذِهِ السَّنَةِ وَ آفَاتِهَا وَ أَسْقَامَهَا وَ فِتَنَهَا وَ شُرُورَهَا وَ أَحْزَانَهَا وَ ضِيقَ الْمَعَاشِ فِيهَا وَ بَلِّغْنِي بِرَحْمَتِكَ كَمَالَ الْعَافِيَةِ بِتَمَامِ دَوَامِ النِّعَمِ عِنْدِي إِلَى مُنْتَهَى أَجَلِي أَسْأَلُكَ سُؤَالَ مَنْ أَسَاءَ وَ ظَلَمَ وَ اسْتَكَانَ وَ اعْتَرَفَ أَنْ تَغْفِرَ لِي مَا مَضَى مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي حَضَرَتْهَا حَفَظَتُكَ وَ أَحْصَتْهَا كِرَامُ مَلَائِكَتِكَ عَلَيَّ وَ أَنْ تَعْصِمَنِيَ اللَّهُمَّ مِنَ الذُّنُوبِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِي إِلَى مُنْتَهَى أَجَلِي يَا اللَّهُ يَا رَحْمَانُ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ وَ آتِنِي كُلَّ مَا سَأَلْتُكَ وَ رَغِبْتُ‏
__________________________________________________
بالباء المشددة، و بالياء المثناة من تحت كما في (في) و (يب) «1» أيضا «عز جارك» أي من التجأ إليك فهو عزيز و غالب و لا يصل إليه سوء «فأكون منسيا» أي متروكا من رحمتك أو كالمنسي (و الزلفى) القرب «و صدقته وعدك» أي أوقعت وعدك إياه في النصر و الغلبة على الأعادي «فبذلك» أي بتلك الكفاية و الحفظ «فاكفني» أو بحقها على أن يكون الباء للقسم.
__________________________________________________
 (1) في النسخة التي عندنا من التهذيب (و احبنى) بالباء الموحدة ايضا.

287
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما يقال في أول يوم من شهر رمضان ص 283

إِلَيْكَ فِيهِ فَإِنَّكَ أَمَرْتَنِي بِالدُّعَاءِ وَ تَكَفَّلْتَ بِالْإِجَابَةِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
1849 وَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ- اللَّهُمَّ هَذَا شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أَنْزَلْتَ فِيهِ الْقُرْآنَ وَ هَذَا شَهْرُ الصِّيَامِ وَ هَذَا شَهْرُ الْإِنَابَةِ وَ هَذَا شَهْرُ التَّوْبَةِ وَ هَذَا شَهْرُ الْمَغْفِرَةِ وَ الرَّحْمَةِ وَ هَذَا شَهْرُ الْعِتْقِ مِنَ النَّارِ وَ الْفَوْزِ بِالْجَنَّةِ اللَّهُمَّ فَسَلِّمْهُ لِي وَ تَسَلَّمْهُ مِنِّي وَ أَعِنِّي عَلَيْهِ بِأَفْضَلِ عَوْنِكَ وَ وَفِّقْنِي فِيهِ لِطَاعَتِكَ وَ فَرِّغْنِي فِيهِ لِعِبَادَتِكَ وَ دُعَائِكَ وَ تِلَاوَةِ كِتَابِكَ وَ أَعْظِمْ لِي فِيهِ الْبَرَكَةَ وَ أَحْسِنْ لِي فِيهِ الْعَافِيَةَ وَ صَحِّحْ لِي فِيهِ بَدَنِي وَ أَوْسِعْ فِيهِ رِزْقِي وَ اكْفِنِي فِيهِ مَا أَهَمَّنِي وَ اسْتَجِبْ فِيهِ دُعَائِي وَ بَلِّغْنِي فِيهِ رَجَائِي اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنِّي فِيهِ النُّعَاسَ وَ الْكَسَلَ وَ السَّأْمَةَ وَ الْفَتْرَةَ وَ الْقَسْوَةَ وَ الْغَفْلَةَ وَ الْغِرَّةَ اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي فِيهِ الْعِلَلَ وَ الْأَسْقَامَ وَ الْهُمُومَ وَ الْأَحْزَانَ وَ الْأَعْرَاضَ وَ الْأَمْرَاضَ وَ الْخَطَايَا وَ الذُّنُوبَ وَ اصْرِفْ عَنِّي فِيهِ السُّوءَ وَ الْفَحْشَاءَ وَ الْجَهْدَ وَ الْبَلَاءَ وَ التَّعَبَ وَ الْعَنَاءَ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ اللَّهُمَّ أَعِذْنِي فِيهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَ هَمْزِهِ وَ لَمْزِهِ وَ نَفْثِهِ وَ نَفْخِهِ وَ وَسْوَاسِهِ‏

__________________________________________________
 «و كان علي بن الحسين عليهما السلام» رواه في الكافي، عن عبد الرحمن بن بشير، عن بعض رجاله عنه عليه السلام «1» و قال الشيخ: و ادع في كل يوم من شهر رمضان بهذا الدعاء و ذكره مع زيادة كثيرة، لكن ما ذكره هنا موافق للكافي «اللهم أذهب عني فيه- النعاس» كناية عن الغفلة أو الكسل و هو التثاقل عن الشي‏ء و الفتور فيه «و السأمة» الملال من العبادة «و الفترة» السكون بعد الجد و اللين بعد الشدة «و القسوة» قساوة القلب «و الغرة» الانخداع من الشيطان أو الغرور بالدنيا.
 «و اصرف عني فيه السوء» أي الصغائر «و الفحشاء» أي الكبائر «و همزة» و هو الغيبة و الوقيعة في الناس و ذكر عيوبهم أو الجنون و في بعض النسخ (و نفيه) و ليس‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب ما يقال في مستقبل شهر رمضان خبر 8 و التهذيب باب دعاء اول يوم من شهر رمضان خبر 3.

288
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما يقال في أول يوم من شهر رمضان ص 283

وَ كَيْدِهِ وَ مَكْرِهِ وَ خَتْلِهِ وَ أَمَانِيِّهِ وَ خَدْعِهِ وَ غُرُورِهِ وَ فِتْنَتِهِ وَ خَيْلِهِ وَ رَجْلِهِ وَ شُرَكَائِهِ وَ أَحْزَابِهِ وَ أَعْوَانِهِ وَ أَتْبَاعِهِ وَ أَخْدَانِهِ وَ أَشْيَاعِهِ وَ أَوْلِيَائِهِ وَ جَمِيعِ كَيْدِهِمْ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي فِيهِ تَمَامَ صِيَامِهِ وَ بُلُوغَ الْأَمَلِ فِي قِيَامِهِ وَ اسْتِكْمَالَ مَا يُرْضِيكَ عَنِّي صَبْراً وَ إِيمَاناً وَ يَقِيناً وَ احْتِسَاباً ثُمَّ تَقَبَّلْ ذَلِكَ مِنِّي بِالْأَضْعَافِ الْكَثِيرَةِ وَ الْأَجْرِ الْعَظِيمِ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي فِيهِ الْجِدَّ وَ الِاجْتِهَادَ وَ الْقُوَّةَ وَ النَّشَاطَ وَ الْإِنَابَةَ وَ التَّوْبَةَ وَ الرَّغْبَةَ وَ الرَّهْبَةَ وَ الْجَزَعَ وَ الْخُشُوعَ وَ الرِّقَّةَ وَ صِدْقَ اللِّسَانِ وَ الْوَجَلَ مِنْكَ وَ الرَّجَاءَ لَكَ وَ التَّوَكُّلَ عَلَيْكَ وَ الثِّقَةَ بِكَ وَ الْوَرَعَ عَنْ مَحَارِمِكَ مَعَ صَالِحِ الْقَوْلِ وَ مَقْبُولِ السَّعْيِ- اسْتِكْمَالِ مَا يُرْضِيكَ فِيهِ عَنِّي صَبْراً وَ يَقِيناً وَ إِيمَاناً وَ احْتِسَاباً ثُمَّ تَقَبَّلْ ذَلِكَ مِنِّي بِالْأَضْعَافِ الْكَثِيرَةِ وَ الْأَجْرِ الْعَظِيمِ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي فِيهِ الْجِدَّ وَ الِاجْتِهَادَ وَ الْقُوَّةَ وَ النَّشَاطَ وَ الْإِنَابَةَ وَ التَّوْبَةَ وَ الرَّغْبَةَ وَ الرَّهْبَةَ وَ الْجَزَعَ وَ الْخُشُوعَ وَ الرِّقَّةَ وَ صِدْقَ اللِّسَانِ وَ الْوَجَلَ مِنْكَ وَ الرَّجَاءَ لَكَ وَ التَّوَكُّلَ عَلَيْكَ وَ الثِّقَةَ بِكَ وَ الْوَرَعَ عَنْ مَحَارِمِكَ مَعَ صَالِحِ الْقَوْلِ وَ مَقْبُولِ السَّعْيِ وَ اسْتِكْمَالَ مَا يُرْضِيكَ فِيهِ عَنِّي صَبْراً وَ يَقِيناً وَ إِيمَاناً وَ احْتِسَاباً ثُمَّ تَقَبَّلْ ذَلِكَ مِنِّي بِالْأَضْعَافِ الْكَثِيرَةِ وَ الْأَجْرِ الْعَظِيمِ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي فِيهِ الْجِدَّ وَ الِاجْتِهَادَ وَ الْقُوَّةَ وَ النَّشَاطَ وَ الْإِنَابَةَ وَ التَّوْبَةَ وَ الرَّغْبَةَ وَ الرَّهْبَةَ وَ الْجَزَعَ وَ الرِّقَّةَ] وَ مَرْفُوعِ الْعَمَلِ وَ مُسْتَجَابِ الدُّعَاءِ وَ لَا تَحُلْ بَيْنِي وَ بَيْنَ شَيْ‏ءٍ مِنْ ذَلِكَ بِعَرَضٍ وَ لَا مَرَضٍ وَ لَا هَمٍّ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ‏
__________________________________________________
في في، و في يب بدله «و لمزه» في بعض النسخ و المراد به نفيه عن الإيمان و الصالحات و اللمز كالهمز «و نفثه» أي إلقاء الباطل في النفس و (قيل) الشعر و النفخ بمعناه و قيل الكبر، و (الختل) الخدعة «و أمانيه» أكاذيبه «و خيله» أي ركبانه «و رجله» أي مشاته «و أخدانه» أصدقائه «و أشياعه» أتباعه «و الاجتهاد» السعي في العبادة «و النشاط» خلاف الكسل «و العرض» ما يعرض للإنسان من مرض و نحوه‏

289
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب القول عند الإفطار كل ليلة من شهر رمضان من أوله إلى آخره ص 290

بَابُ الْقَوْلِ عِنْدَ الْإِفْطَارِ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ‏
1850 كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا أَفْطَرَ قَالَ- اللَّهُمَّ لَكَ صُمْنَا وَ عَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْنَا فَتَقَبَّلْهُ مِنَّا ذَهَبَ الظَّمَأُ وَ ابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ وَ بَقِيَ الْأَجْرُ

__________________________________________________
باب القول عند الإفطار في كل ليلة من شهر رمضان من أوله إلى آخره «كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني، عن السكوني، عن جعفر، عن آبائه عليهم السلام عنه صلى الله عليه و آله و سلم «1» و الظمأ العطش، و يفهم منه استحباب الإفطار بالماء كما روى الكليني بإسناده، عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: كان رسول الله (ص) إذا صام فلم يجد الحلواء أفطر على الماء- «2» و في الحسن كالصحيح، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أفطر الرجل على الماء الفاتر نقي كبده و غسل الذنوب من القلب و قوي البصر و الحدق- و عنه عليه السلام قال: الإفطار على الماء يغسل الذنوب عن القلب.
و عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إذا أفطر بدأ بحلواء يفطر عليها فإن لم يجد فسكرة أو تمرات فإذا أعوز ذلك كله فماء فاتر و كان يقول: ينقي المعدة و الكبد، و يطيب النكهة و الفم، و يقوي الأضراس، و يقوي الحدق و يجلو الناظر، و يغسل الذنوب غسلا، و يسكن العروق الهائجة و المرة الغالبة و يقطع البلغم، و يطفئ الحرارة عن المعدة، و يذهب بالصداع- و في الحسن كالصحيح‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب ما يقول الصائم إذا افطر خبر 1.
 (2) اورد هذا الخبر و الاخبار الأربعة التي بعده في الكافي باب ما يستحب ان يفطر عليه خبر 1 الى 5،.

290
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب القول عند الإفطار كل ليلة من شهر رمضان من أوله إلى آخره ص 290

1851 وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: تَقُولُ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ عِنْدَ الْإِفْطَارِ إِلَى آخِرِهِ- الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعَانَنَا فَصُمْنَا وَ رَزَقَنَا فَأَفْطَرْنَا اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا وَ أَعِنَّا عَلَيْهِ وَ سَلِّمْنَا فِيهِ وَ تَسَلَّمْهُ مِنَّا فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَ عَافِيَةٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَضَى عَنَّا يَوْماً مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ.

1852 وَ قَالَ ع يُسْتَجَابُ دُعَاءُ الصَّائِمِ عِنْدَ الْإِفْطَارِ.

__________________________________________________
عن طلحة بن زيد (و كتابه معتمد) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يفطر على التمر في زمن التمر و على الرطب في زمن الرطب.
و روى الشيخ، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يفطر على الأسودين قلت رحمك الله: و ما الأسودان؟ قال: التمر و الماء، و الزبيب و الماء، و يتسحر بهما «1» و في الموثق، عن علي عليه السلام أنه كان يستحب أن يفطر على اللبن «2».
و روى الشيخ في الموثق، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام قال: جاء قنبر مولى علي عليه السلام بفطره إليه قال: فجاء بجراب فيه سويق عليه خاتم قال، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين إن هذا لهو البخل تختم على طعامك؟ قال:
فضحك علي عليه السلام قال: ثمَّ قال: أو غير ذلك؟ لا أحب أن يدخل بطني إلا شي‏ء أعرف سبيله قال: ثمَّ كسر الخاتم فأخرج منه سويقا فجعل منه في قدح فأعطاه إياه فأخذ القدح فلما أراد أن يشرب قال: بسم الله اللهم لك صمنا، و على رزقك أفطرنا فتقبل منا إنك أنت السميع العليم «3».
 «و روى أبو بصير» في الموثق و رواه الكليني في القوي «4» «و قال عليه السلام يستجاب دعاء الصائم عند الإفطار» فيستحب الدعاء عنده.
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب فضل السحور و ما يستحب أن يكون عند الإفطار خبر 5- 9.
 (3) التهذيب باب القول و الدعاء عند الإفطار خبر 3.
 (4) الكافي باب ما يقول الصائم إذا افطر خبر 2.

291
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

بَابُ آدَابِ الصَّائِمِ وَ مَا يَنْقُضُ صَوْمَهُ وَ مَا لَا يَنْقُضُهُ‏
1853 رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: لَا يَضُرُّ الصَّائِمَ مَا صَنَعَ إِذَا اجْتَنَبَ‏

__________________________________________________
باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه اعلم أن الصوم عبادة شرعية تحتاج إلى النية، و ما لم يعلم حقيقته لا يمكن نيته و لم يعلم حقيقته إلا بإبطال بعض الأشياء له و قد اختلف الأخبار ظاهرا و الأصحاب في المبطلات، فالذي يظهر من آيات الصوم بطلانه بالأكل و الشرب و الجماع، و ظاهر الإطلاق انصراف الجميع إلى المعتاد كما في سائر الإطلاقات- و أما ما يظهر من الأخبار فهو الثلاثة المذكورة فلا ريب و شك، و يظهر من الآية و الأخبار أن حقيقته الإمساك عن الأكل و الشرب فقط و الإمساك عن الجماع شرط في صحته (فيه- خ ل) كما ستطلع عليه، و أما غيرها فلا يخلو من احتمال، و ها أنا أذكر الأخبار الواردة في هذا الباب حتى يظهر حقيقة الصوم و يقصد المكلف الإمساك عن الأشياء المذكورة لله و نقدم الأخبار في الأشياء ثمَّ نتبعها بأخبار النية.
 (فمنها) ما «روى محمد بن مسلم» في القوي كالصحيح، و رواه الشيخ في- الصحيح «1» «عن أبي جعفر عليه السلام (إلى قوله) و النساء» أي جماعهن، و ظاهره- المتعارف، و يؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح، عن علي بن الحكم، عن رجل. عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أتى الرجل المرأة في الدبر و هي صائمة لم ينقض صومها و ليس عليها غسل «2» و في الصحيح، عن محمد بن علي بن محبوب، عن بعض الكوفيين يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: في الرجل يأتي المرأة في دبرها و هي صائمة قال: لا ينقض صومها و ليس عليها غسل، «3» لكن المشهور العموم.
__________________________________________________
 (1- 2- 3) التهذيب باب الزيادات من كتاب الصوم خبر 36- 40- 44.

292
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

أَرْبَعَ خِصَالٍ الطَّعَامَ وَ الشَّرَابَ وَ النِّسَاءَ وَ الِارْتِمَاسَ فِي الْمَاءِ.
__________________________________________________
 «و الارتماس في الماء» و رواه الشيخ في الصحيح بطريقين آخرين، عن محمد بن مسلم عنه عليه السلام قال: لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال «1»، بجعل الطعام و الشراب معا خصلة واحدة، و روى الشيخ في الصحيح و الكليني في الحسن كالصحيح، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الصائم يستنقع في الماء و لا يرتمس رأسه «2» و روى الشيخ في الصحيح و الكليني في الحسن كالصحيح، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يرمس الصائم و لا المحرم رأسه في الماء «3» و روى الكليني في الصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال:- الصائم يستنقع في الماء و يصب على رأسه، و يتبرد بالثوب، و ينضح المروحة، و ينضح البوريا، و لا يرمس رأسه في الماء «4» و في الصحيح، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يرتمس المحرم في الماء و لا الصائم «5» و عن حنان بن سدير قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصائم يستنقع في الماء قال: لا بأس، و لكن لا ينغمس فيه، و المرأة لا تستنقع في الماء لأنها تحمل الماء بفرجها «6» و عن مثنى الحناط و الحسن- الصيقل قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصائم يرتمس في الماء قال، لا، و لا المحرم قال: و سألته عن الصائم يلبس الثوب المبلول؟ قال: لا «7» فظهر من هذه الأخبار حرمة- الارتماس.
 (فأما) ما رواه الشيخ في القوي، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال يكره الصائم أن يرتمس في الماء «8» فيحمل على الحرمة لإطلاق الكراهة عليها كثيرا في الأخبار، و لو قيل بالتجوز و إن احتمل حمل الأخبار المتقدمة عليها أيضا لكنه خلاف‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب ما يفسد الصيام إلخ خبر 1 و باب ماهية الصيام خبر 2.
 (2- 3- 4) التهذيب باب ما يفسد الصيام إلخ خبر 4- 5- 8 و الكافي باب كراهية الارتماس في الماء للصائم خبر 1- 2- 3.
 (5) الكافي باب ان المحزم لا يمس في الماء خبر 2.
 (6- 7) الكافي باب كراهية الارتماس في الماء للصائم خبر 5- 6.
 (8) التهذيب باب الكفّارة في اعتماد افطار يوم من شهر رمضان خبر 13.

293
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

1854 وَ فِي رِوَايَةِ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ الْكَذِبَ عَلَى اللَّهِ وَ عَلَى الْأَئِمَّةِ ع يُفَطِّرُ الصَّائِمَ.

1855 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وَ بَصَرُكَ وَ شَعْرُكَ‏

__________________________________________________
الظاهر، و على تقدير الحرمة فلو ارتمس لا يجب القضاء لأنه بأمر جديد، و ليس فيها ما يدل عليه، و يؤيده ما رواه الشيخ في القوي، و الموثق، عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل صائم ارتمس في الماء متعمدا أ عليه قضاء ذلك اليوم؟ قال: ليس عليه قضاء و لا يعودن «1» «و في رواية منصور بن يونس» في الموثق «عن أبي بصير (إلى قوله) الصائم» و الظاهر أن الصدوق نقل بالمعنى. لما رواه الكليني و الشيخ في الموثق عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الكذبة تنقض الوضوء و تفطر الصائم قال: قلت هلكنا؟ قال: ليس حيث تذهب إنما ذلك الكذب على الله عز و جل و على رسوله صلى الله عليه و آله و سلم و على الأئمة عليه السلام «2» و يحمل عليه ما رواه الشيخ في الموثق، عن سماعة قال: سألته عن رجل كذب في شهر رمضان فقال: قد أفطر و عليه قضاؤه و هو صائم يقضي صومه و وضوءه «3» لما رواه- الشيخ في الموثق، عن سماعة قال: سألته عن رجل كذب في رمضان؟ فقال: قد أفطر و عليه قضاؤه، فقلت ما كذبته؟ قال: كذب على الله و على رسوله صلى الله عليه و آله و سلم و إن كان الظاهر حملها على نقص الكمال كما سيجي‏ء في باقي المناهي كما في نقض الوضوء في الخبرين و إن كان الأحوط تركه، و على تقدير الوقوع قضاؤه.
 «و روى محمد بن مسلم عنه عليه السلام» في القوي و رواه الشيخ في الصحيح‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب الكفّارة في اعتماد افطار يوم إلخ خبر 14 و باب الزيادات خبر 63 و حيث ان في طريق الأول عبد اللّه بن جبلة عن إسحاق و في طريق الثاني أبو جميلة عن إسحاق فالاول قوى و الثاني موثق.
 (2) الكافي باب آدام الصائم خبر 10 و التهذيب ما يفسد الصيام إلخ خبر 2.
 (3) التهذيب باب ما يفسد الصيام إلخ خبر 3 و فيه يقضى صومه و وضوئه إذا تعمد.

294
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

وَ جِلْدُكَ وَ عَدَّدَ أَشْيَاءَ غَيْرَ هَذَا وَ قَالَ لَا يَكُونُ يَوْمُ صَوْمِكَ كَيَوْمِ فِطْرِكَ.
1856 وَ قَالَ النَّبِيُّ ص إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كَرِهَ لِي سِتَّ خِصَالٍ وَ كَرِهْتُهُنَّ لِلْأَوْصِيَاءِ مِنْ وُلْدِي وَ أَتْبَاعِهِمْ مِنْ بَعْدِي أَحَدُهَا الرَّفَثُ فِي الصَّوْمِ.

1857 وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الصِّيَامَ لَيْسَ مِنَ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ وَحْدَهُ إِنَّ مَرْيَمَ قَالَتْ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً أَيْ صَمْتاً فَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ وَ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَ لَا تَحَاسَدُوا وَ لَا تَنَازَعُوا فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْإِيمَانَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ.

1858 وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع عَلَيْكُمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِكَثْرَةِ الِاسْتِغْفَارِ وَ الدُّعَاءِ

__________________________________________________
و الكليني في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام «إذا صمت فليصم سمعك» مما يخالف رضا الله تعالى «و» كذا «بصرك و شعرك» عن الوصول إلى بدن محرم عليه مبالغة «و عدد أشياء غير هذا» أي ليصم جميع جوارحك و قواك عما لا يرضى الله تعالى، و هذه التروك الواجبة أو المستحبة من مكملات الصوم، و كذا- الأفعال الواجبة و المندوبة، و الصوم الأكمل أن يكون صائما عن غير الله و يكون مشتغلا به تعالى.
 «و قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني في الموثق عنه صلى الله عليه و آله و سلم «1» (و الرفث) الجماع أو الفحش.
 «و روى أبو بصير» في الموثق كالكليني «2» «عن الصادق عليه السلام (إلى قوله) وحده» أي الكامل منه «إن مريم (إلى قوله) صوما» أي صمتا، و الاستشهاد من حيث إنه أطلق الصوم على الصمت فإنه و إن لم يكن عندنا صوم الصمت لكنه يستحب في- الصوم الصمت عما لا يعني و كما له به «فإن الحسد يأكل الإيمان» و ينقصه أو ينقص كما له.
 «و قال أمير المؤمنين عليه السلام» رواه الكليني في القوي عنه عليه السلام، «3» و في‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب آداب الصائم خبر 11- 9- 7.

295
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

فَأَمَّا الدُّعَاءُ فَيَدْفَعُ عَنْكُمُ الْبَلَاءَ وَ أَمَّا الِاسْتِغْفَارُ فَتُمْحَى بِهِ ذُنُوبُكُمْ.
1859 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع لَا تُنْشِدِ الشِّعْرَ بِلَيْلٍ وَ لَا تُنْشِدْهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِلَيْلٍ وَ لَا نَهَارٍ فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ يَا أَبَتَاهْ وَ إِنْ كَانَ فِينَا قَالَ ع وَ إِنْ كَانَ فِينَا.

1860 وَ قَالَ النَّبِيُّ ص مَا مِنْ عَبْدٍ صَائِمٍ يُشْتَمُ فَيَقُولُ إِنِّي صَائِمٌ سَلَامٌ عَلَيْكَ لَا أَشْتِمُكَ كَمَا تَشْتِمُنِي إِلَّا قَالَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اسْتَجَارَ عَبْدِي بِالصَّوْمِ مِنْ شَرِّ عَبْدِي قَدْ أَجَرْتُهُ مِنَ النَّارِ

__________________________________________________
القوي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا كان شهر رمضان لم يتكلم إلا بالدعاء، و التسبيح، و الاستغفار و التكبير، فإذا أفطر قال: اللهم إن شئت أن تفعل فعلت «1» أي الرحمة و المغفرة «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني في- الحسن كالصحيح و الشيخ في الصحيح عنه عليه السلام «2»، و روي في الصحيح، عن حماد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: يكره رواية الشعر للصائم و المحرم، و في- الحرم، و في يوم الجمعة، و أن يروى بالليل قال: قلت: و إن كان شعر حق قال: و إن كان شعر حق «3» «و قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني مسندا عنه صلى الله عليه و آله و سلم «4» «فيقول» لفظا أو معنى «استجار عبدي بالصوم» أي استجار العبد الصائم بالصوم أو بالله بسبب الصوم من شر توجه إليه بسبب العبد الشاتم و هو مقابلته بالشتم (أو) أنه مع الشتم كان يتضرر من الشاتم أولا (أما) بإعادة الشتم أو بغيرها من أنواع الأذى، و الشر في الأول أخروي، و في الثاني دنيوي.
__________________________________________________
 (1- 4) الكافي باب آداب الصائم خبر 8- 5.
 (2) الكافي باب آداب الصائم خبر 6 و التهذيب باب سنن الصيام خبر 4 و باب الزيادات خبر 37.
 (3) التهذيب باب سنن الصيام خبر 6.

296
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

1861 وَ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ ص امْرَأَةً تَسُبُّ جَارِيَةً لَهَا وَ هِيَ صَائِمَةٌ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ص بِطَعَامٍ فَقَالَ لَهَا كُلِي فَقَالَتْ إِنِّي صَائِمَةٌ فَقَالَ كَيْفَ تَكُونِينَ صَائِمَةً وَ قَدْ سَبَبْتِ جَارِيَتَكِ إِنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ مِنَ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ فَقَطْ.

1862 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وَ بَصَرُكَ مِنَ الْحَرَامِ وَ الْقَبِيحِ وَ دَعِ الْمِرَاءَ وَ أَذَى الْخَادِمِ وَ لْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارُ الصَّائِمِ وَ لَا تَجْعَلْ يَوْمَ صَوْمِكَ كَيَوْمِ فِطْرِكَ.

وَ لَا بَأْسَ أَنْ يَحْتَجِمَ الصَّائِمُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ كَذَلِكَ رَوَاهُ‏
1863 الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّا إِذَا أَرَدْنَا أَنْ نَحْتَجِمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ احْتَجَمْنَا بِاللَّيْلِ.

1864 قَالَ: وَ سَأَلْتُهُ أَ يَحْتَجِمُ‏

__________________________________________________
 «و سمع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» روى الكليني (في القوي)، عن جراح المدائني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الصيام ليس من الطعام و الشراب وحده، ثمَّ قال: قالت مريم إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً (أي صوما و صمتا و في نسخة أخرى أي صمتا)، فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم و غضوا أبصاركم و لا تنازعوا و لا تحاسدوا- قال: و سمع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إلخ و فيه قال: و قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا صمت «1»- فيكون من تتمة الخبر و هو أحسن، و المراء، الجدال مطلقا، و ربما يقيد بغير الأحسن لقول الله تعالى وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ «2» و الظاهر أن تركه في الصوم أحسن لانجراره غالبا بالنسبة إلى الأكثر إلى ما لا يرضى الله تعالى كما هو المجرب.
 «و لا بأس أن يحتجم الصائم في شهر رمضان» أي ما لم يخش ضعفا لقوله «و كذلك رواه الحلبي» في الصحيح و رواه الكليني أيضا في الصحيح «3» «عن أبي عبد الله عليه السلام» و المرة الخلط و هو السوداء أو الصفراء هنا و بثورانهما يحصل الغشي و في- الكافي و يب الغشيان بمعناه، و روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحجامة للصائم قال: نعم إذا لم يخف ضعفا «4» و روى الشيخ في الصحيح، عن سعيد الأعرج قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن-
__________________________________________________
 (1) الكافي باب آداب الصائم خبر 3.
 (2) النحل- 125،.
 (3- 4) الكافي باب في الصائم يجتحم و يدخل الحمام خبر 1- 2.

297
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

الصَّائِمُ فَقَالَ إِنِّي أَتَخَوَّفُ عَلَيْهِ مَا يَتَخَوَّفُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ قَالَ قُلْتُ مَا [ذَا] تَتَخَوَّفُ عَلَيْهِ قَالَ الْغَشْيَ أَنْ تَثُورَ بِهِ مِرَّةٌ قُلْتُ أَ رَأَيْتَ إِنْ قَوِيَ عَلَى ذَلِكَ وَ لَمْ يَخْشَ شَيْئاً قَالَ نَعَمْ إِنْ شَاءَ.
1865 وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَكْرَهُ أَنْ يَحْتَجِمَ الصَّائِمُ خَشْيَةَ أَنْ يُغْشَى عَلَيْهِ فَيُفْطِرَ.

وَ لَا بَأْسَ أَنْ يَكْتَحِلَ الصَّائِمُ بِكُحْلٍ فِيهِ مِسْكٌ وَ لَا بَأْسَ أَنْ يَكْتَحِلَ بِالْحُضُضِ.
__________________________________________________
الصائم يحتجم فقال: لا بأس إلا أن يتخوف على نفسه الضعف «1» و في الصحيح، عن عبد الله بن ميمون، عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام قال: ثلاثة لا يفطرن الصائم، القي‏ء، و الاحتلام و الحجامة، و قد احتجم النبي صلى الله عليه و آله و سلم و هو صائم، و كان صلى الله عليه و آله و سلم لا يرى بأسا بالكحل للصائم «2».
 (و أما) ما رواه في الصحيح، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليهما السلام قال: لا بأس بأن يحتجم الصائم إلا في رمضان فإني أكره أن يغرر بنفسه (أي يضرها و يصير سببا لهلاكها) إلا أن يخاف على نفسه، و إنا إذا أردنا الحجامة في رمضان احتجمنا ليلا «3» (فمحمول) على الكراهة أو الحرمة مع خوف الضرر إلا أن يكون ضرر تركه أشد.
و كذا ما رواه عن عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحجام يحجم و هو صائم قال: لا ينبغي لخوف دخول الدم حلقه، و عن الصائم يحتجم قال: لا بأس «4» و في الموثق عن ليث المرادي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصائم يحتجم و يصب في أذنه الدهن قال: لا بأس إلا السعوط فإنه يكره «5» (فمحمولان) على عدم خوف الضعف أو الضرر، مع أنه لا ينافي الكراهة.
 «و لا بأس بأن يكتحل الصائم بكحل فيه مسك» لما رواه الشيخ في الصحيح، عن صفوان بن يحيى، عن الحسين (الحسن خ- ل) بن أبي غندر (من أصحاب الأصول) قال‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3) التهذيب باب حكم العلاج للصائم و الكحل إلخ خبر 12- 13- 14.
 (4) التهذيب باب الزيادات خبر 69.
 (5) الكافي باب في الصائم يسعط إلخ خبر 4.

298
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

.........
__________________________________________________
قلت لأبي عبد الله عليه السلام اكتحل بكحل فيه مسك و أنا صائم فقال: لا بأس به «1» و يؤيد الجواز مطلقا ما رواه الكليني في الصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في الصائم يكتحل قال: لا بأس به ليس بطعام و لا شراب «2» أي و إن دخل الحلق لأنه ليس مما يؤكل عادة بطريق العادة و في الصحيح، عن سليم الفرا عن غير واحد عن أبي جعفر عليه السلام مثله «3».
و في الصحيح، عن ابن أبي عمير، عن عبد الحميد بن أبي العلاء (الثقة) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس بالكحل للصائم «4» و في الصحيح. عن صفوان عن الحسين بن أبي غندر، عن ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الكحل للصائم فقال: لا بأس به إنه ليس بطعام يؤكل «5».
 (فأما) ما رواه الكليني في الصحيح، عن سعد بن سعد الأشعري، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عمن يصيبه الرمد في شهر رمضان هل يذر عينه بالنهار و هو صائم؟
قال. يذرها إذا أفطر و لا يذرها و هو صائم «6».
و في الصحيح، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن الرجل يكتحل و هو صائم فقال: لا، إني أتخوف أن يدخل رأسه «7» و في الصحيح، عن الحسن بن علي (و كأنه الوشاء و يحتمل أن يكون ابن فضال الموثق كالثقة) قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصائم إذا اشتكى عينه يكتحل بالذرور و ما أشبهه أم لا يسوغ له ذلك! فقال لا يكتحل «8» فمحمول على الكراهة.
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب حكم العلاج للصائم و الكحل إلخ 10.
 (2- 3) الكافي (باب الحكل و الذرور خبر 1- 2.
 (4- 5) التهذيب باب حكم العلاج للصائم و الكحل إلخ خبر 5- 10.
 (6) الكافي باب الكحل و الذرور خبر 3.
 (7- 8) التهذيب باب حكم العلاج للصائم و الكحل سبر 7 و 6.

299
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَسْتَاكَ بِالْمَاءِ أَوْ بِالْعُودِ الرَّطْبِ يَجِدُ طَعْمَهُ أَيَّ النَّهَارِ شَاءَ
__________________________________________________
 (و قيل) على كحل فيه مسك أو نحوه مما يدخل الدماغ بسرعة و منه إلى الحلق كالصبر، لما رواه الكليني في الموثق عن سماعة بن مهران قال، سألته عن الكحل للصائم فقال:
إذا كان كحلا ليس فيه مسك و ليس له طعم في الحلق فلا بأس به «1» و رواه الشيخ في الصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (ع) أنه سئل عن المرأة تكتحل و هي صائمة فقال: إذا لم يكن كحل تجد له طعما في حلقها فلا بأس «2» و الأظهر الكراهة مطلقا و إن تأكدت فيهما لما تقدم.
 «و لا بأس (إلى قوله) شاء» إذا لم يدخل الرطوبة إلى الحلق- روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن الحسين ابن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن السواك للصائم فقال: نعم أي النهار شاء «3» و روى الشيخ في الصحيح، عن الحلبي (بطريقين) قال سألت أبا عبد الله عليه السلام أ يستاك الصائم بالماء و العود الرطب يجد طعمه؟ فقال:
لا بأس «4» و في الصحيح، عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يستاك الصائم أي ساعة من النهار أحب «5» و في الموثق كالصحيح، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصائم أي ساعة يستاك من النهار؟ قال: متى شاء «6» و غيرها من الأخبار.
 (فأما) ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح و الشيخ في الصحيح، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الصائم يستاك بالماء؟ قال لا بأس به و قال: لا يستاك بسواك‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الكحل و الذرور خبر 4.
 (2) التهذيب باب حكم العلاج للصائم و الكحل إلخ خبر 1.
 (3) الكافي باب السواك للصائم خبر 1.
 (4) التهذيب باب حكم العلاج للصائم و الكحل إلخ خبر 20 و باب الزيادات خبر 58.
 (5- 6) التهذيب باب حكم العلاج للصائم خبر 18- 22.

300
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

1866 وَ رَوَى الْعَلَاءُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْقَلْسِ أَ يُفَطِّرُ الصَّائِمَ فَقَالَ لَا.

__________________________________________________
رطب «1» و روى الشيخ في الموثق كالصحيح، عن محمد بن مسلم أن أبا عبد الله عليه السلام قال يستاك الصائم أي النهار شاء و لا يستاك بعود رطب و يستنقع في الماء و يصب على رأسه و يتبرد بالثوب و ينضح المروحة و ينضح البوريا تحته، و لا يغمس رأسه في الماء «2» و في الموثق كالصحيح، عن أبي بصير. عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يستاك الصائم بعود رطب «3» و روى الكليني في الموثق، عن عمار بن موسى، عن أبي عبد الله عليه السلام في الصائم ينزع ضرسه قال: لا، و لا يدمي فاه و لا يستاك بعود رطب «4».
 (فمحمول) على الكراهة خصوصا إذا خاف دخول الرطوبة أو الماء حلقه- لما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه كره للصائم أن يستاك بسواك رطب و قال: لا يضر أن يبل سواكه بالماء، ثمَّ ينفضه حتى لا يبقى فيه شي‏ء «5» و روى الشيخ في الحسن، عن موسى بن الحسن الرازي قال: سأله بعض جلسائه عن السواك في شهر رمضان فقال: جائز، فقال بعضهم: إن السواك يدخل رطوبته في الحلق (و في نسخة) في الجوف فقال: الماء للمضمضة أرطب من السواك الرطب فإن قال قائل لا بد من الماء للمضمضة من أجل السنة، فلا بد من السواك من أجل السنة التي جاء بها جبرئيل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم «6».
 «و روى العلاء» في الصحيح «عن محمد بن مسلم» و رواه الكليني في الصحيح و الشيخ في الموثق كالصحيح عنه «7» «عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل عن القلس» و هو ما خرج عن الحلق مل‏ء الفم أو دونه و ليس بقي‏ء فإن عاد فهو القي‏ء «أ يفطر الصائم‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب الزيادات خبر 57 و الكافي باب السواك للصائم خبر 2.
 (2- 3) التهذيب باب حكم العلاج للصائم و الكحل إلخ خبر 23- 24.
 (4- 5) الكافي باب السواك للصائم خبر 3- 2.
 (6) التهذيب باب حكم العلاج للصائم و الكحل خبر 26.
 (7) الكافي باب الصائم يتقيأ إلخ خبر 5 و التهذيب باب حكم العلاج للصائم إلخ خبر 33.

301
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

وَ لَا بَأْسَ بِالْمَضْمَضَةِ وَ الِاسْتِنْشَاقِ لِلصَّائِمِ فَإِذَا تَمَضْمَضَ وَ اسْتَنْشَقَ فَلَا يَبْلَعْ.
__________________________________________________
فقال: لا» و روى الكليني في الصحيح، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا تقيأ الصائم فقد أفطر و إن ذرعه (أي سبقه و غلبه) من غير أن يتقيأ فليتم صومه «1» و في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا تقيأ الصائم فعليه قضاء ذلك اليوم، و إن ذرعه من غير أن يتقيأ فليتم صومه.
و في الصحيح (على الظاهر) عن معاوية، عن أبي عبد الله عليه السلام في الذي يذرعه القي‏ء و هو صائم قال: يتم صومه و لا يقضي، و في الموثق عن سماعة قال: سألته عن القلس و هي الجشأة يرتفع الطعام من جوف الرجل من غير أن يكون تقيأ و هو قائم في الصلاة قال: لا ينقض ذلك وضوءه و لا يقطع صلاته و لا يفطر صيامه.
و يحتاط في أن لا يبتلع ما يخرج من جوفه فإن دخل بغير اختياره أو ناسيا فلا بأس، لما رواه الكليني في الموثق، عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يخرج من جوفه القلس حتى يبلغ الحلق ثمَّ يرجع إلى جوفه و هو صائم؟
قال: ليس بشي‏ء.
و عليه يحمل ما رواه الشيخ في الصحيح، عن عبد الله بن سنان قال، سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل الصائم يقلس فيخرج منه الشي‏ء من الطعام أ يفطره؟ قال: لا قلت:
فإن ازدرده بعد أن صار على لسانه؟ قال: لا يفطره ذلك «2» و يمكن حمله على النسيان أو الجهل أيضا و إن كان الأحوط في صورة الجهل القضاء بل الكفارة أيضا (و قيل) بوجوب كفارة الجمع لحرمته.
 «و لا بأس بالمضمضة و الاستنشاق للصائم» روى الشيخ في الموثق، عن عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يتمضمض فيدخل في حلقه الماء
__________________________________________________
 (1) اورد هذا الخبر و الأربعة التي بعده في الكافي باب الصائم يتقيأ إلخ خبر 2- 1- 3- 6- 4.
 (2) التهذيب باب حكم العلاج للصائم إلخ خبر 34.

302
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

رِيقَهُ حَتَّى يَبْزُقَ ثَلَاثاً وَ إِنْ تَمَضْمَضَ فَدَخَلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِوُضُوءِ الصَّلَاةِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ.
__________________________________________________
و هو صائم؟ قال ليس عليه شي‏ء إذا لم يتعمد ذلك قلت: فإن تمضمض الثانية فدخل في حلقه الماء قال: ليس عليه شي‏ء قلت يتمضمض الثالثة فقال: قد أساء ليس عليه شي‏ء «1» «فإذا تمضمض» روى الكليني و الشيخ، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله عليه السلام في الصائم يتمضمض قال: لا يبلع ريقه حتى يبزق ثلاث مرات «2» و المشهور أنه على الاستحباب، و الاحتياط العمل به و قال الشيخ (و قد روي مرة واحدة) «و إن تمضمض» و سيجي‏ء في خبر سماعة ما يدل عليه.
و لكن روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن حماد، عن أبي عبد الله عليه السلام و الشيخ في الصحيح، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: في الصائم يتوضأ للصلاة فيدخل الماء حلقه فقال: إن كان وضوؤه لصلاة فريضة فليس عليه شي‏ء و إن كان وضوؤه لصلاة نافلة فعليه القضاء «3» و الأحوط العمل عليه و الاحتياط في الضبط حتى لا يدخل الماء حلقه كما رواه الكليني في الصحيح عن حماد عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام في الصائم يتمضمض و يستنشق قال: نعم و لكن لا يبالغ «4» و روى الكليني بإسناده عن يونس قال الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء و إن تمضمض في وقت فريضة فدخل الماء حلقه فليس عليه شي‏ء و قد تمَّ صومه، و إن تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الإعادة، و الأفضل للصائم أن لا يتمضمض «5» و كأنه من كلام يونس.
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب الزيادات خبر 64.
 (2) التهذيب باب الزيادات خبر 65 و الكافي باب المضمضة و الاستنشاق خبر 2.
 (3) الكافي باب المضمضة و الاستنشاق للصائم خبر 1 و التهذيب باب الزيادات خبر 67.
 (4- 5) الكافي باب المضمضة و الاستنشاق للصائم خبر 3- 4 و قول الشارح في الثاني (و كانه إلخ) الظاهر إرادة قوله و الافضل إلخ لاتمام الخبر كما هو المحتمل و اللّه العالم.

303
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

1867 وَ سَأَلَ سَمَاعَةُ بْنُ مِهْرَانَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلٍ عَبِثَ بِالْمَاءِ يَتَمَضْمَضُ بِهِ مِنْ عَطَشٍ فَدَخَلَ حَلْقَهُ قَالَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ فَإِنْ كَانَ فِي وُضُوءٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ.

1868 قَالَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْقَيْ‏ءِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ إِنْ كَانَ شَيْ‏ءٌ يَذْرَعُهُ فَلَا بَأْسَ وَ إِنْ كَانَ شَيْ‏ءٌ يُكْرِهُ عَلَيْهِ نَفْسَهُ فَقَدْ أَفْطَرَ وَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ.

1869 وَ سَأَلَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ الْبَزَنْطِيُّ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ع عَنِ الرَّجُلِ يَحْتَقِنُ تَكُونُ بِهِ الْعِلَّةُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ الصَّائِمُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْتَقِنَ.

وَ لَا يَجُوزُ لِلصَّائِمِ أَنْ يَسْتَعِطَ
__________________________________________________
 «و سأل سماعة بن مهران» في الموثق، و رواه الشيخ أيضا في الموثق «1» و عليه عمل الأصحاب «و سأل أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي» في الصحيح و رواه الكليني عنه أيضا و رواه الشيخ أيضا في الصحيح «2» «أبا الحسن الرضا عليه السلام» و يدل ظاهرا على عدم جواز الحقنة مطلقا و إن كان إطلاق الحقنة على المائع أكثر، و لو دل على العموم أيضا يحمل على المائع، لما رواه الكليني و الشيخ في الصحيح، عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال: سألته عن الرجل و المرأة هل يصلح لهما أن يستدخلا الدواء و هما صائمان؟ قال لا بأس «3» و ما رويا في الموثق، عن الحسن بن علي قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام ما تقول في التلطف (و هو إدخال شي‏ء في الفروج مطلقا) يستدخله الإنسان و هو صائم فكتب عليه السلام: لا بأس بالجامد «4» «و لا يجوز للصائم أن يستعط» و السعوط الدواء يصب في الأنف و يمكن أن يكون مراده الكراهة، لما رواه الكليني في الموثق كالصحيح، عن ابن مسكان، عن ليث المرادي قال، سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصائم يحتجم و يصب في أذنه الدهن قال:
لا بأس إلا السعوط فإنه يكره «5» ..
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب الزيادات خبر 59.
 (2- 3- 4) الكافي باب في الصائم يسعط إلخ خبر 3- 5- 6 و التهذيب باب ما يفسد الصيام إلخ خبر 6- 7 و باب الزيادات خبر 72.
 (5) الكافي باب في الصائم يسعط إلخ خبر 2.

304
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

.........
__________________________________________________
و روى الشيخ في القوي، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال: لا بأس بالكحل للصائم و كره السعوط للصائم «1» و في الموثق عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه، عن علي عليهم السلام أنه كره السعوط للصائم «2» و حملت الأخبار على ما لم يعلم الوصول إلى الجوف لأنه إذا علم فإنه شرب على غير العادة و الاجتناب عن مثله أحوط و إن كان الظاهر من الأكل و الشرب المعتاد بالمعتاد.
و يؤيده ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن عبد الله بن المغيرة عن غياث بن إبراهيم (الموثق) و الشيخ في الموثق عنه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس بأن يزدرد الصائم نخامته «3».
و في الصحيح، عن مسعدة بن صدقة (المجهول الحال) عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام سئل عن الذباب يدخل حلق الصائم قال ليس عليه قضاؤه لأنه ليس بطعام «4» فإنه و إن كان الظاهر دخوله بغير اختياره لكن التعليل يشعر بأنه لو كان بالاختيار أيضا لا يفسد، و قد تقدم في الأخبار الصحيحة في الكحل أيضا أنه ليس بطعام و لا شراب.
و يؤيده أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح (على الظاهر) عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته، عن الرجل الصائم أ له أن يمص لسان المرأة أو تفعل المرأة ذلك قال: لا بأس «5» و إن أمكن حمله على مجرد المص بدون أن يبلع الريق و في الصحيح، عن أبي ولاد الحناط قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني أقبل بنتا لي‏
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب الكفّارة في اعتماد افطار يوم من شهر رمضان خبر 29- 30.
 (3- 4- 5) التهذيب باب الزيادات خبر 61- 60- 64 و الكافي باب في الصائم يزدرد نخامته الخ خبر 1- 2.

305
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

وَ لَا بَأْسَ أَنْ يَصُبَّ الدَّوَاءَ فِي أُذُنِهِ وَ لَا بَأْسَ أَنْ يَزُقَّ الْفَرْخَ وَ يَمْضَغَ الْخُبْزَ لِلرَّضِيعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبْلَعَ شَيْئاً
__________________________________________________
صغيرة و أنا صائم فيدخل في جوفي من ريقها شي‏ء قال: فقال لي لا بأس ليس عليك شي‏ء «1» و سيجي‏ء أيضا و ما رواه في الموثق، عن عمرو بن سعيد عن الرضا عليه السلام قال سألته عن الصائم يتدخن بعود أو بغير ذلك فتدخل الدخنة في حلقه قال: جائز لا بأس به قال و سألته عن الصائم يدخل الغبار في حلقه قال: لا بأس «2».
 (و أما) ما رواه الشيخ في الصحيح، عن سليمان بن جعفر المروزي (المجهول الحال) قال: سمعته يقول: إذا تمضمض الصائم في شهر رمضان أو استنشق متعمدا أو شم رائحة غليظة أو كنس بيتا فدخل في أنفه و حلقه غبار فعليه صوم شهرين متتابعين فإن ذلك له مفطر مثل الأكل و الشرب و النكاح «3» (فمحمول) على الكراهة و استحباب الكفارة جمعا بين الأخبار مع قطع النظر عن جهالة السائل و المسؤول و إيجاب الكفارة بالمضمضة و الاستنشاق و لم يقل به أحد من الأصحاب.
 «و لا بأس أن يصب الدواء في أذنه» و كأنه لضيق مجراها المانع من الوصول إلى الجوف، لما تقدم، و لما رواه الكليني في الصحيح، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال، سألته عن الصائم يشتكي (أي يوجع) أذنه يصب فيها الدواء قال:
لا بأس به «4» و في الحسن كالصحيح عن حماد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصائم يصب في أذنه الدهن قال: لا بأس به «5».
 «و لا بأس بأن يزق الفرخ» أي يطعمه بفيه «و يمضغ (إلى قوله) شيئا» لما روى الشيخ في الصحيح، عن حماد بن عثمان قال: سأل ابن أبي يعفور
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب الزيادات خبر 44- 71.
 (3) التهذيب باب الكفّارة في اعتماد افطار يوم من شهر رمضان خبر 28.
 (4- 5) الكافي باب في الصائم يسعط و يصب في اذنه الدواء خبر 1- 2.

306
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَشَمَّ الطِّيبَ إِلَّا الْمَسْحُوقَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَصْعَدُ إِلَى دِمَاغِهِ.
__________________________________________________
أبا عبد الله عليه السلام و أنا أسمع، عن الصائم يصب الدواء في أذنه قال: نعم و يذوق المرق و يزق الفرخ «1».
و روى الكليني في الحسن كالصحيح و الشيخ في الصحيح، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن المرأة الصائمة تطبخ القدر فتذوق المرقة تنظر إليه قال، لا بأس قال: و سئل عن المرأة يكون لها الصبي و هي صائمة فتمضغ الخبز و تطعمه فقال، لا بأس و الطير إن كان لها «2» و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن فاطمة صلوات الله عليها كانت تمضغ للحسن ثمَّ للحسين عليهما السلام و هي صائمة في شهر رمضان «3».
 «و قال لا بأس بأن يشم الطيب إلخ» روى الكليني في الصحيح، عن محمد بن مسلم قال، قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الصائم يشم الريحان و الطيب؟ قال لا:
بأس به «4» و في الصحيح، عن عبد الله بن الفضل النوفلي، عن الحسن بن راشد قال:
كان أبو عبد الله عليه السلام إذا صام تطيب بالطيب و يقول: الطيب تحفة الصائم «5» و التحفة بالسكون و الفتح ما أتحفت به الرجل من بر و إنعام كان الله تعالى أتحفه بجواز التطيب (أو) كأنه يتحف نفسه بالطيب لئلا يحصل لها سوء الخلق في آخر النهار.
و في الموثق، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام كره المسك أن يتطيب به الصائم «6» و الظاهر أن الكراهة ليبوسته و أنه مسحوق أو كالمسحوق غالبا و يصعد أجزاؤه إلى الدماغ، و الأحوط الاجتناب‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب الزيادات خبر 9.
 (2) الكافي باب في الصائم يذوق القدر إلخ خبر 1 و التهذيب باب الزيادات خبر 10.
 (3) الكافي باب في الصائم يذوق القدر إلخ خبر 3.
 (4) الكافي باب الطيب و الريحان للصائم خبر 4.
 (5- 6) الكافي باب الطيب و الريحان للصائم خبر 3- 1.

307
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَذُوقَ الطَّبَّاخُ الْمَرَقَ وَ هُوَ صَائِمٌ بِلِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبْلَعَهُ لِيَعْرِفَ.
__________________________________________________
عن المسحوق مطلقا كما تقدم في خبر المروزي (أو شم رائحة غليظة أن عليه الكفارة) «1».
 «و لا بأس بأن يذوق إلخ» قد تقدم من الأخبار ما يدل عليه و يزيده بيانا ما رواه الكليني في القوي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس بالطباخ و الطباخة أن يذوق المرق و هو صائم «2» و روى الشيخ في الموثق كالصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا بأس بأن يذوق الرجل الصائم القدر «3» و في الصحيح عن الحلبي أنه سئل عن المرأة الصائمة تطبخ القدر فتذوق تنظر إليه فقال:
لا بأس به «4».
و أما ما رواه الكليني و الشيخ رضي الله عنهما في الصحيح عن سعيد الأعرج قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصائم أ يذوق الشي‏ء و لا يبلعه؟ قال: لا «5» (فمحمول) على الكراهة مع عدم الحاجة، لما رواه الشيخ في الصحيح، عن علي بن جعفر، عن أخيه عليهم السلام قال: سألته عن الصائم يذوق الشراب و الطعام يجد طعمه في حلقه قال: لا يفعل قلت:
فإن فعل فما عليه؟ قال: لا شي‏ء عليه و لا يعود «6».
و روى الشيخ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الصائم يمضغ العلك فقال نعم، إن شاء «7» و هو محمول على ما لم ينفصل منه الأجزاء و إن حصل الطعم.
و الأحوط العدم لما رواه الكليني في الصحيح، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا محمد إياك أن تمضغ علكا فإني مضغت اليوم علكا و أنا صائم‏
__________________________________________________
 (1) يعني يستفاد من خبر المروزى المتقدم ان من شم رائحة غليظة فعليه الكفّارة.
 (2) الكافي باب في الصائم يذوق المرق خبر 2.
 (3- 4) التهذيب باب الزيادات خبر 8 و صدر خبر 10.
 (5) الكافي باب في الصائم يذوق القدر و لا يبلعه خبر 4 و التهذيب باب الزيادات خبر 11.
 (6- 7) التهذيب باب الزيادات خبر 66- 69.

308
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

حُلْوَهُ مِنْ حَامِضِهِ‏
1870 وَ رُوِيَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع الرَّجُلُ يَجْعَلُ النَّوَاةَ فِي فِيهِ وَ هُوَ صَائِمٌ قَالَ لَا قُلْتُ فَيَجْعَلُ الْخَاتَمَ قَالَ نَعَمْ.

وَ مَنِ احْتَلَمَ بِالنَّهَارِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَلْيُتِمَّ صِيَامَهُ وَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ.
__________________________________________________
فوجدت في نفسي منه شيئا «1» و في الحسن كالصحيح، عن الحلبي، عن أبي- عبد الله عليه السلام قال: قلت: الصائم يمضغ العلك؟ قال: لا «2» و يمكن حمله على الكراهة أو على انفصال الأجزاء.
 «و روي عن منصور بن حازم» في الحسن كالصحيح، و النهي عن مص النواة للكراهة لاحتمال بقاء شي‏ء فيها، فلو كان فيها شي‏ء من التمر و غيره حرم بخلاف مص الخاتم و مثله، و يؤيده، ما رواه الكليني في القوي، عن يونس بن يعقوب قال:
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: الخاتم في فم الصائم ليس به بأس فأما النواة فلا «3» و ما رواه الكليني و الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يعطش في شهر رمضان قال: لا بأس بأن يمص الخاتم «4».
 «و من احتلم بالنهار إلخ» قد تقدم في صحيحة القداح أن الاحتلام لا يفطر الصائم و في موثقة ابن بكير أنه يتم صومه (يومه- خ) كما هو، و روى الصدوق عن عمر بن يزيد قال: قلت لأي علة لا يفطر الاحتلام الصائم و النكاح يفطر الصائم؟ قال:
لأن النكاح فعله و الاحتلام مفعول به «5» و روى الشيخ في الموثق عن إبراهيم بن عبد الحميد عن بعض مواليه (و هو موسى بن جعفر عليهما السلام و التعبير للتقية) قال: سألته عن احتلام الصائم قال: فقال: إذا احتلم نهارا في شهر رمضان فليس له أن ينام حتى‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب مضغ العلك للصائم خبر 2- 1.
 (3) الكافي باب الرجل يمص الخاتم و الحصاة و النواة خبر 2.
 (4) الكافي باب الرجل يمص الخاتم إلخ خبر 1 و التهذيب باب الزيادات خبر 68.
 (5) علل الشرائع باب العلة التي من اجلها لا يفطر الاحتلام إلخ خبر 1.

309
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

1871 وَ رَوَى عَمَّارُ بْنُ مُوسَى السَّابَاطِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي الصَّائِمِ يَنْزِعُ ضِرْسَهُ قَالَ لَا وَ لَا يُدْمِي فَمَهُ.

1872 وَ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِذَا صَامَ- تَطَيَّبَ بِالطِّيبِ وَ يَقُولُ الطِّيبُ تُحْفَةُ الصَّائِمُ.

1873 وَ رَوَى الْعَلَاءُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ وَ هُوَ صَائِمٌ فَقَالَ لَا بَأْسَ مَا لَمْ يَخْشَ ضَعْفاً.

وَ لَا بَأْسَ بِالْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ فَأَمَّا الشَّابُّ الشَّبِقُ فَلَا فَإِنَّهُ لَا يُؤْمَنُ.
__________________________________________________
يغتسل الخبر «1» و حمل على الاستحباب، و الأحوط العمل به.
 «و روى عمار بن موسى الساباطي» في الموثق، و الظاهر الكراهة خوفا من دخول الدم حلقه بغير اختياره أو بغير شعوره.
 «و روى العلاء» في الصحيح و رواه الكليني أيضا في الصحيح «2» «عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام» و يدل على كراهة دخول الحمام مع خوف الضعف و منه العطش الكثير، و روى الكليني عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يدخل الحمام و هو صائم قال: ليس به بأس «3» و يحمل على عدم خوف الضعف مع أن عدم البأس لا ينافي الكراهة.
 «و لا بأس بالقبلة للصائم إلخ» روى الكليني في الصحيح أو في الحسن كالصحيح عن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما تقول في الصائم يقبل الجارية و المرأة؟ فقال: أما الشيخ الكبير مثلي و مثلك فلا بأس و أما الشاب الشبق فلا، لأنه لا يؤمن. و القبلة إحدى الشهوتين قلت: فما تقول في مثلي تكون له الجارية فيلاعبها فقال لي إنك لشبق يا أبا حازم (أي لك شهوة الجماع) كيف طعمك؟ قلت إن‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب الكفّارة في اعتماد افطار يوم من شهر رمضان إلخ خبر 25.
 (2- 3) الكافي باب في الصائم يدخل الحمام خبر 3- 4.

310
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

أَنْ تَسْبِقَهُ شَهْوَتُهُ‏
1874 وَ قَدْ سُئِلَ النَّبِيُّ ص عَنِ الرَّجُلِ يُقَبِّلُ امْرَأَتَهُ وَ هُوَ صَائِمٌ قَالَ هَلْ هِيَ إِلَّا رَيْحَانَةٌ يَشَمُّهَا.

وَ أَفْضَلُ ذَلِكَ أَنْ يَتَنَزَّهَ الصَّائِمُ عَنِ الْقُبْلَةِ
1875 فَقَدْ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع أَ مَا يَسْتَحْيِي أَحَدُكُمْ أَنْ لَا يَصْبِرَ يَوْماً إِلَى اللَّيْلِ إِنَّهُ كَانَ يُقَالُ إِنَّ بَدْءَ الْقِتَالِ اللِّطَامُ‏

__________________________________________________
شبعت أضرني و إن جعت أضعفني قال: كذلك أنا فكيف أنت و النساء؟ قلت و لا شي‏ء قال: و لكني يا أبا حازم ما أشاء شيئا أن يكون ذلك مني إلا فعلت «1».
و في الصحيح عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن رجل يمس من المرأة شيئا أ يفسد ذلك صومه أو ينقضه؟ فقال: إن ذلك يكره للرجل الشاب مخافة أن يسبقه المني «2» و في الصحيح كالشيخ عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا ينقض القبلة الصوم «3» و روى الشيخ في الموثق، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام الصائم يقبل؟ قال: نعم و يعطيها لسانه تمصه «4».
 «و قد سئل النبي صلى الله عليه و آله» يدل على الجواز و يشعر بالكراهة باعتبار التشبيه بالريحانة كما سيجي‏ء و تقدم أخبار الجواز، و روى الشيخ في الموثق عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القبلة في شهر رمضان للصائم أ تفطر؟ قال: لا «5».
 «و أفضل ذلك (إلى قوله) أمير المؤمنين عليه السلام» رواه الشيخ في الموثق، عن الأصبغ بن نباتة قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين أقبل و أنا صائم؟ فقال له عف صومك فإن بدؤ القتال اللطام «6» (أي كما أن اللطمة تنجر إلى القتل كذلك القبلة تنجر إلى الجماع كما هو المجرب) و في الموثق كالصحيح عن محمد بن مسلم و زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل هل يباشر الصائم أو يقبل‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الصائم يقبل او يباشر خبر 3- 1.
 (3) الكافي باب الصائم يقبل إلخ خبر 2 و التهذيب باب حكم الساهى و الغالط إلخ خبر 12.
 (4) التهذيب باب الزيادات خبر 42.
 (5- 6) التهذيب باب حكم الساهى و الغالط في الصيام خبر 13- 15.

311
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

وَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَصِقَ بِأَهْلِهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَأَدْفَقَ كَانَ عَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ
__________________________________________________
في شهر رمضان؟ فقال: إني أخاف عليه فليتنزه عن ذلك إلا أن يثق أن لا يسبقه منيه «1».
 «و لو أن رجلا إلخ» روى الكليني و الشيخ في الصحيح، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتى يمني قال: عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع «2» و روى الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن المحرم يعبث بأهله و هو محرم حتى يمني من غير جماع أو يفعل ذلك في شهر رمضان ما ذا عليهما؟ قال عليهما جميعا الكفارة مثل ما على الذي يجامع «3» و روي في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام ما يقرب منه.
اعلم أنه استدل الأصحاب بهذا الخبر على حرمة الاستمناء و سببيته للقضاء و الكفارة و كأنهم حملوا قوله (حتى يمني) على التعليل جمعا بين الأخبار المتقدمة و ما سيجي‏ء مع هذا الخبر و ظاهر الخبر أنه إذا انجر إلى خروج المني يجب عليه الكفارة سيما إذا علم من حاله الانجرار إليه و لا يفهم منه الحرمة، بل الظاهر من الأخبار الكراهة، و مع مجي‏ء المني الكفارة، و لا استبعاد فيه كما سيجي‏ء في البقاء على الجنابة، نعم إذا كان الاستمناء حراما مثل الاستمناء باليد بأن يجامع يده أو الملاعبة مع الأجنبية أو الغلام فلا شك في الحرمة و مع مجي‏ء المني إذا كان عادته الأمناء في الكفارة.
و ظاهر قوله (يعبث بأهله) أنه يلاعبه بالتفخيذ و نحوه مما كان الغالب فيه الأمناء فلو اتفق الأمناء بما لا يحصل منه غالبا فالظاهر عدم البأس، و يؤيده ما رواه الشيخ في- الموثق، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل كلم امرأته في شهر رمضان‏
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب حكم الساهى و الغالط في الصوم خبر 14- 19 و الكافي باب من افطر متعمدا إلخ خبر 4.
 (3) التهذيب باب الكفّارة عن خطاء المحرم إلخ خبر 24 من كتاب الحجّ.

312
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

1876 وَ سَأَلَ رِفَاعَةُ بْنُ مُوسَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلٍ لَامَسَ جَارِيَتَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ‏

__________________________________________________
و هو صائم فأمنى فقال لا بأس «1» و روى الشيخ في الموثق. عن سماعة. قال: سألته عن رجل لزق بأهله فأنزل قال: عليه إطعام ستين مسكينا مد لكل مسكين «2» و عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل وضع يده على شي‏ء من جسد امرأته فأدفق (أي أنزل) فقال: كفارته أن يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا أو يعتق رقبة «3» و يحمل على الاعتياد و إن كان الأحوط في الأمناء الكفارة، و لم يظهر من هذه- الأخبار وجوب القضاء، و لكن المشهور أن القضاء لازم للكفارة و لا تجب الكفارة إلا بفساد الصوم، فإذا فسد وجب القضاء، و فيه إشكال، مع أنه يمكن حمل أخبار الكفارة على الاستحباب.
 «و سأل رفاعة بن موسى» في الصحيح «أبا عبد الله عليه السلام» و روى الشيخ في- الصحيح بطريقين، عن رفاعة قال: سألت أبا عبد الله عليهما السلام عن رجل لامس جارية في شهر رمضان فأمذى قال: إن كان حراما فليستغفر الله استغفار من لا يعود أبدا و يصوم يوما مكان يوم و إن كان من حلال فليستغفر الله و لا يعود و يصوم يوما مكان يوم «4» و حمل على الاستحباب، لما رواه الشيخ، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يضع يده على جسد امرأته و هو صائم فقال: لا بأس و إن أمذى فلا يفطر
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب حكم الغالط و الساهى في الصوم خبر 20.
 (2- 3) التهذيب باب الزيادات خبر 46- 47.
 (4) التهذيب باب حكم الساهى و الغالط في الصيام خبر 18 و باب الزيادات خبر 45 و في التهذيب بعده نقله في الموضع الأول ذكر ما هذا لفظه- هذا حديث شاذ نادر و مخالف لفتياه مشايخنا كلهم، و لعلّ الراوي وهم في قوله في آخر الخبر (و يصوم يوما مكان يوم انتهى موضع الحاجة و بعد نقله في الموضع الثاني قال: هذا الخبر محمول على الاستحباب لان الامذاء ليس مما يفسد الصيام انتهى.

313
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

فَأَمْذَى قَالَ إِنْ كَانَ حَرَاماً فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ اسْتِغْفَارَ مَنْ لَا يَعُودُ أَبَداً وَ يَصُومُ يَوْماً مَكَانَ يَوْمٍ.
1877 وَ سَأَلَهُ سَمَاعَةُ عَنِ الرَّجُلِ يَلْصَقُ بِأَهْلِهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا بَأْسَ.

1878 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْفَيْضِ التَّيْمِيُّ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَنْهَى عَنِ النَّرْجِسِ لِلصَّائِمِ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ لِمَ قَالَ لِأَنَّهُ رَيْحَانُ الْأَعَاجِمِ.

__________________________________________________
قال و قال: لا تباشروهن (يعني النساء) في شهر رمضان بالنهار «1» و عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عن رجل كلم امرأته في شهر رمضان و هو صائم فقال: ليس عليه شي‏ء و إن أمذى فليس عليه شي‏ء، و المباشرة ليس بها بأس و لا قضاء يومه و لا ينبغي له أن يتعرض لرمضان «2» و الاحتياط في القضاء سيما في الحرام و مع الكفارة في الحرام.
 «و سأله سماعة» في الموثق «فقال ما لم يخف على نفسه» أي من الإنزال أو الجماع أو الأعم «فلا بأس».
 «و روى محمد بن الفيض التيمي» في القوي أو في الحسن كالصحيح لروايته، عن ابن أبي عمير عنه، «عن ابن رئاب» فيمكن الحكم بصحته لصحة طريق الصدوق عن ابن أبي عمير، و عن ابن رباب، و ذكر أن كلما يرويه عنهما فصحيح، و رواه الكليني و الشيخ في القوي، عن محمد بن الفيض (و في بعض النسخ) (عن محمد بن العيص) عن أبي عبد الله عليه السلام «3» و لا منافاة بينهما، لأنه يمكن أن يكون سمعه مرة عنه عليه السلام بلا واسطة و مرة عن الواسطة «لأنه ريحان الأعاجم» أي المجوس لأن أكثرهم في ذلك-
__________________________________________________
 (1- 2) باب الساهى و الغالط في الصيام خبر 16- 17.
 (3) الكافي باب الطيب و الريحان للصائم خبر 1 و التهذيب باب حكم العلاج للصائم الخ خبر 42.

314
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

1879 وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع عَنِ الْمُحْرِمِ يَشَمُّ الرَّيْحَانَ قَالَ لَا قِيلَ فَالصَّائِمُ قَالَ لَا قِيلَ يَشَمُّ الصَّائِمُ الْغَالِيَةَ وَ الدُّخْنَةَ قَالَ نَعَمْ قِيلَ كَيْفَ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشَمَّ الطِّيبَ وَ لَا يَشَمَّ الرَّيْحَانَ قَالَ لِأَنَّ الطِّيبَ سُنَّةٌ وَ الرَّيْحَانَ بِدْعَةٌ لِلصَّائِمِ.

1880 وَ كَانَ الصَّادِقُ ع إِذَا صَامَ لَا يَشَمُّ الرَّيْحَانَ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَكْرَهُ أَنْ أُخَلِّطَ صَوْمِي بِلَذَّةٍ

__________________________________________________
الزمان كانوا مجوسا، و يستحب مخالفة اليهود و النصارى و المجوس فيما يفعلونه إذا كان مختصا بهم (أو) لأن المجوس كانوا يشمونه في صومهم و كانوا يقولون إنه يزيل الجوع كما ذكره الكليني رضي الله عنه قال: و أخبرني بعض أصحابنا أن الأعاجم كانت تشمه إذا صاموا و قالوا إنه يمسك الجوع.
 «و سئل الصادق عليه السلام» رواه الصدوق، عن البرقي عن بعض أصحابنا بلغ به حريز «1» (و يمكن القول بصحته لصحة طرقه إليه) قال: قلت له يشم الصائم الغالية (و هي طيب معروف) و الدخنة (و هي ذريرة أو مثلها يدخن بها البيوت) و يدل على عدم فساد- الصوم بالدخان كما تقدم في خبر الرضا عليه السلام.
 «و كان الصادق عليه السلام إلخ» رواه الصدوق في القوي عن الحسن بن راشد قال:
كان أبو عبد الله عليه السلام إلخ «2» و روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن ابن أبي عمير عن الحسن بن راشد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الحائض تقضي الصلاة قال: لا قلت تقضي الصوم؟ قال: نعم- قلت من أين جاء ذا؟ قال: إن أول من قاس إبليس- قلت، و الصائم يستنقع في الماء؟ قال: نعم- قلت فيبل ثوبا على جسده؟ قال. لا قلت من أين جاء ذا؟ قال: من ذاك- قلت: الصائم يشم الريحان؟ قال: لا لأنه لذة و يكره له أن يتلذذ «3» و احتمل الشيخ أن يكون المراد به النرجس لما تقدم من الأخبار، و لما رواه-
__________________________________________________
 (1- 2) علل الشرائع باب العلة في كراهة شم الرياحين للصائم خبر 3- 2.
 (3) الكافي باب الطيب و الريحان للصائم خبر 5.

