×
☰ فهرست و مشخصات
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

مقدمة الناشر ص 1

الجزء الثالث‏
 [مقدمة الناشر]
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم الحمد للّه الذى وفقنا لنشر آثار اهل البيت عليهم السّلام الذين هم ادرى بما فى البيت ثم الصلاة و السلام على النبى الخاتم و الرسول المكرم محمد بن عبد اللّه و على آله الذين اصطفاهم لنفسه و ارتضاهم لخلقه.
و بعد- فلنقّدم الشكر للّه تعالى على ان وفقنا لتقديم هذا التراث العلمى نعنى الجزء الثالث من الكتاب المستطاب (روضة المتقين) بالجامعة العلمية الاسلامية و نسئل اللّه مزيد التوفيق لنشر باقى المجلدات لنا و لمؤسسة
 (بنياد فرهنگ اسلامى حاج محمد حسين كوشانپور) رحمه اللّه‏
ثم نقدم الشكر الى من ساعدنا فى نشر هذا التراث العلمى القيم باعطاء النسخ الخطية العتيقة المقروّة المصححة
و لمزيد التشكر ينبغى ان نذكر من سمح لنا ذلك.
 (فمنهم) سماحة آية اللّه العظمى السيد شهاب الدين النجفى المرعشى مد ظله العالى‏
 (و منهم) سماحة آية اللّه العظمى الحاج السيد كاظم الشريعتمدارى مد ظله العالى و قد ذكرنا مزايا نسخ الايتين فى الجزء الاول فلاحظ.
 (و منهم) سماحة آية اللّه ملا على الملقب و المعروف بالآخوند الهمدانى مد ظله حيث سمح فاجاز لنا (بعد المسافرة الى مكتبة المؤسسة ببلدة همدان المسماة (بمكتبة الغرب بهمدان) ان نستنسخ بالقوة الكهربائية المسماة (بفتوكپى)
و هذه النسخة اصح ما بايدينا من النسخ من جهات: جودة الخط، و قرائتها على نسخة المؤلف و تصحيحها غاية التصحيح الا ما زاغ عنه البصر، و كونها اقدم نسخ حيث قرئت على العلامة المحقق المجلسى الثانى قدس سرهما.
 (و منهم) السيد الجليل و العالم النبيل آية اللّه الحاج السيد على اليزدى الاصل الاصفهانى المولد النجفى التحصيل نزيل قم الملقب بالفانى مد ظله، و هى ايضا نسخة قيمة ثمينة جيدة الخط قليلة الغلط
فشكّر اللّه مساعيهم الجميلة و جعلها ذخرا لهم، ليوم لا ينفع مال و لا بنون الا من اتى اللّه بقلب سليم.
فى تاريخ اليوم التاسع من شهر جمادى الثانية سنة خمس و تسعين و ثلاث مأة بعد الالف من الهجرة النبوية على هاجرها آلاف السلام و التحية- و الحمد للّه اولا و آخرا و ظاهرا و باطنا
الحاج السيد حسين الموسوى الكرمانى الحاج الشيخ على پناه الاشتهاردى‏
المطبعة العلميّة بقم‏
 [كتاب الزكاة]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَبْوَابُ الزَّكَاةِ.
بَابُ عِلَّةِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ
1574 قَالَ [الشَّيْخُ السَّعِيدُ الْفَقِيهُ‏] أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ الْقُمِّيُّ [مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ‏] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَ أَسْكَنَهُ جَنَّتَهُ‏

__________________________________________________
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و به نستعين‏
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة على محمد و أهل بيته الطيبين الطاهرين.
أبواب الزكاة باب علة وجوب الزكاة «قال الشيخ السعيد (إلى قوله) عبد الله بن سنان» في الصحيح كما في الكافي «1» «عن‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب فرض الزكاة و ما يجب إلخ خبر 7.

1
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَرَضَ الزَّكَاةَ كَمَا فَرَضَ الصَّلَاةَ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا حَمَلَ الزَّكَاةَ فَأَعْطَاهَا عَلَانِيَةً لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ عَيْبٌ وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَرَضَ لِلْفُقَرَاءِ فِي أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ مَا يَكْتَفُونَ بِهِ وَ لَوْ عَلِمَ أَنَّ الَّذِي فَرَضَ لَهُمْ لَا يَكْفِيهِمْ لَزَادَهُمْ وَ إِنَّمَا يُؤْتَى الْفُقَرَاءُ فِيمَا أُوتُوا مِنْ مَنْعِ مَنْ مَنَعَهُمْ حُقُوقَهُمْ لَا مِنَ الْفَرِيضَةِ.

1575 وَ رَوَى مُبَارَكٌ الْعَقَرْقُوفِيُّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّمَا

__________________________________________________
أبي عبد الله عليه السلام (إلى قوله) الصلاة» قال الله تعالى أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ «1» في آيات كثيرة «فلو أن (إلى قوله) عيب» كما أنه شرع الصلاة جماعة و علانية و لا يدخل غالبا فيهما رياء بخلاف المندوبات منهما فإن الإخفاء فيهما أفضل كما سيجي‏ء، و يمكن أن يقرأ العتب بالتاء محركة من العتاب أو بكسر العين و إسكان التاء أي كثير عتاب و يرجع إلى المعنى الأول الموافق للنسخ «و ذلك» علة لعدم العيب في الإعلان «إن الله عز و جل فرض» أي قدر و أوجب «للفقراء (إلى قوله) به» فكل ما يأخذه الفقراء من الأغنياء من الزكوات الواجبة فهو حقهم الذي قرره الله تعالى لهم «و لو علم (إلى قوله) لزادهم» تعليل لتقدير الزكاة بالقدر المشروع «و إنما يؤتى الفقراء فيما أوتوا» و في الكافي بدون الواو و هو أصوب يعني أن ما ينقص من حقوق الفقراء و يدخل الظلم عليهم، فيما نقص و ظلموا: أو فيما أعطوا من الله تعالى على تقدير الواو «من منع (إلى قوله) لا من الفريضة» أي من نقصانها فإنها بقدر حاجتهم و منع الحقوق (إما) من المعطين كما هو الغالب (و إما) من الآخذين مع عدم الاستحقاق فيمكن إدخالهم في المانعين تجوزا.
 «و روى مبارك العقرقوفي» رواه الصدوق عنه في الصحيح «2» و كتابه معتمد «عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال إنما وضعت الزكاة» و قررت «قوتا
__________________________________________________
 (1) البقرة- 43- 83- 110 و النساء- 77 و الحجّ- 78 و النور- 56- و المجادلة- 13 و المزّمّل- 20.
 (2) علل الشرائع- باب علة وجوب الزكاة خبر 2.

2
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

وُضِعَتِ الزَّكَاةُ قُوتاً لِلْفُقَرَاءِ وَ تَوْفِيراً لِأَمْوَالِهِمْ.
1576 وَ رَوَى مُوسَى بْنُ بَكْرٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع قَالَ: حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ.

1577 وَ رَوَى حَرِيزٌ عَنْ زُرَارَةَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَنَّهُمَا قَالا لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَ رَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ «1»
__________________________________________________
للفقراء و توفيرا لأموالهم» أي لأموال الأغنياء و يؤيده ما في النسخ الصحيحة من الكافي (لأموالكم) «2» و لأجل ذلك سميت بالزكاة لأن الإخراج يزيد المال و ينميه (أو) لتطهير النفس من الرذائل (أو) المال من حقوق الفقراء (أو) للجميع كما هو الظاهر من الأخبار.
 «و روى محمد بن بكر» مشترك و غير مذكور في الفهرست، و في الكافي بإسناده عن موسى بن بكر عنه عليه السلام «3» و هو الصواب و كأنه من النساخ «4» «عن أبي الحسن عليه السلام (إلى قوله) بالزكاة» أي من التلف كان الزكاة حصنه و حصاره كما سيجي‏ء.
 «و روى حريز» في الصحيح و رواه الكليني رضي الله عنه في الحسن كالصحيح «5» «عن زرارة (إلى قوله) أ رأيت» أي أخبرنا «عن قول الله (إلى قوله) يعطى» الزكاة «و إن‏
__________________________________________________
 (1) التوبة- 60.
 (2) الكافي باب فرض الزكاة خبر 6.
 (3) الكافي باب النوادر آخر كتاب الزكاة خبر 5.
 (4) نقول و كأنّ النسخة التي كانت عند الشارح قده كان فيها محمّد بن بكر و إلا ففي النسخ التي عندنا من الفقيه كما في الكافي موسى بن بكر.
 (5) الكافي باب فرض الزكاة إلخ خبر 1.

3
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

أَ كُلُّ هَؤُلَاءِ يُعْطَى وَ إِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ فَقَالَ إِنَّ الْإِمَامَ يُعْطِي هَؤُلَاءِ جَمِيعاً لِأَنَّهُمْ يُقِرُّونَ لَهُ بِالطَّاعَةِ قَالَ زُرَارَةُ قُلْتُ فَإِنْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ فَقَالَ يَا زُرَارَةُ لَوْ كَانَ يُعْطِي مَنْ يَعْرِفُ دُونَ مَنْ لَا يَعْرِفُ لَمْ يُوجَدْ لَهَا مَوْضِعٌ وَ إِنَّمَا يُعْطِي مَنْ لَا يَعْرِفُ لِيَرْغَبَ فِي الدِّينِ فَيَثْبُتَ عَلَيْهِ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَا تُعْطِهَا أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ إِلَّا مَنْ يَعْرِفُ فَمَنْ وَجَدْتَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَارِفاً فَأَعْطِهِ دُونَ النَّاسِ ثُمَّ قَالَ سَهْمُ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ سَهْمُ الرِّقَابِ عَامٌّ وَ الْبَاقِي خَاصٌّ قَالَ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدُوا قَالَ لَا تَكُونُ فَرِيضَةٌ فَرَضَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا يُوجَدُ لَهَا أَهْلٌ قَالَ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ تَسَعْهُمُ الصَّدَقَاتُ قَالَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَرَضَ لِلْفُقَرَاءِ فِي مَالِ الْأَغْنِيَاءِ مَا يَسَعُهُمْ وَ لَوْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَسَعُهُمْ لَزَادَهُمْ إِنَّهُمْ لَمْ يُؤْتَوْا مِنْ قِبَلِ فَرِيضَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَكِنْ أُتُوا مِنْ مَنْعِ مَنْ مَنَعَهُمْ حَقَّهُمْ لَا مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ لَهُمْ وَ لَوْ أَنَّ النَّاسَ أَدَّوْا
__________________________________________________
كان لا يعرف» الحق و في الكافي (و إن كانوا لا يعرفون) «فقال (إلى قوله) جميعا» يعني من سهم الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ «لأنهم يقرون له بالطاعة» فيعطيهم جميعا و إن كانوا على خلاف الحق على مذاهبهم الباطلة ليألف قلوبهم لأنهم مطيعون له ظاهرا فلعلهم ينقادوا للحق باطنا كما كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يعطي الكفار و المنافقين «قال زرارة قلت» تأكيدا أو استفهاما «فإن كانوا لا يعرفون» الحق أ يعطيهم أو كيف يعطيهم و هم كفار؟ «فقال يا زرارة (إلى قوله) موضع» (إما) لأن الله تعالى فرض للمؤلفة أيضا فلو لم يعطهم لزادت و لم يوجد للزكاة التي قررت لهم مصرف (و إما) لأن أكثر الناس اليوم على خلاف الحق «و إنما (إلى قوله) في الدين» و يدخل فيه «فيثبت عليه» كما قال تعالى كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ «1» و على الأخير يكون المراد بهم المستضعفون «فأما اليوم» أي حال عدم استيلاء الحق «فلا تعطها أنت و أصحابك إلا من يعرف» لأن سهم المؤلفة ساقط عند عدم ظهور الحق «و سهم الرقاب عام» أي لا يشترط فيهم الإيمان و يكفي الإسلام «و الباقي خاص» بالمؤمنين «قال قلت‏
__________________________________________________
 (1) النساء- 94.

4
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

حُقُوقَهُمْ لَكَانُوا عَائِشِينَ بِخَيْرٍ.
فَأَمَّا الْفُقَرَاءُ فَهُمْ أَهْلُ الزَّمَانَةِ وَ الْحَاجَةِ وَ الْمَسَاكِينُ أَهْلُ الْحَاجَةِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الزَّمَانَةِ
__________________________________________________
 (إلى قوله) حقوقهم» فإن الغالب في المؤمنين أن يكون فيهم الأغنياء و الفقراء، فإذا أدى الأغنياء زكوات أموالهم إلى الفقراء لا يزيد و لا ينقص «لكانوا عائشين بخير» أما الفقراء فظاهر، و أما الأغنياء فلحصول السعادات الدنيوية و الأخروية لهم، و روى الكليني في الحسن كالصحيح. عن ابن مسكان و غير واحد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
إن الله عز و جل جعل للفقراء في أموال الأغنياء ما يكفيهم و لو لا ذلك لزادهم و إنما يؤتون من منع من منعهم «1».
 «فأما الفقراء» الظاهر أنه من كلام الصدوق كما يظهر من الكافي، و يمكن أن يكون تتمة خبر زرارة و لم يذكره الكليني «فهم أهل الزمانة» أي أهل الآفة و الابتلاء «و المساكين أهل الحاجة من غير أهل الزمانة» و يفهم منه أن الفقير أجهد من المسكين، و يؤيده قوله تعالى أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ «2» و لكن روى الكليني في الصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام أنه سأله عن الفقير و المسكين؟
فقال: الفقير. الذي لا يسأل و المسكين الذي هو أجهد منه الذي يسأل «3» و في الحسن كالصحيح، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام قول الله عز و جل إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ قال: الفقير الذي لا يسأل الناس، و المسكين أجهد منه، و البائس أجهدهم فكل ما فرض الله عز و جل عليك فإعلانه أفضل من أسراره، و كل ما كان تطوعا فإسراره أفضل من إعلانه و لو أن رجلا حمل زكاة ماله على عاتقه فقسمها علانية كان ذلك حسنا جميلا «4».
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب فرض الزكاة خبر 4- 19.
 (4) الكافي باب فرض الزكاة إلخ خبر 7 و الآية في التوبة- 60.

5
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

وَ الْعَامِلُونَ عَلَيْهَا هُمُ السُّعَاةُ
__________________________________________________
و يؤيده قوله تعالى أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ «1» و لا فائدة يعتد بها هنا لأنه لو لم نقل بالبسط فظاهر و لو قلنا به فيبسط على كلتا الطائفتين و هو أحوط و الظاهر أن تقديم الفقراء لفضلهم باعتبار عدم السؤال كما يشعر به قوله تعالى لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ (تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ) لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً «2» و ما رواه الكليني في الصحيح (على الظاهر) عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الزكاة أ يفضل بعض من يعطى ممن لا يسأل على غيره؟
قال: يفضل الذي لا يسأل على الذي يسأل «3» و غيره؟ من الأخبار، و ربما تشعر الآية و الأخبار على رجحان اعتبار العدالة، و لا ريب فيه و هو أحوط.
 «و العاملون عليها هم السعاة» أي جباة الصدقة أي الذين يجمعون الزكوات و غيرها و تقديره إلى الإمام. كما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت ما يعطى المصدق؟ قال: ما يرى الإمام و لا يقدر له شي‏ء «4» و المراد بالمصدق العامل الذي يأخذ الصدقات و يجمعها «و سهم الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ساقط بعد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» الظاهر أن مراده بالمؤلفة، الكفار الذين يستمالون إلى الجهاد بالصدقة، و سقوطه بعده صلى الله عليه و آله و سلم لظهور الإسلام بحيث لا يحتاج إلى تأليف قلوبهم بالصدقات (أو) لأن السهام للجهاد و لا جهاد حال الغيبة (أو) الحضور كالغيبة مثل أزمنة الأئمة صلوات الله عليهم (و قيل) بعدم السقوط إذا رأى الإمام تأليف الكفار أو المسلمين للحرب و غيره، بل غير الإمام أيضا حال وجوب الجهاد دفعا عن بيضة الإسلام أو الإيمان و يظهر من خبر زرارة السابق عدم السقوط و لا فائدة في تحقيق هذه المسألة غالبا لأن الإسهام وظيفة الإمام و كل ما يفعله فهو حق من الله و الظاهر سقوط سهم السعاة حال الغيبة
__________________________________________________
 (1) البلد- 16.
 (2) البقرة 273.
 (3) الكافي باب تفضيل أهل الزكاة بعضهم على بعض خبر 2.
 (4) الكافي باب من تحل له ان يأخذ الزكاة إلخ خبر 12.

6
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

وَ سَهْمُ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ سَاقِطٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ سَهْمُ الرِّقَابِ يُعَانُ بِهِ الْمُكَاتَبُونَ الَّذِينَ يَعْجِزُونَ عَنْ أَدَاءِ الْمُكَاتَبَةِ وَ الْغَارِمُونَ الْمُسْتَدِينُونَ فِي حَقٍ‏
__________________________________________________
إلا أن يقال بجواز بعث الفقيه العمال لجمع الصدقات كما ذهب إليه بعض الأصحاب.
 «و سهم الرقاب (إلى قوله) عن أداء المكاتبة» نقل الإجماع على جواز إعطائهم مع العجز و سيجي‏ء حد العجز في باب الكتابة إن شاء الله و لقوله تعالى وَ آتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ «1» و ما رواه الصدوق عن الصادق صلوات الله عليه أنه سئل عن مكاتب عجز عن مكاتبته و قد أدى بعضها؟ قال: يؤدى عنه من مال الصدقة إن الله تعالى يقول: في كتابه (وَ فِي الرِّقابِ) «2» و الحق به شراء العبيد تحت الشدة بالإجماع المنقول و يؤيده ما رواه الكليني في الصحيح، عن عمرو بن أبي نصر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الرجل يجتمع عنده الخمسمائة و الستمائة يشتري بها نسمة و يعتقها قال: إذا يظلم قوما آخرين حقوقهم ثمَّ مكث مليا، ثمَّ قال: إلا أن يكون عبدا مسلما في ضرورة فيشتريه و يعتقه «3» و يحمل عليه ما ورد من شراء مطلق العبد و إعتاقه، «4» و الحق بعضهم إعتاق العبد في الكفارات و النذور لمن لا يجد، لرواية مرسلة «5» و يمكن جعله من الغارمين.
 «و الغارمون المستدينون في حق» هذا هو المشهور بين الأصحاب، لما روي مرسلا عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال: يقضي ما عليه من سهم الغارمين إذا كان‏
__________________________________________________
 (1) النور- 33.
 (2) أورده الصدوق في باب المكاتبة من كتاب العتق كما يأتي إنشاء اللّه.
 (3- 4) الكافي باب الرجل يحج من الزكاة او يعتق خبر 2- 3 و أورد الأخير في علل الشرائع باب العلة التي من اجلها يكون ميراث المشترى من الزكاة لاهل الزكاة خبر 1.
 (5) نقلها في باب اصناف أهل الزكاة نقلا من تفسير عليّ بن إبراهيم.

7
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

وَ سَبِيلُ اللَّهِ الْجِهَادُ وَ ابْنُ السَّبِيلِ الَّذِي لَا مَأْوَى لَهُ وَ لَا مَسْكَنَ مِثْلُ الْمُسَافِرِ الضَّعِيفِ وَ مَارِّ الطَّرِيقِ‏
__________________________________________________
أنفقه في طاعة الله عز و جل، و إذا كان أنفقه في معصية الله عز و جل فلا شي‏ء له على الإمام «1» و جوز بعضهم إعطاءه من سهم الغارمين مع التوبة و لا يخلو من قوة، بل يظهر من الأخبار جوازه مطلقا كما هو ظاهر الآية، و يمكن حمل الخبر على الاستحباب، لكن الأحوط إعطاؤه من سهم الفقراء، و كذا لو لم يعلم فيما ذا صرفه فالاحتياط في إعطائه من سهم الفقراء. لما روي بسند فيه ضعف عن الرضا عليه السلام قال: قلت فهو لا يعلم فيما أنفقه في طاعة أم في معصية؟ قال: يسعى في ماله فيرده عليه و هو صاغر «2» و إن أمكن حمله على الاستحباب أيضا كالأول، و يمكن حمله أيضا على ما إذا كان الظاهر من حاله أن يكون صرفه في المعصية بأن يكون فاسقا كما يشعر به الجواب.
 «و سبيل الله الجهاد» لا ريب في أن الجهاد سبيل الله أي سبيل رضاه تعالى و ذهب بعض الأصحاب إلى دخول معونة الحاج فيه، و بعضهم إلى الأعم كما هو ظاهر اللفظ و يؤيد القولين ما روي في الصحيح عن علي بن يقطين أنه قال لأبي الحسن عليه السلام يكون عندي المال من الزكاة أ فأحجج به موالي و أقاربي؟ قال: نعم «3» و ما رواه علي بن إبراهيم في تفسيره عن العالم عليه السلام أنه قال و في سبيل الله قوم يخرجون إلى الجهاد و ليس عندهم ما يتقون به، أو قوم من المؤمنين ليس عندهم ما يحجون به و في جميع سبل الخير «4» و لما كان مرسلا، فلو اقتصر على الجهاد و معونة الحاج كان أحوط سيما مع احتياج الفقراء الموجودين.
 «و ابن السبيل (إلى قوله) و مار الطريق» يظهر من المماثلة دخول الضيف الفقير كما ذهب إليه جماعة و منشئ السفر كما قيل، و يمكن أن يكون المراد المسافر فقط بدون اعتبار العموم، و الأحوط في الضيف أن يكون مسافرا إلا أن يطعم من سهم‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الدين خبر 5 من كتاب المعيشة.
 (3) هذا الحديث أورده الصدوق في أواخر هذا الباب كما سيأتي إنشاء اللّه.
 (4) التهذيب باب اصناف أهل الزكاة قطعة من خبر 3.

8
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

وَ لِصَاحِبِ الزَّكَاةِ أَنْ يَضَعَهَا فِي صِنْفٍ دُونَ صِنْفٍ مَتَى لَمْ يَجِدِ الْأَصْنَافَ كُلَّهَا
1578 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع لِعَمَّارِ بْنِ مُوسَى السَّابَاطِيِّ يَا عَمَّارُ أَنْتَ رَبُّ مَالٍ كَثِيرٍ قَالَ نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ فَتُؤَدِّي مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكَ مِنَ الزَّكَاةِ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ‏

__________________________________________________
الفقراء و إن كان الأحوط إعطاءه ليصرف هو فيما يريد، و الاقتصار على معونة المسافر في الرجوع إلى بلده أولى كما رواه علي بن إبراهيم في التفسير عن العالم عليه السلام- قال:
و ابن السبيل أبناء الطريق الذين يكونون في الأسفار في طاعة الله تعالى فيقطع عليهم و يذهب مالهم فعلى الإمام أن يردهم إلى أوطانهم من مال الصدقات «1».
اعلم أن ظاهر الخبر الاحتياج في السفر و إن كان غنيا في البلد، كما ذكره الأصحاب. و اشترط بعضهم فيه عدم القدرة على الاستدانة و هو أحوط، و يظهر من الخبر اشتراط كون سفره طاعة كما ذكره الأصحاب و اتفقوا عليه و لا ريب في أنه أحوط، و ظاهر الأصحاب في الأربعة الأخيرة وجوب صرف الزكاة في مال الكتابة، و في أداء الدين و الغزو و غيره و في الرجوع إلى البلد كما تشعر به الآية من الإتيان بلفظ (في) فيها، فلو صرفوا في غيرها فالمشهور عدم الإجزاء.
 «و لصاحب الزكاة (إلى قوله) كلها» يظهر منه أنه يجوز للمالك أن يؤدي الزكاة إلى أربابها و لا يجب صرفها إلى الإمام أو الفقيه كما هو المشهور (و قيل) بالوجوب و الاستحباب أظهر كما يظهر من الأخبار، و يظهر أيضا لزوم البسط على الأصناف مع التمكن و لا ريب في أنه أولى و أحوط، لكن الظاهر من الأخبار الصحيحة جواز صرفها في صنف و لو إلى واحد، و نقل الإجماع عليه أيضا، و يمكن حمل كلامه على الاستحباب أيضا، و يظهر من الأخبار أن المراد باللام في الآية الاختصاص المصرفي لا الملكي كما هو الظاهر أيضا.
 «و قال الصادق عليه السلام لعمار بن موسى الساباطي» في الموثق قوله «و الديان»
__________________________________________________
 (1) تفسير عليّ بن إبراهيم في ذيل قوله تعالى إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ إلخ و نقله أيضا في التهذيب باب اصناف أهل الزكاة خبر 3.

9
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

َتُخْرِجُ الْحَقَّ الْمَعْلُومَ مِنْ مَالِكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَتَصِلُ قَرَابَتَكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَتَصِلُ إِخْوَانَكَ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ يَا عَمَّارُ إِنَّ الْمَالَ يَفْنَى وَ الْبَدَنَ يَبْلَى وَ الْعَمَلَ يَبْقَى وَ الدَّيَّانَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ يَا عَمَّارُ أَمَا إِنَّهُ مَا قَدَّمْتَ فَلَنْ يَسْبِقَكَ وَ مَا أَخَّرْتَ فَلَنْ يَلْحَقَكَ.

1579 وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْأَسَدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبَرْمَكِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُعَتِّبٍ مَوْلَى الصَّادِقِ ع قَالَ قَالَ الصَّادِقُ ع إِنَّمَا وُضِعَتِ الزَّكَاةُ اخْتِبَاراً لِلْأَغْنِيَاءِ وَ مَعُونَةً لِلْفُقَرَاءِ وَ لَوْ أَنَّ النَّاسَ أَدَّوْا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ مَا بَقِيَ مُسْلِمٌ فَقِيراً مُحْتَاجاً وَ لَاسْتَغْنَى بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ وَ إِنَّ النَّاسَ مَا افْتَقَرُوا وَ لَا احْتَاجُوا وَ لَا جَاعُوا وَ لَا عَرُوا إِلَّا بِذُنُوبِ الْأَغْنِيَاءِ وَ حَقِيقٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَمْنَعَ رَحْمَتَهُ مَنْ مَنَعَ حَقَّ اللَّهِ فِي مَالِهِ وَ أُقْسِمُ بِالَّذِي خَلَقَ الْخَلْقَ وَ بَسَطَ الرِّزْقَ أَنَّهُ مَا ضَاعَ مَالٌ فِي بَرٍّ وَ لَا بَحْرٍ إِلَّا بِتَرْكِ الزَّكَاةِ وَ مَا صِيدَ صَيْدٌ فِي بَرٍّ وَ لَا بَحْرٍ إِلَّا بِتَرْكِهِ التَّسْبِيحَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ إِنَّ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَسْخَاهُمْ كَفّاً وَ أَسْخَى النَّاسِ مَنْ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ وَ لَمْ يَبْخَلْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمْ فِي مَالِهِ.

1580 وَ كَتَبَ الرِّضَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى ع إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ فِيمَا كَتَبَ إِلَيْهِ مِنْ جَوَابِ مَسَائِلِهِ أَنَّ عِلَّةَ الزَّكَاةِ مِنْ أَجْلِ‏

__________________________________________________
أي المجازي على الأعمال (و قيل) المراد به القهار أو الحاكم أو القاضي «حي لا يموت» أي يجازيك على الخيرات كما وعدك «ما قدمت» ينبغي تعميمه ليشمل الوقف و الوصية و أمثالهما «فلن يسبقك» أي لا يفوتك و لا يتجاوز عنك بل يصل ثوابه إليك لا محالة «و ما أخرت» أي تركت بعدك «فلن يلحقك» بل يكون لوارثك فينبغي أن تسعى في أن يكون مالك لنفسك بأن تقدمه في الصالحات حيا و ميتا.
 «و في رواية أبي الحسين» في الصحيح على الظاهر، قوله (ع) «و أسخى الناس من أدى زكاة ماله» الظاهر أن الأفضلية إضافية بالنظر إلى من لم يؤد الزكاة و إن أعطى كثيرا في غيرها.
 «و كتب الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان» وثقه المفيد رحمه الله و ضعفه‏

10
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

قُوتِ الْفُقَرَاءِ وَ تَحْصِينِ أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ كَلَّفَ أَهْلَ الصِّحَّةِ الْقِيَامَ بِشَأْنِ أَهْلِ الزَّمَانَةِ وَ الْبَلْوَى كَمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ «1» فِي أَمْوَالِكُمْ إِخْرَاجُ الزَّكَاةِ وَ فِي أَنْفُسِكُمْ تَوْطِينُ الْأَنْفُسِ عَلَى الصَّبْرِ مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ أَدَاءِ شُكْرِ نِعَمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الطَّمَعِ فِي الزِّيَادَةِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ وَ الرَّأْفَةِ وَ الرَّحْمَةِ

__________________________________________________
الشيخ رحمه الله تبعا لغيره و اعتمد على أخباره جل أصحاب الحديث منهم الصدوقان «فيما كتب إليه (إلى قوله) الفقراء» لأن الحكمة اقتضت أن يكون في الناس فقراء و أغنياء، لأنه لو كان الجميع أغنياء لم يرغب أحد في الصنائع الشاقة و لتعطل أمورهم و لو كان الجميع فقراء لم تنتظم أحوالهم كما هو الظاهر فلهذا قرر الله تعالى في أموال الأغنياء قوت الفقراء «و تحصين أموال الأغنياء» لئلا تضيع كما تقدم في خبر السابق «لأن الله عز و جل» تعليل للأمرين لأن الأغنياء إذا عملوا بما أمرهم الله و اختبرهم حفظ الله تعالى أموالهم بموجب وعده «كلف (إلى قوله) أهل الزمانة» و الآفة و العاهة «و البلوى» تفسير لها أو تعميم بعد التخصيص ليشمل الفقر و الفاقة فإنهم مبتلون بهما ليصبروا عليهما و يحصل لهم الأجر و الثواب كما أن الأغنياء مبتلون بالغنى ليشكروا الله على نعمائه و منه إعطاء الحقوق المالية ليستوجبوا المزيد من الله تعالى في الآخرة و الأولى «كما قال الله تبارك و تعالى» مخاطبا للجميع «لَتُبْلَوُنَّ»
 أي نعاملكم معاملة المختبرين «فِي أَمْوالِكُمْ»
 بالنظر إلى الأغنياء بإخراج الزكاة أي مثلا أو تعم بحيث يشمل سائر الحقوق «وَ فِي أَنْفُسِكُمْ»
 بالنظر إلى الفقراء «توطين الأنفس على الصبر» على الفقر و العاهة أو الأعم منهم و من الأغنياء بأن يصبروا على مشقة بذل المال «مع ما في ذلك» أي في أداء الزكاة «من أداء شكر نعم الله عز و جل» الذي هو واجب عقلا و شرعا «و الطمع في الزيادة» التي وعدها الله عز و جل بقوله لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ «2»
__________________________________________________
 (1) آل عمران- 182.
 (2) إبراهيم- 7.

11
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

لِأَهْلِ الضَّعْفِ وَ الْعَطْفِ عَلَى أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ وَ الْحَثِّ لَهُمْ عَلَى الْمُوَاسَاةِ وَ تَقْوِيَةِ الْفُقَرَاءِ وَ الْمَعُونَةِ لَهُمْ عَلَى أَمْرِ الدِّينِ وَ هُوَ عِظَةٌ لِأَهْلِ الْغِنَى وَ عِبْرَةٌ لَهُمْ لِيَسْتَدِلُّوا عَلَى فُقَرَاءِ الْآخِرَةِ بِهِمْ وَ مَا لَهُمْ مِنَ الْحَثِ‏
__________________________________________________
 «مع ما فيه من الزيادة» لقوله صلى الله عليه و آله و سلم اليد العليا خير من اليد السفلى «1» و إن كان ينبغي للمعطي أن يعتقد زيادة الفقير لأنه سبب لزيادة أجره و مثوباته «و الرأفة و الرحمة لأهل الضعف» و هي سبب للرحمة الإلهية لقوله صلى الله عليه و آله و سلم- ارحم ترحم «و العطف على أهل المسكنة» و هو في نفسه كمال و سبب لعطوفة الله عليه في الآخرة و الأولى «و الحث» و الترغيب «لهم على المواساة» لأن المانع منها البخل، فإذا أزيل بإعطاء الزكاة رغبت النفس إلى المواساة التي هي من صفات الكاملين و يرغب في أن لا يكون له زيادة على الفقراء، بل يريد زيادتهم كما قال تعالى. (وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «2».
 «و تقوية الفقراء و المعونة لهم على أمر الدين» لأنه إذا أدى الزكاة إليهم استغنوا عن طلب الرزق بالمشقة و اشتغلوا بطاعة الله تعالى و كل ما يفعلونه فهو شريكهم في الأجر من غير أن ينقص من أجورهم شيئا كما ورد به الأخبار.
 «و هو عظة» أي فقر الفقراء موعظة «لأهل الغناء (إلى قوله) بهم» أي بفقراء الدنيا، فإنه من زرع يحصد، و من لم يزرع فهو محتاج فليتفكر في أمر الآخرة فإن الدنيا مزرعة الآخرة (و في العلل) فقر الآخرة «3» أي نزوله بهم (أو) ليستدلوا على‏
__________________________________________________
 (1) هذه الجملة من كلمات قصاره صلّى اللّه عليه و آله التي تاتى مع باقيها في أواخر الكتاب من الصدوق إنشاء اللّه.
 (2) الحشر 90.
 (3) علل الشرائع باب علة الزكاة خبر 3.

12
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

فِي ذَلِكَ عَلَى الشُّكْرِ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِمَا خَوَّلَهُمْ وَ أَعْطَاهُمْ وَ الدُّعَاءِ وَ التَّضَرُّعِ وَ الْخَوْفِ مِنْ أَنْ يَصِيرُوا مِثْلَهُمْ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ وَ الصَّدَقَاتِ وَ صِلَةِ الْأَرْحَامِ وَ اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ.
__________________________________________________
فقراء الآخرة بهم أي ينبغي لهم أن يعتبروا بأن الصالحين من أهل الآخرة صاروا في الدنيا محتاجين إليهم، فلو كان الأمر بالعكس لكان لهم من الذل و الفقر مثل مالهم مع عدم صلاحهم، فينبغي لهم حينئذ أن يشكروا الله على الغنى، و أن يدعوا الله في أن يديم هذه النعمة عليهم و لا يصيرهم محتاجين إلى أمثالهم (أو) يعتبروا بأن الأغنياء في الدار الآخرة محتاجون إلى الفقراء كما سيجي‏ء فلما تفضل الله تعالى عليهم في الدنيا بأن لم يجعلهم محتاجين فليدعوا الله تعالى أن لا يجعلهم في الآخرة من المحتاجين إلى الفقراء لئلا يلحقهم الذل و الوبال، بل يتفضل الله عليهم بالرحمة و المغفرة «في أمور كثيرة» أي هذه الحكم و الفضائل حاصلة في أمور كثيرة و يمكن أن يكون متعلقا بقوله (الشكر لله) في أداء الزكاة (أو) بمعنى إلى غير ذلك من الفوائد الكثيرة في أداء الزكاة و الصدقات «و اصطناع المعروف» يعني ليست الفوائد منحصرة فيما ذكر و لا في الزكاة فقط بل كثيرة فيها و في غيرها من أنواع الإحسان مثل اتصافه بصفة الرحمن كما قال صلى الله عليه و آله و سلم (تخلقوا بأخلاق الله) من الجود و الإطعام و الأرزاق و صيرورته ممدوح الله تعالى بالآيات، و ممدوح رسوله صلى الله عليه و آله بالأخبار و ممدوح الأئمة عليهم السلام بالأحاديث الحسان و كونه بائعا من الله كما قال تعالى:
إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى‏ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ «1» و كونه مقرضا لله كما قال تعالى مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً «2»
__________________________________________________
 (1) التوبة- 111.
 (2) الحديد 11.

13
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

1581 وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع مَنْ أَخْرَجَ زَكَاةَ مَالِهِ تَامَّةً فَوَضَعَهَا فِي مَوْضِعِهَا لَمْ يُسْأَلْ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَ مَالَهُ.

1582 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع إِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الزَّكَاةَ فِي كُلِّ أَلْفٍ خَمْسَةً وَ عِشْرِينَ‏

__________________________________________________
و صيرورته شبيها بمن وصفهم الله تعالى في قوله:
وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى‏ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً «1» إلى غير ذلك من الفضائل التي لا تحصى فإن اليسير يدل على الكثير لمن أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ.
 «و قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام» رواه الكليني في الحسن كالصحيح عنه عليه السلام «2».
 «و قال الصادق عليه السلام إلخ» رواه الكليني مسندا عنه عليه السلام «3» التعبير عنه بالألف على سبيل التمثيل و لا مدخل لخصوصه في المطلوب، لكنه لما شاع التعبير عن النسب بهذا العدد عبر عليه السلام به و يؤيده الأخبار الكثيرة مثل ما رواه الكليني في الصحيح، عن الوشاء، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قيل لأبي عبد الله عليه السلام لأي شي‏ء جعل الله الزكاة خمسة و عشرين في كل ألف و لم يجعلها ثلاثين؟ فقال إن الله عز و جل جعلها خمسة و عشرين أخرج من أموال الأغنياء بقدر ما يكتفي به الفقراء، و لو أخرج الناس زكاة أموالهم ما احتاج أحد «4» و في الصحيح، عن الأحول قال: سألني رجل من الزنادقة فقال كيف صارت الزكاة من كل ألف خمسة و عشرين درهما؟ فقلت له إنما ذلك مثل الصلاة ثلاث و ثنتان و أربع (يعني تعبد مجهول الوجه) قال: فقبل مني ثمَّ لقيت بعد ذلك أبا عبد الله عليه السلام، فسألته عن‏
__________________________________________________
 (1) الإنسان- 8.
 (2) الكافي باب منع الزكاة خبر 10.
 (3) الكافي باب العلة في وضع الزكاة على ما وضع إلخ خبر 3.
 (4) الكافي باب العلة في وضع الزكاة خبر 1.

14
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة وجوب الزكاة ص 1

دِرْهَماً لِأَنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ الْخَلْقَ فَعَلِمَ غَنِيَّهُمْ وَ فَقِيرَهُمْ وَ قَوِيَّهُمْ وَ ضَعِيفَهُمْ فَجَعَلَ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ خَمْسَةً وَ عِشْرِينَ مِسْكِيناً وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَزَادَهُمُ اللَّهُ لِأَنَّهُ خَالِقُهُمْ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ.
بَابُ مَا جَاءَ فِي مَانِعِ الزَّكَاةِ
1583 رَوَى حَرِيزٌ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ ذِي مَالٍ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ يَمْنَعُ زَكَاةَ مَالِهِ إِلَّا حَبَسَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَاعٍ قَرْقَرٍ وَ سَلَّطَ عَلَيْهِ شُجَاعاً أَقْرَعَ يُرِيدُهُ وَ هُوَ يَحِيدُ عَنْهُ فَإِذَا رَأَى أَنَّهُ لَا يَتَخَلَّصُ مِنْهُ أَمْكَنَهُ مِنْ يَدِهِ فَقَضِمَهَا كَمَا يُقْضَمُ الْفُجْلُ‏

__________________________________________________
ذلك؟ فقال: إن الله عز و جل حسب الأموال و المساكين فوجبه ما يكفيهم من كل ألف خمسة و عشرين و لو لم يكفيهم لزادهم قال: فرجعت إليه فأخبرته فقال: جاءت هذه المسألة على الإبل من الحجاز، ثمَّ قال: لو أني أعطيت أحدا طاعة لأعطيت صاحب هذا الكلام «1».
باب ما جاء في مانع الزكاة «روى حريز» في الصحيح، و رواه الكليني عنه في الحسن كالصحيح «2» «عن أبي عبد الله عليه السلام (إلى قوله) زكاة ماله» بأن اجتمعت فيه شرائطها و لم يؤدها «إلا (إلى قوله) قرقر» أي في أرض سهلة قد انفرجت عنها الجبال و الآكام و تكون أملس بحيث لا يستقر و لا يثبت القدم فيها «و سلط عليه شجاعا أقرع» أي حية قد تمعط «3» و ذهب شعر رأسها لكثرة سمها و طول عمرها «يريده» أي الشجاع «و هو يحيد عنه» أي يميل و يفر منه «فإذا رأى أنه لا يتخلص منه» لملاسة الأرض و قوة الحية «أمكنه من يده» أي يقدم يده ليدفعه كما هو المتعارف من تقديم اليد أو لتخيل أن عذاب اليد أسهل، فلما ألقمه يده «فقضمها كما يقضم الفجل» أي يكسرها، و القضم الأكل‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب العلة في وضع الزكاة خبر 4.
 (2) الكافي باب منع الزكاة خبر 20.
 (3) رجل امعط بين المعط و هو الذي لا شعر على جسده و قد معط الرجل معطا من باب تعب و تمعط الشعر أي تساقط من داء و نحوه (مجمع البحرين).

15
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما جاء في مانع الزكاة ص 15

ثُمَّ يَصِيرُ طَوْقاً فِي عُنُقِهِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ «1» وَ مَا مِنْ ذِي مَالٍ إِبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ يَمْنَعُ زَكَاةَ مَالِهِ إِلَّا حَبَسَهُ اللَّهُ- يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَاعٍ قَرْقَرٍ يَطَؤُهُ كُلُّ ذَاتِ ظِلْفٍ بِظِلْفِهَا وَ يَنْهَشُهُ كُلُّ ذَاتِ نَابٍ بِنَابِهَا وَ مَا مِنْ ذِي مَالٍ نَخْلٍ أَوْ كَرْمٍ أَوْ زَرْعٍ يَمْنَعُ زَكَاتَهُ إِلَّا طَوَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَيْعَةَ أَرْضِهِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

__________________________________________________
بأطراف الأسنان و لما كان الإعطاء باليد و المنع منها ابتدئت بالعذاب «ثمَّ تصير طوقا في عنقه» و تلزمه أبدا و تعذبه بالقضم و السم «و ذلك (إلى قوله) يوم القيمة» أي يصير ما بخلوا به من الزكاة طوقا في أعناقهم «يطأه كل ذات ظلف» من البقر و الغنم الذي لم يخرج زكاته أو الأعم منهما و من كل محشور كما قال تعالى وَ إِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ «2» و المروي حشرها ليأخذ الضعيف مظلمته من القوي، (أو) يخلق عوض النعم التي لم يخرج زكاتها نعما تعذبه «و ينهشه» أي يلسعه «كل ذات ناب» محشورة للعدالة أو لهم «بنابها إلا طوقه الله ربعة أرضه» و الربع بالباء الموحدة، المرتفع من الأرض، و المراد هنا أصل أرضه التي كان فيها النخل و الكرم و الزراعة الواجبة فيها الزكاة «إلى سبع أرضين» أي منتهاها أي تصير الأرض طوقا في عنقه «إلى يوم القيمة» و يكون ثقلها عليه (أو) إلى آخر اليوم بأن يحشر و في عنقه الأرض (أو) يكون عذاب البرزخ روحانيا و يكون تشبيها للمعقول بالمحسوس، و على أي حال فالعذاب واقع يقينا للأخبار المتواترة و إن كانت الكيفية غير معلومة.
روى الكليني رحمه الله تعالى في الصحيح (على الظاهر) عن يونس (لأنه مأخوذ من كتابه على الظاهر) عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله ما من ذي مال نخل أو زرع أو كرم يمنع زكاة ماله إلا قلده الله تربة أرضه يطوق به من سبع أرضين إلى يوم القيمة «3» و غيرها من الأخبار.
__________________________________________________
 (1) آل عمران- 180.
 (2) التكوير- 5.
 (3) باب منع الزكاة خبر 4.

16
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما جاء في مانع الزكاة ص 15

1584 وَ رَوَى مَعْرُوفُ بْنُ خَرَّبُوذَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَرَنَ الزَّكَاةَ بِالصَّلَاةِ فَقَالَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ «1» فَمَنْ أَقَامَ الصَّلَاةَ وَ لَمْ يُؤْتِ الزَّكَاةَ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُقِمِ الصَّلَاةَ.

1585 وَ رَوَى أَيُّوبُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَانِعُ الزَّكَاةِ يُطَوَّقُ بِحَيَّةٍ قَرْعَاءَ تَأْكُلُ مِنْ دِمَاغِهِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ.

1586 رَوَى مَسْعَدَةُ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَالٌ لَا يُزَكَّى.

1587 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ عَبْدٍ مَنَعَ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ شَيْئاً إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُعْبَاناً مِنْ نَارٍ مُطَوَّقاً فِي عُنُقِهِ يَنْهَشُ مِنْ لَحْمِهِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الْحِسَابِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَعْنِي مَا بَخِلُوا بِهِ مِنَ الزَّكَاةِ

__________________________________________________
 «و روى معروف بن خربوذ» في الصحيح «عن أبي جعفر عليه السلام إلخ» و يدل على اشتراط قبول الصلاة بإيتاء الزكاة بالاقتران بها و على أن الاقتران لفظا له مدخل في الاقتران في القبول كما ورد في الأخبار المتواترة، إن شارب الخمر كعابد وثن لاقترانهما في قول الله تعالى إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ إلخ و أمثال هذا الفهم من خصائصهم صلوات الله عليهم.
 «و روى أيوب بن راشد» رواه الكليني في الموثق كالصحيح عنه «2» و الظاهر أنه مأخوذ من الكافي بل أكثر هذه الأخبار «و روى مسعدة» و هو ابن صدقة كما صرح به في الكافي «3» «عن الصادق (إلى قوله) لا يزكي» و رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن أبي بصير عنه عليه السلام «4» أي ليس له بركة و يذهب بصاحبه إلى النار أو ملعون صاحبه تجوزا «و روى محمد بن مسلم» رواه الكليني في الصحيح «5» و في الحسن كالصحيح عنه عن أبي جعفر عليه السلام «6» و الثعبان الحية الضخمة الطويلة (أو) الذكر خاصة (أو) عام- ذكره الفيروزآبادي.
__________________________________________________
 (1) البقرة- 43.
 (2- 3- 4- 5- 6) الكافي باب منع الزكاة خبر 17- 14- 9- 11- 1.

17
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما جاء في مانع الزكاة ص 15

1588 وَ رَوَى عُبَيْدُ بْنُ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ رَجُلٍ يَمْنَعُ دِرْهَماً فِي حَقِّهِ إِلَّا أَنْفَقَ اثْنَيْنِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ وَ مَا مِنْ رَجُلٍ يَمْنَعُ حَقّاً فِي مَالِهِ إِلَّا طَوَّقَهُ اللَّهُ بِهِ حَيَّةً مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

1589 وَ رَوَى أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: دَمَانِ فِي الْإِسْلَامِ حَلَالٌ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَا يَقْضِي فِيهِمَا أَحَدٌ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَائِمَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَإِذَا بَعَثَ اللَّهُ‏

__________________________________________________
 «و روى عبيد بن زرارة» رواه الكليني في الحسن كالصحيح عنه «1» «عن أبي عبد الله عليه السلام (إلى قوله) في حقه» أي الواجبات أو الأعم «إلا أنفق اثنين في غير حقه» بأن يمنع منه اللطف و يتسلط الشيطان عليه بأن ينفقه في الباطل أو بأن يأخذه الظالم منه قهرا كما رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من منع حقا لله عز و جل أنفق في باطل مثليه «2».
 «و روى أبان بن تغلب» الثقة الجليل صاحب الأصل الذي رواه الصدوق في الصحيح. عن صفوان، عن أبي علي عنه، عن أبي عبد الله عليه السلام «أنه قال (إلى قوله) أحد» أي موافقا للحق و إلا فأبو بكر قاتل مانعي الزكاة. و منعه عمر، و لم يسمع قوله (أو) يحمل على أن أبا بكر لم يقاتلهم لترك الزكاة مطلقا فإنهم و منهم مالك بن نويرة قالوا لا نؤدي إليك، بل نؤدي إلى من خلفه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم على الناس في غدير خم فبعث خالد بن الوليد مع جماعة من الأشرار لقتالهم و قتلوا منهم جماعة كثيرة و سلبوا نساءهم و ذراريهم (أو) يكون المراد أنه عليه السلام يحكم بعلمه فيهما و لا يحتاج إلى الشهود كما في سائر قضاياه و يكون التخصيص للاهتمام، و الحاصل أن منع الزكاة ليس بكفر و إن جاز القتال به إلا أن يكون مستحلا فكفره ظاهر إلا إذا ادعى الشبهة المحتملة، و سيجي‏ء في باب الحدود حكم المحصن و إن المراد به من كان له زوج رجلا كان أو امرأة.
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب منع الزكاة خبر 8- 15.

18
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما جاء في مانع الزكاة ص 15

عَزَّ وَ جَلَّ قَائِمَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ حَكَمَ فِيهِمَا بِحُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الزَّانِي الْمُحْصَنُ يَرْجُمُهُ وَ مَانِعُ الزَّكَاةِ يَضْرِبُ عُنُقَهُ.
1590 وَ رَوَى عَنْهُ عَمْرُو بْنُ جُمَيْعٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَدَّى أَحَدٌ الزَّكَاةَ فَنَقَصَتْ مِنْ مَالِهِ وَ لَا مَنَعَهَا أَحَدٌ فَزَادَتْ فِي مَالِهِ.

1591 وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ مَنَعَ قِيرَاطاً مِنَ الزَّكَاةِ فَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ وَ لَا مُسْلِمٍ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ. لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ «1» وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى وَ لَا تُقْبَلُ لَهُ صَلَاةٌ.

__________________________________________________
 «و روى عنه عمرو بن جميع» مصغرا «أنه قال (إلى قوله) من ماله» بل يزيد أضعافا مضاعفة «و لا منعها أحد فزادت في ماله» بل تذهب بركته و ينقص بصرفه في غير مصرفه مثليه كما تقدم.
 «و في رواية أبي بصير» في الموثق كما في الكافي «2» «عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من منع قيراطا» و هو نصف عشر المثقال «من الزكاة فليس بمؤمن» حقيقة لأن الإيمان الحقيقي مقرون بالصالحات كما هو ظاهر الآيات «و لا مسلم» أي حقيقة (أو) بمعنى أنه غير منقاد لعدم انقياده لقول الله و قول رسوله و أئمته صلوات الله عليهم «و هو (إلى قوله) ارْجِعُونِ» أي إلى الدنيا «لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ» أي من المال أي أؤدي زكاته، و المؤمن و المسلم الحقيقيان لا يسألان الرجعة، بل لا يقبلان الرجوع إلى الدنيا (أو) بسبب ترك الزكاة يخرج عن الإسلام و بسبب عدم قبول الصلاة لترك الزكاة يخرج عن الإيمان كما سماها الله إيمانا في قوله تعالى:
وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ «3» أي صلاتكم (أو) يكون المراد من ذكر الآية ندامته على تركها مع قطع النظر عن التعليل «و في رواية أخرى» من كلام الكليني «و لا تقبل له صلاة» أي هذه الجملة مذكورة بعد الخبر السابق و حينئذ يؤيد المعنى الثاني (أو) كان في الرواية فليس بمؤمن و لا مسلم و لا تقبل له صلاة) و لعله أظهر-
__________________________________________________
 (1) المؤمنون- 99.
 (2) الكافي باب منع الزكاة خبر 10.
 (3) البقرة- 143.

19
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما جاء في مانع الزكاة ص 15

1592 وَ رَوَى ابْنُ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ ص فِي الْمَسْجِدِ إِذْ قَالَ قُمْ يَا فُلَانُ قُمْ يَا فُلَانُ قُمْ يَا فُلَانُ حَتَّى أَخْرَجَ خَمْسَةَ نَفَرٍ فَقَالَ اخْرُجُوا مِنْ مَسْجِدِنَا لَا تُصَلُّوا فِيهِ وَ أَنْتُمْ لَا تُزَكُّونَ.

1593 وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَنْ مَنَعَ قِيرَاطاً مِنَ الزَّكَاةِ فَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ وَ لَا مُسْلِمٍ وَ سَأَلَ الرَّجْعَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ. لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ «1».

1594 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ خَيْرٌ مِنْ عِشْرِينَ حَجَّةً وَ حَجَّةٌ خَيْرٌ مِنْ بَيْتٍ مَمْلُوءٍ ذَهَباً يُتَصَدَّقُ بِهِ فِي بِرٍّ حَتَّى يَنْفَدَ ثُمَّ قَالَ وَ لَا أَفْلَحَ مَنْ ضَيَّعَ عِشْرِينَ بَيْتاً

__________________________________________________
و روى الكليني، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من منع قيراطا من الزكاة فليمت إن شاء يهوديا أو نصرانيا «2».
 «و روى ابن مسكان» في الصحيح، لكن رواه الكليني، عن ابن مسكان يرفعه، عن رجل، عن أبي جعفر عليه السلام «3» و يؤيده عدم ملاقاته لأبي جعفر عليه السلام لكن لما كان ممن أجمعت العصابة، فكلما ينقله فهو صحيح لأنهم لا ينقلون إلا الصحيح كما تقدم و يدل على جواز هتك حرمة مانع الزكاة بأمثال هذه.
 «و روى أبو بصير» في الموثق و رواه الكليني في الموثق بطريق غير الطريق السابق «4» و لا يضر التكرار حينئذ، لكن طريق الصدوق في الفهرست إليه واحد فلا ينفع التكرار، و الظاهر أنه كان يروي هذه الأخبار من الكافي و لم يطلع على أنه تكرار سهوا، و يمكن أن يكون التكرير لاختلاف يسير في اللفظ و الأمر سهل.
 «و قال الصادق عليه السلام» مروي بطرق متعددة منها في الصحيح عن أبي بصير و في الموثق عنه، عنه عليه السلام «5» «ثمَّ قال و لا أفلح من ضيع عشرين بيتا من ذهب» التي تعطى على الصلاة لخمسة و عشرين درهما لزكاة ألف درهم فكيف بتضييعه‏
__________________________________________________
 (1) المؤمنون- 99.
 (2- 3- 4- 5) الكافي باب من منع الزكاة خبر 15- 5- 2- 12- 13.

20
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما جاء في مانع الزكاة ص 15

مِنْ ذَهَبٍ بِخَمْسَةٍ وَ عِشْرِينَ دِرْهَماً فَقِيلَ لَهُ وَ مَا مَعْنَى خَمْسَةٍ وَ عِشْرِينَ دِرْهَماً قَالَ مَنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ وُقِفَتْ صَلَاتُهُ حَتَّى يُزَكِّيَ.
1595 وَ قَالَ ع مَا ضَاعَ مَالٌ فِي بَرٍّ وَ لَا بَحْرٍ إِلَّا بِتَضْيِيعِ الزَّكَاةِ وَ لَا يُصَادُ مِنَ الطَّيْرِ إِلَّا مَا ضَيَّعَ تَسْبِيحَهُ.

__________________________________________________
لخمسة دراهم في النصاب الأول، أو الدرهم في النصاب الثاني أو لقيراط كما تقدم لأنه لا تقبل الصلاة ما لم يزك.
 «و قال عليه السلام: ما ضاع مال» أي غالبا في بر و لا بحر «إلا بتضييع الزكاة» إما بعدم أدائها (أو) بعدم رعاية شرائطها (أو) يعم الزكاة بحيث يشمل سائر الحقوق كما سيجي‏ء، فلا يرد تلف المال في بعض الأوقات مع أداء الزكاة «و لا يصاد من الطير إلا ما ضيع تسبيحه» و لو نسيانا و يظهر من هذه الأخبار و غيرها كما يظهر من الآيات الكريمات أن لكل من الطيور، بل لكل من الحيوانات، بل لكل شي‏ء تسبيحا سوى تسبيح الدلالة على وجود الواجب و علمه و قدرته، و لكن لا نفقه تسبيحهم، و ما أوتينا من العلم إلا قليلا، و روى الكليني في الصحيح، عن أبي جعفر عليه السلام قال: وجدنا في كتاب علي عليه السلام إذا منعت الزكاة منعت الأرض بركاتها «1» و بإسناده، عن رفاعة ابن موسى أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول ما فرض الله على هذه الأمة شيئا أشد عليهم من الزكاة و فيها تهلك عامتهم «2» و في الحسن كالصحيح عن الفضلاء عنهما عليهما السلام قالا فرض الله الزكاة مع الصلاة «3» و عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله تبارك و تعالى يبعث يوم القيمة ناسا من قبورهم مشدودة أيديهم إلى أعناقهم لا يستطيعون أن يتناولوا بها قيس أنملة (أي قدرها) معهم ملائكة يعيرونهم تعييرا شديدا يقولون هؤلاء الذين منعوا خيرا قليلا من خير كثير هؤلاء الذين أعطاهم الله فمنعوا حق الله في أموالهم «4».
__________________________________________________
 (1) الكافي باب منع الزكاة خبر 18.
 (2- 3) الكافي باب فرض الزكاة إلخ خبر 3- 5.
 (4) الكافي باب منع الزكاة خبر 22.

21
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما جاء في تارك الزكاة و قد وجبت له ص 22

بَابُ مَا جَاءَ فِي تَارِكِ الزَّكَاةِ وَ قَدْ وَجَبَتْ لَهُ‏
1596 وَ رَوَى مَرْوَانُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ تَارِكُ الزَّكَاةِ وَ قَدْ وَجَبَتْ لَهُ مِثْلُ مَانِعِهَا وَ قَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ.

بَابُ الرَّجُلِ يَسْتَحْيِي مِنْ أَخْذِ الزَّكَاةِ فَيُعْطَى عَلَى وَجْهٍ آخَرَ
1597 رَوَى عَاصِمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع الرَّجُلُ مِنْ أَصْحَابِنَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الزَّكَاةِ فَأُعْطِيهِ مِنَ الزَّكَاةِ وَ لَا أُسَمِّي لَهُ أَنَّهَا مِنَ الزَّكَاةِ فَقَالَ أَعْطِهِ وَ لَا تُسَمِّ لَهُ وَ لَا تُذِلَّ الْمُؤْمِنَ.

__________________________________________________
باب ما جاء في تارك الزكاة (أي تارك أخذها) و قد وجبت له «روى مروان بن مسلم» الثقة، و رواه الكليني عنه في الحسن كالصحيح «1» «عن عبد الله بن هلال (إلى قوله) الزكاة» أي كل من لا يقبل الزكاة «و قد وجبت له» أي صار مستحقا له أو صار مضطرا إلى أخذه بحيث لم يكن له وجه آخر «مثل مانعها و قد وجبت عليه» و الأول أظهر لفظا و الثاني معنى و على الأول يكون مبالغة في كراهة ترك الأخذ، و يؤيد ما رواه الكليني في الصحيح، عن الحسن بن علي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله.
باب الرجل يستحي من أخذ الزكاة إلخ «روى عاصم بن حميد» في الحسن كالصحيح و رواه الكليني أيضا عنه «2» «عن أبي بصير (إلى قوله) من الزكاة» و الظاهر أنه لعلو شأنه مثل من كان غنيا فافتقر «فأعطيه (إلى قوله) المؤمن» يدل على كراهة ذكرها إذا صار سببا لإذلاله، و يؤيده‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب من تحل له الزكاة فيمتنع من اخذها خبر 1- 3 و فيه هارون ابن مسلم بدل مروان بن مسلم.

22
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

بَابُ الْأَصْنَافِ الَّتِي تَجِبُ عَلَيْهَا الزَّكَاةُ
1598 رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أُنْزِلَتْ إِلَيْهِ آيَةُ الزَّكَاةِ خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها «1» فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَأَمَرَ

__________________________________________________
العمومات الدالة على رجحان تعظيم المؤمن و النهي عن إذلاله، و لا ينافيه ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام الرجل يكون محتاجا فيبعث إليه بالصدقة فلا يقبلها على وجه الصدقة، يأخذه من ذلك ذمام أي حياء و استحياء و انقباض أ فنعطيها إياه على غير ذلك الوجه و هي منا صدقة؟ فقال:
لا إذا كانت زكاة فله أن يقبلها. فإن لم يقبلها على وجه الزكاة فلا تعطها إياه و ما ينبغي له أن يستحيي مما فرض الله عز و جل إنما هي فريضة الله له فلا يستحيي منها «2» لأنه يمكن أن يكون لعدم الاستحقاق أو يحمل على كراهة ممانعته و إن استحب لنا عدم إذلاله.
باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة «روى الحسن بن محبوب» في الصحيح و رواه الكليني في الصحيح «3» «عن عبد الله ابن سنان (إلى قوله) صَدَقَةً» أي زكاة «تُطَهِّرُهُمْ» من الذنوب «وَ تُزَكِّيهِمْ» من البخل (أو) تطهر نفوسهم من البخل و أموالهم من حق الفقراء أو تنمي أموالهم «بِها»
 أي بالزكاة و في الكافي و أنزلت «في شهر رمضان (إلى قوله) عليكم» و في الكافي عليهم «من الذهب (إلى قوله) عما سوى ذلك» أي عن وجوبه «قال ثمَّ (إلى قوله) و عمال الطسوق» يدل على عدم الوجوب في غير التسعة، و على عدم جواز التأخير، و ظاهرا على أن الحول اثني عشر شهرا و على عدم قبول الصلاة بدون الزكاة. و الطسق الأجرة، و الظاهر أن‏
__________________________________________________
 (1) التوبة- 103.
 (2) الكافي باب من يحل له الزكاة فيمتنع من اخذها خبر 4.
 (3) الكافي باب فرض الزكاة و ما يجب في المال من الحقوق خبر 2.

23
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

رَسُولُ اللَّهِ ص مُنَادِيَهُ فَنَادَى فِي النَّاسِ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الزَّكَاةَ كَمَا فَرَضَ عَلَيْكُمُ الصَّلَاةَ فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ الْإِبِلِ وَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ‏
__________________________________________________
المراد بها الخراج المأخوذ من الأراضي المفتوحة عنوة أجرة للأرض، و على أنه على الإمام أن يأخذ الزكاة، و يفهم منه وجوب أدائها إليه مع الطلب. فإنه لا ريب فيه و مع عدم الطلب أيضا على الظاهر و إن أمكن أن يكون الطلب على الاستحباب لأنه أبصر بمواقعها (أما) الوجوب على التسعة فتدل عليه الأخبار المتواترة من طرق العامة و الخاصة بل الظاهر أنه من ضروريات الدين، (و أما) العفو عما سوى ذلك فتدل عليه الأخبار المستفيضة، و عليه أكثر الأصحاب (و قيل) بالوجوب في الحبوب فيما يكال و يوزن سوى الخضر و الفواكه لما رواه الكليني رضي الله عنه في الحسن كالصحيح، عن محمد بن مسلم قال: سألته عليه السلام عن الحبوب ما يزكى منها؟ فقال عليه السلام: البر، و الشعير، و الذرة، و الدخن، و الأرز، و السلت، و العدس. و السمسم كل هذا يزكى و أشباهه «1» و في الحسن كالصحيح، عن زرارة مثله و قال، كلما كيل بالصاع فبلغ الأوساق فعليه الزكاة، و قال: جعل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الصدقة في كل شي‏ء أنبتت الأرض إلا ما كان في الخضر و البقول و كل شي‏ء يفسد من يومه «2» و في الصحيح عن علي بن مهزيار قال قرأت في كتاب عبد الله بن محمد إلى أبي الحسن عليه السلام جعلت فداك روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال وضع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الزكاة على تسعة أشياء، الحنطة، و الشعير، و التمر، و الزبيب. و الذهب، و الغنم، و البقر، و الإبل- و عفا رسول الله صلى الله عليه و آله عما سوى ذلك، فقال له القائل عندنا شي‏ء كثير يكون بأضعاف ذلك، فقال:
و ما هو؟ فقال له: الأرز فقال له أبو عبد الله عليه السلام أقول لك: إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم وضع الزكاة على تسعة أشياء و عفا عما سوى ذلك و تقول: عندنا أرز و عندنا ذرة؟ و قد كانت الذرة على عهد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، فوقع عليه السلام كذلك هو، و الزكاة على كل ما كيل بالصاع «3» و كتب عبد الله: و روى غير هذا الرجل، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سأله، عن‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب ما يزكى من الحبوب خبر 1- 2- 3.

24
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ مِنَ الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِيرِ وَ التَّمْرِ وَ الزَّبِيبِ وَ نَادَى فِيهِمْ بِذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَ عَفَا لَهُمْ‏
__________________________________________________
الحبوب؟ فقال: و ما هي؟ قال: السمسم، و الأرز، و الدخن، و كل هذا غلة كالحنطة و الشعير، فقال أبو عبد الله عليه السلام في الحبوب كلها زكاة «1». و روي أيضا، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: كلما دخل القفيز فهو يجري مجرى الحنطة، و الشعير، و التمر، و الزبيب قال: فأخبرني جعلت فداك هل على هذا الأرز و ما أشبهه من الحبوب، الحمص، و العدس زكاة؟ فوقع عليه السلام: صدقوا- الزكاة في كل شي‏ء كيل «2» و في الصحيح، عن محمد بن إسماعيل قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام:
إن لنا رطبة و أرزا فما الذي علينا فيهما؟ فقال عليه السلام: أما الرطبة فليس عليك فيها شي‏ء و أما الأرز، فما سقت السماء، العشر و ما سقي بالدلو فنصف العشر من كل ما كلت بالصياع أو قال: و كيل بالمكيال «3» و غير ذلك من الأخبار.
و حملت على الاستحباب لما تقدم، و لما رواه الكليني (ره) في الحسن كالصحيح عن زرارة و محمد بن مسلم و أبي بصير و بريد بن معاوية العجلي و الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام قالا: فرض الله الزكاة مع الصلاة في الأموال و سنها (أي قررها) رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في تسعة أشياء، و عفا عما سواهن- في الذهب، و الفضة و الإبل، و البقر، و الغنم، و الحنطة، و الشعير. و التمر، و الزبيب- و عفا عما سوى ذلك «4» و روى الشيخ، عن زرارة «5» و أبي بصير و الحسن بن شهاب «6» و الحلبي «7»، و أبي بكر الحضرمي «8» و بكير بن أعين في الموثق مثله «9» أو ما يقرب منه.
و أما ما يدل على سقوط الزكاة عن الخضر و الفواكه و غيرهما. فما رواه الكليني في الصحيح، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل عن الخضر فيها زكاة و إن‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب ما يزكى من الحبوب خبر 4- 5- 6.
 (4) الكافي باب ما وضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و على أهل بيته الزكاة عليه خبر 1.
 (5- 6- 7- 8- 9) التهذيب باب ما يجب فيه الزكاة خبر 1 و 2- 3- 4- 6- 8 و لم نجد خبر بكير بن أعين بهذا المضمون نعم مضمون خبر ابى مريم موافق له و هو خبر 8 كما ذكرنا.

25
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

عَمَّا سِوَى ذَلِكَ قَالَ ثُمَّ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِشَيْ‏ءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ حَتَّى حَالَ عَلَيْهِمُ الْحَوْلُ مِنْ قَابِلٍ فَصَامُوا وَ أَفْطَرُوا فَأَمَرَ ع مُنَادِيَهُ فَنَادَى فِي الْمُسْلِمِينَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ زَكُّوا أَمْوَالَكُمْ تُقْبَلْ صَلَاتُكُمْ قَالَ ثُمَّ وَجَّهَ عُمَّالَ الصَّدَقَةِ وَ عُمَّالَ الطَّسُوقِ.
__________________________________________________
بيعت بالمال العظيم؟ فقال: لا حتى يحول عليها الحول «1» و في الحسن كالصحيح، عن الحلبي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما في الخضر قال: و ما هي قلت: القضب و البطيخ و مثله من الخضر قال: ليس عليه شي‏ء إلا أن يباع مثله بمال فيحول عليه الحول ففيه الصدقة، و عن الغضاة (أي الفواكه من الفرسك و أشباهه) فيه زكاة؟ قال: لا قلت:
فثمنه؟ قال: ما حال عليه الحول من ثمنه فزكه «2» و في الصحيح، عن عبد العزيز بن المهتدي قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن القطن و الزعفران عليهما زكاة: قال: لا «3» و في الحسن كالصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر أو أبي عبد الله عليهم السلام في البستان يكون فيه الثمار ما لو بيع كان بمال هل فيه الصدقة؟ قال: لا «4» و في الموثق، عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس على البقول و لا على البطيخ و أشباهه زكاة إلا ما اجتمع عندك من غلته فبقي عندك سنة «5».
و روى الشيخ في الصحيح، عن زرارة عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا:
عفا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم عن الخضر قلت و ما الخضر؟ قالا كل شي‏ء لا يكون له بقاء، البقل، و البطيخ، و الفواكه و شبه ذلك مما يكون سريع الفساد، قال زرارة قلت لأبي عبد الله عليه السلام: هل في القضب شي‏ء؟ قال: لا «6» و في الصحيح، عن علي بن جعفر أنه سأل أخاه موسى بن جعفر عليه السلام عن البستان لا تباع غلته و لو بيعت بلغت غلتها مالا هل يجب فيه صدقة؟ قال: لا إذا كانت تؤكل «7» و غيرها من الأخبار.
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4- 5) الكافي باب ما لا تجب فيه الزكاة إلخ خبر 2- 3- 5- 6- 1.
 (6) التهذيب باب حكم الخضر في الزكاة خبر 2.
 (7) التهذيب باب زكاة الحنطة و الشعير إلخ خبر 18.

26
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

فَلَيْسَ عَلَى الذَّهَبِ شَيْ‏ءٌ حَتَّى يَبْلُغَ عِشْرِينَ مِثْقَالًا فَإِذَا بَلَغَ عِشْرِينَ مِثْقَالًا فَفِيهِ نِصْفُ دِينَارٍ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ أَرْبَعَةً وَ عِشْرِينَ فَفِيهِ نِصْفُ دِينَارٍ وَ عُشْرُ دِينَارٍ ثُمَّ عَلَى هَذَا الْحِسَابِ مَتَى زَادَ عَلَى عِشْرِينَ أَرْبَعَةُ أَرْبَعَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعَةٍ عُشْرٌ إِلَى أَنْ‏
__________________________________________________
 «فليس على الذهب حتى يبلغ عشرين دينارا إلخ» يدل عليه ما رواه الكليني في الصحيح، عن الحسين بن بشار (اليسار- خ) قال سألت أبا الحسن عليه السلام في كم وضع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الزكاة؟ فقال في كل مائتي درهم خمسة دراهم، فإن نقصت فلا زكاة فيها و في الذهب ففي كل عشرين دينارا نصف دينار فإن نقص فلا زكاة فيه «1» و في الصحيح، عن الحلبي قال، سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الذهب و الفضة ما أقل ما يكون فيه الزكاة فقال: مائتا درهم و عدلها من الذهب (أي عشرين دينارا لأن الدينار كانت قيمته عشرة دراهم في ذلك الزمان كما سيجي‏ء إن شاء الله في الديات و غيرها) قال و سألته عن النيف (و هو الكسر ما بين العددين و المراد هنا ما بين النصابين الخمسة و العشرة) قال: ليس عليه شي‏ء حتى يبلغ أربعين فيعطي من كل أربعين درهما درهم «2».
و في الحسن كالصحيح، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الذهب كم فيه من الزكاة؟ فقال: إذا بلغ قيمته مائتي درهم فعليه الزكاة «3» و هو كالسابق و إن كان الأحوط اعتبار القيمة، و على قيمة الحال يكون قريبا من عشرة دنانير، و يؤيده بعض الأخبار الأخر صريحا، و في الموثق كالصحيح، عن علي بن عقبة، و عدة من أصحابنا عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام قالا: ليس فيما دون العشرين مثقالا من الذهب شي‏ء فإذا كملت عشرون (عشرين- خ ل) مثقالا ففيها نصف مثقال إلى أربعة و عشرين، فإذا كملت أربعة و عشرون (و عشرين- خ ل) ففيها ثلاثة أخماس دينار إلى ثمانية و عشرين فعلى هذا الحساب كلما زاد أربعة «4» و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا جازت الزكاة عشرين دينارا ففي كل أربعة عشر دينار «5».
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب زكاة الذهب و الفضة خبر 6- 7- 5.
 (4- 5) الكافي باب زكاة الذهب و الفضة خبر 3- 4 و التهذيب باب زكاة الذهب خبر 1- 2.