315
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

1881 وَ رُوِيَ أَنَّ مَنْ تَطَيَّبَ بِطِيبٍ أَوَّلَ النَّهَارِ وَ هُوَ صَائِمٌ لَمْ يَكَدْ يَفْقِدُ عَقْلَهُ.

1882 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ الرَّجُلِ يَجِدُ الْبَرْدَ أَ يَدْخُلُ مَعَ أَهْلِهِ فِي لِحَافٍ وَ هُوَ صَائِمٌ قَالَ يَجْعَلُ بَيْنَهُمَا ثَوْباً.

وَ قَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ عَنْهُ ع رُخْصَةً لِلشَّيْخِ فِي الْمُبَاشَرَةِ
__________________________________________________
الشيخ في القوي، عن سعد بن سعد قال: كتب رجل إلى أبي الحسن عليه السلام: هل يشم الصائم الريحان يتلذذ به؟ فقال: لا بأس به «1» و في الصحيح، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال:
سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصائم أ ترى له أن يشم الريحان أم لا ترى ذلك له؟ فقال: لا بأس به «2» و في الموثق كالصحيح، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الصائم يدهن بالطيب و يشم الريحان «3» و الظاهر الكراهة لما تقدم، و لما رواه الشيخ في الموثق، عن الحسن بن راشد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الصائم لا يشم الريحان «4» و في القوي عن الحسن الصيقل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: و سألته عن الصائم يلبس الثوب المبلول فقال لا: و لا يشم الريحان «5» فالظاهر كما هو المشهور كراهة مطلق الريحان و تأكد كراهة النرجس «و روي أن من تطيب إلخ» رواه الصدوق في الموثق، عن يونس بن يعقوب عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام «6» و الظاهر أن المراد به أنه إذا تطيب أول النهار لم يحصل له يبوسة الدماغ آخر النهار كما هو الغالب (أو) يكون- لمحض فضل الله تعالى.
 «و روى محمد بن مسلم» في القوي كالصحيح أو الصحيح على احتمال ذكر، و يدل على كراهة المباشرة لجسمهما و قد تقدم ما يدل على الجواز «و قد روى عبد الله بن سنان» في الصحيح «عنه عليه السلام» و الظاهر أنه أبو عبد الله عليه السلام و إن كان المتقدم أبا جعفر عليه السلام «رخصة للشيخ في المباشرة» و إن كان الأولى له أيضا تركها.
__________________________________________________
 (1- 2- 3) التهذيب باب حكم العلاج للصائم و الكحل إلخ خبر 41- 40- 36.
 (4- 5) التهذيب باب حكم العلاج للصائم و الكحل إلخ خبر 43- 44.
 (6) ثواب الأعمال باب ثواب من تطيب يطيب اول النهار و هو صائم خبر 1.

316
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب آداب الصائم و ما ينقض صومه و ما لا ينقضه ص 292

1883 وَ سَأَلَ حَنَانُ بْنُ سَدِيرٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الصَّائِمِ يَسْتَنْقِعُ فِي الْمَاءِ قَالَ لَا بَأْسَ وَ لَكِنْ لَا يَغْمِسْ وَ الْمَرْأَةُ لَا تَسْتَنْقِعُ فِي الْمَاءِ لِأَنَّهَا تَحْمِلُ الْمَاءَ بِقُبُلِهَا.

بَابُ مَا يَجِبُ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ أَوْ جَامَعَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مُتَعَمِّداً أَوْ نَاسِياً
1884 رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي رَجُلٍ أَفْطَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مُتَعَمِّداً يَوْماً وَاحِداً مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ قَالَ يُعْتِقُ رَقَبَةً أَوْ يَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ‏

__________________________________________________
 «و سأل حنان بن سدير» في الموثق «أبا عبد الله عليه السلام» و رواه الكليني أيضا عن حنان «1» و قد تقدم ما يؤيده من الأخبار، و يؤيده أيضا ما رواه الكليني عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا تلزق ثوبك إلى جسدك و هو رطب و أنت صائم حتى تعصره «2» و قد تقدم في صحيحة محمد بن مسلم ما يدل على الجواز فيحمل أخبار النهي على الكراهة.
باب ما يجب على من أفطر أو جامع إلخ «روى الحسن بن محبوب» في الصحيح «عن عبد الله بن سنان» و رواه- الكليني أيضا في الصحيح، عن أبي عبد الله عليه السلام «3» «في رجل أفطر» أي بالأكل أو الشرب المعتاد بالمعتاد (أو) الأعم على احتمال (أو) الأعم منهما و من سائر المفطرات سوى ما خرج بالدليل و فيه بعد «في شهر رمضان» و سيذكر حكم غيره «متعمدا» و سيجي‏ء عدم إفطار الناسي أيضا «يوما واحدا» فإنه يتعدد الكفارة بتعدد الأيام قولا واحدا (و أما) تعددها بتعدد المفطرات أو المفطر الواحد مرتين أو مرات و لو بتعدد- الازدراد (ففيه) خلاف بين الأصحاب، و الظاهر عدم التعدد لعدم النص و لعدم صدق إفطار الصوم بعد ما أفطر و إن وجب إمساكه و حرم إيقاع المفطر فيه، و الاحتياط في التعدد سيما مع الاختلاف «من غير عذر» من المرض و السفر و الإكراه و العطش و غيرها مما
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب كراهية الارتماس في الماء للصائم خبر 3- 4.
 (3) الكافي باب من افطر متعمدا إلخ خبر 1.

317
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمدا أو ناسيا ص 317

أَوْ يُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِيناً فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ تَصَدَّقَ بِمَا يُطِيقُ.
1885 وَ رَوَى عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ الْقَاسِمِ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ ص فَقَالَ هَلَكْتُ وَ أَهْلَكْتُ فَقَالَ وَ مَا أَهْلَكَكَ قَالَ أَتَيْتُ امْرَأَتِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَ أَنَا صَائِمٌ فَقَالَ النَّبِيُّ ص أَعْتِقْ رَقَبَةً قَالَ لَا أَجِدُ قَالَ فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَا أُطِيقُ قَالَ تَصَدَّقْ عَلَى سِتِّينَ مِسْكِيناً قَالَ لَا أَجِدُ فَأُتِيَ النَّبِيُّ ص بِعِذْقٍ فِي مِكْتَلٍ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ فَقَالَ النَّبِيُّ ص خُذْهَا فَتَصَدَّقْ بِهَا فَقَالَ وَ الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيّاً مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجَ إِلَيْهِ مِنَّا فَقَالَ خُذْهُ فَكُلْهُ أَنْتَ وَ أَهْلُكَ فَإِنَّهُ كَفَّارَةٌ لَكَ.

1886 وَ فِي رِوَايَةِ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّ الْمِكْتَلَ الَّذِي أُتِيَ بِهِ النَّبِيُ‏

__________________________________________________
سيجي‏ء «قال يعتق رقبة» و الأحوط أن تكون مؤمنة «أو يصوم شهرين متتابعين» و لو بشهر و من الثاني يوما «أو يطعم ستين مسكينا» و سيجي‏ء أحكامها و ظاهره التخيير «و روى عبد المؤمن بن القسم» و في بعض النسخ (الهيثم) و الظاهر أنه تصحيف من النساخ «الأنصاري» الثقة أخو عبد الغفار بن القسم و طريقه إليه قوي «عن أبي جعفر عليه السلام (إلى قوله) هلكت» أي بالإفطار «و أهلكت» بالتفطير (أو) أهلكني- الشيطان و النفس على أن يقرأ بالمجهول، و يؤيده قوله عليه السلام «و ما أهلكك» و العذق عنقود التمر و المراد به هنا الجنس، و المكتل كمنبر زنبيل يسع خمسة عشر صاعا «ما بين لابتيها» أي حرتي المدينة اللتان يكتنفانها أي ليس في جميع أهل المدينة أفقر (أحوج- خ ل) مني، و ظاهر الخبر الترتيب فيحمل على الاستحباب و تجويزه صلى الله عليه و آله و سلم- لكفارته كان لعدم الوجوب عليه لفقره (أو) لأجل أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم كان تبرع بالكفارة عنه فكان يجوز أن يعطيه، و لهذا قال: فإنه كفارة لك.
 «و في رواية جميل بن دراج» الصحيحة، رواها الكليني في الصحيح، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج «عن أبي عبد الله عليه السلام» أنه سئل عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا فقال: إن رجلا أتى النبي صلى الله عليه و آله و سلم فقال: هلكت يا رسول الله فقال‏

318
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمدا أو ناسيا ص 317

ص كَانَ فِيهِ عِشْرُونَ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ.
1887 وَ رَوَى إِدْرِيسُ بْنُ هِلَالٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَتَى أَهْلَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ عَلَيْهِ عِشْرُونَ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ فَبِذَلِكَ أَمَرَ النَّبِيُّ ص الرَّجُلَ الَّذِي أَتَاهُ فَسَأَلَهُ عَنْ‏

__________________________________________________
مالك؟ فقال: النار يا رسول الله قال: و مالك؟ قال وقعت على أهلي قال تصدق و استغفر، فقال الرجل: فو الذي عظم حقك ما تركت في البيت شيئا لا قليلا و لا كثيرا قال: فدخل رجل من الناس بمكتل من تمر فيه عشرون صاعا يكون عشرة أصوع بصاعنا فقال له رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: خذ التمر فتصدق به (أي على ستين مسكينا جمعا و إن كان ظاهره الأعم) فقال يا رسول الله على من أتصدق به و قد أخبرتك أنه ليس في بيتي قليل و لا كثير قال فخذه و أطعمه عيالك و استغفر الله- قال: فلما خرجنا قال أصحابنا: إنه بدأ بالعتق فقال أعتق أو صم أو تصدق.
و الظاهر أن جميل كان ذلك الوقت مشتغلا بشخص أو بشي‏ء آخر و لم يسمع و سمعه بقية الأصحاب كعبد المؤمن أو كان سماعهم قبل مجي‏ء جميل، فلما جاء جميل كرره لأجله و اختصر اعتمادا على ذكر الأصحاب له و مخالفة وزن المكتل كانت باعتبار اختلاف الأصوع كما يظهر من خبر جميل أيضا فلا يمتنع أن يكون عشرين و عشرا و خمسة عشر.
 «و روى إدريس بن هلال» و هو كخبر جميل في مقدار الصاع «و» كذا ما «روى محمد بن النعمان» في الحسن كالصحيح «عنه عليه السلام» و رواه الشيخ أيضا عنه و روى الكليني في الموثق، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال، سألته عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا قال: يتصدق بعشرين صاعا و يقضي مكانه «1» و يحمل الزيادة على الاستحباب أو على اختلاف الأصوع.
و روى الشيخ في الموثق كالصحيح (بطريقين)، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال، سألته عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا قال: عليه‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من افطر متعمدا من غير عذر إلخ خبر 8.

319
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمدا أو ناسيا ص 317

ذَلِكَ.
1888 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ عَنْهُ ع أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَفْطَرَ يَوْماً مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ كَفَّارَتُهُ جَرِيبَانِ مِنْ طَعَامٍ وَ هُوَ عِشْرُونَ صَاعاً.

1889 وَ فِي رِوَايَةِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي رَجُلٍ أَتَى امْرَأَتَهُ وَ هُوَ صَائِمٌ وَ هِيَ صَائِمَةٌ فَقَالَ إِنْ كَانَ اسْتَكْرَهَهَا فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ وَ إِنْ كَانَتْ طَاوَعَتْهُ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَ عَلَيْهَا كَفَّارَةٌ وَ إِنْ كَانَ أَكْرَهَهَا فَعَلَيْهِ ضَرْبُ خَمْسِينَ سَوْطاً نِصْفِ الْحَدِّ

__________________________________________________
خمسة عشر صاعا لكل مسكين مد بمد النبي صلى الله عليه و آله و سلم أفضل «1» و الظاهر أن مد النبي صلى الله عليه و آله و سلم كان أكثر. و يمكن أن يكون باعتبار أن صاع النبي صلى الله عليه و آله و سلم كما ذكر كان خمسة أمداد بالمد المشهور و أي صاع كان فالمد ربعه فيكون مد النبي صلى الله عليه و آله و سلم مدا و ربعا و يصير قريبا منه، فبهذا الاعتبار اختلف تحديد الكفارة بالخمسة عشر و عشرين.
و روى الشيخ في الصحيح، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن المشرقي (الثقة- الثقة على ما ذكره الكشي) عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن رجل أفطر في شهر رمضان أياما متعمدا ما عليه من الكفارة؟ فكتب عليه السلام: من أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا فعليه عتق رقبة مؤمنة و يصوم يوما بدل يوم «2» و الظاهر أنه على كونه فرد الواجب المخير كما في الأخبار السابقة و إن احتمل أن يكون باعتبار الأشخاص وجوبا أو فضيلة.
و روى الشيخ في الموثق، عن سماعة بن مهران. عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن معتكف واقع أهله قال: عليه ما على الذي أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا، عتق رقبة أو صوم شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا الخبر «3».
 «و في رواية المفضل بن عمر» تدل على تحمل الكفارة و الحد.
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب الكفّارة في اعتماد افطار يوم من شهر رمضان إلخ خبر 6 و باب الزيادات خبر 51 و في الموضع الثاني لكل مسكين مد مثل الذي صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
 (2) التهذيب باب الكفّارة في اعتماد افطار يوم من شهر رمضان إلخ خبر 7.
 (3) التهذيب باب الاعتكاف و ما يجب فيه من الصيام خبر 20.

320
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمدا أو ناسيا ص 317

وَ إِنْ كَانَتْ طَاوَعَتْهُ ضُرِبَ خَمْسَةً وَ عِشْرِينَ سَوْطاً وَ ضُرِبَتْ خَمْسَةً وَ عِشْرِينَ سَوْطاً.
قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَمْ أَجِدْ شَيْئاً فِي ذَلِكَ فِي شَيْ‏ءٍ مِنَ الْأُصُولِ وَ إِنَّمَا تَفَرَّدَ بِرِوَايَتِهِ- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ‏
__________________________________________________
 «لم أجد ذلك» يعني هذا الحكم «في شي‏ء من الأصول» غير أصل المفضل «و إنما تفرد بروايته علي بن إبراهيم بن هاشم» علاوة يعني مع أنه لم يوجد إلا في أصله لم ينقل عن أصله إلا علي بن إبراهيم، و الظاهر أنه وقع سهو منه (ره) لأنه منقول في الكافي، عن علي بن محمد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن عبد الله ابن حماد، عن المفضل بن عمر «1» فإن كان موجودا في أصل علي بن إبراهيم وقع السهو باعتبار نفيه عن غيره و إن لم يكن موجودا فيه وقع السهو باشتباه (علي بن محمد بن بندار) (بعلي بن إبراهيم) على أنه رواه الشيخ أيضا «2» و عمل الأصحاب عليه.
و ذكر المحقق في المعتبر و العلامة في المنتهى أن هذه الرواية و إن كانت ضعيفة السند إلا أن أصحابنا ادعوا الإجماع على مضمونها مع ظهور العمل و القول بها و نسبة الفتوى إلى الأئمة عليهم السلام و إذا عرف ذلك لم يعتد بالناقلين إذ يعلم أقوال أرباب المذاهب بنقل أتباعهم و إن أسندت في الأصل إلى الضعفاء و المجاهيل، و الظاهر أن الصدوق أيضا عمل (يعمل- خ) عليه، و غرضه من هذا الكلام أن صحته ليست مثل صحة سائر الأخبار لأنه ذكر أن ما يذكر في هذا الكتاب فإنما ينقل من الأصول المعتمدة و ذكر منها أصل المفضل بن عمر، و يحتمل أن لا يكون هذا الخبر في أصله و إنما ذكره عنه علي بن إبراهيم، و علي بن محمد بن بندار بإسنادهما إليه كما هو ظاهر العبارة، و لهذا توقف في العمل به لكنه خلاف الظاهر، لأن الظاهر
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من افطر متعمدا من غير عذر إلخ خبر 9.
 (2) الكافي باب من افطر متعمدا من غير عذر إلخ خبر 5 و التهذيب باب حكم من افطر يوما من شهر رمضان إلخ خبر 2.

321
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمدا أو ناسيا ص 317

1890 وَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ بُرَيْدٍ الْعِجْلِيِّ قَالَ: سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ ع عَنْ رَجُلٍ شَهِدَ عَلَيْهِ شُهُودٌ أَنَّهُ أَفْطَرَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَالَ يُسْأَلُ هَلْ عَلَيْكَ فِي إِفْطَارِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِثْمٌ فَإِنْ قَالَ لَا فَإِنَّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ وَ إِنْ قَالَ نَعَمْ فَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَنْهَكَهُ ضَرْباً.

1891 وَ فِي رِوَايَةِ سَمَاعَةٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ أُخِذَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَ قَدْ يَبْنِيَ عَلَى مَا صَامَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حَبَسَهُ فَإِنْ صَامَ شَهْراً وَ صَامَ مِنَ الشَّهْرِ الثَّانِي أَيَّاماً ثُمَّ أَفْطَرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى مَا صَامَ.

2005 وَ رَوَى مُوسَى بْنُ بَكْرٍ عَنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: فِي رَجُلٍ عَلَيْهِ‏

__________________________________________________
أنه يروي عن أصل المفضل كما ذكر في أول الكتاب و آخره، و الظاهر أن الكليني أيضا يروي عن أصله، و لهذا عمل الأصحاب عليه.
 «و روى (إلى قوله) العجلي» في الصحيح و رواه الكليني أيضا «1» في الصحيح «قال (إلى قوله) شهود» أي عدول أو صار متواترا «أنه (إلى قوله) أيام» و الظاهر أنه لا مدخل للثلثة في الحكم كما يظهر من عموم الجواب «قال (إلى قوله) أن يقتله» إذا كان مولودا على الفطرة أو بعد الاستتابة و عدم الرجوع «و إن قال (إلى قوله) ضربا» أي يبالغ في عقوبته بالضرب، و يحمل على المذكور سابقا جمعا و يمكن أن يكون منوطا برأي الإمام و السابق يكون فردا.
 «و في رواية سماعة» في الموثق و رواه الكليني أيضا عنه موثقا «2» «عن أبي عبد الله عليه السلام» و يدل على القتل في الثالثة كما يدل عليه أخبار أخر (و قيل) في الرابعة احتياطا للدماء- هذا إذا لم يكن مستحلا و إلا فالقتل أولا إذا كان فطريا، و مع الاستتابة ثلاثا إذا كان مليا.
و روى الكليني، عن محمد بن عمران (حمران- خ) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أتي أمير المؤمنين عليه السلام و هو جالس في المسجد بالكوفة بقوم وجدوهم يأكلون بالنهار في شهر رمضان فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام أكلتم و أنتم مفطرون (أي متعمدين) قالوا: نعم قال يهود أنتم؟ قالوا: لا- قال: فنصارى؟ قالوا: لا- قال: فعلى أي شي‏ء من هذه الأديان مخالفين للإسلام؟ قالوا، بل مسلمون- قال: فسفر أنتم؟ قالوا: لا- قال‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب من افطر متعمدا من غير عذر إلخ خبر 5- 6.

322
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمدا أو ناسيا ص 317

أَفْطَرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ قَدْ رُفِعَ إِلَى الْإِمَامِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ فَيُقْتَلُ فِي الثَّالِثَةِ
__________________________________________________
فيكم علة استوجبتم الإفطار لا نشعر بها فإنكم أبصر بأنفسكم منا، لأن الله عز و جل يقول:
 (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) قالوا: بل أصبحنا ما بنا علة، قال فضحك أمير المؤمنين صلوات الله عليه ثمَّ قال تشهدون أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله و لا نعرف محمدا- قال: فإنه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، قالوا: لا نعرفه بذلك إنما هو أعرابي دعي إلى نفسه، فقال: إن أقررتم و إلا قتلتكم (لأقتلنكم- خ) قالوا: و إن فعلت.
فوكل بهم شرطة الخميس (أي شجعان الجيش و كان لهم علامة يعرفون بها و الجيش خمس فرق، المقدمة، و القلب، و الميمنة، و الميسرة، و الساق) و خرج بهم إلى الظهر ظهر الكوفة و أمر أن يحفر حفرتين و حفر إحداهما إلى جنب الأخرى ثمَّ خرق فيما بينهما كوة ضخمة شبه الخوخة (و هي الدريجة) فقال لهم: إني واضعكم في إحدى هذين القليبين و أوقد في الأخرى بالنار، فأقتلكم بالدخان قالوا: و إن فعلت ف إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا.
فوضعهم في أحد الجبين وضعا رفيقا ثمَّ أمر بالنار فأوقدت في الجب الآخر ثمَّ جعل يناديهم مرة بعد مرة ما تقولون؟ فيجيبون فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ- حتى ماتوا قال: ثمَّ انصرف فسار بفعله الركبان و تحدث به الناس.
فبينما هو ذات يوم في المسجد إذ قدم عليه يهودي من أهل يثرب قد أقر له من في يثرب من اليهود أنه أعلمهم و كذلك كانت آبائه من قبل قال: و قدم على أمير المؤمنين عليه السلام في عدة من أهل بيته فلما انتهوا إلى المسجد الأعظم بالكوفة أناخوا رواحلهم ثمَّ وقفوا على باب المسجد و أرسلوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام إنا قوم من اليهود قدمنا من الحجاز و لنا إليك حاجة فهل تخرج إلينا؟ أو ندخل إليك؟ قال فخرج إليهم و هو يقول سيدخلون‏

323
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمدا أو ناسيا ص 317

.........
__________________________________________________
و يتسابقون (يتنافسون يسابقون- خ) باليمين (أي سيدخلون في الإسلام أو في المسجد أو الأعم و يستبقون في البيعة باليمين أي باليد اليمنى أو يؤكدونها باليمين. و هو أخبار بالغيب).
فما حاجتكم؟ فقال له عظيمهم: يا بن أبي طالب ما هذه البدعة التي أحدثت في دين محمد صلى الله عليه و آله و سلم فقال له: و أية بدعة؟ فقال له اليهودي زعم قوم من أهل الحجاز أنك عمدت إلى قوم شهدوا أن لا إله إلا الله و لم يقروا أن محمدا رسول الله فقتلتهم بالدخان فقال له أمير المؤمنين صلوات الله عليه: فنشدتك بالتسع الآيات التي أنزلت على موسى عليه السلام بطور سيناء، و بحق الكنائس الخمس القدس، (و بحق المهيمن أو الصمد أو) السمت (عبري الصمد) الديان هل تعلم أن يوشع بن نون أتي بقوم بعد وفاة موسى شهدوا أن لا إله إلا الله و لم يقروا أن موسى رسول الله فقتلهم بمثل هذه القتلة؟ فقال له اليهودي: أشهد أنك ناموس موسى «1»، قال ثمَّ أخرج من قبائه كتابا فدفعه إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه ففضه و نظر فيه و بكى فقال له اليهودي ما يبكيك يا بن أبي طالب؟ إنما نظرت في هذا- الكتاب و هو كتاب سرياني و أنت رجل عربي فهل تدري ما هو؟ فقال له- أمير المؤمنين عليه السلام: نعم هذا اسمي ثبت.
فقال له اليهودي: فأرني اسمك في هذا الكتاب و أخبرني ما اسمك بالسريانية؟
قال فأراه أمير المؤمنين عليه السلام اسمه في الصحيفة فقال: اسمي (إليا) فقال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله و أشهد أنك وصي محمد، و أشهد أنك أولى الناس بالناس من بعد محمد صلى الله عليه و آله و سلم و بايعوا أمير المؤمنين صلوات الله عليه و دخل المسجد فقال أمير المؤمنين عليه السلام، الحمد لله الذي لم أكن عنده منسيا الحمد لله الذي أثبتني عنده في صحيفة الأبرار «2» (و الحمد لله ذي الجلال و الإكرام- خ).
__________________________________________________
 (1) يقال: الناموس صاحب سر الخير و الجاسوس صاحب سر الشر و ناموس الرجل صاحب سره الذي يطلعه على باطن امره و يخصه بما يستره عن غيره (مجمع البحرين).
 (2) الكافي باب النوادر من كتاب الصوم خبر 7 و الآية في سورة القيمة- 14.

324
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمدا أو ناسيا ص 317

1892 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع مَنْ أَفْطَرَ يَوْماً مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ خَرَجَ رُوحُ الْإِيمَانِ مِنْهُ وَ مَنْ أَفْطَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مُتَعَمِّداً فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَ قَضَاءُ يَوْمٍ مَكَانَهُ وَ أَنَّى لَهُ بِمِثْلِهِ.

وَ أَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ فِيمَنْ أَفْطَرَ يَوْماً مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مُتَعَمِّداً أَنَّ عَلَيْهِ ثَلَاثَ كَفَّارَاتٍ فَإِنِّي أُفْتِي بِهِ فِيمَنْ أَفْطَرَ بِجِمَاعٍ مُحَرَّمٍ عَلَيْهِ أَوْ بِطَعَامٍ مُحَرَّمٍ عَلَيْهِ لِوُجُودِي ذَلِكَ فِي رِوَايَاتِ أَبِي الْحُسَيْنِ الْأَسَدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَا وَرَدَ عَلَيْهِ مِنَ الشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرٍ.
__________________________________________________
 «و قال الصادق (ع)» رواه الصدوق في القوي «1» و خروج روح الإيمان عبارة عن نقصان إيمانه، و في الأخبار الكثيرة أن للمؤمن روح الإيمان فإذا ارتكب كبيرة من الكبائر فارقه روح الإيمان، فإذا فرغ منها عاد إليه، فيمكن أن يكون ملكا يسدده و يوفقه كما ورد في الأخبار الأخر أيضا و يمكن أن يكون روح الإيمان مخصوصا بالإيمان الذي له بذلك الفعل، فإذا ارتكبه فكأنه لم يؤمن بأنه مخالفة الله تعالى.
 «و من أفطر إلخ» يدل على ذلك ما تقدم من الأخبار، و ما رواه الكليني في- الحسن كالصحيح و الشيخ في الصحيح، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) في رجل أفطر في شهر رمضان متعمدا من غير عذر قال يعتق نسمة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا فإن لم يقدر على ذلك تصدق بما يطيق، «2» و غير ذلك من الأخبار.
 «و أما الخبر الذي» الظاهر أنه الخبر الذي رواه الشيخ في الموثق، عن سماعة قال: سألته عن رجل أتى أهله في رمضان متعمدا فقال: عليه عتق رقبة و إطعام ستين مسكينا و صيام شهرين متتابعين و قضاء ذلك اليوم و أنى له مثل ذلك اليوم «3» «فإني أفتي (إلى- قوله) الأسدي رضي الله عنه» في الصحيح على الظاهر «فيما (إلى قوله) العمري» نائب‏
__________________________________________________
 (1) عقاب الاعمال باب عقاب من افطر يوما من شهر رمضان خبر 1.
 (2) الكافي باب من افطر متعمدا من غير عذر إلخ خبر 1.
 (3) التهذيب باب الكفّارة في اعتماد افطار يوم إلخ خبر 11.

325
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمدا أو ناسيا ص 317

مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْعَمْرِيِّ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ‏
1893 وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ نَسِيَ فَأَكَلَ وَ شَرِبَ ثُمَّ ذَكَرَ

__________________________________________________
صاحب الزمان صلوات الله عليه «قدس الله روحه» و الظاهر أنه رواه عن الصاحب صلوات الله عليه.
و روى الصدوق و الشيخ في الحسن كالصحيح، عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: قلت للرضا عليه السلام: يا بن رسول الله- قد روي عن آبائك عليهم السلام فيمن جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه ثلاث كفارات، و روي عنهم أيضا كفارة واحدة فبأي- الخبرين نأخذ؟ قال: بهما جميعا، متى جامع الرجل حراما أو أفطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفارات: عتق رقبة، و صيام شهرين متتابعين، و إطعام ستين مسكينا و قضاء ذلك اليوم و إن كان نكح حلالا أو أفطر على حلال فعليه كفارة واحدة و قضاء ذلك اليوم، و إن كان ناسيا فلا شي‏ء عليه «1» و يحتمل خبر سماعة أن يكون الواو فيه بمعنى (أو).
 «و روى الحلبي» في الصحيح و رواه الكليني و الشيخ أيضا في الصحيح عنه «2» «عن أبي عبد الله عليه السلام» و يؤيده ما رواه الكليني في الموثق، عن سماعة قال سألته عن رجل صام في شهر رمضان فأكل و شرب ناسيا قال: يتم صومه و ليس عليه قضاؤه «3» و عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل ينسى فيأكل في شهر رمضان قال: يتم صومه فإنما هو شي‏ء أطعمه الله (إياه- خ) «4» و روى الشيخ في الصحيح، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: من صام فنسي و أكل و شرب فلا يفطر من أجل أنه‏
__________________________________________________
 (1) عيون أخبار الرضا عليه السلام باب ما جاء عن الرضا (ع) من الاخبار المتفرقة خبر 88 و التهذيب باب الكفّارة في اعتماد افطار يوم إلخ خبر 12.
 (2) الكافي باب من اكل او شرب ناسيا في شهر رمضان خبر 1 و التهذيب باب قضاء شهر رمضان إلخ خبر 11.
 (3- 4) الكافي باب من اكل او شرب ناسيا إلخ خبر 2- 3.

326
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمدا أو ناسيا ص 317

قَالَ لَا يُفْطِرُ إِنَّمَا هُوَ شَيْ‏ءٌ رَزَقَهُ اللَّهُ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ.
1894 وَ سَأَلَهُ عَمَّارُ بْنُ مُوسَى عَنِ الرَّجُلِ يَنْسَى وَ هُوَ صَائِمٌ فَجَامَعَ أَهْلَهُ قَالَ يَغْتَسِلُ وَ لَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ.

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ ذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَ غَيْرِهِ وَ لَا يَجِبُ فِيهِ الْقَضَاءُ هَكَذَا رُوِيَ عَنِ الْأَئِمَّةِ ع‏
1895 وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ رِئَابٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ‏

__________________________________________________
نسي، فإنما هو رزق رزقه الله عز و جل فليتم صومه «1» و في الموثق عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل صام يوما نافلة فأكل و شرب ناسيا قال: يتم صومه ذلك و ليس عليه شي‏ء «2».
 «و سأله عمار بن موسى» في الموثق، و رواه الشيخ أيضا في الموثق «3» لكن، بنسيان لفظ (ينسى) و لو لم يكن نسي لكان محمولا على النسيان أيضا، و روي في القوي كالصحيح، عن عبد الله بن مسكان، عن زرارة و أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قالا جميعا: سألنا أبا جعفر عليه السلام عن رجل أتى أهله في شهر رمضان و أتى أهله و هو محرم و هو لا يرى إلا أن ذلك حلال له- قال ليس عليه شي‏ء «4» و يدل على عدم وجوب الكفارة على الجاهل و لا بأس بالعمل به لتأيده بعمومات (رفع عن أمتي ما لا يعلمون «5» و غير ذلك «و ذلك (إلى قوله) عن الأئمة عليهم السلام» لإطلاق الخبرين. الأولين و تقييد الثالث.
 «و روى علي بن رئاب» في الصحيح كالشيخ «6» «عن إبراهيم بن ميمون»
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب حكم الساهى و الغالط في الصيام خبر 2- 1 و باب قضاء شهر رمضان إلخ خبر 12- 13.
 (3- 4) التهذيب باب الكفّارة في اعتماد افطار يوم إلخ خبر 9- 10
قول الشارح قده (بنسيان لفظ ينسى) نقول يظهر من التهذيب كون أصل الخبر كذلك فان الشيخ ره قال بعد نقله- هذا الخبر محمول على انه إذا جامع نسيانا دون العمد ثمّ قال و يحتمل أيضا أن يكون المراد به من لا يعلم ان ذلك لا يسوغ له في الشريعة- ثم تمسك بقوى زرارة و ابى بصير.
 (5) أصول الكافي باب ما رفع عن الأمة خبر 2 من كتاب الإيمان و الكفر.
 (6) التهذيب باب الزيادات خبر 107 لكن فيه ابن مسكان عن إبراهيم إلخ.

327
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمدا أو ناسيا ص 317

يُجْنِبُ بِاللَّيْلِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ يَنْسَى أَنْ يَغْتَسِلَ حَتَّى يَمْضِيَ لِذَلِكَ جُمْعَةٌ أَوْ يَخْرُجَ شَهْرُ رَمَضَانَ قَالَ عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّلَاةِ وَ الصَّوْمِ.
1896 وَ رُوِيَ فِي خَبَرٍ آخَرَ أَنَّ مَنْ جَامَعَ فِي أَوَّلِ شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ نَسِيَ الْغُسْلَ حَتَّى خَرَجَ شَهْرُ رَمَضَانَ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَغْتَسِلَ وَ يَقْضِيَ صَلَاتَهُ وَ صَوْمَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدِ اغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يَقْضِي صَلَاتَهُ وَ صِيَامَهُ إِلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ لَا يَقْضِي مَا بَعْدَ ذَلِكَ.

1897 وَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْقَمَّاطِ أَنَّهُ سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عَمَّنْ أَجْنَبَ‏

__________________________________________________
و هو مجهول الحال، و رواه الكليني «1» و يؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح بطريقين عن الحلبي قال، سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل أجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتى خرج شهر رمضان قال: عليه أن يقضي الصلاة و الصيام «2»- لا ريب في قضاء الصلاة و أما قضاء الصيام فمحمول على الاستحباب لما سيذكر من الأخبار.
 «و روي في خبر آخر إلخ» و قد تقدم «3» أيضا في باب تداخل الأغسال أخبار تدل على إجزاء غسل الجمعة عن غسل الجنابة، و الاحتياط في إعادة الصلاة مطلقا و إعادة الصوم فيما تقدم على غسل الجمعة و إن كان الأظهر في قضاء الصوم الاستحباب مطلقا.
 «و في رواية ابن أبي نصر» في الصحيح «عن أبي سعيد القماط» الثقة «أنه سئل (إلى قوله) أصبح» أي في النوم الأول أو الأعم، بل الأعم من أن يكون بنية الغسل أولا بقرينة التعليل بأن جنابته كانت في وقت أحلها الله تعالى بقوله:
أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى‏ نِسائِكُمْ «4».
__________________________________________________
 (1) الكافي باب فيمن اجنب بالليل في شهر رمضان إلخ خبر 5.
 (2) التهذيب باب الزيادات خبر 6 و خبر 58.
 (3) راجع ص 241 من المجلد الأول.
 (4) سورة البقرة- الآية 187.

328
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمدا أو ناسيا ص 317

فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَنَامَ حَتَّى أَصْبَحَ قَالَ لَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ وَ ذَلِكَ أَنَّ جَنَابَتَهُ كَانَتْ فِي وَقْتٍ حَلَالٍ.
1898 وَ رَوَى ابْنُ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ الرَّجُلُ يُجْنِبُ فِي شَهْرِ

__________________________________________________
و نومه أيضا حلال، و لكن لا يدل على جواز البقاء عليها عمدا كما سيجي‏ء و لكن يحمل على النومة الأولى ليوافق الأخبار الأخر.
 «و روى ابن أبي يعفور» في الحسن كالصحيح و رواه الشيخ في الصحيح «1» «عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له الرجل يجنب» أي يحتلم كما هو الظاهر، و يحتمل أن يكون المراد به يجامع، و يؤيده ما في بعض النسخ من قوله «ثمَّ ينام ثمَّ يستيقظ» و ظاهره عدم القضاء في النومة الأولى و القضاء في الثانية، و يدل على الأول أن النومة الأولى في الاحتلام هي النومة التي احتلم فيها كما يدل عليه ما رواه الكليني في الصحيح، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال، في رجل احتلم أول الليل و أصاب من أهله تمَّ نام متعمدا في شهر رمضان حتى أصبح قال: يتم صومه ذلك. ثمَّ يقضيه إذا أفطر شهر رمضان و يستغفر ربه «2» بناء على ما فهمه الأكثر من حمل تعمد النوم على النوم بنية الغسل اختيارا، لكن الظاهر منه النوم لا بنية الغسل.
و كذا ما رواه الشيخ في الصحيح، عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن رجل أصاب من أهله في شهر رمضان أو أصابته جنابة ثمَّ ينام حتى يصبح متعمدا قال يتم ذلك اليوم و عليه قضاؤه «3» و في الصحيح عن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يجنب في أول الليل ثمَّ ينام حتى يصبح في شهر رمضان قال: ليس عليه شي‏ء- قلت فإنه استيقظ ثمَّ نام حتى أصبح قال فليقض ذلك‏
__________________________________________________
 (1- 3) التهذيب باب الكفّارة في اعتماد افطار يوم إلخ خبر 19- 21.
 (2) الكافي باب فيمن اجنب بالليل في شهر رمضان إلخ خبر 1.

329
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمدا أو ناسيا ص 317

رَمَضَانَ ثُمَّ يَسْتَيْقِظُ ثُمَّ يَنَامُ ثُمَّ يَسْتَيْقِظُ ثُمَّ يَنَامُ حَتَّى يُصْبِحَ قَالَ يُتِمُّ صَوْمَهُ وَ يَقْضِي يَوْماً آخَرَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَيْقِظْ حَتَّى يُصْبِحَ أَتَمَّ صَوْمَهُ وَ جَازَ لَهُ.
1899 وَ سَأَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ عَنِ الرَّجُلِ يَقْضِي شَهْرَ رَمَضَانَ فَيُجْنِبُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَ لَا يَغْتَسِلُ حَتَّى يَجِي‏ءَ آخِرُ اللَّيْلِ وَ هُوَ يَرَى أَنَّ الْفَجْرَ قَدْ طَلَعَ قَالَ لَا يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَ يَصُومُ غَيْرَهُ‏

__________________________________________________
اليوم عقوبة «1».
و روى الكليني و الشيخ في الصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن الرجل يصيب الجارية كما في (في) و تصيبه الجنابة (أي الاحتلام كما في يب) في شهر رمضان ينام قبل أن يغتسل قال يتم صومه و يقضي ذلك اليوم إلا أن يستيقظ قبل أن يطلع الفجر فإن انتظر ماء يسخن أو يستسقي (و في يب يستقي) فطلع الفجر فلا يقضي يومه «2».
 «و سأله عبد الله بن سنان» في الصحيح، و رواه الشيخ أيضا في الصحيح، عن أبي عبد الله عليه السلام «3» و روى الكليني في الصحيح، عن ابن سنان قال كتب أبي إلى أبي عبد الله عليه السلام و كان يقضي شهر رمضان و قال إني أصبحت بالغسل و أصابتني جنابة (تفسير للسابق) فلم أغتسل حتى طلع الفجر فأجابه عليه السلام لا تصم هذا اليوم و صم غدا «4» و سيجي‏ء أيضا صحيحة الحلبي و موثقة سماعة و غيرهما في هذا المعنى، و حمله بعض الأصحاب على عدم التضيق بقرب رمضان كما يشعر به الأخبار و الظاهر أنه لا خلاف فيه و إن اختلف في جواز البقاء على الجنابة و عدمه في أدائه.
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب الكفّارة في اعتماد افطار يوم إلخ خبر 22- 20 و أورد الثاني في الكافي باب فيمن اجنب بالليل إلخ خبر 10.
 (3) التهذيب باب قضاء شهر رمضان إلخ خبر 10.
 (4) الكافي باب فيمن اجنب في شهر رمضان إلخ خبر 4- و قوله (فاجابه عليه السلام) هكذا في الكافي و الظاهر أنّه نقل بالمعنى من الراوي، و يحتمل أن يكون من الكليني قده.

330
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمدا أو ناسيا ص 317

1900 وَ سَأَلَهُ الْعِيصُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنِ الرَّجُلِ يَنَامُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَيَحْتَلِمُ ثُمَّ يَسْتَيْقِظُ ثُمَ‏

__________________________________________________
 «و سأله العيص بن القسم» في الصحيح- و روى الشيخ أيضا عنه في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أجنب في شهر رمضان في أول الليل فأخر الغسل حتى طلع الفجر قال: يتم صومه و لا قضاء عليه «1» و كأنه خبر آخر له و ظاهره على ما نقله- الصدوق يدل على عدم حرمة النوم ثانيا، و لا ينافيه وجوب القضاء، بالأخبار المتقدمة و إن أمكن حمل أخبار القضاء على الاستحباب كما يظهر مما نقله الشيخ في خبر العيص.
و ما رواه في الصحيح، عن حبيب الخثعمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يصلي صلاة الليل في شهر رمضان ثمَّ يجنب ثمَّ يؤخر الغسل متعمدا حتى يطلع الفجر «2».
و في القوي عن إسماعيل بن عيسى قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام، عن رجل أصابته جنابة في شهر رمضان فنام (عمدا- خ) حتى أصبح أي شي‏ء عليه؟ قال: لا يضره هذا و لا يفطر (و لا يبالي- خ) فإن أبي عليه السلام قال قالت عائشة إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أصبح جنبا من جماع غير احتلام، و رجل أصابته فبقي جنابة فبقي نائما حتى يصبح أي شي‏ء يجب عليه؟ قال: لا شي‏ء عليه يغتسل، و رجل أصابته جنابة في آخر الليل فقام ليغتسل و لم يصب ماء فذهب يطلبه أو بعث من يأتيه فعسر عليه حتى أصبح كيف يصنع؟ قال: يغتسل إذا جاءه ثمَّ يصلي «3».
و عن صفوان بن يحيى، عن سليمان بن أبي زينبة قال: كتبت إلى أبي الحسن.
موسى بن جعفر عليهما السلام أسأله عن رجل أجنب في شهر رمضان من أول الليل فأخر الغسل حتى طلع الفجر، فكتب عليه السلام إلى بخطه أعرفه مع مصادف: يغتسل من جنابته و يتم صومه و لا شي‏ء عليه «4»
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4) التهذيب باب الكفّارة في اعتماد افطار يوم إلخ خبر 15- 27- 17- 16.

331
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمدا أو ناسيا ص 317

يَنَامُ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ قَالَ لَا بَأْسَ‏
__________________________________________________
و حملها أكثر الأصحاب على التقية لما تقدم، و لما رواه الشيخ في الموثق عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل ثمَّ ترك الغسل متعمدا حتى أصبح قال: يعتق رقبة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا قال و قال إنه خليق أن لا أراه يدركه أبدا «1».
و في القوي، عن سليمان بن جعفر المروزي عن الفقيه (أي الهادي عليه السلام) قال:
إذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل و لا يغتسل حتى يصبح فعليه صوم شهرين متتابعين مع صوم ذلك اليوم و لا يدرك فضل يومه «2».
و في الموثق، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن بعض مواليه قال: سألته عن احتلام الصائم: قال: فقال: إذا احتلم نهارا في شهر رمضان فليس له أن ينام حتى يغتسل و إن أجنب ليلا في شهر رمضان فلا ينام ساعة حتى يغتسل، فمن أجنب في شهر رمضان فنام حتى يصبح فعليه عتق رقبة أو إطعام ستين مسكينا و قضاء ذلك اليوم و يتم صيامه و لن يدركه أبدا «3» و في الموثق، عن سماعة بن مهران قال: سألته عن رجل أصابته جنابة في جوف- الليل في رمضان فنام و قد علم بها و لم يستيقظ حتى يدركه الفجر فقال عليه أن يتم صومه و يقضي يوما آخر- فقلت: إذا كان ذلك من الرجل و هو يقضي رمضان؟ قال: فليأكل يومه ذلك و ليقض فإنه لا يشبه رمضان شي‏ء من الشهور «4».
و ظاهر الصدوق كما نقل عنه جواز البقاء على الجنابة و النوم و إن وجب القضاء في النومة الثانية إذا أصبح بها، و ظاهر الأكثر عدم القضاء في النومة الأولى بقصد الانتباه و الغسل، أو إذا كان في تهية الغسل و القضاء في النومة الثانية مع نيته، و القضاء و الكفارة في النومة الثالثة أو مع عدم نية الغسل و إن أصبح في الأولى- و به جمعوا بين الأخبار، و لا ريب أنه أحوط، مع احتمال الاستحباب في القضاء و الكفارة، و الأحوط أن لا يبقى على‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4) التهذيب باب الكفّارة في اعتماد افطار يوم إلخ خبر 23- 24- 25- 18.

332
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمدا أو ناسيا ص 317

1901 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلٍ صَامَ ثُمَّ ظَنَّ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَابَتْ وَ فِي السَّمَاءِ غَيْمٌ فَأَفْطَرَ ثُمَّ إِنَّ السَّحَابَ انْجَلَى فَإِذَا الشَّمْسُ لَمْ تَغِبْ قَالَ قَدْ تَمَّ صَوْمُهُ وَ لَا يَقْضِيهِ.

1902 وَ رَوَى حَمَّادٌ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع وَقْتُ الْمَغْرِبِ إِذَا غَابَ الْقُرْصُ فَإِنْ رَأَيْتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَ قَدْ صَلَّيْتَ أَعَدْتَ الصَّلَاةَ وَ مَضَى صَوْمُكَ وَ تَكُفُّ عَنِ الطَّعَامِ‏

__________________________________________________
الجنابة، و لو بقي فكما ذكره الأصحاب و إن احتمل جواز البقاء و النوم مع وجوب القضاء أو الكفارة- و الله تعالى هو العالم بأحكامه و حججه صلوات الله عليهم. «و روى محمد بن الفضيل» لم يذكر الصدوق طريقه إليه و هو مشترك بين- الثقة و غيره و ذكر طريقه إلى محمد بن القسم بن الفضيل، و طريقه إليه حسن و هو ثقة، فيحتمل أن يكون هو و يكون منسوبا إلى جده، و يحتمل أن يكون غيره و كثيرا ما يروي الصدوق عن جماعة لم يذكر طريقه إليهم و بالعكس فلا يحصل الجزم بمجرد عدم ذكر غيره أنه هو و الاحتمال غير كاف، و الاحتمال باق لو لم يكن ابن القسم أيضا «عن أبي الصباح الكناني» و الظاهر أن الخبر مأخوذ من كتابه، و هو ثقة عظيم الشأن و رواه الشيخ أيضا، عن الحسين بن سعيد في الصحيح، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح كالصدوق.
 «و روى حماد» في الصحيح «عن حريز عن زرارة» و رواه الشيخ أيضا في- الصحيح عنه «1» «قال قال (إلى قوله) القرص» و قد ذكر في الأخبار أنه يعرف بذهاب الحمرة المشرقية و سيجي‏ء أيضا- فإن رأيته «بعد ذلك» أي القرص «و قد صليت أعدت الصلاة» لوقوعها جميعا خارج الوقت «و مضى صومك» أي لا تحتاج إلى- القضاء- هذا إذا حصل له الظن الغالب بالغروب كما ظهر من الخبر السابق و الآتي «و تكف عن الطعام» لأن اليوم باق و يجب صومه و لا يضر الإفطار لأنه وقع حال عدم علمه بأنه يوم.
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب المواقيت خبر 79 من أبواب الزيادات، من كتاب الصلاة.

333
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمدا أو ناسيا ص 317

إِنْ كُنْتَ قَدْ أَصَبْتَ مِنْهُ شَيْئاً.
وَ كَذَلِكَ رَوَى زَيْدٌ الشَّحَّامُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ أُفْتِي وَ لَا أُفْتِي بِالْخَبَرِ الَّذِي أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ لِأَنَّهُ رِوَايَةُ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ وَ كَانَ وَاقِفِيّاً
__________________________________________________
 «و كذلك روى زيد الشحام» الثقة و الطريق كالشيخ و إن كان فيه ضعف لكنه لا يضر لأنه مأخوذ من كتابه «عن أبي عبد الله عليه السلام» في رجل صائم ظن أن الليل قد كان و أن الشمس قد غابت و كان في السماء سحاب فأفطر، ثمَّ إن السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب فقال تمَّ صومه و لا يقضيه «1» و في الموثق كالصحيح عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن وقت إفطار الصائم قال: حين يبدو ثلاثة أنجم و قال لرجل ظن أن الشمس قد غابت فأفطر ثمَّ أبصر الشمس بعد ذلك قال: ليس عليه قضاء «2» «لأنه رواية سماعة بن مهران و كان واقفيا» يعني أنه من متفرداته و إلا فهو يروي عنه كثيرا، و الظاهر أنه غفل عن رواية أبي بصير- روى الكليني في الصحيح، عن أبي بصير و سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس فرأوا أنه الليل فأفطر بعضهم، ثمَّ إن السحاب انجلى فإذا الشمس قال: على الذي أفطر صيام ذلك اليوم، إن الله عز و جل يقول: و أتموا الصيام إلى الليل فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه لأنه أكل متعمدا «3» و روي في الموثق مثله «4» و حمل على حصول الظن القوي مع حصول الظن الضعيف و لو كان شاكا ففيه- القضاء و الكفارة لأنه أفطر متعمدا- لاستصحاب بقاء اليوم بخلاف الإفطار في الصبح فإنه بالعكس، و ظاهر الأخبار جواز الاكتفاء بالظن‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب حكم الساهى و الغالط في الصيام خبر 10.
 (2) التهذيب باب الزيادات من كتاب الصوم خبر 34.
 (3- 4) الكافي باب من ظنّ انه ليل فانظر قبل الليل خبر 2- 1.

334
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الحد الذي يؤخذ فيه الصبيان بالصوم ص 335

بَابُ الْحَدِّ الَّذِي يُؤْخَذُ فِيهِ الصِّبْيَانُ بِالصَّوْمِ‏
1903 قَالَ الصَّادِقُ ع الصَّبِيُّ يُؤْخَذُ بِالصِّيَامِ إِذَا بَلَغَ تِسْعَ سِنِينَ عَلَى قَدْرِ مَا يُطِيقُهُ فَإِنْ أَطَاقَ إِلَى الظُّهْرِ أَوْ بَعْدَهُ صَامَ إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ فَإِذَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْجُوعُ أَوِ الْعَطَشُ أَفْطَرَ.

1904 وَ رَوَى عَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَطَاقَ الْغُلَامُ صَوْمَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ.

1905 وَ سَأَلَهُ سَمَاعَةُ عَنِ الصَّبِيِّ مَتَى يَصُومُ قَالَ إِذَا قَوِيَ عَلَى الصِّيَامِ.

1906 وَ فِي رِوَايَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فِي كَمْ يُؤْخَذُ الصَّبِيُ‏

__________________________________________________
باب الحد الذي يؤخذ فيه الصبيان بالصوم «قال الصادق عليه السلام» روى الكليني؟ في الحسن كالصحيح، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنا نأمر صبياننا بالصيام إذا كانوا بني سبع سنين بما أطاقوا من صيام اليوم فإن كان إلى نصف النهار أو أكثر من ذلك أو أقل فإذا غلبهم العطش و الغرث أفطروا حتى يتعودوا الصوم و يطيقوه فمروا صبيانكم إذا كانوا أبناء تسع سنين بما أطاقوا من صيام فإذا غلبهم العطش أفطروا «1» و روى الصدوق في الصحيح، عن زرارة و الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن الصلاة على الصبي متى يصلي عليه فقال: إذا عقل الصلاة- قلت متى تجب الصلاة عليه قال:
إذا كان ابن ست سنين و الصيام إذا أطاقه «2».
 «و روى عنه إسماعيل بن مسلم» و رواه الكليني بإسناده إليه، و كذا الشيخ عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام «3» «و في رواية معاوية بن وهب» في الحسن كالصحيح كالشيخ‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الصبيان و متى يؤخذون به خبر 1.
 (2) هذا الخبر أورده الصدوق في الفقيه باب الصلاة على الميت من كتاب الطهارة.
 (3) الكافي باب صوم الصبيان إلخ خبر 4 و التهذيب باب قضاء شهر رمضان إلخ خبر 25.

335
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الحد الذي يؤخذ فيه الصبيان بالصوم ص 335

بِالصِّيَامِ قَالَ مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً أَوْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَإِنْ هُوَ صَامَ قَبْلَ ذَلِكَ فَدَعْهُ وَ لَقَدْ صَامَ ابْنِي فُلَانٌ قَبْلَ ذَلِكَ فَتَرَكْتُهُ.
1907 وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ عَلَى الصَّبِيِ‏

__________________________________________________
و رواه الكليني و الشيخ أيضا في الصحيح «1» «قال سألت أبا عبد الله عليه السلام في كم يؤخذ الصبي» أي يبالغ و يشدد عليه و لو بالضرب «بالصيام قال ما بينه» أي من أربع عشرة سنة إلى تمام خمسة عشرة سنة أو ابتدائها (ابتدائه- خ) (أو) المراد ما بين زمان طاقة الصبي و بين خمسة عشر أو أربعة عشر «فإن هو صام قبل ذلك» أي ناقصا «فدعه» أي لا تبالغ معه و لا تشدد عليه في الصوم تماما قبل ذلك مع عدم الطاقة جمعا أو تماما مع المشقة.
و روى الكليني في الموثق عن سماعة قال: سألته عن الصبي متى يصوم؟ قال إذا قوي على الصيام «2» و روى الشيخ في القوي كالصحيح، عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهما السلام قال: سألته عن الغلام متى يجب عليه الصوم و الصلاة؟ قال: إذا راهق الحلم و عرف الصلاة و الصوم «3» و في القوي عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أتى على الصبي ست سنين وجب عليه الصلاة و إذا أطاق الصوم وجب عليه الصيام «4».
و في الموثق عن عمار الساباطي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الغلام متى تحب عليه الصلاة؟ قال: إذا أتى عليه ثلاث عشرة سنة فإن احتلم قبل ذلك فقد فقد وجب عليه الصلاة و جرى عليه القلم، و الجارية مثل ذلك إذا أتى لها ثلاث عشر سنة أو حاضت قبل ذلك فقد وجب عليها الصلاة و جرى عليها القلم «5» و روى الشيخ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل عن الصبي متى يصوم؟ قال: إذا أطاقه «6» «و في خبر آخر إلخ» روى الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب صوم الصبيان إلخ خبر 22 و التهذيب باب الزيادات خبر 76 و باب الصبيان متى يؤمرون إلخ خبر 7 من كتاب الصلاة.
 (2) الكافي باب صوم الصبيان إلخ خبر 3.
 (3- 4) التهذيب باب الصبيان متى يؤمرون بالصلاة خبر 4- 8 من كتاب الصلاة.
 (5) التهذيب باب الصبيان متى يؤمرون بالصلاة خبر 5 من كتاب الصلاة.
 (6) التهذيب باب الزيادات خبر 80 من كتاب الصوم.

336
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الحد الذي يؤخذ فيه الصبيان بالصوم ص 335

إِذَا احْتَلَمَ الصِّيَامُ وَ عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا حَاضَتِ الصِّيَامُ.
وَ هَذِهِ الْأَخْبَارُ كُلُّهَا مُتَّفِقَةُ الْمَعَانِي يُؤْخَذُ الصَّبِيُّ بِالصِّيَامِ إِذَا بَلَغَ تِسْعَ سِنِينَ إِلَى أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ إِلَى الِاحْتِلَامِ وَ كَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إِلَى الْحَيْضِ وَ وُجُوبُ الصَّوْمِ عَلَيْهِمَا بَعْدَ الِاحْتِلَامَ وَ الْحَيْضِ وَ مَا قَبْلَ ذَلِكَ تَأْدِيبٌ.
بَابُ الصَّوْمِ لِلرُّؤْيَةِ وَ الْفِطْرِ لِلرُّؤْيَةِ
1908 رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ فَصُومُوا وَ إِذَا

__________________________________________________
قال: على الصبي إذا احتلم الصيام، و على الجارية إذا حاضت الصيام الخبر «1».
و روى الشيخ و الصدوق في الصحيح، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا بلغ الغلام أشده ثلاث عشرة سنة و دخل في الأربعة عشر وجب عليه ما وجب على المحتلمين احتلم أو لم يحتلم و كتب عليه السيئات و كتب له الحسنات و جاز له كل شي‏ء إلا أن يكون ضعيفا أو سفيها «2».
 «و هذه الأخبار» الحاصل أن اختلاف الأخبار باعتبار أحوال الأطفال كما يدل عليه أخبار إذا أطاقه. و الظاهر أن مراده من التأديب التمرين كما هو المشهور و إن احتمل التكليف الندبي و لا استبعاد في ترتب الثواب على أفعالهم و إن كان تفضلا و الأحوط أن لا يترك في ثلاث عشر (سنة- خ).
باب الصوم للرؤية و الفطر للرؤية أي لرؤية هلال شهر رمضان و شوال «روى محمد بن مسلم» في القوي‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب الزيادات خبر 81 من كتاب الصوم.
 (2) الكافي باب الوصى تدرك ايتامه فيمتنعون إلخ خبر 8 من كتاب الوصايا و التهذيب باب وصية الصبى إلخ خبر 6 من كتاب الوصايا و الخصال ص 890 ج 2 الطبع السابق.

337
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الصوم للرؤية و الفطر للرؤية ص 337

رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا وَ لَيْسَ بِالرَّأْيِ وَ التَّظَنِّي وَ لَيْسَ الرُّؤْيَةُ أَنْ يَقُومَ عَشَرَةُ نَفَرٍ يَنْظُرُونَ فَيَقُولَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ هُوَ ذَا هُوَ ذَا وَ يَنْظُرَ تِسْعَةٌ فَلَا يَرَوْنَهُ وَ لَكِنْ إِذَا رَآهُ وَاحِدٌ رَآهُ أَلْفٌ.
1909 وَ رَوَى الْفَضْلُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ: لَيْسَ عَلَى أَهْلِ الْقِبْلَةِ إِلَّا الرُّؤْيَةُ وَ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِلَّا الرُّؤْيَةُ.

1910 وَ فِي رِوَايَةِ الْقَاسِمِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الصَّوْمُ لِلرُّؤْيَةِ وَ الْفِطْرُ لِلرُّؤْيَةِ وَ لَيْسَ الرُّؤْيَةُ أَنْ يَرَاهُ وَاحِدٌ وَ لَا

__________________________________________________
كالصحيح و رواه الكليني و الشيخ في الصحيح «1» «عن أبي جعفر (إلى قوله) فصوموا» اليوم الذي بعده و كذا في الإفطار «و ليس بالرأي» أي بالظن الحاصل من الأمارات «و التظني» التوهم أو إعمال الظن من التظنن، و في يب بزيادة (و إذا كانت علة فأتم شعبان ثلاثين و زاد حماد فيه و ليس أن يقول رجل هو ذا هو، لا أعلم إلا قال و لا خمسون).
 «و روى الفضل بن عثمان» في الصحيح كالكليني و الشيخ «2» لكن في يب و بعض نسخ (في) الفضيل كما في الرجال «عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال:
ليس على أهل القبلة» أي المسلمين «إلا الرؤية» أي ليس الواجب عليهم إلا أن يعملوا برؤية الهلال لا بالظنون.
 «و في رواية القسم بن عروة» في القوي «عن أبي العباس» كالشيخ «3» «و لا اثنان و لا خمسون» إذا لم يكونوا عدلا أو مع الصحو في البلد.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الاهلة و الشهادة عليها خبر 6 و التهذيب باب علامة اول شهر رمضان و آخره خبر 5.
 (2) الكافي باب الاهلة و الشهور خبر 5 و التهذيب باب علامة اول الشهر و آخر خبر 14.
 (3) التهذيب باب علامة اول الشهر و آخره خبر 3.

338
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الصوم للرؤية و الفطر للرؤية ص 337

اثْنَانِ وَ لَا خَمْسُونَ.
1911 وَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ فَأَفْطِرُوا أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَ إِنْ لَمْ تَرَوُا الْهِلَالَ إِلَّا مِنْ وَسَطِ النَّهَارِ أَوْ آخِرِهِ فَ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ لَيْلَةً ثُمَّ أَفْطِرُوا.

1912 وَ فِي رِوَايَةِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّ عَلِيّاً ع كَانَ يَقُولُ لَا أُجِيزُ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ إِلَّا شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ.

1913 وَ سَأَلَهُ سَمَاعَةُ عَنِ الْيَوْمِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ يُخْتَلَفُ فِيهِ قَالَ إِذَا اجْتَمَعَ أَهْلُ الْمِصْرِ عَلَى صِيَامِهِ لِلرُّؤْيَةِ فَاقْضِهِ إِذَا كَانَ أَهْلُ الْمِصْرِ خَمْسَمِائَةِ إِنْسَانٍ.

__________________________________________________
 «و في رواية محمد بن قيس» في الحسن كالصحيح و رواه الشيخ في الصحيح «1» «عن أبي جعفر عليه السلام (إلى قوله) عدل» جاء جمعا كالعدول «و إن غمي» أي غم كما في يب أي دام غيمه و قرئ مجهولا بمعناه.
 «و في رواية الحلبي» في الصحيح كالكليني و الشيخ «2» «عن أبي عبد الله عليه السلام» و يدل ظاهرا على اعتبار العدلين مطلقا.
 «و سأله سماعة» في الموثق «عن اليوم (إلى قوله) للرؤية» أي إذا اشتهر أنهم رأوا و صاموا «فاقضه إذا أفطرت اليوم الأول» بناء على أن أفعال المسلمين محمولة على الصحة أو على حصول الظن برؤيتهم «إذا كان أهل المصر خمسمائة إنسان» و روى الشيخ في الموثق كالصحيح عن عبد الحميد الأزدي قال: قلت لأبي- عبد الله عليه السلام أكون في الجبل في القرية فيها خمسمائة من الناس فقال: إذا كان كذلك فصم لصيامهم و أفطر لفطرهم «3» و يحتمل حملها على التقية.
__________________________________________________
 (1- 3) التهذيب باب علامة اول شهر رمضان و آخره خبر 14- 33.
 (2) الكافي باب الاهلة و الشهور خبر 2 و التهذيب باب علامة اول الشهر و آخره خبر 70.

339
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الصوم للرؤية و الفطر للرؤية ص 337

1914 وَ قَالَ عَلِيٌّ ع لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ إِلَّا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ.

__________________________________________________
و يؤيده ما رواه الشيخ عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام يقول: صم حين يصوم الناس و أفطر حين يفطر الناس، فإن الله عز و جل جعل الأهلة مواقيت للناس «1» لما يفهم من التعليل أخيرا أن المدار على الرؤية لا على فعلهم.
 «و قال علي عليه السلام» رواه الشيخ في الصحيح، عن حماد بن عثمان، عن عبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال علي عليه السلام «2» «لا يقبل (إلى قوله) إلا شهادة» أي و لا يقبل إلا شهادة «رجلين عدلين» و رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام لا تجوز شهادة النساء في الهلال و لا تجوز إلا شهادة رجلين عدلين «3» و كأنه سقط من قلم نساخ الكافي لفظة (الحلبي) و من قلم نساخهما (و لا يجوز).
اعلم أنه ظهر من الأخبار المستفيضة السابقة: أن الاعتبار برؤية الهلال في الصوم و الفطر لا بغيرها من الجدول و الحساب، و العدد- و منه كون شهر رمضان ثلاثين و- شعبان تسعة و عشرين، و أن ثبوت الهلال بشاهدين عدلين- و يؤيدها أخبار كثيرة بالغة حد التواتر.
 (منها) ما رواه الشيخ رحمه الله تعالى في الصحيح، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن اليوم الذي يقضي من شهر رمضان؟ فقال لا تقضه إلا أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متى كان رأس الشهر و قال لا تصم ذلك الذي يقضي إلا أن يقضي أهل الأمصار، فإن فعلوا فصمه «4»
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب علامة اول شهر رمضان و آخره خبر 34- 69.
 (3) الكافي باب الاهلة و الشهور خبر 4.
 (4) التهذيب باب علامة اول الشهر و آخره خبر 10.

340
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الصوم للرؤية و الفطر للرؤية ص 337

.........
__________________________________________________
أي إذا لم يثبت عندك الرؤية و ثبت عندهم فاقضه إذا أفطرته و كل من يقول بالعدد يقول بالقضاء مطلقا لأنه إذا رأى هلال شوال ليلة الثلاثين ينكشف عندهم أن اليوم الذي أفطروه أولا كان من شهر رمضان و إن كان صحوا و لم يروه، و ما وقع في هذا الخبر و أمثاله من جميع أهل الصلاة فظاهره التقية، و مرادهم عليهم السلام إنهم ليسوا من أهل الصلاة لأن الصلاة و غيرها من العبادات مشروطة صحتها بالولاية و في الصحيح، عن المفضل و عن زيد الشحام جميعا، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن الأهلة فقال هي أهلة الشهور، فإذا رأيت الهلال فصم، و إذا رأيته فأفطر قلت أ رأيت إن كان الشهر تسعة و عشرين يوما أقضي ذلك اليوم؟ (أي اليوم الذي أفطرته أولا) فقال: لا إلا أن تشهد لك بينة عدول فإن شهدوا أنهم رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم «1».
و في الصحيح، عن أبي الصباح و الحلبي جميعا، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن الأهلة فقال: هي أهلة الشهور فإذا رأيت الهلال فصم و إذا رأيته فأفطر- قلت أ رأيت إن كان الشهر تسعة و عشرين يوما أقضي ذلك اليوم؟ فقال: لا إلا أن لا يشهد لك بينة عدول فإن شهدوا أنهم رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم «2» و في الصحيح، عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: صم لرؤية- الهلال و أفطر لرؤيته فإن شهد عندكم شاهدان مرضيان بأنهم رأياه فاقضه «3» و في الصحيح، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: فيمن صام تسعة و عشرين قال: إن كانت له بينة عادلة على أهل مصر أنهم صاموا ثلاثين على رؤية قضى يوما «4» و في الصحيح، عن محمد بن عيسى قال: كتب إليه (أي الهادي أو الجواد عليهما- السلام على الظاهر) أبو عمرو أخبرني يا مولاي أنه ربما أشكل علينا هلال شهر رمضان‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4) التهذيب باب علامة اول شهر رمضان و آخره خبر 2- 6- 7- 15.

341
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الصوم للرؤية و الفطر للرؤية ص 337

.........
__________________________________________________
فلا نراه و نرى السماء ليست فيها علة فيفطر الناس و نفطر معهم و يقول قوم من الحساب قبلنا إنه يرى تلك الليلة بعينها بمصر و إفريقية و الأندلس فهل يجوز يا مولاي ما قال الحساب في هذا الباب حتى يختلف الفرض على أهل الأمصار فيكون صومهم خلاف صومنا و فطرهم خلاف فطرنا؟ فوقع عليه السلام لا تصومن الشك (أي يوم الشك على أنه من رمضان أو قضاء لقولهم) أفطر لرؤيته و صم لرؤيته «1» و في الحسن كالصحيح أو الصحيح، عن هارون بن حمزة (بطرق عديدة) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إذا صمت لرؤية الهلال أو أفطرت لرؤيته فقد أكملت صيام شهر و إن لم تصم إلا تسعة و عشرين يوما فإن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال: الشهر هكذا، و هكذا و هكذا و أشار بيده إلى عشرة و عشرة و تسعة «2» بضم واحدة في الإشارة الأخيرة.
و في الصحيح، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: في شهر رمضان هو شهر من الشهور يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان «3» و في الموثق كالصحيح عن يونس بن يعقوب (بطرق عديدة) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام صمت شهر رمضان على رؤية تسعة و عشرين يوما و ما قضيت قال فقال لي: و أنا صمته و ما قضيت قال: ثمَّ قال لي: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: الشهر شهر كذا و قال بأصابعه بيديه جميعا فبسط أصابعه كذا، و كذا، و كذا، و كذا، و كذا (و كذا- خ)- فقبض الإبهام و ضمها (أي في السادس) قال و قال له غلام له و هو معتب: إني قد رأيت الهلال قال: اذهب فأعلمهم «4» و في الموثق كالصحيح عن عبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام كما ذكر في حديث أبي الصباح معه «5» و في الموثق كالصحيح، عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الأهلة فقال: هي أهلة الشهور فإذا رأيت الهلال فصم، و إذا رأيته فأفطر قلت: إن كان الشهر تسعة و عشرين يوما أقضي ذلك اليوم قال: لا- إلا أن تشهد بينة عدول‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4- 5) التهذيب باب علامة اول شهر رمضان و آخره خبر 18- 21- 24 25- 27.

342
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الصوم للرؤية و الفطر للرؤية ص 337

.........
__________________________________________________
فإن شهدوا أنهم رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم «1».
و في الموثق، عن سماعة «2» قال: صيام شهر رمضان بالرؤية و ليس بالظن فقد يكون شهر رمضان تسعة و عشرين و يكون ثلاثين و يصيبه ما يصيب الشهور من التمام و النقصان.
و في الموثق كالصحيح عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من الزيادة و النقصان فإن تغيمت السماء يوما فأتموا العدة «3» و في الصحيح، عن إسحاق بن عمار (الموثق) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: في كتاب علي عليه السلام صم لرؤيته و أفطر لرؤيته، و إياك و الشك و الظن فإن خفي عليكم فأتموا الشهر الأول ثلاثين «4» و في الموثق كالصحيح أو الصحيح، عن هارون بن خارجة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام عد شعبان تسعة و عشرين يوما فإن كانت متغيمة فأصبح صائما (أي مستحبا) و إن كانت مصحية و تبصرت فلم تر شيئا فأصبح مفطرا «5» و عن عمر بن الربيع البصري (الثقة) قال سئل الصادق جعفر بن محمد عليه السلام عن الأهلة قال: هي أهلة الشهور، فإذا رأيت الهلال فصم و إذا رأيته فأفطر، فقلت أ رأيت إن كان الشهر تسعة و عشرين يوما أقضي ذلك اليوم؟ قال لا إلا أن يشهد لك عدول أنهم رأوه فإن شهدوا فاقض ذلك اليوم «6».
و عن صبار أو صابر مولى أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصوم تسعة و عشرين يوما و يفطر للرؤية و يصوم للرؤية أ يقضي يوما؟ فقال كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول:
لا- إلا أن يجي‏ء شاهدان عدلان فيشهدا أنهما رأياه قبل ذلك بليلة فيقضي يوما «7»
__________________________________________________
 (1- 3- 4- 5- 6- 7) التهذيب باب علامة اول شهر رمضان و آخره خبر 31- 7- 13- 19- 36- 40.
 (2) الاستبصار (رفاعة) بدل (سماعة) فراجع باب علامة اول يوم من شهر رمضان خبر 4.