27
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

يَبْلُغَ أَرْبَعِينَ مِثْقَالًا فَإِذَا بَلَغَ أَرْبَعِينَ مِثْقَالًا فَفِيهِ مِثْقَالٌ وَ لَيْسَ عَلَى الْفِضَّةِ شَيْ‏ءٌ حَتَّى يَبْلُغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَ مَتَى زَادَ عَلَيْهَا أَرْبَعُونَ‏
__________________________________________________
و ما رواه الشيخ في الصحيح، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عما أخرج من المعدن من قليل و كثير هل فيه شي‏ء؟ قال: ليس فيه شي‏ء حتى يكون في مثله الزكاة، عشرين دينارا «1» و في الموثق كالصحيح، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: في الذهب إذا بلغ عشرين دينارا ففيه نصف دينار و ليس فيما دون العشرين شي‏ء، و في الفضة إذا بلغت مائتي درهم خمسة دراهم، و ليس فيما دون المائتين شي‏ء، فإذا زادت تسعة و ثلاثون على المائتين فليس فيها شي‏ء حتى تبلغ الأربعين و ليس في شي‏ء من الكسور شي‏ء حتى تبلغ الأربعين، و كذلك الدنانير على هذا الحساب «2» إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة.
و نقل عن علي بن بابويه أنه قال: لا زكاة في الذهب حتى يبلغ أربعين دينارا ففيه دينار، لما رواه الشيخ في الموثق كالصحيح عن الفضلاء المتقدمة، عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام قالا: في الذهب في كل أربعين مثقالا مثقال و في الورق في كل مائتين خمسة دراهم و ليس في أقل من أربعين مثقالا شي‏ء و لا في أقل من مائتي درهم شي‏ء و ليس في النيف شي‏ء حتى يتم أربعون فتكون فيه واحد «3» و حمل الشيخ الشي‏ء على المثقال و فيه بعد، و يمكن حمله على التقية لموافقته لمذاهب بعض العامة، و يمكن حمل غيره من الأخبار على الاستحباب.
و روى الكليني في القوي، عن حبيب الخثعمي قال: كتب أبو جعفر المنصور إلى محمد ابن خالد و كان عامله على المدينة أن يسأل أهل المدينة عن الخمسة في الزكاة من المائتين كيف صارت وزن سبعة و لم يكن هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و أمره أن يسأل فيمن يسأل عبد الله بن الحسن و جعفر بن محمد عليهم السلام قال: فسأل أهل المدينة فقالوا أدركنا
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب الزيادات من كتاب الخمس خبر 13.
 (2- 3) التهذيب باب زكاة الذهب خبر 3- 17.

28
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

دِرْهَماً فَفِيهَا دِرْهَمٌ وَ لَيْسَ فِي النَّيِّفِ شَيْ‏ءٌ حَتَّى يَبْلُغَ أَرْبَعِينَ وَ لَيْسَ فِي الْقُطْنِ وَ الزَّعْفَرَانِ وَ الْخُضَرِ وَ الثِّمَارِ وَ الْحُبُوبِ زَكَاةٌ حَتَّى تُبَاعَ وَ يَحُولَ عَلَى ثَمَنِهَا الْحَوْلُ فَإِذَا اجْتَمَعَتْ لِلرَّجُلِ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَأَخْرَجَ لِزَكَاتِهَا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَدَفَعَهَا إِلَى الرَّجُلِ فَرَدَّ دِرْهَماً مِنْهَا وَ ذَكَرَ أَنَّهُ شَبَهٌ أَوْ زَيْفٌ فَلْيَسْتَرْجِعْ مِنْهُ الْأَرْبَعَةَ الدَّرَاهِمَ أَيْضاً لِأَنَّ هَذِهِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهَا الزَّكَاةُ لِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ إِلَّا دِرْهَمٌ وَ لَيْسَ عَلَى مَا دُونَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ زَكَاةٌ
__________________________________________________
من كان قبلنا على هذا، فبعث إلى عبد الله بن الحسن و جعفر بن محمد عليهما السلام فسأل عبد الله فقال كما قال المستفتون من أهل المدينة، فقال: ما تقول يا با عبد الله؟ فقال إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم جعل في كل أربعين أوقية، أوقية، فإذا حسبت ذلك كان على وزن سبعة و قد كانت وزن ستة كانت الدراهم خمسة دوانيق قال حبيب فحسبناه فوجدناه كما قال فأقبل عليه عبد الله بن الحسن: فقال: من أين أخذت هذا قال قرأت في كتاب أمك فاطمة (ع) قال: ثمَّ انصرف فبعث إليه محمد بن خالد- ابعث إلى بكتاب فاطمة عليها السلام فأرسل إليه أبو عبد الله عليه السلام إني إنما أخبرتك إني قرأته و لم أخبرك أنه عندي- قال حبيب فجعل محمد بن خالد يقول لي: رأيت مثل هذا قط المراد منه (و الله تعالى يعلم) أن المنصور سأل الوجه في إخراج سبعة دراهم عوضا عن الخمس دراهم التي تجب في الزكاة في زمانه صلى الله عليه و آله و سلم، فأجاب عليه السلام بأن الدراهم غيرت، فمرة نقص سدسها و صارت خمسة منها ستة، ثمَّ غيرت و صارت الخمسة سبعة، و التي يجب أن تخرج هي التي كانت في زمان الرسول صلى الله عليه و آله و سلم فيجب أن يخرج سبعة عوضا عن الخمسة الواجبة و الدليل على ذلك قول رسول صلى الله عليه و آله و سلم (في كل أربعين أوقية، أوقية) و الأوقية أربعون درهما و لم تغير، فإذا حسبت الأوقية تكون أربعين درهما بلا كسر.
 «و ليس في القطن إلخ» قد تقدمت الأخبار في ذلك «و الحبوب» أي غير الحنطة و الشعير أو فيهما أيضا بعد إخراج الزكاة و إن بقيتا أحوالا كالتمر و الزبيب إلا إن تباع هذه الأشياء «و يحول على ثمنها» الدنانير و الدراهم «الحول» فتجب‏

29
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ لَيْسَ عَلَى السَّبَائِكِ زَكَاةٌ إِلَّا أَنْ تَفِرَّ بِهَا
__________________________________________________
في كل سنة كغير الغلات الأربع «و ذكر أنه شبه» أي نحاس أصفر «أو زيف» أي ردي‏ء من غير الجنس أو مغشوش و يكون كذلك و إن جاز الاستعارة منه بمجرد قوله، لكن إذا لم يكن كذلك وجب الدفع إليه أو إلى غيره.
 «و ليس (إلى قوله) من الزكاة» أي بعد الحول أو قبله استحبابا، لما رواه الكليني في الصحيح. عن علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن المال الذي لا يعمل به و لا يقلب؟ قال: يلزمه الزكاة في كل سنة إلا أن يسلك «1» و في الحسن كالصحيح، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له إن أخي يوسف ولى لهؤلاء أعمالا أصاب فيها أموالا كثيرة و أنه جعل تلك الأموال حليا أراد أن يفر به من الزكاة أ عليه الزكاة؟ قال: ليس على الحلي زكاة و ما أدخل على نفسه من النقصان في وضعه و منعه نفسه فضله أكثر مما يخاف من الزكاة «2» و في الحسن كالصحيح بل الصحيح و رواه الشيخ في الصحيح، عن علي بن يقطين، عن أبي إبراهيم عليه السلام قال:
قلت له إنه يجتمع عندي الشي‏ء فيبقى نحوا من سنة يزكيه قال: لا كلما لم يحل عليه عندك الحول فليس عليك فيه زكاة، و كلما لم يكن ركازا فليس عليك فيه شي‏ء، قال: قلت و ما الركاز قال: الصامت المنقوش، ثمَّ قال: إذا أردت ذلك فاسبكه فإنه ليس في سبائك الذهب و نقار الفضة شي‏ء من الزكاة «3» و في الحسن كالصحيح، عن رفاعة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام و سأله بعضهم عن الحلي فيه زكاة فقال: لا و إن بلغ مائة ألف «4» و في الصحيح (على الظاهر) عن محمد الحلبي قال: سألته عن الحلي فيه زكاة قال: لا «5» و في الصحيح عنه عليه السلام مثله «6».
و في الصحيح، عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحلي أ يزكى‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب انه ليس على الحلى و سبائك الذهب إلخ خبر 5- 7 و قوله (ع) في الرواية الأولى (و لا يقلب) أي لا يتصرف فيه للتجارة (مجمع البحرين).
 (3- 4- 5- 6) الكافي باب انه ليس على الحلى و سبائك الذهب إلخ خبر 8- 4- 1- 2.

30
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

مِنَ الزَّكَاةِ فَإِنْ فَرَرْتَ بِهَا فَعَلَيْكَ الزَّكَاةُ وَ لَيْسَ عَلَى الْحُلِيِّ زَكَاةٌ وَ إِنْ بَلَغَ مِائَةَ أَلْفٍ وَ لَكِنْ تُعِيرُهُ مُؤْمِناً إِذَا اسْتَعَارَهُ مِنْكَ فَهَذِهِ زَكَاتُهُ وَ لَيْسَ فِي النَّقِيرِ زَكَاةٌ إِنَّمَا هِيَ عَلَى الدَّنَانِيرِ وَ الدَّرَاهِمِ‏
1599 وَ رَوَى زُرَارَةُ وَ بُكَيْرٌ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: لَيْسَ فِي الْجَوْهَرِ وَ أَشْبَاهِهِ زَكَاةٌ وَ إِنْ‏

__________________________________________________
فقال: إذا لا يبقى منه شي‏ء «1» و في الصحيح، عن محمد بن أبي عمير، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: زكاة الحلي عاريته «2».
و روى الشيخ بهذا الإسناد عنه عليه السلام قال: زكاة الحلي أن يعار «3» و في الموثق كالصحيح، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحلي فيه زكاة قال: لا- إلا ما فر به من الزكاة «4» و في الموثق كالصحيح، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: الرجل يجعل لأهله الحلي من مائة دينار و المائتي دينار و أراني قد قلت: ثلاثمائة فعليه الزكاة قال: ليس فيه زكاة قال: قلت: فإنه فر به من الزكاة فقال: إن كان فر به من الزكاة فعليه الزكاة و إن كان إنما فعله ليتجمل به فليس عليه زكاة «5» و حملا على الاستحباب أو على الفرار بعد الحول، لما تقدم من الأخبار و لما سيجي‏ء.
 «و ليس في النقير إلخ» أي السبيكة، و ربما يطلق على سبيكة النقرة، و في بعض النسخ (و ليس على التبر شي‏ء) كما رواه الكليني و الشيخ، عن جميل عن بعض أصحابنا أنه قال: ليس في التبر زكاة «6» «إنما هي على الدنانير و الدراهم» و التبر فتات الذهب و الفضة قبل أن يصاغا فإذا صيغا فهما ذهب و فضة أو ما استخرج من المعدن قبل أن يصاغ‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب انه ليس على الحلى و سبائك الذهب إلخ خبر 3- 6.
 (3- 4- 5) التهذيب باب زكاة الذهب خبر 10- 12- 13.
 (6) الكافي انه ليس على الحلى و السبائك إلخ خبر 9 و التهذيب باب زكاة الذهب خبر 4.

31
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

كَثُرَ.
وَ لَيْسَ فِي نُقَرِ الْفِضَّةِ زَكَاةٌ وَ لَيْسَ عَلَى مَالِ الْيَتِيمِ زَكَاةٌ إِلَّا أَنْ يُتَّجَرَ بِهِ فَإِنِ اتُّجِرَ بِهِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ وَ الرِّبْحُ لِلْيَتِيمِ وَ عَلَى التَّاجِرِ ضَمَانُ الْمَالِ‏
__________________________________________________
و روى الشيخ في القوي، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله عليه السلام و أبي الحسن عليهما السلام أنه قال: ليس على التبر زكاة إنما هي على الدنانير و الدراهم «1» و يؤيده الأخبار المتقدمة.
 «و روى زرارة و بكير» في الصحيح و رواه الكليني في الحسن كالصحيح «2» «عن أبي جعفر عليه السلام (إلى قوله) و إن كثر» الجوهر: اللئالي الصغار أو الأعم أو كل حجر يستخرج منه شي‏ء ينتفع به، و الظاهر أن المراد به هنا الأول أو الثاني ليصح العطف عليه (بأشباهه) و إن أمكن حمله على المعنى الثالث و يكون المراد (بأشباهه) ما كان له قيمة كالثياب النفيسة، و الحاصل أنه لا زكاة في غير النقدين مع الشرائط و لا يقاس عليهما غيرهما كما فعله بعض العامة.
 «و ليس في نقر الفضة» أي سبيكتها «زكاة» و قد ذكرت الأخبار الدالة عليه.
 «و ليس على مال اليتيم زكاة» أي في النقدين بقرينة المقام و يحتمل الأعم لما رواه الكليني في الصحيح عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام في مال اليتيم عليه زكاة فقال: إذا كان موضوعا فليس عليه زكاة فإذا عملت به فأنت له ضامن و الربح لليتيم «3» و في الحسن كالصحيح، عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام هل على مال اليتيم زكاة؟ قال: لا إلا أن يتجر به أو يعمل به «4» و في الحسن كالصحيح، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ليس على مال اليتيم زكاة و إن بلغ اليتيم فليس عليه لما مضى زكاة و لا عليه فيما بقي حتى يدرك فإذا أدرك فإنما عليه زكاة
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب زكاة الذهب خبر 6.
 (2) الكافي باب انه ليس على الحلى و السبائك خبر 10.
 (3- 4) الكافي باب زكاة مال اليتيم خبر 1- 4.

32
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

.........
__________________________________________________
واحدة ثمَّ كان عليه مثل ما على غيره من الناس «1» و في الصحيح، عن صفوان بن يحيى عن يونس بن يعقوب (الموثق) قال: أرسلت إلى أبي عبد الله عليه السلام إن لي إخوة صغارا فمتى يجب على أموالهم الزكاة؟ قال: إذا وجبت عليهم الصلاة وجبت الزكاة قلت فما لم تجب عليهم الصلاة؟ قال: إذا اتجر به فزكه «2» و في الصحيح، عن محمد بن القسم بن الفضيل قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام أسأله عن الوصي يزكي زكاة الفطرة عن اليتامى إذا كان لهم؟ مال: قال، فكتب عليه السلام لا زكاة على يتيم «3».
و روى الشيخ في الصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليه السلام قال: سألته عن مال اليتيم فقال: ليس فيه زكاة «4» و في الصحيح، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ليس في مال اليتيم زكاة «5» و في الموثق، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل عن مال اليتيم فقال: لا زكاة عليه إلا أن يتجر به «6».
قوله «إلا أن يتجر به (إلى قوله) ضمان المال» كما يظهر من الخبر الأول و الوسط و الآخر «7»، لكنه مخالف للمشهور ظاهرا، فإن المشهور أنه إذا اتجر الولي أو الوصي لليتيم فالربح لليتيم و الزكاة على الولي في مال اليتيم. و إن لم يكن وليا فالضمان على التاجر و الربح لليتيم و لا زكاة فيه، أما إذا ضمن الولي المال بأن يقترضه و كان مليا فالزكاة عليه و إلا فالربح لليتيم و الضمان على التاجر و لا زكاة، و يمكن حمل الخبر الأول على ما لم يكن وليا و الثاني على الولي المتجر لليتيم و كذا الرابع و الثامن «8».
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب زكاة مال اليتيم خبر 5- 8- 9.
 (4- 5- 6) التهذيب باب زكاة أموال الاطفال و المجانين خبر 2- 3- 6.
 (7) يعني من الأول و الوسط صحيح الحلبيّ و صحيح ابى بصير و اما الأخير فان ذيله هكذا (فان اتجر به فالربح لليتيم و ان وضع فعلى الذي يتجر به).
 (8) يعني موثق يونس و الموثق الأخير.

33
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ قَدْ رُوِيَتْ رُخْصَةٌ فِي أَنْ يُجْعَلَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا
__________________________________________________
و يؤيدها ما رواه الكليني، عن سعيد السمان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
ليس في مال اليتيم زكاة إلا أن يتجر به فإن اتجر به فالربح لليتيم، و إن وضع فعلى الذي يتجر به «1» و ما رواه الشيخ في الموثق عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: الرجل يكون عنده مال اليتيم فيتجر به أ يضمنه؟ قال: نعم قلت فعليه زكاة؟ قال: لا لعمري لا أجمع عليه خصلتين: الضمان، و الزكاة «2» و روى الشيخ في الموثق، عن منصور الصيقل قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن مال اليتيم يعمل به؟ قال فقال: إذا كان عندك مال و ضمنته فلك الربح و أنت ضامن للمال، و إن كان لا مال لك و عملت به فالربح للغلام و أنت ضامن للمال «3» و حمل الجزء الأول من الخبر على ما لو كان وليا. و ظاهره العموم كما رواه الكليني في الصحيح، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق ابن عمار، عن أبي العطارد الخياط قال، قلت لأبي عبد الله عليه السلام مال اليتيم يكون عندي فأتجر به فقال: إذا حركته فعليك زكاته قال: قلت فإني أحركه ثمانية أشهر؟ و ادعه أربعة أشهر قال: عليك زكاته «4» و عن محمد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن صبية صغار لهم مال بيد أبيهم أو أخيهم هل يجب على مالهم زكاة؟ فقال: لا تجب في مالهم زكاة حتى يعمل به فإذا عمل به وجبت الزكاة فأما إذا كان موقوفا فلا زكاة عليه «5» و يحمل على ما لو كان مليا: «و قد رويت رخصة في أن يجعل الربح بينهما» روى الشيخ في الصحيح، عن الحسن بن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب زكاة مال اليتيم خبر 7.
 (2- 3- 5) التهذيب باب زكاة اموال الاطفال و المجانين خبر 10- 12- 8.
 (4) الكافي باب زكاة مال اليتيم خبر 3.

34
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

........
__________________________________________________
عن الرجل يكون في يديه مال لأخ له يتيم و هو وصيه أ يصلح له أن يعمل به؟ قال:
نعم كما يعمل بمال غيره و الربح بينهما قال: قلت، فهل عليه ضمان؟ قال: لا إذا كان ناظرا له «1» و يفهم منه عدم ضمان الولي أيضا بالطريق الأولى إذا كانت التجارة لمصلحة اليتيم، و الظاهر أن المراد بقوله عليه السلام (و الربح بينهما) جواز أخذ الجعالة للناظر لليتيم كما تدل عليه الآية و الأخبار كما سيجي‏ء فظهر من الأخبار الصحيحة أنه لا زكاة في مال اليتيم في النقدين و هو إجماعي و كذا في غيرهما لعموم الأخبار المتقدمة.
و يدل على الغلات ما رواه الشيخ في الموثق كالصحيح، عن أبي بصير؟ عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: سمعته يقول: ليس في مال اليتيم زكاة، و ليس عليه صلاة، و ليس على جميع غلاته من نخل أو زرع أو غلة زكاة، و إن بلغ فليس عليه زكاة و لا عليه لما يستقبل حتى يدرك فإذا أدرك كانت عليه زكاة واحدة و كان عليه مثل ما على غيره من الناس «2» و أما ما رواه الكليني و الشيخ في الصحيح عن زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا: مال اليتيم ليس عليه في العين و الصامت شي‏ء فأما الغلات فإن عليه الصدقة واجبة «3» فمحمولة على تأكد الاستحباب و إن كان الأحوط للولي إخراجها، و حكم المجنون حكم الطفل في عدم الوجوب لعدم التكليف إلا في مال التجارة و يستحب للولي إخراجها، لما رواه الكليني في الصحيح (على الظاهر) عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام امرأة من أهلنا مختلطة أ عليها زكاة؟ فقال‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب زكاة اموال الاطفال و المجانين خبر 11.
 (2) التهذيب باب زكاة الاطفال و المجانين خبر 14 و أورد نحوه في الكافي باب زكاة مال التيمم خبر 5.
 (3) الكافي باب زكاة مال اليتيم خبر 6 و التهذيب باب زكاة الاطفال و المجانين خبر 13- لكن في الكافي ليس في الدين و المال الصامت إلخ.

35
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ قَالَ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ لَا يُجْزِي فِي الزَّكَاةِ أَنْ يُعْطَى أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ دِينَارٍ
1600 وَ قَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا كَتَبَ عَلَى يَدَيْ أَحْمَدَ بْنِ‏

__________________________________________________
إن كان عمل به فعليها زكاة، و إن لم يعمل به فلا «1» و عن موسى بن بكر قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن امرأة مصابة و لها مال في يد أخيها هل عليها زكاة؟ فقال: إن كان أخوها يتجر به فعليها زكاة «2»: «قال أبي رضي الله عنه إلخ» روى الكليني في الصحيح، عن أبي ولاد الحناط قال: سمعته يقول: لا تعطى أحدا من الزكاة أقل من خمسة دراهم و هو أقل ما فرض الله عز و جل من الزكاة في أموال المسلمين فلا تعطوا أحدا من الزكاة أقل من خمسة دراهم فصاعدا يعني أعطوه خمسة دراهم فصاعدا «3» و روى الشيخ، عن معاوية بن عمار و عبد الله بن بكير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: لا يجوز أن يدفع الزكاة أقل من خمسة الدراهم فإنها أقل الزكاة «4».
 «و قد روى (إلى قوله) علي بن محمد العسكري عليه السلام» أي دفع المكتوب إلى أحمد ليوصله إلى الهادي و وصفه بالعسكري عليه السلام لكونه في العسكر أي سر من رأى التي بنيت للعسكر، و روى الشيخ في الصحيح، عن محمد بن أبي الصهبان (و هو محمد ابن عبد الجبار) قال: كتبت إلى الصادق عليهما السلام (أي الهادي عليه السلام لأن كلهم صادقون) هل يجوز يا سيدي أن أعطي الرجل من إخواني من الزكاة الدرهمين، و الثلاثة الدراهم فقد اشتبه ذلك علي؟ فكتب ذلك جائز «5» و حمل على ما لم يجب عليه غير ذلك كما كان في غير النصاب الأول أو غير الدرهم و لم يصل قيمته إلى الخمسة كالشاة و الغلاة
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب زكاة مال المملوك و المكاتب و المجنون خبر 2- 3 و التهذيب باب زكاة الاطفال و المجانين خبر 16- 17.
 (3) الكافي باب أقل ما يعطى من الزكاة او أكثر خبر 1.
 (4- 5) التهذيب ما يجب ان يخرج من الصدقة إلخ خبر 2- 3.

36
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

إِسْحَاقَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيِّ ع أُعْطِي الرَّجُلَ مِنْ إِخْوَانِي مِنَ الزَّكَاةِ الدِّرْهَمَيْنِ وَ الثَّلَاثَةَ فَكَتَبَ افْعَلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَ قَدْ رُوِيَ فِي تَقْدِيمِ الزَّكَاةِ وَ تَأْخِيرِهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ إِلَّا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا أَنْ تَدْفَعَهَا إِذَا وَجَبَتْ عَلَيْكَ وَ لَا يَجُوزُ لَكَ تَقْدِيمُهَا وَ لَا تَأْخِيرُهَا لِأَنَّهَا مَقْرُونَةٌ بِالصَّلَاةِ وَ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ قَبْلَ وَقْتِهَا وَ لَا تَأْخِيرُهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ قَضَاءً وَ كَذَلِكَ الزَّكَاةُ فَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُقَدِّمَ مِنْ زَكَاةِ مَالِكَ شَيْئاً تُفَرِّجُ بِهِ عَنْ مُؤْمِنٍ فَاجْعَلْهُ دَيْناً عَلَيْهِ.
__________________________________________________
و إن أمكن حمل الخبر الأول على النقدين بل الفضة، و يمكن الحمل على الاستحباب مع الاختيار إلا مع إرادة البسط على الأصناف فإنه مستحب أيضا سيما مع كثرة المستحقين و احتياجهم و إن كان الأحوط العمل بالأول مهما أمكن.
و أما التنافي ظاهرا بين ما رواه الصدوق و الشيخ، فيمكن دفعه بأن يكون محمد ابن عبد الجبار كتب إليه عليه السلام و رأى جواب مكاتبة غيره أيضا و إن كان بعيدا و الظاهر أنه من مساهلة بعض الرواة.
 «و قد روى في تقديم الزكاة إلخ» روى الشيخ في الصحيح، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: الرجل تحل عليه الزكاة في شهر رمضان فيؤخرها إلى المحرم؟ قال: لا بأس قال: قلت فإنه لا يحل عليه إلا في المحرم فيعجلها في شهر رمضان؟ قال: لا بأس «1» و في الصحيح عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين و تأخيرها شهرين «2» و في الصحيح، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: في الرجل يخرج زكاته فيقسم بعضها و يبقى بعض يلتمس له الموضع فيكون من أوله إلى آخره ثلاثة أشهر قال: لا بأس «3» و غير ذلك من الأخبار.
و حمل التعجيل على دفعها قرضا و التأخير على العذر و منه فقد المستحق أو الكامل منه لما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3) التهذيب باب تعجيل الزكاة و تأخيرها إلخ خبر 3- 5- 9.

37
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

فَإِذَا حَلَّتْ عَلَيْكَ فَاحْسُبْهَا لَهُ زَكَاةً لِيُحْسَبَ لَكَ مِنْ زَكَاةِ مَالِكَ وَ يُكْتَبَ لَكَ أَجْرُ الْقَرْضِ.
__________________________________________________
الرجل يكون عنده المال أ يزكيه إذا مضى نصف السنة؟ قال: لا و لكن حتى يحول عليه الحول و يحمل عليه، أنه ليس لأحد أن يصلي صلاة إلا لوقتها و كذلك الزكاة و لا يصوم أحد شهر رمضان إلا في شهره إلا قضاء «1» و في الحسن كالصحيح. عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام أ يزكى الرجل ماله إذا مضى ثلث السنة؟ قال: لا- أ يصلي الأولى قبل الزوال «2» و ما رواه الكليني و الشيخ في الصحيح، عن الأحول. عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل عجل زكاة ماله. ثمَّ أيسر المعطي قبل رأس السنة فقال: يعيد المعطي الزكاة «3» و في الصحيح، عن سعد بن سعد الأشعري، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الرجل تحل عليه الزكاة في السنة في ثلاثة أوقات أ يؤخرها حتى يدفعها في وقت واحد فقال: متى حلت أخرجها، و عن الزكاة في الحنطة، و الشعير، و التمر، و الزبيب متى تجب على صاحبها؟ قال: إذا صرم و إذا خرص «4» و في الموثق كالصحيح، عن يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام زكاتي تحل علي في شهر أ يصلح لي أن أحبس منها شيئا مخافة أن يجيبني من يسألني؟ فقال: إذا حال الحول فأخرجها من مالك و لا تخلطها بشي‏ء ثمَّ أعطها كيف شئت قال: قلت: فإن أنا كتبتها و أثبتها يستقيم لي؟ قال: نعم لا يضرك «5» و الأحوط الإخراج فورا إلا مع العذر فحينئذ الأحوط الإفراز عن المال و الإخراج عنه.
 «فإن أحببت أن تقدم من زكاة مالك إلخ» روى الكليني، عن عقبة بن خالد قال دخلت أنا. و المعلى، و عثمان بن بهرام على أبي عبد الله عليه السلام فلما رآنا قال:
مرحبا مرحبا بكم وجوه تحبنا و نحبها جعلكم الله معنا في الدنيا و الآخرة فقال له‏
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب تعجيل الزكاة و تأخيرها إلخ خبر 1- 2.
 (3) الكافي باب اوقات الزكاة خبر 10 مرسلا و التهذيب باب تعجيل الزكاة و تاخيرها خبر 7 مسندا عن الاحول كما ذكره الشارح (ره).
 (4- 5) الكافي باب اوقات الزكاة خبر 4- 3.

38
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

1601 وَ قَدْ رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: نِعْمَ الشَّيْ‏ءُ الْقَرْضُ إِنْ أَيْسَرَ قَضَاكَ وَ إِنْ أَعْسَرَ حَسَبْتَهُ مِنَ الزَّكَاةِ.

1602 وَ رُوِيَ أَنَّ الْقَرْضَ حِمًى لِلزَّكَاةِ

__________________________________________________
عثمان جعلت فداك فقال له أبو عبد الله عليه السلام نعم مه أي ما سؤالك؟ قال: إني رجل موسر فقال له: بارك الله لك في يسارك، قال: و يجي‏ء الرجل و يسألني الشي‏ء و ليس هو أيان زكاتي (أي وقتها) فقال له أبو عبد الله عليه السلام: القرض عندنا بثمانية عشر و الصدقة بعشرة و ما ذا عليك إذا كنت كما تقول موسرا أعطيته فإذا كان إبان زكاتك احتسبت بها من الزكاة يا عثمان لا ترده فإن رده عند الله عظيم، يا عثمان إنك لو علمت ما منزلة المؤمن من ربه ما توانيت (أي ما قصرت في حاجته) و من أدخل على مؤمن سرورا فقد أدخل على رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و قضاء حاجة المؤمن يدفع الجنون و الجذام و البرص «1».
 «و قد روي عن الصادق عليه السلام إلخ» روى الكليني في القوي، عن يونس بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قرض المؤمن غنيمة و تعجيل أجر (أو خير كما في الخبر الآخر) «2» إن أيسر قضاك و إن مات قبل ذلك احتسب به من الزكاة «3» «و روى إلخ» رواه الكليني مسندا عن علي عليه السلام «4» يعني أن القرض يحفظ الزكاة لأنه حين القرض في ظنه أنه يؤدى و الزكاة عسر على النفس أدائها فلما لم يمكن ارتجاع القرض يسهل على النفس احتسابه من الزكاة فكأن القرض حماها عن التضييع (أو) يوفق به لأدائها (أو) له ثواب الصدقة حتى يرتجع كما روي عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من أقرض رجلا قرضا إلى ميسرة كان ماله في زكاة، و كان هو في الصلاة مع الملائكة حتى يقضيه «5» و إن كان الأفضل احتسابه عليه إذا كان قادرا على الأداء مع بقاء الإعسار بعده- لا إذا لم يكن له شي‏ء أصلا، كما رواه الكليني في الموثق، عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون له الدين على رجل فقير يريد أن يعطيه من الزكاة فقال: إن‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب القرض خبر 4.
 (2) الكافي باب القرض انه حمى الزكاة خبر 1.
 (3) الكافي باب القرض خبر 5.
 (4- 5) الكافي باب القرض انه حمى الزكاة خبر 2- 3.

39
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ إِنْ كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ وَ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَكَ قَضَاؤُهُ فَاحْسُبْهُ مِنَ الزَّكَاةِ إِنْ شِئْتَ وَ لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ مَمْلُوكاً مُؤْمِناً مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ فَيُعْتِقَهُ فَإِنِ اسْتَفَادَ
__________________________________________________
كان الفقير عنده وفاء بما كان عليه من دين من عرض، من دار أو متاع من متاع البيت أو يعالج عملا يتقلب فيها بوجهه فهو يرجو أن يأخذ منه ماله عنده من دينه، فلا بأس أن يقاصه بما أراد أن يعطيه من الزكاة إن يحتسب بها، فإن لم يكن عند الفقير وفاء و لا يرجو أن يأخذ منه شيئا فليعطه من زكاته و لا يقاصه بشي‏ء من الزكاة «1» فتأمل في العناية من الطرفين.
 «و إن كان لك إلخ» قد تقدم، و روى الكليني في الصحيح، عن عبد الرحمن ابن الحجاج قال: سألت أبا الحسن الأول عليه السلام عن دين لي على قوم قد طال حبسه عندهم لا يقدرون على قضائه و هم مستوجبون للزكاة هل لي أن أدعه و أحتسب به عليهم من الزكاة؟ قال: نعم «2».
و يجوز قضاء دين الميت أيضا من الزكاة من سهم الغارمين كما رواه الكليني في الصحيح، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل عارف فاضل توفي و ترك عليه دينا قد ابتلي به لم يكن بمفسد و لا سرف و لا معروف بالمسألة هل يقضي عنه من الزكاة الألف و الألفان؟ قال نعم «3» و غيره من الأخبار.
 «و لا بأس أن يشتري إلخ» روى الكليني في الموثق كالصحيح، عن عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أخرج زكاة ماله ألف درهم فلم يجد موضعا يدفع ذلك إليه فنظر إلى مملوك يباع فيمن يريده فاشتراه بتلك الألف الدرهم التي أخرجها من زكاته فأعتقه هل يجوز ذلك؟ قال: نعم لا بأس بذلك- قلت فإنه لما أن أعتقه و صار حرا اتجر و احترف فأصاب ما لا ثمَّ مات و ليس له وارث فمن يرثه إذا لم يكن وارث؟ قال: يرثه الفقراء المؤمنون الذين يستحقون الزكاة لأنه اشترى‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب قصاص الزكاة بالدين خبر 2- 1.
 (3) الكافي باب انه يعطى عيال المؤمن من الزكاة إلخ خبر 2.

40
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

الْمَعْتُوقُ مَالًا وَ مَاتَ فَمَالُهُ لِأَهْلِ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ اشْتُرِيَ بِمَالِهِمْ وَ إِنِ اشْتَرَى رَجُلٌ أَبَاهُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ فَأَعْتَقَهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَ إِذَا مَاتَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ وَ أَحْبَبْتَ أَنْ تُكَفِّنَهُ مِنْ زَكَاةِ مَالِكَ فَأَعْطِهَا وَرَثَتَهُ يُكَفِّنُونَهُ بِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ فَكَفِّنْهُ وَ احْسُبْهُ مِنَ الزَّكَاةِ فَإِنْ أَعْطَى وَرَثَتَهُ قَوْمٌ آخَرُونَ ثَمَنَ كَفَنٍ فَكَفِّنْهُ أَنْتَ وَ احْسُبْهُ مِنَ الزَّكَاةِ إِنْ شِئْتَ وَ يَكُونُ مَا أَعْطَاهُمُ الْقَوْمُ لَهُمْ يُصْلِحُونَ بِهِ شُئُونَهُمْ وَ إِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَمْ يَلْزَمْ وَرَثَتَهُ قَضَاؤُهُ مِمَّا أَعْطَيْتَهُمْ وَ لَا مِمَّا أَعْطَاهُمُ الْقَوْمُ لِأَنَّهُ‏
__________________________________________________
بمالهم «1» و روى الصدوق في العلل في الصحيح، عن أيوب بن الحر قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام مملوك يعرف هذا الأمر الذي نحن عليه، أشتريه من الزكاة فأعتقه؟
قال: فقال: اشتره و أعتقه، قلت: فإن هو مات و ترك مالا؟ فقال: ميراثه لأهل الزكاة لأنه اشترى بسهمهم و في حديث آخر بمالهم «2» و حمل على عدم وجدان المستحق كما يظهر من الخبر الأول و هو أحوط، و يدل على أن ميراثه للفقراء، و قيل للإمام عليه السلام لأنه لا وارث له و يمكن تخصيص العموم بهذين الخبرين.
 «و إن اشترى رجل أباه إلخ» روى الكليني في الصحيح، عن الحسن بن محبوب، عن أبي محمد الوابشي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سأله بعض أصحابنا عن رجل اشترى أباه من الزكاة زكاة ماله قال: اشترى خير رقبة لا بأس بذلك «3» «و إذا مات رجل (إلى قوله) فكفنه» إما من سهم سبيل الله أو من سهم الفقراء لأنه من كسوة المؤمن و حرمته ميتا كحرمته و هو حي «فإن أعطى (إلى قوله) فكفنه أنت» أي يجوز لك أن تكفنه «و أحسبه (إلى قوله) شؤونهم» و أمورهم إذا لم يعطوا للكفن فيتعين الصرف فيه أورده إلى صاحبه «و إذا كان (إلى‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الرجل يحج من الزكاة او يعتق خبر 3.
 (2) علل الشرائع باب العلة التي من اجلها يكون ميراث المشترى من الزكاة خبر 1- لكن الراوي اديم بن الحر- لا أيّوب بن الحر.
 (3) الكافي باب نادر خبر 1.

41
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

لَيْسَ بِمِيرَاثٍ وَ إِنَّمَا هُوَ شَيْ‏ءٌ صَارَ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَ إِذَا كَانَ مَالُكَ فِي تِجَارَةٍ وَ طُلِبَ مِنْكَ الْمَتَاعُ بِرَأْسِ مَالِكَ وَ لَمْ تَبِعْهُ تَبْتَغِي‏
__________________________________________________
قوله) ليس بميراث» للميت حتى يقدم الدين «و إنما هو شي‏ء صار لورثته بعد موته» لو أعطوا من سهم الفقراء أو إلى الميت مشروطا بصرفه في الكفن، فلو لم يكفن رد إلى صاحبه إلا أن يكون مراد الصاحب صرفه في كفنه أو دينه، فإذا لم يكفن فيه بحصول كفن آخر صرف في الدين، و إذا لم يحصل يصرف في الكفن لأنه مقدم على الدين.
روى ذلك الشيخ في الصحيح، عن الحسن بن محبوب، عن الفضل بن يونس الكاتب (الموثق) قال: سألت أبا الحسن موسى عليه السلام فقلت له: ما ترى في رجل من أصحابنا يموت و لا يترك ما يكفن به اشترى له كفنه من الزكاة؟ فقال: أعطه عياله من الزكاة قدر ما يجهزونه فيكونون هم الذين يجهزونه، قلت: فإن لم يكن له ولد و لا أحد يقوم بأمره فأجهزه أنا من الزكاة؟ قال: إن أبي كان يقول: إن حرمة بدن المؤمن ميتا كحرمته حيا فوار بدنه و عورته و جهزه و كفنه و حنطه و احتسب بذلك من الزكاة و شيع جنازته، قلت: فإن اتجر به بعض إخوانه بكفن آخر و كان عليه دين أ يكفن بواحد و يقضي دينه بالآخر؟ قال: لا ليس هذا ميراثا تركه إنما هذا شي‏ء صار إليه بعد وفاته فليكفنوه بالذي اتجر عليه و يكون الآخر لهم يصلحون به شأنهم «1» و في الصحيح، عن زرارة، عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل مات و عليه دين و خلف قدر ثمن كفنه قال يجعل ما ترك في ثمن كفنه إلا أن يتجر عليه إنسان بكفنه و يقضي دينه مما ترك.
 «و إذا كان (إلى قوله) برأس مالك» أي اشترى برأس المال «و لم تبعه تبتغي بذلك» أي بعدم البيع «الفضل» و الزيادة عليه «فعليك زكاته» زكاة التجارة «إذا حال (إلى قوله) برأس مالك» بأن يكون قد نقص قيمته من رأس‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب تلقين المحتضرين خبر 38 من أبواب الزيادات من كتاب الطهارة.

42
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

بِذَلِكَ الْفَضْلَ فَعَلَيْكَ زَكَاتُهُ إِذَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَ إِنْ لَمْ يُطْلَبْ مِنْكَ الْمَتَاعُ بِرَأْسِ مَالِكَ- فَلَيْسَ عَلَيْكَ زَكَاتُهُ‏
__________________________________________________
المال «فليس عليك زكاته» يدل على ذلك ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل اشترى متاعا فكسد عليه و قد زكا ماله قبل أن يشتري المتاع متى يزكيه؟ فقال: إن كان أمسك متاعه يبتغي به رأس ماله فليس عليه زكاة، و إن كان حبسه بعد ما يجد رأس ماله فعليه الزكاة بعد ما أمسكه بعد رأس المال، قال: و سألته عن الرجل توضع عنده الأموال يعمل بها؟ فقال: إذا حال الحول فليزكها «1».
و في الصحيح، عن إسماعيل بن عبد الخالق قال سأله سعيد الأعرج و أنا أسمع فقال، إنا نكبس الزيت و السمن نطلب به التجارة فربما مكث عندنا السنة و السنتين هل عليه زكاة؟ قال: فقال: إن كنت تربح فيه شيئا أو تجد رأس مالك فعليك زكاته و إن كنت إنما تربص به لأنك لا تجد إلا وضيعة فليس عليك زكاة حتى يصير ذهبا أو فضة، فإذا صار ذهبا فزكه للسنة التي اتجرت فيها «2».
و في الموثق، عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس على الرقيق زكاة إلا رقيق يبتغي به التجارة فإنه من المال الذي يزكى «3» و في الصحيح، عن أبي الربيع الشامي (و كتابه معتمد الطائفة) عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل اشترى متاعا فكسد عليه متاعه و قد كان زكي ماله قبل أن يشتري به هل عليه زكاة أو حتى يبيعه؟ فقال: إن كان أمسكه التماس الفضل على رأس المال فعليه الزكاة «4» و في الصحيح، عن خالد بن الحجاج الكرخي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الزكاة فقال: ما كان من تجارة في يدك فيها فضل ليس يمنعك من بيعها إلا ليزداد فضلا عن فضلك فزكه، و ما كانت من تجارة في يدك فيها نقصان فذلك شي‏ء آخر «5» و عن يونس (و الظاهر أنه مأخوذ من كتابه) عن‏
__________________________________________________
 (1- 2- 4- 5) الكافي باب الرجل يشترى المتاع فيكسد عليه المضاربة خبر 2- 9- 1- 7.
 (3) الكافي باب ما يجب فيه الصدقة من الحيوان إلخ خبر 3.

43
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

.........
__________________________________________________
العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم أنه قال: كل مال عملت به فعليك فيه الزكاة إذا حال عليه الحول قال يونس: تفسير ذلك أنه كلما عمل للتجارة من حيوان و غيره فعليه فيه الزكاة «1». و الجميع محمولة على الاستحباب لما رواه الشيخ في الصحيح. عن سليمان بن خالد قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل كان له مال كثير فاشترى به متاعا فوضعه فقال: هذا متاع موضوع، فإذا أحببت بعته فيرجع إلى رأس مالي و أفضل منه هل عليه فيه صدقة و هو متاع؟ قال: لا حتى تبيعه قال: فهل يؤدى عنه إن باعه لما مضى إذا كان متاعا؟ قال: لا «2» و في الصحيح، عن زرارة قال: كنت قاعدا عند أبي جعفر عليه السلام و ليس عنده غير ابنه جعفر عليه السلام فقال: يا زرارة إن أبا ذر و عثمان تنازعا على عهد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فقال عثمان كل مال من ذهب أو فضة يدار به و يعمل به فيتجر به ففيه الزكاة إذا حال عليه الحول، فقال أبو ذر (أما- خ ل) ما يتجر به أو دير و عمل به فليس فيه زكاة، إنما الزكاة فيه إذا كان ركازا أو كنزا موضوعا، فإذا حال عليه الحول ففيه الزكاة فاختصما في ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال فقال: القول ما قاله أبو ذر، فقال أبو عبد الله عليه السلام لأبيه عليه السلام، ما تريد إلا أن تخرج مثل هذا فيكف (فكيف- خ ل) الناس أن يعطفوا (يعطوا- خ ل) على فقرائهم و مساكينهم؟ فقال: إليك عني لا أجد منها بدا «3».
الظاهر أن منازعتهما صلوات الله عليهما كان لإسكات العامة بأن يقولوا إن ابنه نازع معه و لم يقبل منه لأنه ما يقول إلا ما نقل، عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم عن الله عز و جل.
و في الحسن كالصحيح، عن زرارة و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر و أبي عبد الله‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الرجل يشترى المتاع فيكسد عليه إلخ خبر 5.
 (2- 3) التهذيب باب حكم امتعة التجارة في الزكاة خبر 7- 8 من كتاب الزكاة.

44
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

.........
__________________________________________________
عليهما السلام أنهما سئلا عما في الرقيق؟ فقالا: ليس في الرأس أكثر من صاع تمر إذا حال عليه الحول و ليس في ثمنه شي‏ء حتى يحول عليه الحول «1» و الحاصل أن الغرض من النفي نفي الوجوب لدلالة الأخبار المتواترة على الطلب الذي أقل مراتبه الاستحباب و لو حال عليه أحوال على النقيصة استحب زكاة سنة، لما رواه الشيخ في الموثق كالصحيح عن العلاء عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت المتاع لا أصيب به رأس المال علي فيه زكاة؟ قال: لا قلت: أمسكه سنتين ثمَّ أبيعه ما ذا علي؟ قال: سنة واحدة «2» و هو على الاستحباب، لما رواه الشيخ في الصحيح و الكليني، عن صفوان. عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي إبراهيم عليه السلام الرجل يشتري الوصيفة يثبتها عنده ليزيد و هو يريد بيعها أعلى ثمنها زكاة؟ قال: لا حتى يبيعها، قلت فإن باعها أ على ثمنها زكاة؟ قال:
لا حتى يحول عليها الحول و هو في يديه «3».
و يستحب الزكاة في مال المضاربة لأنه أيضا تجارة، و يدل عليه العمومات و صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة آنفا، و يؤيدها ما رواه الكليني في الموثق عن سماعة قال: سألته عن الرجل يكون عنده المتاع موضوعا فيمكث عنده السنة و السنتين و أكثر من ذلك قال: ليس عليه زكاة حتى يبيعه إلا أن يكون أعطي به رأس ماله فيمنعه من ذلك التماس الفضل فإذا هو فعل ذلك وجبت فيه الزكاة و إن لم يكن أعطي به رأس ماله فليس عليه زكاة حتى يبيعه، و إن حبسه ما حبسه فإذا هو باعه فإنما هو عليه زكاة سنة واحدة «4» سماعة قال و سألته عن الرجل يكون معه المال مضاربة هل عليه في ذلك المال زكاة إذا كان يتجر به؟ فقال: ينبغي له أن يقول لأصحاب المال زكوه، فإن قالوا: إنا نزكيه فليس عليه غير ذلك و إن‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب ما يجب عليه الصدقة من الحيوان إلخ خبر 3.
 (2- 3) التهذيب باب حكم امتعة التجارة في الزكاة خبر 5- 4.
 (4) الكافي باب الرجل يشترى المتاع فيكسد عليه إلخ خبر 3.

45
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ إِنْ غَابَ عَنْكَ مَالُكَ فَلَيْسَ عَلَيْكَ زَكَاتُهُ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْكَ مَالُكَ وَ يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَ هُوَ فِي يَدِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَالُكَ عَلَى رَجُلٍ مَتَى أَرَدْتَ أَخْذَهُ مِنْهُ تَهَيَّأَ لَكَ فَإِنَّ عَلَيْكَ‏
__________________________________________________
هم أمروه أن يزكيه فليفعل قلت: أ رأيت لو قالوا إنا نزكيه و الرجل يعلم أنهم لا يزكونه فقال: إذا هم أقروا بأنهم يزكونه فليس عليه غير ذلك، و إن هم قالوا: إنا لا نزكيه فلا ينبغي له أن يقبل ذلك المال و لا يعمل به حتى يزكيه و في رواية أخرى عنه إلا أن تطيب نفسك إنك تزكيه من ربحك، قال و سألته عن الرجل يربح في السنة خمسمائة درهم و ستمائة و سبعمائة و هي نفقته (أي في السفر كما سيجي‏ء) و أصل المال مضاربة؟ قال: ليس عليه في الربح زكاة «1» أي في الربح الذي يصرف أو نفي الاستحباب المؤكد.
و يؤيده خبر أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تأخذن مالا مضاربة إلا مالا تزكيه أو يزكيه صاحبه و قال: إن كان عندك متاع في البيت موضوع فأعطيت به رأس مالك فرغبت عنه فعليك زكاة «2».
اعلم أن المشهور بين الأصحاب اعتبار النصاب في زكاة التجارة و هو نصاب أحد النقدين سواء اشترى بهما أو بغيرهما و نقلوا عليه الإجماع و ذكروا أن الدين لا يمنع زكاة التجارة و لا غيرها، لعموم الأخبار، و لما رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام و ضريس، عن أبي عبد الله عليه السلام أنهما قالا أيما رجل كان له مال موضوع حتى يحول عليه الحول فإنه يزكيه و إن كان عليه من الدين مثله و أكثر منه فليزك ما في يده «3» و سيجي‏ء غيره.
 «و إن غاب عنك مالك فليس عليك زكاة» لأن التمكن من التصرف شرط في الوجوب «إلى أن يرجع (إلى قوله) على رجل» أي عند رجل بأن يكون وديعة أو مضاربة أو كان عند وكيله كما هو المشهور عند الأصحاب، و يحتمل أن يكون مراده الدين‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الرجل يشترى المتاع فيكسد عليه إلخ خبر 4- 8.
 (3) الكافي باب زكاة مال الغائب و الدين و الوديعة خبر 13.

46
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

فِيهِ الزَّكَاةَ فَإِنْ رَجَعَ إِلَيْكَ مَنْفَعَتُهُ لَزِمَتْكَ زَكَاتُهُ‏
__________________________________________________
كما ذهب إليه جماعة و هو الظاهر من العبارة «متى أردت (إلى قوله) منفعة» بأن كان مضاربة أو كان عند وكيله و يتجر به و هذه العبارة تؤيد المعنى الأول «لزمتك زكاته» وجوبا على القول بوجوب زكاة التجارة، و استحبابا على المشهور.
لما رواه الكليني رضي الله عنه في الصحيح، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن سدير الصيرفي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام ما تقول في رجل كان له مال فانطلق به فدفنه في موضع فلما حال عليه الحول ذهب ليخرجه من موضعه فاحتفر الموضع الذي ظن أن المال فيه مدفون فلم يصبه فمكث بعد ذلك ثلاث سنين، ثمَّ إنه احتفر الموضع من جوانبه كله فوقع على المال بعينه كيف يزكيه؟ قال يزكيه لسنة واحدة لأنه كان غائبا عنه و إن كان احتبسه «1» و روى الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا صدقة على الدين و لا على المال الغائب عنك حتى يقع في يديك «2» و في الموثق، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة أو عمن رواه، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: في رجل ماله عنه غائب لا يقدر على أخذه قال فلا زكاة عليه حتى يخرج، فإذا خرج زكاه لعام واحد و إن كان يدعه متعمدا و هو يقدر على أخذه فعليه الزكاة لكل ما مر به من السنين «3».
و حمل على الاستحباب أو على الوديعة و أمثالها كما تقدم، لما رواه الشيخ في الصحيح عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي إبراهيم عليه السلام: الدين عليه زكاة؟ فقال: لا حتى يقبضه قلت فإذا قبضه أ يزكيه؟ قال: لا حتى يحول عليه الحول في يده «4» و في الصحيح، عن إبراهيم بن أبي محمود قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام:
الرجل يكون له الوديعة و الدين فلا يصل إليهما ثمَّ يأخذهما متى تجب عليه الزكاة قال: إذا أخذها ثمَّ يحول عليه الحول «5»- و إن أشكل الاستدلال به من الطرفين.
و يستحب إذا وصل إليه زكاة سنة لما مر. و لما روى الكليني في الحسن كالصحيح‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب زكاة مال الغائب و الدين و الوديعة خبر 1.
 (2- 3- 4- 5) التهذيب باب زكاة مال الغائب و الدين و القرض خبر 1- 2- 11- 12.

47
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

.........
__________________________________________________
عن رفاعة بن موسى قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يغيب ماله خمس سنين ثمَّ يأتيه فلا يرد رأس المال كم يزكيه؟ قال سنة واحدة «1» و في الموثق عن سماعة قال سألته عن الرجل يكون له الدين على الناس تجب (يحتبس- خ ل) فيه الزكاة؟ قال: ليس عليه فيه زكاة حتى يقبضه فإذا قبضه فعليه الزكاة و إن هو طال حبسه على الناس حتى يمر على ذلك سنون فليس عليه زكاة حتى بخرج فإذا هو خرج زكاه لعامه ذلك و إن هو كان يأخذ منه قليلا قليلا فليزك ما خرج منه أولا فأولا فإن كان متاعه و دينه و ماله في تجارته التي يتقلب فيها يوما بيوم يأخذ و يعطي و يبيع و يشتري فهو يشبه العين في يده فعليه الزكاة و لا ينبغي له أن يغير ذلك إذا كان حال متاعه و ماله على ما وصفت لك فيؤخر الزكاة «2».
و روي أخبار دالة على الفرق بين الدين و القرض و لزوم الزكاة في الدين إذا كان التأخير من جهة صاحبه محمولة على الاستحباب، مثل ما رواه الكليني عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس في الدين زكاة إلا أن يكون صاحب الدين هو الذي يؤخره فإذا كان لا يقدر على أخذه فليس عليه زكاة حتى يقبضه «3» و في الموثق، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رجل عليه دين، و في يده مال لغيره هل عليه زكاة؟ فقال: إذا كان قرضا فحال عليه الحول فزكه «4» و في الصحيح، عن صفوان، عن عبد الحميد بن سعد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل باع بيعا إلى ثلاث سنين من رجل ملي بحقه و ماله في ثقة يزكي ذلك المال في كل سنة تمر به أو يزكيه إذا أخذه فقال لا بل يزكيه إذا أخذه قلت له لكم يزكيه؟ قال: قال: لثلاث سنين «5» و في الصحيح، عن أبي الصباح الكناني. عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل ينسئ أو يعين (أي يسلف أو ينسى) فلا يزال ماله دينا كيف يصنع‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4- 5) الكافي باب زكاة مال الغائب و الدين و الوديعة خبر 2- 4- 3- 7- 8.

48
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ إِنْ بِعْتَ شَيْئاً وَ قَبَضْتَ ثَمَنَهُ فَاشْتَرَطْتَ عَلَى الْمُشْتَرِي زَكَاةَ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ يَلْزَمُهُ مِنْ دُونِكَ وَ إِنِ اسْتَقْرَضْتَ مِنْ رَجُلٍ مَالًا وَ بَقِيَ عِنْدَكَ حَتَّى حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَإِنَّ عَلَيْكَ فِيهِ الزَّكَاةَ وَ لَا تُعْطِ زَكَاةَ مَالِكَ غَيْرَ أَهْلِ الْوَلَايَةِ
__________________________________________________
في زكاته؟ قال يزكيه و لا يزكي ما عليه من الدين إنما الزكاة على صاحب المال «1» و غير ذلك من الأخبار، فالاحتياط في الزكاة، لأنه يمكن الجمع بينها بإمكان الأخذ و عدمه، لكن الظاهر الاستحباب المؤكد لما ذكر و سيجي‏ء.
 «و إن بعت (إلى قوله) من دونك» لأن الظاهر أن العبادات المالية تقبل النيابة كالحج في بعض الوجوه، و يدل عليه ما رواه الكليني في الصحيح، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: باع أبي من هشام بن عبد الملك أرضا له بكذا أو كذا ألف دينار، و اشترط عليه زكاة ذلك المال عشر سنين و إنما فعل ذلك لأن هشاما كان هو الوالي «2» و في الحسن كالصحيح، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
باع أبي أرضا من سليمان بن عبد الملك بمال فاشترط في بيعه أن يزكي هذا المال من عنده لست سنين «3» و إن كان الظاهر في الخبرين التقية ليطمئن قلبهما باعتماده عليه السلام عليهما و إلا فظاهر أنه لا يجوز الاعتماد على الكافرين و الفاسقين و الظالمين، و روى الكليني في الصحيح (على الظاهر) عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل استقرض مالا فحال عليه الحول و هو عنده قال إن كان الذي أقرضه يؤدي زكاته فلا زكاة عليه و إن كان لا يؤدي أدى المستقرض «4» و غيره من الأخبار.
 «و إن استقرضت من رجل مالا إلخ» روى الكليني في الحسن كالصحيح عن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل دفع إلى رجل مالا قرضا على من‏
__________________________________________________
 (1- 4) الكافي باب زكاة المال الغائب و الدين و الوديعة خبر 12- 5.
 (2- 3) باب (بلا عنوان) بعد باب اوقات الزكاة خبر 2- 1.

49
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ لَا تُعْطِ مِنْ أَهْلِ الْوَلَايَةِ الْأَبَوَيْنِ وَ الْوَلَدَ وَ لَا الزَّوْجَ وَ لَا الزَّوْجَةَ وَ لَا الْمَمْلُوكَ‏
__________________________________________________
زكاته؟ على المقرض أو على المقترض؟ قال: لا- بل زكاتها إن كانت موضوعة عنده حولا على المقترض قال: قلت: فليس على المقرض زكاتها؟ قال: لا يزكى المال من وجهين في عام واحد و ليس على الدافع شي‏ء لأنه ليس في يده شي‏ء إنما المال في يد الآخذ، فمن كان المال في يده زكاه قال: قلت: أ فيزكى مال غيره من ماله فقال: إنه ماله ما دام في يده و ليس ذلك المال لأحد غيره، ثمَّ قال: يا زرارة أ رأيت وضيعة ذلك المال و ربحه لمن هو و على من؟ قلت للمقترض قال: فله الفضل و عليه النقصان و له أن ينكح و يلبس منه و يأكل منه و لا ينبغي له أن يزكيه، بل يزكيه فإنه عليه «1» و في الموثق كالصحيح، عن أبان بن عثمان عمن أخبره قال: سألت أحدهما عليهما السلام عن رجل عليه دين و في يده مال وفى بدينه و المال لغيره هل عليه زكاة؟ فقال: إذا استقرض فحال عليه الحول فزكاته عليه إذا كان فيه فضل «2» و يدل على وجوب الزكاة مع الدين، إلى غير ذلك من الأخبار.
 «و لا تعط مالك غير أهل الولاية» أي غير الاثني عشرية «و لا تعط (إلى قوله) على نفقته إلخ» لا ريب في اشتراط أن لا يكون واجب النفقة في الفقير لأنه غني بالإنفاق و هم العمودان و الزوجة و المملوك، أما الزوج فالمشهور جواز إعطائه من زكاتها إذا كان فقيرا، و يدل على ما ذكره ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح و الصدوق في الصحيح، عن زرارة و بكير و الفضيل و محمد بن مسلم و بريد العجلي، عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا: في الرجل يكون في بعض هذه الأهواء الحرورية و المرجئة و العثمانية و القدرية ثمَّ يتوب و يعرف هذا الأمر و يحسن رأيه أ بعيد كل صلاة صلاها أو صوم أو زكاة أو حج أو ليس عليه إعادة شي‏ء من ذلك؟
قال ليس عليه إعادة شي‏ء من ذلك غير الزكاة لا بد أن يؤديها لأنه وضع الزكاة في‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب زكاة مال الغائب و الدين و الوديعة خبر 6- 9.

50
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ لَا الْجَدَّ وَ لَا الْجَدَّةَ وَ كُلَّ مَنْ يُجْبَرُ الرَّجُلُ عَلَى نَفَقَتِهِ وَ لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطَى الْأَخُ وَ الْأُخْتُ وَ الْعَمُ‏
__________________________________________________
غير موضعها و إنما موضعها أهل الولاية «1» و في الصحيح، عن إسماعيل بن سعد الأشعري عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الزكاة هل توضع فيمن لا يعرف؟ قال: لا و لا زكاة الفطرة «2».
و في الحسن كالصحيح، عن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول ما من رجل يمنع درهما من حق إلا أنفق اثنين في غير حقه، و ما من رجل منع حقا في ماله إلا طوقه الله به حية من نار يوم القيمة، قال: قلت له رجل عارف أدى زكاته إلى غير أهلها زمانا هل عليه أن يؤديها ثانيا إلى أهلها إذا علمهم؟ قال: نعم قال:
قلت، فإن لم يعرف لها أهلا فلم يؤدها أو لم يعلم أنها عليه فعلم بعد ذلك قال: يؤديها إلى أهلها لما مضى قال: قلت له: فإنه لم يعلم أهلها فدفعها إلى من ليس هو لها بأهل و قد كان طلب و اجتهد ثمَّ علم بعد ذلك سوء ما صنع قال: ليس عليه أن يؤديها مرة أخرى «3» و عن زرارة مثله غير أنه قال: إن اجتهد فقد برئ فإن قصر في الاجتهاد في الطلب فلا «4» و في الحسن كالصحيح عن الوليد بن صبيح قال: قال لي شهاب بن عبد ربه اقرء أبا عبد الله عليه السلام عني السلام و أعلمه إنه يصيبني فزع في منامي قال: فقلت له إن شهابا يقرئك السلام و يقول لكن إنه يصيبني فزع في منامي قال: قل له: فليزك ماله قال فأبلغت شهابا ذلك قال لي فبلغه عني فقلت نعم قال قل له إن الصبيان فضلا عن الرجال ليعلمون أني أزكي مالي قال: فأبلغته فقال أبو عبد الله عليه السلام قل له إنك تخرجها و لا تضعها في مواضعها «5».
و في الحسن كالصحيح، عن ابن أذينة قال: كتب إلى أبو عبد الله: إن كل عمل عمله الناصب في حال ضلاله أو في حال نصبه ثمَّ من الله عليه و عرفه هذا الأمر فإنه يؤجر عليه و يكتب له إلا الزكاة فإنه يعيدها لأنه وضعها في غير موضعها و إنما موضعها
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4- 5) الكافي باب الزكاة تعطى غير أهل الولاية خبر 1- 7- 2- 3- 5.

51
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

.........
__________________________________________________
أهل الولاية و أما الصلاة و الصوم فليس عليه قضاؤهما «1».
و روى الشيخ في الموثق كالصحيح عن زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا الزكاة لأهل الولاية قد بين الله لكم موضعهما في كتابه «2» و في الصحيح عن علي بن بلال قال كتبت إليه أسأله هل يجوز أن أدفع زكاة المال و الصدقة إلى محتاج غير أصحابي فكتب عليه السلام لا تعط الصدقة و الزكاة إلا لأصحابك «3» و في القوي عن عمر بن يزيد قال سألته عن الصدقة على النصاب و على الزيدية فقال لا تصدق عليهم بشي‏ء و لا تسقهم من الماء إن استطعت و قال: الزيدية هم النصاب «4» و في الموثق عن عبد الله بن أبي يعفور قال قلت لأبي عبد الله (ع) جعلت فداك ما تقول في الزكاة لمن هي؟ قال فقال هي لأصحابك قال قلت فإن فضل عنهم فقال فأعد عليهم قال قلت فإن فضل عنهم قال: فأعد عليهم، قال: قلت: فإن فضل عنهم قال: فأعد عليهم، قلت فنعطي السؤال منها شيئا؟ قال: فقال: لا و الله إلا التراب إلا أن ترحمه، فإن رحمته فأعط كسرة، ثمَّ أومأ بيده فوضع إبهامه على أصول أصابعه «5» (أي كسرة بمقدار الأصابع الأربع) و عن إبراهيم الأوسي عن الرضا عليه السلام قال: سمعت أبي يقول: كنت عند أبي يوما فأتاه رجل فقال: إني رجل من أهل الري و لي زكاة فإلى من أدفعها؟ فقال: إلينا فقال أ ليس الصدقة محرمة عليكم؟ فقال: بلى إذا دفعتها إلى شيعتنا فقد دفعتها إلينا فقال: إني لا أعرف لها أحدا فقال: فانتظر بها سنة قال: فإن لم أصبها أحدا؟ قال انتظر بها سنتين حتى بلغ أربع سنين ثمَّ قال له: إن لم تصب لها أحدا فصرها صررا و أطرحها في البحر فإن الله عز و جل حرم أموالنا و أموال شيعتنا على عدونا «6».
و أما إنه لا يكون واجب النفقة، فيدل عليه ما رواه الكليني في الصحيح، عن عبد الرحمن بن الحجاج و الصدوق، عن عدة من أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الزكاة تعطى غير أهل الولاية خبر- 6.
 (2- 3- 4- 5- 6) التهذيب باب مستحق الزكاة خبر 6- 12- 13- 10.

52
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ الْعَمَّةُ وَ الْخَالُ وَ الْخَالَةُ مِنَ الزَّكَاةِ.
صَدَقَةُ الْأَنْعَامِ‏
1603 وَ قَالَ زُرَارَةُ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ‏

__________________________________________________
خمسة لا يعطون من الزكاة شيئا- الأب، و الأم، و الولد، و المملوك، و المرأة- و ذلك أنهم عياله لازمون «1» و المشهور أنه لا يجوز إعطاء الوالدين و إن علوا، و الأولاد و إن سفلوا، و يمكن إدخال الأجداد و الجدات في الأب و الأم و أولاد الأولاد في الولدو في الصحيح عن إسحاق بن عمار (الموثق)، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال:
قلت له لي قرابة أنفق على بعضهم و أفضل بعضهم على بعض فيأتيني إبان الزكاة أ فأعطيهم قال: مستحقون لها؟ (أي عارفون مساكين) قلت نعم قال: هم أفضل من غيرهم قال قلت: فمن ذا الذي يلزمني من ذوي قرابتي حتى لا أحسب الزكاة عليهم؟ فقال: أبوك و أمك، قلت: أبي و أمي؟ قال: الوالدان و الولد «2» و عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: في الزكاة يعطى منها الأخ و الأخت و العم و العمة و الخال و الخالة و لا يعطى الجد و لا الجدة «3» و روي «4» جواز الإعطاء إلى الولد و ولد الولد محمولة على حال الضرورة، و سيجي‏ء صحيحة الحلبي في كتاب النكاح في بيان واجب النفقة.
و روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن حريز، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له من الذي أجبر (أحتن- خ ل) عليه و تلزمني نفقته؟ قال: الوالدان و الولد و الزوجة «5» و عن محمد بن مسلم عنه عليه السلام قال: قلت له: من يلزم الرجل من قرابته ممن ينفق عليه؟ قال: الوالدان و الولد و الزوجة «6» «و قال زرارة» في الصحيح، و رواه‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب تفضيل القرابة في الزكاة إلخ 5- 1- 6.
 (4) كذا في النسخ كلها و قوله محمولة اي هي محمولة.
 (5) الكافي باب من يلزم نفقته خبر 1.
 (6) الكافي باب من يلزم نفقته خبر 3.

53
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

ع رَجُلٌ عِنْدَهُ مِائَةٌ وَ تِسْعَةٌ وَ تِسْعُونَ دِرْهَماً وَ تِسْعَةَ عَشَرَ دِينَاراً أَ يُزَكِّيهَا فَقَالَ لَا لَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فِي الدَّرَاهِمِ وَ لَا فِي الدَّنَانِيرِ حَتَّى تَتِمَّ قَالَ زُرَارَةُ وَ كَذَلِكَ هُوَ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ قَالَ وَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع رَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أَرْبَعُ أَيْنُقٍ وَ تِسْعٌ وَ
__________________________________________________
الشيخ عنه أيضا في الصحيح مثله إلا في قوله (و تسعة عشر دينارا) فإنه في رواية الشيخ (و تسعة و ثلاثون دينارا أ يزكيهما؟ فقال: لا ليس عليه شي‏ء من الزكاة في الدراهم و لا في الدنانير حتى يتم أربعون دينارا و الدراهم مائتا درهم إلخ) و الشيخ رواه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن المختار بن زياد، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله عليه السلام، عن زرارة عنه عليه السلام «1» و روي أيضا بإسناده الصحيح، عن علي بن مهزيار، عن أحمد بن محمد، عن حماد، عن حريز، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر و لابنه عليهما السلام: الرجل تكون له الغلة الكثيرة من أصناف شتى أو مال ليس فيه صنف تجب فيه الزكاة هل عليه في جميعه زكاة واحدة؟ فقالا: لا، إنما تجب عليه إذا تمَّ فكان تجب في كل صنف منه زكاة الزكاة تجب عليه في جميعه في كل صنف منه الزكاة فإن أخرجت أرضه شيئا قدر ما لا تجب فيه الصدقة أصنافا شتى لم يجب فيه زكاة واحدة، قال زرارة: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل عنده مائة درهم و تسعة و تسعون درهما و تسعة و ثلاثون دينارا أ يزكيها؟ قال: لا ليس عليه شي‏ء من الزكاة في الدراهم و لا في الدنانير حتى يتم أربعين دينارا و الدراهم مائتي درهم- قال زرارة: و كذلك هو في جميع الأشياء قال: و قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل كن عنده أربعة أينق و تسعة و ثلاثون شاة و تسعة و عشرون بقرة أ يزكيهن؟ فقال: لا يزكي شيئا منها لأنه ليس شي‏ء منهن تمَّ فليس تجب فيه الزكاة «2».
و الظاهر أنه وقع سهو من بعض الرواة و إن احتمل أن يكون زرارة سمع منه عليه السلام مرتين مرة كما هو المشهور و مرة كما سمعه الفضلاء و تقدم، فظهر أن النصاب‏
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب من الزيادات في الزكاة خبر 1- 2.

54
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

ثَلَاثُونَ شَاةً وَ تِسْعٌ وَ عِشْرُونَ بَقَرَةً أَ يُزَكِّيهِنَّ قَالَ لَا يُزَكِّي شَيْئاً مِنْهُنَّ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ مِنْهُنَّ تَامّاً فَلَيْسَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ.
1604 وَ رَوَى عُمَرُ بْنُ أُذَيْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: لَيْسَ فِيمَا دُونَ الْخَمْسِ‏

__________________________________________________
هو الأربعون، و العشرون يستحب فيها الزكاة جمعا بين الأخبار، أو يحمل الأربعون على التقية كما نقل عن طاوس و الزهري و سليمان بن حرب و إن كان أكثر الجمهور سيما الفقهاء الأربعة على الأول لأن الأربعة المتقدمة كانوا مقدما على الأخيرة فيجوز أن يكون سلطان الوقت موافقا لهم و ورد عنهم صلوات الله عليهم ما يوافقه- و بالجملة- لا شك أن العمل على المشهور أولى و أحوط.
 «و روى عمر بن أذينة» في الصحيح «عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام» و روى الكليني و الشيخ في الصحيح، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله عليه السلام «1» و الشيخ، عن زرارة، عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام ما في معناه «2» و هو المشهور بين الأصحاب و روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن زرارة و محمد بن مسلم و أبي بصير و بريد العجلي و الفضيل، عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام قالا: في صدقة الإبل في كل خمس شاة إلى أن تبلغ خمسا و عشرين، فإذا بلغت ذلك ففيها بنت مخاض ثمَّ ليس فيها شي‏ء حتى تبلغ خمسا و ثلاثين فإذا بلغت خمسا و ثلاثين ففيها بنت لبون ثمَّ ليس فيها شي‏ء حتى تبلغ خمسا و أربعين فإذا بلغت خمسا و أربعين ففيها حقة طروقة الفحل، ثمَّ ليس فيها شي‏ء حتى تبلغ ستين فإذا بلغت ستين ففيها جذعة ثمَّ ليس فيها شي‏ء حتى تبلغ خمسا و سبعين فإذا بلغت خمسا و سبعين ففيها بنتا لبون ثمَّ ليس فيها شي‏ء حتى تبلغ تسعين فإذا بلغت تسعين ففيها حقتان طروقتا الفحل، ثمَّ ليس فيها شي‏ء حتى تبلغ عشرين و مائة، فإذا بلغت عشرين و مائة ففيها حقتان طروقتا الفحل، فإذا زادت واحدة على عشرين و مائة، ففي كل خمسين حقة، و في كل أربعين ابنة لبون، ثمَّ ترجع الإبل على أسنانها
__________________________________________________
 (1) الكافي باب صدقة الإبل خبر 2 و التهذيب باب زكاة الا بل خبر 2.
 (2) التهذيب باب زكاة الا بل خبر 3.

55
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

مِنَ الْإِبِلِ شَيْ‏ءٌ فَإِذَا كَانَتْ خَمْساً فَفِيهَا شَاةٌ إِلَى عَشْرٍ فَإِذَا كَانَتْ عَشْراً فَفِيهَا شَاتَانِ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ فَفِيهَا ثَلَاثٌ مِنَ الْغَنَمِ فَإِذَا بَلَغَتْ عِشْرِينَ فَفِيهَا أَرْبَعٌ مِنَ الْغَنَمِ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْساً وَ عِشْرِينَ فَفِيهَا خَمْسٌ مِنَ الْغَنَمِ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ إِلَى خَمْسٍ وَ ثَلَاثِينَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ابْنَةُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى خَمْسٍ وَ ثَلَاثِينَ بِوَاحِدَةٍ فَفِيهَا ابْنَةُ لَبُونٍ إِلَى خَمْسٍ وَ أَرْبَعِينَ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا حِقَّةٌ وَ إِنَّمَا سُمِّيَتْ حِقَّةً لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ أَنْ يُرْكَبَ ظَهْرُهَا إِلَى سِتِّينَ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا جَذَعَةٌ إِلَى خَمْسٍ وَ سَبْعِينَ فَإِنْ‏
__________________________________________________
و ليس على النيف شي‏ء و لا على الكسور شي‏ء (أي ما بين العددين و يكون تفسيرا للنيف أي قبل النصاب أو الصغار التي لم يحل عليها الحول أو الأعم و يكون تعميما بعد التخصيص) و ليس على العوامل شي‏ء إلا ذلك على السائمة الراعية قال: قلت: ما في البخت السائمة؟ قال: مثل ما في الإبل العربية «1».
و حملها الأصحاب على التقية، لما رواه الكليني في الصحيح عن عبد الرحمن ابن الحجاج، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: في خمس قلائص شاة و ليس فيما دون الخمس شي‏ء، و في عشرة شاتان و في خمس عشرة ثلاث شياه، و في عشرين أربع شياه، و في خمس و عشرين خمس، و في ست و عشرين بنت مخاض إلى خمس و ثلاثين، و قال عبد- الرحمن: هذا فرق بيننا و بين الناس، فإذا زادت واحدة ففيها ابنة لبون إلى خمس و أربعين، فإذا زادت واحدة ففيها حقة إلى ستين، فإذا زادت واحدة ففيها جذعة إلى خمس و سبعين، فإذا زادت واحدة ففيها بنتا لبون إلى تسعين، فإذا كثرت الإبل ففي كل خمسين حقة «2» و يؤيد التقية أيضا قوله عليه السلام: (ثمَّ ترجع الإبل على أسنانها) فإنها تدل بظاهرها على أنه يستأنف النصاب كما هو مذهب بعض العامة و إن أمكن حملها على أنها لا تتعدى من الجذعة إلى فوقها، بل ترجع إلى بنت اللبون و الحقة و هو المراد واقعا لكن التقية تقتضي أن يتكلم بكلام ذو وجهين و الله يعلم.
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب صدقة الا بل خبر 1- 2.