343
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الصوم للرؤية و الفطر للرؤية ص 337

.........
__________________________________________________
و في الحسن كالصحيح، عن حماد بن عيسى، عن شعيب بن يعقوب (و كأنه يعقوب بن شعيب) عن جعفر: عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام قال: لا أجيز في- الطلاق و لا في الهلال إلا رجلين «1» و في الموثق عن عبد الله بن بكير (بن أعين- يب) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صم للرؤية و أفطر للرؤية و ليس رؤية الهلال أن يجي‏ء الرجل و الرجلان فيقولان رأينا إنما الرؤية أن يقول القائل رأيت فيقول القوم صدقت «2» و كأنه مع الصحو أو مع عدم العدالة و في الموثق عن عبد السلام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إذا رأيت الهلال فصم و إذا رأيت الهلال فأفطر «3» و في الموثق، عن إسحاق بن جرير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رسول الله- صلى الله عليه و آله و سلم قال: إن الشهر هكذا، و هكذا، و هكذا يلصق كفيه و يبسطهما، ثمَّ قال: و هكذا و هكذا، و هكذا- ثمَّ يقبض إصبعا واحدا في آخر بسطة بيديه، و هي الإبهام فقلت شهر رمضان تام أبدا أم شهر من الشهور؟ فقال: هو شهر من الشهور، ثمَّ قال: إن عليا عليه السلام صام عندكم تسعة و عشرين يوما فأتوه فقالوا: يا أمير المؤمنين: قد رأينا الهلال فقال:
أفطروا «4» و في معناه ما يقرب منه ما رواه عبد الأعلى بن أعين، و عن يعقوب الأحمر، و عن فطر بن عبد الملك، و عن علي بن الحسن كلهم عن أبي عبد الله عليهم السلام، و عن محمد بن- الفضيل عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.
فأما ما رواه الشيخ في الصحيح، عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان الخزاز عن أبي عبد الله عليه السلام قال، قلت، كم يجزي في رؤية الهلال؟ فقال: إن شهر رمضان فريضة من‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب الزيادات خبر 28.
 (2- 3) التهذيب باب علامة اول شهر رمضان و آخره خبر- 36- 37.
 (4) اورد هذا الخبر و الخمسة التي بعده في التهذيب باب علامة اول شهر رمضان الخ خبر 30- 38- 42- 43- 46- 23.

344
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الصوم للرؤية و الفطر للرؤية ص 337

1915 وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع عَنِ الرَّجُلِ يَرَى الْهِلَالَ‏

__________________________________________________
فرائض الله فلا تؤدوا بالتظني و ليس رؤية الهلال أن تقوم عدة فيقول واحد قد رأيته و يقول الآخرون لم نره- إذا رآه واحد رآه مائة، و إذا رآه مائة رآه ألف، و لا يجزي في رؤية الهلال إذا لم يكن في السماء علة أقل من شهادة خمسين، و إذا كانت في السماء علة قبلت شهادة رجلين يدخلان و يخرجان من مصر.
أي من داخله و خارجه (أو) يدخلان من خارجه و يخبران أنهما رأياه خارج المصر (أو) يخرجان من البلد و ينظران في خارجه و الأول أوفق معنى، و الثاني لفظا (أو) مسافران يدخلان إلى المصر و يخرجان عنه فإنه لا اتهام فيهما بخلاف أهل البلد.
و في القوي، عن حبيب الجماعي (أو الخزاعي) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لا يجوز الشهادة في رؤية الهلال دون خمسين رجلا عدد القسامة، و إنما يجوز شهادة رجلين إذا كانا من خارج المصر و كان بالمصر علة فأخبر أنهما رأياه و أخبرا عن قوم صاموا لرؤيته «1»:
فجمع الشيخ بينهما و بين الأخبار السالفة بأنه تقبل شهادة العدلين إذا كانا من خارج البلد أو مع الغيم، و ظاهره اعتبار خمسين عدلا مع الصحو، و يمكن حملهما على أنه يحصل بالخمسين غالبا العلم أو الظن المتاخم للعلم على القول بالاكتفاء به أو يحمل على الاحتياط في الإفطار و الاكتفاء بالعدلين للصوم، و لا ريب أنه أحوط «و سأل علي بن جعفر» في الصحيح «أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام» كالشيخ «2» «عن الرجل يرى الهلال» أي هلال شوال «قال: إذا لم يشك»
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب علامة اول شهر رمضان و آخره خبر 20.
 (2) التهذيب باب الزيادات خبر 30.

345
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الصوم للرؤية و الفطر للرؤية ص 337

فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَحْدَهُ لَا يُبْصِرُهُ غَيْرُهُ أَ لَهُ أَنْ يَصُومَ قَالَ إِذَا لَمْ يَشُكَّ فَلْيُفْطِرْ وَ إِلَّا فَلْيَصُمْهُ مَعَ النَّاسِ.
1916 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُرَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا تَطَوَّقَ الْهِلَالُ فَهُوَ لِلَيْلَتَيْنِ وَ إِذَا رَأَيْتَ ظِلَّ رَأْسِكَ فِيهِ فَهُوَ لِثَلَاثِ لَيَالٍ.

1917 وَ رَوَى حَمَّادُ بْنُ عِيسَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْحُرِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا غَابَ الْهِلَالُ قَبْلَ الشَّفَقِ فَهُوَ لِلَيْلَةٍ وَ إِذَا غَابَ بَعْدَ الشَّفَقِ فَهُوَ لِلَيْلَتَيْنِ‏

__________________________________________________
لأنه كثيرا ما يتخيل أنه رأى و ينكشف أنه غيره من غيم أو خيال أو شعرة الحاجب «و إلا» أي و إن كان شاكا (أو) لم يكن متيقنا و هو أظهر.
 «و روى محمد بن مرازم، عن أبيه» و هما ثقتان، و لم يذكر طريقه إليهما لكن رواه الكليني و الشيخ في الصحيح عنهما «1» «عن أبي عبد الله عليه السلام» لكنه مخالف للأخبار المتواترة ظاهرا و للاعتبار أيضا فإنه إذا كان خروج الشعاع في الليلة السابقة بعد الغروب بساعتين لا يشاهد في الأولى و يتطوق في الثانية و يرى الظل في الثالثة، و يمكن أن يكون محمولا على الغالب و ليس فيه وجوب الصيام و الفطر فيمكن أن يكون أخبارا عن الواقع مع أنه لا يجب العمل به لأنا مكلفون بالظاهر لا بالواقع و يكون هذا النوع من التعبير للتقية لأن أكثر العامة يعملون بأمثال هذه الظنون أو يكون احتياطا لقضاء الصوم لو كان أفطره و شاهده كذلك، و كذلك سائر الأمارات التي ذكرها و غيره.
 «و روى حماد بن عيسى» في الصحيح «عن إسماعيل بن الحر» المجهول الحال كالشيخ و رواه الكليني عنه في الحسن كالصحيح «2» «عن أبي عبد الله عليه السلام» و يؤيده ما رواه الكليني في القوي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا غاب الهلال قبل‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الاهلة و الشهادة عليها خبر 11- 12 و التهذيب باب علامة اول شهر رمضان و آخره خبر 68- 67.

346
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الصوم للرؤية و الفطر للرؤية ص 337

1918 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع إِذَا صَحَّ هِلَالُ رَجَبٍ فَعُدَّ تِسْعَةً وَ خَمْسِينَ يَوْماً وَ صُمْ يَوْمَ السِّتِّينَ.

1919 وَ قَالَ ع إِذَا صُمْتَ شَهْرَ رَمَضَانَ فِي الْعَامِ الْمَاضِي فِي يَوْمٍ مَعْلُومٍ فَعُدَّ فِي الْعَامِ‏

__________________________________________________
الشفق فهو لليلته و إذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين «1»، و هو كالسابق، و عمل بهما الشيخ في الغيم.
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني مرفوعا عنه عليه السلام «2» و حمل على أن المراد به استحباب صيام يوم الشك كما سيجي‏ء.
 «و قال عليه السلام» روى الكليني في الصحيح، عن صفوان بن يحيى، عن (أبي محمد) محمد بن عثمان عن بعض مشايخه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صم في العام المستقبل يوم الخامس من يوم صمت فيه عام أول «3» و روي مرسلا، عن عمران الزعفراني (المجهول) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن السماء تطبق علينا بالعراق اليومين و الثلاثة فأي يوم نصوم؟ قال: انظر اليوم الذي صمت فيه من السنة الماضية و صم اليوم الخامس و روي ضعيفا عن عمران أيضا ما يقرب منه.
و عمل به بعض الأصحاب في الاشتباه، و بعضهم قيده بغير السنة الكبيسة و فيها يعتبر السادس، لما رواه الكليني في الصحيح، عن السياري (المضعف) قال: كتب محمد بن الفرج إلى العسكري (و كأنه الهادي عليه السلام) يسأله عما روي من الحساب في الصوم عن آبائك في عد خمسة أيام بين أول السنة الماضية و السنة الثانية التي تأتي فكتب صحيح، و لكن عد في كل أربع سنين خمسا و في السنة الخامسة ستا فيما بين الأولى و الحادث، و ما سوى ذلك فإنما هو خمسة خمسة- قال السياري‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الاهلة و الشهادة عليها خبر 7- 8.
 (3) هذا الخبر و الاخبار الثلاثة التي بعده في الكافي باب تشخيص اول يوم من شهر رمضان خبر 2- 1- 4- 3- و في بعض نسخ الكافي أوردها في باب (بلا عنوان).

347
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الصوم للرؤية و الفطر للرؤية ص 337

الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَ صُمْ يَوْمَ الْخَامِسِ.
1920 وَ رَوَى أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ رَجُلٌ أَسَرَتْهُ الرُّومُ وَ لَمْ يَصِحَّ لَهُ شَهْرُ رَمَضَانَ وَ لَمْ يَدْرِ أَيُّ شَهْرٍ هُوَ قَالَ يَصُومُ شَهْراً يَتَوَخَّى وَ يَحْسُبُ فَإِنْ كَانَ الشَّهْرُ الَّذِي صَامَهُ قَبْلَ شَهْرِ رَمَضَانَ لَمْ يُجْزِئْهُ وَ إِنْ كَانَ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ.

1921 وَ سَأَلَهُ الْعِيصُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنِ الْهِلَالِ إِذَا رَآهُ الْقَوْمُ جَمِيعاً فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لِلَيْلَتَيْنِ أَ يَجُوزُ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ‏

__________________________________________________
و هذه من جهة الكبيسة- قال: و قد حسبه أصحابنا فوجدوه صحيحا.
قال و كتب إليه محمد بن الفرج في سنة ثمان و ثلاثين و مائتين: هذا الحساب لا يتهيأ لكل إنسان أن يعمل عليه، إنما هذا لمن يعرف السنين و من يعلم متى كانت السنة الكبيسة ثمَّ يصح له هلال شهر رمضان أول ليلة، (قال- خ) فإذا صح الهلال لليلته و عرف السنين صح له ذلك إن شاء الله (و عمل به في الصوم احتياطا).
 «و روى أبان بن عثمان» في الموثق كالصحيح كالكليني و الشيخ «1» «عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله» و في بعض النسخ، (ابن أبي العلاء)، و هو سهو من النساخ «عن أبي عبد الله عليه السلام (إلى قوله) أجزأه» لأنه وقع قضاء و لا اعتبار بنية القضاء و الأداء سيما مع العذر.
 «و سأله العيص بن القسم» في الصحيح كالشيخ عن أبي عبد الله عليه السلام «2» «عن الهلال إذا رآه القوم جميعا» أي حديد البصر و ضعيفها «فاتفقوا على أنه لليلتين» بأن يكون درجته ثلاثين أو أزيد فإنه حينئذ لا يحتمل ما ذكرناه قبل فيحصل‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب النوادر من كتاب الصوم خبر 1 و التهذيب باب الزيادات خبر 3.
 (2) التهذيب باب علامة اول شهر رمضان و آخره خبر 9.

348
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم يوم الشك ص 349

بَابُ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِ‏
1922 سُئِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع عَنِ الْيَوْمِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ فَقَالَ لَأَنْ أَصُومَ يَوْماً مِنْ شَعْبَانَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُفْطِرَ يَوْماً مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ.

فَيَجُوزُ أَنْ يُصَامَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ.
__________________________________________________
الجزم سيما بالنسبة إلى من له معرفة بالنجوم أنه ليس بهلال الليلة الأولى مثلا، و يحتمل أن يكون الاتفاق بحسب العرف مثل التطوق أو الغروب بعد الشفق و يكون الجواز باعتبار احتياط قضاء الصوم لو كان أفطره.
و روى الشيخ في الصحيح، عن محمد بن عيسى قال: حدثني أبو علي بن راشد (الثقة) قال: كتب إلى أبو الحسن العسكري عليه السلام كتابا و أرخه يوم الثلاثاء لليلة بقيت من شعبان و ذلك في سنة اثنين و ثلاثين و مائتين و كان يوم الأربعاء يوم شك و صامه أهل بغداد يوم الخميس و أخبروني أنهم رأوا الهلال ليلة الخميس و لم يغب إلا بعد الشفق بزمان طويل قال: فاعتقدت أن الصوم يوم الخميس و أن الشهر كان عندنا ببغداد يوم الأربعاء- قال: فكتب إلى: زادك الله توفيقا فقد صمت بصيامنا قال: ثمَّ لقيته بعد ذلك فسألته عما كتبت به إليه فقال لي: أو لم أكتب إليك إنما صمت الخميس فلا تصم إلا للرؤية «1».
باب صوم يوم الشك «سئل أمير المؤمنين عليه السلام» و يؤيده ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن الكاهلي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن اليوم الذي يشك من شعبان قال: لئن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من شهر رمضان «2».
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب علامة اول شهر رمضان و آخره خبر 47.
 (2) اورد هذا الخبر و الخمسة التي بعده في الكافي باب اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان خبر 1- 3- 4- 2- 6- 8.

349
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم يوم الشك ص 349

شَعْبَانَ فَإِنْ كَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ وَ إِنْ كَانَ مِنْ شَعْبَانَ لَمْ يَضُرَّهُ‏
__________________________________________________
و في الحسن كالصحيح، عن معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يصوم اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان (أي شاك في أنه من شهر رمضان) و يصومه من شعبان فيكون من رمضان فقال: هو شي‏ء وفق له.
و في الصحيح، عن سعيد الأعرج قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني صمت اليوم الذي يشك فيه فكان من شهر رمضان أ فأقضيه؟ قال: لا، هو يوم وفقت له:
و في الموثق، عن سماعة قال: سألته عن اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان لا يدري أ هو من شعبان أم هو من شهر رمضان فصامه فكان من شهر رمضان قال: هو يوم وفق له لا قضاء عليه.
و في الموثق عن سماعة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل صام يوما و لا يدري أ من رمضان هو أو من غيره؟ فجاء قوم فشهدوا أنه كان من شهر رمضان فقال بعض الناس عندنا لا يعتد به فقال: بلى فقلت إنهم قالوا صمت و أنت لا تدري أ من رمضان هذا أم من غيره؟ فقال: بلى فاعتد به فإنما هو شي‏ء وفقك الله له إنما يصام يوم الشك من شعبان و لا تصمه من شهر رمضان فإنه قد نهى أن ينفرد الإنسان بالصيام في يوم الشك، و إنما ينوي من الليلة أنه يصوم من شعبان، فإن كان من شهر رمضان أجزأ عنه بتفضل الله جل و عز و بما قد وسع على عباده، و لو لا ذلك لهلك الناس.
و في القوي. عن محمد بن حكيم (الثقة) قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن اليوم الذي يشك فيه فإن الناس يزعمون أن من صامه بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان، فقال: كذبوا إن كان من شهر رمضان فهو يوم وفق له و إن كان من غيره فهو بمنزلة ما مضى من الأيام.
و في الصحيح، عن هارون بن خارجة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام عد شعبان تسعة و عشرين يوما فإن كانت متغيمة فأصبح صائما و إن كانت مصحية و تبصرته و لم تر

350
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم يوم الشك ص 349

وَ مَنْ صَامَهُ وَ هُوَ شَاكٌّ فِيهِ فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ وَ إِنْ كَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ شَيْ‏ءٌ مِنَ الْفَرَائِضِ إِلَّا بِالْيَقِينِ‏
__________________________________________________
شيئا فأصبح مفطرا «1».
و الظاهر أن الأمر للجواز بدون الكراهة بخلاف ما إذا لم يكن صحوا فإنه يكره لتأكد استحباب صومه لاحتمال كونه من رمضان.
 «و من صامه و هو شاك إلخ» روى الشيخ في الصحيح. عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يصوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان فقال عليه السلام عليه قضاؤه و إن كان كذلك «2».
و في القوي، عن أبي خالد الواسطي قال: أتينا أبا جعفر عليه السلام في يوم يشك فيه من رمضان فإذا مائدته موضوعة و هو يأكل و نحن نريد أن نسأله فقال: أدنوا الغداء إذا كان مثل هذا اليوم و لم تجئكم فيه بينة رؤية فلا تصوموا، ثمَّ قال حدثني أبي علي بن الحسين، عن علي عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لما ثقل في مرضه قال:
أيها الناس إن السنة اثني عشر شهرا منها أربعة حرم قال: ثمَّ قال بيده: فذلك رجب مفرد، و ذو القعدة، و ذو الحجة، و المحرم ثلاثة متواليات إلا و هذا الشهر المفروض رمضان فصوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته فإذا خفي الشهر فأتموا العدة شعبان ثلاثين يوما و صوموا الواحد و ثلاثين و قال بيده: الواحد، و اثنان، و ثلاثة- واحد، و اثنان، و ثلاثة و يزوي إبهامه ثمَّ قال أيها الناس شهر كذا و شهر كذا- و قال علي عليه السلام: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم تسعة و عشرين و لم نقضه و رآه تاما- و قال علي عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: من الحق في رمضان يوما من غيره متعمدا
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الاهلة و الشهادة عليها خبر 9.
 (2) التهذيب باب فضل صيام يوم الشك خبر 8.

351
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم يوم الشك ص 349

وَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْوِيَ مَنْ يَصُومُ يَوْمَ الشَّكِّ أَنَّهُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ‏
1923 لِأَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ: لَأَنْ أُفْطِرَ يَوْماً مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ- أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَصُومَ يَوْماً مِنْ شَعْبَانَ أَزِيدُهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ.

__________________________________________________
فليس بمؤمن بالله، و لأبي «1».
و في الصحيح عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: في يوم الشك من صامه قضاه و إن كان كذلك «2».
و عن الزهري (بطرق متعددة) قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول: يوم الشك أمرنا بصيامه و نهينا عنه، أمرنا أن يصومه الإنسان على أنه من شعبان و نهينا أن نصومه على أنه من شهر رمضان و هو لم ير الهلال «3».
 «لأن أمير المؤمنين عليه السلام (إلى قوله) رمضان» أي جاهلا بأنه من رمضان لأن صوم يوم الشك مستحب و تركه مكروه «أحب (إلى قوله) من شعبان» أي بقصد الوجوب «أزيده في شهر رمضان» و إن كان من رمضان واقعا كما تقدم لأنا مكلفون بالظاهر لا بالواقع (أو) يكون المراد أنه كان من شعبان واقعا و لا يدل على أنه لو كان من رمضان لا يضر إلا من حيث المفهوم، و المنطوق مقدم عليه كما تقدم صحيحة محمد بن مسلم و غيرها أنه لا يجزي عنه و إن كان من رمضان، و يحتمل أن يكون المراد أن إفطار يوم من رمضان أسهل إلى من زيادة يوم في شهر رمضان و إن كانا محرمين لأنه يمكن تدارك الأول بالقضاء و الكفارة بخلاف الثاني و حينئذ يكون المراد أن أثم الثاني أعظم من الأول و هو قريب لفظا و بعيد معنى.
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب علامة اول شهر رمضان و آخره خبر 26.
 (2) التهذيب باب فضل صيام يوم الشك خبر 8- و اعلم ان هذا الخبر قد نقله في في التهذيب مع خبر محمّد بن مسلم معا و الشارح قده نقل كل واحد من السندين منفردا فلا تغفل.
 (3) التهذيب باب فضل صيام يوم الشك خبر 12 و باب علامة اول شهر رمضان إلخ خبر 35.

352
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم يوم الشك ص 349

1924 وَ سَأَلَ بَشِيرٌ النَّبَّالُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ فَقَالَ صُمْهُ فَإِنْ كَانَ مِنْ شَعْبَانَ كَانَ تَطَوُّعاً وَ إِنْ كَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَيَوْمٌ وُفِّقْتَ لَهُ.

1925 وَ سَأَلَهُ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ: إِنِّي جَعَلْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ أَصُومَ حَتَّى يَقُومَ الْقَائِمُ ع فَقَالَ لَا تَصُمْ فِي السَّفَرِ وَ لَا فِي الْعِيدَيْنِ وَ لَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَ لَا الْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ.

وَ مَنْ كَانَ فِي بَلَدٍ فِيهِ سُلْطَانٌ فَالصَّوْمُ مَعَهُ وَ الْفِطْرُ مَعَهُ لِأَنَّ فِي خِلَافِهِ دُخُولًا فِي نَهْيِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَيْثُ يَقُولُ- وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ.
__________________________________________________
 «و سأل بشير النبال» رواه الكليني في الموثق كالصحيح عنه «1» و هو ممدوح.
 «و سأله عبد الكريم بن عمرو» في الموثق كالشيخ «2» «فقال إني جعلت على نفسي» بعنوان اللزوم بالنذر و شبهه أو عاهدت مع نفسي بدون صيغة (يلزم) «أن أصوم حتى يقوم القائم عليه السلام» و ظاهره أعم من المشروط «فقال لا تصم في السفر» و هو على احتمال كونه واجبا ظاهر، و على كونه بدون الصيغة يدل على مرجوحية صوم النافلة في السفر، و كذا أيام التشريق لو كان بمنى فهو حرام و في غيرها مكروه إذا كان بدون الصيغة، و كذا يوم الشك، و يمكن حمله على الصوم بنية أنه من رمضان بل يصوم بنية النذر فإن كان من رمضان يجزي عنه و هو بعيد من اللفظ لكنه موافق للأخبار، و حمله على غير الملتزم أولى.
و روى الشيخ في الصحيح، عن محمد بن أبي عمير. عن جعفر الأزدي (و كأنه ابن المثنى الثقة) عن قتيبة الأعشى الثقة قال، قال أبو عبد الله عليه السلام نهى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، عن صوم ستة أيام، العيدين، و أيام التشريق و اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان «3» و حمل على الصوم بنية رمضان و حملهما على التقية أظهر كما ذكره الصدوق.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب اليوم يشك فيه من شهر رمضان خبر 5.
 (2- 3) التهذيب باب فضل صيام يوم الشك إلخ خبر 11- 10.

353
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم يوم الشك ص 349

1926 وَ قَدْ رُوِيَ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ النَّاسُ فَقَالَ يَا غُلَامُ اذْهَبْ فَانْظُرْ أَ صَامَ الْأَمِيرُ أَمْ لَا فَذَهَبَ ثُمَّ عَادَ فَقَالَ لَا فَدَعَا بِالْغَدَاءِ فَتَغَدَّيْنَا مَعَهُ.

1927 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع لَوْ قُلْتُ إِنَّ تَارِكَ التَّقِيَّةِ كَتَارِكِ‏

__________________________________________________
 «و قد روى، عن عيسى بن أبي منصور» في الصحيح و روى الكليني في الموثق عن داود بن الحصين، عن رجل من أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: و هو في الحيرة في زمان أبي العباس: إني دخلت عليه و قد شك الناس في الصوم و هو و الله من شهر رمضان فسلمت عليه فقال: يا أبا عبد الله: أ صمت اليوم؟ فقلت لا و المائدة بين يديه قال: فادن فكل قال: فدنوت فأكلت قال: قلت الصوم معك و الفطر معك فقال الرجل لأبي عبد الله عليه السلام تفطر يوما من شهر رمضان؟ فقال: أي و الله أفطر يوما من شهر رمضان أحب إلي من أن يضرب عنقي «1» و عن رفاعة، عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دخلت على أبي العباس بالحيرة فقال: يا أبا عبد الله ما تقول في الصيام اليوم؟ فقلت ذاك إلى الإمام إن صمت صمنا و إن أفطرت أفطرنا فقال: يا غلام علي بالمائدة فأكلت معه و أنا أعلم و الله إنه يوم من شهر رمضان فكان إفطاري يوما و قضاؤه أيسر علي من أن يضرب عنقي و لا يعبد الله «2».
و روى الشيخ في الحسن كالصحيح، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن خلاد بن عمارة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام دخلت على أبي العباس في يوم شك و أنا أعلم أنه من شهر رمضان و هو يتغدى فقال: يا أبا عبد الله ليس هذا من أيامك قلت لم يا أمير- المؤمنين؟ ما صومي إلا بصومك و لا إفطاري إلا بإفطارك قال فقال ادن قال: فدنوت و أكلت و أنا أعلم و الله إنه من رمضان «3».
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب اليوم الذي يشك فيه إلخ خبر 9- 7.
 (3) التهذيب باب الزيادات من الصوم خبر 31.

354
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم يوم الشك ص 349

الصَّلَاةِ لَكُنْتُ صَادِقاً.
1928 وَ قَالَ ع لَا دِينَ لِمَنْ لَا تَقِيَّةَ لَهُ.

__________________________________________________
و في الصحيح؟ عن عبد الله بن المغيرة عن أبي الجارود قال: سألت أبا جعفر عليه السلام إنا شككنا سنة في عام من تلك الأعوام في الأضحى فلما دخلت على أبي جعفر عليه السلام و كان بعض أصحابنا يضحي فقال: الفطر يوم يفطر الناس و الأضحى يوم يضحي الناس و الصوم يوم يصوم الناس «1».
و عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: صم حين يصوم الناس و أفطر حين يفطر الناس فإن الله عز و جل جعل الأهلة مواقيت للناس «2» و يحتمل أن يكون تأكد استحباب الصيام في الغيم و شبهه و عدمه في غيره كما ظهر من بعض الأخبار.
و يؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح (على الظاهر) عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن عليه السلام قال: كنت جالسا عنده آخر يوم من شعبان و لم يكن هو صائما فأتوه بمائدة فقال: ادن و كان ذلك بعد العصر قلت له: جعلت فداك صمت اليوم؟ فقال لي: و لم؟ قلت جاء عن أبي عبد الله عليه السلام في اليوم الذي يشك فيه أنه قال يوم وفق له قال: أ ليس تدرون إنما ذلك إذا كان لا يعلم أ هو من شعبان أم من شهر رمضان فصامه الرجل و كان من شهر رمضان كان يوما وفق له، فأما و ليس علة و لا شبهة فلا فقلت: أفطر الآن؟
فقال: لا- فقلت: و كذلك في النوافل ليس لي أن أفطر بعد الظهر قال: نعم «3» و في القوي؟ عن محمد بن مسلم عن أحدهما (يعني أبا جعفر و أبا عبد الله عليهما السلام) قال شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان فإذا صمت تسعة و عشرين يوما ثمَّ تغيمت السماء فأتم العدة ثلاثين «4» و في الموثق عن هارون بن خارجة عن الربيع بن ولاد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
إذا رأيت هلال شعبان فعد تسعة و عشرين يوما فإن صحت فلم تره فلا تصم و إن تغيمت فصم «5» «و قال عليه السلام لا دين لمن لا تقية له» روى الكليني في الحسن كالصحيح،
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب الزيادات من الصوم خبر 32.
 (2- 3- 4- 5) التهذيب باب علامة اول شهر رمضان إلخ خبر 34- 45- 43- 41.

355
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم يوم الشك ص 349

1929 وَ رَوَى عَبْدُ الْعَظِيمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا ع يَقُولُ الصَّوْمُ لِلرُّؤْيَةِ

__________________________________________________
عن هشام بن سالم عن أبي عمر الأعجمي قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام يا با عمر إن تسعة أعشار الدين في التقية و لا دين لمن لا تقية له، و التقية في كل شي‏ء إلا في النبيذ و المسح على الخفين «1».
و في الصحيح، عن معمر بن خلاد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن القيام للولاة فقال: قال أبو جعفر عليه السلام: التقية من ديني و دين آبائي و لا إيمان لمن لا تقية له «2».
و في حسنة الفضلاء قالوا سمعنا أبا جعفر عليه السلام يقول: التقية في كل شي‏ء يضطر إليه ابن آدم فقد أحله الله له «3».
و في الصحيح، عن عبد الله بن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول التقية ترس المؤمن، و التقية حرز المؤمن، و لا إيمان لمن لا تقية له الخبر «4» و الأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى و قد ذكر في الكافي طرفا منها.
 «و روى عبد العظيم بن عبد الله الحسني عن سهل بن سعد» و كأنه سهل بن اليسع بن عبد الله بن سعد الأشعري القمي الثقة الذي يروي عن الرضا عليه السلام «و ليس منا من صام قبل الرؤية» و في كثير من النسخ بزيادة قوله «للرؤية» و كذا في الجملة الأخيرة، فمع عدمه المعنى ظاهر، و الغرابة باعتبار الطريق فإن الطرق الكثيرة الواردة في ذلك الباب لم يكن في خبر منها هذه العبارة، و لكن تسمية ذلك غرابة غريبة، و مع الزيادة يحتمل أن يكون المراد بما قبل الرؤية، الرؤية الشائعة (أي ليس منا من صام أو أفطر قبل الرؤية الشائعة لرؤية من لا يثبت بشهادته الهلال) و يحتمل قراءة الثانية بتشديد الياء من التروي و الاجتهاد يعني لا يعمل بالرؤية لأجل الاجتهاد بأن يعمل به (أو) يقرأ بالتخفيف بهذا المعنى (أو)
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4) أصول الكافي باب التقية خبر 2- 12- 18- 23 من كتاب الايمان و الكفر- فلاحظ ذاك الباب و باب الكتمان و باب الإذاعة من الكتاب المذكور.

356
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم يوم الشك ص 349

وَ الْفِطْرُ لِلرُّؤْيَةِ وَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ صَامَ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ لِلرُّؤْيَةِ وَ أَفْطَرَ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ لِلرُّؤْيَةِ قَالَ قُلْتُ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَمَا تَرَى فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ فَقَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لَأَنْ أَصُومَ يَوْماً مِنْ شَهْرِ شَعْبَانَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُفْطِرَ يَوْماً مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ.
قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا أَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِيِّ الْمَدْفُونِ بِالرَّيِّ فِي مَقَابِرِ الشَّجَرَةِ وَ كَانَ مَرْضِيّاً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
بَابُ الرَّجُلِ يُسْلِمُ وَ قَدْ مَضَى بَعْضُ شَهْرِ رَمَضَانَ‏
1930 سُئِلَ الصَّادِقُ ع عَنْ رَجُلٍ أَسْلَمَ فِي النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مَا عَلَيْهِ مِنْ صِيَامِهِ فَقَالَ‏

__________________________________________________
يكون تعليلا أي لأن الحكم المعمول به الرؤية فلا يجوز أن يعمل بغيرها (أو) يكون المعنى أنه ليس منا من لم ير الهلال و يصوم و يفطر و يقول: إني رأيت كذبا عملا أو رأيا بأن يتوهم أن القرائن بمنزلة الرؤية و يمكن فيه احتمالات أخر تظهر بالتأمل.
 «و كان مرضيا» أي مقبولا عند الأئمة الهداة عليهم السلام أو عند أصحابهم أو الأعم كما يظهر من الأخبار و روى الصدوق، عن محمد بن يحيى العطار عمن دخل على أبي الحسن العسكري عليه السلام قال: دخلت على أبي الحسن العسكري عليه السلام فقال أين كنت؟ فقلت زرت الحسين عليه السلام فقال عليه السلام: أما إنك لو زرت قبر عبد العظيم لكنت كمن زار الحسين بن علي صلوات الله عليه «1».
باب الرجل يسلم و قد مضى بعض شهر رمضان «و سئل الصادق عليه السلام» رواه الكليني في الحسن كالصحيح، و الشيخ في‏
__________________________________________________
 (1) ثواب الأعمال باب زيارة قبر عبد العظيم الحسنى بالرى خبر 1.

357
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الرجل يسلم و قد مضى بعض شهر رمضان ص 357

لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ إِلَّا مَا أَسْلَمَ فِيهِ وَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ مَا قَدْ مَضَى مِنْهُ.
1931 وَ رَوَى صَفْوَانُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الْعِيصِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْمٍ أَسْلَمُوا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَ قَدْ مَضَى مِنْهُ أَيَّامٌ هَلْ عَلَيْهِمْ أَنْ يَصُومُوا مَا مَضَى مِنْهُ أَوْ يَوْمَهُمُ الَّذِي أَسْلَمُوا فِيهِ فَقَالَ لَيْسَ عَلَيْهِمْ قَضَاءٌ وَ لَا يَوْمُهُمُ الَّذِي أَسْلَمُوا فِيهِ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا أَسْلَمُوا فِيهِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ

__________________________________________________
في الصحيح، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام «1» «إلا ما أسلم فيه» و ليس فيهما الزيادة و يؤيده ما رواه الكليني في الصحيح، عن مسعدة بن صدقة (و هو و إن كان بتريا لكن كتابه معتمد) عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام أن عليا عليه السلام كان يقول في رجل أسلم في نصف شهر رمضان أنه ليس عليه إلا ما يستقبل «2».
 «و روى صفوان بن يحيى» في الحسن كالصحيح، و رواه الكليني و الشيخ في الصحيح «3» «عن العيص بن القاسم» و يدل على عدم وجوب قضاء ما فات منه حال الكفر لأن الإسلام يجب ما قبله «4» و لا اليوم الذي يسلم فيه إلا إذا أدرك الصبح مسلما و أما ما رواه الشيخ، عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أسلم بعد ما دخل شهر رمضان أيام (أو أياما) فقال ليقض ما فاته «5» (فمحمول) على ما فاته بعد الإسلام أو على الاستحباب.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من اسلم في شهر رمضان خبر 1 و التهذيب باب من اسلم في شهر رمضان إلخ خبر 1.
 (2- 3- 4) الكافي باب من اسلم في شهر رمضان خبر- 3- 4.
 (5) هذا الحديث منقول عن مسند أحمد بن حنبل ج 4 ص 199 و ص 205، و عن أسد الغابة ج 5 ص 54 و قد نقلناه تفصيلا في ج 4 من إيضاح الفوائد في شرح اشكالات القواعد ص 752 فلاحظ.

358
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الوقت الذي يحل فيه الإفطار و تجب فيه الصلاة ص 359

بَابُ الْوَقْتِ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ الْإِفْطَارُ وَ تَجِبُ فِيهِ الصَّلَاةُ
1932 رَوَى عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا غَابَ الْقُرْصُ أَفْطَرَ الصَّائِمُ وَ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ.

وَ قَالَ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ يَحِلُّ لَكَ الْإِفْطَارُ إِذَا بَدَتْ ثَلَاثَةُ أَنْجُمٍ وَ هِيَ تَطْلُعُ مَعَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَ هِيَ رِوَايَةُ أَبَانٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع‏
1933 وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْإِفْطَارِ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَهَا

__________________________________________________
باب الوقت الذي يحل فيه الإفطار و تجب فيه الصلاة قد تقدم الأخبار في ذلك الباب في باب أوقات الصلاة، و نقلنا الأخبار الكثيرة أن المراد بغيبوبة القرص ذهاب الحمرة، و ما ذكره أبوه في الرسالة يؤيده لا ما ذكره من قوله (و هي تطلع مع غروب الشمس) كما هو مجرب «و هي رواية أبان» في الموثق كالصحيح «1» و ذكرها بعض الأصحاب من الصحاح لإجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنه مع أن سوء مذهبه منقول من سيئ المذهب على ابن الحسن.
 «و روى الحلبي» في الصحيح و رواه الكليني في الحسن كالصحيح «2» و يدل على استحباب تقديم الصلاة على الإفطار إلا مع الانتظار و يؤيده صحيحة زرارة و الفضيل الآتية (ثمَّ يصلي و يفطر).
و روى الشيخ في الموثق كالصحيح، عن زرارة و الفضيل، عن أبي جعفر عليه السلام في رمضان تصلي ثمَّ تفطر إلا أن تكون مع قوم ينتظرون الإفطار، فإن كنت معهم فلا تخالف عليهم و أفطر ثمَّ صل و إلا فابدأ بالصلاة، قلت: و لم ذلك؟ قال: لأنه قد
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب الزيادات خبر 34.
 (2) الكافي باب وقت الإفطار خبر 1.

359
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الوقت الذي يحل فيه الإفطار و تجب فيه الصلاة ص 359

قَالَ إِنْ كَانَ مَعَهُ قَوْمٌ يَخْشَى أَنْ يَحْبِسَهُمْ عَنْ عَشَائِهِمْ فَلْيُفْطِرْ مَعَهُمْ وَ إِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّ ثُمَّ لْيُفْطِرْ.
بَابُ الْوَقْتِ الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ الْأَكْلُ وَ الشُّرْبُ عَلَى الصَّائِمِ وَ تَحِلُّ فِيهِ صَلَاةُ الْغَدَاةِ
1934 رَوَى عَاصِمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ لَيْثٍ الْمُرَادِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَقُلْتُ مَتَى يَحْرُمُ الطَّعَامُ عَلَى الصَّائِمِ وَ تَحِلُّ الصَّلَاةُ صَلَاةُ الْفَجْرِ فَقَالَ لِي إِذَا اعْتَرَضَ الْفَجْرُ فَكَانَ كَالْقُبْطِيَّةِ الْبَيْضَاءِ فَثَمَّ يَحْرُمُ الطَّعَامُ عَلَى الصَّائِمِ وَ تَحِلُّ الصَّلَاةُ صَلَاةُ الْفَجْرِ قُلْتُ أَ فَلَسْنَا فِي وَقْتٍ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ شُعَاعُ الشَّمْسِ قَالَ هَيْهَاتَ أَيْنَ‏

__________________________________________________
حضرك فرضان، الإفطار و الصلاة فابدأ بأفضلهما، و أفضلهما الصلاة ثمَّ قال، تصلي و أنت صائم فتكتب صلاتك تلك و تختم بالصوم أحب إلي «1» و الحق الأصحاب به منازعة النفس لمنافاتها الخشوع الذي هو روح العبادة و تقديم الصلاة مع إمكان الإقبال و الخشوع أفضل.
باب الوقت الذي يحرم فيه الأكل إلخ «روى عاصم بن حميد» في الحسن كالصحيح، و رواه الكليني في الصحيح كالشيخ «2» «عن أبي بصير (إلى قوله) إذا اعترض الفجر» أي حصل البياض في عرض الأفق و هو الصادق لا في طوله فإنه الكاذب «فكان كالقبطية» (بضم القاف و قد يكسر- ثياب أهل مصر التي في نهاية البياض.
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب فضل السحور و ما يستجب أن يكون عند الإفطار خبر 6.
 (2) الكافي باب الفجر ما هو؟ الخ خبر 5 و التهذيب باب اوقات الصلوات و علامة كل وقت منها خبر 72 من كتاب الصلاة و باب علامة وقت فرض الصيام إلخ خبر 3 من كتاب الصوم.

360
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الوقت الذي يحرم فيه الأكل و الشرب على الصائم و تحل فيه صلاة الغداة ص 360

تَذْهَبُ بِكَ تِلْكَ صَلَاةُ الصِّبْيَانِ.
1935 وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ فَقَالَ نَزَلَتْ فِي خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ الْأَنْصَارِيِّ وَ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ ص فِي الْخَنْدَقِ وَ هُوَ صَائِمٌ وَ أَمْسَى عَلَى تِلْكَ الْحَالِ وَ كَانُوا قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ هَذِهِ الْآيَةُ إِذَا نَامَ أَحَدُهُمْ حَرُمَ عَلَيْهِ الطَّعَامُ- فَجَاءَ خَوَّاتٌ إِلَى أَهْلِهِ حِينَ أَمْسَى فَقَالَ عِنْدَكُمْ طَعَامٌ فَقَالُوا لَا تَنَمْ حَتَّى نَصْنَعَ لَكَ طَعَاماً فَاتَّكَى فَنَامَ قَالُوا قَدْ فَعَلْتَ‏

__________________________________________________
 «و روى أبو بصير» في الموثق، و رواه الكليني في الصحيح، عن ابن مسكان (بضم الميم) عن أبي بصير «1» (و هو ليث المرادي لرواية ابن مسكان عنه) «عن أحدهما (إلى قوله) وَ اشْرَبُوا» و في (في، و يب) أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ (أي الجماع إِلى‏ نِسائِكُمْ الآية) أي إلى آخرها، و لما لاحظ الصدوق أن الاستشهاد في الجزء الأخير ترك أولها «فقال (إلى قوله) يَتَبَيَّنَ» يفهم من ظاهر الخبر أن المعنى له الأكل و الشرب و إن كان ظاهر الآية مع قطع النظر عن الخبر يحتمل أن يكون هو الأكل و الشرب و إن يكون هما مع الجماع و على هذا الاحتمال يفهم جواز الجماع إلى الصبح، و جواز البقاء على الجنابة إلى الصبح، لكن الاحتمال لا ينافي الأخبار، و لا يمكن الاستدلال بالآية إلا باعتبار الليل في قوله تعالى (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ) فإنها باعتبار الإضافة كما تفيد العموم في الأفراد تفيد العموم في الأجزاء أيضا (أو) يقال إنه مطلق و عموم الإطلاق يكفي للجواز، و لكنه مع عدم المقيد أو المخصص فإن ثبت بالأخبار حرمة البقاء فلا بد من تخصيص الليل بمقدار الجماع و الغسل، و لا ريب في أنه أحوط، بل الاحتياط في عدم بقاء الحائض و النفساء بعد الطهارة من الدم، و كذا المستحاضة و في الغسل أو التيمم مع تعذره.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الفجر متى ما هو إلخ خبر 4- و التهذيب باب علامة وقت فرض الصيام خبر 1.

361
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الوقت الذي يحرم فيه الأكل و الشرب على الصائم و تحل فيه صلاة الغداة ص 360

قَالَ نَعَمْ فَبَاتَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ وَ أَصْبَحَ ثُمَّ غَدَا إِلَى الْخَنْدَقِ فَجَعَلَ يُغْشَى عَلَيْهِ فَمَرَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ص فَلَمَّا رَأَى الَّذِي بِهِ أَخْبَرَهُ كَيْفَ كَانَ أَمْرُهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ.

1936 وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع عَنِ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ فَقَالَ‏

__________________________________________________
 «و سئل الصادق عليه السلام (إلى قوله) مِنَ الْفَجْرِ» و في بعض النسخ ترك المجموع، و لعله من النساخ بتوهم الزيادة- رواه الكليني في الصحيح، عن الحلبي كالشيخ «1» قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ «فقال بياض النهار من سواد الليل» قال: «2» و كان بلال يؤذن للنبي صلى الله عليه و آله و سلم و ابن أم مكتوم، و كان أعمى يؤذن بليل و يؤذن بلال حين يطلع الفجر فقال النبي صلى الله عليه و آله و سلم: إذا سمعتم صوت بلال فدعوا الطعام و الشراب فقد أصبحتم أي شبه الله «3» تعالى الصادق بالخيط الأبيض، و الليل أو سواد الأفق بالخيط الأسود كنى عنهما بهما (و قيل) لما لم يفهم بعض الصحابة مراد الله تعالى و كانوا يفتلون الخيطين و يأكلون و يشربون إلى وقت تميزهما بالضياء أنزل الله تبارك و تعالى (مِنَ الْفَجْرِ) لرفع اشتباه الناقصين، و يفهم من قوله تعالى بعد ذلك ثُمَّ (أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) إن الصيام من الأكل و الشرب كما يفهمه أكثر الناس عرفا و ظهر من الأخبار
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الفجر متى ما هو إلخ خبر 4 التهذيب باب علامة وقت فرض الصيام خبر 2.
 (2) يعني باقى الحديث في الكافي و التهذيب هكذا و كان بلال إلخ و كانه (ره) يريدان الصدوق (ره) لم يذكر باقى الخبر و لكن نقول قد تقدم نقله في اواخر باب الاذان و الإقامة إلخ و أضاف هنالك قوله (فغيرت العامّة هذا الحديث عن جهته و قالوا: انه (ع) قال: ان بلالا يؤذن بليل فإذا سمعتم اذ انه فكلوا و اشربوا حتّى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم) فراجع.
 (3) شروع في توضيح أصل الحديث.

362
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الوقت الذي يحرم فيه الأكل و الشرب على الصائم و تحل فيه صلاة الغداة ص 360

بَيَاضُ النَّهَارِ مِنْ سَوَادِ اللَّيْلِ.
1937 وَ قَالَ فِي خَبَرٍ آخَرَ وَ هُوَ الْفَجْرُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ‏

__________________________________________________
أيضا (أو) مع زيادة الجماع لوقوعه في أول الكلام و تخصيصه بالليل مع الإجماع من المسلمين على وجوب تركه بالنهار، لكن البحث في الجزئية أو الشرطية، و كذا في غيره من المفطرات التي ظهر من الأخبار، و لا ريب في أن القصد بالإمساك عن الجميع أحوط.
و يظهر من الأخبار جواز الاعتماد على الثقة في الأكل و تركه في الليل لتأكده بالاستصحاب في بقاء الليل للأكل، و الترك لا يضر و لو كان بخبر الفاسق لاقتران النية بالجزء الأول الواقعي، و لهذا يجوز تقديمها أول الليل، و يؤيده ما رواه الكليني في القوي كالصحيح عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أذن ابن أم مكتوم لصلاة الغداة و مر رجل برسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و هو يتسحر فدعاه أن يأكل معه فقال: يا رسول الله قد أذن المؤذن للفجر فقال: إن هذا ابن أم مكتوم و هو يؤذن بليل فإذا أذن بلال فعند ذلك فأمسك «1».
 «و قال في خبر آخر» و يؤيده ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن علي بن عطية عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الفجر هو الذي إذا رأيته معترضا كأنه نهر سوراء «2».
و عن علي بن مهزيار قال: كتب أبو الحسن بن الحصين إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام معي: جعلت فداك قد اختلف موالوك في صلاة الفجر، فمنهم من يصلي إذا طلع الفجر الأول المستطيل في السماء، و منهم من يصلي إذا اعترض في أسفل الأفق و استبان، و لست أعرف أفضل الوقتين فأصلي فيه فإن رأيت أن تعلمني أفضل الوقتين و تحده لي و كيف أصنع مع القمر و الفجر لا يتبين معه حتى يحمر أو يجهر و يصبح؟
و كيف أصنع مع الغيم و ما حد ذلك في السفر و الحضر فعلت إن شاء الله؟ فكتب عليه السلام‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الفجر ما هو إلخ خبر 1- 2.

363
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الوقت الذي يحرم فيه الأكل و الشرب على الصائم و تحل فيه صلاة الغداة ص 360

1938 وَ سَأَلَهُ سَمَاعَةُ بْنُ مِهْرَانَ عَنْ رَجُلَيْنِ قَامَا فَنَظَرَا إِلَى الْفَجْرِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا هُوَ ذَا وَ قَالَ الْآخَرُ مَا أَرَى شَيْئاً قَالَ فَلْيَأْكُلِ الَّذِي لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْفَجْرُ وَ لْيَشْرَبْ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ- وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ «1» قَالَ سَمَاعَةُ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ أَكَلَ وَ شَرِبَ بَعْدَ مَا طَلَعَ الْفَجْرُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ إِنْ كَانَ قَامَ فَنَظَرَ فَلَمْ يَرَ الْفَجْرَ فَأَكَلَ ثُمَّ أَعَادَ النَّظَرَ فَرَأَى الْفَجْرَ فَلْيُتِمَ‏

__________________________________________________
بخطه و قرأته: الفجر يرحمك الله هو الخيط الأبيض المعترض ليس هو الأبيض صعدا فلا تصل في سفر و لا حضر حتى تبينه فإن الله تبارك و تعالى لم يجعل خلقه في شبهة من هذا فقال:
وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ فالخيط الأبيض هو المعترض الذي يحرم به الأكل و الشرب في الصوم، و كذلك هو الذي يوجب به الصلاة «2» و قد تقدم الأخبار في هذا الباب في وقت الصلاة.
 «و سأل سماعة بن مهران» في الموثق، و روى الكليني عنه في الموثق قال: سألته «3» و يدل على أن كل شخص بانفراده متعبد باعتقاده و مكلف به كما هو ظاهر الآية.
 «قال سماعة» في الموثق و رواه الكليني عنه في الموثق «4» و يدل على القضاء مع عدم المراعاة و على عدمه معها، و يؤيده ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح و الشيخ في الصحيح عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن رجل تسحر ثمَّ خرج من بيته و قد طلع الفجر و تبين قال: يتم صومه ذلك ثمَّ ليقضه فإن تسحر في غير شهر رمضان بعد الفجر
__________________________________________________
 (1) البقرة 187.
 (2) الكافي باب وقت الفجر خبر 1 من كتاب الصلاة.
 (3- 4) الكافي باب من اكل او شرب و هو شاك في الفجر إلخ خبر 6- 2.

364
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الوقت الذي يحرم فيه الأكل و الشرب على الصائم و تحل فيه صلاة الغداة ص 360

صَوْمَهُ وَ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَ إِنْ كَانَ قَامَ فَأَكَلَ وَ شَرِبَ ثُمَّ نَظَرَ إِلَى الْفَجْرِ فَرَآهُ قَدْ طَلَعَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ ذَلِكَ وَ يَقْضِي يَوْماً آخَرَ لِأَنَّهُ بَدَأَ بِالْأَكْلِ قَبْلَ النَّظَرِ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ.
1939 وَ رَوَى صَفْوَانُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الْعِيصِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلٍ خَرَجَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَ أَصْحَابُهُ يَتَسَحَّرُونَ فِي بَيْتٍ فَنَظَرَ إِلَى الْفَجْرِ فَنَادَاهُمْ أَنَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ فَكَفَّ بَعْضٌ وَ ظَنَّ بَعْضٌ أَنَّهُ يَسْخَرُ فَأَكَلَ فَقَالَ‏

__________________________________________________
أفطر ثمَّ قال: إن أبي كان ليلة يصلي و أنا آكل فانصرف فقال أما جعفر فقد أكل و شرب بعد الفجر فأمرني فأفطرت ذلك اليوم في غير شهر رمضان «1» و بعمومه يشمل القضاء.
و يؤيده ما رواه الكليني في الموثق كالصحيح، عن إسحاق بن عمار قال:
قلت لأبي إبراهيم عليه السلام يكون على اليوم و اليومان من شهر رمضان فأتسحر مصبحا أفطر ذلك اليوم و أقضي مكان ذلك اليوم يوما آخر أو أتم على صوم ذلك اليوم و أقضي يوما آخر؟ فقال: لا بل تفطر ذلك اليوم لأنك أكلت مصبحا و تقضي يوما آخر «2».
و عن علي بن أبي حمزة، عن أبي إبراهيم عليه السلام قال: سألته عن رجل شرب بعد ما طلع الفجر و هو لا يعلم في شهر رمضان؟ قال: يصوم يومه ذلك و يقضي يوما آخر و إن كان قضاء لرمضان في شوال أو (في- خ) غيره فشرب بعد الفجر فليفطر يومه ذلك و يقضيه «3» و يؤيده ما سبق من عدم جواز القضاء لمن أدرك الصبح جنبا.
 «و روى صفوان» في الحسن كالصحيح كالكليني «4» «عن العيص بن القاسم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام» و القضاء لعدم المراعاة.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من اكل او شرب و هو شاك في الفجر إلخ خبر 1 و التهذيب باب حكى الساهى و الغالط إلخ خبر 5.
 (2- 3- 4) الكافي باب من اكل او شرب و هو شاك إلخ خبر 5- 6- 4.

365
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الوقت الذي يحرم فيه الأكل و الشرب على الصائم و تحل فيه صلاة الغداة ص 360

يُتِمُّ وَ يَقْضِي.
1940 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع آمُرُ الْجَارِيَةَ لِتَنْظُرَ إِلَى الْفَجْرِ فَتَقُولُ لَمْ يَطْلُعْ بَعْدُ فَآكُلُ ثُمَّ أَنْظُرُ فَأَجِدُهُ قَدْ كَانَ طَلَعَ حِينَ نَظَرَتْ قَالَ اقْضِهِ أَمَا إِنَّكَ لَوْ كُنْتَ أَنْتَ الَّذِي نَظَرْتَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ

__________________________________________________
 «و روى محمد بن أبي عمير» في الصحيح و رواه الكليني في الحسن كالصحيح «عن «1» معاوية بن عمار» و يدل كالأخبار السابقة على أنه مع عدم المراعاة يلزمه القضاء (و أما) دلالتها على وجوب المراعاة باعتبار أنه لو لم يراع و كان الصبح يجب القضاء، و القضاء ملزوم الفساد، و يحرم الإفساد اختيارا (ففيه خفاء)، فإنه باعتبار الاستصحاب يمكن أن يكون الأكل سائغا و إن كان القضاء واجبا كما تقدم في النوم جنبا و الاحتياط في المراعاة.
و روى الشيخ في الصحيح، عن إبراهيم بن مهزيار قال: كتب الخليل بن هاشم إلى أبي الحسن عليه السلام رجل سمع الوطء (أي صوت أقدام الناس) و النداء في شهر رمضان فظن أن النداء للسحور فجامع و خرج فإذا الصبح قد أسفر فكتب عليه السلام بخطه يقضي ذلك اليوم إن شاء الله «2».
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من اكل او شرب و هو شاك إلخ خبر 3.
 (2) التهذيب باب الزيادات خبر 36.

366
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب حد المرض الذي يفطر صاحبه ص 367

بَابُ حَدِّ الْمَرَضِ الَّذِي يُفْطِرُ صَاحِبُهُ‏
1941 رَوَى ابْنُ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع مَا حَدُّ الْمَرَضِ الَّذِي يُفْطِرُ فِيهِ الصَّائِمُ وَ يَدَعُ الصَّلَاةَ مِنْ قِيَامٍ فَقَالَ بَلِ الْإِنْسانُ عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَا يُطِيقُهُ.

1942 وَ رَوَى جَمِيلُ بْنُ دَرَّاجٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ صَبِيحٍ قَالَ: حُمِمْتُ بِالْمَدِينَةِ يَوْماً فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَبَعَثَ إِلَيَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع بِقَصْعَةٍ فِيهَا خَلٌّ وَ زَيْتٌ وَ قَالَ لِي أَفْطِرْ

__________________________________________________
باب حد المرض الذي يفطر صاحبه «روى ابن بكير» في الموثق كالصحيح «عن زرارة (إلى قوله) بَصِيرَةٌ» استشهاد بقوله تعالى أو اقتباس منه، أي الإنسان أعلم بنفسه من غيره، و يعلم إطاقته من عدمها، فإذا علم من حاله أنه مطيق للصيام و القيام صام و صلى قائما و إن وجد عدم القدرة عليهما بالتضرر و لو ببطء المرض أفطر و صلى قاعدا.
و يؤيده ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن عمر بن أذينة قال: كتبت إلى أبي عبد الله عليه السلام أسأله ما حد المرض الذي يفطر فيه صاحبه و المرض الذي يدع صاحبه الصلاة؟ قال بَلِ الْإِنْسانُ عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ و قال ذلك إليه هو أعلم بنفسه «1».
 «و روى جميل بن دراج» في الصحيح و الكليني في الحسن كالصحيح «2» «عن الوليد بن صبيح» قرئ مصغرا و مكبرا كأمير «قال حميت» مشددا أي حصل لي الحمى و مخففا من الحمية، و في بعض النسخ حممت كما في الكافي بالمعنى الأول «بالمدينة يوما في شهر رمضان» و ظاهره التوسعة العظيمة لأنه قل ما يحصل بحمى يوم ضعف لا يقدر على الصيام، و لو سومح فيه باعتبار أن الحرارة تزيد بالصوم كيف يسامح في القيام و إن أمكن أن يكون صلوات الله عليه عالما بضعفة عنهما و عدم‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب حدّ المرض الذي يجوز للرجل ان يفطر فيه خبر 2- 1.

367
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب حد المرض الذي يفطر صاحبه ص 367

وَ صَلِّ وَ أَنْتَ قَاعِدٌ.
1943 وَ رَوَى بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلَهُ أَبِي وَ أَنَا أَسْمَعُ عَنْ حَدِّ الْمَرَضِ الَّذِي يَتْرُكُ الْإِنْسَانُ فِيهِ الصَّوْمَ قَالَ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَتَسَحَّرَ.

__________________________________________________
قدرته عليهما.
 «و» مثله ما «روى بكر بن محمد الأزدي» في الصحيح و رواه الكليني في الصحيح، عن سيف بن عميرة عن بكر بن أبي بكر الحضرمي، و رواه الشيخ في الصحيح عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي «1» و الصواب ما في الكافي لأن محمد الأزدي، و كذا محمد الحضرمي ليسا من رواه الصادق عليه السلام على الظاهر و الوهم من نساخ الفقيه و التهذيب «عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا لم يستطع أن يتسحر» فإن الظاهر أنه إذا كان كذلك كان له ضعف المعدة و هو مرض.
و يمكن أن يكون المراد أنه إذا أمكن له أن يشرب الدواء أول الليل و الغذاء آخر الليل يمكن له أن يصير الليل نهارا و بالعكس، و يمكنه الصوم، و إذا لم يمكنه ذلك بأن يتضرر من الصوم مع ذلك فيجب عليه الإفطار، و الأول أظهر لفظا و الثاني معنى، لموافقته لما رواه الكليني في الصحيح. عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما حد المرض أو المريض إذ نقه (أي ضعف) في الصيام؟ قال ذلك إليه هو أعلم بنفسه إذا قوي فليصم «2».
و في الموثق، عن عمار بن موسى، عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يجد في نفسه‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب حدّ المرض الذي يجوز للرجل ان يفطر فيه خبر 6- و التهذيب باب الزيادات خبر 73- و لكن في بعض النسخ التي عندنا من الكافي بكار بن أبي بكر الحضرمى و الظاهر كونه سهوا من النسّاخ لان المعروف في كتب الرجال ان الحضرمى لقب بكر- لا بكار و اللّه العالم.
 (2) اورد هذا الخبر و الأربعة التي بعده في الكافي باب حدّ المرض الذي- يجوز للرجل ان يفطر خبر 8- 5- 3- 7- 4.

368
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب حد المرض الذي يفطر صاحبه ص 367

1944 وَ رَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: اشْتَكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَيْنَهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ ص أَنْ تُفْطِرَ وَ قَالَ عَشَاءُ اللَّيْلِ لِعَيْنَيْكِ رَدِيٌّ.

1945 وَ فِي رِوَايَةِ حَرِيزٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الصَّائِمُ إِذَا خَافَ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ الرَّمَدِ أَفْطَرَ.

1946 وَ قَالَ ع كُلُّ مَا أَضَرَّ بِهِ الصَّوْمُ فَالْإِفْطَارُ لَهُ وَاجِبٌ‏

__________________________________________________
وجعا من صداع شديد هل يجوز له الإفطار؟ قال: إذا صدع صداعا شديدا، و إذا حم حمى شديدة، و إذا رمدت عيناه رمدا شديدا فقد حل له الإفطار و في الصحيح، عن سماعة (الموثق) قال: سألته ما حد المرض الذي يجب على صاحبه فيه الإفطار كما يجب عليه في السفر من كان مريضا أو على سفر؟ قال: هو مؤتمن عليه مفوض إليه فإن وجد ضعفا فليفطر و إن وجد قوة فليصمه كان المرض ما كان.
 «و روى سليمان بن عمرو» في القوي، و رواه الكليني عنه في الصحيح و كتابه معتمد «عن أبي عبد الله عليه السلام قال اشتكت» أي وجعت أو مرضت «و قال عشاء الليل لعينيك ردي» أي إذا صمت و أفطرت عند العشاء فهو يضرك و قلما لا يضر عشاء الليل لأي مرض كان، فيفهم منه أن أدنى ضرر كاف للإفطار، و يمكن أن يكون لخصوص مرض العين فإن الضرر فيه بين.
 «و في رواية حريز» في الصحيح، و رواه الكليني عنه في الحسن كالصحيح «عن أبي عبد الله عليه السلام (إلى قوله) من الرمد» بأن يخاف أن يحصل له الرمد و الوجع أو بسببه بأن يخاف ضياع عينه أو زيادة رمده أو طوله.
 «و قال عليه السلام» الظاهر أنه خبر سماعة المتقدم، و نقله بالمعنى، و يمكن أن يكون خبرا آخر، و الظاهر أنه إذا جاز الإفطار كان واجبا، و يمكن أن يكون جائزا بالضرر اليسير، لكن ظاهر الآية يدفعه لأن الله تعالى أوجب القضاء على المريض و المسافر بقوله تعالى‏

369
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما جاء فيمن يضعف عن الصيام من شيخ أو شاب أو حامل أو مرضع ص 370

بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ يَضْعُفُ عَنِ الصِّيَامِ مِنْ شَيْخٍ أَوْ شَابٍّ أَوْ حَامِلٍ أَوْ مُرْضِعٍ‏
1947 رَوَى الْعَلَاءُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَ الَّذِي بِهِ الْعُطَاشُ لَا حَرَجَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُفْطِرَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَ يَتَصَدَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ

__________________________________________________
وَ مَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى‏ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ «1» أي فعليه عدة فلا يجوز له الصوم على حال، و لو لا الأخبار المتواترة و الإجماع لكان كل مرض موجبا للإفطار فخصت الآية بهما بالمرض المضر أي ضرر كان فلا يعقل الواسطة.
فأما ما رواه الشيخ في القوي، عن عقبة بن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل صام رمضان و هو مريض قال يتم صومه و لا يعيد، يجزيه «2» (فمحمول) على المرض الذي لا يضر أو لأن الجهل عذر.
باب ما جاء فيمن يضعف عن الصيام إلخ «روى العلاء» في الصحيح كالكليني «3» «عن محمد بن مسلم (إلى قوله) الكبير» الظاهر أن القيد احترازي لأن الشيخوخة تحصل من خمسين أو إحدى و خمسين سنة إلى آخر العمر أو إلى الثمانين، و المرجع في الكبر إلى العرف أو إلى الضرر «و الذي به العطاش» بالضم داء لا يروي صاحبه «لا حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان» ظاهره جواز الإفطار و الصوم و حمل على الوجوب كما في قوله تعالى‏
__________________________________________________
 (1) البقرة- 185.
 (2) التهذيب باب الزيادات خبر 76.
 (3) الكافي باب الشيخ و العجوز يضعفان عن الصوم خبر 4.

370
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما جاء فيمن يضعف عن الصيام من شيخ أو شاب أو حامل أو مرضع ص 370

مِنْهُمَا فِي كُلِّ يَوْمٍ بِمُدٍّ مِنْ طَعَامٍ وَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا فَإِنْ لَمْ يَقْدِرَا فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِمَا
__________________________________________________
فلا جناح عليه أن يطوف بهما «1» و غيره، و ظاهره نفي القضاء مع البرء و القوة، و لزوم الصدقة مطلقا سواء كان مع العذر أو العسر مع القدرة عليها، و إن أمكن أن يكون المراد بعدم القدرة عدم القدرة على الصوم و يكون المراد بالأول مع المشقة كما ذهب إليه بعض، و الاكتفاء بمد.
و يؤيده ما رواه الكليني و الشيخ في الصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز و جل و على الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال: الشيخ الكبير و الذي يأخذه العطاش (أي كانوا يطيقونه أو يصومونه بالمشقة و طعام المسكين يحصل بالمد غالبا) و عن قول الله عز و جل فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا قال: من مرض أو عطاش «2» يعني عدم الاستطاعة في الكفارات يحصل بهما، و يمكن أن يكون المراد بالآية ذلك و يكون غيرهما من الأعراض مستفادا من الأخبار.
و في الحسن كالصحيح عن عبد الله بن سنان قال: سألته عن رجل كبير ضعف عن صوم شهر رمضان قال: يتصدق عن كل يوم بما يجزى من طعام مسكين «3» و روى الشيخ في الصحيح، عن الحلبي. عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رجل كبير يضعف عن صوم شهر رمضان قال يتصدق بما يجزى عنه طعام مسكين لكل يوم «4».
و (أما) ما رواه في الصحيح، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام و ذكر مثل الخبر الأول إلا أنه قال (و يتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمدين من طعام «5» (فمحمول) على الاستحباب أو على السهو من بعض الرواة، مع أن في النسخة
__________________________________________________
 (1) البقرة 158.
 (2) الكافي باب الشيخ و العجوز يضعفان عن الصوم خبر 1- و التهذيب باب العاجز عن الصيام خبر 2 و الآيتين في المجادلة- 4- البقرة 185.
 (3) الكافي باب الشيخ و العجوز يضعفان عن الصوم خبر 3.
 (4- 5) التهذيب باب العاجز عن الصوم خبر 1- 5.

371
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما جاء فيمن يضعف عن الصيام من شيخ أو شاب أو حامل أو مرضع ص 370

1948 وَ رَوَى عَمَّارُ بْنُ مُوسَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي الرَّجُلِ يُصِيبُهُ الْعَطَشُ حَتَّى يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ قَالَ يَشْرَبُ بِقَدْرِ مَا يُمْسِكُ رَمَقَهُ وَ لَا يَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى.

__________________________________________________
المنقولة من خط الشيخ (بمد) و كأنه سهو من الشيخ «1» لتأويله بالقدرة و لا سهو في سهو.
و روي في القوي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: الشيخ الكبير لا يقدر أن يصوم قال: يصوم عنه بعض ولده قلت: فإن لم يكن له قال فأدنى قرابته قلت:
فإن لم يكن له قرابة؟ قال تصدق بمد في كل يوم فإن لم يكن عنده شي‏ء فليس عليه «2» فيمكن حمله على استحباب صومهم و تشريكه في الثواب معهم، و الأحوط حينئذ التصدق مع صومهم.
 «و روى عمار بن موسى» في الموثق كالكليني و الشيخ «3» «عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصيبه العطش» و كذا في يب، و في في (العطاش) بالكسر بمعنى العطشان على حذف المضاف أي عطش العطاش أو جاء بمعنى العطش و إن لم يذكره أهل اللغة، و الظاهر أنه من النساخ و هو غير ذي العطاش المقدم لقوله «حتى يخاف على نفسه» أي من الهلاك «قال (إلى قوله) رمقه» أي حياته «و لا يشرب حتى يروى» و لا يجب التصدق و يقضي صومه و الظاهر أن هذه الأحكام مختصة به بخلاف صاحب المرض.
__________________________________________________
 (1) يعني لو كان في أصل الحديث لفظة (مد) بالافراد لم يأوله الشيخ (ره) بصورة إرادة القدرة على المدين و إلا لزم أن يكون الشيخ قد سهى في مقام التأويل أيضا و يبعد أن يكون ساهيا مرتين مرة في نقله (مدا) مكان (مدين) و مرة في تأويله (المدين) فتدبر و اللّه العالم.
 (2) التهذيب باب العاجز عن الصوم خبر 6.
 (3) الكافي باب الشيخ و العجوز إلخ خبر 6 و التهذيب باب العاجز عن الصوم خبر 9.

372
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما جاء فيمن يضعف عن الصيام من شيخ أو شاب أو حامل أو مرضع ص 370

1949 وَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ بُكَيْرٍ أَنَّهُ سُئِلَ الصَّادِقُ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ قَالَ عَلَى الَّذِينَ كَانُوا يُطِيقُونَ الصَّوْمَ ثُمَّ أَصَابَهُمْ كِبَرٌ أَوْ عُطَاشٌ أَوْ شِبْهُ ذَلِكَ فَعَلَيْهِمْ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ.

1950 وَ رَوَى الْعَلَاءُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ الْحَامِلُ الْمُقْرِبُ وَ الْمُرْضِعُ الْقَلِيلَةُ اللَّبَنِ لَا حَرَجَ عَلَيْهِمَا أَنْ تُفْطِرَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لِأَنَّهُمَا لَا تُطِيقَانِ الصَّوْمَ وَ عَلَيْهِمَا أَنْ تَتَصَدَّقَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي كُلِّ يَوْمٍ تُفْطِرُ فِيهِ بِمُدٍّ مِنْ طَعَامٍ وَ عَلَيْهِمَا قَضَاءُ كُلِّ يَوْمٍ أَفْطَرَا فِيهِ ثُمَّ تَقْضِيَانِهِ بَعْدُ.

1951 وَ سَأَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُتْبَةَ الْهَاشِمِيُّ أَبَا الْحَسَنِ ع عَنِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَ الْعَجُوزِ الْكَبِيرَةِ الَّتِي تَضْعُفُ عَنِ الصَّوْمِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ يَتَصَدَّقُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ بِمُدٍّ مِنْ حِنْطَةٍ

__________________________________________________
و مثله ما رواه الكليني في القوي، عن مفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام إن لنا فتيات و شبانا لا يقدرون على الصيام من شدة ما يصيبهم من العطش قال فليشربوا بقدر ما تروى به نفوسهم و ما يحذرون «1» (أي من الهلاك لو لم يشربوا مثلا).
 «و في رواية ابن بكير» في الموثق كالصحيح «2» يدل على أن شبه العطاش مثل جوع الكلب أو البقر حكمه مثله.
 «و روى العلاء» في الصحيح و رواه الكليني في الصحيح «3» و في القوي كالصحيح «4» «عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام» و المرجع في القرب و القلة إلى العرف، و ظاهره عدم الفرق بين الأم و غيرها و بين الاضطرار و غيره كما ذهب إليه الأكثر و إن كان الأحوط التقييد بالضرورة.
 «و سأل عبد الملك بن عتبة الهاشمي» في الموثق كالصحيح و رواه الكليني‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الشيخ و العجوز يضعفان عن الصوم خبر 7- 5.
 (3- 4) الكافي باب الحامل و المرضع يضعفان عن الصوم خبر 1- 2.