56
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ إِلَى تِسْعِينَ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَحِقَّتَانِ إِلَى عِشْرِينَ وَ مِائَةٍ فَإِنْ زَادَتْ عَلَى الْعِشْرِينَ وَ الْمِائَةِ وَاحِدَةٌ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ.
وَ كُلُّ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ جَذَعَةٌ وَ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ وَ كَانَتْ عِنْدَهُ حِقَّةٌ دَفَعَهَا وَ دَفَعَ مَعَهَا.
__________________________________________________
و أوله بعضهم بالتخيير كمحمد بن يعقوب رضي الله عنه بناء على أصله و بعضهم على الجواز قيمة و بعضهم على تقدير فإذا زادت واحدة و حذفت اعتمادا على فهم الفضلاء تقية أو اختصارا كالشيخ و العلامة و الله تعالى يعلم، و على أي حال فالعمل على المشهور لأنه إذا قيل بالتخيير فالاحتياط العمل على المشهور.
فظهر من الأخبار أنه ليس فيما بين النصابين شي‏ء و لا فيما لم يبلغ الخمس، و أنه إذا لم يكن عنده بنت مخاض أجزأه ابن لبون ذكر، و لو لم يكونا عنده تخير في شراء أيهما شاء و إن كان الأحوط شراء بنت المخاض، و إن في النصاب الثاني عشر في كل خمسين حقة: و في كل أربعين بنت لبون مراعيا لحال الفقراء احتياطا و في صحيحة أبي بصير إلى عشرين و مائة فإذا كثرت الإبل (أي تجاوزت عنها) ففي كل خمسين حقة و لا يؤخذ هرمة و لا ذات عوار (أي عيب) إلا أن يشاء المصدق (بتشديد الدال فقط، العامل) بعد صغيرها و كبيرها «1» و مشيته مبنية على رعاية الطرفين بأن يكون الجميع هرمة أو ذات عيب فيأخذهما أو بالتفريق فبالنسبة و لا يضر عدم ذكر بنات اللبون لعدم المنافاة إلا بالمفهوم، و المنطوق مقدم و كذا في خبر عبد الرحمن لكن لم يذكر فيه النصاب الثاني عشر لأن الحكم واحد- و تظهر الفائدة في الوجوب و الضمان كما سيجي‏ء و في تتمة خبر زرارة (و في كل شي‏ء كان من هذه الأصناف من الدواجن (أي المعلوفة) و العوامل فليس فيها شي‏ء و ما كان من هذه الأصناف الثلاثة الإبل، و البقر، و الغنم فليس فيها شي‏ء حتى يحول عليه الحول من يوم ينتج «و» كل «من وجبت عليه جذعة» بالتحريك «و لم يكن (إلى قوله) درهما»
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب زكاة الا بل خبر 1.

57
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَماً وَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ حِقَّةٌ وَ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ وَ كَانَتْ عِنْدَهُ جَذَعَةٌ دَفَعَهَا وَ أَخَذَ مِنَ الْمُصَدِّقِ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَماً وَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ حِقَّةٌ وَ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ وَ كَانَتْ عِنْدَهُ ابْنَةُ لَبُونٍ دَفَعَهَا وَ دَفَعَ مَعَهَا شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَماً وَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ ابْنَةُ لَبُونٍ وَ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ وَ كَانَتْ عِنْدَهُ حِقَّةٌ دَفَعَهَا وَ أَعْطَاهُ الْمُصَدِّقُ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَماً وَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ ابْنَةُ لَبُونٍ وَ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ وَ كَانَتْ عِنْدَهُ ابْنَةُ مَخَاضٍ دَفَعَهَا وَ أَعْطَى مَعَهَا شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَماً وَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ ابْنَةُ مَخَاضٍ وَ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ وَ كَانَتْ عِنْدَهُ ابْنَةُ لَبُونٍ دَفَعَهَا وَ أَعْطَاهُ الْمُصَدِّقُ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَماً وَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ ابْنَةُ مَخَاضٍ وَ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ وَ كَانَ عِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ابْنُ لَبُونٍ وَ لَيْسَ يَدْفَعُ مَعَهُ شَيْئاً
1605 وَ رُوِيَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ أَنَّهُ قَالَ: اسْتَعْمَلَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع عَلَى‏

__________________________________________________
و بالعكس، يمكن أن يكون من تتمة خبر زرارة و الظاهر أنه من كلامه، و نقل العلامة في المنتهى أنه قول علمائنا أجمع و أكثر العامة- و رواه الكليني، عن علي بن إبراهيم (عن أبيه- خ) عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن محمد بن مقرن بن عبد الله بن زمعة بن سبيع عن أبيه، عن جده عن جد أبيه أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كتب له في كتابه الذي كتب له بخطه حين بعثه على الصدقات، من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة و ليست عنده «1» إلى آخر ما ذكره الصدوق معنى، و لما أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح، عن يونس اعتمدوا عليه مع أنه يمكن أن يكون كتاب أمير المؤمنين صلوات الله عليه عندهم متواترا فلهذا عملوا عليه و لم يتوقف أحد في العمل به.
 «و روي عن رجل من ثقيف» رواه الكليني مسندا عنه «2» «أنه قال استعملني» أي جعلني عاملا لأخذ الخراج و غيره «علي بن أبي طالب عليه السلام على بانقيا و سواد من سواد الكوفة» يمكن أن يكون بانقيا اسم بلد يكون هناك و يكون سواد معطوفا عليه و يكون‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب ادب المصدق خبر 7- 8.

58
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

بَانِقْيَا وَ سَوَادٍ مِنْ سَوَادِ الْكُوفَةِ فَقَالَ لِي وَ النَّاسُ حُضُورٌ انْظُرْ خَرَاجَكَ فَجِدَّ فِيهِ وَ لَا تَتْرُكْ مِنْهُ دِرْهَماً فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَتَوَجَّهَ إِلَى عَمَلِكَ فَمُرَّ بِي قَالَ فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ لِي إِنَّ الَّذِي سَمِعْتَهُ مِنِّي خُدْعَةٌ إِيَّاكَ أَنْ تَضْرِبَ مُسْلِماً أَوْ يَهُودِيّاً أَوْ نَصْرَانِيّاً فِي دِرْهَمِ خَرَاجٍ أَوْ تَبِيعَ دَابَّةَ عَمَلٍ فِي دِرْهَمٍ فَإِنَّا أُمِرْنَا أَنْ نَأْخُذَ مِنْهُ الْعَفْوَ.
1606 وَ قَالَ عَلِيٌّ ع لَا تُبَاعُ الصَّدَقَةُ حَتَّى تُعْقَلَ.

__________________________________________________
المراد بالسواد ناحية من نواحي الكوفة و أن يكون الواو جزء الكلمة الفارسية، و في بعض نسخ الكافي بالدال و حينئذ يمكن أن يكون بالباء الموحدة و يكون المراد معمول قباد أبي نوشيروان و هو أظهر «1» قوله «فخذ» من الأخذ بمعنى الشروع و في بعض النسخ بالجيم و الدال بمعنى المبالغة قوله «خدعة» يعني قلت هذا الكلام ليخاف المجوس و يسعوا في تحصيل الجزية و «لكن إياك أن تضرب في درهم خراج» أي كما كان يعمله العمال «أن نأخذ منه العفو» و في الكافي (منهم) أي الزائد عن مئوناتهم بما يسهل عليهم.
 «و قال علي عليه السلام» رواه الكليني في الموثق «2» أنه قال «لا تباع الصدقة حتى تعقل» أي تؤخذ منهم لأن العقال بعد الأخذ يعني لا يجوز بيعها قبل أخذها كما كان يفعله العمال، و روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن بريد بن معاوية قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: بعث أمير المؤمنين صلوات الله عليه مصدقا من الكوفة إلى باديتها، فقال له: يا عبد الله انطلق و عليك بتقوى الله وحده لا شريك له و لا تؤثرون دنياك على آخرتك، و كن حافظا لما ائتمنك عليه مراعيا لحق الله فيه حتى تأتي نادى بني‏
__________________________________________________
 (1) في المجمع- في الحديث بانقيا و هي القادسية و ما والاها من اعمالها- قال ابن إدريس في سرائره و انما سميت بالقادسية بدعوة إبراهيم الخليل (ع) لانه قال: كونى مقدسة اى مطهرة من التقديس و انما سميت بانقيا لان إبراهيم (ع) اشتراها بمائة نعجة من غنمه لان (با) مائة و (نقيا) شاة بلغة النبط (إلى أن قال) و في (ق) بانقيا قرية بالكوفة انتهى.
 (2) الكافي باب ادب المصدق خبر 3.

59
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

.........
__________________________________________________
فلان (أي محلتهم و ماءهم) فإذا قدمت فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم، ثمَّ امض إليهم بسكينة و وقار حتى تقوم بينهم فتسلم عليهم، ثمَّ قل: يا عباد الله أرسلني إليكم ولي الله لآخذ منكم حق الله في أموالكم، فهل لله في أموالكم من حق فتؤدونه إلى وليه فإن قال لك قائل: لا فلا تراجعه و إن أنعم (أي قال: نعم) لك منهم منعم فانطلق معه من غير أن تحيفه أو تعده إلا خيرا، فإذا أتيت ماله فلا تدخله إلا بإذنه فإن أكثره له فقل:
يا عبد الله أ تأذن لي في دخول مالك فإن أذن لك فلا تدخله دخول متسلط عليه فيه و لا عنف به فاصدع المال صدعين (أي قسمين) ثمَّ خيره أي الصدعين شاء فأيهما اختار فلا تعرض له ثمَّ اصدع الباقي صدعين ثمَّ خيره فأيهما اختار فلا تعرض له و لا تزال كذلك حتى يبقى ما فيه وفاء لحق الله تبارك و تعالى في ماله، فإذا بقي ذلك فاقبض حق الله منه و إن استقالك فأقله، ثمَّ اخلطهما و اصنع مثل الذي صنعت أولا حتى تأخذ حق الله في ماله. فإذا قبضته فلا توكل به إلا ناصحا شفيقا أمينا حفيظا غير معنف بشي‏ء منها ثمَّ أحدر كل ما اجتمع عندك من كل ناد إلينا نصيره حيث أمر الله عز و جل فإذا انحدر بها رسولك (أي أرسل معها) فأوغر إليه (أي تقدم) و أنصحه أن لا يحول بين ناقة و فصيلها، و لا يفرق بينهما و لا يمصرن لبنها (أي لا يحلبه تماما) فيضر ذلك بولدها و لا يجهدنها ركوبا و ليعدل بينهن في ذلك (أي بأن يتناوب في ركوبها) و ليوردهن كل ماء يمر به و لا يعدل (أي لا يميل بهن) عن بنت الأرض إلى جواد الطريق في الساعة التي فيها تريح (أي ترجع إلى الراحة (أو) إلى المراح للعلف (أو ترعى في الرواح) و تغبق (أي تشرب بالعشي) أو يغبق صاحبها (أي لا يميل بهن في مشيهن في تلك الساعة عن بنت الأرض إلى وسط الطريق أو المراد أنه لا ينزل في العشي التي هي وقت الاستراحة على الجادة. بل ينزل على أطرافها عند الكلاء حتى يسرح الإبل في المرعى و تشرب هي و صاحبها كما في النسخ المشهورة- و قال ابن إدريس هي تعنق بالعين المهملة و النون من العنق و هو السير الشديد أي لا يعدل بهن عن نبت الأرض إلى جواد الطرق في الساعات التي فيها لها راحة و لا في الساعات التي لها فيها

60
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

.........
__________________________________________________
مشقة- و أنت تعلم أنه تكلف لا حاجة إليه، نعم في التهذيب كما ذكره و لعله أصح لقوله) و ليرفق بهن جهده. حتى يأتينا بإذن الله سيجانا (أي حسنا) و في بعض النسخ سحاحا (أي) سمانا (أو) سجاحا (أي حسنا) معتدلا (أو سحاما) (أي مملوء ثديها من اللبن سمانا) غير متعبات و لا مجهدات فنقسمهن بإذن الله على كتاب الله و سنة نبيه صلى الله عليه و آله و سلم على أولياء الله فإن ذلك أعظم لأجرك و أقرب لرشدك ينظر الله إليها و إليك و إلى جهدك و نصيحتك لمن بعثك و بعثت في حاجته فإن رسول الله (ص) قال: ما ينظر الله إلى ولي له يجهد نفسه بالطاعة و النصيحة لإمامه إلا كان معنا في الرفيق الأعلى، قال ثمَّ بكى أبو عبد الله عليه السلام ثمَّ قال: يا بريد ما بقيت حرمة الله إلا انتهكت و لا عمل بكتاب الله و لا سنة نبيه في هذا العالم و لا أقيم في هذا الخلق حد منذ قبض أمير المؤمنين صلوات الله عليه و لا عمل بشي‏ء من الحق إلى يوم الناس هذا، ثمَّ قال: أما و الله لا تذهب الأيام و الليالي حتى يحيي الله الموتى و يميت الأحياء و يرد الله الحق إلى أهله و يقيم دينه الذي ارتضاه لنفسه و نبيه، فأبشروا ثمَّ أبشروا، فو الله ما الحق إلا في أيديكم «1».
قد اشتمل هذا الخبر على فوائد كثيرة فظهر لمن تدبر فيه منها الرجعة التي هي مذهب أصحابنا و يدل عليه الأخبار المتواترة و ظاهر الآية الكريمة.
يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا «2» و ليس هو يوم القيمة فإنه يبعث فيه كل أحد.
و في الحسن كالصحيح، عن محمد بن مسلم: عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب ادب المصدق خبر 1 و التهذيب باب من الزيادات في الزكاة خبر 8.
 (2) النحل- 83.

61
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَسْنَانُ الْإِبِلِ مِنْ أَوَّلِ مَا تَطْرَحُهُ أُمُّهُ إِلَى تَمَامِ السَّنَةِ حُوَارٌ فَإِذَا دَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ سُمِّيَ ابْنَ مَخَاضٍ لِأَنَّ أُمَّهُ قَدْ حَمَلَتْ فَإِذَا دَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ سُمِّيَ ابْنَ لَبُونٍ وَ ذَلِكَ أَنَّ أُمَّهُ قَدْ وَضَعَتْ وَ صَارَ لَهَا لَبَنٌ فَإِذَا دَخَلَ فِي‏
__________________________________________________
أ يجمع الناس المصدق أم يأتيهم على مناهلهم؟ قال: لا بل يأتيهم على مناهلهم فيصدقهم «1» و في الموثق عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: كان علي عليه السلام إذا بعث مصدقه قال له: إذا أتيت على رب المال فقل تصدق رحمك الله مما أعطاك الله فإن ولى عنك فلا تراجعه «2» و في الحسن كالصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن محمد بن خالد أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الصدقة فقال: إن ذلك لا يقبل منك فقال إني أحمل ذلك في مالي فقال له أبو عبد الله عليه السلام: مر مصدقك أن لا يحشر من ماء إلى ماء و لا يجمع بين المتفرق و لا يفرق بين المجتمع، و إذا دخل المال فليقسم الغنم نصفين ثمَّ يخير صاحبها أي القسمين شاء فإذا اختار فليدفعه إليه فإن تتبعت نفس صاحب الغنم من النصف الآخر منها شاة أو شاتين أو ثلاثة فليدفعها إليه ثمَّ ليأخذ منه صدقته فإذا أخرجها فليقمها فيمن يريد، فإذا قامت على ثمن فإن أرادها صاحبها فهو أحق بها و إن لم يردها فليبعها «3» و في الصحيح، عن علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عمن يلي صدقة العشر على من لا بأس به؟ فقال إن كان ثقة فمره يضعها في مواضعها و إن لم يكن ثقة فخذها منه وضعها في مواضعها «4».
 «قال مصنف هذا الكتاب (إلى قوله) حوار» بالضم و قد يكسر و هو ولد الناقة ساعة تضعه أو إلى أن يفصل عن أمه ذكره الفيروزآبادي «لأنه قد استحق أن يحمل عليه» أو استحق أن يلقح عليها الفحل، و عليه يحمل، ما ورد في الأخبار أن فيها حقة طروقة الفحل و إن كان الأحوط أن تكون حاملا كما يدل عليه ظاهر اللفظ «سمي جذعا» أي ألقت سنها «رباعيته» و هي (كثمانية) السن‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4) الكافي باب ادب المصدق خبر 2- 4- 5- 6.

62
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

الرَّابِعَةِ سُمِّيَ الذَّكَرُ حِقّاً وَ الْأُنْثَى حِقَّةً لِأَنَّهُ قَدِ اسْتَحَقَّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ فَإِذَا دَخَلَ فِي الْخَامِسَةِ سُمِّيَ جَذَعاً فَإِذَا دَخَلَ فِي السَّادِسَةِ سُمِّيَ ثَنِيّاً لِأَنَّهُ أَلْقَى ثَنِيَّتَهُ فَإِذَا دَخَلَ فِي السَّابِعَةِ أَلْقَى رَبَاعِيَتَهُ وَ سُمِّيَ رَبَاعاً فَإِذَا دَخَلَ فِي الثَّامِنَةِ أَلْقَى السِّنَّ الَّتِي بَعْدَ الرَّبَاعِيَةِ وَ سُمِّيَ سَدِيساً فَإِذَا دَخَلَ فِي التَّاسِعَةِ فَطَرَ نَابُهُ وَ سُمِّيَ بَازِلًا فَإِذَا دَخَلَ فِي الْعَاشِرَةِ فَهُوَ مُخْلِفٌ وَ لَيْسَ لَهُ بَعْدَ هَذَا اسْمٌ وَ الْأَسْنَانُ الَّتِي تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ مِنِ ابْنِ مَخَاضٍ إِلَى الْجَذَعِ وَ لَيْسَ عَلَى الْإِبِلِ الْعَوَامِلِ شَيْ‏ءٌ إِنَّمَا ذَاكَ عَلَى السَّائِمَةِ الرَّاعِيَةِ
__________________________________________________
التي بين الثنية و الناب، و الظاهر أنها تلقى إحدى الثنايا و تسمى جذعا محركة ثمَّ الأخرى و تسمى ثنيا ثمَّ الرباعية «فطرنا به» أي تنشق و تطلع الناب، و ذكر الفيروزآبادي أن ذلك في تاسع سنيه و ليس بعده سن تسمى، و ذكر ابن الأثير أنها بعد ذلك يقال: بازل عام و بازل عامين، و ذكر الفيروزآبادي أيضا أن المخلف البعير جاز البازل و هي مخلف و مخلفة، و ذكر الجوهري أن المخلف من الإبل الذي جاز البازل الذكر و الأنثى فيه سواء، يقال مخلف عام و مخلف عامين فيحتمل أن يكون الإطلاق بالنسبة إلى القبائل بأن يطلقه بعض دون بعض.
 «و ليس (إلى قوله) الراعية» لا خلاف بين الأصحاب في أن السوم شرط في الأنعام الثلاثة، و أن لا تكون عوامل، و قد ذكر ما يدل عليه في خبر زرارة و الفضلاء- و روى الشيخ في الصحيح، عن زرارة بن أعين و محمد بن مسلم و أبي بصير و بريد العجلي و الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام (و أبي عبد الله عليه السلام ظ) قالا: ليس على العوامل مسن الإبل و البقر شي‏ء إنما الصدقات على السائمة الراعية و كلما لم يحل عليه الحول عند ربه فلا شي‏ء عليه فإذا حال عليه الحول وجب عليه «1» و عن زرارة، عن أحدهما عليهما السلام قال: ليس في شي‏ء من الحيوان زكاة غير هذه الأصناف الثلاثة، الإبل، و البقر، و الغنم و كل شي‏ء من هذه الأصناف من الدواجن (أي المعلوفات و العوامل) فليس فيها شي‏ء
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب وقت الزكاة خبر 14.

63
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ فِي الْبُخْتِ السَّائِمَةِ مِثْلُ مَا فِي الْإِبِلِ الْعَرَبِيَّةِ
__________________________________________________
و ما كان من هذه الأصناف فليس فيها شي‏ء حتى يحول عليها الحول منذ يوم ينتج «1» و سيجي‏ء غيرها من الأخبار، و أما ما رواه الشيخ في الموثق، عن إسحاق بن عمار قال: سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الإبل العوامل عليها زكاة؟ فقال نعم عليها زكاة- «2» فمحمول على الاستحباب أما قدر العلف الذي يخرج به عن السوم فذهب الشيخ إلى أكثر السنة، و المشهور أنه ما يخرج به عرفا عن كونها سائمة، و العرف غير مضبوط، و الأحوط ما قاله الشيخ و روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن محمد بن مسلم و زرارة عنهما جميعا عليهما السلام قالا: وضع أمير المؤمنين صلوات الله عليه- على الخيل العتاق الراعية في كل فرس في كل عام دينارين و جعل على البراذين دينارا- «3» و في الحسن كالصحيح، عن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: هل في البغال شي‏ء؟ فقال لا، فقلت فكيف صار على الخيل و لم يصر على البغال؟ فقال لأن البغال لا تلقح و الخيل الإناث ينتجن و ليس على الخيل الذكور شي‏ء قال: فقلت الحمير فقال: ليس فيها شي‏ء- قال: قلت: هل على الفرس أو البعير يكون للرجل يركبهما شي‏ء؟ فقال: لا ليس على ما يعلف شي‏ء إنما الصدقة على السائمة المرسلة في مرجها (أي مرعاها) عامها الذي يقتنيها فيه الرجل، فأما ما سوى ذلك فليس فيه شي‏ء «4» و يظهر من الخبر أنه يشترط السوم في كل العام إلا أن يقال: الكل أيضا محمولة على العرف فلا يضر اللحظة و هو إجماعي.
 «و في البخت السائمة مثل ما في الإبل العربية» لعموم الأخبار الواردة في وجوب الزكاة في الإبل و هي شاملة لها و قد تقدم في خبر الفضلاء أيضا.
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب وقت الزكاة خبر- 15- 16.
 (3- 4) الكافي باب ما يجب عليه الصدقة من الحيوان و ما لا يجب خبر 1- 2.

64
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ لَيْسَ عَلَى الْبَقَرِ شَيْ‏ءٌ حَتَّى يَبْلُغَ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً فَإِذَا بَلَغَتْ فَفِيهَا تَبِيعٌ حَوْلِيٌّ وَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِينَ بَقَرَةً شَيْ‏ءٌ فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً فَفِيهَا مُسِنَّةٌ إِلَى سِتِّينَ فَإِذَا بَلَغَتْ سِتِّينَ فَفِيهَا تَبِيعَتَانِ إِلَى سَبْعِينَ ثُمَّ فِيهَا تَبِيعَةٌ وَ مُسِنَّةٌ إِلَى ثَمَانِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ ثَمَانِينَ فَفِيهَا مُسِنَّتَانِ إِلَى تِسْعِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ تِسْعِينَ فَفِيهَا ثَلَاثُ تَبَايِعَ فَإِذَا كَثُرَ الْبَقَرُ سَقَطَ هَذَا كُلُّهُ وَ يُخْرِجُ صَاحِبُ الْبَقَرِ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعاً وَ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً وَ لَيْسَ فِي الْبَقَرِ الْعَوَامِلِ زَكَاةٌ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ عَلَى السَّائِمَةِ الرَّاعِيَةِ وَ كُلُّ مَا لَمْ يَحُلْ عَلَيْهِ الْحَوْلُ عِنْدَ صَاحِبِهِ فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ فَإِذَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ‏
__________________________________________________
 «و ليس على البقر شي‏ء إلخ» يدل على ذلك ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن زرارة و محمد بن مسلم و أبي بصير و بريد العجلي و الفضيل، عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام قالا: في البقر في كل ثلاثين بقرة تبيع حولي و ليس في أقل من ذلك شي‏ء، و في أربعين بقرة بقرة مسنة و ليس فيما دون الثلاثين إلى الأربعين شي‏ء حتى تبلغ أربعين فإذا بلغت أربعين ففيها بقرة مسنة، و ليس فيما دون الأربعين إلى الستين شي‏ء فإذا بلغت الستين ففيها تبيعان إلى سبعين فإذا بلغت سبعين ففيها تبيع و مسنة إلى ثمانين، فإذا بلغت ثمانين ففي كل أربعين مسنة إلى تسعين فإذا بلغت تسعين ففيها ثلاث تبايع حوليات، فإذا بلغت عشرين و مائة ففي كل أربعين مسنة إلى تسعين، ثمَّ يرجع البقر على أسنانها، و ليس على النيف شي‏ء، و لا على الكسور شي‏ء و لا على العوامل شي‏ء، إنما الصدقة على السائمة الراعية و كلما لم يحل عليه الحول عند ربه فلا شي‏ء عليه حتى يحول عليه الحول فإذا حال عليه الحول وجب عليه «1» زرارة، (يعني بالإسناد السابق) عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت: له: في الجواميس شي‏ء قال: مثل ما في البقر «2»
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب صدقة البقر خبر 1- 2.

65
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

1607 وَ رَوَى حَرِيزٌ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ فِي الْجَوَامِيسِ شَيْ‏ءٌ قَالَ مِثْلُ مَا فِي الْبَقَرِ.

وَ لَيْسَ عَلَى الْغَنَمِ شَيْ‏ءٌ حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ شَاةً فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ وَ زَادَتْ وَاحِدَةٌ
__________________________________________________
 «و روى حريز» في الصحيح «عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام إلخ» و الحاصل أن في البقر نصابين، ثلاثين و أربعين دائما، و الظاهر أن التطويل للتوضيح و قوله عليه السلام (فإذا بلغت عشرين و مائة إلخ) لا يدل على عدم وجوب شي‏ء فيما بينهما، بل الظاهر أن المراد أنه كما تجب في التسعين ثلاث تبايع تجب في العشرين و مائة ثلاث مسنات، فإنه لا خلاف بين الأصحاب في أن للبقر نصابين، ثلاثين و فيها تبيع أو تبيعة، و أربعين و فيها مسنة دائما، و التبيع يطلق على ولد البقرة إذا دخل في الثانية ذكرا كان أو أنثى و يطلق على الذكر و يقال للأنثى تبيعة و يقال له التبيع لأنه يتبع أمه في الرعي أو تبع قرنه أذنه أي صارتا متساويتين كما قاله أهل اللغة، و الظاهر أن المراد بها في الرواية المعنى الأول (أو) قيل بإجزاء الأنثى بالطريق الأولى و المراد بالمسنة التي دخلت في الثالثة.
و في النهاية، (في حديث الزكاة- أمرني أن آخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعا و من كل أربعين مسنة- قال الأزهري: البقر و الشاة يقع عليها اسم المسن إذا أثنيا و يثنيان في السنة الثالثة، و ليس معنى أسنانها كبرها كالرجل المسن و لكن معناه طلوع سنها في السنة الثالثة) و الظاهر أن المراد بقوله عليه السلام (ثمَّ ترجع البقر على أسنانها) إن في كل ثلاثين تبيعا أو تبيعة و في كل أربعين مسنة بمعنى (فصاعدا) لا أن نصابها ثمانية ثمَّ ترجع إلى الأول كما هو ظاهر العبارة.
 «و ليس في الغنم (إلى قوله) واحدة» الظاهر أن هذا كلام الصدوق و ليس من خبر زرارة كما توهمه العلامة رحمه الله، و الذي ذكره الصدوق من زيادة الواحدة على الأربعين لم نطلع عليه في غير كلامه، لا في خبر و لا في قول أحد، و الظاهر أن‏

66
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

فَفِيهَا شَاةٌ إِلَى عِشْرِينَ وَ مِائَةٍ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا شَاتَانِ إِلَى مِائَتَيْنِ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ.
__________________________________________________
له خبرا أو وقع سهوا كما يظهر مما رواه الشيخ في الصحيح، عن محمد بن قيس (الثقة بقرينة رواية عاصم بن حميد عنه) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس فيما دون الأربعين من الغنم شي‏ء، فإذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين و مائة، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى المائتين فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث من الغنم إلى ثلاثمائة، فإذا كثرت الغنم ففي كل مائة شاة و لا تؤخذ هرمة، و لا ذات عوار إلا أن يشاء المصدق، و لا يفرق بين مجتمع و لا يجمع بين متفرق و يعد صغيرها و كبيرها، «1» و يمكن حمل كلام الصدوق على ما يوافق الأخبار، بأن يكون مراده من قوله (و زادت واحدة) على الأقل من الأربعين بأن يكون تفسير البلوغ الأربعين و الظاهر أن هذا مراده لظهور أن عبارته عبارة هذا الخبر كما يظهر من التتبع.
لكن بقي الإشكال فيما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن زرارة و محمد بن مسلم و أبي بصير و بريد و الفضيل، عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام في الشاة في كل أربعين شاة شاة، و ليس فيما دون الأربعين شي‏ء، ثمَّ ليس فيها شي‏ء حتى تبلغ عشرين و مائة، فإذا بلغت عشرين و مائة ففيها مثل ذلك، فإذا زادت على مائة و عشرين ففيها شاتان، و ليس فيها أكثر من شاتين حتى تبلغ مائتين، فإذا بلغت المائتين ففيها مثل ذلك، فإذا زادت على المائتين شاة واحدة ففيها ثلاث شياه، ثمَّ ليس فيها شي‏ء أكثر من ذلك حتى تبلغ ثلاثمائة فإذا بلغت ثلاثمائة ففيها مثل ذلك ثلاث شياه، فإذا زادت واحدة ففيها أربع شياه، حتى تبلغ أربعمائة: فإذا تمت أربعمائة كان على كل مائة شاة و سقط الأمر الأول، و ليس على ما دون المائة بعد ذلك شي‏ء، و ليس على النيف شي‏ء، و قالا:
كل مال لم يحل عليه الحول عند ربه فليس عليه فيه شي‏ء فإذا حال عليه الحول وجب عليه «2».
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب زكاة الغنم خبر 2.
 (2) الكافي باب صدقة الغنم خبر 1.

67
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ إِلَى ثَلَاثِمِائَةٍ فَإِذَا كَثُرَ الْغَنَمُ سَقَطَ هَذَا كُلُّهُ وَ أُخْرِجَ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ وَ يَقْصِدُ الْمُصَدِّقُ الْمَوْضِعَ الَّذِي فِيهِ الْغَنَمُ فَيُنَادِي يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ هَلْ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي أَمْوَالِكُمْ حَقٌّ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ أَمَرَ أَنْ يُخْرَجَ إِلَيْهِ الْغَنَمُ وَ يُفَرِّقُهَا فِرْقَتَيْنِ وَ يُخَيِّرُ صَاحِبَ الْغَنَمِ إِحْدَى الْفِرْقَتَيْنِ وَ يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ صَدَقَتَهَا مِنَ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنْ أَحَبَّ صَاحِبُ الْغَنَمِ أَنْ يَتْرُكَ الْمُصَدِّقُ لَهُ هَذِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَ يَأْخُذُ غَيْرَهَا فَإِنْ أَحَبَّ صَاحِبُ الْغَنَمِ أَنْ يَتْرُكَ هَذِهِ وَ يَأْخُذَ هَذِهِ أَيْضاً فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَ لَا يُفَرِّقُ الْمُصَدِّقُ بَيْنَ غَنَمٍ مُجْتَمِعٍ وَ لَا يَجْمَعُ.
__________________________________________________
و هذا هو المشهور بين الأصحاب و السندان متكافئان، بل يمكن أن يقال:
السند الأخير أوضح، لأن الظاهر أن الكليني نقله من كتاب حماد فلا يضر عدم توثيق إبراهيم بن هاشم صريحا كما ذكرناه من قبل مع قطع النظر عن رواية الفضلاء العظيم الشأن الذين ورد فيهم الأخبار الكثيرة الدالة على أنهم أركان الدين، «1» مع أنه يمكن حمل خبر محمد بن قيس عليه، بأن يقال: المراد بكثرة الغنم بلوغها إلى أربعمائة و يكون النصاب الرابع غير مذكور فيه و حينئذ لا منافاة بين الخبرين، لكن الظاهر التخيير و جواز العمل بأيهما كان و حينئذ يصير العمل بخبر الفضلاء أولى و أحوط.
 «و يقصد المصدق» أي العامل الذي يأخذ الصدقة «الموضع الذي فيه الغنم» كما ظهر من خبر بريد بن معاوية و محمد بن مسلم و محمد بن خالد في قوله عليه السلام (أن لا يحشر) أي يجمع من ماء إلى ماء بل يذهب إلى كل ماء من مياههم بانفراده «فينادي (إلى قوله) حق» كما مر في الأخبار «فإن أحب» أي ثانيا «فليس له ذلك» لئلا يلزم الإجحاف على المصدق، و فهم من خبر بريد و محمد بن خالد أيضا لأنه عليه السلام رخص للعامل مرة «و لا يفرق المصدق بين غنم مجتمع» أي في الملك، بل يجمعها في الحساب و إن كانت متفرقة بأن يكون للمالك مثلا عشرون شاة في موضع، و عشرون في آخر
__________________________________________________
 (1) راجع تنقيح المقال للمتتبع الخبير العلامة الحاجّ شيخ عبد اللّه الممقانى ره في ترجمة كل واحد من هؤلاء الفضلاء.

68
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ‏
1608 وَ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِي الْأَكِيلَةِ وَ لَا فِي الرُّبَّى الَّتِي تُرَبَّى اثْنَتَيْنِ وَ لَا شَاةِ لَبَنٍ وَ لَا فَحْلِ الْغَنَمِ صَدَقَةٌ.

1609 وَ فِي رِوَايَةِ سَمَاعَةَ قَالَ: لَا تُؤْخَذُ الْأَكُولَةُ وَ الْأَكُولَةُ الْكَبِيرَةُ مِنَ الشَّاةِ تَكُونُ فِي الْغَنَمِ وَ لَا وَالِدٌ وَ لَا الْكَبْشُ الْفَحْلُ.

__________________________________________________
فحينئذ يأخذ شاة منهما و إن كانت غير مجتمعة في المرعى و المراح «و لا يجمع بين متفرق» في الملك و إن كانت مجتمعة في المرعى و المراح، بل و إن كانت مخلوطة بالإشاعة بأن تكون لرجلين مثلا أربعون شاة فلا يجب عليهما، و قد تقدم في صحيحة محمد بن قيس و محمد بن خالد له على أن الظاهر من الأخبار أن التكليف على الملاك و لا ربط لملك أحد في غيره و هو رد على بعض العامة.
 «و روى عبد الرحمن بن الحجاج» في الحسن كالصحيح و الكليني في الصحيح «1» «عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ليس في الأكيلة» أي الشاة المعدة للأكل بقدر الاحتياج إليه «و لا في الربى و الربى التي تربى اثنين» و المشهور أنها الوالد إلى خمسة عشر يوما (و قيل) إلى خمسين (و قيل) إلى شهر، و لا مستند للمشهور إلا خبر سماعة الآتية، و يمكن حمله على هذا الخبر، أو الجمع بينهما بالعمل بهما، لكن الظاهر منه أنها لا تؤخذ، و ظاهر هذا الخبر أنها لا تعد «و لا شاة لبن» الظاهر أنها مثل الأكولة، و المراد بها الشاة المعدة للشرب من لبنها و هي لأنها تكون غالبا معلوفة أو مخرجة كالأكولة «و لا فحل الغنم» أي القدر المحتاج إليه للضراب «صدقة» أي لا تعديل تخرج من الحساب.
 «و في رواية سماعة» الموثق و رواه الكليني أيضا في الموثق، عن أبي عبد الله عليه السلام «2» «قال: لا تؤخذ الأكولة» في الصدقة «و الأكولة الكبيرة من الشاة» الظاهر أن المراد بها السمينة المعدة للأكل «تكون في الغنم و لا والد» قيل لأنها مريضة
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب صدقة الغنم خبر 2- 4.

69
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

1610 وَ سَأَلَهُ إِسْحَاقُ بْنُ عَمَّارٍ عَنِ السَّخْلِ مَتَى تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ قَالَ إِذَا أَجْذَعَ.

ضَمَانُ الْمُزَكَّى وَ زَكَاةُ النَّقْدَيْنِ وَ مُسْتَحِقُّ الزَّكَاةِ.
__________________________________________________
فلو أعطاها المالك لا يأخذها المصدق و هو أحوط بخلاف الباقين «و لا الكبش الفحل» و فهم بعض الأصحاب من الخبر الأول أيضا عدم الأخذ إرفاقا بالمالك، و ظاهره عدم الحساب، و الأحوط العد و عدم الأخذ.
 «و سأله إسحاق بن عمار» في الموثق، و رواه الكليني أيضا في الموثق عنه «1» قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام «السخل (إلى قوله) عليه السلام أجذع» الظاهر أن المراد بوجوب الصدقة فيها إخراجها في الزكاة مطلقا (و قيل) في الإبل لأن الواجب في الغنم التوزيع باعتبار وجوب الزكاة في العين فإذا وجب في أربعين شاة شاة فكأنه وجب في كل شاة جزء من أربعين جزءا من تلك الشاة فيجب إخراج شاة يكون قيمتها ربع عشر المجموع و إن أمكن أن يقال بالعموم لإطلاق الأخبار لكن يلزم تقييدها بأن تكون جذعا لا أقل لأن ما قبلها لا تسمى شاة، و يؤيده هذا الخبر و الأخبار ستذكر إن شاء الله في الأضحية أن أقلها الجذع.
و نقل الأصحاب عن سويد بن غفلة قال أتانا مصدق رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و قال: نهينا أن نأخذ المراضع و أمرنا أن نأخذ الجذعة و الثنية، و الجذع ما تمَّ له ستة أشهر و دخل في السابعة (و قيل) إذا كان من شابين فإن كان من هرمين فيجذع بعد الثمانية أشهر هذا في الضأن، و أما المعز فلا تجذع إلا بعد دخوله في السنة الثانية و يسمى ثنيا (و قيل) في الثالثة كأهل اللغة، و الأحوط التوزيع كما فهم من تقسيم المال لإخراج الصدقة، و يفهم منه أيضا وجوب الزكاة في العين كما فهم من الأخبار المتقدمة في باب زكاة التجارة و غيرها.
و يدل عليه أيضا ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يكون له إبل أو بقر أو غنم أو متاع فيحول عليها الحول فيموت الإبل و البقر و الغنم و يحترق المتاع قال ليس عليه شي‏ء «2» و ما رواه‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب صدقة الغنم خبر 5.
 (2) الكافي باب ما يجب عليه الصدقة خبر 6.

70
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

.........
__________________________________________________
في الحسن كالصحيح، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل لم يزك إبله أو شاته عامين فباعها على من اشتراها أن يزكيها لما مضى؟ قال: نعم تؤخذ منه زكاتها و يتبع بها البائع أو يؤدي زكاتها البائع «1» و إن كان في الدلالة خفاء، و سيجي‏ء ما يدل عليه أيضا، و يمكن أن يكون المراد به أنه لا يجب الزكاة في الأولاد حتى يستغنوا عن الأمهات بالرعي كما ذكره الأصحاب لأنها معلوفة لأن اللبن ملك لصاحبها و قد تقدم أنه لا زكاة في المعلوفة.
و ذهب بعضهم إلى أنه إن كان اللبن عن السوم فهي في حكم السائمة و إن كان عن العلف فهي كالمعلوفة (و فيه) أن اللبن ملك لصاحبه سواء كان عن علف أو سوم، لكن ظاهر الأخبار أن الحول من حين النتاج مثل ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ليس في صغار الإبل شي‏ء حتى يحول عليه الحول من يوم ينتج «2» و في الحسن، كالصحيح، عن ابن أبي عمير قال: كان علي عليه السلام لا يأخذ من صغار الإبل شيئا حتى يحول عليها الحول و لا يأخذ من جمال العمل صدقة و كان لم يحب أن يؤخذ (يأخذ- خ) من المذكور (الذكور- خ) شي‏ء (شيئا- خ) لأنه ظهر يحمل عليها «3» و في خبري زرارة المتقدمين (فليس فيها شي‏ء يحول عليها الحول من حين ينتج) و في صحيح أبي بصير (يعد صغيرها و كبيرها) و ما رواه الشيخ، بإسناده، عن يونس بن عبد الرحمن، عن بعض أصحابه، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ليس في صغار الإبل و البقر و الغنم شي‏ء إلا ما حال عليه الحول عند الرجل و ليس في أولادها شي‏ء حتى يحول عليها الحول «4» و ما رواه عن زرارة عنه عليه السلام قال: لا يزكى من الإبل و البقر
__________________________________________________
 (1) الكافي باب ما يجب عليه الصدقة خبر 5.
 (2) الكافي باب صدقة الايل خبر 3.
 (3) الكافي باب ما يجب عليه الصدقة خبر 7.
 (4) التهذيب باب وقت الزكاة خبر 19.

71
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

1611 وَ قَالَ الرِّضَا ع إِنَّ بَنِي تَغْلِبَ أَنِفُوا مِنَ الْجِزْيَةِ وَ سَأَلُوا عُمَرَ أَنْ يُعْفِيَهُمْ فَخَشِيَ أَنْ يَلْحَقُوا بِالرُّومِ فَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ صَرَفَ ذَلِكَ عَنْ رُءُوسِهِمْ وَ ضَاعَفَ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةَ فَرَضُوا بِذَلِكَ فَعَلَيْهِمْ مَا صَالَحُوا عَلَيْهِ وَ رَضُوا بِهِ إِلَى أَنْ يَظْهَرَ الْحَقُّ.

1612 وَ سَأَلَهُ يَعْقُوبُ بْنُ شُعَيْبٍ عَنِ الْعُشُورِ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنَ الرَّجُلِ يُحْتَسَبُ بِهَا مِنْ زَكَاتِهِ‏

__________________________________________________
و الغنم شي‏ء إلا ما حال عليه الحول و ما لم يحل عليه الحول فكأنه لم يكن «1» و غير ذلك من العمومات، فالظاهر الاحتساب من حين الولادة و لا يلتفت إلى الاستنباطات مع النصوص مع أنها لا تسمى معلوفة عرفا أيضا.
 «و قال الرضا عليه السلام إن بني تغلب» من نصارى العرب «أنفوا» و استنكفوا «من» قبول «الجزية و سألوا عمران يعفيهم» عن الجزية و يعد الزكاة مضاعفا «فخشي (إلى قوله) و رضوا به» و في بعض النسخ بالعكس «2» «إلى أن يظهر الحق» الظاهر أن الغرض من ذكرهم أنهم ليسوا من أهل الذمة و قد قال الله تعالى حتى" يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ"، و فعل عمر ليس بحجة على معتقد العامة أيضا لأنه كان مجتهدا و مات قوله بموته.
 «و سأله يعقوب بن شعيب» في الحسن كالصحيح و الكليني في الصحيح قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام «عن العشور (إلى قوله) إن شاء» يمكن أن يكون المراد به ما يأخذه سلطان الحق لكنه بعيد، و ظاهره أنه يجوز احتساب ما يأخذه الظالم عنه بعنوان الزكاة أو مطلقا عنها، و حمل على أنه لا يجب زكاة ما يأخذه الظالم لأنه بمنزلة التالف إذا أخذها من العين و به يجمع بين الروايات- مثل ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح و الشيخ في الصحيح عن سليمان بن خالد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
إن أصحاب أبي أتوه فسألوه عما يأخذ السلطان فرق لهم و أنه ليعلم أن الزكاة لا تحل إلا لأهلها
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب وقت الزكاة خبر 19.
 (2) يعني في بعض النسخ فعليهم ما رضوا به و صالحوا عليه.

72
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

قَالَ نَعَمْ إِنْ شَاءَ.
__________________________________________________
فأمرهم أن يحتسبوا به فجال فكري- و في نسخة (فجاز ذا) بدله و الله لهم، فقلت يا أبت إنهم إن سمعوا إذا لم يزك أحد فقال: يا بني حق أحب الله أن يظهره «1» و في الصحيح (على الظاهر) و الشيخ في الصحيح، عن عيص بن القسم، عن أبي عبد الله عليه السلام في الزكاة فقال: ما أخذوا منكم بنو أمية فاحتسبوا به و لا تعطوهم شيئا ما استطعتم فإن المال لا يبقى على هذا أن تزكيه مرتين «2» و روى الشيخ في الصحيح و الكليني، عن رفاعة بن موسى قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل له الضيعة فيؤدي خراجها هل عليه فيها عشر؟
قال: لا «3» و روى الشيخ في الصحيح، عن عبيد الله بن علي الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صدقة المال يأخذها السلطان فقال: لا آمرك أن تعيد «4» إلى غير ذلك من الأخبار.
و قد ذكرنا الأخبار المتواترة في أن الزكاة موضعها أهل الولاية و لا يجزي عنها إن أعطاها غيرهم و لو في زمان الضلالة و أنه يجب إعادتها بعد الاستبصار- و يدل على ذلك أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح، عن أبي أسامة قال: قلت لأبي عبد الله عليهما السلام: جعلت فداك إن هؤلاء المصدقين يأتونا فيأخذون منا الصدقة فنعطيهم إياها أ تجزي عنا؟ فقال: لا إنما هؤلاء قوم غصبوكم أو قال ظلموكم أموالكم و إنما الصدقة لأهلها «5» و غير ذلك من الأخبار فيحمل الأخبار الأولة إما على أنه لا يخرج الزكاة مما أخذوه و إن وجب إخراجها عما بقي- و يدل عليه ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن حريز و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام أنهما قالا له: هذه الأرض التي نزارع أهلها ما ترى فيها؟
فقال: كل أرض دفعها إليك سلطان فما حرثته منها فعليك فيما أخرج الله منها الذي قاطعك عليه و ليس على جميع ما أخرج الله منها العشر، إنما العشر عليك فيما يحصل في يدك بعد
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب فيما يأخذ السلطان من الخراج خبر 1- 4 و أورد الثاني في التهذيب باب وقت الزكاة خبر 11.
 (3- 4- 5) التهذيب باب وقت الزكاة خبر 6- 12- 13.

73
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

1613 وَ رَوَى السَّكُونِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ: مَا أَخَذَ مِنْكَ الْعَاشِرُ فَطَرَحَهُ فِي كُوزِهِ فَهُوَ مِنْ زَكَاتِكَ وَ مَا لَمْ يَطْرَحْ فِي الْكُوزِ فَلَا تَحْسُبْهُ مِنْ زَكَاتِكَ.

1614 وَ رَوَى سَمَاعَةُ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ الرَّجُلُ يُخَلِّفُ لِأَهْلِهِ‏

__________________________________________________
مقاسمته لك «1».
و يمكن حمل الأخبار المتأخرة على التقية لئلا يشتهر عنهم عليهم السلام أنهم لا يجوزون أداء الزكاة إليهم و يأمرون شيعتهم بالإعادة مرة أخرى (أو) يكون رخصة لأولئك خاصة، و ظاهرها جواز الاحتساب و استحباب الإعادة، و الفرق بينهما ظاهر فإن ظاهر الأخبار الأولة أداء الزكاة اختيارا إلى غير المستحق بخلافه هنا فإنهم يأخذون جبرا فلا استبعاد في السقوط سيما إذا أخرج الزكاة لأن يؤدى إلى المستحق فأخذها الظالم جورا فإنه بمنزلة التلف كما سيجي‏ء.
 «و روى السكوني (إلى قوله) من زكاتك» لأنه يصل إلى الإمام البتة «و ما لم يطرح في الكوز فلا تحسبه من زكاتك» لأنك لا تعلم أنه يصل إليه عليه السلام أم لا، و يمكن أن يكون هذا الحكم مخصوصا بزمانه عليه السلام و قرره لعدم الاعتماد على المصدقين سيما جماعة كانوا منصوبين من قبل الأولين و كان لم يمكنه عليه السلام إزالتهم كما في شريح و أضرابه، و ظاهره أنه ورد للتقية على تقدير الورود، فإن الراوي هو النوفلي عن السكوني و هما ضعيفان.
 «و روى سماعة» في الموثق و الكليني عنه «2» «عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام» يدل على أن النفقة المخرجة بمنزلة التالف إذا كان غائبا لعدم التمكن من التصرف أو لوجه آخر لا نعرفه، و يؤيده ما رواه الكليني في الصحيح، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل وضع لعياله له ألف درهم‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب أقل ما يجب فيه الزكاة من الحرث خبر 4.
 (2) الكافي باب الرجل يخلف عند اهله ما يكون في مثله الزكاة خبر 3.

74
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

نَفَقَةَ ثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ نَفَقَةَ سَنَتَيْنِ عَلَيْهِ زَكَاةٌ قَالَ إِنْ كَانَ شَاهِداً فَعَلَيْهِ زَكَاةٌ وَ إِنْ كَانَ غَائِباً فَلَيْسَ فِيهَا شَيْ‏ءٌ.
1615 وَ سَأَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ الْأَحْوَلُ عَنْ رَجُلٍ عَجَّلَ زَكَاةَ مَالِهِ ثُمَّ أَيْسَرَ الْمُعْطَى قَبْلَ رَأْسِ السَّنَةِ قَالَ يُعِيدُ الْمُعْطِي الزَّكَاةَ.

__________________________________________________
نفقة فحال عليها الحول؟ قال: إن كان مقيما زكاه و إن كان غائبا لم يزك «1» و في الصحيح، عن إسحاق بن عمار (الموثق) عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: قلت له:
رجل خلف عند أهله نفقة ألفين لسنتين عليها زكاة؟ قال: إن كان شاهدا فعليه زكاة و إن كان غائبا فليس عليه زكاة «2».
 «و سأله محمد بن النعمان الأحول» لم يذكر الصدوق في الفهرست طريقه إليه، «3» و الظاهر أنه أخذه من كتابه، و رواه الكليني و الشيخ في الصحيح عنه عن أبي عبد الله عليه السلام «4» «عن رجل عجل زكاة ماله» أي قرضا «ثمَّ أيسر المعطي» أي من غير هذا المال فإنه لو كان غناه من هذا المال يجوز احتسابه عليه من غير استرداد لأنه فقير (و قيل) يأخذ منه حتى يصير فقيرا و يعطيه و لا وجه له «قبل رأس السنة» لا دخل له، لكن كان الواقع كذلك فإن أيسر رأس السنة أيضا لا يجوز الاحتساب عليه «قال: يعيد المعطي الزكاة» ينبغي أن يقرأ بالكسر فإنه يزكى مرة أخرى و يسترد منه‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الرجل يخلف عند اهله ما يكون في مثله الزكاة خبر 2- 1.
 (3) قوله رحمه اللّه: (لم يذكر الصدوق في الفهرست طريقه إليه) نقول قد ذكره فيه فقال في رقم 26 من مشيخته: و ما كان فيه، عن محمّد بن النعمان، فقد رويته، عن محمّد بن على ماجيلويه رضي اللّه عنه، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن ابى عمير و الحسن بن محبوب جميعا عن محمّد بن النعمان انتهى و هذا الطريق حسن بل صحيح على الأصحّ.
 (4) الكافي باب الرجل يعطى من زكاته من يظن انه معسر إلخ خبر 2 و التهذيب باب تعجيل الزكاة و تأخيرها إلخ خبر 7.

75
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

1616 وَ سُئِلَ ع عَنْ رَجُلٍ أَعْطَى زَكَاةَ مَالِهِ رَجُلًا وَ هُوَ يَرَى أَنَّهُ مُعْسِرٌ فَوَجَدَهُ مُوسِراً قَالَ لَا يُجْزِي عَنْهُ.

1617 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ بَعَثَ بِزَكَاةِ مَالِهِ لِتُقْسَمَ فَضَاعَتْ هَلْ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا حَتَّى تُقْسَمَ فَقَالَ إِذَا وَجَدَ لَهَا مَوْضِعاً فَلَمْ يَدْفَعْهَا فَهُوَ لَهَا ضَامِنٌ حَتَّى يَدْفَعَهَا

__________________________________________________
إن كان ذكر حين الدفع أنه قرض أو زكاة معجلة أو يكون العين باقيا و إلا فيشكل الاسترداد منه لأن المالك سلطه على إتلاف ماله مجانا.
 «و سئل عليه السلام» روى الكليني و الشيخ في الصحيح، عن ابن أبي عمير عن الحسين ابن عثمان عمن ذكره: عن أبي عبد الله عليه السلام «1» «في رجل (إلى قوله) لا يجزى عنه» و يؤيده ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الصدقة و الزكاة لا يحابي بها قريب و لا يمنعها بعيد «2» أي المدار فيها على الاستحقاق لا القرب و البعد حتى يساهل فيها- و في الموثق عن أبي المعزى، عن أبي عبد الله قال: إن الله تبارك و تعالى أشرك بين الأغنياء و الفقراء في الأموال فليس لهم أن يصرفوا إلى غير شركائهم «3» و يفهم منه أن الزكاة في العين و بمنزلة مال الفقير فإذا أعطى مالهم إلى غيرهم لم يجز عنهم- و قد تقدم في خبر زرارة (أنه إن اجتهد فقد برئ فإن قصر في الاجتهاد في الطلب فلا فيحمل الخبر على أنه قصر و يفهم منه أنه لا يعتمد على قول الفقير في دعوى فقره إلا أن يقال: إن السؤال عنه أيضا داخل في الاجتهاد و هو بعيد (أو) يقال: بجواز الدفع مع الضمان لو انكشف خلافه و الأحوط التفحص عن حال الفقير من حيث الفقر و الصلاح.
 «و روى محمد بن مسلم» في القوي و رواه الكليني في الحسن كالصحيح قال‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الرجل يعطى من زكاته من يظن انه معسر إلخ خبر 1 و التهذيب باب تعجيل الزكاة و تأخيرها إلخ خبر 4.
 (2) الكافي باب من يحل له ان يأخذ من الزكاة إلخ خبر 12.
 (3) الكافي باب الرجل يعطى من زكاته من يظن انه معسر إلخ خبر 3.

76
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهَا مَنْ يَدْفَعُهَا إِلَيْهِ فَبَعَثَ بِهَا إِلَى أَهْلِهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا لِأَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ وَ كَذَلِكَ الْوَصِيُّ الَّذِي يُوصَى إِلَيْهِ يَكُونُ ضَامِناً لِمَا دُفِعَ إِلَيْهِ إِذَا وَجَدَ رَبَّهُ الَّذِي أُمِرَ بِدَفْعِهِ إِلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ.
1618 وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِذَا أَخْرَجَ الرَّجُلُ الزَّكَاةَ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ سَمَّاهَا لِقَوْمٍ فَضَاعَتْ أَوْ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِمْ فَضَاعَتْ فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ.

1619 وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَقْسِمُ صَدَقَةَ أَهْلِ الْبَوَادِي فِي أَهْلِ الْبَوَادِي وَ صَدَقَةَ أَهْلِ‏

__________________________________________________
قلت لأبي عبد الله عليه السلام «1».
 «و روى أبو بصير» في الموثق و رواه الكليني في الحسن كالصحيح عنه عليه السلام و يحمل على عدم وجود المستحق، و يدل على جواز التأخير لانتظار جماعة مخصوصين و روى الكليني في الحسن كالصحيح عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:
إذا أخرجها من ماله فذهبت و لم يسمها لأحد فقد برئ منها و في الحسن كالصحيح عن زرارة قال، سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل بعث إليه أخ له زكاته ليقسمها فضاعت قال: ليس على الرسول و لا على المؤدي ضمان، قلت فإن لم يجد لها أهلا ففسدت و تغيرت أ يضمنها؟ قال، لا و لكن إن عرف لها أهلا فعطبت أو فسدت فهو لها ضامن حتى يخرجها و في الصحيح، عن بكير بن أعين (الممدوح بمدح أعلى من التوثيق) قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يبعث بزكاة ماله فتسرق أو تضيع قال: ليس عليه شي‏ء «و كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن أبي عبد الله عليهما السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم «2» و يدل على كراهة النقل و استحباب القسمة فيهم لأنهم‏
__________________________________________________
 (1) هذا الخبر و الأربعة التي بعده أورده في الكافي باب الزكاة تبعث من بلد الى بلد إلخ خبر 1 (الى) 5.
 (2) الكافي باب الزكاة تبعث من بلد إلخ خبر 28 و باب دخول عمرو بن عبيد المعتزلى على أبي عبد اللّه (ع) من كتاب الجهاد.

77
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

الْحَضَرِ فِي أَهْلِ الْحَضَرِ وَ لَا يَقْسِمُهَا بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ إِنَّمَا يَقْسِمُهَا عَلَى قَدْرِ مَنْ يَحْضُرُهُ مِنْهُمْ وَ مَا يَرَى لَيْسَ فِي ذَلِكَ شَيْ‏ءٌ مُوَقَّتٌ.
1620 وَ فِي رِوَايَةِ دُرُسْتَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فِي الزَّكَاةِ يَبْعَثُ بِهَا الرَّجُلُ إِلَى بَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ يَبْعَثُ بِالثُّلُثِ أَوِ الرُّبُعِ.

1621 وَ رَوَى عَنْهُ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ‏

__________________________________________________
أولى لانتظارهم و شركتهم لصاحب المال في القرية و المسكن و يدل على رجحان البسط و على جواز التفصيل بحسب المصلحة، و في الصحيح عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال، لا تحل صدقة المهاجرين للأعراب و لا صدقة الأعراب في المهاجرين «1» و يحمل على الكراهة لما تقدم في بعث العمال للنقل إلا أن يحمل أن النقل كان في الزيادة عن مئونة فقرائهم أو كان الفقراء يجيئون و يأخذون ليلاحظ عليه السلام حالهم و استحقاقهم و هو أظهر.
 «و في رواية درست بن منصور» في الموثق و رواه الكليني عنه في الموثق عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام و يؤيده تغيير أسلوب الصدوق و ظاهره الجواز مع وجود المستحق، و يمكن حمله على عدم وجود المستحق كالأخبار المتقدمة و يحمل التبعيض على جواز الانتظار حتى يوجد المستحق كما تقدم الأخبار في ذلك.
 «و روى عنه هشام بن الحكم» في الصحيح و رواه الكليني أيضا في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام و ظاهره جواز الإخراج إلى غير البلد مطلقا، و يحمل على عدم وجود المستحق أو على الجواز و لا ينافي الضمان مع وجود المستحق فيه، أو يحمل الضمان على الاستحباب كما رواه الكليني في الموثق، عن وهيب بن حفص قال:
كنا مع أبي بصير فأتاه عمرو بن إلياس فقال له يا: يا محمد إن أخي بحلب بعث إلى بمال من الزكاة أقسمه بالكوفة فقطع عليه الطريق فهل عندك فيه شي‏ء؟ فقال:
نعم سألت أبا جعفر عليه السلام عن هذه المسألة و لم أظن أحدا ليسألني عنها أبدا فقلت لأبي‏
__________________________________________________
 (1) هذا الخبر و الثلاثة التي بعده أورده في الكافي باب الزكاة تبعث من بلد الى بلد الخ خبر 10- 6- 7- 9.

78
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الرَّجُلِ يُعْطَى الزَّكَاةَ يَقْسِمُهَا أَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ الشَّيْ‏ءَ مِنْهَا مِنَ الْبَلْدَةِ الَّتِي هُوَ بِهَا إِلَى غَيْرِهَا قَالَ لَا بَأْسَ.

1622 وَ سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع عَنِ الرَّجُلِ يُعْطِي زَكَاتَهُ عَنِ الدَّرَاهِمِ دَنَانِيرَ وَ عَنِ الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ بِالْقِيمَةِ أَ يَحِلُّ ذَلِكَ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ.

1623 وَ كَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْبَرْقِيُّ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي ع هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُخْرَجَ‏

__________________________________________________
جعفر عليه السلام جعلت فداك: الرجل يبعث بزكاته من أرض إلى أرض فقال: قد أجزأت عنه، و لو كنت أنا لأعدتها.
و مع عدم المستحق لا شك في جواز البعث إلى بلد آخر، لكن هل هو على الوجوب فيه إشكال و الاحتياط في البعث كما رواه الكليني في الصحيح، عن ضريس قال: سأل المدائني أبا جعفر عليه السلام فقال: إن لنا زكاة نخرجها من أموالنا ففي من نضعها؟ فقال:
في أهل ولايتك فقال: إني في بلاد ليس فيها أحد من أوليائك فقال: ابعث بها إلى بلدهم تدفع إليهم و لا تدفعها إلى قوم إن دعوتهم غدا إلى أمر لم يجيبوك و كان و الله الذبح (أربح خ ل) «1» أي العامة و إن أعنتهم فإذا وقع شي‏ء و حصل لهم فرصة لا يقصرون في قتلك فاسع في تحصيل رضى الله حتى ينصرك في الدنيا و الآخرة.
 «و سأل علي بن جعفر إلخ» في الصحيح و رواه الكليني و الشيخ أيضا في الصحيح «2» «و كتب محمد بن خالد البرقي» في الصحيح و رواه الكليني و الشيخ أيضا في الصحيح «3» «إلى أبي جعفر الثاني» الجواد عليه السلام «ما يسوي» أي القيمة السوقية و يدلان على جواز إخراج القيمة في الزكاة و لا ينافي استحباب العين كما هو ظاهر الأخبار، و يؤيده ما رواه الكليني، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن سعيد بن عمرو، عن أبي عبد الله‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الزكاة تبعث من بلد الى بلد إلخ خبر 11- قوله اربح يعنى ان بعثها الى بلد الأولياء اربح من اعطائها أهل البلد الذين هذا حالهم- الوافي.
 (2- 3) الكافي باب الرجل يعطى عن زكاته العوض خبر 2- 1 و التهذيب باب من الزيادات في الزكاة خبر 5- 6.

79
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

عَمَّا يَجِبُ فِي الْحَرْثِ مِنَ الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِيرِ وَ مَا يَجِبُ عَلَى الذَّهَبِ دَرَاهِمُ بِقِيمَةِ مَا يَسْوَى أَمْ لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يُخْرَجَ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ مِمَّا فِيهِ فَأَجَابَ ع أَيُّمَا تَيَسَّرَ يُخْرَجُ.
1624 وَ سَأَلَ عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلٍ فَرَّ بِمَالِهِ مِنَ الزَّكَاةِ فَاشْتَرَى بِهِ أَرْضاً أَوْ دَاراً أَ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْ‏ءٌ فَقَالَ لَا وَ لَوْ جَعَلَهُ حُلِيّاً أَوْ نُقَراً فَلَا شَيْ‏ءَ عَلَيْهِ وَ مَا مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ فَضْلِهِ فَهُوَ أَكْثَرُ مِمَّا مَنَعَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ.

1625 وَ رَوَى زُرَارَةُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَ لَهُ‏

__________________________________________________
عليه السلام قال: قلت يشتري الرجل من الزكاة الثياب و السويق و الدقيق و البطيخ و العنب فيقسمه؟ قال: لا يعطيهم إلا الدراهم كما أمر الله تبارك و تعالى «1» أو يقال: بجواز إخراج الدراهم عن غيرها لعموم النفع لا بالعكس، حرمة أو كراهة.
 «و سأل عمر بن يزيد» في الصحيح «أبا عبد الله عليه السلام» و رواه الكليني في الحسن كالصحيح عنه عليه السلام «2» و يدل على أن الفرار مسقط للزكاة و يحمل على ما قبل الحول، لما رواه الشيخ في الموثق كالصحيح، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحلي فيه زكاة؟ قال لا، إلا ما فر به من الزكاة «3» و في الموثق كالصحيح، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له الرجل يجعل لأهله الحلي من مائة دينار و المائتي دينار و أراني قد قلت ثلاثمائة دينار فعليه الزكاة؟ قال: ليس فيه الزكاة قال: قلت:
فإنه فر به من الزكاة فقال: إن كان فر به من الزكاة فعليه الزكاة و إن كان إنما فعله ليتجمل به فليس عليه زكاة «4» إلى غير ذلك من الأخبار المحمولة على ما بعد الحول أو الاستحباب.
 «و روى زرارة و محمد بن مسلم» في الصحيح «عن أبي عبد الله عليه السلام» يدل على‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الرجل يعطى عن زكاته العوض خبر 2- 1.
 (2) الكافي باب من فربما له من الزكاة خبر 1.
 (3- 4) التهذيب باب زكاة الذهب خبر 12- 13.

80
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

مَالٌ وَ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ قِيلَ لَهُ فَإِنْ وَهَبَهُ قَبْلَ حَوْلِهِ بِشَهْرٍ أَوْ بِيَوْمٍ قَالَ‏
__________________________________________________
المشهور من أنه لا ينفع الفرار بعد الحول و ينفع قبله «و روى زرارة» في الصحيح «عنه عليه السلام أنه قال» أي بعد ذلك القول «إنما هذا (إلى قوله) وجبت عليه» الظاهر أن التمثيل للحالتين يعني كما أن الخروج بعد الإفطار لا ينفع في سقوط الكفارة فكذلك الفرار بعد الحول لا ينفع في سقوط الواجب، و كما أن الخروج قبل الإفطار ينفع في سقوط الكفارة و إن كان السفر لأجل الإفطار كذلك ينفع الحيل قبل الحول لسقوط الزكاة.
و يؤيد ما ذكرناه رواية الكليني هذه الرواية، عن زرارة في الحسن كالصحيح قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل كان عنده مائتا درهم غير درهم أحد عشر شهرا ثمَّ أصاب درهما بعد ذلك في الشهر الثاني عشر فكملت عنده مائتا درهم أ عليه زكاتها؟ قال: لا حتى يحول عليه الحول و هي مائتا درهم فإن كانت مائة و خمسين درهما فأصاب خمسين بعد أن يمضي شهر فلا زكاة عليه حتى يحول على المائتين الحول، قلت: فإن كان عنده مائتا درهم غير درهم فمضى عليها أيام قبل أن ينقضي الشهر ثمَّ أصاب درهما فأتى على الدراهم مع الدرهم حول أ عليه زكاة؟ قال: نعم و إن لم يمض عليها جميعا الحول فلا شي‏ء عليه فيها.
قال: و قال زرارة و محمد بن مسلم قال أبو عبد الله عليه السلام: أيما رجل كان له مال و حال عليه الحول فإنه يزكيه قلت له: فإن هو وهبه قبل حله بشهر أو بيوم قال: ليس عليه شي‏ء أبدا.
قال و قال زرارة عنه عليه السلام أنه قال: إنما هذا بمنزلة رجل أفطر في شهر رمضان يوما في إقامته ثمَّ خرج في آخر النهار في سفر فأراد بسفره ذلك إبطال الكفارة التي وجبت عليه- و قال: إنه حين رأى الهلال الثاني عشر وجبت عليه الزكاة و لكنه لو كان وهبها قبل ذلك لجاز و لم يكن عليه شي‏ء بمنزلة من خرج ثمَّ أفطر، إنما لا يمنع ما حال عليه فأما ما لم يحل فله منعه و لا يحل له منع مال غيره فيما قد حل عليه.

81
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ إِذاً وَ رَوَى زُرَارَةُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا هَذَا بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ أَفْطَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ يَوْماً فِي‏
__________________________________________________
قال زرارة و قلت له رجل كانت له مائتا درهم فوهبها لبعض إخوانه أو ولده أو أهله فرارا بها من الزكاة فعل ذلك قبل حلها بشهر، فقال: إذا دخل الشهر الثاني عشر قد حال عليها الحول و وجبت عليه فيها الزكاة، قلت له: فإن أحدث فيها قبل الحول؟
قال، جائز ذلك له، قلت، إنه فر بها من الزكاة قال: ما أدخل على نفسه أعظم مما منع من زكاتها، فقلت له إنه يقدر عليها؟ قال، فقال: و ما علمه إنه يقدر عليها و قد خرجت من ملكه؟ قلت: فإنه دفعها إليه على شرط؟ فقال: إنه إذا سماها هبة جازت الهبة و سقط الشرط و ضمن الزكاة، قلت له: و كيف يسقط الشرط و تمضى الهبة و يضمن الزكاة؟
فقال: هذا شرط فاسد و الهبة المضمونة ماضية و الزكاة له لازمة عقوبة له، ثمَّ قال، إنما ذلك له إذا اشترى بها دارا أو أرضا أو متاعا.
ثمَّ قال زرارة قلت له: إن أباك قال لي: من فر بها من الزكاة فعليه أن يؤديها قال: صدق أبي عليه أن يؤدي ما وجب عليه و ما لم يجب عليه فلا شي‏ء عليه فيه، ثمَّ قال: أ رأيت لو أن رجلا أغمي عليه يوما ثمَّ مات فذهبت صلاته أ كان عليه و قد مات أن يؤديها؟ قلت، لا، إلا أن يكون قد أفاق من يومه ثمَّ قال: لو أن رجلا مرض في شهر رمضان ثمَّ مات فيه أ كان يصام عنه؟ قلت: لا، قال فكذلك الرجل لا يؤدي عن ماله إلا ما حال عليه الحول «1».
و روى الصدوق هذه الرواية، عن زرارة و طريقه إليه صحيح مع زيادة في أولها- قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل كانت عنده دراهم أشهرا فحولها دنانير فحال عليها منذ يوم ملكها دراهم حول أ يزكيها؟ قال: لا ثمَّ قال: أ رأيت لو أن رجلا دفع إليك مائة بعير و أخذ منك مائتي بقرة فلبثت عنده أشهرا و لبثت عندك أشهرا فموتت عندك إبله و موتت عنده بقرك أ كنتما تزكيانها؟ فقلت، لا- قال كذلك الذهب و الفضة، ثمَّ قال‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب المال الذي لا يحول عليه الحول في يد صاحبه خبر 4.

82
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

إِقَامَتِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ فِي آخِرِ النَّهَارِ فِي سَفَرٍ وَ أَرَادَ بِسَفَرِهِ ذَلِكَ إِبْطَالَ الْكَفَّارَةِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ.
__________________________________________________
و إن حولت برا أو شعيرا ثمَّ قلبته ذهبا أو فضة فليس عليك فيه شي‏ء إلا أن يرجع ذلك الذهب أو تلك الفضة بعينها أو عينه فإن رجع ذلك إليك فإن عليك الزكاة لأنك قد ملكتها حولا قلت له: فإن لم يخرج ذلك الذهب من يدي يوما؟ قال: إن خلط بغيره فيها فلا بأس و لا شي‏ء فيما رجع إليك منه، ثمَّ قال إن رجع إليك بأسره بعد إياس منه فلا شي‏ء عليك فيه (إلا- خ) حولا.
قال فقال زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ليس في النيف شي‏ء حتى يبلغ ما يجب فيه واحد و لا في الصدقة و الزكاة كسور، و لا تكون شاة و نصف، و لا بعير و نصف، و لا خمسة دراهم و نصف، و لا دينار و نصف، و لكن يؤخذ الواحد و يطرح ما سوى ذلك حتى يبلغ ما يؤخذ منه واحد فيؤخذ من جميع ماله.
قال: و قال زرارة و ابن مسلم قال أبو عبد الله عليه السلام: أيما رجل كان له مال و حال عليه الحول فإنه يزكيه، قلت له: فإن وهبه قبل حوله بشهر أو بيوم؟ قال، ليس عليه شي‏ء إذا- قال و قال زرارة عنه عليه السلام إنه قال إنما هذا «1» إلى آخر ما ذكره الكليني و ذكرت الخبر بطوله لأنه كان مشتملا على فوائد كثيرة.
 (منها) بيان أن ما ذكر في حل هذا الخبر غير ما ذكرناه باطل و إن احتمله ظاهرا (و منها) اشتراط النصاب طول الحول و قد تبين ذلك من أخبار كثيرة (و منها) أن اعتبار النصاب تحقيقي لا تقريبي فيسقط الفريضة بنقصانه و لو درهما بل أقل و كذا الحول فلو نقص منها يوما و لو بالحيلة فرارا تسقط (و منها) جواز التشبيه ممن كان عالما بالواقع، و الظاهر أن التمثيلات الواردة في الروايات كانت لإسكات العامة الذين كانوا في المجلس أو كان الراوي يباحث معهم، و من هذه التشبيهات اشتبه الحال على جمع من الناقصين و توهموا جواز القياس و لم ينظروا إلى الأخبار الواردة في منعه و إن أول من قاس إبليس و لم يلاحظوا في أن المنع من القياس باعتبار خفاء العلة عندنا فمن كان العلل عنده ظاهرة
__________________________________________________
 (1) علل الشرائع باب نوادر علل الزكاة خبر 1.

83
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

.........
__________________________________________________
فإنه لا يقيس بل يعلم أحكام الله بالقواعد الكلية كما قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم علمني ألف باب يفتح من كل باب ألف باب و كانت الأحكام عندهم معلومة و إنما كانوا يشبهون بعض المسائل ببعض تفهيما للسائلين و توضيحا لهم و يفهم من التشبيه أن الكفارة للجرأة لا للإفطار في الصوم. فإن هذا اليوم في علم الله تبارك و تعالى كان من أيام السفر و يمتنع من الله تكليف صومه، نعم التكليف متعلق بالإمساك و لا يجب الكفارة بترك كل إمساك، فعلى هذا لو أفطر و حصل السفر الضروري أو حاضت المرأة يجب الكفارة للجرأة.
 (و منها) وجوب الزكاة في رأس الشهر الثاني عشر، و هو المشهور بين الأصحاب و ادعى العلامة إجماع الأصحاب عليه و مستنده ظاهرا هذا الخبر، و ظاهر الأخبار المتواترة اشتراط الحول و هو اثني عشر شهرا في غير الزكاة اتفاقا، و المشهور أن الشهر الثاني عشر من السنة الأولى، و يظهر الفائدة في جواز الإخراج في أول الشهر بعد حولان «1» الحول، و الظاهر جواز التأخير إلى آخر الشهر و المشهور اعتبار الشروط في هذا الشهر أيضا، و ظاهر الخبر أنه إذا أخرج عن ملكه في الشهر لا يسقط الزكاة.
قوله (فقلت له إنه يقدر عليها) أي يجوز له الرجوع في الهبة (فهو بمنزلة ماله قال: فقال:
و ما علمه إنه يقدر عليها و قد خرجت عن ملكه) أي كيف يعلم أنه يقدر عليها و الحال أنه يمكن أن يحصل له ما يمنع من الرجوع كالموت؟ أو كيف ينفع علمه بالقدرة على الرجوع و الحال أنه قد خرج عن ملكه بالهبة؟ فلو دخل في ملكه كان مالا آخر، و هو أظهر معنى و الأول لفظا.
 (قلت فإنه دفعها إليه على شرط، فقال: إنه إذا سماها هبة جازت الهبة و سقط الشرط و ضمن الزكاة) (أما) جواز الهبة فظاهر لأنه لا ينافيها شرط الرجوع فإن جواز الرجوع مقتضى عقد الهبة سواء ذكره أو لم يذكر، (و أما) سقوط الشرط فلأنه لغو، (و أما) ضمان الزكاة على الواهب إذا كان بعد الحول فظاهر و أما إذا كان قبل الحول كما
__________________________________________________
 (1) كحيوان و سيلان.

84
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

1626 وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع فِي التِّسْعَةِ الْأَصْنَافِ إِذَا حَوَّلْتَهَا فِي السَّنَةِ فَلَيْسَ عَلَيْكَ فِيهَا شَيْ‏ءٌ.

__________________________________________________
هو ظاهر الخبر فعلى الاستحباب كما يفهم منه أيضا، و يفهم منه أن القضاء مشروط بحصول سبب وجوب الأداء أو يكون الحكم مقصورا على المثالين، و يدل التتمة على أن تبديل أحد النقدين بالآخر يسقط الزكاة.
قوله (فمولت) «1» أي حصل منه النماء. و يمكن أن يكون تصحيف (موتت) كالقرينة أي كثر الموت فيها، و يدل على أنه إذا أخرج المال عن ملكه ثمَّ عاد ذلك المال في ملكه يجب عليه الزكاة، و يحتمل أن يكون المراد به أنه إذا أبدله بنوعه كالذهب إلى الذهب لا يسقط الزكاة لأنه يصدق عليه أنه حال الحول على الذهب مثلا، و إليه ذهب جماعة من الأصحاب لكن المشهور السقوط، و يمكن حمل الخبر على النقل الذي لا يخرج عن الملك و يؤيده قوله (بعينها أو عينه) و كذا إذا اختلط أحد المالين بالآخر لا يسقط الوجوب به، أما إذا ضاع و وجده، يزكي لسنة استحبابا، (و لا في الصدقة و الزكاة كسور) كما تقدم في النصب فإنه ليس فيها كسر عندنا، و باعتبار الخلط يحصل الكسر عند العامة أو ليس في الكسر نصاب، مثلا إذا كان الغنم، ثمانين من شخصين على الإشاعة لم يحصل لواحد منهما أربعون صحاحا فلا يجب على واحد منهما، و اختلف الأصحاب فيه و المشهور الوجوب، و لما كان نسخ العلل سقيمة فقد يحصل فيها الاشتباه.
 «و قال أبو جعفر عليه السلام (إلى قوله) شي‏ء» أي سواء حولت إلى غير جنسها أو جنسها، و يمكن أن يكون المراد به التبديل إلى غير الجنس، و يكون مضمون خبر زرارة، و التبديل فيما يشترط فيه الحول من النقدين و الأنعام مسقط للزكاة، و أما في الغلات الأربع فلا حول فيها حتى تبدل و ما ذكر في الخبر من التبديل بالبر
__________________________________________________
 (1) ظاهره ان النسخة التي كانت عند الشارح قده كانت باللام- و لكن في النسخة التي عندنا من العلل مؤتت و بالواو.

85
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

1627 وَ سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ لَهُ دَارٌ وَ خَادِمٌ وَ عَبْدٌ أَ يَقْبَلُ الزَّكَاةَ قَالا نَعَمْ إِنَّ الدَّارَ وَ الْخَادِمَ لَيْسَا بِمَالٍ.

1628 وَ قَدْ تَحِلُّ الزَّكَاةُ لِصَاحِبِ‏

__________________________________________________
و الشعير فالظاهر أنه ليس المراد منه تبديل الحنطة و الشعير بنفسهما أو بغيرهما، بل المراد تبديل الذهب و الفضة بهما كما لا يخفى، و أما ما ذكره الصدوق فيمكن أن يكون المراد به تبديلها قبل تعلق الزكاة بها بأن يبيعها أو يهبها فيتعلق الزكاة بها عند المشتري و المتهب و يكون إطلاق السنة عليها مجازا.
 «و سئل أبو جعفر و أبو عبد الله عليهما السلام» رواه الكليني في الحسن كالصحيح و الشيخ في الصحيح، عن عمر بن أذينة عن غير واحد «1» و الظاهر أنهم الفضلاء من أصحابهما عليهما السلام كما يظهر من التتبع قوله عليه السلام «إن الدار و الخادم ليسا بمال» يعني أنهما من الضروريات و لا شك في استثنائهما إذا كان بقدر الضرورة كما و كيفا، و الأحوط في الزائد إذا كان بقدر قوت السنة أن لا يأخذها، و استنبط منه استثناء الضروريات مطلقا للتعليل مثل الكتب العلمية بقدر الضرورة و أثاث البيت و غيرها.
 «و قد تحل الزكاة إلخ» رواه الكليني (و الشيخ) في الموثق، عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام «2» و ظاهره أن المدار في الغناء على قوت السنة أو التعيش فمن يحصل معاشه من خمسين درهما، بل الأقل إذا كان له حرفة، و من كان له كسب لا يحتاج إليه فهو غني، و من لا يحصل معاشه من السبعمائة درهم بأن كان عياله كثيرا و لا تكفيه مع نفعها فتحل له، و يمكن أن يكون المراد بالقسمة قسمة حاصلها، و أما
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من يحل له ان يأخذ الزكاة إلخ خبر 7 و التهذيب باب مستحق الزكاة للفقر و المسكنة إلخ خبر 4.
 (2) الكافي باب من يحل له ان يأخذ الزكاة إلخ خبر 9 و التهذيب باب اصناف الزكاة خبر 1.

86
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

السَّبْعِمِائَةٍ وَ تَحْرُمُ عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسِينَ إِذَا كَانَ صَاحِبُ السَّبْعِمِائَةٍ لَهُ عِيَالٌ كَثِيرٌ فَلَوْ قَسَمَهَا بَيْنَهُمْ لَمْ تَكْفِهِ فَلْيُعِفَّ عَنْهَا نَفْسَهُ وَ لْيَأْخُذْهَا
__________________________________________________
قوله عليه السلام (فليعف عنها نفسه) فالظاهر أنه على سبيل الاستحباب و إن كان الأحوط أخذها لعياله كما هو ظاهر الخبر، و روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: يأخذ الزكاة صاحب السبعمائة إذا لم يجد غيره، قلت: فإن صاحب السبعمائة تجب عليه الزكاة؟ قال: زكاته صدقة على عياله و لا يأخذها إلا أن يكون إذا اعتمد على السبعمائة أنفدها في أقل من سنة فهذا يأخذها و لا تحل الزكاة لمن كان محترفا و عنده ما يجب فيه الزكاة «1» و يظهر منه أن صاحب السبعمائة ليس بمحترف فإن الغالب في المحترف إمكان تحصيل القوت منها سيما مع الأصل و أن المدار على معاش السنة، و يظهر منه أن من كان عنده نصاب فهو غني كما ذهب إليه بعض الأصحاب إلا أن يحمل المنع على الاستحباب أو على المحترف الذي يمكنه تحصيل القوت منها.
و يؤيده ما رواه في الحسن كالصحيح، بل الصحيح، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: إن الصدقة لا تحل لمحترف و لا لذي مرة سوى قوي فتنزهوا عنها «2» و حمل ذو القوة السوي الأعضاء على من يمكنه تحصيل المعاش، لما رواه الكليني في الصحيح، عن معاوية بن وهب قال: قلت: لأبي عبد الله عليه السلام يروون عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أن الصدقة لا تحل لغني و لا لذي مرة سوى فقال أبو عبد الله عليه السلام: لا تصلح لغني «3» يعني أن ذا المرة إذا كان قادرا على تحصيل القوت فهو غني و إلا فلا مانع من أخذها، و في الصحيح، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون أبوه أو عمه أو أخوه يكفيه مئونته أ يأخذ من الزكاة فيتوسع به إن كانوا لا يوسعون عليه في كل ما يحتاج إليه؟ فقال؟ لا بأس «4» و الظاهر جواز أخذه مطلقا لأنه فقير و إن كان الأولى عدمه، و في الصحيح، عن معاوية بن وهب قال: سألت‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4) الكافي باب من يحل له ان يأخذ من الزكاة إلخ خبر 1- 2- 12- 5.

87
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

لِعِيَالِهِ وَ أَمَّا صَاحِبُ الْخَمْسِينَ فَإِنَّهُ تَحْرُمُ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ وَ هُوَ مُحْتَرِفٌ يَعْمَلُ بِهَا وَ هُوَ يُصِيبُ فِيهَا مَا يَكْفِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى شَارِبُ الْخَمْرِ مِنَ الزَّكَاةِ شَيْئاً
1629 وَ رَوَى سَمَاعَةُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الزَّكَاةِ هَلْ تَصْلُحُ لِصَاحِبِ الدَّارِ وَ

__________________________________________________
أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون ثلاثمائة درهم أو أربعمائة درهم و له عيال و هو يحترف فلا يصيب نفقته فيها أ يكب فيأكلها و لا يأخذ الزكاة أو يأخذ الزكاة؟ قال: لا بل ينظر إلى فضلها فيقوت بها نفسه و من وسعه ذلك من عياله و يأخذ البقية من الزكاة و يتصرف بهذه لا ينفقها «1» و هو صريح في جواز الأخذ و عدم صرف الأصل: «و لا يجوز أن يعطى شارب الخمر من الزكاة شيئا» رواه الكليني في الصحيح، عن داود الصرمي «2» و كتابه معتمد، و يؤيده أنه إعانة على الإثم و العدوان و موادة له و قد قال الله تعالى:" لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ) «3» و ركون إليه و قد قال تعالى (وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) «4» و استدل به على اشتراط العدالة في المستحق أو على اشتراط مجانبة الكبائر و لا ريب في أنهما أحوط، لكن الظاهر أنه لا يعطى شارب الخمر و ربما كان لخصوصها لأنه جماع الآثام.
 «و روى سماعة» في الموثق و كذا الكليني و الشيخ «5» «عن أبي عبد الله عليه السلام (إلى قوله) دار غلة إلخ» أي حاصل و منه المستغل و ظاهره كفاية الحاصل لا الأصل معه، و يمكن حملها على أن كون الحاصل له فقط بأن تكون وقفا عليه و الأول أظهر و يؤيده ما رواه الكليني في القوي، عن عبد العزيز قال: دخلت أنا و أبو بصير على أبي عبد الله عليه السلام فقال له أبو بصير: إن لنا صديقا و هو رجل صدوق يدين الله بما ندين به‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب من يحل له ان يأخذ من الزكاة إلخ خبر 6- 15.
 (3) المجادلة- 22.
 (4) هود- 113.
 (5) الكافي باب من يحل له ان يأخذ من الزكاة إلخ خبر 4 و التهذيب باب اصناف الزكاة ذيل خبر 1.

88
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

الْخَادِمِ فَقَالَ نَعَمْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ دَارُهُ دَارَ غَلَّةٍ فَيَدْخُلُ لَهُ مِنْ غَلَّتِهَا- مَا يَكْفِيهِ لِنَفْسِهِ وَ عِيَالِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْغَلَّةُ تَكْفِيهِ لِنَفْسِهِ وَ عِيَالِهِ فِي طَعَامِهِمْ وَ كِسْوَتِهِمْ وَ حَاجَتِهِمْ فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ فَقَدْ حَلَّتْ لَهُ الزَّكَاةُ وَ إِنْ كَانَتْ غَلَّتُهَا تَكْفِيهِمْ فَلَا.
1630 وَ سَأَلَ أَبُو بَصِيرٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَ هُوَ رَجُلٌ خَفَّافٌ وَ لَهُ عِيَالٌ‏

__________________________________________________
فقال: من هذا يا با محمد الذي تزكيه فقال العباس بن الوليد بن صبيح فقال: رحم الله الوليد ابن صبيح ماله يا با محمد؟ قال: جعلت له دار تسوى أربعة آلاف درهم و له جارية و له غلام يستقي على الجمل كل يوم ما بين الدرهمين إلى الأربعة سوى علف الجمل، و له عيال أ له أن يأخذ من الزكاة؟ قال: نعم قال و له هذه العروض؟ فقال يا با محمد أ تأمرني أن آمره ببيع داره و هي عزه و مسقط رأسه أو ببيع خادمه الذي يقيه الحر و البرد و يصون وجهه و وجه عياله أو آمره أن يبيع غلامه و جمله و هو معيشته و قوته بل يأخذ الزكاة و هي له حلال و لا يبيع داره و لا غلامه و لا جمله «1».
و يظهر من هذه الأخبار عدم المضايقة كما يظهر مما رواه الكليني في الصحيح عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن شيخا من أصحابنا يقال له عمر سأل عيسى بن أعين و هو محتاج فقال له عيسى بن أعين: أما عندي من الزكاة، و لكن لا أعطيك منها فقال له:
و لم؟ فقال: لأني رأيتك اشتريت لحما و تمرا فقال: إنما ربحت درهما فاشتريت بدانقين لحما و بدانقين تمرا ثمَّ رجعت بدانقين لحاجة قال: فوضع أبو عبد الله عليه السلام يده على جبهته ساعة، ثمَّ، رفع رأسه، ثمَّ قال إن الله تعالى نظر في أموال الأغنياء ثمَّ نظر في الفقراء فجعل في أموال الأغنياء ما يكتفون به و لو لم يكفهم لزادهم بلى فليعطه ما يأكل و يشرب و يكتسي و يتزوج و يتصدق و يحج «2».
 «و سأل أبو بصير» في الموثق «أبا عبد الله عليه السلام» قوله «مقدار نصف القوت» يمكن أن يكون نصف القوت لأجل الكسوة أو لغير القوت من الضروريات التي تكون‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من يحل له ان يأخذ من الزكاة إلخ خبر- 10.
 (2) الكافي باب الرجل إذا وصلت إليه الزكاة إلخ خبر 2.

89
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

كَثِيرٌ أَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الزَّكَاةِ فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَ يَرْبَحُ فِي دَرَاهِمِهِ مَا يَقُوتُ بِهِ عِيَالَهُ وَ يَفْضُلُ قَالَ نَعَمْ قَالَ كَمْ يَفْضُلُ قَالَ لَا أَدْرِي قَالَ إِنْ كَانَ يَفْضُلُ عَنِ الْقُوتِ مِقْدَارُ نِصْفِ الْقُوتِ فَلَا يَأْخُذِ الزَّكَاةَ وَ إِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الْقُوتِ أَخَذَ الزَّكَاةَ قَالَ قُلْتُ فَعَلَيْهِ فِي مَالِهِ زَكَاةٌ تَلْزَمُهُ قَالَ بَلَى قَالَ قُلْتُ كَيْفَ يَصْنَعُ قَالَ يُوَسِّعُ بِهَا عَلَى عِيَالِهِ فِي‏
__________________________________________________
غالبا في بلادنا ضعف القوت بل أضعافه و في بلاد العرب تكون أخف «زكاة تلزمه» أي أي للتجارة «قال: يوسع بها على عياله» و يفهم منه و من غيره من الأخبار، المساهلة في زكاة التجارة و استحباب إخراج قدر منها إلى الفقراء و لو كان درهما، مثل ما رواه- الكليني في الصحيح، عن صفوان، عن إسحاق بن عمار (المشترك بين الموثق و الثقة و كثيرا ما يحكم بصحته لصحته عن صفوان و هو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه و كذلك طريق إسحاق غالبا في الكتب الأربعة) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل له ثمان مائة درهم، و لابن له مائتا درهم، و له عشر من العيال و هو يقوتهم منها قوتا شديدا و ليست له حرفة بيده، و إنما يستبضعها (أي يبعثها بضاعة) فتغيب عنه الأشهر ثمَّ يأكل من فضلها أ ترى له إذا حضرت الزكاة أن يخرجها من ماله فيعود بها على عياله يسبغ عليهم بها النفقة إلخ قال: نعم و لكن يخرج منها الشي‏ء، الدرهم «1» و في الموثق عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون له الدراهم يعمل بها و قد وجبت عليه فيها الزكاة و يكون فضله الذي يكتسب بماله كفاف عياله لطعامهم و كسوتهم و لا يسعهم لأدمهم و إنما هو ما يقوتهم في الطعام و الكسوة قال:
فلينظر إلى زكاة ماله ذلك فليخرج منها شيئا قل أو كثر فيعطيه بعض من تحل له الزكاة و ليعد بما بقي من الزكاة على عياله و ليشتر بذلك إدامهم و ما يصلحهم من طعامهم من غير إسراف، و لا يأكل هو منه فإنه رب فقير أسرف من غني، فقلت: فكيف يكون الفقير أسرف من الغني؟ فقال الغني ينفق مما أوتي و الفقير ينفق من غير ما أوتي «2»
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من يحل له ان يأخذ من الزكاة إلخ خبر- 8.
 (2) الكافي باب من يحل له ان يأخذ من الزكاة إلخ خبر- 11.

90
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

طَعَامِهِمْ وَ كِسْوَتِهِمْ وَ يُبْقِي مِنْهَا شَيْئاً يُنَاوِلُهُ غَيْرَهُمْ وَ مَا أَخَذَ مِنَ الزَّكَاةِ فَضَّهُ عَلَى عِيَالِهِ حَتَّى يُلْحِقَهُمْ بِالنَّاسِ.
وَ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ مِنْ زَكَاتِهِ حَتَّى يُغْنِيَهُ وَ يَجُوزُ أَنْ.
__________________________________________________
و روى الشيخ في الموثق كالصحيح، عن هارون بن حمزة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام روي عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال: لا تحل الصدقة لغني و لا لذي مرة سوى فقال: لا تصلح لغني قال: فقلت له: الرجل يكون له ثلاثمائة درهم في بضاعته و له عيال فإن أقبل عليها أكله عياله و لم يكتفوا بربحها قال: فلينتظر ما يستفضل منها فيأكله هو و من يسعه ذلك و ليأخذ لمن لم يسعه من عياله «1» «و يجوز للرجل (إلى قوله)، حتى يغنيه» روى الكليني في الحسن كالصحيح و الشيخ في الصحيح، عن سعيد بن غزوان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته كم يعطى الرجل الواحد من الزكاة قال: أعطه من الزكاة حتى تغنيه «2» يحتمل أن يكون مراده عليه السلام أن حد الإعطاء إلى الغناء (أو) يستحب الإعطاء إلى الغناء الشرعي و هو قوت السنة (أو) العرفي بأن يكون زائدا عليه أضعافا مضاعفة، و في الصحيح، عن إسحاق بن عمار، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: قلت له: أعطى الرجل من الزكاة ثمانين درهما قال:
نعم و زده قلت: أعطيه مائة قال: نعم و أغنه إن قدرت أن تغنيه «3» و في الموثق، عن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل كم يعطى الرجل من الزكاة؟ قال: قال أبو جعفر عليه السلام إذا أعطيت فأغنه «4» و روى الشيخ في الصحيح، عن ابن أبي عمير عن زياد ابن مروان (الموثق) عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: أعطه ألف درهم «5» و عن‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب مستحق الزكاة للفقر و المسكنة إلخ خبر 1.
 (2- 3- 4) الكافي باب أقل ما يعطى من الزكاة و أكثر خبر 4- 2- 3 و التهذيب باب ما يجب ان يخرج من الصدقة خبر 4- 7- 8.
 (5) التهذيب باب ما يجب ان يخرج من الصدقة خبر 5.

91
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

يُعْطِيَهُ حَتَّى يَبْلُغَ مِائَةَ أَلْفٍ.
__________________________________________________
إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام أعطي الرجل من الزكاة مائة درهم؟
قال: نعم، قلت مائتين؟ قال: نعم، قلت ثلاثمائة؟ قال: نعم، قلت أربعمائة؟ قال:
نعم، قلت خمسمائة؟ قال نعم حتى تغنيه «1» هذا إذا أمكن الإغناء مع البسط و إلا فالظاهر أن البسط أفضل و أحوط، لما رواه الشيخ في الموثق كالصحيح، عن زرارة و ابن مسلم قال: زرارة: قلت لأبي عبد الله عليه السلام فإن كان بالمصر غير واحد؟ قال: فأعطهم إن قدرت جميعا، قال: ثمَّ قال: لا يحل لمن كانت عنده أربعون درهما يحول عليه الحول عنده أن يأخذها و إن أخذها أخذها حراما «2» و حمل على الاستحباب أو على الغناء بالكسب و الحرفة، و عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
لا تعط من الزكاة أحدا ممن تعول و قال: إذا كان لرجل خمسمائة درهم و كان عياله كثيرا؟ قال: ليس عليه زكاة ينفقها على عياله يزيدها في نفقتهم و كسوتهم و في طعام لم يكونوا يطعمونه، و إن لم يكن له عيال و كان وحده فليقسمها في قوم ليس بهم بأس إعفاء عن المسألة لا يسألون أحدا شيئا، و قال: لا تعطين قرابتك الزكاة كلها، و لكن أعطهم بعضا و أقسم بعضها في سائر المسلمين، و قال: الزكاة تحل لصاحب الدار و الخادم و من كان له خمسمائة درهم بعد أن يكون له عيال و يجعل زكاة الخمسمائة زيادة في نفقة عياله يوسع عليهم «3» و يؤيده الأخبار الكثيرة الواردة في أنه جعل الله للفقراء في أموال الأغنياء ما يكفيهم، و روى الكليني و الصدوق في الموثق عن أبي المعزى، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك و تعالى أشرك بين الأغنياء و الفقراء في الأموال فليس لهم أن يصرفوها
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب ما يجب ان يخرج من الصدقة خبر 6.
 (2) التهذيب باب مستحق الزكاة للفقر و المسكنة إلخ خبر 2.
 (3) التهذيب باب من تحل له من الاهل إلخ خبر 10.

92
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ يُفَضِّلُ الَّذِي لَا يَسْأَلُ عَلَى الَّذِي يَسْأَلُ‏
1631 وَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَجْلَانَ السَّكُونِيُّ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع إِنِّي رُبَّمَا قَسَمْتُ الشَّيْ‏ءَ

__________________________________________________
إلى غير شركائهم «1» و عن عنبسة بن مصعب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول:
أتي النبي صلى الله عليه و آله و سلم بشي‏ء فقسمه فلم يسع أهل الصفة جميعا فخصه أناسا منهم فخاف رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أن يكون قد دخل قلوب الآخرين شي‏ء فخرج إليهم فقال: معذرة إلى الله عز و جل و إليكم يا أهل الصفة إنا أوتينا بشي‏ء فأردنا أن نقسمه بينكم فلم يسعكم فخصصت به أناسا منكم خشينا جزعهم و هلعهم «2» بل الأحوط أن لا يزيد على الغناء و هو مئونة السنة كما فهم من الأخبار المتقدمة و يجي‏ء صريحا و الذي قاله الصدوق من مائة ألف غير مذكور في الأخبار فيمكن حمله على المبالغة، أو على أنه مذهبه كما هو ظاهر الأصحاب.
 «و يفضل الذي لا يسأل على الذي يسأل» لظاهر الآية من قوله تعالى:
يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ إلخ) «3» و الأخبار المتقدمة، و يزيده بيانا.
ما رواه الكليني في الصحيح (على الظاهر) و الشيخ في الصحيح. عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الزكاة أ يفضل بعض من يعطى ممن لا يسأل على غيره قال: نعم يفضل الذي لا يسأل على الذي يسأل «4».
 «و قال عبد الله بن عجلان السكوني لأبي جعفر عليه السلام» لم يذكر الصدوق طريقه إليه و الظاهر أنه أخذه من الكافي و رواه الشيخ عنه في الحسن كالصحيح عنه عليه السلام «5» و الظاهر أن المهاجرة في الدين عبارة عن تغربه لطلب العلوم الدينية (أو) للعبادة (أو) للمذهب و المراد
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الرجل يعطى من زكاته من يظن انه معسر إلخ خبر 3.
 (2) الكافي باب تفضيل أهل الزكاة إلخ خبر 5.
 (3) البقرة 273.
 (4- 5) الكافي باب تفضيل أهل الزكاة إلخ خبر 2- 1 و التهذيب باب من الزيادات في الزكاة خبر 18- 19.

93
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

بَيْنَ أَصْحَابِي أَصِلُهُمْ بِهِ فَكَيْفَ أُعْطِيهِمْ فَقَالَ أَعْطِهِمْ عَلَى الْهِجْرَةِ فِي الدِّينِ وَ الْفِقْهِ وَ الْعَقْلِ.
زَكَاةُ الْغَلَّاتِ.
__________________________________________________
بالفقه العلم مطلقا و المعنى المصطلح لم يكن في زمن الأئمة صلوات الله عليهم على الظاهر، فإنهم عليه السلام كانوا ينفون الاجتهاد و التقليد كما هو ظاهر للمتتبع، و المراد بالعقل آثاره من التدين بدين الحق (أو) العمل الصالح كما نقل عنهم عليهم السلام إن العقل ما عبد به الرحمن و اكتسب به الجنان «1» و كثيرا ما يطلق على المعنى الأول كما هو الظاهر للمتدبر في الأخبار.
و روى الكليني، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام إن صدقة الخف و الظلف تدفع إلى المتجملين من المسلمين، و أما صدقة الذهب و الفضة و ما كيل بالقفيز مما أخرجت الأرض فللفقراء المدقعين (أي شديدي الحاجة) قال ابن سنان:
قلت: و كيف صار هذا هكذا؟ فقال: لأن هؤلاء متجملون يستحيون من الناس فيدفع إليهم أجمل الأمرين عند الناس و كل صدقة «2» و يفضل ذوي القرابة على غيرهم إذا كانوا محتاجين عارفين لما فيه من صلة الرحم المندوب إليها في الأخبار الكثيرة و قد تقدم في صحيحة إسحاق إنهم أفضل من غيرهم.
و روى الكليني في الصحيح، عن أحمد بن حمزة قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام رجل من مواليك له قرابة كلهم يقول بك و له زكاة أ يجوز له أن يعطيهم جميع زكاته؟
قال: نعم «3» و مثله، عن علي بن مهزيار عن أبي الحسن عليه السلام «4» و لا يعطيهم لو لم يكونوا عارفين، لما رواه الكليني في الحسن، عن أبي بصير قال: سأله رجل و أنا أسمع قال:
أعطي قرابتي زكاة مالي و هم لا يعرفون؟ قال فقال: لا تعط الزكاة إلا مسلما و أعطهم من غير ذلك، ثمَّ قال أبو عبد الله عليه السلام أ ترون أن ما في المال الزكاة وحدها، ما فرض الله‏
__________________________________________________
 (1) أصول الكافي كتاب العقل و الجهل خبر 3.
 (2) الكافي باب تفضيل أهل الزكاة بعضهم على بعض خبر 3.
 (3- 4) الكافي باب تفضيل القرابة في الزكاة خبر 7- 8.

94
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

وَ لَيْسَ عَلَى الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِيرِ شَيْ‏ءٌ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسَاقٍ وَ الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعاً وَ الصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَ الْمُدُّ وَزْنُ مِائَتَيْنِ وَ اثْنَيْنِ وَ تِسْعِينَ دِرْهَماً وَ نِصْفٍ فَإِذَا بَلَغَ.
__________________________________________________
في المال من غير الزكاة أكثر، تعطى منه القرابة و المعترض لكن ممن يسألك فتعطيه ما لم تعرفه بالنصب فإذا عرفته بالنصب فلا تعطه إلا أن تخاف لسانه فتشتري دينك و عرضك منه «1» و عن أحمد بن محمد بن أبي نصر (و كأنه في الصحيح) قال: سألت الرضا عليه السلام عن الرجل له قرابة و موالي و أتباع يحبون أمير المؤمنين عليه السلام و ليس يعرفون صاحب هذا الأمر أ يعطون من الزكاة؟ قال: لا «2» و في الموثق، عن أبي- بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يكون له الزكاة و له قرابة محتاجون غير عارفين أ يعطيهم من الزكاة؟ فقال: لا و لا كرامة لا يجعل الزكاة وقاية لما له يعطيهم من غير الزكاة إن أراد «3».
و يجوز إعطاؤها أطفال المؤمنين، و الأحوط أن يصرف في معيشتهم أو يؤدي إلى ثقة ليصرفها فيما يحتاجون إليه، لما رواه الكليني في الحسن كالصحيح: عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يموت و يترك العيال أ يعطون من الزكاة؟ قال نعم حتى ينشئوا و يبلغوا و يسألوا من أين كانوا يعيشون إذا قطع ذلك عنهم فقلت، إنهم لا يعرفون قال. يحفظ فيهم ميتهم و يحبب إليهم دين أبيهم فلا يلبثوا أن يهتموا بدين أبيهم و إذا بلغوا و عدلوا إلى غيركم فلا تعطوهم «4» و قريب منه ما رواه أبو خديجة، عن أبي عبد الله عليه السلام «5». «و ليس على الحنطة (إلى قوله) درهما و نصف» هذا التحديد هو المشهور بين الأصحاب و قد تقدم منه غيره و أولناه في الوضوء و الغسل و ذكرنا التحديدات فليرجع‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب تفضيل القرابة في الزكاة خبر 2- 3- 4.
 (4- 5) الكافي باب انه يعطى عيال المؤمن من الزكاة خبر 1- 3.

95
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

ذَلِكَ وَ حَصَلَ بَعْدَ خَرَاجِ السُّلْطَانِ وَ مَئُونَةِ الْقَرْيَةِ أُخْرِجَ مِنْهُ الْعُشْرُ إِنْ كَانَ سُقِيَ بِمَاءِ الْمَطَرِ أَوْ كَانَ سَيْحاً وَ إِنْ سُقِيَ بِالدِّلَاءِ وَ الْغَرْبِ فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ وَ فِي التَّمْرِ وَ الزَّبِيبِ مِثْلُ مَا فِي الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِيرِ.
__________________________________________________
هناك «1» «فإذا بلغ (إلى قوله) سيحا» أي الماء الجاري «و إن سقي بالدلاء و الغرب «2»» و هي الرواية و الدلو العظيمة «ففيه نصف العشر إلخ» يدل على ما ذكره ما رواه الكليني في الصحيح. عن الحلبي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام في الصدقة فيما سقت السماء و الأنهار إذا كانت سيحا أو كان بعلا (أي من العروق) العشر و ما سقت السواني (أي النواضح و الدوالي) أو سقي بالغرب فنصف العشر «3» و الدوالي جمع الدالية و هي التي تديرها البقرة و الناعورة تديرها الماء، و ربما تطلق الدالية على الأعم، و في الصحيح، عن سعد بن سعد الأشعري قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن أقل ما تجب فيه الزكاة من البر و الشعير و التمر و الزبيب؟ فقال: خمسة أو ساق بوسق النبي صلى الله عليه و آله و سلم، فقلت كم الوسق؟
قال: ستون صاعا، قلت فهل على العنب زكاة أو إنما تجب عليه إذا صيره زبيبا؟
قال: نعم إذا خرصه أخرج زكاته «4» و ما رواه الشيخ في الصحيح، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما أنبتت الأرض من الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب ما بلغ خمسة أو ساق، و الوسق ستون صاعا فذلك ثلاثمائة صاع فيه العشر، و ما كان منه يسقى بالرشاء (أي الحبل و الدوالي و النواضح) ففيه نصف العشر و ما سقت السماء و السيح أو كان بعلا ففيه العشر تاما و ليس فيما دون ثلاثمائة صاع شي‏ء و ليس فيما أنبتت الأرض شي‏ء إلا في هذه الأربعة أشياء «5» (أي واجبا) لما قد تقدم من الأخبار.
__________________________________________________
 (1) راجع ص 127 من المجلد الأول.
 (2) في المجمع- و الغرب هو كفلس الدلو العظيم الذي يتخذ من جلد ثور و الغرب كقصب، الماء السائل بين البئر و الحوض يقطر من الدلاء انتهى.
 (3- 4) الكافي باب أقل، ما يجب فيه الزكاة من الحرث خبر 3- 5.
 (5) التهذيب باب زكاة الحنطة و الشعير خبر 1.

96
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

.........
__________________________________________________
و في الصحيح، عن زرارة و بكير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: في الزكاة ما كان يعالج بالرشاء و الدوالي و النضح ففيه نصف العشر و إن كان يسقى من غير علاج أو بنهر أو عين أو بعل أو سماء ففيه العشر كاملا «1» و في الصحيح عن عبيد الله بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس فيما دون خمسة أو ساق شي‏ء و الوسق ستون صاعا «2» و في الموثق كالصحيح عن زرارة و بكير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: و أما ما أنبتت الأرض من شي‏ء من الأشياء فليس فيه زكاة إلا في أربعة أشياء، البر، و الشعير، و التمر، و الزبيب- و ليس في شي‏ء من هذه الأربعة الأشياء شي‏ء حتى تبلغ خمسة أو ساق و الوسق ستون صاعا و هو ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه و آله و سلم فإن كان من كل صنف خمسة أو ساق غير شي‏ء و إن قل فليس فيه شي‏ء و إن نقص البر و الشعير و التمر و الزبيب أو نقص من خمسة أوسق صاع أو بعض صاع فليس فيه شي‏ء، فإذا كان يعالج (أي يعمل بالتعب) بالرشاء و النضح و الدلاء ففيه نصف العشر و إن كان يسقى بغير علاج بنهر أو غيره أو سماء ففيه العشر تاما «3».
و في الصحيح، عن سليمان (و هو ابن خالد) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس في النخل صدقة حتى يبلغ خمسة أو ساق، و العنب مثل ذلك حتى يكون خمسة أو ساق زبيبا «4» إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة، و يصير مقدار النصاب على التحديد الذي ذكرناه في الكر «5» ثلاثمائة من و سبعة أمنان و ثمن من بالمن التبريزي و نصفه بالمن الشاهي لأنه منان بالتبريزي.
و روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن شريح (و كتابه معتمد الطائفة مع أنه إذا صح عن ابن أبي عمير فلا يضر جهالة ما بعده لإجماع الطائفة على العمل بما يصح عنه) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: فيما سقت السماء و الأنهار
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4) التهذيب باب زكاة الحنطة و الشعير إلخ خبر 7- 15- 17- 13.
 (5) راجع ص 38 من المجلد الأول.

97
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

.........
__________________________________________________
أو كان بعلا، العشر، و أما ما سقت السواني و الدوالي فنصف العشر فقلت له: فالأرض تكون عندنا تسقى بالدوالي ثمَّ يزيد الماء فتسقي سيحا فقال: إن ذا ليكون عندكم كذلك؟ قلت: نعم، قال: النصف و النصف، نصف بنصف العشر، و نصف بالعشر فقلت: و الأرض تسقى بالدوالي ثمَّ يزيد الماء فتسقي السقية و السقيتين سيحا قال: و في كم تسقى السقية و السقيتين سيحا؟ قلت: في ثلاثين ليلة أو أربعين ليلة و قد مضت (مكث- خ) قبل ذلك في الأرض ستة أشهر، سبعة أشهر قال: نصف العشر «1».
فظهر منه أن الاعتبار بالأغلب إما عددا أو نفعا و الأول أظهر كما لا يخفى، و مع التساوي بالعشر و نصف العشر بالمناصفة كما هو المشهور، و أما ما روي من الأخبار الدالة على أنه يزكى منه القليل و الكثير، و ما روي من تحديد النصاب بالوسقين، و ما روي من إخراج الخمس فالجميع محمولة على الاستحباب جمعا بين الأخبار و أما ما ذكره من أن الزكاة بعد خراج السلطان فقد تقدم من الأخبار ما يدل عليه، و إما مئونة القربة أو غيرها من المؤن فلم نطلع على خبر يدل عليه سوى ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن محمد بن مسلم قال، سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التمر و الزبيب ما أقل ما تجب فيه الزكاة؟ فقال: خمسة أوسق و يترك معا فأرة و أم جعرور (و هما تمران رديئان) لا يزكيان و إن كثرا، و يترك للحارس العذق و العذقان، و الحارس يكون في النخل ينظر، فيترك ذلك لعياله «2» و العذق بالفتح النخلة بحملها و بالكسر الكباسة و هي بمنزلة العنقود من العنب و لا يظهر من الخبر أن المتروك له كل ثمر النخلة أو النخلتين أو الكباسة و الكباستين، و مع هذا لا يظهر أنه أجرته أو مجانا، بل الثاني أظهر على أن الظاهر من الأخبار المتواترة أن العشر و نصف العشر يخرج من الجميع مع أن الشيخ نقل الإجماع في الخلاف على أن المؤن كلها على المالك، و الظاهر من‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب زكاة الحنطة و الشعير إلخ خبر 8.
 (2) الكافي باب أقل ما تجب فيه الزكاة إلخ خبر 7.

98
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

فَإِنْ بَقِيَ مِنَ الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِيرِ بَعْدَ ذَلِكَ مَا بَقِيَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ حَتَّى يُبَاعَ وَ يَحُولَ عَلَى ثَمَنِهِ الْحَوْلُ الْحَجُّ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ
1632 وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الصَّرُورَةِ أَ يَحُجُّ مِنَ الزَّكَاةِ قَالَ نَعَمْ‏

__________________________________________________
الخبران ترك التمرين الرديين للفقراء على سبيل الاستحباب.
و يمكن أن يكون المراد منه الوجوب أيضا، و يحتمل أيضا أن يكون المراد الترك للمالك و عدم أخذ الزكاة منه، و يؤيده على الظاهر قوله تعالى وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ «1» و إن احتمل أن يكون المراد إخراج الخبيث عن الطيب، و الأحوط أما الترك للفقراء أو إخراج الزكاة منها، و الأحوط أن يترك للحارس أيضا بعد إخراج الزكاة منه لأنه لا صراحة في الخبر أنه بعد الزكاة أو قبلها، و الظاهر أن تخفيف الزكاة فيما عمل بالرشاء و النواضح لكثرة المؤنة فيه على المالك، و لو قيل بإخراج المؤن و أن الزكاة بعد المؤنة فالمناسب أيضا التخفيف لأنه و إن أخرج المؤن فلا شك في أنه ينقص مال المالك مع قطع النظر عن تعبه، فلا يرد الإشكال المشهور، على أنه لا إشكال بعد ورود النص لو كان، و على ما ذكرناه فالإشكال منتف من رأس.
 «فإن بقي الحنطة و الشعير بعد ذلك إلخ» رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن زرارة و عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أيما رجل كان له حرث أو تمرة فصدقها (أي أخرج زكاتها) فليس عليه فيه شي‏ء و إن حال عليه الحول عنده إلا أن يحوله ما لا فإن فعل ذلك فحال عليه الحول عنده فعليه أن يزكيه و إلا فلا شي‏ء عليه و إن ثبت ذلك ألف عام إذا كان بعينه، فإنما عليه فيه صدقة العشر فإذا أداها مرة واحدة فلا شي‏ء عليه فيها حتى يحوله مالا و يحول عليه الحول و هو عنده «2» «و سأل محمد بن مسلم إلخ» روى الكليني في الصحيح، عن محمد بن مسلم قال: سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام و أنا جالس فقال: إني أعطي من الزكاة فاجمعه‏
__________________________________________________
 (1) البقرة- 267.
 (2) الكافي باب ان الصدقة في التمر مرة واحدة خبر 1.

99
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

1633 وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ يَقْطِينٍ لِأَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ ع يَكُونُ عِنْدِيَ الْمَالُ مِنَ الزَّكَاةِ فَأُحِجُّ بِهِ مَوَالِيَّ وَ أَقَارِبِي قَالَ نَعَمْ لَا بَأْسَ.

زَكَاةُ مَالِ الْمَمْلُوكِ وَ الْمُكَاتَبِ‏
1634 وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلَهُ رَجُلٌ وَ أَنَا حَاضِرٌ عَنْ مَالِ‏

__________________________________________________
حتى أحج به قال: نعم يأجر الله من يعطيك «1» و في الموثق، عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أخذ الرجل الزكاة فهي كماله يصنع بها ما يشاء- قال: و قال إن الله عز و جل فرض للفقراء في أموال الأغنياء فريضة لا يحمدون إلا بأدائها و هي الزكاة فإذا هي وصلت إلى الفقراء فهي بمنزلة ما له يصنع بها ما يشاء، فقلت يتزوج بها و يحج منها؟ قال: نعم هي ماله، فقلت: فهل يؤجر الفقير إذا حج من الزكاة كما يؤجر الغني صاحب المال؟ قال: نعم «2».
 «و قال علي بن يقطين» في الصحيح «لأبي الحسن الأول (إلى قوله) لا بأس» يمكن أن يكون الإعطاء من سهم الفقراء حتى يستطيع للحج و يحج واجبا أو مندوبا إن كان قد حج، و أن يكون من سهم سبيل الله على تقدير العموم، و الإعطاء من سهم الفقراء أحوط لما تقدم من الخلاف، و لما رواه الكليني في الصحيح عن جميل بن دراج عن إسماعيل الشعيري، عن الحكم بن عتيبة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يعطي الرجل من زكاة ماله يحج بها قال: مال الزكاة يحج به (بها- خ ل) فقلت له إنه رجل مسلم أعطى رجلا مسلما فقال إن كان محتاجا فليعطه لحاجته و فقره و لا يقول له حج بها يصنع بها بعد ما يشاء «3».
 «و روى عبد الله بن سنان» في الصحيح «عن أبي عبد الله عليه السلام» و رواه الكليني في الحسن كالصحيح عنه عليه السلام «4» و يدل على عدم وجوب الزكاة على المملوك و عدم‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الرجل إذا وصلت إليه الزكاة فهي كسبيل ما له إلخ خبر 3.
 (2) الكافي باب الرجل إذا وصلت إليه الزكاة إلخ خبر 1.
 (3) الكافي باب الرجل يحج من الزكاة إلخ خبر 1.
 (4) الكافي باب زكاة مال المملوك إلخ خبر 1.

100
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

الْمَمْلُوكِ أَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فَقَالَ لَا وَ لَوْ كَانَ لَهُ أَلْفُ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَ لَوِ احْتَاجَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الزَّكَاةِ شَيْ‏ءٌ.
1635 وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: قُلْتُ لَهُ مَمْلُوكٌ فِي يَدِهِ مَالٌ أَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ قَالَ لَا قَالَ قُلْتُ فَعَلَى سَيِّدِهِ فَقَالَ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إِلَى السَّيِّدِ وَ لَيْسَ هُوَ لِلْمَمْلُوكِ.

1636 وَ فِي رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ وَهْبٍ الْقُرَشِيِّ عَنْ الصَّادِقِ ع عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ:

__________________________________________________
استحقاقه للزكاة «و في خبر آخر» في الصحيح «عن عبد الله بن سنان» و رواه الكليني في الحسن كالصحيح عنه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام «1» و يدل على عدم الوجوب على المملوك و على عدم تملكه (و يمكن) حمله على ما لو لم يعلم به السيد كما يشعر به قوله عليه السلام إنه لم يصل إلى السيد على ما هو المتعارف من أحوال المماليك و على سقوطها عن السيد لعدم التمكن من التصرف، و يمكن حمله على أنه لا يملكه المملوك تاما و ليس للسيد أن يتصرف فيه عكس الأول و إن كان بعيدا لفظا لكنه قريب معنى لما سيجي‏ء من الأخبار الدالة على تملكه لبعض الأشياء مثل أرش الجناية و فاضل الضريبة و ما ملكه المولى، (و يمكن) حمله على غير هذه الصور مع عدم علم المولى (أو) يقال: إن قبح الأخذ من المملوك و إن كان للمولى كاف في عدم التمكن من التصرف كما يشعر به بعض الأخبار، و بالجملة فالظاهر عدم الوجوب عليهما لصحة الخبر و إن كان الأحوط إخراج المولى بإذن العبد أو بالعكس خروجا من الخلاف «و في رواية وهب بن وهب» الطريق إليه صحيح من الصدوق و الكليني «2» و كتابه معتمد و إن كان عاميا، و يدل على عدم الوجوب على المكاتب، و حمل على غير المطلق الذي تحرر منه شي‏ء، لأنه يملك من المال بمقدار الحرية فلو كان نصابا وجب الزكاة عليه، و في غير هذه الصورة و إن كان مالكا لكن ملكه ضعيف و ممنوع من التصرف في ماله في غير أداء مال الكتابة فلو أدى بإذن السيد كان أحوط لأن ملكيته‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب زكاة مال المملوك إلخ خبر 5.
 (2) الكافي باب زكاة مال المملوك و المكاتب خبر 4.

101
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ص 23

لَيْسَ فِي مَالِ الْمُكَاتَبِ زَكَاةٌ.
بَابُ مَا لِبَنِي هَاشِمٍ مِنَ الزَّكَاةِ
1637 وَ رَوَى أَبُو خَدِيجَةَ سَالِمُ بْنُ مُكْرَمٍ الْجَمَّالُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: أَعْطُوا

__________________________________________________
أقوى من القن (و قيل) بوجوب الزكاة عليه لضعف الخبر و عمومات وجوب الزكاة و يجوز أن يدفع إليه لابنه الحر، لما رواه الكليني في الصحيح (على الظاهر) عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام رجل مسلم مملوك و مولاه رجل مسلم و له مال يزكيه و للمملوك ولد حر صغير أ يجزي مولاه أن يعطي ابن عبده من الزكاة؟ فقال: لا بأس به «1».
 «و روى أبو خديجة سالم بن مكرم الجمال» رواه الكليني في الصحيح عنه (و هو مختلف فيه) عن أبي عبد الله عليه السلام و حمل على حال الاضطرار و سيذكر أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم و الأئمة صلوات الله عليهم لا يصل حالهم إلى الاضطرار بحيث يحل لهم أكل الميتة لأنهم مستجابو الدعوة متى دعوا أجاب الله تعالى دعاءهم فكيف يمكن في حقهم الاضطرار و إما غيرهم من بني هاشم فقد يمكن أن يضطروا فمن أراد الزكاة منهم و كان ثقة فلا ريب في جواز إعطائه و ظاهر الخبر أعم، و يحمل عليه لأن الصدقة الواجبة من غير بني هاشم محرمة على بني هاشم لما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن محمد بن مسلم و أبي بصير و زرارة، عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام قالا: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، إن الصدقة أوساخ أيدي الناس و إن الله قد حرم علي منها و من غيرها ما قد حرمه، و إن الصدقة لا تحل لبني عبد المطلب ثمَّ قال: أ ما و الله لو قد قمت على باب الجنة ثمَّ أخذت بحلقته لقد علمتم أني لا أوثر عليكم فارضوا لأنفسكم بما رضي الله و رسوله لكم، قالوا قد رضينا «2» و في الصحيح، عن عيص بن القسم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أناسا من بني هاشم أتوا رسول الله صلى الله عليه و آله فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي و قالوا:
يكون لنا هذا السهم الذي جعله الله عز و جل للعاملين عليها فنحن أولى به فقال،
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من يحل له ان يأخذ الزكاة خبر 14.
 (2) الكافي باب الصدقة لبنى هاشم خبر 2.

102
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما لبني هاشم من الزكاة ص 102

الزَّكَاةَ مَنْ أَرَادَهَا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَإِنَّهَا تَحِلُّ لَهُمْ وَ إِنَّمَا تَحْرُمُ عَلَى النَّبِيِّ ص وَ عَلَى الْإِمَامِ الَّذِي بَعْدَهُ وَ عَلَى الْأَئِمَّةِ ع.
1638 وَ رَوَى الْقَاسِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ صَدَقَاتِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ

__________________________________________________
رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يا بني عبد المطلب إن الصدقة لا تحل لي و لا لكم و لكني قد وعدت الشفاعة، ثمَّ قال أبو عبد الله عليه السلام: و الله لقد وعدها صلى الله عليه و آله و سلم فما ظنكم يا بني عبد المطلب إذا أخذت بحلقة باب الجنة أ تروني مؤثرا عليكم غيركم «1».
و في الصحيح، عن جعفر بن إبراهيم الهاشمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: أ تحل الصدقة لبني هاشم؟ فقال: إنما تلك الصدقة الواجبة على الناس لا تحل لنا و أما غير ذلك فليس به بأس و لو كان كذلك ما استطاعوا أن يخرجوا إلى مكة هذه المياه عامتها صدقة «2» و في الموثق، عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصدقة التي حرمت على بني هاشم ما هي؟ قال: هي الزكاة قلت فتحل صدقة بعضهم على بعض؟ قال: نعم «3» و روى الشيخ في الصحيح، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: لو حرمت علينا الصدقة (أي المندوبة) لم يحل لنا أن نخرج إلى مكة لأن كل ما بين مكة و المدينة فهو صدقة «4» (أي مياهها) و في الموثق كالصحيح، عن زرارة عنه عليه السلام قال: قلت له صدقات بني هاشم بعضهم على بعض تحل لهم و لا تحل لهم صدقات إنسان غريب «5» و روى الكليني في الصحيح، عن سعيد بن عبد الله الأعرج قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام أ تحل الصدقة لموالي بني هاشم قال: نعم «6».
 «و روى القاسم بن سليمان» الطريق إليه صحيح و كتابه معتمد «و روى‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الصدقة لبنى هاشم خبر 1- 3.
 (3) الكافي باب الصدقة لبنى هاشم إلخ خبر 5.
 (4- 5) التهذيب باب ما يحل لبنى هاشم و يحرم من الزكاة خبر 12- 11.
 (6) الكافي باب الصدقة لبنى هاشم خبر 4.

103
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما لبني هاشم من الزكاة ص 102

صَدَقَاتِ عَلِيٍّ ع تَحِلُّ لِبَنِي هَاشِمٍ‏
__________________________________________________
الحلبي» في الصحيح عنه عليه السلام «أن فاطمة عليها السلام جعلت صدقاتها» أي أوقافها و يحتمل الأعم «لبني هاشم و بني المطلب» و في بعض النسخ: بني عبد المطلب:
و الظاهر أنه إصلاح غلط، و المطلب أخو هاشم و لا خلاف في تحريم الزكاة على بني هاشم و هم بنو عبد المطلب ابن هاشم و لم يكن لهاشم ابن غيره و هم الآن أولاد أبي طالب، و اجتمع أولاد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم معه في علي صلوات الله عليه في الحسن و الحسين عليهما السلام و كان لأبي طالب علي عليه السلام، و جعفر، و عقيل، و طالب و لم يبق لطالب ولد، و أولاد العباس و الحرث و أبي لهب و لم يعرف عندنا بالنسب الصحيح أولاد الثلاثة الأخيرة و يقال إنه يوجد في بلاد العرب و كان لعلي صلوات الله عليه أولاد غير الحسن و الحسين و يعرفون بالعلوي و أولاد الحسن صلوات الله عليه بالحسني و شعبهم كثيرة و أما أولاد الحسين صلوات الله عليه فشعبهم أيضا كثيرة لكن إذا كانوا من الكاظم صلوات الله عليه يسمون بالموسوي و إذا كانوا من الرضا صلوات الله عليه و من بعده يسمون بالرضوي إلى غير ذلك من الأسماء و محلها كتب الأنساب و لو لا خوف الإطالة لذكرناها بطولها.
و المشهور أن الانتساب بالأم غير كاف و يظهر من الخبر الصحيح الذي رواه الصدوق في العيون و الخصال و الأمالي أنهم منسوبون إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و يحرم الصدقة عليهم، و يؤيده آية المباهلة و غيرها مما استشهد بها أبو الحسن الرضا عليه السلام في مجلس المأمون و العلماء و تصديقهم إياه و استشهدوا للمشهور بخبر سيجي‏ء في الخمس و يمكن حمله على التقية لموافقته لمذاهب العامة، و بقول عرب كافر مجهول الحال.
         بنونا بنو أبنائنا و بناتنا             بنوهن أبناء الرجال الأباعد
 و حملوا الآيات على التجوز مع أن المجاز في كلام العرب أكثر، و بالجملة المسألة قوية الإشكال و إن كان الظاهر التحريم، فالأحوط منعهم عن الزكاة و الخمس.

104
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما لبني هاشم من الزكاة ص 102

1639 وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْهُ ع أَنَّ فَاطِمَةَ ع جَعَلَتْ صَدَقَاتِهَا لِبَنِي هَاشِمٍ وَ بَنِي الْمُطَّلِبِ.

__________________________________________________
و تحل الزكاة لمواليهم أي معتقيهم بالفتح، لما مر و لما رواه الكليني و الشيخ في الصحيح عن ثعلبة بن ميمون قال: كان أبو عبد الله عليه السلام يسأل شهابا من زكاته لمواليه و إنما حرمت الزكاة عليهم دون مواليهم «1» و الظاهر أنه لبيان الجواز و يؤيده أخبار كثيرة و أما الأخبار التي وردت بالمنع فمحمولة على الكراهة مثل ما رواه الشيخ في الموثق كالصحيح عن زرارة عن أبي عبد الله قال: مواليهم منهم و لا تحل الصدقة من الغريب لمواليهم و لا بأس بصدقات مواليهم عليهم ثمَّ قال إنه لو كان العدل ما احتاج هاشمي و لا مطلبي إلى صدقة إن الله جعل لهم في كتابه ما كان فيه سعتهم، ثمَّ قال: إن الرجل إذا لم يجد شيئا حلت له الميتة و الصدقة و لا تحل لأحد منهم إلا أن لا يجد شيئا و يكون ممن تحل له الميتة «2». و ظاهر هذا الخبر حرمة الصدقة على بني المطلب، و يمكن حمله على الكراهة، و يمكن أن يكون لهم سهم في الكتاب من غير الزكاة و الخمس، و لو قام العدل لأعطاهم، و يشكل الخروج عن العمل بالأخبار المتكثرة بمجرد خبر واحد غير صريح المفاد، و يؤيد الأخبار المتقدمة أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح، عن ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال: لا تحل الصدقة لولد العباس و لا لنظرائهم من بني هاشم «3» و غيرها من الأخبار.
و يحل صدقة بعضهم لبعض لما تقدم، و لما رواه الشيخ عن زيد الشحام عنه عليه السلام قال: سألته عن الصدقة التي حرمت عليهم فقال: هي الزكاة المفروضة و لم تحرم علينا صدقة بعضنا على بعض «4» و عن جميل بن دراج عنه قال: سألته هل يحل لبني هاشم الصدقة
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الصدقة لبنى هاشم خبر 10.
 (2- 3- 4) التهذيب باب ما يحل لبنى هاشم و يحرم من الزكاة خبر 5- 6- 4.

105
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ما لبني هاشم من الزكاة ص 102

1640 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ قَالَ: بَعَثْتُ إِلَى الرِّضَا ع بِدَنَانِيرَ مِنْ قِبَلِ بَعْضِ أَهْلِي وَ كَتَبْتُ إِلَيْهِ أُخْبِرُهُ أَنَّ فِيهَا زَكَاةً خَمْسَةٌ وَ سَبْعُونَ وَ الْبَاقِيَ صِلَةٌ فَكَتَبَ ع بِخَطِّهِ قَبَضْتُ وَ بَعَثْتُ إِلَيْهِ بِدَنَانِيرَ لِي وَ لِغَيْرِي وَ كَتَبْتُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مِنْ فِطْرَةِ الْعِيَالِ فَكَتَبَ ع بِخَطِّهِ قَبَضْتُ.

وَ صَدَقَةُ غَيْرِ بَنِي هَاشِمٍ لَا تَحِلُّ لِبَنِي هَاشِمٍ إِلَّا فِي وَجْهَيْنِ إِذَا كَانُوا عِطَاشاً فَأَصَابُوا مَاءً فَشَرِبُوا وَ صَدَقَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ أَمَّا قَبْضُ الْإِمَامِ لِمَا قَبَضَهُ فَلَيْسَ لِنَفْسِهِ وَ إِنَّمَا قَبَضَهُ لِغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ وَ الْمَسْكَنَةِ وَ هُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِكِفَايَةِ اللَّهِ إِيَّاهُ مَتَى نَادَاهُ لَبَّاهُ وَ مَتَى سَأَلَهُ أَعْطَاهُ وَ مَتَى نَاجَاهُ أَجَابَهُ.
بَابُ نَوَادِرِ الزَّكَاةِ
1641 رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ ع رَجُلٌ مَاتَ‏

__________________________________________________
قال: لا قلت: تحل لمواليهم؟ قال تحل لمواليهم و لا تحل لهم إلا صدقات بعضهم على بعض «1» و في صحيحة الريان بن الصلت عن الرضا عليه السلام ما يدل على حرمة الصدقة عليهم من غيرهم.
 «و روى محمد بن إسماعيل بن بزيع» في الصحيح و رواه الكليني و الشيخ أيضا في الصحيح و التأويل الذي ذكره «2» هو الواقع، بل هو ظاهر لا يحتاج إليه «و صدقة غير بني هاشم إلخ» قد تقدم في الأخبار ما يدل على الجواز عند الضرورة، و يمكن أن يكون مراد الصدوق ذلك و يكون ذكرا للفرد، و أن يكون مراده هذا الفرد و هو بعيد معنى.
باب نوادر الزكاة «روى علي بن يقطين» في الصحيح و رواه الكليني في الحسن كالصحيح «3»
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب ما يحل لبنى هاشم و يحرم من الزكاة خبر 7.
 (2) أي الصدوق رحمه اللّه بقوله ره- و اما قبض الإمام عليه السلام لما قبضه إلخ.
 (3) الكافي باب قضاء الزكاة عن الميت خبر 4.

106
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب نوادر الزكاة ص 106

وَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ وَ أَوْصَى أَنْ تُقْضَى عَنْهُ الزَّكَاةُ وَ وُلْدُهُ مَحَاوِيجُ إِنْ دَفَعُوهَا أَضَرَّ بِهِمْ ذَلِكَ ضَرَراً شَدِيداً فَقَالَ يُخْرِجُونَهَا فَيَعُودُونَ بِهَا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَ يُخْرِجُونَ مِنْهَا شَيْئاً فَيُدْفَعُ إِلَى غَيْرِهِمْ‏
__________________________________________________
 «قال: قلت لأبي الحسن الأول عليه السلام» يدل على جواز إعطاء الزكاة لواجب النفقة بعد الموت لأنهم خرجوا عن الوصف و أما إعطاء قدر منه إلى الغير فعلى الاستحباب على الظاهر كما تقدم في الأخبار و إن كان الوقوف مع النص أحوط بغير نية الوجوب أو الندب بل ينوي القربة، و يدل على وجوب إخراج الواجبات المالية مع الوصية، بل يجب مطلقا لما رواه الكليني في الصحيح، عن عباد بن صهيب الموثق، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل فرط في إخراج زكاته في حياته فلما حضرته الوفاة حسب جميع ما كان فرط فيه مما لزمه من الزكاة ثمَّ أوصى به أن يخرج ذلك فيدفع إلى من يجب له قال: جائز يخرج ذلك من جميع المال، إنما هو بمنزلة دين لو كان عليه ليس للورثة شي‏ء حتى يؤدوا ما أوصى به من الزكاة «1» و في الحسن كالصحيح، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل لم يزك ماله فأخرج زكاته عند موته فأداها كان ذلك يجزي عنه؟ قال: نعم قلت: فإن أوصى بوصية من ثلثه و لم يكن زكي أ يجزي عنه من زكاته؟ قال: نعم يحسب له زكاة و لا يكون له نافلة و عليه فريضة.
و في الصحيح، عن شعيب قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن على أبي زكاة كثيرة فأقضيها أو أؤديها عنه؟ فقال لي: و كيف لك بذلك قلت احتاط قال: نعم إذا تفرج عنه و في الحسن كالصحيح، عن معاوية بن عمار قال: قلت له: رجل يموت و عليه خمسمائة درهم من الزكاة و عليه حجة الإسلام و ترك ثلاثمائة درهم و أوصى بحجة الإسلام و أن يقضي عنه دين الزكاة؟ قال: يحج عنه من أقرب ما يكون و يخرج البقية في الزكاة.
__________________________________________________
 (1) هذا الخبر و الثلاثة التي بعده أورده في الكافي باب قضاء الزكاة خبر 1 (الى) 4.

107
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب نوادر الزكاة ص 106

1642 وَ رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَابِرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْخُذَ الزَّكَاةَ وَ هُوَ لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهَا فَيَتَصَدَّقَ بِهَا قَالَ نَعَمْ وَ قَالَ فِي الْفِطْرَةِ مِثْلَ ذَلِكَ.

1643 وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مَا عَلَى الْإِمَامِ مِنَ الزَّكَاةِ فَقَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الدُّنْيَا لِلْإِمَامِ يَضَعُهَا حَيْثُ يَشَاءُ وَ يَدْفَعُهَا إِلَى مَنْ يَشَاءُ جَائِزٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ ذَلِكَ إِنَّ الْإِمَامَ لَا يَبِيتُ لَيْلَةً أَبَداً وَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي عُنُقِهِ حَقٌّ يَسْأَلُهُ عَنْهُ‏

__________________________________________________
 «و روى إسماعيل بن جابر» في الصحيح «قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام» ظاهره أنه يجوز أن يأخذ الزكاة مع الغنى و يدفع إلى الفقراء و يحمل على الوكالة (أو) على أنه يعلم من حالهم قصدهم في أدائهم إليه الإخراج و الدفع إلى الفقير إما بأن يأخذه أو يؤدي إلى غيره (أو) على أنه يعلم من حالهم أنهم لا يؤدون إلى غيره فيأخذ حسبة و يؤدي إلى غيره كما سيجي‏ء في الحج، و يمكن حمله على ظاهره أيضا بأن لا يكون له قوت سنة فهو يخرجه لكن لا يكون له حاجة إليه في الحال فيأخذ الزكاة و يتصدق بها.
 «و روي عن أبي بصير» في الموثق، يمكن أن يكون مراده من السؤال أنه هل يجب على الإمام الزكاة (أو) كيف يؤدي و إلى من يؤدي؟ و يكون الجواب أن الإمام خليفة الله و لا يفعل شيئا إلا بإذن الله، فإن كان شي‏ء واجبا عليه فهو يخرجه (أو) إن وجبت الزكاة عليه لا يؤخرها عن وقت الوجوب (أو) توهم أن الإمام من أصناف المستحقين فكيف يمكن أن يكون شي‏ء واجبا عليه (أو) أنه هل يجمع المال حتى يجب عليه و كيف يجمع المال مع أنه أزهد الزهاد (و أجيب) بأنه ليس عليكم التفكر في أمثال هذه المسائل التي لا يحصل لكم نفع في تحقيقها، بل يجب عليكم أن تعلموا إن إمامكم معصوم و يمتنع عليه مخالفة الله تعالى، مع أن الزهد ليس ترك المال بل ترك حبه.

108
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

كتاب الخمس ص 109

 [كتاب الخمس‏]
 [فيما يجب فيه الخمس‏]
1644 سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع عَمَّا يُخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ مِنَ اللُّؤْلُؤِ وَ الْيَاقُوتِ وَ الزَّبَرْجَدِ وَ عَنْ مَعَادِنِ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ هَلْ فِيهَا زَكَاةٌ فَقَالَ إِذَا بَلَغَ قِيمَتُهُ دِينَاراً فَفِيهِ الْخُمُسُ.

1645 وَ سَأَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلَبِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْكَنْزِ كَمْ فِيهِ فَقَالَ الْخُمُسُ‏

__________________________________________________
باب الخمس «سئل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام» رواه الكليني و الشيخ في الصحيح، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن محمد بن علي «1» و هو مشترك و لكن لا يضر لصحته عن ابن أبي نصر، و هو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه و يدل على وجوب الخمس في المعادن إذا بلغ قيمتها دينارا و روى الكليني في الحسن كالصحيح عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن العنبر و غوص اللؤلؤ فقال عليه السلام عليه الخمس «2» و (أما) ما رواه الشيخ في الصحيح، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر: قال سألت أبا الحسن عليه السلام عما أخرج المعدن من قليل أو كثير هل فيه شي‏ء؟ قال: ليس فيه شي‏ء حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة يعني عشرين دينارا «3» (فحملها) الشيخ على معادن غير البحر، و يمكن حمل الخبر الأول على الاستحباب.
 «و سأل عبيد الله بن علي الحلبي» في الصحيح و رواه الكليني في الحسن كالصحيح و الشيخ في الصحيح «4» و يدل على وجوب الخمس في الكنز و المعادن جميعا، و في رواية الشيخ بزيادة قوله (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن العنبر و غوص اللؤلؤ فقال: عليه الخمس)
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر 21- 28 و التهذيب باب الخمس و الغنائم خبر 13- 3.
 (3) التهذيب باب الزيادات في الخمس خبر 13.
 (4) الكافي باب الخمس و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر 19 و التهذيب باب الخمس و الغنائم ذيل خبر 3.

109
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

وَ عَنِ الْمَعَادِنِ كَمْ فِيهَا فَقَالَ الْخُمُسُ وَ عَنِ الرَّصَاصِ وَ الصُّفْرِ وَ الْحَدِيدِ وَ مَا كَانَ مِنَ الْمَعَادِنِ كَمْ فِيهَا فَقَالَ يُؤْخَذُ مِنْهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مَعَادِنِ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ.
1646 وَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ لَيْسَ الْخُمُسُ إِلَّا فِي الْغَنَائِمِ خَاصَّةً.

1647 وَ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَمَّا يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ مِنَ الْكَنْزِ فَقَالَ مَا تَجِبُ الزَّكَاةُ

__________________________________________________
و ذكرنا عن الكليني هذه الزيادة في رواية أخرى، و روى الشيخ في الصحيح و الكليني في الحسن كالصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن معادن- الذهب و الفضة و الصفر و الحديد و الرصاص فقال: عليها الخمس جميعا «1» و في الصحيح، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن المعادن ما فيها؟ قال كلما كان ركازا (أي كنزا) ففيه الخمس، و قال: ما عالجته بمالك ففيه ما أخرج الله منه من حجارته مصفى الخمس «2» «و روى الحسن بن محبوب» في الصحيح و الشيخ أيضا في الصحيح «3» «عن عبد الله بن سنان (إلى قوله) خاص» أي هو خاص بها، و في نسخة (خاصا) و في التهذيب (خاصة) و ظاهره التقية، لكن المراد أن جميع ما فيه الخمس فهو غنيمة و نفع و داخل في قول الله تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ أو الخمس المعتد به ليس إلا في غنائم دار الحرب و الباقي قليل بالنسبة إليها، «و روى أحمد بن محمد بن أبي نصر» في الصحيح، و رواه الشيخ «4» أيضا في الصحيح و قد تقدم الجمع.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الخمس و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر 8 و التهذيب باب الخمس الغنائم خبر 2.
 (2- 3) التهذيب باب الخمس و الغنائم خبر 4- 6.
 (4) لم نجده في التهذيبين و لم ينقله في الوسائل أيضا عن الشيخ و كذا الوافي- و لعل مراده قده نقله ما هو مضمونه بسند آخر.

110
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

فِي مِثْلِهِ فَفِيهِ الْخُمُسُ.
1648 وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنِ الْمَلَّاحَةِ فَقَالَ وَ مَا الْمَلَّاحَةُ فَقُلْتُ أَرْضٌ سَبِخَةٌ مَالِحَةٌ يَجْتَمِعُ فِيهَا الْمَاءُ فَيَصِيرُ مِلْحاً فَقَالَ مِثْلُ الْمَعْدِنِ فِيهِ الْخُمُسُ قُلْتُ فَالْكِبْرِيتُ وَ النِّفْطُ يُخْرَجُ مِنَ الْأَرْضِ فَقَالَ هَذَا وَ أَشْبَاهُهُ فِيهِ الْخُمُسُ.

1649 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع إِنَّ اللَّهَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْنَا الصَّدَقَةَ أَنْزَلَ لَنَا الْخُمُسَ‏

__________________________________________________
 «و سأل محمد بن مسلم» و رواه الشيخ في الصحيح «أبا جعفر عليه السلام عن الملاحة» بفتح الميم و تشديد اللام المملحة، و يدل على وجوب الخمس في المعادن مطلقا سواء كانت مائعة أو جامدة.
 «و قال الصادق عليه السلام» كأنه جزء الخبر الذي رواه الشيخ بسند ضعيف، و رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن حماد بن عيسى (و هو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم) عن بعض أصحابنا، عن العبد الصالح عليه السلام قال: الخمس من خمسة أشياء من الغنائم، و الغوص، و من الكنوز، و من المعادن، و الملاحة يؤخذ من كل هذه الصنوف الخمس فيجعل لمن جعله الله تعالى له و يقسم الأربعة الأخماس بين من قاتل عليه و ولي ذلك، و يقسم بينهم الخمس على ستة أسهم، سهم الله، و سهم لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، و سهم لذي القربى، و سهم لليتامى، و سهم للمساكين، و سهم لأبناء السبيل فسهم الله و سهم رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم.
لأولي الأمر من بعد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم وراثة، فله ثلاثة أسهم، سهمان وراثة و سهم مقسوم له من الله، و له نصف الخمس كملا و نصف الخمس الباقي بين أهل بيته، سهم ليتاماهم، و سهم لمساكينهم: و سهم لأبناء سبيلهم يقسم بينهم على الكتاب و السنة ما يستغنون به في سنتهم، فإن فضل عنهم شي‏ء فهو للوالي و إن عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به و إنما صار عليه أن يمونهم، لأن له ما فضل عنهم و إنما جعل الله هذا الخمس لهم دون مساكين الناس و أبناء سبيلهم عوضا لهم من (عن- خ) صدقات الناس تنزيها من الله لهم لقرابتهم برسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و كرامة من الله لهم‏

111
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

فَالصَّدَقَةُ عَلَيْنَا حَرَامٌ وَ الْخُمُسُ لَنَا فَرِيضَةٌ وَ الْكَرَامَةُ لَنَا حَلَالٌ‏
__________________________________________________
عن أوساخ الناس فجعل لهم خاصة من عنده ما يغنيهم عن أن يصيرهم على (في- خ ل) موضع الذل و المسكنة، و لا بأس بصدقات بعضهم على بعض، و هؤلاء الذين جعل الله لهم الخمس هم قرابة النبي صلى الله عليه و آله و سلم الذين ذكرهم الله، فقال وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ و هم بنو عبد- المطلب أنفسهم، الذكر منهم و الأنثى ليس فيهم من أهل البيوتات قريش و لا من العرب أحد و لا فيهم و لا منهم في هذا الخمس من مواليهم و قد تحل صدقات الناس لمواليهم و هم و الناس سواء و من كانت أمه من بني هاشم و أبوه من سائر قريش فإن الصدقات تحل له و ليس له من الخمس شي‏ء لأن الله يقول ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ.
و للإمام صفو المال أن يأخذ من هذه الأموال صفوها، الجارية الفارهة و الدابة- الفارهة أو الثوب و المتاع مما يحب أو يشتهي فذاك له قبل القسمة و قبل إخراج الخمس و له أن يسد بذلك المال جميع ما ينوبه من مثل إعطاء المؤلفة قلوبهم و غير ذلك مما (من صنوف ما- خ) ينوبه فإن بقي بعد ذلك شي‏ء أخرج الخمس منه فقسمه في أهله و قسم الباقي على من ولي ذلك و إن لم يبق بعد سد النوائب شي‏ء فلا شي‏ء لهم.
و ليس لمن قاتل شي‏ء من الأرضين و لا ما غلبوا إلا ما احتوى عليه العسكر، و ليس للأعراب من القسمة شي‏ء و إن قاتلوا مع الوالي، لأن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم صالح الأعراب أن يدعهم في ديارهم و لا يهاجروا على أنه إن دهم رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من عدوه دهم أن يستنفرهم فيقاتل بهم و ليس لهم في الغنيمة نصيب و سنة جارية فيهم و في غيرهم.
و الأرضون التي أخذت عنوة (أي قهرا) بخيل و ركاب فهي موقوفة متروكة في يدي من يعمرها و يحييها و يقوم عليها على ما يصالحهم الوالي على قدر طاقتهم من الحق النصف أو الثلث أو الثلاثين، و على قدر ما يكون لهم صلاح (صالحا- صلاحا- خ) و لا يضرهم، فإذا أخرج منها ما أخرج بدأ فأخرج منه العشر من الجميع مما سقت السماء أو سقي سيحا و نصف العشر مما سقي بالدوالي و النواضح فأخذه الوالي فوجهه في الجهة التي وجهها الله تعالى على ثمانية أسهم، لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَة

112
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

.........
__________________________________________________
قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ، ثمانية أسهم يقسم بينهم في مواضعهم بقدر ما يستغنون به في سنتهم بلا ضيق و لا تقتير، فإن فضل من ذلك شي‏ء رد إلى الوالي و إن نقص من ذلك شي‏ء أو لم يكتفوا به كان على الوالي أن يمونهم من عنده بقدر سعتهم حتى يستغنوا و يؤخذ بعد ما بقي من العشر فيقسم بين الوالي و بين شركائه الذين هم عمال الأرض و أكرتها فيدفع إليهم أنصبائهم على ما صالحهم عليه و يؤخذ الباقي فيكون بعد ذلك أرزاق أعوانه على دين الله و في مصلحة ما ينوبه من تقوية الإسلام و تقوية الدين في وجوه الجهاد و غير ذلك مما فيه مصلحة العامة ليس لنفسه من ذلك قليل و لا كثير.
و له بعد الخمس الأنفال كل أرض خربة قد باد أهلها و كل أرض لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب و لكن صالحوا صلحا و أعطوا بأيديهم على غير قتال، و له رؤوس الجبال و بطون الأودية و الآجام، و كل أرض ميتة لا رب لها، و له صوافي الملوك ما كان في أيديهم من غير وجه الغصب لأن الغصب كله مردود و هو وارث من لا وارث له يعول من لا حيلة له و قال: إن الله لم يترك شيئا من صنوف الأموال إلا و قد قسمه فأعطى كل ذي حق حقه الخاصة و العامة، و الفقراء و المساكين و كل صنف من صنوف الناس فقال: لو عدل في الناس لاستغنوا، ثمَّ قال: إن العدل أحلى من العسل و لا يعدل إلا من يحسن (أي يعلم) العدل.
قال: و كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقسم صدقات البوادي في البوادي و صدقات أهل الحضر في أهل الحضر و لا يقسم بينهم بالسوية على ثمانية حتى يعطي أهل كل سهم ثمنا، و لكن يقسمها على قدر من يحضره من أصناف الثمانية على قدر ما يقيم (و في التهذيب يغني) كل صنف منهم بقدره لسنته ليس في ذلك شي‏ء موقوت (موقت- خ) و لا مسمى و لا مؤلف، إنما يضع (يصنع- خ) ذلك على قدر ما يرى و ما يحضره حتى يسد فاقة كل قوم منهم و إن فضل من ذلك فضل عرضوا المال جملة إلى غيرهم،

113
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

.........
__________________________________________________
و الأنفال إلى الوالي.
و كل أرض فتحت أيام النبي صلى الله عليه و آله و سلم إلى آخر الأبد ما كان افتتاحا بدعوة أهل الجور و أهل العدل لأن ذمة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في الأولين و الآخرين ذمة واحدة، لأن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال: المسلمون إخوة تتكافأ دماؤهم و يسعى بذمتهم أدناهم (و في بعض النسخ آخرهم) و ليس في مال الخمس زكاة لأن فقراء الناس جعل أرزاقهم في أموال الناس على ثمانية أسهم فلم يبق منهم أحد و جعل للفقراء «1» قرابة الرسول صلى الله عليه و آله و سلم نصف الخمس فأغناهم به عن صدقات الناس، و صدقات النبي صلى الله عليه و آله و سلم و ولي الأمر فلم يبق فقير من فقراء الناس و لم يبق فقير من فقراء قرابة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إلا و قد استغنى فلا فقير، و لذلك لم يكن على مال النبي صلى الله عليه و آله و الوالي زكاة لأنه لم يبق فقير محتاج، و لكن عليهم أشياء تنوبهم من وجوه و لهم من تلك الوجوه كما عليهم «2»- فتدبر فيما يستنبط من هذا الخبر المقبول عند الأصحاب المعمول عليه سوى بعض الأشياء التي ذكر و سيذكر، و يمكن أن يكون خبر الكتاب غير هذا الخبر أو يكون مضمون الأخبار مثل ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: نحن و الله الذين عنى الله بذي القربى الذين قرنهم الله بنفسه و نبيه (ص) فقال ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‏ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى‏ فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى‏ وَ الْيَتامى‏ وَ الْمَساكِينِ منا خاصة و لم يجعل لنا سهما في الصدقة أكرم الله نبيه و أكرمنا أن يطعمنا أوساخ ما في أيدي الناس «3» و غير ذلك من الأخبار و المراد بالكرامة الهدية
__________________________________________________
 (1) في التهذيب و جعل لفقراء قرابات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نصف الخمس.
 (2) الكافي باب الفي‏ء و الأنفال إلخ من كتاب الحجة خبر 4 و التهذيب باب قسمة الغنائم خبر 2.
 (3) أصول الكافي باب الفي‏ء و الأنفال خبر 1 من كتاب الحجة و الآية في سورة الحشر- 6.