373
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب من فطر صائما ص 374

بَابُ ثَوَابِ مَنْ فَطَّرَ صَائِماً
1952 رَوَى أَبُو الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ فَطَّرَ صَائِماً فَلَهُ أَجْرٌ مِثْلُهُ.

1953 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع دَخَلَ سَدِيرٌ عَلَى أَبِي ع فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ لَهُ يَا سَدِيرُ هَلْ تَدْرِي أَيُّ لَيَالٍ هَذِهِ فَقَالَ لَهُ نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ هَذِهِ لَيَالِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَمَا ذَاكَ فَقَالَ لَهُ أَبِي أَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تُعْتِقَ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ هَذِهِ اللَّيَالِي عَشْرَ

__________________________________________________
و الشيخ في الصحيح «1» و يدل على أن حكم الشيخة حكم الشيخ: باب ثواب من فطر صائما «روى أبو الصباح الكناني» الثقة و لم يذكر طريقه إليه، و الظاهر أنه أخذه من الكافي، و رواه في الحسن كالصحيح، عن ابن أبي عمير عن سلمة صاحب السابري، عن أبي الصباح الكناني «2» «عن أبي عبد الله عليه السلام قال من فطر صائما فله أجر مثله» بالإضافة أو بغيرها و في الكافي (مثل أجره).
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه في الكافي، عن مسعدة: عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام «3» قال «دخل سدير على أبي عليه السلام» فعلى هذا يكون المدخول إليه علي بن الحسين عليهما السلام، و يمكن أن يكون أبا جعفر عليه السلام بأن يكون التالية تفسيرا للأولى و ليس في يب لفظة (عن أبيه) و في موضع آخر من الكافي، علي بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن سدير الصيرفي قال: قال‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الشيخ و العجوز يضعفان عن الصوم خبر 4 و التهذيب باب العاجز عن الصيام خبر 3.
 (2- 3) الكافي باب من فطر صائما خبر 1- 4-

374
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب من فطر صائما ص 374

رِقَابٍ مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَ لَهُ سَدِيرٌ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي لَا يَبْلُغُ مَالِي ذَاكَ فَمَا زَالَ يَنْقُصُ حَتَّى بَلَغَ بِهِ رَقَبَةً وَاحِدَةً فِي كُلِّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أَ فَمَا تَقْدِرُ أَنْ تُفَطِّرَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ رَجُلًا مُسْلِماً فَقَالَ لَهُ بَلَى وَ عَشَرَةً فَقَالَ لَهُ أَبِي ع فَذَاكَ الَّذِي أَرَدْتُ يَا سَدِيرُ إِنَّ إِفْطَارَكَ أَخَاكَ الْمُسْلِمَ يَعْدِلُ عِتْقَ رَقَبَةٍ مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِيلَ ع.
1954 وَ رَوَى مُوسَى بْنُ بَكْرٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع أَنَّهُ قَالَ: تَفْطِيرُكَ أَخَاكَ الصَّائِمَ أَفْضَلُ مِنْ صِيَامِكَ.

1955 وَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع إِذَا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي يَصُومُ فِيهِ أَمَرَ بِشَاةٍ فَتُذْبَحُ وَ تُقْطَعُ أَعْضَاؤُهُ وَ تُطْبَخُ فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْمَسَاءِ أَكَبَّ عَلَى الْقُدُورِ حَتَّى يَجِدَ رِيحَ الْمَرَقِ وَ هُوَ صَائِمٌ ثُمَّ يَقُولُ هَاتُوا الْقِصَاعَ اغْرِفُوا لآِلِ فُلَانٍ اغْرِفُوا لآِلِ فُلَانٍ ثُمَّ يُؤْتَى بِخُبْزٍ وَ تَمْرٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ عَشَاءَهُ‏

__________________________________________________
لي أبو عبد الله عليه السلام ما منعك أن تعتق كل يوم نسمة؟ قلت لا يحتمل مالي ذلك قال تطعم كل يوم مسلما فقلت موسرا أو معسرا؟ قال: فقال إن الموسر قد يشتهي الطعام «1» و لا منافاة بينهما (بينها- خ) لأنه يمكن أن يكون هذا القول معه من كل واحد من الأئمة صلوات الله عليهم.
 «و روى موسى بن بكر» طريق الصدوق إليه صحيح و في الكافي قوي «2» و هو و إن كان ضعيفا في نفسه لكونه واقفيا غير موثق لكن كتابه معتمد.
 «و كان علي بن الحسين عليهما السلام» رواه في الكافي قويا، عن حمزة بن حمران عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان علي بن الحسين عليهما السلام «3» «أكب على القدور» أي طأطأ رأسه عليها حتى يجد ريح المرق.
__________________________________________________
 (1) أصول الكافي باب إطعام المؤمن خبر 12 من كتاب الإيمان و الكفر.
 (2- 3) الكافي باب من فطر صائما خبر 2- 3.

375
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب من فطر صائما ص 374

1956 وَ قَالَ النَّبِيُّ ص مَنْ فَطَّرَ فِي هَذَا الشَّهْرِ مُؤْمِناً صَائِماً كَانَ لَهُ بِذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَ مَغْفِرَةٌ لِمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ كُلُّنَا نَقْدِرُ عَلَى أَنْ نُفَطِّرَ صَائِماً فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كَرِيمٌ يُعْطِي هَذَا الثَّوَابَ مِنْكُمْ‏

__________________________________________________
 «و قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم» قد تقدم في خبر أبي الورد و رواه الشيخ هنا. عن ورد «1» و كأنه من القلم «2».
و روى الصدوق في القوي أو الصحيح، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أيما مؤمن أطعم مؤمنا ليلة في رمضان كتب الله له بذلك مثل أجر من أعتق ثلاثين نسمة و كان له بذلك عند الله دعوة مجابة «3».
و في الصحيح، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: من أطعم مؤمنا من جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، و من سقى مؤمنا من ظمإ سقاه الله من الرحيق المختوم، و من كسا مؤمنا كساه الله من الثياب الخضر «4».
و روى الكليني في الصحيح، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من أطعم ثلاثة نفر من المسلمين أطعمه الله من ثلاث جنان في ملكوت السماوات: الفردوس و جنة عدن و طوبى (و هي شجرة تخرج في جنة عدن) غرسها ربنا بيده «5» و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لئن أطعم رجلا من المسلمين أحب إلي من أن أعتق أفقا من الناس قلت و ما الأفق؟
قال مائة ألف أو يزيدون «6».
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب فضل التطوع بالخيرات خبر 5.
 (2) هكذا في النسخ و لعله سقط منها كلمة (سهو).
 (3- 4) ثواب الأعمال باب ثواب من اطعم مؤمنا إلخ خبر 1- 2.
 (5- 6) أصول الكافي باب إطعام المؤمن خبر 3- 2 من كتاب الإيمان و الكفر.

376
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب من فطر صائما ص 374

مَنْ لَمْ يَقْدِرْ إِلَّا عَلَى مَذْقَةٍ مِنْ لَبَنٍ يُفَطِّرُ بِهَا صَائِماً أَوْ شَرْبَةٍ مِنْ مَاءِ عَذْبٍ أَوْ تُمَيْرَاتٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ‏
__________________________________________________
و عنه عليه السلام قال: من أطعم مؤمنا حتى يشبعه لم يدر أحد من خلق الله ما له من الأجر في الآخرة و لا ملك مقرب و لا نبي مرسل إلا الله رب العالمين ثمَّ قال: من موجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان ثمَّ تلا قول الله عز و جل:
أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ «1».
و عنه عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من سقى مؤمنا شربة من ماء من حيث يقدر على الماء أعطاه الله بكل شربة سبعين ألف حسنة، و إن سقاه من حيث لا يقدر على الماء فكأنما أعتق عشر رقاب من ولد إسماعيل «2».
و في الموثق، عن الحسين بن نعيم الصحاف قال: قال أبو عبد الله عليه السلام أ تحب إخوانك يا حسين؟ قلت: نعم قال تنفع فقراءهم؟ قلت: نعم قال: أما إنه يحق عليك أن تحب من يحب الله أما و الله لا تنفع منهم أحدا حتى تحبه، أ تدعوهم إلى منزلك قلت ما آكل إلا و معي منهم الرجلان و الثلاثة و الأقل و الأكثر فقال أبو عبد الله عليه السلام:
أما إن فضلهم عليك أعظم من فضلك عليهم، فقلت جعلت فداك أطعمهم طعامي و أوطأهم رحلي و يكون فضلهم على أعظم؟ قال: نعم إنهم إذا دخلوا منزلك دخلوا، بمغفرتك و مغفرة عيالك (و في رواية أخرى (دخلوا برزق من الله عز و جل كثير) و إذا خرجوا من منزلك خرجوا بذنوبك و ذنوب عيالك «3».
و في الحسن كالصحيح، عن ربعي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من أطعم أخاه في الله كان له من الأجر مثل من أطعم فئاما من الناس قلت و ما الفئام قال: مائة ألف من الناس «4».
و في الصحيح عنه عليه السلام قال: أكلة يأكلها أخي المسلم عندي أحب إلي من أن أعتق رقبة «5» و الأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى و قد ذكرنا بعضها قبل ذلك.
__________________________________________________
 (1- 2- 3) أصول الكافي باب إطعام المؤمن خبر 6- 7- 8- و قوله قده (و في رواية اخرى الى قوله كثير) إشارة رواية ابى محمّد الوابشى و هي رواية 9 من الباب من كتاب الإيمان و الكفر.
 (4- 5) أصول الكافي باب إطعام المؤمن خبر 11- 13 من كتاب الإيمان و الكفر.

377
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب السحور ص 378

بَابُ ثَوَابِ السَّحُورِ
1957 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص السَّحُورُ بَرَكَةٌ وَ قَالَ ع لَا تَدَعْ أُمَّتِيَ السَّحُورَ وَ لَوْ عَلَى حَشَفَةِ تَمْرٍ.

1958 وَ سَأَلَ سَمَاعَةُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ السَّحُورِ لِمَنْ أَرَادَ الصَّوْمَ فَقَالَ أَمَّا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّ الْفَضْلَ فِي السَّحُورِ وَ لَوْ بِشَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ وَ أَمَّا فِي التَّطَوُّعِ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَسَحَّرَ فَلْيَفْعَلْ وَ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا بَأْسَ‏

__________________________________________________
باب ثواب التسحر (أو السحور) و هو بالفتح اسم ما يتسحر به من الطعام و الشراب، و بالضم المصدر أو اسمه و أكثر ما يروى بالفتح (و قيل) إن الصواب، الضم لأنه بالفتح الطعام و الثواب في الفعل لا في الطعام إلا أن يقدر مثل التسحر.
 «قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني، عن السكوني (بفتح السين) عن جعفر عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم «السحور بركة» «1» أي سبب لزيادة الثواب أو العمر أو قوة العبادة أو الرزق أو الأعم «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لا تدع» أي لا تترك «أمتي (إلى قوله) تمر» و الحشف أردأ التمر أو الضعيف لا نوى له أو اليابس الفاسد.
 «و سأل سماعة» في الموثق كالكليني و الشيخ «2» و يدل على تأكد السحور في شهر رمضان.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب انه يستحب السحور خبر 1.
 (2) الكافي باب انه يستحب السحور خبر و 1 التهذيب باب فضل السحور خبر 1.

378
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب السحور ص 378

1959 وَ سَأَلَهُ أَبُو بَصِيرٍ عَنِ السَّحُورِ لِمَنْ أَرَادَ الصَّوْمَ أَ وَاجِبٌ هُوَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِأَنْ لَا يَتَسَحَّرَ إِنْ شَاءَ فَأَمَّا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ أَنْ يَتَسَحَّرَ أُحِبُّ أَنْ لَا يَتْرُكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ.

1960 وَ قَالَ النَّبِيُّ ص تَعَاوَنُوا بِأَكْلِ السَّحُورِ عَلَى صِيَامِ النَّهَارِ وَ بِالنَّوْمِ عِنْدَ الْقَيْلُولَةِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ.

1961 وَ رُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ مَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُسْتَغْفِرِينَ وَ الْمُتَسَحِّرِينَ بِالْأَسْحَارِ فَلْيَتَسَحَّرْ أَحَدُكُمْ وَ لَوْ بِشَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ.

وَ أَفْضَلُ السَّحُورِ السَّوِيقُ وَ التَّمْرُ وَ مُطْلَقٌ لَكَ الطَّعَامُ وَ الشَّرَابُ إِلَى أَنْ تَسْتَيْقِنَ طُلُوعَ الْفَجْرِ
1962 وَ سَأَلَ رَجُلٌ الصَّادِقَ ع فَقَالَ: آكُلُ وَ أَنَا أَشُكُّ فِي الْفَجْرِ فَقَالَ كُلْ حَتَّى لَا تَشُكَّ.

__________________________________________________
 «و سأله أبو بصير» في الموثق و رواه الكليني في الحسن كالصحيح عنه، عن أبي عبد الله عليه السلام «1» و هو كالسابق في الدلالة.
 «و قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الشيخ في القوي، عن رفاعة بن موسى، عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم «2» و يدل على الاستحباب مطلقا، و كذا على استحباب النوم عند القيلولة و هي نصف النهار، و المراد هنا القريب منه.
 «و روي عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم» يدل على الاستحباب مطلقا و استحباب السحور بالماء و السويق و هو الدقيق المطبوخ و التمر و جواز الأكل و الشرب إلى أن يتيقن الفجر الثاني كما مر.
 «و سأل رجل الصادق عليه السلام» رواه الشيخ في القوي عن إسحاق بن عمار قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام آكل في شهر رمضان بالليل حتى أشك «قال كل حتى لا تشك»
__________________________________________________
 (1) الكافي باب فضل السحور خبر 2.
 (2) التهذيب باب فضل السحور إلخ خبر 7.

379
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب السحور ص 378

1963 وَ قَالَ ع لَوْ أَنَّ النَّاسَ تَسَحَّرُوا ثُمَّ لَمْ يُفْطِرُوا إِلَّا عَلَى الْمَاءِ لَقَدَرُوا عَلَى أَنْ يَصُومُوا الدَّهْرَ.

بَابُ الرَّجُلِ يَتَطَوَّعُ بِالصِّيَامِ وَ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ مِنَ الْفَرْضِ‏
وَرَدَتِ الْأَخْبَارُ وَ الْآثَارُ عَنِ الْأَئِمَّةِ ع أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَطَوَّعَ الرَّجُلُ بِالصِّيَامِ وَ عَلَيْهِ.
__________________________________________________
أي يجوز الأكل إلى أن يتبين (أو) كل حتى يرتفع شكك و وسواسك.
 «و قال عليه السلام» رواه الشيخ بسند فيه إرسال، عن أبي عبد الله عليه السلام «1» و روي عن عمرو بن جميع، عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم تسحروا و لو بجرع الماء، إلا صلوات الله على المتسحرين «2» و فسره بعض بالمستغفرين بالأسحار لأنه صلى الله عليه و آله و سلم لما ذكر السحور نبه على أنه إذا قمتم للسحور فلا تغفلوا عن الصلاة و الاستغفار فيها فإن ذلك أهم، كما جمعهما في الخبر السابق.
و في الموثق كالصحيح، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال أفضل سحوركم السويق و التمر «3» و عن جابر قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يفطر على الأسودين قلت رحمك الله: و ما الأسودان؟ قال التمر و الماء، و الزبيب و الماء و يتسحر بهما «4».
باب الرجل يتطوع بالصيام إلخ «وردت الأخبار و الآثار» المعروف بين العامة أن ما ينسب إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم يسمى بالخبر، و ما ينسب إلى الصحابة بالأثر و عندنا مترادفان فالعطف تفسيري، و يمكن أن يكون وصل إليه الخبر عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم و يكون قوله عن الأئمة عليهم السلام متعلقا بالآثار «أنه (إلى قوله) من الفرض» و الجزم بعد الجواز من النهي الوارد في كلامهم صلوات‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب فضل السحور خبر 10.
 (2- 3- 4) التهذيب باب فضل السحور إلخ خبر 2- 3- 5.

380
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الرجل يتطوع بالصيام و عليه شي‏ء من الفرض ص 380

شَيْ‏ءٌ مِنَ الْفَرْضِ وَ مِمَّنْ رَوَى ذَلِكَ الْحَلَبِيُّ وَ أَبُو الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع.
بَابُ الصَّلَاةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ‏
1964 سَأَلَ زُرَارَةُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَ الْفُضَيْلُ أَبَا جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ وَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقَ ع عَنِ الصَّلَاةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ نَافِلَةً بِاللَّيْلِ جَمَاعَةً فَقَالا إِنَّ النَّبِيَّ ص كَانَ إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ

__________________________________________________
الله عليهم مشكل سيما إذا نسب إليهم بعنوان الرواية مع ورود الأوامر و النواهي المستحبين شائعا و مع عدم فورية القضاء كما سيجي‏ء في الأخبار المتواترة فإنه إذا جاز الإفطار كيف لا يجوز الصوم ندبا فإنه و إن كان استبعادا لكنه مؤيد و الاحتياط معه روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن الحلبي، و الصدوق في الصحيح قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل عليه من شهر رمضان طائفة أ يتطوع فقال: لا حتى يقضي ما عليه من شهر رمضان «1».
و في القوي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني (و يمكن أن يكون الصدوق رواه عن كتاب أبي الصباح فيكون صحيحا لكن الظاهر أخذهما من الكافي) قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل عليه من شهر رمضان أيام أ يتطوع؟ فقال: لا حتى يقضي ما عليه من شهر رمضان «2» و الظاهر أنه لو كان له خبر آخر غيرهما لكان ينقله، و يمكن أن يكون في باله و لم ينقله لعدم تيقن عباراته و كان مشكلا عليه التتبع حتى يجد و ينقل كما يكون لنا أحيانا لكنه لم ينقل الشيخ أيضا غير هذين الخبرين باب الصلاة في شهر رمضان «سأل زرارة و محمد بن مسلم و الفضيل» في الصحيح و رواه الشيخ أيضا في الصحيح‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الرجل يتطوع بالصيام إلخ خبر 1- 2 و التهذيب باب قضاء شهر رمضان إلخ خبر 8- 9.

381
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الصلاة في شهر رمضان ص 381

الْآخِرَةَ انْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَقُومُ فَيُصَلِّي فَخَرَجَ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لِيُصَلِّيَ كَمَا كَانَ يُصَلِّي فَاصْطَفَّ النَّاسُ خَلْفَهُ فَهَرَبَ مِنْهُمْ إِلَى بَيْتِهِ وَ تَرَكَهُمْ فَفَعَلُوا ذَلِكَ ثَلَاثَ لَيَالٍ فَقَامَ ص فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ عَلَى مِنْبَرِهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الصَّلَاةَ بِاللَّيْلِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنَ النَّافِلَةِ فِي جَمَاعَةٍ بِدْعَةٌ وَ صَلَاةَ الضُّحَى بِدْعَةٌ أَلَا فَلَا تَجْتَمِعُوا لَيْلًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَ لَا تُصَلُّوا صَلَاةَ الضُّحَى فَإِنَّ تِلْكَ مَعْصِيَةٌ أَلَا فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَ كُلَّ ضَلَالَةٍ سَبِيلُهَا إِلَى النَّارِ ثُمَّ نَزَلَ ص وَ هُوَ يَقُولُ قَلِيلٌ فِي سُنَّةٍ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ فِي بِدْعَةٍ.
1965 وَ رَوَى ابْنُ مُسْكَانَ عَنِ الْحَلَبِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الصَّلَاةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْهَا الْوَتْرُ وَ رَكْعَتَا الصُّبْحِ قَبْلَ الْفَجْرِ كَذَلِكَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يُصَلِّي وَ أَنَا كَذَلِكَ أُصَلِّي وَ لَوْ كَانَ خَيْراً لَمْ يَتْرُكْهُ رَسُولُ اللَّهِ ص.

1966 وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ‏

__________________________________________________
عنهم «1» أنهم «سألوا أبا جعفر عليه السلام إلى قوله) في شهر رمضان» و يدل على أن التراويح التي يصليها العامة و يصلونها جماعة بدعة و هم ذكروا أن عمر لما ابتدعها و اجتمع الناس إليها قال نعمة البدعة، و ممن ذكره الغزالي في الإحياء، و يدل على أن كل بدعة حرام و هي ما يكون حراما أو وضعا لشريعة، و ما ذكره العامة و بعض الخاصة من انقسامها بانقسام الأحكام الخمسة، و تسمية بعض الواجبات و المندوبات التي وقع عمومها من الشارع و لم يرد خصوصها كبناء الرباطات و القناطر بدعة اصطلاح جديد غير سديد، و قد تقدم الأخبار في بدعية صلاة الضحى أيضا، و هذا الخبر يدل على مشروعية نافلة رمضان و عدمها جماعة لا على عدم مشروعيتها أصلا.
 «و روى ابن مسكان» في الصحيح، و رواه الشيخ في الصحيح: عن الحلبي «2» «و روى عبد الله بن المغيرة» في الصحيح، و رواه الشيخ أيضا في الصحيح «3»
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب فضل شهر رمضان إلخ خبر 28 من كتاب الصلاة.
 (2- 3) التهذيب باب فضل شهر رمضان و الصلاة فيه إلخ خبر 26- 27 من كتاب الصلاة.

382
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الصلاة في شهر رمضان ص 381

الصَّلَاةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْهَا الْوَتْرُ وَ رَكْعَتَانِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَ لَوْ كَانَ فَضْلًا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَعْمَلَ بِهِ وَ أَحَقَ‏
__________________________________________________
 «عن عبد الله بن سنان» و في نسخ يب (ابن مسكان) «عن أبي عبد الله عليه السلام» و روى الشيخ في الموثق كالصحيح، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إذا صلى العشاء الآخرة أوى إلى فراشه لا يصلي شيئا إلا بعد انتصاف الليل لا في شهر رمضان و لا في غيره «1».
و ظاهر هذه الأخبار نفي الصلاة رأسا و حملت على نفي الجماعة للخبر المتقدم و أمثاله و لوجودها في الأخبار الكثيرة البالغة حد التواتر، و العجب من الصدوق مع تتبعه و وجود الكافي عنده أنه نسب الزيادة إلى رواية زرعة عن سماعة، و عدوله عنها و تجويزه العمل عليها، و يمكن حمل أخبار النفي على نفي السنة، و أخبار الإثبات على التطوع:
فإن السنة لا تترك من النبي صلى الله عليه و آله و سلم و الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين، و التطوع قد يترك أحيانا.
و لا بأس بأن نذكر بعض الأخبار الواردة فيها (فمنها) ما رواه الكليني رضي الله عنه في الصحيح، عن أبي العباس البقباق و عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يزيد في صلاته في شهر رمضان إذا صلى العتمة صلى بعدها فيقوم الناس خلفه فيدخل و يدعهم ثمَّ يخرج أيضا فيجيؤون و يقومون خلفه فيدعهم و يدخل مرارا قال:
و قال: لا تصلي بعد العتمة في غير شهر رمضان «2».
و عن علي بن محمد (و كأنه العلان الثقة) عن أحمد بن محمد بن مطهر- (صاحب أبي محمد عليه السلام) أنه كتب إلى أبي محمد عليه السلام يخبره بما جاءت به الرواية أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم كان يصلي في شهر رمضان و غيره من الليل ثلاث عشرة ركعة منها الوتر و
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب فضل شهر رمضان و الصلاة فيه إلخ خبر 28 من كتاب الصلاة.
 (2) الكافي باب ما يزاد من الصلاة في شهر رمضان خبر 2.

383
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الصلاة في شهر رمضان ص 381

وَ مِمَّنْ رَوَى الزِّيَادَةَ فِي التَّطَوُّعِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ- زُرْعَةُ عَنْ سَمَاعَةَ وَ هُمَا وَاقِفِيَّانِ‏
1967 قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ شَهْرِ رَمَضَانَ كَمْ يُصَلَّى فِيهِ قَالَ كَمَا يُصَلَّى فِيهِ قَالَ كَمَا يُصَلَّى فِي غَيْرِهِ إِلَّا أَنَّ لِشَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى سَائِرِ الشُّهُورِ مِنَ الْفَضْلِ مَا يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَزِيدَ فِي تَطَوُّعِهِ فَإِنْ أَحَبَّ وَ قَوِيَ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَزِيدَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ إِلَى عِشْرِينَ لَيْلَةً كُلَّ لَيْلَةٍ عِشْرِينَ رَكْعَةً سِوَى مَا كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ ذَلِكَ يُصَلِّي‏

__________________________________________________
ركعتا الفجر، فكتب عليه السلام فض الله فاه: صلى في (من- خ) رمضان في عشرين ليلة كل ليلة عشرين ركعة ثماني بعد المغرب و اثنتا عشرة بعد العشاء الآخرة و اغتسل ليلة تسعة عشر، و ليلة إحدى و عشرين، و ليلة ثلاث و عشرين و صلى فيهما ثلاثين ركعة، اثنتي عشرة بعد المغرب و ثمانية عشر بعد العشاء الآخرة و صلى فيهما (أو فيها) مائة ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب و قل هو الله أحد عشر مرات و صلى إلى آخر الشهر كل ليلة ثلاثين ركعة كما فسرت (فصلت- خ) لك «1» و عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير- و روى الشيخ، عن علي قال، دخلنا على أبي عبد الله عليه السلام فقال له أبو بصير: ما تقول في الصلاة في شهر رمضان؟ فقال: لشهر رمضان حرمة و حق لا يشبهه شي‏ء من الشهور، صل ما استطعت في شهر رمضان تطوعا بالليل و النهار فإن استطعت أن تصلي في كل يوم و ليلة ألف ركعة فافعل (و في يب فصل) إن عليا عليه السلام في آخر عمره كان يصلي في كل يوم و ليلة ألف ركعة، فصل يا أبا محمد زيادة في رمضان فقال في كم جعلت فداك؟ فقال: في عشرين ليلة تصلي في كل ليلة عشرين ركعة ثماني ركعات قبل العتمة و اثنتي عشر ركعة بعدها سوى ما كنت تصلي قبل ذلك، فإذا دخل العشر الأواخر فصل ثلاثين ركعة في كل ليلة ثماني ركعات قبل العتمة و اثنين و عشرين ركعة بعدها سوى ما كنت تفعل قبل ذلك «2»
__________________________________________________
 (1) الكافي باب ما يزاد إلخ خبر 6 و لكن في النسخ التي عندنا من الكافي محمّد بن أحمد بن مطهر- و الموجود في كتب الرجال التعرض لترجمة كليهما و لكن يظهر منها ان الذي يروى عنه عليّ بن محمّد، هو الأول كما في النسخ لا الثاني و اللّه العالم.
 (2) الكافي باب ما يزاد من الصلاة في شهر رمضان خبر 1 و التهذيب باب فضل شهر رمضان و الصلاة فيه إلخ خبر 18 من كتاب الصلاة.

384
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الصلاة في شهر رمضان ص 381

مِنْ هَذِهِ الْعِشْرِينَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَ الْعَتَمَةِ وَ ثَمَانَ رَكَعَاتٍ‏
__________________________________________________
و في الصحيح، عن الحسن بن سليمان الجعفري قال قال أبو الحسن عليه السلام صل ليلة إحدى و عشرين و ليلة ثلاث و عشرين مائة ركعة تقرأ في كل ركعة قل هو الله أحد عشر مرات «1» و في الموثق عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إذا دخل العشر الأواخر شد الميزر و اجتنب النساء و أحي الليل و تفرغ للعبادة «2» و عن الفضيل بن يسار قال: كان أبو جعفر عليه السلام إذا كان ليلة إحدى و عشرين و ليلة ثلاث و عشرين أخذ في الدعاء حتى يزول الليل، فإذا زال الليل صلى «3» و روى الشيخ رضي الله عنه في الموثق، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إذا جاء شهر رمضان زاد في الصلاة و أنا أزيد، فزيدوا «4» و في القوي، عن محمد بن يحيى قال كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسئل هل يزاد في شهر رمضان في صلاة النوافل؟ فقال: نعم قد كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يصلي بعد العتمة في مصلاه فيكبر و كان الناس يجتمعون خلفه ليصلوا بصلاته فإذا كثروا خلفه تركهم و دخل منزله، فإذا تفرق الناس عاد إلى مصلاه فصلى كما كان يصلي فإذا كثر الناس خلفه تركهم و دخل و كان يصنع ذلك مرارا «5» و في الصحيح، عن الحسن بن علي عن أبيه (فإن الظاهر أنه الحسن بن علي بن أبي المغيرة الثقة هو و أبوه (أو) الحسن بن علي بن النعمان كذلك) قال كتب رجل إلى أبي جعفر عليه السلام يسأله عن صلاة نوافل شهر رمضان و عن الزيادة فيها فكتب عليه السلام إليه كتابا
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب ما يزاد من الصلاة إلخ خبر 4- 3- 5.
 (4) التهذيب باب فضل شهر رمضان إلخ خبر 7 من كتاب الصلاة.
 (5) التهذيب باب فضل شهر رمضان و الصلاة فيه إلخ خبر 8 من كتاب الصلاة.

385
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الصلاة في شهر رمضان ص 381

بَعْدَ الْعَتَمَةِ ثُمَّ يُصَلِّي صَلَاةَ اللَّيْلِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ ذَلِكَ ثَمَانَ وَ الْوَتْرُ ثَلَاثٌ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَ يُسَلِّمُ فِيهِمَا ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي وَاحِدَةً فَيَقْنُتُ فِيهَا فَهَذَا الْوَتْرُ
__________________________________________________
قرأته بخطه: صل في أول شهر رمضان في عشرين ليلة عشرين ركعة صل منها ما بين- المغرب و العتمة ثماني ركعات و بعد العشاء اثنتي عشرة ركعة و في العشر الأواخر ثماني ركعات بين المغرب و العتمة و اثنتين و عشرين ركعة بعد العتمة إلا في ليلة إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين فإن المائة تجزيك إن شاء الله و ذلك سوى خمسين و أكثر من قراءة إنا أنزلناه «1» و في الصحيح، عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن سليمان قال: إن عدة من أصحابنا اجتمعوا على هذا الحديث، منهم يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام و صباح الحذاء، عن إسحاق بن عمار، عن أبي الحسن عليه السلام و سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه السلام- قال محمد بن سليمان و سألت الرضا عليه السلام عن هذا- الحديث فأخبرني به و قال هؤلاء جميعا سألنا عن الصلاة في شهر رمضان كيف هي؟ و كيف فعل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فقالوا جميعا: إنه لما دخلت أول ليلة من شهر رمضان صلى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم المغرب ثمَّ صلى أربع ركعات التي كان يصليهن بعد المغرب في كل ليلة ثمَّ صلى ثماني ركعات فلما صلى العشاء الآخرة و صلى الركعتين اللتين كان يصليهما بعد العشاء الآخرة و هو جالس في كل ليلة قام فصلى اثنتي عشرة ركعة ثمَّ دخل بيته فلما رأى ذلك الناس و نظروا إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و قد زاد في الصلاة حين دخل شهر رمضان سألوه عن ذلك فأخبرهم أن هذه الصلاة صليتها لفضل شهر رمضان على الشهور، فلما كان من الليل قام يصلي فاصطف الناس خلفه فانصرف إليهم فقال:
أيها الناس إن هذه الصلاة نافلة و لن يجتمع للنافلة فليصل كل رجل منكم وحده و ليقل: ما علمه الله من كتابه، و اعلموا أنه لا جماعة في نافلة فافترق الناس فصلى كل واحد منهم على حياله لنفسه فلما كان ليلة تسع عشرة من شهر رمضان اغتسل حين غابت‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب فضل شهر رمضان و الصلاة فيه إلخ خبر 23 من كتاب الصلاة.

386
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الصلاة في شهر رمضان ص 381

ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ حَتَّى يَنْشَقَّ الْفَجْرُ فَهَذِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً فَإِذَا بَقِيَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ عَشْرُ لَيَالٍ فَلْيُصَلِّ ثَلَاثِينَ رَكْعَةً فِي كُلِّ لَيْلَةٍ سِوَى هَذِهِ الثَّلَاثَ‏
__________________________________________________
الشمس و صلى المغرب بغسل فلما صلى المغرب و صلى أربع ركعات التي كان يصليها فيما مضى في كل ليلة بعد المغرب دخل إلى بيته فلما أقام بلال الصلاة لعشاء الآخرة خرج النبي صلى الله عليه و آله و سلم فصلى بالناس فلما انفتل صلى الركعتين و هو جالس كما كان يصلي في كل ليلة ثمَّ قام فصلى مائة ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب و قل هو الله أحد عشر مرات فلما فرغ من ذلك صلى صلاته التي كان يصلي كل ليلة في آخر الليل و أوتر فلما كان ليلة عشرين من شهر رمضان فعل كما كان يفعل قبل ذلك من الليالي في شهر رمضان ثماني ركعات بعد المغرب و اثنتي عشرة ركعة بعد العشاء الآخرة فلما كانت ليلة إحدى و عشرين اغتسل حين غابت الشمس و صلى فيها مثل ما فعل في ليلة تسع عشرة فلما كان في ليلة اثنتين و عشرين زاد في صلاته فصلى ثماني ركعات بعد المغرب و اثنتين و عشرين ركعة بعد العشاء الآخرة فلما كانت ليلة ثلاث و عشرين اغتسل أيضا كما اغتسل في ليلة تسع عشرة، و كما اغتسل في ليلة إحدى و عشرين ثمَّ فعل مثل ذلك.
قالوا فسألوه عن صلاة الخمسين ما حالها في شهر رمضان فقال: كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يصلي هذه الصلاة و يصلي صلاة الخمسين على ما كان يصلي في غير شهر رمضان و لا ينقص منها شيئا «1».
و بسندين معتبرين، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: تصلى في شهر رمضان زيادة ألف ركعة قال: قلت و من يقدر على ذلك؟ قال:
ليس حيث تذهب أ ليس يصلي في شهر رمضان زيادة ألف ركعة في تسع عشرة منه في كل ليلة عشرين ركعة، و في ليلة تسع عشرة مائة ركعة و في ليلة إحدى و عشرين مائة ركعة، و في ليلة ثلاث و عشرين مائة ركعة، و تصلي في ثمان ليال منه في العشر الأواخر ثلاثين ركعة، فهذه تسعمائة و عشرون ركعة.
قال: قلت جعلني الله فداك فرجت عني لقد كان ضاق بي الأمر (فلما أبنت لي‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب فضل شهر رمضان إلخ خبر 20-

387
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الصلاة في شهر رمضان ص 381

عَشْرَةَ يُصَلِّي مِنْهَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ اثْنَتَيْنِ وَ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَ ثَمَانَ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْعَتَمَةِ ثُمَّ يُصَلِّي صَلَاةَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً كَمَا وَصَفْتُ لَكَ وَ فِي لَيْلَةِ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ وَ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ يُصَلِّي فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إِذَا قَوِيَ عَلَى ذَلِكَ مِائَةَ رَكْعَةٍ سِوَى هَذِهِ‏
__________________________________________________
التفسير) «1» فرجت عني فكيف تمام الألف ركعة؟ قال: تصلي في كل يوم جمعة في شهر رمضان أربع ركعات لأمير المؤمنين عليه السلام و تصلي ركعتين لابنة محمد صلى الله عليهما و تصلي بعد الركعتين أربع ركعات لجعفر الطيار، و تصلي في ليلة الجمعة في العشر الأواخر لأمير المؤمنين عليه السلام عشرين ركعة و تصلي في عشية الجمعة ليلة السبت عشرين ركعة لابنة محمد صلى الله عليهما ثمَّ قال: اسمع و عه، و علم ثقات إخوانك هذه الأربع و الركعتين فإنهما أفضل الصلوات بعد الفرائض فمن صلاها في شهر رمضان أو غيره انفتل و ليس بينه و بين الله عز و جل من ذنب.
ثمَّ قال: يا مفضل بن عمر تقرء في هذه الصلوات كلها أعني صلاة شهر رمضان الزيادة منها بالحمد و قل هو الله أحد إن شئت مرة، و إن شئت ثلاثا، و إن شئت خمسا، و إن شئت سبعا، و إن شئت عشرا.
فأما صلاة أمير المؤمنين عليه السلام فإنه يقرأ فيها بالحمد في كل ركعة و خمسين مرة قل هو الله أحد، و تقرء في صلاة ابنة محمد عليهما السلام في أول ركعة الحمد و إنا أنزلناه في ليلة القدر مائة مرة و في الركعة الثانية بالحمد و قل هو الله أحد مائة مرة فإذا سلمت في الركعتين سبح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام و هو الله أكبر أربعا و ثلاثين مرة، و سبحان الله ثلاثا و ثلاثين مرة و الحمد لله ثلاثا و ثلاثين مرة «2» فو الله لو كان شي‏ء أفضل منه لعلمه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إياها.
__________________________________________________
 (1) و في يب فلما ان اتيت لي بالتفسير.
 (2) و في يب قدم التحميد على التسبيح كما هو المشهور.

388
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الصلاة في شهر رمضان ص 381

الثَّلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَ لْيَسْهَرْ فِيهِمَا حَتَّى يُصْبِحَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ فِي صَلَاةٍ وَ دُعَاءٍ وَ تَضَرُّعٍ فَإِنَّهُ يُرْجَى أَنْ يَكُونَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي إِحْدَاهُمَا.
قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَحِمَهُ اللَّهُ إِنَّمَا أَوْرَدْتُ هَذَا الْخَبَرَ فِي هَذَا الْبَابِ مَعَ.
__________________________________________________
و قال لي تقرء في صلاة جعفر عليه السلام في الركعة الأولى الحمد و إذا زلزلت و في الثانية الحمد و العاديات، و في الثالثة الحمد و إذا جاء نصر الله، و في الرابعة الحمد و قل هو الله- ثمَّ قال لي يا مفضل ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ* «1».
و في القوي، عن جميل بن صالح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن استطعت أن تصلي في شهر رمضان و غيره في اليوم و الليلة ألف ركعة فافعل فإن عليا عليه السلام كان يصلي في اليوم و الليلة ألف ركعة.
و في الموثق، عن جابر بن عبد الله قال، إن أبا عبد الله عليه السلام قال له إن أصحابنا هؤلاء أبوا أن يزيدوا في صلاتهم في رمضان و قد زاد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في صلاته في رمضان.
و في القوي عن أبي بصير أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام أ يزيد الرجل في الصلاة في رمضان؟ فقال: نعم إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قد زاد في رمضان في الصلاة.
و في القوي عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام من صلى ليلة النصف من شهر رمضان مائة ركعة يقرأ في كل ركعة بقل هو الله أحد عشر مرات أهبط الله عز و جل إليه من الملائكة عشرة يدرءون عنه أعداؤه من الجن و الإنس و أهبط الله إليه عند موته ثلاثين ملكا يؤمنونه من النار.
و في القوي عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام و في الموثق عن سماعة بن مهران قريبا مما ذكر في الكتاب.
__________________________________________________
 (1) اورد هذا الخبر و الثمانية التي بعده في التهذيب باب فضل شهر رمضان و الصلاة فيه إلخ خبر 21- 12- 9- 10- 15- 16- 17- 25- 31 من كتاب الصلاة.

389
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الصلاة في شهر رمضان ص 381

عُدُولِي عَنْهُ وَ تَرْكِي لِاسْتِعْمَالِهِ لِيَعْلَمَ النَّاظِرُ فِي كِتَابِي هَذَا كَيْفَ يُرْوَى وَ مَنْ رَوَاهُ وَ لِيَعْلَمَ مِنِ اعْتِقَادِي فِيهِ أَنِّي لَا أَرَى بَأْساً بِاسْتِعْمَالِهِ.
بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ السَّفَرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ‏
1968 رَوَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْخُرُوجِ‏

__________________________________________________
و عن أحمد بن محمد بن مطهر «1» قريبا مما نقل عنه من الكافي إلى غير ذلك من الأخبار فتدبر.
و روي مرفوعا عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من صلى ليلة الفطر يقرأ في أول ركعة منهما الحمد و قل هو الله أحد ألف مرة، و في الركعة الثانية الحمد و قل هو الله أحد مرة واحدة لم يسأل الله تعالى شيئا إلا أعطاه.
و روى الشيخ رحمه الله الأدعية التي يقرأ بعد كل ركعتين من نوافل شهر رمضان و ما يقرأ في كل ليلة و يوم في التهذيب و المصباح فليرجع إليهما- و هو أيضا يؤيد لشرعيتها زائدا على عمل الأصحاب عليها قديما و حديثا، و لو احتاط أحد في العمل عليها بأن يقصد أن الصلاة خير موضوع، و قربان كل تقي سيما في الأوقات المتبركة سيما سيدها و أشرفها و يوقعها كذلك و يردد في النية بأنه إن كانت مطلوبة بخصوصها فبها و إلا فأوقعها للعموم لكان أحوط و الله تعالى يعلم: باب ما جاء في كراهة السفر في شهر رمضان «روى أبو حمزة الثمالي» و في بعض النسخ علي بن أبي حمزة و هو الصواب كما نقله عنه في الكافي و يب «2» و لم يعهد رواية أبي حمزة «عن أبي بصير» في الموثق «قال سألت أبا عبد الله عليه السلام (إلى قوله) من الأم» يعني أن مرادي من‏
__________________________________________________
 (1) تقدم منا ان الانسب محمّد بن أحمد بن مطهر كما في نسخ الكافي.
 (2) الكافي باب كراهية السفر في شهر رمضان خبر 1.

390
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما جاء في كراهية السفر في شهر رمضان ص 390

إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فَقَالَ لَا إِلَّا فِيمَا أُخْبِرُكَ بِهِ خُرُوجٌ إِلَى مَكَّةَ أَوْ غَزْوٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْ مَالٌ تَخَافُ هَلَاكَهُ أَوْ أَخٌ تَخَافُ هَلَاكَهُ وَ أَنَّهُ لَيْسَ بِأَخٍ مِنَ الْأَبِ وَ الْأُمِّ.
1969 وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَدْخُلُ شَهْرُ رَمَضَانَ وَ هُوَ مُقِيمٌ لَا يُرِيدُ بَرَاحاً ثُمَّ يَبْدُو لَهُ بَعْدَ مَا يَدْخُلُ شَهْرُ رَمَضَانَ أَنْ يُسَافِرَ فَسَكَتَ فَسَأَلْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ فَقَالَ يُقِيمُ أَفْضَلُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ حَاجَةٌ لَا بُدَّ لَهُ مِنَ الْخُرُوجِ فِيهَا

__________________________________________________
الأخ من كان مؤمنا.
 «و روى الحلبي» في الصحيح و رواه الكليني عنه في الحسن كالصحيح «1» «عن أبي عبد الله عليه السلام» و يؤيدهما ما رواه الشيخ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا دخل شهر رمضان فلله فيه شرط قال الله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه، فليس للرجل إذا دخل شهر رمضان أن يخرج إلا في حج أو عمرة أو مال يخاف تلفه أو أخ يخاف هلاكه و ليس له أن يخرج في إتلاف مال أخيه فإذا مضت ليلة ثلاثة و عشرين فليخرج حيث شاء «2».
و في الموثق، عن الحسين بن المختار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تخرج في رمضان إلا للحج أو العمرة أو مال تخاف عليه الفوت أو لزرع يحين حصاده «3».
و في القوي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له جعلت فداك يدخل على شهر رمضان فأصوم بعضه فيحضرني نية زيارة قبر أبي عبد الله عليه السلام فأزوره و أفطر ذاهبا و جائيا أو أقيم حتى أفطر و أزوره بعد ما أفطر بيوم أو يومين؟ فقال أقم حتى تفطر قلت له: جعلت فداك فهو أفضل؟ قال: نعم أ ما تقرء في كتاب الله فمن‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب كراهية السفر في شهر رمضان خبر 2.
 (2) التهذيب باب حكم المسافر و المريض في الصيام خبر 1.
 (3) التهذيب باب الزيادات خبر 81.

391
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما جاء في كراهية السفر في شهر رمضان ص 390

أَوْ يَتَخَوَّفَ عَلَى مَالِهِ.
قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ جَنَّتَهُ فَالنَّهْيُ عَنِ الْخُرُوجِ فِي السَّفَرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ نَهْيُ كَرَاهِيَةٍ لَا نَهْيُ تَحْرِيمٍ وَ الْفَضْلُ فِي الْمُقَامِ لِئَلَّا يُقَصِّرَ فِي الصِّيَامِ‏
1970 وَ قَدْ رَوَى الْعَلَاءُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَعْرِضُ لَهُ السَّفَرُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَ هُوَ مُقِيمٌ وَ قَدْ مَضَى مِنْهُ أَيَّامٌ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُسَافِرَ وَ يُفْطِرَ وَ لَا يَصُومَ.

وَ قَدْ رَوَى ذَلِكَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ عَنِ الصَّادِقِ ع‏
1971 وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع عَنِ الرَّجُلِ يَخْرُجُ يُشَيِّعُ أَخَاهُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَقَالَ إِنْ كَانَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَلْيُفْطِرْ فَسُئِلَ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ يُقِيمُ وَ يَصُومُ أَوْ يُشَيِّعُهُ قَالَ يُشَيِّعُهُ‏

__________________________________________________
شهد منكم الشهر فليصمه «1».
 «و قد روى العلاء» في الصحيح «عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام» «و قد روى ذلك أبان بن عثمان» في الموثق كالصحيح «عن الصادق عليه السلام».
 «و سئل الصادق عليه السلام» روى الكليني في الموثق، عن أبان بن عثمان، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: الرجل يشيع أخاه في شهر رمضان اليوم و اليومين قال:
يفطر و يقضي قيل له: فذلك أفضل أو يقيم (و في نسخة أو يصوم) و لا يشيعه قال يشيعه و يفطر فإن ذلك حق عليه «2» و في الصحيح، عن سعيد بن يسار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب الزيادات خبر 82.
 (2) أورده في الكافي و الثلاثة التي بعده باب من لا يجب عليه الإفطار و التقصير إلخ خبر 7- 4- 5- 6-

392
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما جاء في كراهية السفر في شهر رمضان ص 390

إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَضَعَ الصَّوْمَ عَنْهُ إِذَا شَيَّعَهُ.
1972 وَ رَوَى الْوَشَّاءُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي قَدْ جَاءَنِي خَبَرُهُ مِنَ الْأَعْوَصِ وَ ذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَتَلَقَّاهُ وَ أُفْطِرُ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ أَتَلَقَّاهُ وَ أُفْطِرُ أَوْ أُقِيمُ وَ أَصُومُ قَالَ تَلَقَّاهُ وَ أَفْطِرْ.

بَابُ وُجُوبِ التَّقْصِيرِ فِي الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ
1973 رَوَى يَحْيَى بْنُ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الصَّائِمُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي‏

__________________________________________________
يشيع أخاه في شهر رمضان فيبلغ مسيرة يوم أو مع رجل من إخوانه أ يفطر أو يصوم قال: يفطر.
و في الصحيح، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام قال في الرجل يشيع أخاه مسيرة يوم أو يومين أو ثلاثة قال: إن كان في شهر رمضان فليفطر قلت أيما أفضل يصوم أو يشيعه؟ قال يشيعه إن الله عز و جل قد وضعه عنه، و رواه الشيخ في الصحيح أيضا «1» و روى الوشاء في الصحيح عن حماد بن عثمان و رواه الكليني عنه و روى الشيخ في الصحيح عن إسماعيل بن جابر قال: استأذنت أبا عبد الله عليه السلام و نحن نصوم رمضان، لنلقي رائدا بالأعوص فقال تلقه و أفطر «2» و في بعض النسخ بالأعواض بالضاد المعجمة، و الأعوص بالمهملة موضع قريب المدينة و يمكن أن يكون غيره.
باب وجوب التقصير في الصوم في السفر «روى يحيى بن أبي العلاء» في الحسن كالصحيح، و رواه الكليني و الشيخ عنه في الموثق كالصحيح «3»، و ذكره الشيخ في الفهرست بعنوان يحيى بن أبي‏
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب الصلاة في السفر خبر 55- 54.
 (3) الكافي باب كراهية الصوم في السفر خبر 3 و التهذيب باب حكم المسافر او المريض إلخ خبر 5.

393
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب وجوب التقصير في الصوم في السفر ص 393

السَّفَرِ كَالْمُفْطِرِ فِيهِ فِي الْحَضَرِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصُومُ شَهْرَ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ فَقَالَ لَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ عَلَيَّ يَسِيرٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى تَصَدَّقَ عَلَى مَرْضَى أُمَّتِي وَ مُسَافِرِيهَا بِالْإِفْطَارِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ إِذَا تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ أَنْ تُرَدَّ عَلَيْهِ.
1974 وَ سَأَلَ عُبَيْدُ بْنُ زُرَارَةَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ قَالَ مَا أَبْيَنَهَا مَنْ شَهِدَ فَلْيَصُمْهُ وَ مَنْ سَافَرَ فَلَا يَصُمْهُ.

1975 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ حَكِيمٍ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ صَائِماً فِي السَّفَرِ لَمَا صَلَّيْتُ عَلَيْهِ.

1976 وَ رَوَى حَرِيزٌ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: سَمَّى رَسُولُ اللَّهِ ص قَوْماً صَامُوا حِينَ‏

__________________________________________________
العلاء الرازي مهملا، و ذكره النجاشي و الشيخ في الرجال بعنوان يحيى بن العلاء الرازي و وثقه النجاشي و الظاهر الوحدة و سقوط لفظ (أبي) من القلم، و يحتمل التعدد أيضا و يدل على الحرمة كما هو ظاهر الآية من وجوب القضاء، و روى العامة في صحاحهم، عن ابن عباس و غيره إفطار رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و نهيه عن الصيام و قد تقدم بعضه في الصلاة مع أكثر أحكام السفر.
 «و سأل عبيد بن زرارة» في القوي، و رواه الكليني بإسناده عنه «1» و ظاهره حجية مفهوم الشرط كما هو رأي أكثر المحققين، و لما كان السائل سأله عليه السلام عن هذه الآية بين حكمها و إلا فتتمة الآية أظهر في المطلوب.
 «و روى محمد بن حكيم» في الحسن كالصحيح و رواه الكليني عنه قويا عن الصادق عليه السلام، و عدم الصلاة عليه لكونه صام مخالفا لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم (أو) لأن أكثر من يصومه سفرا العامة و لا يجب الصلاة عليهم مع أنه نسب إلى نفسه كما في سائر أصحاب الكبائر كما تقدم.
 «و روى حريز» في الصحيح و رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن‏
__________________________________________________
 (1) أورده الكليني و الأربعة التي بعده في الكافي باب كراهية الصوم في السفر خبر 1- 7- 6- 5- 4.

394
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب وجوب التقصير في الصوم في السفر ص 393

أَفْطَرَ وَ قَصَّرَ الْعُصَاةَ قَالَ وَ هُمُ الْعُصَاةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ إِنَّا لَنَعْرِفُ أَبْنَاءَهُمْ وَ أَبْنَاءَ أَبْنَائِهِمْ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا.
1977 وَ رَوَى الْعِيصُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مُسَافِراً أَفْطَرَ وَ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَ مَعَهُ النَّاسُ وَ فِيهِمُ الْمُشَاةُ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى كُرَاعِ الْغَمِيمِ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فِيمَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ فَشَرِبَ وَ أَفْطَرَ وَ أَفْطَرَ النَّاسُ مَعَهُ وَ تَمَّ أُنَاسٌ عَلَى صَوْمِهِمْ فَسَمَّاهُمُ الْعُصَاةَ وَ إِنَّمَا يُؤْخَذُ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ص.

1978 وَ رَوَى أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص خِيَارُ أُمَّتِيَ الَّذِينَ إِذَا سَافَرُوا أَفْطَرُوا وَ قَصَّرُوا وَ إِذَا أَحْسَنُوا اسْتَبْشَرُوا وَ إِذَا أَسَاءُوا اسْتَغْفَرُوا وَ شِرَارُ أُمَّتِيَ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي النَّعِيمِ وَ غُذُّوا بِهِ يَأْكُلُونَ طَيِّبَ الطَّعَامِ وَ يَلْبَسُونَ لَيِّنَ الثِّيَابِ وَ إِذَا تَكَلَّمُوا لَمْ يَصْدُقُوا.

1979 وَ رَوَى ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏

__________________________________________________
زرارة عن أبي جعفر عليه السلام «و روى العيص بن القسم» في الصحيح كالكليني، عن أبي عبد الله عليه السلام و نقله العامة أيضا في صحاحهم «و كراع الغميم» منزل على ثلاثة أميال من عسفان.
 «و روى أبان بن تغلب» و هو ثقة و طريقه إليه قوي كالكليني عن أبي جعفر عليه السلام، يمكن أن يكون الذم باعتبار عدم الصدق أو للكراهة في التنعم فإن أكثر صفات المذمومين فيهم كما هو المشاهد.
 «و روى ابن محبوب عن أبي أيوب عن عمار بن مروان» في الصحيح، و رواه الكليني أيضا «1» «عن أبي عبد الله عليه السلام (إلى قوله) قصر» الصلاة «و أفطر» الصوم أي شخص كان‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من لا يجب عليه الإفطار إلخ خبر 3- لكن في النسخة التي عندنا من الكافي محمّد بن مروان و التهذيب باب حكم المسافر و المريض إلخ خبر 15.

395
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب وجوب التقصير في الصوم في السفر ص 393

قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ مَنْ سَافَرَ قَصَّرَ وَ أَفْطَرَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلًا سَفَرُهُ إِلَى صَيْدٍ أَوْ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْ رَسُولًا لِمَنْ يَعْصِي اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْ طَلَبِ عَدُوٍّ أَوْ شَحْنَاءَ أَوْ سِعَايَةٍ أَوْ ضَرَرٍ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

1980 وَ قَالَ ع لَا يُفْطِرُ الرَّجُلُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِلَّا بِسَبِيلِ حَقٍ‏

__________________________________________________
و أي سفر كان «إلا أن يكون سفره إلى صيد» أي للهو أو «في معصية الله عز و جل» بأن يكون المراد منه حراما لا ما وقع فيه الحرام «أو رسول» أي هو رسول و في الكافي و التهذيب (رسولا) و هو الصواب «لمن يعصي الله عز و جل» مرسلا أو مرسلا إليه بأن تكون الرسالة معصية «أو طلب» أو طالب «عدو أو شحناء» و في يب (أو في طلب شحناء) أي عداوة «أو سعاية أو ضرر» و فيهما (أو سعاية ضرر) «على قوم من المسلمين» «و قال عليه السلام» روى الشيخ في الموثق كالصحيح، عن عبيد بن زرارة قال:
سألت أبا عبد الله عن الرجل يخرج إلى الصيد أ يقصر أو يتم؟ قال: يتم لأنه ليس بسير حق «1» و في الموثق كالصحيح، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عمن يخرج من أهله بالصقور و الكلاب يتنزه الليلتين و الثلاث هل يقصر من صلاته أو لا؟ فقال: لا يقصر إنما خرج في لهو «2».
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب الصلاة في السفر خبر 48 من زيادات الصلاة و روى الكليني في الحسن كالصحيح عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه قال: لا يفطر الرجل في شهر رمضان إلا في سبيل حق- منه رحمه اللّه.
 (2) التهذيب باب حكم المسافر و المريض إلخ خبر 16 و باب الصلاة في السفر خبر 50 و زاد في الموضع الثاني بعد قوله (فى لهو) قوله (ع) (لا يقصر قلت: الرجل يشيع أخاه اليوم و اليومين في شهر رمضان قال يفطر و يقصر فان ذلك حقّ عليه.

396
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب وجوب التقصير في الصوم في السفر ص 393

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَدْ أَخْرَجْتُ تَقْصِيرَ الْمُسَافِرِ فِي جُمْلَةِ أَبْوَابِ الصَّلَاةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَ الْحَدَّ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ التَّقْصِيرُ وَ الَّذِينَ يَجِبُ عَلَيْهِمُ التَّمَامُ فَأَمَّا صَوْمُ التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ
1981 فَقَدْ قَالَ الصَّادِقُ ع لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ

__________________________________________________
 «فأما صوم التطوع في السفر فقد قال الصادق عليه السلام» رواه الشيخ في الصحيح، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن عليه السلام أنه سئل عن الرجل يسافر في شهر رمضان فيصوم قال: ليس من البر الصوم في السفر «1» و الصدوق عمل بعموم الجواب و إن كان السؤال خاصا (و فيه) أنه يمكن أن يكون اللام للعهد و القرينة هنا ظاهرة، و يمكن أن لا يكون السؤال في خبره.
نعم روى الشيخ في الصحيح، عن أحمد بن محمد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصيام بمكة و المدينة و نحن سفر قال: فريضة؟ فقلت لا و لكنه تطوع كما يتطوع بالصلاة فقال يقول: اليوم و غدا؟ قلت نعم فقال: لا يصم (أو) لا يصوم «2» و في الصحيح، عن أبان بن عثمان عن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يصوم في السفر في شهر رمضان و لا غيره و كان يوم بدر في شهر رمضان و كان الفتح (أي فتح الأحزاب) في شهر رمضان «3».
و في الكافي في الصحيح، عن سعد بن سعد الأشعري. عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن صوم ثلاثة أيام في الشهر هل فيه قضاء على المسافر؟ قال: لا و في الصحيح، عن المرزبان بن عمران (الممدوح) قال: قلت للرضا عليه السلام أريد السفر فأصوم لشهري الذي أسافر فيه؟ قال: لا قلت فإذا قدمت أقضيه؟ قال: لا كما لا تصوم، كذلك لا تقضي «4» و غير ذلك من الأخبار التي تجي‏ء.
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب حكم المسافر و المريض إلخ خبر 7.
 (2- 3) التهذيب باب حكم المسافر و المريض خبر 64- 65.
 (4) الكافي باب صوم التطوع إلخ خبر 1.

397
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب وجوب التقصير في الصوم في السفر ص 393

.........
__________________________________________________
و لكن روى الكليني بطريق فيه ضعف، عن إسماعيل بن سهل، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج أبو عبد الله عليه السلام من المدينة في أيام بقين من شعبان فكان يصوم ثمَّ دخل عليه شهر رمضان و هو في السفر فأفطر فقيل له تصوم شعبان و تفطر شهر رمضان؟ فقال: نعم شعبان إلى إن شئت صمت و إن شئت لا و شهر رمضان عزم من الله عز و جل على الإفطار «1».
و بطريق آخر فيه ضعف عن رجل قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام فيما بين مكة و المدينة في شعبان و هو صائم ثمَّ رأينا هلال شهر رمضان فأفطر فقلت له جعلت فداك أمس كان من شعبان و أنت صائم و اليوم من شهر رمضان و أنت مفطر؟ فقال: إن ذلك تطوع و لنا أن نفعل ما شئنا، و هذا فرض فليس لنا أن نفعل إلا ما أمرنا «2».
و جمع بين الأخبار بحملها على الكراهة بمعنى أقل ثوابا و هو مشكل إذ ليس له طرف يوقع ذلك فيه إلا الترك و كل عبادة يكون تركها أولى كان حراما كذا قيل (و فيه) نظر.
و كان يقول شيخنا التستري رحمه الله إنه متساوي الطرفين و لم يقم لنا دليل على أنه حرام باعتبار أنه تخلق بأخلاق الصالحين (و فيه) أنه إن كان مطلوبا من الشارع فيستحق الثواب عليه من الله تعالى و إن لم يكن مطلوبا فتشريع حرام، و بعد المباحثة قال: إن طرح المرسلين أهون من هذه الأقوال و الاحتياط في الترك أو الإيقاع مرددا.
و روى الكليني بطريق فيه أحمد بن هلال، عن عذافر قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام أصوم هذه الثلاثة الأيام في الشهر فربما سافرت و ربما أصابتني علة فيجب على قضائها قال فقال لي: إنما يجب الفرض فأما غير الفرض فأنت فيه بالخيار، قلت بالخيار في السفر و المرض؟ قال: فقال: المرض قد وضعه الله عنك و السفر إن شئت فاقضه و إن شئت لم تقضه فلا جناح عليك «3».
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب صوم التطوع في السفر إلخ خبر 1- 5- 2.

398
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب وجوب التقصير في الصوم في السفر ص 393

1982 وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ وَ هُوَ يُرِيدُ السَّفَرَ وَ هُوَ صَائِمٌ فَقَالَ إِنْ خَرَجَ قَبْلَ أَنْ يَنْتَصِفَ النَّهَارُ فَلْيُفْطِرْ وَ لْيَقْضِ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَ إِنْ خَرَجَ بَعْدَ الزَّوَالِ فَلْيُتِمَّ يَوْمَهُ.

1983 وَ رَوَى الْعَلَاءُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا سَافَرَ الرَّجُلُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَخَرَجَ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ فَعَلَيْهِ صِيَامُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ يَعْتَدُّ بِهِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ إِذَا دَخَلَ أَرْضاً قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَ هُوَ يُرِيدُ الْإِقَامَةَ بِهَا فَعَلَيْهِ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ إِنْ دَخَلَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ عَلَيْهِ وَ إِنْ شَاءَ صَامَ‏

__________________________________________________
و يمكن حمل أخبار الجواز على التقية مماشاة مع العامة حتى يقبلوا الإفطار في الواجب و هذا النوع من التقية وارد كثيرا كما مر و سيجي‏ء إن شاء الله تعالى.
 «و روى الحلبي» في الصحيح و رواه الكليني في الحسن كالصحيح «1» «عن أبي عبد الله عليه السلام» و يدل على اشتراط الخروج قبل الزوال في الإفطار.
 «و روى العلاء» في الصحيح كالكليني «2» «عن محمد بن مسلم (إلى قوله) اليوم» و هو بمفهومه كالسابق «و إذا دخل أرضا» غير بلده «و هو يريد الإقامة» أي عشرة أيام فما زاد بها «فعليه (إلى قوله) عليه» أي يجوز له أن يفطر قبل الوصول إلى حد الترخص «و إن شاء صام» بأن لا يفطر و يدخل قبل الزوال وجوبا، و مع الإفطار أو بعده فالإمساك استحبابا.
و روى الشيخ في الصحيح، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا عزم الرجل أن يقيم عشرا فعليه إتمام الصلاة و إن كان في شك لا يدري ما يقيم فيقول: اليوم أو غدا فليقصر ما بينه و بين شهر فإن أقام بذلك البلد أكثر من شهر فليتم الصلاة و روى مضمونه الكليني، عن أبي بصير مع زيادة حكم الصوم مع الصلاة «3».
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الرجل يريد السفر إلخ خبر 1- 4.
 (3) التهذيب باب حكم المسافر و المريض إلخ خبر 40 و الكافي باب من دخل بلدة فاراد المقام بها إلخ خبر 1.

399
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب وجوب التقصير في الصوم في السفر ص 393

1984 وَ فِي رِوَايَةِ رِفَاعَةَ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ يُقْبِلُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَفَرٍ حَتَّى يَرَى أَنَّهُ سَيَدْخُلُ أَهْلَهُ ضَحْوَةً أَوِ ارْتِفَاعَ النَّهَارِ قَالَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَ هُوَ خَارِجٌ لَمْ يَدْخُلْ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ صَامَ وَ إِنْ شَاءَ أَفْطَرَ

__________________________________________________
و روي في الصحيح، عن علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السلام قال، سألته عن الرجل يدركه شهر رمضان في السفر فيقيم الأيام في المكان، عليه صوم؟ قال: لا حتى يجمع (أي يعزم) على مقام عشرة أيام، و إذا أجمع على مقام عشرة أيام صام و أتم الصلاة قال: و سألته عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان و هو مسافر يقضي إذا أقام في المكان؟ قال: لا حتى يجمع على مقام عشرة أيام «1».
 «و» كذا ما «في رواية رفاعة بن موسى» في الصحيح و رواه الكليني في الحسن كالصحيح و الشيخ في الموثق كالصحيح «2» و في الصحيح «عن أبي عبد الله عليه السلام» و روى الكليني في الصحيح، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يقدم من سفر في شهر رمضان فيدخل أهله ضحوة أو ارتفاع النهار قال إذا طلع الفجر و هو خارج و لم يدخل أهله فهو بالخيار إن شاء صام و إن شاء أفطر «3» و هو كالسابق.
و روي في الموثق كالصحيح، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا خرج الرجل في شهر رمضان بعد الزوال أتم الصيام فإذا خرج قبل الزوال أفطر «4» و في الحسن كالصحيح، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يسافر في شهر رمضان يصوم أو يفطر؟ قال: إن خرج قبل الزوال فليفطر و إن خرج بعد الزوال فليصم و قال يعرف ذلك بقول علي عليه السلام: أصوم و أفطر حتى إذا زالت الشمس عزم علي «5»
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من دخل بلدة فاراد المقام بها إلخ خبر 2.
 (2) الكافي باب الرجل يريد السفر او يقدم إلخ خبر 5 و التهذيب باب حكم المسافر و المريض الخ ذيل خبر 43.
 (3- 4- 5) الكافي باب الرجل يريد السفر او يقدم إلخ خبر 6- 2- 3.

400
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب وجوب التقصير في الصوم في السفر ص 393

.........
__________________________________________________
إلى غير ذلك من الأخبار المخصوصة بما إذا نوى السفر من الليل لما رواه الشيخ في الموثق كالصحيح، عن علي بن يقطين، عن أبي الحسن موسى عليه السلام في الرجل يسافر في شهر رمضان أ يفطر في منزله؟ قال: إذا حدث نفسه في الليل (بالليل- خ) بالسفر أفطر إذا خرج من منزله و إن لم يحدث نفسه من الليل ثمَّ بدا له في السفر من يومه أتم صومه «1».
و في الصحيح، عن صفوان بن يحيى، عمن رواه، عن أبي بصير قال: إذا خرجت بعد طلوع الفجر و لم تنو السفر من الليل فأتم الصوم و اعتد به من شهر رمضان «2» و لا يضر الإرسال لأنه من صفوان، و ذكر الأصحاب أن مراسيله في حكم المسانيد مع إجماع العصابة و لا وقفه، أو إضماره لأن المعهود من أحوال الأجلاء أنهم ما كانوا ينقلون إلا ما سمعوا من الأئمة صلوات الله عليهم.
و في الموثق كالصحيح، عن رفاعة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان حين (حتى- خ) يصبح قال: يتم صومه (يومه- خ) ذلك قال: قلت فإنه أقبل في شهر رمضان فلم يكن بينه و بين أهله إلا ضحوة من النهار قال: فقال، إذا طلع الفجر و هو خارج فهو بالخيار إن شاء صام و إن شاء أفطر.
و في القوي، عن سليمان بن جعفر الجعفري قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الرجل ينوي السفر في شهر رمضان فيخرج من أهله بعد ما يصبح قال: إذا أصبح في أهله فقد وجب عليه صيام ذلك اليوم إلا أن يدلج دلجة، و في الصحيح عن سماعة و ابن مسكان (و هو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه) عن رجل، عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إذا أردت السفر في شهر رمضان فنويت الخروج من‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب حكم المسافر و المريض إلخ خبر 44.
 (2) أورده و الاخبار الثلاثة بعده في التهذيب باب حكم المسافر و المريض إلخ خبر 45- 43- 42- 48.

401
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب وجوب التقصير في الصوم في السفر ص 393

1985 وَ رَوَى يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: فِي الْمُسَافِرِ يَدْخُلُ أَهْلَهُ وَ هُوَ جُنُبٌ قَبْلَ الزَّوَالِ وَ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ صَوْمَهُ وَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ قَالَ يَعْنِي إِذَا كَانَتْ جَنَابَتُهُ مِنِ احْتِلَامٍ.

1986 وَ سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَأْتِي جَارِيَتَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِالنَّهَارِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ مَا عَرَفَ هَذَا حَقَّ شَهْرِ رَمَضَانَ إِنَّ لَهُ فِي اللَّيْلِ سَبْحاً طَوِيلًا

__________________________________________________
الليل فإن خرجت قبل الفجر أو بعده فأنت مفطر و عليك قضاء ذلك اليوم، و حمل على الخروج قبل الزوال لما تقدم من الأخبار و إن كان الأحوط الصوم و القضاء خروجا من الخلاف.
 «و روى يونس بن عبد الرحمن» في الصحيح على الظاهر لأن الظاهر أنه أخذه من كتابه، و رواه الكليني في الصحيح «1»، و في الموثق، عن سماعة قال: سألته عن مسافر دخل أهله قبل زوال الشمس و قد أكل قال: لا ينبغي له أن يأكل يومه ذلك شيئا و لا يواقع في شهر رمضان «2» و تأويل الصدوق حسن «3».
 «و سأل عبد الله بن سنان» في الصحيح و رواه الكليني أيضا في الصحيح «4» قال سألت «أبا عبد الله عليه السلام» و السبح، الفراغ، و النصب التعب، و الوعث المشقة، و رواه أيضا مسندا عنه قال: سألته عن الرجل يأتي جاريته في شهر رمضان بالنهار في السفر فقال: ما عرف هذا حق شهر رمضان أن له في الليل سبحا طويلا «5» و روى الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا سافر الرجل في رمضان فلا يقرب النساء بالنهار في رمضان فإن ذلك محرم عليه «6».
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الرجل يريد السفر او يقدم من سفر إلخ ذيل خبر 9 و خبر 8.
 (3) يعني تأويل الصدوق ره بقوله (قال: يعنى إذا كانت جنابته عن احتلام) حسن- نقول يحتمل أن يكون التأويل من الراوي، بل هو الظاهر بقرينة قوله (قال إلخ) و اللّه العالم.
 (4- 5) الكافي باب الرجل يجامع اهله في السفر إلخ خبر 4- 5.
 (6) التهذيب باب حكم العاجز عن الصيام خبر 11.