114
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

1650 وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع أَصْلَحَكَ اللَّهُ مَا أَيْسَرُ مَا يَدْخُلُ بِهِ الْعَبْدُ النَّارَ قَالَ مَنْ أَكَلَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ دِرْهَماً وَ نَحْنُ الْيَتِيمُ.

1651 وَ سَأَلَ زَكَرِيَّا بْنُ مَالِكٍ الْجُعْفِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى‏ وَ الْيَتامى‏ وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ «1» قَالَ أَمَّا خُمُسُ اللَّهِ فَلِلرَّسُولِ يَضَعُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ أَمَّا خُمُسُ الرَّسُولِ ص فَلِأَقَارِبِهِ وَ خُمُسُ ذِي الْقُرْبَى فَهُمْ أَقْرِبَاؤُهُ وَ الْيَتَامَى يَتَامَى أَهْلِ بَيْتِهِ فَجَعَلَ هَذِهِ‏

__________________________________________________
 «و روى عن أبي بصير» في الموثق «قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام أصلحك الله» أي جعلك الله متمكنا في الأرض ظاهرا كما جعلك كذلك واقعا «ما أيسر ما يدخل به العبد النار» يعني أسباب دخول النار كثيرة فقرره عليه السلام عليه «فقال من أكل من مال اليتيم درهما» فهو يدخل النار لقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى‏ ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً «2» «و نحن اليتيم» يعني أكثر الناس لا يؤدون الخمس، مع أنه فيه مال أيتام السادات (أو) يكون المراد باليتيم في الآيات و الأخبار النبي و الأئمة صلى الله عليهم و قد أمروا أن يؤدوا إليهم أموالهم و حقوقهم التي من جملتها طاعتهم و الانقياد لهم و يكون هذا المعنى مرادا من بطن الآيات كما ورد في الأخبار فحينئذ يكون المراد باليتيم وحيد العصر كالدر اليتيم.
 «و سأل زكريا بن مالك الجعفي» في الحسن عنه و رواه الشيخ في الصحيح، عن عبد الله بن مسكان (و هو ممن أجمعت العصابة عنه) عن أبي عبد الله عليه السلام «3» «أبا عبد الله عليه السلام قال: أما خمس الله» (أي سهم الله تعالى) من الخمس «فللرسول» سماه لنفسه إشارة لشأن الرسول و تطييبا لقلوب أهل الخمس و إشعارا بأنه ليس مثل الزكاة فإنها من أوساخ الناس «يضعه في سبيل الله» أي الجهاد أو يصرفه في أبواب الخير تبرعا لأنه حقه صلى الله عليه و آله و سلم «و أما خمس الرسول فلا قاربه» أي بعده صلى الله عليه و آله و سلم أو في حال حياته تبرعا «و خمس‏
__________________________________________________
 (1) الأنفال 41.
 (2) النساء- 10.
 (3) التهذيب باب تميز أهل الخمس إلخ خبرا.

115
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

الْأَرْبَعَةَ الْأَسْهُمِ فِيهِمْ وَ أَمَّا الْمَسَاكِينُ وَ أَبْنَاءُ السَّبِيلِ فَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ
__________________________________________________
ذي القربى فهم أقرباؤه» من الأئمة المعصومين (ع) «و اليتامى (إلى قوله) فيهم» أي باعتقاد أهل الخلاف أيضا «و أما المساكين (إلى قوله) و أبناء السبيل» أي منا فكأنه عليه السلام اتقى منهم و لم يقل صريحا و قاله مستدلا عليه بأن الله تعالى قرر للمساكين و أبناء السبيل من غيرنا سهم الزكاة فلا بد من أن يكون هذا فينا كما هو ظاهر، و ظهر من الخبر الطويل مشروحا، و بالجملة فلا ريب في أن هذا الخبر ورد تقية على تقدير صحته و كان دأبهم صلوات الله عليهم في التقية هكذا كما نبهنا عليه مرارا.
و مثله ما رواه الكليني في الصحيح، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الرضا عليه السلام قال: سئل، عن قول الله عز و جل وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى‏ فقيل له: فما كان لله فلمن هو؟ فقال لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، و ما كان لرسول الله فهو للإمام، فقيل له: أ فرأيت إن كان صنف من الأصناف أكثر و صنف أقل، ما يصنع به؟ قال: ذاك إلى الإمام أ رأيت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم كيف يصنع؟ أ ليس إنما كان يعطي على ما يرى؟ كذلك الإمام «1» و إنما أولناه لدلالة الروايات الكثيرة على أن الخمس يقسم ستة أسهم كظاهر الآية، ثلاثة منها للإمام و هي سهم الله، و سهم رسوله، و سهم نفسه، و ثلاثة لليتامى و المساكين و أبناء السبيل من بني هاشم، و قد تقدم بعضها.
و يدل عليه أيضا ما رواه الشيخ في الموثق، عن عبد الله بن بكير، عن بعض أصحابه، عن أحدهما عليهما السلام في قول الله تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى‏ وَ الْيَتامى‏ وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ؟ قال خمس الله للإمام و خمس ذي القربى لقرابة الرسول صلى الله عليه و آله و سلم، الإمام، و اليتامى، يتامى آل الرسول، و المساكين‏
__________________________________________________
 (1) أصول الكافي باب الفي‏ء و الأنفال إلخ خبر 7 و الآية في سورة الأنفال- 41.

116
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

وَ لَا تَحِلُّ لَنَا فَهِيَ لِلْمَسَاكِينِ وَ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ‏
__________________________________________________
منهم و ابن السبيل منهم فلا يخرج منهم إلى غيرهم «1» و لم يذكر هنا سهم الرسول و الظاهر أنه للتقية كما لم يذكر فيما رواه في الصحيح، عن ربعي بن عبد الله بن الجارود، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إذا أتاه المغنم أخذ صفوه و كان ذلك له ثمَّ يقسم ما بقي خمسة أخماس و يأخذ خمسه ثمَّ يقسم أربعة أخماس بين الناس الذين قاتلوا عليه، ثمَّ قسم الخمس الذي أخذه خمسة أخماس يأخذ خمس الله عز و جل لنفسه. ثمَّ يقسم الأربعة أخماس بين ذوي القربى و اليتامى و المساكين و أبناء السبيل يعطي كل واحد منهم جميعا، و كذلك الإمام يأخذ كما يأخذ الرسول صلى الله عليه و آله و سلم «2».
و يؤيد التقية أنه صلى الله عليه و آله و سلم إذا أخذ سهم الله كيف لا يأخذ سهم نفسه أو يكون تبرعا منه صلى الله عليه و آله و سلم للأصناف الباقية، و يؤيده ما رواه في الصحيح، عن أحمد بن محمد قال: حدثنا بعض أصحابنا رفع الحديث قال: الخمس من خمسة أشياء من الكنوز و المعادن و الغوص و المغنم الذي يقاتل عليه و لم يحفظ الخامس، و ما كان من فتح لم يقاتل عليه و لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب إلا أن أصحابنا يأتونه فيعاملون عليه فكيف ما عاملتهم أو عاملهم عليه (أي من أرض الموات) النصف أو الثلث أو الربع، أو ما كان يسهم له خاصة، و ليس لأحد فيه شي‏ء إلا ما أعطاه هو منه، و بطون الأودية و رؤوس الجبال و الموات كلها هي له و هو قوله تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ أن تعطيهم منه قال قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ «3» و ليس هو يسألونك عن الأنفال و ما كان من القرى و ميراث من لا وارث له فهو له خاصة و هو قوله عز و جل ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‏ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى«4» فأما الخمس فيقسم على ستة أسهم، سهم الله و سهم للرسول صلى الله عليه و آله و سلم و سهم لذوي القربى، و سهم لليتامى، و سهم للمساكين و سهم لأبناء السبيل فالذي لله فلرسول صلى الله عليه و آله و سلم فرسول الله أحق به فهو له خاصة و الذي‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب تميز أهل الخمس إلخ خبر 2.
 (2) التهذيب باب قسمة الغنائم خبر 1.
 (3) الأنفال- 1.
 (4) الحشر 6.

117
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

1652 وَ فِي تَوْقِيعَاتِ الرِّضَا ع إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيِّ إِنَّ الْخُمُسَ بَعْدَ الْمَئُونَةِ.

__________________________________________________
للرسول هو لذي القربى و الحجة في زمانه، فالنصف له خاصة، و النصف لليتامى و المساكين و أبناء السبيل من آل محمد عليهم السلام الذي لا تحل لهم الصدقة و لا الزكاة عوضهم الله مكان ذلك بالخمس فهو يعطيهم على قدر كفايتهم فإن فضل منهم شي‏ء فهو له و إن نقص عنهم و لم يكفهم أتمه لهم من عنده كما صار له الفضل كذلك يلزمه النقصان «1».
و الأخبار المتقدمة و إن كانت أصح لكن هذه الأخبار و أمثالها أشهر، و عليه عمل الأكثر، و جمع الأخبار المتقدمة مع هذه الأخبار أسهل بحمل المتقدمة على، التقية و لو عمل بالعكس لزم طرح هذه الأخبار و الجمع أولى من الترك و الله تعالى يعلم.
و روى الكليني عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز و جل:
وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى‏ قال: هم قرابة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، و الخمس لله و للرسول و لنا «2» أي لبني هاشم حتى يشمل الأصناف كلها جمعا.
 «و في توقيعات الرضا عليه السلام» أي مكاتباته التي بمنزلة فرامين السلاطين، بل هم السلاطين و السلاطين عبيدهم «إلى إبراهيم بن محمد الهمداني» في الحسن كالصحيح «أن الخمس بعد المؤنة»، و الظاهر أنه وقع الاشتباه منه، لأن الظاهر من الكافي و التهذيب أن التوقيع كان من أبي الحسن الثالث صلوات الله عليه، و لما كان بلفظ أبي الحسن توهم أنه الرضا عليه السلام و يؤيده أن إبراهيم هذا لم يكن في زمن الرضا عليه السلام، ففي الكافي سهل، عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أقرأني علي بن مهزيار كتاب أبيك عليه السلام فيما أوجبه على صاحب الضياع نصف السدس بعد المؤنة و أنه ليس على من لم يقم ضيعته بمؤنته نصف السدس و لا غير ذلك، فاختلف من قبلنا في ذلك، فقالوا: يجب على الضياع الخمس بعد المؤنة مئونة الضيعة و خراجها لا مئونة الرجل و عياله فكتب عليه السلام: بعد مئونة عياله و بعد خراج السلطان «3»- و في‏
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب تميز أهل الخمس إلخ خبر 5.
 (2- 3) الكافي باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر 2- 24.

118
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

.........
__________________________________________________
التهذيب في الصحيح، عن علي بن مهزيار قال: كتب إليه إبراهيم بن محمد الهمداني أقرأني على كتاب أبيك إلى قوله فكتب عليه السلام و قرأه علي بن مهزيار، عليه الخمس بعد مئونته إلخ «1» و الظاهر أن المراد بالمؤنة مئونة السنة كما تقدم. و سيجي‏ء و روى الشيخ في الصحيح، عن علي بن مهزيار، عن محمد بن الحسن الأشعري قال: كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام أخبرني عن الخمس أ على جميع ما يستفيد الرجل من قليل و كثير من جميع الضروب و على الضياع و كيف ذلك؟ فكتب بخطه: الخمس بعد المؤنة «2» و الظاهر أن هذه الكتابة صارت سببا للاختلاف، فظهر أن المراد بأبي الحسن عليه السلام هو الثالث عليه السلام، و أما نصف السدس الذي وقع في الخبر، فيمكن أن يكون على تقدير عدم سهو الراوي لإسقاط سهم الله أو سهم الرسول صلى الله عليه و آله و سلم، تقية كما هو مذهب كثير من العامة فيصير الخمس سدسا أو أريد بالسدس الست «3»- و في الصحيح، عن علي بن مهزيار قال: قال لي أبو علي بن راشد: قلت له: أمرتني بالقيام بأمرك و أخذ حقك فأعلمت مواليك بذلك فقال لي بعضهم و أي شي‏ء حقه فلم أدر ما أجيبه فقال: يجب عليهم الخمس، فقلت ففي أي شي‏ء؟ فقال: في أمتعتهم و صنائعهم و ضياعهم قلت: فالتاجر عليه و الصانع بيده فقال: ذلك إذا أمكنهم بعد مئونتهم «4»
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب الخمس و الغنائم خبر 10.
 (2- 3) التهذيب باب الخمس و الغنائم خبر 9 و 10.
 (4) اعلم ان الظاهر من الاخبار انه لما كانت لهم (ع) الولاية العامّة كانوا يهبون الخمس لمن شاء واو كانوا يزيدون و ينقصون و لما تقدم في الخبر الطويل انه كان عليهم السلام مئونة سنة بنى هاشم و كان عليهم الاتمام مع النقص من نصيبهم و كانت لهم الزيادة من نصيب سنتهم و لما كان بنو هاشم في تلك الأزمنة قليلين و كان الزيادة لهم بعد اعطائهم نصيب سنتهم كانوا مخيرين في اخذ الزيادة من الشيعة فلذلك كانوا يهبون احيانا لجميع الخمس و احيانا بعضه فاخذهم عليهم السلام نصف السدس باعتبار هبتهم البقية فتدبر- منه ره.

119
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

.........
__________________________________________________
 (أو مئونتها) كما في بعض النسخ فظهر منها وجوب الخمس في التجارات و الصناعات و الزراعات و أنه بعد المؤنة.
و يؤيده ما رواه الكليني في الصحيح، عن ابن أبي نصر قال: كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام: الخمس أخرجه قبل المؤنة أو بعد المؤنة؟ فكتب: بعد المؤنة «1» و في الصحيح، عن أحمد بن محمد بن عيسى عن (بن- خ ل) يزيد قال: كتبت جعلت لك الفداء تعلمني ما الفائدة و ما حدها رأيك أخبرنيه- أبقاك الله إن تمن علي ببيان ذلك لكيلا أكون مقيما على حرام لا صلاة لي و لا صوم، فكتب: الفائدة مما تفيد (أي تستفيد) إليك في تجارة من ربحها و حرث بعد الغرامة أو جائزة «2».
و ما ورد مطلقا فهو محمول على المقيد، مثل ما رواه الكليني في الموثق، عن سماعة قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الخمس فقال: في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير «3» يقال: أفدت المال أي أعطيته و اكتسبته، و عن حكيم مؤذن «4» بن عيسى، قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز و جل وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى«5» فقال أبو عبد الله عليه السلام: بمرفقيه على ركبتيه (أي حال كونه متكئا عليهما) ثمَّ أشار بيده ثمَّ قال: هي و الله الإفادة يوم بيوم إلا أن أبي جعل شيعته في حل ليزكوا «6» و روى الشيخ، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: على كل امرء غنم و اكتسب الخمس مما أصاب لفاطمة عليها السلام، و لمن يلي أمرها
__________________________________________________
 (1- 2) أصول الكافي باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر 13- 2.
 (3) الكافي باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر 11.
 (4) و عن رجال الشيخ: حكيم مؤذن بنى عبس بالباء الموحدة- و في التهذيب بنى عبس بالياء المثناة و على اي حال مجهول الحال- مرآة العقول.
 (5) الأنفال- 41.
 (6) الكافي باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر 11.

120
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

1653 وَ رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: أَيُّمَا ذِمِّيٍّ اشْتَرَى مِنْ مُسْلِمٍ أَرْضاً فَعَلَيْهِ الْخُمُسُ.

1654 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ: إِنَّ أَشَدَّ مَا فِيهِ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَقُومَ صَاحِبُ الْخُمُسِ فَيَقُولَ يَا رَبِّ خُمُسِي وَ قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ لِشِيعَتِنَا لِتَطِيبَ وِلَادَتُهُمْ أَوْ لِتَزْكُوَ وِلَادَتُهُمْ‏

__________________________________________________
بعدها من ورثتها أو ذريتها الحجج على الناس فذلك لهم خاصة يضعونها حيث شاءوا و حرم عليهم الصدقة- حتى الخياط ليخيط قميصا بخمسة دوانيق فلنا منه دانق إلا من أحللناه من شيعتنا لتطيب لهم به الولادة، إنه ليس شي‏ء عند الله يوم القيمة أعظم من الزنا أنه ليقوم صاحب الخمس فيقول، يا رب سل هؤلاء بم أبيحوا أو نكحوا «1» و غير ذلك من الأخبار و سيذكر بعضها.
 «و روى أبو عبيدة الحذاء» ثقة لم يذكر الصدوق طريقه إليه، و الظاهر أنه من كتابه، لكن روى الشيخ في الصحيح، عن أبي عبيدة الحذاء قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: «2» «أيما (إلى قوله) الخمس» و الظاهر أن الاختيار إلى الإمام أو نائبه في أخذ العين أو القيمة أو خمس الحاصل كل سنة، و يحتمل أن يكون الاختيار إلى الذمي «و روى محمد بن مسلم» و رواه الكليني و الشيخ بسندهما عنه «3» «عن أحدهما عليهما السلام» و يدل على وجوب الخمس و تأكده بالنسبة إلى غير الإمامية، و تحليل المناكح لهم، و يحتمل الأعم و تحليله لآبائهم و إن لم يكونوا إماميا لتطيب ولادتهم عن الزنا أو شبهة الزنا بالنظر إلى المهر إذا لم يؤد خمسه و بالنظر إلى ما يشترونه من الإماء المسبيات، و كلها أو خمسها للإمام و مشاركيه عليه السلام، و تحليله عليه السلام بالنظر إلى حقه‏
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب الخمس و الغنائم خبر 5- 12.
 (3) الكافي باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر 20 و التهذيب باب الزيادات خبر 4.

121
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

1655 وَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَصَبْتُ مَالًا أَغْمَضْتُ فِيهِ‏

__________________________________________________
ظاهر، و بالنظر إلى حقوق الشركاء للولاية العامة التي له عليه السلام، أو لأن الأرض و ما يحصل منها لهم بحسب الواقع كما أورثهم الله تعالى كما قال تعالى:
وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ «1» و المراد بالذكر التوراة و في التوراة التي عند اليهود الآن مذكور، إن سارة لما أرادت أن تضرب هاجر فهربت منه فوصلت إلى جبرئيل فبشرها بأنه يلد منها في آخر الزمان اثني عشر عظيما يكونون وارث الأرض و قال الله تعالى:
إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ «2» و روى الكليني في الصحيح، عن أبي خالد الكابلي (الممدوح) عن أبي جعفر عليه السلام قال: وجدنا في كتاب علي عليه السلام، إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ أنا و أهل بيتي الذين أورثنا الله الأرض و نحن المتقون، و الأرض كلها لنا، فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها و ليؤد خراجها إلى الإمام من أهل بيتي و له ما أكل منها فإن تركها أو أخر بها و أخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها و أحياها فهو أحق بها من الذي تركها يؤدي خراجها إلى الإمام من أهل بيتي و له ما أكل منها حتى يظهر القائم من أهل بيتي بالسيف فيحويها و يمنعها و يخرجها منها كما حواها رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و منعها إلا ما كان في أيدي شيعتنا فإنه يقاطعهم على ما في أيديهم و يترك الأرض في أيديهم «3» و إن أمكن حمله على الأرض فقط لكن سياق الكلام يدل على ما ذكرناه و سيجي‏ء أخبار أصرح منه.
 «و جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام» رواه الكليني بإسناده، عن النوفلي،
__________________________________________________
 (1) الأنبياء- 105.
 (2) الأعراف- 128.
 (3) الكافي كتاب الحجة باب ان الأرض كلها للامام خبر 1.

122
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

أَ فَلِي تَوْبَةٌ قَالَ ائْتِنِي بِخُمُسِهِ فَأَتَاهُ بِخُمُسِهِ فَقَالَ هُوَ لَكَ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا تَابَ تَابَ مَالُهُ مَعَهُ.
1656 وَ سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَأْخُذُ مِنْهُ هَؤُلَاءِ زَكَاةَ مَالِهِ‏

__________________________________________________
عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رجلا أتى أمير المؤمنين عليه السلام «1» إلخ «أغمضت فيه» أي ما لاحظت الحرام و الحلال في تحصيله، و يؤيده ما رواه الشيخ في- القوي، عن الحسن بن زياد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رجلا أتى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين إني أصبت مالا لا أعرف حلاله من حرامه فقال له: أخرج الخمس من ذلك المال، فإن الله عز و جل قد رضي من المال بالخمس و اجتنب مما كان صاحبه يعلم (يعمل- خ ل) «2» و روى الشيخ في الحسن كالصحيح، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل من أصحابنا يكون في أوانهم (و في بعض النسخ في لقائهم) فيكون معهم فيصيب غنيمة قال: يؤدي خمسا و تطيب له «3» و فصل الأصحاب بأن المال الحرام المختلط بالحلال إذا كان قدره و صاحبه معلومين يجب دفعه إلى صاحبه، و إن كان صاحبه معلوما دون المال يجب الصلح معه في القدر المجهول دون القدر المعلوم فإنه يجب أداؤه إليه، و إذا كان القدر معلوما و صاحبه غير معلوم فقيل إنه بمنزلة اللقطة، و سيجي‏ء حكمها (و قيل) يجب التصدق به! و الأحوط التفحص عنه حتى يحصل الإياس ثمَّ التصدق، و إذا كانا مجهولين يجب الخمس. و حملوا الرواية على هذه الصورة، و اختلفوا في مصرفها (فبعضهم) قال: إن مصرفه مصرف الصدقات (و بعضهم) قال: إن مصرفه مصرف الخمس و هو أحوط. و إن كان الأول أظهر، و يسمى برد المظالم في عرفنا و ظاهر الروايات الإطلاق بل التعميم.
 «و سئل أبو الحسن عليه السلام (أبو عبد الله عليه السلام- خ ل) عن الرجل إلخ» قد مر الأخبار
__________________________________________________
 (1) الكافي باب المكاسب الحرام خبر 5 من كتاب المعيشة.
 (2) التهذيب باب الزيادات خبر- 12-
 (3) التهذيب باب الخمس و الغنائم خبر 14.

123
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فيما يجب فيه الخمس ص 109

أَوْ خُمُسَ غَنِيمَتِهِ أَوْ خُمُسَ مَا يَخْرُجُ لَهُ مِنَ الْمَعَادِنِ أَ يُحْسَبُ ذَلِكَ لَهُ فِي زَكَاتِهِ وَ خُمُسِهِ فَقَالَ نَعَمْ.
 [حكم تحليل الخمس‏]
1657 وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الثَّالِثِ ع إِنَّا نُؤْتَى بِالشَّيْ‏ءِ فَيُقَالُ هَذَا كَانَ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع عِنْدَنَا فَكَيْفَ نَصْنَعُ فَقَالَ مَا كَانَ لِأَبِي ع بِسَبَبِ الْإِمَامَةِ فَهُوَ لِي وَ مَا كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَهُوَ مِيرَاثٌ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ ص.

1658 وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي لآَخُذُ مِنْ أَحَدِكُمُ الدِّرْهَمَ‏

__________________________________________________
في باب الزكاة في هذا الباب و بعضها يدل بعمومه عليه. و حمل على سقوط الزكاة و الخمس عما أخذوه فإنه بمنزلة التالف.
 «و روي، عن أبي علي بن راشد» الظاهر أنه أبو علي بن راشد الوكيل كما يظهر من هذا الخبر و غيره من الأخبار و السهو من النساخ قوله «ما كان لأبي عليه السلام بسبب الإمامة» مثل أن جمع عندك من الخمس مثلا «فهو لي» أي أقاسمه أنا على ما فرضه الله تعالى و إن كان يد الوكيل يد الموكل لأن مال الغنيمة لا يصير ملكا لأربابها ما لم يصل إليهم، و كذا حصة الإمام عليه السلام «و ما كان غير ذلك» مثل الديون التي كانت من ماله صلوات الله عليه «فهو ميراث إلخ».
 «و روى عبد الله بن بكير» في الموثق كالصحيح و رواه الكليني أيضا في الموثق كالصحيح «1» قوله «ما أريد بذلك إلا أن تطهروا» أي من الآثام التي تحصل لكم بسبب منع الخمس أو مطلقا، و روى الشيخ في الصحيح و الكليني في الحسن كالصحيح، عن ضريس الكناسي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام من أين دخل على الناس الزنا؟ قلت لا أدري جعلت فداك قال: من قبل خمسنا أهل البيت إلا شيعتنا الأطيبين، فإنه محلل لهم لميلادهم «2» و روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن إبراهيم بن هاشم قال: كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام إذ دخل عليه صالح بن محمد بن سهل و كان يتولى له الوقف بقم،
__________________________________________________
 (1) الكافي باب صلة الامام خبر 7 من كتاب الحجة.
 (2) الكافي كتاب الحجة باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر- 16-

124
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم تحليل الخمس ص 124

وَ إِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَالًا مَا أُرِيدُ بِذَلِكَ إِلَّا أَنْ تُطَهَّرُوا.
__________________________________________________
فقال: يا سيدي اجعلني من عشرة آلاف في حل فإني أنفقتها فقال له: أنت في حل، فلما خرج صالح قال أبو جعفر عليه السلام: أحدهم يثب على أموال حق آل محمد و أيتامهم و مساكينهم و فقرائهم و أبناء سبيلهم فيأخذه ثمَّ يجي‏ء فيقول: اجعلني في حل أ تراه ظن أني أقول: لا أفعل و الله ليسألنهم الله يوم القيمة عن ذلك سؤالا حثيثا «1» أي شديدا يحتمل أن يكون تحليله عليه السلام من حقه لا من حق الشركاء و قال: هذا القول ليصل إليه و يدفع إليه عليه السلام حق الفقراء (أو) مطلقا و يكون التحليل من أجل الحياء ظاهرا و قاله عليه السلام أخيرا ليصل إليه مع أنه خان في أموالهم و لا يستحق التحليل و الهبة، أو حل له تقية منه، لأن من كان خائنا لا يخاف من الله.
و روى الكليني و الشيخ، عن محمد بن زيد الطبري قال: كتب رجل من تجار فارس من بعض موالي أبي الحسن الرضا عليه السلام يسأله الإذن في الخمس فكتب إليه بسم الله الرحمن الرحيم إن الله واسع كريم ضمن على العمل الثواب، و على الضيق الهم، لا يحل مال إلا من وجه أحله الله و إن الخمس عوننا على ديننا (يمكن قراءته بالفتح و الكسر) و على عيالاتنا و على موالينا و ما نبذله و نشتري من أعراضنا ممن نخاف سطوته فلا تزووه عنا و لا تحرموا أنفسكم دعاءنا ما قدرتم عليه، فإن إخراجه مفتاح رزقكم و تمحيص ذنوبكم و ما تمهدون لأنفسكم ليوم فاقتكم و المسلم من يفي لله بما عاهد إليه و ليس المسلم من أجاب باللسان و خالف بالقلب و السلام «2» و عن محمد بن زيد الطبري قال قدم قوم من خراسان على أبي الحسن الرضا عليه السلام فسألوه أن يجعلهم في حل من الخمس، فقال: ما أمحل؟ هذا؟ تمحضونا بالمودة بألسنتكم و تزوون عنا حقا جعله الله لنا و جعلنا له و هو الخمس لا نجعل، لا نجعل، لا نجعل لأحد منكم في خل «3».
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي كتاب الحجة باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس خبر- 27- 25- و أورد الخبر الثاني الشيخ في التهذيب باب الزيادات خبر 18.
 (3) الكافي كتاب الحجة باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس خبر- 26- و التهذيب باب الزيادات خبر 19.

125
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم تحليل الخمس ص 124

.........
__________________________________________________
و روى الشيخ في الصحيح، عن علي بن مهزيار قال: كتب إليه أبو جعفر عليه السلام و قرأت أنا كتابه إليه في طريق مكة قال: الذي أوجبت في سنتي هذه، و هذه سنة عشرين و مائتين فقط لمعنى من المعاني أكره تفسير المعنى كله خوفا من الانتشار و سأفسر ذلك بعضه إن شاء الله، إن موالي (أسأل الله صلاحهم) أو بعضهم قصروا فيما يجب عليهم فعلمت ذلك فأحببت أن أطهرهم و أزكيهم بما فعلت في عامي هذا من أمر الخمس قال الله تعالى:
خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ- أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ- وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ سَتُرَدُّونَ إِلى‏ عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ «1» و لم أوجب ذلك في كل عام و لا أوجب عليهم إلا الزكاة التي فرضها الله تعالى عليهم و إنما أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب و الفضة التي قد حال عليها الحول و لم أوجب ذلك عليهم في متاع و لا آنية و لا دواب و لا خدم و لا ربح ربحه في تجارة و لا ضيعة إلا ضيعة سأفسر لك أمرها تخفيفا مني عن موالي و منا مني عليهم لما يغتال السلطان من أموالهم و لما ينوبهم في ذاتهم فأما الغنائم و الفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام، قال الله تعالى.
وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى‏ وَ الْيَتامى‏ وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى‏ عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ «2» فالغنائم و الفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء و الفائدة يفيدها
__________________________________________________
 (1) التوبة- 103- 104- 105.
 (2) الأنفال- 41.

126
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم تحليل الخمس ص 124

.........
__________________________________________________
 (أي يستفيدها) و الجائزة من الإنسان للإنسان التي لها خطر و الميراث الذي لا يحتسب من غير أب و لا ابن و مثل عدو يصطلم فيؤخذ ماله و مثل مال يؤخذ لا يعرف له صاحب و من ضرب ما صار إلى موالي من أموال الخرمية الفسقة (و هم أصحاب التناسخ و الإباحة) فقد علمت أن أموالا عظاما صارت إلى قوم من موالي فمن كان عنده شي‏ء من ذلك فليوصل إلى وكيلي، و من كان نائيا بعيد الشقة فليتعمد (أو فليعمل- خ) لإيصاله و لو بعد حين فإن نية المؤمن خير من عمله، فأما الذي أوجب من الضياع و الغلات في كل عام فهو نصف السدس ممن كان ضيعته تقوم بمؤنته و من كانت ضيعته لا تقوم بمؤنته فليس عليه نصف سدس و لا غير ذلك «1».
قوله عليه السلام (فأما الغنائم و الفوائد) أي غنائم دار الحرب و الفوائد التي سيذكرها لا أرباح التجارات فإنه وضعها عنهم (فهي الغنيمة يغنمها) من أهل الحرب أو أهل البغي و الناصب على احتمال كما رواه الشيخ في الصحيح، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خذ مال الناصب حيثما وجدته و ادفع إلينا بالخمس «2» و في الصحيح، عن أبي بكر الحضرمي (الممدوح) عن المعلى (الثقة) قال: خذ مال الناصب حيثما وجدت و ابعث إلينا الخمس «3» و (الفائدة يفيدها و الجائزة) الظاهر أن الواو سهو من القلم و هي بيان للفائدة أي العطايا الجزيلة و الميراث من غير الأب و الابن فإنه كأنه من ماله، (و مثل عدو يصطلم) فيؤخذ ماله كالغنائم، أو مال الناصب كما مر، (و مثل مال يؤخذ لا يعرف له صاحب كالكنز) (و من ضرب) أي مثل (ما صار إلى موالي) من الخوارج.
__________________________________________________
 (1) التهذيب باب الزيادات خبر 20.
 (2- 3) التهذيب باب الخمس و الغنائم خبر- 7- 8-

127
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم تحليل الخمس ص 124

1659 وَ رُوِيَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْقَمَّاطِينَ فَقَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ تَقَعُ فِي أَيْدِينَا الْأَرْبَاحُ وَ الْأَمْوَالُ وَ تِجَارَاتٌ نَعْرِفُ أَنَّ حَقَّكَ فِيهَا ثَابِتٌ وَ إِنَّا عَنْ ذَلِكَ مُقَصِّرُونَ فَقَالَ ع مَا أَنْصَفْنَاكُمْ إِنْ كَلَّفْنَاكُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ.

1660 وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ أَنَّهُ قَالَ: قَرَأْتُ فِي كِتَابٍ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع إِلَى رَجُلٍ يَسْأَلُهُ‏

__________________________________________________
و إما (نصف السدس «1» فقد مر تفسيره: و يحتمل أن يكون المراد به الخراج أو يكون بكسر السين بمعنى الست كما هو أصله بمعنى حصة الإمام و يكون حصة البقية على صاحبها الإخراج إليهم أو بالعكس «2» و يكون إباحة لحصته عليه السلام لهم.
و في الحسن كالصحيح عن الريان بن الصلت قال: كتبت إلى أبي محمد عليه السلام ما الذي يجب على يا مولاي في غلة رحى في أرض قطيعة لي و في ثمن سمك، و بردي و قصب أبيعه من أجمة هذه القطيعة؟ فكتب عليه السلام يجب عليك فيه الخمس إن شاء الله «3» و روى الكليني في الموثق، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كل شي‏ء قوتل عليه على شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله، فإن لنا خمسه و لا يحل لأحد أن يشتري من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقنا «4» و روى الشيخ، عن أبي بصير: عن أبي جعفر عليه السلام قال:
سمعته يقول: من اشترى شيئا من الخمس لم يعذره الله اشترى ما لا يحل له «5».
 «و روي عن يونس بن يعقوب» الموثق «قال: (إلى قوله) من القماطين» و هم قوم يعملون بيوت القصب «فقال ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك اليوم» الذي يقع عليكم الغرامات من الظلمة فلأجل ذلك وهبنا حقنا لكم.
 «و روي» في الصحيح «عن علي بن مهزيار» و رواه الشيخ عنه في الصحيح «6»
__________________________________________________
 (1) يعني هذه الكلمة التي في صحيح عليّ بن مهزيار المتقدم فلا تغفل.
 (2) بارسال حصص المستحقين الى الامام ع و اباحة الامام حصته لهم-
 (3- 5) التهذيب باب الزيادات خبر 17.
 (4) أصول الكافي باب الفي‏ء و الأنفال إلخ خبر 14.
 (6) التهذيب باب الزيادات خبر 23.

128
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم تحليل الخمس ص 124

أَنْ يَجْعَلَهُ فِي حِلٍّ مِنْ مَأْكَلِهِ وَ مَشْرَبِهِ مِنَ الْخُمُسِ فَكَتَبَ ع بِخَطِّهِ مَنْ أَعْوَزَهُ شَيْ‏ءٌ مِنْ حَقِّي فَهُوَ فِي حِلٍّ.
__________________________________________________
 «أنه قال (إلى قوله) من الخمس» أي فيما كان فيه الخمس أو من زيادة الأرباح «فكتب عليه السلام بخطه من أعوزه شي‏ء من حقي» أي احتاج إليه «فهو في حل» يحتمل أن يكون عاما بالنسبة إلى كل إمام أو يكون خاصا بالنسبة إليه عليه السلام. و روى الكليني، عن عبد العزيز بن نافع قال: طلبنا الإذن على أبي عبد الله عليه السلام و أرسلنا إليه فأرسل إلينا ادخلوا اثنين اثنين، فدخلت أنا و رجل معي فقلت للرجل أحب أن تحل بالمسألة فقال: نعم فقال له: جعلت فداك إن أبي كان ممن سباه بنو أمية و قد علمت أن بني أمية لم يكن لهم أن يحرموا و لا يحللوا و لم يكن لهم مما في أيديهم قليل و لا كثير و إنما ذلك لكم، فإذا ذكرت ما الذي كنت فيه دخلني من ذلك ما يكاد يفسد على عقلي ما أنا فيه فقال له: أنت في حل مما كان من ذلك، و كل من كان في مثل حالك من ورائي فهو في حل من ذلك قال: فقمنا و خرجنا فسبقنا معتب إلى النفر القعود الذين ينتظرون إذن أبي عبد الله عليه السلام فقال لهم قد ظفر عبد العزيز بن نافع بشي‏ء ما ظفر بمثله أحد قط قد قيل له و ما ذاك؟ ففسره لهم فقام اثنان فدخلا على أبي عبد الله عليه السلام فقال أحدهما عليهما السلام: جعلت فداك إن أبي كان من سبايا بني أمية و قد علمت أن بني أمية لم يكن لهم من ذلك قليل و لا كثير و أنا أحب أن تجعلني من ذلك في حل فقال عليه السلام، ما ذلك إلينا ما لنا أن نحل و لا أن نحرم فخرج الرجلان و غضب أبو عبد الله عليه السلام فلم يدخل عليه أحد في تلك الليلة إلا بدأه أبو عبد الله عليه السلام فقال: أ لا تعجبون من فلان يجيئني فيستحلني مما صنعت بنو أمية كأنه يرى أن ذلك لنا و لم ينتفع أحد في تلك الليلة بقليل و لا كثير إلا الأولين فإنهما غنيا بحاجتهما «1» لا شك أنه عليه السلام اتقى (إما) من الرجلين (أو) من جاسوس كان هناك (أو) من الشهرة.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس خبر 15 من كتاب الحجة.

129
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم تحليل الخمس ص 124

.........
__________________________________________________
و روى الشيخ في الصحيح عن البزنطي: عن أبي عمارة، عن الحرث بن المغيرة النصري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: إن لنا أموالا من غلات و تجارات و نحو ذلك و قد علمت أن لك فيها حقا قال: فلم أحللنا إذا لشيعتنا إلا لتطيب ولادتهم و كل من والى آبائي فهم في حل مما في أيديهم من حقنا فليبلغ الشاهد الغائب «1» و في الصحيح، عن الفضيل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من وجد برد حبنا في كبده فليحمد الله على أول النعم قال: قلت: جعلت فداك ما أول النعم قال طيب الولادة ثمَّ قال أبو عبد الله عليه السلام قال أمير المؤمنين عليه السلام لفاطمة عليها السلام أحلي نصيبك من الفي‏ء لآباء شيعتنا ليطيبوا ثمَّ قال أبو عبد الله عليه السلام: إنا أحللنا أمهات شيعتنا لآبائهم ليطيبوا «2» و عن معاذ بن كثير بياع الأكسية عن أبي عبد الله عليه السلام قال: موسع على شيعتنا أن ينفقوا مما في أيديهم بالمعروف فإذا قام قائمنا حرم على كل ذي كنز كنز حتى يأتوه به يستعين به «3» و في الصحيح، عن عمر بن يزيد و روى الكليني أيضا في الصحيح عنه قال: رأيت أبا سيار مسمع بن عبد- الملك بالمدينة و قد كان حمل إلى أبي عبد الله عليه السلام في تلك السنة مالا فرده أبو عبد الله عليه السلام عليه فقلت له: لم رد عليك أبو عبد الله عليه السلام المال الذي حملته إليه قال: فقال: إني قلت له حين حملت إليه المال إني كنت وليت البحرين الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم و قد جئتك بخمسها ثمانين ألف درهم و كرهت أن أحبسها عنك أو أعرض لها و هي الذي جعله الله تبارك و تعالى في أموالنا فقال: أو مالنا من الأرض و ما أخرج الله منها إلا الخمس- يا با سيار أن الأرض كلها لنا فما أخرج الله منها من شي‏ء فهو لنا قال فقلت له و أنا أحمل إليك المال كله؟ فقال: يا با سيار: قد طيبناه لك و أحللناك منه فضم إليك مالك و كلما كان في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محللون فيحل لهم ذلك إلى أن يقوم قائمنا
__________________________________________________
 (1- 2- 3) التهذيب باب الزيادات خبر 28- 24- 25.

130
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم تحليل الخمس ص 124

.........
__________________________________________________
فيجبيهم طسق ما كان في أيدي سواهم «1» (و يترك الأرض في أيديهم)، «2» و أما ما كان في أيدي غيرهم فإن كسبهم من الأرض حرام عليهم حتى يقوم قائمنا فيأخذ الأرض من أيديهم و يخرجهم عنها صغرة قال عمر بن يزيد فقال لي أبو سيار ما أرى أحدا من أصحاب الضياع و لا ممن يلي الأعمال يأكل حلالا غيري إلا من طيبوا له ذلك «3» و روى الصدوق في الصحيح، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: إن أمير المؤمنين عليه السلام حللهم من الخمس يعني الشيعة ليطيب مولدهم «4» و روى الصدوق و الشيخ في الصحيح، عن أبي بصير و زرارة و محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام هلك الناس في بطونهم و فروجهم لأنهم لم يؤدوا إلينا حقنا إلا و إن شيعتنا من ذلك و آبائهم في حل «5» و في الصحيح عن محمد بن أبي عمير عن الحكم بن علباء الأسدي قال: وليت البحرين فأصبت بها مالا كثيرا فأنفقت و اشتريت ضياعا كثيرة و اشتريت رقيقا و أمهات أولاد و ولد لي، ثمَّ خرجت إلى مكة فحملت عيالي و أمهات أولادي و نسائي، و حملت خمس ذلك المال فدخلت على أبي جعفر عليه السلام فقلت له: إني وليت البحرين فأصبت بها مالا كثيرا و اشتريت متاعا و اشتريت رقيقا و اشتريت أمهات أولاد و ولد لي و أنفقت و هذا خمس ذلك المال و هؤلاء أمهات أولادي و نسائي قد أتيتك به فقال: أما إنه كله لنا و قد قبلت ما جئت به و قد حللتك من أمهات أولادك و نسائك و ما أنفقت و ضمنت لك علي و على أبي الجنة «6»
__________________________________________________
 (1) في التهذيب في ايديهم.
 (2) هذه الجملة ليست في التهذيب.
 (3) الكافي- باب ان الأرض كلها للامام خبر 2 من كتاب الحجة و التهذيب باب الزيادات خبر 26.
 (4) علل الشرائع باب العلة التي من اجلها جعلت الشيعة في حل خبر 1.
 (5- 6) التهذيب باب الزيادات خبر 7- 8.

131
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم الأنفال ص 132

[حكم الأنفال‏]
1661 وَ رَوَى أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ وَ لَا وَارِثَ لَهُ وَ لَا مَوْلًى لَهُ فَقَالَ هُوَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْآيَةِ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ «1»
__________________________________________________
و عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: من أحللنا له شيئا أصابه من أعمال الظالمين فهو له حلال و ما حرمناه من ذلك فهو حرام «2» و عن أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رجل و أنا حاضر حللت أو حلل لي الفروج ففزع أبو عبد الله عليه السلام فقال له رجل: ليس يسألك أن يعترض الطريق إنما يسألك خادما يشتريها أو امرأة يتزوجها أو ميراثا يصيبه أو تجارة أو شيئا أعطيه (أو أعطاه- خ) فقال: هذا لشيعتنا حلال، الشاهد منهم و الغائب و الميت منهم و الحي و ما يولد منهم إلى يوم القيمة فهو لهم حلال، أما و الله لا يحل إلا لمن أحللنا له، و لا و الله ما أعطينا أحدا ذمة و ما عندنا لأحد عهد و لا لأحد عندنا ميثاق «3» فظهر من الأخبار الكثيرة إباحة المناكح، و يفهم من بعضها إباحة المساكن و المتاجر و في بعضها عدمها، فالاحتياط في الدين تركهما.
 «و روى أبان بن تغلب» في القوي يدل على أن ميراث من لا وارث له للإمام و سيجي‏ء إن شاء الله في الميراث، و يدل على أن الأنفال لله و الرسول و قد تقدم بعض الأخبار في ذلك.
و يدل أيضا عليه ما ذكره ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني رضي الله عنه أن الله تبارك و تعالى جعل الدنيا كلها بأسرها لخليفته حيث يقول للملائكة إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً و كانت بأسرها لآدم و صارت بعده لأبرار ولده و خلفائه فما غلب عليه أعداؤهم ثمَّ رجع إليهم بحرب أو غلبة سمي فيئا و هو الفي‏ء (يرجع) إليهم بغلبة أو حرب و كان حكمه فيه ما قال الله تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى‏ وَ الْيَتامى‏ وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ «4» فهو لله و للرسول و لقرابة الرسول فهذا هو الفي‏ء الراجع و إنما يكون الراجع ما كان في يد غيرهم فأخذ
__________________________________________________
 (1) الأنفال- 1.
 (2- 3) التهذيب باب الزيادات خبر 9- 6.
 (4) الأنفال- 41.

132
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم الأنفال ص 132

.........
__________________________________________________
منهم بالسيف و أما ما رجع إليهم من غير أن يوجف عليه و يقاتل معهم بخيل و لا ركاب فهو الأنفال هو لله و للرسول خاصة ليس لأحد فيه الشركة و إنما جعل الشركة في شي‏ء قوتل عليه فجعل لمن قاتل من الغنائم أربعة أسهم و للرسول سهم و الذي للرسول يقسمه على ستة أسهم ثلاثة له و ثلاثة لليتامى و المساكين و ابن السبيل، و أما الأنفال فليس هذه سبيلها كانت للرسول صلى الله عليه و آله و سلم خاصة و كانت فدك لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم خاصة لأنه عليه السلام فتحها و أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن معهما أحد فزال عنها اسم الفي‏ء و لزمها اسم الأنفال و كذلك الآجام و المعادن و البحار و المفاوز هي للإمام خاصة فإن عمل فيها قوم بإذن الإمام فلهم أربعة أخماس و للإمام خمس، و الذي للإمام يجري مجرى الخمس و من عمل فيها بغير إذن الإمام فالإمام يأخذه كله ليس لأحد فيه شي‏ء و كذلك من عمر شيئا أو أجرى قناة أو عمل في أرض خراب بغير إذن صاحب الأرض فليس له ذلك فإن شاء أخذها منه كلها و إن شاء تركها في يديه «1».
و ما رواه في الحسن كالصحيح، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب (أو) قوم صالحوا (أو) قوم أعطوا بأيديهم و كل أرض خربة و بطون الأودية فهو لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و للإمام من بعده يضعه حيث يشاء و في الموثق عنه، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول الأنفال هو النفل، و في سورة الأنفال جدع الأنف، و النفل الزيادة التي أعطاها الله تعالى لرسوله زائدا على ما يكون شريكا في الخمس و فيها إرغام لأنوف الجاحدين. لأن هذه الزيادة بنص القرآن للرسول و بعده لأولاده بنصوص الكتاب، و في الحسن كالصحيح، عن زرارة قال:
الإمام يجري و ينفل (أي يعطي) و يعطي ما يشاء قبل أن تقع السهام و قد قاتل رسول الله صلى الله عليه و آله بقوم و لم يجعل لهم في الفي‏ء نصيبا و إن شاء قسم ذلك بينهم و هم الأعراب كما تقدم و الظاهر
__________________________________________________
 (1) هذا الكلام من عبارة الكليني، و الاخبار الثلاثة التي بعده في الكافي باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر- 3- 6- 9.

133
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم الأنفال ص 132

.........
__________________________________________________
أن هذا الإعطاء أيضا من الزيادات التي قررها الله تعالى للرسول و الإمام صلوات الله عليهم و يمكن أن يكون ذلك ما يختص به عليه السلام من حصته عليه السلام في الخمس و الصفايا و القطائع و غير ذلك.
و في الحسن كالصحيح، عن أبي الصباح قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: نحن قوم فرض الله طاعتنا، لنا الأنفال و لنا صفو المال «1» و عن علي بن أسباط قال لما ورد أبو الحسن موسى عليه السلام على المهدي رآه يرد المظالم فقال: يا أمير المؤمنين ما بال مظلمتنا لا ترد؟ فقال له: و ما ذاك يا أبا الحسن؟ قال: إن الله تبارك و تعالى لما فتح على نبيه صلى الله عليه و آله و سلم فدك و ما والاها لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه و آله و سلم و آت ذا القربى حقه فلم يدر رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من هم؟ فراجع في ذلك جبرئيل و راجع جبرئيل عليه السلام ربه فأوحى الله إليه: أن ادفع فدك إلى فاطمة عليها السلام فدعاها رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فقال: يا فاطمة إن الله أمرني أن أدفع إليك فدك فقالت قد قبلت يا رسول الله من الله و منك فلم يزل و كلائها فيها حياة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، فلما ولي أبو بكر أخرج عنها وكلاءها فأتته فسألته أن يردها عليها فقال لها ائتيني بأسود أو أحمر يشهد لك بذلك، فجاءت بأمير المؤمنين عليه السلام و أم أيمن فشهدا لها فكتب لها بترك التعرض فخرجت و الكتاب معها، فلقيها عمر فقال: ما هذا معك يا بنت محمد صلى الله عليه و آله و سلم؟ قالت كتاب كتبه، لي ابن أبي قحافة قال، أرينيه فأبت فانتزعه من يدها و نظر فيه ثمَّ تفل فيه و محاه و خرقه فقال لهما هذا لم يوجف عليه أبوك بخيل و لا ركاب فضعي الإحبال (أو الحبال) (أي آثامه) في رقابنا فقال له- المهدي: يا أبا الحسن حدها لي فقال: حد منها جبل أحد، و حد منها عريش مصر، و حد منها سيف البحر (أي الساحل) و حد منها دومة (بالضم) الجندل (معروف) فقال له: كل‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر 17.

134
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم الأنفال ص 132

.........
__________________________________________________
هذا؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين إن هذا كله مما لم يوجف أهله على رسول الله بخيل و لا ركاب فقال: كثير، انظر فيه «1» و روى الشيخ في الموثق كالصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سمعه يقول: إن الأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة دم أو قوم صولحوا أو أعطوا بأيديهم، فما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهذا كله من الفي‏ء و الأنفال لله و للرسول، فما كان لله فهو لرسوله صلى الله عليه و آله و سلم يضعه حيث يحب «2».
و في القوي، عن الحرث بن المغيرة النصري قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام فجلست عنده، فإذا نجية قد استأذن عليه فأذن له فدخل فجثا على ركبتيه، ثمَّ قال:
جعلت فداك إني أريد أن أسألك عن مسألة و الله ما أريد بها إلا فكاك رقبتي من النار فكأنه عليه السلام رق له فاستوى جالسا فقال له: يا نجية سلني فلا تسألني اليوم عن شي‏ء إلا أخبرتك به قال:
جعلت فداك ما تقول، في فلان و فلان: قال: يا نجية إن لنا الخمس في كتاب الله، و لنا الأنفال، و لنا صفو الأموال و هما (أي أبا بكر و عمر لعنة الله عليهما) و الله أول من ظلمنا حقنا في كتاب الله و أول من حمل الناس على رقابنا، و دمائنا في أعناقهما إلى يوم القيمة بظلمنا أهل البيت و إن الناس ليتقلبون في حرام إلى يوم القيمة بظلمنا أهل البيت، فقال نجية إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ثلاث مرات هلكنا و رب الكعبة قال: فرفع فخذه عن الوسادة فاستقبل القبلة فدعا بدعاء لم أفهم منه شيئا إلا أنا سمعناه في آخر دعائه و هو يقول: اللهم إنا قد أحللنا ذلك لشيعتنا قال: ثمَّ أقبل إلينا بوجهه فقال يا نجية ما على فطرة إبراهيم عليه السلام غيرنا و غير شيعتنا «3» و في الموثق كالصحيح عن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له ما يقول الله.
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ قال الأنفال لله و الرسول‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر 5.
 (2) التهذيب باب الأنفال خبر 4.
 (3) التهذيب باب الزيادات خبر 28.

135
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم الأنفال ص 132

.........
__________________________________________________
و هي كل أرض جلا أهلها من غير أن يحمل عليها بخيل و لا رجال و لا ركاب فهي نفل لله و للرسول صلى الله عليه و آله و سلم «1» و عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله صلى الله عليه و آله و سلم في الغنيمة؟ قال: يخرج منها الخمس و يقسم ما بقي بين من قاتل عليه و ولي ذلك فأما الفي‏ء و الأنفال فهو خالص لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم «2» و عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الأنفال فقال: ما كان من الأرضين باد أهلها، و في غير ذلك، الأنفال هو لنا و قال: سورة الأنفال فيها جدع الأنف و قال:
ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‏ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ وَ لكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى‏ مَنْ يَشاءُ «3» قال: الفي‏ء ما كان من أموال لم يكن فيها هراقة دم و الأنفال مثل ذلك هو بمنزلته «4» و عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: و سئل عن الأنفال فقال كل قرية يهلك أهلها أو يجلون عنها فهي نفل لله عز و جل، نصفها يقسم بين الناس و نصفها لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، فما كان لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فهو للإمام «5» و يحمل على التبرع.
و في الموثق، عن سماعة بن مهران قال: سألته عن الأنفال، فقال كل أرض خربة أو شي‏ء يكون للملوك فهو خالص للإمام ليس للناس فيها سهم، و قال: و منها البحرين لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب.
و في الصحيح عن داود بن فرقد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام قطائع الملوك (و هي‏
__________________________________________________
 (1- 2) التهذيب باب الأنفال خبر 2- 3.
 (3) الحشر- 6.
 (4) التهذيب باب الأنفال خبر 5.
 (5) هذا الخبر و الخمسة التي بعده أورده في التهذيب باب الأنفال خبر 6- 7- 11 12- 9- 10.

136
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

حكم الأنفال ص 132

.........
__________________________________________________
النفائس من غير المنقول) كلها للإمام ليس للناس فيها شي‏ء.
و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا غزا قوم بغير إذن الإمام فغنموا كانت الغنيمة كلها للإمام و إذا غزوا بأمر الإمام فغنموا كان للإمام الخمس.
و في القوي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن صفو المال قال: للإمام يأخذ الجارية الروقة (أي الحسنة الوجه) و المركب الفاره (أي النفيس) و السيف القاطع و الدرع قبل أن تقسم الغنيمة فهذا صفو المال.
و في الموثق كالصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: الفي‏ء و الأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة الدماء و قوم صولحوا و أعطوا بأيديهم و ما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهو كله من الفي‏ء فهذا لله و لرسوله صلى الله عليه و آله و سلم، فما كان لله فهو لرسوله يضعه حيث شاء و هو للإمام بعد الرسول صلى الله عليه و آله و سلم و قوله:
ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‏ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى‏ فهذا بمنزلة المغنم كان أبي عليه السلام يقول ذلك و ليس لنا فيه غير سهمين، سهم الرسول، و سهم ذي القربى ثمَّ نحن شركاء الناس في الباقي.
و الظاهر وروده تقية بقرينة نسبته إلى أبيه عليه السلام.
و روى الكليني في الحسن كالصحيح، عن معاوية بن وهب، قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: السرية تبعثها الإمام فيصيبون غنائم كيف تقسم؟ قال، إن قاتلوا عليها مع أمير أمره الإمام عليهم أخرج منها الخمس لله و للرسول، و قسم بينهم ثلاثة أخماس و إن لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كلما غنموا للإمام و يجعله حيث أحب «1».
و في الحسن كالصحيح، عن حماد بن عيسى عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن عليه السلام قال يؤخذ الخمس من الغنائم فيجعل لمن جعله الله عز و جل و يقسم أربعة أخماس بين من‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب قسمة الغنيمة خبر 1 من كتاب الجهاد.

137
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

ما أحل للشيعة ص 138

[ما أحل للشيعة]
1662 وَ رَوَى عَنْهُ دَاوُدُ بْنُ كَثِيرٍ الرَّقِّيُّ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ يَعِيشُونَ فِي فَضْلِ مَظْلِمَتِنَا إِلَّا أَنَّا أَحْلَلْنَا شِيعَتِنَا مِنْ ذَلِكَ.

__________________________________________________
قاتل عليه و ولي ذلك قال: و للإمام صفو المال أن يأخذ الجارية الفارهة و الدابة الفارهة و الثوب أو المتاع مما يحب أو يشتهي فذلك له قبل قسمة المال و قبل إخراج الخمس قال و ليس لمن قاتل شي‏ء من الأرضين و لا ما غلبوا عليه إلا ما احتوى عليه العسكر و ليس للأعراب من الغنيمة شي‏ء و إن قاتلوا مع الإمام لأن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم صالح الأعراب أن يدعهم في ديارهم و لا يهاجروا على أنه إن دهم (أي غشي) و نزل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من عدوه دهم أن يستفزهم (أو) يستنفرهم (أي طلب خروجهم و نفورهم للقتال) فيقاتل بهم و ليس لهم في الغنيمة نصيب و سنة جارية فيهم و في غيرهم، و الأرض التي أخذت عنوة (أي قهرا) بخيل أو ركاب فهي موقوفة متروكة في أيدي من يعمرها و يحييها و يقوم عليها على ما يصالحهم الوالي على قدر طاقتهم من الحق، النصف و الثلث و الثلاثين على قدر ما يكون لهم صالحا و لا يضرهم «1» و سيجي‏ء أحكام الأرضين في التجارة.
 «روي عنه داود بن كثير الرقي أنه قال» أي أبو عبد الله عليه السلام «إن الناس كلهم يعيشون في فضل مظلمتنا» أي ظلمنا أو في الأموال التي ظلمونا به «إلا إنا أحللنا شيعتنا من ذلك» أي في الجميع من الخمس و غيره من أموالهم كما هو ظاهر بعض الأخبار المتقدمة أيضا (أو) في المناكح و المساكن و المتاجر و حقوقهم من الخمس كما هو ظاهر بعض الأخبار الأخر (أو) في المناكح و حقوقهم خاصة من الأخماس و الأرضين كما هو ظاهر بعضها (أو) المناكح فقط لأنها المتيقن و صريح بعض الأخبار و حملا للمطلق على المقيد و هو أحوط، و الاحتياط في حقهم أن يضبط إلى ظهورهم صلوات الله‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب قسمة الغنيمة خبر 3 من كتاب الجهاد.

138
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

ما أحل للشيعة ص 138

1663 وَ رَوَى حَفْصُ بْنُ الْبَخْتَرِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ جَبْرَئِيلَ ع كَرَى بِرِجْلِهِ خَمْسَةَ أَنْهَارٍ وَ لِسَانُ الْمَاءِ يَتْبَعُهُ- الْفُرَاتَ وَ دِجْلَةَ وَ نِيلَ مِصْرَ وَ مِهْرَانَ وَ نَهَرَ بَلْخٍ فَمَا سَقَتْ أَوْ سُقِيَ مِنْهَا فَلِلْإِمَامِ وَ الْبَحْرُ الْمُطِيفُ بِالدُّنْيَا.

وَ هُوَ أَفْسِيكُونُ‏
__________________________________________________
عليهم (أو) يدفع إلى فقراء الهاشميين على وجه التتمة و يصرفه الفقيه فيهم كما يتصرف في سائره بإذنهم صلوات الله عليهم كما سيجي‏ء في القضاء إن شاء الله تعالى، و لعله أولى لقوله عليه السلام (إلا إنا أحللنا شيعتنا من ذلك). «و روى حفص بن البختري» في الصحيح و رواه الكليني أيضا في الصحيح «1» «عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن جبرئيل كرى» أي حفر «برجله (إلى قوله) يتبعه» مجاز شائع «الفرات» ما يجري بقرب الحلة «و دجلة» في بغداد «و نيل مصر و مهران» نهر السند «و نهر بلخ فما سقت أو سقي منها» بالدوالي و الغرب و النواضح «فللإمام، و البحر المطيف» أي المحيط «بالدنيا» أي هو أيضا للإمام و ما يخرج منه أو ما يصعد منه أيضا من السحاب و المطر «و هو أ فسيكون» من الصدوق لعدم ذكره في الكافي، و هو اسم البحر المحيط، و المشهور أنه اسم شعبة منه إلا أن يقرأ المطيف بضم الميم و تشديد الياء اسم مفعول من باب التفعيل، قال في القاموس طيف تطييفا و طوف تطويفا أكثر الطواف لكنه بعيد.
روى الكليني، عن يونس بن ظبيان أو المعلى بن خنيس قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما لكم من هذه الأرض فتبسم ثمَّ قال: إن الله تبارك و تعالى بعث جبرئيل عليه السلام و أمره أن يخرق بإبهامه ثمانية أنهار في الأرض، منها (سيحان) و (جيحان) و هو نهر بلخ، و الظاهر أنه كانت النسخة جيحون بالواو فغلط النساخ و أما بالألف فهو بالشام (و الخشوع) و هو نهر الشاش و هو بما وراء النهر أيضا (و مهران) و هو نهر الهند و (نيل مصر) و (دجلة) و (الفرات) فما سقت أو استقت فهو لنا و ما كان لنا فهو لشيعتنا
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الفي‏ء و الأنفال و تفسير الخمس إلخ خبر 2 من كتاب الحجة.

139
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

ما أحل للشيعة ص 138

.........
__________________________________________________
و ليس لعدونا منه شي‏ء إلا ما غصب عليه و إن ولينا لفي أوسع فيما بين ذه إلى ذه يعني بين السماء و الأرض، ثمَّ تلا هذه الآية.
 (قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) المغصوبين عليها خالِصَةً لهم يَوْمَ الْقِيامَةِ بلا غصب «1» و تخصيص الخمسة في الخبر الأول بالذكر للاهتمام.
و عن محمد بن الريان قال، كتبت إلى العسكري عليه السلام جعلت فداك روي لنا أن ليس لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من الدنيا إلا الخمس، فجاء الجواب: أن الدنيا و ما عليها لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم خلق الله آدم و أقطعه الدنيا قطيعة، فما كان لآدم عليه السلام فلرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، و ما كان لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فهو للأئمة من آل محمد عليهم السلام و عن علي بن إبراهيم عن السري بن الربيع قال: لم يكن ابن أبي عمير يعدل بهشام بن الحكم شيئا و كان لا يغب إتيانه (أي لا يزوره غبا بل كان يزوره كل يوم) ثمَّ انقطع و خالفه و كان سبب ذلك أن أبا مالك الحضرمي كان أحد رجال هشام و وقع بينه و بين ابن أبي عمير ملاحاة (أي مباحثة) في شي‏ء من الإمامة- قال ابن أبي عمير الدنيا كلها للإمام على جهة الملك و أنه هو أولى بها من الذين هي في أيديهم، و قال أبو مالك ليس كذلك أملاك الناس لهم إلا ما حكم الله به للإمام من الفي‏ء و الخمس و المغنم، فذلك له و ذلك أيضا قد بين الله للإمام أن يضعه و كيف يصنع به فتراضيا بهشام بن الحكم و صارا إليه فحكم هشام لأبي مالك على ابن أبي عمير و هجر هشاما بعد ذلك.
و الظاهر أن المنازعة كانت بينهما لفظية و كان قول أبي مالك موافقا لظاهر حكم الشرع، و كان قول ابن أبي عمير موافقا للواقع، مع أن الإمام أولى بالنفس و المال من كل أحد، و الظاهر أن هجرانه له كان لأجل أن هشاما مع هذه الجلالة
__________________________________________________
 (1) هذا الخبر و الثلاثة التي بعده أورده في أصول الكافي باب ان الأرض كلها للامام عليه السلام خبر 5- 6- 7- 9 من كتاب الحجة.

140
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب حق الحصاد و الجذاذ ص 141

بَابُ حَقِّ الْحَصَادِ وَ الْجَذَاذِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَ هُوَ أَنْ تَأْخُذَ بِيَدِكَ الضِّغْثَ بَعْدَ.
__________________________________________________
إذا لم يعرف حق الإمام كما هو حقه فلا ينبغي أن ينقل عنه الحديث فتأمل في احتياطاته رضي الله تعالى عنه، و سيجي‏ء في باب البيع احتياطه في عدم أخذ دينه مع نهاية إعساره، و لهذه الأمور أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، و جعلوا مراسيله في حكم المسانيد و الأخبار في هذا الباب كثيرة اكتفينا بها. و إن طال، لبعض الأمور في أمر الخمس، و تقصير الصدوق في أمره «1».
باب حق الحصاد و الجداد «2»
 الحصاد قطع الزرع، و الجداد بالدالين المهملتين قطع ثمر النخل و الكرم- و اختلف الأصحاب في وجوب حقهما، فالأكثر على الاستحباب، و بعضهم على الوجوب و الأظهر الأول لما تقدم من الأخبار في انحصار الحق في الزكاة، و الآية الآتية ليست بصريحة في الوجوب مع الأخبار و الأولى عدم الترك.
 «قال الله (إلى قوله) حَصادِهِ» و ظاهرها أنه غير الزكاة لأن أداء الزكاة بعد التصفية في الحبوب، و يمكن أن يكون تعلق الوجوب في هذا الوقت و إن كان المشهور أنه حين بدو الصلاح من الاصفرار و الاحمرار في التمر، و انعقاد الحب في غيره.
لكن ورد الأخبار بأن المراد بهذا الحق هو الذي ذكره الصدوق، مثل ما
__________________________________________________
 (1) يعني ان الصدوق رحمه اللّه لم يؤد في ذكر اخبار الخمس حقه و لذا ذكرنا جملة من اخباره.
 (2) الجذاذ (بالمعجمتين) ضما و كسرا، و الضم افصح قطع ما يكسر، و الجذ القطع (إلى أن قال) و الجذاذ بالكسر صرم النخل لغة في جذاذ (مجمع البحرين).

141
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب حق الحصاد و الجذاذ ص 141

الضِّغْثِ فَتُعْطِيَهُ الْمِسْكِينَ ثُمَّ الْمِسْكِينَ حَتَّى تَفْرُغَ مِنْهُ وَ عِنْدَ الصِّرَامِ الْحَفْنَةَ بَعْدَ الْحَفْنَةِ حَتَّى تَفْرُغَ مِنْهُ وَ مِنَ الْجُذَاذِ الْحَفْنَةَ بَعْدَ الْحَفْنَةِ حَتَّى تَفْرُغَ مِنْهُ وَ يَتْرُكُ لِلْحَارِسِ يَكُونُ فِي الْحَائِطِ أَجْراً مَعْلُوماً وَ يَتْرُكُ مِنَ النَّخْلَةِ مِعَى فَأْرَةٍ وَ أُمَّ جُعْرُورٍ وَ يَتْرُكُ لِلْحَارِسِ الْعَذْقَ وَ الْعَذْقَيْنِ وَ الثَّلَاثَةَ لِحِفْظِهِ لَهُ وَ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى- وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ «1» فَالْإِسْرَافُ أَنْ تُعْطِيَ بِيَدَيْكَ جَمِيعاً

__________________________________________________
رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن حريز، عن زرارة و محمد بن مسلم و أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز و جل «وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ» فقالوا جميعا: قال أبو جعفر عليه السلام: هذا من الصدقة تعطى المسكين القبضة بعد القبضة و من الجداد الحفنة بعد الحفنة حتى تفرغ «و يترك للحارس» و في بعض النسخ و يعطى الحارس «أجرا معلوما» الظاهر أنه يخرج الأجر المعلوم الذي قرر للحراسة قبل إخراج الزكاة، و يحتمل أن يكون المراد به غير المقرر و يكون تبرعا «و يترك من النخلة معا فأرة، و أم جعرور» «2» و هما تمران رديئان، و قد تقدم أن الأولى تركهما للفقراء، و الأحوط منه أن يخرج زكاته و يترك لهم.
و يحتمل أن يكون المراد بالترك عدم الحساب على المالك و عدم أخذ زكاتهما يترك للحارس يكون في الحائط العذق و العذقان و الثلاثة لحفظه إياه و قد تقدم أن العذق بالفتح النخلة بحملها، و المراد هنا (إما) كل ثمرتها (أو) كباسة منها و هي بمنزلة العنقود من العنب، و الظاهر أن الجملة الأخيرة بيان للأولى، و إن احتمل أن يكون الأولى لإخراج الأجرة المسماة أو المثل و الثاني تبرعا، و على أي حال فلو كان الإخراج إلى من يستحق الزكاة فلا بأس به و إن لم يكن المعطي مستحقا فالأحوط إخراج زكاة ما يعطيه إليهم أيضا إلا أن يكتفي بالأقل و هو الكباسة، فإن الظاهر أن هذا القدر مرخص في إخراجها للأخبار الصحيحة «و أما قوله تعالى‏
__________________________________________________
 (1) الأنعام- 141.
 (2) الكافي باب حقّ الحصاد و الجداد خبر 2 من كتاب الزكاة.

142
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب حق الحصاد و الجذاذ ص 141

1664 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع لَا تَحْصُدْ بِاللَّيْلِ وَ لَا تَصْرِمْ بِاللَّيْلِ وَ لَا تَجُذَّ بِاللَّيْلِ وَ لَا تُضَحِّ بِاللَّيْلِ وَ لَا تَبْذُرْ بِاللَّيْلِ لِأَنَّكَ تُعْطِي فِي الْبَذْرِ كَمَا تُعْطِي فِي الْحَصَادِ وَ مَتَى فَعَلْتَ ذَلِكَ بِاللَّيْلِ لَمْ يَحْضُرْكَ الْمَسَاكِينُ وَ السُّؤَّالُ وَ لَا الْقَانِعُ وَ لَا الْمُعْتَرُّ

__________________________________________________
وَ لا تُسْرِفُوا» رواه الكليني في الصحيح، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن قول الله عز و جل:
وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَ لا تُسْرِفُوا قال كان أبي عليه السلام يقول: من الإسراف في الحصاد و الجداد أن يصدق الرجل (بتشديد الصاد و الدال) بكفيه جميعا و كان أبي إذا حضر شي‏ء من هذا فرأى أحدا من غلمانه يتصدق بكفيه صاح به: أعط بيد واحدة القبضة بعد القبضة و الضغث بعد الضغث من السنبل «1» و الضغث بالكسر القطعة من الحشيش مختلطة الرطب باليابس، و المراد به هنا ما يأخذ اليد منه.
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح، عن ابن مسكان، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تصرم بالليل و لا تحصد بالليل و لا تضح (من الأضحية) بالليل و لا تبذر (أي عند الزرع) بالليل فإنك إن فعلت لم يأتك القانع و المعتر، فقلت: و ما القانع و المعتر؟ قال: القانع الذي يقنع بما أعطيته، و المعتر الذي يمر بك فيسألك، و إن حصدت بالليل لم يأتك السؤال و هو قول الله تعالى. وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ عند الحصاد يعني القبضة بعد القبضة إذا حصدته، و إذا صفي فالحفنة بعد الحفنة (يعني يعطي حفنة إلى مسكين بعد أن أعطى حفنة إلى مسكين آخر) و كذلك عند الصرام (أي للتمر و العنب) و كذلك عند البذر و لا تبذر بالليل لأنك تعطي (أي يستحب لك أن تعطي) من البذر كما تعطي من الحصاد «2».
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب حقّ الحصاد و الجداد خبر 6- 3 من كتاب الزكاة.

143
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب حق الحصاد و الجذاذ ص 141

1665 وَ رُوِيَ عَنْ مُصَادِفٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي أَرْضٍ لَهُ وَ هُمْ يَصْرِمُونَ فَجَاءَ سَائِلٌ يَسْأَلُ فَقُلْتُ اللَّهُ يَرْزُقُكَ فَقَالَ مَهْ لَيْسَ ذَاكَ لَكُمْ حَتَّى تُعْطُوا ثَلَاثَةً فَإِنْ أَعْطَيْتُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَكُمْ وَ إِنْ أَمْسَكْتُمْ فَلَكُمْ.

بَابُ الْحَقِّ الْمَعْلُومِ وَ الْمَاعُونِ‏
1666 رَوَى سَمَاعَةُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الْحَقُّ الْمَعْلُومُ لَيْسَ مِنَ الزَّكَاةِ هُوَ الشَّيْ‏ءُ تُخْرِجُهُ مِنْ مَالِكَ إِنْ شِئْتَ كُلَّ جُمْعَةٍ وَ إِنْ شِئْتَ كُلَّ شَهْرٍ وَ لِكُلِّ ذِي فَضْلٍ فَضْلُهُ وَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ إِنْ تُخْفُوها وَ تُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ «1» فَلَيْسَ مِنَ الزَّكَاةِ وَ الْمَاعُونُ لَيْسَ مِنَ الزَّكَاةِ هُوَ الْمَعْرُوفُ تَصْنَعُهُ وَ الْقَرْضُ تُقْرِضُهُ وَ مَتَاعُ الْبَيْتِ تُعِيرُهُ وَ صِلَةُ قَرَابَتِكَ لَيْسَ مِنَ الزَّكَاةِ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ «2» فَالْحَقُّ الْمَعْلُومُ‏

__________________________________________________
 «و روي عن مصادف» طريق الصدوق إليه صحيح و هو لا يخلو عن ضعف، و رواه الكليني أيضا عنه، «3» لكن يجي‏ء أخبار أخر من هذا الباب، و روي في الحسن كالصحيح، عن معاوية بن شريح قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: في الزرع حقان، حق تؤخذ به، و حق تعطيه قلت: و ما الذي أوخذ به؟ و ما الذي أعطيه؟ قال: أما الذي تؤخذ به فالعشر و نصف العشر، و أما الذي تعطيه فقول الله عز و جل وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ يعني من حصدك الشي‏ء بعد الشي‏ء و لا أعلمه إلا قال: (أي أظن أنه قال بعده) الضغث ثمَّ الضغث حتى يفرغ «4» و ظاهره الاستحباب، و عن أبي مريم، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز و جل وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ قال: تعطي المسكين يوم حصادك الضغث ثمَّ إذا وقع في البيدر، ثمَّ إذا وقع في الصاع، العشر و نصف العشر «5» باب الحق المعلوم و الماعون و الأصل فيهما قول الله تبارك و تعالى: «وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ» أي مقدر
__________________________________________________
 (1) البقرة- 271.
 (2) المعارج- 24.
 (3- 4- 5) الكافي باب الحصار و الجداد خبر 1- 4- 5 من كتاب الزكاة.

144
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الحق المعلوم و الماعون ص 144

غَيْرُ الزَّكَاةِ وَ هُوَ شَيْ‏ءٌ يَفْرِضُهُ الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ فِي مَالِهِ وَ نَفْسِهِ وَ يَجِبُ لَهُ أَنْ يَفْرِضَهُ‏
__________________________________________________
و مقرر (لِلسَّائِلِ) من يسأل و لا يبالي منه (وَ الْمَحْرُومِ) من لا يسأل و يصير محروما غالبا و قوله تعالى فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ أي تاركون عمدا أو الأعم لعدم المبالات أو الأعم من تركه و من ترك أفعاله سهوا مبالغة الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ في العبادات أو في الصلاة وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ «1» أي ما يحصل به المعونة للجار أو الأعم «روى سماعة» في الموثق، «عن أبي عبد الله عليه السلام» الظاهر أن الصدوق نقل أكثر هذه الأخبار بالمعنى اختصارا كما ظهر لك سابقا و سيظهر لاحقا، و روى الكليني عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز و جل فرض للفقراء في أموال الأغنياء فريضة لا يحمدون إلا بأدائها و هي الزكاة، بها حقنوا دماءهم و بها سموا مسلمين، و لكن الله عز و جل فرض في أموال الأغنياء حقوقا غير الزكاة، قال عز و جل:
" فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ" فالحق المعلوم غير الزكاة و هو شي‏ء يفرضه الرجل على نفسه في ماله يجب عليه أن يفرضه على قدر طاقته و سعة ماله فيؤدي الذي فرض على نفسه إن شاء في كل يوم، و إن شاء في كل جمعة، و إن شاء في كل شهر و قد قال الله عز و جل أيضا" أَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً*" فهذا غير الزكاة و قد قال الله عز و جل أيضا" يُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَ عَلانِيَةً" و الماعون أيضا و هو القرض يقرضه و المتاع يعيره، و المعروف يصنعه، و مما فرض الله عز و جل أيضا في المال من غير الزكاة قوله عز و جل:" الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ، و من أدى ما فرض الله عليه فقد قضى ما عليه و أدى شكر ما أنعم الله عليه في ماله إذا هو حمده على ما أنعم الله عليه فيه مما فضله به من السعة على غيره و لما وفقه لأداء ما فرض الله عز و جل عليه و أعانه عليه «2»
__________________________________________________
 (1) الماعون 5.
 (2) الكافي باب فرض الزكاة و ما يجب في المال من الحقوق خبر 8 و الآيات الثلاثة في هذا الخبر في المعارج 24- الحديد- 18- البقرة 27.

145
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الحق المعلوم و الماعون ص 144

عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ وَ سَعَتِهِ‏
__________________________________________________
و في الحسن كالصحيح: عن أبي بصير قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام و معنا بعض أصحاب الأموال فذكروا الزكاة فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن الزكاة ليس يحمد بها صاحبها، و إنما هي شي‏ء ظاهر إنما حقن بها دمه و سمي بها مسلما و لو لم يؤدها لم يقبل له صلاة و إن عليكم في أموالكم غير الزكاة، فقلت أصلحك الله و ما علينا في أموالنا غير الزكاة؟ فقال: سبحان الله، أ ما تسمع الله عز و جل يقول في كتابه، وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ؟ قال: قلت فما ذا الحق المعلوم الذي علينا؟ قال: هو و الله الشي‏ء يعلمه (يعينه- خ) الرجل في ماله يعطيه في اليوم أو في الجمعة أو في الشهر قل أو كثر غير أنه يدوم عليه، و قوله عز و جل وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ قال هو القرض يقرضه و المعروف يصطنعه و متاع البيت يعيره و منه الزكاة، فقلت له: إن لنا جيرانا إذا أعرناهم متاعا كسروه و أفسدوه فعلينا جناح أن نمنعهم؟ فقال: لا ليس عليك جناح أن تمنعهم إذا كانوا كذلك، قال: قلت له: وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى‏ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً قال ليس من الزكاة قلت قوله: عز و جل الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً قال:
ليس من الزكاة قلت فقوله عز و جل إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَ إِنْ تُخْفُوها وَ تُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ قال: ليس من الزكاة و صلتك قرابتك ليس من الزكاة «1» و في القوي كالصحيح، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز و جل وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ أ هو سوى الزكاة؟ فقال: هو الرجل يؤتيه الله الثروة من المال فيخرج منه الألف و الألفين و الثلاثة آلاف و الأقل و الأكثر فيصل به رحمه و يحمل به الكل. عن قومه أي يحمل ثقل قومه كالديات و المصائب التي يعجزون عن أدائها.
و في القوي كالصحيح، عن القسم بن عبد الرحمن الأنصاري قال: سمعت أبا جعفر
__________________________________________________
 (1) هذا الخبر و الستة التي بعده أورده في الكافي باب فرض الزكاة و ما يجب في المال من الحقوق خبر 9- 10- 11- 12- 13- 14- 20.

146
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الحق المعلوم و الماعون ص 144

.........
__________________________________________________
عليه السلام يقول: (إن رجلا جاء إلى أبي علي بن الحسين عليهما السلام فقال له: أخبرني عن قول الله عز و جل وَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ ما هذا الحق المعلوم؟ فقال له علي بن الحسين عليه السلام: الحق المعلوم الشي‏ء يخرجه من ماله ليس من الزكاة و لا من الصدقة المفروضتين قال فإذا لم يكن من الزكاة و لا من الصدقة فما هذا؟ فقال هو الشي‏ء يخرجه من ماله إن شاء أكثر و إن شاء أقل على قدر ما يملك فقال له الرجل فما يصنع به فقال: يصل به رحما و يقوي به ضعيفا و يحمل به كلا و يصل به أخا له في الله أو لنائبة تنوبه فقال الرحل اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ (أو رسالاته).
و في القوي كالصحيح عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز و جل لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ* قال: المحروم، المحارف الذي قد حرم كد يده في الشراء و البيع و عن- المفضل قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسأله رجل في كم تجب الزكاة من المال؟
فقال له: الزكاة الظاهرة أم الباطنة تريد؟ قال: أريدهما جميعا فقال: أما الظاهرة ففي كل ألف، خمسة و عشرون، و أما الباطنة فلا تستأثر على أخيك بما هو أحوج إليه منك و في الصحيح عن عامر بن جذاعة (الممدوح) قال: جاء رجل إلى أبي عبد الله عليه السلام فقال له يا با عبد الله عليه السلام قرض إلى ميسرة (أي مطلوبي) فقال له أبو عبد الله عليه السلام: إلى غلة تدرك؟ فقال الرجل: لا و الله قال: فإلى تجارة ثوب؟ (و في نسخة) تؤب (أي ترجع) قال: لا و الله قال، فإلى عقدة تباع فقال لا و الله، فقال أبو عبد الله عليه السلام فأنت ممن جعل- الله له في أموالنا حقا، ثمَّ دعا بكيس فيه دراهم فأدخل يده فيه فناوله منه قبضة ثمَّ قال له:
اتق الله و لا تسرف و لا تقتر، و لكن بين ذلك قواما أن التبذير من الإسراف قال الله عز و جل وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً.
و في الصحيح، عن البزنطي قال: ذكرت للرضا عليه السلام شيئا فقال: اصبر فإني أرجو أن يصنع الله بك إن شاء الله، ثمَّ قال: فو الله ما ادخر الله عن المؤمن من هذا الدنيا خير له مما عجل له فيها، ثمَّ صغر الدنيا، و قال: أي شي‏ء هي ثمَّ قال: إن صاحب النعمة على خطر

147
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

بَابُ الْخَرَاجِ وَ الْجِزْيَةِ
1667 رُوِيَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: اسْتَعْمَلَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ الْمَدَائِنِ الْبِهْقُبَاذَاتِ وَ بَهُرَسِيرَ وَ نَهَرِ جَوْبَرَ وَ نَهَرِ الْمَلِكِ وَ أَمَرَنِي أَنْ أَضَعَ عَلَى كُلِّ جَرِيبِ زَرْعٍ غَلِيظٍ دِرْهَماً وَ نِصْفاً وَ عَلَى كُلِ‏

__________________________________________________
إنه يجب عليه حقوق الله فيها و الله إنه ليكون على النعم من الله عز و جل فما أزال منها على و جل و حرك يده حتى أخرج من الحقوق التي تجب لله علي فيها، قلت: جعلت فداك أنت في قدرك تخاف هذا؟ قال، نعم فأحمد ربي على ما من به على.
باب الخراج و الجزية الخراج هو أجرة الأرض يأخذها الإمام من الأرض التي فتحت بالسيف قهرا كمكة على المشهور و الجزية ما يؤخذ من أهل الكتاب اليهود و النصارى و المجوس كما قال الله تبارك و تعالى:
قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ «1» «روي عن مصعب بن يزيد الأنصاري» في القوي و رواه الشيخ أيضا عنه في القوي «2» «قال استعملني (إلى قوله) المدائن» و الظاهر أنها كانت أربعة نواحي كل واحدة منها تسقى من نهر كما هو المتعارف هنا الآن أيضا «البهقياذات و نهر سير» بالنون و السين المهملة و قرى بالباء و بالنون و الشين المعجمة بإضافة با كما في التهذيب المنقول من خط الشيخ، نهر شيربا «و نهر جوير» قرى بالنون و الباء، و بفتح الجيم و كسر الواو مع الياء المثناة بعدها، و بالجيم مع الباء الموحدة بعد الواو «و نهر الملك (إلى‏
__________________________________________________
 (1) التوبة- 29.
 (2) التهذيب باب الخراج و عمارة الأرضين خبر 3.

148
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

جَرِيبٍ وَسَطٍ دِرْهَماً وَ عَلَى كُلِّ جَرِيبِ زَرْعٍ رَقِيقٍ ثُلُثَيْ دِرْهَمٍ وَ عَلَى كُلِّ جَرِيبِ كَرْمٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَ عَلَى كُلِّ جَرِيبِ نَخْلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَ عَلَى كُلِّ جَرِيبِ الْبَسَاتِينِ الَّتِي تَجْمَعُ النَّخْلَ وَ الشَّجَرَةَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَ أَمَرَنِي أَنْ أُلْقِيَ كُلَّ نَخْلٍ شَاذٍّ عَنِ الْقُرَى لِمَارَّةِ الطَّرِيقِ وَ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ وَ لَا آخُذَ مِنْهُ شَيْئاً وَ أَمَرَنِي أَنْ أَضَعَ عَلَى الدَّهَاقِينِ- الَّذِينَ يَرْكَبُونَ الْبَرَاذِينَ وَ يَتَخَتَّمُونَ بِالذَّهَبِ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ ثَمَانِيَةً وَ أَرْبَعِينَ دِرْهَماً وَ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ وَ التُّجَّارِ مِنْهُمْ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ أَرْبَعَةً وَ عِشْرِينَ دِرْهَماً وَ عَلَى سَفِلَتِهِمْ وَ فُقَرَائِهِمْ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَماً قَالَ فَجَبَيْتُهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي سَنَةٍ.
1668 وَ رَوَى فُضَيْلُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَعْوَرُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ اللَّذَانِ يُهَوِّدَانِهِ وَ يُنَصِّرَانِهِ وَ يُمَجِّسَانِهِ وَ إِنَّمَا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ ص الذِّمَّةَ وَ قَبِلَ الْجِزْيَةَ عَنْ رُءُوسِ أُولَئِكَ بِأَعْيَانِهِمْ عَلَى أَنْ لَا يُهَوِّدُوا أَوْلَادَهُمْ وَ لَا يُنَصِّرُوا وَ أَمَّا أَوْلَادُ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْيَوْمَ فَلَا ذِمَّةَ لَهُمْ.

1669 وَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص‏

__________________________________________________
قوله) غليظ» حاصله «و أمرني أن أضع على الدهاقين» أي كبراء الفلاحين من المجوس «و روى فضيل بن عثمان الأعور» في الصحيح «عن أبي عبد الله عليه السلام (إلى قوله) الفطرة» أي خلقة الإسلام كما قال الله تعالى فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها «1» أي يلقى الإسلام و المعرفة عليه لو كان مخلى و نفسه (بالطبع- خ) (أو) يكون حكمه حكم الإسلام ما دام أبواه أو أحدهما على الإسلام أو خلق لأن يكون مسلما أو أعطي العقل و أرسل الكتاب و النبي إليه فلو لم يكن له عائق عن الإسلام لكان مسلما «عن رؤوس أولئك» أي الطائفة التي كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم على الشرط المذكور (أو) عن رؤوس اليهود و النصارى و المجوس مطلقا بالشرط «فلا ذمة لهم» لأن هؤلاء غير أولئك أو لأنهم لا يعملون بشرائط الذمة، و هو أظهر معنى و الأول لفظا «و في رواية علي بن رئاب» في الصحيح «عن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام»
__________________________________________________
 (1) الروم- 30.

149
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

قَبِلَ الْجِزْيَةَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى أَنْ لَا يَأْكُلُوا الرِّبَا وَ لَا يَأْكُلُوا لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَ لَا يَنْكِحُوا الْأَخَوَاتِ وَ لَا بَنَاتِ الْأَخِ وَ لَا بَنَاتِ الْأُخْتِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَ ذِمَّةُ رَسُولِهِ ص وَ قَالَ لَيْسَتْ لَهُمُ الْيَوْمَ ذِمَّةٌ.
1670 وَ رَوَى حَرِيزٌ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مَا حَدُّ الْجِزْيَةِ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ وَ هَلْ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ شَيْ‏ءٌ مُوَظَّفٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ إِلَى غَيْرِهِ فَقَالَ ذَلِكَ إِلَى الْإِمَامِ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ مَا شَاءَ عَلَى قَدْرِ مَالِهِ وَ مَا يُطِيقُ إِنَّمَا هُمْ قَوْمٌ فَدَوْا أَنْفُسَهُمْ أَنْ لَا يُسْتَعْبَدُوا أَوْ يُقْتَلُوا فَالْجِزْيَةُ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ عَلَى قَدْرِ مَا يُطِيقُونَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُمْ بِهِ حَتَّى يُسْلِمُوا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ «1» وَ هُوَ لَا يَكْتَرِثُ بِمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ‏

__________________________________________________
هذا يؤيد المعنى الثاني «و في رواية حريز» في الصحيح و رواه الكليني في الحسن كالصحيح «2» «عن زرارة (إلى قوله) أن يجوز» أي يتجاوز إلى غيره «فقال (إلى قوله) و ما يطيق» أي لو لم يقتض المصلحة خلافه كما في خبر مصعب و غيره (أو) يكون عدم التقدير على الاستحباب في زيادة صغارهم و ذلهم أو يقال إن المضر التقدير الذي علمه أهل الذمة لا العامل «إنما هم (إلى قوله) أَنْ يُقَتَّلُوا» لكفرهم «فالجزية تؤخذ منهم على قدر ما يطيقون» أي بدون التعسير عليهم مع تضيق لأن الغني يقدر على أن يؤدي كل ماله أو نصفه أو ثلثه و إنما يؤخذ منه شي‏ء قليل له «أن يأخذهم (إلى قوله) لا يكترث» أي لا يبالي «لما يؤخذ منه حتى يجد» أي ما لم يجد ذلا «لما أخذ (إلى قوله) فيسلم» و إذا كانت الجزية مقررة عليهم فلا يبالون أن يجمعوها و يحصلوها في عرض السنة و أما إذا لم تكن مقررة عليهم و لم يعلموا أن المأخوذ كم مقداره؟ فيكونون في كل السنة في الألم فيسلمون حتى لا يألموا، و ظاهر الآية وجوب أدائها بيده لا البعث بيد و كيله، بل يؤدي بيده إلى أن يقول المصدق (بس) و قيل يؤخذ، بلحيته و يلطم و من كان خلفه يضرب يده على عنقه، ليحصل له الصغار.
__________________________________________________
 (1) التوبة 29.
 (2) الكافي باب صدقة أهل الجزية خبر 1 من كتاب الزكاة.

150
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

حَتَّى يَجِدَ ذُلًّا لِمَا أُخِذَ مِنْهُ فَيَأْلَمَ لِذَلِكَ فَيُسْلِمَ.
1671 وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَ رَأَيْتَ مَا يَأْخُذُ هَؤُلَاءِ مِنْ هَذَا الْخُمُسِ مِنْ أَرْضِ الْجِزْيَةِ وَ يَأْخُذُونَ مِنَ الدَّهَاقِينِ جِزْيَةَ رُءُوسِهِمْ أَ مَا عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ شَيْ‏ءٌ مُوَظَّفٌ فَقَالَ كَانَ عَلَيْهِمْ مَا أَجَازُوا عَلَى نُفُوسِهِمْ وَ لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَكْثَرُ مِنَ الْجِزْيَةِ إِنْ شَاءَ الْإِمَامُ وَضَعَ ذَلِكَ عَلَى رُءُوسِهِمْ وَ لَيْسَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ شَيْ‏ءٌ وَ إِنْ شَاءَ فَعَلَى أَمْوَالِهِمْ وَ لَيْسَ عَلَى رُءُوسِهِمْ شَيْ‏ءٌ فَقُلْتُ فَهَذَا الْخُمُسُ فَقَالَ إِنَّمَا هَذَا شَيْ‏ءٌ كَانَ صَالَحَهُمْ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ص‏

__________________________________________________
 «و قال محمد بن مسلم» في القوي و رواه الكليني في الحسن كالصحيح عنه «1» «قلت لأبي عبد الله عليه السلام أ رأيت ما يأخذ هؤلاء» العامة «من هذا الخمس (إلى قوله) من الدهاقين» من المجوس «جزية رؤوسهم إما عليهم في ذلك» أي أصل الجزية أو الزيادة عليها كالخمس الذي يأخذونه منهم أ هو شي‏ء قرره رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أو يظلمونهم بأخذه «فقال (إلى قوله) أنفسهم» يعني هذا الخمس الذي يأخذه العامة منهم شي‏ء قرروهم على نفوسهم في زمان عمر لئلا يلحقوا بالروم فعليهم أن يؤدوها «و ليس للإمام» يعني ابتداء «أكثر من الجزية» و الظاهر أنه عليه السلام بين أن هذا الخمس من فعل عمر- و ليس للإمام أن يقرره عليهم و لم يفهم السائل، و لما أعاد السؤال اضطر في أن يتقي «فقال (إلى قوله) رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» و إن كانت تقية، لكن مراده عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم صالحهم على أن يؤدوا الجزية إلا أن يزيدوهم على أنفسهم فلما زادهم على أنفسهم فعليهم أن يؤدوها (أو) يكون هذا إشارة إلى أصل الجزية يعني أن ما قلت لك إنه ليس عليهم شي‏ء سوى الجزية شي‏ء صالحهم عليه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أن لا يكون عليهم غيرها لكن أهل الظلم تعدوا عن قول رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، و ظاهره عدم جواز الجمع بأن يقرر على نفوسهم و أموالهم.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب صدقة أهل الجزية خبر 2- 3- و ذيل خبر 1.

151
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

1672 وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي أَهْلِ الْجِزْيَةِ يُؤْخَذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَ مَوَاشِيهِمْ شَيْ‏ءٌ سِوَى الْجِزْيَةِ قَالَ لَا.

1673 قَالَ وَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ صَدَقَاتِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ جِزْيَتِهِمْ مِنْ ثَمَنِ خُمُورِهِمْ وَ لَحْمِ خَنَازِيرِهِمْ وَ مَيْتَتِهِمْ فَقَالَ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةُ فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ مِنْ ثَمَنِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ أَوْ خَمْرٍ وَ كُلُّ مَا أَخَذُوا مِنْ ذَلِكَ فَوِزْرُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَ ثَمَنُهُ لِلْمُسْلِمِينَ حَلَالٌ يَأْخُذُونَهُ فِي جِزْيَتِهِمْ.

1674 وَ رَوَى طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: جَرَتِ السُّنَّةُ أَنْ لَا تُؤْخَذَ الْجِزْيَةُ مِنَ الْمَعْتُوهِ وَ لَا مِنَ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ.

1675 وَ رَوَى حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ النِّسَاءِ كَيْفَ سَقَطَتِ‏

__________________________________________________
 «و روى محمد بن مسلم» في القوي. و رواه الكليني في الصحيح عنه عليه السلام «1» و هو مؤكد لما قبله و يمكن أن يكون السؤال في وقت آخر كما يظهر من الكافي قال محمد بن مسلم «و سألت أبا عبد الله عليه السلام» رواه في الكافي في الحسن كالصحيح «2» و يدل على جواز أخذ ثمنها و إن كان البيع حراما و لا يملكون الثمن، لكن لما كان العهد معهم على التقرير على مذهبهم الباطل لأن يكون إسلامهم باختيارهم و يرتفع الشبهة إن كانت عنهم جاز أخذ ثمنها عنهم (أو) لأن مالهم في‏ء للمسلمين فلو كان المال الذي وقع ثمن الخمر مالا للمشتري أيضا جاز هنا أخذه منهم لرضاهم و كان الوزر في البقاء على مذهبهم الباطل و بيعهما و أخذ ثمنهما عليهم، و ليس على المسلمين شي‏ء. «و روى طلحة بن زيد» طريق الصدوق إليه صحيح و كتابه معتمد و رواه الكليني في الصحيح، عن عبد الله بن المغيرة عنه «3» «عن أبي عبد الله عليه السلام» يدل على سقوط الجزية عن المعتوه و هو المجنون، (و المغلوب على عقله) تفسيره.
 «و روى حفص بن غياث» طريق الصدوق إليه صحيح و هو موثق و حديثه‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب صدقة أهل الجزية خبر 2- 3- و ذيل خبر 1.
 (3) الكافي باب صدقة أهل الجزية خبر 3 من كتاب الزكاة.

152
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

الْجِزْيَةُ وَ رُفِعَتْ عَنْهُنَّ فَقَالَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَ الْوِلْدَانِ فِي دَارِ الْحَرْبِ إِلَّا أَنْ يُقَاتِلْنَ وَ إِنْ قَاتَلَتْ أَيْضاً فَأَمْسِكْ عَنْهَا مَا أَمْكَنَكَ وَ لَمْ تَخَفْ خَلَلًا فَلَمَّا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ص عَنْ قَتْلِهِنَّ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَانَ ذَلِكَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْلَى وَ لَوِ امْتَنَعَتْ أَنْ تُؤَدِّيَ الْجِزْيَةَ لَمْ يُمْكِنْ قَتْلُهَا فَلَمَّا لَمْ يُمْكِنْ قَتْلُهَا رُفِعَتِ الْجِزْيَةُ عَنْهَا وَ لَوْ مَنَعَ الرِّجَالُ فَأَبَوْا أَنْ يُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ كَانُوا نَاقِضِينَ لِلْعَهْدِ وَ حَلَّتْ دِمَاؤُهُمْ وَ قَتْلُهُمْ لِأَنَّ قَتْلَ الرِّجَالِ مُبَاحٌ فِي دَارِ الشِّرْكِ وَ الذِّمَّةِ وَ كَذَلِكَ الْمُقْعَدُ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ وَ الذِّمَّةِ وَ الْأَعْمَى وَ الشَّيْخُ الْفَانِي وَ الْمَرْأَةُ وَ الْوِلْدَانُ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ رُفِعَتْ عَنْهُمُ الْجِزْيَةُ.
1676 وَ رَوَى ابْنُ مُسْكَانَ عَنِ الْحَلَبِيِّ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْأَعْرَابِ أَ عَلَيْهِمْ جِهَادٌ فَقَالَ لَيْسَ عَلَيْهِمْ جِهَادٌ إِلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَيُسْتَعَانَ بِهِمْ فَقَالَ فَلَهُمْ مِنَ الْجِزْيَةِ شَيْ‏ءٌ قَالَ لَا.

1677 وَ سَأَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنْ سِيرَةِ الْإِمَامِ فِي الْأَرْضِ الَّتِي فُتِحَتْ بَعْدَ

__________________________________________________
معلل و عمل الأصحاب عليه في سقوط الجزية عن النساء و غير البالغ و المقعد و الأعمى و الشيخ الهرم.
 «و روى ابن مسكان» في الصحيح «عن الحلبي» و يدل ظاهرا على سقوط الجهاد عن سكان البادية و قد تقدم، و على أنهم لا يستحقون الجزية لأنها للمجاهدين (أو) للمهاجرين و ليسوا منهما، و روى الكليني في الصحيح، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الأعراب عليهم جهاد؟ قال:
لا إلا أن يخاف على الإسلام فيستعان بهم، قلت: فلهم من الجزية شي‏ء قال: لا «2» «و سأل محمد بن مسلم» في القوي و رواه الشيخ في الصحيح عنه «3» «عن أبي جعفر عليه السلام عن سير الإمام» بالمصدر أو الجمع، و في التهذيب (سيره) بالهاء و هو أصوب‏
__________________________________________________
 (2) الكافي باب قسمة الغنيمة خبر 5.
 (3) التهذيب باب مستحق عطاء الجزية خبر 1 من كتاب الزكاة.

153
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع قَدْ سَارَ فِي أَهْلِ الْعِرَاقِ بِسِيرَةٍ فَهِيَ إِمَامٌ لِسَائِرِ الْأَرَضِينَ وَ قَالَ إِنَّ أَرْضَ الْجِزْيَةِ لَا تُرْفَعُ عَنْهَا الْجِزْيَةُ وَ إِنَّمَا الْجِزْيَةُ عَطَاءُ الْمُجَاهِدِينَ وَ الصَّدَقَاتُ لِأَهْلِهَا الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ لَيْسَ لَهُمْ مِنَ الْجِزْيَةِ شَيْ‏ءٌ ثُمَّ قَالَ ع مَا أَوْسَعَ الْعَدْلَ إِنَّ النَّاسَ يَسْتَغْنُونَ إِذَا عُدِلَ فِيهِمْ وَ تُنْزِلُ السَّمَاءُ رِزْقَهَا وَ تُخْرِجُ الْأَرْضُ بَرَكَتَهَا بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏
__________________________________________________
و كأنه من النساخ «في الأرض التي فتحت بعد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» مع أنها فتحت على غير الإمام و قد تقدم أنها للإمام إذا لم يكن بإذنه عليه السلام «فقال (إلى قوله) هي» أي السيرة «إمام لسائر الأرضين» أي لسيرة سائرها أو الأرض باعتبار السيرة «و قال: إن أرض الجزية» التي لأهل الكتاب «لا ترفع عنها الجزية» أي سواء كان فاتحها الإمام الحق أو مقررها و يمكن شموله لما قرر عليهم ذو الشوكة من المسلمين: و الظاهر أنه رد على عمر حيث رفع الجزية عن جماعة ممن قرر عليهم رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الجزية و ضاعف عليهم للصدقة «و إنما الجزية عطاء المجاهدين» و في نسخ التهذيب (المهاجرين) و على هذه النسخة أيضا الظاهر أن المراد بها أنها كانت للمهاجرين في زمان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لأجل الجهاد فلما انقطعت الهجرة بعد الفتح كانت للمجاهدين، و يحتمل أن تكون في زمان الغيبة لأهل الهجرة في تحصيل العلوم الدينية و للمجاهدين بالجهاد الأكبر «و الصدقات (إلى قوله) العدل» للتعجب «إن الناس يستغنون إذا عدل فيهم» لأن الله تعالى قرر لكل صنف ما لا «و تنزل السماء رزقها» لأن الجور سبب لعدم نزول المطر كما ورد في الأخبار و تقدم بعضها.
و روى الكليني (في الصحيح و إن كان في الطريق سهل بن زياد، لأن الظاهر أنه أخذ، من كتاب البزنطي) عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله عليه السلام قال، إن أرض الجزية لا يرفع عنهم الجزية و إنما الجزية عطاء المهاجرين و الصدقة لأهلها الذي سمى الله في كتابه و ليس لهم من الجزية شي‏ء، ثمَّ قال: ما أوسع العدل؟ ثمَّ قال: إن الناس يستغنون إذا عدل فيهم و تنزل السماء رزقها و تخرج الأرض بركتها بإذن الله.

154
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
و روى الكليني في الصحيح عن صفوان بن يحيى و البزنطي قالا: ذكرنا له الكوفة و ما وضع عليها من الخراج و ما سار فيها أهل بيته يعني أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال: من أسلم طوعا تركت أرضه في يده و أخذ منه العشر مما سقت السماء و الأنهار و نصف العشر مما كان بالرشاء فيما عمروه منها، و ما لم يعمروه منها أخذه الإمام فقبله من يعمره و كان للمسلمين و على المتقبلين في حصصهم، العشر و نصف العشر، و ليس في أقل من خمسة أو ساق شي‏ء من الزكاة، و ما أخذ بالسيف فذلك إلى الإمام يقبله بالذي يرى كما صنع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بخيبر قبل سوادها و بياضها يعني أرضها و نخلها، و الناس يقولون لا يصلح قبالة الأرض و النخل و قد قبل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم خيبر و على المتقبلين سوى قبالة الأرض، العشر و نصف العشر في حصصهم، و قال: إن أهل الطائف أسلموا و جعل عليهم العشر و نصف العشر و إن مكة دخلها صلى الله عليه و آله و سلم عنوة و كانوا أسراء في يده فأعتقهم و قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء «1» و قريب منه ما رواه الشيخ في الصحيح عن البزنطي عن الرضا عليه السلام و سيجي‏ء الأخبار الصحيحة في كتاب البيع في هذا المعنى.
و ظاهرها أن أمير المؤمنين و الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجروا في الأراضي المفتوحة في زمن أهل الجور أحكام الأرض المفتوحة عنوة (إما) لأنه صلوات الله عليه لما تمكن فيها فكأنه فتحها و صار حكمها حكمها (و إما) لتنفيذ أحكامها عليها و إن فتحت جورا بمنزلة البيع الفضولي (و إما) لرضاه لأنه ترتب على الفتوح إسلام أهل الأرض و صاروا بالآخرة مؤمنين كما كان يجري على أهل النفاق أحكام أهل الإسلام و إن كانوا كفرة (و إما) لاتقائهم عليهم السلام منهم و كان لا يمكنهم رفع بدعهم (و إما) لأن الأرض كان منهم و تفضلوا على المسلمين بإبقائها على هذه الأحكام إلى أن يظهر الحق، و هو أظهر من الأخبار.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب صدقة أهل الجزية خبر 6 من كتاب الزكاة و التهذيب باب من الزيادات خبر 2 من كتاب الزكاة.

155
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

1678 وَ الْمَجُوسُ تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ لِأَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَ كَانَ لَهُمْ نَبِيٌّ اسْمُهُ دَامَسْبُ فَقَتَلُوهُ وَ كِتَابٌ يُقَالُ لَهُ جَامَاسْبُ كَانَ يَقَعُ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ جِلْدِ ثَوْرٍ فَحَرَّقُوهُ‏

__________________________________________________
فعلى هذا يكون تصرفات الإمامية فيها أسهل من غيرهم لما مر من الأخبار و سمعنا من بعض المشايخ مذاكرة: إن عمر التمس من أمير المؤمنين صلوات الله عليه أن يبعث عليه السلام أبا محمد الحسن بن علي عليهما السلام مع العسكر و كان عليه السلام مع العسكر، و كلما وقع فتح كان بإذنه و مشورته صلوات الله عليه «1» حتى أنه عليه السلام دخل أصفهان و اغتسل في حمام كان بقرب المسجد الجامع العتيق و صلى في مسجد لبنان، و ذكر أنه سمعه من شيخ المحققين عبد العالي، و هو سمعه من أبيه سند المحققين و المدققين علي بن عبد العالي و الله تعالى يعلم.
 «و المجوس تؤخذ منهم الجزية إلخ» روى الكليني، عن أبي يحيى الواسطي عن بعض أصحابنا قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام، عن المجوس أ كان لهم نبي؟ فقال: نعم أ ما بلغك كتاب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إلى أهل مكة أن أسلموا و إلا نابذتكم بحرب فكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أن خذ منا الجزية و دعنا على عبادة الأوثان فكتب إليهم النبي عليه السلام إني لست آخذ الجزية إلا من أهل الكتاب فكتبوا إليه يريدون بذلك تكذيبه زعمت أنك لا تأخذ الجزية إلا من أهل الكتاب، ثمَّ أخذت الجزية من مجوس‏
__________________________________________________
 (1) و يؤيد ما ذكره الشارح ره ما رواه الصدوق ره في أبواب السبعة من كتاب الخصال في باب ان اللّه تعالى يمتحن اوصياء الأنبياء في حيوة الأنبياء في سبعة مواطن و بعد وفاتهم في سبعة مواطن مسندا عن جابر الجعفى عن ابى جعفر (ع) انه اتى يهودى أمير المؤمنين (ع) في متصرفه عن وقعة نهروان فيسأله عن تلك المواطن (إلى أن قال) و اما الرابعة فان القائم بعد صاحبه (يعنى عمر بعد أبى بكر) كان يشاورنى في موارد الأمور فيصدرها عن امرى في غوامضها فيمضيها عن رايى فما علمه أحد و لا يعلمه اصحابى و لا يناظرنى غيره إلخ.

156
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
هجروهم أهل الأحساء و القطيف و البحرين فكتب إليهم النبي صلى الله عليه و آله أن المجوس كان لهم نبي فقتلوه و كتاب أحرقوه أتاه نبيهم بكتابهم في اثني عشر ألف جلد ثور «1» و الظاهر أن القرطاس لم يكن يومئذ، و كانوا يكتبون على الجلود و الألواح و كذلك كان في ابتداء الإسلام، و المشهور أن القرطاس حصل من تعليم أمير المؤمنين صلوات الله عليه و أمره عجيب لمن شاهد عمله، و الأخبار في أمر المجوس كثيرة لا تخلو من ضعف، لكن عمل الأصحاب عليها.
و اعلم أن الجهاد في سبيل الله من أعلى فرائض الله و أعظم شعائر الإسلام. لكن لما كان له شروط (منها) إذن الإمام عليه السلام أو من نصبه و كان الأئمة صلوات الله عليهم يعلمون أن القتال مع الطواغي و الظلمة الذين كانوا في عهدهم عبث لم يجاهدوا و لما كان حكم الجهاد في زمان الغيبة عبثا غالبا و في زمان الحضور كلما يأمره المعصوم فالحكم حكمه و هو حكم الله، لم يذكر الصدوق أحكام الجهاد و لا بأس بأن نذكر بعض الأخبار الواردة في ذلك الباب.
فمن ذلك ما روى الكليني في الصحيح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: الخير كله في السيف و تحت ظل السيف و لا يقيم الناس إلا السيف «2» و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: للجنة باب يقال له: باب المجاهدين يمضون إليه فإذا هو مفتوح و هم متقلدون بسيوفهم و الجمع في الموقف و الملائكة تترحب بهم (أي يقولون لهم مرحبا) ثمَّ قال: فمن ترك الجهاد ألبسه الله عز و جل ذلا و فقرا في معيشته و محقا في دينه، إن الله عز و جل أغنى أمتي بسنابك خيلها و مراكز رماحها «3».
__________________________________________________
 (1) الكافي باب صدقة أهل الجزية خبر 4 و التهذيب باب الجزية خبر 1.
 (2- 3) الكافي باب فضل الجهاد خبر 1- 2 من كتاب الجهاد.

157
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم خيول الغزاة في الدنيا خيولهم في الجنة. و إن أردية الغزاة لسيوفهم و قال صلى الله عليه و آله و سلم أخبرني جبرئيل بأمر قرت به عيني و فرح به قلبي قال: يا محمد من غزا من أمتك في سبيل الله فأصابه قطرة من السماء أو صداع كتب الله عز و جل له شهادة «1» و كفى بالآيات الواردة «2» في هذا الباب شرفا و فضلا، و بالأخبار الكثيرة، عن أمير المؤمنين و الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم طولا و نبلا.
و عن فضيل بن عياض قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الجهاد سنة أم فريضة؟
فقال: الجهاد على أربعة أوجه، فجهادان فرض، و جهاد سنة لا يقام إلا مع الفرض و جهاد سنة، فأما أحد الفرضين فمجاهدة الرجل نفسه عن معاصي الله عز و جل و هو من أعظم الجهاد. و مجاهدة الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ فرض، و أما الجهاد الذي هو سنة لا يقام إلا مع فرض، فإن مجاهدة العدو فرض على جميع الأمة، و لو تركوا الجهاد لأتاهم العذاب و هذا هو من عذاب الأمة و هو سنة على الإمام، و حده أن يأتي العدو مع الأمة فيجاهدوهم، و أما الجهاد الذي هو سنة فكل سنة أقامها الرجل و جاهد في إقامتها و بلوغها و إحيائها فالعمل و السعي فيها من أفضل الأعمال لأنها إحياء سنة و قد قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: من سن سنة حسنة فله أجرها و أجر من عمل بها إلى يوم القيمة من غير أن ينقص من أجورهم شي‏ء «3».
و عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام قال سأل رجل أبي صلوات الله عليه عن حروب أمير المؤمنين (ع) و كان السائل من محبينا فقال له أبو جعفر (ع) بعث الله محمدا (ص) بخمسة أسياف، ثلاثة منها شاهرة، فلا تغمد حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها و لن تضع الْحَرْبُ أَوْزارَها حتى‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب فضل الجهاد خبر 3.
 (2) و الأولى التعبير بالآيات النازلة كما لا يخفى وجهه و اما الاخبار فراجع كتاب الجهاد من الكافي و التهذيب.
 (3) الكافي باب وجوه الجهاد خبر 2.

158
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت الشمس من مغربها أمن الناس كلهم في ذلك فيومئذ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً «1» و سيف منها مكفوف، و سيف منها مغمود سله إلى غيرنا و حكمه إلينا.
و أما السيوف الثلاثة الشاهرة فسيف على مشركي العرب- قال الله عز و جل:
فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا (يعني آمنوا (وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ «2» فهؤلاء لا يقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الإسلام و أموالهم و ذراريهم سبي على ما سن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فإنه سبي و عفا و قبل الفداء.
 (و السيف الثاني) على أهل الذمة قال الله تعالى وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً «3» نزلت هذه الآية في أهل الذمة، ثمَّ نسخها قوله تعالى (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ «4».
فمن كان منهم في دار الإسلام فلن يقبل منهم إلا الجزية أو القتل، و ما لهم في‏ء و ذراريهم سبي، و إذا قبلوا الجزية على أنفسهم حرم علينا سبيهم و حرمت أموالهم و حلت لنا مناكحتهم، و من كان منهم في دار الحرب حل لنا سبيهم و أموالهم و لم تحل لنا مناكحتهم و لم يقبل منهم إلا الدخول في الإسلام أو الجزية أو القتل.
 (و السيف الثالث) سيف على مشركي العجم يعني الترك و الديلم و الخزر قال الله عز و جل في أول السورة التي يذكر فيها الَّذِينَ كَفَرُوا فقص قصتهم، ثمَّ قال فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ‏
__________________________________________________
 (1) المائدة 158.
 (2) التوبة 5.
 (3) البقرة 83.
 (4) التوبة 29.

159
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
أَوْزارَها «1» و أما قوله (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ) يعني بعد السبي منهم (وَ إِمَّا فِداءً) يعني المفاداة بينهم و بين أهل الإسلام فهؤلاء لن يقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الإسلام و لا تحل لنا مناكحتهم ما داموا في دار الحرب.
 (و أما السيف المكفوف) فسيف على أهل البغي و التأويل- قال الله عز و جل وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى‏ فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِي‏ءَ إِلى‏ أَمْرِ اللَّهِ «2» فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: إن منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل فسئل النبي صلى الله عليه و آله و سلم من هو؟ فقال: خاصف النعل، يعني أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فقال عمار بن ياسر قاتلت بهذه الراية مع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ثلاثا و هذه الرابعة و الله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا السعفات «3» من هجر «4» لعلمنا إنا على الحق و أنهم على الباطل، و كان السيرة فيهم من أمير المؤمنين عليه السلام ما كان من رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في أهل مكة يوم فتح مكة فإنه لم يسب لهم ذرية، و قالوا: من أغلق بابه فهو آمن، و من ألقى سلاحه فهو آمن و كذلك قال: أمير المؤمنين عليه السلام يوم البصرة نادى فيهم لا تسبوا لهم ذرية، و لا تجهزوا على جريح، و لا تتبعوا مدبرا، و من أغلق بابه و ألقى سلاحه فهو آمن.
__________________________________________________
 (1) محمّد 4.
 (2) الحجرات 49.
 (3) السعفات جمع سعفة بالتحريك، جريدة النخل ما دامت في الخوص، فان زال عنها قيل جريدة، و قيل إذا يبست سميت سعفة و الرطبة، شطبة- قال بعض الشارحين و خص هجر لبعد المسافة و لكثرة النخيل بها- مجمع البحرين.
 (4) هجر محركة بلدة باليمن و اسم لجميع ارض البحرين، و قرية كانت قرب المدنية تنسب إليها القلال (مجمع البحرين).

160
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
 (و أما السيف المغمود) فهو السيف الذي يقوم به القصاص فهو السيف الذي قال الله عز و جل النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَ الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ «1» فسله إلى أولياء المقتول و حكمه إلينا- فهذه السيوف التي بعث الله بها محمدا صلى الله عليه و آله و سلم: فمن جحدها أو جحدوا حدا أو شيئا من سيرها و أحكامها فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه و آله و سلم «2» و عن أبي عبد الله عليه السلام، أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم بعث بسرية فلما رجعوا قال: مرحبا بقوم قضوا الجهاد الأصغر و بقي عليهم الجهاد الأكبر قيل: يا رسول الله و ما الجهاد الأكبر؟ قال:
جهاد النفس «3» و عن أبي عمر و الزبيري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: أخبرني عن الدعاء إلى الله و الجهاد في سبيله هو لقوم لا يحل إلا لهم و لا يقوم به إلا من كان منهم أم هو مباح لكل من وحد الله عز و جل و آمن برسوله صلى الله عليه و آله و سلم و من كان كذا فله أن يدعو إلى الله عز و جل و إلى طاعته و أن يجاهد في سبيله فقال: ذلك لقوم لا يحل إلا لهم و لا يقوم بذلك إلا من كان منهم، قلت: من أولئك؟ قال: من قام بشرائط الله عز و جل في القتال، و الجهاد على المجاهدين فهو المأذون له في الدعاء إلى الله عز و جل، و من لم يكن قائما بشرائط الله عز و جل في الجهاد على المجاهدين فليس بمأذون له في الجهاد و لا الدعاء إلى الله تعالى حتى يحكم في نفسه ما أخذ الله عليه من شرائط الجهاد.
قلت فبين لي يرحمك الله قال: إن الله تبارك و تعالى أخبر في كتابه الدعاء إليه و وصف الدعاة إليه فجعل ذلك لهم درجات يعرف بعضها بعضا و يستدل ببعضها على بعض، فأخبر أنه تبارك و تعالى: أول من دعا إلى نفسه و دعا إلى طاعته و اتباع أمره فبدأ نفسه.
فقال وَ اللَّهُ يَدْعُوا إِلى‏ دارِ السَّلامِ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، «4» ثمَّ ثنى برسوله‏
__________________________________________________
 (1) المائدة 45.
 (2) إلى هنا آخر خبر حفص بن غياث أورده في الكافي باب وجوه الجهاد خبر 2.
 (3) الكافي باب وجوه الجهاد خبر 3.
 (4) يونس 25.

161
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
فقال ادْعُ إِلى‏ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ «1» يعني بالقرآن و لم يكن داعيا إلى الله عز و جل، من خالف أمر الله و يدعو إليه بغير ما أمر في كتابه، و الذي أمر أن لا يدعى إلا به و قال في نبيه صلى الله عليه و آله و سلم وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «2» يقول: تدعو، ثمَّ ثلث بالدعاء إليه بكتابه أيضا فقال تبارك و تعالى إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ «3» أي يدعو و يبشر المؤمنين، ثمَّ ذكر من أذن له في الدعاء إليه بعده و بعد رسوله في كتابه فقال، (وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «4» ثمَّ أخبر عن هذه الأمة و ممن هي و أنها من ذرية إبراهيم و من ذرية إسماعيل من سكان الحرم ممن لم يعبدوا غير الله قط الذين وجبت لهم الدعوة دعوة إبراهيم و إسماعيل من أهل المسجد الذين أخبر عنهم في كتابه أنه أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا الذين وصفناهم قبل هذا في صفة «5» أمة إبراهيم الذين عناهم الله تبارك و تعالى في قوله أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى‏ بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي «6» يعني أول من اتبعه على الإيمان به و التصديق له و بما جاء به من عند الله عز و جل من الأمة التي نعت فيها و منها و إليها قبل الخلق ممن لم يشرك بالله قط و لم يلبس إيمانه بظلم و هو الشرك.
ثمَّ ذكر اتباع نبيه و اتباع هذه الأمة التي وصفها في كتابه بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و جعلها داعية إليه و أذن له في الدعاء إليه فقال يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ «7» ثمَّ وصف أتباع نبيه صلى الله عليه و آله و سلم من المؤمنين.
فقال عز و جل مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ
__________________________________________________
 (1) النحل 125.
 (2) الشورى 52.
 (3) الإسراء 9.
 (4) آل عمران 104.
 (5) في التهذيب من صفة امة محمد (ص).
 (6) يوسف 108.
 (7) الأنفال 64.

162
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ «1» (و قال يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى‏ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ «2» يعني أولئك المؤمنين، و قال قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ثمَّ حلاهم و وصفهم كيلا يطمع في اللحاق بهم إلا من كان منهم فقال فيما حلاهم به و وصفهم الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ إلى قوله أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ- الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ «3» و قال في صفتهم و حليتهم أيضا الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً «4» ثمَّ أخبر أنه اشترى من هؤلاء المؤمنين و من كان على مثل صفتهم أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الْقُرْآنِ ثمَّ ذكر وفاهم له بعهده و مبايعته (متابعته- خ ل) فقال وَ مَنْ أَوْفى‏ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ «5» فلما نزلت هذه الآية إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى‏ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ قام رجل إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم فقال يا نبي الله أ رأيتك، الرجل يأخذ سيفه فيقاتل حتى يقتل إلا أنه يقترف من هذه المحارم أ شهيد هو؟ فأنزل الله عز و جل على رسوله، التَّائِبُونَ، الْعابِدُونَ، الْحامِدُونَ، السَّائِحُونَ، الرَّاكِعُونَ، السَّاجِدُونَ، الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ، وَ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ «6»
__________________________________________________
 (1) الفتح 29.
 (2) التحريم 8.
 (3) المؤمنون 1 (الى) 8.
 (4) الفرقان 28- 29.
 (5) التوبة 111.
 (6) التوبة 112.

163
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
ففسر النبي صلى الله عليه و آله و سلم المجاهدين من المؤمنين الذين هذه صفتهم و حليتهم بالشهادة و الجنة و قال (التَّائِبُونَ) من الذنوب (الْعابِدُونَ) الذين لا يعبدون إلا الله و لا يشركون به شيئا، (الْحامِدُونَ) الذين يحمدون الله على كل حال في الشدة و الرخاء (السَّائِحُونَ) و هم الصائمون، (الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ) الذين يواظبون على الصلوات الخمس (الْحافِظُونَ) لها و المحافظون عليها بركوعها و سجودها و في الخشوع فيها و في أوقاتها (الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) بعد ذلك و العاملون به (وَ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ) و المنتهون عنه قال: فبشر من قتل و هو قائم بهذه الشروط بالشهادة و الجنة.
ثمَّ أخبر تبارك و تعالى أنه لم يأمره بالقتال إلا أصحاب هذه الشروط فقال عز و جل أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى‏ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ «1» و ذلك أن جميع ما بين السماء و الأرض لله عز و جل و لرسوله و لأتباعهما من المؤمنين من أهل هذه الصفة، فما كان من الدنيا في أيدي المشركين و الكفار و الظلمة و الفجار من أهل الخلاف لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و المولى عن طاعتهما مما كان في أيديهم ظلموا فيه المؤمنين من أهل هذه الصفات و غلبوهم عليه مما (بما- خ يب) أفاء الله على رسوله فهو حقهم، أفاء الله عليهم و رده إليهم، و إنما معنى الفي‏ء كلما صار إلى المشركين ثمَّ رجع مما كان غلب عليه أو فيه، فما رجع إلى مكانه من قول أو فعل فقد فاء مثل قول الله عز و جل:
لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أي رجعوا ثمَّ قال وَ إِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «2» و قال وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى‏ فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِي‏ءَ إِلى‏ أَمْرِ اللَّهِ أي ترجع فَإِنْ فاءَتْ أي رجعت فَأَصْلِحُوا
__________________________________________________
 (1) الحجّ 39- 40.
 (2) البقرة 226- 227.

164
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ «1» يعني بقوله: تفي‏ء (ترجع) فذلك الدليل على أن الفي‏ء كله راجع إلى مكان قد كان عليه أو فيه، و يقال للشمس إذا زالت (قد فائت الشمس) حين يفي‏ء عند رجوع الشمس إلى زوالها.
و كذلك ما أفاء الله على المؤمنين من الكفار فإنما هي حقوق المؤمنين رجعت إليهم بعد ظلم الكفار إياهم فذلك قوله أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا «2» ما كان المؤمنون أحق به منهم، و إنما أذن للمؤمنين الذين قاموا بشرائط الإيمان التي وصفناها و ذلك أنه لا يكون مأذونا له في القتال حتى يكون مظلوما و لا يكون مظلوما حتى يكون مؤمنا، و لا يكون مؤمنا حتى يكون قائما بشرائط الإيمان التي اشترط الله عز و جل على المؤمنين و المجاهدين.
فإذا تكاملت فيه شرائط الله عز و جل كان مؤمنا و إذا كان مؤمنا كان مظلوما و إذا كان مظلوما كان مأذونا له في الجهاد لقوله عز و جل أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى‏ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ «3» و إن لم يكن مستكملا لشرائط الإيمان فهو ظالم ممن يبغي (سعى- خ ل) و يجب جهاده حتى يتوب، و ليس مثله مأذونا له في الجهاد و الدعاء إلى الله عز و جل لأنه ليس من المؤمنين المظلومين الذين أذن لهم في القرآن في القتال، فلما نزلت هذه الآية (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) في المهاجرين الذين أخرجهم أهل مكة من ديارهم و أموالهم أحل لهم جهادهم بظلمهم إياهم و أذن لهم في القتال.
__________________________________________________
 (1) الحجرات 49.
 (2) الحجّ 31.
 (3) الحجّ 39.

165
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
فقلت: فهذه نزلت في المهاجرين بظلم مشركي أهل مكة لهم فما بالهم في قتالهم كسرى، و قيصر، و من دونهم من مشركي قبائل العرب؟ فقال لو كان إنما أذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكة فقط لم يكن لهم إلى قتال جموع كسرى و قيصر و من دونهم من مشركي قبائل العرب سبيل لأن الذين ظلموهم غيرهم، و إنما أذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكة لإخراجهم إياهم من ديارهم و أموالهم بغير حق و لو كانت الآية إنما عنت المهاجرين الذين ظلمهم أهل مكة كانت الآية مرتفعة الفرض عمن بعدهم إذا لم يبق من الظالمين و المظلومين أحد و كان فرضها مرفوعا عن الناس بعدهم إذ لم يبق من الظالمين و المظلومين أحد و ليس كما ظننت و لا كما ذكرت، و لكن المهاجرين ظلموا من جهتين، ظلمهم أهل مكة بإخراجهم من ديارهم و أموالهم فقاتلوهم بإذن الله عز و جل لهم في ذلك، (و ظلمهم «1» كسرى و قيصر و من كان دونهم من قبائل العرب و العجم بما كان في أيديهم مما كان المؤمنون أحق به منهم فقد قاتلوهم بإذن الله عز و جل لهم في ذلك) و بحجة هذه الآية يقاتل مؤمنو كل زمان.
و إنما أذن الله عز و جل للمؤمنين الذين قاموا بما وصف الله عز و جل من الشرائط- التي شرطها الله على المؤمنين في الإيمان و الجهاد و من كان قائما بتلك الشرائط فهو مؤمن و هو مظلوم و مأذون له في الجهاد بذلك المعنى، و من كان على خلاف ذلك فهو ظالم. و ليس من المظلومين، و ليس بمأذون له في القتال، و لا بالنهي عن المنكر و الأمر بالمعروف لأنه ليس من أهل ذلك و لا مأذون له في الدعاء إلى الله عز و جل لأنه ليس يجاهد مثله، و أمر بدعائه إلى الله و لا يكون مجاهدا من قد أمر «2» المؤمنون بجهاده و حضر
__________________________________________________
 (1) من قوله: و ظلمهم كسرى الى قوله في ذلك ليس في التهذيب و الظاهر ان ما في نسخة الكافي اصح كما لا يخفى.
 (2) في التهذيب من قد امر المؤمنين بجهاده و حظر الجهاد عليه قيل و هذا هو الأصحّ بقرينة قوله و منعه منه فتامل.

166
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
الجهاد عليه، و منعه منه و لا يكون داعيا إلى الله عز و جل من أمر بدعاء مثله إلى التوبة و الحق، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و لا يأمر بالمعروف من قد أمر أن يؤمر به و لا ينهى عن المنكر من قد أمر أن ينهى عنه.
فمن كان قد تمت فيه شرائط الله عز و جل التي وصف بها أهلها من أصحاب النبي صلى الله عليه و آله و سلم و هو مظلوم فهو مأذون له في الجهاد كما أذن لهم، لأن حكم الله عز و جل في- الأولين و الآخرين و فرائضه عليهم سواء إلا من علة أو حارث يكون، و الأولون و الآخرون أيضا في منع الحوادث شركاء، و الفرائض عليهم واحدة يسأل الآخرون عن أداء الفرائض عما يسأل عنه الأولون، و يحاسبون عما به يحاسبون، و من لم يكن على صفة من أذن الله له في الجهاد من المؤمنين فليس من أهل الجهاد و ليس بمأذون له فيه حتى يفي بما شرط الله عز و جل عليه.
فإذا تكاملت فيه شرائط الله عز و جل على المؤمنين و المجاهدين فهو من المأذونين لهم في الجهاد فليتق الله عز و جل عبد (عبده- خ ل) و لا يغتر بالأماني التي نهى الله عز و جل عنها من هذه الأحاديث «1» الكاذبة على الله التي يكذبها القرآن و يتبرأ منها و من- حملتها و رواتها و لا يقدم على الله عز و جل بشبهة لا يعذر بها فإنه ليس وراء المتعرض- (المعترض- خ) للقتال في سبيل الله منزلة يؤتى الله من قبلها و هي غاية الأعمال في عظم قدرها، فليحكم امرء، نفسه و ليرها كتاب الله عز و جل و يعرضها عليه فإنه لا أحد أعرف بالمرء من نفسه، فإن وجدها قائمة بما شرط الله عليه في الجهاد فليقدم على الجهاد، و إن علم تقصيرا فليصلحها و ليقمها على ما فرض الله عليها من الجهاد، ثمَّ ليقدم بها و هي طاهرة مطهرة من كل دنس يحول بينها و بين جهادها.
و لسنا نقول لمن أراد الجهاد و هو على خلاف ما وصفناه من شرائط الله عز و جل على‏
__________________________________________________
 (1) مثل قولهم لا يجتمع امتى على الخطاء- و قولهم- صلوا خلف كل بر و فاجر- و قولهم بانه يجب اطاعة من انعقدت له البيعة- من حاشية التهذيب.

167
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

.........
__________________________________________________
المؤمنين و المجاهدين، لا تجاهدوا، و لكن نقول: قد علمناكم ما شرط الله عز و جل على أهل الجهاد الذين بايعهم و اشترى منهم أنفسهم و أموالهم بالجنان، فليصلح امرء، ما علم من نفسه من تقصير عن ذلك و ليعرضها على شرائط الله، فإن رأى أنه قد وفى بها و تكاملت فيه فإنه ممن أذن الله عز و جل له في الجهاد، و إن أبى أن لا يكون مجاهدا على ما فيه من الإصرار على المعاصي و المحارم، و الإقدام على الجهاد بالتحبيط و العمى و القدوم على الله عز و جل بالجهل و الروايات الكاذبة فلقد لعمري جاء الأثر فيمن فعل هذا الفعل إن الله عز و جل ينصر هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم، فليتق الله عز و جل امرء، و ليحذر أن يكون منهم، فقد بين لكم و لا عذر لكم بعد البيان في الجهل، و لا قوة إلا بالله و حسبنا الله عليه توكلنا و إليه المصير «1».
و حاصل الخبر أن المأذون له في الجهاد ليس إلا المعصوم الحافظ لكتاب الله- العالم العامل بسنة رسول الله، و هذه الإطالة لسوء فهم المخاطب و التقية من حكام الجور حتى يفهم لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ.
و عن عبد الملك بن عمرو قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام يا عبد الملك ما لي لا أراك تخرج إلى هذه المواضع التي يخرج إليها أهل بلادك؟ قال: قلت: و أين؟ فقال: جدة، و عبادان، و المصيصة، و قزوين، فقلت انتظارا لأمركم و الاقتداء بكم فقال: أي و الله لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ، قال: قلت له: فإن الزيدية يقولون ليس بيننا و بين جعفر خلاف إلا أنه لا يرى الجهاد فقال: أنا لا أراه بلى و الله إني لا أراه و لكن أكره أن أدع علمي‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من يجب عليه الجهاد و من لا يجب خبر 1 و التهذيب باب من يجب عليه الجهاد خبر 3 و لعمرنا ان هذا الخبر الشريف قد اتم الحجة على الطائفة الزيدية و امثالهم ممن يتوهم وجوب القيام و الجهاد بمجرد وجود من يدعى الإسلام فقط من دون ملاحظة احكامه و من غير إخلاص لهم نعم لو كانوا كأصحاب مولانا سيد الشهداء (ع) حيث انهم رضوان اللّه عليهم كانوا مستقيمين في امر دينهم و متصلبين في حفظ امامهم فدعوى وجوب القيام في محلها.

168
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب الخراج و الجزية ص 148

1679 وَ سَأَلَ أَبُو الْوَرْدِ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنْ مَمْلُوكٍ نَصْرَانِيٍّ لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ عَلَيْهِ جِزْيَةٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَيُؤَدِّي عَنْهُ مَوْلَاهُ الْمُسْلِمُ الْجِزْيَةَ قَالَ نَعَمْ إِنَّمَا هُوَ مَالُهُ يَفْتَدِيهِ إِذَا أُخِذَ يُؤَدِّي عَنْهُ.

وَ قَدْ أَخْرَجْتُ مَا رَوَيْتُ مِنَ الْأَخْبَارِ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ.
بَابُ فَضْلِ الْمَعْرُوفِ‏
1680 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ الْمَعْرُوفُ وَ أَهْلُهُ وَ أَوَّلُ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ.

__________________________________________________
إلى جهلهم «1».
و الأخبار في ذلك كثيرة فمن أرادها فليرجع إلى الكافي و التهذيب و غيرهما من كتب الأصحاب.
 «و سأل أبو الورد» في الحسن، و في بعض النسخ (أبو الدرداء)، و الظاهر أنه من اشتباه النساخ، يدل على جواز أخذ الجزية من المسلم لأجل مملوكه الذمي و هو مشكل بناء على عدم تملك العبد و من إذلال المسلم بأخذ الجزية عنه و الله تعالى يعلم.
باب فضل المعروف و هو اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله و التقرب إليه و الإحسان و كلما ندب إليه الشرع، و قد يخص بما يتعدى إلى الغير و هو المراد هنا على الظاهر.
 «قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني في الصحيح، عن صفوان عن عبد الله بن الوليد، عن أبي جعفر عنه صلى الله عليه و آله و سلم «2» «أول من يدخل الجنة المعروف و أهله» إما على تجسم الأعمال (و إما) لأنه سبب لدخول الجنة فكأنه يدخل الجنة و كذا قوله صلى الله عليه و آله و سلم «و أول من يرد علي» بتشديد الياء أو بتخفيفها «الحوض» المعروف بالكوثر لكثرة
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من يجب عليه الجهاد إلخ خبر 2.
 (2) الكافي باب فضل المعروف خبر 12.

169
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل المعروف ص 169

1681 وَ قَالَ ع أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الْآخِرَةِ.

وَ تَفْسِيرُهُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قِيلَ لَهُمْ هَبُوا حَسَنَاتِكُمْ لِمَنْ شِئْتُمْ وَ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ.
__________________________________________________
انتفاع الخلائق به في ذلك اليوم.
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني بإسناده السابق، عن أبي جعفر عليه السلام قال، قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم «1» «أهل (إلى قوله) في الآخرة» و أهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة «و تفسير إلخ» روى الكليني عن أبي عبد الله عليه السلام «2» قال. أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة يقال لهم: إن ذنوبكم قد غفرت لكم فهبوا حسناتكم لمن شئتم «3» يمكن أن يكون المراد به أن من يحسن إلى الناس في الدنيا هم أهل إحسان الله تعالى إليهم بمغفرة ذنوبهم و يحصل منهم إحسان آخر بموهبة الحسنات حتى يحصل لهم ثواب دخول الجنة أيضا و هي أيضا ثمرة الإحسان و أن يكون المراد به أنهم أهل الإحسان في الآخرة بموهبة الحسنات.
كما روي عن ابن عباس في معناه قاله يأتي أصحاب المعروف في الدنيا يوم القيمة فيغفر لهم بمعروفهم و يبقى حسناتهم جامة فيعطونها لمن زادت سيئاته على حسناته فيغفر له و يدخل الجنة فيجمع لهم الإحسان إلى الناس في الدنيا و الآخرة، و أن يكون المراد أن من يحسن إلى الناس في الدنيا بالمال و الجاه و الدعاء يعطيه الله تبارك و تعالى الشفاعة فيهم و في غيرهم في الآخرة بعد المغفرة و حينئذ يكون المراد بموهبة الحسنات الشفاعة لهم تجوزا (أو) يكون المراد أهل المعروف معروفون بالخير في الدنيا فكذلك في- الآخرة معروفون يعرفهم الناس بالخير.
كما روى الكليني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: يا
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب ان أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة خبر 2- 4- 3.

170
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل المعروف ص 169

1682 وَ قَالَ ع كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ وَ الدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ وَ اللَّهُ يُحِبُّ إِغَاثَةَ اللَّهْفَانِ.

1683 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع اصْنَعِ الْمَعْرُوفَ إِلَى كُلِّ أَحَدٍ فَإِنْ كَانَ أَهْلَهُ وَ إِلَّا فَأَنْتَ أَهْلُهُ‏

__________________________________________________
رسول الله فداك آباؤنا و أمهاتنا، إن أصحاب المعروف في الدنيا عرفوا بمعروفهم فبم يعرفون في الآخرة فقال: إن الله تبارك و تعالى إذا أدخل أهل الجنة أمر ريحا عبقة طيبة فلزقت (و في نسخة فلصقت) بأهل المعروف فلا يمر أحد منهم بملإ من أهل الجنة إلا وجدوا ريحه: فقال: هذا من أهل المعروف «1» و في الموثق، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن للجنة بابا يقال له المعروف لا يدخله إلا أهل المعروف، و أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة «2» أي أهل ذلك الباب على الظاهر و لا منافاة بين المجموع فإنهم أهل لكل ذلك.
 «و قال عليه السلام إلخ» رواه الكليني، عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم كل معروف صدقة «3» و إن لم يفعل لوجه الله تفضلا إذ ليس الصدقة بإعطاء المال فقط «و الدال على الخير كفاعله» أي الدلالة على المعروف أو الصدقة أو الأعم كفاعله «و الله يحب إغاثة اللهفان» أي المضطر أو المظلوم أو العطشان أو الأعم أي الإغاثة أفضل أنواع المعروف (أو) يكون كل كلام منها مستقلا و لكل منها شواهد من الأخبار كثيرة.
 «و قال الصادق عليه السلام إلخ» رواه الكليني في الحسن كالصحيح عنه عليه السلام «4» و يؤيده، ما رواه في الحسن كالصحيح، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله عليه السلام قال اصنع المعروف إلى من هو أهله و إلى من ليس من أهله فإن لم يكن هو من أهله فكن أنت من أهله «5» و يحمل على من لا يحسن إليه، بل من يؤذيه مثلا و إن كان مستحقا
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب ان أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة خبر 1- 4 من كتاب الزكاة.
 (3) الكافي باب فضل المعروف خبر 4 من كتاب الزكاة.
 (4- 5) الكافي باب فضل المعروف خبر 10- 7 من كتاب الزكاة.

171
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل المعروف ص 169

1684 وَ قَالَ ع أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَوْصَلَ إِلَى أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ مَعْرُوفاً فَقَدْ أَوْصَلَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص.

1685 وَ قَالَ ع الْمَعْرُوفُ شَيْ‏ءٌ سِوَى الزَّكَاةِ فَتَقَرَّبُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْبِرِّ وَ صِلَةِ الرَّحِمِ.

1686 وَ قَالَ ع رَأَيْتُ الْمَعْرُوفَ كَاسْمِهِ وَ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَفْضَلَ مِنَ الْمَعْرُوفِ إِلَّا ثَوَابُهُ وَ ذَلِكَ يُرَادُ مِنْهُ وَ لَيْسَ كُلُّ مَنْ يُحِبُّ أَنْ يَصْنَعَ الْمَعْرُوفَ إِلَى النَّاسِ يَصْنَعُهُ- وَ لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَرْغَبُ فِيهِ يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَ لَا كُلُّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ يُؤْذَنُ لَهُ فِيهِ فَإِذَا اجْتَمَعَتِ الرَّغْبَةُ

__________________________________________________
في نفسه لئلا ينافي الأخبار الآتية كما في الأخبار الكثيرة الصحيحة أنه قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ألا أخبركم بخير خلائق الدنيا و الآخرة، العفو عمن ظلمك، و وصل من قطعك و الإحسان إلى من أساء إليك و إعطاء من حرمك «1».
 «و قال عليه السلام إلخ» رواه في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام «2» «و قال عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح، عن عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام «3» «المعروف» أي المندوب إليه في الأخبار «شي‏ء سوى الزكاة» فإنها لازمة لا يجوز تركها و بها يصير مسلما كما مر في الأخبار «فتقربوا إلى الله عز و جل بالبر» أي بر الوالدين أو الأعم «و صلة الرحم» و تخصيصها بالذكر للاهتمام أو المثال «و قال عليه السلام إلخ» رواه الكليني بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام «4» قال «رأيت» متكلما أو مخاطبا خبرا أو استفهاما و يؤيده ما في بعض النسخ أ رأيت «المعروف كاسمه» أي كما أن اسمه حسن فهو حسن لأنه بمعنى الإحسان أو ما يؤول إليه «و ذلك يراد منه» يعني أن ثوابه و إن كان أحسن منه فهو تابعه أيضا «يؤذن له فيه» أي يوفق بتسهيل الله تعالى عليه و بإراءته وجوها حسنة «تمت السعادة للطالب» أي طالب السعادة أو المعروف «و المطلوب إليه» أحدهما.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب العفو خبر 1 من كتاب الإيمان و الكفر.
 (2- 3) الكافي باب فضل المعروف خبر 9- 4 من كتاب الزكاة.
 (4) الكافي باب تمام المعروف خبر 1.

172
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل المعروف ص 169

وَ الْقُدْرَةُ وَ الْإِذْنُ فَهُنَالِكَ تَمَّتِ السَّعَادَةُ لِلطَّالِبِ وَ الْمَطْلُوبِ إِلَيْهِ.
1687 وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السَّوْءِ.

1688 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ صَدَقَةٌ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَ ابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ‏

__________________________________________________
 «و قال أبو جعفر عليه السلام» روي بطرق متعددة «1» «صنائع المعروف» أي أي اصطناعاته أو عطاياه «تقي» أي تحفظ عن «مصارع السوء» أي مساقطه في الدنيا و الآخرة.
 «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني في الصحيح: عن صفوان بن يحيى عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم كل معروف صدقة «2» و كأنه سقط منه سهوا و «أفضل الصدقة صدقة عن ظهر غنى» أو (على ظهر) كما في كثير من النسخ أي ما كان عفوا قد فضل عن غنى (و قيل) أراد ما فضل عن العيال و الظهر قد يزاد في مثل هذا إشباعا للكلام و تمكينا كان صدقته مستندة إلى ظهر قوي من المال أو الثقة بالله القوي و يكون مختلفا بحسب الأشخاص لئلا ينافي ما ورد من فضل الإيثار في الآيات و الأخبار «و ابدأ بمن تعول» أي في الإنفاق أو في الصدقة و يكون إشارة إلى أن الإنفاق على العيال أيضا صدقة إذا أريد به وجه الله، و يؤيده الأخبار الكثيرة «و اليد العليا» أي المعطية (و قيل) المتعففة «خير من اليد السفلى» أي السائلة و الآخذة (و قيل) المانعة (و قيل) العليا يد الفقير باعتبار الثواب «و لا يلوم الله عز و جل على الكفاف» أي إذا كان المال بقدر ما يكفي العيال لا يلام على عدم الإعطاء (و قيل) إذا لم يكن عنده كفاف لا يلام على المنع، و هذا أيضا بالنسبة إلى الأكثر، و أكثر هذه الكلمات من جوامع الكلم التي أعطيت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و مشتملة على المعاني الكثيرة التي لا تخفى على المتدبر.
__________________________________________________
 (1) راجع الكافي باب ان صنايع المعروف تدفع مصارع السوء من كتاب الزكاة.
 (2) الكافي باب فخل المعروف خبر 3.