402
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب وجوب التقصير في الصوم في السفر ص 393

قَالَ قُلْتُ لَهُ أَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ وَ يَشْرَبَ وَ يُقَصِّرَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ رَخَّصَ لِلْمُسَافِرِ فِي الْإِفْطَارِ وَ التَّقْصِيرِ رَحْمَةً وَ تَخْفِيفاً لِمَوْضِعِ التَّعَبِ وَ النَّصَبِ وَ وَعْثِ السَّفَرِ وَ لَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِي مُجَامَعَةِ النِّسَاءِ فِي السَّفَرِ بِالنَّهَارِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَ أَوْجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءَ الصِّيَامِ وَ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ قَضَاءَ تَمَامِ الصَّلَاةِ إِذَا آبَ مِنْ سَفَرِهِ ثُمَّ قَالَ وَ السُّنَّةُ لَا تُقَاسُ وَ إِنِّي إِذَا سَافَرْتُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَا آكُلُ كُلَّ الْقُوتِ وَ مَا أَشْرَبُ كُلَّ الرِّيِّ.
وَ النَّهْيُ عَنِ الْجِمَاعِ لِلْمُقَصِّرِ فِي السَّفَرِ إِنَّمَا هُوَ نَهْيُ كَرَاهَةٍ لَا نَهْيُ تَحْرِيمٍ‏
1987 وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ رَجُلٌ صَامَ فِي السَّفَرِ فَقَالَ‏

__________________________________________________
 «نهي كراهة لا نهي تحريم» لما رواه الكليني و الشيخ في الصحيح، عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يسافر في شهر رمضان أ له أن يصيب من النساء؟ قال نعم «1»: و في الصحيح، عن عبد الملك بن عتبة الهاشمي قال: سألت أبا الحسن (يعني موسى عليه السلام) عن الرجل يجامع أهله في السفر و هو في شهر رمضان قال:
لا بأس به «2».
و في الصحيح، عن سهل بن اليسع، عن أبيه قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل أتى أهله في شهر رمضان و هو مسافر قال: لا بأس «3» و في الموثق عن أبي العباس عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يسافر و معه جارية في شهر رمضان هل يقع عليها قال: نعم «4» و في الموثق كالصحيح، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يقدم من سفر بعد العصر في شهر رمضان فيصيب امرأته حين طهرت من الحيض أ يواقعها؟ قال: لا بأس به «5».
 «و روى الحلبي» في الصحيح و رواه الكليني في الحسن كالصحيح و الشيخ‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الرجل يجامع اهله في السفر إلخ خبر 1 و التهذيب باب حكم العاجز عن الصيام خبر 15.
 (2) الكافي باب الرجل يجامع اهله إلخ خبر 3.
 (3- 4- 5) التهذيب باب حكم العاجز عن الصيام خبر 14- 17 و باب الزيادات خبر 88.

403
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب وجوب التقصير في الصوم في السفر ص 393

إِنْ كَانَ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص نَهَى عَنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ بَلَغَهُ فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ‏
__________________________________________________
في الصحيح «1» «عن أبي عبد الله عليه السلام» و يدل على أن الجاهل معذور و العامد بل الناسي غير معذور و يؤيده ما رواه الكليني في الصحيح، عن عيص بن القاسم عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
من صام في السفر بجهالة لم يقضه «2» و في الصحيح، عن عبد الله بن مسكان، عن ليث المرادي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا سافر الرجل في شهر رمضان أفطر و إن صامه بجهالة لم يقضه «3».
و روى الشيخ في الصحيح، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رجل صام شهر رمضان في السفر فقال: إن كان لم يبلغه أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم نهى عن ذلك فليس عليه القضاء فقد أجزأ عنه الصوم «4» و في الصحيح عن معاوية بن عمار قال: سمعته يقول: إذا صام الرجل في السفر لم يجزه و عليه الإعادة «5».
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من صام في السفر بجهالة خبر 1 و التهذيب باب حكم المسافر و المريض إلخ خبر 18.
 (2- 3) الكافي باب من صام في السفر بجهالة خبر 2- 3.
 (4) التهذيب باب الزيادات خبر 87.
 (5) التهذيب باب حكم المسافر و المريض إلخ خبر 20.

404
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم الحائض و المستحاضة ص 405

بَابُ صَوْمِ الْحَائِضِ وَ الْمُسْتَحَاضَةِ
1988 رَوَى أَبُو الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي امْرَأَةٍ أَصْبَحَتْ صَائِمَةً فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ أَوْ كَانَ الْعِشَاءُ حَاضَتْ أَ تُفْطِرُ قَالَ نَعَمْ وَ إِنْ كَانَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ فَلْتُفْطِرْ وَ عَنِ امْرَأَةٍ تَرَى الطُّهْرَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَ لَمْ تَغْتَسِلْ وَ لَمْ تَطْعَمْ كَيْفَ تَصْنَعُ بِذَلِكَ الْيَوْمِ قَالَ إِنَّمَا فِطْرُهَا مِنَ الدَّمِ.

1989 وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَيْهِ ع امْرَأَةٌ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا أَوْ دَمِ نِفَاسِهَا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ اسْتَحَاضَتْ فَصَلَّتْ وَ صَامَتْ شَهْرَ رَمَضَانَ كُلَّهُ‏

__________________________________________________
باب صوم الحائض و المستحاضة «روى أبو الصباح الكناني» في الصحيح على الظاهر لأن الظاهر أخذه من كتابه و هو و كتابه من المشاهير، و رواه الكليني، عن محمد بن الفضيل عنه «1» و هو و إن احتمل أن يكون محمد بن القاسم بن الفضيل احتمل أن يكون غيره أيضا «عن أبي عبد الله عليه السلام» و يدل عليه اشتراط الطهارة كل اليوم من الحيض بل النفاس أيضا فإنه حيض أو حكمه حكمه.
 «و روي عن علي بن مهزيار» في الصحيح، و رواه الكليني و الشيخ عنه في الصحيح قال:
كتبت إليه «2» أي إلى الجواد عليه السلام على الظاهر، و يحتمل الرضا و الهادي عليهما السلام أيضا لكنه بعيد لأن أكثر مكاتباته إلى الجواد عليه السلام قوله عليه السلام «تقضي صومها و لا تقضي صلاتها» مخالف للأخبار الكثيرة و الإجماع على اشتراط الصلاة بالطهارة فقال بعض مشايخنا إنه وقع السهو من الراوي و كان بالعكس لأن البقاء على الجنابة و الحيض و الاستحاضة مضر إذا
__________________________________________________
 (1) الكافي باب صوم الحائض و المستحاضة خبر 6.
 (2) الكافي باب صوم الحائض و المستحاضة خبر 5- و التهذيب باب الزيادات خبر 4.

405
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم الحائض و المستحاضة ص 405

مِنْ غَيْرِ أَنْ تَعْمَلَ مَا تَعْمَلُهُ الْمُسْتَحَاضَةُ مِنَ الْغُسْلِ لِكُلِّ صَلَاتَيْنِ هَلْ يَجُوزُ صَوْمُهَا وَ صَلَاتُهَا أَمْ لَا فَكَتَبَ ع تَقْضِي صَوْمَهَا وَ لَا تَقْضِي صَلَاتَهَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤْمِنَاتِ مِنْ نِسَائِهِ بِذَلِكَ.
1990 وَ رُوِيَ عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْمُسْتَحَاضَةِ قَالَ تَصُومُ شَهْرَ رَمَضَانَ إِلَّا الْأَيَّامَ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُ فِيهِنَّ ثُمَّ تَقْضِيهَا مِنْ بَعْدِهِ.

1991 وَ سَأَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَجَّاجِ أَبَا الْحَسَنِ ع عَنِ الْمَرْأَةِ تَلِدُ بَعْدَ الْعَصْرِ

__________________________________________________
كان عالما لا جاهلا، و طرحه بعضهم بجهالة المكتوب إليه و عمل به بعضهم و خصصوا العمومات به.
و يحتمل أن يكون الجواب لحكم الحيض الواقع في الشهر بقرينة قوله (إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم كان يأمر المؤمنات من نسائه بذلك) و قد تقدم أن الأمر كان بقضاء الصوم دون الصلاة و كان الوجه في السكوت عن حكم الاستحاضة و الجواب عن حكم الحيض، التقية كما تقع كثيرا في المكاتيب و في في و يب (كان يأمر فاطمة و المؤمنات) و قد تقدم (أنها صلوات الله عليها كانت كالحورية كانت لا ترى دما في حيض و لا نفاس) فيحمل على أنه كان يأمرها بأن تأمر المؤمنات بذلك، و يحتمل أن يقرأ بتشديد الضاد أي انقضى حكم صومها و ليس عليها القضاء لما كانت جاهلة و لم ينقض حكم صلاتها بل يجب عليها قضاؤها لاشتراطها بالطهارة، و المشهور أنه يشترط الأغسال لصحة صومها، و خص بعضهم بالأغسال النهارية، و اشترط بعضهم أن يكون الغسل للصبح قبل طلوعه، و لا ريب في أنه أحوط.
 «و روى سماعة» في الموثق، و رواه الكليني أيضا عنه «1» و يدل على وجوب الصوم على المستحاضة و قضاء صوم أيام الحيض.
 «و سأل عبد الرحمن بن الحجاج» في الحسن كالصحيح، و رواه الكليني في الصحيح عنه قال: سألت أبا الحسن عليه السلام «2».
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الحائض و المستحاضة خبر 4- 3.

406
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم الحائض و المستحاضة ص 405

أَ تُتِمُّ ذَلِكَ الْيَوْمَ أَمْ تُفْطِرُ فَقَالَ تُفْطِرُ ثُمَّ تَقْضِي ذَلِكَ الْيَوْمَ.
1992 وَ رَوَى الْعِيصُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ تَطْمَثُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ قَالَ تُفْطِرُ حِينَ تَطْمَثُ.

1993 وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ امْرَأَةٍ مَرِضَتْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَوْ طَمِثَتْ أَوْ سَافَرَتْ فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ شَهْرُ رَمَضَانَ هَلْ‏

__________________________________________________
 «و روى العيص بن القاسم» في الصحيح، و رواه الكليني أيضا عنه في الصحيح «1» «قال تفطر» أي يبطل صومها، و روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن امرأة أصبحت صائمة فلما ارتفع النهار أو كان العشي حاضت أ تفطر؟ قال: نعم و إن كان في وقت المغرب (أي قريبا من وقتها) فلتفطر قال و سألته عن امرأة رأت الطهر أول النهار في شهر رمضان فتغتسل و لم تطعم فما تصنع في ذلك اليوم؟ قال: تفطر ذلك اليوم فإنما فطرها من الدم «2».
 «و روى علي بن الحكم» في الصحيح كالكليني «3» عن أبي حمزة «عن أبي جعفر عليه السلام» حمل على قضاء صوم السفر مع عدم التمكن منه على الاستحباب لعدم التمكن من الأداء (و فيه) أن القضاء لا يشترط فيه وجوب الأداء و إنما هو بالأمر الجديد مع أنه ليس له معارض و يؤيده ما رواه الشيخ في الموثق عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل سافر في رمضان فأدركه الموت قبل أن يقضيه قال يقضيه أفضل أهل بيته «4».
و في الموثق كالصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام في امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل أن يخرج رمضان هل تقضي‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب صوم الحائض و المستحاضة خبر 2- 1.
 (3) الكافي باب صوم الحائض و المستحاضة خبر 8.
 (4) التهذيب باب الزيادات خبر 73.

407
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم الحائض و المستحاضة ص 405

يُقْضَى عَنْهَا قَالَ أَمَّا الطَّمْثُ وَ الْمَرَضُ فَلَا وَ أَمَّا السَّفَرُ فَنَعَمْ.
1994 وَ رَوَى ابْنُ مُسْكَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ ع إِنَّ امْرَأَتِي جَعَلَتْ عَلَى نَفْسِهَا صَوْمَ شَهْرَيْنِ فَوَضَعَتْ وَلَدَهَا وَ أَدْرَكَهَا الْحَبَلُ فَلَمْ تَقْدِرْ عَلَى الصَّوْمِ قَالَ فَلْتَصَدَّقْ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ بِمُدٍّ عَلَى مِسْكِينٍ.

بَابُ قَضَاءِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ‏
1995 رَوَى عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي رَجُلٍ مَرِضَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَلَمَّا بَرَأَ أَرَادَ

__________________________________________________
عنها فقال: أما الطمث و المرض فلا، و أما السفر فنعم «1» و في القوي: عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يسافر في رمضان فيموت قال: يقضي عنه، و إن امرأة حاضت في رمضان فماتت لم يقض عنها، و المريض في رمضان لم يصح حتى مات لا يقضي عنه «2» فظهر كثرة الأخبار في هذا الباب، و ذكر بعض الأصحاب أنه ورد فيه خبر ضعيف مخالف للأخبار، و كلما نطوله فلوجه و اللبيب يتفطن له.
 «و روى ابن مسكان» في الصحيح. و رواه الكليني أيضا في الصحيح عنه «3» «عن محمد بن جعفر» و هو مجهول الحال و لا يضر، لإجماع العصابة على تصحيح ما يصح، عن ابن مسكان، و يدل على أنه إذا عجز عن صوم النذر يتصدق عن كل يوم بمد من طعام و سيجي‏ء أيضا في بابه ما يدل عليه.
باب قضاء صوم شهر رمضان «روى عقبة بن خالد» ممدوح و رواه الكليني في القوي. عن أبي عبد الله عليه السلام «4»
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب من اسلم في شهر رمضان إلخ خبر 15- 14.
 (3) الكافي باب صوم الحائض إلخ خبر 10.
 (4) الكافي باب قضاء شهر رمضان خبر 6.

408
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب قضاء صوم شهر رمضان ص 408

الْحَجَّ كَيْفَ يَصْنَعُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ قَالَ إِذَا رَجَعَ فَلْيَصُمْهُ.
1996 وَ سَأَلَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَضَاءِ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي ذِي الْحِجَّةِ وَ قَطْعِهِ قَالَ اقْضِهِ فِي ذِي الْحِجَّةِ وَ اقْطَعْهُ إِنْ شِئْتَ.

1997 وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا كَانَ عَلَى الرَّجُلِ شَيْ‏ءٌ مِنْ صَوْمِ‏

__________________________________________________
و يدل على عدم جواز القضاء في السفر.
 «و سأله عبد الرحمن بن أبي عبد الله» في الصحيح و رواه الكليني عنه في الموثق، و رواه الشيخ عنه أيضا قال سألت أبا عبد الله عليه السلام «1» و يدل على عدم وجوب التتابع في القضاء (و أما) ما رواه الشيخ في الموثق عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال: قال علي عليه السلام في قضاء شهر رمضان إن كان لا يقدر على سرده (أي تتابعه) فرقه- و قال: لا يقضي شهر رمضان في عشر ذي الحجة «2» فالظاهر أنه محمول على الكراهة لعدم إمكان تتابعه بالعيد و أيام التشريق و إن لم يكن بمنى لكراهتها أيضا «3» كما يفهم من عموم الأخبار و حمله الشيخ على كونه في السفر و أيده بالخبر السابق و ما ذكرناه أظهر.
 «و روى الحلبي» في الصحيح و رواه الكليني في الحسن كالصحيح و الشيخ‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب قضاء شهر رمضان خبر 4- و التهذيب باب قضاء شهر رمضان إلخ خبر 5.
 (2) التهذيب باب قضاء شهر رمضان إلخ خبر 6.
 (3) الغرض ان العشر ان كان هو العشر الأول فلا يمكن التتابع بالعيد و عرفة في بعض الصور لكراهته و ان كان أعمّ فيشمل أيّام التشريق أيضا في بعض الصور و الظاهر انه ورد ردا على بعض العامّة انه يجوز القضاء في العيد، و يجوز نذره، و يمكن أن يكون كتب (عاشر) عشر- كما كانوا يكتبون برسم الخط و يحذفون الالف (كالحرث) و امثاله، و الأول اظهر، و ذكر الشهيد في الدروس انه لا يكره في عشر ذى الحجة، و الرواية عن عليّ عليه السلام بالنهى عنه مدخولة (منه رحمه اللّه).

409
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب قضاء صوم شهر رمضان ص 408

شَهْرِ رَمَضَانَ فَلْيَقْضِهِ فِي أَيِّ شَهْرٍ شَاءَ أَيَّاماً مُتَتَابِعَةً فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيَقْضِهِ كَيْفَ شَاءَ وَ لْيُحْصِ الْأَيَّامَ فَإِنْ فَرَّقَ فَحَسَنٌ وَ إِنْ تَابَعَ فَحَسَنٌ.
1998 وَ سَأَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ جَعْفَرٍ الْجَعْفَرِيُّ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ع عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ عَلَيْهِ أَيَّامٌ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ أَ يَقْضِيهَا مُتَفَرِّقَةً قَالَ لَا بَأْسَ بِتَفْرِقَةِ قَضَاءِ شَهْرِ رَمَضَانَ إِنَّمَا الصِّيَامُ الَّذِي لَا يُفَرَّقُ صَوْمُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَ كَفَّارَةِ الدَّمِ وَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ.

__________________________________________________
في الصحيح «1» «عن أبي عبد الله عليه السلام» و يدل على استحباب التتابع و في رواية الشيخ زيادة (قال: قلت: أ رأيت إن بقي عليه (أو علي) شي‏ء من صوم شهر رمضان أ يقضيه (أو) أقضيه في ذي الحجة؟ قال: نعم)، و يؤيده ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن الحلبي و عبد الله بن سنان، و الشيخ في الصحيح، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أفطر شيئا من شهر رمضان في عذر فإن قضاه متتابعا أفضل و إن قضاه متفرقا فحسن لا بأس «2».
 «و سأل سليمان بن جعفر الجعفري» في الصحيح و رواه الكليني أيضا عنه قال سألت «أبا الحسن الرضا عليه السلام» «3» «و كفارة الدم» أي العمد أو الخطأ «و كفارة اليمين» و هي صوم ثلاثة أيام بعد العجز عن الخصال الثلاث، و تخصيص الثلاث بالذكر مع أن الصوم الذي يجب فيه التتابع أكثر منها لكونها منصوصا عليها في القرآن أو للاهتمام، و يظهر منه أيضا استحباب التتابع في القضاء كما ذكرناه مرارا أن عدم البأس يشعر ببأس الكراهة.
 (فأما) ما رواه الشيخ في الموثق، عن عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان كيف يقضيها؟ فقال: إن كان عليه يومان فليفطر بينهما يوما و إن كان عليه خمسة فليفطر بينها أياما و ليس‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب قضاء شهر رمضان خبر 4- 3 و التهذيب باب قضاء شهر رمضان خبر 1- 2.
 (3) الكافي باب قضاء شهر رمضان خبر 1.

410
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب قضاء صوم شهر رمضان ص 408

1999 وَ رَوَى جَمِيلٌ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي الرَّجُلِ يَمْرَضُ فَيُدْرِكُهُ شَهْرُ رَمَضَانَ وَ يَخْرُجُ عَنْهُ وَ هُوَ مَرِيضٌ فَلَا يَصِحُّ حَتَّى يُدْرِكَهُ شَهْرُ رَمَضَانٍ آخَرُ قَالَ‏

__________________________________________________
له أن يصوم أكثر من ستة أيام متوالية و إن كان عليه ثمانية أيام أو عشرة أفطر بينها يوما «1» (فالوجه) فيه التخيير أو الحمل على التقية، مع أن الخبر ضعيف رواه الفطحية مخالف للأخبار المستفيضة.
 «و روى جميل» في الصحيح كالكليني «2» «عن زرارة عن أبي جعفر:
عليه السلام:» و يدل على أن من استمر مرضه إلى رمضان آخر فليس عليه القضاء و إن تمكن من القضاء و لو لم يقض قضاه و تصدق عن كل يوم بمد و يؤيده ما رواه الكليني و الشيخ في القوي عن أبي الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل عليه من شهر رمضان طائفة ثمَّ أدركه شهر رمضان قابل فقال إن كان صح فيما بين ذلك ثمَّ لم يقضه حتى أدركه رمضان قابل، فإن عليه أن يصوم و أن يطعم كل (أو لكل) يوم مسكينا فإن كان مريضا فيما بين ذلك حتى أدركه شهر رمضان قابل فليس عليه إلا الصيام إن صح و إن تتابع المرض عليه و لم يصح فعليه أن يطعم لكل يوم مسكينا «3» و حمل على عدم القضاء تهاونا.
لما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام قال: سألتهما عن رجل مرض فلم يصم حتى أدركه رمضان آخر فقالا: إن كان برأ ثمَّ توانى (أي قصر) قبل أن يدركه رمضان الآخر صام الذي أدركه و تصدق عن كل يوم بمد من طعام على مسكين و عليه قضاؤه و إن كان‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب قضاء شهر رمضان إلخ خبر 4 و باب الزيادات خبر 89.
 (2) الكافي باب من توالى عليه رمضانان خبر 2.
 (3) الكافي باب من توالى عليه رمضانان خبر 3 و التهذيب باب من اسلم في شهر رمضان و حكم من بلغ إلخ خبر 19.

411
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب قضاء صوم شهر رمضان ص 408

يَتَصَدَّقُ عَنِ الْأَوَّلِ وَ يَصُومُ الثَّانِيَ وَ إِنْ كَانَ صَحَّ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَ لَمْ يَصُمْ حَتَّى أَدْرَكَهُ شَهْرُ رَمَضَانٍ آخَرُ صَامَهُمَا جَمِيعاً وَ تَصَدَّقَ عَنِ الْأَوَّلِ‏
__________________________________________________
لم يزل مريضا حتى أدركه رمضان آخر صام الذي أدركه و تصدق عن الأول لكل يوم مد على مسكين و ليس عليه قضاؤه «1».
و روى الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا مرض الرجل من رمضان إلى رمضان ثمَّ صح فإنما عليه لكل يوم أفطر فدية طعام و هو مد لكل مسكين قال: فكذلك أيضا في كفارة اليمين و كفارة الظهار مدا مدا و إن صح فيما بين الرمضانين فإنما عليه أن يقضي الصيام و إن تهاون به و قد صح فعليه الصيام و الصدقة جميعا لكل يوم مد إذا فرغ من ذلك رمضان «2» و أنت خبير بأنه لا يدل على أكثر من الترك، فإن أرادوا بالتهاون هذا المعنى فلا نزاع، و إن أرادوا غير ذلك فلا دلالة فيه عليه.
فأما ما رواه الشيخ في الموثق عن سماعة قال سألته عن رجل أدركه رمضان و عليه رمضان قبل ذلك لم يصمه فقال: يتصدق بدل كل يوم من رمضان الذي كان عليه بمد من طعام و ليصم هذا الذي أدرك فإذا أ فطر فليصم رمضان الذي كان عليه فإني كنت مريضا فمر على ثلاث رمضانات لم أصح فيهن ثمَّ أدركت رمضان فتصدقت بدل كل يوم مما مضى بمد من طعام ثمَّ عافاني الله و صمتهن و في الصحيح، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أفطر شيئا من رمضان في عذر ثمَّ أدرك رمضانا آخر و هو مريض فليتصدق بمد لكل يوم فأما أنا فإني صمت و تصدقت «3».
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من توالى عليه رمضانان خبر 1.
 (2) التهذيب باب من اسلم في شهر رمضان إلخ خبر 20.
 (3) التهذيب باب من اسلم في شهر رمضان إلخ خبر 21- 22.

412
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب قضاء صوم شهر رمضان ص 408

وَ مَنْ فَاتَهُ شَهْرُ رَمَضَانَ حَتَّى يَدْخُلَ الشَّهْرُ الثَّالِثُ مِنْ مَرَضٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ هَذَا الَّذِي دَخَلَهُ وَ تَصَدَّقَ عَنِ الْأَوَّلِ لِكُلِّ يَوْمٍ بِمُدٍّ مِنْ طَعَامٍ وَ يَقْضِي الثَّانِيَ‏
2000 وَ رَوَى ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بُرَيْدٍ الْعِجْلِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع‏

__________________________________________________
 (فمحمولان) على الاستحباب بقرينة نسبته عليه السلام إلى نفسه و إن كان الأحوط القضاء لعموم الآية و للاختلاف في تخصيصه بالآحاد.
 (فأما) ما رواه في القوي، عن سعد بن سعد، عن رجل، عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته، عن رجل يكون مريضا في شهر رمضان ثمَّ يصح بعد ذلك فيؤخر القضاء سنة أو أقل من ذلك أو أكثر ما عليه في ذلك؟ فقال: أحب له تعجيل الصيام فإن كان أخره فليس عليه شي‏ء «1» (فمحمول) على عدم التهاون.
 «و من فاته شهر رمضان إلخ» «2» يمكن أن يكون من تتمة خبر زرارة و أن يكون قول الصدوق و يؤيده عدم ذكر الكليني و الشيخ لهذه الزيادة و ظاهره أن التصدق واجب للسنة الأولى و يجب القضاء فقط للسنة الثانية (أو) يكون هذا الحكم من خبر وصل إليه إن لم يكن جزء الخبر، و المشهور العمل بالأخبار الأولة و يمكن حمله على ما إذا صح فيما بين الثاني و الثالث و لم يقض و لم يتهاون بل كان في نيته القضاء ثمَّ مرض و لم يقض و لم يصح فيما بين الأول و الثاني و اختلف في وجوب تعدد الكفارة بتعدد السنين، و الأحوط التعدد بمعنى أنه إذا مرض و تهاون في القضاء حتى مضى أربع سنين، فهل يجب لكل يوم أربعة أمداد أم يكفي مد واحد.
 «و روى ابن محبوب» في الصحيح كالكليني «3» «عن الحرث بن محمد» من أصحاب الأصول «عن بريد العجلي» الثقة «عن أبي جعفر عليه السلام» و عليه‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب من اسلم في شهر رمضان إلخ خبر 23.
 (2) هذه عبارة الفقه الرضوى (منه رحمه اللّه).
 (3) الكافي باب الرجل يصبح يريد الصيام إلخ خبر 5.

413
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب قضاء صوم شهر رمضان ص 408

فِي رَجُلٍ أَتَى أَهْلَهُ فِي يَوْمٍ يَقْضِيهِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ إِنْ كَانَ أَتَى أَهْلَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ إِلَّا يَوْماً مَكَانَ يَوْمٍ وَ إِنْ أَتَى أَهْلَهُ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى عَشَرَةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ صَامَ يَوْماً مَكَانَ يَوْمٍ وَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَفَّارَةً لِمَا صَنَعَ.
وَ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ إِنْ أَفْطَرَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ وَ إِنْ أَفْطَرَ بَعْدَ الزَّوَالِ فَعَلَيْهِ.
__________________________________________________
عمل الأكثر و يؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن هشام بن سالم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل وقع على أهله و هو يقضي شهر رمضان فقال: إن كان وقع عليها قبل صلاة العصر فلا شي‏ء عليه يصوم يوما بدل يوم و إن فعل بعد العصر صام ذلك اليوم و أطعم عشرة مساكين فإن لم يمكنه صام ثلاثة أيام كفارة لذلك «1» «و قد روى إلخ» رواه الشيخ في الموثق كالصحيح، عن زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل صام قضاء عن شهر رمضان فأتى النساء قال عليه من الكفارة ما على الذي أصاب في شهر رمضان، ذلك اليوم عند الله من أيام رمضان «2» و ظاهر الصدوق التخيير و أفضلية الفرد الثاني، و حمل الشيخ الخبر الثاني على من أفطر استخفافا و تهاونا و الأول أظهر.
 (فأما) ما رواه الشيخ في الموثق عن عمار الساباطي، عن أبي عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان يريد أن يقضيها متى يريد أن ينوي الصيام قال: هو بالخيار إلى أن تزول الشمس فإذا زالت الشمس فإن كان نوى الصوم فليصم و إن كان نوى الإفطار فليفطر سئل فإن كان نوى الإفطار يستقيم أن ينوي الصوم بعد ما زالت الشمس؟ قال: لا، سئل فإن نوى الصوم ثمَّ أفطر بعد ما زالت الشمس؟ قال قد أساء و ليس عليه شي‏ء إلا قضاء ذلك اليوم الذي أراد أن يقضيه «3».
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب قضاء شهر رمضان خبر 18- 19.
 (3) التهذيب باب قضاء شهر رمضان و حكم من افطر إلخ خبر 20.

414
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب قضاء صوم شهر رمضان ص 408

الْكَفَّارَةُ مِثْلُ مَا عَلَى مَنْ أَفْطَرَ يَوْماً مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ‏
2001 وَ رَوَى سَمَاعَةُ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْمَرْأَةِ تَقْضِي شَهْرَ رَمَضَانَ فَيُكْرِهُهَا زَوْجُهَا عَلَى الْإِفْطَارِ فَقَالَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُكْرِهَهَا بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ.

2002 وَ سَأَلَهُ سَمَاعَةُ عَنْ قَوْلِهِ الصَّائِمُ بِالْخِيَارِ إِلَى زَوَالِ الشَّمْسِ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ فِي‏

__________________________________________________
 (فيمكن) أن يحمل على من نوى نهارا قبل الزوال و الأخبار الأولة على من نوى ليلا أو على الاستحباب.
و يؤيده، ما «روى سماعة» في الموثق كالكليني و الشيخ «1» «عن أبي بصير (إلى قوله) لا ينبغي» و ظاهره الكراهة.
 «و سأله سماعة» في الموثق، و رواه الكليني و الشيخ أيضا عنه، عن أبي عبد الله عليه السلام «2» و يؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صوم النافلة لك أن تفطر ما بينك و بين الليل متى ما شئت و صوم قضاء الفريضة لك أن تفطر إلى زوال الشمس، فإذا زالت الشمس فليس لك أن تفطر «3» و عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الذي يقضي شهر رمضان هو بالخيار و الإفطار ما بينه و بين أن تزول الشمس و في التطوع ما بينه و بين أن تغيب الشمس «4» و في الصحيح عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:
في الذي يقضي شهر رمضان إنه بالخيار إلى زوال الشمس و إن كان تطوعا فإنه إلى الليل بالخيار «5».
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الرجل يصبح يريد الصيام إلخ خبر 6- 3 و التهذيب باب قضاء شهر رمضان إلخ خبر 15- 16.
 (3) التهذيب باب قضاء شهر رمضان إلخ خبر 14.
 (4- 5) التهذيب باب قضاء شهر رمضان إلخ خبر 21- 22.

415
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب قضاء صوم شهر رمضان ص 408

الْفَرِيضَةِ فَأَمَّا فِي النَّافِلَةِ فَلَهُ أَنْ يُفْطِرَ أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ‏
__________________________________________________
 (فأما) ما رواه الشيخ عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام قال: الصائم تطوعا بالخيار ما بينه و بين نصف النهار فإذا انتصف النهار فقد وجب الصوم «1».
و في القوي. عن إبراهيم بن عبد الحميد. عن عيسى قال: من بات و هو ينوي الصيام من غد لزمه ذلك فإن أفطر فعليه قضاؤه و من أصبح و لم ينو الصيام من الليل فهو بالخيار إلى أن يزول الشمس إن شاء صام و إن شاء أفطر فإن زالت الشمس و لم يأكل فليتم الصوم إلى الليل «2».
 (فمحمولان) على الكراهة و إن أمكن حمل الأخير على القضاء كما سيجي‏ء و كما أن خبر سماعة يدل على جواز الإفطار يدل على جواز النية إلى الزوال ظاهرا كبعض الأخبار المتقدمة.
و يؤيده ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصبح و هو يريد الصيام ثمَّ يبدو له فيفطر قال هو بالخيار ما بينه و بين نصف النهار قلت: هل يقضيه إذا أفطر؟ قال: نعم لأنها حسنة أراد أن يعملها فليتمها قلت فإن رجلا أراد أن يصوم ارتفاع النهار أ يصوم؟ قال نعم «3» و إن كان حملها على النافلة أظهر كما تقدم.
و ما رواه الشيخ في الصحيح: عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي الحسن عليه السلام في الرجل يبدو له بعد ما يصبح و يرتفع النهار في صوم ذلك اليوم ليقضيه من شهر رمضان و لم يكن نوى ذلك من الليل قال: نعم ليصمه و ليعتد به إذا لم يكن أحدث «4» و في الصحيح‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب قضاء شهر رمضان إلخ خبر 23.
 (2) التهذيب باب نية الصيام خبر 15.
 (3) الكافي باب الرجل يصبح يريد الصيام إلخ خبر 1.
 (4) اورد هذا الخبر و الثمانية التي بعده في التهذيب باب نية الصوم خبر 5- 7- 8 11- 12- 13- 14- 1- 2.

416
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب قضاء صوم شهر رمضان ص 408

.........
__________________________________________________
عن ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أصبح و هو يريد الصيام ثمَّ بدا له أن يفطر فله أن يفطر ما بينه و بين نصف النهار ثمَّ يقضي ذلك اليوم، فإن بدا له أن يصوم بعد ما ارتفع (انتصف- خ) النهار فليصم فإنه يحسب له من الساعة التي نوى فيها، و في الصحيح عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال قال علي عليه السلام إذا لم يفرض الرجل على نفسه صياما ثمَّ ذكر الصيام قبل أن يطعم طعاما أو يشرب شرابا و لم يفطر فهو بالخيار إن شاء صام و إن شاء أفطر.
و في الصحيح (بطريقين) عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له:
الرجل يصبح و لا ينوي الصوم فإذا تعالى النهار حدث له رأي في الصوم فقال: إن هو نوى الصوم قبل أن تزول الشمس حسب له من يومه و إن نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوى.
و حمل على النافلة و إن أمكن إبقاءه على العموم كما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عمن ذكره، (و مراسيله في حكم المسانيد) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: الرجل يكون عليه القضاء من شهر رمضان و يصبح فلا يأكل إلى العصر أ يجوز أن يجعله قضاء من شهر رمضان قال: نعم:
و في الحسن كالصحيح و الموثق كالصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن الرجل يصبح و لم يطعم و لم يشرب و لم ينو صوما و كان عليه يوم من شهر رمضان أ له أن يصوم ذلك اليوم و قد ذهب عامة النهار؟ فقال: نعم له أن يصوم و يعتد به من شهر رمضان.
و الأولى بل الأحوط لمن نوى قضاء رمضان من الليل أن لا يفطر قبل الزوال لما رواه الشيخ في الصحيح، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألته عن الرجل يقضي رمضان أ له أن يفطر بعد ما يصبح قبل الزوال إذا بدا له؟ فقال: إذا كان نوى ذلك من الليل و كان من قضاء رمضان فلا يفطر و يتم صومه قال و سألته عن الرجل يبدو له بعد ما يصبح و يرتفع‏

417
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب قضاء صوم شهر رمضان ص 408

2003 وَ رَوَى ابْنُ فَضَّالٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَثْعَمِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَن‏

__________________________________________________
النهار أ يصوم ذلك اليوم و يقضيه من رمضان و إن لم يكن نوى ذلك من الليل؟ قال: نعم يصومه و يعتد به إذا لم يحدث شيئا.
اعلم أن هذه الأخبار و ما في معناها تدل على اعتبار النية مجملا، و يؤيدها ما رواه الأصحاب مرسلا عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال: الأعمال بالنيات و بلفظ آخر أنه قال: إنما الأعمال بالنيات و لكل امرئ ما نوى و قد تقدم أخبار النية.
و يزيده بيانا ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن هارون بن خارجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن العباد ثلاثة، قوم عبدوا الله عز و جل خوفا فتلك عبادة العبيد، و قوم عبدوا الله تبارك و تعالى طلب الثواب فتلك عبادة الأجراء، و قوم عبدوا الله عز و جل حبا له فتلك عبادة الأحرار و هي أفضل العبادة «1» و الشيخ عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال:
لا قول إلا بعمل و لا عمل إلا بنية و لا نية إلا بإصابة السنة «2» و الكليني عنه صلوات الله عليه أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول: طوبى لمن أخلص لله العبادة و الدعاء و لم يشغل قلبه بما ترى عيناه و لم ينس ذكر الله بما تسمع أذناه و لم يحزن صدره بما أعطى غيره «3».
و عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز و جل (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)* قال: ليس يعني أكثر عملا و لكن أصوبكم عملا و إنما الإصابة خشية الله و النية الصادقة و الخشية ثمَّ قال: الإبقاء على العمل حتى يخلص أشد من العمل، و العمل الخالص الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عز و جل، و النية أفضل من العمل- إلا و إن النية هي العمل ثمَّ تلا قوله عز و جل (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى‏ شاكِلَتِهِ) يعني على نيته «4» و غير ذلك من الأخبار الكثيرة.
 «و روى ابن فضال» في الموثق كالصحيح كالكليني «5» «عن صالح بن‏
__________________________________________________
 (1) أصول الكافي باب العبادة خبر 5 من كتاب الإيمان و الكفر.
 (2) التهذيب باب النية خبر 3 من كتاب الصوم.
 (3- 4) أصول الكافي باب الإخلاص خبر 3- 4 من كتاب الإيمان و الكفر.
 (5) الكافي باب الرجل يصبح يريد الصيام إلخ خبر 7.

418
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب قضاء صوم شهر رمضان ص 408

الرَّجُلِ يَنْوِي الصَّوْمَ فَيَلْقَاهُ أَخُوهُ الَّذِي هُوَ عَلَى أَمْرِهِ فَيَسْأَلُهُ أَنْ يُفْطِرَ أَ يُفْطِرُ قَالَ إِنْ كَانَ تَطَوُّعاً أَجْزَأَهُ وَ حُسِبَ لَهُ وَ إِنْ كَانَ قَضَاءَ فَرِيضَةٍ قَضَاهُ وَ إِذَا أَصْبَحَ الرَّجُلُ وَ لَيْسَ مِنْ نِيَّتِهِ أَنْ يَصُومَ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَلَهُ أَنْ يَصُومَ.
2004 وَ سُئِلَ ع عَنِ الصَّائِمِ الْمُتَطَوِّعِ تَعْرِضُ لَهُ الْحَاجَةُ فَقَالَ هُوَ بِالْخِيَارِ مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْعَصْرِ وَ إِنْ مَكَثَ حَتَّى الْعَصْرِ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَصُومَ وَ لَمْ يَكُنْ نَوَى ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَصُومَ ذَلِكَ الْيَوْمَ إِنْ شَاءَ.

وَ إِذَا طَهُرَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ حَيْضِهَا وَ قَدْ بَقِيَ عَلَيْهَا بَقِيَّةُ يَوْمٍ صَامَتْ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ.
__________________________________________________
عبد الله الخثعمي» و هو مجهول على أمره أي على مذهبه الحق «و إن كان قضاء فريضة قضاه» أي أفطر و قضا يوما آخر أو أتمه «و إذا أصبح الرجل إلخ» الظاهر أنه تتمة الخبر السابق بقرينة (و سئل) و يحتمل أن يكون من كلام الصدوق و يكون قوله (و سئل) خبر أبي بصير كما سنذكره و هو أظهر لكن خروج عن دأبه، و قد تقدم من الأخبار ما يدل عليه.
و يزيده بيانا ما رواه الشيخ في الصحيح، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يدخل إلى أهله فيقول عندكم شي‏ء و إلا صمت فإن كان عندهم شي‏ء أتوه به و إلا صام «1» و يحتمل أن يكون عليه السلام ناويا و يطلب منهم تكليف الإفطار و لو بإحضار الطعام كما سمع.
 «و سئل عليه السلام عن الصائم المتطوع» روى الكليني في الموثق، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصائم المتطوع يعرض له الحاجة قال: هو بالخيار ما بينه و بين العصر و إن مكث حتى العصر ثمَّ بدا له أن يصوم فإن لم يكن نوى ذلك فله أن يصوم ذلك اليوم إن شاء «2».
 «و إذا طهرت المرأة» روى الشيخ، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب النية خبر 14 من كتاب الصوم.
 (2) الكافي باب الرجل يصبح يريد الصيام إلخ خبر 2 و التهذيب باب النية خبر 4.

419
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب قضاء صوم شهر رمضان ص 408

تَأْدِيباً وَ عَلَيْهَا قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ إِنْ حَاضَتْ وَ قَدْ بَقِيَ عَلَيْهَا بَقِيَّةُ يَوْمٍ أَفْطَرَتْ وَ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ وَ إِذَا وَجَبَ عَلَى الرَّجُلِ صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَصَامَ شَهْراً وَ لَمْ يَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ.
__________________________________________________
عن امرأة أصبحت صائمة في رمضان فلما ارتفع النهار حاضت قال: تفطر قال: و سألته عن امرأة رأت الطهر أول النهار قال: تصلي و تتم صومها (أي تأديبا) و تقضي «1» و قد تقدم في صحيحة يونس استحباب الإمساك للمسافر تأديبا و في خبر الزهري.
 «و إذا وجب على الرجل إلخ» روى الكليني في الصحيح، عن جميل و محمد بن حمران، عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل الحر يلزمه صوم شهرين متتابعين في ظهار فيصوم شهرا فيمرض قال: يستقبل و إن زاد على الشهر الآخر يوما أو يومين بنى عليه ما بقي «2».
و تقييده عليه السلام بالحر لأن كفارة المملوك نصفه كما سيجي‏ء و أما استقبال المريض فعلى الاستحباب لما سيجي‏ء.
و روى الكليني في الحسن كالصحيح و الشيخ في الصحيح، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صيام كفارة اليمين في الظهار شهرين متتابعين (بتقدير صيام) و في يب شهران متتابعان (و هو أظهر)، و التتابع أن يصوم شهرا و يصوم من الشهر الآخر أياما أو شيئا منه فإن عرض له شي‏ء يفطر فيه أفطر ثمَّ قضى ما بقي عليه فإن صام شهرا ثمَّ عرض له شي‏ء فأفطر قبل أن يصوم من الآخر شيئا فلم يتابع أعاد الصيام كله (فليعد الصوم كله يب) «3».
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب حكم المريض يفطر إلخ خبر 2.
 (2) الكافي باب من وجب عليه صوم شهرين متتابعين إلخ خبر 1.
 (3) الكافي باب من وجب عليه صوم شهرين متتابعين إلخ خبر 2 و التهذيب باب قضاء شهر رمضان إلخ خبر 29- و زاد في آخره: و قال: صيام ثلاثة أيّام في كفّارة اليمين متتابعات و لا يفصل بينهن.

420
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب قضاء صوم شهر رمضان ص 408

الثَّانِي شَيْئاً فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ صَوْمَهُ وَ لَمْ يُجْزِئْهُ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَفْطَرَ لِمَرَضٍ فَلَهُ أَنْ‏
__________________________________________________
و في الموثق، عن سماعة بن مهران قال: سألته (سألت أبا عبد الله عليه السلام- خ) عن الرجل يكون عليه صوم شهرين متتابعين أ يفرق بين الأيام؟ فقال: إذا صام أكثر من شهر فوصله ثمَّ عرض له أمر فأفطر فلا بأس، فإن كان أقل من شهر أو شهرا فعليه أن يعيد الصيام «1».
 «إلا أن يكون أفطر لمرض إلخ» روى الشيخ في الصحيح، عن رفاعة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل عليه صيام شهرين متتابعين فصام شهرا و مرض قال: يبني عليه، الله حبسه قلت امرأة كان عليها صيام شهرين متتابعين فصامت فأفطرت أيام حيضها قال: تقضيها قلت فإنها قضتها ثمَّ يئست من المحيض قال لا تعيدها أجزأها ذلك «2» و في الصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (ع) مثل ذلك «3».
و روى الكليني في الموثق كالصحيح، عن رفاعة بن موسى قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة تنذر عليها صوم شهرين متتابعين قال: تصوم و تستأنف (أي تقضي) أيامها التي قعدت حتى تتم الشهرين قلت أ رأيت إن هي يئست من المحيض أ تقضيه؟ قال: لا تقضي يجزيها الأول «4».
و في القوي عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل كان عليه صيام شهرين متتابعين فصام خمسة و عشرين يوما ثمَّ مرض فإذا برئ أ يبني على صومه أم يعيد صومه كله؟ فقال بلى يبني على ما كان صام، ثمَّ قال: هذا مما غلب الله عليه و ليس على ما غلب الله عليه عز و جل شي‏ء «5».
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من وجب عليه صوم شهرين متتابعين إلخ خبر 3 و التهذيب باب قضاء شهر رمضان إلخ خبر 28.
 (2- 3) التهذيب باب قضاء شهر رمضان إلخ خبر 32- 33.
 (4) الكافي باب صوم الحائض و المستحاضة خبر 9.
 (5) التهذيب باب قضاء شهر رمضان إلخ خبر 31.

421
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب قضاء صوم شهر رمضان ص 408

.........
__________________________________________________
 (فأما) ما رواه الشيخ و الكليني، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قطع صوم كفارة اليمين و كفارة الظهار و كفارة القتل فقال: إن كان على رجل صيام شهرين متتابعين فأفطر أو مرض في الشهر الأول فإن عليه أن يعيد الصيام، و إن صام الشهر الأول و صام من الشهر الثاني شيئا ثمَّ عرض له ماله فيه عذر فإن عليه أن يقضي «1» (فمحمول) على الاستحباب كما تقدم، و حملها الشيخ على أنه إذا كان مرضه مرضا لا يمنعه من الصيام و إن كان يشق عليه بعض المشقة فحينئذ يستأنف و هو بعيد.
و روى الشيخ في القوي، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل جعل الله عليه نذرا صيام سنة فلم يستطع قال: يصوم شهرا و بعض الشهر ثمَّ لا بأس أن يقطع الصوم «2» و إن كان الأحوط هنا التتابع، و يؤيده ما سيذكره الصدوق في الكفارات في الصحيح، عن عبد الله بن مسكان عن بدر بن الخليل إلخ.
 «و روى موسى بن بكر» في القوي كالكليني و الشيخ، عن الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام «3» و عمل به الأصحاب و إن كان الأحوط التتابع لعدم وضوح السند، و على تقدير العمل لا يتعدى إلى غيره من الواجبات من صيام المملوك للقتل و الظهار لأنه قياس محض مع مخالفته للعمومات.
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب قضاء شهر رمضان إلخ خبر 35 و الكافي باب من وجب عليه صوم شهرين متتابعين إلخ خبر 7.
 (2) التهذيب باب الزيادات خبر 54 من كتاب الصوم.
 (3) الكافي باب من وجب عليه صوم شهرين متتابعين إلخ خبر 6 و التهذيب باب قضاء شهر رمضان إلخ خبر 37.

422
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب قضاء صوم شهر رمضان ص 408

صَوْمُ شَهْرٍ فَصَامَ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً ثُمَّ عَرَضَ لَهُ أَمْرٌ فَقَالَ إِنْ كَانَ صَامَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً فَلَهُ أَنْ يَقْضِيَ مَا بَقِيَ وَ إِنْ كَانَ صَامَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً لَمْ يُجْزِئْهُ حَتَّى يَصُومَ شَهْراً تَامّاً.
2006 وَ رَوَى مَنْصُورُ بْنُ حَازِمٍ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: فِي رَجُلٍ صَامَ فِي ظِهَارٍ شَعْبَانَ ثُمَّ أَدْرَكَهُ شَهْرُ رَمَضَانَ قَالَ يَصُومُ شَهْرَ رَمَضَانَ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الصَّوْمَ وَ إِنْ هُوَ صَامَ فِي الظِّهَارِ فَزَادَ فِي النِّصْفِ يَوْماً قَضَى بَقِيَّتَهُ.

2007 وَ رَوَى ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي رَجُلٍ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فِي ظِهَارٍ فَصَامَ ذَا الْقَعْدَةِ وَ دَخَلَ عَلَيْهِ ذُو الْحِجَّةِ قَالَ يَصُومُ ذَا الْحِجَّةِ كُلَّهُ إِلَّا أَيَّامَ التَّشْرِيقِ ثُمَّ يَقْضِيهَا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ حَتَّى يُتِمَّ ثَلَاثَةَ

__________________________________________________
 «و روى منصور بن حازم» في الحسن كالصحيح، و رواه الكليني عنه في الصحيح على الظاهر عن أبي عبد الله عليه السلام «1».
 «و روى ابن محبوب» في الصحيح كالشيخ و رواه الكليني أيضا عنه (لكن في سنده سهل بن زياد، و الظاهر أنه أخذه من كتاب الحسن كما أخذ عنه الصدوق و الشيخ) عن أبي أيوب، عن أبي عبد الله عليه السلام «2» و عدم ذكر العبد للظهور، و يدل (على) مرجوحية أيام التشريق مطلقا و سيجي‏ء حكمها (و على) عدم وجوب تتابع الشهر الثاني و إلا لم يجز إيقاعها في ذي القعدة و إن كان ظاهر بعض الأخبار اللزوم و إن لم يكن شرطا لكنها محمولة على الاستحباب جمعا، (و على) عدم جواز الوطء في الظهار حتى يتم الشهرين و إن كان بلفظ (لا ينبغي) للآية و الأخبار الأخر، و ظاهر الصدوق اشتراط الأيام من الشهر الثاني كهذا الخبر لكنه في خبر منصور و غيره الاكتفاء بيوم فيحمل الأيام على الاستحباب.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من وجب عليه صوم شهرين إلخ خبر 5.
 (2) الكافي باب من وجب عليه صوم شهرين إلخ خبر 4 و التهذيب باب الزيادات خبر 91.

423
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب قضاء صوم شهر رمضان ص 408

أَيَّامٍ فَيَكُونَ قَدْ صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ وَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْرَبَ أَهْلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ ثَلَاثَةَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الَّتِي لَمْ يَصُمْهَا وَ لَا بَأْسَ إِنْ صَامَ شَهْراً ثُمَّ صَامَ مِنَ الشَّهْرِ الَّذِي يَلِيهِ أَيَّاماً ثُمَّ عَرَضَتْ لَهُ عِلَّةٌ أَنْ يَقْطَعَهَا ثُمَّ يَقْضِيَ بَعْدُ تَمَامَ الشَّهْرَيْنِ.
بَابُ قَضَاءِ الصَّوْمِ عَنِ الْمَيِّتِ‏
2008 رَوَى أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي مَرْيَمَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا صَامَ الرَّجُلُ شَيْئاً مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ مَرِيضاً حَتَّى مَاتَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَ إِنْ صَحَّ ثُمَّ مَرِضَ ثُمَّ مَاتَ وَ كَانَ لَهُ مَالٌ تُصُدِّقَ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ بِمُدٍّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ‏

__________________________________________________
باب قضاء الصوم عن الميت «روى أبان بن عثمان» في الموثق كالصحيح و رواه الكليني عنه «1» «عن أبي مريم الأنصاري» الثقة «عن أبي عبد الله عليه السلام» يدل عليه اشتراط تمكن القضاء في الوجوب كما دل عليه الأخبار المتقدمة، و على تقديم التصدق على قضاء الولي مع وجود المال و رواه الشيخ في الصحيح، عن أبي مريم عنه عليه السلام- و فيه (فإن لم يكن له مال تصدق عنه وليه) «2» لكنه في الكافي كالمتن، و يمكن الجمع بينه و بين الأخبار الآتية بالحمل على التخيير أو القضاء مع عدم المال.
و روى الكليني عن العدة عن سهل عن الوشاء (و الظاهر أنه من كتابه كما يظهر من التتبع فيكون صحيحا) عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول: إذا مات رجل و عليه صيام شهرين متتابعين من علة فعليه أن يتصدق عن الشهر الأول و يقضي الشهر الثاني «3» فيمكن حمله على التخيير أو يخص بالكفارة.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الرجل يموت و عليه من صيام شهر رمضان إلخ خبر 3.
 (2) التهذيب باب من اسلم في شهر رمضان خبر 9.
 (3) الكافي باب الرجل يموت إلخ خبر 6.

424
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب قضاء الصوم عن الميت ص 424

لَهُ مَالٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ.
وَ إِذَا مَاتَ رَجُلٌ وَ عَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَعَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يَقْضِيَ عَنْهُ وَ كَذَلِكَ مَنْ فَاتَهُ.
__________________________________________________
 «و إذا مات رجل إلخ» روى الكليني في الصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن رجل أدركه رمضان و هو مريض فتوفي قبل أن يبرئ قال: ليس عليه شي‏ء و لكن يقضي عن الرجل الذي يبرئ ثمَّ يموت قبل أن يقضي «1» و في الصحيح عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام، في الرجل يموت و عليه صلاة أو صيام قال: يقضي عنه أولى الناس بميراثه قلت: فإن كان أولى الناس به امرأة فقال: لا، إلا الرجال «2» و في القوي، عن حماد بن عثمان، ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الرجل يموت و عليه دين من شهر رمضان من يقضي عنه؟ قال:
أولى الناس به قلت و إن كان أولى الناس به امرأة؟ قال: لا إلا الرجال «3» و قد تقدم الأخبار في حكم السفر.
و روى الشيخ في الصحيح، عن منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المريض في شهر رمضان فلا يصح حتى يموت قال: لا يقضي عنه و الحائض تموت في رمضان قال: لا يقضي عنها «4».
و في الصحيح (على الظاهر) كالكليني، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان و ماتت في شوال فأوصتني أن أقضي عنها قال: هل برئت عن مرضها؟ قلت لا- ماتت فيه فقال لا يقضي عنها فإن الله عز و جل لم يجعله عليها- قلت فإني أشتهي أن أقضي عنها و قد أوصتني بذلك قال: كيف تقضي شيئا لم يجعله الله عليها فإن اشتهيت أن تصوم لنفسك فصم «5».
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب الرجل يموت و عليه من صيام إلخ خبر 2- 1- 3.
 (4) التهذيب باب من اسلم في شهر رمضان إلخ خبر 8.
 (5) الكافي باب صوم الحائض و المستحاضة خبر 7 و التهذيب باب من اسلم في شهر رمضان إلخ خبر 11.

425
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب قضاء الصوم عن الميت ص 424

فِي السَّفَرِ وَ الْمَرَضِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَاتَ فِي مَرَضِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَصِحَّ بِمِقْدَارِ مَا يَقْضِي بِهِ صَوْمَهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَ إِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلِيَّانِ فَعَلَى أَكْبَرِهِمَا مِنَ الرِّجَالِ أَنْ يَقْضِيَ عَنْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الرِّجَالِ قَضَى عَنْهُ وَلِيُّهُ مِنَ النِّسَاءِ
2009 وَ قَدْ رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَ عَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ‏

__________________________________________________
و في الموثق، عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل دخل عليه شهر رمضان و هو مريض لا يقدر على الصيام فمات في شهر رمضان أو في شهر شوال قال: لا صيام عليه و لا قضاء عنه قلت فامرأة نفساء دخل عليها شهر رمضان و لم تقدر على الصوم فماتت في شهر رمضان أو في شوال فقال لا يقضي عنها «1»- يمكن أن يكون للمرض و إلا فأكثر النفاس عشرة أو ثمانية عشرة «2».
 «فإن لم يكن (إلى قوله) من النساء» يمكن أن يكون له خبر أو العمومات و روى الشيخ في الموثق، عن عبد الله بن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يموت في شهر رمضان قال: ليس على وليه أن يقضي عنه ما بقي من الشهر و إن مرض فلم يصم رمضان فلم يزل مريضا حتى مضى رمضان و هو مريض ثمَّ مات في مرضه ذلك فليس على وليه أن يقضي عنه الصيام فإن مرض فلم يصم شهر رمضان ثمَّ صح بعد ذلك فلم يقضه ثمَّ مرض فمات فعلى وليه أن يقضي عنه لأنه قد صح فلم يقض و وجب عليه «3».
 «و قد روي عن الصادق عليه السلام إلخ» يدل ظاهرا على الاستحباب أو جواز
__________________________________________________
 (1) التهذيب من اسلم في شهر رمضان إلخ خبر 7.
 (2) و مراده قده ان حكمه عليه السلام بنفى القضاء لجميع شهر رمضان يمكن أن يكون راجعا الى المريض و الا فلا يفرض النفاس بمقدار شهر تام فان أكثر النفاس عشرة أيّام كما هو المشهور او ثمانية عشر كما هو عند بعض و اللّه العالم.
 (3) التهذيب باب من اسلم في شهر رمضان إلخ خبر 13.

426
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب قضاء الصوم عن الميت ص 424

فَلْيَقْضِ عَنْهُ مَنْ شَاءَ مِنْ أَهْلِهِ.
2010 وَ كَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ع فِي رَجُلٍ مَاتَ وَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَ لَهُ وَلِيَّانِ هَلْ يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَقْضِيَا عَنْهُ جَمِيعاً خَمْسَةَ أَيَّامٍ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ وَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ الْآخَرُ فَوَقَّعَ ع يَقْضِي عَنْهُ أَكْبَرُ وَلِيَّيْهِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وِلَاءً إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ هَذَا التَّوْقِيعُ عِنْدِي مَعَ تَوْقِيعَاتِهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ بِخَطِّهِ ع.
بَابُ فِدْيَةِ صَوْمِ النَّذْرِ
2011 رَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ الْبَزَنْطِيُّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع فِي رَجُلٍ نَذَرَ

__________________________________________________
التبرع من غير الولي عن الولي كالدين.
 «و كتب محمد بن الحسن الصفار رضي الله عنه» في الصحيح كالكليني و الشيخ «1» «إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام» يدل على الوجوب على الأكبر، و حمل على أكبر الأولاد من الذكور مع أن الخبر عام كالأخبار المتقدمة، فالاحتياط في قضاء الوارث و إن لم يكن ولدا كما ذهب إليه جماعة من الأصحاب، و يفهم من مباهاة الصدوق أن الاعتناء بالمكاتيب كان أكثر من المسانيد بالمشافهة كما هو الظاهر من أحوالهم، و إن أمكن أن يكون المباهاة بخطه عليه السلام المنسوب إليه و سيجي‏ء رواية محمد بن إسماعيل في الصحيح، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: قلت له: رجل مات و عليه صوم يصام عنه أو يتصدق؟ قال: يتصدق عنه فإنه أفضل فيمكن الجمع بالتخيير أو يحمل على صوم النافلة و إن كان بعيدا.
باب فدية صوم النذر «روى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي» في الصحيح، و رواه الكليني أيضا
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الرجل يموت و عليه من صيام إلخ خبر 5 و التهذيب باب من اسلم في شهر رمضان إلخ خبر 2.

427
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فدية صوم النذر ص 427

عَلَى نَفْسِهِ إِنْ هُوَ سَلِمَ مِنْ مَرَضٍ أَوْ تَخَلَّصَ مِنْ حَبْسٍ أَنْ يَصُومَ كُلَّ يَوْمِ أَرْبِعَاءَ وَ هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي تَخَلَّصَ فِيهِ فَعَجَزَ عَنْ ذَلِكَ لِعِلَّةٍ أَصَابَتْهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَمَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِلرَّجُلِ فِي عُمُرِهِ وَ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ صَوْمٌ كَثِيرٌ مَا كَفَّارَةُ ذَلِكَ قَالَ تَصَدَّقَ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدّاً مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ بِمُدِّ تَمْرٍ.
2012 وَ فِي رِوَايَةِ إِدْرِيسَ بْنِ زَيْدٍ وَ عَلِيِّ بْنِ إِدْرِيسَ عَنِ الرِّضَا ع تَصَدَّقَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ بِمُدٍّ مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ

__________________________________________________
عنه «1» و الظاهر أنه أخذه من كتابه و إن كان في طريقه سهل بن زياد، و لكنه في الكافي (بمد من حنطة أو ثمن مد) بدل (أو بمد من تمر) و الظاهر أنه من النساخ.
 «و في رواية إدريس بن زيد و علي بن إدريس» في الحسن كالصحيح عنهما كالكليني «2» (و كتابهما معتمد و هما صاحبا الرضا عليه السلام) قالا: سألنا الرضا عليه السلام عن رجل نذر نذرا إن هو يخلص من الحبس أن يصوم ذلك اليوم الذي يخلص فيه فعجز عن الصوم لعلة أصابته أو غير ذلك فمد للرجل في عمره و قد اجتمع عليه صوم كثير ما كفارة ذلك الصوم؟ قال يكفر عن كل يوم بمد حنطة أو شعير و روى الكليني و الصدوق، عن محمد بن منصور (في القوي) قال: سألت الرضا عليه السلام عن رجل نذر نذرا في صيام فعجز فقال:
كان أبي يقول: عليه مكان كل يوم مد «3» و سيجي‏ء مدان محمول على الاستحباب و إن احتمل استحباب المد أيضا، و الاحتياط ظاهر و سيذكر إن شاء الله في كتاب الأيمان أحكام كفارة اليمين و غيرها.
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب كفّارة الصوم و فديته خبر 3- 1- 2.

428
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم الإذن ص 429

بَابُ صَوْمِ الْإِذْنِ‏
2013 رَوَى الْفُضَيْلُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا دَخَلَ رَجُلٌ بَلْدَةً فَهُوَ ضَيْفٌ عَلَى مَنْ بِهَا مِنْ أَهْلِ دِينِهِ حَتَّى يَرْحَلَ عَنْهُمْ وَ لَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ أَنْ يَصُومَ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ لِئَلَّا يَعْمَلُوا شَيْئاً فَيَفْسُدَ وَ لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَصُومُوا- إِلَّا بِإِذْنِ الضَّيْفِ لِئَلَّا يَحْتَشِمَهُمْ وَ يَشْتَهِي فَيَتْرُكُهُ لَهُمْ.

2014 وَ رَوَى نَشِيطُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ فِقْهِ الضَّيْفِ‏

__________________________________________________
باب صوم الاذن «روى الفضيل بن يسار» في القوي كالصحيح، و رواه الكليني مرسلا عنه «1» «عن أبي جعفر عليه السلام (إلى قوله) ضعيف» أي يستحب لهم ضيافته، و يدل على كراهة صوم الضيف و المضيف بدون الإذن.
 «و روى نشيط ابن صالح» الثقة و كأنه أخذه من كتابه و رواه الكليني، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن هلال، عن مروك بن عبيد، عن نشيط بن صالح «عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام» «2» و يمكن الحكم بصحته لذكره في الفهرست أن كلما يرويه عن هشام، فله إليه طريق صحيح و إن كان يذكر منه بطرق أخر لتفنن الطريق و يدل ظاهرا على كراهة صوم الضيف بدون إذن المضيف، و حرمة صوم المرأة بدون إذن الزوج، و حرمة صوم العبد بدون إذن المولى، و حرمة صوم الولد بدون إذن الوالدين تطوعا.
و يؤيده ما رواه الكليني صحيحا، عن القسم بن عروة، عن بعض أصحابه، عن‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب من لا يجوز له صيام التطوع الا باذن غيره خبر 3- 2.

429
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب صوم الإذن ص 429

أَنْ لَا يَصُومَ تَطَوُّعاً إِلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَ مِنْ طَاعَةِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا أَنْ لَا تَصُومَ تَطَوُّعاً إِلَّا بِإِذْنِهِ وَ أَمْرِهِ وَ مِنْ صَلَاحِ الْعَبْدِ وَ طَاعَتِهِ وَ نَصِيحَتِهِ لِمَوْلَاهُ أَنْ لَا يَصُومَ تَطَوُّعاً إِلَّا بِإِذْنِ مَوْلَاهُ وَ مِنْ بِرِّ الْوَلَدِ بِأَبَوَيْهِ أَنْ لَا يَصُومَ تَطَوُّعاً إِلَّا بِإِذْنِ أَبَوَيْهِ وَ أَمْرِهِمَا وَ إِلَّا كَانَ الضَّيْفُ جَاهِلًا وَ كَانَتِ الْمَرْأَةُ عَاصِيَةً وَ كَانَ الْعَبْدُ فَاسِداً عَاصِياً وَ كَانَ الْوَلَدُ عَاقّاً.
بَابُ الْغُسْلِ فِي اللَّيَالِي الْمَخْصُوصَةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَ مَا جَاءَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
2015 رَوَى الْعَلَاءُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع أَنَّهُ قَالَ: يُغْتَسَلُ فِي ثَلَاثِ لَيَالٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي تِسْعَ عَشْرَةَ وَ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ وَ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ وَ أُصِيبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي تِسْعَ عَشْرَةَ وَ قُبِضَ ع فِي إِحْدَى وَ عِشْرِينَ قَالَ وَ الْغُسْلُ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ وَ هُوَ يُجْزِي إِلَى آخِرِهِ.

__________________________________________________
أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: لا يصلح للمرأة أن تصوم تطوعا إلا بإذن زوجها «1» و في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم ليس للمرأة أن تصوم تطوعا إلا بإذن زوجها «2» و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم فقالت يا رسول الله ما حق الزوج على المرأة؟ فقال: هو أكثر من ذلك فقالت أخبرني بشي‏ء من ذلك فقال ليس لها أن تصوم إلا بإذنه «3».
باب الغسل في الليالي المخصوصة إلخ «روى العلاء» في الصحيح «عن محمد بن مسلم» كالكليني «4» «عن أحدهما عليهما السلام (إلى قوله) إلى آخره» أي إذا اغتسل أول الليل فلو وقع منه نوم أو حدث: لا يضر الغسل و هو يجزي أو المستحب المؤكد أن يغتسل أول الليل فلو فعل في أثنائه إلى آخره فهو مجز أيضا و كان مثابا.
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب من لا يجوز له صيام التطوع الاذن غيره خبر 1- 4- 5.
 (4) الكافي باب الغسل في شهر رمضان خبر 1.

430
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما جاء في العشر الأواخر و في ليلة القدر ص 430

2016 وَ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ يُغْتَسَلُ فِي لَيْلَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ.

2017 وَ رَوَى زُرَارَةُ وَ فُضَيْلٌ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: الْغُسْلُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ عِنْدَ وُجُوبِ الشَّمْسِ قُبَيْلَهُ- ثُمَّ يُصَلِّي وَ يُفْطِرُ.

__________________________________________________
 «و قد روي إلخ» رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام قال: الغسل في سبعة عشر موطنا ليلة سبع عشرة من شهر رمضان و هي ليلة التقى الجمعان، و ليلة تسع عشرة و فيها يكتب الوفد وفد السنة، و ليلة إحدى و عشرين و هي الليلة التي أصيب فيها أوصياء الأنبياء عليهم السلام و فيها رفع عيسى بن مريم عليه السلام و قبض موسى عليه السلام، و ليلة ثلاث و عشرين يرجى فيها ليلة القدر الخبر «1» و في الصحيح، عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام و ذكر غسل الثلاث الليالي في شهر رمضان «2» و ظاهره الليالي الأول و قد تقدم أيضا.
 «و روى زرارة و الفضيل» في الصحيح و رواه الكليني في الحسن كالصحيح «3» «عن أبي جعفر عليه السلام (إلى قوله) قبيله» أي قبل سقوط الشمس و غروبها بقليل «ثمَّ يصلي» أي بعد الغروب «و يفطر» و يدل على استحباب تقديم الصلاة و قد تقدم، و روى الكليني في الصحيح (على الظاهر) عن سليمان بن خالد قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام كم اغتسل في شهر رمضان ليلة؟ قال: ليلة تسع عشرة، و ليلة إحدى و عشرين، و ثلاث و عشرين قال قلت: فإن شق علي؟ قال: في إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين قلت: فإن شق علي؟ قال: حسبك الآن «4» و الظاهر أنه كان غرض سليمان تشخيص ليلة القدر فلما تشخص أنه في إحدى ثلاث قال عليه السلام حسبك هذا القدر من البيان لأن الحكمة في الإخفاء.
و في الصحيح، عن العيص بن القسم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الليلة التي يطلب فيها ما يطلب متى الغسل؟ فقال: من أول الليل و إن شئت حيث تقوم من آخره، و سألته عن القيام فقال: تقوم في أوله و آخره، «5» و روى الشيخ في الصحيح، عن بريد
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب الاغسال المفروضات و المسنونات خبر 34- 21 من كتاب الطهارة.
 (3- 4- 5) الكافي باب الغسل في شهر رمضان خبر 1- 2- 3.

431
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما جاء في العشر الأواخر و في ليلة القدر ص 430

2018 وَ رَوَى سَمَاعَةُ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ شَدَّ الْمِئْزَرَ وَ اجْتَنَبَ النِّسَاءَ وَ أَحْيَا اللَّيْلَ وَ تَفَرَّغَ لِلْعِبَادَةِ.

2019 وَ رَوَى سُلَيْمَانُ الْجَعْفَرِيُّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع أَنَّهُ قَالَ: صَلِّ لَيْلَةَ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ وَ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ مِائَةَ رَكْعَةٍ تَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ الْحَمْدَ مَرَّةً وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ.

2020 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع فِي لَيْلَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ التَّقْدِيرُ وَ فِي لَيْلَةِ

__________________________________________________
قال: رأيته اغتسل في ليلة ثلاث و عشرين مرتين مرة من أول الليل و مرة من آخر الليل «1».
 «و روى سماعة» في الموثق «عن أبي بصير» كما في الكافي «2» «عن أبي عبد الله عليه السلام» شد المئزر كناية عن الجد و الاجتهاد في العبادة أو عن اجتناب النساء أو عنهما معا و على الأخيرين يكون العطف تفسيريا أو تخصيصا بعد التعميم، و الأول أظهر- «و روى سليمان الجعفري» في الصحيح كما في الكافي، عن أبي الحسن عليه السلام «3».
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني، عن ربيع المسلي و زياد بن أبي الحلال ذكراه، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام «4» و روي في الموثق كالصحيح عن زرارة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: التقدير في الليلة تسع عشرة، و الإبرام في ليلة إحدى و عشرين، و الإمضاء في ليلة ثلاث و عشرين «5».
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب الزيادات خبر 99 من كتاب الصوم.
 (2) الكافي باب ما يزاد من الصلاة في شهر رمضان خبر 3 من كتاب الصوم.
 (3) الكافي ما يزاد من الصلاة في شهر رمضان خبر 4 من كتاب الصيام.
 (4- 5) الكافي باب في ليلة القدر خبر 12- 9 من كتاب الصيام.