173
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل المعروف ص 169

وَ الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى وَ لَا يَلُومُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى الْكَفَافِ.
1689 وَ قَالَ ص إِنَّ الْبَرَكَةَ أَسْرَعُ إِلَى الْبَيْتِ الَّذِي يُمْتَارُ مِنْهُ الْمَعْرُوفُ مِنَ الشَّفْرَةِ فِي سَنَامِ الْبَعِيرِ أَوِ السَّيْلِ إِلَى مُنْتَهَاهُ.

1690 وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ ثَمَرَةٌ وَ ثَمَرَةُ الْمَعْرُوفِ تَعْجِيلُهُ.

1691 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع رَأَيْتُ الْمَعْرُوفَ لَا يَصْلُحُ إِلَّا بِثَلَاثِ خِصَالٍ تَصْغِيرِهِ وَ سَتْرِهِ وَ تَعْجِيلِهِ فَإِنَّكَ إِذَا صَغَّرْتَهُ عَظَّمْتَهُ عِنْدَ مَنْ تَصْنَعُهُ إِلَيْهِ وَ إِذَا سَتَرْتَهُ تَمَّمْتَهُ وَ إِذَا عَجَّلْتَهُ هَنَّأْتَهُ وَ إِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ مَحَقْتَهُ وَ نَكَّدْتَهُ.

__________________________________________________
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني مسندا عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم «1» «أن البركة» أي زيادة المال و العمر و التوفيق و غيرها «أسرع إلى البيت الذي يمتار» أي يجلب «منه المعروف من الشفرة» بالفتح السكين العظيم «في سنام البعير» بسرعة قبول القطع «أو السيل إلى منتهاه» فيه دلالة على أن اصطناع المعروف سبب للزيادة في الدنيا و الآخرة و هو مجرب.
 «و قال أبو جعفر عليه السلام» رواه الكليني، عن حمران، عن أبي جعفر عليه السلام قال سمعته يقول «لكل شي‏ء ثمرة و ثمرة المعروف» تعجيل السراج «2» و في الفقيه «تعجيله» و كأنه سقط من النساخ، و المراد به أن الثمرة مطلوبة من كل شي‏ء و المطلوب الأهم من المعروف تعجيله «3» (أو) تعجيل السراج إذا كان بالليل، أو ثمرة المعروف تعجيل الجزاء في الدنيا مع جزاء الآخرة، و على نسخة الكافي يكون السراج كناية عن تنور البيت من بركات الله و هو مجاز شائع.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب ان صنايع المعروف تدفع مصارع السوء خبر 2 من كتاب الزكاة.
 (2) الكافي باب تمام المعروف خبر 2 من كتاب الزكاة- و عن القاموس السرج الإرسال و الاسم سراج كسحاب انتهى.
 (3) الأول على نسخة الفقيه و الثاني على نسخة الكافي.

174
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل المعروف ص 169

1692 وَ قَالَ ع لِلْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ يَا مُفَضَّلُ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ أَ شَقِيٌّ الرَّجُلُ أَمْ سَعِيدٌ فَانْظُرْ إِلَى مَعْرُوفِهِ إِلَى مَنْ يَصْنَعُهُ فَإِنْ كَانَ يَصْنَعُهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَهْلُهُ فَاعْلَمْ أَنَّهُ إِلَى خَيْرٍ وَ إِنْ‏

__________________________________________________
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني بإسناده عن حاتم عنه عليه السلام «1» «رأيت المعروف» أي علمته «لا يصلح» و لا يتم إلخ «محقته» أي أبطلت ثوابه و في الكافي سخفته أي ضيعته «و نكدته» أي قللته أو ضيعته.
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن سيف بن عميرة قال قال أبو عبد الله عليه السلام «2» «للمفضل بن عمر: يا مفضل إذا أردت أن تعلم إلخ» روي بإسناد آخر عن مفضل ما يقرب منه «3» و عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه ما يؤيده، و يدل على رعاية أهل المعروف و استحقاقهم له في جميع أنواعه، و على مرجوحية بل حرمة تضييع المال سيما إذا كان إعانة على الإثم و العدوان.
كما رواه، عن أبي مخنف الأزدي قال: أتى أمير المؤمنين عليه السلام رهط من الشيعة فقالوا: يا أمير المؤمنين لو أخرجت هذه الأموال ففرقتها في هؤلاء الرؤساء و الأشراف و فضلتهم علينا حتى إذا استوثقت الأمور عدت إلى أفضل ما عودك الله من القسم بالسوية و العدل في الرعية، فقال أمير المؤمنين عليه السلام ويحكم أ تأمروني أن أطلب النصر بالظلم و الجور فيمن وليت عليه من أهل الإسلام لا و الله لا يكون ذلك ما سمر السمير (أي ما اختلف الليل و النهار) و ما رأيت في السماء نجما و الله لو كانت أموالهم لي لساويت بينهم فكيف و إنما هي أموالهم، قال ثمَّ أزم (بالزاي و تخفيف الميم أي أمسك عن الكلام و قرى بخفة الراء و تشديد الميم أي أمس بعض الأسنان على بعض ساكتا طويلا ثمَّ رفع رأسه فقال: من كان فيكم (منكم- خ ل) له مال فإياه و الفساد فإن إعطاءه في غير حقه (وجهه- خ ل) تبذير و إسراف و هو يرفع ذكر صاحبه في الناس و يضعه عند الله و لم يضع امرء ماله في غير حقه و عند غير أهله إلا حرمه الله شكرهم، و كان لغيره ودهم‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب نمام المعروف خبر 1 من كتاب الزكاة.
 (2- 3) الكافي باب وضع المعروف خبر 1- 2.

175
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل المعروف ص 169

كَانَ يَصْنَعُهُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى خَيْرٌ.
1693 وَ قَالَ ع إِنَّمَا أَعْطَاكُمُ اللَّهُ هَذِهِ الْفُضُولَ مِنَ الْأَمْوَالِ لِتُوَجِّهُوهَا حَيْثُ وَجَّهَهَا اللَّهُ‏

__________________________________________________
فإن بقي معهم منهم بقية ممن يظهر الشكر له و يريه النصح فإنما ذلك ملق منه و كذب، فإن زالت بصاحبهم البغل (أو النعل) ثمَّ احتاج إلى معونتهم (معاونتهم- خ ل) و مكافاتهم فألأم خليل و شر خدين «1» و لم يضع امرء ماله في غير حقه و عند غير أهله إلا لم يكن له من الحظ فيما أتى إلا محمدة اللئام و ثناء الأشرار ما دام عليه منعما مفضلا و مقالة الجاهل ما أجوده؟ و هو عند الله بخيل فأي حظ أبور، و أخس من هذا الحظ، و أي فائدة معروف أقل من هذا المعروف، فمن كان منكم له مال فليصل به القرابة ليحسن منه الضيافة و ليفك به العاني و الأسير (تفسير للعاني) و ابن السبيل فإن الفوز بهذه الخصال مكارم الدنيا و شرف الآخرة «2».
و روى الكليني في القوي، عن جهم بن حميد الرواسي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام إذا رأيت الرجل يخرج ماله في طاعة الله عز و جل فاعلم أنه أصابه من حلال و إذا أخرجه في معصية الله جل و عز فاعلم أنه أصابه من حرام «3».
و في القوي عنه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يخرج ثمَّ يقدم علينا، و قد أفاد المال الكثير فلا ندري اكتسبه من حلال أو من حرام؟ فقال: إذا كان ذلك فانظر في أي وجه يخرج نفقاته فإن كان ينفق فيما لا ينبغي مما يأثم عليه فهو حرام «4».
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني بإسناده إلى ضريس، عن أبي عبد الله عليه السلام «5»
__________________________________________________
 (1) الخدين الصديق- ص.
 (2) الكافي باب وضع المعروف موضعه خبر 3 من كتاب الزكاة.
 (3- 4) الكافي باب النوادر (آخر كتاب المعيشة) خبر 33- 34- و قد أورد خبرين بهذا المضمون في باب وضع المعروف موضعة خبر 1- 3 من كتاب الزكاة.
 (5) الكافي باب وضع المعروف موضعه خبر 5 من كتاب الزكاة.

176
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل المعروف ص 169

عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَمْ يُعْطِكُمُوهَا لِتَكْنِزُوهَا.
1694 وَ قَالَ ع لَوْ أَنَّ النَّاسَ أَخَذُوا مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ فَأَنْفَقُوهُ فِيمَا نَهَاهُمْ عَنْهُ مَا قَبِلَهُ مِنْهُمْ وَ لَوْ أَخَذُوا مَا نَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْهُ فَأَنْفَقُوهُ فِيمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ مَا قَبِلَهُ مِنْهُمْ حَتَّى يَأْخُذُوهُ مِنْ حَقٍّ وَ يُنْفِقُوهُ فِي حَقٍّ.

1695 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ أُتِيَ إِلَيْهِ الْمَعْرُوفُ فَلْيُكَافِئْ بِهِ وَ إِنْ عَجَزَ فَلْيُثْنِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ كَفَرَ النِّعْمَةَ.

1696 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع لَعَنَ اللَّهُ قَاطِعِي سَبِيلِ الْمَعْرُوفِ قِيلَ وَ مَا قَاطِعِي سَبِيلِ الْمَعْرُوفِ قَالَ الرَّجُلُ يُصْنَعُ إِلَيْهِ الْمَعْرُوفُ فَيَكْفُرُهُ فَيَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنْ أَنْ يَصْنَعَ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ‏

__________________________________________________
 «و لم يعطكموها لتكنزوها» مقابل الأصل الإعطاء و ترك الثانية و هي إعطاؤها في مصارفها الواجبة و المندوبة للظهور أو يكون صرفها في غير مصارفها سيما في مراد النفس بمنزلة عدم الصرف بل بمنزلة الكنز.
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني مسندا عن إسماعيل بن جابر «1» و يمكن أن يكون من كتابه فيكون صحيحا «لو أن الناس أخذوا ما أمرهم الله به» أي جمعوا و حصلوه من الحلال و أبوابه «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني مسندا عنه صلى الله عليه و آله و سلم «2»، يدل على رجحان شكر النعمة و لو بالثناء على المنعم، و لا ينافي لزوم رؤية النعمة من المنعم الحقيقي فإن إنعام المنعم المجازي أيضا من الله و من توفيقه و تسهيله، و لا أن هذا أيضا شكر الله لو كان لأمره تعالى.
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني أيضا عنه عليه السلام «3» و يدل على حرمة كفر النعمة بإنكارها و مقابلتها بالإضرار أو بعدم الشكر أيضا، و روي عن سيف بن عميرة قال قال أبو عبد الله عليه السلام ما أقل من شكر المعروف «4».
__________________________________________________
 (1) الكافي باب وضع المعروف موضعه خبر 4 من كتاب الزكاة.
 (2- 3- 4) الكافي باب من كفر المعروف خبر 3- 1- 2 من كتاب الزكاة.

177
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب القرض ص 178

بَابُ ثَوَابِ الْقَرْضِ‏
1697 قَالَ الصَّادِقُ ع مَكْتُوبٌ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ الصَّدَقَةُ بِعَشَرَةٍ وَ الْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ.

1698 وَ قَالَ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ قَالَ الْمَعْرُوفُ الْقَرْضُ.

1699 وَ قَالَ ع مَا مِنْ مُؤْمِنٍ.

__________________________________________________
باب ثواب القرض «قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني في الموثق، عن إسحاق بن عمار عنه عليه السلام «1» يدل على أفضلية القرض من الصدقة و كأنها لعدم المنة غالبا في القرض، و يمكن أن يكون الغرض بيان مضاعفة ثواب القرض على الصدقة، إذ في الصدقة واحد بإزاء الأصل و تسعة باعتبار المضاعفة، و لما أخذ هنا الأصل لم يكن بإزائه ثواب فبقي تسعة، فإذا ضوعفت صارت ثمانية عشر.
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني في الموثق كالصحيح عنه عليه السلام «2» «في قول الله عز و جل لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ» أي كلامهم سرا أو الأعم «قال: المعروف القرض» أي في هذه الآية أو يكون المراد به أنه الإحسان مثل القرض و الأول أظهر من الخبر «و قال عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح، عن فضيل بن يسار «3» «وجه الله» أي رضاه «بحساب الصدقة» أي كأنه تصدق بمثله كل يوم أو في أصل الثواب لئلا ينافي ما مر أنه بثمانية عشر «و قال عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح مسندا عنه عليه السلام «4» «غنيمة» أي فائدة عظيمة «و تعجيل خير» تفسيرها أو غيرها و يكون المراد به أنه قضاء حاجة للمؤمن و له ثواب القرض «إن‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب القرض خبر 1- 3 من كتاب الزكاة.
 (3- 4) الكافي باب القرض خبر 2- 5 من كتاب الزكاة.

178
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب القرض ص 178

أَقْرَضَ مُؤْمِناً يَلْتَمِسُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا حُسِبَ لَهُ أَجْرُهَا بِحِسَابِ الصَّدَقَةِ حَتَّى يَرْجِعَ مَالُهُ إِلَيْهِ.
1700 وَ قَالَ ع قَرْضُ الْمُؤْمِنِ غَنِيمَةٌ وَ تَعْجِيلُ خَيْرٍ إِنْ أَيْسَرَ أَدَّاهُ وَ إِنْ مَاتَ احْتُسِبَ مِنْ زَكَاتِهِ.

بَابُ ثَوَابِ إِنْظَارِ الْمُعْسِرِ
1701 صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْمِنْبَرَ ذَاتَ يَوْمٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ صَلَّى عَلَى أَنْبِيَائِهِ ع ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَوَابُ صَدَقَةٍ بِمِثْلِ مَالِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ اللَّهُ‏

__________________________________________________
أيسر أداه و إن مات» أو أعسر يجوز احتسابه عن الزكاة، و يسهل على المكلف الاحتساب بخلاف الأداء حينئذ فإنه مشكل على النفس، و قد تقدم الأخبار في هذا الباب.
باب ثواب إنظار المعسر «صعد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم المنبر» رواه الكليني مسندا عن أبي عبد الله عنه صلى الله عليه و آله و سلم «1» «ذات يوم» أي في يوم من الأيام «و قال أبو عبد الله عليه السلام» تتمة الحديث السابق و استشهد عليه السلام على قوله صلى الله عليه و آله و سلم بقول الله تعالى «وَ إِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ»
 أي فالحكم أو الأمر أو الواجب عليكم إمهاله «إِلى‏ مَيْسَرَةٍ وَ أَنْ تَصَدَّقُوا»
 أي تصدقكم و إبراءكم ذمته «خَيْرٌ لَكُمْ»
 من النظرة «إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أنه معسر» و هذا من الأمور المستحبة التي تفضل على الواجب كالسلام فإنه مستحب، و رده واجب، و جاء في الأخبار الصحيحة، عن أبي عبد الله عليه السلام أن البادي بالسلام أولى بالله و رسوله و إن الله يحب إفشاء السلام «2» و روي أن بينهما مائة رحمة، تسعة و تسعون للبادي و واحدة للراد.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب انظار المعسر خبر 4 من كتاب الزكاة.
 (2) أصول الكافي باب التسليم خبر 1- 2 من كتاب العشرة.

179
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب إنظار المعسر ص 179

عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى‏ مَيْسَرَةٍ وَ أَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُعْسِرٌ فَتَصَدَّقُوا عَلَيْهِ بِمَالِكُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ.

1702 وَ قَالَ ع خَلُّوا سَبِيلَ الْمُعْسِرِ كَمَا خَلَّاهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى.

1703 وَ قَالَ ع مَنْ أَرَادَ أَنْ يُظِلَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ فَلْيُنْظِرْ مُعْسِراً أَوْ لِيَدَعْ لَهُ مِنْ حَقِّهِ.

__________________________________________________
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني، عن يعقوب بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام «1» قال: «خلوا (إلى قوله) و تعالى» أي بقوله (فَنَظِرَةٌ إِلى‏ مَيْسَرَةٍ) أو من المال أو من الحقوق الواجبة في المال «و قال عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام «2» قال: «من أراد أن يظله الله» (أي في ظل عرشه أو في كنف رحمته) يوم لا ظل إلا ظله قالها ثلاثا فهابه الناس أن يسألوه (إما) لتعظيمه (أو) خوفا من أن يكون شاقا عليهم «فقال (إلى قوله) من حقه» أي بعضه، و يمكن أن تكون (من) بيانية، و الظاهر أنه نقله بالمعنى و أسقط بعضه.
و في القوي، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال في يوم حار و حنا كفه (أي عطفه و أمال كأنه يريد طالبا لقوله): من أحب أن يستظل من فور جهنم (أي إلى كنف رحمته تعالى) قالها ثلاث مرات (استفهاما) فقال الناس في كل مرة: نحن يا رسول الله؟ فقال: من انظر غريما أو ترك المعسر «3» (أو المعسر) (أي حقه) ثمَّ قال لي أبو عبد الله عليه السلام قال لي عبد الله بن كعب بن مالك إن أبي أخبرني أنه لزم غريما له في المسجد فأقبل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فدخل بيته و نحن جالسان ثمَّ خرج في الهاجرة (أي نصف النهار عند اشتداد الحر) فكشف رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ستره فقال: يا كعب ما زلتما جالسين؟ قال نعم بأبي و أمي قال: فأشار رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بكفه خذ النصف قال: فقلت بأبي و أمي ثمَّ قال: اتبعه ببقية حقك (أي إلى يساره) قال: فأخذت‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب انظار المعسر خبر 3- 1 من كتاب الزكاة.
 (3) يعني مبنيا للفاعل او المفعول.

180
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب تحليل الميت ص 181

بَابُ ثَوَابِ تَحْلِيلِ الْمَيِّتِ‏
1704 قِيلَ لِلصَّادِقِ ع إِنَّ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَيَابَةَ دَيْناً عَلَى رَجُلٍ قَدْ مَاتَ وَ كَلَّمْنَاهُ‏

__________________________________________________
النصف و وضعت له النصف «1».
باب ثواب تحليل الميت «قيل للصادق عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد (الموثق) عن الحسن بن خنيس (الممدوح) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام إلخ «2» و يظهر منه أن المال يصل إلى الميت و له المطالبة في القيمة و إن وصل إلى الوارث لأنه ضيع حقه، و يمكن أن يكون مخصوصا بما لا يعلم الوارث و لا يوصل إليه أو يقال:
لكل من الميت و الوارث و وارث الوارث و هلم جرا استحقاق المطالبة في القيمة لأنه ضيع حقوقهم جميعا.
و روي، عن معتب (الثقة) قال دخل محمد بن بشر الوشاء على أبي عبد الله عليه السلام فسأله (يسأله- خ) أن يكلم شهابا أن يخفف عنه حتى ينقضي الموسم و كان له عليه ألف دينار فأرسل إليه فأتاه، فقال له. قد عرفت حال محمد و انقطاعه إلينا و قد ذكر أن لك عليه ألف دينار لم يذهب في بطن و لا فرج، و إنما ذهبت دينا على الرجال و وضائع وضعها (أي لم يصرفها في مأكله و منكحه بل باع الأمتعة نسيئة و اشترى أمتعة و نزل قيمتها كما هو المتعارف في كثير من الأوقات) و أنا أحب أن تجعله في حل فقال عليه السلام لعلك ممن تزعم أنه يقبض من حسناته فيعطاها؟ فقال كذلك في أيدينا فقال أبو عبد الله عليه السلام: الله أكرم و أعدل من أن يتقرب إليه عبد فيقوم في الليلة القرة (بالفتح أي الباردة) أو يصوم في اليوم الحار و يطوف بهذا البيت، ثمَّ يسلبه ذلك فيعطاه و لكن لله فضل كثير يكافئ‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب انظار المعسر خبر 2 من كتاب الزكاة.
 (2) الكافي باب تحليل الميت خبر 1 من كتاب الزكاة.

181
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب تحليل الميت ص 181

أَنْ يُحَلِّلَهُ فَأَبَى فَقَالَ وَيْحَهُ أَ مَا يَعْلَمُ أَنَّ لَهُ بِكُلِّ دِرْهَمٍ عَشَرَةً إِذَا حَلَّلَهُ- وَ إِذَا لَمْ يُحَلِّلْهُ فَإِنَّمَا لَهُ دِرْهَمٌ بَدَلَ دِرْهَمٍ.
بَابُ اسْتِدَامَةِ النِّعْمَةِ بِاحْتِمَالِ الْمَئُونَةِ
1705 قَالَ الصَّادِقُ ع مَنْ عَظُمَتْ نِعْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ اشْتَدَّتْ مَئُونَةُ النَّاسِ عَلَيْهِ فَاسْتَدِيمُوا النِّعْمَةَ بِاحْتِمَالِ الْمَئُونَةِ وَ لَا تَعْرِضُوهَا لِلزَّوَالِ فَقَلَّ مَنْ زَالَتْ عَنْهُ النِّعْمَةُ فَكَادَتْ تَعُودُ إِلَيْهِ.

1706 وَ قَالَ ع أَحْسِنُوا جِوَارَ نِعَمِ اللَّهِ وَ احْذَرُوا أَنْ تَنْتَقِلَ عَنْكُمْ إِلَى غَيْرِكُمْ أَمَا

__________________________________________________
المؤمن فقال: فهو في حل «1» و غير ذلك من الأخبار: باب استدامة النعمة باحتمال المؤنة أي من كان يريد أن يدوم نعم الله تعالى عليه فليتحمل مئونة الخلائق في ماله حتى تدوم.
 «قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح عنه عليه السلام «2» «قال (إلى قوله) عليه» (إما) بتكليفه تعالى في الزكاة و الخمس و سائر ما تقدم (و إما) من توقعهم و سؤالهم و طلبهم «فاستديموا (إلى قوله) للزوال» بعدم الاحتمال «فقل (إلى قوله) إليه» يعني أنه إذا زالت النعمة بسبب عدم تحمل مئونات الناس فنادر أن تعود إليه بعده النعمة، و الحاصل أن التحمل قيد النعمة فقيدوها حتى لا تزول.
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح، عن زيد الشحام قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول «أحسنوا جوار نعم الله» أي مجاورتها بأداء حقوق الخالق و الخلائق و ذلك‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب تحليل الميت خبر 2 من كتاب الزكاة.
 (2) الكافي باب مئونة النعم خبر 1 من كتاب الزكاة.

182
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب استدامة النعمة باحتمال المئونة ص 182

إِنَّهَا لَنْ تَنْتَقِلَ عَنْ أَحَدٍ قَطُّ فَكَادَتْ تَرْجِعُ إِلَيْهِ وَ كَانَ عَلِيٌّ ع يَقُولُ قَلَّ مَا أَدْبَرَ شَيْ‏ءٌ فَأَقْبَلَ‏
__________________________________________________
شكرها و هو سبب المزيد كما قال تعالى لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ «و احذروا أن ينتقل عنكم إلى غيركم» «1» لأنكم بمنزلة الوكلاء الخائنين حينئذ كما ورد أنه تعالى قال: المال مالي، و الفقراء عيالي، و الأغنياء وكلائى فمن بخل بمالي على عيالي أدخلته ناري و لا أبالي «2» قال «و كان علي عليه السلام إلخ» جزء الخبر مقول قول الصادق عليه السلام استشهادا.
و يؤيده ما رواه في القوي، عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لحسين الصحاف يا حسين ما ظاهر الله على عبد النعم حتى ظاهر عليه مئونة الناس، فمن صبر لهم و قام بشأنهم زاد الله في نعمه عليه عندهم، و من لم يصبر لهم و لم يقم بشأنهم أزال الله عز و جل عنه تلك النعمة «3» و عنه عليه السلام قال: من عظمت عليه النعمة اشتدت مئونة الناس عليه فإن هو قام بمؤنتهم اجتلب زيادة النعم عليه من الله و إن لم يفعل فقد عرض النعمة لزوالها «4» و في الصحيح، عن محمد بن عرفة قال: قال أبو الحسن الرضا عليه السلام: يا بن عرفة إن النعم كالإبل المعتقلة في عطنها على القوم ما أحسنوا جوارها (أي ما داموا) فإذا أساءوا معاملتها و إيالتها (أي سياستها) نفرت عنهم «5» و عن محمد بن عجلان في القوي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أحسنوا جوار-
__________________________________________________
 (1) الكافي باب حسن جواز النعم خبر 3 من كتاب الزكاة و الآية في سورة إبراهيم- 7.
 (2) الحديث القدسي- السورة الخامسة و الثلاثون ص 59 المطبعة الإسلامية.
 (3- 4) الكافي باب مئونة النعم خبر 3- 4 من كتاب الزكاة.
 (5) الكافي باب حسن جواز النعم خبر 1 من كتاب الزكاة.

183
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل السخاء و الجود ص 184

بَابُ فَضْلِ السَّخَاءِ وَ الْجُودِ
1707 قَالَ الصَّادِقُ ع خِيَارُكُمْ سُمَحَاؤُكُمْ وَ شِرَارُكُمْ بُخَلَاؤُكُمْ وَ مِنْ خَالِصِ الْإِيمَانِ الْبِرُّ بِالْإِخْوَانِ وَ السَّعْيُ فِي حَوَائِجِهِمْ وَ إِنَّ الْبَارَّ بِالْإِخْوَانِ لَيُحِبُّهُ الرَّحْمَنُ وَ فِي ذَلِكَ مَرْغَمَةُ الشَّيْطَانِ وَ تَزَحْزُحٌ عَنِ النِّيرَانِ وَ دُخُولُ الْجِنَانِ ثُمَّ قَالَ لِجَمِيلٍ يَا جَمِيلُ أَخْبِرْ بِهَذَا غُرَرَ أَصْحَابِكَ- قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَنْ غُرَرُ أَصْحَابِي قَالَ هُمُ الْبَارُّونَ بِالْإِخْوَانِ فِي الْعُسْرِ وَ الْيُسْرِ ثُمَّ قَالَ يَا جَمِيلُ أَمَا إِنَّ صَاحِبَ الْكَثِيرِ يَهُونُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَ قَدْ مَدَحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي ذَلِكَ صَاحِبَ الْقَلِيلِ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ وَ يُؤْثِرُونَ‏


__________________________________________________
النعم قلت: و ما حسن جوار النعم قال: الشكر لمن أنعم بها و أداء حقوقها «1» أعم من الله و من الخلق باب فضل السخاء (ممدودا و مقصورا) و الجود «قال الصادق عليه السلام» في الصحيح، عن جميل بن دراج عنه عليه السلام و رواه الكليني عنه أيضا «2» أنه قال «خياركم سمحاؤكم» أي أسخياؤكم «و شراركم بخلائكم» الخيار جمع خير، و خير بالتشديد و التخفيف بمعنى ذي الخير أو الأخير، و كذا الشرار جمع الشر و الشرير مخففا و مشددا، و حذفت الهمزة تخفيفا «و من خالص الإيمان» أي من علاماته و آثاره أو من أصله بناء على دخول الأعمال في حقيقة الإيمان كما ذهبت إليه جماعة و هو ظاهر الآيات و الروايات «و في ذلك مرغمة» أي إرغام لأنف الشيطان أو محل لإرغامه و التاء للمبالغة «و تزحزح» أي تباعد «أخبر بهذا غرر أصحابك» و الغرر جمع الغرة، الكريم الأفعال المعروف بها و أصله الأبيض من كل شي‏ء، و يظهر منه و من أمثاله من الأخبار حجية خبر الواحد، و تخصيصه بالفقيه أو المندوبات أو لأجل حصول التواتر خلاف الظاهر و إن احتملها لكن الاحتمال لا ينافي الظهور مع ورود الخبر المشهور عنه صلى الله عليه و آله و سلم نحن نحكم بالظاهر قوله «يهون» أي يسهل عليه «وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ»
 أي يختارون و يقدمون غيرهم على أنفسهم «وَ لَوْ كانَ بِهِمْ‏

__________________________________________________
 (1) الكافي باب حسن جوار النعم خبر 2 من كتاب الزكاة.
 (2) الكافي باب معرفة الجود و السخاء خبر 14 من كتاب الزكاة.

184
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل السخاء و الجود ص 184

عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.

1708 وَ قَالَ ع شَابٌّ سَخِيٌّ مُرَهَّقٌ فِي الذُّنُوبِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ شَيْخٍ عَابِدٍ بَخِيلٍ.

1709 وَ رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَى إِلَى مُوسَى أَنْ لَا تَقْتُلِ السَّامِرِيَّ فَإِنَّهُ سَخِيٌّ.

1710 وَ قَالَ النَّبِيُّ ص مَنْ أَدَّى مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَهُوَ أَسْخَى النَّاسِ.

__________________________________________________
خَصاصَةٌ»
 أي احتياج و فقر عظيم «وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ»
 بوقاية الله تعالى أو بتوفيقه تعالى بأن يحفظ نفسه عن البخل «فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»
 «1» أي الفائزون بالمطلوب و التأكيدات الظاهرة للمتدبر.
و المشهور أن الآية في شأن الأنصار و إيثارهم المهاجرين على أنفسهم في الأموال، و روي من طرق العامة أنها نزلت في أمير المؤمنين صلوات الله عليه و أنه عليه السلام مع بقية أهل البيت لم يطعموا شيئا منذ ثلاثة أيام فاقترض عليه السلام دينارا، ثمَّ رأى المقداد و تفرس في وجهه أنه جائع فأعطاه الدينار ثمَّ نزلت الآية مع المائدة من السماء و الحكاية طويلة، و لا منافاة بينهما بأن يكون الآية نزلت أولا في شأنهم صلوات الله عليهم ثمَّ أجريت في غيرهم ممن يفعل مثل فعلهم أو ما يقرب منه.
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني مسندا، عن أبي عبد الله عليه السلام «2» «شاب سخي مرهق» كمعظم، المرتكب للمحرمات «من شيخ عابد بخيل» بما افترض الله تعالى عليه أو الأعم كما هو الظاهر.
 «و روي» رفعه علي بن إبراهيم في كتابه «3» فتدبر في بركة السخاء و فضلها حيث نهى الله تعالى موسى عليه السلام عن قتله مع تلك الأفعال الشنيعة و الآثار القبيحة لسخائه «و قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم (إلى قوله) الناس» أي بالنسبة إلى من لم يؤده و إن أعطى المال كثيرا في غير موقعه لما مر و سيجي‏ء.
__________________________________________________
 (1) الحشر- 9.
 (2- 3) الكافي باب معرفة الجود و السخاء خبر 13- 12 من كتاب الزكاة.

185
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل السخاء و الجود ص 184

1711 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع مَنْ يَضْمَنُ لِي أَرْبَعَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْيَاتٍ فِي الْجَنَّةِ أَنْفِقْ وَ لَا تَخَفْ فَقْراً وَ أَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ أَفْشِ السَّلَامَ فِي الْعَالَمِ وَ اتْرُكِ الْمِرَاءَ وَ إِنْ كُنْتَ مُحِقّاً.

__________________________________________________
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني، عن معاوية بن وهب عنه عليه السلام «1» «من» استفهام «يضمن لي أربعة» من الأعمال حتى أضمن له «بأربعة أبيات في الجنة» ثمَّ التفت فقال «أنفق و لا تخف فقرا» فإن الإنفاق موجب الغنى و سيجي‏ء أيضا زائدا على ما تقدم «و أنصف الناس من نفسك» أي كن حكما على نفسك فيما كان بينك و بين الناس و أرض لهم ما ترضى لنفسك و أكره لهم ما تكره لنفسك و هو من أعظم الخصال و أحبها إلى الله تعالى كما وردت به الأخبار المتواترة عن أهل البيت سلام الله عليهم «2» «و أفش السلام في العالم» أي سلم جهرا على من لقيت كما كان دأب نبينا صلى الله عليه و آله و سلم و سيجي‏ء «و اترك المراء» أي الجدل «و إن كنت محقا» كما ورد به الأخبار الكثيرة، عن سيد المرسلين و الأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين و إن كان في المسائل العلمية، بل هي أحق بعدم المجادلة إلا بالتي هي أحسن كما قال تعالى:
وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ «3» و للنفس مكائد عظيمة، فالأولى تركها بالكلية إلا لمن شرفه الله تعالى بالنفس القدسية و الكمالات العلمية و العملية، فيمكن له التخلص من الأخلاق الرذيلة الحاصلة من المجادلة من التكبر، و الرياء، و الغضب، و الحسد و البغض، و العجب، و غيرها مما لا يخفى على المزاول لها، و لهذا ورد الأخبار بالنهي عنها مطلقا رعاية للأكثر.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الانفاق خبر 10 من كتاب الزكاة و باب الإنصاف و العدل خبر 2 من كتاب الإيمان و الكفر.
 (2) دعوى مثل هذا المتتبع الخبير تغنى عن تعيين مواضع الأحاديث و مع ذلك فراجع باب الإنصاف و العدل و باب حقّ المؤمن على اخيه إلخ و غيرهما من كتاب الإيمان و الكفر من اصول الكافي.
 (3) النحل- 125.

186
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل السخاء و الجود ص 184

1712 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ سَخَتْ نَفْسُهُ بِالنَّفَقَةِ.

وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَ هُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ‏

1713 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ قَالَ هُوَ الرَّجُلُ يَدَعُ مَالَهُ لَا يُنْفِقُهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بُخْلًا ثُمَّ يَمُوتُ فَيَدَعُهُ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَإِنْ عَمِلَ فِيهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ رَآهُ فِي مِيزَانِ غَيْرِهِ فَرَآهُ حَسْرَةً وَ قَدْ كَانَ الْمَالُ لَهُ وَ إِنْ كَانَ عَمِلَ فِيهِ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَوَّاهُ بِذَلِكَ الْمَالِ حَتَّى عَمِلَ بِهِ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏

__________________________________________________
 «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من أيقن بالخلف» أي العوض الذي وعده الله تعالى على الإنفاق «سخت نفسه» أي جادت «بالنفقة» في سبيله تعالى رواه الكليني بإسناده عن سماعة إلى هنا «1» و لم يذكر الآية، و ذكرها الصدوق لبيان المراد من قوله صلى الله عليه و آله و سلم (من أيقن بالخلف) أي بقوله تعالى أو بغيرها من الآيات، و الروايات من هذا الباب و لا خلف لوعده تعالى، «و قال الله عز و جل، وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ» أي في سبيل الله تعالى أو الأعم «فَهُوَ يُخْلِفُهُ» أي يعوضه في الدنيا و الآخرة «وَ هُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ» فإنه تعالى لا يلاحظ الاستحقاق و يرزق من يشاء بغير حساب بخلاف غيره تعالى من الذين يجري على أيديهم الرزق، و ينسب إليهم تجوزا.
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني في الموثق، عن عثمان بن عيسى عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه السلام «2» و في معناه أخبار أخر.
و يؤيده ما رواه الكليني في الصحيح، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: دخل عليه مولى له فقال له هل أنفقت اليوم شيئا؟ فقال: لا و الله فقال أبو الحسن عليه السلام فمن أين يخلف الله علينا أنفق و لو درهما واحدا «3» و عن حسين بن أبتر (أيمن- خ) عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: يا حسين أنفق و أيقن بالخلف من الله فإنه لم يبخل عبد و لا أمة بنفقة فيما يرضى الله عز و جل إلا أنفق أضعافها فيما يسخط الله «4» و في الحسن كالصحيح، عن عمر بن أذينة رفعه إلى أبي عبد الله أو أبي جعفر عليهما السلام قال: تنزل المعونة
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4) الكافي باب الانفاق خبر 3- 2- 9- 7 من كتاب الزكاة.

187
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل السخاء و الجود ص 184

1714 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَيْسَ الْبَخِيلُ مَنْ أَدَّى الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ مِنْ مَالِهِ وَ أَعْطَى الْبَائِنَةَ فِي قَوْمِهِ إِنَّمَا الْبَخِيلُ حَقَّ الْبَخِيلِ مَنْ لَمْ يُؤَدِّ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ مِنْ مَالِهِ وَ لَمْ يُعْطِ الْبَائِنَةَ فِي قَوْمِهِ وَ هُوَ يُبَذِّرُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ.

1715 وَ رُوِيَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ أَبِي قُرَّةَ السَّمَنْدِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَ تَدْرِي مَنِ الشَّحِيحُ قُلْتُ هُوَ الْبَخِيلُ فَقَالَ الشُّحُّ أَشَدُّ مِنَ الْبُخْلِ إِنَّ الْبَخِيلَ يَبْخَلُ بِمَا فِي يَدِهِ وَ الشَّحِيحَ يَشُحُّ بِمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ وَ عَلَى مَا فِي يَدِهِ حَتَّى لَا يَرَى فِي أَيْدِي النَّاسِ شَيْئاً إِلَّا تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ لَهُ بِالْحِلِّ وَ الْحَرَامِ وَ لَا يَقْنَعُ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ.

1716 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا مَحَقَ الْإِسْلَامَ مَحْقَ الشُّحِّ شَيْ‏ءٌ ثُمَّ قَالَ إِنَّ لِهَذَا

__________________________________________________
من السماء إلى العبد بقدر المؤنة و من أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة «1» و غيرها من الأخبار الكثيرة.
 «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام عنه صلى الله عليه و آله و سلم «2» «و أعطي النائبة في قومه» أي ما ينزل بهم من المهمات و الديات و إقراء- الأضياف و غيرها، و يؤيده أخبار أخر تدل على أن الكريم و السخي و الجواد و السمح في الشرع من يصرف أمواله في المصارف التي قررها الشارع لا من يبذر و يصرف كما هو المشهور بين الجهلة، بل ما اشتهر من جود حاتم و غيره من البرامكة خذلهم الله ليس بجود بل لو أنفقوا في مصارفه رياء و سمعة إلا لوجه الله تعالى، فهو إسراف و تضييع للمال الذي جعله الله عليه قيما كالوكيل الذي يصرف مال موكله في مصلحة نفسه.
 «و روي عن الفضل بن أبي قرة السمندي إلخ» يدل على أن البخل أعم من الشح و قد يطلق الشح على المعنى الأعم أيضا كما سيجي‏ء.
 «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني مسندا عنه صلى الله عليه و آله و سلم «3» «ما محق‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الانفاق خبر 8 من كتاب الزكاة.
 (2- 3) الكافي باب البخل و الشح خبر 6- 5 من كتاب الزكاة.

188
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل السخاء و الجود ص 184

الشُّحِّ دَبِيباً كَدَبِيبِ النَّمْلِ وَ شُعَباً كَشُعَبِ الشَّرَكِ.
1717 وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الْعَبْدِ حَاجَةٌ ابْتَلَاهُ بِالْبُخْلِ.

1718 وَ سَمِعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع رَجُلًا يَقُولُ الشَّحِيحُ أَعْذَرُ مِنَ الظَّالِمِ فَقَالَ لَهُ كَذَبْتَ إِنَّ الظَّالِمَ قَدْ يَتُوبُ وَ يَسْتَغْفِرُ وَ يَرُدُّ الظُّلَامَةَ عَلَى أَهْلِهَا وَ الشَّحِيحُ إِذَا شَحَّ مَنَعَ‏

__________________________________________________
الإسلام محق الشح شي‏ء» أي ما يبطل و يذهب الإسلام شي‏ء مثل إبطال البخيل «ثمَّ قال إن لهذا الشح دبيبا» أي حركة خفية لا تحس يعني أن البخيل حركاته خفية حتى ينجر إلى ترك أكثر ما فرض الله تعالى من الزكاة و الخمس و الحج و الجهاد و غيرها و إن كان في الابتداء يتعلل بعدم الوجوب في كثير من الإنفاقات «كشعب الشرك» فإنها أكثر من أن تحصى، و لا يخفى على من له دراية بمكائد النفس في أنواع الرياء حتى لو كان غرضه القرب أو كمال النفس فهو شرك إذا لم يكونا لله.
 «و قال أمير المؤمنين عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام «1» قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه «إذا لم يكن لله عز و جل في العبد حاجة» أي لم يكن قابلا للهدايات و التوفيقات بأعماله- القبيحة «ابتلاه بالبخل» أي منع عنه اللطف فاستولى عليه الشيطان و زين له البخل.
 «و سمع أمير المؤمنين عليه السلام رجلا» رواه الكليني مسندا عنه صلوات الله عليه «2» «يقول الشحيح أعذر» أي عذره أشد و أكثر «من الظالم» باعتبار أن البخيل لا يعطي إلى الغير، و الظالم يأخذ منه فعذرة أظهر.
 «فقال له (إلى قوله) الظلامة» ما به ظلم المظلوم «على أهلها» و كل هذه سهل «و الشحيح إذا شح» و عمل بمقتضى بخلة «منع الزكاة و الصدقة» الواجبة مثل الخمس أو الأعم فهو في الحقيقة ظالم لحق جميع الفقراء «و» كذا «صلة الرحم و إقراء الضيف» أي ضيافته و الإحسان إليه و خدمته «و النفقة في سبيل الله» أي الجهاد أو الأعم «و أبواب البر» فهو في الحقيقة آخذ لحقوق الله و الرسول و الأئمة و الصلحاء و الفقراء و-
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب البخل و الشح خبر 2- 1 من كتاب الزكاة.

189
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل السخاء و الجود ص 184

الزَّكَاةَ وَ الصَّدَقَةَ وَ صِلَةَ الرَّحِمِ وَ إِقْرَاءَ الضَّيْفِ وَ النَّفَقَةَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَبْوَابَ الْبِرِّ وَ حَرَامٌ عَلَى الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَهَا شَحِيحٌ.
1719 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع الْمُنْجِيَاتُ إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَ إِفْشَاءُ السَّلَامِ وَ الصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ وَ النَّاسُ نِيَامٌ‏

__________________________________________________
الأقرباء، و ظالم لهذه الجماعة مع أن البخل داء نفساني ملكة للنفس و قلما يزول و يعسر التوبة عنه، بل لا يتوب غالبا بخلاف الظلم «و حرام على الجنة أن يدخلها شحيح» مانع لحقوقه الواجبة عليه بالاستحقاق، نعم يمكن التفضل و الشفاعة.
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني، بإسناده، عن فيض بن المختار عنه (ع) «1» و في معناه الأخبار المتواترة عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم و الأئمة صلوات الله عليهم «2» و عنه صلوات الله عليه قال: أتى رسول الله بأسارى فقدم برجل منهم ليضرب عنقه فقال له جبرئيل عليه السلام أخر هذا اليوم يا محمد، فرده و أخرج غيره حتى كان هو آخرهم فدعا به ليضرب عنقه فقال له جبرئيل: يا محمد ربك يقرئك السلام و يقول لك أن أسيرك هذا يطعم الطعام، و يقري الضيف، و يصبر على النائبة، و يحمل الحمالات كالديات، فقال له النبي صلى الله عليه و آله و سلم، إن جبرئيل أخبرني فيك عن الله عز و جل كذا و كذا، و قد أعتقتك، فقال له: إن ربك ليحب هذا؟ فقال: نعم فقال: أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله، و الذي بعثك بالحق نبيا لا رددت عن مالي أبدا «3» يحتمل الأخبار و الإنشاء.
و في الصحيح، عن معمر بن خلاد قال: كان أبو الحسن الرضا عليه السلام إذا أكل أتي بصحفة فتوضع بقرب مائدته فيعمد إلى أطيب الطعام مما يؤتى به فيأخذ من كل شي‏ء شيئا فيوضع في تلك الصحفة ثمَّ يأمر بها للمساكين، ثمَّ يتلو هذه الآية فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ.
ثمَّ قال: علم الله عز و جل أنه ليس كل إنسان يقدر على عتق رقبة فجعل لهم السبيل إلى-
__________________________________________________
 (1) الكافي باب فضل إطعام الطعام خبر 5 من كتاب الزكاة.
 (2) و عوى مثل هذا المتتبع الخبير التواتر تغنى عن تعيين محالها.
 (3) الكافي باب فضل إطعام الطعام خبر 9 من كتاب الزكاة.

190
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فضل القصد ص 191

فَضْلُ الْقَصْدِ
1720 وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع مَا عَالَ امْرُؤٌ فِي اقْتِصَادٍ.

1721 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع ضَمِنْتُ لِمَنِ اقْتَصَدَ أَنْ لَا يَفْتَقِرَ.

وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ-
__________________________________________________
الجنة «1» يعني ساوى بين العتق و الإطعام في النجاة من النار بقوله تعالى فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ «2» و التخصيص للاهتمام فضل القصد «و قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام» رواه الكليني مسندا عنه عليه السلام «3» «ما عال» أي افتقر «امرء في اقتصاد» و القصد الوسط بين الإفراط و التفريط أو ضد الإفراط.
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح، عن الحسن بن محبوب عن عمر بن أبان (الثقة) عن مدرك بن الهزهاز (الهرمان- خ) في القوي عنه عليه السلام «4» «و قال الله عز و جل» روى الكليني في الحسن كالصحيح عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز و جل «يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ»
 أي أنفقوا العفو أو ينفقون العفو خبرا بمعنى الأمر قال «و العفو الوسط» فتدبر في التغييرات المخلة «5».
 «و قال عز و جل» روى الكليني، عن عبد الملك بن عمر الأحول (الثقة) قال‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب فضل إطعام الطعام خبر 12 من كتاب الزكاة.
 (2) البلد- 14.
 (3- 4) الكافي باب فضل القصد خبر 9- 6 من كتاب الزكاة.
 (5) الظاهر ان المراد ان الصدوق ره نقل الحديث بما هو مغير مخل، فان تفسير الآية انما هو من الامام (ع) و لا يفهم ذلك من عبارة الصدوق كما لا يخفى- و اللّه العالم.

191
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فضل القصد ص 191

يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ وَ الْعَفْوُ الْوَسَطُ وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً وَ الْقَوَامُ الْوَسَطُ.
__________________________________________________
تلا أبو عبد الله عليه السلام هذه الآية «وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا»
 أي لم يضيقوا «وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً»
 قال: فأخذ قبضة من حصى و قبضها بيده فقال:
هذا الإقتار الذي ذكره الله في كتابه، ثمَّ أخذ قبضة أخرى و أرخى كفه كلها ثمَّ قال:
هذا الإسراف، ثمَّ أخذ قبضة أخرى فأرخى بعضها و أمسك بعضها و قال: هذا القوام «1» و ظاهره أعم من الإنفاق في الصدقات و على العيال و غيرهما كظاهر الآية، و في الصحيح عن عبد الله بن سنان عنه عليه السلام ما يقرب منه «2».
و عن أبي الحسن عليه السلام في قول الله عز و جل؟ (وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) قال القوام هو المعروف، على الموسع قدره، و على المقتر قدره على قدر عياله و مئونته أو مئونتهم التي هي صلاح له و لهم لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها «3».
و في الصحيح عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال علي بن- الحسين صلوات الله عليهما لينفق الرجل بالقصد و بلغة الكفاف و يقدم منه الفضل لآخرته، فإن ذلك أبقى للنعمة و أقرب إلى المزيد من الله جل و عز و أنفع في العافية «4»:
و في القوي عن داود الرقي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن القصد أمر يحبه الله عز و جل و إن السرف أمر يبغضه الله حتى طرحك النواة فإنها تصلح للشي‏ء و حتى صبك فضل شرابك «5» و الظاهر أن أمثال هذه الإسرافات من الإسراف المكروه و يحتمل الحرمة لظاهره.
و عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: القصد مثراة (أي سبب لكثرة المال) و السرف‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب كراهية السرف و التقتير خبر 1- 9- 8 من كتاب الزكاة.
 (4- 5) الكافي باب فضل القصد خبر 1- 2) من كتاب الزكاة.

192
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فضل القصد ص 191

.........
__________________________________________________
متواة «1» (أي سبب لهلاك المال. و في الموثق كالصحيح، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: ثلاث مفجيات، فذكر الثالثة القصد في الغنى و الفقر «2».
و في الموثق كالصحيح، عن حماد اللحام (و هو مجهول، و يمكن جعله من الصحاح لصحته عن الحسن بن محبوب و هو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، و الظاهر أنه من كتابه أيضا) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لو أن رجلا أنفق ما في يده في سبيل من سبل الله ما كان أحسن و لا وفق، أ ليس يقول الله عز و جل (وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَ أَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) يعني المقتصدين «3».
و في الصحيح عن عبيد (القوي) قال قال أبو عبد الله عليه السلام يا عبيد إن السرف يورث الفقر و إن القصد يورث الغنى «4». و في الموثق كالصحيح، عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن عبد العزيز أنه قال له، إنا نكون في طريق مكة فنريد الإحرام فنطلي و لا يكون معنا نخالة نتدلك بها من النورة فنتدلك بالدقيق و قد دخلني من ذلك ما، الله أعلم به؟ فقال: أ مخافة الإسراف؟
قلت نعم، فقال ليس فيما أصلح البدن إسراف إني ربما أمرت بالنقي (أي من الحنطة و هو دقيقها) فيلت بالزيت فأتدلك به، إنما الإسراف فيما أفسد المال و أضر بالبدن، قلت و ما الإقتار؟ قال: أكل الخبز و الملح و أنت تقدر على غيره، قلت فما القصد قال الخبز و اللحم و اللبن و الخل و السمن مرة هذا و مرة هذا «5».
و في الصحيح، عن رفاعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا جاد الله تبارك و تعالى عليكم فجودوا و إذا أمسك عنكم فأمسكوا و لا تجاودوا الله فهو الأجود «6»
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4- 5- 6) الكافي باب فضل القصد خبر 4- 5- 7- 8- 10- 11 من كتاب الزكاة.

193
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فضل القصد ص 191

.........
__________________________________________________
 (أو فهو الأحق).
و في القوي عن ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال: رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:
من اقتصد في معيشته رزقه الله و من بذر حرمه الله «1» و عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: الرفق نصف العيش و ما عال امرء في اقتصاد «2».
و في القوي، عن عبد الله بن أبان قال: سألت أبا الحسن الأول عليه السلام عن النفقة على العيال؟ فقال: ما بين المكروهين، الإسراف و الإقتار «3».
و في الصحيح عن ابن أبي يعفور و يوسف بن عمارة قالا قال أبو عبد الله عليه السلام إن مع الإسراف قلة البركة.
و في الموثق (أو الصحيح) عنه عليه السلام قال: رب فقير هو أسرف من الغني إن الغني ينفق مما أوتي و الفقير ينفق من غير ما أوتي.
و في الحسن كالصحيح، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن المثنى قال: سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز و جل وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ فقال كان فلان بن فلان الأنصاري، سماه و كان له حرث و كان إذا أجذ يتصدق به:
و يبقى هو و عياله بغير شي‏ء فجعل الله عز و جل ذلك سرفا.
و في الحسن كالصحيح، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله في قول الله عز و جل:
وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى‏ عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً قال: الإحسار الفاقة.
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب فضل القصد خبر 12- 13 من كتاب الزكاة.
 (3) اورد هذا الخبر و الأربعة التي بعده في الكافي باب كراهية السرف و التقتير خبر 2 (الى) 7.

194
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

فضل القصد ص 191

.........
__________________________________________________
و في القوي عن عجلان قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فجاء سائل فقام إلى مكتل (و هو شبه الزنبيل يسع خمسة عشر صاعا) فيه تمر فملأ يده فناوله، ثمَّ جاء آخر فسأله فقام فأخذ بيده فناوله ثمَّ جاء آخر فسأله فقام فأخذ بيده فناوله ثمَّ جاء آخر فسأله فقام فأخذ بيده فناوله ثمَّ جاء آخر فقال: الله رازقنا، و إياك، ثمَّ قال: إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم كان لا يسأله أحد من الدنيا شيئا إلا أعطاه فأرسلت إليه امرأة ابنا لها فقالت انطلق إليه فاسأله فإن قال لك ليس عندنا شي‏ء فقال أعطني قميصك، قال: فأخذ قميصه فرمى به إليه (و في نسخة «1» أخرى فأعطاه) فأدبه الله تبارك و تعالى على القصد فقال (وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى‏ عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) «2».
و في القوي، عن سليمان بن صالح (الثقة على الظاهر) قال، قلت لأبي عبد الله عليه السلام أدنى ما يجي‏ء من حد الإسراف؟ فقال، أ بذلك ثوب صونك (أي لبسك في البيت و نحوه ثوبا تلبسه للزينة) و إهراقك فضل إنائك و أكلك التمر و رميك النوى، هاهنا و هاهنا «3».
و في القوي، عن عمار بن أبي عاصم (عمار أبي عاصم- خ) قال قال أبو عبد الله عليه السلام أربعة لا يستجاب لهم، أحدهم كان له مال فأفسده فيقول يا رب ارزقني فيقول الله عز و جل: أ لم آمرك بالاقتصاد «4».
اعلم أن الآيات و الأخبار المتواترة دالة على مذمة الإسراف. و هو ينقسم (إلى تضييع المال) و لا يختلف بالنسبة إلى الأشخاص، لكن الظاهر أن تضييع ما يسمى مالا عرفا حرام و ما لا يسمى مثل طرح النوى مكروه (و إلى غيره) مثل أكل الأطعمة النفيسة، و الملابس الفاخرة، و الدور الفارهة، و المراكب الجيدة، يختلف باختلاف‏
__________________________________________________
 (1) قوله ره و في نسخة اخرى من كلام الكليني ره و هذا و امثاله ممّا يوجد في الكافي ممّا يؤيد ما افاده الشارح رحمه اللّه كرارا من ان مؤلّفى الكتب الأربعة كانوا يأخذون الحديث من أصل الكتاب و يذكرون السند للتيمن كما حققه في شرح خطبة الفقيه من الجزء الأول- و الآية في الاسراء- 29.
 (2- 3- 4) الكافي باب كراهية السفر و التقتير خبر 7- 10- 11 من كتاب الزكاة.

195
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل سقي الماء ص 196

بَابُ فَضْلِ سَقْيِ الْمَاءِ
1722 قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع أَوَّلُ مَا يُبْدَأُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ صَدَقَةُ الْمَاءِ يَعْنِي فِي الْأَجْرِ.

1723 وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يُحِبُّ إِبْرَادَ الْكَبِدِ الْحَرَّى وَ مَنْ سَقَى كَبِداً حَرَّى مِنْ بَهِيمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ‏

__________________________________________________
الأشخاص (فمنها) ما هو معلوم الحرمة (و منها) ما هو معلوم الإباحة أو الكراهة (و منها) شبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات أحرز دينه و نجا من المحرمات، و من ارتكب الشبهات يمكن هلاكه من حيث لا يعلم و لا نجاة إلا بالاحتياط التام في الجميع.
باب فضل سقي الماء «قال أمير المؤمنين عليه السلام» رواه الكليني في الموثق، عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام أول ما يبدأ به في الآخرة صدقة الماء يعني في الأجر «1» الظاهر أن (يعني) من كلام الصادق عليه السلام و يحتمل الراوي، بل هو الأظهر.
 «و قال أبو جعفر عليه السلام» رواه الكليني في الموثق كالصحيح، عن ضريس بن عبد الملك (الثقة) عنه «2» «قال إن الله تبارك و تعالى يحب إبراد الكبد الحرى» أي العطشى يمكن أن يكون المراد الظاهر أو الأعم منه، و من تنفيس كرب المؤمن أو الأعم و يكون التتمة مبينا له «أظله الله» أي أسكنه الله في ظل عرشه كما يفهم عن صريح أخبار أخر أو أدخله في كنف رحمته، و يمكن أن يكون ظل العرش أيضا كناية عنه.
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب سقى الماء خبر 1- 6 من كتاب الزكاة.

196
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل سقي الماء ص 196

1724 وَ رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ سَقَى الْمَاءَ فِي مَوْضِعٍ يُوجَدُ فِيهِ الْمَاءُ كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً وَ مَنْ سَقَى الْمَاءَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُوجَدُ فِيهِ الْمَاءُ كَانَ كَمَنْ أَحْيَا نَفْساً وَ مَنْ أَحْيَا نَفْساً فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً.

بَابُ ثَوَابِ اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ إِلَى الْعَلَوِيَّةِ
1726 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ صَنَعَ إِلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَداً كَافَيْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

1726 وَ قَالَ ع إِنِّي شَافِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِأَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ وَ لَوْ جَاءُوا بِذُنُوبِ أَهْلِ الدُّنْيَا

__________________________________________________
 «و روى معاوية بن عمار» في الصحيح و رواه الكليني عنه في الحسن كالصحيح «عن أبي عبد الله عليه السلام» «1» و الأخبار في سقي الماء و إطعام المؤمن و إكرامه و إعظامه أكثر من أن تحصى.
باب ثواب اصطناع المعروف إلى العلوية «قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني مسندا عنه صلى الله عليه و آله و سلم «2» «من صنع إلى أحد من أهل بيتي يدا» أي نعمة و إحسانا «كافيته يوم القيمة» يمكن أن يكون المراد بأهل البيت هنا ذرية رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من الحسن و الحسين و أولادهما عليه السلام (أو) الأعم من أولاد فاطمة صلوات الله عليها (أو) الأعم من أولاد علي صلوات الله عليه كما فهمه الصدوق «3» ظاهرا و إن أمكن أن يكون مراده أحد الأولين (أو) الأعم من بني هاشم ممن انتسب إليه بالأب أو الأعم من الأم و يحتمل الأخص من الجميع بأن يكون المراد به الأربعة المعصومين أو جميع المعصومين «كافيته» و في الكافي (به) يوم القيمة «4».
 «و قال عليه السلام» رواه في الصحيح، عن البرقي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب سقى الماء خبر 3 من كتاب الزكاة.
 (2) الكافي باب الصدقة لبنى هاشم و مواليهم وصلتهم خبر 8.
 (3) قوله ره كما فهمه الصدوق ظاهرا- يعنى انه عنون الباب بما ظاهره العموم.
 (4) فيما عندنا من الكافي ليس فيه لفظة «به» كما في الفقيه.

197
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب اصطناع المعروف إلى العلوية ص 197

رَجُلٌ نَصَرَ ذُرِّيَّتِي وَ رَجُلٌ بَذَلَ مَالَهُ لِذُرِّيَّتِي عِنْدَ الضِّيقِ وَ رَجُلٌ أَحَبَّ ذُرِّيَّتِي بِاللِّسَانِ وَ الْقَلْبِ وَ رَجُلٌ سَعَى فِي حَوَائِجِ ذُرِّيَّتِي إِذَا طُرِدُوا أَوْ شُرِّدُوا.
1727 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ أَيُّهَا الْخَلَائِقُ أَنْصِتُوا فَإِنَّ مُحَمَّداً يُكَلِّمُكُمْ فَتُنْصِتُ الْخَلَائِقُ فَيَقُومُ النَّبِيُّ ص فَيَقُولُ يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ مَنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدِي يَدٌ أَوْ مِنَّةٌ أَوْ مَعْرُوفٌ فَلْيَقُمْ حَتَّى أُكَافِيَهُ فَيَقُولُونَ بِآبَائِنَا وَ أُمَّهَاتِنَا وَ أَيُّ يَدٍ وَ أَيُّ مِنَّةٍ وَ أَيُّ مَعْرُوفٍ لَنَا بَلِ الْيَدُ وَ الْمِنَّةُ وَ الْمَعْرُوفُ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ عَلَى جَمِيعِ الْخَلَائِقِ فَيَقُولُ لَهُمْ بَلَى مَنْ آوَى أَحَداً مِنْ أَهْلِ بَيْتِي أَوْ بَرَّهُمْ أَوْ كَسَاهُمْ مِنْ عُرْيٍ أَوْ أَشْبَعَ جَائِعَهُمْ فَلْيَقُمْ حَتَّى أُكَافِيَهُ فَيَقُومُ أُنَاسٌ قَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَيَأْتِي النِّدَاءُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَا مُحَمَّدُ يَا حَبِيبِي قَدْ جَعَلْتُ مُكَافَأَتَهُمْ إِلَيْكَ فَأَسْكِنْهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْتَ قَالَ فَيُسْكِنُهُمْ فِي الْوَسِيلَةِ حَيْثُ لَا يُحْجَبُونَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ‏

__________________________________________________
عنه صلى الله عليه و آله و سلم و رواه الصدوق في كتبه بأسانيد عديدة أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، إني شافع يوم القيمة لأربعة أصناف «1» قوله «إذا طردوا أو شردوا» أي فرقوا من أوطانهم أو من الأبواب بالمنع من حقوقهم، و ظاهر الذرية المعنيان الأولان في الخبر المتقدم.
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الصدوق في كتبه مسندا عنه عليه السلام قوله «من آوى أحدا» أي أسكنه منزلا أو أدخله في كنفه من ظلم الظالمين، تجوزا «في الوسيلة» و هي أرفع مراتب الجنة.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب فضل الصدقة خبر 6 من كتاب الزكاة و عيون أخبار الرضا (ع) باب ما جاء عن الرضا (ع) من الاخبار النادرة خبر 17 و الخصال باب قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أربعة انا الشفيع لهم إلخ خبر 1.

198
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

بَابُ فَضْلِ الصَّدَقَةِ
1728 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَرْضُ الْقِيَامَةِ نَارٌ مَا خَلَا ظِلَّ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّ صَدَقَتَهُ تُظِلُّهُ.

1729 وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع الْبِرُّ وَ الصَّدَقَةُ يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَ يَزِيدَانِ فِي الْعُمُرِ وَ يَدْفَعَانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا سَبْعِينَ مِيتَةَ سَوْءٍ.

__________________________________________________
باب فضل الصدقة «قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني في القوي عنه صلى الله عليه و آله و سلم «1» قال «أرض القيامة نار» أي كالنار في الحرارة لقرب الشمس منهم مقدار ميل كما روي «ما خلا ظل المؤمن» أي مكانه الذي وقع عليه ظل الصدقة.
 «و قال أبو جعفر عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن غالب (الثقة) عمن حدثه عنه عليه السلام «2» قال «البر» أي بر الوالدين أو الأعم «و الصدقة (إلى قوله) في العمر» و إن (كان مقدار العمر- خ) مقدرا في لوح المحو و الإثبات مشروطا بعدم ما يكون سببا للزيادة أو النقصان و إن كان في علم الله معينا بأنه يتصدق و يزيد أو يقطع الرحم و ينقص أو لا يفعلهما فلا يزيد و لا ينقص و هذه الكتابة لطف للمكلفين في ازدياد الأعمال الموجبة للزيادة و ترك الأعمال الموجبة للنقصان «و يدفعان عن صاحبهما سبعين ميتة» بالكسر و الفتح «سوء» بالضم و الفتح، و في الكافي (و يدفعان عن سبعين) و في بعض النسخ (تسعين ميتة السوء) و ذكر في خبر آخر (يدفعان عن شيعتي ميتة السوء) و يمكن أن يكون إحداهما تصحيفا، و ميتة السوء، الموت بالحرق، و الغرق، و الهدم، و أكل السبع و أمثالها.
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب فضل الصدقة خبر 2- 7 من كتاب الزكاة.

199
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

1730 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَ ادْفَعُوا الْبَلَاءَ بِالدُّعَاءِ وَ اسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ فَإِنَّهَا تَفُكُّ مِنْ بَيْنِ لَحْيَيْ سَبْعِمِائَةِ شَيْطَانٍ وَ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَثْقَلَ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنَ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمُؤْمِنِ وَ هِيَ تَقَعُ فِي يَدِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي يَدِ الْعَبْدِ.

__________________________________________________
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني، عن عبد الله بن سنان عنه عليه السلام «1» و الظاهر أن الصدوق أخذه من كتابه فيكون صحيحا قوله: «فإنها تفك» أي تخلص «من بين لحى سبعمائة شيطان» كان الصدقة دخلت في أفواههم باعتبار منعهم عنها بالوجوه الباطلة، فبعضهم يقول: لا تتصدق فإنك أحوج منه (أو) انظر العاقبة (أو) السائل ليس بمستحق (أو) تصدق في وقت آخر، و على آخر أحوج منه (أو) لئلا تدخل في- الرياء (أو) في السر- لعله يعوقه عنها، فإذا تصدق مع هذه الوساوس و أمثالها، فكأنه أخرجها من أفواههم سيما إذا كانت الصدقة على المؤمن لكثرة ثوابه، و كلما كان- الثواب أكثر كان منع الشياطين أكثر.
و هذه الوساوس إحدى دلائل وجودهم كما هو المجرب «و هي (إلى قوله) في يد العبد» السائل كما قال تعالى هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ «2» و كناية عن أن الصدقة ما تكون لوجه الله تعالى فكأنه أخذها الله تعالى و أعطى المتصدق الثواب، ثمَّ الله تعالى أعطاها السائل لئلا يمن أحد على الفقراء بما يعطيهم، بل ينبغي أن يشكر الله تعالى على أن وفقه له و أعطاه الثواب الأبدي مع أن المال ماله تعالى.
__________________________________________________
 (1) قوله (ره) رواه الكليني عن عبد اللّه بن سنان عنه نقول بل رواه عن عليّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن عبد اللّه بن القاسم،- و الحاصل ان لعبد اللّه بن سنان في هذا الباب ثلث روايات إحداها من قوله (ع) داووا مرضاكم الى قوله في يد العبد (ثانيها) من قوله (ع) الصدقة باليد الى قوله ان لا يفعل (ثالثها) من قوله يستحب الى قوله له و سند الأخيرين واحد دون الأول فاختلط على الشارح قده فلاحظ الكافي.
 (2) الشورى- 25.

200
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

1731 وَ قَالَ ع الصَّدَقَةُ بِالْيَدِ تَقِي مِيتَةَ السَّوْءِ وَ تَدْفَعُ سَبْعِينَ نَوْعاً مِنْ أَنْوَاعِ الْبَلَاءِ وَ تَفُكُّ عَنْ لَحْيَيْ سَبْعِينَ شَيْطَاناً كُلُّهُمْ يَأْمُرُهُ أَنْ لَا يَفْعَلَ.

1732 وَ قَالَ ع يُسْتَحَبُّ لِلْمَرِيضِ أَنْ يُعْطِيَ السَّائِلَ بِيَدِهِ وَ يَأْمُرَ السَّائِلَ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ‏

__________________________________________________
فانظر إلى عناية الله تعالى بك في جميع الأمور (فمرة) يقول (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) «1» استقرضكم و له خزائن السماوات و الأرض، (و مرة) يقول إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى‏ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) «2» (و مرة) يقول إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ «3» استنصركم و لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ* (و مرة) يقول (وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ) فلا تغفل عن أمثال هذه الإشارات.
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن عبد الله بن سنان قال، سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول «4»- و الظاهر أنه أخذه من كتابه فيكون صحيحا «5»، و كذا الصدوق «الصدقة باليد» أي بيد نفسه لا وكيله و غيرها و يكون أحسن من الأعم و لا يحتاج أن يخص العمومات بأمثال هذه المخصصات في النوافل، بل في الفرائض أيضا، و كذا الإطلاقات و التقييدات، إذ لا منافاة بينهما إلا من حيث المفهوم، و المنطوق أولى من المفهوم و أقدم، و كذا لا منافاة بين السبعين و السبعمائة إلا من حيث المفهوم.
 «و قال عليه السلام» الظاهر أنه من تتمة رواية عبد الله بن سنان لرواية الكليني بالإسناد الأول عنه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول، يستحب للمريض أن يعطي-
__________________________________________________
 (1- 2) البقرة 245- 111.
 (3) محمّد- 7.
 (4) الكافي باب فضل الصدقة خبر 5 لكن في الكافي عن عبد اللّه بن سنان قال قال أبو عبد اللّه (ع) الخ.
 (5) يعني و ان كان في سند الرواية من لم يثبت وثاقته لكن لما اخذه الكليني من كتاب ابن سنان فلا يقدح في ذلك.

201
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

1733 وَ قَالَ ع بَاكِرُوا بِالصَّدَقَةِ فَإِنَّ الْبَلَايَا لَا تَتَخَطَّاهَا وَ مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ أَوَّلَ النَّهَارِ دَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ شَرَّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَإِنْ تَصَدَّقَ أَوَّلَ اللَّيْلِ دَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ‏

__________________________________________________
السائل بيده و يأمر السائل (أي يلتمس منه) أن يدعو له «1» «و قال عليه السلام» رواه الكليني، عن سليمان بن عمر و النخعي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم «2» «باكروا بالصدقة» أي تصدقوا في أول النهار «فإن البلايا لا تتخطاها» أي لا تتجاوز عن الصدقة و هي حائل بينه و بين البلاء، و روى- الكليني بإسناده، عن الحسن بن محبوب (و الظاهر أنه أخذه من كتابه فيكون صحيحا) عن أبي ولاد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول بكروا بالصدقة، (و في الفقيه (باكروا و المعنى واحد) و ارغبوا فيها فما من مؤمن يتصدق بصدقة يريد بها ما عند الله ليدفع الله بها عنه شر ما ينزل من السماء إلى الأرض في ذلك اليوم إلا وقاه الله شر ما ينزل من السماء إلى الأرض في ذلك اليوم «3» و في الحسن كالصحيح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من تصدق بصدقة حين يصبح أذهب الله عنه نحس ذلك اليوم «4» ..
و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان بيني و بين رجل قسمة أرض و كان الرجل صاحب نجوم و كان يتوخى ساعة السعود فيخرج فيها و أخرج أنا في ساعة النحوس، فاقتسمنا فخرج لي خير القسمين، فضرب الرجل بيده اليمنى على اليسرى، ثمَّ قال: ما رأيت كاليوم قط قلت: ويك، أ لا أخبرك ذاك؟ قال: إني صاحب نجوم أخرجتك في ساعة النحوس و خرجت أنا في ساعة السعود، ثمَّ قسمنا فخرج لك خير القسمين فقلت‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب فضل الصدقة خبر 9 و قوله (ره) الرواية الكليني عنه بالاسناد الأول- نقول ليس كذلك بل السند في الكافي هكذا- على بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (ع) قال سمعته يقول إلخ.
 (2- 3) الكافي باب ان الصدقة تدفع البلاء خبر 5- 1 من كتاب الزكاة.
 (4) الكافي باب ان الصدقة تدفع البلاء خبر 7.

202
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

شَرَّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ.
1734 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ اللَّهَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَدْفَعُ بِالصَّدَقَةِ الدَّاءَ وَ الدُّبَيْلَةَ وَ الْحَرَقَ وَ الْغَرَقَ وَ الْهَدْمَ وَ الْجُنُونَ وَ عَدَّ ع سَبْعِينَ بَاباً مِنَ الشَّرِّ.

__________________________________________________
أ لا أحدثك بحديث حدثني به أبي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: من سره أن يدفع الله عنه نحس يومه فليفتتح يومه بصدقة يذهب الله بها عنه نحس يومه، و من أحب أن يذهب الله عنه نحس ليلته فليفتتح ليلته بصدقة يدفع نحس ليلته فقلت: إني افتتحت خروجي بصدقة، فهذا خير لك من علم النجوم «1» «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني مسندا عنه عليه السلام «2» و الدبيلة تصغير دبلة و هي خراج «3» و دمل كثير يظهر في الجوف فيقتل غالبا «من الشر» و في الكافي (من السوء).
و روى الكليني في القوي، عن سالم بن مكرم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: مر يهودي بالنبي صلى الله عليه و آله و سلم، فقال السام عليك فقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: عليك، فقال أصحابه إنما سلم عليك بالموت قال الموت عليك، قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم و كذلك رددت ثمَّ قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم: إن هذا اليهودي يعضه أسود في قفاه فيقتله، قال: فذهب اليهودي فاحتطب حطبا كثيرا فاحتمله ثمَّ لم يلبث أن انصرف فقال له رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ضعه فوضع الحطب فإذا أسود في جوف الحطب عاض على عود فقال لليهودي أي شي‏ء عملت اليوم فقال: ما عملت عملا إلا حطبي هذا حملته فجئت به و كان معي كعكتان (و الكعك معرب (كاك) و هو الخبز اليابس أو الأعم) فأكلت واحدة و تصدقت بواحدة على مسكين فقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب ان الصدقة تدفع البلاء خبر 9- 2 من كتاب الزكاة.
 (3) و الخراج بضم معجمة و كسرها و خفة راء، ما يخرج في البدن من القروح و الورم الواحد الخراجة (مجمع البحرين).

203
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

.........
__________________________________________________
بها دفع الله عنه، و قال: إن الصدقة تدفع ميتة السوء عن الإنسان «1»- و روى العامة أيضا قريبا منه.
و أول أخباره صلى الله عليه و آله و سلم بأنه يعضه أسود، أي يريد أن يعضه كما في رؤيا إبراهيم عليه و على نبينا السلام" إِنِّي أَرى‏ فِي الْمَنامِ: أَنِّي أَذْبَحُكَ" أي أريد ذبحك (أو) يعضه أسود لو لا- الصدقة و نحوها، و في هذا الخبر لطف و إعجاز في رغبة المكلفين إلى الصدقة مع رؤيتهم أسباب القتل.
و مثله ما رواه في القوي، عن الحسن بن الجهم قال: قال أبو الحسن عليه السلام لإسماعيل بن محمد و ذكر له أن ابنه تصدق عنه قال: إنه رجل، قال: فمره أن يتصدق و لو بالكسرة من الخبز ثمَّ قال: قال أبو جعفر عليه السلام إن رجلا من بني إسرائيل كان له ابن و كان له محبا فأتي في منامه فقيل له إن ابنك ليلة يدخل بأهله يموت، قال: فلما كان تلك الليلة و تبني عليه أبوه (أي زفه العروس) توقع أبوه ذلك فأصبح ابنه سليما فأتاه أبوه، فقال يا بني: هل عملت البارحة شيئا من الخير؟ قال: لا إلا أن سائلا أتى الباب و قد كانوا ادخروا لي طعاما فأعطيته السائل، فقال: بهذا دفع (الله- خ) عنك «2».
و قريب منه ما رواه، عن الحسن بن علي الوشاء عن أبي الحسن الرضا عليه السلام «3» و في القوي، عن سدير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الصدقة لتدفع سبعين بلية من بلايا الدنيا مع ميتة السوء، إن صاحبها لا يموت بميتة السوء أبدا مع ما يدخر لصاحبها في الآخرة «4».
و عن محمد بن مسلم قال: كنت مع أبي جعفر عليه السلام في مسجد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فسقط شرف (شرفة- خ) من شرف المسجد فوقعت على رجل فلم يضره و أصابت رجله فقال أبو جعفر عليه السلام: سلوه أي شي‏ء عمل اليوم فسألوه فقال: خرجت و في كمي تمر
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4) الكافي باب ان الصدقة تدفع البلاء خبر 3- 8- 10- 6.

204
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

1735 وَ قَالَ ص صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ.

1736 وَ رَوَى عَمَّارٌ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ قَالَ لِي يَا عَمَّارُ الصَّدَقَةُ وَ اللَّهِ فِي السِّرِّ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ فِي الْعَلَانِيَةِ وَ كَذَلِكَ وَ اللَّهِ الْعِبَادَةُ فِي السِّرِّ أَفْضَلُ مِنَ الْعِبَادَةِ فِي الْعَلَانِيَةِ.

1737 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا طَرَقَكُمْ سَائِلٌ ذَكَرٌ بِلَيْلٍ فَلَا تَرُدُّوهُ.

__________________________________________________
فمررت بسائل فتصدقت عليه بتمرة، فقال أبو جعفر عليه السلام بها دفع الله عنه «1».
 «و قال صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني مسندا عنه صلى الله عليه و آله و سلم «2» و رواه أيضا في الصحيح عن صفوان، عن الوصافي، عن أبي جعفر عليه السلام عنه صلى الله عليه و آله و سلم «3» و المراد بالغضب العذاب الشديد كما ورد في الأخبار و تأيدت بالبراهين أنه تعالى ليس محلا للحوادث من الرضا و الغضب و أمثالهما.
 «و روى عمار» في الموثق و رواه الكليني عنه عن أبي عبد الله عليه السلام «4» و حمل على الصدقات و العبادات المستحبة إلا أن يتهم بتركهما أو يقصد اقتداء غيره به فيهما، و أما الواجبتان فإظهارهما أفضل إلا مع ظن الوقوع في الرياء.
 «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عنه صلى الله عليه و آله و سلم «5» أنه قال: «إذا طرقكم» أي نزل عليكم «سائل ذكر بليل فلا تردوه» لأنه يمكن أن يكون من الملائكة بخلاف الأنثى فإنهم لا يتمثلون بصورتها، و روي في الصحيح، عن هشام بن سالم قال: كان أبو عبد الله عليه السلام إذا اعتم (أي دخل في العتمة بمعنى العشاء) و ذهب من الليل شطره (أي بعضه) أخذ جرابا فيه خبز و لحم و الدراهم فحمله على عنقه ثمَّ ذهب به إلى أهل الحاجة من أهل المدينة فيقسمه فيهم و لا يعرفونه فلما مضى أبو عبد الله عليه السلام فقدوا ذلك فعلموا أنه كان أبا عبد الله عليه السلام «6».
و روي مثله، عن علي بن الحسين زين العابدين، و محمد بن علي باقر علم النبيين صلوات الله عليهما.
__________________________________________________
 (1) الكافي باب ان الصدقة تدفع البلاء خبر 11 من كتاب الزكاة.
 (2- 3- 4) الكافي باب فضل صدقة السر خبر 1- 3- 2.
 (5- 6) الكافي باب صدقة الليل خبر 2- 1 من كتاب الزكاة.

205
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

.........
__________________________________________________
و في القوي، عن معلى بن خنيس قال: خرج أبو عبد الله عليه السلام في ليلة قد رشت (أي جاءت) بالمطر و هو يريد ظلة بني ساعدة (و الظلة بالضم كهيئة الصفة) فاتبعته فإذا هو قد سقط منه شي‏ء. فقال: بسم الله اللهم رد علينا قال: فأتيته فسلمت عليه فقال معلى؟ قلت: نعم جعلت فداك فقال لي التمس بيدك فما وجدت من شي‏ء فادفعه إلى فإذا أنا بخبز منتشر كثير فجعلت أدفع إليه ما وجدته، فإذا أنا بجراب أعجز عن حمله من خبز فقلت: جعلت فداك أحمله على رأسي؟ فقال: لا أنا أولى به منك و لكن امض معي قال فأتينا ظلة بني ساعدة فإذا نحن بقوم نيام فجعل عليه السلام يدس (أي يخفى) تحت رؤوسهم أو ثيابهم الرغيف و الرغيفين حتى أتى على آخرهم، ثمَّ انصرفنا فقلت جعلت فداك، يعرف هؤلاء الحق؟ فقال: لو عرفوه لواسيناهم بالدقة.
و الدقة هي الملح.
 (و الظاهر أن التفسير من الراوي، و في القاموس الدقة بالكسر هيئة الدق و الخساسة، و ضد العظم، و بالضم التراب اللين كسحته الريح، و التوابل من الأبزار و الملح مع ما خلط به من أبزاره، أو الملح المدقوق و حلي لأهل مكة انتهى فعلى ما فسره الراوي يكون المراد لساويناهم حتى بالملح و يحتمل أن يكون المراد، الملح مع الأخلاط أو الحلي).
إن الله «1» تبارك و تعالى لم يخلق شيئا إلا و له خازن يخزنه (أي من الملائكة) إلا الصدقة فإن الرب يليها بنفسه و كان أبي عليه السلام إذا تصدق بشي‏ء وضعه في يد السائل ثمَّ ارتده منه فقبله و شمه ثمَّ رده في يد السائل، إن صدقة الليل يطفئ غضب الرب و يمحو الذنب العظيم و يهون الحساب، و صدقة النهار تثمر المال و تزيد في العمر، إن عيسى بن مريم عليه السلام لما أن مر على شاطئ البحر رمى بقرص من قوته في الماء فقال له بعض الحواريين يا روح الله و كلمته لم فعلت هذا و إنما هو من قوتك؟ قال‏
__________________________________________________
 (1) من تتمة خبر معلى بن خنيس فلا تغفل.

206
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

1738 وَ قَالَ ص الصَّدَقَةُ بِعَشَرَةٍ وَ الْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَ صِلَةُ الْإِخْوَانِ بِعِشْرِينَ وَ صِلَةُ الرَّحِمِ بِأَرْبَعَةٍ وَ عِشْرِينَ.

1739 وَ سُئِلَ ع أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ.

1740 وَ قَالَ ع لَا صَدَقَةَ وَ ذُو رَحِمٍ مُحْتَاجٌ.

1741 قَالَ ع مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ أَلْقَى كَلَّهُ عَلَى النَّاسِ مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ يَعُولُ.

1742 وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا ع يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى عِيَالِهِ لِئَلَّا يَتَمَنَّوْا مَوْتَهُ.

__________________________________________________
فقال، فعلت هذا لدابة تأكله من دواب الماء و ثوابه عند الله عظيم «1» فتدبر في هذا الخبر فإنه مشتمل على فوائد كثيرة.
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني، عن السكوني- عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم «2».
 «و سئل عليه السلام» رواه بهذا الإسناد عنه عليه السلام «3» و الكاشح الذي يضمر لك العداوة، و ثوابه أفضل لأن الإخلاص فيه أتم بخلاف المحب فإنه غالبا يصله للمحبة البشرية لا لله «و قال عليه السلام لا صدقة» أي كاملة «و ذو رحم» أي منك «محتاج» روى الكليني، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من وصل قريبا بحجة أو عمرة كتب الله له حجتين، و عمرتين، و كذلك من حمل عن حميم يضاعف الله له الأجر ضعفين «4» و الأخبار في صلة الرحم أكثر من أن تحصى «و قال عليه السلام» رواه في القوي، عن علي بن غراب، عن أبي عبد الله عليه السلام عنه «5» عليه السلام- و الكل الثقل.
 «و قال أبو الحسن الرضا عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح، عن معمر بن خلاد، عن‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب صدقة الليل خبر 3 من كتاب الزكاة.
 (2- 3- 4) الكافي باب الصدقة على القرابة خبر 3- 2- 1.
 (5) الكافي باب كفاية العيال و التوسع عليهم خبر 9.

207
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

.........
__________________________________________________
أبي الحسن عليه السلام «قال ينبغي (إلى قوله) موته» و تلا هذه الآية (وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى‏ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً) قال: الأسير عيال الرجل فينبغي للرجل إذا زيد في النعمة أن يزيد أسراءه في السعة عليهم ثمَّ قال: إن فلانا أنعم الله عليه بنعمة فمنعها أسراءه و جعلها عند فلان فذهب الله بها، قال معمر: و كان فلان حاضرا «1».
و في الصحيح، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: أرضاكم عند الله أسبغكم على عياله «2» و في الصحيح، عن محمد بن مسلم قال: قال رجل لأبي جعفر عليه السلام: إن لي ضيعة بالجبل أستغلها كل سنة ثلاث آلاف درهم فأنفق على عيالي منها ألفي درهم و أتصدق منها بألف درهم في كل سنة فقال أبو جعفر عليه السلام إن كانت الألفان يكفيهم في جميع ما يحتاجون إليه فقد نظرت لنفسك و وفقت لرشدك و أجريت نفسك في حياتك بمنزلة ما يوصي به الحي عند موته «3».
و عن ابن أبي نصر، عن الرضا عليه السلام قال قال: عليه السلام: صاحب النعمة يجب عليه التوسعة على عياله- و عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال: المؤمن يأكل بشهوة أهله و المنافق يأكل أهله بشهوته- و عن أسباط بن سالم (قال): إن أبا عبد الله عليه السلام سئل أ كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقوت عياله قوتا معروفا؟ قال: نعم إن النفس إذا عرفت قوتها قنعت به و نبت عليه اللحم.
و في الحسن كالصحيح، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعوله. و في الحسن كالصحيح، عن أبي حمزة قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام: لأن أدخل‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب كفاية العيال و التوسع عليهم خبر 3- 1.
 (3) أورده في الكافي و السبعة التي بعده في باب كفاية العيال و التوسع عليهم خبر 2- 5 (الى) 14 من كتاب الزكاة.

208
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

1743 وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع عَنِ السَّائِلِ يَسْأَلُ وَ لَا يُدْرَى مَا هُوَ فَقَالَ أَعْطِ مَنْ وَقَعَتْ فِي قَلْبِكَ الرَّحْمَةُ لَهُ وَ قَالَ أَعْطِهِ دُونَ الدِّرْهَمِ قُلْتُ أَكْثَرُ مَا يُعْطَى قَالَ أَرْبَعَةُ دَوَانِيقَ.

1744 وَ رَوَى الْوَصَّافِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: كَانَ فِيمَا نَاجَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ مُوسَى ع أَنْ قَالَ يَا مُوسَى أَكْرِمِ السَّائِلَ بِبَذْلٍ يَسِيرٍ أَوْ بِرَدٍّ جَمِيلٍ إِنَّهُ يَأْتِيكَ مَنْ لَيْسَ بِإِنْسٍ وَ لَا جَانٍّ مَلَائِكَةٌ مِنْ مَلَائِكَةِ الرَّحْمَنِ يَبْلُونَكَ فِيمَا خَوَّلْتُكَ وَ يَسْأَلُونَكَ مِمَّا نَوَّلْتُكَ‏

__________________________________________________
السوق و معي درهم أبتاع به لعيالي لحما فقد قرموا (أي اشتهوا) أحب إلى من أعتق نسمة- و في الحسن كالصحيح، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا أصبح خرج غاديا في طلب الرزق فقيل له: يا بن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أين تذهب؟ فقال: أتصدق لعيالي قيل له: أ تتصدق؟ قال، من طلب الحلال فهو من الله عز و جل صدقة عليه.
و في الحسن كالصحيح، عن معاذ بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من سعادة الرجل أن يكون القيم على عياله.
و في الحسن، عن ياسر الخادم قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: ينبغي للمؤمن أن ينقص من قوت عياله في الشتاء و يزيد في وقودهم.
 «و سئل الصادق عليه السلام» رواه الكليني في القوي عنه عليه السلام «1» و في الحسن كالصحيح. عن سدير الصيرفي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أطعم سائلا لا أعرفه مسلما فقال: نعم أعط من لا تعرفه بولاية و لا عداوة للحق إن الله عز و جل يقول وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً و لا تطعم لمن نصب لشي‏ء من الحق أو دعي إلى شي‏ء من الباطل «2».
 «و روى الوصافي» في القوي و رواه الكليني عنه، عن أبي جعفر عليه السلام «3»- خوله و نوله، أعطاه «و قال عليه السلام» رواه الكليني و الشيخ في الصحيح، عن أبي جعفر عليه السلام «4» و ذكر بعض الأصحاب تبعا للعامة أن هذا الخبر من الأخبار الموضوعة و غفل عن‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب الصدقة على من لا تعرفه- خبر 2- 1 من كتاب الزكاة.
 (3- 4) الكافي باب كراهية ردّ المسألة خبر 3- 2 و أورد الثاني في التهذيب باب الزيادات في الزكاة خبر 53.

209
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

فَانْظُرْ كَيْفَ أَنْتَ صَانِعٌ يَا ابْنَ عِمْرَانَ.
1745 وَ قَالَ ع أَعْطِ السَّائِلَ وَ لَوْ عَلَى ظَهْرِ فَرَسٍ.

1746 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا تَقْطَعُوا عَلَى السَّائِلِ مَسْأَلَتَهُ فَلَوْ لَا أَنَّ الْمَسَاكِينَ يَكْذِبُونَ مَا أَفْلَحَ مَنْ يَرُدُّهُمْ.

1747 وَ رُوِيَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ صَبِيحٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَجَاءَهُ سَائِلٌ فَأَعْطَاهُ ثُمَّ جَاءَهُ آخَرُ فَأَعْطَاهُ ثُمَّ جَاءَهُ آخَرُ فَأَعْطَاهُ ثُمَّ جَاءَهُ آخَرُ فَقَالَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْكَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَجُلًا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ شَاءَ أَنْ لَا يُبْقِيَ مِنْهَا شَيْئاً إِلَّا وَضَعَهُ فِي حَقٍّ لَفَعَلَ فَيَبْقَى لَا مَالَ لَهُ فَيَكُونُ مِنَ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ يُرَدُّ دُعَاؤُهُمْ قَالَ قُلْتُ مَنْ هُمْ قَالَ أَحَدُهُمْ رَجُلٌ كَانَ لَهُ مَالٌ فَأَنْفَقَهُ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ يَا رَبِّ ارْزُقْنِي فَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَ جَلَّ أَ لَمْ‏

__________________________________________________
صحته عن الأئمة صلوات الله عليهم، و استدل به على جواز إعطاء الزكاة لصاحب الفرس، و يشكل بأن ظاهره في كراهة رد السائل كما فهمه المحدثون رضي الله عنهم. و إن أمكن أن يقال إنه بعمومه يدل على ذلك أيضا، و حمل على ما إذا احتاج إليه للضعف عن المشي أو إذا كان من عادته عرفا و من أمثاله استثني كلما يحتاج إليه عرفا و لا بأس به كما يظهر من بعض الأخبار، و سيجي‏ء أيضا مع نفي الحرج و العسر و سماحة الشريعة و إن كان الأحوط عدم أخذه إذا لم يكن محتاجا إليها.
 «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني بإسناده، عن السكوني، «1» و القطع على السائل رده، و عنه صلى الله عليه و آله و سلم: لا تردوا السائل و لو بظلف محترق «2» و في القوي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما منع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم سائلا قط إن كان عنده أعطى، و إلا قال:
يأتي الله به «3» و عن علي بن الحسين عليهما السلام أنه قال: أعطوا السائل و لا تردوا سائلا «4».
 «و روي» في الموثق «عن الوليد بن صبيح» و رواه الكليني عنه في الصحيح‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4) الكافي باب كراهية ردّ السائل خبر 1- 6- 5- 4.

210
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

أَرْزُقْكَ وَ رَجُلٌ جَلَسَ فِي بَيْتِهِ وَ لَا يَسْعَى فِي طَلَبِ الرِّزْقِ وَ يَقُولُ يَا رَبِّ ارْزُقْنِي فَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَ جَلَّ أَ لَمْ أَجْعَلْ لَكَ سَبِيلًا إِلَى طَلَبِ الرِّزْقِ وَ رَجُلٌ لَهُ امْرَأَةٌ تُؤْذِيهِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ خَلِّصْنِي مِنْهَا فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَ لَمْ أَجْعَلْ أَمْرَهَا بِيَدِكَ.
1748 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع فِي السُّؤَّالِ «1» أَطْعِمُوا ثَلَاثَةً وَ إِنْ شِئْتُمْ أَنْ تَزْدَادُوا

__________________________________________________
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني عنه عليه السلام في الموثق «2» و قد تقدم مثله «و قال عليه السلام» رواه الكليني مرسلا «3» و روي في الصحيح. عن الحسن بن الجهم، عن أبي الحسن قال: لا تحقروا دعوة أحد فإنه يستجاب لليهودي و النصراني فيكم و لا يستجاب لهم في أنفسهم «4».
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح (على الظاهر) عن جميل بن دراج «5» و الظاهر أن الصدوق أيضا أخذه من كتابه فيكون صحيحا «و لو أن المعروف» رواه الكليني مرسلا عنه عليه السلام قال: لو جرى المعروف على ثمانين كفالا و جروا كلهم من غير أن ينقص صاحبه من أجره شيئا «6».
و روى الكليني بإسناد فيه سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب (و الظاهر أنه أخذه من كتابه فيكون صحيحا) عن صالح بن رزين (و هو من أصحاب الأصول) قال:
دفع إلى شهاب بن عبد ربه دراهم من الزكاة أقسمها فأتيته يوما فسألني هل قسمتها؟
فقلت: لا فأسمعني كلاما فيه بعض الغلظة فطرحت ما كان بقي معي من الدراهم و قمت مغضبا فقال لي ارجع حتى أحدثك بشي‏ء سمعته من جعفر بن محمد عليهما السلام فرجعت فقال: قلت‏
__________________________________________________
 (1) السؤال- كتجار: جمع سائل و هو الفقير.
 (2) الكافي باب قدر ما يعطى السائل خبر 1 (لكن الى قوله (ع) سبيلا الى طلب الرزق و ذكر:
تمام الثلاثة في باب من لا تستجاب دعوته خبر 3 من كتاب الدعاء.
 (3- 4) الكافي باب دعاء السائل خبر 1- 2.
 (5) الكافي باب دعاء السائل خبر 1.
 (6) الكافي باب ان الذي يقسم الصدقة شريك صاحبها في الاجر خبر 2.

211
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

فَازْدَادُوا وَ إِلَّا فَقَدْ أَدَّيْتُمْ حَقَّ يَوْمِكُمْ.
1749 وَ قَالَ ع إِذَا أَعْطَيْتُمُوهُمْ فَلَقِّنُوهُمُ الدُّعَاءَ فَإِنَّهُ يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيكُمْ وَ لَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ.

1750 قَالَ الصَّادِقُ ع فِي الرَّجُلِ يُعْطِي غَيْرَهُ الدَّرَاهِمَ يَقْسِمُهَا قَالَ يَجْرِي لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ مَا يَجْرِي لِلْمُعْطِي وَ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ شَيْ‏ءٌ وَ لَوْ أَنَّ الْمَعْرُوفَ جَرَى عَلَى سَبْعِينَ يَداً لَأُوجِرُوا كُلُّهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِ صَاحِبِهِ شَيْ‏ءٌ.

1751 وَ سُئِلَ الصَّادِقُ ع أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ جُهْدُ الْمُقِلِّ أَ مَا سَمِعْتَ‏

__________________________________________________
لأبي عبد الله عليه السلام إني إذا وجبت زكاتي أخرجتها فأدفع بها أو منها إلى من أثق به يقسمها قال، نعم لا بأس بذلك. أما إنه أحد المعطين (أو المعطيين) قال صالح: فأخذت الدراهم حيث سمعت الحديث فقسمتها «1».
و الظاهر أنه يجوز أخذه لنفسه إذا كان مستحقا إذا لم يعلم إرادة غيره، و قيل مقدار ما يعطي غيره لا أزيد لما رواه الكليني في الموثق كالصحيح عن سعيد بن يسار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يعطى الزكاة يقسمها في أصحابه أ يأخذ منها شيئا قال نعم «2» و في الحسن كالصحيح، عن الحسين بن عثمان، عن أبي إبراهيم عليه السلام في رجل أعطى مالا يفرقه فيمن يحل له أ له أن يأخذ منه شيئا لنفسه و إن لم يسم له؟ قال: يأخذ منه لنفسه مثل ما يعطي غيره «3» و في الصحيح، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يعطي الرجل الدرهم يقسمها و يضعها في مواضعها و هو ممن يحل له الصدقة قال: لا بأس أن يأخذ لنفسه كما يعطي غيره قال و لا يجوز له أن يأخذ إذا أمره أن يضعها في مواضع مسماة إلا بإذنه «4».
 «و سئل الصادق عليه السلام» رواه الكليني عن أبي بصير عنه عليه السلام «5» «أي الصدقة أفضل؟ قال: جهد المقل» و الجهد بالضم، الوسع و الطاقة. و بالفتح المشقة (و قيل) المبالغة و الغاية، و قيل هما لغتان في الوسع و الطاقة، فأما في المشقة و الغاية فالفتح‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب ان الذي يقسم الصدقة شريك صاحبها في الاجر خبر 1.
 (2- 3- 4) الكافي باب الرجل يدفع إليه مال يفرقه و هو محتاج إليه إلخ خبر 1- 2- 3.
 (5) الكافي باب الايثار من كتاب الزكاة خبر 3.

212
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ هَلْ تَرَى هَاهُنَا فَضْلًا.

1752 وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع ضَمِنْتُ عَلَى رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ لَا يَسْأَلَ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَّا اضْطَرَّتْهُ الْمَسْأَلَةُ يَوْماً إِلَى أَنْ يَسْأَلَ مِنْ حَاجَةٍ

__________________________________________________
لا غير، و من المضموم حديث الصدقة أي الصدقة أفضل؟ قال جهد المقل (أي قدر ما يحتمله حال قليل المال قاله في النهاية) و قد تقدم أن أفضل الصدقة صدقة عن ظهر غنى فيحمل جهد المقل و الإيثار على من يحتمل الصبر مثل شأن أهل البيت سلام الله عليهم، و الثاني على من لا يحتمله كشأن الأكثر (و قيل) الإيثار على النفس مستحب دونه على العيال أو على الفضيلة و الأفضلية.
كما رواه الكليني في الموثق عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام:
عن الرجل ليس عنده إلا قوت يومه أ يعطف من عنده قوت يومه على من ليس عنده شي‏ء، و يعطف من عنده قوت شهر على من دونه، و السنة على نحو ذلك؟ أم ذلك كله الكفاف الذي لا يلام عليه؟ فقال: هو أمران، أفضلكم فيه أحرصكم على الرغبة و الأثرة على نفسه، فإن الله عز و جل يقول وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ، و الأمر الآخر لا يلام على الكفاف، و اليد العليا خير من اليد السفلى، و ابدأ بمن تعول «1» و يفهم من هذا الخبر أن اليد العليا عبارة عن الغنى و السفلى عن الفقير، و يمكن أن يكون استطرادا و الآيات و الأخبار في الإيثار أكثر من أن تحصى.
 «هل ترى هاهنا فضلا» يعني هل ترى في الآية احتمال أن يكون المراد الفضل و الزائد من المال مع التصريح بالخصاصة، و دلالة الإيثار أو المراد أنه لا فضل أعظم من مدح الله تبارك و تعالى.
 «و قال علي بن الحسين عليهما السلام» رواه الكليني، عن الحسن بن محبوب،
__________________________________________________
 (1) الكافي باب الايثار خبر 1 و الآية في سورة الحشر- 9.

213
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

1753 وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع اتَّبِعُوا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ص إِنَّهُ قَالَ مَنْ فَتَحَ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ.

1754 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْأَلُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فَيَمُوتُ حَتَّى يُحْوِجَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهَا وَ يَكْتُبَ لَهُ بِهَا النَّارَ.

1755 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَحَبَّ شَيْئاً لِنَفْسِهِ وَ أَبْغَضَهُ لِخَلْقِهِ أَبْغَضَ عَزَّ وَ جَلَّ لِخَلْقِهِ الْمَسْأَلَةَ وَ أَحَبَّ لِنَفْسِهِ أَنْ يُسْأَلَ وَ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ فَلَا يَسْتَحْيِي أَحَدُكُمْ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ فَضْلِهِ وَ لَوْ شِسْعَ نَعْلٍ.

1756 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع إِيَّاكُمْ وَ سُؤَالَ النَّاسِ فَإِنَّهُ ذُلُّ الدُّنْيَا وَ فَقْرٌ تَتَعَجَّلُونَهُ وَ حِسَابٌ‏

__________________________________________________
عن مالك بن عطية، عن أبي عبد الله عليه السلام عنه عليه السلام «1» (ضمنت على سبيل التهكم).
 «و قال أمير المؤمنين عليه السلام اتبعوا قول رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام عنه عليه السلام قال: اتبعوا قول رسول الله «2» صلى الله عليه و آله و سلم (أي في ترك السؤال) أو انظروا إلى ما قاله صلى الله عليه و آله و سلم «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني مسندا عنه «3» عليه السلام (فيموت) عطف على (يسأل) أي لا يموت- و في الكافي (فلا يموت) لكن نسخة الفقيه أحسن.
 «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني في الحسن كالصحيح «4» و الشسع قبال النعل ككتاب زمام بين الإصبع الوسطى و التي يليها، و الظاهر أن المراد هنا مطلق سير النعل كناية عن القلة، و يؤيده ما رواه الكليني في الصحيح، عن سيف التمار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: عليكم بالدعاء فإنكم لا تقربون بمثله و لا تتركوا صغيرة لصغرها أن تدعوا بها، إن صاحب الصغار هو صاحب الكبار «5» و غير ذلك من الأخبار.
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن ابن أبي عمير
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب من سئل من غير حاجة- 1- 2- 3.
 (4) الكافي باب كراهية المسألة خبر 4 من كتاب الزكاة.
 (5) أصول الكافي باب فضل الدعاء و الحث عليه خبر 6 من كتاب الدعاء.

214
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

طَوِيلٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
1757 وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع لَوْ يَعْلَمُ السَّائِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ مَا سَأَلَ أَحَدٌ أَحَداً وَ لَوْ يَعْلَمُ الْمُعْطِي مَا فِي الْعَطِيَّةِ مَا رَدَّ أَحَدٌ أَحَداً.

1758 وَ جَاءَتْ فَخِذٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِمُ السَّلَامَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَنَا إِلَيْكَ حَاجَةٌ قَالَ هَاتُوا حَاجَتَكُمْ قَالُوا إِنَّهَا حَاجَةٌ عَظِيمَةٌ قَالَ هَاتُوا مَا هِيَ قَالُوا تَضْمَنُ لَنَا عَلَى رَبِّكَ الْجَنَّةَ فَنَكَسَ ص رَأْسَهُ وَ نَكَتَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ أَفْعَلُ ذَلِكَ بِكُمْ عَلَى أَنْ لَا تَسْأَلُوا أَحَداً شَيْئاً قَالَ فَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَكُونُ فِي السَّفَرِ فَيَسْقُطُ سَوْطُهُ فَيَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ لِإِنْسَانٍ نَاوِلْنِيهِ فِرَاراً مِنَ الْمَسْأَلَةِ فَيَنْزِلُ فَيَأْخُذُهُ وَ يَكُونُ عَلَى الْمَائِدَةِ وَ يَكُونُ بَعْضُ الْجُلَسَاءِ أَقْرَبَ مِنْهُ إِلَى الْمَاءِ فَلَا يَقُولُ نَاوِلْنِي حَتَّى يَقُومَ فَيَشْرَبَ.

1759 وَ قَالَ ع اسْتَغْنُوا عَنِ النَّاسِ وَ لَوْ بِشَوْصِ السِّوَاكِ.

__________________________________________________
عمن سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: إياكم و سؤال الناس فإنه ذل الدنيا و فقر تعجلونه (أي لأنفسكم) و حساب طويل يوم القيمة «1» (أي لأجله) و نقلنا الخبر للتغييرات و كأنه من النساخ.
 «و قال أبو جعفر عليه السلام» رواه في الصحيح، عن محمد بن مسلم قال قال أبو جعفر عليه السلام يا محمد لو يعلم السائل إلخ «2».
 «و جاءت فخذ» ككتف أي قبيلة «من الأنصار» رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال جاءت فخذ من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم «3» و إطراقه صلى الله عليه و آله و سلم برأسه و نكته و ضربه في الأرض بالقضيب الذي يفعله المتفكرون، كان لنزول الوحي «و قال عليه السلام استغنوا عن الناس و لو بشوص السواك» و في النهاية- فيه أنه كان يشوص فاه بالسواك أي يدلك أسنانه و ينقيها و قد قيل: هو أن يستاك من سفل إلى علو، و أصل الشوص الغسل، و منه الحديث‏
__________________________________________________
 (1- 2- 3) الكافي باب كراهية المسألة خبر 1- 2- 5.

215
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

.........
__________________________________________________
استغنوا عن الناس و لو بشوص السواك أي بغسالته (و قيل) بما يتفتت منه عند التسوك.
و عن الحسين بن أبي العلاء قال قال أبو عبد الله عليه السلام: رحم الله عبدا عف و تعفف و كف عن المسألة فإنه ليتعجل الدنية في الدنيا و لا يغني الناس عنه شيئا قال: ثمَّ قال، تمثل أبو عبد الله عليه السلام ببيت حاتم.
         إذا ما عرفت اليأس ألفيته الغنى «1»             إذا عرفته النفس، و الطمع الفقر
 و في الصحيح عن أحمد بن النضر رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الأيدي ثلاثة يد الله العليا، و يد المعطي التي تليها، و يد المعطي أسفل الأيدي، فاستعفوا عن السؤال ما استطعتم، إن الأرزاق دونها حجب فمن شاء قنى خياره و أخذ رزقه و من شاء هتك الحجاب و أخذ رزقه، و الذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبلا ثمَّ يدخل عرض هذا الوادي فيحتطب حتى لا يلتقي طرفاه ثمَّ يدخل به السوق فيبيعه بمد من تمر و يأخذ ثلثه، و في نسخة (ثلثيه) و يتصدق بثلثيه، و في نسخة (بثلثه) خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو حرموه «2».
و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اشتدت حال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و آله و سلم فقالت له امرأته: لو أتيت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فسألته، فجاء إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم فلما رآه النبي صلى الله عليه و آله و سلم قال: من سألنا أعطيناه و من استغنى أغناه الله فقال الرجل ما يعني غيري فرجع إلى امرأته فأعلمها فقالت إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بشر فأعلمه، فأتاه فلما رآه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال: من سألنا أعطيناه، و من استغنى أغناه الله حتى فعل الرجل ذلك ثلاثا، ثمَّ ذهب الرجل فاستعار معولا ثمَّ أتى الجبل فصعده فقطع حطبا ثمَّ جاء به فباعه بنصف مد من دقيق فرجع به فأكله، ثمَّ ذهب من الغد فجاء بأكثر من ذلك فباعه فلم يزل يعمل و يجمع‏
__________________________________________________
 (1) أي وجدته الغنى- منه رحمه اللّه.
 (2) الكافي باب كراهية المسألة خبر 6 من كتاب الزكاة.

216
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

.........
__________________________________________________
حتى اشترى معولا، ثمَّ جمع حتى اشترى بكرين (أي جملين)، و غلاما، ثمَّ أثرى حتى أيسر فجاء إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم فأعلمه كيف جاء يسأله، و كيف سمع النبي صلى الله عليه و آله و سلم فقال النبي صلى الله عليه و آله و سلم قلت لك، من سألنا أعطيناه و من استغنى أغناه الله «1».
و روي عن لقمان أنه قال لابنه يا بني ذقت الصبر و أكلت لحاء الشجر (أي قشره) فلم أجد شيئا هو أمر من الفقر، فإن بليت به يوما فلا تظهر الناس عليه فيستهينونك و لا ينفعونك بشي‏ء، ارجع إلى الذي ابتلاك به و هو أقدر على فرجك و سله من ذا الذي سأله فلم يعطه أو وثق به فلم ينجه «2».
و عن الحسين بن علوان قال: كنا في مجلس نطلب فيه العلم و قد نفدت نفقتي في بعض الأسفار فقال لي بعض أصحابنا من تأمل لما نزل بك؟ فقلت فلانا فقال، إذا و الله لا تسعف حاجتك و لا يبلغك أملك و لا ينج طلبتك قلت: و ما علمك رحمك الله؟ قال:
إن أبا عبد الله عليه السلام حدثني أنه قرأ في بعض الكتب أن الله تبارك و تعالى يقول: و عزتي و جلالي و مجدي و ارتفاعي على عرشي لأقطعن أمل كل مؤمل من الناس أمل غيري باليأس و لأكسونه ثوب المذلة عند الناس و لأنحينه من قربى و لأبعدنه من وصلي، أ يؤمل غيري في الشدائد و الشدائد بيدي و يرجو غيري و يقرع بالفكر باب غيري و بيدي مفاتيح الأبواب و هي مغلقة و بابي مفتوح لمن دعاني.
فمن ذا الذي أملني لنوائبه فقطعته دونها؟ و من ذا الذي رجاني لعظيمة فقطعت رجاؤه مني؟ جعلت آمال عبادي عندي محفوظة فلم يرضوا بحفظي و ملأت سماواتي ممن لا يمل من تسبيحي و أمرتهم أن لا يغلقوا الأبواب بيني و بين عبادي فلم يتقوا بقولي أ لم يعلم من طرقته نائبة من نوائبي أنه لا يملك كشفها أحد غيري إلا من بعد إذني أ فما لي أراه لاهيا عني أعطيته بجودي ما لم يسألني ثمَّ انتزعته عنه فلم يسألني رده و سأل غيري أ فيراني أبدأ بالعطايا قبل المسألة ثمَّ أسأل فلا أجيب سائلي؟ أ بخيل أنا فيبخلني‏
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب كراهية المسألة خبر 3- و ذيل خبر 7 من كتاب الزكاة.

217
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

1760 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع الْمَنُّ يَهْدِمُ الصَّنِيعَةَ.

1761 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كَرِهَ لِي سِتَّ خِصَالٍ وَ كَرِهْتُهُنَّ لِلْأَوْصِيَاءِ مِنْ وُلْدِي وَ أَتْبَاعِهِمْ مِنْ بَعْدِي الْعَبَثَ فِي الصَّلَاةِ وَ الرَّفَثَ فِي الصَّوْمِ وَ الْمَنَّ بَعْدَ الصَّدَقَةِ وَ إِتْيَانَ الْمَسَاجِدِ جُنُباً وَ التَّطَلُّعَ فِي الدُّورِ وَ الضَّحِكَ بَيْنَ الْقُبُورِ.

1762 وَ رُوِيَ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنِ الصَّادِقِ ع عَنْ آبَائِهِ ع أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع بَعَثَ إِلَى رَجُلٍ بِخَمْسَةِ أَوْسَاقٍ مِنْ تَمْرِ الْبُغَيْبِغَةِ وَ كَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ يَرْجُو نَوَافِلَهُ وَ يَرْضَى نَائِلَهُ وَ رِفْدَهُ وَ كَانَ لَا يَسْأَلُ عَلِيّاً ع وَ لَا غَيْرَهُ شَيْئاً فَقَالَ رَجُلٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ اللَّهِ مَا سَأَلَكَ فُلَانٌ شَيْئاً وَ لَقَدْ كَانَ يُجْزِيهِ مِنَ الْخَمْسَةِ الْأَوْسَاقِ وَسْقٌ وَاحِدٌ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لَا كَثَّرَ اللَّهُ فِي الْمُؤْمِنِينَ ضَرْبَكَ أُعْطِي أَنَا وَ تَبْخَلُ أَنْتَ بِهِ إِذَا أَنَا لَمْ أُعْطِ الَّذِي يَرْجُونِي إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَسْأَلَتِي ثُمَّ أَعْطَيْتُهُ بَعْدَ الْمَسْأَلَةِ فَلَمْ‏

__________________________________________________
عبدي؟ أو ليس الجود و الكرم لي؟ أو ليس العفو و الرحمة بيدي؟ أو ليس أنا محل الآمال فمن يقطعها دوني؟ أ فلا يخشى المؤملون أن يؤملوا غيري، فلو أن أهل سماواتي و أهل أرضي أملوني جميعا ثمَّ أعطيت كل واحد منهم مثل ما أمل الجميع ما انتقص من ملكي مثل عضو ذرة، و كيف ينقص ملك أنا قيمه؟ فيا بؤسا للقانطين من رحمتي و يا بؤسا لمن عصاني و لم يراقبني «1» و الأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى.
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني عنه عليه السلام مرفوعا- «2» «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني في الموثق، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم «3» و قد تقدم- و قد قال الله تبارك و تعالى:" لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى‏ كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ، «4» و ذلك أظهر من أن يذكر في الأخبار «و روي عن مسعدة بن صدقة» طريق الصدوق و الكليني إليه «5» صحيح و كتابه‏
__________________________________________________
 (1) عدّة الداعي- الباب الثالث في الداعي عند قوله (نصيحة) ص 198 المطبوع بالتبريز مع اختلاف في الفاظه صدرا و الراوي- محمّد بن عجلان- لا حسين بن علوان.
 (2- 3) الكافي باب المن خبر 2- 1 من كتاب الزكاة.
 (4) البقرة 264.
 (5) الكافي باب من أعطى بعد المسألة خبر 1 من كتاب الزكاة.

218
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

أُعْطِهِ إِلَّا ثَمَنَ مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَ ذَلِكَ لِأَنِّي عَرَّضْتُهُ لِأَنْ يَبْذُلَ لِي وَجْهَهُ الَّذِي يُعَفِّرُهُ فِي التُّرَابِ لِرَبِّي وَ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَ تَعَبُّدِهِ لَهُ وَ طَلَبِ حَوَائِجِهِ إِلَيْهِ فَمَنْ فَعَلَ هَذَا بِأَخِيهِ‏
__________________________________________________
معتمد، و البغيبغة ضيعة بالمدينة أو عين غزيرة كثيرة النخل لآل رسول الله عليهما السلام في- القاموس، و النوافل العطايا، و النائل العطاء، و كذا الرقد و الضرب المثل «فلم يصدق الله» أي لم يقل صدقا، و الحطام ما يكسر من اليبس كناية عن الأموال الفانية الزائلة.
و عن أبي عبد الله عليهم السلام قال المعروف ابتداء، فأما من أعطيته بعد مسألته فإنما كافيته بما بذل لك من وجهه يبيت ليلته أرقا (أي سهرا) متململا (أي مضطربا) متمثلا بين الرجاء و اليأس لا يدري أين يتوجه لحاجته ثمَّ يعزم بالقصد لها فيأتيك و قلبه يرجف (أي يضطرب) و فرائصه ترعد (و الفريصة اللحمة بين الجنب و الكتف التي لا تزال تضطرب من الدابة، جمعها فرائص) قد ترى دمه في وجهه لا يدري أ يرجع بكأبة أم بفرح «1» و عن اليسع بن حمزة قال: كنت في مجلس أبي الحسن الرضا عليه السلام أحدثه و قد اجتمع إليه خلق كثير يسألونه عن الحلال و الحرام، إذ دخل عليه رجل طوال آدم (أي أسمر مائل إلى السواد) فقال: السلام عليك يا بن رسول الله، رجل من محبيك و محبي آبائك و أجدادك عليهم السلام، مصدري من الحج (أي رجوعي عن الحج) و قد افتقدت نفقتي و ما معي ما أبلغ مرحلة، فإن رأيت أن تنهضني إلى بلدي و لله علي نعمة فإذا بلغت بلدي تصدقت بالذي توليني عنك، فلست موضع صدقة؟ فقال له: اجلس رحمك الله و أقبل على الناس يحدثهم حتى تفرقوا و بقي هو و سليمان الجعفري و خيثمة و أنا فقال: أ تأذنون لي في الدخول؟ فقال له سليمان: قدم الله أمرك فقام فدخل الحجرة و بقي ساعة ثمَّ خرج و رد الباب و أخرج يده من أعلى الباب و قال أين الخراساني؟ فقال: ها أنا ذا فقال: خذ هذه- المائتي دينار و استعن بها على مئونتك و نفقتك و تبرك بها و لا تصدق بها عني، و اخرج فلا أراك و لا تراني، ثمَّ خرج فقال له سليمان: جعلت فداك لقد أجزلت و رحمت فلما ذا سترت وجهك عنه؟ فقال: مخافة أن أرى ذل السؤال في وجهه لقضائي حاجته، أ ما سمعت‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب من أعطى بعد المسلة خبر 2 من كتاب الزكاة.

219
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصدقة ص 199

الْمُسْلِمِ وَ قَدْ عَرَفَ أَنَّهُ مَوْضِعٌ لِصِلَتِهِ وَ مَعْرُوفِهِ فَلَمْ يَصْدُقِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِي دُعَائِهِ لَهُ حَيْثُ يَتَمَنَّى لَهُ الْجَنَّةَ بِلِسَانِهِ وَ يَبْخَلُ عَلَيْهِ بِالْحُطَامِ مِنْ مَالِهِ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ- اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ فَإِذَا دَعَا لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ فَقَدْ طَلَبَ لَهُ الْجَنَّةَ فَمَا أَنْصَفَ مَنْ فَعَلَ هَذَا بِالْقَوْلِ وَ لَمْ يُحَقِّقْهُ بِالْفِعْلِ‏
__________________________________________________
حديث رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: المستتر بالحسنة تعدل سبعين حجة و المذيع بالسيئة مخذول و المستتر بها مغفور له؟ أ ما سمعت قول الأول.
         متى آته يوما لا طلب حاجة             رجعت إلى أهلي و وجهي بمائه «1»
 و عن الحرث (الحارث) الهمداني قال سامرت (أي حدثت بالليل) أمير المؤمنين عليه السلام فقلت: يا أمير المؤمنين عرضت لي حاجة قال: فرأيتني لها أهلا قلت نعم يا أمير المؤمنين قال: جزاك الله عني خيرا، ثمَّ قام إلى السراج فأغشاها و جلس ثمَّ قال: إنما أغشيت السراج لئلا أرى ذل حاجتك في وجهك فتكلم فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول الحوائج أمانة من الله في صدور العباد، فمن كتمها كتبت له عبادة، و من أفشاها كان حقا على من سمعها أن يعينه «2» و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: ما توسل إلى أحد بوسيلة و لا تذرع بذريعة أقرب له إلى ما يريده مني، من رجل سلف إليه مني يد أتبعتها أختها و أحسنت ربها، فإني رأيت صنع الأواخر يقطع لسان شكر الأوائل و لا سخت نفسي برد بكر الحوائج و قد قال الشاعر.
         إذا ما ابتليت ببذل وجهك سائلا             فابذله للمتكرم المفضال‏
         أن الجواد إذا حباك بموعد             أعطاكه سلسا
«3» بغير مطال «4»
        و إذا السؤال مع النوال وزنته             رجح السؤال و خف كل نوال «5»

__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب من أعطى بعد المسألة خبر 3- 4 من كتاب الزكاة.
 (3) أي منقادا منه رحمه اللّه.
 (4) أي تأخير منه رحمه اللّه.
 (5) الكافي باب من أعطى بعد المسألة خبر 5 من كتاب الزكاة.

220
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب صلة الإمام ع ص 221

بَابُ ثَوَابِ صِلَةِ الْإِمَامِ ع‏
1763 سُئِلَ الصَّادِقُ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً قَالَ نَزَلَتْ فِي صِلَةِ الْإِمَامِ ع.

1764 وَ قَالَ ع دِرْهَمٌ يُوصَلُ بِهِ الْإِمَامُ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ‏

__________________________________________________
باب ثواب صلة الإمام (ع) «سئل الصادق عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح، عن إسحاق بن عمار (الموثق) عن أبي إبراهيم عليهم السلام قال سألته «عن قول الله عز و جل مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً»
 فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ
«1» «قال نزلت في صلة الإمام» لأن طاعتهم طاعة الله فصلتهم قرض الله.
و في القوي، عن الخيبري و يونس بن ظبيان قالا: سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول ما من شي‏ء أحب إلى الله من إخراج الدراهم إلى الإمام و إن الله ليجعل له الدرهم في الجنة مثل جبل أحد، ثمَّ قال: إن الله يقول في كتابه مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً قال: هو و الله في صلة الإمام خاصة «2» و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من زعم أن الإمام يحتاج إلى ما في أيدي الناس فهو كافر، إنما الناس يحتاجون أن يقبل منهم الإمام قال الله عز و جل خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها «3» و عن معاذ بياع الأكسية قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
إن الله لم يسأل ما في أيديهم (و في نسخة أياديهم) قرضا من حاجة به إلى ذلك و ما كان لله من حق فإنما هو لوليه «4» و عن مياح قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا مياح، درهم يوصل به الإمام أعظم وزنا، من أحد «5» و في الصحيح، عن يونس، عن بعض رجاله، عن أبي-
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4- 5) أصول الكافي باب صلة الامام خبر 4- 2- 1- 3- 5 من كتاب الحجة.

221
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب ثواب صلة الإمام ع ص 221

أَلْفِ دِرْهَمٍ يُنْفَقُ فِي غَيْرِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.
1765 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى صِلَتِنَا فَلْيَصِلْ صَالِحِي شِيعَتِنَا يُكْتَبْ لَهُ ثَوَابُ صِلَتِنَا وَ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى زِيَارَتِنَا فَلْيَزُرْ صَالِحِي مَوَالِينَا يُكْتَبْ لَهُ ثَوَابُ زِيَارَتِنَا.

كِتَابُ الصَّوْمِ‏
بَابُ عِلَّةِ فَرْضِ الصِّيَامِ‏
1766 سَأَلَ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ عِلَّةِ الصِّيَامِ فَقَالَ إِنَّمَا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ‏

__________________________________________________
عبد الله عليه السلام قال درهم يوصل به الإمام أفضل من ألفي ألف درهم فيما سواه من وجوه البر «1» و غير ذلك من الأخبار.
 «و قال الصادق عليه السلام عليه السلام» رواه الشيخ في القوي، عن علي بن عثمان الرازي قال:
سمعت أبا الحسن عليه السلام إلخ «2» كتاب الصوم باب علة فرض الصيام «سأل هشام بن الحكم» في الصحيح «أبا عبد الله عليه السلام (إلى قوله) و الفقير» حالة الصوم «و كتب أبو الحسن عليه السلام (إلى قوله) الصوم» أو الصيام «لعرفان مس- الجوع» و مشقته «و العطش ليكون» بسببهما «ذليلا مستكينا» متضرعا إلى الله تعالى‏
__________________________________________________
 (1) أصول الكافي باب صلة الامام خبر 6 من كتاب الحجة.
 (2) التهذيب باب من الزيادات في الزكاة خبر 56، لكن السند هكذا محمّد بن يعقوب عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن بعض أصحابنا، عن محمّد بن عبد اللّه، عن محمّد بن يزيد عن ابى الحسن الأول عليه السلام قال من لم يستطع إلخ.

222
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة فرض الصيام ص 222

الصِّيَامَ لِيَسْتَوِيَ بِهِ الْغَنِيُّ وَ الْفَقِيرُ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْغَنِيَّ لَمْ يَكُنْ لِيَجِدَ مَسَّ الْجُوعِ فَيَرْحَمَ الْفَقِيرَ لِأَنَّ الْغَنِيَّ كُلَّمَا أَرَادَ شَيْئاً قَدَرَ عَلَيْهِ فَأَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ خَلْقِهِ وَ أَنْ يُذِيقَ الْغَنِيَّ مَسَّ الْجُوعِ وَ الْأَلَمِ لِيَرِقَّ عَلَى الضَّعِيفِ فَيَرْحَمَ الْجَائِعَ.
1767 وَ كَتَبَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا ع إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ فِيمَا كَتَبَ مِنْ جَوَابِ مَسَائِلِهِ عِلَّةُ الصَّوْمِ لِعِرْفَانِ مَسِّ الْجُوعِ وَ الْعَطَشِ لِيَكُونَ ذَلِيلًا مُسْتَكِيناً مَأْجُوراً مُحْتَسِباً صَابِراً وَ يَكُونَ ذَلِكَ دَلِيلًا لَهُ عَلَى شَدَائِدِ الْآخِرَةِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الِانْكِسَارِ لَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ وَاعِظاً لَهُ فِي الْعَاجِلِ دَلِيلًا عَلَى الْآجِلِ لِيَعْلَمَ شِدَّةَ مَبْلَغِ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْفَقْرِ وَ الْمَسْكَنَةِ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ

__________________________________________________
و الجميع ظاهر مجرب «مأجورا» مستحقا للثواب الذي يقتضيه الجود الإلهي «محتسبا» يحصل له به القرب «صابرا» و يحصل له الصبر و فضيلته و كماله «و يكون (إلى قوله) الآخرة» من الجوع و العطش و غيرهما يوم القيمة «مع ما فيه من الانكسار له عن الشهوات» فإن أكثرها بسبب الأكل و الشرب «واعظا له في العاجل» ليرحم الضعفاء و الجائعين «دليلا على الآجل» بأنه إذا أشكل عليه الجوع و العطش و الألم في ساعات عديدة فكيف يكون حاله في الآخرة فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ «ليعلم» علة لهما على سبيل اللف و النشر قوله «فيمن» أي ينعم قوله «لأي شي‏ء فرض الله عز و جل» الظاهر أنه سأله صلى الله عليه و آله و سلم عن علة أصل الصوم و علة الثلاثين، مع أنه كان في الأمم السابقة أكثر فأجابه صلى الله عليه و آله و سلم بأن علة أصله ترك أولى وقع من آدم عليه السلام، و لما بقي في بطنه ثلاثون يوما كان أصل الصوم ثلاثين، و كذلك كان على ذريته في زمانه عليه السلام أو الأعم و كانت الزيادة (إما) من قبلهم (أو) بسبب خطيئاتهم ففرض الله تعالى على أمتي أصله لا الزيادة فاستشهد بقوله تعالى «كُتِبَ»
 أي فرض «عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ»
 و فرض «عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ»
 باعتبار الأصل و المقدار «لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ»
 و هو شهر رمضان، و يكون التقوى من مفطرات الصوم (أو) الأعم منها و من جميع المناهي كما سيجي‏ء (أو) ليحصل لكم فضيلة التقوى في أيام الحياة أو بقية السنة فإنه إذا حصل له ملكة التقوى في الشهر يسهل عليه التقوى بقية السنة أو بقية العمر، و تصديق‏

223
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب علة فرض الصيام ص 222

1768 وَ كَتَبَ حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ ع لِمَ فَرَضَ اللَّهُ الصَّوْمَ فَوَرَدَ فِي الْجَوَابِ لِيَجِدَ الْغَنِيُّ مَسَّ الْجُوعِ فَيَمُنَّ عَلَى الْفَقِيرِ.

1769 وَ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَسَأَلَهُ أَعْلَمُهُمْ عَنْ مَسَائِلَ فَكَانَ فِيمَا سَأَلَهُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ لِأَيِّ شَيْ‏ءٍ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الصَّوْمَ عَلَى أُمَّتِكَ بِالنَّهَارِ ثَلَاثِينَ يَوْماً وَ فَرَضَ اللَّهُ عَلَى الْأُمَمِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ ص إِنَّ آدَمَ ع لَمَّا أَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ بَقِيَ فِي بَطْنِهِ ثَلَاثِينَ يَوْماً فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ ثَلَاثِينَ يَوْماً الْجُوعَ وَ الْعَطَشَ وَ الَّذِي يَأْكُلُونَهُ بِاللَّيْلِ تَفَضُّلٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِمْ وَ كَذَلِكَ كَانَ عَلَى آدَمَ ع فَفَرَضَ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَى أُمَّتِي ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ- كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ «1» قَالَ الْيَهُودِيُّ صَدَقْتَ يَا مُحَمَّدُ فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَامَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ ص مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَصُومُ شَهْرَ رَمَضَانَ احْتِسَاباً إِلَّا أَوْجَبَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَهُ سَبْعَ خِصَالٍ أَوَّلُهَا يَذُوبُ الْحَرَامُ فِي جَسَدِهِ وَ الثَّانِيَةُ يَقْرُبُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الثَّالِثَةُ يَكُونُ قَدْ كَفَّرَ خَطِيئَةَ آدَمَ أَبِيهِ ع وَ الرَّابِعَةُ يُهَوِّنُ اللَّهُ عَلَيْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَ الْخَامِسَةُ أَمَانٌ مِنَ الْجُوعِ وَ الْعَطَشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ السَّادِسَةُ يُعْطِيهِ اللَّهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ وَ السَّابِعَةُ يُطْعِمُهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ طَيِّبَاتِ الْجَنَّةِ قَالَ صَدَقْتَ يَا مُحَمَّدُ.

بَابُ فَضْلِ الصِّيَامِ‏
__________________________________________________
اليهودي كان باعتبار علمه بأنه هكذا كان في الأصل و الزيادة عليها (إما) منهم أو بهم، و كذا تصديق الثاني.
باب فضل الصيام أعم من الواجب و المندوب، و من صوم شهر رمضان و غيره، كما يظهر من الأخبار.
__________________________________________________
 (1) البقرة- 180.

224
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصيام ص 224

1870 قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسَةِ أَشْيَاءَ عَلَى الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ الْحَجِّ وَ الصَّوْمِ وَ الْوَلَايَةِ.

1871 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الصَّوْمُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ.

1772 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الصَّائِمُ فِي عِبَادَةٍ وَ إِنْ كَانَ نَائِماً عَلَى فِرَاشِهِ مَا لَمْ يَغْتَبْ مُسْلِماً.

1773 وَ قَالَ ص قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الصَّوْمُ لِي وَ أَنَا أَجْزِي بِهِ‏

__________________________________________________
 «قال أبو جعفر عليه السلام» رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن زرارة عنه عليه السلام «1» و روي أيضا بطرق متكثرة كاد أن تكون متواترة، و تخصيص الخمسة للاهتمام و تأخير الولاية التي هي من أصول الدين للتقية، و لبيان اشتراط الأربعة بها كما ورد في الأخبار المتواترة «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الصوم» أي مطلقه أعم من الواجب و المندوب «جنة» و مانع «من النار».
 «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني في القوي «2» و يدل على جواز النوم في الصوم، بل على كونه عبادة، و على أن الصائم في عبادة من أول اليوم إلى آخره ما لم يغتب مسلما فإن الغيبة تبطل فضله أو كونه عبادة كل النهار. و الظاهر اختصاص البطلان بها و يحتمل كونها فردا كما سيجي‏ء، و يكون تخصيصها بالذكر للاهتمام بها نفيا.
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني في الحسن كالصحيح. عن ابن أبي عمير، عن سلمة صاحب السابري، عن أبي الصباح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك و تعالى يقول الصوم لي و أنا أجزي عليه «3» و رواه الشيخ في القوي، عن الفضيل بن يسار (العظيم الشأن) عن أبي جعفر عليه السلام قال قال: رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: قال الله عز و جل الصوم لي و أنا أجزي به «4».
__________________________________________________
 (1) الكافي باب ما جاء في فضل الصوم و الصائم خبر 1 من كتاب الصيام.
 (2- 3) الكافي باب ما جاء في فضل الصوم و الصائم خبر 9- 6 من كتاب الصيام.
 (4) التهذيب باب فرض الصيام خبر 3 من كتاب الصيام.

225
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصيام ص 224

وَ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ حِينَ يُفْطِرُ وَ حِينَ يَلْقَى رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ عِنْدَ اللَّهِ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ.
__________________________________________________
أضاف تعالى الصوم إليه و إن كان جميع القربات له (إما) باعتبار الخلوص غالبا فإنه يمكن أن يخبر بأنه صائم و لا يكون صائما، فإذا صام فلا يكون إلا لله، و تقييده بالغالب باعتبار أنه يمكن في غيره أيضا أن لا يفعله مع الشروط مثل الطهارة و النية و غيرهما (و إما) باعتبار أنه تشبه به تعالى من كونه يطعم و لا يطعم (أو) باعتبار أنه يحصل منه المعرفة و المحبة و الإخلاص و التنزه عن القبائح و إرادتها (أو) لأنه لم يعبد غير الله تعالى بالصوم كما أنه عبد بالسجود و القربان و الصدقة و غيرها (أو) للتشريف كما قال (وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي)*- و بَيْتِيَ*- و ناقَةُ اللَّهِ* (أو) باعتبار المجموع.
و أما قوله: (و أنا أجزي به) بالمعلوم كما هو المشهور لبيان كثرة الجزاء لأنه تعالى إذا أخبر بأنه يتولى بنفسه جزاءه فبالحري أن يكون جزاؤه لا يتناهى و تقديم الضمير للتخصيص كما هو الظاهر أي أجازيه به و لا أكله إلى ملائكتي كما ورد في الصدقة أيضا، و قد تقدم، و قرئ بالمجهول يعني أنا جزاؤه أي محبتي و معرفتي و قربي (أو) التخلق بأخلاقي و صفاتي (أو) الصوم جزاء نعمائي.
 «و للصائم فرحتان» رواه الكليني بالإسناد السابق عن أبي الصباح «1» و الظاهر أنه من كتابه فيكون صحيحا مع قطع النظر عن صحته عن ابن أبي عمير «2» فرحة «حين يفطر» فإنه حين الإفطار يعرف قدر نعمة الطعام و الشراب و لذتهما «و» فرحة «حين يلقى ربه عز و جل» بالموت أو ملاقاة الثواب أو حين يحصل له المعرفة التامة في الدنيا و الآخرة «و الذي نفس محمد بيده» أي حياته و مماته، و وجوده و عدمه و سائر لوازم الوجود بقدرته و قبضه و بسطة تعالى شأنه «لخلوف فم الصائم» أي رائحته و في بعض النسخ بالقاف و هو طيب معروف أطلق عليه تشرفا،
__________________________________________________
 (1- 2) الكافي باب ما جاء في فضل الصوم خبر 15- 2.

226
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصيام ص 224

1774 وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِأَصْحَابِهِ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِشَيْ‏ءٍ إِنْ أَنْتُمْ فَعَلْتُمُوهُ تَبَاعَدَ الشَّيْطَانُ عَنْكُمْ كَمَا تَبَاعَدَ الْمَشْرِقُ مِنَ الْمَغْرِبِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الصَّوْمُ يُسَوِّدُ وَجْهَهُ وَ الصَّدَقَةُ تَكْسِرُ ظَهْرَهُ وَ الْحُبُّ فِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْمُؤَازَرَةُ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ يَقْطَعُ دَابِرَهُ وَ الِاسْتِغْفَارُ يَقْطَعُ وَتِينَهُ وَ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ زَكَاةٌ وَ زَكَاةُ الْأَبْدَانِ الصِّيَامُ.

1775 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع لِعَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَ لَا أُخْبِرُكَ بِأَصْلِ الْإِسْلَامِ وَ

__________________________________________________
و يمكن أن يكون من النساخ «عند الله أطيب من ريح المسك» عندنا فإن الله تبارك و تعالى يحب عبادة الخلق و إخلاصهم و يثيب و يأجر عليهما و هو منزه عن لوازم الجسمانيات، و الظاهر أن الجميع خبر واحد و مضمونه وارد في أخبار كثيرة كما تقدم بعضها و سيذكر.
 «و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام أن النبي صلى الله عليه و آله قال «لأصحابه (إلى قوله) عنكم» أو منكم- حقيقة أو مجازا لعدم تسلطه عليكم «يسود وجهه» حقيقة من الغضب أو مجازا للخيبة و الحرمان، و كذا الباقي «و الحب في الله» أي حب الله (أو) حب الأعمال الصالحة لله (أو) حب المؤمنين له تعالى «و الموازرة على العمل الصالح» أي معاونة المؤمنين عليه (أو) تحمل ثقل الأعمال الصالحة لله «تقطع دابره» أي أصله و أساس استيلائه «و الاستغفار يقطع وتينه» و هو عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه أي كأنه يقتله «و لكل شي‏ء زكاة» أي تطهير أو نمو و بركة «و زكاة الأبدان الصيام» فإنه يطهرها من الآثام و ينميها بالعبادات و الطاعات أو بالصحة و العافية أو الأعم.
 «و قال الصادق عليه السلام» في القوي «لعلي بن عبد العزيز» و رواه الكليني في الموثق كالصحيح عنه، و كتابه معتمد قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام «1» «أصله‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب ما جاء في فضل الصوم و الصائم خبر 3.

227
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصيام ص 224

فَرْعِهِ وَ ذِرْوَتِهِ وَ سَنَامِهِ قَالَ بَلَى قَالَ أَصْلُهُ الصَّلَاةُ وَ فَرْعُهُ الزَّكَاةُ وَ ذِرْوَتُهُ وَ سَنَامُهُ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَ لَا أُخْبِرُكَ بِأَبْوَابِ الْخَيْرِ الصَّوْمُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ.
1776 وَ قَالَ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ قَالَ يَعْنِي بِالصَّبْرِ الصَّوْمَ.

1777 وَ قَالَ ع إِذَا نَزَلَتْ بِالرَّجُلِ النَّازِلَةُ أَوِ الشِّدَّةُ فَلْيَصُمْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ- وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ.

1778 وَ قَالَ النَّبِيُّ ص إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَكَّلَ مَلَائِكَةً بِالدُّعَاءِ لِلصَّائِمِينَ وَ قَالَ أَخْبَرَنِي جَبْرَئِيلُ ع عَنْ رَبِّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّهُ قَالَ مَا أَمَرْتُ مَلَائِكَتِي بِالدُّعَاءِ لِأَحَدٍ

__________________________________________________
الصلاة» كان من لم يصل ليس بمسلم «و فرعه الزكاة» لأن كل شجر لم يكن له فرع فكأنه ليس بشجر «و ذروته» بالضم و الكسر أعلاه «و» كذا «سنامه» تجوزا «الجهاد في سبيل الله» فإنه به يحصل إعلاء الإسلام و رفعته «أ لا أخبرك (إلى قوله) جنة» أي منها الصوم أو هو أبواب الخير كما سبق.
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني في الحسن كالصحيح، عن ابن أبي عمير، عن سليمان عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام «في قول الله عز و جل وَ اسْتَعِينُوا» أي على الشدائد «بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ» يقول «وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ» و في الكافي بالصبر يعني الصيام «1» و هو أصوب «2» و التكرار على الحالين للتأكيد أو يكونان خبرين أو يكون في وقتين «و قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم» رواه الكليني في القوي «3» و قال أي دعاء الملائكة له مستجاب البتة.
__________________________________________________
 (1- 3) الكافي باب ما جاء في فضل الصوم و الصائم خبر 7- 11.
 (2) يعني ان ما في الكافي من عدم ذكر الصلاة في الجملة الثانية اصوب ممّا هنا من تكرارها.

228
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصيام ص 224

مِنْ خَلْقِي إِلَّا اسْتَجَبْتُ لَهُمْ فِيهِ.
1779 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع أَوْحَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِلَى مُوسَى ع مَا يَمْنَعُكَ مِنْ مُنَاجَاتِي فَقَالَ يَا رَبِّ أُجِلُّكَ عَنِ الْمُنَاجَاةِ لِخُلُوفِ فَمِ الصَّائِمِ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ يَا مُوسَى لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدِي مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ.

1780 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ إِفْطَارِهِ وَ فَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

1781 وَ قَالَ ع مَنْ صَامَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْماً فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَأَصَابَهُ ظَمَأٌ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ أَلْفَ مَلَكٍ يَمْسَحُونَ وَجْهَهُ وَ يُبَشِّرُونَهُ حَتَّى إِذَا أَفْطَرَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَا أَطْيَبَ رِيحَكَ وَ رَوْحَكَ يَا مَلَائِكَتِي اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُ.

1782 وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَوَّلُ ع قِيلُوا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُطْعِمُ الصَّائِمَ وَ يَسْقِيهِ فِي مَنَامِهِ‏

__________________________________________________
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الكليني في الصحيح، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام «1» «أجلك عن المناجاة لخلوف فم الصائم» أي فمي لأني صائم، يمكن أن يكون قول موسى عليه السلام باعتبار المقايسة في قوله تعالى (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) بأن يلزمه رعاية ما يرعى مع المخلوق فأجيب بأني لا أكره ريحك أو يكون المراد تنفر الملائكة كما مر في السواك عند صلاة الليل بأنهم يتأذون من الرائحة الكريهة فأجيب بأنهم لا يتأذون منها و جعلها الله تعالى طيبة عندهم.
 «و قال عليه السلام» رواه الكليني بالإسناد المتقدم عند ذكر معنى هذا الخبر «2» «و قال عليه السلام» رواه الكليني، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله عليه السلام «3» «و روحك» أي نسيم ريحك و أنفاسك للصوم (أو) بالعبادات الواقعة فيه «و قال أبو الحسن عليه السلام» رواه الكليني عنه عليه السلام مسندا «4» «قيلوا» القائلة نصف النهار و قال أي نام فيه «يطعم الصائم» أي يصيره شبعان.
__________________________________________________
 (1- 2- 3- 4) الكافي باب فضل الصوم و الصائم خبر 13- 15- 8 و 17- 14.

229
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب فضل الصيام ص 224

1783 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع نَوْمُ الصَّائِمِ عِبَادَةٌ وَ صَمْتُهُ تَسْبِيحٌ وَ عَمَلُهُ مُتَقَبَّلٌ وَ دُعَاؤُهُ مُسْتَجَابٌ.

بَابُ وُجُوهِ الصَّوْمِ‏
1784 رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع يَوْماً يَا زُهْرِيُّ مِنْ أَيْنَ‏

__________________________________________________
 «و قال الصادق عليه السلام» رواه الصدوق مسندا عنه «1» و روى الكليني عنه عليه السلام مسندا قال: «نوم الصائم عبادة» و نفسه تسبيح و في الصحيح، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن إسماعيل بن بشار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام قال أبي عليه السلام: إن الرجل ليصوم يوما تطوعا يريد ما عند الله عز و جل فيدخله الله به الجنة «2» و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من كتم صومه قال الله عز و جل لملائكته: عبدي استجار من عذابي فأجيروه و وكل الله عز و جل ملائكته بالدعاء للصائمين و لم يأمرهم بالدعاء لأحد إلا استجاب لهم فيه «3» و عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا رأى الصائم قوما يأكلون أو رجلا يأكل سبحت له كل شعرة منه في جسمه «4» و روى الصدوق في الصحيح، عن عبد الله بن سنان، عن الصادق عليه السلام قال: خلوف فم الصائم أفضل عند الله من رائحة المسك «5».
باب وجوه الصوم «روي عن الزهري» من علماء العامة و فقهائهم و كان له انقطاع إلى علي بن‏
__________________________________________________
 (1) ثواب الأعمال باب ثواب الصائم خبر 2 و الكافي باب ما جاء في فضل الصوم و الصائم خبر 12.
 (2) الكافي باب ما جاء في فضل الصوم و الصائم خبر 5 و فيه معاوية بن عثمان عن إسماعيل بن يسار.
 (3- 4) الكافي باب فضل الصوم و الصائم خبر 10 و 16.
 (5) ثواب الأعمال باب ثواب الصائم خبر 4.

230
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب وجوه الصوم ص 230

جِئْتَ فَقُلْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ قَالَ فَفِيمَ كُنْتُمْ قُلْتُ تَذَاكَرْنَا أَمْرَ الصَّوْمِ فَأَجْمَعَ رَأْيِي وَ رَأْيُ أَصْحَابِي عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الصَّوْمِ شَيْ‏ءٌ وَاجِبٌ إِلَّا صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ يَا زُهْرِيُّ لَيْسَ كَمَا قُلْتُمْ الصَّوْمُ عَلَى أَرْبَعِينَ وَجْهاً فَعَشَرَةُ أَوْجُهٍ مِنْهَا وَاجِبَةٌ كَوُجُوبِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ عَشَرَةُ أَوْجُهٍ مِنْهَا صِيَامُهُنَّ حَرَامٌ وَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَجْهاً مِنْهَا صَاحِبُهَا فِيهَا بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ صَامَ وَ إِنْ شَاءَ أَفْطَرَ وَ صَوْمُ الْإِذْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ وَ صَوْمُ التَّأْدِيبِ وَ صَوْمُ الْإِبَاحَةِ وَ صَوْمُ السَّفَرِ وَ الْمَرَضِ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَسِّرْهُنَّ لِي قَالَ أَمَّا الْوَاجِبُ فَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لِمَنْ أَفْطَرَ يَوْماً مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ عَمْداً مُتَعَمِّداً وَ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ‏
__________________________________________________
الحسين صلوات الله عليهما و يروي عنه كثيرا، و رواه الكليني بإسناده عنه «1» و قدم الصدوق هذا الخبر لأنه بمنزلة فهرست أنواع الصوم و يذكر أحكامها مفصلا بعده في باب الصيام و غيره «ففيم» بحذف الألف الاستفهامية «فاجتمع رأيي» أي اجتهادي «و رأي أصحابي (إلى قوله) شهر رمضان» يفهم منه كمال جهلهم فإنهم مع هذا التتبع لأحكام الله كيف اجترءوا بأن يكونوا متبوعين و يتبعهم الضالون مع وجود الشمس المنير و لم يكن إلا للدنيا الدنية و الاعتبارات الفانية الزائلة عند أئمة الجور و أتباعهم الفسقة الظلمة الجهلة نعوذ بالله من أمثال هذه الجرأة التي ليست إلا من إغواء الشياطين و حزبهم الظالمين «و أربعة عشر وجها صاحبها فيها بالخيار» أي هو مندوب إليه تجوزا.
 «و صوم الإذن» أي الصوم الذي لا يصح إلا بإذن شخص آخر «و صوم التأديب» شامل للتمرين و الإمساك مستحبا تشبها بالصائمين «و صوم الإباحة» صوم لو وقع فيه مفسد لا يفسد تجوزا «عمدا متعمدا» أي عالما بأن يكون الجاهل معذورا أو يكون تأكيدا و لفظ المتعمد غير مذكور في الكافي و الوجوب هنا تخييري على‏
__________________________________________________
 (1) الكافي باب وجوه الصوم خبر 1.

231
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب وجوه الصوم ص 230

وَ الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا «1» وَ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فِي قَتْلِ الْخَطَإِ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْعِتْقَ وَاجِبٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى‏ أَهْلِهِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ «2» وَ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَاجِبٌ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْإِطْعَامَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ «3» فَكُلُّ ذَلِكَ مُتَتَابِعٌ وَ لَيْسَ بِمُتَفَرِّقٍ وَ صِيَامُ أَذَى حَلْقِ الرَّأْسِ وَاجِبٌ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ


__________________________________________________
الأشهر (و قيل) بعد العجز عن العتق «و صيام (إلى قوله) الإطعام» أي لمن لم يجده مع أختيه من العتق و الكسوة و ترك للظهور «كل ذلك متتابع» و يحصل التتابع في الشهرين بإيقاع شهر و جزء من الآخر أو التتابع واجب و ليس بشرط، إنما الشرط القدر المعتبر فيكون المعنى الأخير كافيا في حصوله كما سيجي‏ء «و صيام أذى حلق الرأس» أي صيام يكون للأذى بترك حلق الرأس مع الحلق و في بعض نسخ الكافي الصحيحة (إذا) الشرطية مع قوله (في الإحرام) بعد الرأس و هو أظهر «و صوم دم المتعة» أي الهدي الواجب في حج التمتع بعد العجز عنه و تفسير الآيات مذكور في الأخبار في أبوابها.
__________________________________________________
 (1) المجادلة- 3- 4.
 (2) النساء- 92.
 (3) المائدة 89.

232
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه3 (ط - القديمة)

باب وجوه الصوم ص 230

أَوْ نُسُكٍ «1» فَصَاحِبُهَا فِيهَا بِالْخِيَارِ فَإِنْ صَامَ صَامَ ثَلَاثاً وَ صَوْمُ دَمِ الْمُتْعَةِ وَاجِبٌ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ «2» وَ صَوْمُ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَاجِبٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً «3» ثُمَّ قَالَ أَ وَ تَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً يَا زُهْرِيُّ قَالَ قُلْتُ لَا أَدْرِي قَالَ يُقَوَّمُ الصَّيْدُ قِيمَةً ثُمَّ تُفَضُّ تِلْكَ الْقِيمَةُ عَلَى الْبُرِّ ثُمَّ يُكَالُ ذَلِكَ الْبُرُّ أَصْوَاعاً فَيَصُومُ لِكُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْماً وَ صَوْمُ النَّذْرِ وَاجِبٌ وَ صَوْمُ الِاعْتِكَافِ وَاجِبٌ وَ أَمَّا الصَّوْمُ الْحَرَامُ فَصَوْمُ يَوْمِ الْفِطْرِ وَ يَوْمِ الْأَضْحَى وَ ثَلَاثَةِ أَيّ