432
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما جاء في العشر الأواخر و في ليلة القدر ص 430

إِحْدَى وَ عِشْرِينَ الْقَضَاءُ وَ فِي لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ إِبْرَامُ مَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ إِلَى مِثْلِهَا وَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَشَاءُ فِي خَلْقِهِ‏
__________________________________________________
و في القوي، عن إسحاق بن عمار قال: قال سمعته يقول و ناس يسألونه يقولون:
الأرزاق تقسم ليلة النصف من شعبان قال: فقال: لا و الله ما ذلك إلا في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان و إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين فإن في ليلة تسع عشرة يلتقي الجمعان، و في ليلة إحدى و عشرين يفرق كل أمر حكيم، و في ليلة ثلاث و عشرين يمضي ما أراد الله عز و جل من ذلك، و هي ليلة القدر التي قال الله عز و جل (خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) قال: قلت فما معنى قوله: يلتقي الجمعان؟ قال يجمع الله فيهما ما أراد تقديمه و تأخيره و إرادته و قضائه قال: قلت: فما معنى قوله: يمضيه في ثلاث و عشرين؟ قال:
إنه يفرقه (لا يفوته- خ ل) في ليلة إحدى و عشرين (إمضاءه- خ) و يكون له فيه البداء فإذا كانت ليلة ثلاث و عشرين أمضاه فيكون من المحتوم الذي لا يبدو له فيه تبارك و تعالى «1».
الظاهر أن المراد من التقدير الذي يكون في الليلة الأولى تقدير البلايا و النعم التي استحقها العبد بسبب إعمال عملها، و لكنه مشروط بأنه لا يعمل ما به يستحق الزيادة و النقصان منهما فإن عمل إلى الليلة الثانية ما يستحق به تغيير ما قدر قبل، غير و إن لم يفعل يحكم بالمقدر عليه و يصير بالأعمال استحقاق لهما أكثر، و لكن إن عمل إلى الثالثة ما به يستحق المحو و الإثبات يمحو و يثبت بالاستحقاق أو التفضل و إلا فيبرم و يحكم عليه جزما بما قدر له و قلما يغير ما أبرم و لكن لو فعل من الدعاء و الخيرات و الصلات فلله تعالى فيه المشية بالتغيير تفضلا منه تعالى.
كما روي في الأخبار المتواترة معنى عن الصادقين عليهم صلوات الله أجمعين أن الدعاء يرد البلاء و قد أبرم إبراما «2» و كذلك في غيره من صلة الرحم «3» و الصدقة «4»
__________________________________________________
 (1) الكافي باب في ليلة القدر خبر 8 من كتاب الصيام.
 (2) راجع باب ان الدعاء يرد البلاء و القضاء من كتاب الدعاء من أصول الكافي.
 (3) راجع باب صلة الرحم من كتاب الإيمان و الكفر خبر 4- 6- 9- 12- 13- 14 16- 18- 20- 21- 32- 33.
 (4) راجع باب فضل الصدقة و باب ان الصدقة تدفع البلاء من كتاب زكاة فروع الكافي.

433
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما جاء في العشر الأواخر و في ليلة القدر ص 430

.........
__________________________________________________
و غيرهما و (ما) ورد في خبر إسحاق (إنه لا يبدو له فيه تبارك و تعالى) (فالظاهر) أن المراد به نفيه غالبا جمعا بين الأخبار أو المراد به ما أخبر به أنبياؤه و رسله فإنه من المحتوم الذي لا بداء فيه.
كما روى الكليني في الصحيح (على الظاهر) عن الفصيل بن يسار قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: العلم علمان، فعلم عند الله مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه، و علم علمه ملائكته و رسله فما علمه ملائكته و رسله فإنه سيكون لا يكذب نفسه و لا ملائكته و لا رسله، و علم عنده مخزون يقدم منه ما يشاء و يؤخر منه ما يشاء و يثبت ما يشاء «1» إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة.
و اعلم أنه كلما يكون فيه البداء فإنه تعالى يعلمه قبل أن يحصل منه البداء، و ليس البداء عن جهل و لا عن ندامة تعالى الله عن ذلك، و لكنه كالنسخ في الأحكام فإنه يرجع إلى بيان انتهاء الحكم الذي كان فيه المصلحة بحسب الزمان السابق فلما تغيرت المصلحة نسخة الحكم السابق و كذلك لله تعالى مصلحة في التغيرات في غير الأحكام من العطاء و البلاء فكلما يمحو و يثبت من لوح المحو و الإثبات فللطف بالنظر إلى المكلفين بأن يسعوا و يبالغوا في موجباتهما من الدعوات و الصدقات و الصلات و غيرها- كما أن هذه الأشياء و غيرها أسباب لدخول الجنة و القرب، و أضدادها في دخول النار و البعد و الجميع مكتوب في اللوح، و أن فاعل الخير من أهل الجنة و فاعل الشر من أهل النار، مع أنه قد يصير بالعكس بتغيير الأعمال أو بالتفضل و الشفاعة بخلاف ما في اللوح المحفوظ فإنه صور معلوماته تعالى و لا يتغير و لا يتبدل.
روى الكليني في الصحيح، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال‏
__________________________________________________
 (1) أصول الكافي باب البداء خبر 6 من كتاب التوحيد.

434
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما جاء في العشر الأواخر و في ليلة القدر ص 430

.........
__________________________________________________
ما بد الله في شي‏ء إلا كان في علمه قبل أن يبدو له «1» و عنه عليه السلام قال: إن الله لم يبد له من جهل «2».
و في الصحيح، عن منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام هل يكون اليوم شي‏ء لم يكن في علم الله بالأمس؟ قال: لا، من قال هذا فأخزاه الله- قلت أ رأيت ما كان و ما هو كائن إلى يوم القيمة أ ليس في علم الله؟ قال: بلى قبل أن يخلق الخلق «3» و غير ذلك من الأخبار.
 (و أما) ما روي من البداء في إخبار الأنبياء كما تقدم بعضها في الصدقات (فمحمول) على أنه تعالى أخبرهم بأنه يكون فيه البداء و أخبروا أممهم بذلك قبل وقوعه كما يظهر من خبر الحية التي كانت في الحطب و دفعها الصدقة «4» و الحاصل أن البداء مما جاء به الأنبياء و ندب الأمم القول به.
كما روى الكليني و الصدوق في الصحيح، عن زرارة بن أعين، عن أحدهما عليهما السلام قال: ما عبد الله بشي‏ء مثل البداء «5» و في الصحيح، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما عظم الله بمثل البداء «6» و في الحسن كالصحيح، عن الريان بن الصلت قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: ما بعث الله نبيا إلا بتحريم الخمر و أن يقر لله بالبداء «7».
و الصدوق في الحسن كالصحيح، عن مرازم بن حكيم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول ما تنبأ نبي قط حتى يقر لله بخمس: بالبداء، و المشية، و السجود، و العبودية
__________________________________________________
 (1- 2) أصول الكافي باب البداء خبر 9- 10 من كتاب التوحيد.
 (3) أصول الكافي باب البلاء خبر 11 من كتاب التوحيد.
 (4) الكافي باب ان الصدقة تدفع البدء خبر 3 من كتاب الزكاة.
 (5- 6- 7) أصول الكافي باب البداء خبر 1- 2- 15 و توحيد الصدوق باب البداء خبر 1- 2- 6 ص 344 طبع أصفهان.

435
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما جاء في العشر الأواخر و في ليلة القدر ص 430

.........
__________________________________________________
و الطاعة «1» و في الحسن عن مالك الجهني قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه «2».
و روى الكليني و الصدوق، عن معلى بن محمد قال: سئل العالم عليه السلام كيف علم الله؟ قال: علم و شاء، و أراد، و قدر، و قضا، و أمضى فأمضى ما قضى و قضى ما قدر و قدر ما أراد- فبعلمه كانت المشية و لمشيته كانت الإرادة، و بإرادته كان التقدير و بتقديره، كان القضاء، و بقضائه كان الإمضاء، و العلم متقدم، و المشية ثانية، و الإرادة ثالثة، و التقدير واقع على القضاء بالإمضاء فلله تبارك و تعالى البداء فيما علم متى شاء، و فيما أراد لتقدير الأشياء- فإذا وقع القضاء بالإمضاء فلا بداء.
فالعلم بالمعلوم قبل كونه، و المشية في المنشأ قبل عينه، و الإرادة في المراد قبل قيامه، و التقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها و توصيلها عيانا و وقتا (و في التوحيد و قياما بدله)، و القضاء بالإمضاء هو المبرم من المفعولات ذوات الأجسام المدركات بالحواس من ذي لون و ريح و وزن و كيل و ما دب و درج من إنس و جن و طير و سباع و غير ذلك مما يدرك بالحواس فلله تبارك و تعالى فيه البداء مما لا عين له فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء و الله يفعل ما يشاء.
فبالعلم علم الأشياء قبل كونها، و بالمشية عرف صفاتها و حدودها و إنشاءها قبل إظهارها، و بالإرادة ميز أنفسها في ألوانها و صفاتها، و بالتقدير قدر أقواتها و عرف أولها و آخرها، و بالقضاء أبان للناس أماكنها و دلهم عليها، و بالإمضاء شرح‏
__________________________________________________
 (1) توحيد الصدوق باب البداء خبر 5 ص 345 طبع أصفهان.
 (2) توحيد الصدوق باب البداء خبر 7 و فيه بدل (ما فتروا) ما صبروا.

436
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما جاء في العشر الأواخر و في ليلة القدر ص 430

2021 وَ رَوَى رِفَاعَةُ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: لَيْلَةُ الْقَدْرِ هِيَ أَوَّلُ السَّنَةِ وَ هِيَ آخِرُهَا.

__________________________________________________
عللها و أبان أمرها و ذلك تقدير العزيز العليم «1» فتدبر في هذا الخبر فإنه شرح الأخبار كثيرة في هذا الباب «2».
و الحاصل من الأخبار المتقدمة أن لكل ليلة من الليالي الثلاث شرفا عظيما و قدرا جليلا و إن كانت ليلة القدر مخفية فيها.
 «و روى رفاعة» في الصحيح و رواه الكليني و الشيخ في القوي عنه «3» «عن أبي عبد الله عليه السلام (إلى قوله) آخرها» الظاهر أن الأولية باعتبار التقدير أي أول السنة الذي يقدر فيه الأمور ليلة القدر و الآخرية باعتبار المجاورة فإن ما قدر في السنة الماضية انتهى إليها كما سيجي‏ء أن أول السنة التي يحل فيها الأكل و الشرب‏
__________________________________________________
 (1) أصول الكافي باب البداء خبر 15 و توحيد الصدوق باب البدا خبر 9.
 (2) ذكر الصدوق بعد نقله كلاما طويلا و لا غرو فى ان ننقل بعض ما افاده قده- قال رحمه اللّه: ليس البداء كما يظنه جهال الناس بانه بدء ندامة تعالى اللّه عن ذلك و لكن يجب علينا ان نقر للّه عزّ و جلّ بان له البداء معناه ان له يبدأ بشي‏ء من خلقه فيخلقه قبل شي‏ء ثمّ يعدم ذلك الشي‏ء و يبدأ بخلق غيره (او) يأمر بأمر ثمّ ينهى عن مثله (او) ينهى عن شي‏ء ثمّ يأمر بمثل ما نهى عنه.
و ذلك مثل نسخ الشرائع و تحويل القبلة و عدة المتوفى عنها زوجها، و لا يأمر اللّه عزّ و جلّ عباده بامر في وقت ما الا و هو يعلم ان الصلاح لهم في ذلك الوقت في ان يأمرهم بذلك و يعلم ان في وقت آخر، الصلاح لهم في ان ينهاهم عن مثل ما امر به، فإذا كان ذلك الوقت امرهم بما يصلحهم، فمن اقر للّه عزّ و جلّ بان له ان يفعل ما يشاء و يعدم ما يشاء و يخلق مكانه ما يشاء و يقدم ما يشاء و يؤخر ما يشاء و يأمر بما شاء كيف شاء فقد اقر بالبداء و ما عظم اللّه عزّ و جلّ بشي‏ء أفضل من الإقرار بان له الخلق و الامر و التقديم و التأخير و اثبات ما لم يكن و محو ما قد كان انتهى ما اردنا نقله.
 (3) الكافي باب في ليلة القدر خبر 11 و التهذيب باب الزيادات خبر 106.

437
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما جاء في العشر الأواخر و في ليلة القدر ص 430

2022 وَ أُرِيَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي مَنَامِهِ- بَنِي أُمَيَّةَ يَصْعَدُونَ مِنْبَرَهُ مِنْ بَعْدِهِ يُضِلُّونَ النَّاسَ عَنِ الصِّرَاطِ الْقَهْقَرَى فَأَصْبَحَ كَئِيباً حَزِيناً فَهَبَطَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ ع فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِي أَرَاكَ كَئِيباً حَزِيناً قَالَ يَا جَبْرَئِيلُ إِنِّي رَأَيْتُ بَنِي أُمَيَّةَ فِي لَيْلَتِي هَذِهِ يَصْعَدُونَ مِنْبَرِي مِنْ بَعْدِي يُضِلُّونَ النَّاسَ عَنِ الصِّرَاطِ الْقَهْقَرَى فَقَالَ وَ الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيّاً إِنَّ هَذَا لَشَيْ‏ءٌ مَا اطَّلَعْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ بِآيٍ مِنَ الْقُرْآنِ يُؤْنِسُهُ بِهَا-

__________________________________________________
يوم الفطر أو يكون المراد أن عملها يكتب في آخر السنة الأولى و أول السنة الآتية كصلاة الصبح في أول الوقت (أو) يكون أول السنة باعتبار تقدير ما يكون في السنة الآتية و آخر السنة المقدر فيها الأمور.
 «و أرى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني، في القوي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أرى (رأى- كا) رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في منامه بني أمية «1» الظاهر أنه على سبيل التعبير كما يظهر من مقدمة الصحيفة «2» أنه صلى الله عليه و آله و سلم رأى رجالا ينزون على منبره نزو القردة يردون الناس على أعقابهم القهقرى و الظاهر أن بني أمية منهم، و منهم أبو بكر و عمر و بنو عباس و غيرهم من غير ولاة الحق، و الرجوع القهقرى كناية عن كفرهم بعد الإسلام بسب أمير المؤمنين صلوات الله عليه على المنابر و قتلهم أولاد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و أتباعهم كما لا يخفى على من تتبع آثارهم قوله تعالى «ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ»
 من ذهاب ملك بني أمية على يدي سلمة و أبي مسلم و ذهاب ملك بني عباس على يد هلاكو «ما أَغْنى‏ عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ»
 من الملك و المال و الأتباع «جعل الله عز و جل ليلة القدر» أي ثوابها
__________________________________________________
 (1) الكافي باب في ليلة القدر خبر 10.
 (2) يعني الصحيفة السجّادية على منشئها سلام اللّه.

438
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما جاء في العشر الأواخر و في ليلة القدر ص 430

أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ. ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ. ما أَغْنى‏ عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ «1» وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ. لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ «2» جَعَلَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لِنَبِيِّهِ ص خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مِنْ مُلْكِ بَنِي أُمَيَّةَ.

2023 وَ سَأَلَ رَجُلٌ الصَّادِقَ ع فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ كَانَتْ أَوْ تَكُونُ فِي كُلِّ عَامٍ فَقَالَ لَوْ رُفِعَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَرُفِعَ الْقُرْآنُ.

2024 وَ سَأَلَ حُمْرَانُ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ «3»


__________________________________________________
أو الملك المعنوي فيها بنزول الملائكة و الروح عليه و على عترته من بعده صلوات الله عليهم «خيرا من ألف شهر» ملك بني أمية. «و سأل رجل الصادق عليه السلام» رواه الكليني قويا عن يعقوب قال: سمعت رجلا يسأل أبا عبد الله عليه السلام «4» رد على من قال من العامة إنها كانت في زمن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم حسب و قوله عليه السلام «لو رفعت ليلة القدر لرفع القرآن» الظاهر أن المراد أنها تلزم القرآن و هي باقية مع بقاء القرآن فإذا ارتفع القرآن بعد شهادة صاحب الأمر عليه السلام ارتفعت ليلة القدر يومئذ لأن فائدتها نزول الملائكة و الروح على المعصوم (أو) المعنى أنه لو رفعت لكان القرآن كذبا لأنه قال تعالى (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها) و ظاهره الدوام.
 «و سأل حمران» لم يذكر الصدوق طريقه إليه و الظاهر أن جميع هذه الأخبار مأخوذة من الكافي و رواه الكليني عنه في الحسن كالصحيح «5» أنه سأل‏
__________________________________________________
 (1) الشعراء- 205.
 (2) القدر- 1- 2- 3.
 (3) الدخان- 3.
 (4- 5) الكافي باب في ليلة القدر خبر 7- 6.

439
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما جاء في العشر الأواخر و في ليلة القدر ص 430

قَالَ هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَ هِيَ فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَ لَمْ يُنْزَلِ الْقُرْآنُ إِلَّا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ «1» قَالَ يُقَدَّرُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ كُلُّ شَيْ‏ءٍ يَكُونُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ إِلَى مِثْلِهَا مِنْ قَابِلٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ أَوْ طَاعَةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ أَوْ مَوْلُودٍ أَوْ أَجَلٍ أَوْ رِزْقٍ فَمَا قُدِّرَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَ قُضِيَ فَهُوَ الْمَحْتُومُ وَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِ الْمَشِيئَةُ قَالَ قُلْتُ لَهُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ أَيَّ شَيْ‏ءٍ عَنَى بِذَلِكَ فَقَالَ الْعَمَلَ الصَّالِحَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ لَوْ لَا مَا يُضَاعِفُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ مَا بَلَغُوا وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُضَاعِفُ لَهُمُ الْحَسَنَاتِ.

2025 وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع كَيْفَ تَكُونُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ قَالَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ

__________________________________________________
 «أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز و جل إِنَّا أَنْزَلْناهُ» أي القرآن «فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ» أي مقرونة بزيادة الخير الدنيوي و الأخروي و المراد بالشر المصائب و المحن و بتقدير المعصية تخلية المكلف و نفسه بأعماله القبيحة «و لو لا ما يضاعف» أي بتفضله سبحانه، يضاعف الله أعمالهم حتى يصير ليلة كثلثين ألف ليلة و أفضل منها.
 «و سئل الصادق عليه السلام» رواه الكليني في الحسن كالصحيح عنه عليه السلام «2» و الغرض من السؤال أنه إذا كان ليلة خيرا من ألف شهر و في ألف شهر يكون ليلة القدر ثلاثا و ثمانين، فيلزم تفضيل الشي‏ء على نفسه و على غيره فأجاب عليه السلام بأن المراد أنها خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر كألف شهر ملك بني أمية فإنه سلب عنهم الليلة و ثوابها، أو خير من ألف شهر مع قطع النظر عن لياليها كما قيل في نية المؤمن خير من عمله و غيره.
__________________________________________________
 (1) الدخان- 4.
 (2) الكافي باب في ليلة القدر خبر 4.

440
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما جاء في العشر الأواخر و في ليلة القدر ص 430

2026 وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: نَزَلَتِ التَّوْرَاةُ فِي سِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ نَزَلَ الْإِنْجِيلُ فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ نَزَلَ الزَّبُورُ فِي لَيْلَةِ ثَمَانَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ نَزَلَ الْقُرْآنُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ.

2027 وَ رُوِيَ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ عَلَامَةِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَقَالَ عَلَامَتُهَا أَنْ تَطِيبَ رِيحُهَا وَ إِنْ كَانَتْ فِي بَرْدٍ دَفِئَتْ وَ إِنْ كَانَتْ فِي حَرٍّ بَرَدَتْ وَ طَابَتْ.

2028 وَ سُئِلَ ع عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَقَالَ تَنَزَّلُ فِيهَا الْمَلَائِكَةُ وَ الْكَتَبَةُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَكْتُبُونَ مَا يَكُونُ فِي أَمْرِ السَّنَةِ وَ مَا يُصِيبُ الْعِبَادَ وَ أَمْرٌ عِنْدَهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَوْقُوفٌ لَهُ فِيهِ الْمَشِيئَةُ فَيُقَدِّمُ مِنْهُ مَا يَشَاءُ وَ يُؤَخِّرُ مِنْهُ مَا يَشَاءُ وَ يَمْحُو وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ‏
__________________________________________________
 «و روى علي بن أبي حمزة» في الموثق و رواه الكليني أيضا عنه «1» «عن أبي بصير (إلى قوله) في ست» أي في ست ليال و لهذا أنثها مع قوله «مضين» كما قال تعالى (سبع ليال) و إن جاء الليل مذكرا كما في قوله تعالى (وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى‏).
 «و روى العلاء» في الصحيح كالكليني «2» «عن محمد بن مسلم (إلى قوله) ريحها» أما معنى كما يسمعها مشام العارفين، و أما صورة بأن لا تكون مؤذية و تسر النفس منها «فإن كانت في برد» مثل أيام الشتاء «دفئت» أي سخنت.
 «و سئل» و في الكافي (قال) أي محمد بن مسلم و سئل «عن ليلة القدر فقال إلخ» و لا ينافيه ما روي متواترا أنه تنزل الملائكة و الروح فيها إلى إمام الوقت بأن يكون نزولهم أولا إلى السماء الدنيا ثمَّ إلى الإمام أو ينزل طائفة إلى الإمام و طائفة إلى السماء الدنيا، أو طائفة إلى السماء الدنيا و الباقون إلى الإمام.
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب في ليلة القدر خبر 3- 2.

441
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما جاء في العشر الأواخر و في ليلة القدر ص 430

2029 وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقَالَ لَهُ أَبُو بَصِيرٍ جُعِلْتُ فِدَاكَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يُرْجَى فِيهَا مَا يُرْجَى أَيُّ لَيْلَةٍ هِيَ فَقَالَ فِي لَيْلَةِ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ قَالَ فَإِنْ لَمْ أَقْوَ عَلَى كِلْتَيْهِمَا فَقَالَ مَا أَيْسَرَ لَيْلَتَيْنِ فِيمَا تَطْلُبُ قَالَ فَقُلْتُ رُبَّمَا رَأَيْنَا الْهِلَالَ عِنْدَنَا وَ جَاءَنَا مَنْ يُخْبِرُنَا بِخِلَافِ ذَلِكَ فِي أَرْضٍ أُخْرَى فَقَالَ مَا أَيْسَرَ أَرْبَعَ لَيَالٍ فِيمَا تَطْلُبُ فِيهَا قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ لَيْلَةُ الْجُهَنِيِّ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ لَيُقَالُ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ خَالِدٍ رَوَى أَنَّ فِي تِسْعَ عَشْرَةَ يُكْتَبُ وَفْدُ الْحَاجِّ فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ وَفْدُ الْحَاجِّ يُكْتَبُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ الْمَنَايَا وَ الْبَلَايَا وَ الْأَرْزَاقُ وَ مَا يَكُونُ إِلَى مِثْلِهَا فِي قَابِلٍ فَاطْلُبْهَا فِي إِحْدَى وَ عِشْرِينَ وَ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ وَ صَلِّ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِائَةَ رَكْعَةٍ وَ أَحْيِهِمَا إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَى النُّورِ وَ اغْتَسِلْ فِيهِمَا قَالَ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ أَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ وَ أَنَا قَائِمٌ قَالَ فَصَلِّ وَ أَنْتَ جَالِسٌ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ قَالَ فَعَلَى فِرَاشِكَ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ فَقَالَ لَا عَلَيْكَ أَنْ تَكْتَحِلَ أَوَّلَ اللَّيْلِ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ‏

__________________________________________________
 «و روي عن علي بن أبي حمزة» في الموثق و رواه الشيخ أيضا عنه و رواه الكليني عن أبي حمزة الثمالي و فيه بعد و كان السهو من النساخ بإسقاط ابن «الليلة التي يرجى فيها ما يرجى» من الثواب و التقديرات الحسنة و دفع البلايا و الآفات بالمحو و الإثبات «و جاءنا (إلى قوله) أخرى» بأن يكونوا رأوه مقدما أو مؤخرا و إن لم يثبت أو كان من البداء المتباعدة فإنه يحصل به بعض الشك بأن يفوت منه ليلة القدر و إن كان مأمورا بحسب ظنه «فقال (إلى قوله) فيها» فتحييها حتى يحصل العلم بإحياء ليلة القدر في ضمنها و يفهم منه استحباب رعاية الاحتياط مهما أمكن في تحصيل الواقع «قال إن ذلك ليقال» أبهمها عليه السلام لئلا يحصل له العلم أو الظن المتاخم له للحكمة التي لله سبحانه في إخفائها ثمَّ سعى في تحصيل العلم منه عليه السلام بوجه آخر «قلت (إلى قوله) وفد الحاج» و الحال أنهم يكتبون في ليلة القدر فأبهمها عليه السلام أيضا «إلى النور» أي إلى الصبح‏

442
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما جاء في العشر الأواخر و في ليلة القدر ص 430

النَّوْمِ إِنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ تُفَتَّحُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَ تُصَفَّدُ الشَّيَاطِينُ وَ تُقْبَلُ الْأَعْمَالُ أَعْمَالُ الْمُؤْمِنِينَ نِعْمَ الشَّهْرُ شَهْرُ رَمَضَانَ كَانَ يُسَمَّى عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص الْمَرْزُوقَ.
2030 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ السِّمْطِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع اللَّيَالِي الَّتِي يُرْجَى فِيهَا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ وَ ثَلَاثٌ وَ عِشْرِينَ قُلْتُ فَإِنْ أَخَذَتْ إِنْسَاناً الْفَتْرَةُ أَوْ عِلَّةٌ مَا الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ ثَلَاثٌ وَ عِشْرِينَ.

2031 وَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ اللَّيَالِي الَّتِي يُسْتَحَبُّ فِيهَا الْغُسْلُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ لَيْلَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ وَ لَيْلَةُ إِحْدَى‏

__________________________________________________
 «قلت فإن لم أستطع» بأن يكون شاقا علي «قال فعلى فراشك» مضطجعا أو مستلقيا «قلت فإن لم أستطع» إحياء تمامها «فقال لا» بأس «عليك أن تكتحل أول الليل» أي تنام قليلا بمنزلة اكتحال شي‏ء قليل من النوم «تصفد» من صفد و أصفد و صفد أي تشد و توثق «المرزوق» أي المرزوق فيه (أو) له (أو) للأعم بالأرزاق الصورية و المعنوية.
 «و روى محمد بن حمران» في القوي «عن سفيان بن السمط (إلى قوله) الفترة» الضعف و يشعر بكونها في ليلة ثلاث و عشرين.
 «و في رواية عبد الله بن بكير» في الموثق كالصحيح و رواه الشيخ عنه، عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام «1» «ناء» أي بعيد و هو كالسابق في الإشعار، و روى الكليني في الصحيح، عن حسان بن مهران، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن ليلة القدر فقال: التمسها في ليلة إحدى و عشرين أو ليلة ثلاث و عشرين «2» و عن الفضيل بن يسار قال: كان أبو جعفر عليه السلام إذا كان ليلة إحدى و عشرين و ليلة ثلاث و عشرين‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب سنن شهر رمضان خبر 2.
 (2) الكافي باب في ليلة القدر خبر 1.

443
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان و ما جاء في العشر الأواخر و في ليلة القدر ص 430

وَ عِشْرِينَ وَ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ وَ قَالَ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ هِيَ لَيْلَةُ الْجُهَنِيِّ وَ حَدِيثُهُ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص إِنَّ مَنْزِلِي نَاءٍ عَنِ الْمَدِينَةِ فَمُرْنِي بِلَيْلَةٍ أَدْخُلُ فِيهَا فَأَمَرَهُ بِلَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ.
قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ ره وَ اسْمُ الْجُهَنِيِّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ الْأَنْصَارِيُّ.
بَابُ الدُّعَاءِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ‏
2032 فِي نَوَادِرِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ أَنَّ الصَّادِقَ ع قَالَ: تَقُولُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ كُلَّ لَيْلَةٍ- أَعُوذُ بِجَلَالِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ أَنْ يَنْقَضِيَ عَنِّي شَهْرُ رَمَضَانَ أَوْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ مِنْ لَيْلَتِي هَذِهِ وَ لَكَ قِبَلِي تَبِعَةٌ أَوْ ذَنْبٌ تُعَذِّبُنِي عَلَيْهِ يَا رَحْمَانُ يَا رَحِيمُ‏

__________________________________________________
أخذ في الدعاء حتى يزول الليل فإذا زال الليل صلى «1» إلى غير ذلك من الأخبار.
باب الدعاء في كل ليلة إلخ «في نوادر محمد بن أبي عمير» في الصحيح و روى الكليني في الحسن كالصحيح عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام «2» «و قال (إلى قوله) الكريم» أي بعظمة ذاتك ذي الكرم و الجود (أو) ذي البهاء و المجد «من أن ينقضي شهر رمضان أو يطلع الفجر» أي بل أعوذ من أن يطلع الفجر «من ليلتي هذه» و لم تغفر لي الذنوب من حقوقك و التبعات من خلقك و تريد أن تعذبني عليهما.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب ما يزاد من الصلاة في شهر رمضان خبر 5.
 (2) هذا الخبر و كذا جميع الأدعية الى الليلة العاشرة أوردها في الكافي باب الدعاء في العشر الأواخر من شهر رمضان خبر 1- 2.

444
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

الدعاء في الليلة الأولى ص 445

الدُّعَاءُ فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى‏
وَ هِيَ لَيْلَةُ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ- يَا مُولِجَ اللَّيْلِ فِي النَّهَارِ وَ مُولِجَ النَّهَارِ فِي اللَّيْلِ وَ مُخْرِجَ الْحَيِّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ مُخْرِجَ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ يَا رَازِقَ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ يَا اللَّهُ يَا رَحْمَانُ يَا اللَّهُ يَا رَحِيمُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ لَكَ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَ الْأَمْثَالُ الْعُلْيَا وَ الْكِبْرِيَاءُ وَ الْآلَاءُ أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ أَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فِي السُّعَدَاءِ وَ رُوحِي مَعَ الشُّهَدَاءِ وَ إِحْسَانِي‏
__________________________________________________
الدعاء في الليلة الأولى رواه الكليني في القوي، عن أيوب بن يقطين أو غيره عنهم عليهم السلام، دعاء العشر الأواخر تقول في الليلة الأولى «يا مولج الليل في النهار و مولج النهار في الليل» أي يزيد النهار و ينقض الليل ستة أشهر و يزيد الليل و ينقض النهار ستة أشهر ليحصل الفصول الأربعة تدريجا، و يحصل نمو النباتات و الحيوانات في فصل الربيع، و يحصل نضجها و كمالها في فصل الصيف، و يحصل ثمارها و منافعها في فصل الخريف، و تستريح الأرض و الأشجار في فصل الشتاء.
 «و مخرج الحي من الميت» كإخراج الحي من النطفة و الحيوان من البيضة و الأشجار من الحبة و المؤمن من الكافر «و مخرج الميت من الحي» عكسها «يا رازق من يشاء بغير حساب» أي كثيرا يعسر عدها (أو) بغير أن يحاسبهم عليه في القيمة أو من المواضع التي لا يرجون منها كما ورد عنهم عليهم السلام- أبي الله أن يرزق المؤمنين إلا من حيث لا يحتسبون.
 «لك الأسماء الحسنى» المراد بها إما الاسم الأعظم الثلاثة و السبعون (أو) جميع أسمائه أو صفاته الذاتية كالعلم و القدرة (أو) الأعم منها و من الفعلية (أو) الأعم منهما و من‏

445
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

الدعاء في الليلة الأولى ص 445

فِي عِلِّيِّينَ وَ إِسَاءَتِي مَغْفُورَةً وَ أَنْ تَهَبَ لِي يَقِيناً تُبَاشِرُ بِهِ قَلْبِي وَ إِيمَاناً يَذْهَبُ بِهِ الشَّكُّ عَنِّي وَ تُرْضِيَنِي بِمَا قَسَمْتَ لِي وَ آتِنِي فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنِي عَذَابَ النَّارِ وَ ارْزُقْنِي فِيهَا شُكْرَكَ وَ ذِكْرَكَ وَ الرَّغْبَةَ إِلَيْكَ وَ الْإِنَابَةَ وَ التَّوْبَةَ وَ التَّوْفِيقَ لِمَا وَفَّقْتَ لَهُ- مُحَمَّداً وَ آلَهُ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ-

__________________________________________________
أسمائه «و الأمثال العليا» كجميع ما مثل الله تعالى بها في القرآن المجيد مثل قوله تعالى اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ إلخ «1» أو الصفات الذاتية أو خلفائه من الأنبياء و الأوصياء فإنهم صلوات الله عليهم مثله تعالى في وجوب الإطاعة لهم أو في الاتصاف بصفاته تعالى و إن كان الله تعالى أجل و أرفع من أن يكون له مثل حقيقة و ليس كمثله شي‏ء كما ورد في تفسير آية النور أنهم الأئمة المعصومون صلى الله عليهم «2».
 «و الكبرياء» و العظمة «و الآلاء» و النعماء الظاهرة و الباطنة «اسمي في السعداء» أي تجعلني بفضلك سعيدا أو تدخلني في زمرتهم تفضلا أو تقدر لي السعادة في الخاتمة و كذا قوله عليه السلام «و روحي مع الشهداء» من الشهادة بالقتل تحت لواء الحق أو الأعم أو من الحاضرين في زمرة المعصومين عليهم السلام أو معهم في الدنيا و الآخرة أو مع العلماء بالله تعالى و بصفاته العليا و أسمائه الحسنى و خلفائه الكبرى «و إحساني» مثبتا «في عليين» كما قال تعالى كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ «3» «و أن تهب لي يقينا تباشر به» أي بذلك اليقين «قلبي» أي تجعل اليقين في قلبي كأنه باشرك و وصل إليك أو يقينا ثابتا إلى انقضاء الحياة، و لا يتغير بإغواء الشياطين سيما عند الموت.
 «و ارزقني فيها» أي في هذه الليلة من جملة ما تقدر لي «شكرك» أبدا
__________________________________________________
 (1) النور- 35.
 (2) اورد السيّد الجليل المتتبع السيّد هاشم البحرينى قدس اللّه نفسه في تفسير آية النور خمسة عشر دالة على ذلك فراجع ص 133 من المجلد الثالث من تفسير البرهان.
 (3) المطففين- 18.

446
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

الليلة الثانية ص 447

اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ
يَا سَالِخَ النَّهَارِ مِنَ اللَّيْلِ فَإِذَا نَحْنُ مُظْلِمُونَ وَ مُجْرِيَ الشَّمْسِ لِمُسْتَقَرِّهَا بِتَقْدِيرِكَ يَا عَزِيزُ يَا عَلِيمُ وَ مُقَدِّرَ الْقَمَرِ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ يَا نُورَ كُلِ‏

__________________________________________________
 «و ذكرك» دائما «و الرغبة إليك سرا و علانية» بالدعوات للمطالب الدنيوية و الأخروية «و الإنابة» أي الرجوع إليك في جميع الحالات «و التوبة» من جميع ما لا ترضى «و التوفيق» لجميع «ما وفقت (إلى قوله) أجمعين» من القربات و الطاعات و ليس المماثلة إلا صورة و إلا فهو اعتداء في الدعاء فإنه لا يمكن لأحد من المقربين الوصول إلى إدراك ما وفقوا صلوات الله عليهم له فكيف إليه.
الليلة الثانية «يا سالخ النهار من الليل» بسلخ لباس النور عنها كان الأصل الليل و أنه العدم «فإذا نحن مظلمون» و داخلون في الظلمة كما قال تعالى وَ آيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) «1» و اقتباس منه أيضا و كذا الفقرتين التاليتين «و مجرى الشمس لمستقرها» أي لحد معين ينتهي إليه دورها فشبهه بمستقر المسافر إذا قطع مسيره أو لكبد السماء فإن حركتها توجد فيه إبطاء بحيث يظن أن لها هناك وقفة كما تقدم في ركود الشمس (أو) لاستقرار لها على نهج مخصوص (أو) لمنتهى مقدر لكل يوم من المشارق و المغارب فإن لها في دورها ثلاثمائة و ستين مشرقا و مغربا تطلع كل يوم من مطلع و تغرب من مغرب، ثمَّ لا تعود إليهما إلى العام القابل (أو) لمنقطع جريها عند خراب العالم كل ذلك «بتقديرك» للحكم التي يعجز العقول عن إحصائها.
 «يا عزير» الغالب بقدرتك على كل مقدر «يا عليم» المحيط علمك بكل معلوم «و مقدر القمر» سيرة أو في سيره «منازل» و هي ثمانية و عشرون الشرطين، البطين، الثريا، الدبران، الهقعة، الذراع إلخ- ينزل كل ليلة في‏
__________________________________________________
 (1) يس- 37.

447
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

الليلة الثانية ص 447

 نُورٍ وَ مُنْتَهَى كُلِّ رَغْبَةٍ وَ وَلِيَّ كُلِّ نِعْمَةٍ يَا اللَّهُ يَا رَحْمَانُ يَا قُدُّوسُ يَا أَحَدُ يَا وَاحِدُ يَا فَرْدُ يَا صَمَدُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ لَكَ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَ الْأَمْثَالُ الْعُلْيَا وَ الْكِبْرِيَاءُ وَ الْآلَاءُ أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فِي السُّعَدَاءِ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى آخِرِ الدُّعَاءِ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ-
اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ
وَ هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ- يَا رَبَّ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ جَاعِلَهَا خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ وَ رَبَّ اللَّيْلِ‏

__________________________________________________
واحدة، منها لا يتخطاها و لا يتقاصر عنه فإذا كان في آخر منازله و هو الذي يكون فيه قبيل الاجتماع دق و استقوس «حتى عاد كالعرجون» كالشمراخ المعوج «القديم» العتيق و يصير كذلك غالبا في ستة أشهر كما سيجي‏ء في النذر إن شاء الله تعالى.
و لما ذكر الظلمة المناسبة لوقت الدعاء و ذكر نعمة نور الشمس و القمر و منافعهما بالإشارة قال «يا نور» أي منور «كل نور» من الأنوار الظاهرة و الباطنة فكأنه قال: كما أنعمت علينا بالأنوار الظاهرة لمنافعها الدنيوية، أنعم علينا بالأنوار المعنوية من الهدايات و التوفيقات و المكاشفات لمنافعنا الباقية الأخروية.
الليلة الثالثة «و هي ليلة القدر» من كلام الصدوق لعدم ذكره في الرواية و حكم به لما تقدم من الأخبار و غيرها و لقوله عليه السلام «يا رب ليلة القدر يا بارئ» أي الخالق «يا حنان» أي الرحيم أو الرزاق أو ذو البركة و الهيبة و الوقار و العظمة أو الذي يقبل على من أعرض عنه «يا منان» أي المعطي و المنعم «يا قيوم» أي الذي يقوم بذاته أو يقوم الأشياء و يوجدها و يبقيها و يمسكها «يا بديع» أي مبدع الأشياء من العدم أو البديع مخلوقاته.

448
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

الليلة الثالثة ص 448

وَ النَّهَارِ وَ رَبَّ الْجِبَالِ وَ الْبِحَارِ وَ الظُّلَمِ وَ الْأَنْوَارِ وَ الْأَرْضِ وَ السَّمَاءِ يَا بَارِئُ يَا مُصَوِّرُ يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ يَا اللَّهُ يَا رَحْمَانُ يَا اللَّهُ يَا قَيُّومُ يَا اللَّهُ يَا بَدِيعُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ لَكَ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَ الْأَمْثَالُ الْعُلْيَا وَ الْكِبْرِيَاءُ وَ الْآلَاءُ أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فِي السُّعَدَاءِ إِلَى آخِرِهِ وَ تَقُولُ فِيهَا- اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِيمَا تَقْضِي وَ فِيمَا تُقَدِّرُ مِنَ الْأَمْرِ الْمَحْتُومِ وَ فِيمَا تَفْرُقُ مِنْ الْأَمْرِ الْحَكِيمِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ فِي الْقَضَاءِ الَّذِي لَا يُرَدُّ وَ لَا يُبَدَّلُ أَنْ تَكْتُبَنِي مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِكَ الْحَرَامِ الْمَبْرُورِ حَجُّهُمْ الْمَشْكُورِ سَعْيُهُمْ الْمَغْفُورِ ذُنُوبُهُمْ الْمُكَفَّرِ عَنْهُمْ سَيِّئَاتُهُمْ وَ اجْعَلْ فِيمَا تَقْضِي وَ تُقَدِّرُ أَنْ تَمُدَّ لِي فِي عُمُرِي وَ أَنْ تُوَسِّعَ لِي فِي رِزْقِي وَ أَنْ تَفُكَّ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَ تَقُولُ فِيهَا- يَا مُدَبِّرَ الْأُمُورِ يَا بَاعِثَ مَنْ فِي الْقُبُورِ يَا مُجْرِيَ الْبُحُورِ- يَا مُلَيِّنَ الْحَدِيدِ لِدَاوُدَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ افْعَلْ بِي كَذَا

__________________________________________________
 «و تقول فيها» روى الكليني في الصحيح أو الحسن كالصحيح، عن محمد بن عطية عن أبي عبد الله عليه السلام في الدعاء في شهر رمضان في كل ليلة تقول: اللهم إني أسألك فيما تقضي و تقدر إلى قوله، و أن توسع على رزقي، و أن تجعلني ممن تنتصر به (أي لدينك) و لا تستبدل بي غيري «1» (أي لا تهلكني بأعمالي حتى تستبدل غيري عوضي.
و روى الكليني، عن محمد بن عيسى بإسناده عن الصالحين عليهم السلام قال: تكرر في ليلة ثلاث و عشرين من شهر رمضان هذا الدعاء ساجدا و قائما و قاعدا و على كل حال و في شهر كله و كيف أمكنك و متى حضرك من دهرك تقول بعد تحميد الله تبارك و تعالى و الصلاة على النبي و آله: اللهم كن لوليك فلان بن فلان (ظاهره جواز التسمية و يؤول باللقب جمعا بين الأخبار) في هذه الساعة و في كل ساعة وليا و حافظا و ناصرا و دليلا و قائدا و عينا حتى تسكنه أرضك طوعا و تمتعه فيها طويلا «2».
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الدعاء في العشر الأواخر خبر 3- 4 من كتاب الصوم.

449
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

الليلة الثالثة ص 448

وَ كَذَا اللَّيْلَةَ اللَّيْلَةَ السَّاعَةَ السَّاعَةَ- وَ ارْفَعْ يَدَيْكَ إِلَى السَّمَاءِ وَ قُلْهُ وَ أَنْتَ سَاجِدٌ وَ رَاكِعٌ وَ قَائِمٌ وَ جَالِسٌ وَ رَدِّدْهُ وَ قُلْهُ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ-
اللَّيْلَةَ الرَّابِعَةَ-
يَا فَالِقَ الْإِصْبَاحِ وَ يَا جَاعِلَ اللَّيْلِ سَكَناً وَ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ حُسْبَاناً يَا عَزِيزُ يَا عَلِيمُ يَا ذَا الْمَنِّ وَ الطَّوْلِ وَ الْقُوَّةِ وَ الْحَوْلِ وَ الْفَضْلِ وَ الْإِنْعَامِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ يَا اللَّهُ يَا رَحْمَانُ يَا اللَّهُ يَا فَرْدُ يَا اللَّهُ يَا وَتْرُ يَا اللَّهُ يَا ظَاهِرُ يَا بَاطِنُ يَا حَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ لَكَ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَ الْأَمْثَالُ الْعُلْيَا وَ الْكِبْرِيَاءُ وَ الْآلَاءُ أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ تُتِمُّهُ بِأَوَّلِ الدُّعَاءِ-
__________________________________________________
الليلة الرابعة «يا فالق الإصباح» أي شاق عمود الصبح عن ظلمة الليل و عن بياض النهار (أو) شاق ظلمة الإصباح و هو الظلمة التي تليه «و يا جاعل الليل سكنا» يسكن إليه التعب في النهار لاستراحته فيه، من سكن إليه أي اطمأن إليه استئناسا به أو يسكن فيه الخلق «و الشمس و القمر» بالفتح كما في الآية عطفا على محل الليل و يشهد له قراءتهما بالجر أو الفتح على تقدير جعل «حسبانا» أي على أدوار مختلفة يحسب بها الأوقات و يكونان على الحسبان (و قيل) جمع حساب «يا عزيز» الذي قدر سيرهما على الوجه المخصوص و قهرهما عليه «يا عليم» بتدبيرهما و الأنفع من التداوير الممكنة لهما «يا ذا المن» أي النعمة أو المنة «و الطول» الإحسان أو زيادته و فضله «و الحول» القوة أو المنع عن المعاصي كما أن القوة، التأييد للطاعة.

450
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

الليلة الخامسة ص 451

اللَّيْلَةَ الْخَامِسَةَ-
يَا جَاعِلَ اللَّيْلِ لِبَاساً وَ النَّهَارِ مَعَاشاً وَ الْأَرْضِ مِهَاداً وَ الْجِبَالِ أَوْتَاداً يَا اللَّهُ يَا قَاهِرُ يَا جَبَّارُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ لَكَ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَ الْأَمْثَالُ الْعُلْيَا وَ الْكِبْرِيَاءُ وَ الْآلَاءُ أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ تُتِمُّهُ إِلَى آخِرِهِ-
اللَّيْلَةَ السَّادِسَةَ-
يَا جَاعِلَ اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ آيَتَيْنِ يَا مَنْ مَحَا آيَةَ اللَّيْلِ وَ جَعَلَ آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِنَبْتَغِيَ فَضْلًا مِنْ رَبِّنَا وَ رِضْوَاناً يَا مُفَصِّلَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ تَفْصِيلًا يَا اللَّهُ يَا مَاجِدُ يَا اللَّهُ يَا وَهَّابُ يَا اللَّهُ‏

__________________________________________________
الخامسة «يا جاعل الليل لباسا» غطاءا يستر بظلمته من أراد الاختفاء «و النهار معاشا» وقت معاش يتقلب الخلائق فيه لتحصيل ما يعيشون به أو حياة يبعثون فيه عن نومهم «و الأرض مهادا» مستقرا لتعيشهم «و الجبال أوتادا» ليستقر الأرض على الماء.
السادسة «يا جاعل الليل و النهار آيتين» تدلان على القادر الحكيم بتعاقبهما على نسق عجيب من الطول و القصر تدريجا «يا من محي آية الليل» أي الآية التي هي الليل بأن جعله مظلما بسبب حركة الشمس تحت الأرض «و جعل آية النهار مبصرة» مضيئة أو مبصرة للناس، و يحتمل أن يكون المراد بالآيتين القمر و الشمس و محو آية الليل التي هي القمر جعلها مظلمة في نفسها مطموسة النور أو نقص نورها شيئا فشيئا إلى المحاق أو جعلها مع الكلف الذي يرى في القمر، و جعل آية النهار

451
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

الليلة السادسة ص 451

يَا جَوَادُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ لَكَ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَ الْأَمْثَالُ الْعُلْيَا وَ الْكِبْرِيَاءُ وَ الْآلَاءُ أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَجْعَلَ اسْمِي فِي السُّعَدَاءِ ثُمَّ تُتِمُّهُ إِلَى آخِرِهِ.
اللَّيْلَةَ السَّابِعَةَ-
يَا مَادَّ الظِّلِّ وَ لَوْ شِئْتَ لَجَعَلْتَهُ سَاكِناً وَ جَعَلْتَ الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا ثُمَّ قَبَضْتَهُ إِلَيْكَ قَبْضاً يَسِيراً يَا ذَا الْجُودِ وَ الطَّوْلِ وَ الْكِبْرِيَاءِ وَ الْآلَاءِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ يَا قُدُّوسُ يَا سَلَامُ يَا مُؤْمِنُ‏
__________________________________________________
التي هي الشمس مبصرة جعلها ذات شعاع يبصر الأشياء بضوئها «لنبتغي فضلا من ربنا» لنطلب الأرزاق من أسبابها «و رضوانا» من السعادات الأخروية «يا مفصل كل شي‏ء تفصيلا» أي مبين كل شي‏ء يفتقر الناس إليه في أمر الدين و الدنيا تبينا غير ملتبس «يا ماجد» ذو المجد و العظمة.
السابعة «يا ماد الظل» و هو فيما بين طلوع الفجر و الشمس و هو أطيب الأحوال، فإن الظلمة الخالصة تنفر الطبع و تسد النظر، و شعاع الشمس يسخن الجو و يبهر «1» البصر و لذلك وصف به الجنة في قوله تعالى (وَ ظِلٍّ مَمْدُودٍ (أو) مطلق ظلمة الليل فإنها ظل الأرض يجريها تحتها (أو) الأعيان الثابتة و الحقائق الممكنة بالجعل البسيط و الفيض الأقدس أو الأنبياء و الأئمة المعصومون فإنهم خلفاء الله تعالى و ظلاله تعالى «و لو شئت لجعلته ساكنا» بجعلك الشمس مقيمة على وضع واحد أو بعدم بسطك جود الوجود على الأعيان أو على الخلائق بنصب الخلفاء.
 «و جعلت الشمس عليه دليلا» فإنه لا يظهر للحس حتى تطلع فيقع ضوؤها على بعض الأجرام أو لا يوجد و لا يتفاوت إلا بسبب حركتها إذا كان المراد به ضوء ما
__________________________________________________
 (1) و البهر الغلبة يقال- بهر القمر الكواكب كمنع إذا اضاء و غلب ضوئه ضوئها (مجمع البحرين).

452
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

الليلة السابعة ص 452

يَا مُهَيْمِنُ يَا عَزِيزُ يَا جَبَّارُ يَا مُتَكَبِّرُ يَا خَالِقُ يَا بَارِئُ يَا مُصَوِّرُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ لَكَ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَ الْأَمْثَالُ الْعُلْيَا وَ الْكِبْرِيَاءُ وَ الْآلَاءُ أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ تُتِمُّهُ إِلَى آخِرِهِ-
__________________________________________________
بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، و إذا كان المراد به الليل فدلالتها بطلوعها فإنه ما لم تطلع لا يعلم أن الظلمة السابقة كانت من غروبها (أو) يكون المراد أنه تعالى جعل الشمس مسلطا عليه مستتبعا إياه كما يستتبع الدليل المدلول أو دليلا لطريق من يهديه بتفاوت تحريكها و يتحول تحويلها (أو) جعلت شمس الوجود دليلا على ثبوت الأعيان الثابتة كما قال العارف التبريزي.
         نگردد ذات تو روشن آيات             كه آيات است روشن گشته از ذات‏
             زهى ابله كه او خورشيد تابان             بنور شمع جويد در بيابان‏

 و كذا على الاحتمال الأخير بنصبهم و تخليقهم بأخلاقه.
 «ثمَّ قبضته إليك قبضا يسيرا» أي أزلته بإيقاع الشعاع موقعه قليلا قليلا حسبما ترتفع الشمس لينتظم بذلك مصالح الكون و يتحصل به ما لا يحصى من منافع الخلق (أو) قبضت فيضك إليك قبضا يسيرا آنا فآنا فإن الفيض يبسط عليها كذلك فكأنه يوجد في كل آن و يعدم و إليه الإشارة في قوله تعالى:
بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ «1» و إلى ما يقال إن الباقي محتاج إلى المؤثر و قبض الأولياء بميلهم إلى عالم القدس و الظاهر أن هذه الآية كآية النور من المتشابهات التي لا يعلم تأويله إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ و ما ذكرناه فهو احتمال أو تأويل محتمل.
__________________________________________________
 (1) سورة ق- 14.

453
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

الليلة الثامنة ص 454

اللَّيْلَةَ الثَّامِنَةَ
-
يَا خَازِنَ اللَّيْلِ فِي الْهَوَاءِ وَ خَازِنَ النُّورِ فِي السَّمَاءِ وَ مَانِعَ السَّمَاءِ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِكَ وَ حَابِسَهُمَا أَنْ تَزُولَا يَا عَظِيمُ يَا غَفُورُ يَا دَائِمُ يَا اللَّهُ يَا دَائِمُ يَا وَارِثُ يَا بَاعِثَ مَنْ فِي الْقُبُورِ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ لَكَ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَ الْأَمْثَالُ الْعُلْيَا وَ الْكِبْرِيَاءُ وَ الْآلَاءُ أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ تُتِمُّهُ-

اللَّيْلَةَ التَّاسِعَةَ-
يَا مُكَوِّرَ اللَّيْلِ عَلَى النَّهَارِ وَ يَا مُكَوِّرَ النَّهَارِ عَلَى اللَّيْلِ يَا عَلِيمُ يَا حَلِيمُ يَا حَكِيمُ يَا اللَّهُ يَا رَبَّ الْأَرْبَابِ وَ سَيِّدَ السَّادَاتِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ يَا مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيَّ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ

__________________________________________________
الثامنة «يا خازن الليل في الهواء» فإن الليل ظلمة الهواء فكأنه تعالى خازنه و بإخفاء الشمس تحت الأرض بالقدر الذي اقتضته الحكمة طولا و قصرا «و خازن النور» أي نور النهار أو الأعم «في السماء بالشمس» أو الأعم منها و من سائر الكواكب «و مانع (إلى قوله) بإذنك» إذا أردت «و حابسهما إن تزولا» أي من الزوال فإن الباقي محتاج إلى المؤثر أو إلى وقت زوالها و هو قيام الساعة.
التاسعة «يا مكور الليل على النهار» أي يغشيه به أو يزيد من الليل في النهار «و مكور النهار على الليل» بالعكس «و سيد السادات» السيد يطلق على الرب و المالك، و الشريف، و الفاضل، و الكريم، و الحليم، و الرئيس، و المقدم كذا

454
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

الليلة التاسعة ص 454

يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ لَكَ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَ الْأَمْثَالُ الْعُلْيَا وَ الْكِبْرِيَاءُ وَ الْآلَاءُ أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ تُتِمُّهُ بِأَوَّلِ الدُّعَاءِ-
اللَّيْلَةَ الْعَاشِرَةَ وَ هِيَ لَيْلَةُ الْوَدَاعِ-
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا شَرِيكَ لَهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ كَمَا يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَ عِزِّ جَلَالِهِ وَ كَمَا هُوَ أَهْلُهُ يَا نُورُ يَا قُدُّوسُ يَا نُورُ يَا قُدُّوسُ يَا سُبُّوحُ يَا مُنْتَهَى التَّسْبِيحِ يَا رَحْمَانُ يَا فَاعِلَ الرَّحْمَةِ يَا اللَّهُ يَا عَلِيمُ يَا اللَّهُ يَا لَطِيفُ يَا اللَّهُ يَا جَلِيلُ يَا اللَّهُ‏
__________________________________________________
في النهاية و المراد هنا أنه أعظم من كل عظيم، بل لا مناسبة بينهما، بل ورد على مقتضى العقول الضعيفة و لا يخفى مناسبة هذه الأدعية بالليالي مع اقتباسها من الآيات العاشرة «و هي ليلة الوداع» إذا كان للشهر سلخ و إلا فالليلة السابقة عليها، و الأحوط أن يدعو بدعاء الوداع في الليلة التاسعة لاحتمال الرؤية في العاشرة «كما ينبغي لكرم وجهه» أي لكمال ذاته و صفاته التي هي عين ذاته «و عز جلاله» من الصفات التنزيهية (أو) لأنه أعز و أجل من أن يدرك و يوصف «يا نور» أي منور العالم بالوجود و الهداية «يا قدوس» أي المنزه ذاته عما لا يليق به و عن الإدراك و التكرير لتنزه الصفات عما لا يليق بها و عن إدراكها «يا سبوح» أي المنزه في الأفعال عما لا يليق بها غاية التنزه (أو) المنزه نفسه غايته، و كذا القدوس (أو) الأعم من الجميع في الثلاثة تأكيدا «يا منتهى التسبيح» أي النهاية التنزيه في الذات و الصفات و الأفعال له تعالى حتى من تسبيحنا فإنه على قدر عقولنا كما قال العارف الغزنوي.
         پاك از آنها كه غافلان گفتند             پاكتر زانچه عاقلان گفتند

455
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

الليلة العاشرة و هي ليلة الوداع ص 455

لَكَ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَ الْأَمْثَالُ الْعُلْيَا وَ الْكِبْرِيَاءُ وَ الْآلَاءُ أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ تُتِمُّهُ بِأَوَّلِ الدُّعَاءِ.
بَابُ وَدَاعِ شَهْرِ رَمَضَانَ‏
2033 رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: تَقُولُ فِي وَدَاعِ شَهْرِ رَمَضَانَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ فِي كِتَابِكَ الْمُنْزَلِ عَلَى نَبِيِّكَ الْمُرْسَلِ وَ قَوْلُكَ الْحَقُّ شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَ بَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى‏ وَ الْفُرْقانِ «1»


__________________________________________________
و في الكافي- يا قدوس- يا نور القدس أي المقدس أو نور عالم المجردات.
 «يا فاعل الرحمة» أي جاعلها رحمة بالفيض الأقدس أو الرحيم لاتباعه بالرحمن «يا لطيف» أي المجرد من جميع الوجوه أو ذو اللطف و الرفق بعبادة (أو) العالم بدقائق الأشياء (أو) القادر عليها (أو) الأعم (أو) الجميع أي من كان كذلك.
وداع شهر رمضان «روى أبو بصير» في الموثق و رواه الكليني عنه في القوي «2» «عن أبي عبد الله عليه السلام (إلى قوله) شَهْرُ رَمَضانَ» بدل من الصيام على حذف المضاف أي كتب عليكم الصيام صيام شهر رمضان (أو) مبتدأ و خبره ما بعده (أو) خبر مبتدإ محذوف تقديره ذلكم شهر رمضان (أو) بدل من أيام معدودات «الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ»
 أي إلى البيت المعمور.
كما روى الكليني في الموثق عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن قول الله عز و جل (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) «3» و إنما أنزل في عشرين سنة بين أوله و آخره؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام نزل القرآن جملة واحدة في شهر رمضان إلى البيت المعمور ثمَّ نزل في طول عشرين سنة ثمَّ قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم نزل صحف إبراهيم‏
__________________________________________________
 (1) البقرة- 185.
 (2) الكافي باب الدعاء في العشر الأواخر من شهر رمضان خبر 6.
 (3) البقرة- 185.

456
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب وداع شهر رمضان ص 456

وَ هَذَا شَهْرُ رَمَضَانَ قَدِ انْصَرَمَ فَأَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ وَ كَلِمَاتِكَ التَّامَّاتِ إِنْ كَانَ بَقِيَ عَلَيَّ ذَنْبٌ لَمْ تَغْفِرْهُ لِي وَ تُرِيدُ أَنْ تُحَاسِبَنِي بِهِ أَوْ تُعَذِّبَنِي عَلَيْهِ أَوْ تُقَايِسَنِي بِهِ أَنْ يَطْلُعَ فَجْرُ هَذِهِ اللَّيْلَةِ أَوْ يَنْصَرِمَ هَذَا الشَّهْرُ إِلَّا وَ قَدْ غَفَرْتَهُ لِي يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ بِمَحَامِدِكَ كُلِّهَا عَلَى نَعْمَائِكَ كُلِّهَا أَوَّلِهَا وَ آخِرِهَا مَا قُلْتَ لِنَفْسِكَ مِنْهَا وَ مَا قَالَهُ‏
__________________________________________________
في أول ليلة من شهر رمضان، و أنزلت التوراة لست مضين من شهر رمضان، و أنزل الإنجيل لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر رمضان، و أنزل الزبور لثمان عشرة خلون من شهر رمضان، و أنزل القرآن في ثلاث و عشرين من شهر رمضان «1».
و لا ينافيه، ما روي من نزوله جملة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر بأن يكون نزوله أولا إلى البيت المعمور ثمَّ إليها في سنة واحدة أو في سنة أخرى (و قيل) كان ابتداء نزوله في ليلة القدر و هو ضعيف لأن ابتداءه كان يوم المبعث إلا أن يؤول بنزول حكم الصيام و آياته كما قيل أيضا.
 «هُدىً (إلى قوله) وَ الْفُرْقانِ» حالان من القرآن أي أنزل و هو هداية بإعجازه و آيات واضحات و معجزات ظاهرات لأنه تحدي بكل سورة منه و عجزوا من الإتيان بمثلها مع هدايتها إلى الحق و فرقها بينه و بين الباطل بما فيه من الحكم و الأحكام و الإخبار عن المغيبات «قد انصرم» أي انقضى و قرب من الانقضاء «و كلماتك التامات» القرآن فإن كل آية منه تامة في الهداية (أو) الأسماء الحسنى (أو) العظمى (أو) الأنبياء و الأوصياء (أو) أرواحهم المخلوقة من كلمة (كن) بدون مادة (أو) الأعم منها و من سائر المجردات (أو) الجميع «أو تقايسني به» أي تؤاخذني بسيئاتي و قرئ (تفاتشني) أي تبحث و تتفحص و سيأتي في بعض النسخ (تناقشني) «إن يطلع» بكسر الهمزة و تكون نافية و في بعض نسخ التهذيب و المصباح (أن لا يطلع) «على أنك» متعلق بقوله (لك الحمد) «و حقيقة رضوانك» أي ترضى عنا حق الرضا «أو بلاء مجلوب» جلبنا إلى أنفسنا بالذنوب.
__________________________________________________
 (1) أصول الكافي باب النوادر خبر 6 من كتاب فضل القرآن.

457
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب وداع شهر رمضان ص 456

الْخَلَائِقُ الْحَامِدُونَ الْمُجْتَهِدُونَ فِي ذِكْرِكَ وَ الشُّكْرِ لَكَ الَّذِينَ أَعَنْتَهُمْ عَلَى أَدَاءِ حَقِّكَ مِنْ أَصْنَافِ خَلْقِكَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ وَ أَصْنَافِ النَّاطِقِينَ وَ الْمُسَبِّحِينَ لَكَ مِنْ جَمِيعِ الْعَالَمِينَ عَلَى أَنَّكَ بَلَّغْتَنَا شَهْرَ رَمَضَانَ وَ عَلَيْنَا مِنْ نِعَمِكَ وَ عِنْدَنَا مِنْ قَسْمِكَ وَ إِحْسَانِكَ وَ تَظَاهُرِ امْتِنَانِكَ مَا لَا نُحْصِيهِ فَلَكَ الْحَمْدُ الْخَالِدُ الدَّائِمُ الزَّائِدُ الْمُخَلَّدُ السَّرْمَدُ الَّذِي لَا يَنْفَدُ طُولَ الْأَبَدِ جَلَّ ثَنَاؤُكَ أَعَنْتَنَا عَلَيْهِ حَتَّى قَضَيْتَ عَنَّا صِيَامَهُ وَ قِيَامَهُ مِنْ صَلَاةٍ فَمَا كَانَ مِنَّا فِيهِ مِنْ بِرٍّ أَوْ شُكْرٍ أَوْ ذِكْرٍ اللَّهُمَّ فَتَقَبَّلْهُ مِنَّا بِأَحْسَنِ قَبُولِكَ وَ تَجَاوُزِكَ وَ عَفْوِكَ وَ صَفْحِكَ وَ غُفْرَانِكَ وَ حَقِيقَةِ رِضْوَانِكَ حَتَّى تُظْفِرَنَا فِيهِ بِكُلِّ خَيْرٍ مَطْلُوبٍ وَ جَزِيلِ عَطَاءٍ مَوْهُوبٍ تُؤْمِنُنَا فِيهِ مِنْ كُلِّ مَرْهُوبٍ أَوْ بَلَاءٍ مَجْلُوبٍ أَوْ ذَنْبٍ مَكْسُوبٍ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعَظِيمِ مَا سَأَلَكَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ مِنْ كَرِيمِ أَسْمَائِكَ وَ جَمِيلِ ثَنَائِكَ وَ خَاصَّةِ دُعَائِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَجْعَلَ شَهْرَنَا هَذَا أَعْظَمَ شَهْرِ رَمَضَانَ مَرَّ عَلَيْنَا مُنْذُ أَنْزَلْتَنَا إِلَى الدُّنْيَا بَرَكَةً فِي عِصْمَةِ دِينِي وَ خَلَاصِ نَفْسِي وَ قَضَاءِ حَاجَتِي وَ تَشْفِيعِي فِي مَسَائِلِي وَ تَمَامِ النِّعْمَةِ عَلَيَّ وَ صَرْفِ السُّوءِ عَنِّي وَ لِبَاسِ الْعَافِيَةِ لِي وَ أَنْ تَجْعَلَنِي بِرَحْمَتِكَ مِمَّنِ ادَّخَرْتَ لَهُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَ جَعَلْتَهَا لَهُ خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ فِي أَعْظَمِ الْأَجْرِ وَ أَكْرَمِ الذُّخْرِ وَ أَحْسَنِ الشُّكْرِ وَ أَطْوَلِ الْعُمُرِ وَ أَدْوَمِ الْيُسْرِ اللَّهُمَّ وَ أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ وَ عِزَّتِكَ وَ طَوْلِكَ وَ عَفْوِكَ وَ نَعْمَائِكَ وَ جَلَالِكَ وَ قَدِيمِ إِحْسَانِكَ وَ امْتِنَانِكَ أَنْ لَا تَجْعَلَهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنَّا- لِشَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى تُبَلِّغَنَاهُ مِنْ قَابِلٍ عَلَى أَحْسَنِ حَالٍ وَ تُعَرِّفَنَا هِلَالَهُ مَعَ النَّاظِرِينَ إِلَيْهِ وَ الْمُتَعَرِّفِينَ لَهُ فِي أَعْفَى عَافِيَتِكَ وَ أَتَمِّ نِعْمَتِكَ وَ أَوْسَعِ رَحْمَتِكَ وَ أَجْزَلِ قِسْمِكَ‏

__________________________________________________
 «اللهم إني أسألك بعظيم» بالباء القسمية أو الصلة كما في الكافي، و يب، و المصباح و في بعض النسخ باللام التعليلية و كأنه من النساخ «و خاصة دعائك» أي الدعوات المخصوصة التي توجب الإجابة «بركة» تميز من قوله (أعظم) أي زيادة «و تشفيعي» كما في النسخ الصحيحة من يب و في بعضها و في في (و تشفعني) بأن يكون عطفا على (تجعل) أي أسألك أن تقبل شفاعتي «في مسائلي» أي دعائي‏

458
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب وداع شهر رمضان ص 456

اللَّهُمَّ يَا رَبِّيَ الَّذِي لَيْسَ لِي رَبٌّ غَيْرُهُ لَا تَجْعَلْ هَذَا الْوَدَاعَ مِنِّي لَهُ وَدَاعَ فَنَاءٍ وَ لَا آخِرَ الْعَهْدِ مِنِّي لِلِّقَاءِ حَتَّى تُرِيَنِيهِ مِنْ قَابِلٍ فِي أَسْبَغِ النِّعَمِ وَ أَفْضَلِ الرَّجَاءِ وَ أَنَا لَكَ عَلَى أَحْسَنِ الْوَفَاءِ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ اللَّهُمَّ اسْمَعْ دُعَائِي وَ ارْحَمْ تَضَرُّعِي وَ تَذَلُّلِي لَكَ وَ اسْتِكَانَتِي وَ تَوَكُّلِي عَلَيْكَ فَأَنَا لَكَ مُسْلِمٌ لَا أَرْجُو نَجَاحاً وَ لَا مُعَافَاةً إِلَّا بِكَ وَ مِنْكَ فَامْنُنْ عَلَيَّ جَلَّ ثَنَاؤُكَ وَ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ وَ بَلِّغْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ وَ أَنَا مُعَافًى مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ وَ مَحْذُورٍ وَ جَنِّبْنِي مِنْ جَمِيعِ الْبَوَائِقِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعَانَنَا عَلَى صِيَامِ هَذَا الشَّهْرِ حَتَّى بَلَغْنَا آخِرَ لَيْلَةٍ مِنْهُ.

بَابُ التَّكْبِيرِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ وَ يَوْمَهُ وَ مَا يُقَالُ فِي سَجْدَةِ الشُّكْرِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ‏
2034 رَوَى سَعِيدٌ النَّقَّاشُ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَمَا إِنَّ فِي الْفِطْرِ تَكْبِيراً وَ لَكِنَّهُ‏

__________________________________________________
 «ممن ادخرت» من الذخيرة و في في و يب (خرت) من الاختيار و في بعض النسخ (حزت) من الحيازة و الجمع «و البوائق» الدواهي و الغوائل و الشرور المهلكة.
و روى الشيخ زيادة في الدعاء برواية أخرى، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام «1» و كذلك روي أدعية كثيرة في يب و المصباح للوداع و الدخول، و لكل ليلة و لتعقيب صلوات شهر رمضان فليرجع إليهما.
باب التكبير ليلة الفطر إلخ «روى سعيد النقاش» و رواه الكليني في الصحيح عنه «2»، و كتابه معتمد، قوله «و في صلاة العيدين» و في في و يب العيد، و هو الصواب و كأنه من النساخ.
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب وداع شهر رمضان خبر 2 من كتاب الصلاة.
 (2) الكافي باب التكبير في ليلة الفطر خبر 1 من كتاب الصوم و التهذيب باب صلاة العيدين خبر 44 من كتاب الصلاة.

459
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب التكبير ليلة الفطر و يومه و ما يقال في سجدة الشكر بعد المغرب ص 459

مَسْنُونٌ قَالَ قُلْتُ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي لَيْلَةِ الْفِطْرِ فِي الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ وَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ سَعِيدٍ وَ فِي الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ ثُمَّ تَقْطَعُ قَالَ قُلْتُ كَيْفَ أَقُولُ قَالَ تَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ لِلَّهِ الْحَمْدُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَبْلَانَا وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ يَعْنِي الصِّيَامَ- وَ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى‏ ما هَداكُمْ.

2035 وَ رُوِيَ أَنَّهُ لَا يُقَالُ فِيهِ وَ رَزَقَنَا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِنَّ ذَلِكَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.

2036 وَ رَوَى الْقَاسِمُ بْنُ يَحْيَى عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏

__________________________________________________
 «و في غير رواية لسعيد و في الظهر و العصر» و لم يصل إلينا هذه الرواية و المشهور العمل برواية سعيد في كونه عقيب أربع صلوات، (و في الكافي) تكبيرتان في الأول كما هنا، (و في يب) بخط الشيخ، ثلاث تكبيرات، و لهذا تردد المحقق في الثالثة و ليس فيهما قوله (و الحمد لله على ما أبلانا) «وَ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى‏ ما هَداكُمْ»
 يعني أن المراد بالتكبير في هذه الآية هو التكبير عقيب أربع صلوات (و قيل) المراد به التكبير عند الخروج إلى المصلى كما مر في خبر الرضا عليه السلام و لا منافاة بينهما.
و روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: تكبر ليلة الفطر و صبيحة الفطر كما تكبر في العشر «1» و الصبيحة تشمل العيد الواقع في الضحى فيكون مؤيدا للخبر السابق.
 «و روى القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد» كالكليني و الشيخ «2» «فقال يا حسن إن القائل لحان» أي مخطئ أو واضع الحديث من قبل نفسه و في يب أن‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب تكبير ليلة الفطر خبر 2 و في بعض نسخ الكافي (فى العيد) و على ما في المتن يكون المراد يوم العاشر من ذى الحجة و اللّه تعالى هو العالم.
 (2) الكافي باب تكبير ليلة خبر 3.

460
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب التكبير ليلة الفطر و يومه و ما يقال في سجدة الشكر بعد المغرب ص 459

إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ إِنَّ الْمَغْفِرَةَ تَنْزِلُ عَلَى مَنْ صَامَ- شَهْرَ رَمَضَانَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَقَالَ يَا حَسَنُ إِنَّ الْقَارِيجَارَ إِنَّمَا يُعْطَى أُجْرَتَهُ عِنْدَ فَرَاغِهِ وَ ذَلِكَ لَيْلَةُ الْعِيدِ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَمَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَعْمَلَ فِيهَا فَقَالَ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ صَلَّيْتَ الثَّلَاثَ مِنَ الْمَغْرِبِ وَ ارْفَعْ يَدَيْكَ وَ قُلْ- يَا ذَا الطَّوْلِ يَا ذَا الْحَوْلِ يَا مُصْطَفِيَ مُحَمَّدٍ وَ نَاصِرَهُ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ وَ نَسِيتُهُ أَنَا وَ هُوَ عِنْدَكَ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ وَ تَخِرُّ سَاجِداً وَ تَقُولُ مِائَةَ مَرَّةٍ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَ أَنْتَ سَاجِدٌ وَ تَسْأَلُ حَوَائِجَكَ.
بَابُ مَا يَجِبُ عَلَى النَّاسِ إِذَا صَحَّ عِنْدَهُمْ بِالرُّؤْيَةِ يَوْمُ الْفِطْرِ بَعْدَ مَا أَصْبَحُوا صَائِمِينَ‏
2037 رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِذَا شَهِدَ عِنْدَ الْإِمَامِ شَاهِدَانِ أَنَّهُمَا

__________________________________________________
القاريجار و هو معرب (كارگر) أي الأجير و هو أظهر، و في الكافي (الفاريجان) أي محسن العمل و هو قريب مما في يب و ما في يب أظهر «يا ذا الطول» و هو الفضل و القدرة و الغناء و السعة «يا مصطفى محمد» أي منتجه صلى الله عليه و آله و في في (يا مصطفيا محمدا).
و روى الكليني و الشيخ أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يصلي فيها ركعتين يقرأ في الأولى الحمد و قل هو الله أحد ألف مرة و في الثانية الحمد و قل هو الله أحد مرة واحد «1».
باب ما يجب على الناس إلخ «روى محمد بن قيس» في الحسن كالصحيح و رواه الكليني في الصحيح و الشيخ في الموثق «2» «عن أبي جعفر عليه السلام» و الظاهر أن صلاة العيد في اليوم الآخر قضاء «و في خبر زرارة» رواه الكليني مرفوعا «3».
__________________________________________________
 (1) الكافي باب تكبير ليلة الفطر خبر 4.
 (2- 3) الكافي باب ما يجب على الناس إذا صح عندهم إلخ خبر 1- 2 و لم نجد الأول في التهذيب و لم ينقله عن الشيخ صاحب الوسائل و لا صاحب الوافي ايضا.

461
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما يجب على الناس إذا صح عندهم بالرؤية يوم الفطر بعد ما أصبحوا صائمين ص 461

رَأَيَا الْهِلَالَ مُنْذُ ثَلَاثِينَ يَوْماً أَمَرَ الْإِمَامُ بِإِفْطَارِ ذَلِكَ الْيَوْمِ إِذَا كَانَ شَهِدَا قَبْلَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَ إِنْ شَهِدَا بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ أَمَرَ الْإِمَامُ بِإِفْطَارِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ أَخَّرَ الصَّلَاةَ إِلَى الْغَدِ فَيُصَلِّي بِهِمْ.
2038 وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ قَالَ: إِذَا أَصْبَحَ النَّاسُ صِيَاماً وَ لَمْ يَرَوُا الْهِلَالَ وَ جَاءَ قَوْمٌ عُدُولٌ يَشْهَدُونَ عَلَى الرُّؤْيَةِ فَلْيُفْطِرُوا وَ لْيَخْرُجُوا مِنَ الْغَدِ أَوَّلَ النَّهَارِ إِلَى عِيدِهِمْ.

وَ إِذَا رُئِيَ هِلَالُ شَوَّالٍ بِالنَّهَارِ قَبْلَ الزَّوَالِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ مِنْ شَوَّالٍ وَ إِذَا رُئِيَ بَعْدَ الزَّوَالِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ.
__________________________________________________
 «و إذا رأى هلال شوال بالنهار قبل الزوال إلخ» روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن حماد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا رأوا الهلال قبل الزوال فهو لليلته الماضية، و إذا رأوه بعد الزوال فهو لليلته المستقبلة «1».
و روى الشيخ في الموثق كالصحيح، عن عبيد بن زرارة و عبد الله بن بكير قالا قال أبو عبد الله عليه السلام إذا رأى الهلال قبل الزوال فذلك اليوم من شوال، و إذا رأى بعد الزوال فهو من شهر رمضان «2».
و في الصحيح أو القوي كالصحيح، عن محمد بن عيسى قال: كتبت إليه عليه السلام:
جعلت فداك ربما غم علينا هلال شهر رمضان فيرى من الغد الهلال قبل الزوال و ربما رأيناه بعد الزوال فترى أن نفطر قبل الزوال إذا رأيناه أم لا و كيف تأمر في ذلك؟ فكتب عليه السلام يتم إلى الليل فإنه إن كان تاما لرأي قبل الزوال «3».
و يحمل على الرؤية قبل الزوال ما رواه الشيخ في الموثق، كالصحيح عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن هلال رمضان يغم علينا في تسع و عشرين من شعبان فقال: لا تصمه (أي وجوبا) إلا أن تراه فإن شهد أهل بلد آخر أنهم رأوه فاقضه و إذا رأيته وسط النهار (أي قبله قريبا منه) فأتم الصوم إلى الليل «4».
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الاهلة و الشهادة عليها خبر 10.
 (2- 3- 4) التهذيب باب علامة اول شهر رمضان خبر 62- 63- 66.

462
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب النوادر ص 463

بَابُ النَّوَادِرِ
2039 رَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع أَسْأَلُهُ عَنْ قَوْمٍ عِنْدَنَا يُصَلُّونَ وَ لَا يَصُومُونَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَ رُبَّمَا احْتَجْتُ إِلَيْهِمْ يَحْصُدُونَ لِي فَإِذَا

__________________________________________________
و يمكن حمله على الاستحباب، و كذا ما رواه عن جراح المدائني قال: قال أبو عبد الله عليه السلام من رأى هلال شوال بنهار في شهر رمضان فليتم صيامه «1» يحمل على الرؤية بعد الزوال جمعا بين الأخبار و لكن ينافيها ظاهرا ما روي في الأخبار المتواترة أن الصوم للرؤية و الفطر للرؤية و ليس بالظن، و إن أمكن أن يقال إن الصوم هنا أيضا للرؤية و إن كان خلاف الظاهر، و الاحتياط في يوم الشك أن يصوم و في السلخ أيضا أن لا يفطر بنية أنه إن كان من رمضان كان صوما و إلا كان عبثا، و كذا في الصلاة، الأحوط أن يصليها في اليومين و إن كان الظاهر جواز العمل بهذه الأخبار لوضوح أسانيدها و إمكان الجمع لخصوصها و عموم الأخبار المتقدمة، و الله تعالى يعلم.
باب النوادر أي الأخبار المتفرقة التي يشكل جعل كل خبر منها بابا على حدة، و يمكن أن يكون المراد بها الشواذ باعتبار عدم تكررها في الأصول المعتمدة أو عدم عمل المشايخ بها و إن كان الكل صحاحا يجوز العمل بها و الأول أظهر هنا.
 «روى الحسين بن سعيد عن ابن فضال» في الموثق كالصحيح، كالشيخ «2» «قال كتبت إلى أبي الحسن (إلى قوله) يصلون» أي مسلمون أو من الصلاة «أعرفه» أي كنت أعرف خطه عليه السلام، و يمكن أن يكون من كلامه عليه السلام يعني أعرف الحال مثلا، يدل ظاهرا على جواز إطعام من يفطر حال الضرورة، و يحمل على مجرد إعطائهم الخبز مثلا لا بأن يطعم و إن ظن أنهم يفطرون، و مثله بيع العنب ممن يعمل خمرا و إن كان معاونة على‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب علامة اول شهر رمضان و آخره خبر 65.
 (2) التهذيب باب الزيادات خبر 21.

463
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب النوادر ص 463

دَعَوْتُهُمْ لِلْحَصَادِ لَمْ يُجِيبُونِي حَتَّى أُطْعِمَهُمْ وَ هُمْ يَجِدُونَ مَنْ يُطْعِمُهُمْ فَيَذْهَبُونَ إِلَيْهِمْ وَ يَدَعُونِي وَ أَنَا أَضِيقُ مِنْ إِطْعَامِهِمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَكَتَبَ ع بِخَطِّهِ أَعْرِفُهُ أَطْعِمْهُمْ.
2040 وَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: شَهْرُ رَمَضَانَ ثَلَاثُونَ يَوْماً لَا يَنْقُصُ أَبَداً.

2041 وَ فِي رِوَايَةِ حُذَيْفَةَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ كَثِيرٍ وَ يُقَالُ لَهُ مُعَاذُ بْنُ مُسْلِمٍ الْهَرَّاءُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: شَهْرُ رَمَضَانَ ثَلَاثُونَ يَوْماً لَا يَنْقُصُ وَ اللَّهِ أَبَداً.

2042 وَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ إِنَّ النَّاسَ يَرْوُونَ أَنَّ النَّبِيَّ ص مَا صَامَ مِنْ شَهْرِ

__________________________________________________
الإثم في الجملة، و الاحتياط في الترك مع الإمكان.
 «و في رواية محمد بن سنان» و هو ضعيف «عن حذيفة بن منصور» كالشيخ و الكليني، عن أبي عبد الله عليه السلام «1» «و في رواية حذيفة بن منصور» و في الطريق محمد بن سنان كالكليني و الشيخ «2» «عن معاذ بن كثير: و يقال له معاذ بن مسلم الهراء» و في بعض النسخ الفراء كما في نسخ الرجال و هما نحويان مشهوران و رواه الكليني أيضا بهذا السند كالشيخ عن أبي عبد الله عليه السلام.
 «و في رواية محمد بن إسماعيل» في الصحيح «و محمد بن يعقوب بن شعيب» و في بعض النسخ (عن شعيب) لكن في أكثر نسخ التهذيب كالأول و في بعضها كالثاني، و على أي حال فهو مجهول الحال «عن أبيه» و الظاهر أنه يعقوب بن شعيب العقرقوفي «عن أبي عبد الله عليه السلام (إلى قوله) فحجزها» أي منعها و أخرجها، و رواه الكليني، عن محمد بن إسماعيل، عن بعض أصحابه عنه عليه السلام «3» «و سأل أبو بصير» في الموثق.
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب نادر (بعد باب الاهلة و الشهور) خبر 1- 4- 3 و التهذيب باب علامة اول شهر رمضان و آخره خبر 56- 51- 58.

464
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب النوادر ص 463

رَمَضَانَ تِسْعَةً وَ عِشْرِينَ يَوْماً أَكْثَرُ مِمَّا صَامَ ثَلَاثِينَ قَالَ كَذَبُوا مَا صَامَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَّا تَامّاً وَ لَا تَكُونُ الْفَرَائِضُ نَاقِصَةً إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى خَلَقَ السَّنَةَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتِّينَ يَوْماً وَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ* فَحَجَزَهَا مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ وَ سِتِّينَ يَوْماً فَالسَّنَةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ أَرْبَعَةٌ وَ خَمْسُونَ يَوْماً وَ شَهْرُ رَمَضَانَ ثَلَاثُونَ يَوْماً لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَ الْكَامِلُ تَامٌّ وَ شَوَّالٌ تِسْعَةٌ وَ عِشْرُونَ يَوْماً وَ ذُو الْقَعْدَةِ ثَلَاثُونَ يَوْماً لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ واعَدْنا مُوسى‏ ثَلاثِينَ لَيْلَةً فَالشَّهْرُ هَكَذَا ثُمَّ هَكَذَا أَيْ شَهْرٌ تَامٌّ وَ شَهْرٌ نَاقِصٌ وَ شَهْرُ رَمَضَانَ لَا يَنْقُصُ أَبَداً وَ شَعْبَانُ لَا يَتِمُّ أَبَداً.

2043 وَ سَأَلَ أَبُو بَصِيرٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ قَالَ ثَلَاثِينَ يَوْماً.

2044 وَ رُوِيَ عَنْ يَاسِرٍ الْخَادِمِ قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا ع هَلْ يَكُونُ شَهْرُ رَمَضَانَ تِسْعَةً وَ عِشْرِينَ يَوْماً فَقَالَ إِنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ لَا يَنْقُصُ مِنْ ثَلَاثِينَ يَوْماً أَبَداً

__________________________________________________
 «و روي عن ياسر الخادم» في الحسن، و روى الشيخ من كتاب ابن رباح، عن سماعة، عن الحسن بن حذيفة، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى (وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) قال: صوم ثلاثين يوما «1».
و روي من هذا الكتاب من حديث حذيفة بن منصور، عن معاذ بن كثير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن الناس يقولون إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم صام تسعة و عشرين يوما أكثر مما صام ثلاثين فقال: كذبوا ما صام رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم منذ بعثه الله إلى أن قبضه أقل من ثلاثين يوما و لا نقص شهر رمضان منذ خلق الله السماوات من ثلاثين يوما و ليلة «2» ثمَّ ذكر هذا الحديث من طريق آخر، و هو الحسن بن حذيفة، عن أبيه، عن معاذ بن كثير قال، قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن الناس يروون أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم صام تسعة و عشرين يوما قال، فقال لي أبو عبد الله عليه السلام لا و الله ما نقص شهر رمضان منذ خلق الله السماوات و الأرض من ثلاثين يوما و ثلاثين ليلة.
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب علامة اول شهر رمضان و آخره خبر 61.
 (2) اورد هذا الخبر و الأربعة التي بعده في التهذيب باب علامة اول شهر رمضان و آخره خبر 49- 50- 51- 52- 53.

465
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب النوادر ص 463

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ خَالَفَ هَذِهِ الْأَخْبَارَ وَ ذَهَبَ إِلَى الْأَخْبَارِ الْمُوَافِقَةِ لِلْعَامَّةِ فِي ضِدِّهَا اتُّقِيَ كَمَا يُتَّقَى الْعَامَّةُ وَ لَا يُكَلَّمُ إِلَّا بِالتَّقِيَّةِ كَائِناً مَنْ كَانَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَرْشِداً فَيُرْشَدَ وَ يُبَيَّنَ لَهُ فَإِنَّ الْبِدْعَةَ إِنَّمَا تُمَاثُ وَ تُبْطَلُ بِتَرْكِ‏
__________________________________________________
و روي عن الحسن بن حذيفة، عن أبيه، عن معاذ بن كثير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن الناس يروون عندنا أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم صام هكذا و هكذا و هكذا و حكى بيده، يطبق إحدى يديه على الأخرى عشرا و عشرا و تسعا أكثر مما صام هكذا و هكذا و هكذا يعني عشرا و عشرا و عشرا قال فقال أبو عبد الله عليه السلام ما صام رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أقل من ثلاثين يوما و ما نقص شهر رمضان من ثلاثين يوما منذ خلق الله السماوات و الأرض.
و ذكر هذه من طريق آخر عن أبي عمران المنشد، عن حذيفة بن منصور قال قال أبو عبد الله عليه السلام: لا و الله لا و الله ما نقص شهر رمضان و لا ينقص أبدا من ثلاثين يوما و ثلاثين ليلة فقلت لحذيفة: لعله قال لك ثلاثين ليلة و ثلاثين يوما كما يقول الناس الليل ليل النهار فقال لي حذيفة هكذا سمعت و كان الراوي فهم الترتيب من الواو و لا تدل عليه عند المحققين.
و روى محمد بن أبي عمير، عن حذيفة بن منصور قال: أتيت معاذ بن كثير في شهر رمضان و كان معي إسحاق بن محول فقال معاذ: لا و الله ما نقص شهر رمضان قط، و قد ذكرنا الأخبار المتواترة التي تنافي هذه الأخبار و ظاهرا- فالذي ذهب إليه أكثر الأصحاب طرح هذه الأخبار أو حملها على محامل بعيدة طرحها خير منها، و الذي يظهر من الصدوق العمل بهذه الأخبار و حمل الأخبار المتواترة على التقية و يمكن العكس بأن تكون التقية من جماعة من العامة ذهبوا إلى العمل بهذا القول أو بحمل قضاء اليوم على الاستحباب إذا نقص الشهر و هو أحوط.
 «و تماث» أي تبطل- حاصل كلامه أنه لما ورد الأخبار الكثيرة على خلاف هذه الأخبار و عمل عليها جماعة كثيرة من الأصحاب لا يمكن رد أقوالهم لتأيدها بالأخبار

466
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب النوادر ص 463

ذِكْرِهَا وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ‏

2045 وَ رُوِيَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ قَالَ إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ص عَنْ صِيَامِهَا بِمِنًى فَأَمَّا بِغَيْرِهَا فَلَا بَأْسَ‏

__________________________________________________
و يمكنهم رد أخبارنا بأن أكثر رواتها ضعفاء و لا يلتفتون بأنها مذكورة في الأصول المعتمدة (فتارة) يردونها بالضعف (و تارة) بالتأويلات البعيدة غافلين عنها أنها بمنزلة الرد فيجب التقية منهم كما يتقي من العامة و يقال ظاهرا بقولهم و باطنا بعدم العمل عليها لعل هذا القول الذي هو بدعة يضمحل و يترك لأنا إذا اشتغلنا بردهم يطول الكلام و يصير شبهتهم قوية فالترك أولى، و يحتمل أن يكون مراده العامة فقط لأنه لا يعتقد أن لهم شبهة أيضا، بل اعتقاده أنهم يقولون بهذا القول المجرد العناد.
 «و روي عن معاوية بن عمار» في الصحيح كالشيخ، «1» و يدل على أن التحريم مختص بمن كان بمنى و يحمل الأخبار المطلقة التي تقدمت و غيرها عليه أو تبقى على إطلاقها و يكون في غير منى للكراهة.
و يؤيدها ما رواه الشيخ في الصحيح، عن زياد بن أبي الحلال و رواه الكليني أيضا عنه قال قال أبو عبد الله عليه السلام لا تصم بعد الأضحى ثلاثة أيام و لا بعد الفطر ثلاثة أيام، إنها أيام أكل و شرب «2» و في الموثق، عن سماعة قال: سألته عن صيام يوم الفطر فقال: لا ينبغي صيامه و لا صيام أيام التشريق «3».
و يدل على كراهة صيام الأيام بعد الفطر أيضا ما رواه الكليني في الصحيح (على الظاهر) عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن اليومين اللذين بعد الفطر أ يصامان أم لا؟ فقال: أكره لك أن تصومهما «4» و ما رواه الشيخ في الموثق‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب وجوه الصيام خبر 3.
 (2) التهذيب باب الزيادات خبر 95 و الكافي باب صوم العيدين خبر 2.
 (3- 4) الكافي باب صوم العيدين خبر 1- 3.

467
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب النوادر ص 463

2046 وَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ص عَنِ الْوِصَالِ فِي الصِّيَامِ وَ كَانَ يُوَاصِلُ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ ع‏

__________________________________________________
كالصحيح، عن حريز عنهم عليهم السلام قال: إذا أفطرت من رمضان فلا تصومن بعد الفطر تطوعا إلا بعد ثلاث يمضين «1».
و أما خبر الستة الذي تقدم فيمكن الجمع بينه و بين هذه الأخبار بحمل الستة على ما بعد الثلاثة أو يحمل الكراهة على أقل ثوابا و سيجي‏ء الأخبار في كتاب الحج في النهي عن صيام أيام التشريق أيضا لكن ظاهرها حرمتها في منى و لا شك فيها، و القول بحرمتها إذا كان ناسكا لا وجه له ظاهرا، و الاحتياط في ترك صومهن مطلقا.
و أما ما رواه الصدوق و الشيخ في الصحيح، عن زرارة و رواه الكليني أيضا عنه عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل قتل رجلا خطاء في الشهر الحرام قال يغلظ عليه الدية و عليه من عتق رقبة و صيام شهرين متتابعين من أشهر الحرم قلت فإنه يدخل في هذا شي‏ء فقال: ما هو؟ قلت يوم العيد و أيام التشريق قال: يصومه فإنه حق يلزمه «2» فلا يدل على جواز صومهن بل يمكن أن يكون المراد أنه يلزمه الصوم عاجلا و لا ينقطع التتابع بدخول هذه الأيام و عدم صيامها، و يمكن أيضا تخصيص الأخبار به كما فعله جماعة من الأصحاب.
 «و نهى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم (إلى قوله) أظل» أي أكون و الموجود في الأخبار (أبيت عند ربي فيطعمني و يسقيني) بالغذاء الروحانية و الشراب الطهور، و روى الكليني في الموثق، عن حسين بن مختار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما الوصال في الصيام قال:
فقال: إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال: لا وصال في صيام و لا صمت يوم إلى الليل و لا عتق قبل ملك «3» و سيجي‏ء في هذا الكتاب أيضا.
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب وجوه الصوم خبر 5.
 (2) الكافي باب من وجب عليه صوم شهرين متتابعين إلخ خبر 8 و التهذيب باب وجوه الصيام خبر 2.
 (3) الكافي باب صوم الوصال و صوم الدهر خبر 1.

468
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب النوادر ص 463

إِنِّي لَسْتُ كَأَحَدِكُمْ إِنِّي أَظَلُّ عِنْدَ رَبِّي فَيُطْعِمُنِي وَ يَسْقِينِي.
2047 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع الْوِصَالُ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ هُوَ أَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ عَشَاءَهُ سَحُورَهُ.

2048 وَ سَأَلَ زُرَارَةُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ فَقَالَ لَمْ يَزَلْ مَكْرُوهاً.

2049 وَ قَالَ ع لَا وِصَالَ فِي صِيَامٍ وَ لَا صَمْتَ يَوْماً إِلَى اللَّيْلِ.

__________________________________________________
 «و قال الصادق عليه السلام» روى الكليني في الصحيح و الشيخ عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الوصال في الصيام أن يجعل عشاءه سحورا «1» و الظاهر أن المراد به مع نية صوم الليل، كما يشعر به، ما رواه الكليني في الصحيح، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: المواصل في الصيام يصوم يوما، و ليلة و يفطر في السحر «2».
و روي أيضا عن محمد بن سليمان، عن أبيه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما تقول في الرجل يصوم شعبان و رمضان؟ قال هما الشهر إن اللذان قال الله تبارك و تعالى شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ- قلت فلا يفصل بينهما قال؟ إذا أفطر من الليل فهو فصل و إنما قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لا وصال في صيام يعني لا يصوم الرجل يومين متواليين من غير إفطار، و قد يستحب للعبد أن لا يدع السحور «3» و يشعر بأن التأخير إلى السحر بغير نية لا يضر.
 «و سأل زرارة» في الصحيح و رواه الكليني أيضا عنه «4» قال سألت «أبا عبد الله عليه السلام (إلى قوله) لم يزل» في جميع الملل «مكروها» بسبب دخول العيدين و أيام التشريق فيه أو بمعنى أقل ثوابا.
 «و قال عليه السلام لا وصال في صيام» يمكن أن يكون استشهادا بحيث يشمل‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الوصال و صوم الدهر خبر 2 و التهذيب باب وجوه الصوم خبر 4.
 (2) الكافي باب صوم الوصال و صوم الدهر خبر 3.
 (3) الكافي باب فضل صوم شعبان وصلته برمضان خبر 5.
 (4) الكافي باب صوم الوصال و صوم الدهر خبر 4.

469
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب النوادر ص 463

2050 وَ رُوِيَ عَنِ الْبَزَنْطِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ سَعْدٍ الْخَفَّافِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: كُنَّا عِنْدَهُ ثَمَانِيَةَ رِجَالٍ فَذَكَرْنَا رَمَضَانَ فَقَالَ لَا تَقُولُوا هَذَا رَمَضَانُ وَ لَا ذَهَبَ رَمَضَانُ وَ لَا جَاءَ رَمَضَانُ فَإِنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يَجِي‏ءُ وَ لَا يَذْهَبُ إِنَّمَا يَجِي‏ءُ وَ يَذْهَبُ الزَّائِلُ وَ لَكِنْ قُولُوا شَهْرُ رَمَضانَ فَالشَّهْرُ مُضَافٌ إِلَى الِاسْمِ وَ الِاسْمُ اسْمُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ الشَّهْرُ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَثَلًا وَ عِيداً.

2051 وَ رَوَى غِيَاثُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ع قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ص لَا تَقُولُوا رَمَضَانُ وَ لَكِنْ قُولُوا شَهْرُ رَمَضانَ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا رَمَضَانُ.

__________________________________________________
الوصال هذا المعنى كما شمل وصل شعبان برمضان في الخبر المتقدم، و أن يكون كلاما برأسه «و لا صمت يوما إلى الليل» بأن يكون صومه صمتا فقط كما كان في بني إسرائيل أو يكون صمتا عن كل كلام حتى عن القراءة في الصلاة و إلا فالصمت عما لا يعني مطلوب في الصوم، و روى الكليني في الموثق، عن سماعة قال، سألته عن صوم الدهر فكرهه و قال، لا بأس أن يصوم يوما و يفطر يوما «1».
 «و روي عن البزنطي عن هشام بن سالم» في الصحيح «عن سعد الخفاف» و هو سعد بن ظريف صحيح الحديث و في كثير من النسخ سعيد و هو سهو، و- رواه الكليني في الصحيح، عن سعد «2» «عن أبي جعفر عليه السلام (إلى قوله) مثلا» أي حجة و شرفا و فضلا لهذه الأمة «و عيدا للمؤمنين» بعوائد الله عليهم أو بعوده تعالى إليهم بالرحمة و المغفرة.
 «و روى غياث بن إبراهيم» في الموثق كالكليني «3» «عن أبي عبد الله عليه السلام (إلى قوله) ما رمضان» أي هو من أسماء الله تعالى، و الظاهر الكراهة لما تقدم في الأخبار الكثيرة من ذكره بدون الشهر مع أنه لم يذكر في أسماء
__________________________________________________
 (1) الكافي باب صوم الوصال و صوم الدهر خبر 5.
 (2- 3) الكافي باب في النهى عن قول رمضان بلا شهر خبر 2- 1.

470
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب النوادر ص 463

2052 وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ص يُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ- أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى‏ نِسائِكُمْ.

2053 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ عَنِ الرِّضَا ع قَالَ لِبَعْضِ مَوَالِيهِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَ هُوَ يَدْعُو لَهُ يَا فُلَانُ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْكَ وَ مِنَّا قَالَ ثُمَّ أَقَامَ حَتَّى كَانَ يَوْمُ الْأَضْحَى فَقَالَ لَهُ يَا فُلَانُ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَ مِنْكَ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قُلْتَ فِي الْفِطْرِ شَيْئاً وَ تَقُولُ فِي الْأَضْحَى شَيْئاً غَيْرَهُ فَقَالَ نَعَمْ إِنِّي قُلْتُ لَهُ فِي الْفِطْرِ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْكَ وَ مِنَّا لِأَنَّهُ فَعَلَ مِثْلَ فِعْلِي وَ اسْتَوَيْتُ أَنَا وَ هُوَ فِي الْفِعْلِ وَ قُلْتُ لَهُ فِي الْأَضْحَى تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَ مِنْكَ لِأَنَّا يُمْكِنُنَا أَنْ نُضَحِّيَ وَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُضَحِّيَ فَقَدْ فَعَلْنَا غَيْرَ فِعْلِهِ.

2054 وَ رَوَى جَرَّاحٌ الْمَدَائِنِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: اطْعَمْ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ تُصَلِّيَ‏

__________________________________________________
الله تعالى مع ما في سند الخبرين من الضعف، و الاحتياط في ترك الذكر بدون الشهر.
 «و قال أمير المؤمنين عليه السلام» رواه الكليني مسندا عنه صلوات الله عليه مع زيادة (و الرفث المجامعة) «1» يعني كما أن الله تعالى يحب أن يعمل بعزائمه يحب أن يعمل برخصه كما في استحباب الإفطار يوم العيد قبل الخروج.
 «و روى محمد بن الفضيل» في القوي كالصحيح، و رواه الكليني في القوي «2» «عن الرضا عليه السلام» يدل على استحباب الدعاء بالقبول بعد الفراغ من العمل، و الظاهر أنه عليه السلام دعا له بقبول عبادات شهر رمضان، و يحتمل الفطرة أو الأعم و كذا في الأضحى.
 «و روى جراح المدائني» في القوي، و رواه الكليني في الصحيح عنه و هو قوي «3» «عن أبي عبد الله عليه السلام» و يؤيده ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أطعم يوم الفطر قبل أن تخرج إلى المصلى «4» و قد تقدم‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب النوادر خبر 3.
 (2) الكافي باب النوادر خبر 4 و فيه محمّد بن الفضل.
 (3- 4) الكافي باب يوم الفطر خبر 2- 1.

471
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب النوادر ص 463

وَ لَا تَطْعَمْ يَوْمَ الْأَضْحَى حَتَّى يَنْصَرِفَ الْإِمَامُ.
2055 وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا أُتِيَ بِطِيبٍ يَوْمَ الْفِطْرِ بَدَأَ بِلِسَانِهِ.

2056 وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِيُّ لِأَبِي الْحَسَنِ ع إِنِّي أَفْطَرْتُ يَوْمَ الْفِطْرِ عَلَى طِينِ الْقَبْرِ وَ تَمْرٍ فَقَالَ لَهُ جَمَعْتَ بَيْنَ بَرَكَةٍ وَ سُنَّةٍ.

2057 وَ نَظَرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ع إِلَى النَّاسِ فِي يَوْمِ فِطْرٍ يَلْعَبُونَ وَ يَضْحَكُونَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ وَ الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ شَهْرَ رَمَضَانَ مِضْمَاراً لِخَلْقِهِ يَسْتَبِقُونَ فِيهِ بِطَاعَتِهِ إِلَى رِضْوَانِهِ فَسَبَقَ فِيهِ قَوْمٌ فَفَازُوا وَ تَخَلَّفَ آخَرُونَ فَخَابُوا فَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ‏

__________________________________________________
الأخبار من هذا الباب في صلاة العيدين «و كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني في القوي عنه صلى الله عليه و آله و سلم «1» «إذا أتي بطيب» ليتطيب «بدأ بلسانه» ليطعم قبل الخروج و في الكافي (بدأ بنسائه) أي كان يعطيهن أولا ثمَّ يتطيب هو و كأنه تصحيف من النساخ.
 «و قال علي بن محمد النوفلي» طريقه إليه حسن و كتابه معتمد كالكليني «2» «لأبي الحسن» الهادي عليه السلام يدل على استحباب الإفطار بالتربة الحسينية عليه السلام و سيجي‏ء الأخبار في جواز الاستشفاء بها، و الأحوط أن ينوي الاستشفاء بها للأمراض الباطنة و الظاهرة مع وجودها و إلا فالباطنة فقط خروجا من الخلاف و جمعا بين الأخبار.
 «و نظر الحسين بن علي عليهما السلام» و الظاهر أنه الحسن بن علي عليهما السلام كما تقدم منه في صلاة العيدين، و التصحيف من النساخ و يمكن أن يكون قاله الحسين صلوات الله عليه أيضا فإنهما صنوا شجرة النبوة و يكون التكرير لوروده منه عليه السلام أيضا، و في الكافي، عن أبي الحسن عليه السلام و (في كتب العامة عن الحسن) و لا منافاة بينهما لإمكان صدوره عن الجميع.
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب النوادر (قبل باب الفطرة) خبر 5- 4.

472
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب النوادر ص 463

مِنَ الضَّاحِكِ اللَّاعِبِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يُثَابُ فِيهِ الْمُحْسِنُونَ وَ يَخِيبُ فِيهِ الْمُقَصِّرُونَ وَ ايْمُ اللَّهِ لَوْ كُشِفَ الْغِطَاءُ لَشُغِلَ مُحْسِنٌ بِإِحْسَانِهِ وَ مُسِي‏ءٌ بِإِسَاءَتِهِ.
2058 وَ رَوَى حَنَانُ بْنُ سَدِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا مِنْ عِيدٍ لِلْمُسْلِمِينَ أَضْحًى وَ لَا فِطْرٍ إِلَّا وَ هُوَ يُجَدَّدُ لآِلِ مُحَمَّدٍ فِيهِ حُزْنٌ قَالَ قُلْتُ وَ لِمَ قَالَ لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ حَقَّهُمْ فِي يَدِ غَيْرِهِمْ.

2059 وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَطِيفٍ التَّفْلِيسِيُّ عَنْ رَزِينٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لَمَّا ضُرِبَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع بِالسَّيْفِ وَ سَقَطَ ثُمَّ ابْتُدِرَ لِيُقْطَعَ رَأْسُهُ نَادَى مُنَادٍ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ أَلَا أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ الْمُتَحَيِّرَةُ الضَّالَّةُ بَعْدَ نَبِيِّهَا لَا وَفَّقَكُمُ اللَّهُ لِأَضْحًى‏

__________________________________________________
 «و روى حنان بن سدير» في الموثق «عن عبد الله بن سنان» و في بعض النسخ عبد الله بن دينار كما في الكافي «1» و هو الصواب لعدم رواية ابن سنان عن أبي جعفر عليه السلام فيما عاهدناه و قد تقدم أيضا عنه عليه السلام.
 «و روى عبد الله بن لطيف التفليسي عن رزين» في القوي كالكليني «2» «قال قال أبو عبد الله عليه السلام (إلى قوله) بطنان العرش» بضم الباء أي من وسطه «و في خبر آخر» رواه الكليني عن محمد بن إسماعيل البرمكي الرازي، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: قلت له جعلت فداك ما تقول في الصوم فإنه قد روي أنهم (أي العامة) لا يوفقون لصوم فقال: أما إنه قد أجيبت دعوة الملك فيهم قال: فقلت و كيف ذلك جعلت فداك؟ قال: إن الناس لما قتلوا الحسين صلوات الله عليه أمر الله تبارك و تعالى ملكا ينادي أيتها الأمة الظالمة القاتلة عترة نبيها لا وفقكم الله «لصوم و لا لفطر قال» أي رزين «ثمَّ قال (إلى قوله) و لا يوفقون» أي العامة و الأعم يتشأمهم (لفطر و صوم و أضحى) بلا اشتباه غالبا «حتى يثور ثائر الحسين بن‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب النوادر (قبل باب الفطرة) خبر 2- 3.

473
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب النوادر ص 463

وَ لَا فِطْرٍ.
وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ لِصَوْمٍ وَ لَا فِطْرٍ قَالَ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فَلَا جَرَمَ وَ اللَّهِ مَا وُفِّقُوا وَ لَا يُوَفَّقُونَ حَتَّى يَثُورَ ثَائِرُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع‏
2060 وَ رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ شَوَّالٍ نَادَى مُنَادٍ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ اغْدُوا إِلَى جَوَائِزِكُمْ ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع يَا جَابِرُ جَوَائِزُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَيْسَتْ كَجَوَائِزِ هَؤُلَاءِ الْمُلُوكِ ثُمَّ قَالَ هُوَ يَوْمُ الْجَوَائِزِ.

بَابُ الْفِطْرَةِ
2061 رَوَى ابْنُ أَبِي نَجْرَانَ وَ عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْفِطْرَةِ فَقَالَ عَلَى الصَّغِيرِ وَ الْكَبِيرِ وَ الْحُرِّ وَ الْعَبْدِ عَنْ كُلِّ إِنْسَانٍ صَاعٌ مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعٌ مِنْ زَبِيبٍ.

__________________________________________________
علي عليهما السلام» «1» أي حتى يخرج قائم آل محمد المهدي صلوات الله عليه الذي يطلب دمه ممن قتله و أصحابه بعد الرجعة الصغرى و يقتلهم مع أصحابهم، و الراضين بفعلهم.
 «و روي عن جابر» كالكليني «2» «عن أبي جعفر عليه السلام» و قد تقدم مثله أخبار.
باب الفطرة أي زكاة عيد الفطر لأنها تؤدى فيه أو الخلقة لأنها زكاة الأبدان بخلاف زكاة المال أو الإسلام لأن من أسلم قبل الهلال يؤيدها.
 «روى ابن أبي نجران» و هو عبد الرحمن في الصحيح «و علي بن الحكم»
__________________________________________________
 (1) أصول الكافي باب النوادر (قبل باب الفطرة) خبر 1.
 (2) الكافي باب يوم الفطر خبر 2.

474
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الفطرة ص 474

2062 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعْدٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْفِطْرَةِ كَمْ تُدْفَعُ عَنْ كُلِّ رَأْسٍ مِنَ الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِيرِ وَ التَّمْرِ وَ الزَّبِيبِ قَالَ صَاعٌ بِصَاعِ النَّبِيِّ ص.

2063 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيِّ وَ كَانَ مَعَنَا حَاجّاً قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ ع عَلَى يَدِ أَبِي جُعِلْتُ فِدَاكَ أَنَّ أَصْحَابَنَا اخْتَلَفُوا فِي الصَّاعِ بَعْضُهُمْ يَقُولُ الْفِطْرَةُ بِصَاعِ الْمَدَنِيِّ وَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ بِصَاعِ الْعِرَاقِيِّ فَكَتَبَ ع إِلَيَّ الصَّاعُ سِتَّةُ أَرْطَالٍ بِالْمَدَنِيِّ وَ تِسْعَةُ أَرْطَالٍ‏

__________________________________________________
أيضا في الصحيح و رواه الكليني أيضا عنهما في الصحيح «1» «عن صفوان (إلى قوله) على الصغير» أي يجب عن الصغير «و الكبير و الحر و العبد» بقرينة قوله عليه السلام «عن كل إنسان (إلى قوله) من زبيب» و قد تقدم أن الظاهر أن الصاع ستمائة مثقال و أربعة عشر مثقالا و ربع مثقال، و الأحوط أن يؤدى منا و نصف من بالمن التبريزي و هو المن القديم الأصفهاني.
 «و روى محمد بن خالد» في الصحيح كالكليني «2» «عن سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام» و صاع النبي صلى الله عليه و آله و سلم هو ما ذكرنا و ما سيجي‏ء و يحتمل أن يكون المراد به ما تقدم أنه خمسة أمداد اغتسل صلى الله عليه و آله و سلم و زوجته منه لكنه لم يقل به أحد على الظاهر حتى الصدوق و إن قال به في الغسل.
 «و روى محمد بن أحمد بن يحيى» في الصحيح كالكليني و الشيخ «3» «عن جعفر بن إبراهيم بن محمد الهمداني» و هو مجهول الحال لكن الخبر معتمد الأصحاب و مقبولهم «و كان معنا حاجا» من كلام محمد، و الغرض من ذكر أمثاله كما كان دأب القدماء بيان تذكر الخبر و الواقعة و خصوصياتها «قال كتبت إلى أبي الحسن» الهادي «عليه السلام على يد أبي» أي كان الرسول إبراهيم بن محمد
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب الفطرة خبر 2- 5- 9 و أورد الأخير في التهذيب باب كمية الفطرة خبر 71.

475
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الفطرة ص 474

بِالْعِرَاقِيِّ قَالَ وَ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ يَكُونُ بِالْوَزْنِ أَلْفاً وَ مِائَةً وَ سَبْعِينَ وَزْنَةً.
2064 وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَنْ لَمْ يَجِدِ الْحِنْطَةَ وَ الشَّعِيرَ أَجْزَأَ عَنْهُ الْقَمْحُ وَ السُّلْتُ وَ الْعَلَسُ وَ الذُّرَةُ

__________________________________________________
الذي هو من أجلاء أصحاب الرضا و الجواد و الهادي عليهم السلام و ثقاتهم و كان وكيلا لهم صلوات الله عليهم و المكتوب «جعلت فداك» و يظهر منه جلالته أيضا كما يظهر من أحوال أرباب المكاتيب في زمان التقية، و الوزنة الدرهم و قد تقدم.
و يؤيده ما رواه الكليني في الصحيح، عن أيوب بن نوح قال كتبت إلى أبي الحسن (الثالث- خ كا) عليه السلام أن قوما سألوني عن الفطرة و يسألوني أن يحملوا قيمتها إليك و قد بعث إليك هذا الرجل عام أول و سألني أن أسألك فنسيت ذلك و قد بعثت (بعث- خ ل) إليك العام عن كل رأس من عيالي (له- خ ل) بدرهم، عن قيمة تسعة أرطال تمر فرأيك جعلني الله فداك في ذلك؟، فكتب عليه السلام: الفطرة قد كثر السؤال عنها و أنا أكره كلما أدى إلى الشهرة فاقطعوا ذكر ذلك و اقبض ممن دفع لها و أمسك عمن لم يدفع «1».
و في القوي، عن علي بن بلال (الثقة) قال كتبت إلى الرجل) و هو الهادي عليه السلام) أسأله عن الفطرة و كم تدفع؟ فكتب عليه السلام ستة أرطال من تمر بالمدني و تسعة أرطال بالعراقي «2».
 «قال أبو عبد الله عليه السلام» رواه الشيخ في الصحيح، عن محمد بن مسلم قال:
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: الصدقة لمن لا يجد الحنطة و الشعير يجزي عنه القمح و السلت و العدس (و في بعض النسخ العلس) و الذرة (بتخفيف الراء) نصف صاع من‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الفطرة خبر 24- 8 و التهذيب باب كمية الفطرة خبر- 16 من كتاب الصيام.

476
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الفطرة ص 474

.........
__________________________________________________
ذلك كله أو صاع من تمر أو زبيب «1» و القمح البر و يفهم من الخبر أنه نوع ردي‏ء منه، و السلت بالضم نوع من الشعير أبيض لا قشر له (و قيل) هو نوع من الحنطة، و العلس محركة ضرب من البر يكون حبتان في قشر و هو طعام صنعاء، و يظهر من الخبر عدم الاكتفاء بغير الحنطة و الشعير اختيارا أو الأربعة بإدخال التمر و الزبيب و حمل على الاستحباب، و يدل على الاكتفاء بنصف صاع في المذكورات، و حمل على التقية و على أن السلت و العلس غير الشعير و البر كما ذهب إليه جماعة، و الأحوط أن لا يتجاوز المنصوص إلا أن يعطيها بدلا بالقيمة.
روى الشيخ في الصحيح، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يعطى أصحاب الإبل و البقر و الغنم في الفطرة من الأقط صاعا «2».
و في الصحيح، عن حماد بن عيسى عن عبد الله بن ميمون، عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام قال زكاة الفطرة صاع من تمر أو صاع من زبيب أو صاع من شعير أو صاع من أقط عن كل إنسان حر أو عبد صغير أو كبير، و ليس على من لا يجد ما يتصدق به حرج «3».
و في الصحيح عن صفوان بن يحيى و عن عبد الله بن المغيرة (بسند فيه جهالة) عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في الفطرة قال: يعطى من الحنطة صاع و من الشعير صاع و من الأقط صاع «4».
و في القوي، عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال اختلفت الروايات في الفطرة فكتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام أسأله عن ذلك، فكتب: أن الفطرة صاع من قوت بلدك (على) أهل مكة و اليمن (و الطائف- يب) و أطراف الشام و اليمامة و البحرين و العراقين و فارس و الأهواز و كرمان، تمر، (و على) أهل أوساط الشام‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4) التهذيب باب كمية الفطرة خبر 9- 4- 5- 3.

477
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الفطرة ص 474

.........
__________________________________________________
زبيب (و على) أهل الجزيرة و الموصل و الجبال كلها بر أو شعير، (و على) أهل طبرستان الأرز، (و على) أهل خراسان البر إلا أهل مرو و الري فعليهم الزبيب: (و على) أهل مصر البر، و من سوى ذلك فعليهم ما غلب قوتهم، و من سكن البوادي من الأعراب فعليهم الأقط، و الفطرة عليك و على الناس كلهم و من تعول ذكرا كان أو أنثى صغيرا أو كبيرا حرا أو عبدا فطيما أو رضيعا تدفعه وزنا، ستة أرطال برطل المدينة و الرطل مائة و خمسة و تسعون درهما تكون الفطرة ألفا و مائة و سبعين درهما «1».
و ذكر الشيخ أن إجماع العصابة على العمل بهذا الخبر، و يؤيده ما رواه قويا عن جعفر بن معروف قال: كتبت إلى أبي بكر الرازي (و كأنه أحمد بن إسحاق الثقة) في زكاة الفطرة و سألناه أن يكتب في ذلك إلى مولانا (يعني علي بن محمد عليهما السلام) فكتب أن ذلك قد خرج لعلي بن مهزيار أنه يخرج عن كل شي‏ء التمر و البر و غيره صاع و ليس عندنا بعد جوابه علينا في ذلك اختلاف «2» إلى غير ذلك من الأخبار.
و روى الشيخ في الصحيح، عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صدقة الفطرة فقال على كل من يعول الرجل، على الحر و العبد و الصغير و الكبير صاع من تمر أو نصف صاع من بر و الصاع أربعة أمداد «3».
و في الصحيح، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام في صدقة الفطرة فقال تصدق، عن جميع من تعول من صغير أو كبير أو حر أو مملوك على كل إنسان نصف صاع من حنطة أو صاع من تمر أو صاع من شعير و الصاع أربعة أمداد «4».
و عن حماد و بريد و محمد بن مسلم عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام قالوا: سألنا أحدهما عليهما السلام عن زكاة الفطرة قالا: صاع من تمر أو زبيب أو شعير أو نصف ذلك كله حنطة أو دقيق أو سويق أو ذرة أو سلت عن الصغير و الكبير و الذكر و الأنثى و البالغ و من تعول في ذلك سواء «5».
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب تميز فطرة أهل الامصار خبر 1.
 (2- 3- 4- 5) التهذيب باب كمية الفطرة خبر 6- 7- 8- 10.

478
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الفطرة ص 474

.........
__________________________________________________
و في الصحيح، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صدقة الفطرة على كل رأس من أهلك الصغير و الكبير و الحر و المملوك و الغني و الفقير عن كل إنسان نصف صاع من حنطة أو شعير أو صاع من تمر أو زبيب لفقراء المسلمين، و قال: التمر أحب ذلك إلى «1».
و يدل كسائر الأخبار على أن مصرفها الفقراء و الاحتياط أن لا يتعدى عنهم، و ما ذكر في هذه الأخبار و غيرها من أجزاء نصف صاع، محمول على التقية.
لما رواه في الصحيح، عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: في الفطرة جرت السنة بصاع من تمر أو صاع من زبيب أو صاع من شعير فلما كان في زمن عثمان و كثرت الحنطة قومه الناس فقال نصف صاع من بر بصاع من شعير «2».
و في الصحيح، عن أبي عبد الرحمن الحذاء (أيوب بن عطية الثقة) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه ذكر صدقة الفطرة إنها على كل صغير و كبير من حر أو عبد ذكر أو أنثى صاع من تمر أو صاع من زبيب أو صاع من شعير أو صاع من ذرة قال: فلما كان في زمن معاوية (لعنه الله- يب) و خصب الناس عدل الناس عن ذلك إلى نصف صاع من حنطة «3» إلى غير ذلك من الأخبار.
و يظهر منها أنه لا يجوز أن يعطى المقدر قيمة، و يمكن حمل الأخبار على جواز دفع النصف قيمة عن الشعير مثلا و حمل هذا الخبر و أمثاله على عدم الجواز أصالة و الذي يدل على جواز غيرها من الأقوات و القيمة من الفضة، ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة و ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الفطرة على كل قوم مما يغذون‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب زكاة الفطرة خبر 18.
 (2- 3) التهذيب باب كمية الفطر خبر 13- 12.

479
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الفطرة ص 474

.........
__________________________________________________
عيالاتهم لبن أو زبيب أو غيره «1». و في الصحيح، عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون عنده الضيف من إخوانه فيحضر يوم الفطر يؤدى عنه الفطرة؟ قال: نعم الفطرة واجبة على كل من يعول من ذكر و أنثى حر أو مملوك صغير أو كبير قال: و سألته يعطي الفطرة دقيقا مكان الحنطة؟ قال: لا بأس يكون أجر طحنه بقدر ما بين الحنطة و الدقيق قال:
و سألته يعطي يعطي دراهم ثمن التمر و الحنطة يكون أنفع لأهل بيت المؤمن؟ قال:
لا بأس «2».
و في الموثق كالصحيح، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس بالقيمة في الفطرة «3».
و في الصحيح، عن محمد بن أبي عمير و علي بن عثمان، عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الفطرة قال: الجيران أحق بها و لا بأس أن يعطي قيمة ذلك فضة «4».
و في الصحيح و غيره عن إسحاق بن عمار الصيرفي (الموثق) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك ما تقول في الفطرة يجوز أن أؤديها فضة بقيمة هذه الأشياء التي سميتها؟ قال: نعم إن ذلك أنفع له يشتري ما يريد «5» إلى غير ذلك من الأخبار و سيجي‏ء أيضا.
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب ماهية زكاة الفطرة خبر 2.
 (2) التهذيب باب زكاة الفطرة خبر 4.
 (3) التهذيب باب أفضل الفطرة و مقدار القيمة خبر 7.
 (4- 5) التهذيب باب ماهية زكاة الفطرة خبر 5 و باب أفضل الفطرة و مقدار القيمة خبر 6.

480
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الفطرة ص 474

وَ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ فِي الْبَادِيَةِ لَا يَقْدِرُ عَلَى صَدَقَةِ الْفِطْرَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِأَرْبَعَةِ أَرْطَالٍ مِنْ لَبَنٍ وَ كُلُّ مَنِ اقْتَاتَ قُوتاً فَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ فِطْرَتَهُ مِنْ ذَلِكَ الْقُوتِ‏
2065 كَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْفُضَيْلِ الْبَصْرِيُّ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع يَسْأَلُهُ عَنِ الْوَصِيِّ يُزَكِّي زَكَاةَ الْفِطْرَةِ عَنِ الْيَتَامَى إِذَا كَانَ لَهُمْ مَالٌ فَكَتَبَ ع‏

__________________________________________________
 «و إذا كان الرجل إلخ» روى الشيخ (بطريقين) في القوي عن القسم بن الحسن رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام و رواه الكليني عن إبراهيم بن هاشم مرفوعا عنه عليه السلام قال:
سئل عن رجل بالبادية لا يمكنه الفطرة قال: تصدق بأربعة أرطال من اللبن «1» و حمل على المدني، لما رواه في الصحيح، عن محمد بن الريان قال: كتبت إلى الرجل (أي الهادي عليه السلام) أسأله عن الفطرة و زكاتها كم تؤدى؟ فكتب عليه السلام: أربعة أرطال بالمدني «2» و حمل على اللبن اضطرارا جمعا أو على ما إذا أعطاه قيمة و يكون قيمة الحنطة مثلا كذلك.
 «و كل من اقتات قوتا إلخ» روى الكليني في الصحيح، عن محمد بن عيسى عمن ذكره (و في- يب عن محمد بن عيسى عن يونس عمن ذكره) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له جعلت فداك هل على أهل البوادي الفطرة؟ قال: فقال: الفطرة على كل من اقتات قوتا فعليه أن يؤدي من ذلك القوت «3» و لا ريب في أنه أحوط و إن كان الظاهر من الأخبار المتقدمة جواز غيره.
 «و كتب محمد بن القسم بن الفضيل» في الحسن، و رواه الكليني و الشيخ في‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب كمية الفطرة خبر 19 و باب ماهية زكاة الفطرة خبر 3 و الكافي باب الفطرة خبر 15.
 (2) التهذيب باب كمية الفطرة خبر 18.
 (3) الكافي باب الفطرة خبر 14.

481
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الفطرة ص 474

لَا زَكَاةَ عَلَى يَتِيمٍ.
وَ لَيْسَ عَلَى الْمُحْتَاجِ صَدَقَةُ الْفِطْرَةِ مَنْ حَلَّتْ لَهُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ‏
__________________________________________________
الصحيح عنه قال كتبت «إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام» «1».
 «و ليس (إلى قوله) حلت له» أي أخذها للفقر «لم تحل عليه» «2» أي لا تجب عليه و يؤيده ما في بعض النسخ (لم تجب عليه) و روى الشيخ في الصحيح عن الحلبي، عن أبي عبد الله قال: سئل عن رجل يأخذ من الزكاة عليه صدقة الفطرة قال لا «3» و في الصحيح، عن صفوان، عن إسحاق بن المبارك (و هو مجهول و لا يضر) قال: قلت لأبي إبراهيم عليه السلام على الرجل المحتاج صدقة (زكاة- خ) الفطرة قال: ليس عليه فطرة و عن الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له لمن تحل الفطرة؟ فقال: لمن لا يجد، و من حلت له لم تحل عليه و من حلت عليه لم تحل له و في الصحيح، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي إبراهيم عليه السلام على الرجل المحتاج صدقة (زكاة- خ) الفطرة؟ قال ليس عليه فطرة.
و في الموثق كالصحيح، عن زرارة قال: قلت له هل على من قبل الزكاة زكاة؟ فقال أما من قبل زكاة المال فإن عليه زكاة الفطرة و ليس على من قبل الفطرة فطرة و قريب منه رواية الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله عليه السلام.
و يحمل على الاستحباب لما رواه في الصحيح، عن أبان بن عثمان و عن ابن مسكان و عن حريز، عن يزيد بن فرقد النهدي (و هو و إن كان مجهولا لكنه لا يضر) قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل يقبل الزكاة هل عليه صدقة الفطرة؟ قال: لا).
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الفطرة خبر 13 و التهذيب باب الزيادات في الصوم خبر 113.
 (2) اورد في التهذيب أيضا باب زكاة الفطرة خبر 11 و باب مستحق الفطرة خبر 2.
 (3) اورد هذا الخبر و الستة التي بعده في التهذيب باب زكاة الفطر خبر 9- 6- 11 13- 15- 12- 1413 و لكن في يب أبان بن عثمان عن يزيد بن فرقد النهدى.

482
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الفطرة ص 474

2066 وَ رَوَى سَيْفُ بْنُ عَمِيرَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع الرَّجُلُ لَا يَكُونُ عِنْدَهُ شَيْ‏ءٌ مِنَ الْفِطْرَةِ إِلَّا مَا يُؤَدِّي عَنْ نَفْسِهِ وَحْدَهَا أَ يُعْطِيهِ عَنْهَا أَوْ يَأْكُلُ هُوَ وَ عِيَالُهُ قَالَ يُعْطِي بَعْضَ عِيَالِهِ ثُمَّ يُعْطِي الْآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ يُرَدِّدُونَهَا بَيْنَهُمْ فَتَكُونُ عَنْهُمْ جَمِيعاً فِطْرَةٌ وَاحِدَةٌ.

2067 وَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ عِنْدَهُ الضَّيْفُ مِنْ إِخْوَانِهِ فَيَحْضُرُ يَوْمُ الْفِطْرِ يُؤَدِّي عَنْهُ الْفِطْرَةَ فَقَالَ‏

__________________________________________________
 (فأما) ما رواه الكليني في الصحيح، عن زرارة قال: قلت: الفقير الذي يتصدق عليه هل عليه صدقة الفطرة؟ فقال: نعم يعطي مما يتصدق به عليه «1» (فمحمول) على الاستحباب أو على أنه إذا صار غنيا بأخذ الزكاة يجب عليه.
 «و روى سيف بن عميرة» في القوي كالكليني «2» «عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام» يدل على استحباب الدور، و هل يتصدق بعده أم لا مقتضى الدور و عدم ذكر الإخراج، العدم، و المقتضي قوله عليه السلام (فيكون عنهم جميعا فطرة واحدة) الإخراج و هو أحوط.
 «و روى الحسن بن محبوب» في الصحيح كالشيخ و رواه الكليني عنه «3» و الظاهر أنه أخذه من كتابه «عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام» ظاهره الاكتفاء بجزء من شهر رمضان في وجوب الفطرة عنه كما في نظائره و إن كان قوله عليه السلام (على كل من يعول) يقتضي مقدارا يصدق العيلولة عليه عرفا و لهذا قيل باشتراط كون الشهر عنده، و بعضهم بالنصف الأخير منه و بعضهم بليلتين منه في آخره، و بعضهم بليلة، و بعضهم كما ذكرنا و هو أحوط، و الأحوط في غير تمام الشهر أن يعطى الضيف أيضا احتياطا.
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الفطرة خبر 11- 10.
 (3) التهذيب باب زكاة الفطرة خبر 4 و الكافي باب الفطرة خبر 16.

483
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الفطرة ص 474

نَعَمْ الْفِطْرَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مَنْ يَعُولُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ.
2068 وَ رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَنْ رَأْسَيْنِ وَ ثَلَاثَةٍ وَ أَرْبَعَةٍ يَعْنِي الْفِطْرَةَ.

2069 وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَنْ تَدْفَعَ عَنْ نَفْسِكَ وَ عَنْ مَنْ تَعُولُ إِلَى وَاحِدٍ.

وَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَدْفَعَ مَا يَلْزَمُ وَاحِداً إِلَى نَفْسَيْنِ.
__________________________________________________
 «و روى إسحاق بن عمار» في الموثق كالصحيح كالكليني «1» «عن أبي عبد الله عليه السلام» يدل على جواز إعطاء الواحد أكثر من رأس، و لا ريب فيه، بل يجوز الإعطاء إلى أن يستغني و لا يجوز بعده «و في خبر آخر إلخ» هو كالسابق في الدلالة و سيجي‏ء ما يدل عليه.
 «و لا يجوز أن تدفع إلخ» روى الشيخ في الصحيح: عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تعط أحدا أقل من رأس «2» و نقل المرتضى إجماع الإمامية عليه، و ذهب بعض الأصحاب إلى الجواز و حمل الخبر على الاستحباب إلا مع وجود من لا يسع فإنه يستحب التفريق حينئذ.
لما رواه الشيخ في الصحيح، عن صفوان، عن إسحاق بن المبارك (و هو مجهول لكن لا يضر لصحته عن صفوان) قال: سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن صدقة الفطرة أ هي مما قال الله تعالى (أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ)* فقال: نعم و قال: صدقة التمر أحب إلي لأن أبي عليه السلام كان يتصدق بالتمر، قلت فيجعل قيمتها فضة فيعطيها رجلا واحدا أو اثنين؟ فقال: تفرقها أحب إلي و لا بأس بأن يجعلها فضة و التمر أحب إلي قلت فأعطيها غير أهل الولاية من هذا الجيران؟ قال: نعم الجيران أحق بها قلت فأعطى الرجل الواحد ثلاثة أصيع و أربعة أصيع؟ قال: نعم «3».
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الفطرة خبر 17.
 (2- 3) التهذيب باب مستحق الفطرة خبر 9- 10.

484
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الفطرة ص 474

وَ إِنْ كَانَ لَكَ مَمْلُوكٌ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ فَادْفَعْ عَنْهُ الْفِطْرَةَ وَ إِنْ وُلِدَ لَكَ مَوْلُودٌ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ فَادْفَعْ عَنْهُ الْفِطْرَةَ اسْتِحْبَاباً وَ إِنْ وُلِدَ بَعْدَ الزَّوَالِ فَلَا فِطْرَةَ عَلَيْهِ وَ كَذَلِكَ الرَّجُلُ إِذَا أَسْلَمَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ فَعَلَى هَذَا وَ هَذَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَ الْأَخْذِ بِالْأَفْضَلِ فَأَمَّا الْوَاجِبُ فَلَيْسَتِ الْفِطْرَةُ إِلَّا عَلَى مَنْ أَدْرَكَ الشَّهْرَ
2070 رَوَى ذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي الْمَوْلُودِ يُولَدُ لَيْلَةَ الْفِطْرِ وَ الْيَهُودِيِّ وَ النَّصْرَانِيِّ يُسْلِمُ لَيْلَةَ الْفِطْرِ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِمْ فِطْرَةٌ لَيْسَ الْفِطْرَةُ إِلَّا عَلَى مَنْ أَدْرَكَ الشَّهْرَ

__________________________________________________
و أنت خبير بقصور الدلالة لأنه يمكن أن يكون مراده عليه السلام بالتفريق عدم إعطائها فقيرا واحدا بل يفرق عليهم بأن يعطي كل رجل صاعا أو أكثر فالاحتياط فيما ذكره الصدوق.
 «و إن كان لك مملوك إلخ» قد تقدم في الأخبار الصحيحة ما يدل عليه و يؤيده ما رواه الكليني مرفوعا و الشيخ قويا عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يؤدي الرجل زكاة الفطرة عن مكاتبه و رقيق امرأته و عبده النصراني و المجوسي و ما أغلق عليه بابه «1» و وجوب الفطرة عن المكاتب و رقيق المرأة باعتبار العيلولة كما تقدم في الأخبار الصحيحة.
 «و إن ولد لك إلخ» و رواه الشيخ أيضا مرسلا روى ذلك علي بن أبي حمزة كالصحيح عنه قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن مولود ولد ليلة الفطر عليه فطرة قال: لا قد خرج الشهر قال، و سألته عن يهودي أسلم ليلة الفطر عليه فطرة؟
قال؟ لا «2».
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الفطرة خبر 2.
 (2) التهذيب باب زكاة الفطرة خبر 5 و باب الزيادات خبر 101.

485
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الفطرة ص 474

2071 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ بِلَالٍ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى الطَّيِّبِ الْعَسْكَرِيِّ ع هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى الْفِطْرَةُ عَنْ عِيَالِ الرَّجُلِ وَ هُمْ عَشَرَةٌ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ رَجُلًا مُحْتَاجاً مُوَافِقاً فَكَتَبَ ع نَعَمِ افْعَلْ ذَلِكَ.

2072 وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع عَنِ الْمُكَاتَبِ هَلْ عَلَيْهِ فِطْرَةُ شَهْرِ رَمَضَانَ أَوْ عَلَى مَنْ كَاتَبَهُ وَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ قَالَ الْفِطْرَةُ عَلَيْهِ وَ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ.

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ هَذَا عَلَى الْإِنْكَارِ لَا عَلَى الْإِخْبَارِ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهُ كَيْفَ تَجِبُ عَلَيْهِ الْفِطْرَةُ وَ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ أَيْ أَنَّ شَهَادَتَهُ جَائِزَةٌ كَمَا أَنَّ الْفِطْرَةَ عَلَيْهِ وَاجِبَةٌ.
__________________________________________________
 «و روى محمد بن عيسى» في الصحيح «عن علي بن بلال» الثقة «قال كتبت إلى الطيب» يحتمل العسكريين عليهما السلام «موافقا» أي إماميا و هذا كالأخبار السابقة في الدلالة على جواز إعطاء الواحد أكثر من رأس، بل على استحبابه بقوله عليه السلام «افعل ذلك».
 «و سئل علي بن جعفر» في الصحيح كالشيخ «1» «أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام» و يدل بإطلاقه أو عمومه على وجوب الفطرة على المكاتب مطلقا كان أو مشروطا سواء كان على الإنكار أو لا. و يمكن أن يكون للإنكار و يكون المراد به أنه إذا لم تقبل شهادته كيف يكون الفطرة واجبا عليه لأن المدار فيهما على الحرية و يكون للتقية. و حمل الأكثر على المطلق الذي أدى شيئا بقدر الحرية للعمومات التي تقدمت و إن كان ظاهرها العيلولة و لا شك معها، و لما رواه الشيخ في القوي، كالصحيح عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال يؤدي الرجل زكاة الفطرة عن مكاتبه و رقيق امرأته و عبده النصراني و المجوسي و ما أغلق عليه بابه «2» و رواه.
الكليني مرفوعا عنه عليه السلام و يمكن حمله على العيلولة كما هو ظاهر قوله عليه السلام‏
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب الزيادات خبر 104- 103 و اما الكافي فقد مر آنفا.

486
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الفطرة ص 474

2073 وَ كَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْفُضَيْلِ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع يَسْأَلُهُ عَنِ الْمَمْلُوكِ يَمُوتُ عَنْهُ مَوْلَاهُ وَ هُوَ عَنْهُ غَائِبٌ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى وَ فِي يَدِهِ مَالٌ لِمَوْلَاهُ وَ يَحْضُرُ الْفِطْرُ أَ يُزَكِّي عَنْ نَفْسِهِ مِنْ مَالِ مَوْلَاهُ وَ قَدْ صَارَ لِلْيَتَامَى فَقَالَ نَعَمْ.

2074 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع لَأَنْ أُعْطِيَ فِي الْفِطْرَةِ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْطِيَ صَاعاً مِنْ تِبْرٍ

__________________________________________________
 (و رقيق امرأته) و كذا قوله عليه السلام (و ما أغلق عليه بابه) فالعمل على ظاهر الخبر قوي و الاحتياط ظاهر.
 «و كتب محمد بن القسم بن الفضيل» في الحسن و رواه الكليني في الصحيح «إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام» و ينافيه ظاهرا ما تقدم عنه صلوات الله عليه (أنه لا زكاة على يتيم) فيمكن حمله على الاستحباب.
و يؤيده ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن زرارة و محمد بن مسلم. عن عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام أنهما سئلا عما في الرقيق فقالا، ليس في الرأس شي‏ء أكثر من صاع من تمر إذا حال عليه الحول و ليس في ثمنه شي‏ء حتى يحول عليه الحول «1» فإن قوله عليه السلام (ليس في الرأس شي‏ء أكثر من صاع) عام و على أي حال فالاحتياط في العدم، و يمكن حمل الخبر على أن يكون موت المولى بعد الوجوب لأن الواو لا يدل على الترتيب فعلى هذا يكون الزكاة دينا على المولى و يجوز إخراجها.
 «و قال الصادق عليه السلام» روى الشيخ في القوي، عن زيد الشحام قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لأن أعطي صاعا من تمر أحب إلي من أن أعطي صاعا من ذهب في الفطر: «2» و كأنه نقل بالمعنى.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب ما يجب عليه الصدقة من الحيوان إلخ خبر 4 من كتاب الزكاة.
 (2) التهذيب باب أفضل الفطرة و مقدار القيمة خبر 4.

487
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الفطرة ص 474

2075 وَ رَوَى عَنْهُ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ أَنَّهُ قَالَ‏ التَّمْرُ فِي الْفِطْرَةِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ أَسْرَعُ مَنْفَعَةً وَ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ أَكَلَ مِنْهُ قَالَ وَ نَزَلَتِ الزَّكَاةُ وَ لَيْسَ لِلنَّاسِ أَمْوَالٌ وَ إِنَّمَا كَانَتِ الْفِطْرَةُ
2076 وَ سَأَلَ إِسْحَاقُ بْنُ عَمَّارٍ أَبَا الْحَسَنِ ع‏ عَنِ الْفِطْرَةِ فَقَالَ الْجِيرَانُ أَحَقُّ بِهَا وَ لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطَى قِيمَةُ ذَلِكَ فِضَّةً
______________________________
 «و روى عنه هشام بن الحكم» في الصحيح و رواه الكليني في الصحيح عنه عن أبي عبد الله عليه السلام‏ «1» و يؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح، عن منصور بن حازم (و في بعض النسخ (بن خارجة) و الظاهر أنه تصحيف) عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
سألته عن صدقة الفطرة قال: صاع من تمر أو نصف صاع من حنطة أو صاع من شعير و التمر أحب إلي‏ «2».
و في الموثق كالصحيح عن إسحاق بن عمار قال سألته عن صدقة الفطرة قال:
التمر أفضل‏ «3» و في القوي عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن صدقة الفطرة قال عن كل رأس من أهلك، الصغير منهم و الكبير، و الحر و المملوك و الغني و الفقير كل من ضممت إليك، عن كل إنسان صاع من حنطة أو صاع من شعير أو تمر أو زبيب و قال: التمر أحب إلي فإن لك بكل تمرة نخلة في الجنة «4» و قد تقدم أنفعية الدراهم فيحمل على التخيير بينهما.
 «و سأل إسحاق بن عمار» في الموثق كالصحيح كالشيخ‏ «5» قال سألت‏ «أبا الحسن عليه السلام» و يدل على استحباب تقديم الجيران على غيرهم و يحمل على المؤمنين منهم أو للتقية منهم و روى الكليني في الصحيح عنه، عن أبي إبراهيم عليه السلام‏
______________________________
 (1) الكافي باب الفطرة خبر 3
 (2- 3- 4) التهذيب باب أفضل الفطرة إلخ خبر 1- 2- 5
 (5) التهذيب باب ماهية زكاة الفطرة خبر 5مجلسى، محمدتقى بن مقصودعلى، روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه (ط - القديمة)، 14جلد، مؤسسه فرهنگى اسلامى كوشانبور - قم، چاپ: دوم، 1406 ق.

488
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الفطرة ص 474

2077 وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ يَقْطِينٍ أَبَا الْحَسَنِ الْأَوَّلَ ع عَنْ زَكَاةِ الْفِطْرَةِ أَ يَصْلُحُ أَنْ يُعْطَى‏

__________________________________________________
قال: سألته عن صدقة الفطرة أعطيها غير أهل ولايتي من فقراء جيراني؟ قال: نعم الجيران أحق بها لمكان الشهرة «1».
و ظاهره جواز الدفع إليهم تقية كما يحمل عليها، ما رواه الشيخ في الصحيح، عن محمد بن عيسى قال: حدثني علي بن بلال و أراني (أي أظن) (إني) قد سمعته من علي بن بلال قال كتبت إليه هل يجوز أن يكون الرجل في بلدة و رجل من إخوانه في بلدة أخرى يحتاج، أن يوجه له فطرة أم لا؟ فكتب تقسم الفطرة على من حضرها و لا يوجه ذلك إلى بلدة أخرى و إن لم يجد موافقا «2» و يحمل على المستضعف كما يدل عليه أخبار أخر.
 «و سأل علي بن يقطين» في الصحيح أبا الحسن الأول عليه السلام، و الظؤورة جمع ظئر و يدل على جواز الدفع إلى المستضعف و حمل على عدم وجود المؤمن، لما رواه الكليني في الصحيح عن مالك الجهني (و روى ما يدل على مدحه و كتابه معتمد) قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن زكاة الفطرة فقال: يعطيها المسلمين فإن لم تجد مسلما فمستضعفا و أعط ذا قرابتك منها إن شئت «3».
و في الموثق كالصحيح (برواية الشيخ)، عن الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان جدي صلوات الله عليه يعطي فطرته الضعفاء و من لا يجد و من لا يتولى قال و قال أبوه عليه السلام هي لأهلها إلا أن لا تجدهم فإن لم تجدهم فلمن لا ينصب و لا تنقل من أرض إلى أرض و قال: الإمام أعلم يضعها حيث يشاء و يصنع فيها ما يرى «4».
و الذي يدل على أنه لا يجوز الدفع إلى المستضعف مع وجود العارف ما تقدم‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الفطرة خبر 19.
 (2- 4) التهذيب باب مستحق الفطرة خبر 6- 8.
 (3) الكافي باب زكاة الفطرة خبر 18.

489
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الفطرة ص 474

الْجِيرَانُ وَ الظُّئُورَةُ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ وَ لَا يَنْصِبُ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إِذَا كَانَ مُحْتَاجاً.
2078 وَ رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ مُعَتِّبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: اذْهَبْ فَأَعْطِ عَنْ عِيَالِنَا الْفِطْرَةَ وَ عَنِ الرَّقِيقِ وَ اجْمَعْهُمْ وَ لَا تَدَعْ مِنْهُمْ أَحَداً فَإِنَّكَ إِنْ تَرَكْتَ مِنْهُمْ إِنْسَاناً تَخَوَّفْتُ عَلَيْهِ الْفَوْتَ قُلْتُ وَ مَا الْفَوْتُ قَالَ الْمَوْتُ.

2079 وَ رَوَى صَفْوَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع عَنْ رَجُلٍ‏

__________________________________________________
من الأخبار في الزكاة أنه لا يجوز الدفع إلى غير المؤمن و يزيده بيانا ما رواه الشيخ في الصحيح، عن محمد بن عيسى قال: كتب إليه إبراهيم بن عقبة سأله عن الفطرة كم هي برطل بغداد عن كل رأس و هل يجوز إعطاؤه غير مؤمن؟ فكتب عليه السلام إليه عليك أن تخرج عن نفسك صاعا بصاع النبي صلى الله عليه و آله و سلم و عن عيالك أيضا لا ينبغي لك أن تعطي زكاتك إلا مؤمنا «1».
و في الحسن عن سليمان بن حفص المروزي قال: سمعته يقول إن لم تجد من تقع الفطرة فيه فاعزلها تلك الساعة قبل الصلاة، و الصدقة بصاع من تمر أو قيمته في تلك البلاد دراهم «2»: «و روى إسحاق بن عمار» في الموثق كالصحيح كالكليني «3» «عن معتب» الثقة «عن أبي عبد الله عليه السلام» يدل على جواز الاعتماد على الثقة في إخراج الزكاة كما يدل عليه ما رواه الكليني و الشيخ في الحسن كالصحيح، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس بأن يعطي الرجل عن عياله و هم غيب عنه و يأمرهم فيعطون عنه و هو غائب عنهم «4» و الظاهر أنه إذا كانوا معتمدين، و على أن ترك الفطرة سبب للموت.
 «و روى صفوان عن عبد الرحمن بن الحجاج» في الحسن كالصحيح «قال‏
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب مستحق الفطرة خبر 5- 4.
 (3) الكافي باب الفطرة خبر 21.
 (4) الكافي باب الفطرة خبر 7 و التهذيب باب الزيادات خبر 102.

490
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الفطرة ص 474

يُنْفِقُ عَلَى رَجُلٍ لَيْسَ مِنْ عِيَالِهِ إِلَّا أَنَّهُ يَتَكَلَّفُ لَهُ نَفَقَتَهُ وَ كِسْوَتَهُ أَ يَكُونُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهُ قَالَ لَا إِنَّمَا يَكُونُ فِطْرَتُهُ عَلَى عِيَالِهِ صَدَقَةً دُونَهُ وَ قَالَ الْعِيَالُ الْوَلَدُ وَ الْمَمْلُوكُ وَ الزَّوْجَةُ وَ أُمُّ الْوَلَدِ.
2080 وَ رَوَى صَفْوَانُ بْنُ يَحْيَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْفِطْرَةِ قَالَ إِذَا عَزَلْتَهَا فَلَا يَضُرُّكَ مَتَى مَا أَعْطَيْتَهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَهَا وَ قَالَ الْوَاجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تُعْطِيَ عَنْ نَفْسِكَ وَ أَبِيكَ وَ أُمِّكَ وَ وَلَدِكَ وَ امْرَأَتِكَ وَ خَادِمِكَ.

2081 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ فِي‏

__________________________________________________
 (إلى قوله) من عياله» بأن يكون في بيته، بل يبعث إليه نفقته تبرعا «قال إنما فطرته على عياله» أي عنهم صدقة و فطرة لا عنه لأنه ليس من عياله «و قال العيال» أي العيال الذين يجب عليهم نفقتهم و فطرتهم و إن لم يعلهم إذا لم يعلهم غيره «الولد» و إن نزل «و المملوك» عبدا كان أو أمة «و الزوجة» غنية كانت أم فقيرة «و أم الولد» لأنها أمته و تخصيصهم بالذكر لا ينافي كون غيرهم كذلك من الوالدين و إن علوا كما تقدم و سيجي‏ء.
 «و روى صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمار» في الموثق كالصحيح «قال (إلى قوله) أو بعدها» و رواه الشيخ أيضا في الموثق كالصحيح «1» و يدل بمفهومه على الضرر مع عدم العزل كما سيجي‏ء صريحا «و قال الواجب عليك» أي مع العيلولة و عدمها «أن تعطي (إلى قوله) و ولدك» مع فقرهم أو مع العيلولة مع عدمه «و امرأتك و خادمك» مع الملكية أو العيلولة.
 «و روى محمد بن مسلم» في القوي كالصحيح «عن أبي جعفر عليه السلام (إلى قوله) الصلاة» أي صار عيالا له أو ولد له قبل الصلاة، و حمل على الاستحباب‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب وقت زكاة الفطرة خبر 7.

491
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الفطرة ص 474

أَهْلِهِ مِنْ صَدَقَةِ الْفِطْرَةِ قَالَ تَصَدَّقْ عَنْ جَمِيعِ مَنْ تَعُولُ مِنْ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ مَنْ أَدْرَكَ مِنْهُمُ الصَّلَاةَ
__________________________________________________
للأخبار المتقدمة.
 «و قال أبي رضي الله عنه إلخ» روى الشيخ في الصحيح، عن زرارة و بكير ابني أعين و الفضيل بن يسار و محمد بن مسلم و بريد بن معاوية عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا على الرجل أن يعطي عن كل من يعول من حر و عبد و صغير و كبير يعطي يوم الفطر فهو أفضل و هو في سعة أن يعطيها في أول يوم يدخل في شهر رمضان إلى آخره، فإن أعطى تمرا فصاع لكل رأس، و إن لم يعط تمرا فنصف صاع لكل رأس من حنطة أو شعير و الحنطة و الشعير سواء ما أجزأ عنه الحنطة فالشعير يجزي «1».
و حمل على الدفع قرضا كما تقدم في الزكاة.
 «و هي زكاة إلى أن تصلي العيد إلخ» روى الكليني في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كل من ضممت إلى عيالك من حر أو مملوك فعليك أن تؤدي الفطرة عنه قال و إعطاء الفطرة قبل الصلاة أفضل و بعد الصلاة صدقة «2» أي فات وقتها و ليس لها ثواب الفطرة بل تكون صدقة مندوبة أو واجبة قضاء و ليس لها الثواب، و المشهور أن المراد بالصلاة وقتها و هو إلى الزوال.
و روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار و الشيخ في الصحيح عن حماد عن معاوية بن عمار عن إبراهيم بن ميمون (و كتابه معتمد) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام الفطرة إن أعطيت قبل أن تخرج إلى العيد فهي فطرة و إن كان بعد ما تخرج فهي صدقة «3» و هو محمول على ما إذا لم يعزل كما تقدم.
و كما رواه الشيخ في الصحيح، عن زرارة بن أعين، عن أبي عبد الله عليه السلام في‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب وقت زكاة الفطرة خبر 4.
 (2) الكافي باب الفطرة خبر 1.
 (3) الكافي باب الفطرة خبر 4 و التهذيب باب وقت زكاة الفطرة خبر 3.

492
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الفطرة ص 474

وَ قَالَ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ لَا بَأْسَ بِإِخْرَاجِ الْفِطْرَةِ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ إِلَى آخِرِهِ وَ هِيَ زَكَاةٌ إِلَى أَنْ تُصَلِّيَ الْعِيدَ فَإِنْ أَخْرَجْتَهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ وَ أَفْضَلُ وَقْتِهَا آخِرُ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ‏
__________________________________________________
رجل أخرج فطرته فعزلها حتى يجد لها أهلا فقال: إذا أخرجها من ضمانه فقد برئ و إلا فهو ضامن لها حتى يؤديها إلى أربابها «1» و الظاهر أن المراد به دفعها إلى ثقة و نحوه.
و في الصحيح عن العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الفطرة متى هي؟ فقال: قبل الصلاة يوم الفطر قلت فإن بقي منه شي‏ء بعد الصلاة؟ فقال:
لا بأس نحن نعطي عيالنا منه ثمَّ يبقى فنقسمه «2» و في الحسن عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى «3» فقال: تروح إلى الجبانة تصلي «4».
الظاهر أن المراد به أن مراد الله تعالى من قوله (تزكى) الفطرة، و بالصلاة صلاة العيد فيلزم أن يكون الزكاة قبل الصلاة، و في الموثق كالصحيح، عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام في الفطرة إذا عزلتها و أنت تطلب بها الموضع أو تنتظر بها رجلا فلا بأس به «5».
 «و أفضل وقتها آخر يوم من شهر رمضان» و مستنده صحيحة الفضلاء من قوله عليه السلام (إلى آخره) و الظاهر أنه منتهى جواز التقديم، و ظهر من الأخبار أن أفضل وقتها قبل صلاة العيد و أول وقتها من حين الغروب ليلة العيد، و الأحوط إخراجها
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب وقت زكاة الفطرة خبر 8- 1.
 (3) الأعلى- 12.
 (4- 5) التهذيب باب وقت زكاة الفطرة خبر 2- 6.

493
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الفطرة ص 474

2082 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ الْعَيَّاشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُصَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْصُورُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَهْلٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ رَقِيقٌ بَيْنَ قَوْمٍ عَلَيْهِمْ فِيهِ زَكَاةُ الْفِطْرَةِ قَالَ إِذَا كَانَ لِكُلِّ إِنْسَانٍ رَأْسٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ فِطْرَتَهُ وَ إِذَا كَانَ عِدَّةُ الْعَبِيدِ وَ عِدَّةُ الْمَوَالِي سَوَاءً وَ كَانُوا جَمِيعاً

__________________________________________________
قبل صلاة العيد مع أدائها إلى المستحق فإن لم يتيسر فمتى تيسر، و عليه يحمل ما رواه الشيخ قويا عن الحرث عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس بأن يؤخر الفطرة إلى هلال ذي القعدة «1» و لو ترك الإخراج قبل الزوال فالأحوط إخراجها إلى آخر اليوم و إن لم يخرجها فالاحتياط في الإخراج لعموم من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته و خروجا من خلاف من أوجبه.
 «و روى محمد بن مسعود العياشي» في الضعيف «عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام» ظاهره عدم وجوب الزكاة على المولى إذا كان له أقل من رأس، و حمل على عدم وجوب الفطرة الكاملة، و المشهور أنها على الموالي بالحصص لعموم الأخبار المتقدمة و لا ريب في أنه أحوط، هذا إذا لم يعلمه أحد من الموالي أو غيرهم لأنه مع العيلولة زكاته على العائل بلا ريب لعموم الأخبار السابقة.
 «و روى محمد بن إسماعيل بن بزيع» في الصحيح كالشيخ و رواه الكليني قويا عنه «2» و يدل على رجحان حمل الزكاة إلى الإمام كما تقدم في خبر الفضيل أنه عليه السلام أعلم بمواقعها.
و يؤيده ما رواه الكليني قويا عن أبي علي بن راشد قال: سألته عن الفطرة لمن هي قال للإمام قال؟ قلت له فأخبر أصحابي؟ قال: نعم من أردت أن تطهره منهم و قال: لا بأس بأن تعطي و تحمل ثمن ذلك ورقا «3» قوله عليه السلام (للإمام) أي‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب وقت زكاة الفطرة خبر 5.
 (2) التهذيب باب وجوب اخراج الزكاة الى الامام خبر 3 و الكافي باب الفطرة خبر 22 و فيهما زيادة قوله (ع) (و قبلت) بعد قوله قبضت.
 (3) الكافي باب الفطرة خبر 23.

494
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الفطرة ص 474

فَهُمْ سَوَاءٌ أَدَّوْا زَكَاتَهُمْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ وَ إِنْ كَانَ لِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ أَقَلُّ مِنْ رَأْسٍ فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِمْ.
2083 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ قَالَ: بَعَثْتُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع بِدَرَاهِمَ لِي وَ لِغَيْرِي وَ كَتَبْتُ إِلَيْهِ أُخْبِرُهُ أَنَّهَا مِنْ فِطْرَةِ الْعِيَالِ فَكَتَبَ ع بِخَطِّهِ قَبَضْتُ.

2084 وَ فِي رِوَايَةِ السَّكُونِيِّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ: مَنْ أَدَّى زَكَاةَ الْفِطْرَةِ تَمَّمَ اللَّهُ لَهُ بِهَا مَا نَقَصَ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ.

2085 وَ رَوَى حَمَّادُ بْنُ عِيسَى عَنْ حَرِيزٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ وَ زُرَارَةَ قَالا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ مِنْ تَمَامِ‏

__________________________________________________
حق الإخراج إليه عليه السلام، و قد تقدم صحيحة أيوب بن نوح في هذا المعنى أيضا (و قيل) بوجوب الحمل إليه، و مع غيبته عليه السلام إلى الفقهاء المأمونين لأنهم أبصر بمواقعها، و لا ريب في أنه أحوط. «و في رواية السكوني» في القوي «تمم الله له بها» بالفطرة «ما نقص من زكاة ماله» أي سهوا أو جهلا أو الأعم تفضلا مع التوبة و عدم القدرة.
 «و روي (إلى قوله) و زرارة» في الصحيح كالشيخ «1» «قال قال أبو عبد الله عليه السلام إن من تمام الصوم» أي من قبوله «إعطاء الزكاة يعني الفطرة» كأنه من كلام الصدوق لعدم ذكره في يب «كما أن الصلاة على النبي صلى الله عليه و آله و سلم» أي في التشهد «من تمام الصلاة» و يحتمل الأعم و ظاهره الكمال كما في الصوم «قد بدأ بها» أي بالزكاة قبل الصلاة كما في يب و في بعض النسخ (قبل الصوم) و كأنه من النساخ «قال قد أفلح» أي فاز و نجا «من تزكى» زكاة الفطرة «و ذكر اسم‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب الزيادات من كتاب الزكاة خبر 46.

495
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الفطرة ص 474

الصَّوْمِ إِعْطَاءُ الزَّكَاةِ يَعْنِي الْفِطْرَةَ كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ ص مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ مَنْ صَامَ وَ لَمْ يُؤَدِّ الزَّكَاةَ فَلَا صَوْمَ لَهُ إِذَا تَرَكَهَا مُتَعَمِّداً وَ لَا صَلَاةَ لَهُ إِذَا تَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ ص إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ بَدَأَ بِهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ قَالَ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى. وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى.

بَابُ الِاعْتِكَافِ‏
2086 رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: لَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ فِي مَسْجِدِ الْجَامِعِ.

2087 قَالَ: وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا كَانَ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ اعْتَكَفَ فِي الْمَسْجِدِ وَ ضُرِبَتْ لَهُ قُبَّةٌ مِنْ شَعْرٍ وَ شَمَّرَ الْمِئْزَرَ وَ طَوَى فِرَاشَهُ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ وَ اعْتَزَلَ النِّسَاءَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ‏

__________________________________________________
ربه» بالتكبير المعهود عند الخروج إلى المصلى أو بعد أربع صلوات كما تقدم «فصلى» صلاة العيد- و روي أخبار في عدم قبول الصوم ما لم يؤد الفطرة إذا كانت واجبة عليه و القبول غير الإجزاء.
باب الاعتكاف و هو اللبث في المسجد الجامع صائما للعبادة ثلاثة أيام فصاعدا.
 «روى الحلبي» في الصحيح و رواه الكليني في الحسن كالصحيح «1».
 «عن أبي عبد الله عليه السلام (إلى قوله) بصوم» واجبا أو مندوبا «في مسجد الجامع» و هو المسجد الكبير بالبلد أو يقيد بالجامع الذي جمع فيه نبي أو وصي نبي جمعة أو جماعة «قال» أبو عبد الله عليه السلام، من كلام الحلبي «2» «و كان (إلى قوله) قبة» خيمة «من شعر و شمر المئزر» أي تهيأ للعبادة متهما لها كما يشمر من يهتم بفعل «و طوى فراشه» الذي كان للمجامعة أو كناية عن تركها و هو أظهر
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب انه لا يكون الاعتكاف الا بصوم خبر 3 و أبواب الاعتكاف خبر 1.

496
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الاعتكاف ص 496

ع أَمَّا اعْتِزَالُ النِّسَاءِ فَلَا.
قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَحِمَهُ اللَّهُ مَعْنَى قَوْلِهِ ع أَمَّا اعْتِزَالُ النِّسَاءِ فَلَا هُوَ أَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ مِنْ خِدْمَتِهِ وَ الْجُلُوسِ مَعَهُ فَأَمَّا الْمُجَامَعَةُ فَإِنَّهُ امْتَنَعَ مِنْهَا كَمَا مُنِعَ وَ مَعْلُومٌ مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ وَ طَوَى فِرَاشَهُ تَرْكُ الْمُجَامَعَةِ
2088 وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع كَانَتْ بَدْرٌ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَلَمْ يَعْتَكِفْ رَسُولُ اللَّهِ ص‏

__________________________________________________
 «و قال بعضهم» و في الكافي بالفاء و هو أحسن «و اعتزل النساء» أي سأل عنه عليه السلام أو تمم كلامه عليه السلام بكلامه «فقال (إلى قوله) كما منع» بقوله تعالى (وَ لا تُبَاشِرُوهُنَّ) أي لا تجامعوهن (وَ أَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ) «1» و قيل المباشرة أعم من الجماع و القبلة بشهوة أو الأعم و اللمس بشهوة.
و يدل على اشتراطه بالصوم أيضا، ما رواه الكليني في الصحيح و الشيخ في الموثق كالصحيح، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لا اعتكاف إلا بصوم «2» و في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا اعتكاف إلا بصوم في مسجد الجامع «3» و عن أبي العباس عنه عليه السلام قال: لا اعتكاف إلا بصوم «4».
و روى الشيخ في الموثق كالصحيح، عن عبيد بن زرارة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لا يكون الاعتكاف إلا بصوم «5» و سيجي‏ء أيضا.
 «و قال أبو عبد الله عليه السلام» من تتمة حديث الحلبي كما رواه الكليني عنه في الحسن كالصحيح عنه عليه السلام «كانت بدر» (أي غزوة بدر) يذكر و يؤنث فالتأنيث‏
__________________________________________________
 (1) البقرة- 283.
 (2- 3- 4) الكافي باب انه لا يكون اعتكاف الا بصوم خبر 2- 3- 1 و نقل في يب في باب الاعتكاف خبر ابى العباس عن ابى داود عن أبي عبد اللّه (ع).
 (5) التهذيب باب الاعتكاف و ما يجب فيه من الصيام خبر 7.

497
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الاعتكاف ص 496

فَلَمَّا أَنْ كَانَ مِنْ قَابِلٍ اعْتَكَفَ عَشْرَيْنِ عَشْراً لِعَامِهِ وَ عَشْراً قَضَاءً لِمَا فَاتَهُ.
2089 وَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مَا تَقُولُ فِي الِاعْتِكَافِ بِبَغْدَادَ فِي بَعْضِ مَسَاجِدِهَا قَالَ لَا تَعْتَكِفْ إِلَّا فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ قَدْ صَلَّى فِيهِ إِمَامٌ عَدْلٌ جَمَاعَةً وَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُعْتَكَفَ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَ الْبَصْرَةِ- وَ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَ مَسْجِدِ مَكَّةَ.

2090 وَ قَدْ رُوِيَ فِي مَسْجِدِ الْمَدَائِنِ.

2091 وَ رَوَى الْبَزَنْطِيُّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سِرْحَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَا أَرَى الِاعْتِكَافَ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ مَسْجِدِ الرَّسُولِ ص أَوْ فِي مَسْجِدِ الْجَامِعِ وَ لَا يَنْبَغِي‏

__________________________________________________
 (إما) بتأويل الغزوة و (إما) لتأنيث بدر «في شهر رمضان» و كان مسافرا «1» و يشعر بأن تركه صلى الله عليه و آله و سلم الاعتكاف لكونه مسافرا و لا صوم فيه أو لأنه كان مشتغلا بأمر الجهاد أو لأنه لم يكن هناك مسجد أو للجميع و الأول أظهر من السياق.
 «و روى الحسن بن محبوب» في الصحيح و رواه الكليني أيضا عنه «2» و الظاهر أنه أخذه من كتابه و رواه الشيخ قويا عنه «عن عمر بن يزيد (إلى قوله) عدل» أي معصوم أو عادل فعلى هذا يكون المنفي مساجد العامة التي لم يصل فيها العادل صلاة جماعة و يكون موافقا لخبر الحلبي و يكون قوله عليه السلام «و لا بأس بأن يعتكف إلخ» لبيان الفرد الأكمل «و قد روي في مسجد المدائن» لأنه روي أنه صلى فيه الحسن بن علي صلوات الله عليهما صلاة جماعة.
 «و روى البزنطي» في الصحيح و رواه الكليني عنه «3» و الظاهر أنه مأخوذ من كتابه فيكون صحيحا و لا يضر ضعف السند إليه لأنه من مشايخ الإجازة و كانت كتب هؤلاء الأجلاء أشهر من الشمس «عن داود بن سرحان (إلى قوله) مسجد
__________________________________________________
 (1) الكافي أبواب الاعتكاف خبر 2.
 (2- 3) الكافي باب المساجد التي يصلح الاعتكاف فيها خبر 1- 2 و التهذيب باب الاعتكاف إلخ خبر 14- 16.

498
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الاعتكاف ص 496

لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ إِلَّا لِحَاجَةٍ لَا بُدَّ مِنْهَا ثُمَّ لَا يَجْلِسُ حَتَّى يَرْجِعَ وَ الْمَرْأَةُ مِثْلُ ذَلِكَ.
__________________________________________________
جامع» ظاهره الإطلاق و إن احتمل التقييد «و لا ينبغي» تتمة خبر البزنطي كما يظهر من في و يب، و ظاهره كراهة الخروج لكن المشهور حرمته و بطلان الاعتكاف به فإنه ليس إلا اللبث في المسجد «ثمَّ لا يجلس» و المشهور أنه يحرم عليه المشي تحت الظلال و لم نقف له على مستند و الأحوط تركه «و المرأة مثل ذلك» أي اعتكافها كاعتكاف سواء.
و يؤيده ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل عن الاعتكاف فقال: لا يصلح الاعتكاف إلا في المسجد الحرام أو مسجد الرسول أو مسجد الكوفة أو مسجد جماعة و تصوم ما دمت معتكفا «1».
و ما رواه الشيخ في الموثق عن علي بن عمران، عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام قال: المعتكف يعتكف في المسجد الجامع «2».
و في الموثق عن يحيى بن العلاء الرازي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يكون اعتكاف إلا في مسجد جماعة «3».
و في القوي عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل عن الاعتكاف في رمضان في العشر قال: إن عليا عليه السلام كان يقول: لا أرى الاعتكاف إلا في المسجد الحرام أو في مسجد الرسول أو في مسجد جامع «4» و سيجي‏ء أيضا.
و بالجملة فالظاهر جوازه في كل جامع صلى فيه صلاة جماعة، و الأحوط
__________________________________________________
 (1) الكافي باب المساجد التي يصلح الاعتكاف فيها خبر 3.
 (2- 3- 4) التهذيب باب الاعتكاف و ما يجب فيه من الصيام خبر 12- 13- 17.

499
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الاعتكاف ص 496

2092 وَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْمُعْتَكِفُ بِمَكَّةَ يُصَلِّي فِي أَيِّ بُيُوتِهَا شَاءَ سَوَاءٌ عَلَيْهِ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي بُيُوتِهَا.

2093 وَ فِي رِوَايَةِ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْمُعْتَكِفُ بِمَكَّةَ يُصَلِّي فِي أَيِّ بُيُوتِهَا شَاءَ وَ الْمُعْتَكِفُ فِي غَيْرِهَا لَا يُصَلِّي إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي سَمَّاهُ‏

__________________________________________________
أن يكون في المسجد الكبير من البلد الذي صلى فيه عادل صلاة جماعة، و يحمل الأخبار التي وردت في المساجد المخصوصة على الأفضلية، و الأحوط عدم إيقاعه في غيرها.
 «و في رواية عبد الله بن سنان» الصحيحة و رواها الكليني و الشيخ أيضا في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: المعتكف بمكة إذا خرج من المسجد لحاجة يصلي في أي بيوتها شاء «1».
 «و في رواية منصور بن حازم» الحسنة و رواها الكليني في الصحيح عنه «2» «عن أبي عبد الله عليه السلام» و يؤيدهما ما رواه الشيخ في الموثق كالصحيح، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: المعتكف بمكة يصلي في أي بيوتها شاء سواء عليه صلى في المسجد أو في بيوتها و قال: لا يصلح العكوف في غيرها إلا أن يكون مسجد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أو في مسجد من مساجد الجماعة و لا يصلي المعتكف في غير المسجد الذي اعتكف فيه إلا بمكة فإنه يعتكف (أي يصلي صلاة الاعتكاف) بمكة حيث شاء لأنها كلها حرم الله و لا يخرج المعتكف من المسجد إلا في حاجة «3»
__________________________________________________
 (1) الكافي باب المساجد التي يصلح الاعتكاف خبر 4 و التهذيب باب الاعتكاف الخ خبر 24.
 (2) الكافي باب المساجد التي يصلح للاعتكاف إلخ خبر 5.
 (3) التهذيب باب الاعتكاف إلخ خبر 23.

500
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الاعتكاف ص 496

2094 وَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي وَلَّادٍ الْحَنَّاطِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ امْرَأَةٍ كَانَ زَوْجُهَا غَائِباً فَقَدِمَ وَ هِيَ مُعْتَكِفَةٌ بِإِذْنِ زَوْجِهَا فَخَرَجَتْ حِينَ بَلَغَهَا قُدُومُهُ مِنَ الْمَسْجِدِ الَّذِي هِيَ فِيهِ فَتَهَيَّأَتْ لِزَوْجِهَا حَتَّى وَاقَعَهَا فَقَالَ إِنْ كَانَتْ خَرَجَتْ مِنَ الْمَسْجِدِ قَبْلَ أَنْ تَمْضِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَ لَمْ تَكُنِ اشْتَرَطَتْ فِي اعْتِكَافِهَا فَإِنَّ عَلَيْهَا مَا عَلَى الْمُظَاهِرِ.

2095 وَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَا يَكُونُ الِاعْتِكَافُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَ مَنِ اعْتَكَفَ صَامَ وَ يَنْبَغِي لِلْمُعْتَكِفِ إِذَا اعْتَكَفَ أَنْ يَشْتَرِطَ كَمَا يَشْتَرِطُ الَّذِي يُحْرِمُ‏

__________________________________________________
 «و روى الحسن بن محبوب عن أبي ولاد الحناط» في الصحيح كالكليني «1» «قال سألت أبا عبد الله عليه السلام» يدل على أن كفارة الجماع في الاعتكاف كفارة الظاهر إذا جامعها قبل مضي ثلاثة أيام التي هي أقل ما يحصل به الاعتكاف إذا لم يشترط حين الشروع فيه بأن يقول (اللهم حلني حيث حبستني) فإنه إذا اشترط يجوز له أن يخرج بغير العذر أيضا و لو في اليوم الثالث و يؤيده ما رواه الكليني، عن البزنطي، عن داود بن سرحان قال بدأ لي أبو عبد الله عليه السلام من غير أن أسأله فقال: الاعتكاف ثلاثة أيام يعني السنة إن شاء الله «2» أي طريقة النبي صلى الله عليه و آله و سلم و الأئمة صلوات الله عليهم كذا.
و لا شك في دخول الليلتين فيما بين الثلاثة أيام و اختلف في الليلة الثالثة باعتبار إطلاق اليوم على اليوم و الليلة، و الأحوط إدخالها بأن ينوي عند الغروب إلى غروب اليوم الثالث.
و روى الشيخ قويا، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا اعتكف العبد فليصم و قال: لا يكون اعتكاف أقل من ثلاثة أيام و اشترط على ربك في اعتكافك كما تشترط عند (في- خ) إحرامك، إن ذلك في اعتكافك عند عارض إن عرض لك من علة تنزل بك من أمر الله «3».
 «و ينبغي إلخ» أي يستحب لما روى الكليني في الصحيح، عن أبي بصير، عن‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب أقل ما يكون الاعتكاف خبر 1- 5.
 (3) التهذيب باب الاعتكاف إلخ خبر 10.

501
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الاعتكاف ص 496

2096 وَ رَوَى أَبُو أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِذَا اعْتَكَفَ الرَّجُلُ يَوْماً وَ لَمْ يَكُنِ اشْتَرَطَ فَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ وَ أَنْ يَفْسَخَ اعْتِكَافَهُ وَ إِنْ أَقَامَ يَوْمَيْنِ وَ لَمْ يَكُنِ اشْتَرَطَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ اعْتِكَافَهُ حَتَّى تَمْضِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ.

2097 وَ رَوَى أَبُو أَيُّوبَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: الْمُعْتَكِفُ لَا يَشَمُّ الطِّيبَ وَ لَا يَتَلَذَّذُ بِالرَّيْحَانِ وَ لَا يُمَارِي وَ لَا يَشْتَرِي وَ لَا يَبِيعُ قَالَ وَ مَنِ اعْتَكَفَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَهُوَ يَوْمَ الرَّابِعِ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ زَادَ ثَلَاثَةً أُخْرَى وَ إِنْ شَاءَ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَإِنْ أَقَامَ يَوْمَيْنِ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ فَلَا يَخْرُجْ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى يُتِمَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أُخَرَ.

2098 وَ رُوِيَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سِرْحَانَ قَالَ: كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَقُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ‏

__________________________________________________
أبي عبد الله عليه السلام قال لا يكون الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام، و من اعتكف صام و ينبغي للمعتكف إذا اعتكف أن يشترط كما يشترط الذي يحرم «1».
 «و روى أبو أيوب» في الصحيح كالكليني و الشيخ «2» في الموثق «عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام» يدل على جواز الرجوع ما لم يمض يومان فإنه حينئذ يجب الثالث إذا لم يشترط، قوله (ع) (حتى يمضي ثلاثة أيام) كما في و يب، و في بعض النسخ (حتى يمضي يعني ثلاثة أيام) و كأنه من النساخ، و ظاهره وجوب اليوم الثالث فينوي الوجوب ليلته عند الغروب بناء على وجوب قصد الوجه من الوجوب و الندب و عدم التعرض في الأخبار دليل على عدم الوجوب مع تأيده بالأصل و عدم دلالة ما استدلوا به عليه.
 «و روى أبو أيوب» في الصحيح كما في الكافي و رواه الشيخ في الموثق كالصحيح عنه «3» «عن أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام» و المماراة المجادلة و يدل على وجوب اليوم السادس، بل التاسع و الثاني عشر، و ضابطه كل ثالث، و على مرجوحية المذكورات، و المشهور حرمتها و هو أحوط، و الريحان كل نبت طيب الرائحة.
 «و روي عن داود بن سرحان إلخ» في الصحيح و رواه الكليني عن البزنطي عنه‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب أقل ما يكون الاعتكاف خبر 2.
 (2- 3) الكافي باب أقل ما يكون الاعتكاف إلخ خبر 3- 4 و التهذيب باب الاعتكاف الخ خبر 11- 4.

502
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الاعتكاف ص 496

ع إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعْتَكِفَ فَمَا ذَا أَقُولُ وَ مَا ذَا أَفْرِضُ عَلَى نَفْسِي فَقَالَ لَا تَخْرُجْ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَّا لِحَاجَةٍ لَا بُدَّ مِنْهَا وَ لَا تَقْعُدْ تَحْتَ ظِلَالٍ حَتَّى تَعُودَ إِلَى مَجْلِسِكَ.
2099 وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَّا لِحَاجَةٍ لَا بُدَّ مِنْهَا ثُمَّ لَا يَجْلِسُ حَتَّى يَرْجِعَ وَ لَا يَخْرُجُ فِي شَيْ‏ءٍ إِلَّا لِجَنَازَةٍ أَوْ يَعُودُ مَرِيضاً وَ لَا يَجْلِسُ حَتَّى يَرْجِعَ قَالَ وَ اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ مِثْلُ ذَلِكَ.

2100 وَ فِي رِوَايَةِ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا مَرِضَ الْمُعْتَكِفُ أَوْ طَمِثَتِ الْمَرْأَةُ الْمُعْتَكِفَةُ فَإِنَّهُ يَأْتِي بَيْتَهُ ثُمَّ يُعِيدُ إِذَا بَرَأَ وَ يَصُومُ.

2101 وَ فِي رِوَايَةِ السَّكُونِيِّ بِإِسْنَادِهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص اعْتِكَافُ عَشْرٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ يَعْدِلُ حَجَّتَيْنِ وَ عُمْرَتَيْنِ.

2102 وَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ‏

__________________________________________________
عليه السلام «1» «و روى الحلبي» في الصحيح و رواه الكليني في الحسن كالصحيح عنه «2» «عن أبي عبد الله عليه السلام» و يؤيده ما رواه الكليني في الصحيح، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس على المعتكف أين يخرج إلا إلى الجمعة أو جنازة أو غائط «3».
 «و في رواية صفوان بن يحيى» الحسنة كالصحيح كما في الكافي «4» «عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله (ع)» الإعادة على الاستحباب إلا أن يكون لازما بنذر و شبهه و يحصل العذر قبل مضي ثلاثة أيام فإنه إذا مضت الثلاثة لا يعيد، بل يبني حتى يتم العدد إلا إذا كان العدد أقل من ثلاثة أيام فيتمها من باب المقدمة.
 «و في رواية السكوني (إلى قوله) عشر» يمكن أن يكون المراد به العشر الأواخر أو الأعم.
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب المعتكف لا يخرج من المسجد خبر 2- 3- 1.
 (4) الكافي باب المعتكف يمرض إلخ خبر 1 و زاد فيه (و في رواية اخرى عنه ليس على المريض ذلك).

503
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الاعتكاف ص 496

زُرَارَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنِ الْمُعْتَكِفِ يُجَامِعُ قَالَ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُظَاهِرِ.

وَ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ إِنْ جَامَعَ فِي اللَّيْلِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَ إِنْ جَامَعَ بِالنَّهَارِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ‏
2103 رَوَى ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَعْيَنَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلٍ وَطِئَ امْرَأَتَهُ وَ هُوَ مُعْتَكِفٌ لَيْلًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ قَالَ قُلْتُ فَإِنْ وَطِئَهَا نَهَاراً قَالَ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ.

2104 وَ رَوَى ابْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ مُعْتَكِفٍ وَاقَعَ أَهْلَهُ فَقَالَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَفْطَرَ يَوْماً مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ‏

__________________________________________________
 «و روي (إلى قوله) عن زرارة» في الصحيح و رواه الكليني أيضا عن الحسن بن محبوب و الشيخ في القوي عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام «1» و يدل كصحيحة أبي ولاد على أن كفارته مرتبة كالظهار «روى ذلك محمد بن سنان» كالشيخ «2» «عن عبد الأعلى بن أعين قال سألت أبا عبد الله عليه السلام» و السند و إن كان ضعيفا لكن عمل الأصحاب عليه، و يؤيده أصل عدم تداخل الكفارتين الثابتتين بالأخبار الصحيحة و إعمال كل سبب عمله.
 «و روى ابن المغيرة» في الصحيح كما في الكافي و رواه الشيخ في الموثق كالصحيح «3» عن صفوان «عن سماعة» الموثق «قال سألت أبا عبد الله عليه السلام» يدل على أن كفارته مثل كفارة رمضان، و قد تقدم أنه كالظهار فيجمع بينهما (إما) بحمل الخبرين السابقين على استحباب رعاية الترتيب و هذا الخبر على الوجوب (أو) يحمل المماثلة في هذا الخبر على مجرد المماثلة في الخصال مع قطع النظر عن الترتيب أو التخيير و هو أحوط لكن ذكر في يب زيادة قوله (شهر رمضان متعمدا عتق رقبة
__________________________________________________
 (1) الكافي باب المعتكف يجامع اهله خبر 1 و التهذيب باب الاعتكاف إلخ خبر 19.
 (2) التهذيب باب الاعتكاف إلخ خبر 21.
 (3) الكافي باب المعتكف يجامع اهله خبر 2 و التهذيب باب الاعتكاف الخ خبر 18.

504
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الاعتكاف ص 496

 2105 وَ رَوَى دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي الْعَشْرِ الْأُولَى ثُمَّ اعْتَكَفَ فِي الثَّانِيَةِ فِي الْعَشْرِ الْوُسْطَى ثُمَّ اعْتَكَفَ فِي الثَّالِثَةِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ ص يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ.

2106 وَ رَوَى ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي الْمُعْتَكِفَةِ إِذَا طَمِثَتْ قَالَ تَرْجِعُ إِلَى بَيْتِهَا فَإِذَا طَهُرَتْ رَجَعَتْ فَقَضَتْ مَا عَلَيْهَا.

2107 وَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُعْتَكِفِ يَأْتِي أَهْلَهُ قَالَ لَا يَأْتِي امْرَأَتَهُ لَيْلًا وَ لَا نَهَاراً وَ هُوَ مُعْتَكِفٌ.

2108 وَ رُوِيَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ع فَأَتَاهُ‏

__________________________________________________
أو صوم شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا) و يمكن حمله على الترتيب بأن يقال:
عتق رقبة مع القدرة أو صوم شهرين مع العجز عن العتق أو إطعام ستين مع العجز عن الصيام كما فعله الأصحاب في موارد ستجي‏ء.
 «و روى داود بن الحصين» قويا كما في الكافي «1» «عن أبي العباس عن أبي عبد الله عليه السلام».
 «و روى ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن أبي بصير» في الصحيح كالكليني «2» «عن أبي عبد الله عليه السلام» قد تقدم مثله.
 «و روى الحسن بن الجهم» في الحسن كالصحيح، و رواه الكليني في الموثق كالصحيح، عن أبي الحسن عليه السلام «3» يدل على حرمة الجماع ليلا و نهارا في الاعتكاف و لا ريب فيها في المسجد للآية، و كذا في غيره للخبر و الإجماع.
 «و روي، عن ميمون بن مهران» في الضعيف لكنه من خواص أمير المؤمنين صلوات الله عليه فالحسن هو ابنه صلوات الله عليهما، و يدل على جواز الخروج، بل استحبابه لقضاء حاجة المؤمن و روى الكليني قويا عن صفوان الجمال عن أبي عبد الله‏
__________________________________________________
 (1) الكافي أبواب الاعتكاف خبر 3.
 (2) الكافي باب المعتكف يمرض و المعتكفة تطمث خبر 2.
 (3) الكافي باب المعتكف يجامع اهله خبر 3.

505
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الاعتكاف ص 496

رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّ فُلَاناً لَهُ عَلَيَّ مَالٌ وَ يُرِيدُ أَنْ يَحْبِسَنِي فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا عِنْدِي مَالٌ فَأَقْضِيَ عَنْكَ قَالَ فَكَلِّمْهُ قَالَ فَلَبِسَ ع نَعْلَهُ فَقُلْتُ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَ نَسِيتَ اعْتِكَافَكَ فَقَالَ لَهُ لَمْ أَنْسَ وَ لَكِنِّي سَمِعْتُ أَبِي ع يُحَدِّثُ عَنْ جَدِّي رَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّهُ قَالَ مَنْ سَعَى فِي حَاجَةِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ فَكَأَنَّمَا عَبَدَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ تِسْعَةَ آلَافِ سَنَةٍ صَائِماً نَهَارَهُ قَائِماً لَيْلَهُ‏
__________________________________________________
عليه السلام «1» ما يدل على جواز الخروج عن المسجد لقضاء حاجة المؤمن و أن إعانة المؤمن خير من اعتكاف شهر و قد تقدم أيضا ما يدل عليه و لا ريب فيه كما ذكره الأصحاب رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
إلى هنا تمَّ الجزء الثالث من كتاب روضة المتقين منضما مع متن الفقيه حسب ما جزيناه‏
و يتلوه إن شاء الله تعالى كتاب الحج من قول الماتن رضي الله عنه (باب علل الحج) و من قول الشارح قدس سره (الحج في اللغة القصد إلخ) و صلى الله على محمد و آله و الحمد لله رب العالمين أولا و آخرا و ظاهرا و باطنا.
__________________________________________________
 (1) أصول الكافي باب السعى في حاجة المؤمن خبر 9 من كتاب الإيمان و الكفر.

506
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فهرست مطالب هذا المجلد ص 507

فهرست مطالب هذا المجلد
بسمه تعالى شانه ابواب الزكاة باب علة وجوب الزكاة العنوان الصفحة
فرض الزكاة بقدر احتياج الفقراء 2- 4
تحصين الاموال بالزكاة 3
حكم اعطاء الزكاة لمن لا يعرف 4
بيان معنى الفقير و المسكين 5
بيان معنى العاملين 6
بيان معنى الرقاب و الغارمين 7
بيان معنى ابن السبيل 8
عدم وجوب البسط على الاصناف 9
الترغيب فى اعطاء الزكاة و غيرها من الحقوق 9
منع الزكاة مانع عن نزول الرحمة 10
اخراج الزكاة موجب لحل المال 14
ما ورد فى علة خمسة و عشرين فى كل الف 14
باب ما جاء فى مانع الزكاة شدة عذاب مانع الزكاة 15

507
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فهرست مطالب هذا المجلد ص 507

من لم يزكّ فكانه لم يقم الصلوة و ما ورد من العذاب عليه 17- 20
منع الزكاة موجب لتلف المال 18- 20
مانع الزكاة يضرب عنقه الخ 19
اداء الزكاة يوجب زيادة المال 19
يسلب الايمان عن مانع الزكاة 19- 20
جواز اخراج مانع الزكاة عن المسجد 20
باب ما جاء فى تارك الزكوة الخ وجوب قبول الزكاة فى بعض الموارد 22
باب الرجل يستحى من اخذ الزكاة الخ استحباب عدم تسمية الزكاة اذا استحى آخذها 22
الاصناف التى تجب عليها الزكاة الزكاة فى تسعة اشياء 23
سقوط الزكاة عن الخضر و الفواكه 25- 29
حد النصاب فى الذهب 27
حد النصاب فى الفضة 28
عدم وجوب الزكاة فى القطن و الزعفران 28
وجوب خمسة دراهم من كل اربعين درهما 29
ليس على الحلى و الجواهر زكاة 31
ليس على مال اليتيم زكاة 32
حكم زكاة مال اليتيم اذا اتجربه الولى 33
حكم ربح مال اليتيم اذا اتجربه الولى 34
حكم زكاة مال المجنون 35

508
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فهرست مطالب هذا المجلد ص 507

اقل ما يعطي فى الزكاة 36
حكم تقديم الزكاة و تاخيرها 37
جواز احتساب القرض من الزكاة 39
جواز تكفين الميت الفقير من الزكاة 41
حكم زكاة مال التجارة 42
ما ورد فى منازعة ابى ذر و عثمان فى زكاة مال التجارة 44
استحباب زكاة مال المضاربة 45
حد نصاب مال التجارة 46
حكم زكاة المال الغائب 46
حكم زكاة الدين و الفرق بينه و بين القرض 48
حكم اشتراط الزكاة على المشترى 49
عدم جواز اعطاء الزكاة لواجبى النفقة 50
جواز اعطائها لسائر الاقارب 51
عدم وجوب الزكاة على ما لم يبلغ حد النصاب 54
زكوة الابل 56
بعض وظائف العمال 58
عدم جواز بيع الصدقة قبل الاخذ و جملة من وظائف العمال 59
بيان اسنان الايل 62
اشتراط السوم فى العوامل 63
زكوة البقر 65
حكم الجواميس 65
زكوة الغنم 66

509
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فهرست مطالب هذا المجلد ص 507

جملة من آداب المصدق 68
ما استثنى من الغنم نصابا و مأخوذا 69
حكم السخال 70
هل يكون اللبن فى حكم العلف ام لا 71
هل يجوز اسقاط الجزية و زيادة الصدقة عن اهل الذمة 72
حكم احتساب العشوريأ خذه الظالم من الزكاة 73
اذا خلف لاهله حد النصاب و بقى سنة او ازيد هل يجب زكوتها 75
حكم ما اذا اعطاه الزكوة بعنوان الفقر فظهر خلافه 76
كيفية تقسيم الصدقات 77
حكم بعث الزكاة الى غير بلده 78
حكم اعطاء قيمة الزكوة بدلا عن العين 79
حكم الفرار من الزكاة 80
حكم نقصان النصاب قبل تمام الحول و فيه حديث طويل فيه فوائد 81
سقوط الزكاة اذا حول الزكوى فى اثناء الحول 85
المدار فى استحقاق الزكوة عدم قوت السنة 86
حكم اعطاء الزكاة من الفاسق 88
اذا كان له تجارة يربح بها قوت عياله فهو غنى 89
حكم اغناء الفقير من الزكاة 90
تفضيل بعض المستحقين على بعض 92
حد نصاب الغلات 95
مقدار المخرج من الغلات 96
عدم وجوب الزكاة على الغلات بعد اخراجها مرة و ان بقيت احوالا 99
حكم حج الفقير من الزكاة 99

510
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فهرست مطالب هذا المجلد ص 507

عدم الزكوة فى مال المملوك 100
تحريم الزكاة الواجبة على بنى هاشم 102
حلية صدقات بنى هاشم على بنى هاشم 103
جواز اخذ الصدقات للامام و حكم اخذ الفطرة 106
باب نوادر الزكاة حكم دفع الزكاة الى ورثة من تجب عليه 107
حكم اخذ غير المحتاج للزكاة بقصد التصدق 108
عدم رجحان السؤال عن وظيفة الامام عليه السّلام 108
باب الخمس ما يجب فيه الخمس 109
وجوب الخمس لاهل البيت و ذريتهم عليهم السّلام 111 و 112
حديث طويل عن العبد الصالح عليه السّلام و فيه احكام كثيرة (منها) تقسيم الخمس على ستة 112 و 118
 (و منها) ان الخمس لقرابة النبى صلّى اللّه عليه و آله و سلّم خاصة 112
 (منها) ان صفو المال فى الجهاد للامام عليه السّلام 112
 (منها) الارض المفتوحة عنوة لعموم المسلمين 112
 (منها) ان المقدر المخرج من الزكاة يقسم على ثمانية اسهم 113
 (منها) ان الانفال للامام عليه السّلام 113
 (منها) تقسيم صدقات كل بلد بين اهله 113
 (منها) ان الارض التى فتحها اهل الجور للامام 114
 (منها) عدم وجوب الخمس فى مال الزكاة 114

511
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فهرست مطالب هذا المجلد ص 507

حرمة اكل مال اليتيم و منه الخمس 115
تقسيم الخمس على خمسة او ستة 115
كيفية تقسيم الخمس و بيان الانفال 117
الخمس بعد المؤنة و معناها 118
وجوب الخمس فى الارض التى اشتراها الذى من مسلم 121
وجوب الخمس فى الارض على الذمى اذا اشتراها من مسلم 121
تشديد الامر فى الخمس 121
وجوب الخمس فى المال المختلط بالحرام 122
حكم احتساب ما يأخذه الظالم قهرا من الزكاة او الخمس 124
ما كان لامام بسبب الامامة فليس بميراث 124
اخراج الخمس موجب للتطهير 124 و 126
عدم تحليل الائمة عليهم السلام للخمس 125
وجوب الخمس فى مطلق الفوايد بعد مضى الحول 126
جواز التحليل لمصلحة يراها الامام عليه السّلام 128
حكم تحليل المظالم 129
حكم تحليل الامام حقوقهم للشيعة 130
حكم ما اصابه من المال فى مقابل اعمال الظالمين 132
اقسام الارضين 133
حكم الانفال و اقسامها 134
انتزاع عمر من يد فاطمة عليها السّلام كتابه فدك التى كتبها ابو بكر بعد غصبها 134
بيان ارض الانفال و انها للامام عليه السّلام 135
الغنيمة بدون اذن الامام كلها للامام و الا فخمسها له عليه السّلام و له صفو المال 137

512
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فهرست مطالب هذا المجلد ص 507

حكم استثناء المناكح و المتاجر و المساكن 138
حكم حصة الامام من الخمس 138
ان الارض كلها للامام عليه السّلام 139
باب حق الحصاد و الجذاذ هل حق الحصاد مندوب او واجب 141
بيان حق الحصاد 142
النهى عن الحصاد ليلا لئلا يمنع الفقراء 143
باب الحق المعلوم و الماعون استحباب الصدقة فى كل يوم او جمعة او شهر 144
فى المال حق سوى الزكاة 145
فى المال زكوة ظاهرة و زكاة باطنة 147
باب الخراج و الجزية الفرق بين الخراج و الجزية 148
يوخذ الجزية من اهل الكتاب 149
حد الجزية 150
سقوط الجزية عن النساء 152
سيرة الامام فى الارض المفتوحة 154
و سقوط الجزية عن اهل ارض السلم 154
حكم الارض المفتوحة زمن اهل الجور 155
تؤخذ الجزية من المجوس ايضا 156
بحث الجهاد الجهاد من اعلى فرائض اللّه 157
للجنة باب يسمى باب المجاهدين 157

513
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فهرست مطالب هذا المجلد ص 507

الجهاد على اربعة اوجه 158
حروب امير المؤمنين عليه السّلام و ان النبى صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بعث على خمسة اسياف 158
 (1) السيف على مشركى العرب 159
 (2) السيف على اهل الذمة 159
 (3) السيف على مشركى العجم 159
 (4) السيف على اهل البغى 160
 (5) سيف القصاص 161
جهاد النفس اكبر من جهاد العدو 161
الجهاد على من قام بشرائطه 161
اول الدعاة الى نفسه هو اللّه تعالى 161
ثانى الدعاة الى اللّه هو الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم 162
ثالث الدعاة هو كتاب اللّه تعالى 162
رابع الدعاة هو مجموع الامة 362
اوصاف الدعاة الى اللّه تعالى 163
تفسير قوله تعالى التائبون العابدون الى آخر الاية 164
وجوب الجهاد او جوازه مشروط بشروطه و ما لم يتكامل فيه الشرائط لم يؤذن له فى القتال 165
الماذون له فى الجهاد هو الامام المعصوم عليه السّلام 168
هل على المملوك جزية 169
فضل المعروف اول من يدخل الجنة اهل المعروف 169
اهل المعروف فى الدنيا و الاخرة واحد 170
كل معروف صدقة 171

514
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فهرست مطالب هذا المجلد ص 507

جواز اصطناع المعروف الى كل احد 171
المعروف بقى مصارع السوء 173
المعروف سبب لبركة البيت 174
رجحان التعجيل فى المعروف 174
يعرف الشقاوة و السعادة بكيفية وضع المعروف 175
النهى عن قطع سبيل المعروف 176
باب ثواب القرض فضل القرض 178
اعتبار قصد القربة فى ثواب القرض 179
باب ثواب انظار المعسر انظار المعسر بحكم الصدقة 179
انظار المعسر يخفف الحقوق 180
باب ثواب تحليل الميت تحليل الميت يضاعف بعشرة 181
باب استدامة النعمة باحتال المؤنة استحباب تكفل مؤنة المؤمن 182 و 183
اداء حقوق المال موجب لبقاء النعمة 182
باب فضل السخاء و الجود البر بالاخوان من السخاء 184
اداء الفرائض من اسخى السخاء 185
اربعة توجب الجنة 186
السخاء موجب لنمو المال 187

515
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فهرست مطالب هذا المجلد ص 507

حق البخيل من لم يؤد الزكاة 188
البخل بلاء 189
الفرق بين الظالم و الشحيح 189
المنجيات ثلاث 190
فضل القصد الاقتصاد يؤثر فى عدم الفقر 191
ذم الاسراف و التقتير 192
الاسراف على قسمين 195
فضل سقى الماء صدقة الماء اول ما يبدء فى الاخرة 196
ثواب اصطناع المعروف الى العلوية النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم شافع لاربعة اصناف 197
فضل البر الى ذرية النبى صلّى اللّه عليه و آله 198
فضل الصدقة الصدقة تزيد فى العمر و تدفع الفقر 199
الصدقه تدفع المرض 200
الصدقة تقى ميتة السوء 201
استحباب الصدقة للمريض بيده 201
استحباب البكور فى الصدقة 202
الصدقة تدفع انواع البلايا 203
الصدقة فى السر افضل 205
الصدقة بعشر 207

516
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فهرست مطالب هذا المجلد ص 507

تاكد استحباب الصدقة على ذى الرحم 207
استحباب التوسعة على العيال و فضلها على التصدق 207
استحباب اعطاء من وقع فى قلبه الرحمة 209
استحباب اكرام السائل ببذل يسير اورد جميل 209
كراهة رد السائل 210
كراهة تحقير السائل 211
استحباب طلب الدعاء من السائل 212
كراهة السئوال مطلقا 213
حديث شريف فى التوكل 217
كراهة كون الانسان مناعا للخير 218
استحباب الاعطاء قبل السئوال 219
باب ثواب صلة الامام (ع) شدة استحباب صلة الامام 221
استحباب صلة صالحى الشيعة 222
كتاب الصوم ما ورد في علة فرض الصيام 222
باب فضل الصيام بنى الاسلام على خمسة اشياء 225
معنى الصوم لى 225
معنى للصائم فرحتان 226
الصوم يسود وجه الشيطان 227
الصوم جنة من النار 228
للصائم فرحتان 228

517
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فهرست مطالب هذا المجلد ص 507

ثواب صوم يوم الحر 229
نوم الصائم عبادة 230
باب وجوه الصوم الصوم على اربعين وجها 231
باب صوم السنة صيام ثلثة ايام فى كل شهر و تعيينها 237 و 245 و 246
استحباب افطار الصوم اذا دعاه اخوه الى الافطار 243
باب صوم التطوع و ثوابه الخ حكم صوم عاشورا 247
حكم صوم تاسوعا و عاشورا 248
استحباب صوم التطوع و لو يوما 249
صوم رجب 250
صوم اول من عشر ذى الحجة 250
صوم يوم التروية 250
صوم اول ذى الحجة 250
صوم تسع من ذى الحجة 251
صوم يوم عرفة 251
علة عدم توفيق العامة لفطر و لا اضحى 253
صوم الخامس و العشرين من ذى القعدة 255
صوم تسع و عشرين من ذي القعدة 256
صوم يوم الغدير 256
حكم سند صلوة يوم غدير خم 257

518
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فهرست مطالب هذا المجلد ص 507

صوم اول محرم 258
حكم افطار صوم الندب بعد الزوال 258
باب ثواب صوم رجب تحقيق فى معنى النيران السبعة 260
باب ثواب صوم شعبان خواص صوم شعبان 261
معنى زيارة اللّه تعالى 262
معنى ثواب النظر الى وجه اللّه 263
وصل صوم شعبان بصوم رمضان 264
وصل ثلاثة ايام من آخر شعبان 267
فضل ليلة النصف من شعبان 267
باب فضل شهر رمضان الخ خطبة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فى آخر شعبان 268
فضل ليلة القدر 272
آداب شهر رمضان 273
خطبة النبى صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن على عليه السّلام فى شهر رمضان 274
شهر رمضان شهر المغفرة 275
شهر رمضان شهر الاجتهاد 276
صوم شهر رمضان من خواص هذه الامة 277
خطبة طويلة عن النبى صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فى حق شهر رمضان 277
باب القول عند رؤية هلال شهر رمضان الدعاء لرؤية قبل ان يبرح 280

519
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فهرست مطالب هذا المجلد ص 507

دعاء على عليه السّلام عند رؤية هلاله 281
باب ما يقال فى اول يوم من شهر رمضان دعاء بعنوان الدخول اول السنة 283
دعاء على بن الحسين عليه السّلام فى شهر رمضان 288
باب القول عند الافطار فى كل ليلة الخ الدعاء حين ارادة الافطار 290
استحباب الافطار بالماء الفاتر او الحلواء 290
استحباب الافطار بالتمر و الزبيب 290
باب آداب الصائم و ما ينقض صومه وجوب النية فى الصوم و كيفيتها 292
حكم الوطى فى دبر المرئة هل ينقض الصوم 292
ناقضية الاكل و الشرب و الجماع و الارتماس 293
حكم الكذب على اللّه و رسوله و الائمة عليهم السّلام 294
جملة من آداب الصائم 295
كراهة انشاد الشعر فى شهر رمضان ليلا و نهارا 296
استحباب ترك المقابلة فى الشتم 296
جواز الاحتجام للصائم 297
جواز الاكتحال للصائم 298
جواز الاستياك بالماء و العود الرطب 300
عدم مفطرية القلس و الجشأة للصوم 301
جواز المضمضة و الاستنشاق للصائم 302
حكم ما لو سبق الماء حلقه 303

520
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فهرست مطالب هذا المجلد ص 507

حكم ما لو صب دواء فى انفه 304
حكم ازدراد النخامة 305
حكم ما دخل الذباب فى حلق الصائم 305
حكم مس لسان المرأة للصائم 305
حكم التدخن للصائم 306
حكم ما لو دخل الماء فى حلق الصائم 306
حكم ما لو صب الدواء فى اذنه 306
جواز التطيب للصائم 307
جواز ذوق المرق و حكم مضغ العلك 308
جواز جعل الصائم الخاتم و نحوها فى فمه 309
عدم مبطلية الاحتلام بالنهار 309
كراهة الادماء للصائم 310
كراهة الحمام المضعف للصائم 310
جواز القبلة للصائم اذا لم يعتد بالانزال 310
جواز اللصوق و اللمس لاهله 312
كراهة شم النرجس و نحوه للصائم 314
الترغيب فى استعمال الطيب مطلقا 316
جواز غمس الصائم فى الماء ما لم يرتمس 316
باب ما يجب على من افطر او جامع الخ الافطار عمدا يوجب الكفارة و بيانها 317
حكم ما لو اكره زوجته الصائمة على الجماع 317
حكم ما لو شهد عليه انه افطر مرات 322

521
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فهرست مطالب هذا المجلد ص 507

حكم ما لو رفع امر المفطر الى الامام ثلث مرات 322
حكم ما لو افطر متعمدا لانكاره النبوة 323
حكم ما لو افطر متعمدا عصيانا 325
حكم ما لو افطر معتمدا على محرم 325
حكم ما لو افطر ناسيا 326
حكم ما لو نسى غسل الجنابة 328
حكم النومات العديدة للجنب 329
حكم ما لو افطر بتخيل الغروب 333
باب الحد الذى يؤخذ فيه الصبيان تمرين الصبى للصيام وحّده 335
باب الصوم للرؤية و الفطر للرؤية وجوب الصوم و الافطار بالرؤية 338
كفاية شهادة عدلين 339
كفاية الشهرة المفيدة للعلم 339
عدم كفاية شهادة النساء فى الرؤية 340
حكم قضاء الصوم اذا شهد عدلان برؤية الهلال فى اول الشهر 340
شهر رمضان كسائر الشهور فى الزيادة و النقصان 342
ثبوت الهلال للرائى وحده و لو لم ير غيره 344
حكم ثبوت الهلال بالعدد 345
حكم المحبوس و نحوه و انه يتوخى 348
باب صوم يوم الشك عدم وجوب صوم يوم الشك 349

522
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فهرست مطالب هذا المجلد ص 507

كفاية صوم يوم الشك عن صوم رمضان اذا نوى شعبان 350
لا يقبل شيى‏ء من الفرائض الا باليقين 351
عدم جواز صوم يوم الشك بنية رمضان 352
حرمة صوم يوم الشك كحرمة صوم السفر و العيدين 353
جواز الافطار يوم الشك للتقية 353 و 357
حرمة الصوم قبل الرؤية للرؤية 356
باب الرجل يسلم و قد مضى بعض شهر رمضان عدم وجوب قضاء ما افطر قبل اسلامه 358
حديث ان الاسلام يجب ما قبله 358
باب الوقت الذى يحل فيه الافطار الخ اذا غاب القرص افطر 359
استحباب الصلوة قبل الافطار 359
باب الوقت الذى يحرم فيه الاكل الخ وقت اعتراض الفجر وقت الامساك 360
شأن نزول آية كلوا و اشربوا 361
حكم من اكل بعد طلوع الفجر جاهلا بالفجر 364
باب حد المرض الذى يفطر صاحبه الانسان اعلم بنفسه 367
ما ورد من ان حد المرض عدم القدرة على التسحر 368
جواز الافطار اذا خاف على عينه 369
باب فيمن يضعف من الصيام الخ جواز الافطار للشيخ الكبير و ذى العطاش و حكم الكفارة 370

523
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فهرست مطالب هذا المجلد ص 507

جواز الشرب لمن خاف من العطش على نفسه بقدر الضرورة 372
جواز الافطار لكل ما يوجب سلب الطاقة 373
باب ثواب من فطر صائما تفطير الصائم يعدل عتق رقبة 374
تفطير الاخ المؤمن افضل من الصوم 375
ما ورد من فعل على بن الحسين عليهما السّلام فى ذلك 375
تفطير الصائم يوجب المغفرة 276
استحباب التفطير و لو بشربة من ماء 377
باب ثواب السحور استحباب السحور و لو قليلا 378
السحور معين على الصيام 379 و 380
جواز الاكل ما لم يتيقن الفجر 379
باب الرجل يتطوع بالصيام الخ الفرق بين الاثر و الخبر اصطلاحا 380
جواز الصوم تطوعا لمن عليه القضاء 381
باب الصلوة فى شهر رمضان الجماعة فى النوافل بدعة بنص النبى صلّى اللّه عليه و آله و سلّم 382
ما جاء فى نوافل شهر رمضان 383
باب ما جاء فى كراهية السفر فى شهر رمضان كراهة الخروج فيه الا الى مكة او غزوا و لحاجة 391
استحباب الخروج للتشييع 392

524
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فهرست مطالب هذا المجلد ص 507

استحباب الخروج لاستقبال المؤمن 393
باب وجوب التقصير فى الصوم فى السفر حرمة الصوم فى السفر 393
وجوب الصوم فى سفر المعصية 396
النهى عن صوم التطوع فى السفر 397
ما ورد فى جواز صوم التطوع و وجه الجمع 398
عدم صحة الصوم اذا سافر قبل الزوال 399
جواز الافطار و ان علم بحضوره قبل الزوال 400
حكم اشتراط نية السفر بالليل 401
وجوب الصوم اذا بلغ منزله قبل الزوال اذا لم يكن افطر 402
كراهة الجماع فى شهر رمضان للمسافر 403
كفاية الصوم فى السفر للجاهل 404
باب صوم الحائض و المستحاضة بطلان صوم المرئة اذا حاضت و لو فى جزء من النهار 405 و 407
حكم صوم المستحاضة اذا لم تعمل بوظيفتها 405
وجوب الصوم على المستحاضة 406
بطلان صوم النفساء 407
حكم قضاء الحائض و المريض و المسافر اذا ماتوا قبل خروج رمضان 407
حكم من نذر صوما و لم تقدر بالوضع او الحمل ان تصوم 408
باب قضاء صوم شهر رمضان جواز تأخير القضاء 409

525
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فهرست مطالب هذا المجلد ص 507

عدم وجوب التتابع فى القضاء 410
حكم من استمر مرضه الى رمضان 411
حكم من توالى عليه رمضانان و لم يقض 413
حكم من افطر فى قضاء رمضان عمدا 414
عدم جواز اكراه الزوجة على الجماع فى قضاء شهر رمضان 415
جواز افطار قضاء رمضان قبل الزوال 416
جواز الافطار فى الصوم المندوب مطلقا 416
جواز النية فى صوم النافلة الى الغروب 416 و 419
اعتبار النية فى جميع الاعمال 418
جواز الافطار المندوب بسئوال اخيه 419
استحباب الامساك لمن طهر من الحيض فى اثناء النهار 419
كيفية التتابع فى الشهرين او شهر 420
باب قضاء الصوم عن الميت حكم من استمر مرضه الى رمضان قابل 424
وجوب قضاء صوم شهر رمضان على الولى 425
حكم تعدد الولى فى كيفية القضاء 427
باب فدية صوم النذر حكم ما اذا عجز عن صوم النذر 428
باب صوم الاذن لا ينبغى للضيف ان يصوم الا باذن مضيفه 429
حكم صوم المرئة و العبد و الولد من دون اذن الزوج و المولى و الابوين 430

526
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فهرست مطالب هذا المجلد ص 507

باب الغسل فى الليالى المخصوصة فى شهر رمضان الخ تاكد استحباب الغسل فى ليالى القدر 430 و 432
الغسل فى ليلة سبع عشرة من رمضان 431
وقت الغسل فى ليالى شهر رمضان 431
تاكد استحباب الفراغ للعبادة فى العشر الاخير 432
بيان المراد من التقدير فى ليلة القدر 433
بيان المراد من البداء 434
نقل كلام الصدوق فى معنى البداء 437
رؤيا النبى صلّى اللّه عليه و آله و سلّم 438
وجوب كون ليلة القدر فى كل عام 439
معنى كون ليلة القدر خيرا من الف شهر 440
نزول الكتب السماوية فى شهر رمضان 441
اشتباه الهلال فى شهر رمضان 442
تاكد العبادة فى ليلة ثلث و عشرين 443
الليالى التى يستحب فيها الغسل فى شهر رمضان 443
باب الدعاء فى كل ليلة الخ دعاء واحد فى كل ليلة من العشر الاخر 444
الدعا فى الليلة الاولى الى الثاثة 446 الى 448
الدعاء فى كل ليلة من شهر رمضان 449
دعاء الليلة الرابعة الى العاشرة 450 الى 455
باب وداع شهر رمضان دعاء الوداع عن الصادق عليه السّلام 456
وجه الجمع بين ما ورد فى نزول القرآن فى شهر رمضان و نزوله فى ثلث و عشرين سنة 456

527
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فهرست مطالب هذا المجلد ص 507

باب التكبير ليلة الفطرة الخ استحباب التكبير عقيب اربع صلوات اولها مغرب ليلة الفطر 460
ليلة الفطر ليلة اعطاء اللّه الاجر على الصوم 461
باب ما يجب على الناس اذا صح عندهم الرؤية الخ ثبوت الهلال بشهادة عدلين 462
عدم ثبوته اذا رأى قبل الزوال لليلة الماضية 462
باب النوادر حكم استيجار من يفطر فى يوم شهر رمضان عمدا 463
ما ورد من عدم نقص شهر رمضان عن ثلثين يوما فمحمول على التقية 464
حرمة صوم ايام التشريق لمن كان بمنى فقط 467
حرمة صوم الوصال و بيان معناه 468
حكم صوم الدهر 469
النهى عن قول رمضان بلا اضافة شهر اليه 470
استحباب المجامعة مع زوجته اول ليلة من شهر رمضان 471
كيفية الدعاء بالقبول يوم الفطر و الاضحى 471
استحباب الاطعام يوم الفطر قبل الصلوة و يوم الاضحى بعدها 472
استحباب الافطار على طين القبر و التمر يوم الفطر 472
كراهة اللعب يوم الفطر 472
تجدد حزن آل محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فى كل يوم عيد 473
علة عدم توفيق العامة لدرك يوم العيد و الاضحى 473
يوم الفطر يوم الجائزة من اللّه 474
باب الفطرة وجوب الفطرة و مقدارها 474

528
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فهرست مطالب هذا المجلد ص 507

مقدار الصاع 475
جنس الفطرة 476
جواز القيمة فى الفطرة 480
اداء الفطرة من القوت الغالب 481 و 495
لا زكاة على يتيم 482
عدم وجوب زكاة الفطرة على من يأخذ الزكاة 482
استحباب الدور للفقير على عياله 483
وجوب زكاة فطرة الضيف على المضيف 483
وجوب زكاة الفطرة عن كل من يعول 484 و 492
جواز اعطاء زكاة الفطرة المتعددة لواحد 484 و 486
وجوب زكاة فطرة المملوك على المولى 485
استحباب الفطرة عن من تولد ليلة الفطرة او قبل زوال يوم الفطر 485
حكم فطرة المكاتب 486
حكم اعطاء المملوك فطرة نفسه من مال المولى 487
التمر احب فى الفطرة 487
الجيران احق بالفطرة 488
اداء الفطرة يؤثر فى عدم فوت من اديت عنه 490
مجرد الانفاق لا يوجب الفطرة ما لم يصر عيالا 491
جواز عزل الفطرة 491
وجوب الفطرة عن جميع من يعول 492
حكم اعطاء الفطرة فى اول شهر رمضان 492
استحباب اخراج الفطرة قبل الصلوة 493

529
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فهرست مطالب هذا المجلد ص 507

حكم فطرة العبد المشترك بين مماليك 494
جواز اعطاء القيمة فى الفطرة 495
اداء الفطرة موجب لزيادة المال 495
اداء الفطرة متمم الصوم 495
باب الاعتكاف تعريف الاعتكاف 496
اشتراطه بالصوم 496
لزوم ترك مجامعة النساء فيه 497 و 505
اشتراط الاعتكاف فى المسجد الجامع 498
عدم جواز الخروج من المسجد الا لحاجة 499 و 503 و 505 و 506
حكم الاعتكاف بمكة (شرفها اللّه) 500
وجوب الكفارة للجماع حال الاعتكاف 501 و 504
استحباب الاشتراط فى الاعتكاف 501 و 504
جملة من احكام المعتكف 502
جواز الخروج او وجوبه لعذر 502
تاكد استحباب الاعتكاف فى عشر من شهر رمضان 502
كفارة الجماع حال الاعتكاف 504
شدة تاكد الاستحباب فى العشر الاخر من شهر رمضان 505
جواز الخروج بل استحبابه لقضاء حاجة المؤمن 506
فهرس الكتاب 507
تم الفهرس بحمد اللّه‏

530